| بسم الله الرحمن الرحيم | | قال شيخنا الإمام العلامة ، الحبر المحقق ، والمجتهد المدقق ، كاشف الفروع | والأصول ، مبين المعقول والمنقول ، إمام الأئمة وزاهدها ، وجهبذ الأحاديث | النبوية وناقدها ، أستاذ علماء الآفاق ، والمجمع عليه بالاتفاق ، المخصوص بالمواهب | الإلهية ، والقائم بأعباء الشريعة المحمدية ، قاضي القضاة ، برهان الدين ، أبو إسحاق | إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي ، تغمده الله برحمته ، | وأسكنه فسيح جنته ، بمنه وكرمه . | | الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه ، ورفع قدر العلم وعظمه ، ووفق للتفقه | في دينه من اختاره وفهمه . | | أحمده حمدا يعصم من نقمه ، ويتكفل بدوام نعمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله | وحده لا شريك له ، عالم خفيات الأسرار ، وغافر الخطيئات والأوزار . | وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة ، | والكاشف برسالته جلابيب الغمة ، صلى الله عليه وعلى آله الكرام ، وأصحابه | الحائزين من رضى الله أقصى المرام ، وسلم وكرم ، وشرف وعظم . |
____________________
(1/17)
| | وبعد ؛ فإن الاشتغال في العلم من أفضل القربات ، وأجل الطاعات ، وآكد | العبادات ، خصوصا علمي الحلال والحرام ، الذي به قوام الأنام ، ويتوصل به إلى | العمل بالأولى والأخرى ، وتحصل به السعادة في الأولى ، ورفع الدرجات | في الأخرى . | | وكنت قرأت فيه كتاب ' المقنع ' لشيخ الإسلام العلامة موفق الدين أبي محمد | عبد الله بن أحمد بن قدامة ، تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته . وهو | من أجلها تصنيفا ، وأجملها ترصيفا ، وأغزرها علما ، وأعظمها تحريرا ، وأحسنها | ترتيبا وتقريرا . فتصديت لأن أشرحه شرحا يبين حقائقه ، ويوضح دقائقه ، | ويذلل من اللفظ صعابه ، ويكشف عن وجه المعاني نقابه ، أنبه فيه على ترجيح | ما أطلق ، وتصحيح ما أغلق . واجتهدت في لاختصار خوف الملل والإضجار ، | ووسمته ب : ' المبدع في شرح المقنع ' والله أسأل أن ينفع به ، ويجعله خالصا | لوجهه الكريم ، إنه غفور رحيم . |
____________________
(1/18)
| الحمد . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | | قال المؤلف رحمه الله : ( الحمد ) افتتح كتابه بعد التبرك بالبسملة بحمد | الله أداءا لحق منبئ عما يجب عليه من شكر نعمائه التي تأليف هذا المختصر أثر | من أثارها ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ' كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم ' | رواه أبو داود وابن حبان في ' صحيحه ' من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . | ومعنى ' ذي بال ' ، أي : حال يهتم به . ' والأجذم ' ، بالجيم والذال المعجمة | هو الأقطع ، ومعناه : أنه مقطوع البركة . | | والحمد : هو الثناء باللسان على قصد التعظيم ، سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها ، | والشكر ينبئ عن تعظيم المنعم ، لكونه منعما ، سواء كان باللسان ، أو بالجنان ، أو | بالأركان ، فمورد الحمد هو اللسان وحده ، ومتعلقة النعمة وغيرها ، والشكر يعم | اللسان وغيره ، ومتعلقة النعمة فقط ، فالحمد أعم من الشكر باعتبار المتعلق ، | وأخص باعتبار المورد ، وعكسه الشكر ، فبينهما عموم وخصوص من وجه ، | لأنهما يجتمعان في مادة ، وهو الثناء باللسان في مقابلة الإحسان ، ويفترقان في | صدق الحمد فقط على الوصف بالعلم والشجاعة ، وصدق الشكر فقط على الثناء بالجنان أو الأركان في مقابلة الإحسان . وقيل : الحمد أعم من الشكر ، وقيل : | هما سواء . ونقيض الحمد : الذم ، ونقيض الشكر : الكفر . والألف واللام | فيه للعموم ، أي : يستحق المحامد كلها ، واختلف في اشتقاقه ، فقال النصر بن | شميل : هو مشتق من ' الحمدة ' وهي شدة لهب النار ، وقال ابن الأنباري : | هو مقلوب من ' المدح ' كقولهم : ما أطيبه وما أيطبه . |
____________________
(1/19)
| لله المحمود على كل حال ، الدائم الباقي بلا زوال ، الموجد . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | | ( لله ) اسم للذات الواجب الوجود ، المستحق لجميع المحامد ، ولهذا لم | يقل : الحمد للخالق ، أو للرزاق مما يوهم باختصاص استحقاقه الحمد بوصف دون | وصف . ونقل البندنيجي عن أكثر العلماء أنه الاسم الأعظم ، لأنه في سائر | تصاريفه يدل على الذات المقدسة . وذهب الخليل بن أحمد ، وأبو حنيفة أنه ليس | بمشتق ، وذهب آخرون وحكاه سيبويه عن الخليل إلى خلافه ، فقيل : هو من ' أله ' | بالفتح ' إلا هة ' ، أي : عبد عبادة ، والمعنى : أنه مستحق للعبادة دون غيره . | وقال المبرد : هو من قول العرب : ألهت إلى فلان ، : سكنت إليه ، وأصله : | إله ، لقوله تعالى : ^ ( وهو الذي في السماء إله ) ^ [ الزخرف : 84 ] فأدخلت | عليه الألف واللام ، فصار ' الإله ' ثم ألقيت حركة الهمزة على لام التعريف ، ثم | سكنت ، وأدغمت في اللام الثانية ، فصار ' الله ' بالرقيق ، ثم فخم إجلالا | وتعظيما ، فقيل : ' الله ' كذا قرره أبو البقاء وغيره ، وفيه نظر ، لما فيه من | كالتكلف . وهو عربي خلافا للبلخي في تعريبه من السريانية . | | ( المحمود ) هو صفة لله تعالى ، والأولى جره ، وكذا ما بعده من | الصفات . ( على كل حال ) لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يعجبه ، | قال : ' الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ' وإذا رأى غير ذلك ، قال : | ' الحمد لله على كل حال ' . ( الدائم ) قال تعالى : ( أكلها دائم ) [ الرعد : 35 ] | أي : مستمر ، ولما كان أحق الأشياء بالدوام هو الله ، كان الدائم هو الله تعالى . | ( الباقي ) قال تعالى : ( ويبقى وجه ربك ) [ الرحمن : 27 ] والدوام | أعلم من البقاء ، لأنه يستعمل في الزمن الماضي ، ويسمى أزليا ، وفي المستقبل | ويسمى أبديا . ( بلا زوال ) ، أي : بلا انفصال ، ( الموجد ) هو اسم |
____________________
(1/20)
| خلقه على غير مثال ، العالم بعدد القطر وأمواج البحر ، وذرات الرمال لا يعزب عنه مثقال | ذرة في الأرض . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | فاعل من أوجد ، ( خلقه ) ، أي : مخلوقاته ، إذ المصدر يرد بمعنى المفعول ، | كقولهم : الدرهم ضرب الأمير ، أي مضروبه . ( على غير مثال ) سبق ، لأنه | أنشأها من العدم ، لكمال قدرته وعظمته . | | ( العالم ) هو من جملة أوصافه الذاتية ، لأنه يوصف به ، ولا يوصف | بنقضيه في مذهب أهل السنة والجماعة ، لأنه تعالى عالم بعلم ، وعلمه قديم ، | ليس بضروري ، ولا نظري ، وفاقا . ( بعدد ) يقال : عددت الشيء عدا : | أحصيته ، والاسم : العدد ، والعديد ، يقال : هم عديد الحصى والثرى ، أي : | في الكثرة . ( القطر جمع قطرة ، وهو المطر ، وقد قطر الماء ، يقطر قطرا ، | وقطرته أنا ، يتعدى ، ولا يتعدى . ( وأمواج ) يقال : ماج البحر ، يموج | موجا : إذا اضطرب ، وكذلك الناس يموجون يوم القيامة . ( البحر ) هو | خلاف البر ، يقال : سمي به لعمقه واتساعه ، والجمع أبحر ، وبحار ، وبحور ، | وكل نهر عظيم بحر ، ويسمي الفرس الواسع الجري بحرا ، وماء بحر ، أي : | ملح ، وتبحر في العلم وغيره ، أي تعمق فيه وتوسع . ( وذرات الرمال ) | الذرات : واحدها ذرة ، وهي صغرى النمل ، ثم استعمل في الرمل تشبيها . | | ( لا يعزب ) هو بضم الزاي وكسرها ، أي : لا يبعد ولا يغيب ( عنه | مثقال ذرة ) ، أي : زنه مثقال ذرة ( في الأرض ) قال ابن عباس رضي | الله عنهما : خلق الله الأرض على قرن ثور ، والثور واقف على ظهر نون ، |
____________________
(1/21)
| ولا في السماء ولا تحت أطباق الجبال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفا ، والصفا على ظهر ملك ، والملك على | صخرة ، والصخرة على الريح ، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في الأرض | ولا في السماء . قال الحكماء : الأرض جسم بسيط كري بارد يابس ، يتحرك | إلى الوسط ، ولولا برودتها ويبسها ما أمكن قرار الحيوان على ظهرها ، ومدرت | المعادن والنبات في بطنها ، وخلقت قبل السماء في قول ، لقوله تعالى : ^ ( هو الذي خلق | لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسويهن سبع سموات ) [ البقرة : 29 ] | وهي سبع لقوله تعالى ^ ( ومن الأرض مثلهن ) ^ [ الطلاق 12 ] | ولقوله عليه السلام ' من أقتطع من الأرض شبرا بغير حق طوقه يوم القيامة | من سبع أرضين ' . ( ولا في السماء ) قال قتادة : خلقت قبل الأرض ، | لقوله تعالى : ^ ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها ) ^ إلى قوله : ^ ( والأرض بعد ذلك | دحاها ) [ النازعات : 28 - 30 ] وقال : ( الحمد لله الذي خلق السماوات | والأرض ) [ الأنعام : 1 ] وقال مجاهد : إنه تعالى أيبس الماء الذي كان عرشه | عليه ، فجعله أرضا ، وثار منه دخان ، فارتفع فجعله سماء ، فصار خلق الأرض قبل | السماء ، ثم قصد أمر ه إلى السماء فسواهن سبع سموات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، | وكانت إذ خلقها غير مدحوة . ( ولا تحت أطباق الجبال ) : واحدها جبل ، | وأعظمها خلقا جبل قاف ، قال المفسرون : هو جبل أخضر من زبرجدة خضراء ، | ومنها خضرة السماء ، وهو محيط بالدنيا إحاطة بياض العين بسوادها ، ومن ورائه |
____________________
(1/22)
| عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، وصلى الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | خلائق لا يعلمها إلا الله ، وخلقها الله لحكمة ، وهي أن الحوت لما اضطرب | تزلزلت الأرض ، فأرسل عليها الجبال ، فقرت ، فالجبال تفخر على الأرض ، | قال تعالى : ^ ( وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم ) [ الأنبياء : 31 ] . قال | بعض المهندسين : لو لم تكن الجبال ، لكان وجه الأرض مستديرا أملس ، ولو | كان كذلك ، لغطى الماء جميع جهاتها وأحاط بها . | | ( عالم الغيب والشهادة ) لأنه تعالى يعلم ما غاب عن العيون ، مما لم يعاين | ولم يشاهد ، وقيل : هما السر والعلانية . والإشارة به أن العلم ينقسم إلى شهادة | وغيب ، فالشهادة : ما حصلت معرفته من طريق الشهود ، وما عدا ذلك ، فهو غيب | بالإضافة إليه . ( الكبير المتعال ) المنزه عن صفات المخلوقين . | | وأعلم أنه قد أنكر على المؤلف في إسقاط التشهد من الخطبة ، لما ورد في الحديث : | ' كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ' وأجيب عنه بأن ما سبق ، فهو كاف . | | ( وصلى الله ) لما فرغ من الثناء على الله تعالى ، قرن ذلك بالصلاة على نبيه | لقوله تعالى : ^ ( ورفعنا لك ذكرك ) ^ [ الانشراح : 4 ] قال : لا أذكر إلا | ذكرت معي . والصلاة من الله : الرحمة ، ومن الملائكة : استغفار ، ومن الآدمي |
____________________
(1/23)
| على سيدنا محمد المصطفى وآله خير آل صلاة دائمة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | تضرع ودعاء ، قاله الأزهري وغيره . وقال أبو العالية : صلاة الله : ثناؤه عليه | عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء . ( على سيدنا ) : السيد هو الذي | يفوق قومه في الخير ، قاله الزجاج ، وقبل : التقي ، وقيل : الحليم ، وقيل : | الذي لا يغلبه غضبه ، وجميع ذلك منحصر فيه عليه السلام . ( محمد ) لما علم | الله كثرة خصاله المحمودة ، ألهم أهله أن يسموه محمدا ، وهو علم منقول من | التحميد ، مشتق من الحميد ، وهو من أسمائه تعالى ، وإليه أشار حسان بن | ثابت بقوله : | % ( وشق له من اسمه ليجله % | فذو العرش محمود وهذا محمد ) % | | ( المصطفى ) هو الخالص من الخلق ، وهو خير الخلائق كافه . وآله . | جمهور العلماء على جواز إضافة ' آل ' إلى المضمر ، كما استعمله المؤلف ، | وقال الكسائي والنحاس والزبيدي : لا يضاف إلا إلى المظهر ، لتوغله في الإبهام ، | وسيأتي الكلام عليهم . ( خير آل ) أصل خير : أخير ، فحذفو الهمزة ، | وبعدها ساكن لا يمكن النطق به ، فنقلوا حركة ما قبل الآخر إليه ، فبقي | ' خير ' ، كل ذلك تخفيفا . ( صلاة دائمة ) أي مستمرة متصلة ، لا تنقطع | اقتصر على الصلاة عليه ، كمسلم في ' صحيحة ' وهو مكروه ، كما نقله في |
____________________
(1/24)
| بالغدو والآصال أما بعد . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | ' شرح مسلم ' ، فقال : يكره إفراد الصلاة من غير تسليم ، لأن الله تعالى | أمر بهما جميعا ، لقوله تعالى : ^ ( صلوا عليه وسلموا تسليما ) ^ [ الأحزاب : 56 ] | مع تأكيد التسليم بالمصدر ، فدل على الاهتمام به . ( بالغدو ) جمع غدوة ، | وهو نفس الفعل ، تقول : غدا يغدوا غدوا ، عبر بالفعل عن الوقت ، والمراد | بالغدوات ، كما تقول : آتيك طلوع الشمس ، أي : وقت طلوعها . ( والى صال ) | جمع أصل ، وهو جمع أصيل ، وقيل : الآصال : جمع أصيل ، والآصال : | العشيات ، وقال أبو عبيدة : هي ما بين العصر إلى غروب الشمس . | | ( أما بعد ) أي : بعد ما ذكر من الثناء على الله تعالى ، والصلاة على نبيه ، وهذه | الكلمة يأتي بها المتكلم إذا كان في كلام ، وأراد الانتقال إلى غيره ، ولا يؤتى | بها في أول الكلام ، وكان صلى الله عليه وسلم يأتي بها في خطبه وكتبه ، رواه عنه اثنان | وثلاثون صحابيا . فأما ' أما ' . فهي كلمة فيها معنى الشرط ، قال سيبويه : | قول النحويين : أما زيد فمنطلق ، معناه : مهما يكن من شيء ، فزيد منطلق | قال بعضهم : وأصلها ' ما ما ' فحذفت الألف ، ثم أدغم بشرطه ، والابتداء | بالساكن متعذر ، فألحقت الهمزة ، لئلا يلتبس . و ' بعد ' . ظرف | زمان ، والأعراف فيها هنا البناء على الضم ، لكونها قطعت عن الإضافة ، وفيها | وجوه أخر ، وهي فصل الخطاب الذي أوتيه داود عليه السلام لقوله تعالى : | ^ ( وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) ^ [ ص : 20 ] وزعم الكلبي أن أول من قاله |
____________________
(1/25)
| فهذا كتاب في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني اجتهدت في | جمعه وترتيبه ، وإيجازه ، وتقريبه وسطا بين القصير والطويل . . . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | قس بن ساعدة ، وقيل : كعب بن لؤي ، وقيل : يعرب بن قحطان ، وقيل : | غير ذلك . ( فهذا ) إشارة إلى الكتاب المؤلف المسمى ب : ' المقنع ' ، فإن | قيل : كيف جازت الإشارة إليه قبل تأليفه فالجواب عنه : أن الإشارة كانت | إلى كتاب مصور في الذهن ، لأن من عزم على تأليف كتاب صوره في ذهنه ، أو | أن عمل الخطبة كانت بعد الفراغ عن تأليف كتاب صوره في ذهنه ، أو | أن عمل الخطبة كانت بعد الفراغ من تأليف الكتاب . ( كتاب ) هو من | المصادر السيالة ، أي : يوجد شيئا فشيئا ، يقال : كتبت كتابا ، وسمي | المكتوب به مجازا ، ومعناه جمع جملة من العلم . ( في الفقه ) هو في اللغة الفهم ، | وفي الاصطلاح : العلم بالأحكام الشرعية الفرعية من أداتها التفصيلية بالاستدلال . | ( على مذهب ) هو الطريق ، يقال : ذهب مذهبا حقا وذهابا وذهوبا ، وجمعه | مذاهب . ( الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ) والصديق الثاني ، | إمام الأئمة ، وناصر السنة ، ولد ببغداد بعد حمل أمه به بمرو ، في ربيع الأول | سنة أربع وستين ومائة ، وتوفي ببغداد يوم الجمعة ، ثانى عشر ربيع الأول ، | سنة إحدى وأربعين ومائتين ، وله سبع وسبعون سنة . روى ابن ثابت الخطيب | بإسناده : قال الوركاني جار أحمد بن حنبل : أسلم يوم مات أحمد عشرون ألفا من | اليهود والنصارى والمجوس . ومناقبه مشهورة . ( اجتهدت ) الاجتهاد : هو بذل | الوسع فيما فيه كلفة ومشقة . ( في جمعه ) من كلام الإمام وأصحابه . | ( وترتيبه ) أي : ترتيب أبوابه ومسائله . ( وإيجازه ) أي : تقصيره ، يقال : | أوجز في الكلام ، فهو كلام موجز وموجز ووجز ووجيز ، قاله الجوهرى . | ( وتقريبه ) إلى الإفهام بعبارة سهلة من غير تعقيد ، ولقد بالغ في ذلك ، وحرص | عليه طاقته ، فجزاه الله خيرا ، وأثابه الجنة . ( وسطا بين القصير والطويل ) |
____________________
(1/26)
| وجامعا لأكثر الأحكام عرية عن الدليل والتعليل ليكثر علمه ويقل حجمه ، ويسهل حفظه وفهمه | | ( هامش ) | أي : متوسطا بينهما ، ليس هو بالقصير المخل ، ولا بالطويل الممل ، وخيار الأمور | أوسطها ، إذ الوسط العدل ، وهو منصوب ب ( جمعه ) على الحال ، أي : اجتهدت في | جمعه وسطا ، ويجوز أن يكون ناصبه فعلا مقدرا ، أي : جعلته وسطا . | قال الواحدي : هو اسم لما بين طرفي الشيء ، فأما اللفظ به ، فقال المبرد : ما كان | اسما ، فهو محرك السين ، كقولك : وسط رأسه صلب ، وما كان ظرفا ، فهو مسكن ، | كقولك : وسط رأسه دهن ، أي : في وسطه . وقال الجوهري : ما صلح فيه | ' بين ' فهو بالسكون ، وما لم يصلح فيه ' بين ' فهو بالتحريك ، وربما سكن ، | وليس بالوجه . وقال الفراء : قال يونس : سمعت وسط ووسط بمعنى . ( وجامعا ) معطوف | على وسطا ( لأكثر الأحكام ) جمع حكم وهو في الأصل خطاب الله المتعلق | بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع . ( عرية عن الدليل ) أي : مجردا عن | ذكر الدليل غالبا وهو لغة : عبارة عن المرشد ، واصطلاحا : ما يمكن التوصيل | بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري . والمراد به هنا الدليل التفصيلي في كل | مسألة . ( والتعليل ) أي : مجردا عن العلة أيضا ، وهي حكمة الحكم ، أي : | ما يثبت الحكم لأجله في محله ، وهو أخص من الدليل ، إذا كل تعليل دليل من | غير عكس ، لجواز أن يكون نصا أو إجماعا . ( ليكثر علمه ) أي : جرده عن | الدليل والتعليل غالبا مع ما سبق في قوله : ' اجتهدت إلى آخره ' لأجل تكثير | أحكامه . ( ويقل حجمه ) في النظر فلا تنفر النفس منه ، ( ويسهل حفظه وفهمه ) |
____________________
(1/27)
| ويكون مقنعا لحافظيه ، نافعا للناظر فيه ، والله المسؤول أن يبلغنا أملنا ، ويصلح قولنا وعملنا ، | ويجعل سعينا مقربا إليه ، ونافعا لديه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . . . . . . . . . . . . . . . . . | | ( هامش ) | أي : يسهل حفظ مبانيه وفهم معانيه ، إذ الفهم : إدراك معنى الكلام ، قيل بسرعة ، | والأصح أنه لا يحتاج إليه . ( ويكون مقنعا لحافظيه ) أي : يقنع به حافظه عن | غيره ( نافعا للناظر فيه ) أي : بمطالعته . ( والله المسؤول أن يبلغنا أملنا ، | ويصلح قولنا وعملنا ، ويجعل سعينا مقربا إليه ونافعا لديه ) سأل من الله تعالى أن | يبلغه أمله ، ويصلح قوله وعمله ، وقد عم في الدعاء ، فإنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم | مر على علي وهو يدعو ويخص نفسه ، فقال ، ' يا علي ، عم فإن فضل العموم | على الخصوص كفضل السماء على الأرض ' . ( وهو حسبنا ونعم الوكيل ) | الحسيب : الكافي . والوكيل : الحافظ : الحافظ ، وقيل : الموكول إليه تدبير خلقه ، | والقائم بمصالحهم ، فيكون ' ونعم الوكيل ' عطف على جملة ' وهو حسبنا ' | والمخصوص محذوف ، وإما أن يكون عطفا على ' حسبنا ' ، أي : وهو نعم | الوكيل ، والمخصوص : هو الضمير المتقدم على ما قالوه في : زيد نعم الرجل وعلى | كل تقدير فقد عطف الإنشاء على الإخبار . | |
____________________
(1/28)
= كتاب الطهارة = (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الطهارة =
بدأ المؤلف بذلك اقتداء بالأئمة منهم الشافعي لأن آكد أركان الدين بعد الشهادتين الصلاة ولا بد لها من الطهارة لأنها شرط والشرط متقدم على المشروط وهي تكون بالماء والتراب والماء هو الأصل وبدؤوا بربع العبادات اهتماما بالأمور الدينية فقدموها على الدنيوية وقدموا ربع المعاملات على النكاح وما يتعلق به لأن سبب المعاملات وهو الأكل والشرب ونحوهما ضروري يستوي فيه الكبير والصغير وشهوته مقدمة على شهوة النكاح وقدموا النكاح على الجنايات والمخاصمات لأن وقوع ذلك في الغالب إنما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج وهذه مناسبة حسنة ذكرها المتولي في تتمته ثم أعلم أن تعريف المركب متوقف على معرفة كل من مفرديه فالكتاب والكتب مصدران صرح به جماعة و كتب يدور معناها على الجمع يقال كتيب البغلة إذاجمعت بين شفريها بحلقة أو سير قال سالم بن دارة % لا تأمنن فزاريا خلوت به % على قلوصك واكتبها بأسيار %
أي واجمع بين شفريها بحلقة أو سير والقلوص في الإبل بمنزلة الجارية في الناس وتكتبت بنو فلان إذا اجتمعوا ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة والكتابة بالقلم كتابة لاجتماع الكلمات والحروف وقول من قال إن
____________________
1-
(1/29)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الكتاب مشتق من الكتب عجيب لأن المصدر لا يشتق من مثله وجوابه أن المصدر أطلق وأريد به اسم المفعول وهو المكتوب كقولهم ثوب نسج اليمن أي منسوجه فكأنه قيل المكتوب للطهارة والمكتوب للصلاة ونحوها أو أن المراد به الاشتقاق الأكبر وهو اشتقاق الشيء مما يناسبه مطلقا كالبيع مشتق من الباع وهي بالمثلثة عبارة عن الرمل المجتمع وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا
وأما الطهارة فمصدر طهر يطهر بضم الهاء فيهما كالضخامة وهو فعل لازم لا يتعدى إلا بالتضعيف فيقال طهر وقد تفتح الهاء من طهر فيكون مصدره طهرا دون طهارة كحكم حكما وأما فعالة فلم يأت مصدرا لفعل ومعناها لغة النظافة والنزاهة عن الأقذار ومادة ن ز ه ترجع إلى البعد وفي الصحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل على مريض قال لا بأس طهور إن شاء الله أي مطهر من الذنوب وهي أقذار معنوية وشرعا رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء أو رفع حكمه بالتراب ذكره في المغني و الشرح وأورد عليه عكسه الحجر وما في معناه في الاستجمار ودلك النعل وذيل المرأة على قول والأغسال المستحبة والتجديد والغسلة الثانية والثالثة فإنها طهارة شرعية ولا تمنع الصلاة ثم يحتاج إلى تقييدهما بكونهما طهورين وأجيب عن الأغسال المستحبة وما في معناه بأن ذلك مجاز لمشابهته الرافع في الصورة زاد ابن أبي الفتح وما في
____________________
1-
(1/30)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + معناه ورد بأنه مع ما فيه من الإجمال يوهم أن من حدث أو نجاسة بيان لما في معناه وليس كذلك وإنما هو لبيان ما يمنع الصلاة وفي الوجيز استعمال الطهور في محل التطهير على الوجه المشروع ورد بأن فيه زيادة مع أنه حد للتطهير لا للطهارة فهو غير مطابق للمحدود
وفي شرح الهداية خلو المحل عما هو مستقذر شرعا وهو إما حسي ويسمى نجاسة وإما حكمي ويسمى حدثا فالتطهير إخلاء المحل من الأقذار الشرعية وفي ابن المنجا استعمال الماء الطهور أو بدله في أعضاء مخصوصة على وجه مخصوص ورد بأنه قاصر وبأن الطهارة قد توجد حيث لا فعل بالكلية كالخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا والأولى أنها رفع الحدث وإزالة النجس وما في معنى ذلك لأن الشرع لم يرد باستعماله إلا فيهما فعند إطلاق لفظ الطهارة في كلام الشارع إنما ينصرف إلى الموضوع الشرعي وكذا كل ما له موضوع شرعي ولغوي كالصلاة فكتاب الطهارة هو الجامع لأحكام الطهارة من بيان ما يتطهر به وما يتطهر له وما يجب أن يتطهر منه إلى غير ذلك
____________________
1-
(1/31)
& باب المياه &
( فصل الماء الطهور ) وهي على ثلاثة أقسام ماء طهور (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب المياه &
الباب معروف وقد يطلق على الصنف وهو ما يدخل منه إلى المقصود ويتوصل به إلى الإطلاع عليه المياه جمع ماء وهمزته منقلبة عن هاء فأصله موه وجمعه في القلة أمواه وفي الكثرة عند البصريين مياه وعند الكوفيين مياه جمع قلة أيضا وهو اسم جنس وإنما جمع لاختلاف أنواعه ( وهي ) أي المياه ( على ثلاثة أقسام ) لأن الماء لا يخلو إما أن يجوز الوضوء به أولا فإن جاز فهو الطهور وإن لم يجز فلا يخلو إما أن يجوز شربه أولا فإن جاز فهو الطاهر وإلا فهو النجس أو نقول إما أن يكون مأذونا في استعماله أولا الثاني النجس والأول إما أن يكون مطهرا لغيره أو لا والأول الطهور والثاني الطاهر وطريقة الخرقى وصاحب التلخيص أن الماء ينقسم إلى قسمين طاهر وهو قسمان طاهر مطهر وطاهر غير مطهر ونجس وطريقة الشيخ تقي الدين أنه ينقسم إلى طاهر ونجس وقال إثبات قسم طاهر غير مطهر لا أصل له في الكتاب والسنة وذكر ابن رزين أنه أربعة أقسام وزاد المشكوك فيه ( ماء طهور ) قدمه على قسميه لمزيته بالصفتين والطهور بضم الطاء المصدر وقال اليزيدي وبفتحها هو الطاهر في ذاته المطهر غيره مثل الغسول الذي يغسل به فعلى هذا هو من الأسماء المتعديه وفاقا لمالك والشافعي وقال أبو حنيفة وابن داود هو من الأسماء اللازمة بمعنى الطاهر سواء لأن العرب لا تفرق بين فاعل وفعول في التعدي واللزوم كقاعد وقعود وإذا كان
____________________
1-
(1/32)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الطاهر غير متعد فالطهور كذلك وأيضا لو كان الطهور متعديا لم يصدق عليه هذا الإطلاق حقيقة إلا بعد وجود التطهير كقتول وضروب وجوابه قوله تعالى { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } [ الأنفال 11 ] وفي الصحيحين من حديث جابر مرفوعا
وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
ولو أراد به الطاهر لم يكن له مزية على غيره لانه طاهر في حق كل أحد وروي مالك والخمسة وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بماء البحر فقال
هو الطهور ماؤه
ولو لم يكن الطهور متعديا بمعنى المطهر لم يكن ذلك جوابا للقوم حيث سألوه عن التعدي إذ ليس كل طاهر مطهرا وأما قوله تعالى { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } [ الدهر 21 ] فمعنا طاهرا مطهرا وإن لم يحتج هناك إلى التطهير إذ لا نجاسة فيها لأن القصد وصفه بأعلى الأشربة عندنا وهو الماء الجامع للوصفين وقال ابن عباس شرابا طهورا أي مطهرا من الغل والغش وقولهم إن العرب سوت بينهما في اللزوم والتعدي قلنا قد فرقوا بينهما في الجملة فقالوا قتول لمن كثر منه القتل فيجب أن يفرق هنا وليس الأمر إلا من حيث اللزوم والتعدي قال القاضي أبو الحسين وغيره وفائدة الخلاف أن عندنا أن النجاسة لا تزال بشيء من المائعات غبر الماء وعندهم يجوز وقال الشيخ تقي الدين ولا ترفع النجاسة عن نفسها والماء يدفعه لكونه مطهرا وقيل وفاقا لمالك الطهور
____________________
1-
(1/33)
وهو الباقي على أصل خلفته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ما يتكرر منه التطهير كالصبور والشكور لمن تكرر منه الصبر والشكر وأجاب القاضي عن قولهم إن المراد جنس الماء أو كل جزء ضم إلى غيره وبلغ قلتين أو أن معناه بفعل التطهير ولو أريد ما ذكروه لم يصح وصفه بذلك إلا بعد الفعل
وهو الباقي على أصل خلقته على أي صفة كان من برودة أو حرارة أو ملوحة أو غيرها كماء السماء لقوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } [ الفرقان 48 ] وذوب الثلج والبرد لقوله صلى الله عليه وسلم
اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد
رواه مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى وماء البحر لقوله عليه السلام
هو الطهور ماؤه
وكره جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر الوضوء بماء البحر وقال هو نار وماء البئر لأنه عليه السلام توضأ من بئر بضاعة رواه النسائي وغيره قال أحمد حديث بئر بضاعة صحيح وماء العيون والأنهار لأنهما كماء البئر وقال النبي صلى الله عليه وسلم
صبوا على بول الأعرابي ذنوبا من ماء
وأمر أسماء بنت عميس أن تغسل دم الحيض بالماء واقتضى كلامه جواز الطهارة أيضا بكل ماء شريف جزم به في الوجيز
____________________
1-
(1/34)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حتى ماء زمزم في رواية ورجحها المجد وهو قول أكثر العلماء لقول علي ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ رواه عبد الله بن أحمد بإسناد صحيح ويكره في أخرى نص عليه وذكر القاضي أبو الحسين أنها أصح وقدمها أبو الخطاب واحتج أحمد بما روي عن زر بن حبيش قال رأيت العباس قائما عند زمزم يقول ألا لا أحله لمغتسل ولكنه لكل شارب حل وبل وروي أبو عبيد في الغريب أن عبد المطلب بن هاشم قال ذلك حين احتفره والأول أولى لأن شرفه لا يلزم منه ذلك كالماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم وكالنيل والفرات فإنهما من الجنة وقول العباس محمول على من يضيق على الناس الشراب وكونه من منبع شريف لا يمنع منه كعين سلوان اللهم إلا أن يقال له خصوصية انفرد بها وهي كونه يقتات به كما أشار إليه أبو ذر في بدء إسلامه وفي التلخيص أنه يكره الوضوء به فدل على أن إزالة النجاسة به تكره وجزم به في الوجيز وذكر الأزجي في نهايته أنه لا يجوز إزالة النجاسة به وفيها يتخرج أن تقول لا تحصل الطهارة به لحرمته وفي جبل التراب الطاهر به ورش الطرق وجهان واختلف الأصحاب لو سبل ماء للشرب هل يجوز الوضوء به مع الكراهة أم يحرم على وجهين وقيل يكره الغسل لا الوضوء اختاره
____________________
1-
(1/35)
وما تغير بمكثه أو بطاهر لا يمكن صونه عنه كالطحلب وورق الشجر أو بما لا يخالطه كالعود والكافور والدهن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشيخ تقي الدين وظاهر كلامه لا يكره ما جرى على الكعبة وصرح به غير واحد
( وما تغير بمكثه ) يعني أن الماء الآجن الذي تغير بطول إقامته في مقره باق على إطلاقه لأنه عليه السلام توضأ بماء آجن ولأنه تغير عن غير مخالطة أشبه المتغير بالمجاورة وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ قوله من أهل العلم سوى ابن سيرين فإنه كره ذلك وجزم به في الرعاية وفي المحرر لا بأس به ( أو ) تغير ( بطاهر لا يمكن صونه عنه ) أي لا يمكن التحرز منه ( كالطحلب ) يجوز فيه ضم اللام وفتحها وهو النبت الأخضر الذي يخرج في أسفل الماء حتى يعلوه ( وورق الشجر ) الذي يسقط فيه لأنه يشق الاحتراز عنه أشبه المتغير بتبن أو عيدان وكالمتغير بكبريت أو قار أو في آنية أدم أو نحاس وفي الرعاية هو من الطهور المكروه وفي المحرر لا بأس به وفي المتغير بتراب طهور طرح فيه قصدا وجهان قال ابن حمدان إن صفا الماء فطهور وإلا فطاهر وجزم في المغني و الشرح أنه طهور لكونه يوافق الماء في صفتيه الطاهرية والطهورية وفي المحرر عكسه وهذا كله مع رقته فإن ثخن بحيث لا يجري على الأعضاء لم تجز الطهارة به لأنه طين وليس بماء أو تغير بما لا يخالطه كالعود والمراد به العود القماري بفتح القاف منسوب إلى قمار موضع من بلاد الهند ( والكافور ) هو المشموم من الطيب ( والدهن ) الطاهر على اختلاف أنواعه لأنه تغير عن مجاورة أشبه المتغير بجيفة بقربه وفيه وجه يصير طاهرا اختاره أبو الخطاب وأطلق في
____________________
1-
(1/36)
أو بما أصله الماء كالملح البحري أو ما تروح بريح ميتة إلى جانبه أو سخن بالشمس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المحرر الخلاف ومفهوم كلامه في المغني و الشرح إن تحلل من ذلك شيء فطاهر وإلا فطهور فلو خالط الماء بأن دق أو انماع فأقوال ( أو ) تغير ( بما أصله الماء كالملح البحري ) وهو الماء الذي يرسل على السباخ فيصير ملحا لأن المتغير به منعقد من الماء أشبه ذوب الثلج واقضى ذلك أن الملح المعدني ليس كذلك وهو صحيح صرح به في المغني وغيره لأنه خليط مستغنى عنه غير منعقد من الماء أشبه الزغفران وقيل لا يسلبه الطهورية لأنه كان في الأصل ماء ولهذا يذوب بالنار ( أو ما تروح بريح ميتة إلى جانبه ) بغير خلاف نعلمه لأنه تغير مجاورة ( أو سخن بالشمس ) نص عليه من غير كراهة وقال في رواية أبي طالب أهل الشام يروون فيه شيئا لا يصح واختاره النووي وقال أبو الحسن التميمي يكره المشمس فصدا وفاقا للشافعي وقال لا أكرهه إلا من جهة الطب وروي في الأم عن عمر أنه قال لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص وروي الدار قطني عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء في الشمس فقال
لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص
وشرطه عندهم أن يكون ببلاد حارة وآنية منطبعة كنحاس لا خزف ولا يشترط تغطية رأس الإناء ولا قصد التشميس على الأصح وإن برد زالت الكراهة على الأصح في زيادة الروضة
____________________
1-
(1/37)
أو بطاهر فهذا كله طاهر مطهر يرفع الأحداث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والأول قول أكثر العلماء لعموم الأدلة فإنها تشمل المشمس وغيره لأن سخونته بغير نجاسة أشبه المشمس بغير قصد والمشمس في البرك والسواقي والمسخن بالطاهرات لأنها صفة خلق عليها الماء أشبه ما لو برده وحديث عائشة في بعض طرقه إسماعيل بن عياش وفي بعضها الهيثم بن عدي وفي بعضها وهب بن وهب أبو البختري وكلهم ضعفاء قال النووي هو حديث ضعيف باتفاق المحدثين ومنهم من يجعله موضوعا وخبر عمر أيضا ضعيف باتفاقهم لأنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى ويعضد ذلك إجماع أهل الطب على أن استعمال ذلك لا أثر له في البرص ولأنه لو أثر لما اختلف بالقصد وعدمه ( أو بطاهر ) كالحطب نص عليه في رواية صالح وابن منصور وقاله أكثر العلماء لعموم الرخصة وعن عمر أنه كان يسخن له ماء في قمقم فيغتسل به رواه الدارقطني بإسناد صحيح وعن ابن عمر أنه كان يغتسل بالحميم رواه ابن أبي شيبة ولأن الصحابة دخلوا الحمام ورخصوا فيه وكرهه مجاهد لأنه عليه السلام نهى عن الوصوء بالماء الحميم وذكر في المستوعب و المغني و المحرر أنه إن اشتد حره كره وعليه يحمل النهي عن الوضوء بماء الحميم إن ثبت لكونه يؤذي أو يمنع الإسباغ ومن نقل عنه الكراهة علل بخوف مشاهدة العورة أو قصد التنعم به وهذا إجماع منهم على أن سخونة الماء لا توجب كراهته ( فهذا ) إشارة إلى ما سبق ( كله طاهر مطهر يرفع الأحداث )
____________________
1-
(1/38)
ويزيل الأنجاس غير مكروه الاستعمال وإن سخن بنجاسة فهل يكره استعماله على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جمع حدث وهو ما أوجب الوضوء أو الغسل ( ويزيل الأنجاس ) جمع نجس بفتح الجيم وكسرها وهو في اللغة المستقذر يقال نجس ينجس كعلم يعلم ونجس ينجس كشرف يشرف وفي الاصطلاح كل عين حرم تناولها على الإطلاق في حالة الاختيار مع إمكانه لا لحرمتها ولا استقذارها ولا لضرر بها في بدن أو عقل واحترز بالإطلاق عما يباح قليله دون كثيره كبعض النبات الذي هو سم وبالاختيار عن الميتة فإنها لا تحرم في المخمصة مع نجاستها وبإمكان التناول عن الحجر ونحوه من الأشياء الصلبة وبعدم الحرمة عن الآدمي وبعدم الاستقذار عن المخاط والمني زاد بعضهم مع سهولة التمييز يحترز به عن الدود الميت في الفاكهة ونحوها ( غير مكروه الاستعمال ) لأن الكراهة تستدعي دليلا والأصل عدمه واستثنى بعضهم لا إن تغير بمخالطة عود أو كافور أو دهن أو بما أصله الماء أو سخن بمغصوب أو اشتد حره أو برده أو ماء زمزم في إزالة نجاسة أو بئر في مقبرة فيكره
( وإن سخن بنجاسة فهل يكره استعماله على روايتين ) كذا أطلقهما كثير من الأصحاب منهم أبو الخطاب وفي المحرر و التلخيص و الفروع إحداهما لا يكره اختاره ابن حامد لأن الرخصة في دخول الحمام تشمل الموقود بالطاهر والنجس وأنه لم تتحقق نجاسته أشبه سؤر الهر وماء سقايات الأسواق والأحواض في الطرقات والثانية يكره صححها في الرعاية وإن برد ونصرها أبو الخطاب وجزم بها في الوجيز
____________________
1-
(1/39)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال المجد وهو الأظهر لعموم قوله عليه السلام دع ما يريبك ولأنه لا يسلم غالبا من دخانها وصعوده بأجزاء لطيفة منها وقيل إن ظن وصول النجاسة كره وإن ظن عدمه فلا وإنه تردد فروايتان وفي المغني إن تحقق وصول النجاسة إليه وكان الماء يسيرا نجس وإن تحقق عدم وصولها إليه والحائل غير حصين كره وإن كان حصينا فقال القاضي يكره واختار الشريف وابن عقبل وصححه الأزجي أنه لا يكره
فرع إذا وصل دخان النجاسة فهل هو كوصول نجس أو طاهر بمني على الاستحالة وعنه يكره ماء الحمام لعدم تحري من يدخله ونقل الأثرم أحب أن يجدد ماء غيره
فرع لا تصلح الطهارة بماء مغصوب كالصلاة في ثوب غصب وإن حفرت البئر بمال مغصوب أو في موضع غصب أو مما ثمنه المتعين في عقد شرائه حرام صح على الأصح
____________________
1-
(1/40)
فصل القسم الثاني ماء طاهر غير مطهر
وهو ما خالطه طاهر فغير اسمه أو غلب على أجزائه أو طبخ فيه فغيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ( القسم الثاني ماء طاهر غير مطهر )
هو عبارة عن الحجز بين شيئين ومنه فصل الربيع لأنه يحجز بين الشتاء والصيف وهو في كتب العلم كذلك لأنه حاجز بين أجناس المسائل وأنواعها ( القسم الثاني ماء طاهر غير مطهر ) جعله وسطا لسلب إحدى الصفتين وبقاء الأخرى وهو قسمان أحدهما غير مطهر بالإجماع ( وهو ما خالطه طاهر ) يمكن أن يصان الماء عنه والمراد بالمخالطة هنا الممازجة بحيث يستهلك جرم الطاهر في جرم الماء وتتلاقى جميع أجزائهما والثاني مختلف في التطهير به وسيأتي والأول ثلاثة أنواع ما خالطه طاهر ( فغير اسمه ) بأن صار صبغا أو خلا لأنه أزال عنه اسم الماء ( أو غلب على أجزائه ) فصيره حبرا لأن المخالط إذا غلب على أجزاء الماء أزال معناه لكونه لا يطلب منه الإرواء ( أو طبخ فيه فغيره ) حتى صار مرقا كماء الباقلاء المغلي لانه قد بقي طبيخا وزال عنه مقصود الماء من الإرواء أشبه ما لو صار حبرا وقد فهم منه أن الماء إذا خالطه الطاهر ولم يغيره أنه باق على طهوريته لما روت أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل هو زوجته من قصعة فيها أثر العجين رواه أحمد وغيره وقد أورد ابن المنجا بأن الطبخ إن تغير فيه تغير الاسم أو غلبة الاجزاء كان كالنوعين فلا حاجة إلى ذكره وإن لم يعتبر فيه ذلك دخل فيه ماء سلق فيه بيض فإنه يسمى طبخا بدليل اليمين وطبخ ما ذكر لا يسلبه الطهورية وأجاب بأن المراد به الطبخ المعتاد وقوله طبخ فيه لا عموم له
____________________
1-
(1/41)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تذنيب حكم المياه المعتصرة من الطهارات كماء الورد وما ينزل من عروق الأشجار غير مطهر خلافا لابن أبي ليلى والأصم إذ الطهارة لا تجوز إلا بالماء المطلق وكذا النبيذ نص عليه وهو قول الجماهير واختاره الطحاوي وصححه قاضي خان وقال عكرمة وفاقا لأبي حنيفة في المشهور عنه يتوضأ به في السفر عند عدم الماء وعنه يجب الجمع بينه وبين التيمم وقاله محمد بن الحسن وعنه الجمع بينهما مستحب ويجوز الاقتصار على النبيذ وقاله إسحاق وقال أبو حنيفة يتوضأ به وتشترط فيه النية ولا يتيمم قال الرازي وهي أشهر عنه وقاله زفر قال في المحيط و المبسوط وقاضي خان النبيذ المشتد حرام شربه فكيف يتوضأ به واجتجوا بما روي أبو فزارة واسمه راشد بن كيسان عن أبي زيد عن ابن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال أمعك ماء قلت لا قال ما في الإداوة قلت نبيذ فقال تمرة طيبة وماء طهور رواه أحمد وأبو بكر ابن أبي شيبة وجوابه أنه مائع لا يقع عليه اسم الماء المطلق أشبه نبيذ الزبيب وحديث ابن مسعود لم يصححه أحمد وأبو زرعة وقال الخلال كأنه موضوع وقال جماعة لم يكن ابن مسعود مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وقال الطبراني أحاديث الوضوء بالنبيذ وضعت على أصحاب ابن مسعود عند ظهور العصبية قال عبد الحق لا يصح منها شيء وقال الطحاوي إنما ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى الوضوء بالنبيذ اعتمادا على حديث ابن مسعود ولا أصل له
____________________
1-
(1/42)
