ولا يحل مس عورته ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ثم ينوي غسله ويسمي ويدخل إصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح وفي اسنانه وفي منخريه فينظفهما ويوضئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) خرقه لأن كل خرقه خرج عليها شيء من النجاسة لا يعتد بها إلا أن تغسل ( ولا يحل مس العورة ) لأن النظر إليها حرام أولى ( ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ) لفعل علي مع النبي صلى الله عليه وسلم وليزل ما على بدنه من النجاسة ويأمن مس العورة المحرم مسها قال ابن عقيل بدنه عورة إكراما له من حيث وجب ستر جميعه فيحرم ولا يجوز أن يحضؤه إلا من يعين في أمره وهو ظاهر كلام أبي بكر فحينئذ يعد الغاسل خرقتين إحدهما للسبيلين والأخرى لبقية بدنه ( ثم ينوى غسله ) وهي فرض على الغاسل على الأصح لأنها طهارة تعبدية أشبهت غسل الجنابة والثانية وهي ظاهر الخرقي وابن أبي موسى وابن عقيل في التذكرة لا لأن القصد التنظيف أشبه غسل النجاسة والأولى لأنه لو كان كذلك لما وجب غسل متنظف ولجاز غسله بماء الورد ونحوه وظاهر أنه لا يجب الفعل وهو وجه فلو كان الميت تحت ميزاب فنون غسله إنسان ومضى زمن بعد النية أجزأويجب في آخر وهو ظاهر كلام أحمد فعلى هذا لا يجزىء فلو حمل ووضع تحت ميزاب بنية غسله أجزأوجها واحدا وكذا حكم الغريق ( ويسمي ) وفيها الروايات السابقة ( ويدخل اصبعيه ) وهما السبابة والإبهام بعد غسل كفيه نص عليه ( مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفهما ) لإزالة ما على تلك الأعضاء من الأذى ولا يجب ذلك في الأصح والأولى أن يكون ذلك بخرقة نص عليه صيانة لليد وإكراما للميت قاله الزركشي وقال ابن أبي موسى يصب الماء على فيه وأنفه ولا يدخله ( ويوضئه ) كوضؤ الصلاة لما في الصحيح
____________________
1-
(2/228)
ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه ويضرب السدر برغوته رأسه ولحيته وسائر بدنه ثم يغسل شفة الأيمن ثم الأيسر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية في غسل ابنته ابدأن بميامنها ومواضع الوضؤ منها وظاهره أنه لا يمسح رأسه قال أحمد يوضأالميت مرة واحدة في الغسلة الأولى إلا أن يخرج منه شيء فيعاد وهو مستحب لقيام موجبه وهو زوال عقله وظاهر كلام القاضي وابن الزاغواني أنه واجب ( ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه ) لأنه لا يؤمن معه وصوله إلى جوفه فيفضي إلى المثلة وربما حصل من الانفجار وبهذا علل أحمد ( ويضرب السدر فيغسل برغوته ) هو مثلث الراء ( رأسه ولحيته وسائر بدنه ) لقوله عليه السلام في المحرم اغسلوه بماء وسدر وقوله للنساء اللاتي غسلن ابنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا إن رأيتن ذلك بماء وسدر ولأن الرغوة تزيل الدرن ولا تعلق بالشعر وتزول بمجرد مروره الماء وصريحه أن استعماله يكون في جميع البدن وفي الكافي والمحرر وقدمه في الفروع أنه يكون في الرأس واللحية فقط ولا يشترط كونه يسيرا خلافا لابن حامد وقال إنه الذي وجد علينا أصحابنا ليجمع بين العمل بالخبر ويكون الماء باقيا على إطلاقه وقال القاضي وأبو الخطاب يغسل أول مرة بماء وسدر ثم يغسل عقب ذلك بالماء القراح فيكون الجميع غسلة واحدة والأعتداد بالآخر منها لأن أحمد شبه غسله بغسل الجنابة لأن السدر إن كثر سلب الطهورية واليسير لا يؤثر بناء على أن الماء تزول طهوريته بتغير بالطهارات والمؤلف لا يراه لكن إن غلب على أجزائه سلبه الطهورية قولا واحدا والمنصوص أنه يكون في كل الغسلات ( ثم يغسل شقة الأيمن ثم الأيسر ) لقوله عليه السلام ابدأن بميامنها ولأنه مسنون في غسل الحي فكذا الميت
____________________
1-
(2/229)
ثم يفيض الماء على جميع بدنه يفعل ذلك ثلاثا يمر يده في كل مرة فإن لم ينفق بالثلاث أو خرج منه شيء غسله إلى فإن زاد فإلى سبع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ثم يفيض الماء على جميع بدنه ) ليعمه بالغسل وصفته أن يغسل رأسه ولحيته أولا ثم يده اليمنى من منكبه إلى كتفه وصفحة عنقه اليمنى وشق صدره وفخده وساقه فيغسل الظاهر منه وهو مستلق ثم يغسل الأيسر كذلك ثم يرفعه من جانبه الأيمن ولا يكبه لوجهه فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخده وساقه ثم يغسل شقة الأيسر كذلك ذكره القاضي والمؤلف فيفرغ من غسله مرة في أربع دفعات وظاهر كلام أحمد وأبي الخطاب وقاله المجد يفعل ذلك في دفعتين فيحرفه أولا على جنبه الأيسر فيغسل الأيسر كذلك والأول أبلغ في التنظيف وكيفما فعل أجزأه ( فيفعل ذلك ثلاثا ) لما تقدم إلا الوضوء فإنه مختص بأول وقيل يعاد وحكي رواية والتثليب مستحب ويجزىء مرة كالجنابة لكن يكره الاقتصار عليها نص عليه ( يمر يده في كل مرة ) على بطنه برفق لأن فيه إخرجا لما تخلف وأمنا من فساد الغسيل بما يخرج منه بعد ( فإن لم ينق بالثلاث أو خرج منه شيء غسله إلى خمس فإن زاد فإلى سبع ) لما سبق واختار أبو الخطاب وابن عقيل أنه إذا خرج منه نجاسة بعد الثالثة انه لا يعاد غسله بل غسل محل النجاسة ويوضأ لأن حكم الحي كذلك فالميت مثله والمذهب خلافه لأن الظاهر أن الشارع إنما كرر الأمر بغسلها من أجل توقع النجاسة وظاهره أن الخارج لا فرق بين أن يكون من السبيلين أو من غيرهما وعنه في الدم هو أسهل فعليها في الإعادة احتمالان
____________________
1-
(2/230)
ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورا والماء الحار والخلال والاشنان إن احتيج إليه ويفيض شاربه ويقلم أظفاره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فائدة يستحب خضب لحية الرجل ورأس المرأة بالحناء نص عليه ( ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورا ) لقوله عليه السلام واجعلن في الآخرة كافورا متفق عليه ولأنه يصلب الجسم ويبرده ويطيبه ويطرد عنه الهوام بريحه قيل مع السدر نقله الجماعة وعليه العمل ذكره الخلال وقيل وحده في ماء قراح وقيل في الكل ( والماء الحار والخلال ) هو العود الذي يتخلل به ( والاشنان يستعمل إن احتيج إليه ) كشدة برد أو إزالة وسخ لأن إزالته طلوبة شرعا والمستحب أن تكون الخلال من شجرة لينة تنقي من جرح كالصفصات ونحوه وظاهره أنه إذا لم يحتج إليه لا يستعمله وصرح جماعة بالكراهة وهو الأصح بلا حاجة لأن السنة لم ترد به والمسخن يرخيه واستحبه ابن حامد لأنه ينتقي ما لا ينقي البارد
( ويقص شاربه ويقلم أظافره ) أي إن طال لقول أنس اصنعوا بموتاكم ما تصنعونا بعرائسكم ولأن تركه يقبح منظره فشرع إزالته كقبح عينيه ولأنه فعل مسنون في الحياة لا مضرة فيه أشبه الغسل وعنه لا يقلم أظافره بل ينقي وسخها لكونها لا تظهر وهو ظاهر الخرقي فيخرج فيخرج في نتف الابط وجهان ويأخذ شعر إبطه في المنصوص وكذا عانته قاله في المحرر وتزال بالموسى أو المقرض نص عليه لفعل سعد بن أبي وقاص وقال القاضي بنوره لأنها أسهل ولا يمسها بيده بل حائل والمذهب أنها لا تؤخذ لما فيه من لمس العورة وربما احتاج إلى نظرها وهو محرم فلا
____________________
1-
(2/231)
ولا يسرح شعره ولا لحيته ويضفر شعر المرأة ثلاثة قرون ويسدل من ورائها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تفعل لأجل مندوب وهذا في غير المحرم ويدفن معه ما أخذ منه كعضو ساقط ويعاد غسله نص عليه لأنه جزء منه كعضو والمراد يستحب وظاهره أنه لا يحلق رأسه وظاهر كلام جماعة يكره قال في الفروع وهو أظهر ورد بأنه ليس من السنة في الحياة وإنما يراد به الزينة أو النسك وهما لا يطلبان هنا وكذا لا يختن لأنه إبانة جزء من أعضائه
مسأله يزال عظم نجس جبر به كسر إذا أمكن من غير مثله كالحياة وقيل لا وقيل عكسه فإن كانت عليه جبيرة قلعت للغسل الواجب وإن سقط منه شيء بقيت ومسح عليها ولا يبقى خاتم ونحوه ولو ببردة لأن بقاءه إتلاف لغير صحيح قال أحمد يربط أسنانه بذهب إن خيف سقوطهاوقيل لا يجوز كما لو سقطت لم تربط به في الأصح ويؤخذ إن لم تسقط ( ولا يسرح شعره ولا لحيته ) نص عليه لقول عائشة علام تقصون ميتكم أي لا تسرحوا رأسه بالمشط لأنه يقطع الشعر وينتفه وقال القاضي وغيره يكره واستحبه ابن حامد إذا كان خفيفا وحكى ابن المنجا عنه وعن أبي الخطاب استحباب تسريح الشعر مطلقا ( ويضفر شعره المرأة ثلاثة قرون ويسدل من ورائها ) نص عليه لقول أم عطية فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه من خلفها رواه البخاري ولمسلم فضفرنا شعرها ثلاثة قرون قرنيها وناصيتها وقال أبو بكر أمامها لأنه يضفر على صدرها قيل لأحمد العروس تموت
____________________
1-
(2/232)
ثم ينشفه بثوب وإن خرج منه شيء بعد السبع حشاه بالقطن فإن لم يستمسك فبالطين الحر ثم يغسل المحل ويوضا وإن خرج منه شيء بعد وضعه في اكفانه لم يعد إلى الغسل ويغسل المحرم بماء وسدر ولا يلبس المخيط ولا يخمر رأسه ولا يقرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فتجلى فأنكر شديدا ( ثم ينشفه بثوب ) هكذا فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولئلا كفنه فيفسد به وفي الواضح لأنه سنة في الحي في رواية ولا يتنجس ما نشف به في المنصوص ( وإن خرج منه شيء بعد السبع حشاه ) أي محل الخارج ( بالقطن ) لمنع الخارج وكالمستحاضة وقال أبو الخطاب النهاية إنه يلجم المحل بالقطن فإن لم يمنتع حشاه به إذا لحشوة يوسع المحل فلا يفعل إلا عند الحاجة ( فإن لم يستمك ) الخارج ( بالقطن فبالطين الحر ) أي الخالص لأنه له قوة تمنع الخارج وعنه يكره وفاقا لمشايخ الحنفية وظاهره أنه لا يعاد غسله بعد السبع نص عليه وجزم به الأكثر لأنه عليه السلام لم يزد عليها وقال جماعة إنه يعاد غسله لأن الزيادة على الثلاث لأجل الإنقاء فكذا ما بعد السبع ( ثم يغسل المحل ) أي محل النجاسة ( ويوضأ ) وجوبا كالجنب إذا أحدث بعده غسله لتكون طهارته كاملة وعنه لا وهي ظاهر الخرقي للمشقة والخوف عليه ( وإن خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه لم يعد إلى الغسل ) بل يحمل على حاله دفعا للمشقة لأنه يحتاج إلى إخراجه وإعادة غسله وتطهير أكفانه وتجفيفها أو إبدالها فيتأخر دفنه وهو مخالف للسنة ثم لا يؤمن مثل هذا بعده وظاهره لا فرق بين الخارج أن يكون قليلا أو كثيرا وعنه يعاد غسله ويطهر كفنه وعنه من الكثير لكن إن وضع على الكفين ولم يلف ثم خرج منه شيء أعيد غسله قاله ابن تميم
( ويغسل المحرم بماء وسدر ولا يلبس المخيط ولايخمر رأسه ولا يقرب
____________________
1-
(2/233)
طيبا والشهيد لا يغسل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) طيبا ) لما في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم في محرم مات اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا وللنسائي ولا تمسوه فإنه يبعث القيامة محرما وحينئذ يجنب ما يجنب الحي لبقاء إحرامه وقيل ويفدي الفاعل ولا يوقف بعرفة ولا يطاف به بدليل المحرم الذي مات مع النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لا يحس بذلك كما لوجن وعنه ويصب عليه الماء صبا ولا يفعل به حلال لئلا ينقطع شعره وظاهره أنه يجب تغطية وجه وكذا رجليه ونقل حنبل يجب كشفهما ذكره الخرقي وصاحب التخليص قال الخلال هي وهم من حبنل لأن الإحرام لا تعلق له بالرجلين لكن قال الزركشي كلام الخرقي خرج على المعتاد إذا في الحديث أنه يكفن في ثوبيه الرداء والإزار والعادة عدم تغطيتهما للرجلين وفيه نظر وعنه أنه يكفن في ثوبيه لا يزاد أي يستحب وظاهره لافرق بين أن يموت قبل رمي جمرة العقبة أو بعدها وفي الثانية وجه أنه لا يمنع من الطيب ولبس المخيط بناء على أنه حل بها هذا كله إذا كان رجلا فإن كانت امرأة فحكمها بعد الموت حكمها في الحياة لا تمنع من لبس المخيط رأسها لا وجهها
فرع لا تمنع المعتدة للوفاة من الطيب في الأصح
( والتشهيد ) وهو من قتل بأيدي الكفار في معركتهم ( لا يغسل ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن قتلى أحد في دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم رواه البخاري ولأحمد معناه وظاهره ولو كان غير مكلف صرح به في
____________________
1-
(2/234)
إلا أن يكون جنبا بل ينزع عنه السلاح ويزمل في ثيابه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الفروع وجزم أبو المعالي بتحريمه وحكى رواية لأنه أثر الشهادة والعبادة وهو حي ( إلا أن يكون جنبا ) فإنه يغسل على الصحيح لما روى ابن إسحاق في المغازي عن عاصم بن عمر بن قتاده عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن صاحبكم لتغسله الملائكة يعنى حنظلة قالوا لأهله ما شأنه فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهائعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك غسلته الملائكة وفي الكافي أنه رواه أبو داود الطيالسي ولأنه غسل واجب لغير الموت فلم يسقط كغسل النجاسة والثانية لايجب للعموم ومثله حائض ونفساء طهرتها أولا وعلى الوجوب لو مات وعليه حدث أصغر فهل يوضا على الوجهين وظاهره أنه إذا أسلم ثم استشهد أنه لا يغسل للإسلام لأن أصرم بن عبد الله الأشهل أسلم يوم أحد ثم قتل فلم يأمر بغسله وقيل يجب قدمه في الفروع وهو ظاهر الوجيز لقوله ولا يغسل شهيد الا لموجبه ( بل ينزع عنه ) أي عن الشهيد لأمه الحرب من ( السلاح والجلود ) لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال ادفنوهم بدمائهم رواه أحمد وأبو داود وفيه علي بن عاصم وفيه ضعف وكذا ينزع عنه خف وفرو نص عليه وتغسل نجاسة عليه ويجب بقاء دم لا تخالطه نجاسة فإن غسلا في الأصح ( ويزمل ) أي يلف ( في ثيابه ) ويدفن فيها لما روى أحمد عن
____________________
1-
(2/235)
وإن أحب كفنه بغيرها ولا يصلى عليه في أصح الروايتين وإن سقط من دابته أو وجد ميتا ولا أثر أو حمل فأكل أو طال بقاءؤه غسل وصلي عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد زملوهم في ثيابهم والمنصوص عنه وهو المذهب أن ذلك واجب لأنه أثر العبادة فعليه لا يزيد ولا ينقص بحسب المسنون ويرد عليه لو كان لابسا الحرير ولعله غير مراد وذكر القاضي في تخريجه لا بأس بهما ( وإن أحب كنفه ) الوالي ( بغيرها ) تبع القاضي في المجرد وحكاه في المحرر قولا ونسبه الزركشي إلى الشذوذ لما روي أن صفية ارسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكنفه في أحدهما وكفن في الآخر رجلا آخر رواه يعقوب بن شيبة وقال هو صالح الإسناد وأجاب في الخلاف بأنه يحتمل أن ثيابه سلبت أو أنهما ضما إلى ما كان عليه وقد روى في المعتمد ما يدل عليه ( ولا يصلى عليه في أصح الروايتين ) اختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز للأخبار وهل ذلك لكونهم أحياء عند ربهم أو لغناهم عن الشفاعة فيه احتمالان والثانية يصلى عليه اختاره الخلال وأبو بكر وأبو الخطاب لصلاته عليه السلام على أهل أحد متفق عليه من حديث عقبة بن عامر وجوابه بأنه مخصوص بشهداء أحد بدليل أنهصلى عليهم بعد ثمان سنين رواه البخاري توديعا للأحياء والأموات والثالثة يخير لتعارض الأخبار فيخير كرفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين وحكي عنه التحريم
( وإن سقط ممن دابته أو وجد ميتا ولا أثر به أو حمل ) بعد جرحه ( فأكل أو طال بقاؤه غسل وصلي عليه ) وفيه أمور
أحدهما أنه إذا سقط في المعركة من دابة أو شاهق أو تردى في بئر
____________________
1-
(2/236)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فمات فيها انه يغسل ويصلى عليه لأن موته بسبب ذلك أشبه ما لو مات بغير قتل المشركين وشرطه أن يكون بغير فعل العدو فأما إذا كان بفعلهم فلا
الثاني إذا وجد ميتا ولا أثر فكذلك لأن الأصل وجوب الغسل والصلاة فلا يسقط بالاحتمال وعنه لا لأنه مات بسبب من القتال وظاهره أنه اذا به أثر فإنه لا يغسل زاد أبو المعالي لادم من أنفه أو دبره أو ذكره لأنه معتاد قال القاضي وغير اعتبرنا الأثر هنا احتياطا للغسل ولم نغبره في القسامة احتياطا لوجوب الدم فإن حتف أنفه غسل كمن رد عليه سهمه فقتله نص عليه ونصر المؤلف أنه كقتل الكفار لأن عامر بن الأكوع بارز رجلا يوم خبير فعاد عليه سيفه فقتله فلم يفرد عن الشهداء بحكم وهذا هو الظاهر
الثالث أنه إذا حمل بعد جرحه فأكل أنه يغسل لتغسيله عليه السلام سعد بن معاذ ولأن الأكل لا يكون إلا من ذي حياة مستقرة وظاهره إذا شرب أو تكلم انه لا يغسل ولا يصلى عليه صححه المؤلف وابن تميم لأنه عليه السلام لم يغسل سعد بن الربيع وأصرم بن عبد الأشهل وقد تكلما وماتا بعد انقضاءالحرب ولكن قدم السامري وابن تميم والمجد والجد أن من شرب أو نام أو بال كمن أكل زاد جماعة أو عطس
الرابع أنه إذا طال بقاؤه عرفا لا وقت صلاة أو يوما وليلة وهو يعقل لأنها تقتضي حياة مستقرة وظاهر الخرقي وفيه رمق فإنه يغسل ويصلى
____________________
1-
(2/237)
ومن قتل مظلوما فهل يلحق بالشهيد على روايتينن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه وأورده المجد مذهبا وثقل جماعة إنما يترك غسل من قتل في المعركة
( ومن قتل مظلوما فهل يلحق على الروايتين ) إحداهما يلحق به قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وصححه في الفروع فعليها لا يغسل ولا يصلى عليه كشهيد المعركة والثانية لا لأن عمر وعثمان وعليا والحسين قتلوا ظلما وغسلوا وصلي عليهم ولأنه ليس بشهيد المعركة أشبه المبطون وعلى الأولى من بغي عليه لا يغسل وفي الصلاة عليه وجهان والمذهب أن كل شهيد غسل صلي عليه وجوبا ومن لا يغسل لا يصلى عليه
تذنيب يغسل الباغي ويصلى عليه اختاره الخرقي والقاضي وفيه وجه يلحق بشهيد أهل العدل للمشقة لأنه لم ينتقل غسل أهل الجمل وصفتين من الجانبين وقال ابن تميم من قتله المسلمون أو الكفار خطأ غسل رواية واحدة وكذا النفساء تغسل ويصلى عليها كالشهيد بغير قتل كحريق وغرق وهدم وهم بضعة عشر ومن أغربها ما رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف والدارقطني وصححه عن ابن عباس مرفوعا موت الغريب شهادة وأغرب منه ما ذكر أبو المعالي وابن المنجا وبعض الشافعية أن العاشق منها وأشاروا إلى الخبر المرفوع من عشق وعف وكتم فمات مات شهيدا وهذا الخبر مذكور في ترجمة سويد بن سعيد فيما أنكر عليه قاله ابن عدي والبيهقي
____________________
1-
(2/238)
وإذا ولد لأكثر من أربعة أشهر وصلي عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة قاطع الطريق يقتل أولا ويغسل ويصلى عليه ثم يصلب وقيل يؤخران عن الصلب قاله في التلخيص
( وإذا ولد السقط لأكثر ممن أربعة أشهر غسل وصلي عليه ) ذكره معظم الأصحاب نص عليه في رواية حرب وصالح لقوله عليه السلام والسقط يصلي عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة رواه أحمد وأبو داود ورواه النسائي والترمذي وصححه ولفظهما والطفل يصلى عليه واحتج به أحمد ولأنه نسمة نفخ فيها الروح فظاهره أنه يغسل ويصلى عليه وإن لم يستهل وأنه قبل استكمالها لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه ينفخ فيه الروح وقدم في التلخيص وابن تميم أنه يغسل عليه إذا بان فيه خلق الإنسان وإن لم يستكملها
فائدة تستحب تسميته نص عليه اختاره الخلال ونقل جماعة بعد أربعة أشهر لأنه لا يبعث قبلها واختار في المعتمد أنه يبعث وهو ظاهر كلام أحمد قال الشيخ تقي الدين وكثير من الفقهاء فإن جهل أذكر أم أنثى سمي بصالح لهما كطلحة وإن كان من كافرين فإن حكم بإسلامه فمسلم وإلا فلا ونقل حنبل يصلى على كل مولود يولد على الفطرة
تميم إذا مات بدرانا مجهول الإسلام غسل وصلي عليه ودفن في مقابرنا ولو كان أقلف على المشهور وإن وجد بدار حرب وعليه علامة المسلمين غسل وصلي عليه ونقل ابن المنذر الإجماع إذا وجد الطفل في بلاد
____________________
1-
(2/239)
ومن تعذر غسله يمم وعلى الغاسل ما رآه إن لم يكن حسنا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المسلمين ميتا يجب غسله ودفنه في مقابرنا وإن مات في سفينة غسل وصلي عليه بعد تكفينه وألقي في البحر سلا كإدخاله القبر مع خوف فساده أو حاجة ويثقل بشيء وذكره في الفصول عن أصحابنا قال ولا موضع لنا الماء فيه بدل عن التراب إلا هنا ومن مات ببئر أخرج منها إذا أمكن بأخرة من ماله ثم من بيت المال فإن لم يمكن إخراجه إلا بمثله طمت وجعلت قبره ومع حاجة الأحياء يخرج وقيل لا مع مثله
( ومن تغدر غسله ) لعدم الماء أو عذر غيره كالحرق والجذام والتبضيع ( يمم ) لأن غسل الميت طهارة على البدن فقام اليتمم عند العجز عنه مقامه كالجنابة وهل يلف من ييممه على يده خرقة سبق وإن تعذر غسل بعضه غسل بعضه ما أمكن وييمم للباقي في أصح الوجهين وعنه يكفن ويصلى عليه بلا غسل ولا تيمم لأن المقصود بالغسل التنظيف وقال ابن أبي موسى المحترق والمجدوم والمبضع يصب عليه صبا ثم يكفن فعلى الأول لو يمم لعدم الماء ثم صلي عليه ثم وجد الماء قبل دفنه غسل وكذا إن وجده فيها فلو وجده دفنه لم ينبش وإن بذله أجنبى لزم الوارث قبوله بخلاف ثمنه فإن عدما صلي عليه بدونهما ودفن فإن وجدا أو أحدهما بعد دفنه لم ينبش ويجوز إن أمن تفسخه وإن وجد الماء قبل دفنه غسل وإن وجد التراب وحده ففي وحده ففي إنشاء التيمم وإعادة الصلاة احتمالان
( وعلى الغاسل ستر ما رآه إن يكن حسنا ) ينبغي أن يكون الغاسل أمينا ليستر ما يطلع عليه وفي الخبر مرفوعا ليغسل موتاكم المأمونون رواه ابن
____________________
1-
(2/240)
فصل في الكفن يجب كفن الميت في ماله مقدما على الدين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ماجه وعن عائشة مرفوعا من غسل وأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه رواه أحمد من رواية جابر الجعفي عارفا بالغسل دينا فاضلا وظاهر يلزمه ستر الشر لا إظهار الخير ليترحم عليه وقيل يستحب قال ولا بد أن يلحظ في الستر اختصاصه بأهل السنة فأما أهل البدع أو معروف بفجور فيسن إظهار شره وستر خيره ونرجو للمحسن ونخاف على المسيء ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم قاله الأصحاب وذكر الشيخ تقي الدين أو اتفقت الأمة على الثناء أو الإساءة عليه مراد الأكثر فصل في الكفن
لما فرغ من الكلام على الغسل أتبعه الكفن فقال ( يجب كفن الميت ) ومؤنة تجهيزه لحق الله وحق الميت ( في ماله ) لقوله عليه السلام في المحرم كفنوه في ثوبيه ولأن حاجة الميت مقدمة في ماله على ورثته بدليل قضاء دينه ( مقدما على الدين وغيره ) لأن المفلس يقدم بالكسوة على الدين فكذا الميت ولأنه إذا قدم على الدين فعلى فيره أولى وقيل يقدم دين الرهن وأرش
____________________
1-
(2/241)
فإنلم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الجناية سواء قلنا الواجب ثوب يستره أو أكثر لأمر الشارع بتحسنه رواه أحمد ومسلم فيجب ملبوس مثله جزم به غير واحد ما لم يوص بدونه وفي الفصول إن ذلك بحسب حاله كنفقتة في حياته وظاهره أنه لا يجب الحنوط والطيب لعدم وجوبهما في الحياة وقيل بلى لأنه مما جرت العادة به ولا بأس بالمسك فيه نص عليه فإن أراد الورثة أخذ ذلك من السبيل لم يجابوا وإن أراد أحدهم أن ينفرد به لم يلزم بقية الورثة قبوله لكن ليس للبقية نقله وسلبه من كفنه بعد دفنه بخلاف مبادرته إلى دفنه في ملك الميت لانتقاله إليهم لكن يكره لهم ولا يستر بحشيش ويقضى دينه في ظاهر كلامهم
فرع الجديد أفضل في المنصوص زاد في الشرح إلا أن يوصى لغيره فيتمثل لقضيه أبي بكر وقال ابن عقيل العتيق غير البالي أفضل ( فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته ) لأن ذلك يلزمه حال الحياة فكذا بعد الموت بقدر إرثه نص عليه وينفرد به الأب فإن عدم فمن بيت المال إذا كان مسلما فإن لم يكن فعلى المسلمين العالمين بحالة قال في الفنون قال حنبل بثمنه كالمضطر وذكره غيره قال الشيخ تقي الدين من ظن أن غيره لا يقوم به تعين عليه
مسألة إذا جي له ثمن كفن ففضل منه شيء أو كفنه ورثته صرف في كفن آخر نص عليه فإن لم يكن تصديق به ولا يأخذه ورثته في الأصح ( إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته ) نص عليه لأن النفقة والكسوة وجبا بالزوجية والتمكن من الاستماع وقد انقطع بالموت أشبه ما لو
____________________
1-
(2/242)
ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بانت في الحياة أشبهت الأجنبية ودليل الانقطاع إباحته أختها وأربع سواها وقيل بلى وحكي رواية وهي قول أكثر العلماء وقال الآمدي إن لم يكن لها تركه فعليه كفنها وقيل يكفن الزوجة الذمية أقارها فإن عدموا أو كانوا مسلمين فمن بيت المال والأصح لا وأما الرقيق فكفنه على مالكه
مسائل الأولى يدفن في مقبرة مسبلة بقول بعض الورثة لأنه لا منة وعكسه وعكسه الكفن والمؤنة نص عليه
الثانية مات إنسان مع جماعة في سفر كفنوه من ماله فإن لم يكن كفنوا ورجعوا فإن أبى الحاكم الإذن أو تعذر إذنه أو أمكن ولم يستأذنوه أو لم ينووا الرجوع فوجهان
الثالثة إذا سرق كفنه كفن من تركته ثانيا نص عليه ولو قسمت فإن كانت في قضاء دينه أو وصيته لم يسترجع منها كفن آخر فإن أكله سبع فكفنه تركه
( ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض ) لقول عائشة كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة وعن ابن عباس مرفوعا البسوا البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم رواه أحمد والترمذي وصححه وقال العمل عليه عند أكثر العلماء ولأن حال الإحرام والترمذي وصححه وقال العمل عليه عند أكثر العلماء ولأن حال الإحرام أكمل أحوال الحي وهو لا يلبس المخيط فكذا بعد موته وظاهره
____________________
1-
(2/243)
يبسط بعضها فوق بعض بعد تجميرها ثم يوضع عليها مستقليا ويجعل الحنوط فيما بينها ويجعل في قطن يجعل منه بين ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع اليتيه ومثانته ويجعل الباقي على منافذ وجهه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يكره في غير البياض من مزعفر ومعصفر لأمر بالبياض وظاهر الوجيز خلافه أنه يكره بما زاد كالخمسة صرح به في المستوعب والشرح وغيرهما وصحح ابن تميم وقدمه في الرفروع أنه لا يكره بل في سبعة أثواب وظاهره أنه لا يعم وقيل لا يكره وأما الصغير فيكن في واحد ويجوز في ثلاثة نص عليه وظاهر الخرقي يستحب أيضا ويكون من قطن وقيل وكتان ( يبسط بعضها فوق بعض ) أو سعها وأحسنها أعلاها ثم التي تليها دونها لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جهزتم الميت فأجمروه ثلاثا ولأن هذا عادة الحي عند غسله وتجديد ثيابه فكذا الميت بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق ( ثم يوضع عليها مستلقيا ) لأنه أمكن لإدراجه فيها ( ويجعل الحنوط ) وهو أخلاط من طيب معد للميت خاصة ( فيما بينها ) لأنه مشروع وظاهره أنه لا يجعل فوق العليا لكراهة عمر وابنه وأبي هريرة ذلك وفي الشرح أنه يجعل فوق الأولى حنوطا فقط وقيل بين الثانية والثالثة طيب وكافور نص عليه وقيل لا يذر على اللفائق شيء كما لا يوضع على الثوب الذي النعش نص عليه ( ويجعل منه ) أي من الحنوط ( في قطن يجعل بين أليته ) وهو السراويل بلا أكمام ( تجمع بين أليتيه ومثانته ) بشدة الخرقة ( ويجعل الباقي ) في القطن ( على منافذ وجهه ) وهي عيناه ومنخراه وأذناه وفمه لأن في جعلها على المنافذ منعا من
____________________
1-
(2/244)
ومواضع سجوده وإن طيب جميع بدنه كان كل حسنا ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر فوقه ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ثم يعقدها وتحل العقد في القبر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) دخول الهوام ولأنها تمنع سرعة إذا حدث حدث إن خاف حشاه بقطن وكافور وفي المستوعب إن خاف لا بأس نص عليه ( ومواضع سجوده ) وهي ركبتاه مع مغابنة نص عليه ( وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ) لأن أنساطلي بدنه بالصندل والكافور لدفع الهوام والمنصوص يكره داخل عينيه وقاله الأكثر لأنه يفسدها ويكره خلط زعفران وورس بحنوط لأنه ربما ظهر لونه على الكفن لأنه يستعمل غذاء وزينة ولا يعتاد التطيب به ويكره طلبه بصبر ليمسكه وبغيره لعدم نقله ( ثم يرد طرف اللفافة العليا ) من الجانب الأيمن ( على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر ) أي من الجانب الأيسر ( فوقه ) أي فوق الطرف الآخر وهو الأيمن لئلا يسقط عنه الطرف الأيسر إذا وضع على يمينه في القبر وعكس صاحب الفصول والمستوعب والمحرر وقال لأنه عادة لبس الحي من قباء ورداء ونحوهما ويتوجه أنهما سواء ( ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ) كالحي لشرفه ولأنه أحق بالستر من رجليه ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعة ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر ( ثم يعقدها ) إن خاف انتشارها ( وتحل العقد في القبر ) لأنه عليه السلام لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفية وعن ابن مسعود وسمرة نحوه ولأن الخوف قد زال
____________________
1-
(2/245)
ولا يخرق الكفن وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز وتكفن جاز وتكفن المرأة بخمسة أثواب إزار وخمار وقميص ولفافتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) زاد أبو المعالي وغيره ولو نسي بعد تسوية التراب عليه قريبا لأنه سنة لكن لا يحل الإزار نص عليه ( ولا يخرق الكفن ) لما فيه من إفساده وتقبيح الكفن المأومر بتحسينه وكرهه أحمد وقال بأنهم يتزاورون فيها وجوزه أبو المعالي خوف نبشه قال أبو الوفاء ولو خيف وهو ظاهر كلام غيره ( وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز ) لأنه عليه السلام ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات رواه البخاري وعن عمرو بن العاص ان الميت يؤزر ويقمص ويلف بالثالثة وهذا عادة الحي وصرح في الشرح وهو ظاهر الهداية أنه يكره والمنصوص أن يكون القميص بكمين ودخاريص لا يزر لأنه لا يسن للحي زره فوق إزار لعدم الحاجة وقيل عكسه للحي لأنه العادة في العرف فيؤزر بالمئزر ثم يلبس القميص ثم يلف باللفافة وقيل بزره وهو رواية وعنه يستحب ذلك وعبارة الوجيز ويجزىء وفيها شيء
( وتكفن المرأة في خمسة أثواب إزار وخمار وقميص ولفافتين ) استحبابا وجزم به جماعة لما روى أحمد وأبو داود وفيه ضعف عن ليلى الثقفية قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أول ما أعطانا الحقى ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر قال أحمد القى الإزار والدرع القميص فعلى هذا
____________________
1-
(2/246)
والواجب منتوب يستره جميعه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تؤزر بالمئزر ثم تلبس القميص ثم تخمر بمقنعة ثم تلف باللفاتين ونص أحمد أن الخامسة تشد بها فخديها المئزر وصرح به الخرقي وأبو بكر وجزم به في المحرر وظاهره أنهالا تنقب وذكر ابن تميم ابن حمدان لا بأس به وأما الصغيرة فتكفن في قميص ولفافتين لعدم احتياجها إلى خمار في حياتها فكذا في موتها وكذا بنت تسع ونقل الجماعة كالبالغة وهو ظاهر
فرع الخنثى كامرأة ( والواجب من ذلك ثوب يستره جميعه ) لأن العورة المغلظة يجزىء في سترها ثوب واحد فكفن الميت أولى ولا فرق بين الرجل والمرأة وعنه يجب ثلاثة احتج القاضي وغيره بأنها لو لم تجب لم يجز مع وارث صغير ورده المؤلف بالكفن الحسن وقيل بقدر الثلاثة على غير الدين من الإرث واوصية اختاره المجد وجزم به أبو المعالي قال وإن مفن من بيت المال فثوب وفي الزائد للكمال وجهان ويعتبر أن لا يصف البشرة ويكره رقة تحكي هيأة البدن نص عليه وشعر وصوف وكذا منقوش ذكره ابن تميم ويحرم بجلود ذكره جماعة وكذا تكفينها بحرير لصبي نص عليه وعنه يكره وقيل لا ومثله المذهب ويجوز لعدم تكفينه في ثوب واحد حرير للضرورة لا مطلقا فإن يجد إلا بعض ثوب ستر العورة كحال الحياة وذكر السامري وقدمه في الرعاية أنه يستر رأسه لأنه أفضل من باقية والباقي بحشيش أو ورق
____________________
1-
(2/247)
مسائل الأولى يحرم دفن حلي وثياب غير الكفن لأنه إضاعة مال وكرهه أبو حفص زاد في الشرح لغير حاجة
الثانية إذا أوصى بدون ما يستر بدنه لم يصح كما لو أوصى بتكفينه في ثياب ثمينة لا يليق به قاله في الرعاية وإن وصى في ثوب أو دون ملبوس مثله جاز ذكره جاز ذكره المجد إجماعا وإن وصى بثوب وقلنا يجب أكثر ففي صحة وصيته وجهان
الثالثة إذا مات جماعة ولم يوجد سوى ثوب واحد جمع فيه ما أمكن لخبر أنس في قتلى أحد وقال ابن تميم قال شيخنا يقسم بينهم ويستر عورة كل واحد ولا يجمعون فيه
الرابعة إذا كان الميت كفن وثم حي يحتاجه لدفع حر أو برد فالأصح له أخذه بثمنه زاد المجد إن خشي التلف وقال ابن عقيل وابن الجوزي يصلى عليه عادم في أحد لفافيته والأشهر عريانا كلفافة واجدة يقدم الميت بها
____________________
(2/248)
فصل في الصلاة على الميت السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل ووسط ويقدم إلى الامام أفضلهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل في الصلاة على الميت
وهو مناسب لما قبله ( السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة ) لما روى أحمد والترمذي وحسنه وإسناده ثقات عن أنس أنه صلى على رجل فقام عند رأسه ثم يصلى على امرأة فقام وسطها فقال العلاء بن زياد هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم قال نعم وعن سمرة بن جندب قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة فقام وسطها متفق عليه ولأنه استر لها وعنه يقوم عند صدر الرجل جزم به الخرقي وصاحب التخليص والمحرر والوجيز وقدمه في الفروع قال في الشرح وهو قريب من الأول وعنه عند صدرهما لأنها سواء والخنثى بين ذلك ولم يتعرض المؤلف للمقام من الصبي والصبية وظاهر الوجيز أنهما كما سبق فلو خالف الموضع صحت ولم يصب السنة ويسن لها الجماعة ولم يصلوها على النبي صلى الله عليه وسلم بإمام إجماعا احتراما له وتعظيما ويسقط الفرض برجل أو امرأة كغسله وفي سقوطه بفعل خنثيين وجهان ( ويقدم إلى الامام ) إذا اجتمعت جنائزهما ( أفضلهمم ) لأن الفضيلة يستحق بها التقدير في الإمامة فكذا هنا يؤيده أنه كان عليه السلام يقدم في القبر من كان أكثر قرآنا وقيل الأدين وقيل الأكبر نص عليه ذكره في الشرح وقال القاضي يقدم السابق وإن كان صبيا إلا المرأة وجزم به أبو المعالي كما لا يؤخر المفضول في صف المكتوبة في الصف الأول وقرب الإمام فإن تساووا قدم الإمام من شاء فإن تشاحوا أقرع بينهم
____________________
1-
(2/249)
ويجعل وسط المرأة حذاء رأس الرجل وقال القاضي يسوي بين رؤوسهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وذكر ابن تميم أنه مع التشاح فهل يقدم من أحق بها أو من ميته سبق الحضور أو الموت فيه أوجه ويحتمل من سبق ميته التطهير فيستحب تقديم الحر ثم العبد المكلف ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة نقلة الجماعة كالمكتوبة وعنه يقدم الصبي على العبد وعنه عبد على حر دونه وعنه المرأة على الصبي كما قدمها الصحابة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اختاره الخرقي وأبو الوفاء ونصره القاضي ولحاجتها إلى الشفاعة ويقدم الأفضل أمامها في المسير ذكره ابن عقيل ويقدم في أولياء مولى أولادهم بالإمامة ثم قرعة ولولي كل ميت أن ينفرد بالصلاة عليه
مسألة جمع الموتى في الصلاة نص عليه كما لو تغير أو شق وقيل عكسه قال في الفروع ويتوجه احتمال بالتسوية ( ويجعل وسط المرأة حذاء رأس الرجل ) اختاره أبو الخطاب وقدمه السامري وابن حمدان ليقف في كل واحد منهما موقفه وعلى المذهب يجعل وسطها حذاء صدر الرجل وخنثى بينهما ( وقال القاضي يسوي بين رؤوسهم ) قدمه في المحرر والكافي والفروع وجزم به في الوجيز لأن أم كلثوم وابنها زيد توفيا جميعا فصلى عليهما أمير المدينة فسوى بين رؤوسهما رواه سعيد ورواه أبو حفص عن عمر ولأن المرأة تابع لا حكم لها وعليه يقوم مقامه في الرجل اختاره جماعة ونقل الميموني في رجال أو نساء يجعلون درجا رأس هذا عند رجل هذا وإن هذا والتسوية سواء قال الخلال وعلى هذا يثبت قوله
____________________
1-
(2/250)
ويكبر أربع تكبيرات يقرأفي الأولى الفاتحة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل ويستحب تسوية صفوف الجنازة وأن لا ينقصهم عن ثلاثة صفوف
لخبر مالك بن هبيرة مرفوعا ما من ميت يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف إلا غفر له وسبق حكم الفذ ويستحب لمن صلى أن لا يبرح من مكانه حتى ترتفع روي عن ابن عمر ومجاهد ( ويكبر أربع تكبيرات ) لتكبير النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشى أربعا متفق عليه واشتهرت الروايات به ( يقرأفي الأولى الفاتحة ) لما روى ابن ماجه بإسناده فيه شهر بن حوشب عن أم شريك الأنصاريه قالت أمرنا رسول الله أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالفاتحة بعد التكبيرة الأولى وكالمكتوبة وظاهره أنه لا يستفتح وهو المشهور لأن مبناها على التخفيف وعنه بلى اختاره الخلال وجزم به في التبصرة ثم يتعوذ للآية وعنه لا ويضع يمينه على شماله وكان أحمد يفعله ونقل الفضل أنه أرسلهما ويبتدىء الحمد بالبسملة كسائر الصلوات قاله في الشرح وظاهره الاكتفاء بها قال في الفصول بغير خلاف في مذهبنا وجزم في التبصرة بقراءة سورة معها أحمد يقرأ الفاتحة سرا ولو ليلا لا يقال ابن عباس جهر بها وقال سنة وحق لأجل تعليمهم ( ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية ) سرا لما روى الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبير الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للميت ثم يسلم ويكون كما في التشهيد نص عليه واستحب القاضي بعدها اللهم
____________________
1-
(2/251)
ويدعو في الثالثة فيقول اللهم اغفر لنا لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وانثانا إنك تعلم متقلبنا ومثوانا وانت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منها فاحينه على الإسلام والسنة ومن توقيعه فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خير من زوجه وأدخله الجنة واعذه من العذاب القبر وعذاب النار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) صل على ملائكتك المقربين وأنبيائك والمرسلين وأهل طاعتك أجمعين وفي الكافي لا يتعين صلاة لأن القصد مطلق ( ويدعو ) لنفسه ولوالديه والميت والمسلمين ( في الثالثة ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا صليتم على الميت فأخلصوا الدعاء رواه أبو داود وابن ماجه وفيه ابن إسحاق ولا توقيت فيه نص عليه ويستحب أن يدعوا ( فيقول اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته منا فتوفه عليها ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة زاد ابن ماجه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده وفيه ابن إسحاق قال الحاكم حديث أبي هريرة صحيح على شرط الشيخين لكن زاد فيه المؤلف وأنت على كل شيء قدير ولفظ السنة ( اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خير من زوجه وأدخله الجنة وأغذه من عذاب القبر وعذاب النار ) رواه مسلم من
____________________
1-
(2/252)
وافسح له قبره ونور له فيه وإن كان صبيا قال اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازتهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم ويقف بعد الرابعة قليلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت وفيه وأبدله أهلا خيرا من أهله وزاد المؤلف لفظ من الذنوب ( وافسح له في قبره ونوره له فيه ) لأنه لائق بالمحل فإن كان الميت امرأة أنث وإن كان خنثى قال هذا الميت ونحوه
تذنيب نزله بضم الزاي وقد يسكن ومدخله بفتح الميم موضع الدخول وبضمها الإدخال والزوج بغير هاء للمذكر والمؤنث وقد يقال لا مرأة الرجل زوجة حكاها الخليل والجوهري وذكر جماعة أنه يستحب أن يقول اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم إنا جئنا شفعاء له فشفعنا فيه ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله إنك غفور رحيم وإن لم يعلم شرا من الميت قال اللهم لا نعلم إلا خيرا للخبر ولا بأس بالأشارة بالإصبع حال للميت نص عليه ( وإن كان صبيا ) وعبارة المحرر والفروع صغيرا وهو أولى ( قال اللهم اجعله ذخرا لولديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم ) لقوله عليه السلام والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة رواه أبو داود وما ذكره من الدعاء لائق بحاله مناسب لما مر فيه فشرع كالاستغفار للبالغ زاد جماعة سؤال المغفرة له والأشهر عدمه لأنه لا ذنب له وإنما يدعو لوالديه هذا هو السنة
____________________
1-
(2/253)
ويسلم تسليمه واحدة عن يمينه ويرفع مع كل تكبيرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع إذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه وفي الفروع ومرادهم فيمن بلغ مجنونا أو مات أنه كصغير ( ويقف بعد الرابعة قليلا ) لماروى الجرجاني عن زيد أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربعا ثم يقف ما شاء الله فكنت أحسب هذه الوقفه ليكبر آخر الصفوف ظاهره أنه لا يشرع بعدها دعاء نص عليه واختاره الخرقي ابن عقيل وغيرهم ولم يذكر بعضهم الوقوف ونقل جماعة يدعوا فيها كالثالثة اختاره أبو بكر والآجري والمجد في شرح الهداية لأن أبي أوفى فعله وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله قال أحمد هو أصلح ماروي وقال لا أعلم سيئا يخالفه ولأنه قيام في جنازة أشبه الذي قبلعه فيقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واختاره جمع وحكاه ابن الزاغواني عن الأكثر وصح أن أنسا كان لا يدعوا بدعاء إلا ختمه بهذا واختار أبو بكر اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا واغفر لنا وله لأنه لائق بالمحل وفي الوسيلة رواية أيهما شاء وقد نص في رواية جماعة أنه يدعوا للميت بعد الرابعة وللمسلمين بعد الثالثة وهي اختارالخلال وظاهره أنه لا يشهد ولا يسبح مطلقا نص عليه واختار حرب يقول السلام عليك أيها النبي إلى قوله وأن محمدا عبده ورسوله وهو قول عطاء ( ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ) نص عليه وقال عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم رواه الجوزجاني وقال ابن المبارك من سلم عليها تسليمين فهو جاهل ولأن التسليمة عن يمينه أكثر ما روى فيه وهو أشبه وإن سلم تلقاء وجهه جاز نص عليه وتجوز ثانية واستحبها القاضي وذكره الحلواني رواية وقد روى الحاكم عن ابن أبي أوفى تسليمين وظاهر كلامهم يجهر بها الإمام وقيل يسر
____________________
1-
(2/254)
والواجب من ذلك القيام والتكبيرات والفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأدنى دعاء للميت والسلام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويتابع إماما في الثانية كالقنوات ( ويرفع يديه مع كل تكبيرة ) روي عن ابن عمر رواه الشافعي وعن ابن عباس رواه سعيد ابن عمر عم زيد بن ثابت رواه الأثرم ولأنه لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود فسن فيها الرفع التكبيرة الإحرام وحكى في الشرح الإجماع على أنه يرفع في الأولى وصفة الرفع وانتهاؤه كما سبق ( الواجب من ذلك التكبيرات ) الأربع لما روى ابن عباس وأبو هريرة وجابر أنه عليه السلام كبر اربعا متفق عليه فلو نقص تكبيرة عمدا بطلت وسهوا يكره ما لم يطل الفصل وقيل يعيدها لفعل أنس المنصوص أنه لا يستأنفها إلا إذا أطال أو وجد مناف من طلام أو نحوه ( الفاتحة ) ولم يوجب الشيخ تقي الدين قراءة بل استحبها وهو ظاهر نقل أبي طالب ( والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) لقوله لا صلاة لمن لا يصلي على نبيه وقال ابن تميم وإن قلنا لا تجب في الصلاة لم تجب هنا ( وأدنى دعاء للميت ) لأنه هو المقصود فلا يجوز الإخلال به ( والسلام ) لأنه عليه السلام كان يسلم على الجنائز وقال ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) والمراد به واحدة وعنه ثنتان وظاهر ما ذكره في المستوعب والكافي وهنا أنه يتعين القراءة في الأول والصلاة في الثانية والدعاء في الثالثة وقدم في الفروع خلافه ويشترط لها النية فينوي الصلاة على الميت ولا يضر جهله بالذكر وغيره فإن جهله نوى من يصلي عليه الإمام وإن نوى أحد الموتى اعتبر تميينه فإن نوى على رجل فبان امرأة أو عكسه فقال أبو المعالي جزئه لقوة التعيين على الصفة والقيام في فرضها لأنها فرض كفاية فيجب فيها القيام كالمكتوبة فلا تصح من قاعد ولا على راحله بلا عذر وظاهره ولو تكررت إن قيل فرض والمؤلف ترك ذكرهما لظهورهما وإسلام الميت
____________________
1-
(2/255)
وإن كبر الإمام خمسا كبر بتكبيرة وعنه لا يتابع في زيادة على أربع وعنه يتابع إلى سبع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والظهارة من حدث ونجس والاستقبال والسترة كمكتوبة فإن تعذر تطهير الميت صلي عليه وحضور الميت بين يدي المصلي ولا تصح على جنازة محمولة ذكره جماعة في المسبوق لأنها كأمام ولهذا لا صلاة بدون الميت وقال المجد وغيره قربها من الإمام مفصولة كقرب المأموم من الإمام لأنه يسن الدنو منها ولو صلى وهي من وراء جدار لم يصح
( وإن كبر الإمام خمسا كبر بتكبيره ) نقله الأثرم واختاره الخرقي وقدمه في التخليص وذكر في الشرح أنه ظاهر المذهب لما روى مسلم عن زيد بن أرقم أنه كبر على الجنازة خمسا وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها وعن حذيفة نحوه رواه أحمد ( وعنه لا يتابع في زيادة على أربع ) نقلها حرب واختارها ابن عقيل وجزم به في الوجيز وهو المذهب قاله أبو المعالي لأه زاد على القدر المشروع فلم يتبعه كالقنوات في الأولى وكما لو زاد على عدد الركعات وكما لو علم أو ظن بدعة وأجاب الثوري عما بالنسخ بالإجماع وفيه نظر ( وعنه يتابع إلى سبع ) نقله الجماعة واختارها أكثر الأصحاب وقدمها في المحرر والفروع لأنه عليه السلا كبر على حمزة سبعا رواه ابن شاهين وعن الحكم بن عتيبة قال كانوا يكبرون على أهل برد خمسا وستا وسبعا رواه سعيد ولأن المأموم يتابع إمامه في تكيبرات العيد فكذا هنا وظاهره أنه لا يتابعه فيما زاد عليها 2 قال أحمد هو أكثر ما جاء فيه ولا تبطل مجاوزة سبع نص عليه وينبغي أن يسبح بعدها لا قبلها قاله أحمد وذكر ابن حامدوجها تبطل مجاوزة أربع عمدا وبكل تكبيرة لا يتابع
____________________
1-
(2/256)
وإن فاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فيها وفي الخلاف قول أحمد في رسالة مسدد خالفني الشافعي في هذا فقال إذا زاد على أربع تعاد الصلاة واحتج بحديث النجاشي قال أحمد والحجة له ويمكن الجمع بينهما فإن المداومة على أربع تدل على الفضيلة وغيرها يدل على الجواز فتعين المتابعة وإذا لم يتابع في الزيادة فلا يجوز للمأموم السلام قبله نص عليه لأنها زيادة مختلف فيها وذكر أبو المعالي وجها ينوي مفارقته ويسلم كما لو قام إلى خامسة وعجب أحمد من ذلك مع ما ورد قال ابن مسعود كبر ما كبر إمامك
تنبيه المنفرد كإمام في زيادة ولو كبر فجىء بثانية أو أكثر وكبر الإمام ونواهما جاز نص عليه إذا بقي من تكبيرة أربع فيقرأ في الخامسة ويصلي [ على النبي صلى الله عليه وسلم ] في السادسة ويدعوفي السابعة ولو جيء بخامسة لم يكبر عليها الخامسة لئلا يفضي إلى زيادة التكبير على سبع أو نقصان الخامسة من أربع وكلاهما ممنوع فإن أراد أهل الجنازة الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز لأن الصلاة لا تتم إلا به ويستحب للمسبوق إذا حضر بين تكبيرتين أن يحرم ويدخل معه كالصلاة وعنه وينتظر تكبيره لأن كل تكبيرة كركعة فلا يشتغل بقضائها ورده المؤلف بأن هذا ليس اشتغالا بقضاء ما فاته وإنما يصلي معه ما أدركه وخيره في الفصول كسائر الصلوات وإن أدركه بعد الرابعة فمسألتها إن شرع بعد ذكر كبر وتبعه ( وإن فاته
____________________
1-
(2/257)
شيء من التكبير قضاه على صفته وقال الخرقي يقضيه متتابعا بسلم ولم يفضه فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شيء من التكبير قضاه على صفته ) قدمه جماعة لأن القضاء محل الأداء كسائر الصلوات والمقتضي أول صلاته يأتي فيه بحسب ذلك وفيه وجه آخر هنا فيأتي بالقراءة فيما أدركه مع الإمام وهذا ظاهر التخليص لكن إذا خشي رفعها تابع رفعت تابع رفعت أم لا نص عليه ( وقال الخرقي يقضيه متتابا ) هذا روايه عن أحمد وقدمه في المحرر وحكاه أحمد عن أبراهيم لقول ابن عمر لا يقضي فإن كبر سابعا فلا بأس ولم يعرف له مخالف في الصحابة وقال القاضي وأبو الخطاب وهو الأصح إن رفعت قبل إتمام التكبير قضاه سابعا لعدم من يدعى له وإن لم يرفع قضاه على صفته ( فإن سلم ) مع الإمام ( ولم يقضه فعلى روايتين ) إحدهما يصح اختارها الأكثر لقوله عليه السلام لعائشة ما فاتك فلا قضاء عليك ولأنها تكبيرات حال القيام فلم يجب قضاؤها كتكبيرات العيد لا تصح اختاره أبو بكر والآخري وابن عقيل وحكاه عن شيخه لقوله وما فاتكم فاقضوا
أصل إذا صلى لم يصلى ثانيا يصلي ثانيا كما لا يستحب له رد السلام ثانيا ذكره جماعة ونص عليه أحمد أنه يكره وقيل يحرم ذكره في المنتخب نصا كالغسل ونحوه وقيل يصلي اختاره في الفنون والشيخ تقي الدين لأنه دعاء واختار ابن حامد والمجد يصلي تبعا وإلا فلا إجماعا كبقية الصلوات ومن لم يصل جاز أن يصلي بل يستحب كصلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم كما لو صلى عليه بلا إذنوال حاضر أو ولي بعده حاضر وإنما تعاد تبعا ومتى رفعت بعد
____________________
1-
(2/258)
ومن فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر ويصلي على الغائب بالنية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصلاة لم توضع لأحد ويبادر إلى دفنها وقال القاضي إلا أن يرجى مجىء الولي إلا أن خاف تغيره
( ومن فاته الصلاة على الجنازة صلى على القبر إلى شهر ) نص عليه واختاره الأكثر لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر وعن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر رواه الترمذي ورواته ثقات قال أحمد أكثر ما سمعت هذا ولأنه لا يعلم بقاؤه أكثر منه فيقيده به قيل من دفنه جزم به في الوجيز وقيل من موته ويحرم بعده نص عليه قال في الخلاف أجاب أبو بكر فيما سأله أبو إسحاق عن قول الرواي بعد شهر يريد شهرا ولتعلمن نبأه بعد حين أراد الحين لكن ذكر المؤلف وابن تميم أنه لا يضر زيادة يسيرة لما روى الدارقطني عن ابن عباس مرفوعا أنه صلى على قبر بعد شهر قال القاضي كاليومين وقيل إلى سنة ما لم يبل فإن شك في بقائه فوجهان وقيل يصلي عليه أبدا ولو لم يكن من أهل فرضها يوم موته وإنما يجر على قبره عليه السلام لئلا يتخذ مسجدا ومن شك في المدة صلى حتى يعلم فراغها وحكم الغريق كذلك وأما إذا لم يدفن فإنه يصلى عليه وإن مضى أكثر من شهر وقيده ابن شهاب وقدمه في الرعاية بالشهر
( ويصلى على الغائب بالنية ) كالصلاة على قبر في أصح الروايتين وظاهره
____________________
1-
(2/259)
فإن في أحد جابني البلد لم يصل عليه بالنية في أصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا فرق بين الإمام وغيره ولامن مسافة القصر وغيرها في جهة القبلة أو غيرها
والثانية لا يجوز لأن حضور الجنازة شرط كما لو كانا في بلد واحد وقيل إن كان صلي عليه واختاره الشيخ تقي الدين والأول المذهب لأنه عليه السلام صلى على النجاشي فصف وكبر عليه أربعا متفق عليه لا يقال لم يكن بأرض الحبشة من يصلي عليه لأنه ليس من مذهبكم فإنكم تمنون الصلاة على الغريق والأسير وإن لم يكن صلي عليه مع أنه يبعد ما ذكرتم فإن النجاشي ملك الحبشة وقد أظهر الإسلام فيبعد أنه لم يوافقه أحد يصلي عليه ومدته كمدة صلاة القبر ويعتبر انفصال مكانه عن البلد بما يعد الذهاب إليه نوع سفر وقال القاضي يكفي خمسون خطوة قال الشيخ تقي الدين وأقرب الحدود ما تجب فيه الجمعة لأنه إذن من أهل الصلاة في البلد فلا يعد غائبا عنها ويعتبر أن يكون غير وقت نهي قاله في الرعاية ( فإن كان في أحد جانبي البلد لم يصل عليه في أصح الروايتين ) هذا المذهب لأنه يمكن حضوره أشبه ما لو كانا في جانب واحد والثانية يجوز اختاره ابن حامد كالعيد وللمشقه
مسائل منها إذا صلى على غائب ثم حضر به استحب أن يصلي عليه ثانيا جزم به ابن تميم وغيره فيعايا بها
ومنها أنه لايصلى كل يوم على كل غائب لأنه لم ينقل قاله الشيخ تقي الدين
____________________
1-
(2/260)
ولا يصلي الإمام على الغال ولا من قتل نفسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ومنها الصلاة على مستحيل بإحراق وأكيل سبع ونحوه وجهان قال في التلخيص الأظهر المنع لاستحالته بخلاف الغريق في اللجة قال في الفصول فأما إن حصل في بطن سبع لم يصل عليه مع مشاهدة السبع
ومنها أنه لايصلى على من في تابوت معغطى وقيل إن أمكن كشفه عادة وقال ابن حامد يصح كالمكبة
( ولا يصلى الإمام ) أي الإمام الأعظم نقله الجماعة واختاره الخلال وجزم به في التبصرة وقيل أو نائبه وإمام قرية وهو واليها في القضاء نقله حرب ( على الغال من الغنيمة ) نص عليه لأنه عليه السلام امتنع من الصلاة على رجل من المسلمين فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه القوم فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله رواه أحمد واحتج به وأبو داود والنسائي بإسناده من حديث زيد بن خالد وهو شامل للقليل والكثير ( ولا على من قتل نفسه ) عمدا في الأصح لما روى مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلا قتل نفسه بمشاقص فلم عليه وفي رواية للنسائي قال النبي صلى الله عليه وسلم أما أنا فلا أصلي عليه وهو له نصل عريض ليس بالطويل وقيل يحرم وحكي رواية قال ابن عقيل هو في هجر أهل البدع والفساق فيجيء الخلاف أنه يصلي عليها غير الإمام قاله السامري وغيره لقوله عليه السلام
____________________
1-
(2/261)
وإن وجد بعض الميت غسل وصلي عليه وعنه لا يصلى على الجوارح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) صلوا على من قال لا إله إلا الله رواه الخلال ويصلي على كل عاص نص عليه وقال ما نعلم أنه عليه السلام ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه ويلحق بهما صاحب بدعة مكفرة عنه ولا يصلي على أهل الكبائر جزم في الترغيب واختاره المجد في كل من مات عن معصية ظاهرة بلا توبة وهو متجه وعنه ولا على من قتل في حد ولا مدين وعنه يصلي على كل أحد اختاره ابن عقيل كما يصلي غيره حتى على باغ ومحارب
( وإن وجد بعض الميت ) تحقيقا ذكره ابن عقيل ( غسل وصلي عليه ) على المذهب لأن أبا أيوب صلى على رجل قاله احمد وصلى عمر على عظام بالشام وصلي أبو عبيدة على رؤوس بعد تغسيلها وتكفينها رواهما رواهما عبد الله بن أحمد وقال الشافعي ألقى طائر يدا بمكة في وقعة الجمل عرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فصلى عليها أهل فصلى عليها أهل مكة والمراد بالبعض غبر شعره وظفر رواية واحدة لأنه بعد تطهير ويصلى عليه وجوبا إن لم يكن صلي عليه وقيل مطلقا كغسله وتكفينه ودفنه في الأصح فقيل ينوي الجملة إذا صلى ثم وجد الأكثر ففي الوجوب احتمالان وإن تكرر الوجوب جعلا للأكثر كالكل ( وعنه لا يصلى على الجوارح ) التي يكتسب بها كما لو بان في حي وجوابه بأنه من جملة لا يصلى عليه ولئلا تتكرر الصلاة فمتى وجد الأكثر صلى عليه وهل ينبش ليدفن معه أم بجنبه فيه وجهان
____________________
1-
(2/262)
وإن اختلط من يصلى عليه صلى على الجميع ينوي من يصلى عليه ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع إذا بان من حي كيد سارق انفصل في وقت لو وجدت فيه الجملة لم يغسل ولم يصل عليها وقيل يصلى عليهما إن احتمل موته ( وإن اختلط من يصلى عليه ) كمسلم ( ومن لا يصلى عليه ) ككافر ( صلى على الجميع ) لأن الصلاة على المسلم واجبة ولا يمكنه الخروج عن العهدة إلا بذلك وفهم منه أنه يغسل الجميع ويكفنون سواء كان من يصلى عليه أكثر أم لا وسواء في ذلك دار الحرب وغيرها وعنه إذااشتبهوا في دار الحرب فلا ( ينوي من يصلي عليه ) أي ينوي الصلاة على المسلم في ذلك لأن الصلاة على الكافر لا تجوز فلم يكن بد من ذلك ثم إن أمكن عزلهم وإلا دفنوا مع المسلمين قاله أحمد
مسألة يصلي على المسلمة الحاملة دون حملها قبل مضي تصويره وعليهما معا بعده ولا يصلى على أطفال المشركين لأن لهم حكم آبائهم إلا من حكمنا بإسلامه منهم ذكره جماعة
( ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد ) قال الآجري السنة أن يصلى عليها فيه لقول عائشة صلي النبي صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء في المسجد رواه مسلم وصلى على أبي بكر هو أفضل وقيل عكسه وخير أحمد واقتصر عليه في الوجيز وإن لم يؤمن تلويثه لم يجز ذكره أبو المعالي وذهب قوم إلى الكراهة لما روى أحمد ثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا من صلى جنازة في المسجد فلا شيء ولأنه يحتمل
____________________
1-
(2/263)
وإن لم يحضره غير النساء صلين عليه فصل في حمل الميت يستحب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) انفجار فيه وجوابه بأن صالحا فيه ضعف وبأن احتمال انفجاره نادر ثم هو عادة بعلامة فمتى ظهرت كره إدخاله المسجد ( وإن لم يحضره غير النساء صلين عليه ) لأن عائشة أمرت أن يؤتى بأم سعد وكسائر الصلوات وظاهره أنهن يصلين عليه مع عدم الرجال وجوبا ضرورة الخروج عن عهدة الفرض ويسقط بهن وفي كلام القاضي ما يشعر بخلافه وتسن لهن جماعة نص عليه وتقف إمامتهن وسطا لمكتوبة ويقدم منهن من يقدم من الرجال حتى قاضيه وواليه وكره ابن عقيل لسرعان الاجتهاد وقيل فرادى أفضل واختاره القاضي كصلاتهن بعد رجال في وجه
فائدة يحصل له بالصلاة عليها قيراط وهو أمر معلوم عند الله تعالى وذكر ابن عقيل أنه قيراط بنسبته من أجر صاحب المصيبة وله بتمام دفنها آخر وذكر أبو المعالي وجها أن الثاني بوضعه في قبره وقيل إذا ستر بللبن وهل يعتبر للثاني أن لا يفارقها من الصلاة حتى تدفن أم يكفي حضور دفنها فيه وجهان ولا تحمل الجنازة إلى مكانه ومحله ليصلى عليها فهي كالإمام يقصد ولا يقصد ذكره ابن عقيل فصل في حمل الميت
وهو فرض كفاية ولا يختص كون فاعله من أهل القربة فيسقط بكافر وغيره وكذا تلقينه ودفنه وفاقا لعدم اعتبار النية ( يستحب ) أن يحمله أربعة
____________________
1-
(2/264)
التربيع في حمله وهو أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه الأيمن ثم ينتقل إلى المؤخرة ثم اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى المؤخرة وإن حمل بين العمودين فحسن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنه يسن ( التربيع في حمله ) لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع إسناده ثقات إلاأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه لكن كرهه الآجري وغيره إذا ازدحموا عليها ( وهو أن يضع قائمة السرير المقدمة على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى المؤخرة ) هذا صفة التربيع ونقله الجماعة وهو المذهب لأنه أحد الجانبين فبدىء فيه بالمقدمة وعنه ينتقل من رجل السرير اليمنى إلى رجله اليسرى ثم يختم برأسه رواه البخاري عن ابن عمر ولأنه أخف ( وإن حمل ) كل واحد على عاتقه ( بين العمودين فحسن ) نص عليه في رواية ابن منصور لأنه عليه السلام حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين وروي عن سعد وابن عمر وأبي هريرة أنهم فعلوا ذلك وعنه يكره حكاها ابن الزاغواني والأصح عدمها وليس بأفضل من التربيع وعنه هما سواء والأولى الجمع بينهما فإن عجز عن حملها على ما ذكر حملت بالتابوت والرجال وإن كان الميت طفلا فلا بأس بحمله على الأيدي صرح به جماعة ويستحب أن يكون على نعش كما قدمنا وإن كانت امرأة استحب ستر نعشها بمكبة لأنه أستر لها وروي أن فاطمة صنع لها ذلك بأمرها وما نقله بعضهم أنه أول من اتخذ ذلك له زينب أم المؤمنين فيه نظر فإن وفاتها كانت سنة عشرين قال في التخليص ويجعل فوق المكبة ثوب وكذا إن كان به حدب ونحوه لأنه يشهر بالمثلة ولا بأس بحمله على دابة لغرض صحيح كعبد قبره وعنه يكره وظاهر كلامهم لا يحرم حملها على هيأة مزرية أو هيأة يخاف معها سقوطها
____________________
1-
(2/265)
ويستحب الإسراع بها ويكون المشاة أمامها والركبان خطفها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( ويستحب الإسراع بها ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم متفق عليه ويكون دون الخبب نص عليه زاد في المذهب وفوق السعي وفي الكافي لا يفرط في الإسراع فيمخضها ويؤدي مبتعها وقال القاضي يستحب أن لا يخرج عن المشي المعتاد ولكن يراعي الحاجة نص عليه فإن خيف عليه التغير أسرع ( ويكون المشاة أمامها ) نص عليه وهو قول أكثرهم قال ابن المنذر ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر [ كانوا ] يمشون أمام الجنازة ورواه عن ابن عمر ولأنهم شفعاء والشفيع يتقدم المشفوع له واختار ابن حمدان حيث شاء وفي الكافي حيث مشى قريبا منها فحسن وقال الأوزاعي أفضل لأنها متبوعة ( والركبان خلفها ) لما روى المغيرة بن شعبة مرفوعا الراكب خلف الجنازة رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولأن سيرة أمامها يؤذي متبعها وقال المجد يكره أمامها وفي راكب سفينة وجهان بناء على أن حكمه كراكب أو كماش وإن عليهما دزرانه في الصلاة ويكره للمرأة اتباعها وحرمه الآجري في الشابة قال أبو المعالي يمنعن من اتباعها وهو قول الجمهور وأباحه قوم لقرابة وقال أبو حفص هو بدعة ويجب طردهن فإن رجعن وإلا رجع الرجال بعد أن يحثوا في وجوههن التراب وكذا يكره لمتبعها الضحك والتبسم والتحدث بأمر الدنيا وأن توضع عليها الأيدي وأن يقال حال المشي معها اللهم سلم
____________________
1-
(2/266)
ولا يجلس منتبعها حتى توضع وإن جاءت وهو جالس لم يقم لها ويدخل قبره من عند رجل القبر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) رحمه الله واستغفروا له نص عليه ويسن ان يسكتوا أو يذكروا الله قال بعضهم خفية
فرع يكره الركوب لمن تبعها إلا لحاجة وكعوده وتقدمها إلى موضع الصلاة لا إلى المقبرة
تنبيه إذا كان معها منكر وقدر على إزالتها تبعها وأزاله فإن عجز عنه لم يجز أن يتبعها وعنه بل وينكره بحسبه ومن كان حضوره يزيل المنكر لزمه الروايتين كحصول المقصود فيعايا بها
( ولا يجلس من تبعها حتى توضع ) لقوله عليه السلام من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع متفق عليه من حديث ابي سعيد والمراد بها وضعها على الأرض للدفن نقله الجماعة وعنه للصلاة وعنه للحد لاختلاف الخبر وعنه لا يكره الجلوس قبل وضعها كمن بعد ( وإن جاءت وهو جالس لم يقم لها ) لقوله علي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد رواه مسلم وقال علي كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام ثم جلس وأمرنا بالجلوس رواه أحمد وغيره وإسناده ثقات وكذا إذا مرت به وعنه القيام وتركه سواء وعنه يستحب القيام اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين لأمره بذلك وعنه حتى تغيب أو تضع فيقوم قبل وصولها إليه حين رؤيتها للخبر وظاهره لو كانت جنازة كافر لفعله عليه السلام متفق عليه والأصح الكراهة إذا دليله ناسخ لما ذكرناه ( ويدخل قبره من عند رجل القبر ) أي من شرقه ثم يسله سلا
____________________
1-
(2/267)
إن كان أسهل عليهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنه عليه السلام من سل من قبل رأسه سلا وعبد الله بن يزيد أدخل الحارث قبره من قبل رجل القبر هذا من السنة رواه أحمد ولأنه ليس بموضع موجه بل دخول الرأس أولى كعادة الحي لكونه يجمع الأعضاء الشريفة ولهذا يقف عند رأسه في الصلاة ويبدأ به في حمله ( إن كان أسهل عليهم ) كذا ذكره جماعة منهم المجد لأن في ضدها ضررا ومشقة وهو منفي شرعا ولم يقبل منه في الوجيز والفروع وظاهر كلامه أنه يدخله معترضا من قبلته إذا لم يسهل من عند رجل القبر وخرج به في المحرر وقيل يبدأ بإدخال رجله من عند رأسه ذكره ابن الزاغواني وظاهره أنه لا توقيت فيمن يدخله بحسب الحاجة كسائر أموره وقيل الوتر أفضل وأنه لاحد لعمه نص عليه لقوله احفروا وأعمقوا وأحسنوا رواه النسائي قال أحمد يعمق إلى الصدر وقدره أكثر أصحابنا بقامة وبسطة وذكره جماعة نصا والبسطة الباع وجعلهما في الوسيلة أربعة أذرع ونصفا نصا وبالجملة يكفي ما يمنع الرائحة والسباع ولا يجوز جعله على الأرض وموضع فوقه خشبا لا في تراب لأنه ليس بسنة كما لا يجوز ستره إلا بالثياب ذكره ابن عقيل
تنبيه الأحق بالتلقين والدفن أحقهم والدفن أحقهم بالغسل وذكر المجد وابن تميم أنه يستحب أن يتولى دفن الميت غاسله فيقدم الوصي ثم الأقرب فالأقرب ثم الرجال الأجانب ثم النساء المحارم بدفنها ثم الأجنبيات والمرأة محارمها الرجال أولى من الأجانب ومن محارمها النساء بدفنها وهل يقدم الزوج على محارمها
____________________
1-
(2/268)
ولا يسجى القبر إلا أن يكون لا مرأة ويلحد له لحدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الرجال أم لا فيه رويتان فإن عدما فالرجال الأجانب أولى في المشهور وعنه نساء محارمها قدومه المؤلف وذكر أنه أولى وشرطه عدم محذور من تكشفهن بحضرة الرجال أو غيره قال المجد أو اتباعهن الجنازة ويقدم من الرجال خصي ثم شيخ ثم أفضل دينا ومعرفة ومن بعد عهده بجماعة أولى ممن قرب
فرع لا يكره للرجال دفن امرأة مع حضور محرم نص عليه قال في الفروع ويتوجه احتمال يحملها من المغتسل إلى النعش ويسلمها إلى من في القبر ويحل عقد الكفن وقاله الشافعي في الأم ومتى كان الأولى بغسله الأولى بدفنه تولاهما بنفسه ثم نائبه إن شاء ( ولا يسجى القبر إلا أن يكون امرأة ) فإنه يسن تغطية قبرها بغير خلاف نعلمه لأنها عورة ولا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون وظاهر كلام الوجيز ولو كانت صغيرة ويكره ستر قبر الرجل نص عليه لقول علي وتقدم بقوم دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب فجذبه وقال إنما يصنع هذا بالنساء رواه سعيد ولآن كشفه أمكن وأبعد من التشبه بالنساء فإن كان ثم عذر من مطر ونحوه لم يكره ( ويلحد له لحدا ) لقول سعد الحدود لي لحدا وانصبوا اللبن علي نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم واللحد إذا بلغ الحافر قرار القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت وهو أفضل من الشق على الأصح وهوأن يحفروا أرض القبر يضيع فيه الميت ويسقف عليه شيء فيكره الشق بلا عذر فلو اللحد لكون التراب ينهار يبينه بلبن وحجارة إن أمن نص
____________________
1-
(2/269)
وينصب اللبن عليه نصبا ولا يدخله خشبا ولا شيئا مسه النار ويقول الذي يدخله القبر بسم الله ملة رسول الله ويضعه في لحده على جنبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه ولا يشق إذن قال أحمد لا أحب الشق لما روى ابن عباس مرفوعا اللحد لنا والشق لغيرنا رواه أحمد والترمذي وقال غريب ( وينصب اللبن عليه نصبا ) لحديث سعد وإن جعل عليه طن قصب جاز لقول عمرو بن شرحبيل رأيت المهاجرين يستحبون ذلك ولكن اللبن أفضل لأنه من جنس الأرض وأبعد من أبنية الدنيا وعنه القصب اختارها الخلال وصاحبه وابن عقيل لأنه عليه السلام خرج على قبره طن من قصب وفي المحرر هما سواء ويسد الخلل بما يمنع التراب من طين وغيره قال أحمد ويسد الفرجة بحجر فدل أن البلاط كاللبن وإن كان اللبن ( ولا يدخله خشبا ) بلا ضرورة ( ولا شيئا مسه النار ) لقول إبراهيم كانوا يستحبون اللبن ويكرهون الخشب والآجر ولأن فيه تشبها بأهل الدنيا وتفؤلا أن لا تمسه النار ويكره دفنه في تابوت ولو كان الميت امرأة أو في حجر منقوش قال بعضهم أو يجعل فيه حديد ولو كانت الأرض رخوة أو ندية ( ويقول الذي يدخله القبر بسم الله وعلى ملة رسول الله ) لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت قال ذلك وفي لفظ وعلى سنة رسول الله روى ذلك أحمد والترمذي وقال حسن غريب وعنه يقول اللهم بارك في القبر وصاحبه وإن قرأ ( منها خلقناكم ) الآية وأتى بذكر أو دعاء لائق عند وضعه وإلحاده فلا بأس لفعله عليه السلام وفعل الصحابة ( ويضعه في لحده على جنبه
____________________
1-
(2/270)
الأيمن مستقبل القبلة ويحثي التراب في القبر ثلاث ثم يهال عليه التراب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأيمن مستقبل القبلة ) لأنه عليه السلام هكذا دفن والمذهب عند القاضي وأصحاب والمؤلف وقدمه في الفروع يجب دفنه مستقبل القبلة وعند صاحب الخلاصة والمحرر وظاهر كلامه أنه يستحب كجنه الأيمن وظاهره أنه لا يجعل تحت رأسه شيئا لقول عمر إذا جعلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض واستحب عامتهم أن يجعل تحت رأسه لبنة كالمخدة للحي ويجعل قدامه وخلفه ما يمنع على قفاه أو وجهه وفي الشرح والفروع يدنيه من قبلة اللحد ويسند خلفه ويكره المرقعة والمضربة نص عليه وكذا قطيفة تحته لكراهة الصحابة وهو قول الأكثر ونص أنه لا بأس بها من علة في الأرض وعنه مطلقا وقيل يستحب لأن شقران وضع في القبر النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء لكنمن غير اتفاق منهم ( ويحثي التراب في القبر ثلاث حيثات ) استحبابا لما روى جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حثي على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا رواه الشافعي وروي عن علي وابن عباس وأن يكون ذلك باليد قاله في المحرر والفروع وهو شامل لحاضر به زاد ابن تميم من قبل رأسه لفعله عليه السلام رواه ابن ماجه وقيل من دنا منه وعنه لا بأس بذلك وذكر ابن المنجا أنه ينبغي أن يقول إذا حثى الأول ( منها خلقناكم ) وفي الثانية ( وفيها نعيدكم ) وفي الثلثة ( ومنها نخرجكم تارة أخرى ) ( ثم يهال ) أي يصب ( عليه التراب ) لقول عائشة ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي رواه أحمد
____________________
1-
(2/271)
ويرفع القبر عن الأرض مسنما ويرش عليه الماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقالت فاطمة لأنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب رواه البخاري ويكره أن يزيد من غير ترابه نص عليه لنهي عقبة عنه رواه أحمد قال في الفصول إلا أن يحتاج إليه ولا بأس بتعليمه بحجر أو خشبة ونحوهما عند رأسه نص عليه لأنه عليه السلام ترك عند قبرعثمان بن مظعون صخرة رواه أبو داود ونص عليه ابن تميم ( ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر ) لأنه عليه السلام رفع قبره فيتوقى ويترحم عليه ويكره فوق شبر لأن فضالة أمر بقبر فسوي وقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك رواه مسلم وحمله المجد على بقبر من الأرض والمنع عن علوها الفاحش ( مسنما ) لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ولأن اتلتسطيح يشبه أبنية أهل الدنيا وهو شعار أهل البدع فكان مكروها وقال الشافعي التسطيح أفضل وخالفه كثير من أصحابه قال وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سطح قبر ابنه إبراهيم وهو محمول على أنه سطح جوانبها وسنم سطحها لكن يستثنى منها إذا دفن بدار الحرب بعد تعذر نقله فالأولى تسويته بالأرض وإخفاؤه قاله أبو المعالي وغيره ( يرش عليه الماء ) لأنه عليه السلام رش على قبر سعيد ماء رواه ابن ماجه من حديث أبي رافع وروى الخلال بإسناده أنه رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء ولأن الماء يلبده وهو آثار الرحمة ويوضع عليه حصى صغار وظاهر كلام جماعة أنه يعمه بها ليحفظ ترابه وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(2/272)
ولا بأس بتطيينه ويكره تجصيصه والبناء والكتابة عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) رش على قبر ابنه ماء ووضع عليه حصى رواه الشافعي ( ولا بأس بتطبينه ) قاله أحمد لأنه عليه السلام طين قبره ولأن فيه صيانة عن الدرس وكرهه أبو حفص وقيل يستحب والنهي الوارد فيه محمول على طين فيه تحسين للقبر وزينة ( ويكره تجصيصه ) وتزوقه تحليقه وهو بدعة ( البناء ) عليه أطلقه أحمد والأصحاب لاصقة أو لا لقول جابر نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يعقد عليه وأن يبنى عليه رواه مسلم وذكر جماعة أنه لا بأس بالقبة والبيت والحظيرة في ملكه قال المجد ويكره في صحراء للضيق والتشبه بأبنية الدنيا وكره في الوسيلة البناء الفاخر كالقبة وظاهره لا بأس ببناء ملاصق لأنه يراد لتعليمه وحفظه دائما فهو كالحصباء ولم يدخل في النهي لأنه خرج على المعتاد أو يخص منه وعنه منع البناء في وقف عام وقال الشافعي رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما تبقى والمنقول هنا المنع خلاف ما اقتضاه كلام ابن تميم يؤيد ما نقله أبو طالب عنه عمن اتخذ حجرة في المقبرة لغيره قال لا يدفن فيها والمراد لا يختص به وهو لغير وجزم ابن الجوزي بأنه يحرم قبر في مسبلة قبل الحاجة فها هنا أولى وتكره الخيمة والفسطاط نص عليه لأمر ابن عمر بإزالته وقال إنما يظله عمله وظاهر ماسبق أن الصحراء أفضل لأنه عليه السلام كان يدفن أصحابه بالبقيع وهو أشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه سوى النبي صلى الله عليه وسلم واختار صاحباه الدفن عنده تشرفا تبركا ولم يزيد عليهما لأن الخرق يتبع والمكان ضيق وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع ذكرها المجد ( والكتابة عليه ) لما ورى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعا نهى أن
____________________
1-
(2/273)
والجلوس والوطء عليه والأتكاء إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ ( والجلوس ) لما روى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير أن يحلس على قبر ( والوطء عليه ) لما روى ابن ماجه والخلال مرفوعا لأن أطأ على جمرة أو سيف أحب إلى [ من ] أن أطأ على قبر مسلم وفي الكافي إن لم يكن له طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء جاز للحاجة ( والاتكاء إليه ) لما روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمرو بن حزم متكئا على قبر فقال لا تؤذه
مسألة لا يجوز الإسراج على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها ولا بينها قال الشيخ تقي الدين ويتعين إزالتها لا أعلم فيه خلافا ولا تصح الصلاة فيها على ظاهر المذهب فلو وضع المسجد والقبر معا لم يجز ولم يصح الوقف ولا الصلاة قاله في ( الهدى ( وفي ( الوسيلة ( يكره اتخاذ المساجد عندها ويكره الحديث عندها والمشي بالنعل فيها ويسن خلعه إلا خوف نجاسة أو شوك نص عليه فصل يستحب الدعاء له عند القبر بعد دفنه
نص عليه فعله أحمد جالسا واستحب الأصحاب وقوفه ونص احمد انه لا بأس به وقد فعله علي والأحنف وقال أبو حفص هو بدعة واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه لقول راشد بن سعد
____________________
1-
(2/274)
ولا يدفن فيه اثنان إلا لضرورة ويقدم الأفضل ألى القبلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير كانوا يستحبون أن يقال عند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات يا فلان قل ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد رواه عنه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ولحديث أبي أمامة رواه ابن شاهين والطبراني فيجلس الملقن عند رأسه وقال احمد ما رأيت أحدا يفعله إلا هل الشام وقال الشيخ تقي الدين تلقين غير المكلف وجهان بناء على نزول الملكين وسؤاله وانتخابه النقي قول القاضي وابن عقيل والأثبات قول أبي حكيم وحكاه ابن عبدوس عن الأصحاب وصححه الشيخ تقي الدين
( ولا يدفن فيه اثنان ) أي يحرم دفن اثنين فأكثر في قبر لأنه عليه السلام كان يدفن كل ميت في قبر وعلى هذا استمر فعل الصحابة ومن بعدهم وعنه يكره اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين قال في الفروع وهي أظهر وعنه يجوز وهو ظاهر الخرقي نقل أبو طالب لابأس به وقيل يجوز في المحارم وقيل فيمن لا حكم لعورته وعلى الأول لا فرق بين أن يدفنا معا أو أحدهما بعد الآخر لكن إن لم يبل لم يعجز نص عليه وإن بلي جاز في الأصح ويعمل بقول أهل الخبرة بتلك الأرض وإن حفر فوجد عظام الميت دفنها وحفر في مكان آخر نص عليه ( إلا لضرورة ) وككثرة الموتى وقلة من يدفنهم وخوف الفساد عليهم لقوله عليه السلام يوم أحد ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد رواه النسائي ( ويقدم الأفضل إلى القبلة ) لقوله عليه السلام قدموا أكثرهم قرآنا حين سألوه
____________________
1-
(2/275)
ويجعل بين كل اثنين حاجز من التراب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) من يقدم فيه رواه النسائي والترمذي وصححه وكما يقدم إلى الامام في الصلاة ( ويجعل بين كل اثنين حاجز من التراب ) نص عليه ليصير كل واحد كأنه في قبر منفرد وقال الآجري إن كان فيهم نساء وفيه نظر ولا بأس بالذهاب بعد دفنه من غير إذن أهل الميت نص عليه
تذنيب كره أحمد الدفن عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها وفي المغني لا يجوز ويجوز ليلا ذكره في شرح مسلم قول الجمهور وعنه يكره حكاه ابن هبيرة اتفاق الأئمة الأربعة وفيه نظر فإنه حكى في الإفصاح الإجماع أنه لا يكره وأنه بالنهار أمكن وعنه لا يفعله إلا لضرورة
مسالة يستحب جمع الأقارب في بقعة لتسهل زيارتهم قريبا من الشهداء والصالحين لينتفع بمجاورتهم من البقاع الشريفة فلو أوصى أن يدفن في ملكه دفن مع المسلمين قاله أحمد كما إذا اختلف الورثة وحمل المجد الأول على ما إذا نقصها نقصا لا يحتمله الثلث قال في الفروع وهو متجه قال أحمد لا بأس بشراء موضع قبرهو يوصي بدفنه فيه فعله عثمان وعائشة قال ابن تميم شرط خروجه من الثلث ويصح بيع ما دفن من ملكه ما لم يجعل أو يصر مقبرة نص عليه وقال ابن عقيل لا يجوز بيع موضع القبر مع بقاء رمته وإن ثقلت وجب ردها لتعيينه لها قال جماعة وله حرثها غذا بلي العظم ومن سبق إلى مسبلة قدم ثم يقرع وقيل يقدم ممن له مزية نحو كونه
____________________
1-
(2/276)
وإن وقع في القبر ماله قيمة نبش وأخذ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وإن وقع في القبر ماله قيمة ) عادة وعرفا وإن قل خطره قاله أصحابنا أو رماه ربه فيه ( نبش وأخذ ) نص عليه في مسحاة الحفار دليله ما روي عن المغيرة بن شعبة أنه وضع خاتمة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال خاتمي فدخل وأخذه ولتعليق حقه بعينه ولا ضرر في أخذه وعنه المنع إن بذل له عوضه فدل على رواية تمنع نبشه بلا ضرورة وفي النبش ضرر
منها من أمكن غسله ودفن قبله فإنه ينبش نص عليه وجزم جماعة بأنه يترك إن خشي تفسخه وقيل يحرم نقله مطلقا فيصلى عليه لعدم ماء وتراب
ومنها إذا دفن قبل الصلاة فإنه ينبش ويصلى عليه نص عليه ليوجد شرط الصلاة وهو عدم الحائل وقيل على القبر وهو ظاهر وعنه يخير
ومنها إذا دفن قبل تكفينه فإنه ينبش نص عليه وصححه في الرعاية كالغسل وقيل لا لستره بالتراب
ومنها إبدال كفنه بأحسن منه وخير من بقعته ودفنه لعذر بلا غسل ولا حنوط كإفراده نص على الكل
ومنها إذا دفن موجه للقبلة وقيل يحرم نبشه وقدم ابن تميم يستحب
ومنها إذا دفن في مسجد فنص أحمد على نبشه
____________________
1-
(2/277)
وإن كفن بثوب غصب أو بلع مال غيره غرم ذلك من تركته وقيل ينبش ويؤخذ الكفن ويشق جوفه فيخرج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
ومنها إذا دفن في ملك غيره فللمهالك نقله والأولى تركه وكرهه أبو المعالي لهتك حرمته
ومنها إذا كفن كفن الرجال في حرير لغير حاجة نبش وأخذ في وجه قال في الشرح فإن تغير الميت لم ينبش بحال وكل موضع أجزنا نبشه فالأفضل تركه
( وإن كفن بثوب غصب ) لم ينبش لهتك حرمته مع إمكانه دفع الضرر بدونها فعلى هذا تجب قيمته في تركته وقال المجد يضمنه من كفنه به تعذر نبش وإن جهل فالقرار على الغاصب ولو أنه الميت فإن تعذر نبش وإن كان قبل الدفن أخذ لتعليق حقه بعينه ( أو بلع مال غيره ) بغير إذنه ( غرم ذلك من تركته ) بطلب ربه لأن استحقاق العين يسقط عند تعذر الرجوع وينتقل إلى القيمة كما لو أتلف شيئا في حياته وظاهره لا فرق بين أن تبقى ماليته كخاتم أو غيره يسيرا كان أو كثيرا وذكر جماعة أنه يغرم من تركه وجها واحدا وإطلاق غيرهم بخلافه فإن تعذرت القيمة ولم يعدها وارث شق جوفه في الأصح فلو بلغه بإذن مالكه لم يجب شيء ويؤخذ إذا بلي ولا تعرض له بحال ولا يضمنه وكذا إذا بلع مال نفسه لأنه أتلف ملكه حيا فإن كان عليه دين فوجهان وقيل بل يشق ويؤخذ وفي المبهج تحسب من ثلثه ( وقيل ينبش ويؤخذ الكفن ويشق جوفه فيخرج ) قدمه في الكافي والعاية لما فيه من تخليص الميت من
____________________
1-
(2/278)
وإن ماتت حامل لم يشق بطنها وتسطو عليه القوابل فيخرجنه ويحتمل أن يشق بطنها إذا غلب على الظن أنه يحيا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الإثم ورد المال إلى مالكه ودفع الضرر عن الورثة بحفظ التركة لهم فعلى هذا إن كان ظنه أنه ملكه ففيه وجهان
تنبيه إذا اتخذ أنفا من ذهب ومات لم يقلع عنه ويأخذ البائع ثمنه من تركته فإن لم يكن أخذه إذا بلي وقيل يؤخذ في الحال فدل أنه لا يعتبر للرجوع حياة المفلس في قول مع أن فيه هنا مثله
( وإن ماتت حامل لم يشق بطنها ) نص عليه وقدمه ونصره الأكثر لما فيه من هتك حرمة متيقنة لإبقاء حياة موهومة ثم إنه لو خرج حيا فالغالب المتعاد أنه لا يعيش وقد احتج أحمد بقوله عليه السلام كسر عظم الميت ككسر عظم الحي رواه أبو داود ( وتسطو عليه ) النساء ( القوابل ) فيدخلن أيديهن في رحم الميت ( فيخرجنه ) إذا طمعن في حياته بأن قربت الحركة وانفتحت المخارج قاله في الخلاف وابن المنجا في شرحه والمذهب أنهن يفعلن ذلك إذا احتملت حياته لأن فيه إبقاء للولد من غير مثله بائنة فإن عجزان أو عدمن واختار ابن هبيرة أنه يشق بطنها والمذهب لا وعنه يفعل ذلك الرجال والمحارم أولى اختاره أبو بكر والمجد كمداواة الحي والأشهر لا فإن لم يخرج لم تدفن ما دام حيا ولا يوضع عليها ما يموته فلو خرج بعضه حيا شق حتى يخرج إلى تيمم لأنه في حكم الباطن في ألشهر وصلي عليه معها بشرطه وإلا عليه دونه ( ويحتمل أن يشق بطنها إذا غلب على الظن أنه يحيا )
____________________
1-
(2/279)
وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها ويجعل ظهرها إلى القبلة ولا تكره القراءة على القبر في أصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنه تعارض حقاهما فقدم حق الحي لكون حرمته أولى ( وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها ) نص عليه لأنه جائز ودفن الميت عند من يباينه في دينه منهي عنه واختار الآجري يدفن بجنب قبور المسلمين وقال أحمد لا بأس أن يدفن معنا روي عن عمر لما في بطنها وعبارة المحرر حامل بمسلم وهي أولى لشمولها صورا ( ويجعل ظهرها إلى القبلة ) على جنبها الأيسر ليكون وجه الجنين إلى القبلة على جنبه الأيمن لأن وجه الجنين إلى ظهرها ويتولى المسلمون دفنها وظاهره أنه لا يصلي عليه لأنه ليس مولودا ولا سقطا وقيل يصلى عليه إن مضى زمن تصويره قال في الفروع ولعل مرادهى إذا انفصل وهو الظاهر
( ولا تكره القراءة على القبر ) وفي المقبرة ( في أصح الروايتين ) هذا المذهب روى أنس مرفوعا قال من دخل المقابر فقرأ فيها ( يس ) خف عنهم يؤمئذ وكان له بقدرهم حسنات وصح عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها ولهذا رجع أحمد عن الكراهة قاله أبو بكر وأوصلها أنه مر على ضرير يقرأعند قبر فنها عنها فقال له محمد بن قدامة الجوهري يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي قال ثقة فقال أخبرني مبشر عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر أوصى بذلك فقال أحمد عند ذلك ارجع فقل للرجل يقرأ فلهذا قال الخلال وصاحبه المذهب رواية واحدة أنه لا يكره لكن قال السامري يستحب أن يقرأ عند رأس القبر بفاتحة البقرة وعند رجله بخاتمتها
____________________
1-
(2/280)
وأي قربة فعلها وجعلها للميت المسلم نفعه ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والثانية يكره اختارها عبد الوهاب الوارق وأبو حفص وهي قول جمهور السلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجملوا بيوتكم مقابر لا يقرأ فيها شيئا من القرآن فإن الشيطان ينفر من بيت يقرأ فيه سورة البقرة وعلله أبو الوفاء وغيره بأنها مدفن النجاسة كالحش قال بعضهم شدد أحمد حتى قال لا تقرأ فيها في الصلاة الجنازة ونقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه يكفر عن يمنه ولا يقرأ ة اختار في الفروع أنه يقرأ إلا عند القبر وعنه إنها بدعة لأنه ليس من فعله عليه السلام ولا فعل أصحابه ( وأي قربة فعلها ) من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك ( وجعل ثواب ذلك للميت المسلم نفعه ذلك ) قال أحمد الميت يصل إليه كل شيء من الخبر للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرؤون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا وكالدعاء والاستغفار حتى لو أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم جاز ووصل إليه الثواب ذكره المجد وقال الأكثر لا يصل إلى الميت ثواب القراءة وان ذلك لفاعله واستدعوا بقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ النجم 39 ] و ( لها ما كسبت ) [ البقرة 286 ] وبقوله عليه السلام إذا مات الإنسان انقطع عمله وجوابه بأن ذلك في صحف إبراهيم وموسى قال عكرمة هذا في حقهم خاصة بخلاف شرعنا بدليل حديث الخثعمية أو بأنها منسوجة بقوله تعالى { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان } [ الطور 21 ] أوأنها مختصة بالكافر أي ليس له من الجزاء
____________________
1-
(2/281)
ويستحب أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث إليهم ولا يصلحون هم طعاما للناس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلا جزاء سعيه توفاه في الدنيا وماله في الآخرة من نصيب أو أن معناه ليس للإنسان إلا ما سعى عدلا وله ما سعى غيره فضلا أو أن اللام بمعنى على لقوله تعالى { أولئك لهم اللعنة } [ الرعد 25 ] وعن الثانية بأنها بدل المفهوم ومنطوق السنة بخلافه وعن الحديث بأن الكلام في عمل غيره لا عمله فعلى هذا لا يفتقر أن ينويه حال القراءة نص عليه وذكر القاضي أنه يقول اللهم إن كنت أثبتني على هذا فاجعله أو ما يشابه لفلان وقيل يسير الثواب ثم يجعله له ولا يضر جهله به لأن الله يعلمه وبالغ القاضي فقال إذا صلى فرضا واهدى ثوابه صحت الهدية وأجزأ فاعله وفيه بعد فلو أهدى بعض القربة فنقل الكحال في الرجل يعمل شيئا من الخير من الصلاة ونحوها ويجعل نصفه لأبيه أو أمه قال أرجو وظاهر كلامه وكلام صاحب التخليص والمحرر أنه إذا جعل ثواب قربة لحي لا ينفعه ذلك والمذهب أن الحي كالميت في ذلك قال القاضي لا يعرف رواية بالفرق بل ظاهر الرواية يعم لأن المعنى فيهما واحد قالل ابن المنجا ولعل المصنف إنما ذكر الميت لأن أكثر الأدلة فيه وحاجته إلى الثوب أكثر وانه إذا جععلها لغير مسلم لا ينفعه وهو صحيح لنص ورد فيه
( ويستحب أن يصلح لأهل الميت طعاما يبعث إليهم ) لقوله عليه السلام إصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جائهم ما يشغلهم رواه الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه ولأن فيه جبرا والمذهب ثلاثة أيام ( ولا يصلحون هم طعاما للناس ) فإنه مكروه لما روى أحمد عن جرير قال كنا نعد الاجتماع إلى
____________________
1-
(2/282)
فصل يستحب للرجال زيارة القبور (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة وإسناده ثقات زاد في المغني والشرح إلا لحاجة وقيل يحرم قال أحمد ما يعجبني ونقل المروذي هو من أفعال الجاهلية وأنكر شديدا
فرع يكره الذبح عند القبر والأكل منه لخبر أنس لا عقر في الإسلام رواه أحمد بإسناده صحيح وفي معناه الصدقة عند القبر فإنه محدث وفيه رياء فصل يستحب للرجال زيارة القبور نص عليه وحكاه النووي إجماعا لقوله عليه السلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم والترمذي وزاد فإنها تذكر الآخرة وقال أبو هريرة زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال استأذنت ربي أن استغفرا لها فلم يؤذن لي وأستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت متفق عليه وعنه لا بأس وقاله الخرقي وغيره وأخذ منه جماعة الإباحة لأنه في الأمر بعد الحظر لا سيما وقد قرنه بما هو مباح وفي الرعاية يكره الإكثار منه وفيه نظر
فوائد يستحب للزاءر أن يقف أمام القبر وعنه حيث شلء وعنه قعود كقيامة ذكره أبو المعالي وينبغي قربه كزيارته في حياته ويجوز لمس القبر باليد وعنه يكره لأن القرب تتلقى من التوقف ولم ترد به سنة
____________________
1-
(2/283)
وهل تكره للنساء على روايتين وأن يقول إذا زارها أو مر بها سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن بكم للاحقون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وعنه يستحب صححها أبو الحسن لأنه يشبه مصافحة الحي ولا سيما ممن ترجى بركته واجتماع الناس للزيارة كما هو المعتاد بدعة قال ابن عقيل أبرأإلى الله تعالى منه ويجوز زيارة قبر المشرك والوقوف لزيارته لما سبق ذكره المجد وجوزه حفيده للاعتبار قال ولا يمنع الكافر زيارة قبر أبيه المسلم ( وهل يكره للنساء على روايتين ) إحدهما وهي المذهب يكره لأن المراة قليلة الصبر فلا يؤمن تهييج حزنها برؤية الأحبة فيحملها على فعل محرم والثانية يباح لأن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن وقال لها ابن أبي مليكة أليس كان نهي عن الزيارة القبور قالت نعم ثم أمر بزيارتها رواه الأثرم واحتج به أحمد وعنه يحرم لما روى أبو هريرة أن رسول الله لعن زوارات القبور رواه أحمد والترمذي وصححه وكما لو علمت أنها تقع في محرم ذكره المجد مع تأثيمه بظن وقوع النوح ولا فرق ولم هو وغيره دخول الحمام إلا مع العلم والمحرم ويستثنى منه زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما
( و ) يستحب ( أن يقول إذا زارها أومر بها سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا شاء الله بكم للاحقون ) كذا رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا والسلام فيه معرف وقاله جماعة والتنكير من طريق لأحمد عن أبي هريرة وعائشة وظاهره أن تنكيره أفضل نص عليه وخيره المجد وبعضهم حكاه نصا وكذا السلام على الأحياء وعنه تعريفه أفضل كالرد وقال ابن البنا سلام منكر وسلام الوداع معرف والاستثناء للتبرك قاله
____________________
1-
(2/284)
ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ويستحب تعزية أهل الميت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) العلماء وفي البغوي أنه يرجع إلى اللحوف اللحوق لا إلى الموت وفي الشافي أنه يرجع إلى البقاع ( ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ) روي من حديث عائشة ذكره في الشرح ( فنسأل الله لنا ولكم العافية ) رواه مسلم من حديث بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ان يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للآحقون نسأل الله لنا ولكم العافية فدل على أن اسم الدار يقع على المقابر وإطلاق الأهل على ساكن المكان من حي وميت ( اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ) رراه أحمد من حديث عائشة ( واغفر لنا ولهم ) لأنه روي يغفر الله لنا ولكم وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الغرقد فقال اللهمن اغفر لأهل بقيع الغرقد سمي به لغرقد كان به وهو ماعظم من العوسج وقيل كل شجر له شوك
فائدة يسمع الميت الطلام ويعرف زائره قاله أحمد يوم الجمعة بعد الفجر قبل طلوع الشمس وفي الغنية يعرفه كل وقت وهذا الوقت آكد ويكره مشيه بين القبور بنعلين إلا خوف نجاسة أو شوك نص عليه واحتج بخبر بشير بن الخصاصية وعنه لا يكره كالخف للمشقة وفي التمسك ونحوه وجهان ( ويستحب تعزية أهل الميت ) نص عليه لما روى ابن ماجه وإسناده ثقات عن عمرو بن حزم مرفوعا ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة وعن عبد الله بن مسعود مرفوعا من عزى أخاه مصيبته فله مثل أجره رواه الترمذي وفي سنده علي بن عاصم وهو
____________________
1-
(2/285)
ويكره الجلوس لها ويقول في تعزية المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ضعيف وهي التسلية والحث على الصبر بوعد غالأجر والدعاء للميت والمصاب وينبغي أن يستعين بالصبر والصلاة ويسترجع ولا يقول إلا خيرا ويسأل الله أجر الصابرين وظاهره لا فرق بين أن يكون قبل الدفن أوبعده ويعم بها أهل الميت حتى الصغير لكن يكره لامرأة شابة أجنبية ولو شق نص عليه لزوال المحرم وهو الشق واستدامة لبسه مكروه ويبدأ بخيارهم وهو مخبر في أخذ يد من يعزيه قاله أحمد وظاهره أنه لاحد لآخر وقت التعزية فدل انها تستحب مطلقا وهو ظاهر الخبر وحدهما في المستوعب إلى ثلاثة أيام وذكر ابن شهاب والآمدي وأبو الفرج يكره بعدها لتهيج الحزن واستثنى أبو المعالي إذا غائبا فلا بأس بها إذا حضر واختاره صاحب النظم وزاد ما لم ينس
فرع إذا جاءته التعزية في كتاب ردها على الرسول لفظا قاله أحمد ويكره تكرارها فلا يعزي من عزى ( ويكره الجلوس لها ) نص عليه واختاره الأكثر لأنه محدث مع ما فيه من تهييج الحزن وعنه الرخصة فيه قال الخلال سهل أحمد في الجلوس إليهم من غير موضع قال ونقل عنه المنع وفيه وجه لا بأس فيه لأهل الميت دون غيرهم وعنه لا بأس بالجلوس عندهم إذا خيف عليهم شدة الجزع وأما المبيت عندهم فأكرهه لكن يستثنى منه الجلوس بقرب دار الميت ليتبع الجنازة أو يخرج وليه فيعزيه فعله السلف ( ويقول في تعرية المسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك ) قال المؤلف لا أعلم في التعزية شيئالا محدودا إلا أنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عزى
____________________
1-
(2/286)
وفي تعزيته عن كافر أعظم الله اجرك وأحسن عزاءك وفي تعزية الكافر بمسلم أحسن الله عزاءك وغفر لميتك وفي تعزيته عن الكافر خاف الله عليك ولا نقص عددك ويجوز البكاء على الميت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) رجلا فقال رحمك الله وآجرك رواه أحمد وعزى رجلا فقال ( آجرنا الله واياك في هذا الرجل وروى أنه قال أعظم الله احركم وأحسن عزاءكم ويقول المعزى استجاب الله دعاءك ورحمنا واياك نقله أحمد
فرع اذا قال الآخر عز عنى فلانا توجه ان يقول له فلان بعزيك ( وفي تعزيته عن كافر أعظم الله اجرك وأحسن عزاءك وفي تعزية الكافر بمسلم أحسن الله عزاءك وغفر لميتك لأن ذلك لائق بحال الميت والمصاب ويحرم تعزية كافر وعنه يجوز فيقول ما ذكره المؤلف وظاهره أنه لا يدعو لكافر حي بالأجر ولا الكافر ميت بالمغفرة ( وفي تعزيته ) ابي الكافر ( عن كافر أخلف الله عليك ولا نقص عددك ) فيدعو له بما يرجع الى طول الحياة وكثرة المال والولد لأجل الحرمة وقال ابن بطة يقول أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحدا من أهل دينك يقال لمن ذهب له شيء يتوقع مثله أخلف الله عليك اي رد الله عليك مثله وان لم يتوقع حصول مثله خلف الله عليك اي كان الله خليفة منه عليك ذكره ابن فارس والجوهري
( ويجوز البكاء على الميت ) من غير كراهة لما روى أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان وقال ( ان الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار الى لسانه او يرحم متفق عليه ودخل عليه السلام على ابنه ابراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عيناه تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله فقال يا ابن عوف
____________________
1-
(2/287)
وأن يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به ولا يجوز الندب ولا النياحة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( انها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال ( ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم المحزنون رواه البختري وظاهرة لا فرق قبل الموت أو بعده أو بعد الدفن وأخبار النهي كقوله فإذا وجب فلا تبكين باكية محمولة على بكاء معه ندب او نياحة قال المجد او أنه كره كثرة البكاء والدوام عليه اياما ذكر الشيخ تقي الدين أنه يستحب رحمة للميت وأنه أكمل من الفرح لفرح الفضيل لما مات ابنه علي وقال عليه وسلم ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وأنما يرحم الله من عباده الرحماء ( و ) يجوز ( أ يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به ) والمراد به علامة ليعرف بها فيغزى لأنها سنة وهو وسيلة اليها رفإذا لم تكن سنة بقي الجواز وقال ابن الجوزي يكره لبسه خلاف زية المعتاد وقيل يكره تغير حاله من خلع ردائه ونعله وغلق حانوته وتعطيل معاشة وسئل أحمد يوم مات بشر عن مسألة فقال ليس هذا يوم جواب هذا يوم حزن فدل على ما ذكرنا قال جماعة لا بأس بهجر المصاب للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام ( ولا يجوز الندب ) وهو تعداد المحاسن نحو وارجلاه ( ولا النياحة ) نص عليهما وذكره في ( المذهب ) و ( التلخيص ) و ( الوجيز ) و ( الفروع ) وذكر ابن عبد البر تحرم النياحة اجماعا لقول عبد الرحمن بن عوف ( ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة وخمش وجه حديث حسن رواه الترمذي وقالت ام عطية أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح متفق عليه وقال أحمد في قوله تعالى ( ولا يعصينك في معروف ) ( الممتحنة 12 )
____________________
1-
(2/288)
ولا شق الثياب ولطم الخدود وما اشبه ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) هو النوح وقدوم في ( الكافي ) وهو ظاهر ( الخرقي ) الكراهة لقول ام عطية الا آل فلان فإنهم أسعدوا في الجاهلية فلا بد لي من ان أسعدهم فقال ( الا آل فلان ) حديث صحيح وهو خاص بها لخبر أنس ( لا إسعاد في الإسلام رواه أحمد وعنه يكره الندب والنياحة الذي ليس فيه الا تعداد المحاسن بصدق وعنه اباحتهما اختاره الخلال وصاحبه لأنلا واثلة وأبا وائل كانا يسمعان النوح ويبكيان رواه حرب لكن قال المؤلف ظاهر الأخبار التحريم وجزم المجد وابن تميم أنه لا بأس بيسير الندب اذا كان صدقا ولم يخرج مخرج النوح ولا قصد نظمه نص عليه لفعل ابي بكر وفاطمة ( ولا شق الثياب ولطم الخدود ) لقوله عليه السلام ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا الجاهلية متفق عليه من حديث ابن مسعود ( وما أشبه ذلك ) كتخميس الوجه ونتف الشعر واظهار الجزع
____________________
1-
(2/289)
= كتاب الزكاة =
تجب الزكاة في أربعة اصناف من المال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب الزكاة =
وهي في اللغة النماء والزيادة يقال زكا الزرع اذا نما وزاد ويطلق على المدح لقوله تعالى { فلا تزكوا أنفسكم } النجم 32 وعلى التطهير لقوله تعالى { قد أفلح من زكاها } [ الشمس 9 ] أي طهرها عن الأدناس ويطلق على الصلاح يقال رجل زكي أي زائد الخير من قوم أزكياء وزكى القاضي الشهود إذا بين زيادتهم في الخير فسمى المال المخرج زكاة لأنه يزيد في المخرج منه ويقيه الآفات
وفي الشرع حق يجبى في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وتسمى صدقة لأنها دليل لصحة إيمان مؤديها وتصديقه وهي أحد أركان الإسلام وهي واجبة بالإجماع وسنده { وآتوا الزكاة } [ البقرة 43 ] والأحاديث المستفيضة
واختلف العلماء هل فرضت بمكة أم في المدينة وفي ذلك آيات وذكر صاحب المغنى والمحرر وحفيده أنهاى مدينة قال في الفروع ولعل المراد طلبها وبعث السعادة لقبضها فهذا بالمدينة
( تجب الزكاة في أربعة أصناف ) واحدها صنف وفتح الصاد فيه لغة حكاه الجوهري ( من المال ) وهو اسم لجميع ما ملكم الإنسان وعن ثعلب أقل المال عند العرب ما يجب فيه الزكاة وقال الزكاة وقال ابن سيده العرب لا توقع المال مطلقا إلا على الإبل
____________________
1-
(2/290)
السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة ولا تحب في غير ذلك وقال أصحابنا يجب في المتولد من الوحش والأهل وفي بقر الوحش رويتان ولا تجب إلا بشروط خمسة الإسلام والحرية فلا تجب على الكافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وربما أوقعوا على المواشي ( السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة ) وسيأتي ذلك ( ولا تجب في غير ذلك ) لأنه الأصل فلا زكاة في الخيل والرقيق لقوله عليه السلام ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة متفق عليه ولأبي داود ليس في الخيل والرقيق زكارة إلا زكاة الفطر لأنه لا يطلب درها ولا يعتبر في الغالب إلا للزينة والاستعمال ولا في العقار والثياب إلا أن يكون معدا للتجارة ولا في الظباء نص عليه وعنه بلى اختاره ابن حامد لأنها تشبه الغنم ( وقال أصحابنا ) أي أكثرهم ( يجب في المتولد من الوحش والأهل ) تغلبا للوجوب واحتياطا لتحريم قتله وإيجاب الجزاء والنصوص تتناوله واختيار المؤلف أولى لأن الواجبات لا تثبت احتياطا ولأنه ينفرد بأسمه وخفته فلم يتناوله النص ولا يجزىء في الهدي ولا أضحية ولا يدخل في وكالة ( وفي بقر الوحش ) وغنمه بشرط ( رويتان ) أصحهما الوجوب لعموم قوله عليه السلام لماذ خذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا قال القاضي وغيره ويسمى بقرأ حقيقة فيدخل تحت الظاهر وفي ندائها حرام وإحرام وجواز هدي وأضحية وجهان
والثانية لا يجب اختارها المؤلف وصححها في الشرح لأنها تفارق البقر الأهلية صورة وحكما والإيجاب من الشرع ولم يرد ولا يصح القياس لوجود الفارق وكغنم الوحش ( ولا يجب إلا بشروط خمسة الإسلام والحرية فلا تجب على كافر ) لأنه عليه السلام جعل شرطا لوجوبها متفق عليه من حديث معاذ ولأنها قربة وطاعة والكفر يضاد ذلك وطهرة والكافر
____________________
1-
(2/291)
ولا عبد ولا مكاتب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا يطهر إلا الإسلام وهو فلم يفتقر إلى النية فلم تجب كالصوم وظاهره لا فرق بين الأصلي والمرتد أما الأصلي فلا تجب عليه زاد في الرعاية على الأشهر ولا يقضيها إذا أسلم إجماعا وأما المرتد فالمذهب عدم الوجوب فقيل مأخذه كونها عبادة وقيل لمنعه من ماله وإن قلنا يزول ملكه فلا زكاة عليه والثانية تجب نصره أبو المعالي وصححه الأزجي لأنها حق مالي أشبه الدين والردة لا تنافي الوجوب ولا استمراره لكنها تنافي الأداء فيأخذها الإمام منه وينوى عنه للتعذر وكسائر الحقوق الممتنع منها وإن لم يكن قربة كالحدود تستوفى ردعا وزجرا مع التوبة قال أبو المعالي فإن أخذها الإمام بعد ردته ثم أسلم أجزأت في الظاهر وكذا فيما بينه وبين الله في وجه فلو ارتد بعد الوجوب أخذت من ماله مطلقا وفيه وجه وظاهره إيجابها على الصبي والمجنون للعموم وأقوال الصحابة ولأنها مواساة وهما من أهلها كالمرأة ( ولا يعبد ) لأنه لا مال له فإن كان معتقا بعضه فبقدره لأنه يملك ملكا تاما أشبه الحر ( ولا مكاتب ) نص عليه لأنه عبد وملكه غير تام يؤيده ما روي أنه عليه السلام قال لا زكاة في مال المكاتب وقاله ابن عمر وجابر زولم يعرف لها مخالف فكان كالإجماع ولأن ملكه متزلزل لأنه بعرضية أن يعجز وهو محجور عليه لنقص ملكه ولا ولا يورث وهو مشغول بوفاء نجومه بخلاف المحجور عليه لنقص تصرفه والمرهون فإنه منع من التصرف فيه بعقده فلم يسقط حق الله تعالى وعنه هو كاقن وعنه يزكي بإذن سيده ولا عشر في زرعه فإن عتق أو عجز أو قبض من نجوم كتابته وفي يده نصاب
____________________
1-
(2/292)
وإن ملك السيد عبده مالا وقلنا إنه يملكه فلا زكاة فيه وأن قلنا لا يملكه فزكاته على سيده الثالث ملك نصاب فإن نقص عنه فلا زكاة فيه إلا أن يكون نقصا يسيرا كالحبة والحبتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) استقبل به حولا وما دون نصاب فكمستفاد ( وإن ملك السيد عبده مالا وقلنا إنه يملكه ) على رواية ( فلا زكاة فيه ) على واحد منها قاله الأصحاب لأن سيده لا يملكه وملك العبد ضعيف لا يحتمل المواساة بدليل أنه لا يعتق عليه أقاربه إذا ملكهم ولا يجب عليه نفقة قريبه والزكاة إنما تجب بطريق المواساة وحينئذ فلا فطرة إذن في الأصح وعنه العبد وعنه بإذن السيد ويحتمل أنه يزكيه السيد وعنه الوقف ( وإن قلنا لا يملكه ) على رواية وهي اختيار أبي بكر والقاضي وظاهر الخرقي ( فزكاته على سيده ) نص عليه لأنه مالكه
أصل أم الولد والمدبر كالقن
فرع هل تجب في المال المنسوب إلى الجنين إذا انفصل حيا اختاره ابن حمدان لحكمنا له بالملك ظاهرا حتى منعا باقي الورثة أم لا كما هو ظاهر كلام الأكثر فإنه لا مال له فيه وجهان
( الثالث ملك نصاب ) للنصوص إلى الجنين إذا بهيمة الأنعام وغيرها ولا يرد الركاز لأن شبهه بالغنية أكثر من الزكاة ولهذا وجب فيه الخمس ( فإن نقصعنه عنه زكاة فيه ) في رواية واختارها أبو بكر وهو ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز قال في الشرح وهو ظاهر الأخبار فينبغي أن لا يعدل عنه ( إلا أن يكون نقصا يسيرا كالحبة والحبتين ) فإنها تجب كذلك قاله الأكثر لأنه لا ينضبط غالبا فهو كنقص الحلول ساعة أو ساعتين وهو لا يخل بالمواساة لأن اليسير لا حكم له في أشياء كثيرة كالعمل اليسير في الصلاة
____________________
1-
(2/293)
وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا السائمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وانكشاف العورة والعفو عن يسير الدم فكذا هنا وظاهره أن إذا كان نقصا بينا كالدانق والدانفين أنها لا تجب في رواية وصححها في المذهب وذكرها في الشرح عن الأصحاب وعنه ان جازت جواز الوازنة وجبت ولعل المراد المضروبة وهو الظاهر قاله في الفروع ولأنها تقوم مقام الوازنة وذكر جماعة اذا نقص النصاب ثلاثة دراهم او ثلث مثقال فلا زكاة في أصح الروايتن وقيل الدانق والدانقان لا يمنع في الفضة بخلاف الذهب قال ابو المعالي وهذا أوجه وقيل النقص اليسير لا يؤثر في آخر الحول بل في أوله ووسطه وظاهر أن نصاب الباقي تحديد وهو كذلك في بهيمة الأنعام وكذا في الزرع والثمرة كما سيأتي ( وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب ) أما زيادة الحب فيجب فيها بالحساب اتفاقا وكذا زيادة النقدين لقوله عليه السلام ها تواربع العشور من كل أربعين درهما درهما وليس عليكم شيء حتى تتم مائتين فتجب فيها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك رواه الأثرم والدارقطني وروي عن علي وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه مال من الأرض يتجزأ ويتبغض من غير ضرر أشبه الأربعين وظاهره أنه يجب ولو لم يبلغ نقد أربعين درهما أو أربعة دنانير ( إلا السائمة ) فلا زكاة في وقصها لما روى أبو عبيد في غريبة مرفوعا أنه قال ليس في الأوقاص صدقة وقال الوقص ما بين النصابين وفي حديث معاذ أنه قيل له أمرت في الأوقاص بشيء قال لا وسأسأل رسوله الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال لا رواه الدارقطني ولما فيه من ضرر وعدم التشقيص وقيل يجب اختاره الشيرازي فعليه
____________________
1-
(2/294)
الرابع تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة الموقوفة ولا في حصة المضارب ومن الريح قبل القسمة على أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لو تلف بعير من تسع أو ملكه قبل التمكن إن اعتبرنا سقط تسع شاة ولو تلف منها ستة زكى الباقي ثلث شاه ولو كانت مغصوبة فأخذ منها بعيرا بعد الحلول زكاة بتسع شاة
( الرابع تمام الملك ) لأن الملك الناقص ليس نعمة كاملة وهي إنما تجب في مقابلتها إذ الملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق فيه غيره يتصرف فيه على حسب اختياره وفوائده حاصلة له قاله أبو المعالي ( فلا زكاة في دين الكتابة ) وفاقا لعدم استقراره لأنه يملك تعجيز نفسه ويمتنع من الأداء ولهذا لا يصح ضمانها وفيه رواية فدل على الخلاف هنا ( ولا في السائمة الموقوفة ) على معين قال في التخليص الأشبه أنه لا زكاة وجزم به في الكافي لنقصه
والثاني يجب وهو المنصوص للعموم وكسائر أملاكه وبنى بعض أصحابنا الخلاف على الملك الموقوف عليه وعلى الوجوب لا يخرج منها لأن الوقف لا يجوز نقل الملك فيه وأما الوقوف على غير معين كالمساكين والمساجد ونحوها فلا زكاة فيه قولا واحدا
تنبيه إذا وقف على معتق أرضا أو شجر فحصل له من غلته نصاب وجبت الزكاة نص عليه الزرع والتمر ليس وقفا بدليل بيعه وقال أبو الفرج لا عشر فيها إن كان فقيرا وجزم به الحلواني وإن حصل لأهل الوقوف خمسة أوسق خرج على الروايتين في تأثر الخلطة في غير السائمة ( ولا في حصة المضارب ومن الربح قبل القسمة على أحد الوجهين )
____________________
1-
(2/295)
فيهما ومن كان له دين على ملىء من صداق أو غيره زكاه إذا قبضه لما مضى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) واختاره أبو بكر والقاضي والمؤلف إما لعدم الملك أو لنقصانه لآنه وقاية كرأس المال ولا ينعقد الحلول إلا باستقرار ملكه نص عليه
والثاني الوجوب وينعقد حوله بظهور الربح اختاره أبو الخطاب وقدمه في المستوعب و الرعاية لأنه ملكه فيجب كساءر أملاكه فعلى هذا لا يجوز أن يخرج من المضاربة بدون إذن رب المال في الأصح والثاني يجوز لأنهما دخلا على حكم الإسلام ومن حكم وجوب الزكاة وإخراجها من المال وعلى قولنا لا يملك العامل الربح بظهوره فلا يلزم رب المال زكاة حصة العامل في الأصح وإن كان حق العامل دون نصاب انبي على الخلطة في غير السائمة وظاهره وجوبها على رب المال فيزكي حقه من الربح مع الأصل عند حوله نص عليه أمانة أو من غيره لأنه يملك حقه من الربح بظهور في الأظهر فإن أخرج شيئا من المال جعل من الربح ذكره في المغنى وقدمه في الرعاية لأنه وقاية لرأس المال وفي الكافي يجعل من رأس المال نص عليه لأنه واجب كديته وقال القاضي يجعل منهما بالحصص فينقص ربع عشر رأس المال وقيل إن قلنا الزكاة في الذمة فمنهما وإنن قلنا في العين فمن الربح ( فيهما ) أي في الصورتين المذكرتين ( ومن كان له دين على ملىء ) باذل أو غيره ( من صداق أو غير زكاه إذا قبضه لما مضى ) روي عن علي وقاله أبو ثوار لأنه يقدر على قبضه والانتفاع به أشبه سائر ماله وللعموم ولأنه ليس من المواساة إخراج زكاة مال لم يقبضه ولا فرق بين أن يقصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة أم لا وعنه يجب
____________________
1-
(2/296)
وفي الدين على غير الملىء والمؤجل والمحجود والمغضوب والضائع روايتان إحداهما كالدين على الملىء والثانية لا زكاة فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إخراجها في الحال قبل قبضه كالوديعة وعنه لسنة واحدة وقاله ابن المسيب وعطاء بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء ولم يوجد فيما مضى وعنه لا زكاة في دين بحال روي عن عائشة لأنه غير نام والأول المذهب لما روى أحمد عن علي وابن عمر وعائشة لا زكاة في الدين حتى يقبض ذكره أبو بكر بإسناده ولم يعرف لهم مخالف
فرع لو قبض دون نصاب زكاة نص عليه خلافا للقاضي وابن عقيل وكذا لو كان بيده دون نصاب وباقية دين أو غصب أو ضال والحوالة به والإبرار كالقبض ( وفي الدين على غير الملىء ) وهو المعسر ( والمؤجل والمجحود ) الذي لا يبنه به ( والمغصوب والضائع ) إذا عاد إليه ( رويتان ) وكذا أطلقها في المحرر ( إحدهما ) هو ( كالدين على الملىء ) اختارها الأكثر وذكرها جماعة ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لصحة الحوالة به والإبرار فيزكي ذلك إذا قبضه لما مضى من السنين رواه أبو عبيد عن علي وابن عباس للعموم وكسائر ماله وقال الشيرازي إذا قلنا يجب في الدين وقبضه فهل يزكيه لما مضى على روايتين ويتوجه ذلك في بقية الصور وقيد في المستوعب المجحود ظاهرا وباطنا وقال أبو المعالي ظاهرا وقال غيرهما ظاهرا أو باطنا أو هما به بينة فوجهان
فرع حكم مسروق ومذفون ومنسي وموروث جهله أو جهل عند من هو كذلك
( والثانية لا زكاة فيه ) صححها في التلخيص وغيره ورجحها جماعة
____________________
1-
(2/297)
قال الخرقي واللقطة إذا ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) واختارها ابن شهاب والشيخ تقي الدين روي عن عثمان وابن عمر لأنه غير نام وهو خارج عن يده وتصرفه أشبه الحلي ودين الكتابة ولأن الزكاة وجبت في المقابلة الانتفاع بالتماء حقيقة أو مظنه وهو مفقود هنا وفي ثالثة إن كان لا يؤمل رجوعه كالمسروق والمغصوب فلا زكاة فيه وما يؤمل رجوعه كالدين على المفلس والغائب المنقطع خبره فيه الزكاة قال الشيخ تقي الدين وهذا أقرب إن شاء الله تعالى وفي رابعة إن كان عليه الدين يؤدي زكاته فلا شيء على ربه وإلا وجبت نص عليه في المجحود حذارا من وجوب زكاتين في مال واحد ( قال الخرقي واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها ) هذا من صور المال الضائع ذكرها لتأكيد وجوب الزكاة وهو المذهب ولذلك ذكرها بغير واو وفيه إشارة أن الملتقط يملكها بعد حول التعريف إذ لو يملكها لوجب على مالكها زكاتها لجميع الأحوال على المذهب وحينئذ إذا ملكها الملتقط استقبل بها حولا وزكى نص عليه لأنه ملكا تاما فوجبت كسائر ماله وكون المالك له انتزاعها إذا عرفها كمال وهبة لابنه وقيل لا يلزمه لأنه مدين بها على الأول لا زكاة على ربها إذا زكاها الملتقط على الأصح وإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع بما أخرج في الأشهر
مسائل يجزىء الصداق وعوض الخلع والأجرة قبل القبض وإن لم يستوف المنفعة في حول الزكاة نص عليه لأن الملك جميعة مستقر وتعويضه للزوال لا تأثير له وهو ظاهر إجماع الصحابة وعنه حتى يقبض ذلك وعنه
____________________
1-
(2/298)
ولا زكاة في المال من عليه دين ينتقص النصاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا زكاة في صداق قبل الدخول حتى يقبض فيثبت الانعقاد والوجوب قبل الدخول وحكاه المجد إجماعا مع احتمال الانفساخ وعنه يملك نصفه قبل الدخول قال في الفروع وكذا الخلاف في اعتبار القبض في كل دين لا في مقابلة أو مال زكوي عند الكل كموصى به وموروث وعن مسكن وعنه لا حول لأجرة اختاره الشيخ تقي الدين كالمعدن وقيده بعضهم بأجرة العقار وإن سقط قبل القبض لانفساخ النكاح من جهتها فلا زكاة عليها في الأشهر وإن زكت صداقها ثم تنصف بطلاقه رجع الزوج فيما بقي بجميع حقه ذكره جماعة أن لم تكن زكته قبل الطلاق فليس لها أن تخرج بعده فإن فعلت لم يجزئها لأنه صار مشتركا وإن زكته من غيره رجع بنصفه كاملا ولا زكاة في الفىء والخميس ولو عزلها الإمام منها ولا في القبض جزم به جماعة الذمة على العاقل وكذا مبيع قبل القبض جزم به الجماعة فيزكيه المشترى مطلقا وكذا مبيع بشرط الخيار أو خيار المجلس فيزكيه من حكم له بملكه ولو فسخ العقد ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا وعن المبيع ورأس مال السلم قبل عوضهما ولو انفسخ العقد ويجب في مال الابن وإن كان معرضا لتملك الأب ورجوعه للغرماء كالمغصوب تشبيها للمنع الشرعي بالمنع الحسي فإن حجر عليه بعد وجوبها لم يسقط وقيل بل إن كان قبل تمكنه من الإخراج وله إخراجها منه في وجه ولا يقبل إقراره بها وعنه بل كما لو صدقة الغريم ( ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب ) أي يمنع
____________________
1-
(2/299)
إلا في المواشي والحبوب في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الدين وإن لم يكن من جنس المال وجوب الزكاة في قدره من الأموال الباطنية رواية واحدة لقول عثمان هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليزك ما بقى رواه سعيد وأبو عبيد واحتج به أحمد والأموال الباطنية هي الأثمان وعروض التجارة ذكره الشيخان والسامري وفي المعدن وجهان وجزم الشيرازي بأنها الأثمان فقط وعنه لا يمنع لمن لا دين عليه وعلى الأول لا فرق بين الحال والمؤجل ذكره السامري قال ولم يفرق أصحابنا وجزم في الإرشاد وغيره بأن مانعها الدين الحال خاصة وهو رواية ويستثنى من كلامه إلا دينا بسبب ضمان أو مؤونة حصاد ودياس ولا يمنع الدين خمس الركاز ويمنع الخراج نص عليه وكذا دين المضمون عنه لا الضامن خلافا لما ذكره أبو المعالي كنصاب غصب وأتلفه فإن المنع يختص بالثاني مع أن للمالك طلب كل منهما ولو استأجر لرعي غنمه بشارة موصوفة صح وهي كالدين في منعها الزكاة
فرع إذا كان عليه دين وله دين مثله جعل الدين في مقابلة ما في يده نص عليه وفيه وجه في مقابلة دينه إن كان مليء ( إلا في المواشي والحبوب ) والثمار وتسمى الأموال الظاهرة ( في إحدى الروايتين ) فإنه لا يمنع لأنه عليه السلام كان يبعث سعاته فيأخذون الوكاة مما وجدوا من المال الظاهر من غير سؤال عن دين صاحبه بخلاف الباطنة وكذا الخلفاء بعده ولأن تعلق الأطماع من الفقراء بها أكثر والحاجة إلى حفظها أوفر بخلاف الباطنية والثانية يمنع اختارها القاضي وأصحابه وجمع وهي الأصح لأن توجه المطالبة أظهر
____________________
1-
(2/300)
والكفارة كالدين في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وألزلم الحاكم بالأداء منها آكد وأشد وفي ماله يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك دون ما استدانه للنقفة على نفسه وأهله لأنه في الأول من مصالح الزرع فهو كالخراج بخلاف الثاني ورده بعضهم لكونهم لا تخرج عن الأولتين لأن ما هو من مصالح الزرع فله إجراجه منه على كلتى الروايتين فإذا لم يجرجه أولا أخرجناه ثانية لأن الزكاة إنما تجب فيما بقي وقال ابن عباس يجرخ ما استدانه على ثمرته ويزكي ما بقي وقال ابن عباس يخرج ما استدانه على ثمرته ويزكي ما بقي أذهب لأن المصدق إذا فوجد إبلا أو بقرا أو غنما لم يسال أي سيء على صاحبها وليس المال هكذا ( والكفارة كالدين في أحد الوجهين ) وهذا رواية وصححها صاحب المحرر والرعاية وجزم به ابن البنا في الخلافه في الكفارة والخراج ولآن ذلك يجب قضاؤه أشبه دين الآدمي ولقوله عليه السلام دين الله أحق بالقضاء وكذا حكم نذر مطلق وزكاة ودين الله لأن حقوق الله مبناها على المساهلة ة لا مطالب بها معين وعلى مما طلته فهو أشد من دين غيره
تنبيه إذا نذر الصدقة بمال بعينه فحال الحول فلا زكاة لزوال ملكه
____________________
1-
(2/301)
الخامس مضي الحول شرط إلا في الخارج من الأرض فإذا استفاد مالا فلا زكاة فيه صريتم عليه الحول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أو نقصه وقال ابن حامد تجب وفي الرعاية إذا نذر التضحية بنصاب معين فلا زكاة ويحتمل وجوبها إذا تم حوله قبلها وإن قال لله علي الصدقة بهذا النصاب إذا حال الحول فقيل لا زكاة وقيل بلى بلى فتجزئه الزكاة منه في الأصح ويبرأ يقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا لكونه الزكاة صدقة وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب هل يخرجها أو يدخل النذر في الزكاة وينويهما ذكره في الفروع
( الخامس مضي الحلول شرط ) لقول عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحلول رواه ابن ماجه من رواية حارثه بن محمد وقد ضعفه جماعة وقال النسائي متروك وروى الترمذي معناه من حديث ابن عمر من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقد تكلم فيه غير واحد قال الخطابي أراد به المال النامي كالمواشي والنقود لأن نماءها لا يظهر إلا بمضي الحلول عليها وإذا ثبت فيهما ثبت في العروض التجارة لأن الزكاة في قيمتها ولأنها لا تجب إلا في ملك تام فاعتبر له الحلول رفقا بالمالك وليتكامل النماء فيتساوى فيه وظاهره لا بد من تمام والأشهر أنه يعفى عن ساعتين وكذا نصف يوم وفي المحرر وقاله جماعة لا يؤثر دون نقصه اليوم لأنه لا يضبط غالبا ولا يسمى في العرف نقصا ولا يعتبر طرفا الحول خاصة ولنا وجه ( إلا في الخارج من الارض ) لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } الأنعام 141 وذلك ينفي اعتباره في الثمار والحبوب وأما المعدن والركاز فبالقياس عليهما ( فإذا استفاد مالا ) بإرث أو هبة ونحوها ( فلا زكاة فيه حتى يت عليه الحول ) لقوله عليه السلام
____________________
1-
(2/302)
الإنتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول اصلهما إن كان نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول حين ملك 00 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ليس في المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول ) رواه الترمذي وقال روي موقوفا على ابن عمر وهو أصح ولأنه مال ملكه بسبب منفرد فاعتبر له الحول أشبه ما لو استفاده ولا مال له غيره وظاهره لا فرق بين أن يكون من جنس ما عنده كمن استفاد إبلا وعنده إبل أو من غير جنسه ( إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما ) أي يجب ضمهما إلى ما عنده من أصله ( إن كان نصابا ) في قول الجمهور ولقول عمر اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم رواه مالك ولقول علي عد عليهم الصغار والكبار ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأن السائمة يختلف وقت ولادتها فإفراد كل واحدة يشق فجعلت تبعا لأماتها ولأنها تابعة لها في الملك فيتبعها في المحلول فلو ماتت واحدة من الأمهات فنتجت سخلة انقطع بخلاف ما ونتجت ثم ماتت وربح التجارة كذلك معنى فوجب أن يكون مثله حكما ( وإن لم يكن ) الأصل ( نصابا فحوله من حين كمل النصاب ) لأنه حينئذ تتحقق فيه التبعية كما وجبت فيه الزكاة وقد علم أنه قبل ذلك لا تحب فيه الزكاة لنقصانه عن النصاب ونقل حنبل حول الكل منذ ملك الأمات لنماء النصاب وفيه شيء
تنبيه إذا نض الزبح قبل الحول لم يستأنف له حولا ولا بينى الوارث على حول المروث نقله الميموني عن أحمد ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه او ما في حكمه ويزكي كل واحد إذا تم حوله وقيل يعتبر النصاب في مستفاد ( وإن ملك النصابا صغارا عليه الحول حين ملك ) هذا هو المذهب لعموم قوله في أربعين شاة شاة لأنها تقع على الكبير والصغير ولقول أبي
____________________
1-
(2/303)
ونحن لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزىء مثله في الزكاة ومتى نقص النصاب في بعض الحلول أو باعه أو أبدا له بغير جنسه انقطع الحول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بكر لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها وهي لا تجب في الكبار لكن لو تغذت باللبن فقط فقيل يجب لوجوبها فيها للأمات كما يتبعها في الحول وقيل لا لعدم السوم اختاره المجد ( وعنه لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزىء مثله في الزكاة ) لقول مصدق النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن آخذ من راضع شيئا إنما حقنا في الثنية والجدعة وعليها إذا ماتت الأمات كلها إلا واحدة لم ينقطع الحول بخلاف ما إذا ماتت كلها قاله في الشرح وذكر القاضي في شرحه الصغير انها تجب في الحقاق وفي بنات المخالص واللبون وجهان بناء على السخال ( ومتى نقص النصاب في بعض الحول ) انقطع لأن وجود النصاب في جميع الحول شرط للوجوب وظاهره عدم العفو عنه مطلقا لكن اليسير معفو عنه كالحبة والحبتين ولا في النقص بين أن يكون في وسط الحول أو طرفه وظاهر كلام القاضي وغيره أن اليسير من وسط الحول مؤثر وظاهر الخبر يقتضي التأثير مطلقا قال في الشرح وهو أولى إن شاء الله تعالى ( أو باعه ) ولو خيار على المذهب ( أو أبدله بغير جنسه ) كمن ابدل أربعين من الغنم بعشرين دينارا أو مائتي درهم بثلاثين من البقر ( انقطع الحول ) لما تقدم ويستأنف حولا لكن لا ينقطع بموت الأمات والنصاب تام النتاج ولا بيع فاسد وظاهره أنه ينقطع إذا أبدل ذهبا بفضة وبالعكس وهو رواية مخرجة من عدم الضم وإخراجه عنه لأنهما جنسان والمذهب لا ينقطع لانهما كالجنس الواحد أخرج مما معه عند وجوب الزكاة وذكر القاضي
____________________
1-
(2/304)
إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه يخرج مما ملكه اكثر الحول قال ابن تميم ونص أحمد على مثله وذكر القاضي وأصحابه والشيخان إذا اشترى عرضا لتجارة بنقد أو باعها به أنه يبنى على حول الأول لأن الزكاة تجب في أثمان العروض وهي من جنس النقد وفاقا وفي عطفه الإبدال على البيع دليل على أنهما غيران وقال أبو المعالي المبادلة هل هي بيع فيه رويتان ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف لابيعه وقول أحمد المعاطاة بيع والمبادلة معاطاة وبعض أصحابنا عبر بالبيع وبعض بالأبدال ودليلهم يقتضي التسوية
فرع لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو ووجوبها في غيره والأخرى يقتضي العكس ( إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط ) ويحرم لقوله تعالى { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } [ القلم 17 ] فعاقبهم تعالى بذلك لفرارهم من الزكتة لآنه قصد به إسقاط حق غيره فلم يسقط كالمطلق في مرض موته وشرط المؤلف وجماعة أن يكون ذلك عند قرب وجوبها لأنه مظنه قصد الفرار ما لو كان في أول الحول أو وسطه لأنها بعيدة أو منتفية وفي الرعاية قبل الحول بيومين وقيل أو بشهرين لا أزيد والمذهب أنه إذا فعل ذلك فرارا منها أنها لا تسقط مطلقا أطلقه أحمد وحكم الإتلاف كذلك وحينئذ يزكي من جنس المبيع لذلك الحول وفي مفردات أبي يعلى الصغير عن بعض أصحابنا يسقط بالتحليل وهو قول أكثرهم كما بعد الحول الأول لعدم تحقق التحيل فيه
____________________
1-
(2/305)
وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله ويتخرج أن ينقطع وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال وعنه تجب في الذمة ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأدارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع إذا ادعى عدم الفرار وثم قرينة عمل بها وإلا فالقول قوله في الأشهر ( وان أبدله بنصاب من جنسة بنى على حوله ) نص عليه لأنه لم يزل مالكا لنصاب في جميع الحول نص عليه كنتاج فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه شاتان إذا حال حوله المائة وقال أبو المعالي يستأنف لزائد حولا وهنو ظاهر ومقتضاه أنه أبدله بدون نصاب أنه ينقطع وهو كذلك ( ويتخرج أن ينقطع ) ذكره أبو الخطاب لأن كل واحد منهما لم يحل عليه الحلول وكالحقن وكرجوعه إليه بعيب أو فسخ
( وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال ) نقله واختاره الأكثر قال الجمهور هو ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام في أربعين شاة شاة وفيما سقت السماء العشر وغيرها من الألفاظ الواردة بلفظ في المتقتضية للظرفية وابو الخطاب قال ابن عقيل هو الأشبه بمذهبنا لأنه يجوز إجراجها من غير النصاب أشبه صدقة الفطر ولو وجبت فيه لامتنع تضرف المالك فيه بغير إذن الفقير ولتمكنه من أدائها من غير المال ولسقوط أرش الجناية بتلف الجاني ( ولا يعتبر في مطلقا ولأنها حق الفقير فلم يعتبر فيها إمكان الأداء كدين الآدمي ولأنه لو
____________________
1-
(2/306)
ولا تسقط بتلف المال وعنه انها تسقط إذا لم يفرط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) اشترط لم ينعقد الحول حتى يمكن من الأداء وليس كذلك بل ينعقد عقب الأول إجماعا واحتج القاضي بأن للساعي المطالبة ولا يكون عنه على الأصح لأن في الكفارة والفدية معنى العقوبة وعنه ويعتبر لأنها عبادة فاشترط لوجوبها إمكان كسائر العبادات وعنه يعتبر في غير المال الظاهر والأول هو المجزوم به كسائر العبادات فإن الصوم يجب على المريض والحائض والعاجز عن أدائه وعليه لو أتلف النصاب بعد الحول قبل التمكن من الأداء ضمنها وعلى الثانية لا وجزم في الكافي ونهاية أبي المعالي بالضمان ( ولا يسقط بتلف المال ) لأنها عين يلزمه مؤنة تسليمها إلى مستحقها يضمنها بتلفها في يده كعارية وغصب وظاهره ولو فرط لأنها حق آدمي أو مشتملة عليه فلا تسقط بعد وجوبها لدين آدمي ويستثني منه المعشرات إذا تلفت بآفة قبل الإحرار وفي المحرر قبل آدمي لأنها من ضمان البائع بدليل الحائجة إذ استقراره منوط بالوضع في الجرين وزكاة الدين بعدم تلفه بيده ( وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط ) قال المؤلف وهو الصحيح إن شاء الله تعالى لأنها تجب على سبيل المواساة فلا يجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ولأنها حق يتعلق بالعين فيسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة وجزم بعضهم إن علقت بالذمة لم يسقط وإلا فالخلاف وقال المجد على الرواية الثانية يسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة نص عليه وقال أبو حفص العبكري روى أبو عبد الله
____________________
1-
(2/307)
وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتهما فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين وكاتان إن قلنا تجب في الذمة إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النيسابوري الفرق بين الماشية رالمال والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ذكره القاضي وغيره
( وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتها فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين ) ولو تعدى بالتأخير لأن المال بصير ناقصا لتعليق حق الفقراء بجزء منه فلا تجب فيه للحول الثاني لنقصانه وتصير زكاة الحول الأول باقية ( وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة ) أطلقه أحمد وبعض الأصحاب لأن المال نصاب كامل من كل حول فلم يؤثر في تنقيص النصاب قال ابن عقيل ولو قلنا إن الدين يمنع لم يسقط هنا لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره واختار جماعة منهم صاحب المستوعب والمحرر إن سقطت الزكاة بدين الله وليس له سوى النصاب فلا زكاة للحول الثاني لأجل الدين لا للتعلق بالعين زاد صاحب المستوعب متى قلنا يمنع الدين فلا زكاة للعام الثاني تعلقت بالعين بالعين أو الذمة وان أحمد حيث لم يوجب زكاة الحول الثاني فإنه بناء على رواية منع الدين لأن زكاة العام الأول وصارت دينا على رب المال والهكس بالعكس فعلى المذهب في مائتين وواحدة من الغنم خمس ثلاث للأول واثنتان للثاني وعلى الثاني ست لحولين ( إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة ) نص عليه في رواية الأثرم أن الواجب فيه من الذمة وإن الزكاة تتكرر لأن الواجب من غير الجنس أي ليس بجزء من النصاب وبه يفرق بينه وبين الواجب من الجنس وظاهر كلام أبي الخطاب واختاره السامري والمحرر أنه كالواجب من الجنس لأن تعلق
____________________
1-
(2/308)
وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة لكل حول إن قلنا تجب في الذمة وإن قلنا تجب في العين نقص عليه من زكاته في كل حول بقدر نقصه بها وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته فإن كان عليه دين اقتسمموا بالحصص (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الزكاة كتعلق الأرش بالجاني فعلى ما ذكره لو لم يكن سوى خمس من الإبل ففي امتناع زكاة الحول الثاني لكونها دينا ما سبق من الخلاف ( وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جمعية لكل حول إن قلنا تجب في الذمة ) لأن الزكاة لما وجبت في الذمة لم تتعلق بشيء من المال فوجب إخراجها لكل حول ما لم تفن الزكاة المال ( وإن قلنا تجب في العين يسقط من زكاة كل حول بقدر نقصه بها ) لأنها لما وجبت في العين نقص من المال مقدار الزكاة لتعلقها به فوجب أن لا تجب فيه زكاة لكونه مستحقا للفقراء فوجب أن ينتقص من الجميع مقدار زكاة النقص الذي تعلقت به الزكاة تعلقت به الزكاة فعلى الأول لو كان لهه اربعمئة درهم وجب فيها لحولين عشرون وعلى الثاني تسعة عشر درهما ونصف درهم وربعه لأنه تعلق قدر الواجب في الحلول الأولى بالمال من الحول الشاني فينقص عشرة فيبقى ثلاثمائة وتسعون درهما وقوله سقط من زكاة كل حول لا يشمل الحول الأول لأنه بلا حول لم يكن قبله شيء وجب حتى ينتقص بقدره على التعليق بالعين ( وإذا مات عليه الزكاة أحدت من تركته ) نص عليه لقوله عليه السلام دين الله أحق بالقضاء ولأنه حق واجب تصح الوصية به فلم يسقط بالموت كدين الآدمي وظاهره ولو لم يوص بها كالعشر ونقل إسحاق بن هانىء في حج لم يوص به وزكاة وكفارة وكفارة من الثلث ونقل عنه أيضا من رأس سوى النص السابق ( فإن كان عليه دين ) ولم يف بالكل ( اقتسموا بالحصص ) نص عليه كديون الآدميين إذا ضاق عنها
____________________
1-
(2/309)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المال وعنه يبدأ بالدين وذكره بعضهم وذكره قولا لتقديمه بالرهينة ولأن حقه مبني على الشح بخلاف حق الله وأجاب ابن المنجا بأنها حق آدمى أو مشتملة على حقه وقيل يقدم الزكاة إن علقت بالعين اختاره في المجرد والمستوعب قال صاحب المحرر لبقاء المال الزكوي فجعله أصلا ولو علقت بالذمة لأن تعلقها بالعين قهري فيقدم على مرتهن وغريم مفلس كأرش جناية وإن تعلقت بالذمة فهذا التعلق بسبب المال فيزداد وينقص ويختلف بحسبه وعنه تقدم الزكاة على الحج لأن قدر الواجب منها مستقر ويقدم النذر بمعين عليها وعلى الدين
____________________
1-
(2/310)
& باب زكاة بهيمة الأنعام & ولا تجب إلا في السائمة منها وهي التي ترعى في أكثر في أكثر الحول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب زكاة بهيمة الأنعام &
بدأ به بكتاب الصديق الذي كتبه لأنس رصي الله عنهما أخرجه البخاري بطوله مفرقا سميت بهيمة لأنها لا تتحكم والأنعام في الأبل والبقر والغنم وقال عياض النعم هي خاصة فإذا قيل الأنعام دخل فيه البقر والغنم ( ولا إلا في السائمة منها ) السائمة الراعية وقد سامت تسوم سوما إذا رعت وأسمتها إذا رعيتها ومنه قوله تعالى { فيه تسيمون } [ النحل 10 ] وقوله عليه السلام في الابل السائمة في كل أربعين بنت لبون وفي سائمة الغنم أربعين شاة فذكره السوم يدل على نفي الوجوب في غيرها لأنها تراد للنسل والدر بخلاف العلوفة والعوامل وقيل يجب في العوامل كالإبل التي تكرى قال في الفروع وهوأظهر ونص أحمد على عدم الوجوب وقيل وتجب في معلوفة كمتولد بين سائمة ومعلوفة ( وهي التي ترعى ) المباح فلو اشتى لها ما ترعاه أو جمع ما تأكل فلا زكاة واختلف الأصحاب هل السوم شرط أوعدمه مانع فلا يصح التعجيل قبل الشروع فيه على الأول دون الثاني ( أكثر الحول ) نص عليه لأن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الإحكام ولأنه لو اعتبر في جميع الحول لا متنع وجوب الزكاة أصلاوقيل يعتبر كله زاد بعضهم ولا أثر لعلف يوم أو يومين ولا يعتبر للسوم والعلف نية في وجه فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجبت كغصبة حبا وزرعه
____________________
1-
(2/311)
وهي ثلاثة أنواع أحدهما الإبل ولا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في أرض مالكه فيه العشر على ربه كنباته بلا زرع وإن اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة لفقدان الشرط وفي آخر يعتبر فتنعكس الأحكام وقيل تجب إذا علفها غاصب اختاره جماعة فقيل لتحريم فعله وقيل لانتفاء المؤنة عن ربها وقيل إن أسامها لتحقق الشرط كما لو كمل النصاب بيد الغاصب ( وهي ثلاثة أنواع أحدها الإبل ) بدأ بها لبداءة الشارع حين فرض الأنعام ولأنها اهم لكونها أعظم النعم قيمة وأجساما وأكثر أموال العرب ووجوب الزكاة فيها مما أجمع عليه علماء الإسلام ( ولا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا ) وهي أقل نصابها لقوله لقوله عليه السلام من لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقه وليس فيما دون خمس ذود صدقة ( فتجب فيها شاة ) إجماعا لقوله عليه السلام غذا بلغت خمسا ففيها شاة رواه البخاري وقال أبو بكر يجزئه دراهم لأنها بدل شاة الجبران وجعله في الشرحين إذا عدم الشاة وذكر بعضهم لا يجزئه مع وجود الشاة في ملكه وإلا فوجهان وتعتبر الشاة بصفة الإبل ففي كرام سمينة كريمة سمينة والعكس بالعكس وان كانت بديل معيبة فقيل الشاة كشاة الصحاح لأن الواجب من غير الجنس كشاة الفدية والأضحية وقيل بل صحتها بقدر المال ينقص قيمتها بقدر الإبل كشاة الغنم وقيل شاة تجزيء في الأضحية من غير نظر إلى القيمة
قال في الشرح وبكل حال لا يخرج مريضة وكذا شاة الجبران ولا يغتبر كونها من جنس غنمه ولا جنس غنم البلد ولا يجزىء الذكر وقيل
____________________
1-
(2/312)
فإن أخرج بعيرا لم يجزئه وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي سنة فإن عدمها أجزاء ابن لبون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بلى لإطلاقها ( فإن اخرج بعيرا لم يجزئه ) نص عليه لأنه عدل عن المنصوص عليه فلم تجزئه كما لو أخرج بقرة وكنصفي شاتين في الأصح وسواء كانت قيمتة أكثر من قيمتة الشاة أولا وإنما أجزأت بنت لبون عن بنت مخاض لأنه مخرج للواجب وزيادة من جنس الواجب بخلاف البعير وقيل يجزيء إن كانت قيمتة قيمتة شاة وسط فأكثر بناء على إخراج القيمتة وقيل يجزيء إن أجزأ عن خمس وعشرين ( وفي العشر شاتان وفي خمس ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه ) هذا كله مجمع عليه وثابت بسنة رسول الله لقوله في حديث أبي بكر في رلبع وعشرين من تلإبل فما دونها في كل خمس شاة ( فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض ) لا نعلم فيه خلافا الا ما يحكى عن على لقوله عليه السلام فإذا بلغت خمسا وعشرين الى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض ( وهي التي لها سنة ) ودخلت في الثانية سمين بذلك لأن أمها قد حملت غالبا والمخاض الحائل وليس يشرط وإنما ذكر تعريفا بغلب حالها كتعريفه الربيبة بالخجر ( فإن عدمها ) في ماله أو كانت معيبة ( أجزأه ابن لبون ذكر رواه أبو داود وفي لفظ فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها لأن وجودها كالعدم في الانتقال إلى البدل والأشهر أو خنثى وظاهره أنه يجزىء ولو نقصت قيمته عن بنت مخاض ويجزىء حق أو جزع أوثني وأولى لزيادة السن وفي بنت لبون وله جبران وجهان فإن اشترى بنت مخاض وأخرجها أجزأ بلا نزاع لأنها الأصل ولا يجزىء إخراج ابن لبون بعد شرائها فإن
____________________
1-
(2/313)
أجزأه ابن لبون وهو الذي له سنتان فإن عدمه أيضا مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي ثلاث سنين وفي إحدي وستين جذعة وهي التي لها أربع سنين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزئه ابن لبون والأشهر لا يلزمه إخراجها بل يخير بينها وبين سوى بنت مخاض بصفة الواجب وقال أبو بكر يجب عليه إخراجها بناء على قوله إنه يخرج عن المراض صحيحة حكاه ابن عقيل عنه ( وهو الذي له سنتان ) ودخل في الثالثة سمى بذلك لأن أمه وضعت فهي ذات لبن ( فإن عدمه أيضا لزمه ) شراء بنت ( مخاض ) ولا يجزئه هو لقوله عليه السلام في خبر أبي بكر فمن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه ذكره ابن حامد وتبه الأصحاب ولأنهما استويا في العدم فلزمه بنت مخاض كما لو استويا في الوجود والخبر محمول عليه ( وفي ست وثلاثين بنت لبون ) لقوله في خبر أبي بكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها لبون أثنى وظاهره لا يجزيء ابن لبون وقيل بل يجبران لعدم ( وفي ست وأربعين حقة ) لحديث الصديق فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها طروقة الفحل ( وهي التي لها ثلاث سنين ) ودخلت في الرابعة سميت به لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل والذكر منها محق ( وفي إحدى وستين جدعة ) لقوله عليه السلام في الصدقه وإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جدعة ( وهي التي أربع سنين ) ودخلت في الخامسة سميت به لأنها تجدع إذا سقط منها سنها والذكر جدع فلو أخرج ثنية وهي التي دخلت في السادسة أجزأ بلا جبران سميت به لأنهما ألقيت ثنيتها وقيل ويجزىء عن الجدعة حقتان وابنتا لبون وابنتا لبون عن الحقة ذكره المؤلف ونقضه بعضهم ببنت مخاض عن العشرين وببنت بنات مخاض عن الجدعة
____________________
1-
(2/314)
وفي ستين وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة فإذا واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ثم ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقه فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فان شاء اخرج أربع حقاق وإن خمس وإن شاء خمس بنات لبنون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل الأسنان المذكورة للإبل
هو قول أهل اللغة وذكر ابن أبي موسى فحمله المجد على بعض السنة وهو غريب لقوله كاملة وقيل لبنت مخاض نصف سنة ولحقه ولجذعة ثلاث ( وفي ست وسبعين ابنتا لبون ) إجماعا لقوله عليه السلام فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنت لبون ( وفي إحدى وتسعين حقتان ) إجماعا لقوله عليه السلام ( فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقها الفحل ( فإذازادت واحدة ) أي على العشرين والمائة ( ففيها ثلاث بنات لبون ) في المشهور والمختار للعامة لظاهر خبر الصديق فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين لبون وفي كل خمسين حقة وبالواحدة حصلت الزيادة فقيل الواحدة عفو وإن تغير بها الفرض وقيل يتعلق بها الوجوب ( ثم ) تستقر الفريضة ( ففي كل أربعين بنت لبون وفي خمسين حقة ) هذا المذهب لخبر الصديق رواه البخاري وعنه لا يتغير الفرض إلا إلى مائة وثلاثين فتستقر الفريضة ففي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون اختاره أبو بكر والآجري لخبر عمرو بن حزم وفيه صعف فإن صح عورض بروايته الأخرى وبما أكثر منه وأصح ( فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فإن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون ) هذا المذهب واختاره الأكثر ونص احمد على مثله في الالبقر ذكره المجد وجزم به في الوجيز
____________________
1-
(2/315)
والمنصوص أنه يخرج الحقائق وليس فيما بين الفرضتين شيء ومن وجبت عليه سن فعدمها أخرج سنا أسفل منها ومعها شاتان أو عشرين درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) للأخبار وزاد بعضهم ما لم يكن المال أو مجنون فحينئذ يتعين إخراج الأدون المجزيء فلو جمع بين النوعين في الإخراج كأربع حقاق وخمس بنات بنات لبون عن أربع مائة جاز جزم به الأئمة فإطلاق وجهين سهو أما مع الكسر فلا كحقين وبنتي لبون ونصف عن مائتين وفيه تخريج وهو ضعف
فرع إذا وجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران يعين الكامل لأن الجبران بدل ( والمنصوص أنه يخرج الحقاق ) أي يجب إجراجها وقاله القاضي في الشرح نظر لحظ الفقراء غذ هي أنفع لهم لكثرة درها ونسلها وأول في المغني والشرح النص على صفة التخير وقدم في الأحكام السلطانية أن الساعي يأخذ أفضلها وقال القاضي وابن عقيل يأخذ ما وجد عنده منها ومرادهم ليس للساعي تكليف المالك سواه لأن الزكاة سببها النصاب فاعتبرت به ( وليس فيما بين الفرضيتين شيء ) وتسمى الأوقاص لعفو الشارع عنها وقد تقدم ( ومن وجبت عليه سن فعدمها ) لم يكلف تحصيلها وخير المالك فإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي ) هذا هو المذهب كما هو المذهب كما في كتاب أنس ومن بلغت عنده صدقة الجحقة وليست عنده وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما متفق عليه وهذا التخيبر ثابت في كون ما عدل إليه في ملكه فإن عدمها حصل الأصل وظاهره أنه لا يجوز أن يخرج أدنى من بنت مخاض
____________________
1-
(2/316)
فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه وأربعين درهما ة قال ابو الخطاب لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب ولا مدخل للجبران في غير الإبل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنها أقل ما يجب في زكاتها ولا يخرج أعلى من الجذعة إلا أن يرضى رب المال بغير جبران ذكره في الشرح واقتضى أن من وجبت عليه الجذعة وليست عنده وأخراج الثنية أن يأخذ الجبران من الساعي وليس كذلك لعدم وروده وأنه لا يجبر بشاة وعشرة دراهم في وجه حذارا من تحييز ثالث ويجوز من آخر قاله القاضي لأن الشارع العشرة في مقابلة الشاة ( فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما ) أومأ إليه أحمد واختاره القاضي واختار القاضي وأورده الشيحان مذهبا لأن الشارع جوزله الأنتقال إلى وها هنا لو كان موجودا فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران ولا لو شك في التعدية إذا عقل معنى النص ومحله ما إذاكان بصفة الصحة أو لجائز الأمر فأما إذا كان النصاب معيبا وعدمت الفريضة فله دفع السن السفلي مع الجبران وليس له ما فوقها مع الجبران لأن الجبران قدره الشارع وقيل ما بين الصحيحين وما بين المعنيبين أقل فإذا دفعه المالك صار كتطوعه بالزائد بخلاف الساعي وولي اليتيم فإنه لا يجوز لهما إلا إخراج الأدون وهو أقل الواجب كما لا يتبرع ( وقال أبو الخطاب ) وابن عقيل وذكره صاحب النهاية ظاهر المذهب ( لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب ) إذ النص إنما لم يرد به والزكاة فيها شيابة التعبد ( ولا مدخل للجبران في غير الإبل ) لأن النص إنما ورد فيها فيقتصر عليه وليس غيرهما في معناها لكثرة قيمتها لان الغنم لا تختلف فريضتها باختلاف سنها وما بين الفريضتين في البقر يخالف ما بين الفريضتين في الإبل فامتنع القياس فلو غير صفة الواجب بشيء من
____________________
1-
(2/317)
فصل النوع الثاني البقر
ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة وهي التي لها سنة وفي اربعين مسنة وهي التي لها سنتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) جنسه وأخراج الردىء عن الجيد وزادى قدر ما بينهما من الفضل لم يجزىء لان القصد من غير الاثمان النفع فيفوت بعض المقصود ومن الأثمان القيمة وقال المجد قياس المذهب جوازه في الكماشية وغيرها فصل النوع الثاني البقر
وهو اسم جنس والبقرة تقع على الانثى والذكر ودخلت الهاء على أنها من جنس والبقرات الجمع والباقي جماعة البقر مع رعاتها وهي مشتقة من البقرات الشيء إذا شققته لأنها تبقر الأرض بالحراثة والاصل في وجوبها أحاديث منها ما روي معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل اربعين مسنة ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر رواه احمد ولفظه له وأبو داود وغيرهما وصححه بعضهم وقال على شرط الشيخين وإنما لم يذكر في خبر الصداقة لقلتها في الحجاز إذ يندر ملك نصاب منها بل لا يوجد ولما أرسل معاذ إلى اليمن ذكر له حكمها لوجود ولاة خلاف في وجوبها ( ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ) ( فيجب فيها تبيع ) سمي به لأنه يتبع أمه وهو جذع البقر الذي استوى قرناه وحاذى قرنه أذنه غالبا ( أو تبيعة وهي التي لها سنة ) وعبارة الفروع لكل منها سنة وذكره الاكثر وفي الاحكام السلطانية نصف سنة وقال ابن أبي موسى سنتان ( وفي اربعين مسنة ) لأنها ألقت سنا غالبا وهي الثنية ( وهي التي لها سنتان ) وفي الأحكام السلطانية سنة ثلاث وقيل أربع ولا يجزيء عنها مسن بل الأولين وقيل يجزىء عنها
____________________
1-
(2/318)
وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة ولا يجزىء الذكر في الزكاة في غير هذا ابن لبون بنت مخاض إذا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزيء الذكر في الغنم وجها واحدا والإبل والبقر في احد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تبيعان ( وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ) وقاله الأكثر لما روى أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم عن معاذ قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات وأربعة أتباع وأمرني أن لا آخذ مما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا وظاهرا أنها إذا بلغت مائة وعشرين اتفق فيها الفرضان كالإبل ونص أحمد هنا على التخير
( ولا يجزىء الذكر في الزكاة ) إذا كانت ذكورا أوأناثا لأن الأنثى أفضل لما فيها من الدر والنسل وقد نص الشارع على اعتبارها في الإبل في الأربعين من البقر ( في غير هذا ) إذ التبيع مكان التبيعة للنص السابق ولأنه اكثر لحما فتعادل الانوثة ( إلا ابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها ) لأنه يمتنع من صغار السباع ويرعى الشجر فيجزىء بنفسه ويرد الماء لكن ليس بأصل لكونه لا يجزىء مع وجودها بخلاف التبيع فيجزىء في الثلاثين وما تكرر منها كالستين وأما تكرر منها كالثمانين فلا يجزىء في فرضها إلا الإناث لنص الشارع عليها إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين فيجزىء ذكره في الشرح ( الا أن تكون النصاب كله ذكورا فيجزىء الذكر في الغنم وجها واحدا لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير الجنس وقيل لا فيخرج أنثى بقيمة )
____________________
1-
(2/319)
ومن الابل والبقر في أحد الوجهين ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريضه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الذكر ( و ) يجزىء ( من الإبل والبقر في أحد الوجهين ) هذا المذهب جزم به في الوجيز لما سبق
الثاني لا يجزىء فيهما لأن الشارع نص على الانثى وهي أفضل ففي العدول عنها عدول عن المنصوص وصحح في الكافي والشرح الإجزاء في البقر لأنه قد جوزنا الذكر في الغنم مع أنه لا مدخل له في زكاتها مع وجود افناث فالبقر التي فيها مدخل أولى
وفي الإبل وجهان أحدهما يجزىء لما ذكر من المواساة
والثاني لا يجزىء لإفضائه إلى إخراج ابن لبون عن خمس وعشرين وست وثلاثين وفيه تسوية بين النصابين فعلى هذا يجرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر وعلى الأول يخرج ابن لبون عن النصابين ويكون التعديل بالقيمة والفرق أن الشارع أطلق الشاة الواجبة ونص على الانثى من الإبل والبقر ( ويؤخذ من الصغار صغيرة ) نص عليه لقول أبي بكر والله لو منعوني عناقا 0000 الخبر ويتصور أخذها فإذا الكبار بالصغار أو بموت الإناث وتبقى الصغار وهذا على المشهور ان الحول ينعقد عليها مفردة وهذا في الغنم دون الإبل والبقر فلا يجزيء إخراجه فصلان وعجاجيل فيقول النصاب من الكبار ويقوم فرضة ثم تقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط وقيل يجزىء فيؤخذ من خمس وعشرين إلى إحدى وستين واحدة والتعديل بالقيمة مكانه زيادة السن ( ومن المراض مريضه ) لأنها وجبت مواساة وليس منها أن يكلف غير الذي في ماله ولا اعتبار بقلة العيب وكثرته لان القيمة تأتي على ذلك