فإن غير أحد أوصافه لونه أو طعمه أو ريحه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ثم شرع في بيان القسم الثاني المختلف فيه فقال ( فإن غير ) أي الطاهر سواء كان مذرورا كالزعفران والأشنان أو حبوبا كالباقلاء والحمص ( أحد أوصافه ) والمذهب أو أكثرها ( لونه ) واختلف في لون الماء على أقوال وذهب جماعة أنه لا لون له ورد بقوله عليه السلام عن ماء الحوض أشد بياضا من اللبن ( أو طعمه أو ريحه ) فهو طاهر غير مطهر في رواية نص عليها اختارها الخرقي وأبو بكر في الشافعي وأبو حفص في المقنع والقاضي وقال هي المنصورة عند أصحابنا لأنه تغير بمخالطة طاهر يمكن صونه عنه أشبه ما لو تغير بطبخ ولأنه لو وكل في شراء ماء لم يلزمه قبوله والنصوص إنما وردت في الماء المطلق العاري عن القيود بدليل صحة النفي ولو حلف لا يشرب ماء فشرب ماء الزعفران لم يحنث وكلامه دال على أنه لا فرق في التغيير بين الأوصاف الثلاثة لأن الأصحاب سووا بينها قياسا لبعضها على بعض لكن الخرقي شرط الكثرة في الرائحة دون غيرها قال ابن حمدان وهو أظهر لسرعة سرايتها ونفوذها وفي أخرى مطهر نقلها أبو الحارث والميموني وذكر في الكافي أنها أكثر الروايات عنه لقوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } [ النساء 43 ] وهو عام في كل ماء لأنه نكرة في سياق النفي فلم يجز التيمم عند وجوده ولأنه لم يسلبه اسمه ولا رقته أشبه المتغير بالدهن
وفي ثالثة طهور مع عدم قاله ابن أبي موسى والأول أصح لأنه إن لم يسلبه اسمه فقد سلبه الإطلاق والقياس على المتغير بالدهن لا يصح لأنه تغير عن مجاورة وهذا تغير عن مخالطة
____________________
1-
(1/43)
أو استعمل في رفع حدث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا غير وصفين أو ثلاثة فذكر القاضي روايتين إحداهما مطهرة لأن الصحابة كانوا يسافرون وغالب أسقيتهم الأدم وهي تغير أوصاف الماء عادة ولم يكونوا يتيممون معها والثانية ليس بمطهر على الأشهر لأنه غلب على الماء أشبه ما لو زال اسمه
( أو استعمل ) وكان دون القلتين جزم به في المحرر و الوجيز ( في رفع حدث ) أي حدث كان فهو طاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم صب على جابر من وضوئه رواه البخاري غير مطهر في رواية وفي الكافي إنها الأشهر وذكره ابن شهاب ظاهر المذهب لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
رواه مسلم من حديث أبي هريرة ولولا أنه يفيد منعا لم ينه عنه ولأنه أزال به مانعا من الصلاة أشبه ما لو أزال به النجاسة أو استعمل في عبادة على وجه الإتلاف أشبه الرقبة في الكفارة وفي أخرى مطهر اختارها ابن عقيل وأبو البقاء لما روي ابن عباس مرفوعا
الماء لا يجنب
رواه أحمد وغيره وصححه الترمذي لأنه ماء طاهر لاقى أعضاء طاهرة فلم يسلبه الطهورية أشبه ما لو تبرد به وفي ثالثة نجس نص عليه في ثوب المتطهر لأنه عليه السلام نهي عن الغسل في الماء الدائم ونهى عن البول فيه ولا شك أن البول ينجسه فكذا الغسل ولأنه أزال مانعا من الصلاة أشبه إزالة النجاسة قال جماعة وعليها يعفى عما قطر على بدن المتطهر وثوبه ويستحب غسله في رواية وفي أخرى لا صححه الأزجي والشيخ تقي الدين والأولى أصح لأن رفع الحدث لا يقاس على إزالة النجس لما بينهما من الفرق وبأنه يكفي اشتراكهما في أصل المنع من التطهير به ولا يلزم
____________________
1-
(1/44)
أو طهارة مشروعة كالتجديد وغسل الجمعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اشتراكهما في التنجيس قاله في الشرح وقال أبو الفرج ظاهر كلام الخرقي أنه طهور في إزالة الخبث وفيه نظر والمنفصل من غسل الميت إذا قلنا بطهارته فيه الروايات ويستثنى على الأول غير غسل ذمية لحيض ونفاس وجنابة ذكره في الشرح فيه وجها واحدا بالشرط السابق فإن كان قلتين أو غسل رأسه بدلا عن مسحه لم يسلبه
مسألة إذا اشترى ماء ليشربه فبان قد توضئ به فعيب لأنه مستقذر شرعا ذكره في النوادر
( أو طهارة مشروعة كالتجديد وغسل الجمعة ) والإحرام وسائر الأغسال المستحبة فالمذهب أنه طهور قدمه في الكافي و المحرر وجزم به في الوجيز وصححه في النهاية لأنه لم يرفع حدثا ولم يزل نجسا أشبه التبرد والأخرى غيرمطهر قدمها ابن تميم لأنه استعمل في طهارة شرعية أشبه ما لو رفع به حدثا وظاهره أن الطهارة إذا لم تكن مشروعة كالتبرد لم تسلبه الطهورية بغير خلاف نعلمه قاله في المغني و الشرح
مسائل الأولى المذهب يصير الماء مستعملا بانتقاله إلى عضو آخر وعنه لا قاله في النهاية وعنه لا في الجنب وعنه يكفيهما مسح اللمعة بلا غسل ذكره ابن عقيل
الثانية أعضاء الحدث الأصغر ليست كعضو واحد وعنه بلى
الثالثة إذا انغمس جنب أو محدث في قليل راكد بنية رفع حدثه أو نواه بعد انغماسه لم يرتفع وصار مستعملا نص عليه قيل
____________________
1-
(1/45)
أو غمس يده فيه قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثا فهل يسلبه الطهورية على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بأول جزء لاقى منه الماء كمحل نجس لاقاه وذلك الجزء غير معلوم قاله القاضي وغيره وقيل بأول جزء انفصل كالمتردد على المحل ويتوجه على الخلاف ما لو اغترف منه آخر وتوضأ به قبل الانفصال وقيل ليس مستعملا وقيل يرتفع ( أو غمس يده ) وهي من رؤوس الأصابع إلى الكوع وقيل أو بعضها ( فيه ) أي في الماء إذا كان دون قلتين ودل على أنه لا أثر لغمسها في مائع طاهر وهو كذلك في الأصح ( قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثا فهل يسلبه الطهورية على روايتين ) إحداهما يسلبه اختاره أبو بكر والقاضي وكثير من الأصحاب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده
متفق عليه من حديث أبي هريرة ولفظه لمسلم وفي رواية
فليغسل يده
ولأبي داود والترمذي وصححه من الليل ومقتضى ذلك الوجوب وعليها غسلهما شرط لصحة الوضوء قاله ابن عبدوس وهل هو تعبد فيجب إن شدت يده أو جعلت في جراب أو نحوه أو معلل بوهم النجاسة فلا يجب فيه وجهان ويتعلق هذا الحكم بالنوم الناقض للوضوء وقال ابن عقيل هو مازاد على نصف الليل لأنه قبل ذلك لا يسمى بيتوتة بدليل ما لو دفع قبل نصف الليل فإن عليه دما وينتقض بمن وافاها بعد نصف الليل فإنه لا دم عليه مع كونه أقل من نصفه واقتضى كلامه أن نوم النهار لا أثر له قال في الشرح رواية واحدة حملا للمطلق على المقيد وعنه بلى وهو قول الحسن وظاهره أنه يؤثر غمسها فيه بعد غسلها مرة أو مرتين وهو كذلك في قول الأكثر وقيل يكفي غسلها مرة فعلى هذا لا يؤثر غمسها فيه بعد
____________________
1-
(1/46)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذلك وفي وجوب النية والتسمية لغسلهما أوجه ثالثها تجب النية فقط والمذهب لا فرق في الغمس بعد نية غسلها أو قبلها وقال المجد إنما يؤثر إذا كان بعد نية الوضوء وقبل غسلهما وعليها إذا لم يجد غيره استعمله وتيمم معه ويجوز استعماله في شرب وغيره وقيل يكره وقيل يحرم صححه الأزوج للأمر بإراقته وظاهره أنه إذاحصل في يده من غير غمس أنه طهور وهو كذلك في رواية وعنه كغمسه وفم أو رجل كيد في قليل بعد نية غسل واجب لا وضوء وفي الشرح أنه إذا كانت يده نجسة والماء قليل وليس معه ما يغترف به فإن أمكنه أن يأخذ بفيه ويصب على يديه أو يغمس خرقة أو غيرها فعل فإن لم يمكنه تيمم كي لا ينجس الماء ويتنجس به ومقتضاه أنه شامل للصغير والمجنون والكافر كضدهم وهو وجه
والثانية لا يسلبه اختارها الخرقي والشيخان وجزم بها في الوجيز وذكر في الشرح أنه الصحيح لأنه ماء لاقى أعضاء طاهرة فكان على أصله ونهيه عليه السلام عن غمس اليد إن كان لوهم النجاسة فهو لا يزيل الطهورية كمالا يزيل الطاهرية وإن كان تعبدا اقتصر على مورد النص وهو مشروعية الغسل وحديث أبي هريرة محمول على الاستحباب وفي ثالثة هو نجس اختارها الخلال لأنه مأمور بإراقته في خبر رواه أبو حفص العكبري وقد فصل بعضهم فقال إن قلنا بوجوب غسلهما فكمستعمل في رفع حدث وإن سن غسلهما فكمستعمل في طهارة مسنونة
____________________
1-
(1/47)
وإن أزيلت به النجاسة فانفصل متغيرا أو قبل زوالها فهو نجس وإن انفصل غير متغير بعد زوالها فهو طاهر إن كان المحل أرضا وإن كان غير الأرض فهو طاهر في أصح الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( وإن أزيلت به النجاسة فانفصل متغيرا ) فهو نجس بغير خلاف لانه تغير بالنجاسة ( أو قبل زوالها ) يعني إذا انفصل غير متغير مع بقاء النجاسة كالمنفصل في السادسة من ولوغ الكلب ( فهو نجس ) لأنه ملاق لنجاسة لم يطهرها فكان نجسا أشبه ما لو وردت عليه والمحل المنفصل عنه في الصورة الأولى طاهر صرح به الآمدي وهو مقتضى كلام القاضي وجزم في الانتصار بنجاسته وهو ظاهر كلام الحلواني ( وإن انفصل غير متغير بعد زوالها ) وهو معنى كلامه في المحرر و الوجيز ولم يبق للنجاسة أثر ( فهو طاهر إن كان المحل أرضا ) نصره في الشرح وقدمه ابن تميم وابن حمدان لما روي البخاري من حديث أبي هريرة أن أعرابيا بال في طائفة المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي صلى الله عليه وسلم
دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء
أمر بذلك لأجل التطهير ولولا أنه يطهر لكان تكثيرا للنجاسة ويلزم منه طهارة المحل وقد صرح به في المحرر و الوجيز وإن لم ينفصل الماء وعن أحمد إن كانت النجاسة رطبة والأرض صلبة فمنفصلة نجس وقيل المنفصل عن الأرض كالمنفصل عن غيرها في الطهارة والنجاسة وحكاه ابن البنا رواية
فرع إذا وقع خمر على أرض فذهب بالماء لونه دون ريحه عفي عنه في الأصح وتطهر أرض البئر اليابسة ونحوها بنبع ماء طهور كثير فيها
( وإن كان غير الأرض فهو طاهر في أصح الوجهين ) قاله ابن تميم وغيره لأنه انفصل عن محل محكوم بطهارته كالمنفصل في السابعة من ولوغ الكلب
____________________
1-
(1/48)
وهل يكون طهورا على وجهين وإن خلت بالطهارة منه امرأة فهو طهور ولا يجوز للرجل الطهارة به في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهو معنى كلامه في الوجيز وآخر غسلة زالت النجاسة بها ولانه بعض المتصل وهو طاهر بالإجماع وشرطه الانفصال وصرح به في المحرر بخلاف الأرض لأنه إذا لم ينفصل فعين النجاسة قائمة ومقصود الغسل زوالها والثاني نجس اختاره ابن حامد لأنه ماء قليل لاقى نجاسة أشبه ما لو انفصل قبل زوالها والبلل الباقي إنما عفي عنه للضرورة ( وهل يكون طهورا على وجهين ) مبنيان على المستعمل في رفع الحدث لأنه أزيلت به نجاسة حكمية لأنها زالت بما قبلها من الغسلات أشبه الحدث لاشتراكهما في المنع الشرعي
( وإن خلت بالطهارة ) أي الكاملة عن حدث ( منه ) إذا كان قليلا جزم به في الشرح و الوجيز لأن النجاسة لا تؤثر في الماء الكثير فهذا أولى وقيل وبكثير ( امرأه ) مسلمة كانت أو ذمية وهو أحد الوجهين عنها إذا خلت به لغسلها من الحيض لأنه قد تعلق به إباحة وطئها والثاني لا يمنع لأن طهارتها غير صحيحة ومثله غسلها من النفاس والجنابة وقيل المميزة كذلك ( فهو طهور ) بالأصل لأنه يجوز لها أن تتطهر به ولغيرها من النساء أشبه بالذي لم تخل به ( ولا يجوز الرجل الطهارة به في ظاهر المذهب ) لما روي الحكم بن عمرو الغفاري قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة رواه الخمسة إلا أن النسائي وابن ماجة قالا وضوء المرأة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان واحتج به أحمد في رواية الأثرم وخصصناه بالخلوة لقول عبد الله بن سرجس توضأ أنت ها هنا وهي ها هنا
____________________
1-
(1/49)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فإذا خلت به فلا تقربنه رواه الأثرم ثم في معنى الخلوة روايتان إحداهما انفرادها به عن مشاركة رجل لقول عائشة كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة متفق عليه والثانية وهي الأصح أن لا يشاهدها أحد عند طهارتها فعلى هذا هل تزول بمشاهدة المرأة والصبي والكافر على وجهين أحدهما تزول كخلوة النكاح اختاره الشريف أبو جعفر والثاني لا تزول إلا بمشاهدة مسلم مكلف اختاره القاضي والثانية تجوز وهي اختيار ابن عقيل قال في الشرح وهو أقيس لما روي ابن عباس أن امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم استحمت من جنابة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ من فضلها فقالت يا رسول الله إني اغتسلت منه فقال
الماء لا يجنب
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وهو ظاهر في الخلوة لأن العادة أن الإنسان يقصد الخلوة في الاغتسال وكاستعم الهما معا وكإزالتها به نجاسة وكامرأة أخرى وكتطهرها بما خلا به في الأصح فيهن ونقله الجماعة في الأخيرة وذكره القاضي وغيره إجماعا وفي ثالثة يجوز مع الكراهة ومعناه اختيار الآجري وهذا كله على رواية الطهورية وقيل أو الطاهرية وهو الذي في المستوعب واقتضى كلامه أن الخلوة للشرب أو التبريد أو التنظيف من وسخ لا أثر له وهذا هو الأصح وإن كان لغسل بعض أعضائها عن حدث أو في طهر مستحب أو طهارة خبث أثرت قياسا على الوضوء والثاني لالأن الطهارة المطلقة تنصرف إلى طهارة الحدث الكاملة
____________________
1-
(1/50)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع الخنثى هنا كرجل ذكره ابن تميم وقدمه في الفروع وعند ابن عقيل كامرأه قال ابن حمدان هل تلحق الصبية بالمرأة والصبي بالرجل على وجهين وفيما تيممت به خلوة احتمالان
تذنيب إذا اغترف بيده من القليل بعد نية غسله صار مستعملا نقله واختاره الأكثر وعنه لا اختاره جماعة لصرف النية بقصد استعماله خارجه قال في الفروع وهو أظهر وقيل اغتراف متوضئ بعد غسل وجهه لم ينو غسلها فيه كجنب والمذهب طهور لمشقة تكرره فإن وقوع في طهور مستعمل عفي عن يسيره فإن كثر الواقع وتفاحش منع في رواية وقال المجد الحكم للأكثر قدرا وقال ابن عقيل إن كان الواقع بحيث لوكان خلا غيره منع ونصه فيمن انتضح من وضوئه في إنائه لا بأس وإن كان معه ماء لا يكفيه لطهارته فكمله بمائع آخر لم يغيره جاز الوضوء به في رواية ورجحها في الشرح لأن المائع قد استهلك وإن بلغ بعد خلطه قلتين أو كانا مستعملين فطاهر وقيل طهور
____________________
1-
(1/51)
فصل القسم الثالث ماء نجس
وهو ما تغير بمخالطة النجاسة فإن لم يتغير وهو يسير فهل ينجس على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ( القسم الثالث ماء نجس )
هذا شروع في بيان ما يسلب الماء صفتيه طهارته وتطهيره ( وهو ما تغير بمخالطة النجاسة ) في غير محل التطهير فينجس إجماعا حكاه ابن المنذر وحكي ابن إلبنا أن بعضهم أخذ من كلام الخرقي العفو عن يسير الرائحة وهو شاذ إذ لا فرق بين كثير التغير ويسيره
مسألة يحرم استعماله إلا ضرورة لدفع عطش أو لقمة ويجوز سقيه البهائم قياسا على الطعام إذا تنجس وقال الأزجي لا يجوز قربانه بحال بل يراق ( فإن لم يتغير وهو يسير فهل ينجس على روايتين ) أظهرهما ينجس قال في النهاية وعله الفتوى وقدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لما روي ابن عمر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من الدواب والسباع فقال
إذا بلغ الماء قتلتين لم ينجسه شيء
وفي رواية
لم يحمل الخبث
رواه الخمسة والحاكم وقال على شرط الشيخين ولفظه لأحمد وسئل ابن معين عنه فقال إسناده جيد وصححه الطحاوي قال الخطابي ويكفي شاهدا على صحته أن نجوم أهل الحديث صححوه ولأنه عليه السلام أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب ولم يعتبر التغيير
وعموم كلامه يشمل الجاري والراكد وهو المذهب وفي ثانية أن
____________________
1-
(1/52)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجاري لا ينجس إلا بالتغير اختارها الموفق وجمع ورجحها في الشرح
وفي أخرى تعتبر كل جرية بنفسها اختارها القاضي وأصحابه فإن كانت يسيرة نجست وإلا فلا والجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها إلى قرار النهر ويمنة ويسرة ما بين حافتي النهر زاد في المغني و الشرح ما قرب من النجاسة أمامها وخلفها ولابن عقيل ما فيه النجاسة وقدر مساحتها فوقها وتحتها ويمينها ويسارها انتهى فإن كانت النجاسة ممتدة فهل تجعل كل جرية منها كنجاسة مفردة أو كلها نجاسة واحدة فيه وجهان والثانية لا ينجس إلا بالتغيير اختاره ابن عقيل وابن المنى والشيخ تقي الدين وفاقا لمالك لما روي أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم
الماء طهور لا ينجسه شيء
رواه أحمد وابو داود والترمذي وحسنه قال أحمد حديث بئر بضاعة صحيح قلت ويعضده حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه
رواه ابن ماجة والدارقطني
فرع يسير النجاسة مثل كثيرها في التنجس وإن لم يدركها الطرف أي لا تشاهد بالبصر وفي عيون المسائل لابد أن يدركها الطرف
____________________
1-
(1/53)
وفاقا للشافعي وقيل إن مضى زمن تسري فيه زاد في الشرح إلا أن ما يعفى عن يسيره كالدم حكم الماء الذي تنجس به حكمه في العفو عن يسيره
( وإن كان كثيرا ) ولم يغير بالنجاسة ( فهو طاهر ) بغير خلاف في المذهب ما لم يكن بول آدمي أو عذرته لخبر القلتين وبئر بضاعة وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى نجاسته إلا أن يبلغ حدا يغلب على الظن أن النجاسة لا تصل إليه واختلف فيه فقيل ما إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الآخر وقيل عشرة أذرع في مثلها وما دون ذلك فهو قليل وإن بلغ ألف قلة ( إلا ان تكون النجاسة بولا ) أي بول آدمي بقرينة ذكر العذرة فإنها مختصة به ولا فرق بين قليله وكثيره وخص في التلخيص الخلاف به فقط وقاله أحمد في رواية صالح ( أو عذرة مائعة ) لأن أجزاءها تتفرق في الماء وتنتشر فهي كالبول بل أفحش والمذهب أن حكم الرطبة واليابسة إذا ذابت كذلك نص عليه قال في الشرح وقدمه في الرعاية والأولى التفريق بين الرطبة والمائعة ( ففيه روايتان إحداهما لا ينجس ) اختارها أبو الخطاب وابن عقيل وقدمه السامري وفي المحرر لخبر القلتين ولأن نجاسة الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب وهو لا ينجسها فهذا أولى ( والأخرى ينجس ) نص عليه في رواية صالح والمروذي وأبي طالب اختارها الخرقي والشريف والقاضي وابن عبدوس وأكثر شيوخ أصحابنا لما روي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
____________________
(1/54)
إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته فلا ينجس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه
لفظ البخاري وقال مسلم ثم يغتسل منه وهذا يتناول القليل والكثير وهو خاص في البول وخبر القلتين محمول على بقية النجاسات فحصل الجمع بينهما ( إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته فلا ينجس ) هذا مستثنى مما سبق وهو الماء إذا كان كثيرا ووقعت فيه نجاسة ولم يتغير فهو طاهر واستثني من ذلك ما إذا كانت النجاسة بولا أو عذرة مائعة فإنه ينجس على المذهب وإن لم يتغير ما لم يبلغ الماء حدا يشق نزحه قال في الشرح لا نعلم خلافا أن الماء الذي لا يمكن نزحه إلا بمشقة عظيمة مثل المصانع التي جعلت موردا للحاج بطريق مكة يصدرون عنها ولا ينفذ ما فيها أنها لا تنجس إلا بالتغيير قال في المغني لم أجد عن أحمد ولا عن أحد من أصحابه تقدير ذلك بأكثر من المصانع التي بطريق مكة وقال الشيرازي المحققون من أصحابنا يقدرونه ببئر بضاعة وهي ستة أشبار في مثلها قال أبو داود وقدرتها فوجدتها ستة أذرع وسألت الذي فتح لي باب البستان هل غير بناؤها قال لا وقال سمعت قتيبة بن سعيد قال سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها فقال أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة قلت فإذا نقص قال دون العورة
تنبيهات الأول أن كل مائع كزيت وسمن ينجس قليله وكثيره بملاقاة النجاسة في رواية صححها في الشرح وقدمها في الرعاية لأنه لا يطهر غيره
____________________
1-
(1/55)
وإذا انضم إلى الماء النجس ماء طاهر كثير طهره إن لم يبق فيه تغير وإن كان الماء النجس كثيرا فزال تغيره بنفسه أو بنزح بقي بعده كثير طهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلم يرفع النجاسة عن نفسه كاليسير وفي أخرى كالماء ينجس إن قل أو تغير وإلا فلا وفي ثالثة ما أصله الماء كالخل التمري فهو كالماء وغيره ينجس مطلقا وقال الشيخ تقي الدين ولبن كزيت
الثاني ظاهر كلامهم أن نجاسة الماء النجس عينية وذكر الشيخ تقي الدين لا لأنه يطهر غيره فنفسه أولى وإنه كالثوب النجس ولهذا يجوز بيعه
الثالث إذا غيرت نجاسة بعض الطهور الكثير ففي نجاسته ما لم يتغير مع كثرته وجهان والأشهر أنه طهور
( وإذا انضم إلى الماء النجس ماء طاهر ) أي طهور ( كثير طهره إن لم يبق فيه تغير وإن كان الماء النجس كثيرا فزال تغيره بنفسه أو بنزح بقي بعده كثير طهر ) هذا شروع في بيان تطهير الماء النجس وهو ينقسم ثلاثة أقسام أحدها أن يكون الماء النجس دون قتلين فتطهيره بالمكاثرة حسب الإمكان زاد في الرعاية عرفا واعتبر الأزجي والسامري الاتصال فيه بقلتين طهوريتين إما أن يصب فيه أو يجري إليه من ساقية أو نحو ذلك فيزول بهما تغيره إن كان متغيرا وإن كان غير متغير طهر بمجرد المكاثرة لأن القلتين تدفع النجاسة عن نفسها وعما اتصل بها ولا ينجس إلا بالتغيير وفهم منه أن النجس القليل لا يطهر بزوال تغيره بنفسه لأنه علة نجاسته الملاقاة لا التغيير الثاني أني يكون قلتين فإن كان غير متغير بالنجاسة فتطهيره
____________________
1-
(1/56)
وإن كوثر بماء يسير أو بغير الماء فأزال التغير لم يطهر ويتخرج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالمكاثرة أو متغيرا بها فتطهيره بالمكاثرة إذا زال التغير وبزوال تغيره بنفسه لأن علة التنجيس زالت كالخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا وقال ابن عقيل لا تطهر بناء على أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة الثالث الزائد على القلتين فإن كان غير متغير فتطهيره بالمكاثرة فقط وإن كان متغيرا فتطهيره بالأمرين السابقين وبثالث وهو أن ينزح منه حتى يزول التغير ويبقى بعد النزح قلتان هذا إن كان متنجسا بغير البول والعذرة ولم يكن مجتمعا من متنجس كل ما دون قلتين نص عليه فإن نقص عنهما قبل زوال التغير ثم زال لم يطهر لأن علة التنجس في القليل مجرد ملاقاة النجاسة ويعتبر زوال التغير في الكل
تنبيه إذا كان متنجسا بغير بول آدمي وعذرته فإن كان بأحدهما ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه وإن تغير وكان مما يشق نزحه فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه مع زوال تغيره أو بنزح يبقى بعده قلتان أو بزوال تغيره بنفسه وإن كان بما لا يشق نزحه فبإضافة ما يشق نزحه كمصانع مكة مع زوال التغير ( وإن كوثر ) أو كان كثيرا فأضيف إليه ( ماء يسير ) طهور ( أو بغير الماء ) كالتراب والخل ونحوهما لا مسك ونحوه ( فأزال التغير ) لم يطهر على المذهب لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولى ( ويتخرج
____________________
1-
(1/57)
أن يطهر والكثير ما بلغ قلتين واليسير ما دونهما وهما خمسمائة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن يطهر ) وقاله بعض أصحابنا لخبر القلتين ولأن علة النجاسة زالت وهي التغير أشبه ما لو زال بالمكاثرة وقال ابن عقيل التراب لا يطهر لأنه يستر النجاسة بخلاف الماء وقيل به في النجس الكثير فقط جزم به في المستوعب وغيره وأطلق في الإيضاح روايتين في التراب
مسألة إذا اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان بلا تغير فكله نجس وقيل طاهر وقيل طهور وإن أضيفت قلة نجسة إلى مثلها ولا تغير لم تطهر في المنصوص كنجاسة أخرى وفي غسل جوانب بئر نزحت وأرضها روايتان
( والكثير ما بلغ قلتين ) هما تثنية قلة وهي اسم لكل ما ارتفع وعلا ومنه قلة الجبل والمراد هنا الجرة الكبيرة سميت قلة لعلوها وارتفاعها وقيل لأن الرجل العظيم يقلها بيده أي يرفعها والتحديد وقع بقلال هجر وفي حديث الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر
رواه البخاري ولأنها مشهورة الصفة معلومة المقدار لا يختلف كالصيعان ولأن خبر القلتين دل بمنطوقه على رفعهما النجاسة عن أنفسهما وبمفهومه على نجاسة ما لم يبلغهما فلذلك جعلناهما حدا للكثير ( واليسير مادونهما ) أي دون القتلين ( وهما خمسمائة
____________________
1-
(1/58)
رطل بالعراقي وعنه أربعمائة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رطل بالعراقي ) قدمه في المحرر و الفروع وذكره في الشرح ظاهر المذهب لقول عبد الملك بن جريج رأيت قلال هجر فرأيت القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا والاحتياط إثبات الشيء وجعله نصفا لأنه أقصى ما يطلق عليه اسم شيء منكر فيكون مجموعهما خمس قرب بقرب الحجاز كل واحدة تسع مائة رطل عراقية باتفاق القائلين بتحديد الماء بالقرب والرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهما قاله في المغني القديم وعزاه إلى أبي عبيد وقيل وثلاثة أسباع درهم ذكره في التلخيص وقيل وأربعة أسباع درهم قاله في المغني الجديد وهو المشهور فعلى هذا هو سبع الرطل الدمشقي ونصف سبعه فتكون القلتان بالدمشقي مائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل ويعبر عنه بأوقية وخمسة أسباع أوقية وبالقدسي ثمانون رطلا وسبعا رطل ونصف سبع وبالحلبي تسعة وثمانون رطلا وسبعا رطل وبالمصري أربعمائة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل ومساحتهما مربعا ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا ومدورا ذراع طولا وذراعان ونصف ذراع عمقا والمرادبه ذراع اليد صرح به بعضهم ( وعنه أربعمائة ) رواه عنه الأثرم وقدمه ابن تميم لقول يحيى بن عقيل رأيت قلال هجر وأظن القلة تأخذ قربتين رواه الجوزجاني وعلى هذا هما بالدمشقي خمسة وثمانون رطلا وثلثا رطل وأربعة أسباع أوقية وفي ثالثة هما قربتان وثلث جعلا للشيء ثلثا
____________________
1-
(1/59)
وهل ذلك تقريب أو تحديد على وجهين وإذا شك في نجاسة الماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( وهل ذلك تقريب ) صححه في المغني و الشرح و الفروع لأن الشيء إنما جعل نصفا احتياطيا والغالب استعماله فيما دون النصف ( أو تحديد ) هو ظاهر قول القاضي واختاره الآمدي لأن ما جعل احتياطيا يصير واجبا كغسل جزء من الرأس مع الوجه ( على وجهين ) ظاهر كلامه أن الخلاف راجع إلى الروايتين وكلامه في المغني و المحرر يقتضي اختصاص الخلاف بالأولى قال ابن المنجا وهو الأشبه إذ قيل القربة تسع مائة بالإجماع لأنه لا ترديد في كون القلة قربتين وإنما الترديد في الزائد عليهما وإن قيل هي مائة تقريبا حسن مجيء الخلاف المذكور قال ابن حمدان الأصح أن الخمسمائة تقريب والأربعمائة تحديد وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا نقصت القلتان رطلا أو رطلين ووقع فيهما نجاسة فعلى الأولى طاهر لأنه نقص يسير لا أثر له وعلى الثاني نجس لأنه نقص عن قلتين
مسائل إذا وقع نجاسة في قليل ولم تغيره وقلنا ينجس بها فانتضح منه على ثوب ونحوه نجس على المذهب وله استعمال كثير لم يتغير ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل وإن شك في كثرة الماء أو نجاسة عظم أو روثة أو جفاف نجاسة على ذباب وغيره أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء وثم بفيه رطوبة فوجهان ونقل حرب فيمن وطئ روثة فرخص فيه إذا لم يعرف ما هي
( وإذا شك في نجاسة الماء ) فهو طاهر لأنها متيقنة فلا تزول بالشك
____________________
1-
(1/60)
أو كان نجسا فشك في طهارته بنى على اليقين وإن اشتبه الماء الطاهر بالنجس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن وجده متغيرا لأنه يحتمل أن يكون بمكثه أو بما لا يمنع وليس هذا خاصا بالماء بل يجري فيه وفي غيره ( أو كان نجسا فشك في طهارته بني على اليقين ) أي الأصل لأن الشيء إذا كان على حال فانتقاله عنها يفتقر إلى عدمها ووجود الأخرى وبقاؤها وبقاء الأولى لا يفتقر إلا إلى مجرد البقاء فيكون أيسر من الحدوث وأكثر والأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب فإن أخبره عدل بنجاسته وذكر السبب قبل وإن لم يعينه فقال القاضي لا يلزم قبول خبره لاحتمال اعتقاد نجاسته بسبب لا يعتقده المخبر وقيل يقبل كالرواية ويكفي مستور الحال في الأصح كعبد وأنثى وإن أخبره أن كلبا ولغ في هذا الإناء فقط وقال آخر إنما ولغ في هذا حكم بنجاستهما لأن صدقها ممكن فإن عينا كلبا ووقتا يضيق عن شربه منهما تعارضا ولم يحكم بنجاسة واحد منهما فإن قال أحدهما ولغ في هذا وقال الآخر نزل ولم يشرب قدم قول المثبت إلا أن يكون ضريرا فيقدم قول البصير عليه
فرع إذا أصابه ماء ولا أمارة تدل على النجاسة كره سؤاله عنه نقله صالح لقول عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فلا يلزم الجواب وقيل بلى كما لو سئل عن القبلة وقيل الأولى السؤال والجواب وقيل بلزومهما وأوجب الأزجي إجابته إن علم نجاسته
( وإن اشتبه الماء الطاهر ) أي الطهور ( بالنجس ) تنقسم هذه المسألة إلى صور منها أن يزيد عدد النجس أو يتساويان فهذا لا يجوز التحري
____________________
1-
(1/61)
لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب ويتيمم وهل يشترط إراقتهما أو خلطهما على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيهما بغير خلاف ومنها أن يزيد عدد الطاهر على عدد النجس قال ابن المنجا وهي مسألة الكتاب فيكون من باب إطلاق اللفظ المتواطئ إذا أريد به بعض محاله وهو مجاز شائع ( لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب ) لأنه اشتبه عليه المباح بالمحظور في موضع لا تبيحه الضرورة كما لو اشتبهت أخته باجنبيات أو كان أحدهما بولا لأن البول لا مدخل له في التطهير والثانية له التحري إذا زاد عدد الطهور وهو قول أبي بكر وابن شاقلا والنجاد لأن الظاهر إصابته الطهور وجهة الإباحة ترجحت أشبه ما لو اشتبهت عليه اخته في نساء بلد كبير لأنه يشق عليه اجتناب الكل ولذلك يجوز له النكاح من غير تحر وعلى هذا هل يكتفي بمطلق الزيادة أو كون الطهور أكثر عرفا أو كون النجس تسع الطهور فيه أوجه وظاهر كلامهم لا فرق بين الأعمى وغيره وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله فيه احتمالات ثالثها يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة وإن توضأ من أحدهما بلا تحر فبان طهورا لم يصح ويعايا بها وقال أبو الحسين يصح ( ويتيمم ) في الصور السابقة لأنه عادم للماء حكما وظاهره أنه إذا تيمم وصلى به ثم علم النجس فلا إعادة عليه وهو كذلك في الأصح ( وهل يشترط إراقتهما أو خلطهما على روايتين ) كذا أطلقهما في الفروع إحداهما لا يشترط لصحة التيمم إعدامهما بخلط أو إراقة جزم بها في الوجيز وقدمها ابن تميم وغيره وصححها في المغني و الشرح لأنه غير قادر على استعماله أشبه
____________________
1-
(1/62)
وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ما لو كان في بئر لا يمكنه الوصول إليه والثانية تشترط الإراقة ليكون عادما للماء حقيقة وحكما واختارها الخرقي وأبو البركات وهذا إذا أمن العطش ولم يكن عنده طهور بيقين ولم يمكن تطهير أحدهما بالآخر والمحرم بغصب كالنجس فيما ذكرنا
فرع إذا احتاج إلى شرب و أكل لم يجز بلا تحر في الأصح فإن فعل قال ابن حمدان أو تطهر من أحدهما بتحر ثم وجد ماء طهورا وجب غسل ثيابه وأعضائه وقيل يسن ويريق النجس إن علمه واستغنى عنه وإن خاف العطش توضأ بالطاهر وحبس النجس وقيل يحبس الطاهر ويتيمم وهو أولى كما لو خاف احتياجهما للعطش
فرع إذا توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد نقله الجماعة خلافا للرعاية ونصه حتى يتيقن براءته وذكر في الفصول والأزجي إن شك هل كان وضوؤه قبل نجاسة الماء أو بعده لم يعد لأن الأصل الطهارة
( وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما ) قال في الوجيز مع عدم طهور مشتبه وظاهر ما ذكره المؤلف أنه يتوضأ من كل واحد منهما وضوء كاملا صرح به في المغني و المحرر لأنه أمكنه تأدية فرضه بيقين فلزمه ذلك كما لو نسي صلاة من خمس لا يعلم عينها والمذهب أنه يتوضأ
____________________
1-
(1/63)
وصلى صلاة واحدة وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلى في كل ثوب صلاة وزاد صلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + منهما وضوءا واحدا فيأخذ من هذا غرفة ومن هذا غرفة مطلقا فإن توضأ منهما مع طهور بيقين وضوء واحدا صح وإلا فلا فإن احتاج إلى أحدهما للشرب تحرى وتوضأ بالطهور عنده وتيمم ليحصل له اليقين ذكره في الشرح ( وصلى صلاة واحدة ) قال في المغني و الشرح بغير خلاف نعلمه لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فلزمه كما لو كانا طهورين ولم يكفه أحدهما
( وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة ) وهو يعلم عددها ( صلى في كل ثوب صلاة ) ينوي بها الفرض احتياطا كمن نسي صلاة من يوم ولم يجز التحري مطلقا بخلاف القبلة والأواني وفرق أحمد بينهما بأن الماء يلصق ببدنه فيتنجس به وأنه يباح طلبه فيه عند العدم بخلاف الماء النجس قال الأصحاب ولأن القبلة يكثر الاشتباه فيها والتفريط هنا حصل منه بخلافها ولأن لها أدلة تدل عليها بخلاف الثياب ( وزاد صلاة ) لأنه صلى في ثوب طاهر يقينا وإن لم يعلم عدد النجس صلى حتى يتيقن أنه صلى في طاهر صرح به الأصحاب فإن كثر ذلك وشق صلاته في الكل فقال ابن عقيل يتحرى في أصح الوجهين دفعا للمشقة والثاني لا يتحرى لأنه يندر جدا وقيل يصلي في واحد بلا تحر وفي الإعادة وجهان ولا تصح في ثياب مشتبهة مع وجود طاهر يقينا وكذا حكم الأمكنة الضيقة وأما الواسعة فيصلي حيث شاء بلا تحر
____________________
1-
(1/64)
& باب الآنية &
كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله ولو كان ثمينا كالجوهر ونحوه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الآنية &
الآنية هي الأوعية جمع إناء كسقاء وأسقية وجمع الآنية أواني والأصل اآني أبدلت الهمزة الثانية واوا كراهة اجتماع همزتين كآدم وأوادم وهو مشتق من الأدمة أو من أديم الأرض أي وجهها وهي ظروف الماء لأنه لما ذكر الماء ذكر ظرفه
( كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله ) كالخشب والجلود والصفر والحديد ويستثنى منه جلد الآدمي وعظمه لحرمته ( ولو كان ) الإناء ( ثمينا كالجوهر ونحوه ) كبلور وياقوت وزمرد وهذا قول عامة العلماء من غير كراهة إلا ما روي عن عبد الله بن عمر أنه كره الوضوء في الصفر والنحاس والرصاص واختاره أبو الفرد المقدسي لأن الماء يتغير فيها وروي أن الملائكة تكره ريح النحاس والأول أولى لما روي عبد الله بن زيد قال
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ
رواه البخاري وقد ورد أنه توضأ من جفنة ومن تور حجارة ومن إداوة ومن قربة فثبت الحكم فيها لفعله وما في معناه قياسا لأنه مثله ولأن العلة المحرمة للنقدين مفقودة في الثمين لكونه لا يعرفه إلا خواص الناس فلا يؤدي إلى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء ولأن إباحته لا تفضي إلى استعماله لقلته بخلاف النقدين فإنهما في مظنة الكثرة فيفضي إلى الاستعمال وكثرة أثمانها لا تصلح فارقا كما في الثياب فإنه يحرم الحرير وإن قل ثمنه بخلاف غيره وإن بلغ ثمنه أضعاف
____________________
1-
(1/65)
إلا آنية الذهب والفضة والمضبب بهما فإنه يحرم اتخاذها واستعمالها على الرجال والنساء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثمن الحرير وكذلك يباح فص الخاتم جوهرة ولو بلغ ثمنها مهما بلغ ويحرم ذهبا ولو كان يسيرا ( إلا آنية الذهب والفضة ) حتى الميل ونحوه ( والمضبب بهما ) لأن علة تحريم النقدين هي الخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهي موجودة في المضبب بهما ويأتي حكمها ( فإنه يحرم اتخاذها ) ذكر في الشرح عن شيخه أنه قال لا يختلف المذهب فيما علمنا في تحريم اتخاذ آنية الذهب والفضة وليس كذلك بل الخلاف فيه مشهور فذكر ابن تميم وصاحب المحرر رواية وبعضهم حكاه وجها أنه لا بحرم الاتخاذ وفاقا للشافعي لأنه لا يلزم من تحريم الاستعمال تحريم الاتخاذ كما لو اتخذ الرجل ثياب الحرير وقال أبو الحسن التميمي إذا اتخذ مسعطا أو قنديلا أو نعلين أو مجمرة أو مدخنة من النقدين كره ولم يحرم والأول هو المشهور عندالعلماء وفي المذهب لأن ما حرم استعماله مطلقا حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالملاهي وأما ثياب الحرير فإنها لا تحرم مطلقا لأنها تباح للنساء وتباح للتجارة فيها ( واستعمالها ) هذا مما اتفق على تحريمه لما روي حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة
وروت أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم
متفق عليهما فتوعد عليه بالنار فدل على تحريمه والجرجرة هي صوت وقوع الماء بانحداره في الجوف وغير الأكل والشرب في معناه لأن ذكرهما خرج في مخرج الغالب وما كان كذلك لا يتقيد الحكم به لقوله تعالى { وإن كنتم على سفر } الآية على الرجال والنساء لعموم الأخبار والمعنى فيهما أن كلا من الجنسين مكلف ولم يكن
____________________
1-
(1/66)
فإن توضأ منها فهل تصح طهارته على وجهين إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة كتشعيب القدح ونحوه فلا بأس بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + دليل مخصص وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إليه لأجل التزين للزوج ( فإن توضأ منها ) وفيها وإليها وفي إناء مغصوب أو ثمنه ( فهل تصح طهارته على وجهين ) أحدهما تصح صححه في المغني و الشرح وقدمه في الفروع لأن الإناء ليس بشرط ولا ركن للعبادة فلم يؤثر لأنه أجنبي والثاني لا تصح اختاره أبو بكر والقاضي وابنه أبو الحسين لإتيانه بالعبادة على وجه محرم أشبه الصلاة في الأرض المغصوبة وفرق بينهما في المغني و الشرح بأن الأفعال في الدار المغصوبة محرم بخلاف مسألتنا وقيل في صحة الوضوء والغسل روايتان وجزم في الوجيز بالصحة مع الكراهة منه وبه وفيه وصرح بهما الخرقي والأشهر على أن مراده بالكراهة التحريم فعلى عدم الصحة إن جعلها مصبا للماء صح ذكره في المغني و الشرح لأن المنفصل الذي يقع في الآنية قد رفع الحدث فلم يزل كذلك بوقوعه فيه وذكر ابن عقيل أنه لا يصح لوجود الفخر والخيلاء ( إلا أن تكون الضبة يسيرة ) عرفا ( من الفضة كتشعيب القدح فلا بأس بها ) لما روى البخاري عن أنس أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ولأنه ليس فيه سرف ولا خيلاء وظاهره أن المضبب بذهب حرام مطلقا لقوله عليه السلام
لا يصلح من الذهب ولا خربصيصة
وفيه وجه وكذا المضبب بفضة سواء كانت كثيرة لحاجة أو لغيرها وهو أحد الوجوه لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من شرب من إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه
____________________
1-
(1/67)
إذا لم يباشرها بالاستعمال وثياب الكفار وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال ما لم تعلم نجاستها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم
رواه الدارقطني فمقتضى هذا تحريم المضبب مطلقا ترك العمل به فيما ضبته يسيرة للنص السابق فيبقى ما عداه على مقتضاه والحاجة غير مشترطة في اليسيرة وصرح به في المغني و الشرح وحكياه عن القاضي لأنه لا سرف فيه ولا خيلاء أشبه الصفر إلا أنه كره الحلقة لأنها تستعمل وقال أبو الخطاب لا تباح إلا لحاجة وجزم به الشيخان وفي الوجيز لأن الرخصة وردت في الحاجة فيجب قصر الحكم عليها فعلى هذا تباح وفاقا وقيل تكره ( إذا لم يباشرها بالاستعمال ) لئلا يكون مباشرا للفضة التي جاء الوعيد في استعمالها وظاهره أنه يكره إذا باشرها بالاستعمال قدمه في الرعاية والمذهب أنه يباح مباشرتها مع الحاجة وبدونها فظاهر كلامه أنه يحرم وقيل يكره وقيل يباح والكثير ما كثر في العرف وقيل ما لاح على بعد وقيل ما استوعب أحد جوانبه والحاجة أن يتعلق به غرض غير الزينة في ظاهر كلام بعضهم وقال الشيخ تقي الدين مرادهم أن يحتاج إلى تلك الصورة لا إلى كونها من ذهب أو فضة فإن هذه ضرورة وهي تبيح المنفرد
فرع المطلي والمطعم ونحوهما كمموه ومكفت بأحدهما كالمصمت وقيل لا وقيل لوحك واجتمع منه شيء حرم وإلا فلا
( وثياب الكفار وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال ما لم تعلم نجاستها ) وجملته أن الكفار على ضربين أهل كتاب وغيرهم فالأول يباح أكل طعامهم
____________________
1-
(1/68)
وعنه ما ولي عوراتهم كالسراويل ونحوه لا يصلي فيه وعنه أن من لا تحل ذبيحتهم لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وشرابهم واستعمال أوانيهم بشرطه قال ابن عقيل لا تختلف الرواية في ذلك لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } [ المائدة 5 ] وتوضأ عمر من جرة نصرانية وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي بخبز شعير وإهالة سنخة وفي كراهة استعمال أوانيهم روايتان وأما ثيابهم فما علا منه كالعمامة ونحوها فلا بأس به وما ولي عوراتهم كالسراويل قال أحمد أحب أن يعيد الصلاة فيه وهو قول القاضي وقال أبو الخطاب لا يعيد لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك وأما غيرهم فحكمهم حكم أهل الذمة في ظاهر ما ذكره المؤلف وقاله أبو الحسين والآمدي ونص عليه أحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة متفق عليه وعملا بالأصل وعنه المنع من الثياب والأواني مطلقا لحديث أبي ثعلبة الخشني ولأنهم لا يتورعون عن النجاسة وعنه الكراهة وعليها يحمل النهي في حديث أبي ثعلبة ولقوله عليه السلام
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
رواه النسائي ( وعنه ما ولي عوراتهم كالسراويل ) هو أعجمي مفرد ممنوع من الصرف لشبهه بمفاعيل ونحوه كالتبان والقميص لا يصلي فيه عملا بالظاهر وقد تقدم قول أحمد فيه ( وعنه أن من لا تحل ذبيحتهم ) كالمجوس وعبدة الأوثان ( لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسله ) لحديث أبي ثعلبة قال قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء وكلوا فيها
____________________
1-
(1/69)
70 متفق عليه ووجهه أنه إذا منع في أهل الكتاب ونهي عن استعمال أوانيهم بدون غسلها ففي غيرهم أولى ولأن ذبائحهم ميتة فنجاسة الآنية بها متيقنة وعليها يمنع من الثياب أيضا لأن الظاهر أنهم لا يتوقونها في الثياب فتكون نجسة وقيل تغسل آنية من يستحل الميتة والنجاسة كالمجوس وبعض النصارى وطهارة غيرها قدمه في الكافي واعلم ن الخلاف في ذلك كله قبل الغسل وعدم تحقق النجاسة فأما بعد غسلها فلا خلاف في طهارتها وجواز استعمالها ومع تحقق النجاسة فلا خلاف في المنع وكذا حكم ما صبغوه قيل لأحمد عن صبغ اليهود بالبول فقال المسلم والكافر في هذا سواء ولا تسأل عن هذا ولا تبحث عنه فإن علمت فلا تصل فيه حتى تغسله ( ولا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة ونحوها ) لأن النجاسة بعيدة منها لأنها لا تخالطها وملاقاة رطب النجاسة لها يغر متيقن والأصل الطهارة
فرع إذا شك في استعماله فهو طاهر في ظاهر المذهب لأنه الأصل وقيل يغسل إن كان لمجوسي وإن كان لكتابي كره وعنه لا يكره وقيل لابد من غسل قدر النصراني وما نسجه الكفار فهو مباح اللبس لأنه عليه السلام وأصحابه كانت ثيابهم من نسج الكفار وذكر ابن أبي موسى في الإرشاد روايتين أصحهما لا يجب غسلها وذكر أيضا في الإرشاد أن المسلم إذا داوم شرب الخمر أنه في آنيته وثيابه وسؤره كالمجوس وفي كراهة ثوب المرضع والحائض والصغير روايتان ذكر في الشرح الإباحة ثم ذكر عن أصحابنا أن التوقي لذلك أولى لاحتمال النجاسة فيه
( ولا يطهر جلد الميتة ) أي الذي نجس بموتها ( بالدباغ ) نقله الجماعة وهو ظاهر المذهب وقول عمر وابنه وعائشة وعمران بن حصين لما روى عبد الله
____________________
(1/70)
وهل يجوز استعماله في اليابسات بعد الدبغ على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بن عكيم قال أتانا كتاب رسو الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أو شهرين
أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
رواه الخمسة ولم يذكر التوقيت غير أبي داود وأحمد وقال ما أصلح إسناده وقال أيضا حديث ابن عكيم أصحها ورواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله وفي رواية الطبراني والدار قطني
كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
وهو دال على سبق الرخصة وأنه متأخر وإنما يؤخذ بالآخر من أمره عليه السلام لا يقال هو مرسل لكونه من كتاب لا يعرف حامله لأن كتابه عليه السلام كلفظه ولهذا كان يبعث كتبه إلى النواحي بتبليغ الأحكام فإن قلت الإهاب اسم للجلد قبل الدبغ وقاله النضر بن شميل وأجيب بمنع ذلك كما قاله طائفة من أهل اللغة يؤيده أنه لم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الانتفاع به قبل الدبغ ولا هو من عادة الناس ( وهل يجوز استعماله في اليابسات ) احترز به عن المائعات فإن كثيرا من الأصحاب منعوا من ذلك وذكروه رواية واحدة قال ابن عقيل ولو لم ينجس الماء بأن كانت تسع قلتين لأنها نجسة العين وجوزه الشيخ تقي الدين إذا لم ينجس الماء ( بعد الدبغ على روايتين ) كذا في ابن تميم وفي المغني و الشرح وخصاه بجلد طاهر حال الحياة وبعضهم حكاهما قبله وإن كان جلد كلب أو خنزير لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا تنتفعوا من الميتة بشيء
رواه الدارقطني بإسناد جيد والثانية يجوز وهي الأصح لما روى ابن عباس قال تصدق على ولاة لميمونة بشاة فمر بها
____________________
1-
(1/71)
وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا في الحياة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
هلا استمتعتم بإهابها فدبغتموه فانتفعتم به
رواه مسلم ولأن الصحابة لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة ونجاسته لا تمنع الانتفاع به كالاصطياد بالكلب وإذا جاز استعماله جاز دبغه وإلا احتمل التحريم واحتمل الإباحة كغسل تجاسة بمائع وماء مستعمل وإن لم يطهر قاله القاضي وكلام غيره خلافه قال في الفروع وهو أظهر
فرع اختلف قول أحمد في جواز المخرز بشعر الخنزير وفي كراهته روايتان وقيل لا يجوز الخرز برطبه وفي يابسه الخلاف فإن خرز برطبه وجب غسله
مسألة يجوز اتخاذ منخل من شعر نجس نص عليه وقال ابن حمدان رحمه الله يكره ( وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا في الحياة ) قال ابن حمدان وهي أولى ونقل جماعة أنها آخر قولي أحمد لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أيما إهاب دبغ فقد طهر
رواه مسلخ وهو يتناول المأكول وغيره فيخرج منه ما كان نجسا في الحياة لكون الدبغ إنما يؤثر في رفع نجاسة حادثة بالموت فيبقى ما عداه على مقتضى العموم وعنه يطهر جلد ما هو مأكول اللحم واختارها جماعة وهي قول الأوزاعي وأبي ثور لقوله عليه السلام
ذكاة الأديم دباغه
رواه أحمد لأنه شبه الدباغ بالذكاة وهي إنما تعمل في مأكول اللحم فلم تؤثر في غير مأكول كالذبح والأول ظاهر كلام أحمد رحمه الله تعالى لعموم لفظه في
____________________
1-
(1/72)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذلك وعلى هذا هل الدباغ يصيره كالحياة وهي اختيار المؤلف وصاحب التلخيص فلا يطهر منها إلا ما كان طاهرا في الحياة كالهر أو كالذكاة وقد يخرج عليهما جلد الآدمي فإن في طهارته إن قيل بنجاسته وجهين والأشهر عدمه وحكى ابن حزم الإجماع على أنه يحرم استعمال جلده وسلخه والمذهب الأول عند الأصحاب لعدم رفع المتواتر بالآحاد وخالف الشيخ تقي الدين وغيره ونقل الجماعة أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان ونقل خطاب بن بشر عنه أنه قال كنت أذهب إليه رأيت السنة كلها وهو المذهب عند الأصحاب فرفعنا المتواتر بالآحاد لما بينهما من الفرق
مسائل لا يفتقر الدبغ إلى فعل آدمي فلو وقع في مدبغة طهر لأنها إزالة نجاسة فهو كالمطر يطهر الأرض النجسة ولا تحصل بتشميسه وقيل بلى وكما في تتريبه أو ريح قال في المغني ويفتقر ما يدبغ به أن يكون منشفا للخبث قال في الرعاية ولا بد فيه من زوال الرائحة الخبيثة ولا تحصل بنجس كالاستجمار وفي الرعاية بلى ويغسل بعده وينتفع بما طهر وقيل ويأكل المأكول وما طهر بدبغه جاز بيعه وإجارته ذكره في الشرح وغيره وعنه لا كما لو لم يطهر وقال أبو الخطاب يجوز بيعه مع نجاسته كثوب نجس قال في الفروع فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها ولا خرق ولا إجماع فأما قبل الدبغ
____________________
1-
(1/73)
ولا يطهر جلد غير المأكول بالذكاة ولبن الميتة وانفحتها نجسة في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلا ويغسل المدبوغ في وجه قال في المغني وهو أولى لقوله عليه السلام
جلد الشاه الميتة يطهره الماء والقرظ
رواه أبو داود ولأن ما يدبغ به ينجس بملاقاة الجلد فإذا اندبغ بقيت الآلة نجسة فلا تزول إلا بالغسل وفي آخر يطهر لقوله عليه السلام
أيما إهاب دبغ فقد طهر
ولأنه طهر بانقلابه فلم يفتقر إلى غسل كالخمرة ( ولا يطهر جلد غير المأكول بالذكاة نص عليه لما روي أبو المليح بن أسامة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم ورواه الترمذي وزاد
وإن يفترش
ولأنه ذبح غير مشروع فلم يفد طهارة الجلد كذبح المحرم الصيد لأن عندنا كل ذبح لا يفيد إباحة اللحم لا يفيد طهارة المذبوح قال القاضي جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها قبل الدبغ ولا بعده وهل يباح لبس جلد الثعلب والصلاة فيه أولا أو يباح لبسه فقط أو يباحان مع كراهة الصلاة فيه روايات قال أبو بكر لا يختلف قوله إنه يلبس إذا دبغ بعد تذكيته
( ولبن الميتة وإنفحتها ) بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة ذكره الجوهري ويقال أيضا منفحة ( نجسة في ظاهر المذهب ) هذا هو المنصور عند أصحابنا روى سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح أن ابن عباس سئل عن
____________________
1-
(1/74)
وعظمها وقرنها وظفرها نجس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجبن يصنع فيه أنافح الميتة فقال لا تأكلوه وقال ابن مسعود لا تاكلوا من الجبن إلا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب رواه البيهقي وروي عن عمر وابنه مثله ولأنه مائع في وعاء نجس أشبه ما لو حلب في إناء نجس والثانية أنهما طاهران لأن الصحابة فتحوا بلاد المجوس وأكلوا من جبنهم مع علمهم بنجاسة ذبائحهم لأن الجبن إنما يصنع بها واللبن لا ينجس بالموت إذ لا حياة فيه والأول أولى لأن في صحة ما نقل عن الصحابة نظرا ولو سلم صحته فكان بينهم يهود ونصارى يذبحون لهم فلا يتحقق القول بالنجاسة وفي الكافي و الشرح أن الجبن نجس والخلاف في الإنفحة والأشهر أن الخلاف فيهما وقيل هما في محلهما نجسان وبعد أخذهما طاهران
فرع إذا صلب قشر بيضة فطاهرة لأنه لا يصل إليها شيء من النجاسات أشبه ما لو غمست في ماء نجس وإن لم تكمل البيضة فقال أصحابنا ما كان قشرها أبيض فهو طاهر وإلا فهو نجس لأن الحاجز غير حصين وقال ابن عقيل لا ينجس لأن جمودها وغشاوتها الذي هو كالجلد مع لينه يمنع نفوذ النجاسة إليها والأول أشهر فعلى النجاسة إن صارت فرخا فهو طاهر
( وعظمها وقرنها وظفرها ) وسنها وحافرها وعصبها ( نجس ) نص على ذلك من مأكول أو غيره كالفيل لقوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } [ المائدة 3 ] والعظم من جملتها فيكون محرما وعنه طاهر وفاقا لأبي حنيفة لأن
____________________
1-
(1/75)
وصوفها وشعرها وريشها طاهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الموت لا يحلها فلا تنجس بالموت كالشعر وقد روى أبو داود بإسناده عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يا ثوبان اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج
والعاج هو عظم الفيل وقال مالك إن ذكي الفيل فعظمه طاهر وإلا فهو نجس لأن الفيل مأكول عنده فعلى هذا يجوز بيعه واختاره ابن وهب المالكي فقيل لأنه لا حياة فيه وقيل وهو أصح لأن سبب التنجيس وهي الرطوبة منتفية والأول أولى لأن الحياة تحله فينجس بالموت كالجلد بدليل قوله تعالى { قال من يحيي العظام وهي رميم } الآية [ يس 78 ] وبدليل الإحساس والألم وهو في العظام أشد منه في اللحم والضرس يألم ويلحقه القرس ويحس ببرودة الماء وحرارته وحديث ثوبان فيه حميد الشامي وسئل عنه أحمد وابن معين فقالا لا نعرفه ولو سلم فقال الخطابي عن الأصمعي العاج الذبل وقيل هو عظم السلحفاة البحرية وقيل العصب كالشعر لأنه ليس فيه رطوبة منجسة وحكم ما ذكرنا إن أخذ من مذكى فهو طاهر وإن أخذ من حي فهو نجس لقوله عليه السلام
ما يقطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة
رواه الترمذي وقال حسن غريب وكذا ما يسقط من قرون الوعول في حياتها وفي المغني و الشرح احتمال بطهارته كالشعر وأما مالا ينجس بالموت كالسمك فلا بأس بعظامه ( وصوفها وشعرها وريشها طاهر ) يعني الميتة الطاهرة في الحياة وإلا فالنجسة فيها لا يزيدها الموت إلا خبثا وهذا هو الأشهر عن أحمد نقل الميموني صوف الميتة ما أعلم أحدا كرهه وعليه أصحابه لقوله
____________________
1-
(1/76)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تعالى { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها } الآية [ النحل 80 ] وهي في سياق الامتنان فالظاهر شمولها لحالتي الحياة والموت ولحديث ابن عباس في شاة ميمونة وعن أحمد أنها نجسة أو مأ إليه في شعر الآدمي الحي واختارها الاجري ومن ثم حكاية صاحب التلخيص الخلاف في شعر غير الآدمي والقطع بالطاهرة فيه غريب ولما تقدم من حديث عبد الله بن عكيم لا تنتفعوا من الميتة بشيء ولعموم قوله تعالى ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة 3 ] وجوابه بأن المراد بالآية الحياة الحيوانية ومن خاصيتها الحس والحركة الإرادية وهما منفيان في الشعر ووبر كشعر ودخل في قولنا الميتة الطاهرة في الحياة شعر الهرة ونحوها واختاره المؤلف وابن عقيل وقيل بنجاسته بعد الموت لزوال علة الطواف به وجعل القاضي الخلاف في المنفصل في حياته أيضا وألحق ابن البنا بذلك سباع البهائم إذا قلنا بطهارتها فأما أصول الشعر والريش إذا نتف من الميتة وهو رطب فهو نجس برطوبة الميتة وهل يطهر بالغسل فيه وجهان ونقل أبو طالب ينتفع بصوفها إذا غسل قيل فريش الطير قال هذا أبعد وحرم في المستوعب نتف ذلك من حي لإيلامه وكرهه في النهاية
____________________
1-
(1/77)
& باب الاستنجاء &
يستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول بسم الله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الاستنجاء &
الاستنجاء استفعال من نجوت الشجرة أي قطعتها فكأنه قطع الأذى وقيل هو مأخوذ من النجوى وهي ما ارتفع من الأرض لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها وهو إزالة خارج من سبيل بماء وقد يستعمل في إزالته بالحجر ويسمى الاستجمار وهو استفعال من الجمار وهي الحجارة الصغار لأنه يستعملها في استجماره وعبر بعض بالاستطابة يقال استطاب وأطاب إذا استنجى قاله أهل اللغة وبعض بقضاء الحاجة وهو ظاهر
( يستحب لمن أراد دخول الخلاء ) بالمد المكان الذي يتوضأ فيه وقال الجوهري سمي بذلك لأنه يتخلى فيه أي ينفرد ( أن يقول بسم الله ) لما روي علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله
رواه ابن ماجه والترمذي وقال ليس إسناده بالقوي وتقال في ابتداء كل فعل تبركا بها وقدمت هنا على الاستعاذة لأن التعوذ هناك للقراءة والبسملة من القرآن فيقدم التعوذ عليها وشرطه أن لا يقصد ببسم الله القرآن فإنقصده حرم قاله بعضهم ( أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) اقتصر في الغنية و المحرر و الفروع على ذلك مع التسمية لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال
اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث
متفق عليه الخبث بإسكان الباء قاله أبو عبيد ونقل القاضي عياض أنه أكثر روايات الشيوخ وفسره بالشر والخبائث
____________________
1-
(1/78)
أعوذ بالله من الخبث والخبائث ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم ولا يدخله بشيء فيه ذكر الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالشياطين فكأنه استعاذ من الشر وأهله قال الخطابي هو بضم الباء وهو جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة فكأنه استعاذ من ذكرانهم وإناثهم وقيل الخبث الكفر والخبائث الشياطين ( ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم ) وفي البلغة ك المقنع وكذا في الوجيز عنه أنه لم يذكر الاستعاذة من الخبث والخبائث لما روى أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس [ الخبيث المخبث ] الشيطان الرجيم
رواه ابن ماجة قال الجوهري الرجس القذر والنجس اسم فاعل من نجس ينجس فهو نجس قال الفراء إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه أي قالوه بكسر النون وسكون الجيم والشيطان مشتق من شطن أي بعد يقال دار شطون أي بعيدة سمي بذلك لبعده من رحمة الله تعالى وقيل من شاط أي هلك سمي به لهلاكه بمعصية الله تعالى والرجيم نعت له وهو بمعنى راجم أي يرجم غيره بالإغواء أو بمعنى مرجوم لأنه يرجم بالكواكب عند استراقه السمع
( ولا يدخله بشيء فيه ذكر اله تعالى ) لما روي أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي وقد صح أن نقش خاتمه محمد رسول الله ولأن الخلاء موضع القاذورات فشرع
____________________
1-
(1/79)
ويقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تعظيم اسم الله وتنزيهه عنه والمذهب أنه يكره دخوله بما فيه ذكر الله تعالى بلا حاجة فلو لم يجد من يحفظه له أو خاف ضياعه فلا بأس حيث أخفاه قال أحمد الخاتم إذا كان فيه اسم الله تعالى يجعله في باطن كفه وقال في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم أرجو أن لا يكون به بأس وقال في المستوعب إن إزالة ذلك أفضل وجزم بعضهم بتحريمه بمصحف ويتوجه أن اسم الرسول كذلك وأنه لا يختص بالبنيان
( ويقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج ) على العكس من المسجد ونحوه لأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواه لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة وأحق بالتحرز عن الأذى ومحله ولهذا قدمت في الانتعال دون النزع صيانة لها لما روى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة أنه قال من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر وقد يفهم من لفظ الدخول والخروج اختصاص ذلك بالبنيان وليس كذلك بل يقدم يسراه إلى موضع جلوسه في الصحراء ويمناه عند منصرفه ( ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ) لما روى أبو داود من طريق رجل لم يسمه وقد سماه بعض الرواة القاسم بن محمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ولأن ذلك أستر له وهذه الكراهة مقيدة بعدم الحاجة ولكن المؤلف تبع النص الوارد والمراد أنه لم يستكمل الرفع حتى يدنو فلو عبر بقوله يرفع ثوبه شيئا فشيئا كان أولى ولعله يجب إن كان ثم من ينظره
____________________
1-
(1/80)
ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى ولا يتكلم ولا يلبث فوق حاجته فإذا خرج قال غفرانك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى ) لحديث سراقة بن مالك قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكيء على اليسرى وأن ننصب اليمنى رواه الطبراني والبيهقي ولأنه أسهل لخروج الخارج فعلى هذا تكون اليمنى منصوبة إكراما لها ( ولا يتكلم ) أي يكره أن يتكلم ولو برد سلام نص عليه كابتدائه لما روي ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم عليه فلم يرد عليه رواه مسلم وأبو داود وقال روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام وكلامه شامل لذكر الله تعالى بلسانه وجوزه ابن سيرين والنخعي لان ذكر الله محمود على كل حال وما ذكرناه أولى لأنه عليه السلام لم يرد السلام الواجب فذكر الله تعالى أولى فلو عطس حمد الله بقلبه ذكره الأصحاب وعنه وبلفظه ذكره ابن عقيل لعموم الأمر به وكذا إجابة المؤذن ذكره أبو الحسين وغيره وجزم صاحب النظم بتحريم القراءة في الحش وسطحه وهو متوجه على حاجته ويستثنى منه ما إذا رأى أعمى يقع في بئر أو حية تقصد إنسانا فإن إنذاره لا يكره ( ولا يلبث فوق حاجته ) لأنه مضر عند الأطباء قيل إنه يدمي الكبد وقيل يورث الباسور قال جدي رحمه الله تعالى وهو كشف لعورته خلوة بلا حاجة وفي أخرى يحرم اختاره المجد وغيره وحكى أبو المعالي أنها مسألة سترها عن الملائكة والجن ولا يديم النظر إلى عورته ( فإذا خرج قال غفرانك ) وهو منصوب على المفعولية أي أسألك غفرانك مأخوذ من الغفر وهو الستر
____________________
1-
(1/81)
الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني فإن كان في الفضاء أبعد واستتر وارتاد مكانا رخوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وسره أنه لما خلص من النجو المثقل للبدن سأل الخلاص مما يثقل القلب وهو الذنب لتكمل الراحة ( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ) لما روى أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال
غفرانك الحمد الله الذي أذهب عني الأذى وعافاني
رواه ابن ماجة من رواية إسماعيل بن مسلم وقد ضعفه الأكثر وفي مصنف عبد الرزاق أن نوحا عليه السلام كان يقول إذا خرج من الخلاء
الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في منفعته وأذهب عني أذاه
مسائل يستحب له تغطية رأسه ولا يرفعه ولا بصره إلى السماء ولا يبصق على بوله لأنه يورث الوسواس وأن ينتعل ويتنحنح زاد بعضهم ويمشي خطوات قال الشيخ تقي الدين هذا بدعة ( فإن كان في الفضاء ) هو ما اتسع من الأرض ( ابعد ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد رواه أبو داود وصرح السامري باستحباب ذلك ( واستتر ) بما أمكنه من حائش نخل أو كثيب رمل لما روى عبد الله بن جعفر قال كان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل رواه مسلم وفسر بأنه جماعة النخل لا واحد له من لفظه ولأن ذلك جهده في ستر العورة المأمور بها وذكر السامري أنه ينبغي ذلك ( وارتاد ) أي طلب ( مكانا رخوا ) يجوز فيه فتح الراء وكسرها ومعناه لينا هشا أو عال أو يلصق ذكره بالأرض الصلبة لما روى أبو موسى قال كنت مع النبي صلى الله لعيه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول فأتى
____________________
1-
(1/82)
ولا يبول في شق ولا سرب ولا طريق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + دمثا في أصل جدار فبال ثم قال
إذا بال أحدكم فليرتد لبوله
رواه أحمد وأبو داود ولأنه يأمن بذلك من رشاش البول
( ولا يبول في شق ) بفتح الشين واحد الشقوق ( ولا سرب ) بفتح السين والراء عبارة عن الثقب وهو ما يتخذه الدبيب والهوام بيتا في الأرض لما روى قتادة عن عبد الله بن سرجس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الجحر قالوا لقتادة ما يكره من البول في الجحر قال يقال إنها مساكن الجن رواه أحمد وأبو داود وقد روي أن سعد بن عبادة بال بجحر بالشام ثم استلقى ميتا فسمع من بئر المدينة قائل يقول % نحن قتلنا سيد الخز % % رج سعد بن عباد % % ورميناه بسهمي % % ين فلم نخط فؤاده %
فحفظوا ذلك فوجدوه في اليوم الذي مات فيه سعد ولأنه يخاف أن يخرج ببوله دابة تؤذيه أو ترده عليه فتنجسه والمراد بهذا النهي الكراهة صرح به في الفروع كمورد ماء وفم بالوعة وكذا يكره على نار لأنه يورث السقم ورماد قاله في الرعاية ومثله على قرع وهو الموضع المتجرد من النبت بين بقايا منه ( ولا طريق ) وقيده ابن تميم بأن يكون مأتيا والأشهر
____________________
1-
(1/83)
ولا ظل نافع ولا تحت شجرة مثمرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عدمه ( ولا ظل نافع ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
اتقوا اللاعنين قالوا وما اللاعنان قال الذي يتخلى في طرق الناس أو في ظلهم
رواه مسلم ففي إضافة الظل إليهم دليل على أن المراد المنتفع به ولم يقيده في المستوعب والأصح ما ذكرنا ( ولا تحت شجرة مثمرة ) وهي التي أثمرت أو قرب ثمرها لأنه يفسد على الناس ثمرهم أو تعافها النفس فأما إذا لم تكن مثمرة أو ليس وقت ثمر جاز إن لم يكن ظلا نافعا لأن أثرها يزول بالأمطار وغيرها إلى مجيئ الثمر ذكره في شرح العمدة ودل كلامه أن الغائط أشد من البول لغلاظته ولا يطهر بصب الماء عليه
تذنيب لا يبول في راكد نص عليه وإن بلغ حدا لا يمكن نزحه وأطلق الغدادي تحريمه فيه ولا يجوز أن يتغوط في جار لبقاء أثره وقد صرح به ابن تميم قال في الشرح فأما البول فيه فلا بأس به إذا كان كثيرا وظاهر كلام غيره الجواز مطلقا ولا يبول في موضع الوضوء أو الغسل نص عليه للنهي عنه فإن بال وصب عليه الماء وكان مما لا يقف عليه فلا كراهة وفي المغني روايتان والمنصوص أنه يجوز في إناء بلا حاجة وقدم في الرعاية أنه يكره من غير حاجة ولا يبول على ماله حرمة ولا على ما نهي عن الاستجمار به لحرمته وفي النهاية يكره على الطعام كعلف دابة قال في الفروع وهو سهو
____________________
1-
(1/84)
ولا يستقبل الشمس ولا القمر ولا يجوز أن يستقبل القبلة في الفضاء وفي استدبارها فيه واستقبالها في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع يكره أن يتوطأ على موضع بوله أو يستنجى عليه لئلا يتنجس به فلو كان في الأبنية المتخذة لذلك فلا ينتقل عنها للمشقة أو كان بالحجر لم يكره لأنه لو انتقل لنضح بالنجاسة
( ولا يستقبل الشمس ولا القمر ) لأنه روي أن معهما ملائكة وأن أسماء الله مكتوبة عليهما وأنهما يلعنانه وبهما يستضيء أهل الأرض فينبغي احترامهما وكالريح وإن استتر عنهما بشيء فلا بأس ( ولا يجوز أن يستقبل القبلة ) عند التخلي ( في الفضاء ) لما روى أبو أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا
رواه البخاري ومسلم وله معناه من حديث أبي هريرة ولأن جهة القبلة أشرف الجهات فصينت عن ذلك وعن أحمد يجوز وهو قول عروة وربيعة وداود لما روى جابر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرايته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه أحمد والترمذي وقال حسن غريب وصححه البخاري لا يقال هذا ناسخ للأول لأنه يحتمل أنه رآه في البنيان أو مستترا بشيء أو يكون خاصا به فلا يثبت النسخ بالاحتمال ويجب حمله على ذلك توفيقا بين الدليلين وجوزه في المبهج إذا كانت الريح في غير جهتها وعلى المنع يكفي انحرافه عن الجهة نقله أبو داود ومعناه في الخلاف وظاهر كلام المجد وحفيده لا يكفي ( وفي استدبارها فيه ) أي في الفضاء ( واستقبالها في
____________________
1-
(1/85)
البنيان روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + البنيان روايتان ) وجملته أن الرواية عن أحمد قد اختلفت ففي رواية أنه يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان لحديث ابن عمر قال رقيت على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة متفق عليه والظاهر أنه كان في الفضاء وفي ثانية بالمنع فيهما قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لما روى أبو هريرة مرفوعا قال
إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها
رواه مسلم وفي ثالثة جوازهما في البنيان فقط صححه في الشرح وذكر ابن هبيرة أنه الأشهر عنه وقدمه في المحرر واختاره الأكثر لما روى الحسن بن ذكوان عن مروان الأصغر قال رأيت ابن عمر أناخ راحلته ثم جلس يبول إليها فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا قال إنما نهي عن هذا في الفضاء أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم وقال على شرط البخاري والحسن ضعفه ابن معين وقال أحمد أحاديثه أباطيل وقواه جماعة وروى له البخاري فهذا تفسير لنهيه عليه السلام العام فتحمل أحاديث النهي على الفضاء وأحاديث الرخصة على البنيان وفي رابعة يحرم استقبالها في البنيان قدمها جماعة لعموم النهي وفي خامسة يجوز قدمها في المحرر وذكر في الشرح أنها أولى لما ذكرنا وعلم منه أنه لا يكره استقبال بيت المقدس وهو ظاهر ما في الخلاف وحمل النهي حين كان قبلة ولا يسمى بعد النسخ قبلة ونقل حنبل يكره وفاقا للشافعي لبقاء حرمته
____________________
1-
(1/86)
فإذا فرغ من قضاء حاجته مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه ثم ينتره ثلاثا ولا يمس فرجه بيمينه ولا يستجمر بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع يكفي الاستتار في الأشهر بدابة أو جدار ونحوه وفي إرخاء ذيله وجهان وظاهره لا يعتبر قربه منها كما لو كان في بيت قال في الفروع ويتوجه وجه كسترة صلاة ويكره استقبالها باستنجاء
( فإذا فرغ من قضاء حاجته مسح بيده اليسرى ) لما روت عائشة قالت كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه ويده اليسرى لخلائه وما كان من أذى رواه الشيخان ( من أصل ذكره ) وهو الدرز الذي تحت الأنثيين من حلقة الدبر فيضع إصبعه الوسطى تحت الذكر والإبهام فوقه من مجامع العروق ( إلى رأسه ) لئلا يبقى شيء من البلل في ذلك المحل ( ثم ينتره ثلاثا ) نص عليه برفق لما روى عيسى بن يزداد عن أبيه مرفوعا قال
إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثا
رواه أحمد وأبو داود لأنه بالنتر يستخرج ما عساء يبقى ويخشى عوده بعد الاستنجاء هذا هو الاستبراء فإن احتاج أن يمشي خطوات مشى خطوات قيل أكثرها سبعون خطوة قال الشيخ تقي الدين ذلك بدعة ويتوجه إن لم يستبرئ خرج منه شيء وجب ( ولا يمس فرجه بيمينه ) لما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يمسكن أحدكم بيمينه وهو يبول
متفق عليه وظاهره اختصاص النهي بحالة البول قال ابن المنجا وإنما لم يذكره المؤلف رحمه الله لوضوحه ( ولا يستجمر بها ) صرح في الوجيز بالكراهة فيهما واقتصر في المحرر على الثاني لما روى سلمان قال نهانا رسول الله
____________________
1-
(1/87)
فإن فعل أجزأه ثم يتحول عن موضعه ثم يستجمر ثم يستنجي بالماء ويجزئه أحدهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم عن كذا وأن نستنجي باليمين رواه مسلم وفي حديث أبي قتادة
ولا يتمسح في الخلاء بيمينه
ثم إن كان يستجمر من الغائط أخذ الحجر بيساره فمسح به وإن كان من بول أمسك ذكره بشماله ومسحه على الحجر فإن كان صغيرا ولم يمكنه وضعه بين عقبيه وإلا أمسك الحجر بيمينه ومسح بيساره وفيه وجه يمسك ذكره بيمينه ويمسحه بيساره والأول أولى وبكل حال تكون اليسرى هي المتحركة لأن الاستجمار إنما يحصل بالمتحركة فإن كان أقطع اليسرى أو بها مرض استجمر بيمينه للحاجة قال في التلخيص يمينه أولى من يسار غيره ( فإن فعل أجزأه ) مع الكراهة لأن الاستجمار بالحجر لا باليد فلم يقع النهي على ما يستنجي به لكون أن النهي نهي تأديب لا تحريم وقيل يحرم ويصح
فرع تباح المعونة بيمينه في المرء للحاجة ( ثم يتحول عن موضعه ) مع خوف التلوث لئلا يتنجس وهذا واجب ولو لم يزد على درهم ( ثم يستجمر ثم يستنجي بالماء ) وجمعهما أفضل لقول عائشة مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء فإني أستحييهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله رواه أحمد واحتج به في رواية حنبل والنسائي والترمذي وصححه ولأنه ابلغ في الإنقاء وأنظف لأن الحجر يزيل عين النجاسة ولا تباشرها يده والماء يزيل أثرها فإن بدأ بالماء فقال أحمد يكره ( ويجزئه أحدهما ) أما الماء فلما روى أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أحمل أنا وغلام نحوي إداوة من
____________________
1-
(1/88)
إلا أن يعدو الخارج موضع العادة فلا يجزئ إلا الماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ماء فيستنجي به متفق عليه ولفظه لمسلم ويواصل صب الماء ويسترخي قليلا ويدلك الموضع حتى يخشن وينقى وأما الأحجار فلقوله عليه السلام في حديث جابر
إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه
رواه أحمد وأبو داود ولكن الماء أفضل في ظاهر المذهب لأنه يزيل العين والأثر ويطهر المحل والحجر يخفف النجاسة وكان القياس يقتضي عدم إجزائه لكن الإجزاء رخصة وعنه يكره الاستنجاء وحده لأن فيه مباشرة النجاسة بيده ونشرها من غير حاجة وعنه الحجر أفضل اختاره ابن حامد والاقتصار عليه مجزئ بالإجماع فأما ما نقل عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن الزبير وابن المسيب وعطاء من إنكار الماء فهو والله أعلم إنكار على من يستعمله معتقدا لوجوبه ولا يرى الأحجار مجزئة لأنهم شاهدوا من الناس محافظة عليه فخافوا التعمق في الدين ( إلا أن يعدو الخارج موضع العادة ) جزم به في المتسوعب و التلخيص و الوجيز مثل أن ينتشر إلى الصفحتين أو يمتد إلى الحشفة كثيرا اقتصر عليه في الشرح وحده وفي شرح العمدة إلى النصف من الألية والحشفة فأكثر فإن كان أقل من ذلك عفي عنه وهذا ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية وظاهر المحرر أنها إذا تعدت عن مخرجها مطلقا ( فلا يجزئ إلا الماء ) لأن الأصل وجوب إزالة النجاسة بالماء وإنما رخص في الاستجمار لتكرر النجاسة على المحل المعتاد فإذاجاوزته خرجت عن حد الرخصة فوجب غسلها كسائر البدن والغسل للمتعدي
____________________
1-
(1/89)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نص عليه وبه قطع ابن تميم ونفس المخرج يجزئ فيه الاستجمار وجزم به في الوجيز وهو مقتضى كلامه في المحرر أن الماء متعين للكل وحكى ابن الزاغوني في الوجيز روايتين ونص أحمد أنه لا يستجمر في غير المخرج وقيل يستجمر في الصفحتين والحشفة وبه قطع الشيرازي وظاهره أنه لا يشترط التراب ولا العدد لأنه لم ينقل واختلف الأصحاب فيما إذا انسد المخرج وانفتح غيره فقال القاضي والشيرازي يجزئه الاستجمار فيه لأنه صار معتادا ونفاه ابن حامد والمؤلف ونصره في الشرح لأنه لا يتعلق به أحكام الفرج وحينئذ يتعين الماء سواء انفتح فوق المعدة أو تحتها صرح به الشيرازي وقيده ابن عقيل والمجد بما إذا انفتح أسفل المعدة قال ابن تميم وظاهر كلامهم إجراء الخلاف مع بقاء المخرج فلو يبس الخارج في مخرجه أو تنجس بغير نجاسة كالحقنة إذا خرجت أو استجمر بنجس وجب غسل المحل في الأشهر ويغسل الأقلف المفتوق نجاسة حشفته ونص أحمد أنه يسن وقيل حكم طرف القلفة حكم رأس الذكر وقيل إن تعذر إخراجها فهو كمختون
تنبيهان الأول البكر كالرجل لأن عذرتها تمنع من انتشار البول فأما الثيب فإن خرج البول ولم ينتشر فكذلك وإن تعدى إلى موضع الحيض فقال أصحابنا يجب غسله لأن مخرج الحيض غير مخرج البول وفي المغني احتمال لا يجب لأن هذا إعادة في حقها فكفى فيه الاستجمار كالمعتاد
____________________
1-
(1/90)
ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقي كالحجر والخشب والخرق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثاني يبدأ الرجل والبكر بالقبل وقيل يتخير كالثيب وذكر السامري أنها تبدأ بالدبر فلا تدخل إصبعها بل يكفي ما ظهر لأن المشقة تلحق به كداخل العينين وهو في حكم الباطن وقال أبو المعالي وابن حمدان هو في حكم الظاهر واختلف كلام القاضي ويخرج على ذلك إذا خرج ما احتشته ببلل هل ينقض
مسألة إذا استجمر في فرج واستنجى في آخر فلا بأس ويستحب لمن استنجى نضح فرجه وسراويله بالماء لدفع الوسواس وعنه لا لمن استجمر ومن ظن خروج شيء فقال أحمد لا تلتفت حتى تتيقن ولم ير حشو الذكر فإن فعل فصلى ثم أخرجه فوجد بللا فلا بأس ما لم يظهر خارجا
( ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقي كالحجر ) إجماعا ( والخشب والخرق ) هذا هو الصحيح في المذهب لما روى أحمد وأبو داود والدارقطني وقال إسناده صحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه
والثانية واختارها أبو كبر وهي قول داود لا يجزئ إلا الأحجار لأنه نص عليها وعلق الإجزاء بها وألاول أولى لأن المراد بالأحجار كل مستجمر فيدخل فيه جميع الجامدات ولقول سلمان أمرنا عليه السلام أن لا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم فلولا أنه يعم الجميع لم يكن لاستثناء الرجيع والعظم معنى
____________________
1-
(1/91)
إلا الروث والعظام والطعام وما له حرمة وما يتصل بالحيوان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإنما خص الحجر بالذكر لأنه أعم الجامدات وجودا وأشملها تناولا لا يقال المراد بالرجيع الحجر المستجمر به مرة لأنه في اللغة اسم الروث سمي بذلك لأن الحيوان رجعه بعد أن أكله يؤيده ما رواه أحمد من حديث رويفع بن ثابت مرفوعا
من استجمر برجيع دابة فإن محمدا بريء منه
( إلا الروث والعظام والطعام وماله حرمة وما يتصل بالحيوان ) لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن
رواه مسلم وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال
إنهما لا يطهران
رواه الدارقطني وقال إسناد صحيح وإذا ثبت ذلك في طعام الجن ففي طعام الآدمي أولى وبالجملة فيشترط في المستجمر به شروط
الأول أن يكون جامدا لأن المائع إن كان ماء فهو استنجاء وإن كان غيره امتزج بالخارج فيزيد المحل نجاسة ويؤخذ هذا من تمثيله بالحجر والخرق
الثاني أن يكون طاهرا لما روى ابن مسعود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحجرين وألقى الروثة وقال
إنها لركس
رواه البخاري والركس النجس
الثالث أن يكون منقيا فلا يجوز بالفحم الرخو قاله في الشرح
____________________
1-
(1/92)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيره ولا بالزجاج ولا الحجر الأملس والبلور إذ المقصود الإنقاء ولم يحصل
الرابع أن لا يكون محترما فلا يجوز بطعامنا ولا بطعام دوابنا وكذا طعام الجن ودوابهم وكذلك كتب الفقه والحديث وما فيه اسم الله تعالى لما فيه من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها وإذا ثبت ذلك في الطعام بحرمة الأكل فهاهنا أولى وكذلك ما يتصل بحيوان كيده وذنبه وصوفه المتصل به لأن له حرمة فهو كالطعام وقد ينجس الغير فقوله وماله حرمة يدخل فيه الطعام وما يتصل بحيوان فذكره كاف عنهما ولهذا اقتصر في المحرر و الوجيز عليه
الخامس أن لا يكون محرمان يجوز بمغصوب ولا ذهب ولا فضة ذكره في النهاية وجزم به في الوجيز ولم يذكره المؤلف وقيل يجوز بالمغصوب وهو مخرج من رواية صحة الصلاة في بقعة غصب ورد بأن الاستجمار رخصة والرخص لا تستباح على وجه محرم واختار الشيخ تقي الدين الإجزاء في ذلك وبما نهي عنه قال لأنه لم ينه عنه لكونه لا ينقي بل لإفساده ومن مذهبه أن النجاسة تزال بغير الماء وهي من باب التروك بدليل أنه لا يشترط لزوالها قصد وجوابه رواية الدارقطني السابقة وحيث قيل بعدم الإجزاء فإنه يتعين الماء في الشرط الأول وكذا في الثاني على ما قطع به المجد والمؤلف في الكافي وفي المغني احتمال بإجزاء الحجر وهو وهم وفي الثالث يعدل إلى طاهر منق وفي الرابع والخامس هل يجزئه الحجر جعلا لوجود
____________________
1-
(1/93)
ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات إما بحجر ذي شعب أو بثلاثة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + آلة النهي كعدمها أو يعدل إلى الماء لعدم فائدة الحجر إذن لنقاء المحل فيه وجهان
( ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات ) منقية ( إما بحجر ) كبير ( ذي ثلاث شعب أو بثلاثة ) إذا حصل له الإنقاء بثلاثة أحجار فهي مجزئة بغير خلاف وأما الحجر الكبير الذي له شعب فيجوز الاقتصار عليه في ظاهر المذهب اختاره الخرقي وجل المشايخ وعنه لابد من ثلاثة أحجار اختارها أبو بكر والشيرازي لأنه عليه السلام نص عليها وعلق الإجزاء بها ولأنه إذا استجمر به تنجس فلم يجز كالصغير والأول أصح لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا تغوط أحدكم فليتمسح ثلاث مرات