____________________
1-
(2/320)
وقال أبو بكر لايؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا انثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين وإن كان نوعين كالبخاتي والعراب والقر والجواميس والضأن والمعز أو كان فيه كرام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لكون أن المخرج وسط القيمة ( وقال ابو بكر لا يؤخذ ) فيهما ( إلا كبيرة صحيحة على قدر المال ) لقوله في رواية أحمد بن سعيد لا يأخذ ما يجوز في الأضاحي قال القاضي وأومأإليه في رواية ابن منصور وذكره الحلواني ظاهر الخرقي لقول مصدق النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا آخذ من راضع شيئا إنما حقنا في الثنية والجذعة ولقول عمر اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم وكشاة الإبل فعلى هذا يكلف سماء كبيرة أو صحيحة بقدر قيمة الفرض لتحصل المراساة والأول أشهر وما ذكرناه محمول على ما إذا اشتمل على نوعين وشاة افبل ليست من جنس المال فلا يرتفق المالك وهنا من جنسه فهو كالحبوب ( فإن اجتمع ) في النصاب ( صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا انثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين ) للنهى عن أخذ الصغير والمعيب والكريمة لقوله ولكن من وسط أموالكم لتحصل المواساة فإذا كان قيمة المال المخرج إذا كان المزكى كله كبارا صحاحا عشرين وقيمته بالعكس عشرة وجب كبيرة صحيحة قيمتها خمسة عشر هذا مع تساوى العددين فلو كان الثلث أعلى والثلثان أدنى فشاة قيمتها ثلاثة عشر وثلث وبالعكس قيمتها ستة عشر وثلثان ( وإن كان نوعين كالبخاتي ) الواحد بختي والأنثى بخيتة قال غياض هي إبل غلاظ ذوات سنامين ( والعراب ) هي جرد ملس حسان الألوان كريمة ( والبقر والجواميس ) واحدهما جاموس قال موهوب هو أعجمي تكلمت به العرب ( والضأن والمعز أو كان فيه كرام ) واحدها كريم وذكر عياض في قوله واتق
____________________
1-
(2/321)
ولئام وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين فصل النوع الثالث الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين فيجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كرائم أموالهم أنها جمع كريمة وهي الجامعة وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غزارة لبن او جمال صورة أو كثرة لحم أو صوف وقيل هي التي يختصها مالكها لنفسه ويؤثرها ( ولئام ) واحدها لئيمة وهي ضد الكريمة ( وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين ) لأنها مع الجنس هي المقصود وذكره أبو بكر في بقيمة سمينة وظاهره أنه مخير في أي الأنواع أحب سواء دعت إليه الحاجة أولا لكن من كرام وسمان وضدهما يخرج وسطا نص عليه قدمه في الفروع وجزم به في المحرر وقيل يخير الساعي ونقل حنبل من ضأن ومعز يخير الساعي لاتحاد الواجب ولم يعتبر أبو بكر القيمة في النوعين قال المجد وهو ظاهر نقل حنبل ولا يلزمه من أكثرهما عددا وقد تضمن كلامه ضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في إيجاب الزكاة وخرج به الخرقي غفي الضأن والمعز وحكاه ابن المنذر إجماعا
مسأله إذا أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم ينقص قيمة المخرج عن النوع الواجب وعلى قول أبي بكر ولو نقصت وقيل لا يجزىء هنا مطلقا كغير الجنس فصل النوع الثالث الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين
وهي أقل نصابها إجماعا ( فيجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحجة ففيها شاتان إلى
____________________
1-
(2/322)
مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه شياه ويؤخذ من المعز الثني ومن الضان الجذع ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا تيس ولا ذات عوار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مائتين ) إجماعا ( فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ) وفاقا ( ثم ) تستقر الفريضة فيجب ( في كل مائة شاة شاة ) وسنده ما روى أنس في كتاب الصدقات أنه قال في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها رواه البخاري وعنه في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ثم لا شيء في زياتها حتى تبلغ خمسمائة فيكون خمس شياه وعنه أن المائة زائدة ففي اربعمائة وواحدة خمس شياه وفي خمسمائة وواحدة ست وعلى هذا أبدا واختلف اختيار أبي بكر والمذهب الأول نص عليه وعلى هذا لا يتغير بعد مائتين وواحدة إلى أربعمائة وهو مائة وتسعة وتسعون ( ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع ) لما روى سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية من المعز ولأنهما يجريان في الأضحية فكذا هنا الجذع من الضأن ماله ستة أشهر وقيل ثمانية أشهر لا سنة والثني من المعز ماله لا سنتان ( ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا تيس ولا ذات عوار ) لقوله تعالى ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) [ البقرة 267 ] وفي كتاب أبي بكر
____________________
1-
(2/323)
وهي المعيبة ولا الربى وهي التي تربي ولدها ولا الحامل ولا كرائم إلا أن يشاء ربه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ماشاء المصدق رواه البخاري وكان أبو عبيدة يرويه بفتح الدال من المصدق يعني المالك فيكون الاسنثناء راجعا إلى التيس فقط وطالفه عامة الرواة فقالوا بكسرها يعني الساعي ذكره الخطابي وقال التيس لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه فيكون كتيس لا يضرب لكن قدم في الفروع أن فحل الضرب لا يؤخذ لخيره فلو بذله المالك لزم قبوله حيث يقبل الذكر والهرمة هي الكبيرة الطاعنة في السن والعوار بفتح على الأفصح ( وهي المعيبة ) التي لا يضحي بها قاله الأكثر وفي نهاية الأزجي وأومأ إليه المؤلف إذا ردت في البيع ونقل حنبل لا يؤخذ الساعي انفع للفقراء لزيادة صفة فيه وأنه أقيس بالمذهب لأن من أصله إخراج المكسورة عن الصحاح إذا زاد قدر ما بينهما من الفضل فيكون الاستثناء راجعا إلى الثلاثة وقاله بعض العلماء ( ولا الربى وهي التي تربي ولدها ) قاله احمد أحمد وقيل هي التي تربى في البيت لأجل اللبن ( ولا الحامل ) لقول عمر لا تؤخذ الربى ولا الماخض ولا الأجكولة ومراده السمينة مع أنه يجب إخراج الفريضة على صفة مع الاكتفاء بالسن المنصوص عليه وكذا لا يؤخذ طروقه الفحل لأنها تحبل غالبا ( ولا كرائم المال ) وهي النفسية فهذه لا تؤخذ لشرفها ولحق المالك ( إلا أن يشاء ربه ) لأنه خير المال فلم يجزىء أخذه بغير رضى مالكه والحق في الوسط قال الزهري إذا جاء المصدق قسم الشاة ثلث خيار وثلث وسط شرار وأخذ من الوسط
____________________
1-
(2/324)
ولا يجوز إخراج القيمة وعنه يجوز وإن أخرج سنا أعلى من الغرض من جنسه جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وروي عن عمر يؤيد قوله عليه السلام ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم شره رواه أبو داود
( ولا يجوز إخراج القيمة ) في ظاهر المذهب لقوله عليه السلام لمعاذ خذ الحب من الحب والإبل من الإبل والبقر من البقر والغنم من الغنم رواه أبو داود وابن ماجه ومقتضاه عدم الأخذ من غيره لأن الأمر بالشيء نهى عن ضده ولا فرق بين الماشية وغيرهما قال أبو داود قيل لأحمد أعطي دراهم في الصدقة الفطر فقال أخاف أن لا يجزيء خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وعنه يجوز ) لقول معاذ إئتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم من الصدقة مكان الذرة والشعير فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة ولأن المقصود دفع حاجة الفقراء ولا يختلف ذلك باختلاف صور الأمول إذا حصلت القيمة قال في الشرح هذا فيما عدا صدقة الفطر فتكون بالبر وعنه يجزىء للحاجة إن تعذر الفرض والأو أولى للنصوص وقول الذرة والشعير يجوز أن يكون صالحهم عن أراضيهم بذلك قاله ابن المنجا ولأنها وجبت لدفع حاجة الفقراء وشكر لنعمة المال فيتنوع ليصل الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما نتدفع به الحاجة ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه مع أن في تجويز إخراج غيرها عدول عن المفروض ( وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه ) كبنت لبون عن بنت مخاض ( جاز ) قاله قاله الأئمة لما روى أبي بن كعب أن رجلا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يانبي اله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي
____________________
1-
(2/325)
فصل في الخلطة
وإذا اختلط نفسان أو أكثر من أهل في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه فحكمها في الزكاة حكم الواحد 00000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فزعم أن ما على بنت مخاض فعرضت عليه ناقة فتية سمينة فقال عليه السلام ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك فقال ها هي ذه فامر بقبضها ودعا له بالبركة رواه أحمد وأبو داود ولأنه زاد على الواجب من جنسه ما يجريء عن غيره فأجزأكما لو زاد في العدد وذكر ابن عقيل وجها لا يجزىء وظاهره أنه لا يجزءى في غير الجنس لأنه عدول عن المنصوص عليه فصل في الخلطة
بضم الخاء الشركة وهي جائزة في الجملة لما روى الترمذي عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الكتاب الصدقة لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من الخطين فإنمها يترجعان بينهما بالسوية ورواه البخاري من حديث أنس ( وإذا اختلط نفسان ) لأن اقل من ذلك الواحد ولا خلطه معه ( أو أكثر من أهل الزكاة ) فلو كان أحدهما مكاتبا أو ذميا فلا أثر لها لأنه لا زكاة في ماله فلم يكمل النصاب به ( في النصاب ) فلو كان المجموع أقل من نصاب فلا عبرة في ذلك سواء كان له مال غيره اولا وظاهره الجواز فيما زاد عليه من باب أولى ( من الماشية ) فلا يؤثر في غيرها وسيأتي ( حولا لم يثبت لها حكم الانفراد في بعضه ) لأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت في جميع الحول كالنصاب ( فحكمها في الزكاة حكم الواحد ) لأنه لو لم يكن كذلك لما نهى الشارع عن جمع التفرق وعكسه
____________________
1-
(2/326)
سواء كانت خلطة أعيان بأن يكون مشاعا بينهما أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منهما متميزا فاشتركا في المراح والمسرح والمشرب والمحلب والراعي والفحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) خشية الصدقة وسواء اثرت فيإيجاب الزكاة أو إسقاطها أو في تغيير الفرض فلو كان لأربعين من أهل الزكاة أربعون شاة أو لواحد شاة وللآخر تسعة وثلاثون لزمهم شاة نص عليهما ومع الانفراد لا يلزمهم شيء ولو كان لثلاثة مائة وعشرين شاة لزمهم شاة ومع الانفراد ثلاث شياه ( سواء كانت خلطة أعيان ) لأن أعيانها مشتركة ( بأن يكون مشاعا بينهما ) بأن ملكاه بإرث أو شراء أو غيرها ( أو خلطة أو صاف بأن يكون مال كل واحد منها متميزا ) عن الآخر بصفة أو صفات ( واشتركا ) في الأوصاف الآتي ذكرها ويعتبر فيها أن لا يتميز ( في المراح ) بضم الميم المكان الذي تروح إليه الماشية عند رجوعها فتبيت فيه ( والمشرب ) بفتح الميم والراء المكان الذي يشرب فيه وكذا ذكره أبو الخطاب وصاحب التلخيص والوجيز ولم يذكره الأكثر ( والمحلب ) بفتح الميم والام الموضع يحلب فيه وبكسر الميم الإناء والمراد الأول لأنه ليس المقصود خلط اللبن في إناء واحد لأنه ليس بمرفق بل مشقة لما فيه من حاجة إلى قسم اللبن وربما أفضي إلى الربا وقيل يلزم خلط اللبن وقيل يشترط اتحاد الآنية جزم به في الوجيز ( والراعي ) كذا قاله وأبو الخطاب والمراد به المعد للضرب وليس المعتبر اتخاذه ولا أن يكون مشتركا بل أن لا يتميز فحول احد المالين عن الآخر عند الضرب وجمع في المحرر
____________________
1-
(2/327)
فإن اختل شرط منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والوجيز بين المسرح والمرعى كالخرقي قال ويحتمل أن الخرقي أراد بالرعي الذي هو المصدر لا المكان وأنه أراد بالمسرح المصدر الذي هو السروح لا المكان فإذا كان كذلك زال التكرار وحصل به اتحاد الراعي والمشرب وقال ابن حامد المرعى والمسرح شرط واحد وإنما ذكر أحمد المسرح ليكون فيه راع واحد وقال في الواضح الفحل والراعي والمحلب وذكر الآمدي المراح والمسرح والفحل والمرعى وذكر القاضي أنه الراعي فقط وذكر رواية أنه يعتبر الراعي والمبيت فقط وفيه طرق أخرى واحتج الأصحاب لاعتبار ذلك بحديث سعد بن ابي وقاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الخليطان على الحوض والفحل والراعي رواه الخلال والدارقطني ورواه أبو عبيد وجعل بدل الراعي المرعى وضعفه أحمد فإنه من رواية ابن لهيعة فيتوجه العمل بالعرف في ذلك ويحتمل أن خلطة الأوصاف لا أثرلها كما يروى عن طاووس لعدم الدليل والأصل اعتبار المال بنفسه ذكره في الفروع وظاهره أنه لا يشترط للخلطة نية وهي في خلطة الأعيان إجماع وكذا في خلطة الأوصاف في الأصح واحتج المؤلف بنية السوم في السائمة وكنية السقي في المعشرات واختار في المحرر انها يعتبر فيها لأنها معنى به الفرض فافتقر إلى النية كالسوم وفائدة الخلاف في خلط وقع اتفاقا أو فعله راع وتأخير النية عن الملك وقيل لا يضر تأخيرها بزمن يسير ( فإن اختل شرط منها ) بطل حكمها لفوات شرطها وصار وجودها كالعدم فيزكي كل واحد ماله إن
____________________
1-
(2/328)
أو ثبت لهما الانفراد في بعض الحول زكيا كاة المنفردين فيه وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده فعليه زكاة المنفرد وعلى الثاني زكاة الخلطة ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ما له منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بلغ نصابا وإلا فلا ( أو ثبت لها حكم الانفراد في بعض الحول ) كرجلين لكل واحد منهما نصاب ملكه في أول المحرم ثم اختلطا بعد ذلك ( زكيا زكاة المنفردين فيه ) يعنى على كل واحد منهما عند تمام حوله شاة وفيما بعد ذلك من السنين يزكيان زكاة الخلطة فإن اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام الحول نصفين وإن اختلف فعلى الأول عند تمام حوله نصف شاة وإذا تم حول الثاني فإن كان الأول أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضا وإن أخرجها من المال فقد تم حول الثاني على تسعة وسبعين شاة له منها أربعون شاة يلزمه أربعون جزءأ من تسعة وسبعين جزءأونصف جزء منشاة فيضعفها لتكون ثمانين جزءا من مائة وتسعة وخمسين جزءأ من شاة كلما تم حول أحدهما لومه من زكاة الجميع بقدر ماله فيه ( وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده ) بأن يملك رجلان نصابين ثم يخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا بعد ملك المشتري أربعين ثم يثبت لها حكم الانفراد فإذا تم الحول ( فعليه زكاة المنفرد ) وهو شاة لثبوت حكم الانفراد من حقه ( وعلى الثاني ) إذاتم حوله ( زكاة الخلطة ) وهو نصف شاة لكونه لم يزل مخالطا في جميع الحول إن كان الأول أخرجها من غير المال وإن كان أخراج منه لزمه اربعون جزءأ من تسعة وسبعين جزءأ من شاة ( ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة ) لأنها موجودة في جميع بشروطها ( كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ماله منها ) أي يزكي بقدر ملكه فيه وفيه تنبيه على أمرين أحدهما أن من ثبت له حكم الانفراد في الحول الأول يزكي ما عليه عند تمام حوله الثاني ولا ينتظر
____________________
1-
(2/329)
وإن ملك نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع وقال ابن حامد لا ينقطع حول البائع وعليه إذا تم حوله زكاة حصته فإن كان أخرجها من المال انقطع حول المشتري لنقصان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حوله المشتري لأن الزكاة بعد حولان الحول لا يجوز تأخيرها وإن المشتري لا يجب عليه تقديم زكاته إلى رأس حول شريكه لأن تقديمها قبل حولان الحول لا يجب وثانيها أنه إذا كان لكل واحد نصاب فعلى كل منها نصف شاة فإن كان للأول أربعون وللثاني ثمانون فعلى الأول ثالث شاة وعلى الثاني ثلثاها ذكره ابن المنجا
تنبيه يثبت حكم الانفراد أيضا فيما إذا كان لأحدهما نصاب وللآخر دونه ثم يختلطان في أثناء الحول به زكيا إذا أبدل نصابا منفرد بنصاب مختلط من جنسه وقلنا لا يقنطع الحول به زكيا زكاة انفراد كمال واحد حصل الانفراد في أحد طرفي حوله وكذا لو اشترى أحد الخليطين بأربعين مختلطة أربعين منفردة وخلطها في الحال لوجود الانفراد من بعض الحول وقيل يزكي زكاة خلطة لأنه يبنى على حول خلطة وزمن الانفراد يسير ( وإن ملك نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه ) أي عينه ( وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستانفه من حين البيع ) هذا هو المذهب وجزم به في الوجيز لأنه قد انقطع في النصف المبيع فصار هو المذهب وجزم به في الوجيز لأنه قد انقطع الحول في الثاني هذا هو المذهب وجزم الزكاة أصلا فلزم انقطاع الحول في الثاني ( قال ابن حامد لا ينقطع حول البائع ) فيما يبع لم يبعه لأنه لم بزل مخالطا لمال جاز في حول الزكاة ( وعليه إذا تم حوله زكاة حصته ) فيلزمه نصف شاة لكونه ما خلا حوله من ملك نصف نصاب فهو كالخليط إذا تم ماله بمال شريكه ( فإن كان ) البائع ( أخرجها من المال انقطع حول المشتري ) ذكره المجد إجماعا فعلى هذا لا زكاة عليه ( لنقصان
____________________
1-
(2/330)
النصاب وإن اخرجها من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك وإن قلنا في الذمة فعليه عند تمام حوله زكاة حصته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النصاب ) في بعض الحول إلا أن يستديم الفقير الخلطة بنصفه فلا بنقص النصاب إذا ويخرج الثاني نصف شاة وقيل إن زكى البائع منه إلى الفقير زكى المشتري ( وإن أخرجها ) البائع ( من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك ) وكذا ذكره المؤلف في بقية كتبه وصححه وعزاه إلى أبي الخطاب لأن تعلقها بالعين ينقص النصاب فمنع وجوبها على المشتري وجزم الأكثر منهم القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل وقاله في المستوعب والمحرر وقدمه في الفروع أنه يجب على المشتري نصف شاة إذا تم حوله لأن التعلق بالعين لا يمنع انعقاد الحول الثاني بالاتفاق والفقير لا يملك جزءأ من النصاب وإنما يتعلق حقه به كتعلق أرش الجناية بالجاني فلم يمنع وجوبها وضعف المجد الأول عن أبي الخطاب وقال هذا مخالف لما ذكره في كتابه ولا يعرف له موضع يخالفه مع أن في كلامه نظر من حيثية إنه بعد إخراجها كيف يتصور التعليق لأن بعد الأداء لا يجوز تعلقها كما لا يتعلق الدين بالرهن بعد أدائه وأرش الجناية بالجاني بعد فدائه ( وإن قلنا في الذمة فعليه ) أي المشتري ( عند تمام حوله زكاة حصته ) لعدم نقصان النصاب في حقه مطلقا وعكسها صورة لو كان لرجلين نصاب خلطة فباع أحدهما خليطة في بعض الحول لأنه في الأول خليط نفسه ذكره في الشرح فإن كان البائع استدان ما أخرجه ولا مال له يجعل في مقابلة دينه إلا مال الخلطة أو لم يخرج البائع الزكاة حتى تم حول المشتري فإن قلنا الدين لا يمنع وجوب الزكاة أو قلنا يمنع لكن للبائع مال يجعل في مقابلة دين الزكاة زكى المشتري حصته زكاة الخلطة نصف
____________________
1-
(2/331)
وإن افراد بعضه وباعه ثم اختلفا انقطع الحول وقال القاضي يحتمل أن لا ينقطع إذا كان زمنا يسير وإن ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثبت عليه للبائع حكم الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة المنفرد وعلى قياس قول ابن حامر عليه زكاة خليط فإذا تم حول المشتري فعليه زكاة خليط وجها واحد وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الغرض مثل أن يملك أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله ولا شيء عليه في الثاني في أحد الوجهين وفي الأخر عليه الثاني زكاة خلطة كالأجنبي في التي قبلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) شاة وإلا فلا ( وإن أفراد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول ) في قول الأكثر لوجود الانفراد في بعض وكحدوث بعض مبيع بعد ساعة ( وقال القاضي يحتمل أن لا ينقطع إذا كان زمنا يسيرا ) لأن اليسير معفو عنه فوجب أن لا ينقطع الحول فيصير البائع كأنه ملك نصابا منفردا ( وعليه عند تمام حوله زكاة المنفرد ) لثبوت حكم الانفراد له ( وعلى قياس قول ابن حامد عليه زكاة خليط ) لاختياره عدم الانقطاع بالبيع فوجب عليه زكاة خلطة لكونه لم يزل مخالطا في جميع الحول ( فإذا تم حول المشتري فعليه زكاة خليط وجها واحد ) لأن الأربعين التي له تزل مختلطة في جميع الحول ( وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن يملك أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله ) وهي شاة لانفراد في بعض الحول ( ولا شيء عليه في الثاني ) إذا تم حوله ( في احد الوجهين ) قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن الجميع ملك واحد فلم يزد فرضه على شاة كما لو اتفقت أحواله وللعموم في الأوقاص كمملوك دفعة ( وفي الآخر عليه للثاني زكاة خلطة ) وهو نصف شاة لاختلاطها بالأربعين الأولى ( كالأجنبي في ) المسألة ( التي قبلها ) وقيل يجب شاة كالأولى وكما لمنفرد وعلى الثاني فيما بعد الحول الأول يزكيهما زكاة خلطة كلما تم حول إحداهما أخراج قسطها نصف
____________________
1-
(2/332)
وإن كان الثاني يتغير به الفرض مثل أن يكون مائة شاه فعليه زكاته إذا حوله واحدا وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا مثل أن ملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في الصفر فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) شاة فلو ملك أربعين أخرى في ربيع فعلى الأول لا شيء سوى الشاة الأولى وعلى الثاني زكاة خلطة ثلث شاة لأنها ثلث الجمع وفيما بعد الحول الأول في كل ثلث شاة لتمام حولها وعلى الثالث شاة ( وإن كان الثاني يتغر به الفرض مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حوله وجها واحدا ) قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز كما لو انقضت أحواله لأنه إما أن يجعلا كالمال لكالك أو كمالين لمالكين وعلى التقديرين يجب شاة أخرى بخلاف التي قبلها وهذا على الأول لأنه ينظر هنا إلى زكاة الجميع فيسقط منها ما وجب في الأول ويجب الباقي في الثاني وكذا على الثالث لأنه هناك يعتبر مستقلا بنفسه وكذا هنا وعلى الثاني يجب زكاة خلطة وهي شاة وثلاثة أسباع شاة لأن في كل شاتين حصة المائة منها خمسة أسباع الكل بحصتها من فرضه خمسة اسباعه فلة ملك مائة أخرى في ربيع فعلى الأول والثالث شاة وعل الثاني شاة وربع لأن في الكل ثلاث شياه والمائة ربع كل وسدسه فحصتها من فرضه ربعه وسدسه وفي إحدى وثمانين شاة بعد اربعين شاة شاة وقيل شاة واحدة وأربعون جزءأمن مائة وأحد وعشرين جزءا من شاة الخليط ( وإن كان الثاني يتغير ه الفرض ولا يبلغ نصابا مثل أن ملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر ) فيجب في ثلاثين إذا تم حولعا تبيع وأما المستفاد ( فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة ) ذكره في المحرر وجها واحدا لأن الفريضة الموجبة للمسنة قد كملت وقد أخراج زكاة الثلاثين فوجب في العشر يقطعها من المسنة وهو ربعها وعلى الثالث لا يجب شيء كما لو ملكها منفرد
____________________
1-
(2/333)
وإن ملك ما لا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيها في أحد الوجهين وفي الثاني عليه سبع تبيع إذا تم حولها وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة بعشرين لاخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل سدس شاة وإن كانت كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة وإن كانت كل عشر منها مختلفة بعشر لآخر فعليه شاة ولا شيء على خلطانه لأنهم لم يختلطوا في نصاب وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك قول أبي الخطاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وإن ملك ملا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيهما في أحد الوجهين ) قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنهوقص وكما لو ملكهما دفعة واحدة وكذا على الثالث ( وفي الثاني عليه سبع تيع إذا تم حولها ) لأنه مخالط بخمس كثلاثين كالأجنبي ( وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة بعشرين لآخر فعلى الجميع شاة ) لأنهم يملكون شيئا يجب فيه شاة على الانفراد فكذا في الاختلاط ( نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة ) ضم المال كل خليط إلى المال الكل فيصير كمال واحد قاله الأصحاب ومحله إذا لم يكن بينهما مسافة قصر أو كان على رواية وقيل يلزمهم شاتان وربع على صاحب الستين ثلاثة أرباع شاة لأنه مخالط العشرين خلطه وصف ولأربعين بجبهة الملك وحصة العشرين من زكاة الثمانين ربع شاة لأنه مخالط العشرين وقال ابن عقيل يجب في الجميع ثلاث شياه على خليط نصف شاة لأنه لم تخالط سوى عشرين ( إن كانت كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة ) لأن من شرط صحتها أن يكون المجموع نصابا وقد فات هنا فوجب على مالك الستين شاة ونصف جعلا للخلطة قاطعة بعض ملكه عن بعض وعلى كل خليط نصف شاة لأنه لم تخالط سوى عشرين ( وإن كانت كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة ) لأن من شرط صحتها أن يكون المجموع نصابا وقد فات هنا فوجب على مالك الستين شاة ( ولا شيء على خلطائه ) وأبراز المؤلف علته فقال ( لأنهم لم يختلطوا في نصاب ) بخلاف الأول ( وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقتصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة ) يضم بعضها إلى بعض ويزكيها كالمختلطة لا نعلم فيه خلافا ( وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك ) في رواية هي ( قول ) أكثر العلماء واختيار ( أبي الخطاب ) وصححه في المغني والشرح
____________________
1-
(2/334)
والمنصوص أن لكل مال حكم نفسه كما لو كانا لرجلين ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة وعنه أنها تؤثر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لقوله ( في أربعين شاة شاة ( ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان دون مسافة القصر وكغير السائمة إجماعا وعليها يخرج الفرض في أحد البلدين لأنه موضع حاجة وقيل بالقسط ( والمنصوص ) عن أحمد كما نقله الأثرم وغيره ( أن لكل مال حكم نفسه ) فإن كان نصابا وجبت الزكاة وإلا فلا فجعل التفرقة في البلدين كالتفرقة في الملكين فصار ( كما لو كانا لرجلين ) احتج أحمد بقوله عليه السلام ( لا يجمع بين متفرق ( الخبر وعندنا ان من جمع أو فرق خشية الصدقة لم يؤثر ذلك ولأن كل مال ينبغي معرفته ببلده فتعلق الوجوب به لكن قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير أحمد وحمل المؤلف النص على المجتمعة وكلام أحمد على أن الساعي لا يأخذها وإنما رب المال فيخرج إذا بلغ ماله نصابا وظاهره أن غير االماشية لا تكون كذلك لكن جعل أبو بكر في سائر الأموال روايتين كالماشية قاله ابن تميم ( ولا تؤثرالخلطة في غير السائمة ) نص عليه لقوله لا يجمع الخليطان ولأن السائمة تقل تارة وتكثر أخرى وسائر المال يجب فيما زاد على النصاب بحسابه فلا اثر لجمعها والخلطة من الماشية يؤثر في النفع والضرر فلو اعتبرناه في غيرها لأثرت ضررا محضا برب المال ( وعنه أنها تؤثر ) لأن الارتفاق المعتبر فيها موجود في غيرها وظاهره مطلقا وخصها الأكثر بخلطة الأعيان وهي قول إسحاق والأوزاعي قال في ( الشرح ( فأما خلطة الأوصاف فلا مدخل لها في غير السائمة بحال لأن الاختلاط لا يحصل وقيل لها مدخل نقل حنبل كالمواشي فقال إذا كانا رجلين لهما من المال ما فيه الزكاة من النقدين فعليهما بالحصص فيعتبر على هذا الوجه اتحاد المؤن ومرافق الملك وما يتعلق
____________________
1-
(2/335)
ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال اي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها ويرجع المأخوذ على خليطه بحصته من القيمة فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه إذا عدمت البينة وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بإصلاح الشركة وخصها القاضي في شرحه الصغير بالنقدين ( ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ) لأن الجميع كالمال الواحد ( مع الحاجة ) بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها إلا من أحد المالين أو تكون أحدهما صغارا والآخر كبارا ونحوه ( وعدمها ) بأن يجد فرض كل من المالين فيه نص أحمد على ذلك وظاهره ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء النصيبين وقد وجبت الزكاة خلافا ل ( المحرر ( فأما من لا زكاة عليه كذمي ومكاتب فلا أثر لخلطته في جواز الأخذ لأن الجزء من خيلطين يمكن رجوع كل منهما على الآخر ( ويرجع المأخوذ به على خليطه ) لقوله عليه السلام ( وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ( أي إذا أخذ من أحدهما ( بحصته من القيمة ) يوم أخذت لزوال ملكه إذن ولأنها ليست من ذوات الأمثال فيرجع بالقسط الذي قابل ماله من المخرج فإذا كان لأحدهما ثلث المال وأخذ الفرض منه رجع بقيمة ثلثي المخرج على شريكه وإن أخذه من الآخر رجع بقيمة الثلث يرجع رب عشرة من الإبل أخذت منه بنت مخاض على رب عشرين بقيمة ثلثيها وبالعكس بقيمة ثلثها ( فإن اختلفا في القيمة ) بأن قال المأخوذ منه قيمتها عشرون وقال الآخر بل قيمتها عشرة ( فالقول قول المرجوع عليه ) مع يمينه ( إذا عدمت البينة ) واحتمل صدقه لأنه منكر غارم وكالغاصب وظاهره أنه لا يقبل قوله مع وجود البينة لأن العمل يجب بما يقوله لأنها ترفع النزاع ( وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما ) أي ثلاثا قيل كاخذه عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما ( لم يرجع بالزيادة على خليطه ) لأنها ظلم فلا يجوز رجوعه على غير ظالمه وفاقا وحينئذ يرجع على خليطه
____________________
1-
(2/336)
وإن اخذه بقول بعض العلماء رجع عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بنصف شاة فقط وذكر الشيخ تقي الدين فيها قولين للعلماء أظهرهما يرجع وقال في المظالم المشتركة وحينئذ تطلب من الشركاء يطلبها الولاة من البلدان أو التجار أو الحجيج أو غيرهم والكلف السلطانية على الأنفس أو الأموال أو الدواب ويلزمهم التزام العدل في ذلك كما يلزم فيما يؤخذ منهم بحق ولا يجوز لأحد أن يمتنع من أداء قسطه من ذلك بحيث يؤخذ قسطه من الشركاء لأنه لم يدفع الظلم عنه إلا بظلم شركائه ( وإن أخذه بقول بعض العلماء ) كأخذه صحيحة عن مراض أو كبيرة عن صغار أو قيمة الواجب ( رجع عليه ) لأن الساعي نائب الإمام فعله كفعله ولهذا لا ينفض لكونه مختلفا فيه كما في الحاكم قال في ( المغني ( و ( الشرح ( ما أداه اجتهاده إليه وجب دفعه وصار بمنزلة الواجب وقال غيره لأن فعله في محل الاجتهاد سائغ نافذ فترتب عليه الرجوع لسوغانه وقال أبو المعالى إن أخذ القيمة وصار أحدها رجع بنصفها إن قلنا القيمة أصل وإن قلنا بدل فينصف قيمة الشاة وإن لم تجزيء القيمة فلا رجوع ولم يرتضه في ( الفروع ( وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ولو اعتقد المأخوذ به عدمه وعلم منه أنه إذا أخرج أحد الخليطين فوق الواجب لم يرجع بالزيادة قال صاحب ( المحرر ( عقد الخلطة جعل كل واحد منهما كالإذن لخليطه في الإخراج عنه وكذا قاله ابن حامد غاب الآخر أو حضر واختار ابن حمدان لا يجزىء
تنبيه إذا أخذ الساعي فرضا مجمعا عليه لكنه مختلف فيه هل هو عن
____________________
1-
(2/337)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الخليطين أو عن أحدهما عمل كل في التراجع بمذهبه لأنه لا نقض فيه لفعل الساعي فعشرون خلطة بستين فيها ربع شاة فإذا أخذ الشاة من الستين رجع ربها بربع الشاة وإن أخذها من العشرين رجع بها بثلاثة أرباعها لا بقيمتها كلها ولا يسقط زيادة مختلف فيها بأخذ الساعي مجمعا عليه كمائة وعشرين خلطة بينهما ثلاث وستون عقب الحول بأخذ نصف شاة بناء على تعلق الزكاة بالنصاب والعفو وجعل للخلطة والتلف تأثيرا لزمهما إخراج نصف شاة ذكرهما في ( منتهى الغاية )
____________________
1-
(2/338)
& باب زكاة الخارج من الأرض &
تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر كالتمر والزبيب واللوز والفستق والبندق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب زكاة الخارج من الأرض &
والأصل في وجوبها قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } [ البقرة 267 ] والزكاة تسمى نفقة لقوله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله } [ التوبة 34 ] وقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } [ الأنعام 141 ] قال ابن عباس حقه الزكاة مرة العشر ومرة نصف العشر والسنة مستفيضة بذلك وأجمعوا على وجوبها في الحنطة والشعير والتمر والزبيب حكاه ابن المنذر ( تجب الزكاة في الحبوب كلها سواء كان قوتا كالحنطة والشعير والأرز والدخن أو من القطنيات كالباقلاء والعدس والحمص أو من الأبازير كالكسفرة والكمون وكبزر الكتان والقثاء والخيار وحب البقول كحب الرشاد والفجل والقرطم لعموم النص السابق ولقوله عليه السلام ( فيما سقت السماء والعيون العشر ( رواه البخاري ( وفي كل ثمر يكال ويدخر ) نقله أبو طال لقوله عليه السلام ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ( متفق عليه فدل على أن مالا يدخله التوسيق ليس مرادا من عموم الآية والخبر وإلا لكان ذكر الأوسق لغوا ولأن غير المدخر لا تكمل فيه النعمة لعدم النفع فيه مالا ( كالثمر والزبيب واللوز ) نص عليه وعلله بأنه مكيل ( والفسق والبندق ) والسماق نقل صالح وعبدالله وأن يكال ويدخر ويقع فيه الفقيز ففيه العشر وما كان مثل البصل والرياحين والرمان فليس فيه زكاة إلا أن يباع
____________________
1-
(2/339)
ولا تجب في سائر الثمر ولا في الخضر والبقول والزهر وعنه أنها تجب في الزيتون والقطن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويحول على ثمنه حول اختاره جماعة وجزم به آخرون ( ولا تجب في سائر الثمر ) كالجوز نص عليه وعلل بأنه معدود والخوخ والآجاص والكمثري والمشمش والتين والتوت ونحوه لأنها ليست مكيلة وقد روي أن عامل عمر إليه ليس فيها عشر هي من العضاه رواه الأثرم وكذا العناب وجزم في ( الأحكاء السلطانية ( و ( المستوعب ( و ( الكافي ( بالزكاة فيه قال في ( الفروع ( وهذا أظهر والتين والمشمش والتوت مثله واختاره شيخنا في التين لأنه يدخر كالتمر ( ولا في الخضر ) كالقثاء والباذنجان واللفت لما الدارقطني بإسناده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس في الخضروات صدقة ( وعن عائشة نحوه ( والبقول والزهر ) لأنه غير مكيل مدخر ونحوهما الورق وطلع الفحال والسعف والخوص والحطب والخشب وأغصان الخلاف والحشيش والقصب مطلقا ولبن الماشية وصوفها وكذا الحرير ودود القز ( وعنه انها تجب في الزيتون ) اختاره القاضي والمجد لقوله تعالى ( والزيتون ) [ الأنعام 99 ] الآية ولأنه حب مكيل ينتفع بدهنه الخارج منه أشبه السمسم والكتان فيزكى إذا بلغ خمسة أوسق كيلا نص عليه ويخرج منه وإن صفاه وأخرج عصير زيته فهو افضل لأنه المقصود منه والثانية واختارها ( الخرقي ( وأبو بكر والمؤلف عدم الوجوب لأن الادخار شرط ولم تجر العادة به فلم يجب والآية بمكة نزلت قبل وجوب االزكاة فلا تكون مرادة بدليل أنها لا تجب في الرمان ( والقطن
____________________
1-
(2/340)
والزعفران إذا بلغا بالوزن نصابا وقال ابن حامد لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبذر القثار والخيار ونحوه ويعتبر لوجوبها شرطان احدهما ان يبلغ نصابا قدره بعد التصفية في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والزاغفران ) لأن ذلك موزون مدخر تام المنفعة والوزن أقيم مقام الكيل لاتفاقهما في عموم المنفعة ( إذا بلغا بالوزن نصابا ) وهو ألف وستمائة رطل عراقية لأنه لما تعذر اعتباره بالكيل رجع فيه الى الوزن ذكره القاضي في ( المجرد ( وعنه أن نصاب ذلك ما يبلغ قيمته قيمة نصاب من أدنى العشرات والثانية لا يجب فيهما وهو اختيار الأكثر لعدم الكيل فيهما وقيام الوزن مقام الكيل لم يرد به نص ولا يصح قياسه على الكيل لأن العلة غير معقولة فيه وقال ابن عقيل لم أجد فيهما نصا عن أحمد غير أن القاضي حكى عنه روايتين فإذا لم يجب في القطن وجب في حبه جزم به جماعة وقدم ابن تميم عدم الوجوب والكتان مثله وذكره القاضي وكذا العنب واختار المجد أنه لا يجب في الزغفران ويخرج عليه العصفر والورس والنيل قال الحلواني والقوة وفي الحناء الخلاف ( وقال ابن حامد لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبزر القثاء والخيار ونحوه ) كبزر الرياحين لأنها ليست بقوت ولا أدم ويدخل في هذا بزر اليقطين وذكره في ( المستوعب ( من المقتات ويخرج الصعتر والأشنان على الخلاف وجزم أبو الخطاب والمجد بالوجوب لأنه نبات مكيل مدخر وماله ورق مقصود كورق السدر والخطمي والآس على الخلاف والأشهر الوجوب وحكى ابن المنذر عن أحمد لا زكاة إلا في التمر والزبيب والبر والشعير قدمه ابن رزين في مختصره يروى عن ابن عمر وأبي موسى وقاله جمع من التابعين ( ويعتبر لوجوبها شرطان أحدهما أن يبلغ نصابا قدره بعد التصفية في
____________________
1-
(2/341)
الحبوب والجفاف في الثمار خمسة اوسق ستون صاعا والصاع خمسة ارطال وثلث بالعراقي فيكون ذلك الفا وستمائة رطل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق ) فلا يجب في أقل من ذلك لقوله عليه السلام ( ليس فيما دون خمسة أوسق من ثمر ولا حب صدقة ( رواه أحمد ومسلم فتقديره بالكيل يدل على إناطة ولا يعتبر له الحول لتكامل النماء عند الوجوب بخلاف غيره ويشترط كون النصاب بعد التصفية في الحبوب لأنه حال الكمال والادخار والجفاف في الثمار لأن التوسيق لا يكون إلا بعد التحقيق فوجب اعتباره عنده فلو كان عشرة أوسق عنبا لا يجيء منه خمسة أوسق زبيبا لم يجب شيء ( والوسق ) بفتح الواو وكسرها ( ستون صاعا ) لقوله عليه السلام ( الوسق ستون صاعا ( رواه الأثرم بإسناده من حديث سلمة بن صخر وعن أبي سعيد وجابر ونحوه رواه ابن ماجه وهذا أشهر في اللغة وتوارد عليه علماء الشريعة فيكون ثلاثمانة صاع ( والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي ) وهو رطل وسبع دمشقي فرد على الثلاثمائة سبعها تكن ثلاثمائة واثنين وأربعين رطلا وستة أسباع رطل بالدمشقي على ما حكاه في ( المغني ( الجديد أن الرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وبالقدسي وما وافقه مائتان وسبعة وخمسون أسباع رطل وبالمصري وما وافقه ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل ( فيكون ذلك ) أي بالعراقي ( ألفا وستمائة رطل ) وعلى ما ذكره أبو عبيد انه بلا كسر ثلاثمائة رطل واحد وأربعون رطلا وثلث رطل والوسق والصاع كيلان لا صنجان وإنما نقل الى الوزن ليحفظ وينقل إذ المكيل يختلف في الوزن فمنه ثقل كالأرز والتمر ومتوسط كالحنطة
____________________
1-
(2/342)
إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة يدخرفي قشره فنصاب كل واحد منهما مع قشرة عشرة لأوسق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والعدس وخفيف كالشعير والذرة والاعتبار في ذلك بالمتوسط نص عليه فيجب في الخفيف إذا قارب هذا الوزن وإن لم ييلغه لأنه في الكيل كالرزين قال في ( الفروع ( وأكثر الثمر أخف من الحنطة على الوجه الذي يكال شرعا لأن ذلك على هيئة غير مكبوس وعنه أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي بالحنطة أي بالرزين لأنه الذي يساوي العدس في وزنه وحكى القاضي عن ابن حامد أنه يعتبر أبعد الأمرين الكبل أو الوزن
تنبه نصاب الزرع والثمرة تحديد في الأشهر لتحديد الشارع بالأوسق وعنه تقريب فيؤثر نحو رطلين ومدين على الأول لا الثاني وجعله في ( الرعاية ( فائدة الخلاف وقدم الثانية ولا اعتبار بنقص ذلك في الأصح جزم به الأئمة وقال صاحب ( التلخيص ( إذا نقص ما لو وزع على الخمسة أوسق ظهر فيها فلا زكاة وإلا وجبت
فرع إذا شك في بلوغ قدر النصاب احتاط وأخرج ولم تجب لأنه الأصل قاله في ( المغني ( و ( الشرح ( و ( منتهى الغاية ( ومن اتخذ وعاء يسع خمسة أرطال وثلثا من البر الرزين ثم كال به ما شاء عرف أبلغ حد الوجوب من غيره نص عليه ( إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة ) وهو منقول عن أئمة اللغة والفقه ( ويدخر في قشره ) عادة لحفظه ( فإن نصاب كل واحد منهما مع قشرة عشرة أوسق ) لأن أهله زعموا أنه يخرج على النصف وأنه إذا خرج من قشره لا يبقى كغيره فيجب العشر إذا بلغا ذلك لأن فيه خمسة أوسق حبا وإن صفيا فخمسة أوسق ويختلف ذلك بثقل وخفة فيرجع إلى أهل الخبرة
____________________
1-
(2/343)
وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ثم يؤخذ عشرة يابسا وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر وقال القاضي لا يضم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويؤخذ بقدره ( وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ثم يؤخذ عشره يابسا ) لما روى أبو داود والترمذي بإسنادهما عن عتاب بن أسيد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص العنب كما يخرص النخل فيؤخذ زكاته زبيبا كما يؤخذ صدقة النخل تمرا وما وجب خرصه اعتبر بحال رطوبته كما لو كانت الثمرة لا وعنه يعتبر نصابهما رطبا وعنبا اختاره الخلال وصاحبه والقاضي وأصحابه ويؤخذ عشر ما يجيء منه وحملها في ( المغني ( على أنه أراد أن يؤخذ عشر ما يجيء منه من التمر إذا بلغ رطبها خمسة أوسق لأن إيجاب قدر عشر الرطب من التمر إيجاب لأكثر من العشر وذلك مخالف للنص والإجماع ورده الزركشي بأن أحمد قال في رواية الأثرم قال الشافعي يخرص ما يؤول إليه وإنما هو على ظاهر الحديث فهذا نص صريح في مخالفة التأويل ( وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب ) لعموم الخبر وكما لو بدا صلاح إحداهما قبل الأخرى وهو محمول على اختلاف الأنواع كالبرني والمعقل وسواء اتفق وقت إطلاعها وإدراكها أو اختلف أو تعدد البلد أو لا نص عليه فيأخذ عامل البلد حصته من الواجب في محل ولاية وعنه لا يجوز لنقص ما في ولايته عن نصاب فيخرج المالك فيما بينه وبين الله وليس المراد بالعام هنا اثني عشر شهرا بل وقت استغلال المغل من العام عرفا وأكثره عادة ستة أشهر بقدر فصلين وعلم منه أنه لا يضم ثمرة عام أو زرعه إلى آخر ( فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر ) لزرع العام الواحد وكالذرة التي تنبت مرتين ( وقال القاضي لا يضم ) لقدرته مع بيان أصله فهو لثمرة عام آخر بخلاف
____________________
1-
(2/344)
ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب وعنه ان الحبوب يضم بعضها إلى بعض وعنه يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها الى بعض الثاني أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة ولا يجب فيما يكتسبه اللقاط أو يأخذه بحصاده ولا فيما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل وبزر قطونا ونحوه وقال القاضي فيه الزكاة إذا ثبت في أرضه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الزرع فعليه لو كان له نخل يحمل بعضه في السنة حملا وبعضه حملين ضم ما يحمل حملا إلى أيهما بلغ معه وإن كان بينهما قال أقربهما إليه ( ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب ) اختاره اؤلف وغيره وصححه في ( الشرح ( كأجناس الثمار والماشية ( وعنه أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض ) نقلها جماعة وصححها القاضي وغيره وقدمها في ( المحرر ( واختارها أبو بكر لاتفاقهما في قدر النصاب والمخرج كضم أنواع الجنس ( وعنه يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض ) اختاره الخرقي وأبو بكر وجماعة وجزم به في ( الوجيز ( لأن ذلك يتقارب منفعة أشبه نوعي الجنس وعليها تضم الأبازير بعضها إلى بعض وكذا حب البقول لتقارب المقصود والذرة إلى الدخن وكل ما يقارب من الحبوب ضم ومع المسك لا ضم لأن الأصل عدم الوجوب ( الثاني أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة ) وهو بدو الصلاح ( ولا يجب فيما يكتسبه اللقاط ) من السنبل ( أو يأخذه ) أجرة ( بحصاده ) وكذا ما ملكه بعد بدو الصلاح بشراء أو إرث أو غيره بخلاف العسل للأثر ( ولا فيما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل ) بوزن جعفر وهو شعير الجبل ( ويزر قطونا ونحوه ) كحب النمام وبزر البقلة وهذا هو المشهور لأن وقت الوجوب لم يملكه فلم تجب كما لو اتهبه ( وقال القاضي ) وأبو الخطاب ( فيه الزكاة ) لكونه مكيلا مدخرا ( إذا ثبت في أرضه ) وهو مبني على أن المباح إذا ثبت في أرضه هل يملك الأرض أو يأخذه والأصح أنه لا يملكه بملكها بل يأخذه فإن ثبت بنفسه ما يزرعه الآدمي كمن سقط له حب
____________________
1-
(2/345)
فصل ويجب العشر فيما سقي بغير كلفة
كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي والنواضج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حنطة في أرضه أو أرض مباحة ففيه الزكاة لأنه ملكه وقت الوجوب فصل ويجب العشر واحد من عشرة إجماعا فيما سقي بغير كلفة
كالغيث والسيوح جمع سيح وهو الماء الجاري على وجه الأرض والمراد الأنهار والسواقي ( وما يشرب بعروقه ) كالبعل ( ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي ) واحدتها دالية وهي الدولاب تديره البقر والناعورة تديرها الماء ( والنواضح ) جمع ناضح وناضحة وهما البعير والناقة يستقى عليهما والأصل فيه ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر ( رواه البخاري سمى عثريا لأنهم يجعلون في مجرى الماء عاثورا فإذا صدته الماء مدخل يزاد تلك المجار فتسقيه ولأن للكلفة تأثيرا في إسقاط الزكاة ففي تخفيفها أولى ولا تؤثر مؤنة حفر الأنهار والسواقي لأنه من جملة إحياء الأرض ولا يتكرر كل عام وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه لحرث الأرض وتسحيتها فلو اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى سيحا فالعشر في ظاهر كلامهم لندرة هذه المؤنة وفيه وجه نصفه وكذا إن جمعه ثم سقى به فيجب العشر فإن كان يجري من النهر في ساقيه إلى الأرض ويستقر في مكان قريب من وجهها إلا أنه يحتاج في ترقية الماء إلى الأرض إلى آله من غرف أو دولاب فهو من الكلفة المسقطة لنصف العشر
فرع إذا سقيت أرض العشر بماء الخراج لم يؤخذ منها وعكسه
____________________
1-
(2/346)
فإن سقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر وإن سقى بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر اكثرهما نص عليه وقال ابن حامد يؤخذ بالقسط وإن جهل المقدار وجب العشر وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لم يسقط خراجها ولا يمنع من سقي كل واحدة بماء الاخرى نصر على ذلك ( فإن سقى السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر ) بغير خلاف نعلمه لأن كل واحد منهما لو ووجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه فإذا وجد في نصفه أوجب نصفه ( فإن سقى بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما نص عليه ) لأن مقدار عدد السقي ومراته ) وقدر ما يسقى به في كل مره يشق فاعتبر الأكثر كالسوم وقال القاضي بعدد السيقات وقيل باعتبار المدة ( وقال ابن حامد يؤخذ بالقسط ) لوجوبه عند التماثل فكذا عند التفاضل كفطرة العيد المشترك فلو اختلف المالك والساعي فيما سقي به أكثر صدق المالك بغير يمين لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم وقيل يحلف لكن إن نكل لزمه ما اعترف به فقط ( وإن جهل المقدار وجب العشر ) نصر عليه لأن الأصل وجوبه كاملا ولأنه خروج عن عهدة الواجب بيقين وعلى قول ابن حامد يجعل منه بكلفة المتقين والباقي سيحا ويؤخذ بالقسط وهو معنى القول بلزوم الأنفع للفقير
مسألة إذا كان له حائطان أحدهما يسقي بمؤنة والآخر بغيرها ضما في النصاب ولكل منهما حكم نفسه في سيقه بمؤنتها أو غيرها
( وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة ) لأنه يقصد للأكل والا قتيات كاليابس ولأنه وقت خرص الثمرة لحفظ الزكاة ويعرفه قدرها بدليل أنه لو أتلفه لزمه زكاته ولو باعه أو وهبه قبل الخرص وبعده فزكاته
____________________
1-
(2/347)
فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها إلا ان يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في ألجرين فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت سواء كانت خرصت أو لم تخرص وإذا ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه دون المشتري والموهوب له ولو مات وله ورثة لم يبلغ حصته وأخذ منهم نصابا لم يؤثر ذلك وقال ابن أبي موسى تجب زكاة الحب يوم حصاده لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } [ الأنعام 141 ]
وفائدة الخلاف في التصرف ( فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها ) كما لو أكل السائمة أو باعها قبل الحول ( إلا أن يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه ) ليفوته الواجب بعد انعقاد سببه أشبه العامل والمطلق ثلاثا في مرض موته ( ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين ) ويجعل الزرع في البيدر لأنه قبل ذلك في حكم ما لم يثبت اليد عليه بدليل ما لو كانت مبيعة فتلفت بجائحة رجع المشتري على البائع وهذا ظاهر على فعل من لم يجعل التمكن من الأداء شرطا ( فإن تلفت قبله بغير تعدمنه سقطت ) لأنها لم تستقر أشبه ما لو لم يتعلق به فإن تلف بعض الثمرة فقال القاضي إن كان الثاني نصابا ففيه الزكاة وإلا فلا والمذهب إن كان التلف قبل الوجوب فهو كما قال القاضي وإن كان بعده وجب في الباقي بقدره مطلقا وظاهره أنه إذا اتلفها أو تلفت بتفريطه أنه يضمن نصيب الفقراء صرح به في ( الكافي ( و ( الشرح ( لأنه مفرط ( سواء كانت خرصت أو لم تخرص ) لأن الخرص لا يوجب وإنما فعل ذلك للتمكن من التصرف فوجب سقوط الزكاة مع وجوده كعدمه ( وإذا ادعى تلفها ) بغير تفريط ( قبل قوله ) ولو انهم ( بغير يمين ) نص عليه لأنه خالص حق الله فلا يستخلف فيه كالصلاة ( ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا ) لحديث عتاب بن أسيد ولا يسمى زبيبا وتمرا إلا اليابس وإذا ثبت
____________________
1-
(2/348)
فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لصعف الأصل ونحوه أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو عنبا لا يجيء منه زبيب خرج منه عنبا رطبا وقال القاضي يخير الساعي بين قسمته مع رب المال قبل الجذاذ وبعده وبين بيعه منه أو من غيره والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ذلك فيهما فالكل كذلك لأن حالة اليباس حالة الكمال وفي ( الرعاية ( وقيل يجزىء رطبه وقيل فيما لا يتمر ولا يزبب فهذا وأمثاله لا عبرة به قاله في ( الفروع ( وأطلق ابن تميم عن ابن بطة له أن يخرج رطبا وعنبا فعلى الأول لو أخرج سنبلا ورطبا وعنبا لم يجزئه ووقع نفلا وإن كان الساعي أخذه فجففه وصفاه وكان قدر الواجب أجزأه وإن كان دونه أخذ الباقي وإن كان زائدا رد الفضل وإن كان رطبا بحاله رده وإن تلف رد مثله قاله الأصحاب ( فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه ) كخوف عطش قال في ( الفروع ( أو لتحسين بقيته ( أو كان رطبا لا يجيء منه تمر ) كالحسنوي ( أو عنبا لا يجيء منه زبيب ) كالخمري ( أخرج منه عنبا ورطبا ) إن كان قدر نصاب يابسا اختاره القاضي والشيخان وصاحب ( الفروع ( لأنها وجبت مواساة ولا مواساة في إلزامه ما ليس في ملمه وقد تضمن ذلك جواز القطع لأنه لا يتمكن من الإخراج إلا به ولأن عليه ضررا في إبقائه لكن قال المؤلف إن كفى التجفيف لم يجز قطع الكل وفي كلام بعضهم إطلاق وإنما قيل جاز لأنه مستثنى من عدم الجواز ومراده يجب لإضاعة المال ولا يجوز القطع إلا بإذن الساعي إن كان ( وقال القاضي ) وجماعة ( يخير الساعي بين قسمته مع رب المال قبل الجذاذ ) بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات مفردة بأخذ تمرتها ( أو بعده ) بأن حدها وقاسمه إياها بالليل ويقسم الثمرة في الفقراء ( وبين بيعها منه أو في غيره ) ويقسم ثمنها ولأن رب المال يبذل فيها عوض مثلها أشبه الأجني ( والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسا )
____________________
1-
(2/349)
وأنه لا يجوز له شراء زكاته وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر ليخرصه عليهم ليتصرفوا فيه فإن كان انواعا خرص كل نوع وحده وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مصفاة اختاره أبو بكر وجزم به في ( الوجيز ( لقوله عليه السلام ( يخرص العنب فتؤخذ زكا به زبيبا ولأنه حالة الكمال فاعتبر فإن أتلف رب المال هذه الثمرة ضمن الواجب في ذمته تمرا أو زبيبا كغيرها فإن لم يجده فهل يخرج قيمته أو يبقى في ذمته يخرجه إذا قدر فيه روايتان ( وأنه لا يجوز له شراء زكاته ) لقوله عليه السلام لعمر في سرير الفرس لا تشتره ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم وقيده في ( الوجيز ( بغير ضرورة وهو مراد ( وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر ليخرصه عليهم ليتصرفوا فيه ) لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبدالله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه رواه أبو داود ولحديث عتاب وغيره ولأنه اجتهاد في معرفة الحق بالظن للحاجة لغيره وذكر ابن المنجا أن نخل البصرة لا يخرص وأنه أجمع عليه الصحابة ومعها الأمصار للمشقة ويكفي خارص واحد لأنه يفعل ما يؤذي إليه اجتهاده كحاكم وقائف ويعتبر كونه مسلما أمينا لا يتهم خبيرا وقيل حرا وأجرته على بيت المال فإن لم يبعث فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ليعرف قدر الواجب قبل تصرفه ويخيره بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدرها وبين حفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن الزكاة وتصرف صح تصرفه وحكى ابن تميم عن القاضي انه لا يباح التصرف كتصرفه قبل الخرص ( فإن كان أنواعا خرص كل نوع وحده ) لأنه أقرب إلى العدل وعدم الجور لأن الأنواع تختلف فمنها ما يكثر رطبه ويقل تمره وبالعكس ( وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها )
____________________
1-
(2/350)
وله خرص الجميع دفعة واحدة ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فيطيف بها ( وله خرص الجميع دفعة واحدة ) لأن النوع الواحد لا يختلف غالبا ولما فيه من المشقة بخرص كل شجرة على حدة والخرص خاص بالنخل والكرم فقط للنص وللحاجة إلى أكلها رطبين وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما واجتماعهما في عناقيدهما بخلاف الزيتون لتفرق حبه واستتاره بورقه وقيل يخرص
فرع إذا ادعى المالك غلط الخارج وكان ممكنا فإن فحش فقيل يرد قوله وقيل ضمانا كانت أو امانة ترد في الفاحش وظاهر كلامهم لو ادعى كذبه عمدا لم يقبل ولو قال ما حصل بيدي إلا هذا قبل ويكلف ببينة في دعواه جائحة ظاهرة ثم يصدق في التلف وإن ادعى بالحالف العادة لم يقبل
( ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع ) بحسب اجتهاد الساعي لما روى سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ( رواه الخمسة إلا ابن ماجه ورواه ابن حبان والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد وهذا توسعة على رب المال لأنه يحتاج إلى الأكل هو وأضيافه وجيرانه وأهله ويأكل منها المارة ومنها الساقطة فلو استوفى الكل أضربهم وذكر جماعة أنه يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد للأخبار وقاله أكثر العلماء وقال ابن حامد إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب فإن كانت نصابا فلا وهذا القدر المدرك لا يكمل به النصاب نص عليه فدل أن
____________________
1-
(2/351)
فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحسب عليه ويؤخذ العشر في مل نوع على حدته فإن شق ذلك أخذ من الوسط ويجب العشر على المستاجر دون المالك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه وهو ظاهر كلام جماعة وفي ( الوجيز ( يزكي الكل وفي ( المحرر ( ويوضع ثلث الثمرة أو ربعها فلا يحتسب له زكاة ويزكي الباقي إن بلغ نصابا ( فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحسب عليه نص عليه لأنه حق له بأن يرى الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك نصا
تذنيب ظاهر ما سبق أن الحبوب لا تخرص وللمالك الأكل منها هو وعياله بحسب العادة كالفريك وما يحتاجه ولا يحتسب عليه ولا يهدي نص على ذلك قال في ( الخلاف ( أسقط أحمد عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار وفي ( المحرر ( و ( الفصول ( يحتسب عليه ولا يترك له منه شيء وذكره الآمدي ظاهر كلامه كالمشترك من الزرع نص عليه لأنه القياس والحب ليس في معنى الثمرة
( ويؤخذ العشر في كل نوع على حدته ) لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فينبغي أن يتساووا في كل نوع ولا مشقة فيه بخلاف السائمة فإن أخرج زكاة كل نوع أفضى إلى التشقيص وفيه مشقة ولا يجوز الرديء عن الجيد وبالعكس لا يجب لما فيه من الإضرار بالمالك ( فإن شق ذلك أخذ من الوسط ) لانتفاء الحرج والمشقة شرعا وكالسائمة فلو كان المال نوعا واحدا أخذ منه مطلقا بغير خلاف لأنها وجبت عن طريق المواساة فهم بمنزلة الشركاء ( ويجب العشر على المستأجر دون المالك ) في قول الاكثر لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده }
____________________
1-
(2/352)
ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) [ الأنعام 141 ] ولأنه مالك للزرع كالمستعير وكتاجر استأجر حانوتا وفي إيجابه على المالك إجحاف ينافي المواساة وهو من حقوق الزرع بدليل أنها لا تجب إذا لم يزرع ويتقدر بقدره بخلاف الخراج فإنه من حقوق الأرض والغاصب إذا حصد زرعه يزكيه لاستقرار ملكه فإن ملكه رب الأرض قبل اشتداد حبه زكاه وكذا بعد اشتداد الحب لأنه استند إلى أول زرعه فكأنه أخذه إذن وقيل يزكيه الغاصب لأنه تملكه وقت الوجوب ( ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة ) وكل أرض خراجية نص عليه للعموم فالخراج في رقبتها والعشر في غلتها ولأن سبب الخراج التمكين من النفع لوجوبه وإن لم يزرع وسبب العشر الزرع كأجرة المتجر مع زكاة التجارة ولأنها بسببين مختلفين لمستحقين فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد المملوك والحديث المروي ( لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم ( ضعيف جدا قال ابن حيان ليس هذا الحديث من كلام النبوة ثم يحمل على الخراج الذي هو الجزية ( ولو كان عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية وشرطه أن يكون لمسلم قال أحمد ليس في أرض أهل الذمة صدقة وظاهره أنهما لا يجتمعان في أرض الصلح
تذنيب الأرض الخراجية ما فتح عنوة ولم تقسم وما جلا عنها أهلها خوفا منا وما صولحوا عليها على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج والعشرية عند أحمد وأصحابه ما أسلم أهلها عليها نقله حرب كالمدينة ونحوها وما اختطه المسلمون كالبصرة وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم كأرض اليمن وما فتح عنوة وقسم كنصف خيبر وما أقطعه الخلفاء الراشدون من السود إقطاع تمليك
____________________
1-
(2/353)
ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم وعنه عليهم عشران يسقط أحدهما بالإسلام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر لأنه من مؤنة الأرض كنفقة زرعه ومتى لم يكن له سوى غلة الأرض وفيها ما لا زكاة فيه كالخضروات جعل ما لا زكاة فيه في معاملة الخراج لأنه أحوط للفقراء ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ( ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ) في رواية وقالها الأكثر لأنها مال مسلم يجب الحق فيها الفقراء فلم يمنع من بيعها لذمي كالسائمة واقتصر جمع كالمؤلف على الجواز ومنهم من قال يكره نص عليه وعنه يمنعون من شرائها اختارها الخلال وصاحبه فعليها يصح جزم به الأصحاب وحكى أحمد عن الحسن وعمر بن عبدالعزيز يمنعون من الشراء فإن اشتروا لم يصح نقل عدم المنع ( ولا عشر عليهم ) لأنه زكاة فلا يجب على ذمي كالسائمة وذكر القاضي في شرحه الصغير أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر في إحدى الروايتين سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته وعلى المنع ( وعنه عليهم عشران ) لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه وكان ضعف ما على المسلم كمايجب في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ضعف الزكاة ( يسقط أحدهما بالإسلام ) وكذا لو باعها مسلما فإنه يسقط عشر ويبقى عشر الزكاة للمستقبل لعموم الأخبار وقدم في ( الفروع ( أنهما يسقطان بالإسلام لسقوط جزية الرؤوس وجزية الأرض وهو خراجها بالإسلام ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة وعنه لا شيء عليهم قدمه بعضهم وعنه عليهم عشر واحد ذكرها في ( الخلاف ( كما كان لتعلقه بالأرض كبقاء الخراج وظاهر ما سبق أنه يجوز إجارتها منه لكن يكره لا فضائه إلى
____________________
1-
(2/354)
فصل وفي العسل العشر
سواء أخذه من موات أو من ملكه ونصابه عشرة أفراق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إسقاط عشر الخارج منها وهذ الأرض لا تصير خراجية بما ذكرنا لأنها أرض عشر كما لو كان مشتريها مسلما ولا يجوز بقاء أرض بلا عشر ولا خراج بالاتفاق فصل وفي العسل العشر
لما روى سليمان بن موسى عن ابي سيارة المتعي قال قلت يا رسول الله إن لي نحلا قال فأد العشور قال قلت يا رسول الله احم لي جبلها قال فحمى لي جبلها رواه أحمد وابن ماجه ورواته ثقات إلا سليمان الأشدق قال البخاري عنده مناكير وقد وثقه ابن معين قال الترمذي هو ثقة عند المحدثين غير أنه لم يدرك أبا سيارة واحتج أحمد بقول عمر قيل لأحمد إنهم تطوعوا به قال لا بل أخذ منهم وعنه لا زكاة فيه بناء على قول الصحابي لأنه تابع خارج من حيوان أشبه اللبن قال ابن المنذر ليس في وجوب الصدقة حديث ولا إجماع وعنه ما يدل على أنه لا زكاة فيه من المباح واعترف المجد أنه القياس لو لا الأثر ( سواء أخذه من موات أو من ملكه ) قال في الرعاية وغيرها أو ملك غيره ونقل صالح لا فرق بين أرض الخراج والعشر
تنبيه ما ينزل من السماء على الشجر كالمن والزنجبين والشيرخشك وشبهها ومنه اللادن وهو طل ينزل على نبت تأكله المعزى فيه العشر كالعسل في ظاهر كلام أحمد وقيل لا لعدم النص وجزم به جماعة منهم في ( المغني ( و ( المحرر ( فيما يخرج من البحر ( ونصابه عشرة أفراق ) نص عليه لقول
____________________
1-
(2/355)
كل فرق ستون رطلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عمر في كل عشرة أفراق فرق رواه الجوزجاني وتقدم قول في نصاب الزيت خمسة أفراق فيتوجه منه تخريج لأنه أعلى ما يقدر فيه فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق وحينئذ فلا زكاة في قليله بل يعتبر نصابه بالأفراق وهو جمع فرق قيل بسكون الراء وقيل بفتحها قال عياض وهو الأشهر ( كل فرق ستون رطلا ) عراقية في قول ابن حامد والقاضي في ( المجرد ( وروي عن الخليل بن أحمد فيكون نصابه ستمائة رطل وزنها بالدمشقي مائة وعشرون رطلا وثلث رطل وفي ( الخلاف ( ستة وثلاثون رطلا عراقية والأشهر أنه ستة عشر رطلا عراقية وهو مكيال معروف بالمدينة ذكره الجوهري وغيره لخبر كعب في الفدية وحمل كلام عمر على التعارف ببلده وهي الحجاز أولى وهذا ظاهر ( الأحكام السلطانية ( وأختاره صاحب ( المحرر ( و ( الوجيز ( وقيل نصابه ألف رطل عراقية قدمه في ( الكافي ( نقل أبو داود من عشر قرب قربة وأما الفرق بسكون الراء مكيال ضخم من مكايل أهل العراق قاله الخليل قال ابن قتيبة وغيره يسع مائة وعشرين رطلا قال المجد ولا قائل به هنا
مسألة من زكى ما ذكرنا من المعشرات مرة فلا زكاة فيه بعد ذلك خلافا للحسن لأنه غير مرصد للنماء فهو كالقنية بل أولى لنقصه بأكل ونحوه
فرع تضمن أموال العشر والخراج باطل نص عليه وعلله في ( الأحكام السلطانية ( بأن ضمانها بقدر معلوم يقتضي الاقتصار عليه في ملك ما زاد وغرم ما نقص وهذا مناف لموضوع العمالة وحكم الأمانة
____________________
1-
(2/356)
فصل في المعدن
ومن استخرج من معدن نصابا من الأثمان أو ما قيمته نصاب من الجوهر والصفر والزنبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ففيه الزكاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل في المعدن
بكسر الدال سمي به لعدون ما اثبته الله فيه لإقامته يقال عدن عدونا والمعدن المكان الذي عدن فيه الجوهر ( ومن استخرج ) إذا كان من أهل الزكاة وترك البينة عليه لدلالة ما سبق ( من معدن ) سواء كان في أرض مملوكة أو مباحة ولو من داره نص عليه أو في موات خرب فإن أخرجه من أرض غيره فإن كان جاريا فكأرضه إن قلنا هو على الإباحة وأنه يملك وإن قلنا لا يملكه وأنه يملك بملك الأرض أو كان جامدا فهو لرب الأرض لكن لا يلزمه زكاته حتى يصل إلى بلده كالمغضوب ( نصابا من الأثمان ) فلعموم الأدلة ( أو ما قيمته نصاب ) من غير النقدين بقيمة احدهما لأنهما قيم الأشياء وعنه يجب فيما دون ئصاب الأثمان ثم مثله بقوله ( من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ) كالبلور والعقيق والحديد والكبريت والمغرة ونحوها ( ففيه الزكاة ) لقوله تعالى { أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } [ البقرة 267 ] ولما روى ربيعة بن عبدالرحمن عن غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية قال ( فتلك لا يؤخذ منها إلا الزكاة
____________________
1-
(2/357)
في الحال ربع العشر من قيمته أو من عينها إن كانت أثمانا سواء استخرجه في دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينهما ترك إهمال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلى اليوم ( رواه مالك وأبو داود ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوي القربى ففيه الزكاة لا الخمس كسائر الزكوات وظاهره وإن لم ينطبع من غير جنس الأرض وقد روي مرفوعا ( لا زكاة في حجر ( إن صح فمحمول على الأحجار التي لا يرغب فيها عادة فدل أن الرخام معدن وجزم به جماعة قال الصحاب الطين والماء غير مرغوب فيه فلاحق فيه ولأن الطين تراب ونقل منها لم أسمع في معدن النار والنفط والكحل والزرنيخ شيئاقال بعضهم وظاهره التوقف من غير المنطبع ( في الحال ) لأهلها لأنه مال مستفاد من الأرض فلم يعتبر له حول كالزرع ( ربع العشر ) من عين أثمان أو ( من قيمة ) من غيرها وظاهره أنه يجب بظهوره جزم به في ( الكافي ( و ( منتهى الغاية ( وغيرهما وظاهره كالثمرة ( سواء استخرجه من دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ) لأنه لو اعتبر دفعة واحدة لأدى إلى عدم الوجوب فيه لأنه يبعد استخراج نصاب دفعة واحدة فإن أخرج دون نصاب ثم ترك العمل مهملا له أخرج دون نصاب فلا شيء فيهما وإن بلغا نصابا فعلى هذا لا أثر لتركه لمرض وسفر وصلاح ى لة ونحوه مما جرت العادة به كالاستراحة ليلا أو نهارا أو لاشتغاله بنقل تراب خرج بين المثلين أو هرب عبيده لأن كل عرق يعتبر بنفسه وحد ابن المنجا الإهمال بترك العمل بترك العمل ثلاثة ايام إن لم يكن عذر وإن كان فبزواله
مسألة لا يضم جنس لآخر في تكميل النصاب غير نقد وقيل بلى وقيل مع تقاربهما كنار ونفط ومن أخرج نصابا من جنس من معادن ضم
____________________
1-
(2/358)
ولا يجوز إخراجها من عينها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كالزرع في مكانين ( ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ) لأنه قبل ذلك لا يتحقق إخراج الواجب فلم يجز كالحبوب فلو أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته رده إن كان تالفا ويقبل قول الآخذ في قدره لأنه غارم فإن صفاه الآخذ مكان الواجب أجزأ وإن زاد رد الفاضل إلا أن يتركه المخرج وإن نقص كمله ولا يحتسب بمؤنتهما في الأصح لمؤنة استخراجه فإن كان دينا عليه احتسب به على الصحيح كما يحتسب بما أنفق على الزرع وأطلق في ( الكافي ( لا يحتسب به بكون الحصاد والزراعة وظاهره أنه يجزيء إخراج القيمة عن غيرها قبل السبك والتصفية وهو غير ظاهر
مسألة يجوز بيع تراب معدن وصاغة بغير جنسه نص عليه كعرض لأنه مستور بما هو من أصل الخلقة كالباقلاء في قشرته وعنه لا كجنسه ونقل منها لا في تراب صاغة وإن غيره أهون وزكاته على البائع لوجوبها عليه كبيع حب بعد صلاحه
( ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان ) هو نبات حجري يتوسط في خلقه بين النبات والمعدن ومن خواصه أن النظر إليه يشرح الصدر ويفرح القلب ( والعنبر ونحوه ) نص عليه وهو المذهب وقاله عمر بن عبد العزيز والأكثر لقول ابن عباس ليس في العنبر شيء انما هو شيء دسره البحر وعن جابر نحوه رواهما أبو عبيد ولم تأت به سنة صحيحة ولأن الأصل عدم الوجوب لأن الغالب فيه وجوده من غير مشقة فهو كالمباحات
____________________
1-
(2/359)
وعنه فيه الزكاة فصل وفي الركاز الخمس
أي نوع كان من المال قل أو كثر لأهل الفيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الموجودة في البر ( وعنه فيه الزكاة ) نصره القاضي وأصحابه وقدمه في ( المحرر ( لأنه مستخرج فوجب فيه الزكاة كالمعدن وقيل غير حيوان جزم به بعضهم كصيد البر ونص أحمد التسوية ومثل في ( الهداية ( و ( المستوعب ( و ( المحرر ( بالمسك والسمك فيكون المسك بحريا وفي ( الشرح ( أنه لا شيء في السمك في قول اهل العلم كافة ونص في رواية الميموني بأن قال كان الحسن يقول في المسك إذا أصابه صاحبه فيه الزكاة شبهه بالسمك إذا صاده وصار في يده منه مائتا درهم وما أشبهه وظاهر كلامهم أنه لا زكاة فيه قال في ( الفروع ( وهو أولى فصل وفي الركاز الخمس
لحديث أبي هريرة مرفوعا ( وفي الركاز الخمس ( متفق عليه قال ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه قال في أرض الحرب الخمس وفي أرض العرب الزكاة ( أي نوع كان من المال ) كالنقدين والحديد والرصاص ونحوها لأنه مال مظهور عليه من مال الكفار فوجب فيه الخمس والغنيمة ( قل ) ذلك الوجود ( أو أكثر ) بخلاف المعدن والزرع لكونهما يحتاجان إلى كلفة واعتبر لهما النصاب تحقيقا واختلقت الرواية في مصرفه فروى عنه محمد بن عبد الحكم أنه ( أهل الفيء ) اختارها ابن أبي موسى والقاضي في ( تعليقه ( وابن عقيل وصححها في ( المغني ( لفعل عمر رواه سعيد عن هشيم عن مجاهد عن الشعبي ولأنه مال مخموس لخمس الغنيمة ولا يختص
____________________
1-
(2/360)
وعنه أنه زكاة وباقيه لواجده إن وجده في موات أو أرض لا يعلم مالكها وإن علم مالكها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بمصرف الغنيمة بل الفيء المطلق للمصالح كلها ( وعنه أنه زكاة ) نقلها حنبل واختارها الخرقي وقدمها في ( المحرر ( لأن عليا أمر عليا أمر صاحب الكنز أن يتصدق بالخمس على المساكين ولأنه حق يجب في الخارج من الأرض كالمعدن فيصرف مصرف الزكاة ويجب على كل واحد إذا قلنا بأنه فيء إلا إذا كان عبدا فيكون لسيده لأنه كسب ماله كالاحتشاش وإذا قلنا بأنه زكاة لم يجب على من ليس من أهلها ويملكه صبي ومجنون ويخرجه عنهما وليهما وصحح بعضهم وجوبه على كل واحد مطلقا ويجوز لواجده تعرفته بنفسه كما لو قلنا إنه زكاة نص عليه واحتج بقول علي وجزم به في ( منتهى الغاية ( كخمس الغنيمة والفيء فعلى هذا هل يضمن ولا يجوز لواجده والمعدن إمساك الحق لنفسه لحاجة ( وباقيه لواجده ) لفعل عمر وعلي انهما دفعا باقي الركاز لواجده ولأنه مال كافر مظهور عليه فكان لواجده بعد الخمس كالغنيمة وظاهره أنه له ولو كان مستأمنا بدارنا ومحله ما لم يكن أجيرا لطلبه فإنه لا شيء له سوى الأجرة ( إن وجده في موات ) لأنه مباح لا حق لأحد فيه كالصيد منها ( أو أرض لا يعلم مالكها ) كالأرض التي يوجد فيها آثار الملك من الأبنية القديمة وجدران الجاهلية وقبورهم ولو كان على وجهها قاله في ( الشرح ( أو قرية خراب أو طريق غير مسلوك لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال ( وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس رواه النسائي وفي لفظ ( وإن وجده في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس ( وإن علم مالكها ) كمن دخل دار غيره أو
____________________
1-
(2/361)
أو كانت منتقلة إليه فهو له أيضا وعنه أنه لمالكها أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك وإن وجده في أرض حربي ملكه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) استأجرها أو استعادها ( أو كانت منتقلة إليه ) ببيع أو هبة ( فهو له أيضا ) في الأشهر لأنه ليس من أجزاء الأرض بل هو مودع فيها فهو كالصيد والكلأ يملكه من ظفر به كالمباحات كلها وعليها لا فرق بين أن يدعيه المالك أولا ونقل محمد بن يحيى الكحال عن أحمد فيمن استأجر أجيرا ليحفر له في داره فأصاب كنزا فهو للأجير وصححه القاضي ( وعنه أنه لمالكها ) قطع به في ( الهداية ( و ( التلخيص ( لأن يده عليها فكان ما فيها له كالقماش ( أو لمن انتقلت عنه ) لأن الظاهر أنه له ( إن اعترف به ) كل من المالك والمنتقل عنه فإن انتقلت إليه ميراثا حكم بأنه ميراث فإن أنكر الورثة أنه لمورثهم فلأول مالك وإن اختلفوا أعطي كل حكمه ( وإلا ) فإن لم يعترف به ولم يدعه ( فهو لأول مالك ) لأنه في ملكه فكان له كحيطانه وظاهره أنه له وإن لم يعترف به كما لو ادعاه بصفة وفي ( المغني ( و ( الشرح ( أنه يكون كالمال الضائع حيث لم يعترف به وإذا لم يعترف به فادعاه واجده فهو له جزم به بعضهم وظاهر كلام جماعة خلافه وعلى الأولى إن ادعاه المالك قبله بلا بينة ولا وصف فهو له مع يمينه لأنه ادعى ممكنا وكانت يده عليها فالظاهر صدقه وعنه لا تقبل دعواه كسائر الدعاوي بلا بينة ولا ما يقوم مقامها فعليها يكون لواجده ومتى دفع إلى مدعيه بعد إخراج خمسه غرم واجده بدله إن كان أخرج باختياره وإن كان الإمام أخذه منه قهرا غرمه لكن هل هو من ماله أو من بيت المال فيه الخلاف وعنه ماله يكون للمالك قبله إن اعترف به فإن لم يعترف به أو لم يعرفه الأول فلواجده وقيل لبيت المال ( وإن وجده في أرض حربي ملكه ) نص عليه إذا قدر عليه بنفسه لأن المالك لا حرمة له
____________________
1-
(2/362)
إلا أن لا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فيكون غنيمة والركاز ما وجد من دفن الجاهلية عليه علامتهم وإن كانت عليه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة فهو لقطة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كما لو وجده في موات وقيل غنيمة خرجه في ( منتهى الغاية ( كما لو قدر عليه بمنعه ( إلا أن يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فتكون غنيمة ) لأن قوتهم أوصلته إليه فكان غنيمة كالمأخوذ بالحرب ( والركاز ) اشتقاقه من ركز يركز كغرز يغرز إذا خفي ومنه غرزت الرمح إذا أخفيت أسفله فهو في اللغة المال المدفون في الأرض وفي الاصطلاح ( ما وجد من دفن الجاهلية ) لأن دفنهم تقادم عهده وخفي مكانه ( عليه علامتهم ) كأسمائهم وأسماء ملوكهم وهو معنى كلامهم هو المال الجاهلي المدفون وحكم من تقدم من الكفار في دار السلام كحكم الجاهلية فإن كان على بعضه علامتهم فذكر في ( الشرح ( أنه ينبغي أن يكون ركازا نص عليه وهو قول أكثر العلكاء عملا بالظاهر فإن كانت عليه أو على بعضه ( علامة المسلمين ) كاسم النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من خلفاء المسلمين أو أنه من القرآن العظيم ( أو لم تكن عليه علامة ) كالحلي والسبائك والآنية ( فهو لقطة ) أي لا ملك إلا بعد التعريف لأنه مال مسلم لم يعلم زواله عنه وتغليبا لحكم دار الإسلام إلا أن يجده في ملك انتقل إليه فيدعيه المالك قبله بلا بينة ولا صفة فهل يدفع إليه على روايتين حكاهما في ( المحرر ( ونقله في ( الشرح ( عنه إحداهما لا يدفع إليه كاللقطة والثانية بلى لأنه تبع للملك
____________________
1-
(2/363)
& باب زكاة الأثمان &
وهب الذهب والفضة ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب فيه نصف مثقال ولا في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم فيجب فيه خمسة دراهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب زكاة الأثمان &
( وهي الذهب والفضة ) فدل أن الفلوس الرائجة لا تسمى به ونص لهما خاصة والأصل في وجوبها الإجماع وسنده قوله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة } [ التوبة 34 ] الآية والسنة مستفيضة بذلك ( ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب نصف مثقال ) لما روى ابن عمر وعائشة مرفوعا ( أنه كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال رواه ابن ماجه عن علي نحوه فالمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم وهو ثنتان وسبعون حبة شعير متوسطة وهو لم يتغير في جاهلية ولا إسلام ( ولا في الفضة حتى تبلغ ) وزن ( مائتي درهم ) لما في ( الصحيحين ( من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ( فيجب فيها خمسة دراهم ) لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( وفي الرقة ربع العشر ( متفق عليه وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي وزنه ستة دوانيق والعشرة سبعة مثاقيل لأنها كانت في صدر الإسلام سوداء وزن الدرهم منها ثمانية دوانيق وطبرية الدرهم منها أربعة دوانيق فجمعتها بنو أمية وقسمتها على اثنين فصار الدرهم منها ستة دوانيق وذكره النووي إجماع العصر الأول وقد سئل في رواية المروذي عن دراهم صغار فقال ترد إلى المثاقيل فالدرهم نصف مثقال وخمسه وهو خمسون حبة وخمسا حبة فتصاب الذهب ثمانية وعشرون درهما وأربعة اسباع درهم وقدره خمسة وعشرون دينارا
____________________
1-
(2/364)
ولا زكاة في مغشوشهما حتى يبلغ قدر ما فيه نصابا فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الإخراج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وسبعا دينار وتسعه على التحديد الذي زنته درهم وثمن درهم لكن قال الأثرم قد اصطلح الناس على دراهمنا فيزكي المائتي درهم من دراهمنا هذه فيعطي منها خمسة دراهم والأول المذهب قال القاضي عياض لا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجب الزكاة في أعداد منها ويقع منها البياعات والأنكحة كما في الأخبار الصحيحة وهو يبين أن قول من يزعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عيد الملك وأنه جمعها برأي العلماء وجعل وزن الدرهم منها ستة دوانيق قول باطل وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام وعلى صفة لا تختلف فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوه على وزنهم ( ولا زكاة في مغشوشهما حتى يبلغ قدر ما فيه ) ومن النقد الخالص ( نصابا ) للنصوص الدالة على اعتبار النصاب وذكر ابن حامد وجها إن بلغ مضروبه نصابا زكاه وظاهره ولو كان الغش أكثر وقال أبو الفرج يقوم مضروبه كالعروض ( فإن شك فيه ) اي في بلوغ قدر ما في المغشوش من النقد نصابا ( خير بين سبكه ) ليعلم قدر ما فيه ( وبين الإخراج ) أي يستظهر ويخرج ليسقط الفرض بيقين فعلى هذا إذا سبكه فظهر نصابا فأكثر أخرج ربع عشره لأنه الواجب وإن كان دونه فلا وإن استظهر فيخرج ما يجزئه بيقين وقيل لا زكاة وإن وجبت الزكاة وشك في زيادة استظهر فألف ذهب وفضة ستمائة من أحدهما يزكي ستمائة ذهبا وأربع مائة فضة وغن لم يجز ذهب عن فضة زكى ستمائة ذهبا وستمائة فضة وظاهره أنه إذا علم قدر العشر
____________________
1-
(2/365)
ويخرج عن الجيد الصحيح من جنسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بأن يكون في كل دينار سدسه جاز أن يخرج منها لأنه يكون مخرجا لربع العشر وإن اختلف قدر العشر أو لم يعلم لم يجزئه إلا أن تستظهر فيخرج قدر الزكاة بيقين وإن أخرج عنها مالا غش فيه فهو أفضل وذكر الأصحاب إن زادت قيمة المغشوش بصنعة الغش أخرج ربع عشره كحلي الكراء إذا زادت قيمته بصناعة
فائدة يعرف قدر غشه بوضع ذهب خالص زنة مغشوش في ماء ثم فضة كذلك وهي أضخم ثم مغشوش ويعلم علو الماء ويمسح بين كل علامتين فمع استواء الممسوحين نصفه ذهب ونصفه فضة ومع زيادة ونقص بحسابه
تذنيب يكره ضرب نقد مغشوش واتخاذه نص عليه وعنه يحرم قال في رواية محمد بن عبيد الله المنادي ليس لأهل الإسلام أن يضربوا إلا جيدا ويكره الضرب لغير السلطان قاله ابن تميم وقال في رواية جعفر بن محمد لا يصلح ضرب الدراهم إلا في دار الضرب بإذن السلطان لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم
ويخرج عن الجيد الصحيح من جنسه ) لأن إخراج غير ذلك خبيث فلم يجز وكالماشية ويخرج عن الرديء من جنسه لأنها مواساة فإن كان المال أنواعا متساوية القيمة جاز إخرجها من أحدها وإن اختلفت القيمة أخذ من كل نوع بحصته وجزم المؤلف في ( المغني ( و ( الشرح ( إن شق لكثرة الأنواع فمن الوسط كالماشية وإن اخرج بقدر الواجب من الأعلى كان أفضل
____________________
1-
(2/366)
فإن أخرج مكسورا أو بهرجا زاد قدر ما بينهما من الفضل نص عليه وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو يخرج أحدهما عن الآخر على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وإن أخرج عن الأعلى من الأدنى أو الوسط وزاد قدر القيمة جاز نص عليه وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الموزون لم يجز ( فإن أخرج ) أي عن الصحاح ( مكسرا أو ) أخرج عن الجياد ( بهرجا ) اي رديئا وهو المغشوش أو أخرج سوداء عن بعض ( زاد قدر ما بينهما من الفضل نص عليه ) وجزم به أكثرهم لأنه أدى الواجب عليه قيمة وقدرا وكما لو اخرج من عينه وظاهره أنه لا يجزيء مطلقا وقيل يجب المثل اختاره أبو الخطاب والقاضي في ( المجرد ( في غير مكسر عن صحيح لأن سبب الوجوب جيد صحيح فلم يجزيء ضده كالمريضة عن الصحاح فإذا تساوي الواجب والمخرج في القيمة والوزن جاز بخلاف سائر الأموال فالقصد منها الانتفاع بعينها
( وهل يضم الذهب إلى الفضة من تكميل النصاب أو يخرج أحدهما عن الآخر على روايتين ) إحداهما يكمل نصاب أحدهما بالآخر اختارها الخلال والخرقي والقاضي وأصحابه وصاحب ( المحرر ( و ( الوجيز ( لأن مقاصدهما وزكاتهما متفقة فهما كنوعي الجنس الواحد فعليها لا فرق بين الحاضر والدين إذا كان فيه الزكاة والثانية لا يضم قال المجد يروى أن أحمد رجع إليها أخيرا اختارها أبو بكر وقدمها في ( الكافي ( و ( الرعاية ( وابن تميم لقوله ( ليس فيما دون خمس أواق صدقه ( ولأنهما مالان يختلف نصابهما فلم يجز الضم تعليلا وأجيب بأن الخبر مخصوص بعرض التجارة فيصح القياس ونقل الأثرم عنه الواقف فيكون قولا ثالثا ( وأما إخراج احدهما عن الآخر )
____________________
1-
(2/367)
ويكون الضم بالأجزاء وقيل بالقيمة فيما فيه الحظ للمساكين ويضم قيمة العروض إلى كل واحد منهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فيجوز صححها في ( المغني ( وغيره لأن المقصود من أحدهما يحصل بإخراج الآخر فهو كأنواع الجنس والثانية لا يجوز اختارها أبو بكر لأنهما جنسان فيمتنع كسائر الأجناس وعلى الأولى لا يجوز الإبدال في موضع يلحق الفقير ضرر فإن اختار المالك الدفع من جنس الواجب وأراد الفقير من غيره ولو لضرر يلحقه لم يلزم المالك إجابته لأنه أدى ما فرض عليه فلم يكلف سواه وقيل اختلاف الروايتين مبني على الضم فإن قيل بجوازه جاز وإلا فلا ( و ) على القول بجواز الضم ( يكون الضم بالإجزاء ) على المنصوص وجزم به الأكثر لأنه لو انفرد لا عتبر بنفسه فكذا إذا ضم إلى غيره كالمواشي ولأن الضم بالاجزاء متيقن بخلاف القيمة فإنه ظن وتخمين كما لو كان ملكه عشرة دنانير ومائة درهم فكل منهما نصف نصاب فمجموعهما نصاب وكذا لو كان الثلث أو بقية الأجزاء من أحدهما والباقي من الآخر ( وقيل بالقيمة ) قاله أبو الخطاب وهو ظاهر كلام أحمد لأن كل نصاب ضم فإنه بالقيمة كنصاب السرقة ( فيما فيه الحظ للمساكين ) أن أصل الضم إنما شرع لاجل الحظ فإذا كان له تسعة دنانير قيمتها مائة درهم وله مائة أخرى ضما وعلى الأجزاء لا وظاهره أن الأحظ مفرع على القول بالقيمة فقط لانقطاعه عما قبله وليس كذلك بل هو راجع إليهما فلهذا قال في ( الفروع ( وعنه يكمل أحدهما بالآخر بالأحظ للفقراء من الأجزاء أو القيمة ذكرها في ( منتهى الغاية (
فرع يضم جيد كل حنس إلى رديئه ومضروبه إلى غيره ( ويضم قيمة العروض ) أي عروض التجارة ( إلى كل واحد منهما )
____________________
1-
(2/368)
ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بغير خلاف نعلمه كمن له عشرة دنانير ومتاع قيمته عشرة أخرى أوله مائة درهم ومتاع قيمته مثلها لأن الزكاة إنما تجب في قيمة العروض وهي تقوم بكا منهما فكانا مع القيمة جنسا واحدا فلو كان ذهب وفضة وعروض ففي ( المغني ( و ( الشرح ( أنه يضم الجميع في تكميل النصاب فصل ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب
لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس في الحلي زكاة ( رواه الطبري وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر وجماعة من التابعين ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم تجب كالعوامل وثياب القنية قال جماعة معتاد ولم يذكره آخرون لرجل أو امرأة إن اعد للبس مباح أو إعارة ولو من يحرم عليه كرجل يتخذ حلي النساء لإعارتهن أو امرأة تتخذ حلي الرجال لإعارتهم ذكره جماعة والثانية يجب إذا لم يغير ولم يلبس قاله في ( الأحكام السلطانية ( نقل ابن هاني زكاته عاريته وقال هو قول خمسة من الصحابة وعنه مطلقا لما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا مرأة في يدها سواران من ذهب ( هل تعطين وكاة هذا ( قالت لا قال ( أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار (
____________________
1-
(2/369)
فأما الحلي المحرم والآنية وما أعد للكراء أو النفقة ففيه الزكاة إذا بلغ نصابا والاعتبار بوزنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بأنه ضعيف قاله أبو عبيد والترمذي ولما صح من قوله ( وفي الرفة ربيه العشر (
وجوابه بأنها هي الدراهم المضروبة قال أبو عبيد لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المضروبة ذات السكة السائرة بين الناس وعلى التقدير الشمول يكون مخصوصا بما ذكرنا ويستثنى منه إذا كان الحلي ليتيم لا يلبسه فلوليه إعارته فإن فعل فلا زكاة وإن لم يعره وجبت نص على ذلك ذكره جماعة ( فأما الحلي المحرم ) لأنه فعل محرم فلم يخرج به عن أصله وكذا قال أحمد ما كان على سرج ولجام ويلحق به الآنية من النقدين لأن الصناعة لما كانت لمحرم جعلت كالعدم ولا يلزم من جواز الاتحاد جواز الصنعة كتحريم تصوير ما يداس مع جواز اتخاذه ( وما أعد للكراء ) بكسر الكاف والمد فقط فنص على وجوبها سواء حل له لبسه أولا لأن الأصل من جنسه الزكاة وكما لو أعد لتجارة كحلي الصيارف ( أو النفقة ففيه الزكاة ) لأنه إنما سقطت مما أعد للاشتغال بصرفه عن جهة النماء فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل وقيدها في ( المحرر ( و ( الشرح ( بالاحتياج إليه قال في ( الفروع ( أو لم يقصد ربه شيئا ( إذا بلغ ) كل واحد ( نصابا والاعتبار ) في نصاب الكل ( بوزنه ) هذا المذهب لعموم ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ( ولو زادت قيمته لأنها حصلت بواسطة صنعة محرمة يجب إتلافها شرعا فلم يعتبر وحكى
____________________
1-
(2/370)
إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته ويباح للرجال من الفضة الخاتم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أبو الخطاب وجها باعتبار قيمته إذا كانت صياغتها مباحة كمن عنده حلي للكراء وزنه مائة وخمسون درهما قيمته مائتان وقبل تعتبر القيمة مطلقا وحكي رواية بناء على أن المحرم لا يحرم اتخاذه ويضمن صنعته بالكسر ( إلا ما كان مباح الصناعة ) كحلي التجارة ( فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته ) هذا قول لأنه أو أخرج ربع عشره لوقعت القيمة المقومة شرعا لا حظ فيها للفقراء وهو ممتنع فعلى هذا إذا كان وزنه مائتين وقيمته ثلاثمائة فعليه قدر ربع عشره دنانير وقيمته لأنها بغير محرم أشبه زيادة قيمته لنفاسة جوهره وإن أخرج ربع عشره مشاعا أو مثله وزنا مما يقابل جودته زيادة الصنعة جاز وإن خبر زيادة الصنعة بزيادة في المخرج فكمكسرة عن صحاح فإن أراد كسره منع لبعض قيمة وقال ابن تميم إن أخرج من غيره بقدره جاز ولو من غير جنسه وإن لم يعتبر القيمة لم يمنع من الكسر ولم يخرج من غير الجنس لكن ذكره أبو الخطاب أن ظاهر كلام أحمد انه يعتبر القيمة في الإخراج إن اعتبرت في النصاب وغن لم يعتبر في النصاب لم يعتبر في الإخراج لما فيه من سوء المشاركة أو تكليفه أجود لتقابل الصنعة فإن كان معدا للتجارة فتجب االزكاة في قيمته كالعروض
( ويباح الرجال من الفضة الخاتم ) لأنه عليه السلام اتخذ خاتما من ورق متفق عليه قال أحمد في خاتم الفضة للرجل ليس به بأس واحتج بأن ابن عمر كان له خاتم رواه أبو داود وظاهر ما نقل عن أحمد لأنه لا فضل فيه وجزم به في ( التلخيص ( وغيره وقيل يستحب قدمه في ( الرعاية ( وقيل
____________________
1-
(2/371)
وقبيعة السيف وفي حلية المنطقة روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يكره لقصد الزينة جزم به ابن تميم والأفضل جعل فصه مما يلي كفه وله جعل فصه منه ومن غيره والمنقول أنه يجعله في يساره لأنه أثبت وضعف في رواية الأثرم التختم في اليمين وقيل اليمين أفضل لأنها أحق بالإكرام ويكره في السبابة والوسطى للنهي عنه قال أبو المعالي والإبهام مثلهما فالبنصر مثله ولا فرق
فائدة يسن أن يكون دون مثقال قاله في ( الرعاية ( وظاهر كلام أحمد والمؤلف لا بأس بأكثر من ذلك لضعف خبر بريدة والمراد مسالم يخرج عن العادة وإلاحرام لأنه الأصل ويكره أن يكتب عليها ذكر الله أو غيره وفي ( الرعاية ( أو رسوله وفي ( الفروع ( يتوجه احتمال لا يكره وقاله أكثر العلماء للنص الصريح
فرع لو اتخذ لنفسه عدة خواتيم لم تسقط الزكاة فيما خرج عن العادة إلا أن يتخذ ذلك لولده أو عبده وظاهر كلام جماعة لا زكاة ( وقبيعة السيف ) لقول انس كانت قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم فضة رواه الأثرم والقبيعة ما يجعل على طرف القبضة وعبارة الخرقي أعم وهي مقتضى كلام أحمد وعليه اعتمد الشيخ تقي الدين في ( شرحه ( قال هشام كان سيف الزبير محلى بالفضة رواه الأثرم ولأنها حلية معتادة للرجل أشبهت الخاتم ( وفي حلية المنطقة ) وهي ما شددت به وسطك قاله الخليل وتسميها العامة الحياصة ( روايتان ) أصحهما أنه يباح لأن الصحابة اتخذوا المناطق محلاة بالفضة وهي كالخاتم والثانية
____________________
1-
(2/372)
وعلى قياسها الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل ومن الذهب قبيعة السيف وما دعت إليه الضرورة كالأنف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لما فيه من الفخر والخيلاء ولأنها تشعر بالتخنث والانحلال أشبه الطوق والدملج ( وعلى قياسها ) حلية ( الجوشن ) وهو الدرع ( والخوذة ) وهي البيضة ( والخف والران ) وهو شيء يلبس تحت االخف معروف ( والحمائل ) واحدتها حمالة قاله الخليل وذلك كله يساوي المنطقة معنى فوجب أن يساويها حكما قاله الأصحاب وعلله المجد بأنه يسير فضة في لباسه وجزم في ( الكافي ( بإباحة الكل ونص أحمد في الحمائل بالتحريم وظاهر كلام بعضهم أن الخلاف أيضا في المغفر والنعل ورأس الرمح وشعيرة السكين قال الشيخ تقي الدين وتركاش النشاب والكلاليب لأنه يسير تابع ولا يباح غير ذلك كتحلية المراكب ولباس الخيل كاللجم وعلبة الدواة والمقامة والمرآة والكمران والمشط والمكحلة والميل والقنديل ( و ) يباح للرجل ( من الذهب قبيعة السيف ) لأن عمر كان له سيف وسبائك من ذهب وعثمان بن حنيف كان في سيفه مسمار من ذهب ذكرهما أحمد وقيدها باليسير مع أنه ذكر أن قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم كان وزنها ثمانية مثاقيل فيحتمل أنها كانت ذهبا وفضة وقد رواه الترمذي كذلك وعنه يحرم قال الأثرم سألت أبا عبد الله يخاف عليه أن يسقط يجعل فيه مسمارا من ذهب قال إنما رخص في الأسنان ( وما دعت إليه الضرورة كالأنف ) وإن أمكن اتخاذه من فضة لأن عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه فأمره النبي
____________________
1-
(2/373)
وما ربط به اسنانه وقال أبو بكر يباح يسير الذهب ويباح للنساء كل ما جرت عادتهن بلبسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم والحكمة في الذهب لا يصدأ بخلاف الفضة ( وما ربط به أسنانه ) لما روى الأثرم عن موسى بن طلحة وأبي حمزة الضبعي وأبي رافع وثابت البناني وإسماعيل بن زيد بن ثابت والمغيربن عبد الله أنهم شدوا أسنانهم بالذهب وهي ضرورة فأبيح كالقبيعة بل أولى ويتوجه جوازه في الأنملة كالسن وظاهره يحرم عليه يسير ذلك ذلك منفردا كالأصبع والخاتم إجماعا وذكر بعض العلماء كراهته وعن بعضهم إباحته ( وقال أبو بكر يباح في سلاح واختاره الشيخ تقي الدين وقيل كل ما أبيح تحليته بفضة أبيح بذهب وكذا تحلية خاتم الفضة به والصحيح التحريم كالكثير للعموم ولما روى أحمد من رواية شهر بن حوشب وهو مختلف فيه عن أسماء بنت يزيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يصلح من الذهب شيء ولا خر بصيصة ( انتهى وهي القطعة من الحلي بقدر عين الجرادة ولأن فيه سرفا ( ويباح للنساء كل ما جرت عادتهن بلبسه ) كالطوق من الحلق والخلخال والسوار والقرط في الأذن وظاهره من ذهب وفضة قال الأصحاب وما في المخانق والمقالد من حرائر وتعاويذ قال جماعة والتاج وما أشبه ذلك لقوله عليه السلام ( أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها ( وهي محتاجة إلى التجمل والتزين لزوجها وظاهره أن ما لم تجر العادة بلبسه
____________________
1-
(2/374)
قل أو كثر وقال ابن حامد إن بلغ ألف مثقال حرم وفيه الزكاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المنسوخة بالذهب والنعال الذهب لا يباح لهن لانتفاء التجمل فلو اتخذته حرم وفيه الزكاة ( قل أو كثر ) لأن الشارع أباح لهن التحلي مطلقا فلا يجوز تقييده بالرأي والتحكم ( وقال ابن حامد إن بلغ ألف مثقال حرم وفيه الزكاة ) لما روى أبو عبيد عن جابر ورواه الشافعي عنه أيضا ولأنه سرف وخيلاء ولا حاجة إليه في الاستعمال وقال في ( التلخيص ( إن بلغ ألفا فهو كثير فيحرم للسرف ولعل مراده عن الذهب كما صرح به بعضهم واباح القاضي ألف مثقال فما دون ويعتبر مجموعه لا مفرداته وقال ابن عقيل يباح المعتاد فإن بلغ الخلخال ونحوه خمسمائة دينار فقد خرج عن العادة وتحقق السرف فلم يبح والأصح الأول وحديث جابر ليس بصريح بل يدل على التوقف ونقل الجوزجاني عنه أنه قال ليس في الحلي زكاة وإن بلغ ألف مثقال لأنه يعار ويلبس
فرع يجوز للمرأة التحلية بدراهم أو دنانير معراة وفي مرسلة في وجه وعليها تسقط الزكاة
مسألة يجوز للمرأة والرجل التحلي بالجوهر ولا زكاة فيه لأنه معد للاستعمال كثياب البذلة إلا أن يكون لتجارة فيقوم جميعه تبعا وذكر أبو المعالي يكره للرجل قال في ( الفروع ( ولعل مراده غير تختمه بذلك وهو ظاهر فأما تشبه الرجل بالمرأة وعكسه فيحرم واحتج أحمد بلعن المتشبهات من النساء بالرجال وجزم جماعة بالكراهة مع جومهم بتحريم اتخاذ
____________________
1-
(2/375)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أحدهما حلي الآخر ليلبسه وحكى ابن حرم الاتفاق على إباحة تحلي النساء بالجواهر والياقوت واختلفوا في ذلك الرجال إلا في الخاتم فإنهم اتفقوا على أن التختم لهم بجميع الأحجار مباح ويستحب بالعقيق لقوله ( تختموا بالعقيق فإنه مبارك ( وضعفه العقبلي وفي دعوى ابن الجوزي أنه من الموضوعات نظر ويكره لهما خاتم حديد وصفر ونحاس ورصاص نص عليه نقل منها أكره خاتم الحديد لأنه حلية أهل النار
____________________
1-
(2/376)
& باب زكاة العروض & تجب الزكاة في عروض التجارة 00000000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب زكاة العروض &
هي جمع عرض بإسكان الراء وهو ما عدا الأثمان والحيوان والنبات وبفتحها فهو كثرة المال والمتاع وسمي عرضا لأنه يعرض ثم يزول ويفنى وقيل لأنه يعرض ليباع ويشتري تسمية للمفعول باسم المصدر كتسمية المعلوم علما وفي اصطلاح المتكلمين هو الذي لا يبقى زمانين وبوب عليه في المحرر والفروع تبعا للخرقي بزكاة التجارة وهي أشمل لدخول الإيجار في النقدين وعدل المؤلف عنه لأنه ترجم في أول كتاب الزكاة والعروض ( تجب الزكاة في عروض التجارة ) لقوله تعالى { في أموالهم حق معلوم } المعارج 24 و { خذ من أموالهم صدقة } التوبة 103 ومال التجارة أعم الأموال فكانت أولى بالدخول واحتج الأصحاب بما روى جعفر بن سعد ابن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه قال أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع رواه أبو داود قال ابن حزم جعفر وحبيب مجهولان وقال الحافظ عبد الغني إسناده مقارب وعن أبي ذر مرفوعا وفي البز صدقته رواه أحمد ورواه الحاكم من طريقين وصحح إسنادهما وقال إنه على شرط الشيخين واحتج أحمد بقول عمر قومها ثم أد زكاتها وقال المجد هو إجماع متقدم وذكر الشافعي في القديم أن الناس اختلفوا في ذلك فقال بعضهم لا زكاة وقال بعضهم يجب قال وهو أحب إلينا ومن أصحابه من أثبت له قولا في القديم
____________________
1-
(2/377)
إذا بلغت قيمتها نصابا ويؤخذ منها لا من العروض ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة بها 00000000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يجب وحكاه أحمد بن مالك واحتج بقوله عليه السلام عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ولأن الأصل عدم الوجوب والأول قول الجماهير وادعاه ابن المنذر إجماع أهل العلم ولأنه مال نام فوجبت فيه الزكاة كالسائمة وخبرهم المراد به زكاة العين لا القيمة على أن خبرنا خاص وهو متقدم على خبرهم العام ( إذا بلغت قيمتها نصابا ) وحال عليها الحول لأنه مال نام فاتبر لهى ما ذكرنا كالماشية فعلى هذا لو نقصت قيمة النصاب في بعض الحلول ثم زادت القيمة فبلغته ابتدىء حينئذ كسائر أموال الزكاة ( ويؤخذ منها ) أي من القيمة لأنها محل الوجوب كالدين ربع العشر وما زاد فبحسابه لتعلقها بالقيمة ( لا من العروض ) إلا أن يقول بإخراج القيمة فيجوز بقدرها وقت لاإخراج وتتكرر الزكاة لكل حول نص عليه ( ولا تصير ) العروض ( للتجارة إلا ) بشرطين ( أحدهما أن يملكه بفعله ) سواء كان بعوض كالبيع والنكاح أولا كالهبة والغنيمة هذا هو الأشهر وأنه لاتعتبر المعاوضة لظاهر خبر سمرة ولأنه ملكها بفعله واختار في المجرد انه يعتبر المعاوضة محضة كبيع وإجارة أولا كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد قال المجد وهو نصه في رواية ابن منصور لأن الغنيمة والهبة ليستا من جهات التجارة كالموروث وعنه يعتبر كون العوض نقدا ذكره أبو المعالي لاعتبار النصاب بهما فيعتبر أصل وجودهما الثاني ونبه عليه بقوله ( بنية التجارة بها ) عند التملك لأن الأعمال بالنية والتجارة عمله فوجب اقتران النية به كسائر الأعمال ولأنها مخلوقة في الأصل للاستعمال فلا يضر للتجارة إلا بنيتها كعكسه وتعتبر
____________________
1-
(2/378)
فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة لم تصر للتجارة وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة وعنه أن العروض يصير للتجارة بمجرد النية 000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النية في كل حول لأنه شرط أمكن اعتباره في جميعه فوجب كالنصاب ( فإن ملكها بارث ) ولو نواها ( وملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة لم تصر للتجارة ) اختاره الخرقي والقاضي وأكثر الأصحاب لأن ما يتعلق به الزكاة من أصله لا يصير محلا بمجرد النية كالمعلوفة إذا نوى فيها إسامتها ولأن مجرد النية لا ينقل عن الأصل إذ الأصل فيها النية ( وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة ) هذا ظاهر المذهب وفي الشرح أنه لا يختلف المذهب فيه لأن القنية هي الأصل فيكفي في الرد إليه مجرد النية كما لو نوى بالحلي التجارة والمسافر الإقامة ولأن نية التجارة شرط للوجوب فيها وإذا نوى القنية زالت نية التجارة ففات شرط الوجوب بخلاف السائمة إذا نوى علفها فإن الشرط الإسامة دون نيتها ( وعنه إن العروض تصير للتجارة بمجرد النية ) نقلها صالح وغيره واختارها أبو بكر وابن عقيل وجزم بها في التبصرة والروضة لعموم حديث سمرة ولأن نية القنية كافية بمجردها فكذا شبه التجارة بل أولى إذ الإيجاب يغلب على الإسقاط احتياطا والفرق ظاهر فعلى الأول لا شيء فيها حتى تباع ويستقبل بثمنها حولا
فرع إذا كان عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الإسامة وقطع نية التجارة انقطع حولها واستأنف حول السائمة لأن حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السائمة لا ينبني على حول التجارة قال المؤلف والأشبه بالدليل أنها متى كانت سائمة في أول الحول وجبت الزكاة فيها عند تمامه
____________________
1-
(2/379)
وتقوم العروض عند الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق ولا يعتبر ما اشتريت به وإن اشترى عرضا بنصاب من الأثمان أو من العروض بنى على حوله 00000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وروي عن إسحاق ( وتقوم العروض عند ) تمام ( الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق ) لأن تقويمه لحظ الفقراء فيقوم بالأحظ لهم كما لو اشتراه بعرض قنية وفي البلد نقد إن تساويا في الغلة يبلغ بأحدهما نصابا بخلاف المتلفات وذكر الحلواني يقو بنقد البلد فإن تعدد فبالأحظ فإن كان اشتراه بنقد قوم بجنس ما اشتراه به لأنه الذي وجبت الزكاة بحوله فوجب جنسه كالماشية ولأن أصله أقرب إليه وعنه لا يقوم نقد بآخر وعلى الأول إذا تساوت قيمة العروض فكل منهما خير لقيام كل منها مقام الآخر في حصول الغرض وذكر القاضي والمؤلف وصححه المجد يقوم بالأنفع للفقراء كأصل الوجوب ( ولا يعتبر ما اشتريت به ) من عين أو ورق قدرا ولا جنسا روي عن عمر لان في تقويمها بما اشتريت به إبطالا للتقويم بالأنفع فعلى هذا إذا بلغت قيمتها نصابا بالدراهم قومت به وإن كان اشتراها بالذهب وكذا عكسه
فرع تقوم المغنية ساذجة والخصي بصفته ولاعبرة بقنية آنية ذهب وفضة ويضم بعض العروض إلى بعض وغن اختلفت قيمة ومشترى ( وإن اشترى ) أو باع ( عرضا ) للتجارة ( بنصاب من الأثمان او من العروض بنى على حوله ) أي حول الأول وفاقا لأن الزكاة في الموضعين يتعلق بالقيمة وهي الأثمان والأثمان يبني حول بعضها على بعض فلو قطع نية التجارة في العروض بنى حول النقد على حولها لأن وضع التجارة للتقلب والاستبدال بثمن وعرض فلو لم يبن بطلت زكاة التجارة وإن لم يكن النقد نصابا
____________________
1-
(2/380)
وإن اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة دون السوم وإن لم يبلغ قيمتها نصاب التجارة فعليه زكاة السوم 000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فحوله منذ كملت قيمته نصابا من شرائه ( وإن اشتراه ) أو باعه ( بنصاب من السائمة لم يبن على حوله ) لاختلافهما في النصاب والواجب إلا أن يشتري نصاب سائمة للتجارة بمثله للقنية في الأصح لان السوم سبب للزكاة قدم علليه زكاة التجارة لقوته فبزوال العارض ثبت حكم السوم لظهوره ( وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة لأن وضعها على التقلب فهي تزيل سبب زكاة السوم وهوالاقتناء لطلب النماء نعه واقتصر في المغني والشرح على التعليل بالأحظ فلذلك وجبت ( دون ) زكاة ( السوم ) وقيل يجب زكاة السوم لأنها أقوى للإجماع وتعلقها بالعين وقيل يعتبر الأحظ مهما للفقراء اختاره المجد ففي أربعين أو خمسين حقه أو جذعة أو ثنية أو إحدى وستين جذعة أو ثنية أو مائة من الغنم زكاة التجارة أحظ لزيادة القيمة من غير وقص وفي ست وثلاثين بنت مخاض أو بنت لبون زكاة السوم وفي إحدى وستين دون الجذعة أو خمسين بنت مخاض أو بنت لبون أو خمس وعشرين حقة أو خمس من الإبل يجب الأحظ من زكاة التجارة أو السوم وفي الروضة يزكي النصاب للعين والوقص للقيمة وهذا كله اتفق حولاهما اولا في وجه وهو ظاهر كلام أحمد وجزم به المؤلف وقيل يقدم السابق اختاره المجد لأنه وجد سبب زكاته بلا معارض ( وإن لم يبلغ قيمتها نصاب التجارة ) كمن ملك أربعين شاة قيمتها دون مائتي درهم ( فعليه زكاة السوم ) بغير خلاف لوجود سبب الزكاة فيه بلا معارض وقيل يغلب ما يغلب إذا اجتمع النصابان ولو سقطت ذكره المجد وجزم جماعة بأنه إن نقص نصاب السوم كمن ملك أربعا من
____________________
1-
(2/381)
وإذا اشترى أرضا ونخلا للتجارة فأثمرت النخل وزرعت الأرض فعليه فيهما العشر ويزكي الأصل للتجارة وقال القاضي يزكي الجميع زكاة القيمة ولا عشر عليه إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه 00000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الإبل قيمتها مائتا درهم وجبت زكاة التجارة فأما إن سبق جري السوم بأن كانت قيمته دون نصاب في بعض الحول فلا زكاة حتى يتم الحول من بلوغ النصاب في ظاهر كلام أحمد قال القاضي يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة لأنه أنفع للفقراء وفيه وجه تجب زكاة السوم عند تمام حولها لوجود مقتضيها إذ لا يمكن إيجاب زكاتين بكمالهما لأنه يفضي إلي إيجاب في حول واحد بسبب واحد فلم يجز بخلاف زكاة التجارة والفطر في العبد الذي للتجارة لأنهما يجتمعان بسببين مختلفين ( وإذا اشترى أرضا أو نخلا للتجارة فأثمرت النخل وزرعت الأرض فعليه فيهما العشر ) أي في الثمر والزرع بشرطه ( ويزكي الأصل ) أي الأرض والنخل ( للتجارة ) جزم به الوجيز لأنهما عينان تجب في أحدهما زكاة العين وهو أحظ للفقراء إذ العشر أحظ من ربعه وفي الأخرى زكاة القيمة حال الانفراد فكذا عند الإجتماع وحينئذ فمراده إذا اتفق حولاهما قاله في الشرح ( وقال القاضي ) وأصحابه ( يزكي الجميع زكاة القيمة ) إذا تم الحول نص عليه وقدمه في المحرر والفروع وهو المذهب لأنه مال تجارة فوجبت زكاتها كالسائمة ولا شك أن الثمر والزرع جزء الخارج منه فوجب أن يقوم مع الأصل كالسخال والربح المتجدد إذا كانت الأصول للتجارة ( ولا عشر عليه ) لأنه لو وجب لاجتمع في مال واحد زكاتان وفيه ضرر بالمالك وهو منفي شرعا ( إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه ) أي فيخرج العشر لوجود سببه من غير معارض وهو أحظ للفقراء وكان الأنسب للمؤلف أن يقدم ذلك على قول القاضي
____________________
1-
(2/382)
و إذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته فاخرجاها معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه وإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم أو لم يعلم ويتخرج أنه لا ضمان عليه إذا لم يعلم 0000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولعله أراد أن يحل الخلاف فيها ثم يذكر المستثنى لأنه من المعلوم أن من أوجب من الجميع زكاة القيمة لم يوجب العشر ولم يعتبر سبق أحدهما واعتراض ابن المنجا عليه بأنه قدم غير المذهب اعتبارا بما ذكره في المغني من إيماء أحمد إليه ليس بجيد إذ التقديم بحسب ما ظهر له من الدليل ويعضده أنه قول أكثر العلماء وقيل بزكاة العشور هنا لكثرة الواجب لعدم الوقص والخلف في اعتبار النصاب
تنبيه يستأنف حول التجارة على زرع وثمر من حصاد وجذاذ لأن به ينتهي وجوب العشر الذي لولاه لجريان في حول التجارة وقيل لا يستأنفه إلا بثمنها إن بيعا كمال القنية وإن اختلف وقت الوجوب أو وجد نصاب أحدهما فكمسألة سائمة التجارة وإن زرع بذر تجارة في أرض قنية فهل يزكى الزرع زكاة عشر أو قيمة فيه خلاف وبذر قنية العشر أو في أرضه للتجارة القيمة وإن كان الثمر والزرع لا زكاة فيه ضم قيمة الثمر والآخر إلى قيمة الأصل من الحول كربح ونتاج وقيل لا ( وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاة فأخرجاها معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه ) لأنه انعزل من طريق الحكم بإخراج المالك زكاة نفسه وكما لو علم ثم نسي وانعزل حكما العلم وعدمه سواء بدليل ما لو وكله في بيع عبد فباعه الموكل أو أعتقه ( وإن أخرجهما أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم أو لم يعلم ) لأن العزل الحكمي لا يختلف بذلك كما لو مات المالك ( ويتخرج أنه لا ضمان عليه إذا لم يعلم ) بإخراج صاحبه بناء على أن الوكيل لا ينعزل قبل العلم وقيل لا يضمن وإن
____________________
1-
(2/383)
00000000000000000000 00000000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قلنا ينعزل اختاره المؤلف لأنه غره وكما لو وكله في قضا دينه فقضاه المالك ثم الوكيل والفرق ظاهر لأنه يمكنه الرجوع على المالك بخلاف الفقير لأنها تنقلب تطوعا كمن دفع زكاة يعتقدها عليه فلم تكن فأما إن كان القابض منهما الساعي ثم علم الحال فلا ضمان لأمكان الرجوع عليه والمراد مع بقائها بيد الساعي
فرع إذا وكله في إخراج زكاته فأخرجها الموكل ثم الوكيل فالخلاف ويقبل قوله إنه أخرجها قبل وكيله وله الصدقة قبل إخراج زكاته
مسألة إذا اشترى ما يصبغ به ويبقى كزعفران ونبل ونحوه فهو عرض تجارة يقومه عند حوله لاعتياضه عن صبغ قائم بالثوب ففيه معنى التجارة وكذا يجب فيما يشتريه دباغ ليدبغ به كعفص وما يدهنه به كسمن ولح وقيل لا لأنه لا يبقى له أثر كما يشتريه قصار من قلي وصابون ونحوهما ولا شيء في آلات الصباغ وأمتعة التجارة وقوارير العطار إلا أن يريد بيعها مع ما فيها ولا زكاة في غير ما تقدم ولا في قيمة ما أعد للكراء من عقار وحيوان لكن من أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة فقيل يزكي قيمته وظاهر كلام الأكثر لا
____________________
1-
(2/384)
& باب زكاة الفطر & وهي واجبة 00000000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب زكاة الفطر &
هو اسم مصدر من قولك أفطر الصائم إفطارا وأضيفت إلى الفطر لأنها تجب به فهو من إضافة الشيء إلى سببه والفطرة الخلقة لقوله تعالى { فطرة الله التي فطر الناس عليها } الروم 30 وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس وبضم الفاء كلمة مولدة وقد زعم بعضهم أنه مما يلحن فيهما العامة وليست كذلك لاستعمال الفقهاء لها ( وهي واجبة ) قال إسحق هو كإجماع لقوله تعالى { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } الأعلى 15 قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز إنها زكاة الفطر ورد بقول ابن عباس إن المراد إنها تطهر من الشرك والسورة مكية ولم يكن بها زكاة ولا عيد والمعتمد عليه ما روى ابن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة متفق عليه ولفظه للبخاري ودعوى أن فرض بمعنى قدر مردود بان كلام الراوي لا يحمل إلا على الموضوع الشرعي بدليل الأمر بها في الصحيح أيضا من حديثه وييمى فرضا على الأصح لقول الصحابة وعنه لا وفيه رواية المضمضة وذهب الأصم وابن علية وجماعة أنها سنة مؤكدة لما روى أحمد عن قيس بن سعد قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة فلم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله إسناده جيد
____________________
1-
(2/385)
على كل مسلم تلزمه مؤنة ناسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع وإن كان مكاتبا وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه على روايتين 000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولا حجة لهم فيه لأنه يجب استصحاب الأمر السابق مع عدم المانع والمعارض وقد فرضها الشارع وأمر بها والظاهر أن فرضها مع رمضان من السنة الثانية من الهجرة ( على كل مسلم ) وهو شامل للكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد لأن لفظة كل إذا أضيفت إلى نكرة فيقضي عموم الأفراد فعلى هذا تجب في مال اليتيم نص عليه فخرج الكافر مطلقا لأن من شرطها النية ولا تصح منه لكن يستثنى منه ما إذا هل شوال على عبد مسلم لكافر فالأظهر وجوبها على الكافر وقيل لا يجب على غير مخاطب بالصوم وعنه رواية مخرجة تجب على مرتد ولا فرق بين أهل البوادي وغيرهم ( يلزمه مؤونة نفسه ) لقوله عليه السلام أدوا الفطرة عمن تمونون وهو دال على عدم وجوبها على من لا يمون نفسه لأنه خاطب بالوجوب غيره ولو وجب عليه لخاطبه به كسائر من تجب عليه ( إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلة صاع ) لأن ذلك أهم فيجب تقديمه لقوله عليه السلام ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وظاهره أنه لا يعتبر لوجوبها ملك نصاب وقاله الأكثر ( وإن كان مكاتبا ) فيجب عليه لد 9 خوله في عموم النص ولأنه مسلم تلزمه نفقته فلزمه فطرته كالحر لا على سيده ( وإن فضل بعض صاع فهل يازمه إخراجه ) عن نفسه ( على روايتين ) وكذا أطلقهما في الفروع وقال الترجيح مختلف إحداهما يجب قدمه في المحرر لقوله عليه السلام إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولأنها طهرة فهي كالطهارة بالماء والثانية لا يلزمه اختارها ابن عقيل وهي ظاهر الخرقي والوجيز كالكفارة والفرق أن الكفارة لها بدل ويعتبر كون ذلك كله بعد ما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته من سكن وعبد ودابة
____________________
1-
(2/386)
ويلزمه فطرة من يمونه من المسلمين فإن لم يجد ما يؤدي عن جميعهم بدأ بنفسه ثم بامرأته ثم برقيقه 00000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وثياب بذلة وقال ابن حمدان المذهب أنه لا يعتبر وجزم المؤلف أو له كتب يحتاجها للنظر والحفظ أو للمرأة حلي للبس أو الكراء وهي تحتاجه ( و ) حيث لزمه فطرة نفسه فإنه ( يلزمه فطرة من يمونه ) فدخل فيه الزوجات والإماء والأقارب ( من المسلمين ) فدل أنه لا تلزمه فطرة من يمونه من الكفار لأنها طهرة للمخرج عنه وهو لا يقبلها لأنه لا يطهره إلا الإسلام ولو كان عبدا نص عليه وشمل ما إذا كان لزوجته خادم فإنه يخرج عنه إن لزمته نفقة وكذا عبد عبده وهو ظاهر كلام المؤلف وصححه في الشرح والأشهر فيه انه إن لم يملك بالتمليك أدى عنه وإن ملك فلا فطرة له لعدم ملك السيد الأعلى ومقتضى ملك العبد أنه لا يلزمه عن نفسه فغيره أولى فأما زوجة عبده فذكر أصحابنا المتأخرون أن فطرتها عليها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة وقيل يجب على سيد العبد وهو ظاهر كلامه كالنفقة وكما لو زوج عبده بأمته وكذا لو زوج قريبه ولزمه نفقة امرأتهفعليه فطرتها لكن لا يلزمه فطرة أجير وظئر استأجرهما بطعامهما نص عليه ولا من وجبت نفقته في بيت المال وفي الضيف نقل عبد الله تجب على من يجب عليه نفقته ( فإن لم يجد ما يؤدي عن جميعهم بدأ بنفسه ) وهي تبنى على النفقة ونفقة نفسه مقدمة فكذا فطرته ( ثم بامرأته ) لوجوب نفقتها مطلقا بخلاف الإيماء وقدمت على غيرها لآكديتها ولأنها معارضة وقيل لا يلزمه فطرة زوجته الأمة فإن سلمها ليلا ففطرتها على سيدها لقوة ملك اليمين في تحملها للإجماع عليه وقيل بينهما كالنفقة ( ثم برقيقه ) لوجوب نفقتهم مع الإعسار وظاهره ولو كان مرهونا ولا فرق بين أن يكون للتجارة أولا وقال ابن عقيل ويحتمل تقديمهم على الزوجة لئلا تسقط بالكلية
____________________
1-
(2/387)
ثم بولده ثم بأمه ثم بأبيه ثم بالأقرب فالأقرب على ترتيب الميراث ويستحب أن يخرج عن الجنين ولا يجب ومن نكفل بمؤنة شخص في شهر رمضان لم تلزمه فطرته 000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ثم بولده ) لوجوب نفقته في الجملة وقيل مع صغره وجزم به ابن شهاب وحمل ابن المنجا كلام المؤلف عليه وليس بجيد وقيل يقدم الولد على الزوجة وقيل الصغير يقدم عليها وعلى عبده ( ثم بأمه ) لتقديمها على الأب في البر ( ثم بأبيه ) للخبر وقيل يقدم عليها وحكاه ابن أبي موسى رواية لقوله عليه السلام أنت ومالك لأبيك وقيل بتساويهما وقدمها في الفروع على الولد وليس بظاهر والذي ذكره المؤلف جزم به جماعة وقدمه آخرون وذكره في منتهى الغاية ظاهر المذهب ( ثم بالأقرب فالأقرب في الميراث ) لأن الأقرب أولى من غيره فقدم كالميراث
فرع إذا استوى اثنان فأكثر ولم يفضل غير صاع أقرع بينهم وقيل يوزع وقيل يخير
( ويستحب أن يخرج عن الجنين ) في ظاهر المذهب لأن ظاهر الخبر أن الصاع مجزىء مطلقا ( ولا يجب ) ذكره ابن المنذر قول من يحفظ عنه من علماء الأمصار لأنها لو تعلقت به قبل ظهوره لتعلقت الزكاة بأجنة السوائم وعنه يجب اختارها أبو بكر لفعل عثمان قال أحمد ما أحسبه صار ولدا ولأنه آدمي تصح الوصية له وبه ويرث فيدخل في عموم الأخبار قال في المغني والأول أصح لأنه لا تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية بشرط خروجه حيا وأما أمه فإن كانت بائنا فيلزمه فطرتها إن قلنا النفقة لها وإن قلنا للحمل لم يجب على الأصح بناء على وجوبها على الجنين
( ومن تكفل ) أي تبرع ( بمؤنة شخص من شهر رمضان لم تلزمه فطرته
____________________
1-
(2/388)
عند أبي الخطاب والمنصوص أنها تلزمه وإذا كان العبد بين شركاء فعليهم صاع وعنه على كل واحد صاع وكذلك الحكم فيمن بعضه حر 000000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عند أبي الخطاب ) وصححه في المغني والشرح وحملا كلام أحمد على الاستحباب لعدم الدليل ولأن سبب الوجوب وجوب النفقة وهي غير واجبة هنا فكذا فطرته
فعلى هذا فطرته على نفسه كما لو يمنه إذ الحديث محمول على من تلزمه مؤنته لا على حقيقة المؤنة بدليل وجوبها على الآبق ( والمنصوص أنها تلزمه ) وهو قول أكثر أصحابنا وقدمه في المحرر والفروع لقوله عليه السلام عمن تمونون رواه أبو بكر في الشافعي من حديث أبي هريرة والدارقطني من حديث ابن عمر وإسنادهما ضعيف ولأنه شخص منفق عليه فلزمته فطرته كعبده والمعتبر جميع الشهر بفوته لنفقة التبرع وقال ابن عقيل قياس المذهب تلزمه إذا مانه آخر ليلة من الشهر كمن ملك عبدا أو زوجة قبل الغروب فغن مانه جماعة كل الشهر أو إنسان بعضه فقال في المغني في الأولى لا أعلم فيها للأصحاب قولا وفي الشرح والفروع فيه احتمالان أحدهما لا تجب على أحد لأن سبب الوجوب المؤنة في جميع الشهر ولم توجد والثاني أنها تجب بالحصص كعبد مشترك ( وإن كان العبد بين شركاء فعليهم صاع ) اختاره الأكثر وهو المذهب وآخر قولي أحمد لأن الشارع إنما أوجب عن الواحد صاعا فأجزأه لظاهر الخبر وكالنفقة وماء طهارته ( وعنه على كل واحد صاع ) قدمه الخرقي واختاره أبو بكر وجمع لأنها طهرة ككفارة القتل وكذا إذا ورثه اثنان فأكثر ( وكذلك الحكم فيمن بعضه حر )
____________________
1-
(2/389)
وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها أو على سيدها إن كان أمة فطرتها ويحتمل أن لا تجب ومن كان له غائب أو آبق فعليه فطرته 000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنه يساوي العبد المشترك معنى فوجب أن يساويه حكما واختار أبو بكر يلزم السيد بقدر ملكه فيه ولا شيء على العبد
تنبيه لا تدخل الفطرة في المهايأة ذكره القاضي وجماعة لأنها حق الله كالصلاة والمهايأة معارضة كسب بكسب ومن عجز عما عليه لم يلزم الآخر قسطه كشريك ذمي لا يلزم المسلم قسطه فإن كان يوم العيد مؤنة العبد المعتق نصفه اعتبر أن يفصل عن قوته نصف صاع وإن كان مؤنة سيده لزم العبد نصف صاع ولو لم يملك غيره لأن مؤنته على غيره وقيل يدخل في المهايأة بناء على وجه من كسب نادر فيها كاالنفقة فلو كان يوم العيد مؤنة العبد وعجز عنها لم يلزم السيد شيء لأنه لا يلزمه نفقته كمكاتب عجز عنها
فرع إذا ألحقت القافة ولدا باثنين أو أكثر فالحكم في فطرته كالعبد المشتري جزم به الأصحاب وقال ابن تميم وابن حمدان يلزم كل واحد صاع وجها واحدا ( وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها ) إن كانت حرة ( أو على سيدها إن كانت أمة فطرتها ) لأنه كالمعطوم ( ويحتمل أن لا يجب ) عليهما شيء لأنها لم تجب على من وجد سبب الوجوب في حقه لعسرته فلم تجب على غيره لفطرة نفسه بخلاف النفقة لوجوبها مطلقا فعلى هذا تبقى في ذمته كالنفقة أم لا كفطرة نفسه يتوجه احتمالان وعلى الأول هل ترجع الحرة والسيد على الزوج كالنفقة أو لا كفطرة القريب فيه وجهان ( ومن كان له غائب أو آبق ) أو مغصوب أو ضال ( فعليه فطرته ) للعموم ولوجوب نفقته بدليل رجوع من يرد الآبق بنفقته على سيده بخلاف زكاة المال وعليه لا فرق بين
____________________
1-
(2/390)
إلا أن يشك في حياته فتسقط وإن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى ولا تلزم الزوج فطرة الناشز وقال أبو الخطاب تلزمه ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه فهل يجزئه على وجهين 000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أن يرجو رجعته أو ييأس منها وسواء كان مطلقا أو محبوسا أو لا قاله في الشرح وعنه رواية مخرجة من زكاة المال لا يجب ولو ارتجى عود الآبق وعلى الأول لا يلزمه إخراجها حتى يعود إليه زاد بعضهم أو يعلم مكان الآبق ( إلا أن يشك في حياته فتسقط ) نص عليه في رواية صالح لأنه لا يعلم بقاؤه والأصل براءة الذمة والظاهر موته وكالنفقة ولأنه لو أعتقه عن كفارته لم تجزئه وذكر ابن شهاب تلزمه لئلا تسقط بالشك والكفارة ثابتة بيقين فلا يسقط مع الشك في حياته ( و ) على الأول ( إن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى ) لأنه بان له وجود سبب الوجوب في الماضي فوجب الإخراج كمال غائب بانت سلامته وقيل لا وقيل عن القريب كالنفقة ( ولا يلزم الزوج فطرة الناشز ) في الصحيح من المذهب لعدم وجوب نفقتها ففطرتها عليها أو على سيدها والمراد إذا كان نشوزها في وقت وجوب الفطرة ( وقال أبو الخطاب تلزمه ) لأن الزوجية ثابتة عليهافلزمه فطرتها كالمريضة وأجيب بأن المريضة لا تحتاج إلى نفقة لا لخلل في المقتضي لها وحكم كل امرأة لا نفقة لها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها تجب على الثاني لا الأول ( ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه ) أي بغير إذن من تلزمه زاد في الانتصار ونيته ( فهل يجزئه على وجهين ) ظاهر المذهب الإجزاء لأنه أخرج عن نفسه فأجزأه كمن وجبت عليه والثاني لا لأنه الواجب عن غيره بغير إذنه فلم يصح كما لو أدى عن غيره وهما ينفيان هل يكون متحملا عن الغير لكونها طهرة له أو أصيلا لأنه المخاطب بها وفيه وجهان فلو لم يخرج مع قدرته لم يلزم الغير شيء وله مطالبته بلاإخراج جزم
____________________
1-
(2/391)
ولا يمنع الدين وجوب الفطرة إلا أن يكون مطالبا به ويجب بغروب الشمس من ليلة الفطر 000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) به الأصحاب كنفقته لكن لو أخرج العبد بلا إذن سيده لم يجزئه وقيل إن ملكه سيده مالا وقلنا يملكه ففطرته عليه مما في يده فعلى هذا يخرج العبد عن عبده منه وظاهر ما سبق أنه إذا أخرج بإذنه أنه يجزئه فلو أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ وإلا فلا قال اللآجري هذا قول فقهاء المسلمين
مسألة من لزمه فطرة حر أو عبد أخرجها مكانهما كما مزكى في غير بلد مالكه ونص على أنه يخرجها مكانه لفطرة نفسه
فرع من أنفق عليه من بيت المال لم يلزمه فطرته لأن ذلك ليس بإنفاق وإنما هو إيصال المال من حقه قاله القاضي أو لأنه لا مالك له معين كعبيد الغنيمة والفيء ونحو ذلك ( ولا يمنع الدين وجوب الفطرة ) لتأكدها بدليل وجوبها على الفقير وشمولها لكل مسلم قدر على إخراجها فجرى مجرى النفقة بخلاف زكاة المال فإنها تجب بالملك والدين يؤثر فيه والفطرة تجب على البدن وهو غير مؤثر فيه ( إلا أن يكون مطالبا به ) فيمنع في ظاهر المذهب نص عليه واختاره الأكثر لوجوب أدائه عند المطالبة وتأكده يكون حق آدمي لا يسقط بالإعسار أشبه من لا فضل عنده وعنه يمنع مطلقا وقاله أبو الخطاب كزكاة المال وقال ابن عقيل عكسه لتأكدها كالنفقة والخراج ( وتجب بغروب الشمس من ليلة الفطر ) لقول ابن عباس فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين رواه أبو داود والحاكم وقال على شرط
____________________
1-
(2/392)
فمن أسلم بعد ذلك أو ملك عبدا أو زوجة أو ولد له ولد لم تلزمه فطرته وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين 0000000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) البخاري لإاضاف الصدقة إلى الفطر فكانت واجبة به لأن الإضافة تقتضي الاختصاص والسببية وأول فطر يقع من جميع رمضان بمغيب الشمس من ليلة الفطر ( فمن أسلم بعد ذلك ) أي بعد الغروب ( أو ملك عبدا وزوجة أو ولد له ولد لم يلزمه فطرته ) نقله الجماعة لعدم وجود سبب الوجوب وعنه يمتد وقت الوجوب إى ل طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر وعنه يجب بطلوع الفجر منه وعنه ويمتد إلى أن يصلى العيد ( وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت ) لوجود السبب فالاعتبار بحال الوجوب فلو كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر فلا فطرة على الأصح وعكسه لا يسقط وكذا لو مات قبل الغروب فلا فطرة ولو كان بعده لم يسقط وذكره المجد إجماعا في عتق عبد والفطرة في عبد موهوب وموصى به على المالك وقت الوجوب وكذا المبيع في مدة الخيار وفي ملك عبد دون نفعه أوجه ثالثها أنها في كسبه بالنفقة ( ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين ) نص عليه لقول ابن عمر كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين رواه البخاري والظاهر بقاؤها أو بقاء بعضها إليه وإنما لم تجز بأكثر لفوات الإغناء المأمور به في قوله اغنوهم عن الطلب هذا اليوم رواه الدارقطني من رواية أبي معشر وفيه كلام من حديث ابن عمر بخلاف زكاة المال ولأن الفطر سببها أو أقوى جزئي سببها لمنع التقديم على النصاب قال في الفروع والأولى الاقتصار على الأمر بالإخراج في الوقت الخاص خرج منه التقديم باليومين لفعلهم وإلا فالمعروف منع التقديم على السبب الواحد وجوازه على أحد السببين وعنه يجوز تقديمها بثلاثة جزم في المستوعب بأيام وقيل بخمسة عشر حولا للأكثر كالكل
____________________
1-
(2/393)
والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة وتجوز في سائر اليوم فإن أخرجها عنه أثم وعليه القضاء فصل والواجب في الفطرة صاع من البر أو الشعير أو دقيقهما وسويقهما والتمر والزبيب ومن الأقط في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وقيل بشهر لا أكثر لأن سببها الصوم والفطر منه كزكاة المال والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة أو قدرها لأنه عليه السلام أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة من حديث ابن عمر وقال جمع الأفضل أن يخرجها إذا خرج إلى المصلى وفي الكراهة بعده وجهان وقيل تحرم بعد الصلاة فعليه تكون قضاء جزم به ابن الجوزي واستدل الأصحاب بحديث ابن عباس السابق وتمامة فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات وتجوز في سائر اليوم لحصول الإغناء بها فيه إلا أنه يزكي الأفضل فإن أخرها عنه أثم لتأخيره الواجب عن وقته ولمخالفة الأثر وعليه القضاء لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة وعنه لا يأثم نقل الأثرم أرجو أن لا بأس وقيل له في رواية الكحال وإن أخرها قال إذا أعدها لقوم فصل والواجب في الفطرة
صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل القامة وحكمته كفاية الصاع للفقير في أيام العيد من البر أو الشعير إجماعا أو دقيقهما وسويقهما والتمر والزبيب إجماعا ومن الأقط وهي شيء يعمل من اللبن المخيض وقيل من الإبل فقط في إحدى الروايتين هذا المذهب جزم به أكثر الأصحاب لما روى أبو سعيد الخدي قال كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط متفق عليه وصريحه
____________________
1-
(2/394)
ولا يجزىء غير ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إجزاء الدقيق وهو الطحين والسويق وهو قمح أو شعير يقلى ثم يطحن نص عليه واحتج بزيادة انفرد بها ابن عيينة من حديث أبي سعيد أو صاعا من دقيق قيل لابن عيينة إن أحدا لا يذكره فيه قال بل هو فيه رواه الدارقطني قال المجد بل أولى بالإجزاء لأنه كفى مؤنته كتمر نزع حبه ويعتبر صاعه بوزن حبه نص عليه ليفرق الأجزاء بالطحن وظاهر يجزىء بلا محل وفيه وجه كما لا يكمل تمر بنواه المنزوع وعنه لا يجزىء فيهما اختاره صاحب الإرشاد والمحرر في السويق لأن الزيادة أنكرت على سفيان فتركها وفي كلام المؤلف نظر لأنه لو قد ذكر التمر والزبيب ثم ذكرهما والأقط لرجع الخلاف إلى ذلك والثانية لا يجزىء الأقط اختاره أبو بكر لأنه جنس لا تجب فيه الزكاة فلا يجزىء وإن وجد غيره وخصصه الخرقي بأهل البادية نظرا إلى الغالب فعلى الأول هو أصل بنفسه وهو طريق الأكثر وفي اللبن غير المخيض والجبن أوجه ثالثها يجزىء اللبن فقط ورابعها يجزئان مع عدم الأقط ويحتمل أنه يجزىء الجبن لا اللبن وحده لأنه بلغ حالة الادخار وظاهره أنه لا يجزىء نصف صاع من بر نص عليه لحديث أبي هريرة أو صاع من قمح وهو من رواية سفيان بن حسين عن الزهري وليس بالقوي واختار الشيخ تقي الدين الإجزاء وأنه قياس المذهب في الكفارة ويقتضيها نقله الأثرم وفيه شيء لأن في رواية الأثرم صاع من كل شيء ولأحمد وغيره من حديث الحسن عن ابن عباس نصف صاع من بر وفيه مقال لأن الحسن لم يسمع منه قاله ابن المديني وابن معين ولا يجزىء غير ذلك
____________________
1-
(2/395)
إلا أن يعدمه فيخرج مما يقتات عند ابن حامد وعند أبي بكر يخرج ما يقوم مقام المنصوص ولا يخرج حبا معيبا ولا خبزا ويجزىء إخراج صاع من أجناس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أي الأصناف المذكورة مع قدرته على تحصيلها كالدبس والمصل وقيل يجزىء كل مكيل مطعوم واختار الشيخ تقي الدين يجزىء قوت بلده مثل الأرز ونحوه وانه قول أكثر العلماء لقوله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } المائدة 89 وجزم به ابن رزين إلا أن يعدمه فيخرج مما يقتات عند ابن حامد كلحم ولبن وقيل لا يعدل عنهما لأن المقصود من المنصوص عليها الاقتيات وحصول الغنى عن الطلب وهو حاصل بذلك وعند أبي بكر وهو أشبه بكلام أحمد وظاهر الخرقي وقدمه الشيخان في الكافي والمحرر وجزم به في الوحيز يخرج صاع مما يقوم مقام المنصوص من كل حبة كذرة ودخن أو ثمر يقتات كتين يابس ونحوه ولأنها أشبه بالمنصوص عليها فكانت أولى زاد بعضهم بالبلد غالبا وقيل يجزىء ما يقوم مقامها وإن لم يكن مكيلا ولا يخرج حبا معيبا كمسوس ومبلول لقوله تعالى { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } المائدة 268 ولأن السوس يأكل جوفه والبلل ينفخه والمخرج بصاع منه ليس هو الواجب شرعا وإن خالط الجيد ما يجزىء فإن كثر لم يجزئه وإن قل زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا لأنه ليس عيبا لقلة مشقة تنقيته قال أحب تنقية الطعام وحكاه عن ابن سيرين ليكون أكمل ولا خبزا لأنه خرج عن الكيل والادخار وفيه شبه بإخراج القيمة وقال ابن عقيل يجزىء ويجزىء إخراج صاع من أجناس نص عليه لأن كلا منها يجوز منفردا وكذا مع غيره لتفاوت مقصودها أو اتحاده وقاسه في المغني والشرح على فطرة عبد مشترك إذا أخرج كل واحد من جنس وفي الفروع يتوجه
____________________
1-
(2/396)
وأفضل المخرج التمر ثم ما هو أنفع للفقراء بعده ويجوز أن يعطي الجماعة ما يلزم الواحد والواحد ما يلزم الجماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تخريج في الكفارة لا تجزىء لظاهر الأخبار إلا أن يقول بالقيمة وأفضل وأفضل المخرج التمر مطلقا نص عليه لفعل ابن عمر رواه البخاري وقال له أبو مجلز إن الله قد أوسع والبر أفضل فقال إن أصحابي سلكوا طريقا فأنا أحب أن أسلكه رواه أحمد واحتج به ولأنه قوت وحلاوة وأقرب تناولا وأقل كلفة ولا عبرة بموزونه بل يحتاط في الثقيل ليسقط الفرض ثم ما هو أنفع للفقراء بعده إذ القصد الاقتيات وحصول الإغناء به عن الطلب لكن جزم في المغني والشرح والوجيز أن الأفضل بعد التمر البر فيحتمل أن يكون مرادا هنا لأن الاعتماد في تفضيل التمر اتباع الصحابة وسلوك طريقتهم ولهذا قال أبو مجلز والبر أفضل وأقره عليه لأنه أنفع في الاقتيات وأبلغ في دفع حاجة الفقير وقيل الزبيب جزم به أبو الخطاب وعزاه ابن المنجا للأصحاب لمشاركته له في القوت والحلاوة وفي المحرر أفضلها التمر ثم الزبيب ثم البر ثم الشعير ثم الأقط وعنه الأقط أفضل لأهل البادية إن كان قوتهم وقيل ما كان أغلا قيمة وأكثر نفعا ويجوز أن يعطي الجماعة ما يلزم الواحد لا نعلم فيه خلافا إذا أعطى من كل صنف ثلاثة لأنه دفع الصدقة إلى مستحقها والواحد ما يلزم الجماعة نص عليه لأنها صدقة لغير معين فجاز صرفها إلى واحد كالزكاة والأفضل أن لا ينقص الواحد عن مدبر أو نصف صاع من غيره وعنه الأفضل تفرقة الصاع جزم به جماعة للخروج من الخلاف وعنه الأفضل أن لا ينقص الواحد عن صاع للمشقة ويصرف في أصناف الزكاة لا في غيرهم وفي الفنون
____________________
1-
(2/397)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
عن بعض أصحابنا تدفع إلى من لا يجد ما يلزمه وقال الشيخ تقي الدين لا تدفع إلا لمن يستحق الكفارة وهو من يأخذ لحاجته لا في المؤلفة والرقاب وغير ذلك
فرع إذا دفعها إلى مستحقها فردها إليه عن نفسه أو جمعت عند الإمام فقسمها على أهل السهمان فعاد إلى إنسان ذلك جاز أشبه ما لو عادت إليه بميراث وقال أبو بكر مذهلب أحمد أنه لا يحل له أخذها لأنها طهرة فلم يجز له أخذها لسواها لحديث عمر رضي الله عنه
____________________
1-
(2/398)
& باب إخراج الزكاة & لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه إلا لضرر مثل أن يخشى رجوع الساعي عليه ونحو ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب إخراج الزكاة &
لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه أي مع القدرة نص عليه لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } الأنعام 141 والمراد الزكاة والأمر المطلق للفور بدليل أن المدخر مستحق العقاب ولو جاز التأخير لكان إما إلى غاية وهو مناف للوجوب وإما إلى غيرها ولا دليل عليه بل ربما يفضي إلى سقوطها إما بموته أو تلف المال ليتضرر الفقير فيختل المقصود من شرعها ولأنها للفور بطلب الساعي فكدين بطلب الله تعالى لعين مغصوبة وفي المغني والشرح لو لم يكن الأمر للفور لقلنا به هنا ولانها عبادة تكرر فلم يجز تأخيرها إلى دخول وقت مثلها كالصلاة وقيل لا يلزمه على الفور لاطلاق الأمر كالمكان وعلى الأول تضمن إذا تلف المال أو بعضه لتعديه وظاهره أنه إذا لم يمكنه الإخراج كمن منع من التصرف من ماله أو لم يجد المستحق أو كان ماله غائبا ونحوه فيجوز له التأخير وكلامه مشعر بجواز تأخيرها عن غير وقت وجوبها وهو كذلك بلا نزاع الا لضرر فيجوز له تأخيرها نص عليه مثل أن يخشى رجوع الساعي عليه إذا أخرجها هو بنفسه ونحو ذلك كما إذا خاف على نفسه أو ماله لما في ذلك من الضرر وإذا جاز تأخير دين الآدمي فهي أولى ويجوز تأخيرها لحاجة المالك إليها نص عليه ولمن حاجته أشد نقله يعقوب وقيدها جماعة بزمن يسير للحاجه وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب وظاهر كلام جماعة المنع وكذا يجوز تأخيرها لقريب في الأشهر
____________________
1-
(2/399)
فإن جحد وجوبها جهلا عرف ذلك فإن أصر كفر وأخذت منه واستتيب ثلاثا فإن لم يتب قتل ومن منعها بخلا بها أخذت منه وعزر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وجار ولم يذكره الأكثر وعنه له أن يعطى قريبه كل شهر شيئا وحمله أبو بكر على تعجيلها قال المجد هو خلاف الظاهر وينبغي أن يقيد الكل ما لم يشتد ضرر الحاضر
فرع يجوز للإمام والساعي تأخيرها عند ربها لعذر قحط ونحوه احتج أحمد بفعل عمر فإن جحد وجوبها جهلا به ومثله يجهله لقريب العهد بالإسلام والناشىء ببادية بعيدة يخفى عليه عرف ذلك أي عرف وجوبها ليرجع عن الخطأ ولم يحكم بكفره لأنه معذور فإن أصر أو كان عالما به كفر إجماعا لأنه مكذب لله ولرسوله وظاهره ولو أخرجها وأخذت منه لوجوبها قبل كفره فلم يسقط به كالدين قال في الفروع إن كان وجبت ولا تحتاج إليه لأنها مفروضة فيه واستتيب ثلاثا كالمرتد فإن لم يتب قتل لقوله عليه السلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وقال أبو بكر لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة متفق عليهما ومن منعها بخلا بها أو تهاونا أخذت منه قهرا كدين الآدمي وكما يؤخذ منه العشر ولأن للإمام طلبه فهو فهو كالخراج بخلاف الاستبابة في الحج والتكفير بالمال وظاهره أنه لا يحبس حتى يؤدي لعدم النية في العبادة من الممتنع وعزر لتركه الواجب عليه ولأنها معصية لاحد فيها ولا كفارة والمراد إذا كان عالما بتحريم ذلك وقيل إن كان ماله باطنا عزره إمام أو محتسب وذكر القاضي وابن عقيل إن فعله لفسق الإمام لكونه لا يضعها موضعها لم يعزره وجزم به
____________________
1-
(2/400)
فإن غيب ماله أو كتمه أو قاتل دونها وأمكن أخذها أخذت من غير زيادة وقال أبو بكر يأخذها وشطر ماله فإن لم يمكن أخذها استتيب ثلاثا فإن تاب وأخرج وإلا قتل وأخذت من تركته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
جماعة فإن غيب ماله أو كتمه أي غله أو قاتل دونها وأمكن أخذها فإن كامن في قبضة الإمام أخذت الزكاة من غير زيادة عليهاوهو قول أكثر العلماء لأن الصديق مع الصحابة لما منعته العرب الزكاة لم ينقل أنه أخذ منهم زكاة عليها ولأنه لا يزاد على أخذ الحقوق من الظالم وكسائر الحقوق وعنه تؤخذ منه ومثلها ذكرها ابن عقيل وقاله في زاد المسافر تغليظا عليه وقال أبو بكر يأخذها وشطر ماله أي مع نظير ماله الزكوي وهذا رواية وقدمها الحلواني لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون لا تفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شيء رواه أحمد والنسائي وأبو داود وقال شطر ماله وهو ثابت إلى بهز وقد وثقه الأكثر وجوابه بأنه كان في بدء الإسلام حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخ لأن ظاهره إيجاب بنت لبون من كل أربعين مطلقا والمستقر عليه في النصب والأسنان حديث الصديق وفيه ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه قال في الشرح وانعقد الإجماع على ترك العمل به في المانع غير الغال وليس كذلك فإن لم يمكن أخذها بالتعذيب أو غيره استتيب ثلاثا لأنها من مباني الإسلام فيستتاب تاركها كالصلاة فإن تاب وأخرج وإلا قتل إذا لم يتب لاتفاق الصحابة على قتال مانعها وأخذت من تركته من غير زيادة لأن القتل لا يسقط دين الآدمي فكذا الزكاة وإذا قتل فيكون حدا على الأصح لظاهر الكتاب والسنة
____________________
1-
(2/401)
وقال بعض أصحابنا إن قاتل عليها كفر وإن ادعى ما يمنع الوجوب من نقصان الحول أو النصاب أو انتقاله عنه في بعض الحول قبل قوله بغير يمين نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولأنه لا تسبى لهم ذرية لأن الجناية من غيرهم وظاهره أنه لا يكفر بمقاتلة الإمام له في ظاهر المذهب لأن الصحابة لم يعتقدوا كفرهم حين امتنعوا وقال بعض أصحابنا إن قاتل عليها كفر لقوله تعالى { فإن تابوا } الآية ( التوبة 5 ) ولأن أبا بكر لما قاتلهم قالوا نؤديها قال لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ولم ينقل عن أحد من الصحابة إنكاره فدل على كفرهم قال ابن مسعود وما تارك الزكاة بمسلم وجوابه بأنه يحتمل أنهم جحدوا وجوبها ويحتمل غير ذلك فلا يجوز الحكم به في محل النزاع ولا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالكفر بدليل العصاة من هذه الأمة وقال القاضي الصحيح من المذهب أنه لا يكفر بترك شيء من العبادات سوى الصلاة لتعذر النيابة فيها والمقصود الأعظم من الزكاة دفع حاجة الفقير وهو حاصل بأدائها مع القتال وإن طولب بالزكاة فادعى أداءها أو ادعى ما يمنع الوجوب من نقصان الحول أو النصاب أو انتقاله عنه في بعض الحول بأن قال بعته ثم اشتريته قبل قوله لأن الأصل براءة ذمته بغير يمين نص عليه وظاهره لا يشرع نقل حنبل لا نسأل المتصدق عن شيء ولا نبحث إنما نأخذ ما أصابه مجتمعا ولأنها عبادة مؤتمن عليها فلا يستحلف كالصلاة والكفارة بخلاف الوصية للفقراء بمال وقال ابن حامد يستحلف في ذلك كله وفي الفروع يتوجه احتمال إن اتهم وفي الأحكام السلطانية إن رأى العامل أن يستحلفه فعل وإن نكل لم يقض عليه بنكوله وقيل بلى وكذا الحكم إن مر بعاشر وادعى أنه عشرة آخر
____________________
1-
(2/402)
والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما ويستحب للانسان تفرقة زكاته بنفسه وله دفعها إلى الساعي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع إذا أقر بقدر زكاته ولم يذكر قدر ماله صدق ويجري الخلاف السابق في اليمين والصبي والمجنون تجب الزكاة في مال كل منهما إذا كان حرا مسلما تام الملك وقوم لما روى الدارقطني مرفوعا من ولي مال يتيم فليتجربه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة وروي موقوفا على عمر فدل على وجوبها لأن الولي ليس له أن يتبرع بمال اليتيم ولأن من وجب العشر من رزعه وحب ربع العشر في رزقه كالبالغ العاقل والصلاة والصوم مختصه بالبدن فإن نية الصبي ضعيفة والمجنون لا تتحقق منه نيتها بخلاف الزكاة فإنها تتعلق بالمال لنفقة الزوجات والأقارب وأرش الجنايات فعلى هذا يخرج عنهما وليهما من ما لهما لأنه حق واجب عليهما فوجب على الولي أداؤه عنهما كنفقة قريبة وتعتبر النية منه في الإخراج كرب المال ويستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه إن كان أمينا وهو أفضل من دفعها إلى الإمام نص عليه لقوله تعالى { إن تبدوا الصدقات } الآية ( البقرة 271 ) وكالدين ولأن القابض من سيد قبض ما يستحقه وليكون على ثقة من إيصالها إلى مستحقها وظاهره لا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة وقيل يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام وله دفعها إلى الساعي لما روى سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت لي مال وأريد إخراج زكاته فما تأمرني فقال ادفعها إليهم فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد فقالوا مثل ذلك رواه سعيد ولأنه نائب عن مستحقها فجاز الدفع إليه كولي اليتيم وظهر أن له دفعها إلى الإمام ولو كان فاسقا قال أحمد الصحابة يأمرون بدفعها
____________________
1-
(2/403)
وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر ويتولى تفريق الباقي وعند أبي الخطاب دفعها إلى الإمام العادل أفضل ولا يجوز إخراجها إلا بينة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقد علموا فيما ينفقونها وفي الأحكام السلطانية يحرم إن وضعها في غير أهلها ويجب كتمها إذن وبالجملة فيجزىء مطلقا لما روى أحمد عن أنس مرفوعا إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله فلك أجرها وإثمها على من بدلها وللإمام طلبها من الأموال مطلقا إذا وضعها في أهلها وقيل يجب دفعها إذن وقبل لا يجب دفع الباطنة ذكره بعضهم وجها واحدا وعلى الأول ولو من بلد غلب عليه الخوارج فلم يؤد أهله الزكاة ثم غلب عليهم الإمام لأنهم وقت الوجوب ليسوا تحت حمايته وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر لاختلافهم فيه فذهب قوم إلى أنه مؤنة الأرض يتولاه الإمام أو نائبه وعنه يدفع إلى السلطان صدقة الفطر وعنه دفع الظاهر أفضل ويتولى المالك تفريق الباقي كالمواشي ونحوهما فيضعها موضعها وعند أبي الخطاب دفعها إلى الإمام العادل أفضل واختاره ابن أبي موسى للخروج من الخلاف وزوال التهمة
تنبيه للإمام طلب نذر وكفارة في وجه نص عليه في كفارة الظهار وما أخذه البغاة والخوارج من الزكاة فإنها تجزىء عن مالكها وحمله القاضي على أنهم خرجوا بتأويل وفي موضع آخر انهم إذا نصبوا إماما وفي الأحكام السلطانية لا يجزىء الدفع إليهم اختيارا وعنه الوقف فيما أخذه الخوارج من الزكاة ولا يجوز أي لا يجزىء إخراجها إلا بنية لقوله إنما الأعمال بالنية ولأنها عبادة فافتقرت إليها كالصلاة ومصرف المال إلى الفقير له جهات فلا يتعين إلا بتعيين فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال أو الفطر فلو نوى صدقة مطلقة لم يجزئه ولو تصدق بجميع ماله
____________________
1-
(2/404)
إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا وقال أبو الخطاب لا تجزئه أيضا من غير نية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كصدقته بغير النصاب من جنسه ولا تعتبر نية الفرض ولا المال المزكى عنه وفي تعليق القاضي وجه تعتبر نية التعبين إذا اختلف المال كشاة عن خمس من الإبل وأجزأ عن أربعين من الغنم فعلى الأول إن نوى زكاة ماله الغائب فإن كان تالفا فعن الحاضر أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا بخلاف الصلاة لاعتبار التعيين فيها وإن أدى قدر زكاة أحدهما جعله لأيهما شاء لتعيينه ابتداء وإن لم يعينه أجزأ عن أحدهما ولو نوى عن الغائب فبان تالفا لم يكن له صرفه إلى غيره كعتق في كفارة معينة فلم تكن وإن نوى الغائب إن كان سالما أو نوى وإلا فنفل أجزأ لأنه حكم لإطلاق فلم يضر التقييد وقال أبو بكر لا يجزئه لأنه لم يخلص النية للفرض والأولى مقارنتها للدفع وله تقديمها بزمن يسير كالصلاة وفي الروضة تعتبر عند الدفع ولو حركها لم تكف النية إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا قاله الخرقي وجزم به في الوجيز فإنها تجزىء بغير نية رب المال في الظاهر بلا تردد بمعنى أنه لا يؤمر بأدائها ثانيا وظاهره أنها تجزىء في الباطن وهو أحد الوجوه لأن له ولاية على الممتنع فقامت نيته مقام نية المالك كولي الصبي ونحوه الثاني وقاله القاضي إنها تجزىء إذا أخذها طوعا أو كرها لأن أخذه كالقسمة بين الشركاء وقال أبو الخطاب وابن عقيل وهو ظاهر المحرر واختاره حفيده لا تجزئه أيضا من غير نية لأن الإمام إما وكيله أو وكيل الفقراء أو وكيلهما فتعتبر نية رب المال وكالصلاة فعلى هذا يقع نفلا من الطائع ويطالب بها ويجزىء للمكره ظاهرا لا باطنا كالمصلي مكرها وأجيب بأنه دال على المال ولا يصح الحاق الزكاة بالقسمة
____________________
1-
(2/405)
فإن دفعها إلى وكيله اعتبرت النية في الموكل دون نية الوكيل ويستحب أن يقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنها ليست عبادة ولا تعتبر لها نية بخلاف الزكاة وقال القاضي في موضع لا يحتاج الإمام إذنه منه ولا من رب المال
فرع لو غاب المالك أو تعذر إذنه لحبس ونحوه فأخذ الساعي من ماله أجزأ مطلقا لأنه له ولاية أخذها إذن ونية المالك متعذرة بما تعذر عليه كصرف الولي زكاة موليه فإن دفعها إلى وكيله المسلم الثقة نص عليه وقال القاضي يجوز أن يكون كافرا على خلاف فيه كما لو استناب ذميا في ذبح أضحية وجزم في منتهى الغاية بجوازه كالمسلم وفي مميز وجهان ومقتضاه صحة التوكيل في إخراجها اتفاقا اعتبرت النية في الموكل لأنها واجبة عليه فاعتبرت من جهته وظاهره الإجزاء ولو تطاول زمن الإخراج اختاره أبو الخطاب دون نية الوكيل كما لو تقارب الدفع وقيده القاضي وابن عقيل وصاحب الشرح والوجيز بالزمن اليسير فعلى هذا لو تطاول فلا بد من نية الوكيل أيضا لئلا يخلو الأداء إلى المستحق عن نية مقارنة مقاربة ويستثنى منه ما لو دفعها إلى الإمام ناويا ولم ينو الإمام حال الدفع جاز وإن طال الزمن لأنه وكيل الفقراء وظاهره أنه إذا نوى الوكيل أنه لا يجزىء لأنه نيته لم يؤذن له فيها فتقع نفلا ولو أجازها وكذا من أخرج من ماله زكاة عن حي بلا إذنه لم يجزئه ولو أجازها لأنها ملك المتصدق فوقعت عنه ويستحب أن يقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنما ولاتجعلها مغرما لخبر أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما رواه ابن ماجه من رواية البختري بن عبيد وهو ضعيف ومعناه الدعاء كأنه
____________________
1-
(2/406)
ويقول الآخذ آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما ابقيت وجعله لك طهورا ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قال اللهم اجعلها مثمرة لا منقصة له لأن التثمير كالغنيمة والتنقيص كالغرامة ويحمد الله على توفيقه لأدائها ويقول الآخذ آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا لأنه مأمور به في قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ( التوبة 103 ) أي ادع لهم قال عبد الله بن أبي أوفى كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفي متفق عليه وهو محمول على الندب ولهذا لم يأمر سعاته بالدعاء وذهبت الظاهرية إلى وجوبه لأن على للإيجاب ويستحب إظهارها في الأصح وقيل إن منعها أهل بلدة استحب وإلا فلا فإن علمه أهلا لها كره إعلامه بها نص عليه وفي الروضة لا بد من إعلامه وإن علمه أهلا ويعلم من عادته لا يأخذ زكاة وإن أعطاه ولم يعلمه لم يجزئه في قياس المذهب ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة نص عليه وجزم به الأكثر لقوله عليه السلام لمعاذ حين بعثه إلى اليمن أخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم متفق عليه وقال سعيد حدثنا سفيان عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال كان في كتاب معاذ من أخرج من مخلاف إلى مخلاف فإن صدقته وعشره ترد إلى مخلافه وذكر القاضي في تعليقه وابن البنا يكره وعنه يجوز نقلها إلى الثغر وعنه وغيره والأول المذهب وعليه لا فرق بين أن يكون لرحم وشدة حاجة أولا والساعي وغيره سواء نص على ذلك وعلم منه أنه يجوز نقل الكفارة والنذر والوصية المطلقة في
____________________
1-
(2/407)
فإن فعل فهل تجزئة على روايتين إلا أن يكون في بلد فقراء فيه فيفرقها في أقرب البلاد إليه وإذا كان في بلد وماله في آخر أخرج زكاة المال في بلده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأصح ونقلها إلى دون مسافة قصر نص عليه لأنه في حكم بلد واحد بدليل أحكام رخص السفر فإن فعل فهل يجزئه على روايتين إحداهما لا يجزىء اختاره الخرقي وابن حامد والقاضي وجماعة كصرفها في غير الأصناف والثانية واختارها أبو الخطاب والمؤلف وصاحب الوجيز الإجزاء للعمومات ولأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرىء كالدين إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه بالكلية أو كانوا وفضل عنهم لأن معاذا بعث إلى عمر صدقة من اليمن فأنكر عمر ذلك وقال لم أبعثك جابيا ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها في فقرائهم فقال معاذ ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد من يأخذه مني رواه أبو عبيد فينقلها نص عليه ومؤنة نقلها على المالك كالكيل ونحوه فيفرقها في أقرب البلاد إليه لأنهم أولى وحكم أهل البادية كذلك ولو عبر بموضع لكان أشمل ويستثنى من الأول ما لو كان نصاب من السائمة متفرقا في بلدين فإنه يجوز أن يخرج في أحدهما لئلا يفضي إلى التشقيص في ظاهر كلام أحمد والثاني يلزمه في كل بلد بقدر ما فيه من المال لئلا ينقلها وإذا كان في بلد وماله في آخر أخرج زكاة المال في بلده أي بلد المال نص عليه لئلا ينقل الصدقة عنه ولأن المال سبب الزكاة فوجب إخراجها حيث وجد السبب وإن كان متفرقا زكى كل مال حيث هو
فرع السفار بالمال يزكي من موضع أكثر إقامة المال فيه نقله الأكثر لتعلق الأطماع به غالبا ونقل محمد بن الحكم تفرقته في البلدان التي كان بها في الحول
____________________
1-
(2/408)
وفطرته في البلد الذي هو فيه وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل في أفخاذها والغنم في آذانها فإن كانت زكاة كتب الله أو زكاة وإن كانت جزية كتب صغار أو جزية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقال القاضي يفرق زكاته حيث حال حوله لئلا يفضي إلى تأخير ( و ) إخراج فطرته في البلد الذي هو فيه لأنه سببها فوجب إخراجها حيث وجد السبب وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل والبقر في أفخاذها والغنم في آذانها لما روى أنس قال غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة متفق عليه ولأحمد وابن ماجه وهو يسم غنما في آذانها وإسناده صحيح ولأن الحاجة تدعو إليه ليتميز عن الضوال ولترد إلى مواضعها إذا شردت وخص الموضعان لخفة الشعر فيهما ولقلة ألم الوسم ويتوجه يحرم في الوجه فإن كانت زكاة كتب لله أو زكاة وإن كانت جزية كتب صغار أو جزية لأنه أقل ما يتميز به وذكر أبو المعالي أن الوسم بحناء أو قير أفضل وفيه شيء
تنبيه إذا أخرج زكاته فبلغت قبل أن يقبضها الفقير لزمه عوضها كما قبل العزل لعدم تعيينها لانه يجوز العود فيها إلى غيرها ولم يملكها المستحق كمال معزول لو قارب الدين بخلاف الأمانة والتالف إن كان من مال الزكاة سقط قدر زكاته إن قلنا بالسقوط بالتلف وفي سقوطها عن الباقي إن نقص عن نصاب الخلاف ويشترط لملك الفقير لها وإجزائها قبضه ولا يصح تصرفه قبله نص عليه ولو قال الفقير اشتر لي بها ثوبا ولم يقبضه لم يجز ولو اشتراه كان له ولو تلف فمن ضمانه
____________________
1-
(2/409)
فصل ويجوز تعجيل الزكاة عن الحول إذا كمل النصاب ولا يجوز قبل ذلك وفي تعجيلها لأكثر من حول روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل ويجوز تعجيل الزكاة عن الحول إذا كمل النصاب
جزم به الأصحاب لما روى علي بن أبي طالب أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك رواه أحمد وأبو داود وقد تكلم في إسناده وذكر أبو دواد أنه روي عن الحسن بن مسلم مرسلا وأنه أصح ولأنه حق مال أجل للرفق فجاز تعجيله قبل أجله كالدين ونقل جماعة لا بأس به قال الأثرم هو مثل الكفارة قبل الحنث فيصير من تقديم الحكم بعد وجود سببه وقبل وجود شرطه وفي كلام القاضي والمجد أنهما سببان فقدم على أحدهما وفي كلام المؤلف شرطان وظاهر كلامهم أن ترك التعجيل أفضل وفي الفروع ويتوجه احتمال تعتبر المصلحة ولا خلاف عندنا أنه يجوز تقديمها بعام واحد ويستثنى منه ولي رب المال فإنه ليس له تعجيلها في وجه ولا يجوز قبل ذلك أي قبل كمال النصاب بغير خلاف نعلمه قاله في المغني لأنه سببها فلم يجز تقديمها عليه كالتكفير قبل الحلف وفي تعجيلها لأكثر من حول رواتيان أطلقهما تبعا لأبي الخطاب إحداهما لا يجوز جزم به في الوجيز لأن النص لم يرد بتعجيلها لأكثر من حول فاقتصر عليه والثانية يجوز قدمه في الفروع لأن في حديث عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أما العباس فهي علي ومثلها معها متفق عليه وكتقديم الكفارة قبل الحنث بأعوام لكن قيدها ابن
____________________
1-
(2/410)
وإن عجلها عن النصاب وما يستفيده أجزأ عن النصاب دون الزيادة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الزاغوني والمجد بعامين ونص أحمد ويرد عليه نقل الأولى لا يجوز لثلاثة أعوام فأكثر قال ابن عقيل لا تختلف الرواية فيه اقتصارا على ما ورد وعنه يجوز لما سبق وإذا قلنا تعجل لعامين فعجل عن أربعين شاة شاتين في غيرها جاز وفيهما لا يجوز عنهما وينقطع الحول وإن عجل واحدة منها وأخرى من غيرها جاز يجزم به في منتهى الغاية وقال المؤلف يجزىء واحدة عن الحول الأول
وإن ملك نصابا ثم عجلها عن النصاب وما يستفيده أجزأ عن النصاب لما تقدم دون الزيادة نص عليه لأنه عجل زكاة ما ليس في ملكه فلم يوجد السبب كما في النصاب الأول وعنه يجزىء عنها لوجود سبب الزكاة في الجملة وفي الفروع يتوجه منها احتمال تخريج يضمه إلى الأصل من حول الوجوب فكذا من التعجيل واختار في الانتصار يجزىء عن المستفاد من النصاب فقط وقيل به إن لم يبلغ المستفاد نصابا لأنه يتبعه في الوجوب والحول كموجود وإذا بلغه استقل بالوجوب في الجملة لو لم يوجد الأصل ولو عجل عن خمس عشرة وعن نتاجها بنت مخاض فنتجت مثلها فالأشهر لا تجزئه وتلزمه بنت مخاض وهل له أن يرتجع العجلة على وجهين فإن جاز فأخذها ثم دفعها إلى الفقير جاز وإن اعتد بها قبل أخذها فلا لأنها على ملك الغير ولو عجل مسنة عن ثلاثين بقرة ونتاجها فالأشهر لا تجزئه عن الجميع بل عن ثلاثين وليس له ارتجاعها ويخرج للعشر ربع مسنة وعلى قول ابن حامد يخير بين ذلك وبين ارتجاع المسنة ويخرجها أو غيرها عن الجميع ولو عجل عن أربعين شاة شاة
____________________
1-
(2/411)
وإن عجل عشر الثمرة قبل طلوع الطلع والحصرم لم تجزئه وإن عجل زكاة النصاب وتم الحول وهو ناقص قدر ما عجله جاز وإن عجل زكاة المائتين فنتجت عند الحول سخلة أزمه شاة ثالثة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ثم أبدلها مثلها أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت الإناث أجزأ العجل عن البدل وعن السخال لأنها تجزىء مع بنات الأمات عن الكل فعن أحدهما أولى وذكر أبو الفرج وجها لا تجزىء لأن التعجيل كان لغيرها وإن عجل عشر الثمرة قبل طلوع الطلع والحصرم لم تجزئه لأنه تقديم لها قبل وجود سببها وظاهره أنه إذا عجلها بعد الطلوع أنها تجزىء واختاره أبو الخطاب وقدمه في الفروع لأن وجود ذلك كالنصاب والإدراك كالحول وحكم الزرع كذلك وقيل يجوز بعد ملك الشجر ووضع البذر في الأرض لأنه لم يبق للوجوب إلا مضي الوقت عادة كالنصاب الحولي واختار في الانتصار ومنتهى الغاية أنه لا يجوز حتى يشتد الحب ويبدو صلاح الثمرة لأنه السبب وإن عجل زكاة النصاب وتم الحول وهو ناقص قدر ما عجله جاز لأن ما عجله حكمه حكم الوجود في ملكه حقيقة أو تقديرا ولهذا يتم به النصاب ويجزئه عن ماله وقال أبو حكيم لا يجزئه ويكون نفلا ويكون كتالف فعلى الأول لو ملك مائة وعشرين شاة ثم نتجت قبل الحول وأخذه لزمه شاة أخرى وعلى الثاني لا وظاهره أنه إذا نقص أكثر مما عجله أنه يخرج بذلك عن كونه سببا للزكاة فإذا زاد بعد ذلك إما بنتاج أو شراء ما يتم به النصاب استؤنف الحول من حين كمل النصاب ولم يجزئه ما عجله ذكره في الشرح وإن عجل زكاة المائتين فنتجت عند الحول سخلة لزمه شاة ثالثة لما ذكر من أن المعجل حكمه كالموجود فيكون ملكه مائتين وواحدة وفرض ذلك ثلاث شياه فإذا أدى اثنتين بقي عليه واحدة فلو نتج المال ما يغير الفرض كتبيع عن ثلاثين بقرة فنتجت عشرا فقيل لا يجزئه المعجل لشيء ليتبين أن الواجب غيره وهل
____________________
1-
(2/412)
وإن عجلها فدفعها إلى مستحقها فمات أو ارتد أو استغنى اجزأت عنه وإن دفعها إلى غني فافتقر عند الوجوب لم تجزئه وإن عجلها ثم هلك المال قبل الحول لم يرجع على المسكين وقال ابن حامد إن كان الدافع الساعي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) له ارتجاعه فيه وجهان وقيل يجزئه عما جعله عنه ويلزمه للنتاج ربع مسنة لئلا يمتنع المالك من التعجيل غالبا وإن عجلها فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها أو ارتد أو استغنى من غيرها قبل الحول أجزأت عنه في الأصح كما لو استغنى منها أو عدمت عند الحول لأنه يعتبر وقت القبض ولئلا يمتنع التعجيل وفهم منه أنه إذا بقي على صفة الاستحقاق عند تمام الحول الإجزاء من باب أولى وإن دفعها إلى غني فافتقر عند الوجوب لم يجزئه لأنه لم يدفعها إلى مستحقها أشبه ما لو لم يفتقر وإن عجلها ثم هلك المال أي النصاب أو بعضه أو مات المالك أو ارتد قبل الحول فقد بان أن المخرج ليس بزكاة لانقطاع الوجوب بذلك فإذا أراد الوارث الاحتساب بها عن زكاة حوله لم يجز وذكر القاضي وجها يجوز بناء على ما لو عجل عن عامين والفرق أن التعجيل وجد من نفسه مع حول ملكه وهنا أخرجها غيره عن نفسه بلا ولاية ولا نيابة فلم يجز ولم يرجع على المسكين في رواية ذكرها أبو الحسين واختارها أبو بكر وغيره قال القاضي وهي المذهب وجزم بها في الوجيز لأنها وقعت إلى مستحقها فلم يملك استرجاعها لوقوعها نفلا بدليل ملك الفقير لها وظاهره لا فرق بين إعلام الآخذ أنها معجلة أولا والثانية يملك الرجوع فيه اختارها ابن حامد وابن شهاب وأبو الخطاب كما لو عجل الأجرة ثم تلف المأجور وكعتقه عن كفارة لم تجب فلم تجب كما لو كانت بيد الساعي عند التلف وبين جماعة عليها إن كان الدافع ولي رب المال رجع مطلقا وإن كان رب المال ودفع إلى الساعي مطلقا رجع فيها ما لم يدفعها إلى الفقير وإن كان دفعها إليه فهو كما لو دفعها إليه رب المال وقال ابن حامد إن كان الدافع الساعي رجع مطلقا
____________________
1-
(2/413)
أو علمه أنها زكاة معجله رجع عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لقوله أو أعلمه أنها زكاة معجلة رجع عليه لأنه دفعها عما يستحقه القابض من الحال الثاني وإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب رده كما لو كفر عن القتل بعد الجرح فاندمل ولم يمت المجروح فيحتمل أن الضمير عائد إلى رب المال وهي الذي في الشرح فيصير التقدير لو أعلم رب المال الساعي بالتعجيل ودفع إلى الفقير رجع عليه أعلم الساعي أولا وجزم به جماعة عن ابن حامد ويحتمل أن يعود الضمير إلى الدافع فعلى هذا تقديره إذا أعلم الدافع الفقير بأنها معجلة رجع عليه وإلا فلا وهذا قول في المذهب ومتى كان رب المال صادقا فله الرجوع باطنا أعلمه بالتعجيل أولا لا ظاهرا مع الإطلاق لأنه خلاف الظاهر وعلى القول بالرجوع إن كانت العين باقية أخذها بزيادتها المتصلة فقط وقيل يرجع بالمنفصلة كرجوع بائع المفلس المسترد عين ماله بها وإن كانت ناقصة ضمن نقصها في الأصح كجملتها وإن تلفت ضمن مثلها أو قيمتها يوم التعجيل والمراد ما قاله المجد يوم التلف على صفتها يوم التعجيل
فرع إذا اختلفا في ذكر التعجيل صدق الآخذ عملا بالأصل ويحلف في الأصح ولو مات وادعى علم وارثه ففي يمينه على نفي العلم الخلاف
____________________
1-
(2/414)
& باب ذكر أهل الزكاة & وهم ثمانية أصناف الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم الثاني المساكين وهم الذين يجدون معظم الكفاية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب ذكر أهل الزكاة &
وأهلها هم الذين جعلهم الشرع محلا لدفعها إليهم وهم ثمانية أصناف الذين سماهم الله تعالى في قوله { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية ( التوبة 60 ) قال أحمد إنما هي لمن سمى الله قال الأصحاب إنما تفيد الحصر أي تثبت المذكور وتنفي ما عداه لقوله تعالى { إنما الله إله واحد } النساء 171 قال في منتهى الغاية وكذلك تعريف الصدقات بالألف واللام فلو صار صرف شيء منها إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لا كلها وهذا إجماع الفقراء بدأ بهم اتباعا للنص ولشدة حاجتهم وهم غير المساكين لأنهما إذا اجتمعا افترقا وبالعكس وهم الذين لا بجدون ما يقع موقعامن كفايتهم فالفقير الذي لا يجد شيئا أصلا أو لا يجد نصف كفايته كدرهمين من عشرة ومثله الخرقي وتبعه في الشرح بالزمن والأعمى لأنهما غالبا لا قدرة لهما على اكتساب ما يقع موقعا من كفايتهم أو لا قدرة لهما على شيء بالكلية لقوله تعالى { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله } البقرة 273 الثاني المساكين وهم الذين يجدون معظم الكفاية أو نصفها لقوله تعالى { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر } ( الكهف 79 ) فسماهم مساكين ولهم سفينة وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم المسكنة واستعاذ من الفقر فقال اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين رواه الترمذي ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ويستعيذ من حالة أصلح منها فدل على أن
____________________
1-
(2/415)
ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني وإن كثرت قيمته وإن كان من الأثمان فكذلك في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المسكين أحسن حالا من الفقير لكونه يجد ما ذكرنا وعنه أنه فقير والأول مسكين وأن المسكين أشد حاجة من الفقير وقاله الفراء وابن قتيبة وثعلب من أصحابنا لقوله تعالى { أو مسكينا ذا متربة } البلد 16 وهو المطروح على التراب لشدة حاجته
وأجيب بأنه يجوز التعبير عن الفقير بالمسكين مطلقا وأن هذا النعت لا يستحقه بإطلاق اسم المسكنة ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني وإن كثرت قيمته لقوله عليه السلام في حديث قبيصة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش رواه مسلم والسداد الكفاية ولا فرق في ذلك بين ما لا تجب الزكاة فيه كالعقار ونحوه قال أحمد في رواية محمد بن الحكم إذا كان له عقار يستغله أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تقيمه يعني لا تكفيه يأخذ من الزكاة وهو فقير يعطى من الصدقة قال نعم وبين ما تجب فيه كالمواشي والحبوب نقل الميموني عن أحمد فقلت الرجل تكون عنده الإبل والغنم تجب فيه الزكاة وهو فقير يعطى من الصدقة قال نعم ولأنه يملك ما لا يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه فجاز له الأخذ منها كغيره ويأخذ تمام كفايته سنة وعنه يأخذ نماءها دائما بمتجر وآلة صنعة ولا يأخذ ما يصير به غنيا وظاهره أنه إذا كان يقوم بكفايته كمن له مكسب أو أجرة عقار أو غيره فإنه غني ويمنع من أخذها وإن كان من الأثمان وهو لا يقوم بكفايته قال في الوجيز وكفاية عياله فكذلك في إحدى الروايتين نقله مهنا وهو المذهب لأنه عليه السلام جعل عدم
____________________
1-
(2/416)
والأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني الثالث العاملون عليها وهم الجباة لها والحافظون ويشترط كون العامل أمينا مسلما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الكفاية غاية حل المسألة ولم يوجد والأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني نقلها واختارها الأكثر لما روى عبدالله بن مسعود مرفوعا من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه قالوا يا رسول الله وما غناه قال خمسون درهما أو حسابها من الذهب رواه الخمسة وأجيب بضعف الخبر فإنه يرويه حكيم بن جبير عن محمد بن عبدالرحمن عن أبيه عنه وشعبة لا يروي عن حكيم مع أنه قد ضعفه جماعة ولو سلم فهو محمول على المسألة فتحرم المسألة ولا يحرم الأخذ قاله في المغني والشرح وحمله المجد على أنه عليه السلام قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين ولذلك جاء التقدير عنه بأربعين وبخمس أواق وهي مائتان ويعتبر الذهب بقيمة الوقت لأن الشرع لم يحده وظاهره أنه ليس المانع من أخذها ملكه نصابا أو قيمته فاضلا عما يحتاجه فقط أو ملكه كفايته
فرع عياله مثهل فيأخذ لكل واحد منهم خمسين أو قدر كفايته على الخلاف
الثالث العاملون عليها للنص وهم الجباة لها والحافظون كالكاتب والقائم ونحوهما لدخولهم في مسمى العامل ويشترط كون العامل مكلفا أمينا وفي الفروع ومرادهم بها العدالة وفيه نظر مسلما في رواية وهي المذهب لقوله تعالى { لا تتخذوا بطانة من دونكم } آل عمران 118
____________________
1-
(2/417)
من غير ذوي القربي ولا يشترط حريته وفقره وقال القاضي لا يشترط اسلامه ولا كونه من غير ذوي القربي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنها ولاية ولاشتراط الأمانة أشبه الشهادة وهي تفتقر إلى العلم بالنصب ومقادير الزكاة وقبول قولهم من المأخوذ منه والكافر ليس أهلا لذلك قال عمر لا تأمنوهم وقد خونهم الله ويجوز أن يكون حاملها وراعيها ونحوهما كافرا من غير ذوي القربي هذا وجه وفي ابن المنجا أنه المذهب وجزم به في الوجيز لأن الفضل بن عباس والمطلب بن ربيعة سألا النبي صلى الله عليه وسلم العمالة على الصدقات فقال إن الصدقة لا تحل لمحمد ولالآل محمد وهو نص في التحريم فلا يجوز مخالفته إلا أن يدفع إليه أجرته من غير الزكاة قاله في المغني والشرح ولا يشترط حريته لأنه يحصل منه المقصود كالحر وفيه وجه يشترط حريته لأنه يحصل منه المقصود كالحر وفيه وجه يشترط لكماله وقيل يشترط في عمالة تفويض لا تنفيذ وفقره إجماعا لأنه عليه السلام أرسل عمر عاملا وكان غنيا ولأن ما يأخذه أجرة وقال القاضي لا يشترط إسلامه في رواية واختارها الأكثر لأنه يأخذه بحق جبايته ولهذا قال ابن عقيل وأبو يعلى الصغير يصح أن يوكله الوصي في مال اليتيم بيعا وابتياعا وليس بظاهر وفي الأحكام السلطانية يجوز أن يكون كافرا في زكاة خاصة عرف قدرها ولا كونه من غير ذوي القربى في أشهر الوجهين قال المجد هو ظاهر المذهب كقرابة رب المال من والد وولد وكجباية الخراج والحديث محمول على التنزيه قال ابن منجا وفيه نظر وقيل إن منعوا الخمس وظاهره انه لا يشترط ذكوريته قال في الفروع وهذا متوجه وفيه نظر من جهة أنه لم يرد عليه ومن تعليلهم بالولاية
____________________
1-
(2/418)
وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط أعطي أجرته من بيت المال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولا فقهه واشترط في الأحكام السلطانية إن كان من عمال التفويض وإن كان منفذا فلا لأن الإمام عين له ما يأخذه
وأطلق جماعة أنه لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه كسعاة النبي صلى الله عليه وسلم وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط فلا ضمان عليه لأنه أمين أعطي أجرته من بيت المال لأنه من مصالح المسلمين وهذا منها وقيل لا يعطى شيئا قال ابن تميم واختاره صاحب المحرر وظاهره أنها إذا لم تتلف أعطي أجرته منها وإن جاوز الثمن لأن ما يأخذه العامل أجرة في المنصوص وعنه له الثمن مما يجتنيه قال المجد فعليها إن جاوزت أجرته الثمن اعطيه من المصالح ويقدم بأجرته على غيره وله الأخذ وإن تطوع بعمله للخبر والأصح أنه إذا جعل جعل على عمل لم يستحق شيئا قبل تعميله وإن عقد له إجارة وعين له أجرة مما يأخذه فلا شيء له عند تلف ما أخذه وإن لم يعين أو بعثه الإمام ولم يسم له شيئا أعطي من بيت المال
تنبيه إذا ادعى المالك دفعها إلى العامل فأنكر صدق المالك بلا يمين وحلف العامل وبرىء ويقبل قول العامل في الدفع إلى الفقير وكذا إقراره بقبضها ولو عزل ولا يلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه جزم به ابن تميم وقيل بلى وقيل مع تهمته وتقبل شهادة أرباب الأموال عليه في وضعها غير موضعها لا في أحدها منهم وإن شهد به بعضهم لبعض قبل التخاصم قبل غرم العامل وإلا فلا وإن شهد أهل السهمان عليه أوله لم يقبل وإن عمل إمام أو نائبه عليها لم يستحق منها شيئا
____________________
1-
(2/419)
الرابع المؤلفة قلوبهم وهم السادة المطاعون في عشائرهم ممن يرجى سلامه أو يخشى شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
ابن عباس أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فإن أعطاهم مدحوا الإسلام وإن منعهم ذموا وعابوا والمسلمون على أربعة أضرب
أو يرجي بعطيته قوة إيمانه ومناصحته في الجهاد لأنه عليه السلام لما بعث إليه علي بذهبية في تربتها وقسمها بين أربعة نفر الأقرع بن حابس وعيينة بن بدر وعلقمة بن علاثة ثم أحد بني كلاب وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان قال فغضبت قريش وقالوا يعطي صناديد نجد ويدعنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلت ذلك لأتالفهم متفق عليه من حديث أبي سعيد ويقبل قوله في ضعف إسلامه بلا بينة
أو إسلام نظيره أي أنهم سادات من المسلمين لهم نظراء من
____________________
1-
(2/420)
أو جباية الزكاة لا يعطيها ممن لا يعطيها هو أو الدفع عن المسلمين وعنه أن حكمهم انقطع الخامس الرقاب وهم المكاتبون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المشركين إذا أعطوا المسلمين رغب نظراؤهم في الإسلام لأن أبا بكر أعطى عدي ابن حاتم والزبرقان بن بدر مع إسلامهما وحسن نياتهما
أو جباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا أن يخاف
أو الدفع عن المسلمين كمن هو في طرف بلاد الإسلام إذا أعطوا دفعوا عمن يليهم من المسلمين فهؤلاء يعطون من الزكاة لدخولهم في مسمى المؤلفة وعنه أن حكمهم انقطع نقلها حنبل عنه لأن الصحابة لم يعطوا شيئا من ذلك ولأن الله تعالى قد أظهر الإسلام وأعلا كلمة الإيمان فلم يحتج إليهم والحكم يزول بزوال علته وعنه ينقطع مع كفرهم لقول عمر وقد جاءه مشرك يلتمس منه مالا فلم يعطه وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أي يستمر على كفره وعليهما يرد سهمهم على بقية الأصناف أو يصرف في مصالح المسلمين نص عليه وظاهر كلام جماعة يرد على بقية الأصناف فقط
الخامس الرقاب للنص وهم المكاتبون واحده مكاتب ولا يختلف المذهب أنهم من الرقاب بدليل قوله اعتقت رقابي فإنه يشملهم وفي قوله تعالى فكاتبوهم الآية إشعار به ولأنه يملك المال على سيده ويصرف إليه أرش جنايته فكان له الأخذ منها إن لم يجد وفاء كالغريم فإن عتق بأداء أو إبراء فما فضل معه فهل هو له كما لو فضل معه شيء من صدقة التطوع أو للمعطي فيه وجهان ويعطى قبل حلولها للا يؤدي إلى فسخها ولو مع القوة والكسب نص عليه وقيل إذا حل نجم قال جماعة وكذا من علق عتقه لمجيء المال ويستثنى منه المكاتب كتابة فاسدة والكافر لأنه ليس من مصرف الزكاة
____________________
1-
(2/421)
ويجوز أن يفدي بها أسيرا مسلما نص عليه وهل يجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرع لا يدفع إلى المكاتب بحكم الفقر شيء لأنه عبد ويجوز أن يفدي بها أسيرا مسلما نص عليه اختاره جماعة لأنه فك رقبة من الأسر أشبه المكاتب والحاجة داعية إليه لأنه يخاف عليه القتل أو الردة لحبسه في أيدي العدو فهو أشد من حبس القن في الرق وعنه لا قدمه غير واحد وهو قول أكثر العلماء وقال أبو المعالي وكذا لو دفع إلى فقير مسلم غرمه السلطان مالا ليدفع جوره وهل يجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها على روايتين إحداهما يجوز جزم به في الوجيز وغيره لظاهر الآية فإن الرقبة إذا أطلقت تنصرف إليه فجاز صرفها فيه كالمكاتب وشرطها أن يكون ممن لا يعتق عليه بالملك وكلامه مشعر بذلك والثانية لا يجوز قال في رواية أبي طالب كنت أقول يعتق من زكاة ماله ولكن أهابه لأنه نجز الولاء ولأن ظاهر الآية ينتفي الدفع إلى الرقاب لقوله تعالى { وفي سبيل الله } المراد بها الدفع إلى الغزاة والدفع إلى العبد لا يلزم منه فك الرقبة وبالغ ابن عقيل فأدعى أن أحمد رجع عن الأولى لظاهر هذه الرواية وليس هو كذلك بل على سبيل الورع لأن ما رجع من الولاء رد في مثله فلا ينتفع إذا بإعتاقه من الزكاة وعنه الرقاب عبيد يشترون من الزكاة ويعتقون خاصة وعنه لا يعتق منها رقبة كاملة بل يعين في ثمنها فإن جاز فأعتق عبده أو مكاتبه عن زكاته ففي الجواز وجهان ولو علق العتق بشرط ثم نواه من الزكاة عند الشرط لم تجزئه
فرع يجوز الدفع إلى سيد المكاتب بلا إذنه قال الأصحاب وهو الأولى كما يجوز ذلك للإمام فإن رق لعجزه أخذت من سيده ولو بلغت
____________________
1-
(2/422)
السادس الغارمون وهم المدينون وهم ضربان ضرب غرم لإصلاح ذات البين وضرب غرم لإصلاح نفسه في مباح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الزكاة بيد المكاتب أجزأت ولم يغرمها عتق أورد رقيقا
السادس الغارمون للنص وهم المدينون كذا فسره الجوهري وهو ضربان ضرب غرم لإصلاح ذات البين لقوله تعالى { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } الأنفال 1 أي وصلكم والبين الوصل والمعنى كونوا مجتمعين على أمر ابريم والمراد أن تقع بينهم عداوة وضغائن يتلف بها نفس أو مال فيتحمل إنسان حمالة بفتح الحاء لإطفاء الفتنة وسكون النار التي كانت بينهم ثم يخرج في القبائل فيسأل حتى يؤديها فورد الشرع بإباحة المسألة فيها وجعل لهم نصيبا من الصدقه وحديث قبيصة شاهد بذلك وظاهره أن الغارم يأخذ وإن لم يحل دينه وإن كانوا كفارا وفي العمدة وابن تميم والرعاية الكبري من المسلمين وضرب غرم لإصلاح نفسه في مباح كمن استدان في نفقة نفسه وعياله أو كسوتهم وقيده بالمباح ليخرج ما استدان وصرفه في معصية كشرب الخمر والزنا ودخل فيه ما إذا اشترى نفسه من الكفار فيعطى قدره مع فقره وظاهره ولو كان في ذوي القربى وذكر المؤلف احتمالا بالمنع وكما لا يدفع إلى الغارم الكافر ذكره في الشرح وكذا لا يقضى منها دين ميت غرمه لمصلحة نفسه أو غيره لعدم أهلية لقبولها كما لو كفنه منها وحكى الشيخ تقي الدين رواية بالجواز لأن الغارم لا يشترط تمليكه لأنه تعالى قال { والغارمين } ولم يقل للغارمين وفيه نظر ومن تحمل بسبب إتلاف مال أو نهب أحد من الزكاة وكذا إن ضمن عن غيره مالا وهما معران جاز الدفع إلى كل منهما
____________________
1-
(2/423)
السابع في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسائل منها إذا اجتمع الغرم والفقر أعطي بهما فإن أعطى للفقير فله صرفه في الدين وإن أعطى للغرم لم يصرفه في غيره قاله بعضهم
ومنها إذا دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير فعنه يصح كدفعها للفقير وعنه لا لأن الدين على الغارم فلا يصح قضاؤه إلا بتوكيله ذكره في المغني والشرح وهذا خلاف المذهب فإن كان الإمام دافعها لم يفتقر إلى وكالة لولايته عليه في إيفائه ولهذا يجبره عليه إذا امتنع
ومنها إذا أبرأ رب المال غريمه من دينه بنية الزكاة لم تسقط نص عليه سواء كان المخرج عينا أو دينا ويتوجه تخريج لقول الحسن وعطاء في أنها تسقط بناء على أنه هل هو تمليك أم لا وقيل تجزئه من زكاة دينه لأنها مواساة ولا يكفي الحوالة بها جزم به ابن تميم بناء على الحوالة وفاء وذكر المؤلف أنها بمنزلة القبض وإلا كان بيع دين بدين
السابع في سبيل الله للنص وهم الغزاة لأن السبيل عند الإطلاق هو الغزو لقوله تعالى { قاتلوا في سبيل الله } البقرة 190 { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا } الصف 4 إلى غير ذلك من النصوص ولا خلاف في استحقاقهم وبقاء حكمهم بشرط أن يكونوا متطوعة وهذا مراده بقوله الذين لا ديوان لهم أي لا حق لهم في الديوان لأن من له رزق راتب يكفيه فهو مستغن به فيدفع إليهم كفاية غزوهم وعودهم ولا يجوز أن يشتري من الزكاة فرسا يصير حبيسا في الجهاد ولا دارا وضيعة للرباط أو يقفها على الغزاة ولا غزوه على فرس أخرجه من زكاته نص عليه لا
____________________
1-
(2/424)
ولا يعطى منها في الحج وعنه يعطى الفقير ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه الثامن ابن السبيل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إذا اشترى الإمام بزكاة رجل فرسا فله دفعها إليه بغزو عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره ولا يعطى منها في الحج في رواية اختارها في المغني وصححها في الشرح وقاله أكثر العلماء لأن سبيل الله حيث أطلق ينصرف إلى الجهاد غالبا والزكاة لا تصرف إلا لمحتاج إليها كالفقير أو من يحتاجه المسلمون كالعامل والحج لانفع فيه للمسلمين ولا حاجة بهم إليه والفقير لا فرض في ذمته فيسقطه وإن أراد به التطوع فتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة أو صرفها في مصالح المسلمين أولى وعنه يعطى الفقير فهو من السبيل نص عليه وهو المذهب روي عن ابن عباس وابن عمر لما روى أبو داود أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اركبيها فإن الحج في سبيل الله ويشترط له الفقر ومعناه أن يكون ليس له ما يحج به سواها وقيل لا وهو ظاهر الوجيز فيجوز للغني كوصيته بثلثه في السبيل ذكره أبو المعالي قدر ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه جزم به غير واحد لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض والتطوع له عنه مندوحة ولكن ذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وصححه بعضهم لأن كلا في سبيل الله والفقير لا فرض عليه فهو منه كالتطوع فعلى هذا يدفع إليه ما يحج به حجة كاملة وما يعينه في حجه وعلم منه أنه لا يجوز أن يحج من زكاة نفسه كما لا يجوز أن يغزو بها
فرع العمرة في ذلك كالحج نقل جعفر العمرة في سبيل الله
الثامن ابن السبيل للنص والسبيل الطريق وسمي المسافر ابنا له
____________________
1-
(2/425)
وهو المسافر المنقطع به دون المنشىء للسفر من بلده فيعطى قدر ما يصل به بلده ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيه والعامل قدر أجرته والمؤلف ما يحصل به التأليف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لملازمته كما يقال ولد الليل إذا كان يكثر الخروج فيه وهو المسافر سفرا مباحا وفي سفر النزهة خلاف وعاله جماعة بأنه ليس بمعصية فدل على أنه يعطى في سفر مكروه قال في الفروع هو نظير إباحة الرخص فيه لا سفر معصية وقيل يشترط أن يكون سفر طاعة جزم به في الرعاية الصغرى وهو بعيد المنقطع به أي ليس له ما يرجع به إلى بلده دون المنشيء للسفر من بلده لأن الاسم لا يتناوله حقيقة وإنما يصير ابن سبيل في باقي الحال فلا يكون مرادا وعنه بلى لأنه يريد السفر لغير معصية أشبه الأول ويصدق في إرادة السفر بلا يمين فيعطى هذا تفريع على ما ذكره قدر ما يصل به إلى بلده لأن المجوز لأحدهما هو التوصل إلى بلده فلم يجز أن يدفع إليه أكثر من ذلك كالفقير وظاهره أنه يعطى ولو كان ذا يسار في بلده فإن كان يريد غير بلده فظاهره أنه لا يعطى وذكره المجد ظاهر رواية صالح وغيره وظاهر كلام أبي الخطاب لأن الشرع جوز الدفع إليه المرجوع إلى بلده لأنه أمر مهم لا غناء له عنه فلا يجوز إلحاق غيره به وعنه واختاره الأصحاب يدفع إليه ما يكفيه لمنتهى قصده وعوده إلى بلده لأن فيه إعانة على بلوغ الغرض الصحيح وظاهر كلام الأصحاب أنه يعطى ولو وجد من يقرضه ذكره صاحب الشرح خلافا للمجد ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيه أي كل واحد منهما لأن الدفع للحاجة فتقدر بقدرها وهو مبني على ما سبق وشرط الخرقي أن يكون المدفوع إليه إلى الغنى لأن الغنى لو سبق الدفع لم يجز فكذا إذا قارب كالجمع بين الأختين والعامل قدر أجرته لأن الذي يأخذه بسبب العمل يوجب أن يكون بمقداره والمؤلف ما يحصل به التأليف لأنه المقصود
____________________
1-
(2/426)
والغارم والمكاتب ما يقضيان به دينهما والغازي ما يحتاج إليه لغزوه وإن كثر ولا يزاد أحد منهم على ذلك ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم ولا يعطى أحد منهم مع الغنى إلا أربعة العامل والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين والغازي وإن فضل مع الغارم والمكاتب والغازي وابن السبيل شيء بعد حاجتهم لزمهم رده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والغارم والمكاتب ما يقضيان به دينهما لأن حاجتهما إنما تندفع بذلك والغازي ما يحتاج إليه لغزوه من سلاح وفرس إن كان فارسا وحمولته وجميع ما يحتاجه له ولعوده وإن كثر لأنه إنما يحصل بذلك ونبه عليه المؤلف لئلا يتوهم أنه لا يجوز أن يكون قدر نصاب لأن سبب الدفع الحاجة ولا يزاد أحد منهم على ذلك لأن الدفع للحاجة فتيقيد بها ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم لأن الحاجة داعية إلى ذلك كالأخذ لنفسه ولا يعطى أحد منهم مع الغنى لقوله عليه السلام لا تحل الصدقة لغني ولا ذي مرة سوي رواه أبو داود والترمذي من حديث عمرو بن العاص
فائدة المرة القوة والشدة والسوي المستوي الخلق التام الأعضاء إلا أربعة العامل بغير خلاف نعلمه والمؤلف لأن إعطاءهم لمعنى يعم نفعه كالغازي والغارم لإصلاح ذات البين ما لم يكن دفعها من ماله والغازي لما روى أبو سعيد مرفوعا لا تحل الصدقة لغني إلا لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم رواه أبو داود ولأنه يقال جعل الفقراء والمساكين صنفين وعد بعدهما بقية الأصناف ولم يشرط فيهم الفقر ندل على حواز الأخذ مع الغنى وخالف ابن عقيل في الغارم والمذهب ما ذكره المؤلف وظاهره أن الباقين يشترط فيهم الحاجة وابن السبيل وإن كان له مال في بلده فهو الآن كالمعدوم وإن فضل مع الغارم والمكاتب حتى لو سقط ما عليهما ببراءة أو غيرها والغازي وابن السبيل شيء بعد حاجتهم لزمهم رده لان السبب زال فيجب رد العامل لزوال الحاجة فهؤلاء أخذهم مراعى وعلم منه أنهم إذا لم يصرفوه في
____________________
1-
(2/427)
والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا وظاهر كلام الخرقي في المكاتب أنه يأخذ أخذا مستقرا وإذا ادعى الفقر من عرف بالغنى أو ادعى أنه مكاتب أو غارم أو ابن سبيل لم يقبل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حاجتهم أنه يسترجع منهم بكليته لبطلان وجود الاستحقاق وإن تلف في أيديهم بغير تفريط فلا رجوع عليهم وعنه لا يسترد منهم وتبقى لهم كسائر أموالهم لاستحقاقهم وقت الأخذ فملكوها كالبواقي قال في المحرر إلا في عجز المكاتب فإنها تكون لسيده انتهى وسيأتي والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا لأنهم ملكوها ملكا مستقرا والفرق أن هؤلاء حصل المقصود يأخذهم وهو غنى الفقير والمسكين مثلا بخلاف ما سبق وظاهر كلام الخرقي في المكاتب أنه يأخذ أخذا مستقرا أي فلا يرد ما فضل لأنه إذا عجز ورد في الرق فما في يده لسيده نص عليه لأنه مستحق عند أخذها فلم يجب ردها كما لو استغنى الفقير وعنه يرده في المكاتبين وقيل للمعطي قال أبو بكر والقاضي ولو كان دفعها إلى سيده استرجعه المعطي وقيل لا كما لو قبضها منه ثم أعتقه
وإذا ادعى الفقر من عرف بالغنى لم يقبل إلا ببينة لقوله عليه السلام في خبر قبيصة قال لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش رواه مسلم ولأن الأصل بقاء الغنى ونص أحمد أنه لا يقبل فيه إلا ثلاثة وجزم به في الوجيز وقال جماعة يقبل اثنان لدين الآدمي وأجاب المؤلف وغيره عن خبر قبيصة أنه في حل المسألة فيقتصر عليه أو ادعى إنسان أنه مكاتب أو غارم أو ابن سبيل لم يقبل
____________________
1-
(2/428)
إلا ببينة وإن صدق المكاتب سيده أو الغارم غريمه فعلى وجهين وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل قوله وإن رآه جلدا وذكر أن لا كسب له أعطاه من غير يمين بعد ان يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب وإن ادعى أن له عيالا قبل وأعطي ويحتمل أن لا يقبل إلا بينة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلا ببينة لأن الأصل عدم ما يدعيه وبراءة الذمة وفي قوله إنه ابن سبيل وجه يقبل قوله وإن صدق المكاتب سيده أو الغارم غريمه فعلى وجهين أصحهما يقبل لأن الحق في العبد للسيد فإذا أقر بانتقال حقه عنه قبل والغريم في معناه والثاني لا يقبل إلا ببينة لجواز تواطئهما على أخذ المال وقدم في الفروع في المكاتب أنه لا يقبل إلا ببينة وهو غريب وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل قوله لأن الأصل استصحاب الحال السابقة والظاهر صدقه ولو كان متجملا ذكره في الشرح ويخبره بأنها زكاة وإن رآه جلدا أي شديدا قويا وذكر أن لاكسب له أعطاه من غير يمين وفاقا لأنه عليه السلام لن يحلف على ذلك بعد أن يخبره على سبيل الإيجاب أنه لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب لما روى عبدالله بن عدي بن الخيار أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه شيئا فصعد فيهما النظر فرآهما جلدين فقال إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب رواه أبو داود لكن إذا تفرغ للعلم وتعذر الجمع لا إن تفرغ للعبادة فإن رآه ظاهر المسكنة أعطاه منها ولم يبين له قاله أحمد
فرع إذا سأله من ظاهره الفقر أن يعطيه شيئا فأعطاه قيل يقبل قول الدافع في كونها فرضا لسؤاله بقدر العشرة دراهم وقيل لا يقبل لقوله شيئا أني فقير قاله أو المعالي وإن ادعى أن له عيالا قلد وأعطي قاله الأكثر لأن الظاهر صدقه ويسن إقامة البينة لا سيما على الغريب وكما يقلد في حاجة نفسه ويحتمل أن إلا بينة وقاله ابن عقيل لأن الأصل عدم العيال
____________________
1-
(2/429)
ومن غرم أو سافر في معصية لم يدفع إليه فإن تاب فعلى وجهين ويستحب صرفها في الأصناف كلها وإن اقتصر على انسان واحد أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بخلاف ما إذا ادعى أنه لا كسب له لموافقته الأصل ومن غرم أي في معصية كشراء خمر ونحوه أو سافر في معصية كقطع طريق لم يدفع إليه أي قبل التوبة لأنه إعانة على المعصية فإن تاب فعلى وجهين أصحهما أنه يدفع إليه لأن تفريغ الذمة من الدين واجب والإعانة عليه قربة أشبه ما لو تلف ماله في المعصية حتى افتقر فإنه يصرف إليه من سهم الفقراء بشرطه وعود ابن السبيل إلى بلده ليس بمعصية بل ربما كان إقلاعا عنها كالعاق يريد الرجوع إلى أبويه
والثاني لا لكونه استدامة للمعصية فلم تدفع إليه كما لو لم يتب ولأنه متهم في إظهار التوبة لأجل قضاء دينه ثم يعود وكذا لو سافر في مكروه أو نزهة
ويستحب صرفها في الأصناف كلها أي الثمانية لكل صنف منها إن وجد حيث وجب الإخراج أو فيمن أمكن منهم لأن في ذلك خروجا من الخلاف وتحصيلا للاجزاء يقينا وإن اقتصر على إنسان واحد من الأصناف أجزأه في قول جماهير العلماء ونص عليه واختاره الأصحاب لقوله تعالى { إن تبدوا الصدقات فنعما هي } الآية ( البقرة 271 ) ولحديث معاذ وقوله لقبيصة أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها وأمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحد ولأنه لا يجب إذا فرقها الساعي فكذا المالك ولما فيه من الكسر وهو منفي شرعا والآية إنما سيقت لبيان من تصرف إليه لتعميمهم وكالوصية لجماعة
____________________
1-
(2/430)
وعنه لا يجزئه إلا ثلاثة من كل صنف إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا يمكن حصرهم وشرطه إذا لم يوصله إلى الغنى ذكره الخرقي فظاهره لا بد أن ينقض منه ونص أحمد وأكثر الأصحاب على خلافه لكن لا يزيد عليه ونص المؤلف على جواز الدفع إلى واحد دليل على جوازه إلى الصنف من باب أولى
وعنه يجب الاستيعاب اختاره أبو بكر وأبو الخطاب لأن الله تعالى أضافها إليهم بلام التمليك وشرك بينهم فلم يجز الاقتصار على بعضهم إلا لضرورة كأهل الخمس وعليها لا يجب التسوية بين الأصناف كالصنف الواحد وكالوصية للفقراء بخلاف المعين فعلى هذه لا يجزئه أقل من ثلاثة من كل صنف لأنهم أقل الجمع فعلى هذا إن دفع إلى اثنين ضمن نصيب الثالث وهل يضمنه بالثلث لأنه القدر المستحب أو بأقل جزء منه لأنه المجزىء فيه وجهان كالأضحية إذا أكلها وعنه يجزىء واحد اختاره في الانتصار وصاحب المحرر لأنه لما تعذر الاستغراق حمل على الجنس كقوله لا تزوجت النساء إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا وفاقا مع أنه ذكر بلفظ الجمع لأن ما يأخذه أجرة ويسقط سهمه إن فرقها رب المال بنفسه فتبقى سبعة
فرع من كان فيه سببان أخذ بهما على الروايتين كالميراث ولا يجوز أن يعطى بأحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وإن أعطى بهما وعين لكل سبب قدر وإلا كان بينهما نصفين وتظهر فائدته لو وجد ما يوجد الرد
____________________
1-
(2/431)
ويستحب صرفها إلى أقاربه الذين لا يلزمه مؤنتهم ويفرقها فيهم على قدر حاجتهم ويجوز للسيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويستحب للمالك صرفها إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم لقوله عليه السلام صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة رواه الترمذي والنسائي ولأنه لا يرثه بفرض أو تعصيب ولا تلزمه نفقته وإذا أحضر رب المال إلى العامل من أهله من لا تلزمه نفقته ليدفع إليهم وكاته دفعها قبل خلطها بغيرها وبعده هم كغيرهم ولا يخرجهم منها لأن فيها ما هم به أخص ذكره القاضي ويفرقها فيهم على قدر حاجتهم لأنها مراعاة ويقدم الأقرب والأحوج فإن كان الأجنبي أحوج أعطى الكل ولم يحاب بها قريبه والجار أولى من غيره والقريب أولى منه نص عليه والعالم والدين يقدمان على ضدهما
ويجوز للسيد دفع زكاته إلى مكاتبه نص عليه لأنه معه كالأجنبي من حرمان أكثر ما بينهما ولأن الدفع تمليك وهو من أهله فإذا رده إلى سيده بحكم الوفاء جاز كوفاء الغريم وقيده في لملوجيز وغيره بأن لا يكون حيلة ونقل حنبل عن أحمد أنه قال قال سفيان لا تعط مكاتبا لك من الزكاة وأنا أرى مثله واختاره القاضي قال المجد وهو أقيس لأن تعلق حقه بماله أشد من تعلق حق الوالد بمال الولد وإلى غريمه لأنه من جملة الغارمين وسواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع إليه ليقضي به دين المقرض نص عليه ذلك وقال إن كان حيلة فلا يعجبني ونقل عنه ابن القاسم إن أراد الحيلة لم يصح ولا يجوز وبه جزم في الوجيز وذكر القاضي وغيره أن المراد بالحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من ذمته فلا يجزئه لأن من شرطها تمليكا صحيحا وهو منتف مع الشرط وفي المغني والشرح انه حصل من كلام أحمد إذا قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه
____________________
1-
(2/432)
فصل ولا يجوز دفعها إلى كافر ولا عبد ولا فقيرة لها زوج غني ولا إلى الوالدين وإن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لم يجز لأن الزكاة حق الله فلا يجوز صرفها إلى نفعه فصل ولا يجوز دفعها
إلى كافر إجماعا وحديث معاذ نص فيه ولأنها مواساة تجب على المسلم فلم تحب للكافر كالنفقة ويستثنى منه إذا كان مؤلفا أو عاملا على رواية زاد في المستوعب أو غارما لذات البين أو غارما ولا عبد أي كامل الرق لأن نفقته واجبة على سيده فهو غني بغناه وما يدفع إليه ما لا يملكه وإنما يملكه سيده فكأنه دفع إليه ويستثنى منه ما إذا كان عاملا وظاهره لا يدفع إليه وإن كان سيده فقيرا وذكر القاضي في تعليقه في العبد بين اثنين فكاتبه أحدهما يجوز وما قبضه من الصدقات فنصفه يلاقي نصفه المكاتب وما يلاقي نصف السيد الآخر إن كان فقيرا جاز في حصته وإن كان غنيا لم يجز قال المجد ومثله إذا كاتب بعض عبده وكلامه شامل للمدبر وأم الولد والمعلق عتقه بصفة فإن كان بعضه حرا أخذ بقدره بنسبته من خمسين أو من كفايته على الخلاف ولا فقيرة لها زوج غني لغناها بذمتها عليه ولوالد صغير فقير أبوه موسر بل أولى للمعاوضة وثبوتها في الذمة وكما لا يجوز دفعها إلى غني بنفقة لازمة اختاره الأكثر وأطلق قي الترغيب وجهين وجوزه في الكافي لأن استحقاقه للنفقة مشروط بفقرة فيلزم من وجوبها له وجود الفقر بخلاف الزوجة ويستثنى منه ما إذا تعذرت النفقة منه لغيبة أو امتناع فإنه يجوز لها الأخذ نص عليه كمن غصب ماله أو تعطلت منفعة عقاره ولا إلى الوالدين وإن
____________________
1-
(2/433)
علوا ولا إلى الولد وإن سفل ولا إلى الزوجة ولا لبني هاشم ولا مواليهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) علوا ولا إلى الولد وإن سفل لاتصال منافع الملك بينهما عادة فيكون صارفا لنفسه بدليل عدم قبول شهادة أحدهما للآخر وظاهره لا فرق بين الوارث وغيره حتى ولد البنت نص عليه وعلل في الشرح ما يقتضي اقتصاره بوجوب النفقة وأطلق في الواضح في جد وابن ابن محجوبين وجهين وظاهره أنه لا يعطي عمودي نسبه لغرم لنفسه أو كتابة نص عليه وقيل يجوز اختاره الشيخ تقي الدين وذكر جده في ابن سبيل كذلك وسبق كونه عاملا ولا إلى الزوجة إجماعا لأنها مستغنية بنفقتها عليه فلم يجز كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها وظاهره ولو كانت ناشزة ذكره في الانتصار والرعاية وقيل بل مطلقا ولا لبني هاشم نص عليه كالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله إنا لا تحل لنا الصدقة رواه أحمد ومسلم وله أيضا مرفوعا إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس وسواء أعطوا من خمس الخمس أو لا لعموم النصوص ولأن منعهم لشرفهم وهو باق وقيل يجوز إن منعوا الخمس اختاره القاضي يعقوب والآجري والشيخ تقي الدين لأنه محل حاجة وضرورة ويستثنى منه ما لم يكونوا غزاة أو مؤلفة أو غارمين لذات البين وسبق كونه عاملا
أصل بنو هاشم من كان من سلالته ذكره القاضي وأصحابه وجزم في الرعاية بقول بعضهم هم آل عباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبدالمطلب ولا مواليهم جمع مولى وهو من أعتقه هاشمي نص عليه لحديث أبي رافع مرفوعا إن الصدقة لا تحل لنا
____________________
1-
(2/434)
ويجوز لبني هاشم الأخذ من صدقة التطوع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وإن مولى القوم من أنفسهم رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ولأنه بمنزلة النسب في الإرث والعقل والنفقة فغلب الحظر وأومأ أحمد في رواية يعقوب إلى الجواز وحكاه في الشرح عن أكثر العلماء لأنهم ليسوا من آل محمد وكموالي مواليهم
فرع لا تحرم الزكاة على أزواجه عليه السلام في ظاهر كلام أحمد والأصحاب كمواليهن للأخبار وفي المغني والشرح أن خالد بن سعيد ابن العاص أرسل إلى عائشة بسفرة من الصدقة فردتها وقالت إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة رواه الخلال فهذا يدل على تحريمها عليهن ولم يذكرا ما يخالفه مع أنهم لم يذكروا هذا في الوصية والوقف وهذا يدل على أنهن من أهل بيته في تحريم الزكاة وذكر الشيخ تقي الدين أنه يحرم عليهن الصدقة وأنهن من أهل بيته في أصح الروايتين ورده الجد رحمه الله
ويجوز لبني هاشم الأخذ من صدقة التطوع نص عليه وجزم به الأكثر لقوله عليه السلام كل معروف صدقة ولأن محمد بن علي كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة ويقول إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة ولا خلاف في جواز اصطناع المعروف إليهم والمراد به الاستحباب إجماعا فلا وجه لقول ابن حمدان قلت يستحب وإنما عبروا بالجواز لأنه أصل لما اختلف في تحريمه
ونقل الميموني عنه لالعموم ما سبق وأجيب بأن المراد به الصدقة المفروضة
____________________
1-
(2/435)
ووصايا الفقراء والنذر وفي الكفارة وجهان وهل يجوز دفعها إلى سائر من يلزمه مؤنته من أقاربه أو إلى الزوج أو بني المطلب على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأن الطلب كان لها فاللام فيه للعهد ووصايا الفقراء نص عليه والنذر لأنه لا يقع عليهما اسم الزكاة والطهرة والوجوب في الآدمي أشبه الهبة ويؤخذ من نقل الميموني المنع وجزم في الروضة بتحريم النفل على بني هاشم ومواليهم وفي الكفارة وجهان المذهب أنه لا يجوز لوجوبها بالشرع كالزكاة والثاني بلى لأنها ليست أوساخ الناس أشبهت صدقة التطوع
تنبيه كل من حرم دفع الزكاة إليه جاز دفع التطوع له وله أخذها حتى كافر وغني نص عليه وأما النبي صلى الله عليه وسلم فيحرم عليه وإن لم يحرم التطوع على بني هاشم وإن حرم عليهم فهو أولى لأن اجتنابها كان من دلائل النبوة فلم يكن لبخل به ونقل جماعة لا تحرم عليه واختاره القاضي كاصطناع أنواع المعروف إليه عليه السلام
وهل يجوز دفعها إلى سائر من يلزمه مؤنته من أقاربه أو إلى الزوج أو بني المطلب على روايتين وفيه مسائل
الأولى ظاهر المذهب وقدمه في الفروع أنه يجوز دفعها إلى غير عمودي نسبه ممن يرثه بفرض أو تعصيب كالأخت أو الأخ لقوله عليه السلام والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة فلم يفرق بين الوارث وغيره ولأنه مقبول الشهادة له كالأجنبي وكما لو تعذرت النفقة وحكم الإرث بالولاء كذلك اذا قيل زكاة دفعها إليه قريبة ولا نفقة وأن لم يقبل وطالب بنقة الواجب أجبر ولا يجزئه في هذه الحال جعلها زكاة
____________________
1-
(2/436)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والثانية المنع اختارها الخرقي وصاحب التلخيص والقاضي وذكر أنها الأشهر لغناه بوجوب النفقة ولأن نفعها يعود إلى الدافع لكونه يسقط النفقة عنه كعبده وظاهره أن القريب إذا لم تلزمه نفقته أنه يجوز دفعها إليه بلا ريب لأنه لا ميراث بينهما أشبه الأجنبي فلو ورث أحدهما الآخر كعمة وابن أخيها وعتيق ومعتقه وأخوين لأحدهما ابن فالوارث منهما تلزمه النفقة على الأصح وفي دفع الزكاة إليه الخلاف وعكسه الآخر فأما ذوو الأرحام فالأصح أنه يدفع إليهم وإن ورثوا لضعف قرابتهم وفي الإرث بالرد الخلاف وعلى المنع يعطى قريبه لعمالة وتأليف وغزو وغرم لذات البين وظاهر ما سبق لو تبرع بنفقة قريب أو يتيم وضمه إلى عياله جاز الدفع إليه واختاره الأكثر لوجود المقتضي ونقل جماعة واختاره في التنبيه والإرشاد لا روي عن ابن عباس ولأنه يذم على تركه فيكون قد وقى بها ماله وعرضه ولهذا لو دفع إليه شيئا في غير مؤنته التي عوده إياها تبرعا جاز نص عليه
الثانية يجوز دفع الزكاة إلى الزوج في رواية اختارها القاضي وأصحابه والمؤلف وجزم بها في الوجز لحديث زينب امرأة ابن مسعود لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم أيجزىء عني أن أنفق على زوجي وأيتام في حجري فقال لها أجران رواه البخاري والثانية واختارها الخرقي وأبو بكر والمجد وحكاه عن أبي الخطاب لا يجوز قياسا لأحد الزوجين على الآخر ولأن النفع يعود إليها لتمكنها من أخذ نفقة الموسرين منه أو من أصل النفقة مع العجز الكلي وحديث زينب تأوله أحمد في رواية ابن مسيس على غير الزكاة وجوابه
____________________
1-
(2/437)
وإن دفعها إلى من لا يستحقها وهو لا يعلم ثم علم لم يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
بأن الاعتبار بعموم اللفظ ولم يستثن جماعة شيئا وقيل يجوز في الزوجين لغرم لنفسه وكتابة لأنه لا يدفع عنه نفقة واجب كعمودي نسبه
الثالثة يجوز دفعها إلى بني المطلب في رواية اختارها الخرقي والشيخان وغيرهم لعموم آية الصدقات خرج منه بنو هاشم بالنص فيبقى ما عداهم على الأصل ولأن بني المطلب في درجة بني أمية وهو لا يحرم الزكاة عليهم فكذا هم وأقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إليه بنو هاشم ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه مجرد القرابة بل بالنصره أو بهما جميعا بدليل منع بني عبد شمس ونوفل من خمس الخمس مع مساواتهم لهم في القرابة والثانية نقلها عبدالله واختارها القاضي وأصحابه وجزم بها في الوجيز وصححها ابن المنجا المنع لما روى جبير بن مطعم مرفوعا قال بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد رواه البخاري ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فمنعوا كبني هاشم وظاهره ولو منعوا من الخمس ولا يبعد أن يتأتى الخلاف هنا بل هو أولى بالجواز ولم يتعرض المؤلف لمواليهم قال القاضي لا تعرف فيه رواية ولا يمتنع أن حكمهم كموالي بني هاشم وهو ظاهر الخبر والقياس وجزم في الوجيز بالمنع وسئل في رواية الميموني عن مولى قريش يأخذ الصدقة قال ما يعجبني قيل له فإن كان مولى مولى قال هذا أبعد فيحتمل التحريم
وإن دفعها إلى من لا يستحقها كبني هاشم والعبيد وهو لا يعلم أي جاهلا بحاله ثم علم لم يجزئه رواية واحدة قاله في الشرح وفي الفروع في الأشهر لأنه ليس بمستحق ولا يخفى حاله غالبا فلم يعذر
____________________
1-
(2/438)
إلا لغني ظنه فقيرا في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يجهالته كدين الآدمي وجزم به بعضهم في الكفر لتقصيره لظهوره غالبا فعلى ذلك يسترد بزيادته مطلقا ذكره أبو المعالي وشمل ما لو كان المدفوع إليه قريبا قاله أصحابنا وأطلق فيها في الرعاية وفي مسألة الغني روايتين ونص أحمد يجزئه اختاره المجد لخروجها عن ملكه بخلاف ما إذا صرفها وكيل المالك إليه وهو فقير فلم يعلما لا تجزىء لعدم خروجها عن ملكه إلا لغني إذا ظنه فقيرا فإنه يجزئه في إحدى الروايتين اختاره أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز للمشقة لخفاء ذلك عادة فلا يملكها الآخذ والثانية واختارها الآجري والمجد وغيرهما لا يجرئه كما لو بان كافرا ولحق الآدمي فيرجع على الغني بها أو بقيمتها إن تلف يوم تلفا إذا علم أنها زكاة رواية واحدة ومن ملك الرجوع فمات قام وارثه مقامه وظاهر ما سبق أنه إذا دفع صدقة التطوع إلى فقير فبان غنيا أنه يجزئه قاله ابن شهاب لأن المقصود في الزكاة إبراء الذمة ولم تحصل فملك الرجوع وفي التطوع الثواب ولم يفت
فرع إذا دفع الإمام أو الساعي الزكاة إلى من ظنه أهلا فبان غيره فروايات ثالثها لا يضمن إذا بان غنيا ويضمن غيره قال في الفروع وهو أشهر وجزم المجد لا يضمن مع الغنى وفي غيره روايتان
تنبيه يشترط تمليك المعطى لكن للإمام قضاء دين مديون حي والذكر والأنثى فيها سواء والصغير كالكبير وعنه إن أكل الطعام والإلم يجز فعلى المذهب يصرف ذلك في أجرة رضاعه وكسوته وما لا بد منه ويقبل ويقبض له من يلي ماله وكذا الهبة والكفارة قال ابن منصور قلت لأحمد قال
____________________
1-
(2/439)
فصل وصدقة التطوع مستحبة وهي أفضل في شهر رمضان وأوقات الحاجة والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) سفيان لا يقبض للصبي إلا الأب أو وصي أو قاض قال أحمد جيد وذكر المؤلف احتمالا أنه يصح قبض من يليه من أم أو قريب وغيرهما عند عدم الولي لأن حفظه عن الضياع والهلاك أولى من مراعات الولاية وقد نص عليه في رواية جماعة فصل وصدقة التطوع مستحبة في كل وقت إجماعا
لأنه تعالى أمر بها وحث عليها ورغب فيها فقال { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } البقرة 245 وقال النبي صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إليه إلا طيب فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل متفق عليه من حديث أبي هريرة وأفضلها أن تكون سرا بطيب نفس في الصحة للأخبار وهي أفضل في شهر رمضان لحديث أنس مرفوعا أي الصدقة أفضل قال صدقة رمضان رواه الترمذي وغربه ولمضاعفة الحسنات وفيه إعانة على أداء الصوم المفروض وكذا كل زمان أو مكان فاضل كالعشر والحرمين وأوقات الحاجة لقوله تعالى { أو إطعام في يوم ذي مسغبة } الآية وروى أبو سعيد مرفوعا قال من أطعم مؤمنا جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة ويبدأ بمن هو أشد حاجة والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة لقوله عليه السلام الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة رواه أحمد
____________________
1-
(2/440)
وتستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يموته وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته أثم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والترمذي وحسنه من حديث سلمان لا سيما مع عداوته لقوله أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح رواه أحمد والجار مثله وهي عليهم أفضل من العتق نقله حرب والعتق أفضل من الصدقة على الأجانب إلا زمن الغلاء والحاجة نقله بكر بن محمد واختلف هل حج التطوع أفضل من الصدقة مع الحاجة أم معها على القريب مطلقا فيه روايات أربع وذكر الشيخ تقي الدين أن الحج أفضل وأنه مذهب أحمد
وتستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه لقوله تعالى { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } البقرة 219 قال المفسرون هو الفاضل عن حاجته وحاجة عياله ولأن النفس تطيب به ولقوله عليه السلام خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول رواه البخاري من حديث أبي هريرة وأطلق المؤلف الكفاية تبعا لغيره والمراد دائما كما ذكره في الشرح وغيره بمتجر أو غلة ملك أو وقف أو صنعة وذكر بعضهم أنه لا يكفي في الأخيرين وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته أثم لقوله عليه السلام كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول رواه أحمد وأبو داود ولمسلم معناه من حديث عبدالله بن عمرو وإثمة لتركه الواجب قال الأصحاب وكذا إن أضر بنفسه أو بغريمه أو بكالفته وظاهر كلام جماعة إن لم يضر فالأصل الاستحباب وجزم في الرعاية وغيرها أنه يكره التصدق قبل الوفاء والإنفاق الواجب
____________________
1-
(2/441)
ومن أراد الصدقة بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك وإن لم يثق من نفسه لم يجز له ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ومن أراد الصدقة بماله كله وكان منفردا وهو يعلم من نفسه حسن التوكل وهو عبارة عن الثقة بما عند الله واليأس عما في أيدي الناس والصبر عن المسألة فله ذلك وحكاه عياض عن جمهور العلماء وأئمة الأمصار لقوله تعالى { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } الحشر 9 وجاء أبو بكر بجميع ما عنده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك فقال الله ورسوله فكان هذا فضيلة في حق الصديق لقوة يقينه وكمال إيمانه وهذا يقتضي الاستحباب وعن عمر رد جميع صدقته ومذهب أهل الشام ينفذ في الثلث وعن مكحول في النصف وإن لم يثق من نفسه لم يجز له ذكره أبو الخطاب وجزم به في الوجيز لما روى جابر مرفوعا قال خير الصدقة والشرح أنه يكره فإن كان له عائلة ولهم كفاية او يكفيهم بكسبه جاز ما كان عن ظهر غنى رواه أبو داود فيمنع من ذلك ويحجر عليه وفي المغني لقصة الصديق ويكره لمن لا صبر له على الضيق ولا عادة له به أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة نص عليه لأن التقتير والتضييق مع القدرة شح وبخل نهى الله عنه وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم منه وفيه سوء الظن بالله تعالى وظهر مما سبق أن الفقير لا يقترض ولا يتصدق لكن نص أحمد في فقير لقريبه وليمة يستقرض ويهدي له وهو محمول إذا ظن وفاء
مسألة يحرم المن بالصدقة وغيرها وهو كبيرة نص أحمد فيها ويبطل الثواب بذلك وللأصحاب فيه خلاف وفي بطلان طاعة بمعصية واختار
____________________
1-
(2/442)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الشيخ تقي الدين الإحباط لمعنى الموازنة وانه قول أكثر السلف وإذا أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ولا يجب وعنه أنه حبيس وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان إذا أخرج طعاما لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر وقاله الحسن ومن سأل فأعطى فسخطه لم يعط لغيره في ظاهر كلام العلماء
____________________
1-
(2/443)
= كتاب الصوم =
يجب صوم شهر رمضان برؤية الهلالا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الصيام =
هو والصوم مصدرا صام
وفي اللغة عبارة عن الإمساك ومنه { إني نذرت للرحمن صوما } مريم 26 وقول الشاعر خيل صيام وخيل غير صائمه تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما % لإمساكها عن الصهيل في موضعه ويقال صامت الريح إذا أمسكت عن الهبوب
وفي الشرع إمساك جميع النهار عن المفطرات من إنسان مخصوص مع النية يجب صوم شهر رمضان لقوله تعالى { كتب عليكم الصيام } إلى قوله { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } البقرة 182 183 وقوله عليه السلام
بني الإسلام على خمس فذكر منها صوم رمضان والإجماع منعقد على وجوبه وفرض في السنة الثانية من الهجرة فصام عليه السلام تسعا والمستحب قول شهر رمضان كما صرح به تبعا للنص ولا يكره بإسقاط شهر في وقول أكثر العلماء وذكر المؤلف أنه يكره إلا مع قرنه الشهر وذكر الشيخ تقي الدين وجها يكره وفي المنتخب لا يجوز لخبر وقد ضعف وقال ابن الجوزي هو موضوع وسمي رمضان لحر جوف الصائم فيه ورمضه والرمضاء شدة الحر وقيل لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة فوافق شدة الحر وقيل لأنه يحرق الذنوب وقيل موضع لغير معنى كبقية الشهور وقيل فيها معان أيضا برؤية الهلال
____________________
1-
(3/3)
فإن لم ير مع الصحو أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا وإن حال دون منظره غيم أو قتر ليلة الثلاثين وجب صيامه بنية رمضان في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقوله عليه السلام صوموا لرؤيته فإن لم ير مع الصحو أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا بغير خلاف وصلوا التراويح كما لو رأوه ويستحب تراءي الهلال احتياطا للصوم وحذارا من الاختلاف وقد روت عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ في شعبان ما لا يتحفظ في غيره ثم يصوم لرؤية رمضان رواه الدارقطني بإسناد صحيح
وإن حال دون منظره أي مطلعه غيم أو قتر ليلة الثلاثين وجب صيامه بنية رمضان في ظاهر المذهب اختاره الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا ونصوص أحمد عليه وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر وقاله جمع من التابعين لما روى ابن عمر مرفوعا قال
إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له متفق عليه ومعنى فاقدروا له أي ضيقوا لقوله تعالى { ومن قدر عليه رزقه } الطلاق أي ضيق وهو أن يجعل شعبان تسعا وعشرين يوما ويجوز أن يكون معناه اقدروا زمانا يطلع في مثله الهلال وهذا الزمان يصح وجوده فيه أو يكون معناه فاعلموا من طريق الحكم أنه تحت الغيم لقوله تعالى { إلا امرأته قدرناها من الغابرين } الحجر 60 أي علمناها مع أن بعض المحققين قالوا إن الشهر أصله تسع وعشرون يؤيده ما رواه أحمد عن أسماعيل عن أيوب عن نافع قال كان عبد الله إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يوما بعث من ينظر له فإن راه فذاك وإن لم يره ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما ولا شك
____________________
1-
(3/4)
وعنه لا يجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه راوي الخبر وأعلم بمعناه فيتعين المصير اليه كما رجع اليه في تفسير خيار المتابعين يؤكده قول علي وأبي هريرة وعائشة لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان ولأنه يحتاط له ويجب بخبر الواحد فعلى هذا يصومه حكما ظنيا بوجوبه إحتياطا ويجزئه إذا بان منه قيل للقاضي لا يصح إلا بنية ومع الشك فيها لا يجزم بها فقال لا يمنع التردد فيها للحاجة كالأسير وصلاة من خمس وفي الانتصار يجزئه إن لم يعتبر نية التعيين وإلا فلا وظاهرة أنها لا تصلي التراويح ليلتئذ واختاره التميميون اقتصارا على النص واختار جماعة عكسه قال المجد هو أشبه بكلام أحمد القيام قبل الصيام وعنه ينويه حكما جازما بوجوبه وقاله بعض أصحابنا وجزم به في الوجيز فعليه يصلي التراويح إذن ولا تثبت بقية الأحكام من حلول الاجال ووقوع المعلقات وانقضاء العدة وغير ذلك وذكر القاضي احتمالا يثبت كما يثبت الصوم وتوابعه من النية وتعيينها ووجوب الكفارة بالوطء فيه ونحو ذلك
وعنه لا يجب صومه قبل رؤية هلاله أو إكمال شعبان اختاره في التبصرة والشيخ تقي الدين وقال هو مذهب أحمد المنصوص الصريح عنه وقاله أكثر العلماء لما روى أبو هريرة مرفوعا
صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما متفق عليه ولفظه للبخاري ولأنه يوم شك وهو منهي عن صومه والأصل بقاء الشهر فلا ينتقل عنه بالشك وأجيب بأن خبر أبي هريرة يرويه محمد بن زياد وقد خالفه سعيد بن المسيب فرواه عن أبي هريرة
فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين وروايته أولى لإمامته واشتهار ثقته وعدالته
____________________
1-
(3/5)
وعنه الناس تبع للإمام فإن صام صاموا وإذا رئي الهلال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وموافقته لرأي أبي هريرة وقال الاسماعيلي ذكر شعبان فيه من تفسير ابن ابي اياس وليس هو بيوم شك كما يأتي
وعنه الناس تبع للإمام فإن صام صاموا وإن فطر أفطروا وجوبا وهو قول الحسن وابن سيرين لقوله عليه السلام
الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون رواه الترمذي وقال حسن غريب من حديث أبي هريرة فمعناه أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس واجب وقال أحمد السلطان في هذا أحوط وأنظر للمسلمين وأشد تفقدا ويد الله على الجماعة فيتحرى في كثرة كمال الشهور قبله ونقصها واختاره بمن لا يكتفي به وغير ذلك من القرائن وقال ابن عقيل
يعمل بعادة غالبة لمضي شهرين كاملين والثالث ناقص وهو معنى التقدير وعنه صومه منهي عنه اختاره أبو القاسم بن مندة وأبو الخطاب وابن عقيل لأنه يوم شك وفيه نظر فقيل يكره وقيل يحرم وإذا لم يجب صومه وجب أداء الشهادة بالرؤية وإن لم يسأل عنها
فرع إذا نواه احتياطا بلا مستند شرعي فبان منه لم يجزئه في رواية وعنه بلى وعنه يجزئه ولو اعتبرت نية التعيين ولا يحكم بطلوع الهلال بنجوم أو حساب ولو كثرت إصابتهما
وإذا رئى الهلال نهارا قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة هذا هو المشهور وقاله أكثر العلماء لما روى أبو وائل قال جاءنا كتاب عمرأن الأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا أو يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس عشية رواه الدارقطني فعلى هذا لا يجب به صوم
____________________
1-
(3/6)
وإن رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ولا يباح به فطر ورؤيته نهارا ممكنة لعارض يعرض في الجو يقل به ضوء الشمس أو يكون قوي النظر وعنه بعد الزوال للمقبلة وقبلة للماضية اختاره أبو بكر والقاضي وقدمه في المحرر للقرب من كل واحدة منهما وعنه بعد الزوال اخر الشهر للمقبلة احتياطا وعنه اخر الشهر للمقبلة مطلقا
قائدة يقال من الصباح إلى الزوال رأيت الليلة وبعده يقال رأيت البارحة قاله ثعلب هذا باعتبار الحقيقة ومنع ذلك مطلقا لا وجه له
وإن رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم للعموم ولأن الشهر في الحقيقة ما بين الهلالين وقد ثبت أن هذا اليوم منه في جميع الأحكام فكذا الصوم وظاهره لا فرق بين قرب المكان أو بعده وأنه يجب ولو اختلفت المطالع نص عليه وذكر الشيخ تقي الدين أنها تختلف باتفاق أهل المعرفة لكن قال أحمد الزوال في الدنيا واحد واختار في الرعاية البعد مسافة قصر ولا يلزم الصوم وعن كريب قال قدمت الشام واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأيناه ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في اخر الشهر فسألني ابن عباس فأخبرته فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى يكمل ثلاثين أو نراه فقلت ألا يكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم فدل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وخبره ونحن نقول به وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول وليس هو في الحديث والفطر إنما هو إذا صيم بشهادته ليكون فطرهم مبنيا على صومهم بشهادته وهنا ليس كذلك فعلى المذهب واختاره في الرعاية لو سافر من بلد الرؤية ليلة الجمعة إلى بلد الرؤية ليلة السبت فبعد وتم شهره ولم يروا الهلال صام معهم وعلى المذهب يفطر خفية قاله المجد وإن
____________________
1-
(3/7)
ويقبل في هلال رمضان قول عدل ولا يقبل في سائر الشهور إلا عدلان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شهد به وقيل قوله أفطروا معه على المذهب وإن سافر إلى بلد الرؤية ليلة الجمعة من بلد الرؤية ليلة السبت وبعد أفطر معهم وقضى يوما على المذهب ولم يفطر على الثاني
ويقبل في هلال رمضان قول عدل واحد نص عليه وحكاه الترمذي عن أكثر العلماء لأنه عليه السلام صوم الناس بقول ابن عمر رواه أبو داود والحاكم وقال على شرط مسلم ولقبوله خبر الأعرابي به رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس ولأنه خبر ديني وهو أحوط ولا تهمة فيه بخلاف اخر الشهر ولاختلاف حال الرائي والمرئي ولهذا لو حكم حاكم بشهادة واحد وجب العمل بها وظاهره لا فرق بين الغيم والصحو ولا بين المصر وخارجه وقال أبو بكر إن جاء من خارج المصر أو رأه فيه لا في جماعة قبل واحد وشذ في الرعاية فقال وقيل يقبل قول واحد حتى مع غيم أو قتر وعنه يعتبر عدلان كبقية الشهور فعلى المذهب هو خبر فتقبل المرأة والعبد ولا يختص بحاكم فيلزمه الصوم من سمعه من عدل زاد بعضهم ولو رد الحاكم قوله ولا يعتبر لفظ الشهادة وقيل بلى فتنعكس الأحكام وفي المستور والمميز الخلاف وفي المستوعب لا يقبل صبي وإذا ثبت بقول الواحد ثبتت بقية الأحكام
ولا يقبل في سائر الشهور إلا عدلان حكاه الترمذي إجماعا أي رجلان لقول ابن عمر وابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين ولأنه ليس بمال ولا يقصد به المال ولا احتياط فيه أشبه الحدود وعنه يقبل فيه واحد كأبي ثور وكأوله وقيدها في الرعاية بوضع ليس فيه غيره
____________________
1-
(3/8)
وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما فلم يروا الهلال افطروا وإن صاموا بشهادة واحد فعلى وجهين وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وظاهره لا يقبل رجل وامرأتان ولا النساء المفردات لأنه ما يطلع عليه الرجال ولا يعتبر التواتر في العيدين مع الغيم وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما فلم يروا الهلال أفطروا وجها واحدا قاله في الشرح لحديث عبد الرحمن بن زيد ابن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا رواه النسائي وقيل لا مع صحو اختاره أبو محمد الجوزي لأن عدم الهلال يقين فيقدم على الظن وهي الشهادة وإن صاموا بشهادة واحد فعلى وجهين وقيل هما روايتان إحداهما لا يفطر قدمه في المحرر لأنه فطر لم يجز أن يستند إلى واحد كما لو شهد بشوال والثاني وجزم به في الوجيز أنهم يفطرون لثبوته تبعا كالنسب لا يثبت بشهادة النساء ويثبت بها الولادة وقيل لا فطر مع الغيم وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا وجها واحدا قاله في الشرح لأن الصوم إنما كان احتياطا فمع موافقته للأصل وهو بقاء رمضان أولى وقيل بلى قال في الرعاية إن صاموا جزما مع الغيم أفطروا وإلا فلا فعلى الأول إن غم هلال شعبان ورمضان فقد يصوم اثنين وثلاثين يوما حيث نقصنا رجبا وشعبان وكانا كاملين وكذا الزيادة إن غم هلال رمضان وشوال وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين ونقل النووي عن العلماء أنه لا يقع النقص متواليا في أكثر من أربعة أشهر د
فرع إذا صاموا ثمانية وعشرين يوما ثم رأوا هلال شوال قضوا يوما فقط نقله حنبل واحتج بقول علي ولبعد الغلط بيومين قال في الفروع ويتوجه تخريج
____________________
1-
(3/9)
ومن رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته لزمه الصوم وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو بعده أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومن رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته لمانع لزمه الصوم وحكمه للعموم وكعلم فاسق بنجاسة ماء أو دين على موروثه ولأنه يتيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما تلزم الأحكام التى هي من خصائص الرمضانية بخلاف غيره من الناس ونقل حنبل لا يلزمه الصوم واختاره الشيخ تقي الدين وروي عن الحسن وابن سيرين لأنه محكوم أنه من شعبان أشبه التاسع والعشرين وكذا قال لا يلزمه شيء من أحكامه وعلى الأول هل يفطر يوم الثلاثين من صيام الناس فيه وجهان ويتوجه عليهما وقوع طلاقه وحل دينه المعلقين به وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر نقله الجماعة للخبر السابق وقاله عمر وعائشة ولاحتمال خطئه وتهمته فوجب الاحتياط وكما لا يعرف ولا يضحي وحده قاله الشيخ تقي الدين قال
والنزاع مبني على أصل وهو أن الهلال هل هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يشتهر ولم يظهر أو أنه لا يسمى هلالا إلا بالظهور والاشتهار فيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد وقال أبو حكيم يتخرج أن يفطر اختاره أبو بكر قال ابن عقيل يجب أن يفطر سرا لأنه يتيقنه يوم العيد
تنبيه إذا راه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم أو شهد أفردهما لجهله بحالهما لم يجز لأحدهما ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما في قياس المذهب لأن ردهما ليس بحكم وإنما هو توقف لعدم علمه وفي المغني والشرح الجواز لقوله فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا رواه النسائي
وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير والمطمور ومن بمغارة ونحوهم تحرى وهو أن يجتهد في معرفة شهر رمضان لأنه أمكنه تأدية فرضه بالاجتهاد فلزمه كاستقبال القبلة وصام فإن وافق الشهر أو بعده أجزأه كالصلاة وكما لو لم
____________________
1-
(3/10)
وإن وافق قبله لم يجزئه ولا يجب الصوم إلا على المسلم البالغ العاقل القادر على الصوم ولا يجب على كافر ولا مجنون ولا صبي لكن يؤمر به إذا أطاقه ويضرب عليه ليعتاده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ينكشف له الحال لتأدية فرضه بالاجتهاد ولا يضر التردد في النية لمكان الضرورة فلو وافق رمضان السنة القابلة فقال المجد قياس المذهب لا يجزئه عن واحد منهما إن اعتبرنا نية التعيين وإلا وقع عن الثاني وقضى الأول ويعتبر أن يكون ما صامه بقدر ايام شهره الذي فاته سواء وافق ما بين الهلالين أو لا ذكره في المغنى والشرح وظاهر الخرقي أنه متى وافق شهرا بعده أجزأه وإن كان ناقصا ورمضان تاما قاله القاضي وصاحب التلخيص وأورده المجد مذهبا كالنذر وفرق في الشرح بأن النذر مطلق فيحمل على ما تناوله الاسم والقضاء يجب أن يكون بعذر المتروك وإن وافق قبله لم يجزئه نص عليه لأنه أتى بالعبادة قبل وقتها فلم يجزئه كالصلاة فلو وافق بعضه رمضان فما وافقه أو بعده أجزأه دون ما قبله ولو صام شعبان ثلاث سنين متوالية ثم علم صام ثلاثة أشهر شهرا بعد شهر كالصلاة إذا فاتته نقله مهنا وإن ظن أن الشهر لم يدخل فصام لم يجزئه
ولا يجب الصوم إلا على المسلم البالغ العاقل القادر على الصوم إجماعا ولا يجب على كافر مطلقا لأنه عبادة محضة تفتقر إلى النية فكان ى من شرطها الإسلام كالصلاة ولا مجنون ولا صبي لعدم تكليفهما ورفع القلم عنهما لكن يؤمر به إذا أطاقه ويضرب عليه ليعتاده كذا قاله الأكثر أي يجب على الولي ذلك ذكره جماعة وعنه يجب عليه إذا أطاقه اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وقاله عطاء والأوزاعي والمراد به المميز وحد ابن أبي موسى طاقته بصيام ثلاثة أيام متوالية من غير ضرر لقوله عليه السلام
إذا أطاق الغلام صيام
____________________
1-
(3/11)
إذا قامت البيئة بالرؤية في أثناء النهار لزمته الامساك والقضاء وإن أسلم كافر أو أفاق مجنون أو بلغ صبي فكذلك وعنه لا يلزمهم شيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ثلاثة أيام وجب عليه صيام رمضان رواه ابن جريج عن محمد بن عبد الرحمن ولأنها عبادة بدنية أشبهت الصلاة وعنه يلزم من بلغ عشر سنين وأطاقه قال الخرقي يؤخذ به إذن والمذهب الأول قال القاضي هو عندي رواية واحدة وحمل ما روي عن أحمد على الاستحباب وكالحج وحديثهم مرسل ويحمل على الندب وسماه واجبا تأكيدا وفيه جمع بين الأدلة وأما كون القدرة من شروطه فلأن العاجز عن الشيء لا يكلف به للنص
وإذا قامت البينة بالرؤية في اثناء النهار لزمهم الإمساك لتعذر إمساك الجميع فوجب أن يأتوا بما يقدرون عليه وكما لو تعمدوا الأكل في يوم اخر منه والقضاء فلثبوته من رمضان ولم يأتوا فيه بصوم صحيح فلزمهم قضاؤه للنص وذكر أبو الخطاب رواية لا يلزم الإمساك كالمسافر إذا قدم وغلط المؤلف بأقلها وخرج في المغني على قول عطاء من ظن أن الفجر لم يطلع وقد طلع وقال الشيخ تقي الدين يمسك ولا يقضي وكما لو لم يعلم بالرؤية إلا بعد الغروب
وإن أسلم كافر أو أفاق مجنون أو بلغ صبي فكذلك أي إذا صار في أثناء يوم منه أهلا للوجوب لزمه إمساك ذلك اليوم وقضاؤه في ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لأمره عليه السلام بإمساك يوم عاشوراء ولحرمة الوقت ولقيام البينة فيه بالرؤية ولإدراكه جزءا من وقته كالصلاة وعنه لا يلزمهم شيء أي لا إمساك لقول ابن مسعود من أكل أول النهار فليأكل اخره ولأنه أبيح لهم فطر أوله ظاهرا وباطنا فكان لهم الاستدامة كما لو دام العذر ولا قضاء لعدم إدراكهم من الوقت ما يسع العبادة أشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت وإن قلنا يجب على الصبي عصى بالفطر وأمسك وقضى كالبالغ وعلم أنهم يستقبلون
____________________
1-
(3/12)
وإن بلغ الصبي صائما أتم ولا قضاء عليه عند القاضي وعند أبي الخطاب عليه القضاء وإن ظهرت حائض أو نفساء أو قدم المسافر مفطرا فعليهم القضاء وفي الامساك روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من الشهر ما عدا اليوم وأنه لا يلزمهم قضاء ما مضى وإن بلغ الصبي بالسن أو الاحتلام صائما بأن نواه من الليل أتم صومه بغير خلاف ولا قضاء عليه عند القاضي لأنه نواه من الليل فأجزأه كالبالغ ولا يمتنع أن يكون أوله نقلا وباقيه فرضا كنذره إتمام النفل وعند أبي الخطاب وهو ظاهر الوجيز عليه القضاء أي قضاء ذلك اليوم لقيام البينة يوم الثلاثين وهو في نفل المعتاد وكبلوغه في صلاة أو حج ولأن ما مضى منه نفل فلم يجز عن الفرض كما لو نذر صوم يوم مقدم فلان فقدم والناذر صائم فإنه يلزمه القضاء والخلاف مبني على وجوب القضاء عليه إذا بلغ مفطرا وأما إذا لم يجب فلا قضاء هنا وجها واحدا
وإن طهرت حائض أو نفساء أو قدم المسافر أو أقام مفطرا فعليهم القضاء إجماعا وكمريض إذا صح في أثناء النهار مفطرا وفي الإمساك روايتان كذا أطلقهما جماعة والأصح لزومه وكمقيم تعمد الفطر سافر أو حاضت المرأة أو لا نقله ابن القاسم وحنبل ويعايا بها والثانية ظاهرا لا إمساك عليهم لقول ابن مسعود لأن كل من ذكر يباح له الأكل أول النهار ظاهرا وباطنا ويتوجه لا إمساك مع حيض ومع السفر الخلاف وإذا لم يجب الإمساك فقدم مسافر مفطرا فوجد امرأته طهرت لامن حيظها له أن يطأها ولو علم مسافر أنه يقدم غدا لزمه الصوم كمن نذر صوم يوم يقدم فلان وعلم قدومه في غد بخلاف الصبي يعلم أنه يبلغ في غد لأنه غير مكلف
مسألة إذا بريء مريض أو قدم مسافر أو أقام صائما لزمه الإتمام وأجزأ كمقيم صائم مرض ثم لم يفطر حتى عوفي ولو وطئا فيه كفرا نص عليه كمقيم وطيء ثم سافر ذكره في الفروع
____________________
1-
(3/13)
ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا برجى برؤه أفطر وأطعم كل يوم مسكينا والمريض إذا خاف الضرر والمسافر استحب لهما الفطر وإن صاما أجزأهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومن عجز عن الصوم لكبر وهو الهم والهمة أو مرض لا يرجى برؤه أفطر أي له ذلك إجماعا وأطعم عن كل يوم مسكينا لقول ابن عباس في قوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية } ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصوم يطعمان مكان كل يوم مسكينا رواه البخاري ومعناه عن ابن أبي ليلى عن معاذ ولم يدركه رواه أحمد والمراد بالإطعام ما يجزيء في الكفارة فلو كان الكبير مسافرا ومريضا فأفطر فلا فدية عليه ذكره في الخلاف ولا قضاء للعجز عنه وبعايا بها وإن أطعم ثم قدر على القضاء فكمعضوب حج عنه ثم عوفى ذكره المجد وظاهره أنه لا يجب القضاء بل يتعين الإطعام
والمريض إذا خاف الضرر والمسافر وهو من له القصر استحب لهما الفطر لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } أي فأفطر وقد روى الترمذي مرفوعا
إن الله وضع عن المسافر الصوم وقاله حديث حسن ولأن فيه قبول الرخصة مع التلبس بالأخف لقوله عليه السلام
ما خيرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهما ويشترط له أن يخاف زيادة المرض أو بطء برئه فإن لم يتضرر به لم يفطر وجزم به في الرعاية في وجع رأس وحمى ثم قال إلا أن ينضر قيل لأحمد متى يفطر المريض قال إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال واي مرض أشد من الحمى فلو خاف تلفا بسومه كره وجزم جماعة بأنه يحرم ولم يذكروا خلافا في الإجزاء وإن صاما أجزأهما نقله الجماعة ونقل حنبل في المسافر لا يعجبني واحتج بقوله عليه
____________________
1-
(3/14)
ولا يجوز أن يصوما في رمضان عن غيره ومن نوى الصوم في سفره قله الفطر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + السلام ليس من البر الصوم في السفر وعمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة والسنة الصحيحة ترد هذا القول وحملها على رواية الجماعة أولى من عدم الإجزاء وظاهره أنه يجزيء من غير كراهة وقد سأله إسحاق بن ابراهيم عن الصوم فيه لمن قوي فقال لا يصوم وحكاه المجد عن الأصحاب قال وعندي لا يكره لمن قوي واختاره الاجري وليس الصوم فيه أفضل وفرق بينه وبين رخصة القصر أنها مجمع عليها تبرأ بها الذمة ورد بصوم المريض ولا يجوز أن يصوما في رمضان عن غيره من قضاء وفدية وغيرهما لأن الفطر أبيح تخفيفا ورخصة فإذا لم يرده لزمه الإتيان بالأصل كالجمعة وكالمقيم الصحيح ولأنه لو قبل صوما من المعذور لقبله من غيره كسائر الزمان المتضيق للعبادة فلو نوى صوما غير رمضان فهل يقع باطلا أم يقع ما نواه هي مسألة تعيين النية
تنبيه إذا خاف من به شبق تشقق أنثييه أو به مرض ينتفع فيه بوطء ساغ له الوطء وقضى بلا كفارة نقله الشالنجي إن لم تندفع شهوته بغيره وإلا لم يجز وكذا إن أمكنه أن لا يفسد صوم زوجته لم يجز وإلا جاز للضرورة فوطء صائمة أولى من حائض وقيل يتخير وإن تعذر قضاؤه لدوام شبقه فككبير عجز عنه
ومن نوى الصوم في سفره فله الفطر لفطره عليه السلام كما روي في الأخبار الصحيحة وظاهرة لو بالجماع لأن من له الأكل له الجماع كمن لم ينو وذكر جماعة أنه يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعده وعنه لا يجوز بالجماع لأنه لا يقوى على السفر فعليها إن جامع كفر والمذهب لا قال في الفروع وهو
____________________
1-
(3/15)
وأن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر أثنائه فله الفطر وعنه لا يجوز والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا وإن خافتا على ولديهما أفطرتا قضتنا واطعمتا لكل يوم مسكينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أظهر وإن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر لظاهر الاية والأخبار الصريحة منها ما روى عبيد بن جبير قال
ركبت مع أبي بصرة الغفاري من الفسطاط في شهر رمضان ثم قرب غداءه فقال اقترب قلت الست ترى البيوت قال اترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل رواه أبو داود ولأن السفر يبيح الفطر فأباحه في أثناء النهار كالمرض الطاريءولو بفعله والصلاة لا يشق إتمامها وهي اكد لأنها متى وجب إتمامها لم يقصر بحال وترك الفطر أفضل سواء سافر طوعا أو كرها ذكره جماعة فيعايابها وليس له الفطر قبل خروجه لأنه ليس مسافرا عنه لا يباح وقاله له أكثر العلماء لأن الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمعا غلب حكم الحضر كالصلاة وعنه لا يجوز بجماع لآكديته فعلى المنع يكفر من وطىء وجعلها بعضهم كمن نوى الصوم في سفره ثم جامع
والحامل والمرضع إذا خافتا الضرر على انفسهما كره لهما الصوم ويجزيء فإن افطرتا قضتا بغير خلاف نعلمه كالمريض إذا خاف على نفسه ولقدرتهما عليه بخلاف الكبير قال أحمد أقول بقول أبي هريرة لا بقول ابن عمر وابن عباس في منع القضاء وظاهره أنه لا إطعام معه لأنه فطر أبيح لعذر فلم يجب به كفارة كالمريض وذكر بعضهم رواية وإن خافتا على ولديهما أفطرتا لأن خوفهما خوف على ادمي أشبه خوفهما على أنفسهما وقضتا لعموم قوله تعالى { فعدة من أيام أخر } وكسائر المرضى وأطعمتا لكل يوم مسكينا ما يجزيء في الكفارة لظاهر قوله { وعلى الذين يطيقونه فدية } الاية وهو قول ابن عمر
____________________
1-
(3/16)
ومن نوى قبل الفجر ثم جن أو أغمى عليه جميع النهار لم يصح صومه وإن أفاق جزءا منه صح صومه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وابن عباس ولا يعرف لهم مخالف ولأنه إفطار بسبب نفس عاجزة عن الصوم من طريق الخلقة كالشيخ الهم ويلحق بهذا الظئر التى ترضع ولد غيرها ذكره الأصحاب لأن السبب المبيح يستوي فيه كالسفر لحاجته وحاجة غيره وفي الرعاية قول لا تفطر الظئر إذا خافت على رضيعها والإطعام على الأم جزم به في الوجيز لأنه تبع لها ولهذا وجب كفارة واحدة ويحتمل أنه بينها وبين من تلزمه نفقته من قريب أو من ماله لأن الإرفاق لهما والمذهب أن الإطعام على من يمونه ويصرف إلى مسكين واحد جملة واحدة وظاهره أنه على الفور لوجوبه وهو أقيس وذكر المجد أنه إن أتى به مع القضاء جاز لأنه كالتكملة له
تنبيه لا يسقط الإطعام بالعجز ذكره في المستوعب وهو ظاهر كلام احمد اختاره المجد كالدين وذكر ابن عقيل والمؤلف أنه يسقط وذكر القاضي وجماعة أنها تسقط في الحامل والمرضع ككفارة الوطء بل أولى للعذر هنا ولا يسقط عن الكبير والمأيوس لأنها بدل عن نفس الصوم الواجب الذي لا يسقط بالعجز فكذا بدله وكذا إطعام من أخر قضاء رمضان وغيره غير كفارة الجماع
ومن نوى قبل الفجر ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه لأن الصوم عبارة عن الإمساك مع النية فلم يوجد الإمساك المضاف اليه دل عليه قوله
إنه ترك طعامه وشرابه من أجلي فلم تعتبر النية منفردة عنه وإن أفاق أي المغمى عليه جزءا منه صح صومه لقصده الإمساك في جزء من النهار فأجزأ كما لو نام بقية يومه وظاهره أنه لا يتعين جزء للإدراك ولا يفسد قليل الإغماء
____________________
1-
(3/17)
وإن نام جميع النهار صح صومه ويلزم المغمى عليه القضاء دون المجنون
فصل ولا يصح صوم واجب إلا أن ينويه من الليل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الصوم والجنون كالإغماء وقيل يفسد الصوم بقليله كالحيض بل أولى لعدم تكليفه
وأجيب بأنه زوال عقل من بعض اليوم فلم يمنع صحته كالإغماء ويفارق الحيض فإنه لا يمنع الوجوب وإنما يمنع صحته ويحرم فعله وإن نام جميع النهار صح صومه لأنه معتاد ولا يزيل الإحساس بالكلية وخالف فيه الاصطخري وهو شاذ ويلزم المغمى عليه إذا لم يصح صومه القضاء في الأصح لأنه مرض وهو مغط على العقل غير رافع للتكليف ولا تطول مدته ولا تثبت الولاية على صاحبه ويدخل على الأنبياء عليهم السلام وعنه لا يقضي كالجنون دون المجنون فلا يلزمه قضاء لعدم تكليفه سواء فات بالجنون الشهر أو بعضه وعنه يقضي لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع وجوب الصوم كالإغماء وعنه أن أفاق في الشهر قضى ما مضى وإن أفاق بعده فلا كما لو جن في أثنائه وكما لو أفاق في جزء من اليوم لكن إذا جن في صوم قضاء وكفارة فإنه يقضيه بالوجوب السابق فصل
ولا يصح صوم واجب إلا أن ينويه من الليل لما روى ابن عمر عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الخمسة قال الترمذي والخطابي رفعه عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه وعمرو من الثقات ووافقه على رفعه ابن جريج عن الزهري رواه النسائي ولم
____________________
1-
(3/18)
معينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يثبت أحمد رفعه وصحح الترمذي أنه موقوف على ابن عمر وعن عائشة مرفوعا
من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له رواه الدارقطني وفي لفظ للزهري من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له
لا يقال قد ورد في صوم عاشوراء بنية من النهار لأن وجوبه كان نهارا لمن صام تطوعا ثم نذره على أن جماعة ذكروا أنه ليس بواجب ولأن النية عند ابتداء العبادة كالصلاة وظاهره أنه في أي وقت من الليل نوى أجزأه لإطلاق الخبر وسواء وجد بعدها ما يبطل الصوم كالجماع والأكل أو لا نص عليه فلو بطلت فات محلها وقال ابن حامد تبطل إذا أتى بالمنافي كما لو فسخ النية أو نسيها أو أغمى عليه حتى طلع الفجر وإن نوت الحائض صوم الغد وقد عرفت الطهر ليلا فوجهان وظاهره أنه لا يصح في نهار يوم كصوم غد وكنيته من الليل صوم بعد غد وعنه يصح ما لم يفسخها وحملها القاضي على أنه استصحبها إلى الليل وهو ظاهر ويعتبر لكل يوم نية مفردة لأنها عبادات بدليل أنه لا يفسد يوم بفساد اخر وكالقضاء وعنه يجزيء في أول رمضان نية واحدة لكله نصرها أبو يعلى الصغير وعلى قياسه النذر المعين ونحوه فلو أفطر يوما بعذر أو غيره لم يصح صيام الباقي بتلك النية جزم به في المستوعب وغيره وقيل يصح مع بقاء التتابع قدمه في الرعاية معينا أي لا بد أن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو نذره أو كفارته نص عليه واختاره الأصحاب لقوله
إنما الأعمال بالنية وإنما لامريء ما نوى وكالقضاء والكفارة ولأن التعيين مقصود في نفسه فلو فطر بقلبه نقله ليلا أنه صائم غدا
____________________
1-
(3/19)
وعنه لا يجب تعيين النية لرمضان ولا يحتاج إلى نية الفرضية وقال ابن حامد يجب ذلك ولو نوى أن كان غدا من رمضان فهو فرضي وإلا فهو نفل لم يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فقد بريء قال بعض أصحابنا الأكل والشرب بنية الصوم عندنا نية قال الشيخ تقي الدين هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم بدليل ليلة العيد من غيرها
وعنه لا يجب تعيين النية لرمضان لأن التعيين يراد للتمييز وهذا الزمان يتعين وكالحج فعليها يصح بنية مطلقة لتعذر صرفه إلى غير رمضان واختار حفيده يصح مطلقا مع الجهل فإن كان عالما فلا كمن دفع وديعة رجل إليه على طريق التبرع ثم تبين أنه كان حقه فإنه لا يحتاج إلى إعطاء ثان ولا يحتاج مع التعيين إلى نية الفرضية لأن الواجب لا يكون الا فرضا فأجزأ التعيين عنه وقال ابن حامد يجب ذلك كالصلاة ولو نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضي أي الذي فرضه الله علي وإلا فهو نفل لم يجزئه على المشهور في المذهب لأنه لم يعين الصوم من رمضان حزما وعلى الثانية يجزئه ونقل صالح أنه يصح بالنية المترددة والمطلقة مع الغيم دون الصحو لوجوب صومه فلو نوى إن كان غدا من رمضان فصومي عنه وإلا فهو عن واجب عينه بنيته لم يجزئه عن ذلك الواجب وفي إجزائه عن رمضان الروايتان إذا بان منه وإن قال وإلا فأنا مفطر لم يصح وإن نوى الرمضانية بلا مستند شرعي فعلى الخلاف إذا بان منه وإن كان عن مستند شرعي أجزأه كالمجتهد في الوقت
فرع إذا قال أنا صائم غدا إن شاء الله تعالى فإن قصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد فسدت نيته وإلا لم تفسد ذكره في التعليق و الفنون لأنه إنما قصد أن فعله للصوم بمشيئة الله وتوفيقه وتيسيره كما لا يفسد
____________________
1-
(3/20)
ومن نوى الافطار أفطر ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده وقال القاضي لا يجزئ بعد الزوال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الإيمان به غير متردد في الحال وطرده القاضي في سائر العبادات بأنها لا تفسد بذكر المشيئة في نيتها
ومن نوى الإفطار أفطر نص عليه وفي الشرح هو ظاهر المذهب لأنه عبادة من شرطه النية ففسد بنية الخروج كالصلاة ولأن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة لكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بناء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها فإذا نواه زالت حقيقة وحكما وقال ابن حامد لا تبطل كالحج مع بطلان الصلاة عنده وأجيب بأن الحج يصح بنية مطلقة ومبهمة وقوله افطر أي صار كمن لم ينو لاكمن أكل فلو كان في نفل يقطعه ثم نواه جاز نص عليه وكذا لوكان في نذر أو كفارة أو قضاء فقطع بنيته ثم نوى نفلا جاز ولو قلت نية نذر وقضاء إلى النفل فكمن انتقل من فرض صلاة ألى نفلها وعلى المذهب لو تردد في الفطر او نوى أنه سيفطر ساعه أخرى او إن وجدت طعاما أكلت وإلا أتمممت فكالخلاف في الصلاة ويصح صوم النفل بنية من النهار وقبل الزوال وبعده نص عليه واختاره أكثر الأصحاب منهم القاضي في أكثر تصانيفه لما روت عائشة قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء قلنا لا قال فإني إذا صائم رواه مسلم ويدل عليه حديث عاشوراء ولأن الصلاه خفف نفلها عن فرضها فكذا الصوم ولما فيه من تكثيره لكونه يعن له من النهار فعفي عنه وقال القاضي في المجرد وتبعه ابن عقيل لا يجزئ بعد الزوال لأن فعله عليه السلام إنما هوفي الغداء وهو قبل الزوال ولأن النية لم تصحب العبادة في معظمها أشبه ما لو نوى مع الغروب وأجيب بأنه نوى في جزء منه يصح كأوله وجميع الليل وقت لنية الفرض فكذا النهار
____________________
1-
(3/21)
& باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة &
ومن أكل أو شرب أو استعط أو احتقن أو داوى الجائفة بما يصل إلى جوفه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وشرطه أن لايكون فعل ما يفطره قبل النية فإن فعل فلا يجزئه الصوم بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح وخالف فيه أبوزيد الشافعي ويحكم بالصوم الشرعي المثاب على من وقت النيه في الأظهر وفي المجرد والهداية من أول النهار وقاله حماد وإسحاق إن نواه قبل الزوال فعلى الأول تطوع حائض طهرت وكافر اسلم في يوم ولم يأكلا يصوم بقية اليوم وعلى الثاني لا لامتناع تبعيض صوم اليوم قال في الفروع ويتوجه يحتمل أن لا يصح عليهما لأنه لايصح منهما صوم باب ما يفسد الصوم
المفسد للصوم كل ما ينافيه من أكل أو شرب ونحوهما ويوجب الكفارة ومن أكل أوشرب فقد أفطر لقوله تعالى { وكلوا واشربوا } الاية فأباحهما إلى غاية وهي تبين الفجر ثم أمر بالإمساك عنهما إلى الليل لأن حكم ما بعد الغاية يخالف ما قبلها وقول النبي صلى الله عليه وسلم
كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به إنه ترك طعامه وشرابه من أجلي متفق عليه وظاهره لا فرق بين مغذ وغيره ولا بين القليل والكثير أو استعط في أنفه بدهن أو غيره فوصل إلى حلقه أو دماغه قال في الكافي أو خياشيمه لنهيه عليه السلام الصائم عن المبالغة في الاستنشاق أو احتقن في دبره لأنه يصل إلى الجوف ولأن غير المعتاد كالمعتاد في الواصل ولأنه أبلغ وأولى من الاستعاط أو داوي الجائفة بما يصل إلى جوفه لأنه أوصل إلى جوفه شيئا باختياره أشبه ما لو أكل
____________________
1-
(3/22)
أو اكتحل بما يصل إلى حلقه أو داوى المأمومة أو قطر في أذنه ما يصل إلى دماغه أو أدخل إلى جوفه شيئا من أي موضع كان أو استقاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أو اكتحل بكحل أو صبر أو ذرور أو إثمد مطيب بما يصل إلى حلقه نص عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال
ليتقه الصائم رواه أبو داود والبخاري في تاريخه من حديث عبد الرحمن بن النعمان بن سعيد ابن هوذة عن أبيه عن جده قال ابن معين
حديث منكر وعبد الرحمن ضعيف وقال أبو حاتم صدوق ووثقه ابن حبان واختار الشيخ تقي الدين لا يفطر لأنها ليست منفذا فلم يفطر به كما لو دهن رأسه وأجيب بأن العين منفذ لكنه ليس بمعتاد وكالواصل من الأنف أو داوى المأمومة أو قطر في أذنه ما يصل إلى دماغه لأن الدماغ أحد الجوفين فالواصل اليه يغذيه فأفسد الصوم كالاخر أو أدخل إلى جوفه شيئا من أي موضع كان وهو من عطف العام على الخاص وهو شامل إذا طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بشيء في جوفه فغاب هو أو بعضه فيه أو ابتلع خيطا ويعتبر العلم بالواصل وجزم في منتهى الغاية بأنه يكفي الظن واختار الشيخ تقي الدين لا يفطر بمداواة جائفة ومأمومة ولا بحقنه أو استقاء أي استدعى القيء فقاء لخبر أبي هريرة المرفوع من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض روا ه الخمسة وقال الترمذي حسن غريب ورواه الدارقطني وقال إسناده كلهم ثقات وظاهره لا فرق بين القليل والكثير قال المؤلف هو ظاهر المذهب وذكر المجد أنه أصح الروايات كسائر المفطرات وعنه يفطر بملء الفم اختاره ابن عقيل ويقدر بما لا يمكنه الكلام معه وعنه أو نصفه كنقض الوضوء وعنه إن فحش وقاله القاضي وذكر ابن هبيرة أنه الأشهر وبالغ ابن عقيل فقال إذا قاء بنظره إلى ما يقيئه فإنه يفطر كالنظر والفكر وفيه احتمال لا يفطر مطلقا وذكره البخاري عن أبي هريرة ويروى عن ابن مسعود وابن عباس وخبر أبي هريرة السابق ضعفه أحمد والبخاري
____________________
1-
(3/23)
أو استمنى أو قبل أو لمس فأمنى أو مذى أو كرر النظر فأنزل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو استمنى أي استدعى خروج المني لأنه إذا فسد بالقبلة المقترنة بالإنزال فلأن يفسد به بطريق أولى لكن لو استمنى بيده ولم ينزل فقد أتى محرما ولا يفسد به فأما إن أنزل لغيره شهوة فلا كالبول أو قبل أو لمس فأمنى لما روى أبو داود عن عمر أنه قال هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله إني فعلت أمرا عظيما فقبلت وأنا صائم قال أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم قلت لا بأس به قال فمه فشبه القبلة بالمضمضة من حيث إنها من مقدمات الفطر فإن المضمضة إذا كان معها نزول أفطر وإلا فلا ذكره في المغني والشرح وفيه نظر لأن غايته أنما قد تكون وسيلة وذريعة إلى الجماع وفيه احتمال لا يفطر وقال داود وضعف الخبر السابق وقال هو ريح أو مذى نص عليه لأنه إنزال بمباشرة أشبه المني واختار الاجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين لا يفطر قال في الفروع وهو أظهر عملا بالأصل وقياسه على المني لا يصح لظهور الفرق وقيل يبطل بالمباشرة دون الفرج فقط وإن استمنى فأمنى أو مذى فكذلك على الخلاف وقوله
فأمنى أو مذى راجع الى الإستمناء وما بعده وعلم منه أنه لا فطر بدون الإنزال لقول عائشة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم وكان أملككم لاربه رواه البخاري روى بتحريك الراء وسكونها ومعناه حاجة النفس ووطرها وقيل بالتسكين العضو وبالتحريك الحاجة أو كرر النظر فأنزل أي منيا لأنه إنزال بفعل يلتذ به ويمكن التحرز منه أشبه الإنزال باللمس وقال الآجري لا يفطر كالإنزال بالفكر فلو أنزل مذيا لم يفطر على المذهب لأنه لا نص فيه والقياس لا يصح وقيل يفطر به قال في الفروع وهو
____________________
1-
(3/24)
أو حجم أو احتجم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أقيس على المذهب كاللمس وكلام المؤلف يحتمله كالخرقي لأنه خارج بسبب الشهوة كالمني ولأن الضعيف إذا تكرر قوي كتكرار الضرب بصغير في القود لكن في الكافي وسواء في هذا كله إنزال المني أو المذي إلا في تكرار النظر فلا يفطر إلا بإنزال المني وظاهره لا فطر بعدم الإنزال بغير خلاف و لا إذا لم يكرر النظر لعدم إمكان التحرز منه وقيل يفطر ونص أحمد
أنه يفطر بالمني لا المذي ويلحق به ما ذكره في الإرشاد احتمالا فيمن هاجت شهوته فأمنى أو مذى أنه يفطر
فرع يفطر بالموت فيطعم من تركته في نذر وكفارة وبالردة لأن الصوم عبادة محضة فنافاها الكفر كالصلاة
أو حجم أو أحتجم نص عليه وقاله الأصحاب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
أفطر الحاجم والمحجوم رواه أحمد والترمذي من حديث رافع بن خديج ورواه أحمد أيضا من حديث ثوبان وشداد بن أوس وعائشة وأسامة بن زيد وأبى هريرة ومعقل بن سنان وهو لأبي داوود من حديث ثوبان ولابن ماجه من حديث شداد وأبي هريرة وهذا يزيد على رتبة المستفيض قال ابن خزيمة ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال أحمد
فيه غير حديث ثابت وأصحها حديث رافع وقال ابن المديني أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد وصححهما أحمد والبخاري وعنه إن علما النهي وقد كان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلا ورخص فيها أبو سعيد الخدري وابن مسعود وقاله أكثر العلماء لما روي ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم رواه البخاري ولأنه دم خارج من البدن أشبه الفصد وجوابه أن أحمد ضعف رواية ابن عباس
____________________
1-
(3/25)
عامدا ذاكرا لصومه فسد صومه وإن كان مكرها أو ناسيا لم يفسد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
من رواية الأثرم لأن الأنصاري ذهبت كتبه في متنه فكان يحدث من كتب غلامه أبي حكيم ثم لو صح فيجوز أن يكون صومه تطوعا ويحتمل أن يكون لعذر ويعضده ما روى أبو بكر بإسناده عن ابن عباس قال احتجم النبي صلى الله عليه وسلم من شيء كان وجده فهذه تسقط الاستدلال ولو سلم التساوي فأحاديثنا أكثر واعتضدت بعمل الصحابة ولو سلم فحديثهم فعل وتلك قول وهو مقدم لعدم عموم الفعل واحتمال أنه خاص به ونسخ حديثهم أولى لأنه موافق لحكم الأصل فنسخه يلزم منه مخالفة الأصل مرة واحدة بخلاف نسخ حديثنا لأنه يلزم مخالفة الأصل مرتين وذكر الخرقي احتجم ولم يذكر حجم والمهذب التسوية للخبر ولعل مراده أنه يفطر الحاجم إن مص القارورة والحجم في الساق كالحجم في القفا نص عليه وظاهر كلام أحمد ومعظم الأصحاب لا فطر إن لم يظهر دم واختار ابن عقيل وجمع أنه يفطر ولو جرح نفسه لا للتداوي بدل الحجامة لم يفطر وظاهره لا يفطر بالفصد لأن القياس لا يقتضيه والثاني بلى وصححه الشيخ تقي الدين فعلى هذا في الشرط احتمالان ولا فطر بغير ذلك واختار الشبخ تقي الدين أنه يفطر إذا أخرج دمه برعاف وغيره وقاله الأوزاعي في الرعاف عامدا أي قاصدا للفعل لأن من لم يقصد فهو غافل غير مكلف وإلا يلزم تكليف ما لا يطاق ذاكرا أي غير ناس لصومه فسد صومه في الصور السابقة كلها ويجب القضاء إن كان واجبا وإن كان مكرها أو ناسيا لم يفسد صومه وأجزأه لقوله عليه السلام
عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولحديث أبي هريرة مرفوعا من نسي وهو صائم فأكل أو وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه متفق عليه وللدارقطني معناه وزاد ولا قضاء
____________________
1-
(3/26)
وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو قطر في إحليله أو فكر فأنزل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وللحاكم وقال على شرط مسلم من أكل في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة وظاهره أنه لا فرق بين الوعيد والإلجاء نص عليه كالناسي بل أولى بدليل الإتلاف ويدخل فيه النائم إذا فعل به شيء بل هو كالناسي لعدم قصده وقال ابن عقيل يحتمل عندي أنه يفطر بالوعيد لأنه فعل دفعا للضرر عن نفسه فيه كالمريض ولو أوجر المغمى عليه معالجة لم يفطر وقيل بلى لرضاه ظاهرا فكأنه قصده وكالجاهل بالتحريم نص عليه في الحجامة وكالجهل بالوقت والنسيان يكثر وفي الهداية والتبصرة لا فطر لعدم تعمده المفسد كالناسي وجمع بينهما في الكافي بعدم التأثيم
فرع من أراد الفطر فيه بأكل أو شرب وهو ناس أو جاهل فهل يجب إعلامه فيه وجهان قال في الفروع ويتوجه ثالث إعلام جاهل لا ناس وفيه شيء
وإن طار إلى حلقه ذباب لم يفطر خلافا للحسن بن صالح أو غبار من طريق أو دقيق أو دخان فكالنائم وقيل في حق الماشي وقيل في حق النخال والوقاد أو قطر في إحليله هنا نص عليه لعدم المنفذ وإنما يخرج البول رشحا لمداواة جرح عميق لم ينفذ إلى الجوف وقيل بينهما منفذ كمن وضع في فيه ما لم يتحقق نزوله في حلقه وقيل يفطر إن وصل مثانة وهي العضو الذي يجتمع فيه البول أو فكر فأنزل لقوله عليه السلام
عفي لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به ولأنه لا نص فيه ولا إجماع وقياسه على تكرار النظر لا يصح لأنه دونه في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال وسواء أنزل منيا أو مذيا واختار أبو حفص العكبري وابن عقيل أنه يفسد لأن
____________________
1-
(3/27)
أو ذرعه القيء أو أصبح وفي فيه طعام فلفظه أو اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفكرة تستحضر فيدخل تحت الاختيار أما لو خطر بقلبه صورة في مباشرته نهارا لم يفطر وظاهره ولو وطىء قرب الفجر ويشبهه من اكتحل إذن أو ذرعه القيء للخبر ولخروجه بغير اختيار أشبه المكره ولو عاد عمدا إلى جوفه بغير أختياره ولو أعاد عمدا ولم يملأ الفم أو قاء ما لا يفطر به ثم ع أعاده أفطر كتلفه بعد انفصاله عن الفم أو أصبح وفي فيه طعام فلفظه أي رماه لعدم إمكان التحرز منه ولا يخلو منه صائم غالبا فإن شق رميه فبلعه مع ريقه بغير قصد أو جرى ريقه ببقية طعام تعذر رميه أو بلع ريقه عادة لم يفطر وإن أمكنه لفظه بأن تميز عن ريقه فبلعه عمدا أفطر ولو دون الحمصة أو اغتسل لأنه عليه السلام كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم متفق عليه من حديث عائشة وأم سلمة ولأن الله أباح الجماع وغيره إلى طلوع الفجر فيلزم جواز الإصباح جنبا احتج به ربيعة والشافعي لكن يسن له أن يغتسل قبل الفجر وعليه يحمل نهيه عليه السلام أو أنه منسوخ ولهذا لما أخبر بقول عائشة وأم سلمة فقال هما أعلم بذلك إنما حدثنيه الفضل بن عباس متفق عليه قال سعيد
ابن المسيب رجع أبو هريرة عن فتياه فإن أخره يوما صح وأثم والحائض كالجنب إذا انقطع دمها ليلا ونوته ونقل صالح في الحائض تؤخره بعد الفجر قال يقضي وهو قريب من قول عروة وطاووس في الجنب
فائدة لا يكره للصائم أن يغتسل قال المجد لأن فيه إزالة الضجر من العبادة كالجلوس في الظل البارد وغوصه في الماء كصبه عليه ونقل حنبل لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مسامعه
أو تمضمض أو استنشق في الوضوء فدخل الماء حلقه لأنه واصل
____________________
1-
(3/28)
لم يفسد صومه وإن زاد على الثلاث أو بالغ فيهما فعلى وجهين ومن أكل شاكا في طلوع الفجر فلا قضاء عليه وإن أكل شاكا في غروب الشمس فعليه القضاء وإن أكل معتقدا أنه ليل فبان نهارا فعليه القضاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بغير قصد أشبه الذباب فإن كان لنجاسة فكالوضوء لم يفسد صومه لما ذكرنا وإن زاد على الثلاث في أحدهما أو بالغ فيهما فدخل الماء حلقه فعلى وجهين كذا في الكافي والمحرر والفروع أحدهما لا يفطر جزم به في الوجيز لأنه واصل بغير اختياره والثاني بلى لأنه فعل مكروها تعرض به إلى إيصال الماء إلى حلقه أشبه الإنزال بالمباشرة واختار المجد يبطل بالمبالغة للنهي الخاص وعدم ندرة الوصول فيها بخلاف المجاوزة وأنه ظاهر كلام أحمد في المجاوزة يعجبني أن يعيد فإن تمضمض أو استنشق عبثا أو لحر أو عطش كره نص عليه وفي الفطر به الخلاف في الزائد على الثلاث وكذا إن غاص في الماء من غير غسل مشروع أو إسراف أو كان عابثا حكمه حكم الداخل من الحلق من المبالغة والمجاوزة وقال المجد إن فعله لغرض صحيح فكالمضمضة المشروعة وإن كان عبثا فكالمجاوزة
ومن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين له الحال فلا قضاء عليه لظاهر الآية ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك منه وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه فلو أكل يظن طلوع الفجر فبان ليلا ولم يجدد نية صومه الواجب قضى جزم به بعضهم وإن أكل شاكا في غروب الشمس ودام شكه أو أكل فظن بقاء النهار فعليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار فإن بان ليلا لم يقض وكذا إن أكل فظن الغروب ثم شك بعد الأكل ولم يتبين لأنه لم يوجد يقين أزال الظن الذي بني عليه كالصلاة وإن أكل معتقدا أو ظانا أنه ليل فبان نهارا في أوله أو اخره كمن يعتقد أن الشمس غابت ولم تغب أو أن الفجر لم يطلع وقد طلع فعليه القضاء وفاقا لأن الله تعالى أمر بإتمام الصوم
____________________
1-
(3/29)
فصل إذا جامع في نهار رمضان
في الفرج قبلا كان أو دبرا فعليه القضاء والكفارة عامدا كان أو ساهيا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولم يتمه وقالت أسماء أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام بن عروة وهو راوي الحديث أمروا بالقضاء قال لا بد من قضاء رواه أحمد والبخاري ولأنه جهل وقت الصوم كالجهل بأول رمضان وعنه لا قضاء على من جامع جاهلا بالوقت واختاره الشيخ تقي الدين وقال هو قياس أصول أحمد وغيره فيتوجه هنا مثله
فرع إذا أكل ناسيا وظن أنه قد أفطر فأكل عمدا فيتوجه أنها مسألة الجاهل بالحكم فيه الخلاف السابق فلو جامع بعده نسيانا واعتقد الفطر به فكالناسي والمخطيء إلا أن يعتقد وجوب الإمساك فيكفر في الأشهر فصل وإذا جامع في نهار رمضان
في الفرج قبلا كان أو دبرا فعليه القضاء والكفارة عامدا كان أو ساهيا وفيه أمور
الأولى أن الجماع في نهار رمضان بلا عذر مفسد له لقوله تعالى { فالآن باشروهن } الاية فدلت أن الصيام المأمور بإتمامه ترك الوطء والأكل فإذا وجد فيه الجماع لم يتم فيكون باطلا والمكره كالمختار في ظاهر المذهب وشرطه أن يكون بذكر أصلي في فرج أصلي قبلا كان أو دبرا من ذكر او انثى حر أو ميت أنزل أو لا لأنه في مظنة الإنزال أو لأنه باطن كالدبر فلو أولج خنثى مشكل ذكره في قبل خنثى مشكل أو قبل امرأة أو أولج رجل ذكره في قبل خنثى مشكل لم يفسد صوم واحد منهما إلا أن ينزل كالغسل وكذا إذا أنزل مجبوب أو امرأتان بمساحقة
____________________
1-
(3/30)
وعنه لا كفارة عليه مع الإكراه والنسيان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثانية أنه يجب عليه القضاء عن كل يوم مثله في قول أكثر العلماء لقوله عليه السلام للمجامع وصم يوما مكانه رواه أبو داود والأثرم وكما لو أفسده بالأكل
الثالثة عليه الكفارة لحديث الأعرابي وقال النخعي وغيره لا كفارة عليه لأنها عبادة لا تجب الكفارة بإفساد قضائها فلم تجب بإفساد أدائها كالصلاة
وجوابه بأن الأداء يتعلق بزمن مخصوص يتعين به والقضاء محله الذمة والصلاة لا يدخل في جبرانها المال بخلافه هنا
الرابعة الساهي كالعامد في وجوب ذلك نقله الجماعة وهو اختيار أكثر الأصحاب لأنه عليه السلام لم يستفصل الأعرابي بين أن يكون ساهيا أو عامدا ولو اختلف الحكم لاستفصله وبذلك استدل أحمد ولأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز والسؤال معاد في الجواب كأنه قال إذا واقعت في صوم رمضان فكفر ولأنه عبادة يحرم الوطء فيها فاستوى عمده وسهوه كالحج
وعنه لا كفارة عليه مع الإكراه والنسيان اختاره ابن بطه للخبر في العفو عن ذلك ولأن الكفارة لرفع الإثم وهي منحطة عنهما وعنه ولا يقضي اختاره الاجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وحكاه في شرح مسلم قول جمهور العلماء كالأكل
تنبيه إذا جامع يعتقده ليلا فبان نهارا فجزم الأكثر بوجوب القضاء وعنه عكسه اختاره الشيخ تقي الدين ويأتي رواية ابن القاسم واختار الأصحاب أنه يكفر قال المجد وأنه قياس من أوجبها على الناسي وأولى والثانية لا يكفر وقالها أكثر العلماء وعليها إن علم في الجماع أنه نهار ودام عالما
____________________
1-
(3/31)
ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر وهل يلزمها مع عدمه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالتحريم لزمته الكفارة فلو جامع ليلا وطلع عليه الفجر وهو مجامع واستدام فعليه القضاء والكفارة وإن نزع في الحال مع أول طلوعه وكذلك اختاره ابن حامد والقاضي لأن النزع جماع يلتذ به كالجماع واختار أبو حفص عكسه وقال ابن أبي موسى يقضي قولا واحدا وفي الكفارة خلاف ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر كالإكراه والنسيان لأنها معذورة ولعموم ما سبق وذكر القاضي وغيره أنها إذا جامعت ناسية أن حكمها حكم الرجل وعنه أنها تكفر وخرجها القاضي من الحج وعنه يرجع بها على الزوج لأنه الملجيء لها إلى ذلك وعلم منه أنه يفسد صومها ويجب عليها القضاء قال في الشرح بغير خلاف نعلمه من المذهب لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمرأة كالأكل نص عليه في المكرهة وعنه لا وقيل يفسد إن فعلت إلا المقهورة والنائمة وأفسد ابن أبي موسى صوم غير النائمة لحصول مقصود الوطء لها قال في الفروع ويتخرج أن لا يفسد صومها مع النسيان وإن فسد صومه وكذا الجاهلة ونحوها وهل يلزمها مع عدمه على روايتين كذا في المحرر إحداهما يلزمها الكفارة اختارها أبو بكر وقدمها في الفروع وهي أصح لأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فلزمتها الكفارة كالرجل والثانية لا وجزم بها في الوجيز لأن الشارع لم يأمرها بها وكفطرها بتغييب بعض الحشفة بعد سبق جماعها المعتبر وأجيب بأن في لفظ الدارقطني هلكت وأهلكت فيدل على أنها كانت مكرهة وبأن ذلك البعض ليس له حكم الباطن والخوف وعنه كفارة واحدة خرجها أبو الخطاب من الحج وضعفه جماعة بأن الأصل عدم التداخل فلو كانت من أهل العتق وهو من أهل الإطعام وقلنا بالتحمل خير بينهما وقيل يطعم عن نفسه ويبقى
____________________
1-
(3/32)
وعنه كل أمر غلب عليه الصائم فليس عليه قضاء ولا كفارة وهذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان وإن جامع دون الفرج فأنزل أو وطئ بهيمة في الفرج أفطر وفي الكفارة وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا أكرهها على الوطء فيه دفعته بالأسهل فالأسهل ولو أفضى إلى نفسه كالمار بين يدي المصلي ذكره ابن عقيل
وعنه كل أمر غلب عليه الصائم كما لو غصبها نفسها فجامعها أو انتشر ذكره وهو نائم فاستد خلته فليس عليه قضاء ولا كفارة نقلها ابن القاسم عنه لأنه لم يوجد منه فعل فلم يجبا كما لو صب في حلقه ماء أو طار إلى حلقه ذباب و قال المؤلف والأصحاب هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان قال ابن عقيل في مفرداته الصحيح في الأكل و الوطء إذا غلب عليهما لا يفسدان فأنا أخرج من الوطء رواية من الأكل وعكسه وقيل يقضي من فعل لا من فعل به من نائم وغيره وقيل لا قضاء مع النوم فقط لعدم حصول نقصوده وإن جامع دون الفرج كمن وطىء امرأته في فخذها أو صرتها عامدا وقيل أو ناسيا اختاره الأكثر فأنزل وفي الفروع فأمنى وهى أولى فسد صومه لأنه إذا فسد باللمس مع الإنزال ففي المجامعة بطريق الأولى وظاهره أنه إذا لم ينزل لا يفسد كاللمس أو وطيء بهيمة في الفرج أفطر لأنه وطيء في فرج أشبه وطء الادمية في فرجها ولم يقيده بالإنزال لإقامة المظنة مقام الحقيقة وفي الكفارة وجهان ذكرهما أبو الخطاب في وطء البهيمة بناء على الحد وقال ابن شهاب لا يجب بمجرد الإيلاج فيه غسل ولا فطر ولا كفارة
أحدهما يجب اختاره الخرقي وأبو بكر والأكثر كالوطء في الفرج والفرق واضح والناسي كالعامد صرح به جماعة وفي المغني والشرح والروضة عامدا وظاهره لا فرق بين الميتة والحية في الأشهر
____________________
1-
(3/33)
وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته وردت شهادته فعليه القضاء والكفارة وإن جامع في يومين ولم يكفر فهل تلزمه كفارة أو كفارتان على وجهين وإن جامع ثم كفر ثم جامع فعليه كفارة ثانية نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والثاني لا كفارة عليه اختاره صاحب النصيحة والمغني والشرح والفروع لأنه فطر بغير جماع تام أشبه القبلة
وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته وردت شهادته فعليه القضاء والكفارة لأنه أفطر يوما من رمضان بجماع فلزمته كما لو قبلت شهادته وإن جامع في ويومين و لم يكفر فهل تلزمه كفارة أو كفارتان على وجهين أحدهما تجزئه واحدة وهو ظاهر الخرقي واختاره أبو بكر وابن أبي موسى كما لو كانا في يوم واحد كالحدود والثاني تعدد الكفارة بتعدد الأيام اختاره الأكثر وهو المذهب وحكاه ابن عبد البر عن أحمد لأن كل يوم عبادة وكيومين من رمضانين وكالحجتين وظاهره أنه إذا كفر عن الأول كفر عن الثاني وذكره ابن عبد البر إجماعا قال المجد فعلى قولنا بالتداخل لو كفر بالعتق في اليوم الأول عنه ثم في اليوم الثاني عنه ثم استحقت الرقبة الأولى لم يلزمه بدلها وأجزأته الثانية عنهما ولو استحقت الثانية وحدها لزمه بدلها ولو استحقتا جميعا أجزأه بدلها رقبة واحدة لأن محل التداخل وجود السبب الثاني قبل أداء موجب الأول ونية التعيين لا تعتبر فتلغو وتصير كنية مطلقة هذا قياس مذهبنا
وإن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه فعليه كفارة ثانية نص عليه في رواية حنبل والميموني لأنه وطء محرم وقد تكرر فتكرر هي كالحج بخلاف الوطء ليلا فإنه مباح لا يقال الوطء الأول تضمن هتك الصوم وهو مؤثر في الإيجاب فلا يصح القياس لأنه ملغى بمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فاستدام فإنها تلزمه مع عدم الهتك له وذكر الحلواني رواية لا كفارة
____________________
1-
(3/34)
وكذلك كل من لزمه الإمساك إذا جامع ولو جامع وهو صيح ثم عرض أو جن أو سافر لم تسقط عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وخرجه ابن عقيل من أن الشهر عبادة واحدة وعلم منه أنه إذا لم يكفر عن الأول فإنه تكفيه واحدة بغير خلاف قاله في المغني والشرح وفي الفروع على الأصح فعلى الأول تعدد الواجب وتداخل موجبه ذكره صاحب الفصول وغيره وعلى الثاني لم يجب بغير الوطء الأول شيء وكذلك كل من لزمه الإمساك إذا جامع أي كذا حكم كل مفطر يلزمه الإمساك كمن لم يعلم برؤية الهلال إلا بعد طلوع الفجر أو نسي النية أو أكل عامدا ثم جامع فتجب عليه الكفارة لهتكه حرمة الزمن به ولأنها تجب على المستديم للوطء ولا صوم هناك فكذا هنا فمراده بالتشبيه وجوب الكفارة لا التكرار لكن نص أحمد في مسافر قدم مفطرا ثم جامع لا كفارة عليه وحمله القاضي وأبو الخطاب على رواية لا يلزمه الإمساك وحمله المجد على ظاهره وهو وجه لضعف هذا الإمساك لأنه سنة عند أكثر العلماء وفي تعليق القاضي وجه فيمن ترك النية وجامع لا كفارة عليه وإن أكل ناسيا واعتقد الفطر به ثم جامع فكالناسي والمخطيء إلا أن يعتقد وجوب الإمساك فيكفر في الأشهر
ولو جامع وهو صحيح ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط عنه نص عليه فيما إذا مرض لأمره عليه السلام الأعرابي بالكفارة ولم يسأله ولأنه أفسد صوما واجبا من رمضان بجماع تام فاستقرت عليه الكفارة كما لو لم يطرأ العذر
لا يقال تبينا أن الصوم غير مستحق عند الجماع لأن الصادق لو اخبره أنه سيمرض أو يموت لم يجز الفطر والصوم لا تتحرى صحته بل لزومه كصائم
____________________
1-
(3/35)
وإن نوى الصوم في سفره ثم جامع لا كفارة عليه وعنه عليه الكفاره ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صح أو أقام وحكم المرأة كذلك إذا حاضت أو نفست وفي الانتصار وجه بسقط بهما لمنعهما الصحة ومثلهما موت وكذا جنون إن منع طريانه الصحة وإن نوى الصوم في سفره فله الفطر بما شاء لفطره عليه السلام في الأخبار الصحيحة ولأن من له الأكل له الجماع كمن لم ينو ثم جامع لا كفارة عليه اختاره القاضي وأكثر أصحابه والؤلف لأنه صوم لا يلزم المضي فيه فلم يجب كالتطوع لكن ذكر المؤلف وغيره أنه يفطر بنيته الفطر فيقع الجماع بعده وعنه عليه الكفارة جزم بها بعضهم لأنه أفطر بجماع فلزمته كالحاظر وعنه لا يجوز له الفطر بالجماع لإنه لا يقوى على السفر ة وفي الكفارة روايتان لكن له الجماع بعد فطره بغيره كفطرة بسبب مباح ونقل منها في المريض يفطر بأكل فقلت يجامع قال لا أدري
ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان لأنه لم يرد به نص وغيره لا يساويه وحكى في الرعاية قولا في قضائه إذا أفسده لأنها عبادة تجب الكفارة في أدائها فوجبت في قضائها كالحج
وجوابه بأنه جامع في غير رمضان فلم يلزمه كالكفارة والقضاء يفارق الأداء لأنه متعين بزمان محترم فالجماع فيه هتك له وقيل
تجب الكفارة على من أكل أو شرب عمدا كالجماع وعنه في المحتجم إذا كان عالما بالنهي عليه الكفارة وهل هي كفارة الوطء أو مرضع فيه روايتان وفي القبلة وتكرار النظر إذا أنزل رواية أنها تجب الكفارة واختارها القاضي في تعليقه وحكم الإستمناء كالقبلة قاله في التلخيص واللمس كالوطء دون الفرج
والكفارة عتق رقبة ويأتي سلامتها وكونها مؤمنة فإن لم يجد فصيام
____________________
1-
(3/36)
شهرين متتابعين فإن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا فإن لم يجد سقطت عنه وعنه لا تسقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا هذا هو المذهب لما روي أبو هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يا رسول الله قال ما اهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان قال
هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال تصدق بهذا فقال على أفقر منا فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه فقال إذهب فأطعمه أهلك متفق عليه ولفظة لمسلم وهو ظاهر في الترتيب ولم يأمره بالانتقال إلا عند العجز وككفارة الظهار لكن لا يحرم هنا الوطء قبل التكفير ولا في ليالي صوم الكفارة ذكره في الرعاية والتلخيص ككفارة القتل وحرمة ابن الحنبلي عقوبة وإن قدر على العتق وهو في الصيام لم يلزمه الانتقال عنه نص عليه فإن لم يجد شيئا سقطت الكفارة عنه نص عليه وقاله الأوزاعي لأنه عليه السلام لم يأمر الأعرابي بها أخيرا ولم يذكر له بقاءها في ذمته كصدقة الفطر زاد بعضعم بالمال وقيل والصوم وعنه لا تسقط وهو قول النووي والزهري لأنه عليه السلام أمر بها الأعرابي لما جاء العرق بعد ما أخبره بعسرته ولأنها واجبة فلم تسقط بالعجز عنها كسائر الكفارات قال في الفروع ولعل هذه الرواية أظهر قال بعضهم فلو كفر عنه غيره بإذنه وقيل أو دونها فله أخذها على الأصح وأطلق ابن أبي موسى هل يجوز له أكلها أم كان خاصا بالأعرابي على روايتين ويتوجه أنه عليه السلام رخص للأعرابي لحاجته ولم تكن كفارة وظاهره أن كفارة الظهار
____________________
1-
(3/37)
وعنه أن الكفارة على التخيير فبأيها كفر أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واليمين وكفارات الحج لا تسقط بالعجز عنها نص عليه لعموم الأدلة ولأنه القياس خولف في رمضان للأخبار وعنه تسقط كرمضان
وعنه أن الكفارة على التخيير بين العتق والصيام والإطعام فبأيها كفر أجزأه لما في الصحيحين من رواية مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رجلا أفطر يوما من رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو بصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينا وفيهما من حديث ابن جريح عن الزهري نحوه وتابعهما أكثر من عشرة وفطره كان بجماع ولأنها تجب بالمخالفة فكانت على التخيير ككفارة اليمين والأولى أصح فرواه معمر ويونس والأوزاعي والليث وموسى بن عقبة وغيرهم قريب من ثلاثين رجلا رووه عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له هل تجد ررقبة تعتقها قال لا قال هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا وذكر سائره وهذا لفظ الترتيب فالأخذ به أولى لأنها زيادة واحتمال الغلط منهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه مع أن حديثنا لفظه عليه السلام وحديثهم لفظ الراوي فلعله توهم أن لا فرق بين اللفظين فرواه أو
____________________
1-
(3/38)
& باب ما يكره للصائم فعله وما يستحب وحكم القضاء &
يكره للصائم أن يجمع ريقه فيبلعه وأن يبلع النخامة وهل يفطر بهما على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب ما يكره للصائم فعله وما يستحب وحكم القضاء &
يكره للصائم أن يجمع ريقه فيبلعه لأنه اختلف في الفطر به وأقل أحواله أن يكون مكروها ظاهره ولو قصدا وبأنه إذا ابتلعه من غير جمع أنه لا يكره بغير خلاف لانه لايمكن التحرز منه كغبار الطريق و يكره أن يبلع النخامة إذا حصلت في فيه للاختلاف في الفطربها وهل يفطر بهما أي بكل من الريق المجموع و النخامه على روايتين إحداهما لا يفطر بذلك جزم به في الوجيز وهو الاصح في الريق لأنه غير واصل من خارج أشبه إذا لم يجمعه والثاني يفطر لأنه يمكن التحرز منه كغبار الدقيق فعليها يحرم فعله كما لو خرج إلى بين أصابعه أو شفتيه وفي منتهى الغاية ظاهر شفتيه ثم عاد فابتلعه فإنه يفطر كبلع ريق غيره
لا يقال روى أبو داوود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها لضعف إسناده بل قال أبو داوود ليس بصحيح ويجوز أن يكون مصه في غير حالة الصوم ولو سلم فيحمل على عدم ابتلاع ما عليه فلو أخرج من فيه حصاة أو درهما أو خيطا ثم أعاده فإن كثر ما عليه أفطر وإلا فلا في الأصح لعدم تحقق انفصاله ودخوله إلى حلقه كالمضمضة ولو أخرج لسانه ثم اعاده لم يفطر لان الريق لم ينفصل عن محله وأختار ابن عقيل خلافه وأما النخامة فكثير من أصحابنا اطلق الخلاف والمذهب أنه يفطر بها سواء كانت من جوفه اوصدره أو دماغه إذا وصلت إلى فيه وصرح في الفروع بالفطر بالتى من جوفه لأنها من غير الفم كالقيء والثانية لايفطر نقلها المروذي لاعتيادها في الفم كالريق وعليهما ينبني التحريم
____________________
1-
(3/39)
ويكره ذوق الطعام وإن وجد طعمه في حلقه أفطر ويكره مضغ العلك الذي لا يتحلل منه أجزأه ولا يجوز مضغ ما يتحلل منه أجزاء إلا أن لا يبلع ريقه ومتى وجد طعمه في حلقه أفطر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا تجنس فمه بدم أو قيىء ونحوه فبلعه أفطر نص عليه وإن قل لإمكان التحرز منه ولأن الفم في حكم الظاهر يقتضي حصر الفطر بكل واصل إليه لكن عفي عن الريق للمشقة وإن بصقه وبقي فمه نجسا فابتلع ريقه فإن كان معه جزء من النجس أفطر به وإلا فلا
ويكره ذوق الطعام لأنه لا يأمن أن يصل إلى حلقه فيفطره وظاهره لا فرق بين أن يكون لحاجه أو غيرها قال أحمد أحب ان يجتنب ذوق الطعام فإن فعل فلا بأس المنصوص عنه أنه لا بأس به لحاجة أو مصلحة وحكاه هو والبخاري عن ابن عباس إن وجد طعمه في حلقه أفطر لأن وجود طعمه في حلقه دليل على وصول شىء من أجزائه وعلى المنصوص عليه أن يستقصي بالبصق ثم إن وجد طعمه في حلقه لم يفطر كالمضمضة وإلا فيفطر لتفريطه ويكره مضغ العلك القوي الذي كلما مضغته صلب وقوي الذي لايتحلل منه أجزاء نص عليه لانه يحلب الفم وتجميع الريق ويورث العطش قال في الفروع ويتوجه احتمال لأنه روي عن عائشة وعطاء وكوضع الحصاة في فيه وهو أظهر قال أحمد من وضع في فيه درهما أو دينارا لابأس به ما لم يجد طعمه في حلقه وإلا فلا يعجبني
وقال عبد الله سألت أبي عن الصائم يفتل الخيط يعجبني أن يبزق ولا يجوز مضغ ما يتحلل منه أجزاء مطلقا أجماعا لأنه يكون قاصدا لإيصال شيء من خارج إلي جوفه مع الصوم وهو حرام إلا أن لا يبلع ريقه ذكره في المغني والشرح وهو ظاهر الوجيز لأن المحرم إدخال ذلك إلى جوفه ولم يوجد ومتى وجد طعمه في حلقه أفطر لأنه أوصله إلى جوفه أشبه ما لو تعمد
____________________
1-
(3/40)
وتكره القبلة إلا أن يكون ممن لا تحرك شهوته على إحدى الروايتين ويجب عليه اجتناب الكذب والغيبة والشتم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أكله وهذا وجه والثاني لا يفطر لأنه لم ينزل منه شيء ومجرد الطعم لايفطر كمن لطخ باطن قدمه بحنظل بخلاف الكحل فإن أجزائه تصل إلى الحلق وقيل في تحريم ما لايتحلل غالبا وفطره بوصوله أو طعمه إلى حلقه وجهان وقيل يكره بلا حاجة
وتكره القبلة لمن تحرك شهوته فقط لقول عائشة كان النبي صلي الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه متفق عليه ولفظه لمسلم وإذا منع الوطء منع دواعيه كالإحرام وعنه يحرم جزم به في المستوعب وغيره كما لو ظن الإنزال معها لفرط شهوته ذكره المجد بغير خلاف وأقتصر عليه في الشرح أيضا فإن خرج منه شيء فقد سبق وإن لم يخرج منه شيء لم يفسد صومه إجماعا إلاأن يكون ممن لا تحرك شهوته كالشيخ الكبير فإنه لايكره على إحدى الروايتين لأنها مباشرة لغير شهوة أشبهت لمس اليد لحاجة والثانية تكره لا حتمال حدوث الشهوة وكالإحرام وألحق في الكافي بالقبلة اللمس وتكرار النظر لأنهما في معناها وظاهره إن لمسها لغير شهوة لا يكره وفاقا كما إذا لمس يدها ليعرف موضعهاونحوه وكحالة الإحرام أشبه لمس ثوبها
فرع يكره ان يدع بقية طعام بين أسنانه وشم ما لا يأمن أن يجذبه نفسه إلى حلقه كسحيق مسك وكافور ودهن ونحوه وقاله في المستوعب وغيره
ويجب عليه اجتناب الكذب وهو الإخبار بما لا يطابق المخبر عنه بخلاف الصدق والغيبة وهو ذكر الإنسان بما يكره بهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رواه مسلم والشتم وهو السب وما في معنى ذلك من النميمة والفحش
____________________
1-
(3/41)
فإن شتم استحب أن يقول إني صائم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إجماعا وفي رمضان ومكان فاضل اكد لقوله عليه السلام من يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري من حديث أبي هريرة ومعناه الزجر والتحذير وظاهره أنه لا يفطر بذلك قال أحمد لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم وذكره المؤلف إجماعا وذكر الشيخ تقي الدين وجها يفطر بغبة ونميمة ونحوهما قال في الفروع فيتوجه منه إحتمال يفطر بكل محرم وقال أنس إذا اغتاب الصائم افطروعن إبراهيم قال كانوا يقولون الكذب يفطر الصائم وعن الاوزاعي ان من شاتم فسد صومه لضاهر النهي وذكر بعض اصحابنا رواية يفطر بسماع الغيبه واسقط ابو الفرج ثوابه بالغيبة ومراد المؤلف بالأجتناب عما يحرم من ذلك فإنهم نصوا على أباحة الكذب لغرض صحيح شرعي في مواضع وعلى إباحة الغيبة كالتظلم والأستفتاء والاستعانه على تغيير منكر والتحذير والتعريف والجرح
وبالجملة فينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري به لأنهم كانوا إذا صاموا جلسوا في المساجد وقالو نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا ولانعمل عملا يجرح به صومه قاله أحمد
ويسن له تلاوة القران وكان مالك يترك أصحاب الحديث في شهر رمضان ويقبل على تلاوة القران وكان الشافعي يقرأ ستين ختمة
والذكر قال إبراهيم تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة فيما سواه
والصدقة للأخبار الواردة فيها فإن شتم أستحب أن يقول إني صائم لما في الصحيح إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم متفق عليه من حديث أبي هريرة وظاهره
____________________
1-
(3/42)
فصل ويستحب تعجيل الإفطار وتأخير السحور
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه يجهز بذلك واختاره الشيخ تقي الدين لأن القول المطلق باللسان وفي الرعاية يقوله مع نفسه ولا يطلع الناس عليه للرياء واختاره المجد إن كان في غير رمضان وإلا جهر به للأمن من الرياء وفيه زجر عن مشاتمته لأجل حرمة الوقت فصل ويستحب تعجيل الإفطار
لما روى سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر متفق عليه والمراد إذا تحقق غروب الشمس إجماعا والمذهب أن له الفطر بغلبة الظن لأنهم أفطروا في عهده عليه السلام ثم طلعت الشمس ولأن ما عليه إمارة يدخله الاجتهاد ويقبل فيه قول واحد كالقبلة خلافا لصاحب التلخيص فلم يجوزه إلا باليقين بخلاف أوله وإذا غاب حاجب الشمس الاعلى أفطر حكما وإن لم يطعم وفي الخبر ما يدل على أنه يفطر شرعا فلا يثاب على الوصال ويحتمل أنه يجوز له الفطر وهو قبل الصلاة افضل لفعله عليه السلام وتأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر الثاني قاله الأصحاب لأخبار منها ما روى زيد بن ثابت قال تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان بينهما قال قدر خمسين اية متفق عليه ولأنه أقوى على الصوم والتحفظ من الخطأ والخروج من الخلاف وظاهره أنه يستحب ولو شك في الفجر ونقله أبو داوود عن الإمام أنه يأكل حتى يستيقن طلوعه وجزم به بن الجوزي يؤيده ما قال الاجري لو قال لعالمين ارقبا الفجر فقال أحدهما طلع وقال الاخر لا أكل حتى يتفقا وقاله جمع من الصحابة وغيرهم وتحصل الفضيلة بأكل أو شرب لحديث أبي سعيد ولو أن يجرع
____________________
1-
(3/43)
وأن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى الماء وان يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحدكم جرعه من ماء رواه احمد وفيه ضعف وكمال فضيلته بالأكل لقوله عليه السلام بيننا وبينهم اكلة السحر رواه مسلم من حديث عمرو بن العاص وظاهر ما سبق انه لايجب إمساك جزء من الليل من اوله واخره وهو ظاهر كلام جماعه وذكر ابن الجوزي انه اصح الوجهين وقطع آخرون بوجوبه لانه مما لايتم الواجب ألا به ولا يستحب تأخير الجماع وفاقا لأنه لا يتقوى به بل يكره مع الشك بخلاف الأكل والشرب نص على ذلك
فائدة السحور بفتح السين ما يؤكل في السحر وبالضم اسم الفعل على الأشهر وقيل بالفتح والمراد في كلامه الفعل فيكون بالضم على الأصح
ويستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى الماء لما روى سلمان ابن عامر مرفوعا إذا افطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فعلى ماء فإنه طهور رواه أبو داوود والترمذي والمذهب أنه يقدم لاعليهما الرطب لحديث أنس المرفوع رواه الترمذي وقال حسن غريب واعتذر عنه ابن المنجا فقال إن الرطب لا يوجد في بلاد الشام وفي الوجيز أنه مخير بينها من غير تقديم لبعضها على بعض وأن يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك انت السميع العليم اقتصر عليه جماعة رواه الدار قطني من حديث أنس وابن عباس وفيهما تقبل منا وذكره أبو الخطاب وهو أولى وذكر بعضهم قول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر انشاء الله تعالى رواه أبو داوود والدار قطني وحسن إسناده والحاكم وقال على شرط البخاري والعمل بهذا الخبر اولى ويدعو بما أحب لما روى أبو هريرة ثلاثة لا ترد دعوتهم
____________________
1-
(3/44)
ويستحب التتابع في قضاء رمضان ولا يجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الإمام العادل والصائم حين يفطر ودعوة المظلوم رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وله من حديث عبد الله بن عمر وللصائم عند فطره دعوة ما ترد
ويستحب التتابع في قضاء رمضان وفاقا لأن القضاء يحكي الأداء وفيه خروج من الخلاف وأنجز لبراءة الذمة وظاهره لا فرق بين أن يكون أفطر بسبب محرم أو لا ويجب العزم على الفعل في قول الجمهور وفي الفروع يتوجه الخلاف كالصلاة ولا يجب في قول الأكثر قال البخاري قال ابن عباس لا بأس ان يفرق لقول الله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) وعن ابن عمر مرفوعا قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع رواه الدار قطني وقال لم يسنده غير سفيان بن بشر قال المجد لا نعلم أحدا طعن فيه والزيادة من الثقة مقبولة ولأنه لا يتعلق بزمان معين فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق ويستثنى منه ما إذا لم يبق من شعبان إلابقدرة فيتعين ويقضي من فاته رمضان تاما أو ناقصا لعذر أو غيره عدد أيامه مطلقا في اختيار الأكثر كأعداد الصلوات وقال القاضي إن قضى شهرا هلاليا أجزأه مطلقا وإلا تمم ثلاثين يوما وهو ظاهر كلام أحمد ورده في المغني بأن القضاء يجب ان يكون بعدة ما فاته كالمريض والمسافر فعلى الأول من صام من أول شهر كامل أومن أثناء شهر تسعة وعشرين يوما وكان رمضان الفائت ناقصا أجزأه اعتبارا بعدد الأيام وعلى الثاني يقضي يوما تكميلا للشهر بالهلال أو العدد ثلاثين
____________________
1-
(3/45)
فصل ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر لغير عذر
فإن فعل فعليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم وإن أخره لعذر فلا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان اخر لغيرعذر
نص عليه واحتج بقول عائشة كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه وكما لا يؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية فلا يجوز التطوع قبله ولا يصح وعنه بلى إن اتسع الوقت فإن فعل أي أخره بلا عذر حرم عليه لأن مقتضاه وجوب القضاء على الفور كالصلاة خولف في المعذور فيبقى ما عداه على الأصل وحينئذ فعليه القضاء وإطعام مسكين ما يجزئ في الكفارة لكل يوم رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس والدارقطني بإسناد صحيح عن أبي هريرة ورواه مرفوعا بإسناد ضعيف قال في الفروع ويتوجه احتمال لا يلزمه إطعام لظاهر قوله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) وكتأخير اداء رمضان عن وقته عمدا وذكر الطحاوي عن ابن عمر بإسناد فيه ضعف أنه يطعم بلا قضاء وعلى الأول يجوز قبل القضاء ومعه وبعده لقول ابن عباس وقال المجد الأفضل عندنا تقديمه مسارعة إلى الخير وتخلصا من افات التأخير وإذا تكرر رمضان لا يلزمه أكثر من فدية واحدة لأن كثرة التأخير لايزاد بها الواجب كما لو اخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه اكثر من فعله وإن اخره أي القضاء لعذر من مرض أو سفر أو عجز عنه فلا شئ عليه نص عليه وهو فول أكثر العلماء لأنه حق لله تعالى وجب بالشرع فسقط بموت من يجب عليه قبل إمكان فعله إلى غير بدل كالحج وفي التلخيص رواية يطعم عنه كالشيخ الكبير وقاله طاووس وقتادة والفرق أنه يجوز إبتداء الوجوب عليه بخلاف الميت وقال في الانتصار يحتمل
____________________
1-
(3/46)
وإن مات وإن أخره لغير عذر فمات قبل أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين وإن مات بعد ان أدركه رمضان آخر فهل يطعم عنه لكل يوم مسكين أو اثنان على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أن يجب الصوم عنه أو التكفيرى كمن ى نذر صوما وإن مات أبي إذا أخر القضاء لعذر ثم مات كمن أخر القضاء لعذر وهو حي أنه لا يجب عليه شيء لكن الميت يسقط عنه القضاء والكفارة والحي تسقط عنه الكفارة دون القضاء لإمكانه فلو دام عذره بين الرمضانين فلم يقض ثم زال صام الشهر الذي أدركه ثم قضى ما فاته من غير إطعام نص عليه وإن أخره لغير عذر فمات قبل أن أدركه رمضان اخر أطعم عنه لكل يوم مسكين قاله أكثرهم رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعا بإسناد ضعيف والصحيح وقفه عليه وسئلت عائشة عن القضاء فقالت لا بل يطعم رواه سعيد بإسناد جيد ولأنه لا يدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت كالصلاة وإن مات بعد أن أدركه رمضان اخر فأكثر فهل يطعم عنه لكل يوم مسكين أو اثنان على وجهين أحدهما وهو المذهب نص عليه في رواية أبي داوود وجزم به في الوجيز أنه يطعم عنه بكل يوم مسكين لأنه بإخراج كفارة واحدة زال تفريطه بالتأخير أشبه ما لو مات من غير تفريط والثاني وهو لأبي الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لاجتماع التأخير والموت بعد التفريط
تنبيه الإطعام من رأس المال أوصى به أولا وفي القضاء عن كل يوم يوم وقال الشيخ تقي الدين لا يقضي متعمد بلا عذر صوما ولا صلاة وليس في الأدلة ما يخالفه وفيه نظر وإذا مات وعليه صوم شهر كفارة أطعم عنه وكذا لو مات وعليه صوم المتعة نص عليه لأن هذا الصوم وجب بأصل الشرع كقضاء رمضان فلو صام عن كفارة ميت لم يجزئه وإن أوصى به نص عليه
____________________
1-
(3/47)
ومن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور فعله عنه وليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن كان موته بعد قدرته عليه وقلنا الاعتبار بحالة الوجوب أطعم عنه ثلاثة مساكين لكل يوم مسكين ذكره القاضي
ومن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور هو راجع إلى الكل ولو قال بنذر ك الوجيز لكان أظهر فعله عنه وليه وفيه أمور
الأولى صوم النذر عن الميت هو كقضاء رمضان لما في الصحيحين أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال نعم ولأن النيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها وهو أخف حكما من الواجب بأصل الشرع لإيجابه من نفسه ويفعله الولي نص عليه وعليه الأصحاب فإن صام غيره جاز مطلقا جزم به الأكثر لأنه تبرع وقد شبهه عليه السلام بالدين وظاهر نصه في رواية حرب أنه لا يصح إلا بإذنه لأنه خلاف القياس فيقتصر على النص وإن صام عنه جماعة في يوم فنقل أبو طالب يصوم واحد فمنع الاشتراك كالحجة المنذورة وعن الحسن وطاووس جوازه وهو أظهر وكما لو أوصى بثلاث حجج جاز صرفها إلى ثلاثة في عام يحجون عنه وجزم ابن عقيل بمنعه لأن نائبه مثله وظاهر كلامهم أنه يستحب للولي فعله لتفريغ ذمته وليس بواجب كالدين لا يلزمه إذا لم يخلف تركة ويفعله أقرب الناس اليه كابنه فإن خلف تركة فإن شاء صام وإن شاء دفع إلى من يصوم عنه عن كل يوم مسكينا وذكر المؤلف أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت بخلاف رمضان ولا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام وهذا كله فيمن أمكنه صوم نذره فلم يصمه فلو أمكنه صوم بعضه قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ذكره القاضي وغيره لأن رمضان يعتبر فيه إمكان الأداء والنذر يحمل على أصله في الفرض
____________________
1-
(3/48)
وإن مات وعليه صلاة منذورة فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثانية إذا مات وعليه حج منذور فعل عنه نص عليه لما روى ابن عباس أن امرأة جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال نعم حجي عنها رواه البخاري ولأنه منذور فكان للولي فعله كالصوم وعليه لا يعتبر تمكنه منه قبل موته لظاهر الخبر وكنذر الصدقة والعتق وقيل يعتبر كحجة الإسلام وهل لغيره فعله بإذنه أو مطلقا على الخلاف فرع العمرة في ذلك كالحج
الثالثة إذا مات وعليه اعتكاف منذور فعل عنه نقله الجماعة لقول سعد ابن عبادة إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقضه عنها رواه أبو داوود وغيره بإسناد صحيح من حديث ابن عباس ومعناه متفق عليه وروى عن عائشة وابن عمر وابن عباس ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة وكالصوم وقيل لا تصح فيهما ذكره في الرعاية فيخرج عنه كفارة يمين ويحتمل أن يطعم عنه لكل يوم مسكين ولو لم يوص به ولا يكون من ثلثه وعلى الأول إن لم يمكنه فعله حتى مات فالخلاف كالصوم قيل يقضي وقيل لا
وإن مات وعليه صلاة منذورة فعلى روايتين كذا في المحرر و المستوعب إحداهما ونقلها الجماعة وصححها ابن المنجا وقدمها في الفروع أنها لا تفعل عنه لأنها عبادة بدنية محضة لا يخلفها مال ولا تجب بإفساده والثانية نقلها حرب واختارها الأكثر وصححها القاضي وجزم بها في الوجيز أنها تفعل عنه كالصوم وعلى هذا تصح وصيته بها وحيث جاز فعل الصوم فلا كفارة مع فعله لظاهر النصوص وإلا أخرج عنه كفارة يمين لترك النذر
____________________
1-
(3/49)
& باب صوم التطوع &
وأفضله صيام داوود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما ويستحب صيام أيام البيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال المجد إن كان قد فرط وإلا ففيها الروايتان فيمن نذر صوم شهر بعينه فلم يصمه لأن فوات أيام الحياة فيما إذا أطلق كفوات الوقت المعين إذا عين فلو نذر الطواف فقال في الفروع ظاهر كلامهم أنه كالصلاة وظاهره أن صلاة الفرض لا تفعل وذكره القاضي عياض إجماعا أنه لا يصلى عنه فائتة & باب صوم التطوع &
وفيه فضل عظيم وفي الحديث الصحيح
كل من عمل ابن ادم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فيقول الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأ نا أجزي به وهذه الإضافة للتشريف والتعظيم
وأفضله صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما لأمره عليه السلام عبد الله بن عمرو قال هو أفضل الصيام قال فإني أطيق أفضل من ذلك فقال لا أفضل من ذلك متفق عليه وشرطة أن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من القيام بحقوق الله تعالى وحقوق عباده اللازمة فإن أضعف عن شيء من ذلك كان تركه أفضل ولهذا أشار الصادق في حق داوود عليهما السلام
ولا يفر إذا لاقى فمن حق النفس اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل
ويستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر بغير خلاف نعلمه والأفضل أن يجعلها أيام البيض نص عليه لما روي أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له
إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة رواه الترمذي وحسنه سميت بيضا لا بيضاض ليلها كله بالقمر وقيل لأن الله تعالى تاب على ادم وبيض فيها صحيفته وحكى الماوردي الثاني عشر بدل الخامس
____________________
1-
(3/50)
وصوم الاثنين والخميس ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عشر وقيل هي أول الشهر وعاشره وعشرونه ولم يتعرض أصحابنا باستحباب السود وهي الثامن والعشرون وتالياه وصرح الماوردي باستحبابه وصوم الاثنين والخميس نص عليه لما روى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
هما يومان تعرض الأعمال فيهما على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم رواه أحمد والنسائي وسميا به لأن الأول ثاني الأسبوع والاخر خامسه ومن صام رمضان واتبعه بست من شوال كذا في النسخ بغير تاء والمراد الأيام لأن العرب تغلب في التاريخ الليالي على الأيام كان كصيام الدهر كذا أخرجه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعا من رواية سعد بن سعيد ضعفه أحمد وقواه اخرون وقال ابن عيينه وإليه مال أحمد إنه موقوف ورواه أحمد من حديث جابر مرفوعا وكذا من حديث ثوبان وفيه ستة أيام بعد الفطر ولا شك أن الفضل حصل به بخلاف يوم الشك
لا يقال لا دلالة في الخبر على فضيلتها لكونه شبه صيامها بصيام الدهر وهو مكروه لأنه إنما كره صومه لما فيه من الضعف والتشبه بالتبتل ولولا ذلك لكان من أعظم الطاعات لاستغراقه الزمن بالعبادة والمراد بالخبر التشبيه في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه كما في أيام البيض وتحصل فضيلتها بالتتابع والتفرق عند أحمد وظاهر الخرقي وغيره استحباب تتابعهما وبعضهم استحبها عقب العيد واستحبها جماعة وهو أظهر قال في الفروع ولعله مراد أحمد والأصحاب لما فيه من المسارعة إلى الخير وروى الطبراني من حديث أبي هريرة مرفوعا
من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة وفي الفروع احتمال أن
____________________
1-
(3/51)
وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة ويوم عرفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفضيلة تحصل بصومها في غير شوال وذكره القرطبي قال لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم فيه لاعتياده وفيه نظر وظاهره أنه لا يستحب صيامها إلا لمن صام رمضان وقاله أحمد والأصحاب لكن ذكر في الفروع أن فضيلتها تحصل لمن صامها وقضاء رمضان وقد افطر لعذر ولعله مراد الأصحاب وفيه شيء
وصيام يوم عاشوراء بالمد في الأشهر وهو إسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية قاله ابن دريد وهو اليوم العاشر من المحرم في قول أكثر العلماء ورواه الترمذي مرفوعا وصححه وقال ابن عباس هو التاسع كفارة سنة ماضية للخبر ويستحب معه صوم التاسع لما روى الخلال بإسناد حيد عن ابن عباس مرفوعا لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر واحتج به أحمد وقال إن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام ليتيقن صومهما وظاهره أنه لا يكره إفراد العاشر بالصوم وهو المذهب وقال الشيخ تقي الدين مقتضى كلام أحمد الكراهة وهي قول ابن عباس ولم يجب صومه في وقول أصحابنا وعنه وجب ثم نسخ اختاره الشيخ تقي الدين ومال إليه المؤلف وقاله الأصوليون
فائدة ينبغي فيه التوسعة على العيال سأل ابن منصور أحمد عنه قال نعم رواه سفيان بن عيينه عن جعفر الأحمر عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر وكان من أفضل زمانه أنه بلغه أن من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سننه قال ابن عيينة قد جربنا منذ خمسين سنة أو ستين فما رأينا إلا خيرا
ويوم عرفة وهو التاسع من ذي الحجة سمي به للوقوف بعرفة وتعارفهم فيها وقيل لأن جبريل عرف إبراهيم الحج وقيل للرؤيا التى راها وقيل لتعارف
____________________
1-
(3/52)
كفارة سنتين ولا يستحب لمن كان بعرفة ويستحب صوم عشر ذي الحجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ادم وحواء بها كفارة سنتين لما روى أبو قتادة مرفوعا قال صيام عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده وقال في صيام عاشوراء إني احتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله رواه مسلم ولعل مضاعفة التكفير على عاشوراء لأن نبينا عليه السلام أعطيه والمراد به تكفير الصغائر حكاه في شرح مسلم عن العلماء فإن لم يكن له صغائر رجي التخفيف من الكبائر فإن لم يكن رفعت له درجات ولا يستحب صومه لمن كان بعرفه لما روت أم الفضل أنها أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه متفق عليه وأخبر ابن عمرانه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فلم يصمه أحد منهم ولأنه يضعف عن الدعاء فكان تركه أفضل وقيل لأنهم أضياف الله وزواره وكرهه جماعة للنهي عنه في حديث أبي هريرة رواه أحمد وابن ماجه واختار الاجري أنه يستحب إلا أن يضعفه عن الدعاء وحكاه الخطابي عن إمامنا نحوه قال المجد وهذا في غير المتمتع والقارن إذا عدما الهدي وسيأتي