رواه أحمد وهذا يبين أن المقصود تكرار التمسح لا تكرار الممسوح به ولأنه يحصل بالشعب الثلاثة ما يحصل بالأحجار الثلاثة من كل وجه فلا معنى للفرق فعلى هذا إن كسر ما تنجس أو غسله أو استجمر بثلاثة أحجار لكل منهما ثلاث شعب أجزأه لحصول المعنى والإنقاء وعلى قول أبي بكر لا يجزئه جمودا على اللفظ قال في الشرح وهو بعيد قال ابن عقيل ولو مسح بالأرض أو بالحائط في ثلاث مواضع فهو كالحجر الكبير
تذنيب الإنقاء بالحجر بقاء أثر لا يزيله إلا الماء وقال المؤلف خروج الحجر أي الأخير لا أثر به إلا يسيرا فلوبقي ما يزول بالخرق لا بالحجر أزيل على ظاهر الأول لا الثاني ويندب نظره إلى الحجر قبل رميه ليعلم هل قلع أم لا والإنقاء بالماء خشونة المحل كما كان والأولى أن يقال أن يعود المحل
____________________
1-
(1/94)
فإن لم ينق بها زاد حتى ينقى ويقطع على وتر ويجب الاستنجاء من كل خارج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلى ما كان عيه لئلا ينتقض بالأمرد ونحوه ويكفي الظن جزم به جماعة وفي النهاية بالعلم ومثله طهارة الحدث
مسألة ينبغي أن يعم بكل مسحة المحل ذكره الشريف وابن عقيل وذكر القاضي أن المستحب أن يمر الحجر الأول من صفحة مقدم اليمنى إلى مؤخرها ثم يديره على اليسرى حتى يصل بهاإلى الموضع الذي بدأ منه ثم يمر الثاني من صفحته اليسرى كذلك ثم يمر الثالث على المسربة والصفحتين وقال ابن تميم إن أفرد كل جهة بحجر فهل يجزئ على وجهين وذكره ابن الزاغوني رواية ( فإن لم ينق بها ) أي بالمسحات الثلاث ( زاد حتى ينقي ) لأن المقصود إزالة أثر النجاسة ( ويقطع ) في الزيادة ( على وتر ) استحبابا لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من استجمر فليوتر
رواه الشيخان فإن قطع على شفع جاز لأن في رواية أبي داود وابن ماجة
من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج
( ويجب الاستنجاء أو الاستجمار من كل خارج ) لخبر عائشة وغيره إذ الأمر يقتضي الوجوب وأكد ذلك بلفظ الإجزاء فإنه غالبا يستعمل فيه وكلامه شامل للمعتاد كالغائط والبول والنادر كالدود والحصى والطاهر والنجس وهو ظاهر كلام الأصحاب وظاهر المحرر أنه لا يجب في طاهر كمني ودواء تحملت به إن قيل بطهارة فرجها والمذي على رواية وللرطب
____________________
1-
(1/95)
غلا الريح فإن توضأ قبله فهل يصح وضوؤه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واليابس حتى لو أدخل ميلا في ذكره ثم أخرجه لزمه الاستنجاء وهو المشهور ربطا للحكم بالمظنة وهي استصحاب الرطوبة وقال في المغني و الشرح القياس أنه لا يجب في يابس لا ينجس المحل وذكر ابن تميم ذلك وجها ( إلا الريح ) فإنه لا يجب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
من استنجى من ريح فليس منا
رواه الطبراني في معجمه الصغير قال أحمد ليس فيها استنجاء في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله عليه السلام ولأن الغسل إنما يجب لإزالة النجاسة ولا نجاسة فيها قال في المبهج لأنها عرض باتفاق الأصوليين وفيه نظر لأن من المعلوم أن للريح الخارجة من الدبر رائحة منتنة قائمة بها ولا شك في كون الرائحة عرضا فلو كانت الريح أيضا عرضا لزم قيام العرض بالعرض وهو غير جائز عند المتكلمين وهي طاهرة وفي النهاية نجسة فتنجس ماء يسيرا وفيه بعد وذكر أبو الخطاب أنها غير ناقضة بنفسها بل بما يتبعها من النجاسة ويعفى عن خلع السراويل للمشقة وقيل لا استنجاء من نوم وريح وإن أصحابنا بالشام قالت الفرج يرمص كما ترمص العين وأوجبت غسله ذكره أبو الوقت الدينوري ( فإن توضأ قبله ) أي قبل الاستنجاء إذا كانت النجاسة عليه ( فهل يصح وضوؤه على روايتين ) إحداهما يصح قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وصححها القاضي وفي الشرح لأنها إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج فعليها يباح له به مس المصحف وليس الخف والصلاة عند عجزه عما يستنجي به ويستمر وضوؤه ما لم يحدث ثم يزيلها بخرقة أو غيرها والأخرى لا يصح وهي ظاهرالخرقي وقدمها في الرعاية و الفروع وذكر أنها
____________________
1-
(1/96)
وإن تيمم قبله خرج على الروايتين وقيل لا يصح وجها واحدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اختيار الأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المقداد
يغسل ذكره ثم يتوضأ
فرتب الوضوء بعد الغسل ولأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها كالتيمم فعلى هذه لا يستبيح شيئا مما ذكرنا ( وإن تيمم قبله خرج على الروايتين السابقتين فيصح عند ابن حامد واختار القاضي وابن حمدان البطلان وبناه في المغني و الشرح على رواية صحة الوضوء فقط ( وقيل لا يصح وجها واحدا ) جزم به في الوجيز لأنه لا يرفع الحدث وإنما يستباح به ولا يباح مع قيام المانع كالتيمم فعلى هذا إذا كانت على غير الفرج فهو كما لو كانت عليه ذكره القاضي وابن عقيل وفي وجه يجزئ لأنه استباح الصلاة بغيره أشبه ما لو كانت على الثوب قال في المغني وهو الأشبه لأن نجاسة الفرج سبب وجوب التيمم فجاز أن يكون بقاؤها مانعا بخلاف سائر النجاسات
مسألة يحرم منع المحتاج إلى الطهارة ولو وقفت على طائفة معينة ولو في ملكه لبذلها للمحتاج شرعا وعرفا ولو صرح الواقف بالمنع قال الشيخ تقي الدين يمنع أهل الذمة من دخول طهارة إن حصل بهم ضرر ومع عدمه لا مزاحمة لهم
____________________
1-
(1/97)
& باب السواك وسنة الوضوء &
السواك مسنون في جميع الأوقات (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب السواك وسنة الوضوء &
السواك والمسواك اسم للعود الذي يتسوك به وهو مشتق من التساوك وهو التمايل والتردد لأن المتسوك يردده في فيه ويحركه يقال جاءت الإبل تساوك إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال وقيل هو مشتق من ساك إذا دلك وهو يذكر ويؤنث وقيل يذكر فقط وجمعه سوك ككتب ويقال سؤك بواو مهموزة وفي الشرع استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغيير ونحوه
( وسنة الوضوء ) السنة لغة الطريقة واصطلاحا عبارة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وإذا أطلقت في مقابلة الواجب فالمراد بها المستحب ومنه قوله عليه السلام
إن الله فرض صيام رمضان وسننت قيامه
والوضوء بالفتح اسم للماء الذي يتوضأ به وقيل بالفتح فيهما وقيل بالضم فيهما وهو أضعفها وأصله من الوضاءة وهي النظافة وفي الشرع أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية
( السواك مسنون في جميع الأوقات ) اتفق العلماء على أنه سنة مؤكدة لحث الشارع ومواظبته عليه وترغيبه فيه وندبه إليه يوضحه ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
السواك مطهرة للفم مرضاة للرب
رواه الشافعي وأحمد وابن خزيمة والبخاري تعليقا ورواه أحمد أيضا عن أبي بكر
____________________
1-
(1/98)
إلا للصائم بعد الزوال فلا يستحب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وابن عمر وهذا شامل للنبي صلى الله عليه وسلم واختاره ابن حامد وقيل كان واجبا عليه اختاره القاضي وابن عقيل وليس بواجب على الأمة إجماعا لما روى أبو هريرة مرفوعا قال
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة
متفق عليه قال الشافعي لو كان واجبا لأمرهم به شق او لم يشق ويعضده ما روت عائشة مرفوعا قال
فضل الصلاة بسواك على الصلاة بغير سواك سبعون ضعفا
رواه الحاكم وصححه وقال على شرط مسلم وهذا مما أنكر عليه وضعفه البيهقي بسبب أن ابن إسحاق مدلس ولم يسمعه من الزهري ( إلا للصائم بعد الزوال فلا يستحب ) في المشهور حتى ذكر ابن عقيل أن المذهب لا يختلف فيه لما روى بو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
متفق عليه وهو إنما يظهر غالبا بعد الزوال فوجب اختصاص الحكم به ولأنه أثر عبادة مستطاب شرعا فتستحب إدامته كدم الشهيد فإن قلت لم وصف دم الشهيد بريح المسك من غير زيادة وخلوف فم الصائم بأنه أطيب منه ولا شك أن الجهاد أفضل من الصوم قلت الدم نجس وغايته أن يرفع إلى أن يصير طاهرا بخلاف الخلوف ولا فرق فيه بين المواصل وغيره وظاهره لا فرق فيه بين العود الرطب وغيره فلو خالف كره في رواية صححها في التلخيص وقدمها في الرعاية و الفروع وهي المذهب لما تقدم وعنه يباح لما روى عامر بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم رواه أحمد وأبو داود والبخاري تعليقا وعنه يستحب مطلقا اختارها الشيخ تقي الدين قال في الفروع وهي أظهر
____________________
1-
(1/99)
ويتأكد استحبابه في ثلاثة مواضع عند الصلاة والانتباه من النوم وتغير رائحة الفم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقوله عليه السلام
من خير خصال الصائم السواك
رواه ابن ماجة وعنه يكره قبله بعود رطب اختارها القاضي وجزم بها الحلواني وغيره وعنه فيه لا اختاره المجد وغيره وهو قول عمر وابنه وابن عباس وكالمضمضة المسنونة ونقل حنبل لا ينبغي أن يستاك بالعشي وقال الترمذي لم ير الشافعي بأسا بالسواك للصائم أول النهار وآخره كما حكاه البخاري عن ابن عمر وظاهر كلامه أنه لا يكره قبل الزوال وهو كذلك ويؤخذ منه أن الكراهة تزول بعد غروب الشمس
( ويتأكد استحبابه في ثلاثة مواضع عند الصلاة ) لما تقدم وهو عام في الفرض والنفل حتى صلاة المتيمم وفاقد الطهورين وصلاة الجنازة والظاهر أنه لا يدخل فيه الطواف وسجدة الشكر والتلاوة ( والانتباه من النوم ) لما روى حذيفة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك متفق عليه يقال شاصه وماصه إذا غسله وقيل هو الدلك والحك ولأن النائم يتغير فاه لانطباقه ( وتغير رائحة الفم ) بكلام أو سكوت أو أكل أو جوع أو عطش لحديث عائشة ولأنه شرع في الأصل لتنظيف الفم ويتأكد أيضا في مواضع منها عند الوضوء في المضمضة قاله في المحرر وغيره لقوله عليه السلام
لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء
رواه أحمد
____________________
1-
(1/100)
ويستاك بعود لين ينقي الفم ولا يجرحه ولا يضره ولا يتفتت فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنه أبلغ في التنظيف زاد في الرعاية والغسل ومنها قراءة القرآن ذكره في الفروع وسبقه إليه أبو الفرج ومنها دخول المنزل لما روى المقداد بن شريح عن أبيه قال قلت لعائشة بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته قالت بالسواك رواه مسلم فدخول المسجد أولى ومنها اصفرار الأسنان وصرح به بعضهم
( ويستاك بعود لين ينقي الفم ) كالأراك ونحوه لما روى ابن مسعود قال كنت أجني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من أراك رواه أبو يعلى الموصلي وما في معناه العرجون كالأراك لكن قال في الفروع ويتوجه احتمال أن الأراك أولى لفعله عليه السلام وذكر الأزجي أنه لا يعدل عنه وعن الزيتون والعرجون وهو ساعد النخل الذي تكون فيه الثمرة إلا لتعذره قال صاحب التيسير من الأطباء من زعموا أن التسوك من أصول الجوز في كل خامس من الأيام ينقي الرأس ويصفي الحواس ويحد الذهن والسواك باعتدال يطيب الفم والنكهة ويجلو الأسنان ويقويها ويشد اللثة بحيث ( لا يجرحه ولا يضره ولا يتفتت فيه ) يحترز بذلك عن الريحان والرمان فإنه روى قبيصة بن ذؤيب مرفوعا
لا تخللوا بعود الريحان ولا الرمان فإنهما يحركان عرق الجذام
رواه محمد بن الحسين الأزدي وقيل السواك
____________________
1-
(1/101)
فإن استاك بإصبعه أو خرقة فهل يصيب السنة على وجهين ويستاك عرضا على لسانه وأسنانه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالريحان يضر بلحم الفم وكذا الطرفاء والآس وألاعواد الذكية التخلل بذلك كله مكروه كالسواك ( فإن استاك بإصبعه أو خرقة فهل يصيب السنة على وجهين ) كذا في المحرر أحدهما لا يصيب قدمه في الكافي و الرعاية وابن تميم وهو المذهب لأنه لا يحصل الإنقاء به حصوله بالعود والثاني بلى وفاقا لأبي حنيفة وقاله في الوجيز في الإصبع لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يجزئ من السواك الأصابع
رواه البيهقي والحافظ الضياء في المختارة وقال لا أرى بإسناد هذا الحديث بأسا وفي المغني و الشرح أنه يصيب من السنة بقدر ما يحصل من الإنقاء وذكر أنه الصحيح ولم يتعرض الأصحاب إلى إصبع غيره ولا إليها إذا كانت منفصلة وظاهره الإجزاء إذا قلنا بطهارتها وإن كان دفنها على الفور واجبا وقيد في الرعاية الخرقة بكونها خشنة وفاقا للشافعي وفيه وجه يصيب إن لم يجد عودا وفيه وجه لا يصيب بإصبع مع وجود خرقة وفيه وجه العود والخرقة سواء ثم الإصبع وفيه وجه يصيب بالإصبع عند الوضوء خاصة
( ويستاك عرضا على لسانه وأسنانه ) زاد في الرعاية ولثته لأنه عليه السلام كان يستاك عرضا رواه الطبراني والحافظ الضياء وضعفه ولأن التسوك طولا ربما أدمى اللثة وأفسد الأسنان وقيل الشيطان يستاك طولا وقال في المبهج و الإيضاح طولا وفي الشرح إن استاك على لسانه أو حلقه فلا بأس أن يستاك طولا لخبر أبي موسى رواه أحمد
فائدة ذكر ابن تميم وغيره أنه يغسل السواك وأنه لا بأس أن يستاك بالواحد
____________________
1-
(1/102)
ويدهن غبا ويكتحل وترا ويجب الختان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اثنان أو أكثر قال في الرعاية ويقول إذا استاك اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي قال بعض الشافعية وينوي به الإتيان بالسنة
( ويدهن غبا ) لأنه عليه السلام نهى عن الترجل إلا غبا رواه النسائي والترمذي وصححه والترجل تسريح الشعر ودهنه والغب يوما ويوما نقله يعقوب عن أحمد وفي الرعاية ما لم يجف الأول لا مطلقا للنساء واللحية كالرأس في ظاهر كلامهم ويفعله كل يوم للحاجة لخبر أبي قتادة رواه النسائي وقال الشيخ تقي الدين يفعل ما هو الأصلح بالبلد كالغسل بماء حار في بلد رطب لأن المقصود ترجيل الشعر وهو فعل الصحابة وأن مثله نوع اللبس والمأكل
غريبة قال اشافعي ما رأيت شيئا أنفع للوباء من البنفسج يدهن به ويشرب
( ويكتحل ) في كل عين ( وترا ) بالإثمد المطيب لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج
رواه أحمد وأبو داود في كل عين ثلاثة أطراف كما أخرجه الترمذي وحسنه وعن أحمد في اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين وقيل مرودين في كل واحدة والخامس يقسم بينهما وكان ابن سيرين يفعله تسوية بينهما
( ويجب الختان ) عند البلوغ واختار الشيخ تقي الدين الوجوب إذا
____________________
1-
(1/103)
ما لم يخفه على نفسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجبت الطهارة والصلاة ( ما لم يخفه على نفسه ) ذكره معظم الأصحاب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة
رواه البخاري ومسلم ولم يذكر السنين وقد عورض بما رواه الوليد بن مسلم بإسناده عن أبي هريرة مرفوعا قال
اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة
وقال الزهري كان الرجل إذا أسلم أمر بالاختتان وإن كان كبيرا رواه البخاري في الأدب بإسناد صحيح وأصرح منه قوله عليه السلام
ألق عنك شعر الكفر واختتن
رواه أبو داود وخرج منه إلقاء الشعر بدليل فبقي الختان على أصل الوجوب وهو شامل للذكر وهو قطع جلدة غاشية على الحشفة ذكره جماعة ونقل الميموني أو أكثرها وللأنثى وهو قطع جلدة فوق محل الإيلاج تشبه عرف الديك ويستحب أن لا تؤخذ كلها نص عليه وعنه لا يجب على النساء وصححها بعضهم وعنه يستحب فعلى الأول يختتن الخنثى في ذكره وفرجه وأنه إذا خيف منه فظاهر المحرر وجزم به في الوجيز وغيره أنه يسقط قال ابن تميم على الأصح ونقل حنبل يختتن فظاهره يجب لأنه قل من يتلف منه قال أبو بكر والعمل على ما نقله الجماعة وأنه متى خشي عليه لم يختتن ويعتبر لذلك زمن معتدل ولو أمره به ولو في حر أو برد فتلف ففي ضمانه وجهان وإن أمره به وزعم الأطباء أنه يتلف أو ظن تلفه ضمن لأنه ليس له
تذنيب فعله زمن الصغر أفضل على الأصح وقيل التأخير زاد بعضهم على الأول إلى التمييز قال الشيخ تقي الدين هذا هو المشهور وفي التلخيص
____________________
1-
(1/104)
ويكره القزع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قيل مجاوزه عشر وفي الرعايه بين سبع وعشر فان أخره حتى يدرك جاز لقوله ابن عباس كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك ويكره يوم السابع للتشبه باليهود وعنه لا قال الخلال العمل عليه ( ويكره القزع ) وهو حلق بعض رأسه نص عليه لما روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع فقيل لنافع ما القزع قال أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه متفق عليه وقيل بل حلق وسطه وقيل بل حلق يقع منه وكنتف الشيب وهو قول الأكثر وظاهره يقتضي أن له حلقه كله وإن لم يكن في نسك وهو كذلك كقصه وعنه يكره لغير نسك وحاجة وفاقا لمالك وكحلق القفا زاد فيه جمع لمن لم يحلق رأسه ولم يحتج إليه كحجامة أو غيرها نص عليه وقال هو من فعل المجوس ويكره لامرأة حلقه كقصه وقيل يحرمان عليها نقل الأثرم أرجو ألا بأس لضرورة ويستثنى على الأول ما جزم به بعضهم أنه يحرم حلقه على مريد لشيخه لأنه ذل وخضوع لغير الله تعالى
مسائل يجوز اتخاذ الشعر قال في الفروع ويتوجه احتمال لا إن شق إكرامه وفاقا للشافعي ولهذا قال أحمد هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه ولكن له كلفة ومؤونة ويسرحه ويفرقه ويكون إلى أذنيه وينتهي إلى منكبيه كشعره عليه السلام ولا بأس بزيادته على منكبيه وجعله ذؤابة ويعفي لحيته وذكر ابن حزم أن ذلك فرض كقص الشارب وأطلق أصحابنا وغيرهم أن ذلك سنة وفي المذهب ما لم يستهجن طولها وفاقا لمالك ويحرم حلقها ذكره الشيخ تقي الدين ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة
____________________
1-
(1/105)
ويتيامن في سواكه وطهوره وانتعاله ودخوله المسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ونصه لا بأس بأخذه وما تحت حلقه لفعل ابن عمر وفي المستوعب وتركه أولى وأخذ أحمد من حاجبه وعارضه ويحف شاربه وهي أولى في المنصوص وفاقا لأبي حنيفة والشافعي ولا يمنع منه ولا بأس أن ينظف أنفه خصوصا إذا فحش كإبطه ويحلق عانته وله إزالته بما شاء والتنوير فعله أحمد في العورة وكره الآمدي كثرته ويدفن ذلك نص عليه ويفعله كل أسبوع ولا يتركه فوق أربعين يوما عند أحمد وأما الشارب ففي كل جمعة لأنه يصير وحشا وقيل عشرين وقيل للمقيم ويقلم أظفاره مخالفا يوم الجمعة قبل الزوال وقيل يوم الخميس وقيل يخير ويسن أن لا يحيف عليها في الغزو لأنه يحتاج إلى حل شيء نص عليه وينظر في مرآة ويقول اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي وحرم وجهي على النار لحديث أبي هريرة رواه أبو بكر بن مردويه ويتطيب الرجل بما ظهر ريحه وخفي لونه والمرأة عكسه لأثر رواه النسائي والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة
( ويتيامن في سواكه ) أي يبدأ بجانبه الأيمن ويستاك بيساره نقله حرب قال الشيخ تقي الدين ما علمت أحدا خالف فيه كانتشاره وفيه نظر وذكر جده إن قلنا يستنجي بيمينه فيستاك بها ( وطهوره وانتعاله ودخوله المسجد ) وأكله وشربه لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله متفق عليه
____________________
1-
(1/106)
وسنن الوضوء عشر السواك والتسمية وعنه أنها واجبة مع الذكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وسنن الوضوء ) سمي وضوء لتنظيفه المتوضىء وتحسينه ( عشر السواك ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لولا أن أشق على متي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء
رواه أحمد بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وللبخاري تعليقا
عند كل وضوء
والمراد عند المضمضة ( والتسمية ) هذا اختيار الخرقي والمؤلف قال الخلال إنه الذي استقرت عليه الرواية لقوله تعالى { إذا قمتم إلى الصلاة } الآية [ المائدة 6 ] فلم يذكرها ولأنها طهارة فلم تجب لها التسمية كطهارة الخبث قال أحمد ليس يثبت في هذا حديث ولا أعلم فيه حديثا له إسناد جيد وإن صح فهو محمول على تأكيد الاستحباب ( وعنه أنها واجبة مع الذكر ) اختارها أبو بكر وابن شاقلا وأبو جعفر وأبو الحسين والقاضي وأصحابه لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه
رواه أحمد وأبو داود ولأحمد وابن ماجة من حديث سعيد بن زيد وأبي سعيد مثله قال البخاري أحسن ما في هذا الباب حديث سعيد بن زيد وكذلك قال إسحاق هو أصحها فعلى هذا تسقط سهوا نص عليه وهو المذهب لأن الوضوء عبادة تتغاير أفعالها فكان في واجباتها ما يسقط سهوا كالصلاة ولا تسقط في اخرى فعلى هذا تكون شرطا اختارها ابن عبدوس والمجد لكن قال الشيرازي وابن عبدوس متى سمي في أثنائه أجزأه على كل حال لأنه قد ذكر الله تعالى على وضوئه وإذا قيل بوجوبها فهل تسمى فرضا أو سنة فيه روايتان والأخرس تكفي إشارته بها
____________________
1-
(1/107)
وغسل الكفين إلا أن يكون قائما من نوم الليل ففي وجوبه روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تتميم محلها اللسان لأنها ذكر ووقتها بعد النية لتكون شاملة لجميع أفعال الوضوء وصفتها بسم الله فإن قال بسم الله الرحمن أو القدوس لم يجزئه على الأشهر كما لو قال الله أكبر على المحقق
( وغسل الكفين ) أي قبل الوضوء مطلقا لما روى أحمد والنسائي عن أوس بن [ أبي ] أوس الثقفي قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فاستوكف ثلاثا أي غسل كفيه والمذهب أنهما يغسلان ثلاثا ولو تحقق طهارتهما نص عليه ( إلا أن يكو قائما من نوم الليل ) ناقض للوضوء ففي وجوبه روايتان ) الأصح والظاهر عن أحمد وجوب غسلهما تعبدا واختاره أكثر أصحابنا لما تقدم من الأمر به وهو يقتضي الوجوب والثانية هي مستحبة اختارها الخرقي والشيخان لأن الله تعالى أمر القائم إلى الصلاة بغسل أعضاء الوضوء وهو شامل للقائم من النوم لا سيما وقد فسره زيد بن أسلم بالقيام من الليل ولم يذكر غسل اليدين وحمل الأمر على الندب لأنه علل بوهم النجاسة وطريان الشك على يقين الطهارة غير مؤثر فيها
فرع إذا نسي غسلهما سقط مطلقا لأنها طهارة مفردة وإن وجب وفيه وجه لا يسقط لأنه من تمام الوضوء والأول أقيس لأنه يجوز تقديم غسلهما قبل الوضوء بزمن طويل ووجوب غلسهما لمعنى فيهما وقيل بل لإدخالهما الإناء ويعتبر لغسلهما نية وتسمية
____________________
1-
(1/108)
والبداءة بالمضمضة والاستنشاق والمبالغة فيهما إلا أن يكون صائما وتخليل اللحية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة يتوجه كراهة غمسها في مائع وأكل شيء رطب بها
( والبداءة بالمضمضة والاستنشاق ) أي قبل غسل الوجه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عثمان أنه أدخل يده في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ولأنهما في حكم الباطن فقدما لئلا يخرج منه أذى بعد غسل الظاهر فيلوثه وقيل يجب ( والمبالغة فيهما ) إلى أقاصيهما هذا قول عامة المتأخرين لأن في بعض ألفاظ لقيط بن صبرة وبالغ في الاستنشاق واقتصر الخرقي عليه تبعا لحديث لقيط قال قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء فقال وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما رواه أحمد وأبو داود وصححه الترمذي وصرح به ابن الزاغوني وابن شاقلا وإنما لم يجب على المشهور ونص أحمد لسقوطها بصوم النفل والواجب لا يسقط بالنفل وعن أحمد وجوب المبالغة فيهما على المفطر وقيل في الكبرى والمبالغة في الاستنشاق اجتذاب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف ولا يصيره سعوطا وفي المضمضة إدارة الماء في أقاصي الفم زاد في الرعاية و أكثره ولا يصيره وجورا وله بلعه كلفظه ( إلا أن يكون صائما ) فإنه مكروه صرح به غير واحد وحرمه أبو الفرج الشيرازي وينبغي أن يقيد ذلك بصوم الفرض صرح به الزركشي
( وتخليل اللحية ) لما روي عن عثمان أنه توضأ وخلل لحيته حين غسل وجهه ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل الذي رأيتموني فعلت رواه الترمذي وصححه وحسنه البخاري وهذا إذا كانت كثيفة فأما إن كانت خفيفة تصف البشرة فإنه يجب غسلها وقيل يجب التخليل لظاهر الأمر وهو قول
____________________
1-
(1/109)
وتخليل الأصابع والتيامن وأخذ ماء جديد للأذنين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اسحاق وقيل لا يستحب وهو بعيد وعلى الأول فيخللها من تحتها بأصابعه نص عليه أو من جانبيها بماء الوجه وقيل بماء جديد ونص أحمد على أنه إن شاء خللها مع وجهه وإن شاء إذا مسح رأسه وحكم بقية الشعور كعنفقة وشارب وحاجب ولحية امرأة وخنثى كذلك
( وتخليل الأصابع ) أي تخليل أصابع اليدين والرجلين لما روى لقيط ابن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وخلل بين الأصابع
رواه الخمسة وصححه الترمذي وهو في الرجلين آكد ذكره في الشرح وعنه لا يسن تخليل أصابع اليدين إذ تفريجهما يغني عن تخليلهما ويخلل أصابع رجليه بخنصرة اليسرى لأنها معدة لإزالة الوسخ والدرن من باطن رجله لأنه أبلغ يبدا بخنصرها إلى إبهامها وفي اليسرى بالعكس ليحصل التيامن فيه وأصابع يديه إحداهما بالأخرى فإن كانت أو بعضها ملتصقة سقط
( والتيامن ) بغير خلاف علمناه لما روى أبو هريرة مرفوعا قال
إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم
رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد وشذ الرازي فحكى في تفسيره عن أحمد وجوب غسل اليمنى قبل اليسرى وهو منكر فقد قال ابن عبدوس هما في حكم اليد الواحدة حتى لو غسل إحداهما بماء الأخرى جاز ( وأخذ ماء جديد للأذنين ) ظاهرهما وباطنهما في رواية وهي المذهب لما روى عبد الله بن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ
____________________
1-
(1/110)
والغسلة الثانية والثالثة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأذنيه ماء خلاف الذي لرأسه رواه البيهقي وقال إسناده صحيح ولأن من فعل ذلك خرج من الخلاف والثانية واختارها القاضي وأبو الخطاب والمجد لا يسن لأن غالب من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح رأسه وأذنيه بماء واحد يؤكده قوله عليه السلام
الأذنان من الرأس
رواه ابن ماجة فعلى الأولى يدخل سباحتيه في صماخي أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما كذا وصفه ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم رواه النسائي وتسن مجاوزة موضع الفرض
( والغسلة الثانية والثالثة ) لما روى عبد اله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين رواه البخاري وفي رواية أنه عليه السلام دعا بماء فتوضأ مرة مرة فقال
هذا وظيفة الوضوء
أو قال
هذا وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة
ثم توضأ مرتين مرتين وقال
هذا وضوء من توضأه كان له كفلان من الأجر
وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال
هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي
رواه ابن ماجة وقوله عليه السلام في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لما سئل عن الوضوء فاراه ثلاثا ثلاثا
فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وتعدى وظلم
رواه أبو داود وتكلم مسلم على قوله أو نقص وأوله البيهقي على نقصان العضو واستحسنه الذهبي وأما الزيادة على الثلاث فيكره زاد بعضهم لغير وسواس وقيل يحرم للخبر قال أحمد لا يزيد عليها إلا رجل مبتلى
____________________
1-
(1/111)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
خاتمة ظاهر كلامه أنه لا يسن مسح العنق وهو الصحيح لعدم ثبوت ذلك في الحديث وعنه يسن اختاره في الغنية وابن الجوزي وابن رزين وأطلق في المحرر الخلاف وأنه لا يسن غسل داخل العينين واختاره القاضي والشيخان نظرا إلى أن الضرر المتوقع كالمتحقق وقيل يسن مع أمن الضرر جزم به صاحب التلخيص وحكى بعضهم رواية بالوجوب مخرجة من وجوب ذلك في الغسل والأصح أنه لا يجب غسلهما لنجاسة
____________________
1-
(1/112)
& باب فرض الوضوء وصفته وشرطه &
وفروضه ستة غسل الوجه والفم والأنف منه وغسل اليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب فرض الوضوء وصفته وشرطه &
( وفروضه ستة ) الفروض جمع فرض وهو لغة التأثير وشرعا قيل ما أثيب فاعله وعوقب تاركه وهو عبارة عن استعمال الماء الطهور في الأعضاء المخصوصة على صفة مفتتحة بالنية وكان فرضه مع فرض الصلاة كما رواه ابن ماجة ثم أعلم أن الفرض والشرط يشتركان في توقف العبادة على وجودهما ويفترقان بأن الشرط خارج عنها والفرض داخلها وبأن الشرط يستصحب فيها إلى انقضائها والفرض ينقضي ويخلفه غيره فمنهم من نظر إلى المعنى الأول فسمى النية ونحوها فرضا وهي بالمعنى الثاني شرط ( غسل الوجه ) لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة 6 ] ( والفم والأنف منه ) أي من الوجه لدخولهما في حده ( وغسل اليدين إلى المرفقين ) لقوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } ومسح الرأس لقوله تعالى { وامسحوا برؤوسكم } وغسل الرجلين لقوله تعالى { وأرجلكم إلى الكعبين } أي كل واحدة منهما وهو فرض عندنا وعند الجماهير لقراءة نافع وابن عامر والكسائي وحفص بالنصب في ( وأرجلكم ) عطفا على اليدين وقرأ الباقون بالخفض للمجاورة كقوله تعالى { لهم عذاب من رجز أليم } [ سبأ 5 ] وقيل لما كانت الأرجل في مظنة الإسراف في الماء وهو منهي عنه مذموم عطفها على الممسوح لا للتمسح بل للتنبيه على الاقتصار على
____________________
1-
(1/113)
وترتيبه على ما ذكر الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مقدار الواجب ثم قيل ( إلى الكعبين ) دفعا لظن ظان أنها ممسوحة لأن المسح لم يضرب له غاية في الشرع ولفعله عليه السلام وقوله
ثم يغسل رجليه كما أمره الله تعالى
رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة والدارقطني وصححاه وقال سعيد حدثنا يونس بن أبي يعقوب عن أبي الجحاف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين إسناد حسن وقالت عائشة لأن يقطعا أحب إلي أن أمسح القدمين وهذا في حق غير لابس الخف فأما لابسه فغسلهما ليس فرضا متعينا في حقه ( وترتيبه على ما ذكر الله تعالى هذا هو الأصح وفي الكافي إنه ظاهر المذهب لأن الله تعالى أدخل الممسوح بين المغسولات ولا نعلم لهذا فائدة غير الترتيب والآية سيقت لبيان الواجب والنبي صلى الله عليه وسلم رتب الوضوء وقال
هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
ولأنه عبادة تبطل بالحدث فكان الترتيب من شرطه كالصلاة يجب فيها الركوع قبل السجود ولو كان التنكيس جائزا لفعله ولو مرة لتبيين الجواز وهذا كله على أن الواو للجمع المطلق فأما إذا قيل إنها للترتيب فواضح فعلى هذا لو بدأ بشيء من الأعضاء قبل غسل الوجه لم يحسب له نعم إن توضأ منكسا أربع مرات صح وضوؤه إن قرب الزمن لأنه حصل له في كل مرة غسل عضو ولو غسلها جميعا بانغماس واحد أو وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه وإن لبث في جار فمرت عليه أربع جريات متعاقبة سقط الترتيب إن قيل بإجزاء الغسل عن
____________________
1-
(1/114)
والموالاة على إحدى الروايتين وهي ألا يؤخر غسل عضو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المسح وقيل إن أمر يده على رأسه كفاه وإلا فلا ولو لم تمر عليه إلا جرية واحدة لم يجزئه وإن انغمس في كثير راكد فمنصوصه وقطع به جمع إن خرج مرتبا جاز وإلا فلا والثانية وحكاها أبو الخطاب وابن عقيل بعدم الوجوب وأخذوا ذلك من نصه على جواز تأخير المضمضة والاستنشاق وأبي ذلك عامة الأصحاب وقيل يسقط بالجهل والنسيان
( والموالاة على إحدى الروايتين ) ذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وصححها في الرعاية وجزم بها في الوجيز ورجحها في الشرح لقوله تعالى
{ إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة 6 ] لأن الأول شرط والثاني جواب وإذا وجد الشرط وهو القيام وجب أن لا يتأخر عنه جوابه وهو غسل الأعضاء يؤيده ما روى خالد بن معدان أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء رواه أحمد وأبو داود وزاد والصلاة وهذا صحيح وفيه بقية وهو ثقة روى له مسلم والثانية ونقلها حنبل عنه أنها لا تجب وهي قول ابن المنذر لأن الله تعالى أمر بالغسل ولم يشترط الموالاة وعن ابن عمر أنه غسل رجليه بعد ما جف وضوؤه ونصر الشيخ تقي الدين ذلك وزعم أنه الأشبه بأصول الشريعة وله نظائر منها التتابع في صوم شهري الكفارة وجوابه النص والإجماع ثم لو تركه لعذر لم ينقطع وكذا الموالاة في قراءة الفاتحة وفي الطواف والسعي لا يبطل بفعل المكتوبة ( وهو أن لا يؤخر غسل عضو
____________________
1-
(1/115)
حتى ينشف الذي قبله والنية شرط لطهارة الحدث كلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حتى ينشف الذي قبله ) في زمن معتدل أو بمقداره من الشتاء والصيف والهواء وهل الاعتبار بما يلي العضو المغسول أو أولها أو جميعها فيه أقوال والتفريق المبطل ما يعد في العرف تفريقا قال الخلال هو الأشبه بقوله والعمل عليه فلو جف الأول لاشتغاله في الثاني بسنة كتخليل وإسباغ لم يضر وكذا إن كان لوسوسة وإزالة وسخ في الأصح وإن كان للاشتغال بتحصيل الماء فروايتان ويضر إسراف وإزالة الوسخ لغير الطهارة وزيادة على الثلاث لأنه ليس من الطهارة شرعا ولا تسقط هي وترتيب سهوا كبقية الفروض
( والنية ) لغة القصد يقال نواك الله بخير أي قصدك به ومحلها القلب فلابد أن يقصد بقلبه وأن يخلصها لله تعالى لأنه عمل القلب والنص دل على الثواب في كل وضوء ولا ثواب في غير منوي بالإجماع ( شرط ) وهو لغة العلامة ومنه قوله تعالى { فقد جاء أشراطها } [ القتال 18 ] واصطلاحا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ( لطهارة الحدث كلها ) بغير خلاف نعلمه لقوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [ البينة 5 ] والإخلاص محض النية وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إنما الأعمال بالنيات
وأكده بقوله
وإنما لكل امرئ ما نوى
وقوله
لا عمل إلا بنية
ولأن الوضوء عبادة لقوله عليه السلام
الطهور شطر الإيمان
رواه مسلم وأخبر أن الخطايا تخرج بالوضوء وكل عبادة لابد لها من
____________________
1-
(1/116)
وهي أن يقصد رفع الحدث أو الطهارة لما لا يباح إلا بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نية فالعبادة ما أمر به شرعا من غير اضطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي قيل لأبي البقاء الإسلام والنية عبادتان ولا يفتقران إلى النية فقال الإسلام ليس بعبادة لصدوره من الكافر وليس من أهلها سلمنا لكن صح للضرورة لأنه لا يصدر إلا من كافر وأما النية فلقطع التسلسل ولأنها طهارة حكمية فافتقرت إلى النية كالكفارة بخلاف طهارة الخبث فإنها نقل عين أشبه رد الوديعة ولأن طهارة الحدث بابها الفعل اشبهت الصلاة وطهارة النجاسة بابها الترك أشبهت ترك الزنا وذكر بعض أصحابنا عن طوائف من العلماء أنه ليس من شرط العبادة النية بدليل الستارة واستقبال القبلة وهما شرطان للعبادة وأجيب بأنهما يوجدان في جميع الصلاة كوجودهما قبلها فنية الصلاة متضمنة لهما بخلاف طهارة الحدث ولهذا لو حلف لا يتطهر وهو متطهر لم يحنث بالاستدامة ولو حلف لا يستتر ولا يستقبل حنث باستدامتهما وظاهره أنها ليست بشرط في طهارة النجس وهو كذلك في الأصح وفيه وجه يشترط إن كانت على البدن وفي رواية أنها شرط مطلقا ( وهي أن يقصد رفع الحدث ) وهو المانع مما تشترط له الطهارة والمراد رفع حكمه وإلا فالحدث إذا وقع لا يرتفع ( أو الطهارة لما لا يباح إلا بها ) أي يقصد استباحة عبادة لا تستباح إلا بالطهارة كالصلاة والطواف ومس المصحف لأن ذلك يستلزم رفع الحدث ضرورة أن صحة ذلك لا تجتمع معه فإن نوى التبرد وما لا تشرع له الطهارة كأكل وبيع ونوى مع ذلك الطهارة صحت وإلا فلا وإن غسل أعضاءه ليزيل عنها
____________________
1-
(1/117)
فإن نوى ما تسن له الطهارة أو التجديد فهل يرتفع حدثه على روايتين وإن نوى غسلا مسنونا فهل يجزئ عن الواجب على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النجاسة أو ليعلم غيره لم يجزئه وإن نوى صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقا وإن نوى طهارة مطلقة أو وضوء مطلقا فالراجح أنه لا يرتفع وإن نوى الجنب بغسله القراءة ارتفع الأكبر وفي الأصغر وجهان وإن نوى بغسله اللبث في المسجد ارتفع الأصغر وفي الأكبر في أعضاء الوضوء وقيل وغيرها وجهان وإن نوى من حدثه مستمرا استباحة الصلاة صح وارتفع حدثه ولا يحتاج إلى تعيين النية للفرض فلو نوى رفع الحدث لم يرتفع في الأقيس ويسن نطقه بها سرا ولا يضر سبق لسانه بخلاف قصده
تنبيه يشترط لصحة وضوء عقل وتمييز وإسلام ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه وإزالة ما يمنع وصول الماء وطهر من حيض ونفاس وفراغه من خروج خارج وطهورية ماء وإباحته ( فإن نوى ما تسن له الطهارة ) كقراءة القرآن والأذان ونحوهما ( أو التجديد ) ناسيا حدثه ( فهل يرتفع حدثه على روايتين ) إحداهما لا يرتفع اختارها ابن حامد والشيرازي وأبو الخطاب كمن نوى التبرد والأخرى يرتفع اختارها أبو حفص والشيخان وجزم بها في الوجيز لأنه نوى طهارة شرعية وصحح السامري أنه لا يرتفع إذا نوى ما تسن له الطهارة وفي الرعاية إن جدد محدث وضوءه ناسيا حدثه لم يرتفع في الأشهر وفي حصول التجديد إذا لم يرتفع احتمالان ( وإن نوى غسلا مسنونا ) كغسل يوم الجمعة ( فهل يجزئه عن الواجب ) كغسل الجنابة ( على وجهين ) هما مبنيان على الخلاف السابق والمذهب الإجزاء كعكسه فإن لم يرتفع الواجب حصل المسنون وقيل لا وقيل يجزئه الواجب
____________________
1-
(1/118)
وإن اجتمعت أحداث توجب الوضوء أو الغسل فنوى بطهارته أحدها فهل يرتفع سائرها على وجهين ويجب تقديم النية على أول واجبات الطهارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه أعلى فإن نواهما حصلا نص عليه ( وإن اجتمعت أحداث توجب الوضوء أو الغسل ) متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة ( فنوى بطهارته أحدها ) وقيل وعلى أن لا يرتفع غيره ( فهل يرتفع سائرها ) أي باقيها قال ابن هشام ولا أعلم أحدا من أئمة اللغة ذكر بأنها بمعنى الجميع إلا الجوهري وهو وهم ( على وجهين ) أحدهما يرتفع وهو قول القاضي وجزم به في الوجيز وهو الأصح لأن الأحداث تتداخل فإذا ارتفع البعض ارتفع الجميع والآخر لا يرتفع إلا ما نواه وقاله أبو بكر عبد العزيز لأنه لم ينوه أشبه ما لم ينو شيئا فعلى قوله إذا اغتسلت من هي حائض جنب للحيض حل وطؤها دون غيره لبقاء الحرمة وفيه وجه إن سبق أحدهما ونواه ارتفع عن المنوي وإلا فلا وفيه وجه يجزئ نية حيض عن جنابة من غير عكس وما سوى ذلك يرتفع وفيه وجه لا يجزئ أحدهما عن الآخر ويجزئ في غيرهما وظاهره أنه إذا نوى الجميع ارتفع وهو كذلك عند الأكثر لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة إلا غسلا واحدا وهو يتضمن التقاء الختانين والإنزال
( ويجب تقديم النية على أول واجبات الطهارة ) لأن النية شرط لصحتها فيعتبر وجودها في أولها فلو فعل شيئا من الواجبات قبل وجود النية لم يعتد
____________________
1-
(1/119)
ويستحب تقديمها على مسنوناتها واستصحاب ذكرها في جميعها وإن استصحب حكمها أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + به ويجوز تقديمها بزمن يسير كالصلاة وقيل وطويل ما لم يفسخها والأصح أنه لا يبطلها عمل يسير ( ويستحب تقديمها على مسنوناتها ) أي يستحب تقديمها على أول المسنونات منها كغسل اليد إذا لم يكن قائما من نوم الليل ليشمل مفروض الوضوء ومسنونه فلو فرق النية على أعضاء الطهارة صح في الأشهر