ويستحب صوم عشر ذي الحجة لما روى ابن عباس مرفوعا قال
ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه لأيام العشرة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء رواه البخاري والمراد به تسعة وإطلاق العشر عليها تغليبا واكده التاسع ثم الثامن ووهم بعضهم فعكس وظاهر المحرر أنهما سواء
____________________
1-
(3/53)
وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ويكره إفراد رجب بالصوم وإفراد يوم الجمعة ويوم السبت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم من حديث ابي هريرة وأضافه إلى الله تعالى تفخيما وتعظيما كناقة الله ولم يكثر عليه السلام الصوم فيه إما لعذر أو لم يعلم فضله إلا أخيرا والمراد أفضل شهر تطوع به كاملا بعد رمضان شهر الله المحرم لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة فالتطوع المطلق أفضله المحرم كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل واكده عاشوراء ثم تاسوعاء ثم العشر الأول وهو أفضل الأشهر قاله الحسن ورجحه بعض الفقهاء
ويكره إفراد رجب بالصوم لما روى ابن ماجه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامه وفيه داوود بن عطاء وقد ضعفه أحمد وغيره ولأن فيه إحياء لشعار الجاهلية بتعظيمه ولهذا صح عن عمر أنه كان يضرب فيه ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية فلو أفطر منه أو صام معه غيره زالت الكراهة وظاهره أنه لا يكره إفراد شهر غيره اتفاقا لأنه عليه السلام كان يصوم شعبان ورمضان والمراد أحيانا ولم يداوم كاملا على غير رمضان فدل أنه لا يستحب صوم رجب وشعبان في قول الأكثر واستحبه في الإرشاد وإفراد يوم الجمعة نص عليه لحديث أبي هريرة
لا تصوموا يوم الجمعة وإلا وقبله يوم وبعده يوم متفق عليه ولمسلم لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم قال الداوودي لم يبلغ مالكا الحديث ويحمل ما روي من صومه والترغيب فيه على صومه مع غيره فلا تعارض ويوم السبت ذكره أصحابنا لحديث عبد الله ابن بشر عن أخته الصماء لا تصوموا يوم السبت الا فيما افترض عليكم رواه
____________________
1-
(3/54)
ويوم الشك ويوم النيروز والمهرجان إلا أن يوافق عادة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحمد حدثنا أبو عاصم حدثنا ثور عن خالد بن معدان عن عبد الله فذكره وإسناده جيد والحاكم وقال على شرط البخاري ولأنه يوم تعظمه اليهود ففي إفراده تشبه بهم واختار الشيخ تقي الدين وهو ظاهر كلام الاجري أنه لا يكره وهو قول أكثر العلماء وحملوا الحديث على الشذوذ أو انه منسوخ ويوم الشك لقول عمار من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أبو داوود و الترمذي وصححه وهو للبخاري تعليقا وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يكن في السماء علة ولم يتراء الناس الهلال وقال القاضي و الأكثر أو شهد به من ردت شهادته قال أو كان في السماء علة وقلنا لا يجب صومه وقيل يحرم صومه ولا يصح اختاره ابن البنا وأبو الخطاب والمجد وغيرهم للنهي وحكى الخطابي عن أحمد لا يكره حملا للنهي على صومه من رمضان ولا يكره مع عادة أوصلته بما قبل النصف وفاقا وبعده الخلاف السابق ولا عن واجب لجواز النفل المعتاد فيه كغيره وعنه يكره صومه قضاء جزم به جماعة فيتوجه طرده في كل واجب للشك في براءة الذمة
ويكره يوم النيروز والمهرجان هما عيدان للكفار قال الزمخشري النيروز اليوم الرابع من شهر الربيع والمهرجان اليوم التاسع عشر من الخريف لما فيه من موافقة الكفار من تعظيمهما واختار المجد عدمها لأنهم لاى يعظمونه بالصوم كالأحد وعلى الأول يكره صوم كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم ذكره الشيخان إلا أن يوافق عادة هو راجع إلى صوم يوم الجمعة وما بعده
____________________
1-
(3/55)
ولا يجوز صوم يومي العيدين عن فرض ولا تطوع وإن قصد صيامهما كان عاصيا ولم يجزئه عن فرض ولا يجوز صيام أيام التشريق تطوعا وفي صومها عن فرض روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأن العادة لها أثر في ذلك لقوله عليه السلام
لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه متفق عليه
مسألة يكره الوصال وهو أن لا يفطر بين اليومين أو الأيام في قول أكثر العلماء إلا من النبي صلى الله عليه وسلم فمباح له ولا يكره إلى السحر نص عليه وتركه أولى
ولا يجوز صوم يومي العيدين إجماعا للنهي المتفق عليه من حديث عمرو أبي هريرة عن فرض ولا تطوع لما ذكرنا لأنه ظاهر في التحريم وعنه يصح مع التحريم لأنه إنما نهى عنه لأنهم أضياف الله وقد دعاهم فالصوم ترك إجابة الداعي ومثله لا يمنع الصحة بخلاف النفل لأن الغرض به الثواب فنافته المعصية ولهذا لم يصح النفل في غصب وفي الواضح رواية يصح عن نذره المعين والأول أصح لما روى مسلم من حديث أبي سعيد لا يصلح الصيام في يومين وإن قصد صيامهما كان عاصيا لأنه تعمد فعل الحرام وظاهره أنه لا يعصي حيث فقد القصد لأنه لم يتعمد المخالفة فلم يوصف به ولم يجزئه عن فرض لأن النهي يقتضي الفساد وهو لا يجامع إلا الاجزاء وحكم التطوع كذلك ولا يجوز صيام أيام التشريق تطوعا لما روى مسلم عن نبيشة الهذلي مرفوعا أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ولأحمد النهي عن صومها من حديث أبي هريرة وسعد بإسنادين ضعيفين ومن صامها أو رخص فيه فلم يبلغه النهي قال المجد أو تأوله على إفرادها كيوم الشك وفي وصومها عن فرض روايتان إحداهما لا يصح اختارها الخرقي وابن أبي موسى والقاضي وجزم بها في الوجيز للعموم والثانية يصح قدمها في المحرر لقول ابن عمر وعائشة لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي رواه البخاري والباقي
____________________
1-
(3/56)
ومن دخل في صوم أو صلاة تطوعا استحب له إتمامه ولم يجب وإن أفسده فلا قضاء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في معناه فيلحق به وأجاب القاضي بأنه خاص مختلف فيه والأول عام متفق عليه فيقدم على المختلف فيه وعنه يجوز صومها عن دم المتعة خاصة ذكرها الترمذي وهو ظاهر كلام ابن عقيل والعمدة واختاره المجد
تنبيه لا يجوز ولا يصح نفل الصوم ممن عليه فرضه لما روى أحمد من رواية ابن لهيعة من حديث أبي هريرة
من صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يصمه لم يتقبل منه حتى يصومه ولأنه عبادة جاز تأخيرها تخفيفا فإذا لم يؤده لزمه الأصل وكالحج وعنه يجوز للعموم وكذا يخرج في التطوع بالصلاة ممن عليه القضاء اختار جماعة منهم الشيخان أنه لا يصح لوجوبها على الفور والمذهب أنه يبدأ بفرض الصوم قبل نذر لا يخاف فوته وعنه بالنذر ويحمل على أنه كان معينا بوقت يخاف فوته فعلى الأول لا يكره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة بل يستحب إذا لم يكن قضاه قبله وعلى الجواز يكره في رواية روي عن علي ولا يصح لينال فضيلتهما ولا يكره في أخرى روي عن عمر للاية وكعشر المحرم
ومن دخل في صوم أو صلاة تطوعا استحب له إتمامه لأن به تكمل العبادة وذلك مطلوب ولم يجب لقول عائشة يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل رواه مسلم والخمسة وزاد النسائي بإسناد جيد إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها لقوله عليه السلام
الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر رواه أحمد وصححه من حديث أم هانيء وضعفه البخاري وغيره من المتطوعات كهو وكالوضوء وإن أفسده فلا قضاء عليه لأن
____________________
1-
(3/57)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القضاء يتبع المقضي عنه فإذا لم يكن واجبا لم يكن قضاء واجبا بل يستحب وقوله تطوعا يحترز به عما إذا دخل في واجب كقضاء رمضان والمكتوبة في أول وقتها وكنذر معين أو مطلق أو كفارة وإن قلنا يجوز تأخيرهما فإنه يحرم خروجهم منه بلا عذر ولأن الخروج من عهده الواجب متعين ودخلت التوسعة في وقته رفقا ومظنة للحاجة فإذا شرع تعينت المصلحة في إتمامها وعنه يجب إتمام الصوم فإن أفسده وجب القضاء ذكره ابن البنا والمؤلف في الكافي لقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } ولقوله عليه السلام لعائشة وحفصة وقد أفطرتا لا عليكما صوما يوما مكانه رواه أبو داوود وكالحج وأجيب بأنهم ضعفوه ثم هو للاستحباب لقوله لا عليكما وبأن نفل الحج كفرضه في الكفارة وتقرير المهر بالخلوة معه بخلاف الصوم ونقل حنبل إن أوجبه على نفسه فأفطر بلا عذر أعاد قال القاضي أي نذره وخالفه ابن عقيل وعلى المذهب لا يكره خروجه منه لعذر وإلا كره في الأصح وهل يفطر لضيفه يتوجه كصائم دعي وعنه تلزم الصلاة بخلاف الصوم ومال إليه أبو إسحاق الجوزجاني لأنها ذات إحرام وإحلال كالحج وإذا شرع فيها قائما لم يلزمه إتمامها قائما بغير خلاف في المذهب واقتصر المؤلف على ذكرهما كأكثر الأصحاب وقيل الاعتكاف كالصوم على الخلاف يعني إذا دخل فيه وقد نواه مذة لزمته ويقضيها ذكره ابن عبد البر إجماعا لا بالنية وإن لم يدخل خلافا لبعض العلماء وفي الكافي سائر التطوعات من الصلاة والاعتكاف وغيرهما كالصوم وذكر القاضي أن الطواف كالصلاة إلا ما خصه الدليل قال عبد الرزاق رأيت سفيان إذا كثر عليه أصحاب الحديث تركهم ودخل في الطواف فطاف شوطا أو شوطين ثم يخرج ويدعهم علم منه أنه لا يلزم الصدقة والقراءة والأذكار بالشروع وفاقا وأما
____________________
1-
(3/58)
وتطلب ليلة القدر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحج والعمرة فيلزم إتمامهما لانعقاد الإحرام لازما فإن أفسدهما أو فسدا لزمه القضاء وعنه لا يلزم القضاء حكاها في الهداية والانتصار وقال المجد لا أحسبها إلا سهوا
فرع إذا قطع الصوم ونحوه فهل انعقد الجزء الؤدى وحصل به قربه أم لا وعلى الأول هل يبطل حكما أو لا يبطل اختلف كلام أبي الخطاب وقطع جماعة ببطلانه وعدم الصحة وفي كلام الشيخ تقي الدين أن الإبطال في الاية هو بطلان الثواب قال ولا نسلم بطلان جميعه بل قد يثاب على ما فعله فلا يكون مبطلا لعمله
وتطلب ليلة القدر لشرفها وعظمها وبركتها وسورتها مكية نقله الماوردي عن الأكثرين وقيل مدنية نقله الثعالبي عن الأكثرين وذكر الواقدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة قال المفسرون في قوله تعالى { خير من ألف شهر } أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه زاد أحمد وما تأخر وسميت به لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة لقوله تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم } وما روى عن عكرمة أنها ليلة النصف من شعبان ضعيف وقال ابن عباس
يقضي الله الأقضية ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها ليلة القدر وقيل
____________________
1-
(3/59)
في العشر الأخير من رمضان وليالي الوتر آكدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سميت به لعظم قدرها عند الله وقيل لضيق الأرض عن الملائكة التى تنزل فيها وقيل لأن للطاعات فيها قدرا عظيما وهي أفضل الليالي ذكرها الخطابي إجماعا وذكر ابن عقيل رواية أن ليلة الجمعة أفضل لأنها تكرر وبأنها تابعة لما هو أفضل واختاره جماعة وقال الحسن التميمي ليلة القدر التى أنزل فيها القران أفضل من ليلة الجمعة فأما أمثالها من ليالي القدر فليلة الجمعة أفضل وطاهره أنها باقية وأنها لم ترفع للأخبار في طلبها وقيامها خلافا لبعضهم في رفعها في العشر الأخير من رمضان عند أحمد وأكثر العلماء لقوله عليه الصلاة والسلام
تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان متفق عليه من حديث عائشة وفي المغني والكافي تطلب في جميع رمضان وقال ابن مسعود هي في كل السنة وليالي الوتر اكدها لقوله عليه الصلاة السلام اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع بقين
وروى سالم عن أبيه مرفوعا
أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر منها متفق عليه
واختار المجد كل العشر سواء
وللعلماء فيها أقوال كثيرة والمذهب أنها لا تختص بل ليالي الوتر أبلغ من ليالي الشفع
وقال الشيخ تقي الدين الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة القدر ليلة إحدى وثلاث إلى أخره ويكون باعتبار الباقي فإذا كان تاما كان ذلك ليالي الإشفاع فليلة الثانية تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وإن كان
____________________
1-
(3/60)
وأرجاها ليلة سبع وعشرين ويدعو فيها بما روي عن عائشة رضي الله عنها انها قالت يا رسول الله إن وافقتها فبم أدعو قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ناقصا كان التاريخ بالباقي كالتاريخ بالماضي وأرجأها ليلة سبع وعشرين نص عليه وهو قول أبي بن كعب وكان يحلف على ذلك ولا يستثني وابن عباس وزر بن حبيش قال أبي بن كعب والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا رواه الترمذي وصححه وعن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين رواه أبو داود ويرجحه قول ابن عباس سورة القدر ثلاثون كلمة السابعة والعشرون منها هي وقد استنبط بعض المتأخرين بأن الله تعالى كرر ليلة القدر في سورتها ثلاث مرات وحروفها تسع والناشيء من ضرب أحدهما في الاخر سبع وعشرون وحكي عن مالك والشافعي وأحمد أنها تنتقل في العشر الأخير وظاهر ما نقله حنبل أنها ليلة متعينة فعلى هذا لو قال أنت طالق ليلة القدر قبل مضي ليلة العشر وقع في الليلة الأخيرة ومع مضي ليلة منه تقع في السنة الثانية ليلة قوله فيها وحكم العتق واليمين كالطلاق ذكره المجد تخريجا ومن نذر قيام ليلة القدر قام العشر ونذره في أثنائه كطلاق ذكره القاضي
فائدة الحكمة في إخفائها ليجتهدوا في طلبها ويجدوا في العبادة طمعا في إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة يوم الجمعة واسمه الأعظم من أسمائه ورضاه في الحسنات إلى غير ذلك ويدعو فيها فإن الدعاء مستجاب فيها قاله في المستوعب وغيره بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله أن وافقتها فيم أدعو قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني رواه أحمد وابن
____________________
1-
(3/61)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ماجه وللترمذي معناه وصححه ومعنى العفو الترك ويكون بمعنى الستر والتغطية فمعنى اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني أي اترك مؤاخذتي بجرمي واستر على ذنبي وأذهب عني عذابك واصرف عني عقابك وللنسائي من حديث أبي هريرة مرفوعا
سلوا الله العفو والعافية والمعافاة فما أوتي أحد بعد يقين خيرا من معافاة فالشر الماضي يزول بالعفو والحاضر بالعافية والمستقبل بالمعافاة لتضمنها دوام العافية
____________________
1-
(3/62)
= كتاب الاعتكاف =
هو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى وهو سنة إلا أن بنذره فيجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الاعتكاف =
هو لغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه خيرا كان أو شرا ومنه قوله تعالى { يعكفون على أصنام لهم } الأعراف 138 يقال عكف يعكف بضم الكاف وكسرها وقرىء بهما
وشرعا لزوم المسجد لطاعة الله تعالى على صفة مخصوصة من مسلم عاقل ولو مميزا طاهر مما يوجب غسلا ولو ساعة فلا يصح من كافر ومجنون وطفل كالصلاة بغير خلاف نعلمه ولا يبطل بالإغماء جزم به في الرعاية ولا شك أنه قربة وطاعة لقوله تعالى { طهرا بيتي للطائفين والعاكفين } البقرة 126 ولما روى ابن عباس مرفوعا قال في المعتكف وهو يعكف الذنوب ويجزى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها رواه ابن ماجه وفيه فرقد السبخي قال أبو داوود سألت أحمد تعرف في فضل الاعتكاف شيئا قال لا إلا أن شيئا ضعيفا
وهو سنة كل وقت إجماعا لمداومته عليه السلام فعله وانما لم يجب لأنه لم يأمر به أصحابه بل في الصحيحين من أحب أن يعتكف فليعتكف واكده في رمضان والعشر الأخيرة اكد لطلب ليلة القدر إلا أن ينذره فيجب الوفاء به إجماعا لقوله عليه السلام من نذر أن يطيع الله فليطعه رواه البخاري ولمسلم من حديث ابن عمر ان عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال
إني
____________________
1-
(3/63)
ويصح بغير صوم وعنه لا يصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال
فأوف بنذرك وللبخاري فاعتكف ليلة وظاهر الأمر للوجوب
فإن علقه بشرط فله شرط نحو لله علي أن أعتكف شهر رمضان إن كنت مقيما أو معافى فصادفه مريضا أو مسافرا فلا شيء عليه وهل يلزم بالشروع أو بالنية وقاله مالك مع الدخول فيه فإن قطعه فعليه قضاؤه وقال ابن عبد البر لا يختلف في ذلك الفقهاء ورده في المغني والشرح بأنه لا يعرف هذا القول عن أحد سواه ولم يقع الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة ولا يصح إلا بالنية ويجب تعيين المندوب بالنية ليتميز فإن نوى الخروج منه فقيل يبطل لأنه يخرج منه بالفساد وقيل لا لتعلقه بمكان كالحج
ويصح بغير صوم في ظاهر المذهب لحديث عمر ولأنه عبادة تصح في الليل فلم يشترط له الصوم كالصلاة
فعلى هذا فله ما يسمى به معتكفا لابثا فظاهره ولو للحظة وجزم جماعة بأن أقله ساعة ولا ولا يكفي عبوره ويصح الاعتكاف في أيام النهي التى لا يصح صومها ولو صام ثم أفطر عمدا لم يبطل اعتكافه وعنه لا يصح بغير صوم في قول ابن عمر وابن عباس لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا اعتكاف إلا بصوم ولأنه لبث في مسجد فلم يكن بمجرده قربه كالوقوف بعرفة
وأجيب عنه بأنه موقوف عليها ومن رفعه فقد وهم ثم لو صح فيحمل على نفي الكمال جمعا بين الأدلة ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع ولم يصح فيه نص ولا إجماع وقياسهم يرد عليهم بأنه لبث في مكان مخصوص
____________________
1-
(3/64)
فعلى هذا لا يصح في ليلة مفردة ولا في بعض يوم ولا يجوز الاعتكاف من المرأة بغير إذن زوجها ولا من العبد بغير إذن سيده فإن شرعا فيه بغير إذن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلم يشترط له الصوم كالوقوف فعلى هذا لا يصح في ليلة مفردة ولا في بعض يوم لعدم وجود الصوم المشترط وظاهره لا فرق بين أن يصوم اليوم الذي اعتكف بعضه أم لا وقطع المجد وغيره بصحته لوجود اللبث بشرطه وأطلق في منتهى الغاية والفروع الخلاف والمذهب البطلان نظرا إلى أن الصوم لم يقصد له ولا يصح في أيام النهي التى لا يصح صومها واعتكافها نذرا أو نفلا كصومها نذرا أو نفلا فإذا كان الاعتكاف متتابعا فأتى في اثنائه يوم عيد فإن قلنا بجواز اعتكافه فالإولى ان يثبت مكانه ويجوز خروجه إلى العيد ولا يفسد اعتكافه وإن قلنا لا يجوز خرج إلى المصلى إن شاء وإلى أهله وعليه حرمة العكوف ثم يعود قبل غروب الشمس في يومه لتمام أيامه قاله المجد
تنبيه لا يشترط أن يصوم للاعتكاف ما لم ينذر له الصوم لظاهر الاية والخبر وكما يصح أن يعتكف في رمضان تطوعا أو ينذر عنه به وإذا قال لله علي أن أعتكف صائما أو بصوم لزماه معا فلو فرقهما أو اعتكف وصام فرض رمضان و نحوه لم يجزئه لأن الصوم صفة مقصودة فيه كالتتابع وقيل يلزمه الجميع لا الجمع فله فعل كل منهما منفردا وإن نذر أن يصوم معتكفا فالخلاف كما لو نذر أن يعتكف معليا ولا يلزمه أن يصلي جميع الزمان وإن نذر أن يصلي صلاة ويقرأ فيها سورة بعينها لزمه الجمع فلو قرأها خارج الصلاة لم يجزئه ذكره في الانتصار
ولا يجوز الاعتكاف من المرأة بغير إذن زوجها وفاقا ولا من العبد بغير إذن سيده لتفويت منافعها المملوكة لغيرهما فإن شرعا فيه بغير إذن وإن
____________________
1-
(3/65)
فلهما تحليلهما وإن كان فلهما بإذن تحليلهما إن كان تطوعا وإلا فلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان فرضا قاله في الشرح وغيره فلهما تحليلهما لحديث أبي هريرة لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان إلا بإذنه رواه الخمسة وحسنه الترمذي ولأنه شروع غير جائز متضمن لفوات حقهما فملكا تحليلهما منه ليعود حقهما إلي ما كان خرج في منتهى الغاية لا يمنعان من المنذور كرواية في المرأة في صوم وحج منذورين وفي ثالث منعهما وتحليلهما من نذر مطلق فقط لأنه على التراخي كوجه لأصحابنا في صوم وحج منذورين وفي رابع منعهما وتحليلهما إلا من منذور معين قبل النكاح والملك كوجه لأصحابنا في سقوط نفقتها قال في الفروع ويتوجه إن لزم بالشروع فيه كالمنذور فعلى الأول إن لم يحللاها صح وأجزأ وجزم في المستوعب واختاره ابن البنا يقع باطلا كصلاة في مغصوب ونص عليه في العبد وإن كان بإذن فلهما تحليلهما إن كان تطوعا لأنه عليه السلام أذن لعائشة وحفصة وزينب ثم منعهن بعد أن دخلن فيه ولأن حقهما واجب والتطوع لا يلزم بالشروع ولهما المنع ابتداء فكذا دواما كالعارية بخلاف الحج وإلا فلا أي إذا كان منذورا لم يكن لهما تحليلهما منه لأنه يتعين بالشروع فيه ويجب إتمامه كالحج وظاهره لا فرق أن يكون متعينا أو مطلقا واختار المجد في النذر المطلق الذي يجوز تفريقه كنذر عشرة أيام متفرقة أو متتابعة إذا اختار فعله متتابعا وأذن لهما في ذلك يجوز تحليلهما منه عند منتهى كل يوم لجواز الخروج منه كالتطوع وظاهر كلامهم المنع كغيره
فرع الإذن في عقد النذر إذن في فعله إن نذر زمنا معينا بالإذن وإلا فلا لأن زمن الشروع لم يقتضه الإذن السابق وقدم المؤلف منع تحليلهما أيضا
____________________
1-
(3/66)
وللمكاتب ان يعتكف ويحج بغير إذن ومن بعضه حر إن كان بينهما مهايأة فله أن يعتكف ويحج في نوبته وإلا فلا ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه إلا المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالإذن في الشروع وللمكاتب أن يعتكف ويحج بغير إذن نص عليه لأن السيد لا يستحق منافعه ولا يملك إجباره على الكسب فهو مالك لمنافعه كحر مدين بخلاف أم الولد والمدبر وظاهره لا فرق فيه بين الواجب وغيره وسواء حل نجم أو لا وقيل جماعة ما لم يحل نجم ونقل الميموني له الحج من المال الذي جمعه ما لم يأت نجمه وحمله القاضي وغيره على إذنه له ومقتضاه أنه لا يجوز بإذنه نص عليه والمراد ما لم يحل نجم وعنه المنع مطلقا ومن بعضه حر إن كان بينهما مهايأة وهو أن يتفق هو ومالك بعضه أن يكون له مدة ولمالك بعضه أخرى فله أن يعتكف ويحج في نوبته لأن منافعه غير مملوكة لسيده بل هي كالحر وإلا فلا أي لسيده منعه إذا لم يكن بينهما مهايأة لأن له ملكا في منافعه في جميع الأوقات فتجويزه يتضمن إبطال حق غيره وليس بجائز
ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد لا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } البقرة 187 فلو صح في غيرها لم يختص بتحريم المباشرة إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقا ولأنه كان عليه السلام يدخل رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجله متفق عليه وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة يجمع فيه أي تقام فيه صلاة الجماعة ولو من معتكفين حذارا إما من ترك الجماعة الواجبة أو تكرر الخروج المنافي له مع إمكان التحرز منه فإذا قيل بأنها سنة فلا ويستثنى منه المعذور والصبي ومن هو في قرية لا يصلي فيها غيره ومن اعتكافه في مدة غير وقت الصلاة ويحتمل أن لا يسقط عن المعذور لأنه من أهل الجماعة وقد التزمه إلا المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد
____________________
1-
(3/67)
إلا مسجد بيتها والأفضل الاعتكاف في الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + للاية والجماعة لا تلزمها وفي الانتصار في مسجد تقام فيه الجماعة وهي ظاهر رواية ابن منصور والخرقي لما روى حرب بإسناد جيد عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد بيتها فقال بدعة وأبغض الأعمال إلى الله البدع فلا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة إلا مسجد بيتها وهو ما اتخذته لصلاتها ولو جاز لفعلته أمهات المؤمنين ولو مرة تبيينا للجواز وهذا ليس بمسجد حقيقة ولا حكما وظاهر المحرر صحته فيه قال وإنما كره في مسجد الجماعة حيث لم يحتفظ بخباء نقل أبو داود يعتكفن في المساجد ويضربن لهن فيها الخيم
قلت ولا بأس أن يستتر الرجل كهي ذكره في المغني والشرح لأنه أخفى لعمله ونقل ابن إبراهيم لا إلا لبرد شديد
مسألة رحبة المسجد ليست منه في رواية وهي ظاهر الخرقي وعنه بلى جزم به جماعة منهم القاضي كظهره وجمع بينهما في موضع فقال إن كان عليها حائط وباب فهي منه وإلا فلا ومنارته إن كانت فيه أو بابها فيه فهي منه بدليل منع الجنب وإن كانت خارجة عنه قال بعضهم وهي قريبة فخرج للأذان بطل اعتكافه واختار ابن البنا والمجد خلافه
والأفضل لاعتكاف في الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله لئلا يحتاج إلى الخروج إليها فيترك الاعتكاف ومع إمكان التحرز منه فكأنه استثنى الجمعة ولا يلزم ذلك وقاله أكثر العلماء ولأنه لما لا بد منه بلفظه ولا يتكرر بخلاف الجماعة وفي الانتصار وجه يلزم فإن اعتكف في غيره
____________________
1-
(3/68)
ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره إلا المساجد الثلاثة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بطل بخروجه إليها لأنه أمكنه التحرز منه لكن إن عين بنذره المسجد الجامع تعين موضع الجمعة فلو اعتكف فيما تقام فيه الجمعة فقط لم يصح إن وجبت الجماعة وظاهره أن الجمعة إذا لم يتخلل اعتكافه لم يكن الجامع أفضل من غيره لأنه لا يحتاج إلى الخروج ولو اعتكف من لا تلزمه الجمعة في مسجد لا يصلى فيه بطل خروجه إليها إلا أن يشترطه كعيادة المريض
ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره لأن الله تعالى لم يعين لعبادته موضعا فلم يتعين بالنذر ويبطل ببقاع الحج وفيه نظر ولو تعين احتاج إلى شد رحل ذكره الأصحاب ولعل مرادهم إلا مسجد قباء لأنه عليه السلام كان يأتيه كل سبت راكبا أو ماشيا ويصلي فيه ركعتين وكان ابن عمر يفعله متفق عليه فإن لم يحتج إلى شد رحال فظاهر الانتصار والمغني والشرح يلزم وذكر أبو الحسين احتمالا في تعيين المسجد العتيق للصلاة لأنه أفضل قال المجد ونذر الاعتكاف مثله فعلى المذهب يعتكف في غير المسجد الذي عينه وظاهره لا كفارة وجزم به في الشرح وظاهر كلام جماعة يصلي في غير مسجد وإن أراد الذهاب إلى ما عينه واحتاج إلى شد رحل فجزم بعضهم بإباحته واختاره المؤلف في القصر ومنع منه ابن عقيل والشيخ تقي الدين وخيره القاضي وغيره وأما ما لم يحتج إلى شد رحل فالمذهب يخير وفي الواضح الأفضل الوفاء قال في الفروع وهذا أظهر إلا المساجد الثلاثة فإنها تتعين لفضل العبادة فيها على غيرها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ة لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا متفق عليه ولمسلم في رواية
____________________
1-
(3/69)
وأفضلها المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم الأقصى فإذا نذره في الأفضل لم يجزئه في غيره وإن نذره في غيره فله فعله فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد وأفضلها المسجد الحرام لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه رواه ابن ماجه من رواية أبي الخطاب الدمشقي وهو مجهول وفي رواية لأحمد
وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي بمائة صلاة ثم مسجد المدينة لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام متفق عليه وقال عمر بن الخطاب وجمع المدينه أفضل فدل أن مسجدها أفضل وقال في رواية ابن أشهب إن معني الحديث أن الصلاة في مسجد الرسول أفضل من سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجد الرسول أفضل من الصلاة فيه بدون الألف
وجوابه رواية أحمد السابقة ويستثنى منه موضع قبره عليه الصلاة والسلام فإنه أفضل بقاع الأرض ثم الأقصى لما روى أبو الدرداء مرفوعا قال صلاة في المسجد الأقصى بخمسمئة صلاة وفي حديث أبي المهاجر نحوه فإذا نذره في الأفضل كالمسجد الحرام لم يجزئه في غيره لأنه أفضلها احتج به الامام والأصحاب وإن نذره في غيره فله فعله فيه أي إذا نذره في
____________________
1-
(3/70)
وإن نذر اعتكاف شهر بعينه لزمه الشروع فيه قبل دخول ليلته إلى انقضائه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مسجد الرسول أو الاقصى فله فعله في المسجد الحرام لأفضليته وإن نذره في مسجد الرسول لم يجزئه غيره إلا المسجد الحرام وإذا عين الأقصى أجزأه المسجدان فقط نص عليه لأفضليتهما عليه ويستثنى منه ما إذا نذر الاعتكاف في هذه المساجد فدخل فيه ثم انهدم معتكفه والعياذ بالله تعالى ولم يمكنه المقام فيه أتمه في غيره لزوما ولم يبطل اعتكافه ذكره في الشرح
وإن نذر إعتكاف شهر بعينه تعين عليه لزمه الشروع فيه قبل دخول ليلته أي قبل غروب الشمس نص عليه إذ الشهر يدخل بدخول الليلة بدليل ترتب الأحكام المعلقة به من حلول الدين ووقوع الطلاق والعتاق المعلقين به وما لا يتم الواجب إلا به واجب وعنه يدخل قبل فجرها الثاني روى عن الليث واستدل له بقول عائشة كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه متفق عليه ولأن الصوم شرط فيه فلم يجب ايتداؤه قبل شرطه وليس بظاهر لأنه عليه السلام لم يدخل إلا بعد الصبح مثل تلك الساعة في يوم الحادي والثلاثين وكذلك أن أبتدأه في أثنا اليل تممه متى شاء شرع + على أن ابن عبد البر قال لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا الحديث وفيه نظر لأنه قول الأوزاعي والليث وإسحاق ورواية عن احمد فيما إذا أراد أن يعتكف العشر الأخير تطوعا فإنه يدخل بعد صلاة الفجر أول يوم منه وحمل على الجواز وقال القاضي يحتمل أنه كان يفعل يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة والمنصوص أنه يدخل قبل ليلته الأولى إلى أنقضائه لدخوله في مسمى نذره وفيه إشارة أنه لا يلزمه سوى الشهر وإن كان ناقصا لأن ذلك مقتضى نذره لكن إذا اعتكف رمضان أو العشر الأخير استحب أن يبيت ليلة
____________________
1-
(3/71)
وإن نذر شهرا مطلقا لزمه شهر متتابع وإن نذر أياما معدودة فله تفريقها إلا عنه القاضي وإن نذر أياما أو ليالي متتابعة لزمه ما يتخللها من ليل أو نهار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + العيد في معتكفه ويخرج منه إلى المصلى نص عليه ليصل طاعة بطاعة
وإن نذر شهرا مطلقا لزمه شهر متتابع نص عليه وذكره القاضي وجها واحدا لأنه معنى يصح ليلا ونهارا فإذا أطلقه لزمه التتابع وكقوله لا كلمت زيدا شهرا وكمدة العدة والإيلاء وصرح به في الكفارة تأكيدا وعنه لا اختارها الاجري وصححها ابن شهاب وغيره لصحة إطلاقه على ذلك ولهذا لا يصح تقييده بالتتابع بخلاف اليمين ويدخل معتكفه قبل الغروب من أول ليلة منه على الأصح ولا يخرج إلا بعد غروب الشمس اخر ايامه ويكفيه شهر هلالي ناقص بلياليه أو ثلاثين يوما بلياليهن وثلاثين ليلة فإن ابتدأه في أثناء النهار تممه إلى مثل تلك الساعة في اليوم الحادي والثلاثين وكذلك إن ابتدأه في أثناء اليل تممه ما ذكرنا إن لم يعتبر الصوم وإن اعتبر فثلاثين ليلة صحاحا بأيامها الكاملة
ومن نذر أياما معدودة كقوله لله علي أن أعتكف عشرين يوما فله تفريقها ولم يلزمه التتابع إلا أن ينويه لأن الأيام المطلقة تؤخذ بدون التتابع فلم يلزمه كنذر صومها واحتجاج ابنعباس في قضاء رمضان بالاية يدل عليه إلا عند القاضي فيلزمه التتابع كلفظ الشهر فعلى هذا تلزمه الليالي الداخلة في الإيام المنذورة وعلى الأول لا إلا أن ينوي التتابع أو لشرطه وقيل يلزمه إلا في ثلاثين يوما للقرينة لأن العبادة فيه لفظ الشهر وهو ظاهر وان نذر أياما أو ليالي متتابعة بشرط أو نيته لزمه ما يتخللها من ليل اذا نذر الأيام أو نهار اذا نذر الليالي نص عليه لأن اليوم اسم البياض النهار
____________________
1-
(3/72)
فصل ولا يجوز للمعتكف الخروج إلا لما لا بد منه
كحاجة الإنسان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والليلة اسم لسواد الليل والتثنية والجمع تكرار الواحد وانما يدخل ما تخلله للزوم التتابع ضمنا وخرج ابن عقيل لا يلزمه واختاره ابو حكيم لعدم تناول اللفظ له وفي ثالث لا يلزمه الليل فإن نذر اعتكاف يومين لزمه يومان وليلة بينهما
تنبيه إذا نذر اعتكاف يوم معينا أو مطلقا دخل معتكفه قبل فجره الثاني وخرج بعد غروب شمسه لأنه اسم لليوم ولا تلزمه الليلة التى قبله لأنها ليست من اليوم وإذا نذر ليلة لزمته فقط فيدخل قبل الغروب ويخرج بعد فجرها الثاني وإن اعتبرنا الصوم لم يلزمه شيء وإذا نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه بساعات من أيام لأنه يفهم منه التتابع أشبه ما لو قيده به وإذا قال في وسط النهار لله علي أن أعتكف يوما من وقتي تعين منه إلى مثله وفي دخول الليل الخلاف وإذا نذر شهرا متفرقا فله تتابعه قال المجد لأنه أفضل كاعتكافه في المسجد الحرام إذا نذر غيره وإذا نذر اعتكاف يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم يلزمه شيء وإن قدم في بعض النهار لزمه اعتكاف الباقي ولم يلزمه قضاء ما مضى منه فصل ولا يجوز للمعتكف الخروج فيما إذا عين مدة أو شرط التتابع في عدد الا لما لا بد منه
لما روت عائشة أنها قالت السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد منه رواه أبو داوود لحاجة الانسان كالبول والغائط اجماعا وسنده قول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان متفق عليه ولو بطل بالخروج اليهما لم يصح لأحد اعتكاف
____________________
1-
(3/73)
والطهارة والجمعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكنى بها عنهما لأن كل انسان يحتاج إلى فعلهما ويلحق بهما قيء بغتة وغسل متنجس يحتاجه وله المشي على عادته وقصد منزله أن لم يجد مكانا يلبق به من غير ضرر عليه فيه ولا منه كسقاية لا يحتشم مثله منها ولا نقص عليه قالوا ولا مخالفة لعادته وفيه نظر قاله في الفروع ويلزمه قصد أقرب منزليه لدفع حاجته وإن بذل له صديقه أو غيره منزلة القربي لقضاء حاجته لم يلزمه للمشقة بترك المروءة والاحتشام فلو بال في المسجد حرم لقوله عليه السلام
إن المساجد لم تبن لهذا وفيه احتمال لفعل ابي وائل ويحتمل أن يجوز لكبر ومرض وكذا يخرج لفسد وحجامة وفيهما أحتمال يجوز في إناء كالمستحاضه والفرق أن لا يمكنها التحرز إلا بترك الاعتكاف وقيل الجواز لضرورة فإن بال خارجا وجسده فيه لا ذكر كره وعنه يحرم
تنبيه الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به في معنى ما سبق نص عليه ولا يجوز خروجه لهما في بيته في ظاهر كلامه واختاره الشيخان لعدم الحاجة لإباحته ولا نقص فيه وذكر القاضي أنه يتوجه الجواز واختاره أبو حكيم لما فيه ترك المروءة ويستحيي أن يأكل وحده ويريد أن يخفي جنس قوته وجوز ابن حامد اليسير كلقمة ولقمتين لاكل أكله وله غسل يده في اناء من وسخ وزفر ونحوهما والطهارة كغسل جنابة ووضوء لحدث نص عليه وقدما على الاعتكاف لأن الجنب يحرم عليه اللبث فيه والمحدث لا تصح صلاته بدون وضوء فإن قلنا لا يكره وضوءه فيه فعله بلا ضرر وكذا غسل جمعه إن وجب وإلا لم يجز كتجديد الوضوء والجمعة لأنه خروج لواجب فلم يبطل اعتكافه كالمعتدة وله التبكير إليها نص عليه
____________________
1-
(3/74)
والنفير المتعين والشهادة الواجبة والخوف من فتنة أو مرض والحيض والنفاس وعدة الوفاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي منتهى الغاية احتمال فهو أفضل وهو ظاهر كلام أبي الخطاب وله إطالة المقام بعدها ولا يكره لصلاحية الموضع له ويستحب عكسه في ظاهر كلام أحمد ونقل أبو داود التبكير أرجو وأنه يرجع بعدها عادته ولا يلزمه سلوك الطريق الأقرب وظاهر ما سبق كقضاء الحاجة قال بعض أصحابنا الأفضل خروجه لذلك وعوده في أقصر طريق لاسيما في النذور والأفضل سلوك الأبعد إن خرج لجمعة وعبادة وغيرها والنفير المتعين لأنه واجب كالجمعة وكذا إن تعين خروجه لإطفاء حريق أو إنقاذ غريق ونحوه والشهادة الواجبة لظاهر الايات وظاهره ولو لم يتعين عليه التحمل واختار بن حمدان ان تعين عليه تحملها وأداؤها خرج لها وإلا فلا وإذا لم يتعين عليه أداؤها لم يجز الخروج والخوف على نفسه أو حرمته أو ماله من فتنة لأنه عذر من ترك الواجب بأصل الشرع كالجمعة فها هنا أولى أو مرض يتعذر معه المقام فيه كالقيام المتدارك أو لا يمكنه إلا بمشقة شديدة بأن يحتاج إلى خدمة وفراش وإن كان خفيفا كالصداع ووجع الضرس لم يجز إلا أن يباح به الفطر فيفطر فإنه يخرج إن قيل باشتراط الصوم وإلا فلا والحيض والنفاس لأن اللبث معهما في المسجد حرام وفإن لم يكن له رحبة رجعت إلى بيتها فإذا طهرت عادت الى المسجد وإن كان له رحبة يمكنها ضرب خباء فيها بلا ضرر فعلت ذلك استحبابا في قول الأكثر فيشترط الأمن على نفسها ولهذا قيل مع سلامة الزمان فإذا طهرت دخلته فأتت بما بقي منه واختار ابن حمدان يسن جلوسها في الرحبة غير المحوطة وإن خافت تلويثه فأين شاءت وعدة الوفاة في منزلها لوجوبها شرعا كالجمعة وهو حق لله ولادمي
____________________
1-
(3/75)
ونحوه ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه فيجوز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
لا يستدرك إذا ترك بخلاف الاعتكاف ولا يبطل به ونحوه كما أذا تعينت عليه صلاة جنازه خارجة ودفن ميت ونحوه وكذا لو أكرهه سلطان أو غيره على الخروج فهو باق على أعتكافه كمن خاف من سلطان أن يأخذه ظلما وإن أخرجه لاستيفاء حق عليه فإن أمكنه الخروج منه بلا عذر بطل وإلا فلا لأنه خروج لواجب وإن خرج ناسيا لم يبطل كالصوم وفي الخلاف والفصول تبطل لمنافاته الاعتكاف كالجماع فرع أذا زال العذر رجع وقت أمكانه فإن أخره بطل ما مضى ولا يبطل بخروجه تحت سقف خلافا لقوم ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة نص عليه واختاره الأصحاب لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرج للسؤال عن المريض رواه أبو داود وفي معناهما كل قربه لا تتعين كتحمل الشهادة وأدائها ولأنه خروج منه بد فلم يجز ترك فريضة لفضيله إلا أن يشترطه فيجوز نص عليه وهو قول جماعه من الصحابة ومن بعدهم ولأن الاشتراط يصيره كالمستثني وذكر الترمذي وابن المنذر عن أحمد المنع لما سبق ولا فرق في الاشتراط بين ما كلن قربة كزيارة أهله وعالم وبين ما كان ماحا ويحتاجه كالعشاء في بيته والمبيت فيه جزم به في المغني والشرح وهو رواية لأنه يجب بعقده كالوقف ولتأكد الحاجة إليهما وامتناع النيابه فيهما وعنه المنع جزم به القاضي وابن عقيل واختاره المجد لمنافاته الاعتكاف كشرط ترك الإقامه في المسجد والنزهة والفرجة لأنه لا يلائم الاعتكاف بخلاف القربه فإن شرط الخروج للبيع والشراء والتكسب بالصنعه لم يجز فلو قال متى مرضت أو عرض لي عارض خرجت فله شرطة كالإحرام وجعل المجد فائدة الشرط هنا سقوط
____________________
1-
(3/76)
وعنه له ذلك من غير شرط وله السؤال عن المريض في طريقه ما لم يعرج والدخول إلى مسجد آخر يتم إعتكافه فيه فإن خرج لما لا بد منه خروجا معتادا كحاجة الإنسان والطهارة فلا شيء فيه وإن خرج لغير المعتاد في المتتابع وتطاول خير بين استئنافه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القضاء في المده المعينه وعنه له ذلك من غير شرط نقلها عنه الأثرم ومحمد ابن الحكم لما روى أحمد عن أبي بكر بن عياش عن أبي أسحاق عن عاصم ابن ضمرة عن علي قال المعتكف يعود المريض ويشهد الجنازة والجمعه وليأت أهله وليأمرهم بالحاجة وهو قائم وقول ابن المنجا إنه ليس بثابت فيه نظر فإن إسناده صحيح قال أحمد عاصم عندي حجه وهو محمول على التطوع جمعا بينهما وهذا الخلاف فيه إذا كان واجبا فأما إن كان تطوعا فله تركه رأسا لكن الأفضل مقامه على اعتكافه لفعله عليه السلام وله السؤال عن المريض في طريقة مالم يعرج لقول عائشه قالت كنت أدخل البيت للحاجه والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة متفق عليه وليس له الوقوف لأن فيه تركا للاعتكاف وله الدخول إلى مسجد آخر يتم اعتكافه فيه لأنه محل للاعتكاف والمكان لا يتعين بالنذر والتعيين فمع عدمه أولى ومحله إذا كان أقرب إلى مكان حاجته من الأول فإن كان ابعد أو خرج إليه ابتداء بلا عذر بطل لتركه لبثا مستحقا فإن خرج لما لا بد منه خروجا معتادا كحاجة الانسان والطهارة عن حدث أو الطعام والشراب والجمعه وكذا للحيض وللنفاس فلا شيء فيه أي لا قضاء لأن الخروج له كالمستثني لكونه معتادا ولا كفارة إذ لو وجب فيه شيء لا متنع معظم الناس منه بل هو باق على اعتكافه ولم تنقض به مدته وإن خرج لغير المعتاد كالنفسير المتعين التعين والشهادة الواجبه ونحوهما فله أحوال أحدها الخروج في الإعتكاف المنذور المتتابع غير المعين كعشرة ايام متتابعة وتطاول أي زمنه خير إذا زال عذره بين استئنافه ولا كفارة عليه لأنه أتى بالمنذور على وجهه فلم يلزمه كما لو نذر صوم شهر
____________________
1-
(3/77)
وإتمامه مع كفارة يمين وإن فعله في متعين قضى وفي الكفارة وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غير معين فشرع ثم أفطر لعذر وإتمامه أي يبني ويقضي مع كفارة يمين لأنها تجبر ما حصل من فوات التتابع وقد نبه الخرقي على هذا في النذر وذكر أبو الخطاب روايه أنه إذا ترك الصيام المنذور لعذر أنه لا كفارة كما لو أفطر في رمضان لعذر واختار في المجرد أن كل خروج لواجب كشهادة وجهاد متعينين لا كفارة فبه فمقتضاه أن ما كان مباحا كخوف من فتنة ونحوه أنها تجب لأنه خرج لحاجة نفسه خروجا غير معتاد وفي المغني تجب الكفارة إلا لعذر حيض أو نفاس لأنه معتاد كحاجة الأنسان وضعفهما المجد بأنا سوينا قي نذر الصوم بين الأعذار وبأن زمن الحيض يجب قضاؤه لا زمن حاجة الأنسان وفيه نظر وظاهر المغني لا يقضي وهو أظهر وظاهرة أنه إذا لم يتطاول أنه باق على أعتكافه وأنه لا يقضي صرح به في المغني والشرح كحاجة الأنسان وظاهر الخرقي وغيره أنه يقضي واختاره المجد كما لو طالت والفرق ظاهر وقد أشار الى الحال الثانى بقوله وإن فعله في متعين كشهر رمضان ونحوه قضى ما ترك ليأتى بالواجب وفي الكفارة وجهان أحدهما يكفر ونص عليها أحمد في الخروج لفتنه وذكره الخرقي فيها والخروج لنفير وعدة لتركه المنذور في وقته إذا النذر كاليمين والثاني لا كفارة عليه وهو روايه وظاهر الوجيز لأنه خروج لا يبطل الاعتكاف أشبه الخروج لحاجة الأنسان وكرمضان والفرق أن فطره لا كفاره فيه لعذر أو غيره الحالة الثالثة إذا نذر أياما مطلقه فإن قلنا يجب التتابع على قول القاضي فكالأولى وإن قلنا لا يجب وهو المذهب تمم ما بقى منها ولا شيء عليه لإتيانه بالمنذور على وجهه لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فبه من أوله ليكون متتابعا وقال
____________________
1-
(3/78)
وإن خرج لما له منه بد في المتتبع لزمه استئنافه وإن فعله في متعين فعليه كفارة وفي الاستئناف وجهان وإن وطئ المعتكف في الفرج فسد اعتكافه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المجد قياس المذهب يخير بين ذلك وبين البناء على بعض اليوم ويكفر وهو ظاهر
وإن خرج لما له منه بد في المتتابع المنذور لزمه استئنافه لأنه لا يمكنه فعل المنذور على وجهه إلا به أشبه حالة الأبتداء وظاهره أنه يبطل بالخروج وإن قل كالجماع فإن كان مختارا عامدا فلا إشكال وإن كان مكرها أو ناسيا فقد سبق فلو أخرج بعض جسده لم يبطل وإن كان عمدا في المنصوص لحديث عائشة المتفق عليه
فرع إذا خرج في متتابع متعين كنذرة شعبان متتابعا استأنف كالقسم قبله ويكفر وإن فعله في متعين ولم يقيده بالتتابع كنذره اعتكاف رجب لزمته الكفارة رواية واحده لتركه المنذور في وقته المعين بلا عذر وفي الأستئناف وجهان أحدهما يلزمه ذكر المجد أنه أصح في المذهب وأنه فياس قول الخرقي لتضمن نذره التتابع ولأنه أولى من المدة المطلقه والثاني يبنى لأن التتابع هنا حصل ضرورة التعين فسقط بفواته كقضاء رمضان وأصلها من نذر صوم شهر بعينه فأفطر في بعضه
فرع إذا نذر اعتكاف أيام متتابعه بصوم فأفطر يوما أفسد تتابعه ولزمه الاستئناف لتركه الإتيان بما نذره على صفته ذكره في الشرح وإن وطئ المعتكف في الفرج فهو حرام للنص فسد اعتكافه لقول ابن عباس إذا جاء المعتكف بطل اعتكافه رواه حرب بأسناد صحيح وكالحج والصوم وإطلاق المؤلف يشمل العمد وغيره صحيح لأن ما حرم استوى عمده وسهوه وكالحج وخرج المجد في الصوم عدم البطلان مع عدم النسيان وقال
____________________
1-
(3/79)
ولا كفارة عليه إلا لترك نذره فقال أبو بكر عليه كفارة يمين وقال القاضي عليه كفارة ظهار وإن باشر دون الفرج فانزل فسد اعتكافه وإلا فلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الصحيح عندي أنه يبني ولا كفارة عليه لأجل الوطء في ظاهر المذهب إذ الوجوب من الشرع ولم يرد وكالصلاة والثانية واختارها القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وجوب الكفارة كرمضان وكالحج والفرق ظاهر إلا لترك نذره كذا خص القاضي وجماعة الوجوب وفي الفصول يجب في التطوع في أصح الروايتين وبعدها المجد وأختلفوا في موجبها فقال أبو بكر والشريف أبو جعفر عليه كفارة يمين لأنها كفارة نذر وهي كفارة يمين ولكونه أفسد المنذور بالوطء قاله الشيخان وغيرهما وقال القاضي في الخلاف وهو ظاهر كلام أحمد عليه كفارة ظهار لأنها كفارة وطء أشبه المظاهر وذكر بعضهم ان هذا الخلاف في نذر وفيل معين فلهذا تجب فيه الكفارتان كما لو نذر أن يحج في عام بعينه فأحرم ثم أفسد حجه بالوطء يلزمه كفارة للوطئ وكفارة يمين للنذر وإن باشر دون الفرج فأنزل فسد اعتكافه على المذهب المجزوم به عند الأكثر وفيه احتمال لابن عبدوس وإلا فلا كالصوم فإذا فسد خرج في الكفارة الخلاف ذكره ابن عقيل وقال المجد يتخرج وجه ثالث تجب بالإنزال عن وطء لا عن لمس وقبله والناسي كالعامد في إطلاق أصحابنا واختار المجد لا يبطل كالصوم ولا تحرم المباشرة في غير الفرج بلا شهوة كتغسيل رأسه وذكر القاضي احتمالا تحرم كشهوة في المنصوص
مسألة يسن أن يصان المسجد عن الجماع فيه أو فوقه ذكره في الرعاية وقال ابن تميم يكره الجماع فوقهوالتمسح بحائطه والبول عليه نص عليه وفي الفروع وجزم به في عيون المسائل أنه يحرم وهو ظاهر
____________________
1-
(3/80)
ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب واجتناب مالا يعنيه ولا يستحب له إقراء القرآن والعلم والمناظرة فيه إلا عند أبي الخطاب إذا قصد به الطاعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا سكر في اعتكافه فسد ولو سكر ليلا لخروجه عن كونه من أهل المسجد كالحيض ولا يبنى لأنه غير معذور وإن ارتد فيه فسد كالصوم ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب كالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى واجتناب مالا يعنيه من الجدال والمراء وكثرة الكلام والسباب والفحش لقوله عليه السلام من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ولأنه مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى وليس الصمت من شريعة الإسلام وظاهر الأخبار تحريمه جزم به في الكافي وقال ابن عقيل يكره الصمت إلى الليل فإن نذره لم يف به ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام ذكره الأكثر لأنه استعمال له في غير ما هو له كتوسد المصحف وجزم به في التلخيص والرعايه بالكراهة وذكر الشيخ تقي الدين إن قال عند ما أهمه ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) يوسف 86 فحسن ولا يستحب له لأنه إقراء القرآن والعلم والمناظره فيه نص عليه لفعله عليه السلام فإنه كان يحتجب فيه واعتكف في قبة وكالطواف قال أبو بكر لا يقرأ ولا يكتب الحديث ولا يجالس العلماء إلا عند أبي الخطاب واختاره المجد فإنه يستحب إذا قصد به الطاعة لا المباهاة لظاهر الأدله وكالصلاة والذكر ولأن الطواف لا يتسع لمقصود الإقراء بخلاف الأعتكاف فعلى الأول فعل ذلك أفضل من الإعتكاف جزم به في الوجيز والفروع لتعدي نفعه قال المجد ويتخرج في كراهة القضاء وجهان بناء على الأقراء فإنه في معناه مسائل الاولى لا بأس أن تزوره زوجته في المسجد وتتحدث معه وتصلح شأنه مالم يلتذ بشيء منها ويتحدث مع من يأتيه مالم يكثر ولا باس أن يأمر بما يريد خفيفا بحيث لا يشغله نص عليه
____________________
1-
(3/81)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثانيه لا بأس أن يتزوج وبشهد النكاح لنفسه ولغيره ويصلح بين القوم ويعود المريض ويصلي على الجنازة ويهنئ ويعزي ويؤذن ويقيم كل ذلك في المسجد ويستحب له ترك لبس رفيع الثياب وأن لا ينام إلا عن غلبة ولو مع قرب الماء وأن ينام متربعا مستندا ولا يكره شيء من ذلك خلافا لابن الجوزي في رفيع الثياب ولا بأس بأخذ شعره وأظفاره في قياس المذهب وترجيل شعره وكره ابن عقيل ذلك في المسجد صيانه له وذكر غيره يسن ويكره له أن يتطيب ونقل ابن تميم عكسه كالتنظيف قال في الفروع وهو أظهر
الثالثه ينبغي لمن قصد المسجد للصلاة وغيرها أن ينوي الاعتكاف مدة مقامه فيه لا سيما اذا كان صائما ذكره ابن الجوزي في المنهاج ومعناه في الغنيه خلافا للشيخ تقي الدين
تنبيه لا يجوز البيع والشراء في المسجد للمعتكف وغيره نص عليه في رواية حنبل وجزم به الأكثر وفي الفصول والمستوعب يكره فإن حرم ففي صحته وجهان ويكره إحضار السلعه فيه على القول بالثاني ويكره للمعتكف فيه السير كالكثير لكن نقل حنبل أنه يجوز له بيع وشراء ما لا بد له منه طعام وغيره فأما التجاره والأخذ والعطاء فلا ولا يجوز أن يتكسب بالصنعة فيه كالخياطة ونحوها والقليل والكثير والمحتاج وغيره سواء قاله القاضي وغيره ونقل حرب التوقف في أشتراطه فقيل له يشترط أن يخيط قال لا ادري وفي الروضه لا يجوز له فعل غير ما هو فيه من العبادة فإن احتاج للبسه خياطه لا للتكسب فقال ابن البنا لا يجوز واختار في المغني ومنتهي الغاية لا يجوز وهو ظاهر الخرقي كلف عمامته والتنظيف ولا يعمل الصنعة للتكسب ولا بالبيع لأنه إنما ينافي حرمة المسجد بدليل إباحته في ممره
____________________
1-
(3/82)
= كتاب المناسك =
يجب الحج والعمرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب المناسك =
واحدها منسك بفتح السين وكسرها فبالفتح مصدر وبالكسر اسم لموضع العبادة
وهي في الأصل من النسيكه وهي الذبيحة المتقرب بها ثم اتسع فيه فصار اسما للعبادة والطاعة ومنه قيل للعابد ناسك وقد غلب إطلاقها على أفعال الحج لكثرة أنواعها وأخر الحج عن الصلاة والزكاة والصوم لأن الصلاة عماد الدين لشدة الحاجة إليها لتكررها كل يوم خمس مرات ثم الزكاة لكونها قرينه لها في أكثر المواضع ولشمولها المكلف وغيره ثم الصوم لتكرره كل سنه لكن البخاري قدم رواية الحج على الصوم للتغليظات الواردة فيه نحو { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } آل عمران 97 ونحو فليمت إن شاء يهوديا او نصرانيا ولعدم سقوطه بالبدل بل يجب الإتيان به إما بنفسه وإما بغيره بخلاف الصوم
يجب الحج والعمرة الحج بفتح الحاء لا بكسرها في الأشهر وعكسه شهر الحجة
وهو لغة القصد إلى من نعظمه
وشرعا قصد مكه للنسك والعمرة لغة الزيارة يقال اعتمره إذا زاره
____________________
1-
(3/83)
في العمر مرة واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وشرعا زيارة البيت على وجه مخصوص والاجماع على وجوبه وسنده { ولله على الناس حج البيت } آل عمران 97 والسنة مستفيضة بذلك وماذكره من وجوب العمرة هو نص احمد وقول جمهور الأصحاب واحتج أحمد وغيره بقوله وأتموا الحج والعمرة لله وظاهره لا فرق بين المكي وغيره لقول عائشه يا رسول الله هل على النساء من جهاد قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة رواه احمد وابن ماجه ورواته ثقات
وعن ابي رزين العقيلى أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال حج عن أبيك واعتمر رواه الخمسه وصححه الترمذي ولأنها تشتمل على إحرام وطواف وسعي فكانت واجبة كالحج وعنه هي سنة اختاره الشيخ تقي الدين لأن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال زعم رسولك أن علينا الصلاة والزكاة والصوم والحج فقال صدق رواه مسلم فلم يذكر العمرة
وأجيب بأن اسم الحج يتناولها وفي ثالثه تجب على غير المكي وهي المنصورة في المغني إذ ركن العمرة ومعظمها هو الطواف
قال أحمد كان ابن عباس يرى العمرة واجبه ويقول يا أهل مكه ليس عليكم عمره إنما عمرتكم الطواف بالبيت وهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف في العمرمرة واحدة لما روى أبو هريرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ? < أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا > ? فقال رجل أكل عام فسكت حتى قالها ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما ااستطعتم رواه مسلم ولأنها عبادة مؤقته بالعمر أشبه الصلاة في
____________________
1-
(3/84)
بخمسة شروط الإسلام والعقل فلا يجب على كافر ولا مجنون ولا يصح منهما والبلوغ والحرية فلا يجب على صبي ولا عبد ولا يصح منهما ولا يجزئهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقتها وهو فرض كفاية كل عام بخمسة شروط الإسلام والعقل هما شرطان للصحة والوجوب فلا يجب على كافر أصلي لأنه ممنوع من دخول الحرم وهو مناف له ولا مجنون للخبر ولعدم صحته وقصد الفعل شرط ولا يصح منهما لأن كلا من الحج والعمرة عبادة من شرطها النيه وهي لا تصح منهما لكن الكافر يعاقب عليه وعلى سائر فرع الأسلام كالتوحيد إجماعا وعنه لا وهو الأشهر للحنفيه وعنه يعاقب على النواهي فقط والمرتد مثله وهل يلزمه الحج باستطاعته في ردته إذا أسلم بناء على أنه التزم حكم الإسلام أو لا يلزمه كالأصلي فيه روايتان فلو حج ثم ارتد ثم أسلم وهو مستطيع فهل يلزمه حج ثان فيه روايتان ويبطل إحرامه ويخرج منه بردته فيه كالصوم ولا تبطل الاستطاعة بالجنون ولا فرق بين أن يعقده بنفسه أو يعقده له وليه وقيل يصح في الثانيه اختاره أبو بكر
ويبطل الإحرام بالجنون لأنه لم يبق من أهل العبادة وقيل لا كالموت فيصير كالمغمى عليه والمعروف لا يبطل به كالسكر والبلوغ والحرية هما شرطان للوجوب والإجزاء فلا يجب على صبي للخبر ولأنه غير مكلف ولا عبد لأن مدتهما تطول فلم يجبا عليه لما فيه من إ بطال حق السيد كالجهاد وفيه نظر لأن القصد منه الشهادة ويصح منهما لما روى ابن عباس ان امرأة رفعت إليه صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر رواه مسلم والعبد من أهل العبادة فصحا منه كالحر ولا يجزئهما عن حجة الإسلام بعد زوال المانع وعليهما الحج والعمرة بعد البلوغ والعتق لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ? < أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى رواه الشافعي والبيهقي
____________________
1-
(3/85)
إلا ان يبلغ ويعتق في الحج قبل الخروج من عرفة وفي العمرة قبل طوافها فيجزئهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال بعض الحفاض لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقه ولأنهما فعلا ذلك قبل الوجوب عليهما فلم يجزئهما إذا صارا من أهله كالصبي يصلي ثم يبلغ في الوقت وهذا قول عامة العلماء إلا شذوذا بل حكاه ابن عبد البر إجماعا
تنبيه المكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق بعضه كالقن إلا أن يبلغ الصبي ويعتق العبد في الحج قبل الخروج من عرفة وفي العمرة فبل طوافها فيجزئهما لأنهما اتيا بالنسك حال الكمال فأجزأهما كما لو وجد قبل الإحرام واستدل أحمد بأن ابن عباس قال إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه حجته وإن أعتق بجمع لم يجزىء عنه لكن لو زال المانع بعد الخروج من عرفة والوقت باق ولو أقل جزء عاد فوقف بها أجزأه نص غليه وكما أحرم إذن قال المؤلف وغيره إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين إذن وما قبله تطوع لا ينقلب فرضا وقال المجد وآخرون ينعقد إحرامه موقوفا فإذا تغير حاله تتبين فريضته كزكاة معجله وعنه لا يجزئه وقاله ابن المنذر وظاهر كلامه لا فرق في وجود ذلك قبل السعي أو بعده وقلنا بعدم ركنيته او سعى وقلنا بركنيته ثم زال العذر وهو أحد الوجهين لحصول الركن الأعضم وهو الوقوف وتبعية غيره له والثاني لا يجزئه اختاره ابن عقيل والمجد وفي المجرد هو قياس المذهب لوقوع الركن في غير وقت الوجوب أشبه مالو كبر للإحرام ثم بلغ
فعلى هذا لا يجزئه وإن أعاد السعي ذكره المجد لأنه لا تشرع مجاوزة عدده ولا تكراره واستدامه الوقوف مشروع ولا قدر له محدود وما ذكرناه هو جار في طواف العمرة وظاهره أنه إذا زال المانع في أثناء طوافها لا يجزئه ولا أثر لإعادته وحيث قيل بالاجزاء فلا دم لنقصهما في أبتداء الإحرام كاستمراره
____________________
1-
(3/86)
ويحرم الصبي المميز بإذن وليه وغير المميز يحرم عنه وليه ويفعل عنه ما يعجز عنه من عمله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه إذا زال المانع قبل الوقوف أو في وقتة وأمكن الإتيان لزمه الحج على الفور ولا يجوز تأخيره مع الإمكان كالبالغ الحر
ويحرم الصبي المميز بنفسه بإذن وليه فلو احرم بغير إذنه لم يصح لأنه يؤدي إلى لزوم مال فلم ينعقد بنفسه كالبيع وقيل يصح اخناره المجد كصوم وصلاة
فعلى هذا يحلله منه إن رآه ضررا في الأصح كعبد والولي من يلي ماله وظاهر رواية حنبل يصح من الأم أيظا اختاره جماعة وفي عصبته كالعم وابنه وجهان وظاهره أن الولى لا يحرم عن المميز لعدم الدليل وغير المميز يحرم عنه وليه أي يعقد له الإحرام ويقع لازما وحكمه كالمكلف نص عليه لما روى جابر قال حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان رواه سعيد ولأنه يصح وضوؤه كالبالغ بخلاف المجنون فصح عقده له كالنكاح ويفعل عنه ما يعجز عنه من عمله لما روى جابر قال لبينا عن الصبيان ورمينا عنهم رواه أحمد وابن ماجه وروي عن ابن عمر في الرمي وعن أبي بكر أنه طاف بأبن الزبير في خرقه رواهما الأثرم فدل أن ما أمكن الصبي فعله من وقوف ومبيت لزمه لأن النيابه إنما تجوز مع العجز وذلك منتف ولكن لا يجوز أن يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه كالنيابه في الحج فإن قلنا بالإجزاء هناك فكذا هنا وإلا وقع الرمي عن نفسه إن كان محرما بفرضه وإن كان حلالا لم يعتد به وإن قلنا يقع الإحرام باطلا هناك فكذا الرمي هنا وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصا ناوله وإلا استحب أن توضع الحصاة في كفه ثم تؤخذ منه ويرمى عنه فلو جعل كف الصبي كالآلة ورمى بها عنه
____________________
1-
(3/87)
ونفقة الحج وكفاراته في مال الولي وعنه في مال الصبي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فحسن ثم إن عجز عن الطواف طيف به محمولا أو راكبا وتعتبر النيه من الطائف به وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام فإن نواه عن نفسه وعن الصبي وقع عن الصبي كالكبير يطاف به محمولا لعذر ولا فرق في حامله أن يكون حلالا أو حراما أسقط فرض نفسه أولا كوجود الطواف من الصبي فهو كمحمول مريض
تنبيه يجتنب في حجه ما يجتنبه الكبير من المخطورات والوجوب متعلق بالولي لأن الصغير لا يخاطب بخطاب تكليفي وعن عائشة أنها كانت تجرد الصبيان إذا دنوا من الحرم وقال عطاء يفعل به كما يفعل الكبير ويشهد المناسك كلها إلا أنه لا يصلى عنه فإن وطئ فيه فسد حجه ولزمه المضي فيه وعليه قضاؤه ولا يصح إلا بعد البلوغ نص عليه كالمجنون إذا احتلم وقيل يصح قبل بلوغه كالبالغ وقيل لاقضاء عليه لاستلزامه وجوب عبادة بدنيه على غير المكلف وعلى الأول إذا قضى بدأ بحجة الإسلام فإن أحرم به قبلها انصرف إليها وهل يجزئه عن القضاء بفطر فإن كان أدرك في الفاسدة جزءا من الوقوف بعد بلوغه أجزأ عنهما جمعيا وإلا فلا
ونفقه الحج وكفارته في مال الولي هذا هو المذهب عند الجمور لأنه السبب فيه وكما لو أتلف مال غيره بأمره قاله ابن عقيل وعنه في مال الصبي اختاره جماعة لأنه من مصلحته ليألف الحج ويتمرن عليه وكاجرة الطبيب وحامله لشهود الجمعه وغيرها ومحل الخلاف يختص بما زاد على نفقة الحضر فيقول الأكثر خلافا للقاضي فإنه أوجبها على الصغير مطلقا واختار في موضع آخر الأول زاد المجد وماله كثير يحتمل ذلك فأما سفره معه لخدمة أو تجارة أو إلى مكة لغرض صحيح فهي على الصبي رواية واحدة وقدم في الفروع أن النفقة على الولي
____________________
1-
(3/88)
وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده ولا للمرأة الإحرام نفلا إلا بإذن زوجها فإن فعل فلهما تحليلهما ويكونان كالمحصر وإن أحرما بإذنه لم يجز تحليلهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي الكفارة روايتان والمؤلف سوى بينهما كغيره ويختص الخلاف ما فعله الصبي ويلزم البالغ كفارته مع خطأ قال المجد أو فعله الولي لمصلحته كتغطية رأسه لبرد أو تطبيبه لمرض وإن فعله به الولي لا لعذر فالفدية عليه وما لا يلزم البالغ كفارته مع خطأ ونسيان لا يلزم الصبي لأن عمده خطأ فإذا وجبت على الولي ودخل فيها الصوم صام عنه لوجوبها عليه ابتداء كصومها عن نفسه
وليس للعبد الإحرام الا بإذن سيده لما فيه من تفويت حقه الواجب عليه ولا للمرأة الإحرام نفلا إلا بإذن زوجها لتفويت حقه وقيده بالنفل منها دون العبد لأنه لا يجب عليه حج بحال بخلافها قال ابن المنجا وفيه نظر فإنهم صرحوا بأن العبد لو نذره لزمه بغير خلاف نعلمه لأنه مكلف وصح نذره كالحر لكن لسيده منعه إذا لم يكن نذره بإذنه في رواية وفي أخرى لا لوجوبه عليه كالصلاة وقيل إن كان على الفور لم يمنعه فإن فعلا انعقد إحرامها لأنه عبادة بدنية فصحت بغير إذن كالصوم وقال ابن عقيل يتخرج بطلان إحرامه لغصبه نفسه فيكون قد حج في بدن غصب فهو اكد من الحج بمال غصب قال في الفروع وهذا متوجه ليس بينهما فرق مؤثر فيكون هو المذهب وصرح به جماعة في الاعتكاف فلهما تحليلهما في ظاهر المذهب لأن حقهما لازم فملكا إخراجهما منه كالاعتكاف وفي المغني والشرح في العبد كالصوم المضر ببدنه ولا يفوت به حق والثانية ونقلها واختارها الأكثر أنه ليس لهما تحليلهما وعلى الأول لو حللها فلم يقبل أثمت وله مباشرتها ويكونان كالمحصر لأنهما في معناه وإن أحرما بإذنه لم يجز تحليلهما لأنه قد لزم بالشروع وكنكاح وإعارة كرهن وعنه له تحليل العبد لأنه ملكه منافع نفسه فملك
____________________
1-
(3/89)
وليس للزوج منع إمرأته من حج الفرض ولا تحليلها إن أحرمت به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الرجوع فيها كالمعير وله الرجوع قبل إحرام وكذا لو أحرما بنذر أذن فيه لهما أو لم يأذن فيه للمرأة وإن علم العبد برجوع سيده عن إذنه فكما لولم يأذن وإلا فالخلاف في عزل الوكيل قبل علمه وإن باعه فمشتريه كبائعه في تحليله وله الفسخ إن لم يعلم إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله
تنبيه إذا أفسد العبد حجه بالوطء لزمه المضي فيه كالحر وعليه القضاء ويصح في رقة للزومه له كالنذر بخلاف حجة الأسلام وليس لسيده منعه إن كان شروعه فيما أفسده بإذنه لأن أذنه فيه إذن في موجبه ومن موجبه قضاء ما أفسده على الفور وإن لم يكن بإذنه ففي منعه من القضاء وجهان كالنذر وفي لزومه القضاء لفوات أو إحصار الخلاف كالحر وإن عتق قبل أن يأتي بما لزمه من ذلك لزمه أن يبدأ بحجة الأسلام فإن خالف فكالحر فإن عتق في الحجة الفاسدة في حال يدرك به حجه الفرض مضى فيها وأجزأه عن الفرض والقضاء خلافا لأبن عقيل ويلزمه حكم حياته كحر معسر وإن تحلل بحصر أو حلله سيده لم يتحلل قبل الصوم وليس لسيده منعه منه نص عليه وإن مات العبد ولم يصم فلسيده أن يطعم عنه ذكره في الفصول وحكم الصبي في القضاء لفوات أو إحصار وصحته منه وهو في القضاء بعد بلوغه إجزاؤه عنه وعن حجة الإسلام كالعبد
وليس للزوج منع امرأته من حج الفرض إذا كملت الشروط ولا تحليلها إن أحرمت به لأنه واجب بأصل الشرع أشبه الصوم والصلاة أول الوقت وظاهره ولو احرمت قبل الميقات ونفقتها عليه قدر نفقة الحضر ويستحب لها أن تستأذنه نص عليه فإن كان غائبا كتبت إليه فإن أذن وإلا حجت بمحرم وعنه له تحليلها فيتوجه منه منعها وظاهره أن له منعها من الخروج
____________________
1-
(3/90)
فصل
الشرط الخامس الاستطاعة وهو أن يملك زادا وراحلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلا حجة الأسلام والإحرام إن لم تكمل الشروط وصرح به الأصحاب لكن لو أحرمت إذن بلا إذنه لم يملك تحليلها في الأصح كالمريض
مسألة إذا أحرمت بواجب فحلف زوجها بالطلاق الثلاث لا تحجج العام فليس لها أن تحل لأن الطلاق مباح فليس لها ترك الفريضه لأجله ونقل مهنا أنه سئل عن هذه المسألة فقال عطاء الطلاق هلاك هي بمنزلة المحصر
فصل لا يجوز لوالد منع ولده من حج واجب ولا تحليله إن أحرم به وليس للولد طاعته في تركه فإن كان تطوعا فله منعه كالجهاد فإن أحرم بغير إذنه لم يملك تحليله لوجوبه بشروعه فيه فصار كالواجب ابتداء وكذا ليس لولي سفيه منعه من حج الفرض ولا تحليله منه ويدفع نفقته إلى سفيه ينفق عليه من طريقه فإن أحرم بنفل وزادت نفقته على نفقته الحضر ولم يكتسبها فالأصح له منعه وتحليله بصوم وإلا فلا فإن منعه وأحرم فهو كمن ضاعت نفقته
فرع حكم العمرة الواجبه كالحج المفروض في قول الأكثر وهل يلحق المنذور به فلا يملك منعها أولا كالتطوع فيه روايتان حكاهما أبو الحسين وقيل يفرق بين المعين وغيره فصل الشرط الخامس الاستطاعة
لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران ولأن الخطاب إنما هو للمستطيع لأن من بدل من الناس فتقديره ولله على المستطيع لانتفاء تكليف مالا يطاق شرعا وعقلا وهو أن يملك زادا وراحلة نص عليه لما روى ابن عمر قال جاء رجل إلى
____________________
1-
(3/91)
صالحة لمثله بآلتها الصالحة لمثله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما يوجب الحج قال الزاد والراحلة رواه الترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السبيل فقال الزاد والراحلة وكذا رواه جابر وابن عمر وعبد الله بن عمر وعائشة عنه رواه الدارقطني ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فكان ذلك شرطا كالجهاد وليس هو شرطا في الصحة والإجزاء فإن خلقا من الصحابة حجوا ولا شيء لهم ولم يؤمر أحد منهم بالإعادة ولأن الاستطاعة إنما شرطت للوصول فإذا وصل وفعل أجزأه كالمريض وظاهره إنه إذا لم يستطع وأمكنه المشي والتكسب بالصنعة أنه لا يلزمه واعتبر ابن الجوزي الزاد والراحلة لمن يحتاجهما وفي الرعاية وقيل من قدر أن يمشي عن مكة مسافة القصر لزمه الحج والعمرة لأنه مستطيع فإن كان عادته السؤال والعادة إعطاؤه فللمالكية قولان وعندنا يكره لمن حرفته السؤال قال أحمد فيمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة لا أحب له ذلك يتوكل على أزواد الناس ويعتبر الزاد مطلقا إن احتاج إليه وكونه ملكه فلو وجد في المنازل لم يلزمه حمله وإلا لزمه سواء وجده بثمن مثله أو بزيادة كماء الوضوء والقدرة على وعاء الزاد لأنه لا بد منه
وأما الراحلة فلا تشترط إلا مع البعد وهو من بينه وبين مكة مسافة القصر فقط إلا مع عجز كشيخ كبير لا يمكنه المشي صالحه لمثله بآلتها الصالحة لمثله
عادة لأنه يتعلق به أمر شرعي فاعتبر فيه الصلاحية كالنفقة والسكنى في حق الزوجة فيعتبر في الزاد أن يكون من الخاص إن كان من أولاد التجار والأمراء أو من الخاصة إن لم يكن كذلك في الراحلة وآلتها أن يكون الجمل جيدا
____________________
1-
(3/92)
أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم وقضاء دينه ومؤنتة ومؤنة عياله على الدوام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بمحارة إن كان كالأول وإلا فلا تشترط المحارة إذا أمكنه الركوب على القتب ولا كون الجمل جيدا قاله ابن المنجا وفيه شيء فإن ظاهر كلامهم في الزاد يلزمه مطلقا لظاهر الدليل ولئلا يفضي إلى ترك الحج بخلاف الراحلة فإن لم يقدر على خدمة نفسه اعتبر من يخدمه لأنه من سبيله ذكره في المغنى والشرح فظاهره لو أمكنه لزمه عملا بالظاهر وكلام غيرهما يقتضي أنه كالراحلة لعدم الفرق أو يملك ما يقدر به على تحصيل ذلك أي الزاد والراحلة لأن ملك الثمن كملك المثمن بدليل أن القدرة على ما تحصل به الرقبة في الكفارة لملكها ويعتبر الزاد والراحلة لذهابه وعوده فاضلا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم لأنهما من الحوائج الأصلية لأن المفلس يقوم بها على غرمائه فهنا أولى ويشتريهما بنقد بيده فإن فضل منه ما يحج به لزمه فإن كان المسكن واسعا يفضل عن حاجته وأمكنه بيعه وشراء ما يكفيه ويفضل ما يحج به لزمه قال في الفروع ويتوجه مثله في الخادم والكتب التي يحتاجها كهما فإن استغنى بإحدى نسختي كتاب باع الأخرى وقضاء دينه لأن ذمته مشغولة به وهو محتاج إلى براءتها وظاهره لا فرق بين ان يكون حالا أو مؤجلا لله تعالى أو لآدمي ومؤنته لقوله ابدأ بنفسك ومؤنة عياله الذين تلزمه مؤنتهم لأن ذلك مقدم على الدين فلأن يقدم على الحج بطريق الأولى ولتأكد حقهم بدليل قوله عليه السلام كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت رواه أبو داود على الدوام وهو معنى ما في المحرر وكفاية دائمة له ولأهله فظاهره أنه قصد النفقة عليه وعلى عياله إلى أن يعود ويبقى له إذا رجع ما يقوم بكفايته وكفاية عائلته على الدوام من عقار أو بضاعة أو صناعة جزم به في الهداية
____________________
1-
(3/93)
ولا يصير مستطيعا ببذل غيره بحال فمن كملت له هذه الشروط وجب عليه الحج على الفور (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + منتهى الغاية وقدمه في الفروع لتضرره بذلك وكالمفلس وفي الكافي والروضة إلى أن يعود وقدمه في الرعاية فيتوجه أن المفلس مثله وأولى ولم يتعرض في الشرح إلى هذا وهو غريب منه
فرع إذا خاف العنت قدم النكاح عليه لوجوبه إذن ولحاجته إليه وقيل يقدم الحج كما لو لم يخفه ولأنه أهم الواجبين ويمكن تحصيل مصالحه بعد إحراز الحج
ولا يصير مستطيعا نبذل غيره بحال لما سبق في الاستطاعة وكالبذل في الزكاة ولا يلزمه قبول ما بذل له سواء كان الزاد والراحلة أو المال لما فيه من المنة كبذل الرقبة في الكفارة قال في الفروع لا يملك ولا يجب بخلاف الحج ولا فرق في الباذل أن يكون أجنبيا أو قريبا حتى الابن فمن كملت له هذه الشروط وجب عليه الحج ولم يجز له تأخيره ويأتي به على الفور نص عليه لحديث ابن عباس تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة وحديث الفضل من أراد الحج فليتعجل رواهما أحمد وعن علي مرفوعا من ملك زادا وراحلة تبلغه إلي بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا رواه الترمذي وقال لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي إسناده مقال ولأنه أحد أركان الإسلام فكان واجبا على الفور كالصيام إذ لو مات مات عاصيا وهو الأصح للشافعية وقيل لا وقيل لا في الشاب وكذا الخلاف لهم في صحيح لم يحج حتى زمن وذكر ابن أبي موسى وجها وذكره ابن حامد رواية أنه يجب موسعا وله تأخيره زاد المجد مع العزم على فعله في الجملة لأنه عليه السلام أمر أبا بكر على الحج
____________________
1-
(3/94)
فإن عجز عن السعي إليه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وتخلف بالمدينة غير محارب ولا مشغول بشيء وتخلف أكثر المسلمين مع قدرتهم عليه ولأنه لو أخره لم يسم قضاء والأول هو المنصور لأن وجوبه بصفة الموسع يخرجه عن رتبة الواجبات لتأخيره إلى غير غاية ويسمى قضاء فيه وفي الزكاة وذكره في الرعاية وجها ثم بطل بما إذا غلب على ظنه أنه لا يعيش إلى سنة أخرى ولايجوز له تأخيره وإذا لا يسمى قضاء وقيل إنه عليه السلام لم يؤخره لأنه فرض سنة عشر والأشهر سنة تسع فقيل أخره لعدم الاستطاعة وفيه نظر وقيل لرؤية المشركين حول البيت عراة وقيل بأمر الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار الزمان فيها كهيئته وتتعلم منه أمته المناسك التي استقر أمره عليها ويصادف وقفه الجمعة ويكمل الله دينه ويقال اجتمع يومئذ أعياد أهل كل دين ولم تجتمع قبله ولا بعده
فإن عجز عن السعي إليه أي إلى الحج لكبر أو مرض لا يرجى برؤه كزمانة ونحوها لزمه على الفور أن يقيم من يحج عنه ويعتمر لقول ابن عباس إن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة أفأحج عنه قال حجي عنه متفق عليه زاد في المغنى والشرح لو كان نضو الخلق لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة يؤيده قول أحمد في المرأة إذا كانت ثقيلة لا يقدر مثلها يركب إلا بمشقة شديدة وأطلق أبو الخطاب وجماعة عدم القدرة ويسمى المعصوب لأنه عبادة تجب الكفارة بإفسادها فجاز أن يقوم غيره فيه كالصوم وشرطه الاستطاعة وسواء وجب عليه حال العجز أو قبله وظاهره أنه لا يشترط إتحاد النوع بل تنوب امرأة عن رجل وعكسه ولا كراهية في نيابتها
____________________
1-
(3/95)
من بلده وقد أجزأ عنه وإن عوفي ومن أمكنه السعي إليه لزمه ذلك إذا كان في وقت المسير ووجد طريقا آمنا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عنه وفيه احتمال لفوات رمل وحلق ورفع صوته بالتلبية وأضعف منه قول النخعي وابن أبي ذئب لا يحج أحد عن أحد من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه كالاستنابة عن البيت لأنه وجب على المستنيب كذلك فكذا النائم كقضاء الصوم ويعتبر أن يجد مالا فاضلا عن حاجته المغتبره وافيا بنفقة راكب فإن وجد نفقة راجل لم يلزمه في الأصح وإن وجد مالا ولم يجد نائبا فعلى الخلاف في إمكان المسير هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء فقياس المذهب أنه يسقط وعلى الثاني يثبت الحج في ذمته فإن لم يجد مالا يستنيب به فلا حج عليه بغير خلاف وقد أجزأ عنه أي عن المعضوب وإن عوفي نص عليه لأنه أتي بما أمر به فخرج عن العهدة كما لو لم يبرأ وسواء عوفي بعد فراغ النائب أو قبل فراغه في الأصح فيه كالمتمتع إذا شرع في الصوم ثم قدر على الهدي والثاني لا يجزئه وهو الأظهر عند الشيخ تقي الدين كالمتيمم إذا وجد الماء في الصلاة أما إذا حصل البرء قبل إحرام النائب فإنه لا يجزئه إتفاقا للقدرة على المبدل قبل الشروع في لبدل كالمتيمم وظاهره أن المريض المرجو برؤه ليس له أن يستنيب كالمحبوس
ومن أمكنه السعي إليه أي إلى الواجب من الحج والعمرة لزمه ذلك لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب كالسعي إلى الجمعة إذا كان في وقت المسير أي يكون الوقت متسعا للخروج إليه بحيث يمكنه المسير بما جرت به العادة فلو أمكنه أن يسير سيرا يجاوز العادة لم يلزمه ووجد طريقا آمنا لأن في الملزوم بدونه ضررا وهو منفي شرعا وسواء كان قريبا أو بعيدا ولو غير الطريق المعتاد برا كان أو بحرا غالبه السلامة لحديث عبد الله بن عمر ولا يركب البحر
____________________
1-
(3/96)
لا كفارة فيه ويوجد فيه الماء والعلف على المعتاد وعنه أن إمكان المسير وتخلية الطريق من شرائط الوجوب وقال ابن حامد إن كانت الحفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله رواه أبو داود وفيه مقال ولأنه يجوز سلوكه بأموال اليتامى أشبه البر فإن لم يكن له غالب فخلاف وخرجه في منتهى الغاية على الخلاف فيما إذا استوى الحرير والكتان أما إذا غلب الهلاك لم يلزمه سلوكه وذكره المجد إجماعا في البحر لا خفارة فيه وظاهره ولو كانت يسيرة ذكره الجمهور لأنها رشوة فلم يلزم بذلها في العبادة ويوجد فيه أي في الطريق الماء والعلف على المعتاد أي يجد ذلك في المنازل التي ينزلها لأنه لو كلف حمل مائة وعلف بهائمه من موضعه إلى مكة الأدى إلى مشقة عظيمة ولأنه متعذر الإمكان بخلاف زاد نفسه فإنه يمكن حمله
فعلى هذا يجب حمل الماء من منهل إلى منهل وحمل الكلأ من موضع إلى موضع وعنه أن إمكان المسير وتخلية الطريق من عذر من شرائط الوجوب وقاله جماعة لأنه غير مستطيع ولتعذر فعل الحج معه لعدم الزاد والراحلة وظهر أن المذهب أن أمن الطريق وسعة الوقت من شرائط لزوم الأداء اختاره أكثر أصحابنا لأنه عليه السلام فسر السبيل بالزاد والراحلة ولأن إمكان الأداء ليس شرطا في وجوب العبادة بدليل ما لو زال المانع ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن الأداء فيه ولأنه يتعذر الأداء دون لقضاء كالمرض المرجو برؤه وعدم الزاد والراحلة يتعذر معه الجميع
فعلى هذا هل يأثم إن لم يعزم على الفعل يتوجه الخلاف في الصلاة
وقال ابن حامد إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها لأنها غرامة
____________________
1-
(3/97)
ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة فإن ضاق ماله عن ذلك او كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج به من حيث يبلغ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يقف إمكان الحج على بذلها فلم يمنع الوجوب مع إمكان بذلها كثمن الماء وقيده في المحرر عنه باليسيرة وجوزها الشيخ تقي الدين عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ولا يجوز مع عدمها كما يأخذه السلطان من الرعايا ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله وجب قضاؤه وأخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة وإن لم يوص به لما روى ابن عباس أن امرأة قالت يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته أقضوا الله فالله أحق بالوفاء رواه البخاري ولأنه حق استقر عليه فلم يسقط بموته كالدين ويكون من جميع ماله لأنه عليه السلام شبهه بالدين فوجب مساواته له وسواء فرط بالتأخير أو لا وظاهره لا فرق بين الواجب وأصل الشرع أو بإيجاب نفسه ويخرج عنه من حيث وجب نص عليه لأن القضاء بصفة الأداء كالصلاة ويستناب من أقرب وطنه ليتخير المنوب عنه فإن لزمه بخراسان فمات ببغداد أوبالعكس فقال أحمد يحج عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته ويحتمل أن يحج عنه من أقرب المكانين ويجزئ دون الواجب إذا كان دون مسافة القصر لأنه كحاضر وإلا لم يجزئه لأنه أكمل الواجب وقيل يجزئه كمن أحرم دون ميقات وقيل يجزئ يحج عنه من ميقاته لا من حيث وجب وعلى كل حال يقع الحج عن المحجوج عنه فإن مات هو اونائبه في الطريق حج عنه من حيث مات فيما بقي نص عليه مسافة وفعلا وقولا وإن صد فعل ما بقي لأنه أسقط بعض الواجب فإن ضاق ماله عن ذلك بأن لم يخلف ما يكفي الحج من بلده أو كان عليه دين وتزاحموا أخذ الحج بحصته كما لو خلف مائة وعليه
____________________
1-
(3/98)
فصل ويشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرمها
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مثلها والحج يكفيه مائة فيطلع له خمسون وحج به من حيث يبلغ نص عليه لقدرته على بعض المأمور به وعنه يسقط الحج عين فاعله أم لا وعنه يقدم الدين لتأكده
مسألة إذا اوصى بحج نفل أو أطلق جاز من الميقات نص عليه ما لم يمنع منه قرينة وقيل من محل وصيته كحج واجب فإن لم يف له بالحج من بلده حج من حيث يبلغ أو يعان به في الحج نص عليه وقال المتطوع مايبالي من أين كان
أصل يلزم الأعمى أن يحج بنفسه بالشروط السابقة لقدرته عليه كالبصير بخلاف الجهاد ويعتبر له قائد كبصير يجهل الطريق وهو كالمحرم وفي الواضح يشترط للأداء قائد يلائمه أي يوافقه ويلزمه أجره مثله وقيل وزيادة يسيرة فلو تبرع لم يلزمه قبوله للمنة فصل ويشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرمها
نقله الجماعة وهو المذهب لما روى ابن عباس مرفوعا لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عيها رجل إلا ومعها محرم فقال رجل يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وامرأتي تريد الحج فقال اخرج معها رواه أحمد بإسناد صحيح وعن أبي هريرة مرفوعا لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة رواه البخاري ولمسلم ذو محرم منها وله أيضا ثلاثا وهذا مع ظاهر الآية بينهما عموم وخصوص وخبر ابن عباس خاص ولأنها أنشأت سفرا في دار الاسلام فلم يجز بغير محرم كحج التطوع والزيارة
____________________
1-
(3/99)
وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والتجارة وظاهرة لا فرق بين العجوز والشابة لكن شرطه أن يكون لعورتها حكم وهى بنت سبع ونقل أحمد بن إبراهيم لا يحل سفرها إلا لمحرم قال إذا صار لها سبع سنين أو تسع قلت هو الظاهر لقول عائشة إذا بلغت الجارية تسعا فهى امرأة وعنه لا يشترط فى الحج الواجب كسفر الهجرة ولأنها تخرج مع كل من أمنته وعنه لا يشترط فى القواعد من النساء اللاتى لا يخشى منهن ولا عليهن فتنة وعنه لا يعتبر إلا فى مسافة القصر كما لا يعتبر فى أطراف البلد مع عدم الخوف واختار الشيخ تقى الدين تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم وقال هذا متوجه فى كل سفر طاعة والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم فخرجت جوابا وظاهر كلامهم اعتبار المحرم لإماء المرأة وعتقائها لكن قال الشيخ تقى الدين إماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم لأنه لا محرم لهن فى العادة الغالبة وأما عنقاؤها فيحتمل أنهن كالإماء إن لم يكن لهن محرم ويحتمل عكسه لانقطاع التبعية وملكن أنفسهن بالعتق وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد لما روى أبو سعيد مرفوعا لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها رواه مسلم
وأطلق على الزوج محرما لأن المقصود من سفر المحرم معها صيانتها وحفظها مع الخلوة والنظر وهو موجود فيه بنسب أو سبب مباح كرضاع ومصاهرة ووطء مباح بنكاح أو غيره ودخل فيه رابها وهو زوج أمها وربيبها وهو
____________________
1-
(3/100)
إذا كان بالغا عاقلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ابن زوجها نص عليهما وخرج منه الزانى والواطىء بسبهة ليس بمحرم لأم الموطوءة وابنتها لأن السبب غير مباح قال فى المغنى والشرح كالتحريم باللعان وفى الفروع المحرمية نعمة فاعتبر إباحة سببها كسائر الرخص وعنه بلى واختاره فى الفصول فى وطء الشبهة لا الزنا لكن يستثنى ومرادهم بالشبهة الوطء الحرام مع الشبهة ذكره جماعة كالجارية المشتركة وظاهر كلامهم أن وطء الشبهة لا يوصف بالتحريم فيرد على إطلاقه الملاعنة فيزاد فيه سبب مباح لحرمتها وذكره صاحب الوجيز والآدمى فإن تحريمها عليه عقوبة وتغليظ لا لحرمتها وأزواج النبى صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فى التحريم دون المحرمية ولا يحتاج الى استثنائهن لانقطاع حكمهن وظهر أن زوج الأخت ليس بمحرم لأختها لأن تحريمها ليس على التأبيد والعبد ليس بمحرم لسيدته لأنها لا تحرم أيدا ولا يؤمن عليها كالأجنبى ولا يلزم من النظر المحرمية وعنه هو محرم وذكر فى شرح المذهب أنه المذهب لأنه يباح له النظر اليها كذى محرمها وهو منفوض بالقواعد من النساء وبغير أولى الإربة إذا كان بالغا عاقلا لأن الصبى المجنون لا يقاومان بأنفسهما فكيف يخرجان مع غيرهما ولأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة ولا يحصل ذلك منهما ولا وجه لقوله فى الفروع ذكرا ويشترط إسلامه نص عليه لأن الكافر لا يؤمن عليها كالحضانة وكالمجوس لاعتقاده حلها قال فى الفروع ويتوجه أن مثله مسلم لا يؤمن وأنه لا يعتبر إسلامه إن أمر عليها وكونه باذلا للخروج معها ولو عدا ونفقته عليها نص عليه فيعتبر لاأن يملك زادا وراحلة لهما ولو بذلت النفقة لم يلزمه السفر معها
____________________
1-
(3/101)
وعنه أن المحرم من شرائط لزوم الأداء وإن مات المحرم في الطريق مضت في حجها ولم تصر محصرة ولا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكانت كمن لا محرم لها إلا العبد إذا قلنا بأنه محرم فيلزمه السفر معها وعنه يلزمه لأمره عليه السلام الزوج بالسفر معها
وأجيب بأنه أمر بعد حظر أو أمر تخيير فإن أراد أجره فظاهر كلامهم لا يلزمها ويتوجه كنفقته كما ذكروه فى التغريب فدل على أنه لو تبرع لم يلزمها للمنة وعنه أن المحرم من شرائط لزوم الأداء كإمكان المسير وتخلية الطريق ولوجود السبب فهو كسلامتها من مرض فعلى هذا يحج عنها كموت أو مرض لا يرجى برؤه ويلزمها أن توصي به وظاهر الخرقي أن المحرم شرط للوجوب دون أمن الطريق وسعة الوقت وقدمه المؤلف وغيره وشرطها فى الهداية للوجوب قال المجد والتفرقة على كلا الطريقين مشكلة والصحيح التسوية بين هذه الشروط إما نفيا وأما إثباتا فرع إذا حجت بغير محرم حرم وأجزأ كما لو ترك حقا يلزمه من دين أو غيره لتعلقه بذمته ويصح من معضوب وأجير خدمة بأجرة أولا وتاجر ولا إثم نص على ذلك
وان مات المحرم فى الطريق مضت فى حجها لأنها لا تستفيد بالرجوع لكونه بغير محرم ومحله إذا تباعدت فإن كان تطوعا وامكنها الإقامة ببلد فهو أولى من السفر بغير محرم وان مات وهى قريبة رجعت لتقضى العدة فى منزلها لأنها فى حكم المقيم ذكره فى الشرح ولم تصر محصرة لأنها لا تستفيد بالتحلل زوال ما بها كالمريض ولا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن
____________________
1-
(3/102)
يحج عن غيره ولا نذر ولا نافلة فإن فعل انصرف إلى حجة الإسلام وعنه يقع ما نواه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بحج عن غيره فى الصحيح لحدبث عبدة بن سليمان عن ابن ابى عروية عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ان النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال حججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة احتج به أحمد فى رواية صالح واسناده جيد وصححه البيهقى ولأنه حج عن غيره قبل حجة عن نفسه فلم يجز كما لو كان حيا ولا نذر ولا نافلة أى لا يجوز أن يحرم بنذر ولا نافلة من عليه حجة الإسلام فإن فعل انصرف الى حجة الإسلام فى الصور كلها فى اختيار الأكثر لما روى الردار قطنى باسناد ضعيف هذه عنك وحج عن شبرمة وقوله أولا حج عن نفسك أي استدمه كقولك للمؤمن آمن ولأن نية التعيين ملغاة فيصير كما لو أحرم مطلقا وقال أبو حفص العكبري ينعقد عن المحجوج عنه ثم يقلبه الحاج عن نفسه لقوله عليه السلام اجعل هذه عن نفسك رواه ابن ماجه
واجاب القاضى بأنه أراد التلبية لقوله هذه عنك ولم يجز فسخ حج الى حج وعنه يقع باطلا اختاره أبو بكر فى الخلاف لأنه لم ينو نفسه فلا يحصل له وغيره ممنوع من الإحرام عنه فلا يصح لارتكابه النهى وعنه يجوز عن غيره ويقع ما نواه قال القاضى هو ظاهر نقل محمد بن ماهان فيمن عليه دين لا مال له ايحج عن غيره حتى يقضى دينه قال نعم لأن الحج يدخله النيابة فجاز أن يؤديه من لم يسقط فرض نفسه كالزكاة وفى الانتصار رواية يقع عما نواه بشرط عجزه عن حجة لنفسه
فعلى المذهب لا ينوب من لم يسقط فرض نفسه
____________________
1-
(3/103)
وهل يجوز لمن تعذر عليه الحج بنفسه أن يستنيب في حج التطوع على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال فى الفروع ويتوجه ما قبل ينوب فى نفل عبد وصبى ويحرم وجزم به فى الرعاية ومتى وقع الحج للحاج لم يأخذ شيئا وفى الفصول احتمال
فرع إذا استناب عن المغضوب أو عن الميت واحدا فى فرضه وآخر فى نذره فى سنة جاز وزعم ابن عقيل أنه أفضل من التاخير لوجوبه على الفور ولكن يحرم بحجة الاسلام أولا ايهما أحرم أولا فعن حجة الإسلام ثم الأخرى عن النذر ولو لم ينو فى ظاهر كلامهم وهل يجوز لمن تعذر عليه الحج بنفسه أن يستنيب فى حج التطوع على روايتين
إحداهما يجوز جزم به فى الوجيز وصححه فى الفروع لأنها حجة لا تلزمه بنفسه فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب
والثانية لا لأنه قادر على الحج بنفسه فلم يجز له الاستنابة كالفرض ومحلهما إذا أدى حجة الإسلام وهو قادر على الاستنابة عليها بنفسه
أما لو كان قادرا ولم يؤد الفرض لم يصح أن يستنيب فى التطوع لأنه ممنوع بنفسه فنائبه أولى واذا أدى فرضه ثم عجز جازت الاستنابة فيه لأنه إذا جاز فى الفرض فالنفل أولى ذكره فى المغنى والشرح ويكفى النائب أن ينوى المستنيب ولا يشترط تسميتة لفظا نص عليه وأن جهل اسمه أو نسبه لى عمن سسلم إليه المال ليحج به عنه فصل في مخالفة النائب إذا أمره بحج فاعتمر لنفسه ثم بحج فقال القاضي
____________________
1-
(3/104)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يقع عن الآمر ويرد كل النفقة لأنه لم يؤمر به ونص أحمد واختاره المؤلف وغيره إن أحرم من ميقات فلا ومن مكة يرد من النفقة ما بينهما ويلزمه دم لترك ميقات ومن أمر بإفراد فقرن لم يضمن لأنه زاد كبيع بأكثر مما سمى وقيل هدر وكذا إن تمتع إلا أن يكون على العين وقد أمره بتأخير العمرة فيرد حصتها ومن أمر بتمتع فقرن لم يضمن وقال القاضى يرد نصف النفقة لفوات فضيلة التمتع وعمرة مفردة كإفراده ولو اعتمر لأنه أخل بها من الميقات ومن أمر بقران فتمتع أو أفرد فللآمر ويرد نفقة قدر ما تركه من إحرام النسك المتروك من الميقات ذكره فى المغنى والشرح وفى الفصول وغيرها يرد نصف النفقة وأن من تمتع لا يضمن لأنه زاد خيرا وأن استنابه رجل فى حج وآخر فى عمرة وأذنا فى القران جاز لأنه نسك مشروع وإن لم يأذنا صحا له وضمن الجميع لمن أمر بحج فاعتمر أو عكسه ذكره القاضى وغيره وفى المغنى والشرح يقع عنهما فإن أدى أحدهما رد على غير الآمر نصف نفقته وحده لان المخالفة في صفته وإن أمر بحج فحج ثم أعتمر لنفسه أو بالعكس صح ولم يضمن شيئا لأنه أتى بما أمر به وعليه نفقة نفسه مدة مقامه لنفسه فإن أرادوا إقامة تمنع القصر فظاهره يخالف ما سبق وأن أمر بالإحرام من ميقات فأحرم قبله أو من غيره أو بلده فأحرم من ميقات أو فى عام أو فى شهر فخالف جاز ذكره فى المغنى والشرح لإذنه فيه فى الجملة
وقال ابن عقيل أساء لمخالفته وفى الانتصار لو نواه بخلاف ما أمره به وجب رد ما أخذه
____________________
1-
(3/105)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مسألة يستحب ان يحج عن أبويه قيده بعضهم إن لم يحجا وقيل وغيرهما وتقدم أمه لأنها أحق بالاكرام ويقدم واجب أبيه على نفلها نص عليهما نقل أبو طالب يقدم دين أبيه على نفله لنفسه فأمه أولى ولكل منهما منع ولده من نفل لا تحليله الزومه بالشروع ويلزمه طاعتهما فى غير معصية ويحرم فيها
____________________
1-
(3/106)
& باب المواقيت &
وميقات أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام ومصر والغرب من الجحفة وأهل اليمن يلملم وأهل نجد قرن وأهل المشرق ذات عرق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب المواقيت &
هى جمع ميقات ومعناه لغة الحد والمراد به ها هنا زمن العبادة ومكانها وميقات أهل المدينة من ذى الحليفة بضم الحاء وفتح اللام بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة وبينها وبين مكة مسيرة عشرة أيام وأهل الشام ومصر والغرب من الجحفة بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وهى قرية جامعة على طريق المدينة وكان أسمها مهيمة فجحف السيل بأهلها وهى على ستة أميال من البحر وثمان مراحل من المدينة وثلاث من مكة وأهل اليمن يلملم وهو جبل من جبال تهامة على ليلتين من مكة والياء بدل من الهمزة لأن أصله ألمملم وليست بمزيدة وأهل نجد هو بفتح النون وسكون الجيم قال صاحب المطالع هو ما بين جرش الى سواد الكوفة وكلها من عمل اليمامة وقال الجوهرى هو خلاف الغور والغور هو تهامة كلها وكل ما ارتفع من أرض العراق فنجد انتهى فنجد اليمن ونجد الحجاز والطائف قرن بكون الراء فقط ويقال له قرن المنازل وقرن الثعالب وهو تلقاء مكة على يوم وليلة منها وأهل المشرق ذات عرق هو منزل معروف سمى به لأن فيه عرقا وهو الجبل الصغير وقيل العرق الأرض السبخة تنبت الطرفاء وأصله ما روى ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها وعن ابن عمر نحوه
____________________
1-
(3/107)
وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم ومن منزله دون الميقات فميقاته من موضعه وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق رواه أبو داود والنسائى وعن جابر مرفوعا نحوه رواه مسلم
فدل أن هذه المواقيت ثبتت بالنص وقال بعض العلماء منهم الشافعى فى الأم ان ذات عرق باجتهاد عمر ففى البخارى عن ابن عمر قال لما فتح هذان المصران أتو عمر بن الخطاب فحد لهم ذات عرق والظاهر أنه خفى النص فوافقه برايه فانه موفق للصواب وليس الأفضل العراقى أن يحرم من العقيق وهو واد وراء ذات عرق بمرحلة أو مرحلتين يلى الشرق
وما رواه أحمد والترمذى وحسنه عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق تفرد به يزيد بن ابى زياد وهو شيعى مختلف فيه وقال ابن معين وأبو زرعة لا يحتج به وقال ابن عبد البر ذات عرق ميقاتهم باجماع وهذه المواقيت لأهلها كما سلف ولمن مر عليها من غيرهم كالشامى يمر بذى الحليفة فإنه يحرم منها نص عليه قيل له يهل من ميقاته من الجحفة فال سبحان الله واحتج بالخبر وحكاه النووى إجماعا وفيه نظر فإن المالكية وعطاء وأبا ثور قالوا يحرم من الجحفة ويتوجه الى مثله قاله فى الفروع ومن منزلة دون الميقات فميقاته من موضعه للخبر السابق ولو كان فى قرية يسكنها جاز له الإحرام من أى جوانبها شاء والأولى الأبعد وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبى بكر ان يعمر عائشة من التنعيم متفق عليه ولأن أفعال العمرة كلها فى الحرم فلم يكن بد من الحل ليجتمع فى إحرامه بين الحل والحرم بخلاف
____________________
1-
(3/108)
ولو أرادوا الحج فمن مكة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحج فإنه يخرج الى عرفة فيحصل الجمع وظاهرة من أي الحل أحرم جاز لكن قال أحمد كلما تباعد فهو أعظم للأجر قيل التنعيم أفضل لأنه أقرب الحل الى مكة وفى التلخيص والمستوعب الجعرانة لاعتمار عليه السلام منها ثم منه ثم من الحديبية
وذكر ابن أبى موسى أن من بمكة من غير أهلها أذا أراد عمرة واجبة فمن الميقات والا لزمه دم لمن جاوز الميقات وأحرم دونه وان أراد نفلا فمن أدنى الحل فلو خالف فأحرم بها من مكة صح ولزمه دم لمخالفة الميقات ويجزئه إن خرج الى الحل قبل طوافها وكذا بعده كإحرامه دون ميقات الحج وقيل لا لأنه نسك فاعتبر فيه الجمع بينها كالحج فعليه لا يعتد بافعاله وهو باق على إحرامه حتى يخرج الى الحل ثم يأتى بها وإن أتى محظورا فدى وبالوطء يلزمه المضى فى فاسده وقضاها بعمرة من الحل ويجزئه عنها ولا يسقط دم المجاوزة
فرع حكم من كان بالحرم حكم من بمكة فيما ذكرنا
ولو أرادوا الحج فمن مكة لقول جابر أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم من الأبطح رواه مسلم وظاهره لا ترجيح لموضع ونقل على آخر حر عنه فى المسجد ولم أجد عنه خلافه ولم يذكره الأصحاب إلا فى الايضاح قال يحرم به من الميزاب وعنه فيمن اعتمر فى أشهر الحج زاد ضعيفة غير واحد من أهل مكة يهل بالحج من الميقات فإن لم يفعل فعليه دم وهي عند الأصحاب واولها بعضهم بسقوط دم المتعة عن الآفاقى بخروجه
____________________
1-
(3/109)
ومن لم يكن طريقه على ميقات فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم ولا يجوز لمن اراد دخول مكة تجاوز الميقات بغير إحرام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلى الميقات وعنه إذا أحرم من الميقات عن غيره ودخل مكة فقضى نسكه ثم أراد أن يحرم عن نفسه واجبا أو نفلا أو أحرم عن نفسه ثم أراد عن غيره أو عن إنسان ثم عن آخر يخرج يحرم من الميقات وإلا لزمه دم اختاره جماعة
وفي الترغيب لا خلاف فيه وفيه نظر والأشهر أنه لا يلزمه الخروج إليه كما ذكره المؤلف وهو ظاهر الخرقي عملا بإطلاق الحديث
والمذهب أنه يجوز من الحل والحرم ونصره القاضي وأصحابه كما لو خرج إلى الميقات الشرعي وكالعمرة ومنعوا وجوب إحرامه من الحرم ومكة
( ومن لم يكن طريقه على ميقات ) كعنداب فانها في طرف المغرب ( فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم ) لقول عمر انظروا حذوها من قديد رواه البخاري ولأنه يعرف بالاجتهاد والتقدير فإذا اشتبه دخله الإجتهاد كالقبلة وهذا فيمن علم فإن لم يعلم حذو الميقات أحرم من بعد إذ الإحرام قبله جائز وتأخيره عنه حرام فإن تساوى ميقاتان في القرب إليه أحرم من أبعدهما عن مكة فإن لم يحاذ ميقاتا ففي الرعاية أحرم بقدر مرحلتين وهو متجه إن تعذر معرفة المحاذاة
( ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات بغير إحرام ) نص عليه لأنه عليه السلام وقت المواقيت ولم ينقل عنه ولا عن أحد من أصحابه أنهم تجاوزوه بغير إحرام إلا فيما نذكره وعن ابن عباس مرفوعا لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام فيه ضعف وعنه لا يلزمه إلا أن يريد نسكا ذكرها جماعة وصححها ابن عقيل قال في الفروع وهي ظاهرة وينبني على
____________________
1-
(3/110)
إلا لقتال مباح أو حاجة مكررة كالحطاب ونحوه ثم إن بدا له النسك أحرم من موضعه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عموم المفهوم والأصل عدم الوجوب وحكم من أراد دخول الحرم كمكة فإن لم يرد دخوله لم يلزمه بغير خلاف لأنه عليه السلام وأصحابه أتوا بدرا مرتين وكانوا يسافرون للجهاد فيمرون بذي الحليفة بغير إحرام
وظاهر كلامه أنه إذا أرادها لتجارة أو زيارة أنه يلزمه نص عليه واختاره الأكثر لأنه من أهل فرض الحج ولعدم تكرر حاجته والثانية وهي ظاهر الخرقي لا يلزمه وحكاه أحمد عن ابن عمر فعلى الأولى إذا دخل طاف وسعى وحلق نص عليه وليس المراد به كل داخل وإنما هو الحر المسلم المكلف فلو كان ممن لا تجب عليه كالعبد والصبي والكافر لم يلزمهم الإحرام منه
فلو زال المانع بعد مجاوزته لميقاتهم فمن موضعهم ولا دم عليه
وعنه بلى لمن وجبت عليه وعنه يلزم من أسلم نصره القاضي وأصحابه لأنه حر بالغ عاقل كالمسلم وهو متمكن من زوال المانع
( إلا لقتال مباح ) لدخوله عليه السلام يوم فتح مكة وعلى رأسه المغفر ولم ينقل أنه هو ولا أحد من أصحابه أحرم وحكم الخوف كذلك
( أو حاجة مكررة كالحطاب ونحوه ) كالحشاش لما روى حرب عن ابن عباس لا يدخلن إنسان مكة إلا محرما إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها
احتج به أحمد وحكم المكي إذا تردد إلى قريته بالحل كذلك إذ لو وجب لأدى إلى ضرر ومشقة وهو منفي شرعا
قال ابن عقيل وكتحية المسجد في حق قيمه للمشقة
( ثم إن بدا له ) أي من لا تلزمه أو لم يرد الحرم ( النسك أحرم من موضعه ) لأنه حصل دون الميقات على وجه مباح فكان له الإحرام منه كأهل ذلك
____________________
1-
(3/111)
ومن جاوزه مريدا للنسك رجع فأحرم منه فإن أحرم من موضعه فعليه دم وإن رجع إلى الميقات والاختيار ألا يحرم قبل ميقاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المكان ولأن من منزله دون الميقات لو خرج إليه ثم عاد لم يلزمه وعنه يلزمه كمن جاوزه مريدا للنسك
( ومن جاوزه مريدا للنسك رجع ) إلى الميقات ( فأحرم منه ) لأن الإحرام من الميقات واجب ومن قدر على الواجب لزمه فعله سواء تجاوزه عالما أو جاهلا علم تحريم ذلك أو جهله وشرط الرجوع ما لم يخف فوت الحج أو غيره وأطلق في الرعاية وجهين
( فإن أحرم من موضعه ) صح إحرامه
( وعليه دم )
( لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ترك نسكا فعليه دم ولتركه الواجب
( وإن رجع إلى الميقات ) بعد إحرامه لم يسقط الدم عنه نص عليه لأنه وجب لترك إحرامه من ميقاته فلم يسقط كما لو لم يرجع وعنه يسقط لإتيانه بالواجب
فرع إذا أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوزة نص عليه وعليه الأصحاب كدم محظور ولأنه الأصل ونقل منها تسقط لأن القضاء واجب
( والاختيار ) أي الأفضل
( أن لا يحرم قبل ميقاته ) المكاني لفعله عليه السلام ولا يعدل عن الأفضل والجواز حصل بقوله ونقل صالح إن نوى على ذلك فلا بأس واحتج المجيز بما روت أم سلمة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له شك عبد الله بن عبد الرحمن أيتهما قال
____________________
1-
(3/112)
ولا يحرم بالحج قبل أشهره فإن فعل فهو محرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذنبه وما تأخر أووجبت له الجنة شك عبد الله بن عبد الرحمن أيتهما قال رواه أبو داود قال بعضهم وإسناده جيد
وجوابه بأنه يرويه ابن أبي فديك قال ابن سعد ليس بحجة وفيه نظر فإنه ثقة محتج به في الكتب الستة وقوله في الشرح وفيه ابن اسحاق مردود
وجوابه بأن معنى أهل أي قصد من المسجد الأقصى ويكون إحرامه من الميقات قاله القاضي وأجاب في المغنى والشرح بأنه يحتمل أن يكون خاصا بيت المقدس ليجمع بين الصلاتين من المسجدين في إحرام واحد بدليل أن ابن عمر أحرم منه ولم يكن يحرم في غيره إلا من الميقات
ولا يحرم بالحج قبل أشهره لقول ابن عباس من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج رواه البخاري ولأنه أحرم بالعبادة قبل وقتها فلم يكن مختارا لميقات المكان فإن فعل أي أحرم قبل ميقات المكان والزمان فهو محرم حكى ابن المنذر الصحة في تقدمه على ميقات المكان إجماعا لأنه فعل جماعة من الصحابة والتابعين ولم يقل أحد قبل داوود إنه لا يصح ولكنه مكروه وجزم به المعظم لأنه عليه السلام لم يحرم من دويرة أهله وكذا عامة اصحابه وأنكره عمر على عمران بن حصين حين أحرم من مصر وعثمان على عبد الله بن عامر حين أحرم من خراسان رواهما سعيد
____________________
1-
(3/113)
وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال البخاري كره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان ولأنه أحرم قبل الميقات فكره كالإحرام بالحج قبل أشهره ولعدم أمنه من محظور وفيه مشقة عظيمة والوصال وكيف يتصور الأمن مع احتمال ما لا يمكن دفعه والمذهب المنصور صحة الحج قبل أشهره كما ذكره المؤلف كالأول نقل طالب وسندي يلزمه الحج إلا أن يريد فسخه بعمرة فله ذلك بناء على اصله وعنه ينعقد عمرة اختاره الآجري وابن حامد ونقل ابن منصور يكره وذكر ابن شهاب العكبري رواية لا يجوز
وجه الأول قوله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } البقرة 189 وكلها مواقيت للناس فكذا للحج وقوله { الحج أشهر معلومات } البقرة 197 أي معظمه في أشهر كقوله ? < الحج عرفة > ? أو أراد حج المتمتع وإن أضمر الإحرام أضمرنا الفضيلة والخصم يضمر الجواز والمضمر لا يعم وقول ابن عباس محمول على الاستحباب
وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة رواه ابن عمر مرفوعا وقاله جمع من الصحابة ويوم النحر منه وهو يوم الحج الأكبر نص عليه لأن العشر بإطلاقه للأيام كالعدة وقال القاضي والمؤلف العرب تغلب التأنيث في العدد خاصة لسبق الليالي فنقول سرنا عشرا وإنما فات الحج بفجر يوم النحر لخروج وقت الوقوف فقط والجمع يطلق على اثنين وعلى اثنتين وبعض آخر كعدة ذات القروء وعلم منه أن العمرة لا يفسد فيها توقيت
____________________
1-
(3/114)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بل يفعل في كل سنة وهي في رمضان أفضل لما في الصحيحين عن ابن عباس مرفوعا عمرة في رمضان تقضي حجة أو قال حجة معي ونقل عنه ابن ابراهيم هي في رمضان أفضل وفي غير أشهر الحج أفضل ولايكره الإحرام بها يوم عرفة والنحر والتشريق كالطواف المجرد إذ الأصل عدم الكراهة ولا دليل وعنه يكره رواه النجاد عن عائشة وخصها بعضهم بأيام التشريق
____________________
1-
(3/115)
& باب الإحرام &
يستحب لمن اراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف ويتطيب ويلبس ثوبين أبيضين نظيفين إزارا ورداء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الإحرام &
قال ابن فارس هو نية الدخول في التحريم كأنه يحرم على نفسه النكاح والطيب وأشياء من اللباس كما يقال أشتى إذا دخل في الشتاء وأربع إذا دخل في الربيع
وشرعا هو نية النسك لا بنية ليحج أو يعتمر
يستحب لمن أراد الإحرام أن يغتسل ولو حائضا ونفساء ويتيمم لعدم ولا يضر حدثه بعد غسله قبل احرامه ويتنظف بأخذ شعره وظفره وقطع رائحة لقول إبراهيم كانوا يستحبون ذلك ثم يلبسون أحسن ثيابهم رواه سعيد ولأن الإحرام عبادة فسن فيه ذلك كالجمعة ولأن مدته تطول ويتطيب لقول عائشة كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم رواه البخاري ومراده في بدنه وهو الذي ذكره أكثر المشايخ وأورده ابن حمدان مذهبا والمذهب يكره تطيب ثوبه وحرمه الآجري فيه وعلى المذهب لا فرق فيه بين أن تبقى عينة كالمسك أو أثره كالبخور فإن استدامه فلا كفارة لخبر يعلى بن أمية
وأجيب بأنه عام حنين سنة ثمان وما سبق في حجة الوداع وامرأة كرجل فإن نقله من بدنه من مكان إلى آخر أونقله عنه ثم رده أو نزعه ثم لبسه فدى بخلاف ما لو سال بعرق أوشمس ويلبس ثوبين أبيضين نظيفين إزارا ورداء ونعلين لما روى أحمد عن ابن عمر مرفوعا ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين قال ابن المنذر ثبت ذلك ولا فرق فيه بين
____________________
1-
(3/116)
ويتجرد عن المخيط ويصلي ركعتين ويحرم عقيبهما وينوي الإحرام بنسك معين ولا ينعقد إلا بالنية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجديد وغيره وفي تبصرة الحلواني إخراج كتفه الأيمن من الرداء أولى وظاهرة أنه يجوز إحرامه في ثوب واحد وفي التبصرة بعضه على عاتقه
ويتجرد الرجل عن المخيط وهو كل ما يخاط كالقميص والسراويل لأنه عليه السلام تجرد لإهلاله رواه الترمذي وكان ينبغي تقديمه على اللبس لكن الواو لا تقتضي الترتيب ويصلي ركعتين ويحرم عقيبهما لحديث ابن عباس قال إني لأعلم الناس بذلك خرج حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين أهل بالحج حين فرغ منهما رواه أحمد وأبو داود وما ذكره من استحباب الركعتين قبله هو قول أكثر العلماء ولا يركعهما وقت نهي ولا من عدم الماء والتراب والمذهب أنه يحرم عقيب صلاة فرضا كانت أو نفلا نص عليه وحكاه ابن بطال عن جمهور العلماء لأنه عليه السلام أهل في دبر صلاة رواه النسائي وعنه عقبها وظاهره أنه إذا ركب وإذا سار سواء واختار الشيخ تقي الدين عقب فرض إن كان وقته وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه وقال في الفروع ويتوجه إن كان بالميقات مسجد استحب صلاة الركعتين فيه ويستحب استقبال القبلة عند إحرامه صح عن ابن عمر وينوي الإحرام بنسك معين لفعله عليه السلام وفعل من معه في حجة الوداع ولأن أحكام ذلك يختلف فاستحب تعينه ليترتب عليه مقتضاه وفي عبارته تسامح لأن الإحرام هو نية النسك فكيف ينوي النية وحمله ابن المنجا على أن معناه ينوي بنيته نسكن معينا ثم قال والأشبه أنه شرط كما ذهب إليه بعض أصحابنا لأنه كنية الوضوء ولا ينعقد النسك إلا بالنية لقوله إنما الأعمال بالنيات ولأنه عمل وعبادة محضة فافتقر إليها كالصلاة ونية النسك كافية نص عليه
____________________
1-
(3/117)
ويشترط فيقول اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي الاقتصار رواية مع تلبية أو سوق هدي اختاره الشيخ تقي الدين وجه الأول أنه عبادة بدنية ليس في آخرها نطق واجب فكذا أولها كالصوم بخلاف الصلاة وأما الهدي فإيجاب مال كالنذر ورفع الصوت بها لا يجب فكذا تابعه ولو سلم فهو للندب وفي الفروع يتوجه احتمال تجب التلبية
فرع إذا نطق بغير ما نواه فالعبرة بالمنوي لا بما سبق لسانه حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه
ويستحب أن يشترط لقوله عليه السلام لضباعة بنت الزبير حين قالت له إني أريد الحج وأجدني وجعة فقال حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني متفق عليه واستحبه الشيخ تقي الدين للخائف خاصة جمعا بين الأدلة فيقول هذا راجع إلى تعيين النسك وعبارة المحرر أولى اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني ولم يذكروا مثل هذا في الصلاة لقصر مدتها وتيسيرها عادة وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني لقول عائشة لعروة قل اللهم إني أريد الحج فإن تيسر وإلا فعمرة ويستفيد به أنه متى حبس بمرض أوعذر أو خطأ في طريق وغيره حل ولا شيء عليه نص عليه لكن قال في المستوعب وغيره إلا ان يكون معه هدي فيلزمه نحره فلو قال فلي أن أحل خير ولو شرط أن يحل متى شاء أو إن أفسده لم يقضه لم يصح ذكره القاضي وغيره لأنه
____________________
1-
(3/118)
وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران وافضلها التمتع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا عذر له في ذلك وقيل يصح اشتراطه بقلبه لأنه تابع للإحرام وينعقد بالنية فكذا هو
فرع يبطل إحرامه ويخرج منه بردته لا بجنون وإغماء وسكر كموت ولا ينعقد مع وجود أحدها
وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران ذكره جماعة إجماعا لقول عائشة خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت وأهل بالحج وأهل به ناس معه وأهل معه ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بالعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة متفق عليه
وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع وقاله ابن عباس وعند طائفة من بني أمية ومن تبعهم النهي عن التمتع وعاقبوا من تمتع وكره التمتع عمر عثمان ومعاوية وابن الزبير وبعضهم والقران وروى الشافعي عن ابن مسعودأنه كان يكرهه
وأفضلها التمتع في قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وجمع نص عليه في رواية صالح وعبد الله وقال لأنه آخر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعمل بكل واحد منهما على حدة قال إسحاق بن إبراهيم كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم وفي الصحيحين أنه عليه السلام أمر اصحابة لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديا وثبت على إحرامه لسوقه
____________________
1-
(3/119)
ثم الإفراد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الهدي وتأسف ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولا يتاسف إلا عليه لا يقال أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج لأنهم لم يعتقدوه ثم لو كان لم يخص به من لم يسق الهدى لأنهم سواء في الإعتقاد ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها وجعل العلة فيه سوق الهدي ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر والسهولة مع زيادة نسك وهو الدم قال في رواية أبي طالب إذا دخل بعمرة يكون قد جمع الله له عمرة وحجة وما لا يقال لو كان دم نسك لم يدخله كالهدي والأضحية ولا يستوي فيه جميع المناسك لأن دخول الصوم لا يخرجه عن كونه نسكا لأنه بدل والقرب يدخلها الإبدال كالقران وإنما اختص به لوجود سببه وهو الرقة بأحد السفرين فإن أعرض بأن النسك الذي لا دم فيه أفضل كإفراد لا دم فيه رد تمتع المكي وغيره سواء عندك وإنما كان إفراد لا دم فيه أفضل لأن ما يجب فيه دم جنابة وإفراد فيه دم تطوع أفضل
ثم الإفراد لما في الصحيحين عن ابن عباس وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أهلوا بالحج وفي مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج وقال عمر وعثمان وجابرهو أفضل الأنساك لما ذكرنا ولإتيانه بالحج تاما من غير احتياج إلى خبر فكان أولى وشرط أفضليته عند الشافعي أن يعتمر تلك السنة فلو أخرها عن سنته فالتمتع والقارن أفضل منه لكراهة تأخيره العمرة عن سنة الحج
وأجاب أصحابنا عن الخبر أنه افرد عمل الحج عن عمل العمرة أو أهل بالحج فيما بعد مع أن أكثر الروايات عن جابر ذكر أصحابه فقط
____________________
1-
(3/120)
وعنه إن ساق الهدي فالقران أفضل ثم التمتع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وأجاب أحمد في رواية أبي طالب بأن هذا كان في اول الأمر بالمدينة أحرم بالحج فلما دخل مكة فسخ على أصحابه وتأسف على التمتع لأجل سوق الهدي فكان المتأخر أولى
وعنه إن ساق الهدي فالقران أفضل ثم التمتع لما في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا وعن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا لبيك عمرة وحجا اختاره لشيخ تقي الدين ولأن فيه مسارعة إلى فعل العبادتين مع زيادة نسك وهوالدم فكان أولى
وأجيب بأنه يحتمل أن أنسا سمعه يلقن قارنا تلبيته فظن أنه يلبي بهما عن نفسه أو سمعه في وقتين أو وقت واحد لما أدخل الحج على العمرة أو فرق بينهما أي فعل الحج بعدها ويسمى قرانا لغة
وحاصله أن التمتع أفضل لكثرة الأخبار به وصحتها وصراحتها مع أنه وقوله وهو مقدم على فعله لاحتمال اختصاصه به
وقد روي عنه عليه السلام أنه كان متمتعا فروى سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وتمتع الناس معه
وعن عروة عن عائشة مثله وأمر ابن عباس بها وقال سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم متفق عليهن لكن قال أحمد لا أشك أنه كان قارنا والمتعة أحب إلي وفيه أحاديث
____________________
1-
(3/121)
وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحجج من مكة او من قريب منها في عامه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال الشيخ تقي الدين وعليه متقدموا الصحابة وهو باتفاق علماء الحديث وفيه نظر وصفه التمتع أن يحرم بالعمرة كذا أطلقه جماعة منهم في المحرر والوجيز وأحرم آخرون من الميقات أي ميقات بلده من أشهر الحج نص عليه لأن العمرة عنده في الشهر الذي يهل بها فيه وروي معناه بإسناد جيد عن جابر لا الشهر الذي يحل منها فيه لأنها لو لم يحرم بها في أشهر الحج لم يجمع بين النسكين فيه ولم يكن متمتعا كالمفرد ويفرغ منها قاله معظم الأصحاب ومعناه يتحلل منها قاله في المستوعب لأنه لو أحرم بالحج قبل التحلل من العمرة لكان قارنا واجتماع النسكين ممتنع وفيه نظر ولم يذكر الفراغ منها في المحرر والمغنى وذكر أن صفتها أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامه لقوله { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } سورة البقرة أي فمن تمتع بالعمرة توصلا بها إلى الحج فعلى قوله هنا المراد به التمتع الموجب للدم ومن هنا قلنا إن تمتع حاضري المسجد الحرام صحيح على المذهب وقال ابن أبي موسى لا متعة لهم وحكى رواية ومعناه ليس عليهم دم متعة لأن المتعة له لا عليه قال الزركشي وقد يقال إن هذا من الإمام بناء على أن العمرة لا تجب عليهم فلا متعة عليهم أي الحث كافيهم
ثم يحرم بالحج من مكة أومن قريب منها نقله حرب وأبو داوود لما روي عن عمر أنه قال إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع وإن خرج ورجع فليس بمتمتع وعن ابن عمر نحوه في عامه اتفاقا لقوله تعالى { فمن تمتع } البقرة 196 فظاهره يقتضي الموالاة بينهما ولأنه لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج ثم حج من عامه لا يكون متمتعا فلأن لا يكون
____________________
1-
(3/122)
والإفراد أن يحرم بالحج منفردا والقران أن يحرم بهما جميعا أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج وإن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + متمتعا إذا لم يحج من عامه الأولى وظاهره أنه لا يشترط لها غير ذلك وشرط القاضي وأبو الخطاب أن ينوي المتمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها لأنه جمع بين العبادتين فافتقر إلى النية كالصلاة وظاهر الآية يشهد للأول لأن التمتع هو الرفة بأحد السفرين وهو موجود بدونها
والإفراد أن يحرم بالحج مفردا ثم يعتمر ذكره جماعة
قال جماعة يحرم به من الميقات ثم يحرم بها من أدنى الحل زاد بعضهم وعنه بل من الميقات وفي المحرر أن لا يأتي في أشهر الحج بغيره قال الزركشي وهو أجودوفيه نظر والعمرتان أن يحرم بهما جميعا لفعله عليه السلام قال جماعة من الميقات أو يحرم بالععمرة ثم يدخل عليها الحج من مكة أو قربها قاله جماعة لما روت عائشة قالت أهللنا بالعمرة ثم أدخلنا عليها الحج وفي الصحيحين أن ابن عمر فعله وقال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح أنه أمر عائشة بذلك وشرطه أن لا يكون شرع في طوافها فإن شرع فيه لم يصح الإدخال كما لو سعى إلا لمن معه هدي فيصح ويصير قارنا بناء على المذهب أنه لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي محله ولا يعتبر لصحة إدخاله الإحرام به في أشهره على المذهب
وإن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها لأنه لم يرد به أثر ولم يستفد به فائدة بخلاف ما سبق فعلى هذا لا يصير قارنا بناء على أنه لا يلزمه بالإحرام الثاني شيء وفيه خلاف والمذهب أن عمل
____________________
1-
(3/123)
ويجب على المتمتع والقارن دم نسك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القارن كالمفردفي الإجزاء نقله الجماعة ويسقط ترتيب العمرة ويصير الترتيب للحج كما يتأخر الحلاق إلى يوم النحر فوطؤه قبل طوافه لا يفسد عمرته لقول عائشة وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا متفق عليه وعن ابن عمر نحوه رواه أحمد وكعمرة المتمتع وعنه على القارن طوافان وسعيان رواه سعيد والأثرم عن علي وفي صحته نظر مع أنه لا يرى إدخال العمرة على الحج فعليها يقدم القارن فعل العمرة على فعل الحج كالمتمتع إذا ساق هديا فلو وقف بعرفة قبل طوافه وسعيه لها فقيل تنقض عمرته ويصير مفردا بالحج يتمه ثم يعتمر وقيل لا ينتقض فإذا رمى الجمرة طاف لها ثم سعى ثم طاف ثم سعى وعنه على القارن عمرة مفردة اختاره أبو بكر وأبو حفص لعدم طوافها ولاعتمار عائشة
ويجب على المتمتع والقارن دم نسك أما دم التمتع فلازمه إجماعا وقد سبق في أفضليته وأما دم القران فلازم نص عليه واحتج له جماعة بالآية ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين كالمتمتع ونقل بكر عليه هدي وليس كالمتمتع لأن الله أوجب على المتمتع هديا في كتابه والقارن إنما يروي عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن عمر وهو منقطع وعنه لا يلزمه لقول داوود وتبع المؤلف أكثر الأصحاب في كونه دم نسك وفي المبهج وعيون المسائل أنه دم جبران وظاهره وجوبه ولو أفسد النسك نص عليه لأن ما وجب الإتيان به في الصحيح وجب في الفاسد كالطواف وعنه يسقط لعدم ترفهه بسقوط أحد السفرين والأصح أنه لا يسقط دمهما بفواته فلو قضى القارن قارنا لزمه دم القرانه الأول والثاني وقال المؤلف دم لقرانه
____________________
1-
(3/124)
إذا لم يكونا من حاضري المسجد الحرام وهم أهل مكة ومن كان منها دون مسافة القصر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ودم لفواته ولو قصر مفردا لم يلزمه شيء لأنه أفضل وجزم جماعة أنه يلزمه دم لقرانة الأول لأن القضاء كالأداء ولم يتعرض المؤلف لوقت لزومه والمذهب أنه يلزمه بطلوع فجر يوم النحر لظاهر قوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة } البقرة 196 الآية وعنه بإحرام الحج لأنه غاية فكفى أوله كأمره بإتمام الصوم إلى الليل وعنه بوقوفه بعرفة اختاره القاضي وعنه بإحرام العمرة لنيته التمتع إذن وينبني على الخلاف إذا مات بعد سبب الوجوب يخرج عنه من تركته وقال بعض أصحابنا فائدت هإذا تعذر الدم وأراد الانتقال إلى الصوم فمتى ثبت المتعذر فيه الروايات ولا يجوز ذبحه قبل وقت وجوبه جزم به الأكثر فدل أنه يجوز إذا وجب وإنما يجب بشروط نبه المؤلف على بعضها فقال إذا لم يكونا من حاضري المسجد الحرام وهم أهل مكة لقوله تعالى { ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } البقرة 196 ثبت ذلك في التمتع والقران مثله لترفهه بأحد السفرين
ومن كان منها دون مسافة القصر نص عليه لأن حاضر الشيء من حل فيه أو قرب منه وجاوره بدليل رخص السفر وعنه أنهم أهل الحرم ومن كان منه دون مسافة قصر جزم به في المحرر وقدمه في الفروع وهذا الشرط لوجوب الدم عليه ليس لكونه متمتعا فإن متعة المكي صحيحة والخلاف فيه سبق
فلو دخل الآفاقي مكة متمتعا ناويا للإقامة بعد فراغ نسكه فعليه دم وفيه وجه وإن استوطن أفقي مكة فحاضر وإن استوطن مكي الشام ثم عاد
____________________
1-
(3/125)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مقيما متمتعا فعليه الدم وفي المحرر والفصول خلافه
فرع إذا كان له منزلان قريب وبعيد فلا دم عليه لأن بعض أهله من حاضري المسجد الحرام فلم يوجد الشرط وله أن يحرم من القريب واعتبر في المحرر والفصول إقامته أكثر بنفسه ثم بماله ثم بنيته ثم بالذي أحرم منه
الثاني أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج وسبق كلام أحمد ولأن الإحرام نسك معتبر للعمرة أو في اعمالها فاعتبر في أشهر الحج كالطواف
الثالث أن يحج من عامه لما سبق
الرابع أن لا يسافر بين الحج والعمرة فإن سافر مسافة قصر فأكثر فإن فعل فأحرم فلا دم عليه نص عليه وتقدم قول عمر ولأنه مسافر لم يترفه بترك أحد السفرين لمحل الوفاة
الخامس أن يحل من أحرام العمرة قبل إحرامه بالحج تحلل أولا فإن أحرم به قبل حله صار قارنا
السادس أن يحرم بالعمرة من الميقات ذكره جماعة وذكر القاضي وابن عقيل وجزم به في المستوعب والرعاية إن بقي بينه وبين مكة دون مسافة قصر فأحرم منه فلا دم عليه لأنه من حاضري المسجد الحرام بل دم المجاوزة واختار المؤلف وغيره إذا أحرم منه لزمه الدمان لأنه لم يقم ولم ينوها به وليس بساكن
____________________
1-
(3/126)
ومن كان قارنا أو مفردا أحببنا له أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
السابع نية التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها ذكره القاضي والأكثر وجزم المؤلف بخلافه ولا يعتبر وقوع النسكين عن واحد وهذه الشروط تعتبر لكونه متمتعا وجزم به في الرعاية إلا الشرط السادس فإن المتعة للمكي كغيره نقله الجماعة وقدم في الفروع أنها لا تعتبر وظاهره أن المفرد لا دم عليه لأن عمرته في غير أشهره وذكر جماعة إن أحرم به من الميقات فلا دم عليه نص عليه وحمله القاضي على أن بينه وبين مكة مسافة قصر وفي الترغيب إن سافر إليه فأحرم منه فوجهان
ومن كان قارنا أو مفردا أحببنا له وكذا جزم في المستوعب والرعاية بالاستحباب وعبر القاضي وأصحابه والمجد بالجواز وقال الأكثر لا يجوز لأن الحج أحد النسكين فلم يجز فسخه كالعمرة أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك لأنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي متفق عليه وقال سلمة بن شبيب لأحمد كل شيء منك حسن جميل إلا خلة واحدة فقال وما هي قال تقول يفسخ الحج قال كنت أرى أن لك عقلا عندي ثمانية عشر حديثا صحاحا جيادا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك ولأنه قلب للحج إلى العمرة فاستحب لمن لحقه الفوات وفي الانتصار وعيون المسائل لو ادعى مدع وجوب الفسخ لم يبعد مع أنه قول ابن عباس وجماعة واختاره ابن حزم
وجوابه أنه عليه السلام لما قدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى الصبح بالبطحاء ثم قال من شاء منكم أن يجعلها عمرة فليجعلها واحتج المخالف بقوله
____________________
1-
(3/127)
إلا ان يكون قد ساق معه هديا فيكون على إحرامه ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } محمد 33 ورد بأن الفسخ نقله إلى غيره لا إبطاله من أصله ولو سلم فهو محمول على غير مسألتنا قاله القاضي ومحله إذا اعتقد فعل الحج من عامه نقل ابن منصور لا بد ان يهل بالحج من عامه ليستفيد فضيلة التمتع ولأنه على الفور فلا يؤخره لو لم يحرم فكيف وقد أحرم وشرطه كما ذكره المؤلف وصاحب الوجيز إذا طافا وسعيا ونقله أبو طالب يجعلها عمرة إذا طاف وسعى ولا يجعلها وهو في الطريق لما في الصحيحين أنه قال لأبي موسى طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل فعلى هذا ينوبان بأحرامها ذلك عمرة مفردة فإذا فرغا منها وحلا منها أحرما بالحج ليصيرا متمين ولأنه لو وفسخ قبله واستأنف عمرة لعري الإحرام الأول عن نسك قاله القاضي وظاهر كلامهم يجوز فينوي إحرامه بالحج عمرة وخبر أبي موسى أراد أن الحل يترتب عليهما وليس فيه المنع من قلب النية وكلام ابن المنجا يوافقه لأن إذا ظرف فيكون المراد أحببنا أن يفسخ وقت طوافه أي وقت جوازه وصريح كلام ابن عقيل يعضده وهذا ما لم يقف بعرفة فإن من وقف بها أتى بمعظم العبادة وأمن فوتها بخلاف غيره وتركه المؤلف لوضوحه إلا أن يكون قد ساق معه هديا فيكون على إحرامه للنص وللأخبار وكامتناعه في زمنه عليه السلام ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل لقول ابن عمر تمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فقال من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء حرم عليه حتى يقضي حجه فعلى هذا يحرم بالحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما جميعا نص عليه ولأنه عليه السلام دخل في العشر ولم يحل ونقل أبو طالب
____________________
1-
(3/128)
والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت فخشيت فوات الحج أحرمت بالحج وصارت قارنة وإن أحرم مطلقا صح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيمن يعتمر قارنا أو متمتعا ومعه هدي له أن يقص من شعر رأسه خاصة لقول معاوية قصرت من شعر رأس النبي صلى الله عليه وسلم عند المروة بمقص متفق عليه وفي المغني والشرح عن مالك له التحلل وينحر هديه عند المروة ويحتمله كلام الخرقي والأول أصح لأن التمتع أحد نوعي الجمع بين الإحرامين كالقران
فائدة حيث صح الفسخ لزمه دم نص عليه وذكر المؤلف عن القاضي لا لعدم النية في ابتدائها أو أثنائها ورد بأنه دعوى لا دليل عليها
والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت قبل طواف العمرة فخشيت فوات الحج أو خافه غيرها أحرمت بالحج وصارت قارنة نص عليه لما روى مسلم أن عائشة كانت متمتعة فحاضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أهلي بالحج ولأن إدخال الحج على العمرة يجوز من غير خشية الفوات فمعها أولى لكونها ممنوعة من دخول المسجد
فعلى هذا لا تقضي طواف القدوم لكن روى عروة عن عائشة أنها أهلت بعمرة وحاضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة
وجوابه أن الأئمة الأثبات رووه عنها بغيرها وهو مخالف للأصول لأنه لا يجوز رفض نسك يمكن بقاؤه ويحتمل دعي العمرة واهلي معها بالحج ودعي أفعالها
وإن احرم مطلقا بأن نوى نفس الإحرام ولم يعين نسكا صح
____________________
1-
(3/129)
وله صرفه إلى ما شاء وإن أحرم بمثل ما أحرم به فلان انعقد إحرامه بمثله وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد باحداهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نص عليه كإحرامه عند إحرام فلان وحيث صح مع الإبهام صح مع الإطلاق وله صرفه إلى ما شاء نص عليه بالنية لا باللفظ لأن له أن يبتدىء الإحرام بأيها شاء فكان له صرف المطلق إلى ذلك فعلى علة تعيينه قبل الطواف فإن طاف قبله لم يجزئه لوجوده لا في حج ولا عمرة والأولى أن يصرفه إلى العمرة لأنه إن كان في غير أشهر الحج فهو مكروه أو ممتنع وإن كان فيها فالعمرة أولى لأن التمتع أفضل وقال أحمد يجعلها عمرة كإحرامه بمثل إحرام فلان وإن أحرم بمثل ما أحرم به فلان إنعقد إحرامه بمثله لما روى جابر أن عليا قدم من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت قال بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم قال فأهد وأمكث حراما وعن أبي موسى نحوه متفق عليهما فإن علم انعقد بمثله لأنه جعل نفسه تبعا وإن كان مطلقا فحكمه سبق وظاهره لا يلزمه صرفه الى ما يصرف إليه ولا الى ماكان صرفه إليه وأطلق بعض أصحابنا إحتمالين وظاهر كلامه يعمل بقوله لا بما وقع في نفسه وإن جهله فكالمسني وإن شك هل أحرم أم لا والأشهر كما لو لم يحرم فيكون إحرامه مطلقا ويستثنى من ذلك ما إذا كان إحرامه فاسدا قيتوجه لنا خلاف فيما إذا نذر عبادة فاسدة هل ينعقد بصحيحة
فرع لو قال إن أحرم زيد فأنا محرم قال في الفروع فيتوجه خلاف وإن أحرم بحجتين أو عمرتين إنعقد بإحداهما لأن الزمان يصلح لأداء واحدة فيصح به كتفريق الصفقة فدل على خلاف هنا كأصله وأنه لا ينعقد بهما كبفية أفعالهما وكنذرهما في عام واحد تجب إحداهما دون الأخرى لأن
____________________
1-
(3/130)
وإن أحرم بنسك ونسيه جعله عمرة وقال القاضي له صرفه إلى ما شاء وإن أحرم عن اثنين وقع عن نفسه وإن أحرم عن أحدهما لا بعينه وقع عن نفسه وقال أبو الخطاب له صرفه إلى أيهم شاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الوقت لا يصلح لهما وكنية صومين في يوم ولو أفسد حجه أو عمرته لم يلزمه إلا قضاؤها وإن أحرم بنسك ونسيه جعله عمرة نقله ابو داود لأنها اليقين وله صرف الحج والقران إليها مع العلم بمنع الإبهام أولا والمراد أن له جعله عمرة لا أنها تتعين وقال القاضي وقطع به جماعة له صرفه إلى ما شاء لأنه إن صادف ما احرم به فقد اصاب وإن صرفه إلى عمرة وكان إحرامه بغيرها جاز لجواز الفسخ إليها ويلزمه دم المتعة وإن صرفه إلى قران وكان المنسي عمرة فقد أدخل الحج على العمرة وهو جائز وإن كان مفردا فقد أدخل العمرة على الحج وهو لغو لا يقدح في صحة حجه وإن صرفه إلى الإفراد وكان متمتعا فقد أدخل الحج على العمرة وصار قارنا ولا تبطل العمرة بترك نيتها إذ الشرط وجودها إبتداء لا دواما وإن كان قارنا فكذلك هنا إذا كان قبل الطواف فإن كان نسكه بعده تعين جعله عمرة لإمتناع إدخال الحج إذن لمن لا هدي معه فإذا سعى أو حلق فمع بقاء وقت الوقوف يحرم بالحج ويتمه ويجزئه ويلزمه دم للحلق في غير وقته إن كان حاجا وإلا فدم المتعة وإن جعله حجا أو قرانا تلل بفعل الحج ولم يجزئه واحد منهما للشك لأنه يحتمل أن المنسي عمرة فلا يصح إدخاله عليها بعد طوافها ويحتمل أنه حج فلا يصح إدخالها عليه ولا دم ولا قضاء للشك في سببهما
وإن أحرم عن اثنين وقع عن نفسه لأنه لا يمكن عنهما لأن العبادة الواحدة لا تجزىء عن اثنين كالصلاة ولا أولوية وكإحرامه عن زيد ونفسه وسبق إحرامه بحجه عن أبويه وإن أحرم عن أحدهما لا بعينه وقع عن نفسه لما تقدم وقال أبو الخطاب والقاضي له صرفه إلى أيهما شاء لصحته
____________________
1-
(3/131)
وإذا استوى على راحلته لبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بمجهول فصح عنه وقال الحنفية هو الاستحسان لأن الإحرام وسيلة إلى مقصود والمبهم يصلح وسيلة بواسطة التعيين فاكتفى به شرطا
فعلى هذا لو لم يفعل حتى طاف شوطا أو سعى أو وقف بعرفة قبل جعله تعين عن نفسه لأنه يلحقه فسخ ولا يقع عن غير معين وعنه يبطل إحرامه حكاها في الرعاية وهو غريب
تنبيه إذا استنابه إثنان في نسك في عام فأحرم عن واحد معين ثم نسيه وتعذر معرفته فإن فرط أعاد الحج عنهما وإن فرط الموصي إليه بذلك غرم وإلا فمن تركة الموصيين إن كان النائب غير مستأجر لذلك وإلا لزماه وإن لم ينسه صح فلو أحرم للآخر بعده لم يصح نص عليه قال ويضمن ويؤدب من أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عام لأنه فعل محرما
وإذا استوى على راحلته لبى لحديث ابن عمر وهو في الصحيحين ولفظ البخاري عن جابر وأنس أهل أي رفع صوته بالتلبية من قولهم استهل الصبي إذا صاح وقدم في المحرر والفروع أنها تستحب عقب إحرامه ونقل حرب يلبي متى شاء ساعة يسلم وإن شاء بعد تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه ابن عمر متفق عليه لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال الطحاوي والقرطبي أجمع العلماء على هذه التلبية وهي مأخوذة من لب بالمكان إذا لزمه فكأنه قال أنا مقيم على طاعتك وكرره لأنهم أرادوا إقامة بعد إقامة ولم يريدوا حقيقة التلبية وإنما هو التكبير كحنانيك والحنان الرحمة وقيل معناه إجابة دعوة إبراهيم حين
____________________
1-
(3/132)
والتلبية سنة ويستحب رفع الصوت بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نادى بالحج وقيل محمد والأشهر أنه الله تعالى وكسر همزة إن أولى عند الجماهير وحكي الفتح عن آخرين قال ثعلب من كسر فقد عم يعني حمد الله على كل حال ومن فتح فقد خص أي لأن الحمد لك وظاهره أنه لا تستحب الزيادة عليها ولا تكره نص عليه لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد على ذلك وفي الإفصاح تكره الزيادة وقيل له الزيادة بعدها لا فيها فإن كان أخرس أو مريضا استحب أن يلبي عنهما نقله ابن إبراهيم قال جماعة ويلبي عن مجنون ومغمى عليه زاد بعضهم ونائم وليس بظاهر والتلبية سنة لفعله عليه السلام ولأنها ذكر فيه فلم تجب كسائر الأذكار
ويستحب رفع الصوت بها لخبر السائب بن خلاد مرفوعا أتاني جبريل يأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية رواه الخمسة وصححه الترمذي
وعن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج أفضل قال العج والثج وفيه عبد الرحمن بن يربوع وهو مختلف فيه فالعج رفع الصوت بالتلبية والثج إسالة الدماء بالنحر ويستثني منه مساجد الحل وأمصاره وطواف القدوم والسعي بعده فلا يستحب إظهاره والمنقول عن أحمد إذا أحرم في مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز لقول ابن عباس واحتج القاضي واصحابه أن إخفاء التطوع أولى خوف الرياء على من لا يشاركه في تلك العبادة بخلاف البراري
____________________
1-
(3/133)
والإكثار منها والدعاء بعدها ويلبي إذا علا نشزا او هبط واديا وفي دبر الصلوات المكتوبات وإقبال الليل والنهار وإذا التقت الرفاق ولا ترفع المرأة صوتها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعرفات ومكة والحرم والإكثار منها لخبر سهل بن سعد ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا رواه ابن ماجه وفيه اسماعيل بن عياش عن المدنيين وهو ضعيف عندهم وهو للترمذي بإسناد جيد ويسن ذكر نسكه فيها وذكر العمرة قبل الحج للقارن نص عليه وفيه وجه لا يسن وعلى الأول لا يسن تكرارها في حالة واحدة قاله أحمد واستحبه في الخلاف لتلبسه بالعبادة وقال المؤلف حسن فإن الله وتر يحب الوتر والدعاء بعدها لما روى خزيمة بن ثابت مرفوعا أنه كان يسأل الله رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار رواه الشافعي بإسناد ضعيف ولأنه مظنة إجابة الدعاء ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها لقول القاسم بن محمد كان يستحب ذلك فيه صالح بن محمد بن زائدة قواه أحمد وضعفه غيره ولأنه يشرع فيه ذكر الله كصلاة وأذان ويلبي أي يتأكد في مواضع إذا علا نشزا وهو المكان المرتفع بفتح الشين وسكونها أو هبط واديا وفي دبر الصلوات المكتوبات أي عند الفراغ منها وإقبال الليل والنهار أي بأولهما وإذا التقت الرفاق لقول جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي كذلك وقال النخعي كانوا يستحبون التلبية دبر الصلوات المكتوبة وإذا هبط واديا أو علا نشزا أو لقى راكبا أو استوت به راحلته
وتستحب إذا أتى محظورا ناسيا أو ركب زاد في الرعاية أو نزل وفي المستوعب يستحب عند تنقل الأحوال به وزاد وإذا رأى البيت ولا ترفع المرأة صوتها بها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها وقاله في المحرر
____________________
1-
(3/134)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والوجيز وغيرهما لأن صوتها عورة فلم يشرع لها الرفع إلا بما ذكر والمراد به المزاملة لها لكن السنة أنها لا ترفع صوتها بها وحكاه ابن عبد البر إجماعا ويكره جهرها أكثر من قدر سماع رفيقتها خوف الفتنة وظاهر كلام بعض أصحابنا تقتصر على إسماع نفسها قال في الفروع وهو متجه
فائدة لا تشرع التلبية إلا بالعربية إن قدر كأذان ولم يجوز أبو المعالي الأذان بغير العربية إلا لنفسه مع العجز
____________________
1-
(3/135)
& باب محظورات الإحرام &
وهي تسعة حلق الشعر وتقليم الأظفار فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب محظورات الإحرام &
أي الممنوع فعلهن في الإحرام وهي تسعة حلق الشعر إجماعا لقوله تعالى { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } البقرة 197 نص على حلق الرأس وعدي إلى سائر شعر البدن لأنه في معناه إذ حلقه مؤذن بالرفاهية وهو ينافي الإحرام لكون أن المحرم أشعث أغبر وليس الحكم خاصا بالحلق بل قطعه ونتفه كذلك وعبر في الفروع بتركه إزالة الشعر وهو أولى لكن المؤلف تبع النص ولكونه هو الأغلب وتقليم الأظافر لأنه تحصل به الرفاهية أشبه الحلق فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم أما في حلق شعر الرأس فلقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه } البقرة 197 الآية ولحديث كعب قال حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي قال ما كنت أرى الجهد بلغ بك ماأرى تجد شاه قال لا قال صم ثلاثة ايام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع متفق عليه والمذهب أنها تجب في إزالة ثلاث شعرات فما فوقها قاله القاضي واصحابه لأن الثلاث جمع واعتبرت في مواضع كمحل الوفاق بخلاف ربع الرأس وما يماط به الأذى وظاهره يقتضي وجوب الدم عينا وليس كذلك بل هو مخير فيه كما يأتي ولعله وكل التفصيل إلى بابه وحكم الأظافر كالشعر لأن المنع للترفه وظاهره لا فرق في ذلك بين المعذور وغيره في ظاهر المذهب لأن النص دل على وجوبها على المعذور فغيره من باب أولى وإنما الفرق بينهما
____________________
1-
(3/136)
وعنه لا يجب إلا في أربع فصاعدا وفيما دون ذلك في كل واحد مد من طعام وعنه قبضة وعنه درهم وإن حلق رأسه بإذنه فالفدية عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في جواز الإقدام وعدمه وعنه لا يجب إلا في أربع فصاعدا نقلها جماعة واختارها الخرقي لأن الأربع كثير ولأن الثالث آخر أجزاء العلة وآآخر الشيء منه فلم يجب فيه كالشعرتين وذكر ابن ابي موسى رواية في خمس اختارها أبو بكر في التنبيه قال في الشرح والفروع ولا وجه لها ولعله قيد الحكم بأطراف اليد كاملة وفيما دون ذلك أي العدد المعتبر على الخلاف في كل واحد مد من طعام أي إطعام مسكين نص عليه وهو المذهب لأنه أقل ما وجب شرعا فدية وعنه قبضه وقاله عطاء لأنه لا تقدير فيه ولأنها اليقين وعنه درهم لأنه قال في الشعرتين درهمان ولأنه لما امتنع إيجاب جزء من الحيوان وجب المصير إلى القيمة وهو أقل ما يطلق عليه في الوحدة وعنه درهم أو نصفه ذكرها جماعة وخرجها القاضي من ليالي منى
فرع إزالة بعض الشعرة كهي وكذا في الظفر لأنه غير مقدر بمساحة وهو يجب فيهما سواء طالا أو قصرا بل كالموضحة يجب في كبيرها وصغيرها
وخرج ابن عقيل وجها يجب بحساب المتلف كالأصبع في أنملتها ثلث ديتها وإن حلق رأسه بإذنه فالفدية عليه أي على المحلوق رأسه لأن ذلك بإذنه أشبه ما لو باشره ولأنه تعالى أوجب الفدية عليه مع علمه أن غيره يحلقيه وظاهره أنه لا شيء على الحالق سواء كان محرما أو حلالا وفي الفصول إحتمال أنه يجب عليه كشعر الصيد وفيه بعد فإن سكت ولم ينهه فقيل على الحالق كإتلافه ماله وهو ساكت وقيل على المحلوق رأسه لأنه أمانة عنده الوديعة
____________________
1-
(3/137)
وإن كان مكرها أو نائما فالفدية على الحالق وإن حلق محرم رأس حلال فلا فدية عليه وقطع الشعر ونتفه كحلقه وشعر الرأس والبدن واحد وعنه لكل واحد حكم مفرد وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينيه فقصه أو انكسر ظفره فقصه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن كان مكرها أو نائما فالفدية على الحالق نص عليه لأنه ازال ما منع من إزالته كحلق محرم رأس نفسه وقيل على المحلوق رأسه وفي الإرشاد وجه القرار على الحالق قال في الفروع ويتوجه إحتمال لا فدية على أحد لأنه لا دليل وفيه شيء وإن حلق محرم رأس حلال فلا فدية عليه أي هدر نص عليه لأنه شعر مباح الأتلاف فلم يجب باتلافه جزءا كبهيمة الأنعام
وفي الفصول إحتمال لأن الإحرام للآدمي كالحرم للصيد وقطع الشعر ونتفه كحلقه وكذا الظفر بغير خلاف نعلمه لإشتراك الكل في حصول الرفاهية وشعر الرأس والبدن واحد على المذهب لأنه جنس واحد لم يختلف إلا موضعه وكلبسه سراويل وقميصا وعنه لكل واحد حكم مفرد لأنهما كجنسين لتعلق النسك بحق الرأس فقط فهو كحلق ولبس وذكر جماعة إن تطيب أو لبس في رأسه وبدنه فالروايتان ونص أحمد فدية واحدة وجزم به القاضي وابن عقيل وابو الخطاب لأن الحلق إتلاف فهو آكد والنسك يختص بالرأس فعلى الأولى لو قطع من بدنه شعرتين وفي رأسه واحدة وجبت الفدية وعلى الثانية يجب في كل واحدة ما تقدم
وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعر فغطى عينيه فقصه فلا شيء عليه لأن الشعر آذاه فكان له إزالته من غير فدية كقتل الصيد الصائل بخلاف ما إذا حلق شعره لقمل أو صداع وشدة حر فإنها تجب الفدية لأن الإيذاء من غير الشعر أو إنكسر ظفره فقصه فكذلك لأنه يؤذيه بقاؤه وكذا إن وقع بظفره مرض فأزاله له أو قلع أصبعا بظفر فهدر
____________________
1-
(3/138)
أو قلع جلدا عليه شعر فلا فدية عليه فصل الثالث تغطية الرأس
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومعنى قوله فقصه أي قص ما احتاجه فقط وقال الآجري إن إنكسر فآذاه قطعه وفدى وإن لم يمكن مداواة قرحه إلا بقصه قصه وفدى أو قلع جلدا عليه شعر فلا فدية عليه لأن الشعر زال تابعا لغيره والتابع لا يضمن كما لو قلع أشفار عين فإنه لا يضمن الهدب وفي المبهج إذا زال شعر الأنف أنه لا يلزمه دم لعدم الترفه وفيه نظر إذ لا فرق
فوائد للمحرم تخليل لحيته ولا فدية بقطعه بلا تعمد والمذهب إن شعر أنه انفصل من مشط أو تخليل فدى قال أحمد إن خللها فسقط إن كان شعرا ميتا فلا شيء عليه وجزم به في الشرح لأن الأصل نفي الضمان لكن يستحب وله غسل رأسه وبدنه برفق نص عليه ما لم يقطعه وقيل غير الجنب وله غسله في حمام وغيره بلا تسريح فإن غسله بسدر أو نحوه جاز قاله القاضي وجمع وجزم آخرون بالكراهة لتعرضه لقطع الشعر وعنه يحرم ويفدي وله أن يحتجم وكره الخرقي للخبر زاد في المحرر وغيره ما لم يقطع شعرا قال الشيخ تقي الدين فيمن إحتاج وقطعه لحجامة أو غسل لم يضر فصل الثالث تغطية الرأس إجماعا
لأنه عليه السلام نهى عن لبس العمائم وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليهما وكان ابن عمر يقول إحرام الرجل في رأسه وذكره القاضي مرفوعا والأذنان منه في قول الجماهير وعنه عضوان مستقلان ذكرها ابن عقيل وعلى الأول يدخل فيه البياض الذي فوقهما دون الشعر
____________________
1-
(3/139)
فمتى غطاه بعمامة أو خرقة أو قرطاس فيه دواء أو غيره أو عصبه أو طينه بطين أو حناء أو غيره فعليه الفدية وإن استظل بالمحمل ففيه روايتان وإن حمل على رأسه شيئا أو نصب حياله ثوبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بدليل الموضحة وهي لا تكون إلا في رأس ووجه وليس في الوجه فتعين الأول وقيل ليس منه وذكره بعضهم إجماعا ويدخل فيه النزعتان والشعر الذي بينهما وفي الصدغ والتحذيف خلاف فمتى غطاه بعمامة أو خرقة أو قرطاس فيه دواء أو غيره أو عصبه أو طينه بطين او حناء أو غيره جمع في ذكرها بين تغطية بمعتاد أو غيره قال أحمد وشد سير فيه فعليه الفدية لأنه فعل محرما في الإحرام يقصد به الرفه أشبه حلق الرأس وظاهره لا فرق بين ان يكون لعذر أو غيره وإن استظل بالمحمل ضبطه الجوهري كالمجلس وعكس ابن مالك ففيه روايتان اشهرهما أنه يحرم ويلزمه الفداء لأن ابن عمر رأى على ردل رجل محرم عودا يستره من الشمس فنهاه عن ذلك رواه الأثرم واحتج به أحمد ولأنه قصده بما يقصد به الرفه كتغطيته وعنه لا فدية إن طال زمنه وعنه يكره قال المؤلف وهو الظاهر وعن الأول لو استظل بثوب راكبا ونازلا لزمته الفدية والثانية يجوز بلا فداء جزم بها في الوجيز لأن غاية ما سبق أنه قول ابن عمر وهو لا يرى ذلك حراما ولأنه يجوز بثوب كما سيأتي
وإن حمل على رأسه شيئا وكستره بيده ولا أثر للقصد وعدمه فيما فيه فدية وقال ابن عقيل إن قصد به الستر فدى كجلوسه عند عطار لقصد شم الطيب فلو لبده بغسل أو صمغ ونحوه لئلا يدخله غبار ولا دبيب جاز للخبر أو نصب حياله ثوبا لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة واحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة رواه مسلم وأجاب أحمد وعليه
____________________
1-
(3/140)
أو استظل بخيمة او شجرة أو بيت فلا شيء عليه وفي تغطية الوجه روايتان فصل الرابع لبس المخيط والخفين
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اعتمد القاضي وغيره بأنه يسير لا يراد للإستدامة بخلاف الاستظلال بالمحمل زاد ابن عقيل أو كان بعد رمي جمرة العقبة أو به عذر وفدى او لم يعمل النبي صلى الله عليه وسلم به أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت فلا شيء عليه لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ضربت له قبة بنمرة فنزلها رواه مسلم لأنه لا يقصد به الرفه في البدن عادة بل جمع الرحل وحفظه وفيه شيء وفي تغطية الوجه روايتان إحداهما تجوز واختارها الأكثر روي عن عثمان وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير وغيرهم ولأنه يقصد به سنة التقصير من النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتعلق به حرمة التخمير كسائر بدنه والثانية ونقلها الأكثر لا يجوز لقوله عليه السلام ولا تخمروا وجهه رواه مسلم فيكون كالرأس فصل الرابع لبس المخيط في بدنه أو بعضه بما عمل على قدره إجماعا والخفين
لما روى ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه زعفران أو ورس ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين متفق عليه فتنصيصه على القميص يلحق به ما في معناه من الجبة والدراعة والعمامة يلحق بها كل ساتر ملاصق أو ساتر معتاد والسراويل يلحق به التبان وما في معناه وسواء كان مخيطا أو درعا منسوجا أو لبدا معقودا وظاهره لا فرق بين قليل اللبس وكثيره لظاهر الخبر ولأنه استمتاع فاعتبر فيه مجرد الفعل كالوطء في الفرج لكن من به شيء لا يجب
____________________
1-
(3/141)
إلا أن لا يجد أزارا فيلبس سراويل أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا يقطعهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن يطلع عليه فإنه يلبس ويفدي نص عليه إلا أن لا يجد إزارا فيلبس سراويل أو لا يجد نعلين فيلبس خفين لقول ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات يقول السراويل لمن لم يجد الإزار والخفان لمن لم يجد النعلين متفق عليه ورواه الأثبات وليس فيه بعرفات وقال مسلم إنفرد بها شعبة وقال البخاري تابعه ابن عيينة عن عمر ولأنه جعله بدلا وهو يقوم مقام المبدل لكن متى وجد الإزار خلع السراويل وفي الإنتصار احتمال يلبس سراويل للعورة فقط ولا يقطعهما أي لا يلزمه قطع خفه في المنصوص والمختار عملا باطلاق حديثي ابن عباس وجابر فإنه لم يأمر فيهما بقطع ولو وجب لبينه
يؤيده أن جماعة من الصحابة عملوا على ذلك وقال أحمد قطعهما فساد واحتج المؤلف وغيره بالنهي عن إضاعة المال ولأنه ملبوس أبيح لعدم غيره أشبه السراويل ولأن قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر فإن لبس المقطوع مع القدرة على النعلين كلبس الصحيح وعنه إن لم يقطعهما دون كعبيه فدى وهي قول أكثر العلماء لخبر ابن عمر قال في المغني والشرح وهي الأولى عملا بالحديث الصحيح وخروجا من الإختلاف وأخذا بالاحتياط
وأجيب بأن زيادة القطع لم يذكرها جماعة وروي أنها من قول ابن عمر ولو سلم صحة رفعها فهي بالمدينة وخبر ابن عباس بعرفات فلو كان القطع واجبا لبينه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المسجد في موضع البيان
____________________
1-
(3/142)
ولا فدية عليه ولا يعقد عليه منطقة ولا رداء ولا غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ووقت الحاجة فلزم أن يكون الاطلاق ناسخا للتقييد دفعا لمحذور تاخير البيان عن وقت الحاجة وحكي في المغني عن الخطابي أنه قال العجب من أحمد في هذا أي في قوله بعدم القطع قال فإنه لا يخالف سنة تبلغه وقل سنة لم تبلغه وفيه شيء فإن أحمد لم يخالف السنة ولم تخف عليه قال المرزوي احتججت على ابي عبد الله بحديث ابن عمر وقلت هو زيادة في الخبر فقال هذا حديث وذاك حديث فقد اطلع رضي الله عنه على السنة وإنما نظر نظر المتبحرين الذين امدهم الله بعونه مع أن خبرنا فيه زيادة حكم وهو جواز اللبس بلا قطع لأن هذا الحكم لم يشرع بالسنة قاله الشيخ تقي الدين وهو أحسن من إدعاء النسخ ولا فدية عليه لظاهر ما تقدم ولو وجبت لبينها لأن تاخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
فرع الخنثى المشكل إن لبس المخيط أو غطى وجهه وجسده من غير لبس فلا فدية عليه لأن الأصل عدم الوجوب وإن غطى وجهه ورأسه أو غطى وجهه ولبس المخيط فدى وذكر أبو بكر يغطي رأسه ويفدي وذكره أحمد عن ابن المبارك ولم يخالفه وجزم به في الرعاية
ولا يعقد عليه منطقة ولا رداء ولا غيره لقول ابن عمر لمحرم ولا تعقد عليه شيئا رواه الشافعي وروى هو ومالك أنه كان يكره لبس المنطقة للمحرم ولأنه يترفه بذلك أشبه اللباس وظاهره لا فرق في ذلك بين ربطه بالعقد أو بشوكة أو إبرة أو غير ذلك فإن فعل أثم من غير حاجة وفدى وكذا
____________________
1-
(3/143)
إلا إزاره وهميانه الذي فيه نفقته إذا لم يثبت إلا بالعقد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إن كان معها كوجع ظهر ونحوه نص عليه لكن إن كان فيها بعضه فحكمها كالهميان وعنه أنها كهميان واختاره الآجري وابن أبي موسى وغيرهما وذكر المؤلف أن الفرق بينهما النفقه وعدمها وإلا فهما سواء
فرع لا بأس أن يتشح بالقميص ويرتدي به وبرداء ولا يعقده لأن المنهي عنه المخيط على قدر العضو إلا إزاره فيجوز له عقده لأنه يحتاجه لستر عورته فأبيح كاللباس للمرأة فدل انه لو شد وسطه بمنديل ونحوه جاز ما لم يعقده قال أحمد في محرم حزم عمامة على وسطه لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض قال طاووس فعله ابن عمر وقيل لا بأس بشد وسطه بحبل ونحوه لحاجة ولا يسن شق أسفل إزاره نصفين بعقد كل نصف على ساق لأنه يشبه السراويل وهميانه الذي فيه نفقته فيباح قال ابن عبد البر أجازه فقهاء الأمصار إذا لم يثبت إلا بالعقد لقول عائشة أوثق عليك نفقتك وروي عن ابن عباس وابن عمر معناه بل رفعه بعضهم ولأن الحاجة تدعو إلى عقده فجاز كعقد الإزار قال ابن تميم كانوا يرخصون في عقده لا في عقد غيره وظاهره أنه إذا ثبت بغير العقد كما لو أدخل السيور بعضها في بعض لم يجز عقده لعدم الحاجة وكما لو لم يكن فيه نفقة وفي الروضة لا يعقد سيوره وقيل لا بأس إحتياطا للنفقة
مسألة له حمل جرابه وقربة الماء ولا يدخله في صدره نص عليهما
____________________
1-
(3/144)
وإن طرح على كتفيه قباء فعليه الفدية وقال الخرقي لا فدية عليه إلا أن يدخل يديه في كمية ويتقلد بالسيف عند الضرورة فصل الخامس الطيب
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن طرح على كتفيه قباء فعليه الفدية مطلقا نص عليه اختاره الأكثر لما روى ابن المنذر مرفوعا أنه نهى عن لبس الأقبية للمحرم ورواه النجاد عن علي ولأنه مخيط وهو عادة لبسه كالقميص وقال الخرقي لا فدية عليه إلا أن يدخل يديه في كميه هذا رواية واختارها في الترغيب ورجحها في المغني وغيره لأنه إذا لم يدخل يديه فيهما لم يشتمل على جميع بدنه فهو كالقميص إذا ارتدى به وظاهره أنه إذا أدخل إحدى يديه لا فدية عليه وفي الواضح بلى ويتقلد بالسيف عند الضرورة لما روى البراء بن عازب قال لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية صالحهم أن لا يدخلها إلا بجلبان السلاح القراب بما فيه متفق عليه وهذا ظاهر في إباحته عند الحاجة لأنهم لم يكونوا يأمنون أهل مكة أن ينقضوا العهد وظاهره أنه لا يجوز عند عدمها لقول ابن عمر لا يحمل المحرم السلاح في الحرم قال المؤلف والقياس يقتضي إباحته لأنه ليس في معنى اللبس كما لو حمل قربة في عنقه وعنه يجوز أن يتقلد بالسيف بلا حاجة اختاره ابن الزاغوني قال في الفروع ويتوجه أن المراد غير مكة لأن حمل السلاح بها لا يجوز إلا لحاجة نقل الأثرم لا يتقلد بمكة إلا لخوف روى مسلم عن جابر مرفوعا لا يحل أن يحمل السلاح بمكة وإنما منع أحمد من تقليد السيف لأنه في معنى اللبس فصل الخامس الطيب
فيحرم إجماعا لأمره عليه السلام يعلى بن أمية بغسله
____________________
1-
(3/145)
فيحرم عليه تطييب بدنه وثيابه وشم الأدهان المطيبة والأدهان بها وشم المسك والكافور والعنبر والزعفران والورس وأكل ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده فلا فدية عليه وله شم العود (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقال في المحرم الذي وقصته راحلته ولا تحنطوه متفق عليهما
ولمسلم ولا تمسوه بطيب وإذا منع المحرم الميت من الطيب مع إستحبابة له فالمحرم الحي أولى فيحرم عليه تطييب بدنه أو شيئا منه نص عليه وثيابه لحديث ابن عمر ولأنه يعد مطيبا لكل واحد منهما وشم الأدهان المطيبة كدهن الورد والبنفسج ونحوهما والادهان بها لأنها تقصد رائحتها وتتخذ للطيب أشبه ماء الورد وشم المسك والكافور والعنبر والزعفران والورس لأنها هكذا تستعمل وكذا التبخر بالعود والند لأنه استعمله على وجه التطيب وأكل ما فيه طيب كمسك ونحوه يظهر طعمه لأن الطعم يستلزم الرائحة
وقيل لا فدية لبقاء لونه ولو لم تمسه النار أو ريحه لأنها المقصود منه وظاهره ولو طبخ أو مسه نار لبقاء المقصود منه وليس هذا خاصا بالمأكول بل المشروب كذلك لأنه يحرم تناول الطيب كالاكتحال ونحوه لأنه استعمال للطيب أشبه شمه ومتى فعل شيئا من ذلك لزمه الفدية لأنه فعل ما حرمه الإحرام كاللباس
مسألة للمشتري حمله وتقليبه إن لم يمسه ذكره جماعة لو ظهر ريحه لأنه لم يقصد للتطيب ولا يمكن الاحتراز منه قال في الفروع ويتوجه ولو علق بيده لعدم القصد ولحاجة التجارة وقال ابن عقيل إن حمله مع ظهور ريحه لم يجز وإلا جاز وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده كالمسك غير المسحوق وقطع الكافور والعنبر فلا فدية عليه لأنه غير مستعمل للطيب وشمه سبق وظاهره أنه إذا علق بيده كالغالية والمسك والمسحوق عليه الفدية لأنه مستعمل للطيب وله شم العود لأن المقصود منه التبخير
____________________
1-
(3/146)
والفواكه والشيح والخزامي وفي شم الريحان والنرجس والورد والبنفسج والبرم ونحوها والأدهان بدهن غير مطيب في رأسه روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والفواكه كلها كالأترج والتفاح والسفرجل ونحوه والشيح والخزامي من نبات الصحراء وكذا ما ينبته آدمي لغير قصد الطيب كحناء وعصفر لأنه ليس بطيب ولا يتخذ منه طيب ولا يسمى متطيبا عادة وكذا له شم قرنفل ودار صيني ونحوهما وفي شم الريحان هذا شروع في بيان حكم ما ينبته الآدمي لقصد شمه ولا يتخذ منه طيب كريحان فارسي ومحل الخلاف فيه وهو معروف بالشام ومكة والعراق وأما عند العرب فالريحان هو الاس ولا فدية في شمه قطعا والنرجس وهو أعجمي معرب والبنفسج وهو معرب أيضا والورد والبرم بفتح الباء والراء هو العضاه الواحد برمة ونحوها كنمام ومرزجوش وفي ذلك روايتان إحداهما يباح اختاره أكثر الأصحاب وهو قول عثمان وابن عباس لأنه إذ يبس ذهبت رائحته أشبه نبت البرمة
فعليها لا فدية فيه لإباحته والثانية يحرم لقول جابر لا يشمه رواه الشافعي وكرهه ابن عمر قاله أحمد لأنه يتخذ للطيب كالورد فحينئذ تجب الفدية ولكن ما ينبته الآدمي تارة يتخذ منه طيب كالورد والبنفسج والياسمين وهو الذي يتخذ منه الزئبق فالأشهر يحرم ويفدي اختاره القاضي والمؤلف وغيرما كماء الورد وتارة لا يتخذ منه طيب كالريحان فاختار الأكثر إباحته وماء الريحان كهو وفي الفصول إحتمال بالمنع كماء ورد وقيل عكسه والأدهان بدهن غير مطيب كزيت وسيرج في رأسه روايتان أنصهما له من حديث ابن عمر من رواية فرقد السبخي وهو ضعيف فعله قدمه في المحرر والفروع لأنه عليه السلام فعله رواه أحمد والترمذي وغيرهما عندهم وذكره البخاري عن ابن عباس لعدم الدليل والثانية المنع ويفدي ذكر القاضي أنها اختيار الخرقي كالمطيب
____________________
1-
(3/147)
وإن جلس عند العطار أو في موضع ليشم الطيب فشمه فعليه الفدية وإلا فلا فصل السادس قتل صيد البر
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنهما أصل الأدهان ولم يكتسب الدهن إلا الرائحة ولا أثر لها منفردة ومنع القاضي ذلك وهو واضح ولأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر وظاهره أنه لا يمنع من الأدهان به في بقية بدنه صرح به في المغني وقال في الشرح لا نعلم عن أحمد فيه منعا وحكى ابن المنذر أن عوام أهل العلم أجمعوا على أن للمحرم أن يدهن بدنه بشحم وزيت وسمن وإنما خص الرأس لأنه محل الشعر بالوجه كذلك فلهذا قال بعض أصحابنا هما في دهن شعره وذكر القاضي في تعليقه وأبو الخطاب وصاحب التلخيص والكافي فيه أن الخلاف جار في دهن بدنه كرأسه لأنه مثله
تنبيه يقدم غسل طيب على نجاسة يتيمم لها ولا يحرم دلالة على طيب ولباس ذكره القاضي وابن شهاب لعدم ضمانه بالسبب ولا يتعلق بهما حكم مختص بخلاف الدلالة على الصيد فإنه يتعلق به حكم مختص وهو تحريم الأكل والإثم وإن جلس عند العطار أو في موضع كقصد الكعبة حال تجميرها أو حمل معه عقدة فيها مسك ليجد ريحها ليشم الطبب فشمه فعليه الفدية نص عليه لأنه شمه قاصدا فحرم كما لو باشره وقال ابن حامد يباح والأول أشهر وإلا فلا أي لا شيء عليه إذا جلس عند العطار لحاجته أو دخل الكعبة للتبرك بها وإذا اشتراه كما سبق لأنه لا يمكن الاحتراز منه فصل السادس قتل صيد البر إجماعا
وسنده قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا } واصطياده وهو ما كان وحشيا ماكولا أو متولدا منه ومن غيره فمن أتلف أو أتلف في يده أو أتلف جزءا منه فعليه جزاؤه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم }
____________________
1-
(3/148)
المائدة 98 واصطياده لقوله تعالى { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } المائدة 100 وهو أي الصيد المحرم على المحرم ما جمع ثلاثة أشياء ما كان وحشيا لأن ما ليس بوحشي لا يحرم كبهيمة الأنعام والخيل والدجاج إجماعا والإعتبار في ذلك الأصل فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء وعكسه لو توحش الأهلي لم يجب ونص عليه في بقرة صارت وحشية لأن الأصل فيها الإنسية وحمام وبط وحشي مأكولا لأن ماليس بمأكول كسباع البهائم والمستخبث من الحشرات والطير يباح قتله لقوله عليه السلام خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحدأة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور متفق عليه ويقاس عليه مالم يقم دليل على تحريم قتله فأما ما اختلف فيه كالثعلب والسنور الوحشي والهدهد والصرد ففيه روايتان والأشهر أنه يجب في الثعلب واختار القاضي أنه لا شيء في السنور الوحشي لأنه سبع والصحيح أنه لا شي في الأهلي لأنه ليس وحشي ولا مأكول وقال بعض أصحابنا يفدي أم حبين بجدي وهي دابة منتفخة البطن وهذا خلاف القياس لأنها مستخبثة عند العرب لا تؤكل حكي أن رجلا قال كل مادب ودرج إلا أم حبين او متولدا منه ومن غيره كالمتولد من الوحشي والأهلي والمتولد من الماكول وغيره كالسمع ففيه الجزاء في قول أكثر العلماء تغليبا لتحريم قتله كما غلبوا التحريم في أكله
وقيل لا يجب فيما تولد من ماكول وغيره قدمه في الرعاية لأن الله إنما حرم صيد البر وهذا يحرم أكله فمن أتلفه أو تلف في يده أو أتلف جزءا منه فعليه جزاؤه
____________________
(3/149)
ويضمن ما دل عليه أو أشار إليه أو أعان على ذبحه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فيه مسائل
الأولى إذا أتلفه فعليه جزاؤه إجماعا وسنده قوله تعالى { ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } المائدة 99
الثانية إذا تلف في يده فعليه جزاؤه لأنه تلف تحت يد عادية أشبه ما لو أتلفه إذ الواجب إما إرساله أو رده على مالكه
الثالثة إذا أتلف جزءا منه لأن جملته مضمونة فيضمن أبعاضه كالآدمي والمال ويأتي حكم الخطأ والعمد لكن لو نصب شبكة ثم أحرم أو أحرم ثم حفر بئرا بحق فتلف به صيد لم يضمنه وإلا ضمن كالآدمي فيهما والمراد إذا لم يتحيل ويضمن مع التحريم مادل عليه نقله ابن منصور وابو الحارث سواء كان المدلول عليه ظاهرا أو خفيا لا يعلمه إلا بدلالته عليه وقال أبو الفرج في المبهج إن كانت الدلالة ملجئة لزم المحرم الجزاء كقوله دخل في هذه المغارة وإلا لم يلزمه كقوله ذهب في هذه البرية لأنه لا يضمن بالسبب مع المباشرة إذا لم يكن ملجئا لوجوب الضمان على العامل والدافع دون الممسك والحافر وأجاب القاضي بأن الممسسك غير ملجىء ويضمن بها المودع ويستثني منه ما لو دله فكذبه فلا ضمان عليه فلو دل حلال حلالا على صيد في الحرم فكدلالة محرم محرما عليه أو أشار إليه نقله عبد الله لكن لو رأى الصيد قبل الدلالة والإشارة فلا شيء على دال ومشير لأنها ليست سببا في تلفه كما لو وجد من المحرم عند رؤية الصيد ضحك أو استشراف ففطن له غيره فصاده أو أعان على ذبحه نقله أبو طالب بمناولته سلاحه أو سوطه أو أمره باصطياده وقال القاضي وغيره أو بدفعه إليه فرسا لا يقدر عليه إلا به
____________________
1-
(3/150)
أو كان له أثر في ذبحه مثل أن يعيره سكينا إلا أن يكون القاتل محرما فيكون جزاؤه بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو كان له اثر في ذبحه مثل أن يعيره سكينا أو نحوها ليقتله به سواء كان معه ما يقتله به أو لا لما روى أبو قتادة أنه لما صاد الحمار الوحشي واصحابه محرمون قال النبي صلى الله عليه وسلم هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء قالوا لا وفيه أبصروا حمارا وحشيا فلم يؤذنوني وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوني فقالوا والله لا نعينك عليه بشيء إنا محرمون فتناولته فأخذته ثم أتيت الحمار من ورائه فعقرته فأتيت به أصحابي فقال بعضهم كلوا وقال بعضهم لا تأكلوا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال كلوه هو حلال متفق عليه ولفظه للبخاري ولأنه وسيلة إلى الحرام فكان حراما كسائر الحيوانات
إلا أن يكون القاتل محرما فيكون جزاؤه بينهما هذا هو المجزوم به عند الأكثر لأنهما اشتركا في التحريم فكذا في الجزاء ولأنه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه ويحتمل التبعيض فكان واحدا كقيم العبيد وعنه على كل واحد جزاء اختاره أبو بكر ككفارة قتل الآدمي وعنه جزاء واحد إلا أن يكون صوما فعلى كل واحد صوم تام ومن أهدى فبحصته وعلى الآخر صوم تام نقله الجماعة لأن الجزاء بدل لا كفارة لأن الله عطف عليه الكفارة والصوم كفارته ككفارة قتل الأدمي وقيل لا جزاء على محرم ممسك مع محرم قاتل ولا يلزم متسببا مع مباشر وقيل القرار عليه لأنه هو الذي جعل فعل الممسك علة وظاهره أنه إذا كان القاتل حلالا لا شيء عليه لحله له ما لم يكن الاشتراك في الحرم فيشتركان فيه كالأول فلو كان الدال والشريك لا ضمان عليه كالمحل في الحل فالجزاء جميعه على المحرم في الأشهر
____________________
1-
(3/151)
ويحرم عليه الأكل من ذلك كله واكل ما صيد لأجله ولا يحرم عليه الأكل من غير ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وأطلق أحمد القول فيحتمل ما قلنا ويحتمل يلزمه بحصته لأنه اجتمع موجب وسقط فغلب الإيجاب كمتولد بين ماكول وغيره وكذا الخلاف إن كان الشريك سبعا فإن سبق حلال وسبع بجرحه فعلى المحرم جزاؤه مجروحا وإن سبق هو فعليه أرش جرحه فلو كانا محرمين ضمن الجارح نقصه والقاتل تتمة الجزاء
ويحرم عليه الأكل من ذلك كله لما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هل منكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه قالوا لا قال كلوا ما بقي من لحمها متفق عليه وأكل ما ذبحه و ما صيد لأجله نقله الجماعة لما في الصحيحين من حديث الصعب بن جثامة أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا فرده عليه فلما راى ما في وجههه قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم وروى الشافعي وأحمد من حديث جابر مرفوعا لحم الصيد للمرء حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم فيه المطلب بن حنطب قال الترمذي لا يعرف له سماع من جابر وعن عثمان أنه اتى بلحم صيد فقال لأصحابه كلوا فقالوا ألا تاكل أنت فقال إني لست كهيئتكم إنما صيد لأجلي رواه مالك والشافعي وفي الإنتصار إحتمال بجوازه وظاهره أن ما حرم على المحرم لكونه دل عليه أو اشار إليه أو صيد من أجله لا يحرم على الحلال أكله صرح به غير واحد لحديث الصعب ولا يحرم على محرم آخر في الأشهر ولا يحرم عليه الأكل من غير ذلك نص عليه لحديث أبي قتادة كلوه هو حلال وأفتى به أبو هريرة وقال عمر له لو أفتيتهم بغيره لأوجعتك
____________________
1-
(3/152)
وإن أتلف بيض صيد أو نقله إلى موضع آخر ففسد فعليه ضمانه بقيمته ولا يملك الصيد بغير الإرث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رواه مالك وعن علي وابن عباس يحرم لخبر الصعب وكما لو دل عليه والفرق ظاهر وما سبق أخص والجمع أولى لأنه عليه السلام إنما ترك الأكل من حديث الصعب لعلمه أو ظنه أنه صيد من أجله وإن اتلف بيض صيد أو نقله إلى موضع آخر ففسد فعليه ضمانه لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام ثمنه رواه ابن ماجه ولأنه تسبب إلى إتلافه بالنقل فوجب ضمانه كالمباشرة وظاهر أنه إذا صح وخرج لا ضمان فيه لكن لو باض على فراشه فنقله برفق ففسد فوجهان بناء على الجراد إذا انفرش في طريقه وظاهره وجوب الضمان بقيمته نص عليه فكأنه لقول ابن عباس في بيض النعام قيمته ولأنه إذا وجب في بيض النعام قيمته مع أنه من ذوات الأمثال فغيره اولى لأن البيض لا مثل له فتجب فيه القيمة كصغار الطير وإطلاق الثمن في الخبر يدل على ذلك إذ غالب الأشياء تعدل ثمنها وهذا إذا كان له قيمة فإن كان هدرا فلا شيء فيه
قال الأصحاب إلا بيض النعام فإن لقشره قيمة وصحح في المغني والشرح أنه لا شيء فيه إذا لم يكن فيه حيوان حالا أو مآلا لأنه بمنزلة سائر الأحجار ويستثنى منه ما لو كسرها بعد أن ثبتت وخرج منها دم أو خرج منها فرخ حي فلا شيء عليه وقال ابن عقيل يحتمل أن يضمنه إلا أن يحفظه إلى أن ينهض ويطير ويحتمل عدمه لأنه لم يجعله غير ممتنع كما لو أمسك طائرا أعرج ثم تركه وإن مات بعد خروجه ففيه ما في صغار أولاد المتلف بيضه ولا يملك الصيد إبتداء بغير الإرث وفاقا لخبر الصعب السابق فليس محلا للتمليك لأن الله حرمه عليه كالخمر فلو قبضه مشتر ثم تلف
____________________
1-
(3/153)
وقيل لا يملكه به أيضا وإن أمسك صيدا حتى تحلل ثم تلف أو ذبحه ضمنه وكان ميتة وقال أبو الخطاب له اكله وإن أحرم وفي يده صيد أو دخل الحرم بصيد لزمه إزالة يده المشاهدة عنه دون الحكمية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعليه جزاؤه وقيمته لمالكه وفي الرعاية لا شيء لواهب وإن قبضه رضا فعليه جزاؤه فقط وعليه رده وإن ارسله ضمنه لمالكه ولا جزاء ويرد المبيع وقيل يرسله لئلا يثبت مدة المشاهدة عليه ومثله متهبه وصريحه أنه يملكه بالإرث وهو المذهب لأنه أقوى من غيره ولا فعل منه بدليل أنه يدخل في ملك الصبي والمجنون ويملك به الكافر فجرى مجرى الاستدامة وقيل لا يملكه به أيضا لما قلناه فهو كغيره فعلى هذا هو أحق به فيملكه إذا حل وفي الرعاية يملكه بشراء واتهاب
وإن امسك صيدا حتى تحلل ثم تلف أو ذبحه ضمنه لأنه تلف بسبب كان في إحرامه فضمنه كما لو جرحه فمات بعد حله ولم يتكرر الضمان بأكله إذا ذبحه نص عليه لأنه وجب لقتله لا لأكله لكونه مضمونا بالجزاء فلا يتكرر كإتلافه بغير أكله ولهذا لا يضمنه محرم آخر وكان ميتة نص عليه لأنه صيد يلزمه ضمانه فلم يبح بذبحه كحالة الإحراموقال أبو الخطاب له أكله وعليه ضمانه لأنه ذبحه وهو من أهله أشبه ما لو صاده بعد حله فأبيح له كغيره وفيه نظر لأن هذا يلزمه ضمانه بخلاف المقيس عليه وإن أحرم وفي يده أي ملكه صيد أو دخل الحرم بصيد لزمه إزالة يده المشاهدة عنه كما لو كان في رحله أو خيمته أو قفصه ويلزمه إرساله لأن في عدم إزالة يده المشاهدة إمساكا للصيد فلم يجز كحالة الإبتداء بدليل اليمين وملكه باق عليه فرده من أخذه ويضمنه من قتله ولا يصح نقل الملك فيه دون الحكمية كما لو كان في بيته أو في يد نائب له في غير مكانه لأنه لا يلزم إمساك الصيد فلم يلزم بإزالتها كما لو لم يكن محرما
____________________
1-
(3/154)
وإن لم يفعل فتلف فعليه ضمانه وإن ارسله إنسان من يده قهرا فلا ضمان على المرسل وإن قتل صيدا صائلا عليه دفعا عن نفسه او بتخليصه من سبع أو شبكة ليطلقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فعلى هذا لا يضمنه وله نقل الملك فيه بكل نوع ومن غصبه لزمه رده فإن لم يفعل أي لم يزل يده المشاهدة فتلف فعليه ضمانه لأنه تلف تحت يده العادية فلزمه الضمان كمال الآدمي وجزم المؤلف وقدمه في الفصول إن أمكنه وإلا فلا لعدم تفريطه وإن ارسله إنسان من يده قهرا فلا ضمان على المرسل ذكره الأصحاب لأنه فعل ما يتعين على المحرم فعله في هذه العين خاصة كالمغصوب ولأن اليد قد زال حكمها وحرمتها فلو أمسكه حتى تحلل فملكه باق عليه واعتبره في المغني والشرح بعصير تخمر ثم تخلل قبل إراقته وفي الكافي وجزم به في الرعاية يرسله بعد حله كما لو صاده
تنبيه إذا ملك صيدا في الحل وأدخله الحرم لزمه رفع يده وإرساله فإن أتلفه أو تلف في يده ضمنه كصيد الحل في حق المحرم ذكره الأصحاب
قال في الفروع ويتوجه لا يلزمه إرساله وله ذبحه ونقل الملك فيه لأن الشارع إنما نهى عن تنفير صيد مكة ولم يبين فعل هذا الحكم الخفي مع كثرة وقوعه والصحابة مختلفون وقياسه على الإحرام فيه نظر لأنه آكد وكذا إن امسك صيد حرم وخرج به إلى الحل فإنه يلزمه إرساله ولو تلف ضمنه كالمحرم إذا أمسكه حتى تحلل وإن قتل صيدا صائلا عليه دفعا عن نفسه لم يضمنه في ظاهر كلام أحمد وقاله الأصحاب لأنه قتله لدفع شره فلم يضمنه كآدمي وكجمل صائل مع أن الشارع أذن في قتل الفواسق لدفع أذى متوهم فالمتحقق أولى وسواء خشي منه تلفا أو مضرة أو على بعض ما له أو بتخليصه من سبع أو شبكة أو اخذه ليخلص من رجله خيطا ونحوه ليطلقه فتلف
____________________
1-
(3/155)
لم يضمنه وقيل يضمنه فيهما ولا تاثير للحرم ولا للإحرام في تحريم حيوان إنسي ولا محرم الأكل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قبل إرساله لم يضمنه على الأشهر لأنه فعل أبيح لحاجة الحيوان فلم يضمنه كمداواة الولي موليه وقيل يضمنه فيهما أما أولا فهو قول أبي بكر لأنه قتله لحاجة نفسه فهو كقتله لحاجة أكله في الأصح خلافا للأوزاعي والفرق ظاهر وأما ثانيا فلعموم الآية وغايته أنه عدم فيه القصد أشبه قتل الخطأ
مسألة إذا أخذه ليداويه فوديعة فلو تأكلت يده فله إزالتها وإن أزمنه فجزاؤه ولأنه كتالف وكجرح تيقن به موته وقيل ما نقص ولا تاثير للمحرم ولا للإحرام في تحريم حيوان إنسي أي أهلي مباح إجماعا كبهيمة الأنعام لأنه ليس بصيد والمحرم إنما هو الصيد بدليل أنه عليه السلام كان يتقرب إلى الله بذبح ذلك في إحرامه ولهذا قال أفضل الحج العج والثج ولا محرم الأكل إلا المتولد كالخمس الفواسق التي أباح الشارع قتلها مطلقا وصرح في المستوعب وغيره بأنه يستحب قتل كل مؤذ من حيوان وطير وهو مراد من اباحه والمراد بالغراب غراب البين لأنه محرم الأكل ويعدو على أموال الناس وظاهر المستوعب لا فإنه مثل بالغراب الأبقع فقط للخبر الخاص فيه ورد بأن غيره أكثر واصح ويدخل في الإباحة البازي والصقر والذباب والبعوض والبق ذكره جماعة فأما ما لا يؤذي بطبعه كالرخم فكذلك ولإحرامه ويجوز قتله وقيل يكره وجزم به في المحرر وغيره وقيل يحرم ولأصحابنا في النمل وجهان نقل حنبل لا بأس بقتل الذر ونقل مهنا يقتل النملة إذا عضته قال ابن عقيل فيها لقمة أو تمرة إذا لم تؤذه قال في
____________________
1-
(3/156)
إلا القمل في رواية وأي شيء تصدق به كان خيرا منه ولا يحرم صيد البحر على المحرم وفي إباحته في الحرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشرح ويتخرج في النحلة كذلك ولا شيء في ضفدع وجعل فيه ابن ابي موسى حكومة ولكن يستثنى منه ما اباحه الشارع فإنه يحرم قتله كما أن الأسود البهيم مباح قتله ذكره الأصحاب إلا القمل على المحرم في رواية فإنه يحرم قتله وهو ظاهر الخرقي لأنه يترفه بازالته فحرم كقطع الشعر وأي شيء تصدق به كان خيرا منه لأنه لم يرد به أثر وعنه لا شيء فيه لخبر كعب ولأنه لا قيمة له كسائر المحرم المؤذي والثانية لا يحرم قتله لأنه يحرم أكله ويؤذي أشبه البراغيث وظهر منه انه يباح في الحرم لغير المحرم قتله وهو بغير خلاف لأنه إنما حرم في حق المحرم لما فيه من الترفه فأبيح فيه لغيره
تكملة الصئبان كالقمل لأنه بيضه ولا فرق بين قتله ورميه لحصول الرفه به وقال القاضي وابن عقيل الروايتان فيما أزاله من شعره وبدنه وباطن ثوبه ويجوز في ظاهره وفي المغني والشرح انهما فيما أزاله من شعره وذكر جماعة ان البراغيث كالقمل وله قتل الفراد عن بعيره روي عن ابن عمر وابن عباس كسائر المؤذي ولا يحرم صيد البحر على المحرم إجماعا لقوله تعالى { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة } المائدة 96 والبحر الملح والعذب والأنهار والعيون سواء وصيده ما يعيش فيه كالسمك فإن كان يعيش فيهما كسلحفاة وسرطان فكذلك نقل عبد الله فيه الجزاء قال في الفروع ولعل المراد ما يعيش في البر له حكمه وما يعيش في البحر له حكمه كالبقر أهلي ووحشي فأما طير الماء فبري لأنه يفرخ ويبيض فيه وفي إباحته في الحرم كصيده من آبار
____________________
1-
(3/157)
روايتان ويضمن الجراد بقيمته فإن انفرش في طريقه فقتله بالمشي عليه ففي الجزاء وجهان وعنه لا ضمان في الجراد ومن اضطر إلى اكل الصيد أو احتاج إلى شيء من هذه المحظورات فله فعله وعليه الفدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحرم روايتان إحداهما المنع صححه في الشرح وغيره لأنه حرمي أشبه صيد الحرم ولأن حرمة الصيد للمكان فلا فرق والثانية وهي ظاهر الوجيز وقدمها في المحرر يحل الإطلاقه حله في الآية ولأن الإحرام لا يحرمه كحيوان أهلي وسبع ويضمن الجراد في قول أكثر العلماء لأنه طير في البر يتلفه الماء كالعصافير بقيمته لأنه متلف غير مثلي وعنه يتصدق بتمرة عن جرادة روي عن ابن عمر فان انفرش في طريقه فقتله أو اتلف بيض طير بالمشي عليه ففي الجزاء وجهان أحدهما فيه الجزاء وهو ظاهر الوجيز لأنه اتلفه لمنفعته أشبه ما لو اضطر إلى أكله والثاني لا لأنه اضطره إلى إتلافه كصائل وعنه لا ضمان في الجراد روي عن أبي سعيد لأن كعبا أفتى بأخذه واكله فقال له عمر ما حملك أن تفتيهم به قال هو من صيد البحر قال وما يدريك قال والذي نفسي بيده إن هو إلا نثرة حوت تنثر في كل عام مرتين رواه مالك وقال ابن المنذر قال ابن عباس هو من صيد البحر ورواه أبو داوود من رواية أبي هريرة مرفوعا ومن طريق أخرى وقال الحديثان وهم
ومن اضطر إلى أكل الصيد أبيح له بغير خلاف نعلمه وسنده قوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 فإذا ذبحه كان ميتة ذكره القاضي واحتج بقول أحمد كل ما صاده المحرم أو قتله فإنما هو قتل قتله قال في الفروع ويتوجه حله لحل فعله أو احتاج إلى شيء من هذه المحظورات فله فعله وعليه الفدية لأن كعبا لما احتاج إلى الحلق أباحه الشارع له واوجب
____________________
1-
(3/158)
فصل السابع عقد النكاح لا يصح منه
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه الفدية والباقي في معناه ولأن أكل الصيد إتلاف فوجب ضمانه كما لو اضطر إلى طعام غيره فصل السابع عقد النكاح فإنه محظور
إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح منه لما روى مسلم عن عثمان مرفوعا لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب وعن ابن عمر أنه كان يقول لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب على نفسه ولا على غيره رواه الشافعي ورفعه الدارقطني وظاهره لا فرق بين أن يتزوج أو يزوج محرمة أو يكون وكيلا أووليا نقله الجماعة وسواء تعمد أو لا وأجازه ابن عباس لروايته أنه عليه السلام تزوج ميمونة وهو محرم متفق عليه ولأحمد والنسائي وهما محرمان ولأنه عقد ملك به الإستمتاع فلم يحرمه الإحرام كشراء الإماء
وجوابه ما روى يزيد بن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبني بها حلالا وماتت بسرف إسناده جيد رواه أحمد وقال الترمذي غريب ولمسلم عن يزيد بن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال وكانت خالتي وخالة ابن عباس وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن ابي رافع ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما إسناده جيد رواه أحمد والترمذي وحسنه وقال ابن المسيب وهل ابن عباس وفي رواية وهم رواهما الشافعي
____________________
1-
(3/159)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وبالجملة فقصة ميمونة مختلفة ورواية الحل أكثر وفيها صاحب القصة والسفير فيها ولا مطعن فيها مع موافقتها لما تقدم وفيها زيادة مع صغر ابن عباس إذن ويمكن حمل قوله وهو محرم أي في الشهر الحرام أو البلد الحرام كقولهم قتل عثمان محرما أو تزوجها حلالا وظهر تزويجها وهو محرم ثم لو وقع التعارض فحديثنا أولى لأنه قول النبي صلى الله عليه وسلم وذلك فعله ويحتمل أن يكون خاصا به وعليه عمل الخلفاء وعقد النكاح يخالف شراء الأمة لأنه يحرم بالعدة والردة واختلاف الدين وكون المنكوحة أختا له من الرضاع والنكاح يراد به الوطء غالبا بخلاف شراء الأمة فافترقا وعنه إن زوج المحرم غيره صح لأنه سبب لإباحة محظور لحلال فلم يمنعه الإحرام كحلقه رأس حلال وروي عنه أنه قال لم أفسخه وهو محمول على أنه مختلف فيه وعلى المذهب الإعتبار بحالة العقد فلو وكل محرم حلالا فيه فعقده بعد حله صح في الأشهر وعكسه بعكسه ولو وكل ثم أحرم لم ينعزل وكيله في الأصح وله عقده إذا حل فلو وكل حلال مثله فعقده فأحرم الموكل واختلفا فقالت عقد بعد الإحرام وقال هو قبله قبل قوله وكذا في عكسه لأنه يملك فسخ العقد فملك الإقرار به لكن يلزمه نصف الصداق ويصح مع جهلهما وقوعه لأن الظاهر صحته
تتمة دخل في كلامه ما لو أحرم الإمام الأعظم فإنه يمنع من التزويج لنفسه وسائر أقاربه وهل يمنع أن يزوج بالولاية العامة فيه إحتمالان ذكرهما ابن عقيل
____________________
1-
(3/160)
وفي الرجعة روايتان ولا فدية عليه في شيء منهما فصل
الثامن الجماع في الفرج
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واختار الجواز لحله حال ولايته والاستدامة أقوى لأن الإمامة لا تبطل بفسق طرأ وفي التعليق لم يجز أن يزوج ويزوج خلفاؤه وصرح به في الوجيز لأنه يجوز بولاية الحكم ما لا يجوز بولاية النسب بدليل تزويج الكافرة وإن أحرم نائبه فكهو قاله بعض اصحابنا
وفي الرجعة روايتان كذا في الفروع المنع نقله الجماعة ونصره القاضي وأصحابه لأنه عقد وضع لإباحة البضع أشبه النكاح والثانية الإباحة اختارها الخرقي وجزم بها في الوجيز وصححها في المغني والشرح لأنها إمساك ولأنها مباحة قبل الرجعة فلا إحلال ولو قلنا بأنها محرمة لم يكن ذلك مانعا من رجعتها كالتكفير للمظاهر وتعقبه القاضي ولا فدية عليه في شيء منهما لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم يجب به فدية كشراء الصيد ولا فرق فيه بين الإحرام الصحيح والفاسد قاله في الشرح
مسألة يكره للمحرم الخطبة كخطبة العقد وشهوده وحرمها ابن عقيل كتحريم دواعي الجماع وتكره شهادته فيه وحرمها ابن عقيل وقدمها القاضي واحتج بنقل حنبل لا يخطب قال معناه لا يشهد النكاح وما روي فيه ولا تشهد فلا يصح فصل الثامن الجماع في الفرج
لقوله تعالى { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث } البقرة 197 قال ابن عباس هو الجماع بدليل قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } البقرة 187 بعني الجماع وقد حكاه ابن
____________________
1-
(3/161)
قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره فمتى فعل ذلك قبل التحلل الأول فسد نسكه عامدا كان أو ساهيا وعليهما المضي في فاسده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المنذر إجماع العلماء أنه يفسد النسك به وفي الموطأ بلغني أن عمر وعليا وابا هريرة سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج من قابل والهدي ولم يعرف لهم مخالف والمراد به إذا كان أصليا وصرح به في الوجيز قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره لوجوب الحد والغسل وخرج بعضهم لا يفسد بوطء بهيمة من عدم الحد أشبه الوطء دون الفرج وأطلق الحلواني وجهين أحدهما لا يفسد وعليه شاة فمتى فعل ذلك قبل التحلل الأول فسد نسكه لما قلنا وظاهره ولو بعد الوقوف بعرفة ونقله الجماعة ولأنه قول من سمينا من الصحابة وهو مطلق ولأنه جماع صادف إحراما تاما كقبل الوقوف
وقوله الحج عرفة أي معظمه ولا يلزم من امن الفوات أمن الفساد بدليل العمرة وإدراك ركعة من الجمعة عامدا كان أو ساهيا نقله الجماعة لأن بعض الصحابة قضوا بفساد الحج ولم يستفصلوا ولو اختلف الحال لوجب البيان ولأنه سبب يتعلق به وجوب القضاء فاستويا كالفوات وفيه نظر لأنه ترك ركن فأفسد والوطء فعل منهي عنه والجاهل بالتحريم والمكره كالناسي وفي الفصول رواية لا يفسد إختاره الشيخ تقي الدين وأنه لا شيء عليه وهو متجه قاله في الفروع والمذهب أن المرأة المطاوعة كالرجل لوجود الجماع منهما بدليل الحد وعنه يجزئهما هدي واحد لأنه جماع واحد وعنه لا فدية عليها لأنه لا وطء منها ذكر جماعة كالصوم والأشهر أنه لا فدية على مكرهة نص عليه كالصوم وعليهما المضي في فاسده ولا يخرج منه روي عن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس وحكمه كإحرام
____________________
1-
(3/162)
والقضاء على الفور من حيث أحرما أولا ونفقة المرأة في القضاء عليها إن طاوعت وإن كانت مكرهة فعلى الزوج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صحيح نقله الجمهور وذكره القاضي وغيره عن جماعة الفقهاء لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 وقد روي مرفوعا أنه أمر المجامع بذلك ولأنه معنى يجب به القضاء فلم يخرج به منه كالفوات ونقل ابن ابراهيم عن أحمد أنه يعتمر من التنعيم ومقتضاه أنه يجعل الحج عمرة و يلزمهما القضاء بغير خلاف نعلمه لما روى ابن وهب بإسناده عن سعيد بن المسيب أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما أتما حجكما ثم ارجعا وعليكما حجة أخرى قابل حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فأحرما وتفرقا ولا يؤاكل واحد منكما صاحبه ثم أتما مناسكما واهديا ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة صحيحة عند جماعة وهذا منها وروى سعيد والأثرم عن عمر وابن عباس معناه ولا فرق في الذي أفسدها أن تكون فرضا بأصل الشرع أو النذر أو قضاء لكن إذا افسده فإنه يقضي الواجب لا القضاء كالصوم والصلاة ويلزمه قضاء النفل نص عليه وإليه ذهب الأصحاب لأنه لزم بالدخول فيه وعنه لا قضاء فيه وعلى المذهب هو على الفور لتعينه بالدخول فيه من حيث أحرما أولا أي يلزم الإحرام بالقضاء من أبعد الموضعين الميقات أو إحرامه الأول نص عليه لأنه إن كان الميقات أبعد لم يجز له تجاوزه بغير إحرام وإن كان موضع إحرامه أبعد لزمه منه لأن القضاء يحكي الأداء وإلا لزمهما من الميقات نصا ونفقة المرأة في القضاء عليها إن طاوعت لقول ابن عمر واهديا هديا أضاف الفعل إليهما وقول ابن عباس أهد ناقة ولتهد ناقة ولأنها بمطاوعتها أفسدت نسكها فكانت النفقة عليها كالرجل وإن كانت مكرهة فعلى الزوج لأنه المفسد لنسكها فكانت عليه نفقتها كنفقة نسكه
____________________
1-
(3/163)
ويتفرقان من الموضع الذي أصابها فيه إلى أن يحلا وهل هو واجب او مستحب على وجهين وإن جامع بعد التحلل الأول لم يفسد حجه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويتفرقان في القضاء من الموضع الذي أصابها فيه في ظاهر المذهب لما سلف وعنه من حيث يحرمان لقول ابن عباس ويتفرقان من حيث يحرمان ولا يجتمعان حتى يقضيا حجهما إلى أن يحلا لأن التفريق خوف المحظور فجميع الإحرام سواء ومراده بالتفريق أن لا يركب معها في محمل ولا ينزل معها في فسطاط نص عليه لكن ذكر المؤلف أنه يكون بقربها يراعي حالها لأنه محرمها فظاهره أنه محرمها وهو ظاهر كلامهم ونقل ابن الحكم يعتبر أن يكون معها محرم غيره وهل هو واجب أو مستحب على وجهين المذهب أنه مستحب لأنه ربما ذكر إذا بلغ الموضع فسوق نفسه فواقع المحذور وهذا وهم لا يقتضي الوجوب ولم يتفرقا في قضاء رمضان إذا أفسداه لأن الحج أبلغ في منع الداعي لمنعه مقدمات الجماع والطيب بخلاف الصوم
والثاني يجب لأن ابن عباس ذكره حكما للمجامع فكان واجبا كالقضاء
تنبيه العمرة كالحج لأنها أحد النسكين كالآخر فإن كان مكيا أو مجاورا بها أحرم للقضاء من الحل لأنه ميقاتها سواءأحرم بها منه أو من الحرم وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى فيها فأتمها قال أحمد يخرج من الميقات فيحرم منه بعمرة فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم لتركه الميقات فإذا فرغ منه أحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه دم إذا قدم مكة لما أفسد من عمرته
وإن جامع بعد التحلل الأول أي بعد زمن جمرة العقبة لم يفسد حجه في قول أكثر العلماء لقوله عليه السلام الحج عرفة ولقول ابن عباس
____________________
1-
(3/164)
ويمضي إلى التنعيم فيحرم ليطوف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في رجل أصاب أهله قبل أن يفيض يوم النحر ينحران جزورا بينهما وليس عليه الحج من قابل رواه مالك ولا يعرف له في الصحابة مخالف ولأنها عبادة لها تحللان فوجود المفسد بعد أولهما لا يفسدها كما بعد التسليمة الأولى من الصلاة ويتوجه أنه يفسد كالأول إن بقى إحرامه وفسد بوطئه وقوله في التنبيه من وطئ من الحج قبل الطواف فسد حجه محمول على ما قبل التحلل فإن طاف للزيارة ولم يرم فذكر في الشرح وقدمه غيره أنه لا شيء عليه مطلقا لأن الحج قد تمت أركانه كلها وظاهر كلام جماعة خلافه لوجوده قبل ما يتم به التحلل ويمضي إلى التنعيم وهو من الحل بين مكة وسرف على فرسخين من مكة وسمي به لأن جبلا عن يمينه اسمه نعيم وآخر عن شماله اسمه ناعم والوادي نعمان بفتح النون فيحرم ليطوف لأن إحرامه قد فسد بالوطء فلزمه الإحرام من الحل ليقع طواف الزيارة في إحرام صحيح وليس الإحرام من التنعيم شرطا فيه وإنما المراد أن يحرم من الحل ليجمع بين الحل والحرام ولكن المؤلف تبع الخرقي وهو للإمام لأنه اقرب الحل إلى مكة وظاهره أنه لا يلزمه غير الطواف إذا كان قد سعى فإن لم يكن سعى طاف للزيارة وسعى وتحلل لأن الإحرام إنما وجب لياتي بما بقى من الحج
هذا ظاهر كلام جماعة منهم الخرقي فقول أحمد ومن وافقه من الأئمة إنه يعتمر يحتمل أنهم أرادوا هذا وسموه عمرة لأن هذه أفعالها وصححه في المغني والشرح ويحتمل أنهم ارادوا عمرة حقيقية فيلزمه سعي ويقصر وعلى هذا نصوص أحمد وجزم به القاضي وابن عقيل وابن الجوزي لما سبق عن ابن عباس ولأنه إحرام مستأنف فكان فيه طواف وسعي وتقصير
____________________
1-
(3/165)
وهو محرم وهل يلزمه بدنة أو شاة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالعمرة تجري مجرى الحج بدليل القران بينهما وهو محرم أي أنه بعد التحلل الأول محرم وذكره الخرقي والقاضي وغيرهما لبقاء تحريم الوطء المنافي وجوده صحة الإحرام وفي فنون ابن عقيل يبطل إحرامه على احتمال وذكر المؤلف في مسألة ما يباح بالتحلل الأول ينفي أنه محرم وإنما بقي عليه بعض الإحرام ونقل ابن منصور والميموني من وطئ بعد الرمي ينتقض إحرامه ويعتمر من التنعيم فيكون إحرام مكان إحرام فهذا المذهب أنه يفسد الإحرام بالوطء بعد رمي جمرة العقبة والمراد به فساد ما بقي منه لا ما مضى إذ لو فسد كله لوقع الوقوف في غير إحرام
وهل يلزمه بدنة أو شاة على روايتين كذا في المحرر والفروع إحداهما يلزمه شاة وهي ظاهر الخرقي وقدمها في المغني والشرح لعدم إفساده للحج كوطء دون الفرج بلا إنزال ولخفة الجناية فيه والثانية يلزمه بدنة روي عن ابن عباس واختارها في الوجيز لأنه وطئ في الحج فأوجبها كما قبل الرمي
فرع القارن كالمفرد لأن الترتيب للحج لا للعمرة بدليل تأخير الحلق إلى يوم النحر
تنبيه العمرة كالحج فيما تقدم فإن وطئ قبل الفراغ من الطواف فسدت وكذا قبل سعيها إن قلنا هو ركن أو واجب وفي الترغيب إن وطئ قبله خرج على الروايتين في كونه ركنا أو غيره ولا تفسد قبل الحلق إن لم
____________________
1-
(3/166)
فصل التاسع المباشرة فيما دون الفرج لشهوة
فإن فعل فأنزل فعليه بدنة وهل يفسد نسكه على روايتين وإن لم ينزل لم يفسد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يجب وكذا إن وجب ويلزمه دم وقدم في الترغيب تفسد ويجب بإفسادها شاة نقله أبو طالب وعليه الأصحاب لنقصها عن الحج وفي الموجز للحلواني الأشبه بدنة كالحج فصل التاسع المباشرة أي الوطء فيما دون الفرج لشهوة
وكذا إن قبل أو لمس بها وإنما كان ذلك من محظوراته لأنه وسيلة إلى الوطء وهو محرم فكان حراما فإن فعل فأنزل فعليه بدنة نقله الجماعة وقاله الأصحاب لأنها مباشرة أقرن بها الإنزال فأوجبتها كالجماع في الفرج وعنه شاة ذكرها القاضي إن لم تفسد وأطلقها الحلواني كما لو لم ينزل وفي القياسين نظر وهل يفسد نسكه على روايتين كذا أطلقهما في المحرر والفروع
إحداهما يفسد نصرها القاضي واصحابه واختارها الخرقي وابو بكر في الوطء دونه وانزل لأنه عبادة يفسدها الإنزال فأفسدها الإنزال عن مباشرة كالصوم
والثانية لا يفسد صححها في المغني والشرح وجزم بها في الوجيز لعدم الدليل ولأنه استمتاع لم يجب بنوعه الحد فلم يفسده كما لو لم ينزل وفيه شيء والأولى أن الصوم يفسده كل واحد من محظوراته والحج بالجماع فقط والرفث مختلف فيه فلم نقل بجميعه مع أنه يلزم القول به في الفسوق والجدال وعنه ثالثة إن أمني بالمباشرة فسد وإلا فلا وإن لم ينزل لم يفسد
____________________
1-
(3/167)
فصل والمرأة إحرامها في وجهها
ويحرم عليها ما يحرم على الرجل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بغير خلاف نعلمه لأنها مباشرة عريت عن إنزال فلم يفسد به كاللمس
وظاهر كلام الحلواني أن لنا فيه خلافا وما روي عن ابن عباس أنه قال لرجل قبل زوجته أفسدت حجك ونحوه عن سعيد بن جبير محمول على الإنزال وإن كرر النظر فأمنى لم يفسد لعدم الدليل وكالإنزال بالفكر وعليه بدنة في المنصوص وسيأتي فصل والمراة إحرامها في وجهها
فيحرم عليها تغطيته ببرقع أو نقاب أو غيره لما روى ابن عمر مرفوعا لا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري وقال ابن عمر إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه رواه الدارقطني بإسناد جيد ويجب عليها تغطية رأسها كله ولا يمكنها إلا بجزء من الوجه ولا يمكنها كشف جميع الوجه إلا بجزء من الرأس والمحافظة على ستر الرأس أولى لأنه آكد لوجوب ستره مطلقا وألحق أبو الفرج به الكفين وحكاه في المبهج رواية فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها جاز أن تسدل الثوب فوق رأسها على وجهها لفعل عائشة رواه أحمد وابو داود وغيرهما وشرط القاضي في الساتر أن لا يصيب بشرتها فإن أصابها ثم ارتفع بسرعة فلا شيء عليها وإلا فدت لإستدامة الستر ورده المؤلف بأن هذا الشرط ليس عن أحمد ولا هو من الخبر بل الظاهر منه خلافه فإنه لا يكاد يسلم المسدول من إصابة البشرة فلو كان شرطا لبين
ويحرم عليها ما يحرم على الرجال من قطع الشعر وتقليم الأظفار
____________________
1-
(3/168)
إلا في اللباس وتظليل المحمل ولا تلبس القفازين ولا الخلخال ونحوه ولا تكتحل بالأثمد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قتل الصيد ونحوها إلا في اللباس وتظليل المحمل لحاجتها إلى الستر وحكاه ابن المنذر إجماعا وكعقد الإزار للرجل ولأبي داوود بإسناد جيد عن عائشة قالت كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضمد جباهنا السك والمطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراها النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره عليها
وإنما كره في الجمعة خوف الفتنة لقربها من الرجال ولهذا لا يلزمها بخلاف الحج ولا تلبس أي يحرم عليها لبس القفازين نص عليه لخبر ابن عمر السابق وكالرجل وهما شيء يعمل لليدين كما يعمل للبزاة وفي لبسهما الفدية كالنقاب ولا يلزم من تغطيتهما بكمها لمشقة التحرز جوازه بهما بدليل تغطية الرجل قدميه بإزاره لا بخف وإنما جاز تغطية قدميها بكل شيء لأنها عورة في الصلاة
وقال القاضي ومثلهما إن لفت على يديها خرقة أو خرقا وشدتها على حناء أولا كشده على جسده شيئا وذكره في الفصول عن أحمد فظاهر كلام الأكثر لا يحرم وإن لفتها بلا شد فلا لأن المحرم اللبس لا التغطية كبدن الرجل ولا الخلخال ونحوه هذا رواية عن أحمد وهو ظاهر الخرقي وحملها في المغني والشرح على الكراهة لأنه في الزينة كالكحل ولا فدية فيه بخلاف القفازين وظاهر المذهب أن لها لبس الحلي كالسوار والدملج نقله الجماعة قال نافع كن نساء ابن عمر يلبسن الحلي والمعصفر وهن محرمات رواه الشافعي وفي خبر ابن عمر وتلبس بعد ذلك ما أحبت ولا دليل للمنع ولا يحرم لباس زينة وفي الرعاية يكره قال أحمد المحرمة والمتوفي عنها زوجها ينركان الطيب والزينة ولهما سوى ذلك وفي التبصرة يحرم ويتوجه احتمال كحلي ولا تكتحل بالأثمد نقل ابن منصور لا تكتحل والأسود
____________________
1-
(3/169)
ويجوز لبس المعصفر والكحلي والخضاب بالحناء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقول عائشة لإمرأة اشتكت عينها وهي محرمة إكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد والأسود ولأنه يراد للزينة ويجب الفدية به قال ابن الزاغوني هو كاللباس والطيب والمذهب أنه يجوز إلا لزينة فيكره نص عليه ورواه الشافعي عن ابن عمر والأصل عدم الكراهة ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة لكن إنما خصت المرأة بالذكر لأنها محل الزينة والكراهة في حقها أكثر وتقييدهم بالإثمد والأسود لأنه هو الذي تحصل به الزينة فدل على أن ماليس بزينة لا يمنع منه كالذي يتداوى به ما لم يكن فيه طيب ولهذا كان إبراهيم لا يرى بالدرور الأحمر بأسا ويجوز لبس المعصفر والكحلي لقوله عليه السلام في حديث ابن عمر في حق المحرمة ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من معصفر أو خز أوحلي رواه ابو داوود وعن عائشة وأسماء أنهما كانا يحرمان في المعصفرات ولأنه ليس بطيب فلم يكره المصبوغ به كالسواد فإن كان مصبوغا بورس أو زعفران فلا لأنه طيب واما المصبوغ بالرياحين فهو مبني عليها في نفسها لكن يكره للرجل لبس المعصفر لكراهته له في غير الإحرام والخضاب بالحناء لما روى عكرمة قال كانت عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء وهن حرم رواه ابن المنذر وهو مكروه لأنه من الزينة كالكحل بالإثمد فإذا اختضبت وشدت يديها بخرقة فدت وإلا فلا لأنه يقصد لونه لا ريحه عادة كخضاب بسواد ولا بأس به للرجل فيما لا يتشبه فيه بالنساء ذكره في المغني والشرح لأن الأصل الاباحة ولا دليل للمنع وظاهر ما نقله القاضي أنه كالمرأة في الحناء وأطلق في المستوعب له الخضاب بالحناء وقال في موضع آخر كرهه أحمد لأنه من الزينة وقال الشيخ تقي الدين
____________________
1-
(3/170)
والنظر في المرآة لهما جميعا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هو بلا حاجة مختص بالنساء واحتج بلعن المتشبهين والمتشبهات فأما خضابها به عند الإحرام فمستحب لقول ابن عمر ولأنه من الزينة فاستحب عند الاحرام كالطيب
فائدة يستحب للمزوجة أن تختضب بالحناء لما فيه من الزينة والتحبب للزوج كالطيب ويكره للأيم لعدم الحاجة مع خوف الفتنة وفي المستوعب لا يستحب لها وقد روى أبو موسى المديني عن جابر مرفوعا يا معاشر النساء اختضبن فإن المرأة تختضب لزوجها وإن الأيم تختضب تعرض للرزق من الله عز وجل والنظر في المرآة لهما جميعا روي عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا ينظران في المرآة وهما محرمان ولأنه لم يرد فيه ما يقتضي المنع منه ثم إن كان القصد منه إزالة شعث أو تسوية شعر أو شيء من الزينة كره ذكره الخرقي وهو ظاهر ما نقل عن أحمد ولا فدية فيه لأن ذلك أدب وفي قول يحرم وقوله لهما يحتمل أنه متعلق بالنظر لقربه ويحتمل أنه متعلق ب يجوز وهو الظاهر
تنبيه يجوز للمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع بغير خلاف نعلمه ما لم يشغله عن واجب أو مستحب وقال الآجري وابن الزاغوني ويلبس الخاتم لكن يكره إن كان لزينة كحلي ونظر في مرآة
____________________
1-
(3/171)
& باب الفدية &
وهي على ثلاثة أضرب أحدها ما هو على التخيير وهو نوعان أحدهما يخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر او نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة وهي فدية حلق الرأس وتقليم الظافر وتغطية الرأس واللبس والطيب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الفدية &
قال الجوهري فداه وفاداه إذا أعطى فداءه وفداه بنفسه وفداه إذا قال له جعلت فداك انتهى
وهي ما تجب بسبب نسك أو حرم وهي على ثلاثة أضرب منها ما ورد النص بالتخيير فيه ومنها ما ورد بالترتيب ومنها ما لم يرد فيه تخيير ولا ترتيب كفدية الفوات أحدها ما هو على التخيير وهو نوعان لأنه تارة يكون فدية الأذى ونحوه وتارة جزاء صيد فأشار إلى الأول بقوله
أحدهما يخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا } الاية البقرة 184 ولحديث كعب السابق وفي لفظ إحلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو أنسك شاة متفق عليه فقد دلا على وجواب الفدية على صفة التخيير من الصيام والصقدقة والذبح في حلق الرأس لأن أو للنخير وليس في الأية ذكر الحلق لأنه محذوف وتقديره فحلق ففدية كقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة 184 أي فأفطر وهي فدية حلق الرأس المنصوص عليه وقسنا الباقي عليه وهو تقليم الأظافر وتغطية الرأس واللبس الطيب لاستواء الكل في كونه حرم في الإحرام لأجل الترفة فالصوم ثلاثة أيام عند أحمد وأصحابه واختار الاجري يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة
____________________
1-
(3/172)
وعنه يجب الدم إلا أن يفعله لعذر فيخير الثاني جزاء الصيد يخير فيه بين المثل أو يقومه بدراهم فيشتري بها طعاما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إذا رجع وما ذكره من الإطعام ورد في بعض الألفاظ وهو أشهر لأنه أنفع من غيره ككفارة اليمين وعنه نصف صاع كغيره لأنه ليس بمنصوص عليه فيعتبر بالتمر والزبيب المنصوص كالشعير وظاهره أن غير المعذور مثله في التخيير في ظاهر المذهب لأنه تبع للمعذور والتبع لا يخالف أصله و لأن كل كفارة ثبت للتخيير فيها مع العذر ثبت مع عدمه كجزاء الصيد والشرط لجواز الحلق لا التخيير وعنه يجب الدم عينا فإن عدمه أطعم فإن تعذر صام إلا أن يفعله لعذر فيخير جزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف لأنه دم يتعلق بمحظور يختص الاحرام كدم يجب بترك رمي ومجاوزة ميقات
الثاني جزاء الصيد يخير فيه نص عليه وقاله الأصحاب لقوله تعالى { ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما } المائدة 59 فعطف هذه الخصال بعضها على بعض ب أو المقتضية للتخيير كفدية الأذى واليمين بخلاف كفارة القتل وهدي المتعة لأنها كفارة إتلاف منع منه للإحرام أو فيها أجناس كالحلق ولأن الله ذكر الطعام فيها للمساكين فكان من خصالها كغيرها فعلى هذا يخير فيه بين المثل وسيأتي فإن اختاره ذبحه وتصدق به على المساكين وله ذبحه متى شاء ولا يتصدق به حيا أو يقومه أي المثل بدراهم فيشتري بها طعاما نص عليه وقاله الأصحاب لأن كل متلف وجب مثله إذا قوم وجب قيمة مثله كالمثلي في مال الادمي فعلى هذا يقوم بالموضع الذي أتلفه فيه وبقربه وجزم به القاضي وغيره وجزم اخرون يقوم بالحرم لأنه محل ذبحه وعنه ويقوم مكان إتلافه أو بقربة
____________________
1-
(3/173)
فيطعم كل مسكين مدا او يصوم عن كل مد يوما وإن كان مما لا مثل له خير بين الإطعام والصيام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا المثل عما لا مثل له والفرق واضح وعنه يجوز له الصدقة بالدراهم ولا يتعين أن يشتري بها طعاما والقيمة ليست مما خير الله فيه والطعام المخرج هو الذي يخرج في فدية الأذى والفطرة والكفارة وقيل يجزيء كل ما يسمى طعاما وجزم به في الخلاف وذكره في المغني والشرح احتمالا لإطلاق لفظه فيطعم كل مسكين مدا أي من البر ومن غيره مدان نص عليه والمؤلف أطلق العبارة كالخرقي أو يصوم عن كل مد يوما ذكره الخرقي وحكاه في المغني رواية لأنها كفارة دخلها الصوم والإطعام مكان اليوم في مقابلة المد ككفارة الظهار وعنه يصوم عن كل نصف صاع يوما وحمل القاضي الأولى على الحنطة والثانية على التمر والشعير إذ الصيام مقابل الإطعام في كفارة الظهار وغيرها فكذا هنا
وبالجملة فيعتبر كل مذهب على أصله فعندنا من البر مد ومن غيره مدان
فرع
إذا بقي من الطعام ما لا يعدل يوما صام يوما نص عليه لانه لا يتبعض ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه كبقية الكفارات وإن كان مما لا مثل له خير بين الإطعام والصيام لأن النص بالتخيير بين الثلاثة فإذا عدم أحدها بقي التخيير ثابتا بين التاليين فإذا اختار الإطعام يوم الصيد لأنه متلف غير مثل فلزمته قيمته كمال الادمي فيشتري بها طعاما فيطعمه المساكن وإذا اختار الصيام فعلى ما سبق وظاهره أنه لا يجوز إخراج القيمة في ظاهر نقل حنبل وروى عن ابن عباس كالذي له مثل وقيل بلى روى عن عمر وعطاء وعنه أن جزاء الصيد على الترتيب نقلها
____________________
1-
(3/174)
وعنه إن جزاء الصيد على الترتيب فيجب المثل فإن لم يجده لزمه الإطعام فإن لم يجده صام فصل الضرب الثاني على الترتيب
وهو ثلاثة أنواع أحدها دم المتعة والقران فيجب الهدي فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + محمد بن عبد الحكم وروي عن ابن عباس وابن سيرين والثوري كالمتعة وهذا أولى منها لأنه يجب بفعل محظور فيجب المثل فإن لم يجده لزمه الإطعام فإن لم يجده صام كما ذكرنا والصحيح الأول لأن ذلك الترتيب قياس مع وجود النص ونقل الأثرم لا إطعام فيها وإنما ذكره في الاية ليعدل به الصيام لأن من قدر على الإطعام قدر على الذبح وكذا قاله ابن عباس فصل الضرب الثاني على الترتيب
وهو ثلاثة أنواع أحدها دم المتعة والقران فيجب الهدي في المتعة بقوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم } البقرة 196 وفي القران قياسا عليه فإن لم يجد الهدي في موضعه ولو وجده ببلده أو وجد من يقرضه نص عليه لأن وجوبه مؤقت فاعتبرت له القدرة في موضعه كماء الوضوء بخلاف رقبة الكفارة فصيام ثلاثة أيام في الحج لما سبق والأفضل أن يكون اخرها يوم عرفة هذا هو الأشهر عنه وعليه أصحابنا ليكون إثباتها أو بعضها بعد إحرامه بالحج واستحبا صوم عرفة لموضع الحاجة وفيه نظر وأجاب القاضي بأن عدم استحباب صومه يختص بالنقل وعليه يستحب له تقديم الإحرام بالحج قبل يوم التروية ليصومها في الحج وعنه الأفضل أن يكون اخرها يوم التروية وفي المجر أنه المذهب روي عن ابن عمر وعائشة لأن صوم يوم عرفة غير مستحب له ولعله
____________________
1-
(3/175)
وسبعة إذا رجع إلى اهله فإن صامها قبل ذلك أجزأ وإن لم يصم قبل يوم النحر صام ايام منى وعنه لا يصومها ويصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم وعنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أظهر من الأول لأنه يلزم نفسه المخالفة من وجهين ووقت جوازها إذا أحرم بالعمرة نص عليه كالنصاب والحول وعنه بالحل منها وعنه وقبل إحرامها وأنكرها جماعة والمراد في أشهر الحج ونقله الأثرم لأنه احد نسكي التمتع فجاز تقديمها عليه كالحج وأما وقت وجوبها فوقت وجوب الهدي لأنه بدل كسائر الأبدال وسبعة إذا رجع إلى أهله الاية ولأنه ظاهر في الرجوع إلى الأهل وحديث ابن عمر المرفوع فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله متفق عليه شاهد بذلك وللخروج من الخلاف فإن صامها قبل ذلك أجزأ لأن كل صوم واجب جاز في وطن فاعله جاز في غيره كسائر الفروض فعلى هذا يجوز بعد أيام التشريق نص عليه ومحله إذا كان طاف للزيارة قاله القاضي فيكون المراد من الاية { إذا رجعتم } من عمل الحج لأنه المذكور ومعتبر لجواز الصوم وتأخيرها إنما كان رخصة وتخفيفا كتأخير رمضان لسفر ومرض ولأنه وجد سببه وإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى وعنه لا يصومها والترجيح مختلف قاله في الفروع والسبعة لا يجوز صومها فيأيام التشريق نص عليه وعليه الأصحاب لبقاء أعمال من الحج ويصوم بعد ذلك عشرة أيام لوجوب قضائها بفواته كرمضان وسواء قلنا بعدم جواز صومها أو بجوازه ولم يصمها وعليه دم لأنه أخر الواجب عن وقته فلزمه كرمي الجمار فعلى هذا لا فرق بين المؤخر للعذر أو لغيره وعنه لا يلزمه وعلله في الخلاف بأنه نسك أخره في وقت جواز فعله كالوقوف إلى الليل وفيه شيء
وعنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه لأن الدم الذي هو
____________________
1-
(3/176)
وإن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم وقال أبو الخطاب إن أخر الهدي والصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه وإن أخر الهدي لغير عذر فهل يلزمه دم آخر على روايتين قال وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال ولا يجب التتابع في الصيام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المبدل لو أخره لعذر لم يكن عليه دم التاخره والبدل أولى وإن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم فعلى أنه إن صام أيام التشريق على القول بجوازه أنه لا دم عليه جزم به جماعة قال في الفروع ولعله مراد القاضي وأصحابه والمستوعب بتأخير الصوم عن أيام الحج وقال أبو الخطاب إن أخر الهدي الواجب لعذر مثل أن ضاعت نفقته او الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه كسائر الهدايا الواجبة وإن أخر الهدي لغير عذر فهل يلزمه دم اخر على روايتين إحداهما لا يلزمه شيء زائد كالهدايا الواجبة والثانية يلزمه دم روي عن ابن عباس
قال أحمد من تمتع فلم يهد إلى قابل يهدي هديين لأن الدم في المتعة نسك مؤقت فلزم الدم بتأخيره عن وقته كتأخير رمي الجمار عن أيام التشريق قال وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال هذا رواية عن احمد لأنه صوم واجب يجب القضاء بفواته فلم يجب بفواته دم كصوم رمضان ولا يجب التتابع ولا التفريق في الصيام لا في الثلاثة ولا السبعة نص عليه وفاقا لإطلاق الأمر وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا ويشمل ما إذا قضاهما فإنه لا يجب التفريق كسائر الصوم وأوجبه بعض الشافعية وتبعه في المغني والشرح بأن وجوب التفريق في الأداء إذا صام أيام منى وأتبعها السبعة ثم إنما كان من حيث الوقت فسقط بفواته كالتفريق بين الصلاتين بخلاف أفعال الصلاة من ركوع وسجود فإنه من حيث الفعل فلم يسقط
____________________
1-
(3/177)
ومتى وجب عليه الصوم فشرع فيه قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه وإن وجب ولم يشرع فيه فهل يلزمه الانتقال على روايتين النوع الثاني المحصر يلزمه الهدي فإن لم يجده صام عشرة أيام ثم حل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا مات ولم يصم فكصوم رمضان نص عليه تمكن منه أم لا
ومتى وجب عليه الصوم فشرع فيه ثم قدر على الهدى لم يلزمه الانتقال اليه وأجزاه الصوم كما لو وجد الرقبة بعد الشروع فى صوم الكفارة وظاهرة أن له الانتقال الى الهدى لأنه أكمل وفى الفصول تخريج يلزمه الانتقال اعتبارا بالاغلظ فى الكفارة والفرق ظاهر لأن المظاهر ارتكب محرما فناسبه المعاقبة بخلاف الحاج فإنه فى طاعة فناسبه التخفيف وقيل أن قدر على الهدى قبل يوم النحر انتقل اليه وان وجده بعد أن مضت أيام النحر أجزأه الصيام لكونه قدر على المبدل فى وقت وجوبه فلم يجزئه البدل كما لو لم يصم وعلى المذهب ففرق بينه وبين المتيمم يجد الماء فى الصلاة إن قلنا تبطل لأن ظهور المبدل هناك يبطل حكم البدل من أصله ويبطل ما مضى منها وهنا صومه صحيح يثاب عليه وان وجب ولم يشرع فيه فهل يلزمه الانتقال على روايتين أحداهما لا يلزمه نقلها المروذى لأن الصوم استقر فى ذمته حال وجود السبب المتصل بشرطه وهو عدم الهدى والثانية بلى نقلها يعقوب وهى ظاهر الوجيز كالمتيمم يجد الماء
النوع الثانى المحصر يلزمه الهدى إجماعا وسنده قوله تعالى { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } البقرة 196 فان لم يجده صام عشرة أيام لأنه دم واجب فكان ذلك بدله كدم المتعة ثم حل نقله
____________________
1-
(3/178)
الثالث فدية الوطء يجب به بدنة فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع كدم المتعة لقضاء الصحابة به وقال القاضي إن لم يجد البدنة أخرج بقرة فإن لم يجد فسبعا من الغنم فغن لم يجد أخرج بقيمتها طعاما فإن لم يجد صام عن كل مد يوما وظاهر كلام الخرقي أنه مخير بين هذه الخمسة فبأيها كفر أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجماعة وظاهرة أنه لا يحل قبل ذلك وفيه خلاف يذكر وانه لا إطعام فيه وهو الأشهر وعنه بلى قال الآجرى إن عدم الهدى مكانه قومه طعاما وصام عن كل مد يوما وحل
الثالث فدية الوطء يجب به بدنة نص عليه لقول الصحابة وكسائر المحظورات فان لم يجدها صام عشر أيام ثلاثة فى الحج وسبعة أذا رجع كدم المتعة لقضاء الصحابة به وقد تقدم وروى الأثرم أن العبادلة أفتوا به وقال القاضى ان لم يجد البدنة أخرج بقرة لأنها تشاركه فى الهدى والأضاحى وقد روى أبو الزبير عن جابر قال كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له والبقرة فقال وهل هى إلا من البدن فان لم يجد فسبعا من الغنم لقيامها مقامها فى الأضاحى فان لم يجد أخرج بقيمتها أي قيمة البدنة طعاما فان لم يجد صام عن كل مد يوما كجزاء الصيد فى أنه لا ينتقل الى الإطعام مع وجود المثل ولا الى الصيام مع القدرة على الإطعام وهذا رواية والمذهب خلافها وما تقدم صريح فى الترتيب وانه لا ينتقل الى خصلة ألا عند تعذر التى قبلها وظاهر كلام الخرقى أنه مخير بين هذه الخمسة فبايها كفر أجزأه لأنها كفارة تجب بفعل محظور فكان مخيرا فيها كفدية الأذى وعلله ابن المنجا فقال بعضها قريب من بعض وذكر فى النهاية أن منشأ الخلاف بين الخرقى والقاضى أن الوطء هل هو من قبيل الاستمتاعات أو الاستهلاكات فإن كان الأول فهى على التخيير كالطيب وأن كان الثانى فهى على الترتيب كقتل الصيد فإن كفارته على الترتيب على الصحيح وفيه شىء وقد عورض المؤلف فيما نقله
____________________
1-
(3/179)
ويجب بالوطء في الفرج بدنة إن كان في الحج وشاة إن كان في العمرة ويجب على المرأة مثل ذلك إن كانت مطاوعة وإن كانت مكرهة فلا فدية عليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن الخرقى فإنه لم يصرح فى مختصره الا باجزاء سبع من الغنم مع وجود البدنه واعتذر عنه فى الشرح بأن يكون بعض الأصحاب نقله عنه فى غير كتابة وفيه بحث
تنبيه ما ذكره المؤلف من الانتقال الى الصوم اذا عدم البدنة هو الصحيح من المذهب واعترضه ابن المنجا وقال لم يجد قولا لاحمد ولا لأحد من الأصحاب وأورد عليه ما ذكره فى المغنى فى المحرم إذا جامع فإنه يفسد حجهما وعليه بدنة وعلى المجامع أخرى روى عن ابن عباس فان لم يجد فشاة وبان المروى عن العبادلة أنما هو اذا عدم الهدى لأنه لا يقال لمن عدم البدنة عدم الهدى لأنه قد يجد بقرة أو شاة وفيه نظر لأنه نص على البدنة تبعا للمروى عن بعض الصحابة وبان البقرة قائمة مقامها والسبع من الغنم كذلك ويجب بالوطء فى الفرج بدنة أن كان فى الحج لقول ابن عباس وشاة ان كان فى العمرة لأنها احد النسكين فوجب أن يجب بالوطء فيها شىء كالآخر وانما كان شاة لأن حكم العمرة أخف ويجب على المرأة مثل ذلك أى مثل ما على الرجل أن كانت مطاوعة نقله الجماعة وروى عن ابن عباس وجمع لوجود الجماع منهما بدليل الحد ولأنهما اشتركا فى السبب الموجب كما لو قتلا رجلا وكنفقة القضاء ولأنه آكد من الصوم وعنه يجزئهما هدى واحد لأنه جماع واحد وعنه لا فدية عليها ذكرها وصححها جماعة لأنه لا وطء منها وكالصوم وأن كانت مكرهة فلا فدية عليها نص عليه لقوله عليه السلام رفع عن
____________________
1-
(3/180)
وقيل يلزمها كفارة يتحملها الزوج عنها فصل
الضرب الثالث الدماء الواجبة للفوات أو لترك واجب او المباشرة في غير الفرج فما أوجب منه بدنة فحكمها حكم البدنة الواحبة بالوطء في الفرج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه لا يضاف اليه الفعل وكالصوم وعنه يلزمها كالمطاوعة وقبل هذا رواية عن أحمد يلزمها كفارة لحصول الوطء يتحملها الزوج عنها لأن الإفساد منه فوجب أن يلزمه كإفساد حجه وكنفقة القضاء نقل الأثرم على الزوج حملها ولو طلقت وتزوجت بغيره ويخير الزوج الثانى على أن يدعها وأغرب فى الروضة فقال المكرهة يفسد صومها ولا يلزمها كفارة ولا يفسد حجها وعليها بدنة
فصل
الضرب الثالث الدماء الواجبة للفوات أى فوات الحج وتجب به بدنة فى الأصح أو لترك واجب كالإحرام من الميقات والوقوف بعرفة الى الليل ونحوها أو المباشرة فى غير الفرج كما يأتى
والحاصل أن الهدى الواجب بغير النذر ينقسم قسمين منصوص عليه وهو فدية الأذى وجزاء الصيد ودم الإحصار والمتعة والبدنة الواجبة بالوطء فى الفرج لقضاء الصحابة وما سوى ذلك مقيس فاشار المؤلف الى ذلك فقال فما أوجب منه بدنة كالبدنة الواجبة بالمباشرة فيما دون الفرج فحكمها حكم البدنة الواجبة بالوطء فى الفرج أى هى مقيسة عليها لأنها بدنة وجبت بسبب فى إحرامه اشبهت البدنة الواجبة بالوطء فعلى هذا يجب فان لم يجدها انتقل الى صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة اذا رجع وعلى قول القاضى يجب البدنة ثم بقرة ثم سبع من الغنم ثم قيمة البدنة طعاما ثم بصوم عن
____________________
1-
(3/181)
وما عداه فقال القاضي ما وجب لترك واجب ملحق بدم المتعة وما وجب للمباشرة ملحق بفدية الأذى ومتى أنزل بالمباشرة دون الفرج فعليه بدنة وإن لم ينزل فعليه شاة وعنه بدنة وإن كرر النظر فأنزل أو استمنى فعليه دم وهل هو بدنة أو شاة على روايتين وإن فدى بذلك فعليه شاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كل مد يوما وعلى قول الخرقى يخير فيها وما عداه فقال القاضى ما وجب لترك واجب كالمبيت بمنى ومزدلفة وطواف الوداع ملحق بدم المتعة لأن دم المتعة وجب لترفهه باحد السفرين فيقاس عليه كل دم واجب لترك واجب وما وجب للمباشرة كالقبلة واللمس والوطء من العمرة وفى الحج بعد رمى جمرة العقبة ملحق بفدية الأذى لأنه فى معناه فيقاس عليه وأما الشاة الواجبة فيخبر فيها كما يخير فى فدية الأذى للترفة ومتى انزل بالمباشرة دون الفرج فعليه بدنة وقد تقدم وان لم ينزل فعليه شاة جزم به فى الخرقى والوجيز واختارة جمع منهم المؤلف لأنه هتك إحرامه بالفعل المذكور كالطيب وعنه بدنه نصره القاضى واصحابه كالوطء والأول اصح وسواء مذى أو لم يمذ واللمس لشهوة كالقبلة فيما ذكرنا لكونه استمتاعا يلتذ به
وأن كرر النظر فانزل أى امنى أو استمنى فعليه دم لأنه هتك إحرامه بذلك أشبه ما لو أنزل بالمباشرة وهل هو بدنة قدمه فى المحرر ونص عليه فيما أذا امنى بتكرار النظر واختاره الخرقى ونصره القاضى وأصحابه لأنه من دواعى الجماع كالقبلة أو شاة جزم به فى الوجيز لأنه أنزال بفعل محظور فوجبت كالإنزال باللمس على روايتين هما قولان لابن عباس وان مذى بذلك أى ينكرار النظر أو الاستمناء فعليه شاة ذكره أبو الخطاب وجزم به فى الشرح والمحرر وقدمه فى الفروع لأنه جزء من المنى لكونه خارجا بسبب الشهوة ولأنه حصل به لذة فهو كاللمس وفي الروضة المستوعب او مذى بنظرة فكذلك وظاهر كلام
____________________
1-
(3/182)
وإن فكر فأنزل فلا فدية عليه فصل
ومن كرر محظورا من جنس مثل أن حلق ثم حلق أوطئ ثم وطئ قبل التكفير عن الأول فكفارة واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأكثر خلافه وفى الكافى لا فدية بمذى بتكرار نظر وجزم به فى الوجيز قال فى الفروع فيتوجه منه تخريج ولا هدى بغيره وجزم به الآدمى أن مذى باستمتاعه وذكر القاضى رواية يفدى بمجرد النظر أنزل أو لا ومراده ان كرره وأخذها من نقل الأثرم فيمن جرد امرأته ولم يكن منه غير التجريد عليه شاة وحمله فى المعنى والشرح على أنه لمس فإن التجريد لا يخلو عن لمس ظاهر أو انه امنى أو أمذى إذ مجرده لا شىء فيه لأنه عليه السلام كان ينظر الى نسائه وهو محرم وكذلك أصحابه وأن فكر فأنزل فلا فدية عليه لقوله عليه السلام أن الله تجاوز لامتى عما حدثت به انفسها ما لم تكلم أو تعمل به متفق عليه ولأنه يعرض للمرء من غير أرادة ولا اختيار لأنه دون النظر وقال أبو حفص البرمكي وابن عقيل حكمه حكم تكرار النظر اذا اقترن به الإنزال لقدرته وفيه شىء
تنبيه لم يتعرض المؤلف هنا لذكر النسيان وذكره فى مفسدات الصوم والمذهب لا فرق بين العامد والناسى وقيل لا لأن الوطء لا يتطرق اليه نسيان غالبا ويفسد العبادة أي الصوم بمجرد والجاهل والمكره كالناسى والمرأة كالرجل مع سهوه
فصل ومن كرر محظورا من جنس مثل أن حلق ثم حلق أو وطىء ثم وطىء قبل التكفير عن الأول فكفارة واحد نص عليه وقاله الأصحاب سواء تابعه
____________________
1-
(3/183)
وإن كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة وإن قتل صيدا بعد صيد فعليه جزاؤهما وعنه عليه جزاء واحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو فرق أو وطئها أو غيرها فظاهره لو قلم خمسة أظفار في خمسة أوقات لزمه دم قاله القاضي وعلله بأنه لما بنيت الجملة فيه على الجملة في تداخل الفدية كذا الواحد على الواحد في تكميل الدم ولأن ما تداخل متتابعا تداخل متفرقا كالأحداث والحدود ولأنه تعالى أوجب في حلق الرأس فدية ولم يفرق وان كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة لأنه صادف إحراما فوجبت كالأول ويعتبر بالحدود والإيمان وعنه ولكل وطء كفارة لأنه سبب لها كالأول فيطرد في غيره عنه وإن تعدد سبب المحظور فلبس للحر ثم للبرد ثم للمرض فكفارات وإلا فواحدة وقال ابن أبي موسى إذا لبس وغطى رأسه متفرقا فكفارتان وإن كان في وقت واحد فروايتان
وان قتل صيدا بعد صيد فعليه جزاؤهما نقله الجماعة وهو المذهب لأن الاية تدل على أن من قتل صيدا لزمه مثله ومن قتل أكثر لزمه مثل ذلك ولأنه لو قتل صيودا معا تعدد الجزاء فكذا متفرقا بل أولى ولأنها كفارة قتل كقتل الادمي أو بدل متلف كبدل مال الادمي وعنه عليه جزاء واحد لقوله تعالى { ومن عاد فينتقم الله منه } المائدة 95 ولم يوجب جزاء ثانيا ولأنه محظور أشبه غيره ونقل حنبل لا تتعدد إن لم يكفر عن الأول ونقل أيضا إن تعمد قتله ثانيا فلا جزاء وقاله جمع من السلف والصحيح الأول لأن ذكر العقوبة في الثاني لا يمنع الوجوب لقوله { ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 275 وللعامد ما سلف وأمره إلى الله بل وقياسه على غيره لا يصح لأن جزاء الصيد مقدر به ويختلف بكبره وصغره بخلاف غيره
____________________
1-
(3/184)
وإن فعل محظورا من أجناس فعليه لكل واحد فداء وعنه عليه فدية واحدة وإن حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا او مخطئا فعليه الكفارة وعنه في الصيد لا كفارة إلا في العمد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن فعل محظورا من أجناس كحلق ولبس وطيب فعليه لكل واحد فداء نص عليه وهو المشهور لأنها مختلفة فلم تداخا كالحدود المختلفة وسواء فعل ذلك مجتمعا أو متفرقا وعنه عليه فدية واحدة لأنه فعل محظور فلم يتعدد كالجنس الواحد وفيه نظر وعنه إن كانت في وقت واحد وإلا فلكل واحد كفارة وقاله إسحاق وإختاره أبو بكر
قال القاضي وابن عقيل لأنها أفعال مختلفة وموجباتها مختلفة كالحدود المختلفة وقيل إن قرب الوقت لم يتعدد الفداء وإلا تعدد ومحل الخلاف فيما إذا كانت المحظورات تتحد كفارتها فإن تعددت فلا تداخل
وإن حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا أو مخطئا فعليه الكفارة نص عليه وعليه الأصحاب لأنه إتلاف فاستوى عمده وسهوه كإتلاف مال الادمي ولأن الله أوجب الفدية على من حلق لأذى به وهو معذور فدل على وجوبها على معذور بنوع آخر وقال الزهري تجب الفدية على من قتل الصيد متعمدا بالكتاب ومخطئا بالسنة
قال الشافعي أنبأنا سعيد عن ابن جريج قلت لعطاء فمن قتله خطأ أيغرم قال نعم يعظم بذلك حرمات الله ومضت به السنن
وقال عمر ليحكم عليه في الخطأ والعمد رواه النجاد
وعنه في الصيد لا كفارة إلا في العمد وهو قول ابن عباس وسعيد ابن جبير واختاره أبو محمد الجوزي لظاهر الاية ولأن الأصل براءة الذمة فلا يشغلها إلا بدليل
____________________
1-
(3/185)
ويتخرج في الحلق مثله وإن لبس أو تطيب او غطى رأسه ناسيا فلا كفارة فيه وعنه عليه الكفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجوابه أنه عليه السلام أوجب فيه الجزاء وفي بيضه ولم يفرق
وأجاب القاضي عن الاية بأنها حجة لنا من وجه لأنها تقتضي أن من نسي الإحرام فقتل الصيد متعمدا لزمه الجزاء وعندهم لا يلزمه وخص العمد بالذكر لأجل الوعيد في آخرها ولأن ما سبق أخص والقياس يقتضيه وحكي عن مجاهد والحسن يجب الجزاء في الخطأ والنسيان دون العمد وهو غريب
ويتخرج في الحلق مثله هذا وجه وهو رواية مخرجة من قتل الصيد أي لا تجب الكفارة إلا في العمد لعموم إن الله تجاوز ولأنه محرم بسبب في إحرامه أشبه الصيد وقصر المؤلف التخريج في الحلق وحده وليس كذلك بل الثاني مثله
فرع المكره عندنا كالمخطىء وذكر المؤلف أنه لا يلزمه وإنما هي على المكره وجزم به ابن الجوزي وإن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فلا كفارة فيه نقله الجماعة وهو ظاهر المذهب لما روى ابن ماجه بإسناد جيد عن ابن عباس مرفوعا إن الله وضع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه قال عبد الحق الاشبيلي رويته بالاسناد المتصل إلى ابن عباس وذكره وعن يعلى بن أمية أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة وهو متضمخ بالخلوق فأمره بخلعها وغسله ولم يأمره بفدية ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وعنه عليه الكفارة نصرها القاضي واصحابه لأنه فعل جريمة الإحرام فاستوى عمده وسهوه كقتل الصبد والحلق والفرق بأن الحالق وما في معناه لا يمكن تلافي ما فعله بخلاف اللابس والمتطيب والمغطي
____________________
1-
(3/186)
ومن رفض إحرامه ثم فعل محظورا فعليه فداؤه ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامة ذلك في إحرامه وليس له لبس ثوب مطيب وإن أحرم وعليه قميص خلفه ولم يشقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رأسه فإنه يمكنه ذلك بإزالته وفيه نظر لأن ما مضى لا يمكن تلافيه
وظاهره أن العمد محل وفاق لكن عمد الصبي ومن زال عقله بعد إحرامه خطأ وانه لا فرق بين القليل والكثير ومن رفض إحرامه أي قطع منه النسك ثم فعل محظورا فعليه فداؤه لأن حكم الإحرام باق لأنه لا يفسد بالرفض وفاقا لكون أن الحج عبادة لا يخرج منه بالفساد بخلاف سائر العبادات
فعلى هذا يجب عليه كفارة ما فعله في المحظور لأنه صادف الاحرام كفعله على غير وجه الرفض وعنه كفارة واحدة ذكرها في المستوعب وظاهره أنه لا شيء عليه لرفضه وقطع به في المغني والشرح لأنه مجرد نية لم تفد شيئا وفي الترغيب وقدمه في الفروع يلزمه دم لرفضه وعلم منه أنه لا يفسد الاحرام بالجنون والإغماء وذكر ابن عقيل وجهين وفي مفرداته مبناه على التوسعة وسرعة الحصول فلهذا لو أحرم مجامعا انعقد وحكمه كالصحيح ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامه ذلك في إحرامه لحديث عائشة وظزاهره أنه إذا كان في يده لم يكن له استدامته لكن في المغني والشرح إن طيب ثوبه له لبسه ما لم ينزعه عنه لإن الاحرام يمنع من إبتداء الطيب دون استدامتة وفيه نظر لأنه لم يرد في الشرع ما يقتضي جواز استدامة لبس المطيب وليس له لبس ثوب مطيب أي بعد إحرامه لقوله لا تلبسوا شيئا من الثياب مسه ورس أو زعفران وإن أحرم وعليه قميص أو سراويل أو جبة ولو عبر بالمخيط لعم خلعه ولم يشقه لحديث يعلى ولو وجب شقها
____________________
1-
(3/187)
فإن استدام لبسه فعليه الفدية وإن لبس ثوبا كان مطيبا وانقطع ريح الطيب منه وكان بحيث إذا رش فيه ماء هاج ريح الطيب منه فعليه الفدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو وجب عليه فدية لأمره بها لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولما في الشق من إضاعة المال المنهي عنه شرعا فإن استدام لبسه فعليه الفدية لأن خلعه واجب للأمر به فوجبت الفدية كما لو حلق رأسه ولأن إستدامة اللبس تسمى لبسا لقولهم لبست شهرا لا يقال قد أمره بغسل الطيب لأنه قد ورد ما يقتضي استدامة الطيب دون لبسه لأن حديث عائشة راجع على حديث صاحب الجبة من وجهين أحدهما أن في بعض ألفاظه عليه جبة بها أثر الخلوق وفي بعضها وهو متضمخ بالخلوق وفي بعضها عليه ردع من زعفران فيدل على أن الطيب كان من زعفران وهو منهي عنه في غير الإحرام ففيه أولى لنهيه عليه السلام عنه الثاني أنه كان سنة ثمان عام الجعرانة وحديث عائشة سنة عشر فهو متاخر والحكم له
وإن لبس ثوبا كان مطيبا وانقطع ريح الطيب منه وكان بحيث إذا رش فيه ماء هاج ريح الطيب منه فعليه الفدية لأنه مطيب بدليل أن رائحته تظهر عند رش الماء والماء لا رائحة له أشبه ما لو ظهر بنفسه ومقتضاه أنه لا فدية عليه إذا لم يظهر ريحه لأنه ليس بطيب الآن الذي لم يتطيب أصلا
تنبيه القارن كغيره نص عليه وقاله الأكثر لظاهر الكتاب والسنة لأنهما حرمتان كحرمة الحرم وحرمة الاحرام واختار القاضي أنه إحرامان وهو ظاهر كلام أحمد لأنه شبهه بحرمة الحرم وحرمة الاحرام لأن نية النسك ونية الحج غير نية العمرة واختار جمع أنه إحرام واحد كبيع دار وعبد صفقة واحدة وعنه يلزمه بفعل المحظور جزاءان ذكرها في الواضح وذكر القاضي
____________________
1-
(3/188)
فصل
وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم إلا فدية الأذى واللبس ونحوها إذا وجد سببها في الحل فيفرقها حيث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تخريجا إن لزمه طوافان وسعيان وخصها ابن عقيل بالصيد كما لو أفرد كل واحد بإحرام والفرق ظاهر وكما لو وطئ وهو محرم صائم فصل
وكل هدي أو إطعام متعلق بالحرم أو الاحرام فهو لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم لقوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } المائدة 95 وقوله { ثم محلها إلى البيت العتيق } الحج 33 ويجب نحره بالحرم ويجزىء جميعه قال أحمد مكة ومنى واحد واحتج الأصحاب بما رواه أحمد وغيره في رواية أسامة بن زيد التي عن جابر مرفوعا كل فجاج مكة طريق ومنحر وفي الفروع توجيه لا ينحر في الحج إلا بمنى ولا في العمرة إلا بمكة ويجب تفرقة لحمه بالحرم أو إطلاقه لمساكينه لأنه مقصود كالذبح والتوسعة عليهم مقصودة فلو سلمه للفقراء سليما فذبحوه أجزأ وإلا استرده ونحره فإن أبى أو عجز ضمنه والطعام كالهدي لقول ابن عباس الهدي والإطعام بمكة ولأنه نسك يتعدى نفعه إلى المساكين فاختص بهم كالهدي ومساكين الحرم غناه فكالزكاة مقيما كان أو مجتازا من الحاج وغيرهم فإن بأن بعد الدفع غناه فكالزكاة وما جاز تفريقه لم يجز دفعه إلى فقراء الذمة كالحربي وهل يجوز أن يغدي المساكين أو يعشيهم إن جاز في كفارة اليمين فيه إحتمالان فإن تعذر إيصاله إلى فقراء الحرم فالأظهر أنه يجوز ذبحه وتفريقه في غيره لقوله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 إلا فدية الأذى واللبس ونحوها كالتقليم والطيب إذا وجد سببها في الحل فيفرقها حيث
____________________
1-
(3/189)
وجد سببها ودم الاحصار يخرجه حيث أحصر وأما الصيام فيجزئه بكل مكان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجد سببها لأنه عليه السلام أمر كعبا بها بالحديبية وهي في الحل واشتكى الحسين ابن علي رأسه فحلقه علي ونحر عنه جزورا بالسقيا رواه مالك وعن أحمد في الحرم وقاله الخرقي في غير الحلق لأنه الأصل خولف فيه لما سبق واعتبر في المجرد والفصول العذر في المحظور وإلا فغير المعذور كسائر الهدي وعنه في جزاء الصيد حيث قتله كحلق الرأس وهي ضعيفة لمخالفة الكتاب
فرع وقت ذبحه حين فعله وله الذبح قبله لعذر ككفارة قتل الادمي
ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر من حل أو حرم نص عليه لأنه عليه السلام لما احصر هو واصحابه بالحديبية نحروا هديهم وحلو ولأنه موضع تحلله فكان موضع ذبحه كالحرم لكن إن كان قادرا على اطراف الحرم فوجهان وعنه ليس للمحصر نحر هديه إلا في الحرم فيبعثه إلى الحرم ويواطئ رجلا على نحره في وقت تحلله روي عن ابن مسعود لأنه أمكنه النحر في الحرم أشبه ما لو حصر فيه وحمله في المغني على ما إذا كان حصره خاصا وأما الحصر العام فلا وقوله { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } البقرة 196 وقوله { ثم محلها إلى البيت العتيق } الحج 33 في حق غير المحصر ولا يمكن قياسه عليه لأن تحلل المحصر من الحل وتحلل غيره من الحرم فكل ينحر في موضع تحلله
وأما الصيام والحلق وهدي تطوع ذكره القاضي وغيره وما سمي نسكا فيجزئه بكل مكان لا نعلم فيه خلافا لقول ابن عباس الصوم حيث شاء لعدم تعدي نفعه ولا معنى لتخصيصه بمكان بخلاف الهدي
____________________
1-
(3/190)
وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة لقوله تعالى { فما استيسر من الهدي } البقرة 196 قال ابن عباس شاة أو شرك في دم وفسر عليه السلام النسك في خبر كعب بذح شاة والباقي مقيس فإن اختار ذبح بدنة أو بقرة فهو افضل لأنه اوفر لحما وأنفع للفقراء ويلزمه كلها اختاره ابن عقيل كما لو اختار الأعلى من خصال الكفارة وقيل سبعها والباقي له أكله والتصرف فيه كذبح سبع شياه وهو كالأضحية نص عليه فلا يجزئ ما لا يضحى به
ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة لقول جابر كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له والبقرة فقال وهل هي إلا من البدن رواه مسلم وبعكسها وظاهره ولو كانت منذورة ونصره جماعة وقال القاضي وأصحابه يلزمه ما نواه وإن أطلق فروايتان إحداهما يجزئه بقرة والثانية يجزئه مع عدم البدنة لأنها بدل قال المؤلف والأول أولى فإن كانت جزاء صيد أجزأت أيضا وقيل لا لأنها لا تشبه النعامة ويجزئ عنها سبع شياه ذكره الأصحاب لأنها معدولة بسبع بدنة وهي دم كامل وأطيب لحما وعنه عند عدمها لأنها بدل وعنه لا يجزئ إلا عشر شياه لقول رافع كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم الغنم عشرا من الشياه ببعير رواه النسائي بإسناد جيد قال الخلال والعمل على الأول ومن لزمه سبع شياه أجزأه بدنة أو بقرة ذكره في الكافي لإجزائهما عن سبعة وذكر جماعة إلا في جزاء الصيد وفي المغني انه الظاهر لأن الغنم أطيب والبقرة كالبدنة في إجزاء سبع شياه عنها
____________________
1-
(3/191)
& باب جزاء الصيد &
وهو ضربان أحدهما ماله مثل من النعم فيجب فيه مثله وهو نوعان أحدهما قضت يه الصحابة ففيه ما قضت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب جزاء الصيد &
وهو واجب لقوله تعالى { ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } الآية المائدة 95 فجزاء مبتدأ خبره محذوف أي فعليه جزاء ومن نون جزاء وقرئ به في السبعة ف مثل صفة ومن النعم صفة أخرى له ويجوز أن يكون مثل بدلا وقرئ شاذا بنصب مثل أي يخرج مثل لأن الجزاء يتعدى بحرف الجر وقرئ بإضافة الجزاء إلى مثل فيكون في حكم الزائد كقولهم مثلك لا يبخل ويجوز أن يتعلق من النعم بقوله فجزاء إن نصبت مثلا لعمله فيهما لأنهما من صلته لا إن رفعته لأن ما يتعلق به من صلته ولا يفصل بين الصلة والموصول بصفة أو بدل ويجوز تعلقه به إن أضفته ويجوز جعله حالا من الضمير قتل لأن المقتول يكون من النعم ويحكم به صفة لجزاء إذا نونته وإذا أضفته ففي موضع حال عاملها معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف
وهو ضربان أحدهما ماله مثل من النعم ليس المراد به حقيقة المماثلة فإنها لا تتحقق بين الأنعام والصيد وإنما أريد بها من حيث الصورة فيجب فيه مثله نص عليه وهو نوعا أحدهما قضت به الصحابة ليس المراد به كلهم ففيه ما قضت لقوله عليه السلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ولقوله عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها
____________________
1-
(3/192)
ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش وبقرته والإيل والثيتل والوعل بقرة وفي الضبع كبش (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالنواجذ رواه أحمد والترمذي وصححه وعن حذيفة مرفوعا اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رواه الترمذي وحسنه ولأنهم أقرب إلى الصواب واعرف بمواقع الخطاب فكان حكمهم حجة على غيرهم كالعالم مع العامي ففي النعامة بدنة حكم به عمر وعثمان وعلي وزيد وأكثر العلماء لأنها تشبه البعير في خلقه فكان مثلا لها فيدخل في عموم النص وجعلها الخرقي من أقسام الطير لأن لها جناحين فيعايا بها فيقال طائر تجب فيه بدنة وفي حمار الوحش بقرة قضى به عمر وقاله عروة ومجاهد لأنها شبيه به وعنه بدنة وقاله ابو عبيدة وابن عباس وبقرته أي في بقرة الوحش بقرة قضى به ابن مسعود وقاله عطاء وقتادة وعنه لأجزاء لبقرة وحش كجاموس والإيل بكسر الهمزة وفتح الياء مشددة الذكر من الأوعال فيه بقرة لقول ابن عباس والثيتل هو الوعل المسن والوعل هو تيس الجبل وجمعه وعول بقرة قال الأصحاب كالإيل وعنه في كل منها بدنة ذكرها في الواضح وفي صحاح الجوهري والوعل هي الأروى وعن ابن عمر فيها بقرة وهو من أولاد البقر ما بلغ أن يقبض على قرنه ولم يبلغ أن يكون ثورا وفي الضبع كبش لما روى أبو داوود بإسناده عن جابر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال هو صيد وفيه كبش إذا صاده المحرم وروى ابن ماجه والدارقطني عن جابر ونحوه مرفوعا وقضى به عمر وابن عباس وقال الأوزاعي كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون
____________________
1-
(3/193)
وفي الغزال والثعلب عنز وفي الوبر والضب جدي وفي اليروع جفرة لها أربعة أشهر وفي الأرنب عناق وفي الحمام وهو كل ما عب وهدر شاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أكلها قال في المغني والشرح وهو القياس إلإ أن اتباع السنة والاثار أولى وفي الغزال عنز قضى به عمر وابن عباس وروي عن علي وقاله عطاء قال ابن المنذر ولا يحفظ عن غيرهم خلافه لأن فيه شبها بالعنز لأنه أجرد الشعر متقلص الذنب والثعلب عنز لأنه كالغزال وسبق أن الأشهر يجب فيه الجزاء وإن حرمنا أكله تغليبا للتحريم كما وجب الجزاء في المتولد من المأكول وغيره وعنه فيه شاة لأنه اعظم من الغزال إذا قلنا بإباحته وإلا فلا شيء فيه على المذهب وفي الوبر بسكون الباء دويبة أصغر من السنور طحلاء ولا ذنب لها والضب حيوان صغير له ذنب شبيه بالحرذون جدي قضى به عمر وعبد الرحمن بن عوف في الضب وعنه شاة وقاله جابر وعطاء والأول اولى لأن الجدي أقرب إليه من الشاة وأما الوبر فبالقياس على الضب وفي المغني فيه شاة وحكاه عن مجاهد وعطاء
وقال القاضي فيه جفرة لأنه ليس بأكبر منها وفي اليربوع قال ابو السعادات هو الحيوان المعروف وقيل هو نوع من الفأر جفرة قضى به عمر وابن مسعود وجابر وهي من أولاد المعز لها اربعة أشهر قال ابو الزبير هي التي فطمت ورعت وفي الأرنب عناق قضى به عمر ورواه مالك بإسناده عن جابر عنه وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة رواه الدارقطني والعناق الأنثى من ولد المعز أصغر من الجفرة وفي الحمام وهو كل ما عب وهدر شاة حكم به عمر وابنه وعثمان وابن عباس قال الأصحاب هو إجماع الصحابة وليس ذلك على وجه القيمة لما سبق
____________________
1-
(3/194)
وقال الكسائي كل مطوق حمام
النوع الثاني ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة ويجوز أن يكون القاتل أحدهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولإختلاف القيمة بالزمان والمكان والسعر وصفه المتلف ولم يوصف ولم يسألوا عنه مع أن مالك وافق في حمام الحرم دون الاحرام والقياس يقتضي القيمة في كل طير تركناه في حمام الحرم لما تقدم فيبقى ما عداه على الأصل قلنا وقد روي عن ابن عباس أنه قضى في حمامة حال الإحرام بشاة لأنها حمامة مضمونة لحق الله فضمنت بشاة كحمامة الحرم وقوله كل ما عب بالعين المهملة أي وضع منقاره في الماء فيكرع كما تكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة كالدجاج والعصافير وهدر أي صوت وإنما أوجبوا فيه شاة لشبهة في كرع الماء ولا يشرب كبقية الطيور ومن هنا قال احمد في رواية ابن القاسم وسندي كل طير يعب الماء كالحمام فيه شاة فيدخل فيه الفواخت والقمري والقطا ونحوها لأن العرب تسميها حماما وقال الكسائي كل مطوق حمام فعلى هذا يكون الحجل من الحمام لأنه مطوق
النوع الثاني ما لم تقض فيه الصحابة بشيء فيرجع فيه إلى قول عدلين لقوله تعالى { يحكم به ذوا عدل منكم } المائدة 95 وظاهره لا يكفي واحد من أهل الخبرة لأنه لا يتمكن من الحكم بالمثل إلا بها ولاعتبارها بكل ما يحكم به فيعتبران الشبه خلقة لا قيمة لفعل الصحابة وظاهره أنه لا يشترط بقيمته لأنه زيادة على النص ويجوز أن يكون القاتل أحدهما نص عليه لظاهر الاية وروي أن عمر أمر كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم ولأنه حق يتعلق به حق آدمي كتقويمه عرض التجارة
____________________
1-
(3/195)
ويجب في كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب مثله إلا الماخض تفدي بقيمة مثلها وقال أبو الخطاب يجب فيها مثلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لإخراجها وكذا يجوز أن يكونا القاتلين وقيده ابن عقيل بما إذا قتله خطأ لأن العمد ينافي العدالة أوجاهلا بتحريمه لعدم فسقه قال في الشرح وعلى قياسه قتله لحاجة أكله
ويجب في كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب والذكر والأنثى والحائل مثله للآية ولأن ما ضمن باليد والجناية يختلف ضمانه بذلك كالبهيمة وقياس قول أبي بكر في الزكاة يضمن معيبا بصحيح ذكره الحلواني وخرجه في الفصول إحتمالا من الرواية هناك وفيها يتعين الكبير أيضا فمثله هنا
وجوابه أن الهدي في الاية مقيد بالمثل وقد أجمع الصحابة على إيجاب مالا يصلح هديا كالجفرة والعناق ولا يجري مجرى الضمان بدليل أنها لا تتبعض في أبعاضه لكن إن فدى المعيب بصحيح فهو أفضل بلا نزاع إلا الماخض أي الحامل التي دنا وقتها وليس بمراد بل العبرة بالحمل تفدى بقيمة مثلها قاله القاضي وجزم به في الوجيز لأن قيمتها أكثر من قيمة لحمها وقال ابو الخطاب يجب فيها مثلها هذا هو المذهب للآية ولأن إيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه وذلك خلاف المنصوص وقيل يفدي بحائل لأن هذه الصفة لا تزيد في لحمها كلونها
تنبيه إذا جنى على ماخض فألقت جنينها ميتا ضمن نقص الأم فقط كما لو جرحها لأن الحمل من البهائم زيادة وفي المبهج إذا صاد حاملا فإن تلف حملها ضمنه وفي الفصول يضمنه إن تهيأ لنفخ الروح لأن الظأهر أنه يصير حيوانا كما يضمن جنين امرأة بغرة وإن خرج حيا ثم مات وجب جزاؤه
____________________
1-
(3/196)
ويجوز فداء أعور من عين بأعور من أخرى وفداء الذكر بالأنثى وفي فدائها به وجهان فصل
الضرب الثاني ما لا مثل له وهو سائر الطير ففيه قيمته إلا ماكان نا أكبر من الحمام فهل تجب فيه قيمته أو شاة على وجهبن وإن اتلف جزءا من صيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال في الشرح ومثله يعيش وقيل يضمنه مالم يحفظه إلى أن يطير لأنه مضمون وليس بممتنع
ويجوز فداء أعور من عين بأعور من اخرى لأنه إختلاف يسير ونوع العيب واحد وإنما اختلف محله ومثله أعرج من قائمة بأعرج من أخرى وظاهره أنه لا يجوز فداء أعور بأعرج وعكسه لعدم المماثلة وفداء الذكر بالأنثى لأن لحمها أطيب وأرطب قال جماعة بل هو أفضل وفي فدائها به وجهان كذا في الشرح والفروع أحدهما يجوز وهو ظاهر الوجيز لأن لحمه أوفر وهي أطيب فيتساويان والثاني المنع لأن زيادته ليست من جنس زيادتها أشبه فداء المعيب من نوع آخر وكالزكاة فصل
الضرب الثاني ما لا مثل له وهو سائر الطير إذا كان دون الحمام ففيه قيمته لما روى النجاد عن ابن عباس قال ما أصيب من الطير دون الحمام ففيه الدية أي يضمنه بقيمته في موضعه الذي أتلفه فيه كمال الآدمي إلا ما كان أكبر من الحمام كالكركي والأوز والحباوي فهل تجب فيه قيمته أو شاة على وجهين كذا في الشرح والفروع أحدهما يضمنه بقيمته وهو ظاهر الوجيز لأنه القياس تركناه في الحمام لقضاء الصحابة ولا يجوز إخراج القيمة بل طعاما وقيل بلى والثاني يجب شاة روي عن ابن عباس وعطاء وكالحمام بطريق الأولى وإن أتلف جزءا من صيد
____________________
1-
(3/197)
فعليه ما نقص من قيمته أو قيمة مثله إن كان مثليا وإن نفر صيدا فتلف بشيء ضمنه وإن جرحه فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو تلف في يده فعليه ما نقص من قيمته إن لم يكن مثليا لأن ما ضمنت جملته ضمنت ابعاضه كالآدمي فيقوم الصيد سليما ثم مجنيا عليه فيجب ما بينهما بأن كانت قيمته اولا عشرة وثانيا ثمانية فالواجب درهمان أو قيمة مثله إن كان مثليا هذا هو المجزوم به عند الأكثر لأن الجزء يشق إخراجه فيمتنع إيجابه ولهذا عدل الشارع في خمس من الابل إلى الشاة فيقوم المثل سليما بعشرة مثلا ومعيبا بستة فيكون الواجب ستة وظهر بذلك الفرق بين التقويمين لأن المثل قد ينقص شيئا لا ينقص الصيد بقدره وتحقيقه أنه لو جنى على نعامة قيمتها صحيحه عشرون ومقطوعة يدها عشر فالنقصان الربع وإذا نظرت إلى مثلها وهي البدنة فقيمتها مثلا سليمة مائة ومقطوعة يدها خمسون فالنقصان النصف فلو اعتبر نفس الصيد كان الواجب خمسة ولو اعتبر المثل كان الواجب خمسين والوجه الثاني أنه يضمن بمثله لأن ما وجب ضمان جملته بالمثل وجب في بعض مثله كالمكيلات وأولى الأولى لأن المشقة هنا غير ثابتة لوجود الخيرة له في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام أو الصيام فينتفي المانع
وإن نفر صيدا فتلف بشيء ضمنه لأن عمر دخل دار الندوة فعلق رداؤه فوقع عليه حمام فخرجت حية فقتلته فسأل من معه فحكم عليه عثمان بشاة رواه الشافعي وكذا إن جرحه فتحامل فوقع في شيء تلف به لأنه تلف بسببه أما إن نفره إلى مكان فسكن به ثم تلف فلا ضمان في الأشهر وإن جرحه فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه إذا كان الجرح غير موح لأنا لا نعلم حصول
____________________
1-
(3/198)
وكذلك إن وجده ميتا ولم يعلم موته بجنايته وإن اندمل غير ممتنع فعليه جزاء جميعه وإن نتف ريشه فعاد فلا شيء عليه وقيل عليه قيمة الريش وكلما قتل صيدا حكم عليه وإن اشترك جماعة في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + التلف بفعله فنقومه صحيحا وجريحا جراحة غير مندملة فيجب ما بينهما فإن كان سدسه وهو مثلي فقيل يجب سدس مثله وقيل قيمة سدس مثله وقيل يضمن كله فلو كان موحبا وغاب غير مندمل فعليه جزاؤه كقتله وذكر القاضي وأصحابه في كتب الخلاف إذا جرحه وغاب وجهل خبره فعليه جزاؤه لأنه سبب للموت وكذلك إن وجده ميتا ولم يعلم موته بجنايته لما ذكرنا وقيل يضمن كله إحالة للحكم على السبب المعلوم كما لو وقع في الماء نجاسة فوجده متغيرا بها وهذا أقيس كنظائره وإن إندمل أي صلح غير ممتنع فعليه جزاء جميعه لأنه عطله فصار كتالف وكجرح تيقن به موته
وقيل يضمن ما نقص لئلا يجب جزاءان لو قتله محرم آخر فلو جرحه جرحا غير موح فوقع في ماء أو تردى فمات ضمنه كله لتلفه بسببه وعلم منه أن الصيد يضمن مما يضمن به الآدمي من مباشرة أو سبب وإن نتف ريشه أو شعره أو وبره فعاد بأن حفظه وأطعمه وسقاه فلا شيء عليه لأن النقص زال أشبه ما لو اندمل الجرح وقيل عليه قيمة الريش لأن الثاني غير الأول فإن صار غير ممتنع بنتف الريش فهو كالجرح وإن غاب ففيه ما نقص لا كل الجزاء وكلما قتل صيدا حكم عليه بجزائه لأنه إتلاف فوجب أن يتعدد عليه الحكم بالضمان بتعدد الإتلاف كمال الآدمي والأولى حمل كلامه هنا على ما إذا تعدد قتل الصيد وكان الجزاء مختلفا كالبدنة والبقرة والكبش لأنه لا يمكن تداخله كالحدود وخوفا له من التكرار لأنه سبق ذكر الخلاف فيه
____________________
1-
(3/199)
قتل صيد فعليهم جزاء واحد وعنه على كل واحد جزاء وعنه إن كفروا بالمال فكفارة واحدة وإن كفروا بالصيام فعلى كل واحد كفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع يجوز إخراج جزاء الصيد بعد جرحه وقبل موته نص عليه لأنها كفارة قتل فجاز تقديمها ككفارة قتل الآدمي وإن اشترك جماعة في قتل صيد فعليهم جزاء واحد هذا هو الصحيح لأنه تعالى أوجب المثل بقتله فلا يجب غيره وهو ظاهر في الواحد والجماعة والقتل هو الفعل المؤدي إلى خروج الروح وهو فعل الجماعة لا كل واحد كقوله من جاء بعبدي فله درهم فجاء به جماعة ولأنه عليه السلام جعل في الضبع كبشا ولم يفرق وهذا قول عمر وابنه وابن عباس ولم يعرف لهم مخالف ولأنه جزاء عن مقتول يختلف بإختلافه ويحتمل التبعيض فكان واحدا كقيم المتلفات وكذا الدية لا كفارة القتل على الأصح فيهما ومتى ثبت إتحاد الجزاء في الهدي ثبت في الصوم للنص وعنه على كل واحد جزاء اختاره أبو بكر أشبه كفارة قتل الآدمي وعنه إن كفروا بالمال فكفارة واحدة لأن المال ليس بكفارة وإنما هو بدل متلف فلم يكمل كالدية وإن كفروا بالصيام فعلى كل واحد كفارة نقلها الجماعة ونصرها القاضي وأصحابه وذكرها الحلواني عن الأكثر لأن الصوم كفارة فوجب أن يكمل في حق الفاعل ككفارة قتل الآدمي بدليل أنه تعالى عطف على البدل الكفارة وقيل لا جزاء على محرم ممسك مع محرم قاتل فيلزم منه عدم لزوم المتسبب مع المباشر وقيل القرار عليه لأنه هو الذي جعل فعل الممسك علة قال في الفروع وهذا متوجه وجزم به ابن شهاب أنه على الممسك لتأكده وإن عكسه المال وفيه نظر
____________________
1-
(3/200)
& باب صيد الحرم ونباته &
وهو حرام على الحلال والمحرم فمن أتلف من صيده شيئا فعليه ما على المحرم في مثله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب صيد الحرم ونباته &
وهو حرام على الحلال والمحرم إجماعا وسنده ما روى ابن عباس مرفوعا أنه قال يوم فتح مكة إن هذا البلد حرمه الله يوم حلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا من عرفها فقال العباس إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم فقال إلا الإذخر متفق عليه ويحرم على دال لا يتعلق به ضمان وعلم منه أن مكة كانت حراما قبل إبراهيم وعليه أكثر العلماء وقيل إنما حرمت بسؤال إبراهيم وفي الصحيحين من غير وجه أن إبراهيم حرمها أي أظهر تحريمها وبينه
فمن أتلف من صيده شيئا فعليه ما على المحرم في مثله نص عليه لأنه كصيد الإحرام ولإستوائهما في التحريم فوجب أن يستويا في الجزاء فعلى هذا إن كان الصيد مثليا ضمنه بمثله وإلا بقيمته ودل على أن كل ما يضمن من الإحرام يضمن في الحرم إلا القمل فإنه مباح في الحرم بغير خلاف نعلمه لأنه حرم في حق المحرم لأجل الرفه وهو مباح في الحرم كالطيب ونحوه ولا يجوز تملكه نقله الأثرم ذكره القاضي ولا يلزم المحرم جزاءان نص عليه وقيل بلى
فرع إذا دل محل حلالا على صيد في الحرم فقتله ضمناه بجزاء واحد نقله الأثرم
____________________
1-
(3/201)
وإن رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم أو أرسل كلبه عليه او قتل صيدا على غصن في الحرم أصله في الحل او أمسك طائرا فيه فهلك فراخه في الحرم ضمن في أصح الروايتين وإن قتل من الحرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه أو صيدا على غصن في الحل أصله في الحرم او أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل لم يضمن في أصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدا على غصن في الحرم أصله في الحل أو أمسك طائرا فيه فهلك فراخه في الحرم ضمن في أصح الروايتين وهو قول الأكثر لعموم قوله لا ينفر صيدها وقد أجمعوا على تحريم صيد الحرم وهذا من صيده ولأنه أتلفه صيدا حرميا فضمنه كما لو كان في الحرم ولأن صيده معصوم محله بحرمة الحرم فلا يختص من في الحرم وحينئذ يضمن الفراخ دون أمها لأنها من صيد الحل
والثانية لا ضمان في ذلك لأن الأصل براءة الذمة إذ القاتل حلال من الحل وإن قتل من الحرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه أو صيدا على غصن في الحل أصله في الحرم أو أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل لم يضمن في أصح الروايتين للعموم ولأن الأصل الاباحة وليس من صيد الحرم فليس بمعصوم
والثانية يضمنه اختارها أبو بكر والقاضي وغيرهما اعتبارا بالقاتل ولأنه قريب من الحرم والغصن تابع للأصل فوجب الجزاء احتياطا وقدم في المستوعب يجب ضمان الفرخ لأنه سبب تلفه وإن فرخ في مكان يحتاج إلى نقله عنه بالخلاف
تنبيه إذا وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم حرم تغليبا وعنه لا لأن الأصل الإباحة ولم يثبت أنه من صيد الحرم وإن كان رأسه فقط فيسه فخرجه القاضي على روايتين
____________________
1-
(3/202)
وإن أرسل كلبه من الحل على صيد في الحل فقتل صيدا في الحرم فعلى وجهين وإن فعل ذلك بسهمه ضمنه فصل
ويحرم قطع شجر الحرم وحشيشه إلا اليابس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن أرسل كلبه من الحل على صيد في الحل فقتل صيدا في الحرم فعلى وجهين
أحدهما وهو المنصوص عن أحمد أنه لا يضمن لأنه لم يرسله على صيد في الحرم بل دخل باختياره أشبه ما لو استرسل بنفسه
والثاني وهو قول أبي بكر عليه الجزاء لأنه قتل صيدا حرميا بإرسال طير عليه أشبه ما لو قتله بسهم وحكى صالح عن أحمد إن كان الصيد قريبا من الحرم ضمنه لتفريطه اختاره ابن أبي موسى وابن عقيل وجزم به في الوجيز فعلى هذا لا يضمن صيدا غيره لأنه لم يرسله عليه كاسترساله وعنه بلى لتفريطه وإن فعل ذلك بسهمه ضمنه لأنه قتل صيدا حرميا أشبه ما لو رمى حجرا فأصاب صيدا إذ العمد والخطأ واحد في وجوب الضمان وهذا لا يخرج عن واحد منهما وبه فارق الكلب لأن له اختيارا وقصدا وفي الفروع إن قتل السهم صيدا غير الذي قصده فكالكلب وقيل يضمنه الرامي فصل
ويحرم قطع شجر الحرم البري إجماعا وسنده ولا يعضد شجرها فدخل ما فيه مضرة كالشوك والعوسج قاله المؤلف وغيره وقال أكثر أصحابنا لا يحرم لأنه مؤذ بطبعه كالسباع وحشيشه لقوله لا يختلي خلاها قال أحمد للفضل بن زياد لا يحتش من حشيش الحرم ويعم الأراك والورق إلا اليابس لأنه بمنزلة الميت وفيه إحتمال لظاهر الخبر وكذا ما انكسر ولم يبن فإنه
____________________
1-
(3/203)
والإذخر وما زرعه الآدمي وفي جواز الرعي وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كظفر منكسر ولا بأس بالانتفاع بما زال بغير فعل آدمي نص عليه لأن الخبر في القطع والإذخر لقوله عليه السلام للعباس لا الإذخر زويلحق به الكمأة والثمرة وما زرعه الآدمي لأن في تحريمه ضررا على من زرعه وهو منفي شرعا فيحتمل اختصاصه بالزرع من البقل والرياحين والزرع قال ابن المنجا وهو ظاهر كلامه لأنه المفهوم من إطلاق الزرع وفيه شيء لأنه يلزم منه المنع فيما أنبته الادمي من الشجر وهو خلاف الراجح وهذا إجماع على إباحته
فعلى هذا لا يباح ما انبته الآدمي من الشجار وجزم ابن البنا في خصاله بالجزاء للنهي عن قطع شجرها وكما لو نبت بنفسه وقال القاضي إن انبيته في الحرم أولا ففيه الجزاء وإن انبته في الحل ثم غرسه في الحرم فلا وفي المغني والشرح إن ما انبته من جنس شجرهم لا يحرم كجوز ونخل كالزرع والآهل من الحيوان فإنا إنما أخرجنا من الصيد ما كان أصله إنسيا دون ما تأنس من الوحش كذا هنا وفيه نظر ويحتمل العموم في كل ما أنبته الآدمي فيعم الأشجار وهذا هو الذي نقله المروذي وابو طالب وغيرهما وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف لأنه انبته آدمي ولأنه مملوك الأصل كالأنعام والجواب عن النهي بأن شجر الحرم هو ما أضيف إليه ولا يملكه أحد وهذا مضاف إلى مالكه فلا يعمه الخبر
وفي جواز الرعي أي رعي حشيشه وجهان وذكر أبو الحسين وجماعة أنهما روايتان المنع نصره القاضي وابنه وجزم به أبو الخطاب وابن البنا في
____________________
1-
(3/204)
ومن قلعه ضمن الشجرة الكبيرة ببقرة والحشيش بقيمته والغصن بما نقص فإن استخلف سقط الضمان في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كتب الخلاف لأن ما حرم إتلافه بنفسه حرم أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد وعكسه الإذخر
والثانية الجواز اختاره أبو حفص العكبري لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه فلم ينقل شد أفواهها وللحاجة إليه كالإذخر وفي تعليق القاضي الخلاف إن أدخلها للرعي فإن أدخلها لحاجته فلا ضمان وفي المستوعب إن احتشه لها فكرعيه ومن قلعه أي شجر الحرم وحشيشه ضمن نقله الجماعة وقاله الأكثر الشجرة الكبيرة ببقرة جزم به جماعة لما روي عن ابن عباس في الدوحة بقرة وفي الجزلة شاة وقاله عطاء والدوحة الشجرة العظيمة والجزلة الصغيرة وكالمتوسطة وعنه في الكبيرة بدنة والحشيش والورق بقيمته نص عليه لأن الأصل وجوب القيمة ترك فيما تقدم لفظ الصحابة فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل والغصن ما نقص كأعضاء الحيوان ولأنه نقص بفعله فوجب فيه ما نقصه كما لو جنى على مال آدمي فنقص وعنه في الغصن الكبير شاة وعنه يضمن الجميع بقيمته جزم به في المحرر
فعلى هذا إذا لم يجد المثل قومه ثم صام نقله ابن القاسم وفي الوجيز يخير بينها وبين تقويمها ويفعل بثمنها كجزاء صيد وفي الفصول من لم يجد قوم الجزاء طعاما كصيد فإن استحلف سقط الضمان في أحد الوجهين هو المذهب كما لو قطع شعر آدمي ثم نبت والثاني لا يسقط لأن الثاني غير الأول فهو كما لو حلق المحرم شعرا ثم عاد ولا يجوز الإنتفاع بالمقطوع نص عليه كالصيد وقيل ينتفع به غير قاطعه لأنه لا فعل له فيه فهو كقلع الريح له
____________________
1-
(3/205)
ومن قطع غصنا في الحل أصله في الحرم ضمنه وإن قطعه في الحرم وأصله في الحل لم يضمنه في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه إذا قلع شجرة من الحرم فغرسها فيه فنبتت فلا ضمان لأنه لم يتلفها ولم يزل حرمتها فإن نقصت ضمن نقصها أو يبست ضمنها لأنه أتلفها وإن غرسها في الحل فنبتت ردها لإزالة حرمتها فإن تعذر أو يبست ضمنها وإن قلعها غيره في الحل فقال القاضي يضمنه وحده لأنه أتلفها بخلاف من نفر صيدا فخرج من الحرم ضمنه المنفر لا قاتله لتفويته حرمته باخراج ويحتمل فيمن قلعه أنه كدال مع قاتل فظهر منه انه لو رد إلى الحرم لم يضمنه وأنه يلزمه رده وإلا ضمنه
ومن قطع غصنا في الحل أصله في الحرم ضمنه لأنه تابع لأصله وكذا لو كان بعض الأصل من الحرم تغليبا للحرمة كالصيد وإن قطعه في الحرم وأصله في الحل لم يضمنه في أحد الوجهين اختاره القاضي وجزم به في الوجيز لأنه تابع لأصله والثاني يضمنه اختاره ابن ابي موسى لأنه في الحرم وأطلقهما في المحرر والفروع
فائدة لم يذكر المؤلف حد الحرم وهو من طريق المدينة ثلاثة أميال عن بيوت السقيا ومن اليمن سبعة أميال عند إضاءة لين ومن العراق كذلك على ثنية زحل جبل بالمنقطع ومن الطائف وعرفات وبطن نمرة كذلك عند طرف عرنة ومن الجعرانة تسعة أميال ومن جدة عشرة أميال عند منقطع الأعشاش ومن بطن عرنة أحد عشر ميلا
مسألة قال أحمد لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل من الحل كذلك قال ابن عمر وابن عباس ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل والخروج أشد
____________________
1-
(3/206)
فصل
ويحرم صيد المدينة وشجرها وحشيشها إلا ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل والعارضة والقائمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واقتصر في الشرح على الكراهة وقال بعض أصحابنا يكره إخراجه إلى الحل وفي إدخاله في الحرم روايتان وفي الفصول لا يجوز في تراب الحل والحرم نص عليه وفيها يكره أيضا في تراب المسجد كتراب الحرم وظاهر كلام جماعة يحرم لان في تراب المسجد انتفاعا بالموقف في غير جهته ولهذا قال أحمد فإن اراد أن يستشفي بطيب الكعبة لم يأخذ منه شيئا ويلزق عليها طيبا من عنده ثم يأخذه فأما ماء زمزم فلا يكره إخراجه قال أحمد أخرجه كعب وروي عن عائشة أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله رواه الترمذي وقال حسن غريب ولأنه يستخلف كالثمرة فصل
ويحرم صيد المدينة نقله الجماعة وشجرها وحشيشها لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها متفق عليه ولمسلم لا يختلي خلاها فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وعن سعد مرفوعا إني أحرم ما بين لا بتي المدينة أن يقطع عضاهما أو يقتل صيدها رواه مسلم وقال القاضي تحريم صيدها يدل على أنه لا تصح ذكاته وإن قلنا يصح فلعدم تأثير هذه الحرمة في زوال ملك الصيد نص عليه مع أنه ذكر في الصحة احتمالين إلا ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل أي رحل البعير وهو اصغر من القتب والعارضة أي ما يسقف به المحمل والقائمة إحدى قائمتي الرحل اللتين في مقدمه ومؤخره لقول جابر إن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم المدينة قالوا يا رسول الله إنا اصحاب
____________________
1-
(3/207)
ومن حشيشها للعلف ومن أدخل إليها صيدا فله إمساكه وذبحه ولا جزاء في صيد المدينة وعنه جزائه سلب القاتل لمن أخذه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النبي لما حرم المدينة قالوا يا رسول الله إن أصحاب عمل وأصحاب نضح وإنا لا نستطيع أرضا غير أرضنا فرخص لنا فقال القائمتان والوسادة والعارضة والمسد فأما غير ذلك فلا يعضد رواه أحمد
المسد هو عود البكرة فاستثنى الشارع ذلك وجعله مباحا كاستثناء الإذخر بمكة ومن حشيشها للعلف لقوله عليه السلام ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد من حديث علي ولأن ذلك بقربها فالمنع منه ضرر بخلاف مكة ومن أدخل إليها صيدا فله إمساكه وذبحه نص عليه لقول أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه فطيما وكان إذا جاء قال ياأبا عمير ما فعل النغير لنغر كان يلعب به متفق عليه وفي المستوعب وغيره حكم حرم المدينة حكم حرم مكة فيما سبق إلا في هاتين المسألتين ولا جزاء في صيد المدينة قال أحمد في رواية بكر بن محمد لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا احدا من اصحابه حكموا فيه بجزاء وهو قول أكثر العلماء واختاره جمع لأنه يجوز دخولها بغير إحرام أولا يصلح لأداء النسك أو لذبح الهدايا وكسائر المواضع وكصيد وج وشجره
ولا يلزم من الحرمة الضمان ولا من عدمها عدمه وعنه جزاؤه سلب القاتل لمن أخذه نقلها الأثرم والميموني وهي المنصورة عند الأصحاب من كتب الخلاف لما سبق من تحريمها كمكة وعن عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره
____________________
1-
(3/208)
وحد حرمها ما بين ثور إلى عير وجعل النبي صلى الله عليه وسلم حول المدينة اثني عشر ميلا حمى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي أن يرده عليهم رواه مسلم ولأنه يحرم لحرمة ذلك كحرم مكة والإحرام وسلبه ثيابه قال جماعة والسراويل زاد جماعة وزينة كمنطقة وسوار وخاتم وآلة اصطياد لأنها ألة الفعل المحظور وليست الدابة منه بخلاف قاتل الكافر فإنه يأخذها على الأشهر لئلا يستعين بها على الحرب فعليها إن لم يسلبه أحد لزمه التوبة فقط وحد حرمها ما بين لا بتيها لما روى أبو هريرة مرفوعا ما بين لا بتيها حرام متفق عليه اللابة الحرة وهي أرض بها حجارة سود قال أحمد ما بين لا بتيها حرام بريد في بريد وكذا فسره مالك بن أنس وهذا حدها من جهتي المشرق والمغرب ومن روى اللهم إني أحرم ما بين جبليها فالمراد به من جهتي الجنوب والشمال والمؤلف نفسه يقول ما بين ثور إلى عير لما روى علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حرم المدينة ما بين ثور إلى عير متفق عليه قال عياض أكثر رواة البخاري ذكروا عيرا فأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا ومنهم من ترك مكانه بياضا لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ قال أبو عبيد أصل الحديث من عير إلى أحد وذكر بعضهم أن الرواية صحيحة وهي محمولة على أنه أراد حرم المدينة قدر ما بين ثور وعير من مكة وليس بظاهر ومنع مصعب الزبيري وجودهما بالمدينة وليس كذلك فإن عيرا جبل معروف بها وكذا ثور وهو جبل خلف أحد كما أخبر به الثقات يؤيده الخبر الصحيح وجعل النبي صلى الله عليه وسلم حول المدينة اثني عشر ميلا حمى رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
____________________
1-
(3/209)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تذنيب مكة افضل من المدينة نصره القاضي وأصحابه لما روى الزهري عن ابي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سوق مكة والله إنك لخير أرض الله واحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه ولمضاعفة الصلاة وعنه المدينة افضل اختاره ابن حامد وغيره قال في رواية أبي داوود وسئل عن المقام بمكة أحب إليك أم بالمدينة فقال بالمدينة لمن قوي عليه لأنها مهاجر المسلمين 3 وعن رافع مرفوعا المدينة خير من مكة ورد بأنه لا يعرف وحمله القاضي على وقت كون مكة دار حرب أو على الوقت الذي كان فيها والشرع يؤخذ منه وكذا لا يعرف اللهم إنهم أخرجوني من أحب البقاع إلي فأسكني في أحب البقاع إليك قال قاضي معناه بعد مكة وما روي فهو دال على تفضيلها لا أفضليتها وكونه عليه السلام خلق منها وهو خير البشر فتربته خير الترب
وأجاب القاضي بأن فضل الخلقة لا يدل على فضل التربة لأن أحد الخلفاء الأربعة أفضل من غيره ولم يدل أن تربته أفضل قال ابن عقيل الكعبة أفضل من الحجرة فأما من هو فيها فلا والله ولا العرش وحملته والجنة لأن بالحجرة جسدا لو وزن به لرجح صلى الله عليه وسلم وجزم بعض أصحابنا بأن مكة أفضل والمجاورة بالمدينة أفضل وتضاعف الحسنات والسيئات بمكان أو زمان فاضل ذكره جماعة وذكر الآجري أن الحسنات تضاعف ولم يذكر السيئات
____________________
1-
(3/210)
& باب ذكر دخول مكة &
يستحب أن يدخل مكة من أعلاها من ثنية كداء ثم يدخل المسجد من باب بني شيبة فإذا رأى البيت رفع يديه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب ذكر دخول مكة &
وهي علم جميع البلدة المعظمة المحجوجة غير منصرفة وسميت به لقلة مائها وقيل لأنها تمك من ظلم فيها أي تهلكه ويزاد فيها بكة في قول الضحاك وقيل بالباء اسم لبقعة البيت وبالميم ما حوله وقيل بكة اسم للمسجد والبيت ومكة للحرم كله ولها اسماء
يستحب للمحرم أن يدخل مكة من أعلاها من ثنية كداء لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى وعن عائشة نحوه متفق عليهما وظاهره ليلا أو نهارا واقتصر عليه في الشرح لأنه عليه السلام دخلها ليلا ونهارا أخرجه النسائي وقدم في الفروع نهارا وإنما كرهه من السراق ولم يتعرض لخروجه منها ويستحب من الثنية السفلى كدى بضم الكاف وتشديد الياء والأول بفتح الكاف والدال ممدود مهموز متصرف وغير متصرف والثنية في الأصل الطريق بين الجبلين ثم يدخل المسجد من باب بني شيبة لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة إرتفاع الضحى وأناخ راحلته عند باب بني شيبة ثم دخل رواه مسلم ويقول حين دخوله بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله اللهم افتح لي أبواب فضلك ذكره في أسباب الهداية
فإذا رأى البيت رفع يديه نص عليه وهو قول الأكثر لما روى
____________________
1-
(3/211)
وكبر وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة برا وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا والحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والحمد الله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت يرفع بذلك صوته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشافعي عن ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وما روي عن جابر لا يمنع منه وكبر وذكره في المحرر والوجيز لأنه روي عنه عليه السلام أنه فعله ولم يذكره آخرون وحكاه في الفروع قولا كالتهليل وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام لأن عمر كان يقول ذلك رواه الشافعي ومعنى السلام الأول اسم الله تعالى والثاني من أكرمته بالسلام فقد سلم والثالث سلمنا بتحيتك إيانا من جميع الآفات ذكره الأزهري اللهم زد هذا البيت تعظيما أي تبجيلا وتشريفا أي رفعه وإعلاء وتكريما أي تفضيلا ومهابة أي توقيرا وإجلالا وبرا بكسر الباء وهو اسم جامع للخير وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا رواه الشافعي بإسناده عن ابن جريج والحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام سمي به لأن حرمته انتشرت وأريد بتحريم البيت سائر الحرم قاله العلماء وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني وأعف عني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ذكره الأثرم وإبراهيم الحربي وفي المحرر والوجيز كالمقنع وفي الفروع ودعا وقال ومنه ولم يذكر الأخير ومهما زاد من الدعاء فحسن يرفع بذلك صوته جزم به في المحرر والوجيز وغيرهما لأنه ذكر مشروع فاستحب رفع الصوت به كالتلبية وحكاه في الفروع قولا
____________________
1-
(3/212)
ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا أو طواف القدوم إن كان مفردا او قارنا ويضطبع بردائه فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثم يبتدئ بالطواف لقول عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة توضأ ثم طاف بالبيت متفق عليه ولحديث جابر رواه مسلم وهو قول ابي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ولأنه تحية فاستحب كتحية غيره بالركعتين ومحله ما لم يذكر صلاة فرض أو فائتة أو تقام المكتوبة فإنه يقدمها عليه وكذا إن خاف فوت ركعتي الفجر أو الوتر أو حضرت جنازة بطواف العمرة إن كان معتمرا لأن الذي أمرهم عليه السلام بفسخ نسكهم إليها أمرهم أن يطوفوا للعمرة بدليل أنه أمرهم بالحل ولم يحتج إلى طواف قدوم لأن المقصود التحية وقد حصلت بفعله أو طواف القدوم ويسمى الورود إن كان مفردا أو قارنا لفعل الصحابه الذين كانوا كذلك لكن ذكر في الفصول والترغيب والمستوعب أن ذلك بعد تحية المسجد والمذهب ما ذكره المؤلف نقل حنبل يرى لمن قدم مكة أن يطوف لأنه صلاة والطواف أفضل من الصلاة وهي بعده وقال ابن عباس وعطاء الطواف لأهل العراق والصلاة لأهل مكة وذكره القرافي اتفاقا بخلاف السلام على النبي صلى الله عليه وسلم لتقديم حق الله على حق الأنبياء وهو ظاهر كلام أصحابنا
ويضطبع بردائه في جميع طوافه نصر عليه لما روي يعلى بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعا رواه أبو داوود وابن ماجه وهو قول عمر وكثير من العلماء وفي الترغيب رواية في رمله فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على
____________________
1-
(3/213)
ثم يبتدئ من الحجر الأسود فيحاذيه بجميع بدنه ثم يستلمه ويقبله وإن شاء استلمه وقبل يده وإن شاء أشار إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عواتقهم اليسرى رواه أبو داوود فإذا فرغ منه سوى رداءه لأن الاضطباع غير مستحب في الصلاة وقال الأثرم يزيله إذا فرغ من الرمل ثم يبتدئ أي بالطواف من الحجر الأسود لأنه عليه السلام بدأ به فيحاذيه بجميع بدنه ليستوعب جميع البيت بالطواف فظاهره أنه إذا حاذاه ببعضه أنه لا يجزئه لأن ما لزم استقباله لزمه بجميع البدن كالقبلة واختار جماعة الإجزاء لأنه حكم متعلق بالبدن فأجزأ بعضه كالحد فعلى الأول لا يحتسب له بذلك الشرط ويصير الثاني أوله ثم يستلمه أي يمسحه بيده اليمنى لأن الاستلام افتعال من السلام وهو التحية ولذلك يسميه أهل اليمن المحيا لأن الناس يحيونه ويقبله لما روى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر ووضع شفتيه عليه يبكي طويلا فقال ياعمر ها هنا تسكب العبرات رواه ابن ماجه وفي الصحيحين أن أسلم قال رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وقال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك نقل الأثرم يسجد عليه وفعله ابن عمر وابن عباس وإن شاء استلمه وقبل يده لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم استلمه وقبل يده رواه مسلم ونقل ابن منصور لا بأس بتقبيل اليد فظاهره لا يستحب قاله القاضي وفي الروضة هل له أن يقبل يده فيه إختلاف بين اصحابنا وإن شاء أشار إليه لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعيره فلما أتى الركن أشار إليه وكبر رواه البخاري والإشارة أعم من أن تكون باليد أو غيرها وظاهره استواء الأحوال الثلاثة وليس كذلك بل المستحب أولا تقبيله فإن شق استلمه بشئ وقبله فإن لم
____________________
1-
(3/214)
ويقول باسم الله والله أكبر إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك كلما استلمه ثم يأخذ على يمينه ويجعل البيت عن يساره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يمكنه أشار إليه وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وزادا مع استقباله بوجهه
قال الشيخ تقي الدين هو السنة ويكبر ويهلل قطع به الأكثر وقد روى أحمد أن النبي صلى البله عليه وسلم قال لعمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر وظاهره أنه لا يستقبله بوجهه وهو كذلك في وجه
فائدة قول الخرقي ثم أتى الحجر الأسود إن كان لأن في زمنه أخذته القرامطة واستمر بأيديهم مدة ثم فتح الله بعوده فلو قدر والعياذ بالله عدمه في محله وقف مقابلا لمكانه واستلم الركن قال الأصحاب لا ينتقل النسك معه كما في القران
ويقول باسم الله والله أكبر إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك كلما استلمه لحديث عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك عند إستلامه ثم يأخذ على يمينه ويجعل البيت عن يساره لأنه عليه السلام طاف كذلك وقال خذوا عني مناسككم ويقرب جانبه الأيسر إليه قال الشيخ تقي الدين لأن الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى فلما كان الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى فأول ركن يمر به يسمى الشامي والعراقي وهو جهة الشام ثم يليه الركن الغربي والشامي وهو جهة المقرب ثم اليماني جهة اليمن وهو آخر ما يمر عليه من الأركان لأنه يبتدئ بالركن الذي فيه الحجر الأسود وهو قبلة أهل خراسان
____________________
1-
(3/215)
فإذا أتى على الركن اليماني استلمه وقبل يده ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها وهو إسراع المشي مع تقارب الخطأ ولا يثب وثبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فإذا أتى على الركن اليماني استلمه نص عليه لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني قال ابن عمر ما تركت استلامهما منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما في شدة ولا رخاء رواه مسلم ولأنه مبني على قواعد إبراهيم فسن استلامه كالركن الأسود وقبل يده ذكره في المحرر والفروع قولا كما يفعل في الحجر الأسود وظاهره أنه لا يقبله وجزم الخرقي وصاحب الارشاد بخلافه لما روى مجاهد عن ابن عباس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلمه قبله ووضع خده الأيمن عليه
قال ابن عبد البر هذا لا يعرف وإنما التقبيل في الحجر الأسود وظاهره أنه لا يستلم الركنين الآخرين نص عليه لأنهما لم يتما على قواعد إبراهيم
ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها لا نعلم خلافا في سنيته لأنه عليه السلام طاف سبعا رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا رواه جابر وابنا عباس وعمر متفق عليها وهذا كان لسبب زال وبقي المسبب ويكون الرمل من الحجر إلى الحجر في قول الأكثر وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا ولا يثب وثبا لأن ذلك ليس بمشي فإذا فعله لم يكن إتيانا بالرمل المشروع فإن تمكن منه في حاشية الناس للازدحام كان أولى من الدنو من البيت وإن كان لا يتمكن منه أو يختلط بالنساء فالدنو أولى من التأخير وفي الفصول لا ينتظر للرمل كما لا يترك الصف الأول لتعذر التجافي في الصلاة وبالجملة يطوف كيفما أمكنه ما لم يخرج من المسجد وسواء حال بينه وبين البيت قبة أو غيرها فإن ترك الرمل لم يقضه ولا بعضه في غيرها بل إن تركه في شوط أتى به في الاثنين الباقيين وفي
____________________
1-
(3/216)
ويمشي أربعا وكلما حاذى الحجر والركن اليماني استلمهما أو أشار إليهما ويقول كلما حاذى الحجر لا إله إلا الله والله أكبر وبين الركنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وفي سائر الطواف اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اثنين أتى به في الثالث لأنه هيأه فات محلها فسقط كالجهر في الصلاة ويمشي أربعا لما سبق وكلما حاذى الحجر ونص عليه في المحرر في رمله كبر وذكر جماعة وهلل ونقل الأثرم ورفع يديه والركن اليماني استلمهما لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفه رواه أبو داوود وقال نافع كان ابن عمر يفعله أو أشار إليهما لقول ابن عباس المتقدم وظاهره أنه مخير بينهما والمذهب أنه إذا شق عليه استلامهما أشار إليهما صرح به في الشرح وغيره ويقول كلما حاذى الحجر الأسود لا إاله إلا الله والله أكبر لحديث بن عباس ولقوله فيحديث عمر ألا فاستقبل وهلل وكبر وبين الركنين أي اليماني والأسود { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } لما روى عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك رواه أحمد وعن ابي هريرة مرفوعا إن الله وكل بالركن اليماني سبعين ألف ملك لمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين وفي سائر الطواف اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وانت الأعز الأكرم لأنه لائق بالمحل فاستحب ذكره كسائر الأدعية اللائقة بمحالها المنصوص عليها وفي الفروع رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم وذكر أحمد أنه يقوله في سعيه وظاهره أنه لا يرفع يديه خلافا للمستوعب وغيره
____________________
1-
(3/217)
ويدعو بما أحب وليس على النساء ولا أهل مكة رمل ولا اضطباع وليس في غير هذا الطواف رمل ولا اضطباع ومن طاف راكبا أو محمولا أجزأه وعنه لا يجزئه إلا لعذر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفيه يقف في كل طوفه عند الميزاب والملتزم وكل ركن ويدعو بما احب من الحوائج لأنه موضع يستجاب فيه الدعاء
وعن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يقول رب قني شح نفسي وظاهره أنه لا يقرأ وهو رواية لتغليطه المصلين والمذهب له القراءة فيستحب قاله الآجري وسوى بينهما في رواية أبي داوود واستحبها الشيخ تقي الدين بلا جهر قال القاضي وغيره لأنه صلاة وفيها قراءة ودعاء فيجب كونها مثلها وليس على النساء ولا أهل مكة ولا حامل معذور نص عليه رمل ولا اضطباع حكاه ابن المنذر إجماعا في النساء لأن ذلك شرع لإظهار الجلد وليس مطلوبا منهن بل إنما يقصد فيهن الستر وكذا أهل مكة لا رمل عليهم في قول الأكثر لأن إظهار الجلد معدوم في حقهم وحكم من أحرم منها حكم أهلها ولو كان متمتعا ولو عبر بقوله ولا محرم في مكة لعم ولأن من لا يشرع له الرمل لا يشرع له الاضطباع وكذا إن طاف راكبا أو محمولا لعذر فلا رمل فيه وذكر الآجري يرمل بالمحمول وليس في غير هذا الطواف رمل ولا اضطباع لأنه عليه السلام واصحابه إنما فعلوا ذلك في الطواف الأول وذكر القاضي وصاحب التلخيص إذا تركهما به أو لم يسع عقب طواف القدوم اتى بهما في طواف الزيارة أو غيره وذكر ابن الزاغوني ان الرمل والاضطباع في طواف الزيارة ونفاهما في طواف الوداع ومن طاف راكبا أو محمولا أجزأه وعنه لا يجزئه إلا لعذر أما مع العذر فيجزئ بغير خلاف لقول ابن عباس طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير يستلم الركن بمحجن وعن أم سلمة قالت شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني
____________________
1-
(3/218)
ولا يجزئ عن الحامل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أشتكي قال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة متفق عليه وإن كان لغير عذر أجزأ في رواية قدمها المؤلف وجزم بها ابن حامد وأبو بكر من الراكب لأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا ولطوافه عليه السلام راكبا لكن شرط صحته في المحمول بنيته وعلم منه ان الطواف راجلا افضل بغير خلاف والثانية عدم الإجزاء وهي الأشهر واختارها القاضي أخيرا والشريف لأنه عليه السلام شبه الطواف بالصلاة وهي لا تفعل كذلك إلا لعذر فكذا هو وأجابوا عن فعله عليه السلام بأنه كان لعذر كما هو مصرح به في رواية أبي داوود أو ليراه الناس قاله أحمد أو ليشرف ليسألوه فإن الناس غشوه وأخذ جماعة أنه لا بأس للامام الأعظم ليراه الجهال وعنه يجبره بدم حكاها المؤلف قال الزركشي ولم ارها لغيره
ولا يجزئ عن الحامل لأن الطواف عبادة أدي به فرض غيره فلم يقع عن فرضه كالصلاة ولأن الحامل آلة للمحمول فكان كالراكب بخلاف حمله بعرفة لأن المقصود الكون فيها وهو حاصل لهما وله احوال منها أن ينويا جميعا عن المحمول أو ينوي هو دون الحامل فيجزئ عن المحمول لا الحامل بغير خلاف ومنها أن ينويا جميعا عن الحامل أو ينوي هو فقط فيصح له وحده
ومنها أن ينوي كل واحد عن نفسه فيصح المحمول دون حامله جعلا له كالالة وحسن المؤلف صحته لهما لأن كلا منهما طائف بنية صحيحة كالعمل بعرفات وذكر ابن الزاغوني ذلك إحتمالا وفي الفروع قولا وقال أبو حفص
____________________
1-
(3/219)
وإن طاف منكسا أو على جدار الحجر أو شاذروان الكعبة أو ترك شيئا من الطواف وإن قل أو لم ينوه لم يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يجزئ عن واحد منهما لأنه لا أولوية والفعل الواحد لا يقع عن اثنين ومنها لم ينو واحد منهما أو نوى كل واحد منهما أو نوى كل واحد صاحبه فلا يصح لواحد منهما
مسألة إذا سعى راكبا أو محمولا أجزأه جزم به في المغني والشرح لأن المعنى الذي منع الطواف غير موجود وقال أحمد في رواية لا بأس به على الدواب لضرورة وظاهر كلام أحمد واختاره الخرقي وصاحب التلخيص حكمه كالطواف وإن طاف منكسا يجوز فيه كسر الكاف وفتحها فعليه يكون صفة لمصدر محذوف أي طاف طوافا منكسا وعلى الأول يكون حالا من فاعل طاف والمراد به جعل البيت على يمينه أو على جدار الحجر وهو مكان معروف وإلى جانب البيت وهو بكسر الحاء وسكون الجيم لا غير أو شاذروان الكعبة هو القدر الخارج عن عرض الجدار مرتفعا عن الأرض قدر ثلثي ذراع أو ترك شيئا من الطواف وإن قل أو لم ينوه لم يجزئه أما اولا فلأن فعله عليه السلام وقع بيانا لقوله تالى { وليطوفوا } الحج 29 ومثله يتعين ولقوله خذوا عني مناسككم ولأنه عبادة تتعلق بالبيت فكان واجبا كالصلاة واما ثانيا فلأن ذلك من البيت لقول عائشة إني نذرت أن أصلي في البيت قال صل في الحجر فإن الحجر من البيت رواه الترمذي وصححه فإذا لم يطف به لم يطف بكل البيت والحال أن الطواف بجميعه واجب لنص القرآن وطاف عليه السلام
____________________
1-
(3/220)
وإن طاف محدثا أو نجسا أو عريانا لم يجزئه وعنه يجزئه ويجبره بدم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بجميعه وقال خذوا عني مناسككم وقال الشيخ تقي الدين الشاذروان ليس هو منه وإنما جعل عمادا للبيت
وأما ثالثا فلأنه لم يأت بالعدد المعتبر المستفاد من فعله عليه السلام
وأما رابعا فلقوله إنما الأعمال بالنيات ولا عمل إلا بنية والطواف بالبيت صلاة ولأنه عبادة محضة تتعلق بالبيت فاشترط له النية كالصلاة ونوه كلامه أنه إذا طاف في المسجد من وراء حائل أنه يصح وصرح بعضهم بخلافه وإن طاف على سطحه توجه الإجزاء لصلاته إليها وكذا إن قصد في طوافه غريما وقصد معه طوافا بنية حقيقية لا حكمية قال في الفروع ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمده قراءة وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان
وإن طاف محدثا أو نجسا أو عريانا لم يجزئه في ظاهر المذهب لما تقدم ولقوله ولقوله عليه السلام لأبي بكر حين بعثه في الحجة التي امره فيها ولا يطوف بالبيت عريان ولأنها عبادة تتعلق بالبيت فكانت الطهارة والسترة شرطا فيها كالصلاة بخلاف الوقوف قال القاضي وغيره الطواف كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق وعنه يجزئه لأن الطواف عبادة لا يشترط فيها الاستقبال فلم يشترط فيها ذلك كالسعي ويجبره بدم لأنه إذا لم يكن شرطا فهو واجب وتركه يوجبه وظاهره سواء أمكنه الطواف بعد طوافه على الصفة المتقدمة أم لا وعنه إن لم يكن بمكة وعنه يصح من ناس ومعذور فقط ة وعنه يجبره دم وظاهره صحته من حائض بدم وهو ظاهر كلام جماعة واختاره
____________________
1-
(3/221)
وإن أحدث في بعض طوافه أو قطعه بفصل طويل ابتدأه وإن كان يسيرا أو أقيمت الصلاة أو حضرت جنازة صلى وبنى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشيخ تقي الدين وأنه لا دم لعذر ويلزم الناس في الأصح انتظارها لأجله إن أمكن
فرع إذا طاف فيما لا يجوز لبسه صح وفدى ذكره الآجري
وإن أحدث في بعض طوافه أو قطعه بفصل طويل ابتدأ أما أولا فلأن الطهارة شرط فأبطله الحدث كالصلاة وهذا ظاهر في العمد فإن سبقه الحدث تطهر وابتدأ في رواية وجزم بها المؤلف وغيره وفيه روايات الصلاة ذكره ابن عقيل ومحله كما صرح به الخرقي وصاحب الشرح في طواف الفرض فأما النفل فلا تجب إعادته كالصلاة وأما ثانيا فلأنه عليه السلام وإلى بين طوافه وقال خذوا عني مناسككم فعلم أن الموالاة شرط فيه فمتى قطعه بفصل طويل ابتدأه سواء كان عمدا أو سهوا مثل أن يترك شوطا منه يظن أنه قد أتم والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العرف كالحرز والقبض وإن كان يسيرا بنى لأنه يتسامح بمثله لما في الاتصال من المشقة فعفي عنه أو أقيمت الصلاة أو حضرت جنازة صلى في قول أكثر العلماء لعموم قوله إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة والطواف صلاة وروي عن ابن عمر وسالم وعطاء ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ولأن الجنازة صلاة تفوت بالتشاغل بالطواف وهي أولى من قطعه لها بالمكتوبة لعدم فواتها به وبني قال ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف فيه إلا الحسن فإنه قال يستأنف والأول اصح لأن هذا فعل مشروع فلم يقطعه كاليسير
____________________
1-
(3/222)
ويتخرج أن الموالاة سنة ثم يصلي ركعتين والأفضل أن يكون خلف المقام يقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعلى هذا يكون ابتداؤه من الحجر قاله أحمد ويتخرج أن الموالاة سنة لأن الحسن غشي عليه فلما افاق أتمه وعن أحمد ليس بشرط مع العذر وهو ظاهر
تنبيه إذا شك في عدده بنى على اليقين نص عليه وذكر أبو بكر يعمل بظنه ويأخذ بقول عدلين نص عليه وينبغي تقييده بما لم يتيقن صواب نفسه وفي المغني والشرح يكفي ثقة فإن شك في الطهارة وهو فيه بطل لا بعد الفراغ منه
فرع إذا فرغ المتمتع ثم علم أنه كان على غير طهارة في أحد طوافيه وجهله لزمه الأشد وهو من الحج فيلزمه طوافه وسعيه ودم وإن كان وطئ بعد حله من عمرته لم يصحا لأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة وتحلل بطوافه الذي نواه الحجه من عمرته الفاسدة وعليه دم للحلق ودم للوطء في عمرته
ثم يصلي ركعتين بعد فراغه من الطواف لأنه عليه السلام ركعهما وفي أسباب الهداية أنه يأتي الملتزم قبلهما والأفضل أن يكون خلف المقام لقوله تعالى { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } البقرة 196 وظاهره أنه لا يشرع تقبيل المقام ولا مسحه إجماعا فسائر المقامات أولى ونقل الفضل عنه كراهة مسه وفي منسك ابن الزاغوني فإذا بلغ مقام إبراهيم فليمس الصخرة بيده وليمكن منها كفه ويدعو يقرأ فيهما بعد الفاتحة { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } الحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين قرأ فيهما { قل يا أيها الكافرون } { قل هو الله أحد }
____________________
1-
(3/223)
ثم يعود إلى الركن فيستلمه ثم يخرج إلى الصفا من بابه ويسعى سبعا يبدأ بالصفا فيرقى عليه حتى يرى البيت فيستقبله ويكبر ثلاثا ويقول الحمد لله على ماهدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهره جواز فعلهما في غير ذلك الموضع ويقرأ تلك القراءة لأن عمر ركعهما بذي طوى رواه البخاري وقراءة غير الفاتحة لا يتعين في الفرض فالنفل أولى ولا شك أنهما سنة مؤكدة للنصوص وعنه وجوبهما وهي أظهر فلو صلى الفريضة بعده أجزأه عنهما كركعتي الاحرام وعنه أنه يصليهما بعد المكتوبة قال ابو بكر عبد العزيز وهو أقيس كركعتي الفجر
تنبيه له جمع أسابيع ثم يصلي لكل أسبوع ركعتين نص عليه لفصله بين الفرض والسنة بخلاف تكبير تشريق عن فرض وسجدة تلاوة فإنه يكره لئلا يؤدي إلى إسقاطه ذكره القاضي وعنه يكره قطعه على شفع فيكره الجمع إذن ولأنه عليه السلام لم يفعله ويلزم منه الاخلال بالموالاة بينهما وفيه نظر وله تأخير السعي عن الطواف بطواف وغيره نص عليه ثم يعود إلى الركن وهو الحجر الأسود فيستلمه نص عليه لفعله عليه السلام ولا نعلم فيه خلافا ثم يخرج إلى الصفا بالقصر وهي في الاصل الحجارة الصلبة والآن ثم مكان معروف عند باب المسجد من بابه ويسعى سبعا يبدأ بالصفا فيرقى عليه وليس بواجب لأنه لو تركه فلا شيء عليه حتى يرى البيت فيستقبله ويكبر ثلاثا ويقول الحمد لله على ما هدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده اقتصر عليه في الفروع وليس فيه يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وزاد ويقول ذلك ثلاثا لفعله عليه السلام فإنه رقى على الصفا وقرأ { إن الصفا والمروة من شعائر الله } البقرة 158
____________________
1-
(3/224)
لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يلبي ويدعو بما احب ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يأتي العلم فيسعى سعيا شديدا إلى العلم ثم يمشي حتى يأتي المروة فيفعل عليها مثل ما فعل على الصفا ثم نزل فيمشي في موضع مشية ويسعى في موضع سعيه يفعل ذلك سبعا يحتسب بالذهاب سعية وبالرجوع سعية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نبدأ بما بدا الله به فبدأ بالصفا والأحزاب هم الذين تحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهم قريش وغطفان واليهود لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لأن ابن عمر كان يزيده على ما سبق رواه إسماعيل عن أيوب عن نافع عنه ثم يلبي لأنه عليه السلام لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة وظاهره أنه لا يلبي على الصفا لعدم فعله وما ذكره محمول على غير المتمتع لأنه يقطعها إذا استلم الحجر كما يأتي ويدعو بما أحب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو رواه مسلم ولأنه موضع ترجى فيع الإجابة وظاهره أنه لايرفع يديه والظاهر بلى للخبر ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يأتي العلم وهو الميل الأخضر في ركن المسجد قال في الشرح وغيره إذا كان منه نحو ستة أذرع قال في الفروع وهو أظهر فيسعى سعيا ديدا إلى العلم وهو الميل الأخضر حذاء دار العباس وظاهره أنه لا يرمل بينهما وقاله جماعة كالمؤلف وهو اظهر وقيل بلى لوروده في الخبر ثم يمشي حتى يأتي المروة وهي في الأصل الحجارة البيض البراقة التي يقدح منها النار والان هو المكان المعروف بطرف السعي فيفعل عليها مثل ما فعل على الصفا من الاستقبال والتكبير والتهليل والدعاء ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه بفعل ذلك سبعا يحتسب بالذهاب سعية وبالرجوع سعية لفعله عليه السلام كذلك رواه
____________________
1-
(3/225)
يفتتح بالصفا ويختم بالمروة فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط ويستحب أن يسعى طاهرا مستترا متواليا وعنه أن ذلك من شرائطه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) السلام كذلك رواه مسلم من حديث جابر ويكثر الدعاء والذكر من ذلك قال أحمد كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وانت الأعز الأكرم وقد روى الترمذي وصححه مرفوعا إنما جعل السعي بينهما لإقامة ذكر الله تعالى ويجب استيعاب ما بينهما فيلصق عقبه بأصلهما فلو ترك بينهما شيئا ولو ذراعا لم يجزئه حتى يأتي به والأولى أن يرقى كما مر يفتتح بالصفا لقوله نبدأ بما بدا الله به وعن ابن عباس أنه قرأ الآية وقال نبدا بالصفا اتبعوا القرآن فما بدأ به القرآن فابدؤوا به ويختم بالمروة لقول جابر فلما كان آخر طوافه قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة ولأنه يلزم من البداءة به الختم بها فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط لمخالفة فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره فعلى هذا إذا صار إلى الصفا اعتد بما يأتي بعده
ويستحب أن يسعى طاهرا من الحدث والنجاسة كبقية المناسك في قول الأكثر ولأنه عبادة لا تتعلق بالبيت كالوقوف بعرفة مستترا لأنه إذا لم يشترط الطهارة مع آكديتها فغيرها أولى متواليا في ظاهر كلام أحمد وهو الأصح لأنه لا تعلق له بالبيت فلم يشترط له الموالاة كالرمي والحلق وعنه أن ذلك من شرائطه وقاله القاضي في الموالاة لأن السعي أحد الطوافين فاشترط فيه ذلك كالطواف بالبيت قال في الشرح ولا عمل عليه تنبيه ظاهر أن السعي بعد الطواف فلو عكس لم يجزئه نص عليه وعنه بلى سهوا وجهلا وعنه مطلقا وعنه مع دم وفي شرط النية قاله في المذهب والمحرر وزاد وأن لا يقدمه على أشهر الحج وظاهر كلام الأكثر خلافهما وصرح به أبو الخطاب في الأخيرة أنه لا يعرف منعه عن أحمد والمراة لا ترقاه لئلا تزاحم الرجال ولأنه استر
____________________
1-
(3/226)
والمرأة لا ترقاه ولا ترمل وإذا فرغ من السعي فإن كان معتمرا قصر من شعره وتحلل إلا أن يكون المتمتع قد ساق هديا فلا يحل حتى يحج ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا دخل البيت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + منعه عن أحمد والمرأة لا ترقه لئلا تزاحم الرجال ولأنه أستر لها ولا ترمل حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه لأنه يقصد لها الستر وفيما ذكر انكشاف لها وكذا لا تسعى سعيا شديدا بين العلمين ولا يسن فيه اضطباع نص عليه وإذا فرغ من السعي فإن كان معتمرا قصر من شعره وتحلل لأنه عليه السلام اعتمر ثلاث عمر سوى عمرته التي مع حجه وكان يحل إذا سعى وظاهره أن التقصير له افضل من الحلق نص عليه للأمر به في حديث جابر وليتوفر الحلق للحج وفي المستوعب والترغيب حلقه وفي كلامه إشعا بالمبادرة إلى ذلك ولاشك في استحبابه فلو احرم بالحج قبل التقصير وقلنا هو نسك صار قارنا فإن تركهما فعليه دم إن قلنا هما نسك فإن وطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة إلا أن يكون المتمتع قد ساق هديا فلا يحل حتى يحج بل يقيم على ى إغحرامه ويدخل عليها الحج بعد طوافه وسعيه لها ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا يوم النحر نص عليه لحديث ابن عمر وعائشة متفق عليهما وعنه من لبد رأسه أو صفره جزم به في الكافي هو بمنزلة من ساق الهدي لحديث حفصة وقيل يحل كمن لم يهد وهو ظاهر ما نقله يوسف بن موسى وعنه إن قدم في العشر لم ينحر الهدي حتى ينحره يوم النحر وإن قدم قبل العشر نحر الهدي فدل على أن المتمتع إذا قدم قبل العشر حل وإن كان معه هدي وإن كان فيه لم يحل واستثناء المتمتع من المعتمر دليل عمومه ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا دخل البيت والمراد إذا
____________________
1-
(3/227)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إذا استلم الحجر الأسود نص عليه لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر رواه الترمذي وصححه أي شرع في الطواف ولأن التلبية إجابة إلى العبادة وشعار الإقامة عليها والأخذ في التحلل ينافيها وهو يحصل بالطواف والسعي فإذا شرع في الطواف فقد أخذ في التحلل فيقطعها كما يقطع الحجاج التلبية إذا شرع في رمي جمرة العقبة لحصول التحلل به وظاهره اختصاص القطع بالمتمتع كالخرقي والوجيز وليس كذلك لأن الحكم يستوي فيه المتمتع وغيره من المعتمرين
____________________
1-
(3/228)
& باب صفة الحج
يستحب للمتمتع الذي حل وغيره من المحلين بمكة الإحرام
بالحج يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة من مكة ومن حيث أحرم جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب صفة الحج& أصله حديث جابر رواه مسلم يستحب للمتمتع الذي حل من عمرته وغيره من المحلين بمكة سواء كان مقيما بها من أهلها أو من غيرهم الاحرام بالحج يوم التروية نص عليه لحديث جابر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح حتى إذا كان يوم التروية جعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج رواه مسلم وعنه المكي يهل إذا رأى الهلال لقول عمر لأهل مكة إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج فعلى الأول لو جاوز يوم التروية بغير إحرام لزمه دم الإساءة مع دم التمتع على الأصح قاله في الترغيب وفي الرعاية يحرم يوم تروية أو عرفة فإن غيره فدم ولا يطوف بعده قبل خروجه نقله الأثرم واختاره الأكثر ونقل ابن منصور وغيره لا يخرج حتى يودعه وطوافه بعد رجوعه من منى للحج جزم به في الواضح والكافي فعلى الأول لو أتى به وسعى بعده لم يجزئه وهو الثامن من ذي الحجة سمي به لان الناس كانوا يتروون فيه الماء لما بعده وقيل أن إبراهيم أصبح يتروى في أمر الرؤيا وقيل غير ذلك من مكة لقوله عليه السلام حتى أهل مكة يهلون منها وكان عطاء يستلم الركن ثم ينطلق مهلا بالحج والأفضل فيه أن يكون من المسجد وفي المبهج والإيضاح من تحت الميزاب ويستحب له أن يفعل في إحرامه ما يفعله في إحرامه من الميقات من غسل وغيره ويطوف سبعا ويصلي ركعتين ومن حيث أحرم من الحرم جاز لحديث جابر لأن الأبطح خارج من البلد داخل في الحرم ولأن المقصود حاصل به كجمعه في نسكه
____________________
1-
(3/229)
ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر ويبيت بها فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة وأقام بنمرة حتى تزول الشمس ثم يخطب الإمام خطبة يعلمه فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة ثم يزل فيصلي به الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المقصود حاصل به كجمعه بين الحل والحرم ثم يخرج إلى منى قبل الزوال فيصلي بها الظهر مع الإمام إن أمكنه وبقية الصلوات إلى الفجر نص عليه ويبيت بها لقول جابر فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأحلوا بالحج فركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وظاهره أن المبيت بها ليس بواجب لأنه عطفه على المستحبات فلو صادف يوم التروية يوم الجمعة وجب عليه فعلها كمن يجب عليه وأقام حتى زالت الشمس وإلا لم تجب فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة هي اسم لموضع الوقوف واقام بنمرة هي موضع بعرفة وظاهر المحرر وغيره أنها ليست منه قال الأزرقي هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت عن مأزمي عرفة حتى تزول الشمس لحديث جابر وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أتى على عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ثم يخطب الامام خطبة لقول جابر ثم اتى بطن الوادي فخطب الناس يفتتحها بالتكبير قاله في المستوعب والترغيب وغيرهما ويسن تقصيرها يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة يتذكر العالم ويتعلم الجاهل وظاهره أنه لا يخطب في اليوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة واختار الآجري بلى يعلمهم ما يفعلونه يوم التروية ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين لقول جابر ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر لم يصل بينهما شيئا وقال أبو ثور يؤذن إذا صعد الامام المنبر وقيل يؤذن في آخر خطبة الإمام قال في الشرح وكيفما فعل فحسن فإن لم يؤذن فلا بأس قاله أحمد والخرقي لأن كلا منهما روي عنه
____________________
1-
(3/230)
ثم يروح إلى الموقف وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة وهو من الجبل المشرف على عرنة من الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر ويستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة راكبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يؤذن فلا بأس قاله أحمد والخرقي لأن كلا منهما روي عنه عليه السلام وظاهره يشمل كل واقف بعرفة من مكي وغيره لأنه عليه السلام جمع بينهما وكذلك كل من صلى معه ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر فقال أتموا فإنا سفر ولو حرم لبينه لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وبأن عثمان كان يتم الصلاة لأنه اتخذ بمكة أهلا ولم يترك الجمع ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلافه وشرط القاضي واصحابه أنه يختص بمن يجوز له الجمع لأن سببه السفر الطويل فلا يجوز إلا حيث وجد سببه لأن الجمع كالقصر والقصر مختص بمن ذكرنا فكذا الجمع وقال القاسم وسالم يجوز لهم القصر كالجمع وعلى الأول يسن أن يعجل فإن فاته الجمع مع الإمام جمع في رحله نص عليه ثم يروح إلى الموقف لقول جابر ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم حتى اتى الموقف 3 وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة لقوله عليه السلام كل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرنة رواه ابن ماجه ولأنه لم يقف بعرفة فلم تجزئه كما لو وقف بمزدلفة وحكاه ابن المنذر إجماع الفقهاء وهو أي حد عرنة من الجبل المشرف على عرفة إلى الجبال المقابلة لها إلى ما يلي حوائط بني عامر لقوله عليه السلام كونوا على مشاعركم فإنكم اليوم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم ويستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة واسمه إلال على وزن هلال راكبا مستقبل القبلة لقول جابر إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصواء إلى
____________________
1-
(3/231)
وقيل الراجل أفضل ويكثر من الدعاء ومن قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شيء قدير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ولأن الركوب أعون له على الدعاء ولا يشرع صعوده إجماعا قاله الشيخ تقي الدين وقيل الراجل أفضل اختاره ابن عقيل وابو يعلى الصغير وهو ظاهر كلام ابن الجوزي روى ابن ماجه عن ابن عباس أن الأنبياء عليهم السلام كانوا يدخلون الحرم مشاة ويطوفون بالبيت ويقضون المناسك مشاة وروي أن آدم حج أربعين مرة من الهند على رجليه ذكره ابن الجوزي وعن ابن عباس مرفوعا من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم قيل له وما حسنات الحرم قال بكل حسنة مائة ألف حسنة ولأنه اخف على الراحلة وكسائر المناسك والعبادات وركوبه عليه السلام ليعلمهم المناسك ويروه فإنها عبادة وقيل سواء وقال الغزالي والشيخ ابن تيمية يختلف ذلك بحسب الناس
ويكثر من الدعاء رافعا يديه نص عليه لأنه يوم ترجى فيه الإجابة و يكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لما روى علي مرفوعا أكثر دعاء الأنبياء قبلي ودعائي عشية عرفة لا إله إلا الله وذكره إى قوله بيده الخير وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا غله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير رواه الترمذي وسئل سفيان ابن عيينة عن أفضل الدعاء يوم عرفة فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
____________________
1-
(3/232)
اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا ويسر لي أمري ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر (1) (1) (1) (1) (1) (1) له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قيل له هذا ثناء وليس بدعاء فقال أما سمعت قول الشاعر % أأذكر حاجتي قد كفاني % % حياؤك إن شيمتك الحياء % % إذا أثنى عليك المرء يوما % % كفاه من تعرضه الثناء %
اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا ويسر لي أمري روي ذلك عنهن عليه السلام وفي المحرر ك المقنع وفي الفروع الاقتصار على حديث عمرو بن شعيب وفي الوجيز يدعو بما ورد فمنه ما روي عنه عليه السلام أنه دعا فقال اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك إبتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير من خشعت لك رقبته وذل لك جسده وفاضت لك عينه ورغم لك أنفه ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر لما روى عروة بن مضرس الطائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد ة وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه رواه الخمسة وصححه الترمذي ولفظه له ورواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط كافة أئمة الحديث ولأن ما قبل الزوال من يوم عرفة فكان وقتا للوقوف كما بعد الزوال وترك الوقوف فيه لا يمنع كونه وقتا كما بعد العشاء وإنما ذلك وقت الفضيلة
____________________
1-
(3/233)
فمن حصل بعرفة في شيء من هذا الوقت ولو لحظة وهو مسلم بالغ عاقل فقد تم حجه ومن فاته ذلك فاته الحج ومن وقف بها نهارا ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم (1) (1) (1) وقت الفضيلة وقال ابن بطة وابو حفص العكبري وهو رواية أوله من الزوال يوم عرفة وحكاه ابن المنذر والقرطبي إجماعا وفيه نظر
فمن حصل بعرفة في شيء من هذا الوقت ولو لحظة وهو مسلم بالغ عاقل فقد تم حجه سواء كان جالسا أو قائما راكبا أو راجلا ولو نائما صححه صاحب التلخيص وجزم به المؤلف أو مارا مجتازا ولم يعلم أنها عرفة في الأصح فلا يصح من سكران ومغمى عليه في المنصوص بخلاف إحرام وطواف ويتوجه في سعي مثله ولا مجنون بخلاف رمي جمار ومبيت ومن فاته ذلك فاته الحج بغير خلاف نعلمه ونسده قوله عليه السلام الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه رواه أبو داوود ولأنه ركن للعبادة فلم يتم بدونه كسائر العبادات
فرع إذا كان بينه وبين الموقف مقدار صلاة صلاها صلاة حائف في الأظهر اختاره الشيخ تقي الدين وقيل يقدم الصلاة وقيل عكسه ومن وقف بها أي بعرفة نهارا ووقع قبل غروب الشمس فعليه دم أي يجب عليه الوقوف بها إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بها حتى غربت الشمس رواه مسلم من حديث جابر وقال خذوا عني مناسككم وظاهره صحة حجه في قول الجماهير إلا مالك فإنه قال لا حج له قال ابن عبد البر لا نعلم أحدا من العلماء قال بقوله وممن أوجب الدم أكثر العلماء لقول ابن عباس من ترك نسكا فعليه دم ويجزئه شاة ومحله إذا لم يعد قبل الغروب إليها وفي الإيضاح قبل الفجر وقيل إن عاد مطلقا وفي الواضح ولا عذر وعنه لا يلزمه
____________________
1-
(3/234)
وإن وافاها ليلا فوقف بها فلا دم عليه ثم يدفع بعد غروب الشمس إلى مزدلفة وعليه السكينة فإذا وجد فجوة أسرع فإذا وصل مزدلفة صلى المغرب والعشاء قبل حط الرحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقيل إن عاد مطلقا وفي الواضح ولا عذر وعنه لا يلزمه دم لواقف ليلا وعنه يلزم من دفع قبل الإمام لفعل الصحابة وإن وافاها ليلا فوقف بها فلا دم عليه وحجه تام بغير خلاف نعلمه لقوله عليه السلام من أدرك عرفات بليل فقد ادرك الحج ولأنه لم يدرك جزءا من النهار فلم يلزمه شيء كمن منزله دون الميقات وأحرم منه ثم يدفع بعد غروب الشمس إلى مزدلفة سميت به من الزلف وهو التقرب لأن الحاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي تقربوا ومضوا إليها وتسمى جمعا لإجتماع الناس بها وعليه السكينة قال أبو حكيم مستغفرا وقال الخرقي يكون في طريقه ملبيا ويذكر الله تعالى لقوله عليه السلام في حديث جابر وقد شنق للقصواء بالزمام ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة وفيه أردف الفضل ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة فإذا وجد فجوة أسرع لقول أسامة كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير العنق فإذا وجد فجوة نص أي أسرع قال هشام النص فوق العنق متفق عليه فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء قبل حط الرحال قال ابن المنذر لا اختلاف بين العلماء أن السنة أن يجمع بينهما لفعله عليه السلام رواه جابر وابن عمر واسامة وظاهره أنه بغير أذان وإنما هو بإقامتين فقط فإن اقتصر على إقامة للأولى فلا بأس لحديث ابن عمر أنه عليه السلام جمع بينهما بإقامة واحدة رواه مسلم وإن أذن للأولى وأقام للثانية فحسن قاله في المغني والشرح فإنه مروي عن جابر وهو متضمن لزيادة وكسائر الفوائت والمجموعات قال في الشرح واختار الخرقي الأول وفيه شيء قال ابن المنذر وهو آخر قولي
____________________
1-
(3/235)
فإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأه ومن فاتته الصلاة مع الإمام بمزدلفة أو بعرفة جمع وحده ثم يبيت بها فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم وإن دفع بعده فلا شيء عليه فإن وافاه بعد نصف الليل فلا شيء عليه وإن جاء بعد الفجر فعليه دم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واختار الخرقي الأول وفيه شيء قال ابن المنذر وهو آخر قولي احمد لأن أسامة أعلم بحاله لأنه كان رديفه وإنما لم يؤذن للأولى لأنها في غير وقتها بخلاف المجموعتين بعرفة والسنة أن لا يتطوع بينهما بغير خلاف فإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم واجزأه لأن كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق كالظهر والعصر بعرفة ومن فاتته الصلاة مع الإمام بمزدلفة أو بعرفة جمع وحده لفعل ابن عمر وهو في الأولى إجماع لأن الثانية منهما تصلى في وقتها ولأن كل جمع جاز مع الإمام جاز منفردا كالجمع في السفر ثم يبيت بها وهو واجب لأنه عليه السلام بات بها وقال خذوا عني مناسككم وسماها موقفا فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم لأن مبيت كل الليل أو أكثره بها واجب ولم يوجد واحد منهما فيكون تاركا للواجب فيجب الدم إذا لم يعد ليلا نص عليه وعنه لا يجب كرعاة وسقاة قاله في المستوعب وغيره وعلى المذهب لا فرق بين العامد والساهي والعالم والجاهل لتركه النسك
وإن دفع بعده فلا شيء عليه لقول عائشة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت رواه أبو داوود ولأنه فات معظم الليل والمعظم كالكل فلم يكن تاركا للواجب وإن وافاها بعد نصف الليل فلا شيء عليه لأنه لم يدرك جزءا من النصف الأول فلم يتعلق به حكم كمن أدرك عرفات ليلا وإن جاء بعد الفجر أي طلوعه فعليه دم لتركه الواجب وهو المبيت بها ولا بأس بتقديم الضعفة والنساء لقول ابن عباس كنت فيمن قدم النبي صلى الله
____________________
1-
(3/236)
وحد المزدلفة ما بين المأزمين ووادي محسر فإذا أصبح صلى الصبح بغلس ثم يأتي المشعر الحرام فيرقى عليه أو يقف عنده أو يحمد الله ويكبر ويدعوا فيقول اللهم كما وقفتنا فيها وأريتنا إياها فوفقنا لذكرك كما هدينتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروا كما هدياكم وإن كنتم من قبله من الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم إلى أن يسفر ثم يدفع قبيل طلوع الشمس (1) (1) (1) (1) (1) عباس كنت فيمن قدم النبي عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى متفق عليه لما فيه من الرفق بهم ودفع المشقة عنهم وحد المزدلفة ما بين المأزمين أي مأزمي عرفة وهما جبلان ووادي محسر وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب ونبه المؤلف على ذلك ليعلمك أن أي موضع وقف منها أجزأه لأنه عليه السلام وقف بجمع وقال ارفعوا عن بطن محسر فإذا أصبح صلى الصبح بأذان وإقامة بغلس لقول جابر إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بها حين تبين له الصبح بأذان وإقامة وليتتبع وقت الوقوف عند المشعر الحرام
ثم يأتي المشعر الحرام سمي به لأنه من علامات الحج فيرقى عليه إن أمكنه أو يقف عنده ويحمد الله ويكبره لقوله تعالى { فإذا أفضتم من عرفات } الآية البقرة 198 وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المشعر الحرام فرقى عليه فحمد الله وهلله وكبره ويدعو فيقول اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } البقرة 198 ويكرر ذلك إلى أن يسفر لحديث جابر فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ثم يدفع من مزدلفة قبيل طلوع الشمس ولا خلاف في استحبابه لفعله عليه السلام وقال عمر كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون
____________________
1-
(3/237)
فإذا بلغ محسرا أسرع قدر رمية حجر ثم يأخذ حصى الجمار من طريقه أو من مزدلفة ومن حيث أخذه جاز ويكون أكبر من الحمص ودون البندق وعدده سبعون حصاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أشرق ثبير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس رواه البخاري فإذا بلغ محسرا وهو واد بين مزدلفة ومنى وسمي به لأنه يحسر سالكه أسرع إن كان راجلا أو حرك مركوبه إن كان راكبا لقول جابر فلما أتى بطن محسر حرك قليلا
قال الشافعي في الإملاء لعله فعل ذلك لسعة الموضع وقيل لأنه مأوى الشياطين قدر رميه حجر قال الأصحاب وعليه السكينة والوقار ويلبي مع ذلك
ويأخذ حصى الجمار من طريقه أو من مزدلفة لئلا يشتغل عند قدومه إلى منى بغير الرمي فإنه تحية منى كما أن الطواف تحية البيت وكان ابن عمر يأخذه من جمع وفعله سعيد بن جبير ولأنه إذا أخذه من غير منى كان ابعد من أن يكون قد رمي به ومن حيث أخذه جاز قاله أحمد ولا خلاف في الإجزاء لقوله عليه السلام لابن عباس غداة العقبة وهو على ناقته القط لي حصا فلقطت له سبع حصيات من حصا الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول مثل هذا فارموا رواه ابن ماجه ويكره من الحرم وتكسيره وكذا من الحش قاله في الفصول ويكون أكبر من الحمص ودون البندق كحصى الخذف لقول جابر كل حصاة منها مثل حصى الخذف وعدده سبعون حصاة لأنه يرمي جمرة العقبة يوم النحر بسبع وباقيها في
____________________
1-
(3/238)
فإذا وصل إلى منى وحدها من وادي محسر إلى العقبة بدأ بجمرة العقبة فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة ويرفع يده حتى يرى بياض إبطه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أيام منى كل يوم بإحدى وعشرين كل جمرة بسبع فيكون المجموع ما ذكره فإذا وصل إلى منى سميت به لأنه قدر فيها موت الهدايا والضحايا وحدها من وادي محسر إلى العقبة فدل على أنهما ليسا من منى لأن الحد غير المحدود ويستحب سلوك الطريق الوسطى التي يخرج على الجمرة الكبرى لفعله عليه السلام بدأ بجمرة العقبة هي آخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة وهي عند العقبة وبها سميت فصار علما بالغلبة لأنه عليه السلام بدأ بها ولأنها تحية فلم يتقدمها شيء كالطواف بالبيت فرماها بسبع حصيات راكبا إن كان والأكثر ماشيا نص عليه واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة رواه مسلم ونقل حرب يرمي ثم يكبر ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا لأن ابن مسعود وابن عمر كانا يقولان ذلك وظاهره أنه إذا وضعها من غير رمي لا يجزئه لعدم الرمي بل لو طرحها أجزأت وظاهر الفصول لا لأنه لم يرم فلو رماها دفعة واحدة لم تجزئه عنهما ويؤدب نقله الأثرم فيجزئه عن واحدة ويكمل السبع وظاهره أنه لا يستحب غسلها واستحبه الخرقي في رواية لأنه يروي عن ابن عمر وفي حجر كبير وجهان ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ويرمي على حاجبه الأيمن لفعل عبد الله قال الترمذي حديث صحيح وله الرمي من فوقها لفعل عمر والأول أفضل ويرفع يده قال جماعة يمناه حتى يرى بياض إبطه لأنه أعون على الرمي وأمكن ويشترط علم حصولها في المرمى فلو رماها فوقعت
____________________
1-
(3/239)
ولا يقف عندها ويقطع التلبية مع إبتداء الرمي فإن رمى بذهب أو فضة أو غير الحصى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في غير المرمى فتدحرجت حصاة بسببها فوقعت فيه أو التقطها طائر بعد رميها قبل وصولها لم يجزئه فلو وقعت في مكان صلب ثم تدحرجت إليه أو وقعت على ثوب إنسان فنفضها من وقعت عليه أجزأه نص عليه وقال ابن عقيل لا يجزئه قال في الفروع وهو أظهر لأن فعل الأول انقطع فلو رماها وشك في وقوعها فيه لم يسقط وعنه بلى ذكره ابن البنا وقيل يكفي الظن بوقوعها فيه
فرع إذا عجز عن الرمي جاز أن يستنيب فيه فإذا رمى ثم ترك لم يلزمه إعادته لأن الواجب سقط عنه ولا يسن أن يقف عندها لما روى ابن عمر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف رواه ابن ماجه وروى البخاري معناه في حديث ابن عمر ولضيق المكان ويقطع التلبية مع ابتداء الرمي في قول الجمهور لما روى الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة أخرجاه في الصحيحين ولأنه كان رديفه فهو أعلم بحاله وفي لفظ قطع عند أول حصاة رواه حنبل في المناسك ولأنه يتحلل به فشرع قطعها في ابتدائه كالمعتمر يقطعها بالشروع في الطواف فلو رمى بذهب أو فضة لم يجزئه لأنه عليه السلام لم يرم إلا بالحصى وهو تعبدي وعنه بلى فإن رمى بخاتم فصه حصاة فوجهان أو غير الحصى الظاهر أنه اراد به نحو الكحل والرخام وصرح به ابو الخطاب لأن شرطه الحجرية وهذا ليس منه ويلحق به الجواهر المنطبعة والزبردج والياقوت على المشهور وعنه تجزئ مع الكراهة وعنه تجزئ مع الجهل لا القصد
____________________
1-
(3/240)
أو حجر رمي به مرة لم يجزئه ويرمي بعد طلوع الشمس فإن رمى بعد نصف الليل أجزأه ثم ينحر هديا إن كان معه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لكن الرخام والكدان صرح في المغني والشرح بالإجزاء فيه فدل أنه ملحق بالأحجار وعلى الأول لا ويحتمل أنه أراد الحجر الكبير وفيه روايتان والمذهب أنه لا يجزئ ونقل الزركشي أنه يجزئه على المشهور لوجود الحجرية وكذا القولان في الصغير قاله في المغني أو حجر رمي به مرة لم يجزئه في المنصوص لأنه استعمل في عبادة فلم يستعمل ثانيا كماء الوضوء ولأخذه عليه السلام إياه من غير المرمي ولأنه لو جاز لما احتيج إلى أخذه من غير مكانه ويرمي بعد طلوع الشمس هذا هو الأفضل وحكاه ابن عبد البر إجماعا لقول جابر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة ضحى يوم النحر رواه مسلم وذكر جماعة يسن بعد الزوال فإن رمى بعد نصف الليل أي ليلة الأضحى أجزأه لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت وافاضت رواه أبو داوود وعنه يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس وقال ابن عقيل نصه للرعاء خاصة الرمي ليلا نقله ابن منصور والأول أولى لأنه وقت للدفع من مزدلفة فكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس والأخبار محمولة على الاستحباب فإن أخره إلى آخر النهار جاز فإن غربت قبله فمن غد بعد الزوال ثم ينحر هديا واجبا كان أو تطوعا إن كان معه لحديث جابر أنه عليه السلام رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا ستين بدنه بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر أي بقى واشركه في هديه فإن لم يكن معه هدي وعليه هدي واجب اشتراه ونحره وإلا فإن أحب الأضحية اشترى ما يضحي به
____________________
1-
(3/241)
ويحلق أو يقصر من جميع شعره وعنه يجزئه بعضه كالمسح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قوله ثم ينحر هو مختص بالابل واما غيره فيذبح وكأنه أشار أن الأولى في الهدي أن يكون من الإبل اقتداء به عليه السلام ولا إشكال في مسنونيته وسوقه ووقوفه بعرفة ليجمع فيه بين الحل والحرم وسيأتي
ويحلق بعد النحر فالواو بمعنى ثم لأنه عليه السلام رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم عاد إلى منى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلاق فأخذ شقه الأيمن فحلقه فجعل يقسمه بين من يليه ثم حلق شق رأسه الأيسر رواه أبو داوود فمن ثم تستحب البداءة بأيمنه ويستحب أن يبلغ العظم الذي عند منقطع الصدغ من الوجه ويستقبل القبلة وذكر جماعة ويدعو وفي المغني والشرح يكبر وقت الحلق لأنه نسك قال أبو حكيم ولا يشارطه على أجرة ثم يصلي ركعتين أو يقصر من جميع شعره نص عليه لدعائه عليه السلام للمحلقين وللمقصرين وظاهره التخيير بينهما في قول الجمهور لأن بعضهم حلق وبعضهم قصر ولم ينكره ولكن الحلق أفضل بلا تردد لأنه أبلغ في العبادة وأدل على صدق النية ويكون التقصير من جميع الشعر لقوله تعالى { محلقين رؤوسكم ومقصرين } ة ولأنه بدل عن الحلق فاقتضى التعميم للأمر بالتأسي قال الشيخ تقي الدين لا من كل شعرة بعينها قال جماعة ويكون مقدار الأنملة لأنه من السنة وعنه يجزئه بعضه كالمسح قاله ابن حامد لأنه في معناه قال في الفروع فيجزئ بعضه كالمسح قاله ابن حامد لأنه في معناه قال في الفروع فيجزئ ما نزل عن رأسه لأنه من شعره بخلاف المسح لأنه ليس رأسا ذكره في الفصول والخلاف قال ولا يجزئ شعر الأذن على أنه إنما لم يجزئ لأنه يجب تقصير جميعه
____________________
1-
(3/242)
والمرأة تقصر من شعرها قدر الأنملة ثم قد حل له كل شيء إلا النساء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فائدة ظاهر كلام المؤلف والأكثر أن من لبد أو ضفر أو عقص فكغيره ونقل ابن منصور من فعل ذلك فليحلق أي وجب عليه قال في الخلاف وغيره لأنه لا يمكنه التقصير من كله لإجتماعه فإن لم يكن على رأسه شعر فظاهر كلامه في رواية المروذي أنه يجب إمرار الموسى على رأسه وحمله القاضي على الندب وقدمه في الفروع وهو قول الأكثر ويستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه لأنه عليه السلام قلم أظفاره وشاربه لأنه عليه السلام قلم أظفاره بعد حلق رأسه وكان ابن عمر يأخذ من شاربه وقال ابن عقيل وغيره ولحيته فإن عدم ذلك استحب أن يمر الموسى وقاله أبو إسحاق في ختان
والمرأة تقصر من شعرها قدر الأنملة لما روى ابن عباس مرفوعا ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير رواه أبو داوود ولأن الحلق في حقهن مثله فعلى هذا تقصر من كل قرن قدر الأنملة ونقل أبو داوود تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من اطرافه قدرها وفي منسك ابن الزاغوني يجب أنملة والأشهر يجزئ أقل منها ولم يتعرض المؤلف لحكم العبد وقد صرح في الوجيز بأن حكمه كالمرأة وأنه يقصر ولا يحلق إلا بإذن سيده لأنه تنقص قيمته ثم قد حل له بعد الرمي والنحر والحلق أو التقصير كل شيء إلا النساء لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد حل له كل شيء إلا النساء رواه الأثرم ولأحمد عن ابن عباس مرفوعا معناه فعلى هذا لا يباح له ما كان حراما عليه منهن من القبلة واللمس لشهوة قال القاضي وابنه وابن الزاغوني وقتصر عليه في المغني والشرح
____________________
1-
(3/243)
وعنه إلا الوطء في الفرج والحلق والتقصير نسك إن أخره عن أيام منى فهل يلزمه دم على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعقد النكاح وظاهر كلام جماعة حله قاله الشيخ تقي الدين وذكره عن أحمد
وعنه يحل له كل شيء إلا الوطء في الفرج لأن تحريم المرأة ظاهر في وطئها ولأنه أغلظ المحرمات ويفسد النسك بخلاف غيره ونقل الميموني في المتمتع إذا دخل الحرم حل له بدخوله كل شيء إلا النساء والطيب قبل أن يحلق أو يقصر رواه مالك عن عمر ولأنه من دواعي الوطء أشبه القبلة والحلق والتقصير نسك من الحج والعمرة في ظاهر المذهب لقوله تعالى { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين } الفتح 27 فوصفهم وامتن عليهم بذلك فدل أنه من العبادة مع قوله { ثم ليقضوا تفثهم } الحج 29 قيل المراد به الحلق وقيل بقايا أفعال الحج من الرمي ونحوه ولأمره عليه السلام بقوله فليقصر أو ليحلل ولو لم يكن نسكا لم يتوقف الحل عليه ولأن عليه السلام دعا للمحلقين وللمقصرين وفاضل بينهم فلولا أنه نسك لما استحقوا لأجله الدعاء ولما وقع التفاضل فيه إذ لا مفاضلة في المباح فعلى هذا يثاب على فعله ويذم بتركه إن أخره عن ايام منى فهل يلزمه دم على روايتين إحداهما لادم عليه قدمه جماعة وجزم به في الوجيز لقوله تعالى { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } البقرة 196 فبين أول وقته ولم يبين آخره فمتى أتى به أجزأ كالطواف والثانية عليه دم قدمه في الفروع لأنه ترك النسك في وقته أشبه تاخير الرمي وظاهره أن له تاخيره إلى آخر أيام النحر وصرح به في المغني
____________________
1-
(3/244)
وعنه أنه إطلاق من محظور لا شيء في تركه ويحصل التحلل بالرمي وحده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والشرح لأنه إذا جاز تأخير النحر المقدم عليه فتأخيره أولى ولكن عبارة الشرح أخص وعنه أنه إطلاق من محظور فتاخيره أولى ولكن عبارة الشرح أخص وعنه إنه إطلاق من محظور لقول عليه السلام لأبي موسى حين قال أهللت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل متفق عليه وفي حديث جابر معناه رواه مسلم فأمر بالحل من غير حلق ولا تقصير ولو كان نسكا لما أمر به إلا بعده فهو كاللباس والطيب لاشيء في تركه ويحصل التحلل بدونه وهو مخير بين فعله في أيام منى وبين تأخيره وتركه والأخذ من بعضه دون بعض لأنه ليس بواجب كغيره
ويحصل التحلل بالرمي وحده يحتمل أن هذا تكملة الرواية فيكون معطوفا على قوله لاشيء في تركه ويحتمل أنه مستأنف والأول أظهر واختلفت الرواية فيما يحصل به التحلل فالأكثر على أنه لا يحصل إلا بالرمي والحلق أو التقصير لأمره عليه السلام من لم يكن معه هي ان يطوف ويقصر ثم يحل وعنه أنه يحصل بالرمي وحده صححها في المغني لقوله إذا رميتم الجمرة حل لكم كل شيء إلا النساء وتحقيقه أن يقال هل الأنساك ثلاثة أم اثنان فيه روايتان إحداهما أنه يليه رمي وحلق وطواف والثانية هما نسكان رمي وطاف رفعلى الأول يحصل التحلل الأول بأثنين اختاره الأكثر ويحصل الثاني بفعل الثالث وعلى الثانية يحصل الأول بواحد منهما والثاني بالثاني فعليها الحلق إطلاق من محظور وفي التعليق نسك كالمبيت بمزدلفة ورمي يوم الثاني والثالث واختار المؤلف أنه نسك ويحل قبله وهو رواية والسنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف يرتبها كذلك رواه
____________________
1-
(3/245)
فإن قدم الحلق على الرمي أو النحر جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه وإن فعله عالما فهل يلزمه دم على روايتين ثم يخطب الإمام خطبة يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبو داوود من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وإن قدم الحلق على الرمي أو النحر جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه في قول الأكثر لما روى ابن عمر أن رجلا قال يارسول الله حلقت قبل أن أذبح قال اذبح ولا حرج وقال آخر ذبحت قبل أن ارمي قال ارم ولا حرج وعن ابن عباس مرفوعا معناه متفق عليهما وإذا ثبت ذلك في الجاهل فالناسي مثله وكذا إذا زار أو نحر قبل رميه فلا دم عليه نص عليه وإن فعله عالما عامدا فهل يلزمه دم على روايتين أظهرهما أنه لا دم عليه روي عن عطاء وإسحاق لإطلاق ما تقدم والثانية نقلها أبو طالب وغيره يلزمه دم واختارها أبو بكر لأنه عليه السلام رتبها وأمر باتباعه ويستثنى منه الجهل والنسسيان بدليل قوله لم أشعر فيبقى ماعداه على مقتضى الأصل وظاهر حالة نقل الميموني يلزمه صدقة قال في الشرح لا نعلم خلافا أن الإخلال بالترتيب لا يخرج هذه الأفعال عن الإجزاء وإنما الخلاف في وجوب الدم ثم يخطب الامام خطبة بها يوم النحر نص عليه لقول ابن عباس خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم النحر رواه البخاري قال جماعة بعد صلاة الظهر وفيه نظر لما روى رافع بن عمرو المزني قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلي يعبر عنه والناس بين قائم وقاعد ويفتتحها بالتكبير قاله في الرعاية يعلمهم فيها النحر والافاضة والرمي لقول عبد الرحمن بن معاذ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار رواه ابو داوود ولأن الحاجة تدعو إليه وعنه لا يخطب يومئذ نصره القاضي وأصحابه لأنها تسن في
____________________
1-
(3/246)
ثم يفيض إلى مكة ويطوف للزيارة ويعينه بالنية وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اليوم قبله فلا يسن فيه ثم يفيض إلى مكة لقول عائشة حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله فقلت يارسول الله إنها أفاضت يوم النحر قال أخرجوا متفق عليه ويطوف للزيارة هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم سمي به لأنه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكة بل يعود إلى منى ويسمى طواف الإفاضة لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة ويسمى طواف الصدر لأنه يصدر إليه من منى وقيل طواف الصدر هو طواف الوداع قال المنذري وهو المشهور إذ الصدر رجوع المسافر من مقصده ويعينه بالنية لخبر الأعمال بالنيات ولأن الطواف بالبيت صلاة وهي لا تصح إلا بنية معينة وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج إجماعا قاله ابن عبد البر لقوله { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 وقوله أحابستنا فدل أن هذا الطواف لابد منه وأنه حابس لمن لم يأت به ووصفه بالتمام فإنه لم يبق من أركان الحج سواه فإذا أتى به حصل تمام الحج
لا يقال النص الوارد في عرفة لم يذكر فيه الطواف وان الحج يتم بالوقوف بها لأنه من وقف بعرفة لم يبق حجه متعرضا للفوات والطواف ركن فيه ليس له وقت معين يفوت بفواته وليس فيه ما يمنع فرضيته وظاهره أن المتمتع لا يطوف للقدوم والمنصوص أن المتمتع يطوف للقدوم كعمرته بلا رمل ثم للزيارة لأن طواف القدوم كتحية المسجد عند دخوله قبل شروعه في الصلاة وعنه يجوز قبل فعله الرجوع فيفعله عقب الإحرام ومنع في المغني
____________________
1-
(3/247)
وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر والأفضل فعله يوم النحر فإن أخره عنه وعن أيام منى جاز ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا أو لم يكن سعى مع طواف القدوم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مسنونية هذا الطواف وقال لم أعلم أن احدا وافق ابا عبد الله على هذا الطواف بل المشروع طواف واحد للزيارة لمن دخل المسجد وأقيمت المكتوبة فإنه يكتفي بها مع أنه لم ينقل بالكلية وحديث عائشة دليل عليه فإنها قالت طافوا طوافا واحدا وهذا هو طواف الزيارة ولو كان المذكور طواف القدوم لأخلت بذكر الفرض الذي هو ركن الحج وحكم المكي إذا أحرم منها والمنفرد والقارن إذا لم يأتيا مكة قبل يوم النحر كالمتمتع
وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر لأن أم سلمة رمت ثم طافت ثم رجعت فوافت النبي صلى الله عليه وسلم عند جمرة العقبة وبينها وبين مكة فرسخان وعنه أول وقته طلوع فجر يوم النحر وهما مبنيان على أول وقت الرمي والأفضل فعله يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق لقول جابر ثم افاض النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر إلى البيت فصلى بمكة الظهر وقد سبق حديث عائشة وابن عمر فإن اخره أي طواف الزيارة عنه أي يوم النحر وعن أيام منى جاز لأنه يقال أمر بالطواف مطلقا فمتى أتى به صح بغير خلاف ذكره في الشرح وظاهره أنه لا دم عليه بتاخيره عن يوم النحر واختار في الواضح وجوبه بلا عذر ولا عن أيام منى كالسعي وصرح القاضي وغيره رواية من الحلق قال في الفروع ويتوجه مثله في سعي
ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا لأن السعي أولا لعمرته فيشرع أن يسعى للحج أو لم يكن سعى مع طواف القدوم وهو المفرد والقارن فيسعى لأنه إما ركن أو واجب أو سنة ولم يأت به لأنه لا يكون إلا بعد
____________________
1-
(3/248)
وإن كان قد سعى لم يسع ثم قد حل له كل شيء ثم يأتي زمزم فيشرب منها لما أحب ويتضلع منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + طواف لفعله وأمره عليه السلام بمتابعته إن وكان قد سعى مع طواف القدوم لم يسع لقول جابر لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولاأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول ولأنه لا يستحب التطوع بالسعي كسائر الأنساك بغير خلاف نعلمه بخلاف الطواف فإنه صلاة ثم قد حل له كل شيء لقول عمر لم يحل النبي صلى الله عليه وسلم من شيء حرم منه حتى قضى حجه وتم هديه يوم النحر فأفاض بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وعن عائشة نحوه متفق عليهما وظاهره أن الحل متوقف على السعي نص عليه في رواية أبي طالب وهو ظاهر على القول بركنيته وكذا إن قيل بوجوبه واختاره القاضي في المجرد وصاحب المغني وحكاه في التلخيص رواية وإن قلنا بسنيته ففي حله قبله وجهان وفي المغنى احتمالان أحدهما نعم وهو ظاهر كلام المجد لأنه لم يبق عليه شيء من الواجبات والثاني لا وقطع به في التلخيص لأنه من أفعال الحج فيأتي به في إحرامه بالحج ثم يأتي زمزم فيشرب منها لقول جابر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم بنى عبد المطلب وهم يسقون فناولوه فشرب منه وفي التبصرة ويرش على بدنه وثوبه لما أحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له رواه ابن ماجه وقوله عليه السلام لأبي ذر إنها طعام طعم أي تشبع شاربها كالطعام ويتضلع منه لقول ابن عباس لرجل تضلع منها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم رواه ابن ماجه ويستحب له استقبال الكعبة لقول ابن عباس إذا شربت منها فاستقبل
____________________
1-
(3/249)
ويقول بسم الله اللهم اجعله لنا علما نافعا ورزقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك فصل
ثم يرجع إلى منى ولا يبيت بمكة ليالي منى ويرمي الجمرات بها في أيام التشريق بعد الزوال كل جمرة بسبع حصيات فيبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع حصيات ثم يتقدم قليلا فيقف يدعو الله تعالى ويطيل ثم يأتي الوسطى فيجعلها عن يمينه ويرميها بسبع ويقف عندها فيدعو ثم يرمي جمرة العقبة بسبع ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها ويستقبل القبلة في الجمرات كلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الكعبة واذكر اسم الله ويقول بسم الله اللهم اجعله لنا علما نافعا ورزقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك لأنه لائق به وهو شامل لخير الدنيا والاخرة فيرجى له حصوله وقد ورد عن ابن عباس أنه كان إذا شرب منه يقول اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء قال الحاكم صحيح الاسناد إن سلم من الجارودي فصل
ثم يرجع إلى منى فيصلي بها الظهر يوم النحر نقله ابو طالب لقول ابن عمر أفاض النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى متفق عليه ولا يبيت بمكة ليالي منى بل يبيت بمنى ثلاث ليال ويرمي الجمرات بها في أيام التشريق بعد الزوال نص عليه ويسن قبل الصلاة وجوزه ابن الجوزي قبل الزوال وفي الواضح بطلوع الشمس إلا ثالث يوم كل جمرة بسبع حصيات فيبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع حصيات ثم يتقدم قليلا إلى مكان لا يصيبه الحصى فيقف يدعو الله تعالى ة ويطيل ثم يأتي الوسطى فيجعلها عن يمينه ويرميها بسبع ويقف عندها فيدعو وقيدهما في المحرر قدر سورة البقرة ثم يرمي جمرة العقبة بسبع ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها ويستقبل القبلة في الجمرات كلها لقول عائشة افاض رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يومه
____________________
1-
(3/250)
والترتيب شرط في الرمي وفي عدد الحصى روايتان إحداهما سبع والأخرى يجزئه خمس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية فيطيل المقام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها رواه أبو داوود وروى البخاري عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الأولى بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل ويقوم قياما طويلا ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم ويستقبل القبلة قياما طويلا ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف ويقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فلو ترك الوقوف عندها والدعاء بعد ترك السنة ولاشيء عليه وقال النووي يطعم شيئا وإن أراق دما كان أحب إلي وروي عن أحمد معناه
والترتيب شرط في الرمي يعني يبدأ بالجمرة الأولى ثم بالتي تليها لأنه نسك يتكرر فكان الترتيب شرطا فيه كالسعي فلو نكس فبدأ بجمرة العقبة ثم الثانية ثم الأولى أو بدأ بالوسطى لم يجزئه إلا الأولى واعاد الوسطى والقصوى نص عليه وفي عدد الحصى روايتان إحداهما سبع وهي المذهب لفعله عليه السلام في حديث ابن عمر وابن مسعود وعائشة وفعله خرج بيانا لصفة الرمي المشروع والأخرى يجزئه خمس إذ الأكثر يعطي حكم الكل وقد ثبت عن الصحابة التساهل في البعض وعنه ست لما روى سعد قال رجعنا من الحجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضنا يقول رميت بست وبعض يقول رميت بسبع فلم يعب بعضنا على بعض رواه الأثرم وعن ابن عمر
____________________
1-
(3/251)
فإن أخل بحصاة واجبة من الأولى لم يصح رمي الثانية فإن لم يعلم من أي الجمرات تركها بنى على اليقين وإن اخر الرمي كله فرماه في آخر أيام التشريق أجزأه ويرتبه بنيته وإن أخره عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى من لياليها فعليه دم وفي حصاة أو ليلة واحدة ما في حلق شعرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + معناه فإن اخل بحصاة واجبة من الأولى لم يصح رمي الثانية لإخلاله بالترتيب المشترط فلو كانت غير واجبة لم يؤثر فإن لم يعلم من أي الجمرات تركها بنى على اليقين ليتيقن براءة ذمته كما لو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا وإن أخر الرمي كله ومن جملته رمي يوم النحر فرماه في آخر أيام التشريق أجزأه لأنه وقت الرمي فإذا أخره إلى آخر وقته لم يلزمه شيء كما لو أخر الوقوف بعرفة إلى آخر وقته لكنه ترك السنة ويكون اداء لأنه وقت واحد وقيل قضاء وحمله القاضي على الفعل لقوله تعالى { ثم ليقضوا تفثهم } الحج 29 فلو أخر رمي يوم إلى الغد رمى رميين نص عليه ويرقبه بنيته ومعناه أن نوى الأول فالأول لأن الرمي في أيام التشريق عبادات يجب الترتيب فيها مع فعلها في أيامها فوجب ترتيبها كالمجموعتين والفوات في الصلوات
وإن اخره عن أيام التشريق فعليه دم لقول ابن عباس ولأنه ترك نسكا واجبا كما لو أخر الإحرام عن الميقات ولا يأتي به كالبيتوتة بمنى أو ترك المبيت بمنى من لياليها فعليه دم اختاره الأكثر لوجوبه ولقول ابن عباس لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد يبيت بمكة إلا العباس من أجل سقايته رواه ابن ماجه وعنه لا يجب اختاره أبو بكر لقول ابن عباس إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت ولأنه قد حل من حجه فلم يجب عليه المبيت بموضع معين وعنه يتصدق بشيء نقله الجماعة قاله القاضي وفي حصاة أو مبيت ليلة ما في حلق شعرة على الخلاف أما أولا فظاهر فظاهر نقل الأثرم يتصدق بشيء قاله القاضي وعنه عمدا وعنه عليه دم قطع به في المحرر وهو خلاف نقل الجماعة والأصحاب وعنه في ثنتين كثلاث في المنصوص
____________________
1-
(3/252)
وليس على أهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى فإن غربت الشمس وهم بمنى لزم الرعاء المبيت دون أهل السقاية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعنه واحدة هدر وعنه وثنتان وأما ثانيا فذكر جماعة أنه يلزمه دم وعنه كشعرة لأنها ليست نسكا بمفردها بخلاف مزدلفة قاله القاضي وعنه لا يجب شيء
وليس على اهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى لما روى ابن عمر أن العباس أستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته متفق عليه وروى أبو البداح بن عاصم عن أبيه قال رخص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاء الابل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر يرمونه في أحدهما رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولأنهما يشتغلون باستقاء الماء والرعي فرخص لهم في ذلك فعلى هذا لهم الرمي بليل أو نهار
فائدة أهل السقاية هم الذين يسقون على زمزم والرعاء بضم بضم الراء وهاء في آخره وبكسر الراء ممدودا بلا هاء وهي لغة القرآن فإن غربت الشمس وهم بمنى لزم الرعاء المبيت لأن ترك المبيت بها إنما كان للحاجة فإذا غربت زالت حاجة الرعاء لأن وقته النهار وصار كالمريض الذي سقط عنه حضور الجمعة لمرضه فإذا حضرها تعينت عليه دون أهل السقاية لأنهم يسقون ليلا ونهارا
فرع من له مال يخاف ضياعه أو موت مريض قال المؤلف
____________________
1-
(3/253)
ويخطب الإمام في اليوم الثاني من أيام التشريق خطبة يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير وتوديعهم فمن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل غروب الشمس فإن غربت وهو بها لزمه المبيت والرمي من الغد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكذا عذر خوف أو مرض كالرعاء في ترك البيتوتة للمعنى ويخطب الامام في اليوم الثاني من أيام التشريق خطبة لما روى أبو داوود عن رجلين من بني بكر قالا رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بين اوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته يعلمهم فيها حكم التعجيل والتاخير وتوديعهم لأن الحاجة تدعو إلى ذلك ليذكر العالم ويعلم الجاهل نقل الأثرم من الناس من يقول يزور البيت كل يوم من أيام منى ومنهم من يختار الإقامة بمنى واحتج أحمد بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفيض كل ليلة فمن أحب أن يتعجل في يومين أي يعجل في اليوم الثاني من أيام التشريق وهو النفر الأول خرج قبل غروب الشمس لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } البقرة 203 والتخيير هنا لجواز الأمرين وإن كان التأخير أفضل وظاهره يشمل مريد الاقامة بمكة وغيره وهو قول أكثر العلماء وعنه لا يعجبني لمن نفر الأول أن يقيم بمكة لقول عمر وحمله في المغني على الاستحباب محافظة على العموم فلو عاد فلا يضر رجوعه لحصول الرخصة وليس عليه رمي اليوم الثالث قاله أحمد ويدفن بقية الحصا في الأشهر زاد بعضهم في المرمى وفي منسك ابن الزاغوني يرمي بهن كفعله في اللواتي قبله فإن غربت وهو بها لزمه المبيت والرمي من الغد لأن الشرع جوز التعجيل في اليوم وهو اسم لتأخر النهار فإذا غربت الشمس خرج من أن يكون في اليوم فهو ممن تاخر وعن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول من غربت له الشمس في أوسط أيام التشريق وهو بمنى فلا ينفر حتى يرمي الجمار من الغد رواه مالك ويكون الرمي بعد الزوال
____________________
1-
(3/254)
فإذا أتى مكة لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف إذا فرغ من جميع أموره فإن ودع ثم اشتغل في تجارة أو أقام اعاد الوداع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نص عليه وقول الزركشي إنها رواية مرجوحة فيه بعد وعنه أو قبله وهو النفر الثاني لكن ليس للامام المقيم للمناسك التعجيل لأجل من يتأخر قاله الأصحاب
فائدة يستحب لمن نفر أن يأتي المحصب وهو الأبطح وحده ما بين الجبلين إلى المقبرة فيصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع يسيرا ثم يدخل مكة وكان ابن عمر يري التحصيب سنة وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر وعثمان ينزلون بالأبطح قال الترمذي حسن غريب ولا خلاف في عدم وجوبه
فإذا أتى مكة لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف إذا فرغ من جميع أموره لما روى ابن عباس قال امر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض متفق عليه قال القاضي وأصحابه إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج وإنه لو أراد المقام بمكة ولا وداع عليه سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده ومن منزله في الحرم فهو كالمكي وذكر في التعليق واختاره الشيخ تقي الدين أن طواف الوداع ليس من الحج ولا يتعلق به فيمن وطئ بعد التحلل ثم يصلي ركعتين ويقبل الحجر قاله في المستوعب كلما دخل فإن ودع ثم اشتغل في تجارة قال ابن عقيل وابن الجوزي أو شراء حاجة بطريقه أو أقام بعد الوداع لغير شد رحل نص عليه أعاد الوداع للخبر السابق قيل له في رواية أبي داوود ودع ثم نفر يشتري طعاما يأكله قال لا يقولون حتى يجعل الردم وراء ظهره ونص في رواية أبي طالب لا يلتفت فإن التفت ودع
____________________
1-
(3/255)
ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع فإن خرج قبل الوداع رجع إليه فإن لم يمكنه فعليه دم إلا الحائض والنفساء لا وداع عليهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قدمه في التعليق وغيره وحمله جماعة على الندب وذكر ابن الزاغوني وابن عقيل لا يولي ظهره حتى يغيب قال الشيخ تقي الدين هذا بدعة مكروهة وقطع في المغني والشرح أنه إن قضى حاجة في طريقه أو اشترى زادا أو شيئا لنفسه في طريقه لم يعده لأن ذلك ليس بإقامة
ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع في ظاهر المذهب لأنه أمر أن يكون آخر عهده بالبيت وقد فعله ولأن ما شرع لتحية المسجد يجزىء عنه الواجب من حقه كتحية المسجد وركعتي الطواف والإحرام تجزىء عنهما المفروضة والثانية لا لاختلافهما كالصلاتين الواجبتين وكما لو نوى بطوافه الواداع عن طواف الزيارة ويصير حكمه حكم من تركه لأنه ركن لا يتم الحج إلا به فإذا تركه ورجع إلى بلده رجع حراما عن النساء إن كان قد رمى جمرة العقبة وإلا فحراما عن كل شيء
فإن خرج قبل الواداع رجع إليه مع إمكانه لقرب المسافة او بعدها وليس هناك خوف على نفس ولا مال ولا فوات رفقة لأنه أمكنه الإتيان بالواجب من غير مشقة تلحقه فإن رجع القريب لم يلزمه إحرام لأنه رجع لإتمام نسك مأمور به كرجوعه لطواف الزيارة والبعيد يحرم بعمرة ويأتي بها ثم يطوف لوداعه ولا يجاوز الميقات إن كان إلا محرما لأنه ليس من أهل الأعذار وفي سقوط الدم عنه خلاف فإن لم يمكنه الرجوع فعليه دم لتركه الواجب في الحج وظاهره أنه لا يلزمه الرجوع لما فيه من المشقة أشبه ما لو وصل إلى بلدة إلا الحائض والنفساء لا وداع عليهما ولا فدية لذلك في قول عامة العلماء
____________________
1-
(3/256)
فصل
وإذا فرغ من الوداع وقف في الملتزم بين الركن والباب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + للنص السابق في الحائض والنفساء مثلها فيما يجب ويسقط لكن يسن أن تقف عند باب المسجد فتدعو فإن طهرت قبل مفارقة البنيان اغتسلت وودعت لأنها في حكم الإقامة فإن لم يمكنها الإقامة فمضت أو مضت لغير عذر فعليها دم وإن كان بعده لم يلزمها الرجوع لخروجها عن حكم الحضر
فرع إذا ودع ثم اقام بمنى ولم يدخل مكة جاز وإن خرج غير حاج فظاهر كلام الشيخ تقي الدين لا يودع فصل
يستحب دخول البيت فيكبر في نواحيه ويصلي فيه ركعتين ويدعو الله تعالى لفعله عليه السلام والحجر منه متجردا من الخف والنعل والسلاح نص على ذلك والنظر إليه عبادة وإذا نزعت ثيابها تصدق بها قاله أحمد وإذا فرغ من الوداع وقف في الملتزم وذرعه أربعة أذرع بين الركن وهو الحجر الأسود والباب أي باب الكعبة فيلتزمه ويلصق به صدره ووجهه وجميعه لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قال طفت مع عبد الله فلما جاء دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ قال نعوذ بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل رواه أبو داوود وذكر أحمد أنه يأتي الحطيم وهو تحت الميزاب فيدعو
وذكر الشيخ تقي الدين أنه يأتي زمزم فيشرب منها ويستلم الحجر الأسود
____________________
1-
(3/257)
فقال اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك لي بيتك وأعنتني على أداء نسكي فإن كنت رضيت عني فازدد علي رضى وإلا فمن الآن قبل أن ينأى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إن اذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني وأجمع لي بين خيري الدنيا والاخرة إنك على كل شيء قدير ويدعو بما احب ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن المرأة إذا كانت حائضا لم تدخل المسجد ووقفت عند بابه ودعت وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وينصرف رواه منصور عن مجاهد فقال في التزامه اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على اداء نسكي فإن كنت رضيت عني فازدد علي رضى وإلا فمن الآن الوجه فيه ضم الميم وتشديد النون على أنه صيغة أمر من من يمن ويجوز فيه كسر الميم وفتح النون على أنها حرف جر لأبتداء الغاية والآن الوقت الحاضر وهو مبني على الفتح قبل أن يناى أي يبعد عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إن اذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فأصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير وهكذا في المحرر وحكاه في الشرح عن بعض الأصحاب لأنه لائق بالمحل ويدعو بما أحب وأي شيء دعا به فحسن ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء لايرد حيث اقترن بها إلا أن المرأة إذا كانت حائضا لم تدخل المسجد لأنها ممنوعة من دخوله ووقفت عند بابه ودعت بذلك أو بغيره إذ لا محذور من ذلك ولمساواتها الرجل فيه
وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما روى ابن عمر أن
____________________
1-
(3/258)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النبي صلى الله عليه وسلم قال من زار قبري وجبت له شفاعتي رواه الدارقطني من طرق وروى أيضا عن ابن عمر مرفوعا من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وفي رواية وصحبني فظاهره أنه بعد الرجوع مطلقا لكن نقل أبو طالب إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة فيسلم عليه لما روى أبو داوود عن أبي هريرة مرفوعا ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وظاهره أن هذه الفضيلة تحصل لكل مسلم قريبا كان أو بعيدا لكن قال أحمد في رواية عبد الله عن يزيد بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا ما من احد يسلم علي عند قبري فهذه الزيادة مقتضاها التخصيص وروي عن العتبي قال كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يارسول الله سمعت الله يقول { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } النساء 64 وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي
ثم أنشد يقول
% يا خير من دفنت بالقاع أعظمه % % فطاب من طيبهن القاع والأكم % % نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه % % فيه العفاف وفيه الجود والكرم %
ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ياعتبى الحق الأعرابي وبشره أن الله قد غفر له ويكون في سلامه مستقبلا له لا للقبلة ثم يستقبلها ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو وفي المستوعب وغيره أنه يستقبله ويدعو وظاهره قرب من الحجرة أو بعد منها ولا يستحب تمسحه
____________________
1-
(3/259)
وزيارة قبر صاحبيه رضي الله عنهما فصل في صفة العمرة
من كان في الحرم خرج إلى الحل فاحرم منه والأفضل ان يحرم من التنعيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بحائط القبر نقل أبو الحاررث يدنو منه ولا يتمسح به يقوم حذاءه فيسلم لفعل ابن عمر وعنه بلي ورخص في المنبر لأنه كان يرتقي عليه وزيارة قبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بعد الفراغ من السلام على سيد البشر يتقدم قليلا فيقول السلام عليك يت أبا بكر الصديق السلام عليك يا عمر الفاروق السلام علسكما يا صاحبي رسول الله صبلى الله عليه وسلم وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله وبركاته اللهم أجزهما عن نبيهما وعن الإسلام خيرا سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك صلى الله عليه وسلم ومن مسجدك يا أرحم الراحمين
أصل لا ترفع الأصوات عند حجرته عليه السلام كما لا يرفع فوق صوته لأنه في التوقير والحرمة كحياته وظاهر كلام جماعة أن هذا أدب مستحب وليس بواجب خلافا لبعض العلماء فصل في صفة العمرة من كان في الحرم خرج إلى الحل فأحرم منه وكان ميقاتا له بغير خلاف نعلمه ولا فرق فيه بين المكي وغيره وعن أحمد أن المكي كلما تباعد فيها فهو اعظم للأجر
والأفضل أن يحرم من التنعيم لأنه عليه السلام أمر عبد الرحمن أن يعمر عائشة منه قال ابن سيرين بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم وهو ادنى الحل ولأنه يجب الجمع في النسك بين الحل والحرم وأفعال العمرة
____________________
1-
(3/260)
فإن احرم بها من الحرم لم يجز وينعقد وعليه دم ثم يطوف ويسعى ثم يحلق أو يقصر وقد حل وهل يحل قبل الحلق والتقصير على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كلها في الحرم فلم يكن بد من الجمع بينهما بخلاف الحج لافتقاره إلى الوقوف بعرفة وهي من الحل ثم الجعرانة ثم الحديبية فإن أحرم بها من الحرم لم يجز لمخالفة أمره عليه السلام وينعقد إحرامه كما لو أحرم بعد أن جاوز الميقات وعليه دم لتركه الواجب فلو خرج إلى الحل قبل الطواف ثم عاد أجزأه لأنه قد جمع بين الحل والحرم وعمرته صحيحة وإن لم يخرج لأنه قد أتى بأركانها وإنما أخل بالإحرام من ميقاتها وقد جبره ثم يطوف ويسعى ثم يحلق أو يقصر وقد حل لأن العمرة أحد النسكين فيحل بفعل ما ذكرر كحله من الحج بأفعاله وهل يحل منها بالطواف والسعي قبل الحلق والتقصير على روايتين أصلهما هل الحلاق أو التقصير نسك في العمرة كالحج أم لا فيه روايتان فإن قلنا هو نسك لم يحل قبله كالطواف وإن قلنا ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور حل قبله كالطيب فصل
لا يكره الاعتمار في السنة أكثر من مرة ويكره الإكثار والموالاة بينهما باتفاق السلف قال أحمد إن شاء كل شهر وقال لا بد يحلق أو يقصر وفي عشرة أيام يمكن واستحبه جماعة ويستحب تكرارها في رمضان لأنها تعدل حجة وكره الشيخ تقي الدين الخروج من مكة لعمرة تطوع وانه بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابي على عهده سوى عائشة لا في رمضان ولا في غيره اتفاقا وفيه نظر
____________________
1-
(3/261)
وتجزئ عمرة القارن والعمرة من التنعيم عن عمرة الإسلام في أصح الروايتين فصل
أركان الحج الوقوف بعرفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وتجزئ عمرة القارن والعمرة من التنعيم عن عمرة الإسلام في أصح الروايتين أما عمرة المتمتع فتجزئ عنها بغير خلاف نعلمه وأما عمرة القارن وهو الذي جمع الحج والعمرة أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج لا تجزئ عن عمرة الإسلام في رواية اختارها أبو بكر لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 وإتمامهما الاتيان بأفعالهما على وجه الكمال ولم يوجد ولأمره عليه السلام عائشة أن تعتمر من التنعيم ولو كانت عمرتها في قرانها أجزأتها لما أعمرها بعدها ولأنها ليست كاملة إذ لا طواف فيها والثانية وهي الأصح أنها تجزئ عنها لقوله عليه السلام لعائشة لما قرنت وطافت قد حللت من حجتك وعمرتك رواه مسلم ولأن الواجب عمرة واحدة وقد اتى بها صحيحة فأجزأت كعمرة المتمتع ولأن عمرة القارن أحد النسكين للقارن فأجزأت كالحج وأما عمرة عائشة من التنعيم فإنما كانت لتطييب قلبها وإجابة مسألتها ولو كانت واجبة لأمرها هو بها قبل سؤالها والأصح أن العمرة المفردة من التنعيم تجزئ عن عمرة الإسلام لحديث عائشة ولأن الحج يجزئ من مكة فالعمرة من أدنى الحل في حق المفرد أولى والثانية لا لأنه عليه السلام أحرم في عمرة القضاء من ذي الحليفة وروي من الجعرانة وصححه صاحب النهاية في غير سنة القضاء
وجوابه أنه مر بها أو لأن القضاء يحكي الأداء فصل
أركان الحج الوقوف بعرفة لما روي أن رجلا قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(3/262)
وطواف الزيارة وعنه أنها أربعة الوقوف والإحرام والطواف والسعي وعنه أنها ثلاثة وأن السعي سنة واختار القاضي أنه واجب وليس بركن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بعرفة فجاءه نفر من أهل نجد فقالوا يارسول الله كيف الحج قال الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر فقد تم حجه رواه ابو داوود وابن ماجه قال محمد بن يحيى ما أرى للثوري حديثا أشرف منه وطواف الزيارة لقوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 ولما روت عائشة في شأن صفية وأن الطواف حابس لمن لم يأت به ولو تركه رجع معتمرا نقله جماعة
وعنه أنها أربعة الوقوف والطواف وقد تقدما لحديث الأعمال ولأنه عبارة عن نية الدخول في الحج فلم يتم إلا به كنية الصلاة واختلفت الرواية فيه هل هو ركن وجزم به في الوجيز والمحرر أو شرط قال ابن المنجا لا نعرف أحدا من الأصحاب قال به وفي كلام جماعة ما ظاهره رواية بجواز تركه وفي الإرشاد سنة وفيه بعد والسعي هذا هو المشهور لقوله عليه السلام في حديث حبيية بنت أبي تجراة أحد نساء بني عبد الدار إسعوا فإن الله كتب عليكم السعي رواه أحمد ولأنه نسك في الحج والعمرة فكان ركنا فيهما كالطواف وعنه أنها ثلاثة وأن السعي منه روي عن ابن عباس وابن الزبير لقوله تعالى { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } البقرة 158 ونفي الحرج عن فاعله دليل عدم وجوبه وفي مصحف أبي وابن مسعود فلا جناح عليهما أن لا يطوف بهما وهذا وإن لم يكن قرآنا فلا ينحط عن رتبة الخبر ولأنه نسك ذو عدد لا يتعلق بالبيت فلم يكن ركنا كالرمي واختار القاضي أنه واجب وليس بركن هذا رواية وجزم بها في الوجيز لأنها من أفعال الحج
____________________
1-
(3/263)
وواجباته سبعة الإحرام من الميقات والوقوف بعرفة إلى الليل والمبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل والمبيت بمنى والرمي والحلاق وطواف الوداع وما عدا هذا سنن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فكان واجبا كطواف الوداع فعلى هذا إن تركه أجبره بدم وهو قول الحسن والثوري
قال في المغني قول القاضي أقرب إلى الحق إن شاء الله تعالى وفي الشرح وهو أولى لأن دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب لا على أنه لا يتم الحج إلا به وحديث حبيبة يرويه عبد الله بن المؤمل وفيه كلام ثم هو يدل على أنه مكتوب والواجب كذلك والآية نزلت لأن ناسا تحرجوا من السعي لأجل صنمين كانا بين الصفا والمروة كذلك قالت عائشة
وواجباته سبعة الإحرام من الميقات المعتبر له لأنه عليه السلام ذكر المواقيت وقال هن لهن ولمن مر عليهن والوقوف بعرفة إلى الليل لأنه من أدركها نهارا يجب عليه أن يجمع بين جزء من النهار وجزء من الليل ولو غلبه نوم بعرفة نقله المروذي والمبيت بمزدلفة على الأصح إلى بعد نصف الليل لأن من أدرك مزدلفة أول الليل يجب عليه المبيت بها معظم الليلة والمبيت بمنى لفعله وأمره عليه السلام وفي الواضح في مبيت بمزدلفة ومنى ولا عذر إلى بعد نصف الليل والرمي والحلاق على ما تقدم وطواف الواداع في الأصح وهو الصدر لقوله عليه السلام لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت رواه مسلم وظاهره ولو لم يكن بمكة قال الآجري يطوفه متى اراد الخروج من مكة او منى أو من نفر آخر قال في المستوعبلا يجب على غير الحاج وكذا الترتيب واجب على الأصح وما عدا هذا سنن الاغتسال وطواف القدوم والدفع مع الإمام وفيهما رواية والمبيت بمنى
____________________
1-
(3/264)
وأركان العمرة الطواف وفي الإحرام والسعي روايتان وواجبها الحلاق في إحدى الروايتين فمن ترك ركنا لم يتم نسكه إلا به ومن ترك واجبا فعليه دم ومن ترك سنة فلا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ليلة عرفة قطع به الأكثر لأنها استراحة وفي الرعاية واجب وفي عيون السمائل يجب الرمل والاضطباع ونقل حنبل إذا نسي الرمل فلا شيء عليه وقاله الخرقي وغيره واستلام الركنين وتقبيل الحجر والأذكار والأدعية والصعود على الصفا والمروة وأركان العمرة الطواف كالحج وفي الإحرام بها وإحرامها من ميقاتها والسعي روايتان جزم في المحرر والوجيز بأن الإحرام بها ركن وفي الفصول السعي فيها ركن بخلاف الحج لأنها أحد النسكين فلا يتم إلا بركنين كالحج وواجبها الحلاق في احدى الروايتين بناء على الخلاف في الحج وسننها الغسل والذكر والدعاء
فمن ترك ركنا أو النية لم يتم نسكه أي لم يصح نسكه ومن ترك واجبا ولو سهوا فعليه دم فإن عدمه ككصوم المتعة والإطعام عنه وفي الخلاف وغيره الحلاق والتقصير لا يتوب عنه ولا يحلل إلا به على الأصح ومن ترك سنة فلا شيء عليه أي هدر لأنها ليست واجبة فلم يجب جبرها كسنن سائر العبادات قاله وفي الشرح وذكر في الفصول وغيره ولم يشرع الدم عنها لأن جبران الصلاة أدخل فيتدعى إلى صلاته من صلاة غيره فصل
يعتبر في أمير الحاج كونه مطاعا ذا رأي وشجاعة وهداية وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم في المسير والنزول والرفق بهم والنصح لهم ويلزمهم طاعته
____________________
1-
(3/265)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في ذلك ويصلح بين الخصمين ولا يحكم إلا أن يفوض إليه فيعتبر كونه م أهله وقال الآجري يلزمه علم خطب الحج والعمل بها وقال الشيخ تقي الدين من جرد معهم وجمع له من المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق أبيح له ولا ينقص أجره وله أجر الجهاد والحج وهذا كأخذ بعض الإقطاع ليصرفه في المصالح وليس في هذا خلاف ويلزم المعطي بذل ما أمر به وشهر السلاح عند تبوك بدعة وليس من تمام الحج ضرب الجمالين خلافا للأعمش وحمله ابن حزم على الفسقة
____________________
1-
(3/266)
& باب الفوات والإحصار &
ومن طلع عليه الفجر يوم النحر ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج ويتحلل بطواف وسعي وعنه ينقلب إحرامه لعمرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الفوات والاحصار &
الفوات مصدر فات فوتا يفوت وفواتا إذا سبق ولم يدرك والإحصار مصدر أحصره مرضا كان أو عدوا وحصره أيضا حكاهما جماعة من أهل اللغة
وأصل الحصر المنع يقال حصره فهو محصور واحصره المرض فهو محصر قال بعضهم هو المشهور
ومن طلع عليه الفجر يوم النحر ولم يقف بعرفة لعذر حصر أو غيره فقد فاته الحج لا خلاف أن آخر وقت الوقوف آخر ليلة النحر وأن الحج يفوت بفواته لقول جابر لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع قال أبو الزبير فقلت له أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال نعم رواه الأثرم ويتحلل بطواف وسعي صححه في الشرح زاد وحلق وهو قول جماعة من الصحابة واختاره ابن حامد وظاهره أنه ليس عمرة لأن إحرامه انعقد بأحد النسكين فلم ينقلب إلى الاخر كما لو أحرم بالعمرة وحكى ابن أبي موسى رواية أنه يمضي في حج فاسد ويقضيه فيلزمه جميع أفعال الحج لأن سقوط ما فات وقته لا يمنع وجوب ما لم يفت وعنه ينقلب إحرامه لعمرة قدمه في الفروع واختاره الأكثر وهو المذهب لقول عمر لأبي أيوب لما فاته الحج اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن ادركت الحج قابلا فحج واهد ما استيسر من الهدي رواه الشافعي وروى النجاد بإسناده عن عطاء مرفوعا نحوه ولأنه فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمعه أولى وهذا أن لم يختر البقاء على إحرامه ليحج من قابل وظاهره أن القارن
____________________
1-
(3/267)
ولا قضاء عليه إلا أن يكون فرضا وعنه عليه القضاء وهل يلزمه هدي على روايتين إحداهما عليه هدي يذبحه في حجة القضاء إن قلنا عليه قضاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيره سواء لأن عمرته لا تلزمه أفعالها ولا تجزئه عن عمرة الإسلام في المنصوص لوجوبها كمنذورة وعنه لا ينقلب ويتحلل بعمرة جزم به في المحرر والوجيز وذكر القاضي أنه اختيار ابن حامد فيدخل إحرام الحج على الأولة فقط وقال أبو الخطاب وعلى الثانية يدخل إحرام العمرة ويصير قارنا ولا قضاء عليه إذا كان نفلا لأن الأحاديث الواردة دالة على أن الحج مرة واحدة فلو وجب قضاء النافلة كان الحج أكثر من مرة ولأنها تطوع فلم يلزمه قضاؤها كسائر التطوعات إلا أن يكون فرضا فيجب قضاؤه بغير خلاف لأنه فرض ولم يأت به على وجهه فلم يكن بد من الاتيان به ليخرج عن عهدته وتسميته قضاء باعتبار الظاهر وعنه عليه القضاء اختاره الخرقي وجزم به في الوجيز قال في الفروع والمذهب لزوم قضاء النفل كالإفساد وهو قول جماعة من الصحابة ولأنه يلزم بالشروع فيصير كالمنذور بخلاف غيره من التطوعات وأما كون الحج مرة فذاك الواجب بأصل الشرع
وهل يلزمه هدي على روايتين إحداهما عليه هدي صححها في الشرح وقدمها في المحرر وذكر ابن المنجا أنها المذهب لحديث عطاء من فاته الحج فعليه دم قيل مع القضاء وقيل يلزمه في عامه ولكن يلزمه أن يذبجه في حجة القضاء إن قلنا عليه قضاء لما روى الأثرم أن هبار بن الأسود حج من الشام فقدم يوم النحر فقال له عمر انطلق إلى البيت فطف به سبعا وإن كان معك هدي فانحره ثم إذا كان عام قابل فاحجج فإن وجدت سعة
____________________
1-
(3/268)
وإلا ذبحه في عامه وإن أخطا الناس فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فاهد فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت فعلى هذا يذبحه بعد تحلله من القضاء كدم التمتع محله ما لم يشترط أولا فإن اشترط فلا جزم به في الوجيز وصححه في الفروع وإلا ذبحه في عامه إن لم يجب عليه قضاؤه إذ لا معنى لتاخيره وسواء كان ساق هديا أم لا نص عليه والهدي ما استيسر كهدي المتعة وفي الوجيز بدنة ويستثنى منه العبد فإنه عاجز عنه لأنه لا مال له فهو كالمعسر ويجب الصوم فإن ملكه سيده هديا وأذن له في ذبحه خرج على الخلاف والثانية لا هدي عليه لأنه لو لزمه ذلك لزمه هديان هدي للإحصار وهدي للفوات وفيه شيء لأن المحصر لو كان قارنا وحل بما قلنا كان عليه فعل ما أهل به من قابل نص عليه وفيه وجه يجزئه ما فعله عن عمرة الإسلام فلا يلزمه إلا قضاء الحج فقط ويلزمه هديان لقرانه وفواته وقيل يلزمه هدي ثالث للقضاء وفيه نظر لأن القضاء لا يجب له شيء وإنما هو للفوات بدليل أن الصحابة لم يأمروه بأكثر من هدي واحد
وإن أخطأ الناس فوقفوا في غير يوم عرفة كالثامن والعاشر أجزأهم نص عليه لما روى الدارقطني بإسناده عن عبد العزيز بن عبد الله بن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم عرفة الذي يعرف الناس فيه وذكر الشيخ تقي الدين خلافا في مذهب أحمد هل يوم عرفة باطنا بناء على أن الهلال اسم لما يطلع في السماء أو لما يراه الناس ويعلمونه والثاني الصواب ويدل عليه لو أخطؤوا لغلط في العدد او في الطريق ونحوه فوقفوا العاشر لم يجزئهم إجماعا وذكر
____________________
1-
(3/269)
وإن أخطا بعضهم فقد فاته الحج ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديا في موضعه وحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن الوقوف مرتين بدعة لم يفعله السلف فلو رآه طائفة قليلة لم ينفردوا بالوقوف بل الوقوف مع الجمهور واختار في الفروع يقف مرتين إن وقف بعضهم لا سيما من رآه وإن أخطا بعضهم فقد فاته الحج وفي الانتصار عدد يسير وفي التعليق الواحد والاثنان وفي الكافي و المحرر نفر قال ابن قتيبة يقال إن النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة لقول عمر لهبار ما حبسك قال وحسبت أن اليوم يوم عرفة فلم يعذره بذلك
ومن أحرم فحصره عدو لم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديا في موضعه وحل بغير خلاف نعلمه وسنده { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } البقرة 196 قال في المغني والشرح قال الشافعي لا خلاف بين أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في حصر الحديبية وعن المسور بن مخرمة ومروان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صلح الحديبية لما فرغ من قضية الكتاب لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا رواه البخاري ولأن الحاجة داعية إلى الحل لما في تركه من المشقة العظيمة وهي منتفية شرعا ولا فرق في الإحصار بين الحج والعمرة أو بهما صرح به جماعة منهم صاحب الشرح لأن الصحابة حلوا في الحديبية وكانت عمرة وفي كلامه إشعار بأنه محمول على غير العمرة وصرح به في الإرشاد والمبهج والفصول لأنها لا تفوت وفي بعض النسخ ولم يكن له طريق إلى الحل فلا إشكال وظاهره لا فرق بين الحج الصحيح والفاسد ولا قبل الوقوف أو بعده نص عليه وذكرر المؤلف بل يكون قبل تحلله الأول وقد نبه على ما يشترط للتحلل
____________________
1-
(3/270)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فمنها أن لا يجد طريقا آخر آمنا فإن وجده لزمه سلوكه وإن بعد وخاف الفوات لأنه امكنه الوصول أشبه من لم يحصره أحد
ومنها أن يحصره ظلما فيشمل ما إذا أحاط به العدو من جميع الجوانب قال في التلخيص وعندي أنه ليس له التحلل لأنه لا يتخلص منه فهو كالمرض وشمل الحصر العام والخاص كما لو حصر منفردا بأن أخذته اللصوص أو حبس وحده فلو حبس بحق يلزمه ويمكنه أداؤه لم يكن له التحلل وشمل العدو الكافر والمسلم والتحلل مباح لحاجته في الدفع إلى قتال أو بذل مال كثيرر فإن كان يسيرا والعدو مسلم ففي وجوب البذل وجهان وقياس المذهب وجوب بذله كالزيادة في ثمن الماء للوضوء ذكره في الشرح ومع كفر العدو يستحب قتاله إن قوي المسلمون وإلا فتركه أولى
ومنها أن ينحر هديا في موضعه إن أمكنه أو بدله إن عجز عنه وهو الصيام لأنه عليه السلام هكذا فعل وأمر به اصحابه فينحره بنية التحلل به وجوبا فكانه كالحلق يجوز له فقط في الحل قاله في الانتصار وذكر غيره يجوز له ولغيره في الحل وعنه ينحره في الحرم فيواطئ رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه روي عن ابن مسعود وحمله في المغني على من حصره خاص أما في العام فلا لأنه يفضي إلى تعذر الحل بتعذر وصول الهدي إلى محله وعنه لا يجزئه الذبح إلا يوم النحر لأن هذا وقت ذبحه وقيدها في الكافي ما إذا ساق هديا وفي الفروع بالمفرد والقارن وظاهره أنه لا يجب الحلق وهو رواية لعدم ذكره في الآية ولأنه مباح ليس بنسك خارج
____________________
1-
(3/271)
فإن لم يجد هديا صام عشرة أيام ثم حل ولو نوى التحلل قبل ذلك لم يحل وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحرم لأنه من توابع الإحرام كالرمي وعنه بلى اختارها في التعليق وبناهما في الكافي على أنه نسك أو إطلاق من محظور واشترطت النية هنا دون ما تقدم لأن ن أتى بأفعال النسك فقد أتى بما عليه فيحل منها بإكمالها فلم يحتج إلى نية بخلاف المحصر فإنه يريد الخروج من العبادة قبل إتمامها فافتقر إليها فإن الذبح قد يكون لغير التحلل فلم يتخصص إلا بقصده بخلاف الرمي فإن لم يجد هديا أي لم يكن معه ولا يقدر عليه صام عشرة أيام بالنية كالهدي ولأنه دم واجب للإحرام فكان له بدل ينتقل إليه كدم المتعة ثم حل نقله الجماعة فعلم أنه لا يحل إلا بعد الصيام كما لا يحل إلا بعد نحر الهدي وظاهره أنه لا إطعام فيه وهو المذهب وعنه بلى وقال الآجري إن عدم الهدي مكانه قومه طعاما وصام عن كل مد يوما ولو نوى التحلل قبل ذلك أي قبل الذبح أو الصوم لم يحل وهو باق على إحرامه حتى يفعل أحدهما لأنهما أقيما مقام أفعال الحج فلم يحل قبلهما كما لا يتحلل القادر عليها قبلها ويلزمه دم لتحلله وفي المغني والشرح لا لعدم تأثيره في العبادة لكن إن فعل شيئا من المحظورات لزمه فدية وفي وجوب القضاء أي قضاء النفل على المحصر روايتان نقل الجماعة أنه لا قضاء عليه صححه في الشرح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأن الذين صدوا كانوا ألفا وأربعمئة والذين اعتمروا معه من قابل كانوا يسيرا ولم ينقل أنه أمر الباقين بالقضاء ولأنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح الزمان له فلم يجب قضاؤه كالصوم والثانية نقلها أبو الحارث وأبوطالب يجب لأنه عليه السلام لما تحلل زمن الحديبية قضى من قابل
____________________
1-
(3/272)
فإن صد عن عرفة دون البيت تحلل بعمرة ولا شيء عليه ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل وإن فاته الحج تحلل بعمرة ويحتمل أنه يجوز له التحلل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وسميت عمرة القضية ولأنه حل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه القضاء كما لو فاته الحج والأول أولى وتسميتها عمرة القضية إنما المراد بها القضية التي اصطلحوا عليها ولو أرادوا غير ذلك لقالوا عمرة القضاء وتفارق الفوات لأنه مفرط بخلاف مسألتنا فلو جن أو أغمى عليه فعلى الخلاف قاله في الانتصار وخرج منها في الواضح مثله في منذورة وفي كتاب الهدي لا يلزم المحصر هدي ولا قضاء لعدم أمر الشارع بهما وفيه نظر فإن صد عن عرفة دون البيت تحلل بعمرة لأن له فسخ نية الحج إلى العمرة من غير حصر فمعه أولى ولأنه يمكنه أن ياتي بعمل العمرة فعلى هذا يتحلل بطواف وسعي وحلق ولا شيء عليه لأنه في معنى الفسخ وعنه حكمه كمن منع البيت وعنه يبقى محرما إلى أن يفوته الحج فيتحلل بعمرة إذن ومن حصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل في ظاهر المذهب وهو المختار للأصحاب لقول ابن عباس لا حصر إلا حصر العدو رواه الشافعي وعن ابن عمر نحوه رواه مالك ولو كان المرض يبيح التحلل لم يأمر عليه السلام ضباعة بالاشتراط ولأنه لا يستفيد به الانتقال من حاله ولا التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصرر العدو فعلى هذا يبقى محرما حتى يقدر على البيت وإن فاته الحج تحلل بعمرة نقله الجماعة لأنه في معناه وكغير المريض ثم إن كان معه هدي بعث به ليذبح بالحرم نص على التفرقة بينه وبين المحصر لكونه يذبحه في موضعه ويحتمل أن يجوز له التحلل هذا رواية واختارها الشيخ تقي الدين قال الزركشي ولعلها أظهر لظاهر قوله تعالى { فإن أحصرتم } البقرة 196 ولما روى الحجاج بن عمرو الأنصاري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(3/273)
كمن حصره العدو ومن شرط في إبتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك ولا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يقول من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل قال عكرمة فسمعته يقول ذلك فسألت ابن عباس وأبا هريرة عما قال فصدقاه رواه الخمسة وحسنة الترمذي ولفظ الإحصار إنما هو للمرض يقال أحصره المرض إحصارا فهو محصور وزعم الأزهري أنه كلام العرب واستفيد حصر العدو بطريق التنبيه فيكون حكمه كمن حصره العدو على ما مضى ينحر الهدي او يصوم إن لم يجده ثم يحل والأول أولى لأن الحديث متروك الظاهر لأنه لا يحل بمجرد ذلك وأجيب بأنه مجازو سائغ لأن من أبيح له التحلل فقد حل ويقضي عبد كحر وصغير كبالغ
مسألة مثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة أو لعجزها عنه أو لذهاب الرفقة وكذا من ضل الطريق ذكره في المستوعب وفي التعليق لا يتحلل ومن شرط في إبتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك لحديث ضباعة ولأن للشرط تأثيرا في العبادة بدليل قوله إن شفى الله مريضي صمت شهرا فيلزم بوجوده ويعدم بعدمه ولا شيء عليه لا هدي ولا قضاء لأنه صار بمنزلة من أكمل أفعال الحج فصل
إذا تحلل المحصر من الحج ثم أمكنه الحج لزمه إن كان واجبا أو قلنا يجب القضاء على الفور فإن كان القضاء على الفور فإن كان فاسدا وتحلل منه قضاه في عامه إن أمكنه
____________________
1-
(3/274)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال في الشرح وغيره ولا يتصور في غيرها وقيل للقاضي لو صار طوافه في النصف الأخير يصح إذا حجتين في عام ولا يجوز إجماعا لأنه يرمي ويطوف ويسعى فيه ثم يحرم بحجة أخرى ويقف بعرفة قبل الفجر ويمضي فيها ويلزمكم أن تقولوا به إذا تحلل من إحرامه فلا معنى لمنعه منه فقال القاضي لا يجوز ونص الشافعي على ان المقيم بمنى للرمي لا ينعقد إحرامه بعمرة لإشتغاله بالرمي فيؤخذ منه إمتناع حجتين في عام واحد
____________________
1-
(3/275)
& باب الهدي والأضاحي &
والأفضل فيهما الإبل ثم البقر ثم الغنم والذكر والأنثى سواء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الهدي والأضاحي &
الهدي ما أهدى إلى الحرم من النعم وغيرها وقال ابن المنجا وهو ما يذبح بمنى سمي بذلك لأنه يهدى إلى الله تعالى
والأضاحي جمع أضحية بضم الهمزة وكسرها والضحايا جمع ضحية والأضاحي جمع أضحاة كأرطاة وقد اجمع المسلمون على مشروعيتها وسنده قوله تعالى { فصل لربك وانحر } قال جماعة من المفسرين المراد به الأضحية بعد صلاة العيد وقد ثبت أنه عليه السلام ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وذكر ووضع رجله على صفاحهما متفق عليه
الأملح هو الأبيض النقي قاله ابن الأعرابي أو الذي فيه سواد وبياض وبياضه أكثر قاله الكسائي وأبو زيد
والأفضل فيهما الإبل ثم البقر ثم الغنم لحديث أبي هريرة السابق في الرواح إلى الجمعة لأنه عليه السلام رتبها على قدر لفضيلة وروي أن امرأة سألت ابن عباس أي النسك أفضل أفضل قال إن شئت فناقة أو بقرة قالت أي ذلك أفضل قال انحري ناقة ولأن البدنة أكثر لحما وثمنا وأنفع للفقراء فكانت افضل من غيرها ثم كذلك في البقر والغنم إجماعا ولا شك أنها جائزة بكل منها وهو في الغنم والابل والبقر وفاقا لا من غيره فلو كان أحد أبويه وحشيا لم يجز وظاهره أنه لا يجزء بطائر وهو وفاق والذكر والأنثى سواء للعموم ولأن المقصود هنا اللحم ولحم الذكر أوفر ولحم الأنثى أرطب
____________________
1-
(3/276)
ولا يجزئ إلا الجذع من الضان وهو ما له ستة اشهر والثني مما سواه وثني الأبل ما كمل له خمس سنين ومن البقر ما له سنتان ومن المعز ما له سنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيتساويان بخلاف الزكاة وقيل هو أفضل وقدم في الفصول هي والأسمن ثم الأغلى ثمنا ثم الأملح ثم الأصفر ثم الأسود قال أحمد يعجبني البياض ونقل حنبل أكره السواد وذكر المؤلف أن الكبش من الأضحية أفضل الغنم وجذع الضان أفضل من ثنى المعز لأنه أطيب لحما وذكر المؤلف احتمالا عكسه وكل منهما أفضل من سبع بدنة أو بقرة وسبع شياه أفضل من بدنة أو بقرة
ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن لما روت أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه قال يجزئ الجذع من الضأن أضحية رواه ابن ماجه والهدي مثله وهو ماله ستة أشهر قاله الجوهري وغيره قال الخرقي سمعت أبي يقول سألت بعض أهل البادية كيف يعرفون الضأن إذا أجذع قالوا لا تزال الصوفة قائمة على ظهره ما دام حملا فإذا نامت الصوفة على ظهره علم أنه قد أجذع وقيل هو الذي له ثمانية أشهر ذكره ابن ابي موسى والثني مما سواه لأنه عليه السلام وأصحابه كانوا يذبحون لهما وثني الابل ما كمل له خمس سنين ودخل في السادسة قاله الأصمعي والجوهري وغيرهما سمي بذلك لأنه حينئذ يلقي ثنيته وقال ابن أبي موسى ما كمل له ست ومن البقر ما له سنتان قاله الجوهري وقال ابن أبي موسى ما كمل له ثلاث سنين ومن المعز ما له سنة وقد سبق في الزكاة فلو كان أعلى سنا اجزأ بغير خلاف ونقل أبو طالب يجزء جذع إبل وبقر عن واحد اختاره الخلال وسأله حرب أيجزئ عن ثلاثة قال يروي عن الحسن وكأنه سهل فيه
____________________
1-
(3/277)
وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم والباقون اللحم ولا يجزئ فيهما العوراء البين عورها وهي التي انخسفت عينها ولا العجفاء التي لا تنقي وهي الهزيلة التي لا مخ فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وتجزئ الشاة عن واحد لحصول الوفاء به والخروج عن عهدة الأمر المطلق والمنصوص وعن أهل بيته وعياله لقول أبي أيوب والبدنة والبقرة عن سبعة في قول أكثرر العلماء لما روى جابر قال نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وفي لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الابل والبقر كل سبعة في واحد منها وفي لفظ فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها رواه مسلم وحينئذ يعتبر ذبحها عنهم نص عليه سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم والباقون اللحم نص عليه لأن الجزء المجزئ لا ينقص بإرادة الشريك غير القربة فجاز كما لو إختلف جهات القرب فأراد بعضهم المتعة والآخر القران ولأن القسمة أيضا إفراز نص عليه وعلى الآخر بيع فيمتنع وعلى الأول يجوز ولو كان بعضهم ذميا في قياس قوله قاله القاضي فلو كانوا بعد الذبح ثمانية ذبحوا شاة وأجزأهم نقله ابن القاسم ونقل مهنا يجزئ سبعة ويرضون الثامن ويضحي
فرع زيادة العدد في جنس أفضل كالعتق وقيل المغالاة في الثمن وقيل سواء وسأله ابن منصور بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة قال بدنتان أعجب إلي
ولا يجزئ فيهما أي في الهدي والأضاحي العوراء البين عورها وهي التي انخسفت عينها ولا العجفاء التي لا تنقى وهي الهزيلة التي لا مخ فيها
____________________
1-
(3/278)
والعرجاء البين ظلعها فلا تقدر على المشي مع الغنم والمريضة البين مرضها والعضباء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والعرجاء البين ظلعها فلا تقدر على المشي مع الغنم والمريضة البين مرضها لما روى البراء بن عازب قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والكسيرة التي لا تنقي رواه لخمسة وصححه الترمذي وما فسر به العوراء هو قول الأصحاب إذ العين عضو مستطاب فدل على أنها إذا كانت قائمة أو بها بياض لا يمنع النظر تجزئ وكذا إن أذهبه على الأشهر والعجفاء التي لا تنقي وهي التي لا مخ في عظامها لهزالها والعرجاء البين ظلعها بفتح اللام وسكونها أي بها عرج فاحش يمنعها مما ذكر لأنه ينقص لحمها بسبب ذلك فلو كان عرجها لا يمنعها منه أجزأت وقال أبو بكر والقاضي في الجامع الغير هي التي لا تطيق أن تبلغ النسك وعلم منه أن الكسيرة لا تجزئ وذكره في الروضة والمريضة البين مرضها لأن ذلك يفسد اللحم وينقصه فدل على أنه إذا لم يكن بينا أنها تجزئ لأنها قريبة من الصحيحة وقال الخرقي هي التي لا يرجى برؤها لأن ذلك ينقص قيمتها ولحمها وقال القاضي وأبو الخطاب وابن البنا هي الجرباء لأنه يفسد اللحم
والحق في ذلك يناط الحكم بفساد اللحم لأنه أضبط ولعل القاضي ومن وافقه ذكروا ذلك على سبيل المثال لا الحصر وعلم منه أن العمياء لا تجزئ لأنها أولى بالمنع من العوراء لمنعها مع المشي مع جنسها ومشاركتها لهن في المرعى وفي قائمة العينين روايتان وكذا جافه الضرع وعلله أحمد بنقص الخلق ولا تجزئ العضباء لما روى علي قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن
____________________
1-
(3/279)
وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها وتكره المعيبة الأذن بخرق أو شق أو قطع لأقل من النصف وتجزئ الجماء والبتراء والخصي وقال أبو حامد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والقرن قال قتادة فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال العضب النصف أو أكثر من ذلك رواه الخمسة وصححه الترمذي وظاهره التحريم والفساد وبه يتخصص مفهوم ما سبق إن سلم المفهوم وأن له عموما وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها نقله حنبل وغيره لأن الأكثر يقوم مقام الكل بخلاف اليسير فإنه في حكم المعدوم ونقل ابو طالب النصف فأكثر ذكر الخلال أنهم اتفقوا على ذلك للخبر وعنه المانع الثلث فأكثر اختارها أبو بكر لأنه كبير وقيل يختص بما فوق الثلث واختار في الفروع الاجزاء مطلقا لأن في صحة الخبر نظرا فإنه من رواية ابن كليب وهو مجهول قال ابو حاتم لا يحتج به ولأن القرن لا يؤكل والأذن لا يقصد أكلها غالبا ثم هي كقطع الذنب وأولى بالإجزاء
وتكره المعيبة الذن بخرق أو شق أو قطع لأقل من النصف لقول علي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وان لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرفاء رواه أبو داوود وحمل على الكراهة لأنه لا ينقص لحمها ولا يوجد سالم منها وفي الارشاد لا يجزئ والأول أولى للمشقة والقرن كالأذن
تنبيه يفهم منه أن ما عدا ذلك يجزئ ويحتمل عدمه فمنها الهتماء وهي التي ذهبت ثنياها من أصلها قاله جماعة وفي التلخيص هو قياس المذهب وقال الشيخ تقي الدين هي التي سث يعض أسنانها تجزئ في أصح الوجهين وكذا لا تجزئ عصماء وهي التي انكسر غلاف قرنها قاله في المستوعب
____________________
1-
(3/280)
لا تجزئ الجماء والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر وتذبح البقر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والتلخيص ونقل جعفر في الذي يقطع من أليته دون الثلث لا بأس به
وتجزئ الجماء وهي التي لم يخلق لها قرن لعدم النهي ولأنه لا يخل بالمقصود بخلاف التي ذهب أكثر أذنها والبتراء التي لا ذنب لها ونقل حنبل لا يضحى بها وقطع به في التلخيص فلو كان وقطع فوجهان وفي المغني والشرح أن الذي قطع منها عضو كالألية لا تجزئ والخصي بلا جب ذكره في الوجيز والفروع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين وعن عائشة نحوه رواه أحمد والموجوء المرضوض الخصيتان سواء قطعتا أو سلتا ولأنه إذهاب عضو غير مستطاب بل يطيب اللحم بزاوله ويسمن بخلاف شحمة العين وفسر ابن البنا الخصي بمن قطع ذكره ولم يوافق عليه ونصه لا يجزئ خصي مجبوب وقال ابن حامد لا تجزئ الجماء كالتي أكثر قرنها والفرق واضح
والسنة نحر الابل للنص ولفعله عليه السلام قائمة معقولة يدها اليسرى قاله الأصحاب لأن ابن عمر مر على رجل قد أناخ بدنة لينحرها فقال أبعثها ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم متفق عليه وقوله تعالى { فإذا وجبت جنوبها } الحج 36 دال عليه مع ما حكاه بعض المفسرين في قوله تعالى { فاذكروا اسم الله عليها صواف } الحج 36 أي قياما لكن قال أحمد إذا خشي عليها أناخها ونقل حنبل كيف شاء باركة وقائمة فيطعنها بالحربة في الوهدة بسكون الهاء وهو المطمئن التي بين أصل العنق والصدر ولأن
____________________
1-
(3/281)
والغنم ويقول عند ذلك بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عنق البعير طويلة فلو طعن بالقرب من رأسه لحصل له تعذيب عند خروج روحه
وتذبح البقر لقوله تعالى { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } البقرة 66 والغنم لأنه عليه السلام ذبح كبشين وظاهره لو نحر ما يذبح او عكس جاز لقوله عليه السلام ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل وعنه أنه يوقف في أكل البعير إذا ذبح ولم ينحر ويقول بعد توجيه الذبيحة إلى القبلة على جنبها الأيسر عند ذلك قال أحمد حين يحرك يده بالذبح بسم الله والله أكبر قال ابن المنذر ثبت أنه عليه السلام كان يقول ذلك واختير التكبير هنا اقتداء بأبينا إبراهيم حين أتى بفداء إسماعيل اللهم هذا منك ولك لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح يوم العيد كبشين ثم قال حين وجههما بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك رواه أبو داوود ولا بأس أن يقول اللهم تقبل مني كماتقبلت من إبراهيم خليلك او من فلان نص عليه واختاره الشيخ تقي الدين أنه يقرأ وقت الذبح وجهت وجهي إلى قول وأنا من المسلمين قال الخرقي وليس عليه أن يقول عند الذبح عمن لأن االنية تجزئ قال في الشرح بغير خلاف
ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم لأنها قربة وطاعة فلا يليها غير أهل القرب وظاهره أنه لو ذبحها غيره ممن يباح ذبحه جاز في الأصح لأنه يجوز له ذبح غير الأضحية فكذا هي كالمسلم يؤيده أن الكافر يجوز أن يتولى ما هو قربة للمسلم كبناء المساجد وعنه المنع لحديث ابن عباس المرفوع ولا
____________________
1-
(3/282)
فإن ذبحها بيده كان أفضل فإن لم لم يفعل استحب له أن يشهدها ووقت الذبح يوم العيد بعد الصلاة أو قدرها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يذبح ضحاياكم إلا طاهر ولتحريم الشحوم علينا في رواية فكان بمنزلة إتلافه وعنه في الابل خاصة وجزم به الشيرازي وصاحب الوجيز قال الزركشي ومحل الخلاف على القول بحل الشحوم فإن قلنا بتحريمها فلا يلي الكتابي بلا نزاع وأجاب في المغني والشرح بأنا لا نسلم تحريم الشحوم علينا بذبحهم وحديث المنع محمول على كراهة التنزيه فعلى المذهب تعتبر نيه المسلم إذن فإن كانت معينة لم يشترط نظرا للتعيين لا تسمية المضحى عنه فإن ذبحها بيده كان أفضل لأنه عليه السلام نحر هدية ثلاثا وستين بدنة وضحى بكبشين ذبحهما بيده لأن فعل القرب أولى من الأستنابه فيها فإن لم يفعل استحب أن يشهدها نص عليهما لقوله عليه السلام لفاطمة احضري أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها وعن ابن عباس نحوه و أول وقت الذبح يوم العيد بعد الصلاة أي صلاة العيد أو قدرها في حق من لم يصل وجزم به أكثرهم فظاهره أنه إذا مضى أحد الأمرين دخل وقت الذبح إذا مضى قدر الصلاة الثانية وظاهره ولو سبقت صلاة الإمام ولا فرق فيه بين أهل الأمصار والقرى ممن يصلي العيد وغيرهم لأنها عبادة يتعلق أجرها بالوقت فتعلق أولها به كالصوم فعلى هذا إذا ذبح بعد الصلاة قبل الخطبة أو بعد قدر الصلاة وقيل قدر الخطبة أجزأه لعدم اشتراط مضي الخطبة أو قدرها لأنها سنة وظاهر كلام أحمد أن من كان في المصر لا يضحي حتى يصلي وقاله الأكثر منهم القاضي وعامة أصحابه لما روى جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى فظاهره اعتبار نفس الصلاة
____________________
1-
(3/283)
إلى آخر يومين من أيام التشريق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + خلافا للشرح لأنه عليه السلام علق المنع على فعل الصلاة وعنه يعتبر معها الفراغ من الخطبة وهي اختياره في الكافي وفي المغني والشرح أنها ظاهر كلامه لأنها كالجزء من الصلاة وعنه يعتبر مع ذلك ذبح الامام لأمره عليه السلام من كان نحر قبله أن يعيد ينحر آخر رواه أحمد من حديث جابر واعتبر الخرقي أن يمضي منه مقدار صلاة العيد وخطبته وحكاه بعضهم رواية لأن الصلاة تتقدم وتتاخر وقد يفعل وقد لا يفعل فأنيط الحكم به وأما المقيم بموضع لا يلزمه قدر ذلك فعلى الخلاف وفي الترغيب هو كغيره في الأصح واعتبر في المغني أن يكون قدر صلاة وخطبة بآيتين وذكر الزركشي احتمالا أنه يعتبر ذلك بمتوسطي الناس هذا كله في اليوم الأول وأما الآخران فيجوز في أولهما لدخول الوقت وإذا اعتبر كصلاة الإمام فإذا صلى في المصلى واستخلف من صلى بهم في المسجد فالعبرة بالأسبق فإن فات العيد بالزوال ضحى إذن وقال ابن عقيل يتبع الصلاة قضاء كما يتبعه أداء ما لم يؤخر عن ايام الذبح فيتبع الوقت ضرورة
فرع إذا ذبح قبل وقته صنع به ما شاء وقيل حكمه كأضحية إلى آخر يومين من أيام التشريق قال أحمد أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من الصحابة لأنه عليه السلام نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ويستحيل أن يباح ذبحها إلى وقت يحرم اكلها فيه ونسخ أحد الحلين لا يلزم منه رفع الآخر وفي الإيضاح واختاره الشيخ تقي الدين آخره آخر أيام التشريق لقوله عليه السلام أيام منى كلها منحر وأفضله أول يوم ثم ما يليه وخصها ابن سيرين يوم النحر
____________________
1-
(3/284)
ولا تجزئ في ليلتهما في قول الخرقي وقال غيره يجزئ فإن فات الوقت ذبح الواجب قضاء وسقط التطوع ويتعين الهدي بقوله هذا هدي أو تقليده أو إشعاره مع النية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + خاصة لأنها وظيفة عيد وقاله سعيد بن المسيب وجابر بن زيد في أهل الأمصار وأغرب منه ما روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار أنها تجوز إلى المحرم
ولا تجزئ في ليلتهما في قول الخرقي هو رواية عن أحمد اختارها الخلال وجزم بها في الوجيز لقوله تعالى { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } الحج 28 وقد روي عنه عليه السلام نهى عن الذبح ليلا رواه أبو داوود في مراسيله عن عطاء بن يسار لكن فيه مبشر بن عبيد وهو متروك وقال غيره منهم أبو بكر والقاضي وأصحابه وصاحب التلخيص تجزئ نص عليه قال في الشرح اختاره أصحابنا المتاخرون لأن الليل يصح به الرمي وداخل في مدة الذبح فجاز فيه كالأيام فعلى الأول إن ذبح ليلا لم يجزئه لكن في الواجب يلزمه البدل وفي التطوع ما سبق وعلى الثاني يجزئ مع الكراهة لأن الليل يتعذر فيه تفرقة اللحم فتذهب طراوته فيفوت بعض المقصود فإن فات الوقت ذبح الواجب قضاء وصنع به ما يصنع بالمذبوح في وقته لأن حكم القضاء كالأداء ولا يسقط بفواته لأن الذبح أحد مقصودي الأضحية فلا يسقط بفوات وقته كما لو ذبحها ولم يفرقها حتى خرج الوقت وسقط التطوع لأن المحصل للفضيلة الزمان وقد فات فلو ذبحه وتصدق به كان لحما تصدق به لا أضحية في الأصح قاله في التبصرة
ويتعين الهدي بقوله هذا هدي لأنه لفظ يقتضي الإيجاب فوجب أن يترتب عليه مقتضاه أو تقليده أو إشعاره مع النية وبه قال النووي
____________________
1-
(3/285)
والأضحية بقوله هذه أضحية ولو نوى حال الشراء لم يتعين بذلك وإذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإسحاق لأن الفعل مع النية كاللفظ إذا كان الفعل دالا على المقصود كمن بنى مسجدا وأذن للناس في الصلاة فيه ولم يذكر في الكافي النية قال في الفروع وهو أظهر وقدم في المستوعب والرعاية أنه لا يتعين إلا بالقول والأضحية بقوله هذه أضحية كالهدي وكالعتق وكذا يتعين بقوله هذا لله فيهما لأنه دال عليه ولو نوى حال الشراء لم يتعين بذلك لأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم تؤثر فيه النية المقارنة للشراء كالعتق والوقف وقال المجد ظاهر كلام أحمد انها تصير أضحية إذا اشتراها بنيتها كما يتعين الهدي بالإشعار
فرع إذا قال لله علي ذبح هذه الشاة ثم أتلفها ضمنها لبقاء المستحق لها وإن قال لله علي أن أعتق هذا العبد ثم أتلفه لم يضمنه لأن القصد من العتق تكميل الأحكام وهو حق للعبد وقد هلك
وإذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها لأنه عليه السلام نهى أن يعطي الجازر شيئا منها فلأن يمنع من بيعها من باب أولى ولأنه جعل ذلك لله تعالى أشبه العتق والوقت والمذهب كما نقله الجماعة أنه يجوز نقل الملك فيه وشراء خير منها وذكر ابن الجوزي أنه المذهب لأنه عليه السلام أشرك عليا في هديه وهو نوع منهما ولأنه يجوز الإبدال فكذا البيع والمذهب عند جماعة ما ذكره المؤلف هنا وأجابوا بأنها تعين ذبحها فلم يجز بيعها كما لو نذر أن يذبحها بعينها ولأنه يجوز إبدال المصحف دون بيعه وعن الحديث بأنه يحتمل أنه اشركه فيه قبل إيجابه ويحتمل أنه جاء ببدن فاشتركا في الجميع أو اشركه في ثوابها
____________________
1-
(3/286)
إلا أن يبد لها بخير منها وقال أبو الخطاب لا يجوز أيضا وله ركوبها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلا أن يبدلها بخير منها نص عليه اختاره الخرقي والمؤلف وصاحب المنتخب نظرا لمصلحة الفقراء ولأنه بلا ريب عدل عن المعين إلى خير منه في حقه فجاز كما لو أخرج حقه عن بنت لبون وظاهره أنه لا يجوز بدونها لما فيه من تفويت حرمتها ولا بمثلها واختاره الخررقي وغيره لعدم الفائدة والثاني يجوز لأن الواجب لم ينقص وحيث جاز بيعها فهل ذلك لمن يضحي كما قاله الشيرازي وصاحب التلخيص او مطلقا كما هو ظاهر كلام القاضي فيه قولان وعليهما يشتري خيرا منها قاله ابو بكر وحكى المؤلف عن القاضي أنه يجوز شراء مثلها وقال أبو الخطاب لا يجوز ايضا لما روى ابن عمر قال أهدى عمر نجيبا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أهديت نجيبا فأبيعها وأشتري بثمنها بدنا قال لا انحرها رواه احمد والبخاري في تاريخه ولأنه نوع تصرف فلم يجز كالبيع والخلاف مبني على اصل وهو أنه إذا أوجب أضحية لم يزل ملكه عنها نص عليه وهو قول الأكثر وقال أبو الخطاب يزول فعلى هذا لو عينه ثم علم عيبه لم يملك الرد ويملكه على الأول وعليهما إن أخذ أرشه فهل هو له أو لزائد على القيمة فيه وجهان ولو بان مستحقا بعد تعيينه لزمه بدله نقله علي بن سعيد قال في الفروع ويتوجه فيه كأرش
فرع إذا عينها ثم مات وعليه دين لم يجز بيعها فيه مطلقا خلافا للأوزاعي
وله ركوبها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة
____________________
1-
(3/287)
عند الحاجة ما لم يضربها فإن ولدت ذبح ولدها معها ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ويجز صوفها ووبرها ويتصدق به إن كان أنفع لها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فقال اركبها قال إنها بدنة فقال اركبها في الثانية أو الثالثة متفق عليه عند الحاجة إلى ظهرها لأن في بعض الروايات اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا رواه مسلم وقال أحمد لا يركبها إلا عند الضرورة وعنه يجوز مطلقا قطع به في المستوعب وغيره ما لم يضر بها لما في ذلك من ضرر الفقراء وهو غير جائز فإن نقصها الركوب ضمن النقص وظاهر كلام جماعة إن ركبها بعد الضرورة ونقص ضمن فإن ولدت المعينة ذبح ولدها معها سواء عينها حاملا أو حدث بعده لما روي عن علي أن رجلا سأله فقال يا أمير المؤمنين إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها وإنها وضعت هذا العجل فقال لا تحلبها إلا ما فضل عن ولدها فإذا كان يوم الأضحي فاذبحها وولدها عن سبعة رواه سعيد والأثرم ولأنه صار أضحية على وجه التبع لأمه فلم يتقدم به ولم يتأخر كأمه وعلم منه أن الحمل لا يمنع الإجزاء
مسالة إذا كان هديا وتعذر حمله وسوقه فكهدي عطب ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها لما ذكرنا ولأن شرب الفاضل لا يضر بها ولا بولدها فكان كالركوب بخلاف شرب غير الفاضل فإنه يحرم للضرر ويتعذر به فإن شربه ضمنه لتعديه بأخذه ويجز صوفها ووبرها ويتصدق به إن كان أنفع لها مثل كونه في زمن الربيع فإنه تخف بجزه وتسمن لأنه لمصلحتها ويتصدق به كما بعد الذبح زاد في المستوعب ندبا وفي الروضة يتصدق به إن كانت نذرا وظاهره إذا كان بقاؤه أنفع لها لكونه يقيها البرد أو الحر أو كان لا يضر بهما لقرب مدة الذبح لم يجز كأخذ بعض أعضائها
____________________
1-
(3/288)
ولا يعطي الجازر بأجرته شيئا منها وله أن ينتفع بجلدها وجلها ولا يبيعه ولا شيئا منها وإن ذبحها فسرقت فلا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ولا يعطى الجازر بأجرته شيئا منها قاله الأصحاب لقول علي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ولا أعطي الجازر شيئا منها وقال نحن نعطيه من عندنا متفق عليه ولأن ذلك بمنزلة المعاوضة وهي غير جائزة فيها وظاهره أنه إذا دفع إليه منها لا على سبيل الأجرة كالهدية جاز لأنه يساوي غيره وزاد عليه بمباشرته لها وتتوق نفسه إليها قال الزركشي وبهذا المعنى يتخصص عموم الحديث ولو قيل بعمومه سدا للذريعة كان حسنا وفيه شيء
وله أن ينتفع بجلدها بغير خلاف لأنه جزء من الأضحية كلحمها وقد روي عن علقمة ومسروق أنهما كانا يدبغان جلد أضحيتهما ويصليان عليه وجلها لأنه إذا جاز الانتفاع بالجلد فهو أولى أو يتصدق بهما لقوله ولا يبيعه ولا شيئا منها هذا هو المعروف من المذهب لقوله عليه السلام في حديث قتادة بن النعمان ولا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي وتصدقوا واستمتعوا بجلودها قال أحمد سبحان الله كيف يبيعها وقد جعلها لله تبارك وتعالى وسواء كانت واجبة أو تطوعا لأنها تعينت بالذبح وعنه يجوز بيع الجلد والتصدق بثمنه روي عن ابن عمر وعن أحمد ويشتري أضحية وعنه يكره وعنه يجوز ويشتري به آلة البييت كالغربال ونحوه لا مأكولا وعنه يحرم بيع جلد شاة فقط اختاره الخلال ولعله اعتمد على أثر ونقل جماعة لا ينتفع بما كان واجبا قال في الفروع ويتوجه أنه المذهب فيتصدق ونقل الأثرم وحنبل بثمنه واستثنى جماعة الجل وإن ذبحها فسرقت فلا شيء عليه ما لم يفرط نص عليه لأنها أمانة في
____________________
1-
(3/289)
وإن ذبحها ذابح في وقتها بغير إذن أجزأت ولا ضمان على ذابحها وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمتها وإن أتلفها صاحبها ضمنها بأكثر الأمرين من قيمتها أو مثلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يده فلم تضمن بالسرقة كالوديعة وإن فرط ضمن القيمة يوم التلف يصرف في مثله كما يأتي وإن ذبحها ذابح في وقتها بغير إذن أجزأت لأن الذبح لا يفتقر إلى نية فإذا فعله الآخر أجزأ كغسل النجاسة وسواء نوى عن الناذر أو أطلق وإن نواها عن نفسه مع علمه أنها اضحية الغير لم يجزئه وإلا أجزأت إن لم يفرق الذابح لحمها ولا ضمان على ذابحها لأنها وقعت موقعها كما لو أذن صاحبها ولإذنه عرفا أو إذن الشرع وإلا فروايتان في الإجزاء وعدمه فإن لم تجزئ ضمن الذابح ما بين كونها حية إلى مذبوحة ذكره في عيون المسائل بخلاف من ثبت في ذمته فذبح عنه من غنمه لا تجزئ وعلى عدم الإجزاء يعود ملكا وقيل يعتبر على رواية الإجزاء أن يلي ربها تفرقتها وإلا ضمن الأجنبي قيمة لحم
وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمتها لأنها من المتقومات وتعتبر القيمة يوم التلف وإن أتلفها صاحبها منهما بأكثر الأمرين من قيمتها أو مثلها هذا قول أبي الخطاب وأكثر أصحاب القاضي لأنه حق تعلق به حق الله في ذبحها فوجب عليه اكثر القيمتين من الإيجاب إلى التلف فلو كانت قيمتها يوم التلف خمسة فغلت الغنم فلم يحصل مثلها إلا بأكثر من ذلك لزمه مثلها ولو كانت قيمتها عشرة رخصت بحيث يحصل بدونه لزمته العشرة والوجه إسقاط همزة أو فإن صح ثبوتها كانت بمعنى الواو وفي التبصرة يلزمه أكثر القيمتين من الإيجاب إلى النحر وقيل من التلف إلى وجوب النحر جزم به الحلواني والمذهب أنه يلزمه القيمة يوم التلف تصرف في مثله كالأجنبي وكسائر المضمونات فعلى
____________________
1-
(3/290)
فإن ضمنها بمثلها وأخرج فضل القيمة جاز ويشتري به شاة أو سبع بدنة فإن لم يبلغ اشترى به لحما وتصدق به او يتصدق بالفضل فإن تلفت بغير تفريطه لم يضمنها وإن عطب الهدي في الطريق نحره في موضعه وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء فيأخذوه ولا يأكل منه هو ولا أحد من رفقته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ما ذكره المؤلف فإن ضمنها بمثلها وأخرج فضل القيمة جاز ويشتري به شاة إن أمكن أو سبع بدنة لأن الذبح مقصود في الأضحية فإذا أمكنه الاتيان به لزمه فإن لم يبلغ اشترى به لحما وتصدق به هذا وجه لأن الذبح وتفرقة اللحم مقصودان فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر أو يتصدق بالفضل قدمه في الفروع وهو ارجح لأنه إذا لم يحصل له التقرب بالإراقة كان اللحم وعنه سواء وظاهر كلام المؤلف أنه مخير بين الأمرين لأن كلا منهما محصل للمقصود فإن تلفت بغير تفريطه لم يضمنها صاحبها لما تقدم من كونها أمانة في يده كالوديعة
فرع إثنان ضحى كل منهما عن نفسه بأضحية الآخر غلطا أجزأتهما ولا ضمان استحسانا والقياس ضدهما ذكره القاضي وغيره
وإن عطب الهدي في الطريق قال جماعة أو خاف عطبه لزمه نحره في موضعه و يستحب صبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحته أي صفحة سنامها ليعرفه الفقراء فيأخذوه ولا يأكل منه هو ولا أحد من رفقته لما روى ابن عباس أن أبا قبيصة حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتح ولا تطعمها أنت و لا احد من أهل رفقتك رواه مسلم وإنما منع السائق ورفقته من أكلها لئلا يقصر في حفظها فيعطبها ليتناول هو ورفقته منها زاد في الروضة ولا يدل عليه وظاهره ولو مع نفره واباحه له جماعة وهو ظاهر واباحه مالك لرفقته ولسائر الناس لحديث ناجية بن كعب صاحب بدن رسول
____________________
1-
(3/291)
وإن تعيبت ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين كالفدية والمنذور في الذمة فإن عليه بدلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث ابن عباس وفيه ثم خل بينه وبين الناس فدل على تسوية الرفقة بالأجانب قال ابن عبد البر هذا أصح من حديث ابن عباس وعليه العمل عند الفقهاء وفيه نظر لأن حديث ابن عباس في صحيح مسلم وهو متضمن لمعنى يجب تقديمه على عموم ما يخالفه والتسوية غير معتبرة لأن الإنسان يشفق على رفقته ويحب التوسعة عليهم حتى يوسع عليهم من مؤنته والشافعي وأحمد قد خالفا في ذلك وعلى الأول لو أكل منها أو أطعم غنيا أو رفقته ضمنه بمثله لحما بخلاف ما لو أمره بالأكل نمها أو أطعم منها فقيرا
فرع هدي التطوع دون محله إن دامت نيته فيه قبل ذبحه فكذلك وإن فسخها قبل ذبحه صنع به ما شاء كبقية ماله وإن أوجب أضحية سليمة ثم تعيبت عنده ذبحها وأجزأته نص عليه فيمن جر بقرة إلى المنحر بقرنها فانقلع كتعيينه معيبا فبرأ لما روى أبو سعيد قال ابتعنا كبشا نضحي به فأصابه الذئب من أليته فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نضحي به رواه ابن ماجه ولأنه عيب حدث بها فلم يمنع الإجزاء كالعيب الحادث بمعالجة الذبح فلو تعبت بفعله لزمه بدلها إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين كالفدية من الدماء الواجبة في النسك بترك واجب أو فعل محظور والمنذور في الذمة فشمل قسمين ماوجب بغيره وما وجب بالنذر فإن عليه بدلها لأن عليه دما سليما ولم يوجد ذلك فلم يجزئه وكما لو كان لرجل عليه دين فاشترى منه مكيلا فتلف قبل قبضه انفسخ البيع ة عاد الدين إلى ذمته ويلزمه أفضل مما
____________________
1-
(3/292)
وهل له استرجاع هذا العاطب والمعيب على روايتين وكذلك إن ضلت فذبح بدلها ثم وجدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الذمة إن كان تلفه بتفريطه فلو ولدت فهل يتبعها الولد كما تبعها ابتداء فيبطل التعيين فيه أولا لأن البطلان في الأم لمعنى اختص بها فيه وجهان
وهل له استرجاع هذا العاطب والمعيب على روايتين كذا في المحرر أصحهما ليس له استرجاع ذلك إلى ملكه لأنه تعلق به حق الفقراء بتعيينه فلزمه ذبحه كما لو عينه بنذره ابتداء
والثانية له استرجاعه إلى ملكه فيصنع به ما شاء وهو ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز لأنه إنما عينه عما في ذمته فإذا لم يقع عنه عاد إلى صاحبه كمن أخرج زكاة فبان أنها غير واجبة وكذلك إن ضلت فذبح بدلها ثو وجدها أي فيها االخلاف السابق للمساواة والمذهب ذبحه مع ذبح الواجب روي عن عمر وابنه وابن عباس لأن عائشة أهدت هديين وأضلتهما فبعث إليها ابن الزبير هديين فنحرتهما ثم عاد الضالان فنحرتهما وقالت هذه سنة الهدي رواه الدارقطني
تنبيه إذا ذبحه عما في ذمته فسرق سقط الواجب نقله ابن منصور لأن التفرقة لا تلزمه بدليل بخليته بينه وبين الفقراء وإذا عطبت شاة فذبحها عما في ذمته لم تجزئه وإن رضي مالكها سواء عوضه عنها أو لم يعوضه
مسألة لا يبرأ في الهدي إلا بذبحه أو نحره فإن لم يفعل وكل فإن ذبحه إنسان بغير إذنه ففيه خلاف سبق فلو دفعه إلى الفقراء سليما فذبحوه جاز لحصول المقصود فإن لم ينحروه استرده منهم ونحره فإن تعذر ضمنه لأنه
____________________
1-
(3/293)
فصل
سوق الهدي مسنون لا يجب إلا بالنذر ويستحب أن يقفه بعرفة ويجمع فيه بين الحل والحرم ولا يجب ذلك ويسن إشعار البدنة وهو أن يشق صفحة سنامها حتى يسيل الدم ويقلدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فوته بتفريطه فإن ذبحه ولم يدفعه للفقراء جاز لهم الأخذ منه إما بالإذن نطقا كقوله من اقتطهع أو بدلالة الحال كالتخلية بينهم وبينه فصل
سوق الهدي مسنون لما روى ابن عمر قال تمتع صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فساق الهدي من ذي الحليفة متفق عليه لا يجب إلا بالنذر لقوله عليه السلام من نذر أن يطيع الله فليطعه ولأنه سنة وطاعة فوجب به كسائر نذر الطاعات ويصير للحرم وكذا إن نذر سوق أضحية إلى مكة أو لله علي أن أذبح بها وإن جعل دراهم فللحرم نقله المروذي وإن عين شيئا لغير الحرم ولا معصية فيه تعين به ذبحا وتفريقا لفقرائه ويستحب أن يقفه بعرفة ويجمع فيه بين الحل والحرم لفعله عليه السلام ولا يجب ذلك لأن المقصود الإراقة وهو حاصل بدون ذلك وكان ابن عمر لا يرى الهدي إلا ما عرف به ونحوه عن سعيد بن جبير
ويسن إشعار البدنة وهو أن يشق صفحة سنامها حتى يسيل الدم ويقلدها هذا قول أكثر العلماء لما روت عائشة قالت فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها متفق عليه ويشعر البقر لأنها من البدن ولأنه لغرض صحيح فهو كالكي وفائدته أنها تعرف عند الاختلاط ويتوقاها اللص بخلاف التقليد فإنه ينقل او عروة فينحل ويذهب والمراد بصفحة السنام اليمنى على المذهب أو محله إن لم يكن وعنه اليسرى روي عن ابن عمر وعنه يخير والأول أولى لحديث ابن عباس وظاهره أنه لا يشعر غير
____________________
1-
(3/294)
ويقلد الغنم النعل وآذان القرب والعرى وإن نذر هديا مطلقا فأقل ما يجزئه شاة أو سبع بدنة وإن نذر بدنه أجزأته بقرة فإن عين بنذره أجزأه ما عينه صغيرا كان او كبيرا من الحيوان و غيره وعليه إيصاله إلى فقراء الحرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + السنام وفي الفصول عن أحمد خلافه ونقل حنبل لا ينبغي أن يسوق حتى يشعره ويجلله بثوب أبيض ويقلد الغنم النعل وآذان القرب والعرى لقول عائشة رواه البخاري ولأنها هدي فسن تقليدها كالأبل بل اولى إذ ليس لها ما يعرف به وظاهره أنها لا تشعر لعدم نقله ولأنها ضعيفة والشعر يستر موضعه قال أحمد البدن تشعر والغنم تقلد
وإن نذر هديا مطلقا كقوله الله تعالى على هدي فأقل ما يجزئه شاة أو سبع بدنة لأن المطلق في النذر يجب حمله على المعهود الشرعي والهدي الواجب في الشرع من النعم ما ذكره لقوله تعالى { فما استيسر من الهدي } وإن نذر بدنة أجزأته بقرة لإجزاء كل منهما عن سبعة ولموافقتها لها اشتقاقا وفعلا فإن عين بنذره بأن قال هذا لله علي أجزأه م عينه صغيرا كان أو كبيرا سليما كان أو مريضا لأن لفظه لم يتناول غيره فيبرأ بصرفه إلى مستحقه من الحيوان سواء كان من بهيمة الأنعام أو من غيرها فلو نذر جذعة وأخرج ثنية فقد أحسن وغيره سواء كان منقولا أو غيره لقوله عليه السلام من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في لساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة وعليه إيصاله إلى فقراء الحرم لأنه سماه هديا فيحمل على المشروع لقوله تعالى { ثم محلها إلى البيت العتيق } الحج 33 ولا فرق بين المعين والمطلق وهو ظاهر في المنقول نقل المروذي فيمن جعل دراهم هديا فللحرم وفي التعليق والمفردات وهو ظاهر الرعاية له يبعث عن المنقول وقال ابن عقيل أو يقومه ويبعث القيمة وأما غير المنقول كالعقار ونحوه باعه وبعث
____________________
1-
(3/295)
إلا أن يعينه بموضع سواه ويستحب أن ياكل من هديه ولا ياكل من واجب إلا من دم المتعة والقران (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بثمنه إليهم لتعذر إهدائه بيعينه فانصرف إلى بدله يؤيده ما روي عن ابن عمر أن رجلا سأله عن امرأة نذرت أن تهدي دارا فقال تبيعها وتصدق بثمنها على فقراء الحرم إلا أن يعينه بموضع سوا ه إذا لم يكن معصية لما روى أبو داوود أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن أذبح بالأبواء قال بها صنم قال لا قال أوف بندرك ولأنه قصد نفع اهله فكان عليه إيصاله إليهم كأهل مكة فعلى هذا يتعين به ذبحا ويفرقه لفقرائه
ويستحب أن يأكل من هديه التطوع لقوله تعالى { فكلوا منها } الحج 38 ولأنه عليه السلام أكل من بدنه وفي المغني والشرح لا فررق في الهدي بين ما اوجبه بالتعيين من غير أن يكون واجبا في ذمته وبين ما ذبحه تطوعا لإشتراك الكل في أصل التطوع فإن أكلها كلها ضمن المشروع للصدقة كالأضحية وذكر ابن عقيل أن في الأكل والتفرقة كالأضحية وإن لم يأكل منها فحسن وأوجب بعض العلماء الأكل منه لظاهر الأمر
ولا يأكل من واجب لأنه وجب بفعل محظور أشبه جزاء الصيد لكن اختار أبو بكر والقاضي والمؤلف الأكل من أضحية النذر كالأضحية على رواية وجوبها في الأصح إلا من دم المتعة والقران نص عليه واختاره الأكثر لما صح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تمتعن معه في حجة الوداع وأدخلت عائشة الحج على العمرة حين حاضت فصارت قارنة ثم ذبح عنهن البقر فأكلن من لحمها وقد ثبت أنه عليه السلام أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرمقها رواه مسلم ولأنهما دم نسك أشبها التطوع وظاهر الخرقي لا يأكل من قران واعتذر عنه الزركشي بأنه استغنى بذكر التمتع عنه
____________________
1-
(3/296)
فصل
والأضحية سنة مؤكدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وليس بظاهر وقال الأجري ولا من دم متعة وقدمه في الروضة وعنه يأكل إلا من نذر أو جزاء صيد لأنه جعله لله وجزاء الصيد بدل متلف وزاد ابن أبي موسى وكفارة
فرع ما ملك أكله فله هديه وإلا ضمنه بمثله كبيعه وإتلافه ويضمنه أجنبي بقيمته وإن منع الفقراء منه حتى أنتن ففي الفصول عليه قيمته كإتلافه وفي الفروع يتوجه يضمن نقصه
فائدة ذكر الشيخ تقي الدين أن كل ما ذبح بمكة سمي هديا وما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم هدي وأضحية وما اشتراه بعرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء وكذا ما اشتراه من الحرم وذهب به إلى التنعيم وإن اشتراه بمنى وذبحه بها نص ابن عمر ليس بهدي وعن عائشة وما ذبح يوم النحر بالحل أضحية لا هدي فصل
والأضحية سنة مؤكدة في قول أكثر العلماء لأنه عليه السلام فعلها وحث عليها وعن ابن عباس مرفوعا ثلاث كتبن علي وهن لكم تطوع الوتر والنحر وركعتا الفجر رواه الدارقطني ولقوله عليه السلام من أراد أن يضحي فعلقه على الإرادة والواجب لا يعلق عليها وفيه شيء لقوله من اراد الجمعة فليغتسل ولم يدل على عدم الوجوب ولأنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها فلم تكن واجبة كالعقيقة وعنه واجبة اختارها أبو بكر
____________________
1-
(3/297)
ولا تجب إلا بالنذر وذبحها هي والعقيقة أفضل من الصدقة بثمنها والسنة أن يأكل ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها فإن أكل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقوله عليه السلام من كان له سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا وعنه يجب على حاضر وعنه في المقيم يضحي وعنه وليه إذا كان موسرا فأخذ منها أبو الخطاب الوجوب وليس كذلك لأن هذا على سبيل التوسعة لا الأيجاب
أصل المضحي مسلم تام ملكه ولو مكاتبا بإذن سيده وفيه وجه بمنعه لأنه تبرع وهو ممنوع فيه ومن نصفه حر إن ملكها بجزئه الحر فله أن يضحي مطلقا إلا النبي صلى الله عليه وسلم فكانت عليه واجبة
ولا تجب إلا بالنذر كالهدي وله الأكل منها جزم به جماعة وظاهر كلام أحمد منعه مه كالهدي المنذور والفرق واضح وذبحها هي والعقيقة أفضل من الصدقة بثمنها لأنه عليه السلام والخلفاء بعده واظبوا عليها وعدلو عن الصدقة بثمنها وهم لا يواظبون إلا على الأفضل وهي عن ميت أفضل ويعمل بها كأضحية الحي
والسنة أن يأكل ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها نص عليه لقول ابن عمر الهدايا والضحايا ثلث لك وثلث لأهلك وثلث للمساكين وهو قول ابن مسعود ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة لقوله تعالى { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } الحج 36 فالقانع السائل والمعتر الذي يعتر بك أي يتعرض لك لتطعمه ولا يسأل وقال إبراهيم وقتادة القانع الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل والمعتر السائل وفاقا لأبي حنيفة فيقسم أثلاثا وأوجبه أبو بكر والمشروع أن يأكل الثلث ولو قيل بوجوبها وان يهدي الثلث ولو لكافر إن كانت تطوعا وان يتصدق بثلثها ما لم يكن ليتيم ومكاتب فإن أكل
____________________
1-
(3/298)
أكثر جاز وإن أكلها كلها ضمن اقل ما يجزئ الصدقة منها ومن اراد أن يضحي ودخل العشر فلا يأخذ من شعره وبشرته شيئا وهل ذلك حرام على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أكثر جاز حتى لو لم يبق منها إلا أوقية لأن الأمر بالأكل والإطعام مطلق فيخرج عن العهدة بصدقة الأقل وإن أكلها كلها ضمن أقل ما يجزئ من الصدقة منها للأمر بالأطعام منها فعلى هذا يضمنه بمثله لحما وهو الأوقية وقيل العادة وقيل الثلث وحكاه أبو الخطاب منصوص أحمد ويتوجه لا يكفي التصدق بالجلد والقرن
فرع يعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه ويجوز إدخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث في قول الأكثر وتحريمه منسوخ نص عليه وفي الفروع ويتوجه إحتمال لا في مجاعة لأنه سبب تحريم الادخار
ومن أراد أن يضحي أو يضحى عنه ودخل العشر فلا يأخذ من شعره وبشرته وظفره شيئا لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره وبشرته شيئا حتى يضحي وفي لفظ ولا من أظفاره رواهما مسلم وهل ذلك حرام على وجهين أحدهما يحرم وهو ظاهر ما نقله الأثرم وقدمه في الفروع وجزم به في الوجيز وقاله سعيد بن المسيب وإسحاق لأن ظاهر النهي التحريم وللتشبه بالمحرم وفيه نظر لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس والأولى فيه أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار
والثاني يكره وهو قول القاضي وغيره وقدمه في المحرر لقول
____________________
1-
(3/299)
فصل
والعقيقة سنة مؤكدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عائشة كنت أفتل الخبر وكما لو لم يرد أن يضحي والأول أولى إذ لا حكم للقياس معه وحديثنا خاص فيقدم ولعلها إما أرادت ما يتكرر كاللباس وهو قول يتقدم عن الفعل لاحتمال أن يكون خاصا به فعلى المذهب إن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية عليه مطلقا ويستحب الحلق بعد الذبح وظاهره ولو كان له ذبائح قال احمد على ما فعل ابن عمر تعظيما لذلك اليوم ولأنه كان ممنوعا قبله فاستحب له ذلك كالمحرم وعنه لا اختاره الشيخ تقي الدين فصل
والعقيقة في الأصل شعر كل مولود من الناس والبهائم الذي يولد وهو عليه قاله الجوهري ونقل الأزهري عن أبي عبيد أن الأصمعي قال هي الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وسميت الشاة المذبوحة عقيقة على عادتهم من تسمية الشيء باسم سببه ثم اشتهر ذلك فلا يفهم منها عند الإطلاق غيرها وأنكر أحمد هذا التفسير قاله ابن عبد البر وفسرها إمامنا بأنها الذبح نفسه لأن اصل العق القطع ومنه عق والديه أي قطعهما والذبح قطع الحلقوم والمري وهو سنة مؤكذة في قول الجمهور قال أحمد العقيقة سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عق عن الحسن والحسين ونقله أصحابه لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقوق فكأنه كره الاسم وقال من ولد له مولود فأحب أن ينسك عنه
____________________
1-
(3/300)
والمشروع أن يذبح عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة يوم سابعه ويحلق رأسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فليفعل رواه مالك وعنه واجبة اختاره أبو بكر وأبو إسحاق البرمكي وابو الزفاء وقاله الحسن وداوود لما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه رواه الخمسة وصححه الترمذي وقال أحمد والنسائي لم يسمع الحسن منه
والجواب بأنه يحمل على تأكد الاستحباب بدليل الأمر بالتسمية والحلق وهي سنة على الأب غنيا كان الولد او فقيرا
والمشروع أن يذبح عن الغلام شاتين لما روت أم كرز قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة رواه ابو داوود متكافئتان متقاربتان في السن والشبه نص عليه فإن عدم فواحدة وعليه يحمل ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين شاة شاة رواه أبو داوود أو لتبيين الجواز وعن الجارية شاة لحديث أم كرز ولأنها على النصف من أحكام الذكر فإن عدم اقترض قال الشيخ تقي الدين إذا كان له وفاء يوم سابعه قال في الروضة في ميلاد الولد وفي المستوعب وغيره ضحوة وينويها عقيقة وظاهره أن جميع العقيقة تذبح يوم السابع وقال ابن البنا يذبح إحدى الشاتين يوم ولادته والأخرى يوم السابع والأول هو المعروف ويسمى فيه وفي الشرح وإن سماه قبله فحسن
وذكر ابن حزم أن المولود إذا مضت له سبع ليال فقد استحق التسمية فقوم قالوا حينئذ وقوم قالوا حال ولادته
ويحلق رأسه أي رأس الغلام قال في النهاية ورأسها والظاهر
____________________
1-
(3/301)
ويتصدق بوزنه فضة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه مختص بالذكر ويكره لطخه بدم ونقل حنبل سنة لأن في حديث سمرة تذبح عنه يوم السابع ويدمى والأول أولى قال أحمد قال ابن أبي عروبة يسمى وقال همام يدمى ما اراه غلا خطا وقيل هو تصحيف من الراوي يعضده أن مهنا ذكر لأحمد حديث يزيد المزني عن ابيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم فقال ما أظرفه ولأنه يتنجس فلا يستحب لطخه بغيره من النجاسات ويتصدق بوزنه فضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة لما ولدت الحسن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين رواه أحمد قال في الروضة ليس في حلق رأسه ووزن شعره سنة وكيدة وإن فعل فحسن والعقيقة هي السنة
فرع يؤذن في أذنه حين يولد لأنه عليه السلام أذن في أذن الحسين حين ولد بالصلاة صححه أبو داوود وفي لرعاية ويقيم في اليسرى ويحنكه بتمر وهو أن يمضغه ويدلك به حنكه للخبر فإن لم يكن تمر فشيء حلو فصل
أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن قاله النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم
ويستحب أن يحسن اسمه لقوله عليه السلام إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم رواه أبو داوود
____________________
1-
(3/302)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال ابن عبد البر قال ابن القاسم سمعت مالكا يقول سمعت أهل مكة يقولون ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا ورزق خيرا
ولا يكره بأسماء الأنبياء وعن سعيد بن المسيبب أنه أحب الأسماء إلى الله تعالى ولا يطره بجبريل وياسين ويكره حرب ومرة وبرة ونافع ويسار وأفلح ونجيح وبركة ويعلى ومقبل ورافع ورباح
قال القاضي وكل اسم فيه تفخيم وتعظيم كالملك بخلاف حاكم الحكام وقاضي القضاة لعدم التوقيف وبخلاف الأوحد فإنه يكون في الخير والشر ولأن الملك هو المستحق للملك وحقيقته إما التصرف التام أو التصرف الدائم ولا يصحان إلا لله تعالى ولأحمد اشتد غضب الله على رجل تسمى بملك الأملاك لا ملك إلا الله وأفتى أبو عبد الله الصيمري الحنفي وابو الطيب الطبري الشافعي وأبو الحسن التميمي الحنبلي بالجواز والماوردي بعدمه وجزم به في شرح مسلم ويحرم عبد دالعزى وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبهه حكاه ابن حزم اتفاقا وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم غير الاسم إلى آخر فسمى حربا سلما والمضطجع المنبعث وشهابا هشاما
وأما اللقلب فكمال الدين وشرف الدين فله تاويل صحيح أن الدين أكمله وشرفه لا العكس قاله ابن هبيرة
وبالجملة من لقب بما يصدقه فعله جاز ويحرم ما لم يقع على مخرج صحيح ويجوز التكني وأن يكنى الإنسان بأكبر أولاده ويكره بأبي عيسى احتج به أحمد وفي المستوعب وغيره وبأبي يحيي وهل يكره بأبي القاسم أم لا
____________________
1-
(3/303)
فإن فات ففي أربع عشرة فإن فات ففي أحد وعشرين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أم يكره لمن اسمه محمد فقط فيه روايات ولا يحرم ونقل حنبل لا يكنى به واحتج بالنهي فظاهره يحرم ويجوز تكنيته أبا فلان وأبا فلانة وتكنيتها أم فلان وأم فلانة وتكنية الصغير وذكره بعضهم إجماعا ولم يذكروا المرخم والمصغر وهو في الأخبار ولقوله عليه السلام يا عائش يا فاطم ولقول أم سليم يار سول الله خويدمك أنيس أدع الله له قال في الفروع فيتوجه الجواز لكن مع عدم الأولى والغلام والجارية والفتى والفتاة يطلق على الحر والمملوك ولا تقل عبدي وأمتي كلكم عبيد الله وإماء الله ولا يقل العبد لسيده ربي وفي مسلم ولا مولاي فإن مولاكم الله وظاهره التحريم وجزم جماعة بأنه يكره
فإن فات أي الذبح في السابع ففي أربع عشرة فإن فات ففي إحدى وعشرين نقله صالح وهو قول إسحاق وروي عن عائشة والظاهر أنها لا تقوله إلا عن توقيف فلو ذبح قبل ذلك أو بعده أجزأ لحصول المقصود لكن ما ذكره هو السنة فإن تجاوز إحدى وعشرين فوجهان
أحدهما يستحب في كل سابع فيذبح في ثمان وعشرين ثم في خمس وثلاثين ثم كذلك
والثاني وهو الأشهر أنه لا تعتبر الأسابيع بعد الثلاث بل يفعل في كل وقت لأن هذا قضاء فلم يتوقف كالأضحية وعنه يختص بالصغر فإن لم يعق عنه اصلا حتى بلغ وكسب فقال أحمد ذلك على الوالد يعني لا يعق عن نفسه لأن السنة في حق غيره وذكر في المستوعب والرعاية والروضة أنه يعق عن نفسه كما يشرع له فكاك نفسه
____________________
1-
(3/304)
وينزعها أعضاء ولا يكسر عظمها وحكمها حكم الأضحية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وينزعها اعضاء أي يقطع كل عضو من مفصله تفاؤلا بسلامة أعضاء المولود ولا يكسر عظمها لما روى أبو داوود في مراسيله عن جعفر عن أبيه عن النبي صل الله عليه ة وسلم قال في العقيقة عن الحسن والحسين ابعثوا إلى أهل بيت القابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظما وفي التنبيه تعطى القابلة منها فخذا وطبخها أفضل نص عليه فيدعو إليها إخوانه فيأكلوا وفي المستوعب ومنه طبخ حلو تفاؤلا
وحكمها حكم الأضحية في سنها وما يجزئ منها وما لا يجزئ وما يستحب فيها من الصفة وما يكره وفي الأكل والهدية والصدقة لأنها نسيكة مشروعة غير واجبة أشبهت الأضحية والمذهب انه لا يجزئ فيها شرك في دم ولا يجزئ إلا بدنة أو بقرة كاملة نص عليه قال في النهاية أفضله شاة وفي الفروع يتوجه مثله أضحية وفي إجزاء الأضحية عنه وظاهره أنه لا يباع منها شيء ونص أحمد على بيع الجلد والرأس والسواقط والصدقة بثمنه خلاف نصه في الأضحية
قال في الشرح وهو أقيس بمذهبه لأن الأضحية أدخل منها في التعبد وقال أبو الخطاب يحتمل نقل حكم كل واحدة إلى الأخرى فيكون في كل منهما روايتان قال في الشرح وغيره والفرق بينهما أن الأضحية ذبيحة شرعت يوم النحر أشبهت الهدي والعقيقة شرعت لأجل سرور حادث وتجدد نعمة أشبه الذبح في الوليمة ولأنها لم تخرج عن ملكه فكان له البيع منها والصدقة بثمنه إذ الفضيلة حاصلة بكل منهما
____________________
1-
(3/305)
ولا تسن الفرعة وهي ذبح أول ولد الناقة ولا العتيرة وهي ذبيحة رجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ولا تسن الفرعة هو بفتح الفاء والراء وهي ذبح أول ولد الناقة كانوا يذبحونه لآلهتم وقيل كان الرجل في الجاهلية إذا تمت إبله مائة قدم بكرا فذبحه لصنمه ولا العتيرة وهي ذبيحة رجب وقال أبو السعادات وابو عبيد كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم أمرا نذر أن يذبح من غنمه شاة والصحيح ما ذكره المؤلف لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا فرع ولا عتيرة متفق عليه وفي الرعاية يكره ونقل حنبل عن أحمد يستحب العتيرة وحكاه أحمد عن أهل البصرة وروي عن ابن سيرين لما تقدم من قوله عليه السلام على كل أهل بيت أضحاة وعتيرة وقالت عائشة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة من خمسين واحدة قال ابن المنذر هذا حديث ثابت والجواب أنه منسوخ بما سبق لأمرين أحدهما أن رواية أبو هريرة وهو متأخر الاسلام قاله في الشرح والثاني أن فعلهما كان متقدما على الأسلام فالظاهر بقاؤه إلى حين النسخ فلو لم يكن منسوخا لزم النسخ مرتين وهو خلاف الظاهر بخلاف تأخر النهي ولا يلزم من نفي سنيتها تحريم فعلها ولا كراهته فلو ذبح في رجب أو اول ولد الناقة لحاجته إلى ذلك أو الصدقة به أو إطعامه لم يكن ذلك مكروها والله أعلم
____________________
1-
(3/306)
= كتاب الجهاد =
وهو فرض كفاية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الجهاد =
وهو مصدر جاهد جهادا ومجاهدة
ومجاهد اسم فاعل من أجهد إذا بالغ في قتل عدوه حسب الطاقة والوسع
وشرعا عبارة عن قتل الكفار خاصة
والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى { كتب عليكم القتال } البقرة 216 { انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } التوبة 41
والسنة قوله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق رواه مسلم وغيره من الأحاديث الصحيحة وهو فرض كفاية في قول جمهور العلماء لقوله تعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر } الآية النساء 95 فدل على أن القاعد بلا ضرر غير آثم مع جهاد غيره ولقوله تعالى { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } التوبة 122 ومعناه انه إذا قام به من يكفي سقط عن الكل فيجعل فعل البعض كاف في السقوط وإن لم يقم به من يكفي أثم الكل كفرض الأعيان فيشتركان في كونه مخاطبا ويفترقان فيما ذكرنا
وقال سعيد بن المسيب فرض عين لعموم الآيات والقاعدون كانوا حراسا للمدينة وهو نوع جهاد وجوابه ما قلناه مع أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى النواحي ويقيم هو واصحابه وعليه تحمل الأوامر المطلقة
والفرض في ذلك موقوف على غلبة الظن فإذا غلب على الظن أن الغير يقوم به كجند لهم ديوان وفيهم كفاية أو قوم أعدوا أنفسهم لذلك وفيهم منعه سقط عن الباقين
____________________
1-
(3/307)
ولا يجب إلا على ذكر حر مكلف مستطيع وهو الصحيح الواجد لزاده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا قام بفرض الكفاية طائفة بعد اخرى فهل توصف الثانية بالفرضية فيه وجهان وكلام ابن عقيل يقتضي أن فرضيته محل وفاق وكلام أحمد محتمل ولا يجب إلا على ذكر لما روته عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد قال جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة رواه البخاري ولأن المرأة ليست من أهل القتال لضعفها وخوفها ولذلك لا يسهم لها والخنثى المشكل كهي لأنه لا يعلم حاله فلا يجب مع الشك في شرطه حر لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد والعبد على الإسلام دون الجهاد ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة فلم تجب على العبد وفرض الكفاية لا يلزم رقيقا وظاهره ولو مبعضا ومكاتبا رعاية لحق السيد وسواء أذن له سيده أم لا مكلف لأن الصبي والمجنون لا يتأتى منهما والكافر غير مأمون على الجهاد مستطيع بنفسه لأن غير المستطيع عاجز والعجز ينفي الوجوب
ثم فسره بقوله وهو الصحيح في بدنه من المرض والعمى والعرج لقوله تعالى { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } الفتح 17 ولأن هذه الأعذار تمنعه من الجهاد ففي العمى ظاهر وأما العرج فالمانع منه الفاحش الذي يمنع المشي الجيد والركوب فإن كان يسيرا لا يمنعه المشي فصرح في الشرح بأنه لا يمنع الوجوب وذكره في المذهب قولا وفي البلغة يلزم أعرج يسيرا وكذا حكم المرض لكن إن كان خفيفا كوجع الضرس والصداع فلا كالعور وعنه يلزم عاجزا ببدنه في ماله اختاره الآجري والشيخ تقي الدين كحج معضوب وأولى الواجد لزاده أي
____________________
1-
(3/308)
وما يحمله إذا كان بعيدا وأقل ما يفعل مرة في كل عام إلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد أو حصر العدو بلده تعين عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القادر على النفقة لقوله تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله } التوبة 91 ولأنه لا يمكن إلا بآلة فاعتبرت القدرة عليها وسواء وجد ذلك أو ببذل من الإمام قاله المجد وما يحمله إذا كان بعيدا أي يعتبر مع البعد وهو مسافة القصر مركوب لقوله تعالى { الذين إذا ما أتوك لتحملهم } الآية التوبة 92 فدل على أنه لا يعتبر ذلك مع قرب المسافة وإنما المشترط أن يجد الزاد ونفقة عياله في مدة غيبته وسلاح يقاتل به فاضلا عن قضاء دينه وأجرة مسكنه على ما مر في الحج
وأقل ما يفعل مرة في كل عام لأن الجزية تجب على أهل الذمة مرة في العام وهي بدل عن النصرة فكذا مبدلها فإن مست الحاجة إلى أكثر من مرة وجب قاله الاصحاب إإلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره كضعف المسلمين من عدد او عدة أو ينتظر الإمام عددا يستعين بهم أو يكون في الطريق إليهم مانع أو رجاء إسلامهم فيجوز تاخيره في رواية لأنه صلى الله عليه وسلم صالح قريشا عشر سنين وأخر قتالهم حتى نقضوا العهد وأخر قتال قبائل العرب بغير هدنة وظاهره بهدنة وبغيرها والمذهب أنه لا يؤخر مع القوة والاستظهار لمصلحة رجاء إسلام العدو وهذا رواية ذكرها في المحرر والفروع ولا يعتبر امن الطريق فإن وضعه على الخوف
ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد أو حصر العدو بلده تعين عليه وكذا في الكافي والبلغة فالحاصل أنه يصير فرض عين في هذين
____________________
1-
(3/309)
وأفضل ما يتطوع به الجهاد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الموضعين أحدهما إذا إلتقى الرحفان وتقابل الصفان لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا } الآية الأنفال 45
الثاني إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم كحاضري الصف ولعموم قوله تعالى { انفروا خفافا وثقالا } الآية التوبة 41 زاد في الوجيز والفروع ثالثا وهو إذا استنفره من له استنفاره تعين عليه لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض } التوبة 38 وعن ابن عباس مرفوعا وإذا استنفرتم فانفروا متفق عليه ولو كان عبدا واستثنى في البلغة من الموضعين السابقين إلا لأحد رجلين من تدعو الحاجة إلى تخلفه لحفظ الأهل والمال والمكان والاخر من يمنعه الإمام من الخروج ومحل ما ذكره المؤلف ما لم يحدث له مرض أو عمى ونحوهما فإنه يجوز له الإنصراف لأنه لا يمكنه القتال ذكره في المغني والشرح
فرع إذا نودى بالصلاة والنفير صلى ثم نفر مع العبد ومع قرب العدو ينفر ويصلي راكبا أفضل ولا ينفر في خطية الجمعة ولا بعد افقامة نص على ذلك
وافضل ما يتطوع به الجهاد قال أحمد لا أعلم شيئا بعد الفرائض أفضل من الجهاد والأحاديث متضافرة في ذلك فمنها حديث ابن مسعود وحديث
____________________
1-
(3/310)
وغزو البحر أفضل من غزو البر ويغزو مع كل بر وفاجر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبي هريرة وروي ابن مسعود قال قيل يارسول الله أي الناس أفضل قال مؤمن محاهد في سبيل الله بنفسه وماله متفق عليه
وغزو البحر أفضل من غزو البر لحخديث أم حرام أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عندها ثم استيقظ وهو يضحك فقلت ما يضحكك يارسول الله قال ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة متفق عليه من حديث أنس وعن ابي أمامة الباهلي مرفوعا شهيد البحر مثل شهيدي البر والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر وإن الله تعالى وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإن الله تعالى يتولى قبض أرواحهم وشهيد البر يغفر له كل شيء إلا الدين وشهيد البحر يغفر له كل شيء والدين رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف ولأنه أعظم خطرا ومشقة لكونه بين خطر العدو والغرق إلا مع أصحابه فكان أفضل من غيره
تنبيه تكفر الشهادة كل الذنوب غير الدين قال الشيخ تقي الدين وغير مظالم العباد وقال الآجري بعد أن ذكر خبر أبي أمامة هذا في حق من تهاون بقضائه أما إذا لم يمكنه قضاؤه وكان أنفقه في وجهه فإن الله يقضيه عنه مات أو قتل وكذا الأعمال الصغار فقط قال الشيخ تقي الدين وكذا حج لأن الصلاة ورمضان أعظم منه ونقل المروذي بر الوالدين يكفر الصغائر
ويغزو مع كل بر وفاجر لما روى أبو هريرة مرفوعا الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا رواه ابو داوود ولأن تركه مع الفاجر
____________________
1-
(3/311)
ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو وتمام الرباط أربعون يوما وهو لزوم الثغر للجهاد ولا يستحب نقل أهله إليه وقال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يفضي إلى قطعه وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم وإعلاء كلمة الكفر وشرطه أن يحفظ المسلمين ى مخذل ونحوه وفي الصحيح مرفوعا إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ويقدم القوي منهما نص عليه ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو أي يتعين جهاد المجاور نص عليه لقوله تعالى { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } الآية التوبة 123 ولأن الأقرب أعظم ضررا إلا لحاجة مثل كون الأبعد أخوف والأقرب مهادنا ومع التساوي فجهاد أهل الكتاب أفضل لأنهم يقاتلون على دين قاله ابن المبارك واستبعده أحمد وحمل على أنه كان متبرعا بالجهاد والكفاية حاصلة بغيره
وتمام الرباط أربعون يوما قاله أحمد وروي عن ابن عمر وأبي هريرة لما روى أبو الشيخ الأصبهاني مرفوعا تمام الرباط اربعون يوما وعن أبي هريرة مرفوعا من رابط أربعين يوما فقد استكمل الرباط رواه سعيد وإن زاد فله أجره واما اقله فقال المجد والآجري ساعة ونص أحمد على إستحبابه وقال أيضا يوم رباط وليلة رباط وهو أفضل من المقام بمكة ذكره الشيخ تقي الدين إجماعا والصلاة بها أفضل نص عليه وقال إذا اختلف في شيء فانظر ما عليه أهل الثغر فإن الحق معهم وهل الجهاد أفضل من الرباط أم لا فيه وجهان وهولزوم الثغر وكل مكان يخاف أهله من العدو مأخوذ من رباط الخيل للجهاد وافضله أشده خوفا لأنهم أحوج ومقامهم به أنفع ولا يستحب نقل أهله أي الأبناء والذرية إليه لأنه مخوف ولا يؤمن من ظفر العدو بمن فيه واستيلاؤهم على الأهل فتحصل به مفسدة عظيمة وقال
____________________
1-
(3/312)
رسول الله صلى الله عليه وسلم رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رسول الله صلى الله عليه وسلم رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل رواه أحمد وأبو داوود والنسائي من حديث عثمان رضي الله عنه ولأحمد عنه مرفوعا جزء من ليلة في سبيل الله أفضل من ألفه ليلة يقام ليلها ويصام نهارها
تنبيه تقدم أن أفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا قيل لأحمد أين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله قال مدينة تكون معقلا للمسلمين كأنطاكية والرملة ودمشق وقال أحمد رضي الله عنه الشام أرض المحشر ودمشق موضع يجتمع إليه الناس إذا غلبت الروم
قلت فالأحاديث إن الله تعالى تكفل لي بالشام فقال ما أكثر ما جاء فيه قيل له إن هذا في الثغور فأنكره وقال لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق هم أهل الشام
ويسمى الشام مغربا باعتبار العراق كما يسمى العراق مشرقا وفيه حديث مالك بن عامر عن معاذ رواه البخاري وعن أبي الدرداء مرفوعا قال فسطاط المسلمين يوم الملحمة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام رواه أبو داوود
وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب وهي ما يغلب فيها حكم الكفر لقوله تعالى { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } الآيات النساء 98 ولقوله صلى الله عليه وسلم أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يارسول الله ولم قال لا تراءى ناراهما رواه أبو داوود
____________________
1-
(3/313)
وتستحب لمن قدر عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والترمذي ومعناه لا يكون بموضع يرى نارهم ويرون ناره إذا أوقدت
ولأن القيام بأمر الدين واجب على القادر والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
وشرطه أن يطيق ذلك صرح به في المغني والفروع لقوله تعالى { إلا المستضعفين } الاية النساء 98 وألحق بعضهم بدار الحرب دار البغاة والبدعة كرفض واعتزال لا فرق بين الرجال والنساء ولو في العدة بلا راحلة ولا محرم وفي عيون المسائل إن أمنت على نفسها من الفتنة في دينها لم تهاجر إلا بمحرم كالحج ومعناه في منتهى الغاية وزاد إن أمكنها إظهار دينها وفي كلام المؤلف إشعار ببقاء حكم الهجرة وهو قول الجماهير إذ حكمها مستمر إلى يوم القيامة للأحاديث الواردة فيه
وأما قوله لا هجرة بعد الفتح وقد انقطعت الهجرة أي لا هجرة من مكة بعد فتحها لأن الهجرة إليه لا منه
وتستحب لمن قدر عليه أي على إظهار دينه ليتمكن من جهادهم ويكثر المسلمين ويعينهم ويتخلص من تكثير عدوهم والاختلاط بهم وقضية نعيم شاهدة بذلك وذكر أبو الفرج تجب واطلق في المستوعب بلا يسن لإمرأة بلا رفقة من صلى لزمته الهجرة وأما العاجز عنها فاستحباب قاله في المغني والشرح
فرع لا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي لكن روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى { إن أرضي واسعة } العنكبوت 56 أن المعنى
____________________
1-
(3/314)
ولا يجاهد من عليه دين لا وفاء له ولا من أحد أبويه مسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إذا عمل بالمعاصي في أرض فأخرجوا منها قاله عطاء ويرده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده الحديث
ولا يجاهد من عليه دين لآدمي لا وفاء له وظاهره لا فرق بين الدين الحال والمؤجل لأن الجهاد يقصد منه الشهادة وبها تفوت النفس فيفوت الحق بفواتها وفي الرعاية وجه لا يستاذن مع تاجيله لأنه له لا يتوجه إليه الطلب إلا بعد حلوله وظاهره أنه إذا كان له وفاء فله ان يجاهد بغير إذن نص عليه لأن عبد الله بن حرام والد جابر خرج إلى أحد وعليه ديون كثيرة فاستشهد وقضى عنه ابنه مع علمه صلى الله الله عليه وسلم من غير نكير وفي معناه إقامة الكفيل أو توثقه برهن لعدم ضياع حق الغريم بتقدير قتله ولا من أحد أبويه مسلم في قول أكثر العلماء لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله أجاهد فقال لك أبوان قال نعم قال ففيهما فيفهما فجاهد وروى البخاري معناه من حديث ابن عمر وروى أبو داوود عن أبي سعيد أن رجلا هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم قال لك ابوان قال نعم قال ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ولأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية والأول مقدم وظاهره لا تشترط حرية الآذن وهو وجه وظاهر الخرقي والمهذب اشتراطه ولا فرق بين الأب والأم قال أحمد فيمن له أم أتظن سرورها فإذا أذنت من غير أن يكون في قلبها وإلا فلا تغز وعلم منه أنهما إذا كانا كافرين انه لا اعتبار لإذنهما كالمجونين ولأن أبا بكر وغيره كانو يجاهدون بدون إذن آبائهم ويخرج منه
____________________
1-
(3/315)
إلا بإذن غريمه وأبيه إلا أن يتعين عليه الجهاد فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة ولا يحل للمسلمين الفرار من ضعفهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجد والجدة قاله الأصحاب وليس فيه نص صريح إلا في التبعية وفي الفروع ويتوجه احتمال في الجد لأب فلو أذنا له فيه وشرطا عليه عدم القتال وحضره تعين عليه القتال وسقط حكم الشرط إلا بإذن غريمه كرضاه باسقاط حقه ويتوجه لو استناب بمن يقضي دينه من مال حاضر وأبيه خص الأب وحده فيحتمل أنه لم يذكر الأم اكتفاء بذكر الأب ويحتمل اختصاصه به وهو كلام الأكثر إلا أن يتعين عليه الجهاد فإنه يصير فرض عين وتركه معصية لكن يستحب للمدين أن لا يتعرض لمظان التقل من المبارزة والوقوف في أول المقاتلة لأن فيه تغريرا بفوات الحق قاله في الشرح فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة لأن الجهاد عبادة متعينة فلم يعتبر إذن أحد كفروض الأعيان
واما السفر لطلب العلم فقال أحمد يجب عليه ان يطلب من العلم ما يقوم به دينه قيل له فكل العلم يقوم به دينه قال الفرض الذي يجب عليه في نفسه صلاته وصيامه ونحو ذلك وهذا خاصة يطلبه بلا إذن وفي الرعاية من لزمه التعلم وقيل أو كان فرض كفاية وقيل أو نفلا ولا يحصل ببلده فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه
ولا يحل للمسلمين ولو ظنوا التلف الفرار لقوله تعالى { إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار } الأنفال 15 ولأنه صلى الله عليه وسلم عد الفرار من الكبائر وشرطه أن لا يزيد عدد الكفار على مثلي المسلمين وهو المراد بقوله من ضعفهم لقوله تعالى { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } الأنفال 66 قال ابن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة
____________________
1-
(3/316)
إلا متحرفين إلى القتال أو متحيزين إلى فئة وإن زاد الكفار فلهم الفرار إلا أن يغلب على ظنهم الظفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فما فر وفي المنتخب لا يلزم ثبات واحد لا ثنين وكلام الأكثر بخلافه
ونقل الأثرم وأبو طالب ? < إلا متحرفين إلى قتال أو متحيزين إلى فئة > ? لقوله تعالى { ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } الأنفال 16 ومعنى التحرف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن كمن كان في وجه الشمس والريح أو في مكان ينكشف فيه فينحرف واحدة ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب
قال عمر يا سارية الجبل فانحازوا إليه وانتصروا على عدوهم ومعنى التحيز إلى فئة هو ان يصير إلى قوم من المسلمين ليكون معهم فيقوى بهم على العدو وظاهره ولو بعدت المسافة كخراسان والحجاز لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني فئة لكم وكانوا بمكان بعيد منه وقال عمر أنا فئة لكل مسلم وكان بالمدينة وجيوشه بالشام والعراق وخراسان رواهما سعيد
وإن زاد الكفار على مثليهم فلهم الفرار قال ابن عباس لما نزلت { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } الأنفال 65 شق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ثم جاء التخفيف فقال { الآن خفف الله عنكم } الاية الأنفال 66 فلما خف الله عنهم من العدد نقص من الصبر بقدر ما خفف من العدد رلاواه أبو داوود وظاهره أنه يجوز لهم الفرار من أدنى زيادة وهو أولى مع ظن التلف بتركه وأطلق ابن عقيل استحباب الثبات للزائد لما في ذلك من المصلحة إلا أن يغلب على ظنهم أي ظن المسلمين الظفر فيلزمهم المقام ولا يحل لهم الفرار لينالوا درجة الشهداء
____________________
1-
(3/317)
وإن ألقي في مركبهم نار فعلوا ما يرون السلامة فيه وإن شكوا فعلوا ما شاؤوا من المقام أو إلقاء نفوسهم في الماء وعنه يلزمهم المقام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المقبلين على القتال محتسبين فيكونوا أفضل من المولين وما ذكره المؤلف وهو قول في المذهب والأشهر أن ذلك هو الأولى وليس بواجب صرح به في المغني والشرح وحمل ابن المنجا كلامه هنا على الأولى جمعا بين نقله وموافقة الأصحاب وكأنه لم يقف على الخلاف فيه وظاهره أنه إذا غلب على ظنهم الهلاك فالأولى الثبات والقتال وعنه لزوما قال أحمد ما يعجبني أن يستأسر وقال فليقاتل أحب إلي إلا لأمر شديد وقال عمار من استأسر برئت منه الذمة فلهذا قال الآجري يأثم ولأنه قول أحمد وإن استأسروا جاز قاله في البلغة
تنبيه إذا نزل العدو ببلد فلأهله التحصن منهم وإن كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد وقوة ولا يكون توليا ولا فرارا وإن ألقى في مركبهم نار واشتعل بهم فعلوا ما يرون السلامة فيه لأن حفظ الروح واجب وغلبة الظن كاليقين في أكثر الأحكام فهنا كذلك وإن شكوا فعلوا ما شاؤوا من المقام أو إلقاء نفوسهم في الماء هذا هو المذهب لأنهم ابتلوا بامرين ولا مزية لأحدهما على الآخر وكظن السلامة في المقام والوقوع في الماء ظنا متساويا لكن قال أحمد كيف يصنع قال الأوزاعي هما مرتبتان فاختر أيسرهما
وعنه يلزمهم المقام نصرهما القاضي أصحابه لأنهم إذا ألقوا أنفسهم في الماء كان موتهم بفعلهم وإن أقاموا فمتهم بفعل غيرهم وعنه يحرم ذكرها ابن عقيل وصححها وصحح في النهاية الأولى قال لأنهم ملجؤون إلى الإلقاء فلا ينسب إليهم الفعل بوجه ولعل الله يخلصهم
____________________
1-
(3/318)
فصل
ويجوز تبييت الكفار ورميهم بالمنجنيق وقطع المياه عنهم وهدم حصونهم ولا يجوز إحراق نحل ولا تفريقه ولا عقر دابة ولا شاة إلا لأكل يحتاج إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
ويجوز تبييت الكفار لما روى الصعب بن جثامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن ديار المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال هم منهم متفق عليه ومعنى تبيتهم كبسهم ليلا وقتلهم وهو غارون وظاهره ولو قتل من لا يجوز قتله إذا لم يقصده ورميهم بالمنجنيق نص عليه لأنه صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف رواه الترمذي مرسلا ونصبه عمرو بن العاص على الاسكندرية ولأن الرمي به معتاد كالسهام وظاهره مع الحاجة وعدمها وفي المغني هو ظاهر كلام الإمام وقطع المياه عنهم وكذا السابلة وهدم حصونهم وفي المحرر والوجيز والفروع هدم عامرهم وهو أعم لأن القصد إضعافهم وإرهابهم ليجيبوا داعي الله
وقيل فيه روايتان قال أحمد لا يعجبني يلقى في نهرهم سم لعله يشرب منه مسلم ولا يجوز إحراق نحل بالمهملة ولا تغريقه في قول عامة العلماء لما روى مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة بأشياء قال إذا غزوت فلا تحرق نحلا ولا تغرقه ورى مالك أن أبا بكر قال ليزيد بن أبي سفيان نحوه ولأن قتله فساد فيدخل في عموم قوله تعالى { وإذا تولى سعى في الأرض } الآية البقرة 205 ولأنه حيوان ذو روح فلا يجوز إهلاكه لغيظهم كنسائهم ومقتضاه أنه يجوز أخذ العسل لأنه مباح وفي أخذ كل شهده بحيث لا يترك للنحل شيء روايتان ولا عقر دابة ولا شاة إلا لأكل يحتاج إليه أما عقر دوابهم لغير الأكل فلا يخلو إما أن يكون في الحرب أو في غيرها فإن كان في الأول
____________________
1-
(3/319)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلا خلاف في جوازه لأن الحاجة تدعو إلى ذلك إذ قتل بهائهمهم مما يتوصل به إلى قتلهم وهزيمتهم وهو المطلوب وإن كان الثاني لم يجز لنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان صبرا واختار في المغني جواز ذلك أو مما يستعين به على الكفار في القتال كالخيل وذكره في المستوعب بشرط عجز المسلمين عن سياقه وأخذه لأنه يحرم إيصاله إلى الكفار للبيع فتركه لهم بلا عوض أولى بالتحريم وعكسه أشهر وفي البلغة يجوز قتل ما قاتلوا عليه في تلك الحال وأما عقرها للأكل فإن لم يكن بد من ذلك فيباح بغير خلاف لأن الحاجة تبيح مال المعصوم فغيره أولى وإن لم تكن الحاجة داعية إلى ذلك فإن كان الحيوان لا يراد إلا للأكل كالدجاج وسائر الطير فحكمه كالطعام في قول الجميع وإن كان مما يحتاج إليه في القتال كالخيل لم يبح ذبحه للأكل في قول الجميع لكن قال المؤلف أختار عقرها لغير الأكل بشرطه وإن كان غير ذلك كالبقر والغنم لم يبح في قول الجماعة وقال القاضي ظاهر كلام أحمد إباحته من غير حاجة كالطعام واستثنى في المعني من قول الخرقي إذا أذن الإمام في ذلك وصرح به في الشرح
فرع إذا تعذر حمل متاع فترك ولم يشتر فللإمام أخذه لنفسه وإحراقه نص عليهما وإلا حرم إذا جاز اغتنامه حرم إتلافه وإلا جاز إتلاف غير الحيوان وإذا قال الأمير عند العجز عن نقله من أخذ شيئا فهو له أخذه وكذا إن لم يقل في أكثر الروايات ويجب إتلاف كتبهم المبدلة ذكره في البلغة
____________________
1-
(3/320)
وفي إحراق شجرهم وزرعهم وقطعه روايتان إحداهما يجوز إن لم يضر بالمسلمين والأخرى لا يجوز إلا أن لا يقدر عليهم إلا به أو يكونوا يفعلونه بنا وكذلك رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي إحراق شجرهم وزرعهم وقطعه روايتان إحداهما يجوز قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز قال الزركشي وهو أظهر لقوله تعالى { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها } الآية الحشر 5 ولما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فانزل الله تعالى الاية وفيه يقول حسان بن ثابت % وهان على سراة بني لؤي % % حريق بالبويرة مستطير % متفق عليه إن لم يضر بالمسلمين وكذا في المحرر والفروع وزاد ولا نفع فدل على أن ما يتضرر المسلمون بقطعه لكونه ينتفعون به ببقائه لعلوفهم أو يستظلون به أو ياكلون من ثمره لم يجز لما فيه من الإضرار بالمسلمين وهو منفي شرعا والأخرى لا يجوز لحديث أبي بكر وغيره ولأن فيه إتلافا محضا فلم يجز كعقر الحيوان إلا أن لا يقدر عليهم إلا به كالذي يقرب من حصونهم ويمنع من قتالهم ويستترون به من المسليمن وزاد في المغني والشرح أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة الطريق أو يمكن من قتال أو سد شق أو ستارة منجنيق أو يكونوا يفعلونه بنا فنفعله بهم قال أحمد لأنهم يكافؤون على فعلهم وهذا مما لا خلاف فيه ذكره في المغني والشرح وكذلك رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم أي فيه روايتان إحداهما يجوز جزم به في الوجيز لأن القصد مكافأتهم وإقامة كلمة الحق فإذا كان ذلك وسيلة إليه جاز كالقتل لكنه إن قدر عليهم بغيره لم يجز تحريقهم بالنار بغير خلاف وعند العجز
____________________
1-
(3/321)
وإذا ظفر بهم لم يقتل صبي ولا امرأة ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يجوز في قول أكثر العلماء وكذلك القول في فتح الثقوب لتغريقهم
والثانية المنع أما النار فلا يعذب بها إلا الله تعالى وأما الماء فلأن الإتلاف به يعم النساء والذرية مع أن عنه وجها لكن لو لم يقدر عليهم إلا به أو كانوا يفعلونه بنا جاز
وإذا ظفر بهم لم يقتل صبي لم يبلغ بغير خلاف لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان متفق عليه ولأنه يصير رقيقا بنفس السبي ففي قتله إتلاف المال فإن شك في بلوغه عول على شعر عانته قاله في البلغة ولا امرأة لما ذكرنا والخنثى كهي ولا راهب في صومعته قال جماعة ولا يخالط الناس لقول عمر ستمرون على قوم في صوامع لهم احتبسوا أنفسهم فيها فدعوهم حتى يميتهم الله على ضلالتهم ولا شيخ فان فإنه روي عن ابن عباس في قوله ولا تعتدوا لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير وجوزه ابن المنذر لأمره صلى الله عليه وسلم به قال ابن المنذر لا أعرف حجة في ترك قتل الشيوخ يستثنى بها عموم قوله { فاقتلوا المشركين } التوبة 5 ولأنه كافر لا نفع فيه فيقتل كالشاب
وجوابه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله رواه أبو داوود ولأنه ليس من أهل القتال أشبه المرأة ويحمل ما روي عن قتل المقاتلة الذين فيهم قوة مع أنه عام وخبرنا خاص بالهرم فيقدم ولا زمن ولا أعمى كالشيخ الفاني لإشتراكهم في عدم النكاية زاد في المغني والشرح وعبد وفلاح وفي الإرشاد وحبر لا رأي لهم فمن كان من هؤلاء ذي رأي وخصه في الشرح بالرجال وفيه