فرع غسل الذمية من الحيض لا يفتقر إلى نية واعتبره الدينوري قال في الرعاية والنص أنه لا يجزئ غسل بلا نية ( واستصحاب ذكرها في جميعها ) قال الشيخ تقي الدين وهو أفضل لتكون أفعاله مقرونة بالنية ( وإن استصحب حكمها أجزأه ) ومعناه أن ينوي المتطهر في أولها ثم لا ينوي قطعها فإن عزبت عن خاطره وذهل عنها لم يؤثر ذلك في قطعها كالصلاة والصيام
فرع إذا شك في النية في أثناء طهارته لزمه استئنافها إلا أن يكون وهما كالوسواس فلا يلتفت والأصح أنها لا تبطل بعد فراغه كالشك في حدث والثاني تبطل لأن حكمها باق بخلاف الصلاة وإن أبطلها في أثناء طهارته بطل ما مضى في الأصح ولم تبطل في آخر لأنه وقع صحيحا فلم تبطل بقطع النية كما لو نوى قطعها بعد الفراغ من الوضوء ثم هل يتم على الأول ينبني على وجوب الموالاة
____________________
1-
(1/120)
فصل ( كيفية الوضوء )
وصفة الوضوء أن ينوي ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثا ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا من غرفة وإن شاء من ثلاث وإن شاء من ست (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ( وصفة الوضوء ) المراد بها هنا الكيفية
( أن ينوي ثم يسمي ) وقد تقدما ( ويغسل يديه ) أي كفيه ( ثلاثا ) لأن من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه كان يبدأ فيغسل كفيه ثلاث مرات لأن اليدين آلة لنقل الماء فاستحب غسلهما تحقيقا لطهارتهما وتنظيفا لهما وحينئذ فيتكرر غسلهما عند الاستيقاظ من النوم وفي أوله ومع كل يد ( ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا من غرفة ) لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق رواه البخاري والمضمضة إدارة الماء في الفم والاستنشاق اجتذاب الماء بالنفس إلى باطن الأنف والسنة أن يكون بيمينه ويستنثر بيساره وعنه يجب في الصغرى وظاهره أنه يسن تقديم المضمضة عليه ويتوجه أنه يجب وفاقا للشافعي ولأن الفم أشرف لكونه محل القراءة والذكر وغيرهما وهما في ترتيب وموالاة كغيرهما ( وإن شاء من ثلاث ) للحديث المتفق عليه أنه أدخل يده في الإناء فمضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات ( وإن شاء من ست ) لأن في حديث جد طلحة بن مصرف قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق رواه أبو داود ووضوؤه كن ثلاثا ثلاثا فلزم كونهما من ست والأفضل كما نص عليه أن يكون لهما من غرفة واحدة وفي تسميتهما فرضا وسقوطهما سهوا روايتان والمذهب أنهما يسميان فرضا ولا
____________________
1-
(1/121)
وهما واجبان في الطهارتين وعنه أن الاستنشاق وحده واجب فيهما وعنه أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يسقطان سهوا ( وهما واجبان في الطهارتين ) هذا هو المشهور لأن الله تعالى أمر بغسل الوجه وأطلق وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وتعليمه تمضمض واستنشق في كل وضوء توضأه ولم ينقل عنه الإخلال به مع اقتصاره على المجزئ وهو الوضوء مرة مرة وقوله هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وفعله إذا خرج بيانا كان حكمه حكم ذلك المبين ولو كان مستحبا لتركه ولو مرة لتبيين الجواز كما في الثانية والثالثة وقد روى الدارقطني عن أبي هريرة قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق وإسناده جيد وفي حديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا توضأت فتمضمض
رواه أبو داود بإسناد جيد ولأنهما في حكم الظاهر بدليل أو وضع الطعام والخمر فيهما لا يوجب فطرا ولا ينشر حرمة ولا توجب حدا وحصول النجاسة فيهما يوجب غسلهما وينقض الوضوء بوصولهما إليهما ولا يشق إيصال الماء إليهما بخلاف باطن اللحية الكثة ( وعنه أن الاستنشاق وحده واجب فيهما لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في انفه ماء ثم لينثر وفي لفظ فاليستنشق
وإذا ثبت ذلك في الوضوء ففي الغسل أولى ولأن طرف الأنف لا يزلا مفتوحا بخلاف الفم وقاله أبو عبيد وأبو ثور ( وعنه أنهما واجبان في الكبرى ) لأنه يجب إيصال الماء فيها إلى باطن الشعور ونحوه ( ومن الصغرى ) لأن المأمور فيها غسل الوجه وهو ما تقع به المواجهة وليسا كذلك أشبها باطن
____________________
1-
(1/122)
ثم يغسل وجهه ثلاثا من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولا مع ما استرسل من اللحية ومن الأذن إلى الأذن عرضا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اللحية الكثة وعنه يجبان في الأصغر فقط نقلها الميموني وعنه يجب الاستنشاق وحده في الأصغر ذكرها صاحب الهداية وعنه عكسها ذكرها ابن الجوزي وعنه هما سنة وفاقا لمالك والشافعي كانتثاره
( ثم يغسل وجهه ) للنص فيأخذ الماء بيديه جميعا أو يغترف بيمينه ويضم إليها الأخرى ويغسل بها ثلاثا لأن السنة قد استفاضت به خصوصا حديث عثمان المتفق على صحته ( من منابت شعر الرأس ) غالبا فلا عبرة بالأقرع الذي ينبت شعره في بعض جبهته ولا بالأجلح الذي انحسر شعره عن مقدم رأسه ( إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولا مع ما استرسل من اللحية ومن الأذن إلى الأذن عرضا ) لأن ذلك تحصل به المواجهة وعلم من كلامه أن الأذنين ليسا من الوجه وأن البياض الذي بين العذار والأذن منه ونص الخرقي عليه لأنه يغفل الناس عنه وقال مالك ليس من الوجه ولا يجب غسله قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار قال بقوله هذا ولأنه يجب في حق غير المتلحي فكذا غيره فيدخل في حد الوج العذار وهو الشعر الذي على العظم الناتئ سمت صماخ الأذن مرتفعا إلى الصدغ ومنحطا إلى العارض والعارض هو الشعر النابت على الخد واللحيان العظمان اللذان في أسفل الوجه قد اكتنفاه وعليهما ينبت أكثر اللحية والذقن وهو مجمع اللحيين والحاجبان وأهداب العينين والشارب والعنفقة ولا يدخل صدغ وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار محاذي رأس الأذن وينزل عن رأسها قليلا في ظاهر كلام أحمد وهو الأصح واختلف في التحذيف
____________________
1-
(1/123)
فإن كان فيه شعر خفيف يصف البشرة وجب غسلها معه وإن كان يسترها أجزأه غسل ظاهره ويستحب تخليله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهو الشعر بين انتهاء العذار والنزعة فقال ابن حامد هو منه وذكر بعضهم أنه الأصح وضابطه أن يضع طرف خيط على رأس الأذن والطرف الثاني على أعلى الجبهة ويفرض هذا الخيط مستقيما فما نزل عنه إلى جانب الوجه فهو موضع التحذيف ولا يدخل فيه النزعتان وهما ما انحسر عنه الشعر في الرأس متصاعدا من جانبيه واختار ابن عقيل والشيرازي خلافه ودل كلامه أنه يجب غسل اللحية مع مسترسلها أو خرج عن حد الوجه عرضا وهو ظاهر المذهب وعنه لا يجب غسل ما خرج عن محاذاة البشرة طولا وعرضا وهو ظاهر الخرقى في المسترسل كما لا يجب غسل ما استرسل من الرأس والأول أصح لأن اللحية تشارك الوجه في معنى التوجه والمواجهة وخرج ما نزل من الرأس عنه لعدم مشاركة الرأس في الترؤس
مسألة يستحب أن يزيد في ماء الوجه لأساريره ودواخله وخوارجه وشعوره قاله أحمد وكره أن يأخذ الماء ثم يصبه ثم يغسل وجهه وقال هذا مسح وليس بغسل وتقدم أنه لا يجب غسل داخل العينين ( فإن كان فيه شعر خفيف يصف البشرة وجب غسلها معه ) لأنها لا يستر ما تحتها اشبه الذي لا شعر عليه ويجب غسل الشعر تبعا للمحل ( وإن كان يسترها أجزأه غسل ظاهره ) لحصول المواجهة فوجب تعلق الحكم به بخلاف الغسل وقيل لا كتيمم وقيل يجب غسله وشعر غير اللحية كهي وقيل يجب غسله وفاقا للشافعي ( ويستحب تخليله ) كما تقدم
____________________
1-
(1/124)
ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا ويدخل المرفقين في الغسل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع لو كان عليه شعر خفيف وكثيف فظاهر كلامهم أن لكل واحد حكمه
( ثم يغسل يديه ) للنص ولا خلاف بين الأمة فيه ( إلى المرفقين ) ويجب غسل أظفاره ولا يضر وسخ يسير في الأصح كبراجمه وقيل إن منع وصول الماء إلى ما تحته كشمع ففي صحة طهارته وجهان وجزم ابن عقيل بعدمها وقيل يسامح فلاح ونحوه وظاهره أنه إذا نبت له إصبع زائدة أو يد في محل الفرض فإنه يجب غسلها معه فلو كان النابت في العضد أو المنكب ولم يتميز الأصلي غسلا وجها واحدا وإن تميز لم يجب غسل ما لم يحاذ الفرض وكذا إن حاذاه منها شيء على المذهب واختار القاضي والشيرازي وصححه ابن حمدان أنه يجب غسل المحاذي وإذا تدلت جلدة إلى محل الفرض أو منه غسلت وقيل إن تدلت من محل الفرض غسلت وإلا فلا ذكره ابن تميم وإن التحم رأسها في محل الفرض وجب غسل ما فيه منها ( ثلاثا ) لحديث عثمان وغيره ( ويدخل المرفقين في الغسل ) لما روى الدارقطني عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أمر الماء على مرفقه وهذا بيان للغسل المأمور به في الآية الكريمة وعنه لا يجب إدخالهما فيه وقاله زفر لأن إلى للغاية قلنا وقد تكون بمعنى مع كقوله تعالى { ويزدكم قوة إلى قوتكم } [ هود 52 ]
____________________
1-
(1/125)
ثم يمسح رأسه فيبدأ بيديه من مقدم رأسه ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } [ النساء 2 ] فبين عليه السلام أنها كذلك أو يقال اليد تطلق حقيقة إلى المنكب وإلى آخر عدا المرفق فإن كانت اليد لا مرفق لها غسل إلى قدر المرفق في غالب الناس
( ثم يمسح رأسه ) وهو فرض بالإجماع وسنده النص وهو ما ينبت عليه الشعر في حق الصبي قال في الشرح وينبغي أن يعتبر غالب الناس فلا يعتبر الأقرع ولا الأجلح كما سبق في حد الوجه ( فيبدأ بيديه من مقدم رأسه ثم يمرها إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه ) كذا في المحرر وفي المغني و الشرح يضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ويضع الإبهامين على الصدغين ثم يمر يديه إلى قفاه ثم يردهما إلى الماكن الذي بدأ منه لما روى عبد الله بن زيد في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى إذا ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه متفق عليه ويستثنى من ذلك ما إذا خاف أن ينتفش شعره برد يديه فإنه لا يردهما نص عليه بل يمسح إلى قفاه فقط سواء كان رجلا أو امرأة وعنه يبدأ بمؤخره ويختم به وعنه تبدأ هي من وسطه إلى مقدمه ثم من الوسط إلى مؤخره قال في المغني و الشرح وكيف مسح بعد استيعاب قدر الواجب أجزأه ويجزئ بعض يده وبحائل في الأصح وفاقا لأبي حنيفة والشافعي
____________________
1-
(1/126)
ويجب مسح جميعه مع الأذنين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ويجب مسح جميعه ) هذا ظاهر الخرقي ومختار عامة الأصحاب وذكر القاضي والسامري أنه اصح الروايات لأنه تعالى أمر بمسح الرأس وبمسح الوجه في التيمم وهو يجب الاستيعاب فيه فكذا هنا إذ لا فرق ولأنه عليه السلام مسح جميعه وفعله وقع بيانا للآية والباء للإلصاق أي إلصاق الفعل بالمفعول فكأنه قيل الصقوا المسح برؤوسكم أي المسح بالماء وهذا بخلاف لو قيل امسحوا رؤوسكم فإنه لا يدل على أنه ثم شيء ملصق كما يقال مسحت رأس اليتيم وأماد دعوى أن الباء إذا وليت فعلا متعديا أفادت التبعيض في مجرورها لغة فغير مسلم دفعا للاشتراك ولإنكار الأئمة قال أبو بكر سألت ابن دريد وابن عرفة عن الباء تبعض فقالا لا نعرفه في اللغة وقال ابن برهان من زعم أن الباء تبعض فقد جاء عن أهل اللغة بما لا يعرفونه وقوله { يشرب بها عباد الله } [ 76 6 ] وقول الشاعر شربن بماء البحر فمن باب التضمين كأنه قيل تروى وما روي أنه عليه السلام مسح مقدم رأسه فمحمول على أن ذلك مع العمامة كما جاء مفسرا في حديث المغيرة بن شعبة ونحن نقول به وظاهره أنه يتعين استيعاب ظاهره كله لكن استثنى في المترجم و المبهج اليسير للمشقة ( مع الأذنين ) أي يجب مسحهما مع الرأس في رواية اختارها جماعة لقوله عليه السلام الأذنان من الرأس
____________________
1-
(1/127)
وعنه يجزئ مسح أكثره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهر المذهب أنه لا يجب مسحهما وإن وجب الاستيعاب لأنهما منه حكما لا حقيقة لأن الرأس عند إطلاق لفظه إنما يتناول ما عليه الشعر بدليل أنه لا يجزئ مسحهما عنه وإن قلنا بإجزاء البعض قاله الجمهور ( وعنه يجزئ مسح أكثره ) لأنه يطلق على الجميع كما يقال جاء العسكر والمراد أكثره ولأن إيجاب الكل قد يفضي إلى الحرج غالبا وأنه منفي شرعا فإن ترك الثلاث فما دون جاز وقاله محمد بن مسلمة وعنه يجزئ بعضه وفي الانتصار في التجديد وفي التعليق للعذر واختاره الشيخ تقي الدين وأنه يمسح معه العمامة ويكون كالجبيرة فلا توقيت وعنه يجزئ بعضه للمرأة وهي الظاهرة عند الخلال والمؤلف لأن عائشة كانت تمسح مقدم رأسها وعنه قدر الناصية وفي تعيينها وجهان وهي مقدمة عند القاضي وقدمه في الفروع وقيل قصاص الشعر
تذنيب إذا مسح بشرة راسه دون ظاهر شعره لم يجزئه وكذا إذا مسح ما نزل عن الرأس من الشعر ولو كان معقوصا على الرأس وإن غسل رأسه بدلا عن مسحه ثم أمر يده عليه جاز في الأشهر وكذا الخف والجبيرة قال ابن حامد إنما يجزئ الغسل عنه إذا نواه به فلو أصاب رأسه ماء من غير قصد ثم مسحه بيده بعد نية الوضوء أجزأه في الأقيس والثاني لا كما لو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه أو وضع عليه خرقة مبلولة أوب لها عليه ولو كان على راسه خضاب فمسح عليه لم يجزئه نص عليه
____________________
1-
(1/128)
ولا يستحب تكراره وعنه يستحب ثم يغسل رجليه ثلاثا إلى الكعبين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ولا يستحب تكراره ) في الصحيح من المذهب قال الترمذي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح رأسه واحدة ولأنه مسح في طهارة عن حدث فلم يستحب تكراره كالمسح على الخفين وفي التيمم ( وعنه يستحب ) قال في المغني ويحتمله كلام الخرقي لقوله والثلاث أفضل وفيه نظر بماء جديد نصره أبو الخطاب وابن الجوزي لما روى عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح راسه ثلاثا رواه أبو داود قال ابن الصلاح حديث حسن ولأنه أصل في الطهارة فسن تكراره كالوجه ألاولى ولى قال أبو داود حاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن سمح الرأس واحدة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا وقالوا فيها ومسح برأسه ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره قال في الشرح أحاديثهم لا يصح منها شيء صريح لا يقال إن مسحه عليه السلام مرة واحدة لتبيين الجواز وثلاثا لتبيين الفضيلة كما فعل في الغسل لأن قول الراوي هذا طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على انه طهور على الدوام
فرع إذا زال شعره بعد غسله أو مسحه أو ظفر و عضو لم يؤثر في طهارته في قول أكثر العلماء وقيل بلى وروي عن بعض السلف
( ثم يغسل رجليه ) للآية الكريمة ( ثلاثا ) لحديث عثمان وغيره ( إلى الكعبين ) أي كل رجل تغسل إلى الكعبين ولو أراد كعاب جميع الأرجل لذكره بلفظ الجمع كقوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } لأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي توزيع الأفراد على الأفراد كقولك ركب القوم دوابهم
____________________
1-
(1/129)
ويدخلهما في الغسل ويخلل أصابعه فإن كان أقطع غسل ما بقي من محل الفرض وإن لم يبق شيء سقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والكعبان هما العظمان الناتئان اللذان في أسفل الساق من جانبي القدم وقاله أبو عبيد ويدل عليه حديث النعمان بن بشير قال كان أحدنا يلصق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة رواه أحمد وأبو داود ولو كان مشط القدم لم يستقم ذلك ( ويدخلهما في الغسل ) كما سبق ولقوله عليه السلام
ويل للأعقاب من النار
متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو
( ويخلل أصابعه ) وقد تقدم ( فإن كان أقطع غسل ما بقي من محل الفرض ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
متفق عليه ( وإن لم يبق شيء ) من محل الفرض ( سقط ) لفوات المحل فلو قطع من المرفق غسل رأس العضد نص عليه وقدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وفيه وجه يستحب مسح طرفه صححه في الرعاية وهو ظاهر كلام المؤلف فإن كان القطع من فوق المرفق لم يجب شيء ولم يستحب مسح موضع القطع وقيل يستحب وهو ظاهر ما في الشرح لئلا يخلو العضو عن طهارة وهو موضع التحجيل فأما المتيمم إذا قطعت يده من مفصل الكوع سقط مسح ما بقي هناك وإن قلنا يجب في الغسل لأن الواجب هنا مسح الكفين وقد رميا بخلاف الوضوء فإن المرفق من جملة محل الفرض وهذا أحد الوجهين والمنصوص وجوب المسح أيضا لأن المأمور به مسح اليد إلى الكوع
____________________
1-
(1/130)
ثم يرفع نظره إلى السماء ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وتباح معونته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا تبرع بتطهيره لزمه ذلك ويتوجه لا ويتيمم فإن لم يجد إلا بأجرة مثله لزمه وقيل لا لتكرر الضرر دواما فإن عجز صلى وفي الإعادة وجهان كعادم الطهورين قال في الفروع ويتوجه في استنجاء مثله وفي المذهب يلزمه بأجرة مثله وزيادة لا تجحف في وجه
( ثم يرفع نظره إلى السماء ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) لما روى مسلم عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء
ورواه الترمذي وزاد
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
ورواه أحمد وأبو داود وفيه ثم رفع نظره إلى السماء قال في الفروع ويتوجه ذلك بعد الغسل ولم يذكروه
( وتباح معونته ) كتقريب ماء الوضوء أو الغسل إليه أو صبه عليه لما روى المغيرة بن شعبة قال بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إذ نزل فقضى حاجته فصببت عليه من إداوة كانت معي فتوضأ ومسح على خفيه متفق عليه ولفظه لمسلم ويقف عن يساره وقيل عكسه
فرع إذا وضأه غيره اعتبرت النية في المتوضئ لأنه المخاطب وقيل مع نية من وضأه إن كان مسلما قال ابن تميم لو وضأه غيره ولا عذر كره وأجزأه وعنه لا وإن أكرهه عليه لم يصح في الأصح
____________________
1-
(1/131)
وتنشيف أعضائه ولا يستحب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وتنشيف أعضائه ) من غير كراهة فيهما لما روى قيس بن سعد قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فأمر له سعد بغسل فوضع له فاغتسل ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشستمل بها رواه أحمد وأبو داود وعنه يكرهان كنفض يده لخبر أبي هريرة
إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان
رواه المعمري وغيره والمذهب عدم الكراهة اختاره الشيخان لكن قيل لأحمد عن مسح بلل الخف فكرهه وقال لا أدري لم اسمع فيه بشيء ( ولا يستحب ) جزم به في الوجيز لأنه إزالة أثر العبادة فلم يستحب كإزالة دم الشهيد ولو كان أفضل لداوم عليه
مسائل الأولى المفاضلة بين أعضاء الوضوء غير مكروهة لحديث عبد الله بن زيد وعنه تكره إذ لا مفاضلة بينها كما تدل عليه الأحاديث ويعمل في عددها بالأقل وفي النهاية بالأكثر
الثانية يسن التجديد لكل صلاة للأخبار منها ما وراه أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعا قال
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالوضوء عند كل صلاة
وإسناده صحيح وعنه لا كما لا يستحب تجديد الغسل وكما لو لم يصل بينهما
____________________
1-
(1/132)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقيل يكره وقيل المداومة ولا بأس أن يصلي به ما لم يحدث وهو قول الأكثر وحكى الطحاوي عن ابن عمر وجماعة وجوب الوضوء لكل صلاة وقال النخعي لا يصلي بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات وخصها قوم بالمسافر
الثالثة يباح هو وغسل في المسجد إن لم يؤذ به أحدا حكاه ابن المنذر إجماعا وعنه يكره وإن نجس المنفصل حرم كاستنجاء وريح وهل تكره إراقته فيما يداس فيه روايتان ويكره في مسجد قال الشيخ تقي الدين ولا يغسل فيه ميت قال ويجوز عمل مكان للوضوء للمصلحة بلا محذور
الرابعة إذا بقي لمعة من محل الفرض لم يصبها الماء فهل يجزئ مسحها على روايتين مع الترتيب والموالاة في ظاهر المذهب
الخامسة يكره الكلام على الوضوء والمراد بغير ذكر الله تعالى صرح به جمع وكذا السلام عليه وظاهر كلام الأكثر لا يكره السلام ولا الرد وإن كان على طهر فهو أكمل لفعله عليه السلام ويستقبل القبلة وكذا في كل عبادة إلا لدليل
السادسة الحدث يحل جميع البدن كالجنابة قال في الفروع ويتوجه أعضاء الوضوء وهو ظاهر
السابعة يجب الوضوء بالحدث وقيل بإرادة الصلاة بعد وقواه ابن الجوزي وذكر في الفروع ويتوجه قياس المذهب بدخول الوقت لوجوب
____________________
1-
(1/133)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الصلاة إذن ووجوب الشرط بوجوب المشروط ويتوجه مثله في غسل قال الشيخ تقي الدين وهو لفظي
فائدة الحكمة في غسل الأعضاء المذكورة في الوضوء دون غيرها أنه ليس في البدن ما يتحرك للمخالفة أسرع منها فأمر بغسلها ظاهرا تنبيها على طهارتها الباطنة ورتب غسلها على ترتيب سرعة الحركة في المخالفة فأمر بغسل الوجه وفيه الفم والأنف فابتدأ بالمضمضة لأن اللسان أكثر الأعضاء وأشدها حركة لأن غيره قد يسلم وهو كثير العطب قليل السلامة غالبا ثم بالأنف لينوب عما يشم به ثم بالوجه لينوب عما نظر ثم باليدين لتنوب عن البطش ثم خص الرأس بالمسح لأنه مجاور لمن تقع منه المخالفة ثم بالأذن لأجل السماع ثم بالرجل لأجل المشي ثم أرشده بعد ذلك إلى تجديد الإيمان بالشهادتين
____________________
1-
(1/134)
& باب المسح على الخفين &
يجوز المسح على الخفين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب المسح على الخفين &
وفي الفروع مسح الحائل وهو أولى لشموله وأعقبه للوضوء لأنه لما جاز للمتوضئ أن يعدل عن غسل الرجلين إلى مسح الحائل أتى به بعده وهو رخصة وعنه عزيمة ومن فوائدها المسح في سفر المعصية ويعتبر المسح على لابسه ويرفع الحدث على المشهور وهو أفضل لأنه عليه السلام واصحابه إنما طلبوا الأفضل وفيه مخالفة أهل البدع وعنه الغسل لأنه المفروض وفاقا وعنه هما سواء لورود السنة بهما وقيل المسح أفضل إن لم يداومه ولا يستحب أن يلبس ليمسح كالسفر ليترخص
( يجوز المسح على الخفين ) وهو ثابت بالسنة الصريحة قال ابن المبارك ليس فيه خلاف وقال الحسن روى المسح سبعون نفسا فلا منه عليه السلام وقولا وقال أحمد ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت ومن أمهاتها حديث جرير قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه قال إبراهيم النخعي فكان يعجبهم ذلك لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائده متفق عليه فلا يكون الأمر الوارد فيها بغسل الرجلين ناسخا للمسح كما صار إليه بعض الصحابة وقد اسنتبطه بعض اللعماء من القرآن في قراءة من قرأ ( وأرجلكم ) بالجر وحمل قراءة النصب على الغسل لئلا
____________________
1-
(1/135)
والجرموقين والجوربين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تخلو إحدى القراءتين عن فائدة وظاهره أنه يجوز المسح حتى لزمن وامرأة ومن له رجل واحدة لم يبق من فرض الأخرى شيء ويستثنى منه الحاج إذا لبسهما لحاجة
( والجرموقين ) لما روى بلال قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين رواه أحمد وأبو داود ولأنه ساتر يمكن متابعة المشي فيه أشبه الخف
تنبيه الموق هو الجرموق وهو خف صغير وقال الجوهري هو مثال الخف يلبس فوقه لا سيما في البلاد الباردة وهو معرب وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف
( والجوربين ) لما روى المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ورواته ثقات وتكلم فيه جماعة حتى قال ابن معين الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس وقال أبو داود كان ابن مهدي لا يحدث به لأن المعروف عن المغيرة الخفين وهذا لا يصلح مانعا لجواز رواية اللفظين وهو يدل على أن النعل لم يكن عليهما لأنه لو كان كذلك لم يذكر الفعلين كما لا يقال مسحت الخف ونعله ولأن جماعة من الصحابة مسحوا عليهما ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع ولأنه ساتر للقدم يمكن متابعة المشي فيه أشبه الخف وهو شامل للمجلد والمنعل وصرح به غيره واقتضى كلامه جواز المسح على جورب الخرق وهو أشهر
____________________
1-
(1/136)
والعمامة والجبائر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعنه لا وجزم بها في التلخيص فإن ثبت بفعل متصل أو منفصل مسحهما في قول القاضي وقدمه في الرعاية وعنه أو أحدهما وقيل يمسح الجورب وحده وقيل عكسه قال في المغني و الشرح الظاهر أنه عليه السلام إنما مسح على سيور النعل التي على ظاهر القدم فأما أسفله وعقبه فلا يسن مسحه في الخف فكذا النعل ويبطل الوضوء وقيل بل المسح بخلع أحدهما وإن لم يكن مسح عليه لأنه شرط لجواز المسح كما لو ظهر قدم الماسح
فائدة الجورب أعجمي معرب قال الزركشي هو غشاء من صوف يتخذ للدفء
( والعمامة ) لما روى المغيرة بن شعبة قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة رواه الترمذي وصححه وقال عمر من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله عز وجل رواه الخلال ولأن الرأس يسقط فرضه في التيمم فجاز المسح على حائله كالقدمين وخالف فيه الأكثر
( والجبائر ) لما روي عن علي رضي الله عنه قال انكسرت إحدى زندي فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أمسح على الجبائر رواه ابن ماجة من رواية عمرو بن خالد وقد كذبه أحمد وابن معين ويعضده حديث صاحب الشجة وهو قول ابن عمر ولم يعرف له في الصحابة مخالف ولأنه مسح على حائل أبيح المسح عليه كالخف
____________________
1-
(1/137)
وفي المسح على القلانس وخمر النساء المدارة تحت حلوقهن روايتان ومن شرطه أني يلبس الجميع بعد كما الطهارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فائدة الجبائر واحدتها جبيرة وهي أخشاب أو نحوها توضع على الكسر لينجبر
( وفي المسح على القلانس ) واحدها قلنسوة وأراد به المبطنات كدنيات القضاة والنوميات نص أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم وقاله أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع أنه لا يمسح عليها ككلة ولأنها أدنى من عمامة غير محنكة ولا ذؤابة لها والثانية يجوز اختارها الخلال وجزم بها في الوجيز وقال روي عن رجلين صحابيين عمر وأبي موسى رواه الأثرم وروي عن أنس أيضا ولأنه ملبوس معتاد ساتر للرأس أشبه العمامة المحنكة وعلم منه أن الطاقية لا يمسح عليها وهو كذلك ( وخمر النساء ) وأحدها خمار وهو القناع الذي تغطي به رأسها ( المدارة تحت حلوقهن روايتان ) وكذا في المحرر والمذهب أنه يجوز لما روى بلال قال مسح الني صلى الله عليه وسلم على الخفين والخمار رواه مسلم وفي لفظ لأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
امسحوا على الخفين والخمار
وكانت أم سلمة تمسح على خمارها ذكره ابن المنذر ولأنه ساتر يشق نزعه أشبه العمامة المحنكة والثانية المنع لعدم المشقة بالمسح من تحته ولا تدعو الحاجة إليه كالوقاية وعلم منه أنه إذا لم يكن مدارا تحت حلقها أنه لا يجوز وهو كذلك لما ذكرنا
( ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة ) هذا هو المشهور والمجزوم به عند المعظم لما روى أبو بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما رواه الشافعي
____________________
1-
(1/138)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وابن خزيمة والطبراني وحسنه البخاري وقال هو صحيح الإسناد والطهر المطلق ينصرف إلى الكامل ولأن ما اشترطت له الطهارة اشترط كمالها كمس المصحف والثانية لا اختارها الشيخ تقي الدين وفاقا لأبي حنيفة لما روى المغيرة بن شعبة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال
دعها فإني أدخلتهما طاهرتين
متفق عليه ولفظه للبخاري وهو أعم أن يوجد ذلك معا أو واحدة بعد أخرى لأن حدثه حصل بعد كمال الطهارة واللبس فجاز المسح كما لو نزع الأول ثم لبسه فلو غسل رجلا ثم أدخلها الخف خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى وإن لبس الأولى طاهرة ثم الثانية خلع الأولى وظاهر كلام أبي بكر والثانية ولو نوى جنب رفع حدثيه وغسل رجليه وأدخلهما الخف ثم تمم طهارته أو فعله محدث ولم يعتبر الترتيب فإنه يمسح وعلى الأولى لا وكذا لبس عمامة قبل طهر كامل فلو مسح رأسه ثم لبسها ثم غسل رجليه مسح على الثانية وعلى الأولى يخلع ثم يلبس وكذا ينبني عليهما لو غسل رجليه ثم لبس خفيه ثم غسل بقية أعضائه وقلنا لا ترتيب وإن تيمم ثم لبس الخف لم يجز المسح نص عليه لأن التيمم لا يرفع حدثا على المذهب وقيل بالجواز بناء على أنه رافع قال الشيخ تقي الدين هذا فيمن تيممه لعدم الماء أما من تيمم لمرض كالجريح ونحوه فينبغي أن يكون كالمستحاضة وتعليلهم يقتضيه ومن توضأ بسؤر المشكوك فيه ثم لبس ثم توضأ منه مرة أخرى فله المسح ولا يمسح على طهارة لا تبيح الصلاة غير هذه وكلامه شامل لأصحاب الأعذار كمن به سلس البول والمستحاضة ونحوهما وهو المنصوص لأن طهارتهم في حقهم كاملة فلو زال العذر
____________________
1-
(1/139)
إلا الجبيرة على إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لزمهم الخلع واستئناف الطهارة كالمتيمم يجد الماء بخلاف ذي الطهر الكامل يخلع أو تنقضي المدة وقد علم مما سبق اشتراط تقدم الطهارة وهو المعروف قال في المغني بغير خلاف نعلمه وحكى الشيرازي رواية بعدمه رأسا
فلو لبس محدثا ثم توضأ وغسل رجليه جاز له المسح وهو غريب بعيد
مسألة يكره اللبس على طهارة يدافع أحد الأخبثين نص عليه لأنه يراد للصلاة أشبه الصلاة
( إلا الجبيرة على إحدى الروايتين ) فإنه لا يشترط لها تقدم الطهارة قدمها ابن تميم واختارها الخلال وابن عقيل وصاحب التلخيص فيه والمؤلف وجزم بها في الوجيز للأخبار وللمشقة لأن الجرح يقع فجأة أو في وقت لا يعلم الماسح وقوعه فيه والثانية يشترط اختاره القاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عبدوس وقدمها في الرعاية و الفروع لأنه مسح على حائل أشبه الخف فعليها حكمها حكم الخف في الطهارة فإن شد على غير طهارة نزع وإن شق نزعها تيمم لها وقيل ويمسح وقيل هما وكذا لو تعدى بالشد محل الحاجة وخاف وإن كان شد على طهارة مسح فيها حائلا فإن كان جبيرة جاز وإلا فوجهان وكذا لبسه خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه وقال ابن حامد إن كانت في رجله وقد مسح عليها ثم لبس الخف لم يمسح عليه
____________________
1-
(1/140)
ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن إلا الجبيرة فإنه يمسح عليها إلا حلها أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه قوله على إحدى الروايتين يحتمل أن الخلاف راجع إلى ما عدا الجبيرة من الممسوح ويحتمل أن يعود إليها وهو وإن قرب ففيه بعد قاله ابن المنجا من جهة أن الخلاف فيها ليس مختصا بالكمال وأن الخلاف فيما عداها أشهر من الخلاف فيها فيه نظر ووجهه ظاهر
فرع الدواء كجبيرة ولو جعل في شق قارا وتضرر بقلعه فعنه يتيمم للنهي عن الكي وعنه له المسح كما لو ألقم إصبعه مرارة لحاجة وشق نزعها وعند ابن عقيل يغسله وعند القاضي إن خاف تلفا صلى وأعاد
( ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولباليهن ) لأخبار منها ما روي عن شريح بن هانئ قال سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت سل عليا فإنه كان يسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة
رواه مسلم وقال أحمد في رواية الأثرم هو صحيح مرفوع والمراد به سفر القصر لأنه الذي يتعلق به الرخص فإن كان دون مسافة القصر أو محرما مسح كالمقيم جعلا لوجود هذا السفر كعدمه وحينئذ يخلع عند انقضاء المدة فإن خاف أو تضرر رفيقه بانتظاره تيمم فلو مسح وصلى أعاد نص عليه وقيل يمسح كالجبيرة اختاره الشيخ تقي الدين وقيل يمسح العاصي بسفره كغيره ذكره ابن شهاب وقيل لا يمسح أصلا عقوبة له ( إلا الجبيرة فإنه يمسح عليها إلى حلها أو
____________________
1-
(1/141)
برئها وابتداء المدة من الحدث بعد اللبس وعنه من المسح بعده ومن مسح مسافرا ثم أقام أتم مسح مقيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + برئها ) لأن مسحها للضرورة وما كان كذلك فيتقدر بقدرها ( وابتداء المدة من الحدث بعد اللبس ) أي من وقت جواز مسحه بعد حدثه في ظاهر المذهب لحديث صفوان بن عسال قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن غلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم رواه أحمد والترمذي وصححه وقال الخطابي هو صحيح الإسناد يدل بمفهومه أنها تنزع لثلاث يمضين من الغائط ولأنها عبادة مؤقتة فاعتبر أول وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة فلو مضى من الحدث يوم وليلة أو ثلاثة إن كان مسافرا ولم يمسح انقضت المدة وما لم يحدث لا تحتسب المدة فلو بقي بعد لبسه يوما على طهارة اللبس ثم أحدث استباح بعد الحدث المدة ( وعنه من المسح بعده ) روي عن عمر أنه قال امسح إلى مثل ساعتك التي مسحت فيها خرجه الخلال واختاره ابن المنذر لظاهر قوله عليه السلام
يمسح المسافر ثلاثا
فلو كان أوله الحدث لم يتصور إذا الحدث لابد أن يسبق المسح وهو محمول على وقت جواز المسح وأما تقديره بخمس صلوات فلا يصح لأنه عليه السلام قدره بالوقت دون الفعل فعلى هذا يمكن المقيم أن يصلي بالمسح ست صلوات يؤخر الصلاة ثم يمسح في اليوم الثاني ويصليها فيه في أول وقتها وإن كان له عذر يبيح الجمع أمكنه أن يصلي سبع صلوات والمسافر أن يصلي ست عشرة صلاة وإن جمع فسبع عشرة صلاة
( ومن مسح مسافرا ثم أقام أتم مسح مقيم ) كما في المغني و الشرح بغير خلاف نعلمه لأنها عبادة تختلف في الحضر والسفر فإذا وجد أحد طرفيها
____________________
1-
(1/142)
وإن مسح مقيما ثم سافر أوشك في ابتدائه أتم مسح مقيم وعنه يتم مسح مسافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الحضر غلب حكمه ولو تلبس بصلاة في سفينة فدخلت الإقامة في أثنائها بطلت قال في الرعاية في الأشهر وقوله أتم مسح مقيم مراده إذا لم يستكمل مدة الإقامة فإن استكملها خلع قال ابن تميم رواية واحدة لتغليب جانب الحضر وذكر الشيرازي أنه إذا مسح أكثر من يوم وليلة ثم أقام أتم مسح مسافر ( وإن مسح مقيما ثم سافر ) أتم مسح مقيم اختاره الخرقي وابن أبي موسى والأكثر لما تقدم من تغليب جانب الحضر وظاهره أنه لا فرق بين أن يصلي في الحضر أولا وهذا من جملة المسائل التي أقيم فيها الزمان مقام الفعل كما إذا رهنه أو وهبه شيئا عنده وأذن له في قبضه ومضى زمن إمكانه صار كالمقبوض وقال أبو بكر يتوجه أن يقال إن صلى بطهارة المسح في الحضر غلب جانبه ( أوشك في ابتدائه أتم مسح مقيم ) لأن الأصل الغسل والمسح رخصة فإذا وقع الشك في شرطها رد إلى الأصل وسواء شك هل أول مسحه في حضر أو سفر أو علم أول المدة وشك هل كان مسحه حاضرا أو مسافرا ( وعنه يتم مسح مسافر ) فيهما أما الأولى فاختارها الخلال وصاحبه وأبو الخطاب في الانتصار لأن هذا مسافر فيعطي حكمه وادعى الخلال أنه نقله عن احمد أحد عشر نفسا ورجع عن قوله الأول وأما الثانية فلأنه مسافر قال ابن حمدان كونه يتم مسح مسافر مع الشك في أوله غريب بعيد لأنه لا يجوز المسح مع الشك في إباحته لأن الأصل وجوب الغسل فلو شك في بقاء المدة لم يمسح فإن مسح الشاك فبان بقاء المدة صح وضوؤه وقيل لا كما يعيد ما صلى به مع شكه بعد يوم وليلة
____________________
1-
(1/143)
ومن أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مسافر ولا يجوز المسح إلا على ما يستر محل الفرض ويثبت بنفسه فإن كان فيه خرق يبدو منه بعض القدم أو كان واسعا يرى منه الكعب أو الجورب خفيفا يصف القدم أو يسقط منه إذا مشى أو شد لفائف لم يجز المسح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال في الكافي وغيره ومن لبس وأحدث ومسح وصلى الظهر ثم شك هل مسح قبل الظهر أو بعدها وقلنا ابتداء المدة من المسح بني الأمر في المسح في المدة قبل الظهر وفي الصلاة على أنه مسح بعدها لأن الأصل بقاء الصلاة في ذمته ووجوب الغسل فعاد كل شيء إلى أصله
فرع لو مسح إحدى خفيه في الحضر والأخرى في السفر يتوجه لنا خلاف
( ومن أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مسافر ) قال في المغني لا نعلم فيه خلافا لأنه ابتدأ المسح مسافرا وذكر في الخلاف و الرعاية رواية أخرى أنه يتم مسح مقيم كمن سافر بعد دخول الوقت ولم يحرم بالصلاة وقيل إن مضى وقت صلاة
( ولا يجوز المسح إلا على ما يستر محل الفرض ) وهو القدم كله ( ويثبت بنفسه فإن كان فيه خرق يبدو منه بعض القدم أو كان واسعا يرى منه الكعب أو الجورب خفيفا يصف القدم أو يسقط منه أو شد لفائف لم يجز المسح )
إعلم أنه يشترط لجواز المسح على حوائل الرجل شروط
الأول أن يكون ساترا لمحل الفرض وإلا فحكم ما استتر المسح وما ظهر الغسل ولا سبيل إلى جمعهما فوجب الغسل لأنه الأصل وسواء كان ظهوره لقصر الحائل أو سعته أو صفائه أو خرق فيه وإن صغر حتى موضع الخرز
____________________
1-
(1/144)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهره أن الخرق إذا انضم ولم يبد منه شيء أنه يجوز المسح وهو المنصوص لكن مال المجد إلى العفو عن خرق لا يمنع متابعة المشي نظرا إلى ظاهر خفاف الصحابة وبالغ الشيخ تقي الدين فقال يجوز على المخرق ما لم يظهر أكثر القدم فإن ظهر أكثره فهو كالنعل أو الزربول الذي لم يستر القدم مما في نزعه مشقة بأن لا يخلع بمجرد خلع الرجل إنما يخلع بالرجل الأخرى أو باليد وقال إنه يغسل ما ظهر من القدم ويمسح النعل أو يمسح الجميع معتمدا في ذلك على أحاديث وهي ضعيفة
الثاني أن يكون ثابتا بنفسه إذ الرخصة وردت في الخف المعتاد وما لا يثبت بنفسه ليس في معناه وحينئذ لا يجوز المسح على ما يسقط لزوال شرطه ولا على اللفائف في المنصوص وحكاه بعضهم إجماعا لعدم ثبوتها بنفسها وسواء كان تحتها نعل أو لا ولو مع مشقة في الأصح وحكى ابن عبدوس رواية بالجواز بشرط قوتها وشدها وقيل يجوز مسح لفافة تحت خف مخرق كجورب تحت مخرق أما إذا ثبت الخف ونحوه بنفسه لكن يبدو منه بعض القدم بدون شده فيجوز مسحه مع شده صححه ابن تميم ونصره في الشرح واختاره ابن عبدوس وفيه وجه لا اختاره الآمدي قال الزركشي وفي معنى ذلك الزربول الذي له أذن
الثالث أن يمكن متابعة المشي فيه فلو تعذر لضيقه أو نعل جديدة أو تكسيره كرقيق الزجاج لم يجز المسح لأنه ليس بمنصوص عليه ولا هو في معناه وفيه وجه
____________________
1-
(1/145)
وإن لبس خفا فلم يحدث حتى لبس عليه آخر جاز المسح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الرابع أن يكون مباحا فلا يجوز المسح على المغصوب والحرير لأن لبسه معصية فلا تستباح به الرخصة وبناه جماعة على الخلاف في الصلاة في الدار المغصوبة وفي ثالث إن لبسه لحاجة كالبلاد الباردة التي يخشى فيها سقوط أصابعه أجزأه المسح عليه قاله في المستوعب و الفصول و النهاية
الخامس أن يكون معتادا فلا يجوز على الخشب والزجاج والنحاس وهو اختيار الشيرازي واختار أبو الخطاب والمجد والقاضي وزعم أن قياس المذهب جوازه لأنه خف ساتر يمكن المشي فيه أشبه الجلود والأولى أن نقول الرخصة إنما وردت في الخفاف المتعارفة للحاجة
السادس أن يكون طاهر العين ولم يذكره المؤلف وفيه وجهان أصحهما أنه يشترط ويظهر أثر الخلاف فيمن لبس جلد كلب أو ميتة في بلد ثلج وخشي سقوط أصابعه فظاهر كلام المؤلف لا يشترط للإذن فيه إذا ونجاسة الماء حال المسح لا تضر كالجنب إذا اغتسل وعليه نجاسة لا تمنع وصول الماء على أحد القولين واختار ابن عقيل وابن عبدوس والمجد يشترط لأنه منهي عنه في الأصل وهذه ضرورة نادرة وإذا يتيمم للرجلين فإن كان طاهر العين وبباطنه أو بالقدم نجاسة لا تزال إلا بالماء فقيل هو كالوضوء قبل الاستنجاء وقيل إن تعذر الخلع وقلنا بجواز المسح تيمم وصلى والإعادة تحتمل وجهين وعلى الأول يستفيد بذلك مس المصحف والصلاة عند عجزه عن إزالته النجاسة
( وإن لبس خفا فلم يحدث حتى لبس عليه آخر جاز المسح ) أي إذا
____________________
1-
(1/146)
ويمسح أعلى الخف دون أسفله وعقبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جمع بين ملبوسين يجوز المسح على كل منهما فله مسح الأعلى بشرط لبسه قبل الحدث لأنه خف ساتر يمكن المشي فيه أشبه المنفرد واقتضى كلامه أن الحدث إذا تقدم لبس الفوقاني أنه لا يمسح وصرح به في المغني وكثير من الأصحاب لأنه لبسهما على حدث وكذا لو مسح ثم لبس آخر لم يمسح عليه صرح به في المحرر وغيره بل على ما تحته ولو نزع الفوقاني بعد مسحه عليه بطل وضوؤه وله مسح ما تحته في رواية وإن لبس على لفافة أو مخرق صحيحا مسح عليه لأنهما كخف واحد وكذا إن لبس على صحيح مخرقا نص عليه وفيه وجه يجمع بينهما وقال القاضي وأصحابه يمسح الصحيح لأن الفوقاني لا يمسح عليه منفردا أشبه ما لو كان تحته لفافة وإن كانا مخرقين ولم يسترا لم يجز بحال وكذا إن سترا قدمه في الرعاية وقيل يجوز لأن القدم استتر بهما فكانا كخف واحد ( ويمسح أعلى الخف ) هذا هو السنة ويجزئ الاقتصار عليه بغير خلاف ( دون أسفله وعقبه ) أي لا يسن مسحهما مع أعلى الخف وهذا هو المنصوص وعليه أكثر الأصحاب لما روي عن علي رضي الله عنه قال لو كان الدين بالرأي لكان اسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه رواه أحمد وأبو داود قال الحافظ عبد الغني إسناد صحيح فبين أن الرأي وإن اقتضى مسح أسفله إلا أن السنة أحق أن تتبع لأن أسفله مظنة ملاقاة النجاسة وكثرة الوسخ فمسحه يفضي إلى تلويث اليد من غير فائدة وقيل يسن وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى لأنه عليه السلام مسح أعلى الخف وأسفله رواه أحمد
____________________
1-
(1/147)
ويضع يده على الأصابع ثم يمسح إلى ساقه ويجوز المسح على العمامة المحنكة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقال روي هذا من وجه ضعيف والترمذي وقال معلول وسألت أبا زرعة ومحمدا عن هذا الحديث فقالا ليس بصحيح أما لو مسحهما مع أعلاه أجزأه لأنه أتى بالمقصود وزيادة وقيل هو أفضل ولا يجزئ الاقتصار عليهما وجها واحدا لأنه عليه السلام إنما مسح ظاهر خفيه وعلم منه أنه لا يجب استيعاب الخف بالمسح بل الواجب مسح أكثر أعلاه أي أكثر ظهر القدم وقيل قدر الناصية من الرأس وقيل هو المذهب وقيل يجب جميعه لأنه بدل عن مغسول ( فيضع يده ) معوجة الأصابع ويستحب تفريجها ( على الأصابع ) أي على أطراف أصابع رجليه ( ثم يمسح إلى ساقه ) هذا صفة المسح المسنون وقاله ابن عقيل وغيره اليمنى باليمنى واليسرى بالنيسرى قال في البلغة ويقدم اليمنى وقد روى البيهقي في سننه عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه وضع يده اليمنى على خفه الأيمن ويده اليسرى على خفه الأيسر ثم مسح إلى اعلاه مسحة واحدة فليس فيه تقدم فلو مسح من ساقه إلى أسفل جاز قال أحمد كيفما فعلت فهو جائز نعم لو مسحه بخرقة أو خشبة أو أصبع أو غسله ففيه خلاف سبق وظاهره أنه لا يستحب تكرار المسح وهو كذلك لقوله مسحة واحدة لأنه يوهنه ويخلقه من غير فائدة بل قال ابن تميم وغيره يكره
( ويجوز المسح على العمامة المحنكة ) وهي التي يدار منها تحت الحنك لوث أو لوثان ونحوه وهذه كانت عمة المسلمين على عهده صلى الله عليه وسلم وهي أكثر سترا من
____________________
1-
(1/148)
إذا كانت ساترة لجميع الرأس إلى ما جرت العادة بكشفه ولا يجوز على غير المحنكة إلا أن تكون ذات ذؤابة فيجوز في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غيرها ويشق نزعها وسواء كان لها ذؤابة أو لم يكن قاله القاضي صغيرة كانت أو كبيرة ( إذاكانت ساترة لجميع الرأس إلا ما جرت العادة بكشفه ) كمقدم رأسه وجوانبه والأذنين إذا قلنا إنهما منه لأنه يشق التحرز عنه فعفي عنه بخلاف خرق الخف ويشترط لما ذكره أن تكون مباحة فلو كانت مغصوبة أو حريرا لم تبح وأما الطهارة والتوقيت فقد تقدما وهذا خاص بالرجل فأما المرأة فلا تمسح عليها لانها منهية عن التشبه بالرجال فكانت محرمة في حقها وفيه وجه تمسح عليها لضرر بها وإن كان تحت العمامة قلنسوة يظهر بعضها فالظاهر جواز المسح عليهما لأنهما صارا كالعمامة الواحدة قاله في المغني ( ولا يجوز على غير المحنكة ) يعني إذا كانت صماء لأنها لم تكن عمة المسلمين ولا يشق نزعها أشبهت الطاقية والكلة وهو منهي عن لبسها وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط رواه أبو عبيد والاقتعاط أن لا يكون تحت الحنك منها شيء قال عبد الله كان أبي يكره أن يعتم الرجل بالعمامة ولا يجعلها تحت حنكه وقد روي عنه أنه كرهه كراهة شديدة وقال إنما يعتم مثل هذا اليهود والنصارى وذكر ابن شهاب وغيره وجها بالجواز قالوا لم يفرق أحمد وفي مفردات ابن عقيل هو مذهبه واختاره الشيخ تقي الدين وقال هي كالقلانس المبطنة وأولى لأنها في الستر ومشقة النزع لا تقصر عنها ( إلا أن تكون ذات ذؤابة ) بضم الذال المعجمة وبعدها همزة مفتوحة وقال الجوهري هي من الشعر والمراد هنا طرف العمامة المرخي سمي ذؤابة مجازا ( فيجوز في أحد الوجهين ) اختاره المؤلف لأن إرخاء الذؤابة من السنة قال أحمد في رواية
____________________
1-
(1/149)
ويجزئ مسح أكثرها وقيل لا يجزئ إلا مسح جميعها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأثرم وإبراهيم بن الحارث ينبغي أن يرخي خلفه من عمامته كما جاء عن ابن عمر أنه كان يعتم ويرخيها بين كتفيه وعن ابن عمر قال عمم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بعمامة سوداء وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع ولانها لا تشبه عمائم أهل الذمة والثاني لا قال في الشرح وهو الأظهر وهو ظاهر الوجيز لأنه منهي عنها روي ذلك عن عمر وابنه وطاووس والحسن ولأنه لا يشق نزعها وأطلقهما في المحرر و الفروع ( ويجزئ مسح أكثرها ) قدمه جماعة وجزم به في الوجيز وصححه في الشرح لأنها ممسوحة على وجه البدل فأجزأ بعضها كالخف ويختص ذلك بأكوارها وهي دوائرها قاله القاضي فإن مسح وسطها فقط أجزأه في وجه كما يجزئ بعض دوائرها وفي آخر لا أشبه ما لو مسح اسفل الخف وحده ( وقيل لا يجزئ إلا مسح جميعها ) قيل إنه الصحيح وأخذه من نص الإمام أحمد أنه قال يمسح العمامة كما يمسح راسه لكن قال في المغني يحتمل أنه أراد التشبيه في صفة المسح دون الاستيعاب ويحتمل أنه أراد التشبيه في الاستيعاب فيخرج فيها من الخلاف ما في وجوب استيعاب ويحتمل أنه أراد التشبيه في الاستيعاب فيخرج فيها من الخلاف ما في وجوب استيعاب الرأس وفيه روايتان أظهرهما وجوبه فيه فكذا هنا ولأنها بدل من جنس المبدل فيقدر بقدره كقراءة غير الفاتحة عوضا عنها إذا عجز عنها بخلاف التسبيح وبه يجاب عن مسح بعض الخف
فرع ما جرت العادة بكشفه يستحب أن يمسح عليه مع العمامة نص عليه لأنه عليه السلام مسح على عمامته وناصيته وتوقف أحمد عن الوجوب والأصح عدمه لأن الفرض انتقل إلى العمامة فلم يبق لما ظهر حكم وفي
____________________
1-
(1/150)
ويمسح على جميع الجبيرة إذا لم يتجاوز قدر الحاجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المغني و الشرح أنه لا خلاف في الأذنين أنه لا يجب مسحهما لأنه لم ينقل وليسا من الرأس إلا على وجه التبع
( ويسمح على جميع الجبيرة ) سواء كانت على كسر أو جرح نص عليه لحديث صاحب الشجة لأنه لا يشق المسح عليها كلها بخلاف الخف وهو مسح للضرر أشبه التيمم هذا إذا كانت في محل الفرض فإن كان بعضها في غير محله غسل ما حاذى محل الفرض نص عليه وظاهره يقتضي استيعابها بالمسح وأنه لا إعادة عليه لأنها طهارة عذر فأسقطت الفرض كالتيمم
وذكر ابن أبي موسى وابن عبدوس ثانية بوجوب الإعادة لكنهم بنوها على ما إذا لم يتطهر لها وقلنا بالاشتراط فظاهره أنه يكتفي بالمسح وحده وهو المشهور لأنه مسح على حائل فأجزأ من غير تيمم كمسح الخف بل أولى إذ صاحب الضرورة أحق بالتخفيف والثانية يتيمم معه لظاهر قصة صاحب الشجة وضعف بانه يحتمل أن الواو فيه بمعنى أو ويحتمل أن التيمم فيه لشد العصابة على غير طهارة ( إذا لم يتجاوز ) بشدها ( قدر الحاجة ) لأنه موضع حاجة فتقيد بقدرها واقتضى أنه إذا تجاوز بشدها إلى موضع لم تجر العادة به أنه لا يجزئه المسح وهو كذلك لأنه يكون تاركا لغسل ما يمكنه غسله من غر ضرر فعلى هذا ينزعها فإن خاف التلف به سقط وكذا إن خاف الضرر على المشهور فيسمح قدر الحاجة ويتيمم للزائد ولم يجزئه مسحه على المذهب لعدم الحاجة إليه وفيه وجه يجزئه المسح على الزائد اختاره الخلال
____________________
1-
(1/151)
ومتى ظهر قدم الماسح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيره لانه قد صارت ضرورة إلى المسح عليه أشبه موضع الكسر وفي ثالث يجمع في الزائد بينهما ونقل الميموني والمروذي عن أحمد أنه لا بأس بالمسح على العصائب كيف شدها لأن هذا لا ينضبط وهو شديد جدا والأول أولى وأصح إن شاء الله تعالى
مسألة تفارق الجبيرة الخف من أوجه
الأول أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند التضرر بنزعها
الثاني أنه يجب استيعابها
الثالث أن المسح عليها مقيد بالحل أو البرء
الرابع أنه يمسح عليها في الكبرى
الخامس أنه لا يشترط لها تقدم طهارة في رواية
السادس أنها تجوز من خرق ونحوه وأنها لو كانت من حرير ونحوه جاز المسح عليها على رواية صحة الصلاة
السابع أن مسحها عزيمة والخف بخلاف ذلك كله وتقدم أوجه أخر
( ومتى ظهر قدم الماسح ) بطلت طهارته في المشهور لأن المسح أقيم مقام الغسل فإذا زال بطلت الطهارة في القدمين فيبطل في جميعها لكونها لا تتبعض وحكم انكشاف بعض القدم من خرق حكم ظهوره كله فلو أخرج
____________________
1-
(1/152)
أو رأسه أو انقضت مدته استأنف الطهارة وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل قدميه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القدم قال المجد والجد أو بعضه إلى ساق الخف فهو كخلعه نص عليه لأنه لا يمكنه المشي فيه وعنه إن جاوز العقب أثر وإلا فلا وعنه لا وعنه لا يبعضه ونزع أحد الخفين كنزعهما لأنهما كخف واحد وقوله الماسح يحترز به ما إذا غسل رجليه في الخف فإذاطهرت لم يلزمه شيء ويصلي به ما أراد ( أو ) ظهر ( رأسه بطلت أيضا قال في المغني إلا أن يكون الكشف يسيرا فإنه لا يضر قال أحمد إذازالت عن رأسه فلا بأس به ما لم يفحش قال ابن عقيل وغيره ما لم يرفعها بالكلية لأنه معتاد وظاهر المستوعب و الوجيز أنها تبطل بظهور شيء من رأسه وكذا إذا انتقضت بعد مسحها فإنها تبطل وفي بعضها روايتان ( أو انقضت مدته ) وهو متطهر ( استأنف الطهارة ) لما تقدم ( وعنه يجزئه مسح راسه وغسل قدميه ) لأنه أزال بدل غسلهما فأجزأه المبدل كالمتيمم يجد الماء وفي الأولى يغسل رجليه فقط وهذا مبني على اشتراط الموالاة كما جزم به ابن الزاغوني والمؤلف وبينا أن الخلع إذا كان عقب المسح كفاه غسل رجليه أو رفع الحدث كما جزم به أبو الحسين واختاره المجد وذكر أبو المعالي أنه الصحيح في المذهب عند المحققين ويرفعه في المنصوص وفاقا أو مبني على غسل كل عضو بنية أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصوم والصلاة اختاره في الانتصار ويتوجه لا يلزمه شيء بل يصلي به
____________________
1-
(1/153)
ولا مدخل لحائل في الطهارة الكبرى إلا الجبيرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا حدث ما تقدم وهو في الصلاة فظاهر كلامهم كما لو كان خارجها وبناه ابن عقيل على قدرة المتيمم على الماء
( ولا مدخل لحائل في الطهارة الكبرى ) لحديث صفوان قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ( إلا الجبيرة ) لحديث جابر ولأن الضرر يلحق بنزعها بخلاف الخف فإذا زالت فكالخف وقيل طهارته باقية قبل البرء واختاره الشيخ تقي الدين مطلقا
____________________
1-
(1/154)
& باب نواقض الوضوء &
وهي ثمانية الخارج من السبيلين قليلا كان أو كثيرا نادرا أو معتادا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب نواقض الوضوء &
النواقض جمع ناقضة لا ناقض لأنه لا يجمع على فواعل إلا المؤنث وشذ فوارس وهوالك ونواكس جمع فارس وهالك وناكس يقال نقضت الشيء إذا أفسدته فنواقض الوضوء مفسداته واستعماله فيه مجاز كاستعماله في العلة وإنما حقيقته في البناء واستعمل في المعاني بعلاقة الإبطال
( وهي ثمانية الخارج من السبيلين ) أي على سبيل البدل وأحدهما سبيل وهو الطريق وهما مخرج البول والغائط والمراد إلى ما هو في حكم الظاهر ويلحقه حكم التطهير إلا ممن حدثه دائم ( قليلا كان ) الخارج ( أو كثيرا ) ذكر لمقابلة الأول وهو مغن عنه ( نادرا أو معتادا ) فالمعتاد كالبول والغائط فينقض إجماعا لقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } [ النساء 42 ] وقوله عليه السلام
ولكن من غائط وبول ونوم
والنادر كالدود والحصى حتى دم الاستحاضة لما روى عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فسالت النبي صلى الله عليه وسلم فقال
إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو دم عرق
رواه أبو داود والدارقطني وقال إسناده كلهم ثقات فقد أمر بالوضوء لكل صلاة ودمها غير معتاد ولأنه خارج من السبيل أشبه المعتاد مع أنه لا يخلو عن بلة تتعلق به فينتقض بها وهو شامل للمني
____________________
1-
(1/155)
الثاني خروج النجاسات من سائر البدن فإن كان غائطا أو بولا نقض قليلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والريح وإن خرجت من القبل على المشهور لعموم قوله عليه السلام
لا وضوء إلا من صوت أو ريح
رواه الترمذي وصححه من حديث أبي هريرة وقال أبو الحسين قياس المذهب النقض بالريح من قبل المرأة دون قبل الرجل وعلله ابن عقيل لأن قبلها له منفذ إلى الجوف بخلاف الرجل وريح الدبر إنما نقض لاستصحابه جزء لطيفا من النجاسة بدليل نتنها وكما إذ أقطر في فرجه دهنا ثم سال أو احتشى قطنا ثم خرج منه أو كان في وسط القطن ميل فسقط بلا بلة في وجه إناطة بالمضنة ولا نقض في آخر لانتفاء الخارج فإن تيقن خروج بلة نقض على الأعرف وابعد من قال لا نقض حتى يخرج بول قاله الزركشي وتبعيده بعيد فإنه ظاهر نقله عبد الله واختاره القاضي وفي وجه ينقض الدهن دون غيره وفي نجاسة الدهن وجهان لنجاسة باطنه أو أنه باطن فلم يتنجس به كنخامة الحلق وهو مخرج القيء وكذا إذاطهرت مقعدته يعلم أن عليها بللا ولم ينفصل فإنه ينتقض على المنصوص وكذا طرف مصران أو رأس دودة وخرج منه ما إذا احتقن ولم يخرج منها شيء أو وطئ في الفرج أو دونه فدخل فرجها ولم يخرج في وجه ومجرد الحقنة فيها أوجه ثالثها ينقض من دبره وظاهر كلامهم فيما تحمله لا فرق بين كون طرفه خارجا أولا
( الثاني خروج النجاسات من سائر ) أي باقي ( البدن فإن كان غائطا أو بولا نقض قليلها ) بغير خلاف في المذهب لما سبق وكالخارج من السبيلين وسواء كانا منسدين أو مفتوحين فوق المعدة أو تحتها وإن انسد المخرج المعتاد وانفتح غيره قال ابن عقيل أسفل المعدة فخرج منه ريح لم
____________________
1-
(1/156)
وإن كان غيرهما لم ينقض إلا كثيرها وهو ما فحش في النفس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ينقض في الأشهر وإن خرج منه بول أو غائط ورجي انقطاعه نقض كثيره وفي يسيره روايتان قال في النهاية إن انسد المخرج المصتاد خلقة فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى وعلم منه أن الخارج إذا كان طاهرا فإنه لا ينقض سواء كان بصاقا أو نخامة أو بلغما وهو أصح الروايتين فيه وعنه بلى وهو قول أبي يوسف واصلهما هل يفطر الصائم والأول أصح لأنها تخلق من البدن كبلغم الرأس وقيل هو نجس إذا انعقد وازرق وحكاه بعضهم رواية ( وإن كان غيرهما لم ينقض إلا كثيرها ) وهو قول عمر وابن عباس لقوله عليه السلام لفاطمة
إنه دم عرق
فعلل بكونه دم عرق والقيح والدم كذلك ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبه الخارج من السبيل وفيه نظر وقيل لا ينقض دم وقيح ودود وعنه لا ينقض قيح ولا صديد ولا مدة إلا أن يخرج ذلك من السبيل فلو خرج دم كثير بمص علق أو قراد نقض فإن لم يخرج بنفسه بل بقطنة ونحوها فكذلك بخلاف مص ذباب وبعوض لقلته ومشقة الاحتراز منها ذكره أبو المعالي وظاهره أن اليسير لا ينقض وهو كذلك ذكره القاضي رواية واحدة وحكاه أحمد عن ابن عمر وروي عن ابن أبي أوفى وجابر واشتهر ذلك ولم ينكر فكان إجماعا قال أحمد قال ابن عباس في الدم إذا كان فاحشا أعاد الوضوء والقليل لا أرى فيه الوضوء لأن أصحاب رسول اله صلى الله عليه وسلم رخصوا فيه ثم بين حد الكثير فقال ( وهو ما فحش في النفس ) أي كل أحد بحسبه نص عليه واحتج بقول ابن عباس الفاحش ما فحش في قلبك قال
____________________
1-
(1/157)
وحكي عنه أن قليلها ينقض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخلال إنه الذي استقر عليه قوله وذكره المؤلف المذهب قال في الشرح لأن اعتبار حال الإنسان بما يستفحشه غيره محرج فيكون منفيا وعنه يعتبر نفوس أوساط الناس اختاره القاضي وجماعة كثيرة وجزم به في التلخيص و المحرر وقدمه في الفروع كما يرجع في يسير اللقطة إليهم وعنه الفاحش قدر الكف وعنه قدر عشر أصابع ( وحكي عنه أن قليلها ينقض ) لما روى معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فسألته فقال صدق أنا صببت له وضوءه رواه أحمد واحتج به وقال الترمذي هو أصح شيء في الباب وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ
رواه ابن ماجة والدارقطني من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي وروايته عن الحجازيين ضعيفة عند أكثر المحدثين وكخارج معتاد لكن قال في المغني لا تعرف هذه الرواية ولم يذكرها الخلال في جامعه إلا في القلس وأطرحها وقال الشيخ تقي الدين لا نقض مطلقا واختاره الآجري في غير القيء فإن شرب ماء وقذفه في الحال فنجس وبالجملة فيحملان على الفاحش جمعا بين الأدلة
فائدة القلس بالتحريك وقيل بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو قيء
____________________
1-
(1/158)
الثالث زوال العقل إلا النوم اليسير جالسا أو قائما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( الثالث زوال العقل ) أو تغطيته قال أبو الخطاب وغيره ولو تلجم ولم يخرج شيء إلحاقا بالغالب لأن الحس يذهب معه والمزيل له على ضربين نوم وغيره فغير النوم كالجنون والإغماء والسكر ينقض كثيرها ويسيرها إجماعا على كل الأحوال لأن هؤلاء لا يشعرون بحال بخلاف النائم وفي إيجاب الوضوء بالنوم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه وأما النوم فرحمة من الله تعالى على عبده ليستريح بدنه عند تعبه وهي غشية ثقيلة تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء فينقض في الجملة لما روى علي ابن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
العين وكاء السنة فمن نام فليتوضأ
رواه أحمد وأبو داود عن بقية عن الوضين بن عطاء ولأنه مظنة خروج الحدث فأقيم مقامه كالتقاء الختانين ونقل الميموني أنه لا ينقض قال الخلال هو خطا بين واختاره الشيخ تقي الدين إذا ظن بقاء طهره ولا تفريع عليها ثم هو ينقسم إلى أقسام فقال ( إلا النوم اليسير ) عرفا لأنه لا حد له في الشرع وقيل ما لم يتغير عن هيئته كسقوطه وقيل مقدار الكثير ركعتان ونص أحمد أنه إذا رأى فيه حلما ومن لم يغلب على عقله فلا وضوء عليه فلو شك في كثرته لم ينقض ( جالسا أو قائما ) اختاره الخرقي وجزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم لما روى أنس قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون رواه أبو
____________________
1-
(1/159)
وعنه أن نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره والرابع مس الذكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + داود بإسناد صحيح وهو محمول على اليسير لأنه اليقين والقائم كالقاعد لاشتراكهما في انضمام محل الحدث وظاهره أنه ينقض إذا كان كثيرا وهو كذلك على المذهب لأن مع الكثرة لا يحس بما يخرج منه بخلاف اليسير وعنه لا ( وعنه أن نوم الراكع أو الساجد لا ينقض يسيره ) لأنهما من الصلاة أشبه الجالس وظاهره أنه ينقض اليسير منهما على المذهب وهو كذلك وقياسهما على الجالس غير مستقيم لان محل الحدث فيهما منفتح بخلاف الجالس وقدم في المحرر و البلغة استثناء اليسير في الحالات الاربع وعنه ينقض اليسير إلا في الجالس وعنه لا نقض فيها وهي اختيار القاضي والشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن عقيل لما روى أحمد في الزهد عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نام العبد وهو ساجد يباهي الله به الملائكة يقول انظروا إلى عبدي روحه عندي وهو ساجد
فسماه ساجدا مع نومه ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك وظاهره أن نوم المستند والمتكئ والمحتبي كالمضطجع وهوكذلك على الأشهر
( الرابع مس الذكر ) أي ذكر الآدمي في ظاهر المذهب لما روت بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه ولم قال من مس ذكره فليتوضأ
رواه مالك والشافعي وأحمد وغيرهم وصححه أحمد وابن معين قال البخاري أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة وعن أم حبيبة معناه رواه ابن ماجة والأثرم وصححه أحمد وأبو زرعة وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا أفضى أحكم بيده إلى ذكره فقد وجب عليه الوضوء
رواه الشافعي وأحمد
____________________
1-
(1/160)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي رواية له وليس دونه ستر وقد روي ذلك عن بضعة عشر صحابيا وهذا لا يدرك بالقياس فعلم أنهم قالوه عن توقيف
وعنه لا ينقض لما روى قيس بن طلق عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة هل عليه وضوء قال لا إنما هو بضعة منك رواه الخمسة ولفظه لأحمد وصححه الطحاوي وغيره ولأنه جزء من جسده أشبه رجله فعليها يستحب الوضوء من مسه واختارها الشيخ تقي الدين في فتاويه والأولى أصح لأن حديث قيس ضعفه الشافعي وأحمد قال أبو زرعة وأبو حاتم قيس لا تقوم بروايته حجة ولو سلم صحته فهو منسوخ لأن طلق بن علي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس في المسجد رواه الدارقطني وفي رواية أبي داود قال قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل كأنه بدوي فسأله الحديث ولا شك ن التأسيس كان في السنه الأولى من الهجره وإسلام أبي هريره كان في السنه السابعه وبسره في السنة الثامنة عام الفتح هذا وإن لم يكن نصا في النسخ فهو ظاهر فيه وحديثهم مبقي على الأصل وأحاديثنا ناقلة عنه وهي أولى فإن كان الأمر به هو المنسوخ لزم التغيير مرتين وإن كان ترك الوضوء هو المنسوخ لم يلزم التغيير إلا مرة واحدة فيكون أولى وقياسهم الذكر على بقية البدن لا يستقيم لأنه يتعلق به أحكام بنفرد بها من إيجاب الغسل بإيلاجه والحد والمهر وغير ذلك
ومنهم من حمله على المس من وراء حائل لأنه كان في الصلاة والمصلي في الغالب
____________________
1-
(1/161)
بيده أو ببطن كفه أو بظهره ولا ينقض مسه بذراعه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إنما يمسه من فوق ثيابه ولهذا علل بأنه بضعة منه قلت وقد روى الطبراني بإسناده وصححه عن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من مس ذكره فليتوضأ
قال ويشبه أن يكون طلق سمع الناسخ والمنسوخ وفي تصحيحه نظر فإنه من رواية حماد بن محمد الحنفي وأيوب بن عتبة وهما ضعيفان وحينئذ فيتعارض روايتاه ويرجع إلى أحاديث النقض ( بيده ) وهي من رؤوس الأصابع إلى الكوع كالسرقة والتيمم ( أو ببطن كفه أو بظهره ) للعموم والأول مغن عنه لأنه يشمله وعنه يختص النقض ببطن الكف لأنه آلة اللمس وفي حرف كفه وجهان وظاهره أنه لا فرق بين ذكر نفسه وذكر غيره لقوله عليه السلام
ويتوضأ من مس الذكر
رواه أحمد والنسائي وعنه يختص بذكر نفسه والصغير والكبير على المنصوص وعنه لا نقض بمس ذكر طفل ذكرها الآمدي والحي والميت على المذهب وسواء مسه سهوا أو لغير شهوة على المشهور وعنه إن تعمد مسه نقض وعنه إن مسه من فوق حائل لشهوة نقض ولا فرق أيضا بين أصل الذكر ورأسه على المذهب وعنه يختص بالثقب وعنه بالحشفة وهما بعيدان ومراده إذا كان أصليا سواء كان صحيحا أو أشل فلو كان زائدا لم ينقض في الأصح وشمل كلامه اليد الصحيحة والشلاء والزائدة على الصحيح والمذهب أنه ينقض إذا مسه من غير حائل ولو بزائد خلا ظفره ( ولا ينقض مسه بذراعه ) في ظاهر المذهب كالعضد لأن الحكم المعلق على مطلق اليد لا يتجاوز الكوع وعنه بلى وهي قول الأوزاعي لأنها في الوضوء كذلك والأول أصح لأنه إنما غسله فيه لتقييده بها وعلم منه أنه لا ينقض مسه بغير
____________________
1-
(1/162)
وفي مس الذكر المقطوع وجهان وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره انتقض وضوؤه وإن مس أحدهما لم ينتقض إلا أن يمس الرجل ذكره لشهوة وفي مس الدبر ومس المرأة فرجها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اليد زاد ابن تميم وفي الفرج وجهان واختار الأكثر النقض بمسه بفرج والمراد لا ذكره بذكر غيره وصرح به أبو المعالي ( وفي مس الذكر المقطوع ) المنفصل ( وجهان ) وقيل روايتان كذا في المحرر و الفروع وظاهر المذهب أنه لا ينقض لذهاب الحرمة والثاني بلى وقطع به الشيرازي لبقاء الاسم وكذا الخلاف في مس محله وذكر الأزجي وأبو المعالي فيه ينقض ولا يتعلق بالذكر البائن شيء من أحكام الختانين لأنه كيد بائنة بخلاف فرج بائن
وحكم لمس القلفة وهي الجلدة التي تقطع في الختان قبل قطعها كالحشفة لأنها منه ولا ينقض مسها بعد قطعها لزوال الاسم والحرمة
( وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره انتقض وضوؤه ) لأن لمس الفرج متيقن لأن الخنثى ن كان ذكرا فقد لمس ذكره وإن كان امرأة فقد مس فرجها ( وإن مس أحدهما لم ينتقض ) لاحتمال أن يكون غير فرج فلا ينقض الوضوء مع قيام الاحتمال ( إلا أن يمس الرجل ذكره ) أي الخنثى ( لشهوة ) فإنه ينتقض لأن الخنثى إن كان رجلا فقد لمس ذكرا وإن كان امرأة فقد لمس الرجل امرأة لشهوة وفي المحرر و الوجيز و الفروع صورة أخرى وهي إذا لمست المرأة قبله لأن الخنثى إن كان امرأة فقد لمست المرأة فرج امرأة وإن كان رجلا فقد لمسته لشهوة ( وفي مس الدبر ومس المرأة فرجها ) هو اسم المخرج الحدث وهو ما بين شفريها دون اسكتيها
____________________
1-
(1/163)
روايتان وعنه لا ينقض مس الفرج بحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( روايتان ) إحداهما ونقلها أبو داود أنه ينتقض قدمها في المحرر و الفروع واختارها أكثر الأصحاب لقوله عليه السلام
من مس فرجه فليتوضأ
رواه ابن ماج وغيره والفرج اسم جنس مضاف فيعم ولقوله عليه السلام
أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ
رواه أحمد من حديث عمرو بن شعيب وإسناده جيد إليه وكالذكر والأخرى لا ينتقض
أما الدبر فقال الخلال إنها الأشيع في قوله واختارها جماعة قال في الفروع وهي أظهر لأن غالب الأحاديث تقيده بالذكر وأما الفرج فقال المروزي قيل لبي عبد الله الجارية إذا مست فرجها أعليها وضوء قال لم أسمع فيه بشيء ولا يفضي مسه إلى خروج خارج بخلاف الذكر وظاهره أن الخلاف مختص بما إذا مست فرج نفسها والأشهر لا فرق بين مس فرجها وفرج غيرها وفي التلخيص و البلغة ينقض مس فرج المرأة وفي مس فرج غيرها وجهان
وظاهر كلامهم لا يشترط للنقض بذلك الشهوة وهو مفرع على المذهب وشرطها ابن أبي موسى ( وعنه لا ينقض مس الفرج بحال ) لما سبق وظاهره أنه لا ينقض بمس غير الفرجين من البدن وهو كذلك في قول أكثر العلماء وقال عروة يجب في مس الأنثيين وقال عكرمة يجب على من مس ما بين فرجيه ولا تجب بمس فرج بهيمة ولو كانت مأكولة لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معناه وفيه احتمال وهو قول الليث زاد في الرعاية لشهوة ولا بمس المخرج المعتاد إذا انسد وانفتح غيره وفيه وجه وقيل معها
____________________
1-
(1/164)
الخامس أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا انتشر عضوه بتكرر نظر لم ينتقض في الأصح كما لو كان عن فكر
( الخامس أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة ) هذا ظاهر المذهب لأنه عليه السلام صلى وهو حامل أمامة والظاهر أنه لا يسلم من مسها ولأنه ليس بحدث وإنما هو داع إليه فاعتبرت الحالة التي تدعو إليها وهي حالة الشهوة وفي الوجيز بشهوة بالباء وهو أحسن لتدل على المصاحبة والمقارنة وهو شامل للأجنبية ومات المحرم والصغيرة والكبيرة لعموم النص واللمس الناقض معتبر مع الشهوة فإذا وجدت فلا فرق لكن في العجوز والمحرم والصغيرة وجه وهو ظاهر الخرقي فيها وصرح به المجد مقيدا بالتي لا تشتهي وللميتة والحية لأن الموت لا يرفع عنها الاسم وكما يجب الغسل بوطئها واختار الشريف وابن عقيل خلافه لأنها ليست محلا للشهوة وسواء كان المس باليد أو غيرها من سائر البشر للعموم والتخصيص تحكم ولا فرق أيضا بين مسها بعضو زائد أو مس عضو زائد منها وخرج من كلامه إذا كان اللمس بحائل وهو المنصوص ولو مع شهوة ذكره المؤلف وغيره لأنه لم يمسها والشهوة المجردة لا توجب الوضوء وعنه ينقض ذكر القاضي أنه قياس المذهب قال ابن حمدان وهو بعيد وخرج منه أيضا مس الرجل الرجل والمرأة المرأة لشهوة لأنه ليس بداخل في الآية الكريمة وأما لمسها له مع الشهوة فروايتان إحداهما لا أثر له لأن النص إنما ورد في الرجل واللمس منه مع الشهوة مظنة لخروج الحدث فأقيم مقامه والأخرى وهي أصح
____________________
1-
(1/165)
وعنه لا ينقض وعنه ينقض لمسها بكل حال ولا ينقض مس الشعر والسن والظفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال في المغني وهي ظاهر كلام الخرقي ينقض لأنها ملامسة ناقضة فاستويا فيها كالجماع وهي أدعى إلى الحدث لفرط شهوتها ( وعنه لا ينقض ) اختارها الآجري والشيخ تقي الدين لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ رواه أبو داود والنسائي واحتج به أحمد وضعفه يحيى القطان وابن معين والترمذي وغيرهم ووقعت يد عائشة على قدمه عليه السلام وهو يصلي ومسها برجله وهو يصلي رواه النسائي ولو بطل وضوؤه لفسدت صلاته ولأنه مس فلم ينقض كمس البهيمة والملامسة في الآية اريد بها الجماع قاله علي وابن عباس ولو باشر مباشرة فاحشة وقيل إن انتشر نقض وإذا لم ينقض مس فرج وأنثى استحب الوضوء نص عليه ( وعنه ينقض لمسها بكل حال ) وهو قول ابن مسعود ورواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه وقال عمر وابن مسعود القبلة من اللمس وفيها الوضوء رواه الأثرم وحقيقة اللمس التقاء البشرتين قال الشاعر % لمست بكفي كفه أطلب الغنى % ولأنه مس ينقض فلم تعتبر فيه الشهوة كالذكر والأول أصح جمعا بين الآية والأخبار إذ الآية محمولة على الشهوة وفعله عليه السلام على عدمها وهو أريد بها الجماع لاكتفى بقوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } [ المائدة 6 ]
( ولا ينقض لمس الشعر والسن والظفر ) لشهوة نص عليه لأن ذلك ينفصل عنها حال السلامة أشبه الدمع ولا يقع عليها الطلاق بإضافته إليه
____________________
1-
(1/166)
والأمرد وفي نقض وضوء الملموس روايتان السادس غسل الميت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفيه وجه ينتقض لأنه من جملتها قال بعضهم وكذا الخلاف إن لمسها الرجل بهذه الأشياء ( والأمرد ) أي لا ينقض لمسه مع شهوة نص عليه وهو المذهب لعدم تناول الآية له ولأنه ليس بمحل للشهوة شرعا وعنه بلى جزم به في الوجيز لأنها مبشارة لآدمي حقيقة ولا نقض بمس خنثى مشكل ولا بمسه رجلا و امرأة لأنه متيقن للطهارة شاك في الحدث ( وفي نقض وضوء الملموس روايتان ) أظهرهما لا نقض قاله ابن هبيرة واختارها المجد وهي ظاهر الوجيز لأنه لا نص فيه وقياسه على اللامس لا يصح لفرط شهوته والثانية بلى وهي اختيار ابن عبدوس لأن ما ينقض بالتقاء البشرتين لا فرق فيه بين اللامس والملموس كالتقاء الختانين ثم محلها إذا وجدت الشهوة في الملموس كما ذكره الشيخان وخص بعضهم الملموس بالمرأة وفي الرعاية وفي نقض وضوء الملموس فرجه وجهان وقيل لا ينقض وضوء الملموس ذكره بخلاف لمس قبل المرأة
( السادس غسل الميت ) هذا هو المنصوص عن أحمد وعامة أصحابه وجزم به في الكافي و الوجيز وقدمه في المحرر و الفروع لما روى عطاء أن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء وكان شائعا لم ينقل عنهم الإخلال به ولأن الغاسل لا يسلم من مس عورة الميت غالبا فأقيم مقامه كالنوم مع الحدث وعنه لا اختاره التميمي وصححه المؤلف لما روى الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس عليكم في ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أي يكفيكم
____________________
1-
(1/167)
السابع أكل لحم الجزور لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن تغسلوا أيدتكم
وإسناده جيد ولأنه الأصل ولأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معناه وكغسل الحي فعلى الأول لا فرق فيه بين المسلم والكافر والرجل والمرأة والكبير والصغير للعموم وسواء غسله في قميص أولا وفيه وجه أنه لا ينقض إذا غسله في ثوب ولم يمس فرجه ذكر في الرعاية أنه الأظهر وخرج من كلامه إذا غسل بعضه وهو أظهر الاحتمالين عند ابن حمدان وإذا يممه عند تعذر غسله وفيه قول
فرع الغاسل من يقلبه ويباشره ولو مرة لا من يصب الماء ونحوه
( السابع أكل لحم الجزور ) على الأصح ( لقول رسو الله صلى الله عليه وسلم
توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم
رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث البراء بن عازب وصححه أحمد وإسحاق وقال ابن خزيمة لم نر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح وروى مسلم معناه من حديث جابر بن سمرة قال الخطابي ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث فعلى هذا لا فرق فيه بين قليله وكثيره نيئه أو مطبوخة عالما كان الآكل أو جاهلا وعنه إن علم النهي نقض قال الخلال وعلى هذا استقر قوله لأنه خبر آحاد فيعذر بالجهل كما يعذر بجهل الزنا ونحوه الحديث العهد بالإسلام وعنه ينقض نيئه وعنه إن طالت المدة كعشر سنين لم يعد بخلاف ما إذا قصرت وعنه لا يعيد إذا تركه متأولا وعنه إذا كثر أكلها وعنه لا نقض مطلقا وهو قول
____________________
1-
(1/168)
169 فإن شرب من لبنها فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أكثر العلماء لما روى جابر قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار رواه أحمد وأبو داود والنسائي وإسناده جيد وقال عمر وابن عباس الوضوء مما خرج وليس مما دخل رواه سعيد ولأنه مأكول أشبه سائر المأكولات والأول أصح لا يقال يحتمل أن يراد بالوضوء غسل اليدين لأنه مقرون بالأكل كما حمل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء قبل الطعام وبعده ويحتمل أن يراد به على وجه الاستحباب لأن الوضوء الوارد في الشرع يحمل على موضوعه الشرعي ولأنه جمع بين ما أمر به وهو الوضوء من لحومها وبين ما نهي عنه وهو عدم الوضوء من لحوم الغنم والخصم يقول بأنه يستحب فيهما ولأن السؤال وقع عن الوضوء والصلاة والوضوء المقترن بها لا يفهم منه غير الوضوء الشرعي ولأن مقتضى الأمر الإيجاب لأنه أوجب الوضوء منه ودعوى النسخ مردودة بأمور وقيل الوضوء منه معلل بأنها من الشياطين إذ كل عات متمرد شيطان فالكلب الأسود شيطان الكلاب والإبل شياطين الأنعام فالأكل منها يورث خالة شيطانية والشيطان يطفئه بارد الماء
( فإن شرب من لبنها فعلى روايتين ) كذا في المغني و المحرر و الفروع إحداهما ينقض لما روى أسيد بن حضير أن النبي صلى اله عليه وسلم قال
توضؤوا من لحوم الإبل وألبانها
رواه أحمد وابن ماجة من رواية الحجاج بن أرطاة وروى الشالنجي نحوه من حديث البراء بن عازب وإسناده جيد والأخرى لا وهي ظاهر الوجيز قال الزركشي واختيار الأكثرين لما روي ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
مضمضوا من اللبن فإن له دسما
____________________
1-
(1/169)
170 فدل على أنه يكتفي بها في كل لبن ولأن الأخبار الصحيحة إنما وردت في اللحم والحكم فيه غير معقول المعنى فيقتصر على مورد النص فيه ( وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين ) وفي الفروع روايتان إحداهما لا ينقض لأن النص لم يتناوله والثانية بلى لأن ذلك من جملة الجزور فإطلاق لفظ اللحم يتناوله بدليل أن الله تعالى لما حرم لحم الخنزير تناول جميع أجزائه والأشهر الاول والحكم في بقية الأجزاء كالكرش والمصران والسنام والدهن كذلك وعلم منه أن لا وضوء من غيره سواء مسته النار أو لا وهو قول أكثر العلماء وروي عن الخلفاء الراشدين ولا وضوء بأكل لحم محرم وكذا طعام محرم على الأصح وعنه يختص النقض بلحم الخنزير قال أبو بكر وبقية النجاسات تخرج عليه حكاه ابن عقيل وقال الشيخ تقي الدين الخبيث المباح للضرورة كلحم السباع أبلغ من الإبل فبالوضوء منه أولى قال والخلاف فيه مبني على أن لحم الإبل تعبدي أو عقل معناه
( الثامن الردة عن الإسلام ) هذا هو المجزوم به عند أكثر الأصحاب وهو أشهر الروايتين لقوله تعالى { لئن أشركت ليحبطن عملك } [ الزمر 65 ] ولقول ابن عباس الحدث حدثان حدث اللسان وحدث الفرج وحدث اللسان أشد وفيهما الوضوء لكن في إسناده بقية بصيغة عن قال في التحقيق لا يصح ورواه ابن شاهين مرفوعا فيدخل في عموم قوله عليه السلام
لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
متفق عليه ولأنها
____________________
(1/170)
ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + طهارة عن حدث فأبطلتها الردة كالتيمم لكن الآية دالة على أن الردة تحبط العمل بمجردها والأشهر عن أصحابنا أنها لا تحبطه إلا بالموت لقوله تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم } [ البقرة 217 ] وبنوا على ذلك صحة الحج في الإسلام الأول وقضاء ما فاته من صلاة وزكاة وصوم على المشهور ثم الإحباط إنما ينصرف إلى الثواب دون الفعل بدليل مصل خلفه وهو مسلم ولقائل أن يقول هذا تمسك بدليل الخطاب والمنطوق مقدم عيه وعنه لا نقض حكاها ابن الزاغوني ولم يذكرها القاضي وعامة أصحابه في النواقض لعدم فائدتها لوجوب الغسل عليه إذا عاد إلى الإسلام فيدخل فيه الوضوء وصرح به جماعة ورده الشيخ تقي الدين بأن فائدته تظهر إذا عاد إلى الإسلام فإنا نوجبهما عليه فإن نواهما بغسله أجزأه على المشهور ولو لم ينقض لم يجب إلا الغسل فقط ويمكن أن يكون مراد القاضي ما أوجب غسلا أوجب وضوءا فهو ملازم له وظاهره أنه لا نقض بغيرها من غيبة ونميمة وقهقهة ونقله الجماعة نعم يستحب من الكلام المحرم وفي استحبابه من القهقهة وجهان
( ومن تيقن الطهارة ) اليقين ما أذعنت النفس للتصديق به وقطعت به وقطعت بأن قطعها صحيح ( وشك في الحدث ) الشك خلاف اليقين ( أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين ) لما روى عبد الله بن زيد قال شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال
لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
متفق عليه ولمسلم معناه مرفوعا من حديث
____________________
1-
(1/171)