____________________
1-
(3/322)
إلا أن يقاتلوا فإن تترسوا بهم جاز رميهم ويقصد المقاتلة وإن تترسوا بالمسلمين لم يجز رميهم إلا أن يخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شيء جاز لأن دريد بن الصمة قتل يوم حنين وهو شيخ لا قتال فيه لأجل استعانتهم برأيه فلم ينكر صلى الله عليه وسلم قتله ولأن الرأي من أعظم المعونة على الحرب وربما كان أبلغ في القتال قال المتنبي % الرأي قبل شجاعة الشجعان % % هو أول وهي المحل الثاني % % فإذا هما اجتمعا لنفس حرة % % بلغت من العلياء كل مكان % إلا ان يقاتلوا فيجوز قتلهم بغير خلاف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأة مقتولة يوم الخندق فقال من قتل هذه فقال رجل أنا نازعتني قائم سيفي فسكت ولأنه لو لم يجز لأدى إلى تلف قاتله زاد في الفروع وغيره أو يحرضوا عليه وذكر في المغني والشرح ان المرأة إذا انكشفت للمسلمين وشتمتهم رميت قصدا وظاهر نص الإمام والأصحاب خلافه ويتوجه أن حكم غيرها ممن منعنا قتله كهي
فإن تترسوا بهم أي بمن بلا يجوز قتله جاز رميهم لأنه صلى الله عليه وسلم رماهم بالمنجنيق وفيهم النساء والصبيان ولأن كف المسلمين عنهم حينئذ يفضي إلى تعطيل الجهاد وسواء كانت الحرب قائمة أو لا ويقصد المقاتلة لأنه هو المقصود
وإن تترسوا بالمسلمين لم يجز رميهم كأن تكون الحرب غير قائمة أو لإمكان القدرة عليهم بدونه أو للأمن من شرهم إلا أن يخاف على المسلمين مثل كون الحرب قائمة أو لم يقدر عليهم إلا بالرمي فيرميهم نص عليه للضرورة
____________________
1-
(3/323)
ومن أسر أسيرا لم يجز له قتله حتى يأتي به الإمام إلا أن يمتنع من الميسر معه ولا يمكنه إكراهه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ويقصد الكفار بالرمي لأنهم هم المقصود بالذات فلو لم يخف على المسلمين لكن لا يقدر عليهم إلا بالرمي فظاهر كلامه لا يجوز رميهم وقاله الأوزاعي والليث لقوله تعالى { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } الاية الفتح 25 قال الليث ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق وجوزه القاضي حال قيام الحرب لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد فعلى هذا لو قتل مسلما فعليه الكفارة وفي وجوب الدية على العاقلة روايتان وفي عيون المسائل يجب الرمي ويكفر ولا دية 3 فرع إذا نازل المسلمون العدوفقالوا ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم قال أحمد فيرحلوا عنهم ومن أسر أسيرا لم يجز له قتله على الأصح حتى يأت به الأمام فيرى فيه رأيه لأن الخيرة في أمر الأسير إليه
والثانية يجوز كما لو قتله إلا ان يمنتع من المسير معه فله إكراهه بالضرب وغيره فإن لم يمكنه وهو المراد بقوله ولا يمكنه إكراهه فإنه حينئذ له قتله فإن امتنع من الانقياد معه لجرح أو مرض فله قتله وعن الوقف في المريض فيه وجهان أصحهما الجواز لأن تركه حياضرر على المسلمين ونقل أبو طالب لا يخليه ولا يقتله ويحرم قتل اسير غيره ولا شيء عليه نص عليه واختار الآجري جواز قتله لمصلحة كقتل بلال أميه بن خلف أسير عبد الرحمن بن عوف واعانه عليه الأنصار فعلى المذهب لو خالف وفعل فإن كان المقتول رجلا فلا شيء عليه فإن كان امرأة أو صبيا عاقبه الأمير وغرم ثمنه غنيمة لأنه صار رقيقا بنفس السبي
____________________
1-
(3/324)
ويخير الأمير في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ويخير الأمير في الأسرى بين القتل لعموم قوله تعالى { فاقتلوا المشركين } ولأنه صلى الله عليه وسلم قتل رجال قريظة وهم بين الستمائة والسبعمائة وقتل يوم بدر عقبة ابن أبي معيط والنضر بن الحارث وفيه تقول أخته % ما كان ضرك لو مننت وربما % % من الفتى وهو المغيظ المحنق % فقال صلى الله عليه وسلم لو سمعته ما قتلته والاسترقاق لقول أبي هريرة لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هم أشد أمتي على الدجال وجاءت صدقاتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه صدقات قومنا قال وكانت سبية عند عائشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعتقيها فإنها من ولد اسماعيل متفق عليه ولأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية فالبرق أولى لأنه أبلغ في صغارهم
فرع لا يبطل الاسترقاق حقا لمسسلم قاله ابن عقيل وفي الانتصار لا يسقط حق قود له وعليه وفي سقوط دين في ذمته لضعفها برقه كذمة مريض احتمالان وفي البلغة يتبع به بعد عتقه إلا أن يغنم بعد إرقاقه فيقضي منه دينه فيكون رقه كموته وعليه يخرج حلوله برقه وإن غنما معا فهما للغانم ودينه في ذمته والمن لقوله تعالى { فإما منا بعد وإما فداء } محمد 4 ولما روى أنس أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم فأخذهم النبي صلى الهل عليه وسلم فأعتقهم فانزل الله تعالى { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم } الاية الفتح 24 رواه مسلم وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر لو كان المطعم
____________________
1-
(3/325)
والفداء بمسلم أو مال وعنه لا يجوز بمال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ابن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له رواه البخاري وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم من على أبي عروة الشاعر وعلى أي أبي العاص بن الربيع وعلى ثمامة ابن أثال
والثانية لا يجوز المن بغير عوض لأنه لا مصلحة فيه والفداء للآية ولما روى عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل رواه أحمد والترمذي وصححه وهو جائز بمسلم بلا نزاع لحديث عمران وغيره أو بمال في ظاهر المذهب لأنه صلى الله عليه وسلم فادى أهل بدر بالمال بلا ريب
وعنه لا يجوز بالمال وحكاه أبو الخطاب في الهداية وجها لأن الله تعالى نبه على ذلك وأنزل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى } إلى قوله { عذاب عظيم } الأنفال 67 ولأنه لا يجوز بيعهم السلاح لما فيه من تقويتهم على المسلمين فبيع أنفسهم أولى وهذا التخيير إنما هو في المقاتلة الأحرار ذكره الاصحاب فإن كانوا أرقاء فيخير الإمام بين قتلهم وتركهم غنيمة كالبهائم وأما النساء والذرية فيصيرون أرقاء بنفس السبي لنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتلهم وكان يسترقهم إذا سباهم ومن يحرم قتله كالزمن والشيخ الفاني والأعمى ففي المغني والشرح أنه لا يجوز سبيهم لتحريم قتلهم وعدم النفع في اقتنائهم لكن صرح في المغني يجوز استرقاق الشيخ والزمن ونقله ابن المنجا عن بعض الأصحاب فقال كل من لا يقتل كأعمى وغيره يرق بنفس السبي وتوسط المجد فجعل من فيه نفع من هؤلاء حكمه حكم النساء والصبيان قال
____________________
1-
(3/326)
إلا غير الكتابي ففي استرقاقه روايتان ولا يجوز أن يختار إلا الأصلح للمسلمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الزركشي وهو اعدل الأقوال إذ الزمن يمكن أن يكون ناطورا والأعمى ينفخ في كير الحداد إلا أن يراد به النفع المطلق
تنبيه إذا أسلم الكافر قبل أسره لخوف أو غيره فلا تخيير لأنه لا يدله عليه وظاهر كلامهم أنه كمسلم أصلي في قود ودية لكن لا قود مع شبهة التاويل وفي الدية الخلاف كباغ والتخيير السابق ثابت في أهل الكتاب ومن يقر بالجزية فأما غيره فقال فيه إلا غير الكتابي ففي استرقاقه روايتان كذا في المحرر والفروع
إحداهما يجوز وإليها ميل المؤلف وهي ظاهر الوجيز كغيرهم
والثانية لا اختارها الشريف وابن عقيل وصحهها في البلغة
قال الخرقي لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وفي الواضح يدل هذا على مفادات ومن لأنه كافر لا يقر بالجزية فلم يسترق كالمرتد والمؤلف تبع أبا الخطاب في حكاية الخلاف في غير أهل الكتاب والمجد جعل مناط الحكم فيمن لا يقر بالجزية فعلى قوله نصارى بني تغلب يجري فيهم الخلاف لعدم أخذها منهم وظاهر ما سبق أن الكافر إذا كان مولى مسلم لا يجوز استرقاقه لأن في استرقاقه تفويت ولاء المسلم المعصوم بخلاف ولده الحربي لبقاء نسبه والمذهب الأول كما لو كان عليه ولاء لذمي لا يجوز قتله فجاز استرقاقه كغيره
ولا يجوز أن يختار إلا الأصلح للمسلمين لأن هذا تخيير مصلحة واجتهاد لا تشهي فمتى رأى مصلحة في خصلة لزمه فعلها وفي الروضة يندب ولأنه يتصرف لهم على سبيل النظر لهم فلم يجز ترك ما فيه الأصلح كولي اليتيم
____________________
1-
(3/327)
فإن أسلموا رقوا في الحال ومن سبي من أطفالهم منفردا أو مع أحد أبويه فهو مسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأن المصلحة تختلف باختلاف الأسرى فالقوي قتله أصلح ولا يمثل به وعنه بلى إن فعلوه والضعيف الذي له مال فداؤه أصلح ومن له رأي حسن يرجى إسلامه فالمن عليه أصلح ومن ينتفع بخدمته فاسترقاقه أصلح وإن تردد نظره فقتله أولى واختار الشيخ تقي الدين للإمام عمل المصلحة في مال وغيره لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة 3 فرع من استرق أو فودي بمال كان للغانمين بغير خلاف نعلمه فإن اسلموا رقوا في الحال نص عليه وحرم قتله لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وهذا مسلم ولأنه أسير يحرم قتله فصار رقيقا كالمراة وقيل يحرم قتله ويتخير فيه بين لخصال الثلاث جزم به في الكافي وصححه في الشرح لأنه إذا جاز ذلك حال كفرهم ففي حال إسلامهم أولى وعلى الأول يزول حكم التخيير ولا يجوز رده إلى الكفار
وزاد في المغني والشرح إلا أن تمنعه عشيرة ونحوها ومن سبي من أطفالهم ولو مميزا منفردا أو مع أحد أبويه فهو مسلم لأن التبعية انقطعت فيصير تابعا لسابيه في دينه وعنه كافر كما لو سبي مع أبويه او مع أحد المسلمين على الأصح لما روى أبو هريرة مرفوعا ما من مولود يولد إلى على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه متفق عليه فجعل التبعية لأبويه فإذا لم يكن كذلك انقطعت التبعية ووجب بقاؤه على حكم الفطرة وعنه يتبع أبويه قاله أبو الخطاب لأنه يتبعه في النسب فكذا في الدين وعنه يتبع المسبي معه منهما اختاره الآجري
____________________
1-
(3/328)
وإن سبي مع أبويه فهو على دينهما ولا ينفسخ النكاح باسترقاق الزوجين وإن سبيت المراة وحدها انفسخ نكاحها وحلت لسابيها وهل يجوز بيع من استرق منهم للمشركين على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن سبي مع أبويه فهوعلى دينهما على الأصح لأن التبعية باقية وعنه لا لأنه خرج من دارهما إلى دار الاسلام فتبع سابيه المسلم
فرع يتبع الطفل سابيا ذميا كمسلم وقيل إن سبي مفردا فمسلم ونقل عبد الله والفضل يتبع مالكا مسلما كسبي اختاره الشيخ تقي الدين ولا ينفسخ النكاح باسترقاق الزوجين وبسبيهما معا لأن الاسترقاق معنى لا يمنع ابتداء النكاح فلم يقطع استدامته كالعتق وعنه ينفسخ لقوله تعالى { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } النساء 24 والمراد بالمحصنات المزوجات إلا ما ملاكت أيمانهم بالسبي وهذا إذا تعدد سابيها قاله المؤلف وظاهره لا فرق بين أن يسبيها رجل أو رجلان وهو ظاهر كلام الأصحاب وإن سبيت المراة وحدها انفسخ نكاحها بغير خلاف علمناه قاله في الشرح وعنه لا ينفسخ قدمها في التبصرة كزوجة ذمي وعلى الأول وحلت لسابيها للآية ولما روى أبو سعيد الخدري قال أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهن ازواج في قومهن فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت { والمحصنات من النساء } الآية النساء 24 رواه الترمذي وحسنه وظاهره أن الزوج إذا سبي منفردا أنه لا ينفسخ نكاحه لأنه لا نص عليه فيه ولا يقتضيه القياس وقال أبو الخطاب إذا سبي أحد الزوجين انفسخ النكاح ولم يفرق
وهل يجوز بيع من استرق منهم للمشركين على روايتين
أظهرهما لا يصح قال أحمد ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبي
____________________
1-
(3/329)
ولا يفرق في البيع بين ذوي رحم محرم إلا بعد البلوغ في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المسلمون لأنه يروي أن عمر كتب ينهى أمراء الأمصار عن ذلك ولأن فيه تفويتا فلأسلام فلا يجوز ردهم إلى الكفر كما لو أسلموا
والثانية يجوز لأنه صلى الله عليه وسلم باع سبي بني قريظة لأهل الحرب ولأنه لا يمنع من إثبات يده عليه فلا يمنع من ابتدائه كالمسلم
وعنه يجوز في البالغ دون الصغار وعنه يجوز في غير النساء وكذا الخلاف بمفاداته بمال ولا يفرق في البيع ولا في القسمة بين ذوي رحم محرم قبل البلوغ أما في الوالدة وولدها فلحديث أبي أيوب رضي الله عنه من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبابه يوم القيامة رواه الترمذي وقال حسن غريب وظاهره ولو رضيت الأم نص عليه لأنها قد ترضى بما فيه ضررها ثم يتغير قلبها فتندم وحكم الأب مع ولده كالأم والجد والجدة كهما لقيامها في استحقاق الميراث والنفقة والحضانة فقاما مقامهما في تحريم التفريق وكذا يحرم بين الأخوة لحديث علي رواه الترمذي وحسنه وعموم كلامه يقتضي تحريم التفريق بين كل ذي رحم محرم كالعمة وابن أخيها جزم به في الوجيز زوقاله الأكثر قال في الشرح والأولى جواز التفريق لأن الأصل حل البيع والتفريق ولا يصح إلحاقهم بمن سبق إلا بعد البلوغ في إحدى الروايتين هي ظاهر الوجيز وغيره لما روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى لله عليه وسلم قال لا يفرق بين الوالدة وولدها قيل إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ولأن الأحرار يتفرقون بالتزويج بعد البلوغ فالعبيد أولى
____________________
1-
(3/330)
وإذا حضر الإمام حصنا لزمه مصابرته إذا رأى المصلحة فيه فإن أسلموا أو من أسلم منهم احرز دمه وماله واولاده الصغار وإن سألوه الموادعة بمال أو غيره جاز إن كانت المصلحة فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والثانية المنع لعموم ما ذكرنا وهو ظاهر الخرقي في الولد لأن الوالدة تتضرر بمفارقة ولدها ولهذا حرم عليه الجهاد إلا بإذنهما وعلى المنع فيستثنى التفريق بالعتق وافتداء الأسرى وسيأتي في البيع إذا ملك أختين 3 وإذا حصر الإمام حصنا لزم مصابرته مهما أمكن إذا رأى المصلحة فيها لأن عليه فعل ما فيه مصلحة للمسلمين وظاهره انه إذا رأى المصلحة في الإنصراف جاز صرح به في المغني وغيره لإنصرافه صلى الله عليه وسلم عن حصن الطائف قبل فتحه وبه يزول اللزوم وبالإسلام ويبذل المال على الموادعة سواء أعطوه جملة أو جعلوه خراجا يؤخذ منهم كل عام وبالفتح وبالنزول على الحكم الشرعي وبالهدنة بشرطها فإن أسلموا أي أهل الحصن أو من أسلم منهم فكمسلم قبل القدرة عليه أحرز دمه وماله لقوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس الخبر والمراد بالمال حيث كان ومنفعة إجارة لأنها مال وأولاده الصغا رلأنهم تبع لهم في الإسلام ولو كانوا في دار الحرب وحمل امرأته مع كونه حرا مسلما والمجنون كصغير وظاهره أنه لا يعصم أولاده الكبار لأنهم لا يتبعونه ولا زوجته كذلك وإن سألوه الموادعة وهي المصالحة والمسالمة بمال أو غيره جاز إن كانت المصلحة فيه لأن الغرض إعلاء كلمة الأسلام وصغار الكفرة وهو حاصل بالموادعة فيجب كالمن عليهم وشرط بعض أصحابنا في عقدها بغير مال عجز المسلمين واستضرارهم بالمقام ليكون ذلك عذرا في الإنصراف
____________________
1-
(3/331)
وإن نزلوا على حكم حاكم جاز إذا كان حرا مسلما بالغا عاقلا من اهل الاجتهاد ولا يحكم إلا بما فيه الأحظ للمسلمين من القتل والسبي والفداء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن نزلوا على حكم حاكم جاز لأنه صلى الله عليه وسلم لما حاصر بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم إلى ذلك متفق عليه من حديث أبي سعيد وقد علم أنهم إذا نزلوا لزمه ان ينزلهم وخير كأسرى والكلام في مقامين في صفة الحاكم فقال إذا كان حرا مسلما بالغ عاقلا من أهل الإجتهاد لأنه حاكم أشبه ولاية القضاء وظاهره انه لا يشترط فيه أن يكون بصيرا صرح به في البلغة والوجيز بخلاف القضاء ليعرف المدعي من المدعى عليه والشاهد من المشهود عليه ولا مجتهدا في جميع الأحكام التي لا تعلق لها في الجهاد وصرح به في المحرر والفروع وغيرهما وترك قيد الذكورية والعدالة لوضوحهما
تنبيه لو نزلوا على حكم رجلين فأكثر جاز والحكم ما اجتمعوا عليه فلو جعلوا الحكم على رجل يعينه الامام صح فإن نزلوا على حكم رجل منهم او جعلوا التعيين إليهم لم يجز لأنهم ربما اختاروا غير الأصلح ذكره في الشرح وغيره
الثاني في صفة الحكم فقال ولا يحكم إلا بما فيه الأحظ للمسلمين لأنه نائب الإمام فقام مقامه في اختيار الأحظ في الأسرى وحينئذ يلزمه ذلك وحكمه لازم من القتل والسبي لأن سعدا حكم في بني قريظة بقتلهم وسبى ذراريهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة والفداء لما سبق في الامام وظاهره ولو حكم عليهم بإعطاء الجزية لم يلزم حكمه لأن عقد الذمة عقد معاوضة واشترط فيه التراضي وكذلك لا يملك
____________________
1-
(3/332)
فإن حكم بالمن لزم قبوله في أحد الوجهين وإن حكم بقتل أو سبي فأسلموا عصموا دماءهم وفي استرقاقهم وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الامام إجبار الأسير على إعطاء الجزية فإن حكم بالن لزمه قبولة في أحد الوجهين قاله القاضي وقدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لأنه نائب الامام فكان له المن كهو وظاهره ولو أباه الامام
والثاني المنع قاله أبو الخطاب لأنه لاحظ فيه ومحله إذا لم يره الأمام قاله في الكافي والمحرر والخلاصة وقيل في المقاتلة دون النساء والذرية لأنهما غنيمة فليس للحاكم تركها مجانا وفي الكافي والبلغة لو حكم بأسر لم يجز للإمام أن يمن بإطلاقهم إلا برضى الغانمين وإن حكم بقتل أو سبي فأسلموا بعد الحكم عصموا دماءهم لأن قتل المسلم حرام وظاهره أنهم لا يعصمون أموالهم لأنها صارت للمسلمين قبل إسلامهم وكذا سبيهم قاله في المحرر
وفي استرقاقهم وجهان كذا في البلغة وفي الكافي والمحر وغيرهما روايتان إحداهما لا يجوز قدمه في الشرح لأنهم أسلموا قبل استرقاقهم والثانية يجوز ذكره أبو الخطاب احتمالا لأنهم أسلموا بعد القدرة عليهم ووجوب قتلهم كالأسير إذا أسلم بعد إختيار الأمام قتله فعلى هذا يكون المال على ما حكم فيه فإن حكم بأنه للمسلمين كان غنيمة لأنهم أخذوه بالقهر
تنبيه ليس للإمام تغيير ما حكم به الحاكم مما ينفذ حكمه فيه فلا يقتل من حكم برقه لأنه أشد من الرق وفيه إتلاف الغنيمة بغير رضى الغانمين
____________________
1-
(3/333)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا رق من حكم بقتله لأنه قد يدخل الضر على المسلمين ببقائهم ولا رق ولا قتل من حكم بفدائه لأنهما أشد من الفداء لأنه نقض للحكم بعد لزومه وله المن إلا أنه أخف مما حكم به الحاكم فإذا رآه الإمام جاز لأنه أتم نظرا وكالابتداء وقبول الفداء ممن حكم بقتله أو رقه لأنه نقض للحكم برضى المحكوم عليه ولأنه حقه فإذا رضي بشركه جاز ذكره المجد وغيره
____________________
1-
(3/334)
& باب ما يلزم الإمام والجيش &
يلزم الإمام عند مسير الجيش تعاهد الخيل والرجال فما لا يصلح للحرب يمنعه من الدخول ويمنع المخذل والمرجف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب ما يلزم الإمام والجيش &
يلزم كل واحد إخلاص النية لله تعالى في الطاعات ويجتهد في ذلك ويستحب أن يدعو سرا بحضور قلب قال أبو داوود باب ما يدعى عند اللقاء ثم روي بإسناد جيد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل وكان جماعة منهم الشيخ تقي الدين يقوله عند قصد مجلس علم
يلزم الإمام وقيل يستحب عند مسير الجيش تعاهد الخيل والرجال لأن ذلك من مصالح الجيش فلزمه فعله كبقية المصالح فيختار من الرجال ما فيه غنى ومنفعة للحرب ومناصحة ومن الخيل ما فيه قوة وصبر على الحرب ويمكن الانتفاع به في الركوب وحمل الأثقال فما لا يصلح للحرب كالفرس إذا كان حطما وهو الكسير أو قحما وهو الكبير أو ضرعا وهو الصغير أو هزيلا وكالرجل إذا كان زمنا أو أشل أو مريضا يمنعه من الدخول لئلا ينقطع في دار الحرب ولأنه يكون كلا على الجيش ومضيقا عليهم وربما كان سببا للهزيمة ويمنع المحذل وهو الذي يفند الناس عن الغزو ويزهدهم في الخروج إليه والمرجف وهو الذي يحدث بقوة الكفار وضعفنا لقوله تعالى { ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم } الاية التوبة 46 47 وكذا يمنع مكاتب بإخبارنا ورام بيننا بالفتن ومعروف بنفاق وزندقة لأن هؤلاء مضرة على المسلمين فلزم الإمام منعهم إزالة للضرر
____________________
1-
(3/335)
والنساء إلا طاعنة في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وظاهر كلامهم ولو دعت الضرورة إليهم في الأصح وكذا يمنع صبي
وعبارة المغني والكافي والبلغة طفل وفي الشرح يجوز أن يأذن لمن اشتد من الصبيان لأن فيهم منفعة ومعونة والنساء للإفتتان بهن مع أنهن لسن من أهل القتال لاستيلاء الخوف والجبن عليهن ولأنه لا يؤمن ظفر العدو بهن فيحلون منهن ما حرم الله تعالى
واستثنى بعضهم امرأة أمير الجيش لفعله صلى الله عليه وسلم إلا طاعنة في السن أي عجوزا لسقي الماء ومعالجة الجرحى أي للمصلحة لقول الربيع بنت معوذ كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم نستقي الماء ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة رواه البخاري وعن أنس معناه رواه مسلم لأن الرجال يشتغلون بالحرب عن ذلك فيكون معونة للمسلمين وتوفيرا للمقاتلة ونهي النساء عن ذلك للتحريم كما هو ظاهر الخرقي والمحرر وصرح في المغني والشرح بالكراهة
ولا يستعين بمشرك لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فقال له تؤمن بالله ورسوله قال لا قال فارجع فلن استعين بمشرك متفق عليه ولأن الكافر لا يؤمن مكره وغائلته لخبث طويته والحرب تقتضي المناصحة والكافر ليس من أهلها إلا عند الحاجة إليه كذا ذكره جماعة لما روى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من المشركين في حربه رواه سعيد ويروى أيضا أن صفوان بن امية شهد حنينا مع النبي صى الله عليه وسلم وبهذا حصل التوفيق بين الأدلة وقدم في المحرر
____________________
1-
(3/336)
ويرفق بهم في المسير ويعد لهم الزاد ويقوي نفوسهم بما يخيل إليهم من أسباب النصر ويعرف عليهم العرفاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والفروع أنه لا يستعان بهم إلا لضرورة مثل كون الكفار اكثر عددا ويخاف منهم وعنه يجوز مع حسن رأي في المسلين جزم به في الشرح وزاد آخرون وقوته بهم بالعد وفي الواضح روايتان الجواز وعدمه بلا ضرورة وبناهما على الإسهام له ورده في الفروع واختار أنه يكره الاستعانة بهم إلا للضرورة وأطلق أبو الحسن وغيره أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتابة قال الشيخ تقي الدين من تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده وفي الرعاية يكره إلا لضرورة
فرع تحرم الاستعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين لأنهم أعظم ضررا لكونهم دعاة بخلاف اليهود والنصارى نص على ذلك ويرفق بهم في المسير فيسير بهم سير أضعفهم لقوله صلى الله عليه وسلم أمير القوم أقطفهم أي أقلهم سيرا ولئلا ينقطع منهم أحد أو يشق عليهم فإن دعت الحاجة إلى الجد فيه جاز نقل ابن منصور أكره السير الشديد إلا لأمر يحدث لأنه صلى الله عليه وسلم جد حين بلغه قول عبد الله بن أبي { ليخرجن الأعز منها الأذل } المنافقون 8 ليشغل الناس عن الخوض فيه ويعد لهم الزاد لأنه لابد لهم منه وبه قوامهم وربما طال سفرهم فيهلكون حيث لا زاد لهم ويقوي نفوسهم بما يخيل إليهم من أسباب النصر فيقول أنتم أكثر عددا وأشد أبدانا وأقوى قلوبا ونحو ذلك لأنه مما تستعين به النفوس على المصابرة ويبعثها على القتال لطمعها في العدو ويعرف عليهم العرفاء لأنه صلى الله عليه وسلم عرف عام خيبر على كل عشرة عريفا ولنه ينظر في حالهم ويتفقدهم وهو أقرب أيضا لجمعهم
____________________
1-
(3/337)
ويعقد لهم الألوية ويجعل لكل طائفة شعارا يتداعون به عند الحرب ويتخير لهم المنازل ويتبع مكامنها فيحفظها ويبث العيون على العدو حتى لا يخفى عليه أمرهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقد ورد العرافة حق لأن فيها مصلحة الناس وأما قوله العرفاء في النار فتحذير للتعرض للرياسة لما فيه من الفتنة ولأنه إذا لم يقم بحقها استحق العقوبة ويعقد لهم الألوية وهي المطارف البيض وقال صاحب المطالع اللواء راية لا يحملها إلا صاحب جيش العرب أو صاحب دعوة الجيش وهي أعلام مربعة لقوله صلى الله عليه وسلم للعباس حين أسلم أبو سفيان احتبسه على الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها قال فحسبته حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرت به القبائل على راياتها ولأن الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها نقله حنبل وظاهره أنها تكون بأي لون شاء وصرح به في المحرر لإختلاف الروايات وفي الفروع يستحب ألوية بيض وفي الشرح كالمحرر وزاد يغاير ألوانها ليعرف كل قوم رايتهم
ويجعل لكل طائفة شعارا يتداعون به عند الحرب لما روى سلمة قال غزونا مع أبي بكر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شعارنا أمت أمت رواه أحمد وقد ورد أيضا حم لا ينصرون ولأن الإنسان ربما احتاج إلى نصرة صاحبه وربما يهتدي بها إذا ضل قاله في الشرح أولئلا يقع بعضهم على بعض وليتخير بها إذا ضل قاله في الشرح أولئلا يقع بعضهم على بعض وليتخير لهم المنازل أي أصلحها كالخصبة لأنها ارفق بهم وهو من مصلحتهم ويتتبع مكامنها وهي جمع مكمن وهو المكان الذي يختفي به العدو فيحفظها ليامن هجوم العدو عليهم ويبث العيون على العدو لأنه صلى الله عليه وسلم بعث الزبير يوم الأحزاب وحذيفة بن اليمان في غزاة الخندق ودحية الكلبي في أخرى وقد أشار المؤلف إلى العلة بقوله حتى لا يخفى عليه أمرهم فيتحرز منهم
____________________
1-
(3/338)
ويمنع جيشه من الفساد والمعاصي ويعد ذا الصبر بالأجر والنفل ويشاور ذوي الرأي ويصف جيشه ويجعل في كل جنبة كفؤا ولا يميل مع قريبه وذي مذهبه على غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويتمكن من الفرصة فيهم ويمنع جيشه من الفساد والمعاصي لأن فعلها سبب الخذلان وتركها داع للنصر وسبب الظفر وكذا يمنعهم من التجارة المانعة لهم من القتال ويعد ذا الصبر بالأجر والنفل لأن ذلك وسيلة إلى بذل جهده وزيادة صبره ويشاور ذوي الرأى لقوله تعالى { وشاورهم في الأمر } آل عمران 159 وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس مشاورة لأصحابه ولأن في ذلك تطيبا لقلوبهم ولأن فيها اجتماع الرأي في تحصيل المصلحة ويخفي من أمره ما أمكن إخفاؤه لئلا يعلم به العدو وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزة ورى بغيرها ويصف جيشه لقوله تعالى { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا } الصف 4 قال الواقدي كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف يوم بدر ولأن فيه ربط الجيش بعضه ببعض وسد الثغور فيصيرون كالشيء الواحد ويتراصون لقوله { كأنهم بنيان مرصوص } ويجعل في كل جنبه كفءا لما روى أبو هريرة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل خالدا على إحدى الجنبتين والزبير على الأخرى وابا عبيدة على الساقة ولأنه أحوط للحرب وأبلغ في إرهاب العدو
ولا يميل مع قريبه وذي مذهبه على غيره لئلا ينكسر قلب من يميل عنه فيخذ له عند الحاجة ولأنه يفسد القلوب ويشتت الكلمة
فرع إذا وجد رجل آخر أصيب فرسه ومعه فضل استحب له حمله ولا يجب نص عليه فإن خاف تلفه فقال القاضي يجب كما يلزمه بدل فضل طعامه للمضطر إليه وتخليصه من عدو ذكره في الشرح
____________________
1-
(3/339)
ويجوز له أن يبذل جعلا لمن يدله على طريق أو قلعة أو ماء ويجب ان يكون معلوما إلا أن يكون من مال الكفار فيجوز أن يكون مجهولا فإن جعل له جارية منهم فإن ماتت قبل الفتح فلا شيء له وإن أسلمت قبل الفتح فله قيمتها وإن أسلمت بعد الفتح أو قبله سلمت إليه إلا أن يكون كافرا فله قيمتها وإن فتحت صلحا ولم يشترطوا الجارية فله قيمتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويجوز له أي للإمام أو نائبه أن يبذل جعلا لمن يدله على طريق أو قلعة يفتحها أو ماء في مفازة او مال يأخذه أو ثغرة يدخل منها لأنه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر استأجرا في الهجرة من يدلهم على الطريق ولأنه من المصالح أشبه أجرة الوكيل ويستحق الجعل بفعل ما جعل فيه سواء له كان مسلما أو كافرا من الجيش أو غيره بشرط أن لا يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس نص عليه وله إعطاء دال ولو بغير شرط
ويجب أن يكون معلوما إذا كان من مال المسلمين لأنه جعل فوجب أن يكون معلوما كالجعل في المسابقة ورد الضالة إلا أن يكون من مال الكفار فيجوز أن يكون مجهولا لأنه صلى الله عليه وسلم جعل للسرية الثلث والربع مما غنموا وسلب المقتول وهو مجهول لأن الغنيمة كلها مجهولة ولأنه مما تدعو إليه الحاجة فإن جعل له جارية منهم نحو أن يشترط بنت فلان من أهل القلعة لم يستحق شيئا حتى تفتح القلعة فإن فتحت عنوة سلمت إليه فإن ماتت قبل الفتح أو بعده فلا شيء له لأن حقه متعلق بعين فيسقط بتلفه من غير تفريط كالوديعة وإن أسلمت قبل الفتح وهي حرة فله قيمتها لأنها عصمت نفسها بإسلامها فتعذر دفعها إليه وأن أسلمت بعد الفتح أو قبله وهي أمة سلمت إليه إذا كان مسلما لأنه أمكن الوفاء بما شرط فكان واجبا لأن الإسلام بعد الأسر فكانت رقيقة إلا أن يكون المشترط كافرا فله قيمتها لأن الكافر لا يجوز أن يبتدئ الملك على مسلم ثم إن أسلم ففي أخذها احتمالان فإن فتحت صلحا ولم يشترطوا الجارية فله قيمتها أي إن رضى بها لأن رد عينها متعذر لكونها دخلت تحت الصلح وحينئذ تعين رد قيمتها
____________________
1-
(3/340)
فإن أبى إلا الجارية وامتنعوا من بذلها فسخ الصلح ويحتمل أن لا يكون له إلا قيمتها وله أن ينفل في البداءة الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنها بدلها وظاهره أنه لو شرط في الصلح تسليم عينها لزم لما فيه من الوفاء بالشرط فإن أبى إلا الجارية وامتنعوا من بذلها فسخ الصلح لأنه قد تعذر إمضاؤه لأن حق صاحب الجعل سابق ولا يمكن الجمع بينهما فعلى هذا لصاحب القلعة أن يحصلها مثل ما كانت من غير زيادة وظاهر ما نقله ابن هانئ أنها له لسبق حقه ولرب الحصن القيمة ويحتمل أن لا يكون له إلا قيمتها ويمضي الصلح حكاه في المحرر قولا وصححه لأنه تعذر تسليمها مع بقائها فيقيت القمة كما لو أسلمت قبل الفتح وان بذلوها مجانا أو بالقيمة لوازم أخذها ودفعها إليه قاله الأصحاب لأنه أمكن إيصال حقه إليه من غير ضرورة وقال المجد وعندي يختص ذلك بالأمة فأما حرة الأصل فلا يحل أخذها ودفعها إليه بجعل لأن الأمة مال ويأخذها كما لو شرطها دابة أو متاعا فأما حرة الأصل فهي غير مملوكة لأن الصلح جرى عليها فلا تملك كالذمية ولم يجز تسليمها كالمسلمة وفيه نظر لأن الجارية لولا عقد الصلح جرى عليها لكانت أمة وجاز تسليمها له فإذا رضى اهل الحصن بإخراجها من الصلح وتسلميها إليه فتكون غنيمة للمسلمين وتصير رقيقة
فرع حيث أوجبنا القيمة ولم يحصل شيء من الغنيمة أعطي من بيت المال لأنه من المصالح
وله أن ينفل النفل الزيادة على السهم المستحق ومنه نفل الصلاة في البداءة أي ابتداء دخول دار الحرب الربع فأقل بعد الخمس وفي الرجعة الثلث فأقل بعده لما روى حبيب بن سلمة الفهري قال شهدت النبي
____________________
1-
(3/341)
وذلك إذا دخل الجيش بعث سرية تغير وإذا رجع بعث أخرى فما أتت به أخرج خمسه وأعطى السرية ما جعل لها وقسم الباقي بين السرية والجيش معا فصل ويلزم الجيش طاعة الأمير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة رواه أبو ادود وعن عبادة بن الصامت مرفوعا نحوه رواه الترمذي وقال حسن غريب وإنما يزيد في الرجعة على البداءة لمشقة الرجعة لأن الجيش في البداءة ردء عن السرية بخلاف الرجعة وقال أحمد لأنهم يشتاقون إلى أهليهم فهذا أكثر مشقة وظاهره أن ذلك مفوض إلى رأيه فإن شاء فعله وإن شاء تركه وإنه يجوز بلا شرط وهو ظاهر وعنه لا يجوز إلا به جزم به في المغني وقدمه في الفروع وذلك إذا دخل الجيش بعث سرية تغير وإذا رجع بعث أخرى فما أتت به أخرج خمسه لقوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } الآية الأنفال 41 ولما روى حبيب بن سلمة الفهري فيخمس كالجيش واعطى السرية ما جعل لها ولا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث بعد الخمس نص عليه وقسم الباقي بين السرية والجيش معا لأن الجيش يشارك سراياه فيما غنمت ونص أحمد في السرية إذا نفلت أنها ترد على من معها قاله الخرقي إذ بقوتهم صار إليه فصل
ويلزم الجيش طاعة الأمير لقوله تعالى { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء 59 ولقوله صلى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني رواه النسائي فلو أمرهم بالصلاة جماعة وقت لقاء العدو فأبوا عصوا
____________________
1-
(3/342)
والنصح له والصبر معه ولا يجوز لأحد أن يتعلف ولا يحتطب ولا يبارز ولا يخرج من العسكر ولا يحدث حدثا إلا بإذنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال ألآجري لا نعلم فيه خلافا قال أحمد لو قال من عنده من رقيق الروم فليأت به السبي ينبغي أن ينتهوا إلى ما أمرهم قال ابن مسعود الخلاف شر ذكره ابن عبد البر وقال كان يقال لا خير مع الخلاف ولا شر مع الائتلاف ونقل المروذي إذا خالفوه تشعث أمرهم فلو قال سيروا وقت كذا دفعوا معه نص عليه وقال الساقة يضاعف لهم الأجر إنما يخرج فيهم أهل قوة وثبات والنصح له لأن نصحه نصح المسلمين ولأنه يدفع عنهم فإذا نصحوه كثر دفعه وفي الأثر إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ومعناه يكف والصبر معه لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا } آل عمران 200 ولأنه من أقوى أسباب النصر والظفر
ولا يجوز لأحد أن يتعلف وهو تحصيل العلف للدواب ولا يحتطب وهو تحصيل الحطب ولا يبارز علجا ولا يخرج من العسكر ولا يحدث حدثا إلا بإذنه لأن الأمير أعرف بحال الناس وحال العدو ومكامنهم وقوتهم فإذا خرج إنسان أو بارز بغير إذنه لم يأمن أن يصادفه كمين للعدو فيأخذوه أو يرحل المسلمون ويتركوه فيهلك أو يكون ضعيفا لا يقوى على المبارزة فيظفر به العدو فتنكسر قلوب المسلمين بخلاف ما إذا أذن فإنها لا تكون إلا مع انتفاء المفاسد وقد ورد في النص ما يدل عليه فقال تعالى { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه } النور 62 لكن نص إذا كان موضعا مخوفا لا ينبغي أن يأذن لهم وظاهره أن المبادرة بغير إذنه حرام وفي المغني والشرح الكراهة وحكاه
____________________
1-
(3/343)
فإن دعا كافر إلى البراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير فإن شرط الكافر أن لا يقاتله غير الخارج إليه فله شرطه فإن انهزم المسلم أو أثخن بالجراح جاز الدفع عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخطابي عن أحمد وغيره ومحله ما لم يفجأهم العدو قاله في الوجيز
فإن دعا كافر وفي البلغة مطلقا إلى البراز بكسر الباء عبارة عن مخاصمة العدو وبفتحها اسم للفضاء الواسع استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير لمبارزة الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده
قال قيس بن عبادة سمعت أبا ذر يقسم قسما في قوله تعالى { هذان خصمان اختصموا في ربهم } الحج 19 أنها نزلت في الذين بارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة متفق عليه قال علي نزلت هذه الآية مبارزتنا يوم بدر رواه البخاري وكان ذلك بإذنه صلى الله عليه وسلم وبارز البراء بن مالك مرزبان الدارة فقتله وأخذ سلبه فبلغ ثلاثين ألفا ولأن في الإجابة إليها إظهارا لقوة المسلمين وجلدهم على الحرب وظاهره إذا لم يثق من نفسه فيكون لما فيه من كسر قلوب المسلمين بقتله ظاهرا ولوطلبها الشجاع ابتداء فاحتمالان في الفصول فإن شرط الكفار أن لا يقاتله غيرالخارج إليه أو كان هو العادة فله شرطه لقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم والعادة بمنزلة الشرط ويجوز رميه وقتله قبل المبارزة لأنه كافر لا عهد له ولا مان فأبيح قتله كغيره إلا أن تكون العادة جارية بينهم أن من خرج يطلب المبارزة لا يتعرض له فيعمل بها فغن انهزم المسلم تاركا للقتال أو أثخن بالجراح جاز لكل مسلم الدفع عنه ويقتل الكافر لأن المسلم إذا صار إلى هذه الحال فقد انقضى قتاله والأمان زال بزوال لقتال لأن حمزة وعليا أعانا عبيدة في قتل سيبة حين أثخن
____________________
1-
(3/344)
وإن قتله المسلم فله سلبه وكل من قتل قتيلا فله سلبه غير مخموس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عبيدة وإن أعان الكفار صاحبهم فعلى المسلمين أن يعينوا صاحبهم ويقاتلوا من أعان عليه إلا المبارزة لأنه ليس بسبب من جهته
فائدة كره أحمد التلثم في القتال وعلى أنفه وله لبس علامة كريش نعام وعنه يستحب للشجاع ويكره لغيره جزم به في الفصول
وإن قتله المسلم فله سلبه بغير خلاف نعلمه لأن القاتل له سلب المقتول وكل من قتل قتيلا فله سلبه لما روى أنس وسمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيلا فله سلبه فقتل أبو طلحة ة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم رواه أبو داوود وظاهره أن السلب لكل قاتل سواء كان يستحق سهما أو رضخا كالصبي والمرأة والمشرك وهو وجه وخصه في الوجيز بالقاتل المسلم والثاني لا لأن السهم آكد منه للإجماع عليه وهو لا يستحقه فالسلب أولى وفي الإرشاد أن من بارز بغير إذن الإمام فلا يستحق السلب وقطع في المغني والشرح بأن العبد إذا بارز بغير إذن السيد لا يستحق السلب لأنه عاص وكذا كل عاص كمن دخل بغير إذن الأمير وعنه فيمن دخل بغير إذنه أنه يؤخذ منه الخمس وباقية له كالغنيمة ويخرج في العبد مثله وفيه شيء وانه يفرق بينهما بأن تعلق الحق بالغنيمة آكد للإجماع بخلاف السلب فإن بعضهم جعله كالنفل لا يستحق إلا بالشرط أما لو كان القاتل ممن لا حق له في الغنيمة كالمرجف فلا حق له في السلب لأنه ليس من أهل الجهاد غير مخموس لما روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب رواه أبو داوود
____________________
1-
(3/345)
إذا قتله حال الحرب منهمكا على القتال غير مثخن وغرر بنفسه في قتله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولم ينقل عنه أنه احتسب من خمس الخمس ولأن سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام فلم يكن من خمس الخمس كسهم الفارس إذا قتله حال الحرب فلو قتله بعد انقضائها فلا سلب له لأن عبد الله بن مسعود وقف على أبي جهل وقضى النبي صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنه أثبته فإن كانت الحرب قائمة فانهزم أحدهم فقتله إنسان فله سلبه لأنها كروفر ولأن سلمة ابن الأكوع قتل طليعة الكفار وهو منهزم فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بسلبه له أجمع رواه ابو داوود ولو أتخنه بالجراح استحق سلبه لأنه في حكم المقتول منهمكا على القتال فإن كان منهزما فلا سلب له نص عليه لأنه لم يغرر في قتله وفي الترغيب والبلغة إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة قال أحمد إنما سمعنا له سلبه في المبارزة وإذا التقى الزحفان وظاهره لو كان المقتول صبيا أو امرأة وقطع به في المغني والشرح لجواز قتلهم إذا وفي الآخر لا يستحق سلبه سدا للذريعة واطلقها في المحرر أما إذا لم يكن من المقاتلة كالشيخ الفاني والصبي ونحوه ممن نهي عن قتله لم يستحق قاتله سلبه بغير خلاف غير مثخن أي لا بد أن يكون المقتول فيه منعة فلوكان مثخنا بالجراح وقتله آخر فلا يستحق سلبه لما تقدم من حديث ابن مسعود ولعدم التغريز وعرر بنفسه في قتله أي بان يقتله حال المبارزة والحرب قائمة فلو رماه بسهم من جانب أو أغرى به كلبا عقورا فقتل فلا سلب ويكون غنيمة وظاهره أن كل واحد منهما شرط وقوى الزركشي أن كلها ترجع إلى التغريز وأن القاتل يستحق السلب قال ذلك الامام أو لم يقله وصرح به الخرقي وهو قول
____________________
1-
(3/346)
وعنه لا يستحق إلا من شرط له فإن قطع أربعته وقتله آخر فسلبه للقاطع وإن قتله اثنان فسلبه غنيمة وقال القاضي هو لهما وإن أسره فقتله الإمام فسلبه غنيمة وقال القاضي هو لمن أسره وإن قطع يده ورجله وقتله آخر فسلبه غنيمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أكثر العلماء ونص عليه لعموم الأدلة وعنه لا يستحقه إلا من شرط له اختارها أبو بكر في الانتصار والطريق الأقرب واخذها القاضي من قول أحمد ليس له ذلك إلا أن يناله بإذن الإمام وفيه نظر فإن عوفا قال لخالد أما تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى رواه مسلم فدل على أن هذه من قضايا النبي صلى الله عليه وسلم العامة المشهورة وانه حكم مستمر لكل قاتل
فإن قطع أربعته وقتله آخر فسلبه للقاطع وحده لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى معاذ بن عمرو بن الجموح سلب أبي جهل ولم يعطه ابن مسعود مع انه تمم قتله لأن القاطع هو الذي كفى المسلمين شره وإن قتله إثنان فسلبه غنيمة في ظاهر كلامه لأنه صلى الله عليه وسلم لم يشرك بين اثنين في سلب ولأنه إنما يستحق بالتغرير في قتله ولا يحصل بالاشتراك فوجب كونه غنيمة كما لو قتله جماعة وقال القاضي والآجري هو لهما أي يشتركان في سلبه لعموم من قتل قتيلا فله سلبه ولأنهما اشتركا في السبب فيشتركان في السلب فلو اشتركا في ضربه وكان إحدهما أبلغ في قتله من الآخر فله سلبه وإن أسره فقتله الإمام أو غيره فسلبه غنيمة لأن الذي أسره لم يقتله والغير لم يغرر بنفسه في قتله وكذا لو استحياه الإمام فرقيته إن رق وفداؤه إن فدي غنيمة لأنه قد أسر المسلمون يوم بدر أسرى فقتل النبي صلى الله عليه وسلم منهم واستبقى ولم ينقل أنه أعطى أحدا ممن أسرهم سلبا ولا فداء وقال القاضي هو لمن اسره لأن الأسر أصعب من القتل فإذا استحق السلب به كان تنبيها على استحقاقه بالأسر وإن قطع يده ورجله وقتله آخر فسلبه غنيمة على المذهب لأنه لم
____________________
1-
(3/347)
وقيل هو للقاتل والسلب ما كان عليه من ثياب وحلي وسلاح والدابة بآلتها وعنه ان الدابة ليست من السلب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ينفرد أحدهما بقتله ولم يستحقه القاتل لأنه مثخن بالجراح وقيل هو للقاتل لعموم الخبر وقيل هو للقاطع لأنه عطله كقتله فلو قطع يديه أو رجليه فالحكم على ما سبق ذكره في الشرح وغيره
فرع إذا قطع منه يدا أو رجلا ثم قتله آخر فسلبه للقاتل كما لو عانقه فقتله أو كان الكافر مقبلا على مسلم فقتله آخر من ورائه وقيل غنيمة لعدم الإنفراد بقتله تنبيه لا تقبل دعوى القتل إلا ببينة وقال الأوزاعي يعطى السلب لمن قال أنا قتلته بغير بينة لأنه عليه السلام قبل قول أبي قتادة وجوابه الخبر الآخر وبأن خصمه أقر له فاكتفى بقوله وقال جماعة من أهل الحديث يقبل شاهد ويمين كغيره من الأموال وحكى في الشرح احتمالا يقبل فيه شاهد بغير يمين لأنه عليه السلام قبل قول الذي شهد لأبي قتادة من غير يمين وجوابه أن الشارع اعتبر البينة وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين وكقتل العمد
والسلب ما كان عليه من ثياب وعمامة وقلنسوة ودرع وحلي كسوار ومنطقة ذهب وران وتاج وسلاح كسيف ورمح وقوس ولت ونحوها لأنه يستعين بها في حربه فهو أولى بالأخذ من الثياب وعنه في السيف لا أدري والدابة بآلتها أي من السلب لحديث عوف بن مالك رواه الأثرم ولأن الدابة يستعان بها في الحرب كالسلاح وآلتها كلجام وسرج ولو كثرت قيمته لأنه تابع لها وظاهره أن ماكان محمولا عليها من دراهم ونحوه لا يدخل وعنه أن الدابة ليست من السلب اختارها أبو بكر لأن السلب ما كان على بدنه
____________________
1-
(3/348)
ونفقته وخيمته ورحله غنيمة فصل
ولا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهي ليست كذلك وذكر أحمد خبر عمرو بن معدي كرب فأخذ سواريه ومنطقته ولم يذكر الدابة فعلى هذا هي وما عليها غنيمة وعلى المذهب شرطه أن يكون قاتل عليها راكبا فلو صد عنها ثم قتله بعد نزوله عنها فهي من السلب فإن كانت في منزلة أو مع غيره فلا كسلاحه الذي ليس معه وإن كان ممسكا بعنانها فالخلاف ونفقته على الأصح وخيمته ورحله وجنبيه الذي في يده غنيمة لأن ذلك ليس من الملبوس ولا مما يستعان به في الحرب أشبه بقية أموال الكفار لكن يشكل عليه الجنيب وجوابه انه لا يمكنه ركوبهما معا ألحق في التبصرة حلية الدابة بذلك وفيه شيء فصل
يجوز سلب القتلى وتركهم عراة وكرهه الثوري وغيره لما فيه من كشف عوراتهم ويكره نقل روؤسهم من بلد إلى آخر والمثلة بقتلاهم ويكون رميها بمنجنيق نص عليه وأول من حملت إليه الرؤوس عبد الله بن الزبير قال أحمد ولا ينبغي أن يعذبوه وعنه إن مثلوا مثل بهم ذكره أبو بكر قال الشيخ تقي الدين المثلة حق لهم فلهم فعلها للاستيفاء واخذ الثأر ولهم تركها والصبر أفضل
ولا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير لأنه أعرف بالحرب وأمره موكول إليه ولأنه إذا لم تجز المبارزة إلا بإذنه فالغزو أولى إلا أن يفجأهم أي يطلع عليهم بغتة عدو يخافون كلبه بفتح الكاف واللام أي شره وأذاه لأن الحاجة
____________________
1-
(3/349)
فإن دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذنه فغنموا فغنيمتهم فيء وعنه هي لهم بعد الخمس وعنه هي لهم لا خمس فيها ومن أخذ من دار الحرب طعاما أو علفا فله أكله وعلف دابته بغير إذن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تدعو إليه لما في التاخير من الضرر وحينئذ لا يجوز التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال ومن لا قوة له على الخروج ومن يمنعه الإمام فإن دخل قوم لا منعه لهم هو بفتح الأحرف الثلاثة وقد تسكن النون والمراد بها القوة والدفع دار الحرب بغير إذنه أي إذن المعتبر إذنه وهو إمام الحق غير المتغلب فغنموا فغنيمتهم فيء على المذهب لأنهم عصاة بفعلهم وافتئاتهم على الإمام لطلب الغنيمة فناسب حرمانهم كقتل المورث وعنه هي لهم بعد الخمس وهي قول أكثر العلماء واختارها القاضي وأصحابه وفي المغني والشرح هي الأولى لعموم قوله تعالى { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله } البقرة 249 وعنه هي لهم لا خمس فيها لأنه اكتساب مباح من غير جهاد أشبه الاحتطاب أو يقال أخذوه لا بقوة أشبه ما لو سرقوه
فرع حكم الواحد ولو عبدا إذا دخل الحرب وغنم الخلاف وكذا ما سرق منها او اختلس ذكره في البلغة ومعناه في الروضة ومن أخذ من دار الحرب طعاما أو علفا لا غيرها من ثياب وحنوط فله أكله وعلف دابته أو دوابه بغير إذن في قول جماعة العلماء لما روى ابن عمر قال كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه رواه البخاري وعنه أن جيشا غنموا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما وعسلا فلم يؤخذ منهم الخمس رواه ابو داوود ولأن الحاجة تدعو إليه إذ الحمل فيه مشقة فأبيح توسعة على الناس وله إطعام سبي اشتراه بخلاف فهد وكلب
____________________
1-
(3/350)
وليس له بيعه فإن باعه رد ثمنه في المغنم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صيد لأن هذا يراد للتفرج ولا حاجة إليه في الغزو ومحل ذلك كما ذكره الشيخان ما لم يجزه الأمام ويوكل به من يحفظه فلا يجوز إلا لضرور نص عليه لأنها صارت غنيمة للمسليمن وتم ملكهم عليها واختاره القاضي في المجرد ما دامو في أرض الحرب لأن الغنيمة لا يتم الملك عليها إلا بإحرازها في دار الإسلام
تنبيهات الأول حكم السكر والمعاجين ونحوها كالطعام وفي العقاقير وجهان
الثاني يدخل في كلامه الدهن لأنه طعام كالبر وله لحاجة دهن بدنه ودابته وشرب شراب ونقل أبو داوود دهنه بزيت للتزين لا يعجبني
الثالث ليس له غسل ثوبه بالصابون لأنه ليس بطعام فإن فعل رد قيمته في المغنم
وليس له بيعه لأنه لم ينقل لعدم الحاجة إليه بخلاف الماكل فإن باعه رد ثمنه في المغنم قاله أكثر الأصحاب لما روى سعيد أن صاحب جيش الشام كتب إليه عمر من باع منهم شيئا بذهب أو فضة ففيه خمس الله وسهام المسلمين وظاهره أن البيع صحيح لأن المنع منه إنما كان لأجل حق الغانمين وفي رد الثمن تحصيل لذلك ولأن له فيه حقا فصح بيعه كمالو تحجر مواتا وفرق القاضي والمؤلف في الكافي إن باعه لغير غاز فهو باطل كبيعه الغنيمة بغير إذن فيرد المبيع إن كان باقيا أو قيمته أو ثمنه إن كان تالفا وإن باعه لغاز فلا يخلو إما أن يبيعه بما يباح له الانتفاع به او بغيره فإن كان الأول
____________________
1-
(3/351)
وإن فضل معه منه شيء فأدخله البلد رده في الغنيمة إلا أن يكون يسيرا فله اكله في إحدى الروايتين ومن أخذ سلاحا فله ان يقاتل به حتى تنقضي الحرب ثم يرده وليس له ركوب الفرس في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فليس بيعا في الحقيقة إنما دفع إليه مباحا واخذ بمثله ويبقى أحق به لثبوت يده عليه ولا يمن عليه ويتعين رده إليه وظاهر المتن أنه لا يلزمه سوى رد الثمن فقط وعنه يلزمه أيضا قيمة أكله وإن فضل معه منه شيء فأدخله البلد ولم يقيده به الأكثر رده في الغنيمة أبي إذا كان كثيرا لأنه إنما أبيح له ما يحتاج إليه فما بقي تبينا أنه أخذ أكثر مما يحتاجه فيبقى على اصل التحريم إلا أن يكون يسيرا فله أكله في إحدى الروايتين نص عليه في رواية أبي طالب في الطبخة والطبختين من اللحم والعليفة والعليفتين من الشعير لا بأس به لأن اليسير مما تجري فيه المسامحة قال الأوزاعي أدركت الناس يقدمون بالقديد فيهديه بعضهم لبعض ولا ينكره أحد
والثانية يجب رده نص عليه في رواية ابن إبراهيم واختارها الخلال وصاحبه والقاضي وأبو الخطاب في خلافهما وقدمها في المحرر والفروع لقوله عليه السلام أدوا الخيط والمخيط ولأنه من الغنيمة ولم يقسم فلم يبح في دار الإسلام كالكبير
ومن أخذ سلاحا لهم فله أن يقاتل به حتى تنقضي الحرب لقول ابن مسعود انتهيت إلى أبي جهل فوقع سيفه من يده فأخذته فضربته به حتى برد رواه الأثرم ولأن الحاجة إليه أعظم من الطعام وضرر استعماله أقل من ضرر أكل الطعام لعدم زوال عينه بالاستعمال ثم يرده بعد الحرب لزوال الحاجة وليس له ركوب الفرس في الجهاد في إحدى الروايتين جزم بها في الوجيز ورجحها ابن المنجا لما روى رويفع بن ثابت الأنصاري مرفوعا
____________________
1-
(3/352)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلفه رده رواه سعيد ولأنها تتعرض للعطب غالبا وقيمته كبيرة بخلاف السلاح
والثانية يجوز قدمها في المحرر كالسلاح ونقل المروذي لا بأس أن يركب الدابة من الفيء ولا يعجفها وفي الفروع وفي قتاله بفرس وثوب روايتان ونقل إبراهيم بن الحارث لا يركبه إإلا لضرورة أو خوف على نفسه
____________________
1-
(3/353)
& باب قسمة الغنائم &
الغنيمة كل مال أخذ من المشركين قهرا بالقتال وإن أخذ منهم مال مسلم فأدركه صاحبه قبل قسمه فهو أحق به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب قسمة الغنائم &
الغنائم جمع غنيمة ويرادفها المغنم يقال غنم فلان الغنيمة يغنمها واشتقاقها من الغنم وأصلها الربح والفضل 3 والأصل فيها قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } الأنفال 41 وقوله { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } الأنفال 69 وقد اشتهر وصح أنه عليه السلام قسم الغنائم ولم تكن تحل لمن مضى وكانت في اول الإسلام خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله يسألونك عن الأنفال الآية ثم صارت أربعة أخماسها للغانمين وخمسها لغيرهم
الغنيمة كل مال أخذ من المشركين قهرا بالقتال
قوله كل مال يدخل فيه ما يتمول كالصليب ويكسر ويقتل الخنزير قاله أحمد ونقل أبو داوود يصب الخمر ولا يكسر الأناء
وأما الكلب فلا يدخل في الغنيمة ويخص الإمام به من شاء قوله من المشركين أي المحاربين وقوله قهرا بالقتال هذا فصل يخرج به الفيء
وإن اخذ منهم مال مسلم بأن أخذ الكفار مال مسلم ثم أخذ المسلمون ذلك منهم قهرا فأدركه صاحبه وهو المسلم قبل قسمه فهو أحق به بغير شيء في قول عامة العلماء لما روى ابن عمر أن غلاما له أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده النبي صلى الله عليه وسلم إليه وذهب فرس له فأخذه المسلمون
____________________
1-
(3/354)
وإن ادركه مقسوما فهو أحق به بثمنه وعنه لا حق له فيه وإن أخذه منهم بعض الرعية بثمن فصاحبه أحق به بثمنه وإن أخذ بغير عوض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وقال الزهري وعمرو ابن دينار لا يرد إليه وهو للجيش لأن الكفار ملكوه باستيلائهم فصار غنيمة كسائر أموالهم وجوابه ما تقدم وكذا حكم ما إذا أخذ مال معاهد وقلنا يملكون أموالنا فإن كان أم ولد لزم السيد أخذها لكن بعد القسمة بالثمن ويخير في الباقي وإن ادركه صاحبه مقسوما فهو أحق به بثمنه جزم به في الوجيز وغيره لما روى ابن عباس أن رجلا وجد بعيرا له وكان المشركون أصابوه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن اصبته قبل القسمة فهو لك وإن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة وإنما امتنع أخذه له بغير شيء لئلا يفضي إلى حرمان أخذه من الغنيمة ولو لم يأخذه لأدى إلى ضياع حقه فالرجوع في عين ماله بثمنه جمع بين الحقين وعنه لا حق له فيه نص عليه في رواية أبي داوود وضعف الأول وقال هو عن مجاهد لما روى ابن عمر مرفوعا إن أدركه بعد ما قسم فليس له فيه شيء وكتب عمر إلى السائب أيما رجل أصاب رقيقه أو متاعه بعينه فهو أحق به وإن أصابه في أيدي التجار ايبعدما قسم فلا سبيل إليه وعن سلمان بن ربيعة نحوه رواهما سعيد وكما لو وجده في أيدي المستولي عليه وقد جاءنا بأمان أو أسلم ولم يقل أحد إنه لصاحبه بعد القسمة بغير شيء لمخالفة الإجماع فإن أهل العصر إذا أجمعوا على قولين في حكم لم يجز إحداث ثالث قاله في الشرح وفيه شيء فإنهم صرحوا بأن صاحبه إذا وجد فهو أحق به ولو بعد القسمة إذا قلنا إنهم لا يملكونها وإن أخذه منهم بعض الرعية بثمن فصاحبه أحق به بثمنه كما لو أخذه واحد من المغنم بحقه والثمن ها هنا كالقيمة هناك وإن أخذ بغير عوض كهبة أو سرقة ونحوها
____________________
1-
(3/355)
فهو احق به بغير شيء ويملك الكفار أموال المسلمين بالقهر ذكره القاضي وقال أبو الخطاب ظاهر كلام أحمد أنهم لا يملكونها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فهو احق به بغير شيء لما روى عمران بن حصين أن قوما أغاروا على سرح النبي صلى الله عليه وسلم فأخذوا ناقته وجارية من النصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت فركبت الناقة ونذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها فلما قدمت المدينة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بنذرها فقال سبحان الله بئسما جزيتها لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى ولا فيما لا يملك العبد رواه مسلم ولأنه لم يحصل في يده بعوض أشبه ما لو أدركه من الغنيمة قبل القسمة وقال القاضي ما حصل في يده بهبة أو شراء فهو كما لو وجده صاحبه بعد القسمة على الخلاف وجزم به في الكافي فلو تصرف فيه أحد منهم صح تصرفه
ويملك الكفار أموال المسلمين بالقهر ذكره القاضي جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأن الاستيلاء سبب يملك به المسلم مال الكافر فكذا عكسه كالبيع ولا يملكه بعضهم من بعض وسواء اعتقدوا تحريمه أولا ذكره في الانتصار ومحله في غير حبس ووقف قاله في المحرر والفروع لعدم تصور الملك فيهما فلم يملكا بالاستيلاء كالحر وفي أم الولد روايتان الأصح عند ابن عقيل أنها كوقف وعنه يملكونه إن حازوه بدارهم نص عليه فيما بلغ به قبرس رد إلى أصحابه ليس غنيمة ولا يؤكل منه لأنهم لم يحوزوه إلى بلادهم ولا إلى أرض هم أغلب عليها والأول أولى لأن ما كان سببا للملك أثبته حيث وجده كالبيع ونحوه وقال أبو الخطاب ظاهركلام أحمد أنهم لا يملكونها حيث قال إذا أدركه صاحبه قبل القسمة فهو
____________________
1-
(3/356)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحق به واختاره الآجري وابو محمد الجوزي ونصره ابن شهاب وغيره لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 141 ولأنهم لا يملكون رقيقا برضانا بالبيع فهذا أولى وكاخذ مستأمن له بدارنا بعقد فاسد أو غصب واستدل له بحديث القصواء قال ابن المنجا ولا دلالة فيه لأن غايته أنه عليه السلام اخذ ناقته والمسلم له أخذ ذلك سواء قبل تملك الكفار أموال المسلمين أو لا ولأنه وجدها غير مقسومة ولا مشتراة فعلى هذا لصاحبه أخذه بغير شيء وإن كان مقسوما وفي العدو إذا أسلم ولو أحرزه بدارهم وإن جهل ربه وقف كاللقطة وفي التبصرة أنه أحق بما لم يملكوه بعد القسمة بثمنه لئلا ينتقض حكم القاسم
تذنيب لا يملك الكفار ذميا كالحر المسلم ويلزم فداؤه ويرجع المشتري في المنصوص بثمنه بنية الرجوع وفي المحرر ما لم ينو التبرع فإن اختلفا في قدر ثمنه فوجهان واختار الآجري لا يرجع إلا ان يكون عادة الأسرى وأهل الثغر ذلك فيشتريهم ليخلصهم ويأخذ ما وزن لا زيادة فإنه يرجع
فوائد منها إذا استولوا على مال مسلم ثم عاد بعد حول أو أحوال فعلى الأول لا زكاة لما مضى قولا واحدا وعلى الثاني فيه روايتان بناء على المال المغصوب ونحوه
ومنها إذا كان لمسلم أختان أمتان وأبقت إحداها إلى دار الحرب واستولوا عليها فله وطء الثانية على الأول لأن ملكه قد زال عن أختها وقياس قول أبي الخطاب لا يجوز حتى تحرم الآبقة بعتق أو نحوه
____________________
1-
(3/357)
وما اخذ من دار الحرب من ركاز أو مباح له قيمة فهو غنيمة وتملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار الحرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومنها إذا أعتق المسلم عبده الذي استولى عليه الكفار لم يصح على الأولى بخلاف الثانية
ومنها إذا سبي الكفار أمة مزوجة لمسلم فإن قلنا يملكونها فالقياس أنه ينفسخ النكاح لأنهم يملكون رقبتها ومنافعها فيدخل فيه منفعه بضعها فينفسخ نكاح الكافرة المسبية ومنع أبو الخطاب من انفساخ النكاح بالسبي مطلقا فأما الحرة فلا ينفسخ نكاحها بالسبي لعدم ملكهم لها به فلا يملكون بضعها
ومنها أنهم يملكون ما أبق أو شرد إليهم وعلى الثاني لصاحبه أخذه مجانا 3 وما أخذ من دار الحرب من ركاز أو مباح به قيمة فهو غنيمة لأنه مال حصل الإستيلاء عليه قهرا فكان غنيمة كسائر أموالهم ومحله ما إذا قدر على الركاز بجماعة المسلمين لأنه حصل بقوتهم بخلاف ما إذا قدر عليه بنفسه فهو له بعد الخمس صرح به في المغني والشرح
وقوله مباح له قيمة في أرض الحرب كالصيود والخشب فإن احتاج إلى أكله والانتفاع به فله ذلك كطعامهم ولا يرده فإن كان المباح لا قيمة له في أرضهم كالمسن والأقلام فله اخذه وهو أحق به وإن صار له قيمة بعد ذلك
فرع إذا وجد لقطة في دارهم فإن كانت للمسلمين فهو كما لو وجدها في دار الإسلام وإن كانت للمشركين فهي غنيمة وإن احتمل الأمربن عرفها حولا في بلد المسلمين ثم جعلها في الغنيمة نص عليه
ويملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دارالحرب لأنها مال مباح فملكت
____________________
1-
(3/358)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالاستيلاء عليها كسائر المباحات يؤيده انه لا ينفذ عتقهم في رقيقهم الذي حصلوا في الغنيمة ولا يصح تصرفهم فيه ولأنه لو أسلم عبد الحربي ولحق بجيش المسلمين صار حرا وفي الانتصار وعيون المسائل باستيلاء تام لا في فور الهزيمة للبس الأمر هل هو حيلة أو ضعف وفي البلغة كذلك وأنه ظاهر كلامه والمنصوص عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب أن مجرد الاستيلاء وإزالة أيدي الكفار عنها كاف وقال القاضي في خلافه لا يملك بدون اختيار التمليك وتردد في الملك قبل القسمة هل هو باق للكفار أو إنه انقطع وله فوائد
منها جريانه في حول الزكاة فإن كانت الغنيمة أجناسا لم ينعقد عليها حول بدون الغنيمة وإن كانت جنسا واحدا فوجهان
ومنها لو اعتق أحد الغانمين رقيقا من المغنم بعد ثبوت رقه أو كان فيهم من يعتق عليه بالملك عتق إن كان بقدر حقه وإن كان دونه فكمن أعتق شقصا في عبد
ومنها لو أسقط الغانم حقه منها قبل القسمة فبعضهم بناه على الخلاف فإن قلنا تملكوها لم يسقط وإلا سقط وجزم جماعة منهم صاحب الترغيب والمحرر أنه يسقط مطلقا لضعف الملك زاد في الرفوع ولو مفلسا وفي سفيه وجهان ويرد على من بقي وإن أسقط الكل حقهم صارت فيئا
ومنها لو شهد أحد الغانمين بشيء من المغنم قبل القسمة فإن قلنا ملكوه
____________________
1-
(3/359)
ويجوز قسمها فيها وهي لمن شهد الوقعة من أهل القتال قاتل أو لم يقاتل من تجار العسكر وأجرائهم الذين يستعدون للقتال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لم تقبل وإلا قبلت ذكره القاضي وقال الشيخ تقي الدين في قبولها نظر وإن قلنا لم يملكوا لأنها شهادة تجر نفعا ويجوز قسمها فيها في المنصوص وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو اسحاق قال قلت للأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الغنائم في المدينة قال لا أعلمه وقسم عليه السلام غنائم بني المصطلق على مياههم وغنائم حنين بأوطاس ولأنهم تملكوها بالاستيلاء فجاز قسمها فيها لأن الاستيلاء التام هو إحرازها بدار الإسلام
فرع إذا وكل الأمير في شراء شيء منها لنفسه فإن جهل وكيله صح وإلا حرم نص عليه واحتج أن عمر رد ما اشتراه ابن عمر في قصة جلولاء للمحاباة وهي لمن شهد لوقعة لما روى الشافعي ثنا الثقة عن يحيي ابن سعيد القطان عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن عمر قال الغنيمة لمن شهد الوقعة قال الخطيب قال علي بن الحسين العكلي الرجل الذي لم يسمه الشافعي أحمد بن حنبل ورواه سعيد بن منصور أيضا من أهل القتال حتى من منع منه لريبة أو منعه الأب ومن بعثه الأمير لمصلحة كرسول وجاسوس ومن خلفه الأمير في بلاد العدو ولو لمرض وغزا ولم يمر بهم فرجعوا نص عليه قاتل أو لم يقاتل من تجار العسكر ويدخل فيه الخياط والخباز والبيطار ونحوهم وأجرائهم الذين يستعدون للقتال ومعهم السلاح ولأنه ردء للمقاتل باستعداده أشبه المقاتل وظاهره أنهم إذا لم يكونوا مستعدين للقتال أنه لا يسهم لهم إذ لا نفع في حضورهم كالمخذل وعلم منه أنه يسهم لأمير الخدمة على الأصح وقيده القاضي وغيره إذا قصد الجهاد
____________________
1-
(3/360)
فأما المريض العاجز عن القتال والمخذل والمرجف والفرس الضعيف العجيف فلا حق له وإذا لحق مدد أو هرب أسير فأدركوا الحرب قبل تقضيها أسهم لهم وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء لهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وحمل المجد إسهام النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة وكان أجيرا لطلحة رواه مسلم على أجير قصد مع الخدمة الجهاد وفي الموجز هل يسهم لتجار عسكر وأهل سوقه ومستأجر مع جندي كركابي وسائس أم يرضخ فيه روايتان
فأما المريض العاجز عن القتال أي لا حق له فيها لأنه ليس من أهل الجهاد كالعبد وظاهره أن المرض إذا لم يمنع من القتال كالحمى والصداع أنه لا يسقط سهمه لأنه من أهل الجهاد ويعين برأيه وتكثيره ودعائه والمخذل والمرجف ولو قاتلا لأن ضررهما أكثر من نفعهما والفرس الضعيف العجيف فلا حق له لأنه لا نفع فيه وظاهره ولو شهد عليه الوقعة ولأن الإمام يملك منعه فلم يسهم له كالمخذل وفيه وجه يسهم له كالمريض والفرق واضح وحكم الكافر والعبد إذا لم يؤذن لهما ومنهي عن حضوره كذلك والأصح أو بلا إذنه ولا يرضخ لهم لأنهم عصاة وكذا من هرب من اثنين ذكره في الروضة بخلاف غريم وإذا لحق مدد هو ما أمددت به قوما في الحرب أو هرب أسير أو أسلم كافر أو بلغ صبي أو عتق عبد فأدركوا الحرب قبل تقضيها أسهم لهم لقول عمر ولأنهم شاركوا الغانمين في السبب فشاركوهم في الاستحقاق كما لو كان ذلك قبل الحرب وكذا إذا صار رجل فارسا وعكسه وظاهره أنه يسهم لهم وإن لم يقاتلوا وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء لهم قال الخرقي لأن به يحصل تما الاستيلاء وقال القاضي يملك الغنيمة بانقضاء الحرب وإن لم يحرز وجزم به في المحرر وقدمه في الفروع لما روى أبو هريرة ان أبان بن سعيد بن العاص وأصحابه قدموا على
____________________
1-
(3/361)
وإذا أراد القسمة بدأ بالأسلاب فدفعها إلى أهلها ثم اخرج أجرة الذين جمعوا الغنيمة وحملوها وحفظوها ثم يخمس الباقي فيقسم خمسه على خمسة أسهم سهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم يصرف مصرف الفيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد أن فتحها فقال أبان اقسم لنا يا رسول الله فقال اجلس يا أبان ولم يقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود ولأنهم لم يشهدوا الوقعة كما لو أدركوا قبل القسمة فلو لحقهم عدو وقاتل المدد معهم حتى سلموا الغنيمة فلا شيء لهم لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابها لأن الغنيمة في أيديهم وحوزها نقله الميموني وإذا أراد القسمة بدأ بالأسلاب فدفعها إلى أهلها لأن القاتل يستحقها غير مخموسة فإن كان فيها مال لمسلم أو ذمي دفع إليه لأن صاحبه متعين ثم أخرج من الباقي أجرة الذين جمعوا الغنيمة وحملوها وحفظوها قاله جماعة لأنه من مصلحة الغنيمة وإعطاء جعل من دله على مصلحة كطريق ونحوه ثم يخمس الباقي هذه طريقة الأكثر لأنه استحق بحضور الوقعة أشبه سهام الغانمين وقيل يقدم الرضخ عليه فيقسم خمسه على خمسة أسهم نص عليه لقوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء } الآية الأنفال 41 ومقتضاها أن يقسم على ستة أسهم وجوابه أن سهم الله تعالى ورسوله كالشيء الواحد لقوله تعالى { والله ورسوله أحق أن يرضوه } التوبة 62 وأن الجهة جهة مصلحة سهم لله تعالى وذكر اسمه للتبرك لأن الدنيا والآخرة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم يصرف مصرف الفيء لقوله عليه السلام ليس لي من الفيء إلا الخمس وهو مردود عليكم رواه سعيد ولا يكون مردودا علينا إلا إذا صرف في مصالحنا وفي الانتصار هو لمن يلي الخلافة بعده وقاله طائفة من العلماء لما روى أبو الطفيل قال جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال أبو بكر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الله إذا أطعم نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده وإني رأيت أن أرده على المسلمين
____________________
1-
(3/362)
وسهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب حيث كانوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رواه أبو داود وعنه يصرف في أهل الديوان لأنه عليه السلام استحقه لحصول النصرة فيكون لمن يقوم مقامه فيها وعنه يصرف في الخيل والسلاح روي عن أبي بكر وعمر وعنه سقط بموته عليه السلام ويرد على الأنصباء الباقية من الخمس لأنهم شركاؤه وقيل يرد على الغانمين كالتركة إذا أخرج منها وصية ثم بطلت فإنها ترد إلى التركة والصحيح أنه باق يصرف في مصالح المسلمين وكان عليه السلام يصنع بهذا السهم ما شاء ذكره في المغني
فائدة كان له عليه السلام من المغنم الصفي وهو شيء يختاره منها قبل القسمة كجارية وعبد وثوب وسيف ونحوه وانقطع ذلك بموته بغير خلاف نعلمه إلا أبا ثور فإنه زعم أنه باق للأئمة بعده ويجعله مجعل سهمه عليه السلام وسهم لذوي القربى للآية ولأنه عليه السلام جعل سهمهم في بني هاشم وبني المطلب رواه أبو داود بإسناد صحيح وهو ثابت بعد موته عليه السلام لم ينقطع لأنه لم يأت ناسخ ولا مغير وهم بنو هاشم وبنو المطلب ابنا عبد مناف لما روى جبير من مطعم قال قسم النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب وقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وفي رواية لم يفارقوا في جاهلية ولا إسلام رواه أحمد والبخاري بمعناه فرعى لهم نصرتهم وموافقتهم لبني هاشم ولا يستحق من كانت أمه معهم وأبوه من غيرهم لأنه عليه السلام لم يدفع إلى أقارب أمه من بني زهرة ولا إلى بني عماته كالزبير ويفرق عليهم حيث كانوا لأنه مستحق بالقرابة فوجب كونه لهم
____________________
1-
(3/363)
للذكر مثل حظ الأنثيين غنيهم وفقيرهم فيه سواء وسهم لليتامى الفقراء وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل من المسلمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حيث كانوا حسب الإمكان كالتركة { للذكر مثل حظ الأنثيين } هذا رواية عن أحمد وهي اختيار الخرقي وجزم بها في الوجيز لأنه مال استحق بقرابة الأب ففضل فيه الذكر على الأنثى كالميراث وعنه يساوي بينهما قاله طائفة من العلماء لأنهم أعطوا باسم القرابة فاستووا فيه كما لو وقف على قرابة فلان وأطلق في المحرر والفروع الخلاف ويسوي بين الصغير والكبير بلا خلاف غنيهم وفقيرهم فيه سواء لأنه عليه السلام لم يخص فقراء قرابته بل أعطى الغني كالعباس وغيره مع أن شرط الفقر ينافي ظاهر الآية ولأنه يؤخذ بالقرابة فاستويا فيه كالميراث وقال أبو إسحاق بن شاقلا يختص بفقرائهم كبقية السهام قال في الشرح ولعل النبي صلى الله عليه وسلم منع عثمان وجبيرا لما سألاه سهمهما بيسارهما وانتفاء فقرهما فإن لم يأخذوه صرف في الكراع والسلاح لفعل أبي بكر وعمر وظاهره لا شيء لمواليهم وصرح به في المحرر والفروع لأنهم ليسوا منهم وسهم لليتامى وهم من لا أب له ولم يبلغ الحلم لقوله لا يتم بعد احتلام الفقراء هذا هو الأشهر لأن اسم اليتم في العرف للرحمة ومن أعطي لذلك اعتبرت فيه الحاجة بخلاف القرابة مع أن المؤلف قال لا أعلم هذا نصا عن أحد وقيل والغني أيضا لعموم الآية وسهم للمساكين وهم أهل الحاجة ويدخل فيهم الفقراء لأنهما صنف واحد في غير الزكاة وسهم لأبناء السبيل من المسلمين قيد في الكل لأن الخمس عصية من الله فلم يكن لكافر فيها حق كالزكاة ويعطى هؤلاء بما تقدم في الزكاة وفي الواضح يعطى كل واحد خمسين درهما أو خمسة
____________________
1-
(3/364)
ثم يعطي النفل بعد ذلك ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد والنساء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + دنانير وظاهره أنه يعم يعم بسهام من ذكر جميع البلاد فيبعث الإمام عماله في الأقاليم وصحح في المغني أنه لا يجب التعميم لأنه متعذر
فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده وفي الانتصار يكفي واحد من الأصناف الثلاثة وذوي القربى إن لم يمكنه واختار الشيخ تقي الدين إعطاء الإمام من شاء منهم للمصلحة كزكاة وأن الخمس والفيء واحد يصرف في المصالح ثم يعطى النفل وهو الزيادة على السهم للمصلحة لأنه حق ينفرد به بعض الغانمين فقدم على القسمة كالأسلاب بعد ذلك أي بعد الخمس لما روى معن بن زائدة مرفوعا لا نفل إلا بعد الخمس رواه أبو داود ولأنه مال استحق بالتحريض على القتال فكان من أربعة أخماس الغنيمة ويرضخ لمن لا سهم له لأنه استحق بحضور الوقعة فكان بعد الخمس كسهام الغانمين وفيه وجه أنه من أصل الغنيمة لأنه استحق للمعاونة في تحصيل الغنيمة أشبه أجرة الحمل وقيل من سهم المصالح وهم العبيد لما روى عمير مولى أبي اللحم قال شهدت خيبر مع سادتي فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء من المتاع رواه أحمد واحتج به ولأنهم ليسوا من أهل وجوب القتال كالصبي
فرع المدبر والمكاتب كالقن ومن بعضه حر فبحسابه والنساء لما روى ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ولم يضرب لهن بسهم رواه مسلم وما روي أنه أسهم للمرأة فيحتمل أن الراوي سمى الرضخ سهما ويحتمل أنه أسهم لها في شيء خاص لا مطلقا والخنثى كامرأة ويحتمل
____________________
1-
(3/365)
والصبيان وفي الكافر روايتان إحداهما يرضخ له والأخرى يسهم له ولا يبلغ بالرضخ للراجل سهم راجل ولا للفارس سهم فارس فإن تغير حالهم قبل تقضى الحرب أسهم لهم وإذا غزا العبد على فرس لسيده قسم للفرس ورضخ للعبد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن يقسم له نصف سهم ونصف رضخ كالميراث قاله في المغني والشرح والصبيان لما روى سعيد بن المسيب قال كان الصبيان يحذون من الغنيمة إذا حضروا الغزو والمراد إذا كان مميزا جزم به في المحرر وقدمه في الفروع ولأنه ليس من أهل القتال كالعبد وقيل مراهقا وفي الكافر روايتان إحداهما يرضخ له قدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز لأنه ليس من أهل الجهاد فرضخ له كالعبد والأخرى يسهم له كمسلم اختارها الخلال والخرقي والقاضي وقدمها في الفروع ونصرها في المغني والشرح ولا يبلغ بالرضخ للراجل سهم راجل ولا للفارس سهم فارس لأن السهم أكمل من الرضخ فلم يبلغ به إليه كما لا يبلغ بالتعزير الحد ولا بالحكومة دية العضو ويقسم الإمام الرضخ على ما يراه من المصلحة من تفضيل وتسوية ولا تجب التسوية فيه كأهل السهمان لأن السهم منصوص عليه غير موكول إلى الجهاد فلم يختلف كالحدود بخلاف الرضخ فإن تغير حالهم قبل تقضي الحرب بأن بلغ الصبي أو عتق العبد أو أسلم الكافر أسهم لهم لقول عمر ولأنهم شهدوا الوقعة وهم من أهل القتال فأسهم لهم كغيرهم وإن غزا العبد على فرس لسيده قسم للفرس سهمان كفرس الحر لأنه فرس حضر الوقعة وقوتل عليه فأسهم له كما لو كان السيد راكبه وهذا إن لم يكن مع سيده فرسان ورضخ للعبد نص عليه وهما لمالكهما ويعايا بها فيقال يستحق السهم والرضخ وإن لم يحضر القتال فظاهره أن الصبي إذا غزا على فرس أو المرأة أو الكافر وقلنا لا سهم له لم يسهم للفرس بل يرضخ له ولفرسه ما لا يبلغ سهم الفارس بخلاف المخذل والمرجف إذا
____________________
1-
(3/366)
ثم يقسم باقي الغنيمة للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه إلا أن يكون فرسه هجينا أو برذونا فيكون له سهم وعنه له سهمان كالعربي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غزا على فرس فلا شيء له ولا لفرسه ثم يقسم باقي الغنيمة لأنه يقال لما جعل لنفسه الخمس فهم منه أن أربعة الأخماس للغانمين لأنه أضافها إليهم كقوله تعالى { وورثه أبواه فلأمه الثلث } فهم منه أن الباقي للأب وينبغي أن تقدم أربعة الأخماس على قسم الخمس لأنهم حاضروه ولأن رجوع الغانمين إلى أوطانهم يقف على الغنيمة وأهل الخمس في أوطانهم للراجل سهم بغير خلاف ولأنه لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه الفارس من الكلفة وللفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه في قول جماعة من العلماء لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له متفق عليه وقال خالد الحذاء لا يختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وللراجل سهما إلا أن تكون فرسه هجينا وهو ما أبوه عربي وأمه غير عربية وعكسه المقرف أو برذونا ويسمى العتيق قاله في الفروع وهو ما أبواه نبطيان عكس العربي فيكون له سهم قال الخلال تواترت الرواية عن أبي عبد الله بذلك واختاره الأكثر لما روى مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس العربي سهمين وأعطى للهجين سهما رواه سعيد وأبو داود في المراسيل وروي موصولا عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن سلمة مرفوعا قال عبد الحق والمرسل أصح ولأن نفع العراب وأثره في الحرب أفضل فيكون سهمه أرجح كتفاضل من يرضخ له وعنه له سهمان كالعربي اختاره الخلال لأنه عليه السلام أسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وهو عام في كل فرس ولأنه حيوان ذو سهم فاستوى فيه العربي وغيره كالآدمي وعنه إن أدركت إدراك العراب أسهم لها كالعربي
____________________
1-
(3/367)
ولا يسهم لأكثر من فرسين ولا يسهم لغير الخيل وقال الخرقي من غزا على بعير لا يقدر على غيره قسم له ولبعيره سهمان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإلا فلا اختاره الآجري وعنه لا يسهم لها حكاها القاضي وقاله مالك بن عبد الله الخثعمي لأنه لا عمل لها على العراب أشبهت البغال والأول أصح لأنها وإن دخلت في مسمى الخيل فهي تتفاضل في أنفسها فكذا في سهمانها وقوله أسهم للفرس سهمين قضية عين لاعموم لها مع أنه يحتمل أنه كان ليس فيها برذون وهو الظاهر لقلتها عند العرب
ولا يسهم لأكثر من فرسين نص عليه لما روى الأوزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس ولأن به حاجة إلى الثاني بخلاف الثالث فإنه مستغني عنه وفي التبصرة يسهم لثلاثة ولا يسهم لغير الخيل من البغال والفيل ونحوها لأن غير الخيل لا يلحق بها في التأثير في الحرب ولا تصلح للكر والفر فلم يلحق بها في السهم وقال الخرقي من غزا على بعير لا يقدر على غيره قسم له ولبعيره سهمان نقله الميموني واختاره ابن البنا وظاهره أنه لا يسهم للبعير مع إمكان الغزو على فرس ولكن نص في رواية مهنا أنه يسهم للبعير مطلقا واختاره القاضي وأكثر أصحابه لقوله تعالى { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } ولأنه حيوان سابق عليه بعوض فجاز أن يسهم له كالخيل فعلى هذا يسهم له سهم واحد وهو قول الجمهور لأنه لا يساوي الخيل قطعا فاقتضى أن ينقص عنها وظاهر كلام بعضم أنه يسهم له كفرس وبه قطع في الأحكام السلطانية وشرطه أن يكون مما يمكن القتال عليه فإن كان ثقيلا لا يصلح إلا للحمل لم يستحق شيئا وفي الأحكام السلطانية للفيل سهم الهجين على
____________________
1-
(3/368)
ومن دخل دار الحرب راجلا ثم ملك فرسا أو استعاره أو استأجره وشهد به الوقعة فله سهم فارس وإن دخل فارسا فنفق فرسه أو شرد حتى تقضي الحرب فله سهم راجل ومن غصب فرسا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اختلاف الرواية في قدره وغلطه الزركشي والصحيح الأول وحكاه ابن المنذر إجماعا لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لغير الخيل مع أنه كان في غزوة بدر سبعون بعيرا ولم تخل غزوة منها ولو أسهم لها لنقل
فرع إذا غزا على فرس لهما هذا عقبة وهذا عقبة والسهم لهما فلا بأس نص عليه ولو غزا على فرس حبيس استحق سهمه ومن دخل دار الحرب راجلا ثم ملك فرسا أو استعاره أو استأجره وشهد به الوقعة فله سهم فارس لأن العبرة باستحقاق سهم الفرس أن يشهد الوقعة لا حالة دخول دار الحرب ولأن الفرس حيوان يسهم له فاعتبر وجوده حالة القتال كالآدمي ولقول عمر وظاهره أنه لا يشترط ملك الفرس بل يكفي في ذلك ملك منفعتها لأن السهم لنفع الفرس لا لذاتها بدليل أنه لا يسهم للضعيف والزمن ونحوه وسهم الفرس في الإجارة للمستأجر بغير خلاف نعلمه لأنه مستحق لنفعه استحقاقا لازما أشبه المالك وكذا هو للمستعير وعنه هو لمالكه لأنه من نمائه أشبه ولده فإن كان المستأجر والمستعير ممن لا يسهم له إما لكونه لا شيء له كالمخذل أو ممن يرضخ له كالصبي فحكمه حكم فرسه ذكره في المغني والشرح
وإن دخل فارسا فنفق فرسه أي مات ولا يقال ذلك لغيرها أو شرد حتى تقضى الحرب فله سهم راجل كما ذكرنا ومن غصب فرسا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه نص عليه لأن استحقاق سهم الفرس مرتب على نفعه وهو لمالكه فإن كان الغاصب ممن لا سهم له إما مطلقا كالمرجف أو يرضخ له
____________________
1-
(3/369)
وإذا قال الإمام من أخذ شيئا فهو له أو فضل بعض الغانمين على بعض لم يجز في إحدى الروايتين ويجوز في الأخرى ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من العبيد والكفار فليس له إلا الأجرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالعبد احتمل أن يكون حكم الفرس حكمه لأن الفرس يتبع الفارس في حكمه فيتبعه إذا كان مغصوبا واحتمل أن يكون سهم الفرس لمالكه لأن الجناية من راكبه فيختص المنع به ذكره في الشرح
وإذا قال الإمام من أخذ شيئا فهو له أو فضل بعض الغانمين على بعض لم يجز في إحدى الروايتين جزم به في الوجيز وصححه ابن المنجا في الأولى لأنه عليه السلام والخلفاء من بعده كانوا يقسمون الغنائم ولأن ذلك يفضي إلى اشتغالهم بالنهب عن القتال وظفر العدو بهم ولأن الغزاة اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية فيجب كسائر الشركاء وحينئذ لا يستحقه من أخذه ويجوز في الأخرى أما أولا فلقوله عليه السلام في بدر من أخذ شيئا فهو له ورد بأن قضية بدر لما اختلفوا فيها نسخت بقوله تعالى { يسألونك عن الأنفال } الآية وأما ثانيا وهي الأصح إذا كان التفضيل لمعنى فيه فلأنه يجوز للإمام أن ينفل ويعطي السلب فجاز له التفضيل قياسا عليهما
ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من العبيد والكفار فليس له إلا الأجرة وهو قول القاضي لأن غزوه بعوض فكأنه واقع من غيره فلا يستحق غير ما ذكر وظاهره صحة إجارتهم ووهو رواية لأنه لا يتعين عليهم بحضورهم لأنهم ليسوا من أهله فصحت كغيره من العمل والأشهر أنها لا تصح كالصلاة ومقتضاه أن من يلزمه كالرجل الحر لا يصح استئجاره عليه كالحج ونص في رواية جماعة على صحتها مطلقا وهو قول الخرقي لما روى جبير بن نفير مرفوعا قال مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم مثل
____________________
1-
(3/370)
ومن مات بعد إنقضاء الحرب فسهمه لوارثه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجره رواه سعيد ولأنه لا يختص فاعله أن يكون من أهل القرب بدليل صحته من الكافر فصح الاستئجار عليه كبناء المسجد ومقتضى اختيار الشيخين صحة الاستئجار وإن لزمه إلا أن يتعين عليه فلا يصح وعليه حمل المؤلف كلام الخرقي فإن قلنا لا يصح فهي كالمعدومة فيستحق الأجير السهم وإن قلنا بصحتها فهل يسهم له وفيه روايتان إحداهما وهي اختيار الخرقي لا سهم له لقوله عليه السلام لأجير يعلى بن أمية ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى رواه أبو داود
والثانية وهي اختيار الخلال وصاحبه أنه يسهم له لأنه حضر الوقعة وهو من أهل القتال فيسهم له كغيره
تنبيه إذا استؤجر بعد أن غنموا على حفظها فله الأجرة مع سهمه ولا يركب منها دابة إلا بشرط ومثله الغزاة الذين يدفع إليهم من الفيء أي لهم السهم لأن ذلك حق جعله الله لهم لا أنه عوض عن الغزو فكذا من يعطي له من صدقة لأنه يعطاه معونة لا عوضا أو دفع إليه ما يعينه به فلزمه الثواب
ومن مات أو ذهب بعد انقضاء الحرب فسهمه لوارثه على المذهب لأن الغنيمة ملكت بالاستيلاء عليها فكان سهمه لوارثه لقوله عليه السلام من ترك حقا فلورثته وتقدم قول إنها لا تملك إلا بالحيازة فلو مات قبلها فلا شيء له لأنه مات قبل
____________________
1-
(3/371)
ويشارك الجيش سراياه فيما غنمت ويشاركونه فيما غنم وإذا قسمت الغنيمة في أرض الحرب فتبايعوها ثم غلب عليها العدو فهي من مال المشتري في إحدى الروايتين اختارها الخلال وصاحبه والأخرى من مال البائع اختارها الخرقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثبوت ملك المسلمين وظاهر ما سبق أنه إذا حصل التغيير قبل تقضي الحرب أنه لا شيء له وهو كذلك بغير خلاف في المذهب
ويشارك الجيش سراياه فيما غنمت ويشاركونه فيما غنم أيهما غنم شارك الآخر نص عليه وهو قول أكثر العلماء لأنه عليه السلام لما غزا هوازن بعث سرية من الجيش قبل أوطاس فغنمت فشارك بينها وبين الجيش ولأن الجميع جيش واحد وكل منهما ردء لصاحبه فلم يختص بعضهم بالغنيمة كأحد جانبي الجيش وهذه الشركة بعد النفل فلو كان الأمير مقيما ببلد الإسلام وبعث سرية أ جيشا انفردت بغنيمتها لانفرادها بالغزو والمقيم ببلد الإسلام ليس بمجاهد
وإذا قسمت في أرض الحرب فتبايعوها ثم غلب عليها العدو فهي من مال المشتري في إحدى الروايتين نقله الجماعة اختارها الخلال وصاحبه وجزم بها في الوجيز وهي الأصح لأنه مال مقبوض أبيح لمشتريه التصرف فيه فكان ضمانه كما لو اشتراه وأحرز ه بدار الإسلام والأخرى من مال البائع اختارها الخرقي لأن لم يكمل قبضه لكونه في خطر قهر العدو كالثمرة المبيعة على رؤوس النخل إذا بلغت قبل الجذاذ فعليها ينفسخ البيع ويرد الثمن إلى المشتري من الغنيمة إن باعه الإمام أو من مال البائع وإن كان الثمن لم يؤخذ من المشتري سقط عنه ومحله إذا لم يفرط المشتري فإن كان لتفريط حصل منه كخروجه من العسكر ونحوه فضمانة عليه كما لو أتلفه وعلم منه أن لكل واحد من الغانمين بيع ما حصل له بعد القسمة والتصرف
____________________
1-
(3/372)
ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده أدب ولم يبلغ به الحد وعليه مهرها إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها وتصير أم ولد له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيه كيف شاء لأن ملكه ثابت فيه على المنصوص وفي البلغة رواية لا تصح قسمتها وأما الأمير فيجوز له البيع قبل القسمة للغانمين ولغيرهم إذا رأى المصلحة فيه لأن الولاية ثابتة له عليها
ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده أدب لأنه وطء حرام لكونه في ملك مشترك ولم يبلغ به الحد لأن له في الغنيمة ملكا أو شبهة ملك فيدرأ عنه الحد للشبهة وعليه مهرها لأنها ليست مملوكة له أشبه وطء أمة الغير وحينئذ فيطرح في المغنم وقال القاضي يسقط عنه من المهر قدر حصته كالجارية المشتركة ورد بأنه لما كان مقدار حقه يعسر العلم به ولا ضرر عليه بوضع المهر من الغنيمة فيعود إليه حقه لم يعتبر الإسقاط إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها لأنه فوتها على الغانمين فلزمه قيمتها كما لو اتلفها وحينئذ تطرح في الغنيمة فإن كان معسرا معسرا كانت في ذمته وقال القاضي يحتسب قدر حصته من الغنيمة وتصير أم ولد وباقيها رقيق للغانمين لأنه إنما ثبت بالسراية إلى ملك غيره فلم يسر في حق المعسر كالإعتاق ورد بأنه استيلاد صير بعضها أم ولد فيجعل جميعها كذلك كاستيلاد جارية ابنه وهو أقوى من العتق لكونه فعلا وينفذ من المجنون وظاهره أنه لا يلزمه قيمة الولد لأنه ملكها حين علقت فلم يثبت للغانمين فيه ملك وعنه يلزمه قيمته حين وضعه تطرح في الغنيمة لأنه فوت رقه أشبه ولد المغرور وقال القاضي إذا صار نصفها أم ولد يكون الولد كله حرا وعليه قيمة نصفه وتصير أم ولد له في الحال لأنه وطء يلحق به النسب لشبهة الملك كجارية ابنه
____________________
1-
(3/373)
والولد حر ثابت النسب ومن أعتق منهم عبدا عتق عليه قدر حقه وقوم عليه باقيه إن كان مؤسرا وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والولد الحر لأنه من وطء في ملك أو شبهة ثابت النسب لأنه وطء سقط فيه الحد لشبهة الملك فيلحق فيه النسب وظاهره أنه لا مهر عليه حينئذ في رواية وهو مبني على أن المهر هل يجب بمجرد الإيلاج أو بالنزع وهو تمامه لأنه إنما تم وهي ملك له قاله الزركشي
ومن أعتق منهم عبدا وعتق عليه قدر حقه وقوم عليه باقية إن كان موسرا وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه وجملته أن الغانم إذا أعتق رقيقا من المغنم أو كان فيهم من يعتق عليه وعتق كله لأن ملكه ثبت عليه في شركة الغانمين باستيلائهم عليه أشبه المملوك بالإرث فيعتق جميعه إن كان حقه منها لا ينقص أو بقدر حقه إن نقص ثم الزائد على حقه إن كان موسرا عتق عليه وضمنه وإلا بقي رقيقا بحالة على المنصوص وقال القاضي وابن أبي موسى لا يعتق لأن ملكه لا يتعين فيه لجواز أن يحصل له بالقسمة غيره وفي المحرر وعندي إن كانت جنسا واحدا فكالمنصوص وإن كانت أجناسا فكقول القاضي لأن المعتق في الجنس الواحد يصير كالحر المشاع وفي الأجناس لم يتعين حقه في شيء بعيد وفيه نظر لأنها قبل القسمة حق كل واحد من الغانمين مشاع في كل جنس فالعتق يصادفه فيعتق عليه والباقي بالسراية وفي البلغة فيمن يعتق عليه روايات الثالثة موقوف إن تعين سهمه في الرقيق عتق وإلا فلا وظاهره لا فرق في المعتق أن يكون رجلا أو امرأة أو صبيا وصرح في المغني والشرح بأن الغانم إذا أعتق رجلا منها لا يعتق لأنه لا يصير رقيقا بنفس السبي كالنساء والصبيان
____________________
1-
(3/374)
والغال من الغنيمة يحرق رحله كله إلا السلاح والمصحف والحيوان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والغال من الغنيمة وهو من كتم ما غنمه أو بعضه فيجب أن يحرق رحله كله قاله الحسن وجماعة لما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال رواه أبو داوود ولحديث عمر ابن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك رواه سعيد والأثرم واختار جماعة أن ذلك من باب التعزير لا الحد الواجب فيجتهد الإمام بحسب المصلحة قال في الفروع وهو أظهر فعلى ما ذكره يختص التحريق بالمتاع الذي غل وهو معه فلو استحدث متاعا أو رجع إلى بلده وله فيه متاع لم يحرق وكما لو انتقل عنه ببيع أو هبة في الأشهر وهذا إذا كان حيا حرا مكلفا ملتزما جزم به صاحب الوجيز و الآدمي البغداديان ولو أنثى أو ذميا وظاهره أنه لا ينفى نص عليه بل يضرب للخبر وفي السارق لا يحرق متاعه وقيل بلى جزم به في التبصرة إلا السلاح لأنه يحتاج إليه في القتال والمصحف لحرمته وشمل الجلد والكيس وما هو تابع له وقيل يباع ويتصدق بثمنه لقول سالم بعه وتصدق بثمنه والأصح وكتب العلم لأنه ليس القصد الإضرار به في دينه بل في بعض دنياه والحيوان لنهيه عليه السلام أن يعذب بالنار إلا ربها وعدم دخوله في مسمى المتاع المأمور بإحراقه وكذا التها نص عليه لأنه يحتاج إليها وكذا نفقته لأنه لا يحرق عادة وكسهمه وثيابه التى عليه لئلا يترك عريانا وقيل ساتر عورته جزم به في الوجيز وظاهره أنه لا يحرم سهمه لعدم ذكره في أكثر الروايات وعنه بلى اختاره الآجري ولم يستثن إلا المصحف والدابة وأنه قول أحمد
____________________
1-
(3/375)
وما اخذ من الفدية أو أهداه الكفار لأمير الجيش أو بعض قواده فهو غنيمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع ما أبقت النار من حديد ونحوه فهو له فإذا تاب قبل القسمة رد ما أخذه في الغنيمة وبعدها يعطي الإمام خمسة ويتصدق بالباقي وقال الشافعي لا أعرف للصدقة وجها قال الاجري يأتي به الإمام فيقسمه في مصالح المسلمين ومن ستر على آ لغال وأخذ ما أهدي له منها أو باعه إمام أو حاباه فهو غال
وما أخذ من الفدية أي من فدية الأسارى فهو غنيمة بغير خلاف نعلمه لأنه عليه السلام قسم فداء أسارى بدر بين الغانمين ولأنه مال حصل بقوة الجيش أشبه السلاح أو أهداه الكفار أو واحد منهم لأمير الجيش أو بعض قواده جمع قائد وهو نائبه فهو غنيمة أي للجيش نص عليه لأنه فعل ذلك خوفا من الجيش فيكون غنيمة كما لو أخذه بغيرها وشرطه أن يكون ذلك في دار الحرب وعنه هو للمهدي له وقيل فىء لأنه مال لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فلو كانت بدارنا فهي لمن أهديت إليه لأنه عليه السلام قبل هدية المقوقس واختص بها وقيل فىء واقتضى ذلك أن الهدية لأحد الرعية في دارهم يختص بها كما لو أهدي إليه إلى دار الإسلام وقال القاضي هو غنيمة وفي الشرح احتمال إن كان بينهما مهاداة قبل ذلك فهي له وإلا فهي للمسلمين كهدية القاضي والله أعلم
____________________
1-
(3/376)
& باب حكم الأرضين المغنومة &
وهي على ثلاثة أضرب أحدها ما فتح عنوة وهي ما أجلى عنها أهلها بالسيف فيخير الإمام بين قسمها ووقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجا مستمرا يؤخذ ممن هي في يده يكون أجره لها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب حكم الارضين المغنومة &
وهي على ثلاثة أضرب أحدها ما فتح عنوة أي قهرا وغلبة وهو ن عنا يعنو إذا ذل وخضع وشرعا هي ما أجلي عنها أهلها بالسيف وهو نوعان أحدهما ما استأنف المسلمون فتحه عنوة فيخير الإمام بين قسمها على الغانمين كالمنقول ووقفها على المسلمين أي على جميعهم لأن كلا ورد فيه خبر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم نصف خيبر ووقف نصفها لنوائبه رواه أبو داوود من حديث سهل بن أبي حثمه ووقف عمر الشام ومصر والعراق وسائر ما فتحه وأقره الصحابة ومن بعدهم على ذلك وعن عمر قال أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك اخر الناس ببانا لا شيء لهم ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها رواه البخاري فيلزم الإمام فعل الأصلح كالتخيير في الأسارى فإن قسمها لم يحتج إلى لفظ ولم يضرب عليها خراجا لأنها ملك أربابها وتصير أرض عشر وإن وقفها اعتبر بلفظه به وفي المغني والشرح لا يحتاج إلى النطق به بل لو تركها للمسلمين صار كالقسمة و حينئذ يضرب عليها خراجا مستمرا يؤخذ في كل عام لقول عمر ممن هي في يده يكون أجره لها أي ممن تقر معه من مسلم أو ذمي كالأجرة ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم لأنه بمنزلة أجرتها وفي المجرد أو يملكها لأهلها أو غيرهم بخراج فدل كلامهم أنه لو
____________________
1-
(3/377)
وعنه تصير وقفا بنفس الاستيلاء وعنه تقسم بين الغانمين الثاني ما جلا عنها اهلها خوفا فتصير وقفا بنفس الظهور عليها وعنه حكمها حكم العنوة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ملكها بغير خراج كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ملكه لم يجز وقاله أبو عبيد لأنها مسجد لجماعة المسلمين وهي مناخ من سبق بخلاف بقية البلدان وعنه تصير وقفا بنفس الاستيلاء لما روى أبو عبيد في كتاب الأموال عن الماجشون قال بلال لعمر بن الخطاب في القرى التى افتتحوها عنوة اقسمها بيننا وخذ خمسها ففال عمر لا ولكني أحبسها فتجري عليهم وعلى المسلمين فقال بلال وأصحابه اقسمها فقال عمر اللهم اكفني بلالا وذويه فما حال الحول وفيهم عين تطرف قال القاضي ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الخلفاء أنه قسم أرضا أخذت عنوة إلا خيبر ولأنه أنفع للمسلمين وتكون أرض عشر وعنه تقسم بين الغانمين لأنه عليه السلام فعله وفعله أولى من فعل غيره يؤيده عموم قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } الآية الأنفال 41 فأضاف الغنيمة إليهم من غير تعيين جنس المال فدل على التسوية بالمنقول
تنبيه ما فعله الإمام من وقف وقسمة فليس لأحد نقضه ذكره في المغني والشرح ويأتي حكم البيع
الثاني ما جلا عنها خوفا وفزعا منا فتصير وقفا بنفس الظهور عليها لأنها ليست غنيمة فتقسم فيكون حكمها حكم الفيء أي للمسلمين كلهم وعنه حكمها حكم العنوة لأنه مال ظهر عليه المسلمون بقوتهم فلا يكون وقفا بنفس الاستيلاء كالمنقول فعلى هذه الرواية تجري فيها الروايات السابقة قال ابن المنجا لكن لا تصير وقفا إلا بوقف الإمام لها صرح به الجماعة لأن الوقف لا يثبت بنفسه فعلى هذا حكمها قبل وقف الإمام كالمنقول يجوز بيعها والمعاوضة بها وعلى الأولى يمتنع
____________________
1-
(3/378)
الثالث ما صولحوا عليه وهو ضربان أحدهما أن يصالحهم على ان الأرض لنا ونقرها معهم بالخراج فهذه تصير وقفا أيضا الثاني أن نصالحهم على أنها لهم ولنا الخراج عليها فهذه ملك لهم خراجها كالجزية إن أسلموا سقط عنهم وإن انتقلت إلى مسلم فلا خراج عليه ويقرون فيها بغير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثالث ما صولحوا عليه وهو ضربان أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لنا ونقرها معهم بالخراج فهذه تصير وقفا أيضا لأنه عليه السلام فتح خيبر وصالح أهلها أن يعمروا أرضها ولهم نصف ثمرتها فكانت للمسلمين دونهم قاله في الشرح وهو شبيه بفعل عمر في أرض السواد فيكون حكم هذه كالتي قبلها وهل تصير وقفا بنفس الصلح أم بوقف الإمام مع الفوائد وهما دارا إسلام يجب على ساكنهما من أهل الذمة الجزية ونحوها
الثاني أن نصالحهم على أنها لهم ولنا الخراج عليها فهو صلح صحيح لا مفسدة فيه فهذه ملك لهم أي لأربابها وتصير دار عهد خراجها كالجزية التى تؤخذ على رؤوسهم ما دامت بأيديهم إن أسلموا سقط عنهم لأن الخراج الذي ضرب عليها إنما كان لأجل كفرهم فيسقط بالإسلام كالجزية وتبقى الأرض ملكا لهم بغير خراج يتصرفون فيها كيف شاؤوا وإن انتقلت إلى مسلم فلا خراج عليه لأنه قصد بوضعه الصغار فوجب سقوطه بالإسلام كالجزية فإن صارت لذمي فوجهان أحدهما وهو ظاهر كلامهم لا يسقط لأنه بالشراء رضي بدخوله فيما دخل عليه البائع فكأن التزامه والثاني يسقط لعدم التزامه به وعنه لا يسقط خراجها بإسلام ولا غيره لأنه حق على رقبة الأرض فهو كالخراج الذي ضربه عمر وكذا في الترغيب وذكر فيما صالحناهم على أنه لنا ونقره معهم بخراج لا يسقط خراجه بإسلام وعنه بلى كجزية ويقرون فيها أي في الأرض التى صولحوا على أنها لهم بغير
____________________
1-
(3/379)
جزية لأنهم في غير دار الإسلام بخلاف التي قبلها والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان على قدر الطاقة وعنه يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد ولا ينقص وعنه تجوز الزيادة دون النقص قال أحمد وابو عبيد أصح وأعلا حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جزية لأنهم في غير دار الإسلام بخلاف التى قبلها أي لا يقرون في الأرض التى صولحوا على أنها لنا إلا بجزية لأن الدار دار إسلام فلا بد فيها من التزام الجزية والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان قال الخلال رواه الجماعة وعليه مشايخنا لأنه مصروف في المصالح فكان مفوضا إلى اجتهاد الامام على قدر الطاقة فيضرب على كل أرض وإنسان ما يطيقه ويحتمله لأن ذلك يختلف وعنه يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد ولا ينقص لأن اجتهاد عمر أولى من قول غيره كيف ولم ينكره أحد من الصحابة مع شهرته فكان كالإجماع وعنه تجوز الزيادة في الخراج دون النقص لما روى عمر بن ميمون أنه سمع عمر يقول لحذيفة وعثمان ابن حنيف لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق فقال عثمان والله لو زدت عليهم لأجهدتهم فدل على إباحة الزيادة ما لم يجهدهم ولأنه ناظر في مصالح المسلمين كافة فجاز فيه دون النقصان وعنه جوازها في الخراج دون الجزية اختارها الخرقي والقاضي وقال نقله الجماعة وصححه في المحرر لأن الخراج في معنى الأجرة بخلاف الجزية فإن المقصود منها الإذلال فهي في معنى العقوبة فلم تتغير كالحدود وعنه جوازها فيهما إلا جزية أهل اليمن لا يخرج عن الدينار فيها اختاره أبو بكر لأنه عليه السلام قررها عليهم كذلك قال أحمد وأبو عبيد القاسم بن سلام أصح وأعلا حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا أي على جريب الزرع درهما وقفيزا من طعامه وعلى جريب النخل ثمانية دراهم
____________________
1-
(3/380)
وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي والجريب عشر قصبات في عشر قصبات والقصبة ستة أذرع وهو ذراع وسط وقبضة وابهام قائمة وما لا يناله الماء مما لا يمكن زرعه فلا خراج عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب الرطبة ستة دراهم هذا هو الذي وظفه عمر في أصح الروايات عنه وروى عنه أبو عبيد أنه بعث عثمان بن حنيف لمساحة أرض السواد فضرب على جريب الزيتون اثني عشر درهما وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب الرطبة ستة دراهم وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين والروايات مختلفة في ذلك فالأخذ بالأعلى والأصح أولى وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي نص عليه واختاره القاضي لأن الرطل العراقي لم يكن وإنما كان المكي وهو رطلان فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي وقال ابو بكر قد قيل قدره ثلاثون رطلا وقدم في المحرر أن القفيز ثمانية أرطال صاع عمر فغيره الحجاج نص عليه وذلك ثمانية أرطال بالعراقي لأنه هو القفيز الذي كان معروفا بالعراق وهو المسمى بالقفيز الحجاجي وينبغي أن يكون من جنس ما تخرجه الأرض حنطة أو شعيرا ذكره في الكافي والشرح والجريب عشر قصبات في عشر قصبات أي مائة قصبة مكسرة ومعنى الكسر ضرب أحد العددين في الاخر فيصير أحدهما كسرا للاخر والقصبة هي المقدار المعلوم الذي يمسح به المزارع كالذراع للبز واختير القصب على غيره لأنه لا يطول ولا يقصر وهو أخف من الخشب والقصبة ستة أذرع بالذراع العمرية أي بذراع عمر وهو ذراع وسط والمعروف بالذراع الهاشمية سماه المنصوربه وهو ذراع وسط أي بيد الرجل المتوسط الطول وقبضه وإبهام قائمة وهو معروف بين الناس
وما لا يناله الماء أي ماء السقي مما لا يمكن زرعه فلا خراج عليه
____________________
1-
(3/381)
فإن أمكن زرعه عاما بعد عام وجب نصب خراجه في كل عام والخراج على المالك دون المستأجر وهو كالدين يحبس به الموسر وينظر به المعسر ومن عجز عن عمارة أرضه أجبر على إجارتها أو رفع يده عنها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأن الخراج أجرة الأرض وما لا منفعة فيه لا أجر له وعنه يجب على ما أمكن رزعه بماء السماء لأن المطر يربي زرعها في العادة قال ابن عقيل وكذا إذا أمكن سقيها بالدواليب وإن أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل أو زرع ما لا ماء له فروايتان وفي الواضح روايتان فيما لا ينتفع به مطلقا والمذهب أن الخراج لا يجب إلا على ما يسقى وإن لم يزرع فإن أمكن رزعه عاما بعد عام وجب نصفه خراجه في كل عام لأن نفع الأرض على النصف فكذا الخراج في مقابلة النفع وهو معنى في كلامه في المحرر ما زرع عاما وأريح اخر عادة وفي الترغيب كالمحرر وفيه يؤخذ خراج ما لم يزرع عن أقل ما يزرع وإن البياض بين النخل ليس فيه إلا خراجها فإن ظلم في خراجه لم يحتسبه من العشر لأنه ظلم وعنه بلى لأن الاخذ لهما واحد اختاره أبو بكر
فرع إذا يبس الكرم بجراد أو غيره سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع وإذا لم يمكن النفع به ببيع أو إجارة أو غيرها لم تجز المطالبة ذكره الشيخ تقي الدين
والخراج يجب على المالك دون المستأجر لأنه على الرقبة وهي للمالك كفطرة العبد وعنه على المستأجر كالعشر وهو كالدين قال أحمد يؤديه ثم يزكي ما بقي يحبس به الموسر لأنه حق عليه أشبه أجرة الساكن وينظر به المعسر للنص ومن عجز عن عمارة أرضه أجبر على إجارتها أو رفع يده عنها فيدفعها إلى من يعمرها ويقوم بخراجها لأن الأرض للمسلمين فلا يجوز تعطيلها عليهم ولأن كل واحد منهما محصل للغرض فلا معنى للتعيين وعلم منه
____________________
1-
(3/382)
ويجوز له أن يرشو العامل ويهدي له ليدفع عنه الظلم في خراجه ولا يجوز ذلك ليدع له منه شيئا وإن رأى الإمام المصلحة في إسقاط الخراج عن إنسان جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه إذا كانت في يده أرض خراجية فهو أحق بها بالخراج كالمستأجر وتنقل إلى وارثه كذلك فلو اثر بها احدا صار الباني أحق بها وظاهره أنه لا خراج على المساكن وجزم به أكثر الأصحاب وإنما يجب على المزارع وإنما كان أحمد يمسح داره ويخرج عنها لأن أرض بغداد حين فتحت كانت مزارع
تنبيه إذا كان بأرض الخراج يوم وقفها شجر فثمره المستقبل لمن يقر في يده وفيه عشر الزكاة كالمتجدد فيها وقيل هو للمساكين بلا عشر جزم به في الترغيب ولعله مبني على أن الشجر لا يتبع الأرض في البيع وكذا هنا فيبقى ملك المسلمين بلا عشر لأنه لا يجب على بيت المال
يجوز له أي لصاحب الأرض أن يرشو العامل ويهدي له ليدفع عنه الظلم في خراجه لأنه يتوصل بذلك إلى كف اليد العادية عنه فالرشوة ما أعطاه بعد طلبه والهدية ابتداء قاله في الترغيب ولا يجوز له ذلك ليدع له منه شيئا لما فيه من إبطال الحق فحرم على الاخذ والمعطي كرشوة الحاكم وإن رأى الإمام المصلحة في إسقاط الخراج عن إنسان جاز لأنه يتصرف بالمصلحة أشبه المن على العدو وفي المحرر والفروع للإمام وضعه عمن له دفعه إليه وظاهره أن غير الأمام ليس له ذلك قال أحمد لا يدع خراجا ولو تركه أمير المؤمنين كان هذا فأما من دونه فلا
فرع مصرف الخراج كفيء وما تركه من العشر أو تركه الحارص تصدق بقدره
____________________
1-
(3/383)
& باب الفيء &
وهو ما أخذ من مال المشركين بغير قتال كالجزية والخراج والعشر وما تركوه فزعا وخمس خمس الغنيمة ومال من مات لا وارث له فيصرف في المصالح ويبدأ بالأهم فالأهم من سد الثغور وكفاية أهلها وما يحتاج إليه من يدفع عن المسلمين ثم الأهم فالأهم من سد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الفيء &
أصله من الرجوع يقال فاء الظل إذا رجع نحو المشرق وسمي المال الحاصل على ما يذكره فيئا لأنه رجع من المشركين إليهم والأصل فيه قوله تعالى { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } الايتين الحشر وهو ما أخذ من مال المشركين بغير قتال يحترز به عن الغنيمة كالجزية والخراج والعشر وما تركوه فزعا من المسلمين وخمس خمس الغنيمة ومال من مات لاوارث له من أهل الذمة ويلحق به المرتد إذا هلك فيصرف في المصالح أي مصالح المسلمين للايتين ولهذا لما قرأ عمر للفقراء المهاجرين الاية الحشر 8 قال هذه استوعبت المسلمين وقال أيضا ما من أحد من المسلمسن إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد وذكر أحمد الفيء فقال فيه حق لكل المسلمين وهو بين الغني والفقير ولأن المصالح نفعها عام والحاجة داعية إلى فعلها تحصيلا لها واختار أبو حكيم والشيخ تقي الدين لا حق فيه لرافضة وذكره في الهدي عن مالك وأحمد وقيل يختص بالمقاتلة لأنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته لحصول النصرة فلما مات صارت بالجند ومن يحتاج إليه المسلمون ويبدأ بالأهم فالأهم من المصالح العامة لأهل الدار التى بها حفظ المسلمين وأمنهم من العدو من سد الثغور بأهل القوة من الرجال والسلاح وكفاية أهلها أي القيام بكفايتهم وما يحتاج إليه من غير أهل الثغور من يدفع عن المسلمين لأن الحاجة داعية إلى ذلك ودفع الكفار هو المقصود فلذلك قدم على غيره ثم الأهم فالأهم من سد
____________________
1-
(3/384)
البثوق وكري الأنهار وعمل القناطر وأرزاق القضاة وغير ذلك ولا يخمس وقال الخرقي يخمس فيصرف خمسه إلى أهل الخمس وباقيه للمصالح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + البثوق جمع بثق وهو المكان المنفتح في جانبي النهر وكري الأنهار أي تعزيلها وعمل القناطر وهي الجسور وأرزاق القضاة العلماء وغير ذلك كالفقهاء والأئمة والمؤذنين ونحوهم مما للمسلمين فيه نفع ولأن ذلك من المصالح العامة أشبه الأول ولا يخمس في ظاهر المذهب وقاله الأكثر لأن الله تعالى أضافه الى أهل الخمس كما أضاف خمس الغنيمة فإيجاب الخمس فيه لأهله دون باقيه منع لما جعله الله تعالى لهم بغير دليل ولو أريد الخمس منه لذكره الله تعالى كما ذكره في خمس الغنيمة فلما لم يذكره ظهر إرادة الاستيعاب وقال الخرقي يخمس هذا رواية واختاره أبو محمد يوسف الجوزي لقوله تعالى { ما أفاء الله على رسوله } الاية الحشر 7 لأنها اقتضت أن يكون جميعه هؤلاء الأصناف ولا شك أنهم أهل الخمس والاية السابقة وما ورد عن عمر وغيره يدل على اشتراك جميع المسلمين فيه فوجب الجمع بينهما للتناقض والتعارض وفي إيجاب الخمس فيه جمع بين الأدلة فإن خمسه لمن ذكر وسائره لجميع المسلمين ولأنه مال مظهور عليه فوجب تخميسه كالغنيمة فيصرف خمسه إلى أهل الخمس وباقيه للمصالح لما ذكرنا لكن قال القاضي لم أجد لما قال الخرقي نصا فأحكيه وإنما نص على أنه غير مخموس قال ابن المنذر ولا يحفظ عن أحد قبل الشافعي واختاره الاجري لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسمه خمسة وعشرين سهما فله أربعة أخماس ثم خمس الخمس أحد وعشرون سهما في المصالح وبقية خمس الخمس لأهل الخمس وذكر ابن الجوزي في مسند عمر كان ما لم يوجف عليه ملكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة واختاره أبو بكر
____________________
1-
(3/385)
وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين ويبدأ بالمهاجرين ثم الأنصار ثم سائر المسلمين وهل يفاضل بينهم على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين للاية ولأنه مال فضل عن حاجتهم فقسم بينهم لذلك وظاهره أن الغني كالفقير على المذهب لأنه مال استحقوه بمعنى مشترك فاستووا فيه كالميراث وعنه يقدم المحتاج قال الشيخ تقي الدين هي أصح عنه لقوله تعالى { للفقراء } ولأن المصلحة في حقه أعظم منها في حق غيره لأنه لا يتمكن من حفظ نفسه من العدو بالعدة ولا بالهرب لفقره بخلاف الغني ويستثنى منه العبيد فإنه لا شيء لهم منه نص عليه لأنه مال فلاحظ لهم فيه كالبهائم وأعطى الصديق العبيد ذكره الخطابي
فرع ليس لولاة الفيء أن يستأثروا منه فوق الحاجة كالإقطاع يصرفونه فيما لا حاجة إليه أو إلى من يهوونه ذكره الشيخ تقي الدين و يستحب أن يبدأ بالمهاجرين جمع مهاجر اسم فاعل من هاجر بمعنى هجر ثم غلب على الخروج من أرض إلى أخرى وتطلق الهجرة بأن يترك الرجل أهله وماله وينقطع بنفسه إلى مهاجره ولا يرجع من ذلك بشيء وهجرة الأعراب وهو أن يدع البادية ويغزو مع المسلمين وهي دون الأول في الأجر والمراد هنا أولاد المهاجرين الذين هجروا أوطانهم وخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جماعة مخصوصون ثم الأنصار وهم الحيان الأوس والخزرج وقدموا على غيرهم لسابقتهم واثارهم الجميلة ثم سائر المسلمين ليحصل التعميم بالدفع وصرح في الشرح بأن العرب تقدم على العجم والموالي
وهل يفاضل بينهم بالسابقة على روايتين كذا في المحرر والفروع إحداهما يسوي بينهم وجزم بها في الوجيز وهي مذهب أبي بكر علي رضي الله عنهما لأن الغنائم تقسم بين من حضر بالسوية فكذا الفيء لكن
____________________
1-
(3/386)
ومن مات بعد حلول وقت العطاء دفع إلى ورثته حقه ومن مات من أجناد المسلمين دفع إلى امرأته وأولاده الصغار كفايتهم فإذا بلغ ذكورهم فاختاروا ان يكونوا في المقاتلة فرض لهم وإن لم يختاروا تركوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبو بكر أعطى العبيد ومنعهم علي والثانية يجوز التفاضل بينهم وهي مذهب عمر وعثمان رضي الله عنهما قال عمر لا أجعل من قاتل على الإسلام كمن قوتل عليه ولأنه عليه السلام قسم النفل بين أهله متفاضلا على قدر غنائمهم وهذا معناه وصحح في المغني والشرح أن ذلك مفوض الى اجتهاد الإمام بحسب المصلحة وقد فرض عمر لكل واحد من المهاجرين من أهل بدر خمسة الاف ومن الانصار أربعة الاف والعطاء الواجب لا يكون إلا لبالغ عاقل حر بصير صحيح يطيق ى القتال فإن حدث به مرض غير مرجو الزوال كزمانة ونحوها فلا حق له في الأصح
ومن مات بعد حلول وقت العطاء دفع إلى ورثته حقه لأنه مات بعد الاستحقاق وانتقل حقه إلى ورثته كسائر الموروثات
ومن مات من اجناد المسلمين دفع إلى امرأته وأولاده الصغار كفايتهم لما فيه من تطييب قلوب المجاهدين لأنهم إذا علموا أن عيالهم يكفون المؤونة بعد موتهم توفروا على الجهاد بخلاف عكسه فإن تزوجت المرأة أو واحدة من البنات سقط فرضها لأنها خرجت عن عيال الميت فإذا بلغ ذكورهم وكانوا أهلا للقتال فاختاروا أن يكونوا في المقابلة فرض لهم لأنهم أهل لذلك ففرض لهم كابائهم وفي الأحكام السلطانية مع الحاجة اليهم وإن لم يختاروا تركوا لأن البالغ لا يجبر على خلاف مراده إلا لواجب عليه ولا شك أن دخولهم في ديوان المقاتلة ليس بواجب
____________________
1-
(3/387)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه بيت المال ملك للمسلمين فيضمنه متلفه ويحرم التصرف فيه إلا بإذن الإمام ذكره في عيون المسائل والانتصار وذكر القاضي وابنه ان المالك غير معين وفي المغني كالأول وللإمام تعيين مصارفه وترتيبها فافتقر إلى إذنه
____________________
1-
(3/388)
& باب الأمان &
يصح أمان المسلم المكلف ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا مطلقا أو أسيرا وفي أمان الصبي المميز روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الامان &
الأمان ضد الخوف وهو مصدر أمن أمنا وأمانا والأصل فيه قوله تعالى { فأجره حتى يسمع كلام الله } التوبة وقوله عليه السلام ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم متفق عليه من حديث علي وإذا أعطوا الأمان حرم قتلهم وأخذ مالهم والتعرض إليهم
يصح أمان المسلم المكلف أي البالغ العاقل فلا يصح من كافر وإن كان ذميا للخبر ولأنه متهم على الإسلام وأهله فلم يصح منه كالحربي ولا من طفل ومجنون لأن كلامه غير معتبر فلا يثبت به حكم ومن زال عقله بنوم أو سكر أو إغماء هو كالمجنون لأنه لا يعرف المصلحة من غيرها ذكرا كان أو أنثى نص عليه ولقوله عليه السلام قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء رواه البخاري وأجارت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا العاص بن الربيع فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم حرا اتفاقا أو عبدا في قول أكثر العلماء لقول عمر العبد المسلم رجل من المسلمين يجوز أمانه رواه سعيد ولقوله عليه السلام يسعى بها أدناهم فإن كان كذلك فصح أمانه بالحديث وان كان غيره أدنى منه فيصح من باب أولى ولأنه مسلم مكلف فصح منه كالحر مطلقا سواء كان مأذونا له في القتال أو لا أو أسيرا نص على ذلك وللعموم وبعضهم شرط فيه أن يكون مختارا ولا حاجة إليه لأن المسلم الحر المطلق لو أكره على الأمان لم يصح فلا حاجة لاختصاص الأسير به
وفي أمان الصبي المميز روايتان إحداهما لا يصح لعدم تكليفه
____________________
1-
(3/389)
ويصح أمان الإمام لجميع المشركين وأمان الأمير لمن جعل بإزائه وامان أحد الرعية للواحد والعشرة والقافلة ومن قال لكافر أنت آمن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالمجنون والثانية تصح وهي المذهب قال أبو بكر رواية واحدة وحمل الأول على غير المميز لعموم الخبر ولأنه عاقل فصح منه كالبالغ بخلاف المجنون وظاهره أنه يصح منجزا ومعلقا بشرط ومن شرط صحته أن يكون مختارا ولم يصرح به للعلم به وعدم الضرر علينا وأن لا تزيد مدته على عشر سنين قاله في الترغيب وفي جواز إقامتهم بدارنا هذه المدة بلا جزية وجهان وشرط في عيون المسائل لصحته معرفة المصلحة فيه وذكر جماعة الإجماع في المرأة بدون هذا الشرط ويصح أمان الإمام لجميع المشركين لأن ولايته عامة وأمان الأمير لمن جعل بإزائه أي بحذائه لأن له الولاية عليهم فقط فدل على أنه كاحاد المسلمين في حق غيرهم وأمان أحد الرعية قال الجوهري الرعية العامة للواحد والعشرة والقافلة كذا ذكره معظمهم لعموم الخبر فقيل لقافلة صغيرة وحصن صغير وجزم به في الشرح لأن عمر أجاز أمان العبد لأهل الحصن فعلى هذا لا يصح لأهل بلدة كبيرة لا رستاق وجمع كبير لأنه يفضي إلى تعطيل الجهاد والافتئات على الإمام وأطلق في الروضة كحصن أو بلد وأنه يستحب أن لا يجار على الأمير إلا بإذنه وقيل لمئة
فرع يصح أمان غير الإمام للأسير بعد الاستيلاء عليه فيعصمه من القتل نص عليه لقصة زينب في أمانها لزوجها وقال القاضي في المحرر لا يصح إلا من الإمام لأن أمر الأسير إليه فلا يجوز الافتئات عليه
ومن قال لكافر أنت امن فقد ة أمنه لقوله عليه السلام يوم فتح مكة
____________________
1-
(3/390)
أو لا بأس عليك أو أجرتك أو قف أو ألق سلاحك او مترس فقد أمنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من دخل دار أبي سفيان فهو امن كقوله لا خوف عليك ولا تذهل وكما لو أمن يده أو بعضه أولا بأس عليك لأن عمر لما قال للهرمزان لا بأس عليك قالت له الصحابة قد امنته لا سبيل لك عليه رواه سعيد أو أجرتك لقوله عليه السلام قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء أوقف كقم أو ألق سلاحك لأن الكافر يعتقده أمانا أشبه ما لو سلم عليه أو مترس ومعناه لا تخف وهو بفتح الميم والتاء وسكون الراء واخره سين مهملة ويجوز سكون التاء وفتح الراء وهي كلمة أعجمية فقد أمنه لقول ابن مسعود إن الله يعلم كل لسان فمن كان منكم أعجميا فقال مترس فقد أمنه والإشارة كالقول قال عمر لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى السماء إلى مشرك فنزل إليه فقتله لقتله رواه سعيد وقال أحمد إذا أشير إليه بشيء غير الأمان فظنه أمانا فهو أمان وكل شيء يرى العلج أنه أمان فهو أمان وقال إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله لأنه إذا اشتراه فقد أمنه
فإن قلت كيف يصح الأمان بالإشارة مع القدرة على النطق بخلاف البيع والطلاق
قلت تغليبا لحقن الدم مع أن الحاجة داعية إلى الإشارة لأن الغالب فيهم عدم فهم كلام المسلمين كالعكس وشرط انعقاد الأمان أن لا يرده الكافر لأنه إيجاب حق فلم يصح مع الرد كالبيع وإن قتله ثم رده انتقص لأنه حق له فسقط بإسقاطه كالرق
فرع يقبل قول عدل إني أمنته في الأصح كإخبارهما أنهما أمناه
____________________
1-
(3/391)
ومن جاء بمشرك فادعى أنه أمنه فأنكره فالقول قوله وعنه قول الأسير وعنه قول من يدل الحال على صدقه ومن أعطي أمانا ليفتح حصنا ففتحه واشتبه علينا حرم قتلهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنهما غير مهتمين كالمرضعة على فعلها وإذا أمنه سرى إلى ما معه من أهل ومال إلا أن يقول أمنتك نفسك فقط
ومن جاء بمشرك فادعى أنه أمنه فأنكره فالقول قوله أي قول المنكر المسلم هذا هو المجزوم به لأن الأصل إباحة دم الحربي وعدم الأمان وعنه قول الأسير اختاره أبو بكر لأن صدقه محتمل فيكون قوله شبهة في حقن دمه وعنه قول من يدل الحال على صدقه لأن ظاهر الحال قرينة تدل على الصدق فعلى هذا إن كان الكافر ذا قوة ومعه سلاحه فالظاهر صدقة وان كان ضعيفا مسلوبا سلاحه فالظاهر كذبه فلا يلتفت إليه لأنه قد تنازع الحكم أصلان أحدها مخالفة الأصل للدعوى الموجبة والثاني احتمال الصدق في الدعوى المانعة فوجب الترجيح بالقرينة قال في الفروع ويتوجه مثله أعلاج استقبلوا سرية دخلت بلد الروم فقالوا جئنا مستأمنين قال في رواية أبي داوود إن استدل عليهم بشيء قلت إن هم وقفوا فلم يبرحوا ولم يجردوا سلاحا فرأى لهم الأمان
فرع إذا طلب الكافر الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام لزم إجابته ثم يرد إلى مأمنه بغير خلاف نعلمه للنص قال الأوزاعي هي إلى يوم القيامة
ومن أعطي أمانا ليفتح حصنا ففتحه أو أسلم واحد منهم واشتبه علينا حرم قتلهم نص عليه لأن كل واحد منهم يحتمل صدقه واشتبه المباح بالمحرم فيما لا ضرورة إليه فوجب تغليب التحريم كما لو اشتبه زان محصن بمعصومين
____________________
1-
(3/392)
واسترقاقهم وقال ابو بكر يخرج واحد بالقرعة ويسترق الباقون ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن ويقيمون مدة الهدنة بغير جزية وقال أبو الخطاب لا يقيمون سنة إلا بجزية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واسترقاقهم لأن استرقاق من لا يحل استرقاقه محرم وعلم منه أن المسلمين إذا حاصروا حصنا فطلب واحد منهم الأمان ليفتحه لهم جاز أن يعطوه أمانا لقول الأشعث بن قيس وقال أبو بكر وصاحب التبصرة يخرج واحد بالقرعة لأن الحق واحد منهم غير معين ويخرج صاحب الأمان بها ويسترق الباقون كما لو أعتق عبدا من عبيده ثم أشكل بخلاف القتل فإنه يدرأ بها لشبهة قال في الفروع ويتوجه مثله لو نسي أو اشتبه من لزمه قود فلا قود وفي الدية بقرعة الخلاف
ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن لأنه عليه السلام كان يؤمن رسل المشركين ولما جاءه رسل مسيلمة قال لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم ولأن الحاجة داعية إلى ذلك إذ لو قتل لفاتت مصلحة المراسلة وظاهره جواز عقد الأمان لكل منها مطلقا ومقيدا بمدة قصيرة وطويلة بخلاف الهدنة فإنها لا تجوز إلا مقيدة لأن في جوازها مطلقا تركا للجهاد ويقيمون مدة الهدنة أي الأمان بغير جزية نص عليه وقاله القاضي وجزم به في الوجيز لأنه كافر أبيح له الإقامة في دارنا من غير التزام جزية فلم يلزمه كالنساء وقال أبو الخطاب لا يقيمون سنة إلا بجزية واختاره الشيخ تقي الدين لقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } التوبة
وأجيب بأن معناه أي يلتزمونها ولم يرد حقيقة الإعطاء ولأنها تخصصت بما دون الحول اتفاقا فيقاس على المحل المخصوص
____________________
1-
(3/393)
ومن دخل دار الإسلام بغير أمان فادعى أنه رسول او تاجر ومعه متاع يبيعه قبل منه وإن كان جاسوسا خير الإمام فيه كالأسير وإن كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في مركب إلينا فهو لمن أخذه وعنه يكون فيئا للمسليمن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومن دخل دار الإسلام بغير أمان فادعى أنه رسول الله أو تاجر ومعه متاع يبيعه قبل منه لأن ما ادعاه ممكن فيكون شبهة في درء القتل ولأنه يتعذر إقامة البينة على ذلك وفيه دلالة على أنه لا يتعرض إليه وصرح به الأصحاب أما الرسول فلما سبق وأما التاجر فلأنه إذا جاء بماله ولا سلاح معه دل على قصده الأمان ولم يشترط المؤلف هنا أن تكون العادة جارية به والمذهب اشترطه لأن العادة جارية مجرى الشرط فإذا انتفت ودخل بغير أمان وجب بقاؤه على ما كان عليه من عدم العصمة وظاهره أنه إذا لم يكن معه تجارة لا يقبل منه إذا قال جئت مستأمنا لأنه غير صادق وإن كان جاسوسا وهو صاحب سر الشر وعكسه الناموس خير الإمام فيه كالأسير وهو وقول الأوزاعي لأنه كافر قصد نكاية المسلمين فخير الإمام فيه بعد القدرة عليه وإن كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في مركب إلينا فهو لمن أخذه على المذهب لأنه مباح ظهر عليه بغير قتال في دار الإسلام فكان لاخذه كالصيد وكذا لو شرد إلينا دابة من دوابهم أو أبق رقيق وظاهره أنه لاخذه غير مخموس وصرح به في المحرر وعنه يكون فيئا للمسلمين لأنه مال مشرك ظهر عليه بغير قتال أشبه ما لو تركوه فزعا وعنه إن دخل قرية وأخذوه فهو لأهلها لأنه إنما تمكن بأخذه بقوتهم
تنبيه يحرم دخوله إلينا بلا إذن وعنه يجوز رسولا وتاجرا اختاره أبو بكر وفي الترغيب دخوله لسفارة أو لسماع قران أمن بلا عقد لا لتجارة على الأصح فيها بلا عادة فإذا دخل إلينا بأمان فجار انتقض أمانه لأن
____________________
1-
(3/394)
وإذا أودع المستامن ماله مسلما أو أقرضه إياه ثم عاد إلى دار الحرب بقي الأمان في ماله ويبعث إليه إن طلبه فإن مات فهو لوارثه فإن لم يكن له وارث فهو فيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذلك غدر ولا يصلح في ديننا ولو دخل دار الحرب رسول أو تاجر بأمانهم فخيانتهم محرمة عليه وإن لم يذكر لأن المعنى يدل
وإذا أودع المستأمن ماله مسلما أو أقرضه إياه ثم عاد الى دار الحرب مقيما أو نقض ذمي عهده ولحق بدار الحرب أو لم يلحق بقي الأمان في ماله هذا هو المشهور لأنه لما دخل دار الإسلام بأمان ثبت لماله فإذا بطل في نفسه بدخوله إليها بقي في ماله الذي لم يدخل الاختصاص المبطل بنفسه
لا يقال إذا بطل في المتبوع فالتابع كذلك لأنه لم يثبت فيه تبعا وإنما ثبت فيهما جميعا فإذا بطل في إحداهما بقي الاخر ولو سلم فيجوز بقاء حكم التبع وإن زال في المتبوع لأن أم الولد ثبت لولدها حكم الاستيلاء تبعا لها ويبقى حكمه له بعد موتها وقيل ينتقض فيه ويصير فيئا قدمه في المحرر لأنه مال حربي قدر عليه بغير حرب فيكون فيئا كمال من لا وارث له منهم وظاهر كلام أحمد أنه ينتقض في مال الذمي دون الحربي وصححه في المحرر لأن الأمان ثبت في مال الحربي بدخوله معه فالأمان ثابت فيه على وجه الأصالة كما لو بعثه مع وكيل أو مضارب بخلاف مال الذمي فإنه يثبت له تبعا لأنه مكتسب بعد عقد ذمة وقولنا مقيما يخرج به ما لو خرج إليها لتجارة أو رسالة فإن أمانه باق لأنه لم يخرج به عن نية الإقامة بدار الإسلام و على الاول يبعث إليه إن طلبه لأنه ملكه فلو تصرف فيه صح فإن مات بدار الحرب فهو لوارثه لأن الأمان لم يبطل فيه وينتقل إليه على صفته من تأجيل ورهن فكذا هنا فإن لم يكن له وارث فهو فيء
____________________
1-
(3/395)
وإن أسر الكفار مسلما فأطلقوه بشرط أن يقيم عندهم مدة لزمه الوفاء لهم وإن لم يشرطوا شيئا أو شرطوا كونه رقيقا فله أن يقتل ويسرق ويهرب وإن أطلقوه بشرط أن يبعث إليهم مالا وإن عجز عنه عاد إليهم لزمه الوفاء لهم إلا أن يكون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه مال كافر لا مستحق له فصار فيئا كما لو مات في دارنا وذكر القاضي أنه إذا كان له وارث في دارالإسلام لم يرثه لاختلاف الدارين فلو لم يمت حتى أسر واسترق فقيل يصير فيئا اختاره المجد والأشهر أنه يوقف فإن عتق أخذه لأنه مال لمالك لم يوجد فيه سبب الانتقال فيتوقف حتى يتحقق السبب وإن مات قنا ففيء لأن الرقيق لا يورث وقيل لوارثه لأن بموته على الرق تبينا بطلان ملكه من حين استرقاقه فيكون لورثته
وإن أسر الكفار مسلما فأطلقوه بشرط أن يقيم عندهم مدة أو أبدا قاله في المحرر والفروع لزمه الوفاء لهم نص عليه لقوله تعالى { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } النحل ولقوله عليه السلام المسلمون على شروطهم فعليه ليس له أن يهرب وقيل بلى وإن أطلقوه ولم يشرطوا شيئا أو شرطوا كونه رقيقا ولم يأمنوه له أن يقتل ويسرق ويهرب نص عليه لأنه لم يصدر منه ما يثبت به الأمان لأن الإطلاق من الوثاق لا يكون أمانا ومع الرق ينتفي الأمان لكن قال أحمد إذا أطلقوه فقد أمنوه فلو أحلفوه مكرها لم ينعقد وفي الشرح احتمال لا يلزمه الإقامة فإن أطلقوه وأمنوه فله الهرب لا الخيانة ويرد ما أخذ منهم لأنهم صاروا بأمانة في أمان منه فإذا خالف فهو غادر وإن أطلقوه بشرط أن يبعث إليهم مالا باختياره لزمه إنفاذ المال إليهم إذا قدر عليه لأنه عاهدهم على أداء مال فلزمه الوفاء به كثمن البيع وإن عجز عنه عاد إليهم لزمه الوفاء لهم نص عليهما ولأن في الوفاء مصلحة للأسارى وفي الغدر مفسدة في حقهم لكونهم لا يأمنون بعده والحاجة داعية إليه إلا أن يكون
____________________
1-
(3/396)
امرأة فلا ترجع إليهم وقال الخرقي لا يرجع الرجل أيضا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + امرأة فلا يرجع إليهم لقوله تعالى { فلا ترجعوهن إلى الكفار } الممتحنة ولأن في رجوعها تسليطا لهم على وطئها حراما وقال الخرقي لا يرجع الرجل أيضا وهو رواية عن أحمد وقاله الحسن والنخعي والثوري لأن الرجوع إليهم والبقاء في أيديهم معصية فلم يلزم بالشرط كالمرأة وكما لو شرط قتل مسلم والأول المذهب لأنه عليه السلام لما عاهد قريشا على رد من جاء مسلما فرد أبا جندل إلى أبيه سهيل ولم يأت أحد من الرجال في تلك المدة إلا رده فإن تعارض فداء عالم وجاهل بدئ بالجاهل للخوف عليه وقيل بالعالم لشرفه وحاجتنا إليه وكثرة الضرر بفتنته ولو جاء العلج بأسير على أن يفادي بنفسه فلم يجد قال أحمد يفديه المسلمون إن لم يفد من بيت المال ولا يرد
مسألة إذا اشتراه مسلم بإذنه لزمه ما اشتراه به لأنه كنائبه في شراء نفسه وكذا إن كان بغير إذنه والمراد ما لم ينو التبرع فلو اختلفا في قدر الثمن قدم قول الأسير بالأصل ويجب فداء أسارى المسلمين مع الإمكان لقوله وفكوا العاني وكذا شراء أسرى أهل الذمة وقاله الخرقي لأنا قد التزمنا حفظهم بأخذ جزيتهم فلزمنا الدفع من ورائهم وقال القاضي لا يجب إلا إذا استعان بهم الإمام في قتالهم فيبدأ بفداء أسارى المسلمين قبلهم لحرمتهم
____________________
1-
(3/397)
& باب الهدنة &
ولا يصح عقد الهدنة والذمة إلا من الإمام أو نائبه فمتى رأى المصلحة في عقد الهدنة جاز له عقدها مدة معلومة وإن طالت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الهدنة &
وأصلها السكون وشرعا هي عقد إمامة أو نائبه على ترك القتال مدة معلومة لازمة ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة ومسالمة والأصل فيها قوله تعالى { براءة من الله ورسوله } التوبة { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } الأنفال والسنة ما روي مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشا على وضع القتال عشر سنين والمعنى لأنه قد يكون بالمسلمين ضعف فيهادنهم حتى يقووا
ولا يصح عقد الهدنة والذمة إلا من الإمام لفعله عليه السلام أو نائبه لأنه نائب عنه ومنزل منزلته وهو يتعلق بنظر واجتهاد وليس غيرهما محلا لذلك لعدم ولايتهم ولو جوز ذلك للاحاد لزم تعطيل الجهاد وفي الترغيب لاحاد الولاة عقدة مع أهل قرية فعلى الأول لو هادنهم غير الإمام أو نائبه لم يصح فلو دخل بعضهم بهذا الصلح دار الاسلام كان أمنا لاعتقاده ولا يقر في دار الإسلام بل يرد الى دار الحرب ولو مات الإمام أو نائبه بعد العقد أو عزل ولم ينتقض عهده وعلى الثاني يلزمه إمضاؤه لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ويستمر ما لم ينقضه الكفار بقتال أو غيره فمتى رأى المصلحة في عقد الهدنة إما لضعف المسلمين عن القتال وإما بإعطاء ما ل منا ضرورة لأنه مصلحة للمسلمين ليتقوا به على عهودهم جاز له عقدها لأنه عليه السلام هادن قريشا مدة معلومة وإن طالت لأن ما وجب تقديره وجب أن يكون معلوما كخيار الشرط وفيه وجه كالخيار إذ لا محذور فيه
____________________
1-
(3/398)
وعنه لا يجوز في أكثر من عشر سنين فإن زاد على العشر بطل في الزيادة وفي العشرر وايتان وإن هادنهم مطلقا لم يصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وظاهره أنه يجوز في الطويلة كالقصيرة على المذهب لأنها تجوز في أقل من عشر فجاوزت في أكثر منها كمدة الاجارة ولأنه إنما جاز عقدها للمصلحة فحيث وجدت جازت تحصيلا للمصلحة وعنه لا يجوز في أكثر من عشر سنين قال القاضي هو ظاهر كلام أحمد واختاره أبو بكر لقوله تعالى { فاقتلوا المشركين } الاية التوبة 5 خص منه العشر لفعله عليه السلام فيبقى ما عداه على مقتضى العموم فإن زاد على العشر بطل في الزيادة لأنه ممنوع منها وفي العشر روايتان مبنيتان على تفريق الصفقة والأصح عدم البطلان وظاهره أنه إذا عقدها مجانا مع قوة المسلمين واستظهارهم لا يجوز لعدم المصلحة إلا أن يكون لمصلحة رجاء إسلامهم فيجوز في رواية لأنه عليه السلام صالح أهل الحديبية على غير مال بل لمصلحة ترك قتالهم في الحرم تعظيما لشعائر الله والثانية المنع لأنه ترك للقتال من غير حاجة ولا بدل وفي الإرشاد والمهيج والمحرر على المنع يجوز أربعة أشهر لقوله تعالى { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } التوبة وفيما فوقها ودون الحول وجهان فأما الحول فلا يجوز قال بعضهم وجها واحدا
تنبيه لا يجوز عقدها بمال منا إلا لضرورة شديدة مثل أن يحاط بطائفة من المسلمين وفي الفنون لضعفنا مع المصلحة وقال أبو يعلى الصغير لحاجة وكذا قاله أبو يعلى في الخلاف في المؤلفة واحتج لعزمه عليه السلام على بذل شطر نخل المدينة
وإن هادنهم مطلقا لم يصح لأن إطلاق ذلك يقتضي التأييد وذلك
____________________
1-
(3/399)
وإن شرط شرطا فاسدا كنقضها متى شاء أو رد النساء إليهم او صداقهن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يفضي الى ترك الجهاد بالكلية وهو غير جائز وإن شرط شرطا فاسدا كنقضها متى شاء لأنه ينافي مقتضى العقد اذ هو عقد مؤقت فكان تعليقه على المشيئة باطلا كالإجارة وكذا إن قال هادنتكم ما شئنا أو شاء فلان لم يصح في الأصح لقوله نقركم ما أقركم الله وإختار الشيخ تقي الدين صحته وهي جائزة ويعمل بالمصلحة وأخذ صاحب الهدي من قوله نقركم ما أقركم الله جواز اجلاء أهل الذمة من دار الاسلام اذا استغنى عنهم وقد أجلاهم عمر وهو قول ابن جرير أورد النساء المسلمات اليهم لقوله تعالى { فلا ترجعوهن إلى الكفار } الممتحنة ولقوله عليه السلام إن الله قد منع الصلح في النساء ولأنه لا يؤمن أن تفتن في دينها ولا يمكنها أن تغزو وكذا شرط رد صبي مسلم عاقل لأنه بمنزلتها في ضعف العقل والعجز عن التخلص والهرب بخلاف الطفل الذي لا يصح اسلامه فيجوز شرط ردنا وأصدا قهن على الأصح لأن بضع المرأة لا يدخل في الأمان والثانية يصح لقوله تعالى { وآتوهم ما أنفقوا } الممتحنة 10 ولأنه عليه السلام رد المهر
وأجيب بأنه شرط رد النساء وكان شرطا صحيحا ثم نسخ فوجب رد البدل لصحة الشرط بخلاف حكم من بعهده فإن رد النساء نسخ فلم يبقى صحيحا ونصر في المبهج الأولى كما لو لم يشترط وفي لزوم مسلم تزوجها رد مهرها الذي كان دفعه اليها زوج كافر إليه روايتان وقدم في الانتصار رد المهر مطلقا إن جاء بعد العدة وإلا ردت اليه ثم ادعى نسخه وإن نص أحمد
____________________
1-
(3/400)
أو سلاحهم إو إدخالهم الحرم بطل الشرط وفي العقد وجهان وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلما جاز ولا يمنعهم أخذه ولا يجبره على ذلك وله أن يأمره بقتالهم والفرار منهم وعلى الإمام حماية من هادنه من المسلمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يرده أو رد سلاحهم وكذا إعطاؤهم شيئا من سلاحنا أو من الات الحرب أو إدخالهم الحرم لقوله تعالى { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } التوبة 28 بطل الشرط في الكل وفي العقد وجهان مبنيان على الشروط الفاسدة في البيع لكن في المغني والشرح إذا شرط أن لكل واحد نقضها متى شاء فإنه ينبغي أن لا يصح وجها واحدا لأن طائفة الكفار يبنون على هذا الشرط فلا يحصل إلا من الجهتين فيفوت معنى الهدنة
وإن شرط هذا شروع في الشرط الصحيح وقدم الفاسد عليها لأنها أقرب الى العدم رد من جاء من الرجال مسلما جاز لأنه عليه السلام فعل ذلك وظاهره وإن لم يكن له عشيرة تحميه ومحله عند الحاجة صرح به الجماعة فأما مع استظهار المسلمين وقوتهم فلا ولا يمنعهم أخذه لأن أبا بصير جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فجاؤوا في طلبه فقال له النبي صلى الله عليه ة وسلم إنا لا يصلح في ديننا الغدر وقد علمت ما عاهدناهم عليه ولعل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا فرجع مع الرجلين فقتل أحدهما ورجع فلم يلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجبره على ذلك لأنه لعيه السلام لم يجبر أبا بصير ولأن في إجباره على المضي معهم إجبارا له على ما لا يجوز وله أن يأمره سرا بقتالهم والفرار منهم لأنه رجوع الى باطل فكان له الأمر بعدمه كالمرأة إذا سمعت طلاقها وفي الترغيب يعرض له أن لا يرجع
وعلى الامام حماية من هادنه من المسلمين لأنه أمنه ممن هو في قبضته وتحت
____________________
1-
(3/401)
دون غيرهم وإن سباهم كفار آخرون لم يجز لنا شراؤهم وإن خاف نقض العهد منهم نبذ إليهم عهدهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يده وكذا يلزمه حماية أهل الذمة من أهل الذمة صرح به أكثر الأصحاب وتركه المؤلف لظهوره لأنه إذا وجبت حمايتهم من المسلمين فلأن يجب من أهل الذمة بطريق الأولى فعلى هذا لو أتلف من المسلمين أو من أهل الذمة عليهم شيئا فعليه ضمانه دون غيرهم أي ليس عليهم حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم بعضا لأن الهدنة التزام الكف عنهم فقط وإن سباهم كفار اخرون بأن أغاروا عليهم أو سبى بعضهم بعضا لم يجز لنا شراؤهم في الأصح لأن الأمان يقتضي رفع الأذى عنهم وفي استرقاقهم أذى لهم بالإذلال بالرق فلم يجز كسبهم والواحد كالكل وظاهره أنه لا يلزم الإمام استنقاذهم وذكر الشيخ تقي الدين رواية منصوصة لنا شراؤهم من سابيهم وذكره في الشرح احتمالا لأنه لا يجب عليه الدفع عنهم فلا يحرم استرقاقهم بخلاف أهل الذمة وينبني عليهما لو ظهر المسلمون على الذين أسروهم وأخذوا مالهم واستنفذوا ذلك منهم لم يلزمه رد على الثاني لا الأول ويجوز لنا شراء ولدهم وأهلهم منه إذا باعه كحربي وعنه يحرم كذمة ولأنهم في أمان منا وكما لو سبي بعضهم بعضا فباعه منا بخلاف ما إذا سبي بعضهم ولد بعض وباعه فإنه يصح
وإن خاف نقض العهد منهم نبذ اليهم عهدهم بخلاف أهل الذمة فيقول لهم قد نبذت عهدكم وعدتم حربا لقوله تعالى { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } الأنفال 58 يعني أعلمهم بنقض العهد حتى
____________________
1-
(3/402)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تصير أنت وهم سواء في العلم ويجب اعلامهم قبل الاغارة وفي الترغيب إن صدر منهم خيانة فإن علموا أنها خيانة أغظناهم وإلا فوجهان فلو نقضه وفي دارنا منهم أحد وجب رده إلى مأمنه لأنهم دخلوا بأمان وإن كان عليهم حق استوفى وينتقض عهد نساء وذرية تبعا لهم وفي جواز قتل رهائنهم بقتلهم رهائننا روايتان
____________________
1-
(3/403)
& باب عقد الذمة &
لا يجوز عقدها إلا لأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ومن يوافقهم في التدين بالتوراة والإنجيل كالسامرة والفرنج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب عقد الذمة &
قال أبو عبيد الذمة الأمان لقوله صلى الله عليه وسلم يسعى بذمتهم أدناهم والذمة الضمان والعهد من أذمه يذمه إذا جعل له عهدا
ومعنى عقد الذمة إقرار بعض الكفار على كفره بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة
لا يجوز عقدها إلا من الإمام أو نائبه في الأشهر وحينئذ يجب عقدها إذا اجتمعت شروطها ما لم يخف غائلة منهم
وصفة عقدها أقررتكم بجزية أو يبذلونها فيقول أقررتكم على ذلك والجزية مال يؤخذ منهم على وجه الصغار كل عام بدلا عن قتلهم وإقامتهم بدارنا لأهل الكتاب وهم اليهود واحدهم يهودي حذفوا ياء النسبة في الجمع كزنج وزنجي وفي تسميتهم بذلك لأنهم هادوا عن عبادة العجل أي تابوا أو لأنهم مالوا عن دين الاسلام أو أنهم يهودون عند قراءة التوراة أي يتحركون أو لنسبهم إلى يهوذا بن يعقوب بالمعجمة ثم هربت بالمهملة والنصارى واحدهم نصراني والأنثى نصرانية نسبة إلى قرية بالشام يقال لها نصران وناصرة ومن يوافقهم في التدين بالتوراة والانجيل كالسامرة وهي قبيلة من بني إسرائيل نسب اليهم السامري ويقال لهم في زمننا سمرة بوزن سحرة وهم طائفة من اليهود يتشددون في دينهم ويخالفونهم في بعض الفروع والفرنج وهم الروم ويقال لهم بنو الأصفر والأشبه أنها مولدة نسبة إلى فرنجة بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه وهي جزيرة من جزائر البحر والنسبة إليها فرنجي ثم
____________________
1-
(3/404)
ومن له شبهة كتاب كالمجوس وعنه يجوز عقدها لجميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب فأما الصابئ فينظر فيه فإن انتسب إلى أحد الكتابين فهو من أهله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حذفت والأصل فيه قوله تعالى { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } الى قوله { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } التوبة 29 وقول المغيرة ابن شعبة لعامل كسرى أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية رواه أحمد والبخاري والإجماع على قبول الجزية ممن بذلها من أهل الكتاب ومن يلحق بهم وإقرارهم بذلك في دار الإسلام ومن له شبهة كتاب كالمجوس لأن عمر لم يأخذها منهم حتى شهد عنده عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ما من مجوس هجر رواه البخاري وفي رواية أنه عليه السلام قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب رواه الشافعي وإنما قيل لهم شبهة كتاب لأنه روي أنه كان لهم كتاب فرفع فصار لهم بذلك شبهة أوجبت حقن دمائهم وأخذ الجزية منهم ولم ينتهض في إباحة نسائهم وحل ذبائحهم
و عنه يجوز عقدها لجميع الكفار الا عبدة الأوثان من العرب لما روى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح عبدة الأوثان على الجزية إلا من كان من العرب وفي الفنون لم أجد أصحابنا ذكروا أن الوثني يقر بجزية ثم ذكر أنه وجد رواية بخط أبي سعد البرداني أن عبدة الأوثان يقرون بجزية فيعطي هذا أنهم يقرون بجزية على عمل أصنام يعبدونها في بيوتهم ولم يسمع بذلك في سيرة من سير السلف وبعدها واختار الشيخ تقي الدين أخذها من الكل ومقتضى ما ذكره أن عبدة الأوثان من العرب لا تقبل منهم لكونهم من رهط النبي صلى الله عليه وسلم وشرفوا به فلا يقرون على غير دينه وغيرهم يقر بالجزية لأنه يرق بالاسترقاق كالمجوس فأما الصابىء فينظر فيه فإن انتسب إلى أحد الكتابين فهو من أهله
____________________
1-
(3/405)
وإلا فلا ومن تهود أو تنصر بعد بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم او ولد بين أبوين لا تقبل الجزية من أحدهما فعلى وجهين ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقاله جمع لأنه قد صار مشاركا لأهله في ذلك الكتاب وإن سموا بإسم اخر لأن الموافقة في الدين توجب الموافقة في الحكم والمذهب أنهم جنس من النصارى وروي عن أحمد أنه قال إنهم يسبتون وهو قول عمر وقال مجاهد هم بين اليهود والنصارى وإلا فلا أي إن لم ينسب إلى ذلك فليس من أهل الكتاب لأنه روي أنهم يقولون أن الفلك حي ناطق وإن الكواكب السبعة الهة وحينئذ فهم كعبدة الأوثان
ومن تهود أو تنصر أو تمجس بعد بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالمذهب أنه يقر عليه ويكون كالأصلي في قبول الجزية لأنه عليه السلام كان يقبلها منهم من غير سؤال ولو اختلف الحكم لسأل عنه ولو وقع لنقل وعنه لا تقبل منه إلا الإسلام أو القتل لأنه بتركه الدين الأول هو مقر ببطلانه فلا يقر على دين باطل غيره وعنه يقر على غير المجوسية لأن التمجس لم يرد به نص فيبقى على الأصل وعلم منه أن الانتقال اليها قبل البعثة يكون من اهلها لأن الإسلام أتى وهو على أصل الدين وفي المذهب والترغيب والمستوعب وذكره أبو أبو الخطاب وقبل البعثة بعد التبديل كبعد البعثة وقدم في التبصرة ولو قبل التبديل أو ولد بين أبوين لا تقبل الجزية من أحدهما كولد الوثني من كتابية فعلى وجهين أصحهما أنها تقبل منه الجزية إذا اختار دين الاخر لعموم النص فيهم ولأنه اختار أفضل الدينين وأقلهما كفرا والثاني لا يقبل منه سوى الاسلام لأنه تعارض فيه القبول وعدمه فرجع الى الأصل ومحل ذلك اذا اختار من تقبل منه الجزية ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب بن وائل
____________________
1-
(3/406)
وتؤخذ الزكاة من اموالهم مثلي ما تؤخذ من المسلمين ويؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم ومصرفه مصرف الجزية وقال الخرقي مصرف الزكاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من العرب من ولد ربيعة بن نزار فانهم انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية فدعاهم عمر الى بدل الجزية فأبوا وقالوا نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة فقال عمر لا اخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم بالروم فقال النعمان بن زرعة يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس وشدة وهم عرب يأنفون من الجزية فلا تعن عليك عدوك بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم فردهم وتؤخذ الزكاة من أموالهم مثلي ما تؤخذ من المسلمين لأن تمام حديث عمر أنه ضعف عليهم من الإبل في كل خمس شاتان وفي كل ثلاثين بقرة تبيعان وفي كل عشرين دينارا دينار وفي مئتي درهم عشرة دراهم وفيما سقت السماء الخمس وفيما سقي بنضح أو دولاب العشر واستقر ذلك من قوله ولم ينكر فكان كالإجماع وفي عبارته تسامح والأولى أن يقال وتؤخذ عوض الجزية منهم مثلا زكاة المسلمين ويؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم وكذا مكافيفهم وشيوخهم لأن اعتبارها بالأنفس سقط وانتقل إلى الأموال بتقريرهم فيؤخذ من كل مال زكوي سواء كان صاحبه من أهل الجزية أو لم يكن ولأن نساءهم وصبيانهم صينوا عن السبي بهذا الصلح ودخلوا في حكمه فجاز أن يدخلوا في الواجب به كالرجال العقلاء فعلى هذا من كان فقيرا أو له مال غير زكوي فلا شيء عليه كما لا يجب على أهل الزكاة من المسلمين وحينئذ يتقيد ر بالنصاب ومصرفه مصرف الجزية في الأشهر لأنه مأخوذ من مشرك فكان جزية وغايته أنه جزية مسماة بالصدقة ولذلك قال عمر هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم وقال الخرقي مصرف الزكاة هذا
____________________
1-
(3/407)
ولا يؤخذ ذلك من كتابي غيرهم وقال القاضي تؤخذ من نصارى العرب ويهودهم ولا جزية على صبي ولا امرأة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رواية واختارها جمع لأنه مسمى بالصدقة فكان مصرفه مصرفها والأول أقيس لأن المعنى أخص من الاسم ولو كان صدقة على الحقيقة لجاز دفعها إلى فقراء من أخذت منهم كصدقة المسلمين ولا يؤخذ ذلك من كتابي غيرهم نص عليه لقوله تعالى { من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية } التوبة 29 ولقوله عليه السلام لمعاذ لما بعثه الى اليمن خذ من كل حالم دينارا وهم عرب قال الزهري أول من أعطى الجزية أهل نجران وكانوا نصارى واخذها من أكيدر دومة وهو عربي وحكمها ثابت في كل كتابي عربيا كان أو غيره إلا ما خص به بنو تغلب لمصالحة عمر إياهم فيبقى ما عداهم على مقتضى العموم ولا يصح قياس غيرهم عليهم لأوجه وقال القاضي تؤخذ من نصارى العرب ويهودهم لأنهم من العرب أشبهوا بني تغلب وذكر هو وأبو الخطاب أن حكم من تنصر من تنوخ وتهود من كنانة وتمجس من تميم حكم بني تغلب سواء وقيل لا واختارها المؤلف وحكاه نص أحمد
فرع للإمام مصالحه مثلهم من العرب إذا خشي ضرره بقوة شوكة وأباها إلا بإسم الصدقة مضعفة نص عليه
ولا جزية على صبي لأن مثلهم ممتنع لأنهم ليسوا من أهل القتال لقوله تعالى { قاتلوا } التوبة 29 والمقاتلة إنما تكون من اثنين وكتب عمر الى امراء الأجناد أن اضربوا الجزية ولا تضربوها على النساء والصبيان رواه سعيد ولا امرأة لما ذكرنا فإن بذلتها أخبرت بأنها لا يجب عليها فإن تبرعت بها قبلت وتكون هبة تلزم بالقبض فإن شرطته
____________________
1-
(3/408)
ولا مجنون ولا زمن ولا أعمى ولا عبد ولا فقير يعجز عنها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على نفسها ثم رجعت فلها ذلك فان بذلتها لدخول دارنا مكثت بغير شيء لكن يشترط أن تلتزم أحكام الاسلام وتعقد لها الذمة وفي الخنثى المشكل وجهان جزم في الشرح بأنها تجب لأنه لا يعلم كونه رجلا فإن بان رجلا فللمستقبل ويتوجه وللماضي ولا مجنون لأنه في معنى الصبي ولا زمن ولا أعمى ولا شيخ فان ولا من هو في معناهم كمن به داء لا يستطيع القتال معه ولا يرجى زواله لأن الجزية لحقن الدم وهؤلاء دماؤهم محقونة بدونها كالنساء ولا عبد لقوله عليه السلام لا جزية على عبد وعن ابن عمر مثله ولأنه مال فلم تجب عليه كسائر الحيوانات ولا فرق بين أن يكون لمسلم لأن إيجابها عليه يؤدي الى ايجابها على المسلم لكونه يؤدي عنه أو لكافر نص عهليه وهو قول أكثر العلماء وعنه تلزمه وتسقط بإسلام أحدهما وظاهره ولو كان مكاتبا قال أحمد المكاتب عبد
فرع إذا أعتق العبد لزمته الجزية لما يستقبل سواء كان معتقه مسلما أو كافرا وعنه يقر بغير جزية وضعفها الخلال وعنه لا جزية عليه إن كان معتقه مسلما لولايته عليه كالرق فإن كان معتقا بعضه فيلزمه بقدر جزيته كالإرث في قياس المذهب ولا فقير لقوله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ولأنها مال يجب بحلول الحول فلم يلزم الفقير كالزكاة يعجز عنها لأن الجزية خراج الرؤوس وإنما يؤخذ الخراج بقدر الغلة وإذا لم يكن له غلة لم يجب كالأرض التى لا تنبت شيئا
____________________
1-
(3/409)
ومن بلغ أو أفاق أو استغنى فهو من أهلها بالعقد الأول تؤخذ منه في آخر الحول بقدر ما أدرك ومن كان يجن ويفيق لفقت إفاقته فإذا بلغت حولا أخذت منه ويحتمل أن تؤخذ منه في آخر كل حول بقدر إفاقته منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وظاهره انه لو كان لا يعجز عنها وجبت لأنه في حكم الاغنياء وفي الفقير العاجز عنها احتمال بالوجوب كالفقير المعتمل على الأصح
تنبيه لا تلزم راهبا بصومعه ولم يقيده في المحرر والجيز بها وفيه وجه تجب لأن عمر بن عبد العزيز فرضها على الرهبان على كل راهب دينارا قال الشيخ تقي الدين لا يبقى في يده من المال إلا بلغته وفي اتجاره أو زراعته زراتعه وهو مخالط لهم فيلزمه إجماعا
ومن بلغ أو أفاق أو استغنى أو عتق فهو من أهلها أي من أهل الجزية بالعقد الأول ولا يحتاج إلى استئناف عقد له لأنه لم ينقل تجديده لمن ذكره لكون أن العقد يقع مع سادتهم فيدخل فيه سائرهم وقال القاضي يخير بين التزام العقد وبين أن يرد إلى مأمنه فيجاب الى ما يختار فعلى الأول تؤخذ منه في آخر الحول لأن الجزية للسنة بقدر ما أدرك فعليه إن صار أهلا من أول السنة أخذت منه في آخره وإن كان في نصفه فنصفها على هذا الحساب ولا يترك حتى يتم حولا من حين وجد سببه لأنه يحتاج إلى إفراده بحول وضبط كل إنسان بحول يشق ويتعذر ومن كان يجن ويفيق لفقت إفاقته لأن أمكن من غير مشقة فإذا بلغت إقامته حولا أخذت منه لأن حوله لا يكمل إلا حينئذ ويحتمل هذا قول في المذهب أن تؤخذ منه في آخر كل حول بقدر افاقته منه لأنها تؤخذ في كل حول فوجب الأخذ بحسابه كالمعتق بعضه وقيل يعتبر الغالب لأن الأكثر له حكم الكل وقيل فيمن لا ينضبط أمره خاصة لأن مراعاة ذلك غير ممكن
____________________
1-
(3/410)
وتقسم الجزية بينهم فيجعل على الغني ثمانية وأربعون درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون وعلى الفقير أثنا عشر والغني منهم من عدة الناس غنيا في ظاهر المذهب ومتى بذلوا الواجب عليهم لزم قبوله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وتقسم الجزية بينهم أي بين أهل الكتاب ومن في معناهم فيجعل على الغني ثمانية وأربعون درهما وهي أربعة دنانير وعلى المتوسط أربعة وعشرون وهي ديناران وعلى الفقير اثنا عشر وهي دينار لفعل عمر ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر وكان كالإجماع
ويجاب عن قوله عليه السلام لمعاذ خذ من كل حالم دينارا بأن الفقر كان في أهل اليمن أغلب ولذلك قيل لمجاهد ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار قال جعل ذلك من أجل اليسار وبأن الجزية يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام وليس التقدير واجبا لأنها وجبت صغارا وعقوبة واختلفت باختلافهم وليست عوضا عن سكنى الدار وإلا لوجبت على النساء ومن في معناهن
فرع يجوز أخذ القيمة نص عليه لقوله عليه السلام أو عدله معافر ولتغليب حق الادمي فيها ويجوز أخذ ثمن الخمر والخنزير منهم لأنه من أموالهم التى نقرهم على اقتنائهم كثيابهم
والغني منهم من عده الناس غنيا في ظاهر المذهب لأن المقادير توقيفية ولا توقيف هنا فوجب رده الى العرف كالقبض والحرز وقيل من ملك نصابا وحكي رواية فهو غني كالمسلم وعنه من ملك عشره الاف دينار فهو غني
ومتى بذلوا الواجب عليهم لزم قبوله لقوله عليه السلام لمعاذ ادعهم
____________________
1-
(3/411)