فإن تيقنهما وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما فإن كان متطهرا فهو محدث إن كان محدثا فهو متطهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبي هريرة ولم يذكر فيه وهو في الصلاة ولأنه إذا شك تعارض عنده الأمران فيجب سقوطهما كالبينتين إذا تعارضتا ويرجع إلى اليقين وسواء كان في الصلاة أو خارجها تساوي عنده الأمران أو غلب على ظنه أحدهما لأن غلبة الظن إذا لم يكن لها ضابط في الشرع لم يلتفت إليها كظن صدق أحد المتداعيين بخلاف القبلة والوقت هذا اصطلاح الفقهاء وعند الأصوليين إن تساوى الاحتمالان فهو شك والراجح ظن والمرجوح وهم ( فإن تيقنهما ) أي تيقن الطهارة والحدث في وقت الظهر مثلا ( وشك في السابق منهما ) أي لم يعلم الآخر منهما ( نظر في حاله قبلهما ) أي قبل الطهارة والحدث وهو ما قبل الزوال ( فإن كان محدثا فهو ) الآن ( متطهر ) لأنه تيقن زوال ذلك الحدث بطهارة ولم يتيقن زوال تلك الطهارة بحدث آخر لاحتمال أن يكون الحدث الذي تيقنه بعد الزوال هو الذي كان قبله فلم يزل يقين الطهارة بالشك ( وإن كان متطهرا فهو محدث ) لما ذكرنا هذا في تيقن الحالين وأما تيقن الفعلين فإذا تيقن أنه في وقت الظهر مثلا تطهر عن حدث وأحدث عن طهر ولا يعلم أسبقهما فإنه يكون على مثل حاله قبلهما جزما فإن كان متطهرا فهو الآن متطهر لأن الطهارة التي قبل الزوال قد تيقن زوالها بالحدث وتيقن زوال الحدث بالطهارة التي في وقت الظهر والأصل بقاؤها وإن كان محدثا فهو الآن محدث وكذا لو عين وقتا لا يسعهما فإن جهل حالهما وأسبقهما أو تيقن حدثا وفعل طهارة فقط فبضد حاله قبلهما وإن تيقن أن الطهارة عن حدث ولا يدري الحدث عن طهارة فمتطهر مطلقا وعكس هذه بعكسها
مسألة إذا سمعا صوتا أو شما ريحا من أحدهما لا بعينه فلا وضوء عليهما
____________________
1-
(1/172)
ومن أحدث حرم عليه الصلاة والطواف ومس المصحف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على الأصح ولا يأتم أحدهما بصاحبه ولا يصاففه في الصلاة إن كانا وحدهما وإن كان أحدهما إماما أعادا صلاتهما نص عليه وقيل عنه ينوي كل منهما الانفراد ويتم صلاته وحده
( ومن أحدث حرم عليه الصلاة ) لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يقبل الله صلاة بغير طهور
رواه مسلم وهو يعم الفرض والنفل والسجود المجرد كسجدة التلاوة والقيام المجرد كصلاة الجنازة وسواء كان عالما أو جاهلا فلو صلى مع الحدث لم يكفر وحكى ابن حزم والنووي عن بعض العلماء جواز الصلاة على الجنازة بغير وضوء ولا تيمم ( والطواف ) لما روى الترمذي بإسناده عن عطاء بن السائب عن طاووس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير
إسناده جيد إلى عطاء وهو مختلف فيه واختلط في آخر عمره قال أحمد عطاء رجل صالح قال الترمذي وقد روي عن طاووس عن ابن عباس موقوفا ولا نعرفه مرفوعا غلا من حديث عطاء بن السائب ( ومس المصحف ) لقوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } [ الواقعة ] أي لا يمس القرآن وهو خبر بمعنى النهي وحرك بالضم لالتقاء الساكنين ورد بانه اللوح المحفوظ والمطهرون الملائكة لان المطهر من طهره غيره ولو أريد بنو آدم لقيل المتطهرون الملائكة لأن المطهر من طهره غيره ولو أريد بنو آدم لقيل المتطهرون وجوابه بأن المراد هم وبنو آدم قياسا عليهم بدليل ما روى عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن
____________________
1-
(1/173)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه
لا يمس القرآن إلا طاهر
رواه الأثرم والنسائي والدارقطني متصلا قال الأثرم واحتج به أحمد ورواه مالك مرسلا ومقتضاة أنه لا يباح مسه بشيء من جسده حتى يتطهر ولو بتيمم قال المؤلف إن احتاجه وهو شامل لما يسمى مصحفا من الكتابة والجلد والحواشي والورق الأبيض المتصل به بدليل البيع على المذهب وله حمله بعلاقته أو بحائل منفصل عنه لا يتبعه في البيع كغلافه أو بحائل تابع للحامل كحمله في كمه أو ثوبه أو تصفحه بعود ونحوه على المشهور جزم به أبو الخطاب وابن عبدوس والقاضي والمؤلف وعنه المنع من حمله بعلاقته وتصفحه بكمه وخرجه القاضي منه إلى بقية الحوائل ولم يعول عليه في المغني وله الكتابة منه من غير مس جزم به كثير من الأصحاب وقيل هو كالتقليب بالعود وقيل يجوز للمحدث دون الجنب وهذا إذا لم يحمله على مقتضى ما هو في التلخيص وغيره
وله مس تفسير على المذهب ومنسوخ تلاوته على الأصح والأحاديث المأثورة والتوراة والإنجيل لأنها ليست بقرآن وحكم البعض كالكل فلو كتب بعضه منفردا لم يجز مسه وإن لم يسم مصحفا نعم في مس الصبيان ألواحهم وفي رواية ذكرها القاضي ومس الدراهم المكتوب عليها القرآن وثوب طرز به روايتان أظهرهما الجواز لمسيس الحاجة إليه وعلم منه أن طهارة الخبث لا يشترط انتفاؤها نعم يمنع من مسه بعضو نجس لا بغيره على المذهب والذي لا يمسه لكن له نسخه دون حمل ومس وعنه المنع وحمله القاضي على حمله حال كتابته ولا يجوز مسه بعضو طهره حتى يكملها
____________________
1-
(1/174)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسائل الأولى لا يكره تحليته بذهب أو فضة لتضييق النقدين وعنه لا كالضبة وكتطييبه نص عليه وكيسه الحرير نقله الجماعة لان ذلك قدر يسير وقيل يكره للرجال لا للنساء وقيل يحرم جزم به جماعة ككتب العلم في الأصح قال ابن الزاغوني كتبه بذهب حرام لأنه زخرفة ويؤمر بحكه فإن اجتمع منه ما يتمول زكاه قال أبو الخطاب إذا بلغ نصابا وكره أحمد توسده وفي تحريمه وجهان وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وفي معناه التخطي ورميه بالأرض بلا وضع ولا حاجة تدعو إلى ذلك ويحرم كتبه بحيث يهان كبول حيوان ونحوه وتجب إزالته ويحرم دوسه والمراد غير حائط المسجد قال في الفصول وغيره يكره أن يكتب على حيطان المسجد ذكرا وغيره لأن ذلك يشغل المصلي ويلهيه ويدفن إذا بلي لتعظيمه وصيانته وله نقطه وشكله وكتابة الأعشار والسور وعدد الآيات في رواية وعنه يستحب نقطه وعلله أحمد بأن فيه منفعة الناس واختاره أبو الحسين بن المنادي
الثانية يجوز تقبيله وعنه يستحب ونقل جماعة الوقف ولا يجعله على عينيه لعدم النقل وظاهره أنه لا يقام له لكن يؤخذ من فعل أحمد الجواز
الثالثة له أخذ الفأل فيه فعله ابن بطة ولم يره غيره من الأصحاب ونقل ابن العربي أنه يحرم حكاه القرافي عن الطرطوشي المالكي وظاهر مذهب الشافعي الكراهة
____________________
1-
(1/175)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الرابعة يحرم السفر به إلى دار الحرب وقيل إلا مع غلبة السلامة وفي المستوعب يكره بدون غلبتها
الخامسة لا يجوز أن يملكه لكافر فلو ملكه بإرث ألزم على إزالة ملكه عنه لأنه يتدين بانتهاكه وإزالة حرمته
____________________
1-
(1/176)
& باب الغسل &
وموجباته سبعة خروج المني الدافق بلذة فإن خرج لغير ذلك لم ويوجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الغسل &
هو مصدر من غسل الثوب والبدن يغسله غسلا قال عياض بالفتح الماء وبالضم الفعل وذكر ابن بري أن غسل الجنابة بفتح الغين وقال ابن مالك بالضم الاغتسال والماء الذي يغتسل به
وقال الجوهري غسلت الشيء غسلا بالفتح والاسم الغسل بالضم وبالكسر ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره وهو واجب إجماعا وسنده { وإن كنتم جنبا فاطهروا } [ المائدة 6 ] يقال رجل جنب وكذا المثنى والمجموع قال الجوهري وقد يقال جنبان وجنبون وفي صحيح مسلم ونحن جنبان سمي به لأنه نهي أن يقرب مواضع الصلاة وقيل لمجانبته الناس حتى يتطهر وقيل لأن الماء جانب محله والأحاديث مشهورة بذلك
( وموجباته سبعة ) وفي المحرر و الفروع ستة
( خروج المني ) من مخرجه فإن خرج من غيره كما لو انكسر صلبة فخرج منه لم يجب وحكمه كالنجاسة المعتادة ( الدافق بلذة ) ولو دما ( فإن خرج لغير ذلك كمرض أو برد أو كسر ظهر ( لم يوجب ) في أصح الروايتين لما روى علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا فضخت الماء فاغتسل وإن لم تكن فاضخا فلا تغتسل
رواه أحمد والفضخ هو خروجه بالغلبة قاله إبراهيم
____________________
1-
(1/177)
فإن أحس بانتقاله فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحربي ويستثنى منه النائم فعلى ما ذكره يكون نجسا وليس مذيا قاله في الرعاية
والثانية يجب ذكرها ابن عبدوس والقاضي وأخذها من نصه فيمن جامع ثم اغتسل ثم أنزل فعليه الغسل مع أن ظاهر حاله أنه يخرج لغير شهوة وفي الصحيحين عن أم سلمة أن أم سليم قالت يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا احتلمت قال
نعم إذا رأت الماء
وقال عليه السلام في حديث علي
وفي المني الغسل
رواه الخمسة وصححه الترمذي وهذا ما لم يصر سلسا قاله القاضي وجمع فيجب الوضوء فقط لكن قال في المغني و الشرح يمكن منع كون هذا منيا لأن الشارع وصفه بصفة غير موجودة فيه وظاهره أنه واجب بالخروج ويتوجه بإرادة القيام إلى الصلاة
فائدة المني يخلق منه الحيوان لخروجه من جميع البدن وينقص به جزء منه ولهذا يضعف بكثرته فيجبر بالغسل
( فإن أحس بانتقاله ) من ظهره ( فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين ) إحداهما لا يجب اختارها المؤلف والشيرازي وهي ظاهر الخرقي لما تقدم من الأخبار إذ الحكم في الجميع مرتب على الرؤية لأن الشهوة بمجردها لا توجب غسلا لأنها أحد وصفي العلة ويسمى جنبا ولا يحصل إلا بخروجه
____________________
1-
(1/178)
وإن خرج بعد الغسل أو خرجت بقية المني لم يجب الغسل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والثانية بلى وهي المذهب المنصوص عنه وجزم بها الأكثر لأن الجنابة أصلها البعد لقوله تعالى { والجار الجنب } [ النساء 36 ] أي البعيد ومع الانتقال قد باعد الماء محله فصدق عليه اسم الجنب وإناطة للحكم بالشهوة وتعليقا له على المظنة إذ بعد انتقاله يبعد عدم خروجه قيل ومحلهما فيما إذا لم يخرج إلى قلفة الأقلف وفرج المرأة أما إذا خرج إليهما فإنه يجب رواية واحدة
فعلى الأولى يجب الغسل إذا خرج رواية واحدة ذكره ابن تميم وغيره وإن خرج بغير شهوة لأن انتقاله كان لشهوة راد في الرعاية وأعاد ما صلى
وعلى الثانية يحصل به البلوغ والفطر وفساد النسك ووجوب بدنه في الحج حيث وجبت لخروج المني قاله القاضي في تعليقه إلزاما وجعله أن حمدان وجها وبعده وأطلق في الفروع الوجهين وكذا انتقال حيض قاله لشيخ تقي الدين
( وإن ) قلنا يجب بالانتقال فاغسل له ثم ( خرج بعد الغسل أو ) اغتسل لمني خرج بعضه ثم ( خرجت بقية المني لم يجب الغسل ) ذكر الخلال أنه الذي تواترت عليه الرواية واختاره القاضي وابن أبي موسى وجزم به في الوجيز لما روى سعيد عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل قال يتوضأ وكذا ذكره الإمام أحمد عن علي ولأنه مني واحد
____________________
1-
(1/179)
وعنه يجب وعنه يجب إذا خرج قبل البول دون ما بعده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فأوجب غسلا واحدا كما لو خرج دفعة واحدة لأنه خارج لغير شهوة أشبه خروجه في البرد وبه علل أحمد قال لأن الشهوة ماضية وإنما هو حدث أرجو أنه يجزئه الوضوء
( وعنه يجب ) قدمها في الرعاية وصححها المؤلف لأن الاعتبار بخروجه كسائر الأحداث فيناط الحكم به
( وعنه يجب إذا خرج قبل البول ) اختاره القاضي في تعليقه لأنه بقية مني دافق بلذة ( دون ما بعده ) لأن الظاهر أنه غير الأول وقد تخلف عنه شرطه وهو الدفق واللذة وروي نحوها عن علي وضعفه أحمد وعنه يجب إذا خرج بعدالبول دون ما قبله لأنه مي جديد ولو كان من بقية الأول لما تخلف وكذا لو جامع فلم ينزل واغتسل ثم خرج لغير شهوة وجزم جماعة وهو المنصوص يغتسل وظاهره انه لا يجب بمجرد الإحتلام من غير انزال وهو المنصوص لحديث عائشة وعنه بلى وعنه إن وجد لذة الإنزال فعلى الأول إن خرج لشهوة اغتسل في الحال وإلا فروايتا الانتقال والمنصوص أنه يجب لئلا يلزم انتقال مني وخروجه من غير اغتسال وعلم مما تقدم أنه إذا وطئ دون الفرج فدب منيه فدخل فرج المرأة ثم
____________________
1-
(1/180)
الثاني التقاء الختانين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + خرج أو وطئ في الفرج ثم خرج من فرجها بعد غسلها أو خرج ما استدخلته بقطنة أو غيرها ولم ينزل منيها قال ابن حمدان أو خرج ما دخله من مني امرأة بسحاق فإنه لا يجب على المنصوص وفي الكل وجه
مسألة إذا انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه فوجد بللا جهل أنه مني وجب على الأصح كمن ذكر معه حلما نص عليه لحديث عائشة رواه أحمد واحتج به وغسل بدنه وثوبه احتياطاص ولا يجب والثانية لا يجب ذكرها الشيخ تقي الدين لأنه يحتمل أن يكون منيا أو مذيا وهو طاهر بيقين فلا يزول بالشك وإن وجده يقظة وشك فيه توضأ ولا يلزمه غسل ثوبه وبدنه وقيل يلزمه حكم غير المني قال في الفروع ويتوجه احتمال حكمهما وإن سبق نومه نظر أو برد أو ملاعبة لم يجب نص عليه وعنه بلى وعنه إن ذكر معه حلما وإن تيقنه مذيا فلا وإن رأي منيا يثوب ينام فيه وقال أبو المعالي والأزجي لا بظاهره لجوازه من غيره اغتسل ويعمل في الإعادة باليقين وإن كان ينام فيه هو وغيره فلا على الأصح
( الثاني التقاء الختانين ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل
أخرجه البخاري ومسلم وزاد هو وأحمد
وإن لم ينزل
وفي حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا قعد بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل
رواه مسلم وما روي عن عثمان وعلي وطلحة والزبير أنه لا يجب إلا بالإنزال لقوله
الماء من الماء
فمنسوخ بما روى أبي بن كعب
____________________
1-
(1/181)
وهو تغييب الحشفة في الفرج قبلا كان أو دبرا من آدمي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال إن الفتيا التي كانوا يقولون الماء من الماء رخص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بالاغتسال رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه قال الحافظ عبد الغني إسناده صحيح على شرط الشيخين
ثم المراد من التقائهما تقابلهما وتحاذيهما فقال ( وهو تغييب الحشفة ) الأصلية أو قدرها إن فقدت وإن لم ينزل ( في الفرج ) الأصلي بلا حائل وقيل ومعه وإن لم يجد حرارة ليحترز به من الخنثى المشكل إذا أولج حشفته ولم ينزل في فرج أصلي أو أولج غير الخنثى ذكره من قبل الخنثى فلا غسل على واحد منهما لاحتمال كون الحشفة أو القبل خلقة زائدة ومن أنزل منهما وجب عليه الغسل وإن تواطأ خنثيان في قبليهما أو دبريهما فوجهان وقيل إن قلنا الزائد كأصلي وجب وإلا فلا وإن تواطأ رجل وخنثى في دبريهما اغتسل الرجل بيقين والأصح وجوبه على الخنثى احتياطا وظاهره أنه إذا مس الختان الختان من غير إيلاج فلا غسل كمن أولج بعض الحشفة وأنه لا فرق بين العالم والجاهل فلو مكث زمانا لم يصل احتاط في الصلاة ويعيد حتى يتيقن نص عليه لأنه مما اشتهرت به الأخبار فلم يعذر بالجهل والطائع والمكره لأن موجب الطهارة لا يشترط فيه القصد كسبق الحدث والنائم كاليقظان ( قبلا كان أو دبرا ) في المنصوص لوجود شرطه وقيل على الواطئ ( من آدمي ) لما تقدم وكلامه شامل للبالغ وغيره قال الإمام أحمد يجب على الصغير إذا وطئ والصغيرة إذا وطئت مستدلا بحديث عائشة والأصح يلزمه إن أراد ما يتوقف على الغسل أو الوضوء أو مات قبل فعله شهيدا لكن القاضي صرح بعدم الوجوب مستدلا بعدم التكليف كالحائض
____________________
1-
(1/182)
أو بهيمة حي أو ميت
الثالث إسلام الكافر أصليا كان أو مرتدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وحمل كلام أحمد على الاستحباب ورده في المغني لكونه صرح بالوجوب ولعل الخلاف لفظي إذ مراده بالوجوب اشتراطه للصلاة ونحوها لا التأثيم بتأخيره ومراد القاضي بالاستحباب انتفاء إلزامه بذلك وشرط بعضهم لوجوبه مجامعة مثله وشرط بعضهم للذكر ابن عشر وللأنثى بنت تسع وظاهر إطلاق الأكثر عدم الاشتراط ( أو بهيمة ) حتى سمكة قاله القاضي في تعليقه وتبعه في الفروع لأنه إيلاج في فرج أشبه الآدمية ولو غيبت امرأة حشفة بهيمة اغتسلت وإن كانت مقطوعة فلا ( حي أو ميت ) لما ذكرنا فيعاد غسل الميت وذهب جمع إلى أنه لا يجب بوطئها لأنه ليس بمقصود ورد بأنه ينتقض بالعجوز والشوهاء والمذهب يجب على النائم والمجنون
فرع لو قالت امرأة لي جني يجامعني كالرجل فلا غسل لعدم الإيلاج والاحتلام ذكره أبو المعالي وفيه نظر قال ابن الجوزي في قوله تعالى { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } [ الرحمن 74 ] فيه دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي وفيه نظر لأنه لا يلزم من الغشيان الإيلاج لاحتمال أن يكون غشيانه عن ملابسة ببدنه خاصة
( الثالث إسلام الكافر اصليا كان أو مرتدا ) على الأصح لما روى أبو هريرة أن ثمامة بن أثال أسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم
اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل
رواه أحمد وابن خزيمة من رواية العمري وقد تكلم فيه
____________________
1-
(1/183)
وقال أبو بكر لا غسل عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وروى له مسلم مقرونا وعن قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يغتسل بماء وسدر رواه أحمد والترمذي وحسنه ولأنه لا يسلم غالبا من جنابة فأقيمت المظنة مقام الحقيقة كالنوم والتقاء الختانين ولأن المرتد مساو للأصلي في المعنى وهو الإسلام فوجب وظاهره لا فرق بين أن يغتسل قبل إسلامه وبين من أجنب أولا لأنه عليه السلام لم يستفصل ولو اختلف الحال لوجب الاستفصال ولا فرق فيه بين البالغ وغيره في ظاهر كلام الأكثر وقيده ابن حمدان بالبالغ ومقتضى ما ذكروه أن الغسل شرط لصحة الصلاة فيصير بمنزلة وطء الصبي ( وقال أبو بكر لا غسل عليه ) وحكى في الكافي رواية فعلى هذا يستحب الغسل وليس بواجب قال في المغني وغيره إلا أن يكون وجد منه سببه قبل إسلامه كجنابة فيلزمه حينئذ وسواء اغتسل في كفره أو لا لأنه عليه السلام لم يأمر به في حديث معاذ حين بعثه إلى اليمن ولو كان واجبا لأمر به كغيره إذ هو أول واجبات بعد الإسلام ويقع كثيرا وتتوفر الدواعي على نقله ولو وقع لنقل وحديث أبي هريرة في إسناده مقال ويحمل على الاستحباب لحديث قيس بقرينة السدر وأجيب بأن حديث معاذ إنما ذكر فيه أصول الإسلام لا شرائطها فعلى هذا الأشهر لو أجنب في كفره ثم أسلم تداخلا وعلى الثاني يجب للجنابة فلو اغتسل في كفره أعاده لعدم صحة نيته واختار الشيخ تقي الدين لا إن اعتقد وجوبه بناء على أنه يثاب على طاعة في الكفر إذا أسلم وقيل لا غسل على كافر مطلقا
فرع يستحب أن يغتسل مع الماء بالسدر كإلقاء شعره للخبر
____________________
1-
(1/184)
الرابع الموت
الخامس الحيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال أحمد ويغسل ثيابه قال بعضهم إن قلنا بنجاستها وجب وإلا استحب
فرع يحرم تأخير الإسلام لغسل أو غيره ولو استشار مسلما فأشار بعدم الإسلام أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر لم يجز وذكر صاحب التتمة من الشافعية أنه يصير مرتدا ورد عليه بعضهم
( الرابع الموت ) لأنه مأمور به كما يأتي ولو لم يجب لما أمر به في قوله عليه السلام
اغسلنها
إلى غيره من الأحاديث وهو تعبد لا عن حدث لأنه لو كان عنه لم يرتفع مع بقاء سببه كالحائض لا تغتسل مع جريان الدم ولا عن نجس لأنه لو كان عنه لم يطهر مع بقاء سبب التنجيس وهو الموت
ويستثنى منه شهيد المعركة والمقتول ظلما وسيأتي
( الخامس الحيض ) بغير خلاف لقوله عليه السلام لفاطمة بنت أبي حبيش
وإذا ذهبت فاغتسلي وصلي
متفق عليه وأمر به أم حبيبة وسهلة بنت سهيل وحمنة وغيرهن يؤكده قوله تعالى { فإذا تطهرن فأتوهن } [ البقرة 222 ] أي إذا اغتسلن فمنع الزوج من وطئها قبل غسلها فدل على وجوبه عليها
____________________
1-
(1/185)
السادس النفاس وفي الولادة العرية عن الدم وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( السادس النفاس ) كالحيض يجتمع ثم يخرج قال في المغني لا خلاف في وجوب الغسل بهما وظاهره أنه يجب بالخروج وهو المذهب إناطة للحكم بسبه لكن الانقطاع شرط لصحته اتفاقا وكلام الخرقي يدل على أنه يجب بالانقطاع وهو ظاهر الأحاديث وينبني عليهما أن الحائض إذا استشهدت فعلى الثاني لا تغسل إذ الانقطاع الشرعي الموجب للغسل لم يوجد وعلى الأول تغسل للوجوب بالخروج وقد حصل الانقطاع حسا أشبه ما لو طهرت في أثناء عادتها وقال بعضهم لا يجب على الوجهين لأن الطهر شرط لصحة الغسل أو في السبب الموجب له ولم يوجد وينبني عليهما من علق عتقا أو طلاقا على ما يوجب غسلا وقع بالخروج وعلى الثاني بالانقطاع ( وفي الولادة العرية عن دم ) كذا قيده في المحرر و المغني و الشرح ( وجهان ) وفي الكافي روايتان أحدهما وهو اختيار الشيخين وظاهر الخرقي و الوجيز أنه لا يجب لأنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص والثاني بلى وهو اختيار ابن أبي موسى وابن عقيل وابن البنا لأنها مظنة النفاس الموجب فأقيم مقامه كالتقاء الختانين أو لأنه مني منعقد ورد بخروج العلقة فإنها لا توجب غسلا بلا نزاع زاد في الرعاية بلا دم وينبني عليهما الفطر وتحريم الوطء قبل الاغتسال والولد طاهر على الأصح وفي غسله مع دم وجهان
مسالة لا غسل على حائض لجنابة حتى ينقطع حيضها في المنصوص لعدم
____________________
1-
(1/186)
ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية فصاعدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفائدة وعنه يجب وعلى الأول لو اغتسلت صح نص عليه وقال لا أعلم أحدا منع الإعطاء ثم رجع عنه لان بقاء أحد الحدثين لا يمنع ارتفاع الآخر كما لو اغتسل المحدث الحدث الأصغر قاله في الشرح وعنه لا يصح وهي أظهر لأنها لم تستفد به شيئا وفي وجوب غسل ذمية طهرت من حيض لوطء زوج مسلم أو سيد روايتان
( ومن لزمه الغسل حرم عليه ) ما يحرم على المحدث وحرم عليه ( قراءة آية فصاعدا ) على الأصح رويت كراهة ذلك عن عمر وعلي وروى أحمد وأبو داود والنسائي من رواية عبد الله بن سلمة بكسر اللام عن علي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه وربما قال لا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة ورواه ابن خزيمة والحاكم والدار قطني وصححاه قال شعبة لست أروي حديثا أجود من هذا فيدخل فيه الكافر إذا أسلم ولم يغتسل فإنه يحرم عليه القراءة وضعفه الشيخ تقي الدين وقال لا وجه له وعن أحمد جواز قراءتها نقلها الخطابي وأشار إليها في التلخيص فقال وقيل يتخرج من تصحيح خطبة الجنب قراءة آية لاشتراطها وظاهره أنه لا يجوز قراءة آيات للتعوذ وفي الواضح أنه يجوز آية وآيتان لأنه لا إعجاز فيه بخلاف ما إذا طال وقيل يباح لحائض ونفساء بعد انقطاع الدم قال القاضي هو ظاهر كلام أحمد وقيل يباح لنفساء فقط اختاره الخلال وقيل يباح لحائض أن تقرأ قبل الانقطاع قال الجد وهو بعيد لكن
____________________
1-
(1/187)
وفي بعض آية روايتان ويجوز له العبور في المسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اختار الشيخ تقي الدين بأنه يباح لها أن تقرأه إذا خافت نسيانه بل يجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب
( وفي بعض آية روايتان ) أظهرهما لا يجوز قاله في الشرح وهو ظاهر الوجيز لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه سولم قال
لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن
رواه ابن ماجة والترمذي وقال لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ولأنه يطلق عليه أشبه الكثير ويستثنى منه قول بسم الله تبركا على الغسل والوضوء والحمد لله عند تجدد نعمة بشرط عدم قصد القراءة نص عليه
والثانية الجواز وهي الأصح وقدمه في المحرر و الرعاية كالذكر ولو كررها ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه فإذا وافق نظم القرآن ولم يقصده جاز نص عليه وله تهجيه في الأصح والتفكر فيه وتحريك شفتيه ما لم يبين الحروف وقراءة أبعاض آية متوالية أو آيات يسكت بينها سكوتا طويلا وظاهره أن من فمه نجس لا يمنع من قراءته ويحتمل المنع وذكر ابن تميم أنه أولى
فرع الكافر كالجنب يمنع من قراءته ولو رجي إسلامه نقل منها أكره أن يضعه في غير موضعه ( ويجوز له العبور في المسجد ) ذكره في المستوعب وقدمه في الرعاية و الفروع لقوله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل } [ النساء 43 ] وهو الطريق وقال سعيد بن منصور حدثنا هشيم أنبأنا أبو الزبير عن جابر قال كان أحدنا يمر في المسجد جنبا
____________________
1-
(1/188)
ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مجتازا وحديث عائشة
إن حيضتك ليست في يدك
رواه مسلم شاهد بذلك وقيل لحاجة قاله في الشرح وابن تميم وصاحب الوجيز وكونه طريقا قصيرا حاجة وكره أحمد اتخاذه طريقا وقيل يحرم على حائض وجنب كما لو حصل تلويث نص عليه وقيل لهما دخوله للأخذ منه دون الوضوء ويمنع منه سكران وفي الخلاف لا ومجنون وقيل فيه يكره كصغير وفيه في النصيحة يمنع اللعب لا صلاة وقراءة ونقل منها ينبغي أن يجنب الصبيان المساجد وظاهره أنه يجوز له العبور في كل مسجد حتى مصلى العيد لأنه أعد للصلاة حقيقة لا مصلى الجنائز ذكره أبو المعالي ولم يمنع في النصيحة حائضا من مصلى العيد لأنه ليس بمسجد ومنعها في المستوعب
( ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ ) وكذا في المحرر و الوجيز وغيرهما لما روى سعيد وحنبل بإسنادهما عن عطاء بن يسار قال رأيت رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوءهم للصلاة إسناده صحيح ولأن الوضوء يخفف حدثه فيزول بعض ما منعه وعنه لا وفاقا للآية ولقوله صلى الله عليه وسلم
لا أحل لحائض ولا جنب
رواه أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها والأكثر يضعفه وفي الرعاية رواية يجوز لجنب مطلقا وفيه وجه لا يجوز لحائض ونفساء لأن حدثهما باق لا أثر للوضوء فيه فإن لم ينقطع الدم لم يجز نص عليه وإن تعذر
____________________
1-
(1/189)
فصل والأغسال المستحبة ثلاثة عشر غسلا للجمعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واحتاج فبدونه نص عليه وكمستحاضة ونحوها وعند أبي المعالي والمؤلف أنه يجوز بتيمم وهو قول علي وابن عباس كلبثه لغسله فيه
فرع يمنع من عليه نجاسة تتعدى وهو ظاهر قول القاضي في اللبث قال بعضهم يتيمم لها للعذر وهو ضعيف
فرع إذا كان الماء في المسجد جاز دخوله بلا تيمم وإن أراد اللبث فيه للاغتسال تيمم قال ابن تميم وفيه بعد وقال أبو علي العكبري هذه المسألة سألها أبو يوسف المالك فجوز الدخول بغير تيمم فصل ( والأغسال المستحبة ثلاثة عشر غسلا )
وكذا في المحرر ( للجمعة ) لما روى الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وإسناده جيد إلى الحسن واختلف في سماعه منه ونقل الأثرم عن أحمد لا يصح سماعه منه ويعضده حديث عائشة ويكون في يومها لحاضرها إن صلى ويستثنى منه المرأة وقيل ولها وعنه يجب على من تلزمه ولا يشترط لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
غسل الجمعة واجب على كل محتلم
متفق عليه ويعضده حديث ابن عمر أنه عليه السلام قال
إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل
والأصح الأول والأمر به محمول على الاستحباب بدليل أن عثمان رضي الله عنه أتى الجمعة بغير غسل
____________________
1-
(1/190)
والعيدين والاستسقاء والكسوف ومن غسل الميت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وقوله واجب قيل كان واجبا ثم نسخ وقيل يطلق ويراد به متأكد الاستحباب كما تقول حقك واجب علي وبدليل ما عطف عليه وهو آكدها على الأشهر ( والعيدين ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل لذلك رواه ابن ماجة من طريقين وفيهما ضعف ولأنها صلاة تشترط لها الجماعة أشبهت الجمعة وهو مقيد بما إذا حضرها وصلى ولو منفردا وقاله جماعة وفي التلخيص إن حضر ولو لم يصل ومثله الزينة والطيب لأنه يوم الزينة بخلاف الجمعة ووقته كالجمعة وعنه بعد نصف ليلته وقال أبو المعالي في جميعها أو بعد نصفها كالأذان قال ابن عقيل المنصوص عن أحمد أنه قبل الفجر وبعده لأن زمن العيد أضيق من الجمعة
( والاستسقاء والكسوف ) في الأصح لأن ذلك عبادة يجتمع لها الناس كالجمعة ( ومن غسل الميت ) على الأصح لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصحح جماعة وقفه عليه وعن علي نحو وهو محمول على الاستحباب بدليل أن أسماء غسلت أبا بكر وسألت هل علي غسل قالوا لا رواه مالك مرسلا والثانية يجب مطلقا واختاره جماعة من العلماء منهم أبو إسحاق الجوزجاني وعنه من كافر لأنه عليه السلام أمر عليا أن يواري أبا طالب فلما رجع قال اغتسل رواه أحمد وعنه حتى الحي قاله القاضي وفي
____________________
1-
(1/191)
والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من غير احتلام وغسل المستحاضة لكل صلاة والغسل للإحرام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المغني لا نعلم لقائل هذا القول حجة توجبه وأهل العلم على خلافه وفيه وجه لا يستحب مطلقا قال أحمد وابن المديني لا يثبت فيه شيء ( والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من غير احتلام ) بغير خلاف نعلمه قال ابن المنذر ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الإغماء متفق عليه من حديث عائشة وليس بواجب والجنون في معناه بل أولى لأن زوال العقل في نفسه لا يوجبه كالنوم ووجود الإنزال مشكوك فيه فلا يزال عن اليقين وإن وجد معه بلة على المعروف من المذهب قاله الزركشي لأنه يحتمل أن يكون لغير شهوة أو مرض فإن تيقن معهما الإنزال وجب لأنه من جملة الموجبات كالنائم وعنه يجب مطلقا لأن الأصل في أفعاله عليه السلام الوجوب وتكرر مع مشقته ولم يتركه
( وغسل المستحاضة لكل صلاة ) لما روي أن أم حبيبة رضي الله عنها استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمرها أن تغتسل فكانت تغتسل عند كل صلاة متفق عليه ففهمت من الأمر به الاغتسال لكل صلاة وفي غير الصحيح أنه أمرها به لكل صلاة وعن عائشة أن زينب بنت جحش استحيضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم
اغتسلي لكل صلاة
رواه أبو داود وليس بواجب لأنه لو كان واجبا لبينه وعنه بلى لأمره عليه السلام زينب وأختها به وهو قول طائفة من الصحابة والتابعين وهو أشد ما قيل فيها وذكر ابن أبي موسى أن انقطاع دم الاستحاضة بوجب الغسل
( والغسل للإحرام ) لما روى زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل رواه الترمذي وحسنه لكنه من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد
____________________
1-
(1/192)
ولدخول مكة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الحجار والطواف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهو متكلم فيه وسواء كان بحج أو بعمرة أبو بهما وظاهره ولو مع حيض أو نفاس لأن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهل رواه مسلم من حديث عائشة
لا يقال أمرها به لأجل النفاس فلا ينتهض دليلا لأن حدث النفاس مستمر والغسل لا يؤثر فيه فتعين ما قلنا ( ولدخول مكة ) أي حرمها لفعله عليه السلام متفق عليه من حديث ابن عمر وكان يفعله ولو مع حيض قاله في المستوعب واختار الشيخ تقي الدين لا
( والوقوف بعرفة ) رواه مالك عن نافع عن ابن عمر ورواه الشافعي عن علي ورواه ابن ماجة مرفوعا
( والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والطواف ) لأنها مواضع يجتمع لها الناس ويزدحمون فيعرقون فيؤذي بعضهم بعضا فاستحب كالجمعة وهو شامل لطواف الزيارة والوداع وظاهره أنه لا يستحب لغير ذلك ولكن نقل صالح عن أبيه أنه يستحب لدخول الحرم وفي منسك ابن الراغوني ولسعي وفي الإشارة و المذهب وليالي منى وعنه ولحجامة ونص أحمد ولزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقيل ولكل اجتماع مستحب قال في الرعاية في قياس المذهب
فرع يتيمم للكل في الأصح لحاجة نقله صالح في الإحرام ولما يسن الوضوء له لعذر وظاهر ما قدمه في الرعاية لا لغير عذر
____________________
1-
(1/193)
فصل في صفة الغسل
وهو ضربان كامل يأتي فيه بعشرة أشياء النية والتسمية وغسل يديه ثلاثا وغسل ما به من أذى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل في صفة الغسل
لما تمم الكلام على الواجب والمستحب شرع في بيان صفته والعلم بالموصوف متقدم على العلم بالصفة ( وهو ضربان كامل ) سمي كاملا لاشتماله على الواجبات والسنن ( يأتي فيه بعشرة أشياء ) وكذا في المحرر و الوجيز وجعلها في الكافي تسعة وفيه حديث عائشة وميمونة متفق عليهما
( النية ) وهو أن ينوي رفع الحدث أو استباحة ما لا يشرع إلا به كقراءة القرآن ونحوها ( والتسمية ) قال أصحابنا هي هنا كالوضوء قياسا لإحدى الطهارتين على الأخرى وفي المغني أن حكمها هنا أخف لأن حديث التسمية إنما تناول بصريحه الوضوء لا غير انتهى ويتوجه عكسه لأن غسل الجنابة وضوء وزيادة ولم يذكرها الخرقي هنا نظرا للحدثين ( وغسل يديه ثلاثا ) كما في الوضوء لكن هنا آكد باعتبار رفع الحدث عنهما بذلك ولفعله عليه السلام في حديث ميمونة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ويكون قبل إدخالهما الإناء ذكره في الكافي وغيره
( وغسل ما به من أذى ) لحديث عائشة ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه وظاهره لا فرق بين أن يكون على فرجه أو بقية بدنه نجسا كان كما صرح به في المحرر أو طاهرا مستقذرا كالمني كما ذكره بعضهم وهو المراد بقوله في الوجيز و الفروع وغسل ما لوثه
____________________
1-
(1/194)
والوضوء ويحثي بالماء على رأسه ثلاثا يروي بها أصول الشعر ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثا ويبدأ بشقه الأيمن ويدلك بدنه بيده وينتقل من موضعه فيغسل قدميه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( والوضوء ) الكامل لقوله عليه السلام
ثم يتوضأ وضوءه للصلاة
وعنه يؤخر غسل رجليه لحديث ميمونة ثم تنحى عن مقامه فغسل رجليه وعنه هما سواء لمجيء السنة بهما والعمل على الأول لحديث عائشة لأنه إخبار عن غالب فعله وميمونة أخبرت عن غسل واحد
( ويحثي ) يقال حثوت أحثو حثوا كغزوت وحثيت أحثي حثيا كرميت ( بالماء على رأسه ثلاثا ) يعني بالماء لقول ميمونة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ( يروي بها ) في كل مرة ( أصول الشعر ) لقول عائشة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ولقوله عليه السلام
تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشرة
رواه أبو داود
( ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثا ) لقول عائشة رضي الله عنها ثم أفاض على سائر جسده ولقول ميمونة رضي الله عنها ثم غسل سائر جسده وما ذكره من التثليث فيه هو الصحيح وجزم به في المحرر و الوجيز وقيل مرة ولم يرجح في الفروع شيئا ( ويبدأ بشقه اليمن ) لأنه عليه السلام كان يعجبه التيامن في طهوره ( ويدلك بدنه بيده ) لأنه أنقى وبه يتيقن وصول الماء إلى مغابنه وجميع بدنه وبه يخرج من الخلاف
( وينتقل من موضعه ) فيعيد ( غسل قدميه ) لقول ميمونة ثم تنحى عن مقامه فغسل رجليه وقيل لا يعيد غسلهما إلا لطين ونحوه كالوضوء وعنه
____________________
1-
(1/195)
ومجزئ وهو أن يغسل ما به من أذى وينوي ويعم بدنه بالغسل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يخير لورودهما وظاهر إحدى روايات حديث عائشة أنه جمع بينهما وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قاله الزركشي
فرع يستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه قاله في المغني و الشرح
ويكفي ظن وصول الماء إلى ما يجب غسله أو مسحه قال بعضهم ويحرك خاتمه ليتيقن وصول الماء
( ومجزئ ) أي كاف ( وهو أن يغسل ما به من أذى ) ظاهره يقتضي أن صحة الغسل متوقفة على الحكم بزوال النجاسة سواء كانت على فرجه أو غيره وهو ظاهر كلام المستوعب وقد تبعا أبا الخطاب لكن عبارته أبين فإنه قال يغسل فرجه ثم ينوي وكذا قال ابن عبدوس ومنهم من حمل كلامهما على ما قال أبو الخطاب ويكون المراد به الاستنجاء بشرط تقدمه على الغسل كما هو في الوضوء لكن قال الزركشي يشكل هذا على المؤلف فإنه اختار ثم أنه لا يجب تقديم الاستنجاء وعلى الخرقي بأنه لا بد من تقدمه وظاهر المذهب أنه لا يشترط ذلك في المجزئ فعلى هذا يرتفع الحدث مع بقاء النجاسة وصرح به ابن عقيل وهو المشهور ونص أحمد أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهرت المحل فيعضد الأول ثم هل يرتفع الحدث مع بقاء النجاسة أو لا يرتفع إلا مع الحكم بزوالها فيه قولان ثم محلهما ما لم تكن النجاسة كثيفة تمنع وصول الماء فإن منعته فلا ( وينوي ) أي يقصد رفع الحدث أو استباحة أمر لا يباح إلا بها كمس المصحف ( ويعم بدنه بالغسل ) لقوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } [ المائدة 6 ] ولما روى جابر أن أناسا
____________________
1-
(1/196)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا عن غسل الجنابة وقالوا إنا بأرض باردة فقال
إنما يكفي أحدكم أن يحفن على رأسه ثلاث حفنات
رواه مسلم وظاهره الاجتزاء بالتطهير والاغتسال من غير وضوء
والمراد بتعميمه الظاهر جميعه وما في حكمه من غير ضرر كالفم والأنف وتركهما هنا اعتمادا على ما سبق وصرح به الخرقي وأن يغسل البشرة التي تحت الشعور كالرأس واللحية وإن كانت كثة وذكر الدينوري أن باطن اللحية الكثة في الجنابة كالوضوء
ويجب غسل الشعر ظاهره وباطنه مع مسترسله في ظاهر قول أصحابنا
والثانية لا يجب غسل المسترسل ورجحه في المغني و الشرح فعلى الأول إن ترك غسل شيء منه لم يتم غسله فلو غسله ثم تقطع لم يجب غسل موضع القطع ولم يتعرض المؤلف لنقض الشعر والمنصوص أنه يجب نقضه في الحيض قال في الشرح رواية واحدة لقول عائشة رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضا
انقضي شعرك واغتسلي
رواه ابن ماجة بإسناد صحيح وعن أم سلمة رضي الله عنها نحوه رواه مسلم لأن مدة الحيض تطول فيتلبد فشرع النقض طريقا موصلا إلى وصول الماء إلى أصول الشعر ولا يتكرر بخلاف الجنابة وعنه لا يجب كالجنابة وصححه في المغني و الشرح واختاره ابن عبدوس وابن عقيل في التذكرة وروى مسلم من رواية عبد الرزاق عن أم سلمة أفأنقضه من
____________________
1-
(1/197)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحيض والجنابة قال لا وفيه وجه يجب كالحيض وقيده ابن الزاغوني بما إذا طال وتلبد والنفساء كالحائض أما إذا كان على رأس إحداهن ما يمنع وصول الماء كالسدر ونحوه وجب نقضه والرجل كالمرأة ذكره في المغني وكذا يجب غسل حشفة الأقلف إذا أمكن تشميرها كما يجب تطهيرها من النجاسة بخلاف الرتق وكذا ما يظهر من فرجها عند قعودها لحاجتها لأنه يمكن تطهيره من غير ضرر كحشفة الأقلف ونص أحمد أنه لا يجب غسله مطلقا لأنه من الباطن أشبه الحلقوم وكذلك يثبت الفطر بحصول الحشفة فيه لكن حمله القاضي على ما عمق منه ظاهره أنه لا تسمية وقد تقدمت ولا ترتيب وهو كذلك اتفاقا قال أحمد إذا انغمس الجنب مرة واحدة ثم تمضمض واستنشق اجزأه بخلاف المحدث ولا موالاة على الأصح للحاجة إلى تفريقه كثيرا ولكثرة المشقة بإعادته ولخبر اللمعة وحيث فاقت الموالاة فيه أو في وضوء وقلنا يجوز فلا بد للإمام من نية مستأنفة بناء على أن من شرط النية الحكمية قرب الفعل منها كحالة الابتداء فدل على الخلاف ولا دلك وقد أوجبه مالك حيث يناله لأنه لا يقال اغتسل إلا لمن دلك نفسه ولأنها طهارة عن حدث فوجب فيها إمرار اليد كالتيمم مع أن أحمد قال في رواية أبي داود وسأله رجل عن إمرار اليد فقال إذا اغتسل بماء بارد في الشتاء أمر يده لأن الماء ينزلق عن البدن في الشتاء والجواب عن التيمم بأنه أمرنا بالمسح ويتعذر في الغالب إمرار التراب بغير اليد فإن علم أن الماء لم يصل إلى محله فيجب كباطن الشعور الكثيفة
____________________
1-
(1/198)
ويتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع فإن أسبغ بدونهما أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تذنيب يستحب السدر في غسل الحيض وظاهر نقل الميموني وكلام ابن عقيل يجب وأن تأخذ مسكات فتجعله في قطنة أو شيء وتجعلها في فرجها بعد غسلها فإن لم تجد فطيبا فإن لم يكن فطينا ولم يذكره المؤلف ليقطع الرائحة وقال أحمد غسل حائض ونفساء كميت قال القاضي في الجامع معناه يجب مرة ويستحب ثلاثا ويكون السدر والطيب كغسل الميت