وحرم قتالهم ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه الجزية وإن مات أخذت من تركته وقال القاضي تسقط وإن اجتمعت عليه جزية سنين استوفيت كلها وتؤخذ الجزية في آخر الحول ويمتهنون عند أخذها ويطال قيامهم وتجر أيديهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلى الجزية فإن أجابوك فاقبل بهم وكف عنهم وحرم قتالهم لأن الله تعالى جعل إعطاء الجزية غاية لقتالهم ويحرم التعرض إليهم بأخذ المال ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه الجزية لعموم قوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } الأنفال وقوله عليه السلام الإسلام يجب ما قبله وعن ابن عباس مرفوعا ليس على المسلم جزية رواه أبو داوود والترمذي ولأنها عقوبة سببها الكفر فسقطت بالإسلام وفي الإيضاح لا تسقط به كسائر الديون وظاهره أنه إذا أسلم قبل الوجوب لا تؤخذ منه بطريق الأولى وقيل تجل بقسطه وأن مات أخذت من تركته على المذهب لأنها دين فلم يسقط به كدين الآدمي وكما لو طرأ مانع في الأصح وقال القاضي تسقط لأنها عقوبة فسقطت به كالحد
وجوابه بأنه إنما سقط الحد لفوات محله بالموت وتعذر استيفائه
وإن اجتمعت عليه جزية سنين استوفيت كلها ولم يتداخل كدين الآدمي ولأنها حق مال يجب في آخر كل حول فلم يتداخل كالدية وتؤخذ الجزية في آخر الحول لأنها مال يتكرر بتكرر الحول فلم تؤخذ قبله كالزكاة ولا يصح شرط تعجيله ولا يقتضيه الإطلاق قال الأصحاب لأنا لا نأمن نقض أمانة فيسقط حقه من العوض وعند أبي الخطاب يصح ويقتضيه الإطلاق ويمتهنون عند أخذها منهم ويطال قيامهم وتجر أيديهم لقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } التوبة وظاهره أن هذه
____________________
1-
(3/412)
ويجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين وتبين أيام الضيافة وقدر الطعام والإدام والعلف وعدد من يضاف ولا تجب من غير شرط وقيل تجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الصفة مستحقة فلا يقبل إرسالها لزوال الصغار كما لا يجوز تفرقتها بنفسه ولا يصح ضمانها وقيل مستحبة فتنعكس الأحكام قال في الشرح وقيل الصغار التزام الجزية وجريان أحكامنا عليهم وظاهره أنهم لا يعذبون في أخذها ولا يشتط عليهم صرح به في الشرح وغيره ويجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين لما روي أنه عليه السلام ضرب على نصارى أيلة ثلاثمئة دينار وكانوا ثلاثمئه نفس وأن يضيفوا من مربهم من المسلمين وعن عمر أنه قضى عليهم ضيافة ثلاثة أيام وعلف دوابهم وما يصلحهم ولأن في هذا ضربا من المصلحة وتبين أيام الضيافة وقدر الطعام والإدام والعلف وعدد من يضاف كذا في المحرر وقاله القاضي واقتصر في الوجيز على الأولين لأن الضيافة حق وجب فعله فوجب بيانه كالجزية فلو شرط الضيافة وأطلق جاز ذكره في الكافي والشرح لأن عمر لم يقدر ذلك وقال أطعموهم مما تأكلون وقال أبو بكر الواجب يوم وليلة كالمسلمين ولا يكلفون إلا من طعامهم وإدامهم لكن قال القاضي لا يلزمهم الشعير مع الإطلاق والظاهر بلى للخيل لأن العادة جارية به فهو كالخبز للرجل
مسألة تقسم الضيافة بينهم على قدر جزيتهم فإن جعل الضيافة مكان الجزية جاز ويشترط أن تبلغ قدرها أصل الجزية إذا قلنا هي مقدرة لئلا ينقص خراجه عن أقلها ولا تجب الضيافة من غير شرط ذكره القاضي لأنها أداء مال فلا يلزمهم بغير رضاهم كالجزية وقيل تجب بغير شرط لوجوبها على المسلمسن كالكافر
____________________
1-
(3/413)
فإذا تولى إمام فعرف قدر جزيتهم وما شرط عليهم أقرهم عليه وإن لم يعرف رجع إلى قولهم فإن بان له كذبهم رجع عليهم وعند أبي الخطاب أنه يستأنف العقد معهم وإذا عقد الذمة كتب أسماءهم وأسماء آبائهم وحلاهم ودينهم وجعل لكل طائفة عريفا يكشف حال من بلغ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعلى هذا تجب ليوم وليلة صرح به في المحرر وإن شرطها عليهم فامتنعوا من قبولها لم تعقد ى لهم الذمة فلو قبلوا وامتنع البعض من القيام بالواجب أجبر عليه كما لو امتنع الجميع فإن لم يمكن إلا بالقتال قوتلوا فإن قاتلوا انتقض عهدهم
فإذا تولى إمام فعرف قدر جزيتهم وما شرط عليهم أقرهم عليه لأن الخلفاء أقروهم على ذلك ولم يجددوا لمن كان في زمنهم عقدا ولأنه عقد لازم كالإجارة وعقد بالاجتهاد فلا ينقض قوله فعرف إما بمباشرته من قبل أو قامت به بينة أو ظهر واعتبر في المستوعب ثبوته وإن لم يعرف ذلك رجع إلى قولهم في وجه لأنه لا يمكن معرفته إلا من جهتهم والظاهر صدقهم فإن اتهمهم فله تحليفهم لزوال التهمة فإن بان أو ظهر له كذبهم ببينة أو إقرار رجع عليهم بالنقص لوجوبه عليهم بالعقد الأول فكان للإمام المتجدد أخذه كالأول وعند أبي الخطاب أنه يستأنف العقد معهم لأنه لا سبيل إلى معرفته إلا من جهتهم وليسوا بمأمونين ولا من جهة غيرهم لعدم العلم به فوجب استئناف العقد باجتهاده كما لو لم يكن عقد سابق وأطلق الخلاف في المحرر والفروع وإذا عقد الذمة كتب أسماؤهم وأسماء ابائهم فيقول فلان ابن فلان وحلاهم جمع حلية والمراد بها الحلية التى لا تختلف من طول وقصر وسمرة وبياض أدعج العين أقنى الأنف مقرون الحاجبين ونحوها ودينهم أي يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا وجعل لكل طائفة عريفا وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة يكشف حال من بلغ
____________________
1-
(3/414)
أو استغنى او أسلم او سافر أو نقض العهد او خرق شيئا من أحكام الذمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأن الجزية تجدد به أو استغنى أو أسلم لأنها تسقط به أو سافر لتعذر أخذها مع السفر أو نقض العهد أي الذمة المعقودة له أو خرق شيئا من أحكام الذمة ليفعل فيه الإمام ما يجب فعله والحاجة داعية إلى معرفة ذلك كله
خاتمة ليس للإمام تغيير عقد الذمة لأنه عقد مؤبد وقد عقده عمر معهم كذلك واختار ابن عقيل جوازه لاختلاف المصلحة باختلاف الأزمنة وجعله جماعة كتغيير خراج وجزية وكلام المؤلف يقتضي الفرق وسبق ما يدل عليه
فائدة من أخذت منه الجزية كتبت له براءة لتكون حجة له إذا احتاج اليها
____________________
1-
(3/415)
& باب أحكام الذمة &
يلزم الإمام أن بأخذهم بأحكام المسلمين في ضمان النفس والمال والعرض وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حله ويلزمهم التميز عن المسلمين في شعورهم بحذف مقادم رؤوسهم وترك الفرق وكناهم فلا يتكنون بكنى المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب أحكام الذمة &
وأحكامهم ما يجب عليهم أو يجب لهم بعد عقد الذمة مما يقتضيه عقدها لهم يلزم الإمام أن يأخذهم بأحكام المسلمين في ضمان النفس فلو قتل أو قطع طرفا أخذ به كالمسلم والمال فلو أتلف مالا لغيره ضمنه والعرض وسيأتي لأن الاسلام نسخ كل حكم يخالفه و يلزمه إقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه كالسرقة والقذف لما في الصحيح عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل وامرأة من اليهود زنيا فرجمهما ولأنه محرم في دينهم وقد التزموا حكم الإسلام فثبت في حقهم كالمسلم وعنه إن شاء لم يقم حد زنى بعضهم من بعض اختاره ابن حامد ومثله قطع سرقة بعضهم من بعض دون ما يعتقدون حله كشرب الخمر وأكل الخنزير ونكاح ذوات المحارم للمجوس لأنهم يقرون عليه لأنه يقال أقرهم على ذلك بإعطاء الجزية ولأنهم يقرون على كفرهم وهو أعظم إثما من ذلك فلأن يقروا على ما ذكرنا بالطريق الأولى إلا إنهم يمنعون من إظهاره بين المسلمين لأنهم يتأذون به
ويلزمهم التميز عن المسلمين في أمور
منها في شعورهم بحذف مقادم رؤوسهم وترك الفراق أي يحلقون مقادم رؤوسهم ولا يفرقون شعر الرأس فرقتين كما يفعله الأشراف وكناهم فلا يتكنون بكنى المسلمين كأبي القاسم فإنها كنية النبي صلى الله عليه وسلم وأبي عبد الله فإنها كنية كثير من علماء المسلمين وأئمتهم وكذا ما في معناهما كأبي بكر وأبي الحسن مما هو في الغالب في المسلمين ودل على أنهم لا يمنعون من التكني
____________________
1-
(3/416)
وركوبهم بترك الركوب على السروج وركوبهم عرضا على الأكف ولباسهم فيلبسون ثوبا يخالف ثيابهم كالعسلي والأدكن وشد الخرق في قلانسهم وعمائمهم ويؤمر النصارى بشد الزنار فوق ثيابهم ويجعل في رقابهم خواتيم الرصاص أو جلجل يدخل معهم الحمام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مطلقا قال أحمد لطبيب نصراني يا أبا اسحاق واحتج بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل عمر ونقل أبو طالب لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران يا أبا الحارث أسلم تسلم وعمر قال يا أبا حسان وفي الفروع يتوجه احتمال يجوز للمصلحة وقاله بعض العلماء ويحمل ما روي عليه
فرع يمنعون من اللقب كعز الدين ونحوه قاله الشيخ تقي الدين وركوبهم فلا يركبون الخيل لأنها عز وهي من آله الحرب وأفضل المراكب ولهم ركوب غيرها بترك الركوب على السروج وظاهره ولو على حمار وركوبهم عرضا رجلاه إلى جانب وظهره إلى آخر على الأكف جمع إكاف وهي البرادع لما روى الخلال أن عمر أمرهم بذلك وظاهره قربت المسافة أو بعدت ولباسهم فيلبسون ثوبا يخالف سائر ثيابهم كالعسلي لليهود والأدكن هو لباس يضرب لونه إلى السواد كالفاختي للنصارى وشد الخرق في قلانسهم وعمائمهم وتكون الخرقة مخالفة لهما ليتميز مع الثوب المخالف ويؤمر النصارى بشد الزنار فوق ثيابهم لأنهم إذا شدوه من داخل لم ير فلم يكن له فائدة لكن المرأة تشده فوق ثيابها تحت الأزار لأنه لو شد فوقه لم يثبت وغيارها في الخفين باختلاف لونهما فإن أبو الغيار لم يجبروا ونغيره نحن ويجعل في رقابهم خواتيم الرصاص أو جلجل وهو الجرس الصغير يدخل معهم الحمام ليحصل الفرق وظاهره جواز دخولها الحمام مع المسلمات وسيأتي واقتضى ذلك أن لهم لبس الطيالسة وهو المذهب لأنهم لا يمنعون من فاخر
____________________
1-
(3/417)
ولا يجوز تصديرهم في المجالس ولا بداءتهم بالسلام وإن سلم أحدهم قيل له وعليكم وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الثياب والتمييز حصل بالغيار والزنار وعنه المنع اختاره أبو الخطاب لأن المقصود ليس ما فيه الذلة والانكسار لا ضده
أصل يلزم تمييز قبورهم المسلمين تمييزا ظاهرا كالحياة وأولى ذكره الشيخ تقي الدين ولا يجوز تصديرهم في المجالس لأن فيه تعظيما لهم وفي معناه القيام لهم ولا بداءتهم بالسلام لما روى أبو هريرة مرفوعا لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها متفق عليه وقد عزاه في الشرحين إلى الترمذي فقط وفي الحاجة احتمال ومثله كيف أنت أو كيف أصبحت أو كيف حالك نص عليه وجوزه الشيخ تقي الدين ويتوجه بالنية كما قال له إبراهيم الحربي نقول له أكرمك الله قال نعم يعني بالإسلام فإن سلم ثم علم أنه ذمي استحب قوله له رد علي سلامي وإن سلم أحدهم قيل له وعليكم لما روى أنس مرفوعا اذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم متفق عليه ولأحمد بغير واو وهو مخير بين إثباتها وحذفها واختلف الأصحاب في الأولى وعند الشيخ تقي الدين ترد تحيته وأنه يجوز أهلا وسهلا فإن عطس لم يشمته وقال القاضي يكره وهو ظاهر كلام أحمد وابن عقيل فإن شمته كافر أجابه وفي جواز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان كذا في المحرر والأشهر وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع أنه يحرم لأن ذلك يحصل الموالاة وتثبت المودة وهو منهي عنه للنص ولما فيه من التعظيم
والثانية الجواز لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا وعرض عليه
____________________
1-
(3/418)
ويمنعون تعلية البنيان على المسلمين وفي مساواتهم وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الإسلام فأسلم فخرج وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار رواه البخاري ولأنه من مكارم الأخلاق
والثالثة يجوز لمصلحة راجحة كرجاء إسلامه اختاره الشيخ تقي الدين ومعناه اختيار الاجرى وأنه قول العلماء يعاد ويعرض عليه الإسلام وعلى الجواز يدعى له بالبقاء وكثرة المال والولد زاد جماعة قاصدا كثرة الجزية لأنه لا يجوز أن يقصد تكثير أعداء المسلمين
فائدة كره أحمد الدعاء لكل أحد بالبقاء ونحوه لأنه شيء فرغ منه واختاره الشيخ تقي الدين ويستعمله ابن عقيل وغيره وذكره بعض أصحابنا هنا وقد صح أنه عليه السلام دعا لأنس بطول العمر وقد روى أحمد وغيره من حديث ثوبان لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر إسناده ثقات ويمنعون تعلية البنيان على المسلمين لأن الإسلام يعلوا ولا يعلى عليه ولأن فيه ترفعا عليهم فمنعوا منه كالتصدير في المجالس والمنع منه إنما هو على المجاور له لأن الضرر يلحق به سواء لا صقة أو لا وظاهره ولو رضي الجار لأنه حق لله تعالى زاد ابن الزاغوني يدوم على دوام الأوقات ورضاه يسقط حق من يأتي بعده قال الشيخ تقي الدين ولو كان البناء لمسلم وذمي لأن ما لا يتم اجتناب المحرم إلا باجتنابه محرم فلو كانت داره في طرف البلد حيث لا جار أو كان لهم محلة مفردة فلا معنى للمطاولة ولا يمنع من التعلية قاله في البلغة وغيرها وفي مساواتهم وجهان كذا في المحرر والفروع * * * * * * * * * * * * * * * * *
____________________
1-
(3/419)
وإن ملكوا دارا عالية من مسلم لم يجب نقضها ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أحدهما يجوز جزم به فى الوجيز لأنه لا يفضى إلى علو الكفر ولا إلى اطلاعهم الى عوراتنا
والثانى المنع لأنه لا يجوز مساواتهم للمسلمين فى اللباس فكذا فى البنيان وان ملكوا دارا عالية من مسلم بشراء أو غيره لم يجب نقضها لأنهم ملكوها بهذه الصفة ولم يعل شيئا وفيه وجه لقوله ولا يطلع عليهم فى منازلهم وظاهره أنها إذا ملكت من كافر أنه يجب نقضها لما ذكرنا فلو كان للذمي دار عالية فملك المسلم دارا إلى جانبها أو بنى المسلم الى جنب داره دارا دونها لم يلزمه هدمها فى الأصح
فرع إذا انهدمت العالية لم تعد عالية جزم به فى الوجيز زاد فى المحرر والفروع إلا إذا قلنا تعاد البيعة لأنه ليس بإحداث والمنهدم منها ظلما كهدمه بنفسه ذكره القاضي وقيل تعاد واختاره المجد قال فى الفروع وهو أولى فلو سقط هذا البناء الذى تجب إزالته على شىء أتلفه فيتوجه الضمان وأنه مقتضى ما ذكروه
ويمنعون من إحداث الكنائس واحدها كنيسة وهى معبد النصارى والبيع قال الجوهري هى للنصارى فهما حينئذ يترادفان وقيل الكنائس لليهود والبيع للنصارى فهما متباينان وهو الأصل أى يمنعون من إحداثهما فى دار الاسلام إجماعا لحديث عبد الرحمن بن غنم ولقول ابن عباس أيما مصر مصرته العرب فليس لهم أن يبنوا فيه بيعه رواه أحمد واحتج به
____________________
1-
(3/420)
ولا يمنعون رم شعثها وفي بناء ما استهدم منها روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + زاد فى المحرر والفروع إلا فيما شرطوه فيما فنح صلحا على أنه لنا نص عليه لأنه فعل استحقوه بالشرط فجاز لهم فعله كسائر الشروط
وبالجملة فأمصار المسلمين ثلاثة
أحدها ما مصره المسلمون كالبصرة وبغداد وواسط فلا يجوز إحداث شىء من ذلك ولو صولحوا عليه
الثانى ما فتحه المسلمون عنوة فكذلك لأنها صارت للمسلمين وفى وجوب هدم الموجود وجهان والمجزوم به عند الأكثر إقرارهم عليها وهما فى الترغيب إن لم يقر به أحد بجزية وإلا لم تلزم
الثالث ما فتحوه صلحا وهو نوعان
أحدها أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها فلهم إحداث ما شاؤوا
الثاني أن نصالحهم على أن الدار للمسلمين فالحكم فيها على ما يقع عليه الصلح ولا يمنعون رم شعثها لأنهم يقرون على بقائها والمنع في ذلك يفضى الى خرابها بالكلية إذ البناء لا مقام له على الدوام فجرى مجرى هدمها أشبه تطيين أسطحتها وفى بناء ما استهدم منها روايتان
إحداهما المنع لأنه بناء كنيسة فى دار الإسلام فمنعوا منه كابتداء بنائها
والثانية تجوز لأنه كرم الشعث وقدم فى المحرر جواز رم شعثها دون بنائها وهو ظاهر الوجيز والفروع وعنه منعهما اختاره الأكثر
____________________
1-
(3/421)
ويمنعون إظهار المنكر وضرب الناقوس والجهر بكتابهم وإن صولحوا في بلادهم على إعطاء الجزية لم يمنعوا شيئا من ذلك ويمنعون دخول الحرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قاله ابن هبيرة كمنع الزيادة قال الشيخ تقي الدين ولو فى الكيفية لا أعلى ولا أوسع اتفاقا وقيل إن جاز بناؤها جاز بناء بيعه منهدمة ببلد فتحناه والمذهب أن الامام إذا فتح بلدا فيه بيعه خراب لم يجز بناؤها لأنه إحداث لها فى حكم الإسلام
ويمنعون وجوبا إظهار المنكر كالخمر والخنزير فإن فعلوا أتلفناهما نص عليه وإظهار عيد وصليب ونكاح محرم وضرب الناقوس ونص أحمد أنهم لا يضربون بناقوس ومراده إظهاره لأن فى الشروط أن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيا فى جوف كنائسنا والجهر بكتابهم أى بالتوراة والانجيل وظاهرة ولو فى الكنائس وكذا رفع أصواتهم على موتاهم وقال الشيخ تقى الدين ومثله إظهار أكل فى رمضان لما فيه من المفاسد وظهر انه ليس لهم إظهار شىء من شعائر دينهم فى دار الإسلام لا وقت الاستسقاء ولا لقاء الملوك ولا غير ذلك وقاله الشيخ تقى الدين وإن صولحوا على بلادهم على اعطاء الجزية أو الخراج لم يمنعوا شيئا من ذلك لأن بلدهم ليس ببلد إسلام لعدم ملك المسلمين فلا يمنعون من إظهار دينهم فيه كمنازلهم بخلاف أهل الذمة فإنهم فى دار الإسلام فمنعوا منه ويمنعون دخول الحرم نص عليه لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } والمراد حرم مكة بدليل قوله تعالى وإن خفتم عيلة يريد ضررا بتأخير الجلب عن الحرم دون المسجد يؤيده قوله تعالى { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام } أي من الحرم لأنه أسري به من بيت أم هانى لا من نفس المسجد وإنما منع منه دون
____________________
1-
(3/422)
فإن قدم رسول لا بد له من لقاء الإمام خرج إليه ولم يأذن له فإن دخل عزر وهدد فإن مرض بالحرم أو مات أخرج وإن دفن نبش إلا أن يكون قد بلى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحجاز لأنه أفضل أماكن العبادات للمسلمين وأعظمها لأنه محل النسك فوجب أن يمتنع منه من لا يؤمن به وظاهرة مطلقا أى سواء أذن له أو لا لإقامة أو غيرها وقيل يجوز لضرورة وقيل لهم دخوله أو ما اليه فى رواية الأثرم كحرم المدينة فى الأشهر قال فى الفروع ويتوجه احتمال يمنع من المسجد الحرام لا الحرم لظاهر الآية وعلى الأول إذا أراد دخوله ليسلم فيه أو لتجارة معه لبيعها منع منه
فإن قدم رسول لا بد له من لقاء الإمام خرج اليه لأن الكافر ممنوع من دخول الحرم فتعين ذلك لاجل الاجتماع ولم يأذن له فى دخوله لأن الإمام ليس له ان يأذن فى الممنوع منه وإن لم يكن بد من لقائه بعث اليه من يسمع كلامه فان دخل عزر لهتكه الحرم بدخوله ومحله ما إذا كان عالما بالمنع فان كان جاهلا هدد واخرج فان مرض بالحرم أو مات أخرج لأنه لم يجز إقراره فى حياته ففى مرضه ومماته أولى لأن حرمة الحرم أعظم منه وان دفن نبش لأنه وسيلة الى إخراج الميت الكافر من الحرم أشبه ما لو لم يدفن إلا أن يكون قد بلي لأنه مع ذلك يتعذر نقله لأن جيفته حصلت بأرض الحجاز فترك للمشقة ولم يستثن فى الترغيب
فرع إذا صالحهم الإمام بعوض على الدخول اليه لم يصح فإن استوفاه أو بعضه ملكه وقيل يرده عليهم لأن ما استوفوه لا قيمة له والعقد لم يوجب العوض لبطلانه
____________________
1-
(3/423)
ويمنعون من الإقامة بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر فإن دخلوا لتجارة لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعة ايام وإن مرض لم يخرج حتى يبرأ وإن مات دفن به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ويمنعون من الإقامة بالحجاز قيل هو ما بين اليمامة والعروض وبين اليمن ونجد وسمي به لأنه حجز بين تهامة ونجد كالمدينة وقيل نصفها تهامى ونصفها حجازى واليمامة وسمى العروض وكان اسمها حجرا فسميت اليمامة باسم امرأة وقال ابن الأثير اليمامة الصقع المعروف شرقى الحجاز وهذا يقتضى أن لا يكون من الحجاز وفيه تلكف وخيبر شرقى المدينة لما روى أبو عبيدة ابن الجراح أن آخر ما تكلم به النبى صلى الله عليه وسلم قال أخرجوا اليهود من الحجاز رواه احمد قال عمر سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما رواه الترمذى وقال حسن صحيح والمراد الحجاز بدليل أنه ليس أحد من الخلفاء أخرج أحدا من اليمن وتيماء قال احمد جزيرة العرب المدينة وما والاها وكذا الينبع وفدك ومخاليفها معروف باليمن تسمى بها القرى المجتمعة كالرستاق فى غيرها وقال الشيخ تقى الدين تبوك ونحوها وما دون المنحنى وهو عقبه الصوان من الشام كمعان ولهم دخوله والأصح بإذن إمام لتجارة فإن دخلوا لتجارة لم يقيموا فى موضع واحد أكثر من أربعة ايام قاله القاضى لأن الزائد على الأربعة حد يتم به المسافر فصار كالمقيم والمذهب أنهم لا يقيمون فوق ثلاثة أيام لأن عمر أذن لمن دخل تاجرا إقامة ثلاثة أيام فدل على المنع فى الزائد فإن كان له دين حال أجبر غريمه على وفائه فإن تعذر جازت الإقامة لذلك فإن كان مؤجلا لم يمكن ويوكل وان مرض لم يخرج حتى يبرأ لان الانتقال يشق على المريض فهو يقيم ضرورة وان مات دفن به لأنه موضع حاجة وفيه وجه كالحرم
____________________
1-
(3/424)
ولا يمنعون من تيماء وقيد ونحوهما وهل لهم دخول المساجد بإذن مسلم على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ولا يمنعون من تيماء وفيد بفتح الفاء وياء مثناه بعدها دال وهى من بلاد طىء ونحوهما لما مر أن أحدا من الخلفاء لم يخرج أحدا من ذلك وهل لهم دخول المساجد أي مساجد الحل بإذن مسلم على روايتين
إحداهما وهى المذهب المنع لأن عليا بصر بمجوسى وهو على المنبر فى المسجد فنزل وضربه وأخرجه وهو قول عمر ولأن حدث الجنابة والحيض يمنع فالشرك أولى
والثانية يجوز بإذن مسلم صححها فى الكافى والشرح وجزم به فى الوجيز لما روى أحمد باسناد جيد عن الحسن عن عثمان بن أبى العاص أن وفد ثقيف قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد قبل اسلامهم ليكون أرق لقلوبهم وكاستئجاره لبنائه ولا سيما لمصلحة وظاهر كلام القاضى يجوز ليسمعوا الذكر فترق قلوبهم ويرجى إسلامهم وقال أبو المعالى إن شرط المنع فى عقد ذمتهم منعوا وأن كان جنبا فوجهان فلو قصدوها بأكل ونوم منعوا ذكره فى الأحكام السلطانية وقد روى ما يدل على التفرقة بين الكتابى وغيره
تذنيب يجوز عمارة كل مسجد وكسوته وإشعاله بمال كل كافر وأن يبنيه بيده ذكره في الرعاية وغيرها وهو ظاهر كلامهم في وقفه عليه ووصيته له فتكون على هذا العمارة في الآية دهوله وجلوسه فيه يدل عليه خبر أبي سعيد مروفعا إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فإن الله تعالى يقول { إنما يعمر مساجد الله } رواه أحمد وغيره وفي الفنون واردة على سبب وهي عمارة المسجد الحرام فظاهره المنع فيه فقط
____________________
1-
(3/425)
فصل
وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ثم عاد فعليه نصف العشر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لشرفه وذكر ابن الجوزي في تقسير أنه يمنع من بنائه وإصلاحه ولم يخص مسجدا بل أطلق وقاله طائفة من العلماء فصل وإن اتجر ذمي إلى غيره بلده لبيع أو شراء ثم عاد عليه في تجارته نصف العشر على المذهب لما روى أنس قال أمرني عمر أن آخذ من ا لمسلم ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر روى ه أحمد وروى أبيو عبيد أن عمر بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فدعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون فيها في كل عشرين درهما درهما وهذا كان بالعراق واشتهر وعمل به ولم ينكر فكان كالإجماع وعنه يلزمهم العشر جزم به في الواضع وظاهره ولو كانت امرأة وهو أحد الوجهين قدمه في المحرر لأنه حق واجب فاستويا فيه كالزكاة وقال القاضي لا عشر عليها لأنها محقونة الدم لها المقام في دار الإسلام بغير جزية فلم يعشر تجارتها كالمسلم إلا أن تكون تجارتها بالحجاز فتعشر كالرجل ورده المرلف بأن هذا لا يعرف عن أحمد ولا يقتضيه مذهبه وعنه يلزم التغلبي جزم به في الترغيب وتؤخد منه ضعف ما تؤخذ من أهل الذمة وقدم في المحرر لا شيء عليه لأن نصف العشر وجب في اموالهم بالشرط فلا تؤخذ مرة أخرة كسائر أهل الذمة وظاهره أنه أنه لا شيء عليه في غير مال التجارة فلو مر بالعاشر منهم منتقل معه أمواله وسائمته فلا شيء عليه نص إلا أن تكون الماشية للتجارة فتؤخذ منها
____________________
1-
(3/426)
وإن أتجر حربي إلينا أخذ منه العشر ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير ويؤخذ كل عام مرة وقال ابن حامد يؤخذ من الحربي كلما دخل إلينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن اتجر حربي إلينا أخذ منهالعشر لأن عمر أخذ من أهل الحرب العشر واشتهر ولم ينكر وعمل به الخلفاء بعده وقيل نصفه وكذا حكم المستأمن إذا اتجر إلى بلد الإسلام ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير نص عليه وهو اختيار المعظم لأنه مال يجب فيه حق بالشرع فاعتبر له النصاب كزكاة الزرع ثم بين مقداره وهو عشرة لأن ذلك مال يبلغ واجبه نصف دينار فوجب كالعشر في حق المسلم وعنه نصابه عشرون دينارا لأن الزكاة لا تجب في أقل منها فلم يجب على الذمي شيء كاليسير وقيل يؤخذ منه وإن قل ونقل صالح العشرين الذمي والعشرة للحربي لأنه أولا أقل مال له نصف عشر صحيح وثانيا أقل مال له عشر صحيح فوجب أن لا أن لا ينقص عنهما كالجزية وقال أبو الحسين يعتبر الذمي عشرة وللحربي خمسة
فرع يمنع الدين أخذه كالزكاة إن ثبت ببينة وفي تصديقة بجارية مر بها بأنها بنته أو أهله روايتان وفي الروضة لا عشر عن زوجته وسريته ويؤخذ كل عام مرة نص عليه لما روي أن نصرانيا جاء إلى عمر فقال إن عاملك عشرني في السنة مرتين قال ومن أنت قال أنا الشيخ النصراني فقال عمر وأنا الشيخ الحنيف ثم كتب إلى عامله أن لا يعشر في السنة إلا مرة رواه أحمد ولأن الجزية والزكاة إنما تؤخذ في السنة مرة فكذا هذا وذكر المؤلف للإمام تركه إذا رأى المصلحة فيه وقال ابن حامد والآمدي يؤخذ من الحربي كلما دخل إليها لأن سببه الدخول إلينا والشيء يتكرر بتكرر سببه وقال
____________________
1-
(3/427)
وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم واستنقاذ من أسر منهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القاضى لا يؤخذ منه شىء من ميرة محتاج اليها لأن فى دخولهم نفعا للمسلمين
تنبيه يستثنى من أموال التجارة ثمن الخمر والخنزير فإنه لا يؤخذ عشرة لأنه ليس بمال فى حقنا ونقل الميمونى بلى جزم به فى الروضة والغنية وانه يؤخذ عشر ثمنه زمن عمر رواه ابو عبيد وجود احمد اسناده وقال ابن حامد ويتخرج تعشير ثمن الخمر دون الخنزير لأن الخمرة مباحة فى سائر الشرائع غير الاسلام وذكر القاضى فى شرحه الصغير الذمى غير التغلى تؤخذ منه الجزية وفى غيرها روايتان
إحداهما لا شىء عليهم غيرها اختاره شيخنا والثانية عليهم نصف العشر فى أموالهم وعلى ذللك هل تختص بالاموال التى يتجرون فيها الى غير بلدنا على روايتين إحداهما تختص بها
والثانية تجب فى ذلك وفيما لم يتجروا به من اموالهم وثمارهم ومواشيهم قال وأهل الحرب إذا دخلوا الينا بأمان اخذ منهم العشر دفعة واحدة سواء عشروا اموال المسلمين إذا دخلت اليهم أم لا وعنه إن فعلوا ذلك بالمسلمين فعل بهم والا فلا
وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم لأنهم بذلوا الجزية على ذلك واستنقاذ من أسر منهم لنه جرت عليهم أحكام الاسلام وتأبد عهدهم فلزمه ذلك كما يلزمه للمسلمين وظاهره ولو لم يكونوا فى معونتنا وقال
____________________
1-
(3/428)
وإن تحاكموا إلى الحاكم مع مسلم لزمه الحكم بينهم وإن تحاكم بعضهم مع بعض أو استعدى بعضهم على بعض خير بين الحكم بينهم وبين تركهم ولا يحكم إلا بحكم الإسلام وإن تبايعوا بيوعا فاسدة وتقابضوا لم ينقض فعلهم وإن لم يتقابضوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القاضى إنما يجب فداؤهم اذا استعان بهم الإمام فى قتال فسبوا وبكل حال يبدأ بفداء المسلمين قبلهم لأن جزية المسلم أعظم وان تحاكموا الى الحاكم مع مسلم لزمه الحكم بينهم لما فيه من إنصاف المسلم من غيره أو رده عن ظلمه وذلك واجب ولأن فى ترك الاجابة اليه تضييعا للحق
وان تحاكم بعضهم مع بعض أو استعدى بعضهم على بعض خير بين الحكم بينهم وبين تركهم فى الأشهر عنه لقوله تعالى { فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } ولأنهما كافران فلم يجب الحكم بينهما كالمستأمنين وعنه يلزمه الحكم والاعداء قدمه فى المحرر لقوله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ورفع الظلم عنهم واجب وطريقة الحكم وعنه مع اختلاف ملتهما لأنه لا يمكن إنصاف أحدهما من الآخر بدون الحكم وعنه يخير إلا أن يتظالما فى حقوق الآدميين قال فى المحرر وهو الأصح عندى لأن عليه رفع الظلم عنهم كالمسلمين ومتى خيرناه جاز أن يعدى ويحكم بطلب أحدهما وعنه لا يجوز إلا باتفاقهما كالمستأمنين ولا يحكم إلا بحكم الإسلام لقوله تعالى { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } فإذا حكم لزمهم حكمنا لا شريعتنا وظاهره أنهم إذا لم يتحاكموا الينا فليس للحاكم أن يتبع شيئا من أمورهم ولا يدعون الى حكمنا نص على الكل
فرع لا يحضر يهوديا يوم سبت ذكره ابن عقيل اى لبقاء تحريمه عليه وفيه وجهان أو مطلقا لضرره بإفساد سبته وقال ابن عقيل يحتمل أن
____________________
1-
(3/429)
فسخه الحاكم سواء كان قد حكم وإنه تهود نصراني أو تنصر يهودي لم يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو دين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + السبت مستثنى من عمل فى إجارة وان تبايعوا بيوعا أو تعاقدوا عقودا فاسدة كخمر ونحوه وتقابضوا من الطرفين ثم أسلموا أو أتونا لم ينقض فعلهم لأنه قد تم بالتقابض ولأنه فيه مشقة وتنفيرا من الإسلام بتقدير إرادته وان لم يتقابضوا سواء كان من الطرفين أو أحدهما فسخه لأنه لم يتم فينقضر لعدم صحته سواء كان قد حكم بينهم حاكمهم أم لا أى لو ترافعوا الى حاكمهم فألزمهم بالتقابض لا يلزمم إمضاء حكمه لأنه لغو لعدم شرطه وهو الإسلام وقيل إن ارتفعوا بعد أن الزمهم حاكمهم بالقبض نفذ وهذا لالتزامهم بحكمه لا لزومه لهم وعنه لا ينقض في الخمر خاصة اذا قبضت دون ثمنها لأنها مال بالنسبة اليهم فيصح بيعها كالأمتعة فيلزم المشترى دفعه الى البائع أو وارثه بخلاف خنزير لحرمه عينة فإن اسلم الوارث فله الثمن قاله فى المستوعب وغيره لثبوته قبل إسلامه ونقله أبو داوود
مسألة إذا كان لذمى على مثله خمر بقرض أو غصب فأيهما اسلم فلا شىء له بها نص عليه لأنه إن كان ربها لم يكن له أخذها لأنها محرمة عليه وأن كان الآخر سقطت من ذمته لعدم ماليتها بالنسبة الى المسلم وقيل اذا لم يسلم ربها فله قيمتها لأنها مال كان ثابتا فى ذمته قبل الإسلام فلا يسقط به كغيره من الديون ولو كانت عليه من مسلم لم يكن لربها إلا رأس ماله
أخرى إذا تبايعوا بربا فى أسوقنا منعوا منه لأنه عائد بفساد نقدنا وكذا إن أظهروا بيع مأكول فى نهار رمضان كشراء ذكره القاضى وأنه لا يجوز أن يتعلموا الرمي
____________________
1-
(3/430)
الذي كان عليه ويحتمل إلا يقبل منه إلا الإسلام فإن أبى هدد وحبس ويحتمل أن يقتل وعنه أنه يقر وإن إنتقل إلى غير دين أهل الكتاب أو أنتقل المجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر وأمر أن يسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن تهود نصرانى أو تنصر يهودى لم يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذى كان عليه هذا إحدى الروايات وجزم به فى الوجيز لأن الإسلام دين حق والدين الذى كان عليه دين صولح عليه فلم يقبل منه غيرهما لاعترافه بان ما انتقل اليه دين باطل فلم يقر عليه أشبه مالو انتقل الى المجوسية ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام هذا رواية لأن الدين الذى كان عليه قد اعترف ببطلانه والدين الذى انتقل اليه كان معترفا ببطلانه فلم يبق غير الإسلام فيجبر عليه فإن ابى من فعل الواجب عليه هدد وحبس ولم يقتل فى ظاهر المذهب لأنه لم يخرج عن دين أهل الكتاب فلم يقتل كالباقى على دينه ويحتمل أن يقتل هذا رواية لعموم قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه ولأنه انتقل الى دين لا يقر عليه أشبه المسلم إذا ارتد وفى استتابته وجهان وعنه أنه يقر هذا ظاهر الخرقى واختاره الخلال وصاحبه لأنه دين أهل الكتاب فأقر عليه كأهله
فرع إذا كذب نصرانى بموسى خرج من النصرانية لتكذبيه عيسى ولم يقر لا يهودى بعيسى وان تزندق الذي لم يقتل لأجل الجزية نقله ابن هانى وان انتقل الكتابى الى غير دين اهل الكتاب أو انتقل المجوسى الى غير دين أهل الكتاب لم يقر لأنه انتقل الى دين لا يقر عليه بالجزية كعبده الأوثان وامر ان يسلم لأن كل أحد مأمور بذلك لا سيما من لا كتاب له ولا شبهة
____________________
1-
(3/431)
فإن أبى قتل وإن انتقل غير الكتابي إلى دين أهل الكتاب أقر ويحتمل إلا يقبل منه إلا الإسلام وإن تمجس الوثني فهل يقر على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كتاب والمنصوص واختاره الخلال وصاحبه أنه لا يقبل منه إلا الإسلام لأن غيره أديان باطلة فلم يقر عليه لإقراره ببطلانها كالمرتد فإن أبى قتل لأنه انتقل الى أدنى من دينه وعنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذى كان عليه لأنه أقر عليه أولا ولم ينتقل الى خير منه فنقره ان رجع اليه وفى ثالثة او دين أهل كتاب لأنه دين يقر عليه كغيره
وإن انتقل غير الكتابى كالمجوسى إلى دين أهل الكتاب أقر على المذهب لأنه أعلى وأكمل من دينه لكونه يقر عليه أهله وتؤكل ذبائحهم وتحل مناكحتهم ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام هذا رواية لأنه أقر ببطلان دينه بعد أن كان مقرا ببطلان ما سواه وفى ثالثة لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذى كان عليه لما تقدم وإن تمجس الوثنى فهل يقر على روايتين
إحداهما يقر وذكر فى الشرح أنها الأولى لأنه انتقل إلى دين أفضل من دينه أشبه الوثنى إذا تهود
الثانية لا يقر لأنه انتقل الى دين لا تحل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم أشبه ما لو انتقل الى عبادة الشمس والفرق ظاهر
تنبيه من جهل حاله وادعى أحد الكتابين أخذت منه الجزية فى الأصح وعنه وتحل مناكحته وذبيحته كمن أقر بتهود أو تنصر متجدد
____________________
1-
(3/432)
فصل في نقض العهد
وإذا امتنع الذمي من بذل الجزية أو التزام أحكام الملة انتقض عهده وإن تعدى على مسلم بقتل أو قذف أو زنى أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس أو ذكر الله تعالى أو كتابه أو رسوله بسوء فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فصل فى نقض العهد واذا امتنع الذمى من بذل الجزية أو الصغار قاله الشيخ تقى الدين أو التزام أحكام الملة انتقض عهده لأن الله تعالى أمر بقتالهم حتى يعطوا الجزية ويلتزموا أحكام الملة الإسلامية لأنها نسخت كل حكم يخالفها فلا يجوز بقاء العهد مع الامتناع زاد فى المغنى والشرح إذا حكم بها حاكم ولم أره فى غيرهما وسواء شرط عليهم ذلك أو لا وكذا إذا قاتلنا والأشهر أو لحق بدار الحرب مقيما لأنه صار حربا لنا لدخوله فى جملة اهل الحرب وأن تعدى على مسلم بقتل وقيده ابو الخطاب فى خلافه الصغير بالعمد أو قذف أو زنى بمسلمة قال الشيخ تقى الدين ولو لم يثبت ببينة بل اشتهر بين المسلمين وفيه شىء أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس أو ذكر الله تعالى او كتابة أو رسوله بسوء فعلى روايتين
أحداهما ينتقض اختاره القاضى والشريف وجزم به فى الوجيز وقدمه فى المحرر فى غير القذف لما روى عن عمر أنه رفع اليه ذمى أراد استكراه مسلمة على الزنى فقال ما على هذا صالحناكم وأمر به فصلب فى بيت المقدس وقيل لابن عمر إن راهبا يشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو سمعته لقتلته إنا لم نعط الأمان على هذا ولأن فى ذلك ضررا على المسلمين اشبه الامتناع من الصغار
____________________
1-
(3/433)
وإن أظهر منكرا أو رفع صوته بكتابه ونحوه لم ينتقض عهده وظاهر كلام الخرقي أنه ينتقض إن كان مشروطا عليهم ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده بنقض عهده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والثانية لا ينتقض لأنه لا يجب عليهم تركه فلم ينتقض بفعله قاله ابن المنجا وفيه نظر فعلى هذا يقام عليه الحد فيما يوجبه ويقتص منه فيما يوجب القصاص ويعزر فيما سوى ذلك لأن ما يقتضيه العهد باق ونصه فيمن قذف مسلما أو آذاه بسحر فى تصرفاته كإبطال بعض اعضائه أنه لا ينتقض لأن ضرره لا يعم المسلمين أشبه ما لو لطمه بخلاف ما سبق فإن فيه غضاضة على المسلمين خصوصا بسب الله ودينه ورسوله والمذهب أنه إذا فتن مسلما عن دينه أو أصاب المسلمة باسم نكاح أنه ينتقض وذكر جماعة الخلاف السابق مع الشرط
وان أظهر منكرا أو رفع صوته بكتابة أو ركب الخيل لم ينتقض عهده لأن العقد لا يقتضيه ولا ضرر على المسلمين فيه ولكن يعزر لارتكابه المحرم فى نفسه وظاهر كلام الخرقى وجزم به فى الوجيز أنه ينتقض أن كان مشروطا عليهم لحديث عبد الرحمن بن غنم ولأنه عقد بشرط فزال بزواله كما لو امتنع من بذل الجزية ولا ينتقض عهد نسائه واولاده بنقض عهده نقله عبد الله وجزم به جماعة لأن النقض وجد منه دونهم فاختص حكمه به وظاهره لحقوا بدار الحرب اولا وفى الأحكام السلطانية بلى كحادث بعد نقضه بدار حرب ولم يقيده فى الفصول والمحرر بها وفى العمدة ينتقض فى ذريته ان الحقهم بدار حرب وكمن علم منهم بنقضه ولم ينكر عليه ففيه وجهان فلو حملت به أمه وولدته بعد النقض فإنه يسترق ويسبى لعدم ثبوت الأمان له ومن انتقض عهده فى نفسه انتقض عهده فى ماله وسيأتي
____________________
1-
(3/434)
وإذا انتقض عهده خير الإمام فيه كالأسير الحربي وماله فيئ عند الخرقي وقال أبو بكر يكون لورثته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإذا انتقض عهده خير الإمام فيه كالأسير الحربى لفعل عمر ولأنه كافر لا أمان له أشبه الأسير وكا لو دخل متلصصا وهذا ظاهر فيمن نقضه بلحوقه بدار الحرب ومن نقضه بغيره فنصه يقتل لأنه فعل ما يوجبه لو كان مسللما وكذا فإن كان ذميا فقيل يتعين قتله قدمه فى المحرر والأشهر أنه يخير فيه وعلى ذلك تشرع استتابته بالعود الى الذمة لأن إقراره بها جائز بعد هذا لكن لا تجب استتابته رواية واحدة فمن أسلم حرم قتله ذكره جماعة وفى المستوعب ورقة وإن رق ثم أسلم بقى رقة وقيل من نقض عهده بغير قتالنا ألحق بمأمنه وقولنا حرم قتله وهذا فى غير الساب فإن ابن أبى موسى وابن البنا والسامرى والشيخ تقى الدين قالوا بأن ساب النبى صلى الله عليه وسلم يقتل ولو أسلم ونص عليه احمد لأنه قذف لميت فلا يسقط بالتوبة وماله فيء عند الخرقى وهو ظاهر كلام أحمد وجزم به فى الوجيز واختاره المجد لأن المال لا حرمة له فى نفسه إنما هو تابع لمالكه حقيقة وقد انتقض عهد المالك فى نفسه فكذا فى ماله وقال أبو بكر يكون لورثته لأن ماله كان معصوما فلا تزول عصمته بنقضه العهد كذريته فإن لم يكن له وارث فهو فيء انتهى بحمد الله
____________________
1-
(3/435)
= كتاب البيع =
والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى { وأحل الله البيع } البقرة 275 { وأشهدوا إذا تبايعتم } البقرة 282 { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } البقرة 198 أي في مواسم الحج قاله ابن عباس
ومن السنة ما رواه رفاعة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال يا معشر التجار فرفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من بر وصدق قال الترمذي حديث حسن صحيح
والمعنى يقتضيه لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه ولا يبذله بغير عوض غالبا ففي تجويز البيع طريق إلى وصول كل واحد منهما إلى غرضه ودفع حاجته
وهو مصدر باع يبيع بمعنى ملك وبمعنى اشترى وكذا شرى يكون للمعنيين وقال الزجاج وغيره باع وأباع بمعنى واشتقاقه من الباع في قول الأكثر منهم صاحب المغني والشرح لأن كل واحد يمد باعه للأخذ والإعطاء ورد بأنه مصدر وهي غير مشتقه على الصحيح
____________________
(4/3)
وهو مبادلة المال بالمال لغرض التملك وله صورتان إحداهما الايجاب والقبول فيقول البائع بعتك أو ملكتك ونحوهما (1)
____________________
1- فإن أجيب بالتزام مذهب الكوفي بأنه مشتق من الفعل رد بأنه الفعل الذي منه المصدر لا فعل مصدر آخر وبأن الباع عينه واو بخلاف البيع فإن عينه ياء وشرط الاشتقاق موافقة الأصل والفرع ويجاب عنه بأن هذا من الاشتقاق الأكبر الذي يلحظ فيه المعنى فقط مع أن بعض المحققين لم يشترطه لقوله تعالى { قال إني لعملكم من القالين } الشعراء 168 من الاشتقاق الأكبر لأن قال من القول والقالين من القلى فالحروف لم تتفق والمعنى لم يتحد ومن جهة المعنى بالبيع في الذمة لانتفاء مد الباع فيه
( وهو ) في اللغة أخذ شيء وإعطاء شيء قاله ابن هبيرة وهو في الشرع ( مبادلة المال بالمال لغرض التملك ) فدخل فيه المعاطاة والقرض لأنه وإن قصد فيه التملك لكن المقصود الأعظم فيه الإرفاق ويخرج منه الإجارة وليس بمانع لدخول الربا وقال القاضي وابن الزاغوني هو عبارة عن الإيجاب والقبول إذا تضمن عينين للتملك وأبدل السامري عينين بمالين ليحترز عما ليس بمال وليس بجامع لخروج بيع المعاطاة منه ولا مانع لدخول الربا فيه
والأولى فيه تمليك عين مالية أو منفعة مباحة على التأبيد بعوض مالي غير ربا ولا قرض ثم لبيع العين أقسام ولصحته ثلاثة أركان العاقد وصيغة العقد والمعقود عليه
( وله صورتان ) أي ينعقد بكل منهما ( إحداهما الإيجاب ) وهو الصادر من قبل البائع ( والقبول ) بفتح القاف وحكى في اللباب الضم وهو الصادر من قبل المشتري ( فيقول البائع بعتك أو ملكتك ونحوهما ) كوليتك أ
(4/4)
ويقول المشتري ابتعت أو قبلت وما في معناهما فإن تقدم القبول الإيجاب جاز في إحدى الروايتين وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه وإلا فلا (1)
____________________
1- أشركتك أو أعطيتك ( ويقول المشتري ابتعت أو قبلت وما في معناهما ) كأخذته أو اشتريته أو تملكته لأن الإيجاب والقبول صريحان فيه فانعقد بهما كسائر الصرائح وعنه يتعين بعت واشتريت فقط لصراحتهما كالنكاح وفهم منه أن القبول يعقب الإيجاب ( فإن تقدم القبول الإيجاب جاز في إحدى الروايتين ) جزم به في الوجيز لأن المعنى حاصل به فجاز كما لو تأخر وهذا إذا وجد ما يدل على البيع فلو قال قبلت ابتداء ثم قال بعتك لم ينعقد والثانية لا يصح اختاره الأكثر لأن رتبته التأخر وكنكاح نص عليه وذكره في المحرر رواية واحدة وذكر ابن عقيل فيه رواية وعلى الأولى فيه تفصيل ذكره في المغني والشرح والفروع إذا تقدم بلفظ الماضي كابتعت منك فيصح على الأصح أو الطلب كبعني بكذا فيقول بعتك فالأشهر الصحة وعنه لا ينعقد كما لو تقدم بلفظ الاستفهام وفاقا لأنه ليس بقبول ولا استدعاء وهذه الصورة ليست بداخلة في كلام المؤلف لأنه لا يسمى قبولا
( وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه ) عرفا لأن حالة المجلس كحالة العقد بدليل أنه يكتفى بالقبض فيه لما يشترط قبضه ( وإلا فلا ) يصح فيما إذا تراخى عن الإيجاب حتى انقضى المجلس لأن العقد إنما يتم بالقبول فلم يتم مع تباعده عنه كالاستثناء وكذا إذا تشاغلا بما يقطعه لأنهما صارا معرضين عن البيع أشبه ما لو صرح بالر
(4/5)
والثانية المعاطاة مثل أن يقول اعطني بهذا الدينار خبزا فيعطيه ما يرضيه أو يقول البائع خذ هذا بدرهم فيأخذه وقال القاضي لا يصح هذا إلا في الشيء اليسير (1)
____________________
1- ( والثانية المعاطاة ) نص عليه وجزم به أكثر الأصحاب لعموم الأدلة ولأن البيع موجود قبل الشرع وإنما علق الشرع عليه أحكاما ولم يعين له لفظا فوجب رده إلى العرف كالقبض والحرز ولم يزل المسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه استعمال إيجاب وقبول في بيعهم ولو استعمل لنقل نقلا شائعا ولبينه النبي صلى الله عليه وسلم لعموم البلوى به ولم يخف حكمه ( مثل أن يقول أعطنى بهذا الدينار خبزا فيعطيه ما يرضيه أو يقول البائع خذ هذا بدرهم فيأخذه ) لأن الإيجاب والقبول إنما يرادان للدلالة على التراضي فإذا وجد ما يدل عليه من المساومة والمعاطاة قام مقامهما وأجزأ عنهما لعدم التعبد فيه
والثانية لا يصح لأن الرضى أمر خفي فانيط بالصيغة وكالنكاح ولكن يستثنى منه البيع الضمين كما إذا قال أعتق عبدك على كذا ( وقال القاضي لا يصح هذا إلا في الشيء اليسير ) أي في المحقرات خاصة وهو رواية واختارها ابن الجوزي لأن اعتبار ذلك في اليسير يشق فيسقط دفعا للمشقة وأصل ذلك قوله تعالى { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } النساء 29 هل المعتبر حقيقة الرضى فلا بد من صريح القول أو ما يدل عليه فيكتفى بما يدل على ذلك فيه قولان للعلماء قال في الفروع ومثله وضع ثمنه عادة وأخذه وظاهره ولو لم يكن المالك حاضرا
أصل حكم الهبة والهدية والصدقة كذلك فتجهيز بنته بجهاز إلى زوج تمليك في الأص
(4/6)
فصل ولا يصح إلا بشروط سبعة أحدها التراضي به وهو أن يأتيا به اختيارا فإن كان أحدهما مكرها لم يصح إلا أن يكره بحق كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه (1)
____________________
1- فائدة لا بأس بذوقه حال الشراء نص عليه وقاله إبراهيم النخعي وقال سفيان العفة أحب نقل حرب لا أدري إلا أن يستأذنه فصل
( ولا يصح إلا بشروط سبعة أحدها التراضي به ) للآية ولقوله عليه السلام إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان ( وهو أن يأتيا به اختيارا ) لأن حق كل واحد منهما يتعلق بماله فلم يجز إزالة ملكه عنه بغير رضاه لقوله عليه السلام لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ويستثنى منه ما لم يكن بيع تلجئة وأمانة أو من هازل ( فإن كان أحدهما مكرها لم يصح ) لفوات شرطه ( إلا أن يكره بحق كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه ) فيصح لأنه قول حمل عليه بحق فصح منه كإسلام المرتد والمشتري كالبائع فإن أكره على وزن مال فباع ملكه كره الشراء وصح نص عليه لعدم الإكراه فيه وهو بيع المضطر وعنه لا يصح لقول علي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر رواه أبو داود من رواية صالح بن عامر عن شيخ من تميم وهما لا يعرفان وفسره أحمد في رواية بأن يجيئك محتاج فتبيعه ما يساوي عشرة بعشري
(4/7)
فصل الثاني أن يكون العاقد جائز التصرف وهو المكلف الرشيد إلا الصبي المميز والسفيه فإنه يصح تصرفهما بإذن وليهما ولا يصح بغير إذنه إلا في الشيء اليسير (1)+ فصل
( الثاني أن يكون العاقد جائز التصرف ) لأن البيع يشترط له الرضى فاشترط في عاقده جواز التصرف كالإقرار ( وهو المكلف الرشيد ) والمراد به البالغ العاقل الرشيد فلا يصح بيع طفل ولا مجنون ولا سكران ولا نائم ولا مبرسم ولا شراؤه لعدم المقتضي لذلك سواء أذن له وليه أم لا ( إلا الصبي المميز والسفيه فإنه يصح تصرفهما بإذن وليهما في إحدى الروايتين ) هذا هو الأصح لقوله تعالى { وابتلوا اليتامى } النساء 6 أي اختبروهم وإنما يتحقق بتفويض البيع والشراء إليه فصح تصرفه بإذن وليه وإن كان محجورا عليه كالعبد والسفيه مثله ولأنه إذا صح في الصبي بما ذكرنا فالسفيه أولى بالصحة إلا في عدم وقفه وقد تضمن ذلك جواز الإذن له في التصرف لمصلحة والثانية لا يصح منه حتى يبلغ لأنه غير مكلف أشبه غير المميز ولأنه مما يخفى فضبطه الشارع بحد وهو البلوغ والسفيه محجور عليه لسوء تصرفه وتبذيره فإذا أذن له وليه فقد أذن فيما لا مصلحة فيه ( ولا يصح بغير إذنه ) لما ذكرنا ( إلا في الشيء اليسير ) لأن الحكمة في الحجر عليهما خوف ضياع مالهما بتصرفهما وذلك مفقود في اليسير يؤيده أن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفورا وأطلقه ذكره ابن أبي موسى وفي طريقة بعض أصحابنا في صحة تصرف مميز ونفوذه بلا إذن وليه وإبرائه وإعتاقه وطلاقه روايتان وفي قبولهم هبة ووصية بلا إذن أوجه ثالثها يجوز من عبد نص عليه وعنه صحة تصرف مميز ويقف على إجازة وليه نقل حنبل إن تزوج الصغير فبلغ أباه فأجازه جاز قال جماعة بعد رشده لم يجز وعنه لا يقف ذكرها الفخر
____________________
1-
(4/8)
فصل الثالث أن يكون المبيع مالا وهو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة فيجوز بيع البغل والحمار ودود القز وبزرة والنحل منفردا وفي كواراته (1)
____________________
1- فصل الثالث أن يكون المبيع مالا ) لأنه يقابل بالمال إذ هو مبادلة المال بالمال ( وهو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة ) أخرج بالأول ما لا نفع فيه كالحشرات وبالثاني ما فيه منفعة محرمة كالخمر وبالثالث ما فيه منفعة مباحة للضرورة كالكلب ولو عبر بغير حاجة ك الوجيز والفروع لكان أولى لأن اقتناء الكلب يحتاج إليه ولا يضطر إليه قاله ابن المنجا وفي الشرح يحترز بقوله لغير ضرورة من الميتة والمحرمات التي تباح في حال المخمصة والخمر تباح لدفع لقمة غص بها ( فيجوز بيع ) العقار ( والبغل والحمار ) لأن الناس يتبايعون ذلك في كل عصر من غير نكير فكان كالإجماع قال في الهداية لا إن نجسا والمذهب خلافه ( ودود القز ) لأنه حيوان طاهر يجوز اقتناؤه لغرض التملك لما يخرج منه أشبه البهائم وحرمه في الانتصار كالحشرات وفيه نظر ( وبزره ) لأنه ينتفع به في المآل أشبه ولد الفرس وفيه وجه وجزم به في عيون المسائل كبيض مالا يؤكل وعلى الأول لا فرق في بيعه مفردا أو مع الدود ( والنحل منفردا ) لأنه حيوان طاهر يخرج من بطونه شراب فيه منافع للناس فجاز بيعه كبهيمة الأنعام ( وفي كواراته ) لإمكان مشاهدته بفتح رأسها وقال القاضي لا يجوز بيعها فيها لأن بعضها غير مرئي وهو أميرها وأنها لا تخلو من عسل يكون مبيعا وهو مجهول والأول المذهب لأن خفاء البعض لا يمنع الصحة كالصبرة وكما لو كان المبيع في وعاء لا يشاهد إلا ظاهره والعسل يدخل تبعا كأساسات الحيطان فإن لم تمكن مشاهدة النحل لكون
(4/9)
ويجوز بيع الهر والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد في إحدى الروايتين إلا الكلب اختارها الخرقي والأخرى لا يجوز اختارها أبو بكر (1)
____________________
1- مستورا بالأقراص ولم يعرف لم يجز بيعه لجهالته ذكره في المغني والشرح ( ويجوز بيع الهر والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد ) كالفهد والصقر ونحوهما ( في إحدى الروايتين ) لما في الصحيح أن امرأة دخلت النار في هرة لها حبستها والأصل في اللام الملك ولأنه حيوان مباح نفعه واقتناؤه مطلقا أشبه البغل والباقي بالقياس عليه ولأنه لا وعيد في جنسه فجاز بيعه وعلى هذا في جواز بيع فرخه وبيضه وجهان قوله يصلح للصيد يحتمل حالا أي تكون معلمة وبه صرح الخرقي فظاهره لا يصح بيعها قبل التعليم ويحتمل مآلا أي يقبله كالجحش الصغير فإن لم يقبل الفيل التعليم لم يجز كأسد وذئب ودب ( إلا الكلب ) لا يجوز بيعه رواية واحدة وكذا آلة لهو وخمر ولو كانا ذميين ذكره الأزجي عن الأصحاب ( اختارها الخرقي ) والمؤلف وجزم بها في الوجيز ( والأخرى لا يجوز اختارها أبو بكر ) وابن أبي موسى
أما الهر فلما روى جابر أنه سئل عن ثمنه فقال زجر النبي صلى الله عليه وسلم عنه رواه مسلم وعنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن السنور رواه أبو داود ويمكن حمله على غير المملوك منها أو على مالا نفع فيه أو على المتوحش أو كان ذلك في الابتداء لما كان محكوما بنجاستها ثم لما حكم بطهارة سؤره حل ثمنه قال الزركشي وكلها محامل ودعوى لا دليل عليها
وأما الفيل وسباع البهائم فلأنها نجسة كالكلب وأجيب بالفرق بأنه يجوز اقتناؤها مطلقا بخلاف الكلب فإن جوازه مختص بأحد أمور ثلاثة مع أن اقتناءه للحاجة بخلاف ما ذكر وأطلقهما في الفروع ك المحر
(4/10)
ويجوز بيع العبد المرتد والمريض وفي بيع الجاني والقاتل في المحاربة ولبن الآدميات وجهان (1)
____________________
1- ( ويجوز بيع العبد المرتد ) لحصول النفع به إلى وقت قتله وربما رجع إلى الإسلام فيحصل كمال النفع ولأنه يمكنه إزالة المانع بخلاف الجاني ( والمريض ) بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح وقيل غير مأيوس والمعتبر الأول لأن خشية الهلاك لا تمنع الصحة كالمرتد ( وفي بيع الجاني والقاتل في المحاربة ولبن الآدميات وجهان ) أصحهما وهو المنصوص يجوز بيع العبد الجاني لأنه حق ثبت بغير رضى سيده فلم يمنع بيعه كالدين والثاني لا يصح لأنه تعلق برقبته حق آدمي فمنع جواز بيعه كالرهن والأول أولى لأنه حق غير مستقر في الجاني يملك أداءه من غيره فلم يمنع البيع كالزكاة وفارق الرهن من حيث إنه حق متعين فيه لا يملك سيده إبداله ثبت الحق فيه برضاه وثيقة للدين فعلى هذا لا فرق بين أن تكون الجناية عمدا أو خطأ على النفس أو ما دونها وظاهره أن الخلاف جار فيه ولو اشتراه المجني عليه
الثانية القاتل في المحاربة فإن تاب قبل القدرة عليه فهو كالحربي وإن لم يتب حتى قدر عليه وهو المراد بقولهم وفي المتحتم قتله وجهان كذا في المحرر والفروع أحدهما وهو قول أبي الخطاب وصححه في المغني والشرح وجزم به في الوجيز أنه يجوز بيعه لأنه ينتفع به إلى حين قتله ويعتقه فيجر ولاء ولده فجاز كالمريض والثاني وهو قول القاضي لا لأنه لا نفع فيه لكونه متحتم القتل أشبه الميتات والفرق ظاهر لأنه لا ينتفع بها أصلا بخلافه لأنه يمكن زوال ما ثبت من الرجوع عن الإقرار أو الرجوع من الشهو
(4/11)
وفي جواز بيع المصحف وكراهة شرائه وابداله روايتان (1)
____________________
1- الثالثة ظاهر كلام الخرقي واختاره ابن حامد وصححه في الشرح وغيره وجزم به في الوجيز أنه يصح بيع لبن الآدمية المنفصل منها لأنه طاهر منتفع به كلبن الشاة ولأنه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر أشبه المنافع والثاني لا يجوز قدمه في المحرر لأنه مائع خرج من آدمية كالعرق أو لأنه من الآدمي فلم يجز بيعه كسائر أجزائه وجوابه أن العرق لا نفع فيه بدليل أنه لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها وحرم بيع العضو المقطوع لأنه لا نفع فيه وقيل يجوز من الأمة لأن بيعها جائز فكذا لبنها كسائر أجزائها دون الحرة لكن قال أحمد أكره للمرأة بيع لبنها واحتج ابن شهاب وغيره بأن الصحابه قضوا فيمن غر بأمة بضمان الأولاد ولو كان للبن قيمة لذكروه فرع
المنذور عتقه قال ابن نصر الله نذر تبرر الأشهر لا يصح بيعه لأن عتقه وجب بالنذر فلا يجوز إبطاله ببيعه كالهدية المعينة
( وفي جواز بيع المصحف وكراهة شرائه وإبداله روايتان ) أشهرهما أنه لا يجوز بيعه قال أحمد لا نعلم في بيع المصحف رخصة وجزم به في الوجيز قال ابن عمر وددت أن الأيدي تقطع في بيعها ولأن تعظيمه واجب وفي بيعه ابتذال له وترك لتعظيمه فلم يجز والثانية يجوز روي عن الحسن والحكم لأنه ينتفع به أشبه كتب العلم وفي ثالثة يكره لأن ابن عمر وابن عباس وأبا موسى كرهوا بيعه ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع وعلى الأول يقطع بسرقته ولا يباع في دين ولو وصي ببيع
(4/12)
(1)
____________________
1- نص عليه ويلزم بذله لحاجة في الأشهر ويكره شراؤه وإبداله في رواية لأنه وسيلة إلى البيع المتضمن إذلال المصحف ولا يكره في أخرى قدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز لأنه استنقاذ له كاستنقاذ الأسير المسلم وفارق البيع لأنه إخراج له عن ملكه وفي النهاية لا يصح بيع المصحف ولا شراؤه ولا إبداله لأن جميع ذلك إذلال والمصحف محترم فتنافيا وفارق الشراء هنا شراء الأسير لأن شراءه تدعو الحاجة إليه بخلاف المصحف وظهر منه أنه لا يصح بيعه لكافر لأنه إذا نهي عن المسافرة به إلى أرضهم مخافة أن تناله أيديهم فهذا أولى وحكم إجارته كبيعه لأنها بيع منفعته ويجوز وقفه وهبته والوصية به ذكره القاضي واحتج بنصوص أحمد وظاهره جواز بيع كتب العلم ونقل أبو طالب لا تباع
مسائل الأولى يجوز نسخه بأجرة واحتج بقول ابن عباس ففيه لمحدث بلا حمل ولا مس روايتان وكذا كافر قال أبو بكر لا يختلف قول أبي عبد الله أن المصاحف تكتبها النصارى على ما روي عن ابن عباس ويأخذ الأجرة من كتبها من المسلمين وفي النهاية يمنع وهو ظاهر
الثانية يصح شراء كتب زندقة ونحوها ليتلفها لا خمر ليريقها لأن في الكتب مالية الورق قال ابن عقيل يبطل بآلة اللهو وسقط حكم مالية الخشب
الثالثة يجوز بيع طير لقصد صوته في قول جماعة زاد الشيخ تقي الدين إن جاز حبسه وفيه احتمالان لابن عقيل وفي الموجز لا تصح إجارة ما قصد صوته كديك وقمر
(4/13)
ولا يجوز بيع الحشرات والميتة ولا شيء منهما ولا سباع البهائم التي لا تصلح للصيد ولا الكلب ولا السرجين النجس ولا الأدهان النجسة (1)
____________________
1- ( ولا يجوز بيع الحشرات ) لأنه لا منفعة فيها ويستثنى منه علق لمص دم وديدان لصيد سمك وما يصاد عليه كبومة شباشا في الأشهر ( والميتة ) لقول جابر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يقول إن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام متفق عليه ويستثنى منها الحوت والجراد ( ولا شيء منها ) لأن ما لا يجوز بيع كله لا يجوز بيع بعضه كالخمر ( ولا سباع البهائم التي لا تصلح للصيد ) كالأسد والذئب لأنه لا نفع فيها كالحشرات ( ولا الكلب ) لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب متفق عليه وفي لفظ قال ثمن الكلب خبيث رواه مسلم وقد روى البيهقي بإسناد جيد عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل ثمن الكلب ولأنه حيوان نهي عن اقتنائه في غير حال الحاجة إليه أو نجس العين كالخنزير وظاهره ولو كان معلما صرح به الخرقي وإنما نص عليه ثانيا لأن بعض العلماء أجاز بيعه ومال إليه بعض أصحابنا لأن في رواية أبي هريرة إلا كلب صيد وأجيب بضعفه قاله البيهقي وغيره ( ولا السرجين النجس ) لأنه مجمع على نجاسته فلم يجز بيعه كالميتة وفيه تخريج من دهن نجس قال منها سألت أحمد عن السلف في البعر والسرجين قال لا بأس وأطلق ابن رزين في بيع نجاسة قولين وظاهره أنه يجوز بيع الطاهر منها ( ولا الأدهان النجسة ) أي المتنجسة في ظاهر كلام أحمد للأمر بإراقته ولقوله عليه السلام إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ولأنها نجسة فلم يجز بيعها كشحم الميتة وعلى قول أبي الخطاب يجوز بيع ما يطهر منها بالغسل كالثوب النجس وجوابه بأن القصد من الدهن غالبا هو الأكل وقد زال وتعظم المشقة بتطهيره بخلا
(4/14)
وعنه يجوز بيعها لكافر يعلم نجاستها وفي جواز الاستصباح بها روايتان ويخرج على ذلك جواز بيعها (1)
____________________
1- الثوب النجس فإنه يجوز لبسه في غير الصلاة ولا تعظم المشقة بتطهيره والأولى أن فيه نهيا خاصا فهو غير مقدور على تسليمه شرعا ( وعنه يجوز بيعها لكافر يعلم نجاستها ) لأنه يعتقد حل ذلك ويستبيح أكله قال ابن المنجا واشترط الكفر لأجل الاعتقاد المجوز والعلم بنجاستها المراد به اعتقاد الطهارة لأن نفس العلم بالنجاسة ليس شرطا في بيع الثوب النجس فكذا هنا وفيه شيء وفي المغني يجوز أن تدفع إلى كافر في فكاك مسلم ويعلم بنجاسته لأنه ليس ببيع في الحقيقة وإنما هو استنقاذ المسلم به ( وفي جواز الاستصباح بها روايتان ) كذا في المحرر والفروع إحداهما لا وجزم بها في الوجيز لأنه عليه السلام نهى عن قربانه فيدخل فيه الاستصباح وغيره ولأنه دهن نجس فلم يجز الاستصباح به كشحم الميتة والثانية يباح روي عن ابن عمر واختاره الخرقي لأنه أمكن الانتفاع به من غير ضرر أشبه الانتفاع بالجلد اليابس فعلى هذا ينتفع به على وجه لا يمسه بيده ولعل المراد في غير المساجد لأنه يؤدي إلى تنجيسها لا نجس العين كالكلب والخنزير ( ويخرج على ذلك جواز بيعها ) كذا ذكره ابو الخطاب لأنه يصير منتفعا به كالبغل والحمار فرع
لا يجوز بيع سم قاتل سواء كان من الأفاعي أو النبات وقيل يقتل به مسلم
(4/15)
فصل الرابع أن يكون مملوكا له أو مأذونا له في بيعه فإن باع ملك غيره بغير إذنه أو اشترى بعين ماله شيئا بغير إذنه لم يصح وعنه يصح ويقف على إجازة المالك (1)
____________________
1- فصل ( الرابع أن يكون مملوكا له ) حتى الأسير ولا بد من تقييده بالتام ليخرج بيع المبيع قبل قبضه فإنه لا يصح وسيأتي ( أو مأذونا له في بيعه ) وقت إيجابه وقبوله لقوله عليه السلام لحكيم بن حزام لا تبع ما ليس عندك رواه ابن ماجه والترمذي وصححه فهذا يدل على اشتراط كون المبيع مملوكا لبائعه ترك العمل به في المأذون لقيامه مقام مالكه لأنه نزله منزلة نفسه والحاجة داعية إلى التوكيل لكون الموكل غائبا أو محبوسا يتعذر معه حضور المشتري معه وما أشبهه فلو لم يقم مقامه لأدى إلى الحرج والمشقة وهما منتفيان شرعا لا يقال لا تبع ما ليس عندك ليس فيه ذكر الملك لأنه ذكره جوابا حين سأله أنه يبيع الشيء ويمضي ويشتريه ويسلمه ( فإن باع ملك غيره بغير إذنه أو اشترى بعين ماله شيئا بغير إذنه ) أو طلق زوجة غيره أو نحوه من التصرفات ( لم يصح ) اختاره الأكثر لعدم وجود شرطه والشيء يفوت بفوات شرطه ( وعنه يصح ويقف على إجازة المالك ) لما روى عروة بن الجعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار ثم جاءه بالدينار والشاة فدعى له بالبركة في بيعه رواه أحمد والبخاري ولأنه عقد له مجيز في حال وقوعه فوقف على إجازته كالوصية لأجنبي بزيادة على الثلث واشترطت إجازة المالك دفعا للضرر اللاحق به قال بعضهم ولو لم يكن له مجيز في الحال وعنه صحة تصرف غاصب والأول المذهب لأن حدي
(4/16)
وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه صح فإن أجازه من اشترى له ملكه وإلا لزم من اشتراه (1)
____________________
1- عروة محمول على أنه وكيل مطلق بدليل أنه سلم وتسلم وليس ذلك لغير المالك والوكيل المطلق باتفاق فرع
إذا بيع ملكه وهو ساكت فهو كما لو باعه بغير إذنه خلافا لابن أبي ليلى لأن سكوته إقرار يدل على الرضى كالبكر في النكاح وأجيب بالفرق فإن سكوتها دليل على الحياء المانع من الكلام في حقها بخلافه هنا
( وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه صح ) على الأصح لأنه متصرف في ذمته وهي قابلة للتصرف وظاهره سواء سماه في العقد أو لا والأشهر أنه يصح إذا لم يسمه ( فإن أجازه من اشترى له ملكه ) لأنه اشترى لأجله ونزل المشتري نفسه منزلة الوكيل فملكه من اشترى له كما لو أذن له والأصح أنه يملكه من حين العقد وقبل الإجازة ( وإلا لزم من اشتراه ) أي إذا لم يجزه لأنه لم يأذن فيه فتعين كونه للمشتري كما لو لم ينو غيره وفي الرعاية إن سماه فأجازه لزمه وإلا بطل ويحتمل إذن يلزم المشتري وقدمه في التلخيص إلغاء للإضافة وإن قال بعته من زيد فقال اشتريته له بطل ويحتمل يلزم إن أجازه وإن حكم بصحته بعد إجازته صح في الحكم ذكره القاضي ويتوجه كالإجازة قاله في الفروع
تنبيه لا يصح شراؤه بعين ماله ما يملكه غيره ذكره القاضي واختار المؤلف وقوفه على الإجازة ومثله شراؤه لنفسه بمال غيره وإ
(4/17)
ولا يصح بيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها إلا المساكن (1)
____________________
1- باع ما يظنه لغيره فبان وارثا أو وكيلا فروايتان وفي المحرر وجهان وبناهما في شرحه على عزل الوكيل قبل علمه
( ولا يجوز ) أي لا يصح ( بيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه ) بغير خلاف نعلمه لحديث حكيم ولأنه غير قادر على تسليمه أشبه الطير في الهواء بل موصوف غير معين بشرط قبضه أو قبض ثمنه في مجلس العقد كسلم ( ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم كأرض الشام ومصر والعراق ونحوها ) في ظاهر المذهب وهو قول عمر وعلي وابن عباس وعبد الله بن عمر قال الأوزاعي لم يزل أئمة المسلمين ينهون عن شراء أرض الجزية ويكرهه علماؤهم قال الشعبي اشترى عتبة بن فرقد أرضا على شاطئ الفرات ليتخذ فيها قصبا فقال له عمر ممن اشتريتها قال من أربابها فلما اجتمع المهاجرون والأنصار فقال هؤلاء أربابها قال ارددها على من اشتريتها منه وخذ مالك فقاله بمحضر سادة الصحابة وأئمتهم ولم ينكر فكان كالإجماع ولا سبيل إلى وجود إجماع أقوى منه لتعذره فإن قيل قد خالفه ابن مسعود فإنه اشترى من دهقان أرضا على أن يكفيه جزيتها قلنا لا نسلم المخالفة واشترى بمعنى اكترى قاله أبو عبيد بدليل على أن يكفيه جزيتها ولا يكون مشتريا لها وجزيتها على غيره ( إلا المساكن ) لأن الصحابة اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر وبنوها مساكن وتبايعوها من غير نكير فكان كالإجماع وظاهره ولو كانت آلتها من أرض العنوة ولو كانت موجودة حال الفتح وقدم في الفروع أنه يجوز بيع بناء ليس منها وغرس محدث فيه
(4/18)
وأرضا من العراق فتحت صلحا وهي الحيرة وأليس وبانقيا وأرض بني صلوبا لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام (1)
____________________
1- ونقل المروذي ويعقوب المنع لأنه نبع وهو ذريعة وجوز ابن عقيل بيع الغرس وفي البناء روايتان ( وأرضا من العراق ) سمي عراقا لامتداد أرضه وخلوها من جبال مرتفعة وأودية منخفضة قاله السامري ( فتحت صلحا وهي الحيرة ) مدينة بقرب الكوفة بكسر الحاء والنسبة إليها حيري وحاري على غير قياس قاله الجوهري ( وأليس ) بضم الهمزة وتشديد اللام بعدها ياء ساكنة وبعدها سين مهملة مدينة بالجزيرة ( وبانقيا ) بزيادة ألف بين الباء والنون وهي مكسورة بعدها قاف ساكنة تليها ياء مثناة من تحت ناحية بالنجف دون الكوفة قال ثعلب سميت بذلك لأن إبراهيم ولوطا نزلاها وكانت تزلزل فلم تزلزل تلك الليلة فاشتراها بغنيمات يقال لها نقيا وكان شراؤها من أهل بانقيا ( وأرض بني صلوبا ) بفتح الصاد المهملة وضم اللام بعدها واو ساكنة تليها باء موحدة فهذه الأماكن فتحت صلحا لا عنوة فجاز بيعها ومثل ذلك الأرض التي أسلم أهلها عليها كأرض المدينة فإنها ملك أربابها قاله في المغني والشرح ثم بين علة المنع فقال ( لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين ) لتكون مادة لهم لقتالهم في سبيل الله إلى يوم القيامة وشهرة ذلك تغني عن نقله ولأنها لو قسمت لكانت للذين افتتحوها ثم لورثتهم أو لمن انتقلت إليه عنهم ولم تكن مشتركة بين المسلمين ولو جاز تخصيص أحدهما لكان من افتتحها أحق بها ( وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام ) عن الأر
(4/19)
ولم تقدر مدتها لعموم المصلحة فيها وتجوز إجارتها وعن أحمد أنه كره بيعها وأجاز شراءها (1)
____________________
1- ( ولم تقدر مدتها لعموم المصلحة فيها ) هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره إن المأخوذ منهم أجرة فيجب تقدير مدتها كسائر الإجارات فأجاب بالفرق من حيث إن عموم المصلحة موجود هنا بخلاف ما إذا أجر ملكه لإنسان أو يقال إنها لا تصح مجهولة في أملاك المسلمين فأما في أملاك الكفار أو في حكم أملاكهم فجائز ألا ترى أن الأمير لو قال من دلنا على القلعة الفلانية فله منها جارية صح وإن كانت بجعل مجهول فإن قيل لو كانت أجرة لم تؤخذ عن النخل والكرم لعدم صحة إجارة ذلك والجواب أن المأخوذ هناك عن الأرض إلا أن الأجرة اختلفت لاختلاف المنفعة فالمنفعة بالأرض التي فيها النخل أكثر وإنما كره أحمد الدخول فيها لما شاهده في وقته لأن السلطان كان يأخذ زيادة على ما وظفه عمر ويضرب ويحبس ويصرفه إلى غير مستحقه وعنه يصح بيعها ذكره الحلواني واختاره الشيخ تقي الدين وقال جوز أحمد إصداقها وقاله جده وتأوله القاضي على نفعها ( وتجوز إجارتها ) لأنها مؤجرة في أيدي أربابها وإجارة المؤجر جائزة وعنه لا ذكرها القاضي وغيره كالبيع ( وعن أحمد أنه كره بيعها ) للاختلاف فيه ونقل أبو داوود يبيع منه ويحج قال لا أدري فدل على التوقف ( وأجاز شراءها ) لأنه في معنى الاستنقاذ وعنه لحاجته وعياله ونقل حنبل أمقت السواد والمقام فيه كالمضطر يأكل من الميتة مالا بد منه وعلى الصحة فإنها تكون في يد المشتري على ما كانت في يد البائع يؤدي خراجها ويكون الشراء بمعنى نقل العين من يد إلى أخرى بعوض إلا ما كان قبل سنة مائة أو من إقطاع عمر رضي الله عنه
أصل إذا أعطى الإمام هذه الأرض أو وقفها فقيل يصح وفي النوادر لا واحتج بنقل حنبل مثل السواد كمن وقف أرضا على رجل أو على ولده لا يح
(4/20)
ولا يجوز بيع رباع مكة ولا إجارتها وعنه يجوز ذلك (1)
____________________
1- منها شيء إلا على ما وقف وفي المغني والشرح إن حكم بصحة البيع حاكم صح لأنه مختلف فيه كبقية المختلفات مع أنهما ذكرا أن للإمام البيع لمصلحة لأن فعله كحكم الحاكم
( ولا يجوز بيع رباع مكة ) بكسر الراء جمع ربع وهو المنزل ودار الإقامة لقوله عليه السلام إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من نهار متفق عليه وفي الصحيح قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ( ولا إجارتها ) لما روى سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعا مكة حرام بيعها حرام إجارتها وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أنه قال مكة لا تباع رباعها ولا تكرى بيوتها رواه الاثرم ولأنها فتحت عنوة بدليل أنه عليه السلام أمر بقتل أربعة فقتل منهم ابن خطل ومقيس بن صبابة ولو فتحت صلحا لم يجز قتل أهلها ولم تقسم بين الغانمين فصارت وقفا على المسلم فيحرمان كبقاع المناسك ( وعنه يجوز ذلك ) اختاره المؤلف بناء على أنها فتحت صلحا لقوله عليه السلام من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن وإذا فتحت صلحا كانت ملكا لأهلها فجاز ذلك كسائر الأملاك واختاره الشيخ تقي الدين في البيع واختاره صاحب الهدي فيه لأن عمر اشترى من صفوان بن أمية دارا بأربعة آلاف درهم واشترى معاوية من حكيم ابن حزام دارين بمكة إحداهما بستين ألفا والأخرى بأربعين ألفا وجوابه أن ذلك كان على سبيل الاستنقاذ مع أن عمر اشترى ذلك لمصلحة وجعله سجن
(4/21)
ولا يجوز بيع كل ماء عد كمياه العيون ونقع البئر ولا ما في المعادن الجارية كالقار والملح والنفط ولا ما نبت في أرضه من الكلأ والشوك ومن أخذ منه شيئا ملكه إلا أنه لا يجوز دخول ملك غيره بغير إذنه (1)
____________________
1- يؤيده فعله ذلك في أرض السواد وعلى المنع إن سكن بأجرة معينة لا يأثم بدفعها جزم به في المغني وعنه بلى قال الشيخ تقي الدين هي ساقطة يحرم بذلها وروي أن سفيان سكن بعض رباع مكة وهرب ولم يعطهم أجرة فأدركوه فأخذوها منه وذكر ذلك لأحمد فتبسم فظاهره أنه أعجبه
مسألة الحرم كمكة نص عليه ولا خراج على مزارعها لأنه جزية الأرض ( ولا يجوز بيع كل ماء عد ) بكسر العين وتشديد الدال وهو الذي له مادة لا تنقطع ( كمياه العيون ونقع البئر ) على المذهب لأنه عليه السلام نهى أن يباع الماء رواه الأثرم من حديث جابر ولأن الماء لا يملك على الصحيح لقوله عليه السلام المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار رواه أبو داوود وابن ماجه ولأنه لو كان مملوكا لم يجز للمستأجر إتلافه إذ الإجارة لا يستحق بها إتلاف الأعيان بل مشتر أحق به من غيره لكونه في ملكه وعنه يملكه ويجوز اختاره أبو بكر لأنه متولد من أرضه كالنتاج قوله ونقع البئر أي الماء المنتقع فيها ( ولا ما في المعادن الجارية كالملح والقار والنفط ) على الأصح لأن نفعه يعم فلم يجز بيعه كالماء ( ولا ما نبت في أرضه من الكلأ والشوك ) لما ذكرنا ( ومن أخذ منه شيئا ملكه ) نص عليه لأنه من المباح فيملكه آخذه كما لو أخذه من ارض مباحة واختار ابن عقيل عدمه وخرجه رواية من أن النهي يمنع التمليك وجوابه أن تعديه لا يمنع تملكه كما لو عشش في أرضه طائر أو دخل فيها صيد أو نضب الماء عن سمك فدخل إليه وأخذه ( إلا أنه لا يجوز له دخول ملك غيره بغير إذنه ) جزم به في الوجيز وغيره لأنه متصرف في ملك الغير بغير إذنه كما لو دخل لغير ذلك ونقل ابن منصو
(4/22)
وعنه يجوز بيع ذلك فصل الخامس أن يكون مقدورا على تسليمه فلا يجوز بيع الآبق ولا الشارد ولا الطير في الهواء (1)
____________________
1- له الدخول لرعي كلإ وأخذه ونحوه ما لم يحط عليها بلا ضرر قال لأنه ليس لأحد منعه ونقل المروذي له ذلك مطلقا وكرهه في التعليق والوسيلة والتبصرة ( وعنه يجوز بيع ذلك ) لأنه خارج من ملكه فجاز بيعه كسائر الخارج منها وعلى الأول المنع منه قبل حيازته فأما بعدها فلا ريب أنه ملكه بذلك لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء إلا ما حمل منه رواه أبو عبيد في الأموال وعلى ذلك مضت العادة في الأمصار ببيع الماء في الروايا والحطب والكلإ المحازين من غير نكير وليس لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذن مالكه فصل ( الخامس أن يكون مقدورا على تسليمه ) لأن مالا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم والمعدوم لا يصح بيعه فكذا ما أشبهه ( فلا يجوز بيع الآبق ولا الشارد ) لما روى مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا أنه نهى عن بيع الغرر وفسره القاضي وجماعة ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر والآبق كذلك لأنه متردد بين الحصول وعدمه مع أن فيه نهيا خاصا رواه أحمد عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء العبد وهو آبق وظاهره لا فرق بين أن يعلم خبره أم لا ( ولا الطير في الهواء ) لأنه بيع غرر وظاهره ولو كان يألف الرجوع لأنه غير مقدور عليه فلم يجز لفوات شرطه وقيل يجوز واختاره في الفنون وأنه قول الجماعة وأنكره من لم يحقق فإن أمكن أخذه وبابه مغلق جاز ذكره في المغني والشرح إناطة بالقدرة على التسليم وشرط القاضي مع ذلك أخذه بسهولة فإن لم يمكن إلا بتعب ومشقة لم يجز لعجزه في الحا
(4/23)
ولا السمك في الماء ولا المغصوب إلا من غاصبه أو من يقدر على أخذه فصل السادس أن يكون معلوما برؤية
والجهل بوقت تسليمه ويرد عليه الغائب البعيد الذي لا يمكن إحضاره إلا بمشقة فإنه يجوز ويفرق بينهما بأن البعيد تعلم الكلفة التي يحتاج إليها في إحضاره بالعادة وتأخير تسليمه مدته معلومة ( ولا السمك في الماء ) لما روى أحمد عن ابن مسعود مرفوعا لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر قال البيهقي فيه انقطاع والمراد به إذا كان في الآجام فلو كان في بركة معدا للصيد وعرف برؤية لصفاء الماء فيها وأمكن اصطياده صح بيعه لأنه معلوم ممكن تسليمه أشبه الموضوع في طست نعم إن كان في أخذه كلفة ومشقة خرج فيه الخلاف السابق مع أنه ذكر في المغني والشرح أن البركة إذا كانت كبيرة وتطاولت المدة في أخذه أنه لا يجوز بيعه للجهل بوقت إمكان التسليم ( ولا المغضوب ) لأنه لا يقدر على تسليمه ( إلا من غاضبه ) لأن المانع منه معدوم هنا وعلى الأصح ( أو من يقدر على أخذه ) لعدم الغرر ولإمكان قبضه وعنه يصح بيع آبق لقادر على تحصيله ذكره في المغني والشرح وحكاه القاضي في موضع والأشهر المنع فإن عجز عن استنقاذه فله الفسخ لأنه إنما صح لظن القدرة على التحصيل فصل السادس أن يكون معلوما عند المتعاقدين لأن جهالة المبيع غرر فيكون منهيا عنه فلا يصح لذلك ومعرفة المبيع تحصل ( برؤية ) مقارنة له أو لبعضه إن دلت على بقيته نص عليه
فرؤية أحد وجهي ثوب خام يكفي لا منقوش ولأن الرؤية متفق عليها
____________________
(4/24)
أو صفة تحصل بها معرفته فإن اشترى ما لم يره ولم يوصف له أو رآه ولم يعلم ما هو أو ذكر له من صفته مالا يكفي في السلم لم يصح البيع وعنه يصح وللمشتري خيار الرؤية (1)
____________________
1- لأنها تحصل العلم بحقيقة المبيع ويلحق بذلك ما عرف بلمسه أو شمه أو ذوقه ذكره القاضي وغيره وعنه ويعرف صفة المبيع تقريبا فلا يصح شراء غير جوهري جوهرة ( أو صفة تحصل بها معرفته ) على الأصح كالصفة التي تكفي في السلم لأنها تقوم مقام الرؤية والبيع يتميز بما يصفه العاقد والشرع قاض بالاعتماد على قوله بدليل قبول قوله إنه ملكه ولأنه مبيع معلوم للمتعاقدين مقدور على تسليمه فصح كالحاضر وظاهره أن البيع بالصفة مخصوص بما يجوز السلم فيه لا غيره صرح به في المحرر والشرح والوجيز فعلى هذا يصح بيع أعمى وشراؤه كتوكيله فرع
لا يصح بيع الأنموذج بأن يريه صاعا ويبيعه الصبرة على أنها من جنسه وقيل ضبط الأنموذج كذكر الصفات نقل جعفر فيمن يفتح جرابا ويقول الباقي بصفته إذا جاءه على صفته ليس له رده
( فإن اشترى مالم يره ولم يوصف له أو رآه ولم يعلم ما هو أو ذكر له من صفته مالا يكفي في السلم لم يصح البيع ) في قول الجمهور لعدم العلم بالمبيع ( وعنه يصح ) اختاره الشيخ تقي الدين لعموم قوله تعالى { وأحل الله البيع } البقرة 275 ولأن عثمان وطلحة تبايعا داريهما بالكوفة والمدينة فتحاكما إلى جبير فجعل الخيار لطلحة وهذا اتفاق منهم على صحة العقد ولأنه عقد معاوضة يصح بغير رؤية ولا صفة كالنكاح وهذا إذا ذكر جنسه وإلا لم يصح رواية واحدة قاله القاضي وغيره وعليها ( للمشتري خيار الرؤية ) على الأصح لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اشترى مالم يره فهو بالخيار إذا رآه والخيار لا يكون إلا في بي
(4/25)
وإن ذكر له من صفته ما يكفي في السلم أو رآه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا صح في أصح الروايتين ثم إن وجده لم يتغير فلا خيار له (1)
____________________
1- صحيح وهو على الفور للخبر وقيل يتقيد بالمجلس كخياره وللمشتري فسخ العقد قبل الرؤية وقال ابن الجوزي لا كما لو اختار إمضاء العقد والمذهب الأول لأن الخبر من رواية عمر بن إبراهيم الكردي وهو متروك الحديث ويحتمل أنه بالخيار بين العقد عليه وتركه ويمكن حمله على ما إذا اشتراه بالصفة ثم وجده متغيرا ولأنه باع مالم يره ولم يوصف له فلم يصح كبيع النوى في التمر والآية مخصوصة بما ذكرناه فرع
لا يبطل العقد بموت أو جنون
( وإن ذكر له من صفته ما يكفي في السلم ) صح البيع في ظاهر المذهب لما قلنا والثانية لا يصح إلا بالرؤية لأن الصفة لا تحصل العلم من كل وجه فلم يصح البيع بها كالدين لا يصح السلم فيه ( أو رآه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا صح في أصح الروايتين ) وهي قول الأكثر لأن المبيع معلوم عندهما أشبه مالو شاهداه حال العقد إذ الرؤية السابقة كالمقارنة والثانية لا يصح حتى يراها حالة العقد إذ الرؤية السابقة كالمقارنة والثانية لا يصح حتى يراها حالة العقد روي عن الحكم وحماد لأن ما كان شرطا اعتبر وجوده حالة العقد كالشهادة في النكاح وجوابه أنها تراد لتحمل العقد والاستيثاق عليه بدليل ما لو وقفا في بيت من الدار أو طرف الأرض المبيعة صح بلا خلاف مع عدم مشاهدة الكل وظاهره أنه إذا كان الزمن يتغير فيه المبيع أنه لا يصح صرح به في المغني والشرح لأنه غير معلوم فإن كان يحتملهما وليس الظاهر تغيره صح بيعه لأن الأصل السلام ( ثم إن وجده لم يتغير فلا خيار له ) ولزمه البيع وقاله ابن سيرين وإسحاق لأنه تسلم المعقود عليه بصفاته فلم يكن ل
(4/26)
وإن وجده متغيرا فله الفسخ والقول في ذلك قول المشترين مع يمينه ولا يجوز بيع الحمل في البطن (1)
____________________
1- خيار كالسلم ( وإن وجده متغيرا فله الفسخ ) لأنه بمنزلة العيب وهو على التراخي إلا بما يدل على الرضى من سوم ونحوه لا بركوبه الدابة في طريق الرد وعنه على الفور وإن أسقط حقه من الرد فلا أرش في الأصح ( والقول في ذلك ) أي في التغير والصفة ( قول المشتري مع يمينه ) لأن الأصل براءة الذمة من الثمن فلا يلزمه ما لم يثبت عليه وفي الرعاية وفيه نظر وقال المجد قد ذكر القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب بعموم كلامه إذا اختلفا في صفة المبيع هل يتحالفان أو قول البائع فيه روايتان
تنبيه البيع بالصفة نوعان بيع عين معينة كبعتك عبدي التركي ويذكر صفاته فينفسخ العقد برده على البائع وتلفه قبل قبضه لكونه معينا وبيع موصوف غير معين كبعتك عبدا تركيا ويستقصي صفات السلم فيصح البيع في وجه اعتبارا بلفظه وفي آخر لا وحكاه الشيخ تقي الدين عن أحمد كالسلم الحال وفي ثالث يصح إن كان ملكه فعلى الأول حكمه حكم السلم يعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس في وجه وقال القاضي يجوز التفرق فيه قبل القبض لأنه بيع حال أشبه بيع المعين فظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه وظاهر المستوعب وغيره يعتبر وهو أولى ليخرج عن بيع دين بدين وجوز الشيخ تقي الدين بيع الصفة والسلم حالا إن كان في ملكه ( ولا يجوز بيع الحمل في البطن ) لما روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا أنه نهى عن بيع المضامين والملاقيح قال أبو عبيد المضامين ما في أصلاب الفحول والملاقيح ما في البطون وهي الأجنة ولأنه مجهول لا تعل
(4/27)
واللبن في الضرع والمسك في الفار والنوى في التمر ولا الصوف على الظهر وعنه يجوز بشرط جزه في الحال (1)
____________________
1- صفته ولا حياته فلم يصح كالمعدوم وهو غير مقدور على تسليمه بخلاف الغائب فإن بيع مع أمه دخل تبعا كأس الحائط وعلم منه أن بيع حبل الحبلة غير صحيح من باب أولى ( واللبن في الضرع ) لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع لبن في ضرع رواه ابن ماجه والدارقطني ولأنه مجهول الصفة والمقدار أشبه الحمل ولأنه بيع عين لم تخلق فلم يصح كبيع ما تحمل هذه الناقة والعادة فيه تختلف وأما لبن الظئر فإنما جاز للحاجة وقال الشيخ تقي الدين إن باعه لبنا موصوفا في الذمة واشترط كونه من هذه الشاة أو البقرة جاز كما لو قال أسلمت إليك في عشرة أوسق من تمر هذا الحائط ( والمسك في الفأر ) وهو الوعاء الذي يكون فيه ولأنه مجهول فلم يصح بيعه مستورا كالدر في الصدف قال في الفروع ويتوجه تخريج يجوز لأنه وعاء له يصونه ويحفظه واختاره في الهدي وعلى الأول إن فتح وشاهد ما فيه جاز بيعه وإلا لم يصح للجهالة ( والنوى في التمر ) لعدم العلم به ومثله البيض في الدجاج قال في الشرح لا نعلم فيهما اختلافا للجهالة وكالفجل قبل القلع نص عليه ( ولا الصوف على الظهر ) لحديث ابن عباس السابق نهى أن يباع صوف على ظهر أو سمن في لبن ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه ( وعنه يجوز بشرط جزء في الحال ) لأنه مشاهد يمكن تسليمه أشبه الرطبة في الأرض وفارق الأعضاء لأنه لا يمكن تسليمها مع سلامة الحيوان فعليها لو اشتراه بشرط الجز ثم تركه حتى طال فحكم الرطبة على ما يأت
(4/28)
ولا يجوز بيع الملامسة وهو أن يقول بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا أو يقول أي ثوب لمسته فهو لك بكذا ولا بيع المنابذة وهو أن يقول أي ثوب نبذته إلي فهو علي بكذا ولا بيع الخصاة وهو أن (1)
____________________
1- مسألة لا يجوز بيع عسب الفحل للنهي عنه من حديث ابن عمر رواه البخاري وهو ضرابه وكذا إجارته ولابن عقيل احتمال بجوازها لأنها منفعة مقصودة والغالب حصول النزو فيكون مقدورا عليه ومنع احمد أن يعطى شيئا على سبيل الهدية وحمله المؤلف على الورع وجوز دفع الأجرة دون أخذها وكذا الدفع على سبيل الهدية
( ولا يجوز ) أي لا يصح ( بيع الملامسة ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه ( وهو أن يقول بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا أو يقول أي ثوب لمسته فهو لك بكذا ) كذا فسره المؤلف وهو ظاهر كلام أحمد ولأن المبيع مجهول لا يعلم ولا بيع المنابذة للخبر وهو أن يقول أي ثوب نبذته أي طرحته إلي فهو علي بكذا لما في الصحيح عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده ولا يقلبه والمنابذة أن ينبذ كل رجل منهما ثوبه إلى الآخر ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تقليب فتفسير أبي سعيد للمنابذة نظرا إلى اللفظ ولذلك جعل النبذ من الطرفين وفي رواية أخرى المنابذة طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه والملامسة لمس الثوب لا ينظر إليه ولأنه مجهول لا يعلم وفي بعضها يجتمع مفسدان الجهالة والتعليق على شرط فلو قال بعتك ما قلته أو ما أنبذه إليك لم يصح لأنه غير معين ولا موصوف ( ولا بيع الحصاة ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وهل هو في الأرض أو الثياب وقد ذكرهما المؤلف ( وهو أ
(4/29)
يقول إرم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا أو يقول بعتك من هذه الأرض قدر ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا ولا يجوز أن يبيع عبدا من عبيد ولا شاة من قطيع ولا شجرة من بستان ولا هؤلاء العبيد إلا واحدا غير معين ولا هذا القطيع إلا شاة وإن استثنى معينا من ذلك جاز وإن باعه قفيزا من هذه الصبرة صح (1)
____________________
1- يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا أو يقول بعتك من هذه الأرض قدر ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا ) وكلاهما باطل لما فيه من الغرر والجهالة فرع
لا يجوز بيع المعدن وحجارته والسلف فيه نص عليه ( ولا يجوز أن يبيع عبدا ) غير معين لأنه غرر فيدخل في عموم النهي وللجهالة ولا عبدا ( من عبيد ) لما ذكرنا ولأنه يختلف فيفضي إلى التنازع وسواء قلوا أو كثروا وظاهر كلام الشريف وأبي الخطاب يصح إن تساوت القيمة وفي مفردات أبي الوفاء يصح عبد من ثلاثة بشرط الخيار ( ولا شاة من قطيع ولا شجرة من بستان ) للجهالة ( ولا هؤلاء العبيد إلا واحدا غير معين ولا هذا القطيع إلا شاة ) نص عليه وهو قول أكثر العلماء لأن ذلك غرر ويفضي إلى التنازع وكما لو قال بعتك شاة من القطيع تختارها وضابطه أن كل مالا يصح بيعه مفردا لا يصح استثناؤه ويستثنى منه بيع السواقط للأثر ( وإن استثنى معينا من ذلك ) كقوله إلا هذا العبد أو إلا فلانا وهما يعرفانه ( جاز ) لأنه عليه السلام نهى عن الثنيا إلا أن تعلم قال الترمذي حديث صحيح ولأن المبيع معلوم بالمشاهدة لكون المستثنى معلوما فينتفي المفسد ( وإن باعه قفيزا من هذه الصبرة صح ) وكذا في الفروع وزاد إن علما زيادتها عليه وهو مراد لأنه مبيع مقدر معلوم من جملة فصح بيعها أشبه ما لو باع منها جزءا مشاعا وشرط في المحرر والوجيز إن كانت متساوية الأجزاء يحترز به من صبرة بقال القرية فإنه لا يصح لكونها مختلفة وقيل بل
(4/30)
وإن باعه الصبرة إلا قفيزا أو ثمرة الشجرة إلا صاعا لم يصح وعنه يصح وإن باعه أرضا إلا جريبا أو جريبا من أرض يعلمان جربانها صح وكان مشاعا فيها وإلا لم يصح (1)
____________________
1- فلو تلفت الصبرة إلا قفيزا فهو المبيع ولو فرق القفزان فباعه أحدهما مبهما فاحتمالان
فائدة قال الأزهري الصبرة الكومة المجموعة من الطعام سميت صبرة لإفراغ بعضها على بعض ومنه قيل للسحاب فوق السحاب صبير ويقال صبرت المتاع إذا جمعته وضممت بعضه على بعض
( وإن باعه الصبرة إلا قفيزا أو ثمرة الشجرة إلا صاعا ) أو ثمرة البستان إلا صاعا ( لم يصح ) في ظاهر المذهب لأن المبيع مجهول لأن ما كان معلوما بالمشاهدة يخرج عن كونه معلوما بالاستثناء ودليله الخبر ( وعنه يصح ) لأنه عليه السلام نهى عن الثنيا إلا أن تعلم وهذه معلومة وذكره أبو الوفاء المذهب في رطل من اللحم وجزم به أبو محمد الجوزي في آصع من بستان كاستثناء جزء مشاع ولو فوق ثلثها وكمبيع صبرة بألف إلا بقدر ربعه لا ما يساويه لجهالته فرع
إذا استثنى من الحائط شجرة معينة صح في الأصح لأنه معلوم ( وإن باعه أرضا إلا جريبا أو ) باعه ( جريبا من أرض يعلمان جربانها صح ) فيهما لأن الأرض إذا كانت عشرة أجربة ففي صورة الاستثناء كأنه قال بعتك تسعة أعشار هذه الأرض وهو معلوم بالمشاهدة وفي الثانية كأنه قال بعتك عشرها ( وكان مشاعا فيها ) لإشاعة الجزء المباع ( وإلا ) إذا لم يعلما جربان الأرض ( لم يصح ) في الأصح لأن أجزاء الأرض تختلف فإذا لم تتعين ل
(4/31)
وإن باعه حيوانا مأكولا إلا رأسه وجلده وأطرافه صح (1)
____________________
1- يصح لجهالته وذكره بعضهم اتفاق الأئمة لأنه لا معينا ولا مشاعا وفي بيع خشبة من سقف وفص من خاتم الخلاف فرع
حكم الثوب كالأرض فيما ذكرنا وقال القاضي إن نقصه القطع فلا لأنه غير قادر على التسليم إلا بضرر كما لو باعه نصفا معينا من الحيوان وجوابه أنه قادر على تسليمه مع الرضى بخلاف ما سبق
مسألة إذا قال بعتك من الأرض من هنا إلى هنا جاز لأنه معلوم فلو قال بعتك عشرة أذرع منها وعين الابتداء ولم يعين الانتهاء لم يصح نص عليه ومثله بعتك نصف هذه الدار التي تليني قاله المجد وإن قال بعتك نصيبي أو سهمي من هذه الدار وهما يعلمانه صح وإلا فلا
( وإن باعه حيوانا مأكولا إلا رأسه وجلده وأطرافه صح ) في المنصوص لأنه عليه السلام لما خرج من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة فمروا براعي غنم فاشتريا منه شاة وشرطا له سلبها رواه أبو الخطاب ولأن المستثنى والمستنثى منه معلومان فصح كما لو باع حائطا واستثنى منه نخلة معينة وكونه لا يجوز إفراده بالبيع لا يمنع صحة استثنائه كالثمرة قبل تأبيرها فإن امتنع المشتري من ذبحها لم يجبر ويلزمه قيمته على التقريب نص عليه ومحله إذا لم يشترط الذبح فإن اشترطه لزمه ودفع المستثنى لأنه إنما دخل على ذلك والتسليم عليه مستحق وللمشتري الفسخ بعيب يختص بهذا المستثنى ذكره في الفنون قال في الفروع ويتوجه لا وانه ان لم يذبحه للمشتري الفسخ وإلا فقيمته كما روي عن علي ولعله مراده
(4/32)
وإن استثنى حمله أو شحمه لم يصح ويصح بيع ما مأكوله في جوفه وبيع الباقلاء والجوز واللوز في قشرته (1)
____________________
1- ( وإن استثنى حمله ) سواء كان من أمه أو حيوان ( أو شحمه لم يصح ) لأن ذلك مجهول وقد نهي عن الثنيا إلا أن تعلم ولأنه لا يصح إفراده بالبيع فلم يصح استثناؤه كيدها ونقل ابن القاسم وسندي صحته في الحمل لما روى نافع عن ابن عمر أنه باع جارية واستثنى ما في بطنها ولأنه يصح استثناؤه في العتق فكذا هنا وجوابه بأن الصحيح من الرواية أنه أعتق جارية واستثنى حملها مع أنه لا يلزم من الصحة في العتق الصحة في البيع لأن العتق لا يمنعه الجهالة ولا العجز عن التسليم فرع
إذا باع أمة حاملة بحر فقال القاضي لا يصح لأنه يدخل في البيع مستثنى والمذهب صحته لأن المبيع معلوم وجهالة الحمل لا تضر لأنه قد يستثنى بالشرع مالا يصح استثناؤه باللفظ كما لو باع أمة مزوجة فإنه يصح ومنفعة البضع مستثناة بالشرع
مسألة يصح بيع حيوان مذبوح أو لحمه أو جلده وفي التلخيص لا يصح بيع لحم في جلد أو معه اكتفاء برؤية الجلد بل مع رؤوس وسموط قال الشيخ تقي الدين في حيوان مذبوح يجوز بيعه مع جلده كما قبل الذبح في قول جمهور العلماء وجوز بيع كل منهما منفردا
مسألة باع سمسما واستثنى الكسب أو الشيرج لم يصح ( ويصح بيع ما مأكوله في جوفه ) كالرمان والبيض بغير خلاف نعلمه لأن الحاجة تدعو إلى ذلك ولكونه من مصلحته ويفسد بإزالته ( وبيع الباقلاء والجوز واللوز ) والفستق ( في قشرته ) لأنه عليه السلام نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحه
(4/33)
والحب المشتد في سنبله فصل السابع أن يكون الثمن معلوما فان باعه السلعة برقمها أو بألف ذهبا وفضة أو بما ينقطع به السعر أو بما باع به فلان أو بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح (1)
____________________
1- فدل على الجواز بعد بدو الصلاح سواء كانت مستورة بغيرها أو لم تكن ولأنه لم يزل يباع في أسواق المسلمين من غير نكير فكان كالإجماع ولأنه مستور بحائل من أصل الخلقة أشبه الرمان ( و ) يصح بيع ( الحب المشتد في سنبله ) لأنه عليه السلام جعل الاشتداد غاية للبيع وما بعد الغاية يخالف ما قبلها فوجب زوال المنع فصل السابع أن يكون الثمن معلوما ) لأنه أحد العوضين فاشترط العلم به كالمبيع وكرأس مال السلم ولأن المبيع يحتمل رده بعيب ونحوه فلو لم يكن الثمن معلوما لتعذر الرجوع به ( فإن باعه السلعة برقمها ) هو بمعنى المرقوم أي المكتوب عليها وهما يجهلانه أو أحدهما لم يصح للجهالة ( أو بألف درهم ذهبا وفضة ) لأن مقدار كل واحد من الألف مجهول أشبه ما لو قال بمائة بعضها ذهب وبناه القاضي وغيره على إسلام ثمن في جنسين وصحح ابن عقيل إقراره بذلك مناصفة قال في الفروع وينوبه هنا مثله ويجاب عنه بأنه لو أقر بمائة ذهبا وفضة كان القول قوله في قدر كل منهما ( أو بما ينقطع به السعر ) أي بما يقف عليه من غير زيادة ( أو بما باع به فلان ) هو كناية عن اسم المحدث عنه وهذا هو الأصح فيهن وقيل يصح وصححه الشيخ تقي الدين بثمن المثل كنكاح ( أو بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح ) لأن الثمن غير معلوم حال العقد والعلم به شرط وهذا إذا لم يكن فيه نقد غالب فإن كان انصر
(4/34)
فان كان فيه نقد واحد انصرف إليه وإن قال بعتك بعشرة صحاحا أو إحدى عشرة مكسرة أو بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة لم يصح ويحتمل أن يصح وإن باعه الصبرة كل (1)
____________________
1- إليه وصح على الأصح وعنه يصح مطلقا وله الوسط وعنه الأدنى ( فإن كان فيه نقد واحد انصرف إليه ) لأنه تعين بانفراده وعدم مشاركة غيره كالإقرار والوصية فرع
يصح بوزن صنجة لا يعلمان وزنها وبصبرة ثمنا في الأصح ومثله ما يسع هذا الكيل ونصه يصح بموضع فيه كيل معروف وبنفقة عبده شهرا ذكره القاضي فلو فسخ العقد رجع بقيمة المبيع عند تعذر معرفة الثمن ( وإن قال بعتك بعشرة صحاحا أو إحدى عشرة مكسرة أو بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة لم يصح ) في المنصوص لما روى أبو هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه وما فسره المؤلف هو قول أكثر العلماء وقد جاء مفسرا في حديث ابن مسعود ولأن الثمن غير معلوم فلم يصح كما لو قال بعتك أحد هذين ومحله مالم يفترقا على أحدهما ذكره في الوجيز والفروع ( ويحتمل أن يصح ) هذا تخريج لأبي الخطاب من رواية إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم فيلحق به البيع فيكون وجها في الصحة وتردد المؤلف فيه وفرق بأن العقد ثم يمكن صحته لكونه جعالة يحتمل فيها الجهالة وأن العمل الذي يستحق به الأجرة لا بد وأن يقع على إحدى الصفتين فتعين الأجرة المسماة عوضا له فلا يفضي إلى التنازع قال الزركشي وفيهما نظر لأن العلم بالعوض في الجعالة شرط كما في الاجارة والبيع والقبول أيضا في البيع إلا على إحدى الصفتين فيعين ما سمي لها وفيه شيء إذ العلم به في الجعالة ليس شرطا مطلقا بدليل ما لو قال من دلني على قلعة كذا فله منها جارية ( وإن باعه الصبرة ك
(4/35)
قفيز بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم صح وإن باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح (1)
____________________
1- قفيز بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم صح ) في الأصح لأن المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم لاشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين وهو الكيل والعدد والذرع وظاهره وإن لم يعلما قدر الصبرة والقطيع والثوب كما لو باع ما رأس ماله اثنان وسبعون مرابحة لكل ثلاثة عشر درهم فإنه لا يعلم في الحال وإنما يعرف بالحساب والثاني لا يصح للجهالة في الحال ( وإن باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم ) وكذا معطوفيه ( لم يصح ) في الأصح لأن من التبعيض وكل للعدد فيكون مجهولا بخلاف ما سبق لأن المبيع الكل لا البعض فانتفت الجهالة والثاني يصح قال ابن عقيل هو الأشبه كما إذا أجره كل شهر بدرهم وفي عيون المسائل إذا باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم صح لتساوي أجزائها بخلاف من الدار كل ذراع بدرهم لاختلاف أجزائها ثم ذكر أنه إذا باعه من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح لأنه لم يبعه كلها ولا قدرا معلوما بخلاف أجرتك داري كل شهر بدرهم يصح في الشهر الأول فقط للعلم به وبقسطه من الأجرة
مسألة إذا قال بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم على أن أزيدك قفيزا أو أنقصكه لم يصح فإن قال على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة ووصفه بصفة يعلم بها صح كأنه قال بعتك هذه الصبرة وقفيزا من الأخرى بعشرة فإن علما جملة الصبرة صح فإن قال بعتك هذه الصبرة على أن أنقصك منها قفيزا صح وقال أبو بكر يصح في المسائل كلها على قياس قول أحمد ويجوز بيع الصبرة جزافا مع جهل المتابيعين بقدرها نص عليه ولا يشترط معرفة رؤية باطنها بخلاف الثوب وقال أبو بكر يصح بيعها إذا تساو
(4/36)
وإن باعه بمائه درهم إلا دينارا لم يصح ذكره القاضي ويجيء على قول الخرقي انه يصح (1)
____________________
1- موضعها فإن اختلفت لم يجز إلا أن يكون يسيرا يتغابن بمثله والأكثرون لا يشترطون ذلك بل إن ظهر تحتها ربوة أو فيها حجر مما لا يتغابن بمثله في مثلها ولم يعلم به المشتري فله الخيار كما لو وجد باطنها رديئا نص عليه ولابن عقيل احتمال يرجع بمثل مافات إذا أمكن فإن بان باطنها خيرا من ظاهرها فلا خيار للمشتري بخلاف البائع إذا لم يعلم وإذا علم البائع قدرها لم يجز بيعها جزافا على الأصح فرع
يصح بيع دهن ونحوه في ظرف معه موازنة كل رطل بكذا مع علمها بمبلغه وإلا فوجهان وصححه المجد إن علما زنة الظرف وإن باعه كل رطل بكذا على أن يزن الظرف فيحسب بوزنه على المشتري وليس مبيعا فيصح إن علما مبلغه وإلا فلا لجهالة الثمن وإن باعه جزافا بظرفه أو دونه صح أو باعه في ظرفه كل رطل بكذا على أن يطرح منه وزن الظرف صح بغير خلاف نعلمه فرع
اشترى سمنا أو زيتا في ظرف فوجد فيه ربا صح في الباقي بقسطه من الثمن وله الخيار ولم يلزمه بدل الرب وألزمه شريح بقدره سمنا وإن باعه بمائة درهم إلا دينارا لم يصح ذكره القاضي ) ومثله بدينار إلا درهما نقله أبو طالب لأن قيمة المستثنى مجهولة ويلزم من الجهل بها الجهل بالثمن والعلم به شرط ( ويجيء على قول الخرقي ) من الإقرار إذا استثنى عينا من ورق أو بالعكس ( انه يصح ) في البيع كسائر الاستثناءات الصحيحة فعلى هذا تحذف قيمة المستثنى وصححه ابن عقيل بالمستثنى منه كله فلو قال بعتك بمائة درهم إلا قفيز حنطة لم يصح وجها واحدا لأنه استثناء من غير الجنس واستشك
(4/37)
فصل في تفريق الصفقة وهو أن يجمع بين ما يجوز بيعه ومالا يجوز بيعه وله ثلاث صور أحدها باع معلوما ومجهولا فلا يصح الثانية باع (1)
____________________
1- ابن المنجا تخريج صحة البيع من الإقرار قال لأن الأصحاب اختلفوا في العلة فقيل باتحاد النقدين وكونهما قيم الأشياء وأروش الجنايات وقيل لأن قيمة الذهب يعلمها كثير من الناس فإذا استثنى أحدهما من الآخر لم يؤد الجهالة غالبا وعلى كليهما لا يجيء صحة البيع لأن المفسد له الجهل في حال العقد ألا ترى أنه إذا باعه السلعة برقمها أنه لا يصح للجهالة حال العقد وإن علم بعده بالثمن بخلاف الإقرار فإنه يصح بالمجهول وفيه شيء فرع
إذا أسرا ثمنا بلا عقد ثم عقداه بآخر فالأول هو الثمن ولو عقداه سرا بثمن وعلانية بأكثر فكنكاح ذكره جماعة فصل في تفريق الصفقة
الصفقة المرة من صفق له بالبيعة والبيع ضرب بيده على يده وهي عقد البيع لأن المتبايعين يفعلان ذلك ومعنى تفريقها أي تفريق ما اشتراه في عقد واحد ( وهو أن يجمع بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز وله ثلاث صور أحدها باع معلوما ومجهولا ) يتعذر علمه ( فلا يصح ) بغير خلاف نعلمه لأن ما بعضه مجهولا يكون كله كذلك إذ الثمن ينقسم على المبيع بالقيمة والمجهول لا يمكن تقويمه فلا طريق إلى معرفة ثمن المعلوم فلو قال كل منهما بكذا فوجهان بناء على أن علة المنع اتحاد الصفقة أو جهالة الثمن في الحال قلت وكذا إذا باعه بمائة ورطل خمر فسد لأن الخمر لا قيمة لها في حقنا اتفاقا وما لا قيمة له لا ينقسم عليه البدل بل يبقى العقد بالمائة ويبقى الرطل شرطا فاسدا وفي الانتصار يتخرج صحة العقد فقط على رواية ( الثانية با
(4/38)
مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه في الصحيح من المذهب وللمشتري الخيار إن لم يكن عالما الثالثة باع عبده وعبد غيره بغير إذنه أو عبدا وحرا أو خلا وخمرا ففيه روايتان أولاهما لا يصح والأخرى يصح في عبده وفي الخل (1)
____________________
1- مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه ) من الثمن لأنه لا يلزم منه جهالة في الثمن لانقسامه هنا على الأجزاء ( في الصحيح من المذهب ) وهو قول الأكثر لكون الثمن معلوما وبه يظهر الفرق بينها وبين الصورة الأولى والثانية لا تصح لأن الصفقة جمعت حراما وحلالا فغلب الحرام ولأنه إذا لم يمكن تصحيحهما في جميع العقود بطلت في الكل كالجمع بين الأختين وجوابه أن كل واحد منهما له حكم عند الانفراد فكذا عند الاجتماع وفي الشرح هما وجهان بناء على نص أحمد فيمن تزوج حرة وأمة في عقد واحد هل يفسد فيهما أو يصح في الحرة وليس كذلك بل هما منصوصتان عن أحمد هنا كما نقله المعظم ( وللمشتري الخيار ) بين الفسخ والإمساك ( إذا لم يكن عالما ) لأن الشركة عيب ولهذا تثبت الشفعة في المبيع خوفا من سوء المشاركة وفي المغني له الأرش إن لم يكن عالما وأمسك فيما ينقص بالتفريق وظاهره أنه إذا كان عالما لا خيار له لأن إقدامه عليه مع العلم به دليل على الرضى ولا للبائع أيضا مطلقا لأنه رضي بزوال ملكه عما يجوز بيعه بقسطه ( الثالثة باع عبده وعبد غيره بغير إذنه أو عبدا وحرا أو خلا وخمرا ففيه روايتان ) وكذا في الكافي ( أولاهما لا تصح ) جزم به في الوجيز وصححه في المغني والشرح لأن الصفقة جمعت حلالا وحراما فغلب ولأن الثمن مجهول لكونه إنما يعلم بالتقسيط على القيمة وهو مجهول في الحال فلم يصح كالرقم المجهول ( والأخرى يصح في عبده وفي الخل ) في ظاهر المذهب لأن كل واحد منهما له حكم مفرد فإذا اجتمعا بقيا على حكمهم
(4/39)
بقسطه وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد فهل يصح على وجهين وإن جمع بين بيع وإجارة أو بيع وصرف صح فيهما ويقسط العوض عليهما في أحد الوجهين (1)
____________________
1- كما لو باع شقصا وسيفا ( بقسطه ) لأن ذلك هو الذي يقابله وقيل يصح بالثمن والأشهر الأول والخمر قيل تقدر خلا كالحر عبدا وقيل تعتبر قيمتها عند من لها قيمة عنده وعند صاحب الترغيب وغيره إن علما بالخمر لم يصح وعلى الأول لمشتر الخيار ( وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد فهل يصح على وجهين ) أحدهما لا يصح جزم به في الوجيز لأن كل واحد منهما مبيع بقسطه من الثمن وهو مجهول بخلاف ما إذا كانا لرجل واحد فإن جملة المبيع تقابل جملة الثمن من غير تقسيط والعبد المشترك ينقسم عليه الثمن بالأجزاء فلا جهالة والثاني يصح وهو المنصوص وهو المذهب وقدمه في المحرر والفروع لأن جملة الثمن معلومة فصح كما لو كانا لواحد فعليه يقسط على قدر القيمة ومثله بيع عبديه لاثنين بثمن واحد لكل منهما عبدا واشتراهما منهما وفيها في المنتخب وجه على عددهما فيتوجه في غيرها ومثلها في الإجارة ذكره في الفروع ( وإن جمع ) بعوض واحد ( بين بيع وإجارة أو بيع وصرف صح فيهما ) نص عليه وهو المذهب لأنهما عينان يجوز أخذ العوض عنهما منفردين فجاز أخذه عنهما مجتمعين كالعبدين واختلاف حكمهما لا يمنع الصحة كما لو جمع بين ما فيه شفعة وما لا شفعة فيه ( ويقسط العوض عليهما في أحد الوجهين ) لما ذكرنا والثاني لا يصح لأن حكمهما مختلف وليس أحدهما أولى من الآخر فيبطل فيهما فإن المبيع فيه خيار ولا يشترط فيه التقابض في المجلس ولا ينفسخ العقد بتلف البيع والصرف بخلافه فلو جمع بين بيع وخلع صح نص عليه وكذا إذا جمع بين نكاح وبيع فيصح النكاح في الأصح لأنه لا يفسد بفساد العو
(4/40)
وإن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة بطل البيع وفي الكتابة وجهان فصل ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها (1)
____________________
1- وفي البيع وجهان ( وإن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة بطل البيع ) في الأصح وذكره في الشرح وجها واحدا لأنه باع ماله لعبده القن فلم يصح كما لو باعه من غير كتابة ( وفي الكتابة وجهان ) كذا في المحرر والفروع أحدهما يبطل جزم به في الوجيز لأنه بطل في بعضه فبطل في كله كما تقدم والثاني يصح لأن البطلان وجد في البيع فاختص به وقيل نصه صحة البيع والكتابة ويقسط العوض على قيمتهما فصل
( ولا يصح البيع ) والشراء ( ممن تلزمه الجمعة ) ولو كان أحد المتعاقدين أو وجد القبول ( بعد ندائها ) لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } الجمعة ( 9 ) فنهى عن البيع بعد النداء وهو ظاهر في التحريم لأنه يشغل عن الصلاة ويكون ذريعة إلى فواتها أو فوات بعضها وكلاهما محرم وحينئذ لم ينعقد لأنه عقد نهي عنه لأجل عبادة فكان غير صحيح كالنكاح المحرم والمراد به الذي بين يدي المنبر لأنه كان على عهده عليه السلام فتعلق الحكم به وعنه بالأول وهو الذي زاده عثمان وهو الأول وعنه أو الوقت قدمه في المنتخب وفي عيون المسائل والترغيب بالوقت وكلامه شامل لكل أنواعه حتى الإقالة إن قيل هي بيع وكذا الإجارة قاله ابن عقيل وإنه يعم القليل حتى شرب الماء ويستثنى منه ما إذا كان لحاجة كمضطر إلى طعام أو شرا
(4/41)
ويصح النكاح وسائر العقود في أصح الوجهين ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا ولا بيع السلاح في الفتنة ولا لأهل الحرب ويحتمل (1)
____________________
1- وعريان يجد سترة وكفن ميت وتجهيزه إذا خيف عليه الفساد وشراء أبيه ليعتق عليه بشرطه ومركوب لعاجز أو ضرير لا يجد قائدا على احتمال لابن عقيل فيه وقوله ممن تلزمه يحترز به عن المسافر والمقيم في قرية لا جمعة عليهم لأن غير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي وذكر ابن أبي موسى رواية بلى لعموم النهي وظاهره أنه يصح بعد نداء غيرها وهو المذهب وقيل لا كهي وإن تضيق وقتها فوجهان وقيل يصح في الكل لأن النهي لمعنى في غيره لا فيه ويحرم ارتكابه كمساومة ومفاداة بعد ندائها
( ويصح النكاح وسائر العقود ) كالإجارة والصلح واختيار إمضاء البيع ( في أصح الوجهين ) لأن ذلك يقل وقوعه فلا تكون إباحته ذريعة إلى ما ذكر في البيع والثاني لا يصح لأنه عقد معاوضة أشبه البيع والأول أولى لأن النهي مختص بالبيع وغيره لا يساويه فلم يصح الإلحاق
( ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا ) قطعا لقوله تعالى { ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 وهذا معونة على الإثم فيكون محرما ولا يصح لأنه عقد على عين يقصد بها المعصية أشبه إجارة الأمة للزنى أو للغناء والمذهب إذا علم أي تحقق وقيل أو ظن اختاره الشيخ تقي الدين وعلم منه أن بيع الخمر وشراءه باطل إجماعا ولو من وكيل لخبر ابن عباس رواه الترمذي ( ولا بيع سلاح في الفتنة ) أي بين المسلمين لأنه عليه السلا
(4/42)
أن يصح مع التحريم ولا يصح بيع العبد المسلم لكافر إلا أن يكون ممن يعتق عليه فيصح في إحدى الروايتين وإن أسلم عبد الذمي أجبر على إزالة ملكه عنه وليس له كتابته (1)
____________________
1- نهى عنه قاله أحمد قال وقد يقتل به ولا يقتل به وإنما هو ذريعة له ( ولا لأهل الحرب ) أو لقطاع الطريق لما فيه من الإعانة على المعصية ( ويحتمل أن يصح ) في الجميع ( مع التحريم ) كما لو دلس العيب وقاسه ابن المنجا على الصلاة في الدار المغصوبة إذ قيل بصحتها فرع
لا يصح بيع مأكول ومشموم لمن يشرب عليهما المسكر وأقداح لمن يشرب بها وجوز وبيض لقمار وأمة وأمرد لوطء دبر أو غناء قال أحمد في رجل مات وخلف جارية مغنية وصغيرا وقد احتاج إلى بيعها فقال يبيعها على أنها ساذجة ولا عبرة بنقص قيمتها
( ولا يصح بيع العبد المسلم لكافر ) نص عليه لأنه ممنوع من استدامة ملكه عليه لأن فيه صغارا فمنع ابتداؤه كالنكاح والاسترقاق وعنه يؤمر ببيعه أو كتابته فإن وكله مسلم فظاهره المنع وهو وجه والآخر يجوز لأنه واسطة وفي ثالث إن سمي الموكل في العقد صح وفي الواضح إن كفر بعتق وكل من يشتريه له ويعتقه ( إلا أن يكون ممن يعتق عليه ) بالشراء ( فيصح في إحدى الروايتين ) جزم به في الوجيز وغيره لأن ملكه لا يستقر عليه ولأنه وسيلة إلى تحصيل حرية المسلم والأخرى لا يصح لأنه ثبوت ملك لكافر على مسلم فلم يصح كما لو لم يعتق عليه وأطلقهما في المحرر والفروع وعبارته شاملة لمن علق عتقه بشرائه وفي شمولها لمن اشتراه بشرط العتق نظر ( وإن أسلم عبد الذمي ) سواء كان بيده أو بيد مشتريه فرده عليه بعيب ( أجبر على إزالة ملكه عنه ) ببيع أو هبة أو عتق لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 14
(4/43)
وقال القاضي له ذلك ولا يجوز بيع الرجل على بيع أخيه وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها بتسعة ولا شراؤه على شراء أخيه وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي فيها عشرة ليفسخ البيع ويعقد معه فان فعل (1)
____________________
1- ولأن في إبقائه في ملكه صغارا للمسلم ( وليس له كتابته ) على المذهب لأن الكتابة لا تزيل ملك السيد عنه بل يبقى إلى الأداء وهو غير جائز ( وقال القاضي ) وجزم به في الوجيز وصححه في الرعاية ( له ذلك ) لأنه سبب لعتقه ولأنه يزيل يده عنه أشبه إعتاقه له
تنبيه إذا قال لآخر اشترني من فلان فإني عبده فاشتراه فبان حرا لم يلزمه العهدة حضر البائع أو غاب كقوله اشتر منه عبده هذا ويؤدب هو وبائعه لكن ما أخذه المقر غرمه نص عليهما وسأله ابن الحكم عن رجل يقر بالعبودية حتى يباع قال يؤخذ البائع والمقر بالثمن فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن واختاره الشيخ تقي الدين فإن كان الغار أنثى حدت ولا مهر نص عليه ويلحقه الولد قال في الفروع فلو أقر أنه عبده فرهنه فيتوجه كبيع
( ولا يجوز بيع الرجل على بيع أخيه ) لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له متفق عليه ولما فيه من الإضرار بالمسلم وإفساد بيعه فحرم كشتمه ( وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها بتسعة ) هذا تفسير للبيع على بيع أخيه ( ولا ) يجوز ( شراؤه على شراء أخيه ) لأنه في معنى المنهي عنه وهو أيضا في معنى الخاطب والبيع يقع على الشراء ويسمى البائع والمشتري بيعين ( وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي فيها عشرة ) هذا تفسير لشراء على شراء أخيه ( ليفسخ البيع ويعقد معه ) وظاهره أن ذلك قب
(4/44)
فهل يصح البيع على وجهين وفي البيع الحاضر للبادي روايتان (1)
____________________
1- لزوم العقد أي في مدة الخيارين فإذا انبرم فلا ( فإن فعل ) ما نهي عنه ( فهل يصح البيع ) الثاني ( على وجهين ) كذا في المحرر وفي البلغة روايتان إحداهما لا يصح وجزم به في الوجيز وصححه في الفروع لما روى سمرة مرفوعا قال أيما رجل باع بيعا من رجلين فهو للأول منهما رواه الخمسة وهو عام في مدة الخيار وبعده والآخر يصح لأن النهي لمعنى في غير البيع أشبه بيع النجش وإن رده أو بذل لمشتر بأكثر مما اشتراها فوجهان وقال الشيخ تقي الدين للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة وأخذ الزيادة أو عوضها
فائدة يحرم سومه على سوم أخيه لخبر أبي هريرة مع الرضى صريحا وقيل أو ظاهرا وقيل أو تساوى الأمران وقيل لا يصح وفي عيون المسائل السوم كالخطبة على خطبة أخيه وكذا سوم إجارة ذكره في الانتصار وغيره وأما استئجاره على إجارة أخيه فكذلك قاله الشيخ تقي الدين
( وفي بيع الحاضر ) وهو المقيم في المدن والقرى ( للبادي ) وهو المقيم في البادية والمراد هنا من يدخل البلد من غير أهلها سواء كان بدويا أو قرويا قاله في المغني والشرح ( روايتان ) كذا في المحرر والبلغة لا ريب أنه بيع منهي عنه لقوله عليه السلام لا يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض رواه مسلم وعن أنس قال نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه متفق عليه والمعنى فيه أنه لو ترك القادم يبيع سلعته اشتراها الناس منه برخص فإذا تولى الحاض
(4/45)
إحداهما يصح والأخرى لا يصح بشروط خمسة أن يحضر البادي لبيع سلعته بسعر يومها جاهلا بسعرها ويقصده الحاضر ويكون بالناس حاجة إليها (1)
____________________
1- بيعها فلا يبيعها إلا بغلاء فيحصل الضرر على أهل المدن ( إحداهما يصح ) لأن النهي كان في أول الإسلام فوجب زواله أو لأن النهي لمعنى في غير المنهي عنه فلم يبطل به ( والأخرى لا يصح بخمسة شروط ) جزم به في الوجيز وعليه الأصحاب لعموم النهي ولأن ما ثبت في حق الصحابة ثبت في حقنا ما لم يقم دليل على اختصاصهم به وحينئذ فالخلاف مبني على زوال النهي أو بقائه ورده الزركشي بأنهما مستمران على القول بالبقاء ( أن يحضر البادي ) لأنه متى لم يقدم إلى موضع آخر لم يكن باديا ( لبيع سلعته ) لأنه إذا حضر لخزنها فقصده الحاضر وحضه على بيعها كان ذلك توسعة لا تضييقا ( بسعر يومها ) لأنه إذا قصد بيعها بسعر معلوم كان المنع من جهته لا من جهة الحاضر زاد بعضهم أي يقصد بيعها بسعر يومها حالا لا نسيئة ( جاهلا بسعرها ) لأنه إذا عرفه لم يزده الحاضر على ما عنده ( ويقصده الحاضر ) لأنه إذا قصده البادي لم يكن للحاضر أثر في عدم التوسعة ( ويكون بالناس ) وفي ابن المنجا بالمسلمين ( حاجة إليها ) لم يذكر أحمد هذا الشرط لأنهم إذا لم يكونوا محتاجين لم يوجد المعنى الذي نهى الشرع لأجله وظاهره أنه لا يصح ولو رضوا به وصرح به في الفروع في ظاهر المذهب وأبطله الخرقي بثلاثة شروط أن يكون الحاضر قصد البادي وقد جلب السلعة للبيع فيعرفه السعر وزاد القاضي الشرطين الأخيرين وتبعه جل الأصحاب وحكى ابن أبي موسى رواية بالبطلان وإن عرف البادي السعر وعنه أو جهله الحاضر وعنه إن قصده الحاضر أو وجه به إليه ليبيعه ونقل المروذي أخاف أن يكون منه جزم بها الخلا
(4/46)
فان اختل شرط من ذلك صح البيع وأما شراؤه له فيصح رواية واحدة (1)
____________________
1- ( فإن اختل شرط من ذلك ) أي من الخمسة ( صح البيع ) وزال النهي لأن الموقوف على شروط يزول بزوال أحدها فرع
إذا أشار حاضر على باد ولم يتول له بيعا لم يكره ويتوجه إن استشاره وهو جاهل بالسعر لزمه بيانه لوجوب النصح وإن لم يستشره ففي وجوب إعلامه إن اعتقد جهله به نظر بناء على أنه هل يتوقف وجوب النصح على استنصاحه ويتوجه وجوبه وكلام الأصحاب لا يخالفه ذكره في الفروع ( وأما شراؤه له فيصح رواية واحدة ) لأن النهي إنما ورد عن البيع لمعنى يختص به وهو الرفق بأهل الحضر وهذا غير موجود في الشراء للبادي إذ الخلق في نظر الشارع سواء ونقل ابن هانئ لا يشتري له كالبيع وكرهه طائفة من السلف منهم الليث
مسائل الأولى يحرم التسعير على الناس بل يبيعون أموالهم على ما يختارون لحديث أنس ويكره الشراء به وإن هدد من خالفه حرم وبطل في الأصح ويحرم بع كالناس في الأشهر وأوجب الشيخ تقي الدين الزامهم المعاوضة بثمن المثل وأنه لا نزاع فيه
الثانية يحرم الاحتكار وهو شراء الطعام محتكرا له للتجارة مع حاج
(4/47)
ومن باع سلعة بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا (1)
____________________
1- الناس إليه فيضيق عليهم نص عليه في قوت آدمي وعنه وما يأكله الناس وعنه أو يضرهم ادخاره بشرائه في ضيق قال في المغني من بلده لا جالبا والأول نقله القاضي وغيره ويصح شراء محتكر وفي الترغيب احتمال ويجبر المحتكر على بيعه كما يبيع الناس فإن أبى وخيف التلف فرقه الإمام ويردون مثله وقيل قيمته وكذا سلاح لحاجة قاله الشيخ تقي الدين وقال ومن ضمن مكانا ليبيع ويشتري وحده كره الشراء منه بلا حاجة ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق قال أحمد استغن عن الناس لم أر مثله الغني من العافية
الثالثة لا يكره ادخار قوت أهله ودوابه نص عليه ونقل جعفر سنة أو سنتين ولا ينوي التجارة فأرجوا أن لا يضيق
( ومن باع سلعة بنسيئة ) أو بثمن لم يقبضه ذكره الأكثر ( لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا ) وهو قول جماعة من الصحابة ومن بعدهم لما روى غندر عن شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية قالت دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة فقالت أم ولد زيد بن أرقم إني بعت غلاما من زيد بثمانمئة درهم إلى العطاء ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقدا فقالت لها بئسما اشتريت وبئسما شريت أبلغي زيدا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل إلا أن يتوب رواه أحمد وسعيد ولا تقول مثل ذلك إلا توقيفا ولأنه ذريعة إلى الربا ليستبيح بيع ألف بخمسمائة إلى أجل والذرائع معتبرة في الشرع بدليل منع القاتل من الإرث ولأنه تعالى عتب على بني إسرائيل التحي
(4/48)
إلا أن تكون قد تغيرت صفتها وإن اشتراها أبوه أو ابنه جاز (1)
____________________
1- في ارتكاب ما نهوا عنه وظاهره ولو بعد حل أجله نقله ابن القاسم وسندي وقيد الشراء بالنقد تبعا لأبي الخطاب فدل على أنه إذا اشتراها بعرض أو كان بيعها الأول بعرض فاشتراها بنقد جاز بغير خلاف نعلمه لأنه لا ربا بين الاثمان والعروض وظاهره أنه لا يجوز إذا اختلف النقد صححه المؤلف لأنهما كالشيء الواحد في معنى الثمنية وقال الأصحاب يجوز وهو المذهب لأنهما جنسان لا يحرم التفاضل بينهما وكذا لو اشتراها من غير مشتريه وظاهره المنع كتوكيله وسميت عينة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينا أي نقدا حاضرا من فوره وروي أن التبايع بها من أشراط الساعة ( إلا أن تكون قد تغيرت صفتها ) كعبد مرض أو ثوب انقطع لأن نقص الثمن لنقص المبيع لا للتوسل إلى الربا وتوقف في رواية مثنى فيما إذا نقص من نفسه وحمله في الخلاف على أن نقصه أقل من النقص الذي اشتراه به فتكون علة المنع باقية وكذا يجوز بعد قبض ثمنه صرح به في الوجيز والفروع ( وإن اشتراها أبوه أو ابنه ) أو غلامه ونحوه ( جاز ) لأن كل واحد منهم كالأجنبي بالنسبة إلى الشراء ما لم يكن حيلة فرع
إذا باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة فهي عكس العينة وهي مثلها نقله حرب إلا أن تتغير صفتها ونقل أبو داوود يجوز بلا حيلة فلو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بثمانين فلا بأس نص عليه وهي مثل التورق وعنه يكره وحرمه الشيخ تقي الدين نقل أبو داوود إن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتري منك هو أهون فإن كا
(4/49)
وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه أو ما لا يجوز بيعه به نسيئة لم يجز (1)
____________________
1- يريد بيعه فهي العينة وإن باعه منه لم يجز وهي العينة نصر عليه ( وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ) كالمكيل والموزون والمطعوم ( ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه ) كما لو باعه غرارة قمح بمائة درهم فلما حل اشترى بها غرارة قمح ( أو مالا يجوز بيعه به نسيئة ) كما لو اشترى بثمن القمح غرارة شعير ( لم يجز ) روي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب وطاوس لأن بيع ذلك ذريعة إلى بيع الربوي بالربوي نسيئة ويكون الثمن المعوض عنه بينهما كالمعدوم لأنه لا أثر له وعلله أحمد بأنه بيع دين بدين وجوزه الشيخ تقي الدين لحاجة قال في المغني والذي يقوى عندي جوازه إذا لم يفعله حيلة ولا قصد ذلك في ابتداء العقد لقول علي الحسين وكما لو كان المبيع الأول حيوانا أو ثيابا وظاهره أنه إذا اشترى من المشتري طعاما بدراهم وسلمها إليه ثم أخذها منه وفاء أو لم يسلم إليه لكن قاصه جاز صرح به في المغني والشرح
مسألة يستحب الإشهاد في قول الجمهور إذ الأمر فيه محمول عليه وقال قوم وروي عن ابن عباس هو واجب لظاهر الآية وكالنكاح وجوابه قوله تعالى { فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته } قال أبو سعيد صار إلى الأمانة وفعله عليه السلام يفسر
(4/50)
& باب الشروط في البيع & وهي ضربان صحيح وهو ثلاثة أنواع أحدها شرط مقتضى البيع كالتقابض وحلول الثمن ونحوه الثاني شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن أو الضمين به أو صفة في المبيع نحو كون العبد كاتبا أو خصيا أو صانعا أو مسلما والأمة بكرا (1)
____________________
1- & باب الشروط في البيع &
وهي جمع شرط وفسره ابن المنجا هنا بما ليس في محله والأولى هو إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ماله فيه منفعة
( وهي ضربان صحيح ) وهو ما يوافق مقتضى العقد وفاسد وهو ما ينافيه وقدم الكلام على الشروط الصحيحة لسلامة العقد وإن كان ذاك أقرب إلى العدم
( وهو ) أي الصحيح ( ثلاثة أنواع أحدها شرط مقتضى البيع ) أي مطلوبه ( كالتقابض وحلول الثمن ) فلا يؤثر فيه لأنه بيان وتأكيد لمقتضى العقد فوجوده كعدمه ( ونحوه ) مثل أن يشترط أن يتصرف أو يسقي الثمرة إلى الجداد قاله في البلغة
( الثاني شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله ) أو بعضه قاله أحمد ولا بد أن يكون إلى مدة معلومة كالخيار ( أو الرهن أو الضمين به ) والمراد إذا كانا معينين وليس له طلبهما بعد العقد لمصلحة ويلزم بتسليم رهن المعين إن قيل بلزوم بالعقد ( أو صفة في المبيع ) مقصودة ( نحو كون العبد كاتبا أو خصيا أو صانعا ) أو فحلا قاله في الوجيز والفروع ( أو مسلما والأمة بكرا ) أو حائضا نص عليه فإن لم تحض فقال ابن شهاب إن كانت صغيرة فليس بعيب لأنه يرجى زواله بخلاف الكبير
(4/51)
والدابة هملاجة والفهد صيودا فيصح فان وفى به وإلا فلصاحبه الفسخ وإن شرطها ثيبا كافرة فبانت بكرا مسلمة فلا فسخ له ويحتمل أن له الفسخ لأن له فيه قصدا (1)
____________________
1- لأنها إن لم تحض طبعا ففقده يمنع النسل وإن كان لكبر فعيب لأنه ينقص الثمن ( والدابة هملاجة ) أي ماشية إذ الهملجة مشية معروفة وهو فارسي معرب ( والفهد صيودا ) والأرض خراجها كذا ذكره القاضي ( فيصح ) اشتراط ذلك لأن الرغبات تختلف باختلاف ذلك فلو لم يصح اشتراط ذلك لفاتت الحكمة التي شرع لأجلها البيع يؤيده قوله عليه السلام المسلمون عند شروطهم فعلى هذا يلزم لقوله ( فإن وفى به وإلا فلصاحبه ) وهو المشتري ( الفسخ ) لأنه شرط وصفا مرغوبا فيه فصار مستحقا كما لو ظهر المبيع معيبا فإذا يرجع بالثمن وظاهره أنه لا أرش له مع الإمساك وهو ظاهر الخرقي والقاضي والأكثر إلحاقا له بالتدليس وذكر المجد في محرره والفروع أنه إذا أمسك فله أرش فقد الصفة إلحاقا له بالعيب وقيل مع تعذر الرد وفي المنتخب هل يبطل بيع ببطلان رهن فيه كجهالة الثمن أم لا كمهر في نكاح فيه احتمالان ( وإن شرطها ثيبا كافرة فبانت بكرا مسلمة فلا فسخ له ) لأنه زاده خيرا كما لو شرط الغلام كاتبا فإذا هو أيضا عالم وليس المراد اجتماع الوصفين بل متى شرط أحدهما فبان بخلافه كفى ( ويحتمل ) هذا قول في المذهب ( أن له الفسخ لأن له فيه قصدا ) صحيحا إذ المشتري قد لا يطيق وطء البكر وطالب الكافرة أكثر لصلاحيتها للمسلمين وغيرهم وليستريح من تكليفها بالعبادات وقال أبو بكر إذا شرطه كافرا فلم يكن فلا فسخ كاشتراط الحمق ونحوه فلو كانت الصفة غير مقصودة كما لو شرط في الأمة سبطة فبانت جعدة أو جاهلة فبانت عالمة فلا خيار له لأنه زاده خيرا فدل على أنه إذ
(4/52)
وإن شرط الطائر مصوتا أو أنه يجيء من مسافة معلومة صح وقال القاضي لا يصح الثالث أن يشترط البائع نفعا معلوما في المبيع (1)
____________________
1- شرطها جعدة فبانت سبطة أن له الخيار وقاله في عيون المسائل لانه عيب
تنبيه يصح شرط كون الشاة لبونا أو غزيرة اللبن لا أنها تحلب كل يوم قدرا معينا لأنه يختلف وكذا يصح شرطها حاملا لأنه يمكن الوفاء به كالصناعة وقال القاضي قياس المذهب لا يصح فلو شرطها حائلا فبانت بخلافه فسخ في الأمة لأنه عيب لا في غيرها لأنه زيادة وقيل ويفسخ في غيرها لأنه قد يريدها لسفر أو لحمل شيء لا يتمكن منه مع الحمل فلو شرط أنها لا تحمل فهو فاسد
( وإن شرط الطائر مصوتا ) أو يبيض أو الديك يوقظه للصلاة ( أو أنه يجيء من مسافة معلومة ) كمصر والشام ( صح ) جزم به في الوجيز لأن في تصويته قصدا صحيحا وهو عادة فيه كالهملاجة وكذا مجيئه لنقل الأخبار وحمل الكتب ( وقال القاضي لا يصح ) لأنه غير معلوم فصار كالأجل المجهول ولأنه تعذيب له أشبه ما لو شرط الكبش مناطحا وأطلق الخلاف في الفروع وجزم في المحرر بعدم الصحة في الطائر إذا شرطه مصوتا وفي الشرح لا يصح اشتراط كون الديك يوقظه للصلاة لأنه لا يمكن الوفاء به فرع
لو أخبره البائع بالصفة وصدقه بلا شرط فلا خيار له ذكره أبو الخطاب في المصراة ويتوجه عكسه قاله في الفروع
( الثالث أن يشترط البائع نفعا معلوما في المبيع ) على الأصح ويستثن
(4/53)
كسكنى الدار شهرا أو حملان البعير إلى موضع معلوم أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله (1)
____________________
1- منه الوطء فإنه لا يصح اشتراطه بلا خلاف ويأتي وطء المكاتبة ( كسكنى الدار شهرا أو حملان البعير إلى موضع معلوم ) لما روى جابر أنه كان يسير على جمل قد أعيا فضربه النبي صلى الله عليه وسلم فسار سيرا لم يسر مثله فقال بعنيه فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي متفق عليه يؤيده أنه عليه السلام نهى عن الثنيا إلا أن تعلم وهذه معلومة وأكثر ما فيه بتأخر التسليم فيه مدة معلومة فصح كما لو باعه أمة مزوجة أو دارا مؤجرة ونحوهما وقيل يلزم تسليمه ثم يرده لبائعه ليستوفي المنفعة ذكره الشيخ تقي الدين واحتج في التعليق والانتصار وغيرهما بشراء عثمان من صهيب أرضا وشرط وقفها عليه وعلى عقبه وكحبسه على ثمنه
والثانية لا يصح لأنه عليه السلام نهى عن بيع وشرط ولأنه شرط ينافي مقتضى العقد وهو التسليم فلم يصح كما لو شرط أن لا يسمله وجوابه بأن أحمد أنكر الخبر وقال لا نعرفه مرويا في مسند فعلى الأولى لا ينتفع بها المشتري على الأشهر وللبائع إجارة ما استثناه وإعارته كعين مؤجرة ثم إن تلفت العين بفعل المشتري أو تفريطه كما اختاره في المغني والشرح ضمنها بأجرة مثله وقال القاضي عليه ضمانه مطلقا وأخذه من كلام أحمد إذا تلفت العين رجع البائع على المبتاع بأجره المثل ولو باعها المشتري صح كالمؤجرة ويثبت الخيار للمشتري إذا لم يكن عالما ( أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله ) بشرط أن يكون معلوما لأن محمد بن مسلمة اشترى من نبطي جرزة حطب وشرط عليه حملها وغايته أن
(4/54)
وذكر الخرقي في جز الرطبة إن شرطه على البائع لم يصح فيخرج ها هنا مثله وإن جمع بين شرطين لم يصح (1)
____________________
1- جمع بيعا وإجارة وهو صحيح والمراد أحدهما لا هما صرح به في الوجيز فتكون الواو بمعنى أو فرع
إذا تراضيا بعوض النفع جاز في الأشهر وهو كأجير مشترك فإن مات أو تلف أو استحق فللمشتري عوض ذلك نص عليه
( وذكر الخرقي في جز الرطبة إن شرطه على البائع لم يصح ) البيع وأورده ابن أبي موسى مذهبا لأنه اشترط العمل في المبيع قبل ملكه أشبه ما لو استأجره ليخيط له ثوب زيد إذا ملكه ( فيخرج هاهنا مثله ) كذا خرجه أبو الخطاب وجماعة لأن الشرط هنا مثله فيعطى حكمه وكذا قاله المجد تبعا لصاحب التلخيص وذكراه رواية وقال القاضي لم أجد بما قال الخرقي رواية في المذهب وتردد في المغني في التخريج فقال يحتمل أن يقاس عليه ما أشبهه من اشتراط نفع البائع في المبيع ويحتمل أن يختص البطلان بما ذكره لإفضائه إلى التنازع لأن البائع يريد قطعها من أعلاها ليبقى له منها بقية والمشتري يريد استقصاءها ليزيد له ما يأخذه وهو أولى لقوله والبيع لا يبطله شرط واحد وليوافق المذهب
( وإن جمع بين شرطين لم يصح ) على الأصح لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع رواه أبو داوود والترمذي وصححه وظاهره كما قال القاضي في المجرد سواء كانا صحيحين أو فاسدين زاعما أنه ظاهر كلام أحمد ومعتمدا على إطلاق الخبر وبعد في الشرح كلامه والأشهر عن أحمد أنه فسرهما بشرطين صحيحين ليسا من مصلح
(4/55)
فصل الضرب الثاني فاسد وهو ثلاثة أنواع أحدها أن يشترط أحدهما على صاحبه عقدا آخر كسلف أو بيع أو قرض أو إجارة أو صرف للثمن أو غيره فهذا يبطل البيع ويحتمل أن يبطل الشرط وحده (1)
____________________
1- العقد بأن يشتري حزمة حطب ويشرط على البائع حملها وتكسيرها لا ما كان من مصلحته كالرهن والضمين فإن اشتراط مثل ذلك لا يؤثر ولا ما كان من مقتضاه ولا الشرطين الفاسدين إذ الواحد كاف في بطلانه وهذا اختيار الشيخين وصاحب التلخيص والشرح تبعا للقاضي في شرحه وفي المغني والشرح والفروع إن ما كان من مقتضى العقد فلا يؤثر فيه بلا خلاف وعنه أنه فسرهما بشرطين فاسدين وقاله بعض الأصحاب وضعفه صاحب التلخيص فإن الواحد مؤثر فلا حاجة إلى التعدد وجوابه بأنه مختلف فيه بخلاف الشرطين فصل
( الضرب الثاني فاسد ) يحرم اشتراطه ( وهو ثلاثة أنواع أحدها أن يشترط أحدهما على صاحبه عقدا آخر كسلف أو بيع أو قرض أو إجارة أو صرف للثمن أو غيره فهذا ) الشرط ( يبطل البيع ) على المذهب للنهي عنه وهو يقتضي الفساد قال أحمد هذا بيعتان في بيعة وكما لو شرط أن لا يسلم إليه المبيع نقل أبو داوود إذا اشتراه بكذا إلى شهر كل جمعة درهمان قال هذا بيعتان في بيعة ولأنه شرط عقدا في آخر فلم يصح كنكاح الشغار وحكمته إذا فسد الشرط وجب رد ما في مقابلته من الثمن وهو مجهول فيصير الثمن مجهولا ( ويحتمل أن يبطل الشرط وحده ) هذا رواية لأن عائشة أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترط أهلها ولاءها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها واشترطي لهم الولا
(4/56)
الثاني شرط ما ينافي مقتضى البيع نحو ان يشترط أن لا خسارة عليه أو متى نفق المبيع وإلا رده أو أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق أو إن أعتق فالولاء له أو يشرط أن يفعل ذلك فهذا باطل في نفسه وهل يبطل البيع على روايتين (1)
____________________
1- فإنما الولاء لمن أعتق متفق عليه فصحح الشراء مع إبطال الشرط وأطلق في المحرر الروايتين ( الثاني شرط ما ينافي مقتضى البيع نحو أن يشرط أن لا خسارة عليه أو متى نفق المبيع وإلا رده أو أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق أو إن أعتق فالولاء له أو يشرط أن يفعل ذلك فهذا ) شرط ( باطل في نفسه ) لقوله عليه السلام من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط متفق عليه ولأن إطلاق البيع يقتضي تصرف المشتري في المبيع على اختياره لأنه إنما بذل الثمن في مقابلة الملك والملك يقتضي إطلاق التصرف فالمنع منه يؤدي إلى تفويت الغرض فيكون الشرط باطلا ( وهل يبطل البيع على روايتين ) كذا في المحرر والبلغة أنصهما لا يبطل وهو ظاهر واختاره في المغني ونصره في الشرح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لحديث بريرة قال ابن المنذر هو ثابت ولا نعلم شيئا يعارضه والقول به يجب لا يقال المراد بقوله اشترطي لهم الولاء أي عليهم لأنه ثابت لها بالإعتاق فلا حاجة إلى اشتراطه ولأنهم امتنعوا من البيع إلا أن يشترط لهم الولاء فكيف يأمرها بما علم أنهم لا يقبلونه منها وصيغة الأمر هنا للتسوية نحو { فاصبروا أو لا تصبروا } الطور 16 ولعود الشرط على غير العاقد نحو بعتك على أن لا ينتفع به فلان يعني غير المشتري ذكره ابن عقيل وغيره والثانية يبطل نصره القاضي وأصحابه لما تقدم ولأنه شرط فاسد فأفسد العقد كما لو شرط عقدا آخر وكجهالة الثمن فلو أسقط الفاسد بعد العقد لم يؤثر وعلى الصحة للفائت غرضه وقيل للجاهل فساد الشرط الفسخ أو أرش نقص الثم
(4/57)
إلا إذا شرط العتق ففي صحته روايتان إحداهما يصح ويجبر عليه إن أباه وعنه فيمن باع جارية وشرط على المشتري إن باعها فهو أحق بها بالثمن أن البيع جائز ومعناه والله أعلم أنه جائز مع فساد الشرط وإن شرط رهنا فاسدا (1)
____________________
1- بإلغائه وقيل لا أرش وذكره الشيخ تقي الدين ظاهر المذهب ( إلا إذا شرط العتق ففي صحته ) أي صحة الشرط ( روايتان ) كذا في الفروع ( إحداهما يصح ) صححه في البلغة وقدمه في المحرر والفروع وهي المذهب لحديث بريرة ( ويجبر عليه إن أباه ) لأنه عتق مستحق لله لكونه قربة التزمه المشتري فأجبر عليه كالنذر وقيل هو حق للبائع فيفسخ فإن أمضى فلا أرش في الأصح وهل له المطالبة به وإسقاطه فيه خلاف والوجه الثاني لا يجبر لأن الشرط لا يوجب فعل المشروط كما لو شرط الرهن أو الضمين فعليه يثبت للبائع خيار الفسخ لأنه لم يف له بشرطه والثانية لا يصح لأنه شرط ينافي مقتضى العقد أشبه ما لو شرط أن لا يبيعه وقيل شرط الوقف كالعتق ( وعنه فيمن باع جارية وشرط على المشتري إن باعها فهو أحق بها بالثمن أن البيع جائز ومعناه والله أعلم أنه جائز مع فساد الشروط ) روى المروذي عن أحمد أنه قال هو معنى حديث النهي صلى الله عليه وسلم لا شرطان في بيع يعني أنه فاسد لأنه شرط أن يبيعه إياه وشرط أن يبيعه بالثمن الأول فهما شرطان في بيع ولأنه ينافي مقتضى العقد لكن نقل علي بن سعيد عنه جواز البيع والشرطين وأطلق ابن عقيل وغيره في صحة هذا الشرط ولزومه روايتين قال الشيخ تقي الدين عنه نحو عشرين نصا على صحة هذا الشرط وأنه يحرم الوطء لنقص الملك وسأله أبو طالب عمن اشترى أمة بشرط أن يتسرى بها لا للخدمة قال لا بأس به وحمل القاضي قول أحمد لا يقربها على الكراهة قال ابن عقيل وعندي أنه إنما منع منه لمكان الخلاف في العقد ( وإن شرط رهنا فاسدا ) كالخمر فسد لأن الرهن وثيقة بالحق ليرجع إليه عند الاستيفاء إذا لم يمكن من غيره وهو ممنو
(4/58)
ونحوه فهل يبطل البيع على وجهين الثالث أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي فلان أو يقول للمرتهن إن جئتك بحقك في محله وإلا فالرهن لك فلا يصح البيع ولا الشرط في الرهن إلا بيع العربون وهو أن يشتري شيئا ويعطي البائع درهما ويقول إن أخذته وإلا فالدرهم لك فقال أحمد رضي الله عنه يصح لأن عمر فعله وعند أبي الخطاب لا يصح (1)
____________________
1- من بيعه فلا يمكن الاستيفاء منه ( ونحوه ) كخيار أو أجل مجهولين ( فهل يبطل البيع على وجهين ) كذا في المحرر والمنصوص صحته كما تقدم
( الثالث أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي فلان ) فالمذهب أنهما لا يصحان لأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع والشرط هنا يمنعه وعنه صحة عقده لما تقدم وعنه صحتهما اختاره الشيخ تقي الدين في كل العقود التي لم تخالف الشرع لأن إطلاق الاسم يتناول المنجز والمعلق والصريح والكناية كالنذر ويستثنى على الأول بعت أو قبلت إن شاء الله ( أو يقول للمرتهن إن جئتك بحقك في محله وإلا فالرهن لك فلا يصح البيع ولا الشرط في الرهن ) لقوله عليه السلام لا يغلق الرهن من صاحبه رواه الأثرم وفسره أحمد بذلك وحكاه ابن المنذر عن جماعة من العلماء ولأنه علقه على شرط مستقبل كالأولى وفيه الخلاف المتقدم ( إلا بيع العربون وهو أن يشتري شيئا ) بثمن معلوم ( ويعطي البائع درهما ) أو أكثر ( ويقول إن أخذته ) احتسب به من الثمن ( وإلا ) أي وإن لم آخذه ( فالدرهم لك فقال أحمد يصح لأن عمر فعله ) لما روى نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا فلو دفع إليه درهما قبل البيع وقال لا تبعه لغيري وإن لم اشترها منك فهو لك ثم عقد وحسب من الثمن جاز وحمل في الشرح فعل عمر عليه جمعا بين فعله والخبر وموافقة القياس ( وعند أبي الخطاب لا يصح ) لنهيه عليه السلام عن بيع
(4/59)
وإن قال بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث وإلا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب لم يبرأ (1)
____________________
1- رواه ابن ماجة ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه لأجنبي ولأنه بمنزلة الخيار المجهول وفي المغني هذا هو القياس
مسائل الأولى حكم إجارته كالبيع ذكره في الوجيز والفروع
الثانية تعتبر مقارنة الشرط ذكره في الانتصار ويأتي في النكاح
الثالثة يصح تعليق فسخ بشرط واختار أبو الخطاب والمؤلف لا قال في الرعاية فيما إذا آجره كل شهر بدرهم إذا مضي شهر فقد فسختها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح
الرابعة إذا صححنا العقد دون الشرط فلمن فات غرضه منهما وقيل للجاهل فساد الشرط الفسخ لأنه لم يسلم له ما عقد عليه أو أرش نقص الثمن بإلغائه كالمعيب وقيل لا أرش وذكره الشيخ تقي الدين ظاهرالمذهب
( وإن قال بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث ) زاد في الشرح أو مدة معلومة ( وإلا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه ) وهو قول عمر واختاره جمع وخصه بالثلاث لأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار فجاز كما لو شرط الخيار ولأنه نوع بيع فجاز أن يفسخ بتأخر القبض كالصرف فإذا لم ينعقد في المدة انفسخ العقد وقيل يبطل بفواته
( وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب ) أو من عيب كذا إن كان به ( لم يبرأ ) في ظاهر المذهب لأنه خيار يثبت بعد العقد فلا يسقط قبله كالشفع
(4/60)
وعنه يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه فصل وإن باعه دارا على أنها عشرة أذرع فبانت أحد عشر فالبيع باطل وعنه أنه صحيح والزيادة (1)
____________________
1- ذكره أبو الخطاب وجمع أو لأنه شرط يرتفق به أحد العاقدين فلا يصح شرطه كالأجل المجهول ( وعنه يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه ) ومعناه أنه يبرأ مع الجهل لا العلم به لأن عبد الله بن عمر باع عبدا من زيد ابن ثابت بثمانمئة درهم بشرط البراءة فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترافعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر اتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب فقال لا فرده عليه ثم باعه ابن عمر بألف درهم رواه أحمد وهذه قضية اشتهرت ولم تنكر فكانت كالإجماع ونقل ابن هانئ إن عينه صح ومعناه نقل ابن القاسم وغيره لا يبرأ إلا أن يخبره بالعيوب كلها لأنه مرفق في البيع كالخيار وعنه يبرأ مطلقا قال في الانتصار وهو الأشبه بأصولنا كبراءة من مجهول وحيث قيل بفساد الشرط فالعقد صحيح على المذهب وفيه رواية فإن سمي العيب وأبرأه منه صح فصل
( وإن باعه دارا ) وفي المحرر والفروع أرضا وهو أحسن أو ثوبا ( على أنها عشرة أذرع فبانت أحد عشر فالبيع باطل ) جزم به ابن عقيل لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة لأنه إنما باعه عشرة أذرع ولا المشتري على أخذ البعض لأنه إنما اشترى الكل وعليه ضرر في الشركة ( وعنه أنه صحيح ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لأن ذلك نقص على المشتري فلم يمنع صحة البيع كالرد بالعيب وأطلقهما في الفروع ( والزياد
(4/61)
للبائع ولكل واحد منهما الفسخ وإن اتفقا على إمضائه جاز وإن بانت تسعة فالبيع باطل وعنه أنه صحيح والنقص على البائع وللمشتري الخيار بين الفسخ وأخذ المبيع بقسطه من الثمن وإن اتفقا على تعويضه عنه جاز (1)
____________________
1- للبائع ) لأنه لم يبعها ( ولكل واحد منهما الفسخ ) دفعا لضرر المشاركة مالم يعطه الزائد مجانا ذكره في المغني والشرح والفروع لأنه زاده خيرا وإن أبى ثبت للمشتري الخيار بين الفسخ والأخذ بجميع الثمن وقسط الزائد فإن رضي بالأخذ والبائع شريك له بالزائد فهل للبائع خيار الفسخ على وجهين أحدهما وهو ظاهر المتن أن له الفسخ لأن عليه ضررا في المشاركة والثاني لا لأنه رضي ببيع الجميع بهذا الثمن فإذا وصل إليه مع بقاء جزء له فيه كان زيادة ( وإن اتفقا على إمضائه جاز ) لأن الحق لهما لا يعدوهما كحالة الابتداء ( وإن بانت تسعة فالبيع باطل وعنه أنه صحيح ) وقد ذكرناه ( والنقص على البائع ) لأنه التزمه بالبيع ولا خيار له إذ لا ضرر عليه فيه ( وللمشتري الخيار بين الفسخ ) لنقصه ( وأخذ المبيع بقسطه من الثمن ) لأنه يقسط على كل جزء من أجزاء المبيع فإذا فات جزء استحق ما قبله من الثمن فإن أخذه بقسطه فللبائع الخيار بين الرضى والفسخ فإن بذل المشتري كل الثمن لم يملك الفسخ أشبه المبيع إذا كان معيبا فرضيه بجميع الثمن ( وإن اتفقا على تعويضه عنه جاز ) لأنه لا يجبر أحدهما على المعاوضة إذ المعاوضة يعتبر فيها التراضي منها فرع
إذا باعه صبرة على أنها خمسة أقفزة فبانت ستة رد الزائد ولا خيار للمشتري إذ لا ضرر عليه في رد الزائد وإن بانت أقل أخذها بقسطها من الثمن ولا خيار له لأن نقصان القدر ليس بعيب في الباقي من المكيل وقيل بلى لنقصانها وكغيرها والله أعل
(4/62)
& باب الخيار في البيع & وهو على سبعة أقسام أحدها خيار المجلس ويثبت في البيع (1)+++& باب الخيار في البيع &
الخيار اسم مصدر من اختار يختار اختيارا وهو طلب خير الأمرين من إمضائه أو الفسخ
( وهو على سبعة أقسام ) وسيأتي ( أحدها خيار المجلس ) وهو بكسر اللام موضع الجلوس والمراد به مكان التبايع ( ويثبت في البيع ) في قول أكثر العلماء لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع متفق عليه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وحسنه وقد أنكر كثير من العلماء على مالك مخالفته للحديث مع روايته له عن نافع عن ابن عمر قال الشافعي لا أدري هل مالك اتهم نفسه أو نافعا وأعظم أن أقول عبد الله بن عمر انتهى واعتراض المالكي بعمل أهل المدينة مدفوع بمخالفة سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب فإن قيل هو خبر آحاد فيما تعم به البلوى فالجواب بأنه مستفيض فإنه روي من حديث حكيم بن حزام وأبي هريرة وأبي برزة الأسلمي وجابر فإن قيل قد روي عن عمر أنه قال البيع صفقة أو خيار ولأنه عقد معاوضة فيلزم بمجرده كالنكاح وبأن المراد بالتفرق في الخبر التفرق بالأقوال لقوله تعالى { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } البينة 4 ولقوله عليه السلام ستفترق أمتي
____________________
1-
(4/63)
والصلح بمعناه والاجارة ويثبت في الصرف والسلم وعنه لا يثبت فيهما ولا يثبت في سائر العقود (1)
____________________
1- الخبر فالجواب بأن معنى ما روي عن عمر أن البيع ينقسم إلى بيع شرط فيه الخيار وبيع لم يشرط فيه وسماه صفقة لقصر مدة الخيار مع أن الجوزجاني روى عنه الأول ولو سلم فقد خالفه جمع من الصحابة مع أنه لا تأثير له مع وجود النص والقياس مدفوع فإن النكاح لا يقع إلا بعد ترو ونظر ولما فيه من إذهاب حرمة المرأة وردها وإلحاقها بالسلع المبيعة وليس بين المتبايعين تفرق بقول ولا اعتقاد ولأنه تبطل فائدة الحديث ولأنه جعل لهما الخيار بعد تبايعهما وفسره ابن عمر بأنه كان يمشي خطوات ليلزم البيع وهو شامل لجميع أنواعه والهبة بعوض إذ المغلب فيها حكم البيع على الأشهر والقسمة إن قيل هي بيع ويستثنى منه الكتابة وما تولاه واحد كالأب على الأصح ولا في شراء من يعتق عليه في الأشهر كما لو باشر عتقه وفي طريقة بعض أصحابنا رواية لا يثبت خيار مجلس في بيع وعقد معاوضة ( والصلح بمعناه ) أي بمعنى البيع كما إذا أقر له بدين أو عين ثم صالحه عنه بعوض لأنه بيع فيدخل في العموم ( والإجارة ) لأنها عقد معاوضة فيثبت فيها كالبيع وقيل لا تلي مدتها العقد ( ويثبت في الصرف والسلم ) على الأصح لأنه يشترط لصحته القبض وهو بيع في الحقيقة ( وعنه لا يثبت فيهما ) كخيار الشرط ولأنه يفتقر إلى القبض في الحال وذلك يقتضي عدم العلقة بينهما وهو ينافيه ( ولا يثبت في سائر ) أي باقي ( العقود ) سواء كان لازما من الطرفين كالنكاح والخلع لأنه يقصد منه الفرقة كالطلاق وكذا القرض والوقف والضمان والهبة الخالية عن عوض لأن فاعل ذلك دخل فيه على أن الحظ لغيره أو من أحد الطرفين كالرهن لأنه لو جاز فيه لبقي الحق بلا رهن فيضر بالمرتهن أو جائزا من الطرفين كالوكال
(4/64)
إلا في المساقاة والحوالة والسبق في أحد الوجهين ولكل واحد من المتبايعين الخيار مالم يتفرقا في أبدانهما (1)
____________________
1- والشركة والجعالة وأما المتردد بين الجواز واللزوم فقال ( إلا في المساقاة والحوالة والسبق في أحد الوجهين ) إذ المساقاة والسبق إجارة في وجه والحوالة بيع والمذهب أنه لا يثبت في ذلك لأن المساقاة عقد جائز والحوالة إما إسقاط أو عقد مستقل والسبق جعالة وكذا الخلاف في المزارعة والأخذ بالشفعة ( ولكل واحد من المتبايعين الخيار مالم يتفرقا بأبدانهما ) عرفا ولو طال المجلس بنوم أو تساوقا بالمشي أو في سفينة ولهذا لو أقبضه في الصرف وقال أمشي معك حتى أعطيك ولم يفترقا جاز نقله حرب وهو شامل إذا حصلت الفرقة بهرب كفعل ابن عمر والأصح أنه تحرم الفرقة خشية الاستقالة لظاهر خبر عمرو بن شعيب قاله أحمد أو من غير قصد أو جهل وكذا بإكراه في وجه إذ الرضى في الفرقة غير معتبر كما لا يعتبر الرضى في الفسخ واختار القاضي وأورده صاحب التلخيص مذهبا أنه لا ينقطع خيار المكره فيكون الخيار في المجلس الذي زال عنه الإكراه وقيل إن كان يقدر على كلام يقطع به خياره انقطع وإلا فلا وخص في المغني والشرح الخلاف بما إذا أكره أحدهما فلو أكرها زال خيارهما وقال ابن عقيل يبقى خيارهما وجعل منهما ما إذا رأيا سبعا أو ظالما يؤذيهما وهو ظاهر ويبطل خيارهما بموت أحدهما لأنها أعظم الفرقتين لا الجنون وهو على خياره إذا أفاق وفي الشرح إن خرس ولم تفهم إشارته أو جن أو أغمي عليه قام وليه مقامه
بيان المرجع في التفرق إلى العرف لعدم بيانه في الشرع فإن كانا في فضاء واسع مشى أحدهما مستدبرا لصاحبه خطوات قطع به ابن عقيل وقدمه في المغني والشرح وقيل يبعد منه بحيث لا يسمع كلامه المعتاد وجزم به في الكاف
(4/65)
إلا أن يتبايعا على أن لا خيار بينهما أو يسقطا الخيار بعده فيسقط في إحدى الروايتين وإن أسقطه أحدهما بقي خيار صاحبه (1)
____________________
1- وإن كانا في دار واسعة فمن بيت إلى آخر أو مجلس أو صفة بحيث يعد مفارقا وفي صغيرة يصعد أحدهما السطح أو يخرج منها كسفينة صغيرة وأما الكبيرة فيصعد أحدهما أعلاها وينزل الآخر أسفلها
فائدة قال الأزهري سئل ثعلب عن الفرق بين التفرق والافتراق فقال أخبرني ابن الأعرابي عن المفضل قال يقال فرقت يبن الكلامين مخففا فافترقا وفرقت بين اثنين مشددا فتفرقا فجعل الافتراق في الأقوال والتفرق في الأبدان ( إلا أن يتبايعا على أن لا خيار بينهما أو يسقطا الخيار بعده ) أي بعد البيع ( فيسقط في إحدى الروايتين ) اختارها ابن أبي موسى وجزم بها في الوجيز وقدمها في المحرر والفروع وصححها في المغني والشرح لقوله عليه السلام فإن خير أحدهما صاحبه فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع أي لزم ولقوله عليه السلام المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا إلا أن يكون البيع عن خيار فإن كان البيع عن خيار فقد وجب البيع والثانية لا يسقط فيهما وهي ظاهر الخرقي واختيار القاضي في تعليقه وأبي الخطاب في خلافه الصغير وابن عقيل لأن أكثر الأحاديث البيعان بالخيار من غير زيادة وقول الأكثر ذوي الضبط مقدم على رواية المنفرد وجوابه أن الأخذ بما تضمنته الزيادة أولى ( وإن أسقطه أحدهما بقي خيار صاحبه ) لأنه خيار في البيع فلم يبطل حق من لم يسقطه كخيار الشرط والأصح أنه يبطل خيار القائل لظاهر الخب
(4/66)
فصل الثاني خيار الشرط وهو أن يشترطا في العقد خيار مدة معلومة فيثبت فيها وإن طالت ولا يجوز مجهولا في ظاهر المذهب (1)+ فصل ( الثاني خيار الشرط وهو أن يشترطا في العقد ) وظاهره لو اتفقا قبله لم يلزم الوفاء به وفي المحرر وبعده في زمن الخيارين ( خيار مدة معلومة فيثبت فيها وإن طالت ) وقاله جمع من العلماء لقوله تعالى { أوفوا بالعقود } المائة 1 ولقوله عليه السلام المسلمون على شروطهم ولأنه حق مقدر يعتمد الشرط فيرجع في تقديره إلى مشترطه كالأجل أو مدة ملحقة بالعقد فجاز ما اتفقا عليه كالأجل وما روي عن محمد بن يحيى بن حبان بفتح الحاء والباء الموحدة أن جده كان يغبن في البيوع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال رواه البخاري في تاريخه وأصله في الصحيحين ولفظ البخاري لا خلابة ومسلم لا خيانة قيل هو تصحيف وهو ينافي مقتضى العقد لأنه يمنع الملك واللزوم وإطلاق التصرف فجاز في الثلاثة للحاجة فإنه خاص بحبان لأنه كان أصابه آمة في رأسه فكسرت لسانه وكان يغبن ويرد السلع على التجار ويقول الرسول جعل لي الخيار ثلاثا وعاش إلى زمن عثمان وتقديرها بالحاجة لا يصح لأنه لا يمكن ضبط الحكم بها لخفائها وكلامه شامل لو كان المبيع لا يبقى إلى مضيها كطعام رطب ونحوه فإنه يباع ويحفظ ثمنه إلى المدة صرح به القاضي وهو قياس ما ذكر في الرهن وهذا مالم يكن حيلة فإن فعله حيلة ليربح فيما أقرضه لم يجز نص عليه ( ولا يجوز مجهولا ) كقدوم زيد أو مجيء المطر أو الأبد ( في ظاهر المذهب ) لأنها مدة ملحقة بالعقد فلم تجز مع الجهالة مع أن شرط الأبد يقتضي المنع من
____________________
1-
(4/67)
وعنه يجوز وهما على خيارهما إلى أن يقطعاه أو تنتهي مدته ولا يثبت إلا في البيع والصلح بمعناه والإجارة في الذمة أو على مدة لا تلي العقد وإن شرطاه إلى الغد لم يدخل في المدة وعنه يدخل (1)
____________________
1- التصرف فيه وهو مناف لمقتضى العقد ( وعنه يجوز ) وقاله ابن شبرمة للخبر فعلى هذه ( هما على خيارهما إلى أن يقطعاه أو تنتهي مدته ) إن كانت معلقة بما تنتهي به
( ولا يثبت إلا في البيع ) لما مر ويستثنى منه ما يشترط فيه القبض لصحته كالصرف والسلم ( والصلح بمعناه ) لأنه بيع بلفظ الصلح وقسمة قاله في الفروع قال ابن عقيل وإن كان رد وأنه يحتمل دخوله في سلم رواية واحدة لعدم اعتبار قبضهما ( والإجارة في الذمة ) كقوله استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب ونحوه فيثبت فيه خيار الشرط لأنه استدراك للغبن فوجب ثبوته كخيار المجلس ( أو على مدة لا تلي العقد ) كما لو أجره سنة خمس في سنة أربع فدل على أنها إذا كانت تلي العقد لا يثبت فيها خيار الشرط على المذهب لأنه يفضي إلى فوات بعض المنافع المعقود عليها أو إلى استيفائها في مدة الخيار وكلاهما غير جائز وفيه وجه أنه يصح ويتصرف المستأجر فإن فسخ العقد رجع بقيمة المنافع المستوفاة وظاهره أنه لا يثبت في غير ما ذكر وقال ابن حامد يثبت في ضمان وكفالة وقال ابن الجوزي ونصر بن علي صاحب الروضة يثبت كخيار المجلس وقال الشيخ تقي الدين يجوز في كل العقود ( وإن شرطاه إلى الغد لم تدخل في المدة ) لأن إلى لانتهاء الغاية وما بعدها يخالف ما قبلها لقوله تعالى ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وكنظائره في الطلاق والإقرار ( وعنه تدخل ) لأنها قد تكون بمعنى مع فعليها لا يسقط الخيار إلا بآخر الغد وجوابه بأن ما تقدم هو الأصل فيها وحملها على المعية إما لدليل أو لتعذر حملها عل
(4/68)