( ويتوضأ بالمد ) وهو رطل وثلث عراقي وبالدرهم مائة وواحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم ( ويغتسل بالصاع ) وهو أربعة أمداد فيكون خمسة أرطال وثلثا بالعراقي نص عليه لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع متفق عليه وقال لكعب
أطعم ستة مساكين فرقا من طعام
قال أبو عبيدة لا اختلاف بين الناس أعلمه أن الفرق ثلاثة آصع والفرق ستة عشر رطلا بالعراقي واومأ أحمد في رواية ابن مشيش أنه ثمانية أرطال من الماء اختاره في الخلاف و منتهى الغاية لا مطلقا
تنبيه الرطل العراقي مائة درهم وثمانية وعشرون واربعة أسباع درهم وهو تسعون مثقالا والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم هكذا كان قديما ثم إنهم زادوا فيه مثقالا فجعلوه أحدا وتسعين مثقالا وكمل مائة وثلاثين درهما وقصدوا بذلك زوال الكسر والعمل على الأول لأنه الذي كان وقت تقدير العلماء المد به وهو بالدمشقي ثلاثة أواق وثلاثة أسباع أوقية والصاع رطل واوقية وخمسة أسباع أوقية وإن شئت رطل وسبع رطل ( فإن أسبغ بدونهما أجزأه ) في المنصوص لحديث عائشة قالت كنت أغتسل أنا والنبي
____________________
1-
(1/199)
وإذا اغتسل ينوي الطهارتين أجزأ عنهما وعنه لا يجزئه حتى يتوضأ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك رواه مسلم وفي كراهته وجهان وذكر ابن تميم أن أحمد أومأ إلى عدم الإجزاء لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يجزئ من الوضوء المد ومن الغسل الصاع
رواه أحمد والأثرم فدل على أنه لا يحصل الإجزاء بدونه
وجوابه أن الله تعالى أمر بالغسل وقد أتى به فوجب أن يجزئه بدليل حديث عائشة وبما روت أم عمارة بنت كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأتى بماء في إناء قدر ثلثي المد رواه أبو داود والنسائي وحديثهم يدل بمفهومه وهذا بالمنطوق وهو مقدم عليه اتفاقا
مسألة إذا زاد على ذلك جاز لكن يكره الإسراف والزيادة الكثيرة فيه قاله في المغني و الشرح لما روي ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على سعد وهو يتوضأ فقال
ما هذا السرف فقال أفي الماء إسراف قال نعم وإن كنت على نهر جار
رواه ابن ماجة
( وإذا اغتسل ينوي الطهارتين ) وقال الأزجي والشيخ تقي الدين أو الأكبر ( أجزأ عنهما ) على المنصوص ولم يلزمه ترتيب ولا موالاة لأن الله تعالى أمر الجنب بالتطهير ولم يأمر معه بوضوء ولأنهما عبادتان فتداخلا في الفعل دون النية كما تدخل العمرة في الحج ولا يرد غسل الحائض الجنب لأن موجبهما واحد ( وعنه لا يجزئه ) عن الأصغر ( حتى يتوضأ ) قبل الغسل
____________________
1-
(1/200)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو بعده لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ لما اغتسل وفعله يفسر الآية ولأنهما عبادتان مختلفتا القدر والصفة فلم تتداخلا كالحدود والكفارات وقال أبو بكر يتداخلان إذا أتى بخصائص الصغرى وهي الترتيب والموالاة والمسح فلو غسل وجهه ثم يديه ثم مسح رأسه حين أفاض عليه الماء ثم غسل رجليه أجزأه والأول أصح لقول الله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } [ النساء 43 ] فجعل الاغتسال نهاية المنع من الصلاة فيجب إذا اغتسل أن تجوز له الصلاة لا يقال النهي هنا عن قربان مواضع الصلاة وذلك يزول بالاغتسال لأنا نقول هو نهي عن الصلاة وعن مسجدها ولا يجوز حمله على المسجد فقط لأن سبب نزول الآية صلاة من صلى بهم وخلط في القراءة وسبب النزول يجب أن يكون داخلا في الكلام وسئل جابر أيتوضأ الجنب بعد الغسل قال لا وعن ابن عمر نحوه رواهما سعيد فإن نوى أحدهما ارتفع وحده وعلى الأول لو نوى رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو أمرا لا يباح إلا بوضوء واغتسل ارتفعا وظاهر كلام جماعة عكسه كالثانية قال ابن حامد الجنابة المجردة عن حدث قبلها أو بعدها لا يجب سوى الغسل ذكره ابن عبد البر إجماعا وذكر في الشرح لو اغتسل إلا أعضاء الوضوء لم يجب الترتيب فيها لان حكم الجنابة باق وقال ابن عقيل والآمدي فيمن غسل جميع بدنه إلا رجليه ثم أحدث يحب الترتيب في الأعضاء الثلاثة لانفرادها في الأصغر دون الرجلين لبقاء حدث الجنابة عليهما فيغسلهما عن الجنابة ثم يتوضأ في بقية أعضائه
وإن نوت من انقطع حيضها بغسلها حل الوطء صح وقيل لا لأنها إنما نوت ما يوجب الغسل وهو الوطء ذكره أبو المعالي
____________________
1-
(1/201)
ويستحب للجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو الوطء ثانيا أن يغسل فرجه ويتوضأ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ويستحب للجنب ) ولو أنثى وحائض ونفساء بعد انقطاع الدم ( إذا أراد النوم أو الأكل ) أو الشرب أو ( الوطء ثانيا أن يغسل فرجه ) لإزالة ما عليه من الأذى ( ويتوضأ ) روي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهما أما كونه يستحب بالنوم فلما روى ابن عمر قال يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب قال
نعم إذا توضأ فليرقد
وعن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة متفق عليهما وفي كلام أحمد ما يقتضي وجوبه قاله الشيخ تقي الدين والأصح خلافه لما روت عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء رواه الخمسة قال يزيد بن هارون هذا الحديث وهم وضعفه أحمد وغيره وصححه آخرون فيحمل على الجواز والأولان على الاستحباب للجمع ويكره تركه في الأصح
وأما كونه يستحب للأكل والشرب فلما روت عائشة قالت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة رواه أحمد بإسناد صحيح وعنه يغسل يديه ويتمضمض
واما كونه يستحب لمعاودة الوطء فوفاقا لما روى أبو سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا رواه مسلم ورواه ابن خزيمة والحاكم وزاد
فإنه أنشط للعود
ولا يكره تركه في المنصوص فيهما وغسله عند كل مرة أفضل وعنه أن ذلك خاص بالرجل لأن عائشة أخبرت عنه بالوضوء ولم تذكر أنها كانت تفعله
____________________
1-
(1/202)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا أمرها به مع اشتراكهما في الجنابة ومن أحدث بعده لم يعده في ظاهر كلامهم لتعليلهم بخفة الحدث أو بالنشاط وظاهر كلام شيخنا يتوضأ لمبيته على إحدى الطهارتين قاله في الفروع
مسائل الأولى كره أحمد بناء الحمام وبيعه وإجارته وقال من بنى حماما للنساء ليس بعدل وحرمه القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على غير البلاد الباردة ويكره كسب الحمامي وفي نهاية الأزجي لا
الثانية له دخوله بشرط أن يستر عورته ويغض بصره عن عوراتهم ولا يمس عورة أحد ولا يمكن أحدا من مس عورته وقال ابن البقاء يكره وجزم به في الغنية واحتج بأن أحمد لم يدخله لخوف وقوعه في محرم وإن علمه حرم وفي التلخيص و الرعاية له دخوله مع ظن السلامة غالبا قال الشيخ تقي الدين الأفضل تجنبها بكل حال مع الاستغناء عنها لأنها مما أحدث الناس من رقيق العيش
الثالثة للمرأة دخوله لعذر وإلا حرم نص عليه ) وكرهه بدونه جماعة وفي عيون المسائل لا يجوز لها دخوله إلا من علة يصلحها الحمام واعتبر القاضي والمؤلف مع العذر تعذر غسلها في بيتها لخوف ضرر ونحوه وظاهر كلام أحمد وجماعة خلافه وقيل اعتياد دخولها عذر للمشقة وقيل ولا تتجرد فتدخله في قميص خفيف أومأ إليه
الرابعة ثمن الماء على الزوج أو عليها أو ماء الجنابة عليه فقط أو عكسه فيه أوجه وماء الوضوء كالجنابة ذكره أبو المعالي قال في
____________________
1-
(1/203)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفروع ويتوجه يلزم السيد شراء ذلك لرقيقه ولا يتيمم في الأصح
الخامسة تكره القراءة فيه في المنصوص ونقل صالح لا يعجبني لنهي عمر عنه رواه ابن بطة وظاهره ولو خفض صوته وذكر ابن عبد البرقال سئل مالك عن القراءة فيه فقال القراءة بكل مكان حسن وليس الحمام بموضع قراءة فمن قرأ الآيات فلا بأس وكذا السلام في الأشهر ورخص فيه بعضهم كالذكر فإنه حسن لما روى النخعي أن أبا هريرة دخل الحمام فقال لا إله إلا الله وعن سفيان قال كانوا يستحبون لمن دخله أن يقول يا بر يا رحيم من علينا وقنا عذاب السموم وسطحه ونحوه كبقيته قال في الفروع ويتوجه فيه كصلاة
السادسة إذا اغتسل بحضرة أحد من بني آدم وجب عليه ستر عورته وإن لم يحضره أحد فينبغي أن يستتر بسقف أو حائط أو نحوهما وأن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض قال الشيخ تقي الدين وهو آكد فإن تجرد في الفضاء واغتسل جاز مع الكراهة وقيل لا يكره كما لو استتر بحائط وذكر القاضي في كراهة كشف العورة للاغتسال في الخلوة روايتين
السابعة يكره الاغتسال في مستحم أو ماء عريانا وعنه لا اختاره جماعة وفاقا وقال أحمد لا يعجبني إن للماء سكانا قاله الحسن رواه أبو حفص العكبري واحتج أبو المعالي للتحريم خلوة بهذا الخبر والله أعلم
____________________
1-
(1/204)
& باب التيمم &
وهو بدل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب التيمم &
التيمم في اللغة القصد لقوله تعالى { ولا آمين البيت الحرام } [ المائدة 2 ] أي قاصدين { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } [ البقرة 267 ] يقال يممت فلانا وتيممته وأممته إذا قصدته قال الشاعر العذري % وما أدري إذا يممت أرضا % أريد الخير أيهما يليني % % أألخير الذي أنا مبتغيه % أم الشر الذي هو يتبغيني %
وفي الشرع قيل هو عبارة عن قصد شيء مخصوص وهو التراب الطاهر على وجه مخصوص وهو مسح الوجه واليدين من شخص مخصوص وهو العادم أو من يتضرر باستعماله زاد ابن المنجا بنية مخصوصة وأحسن منه مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد وهو ثابت بالإجماع وسنده قوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } [ النساء 43 والمائدة 6 ] وحديث عمار وغيره وهو من خصائص هذه الأمة لأن الله تعالى لم يجعله طهورا لغيرها توسعة عليها وإحسانا إليها ( وهو ) أي التيمم ( بدل ) عن الماء لأنه مرتب عليه يجب فعله عند عدمه ولا يجوز مع وجوده إلا لعذر وهذا شأن البدل وهو مشروع لكل ما يفعل بالماء عند العجز عنه شرعا كمس
____________________
1-
(1/205)
لا يجوز إلا بشرطين أحدهما دخول الوقت فلا يجوز لفرض قبل وقته ولا لنفل في وقت النهي عنه الثاني العجز عن استعمال الماء لعدمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المصحف قال المؤلف إن احتاجه سوى جنب وحائض ونفساء انقطع دمهما في صورة تقدمت ( لا يجوز إلا بشرطين أحدهما الوقت فلا يجوز لفرض قبل وقته ) في الصحيح من المذهب لأن القائم إلى الصلاة أمر بالوضوء فإن لم يجده تيمم وهذا يقتضي أن لا يفعله إلا بعد قيامه إليها وإعوازه الماء والوضوء إنما جاز قبل الوقت لكونه رافعا للحدث بخلاف التيمم فإنه طهارة ضرورة فلم يجز قبل الوقت كطهارة المستحاضة وعنه يجوز قبل الوقت قال القاضي القياس أن التيمم بمنزلة الطهارة حتى يجد الماء أو يحدث فعلى هذا يجوز قبله كالماء ويشهد له عموم قوله صلى الله عليه وسلم
الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين
ولأنه بدل فيتساوى بمبدله إلا ما خرج بدليل كالإطعام مع العتق في الكفارة واختاره الشيخ تقي الدين ولقد أبعد عبد العزيز في حكايته الإجماع على منع التيمم قبل الوقت ( ولا النفل في وقت النهي عنه ) لأنه ليس بوقت لها فعلى ما ذكره وقت المكتوبة دخول وقتها والفائتة كل وقت وكذلك المنذورة على المذهب وصلاة الاستسقاء باجتماع الناس والصلاة على الميت بفراغ طهره لكن يقال شخص لا يصح تيممه حتى ييمم غيره وصلاة الكسوف به إن أجيزا في وقت نهي وإلا فمقيد بخروجه وجميع التطوعات بجواز فعلها
( الثاني العجز عن استعمال الماء ) لأن غير العاجز يجد الماء على وجه لا يضره فلم يتناوله النص ( لعدمه ) حضرا كان أو سفرا قصيرا كان أو طويلا مباحا أو غيره هذا هو المذهب لقوله تعالى { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } [ النساء 43 والمائدة 6 ]
____________________
1-
(1/206)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + دل بمطلقه على إباحته في كل سفر أو السفر القصير يكثر فيكثر فيه عدم الماء فلو لم يجز التيمم إذن لأفضى إلى حرج ومشقة وهو ينافي مشروعية التيمم ولأنه عزيمة لا يجوز تركها بخلاف الرخص لحديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليمسه بشرته فإن ذلك خير
رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه لكنه من رواية عمرو بن بجدان ولم يرو عنه غير أبي قلابة وقد قيل لأحمد معروف قال لا وروى أبو بكر البزار معناه من حديث أبي هريرة وصححه ابن القطان
فلو خرج من المصر إلى أرض من أعماله لحاجة كالحراثة والاحتطاب ونحوهما ولا يمكنه حمل الماء معه ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته فله التيمم ولا إعادة عليه في الأشهر وقيل بلى لأنه كالمقيم ولو كانت الأرض التي يخرج إليها من عمل قرية أخرى فلا إعادة وكذا إذا تيمم وصلى في سفر المعصية قال الشيخ تقي الدين ويتخرج أنه يعيد وقيل يختص بالسفر المباح الطويل وعن أحمد فيمن عدم الماء في الحضر لا يصلي حتى يجد الماء أو يسافر اختارها الخلال لأن ظاهر الآية يقتضي جوازه بحالة عدم الماء في السفر وإلا لم يكن للتقيد به فائدة وجمهور الأصحاب على ما ذكره المؤلف لخبر أبي ذر ولأنه عادم أشبه المسافر والتقييد بالسفر خرج مخرج الغالب لأنه محمل العدم غالبا فعلى الأصح لا إعادة ولو حضر لأنه أتى بما أمر به وعنه يعيد الحاضر لأنه عذر نادر وفيه وجه إن لم يطل العدم
____________________
1-
(1/207)
أو لضرر لاستعماله من جرح أو برد شديد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تنبيه إذا عجز المريض عن الحركة أو عمن يوضئه فكالعادم وإن خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضئه فالأصح يتيمم ويصلي ولا إعادة
( أو لضرر في استعماله من جرح ) لقوله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم } [ النساء 29 ] ولحديث جابر في قصة صاحب الشجة راه أبو داود والدارقطني وكما لو خاف من عطش أو شبع وهذا مع الخوف في استعماله فإن لم يخف لزمه استعمال الماء كالصحيح والخوف المبيح هو زيادة المرض أو بطؤه لا خوف التلف ( أو برد شديد ) للنص ولحديث عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب قلت ذكرت قول الله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم } [ النساء 29 ] فضحك ولم يقل شيئا رواه أحمد وأبو داود ولأنه خائف على نفسه أشبه المريض وعنه لا يتيمم لخوف البرد لمن قدر على تسخين الماء في الوقت قال في الشرح وغيره متى أمكنه تسخين الماء أو استعماله على وجه يأمن الضرر بأنه كلما غسل عضوا ستره لزمه وظاهر المتن أنه لا إعادة وهو الصحيح كالمريض وعنه بلى مطلقا وعنه يعيد الحاضر فقط لأنه عذر نادر
مسألة إذا خاف البردان سقوط أصابع قدميه فخلع خفيه سقط المسح وكفى غسل غيرهما وتيمم لترك مسح حائل رجليه إن كان مانع وإن قدر على غسل بعض عضو تيمم للباقي
____________________
1-
(1/208)
أو مرض يخشى زيادته أو تطاوله أو عطش يخافه على نفسه أو رقيقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا أعاد القادر أو البردان الصلاة فالأولى فرضه قاله أبو المعالي وفيه وجه الثانية وهو الأصح عند جمهور الشافعية وللشافعي قول فرضه إحداهما لا بعينها وله قول كلاهما فرض واختاره القفال والفوراني وصاحب الشامل قال الشيخ محي الدين وهو قوي فإنه مكلف بهما واختاره الشيخ تقي الدين في شرح العمدة
( أو مرض ) لقوله تعالى { وإن كنتم مرضى } [ النساء 44 والمائدة 6 ] الآية وإذا جاز لشدة البرد فلأن يجوز للمريض بطريق الأولى وشرطه أنه ( يخشى زيادته أو تطاوله ) لأن من لا يخشى ذلك لا يخاف الضرر ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو ضررا على نفسه من سبع ونحوه فهنا أولى ولأن ترك القيام في الصلاة وترك الصوم في المرض لا ينحصر في خوف التلف فكذا هنا وعنه لا يبيحه إلا خوف التلف كما إذا جبر زنده بعظم نجس والأول أولى لان مقتضى الآية إباحته لكل مريض ترك العمل به فيمن لا يخشى فيبقى ما عداه على مقتضاها
( أو عطش يخافه على نفسه ) حكاه ابن المنذر إجماعا وسنده ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال في الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ومعه الماء القليل يخاف أن يعطش يتيمم ولا يغتسل رواه الدارقطني ولأنه يخشى الضرر على نفسه أشبه المريض بل أولى
( أو رقيقه ) المحترم لأن حرمة الآدمي تقدم على الصلاة بدليل ما لو رأى
____________________
1-
(1/209)
أو بهيمته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حريقا عند ضيق وقتها فيتركها ويخرج لإنقاذه فلأن يقدم على الطهارة بالماء بطريق الأولى قال أحمد عدة من الصحابة تيمموا وحبسوا الماء لشفاههم ولا فرق بين المزامل له أو واحد من أهل الركب لأنه لا يخل بالمرافقة ودفعه إلى عطشان يخشى تلفه واجب وصرح به في المغني وغيره وقيل يستحب اختاره أبو بكر والقاضي والأصوب كما ذكره الزركشي أنهما في حبس الماء لعطش الغير المتوقع واختار الشريف وابن عقيل وجوبه فإن مات صاحبه ورفقته عطاش يمموه وغرموا للورثة الثمن وقت إتلافه في مكانه وظاهر ما في النهاية إن غرموه فيه فبمثله وقال أبو بكر الميت أولى به لأنه ملكه وقيل إن خافوا الموت فهم أولى وإلا فلا صححه ابن حمدان وهل يؤثر أبويه لغسل ووضوء أو تيمم فيه وجهان
( أو بهمنه ) وكذا إن كانت لغيره لأن الروح حرمة وسقيها واجب وقصة البغي مشهورة ويشترط فيها أن تكون محترمة حتى كلب صيد لا عقور وخنزير
فرع إذا وجد العطشان ماء طاهرا ونجسا شرب الطاهر وتيمم وأراق النجس إن استغنى عنه سواء كان في الوقت أو قبله وذكر الأزجي يشرب النجس لأن الطاهر مستحق للطهارة فهو كالمعدوم وجوابه أن شرب النجس حرام فإن خاف على نفسه العطش تيمم وحبس الطاهر نصره في المغني و الشرح كما لو انفرد وقال القاضي يتوضأ بالطاهر ويحبس النجس لشربه
____________________
1-
(1/210)
أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه أو تعذره إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن أمكنه أن يتوضأ به ثم يجمعه ويشربه قال في الفروع فإطلاق كلامهم لا يلزمه لأن النفس تعافه ويتوجه احتمال ( أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه ) كمن بينه وبين الماء سبع أو عدو أو حريق أو يخاف كان ذهب إلى الماء شرود دابته أو سرقتها أو فوت رفقته لأن في طلبه ضررا وهو منفي شرعا وكذا إن خافت امرأة على نفسها فساقا لم يلزمها المضي نص عليه قال المؤلف وغيره بل يحرم خروجها إليه ولا إعادة على المذهب وقدم في الرعاية خلافه وعنه الوقف وكذا إذا خاف غريما يطالبه ويعجز عن وفائه وعلى الأول لو كان خوفه جنبا لم يجز له التيمم نص عليه وفيه وجه يباح إذا اشتد خوفه ويعيد لأنه بمنزلة الخائف لسبب فإن كان خوفه لسبب ظنه فتيمم وصلى فبان خلافه ففي الإعادة وجهان أصحهما عند الشيخ تقي الدين وجماعة أنه لا يعيد لكثرة البلوى به
( أو تعذره إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل ) أقول متى وجد ماء بثمن مثله عادة مكانه غالبا وقيل بل أجرة مثله إلى مكان بيعه وهو قادر عليه غني عنه فاضلا عن نفقة نفسه وقضاء دينه ونفقة حيوان محترم لزمه شراؤه لأنه قادر على استعماله من غير ضرر ولأنه يلزمه شراء ستر عورته للصلاة فكذا هنا فإذا كثرت الزيادة على ثمن المثل فلا يلزمه شراؤه لأنها اتجعل الموجود حسا كالمعدوم شرعا وقيده في المغني بما إذا أجحفت بماله لأن عليه ضررا فلو كثرت من غير إجحاف بماله فوجهان وظاهره أنه إذا كانت يسيرة فإنه يلزمه شراؤه وهو كذلك على الأصح كضرر يسير في بدنه من صداع أو
____________________
1-
(1/211)
أو ثمن يعجز عن أدائه فإن كان بعض بدنه جريحا تيمم له وغسل الباقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + برد فهنا أولى ولأن القدرة على ثمن العين كالقدرة عليها في المنع من الانتقال إلى البدل كما لو بيعت بثمن مثلها وعنه لا يلزمه شراء مع زيادة مطلقا لأن عليه ضررا بالزيادة كما لو خاف لصا يأخذ من ماله ذلك
فرع إذا بذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده لم يلزمه في الأصح واختاره أبو الحسن الآمدي لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما تلف ماله قبل أدائه وكالهدي وقال القاضي يلزمه كالكفارة في شراء الرقبة وأجيب بأن الفرض متعلق بالوقت بخلاف المكفر وظاهره أنه إذا لم يكن له في بلده ما يوفيه لم يلزمه شراؤه وصرح به في المغني وغيره لأن عليه ضررا ( أو ثمن يعجز عن أدائه ) لأن العجز عن الثمن يبيح الانتقال إلى البول دليله العجز عن ثمن الرقبة في الكفارة فلو وهب له الماء لزمه قبوله في الأصح لا ثمنه في الأشهر لأن فيه منة وحبل ودلو كماء ويلزمه قبولهما عارية وإن استغنى صاحب الماء عنه ولم يبذله لم يكن له أخذه قهرا لأن له بدلا ومن ترك ما لزمه قبوله تحصيله من ماء وغيره تيمم وصلى فإنه يعيد ( فإن كان بعض بدنه جريحا ) وتضرر ( تيمم له وغسل الباقي ) يعني أن الجريح يتيمم للمحتاج ويغسل غيره ولا يعتبر الأكثر لقصة صاحب الشجة إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل سائل جسده وظاهر الخبر يجمع بين المسح والتيمم ولم يذكره المؤلف وفيه روايتان إحداهما يجب الجمع لهذا الخبر والثانية لا لأنه جمع بين بدل ومبدل كالصيام والإطعام والخبر محمول على جواز المسح بعد ذلك ولذلك
____________________
1-
(1/212)
وإن وجد ماء يكفي بعض بدنه لزمه استعماله وتيمم للباقي إن كان جنبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذكره ب ثم المقتضية للتراخي ولان المكلف له استطاعة على التطهير بالماء في بعض البدن فلزمه والتيمم لما لم يصبه والطهارة شرط للصلاة فالعجز عن بعضها لا يوجب سقوط جميعها كالستارة فعلى هذا يغسل من الصحيح ما لا ضرر في غسله فإن لم يمكنه ضبطه لزمه أن يستنيب إن قدر وإلا كفاه التيمم ثم إن أمكنه مسح الجرح بالماء لزمه مع التيمم كما سبق نص عليه وقدمه ابن تميم لأن الغسل مأمور به والمسح بعضه فوجب كمن عجز عن الركوع والسجود وقدر على الإيماء وعنه لا يحتاج إلى تيمم وعنه يكفيه التيمم وحده اختاره الخرقي لأنه محل واحد فلا يجمع فيه بين المسح والتيمم كالجبيرة ومحل الخلاف ما لم يكن الجرح نجسا فإن كان نجسا فقال في التلخيص يتيمم ولا يمسح ثم إن كانت النجاسة معفوا عنها ألفيت واكتفي بنية الحدث وإلا نوى الحدث والنجاسة إن شرطت فيها
وهل يكتفي بتيمم واحد فيه وجهان فعلى الأول إن عجز عن مسحه تيمم وصلى على حسب حاله ولا إعادة وقال القاضي يمسح الجرح بالتراب وفيه نظر فإن كان على الجرح عصابة أو لصوق يضره إزالتها فحكمه ما سبق وقال الآمدي يتيمم وفي المسح معه روايتان والجنب الجريح إن شاء بدأ بالغسل أو بالتيمم وإن كان حدث الجريح أصغر راعي الترتيب والموالاة ويعيد غسل الصحيح عند كل تيمم في وجه وفي آخر لا ترتيب ولا موالاة فعلى هذا لا يعيد الغسل إلا إذا أحدث ( وإن وجد ماء يكفي بعض بدنه لزمه استعماله وتيمم للباقي إن كان جنبا ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
ولأنه قدر على بعض الشرط فلزمه كالسترة
____________________
1-
(1/213)
وإن كان محدثا فهل يلزمه استعماله على وجهين ومن عدم الماء لزمه طلبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهره أنه يجب استعمال الماء قبل التيمم وهو كذلك ليتحقق العدم الذي هو شرط التيمم وليتميز المغسول عن غيره ليعلم ما يتيمم له وعنه لا يجب استعمال الماء مطلقا كالماء المستعمل فعلى هذا يتيمم وفي وجوب إراقته قبل التيمم روايتان قاله ابن الزاغوني فلو وجد الجنب ماء يكفي أعضاء الحدث زاد في الرعاية وقد دخل وقت صلاة الفرض غسلها بنية الحدثين جميعا وتيمم للباقي فتحصل له الصغرى وبعض الكبرى كما فعل عمر رضي الله عنه
( وإن كان محدثا فهل يلزمه استعمله على وجهين ) أصحهما يلزمه كالجنب والثاني لا اختاره أبو بكر وهما مبنيان على وجوب الموالاة وقيل يستعمله وإن قلنا بوجوبها صححها ابن تميم واختار ابن حمدان أن الخلاف ينبني على أنه هل يصح كل عضو بنية وعلى الأول إن كان يكفي بعض عضو فوجهان
( ومن عدم الماء لزمه طلبه ) هذا هو المشهور والمختار لعامة الأصحاب لقوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا } [ النساء 43 والمائدة 6 ] ولا يقال لم يجد إلا لمن طلب لجواز أن يكون بقربه ماء لا يعلمه ولا يرد قوله تعالى { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا } [ الأعراف 44 ] لانتفاء الطلب منهم وكذا قوله عليه السلام
من وجد لقطة
لأن الكلام في جانب النفي لا الإثبات فينتقض بقوله تعالى { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } ) [ الأعراف 102 ] لاستحالة الطلب على الله تعالى وجوابه أنه يقال
____________________
1-
(1/214)
في رحله وما قرب منه فإن دل عليه لزمه قصده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + طلب منهم الثبات على العهد ولأنه بدل فلم يجز العدول إليه إلا عند عدم مبدله ولا يكون إلا بعد الطلب كالصيام مع الرقبة في الكفار ومع الهدي في الحج والقياس مع النص والميتة مع المذكي ولأنه سبب للصلاة يختص بها فلزمه الاجتهاد في طلبه عند الإعواز كالقبلة
ثم بين صفة الطلب فقال ( في رحله ) أي في مسكنه وما يستصحبه من الأثاث ( وما قرب منه ) عرفا لأن ذلك هو الموضع الذي يطلب فيه الماء عادة وقيل قدر ميل أو فرسخ في ظاهر كلامه وقيل ما تتردد القوافل إليه للرعي والاحتطاب ورجحه جماعة وقيل مد نظره وقيل ما يدركه الغوث بشرط الأمن على نفسه وأهله وماله وعدم فوت رفقته ويطلبه في جهاته الأربع وقال القاضي لا يلزمه أن يمشي في طلبه ويعدل عن طريقه وإن ظنه فوق جبل علاه عن ظنه وراءه فوجهان مع الأمن وإن وجد من له خبرة بالمكان سأله وإن كان له رفقة زاد في المغني و الشرح يدل عليهم طلب منهم وقال ابن حامد لا يلزمه فلو رأى خضرة أو شيئا يدل عليه قصده واستبرأه ومحل الطلب عند دخول الوقت فلو طلب قبله جدده بعد دخوله لأنه طلب قبل المخاطبة به كالشفيع إذا طلبها قبل البيع ويعيده في وقت كل صلاة ولا يشترط أن يتيمم عقيبه بل يجوز بعده من غير تجديد طلب
( فإن دل ) أي دله ثقة ( عليه لزمه قصده ) لأنه قادر على استعمالها شرط العبادة بقطع مسافة قريبة فلزمه كغيره من الشروط ما لم يخف فوت الوقت
____________________
1-
(1/215)
وعنه لا يجب الطلب وإن نسي الماء بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعنه والبعيد كذلك ( وعنه لا يجب الطلب ) اختارها أبو بكر لقوله عليه السلام
التراب كافيك ما لم تجد الماء
ولأنه غير واجد واعتمادا على ظاهر الحال كالفقير لا يلزمه طلب الرقبة ومحل الخلاف كما ذكره ابن تميم وصاحب التخليض و الفروع إذا احتمل وجوده ولم يكن ظاهرا فإن قطع بعدمه لم يجب ومع ظن وجوده يجب حكاه الزركشي إجماعا وعنه لا يلزمه إن ظن عدمه ذكره في التبصرة
تنبيه لو مر بماء قبل الوقت أو كان معه فأراقه قبله وعدم الماء تيمم وصلى من غير إعادة وإن كان فيه ففي الإعادة أوجه ثالثها يجب في الإراقة فقط وإن وهبه أو باعه في الوقت حرم ولم يصح في الأشهر لتعلق حق الله تعالى كالأضحية فهو عاجز عن التسليم شرعا والثاني يصح لأن توجه الفرض وتعلقه به لا يمنع صحة التصرف كتصرفه فيما وجب فيه الزكاة وتصرف المدين والفرق ظاهر ويعيد إن صلى به مع بقائه وفي التلف وجهان
( وإن نسي الماء ) أو ثمنه قاله في الفروع توجيها ( بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزئه ) على المذهب المنصوص لأن النسيان لا يخرجه عن كونه واجدا وشرط إباحة التيمم عدم الوجدان ولأنها طهارة تجب مع الذكر فلم تسقط بالنسيان كالحدث وكما لو نسي الرقبة وكفر بالصوم وكنسيان السترة وعنه يجزئه لأنه مع النسيان غير قادر أشبه العادم ومثله الجاهل به فلو ضل عن رحله الذي الماء فيه أو كان يعرف بئرا فضاعت عنه فقال
____________________
1-
(1/216)
ويجوز التيمم لجميع الأحداث وللنجاسة على جرح يضره إزالتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ابن عقيل يحتمل أن يكون كالناسي وصحح في المغني و الشرح أنه لا إعادة لأنه ليس بواجد وغير مفرط بخلاف الناسي فإن كان مع عبده ونسيه حتى صلى سيده فقيل لا يعيد لأن التفريط من غيره وقيل كالناسي لنسيانه رقبة مع عبده لا يجزئه الصوم فلو صلى ثم وجد بقربه بئرا أو غديرا أعاد إن كان له علامة ظاهرة وإن كانت خفية وطلب فلا
( ويجوز التيمم لجميع الأحداث ) أما الأكبر فلقوله تعالى { أو لامستم النساء } [ النساء 43 والمائدة 6 ] والملامسة الجماع وعن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال ما منعك أن تصلي فقال أصابتني جنابة ولا ماء فقال
عليك بالصعيد فإنه يكفيك
متفق عليه والحائض إذا انقطع دمها كالجنب وأما الأصغر فبالإجماع وسنده { أو جاء أحد منكم من الغائط } [ النساء 43 والمائدة 6 ] وقوله عليه السلام
الصعيد الطيب طهور المسلم
ولأنه إذا جاز للجنب جاز له من باب أولى ( وللنجاسة على جرح يضره إزالتها ) أي يجوز التيمم للنجاسة على بدنه إذا عجز عن غسلها لخوف الضرر أو عدم الماء في المنصوص لعموم حديث أبي ذر ولأنها طهارة في البدن تراد للصلاة أشبهت الحدث وقيل لا يجوز التيمم لنجاسة أصلا اختاره ابن حامد وابن عقيل لأن طهارة الحدث يسري منعها كما لو اغتسل الجنب إلا ظفرا لم يجز له دخول المسجد وهو قول أكثرهم لأن الشرع إنما ورد بالتيمم للحدث وغسل النجاسة ليس في
____________________
1-
(1/217)
وإن تيمم للنجاسة لعدم الماء وصلى فلا إعادة عليه إلا عند أبي الخطاب وإن تيمم في الحضر خوفا من البرد وصلى ففي وجوب الإعادة روايتان ولو عدم الماء والتراب صلى على حسب حاله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + معناه لان الغسل إنما يكون في محل النجاسة دون غيره فعلى هذا يصلي على حسب حاله وفي الإعادة روايتان وظاهره أنه لا يتيمم لنجاسة ثوبه كالمكان صرح به جماعة لأن البدن له مدخل في التيمم لأجل الحدث فدخل فيه التيمم لأجل النجس وهو معدوم فيه وقيل يجوز إن جاز أسفل الخف وكذا لا يتيمم لنجاسة استحاضة يتعذر إزالتها ولا لنجاسة يعفى عنها
ولا تجب نية التيمم لها كغسلها وكالاستجمار وفيه وجه يجب لأن التيمم طهارة حكمية بخلاف غسل النجاسة وإن اجتمع معها حدث فهل يحتاج إلى تيممين فيه وجهان ( وإن تيمم للنجاسة لعدم الماء وصلى فلا إعادة عليه ) نص عليه واختاره الأكثر لأنه وجب عليه طهارة ناب عنها التيمم فلم تجب الإعادة كطهارة الحدث ( إلا عند أبي الخطاب ) لأنه صلى مع النجاسة أشبه ما لو تيمم ( وإن تيمم في الحضر خوفا من البرد وصلى ففي وجوب الإعادة روايتان ) إحداهما لا يجب وهو الأصح لأنه لم يأمر عمرو بن العاص بالإعادة ولو وجبت لأمره لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع الثانية بلى لأنه عذر نادر فوجب معه الإعادة كنسيان الطهارة وقد تقدم ذلك
( ولو عدم الماء والتراب ) زاد بعضهم وطينا يجففه إن أمكنه والأصح في الوقت ( صلى ) فرضا فقط ( على حسب حاله ) في الصحيح من المذهب لقوله صلى الله عليه وسلم
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
ولأن العجز عن الشرط لا يوجب ترك المشروط كما لو عجز عن السترة والاستقبال فعلى هذا لا يزيد في القراءة على ما يجزئ وفي شرح العمدة يتوجه فعل ما شاء لأن التحريم
____________________
1-
(1/218)
وفي الإعادة روايتان ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يعلق باليد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إنما يثبت مع إمكان الطهارة ولأن له أن يزيد في الصلاة على أداء الواجب في ظاهر قولهم حتى لو كان جنبا قرأ بأكثر من الفاتحة فكذا فيما يستحب خارجها وفيه نظر وجزم جده وجماعة بخلافه ولا يقرا في غير الصلاة إذا كان جنبا قال ابن حمدان ولا يزيد على ما يجزئ من طمأنينة ونحوها وإن أحدث فيها بطلت وهل تبطل بخروج الوقت وهو فيها فيه روايتان ( وفي الإعادة روايتان ) أصحهما لا يعيد لما روي عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها فوجدوها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم متفق عليه ولم يأمرهم بالإعادة ولأنه أحد شروط الصلاة فسقط عند العجز كسائر شروطها والثانية بلى واختاره الأكثر لأنه فقد شرطها أشبه ما لو صلى بالنجاسة ولو بتيمم في المنصوص لأنه عذر نادر لا يشق فلم تسقط به الإعادة فعليها إن قدر فيها خرج منها وإلا فكمتيمم يجد الماء وتقدم أنهما فرضه
( ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ) أي طهور غير محترق ( له غبار يعلق باليد ) هذا أشهر الروايات عنه واختاره الأكثر لقوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } [ المائدة 6 ] وما لا غبار له كالصخر لا يمسح بشيء منه وقال ابن عباس الصعيد تراب الحرث والطيب الطاهر ويؤكده قوله عليه السلام
وجعل لي التراب طهورا
رواه الشافعي وأحمد من حديث علي وهو حديث حسن فخص ترابها بحكم
____________________
1-
(1/219)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الطهارة وذلك يقتضي نفي الحكم عما عداه وقول الخليل إن الصعيد وجه الأرض والزجاج مستدلا بقوله تعالى { فتصبح صعيدا زلقا } [ الكهف 40 ] وقائلا بأنه لا يعلم خلافا بين أهل اللغة يعارضه قول ابن عباس مع أن قولهما بالنسبة إلى اللغة وقوله بالنسبة إلى التفسير وقد تأكد بقول صاحب الشريعة وقال في الكشاف إن من لابتداء الغاية قول متعسف ولا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسه من الدهن ومن الماء والتراب إلا معنى التبعيض والإذعان للحق أحق من المراء
والثانية وأومأ إليها في رواية أبي داود يجوز بالرمل والسبخة لعموم قوله عليه الصلاة والسلام
وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا
رواه مسلم من حديث حذيفة والتراب بعض أفرادها والتنصيص عليه لا يخصص وأجيب بأن التخصيص بالمفهوم لا بذكر بعض الأفراد وحمله الخلال على عدم التراب وكان لهما غبار وشرط القاضي الغبار دون العدم وفي ثالثة يجوز بكل ما تصاعد على وجه الأرض من جص ونورة ونحوهما وحكاه في الفروع قولا وذلك عند العدم لا مطلقا وفي رابعة يجوز بالسبخة فقط إذا كان لها غبار قال الشيخ تقي الدين وعليه ينزل كلام أحمد فعلى الأول يجوز بكل تراب على أي لون كان بشرط أن يكون له غبار يعلق باليد ومن ثم لو ضرب بيده على تراب أو لبد أو شجرة أو شعير له غبار يعلق باليد جاز التيمم به نص عليه وكذا لو سحق الطين وتيمم به ولو كان مأكولا كالطين الأرمني إلا أن يكون بعد الطبخ فلا يجزئه على المشهور لأن الطبخ أخرجه أن يقع عليه اسم التراب وعلم منه أنه لا يصح من مقبرة تكرر
____________________
1-
(1/220)
فإن خالطه ذو غبار ولا يجوز التيمم به كالجص ونحوه فهو كالماء إذا خالطته الطهارت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نبشها وإن شك فيه فوجهان ومنع منه ابن عقيل وإن لم يتكرر والتراب المغصوب كالماء قال الجد رحمه الله وظاهره ولو تراب مسجد ولعله غير مراد فإنه لا يكره بتراب زمزم مع أنه مسجد وقالوا يكره إخراج حصى المسجد وترابه للتبرك وغيره والكراهة لا تمنع الصحة ولأنه لو تيمم بتراب غيره جاز في ظاهر كلامهم للإذن فيه عادة وعرفا كالصلاة في أرضه وقال عمر لا لا يتيمم بالثلج لكن إن لم يجد غيره وتعذر تذويبه فالمنصوص عنه أنه يمسح به أعضاء وضوئه وفي الإعادة روايتان وفي المغني لا يجزئه إلا بالجريان ( فإن خالطه ذو غبار ولا يجوز التيمم به كالجص ونحوه فهو كالماء إذا خالطته الطاهرات ) هذه طريقة عامة أصحابنا لأنه بدل فيقاس على مبدله وقيل يمنع مطلقا وقال ابن تميم وهو أقيس لأنه ربما حصل بالعضو منه شيء فمنع وصول التراب والمائع يستهلك في الماء
تنبيه ما يتيمم به واحد فكماء مستعمل وقيل يجوز كما تيمم منه في الأصح وأعجب أحمد حمل تراب للتيمم وقال الشيخ تقي الدين لا قال في الفروع وهو أظهر ويكره نفخ الغبار عن يديه إن قل وعنه أو كثر وعنه لا يكره مطلقا إلا أن يذهب كله بالنفخ
____________________
1-
(1/221)
فصل وفرائض التيمم أربعة
مسح جميع وجهه ويديه إلى كوعيه والترتيب والموالاة على إحدى الروايتين ويجب تعيين النية لما يتيمم له من حدث أو غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل وفرائض التيمم أربعة
مسح جميع وجهه ويديه إلى كوعيه لقوله تعالى { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } [ المائدة 6 ] وفي البخاري وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه وذلك يقتضي وجوب استيعابهما به فالوجه يجب مسح ظاهره بما لا يشق فلا يمسح باطن الفم والأنف ولا باطن الشعر الخفيف وظاهر المستوعب استثناء باطن الفم والأنف فقط واليدين إلى الكوعين فإذا كان أقطع منه وجب مسح موضع القطع في المنصوص كما لو بقي من الكف بقية وقال القاضي لا يجب بل يستحب كما لو قطع من فوق الكوع على المنصوص
( والترتيب والموالاة ) عرفا ( على إحدى الروايتين ) هذا ظاهر المذهب لأنهما فرض في المبدل فكذا في البدل والثانية وحكاها في الفروع قولا لا يجبان وإن وجبا في الوضوء وهو ظاهر الخرقي لظاهر الأحاديث وقيل الترتيب قال المجد هو قياس ولهذا يجزئه مسح باطن أصابعه مع مسح وجهه وظاهره يشمل الطهارة الكبرى لأنها صفة واحدة بخلاف الغسل والوضوء فإن صفتيهما مختلفة وهو قول أبي الحسين والمذهب أنهما لا يجبان فيها جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وقيل بلى وقيل موالاة والتسمية هنا كالوضوء
( ويجب تعيين النية لما يتيمم له من حدث أو غيره ) كنجاسة على بدنه
____________________
1-
(1/222)
فإن نوى جميعها جاز وإن نوى أحدها لم يجزئه عن الآخر وإن نوى نفلا أو أطلق النية للصلاة لم يصل إلا نفلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فينوي استباحة الصلاة من الجنابة والحدث إن كانا أو أحدهما أو بعض بدنه أو كله ونحوه أو ما شرطه الطهارة كمس المصحف لأنها طهارة ضرورة فلم ترفع الحدث كطهارة المستحاضة فلم يكن بد من التعيين تقوية لضعفه فلو نوى رفع الحدث لم يصح لأنه لو وجد الماء لزمه استعماله لرفع الحدث الذي كان قبل التيمم إجماعا ولو رفعه لاستوى الجميع في الوجدان ونقل عنه الفضل وبكر بن محمد أنه يصلي به إلى حدثه اختاره أبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين فيرفع الحدث كطهارة الماء وفيه حديثان متعارضان حديث عمرو بن العاص وحديث أبي ذر وجمع بينهما بعض أصحابنا بأنه لم يمنع من إطلاق الحدث عليه لأنه بزوال البرد أو وجود الماء يظهر حكم الحدث ويبطل التيمم فالمانع لم يزل رأسا وفي الثاني حكم بأنه طهور عند عدم الماء فيستباح به ما يستباح بالماء ( فإن نوى جميعها جاز ) للخبر ولأن كل واحد يدخل في العموم فيكون منويا ( وإن نوى أحدها لم يجزئه عن الآخر ) لأنها أسباب مختلفة فلم يجزئه بعض عن آخر كالحج والعمرة وقيل بلى لأن طهارتهما واحدة فسقطت إحداهما بفعل الأخرى كالبول والغائط وأجاب في المغني و الشرح بأن حكمهما واحد وهو الحدث الأصغر بدليل الإجزاء به عن الآخر في الوضوء وقدم في الرعاية أنه يجزئ إن كانا غسلين فإن تيمم للأكبر دون الأصغر أبيح له ما يباح للمحدث فقط فإن أحدث لم يؤثر ذلك في تيممه
وإن تيمم لهما ثم أحدث بطل تيممه للحدث فقط فلو تيممت بعد طهرها من
____________________
1-
(1/223)
وإن نوى فرضا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى آخر الوقت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحيض له ثم أجنبت فله الوطء لبقاء حكمي تيمم الحيض ( وإن نوى نفلا ) لم يستبح سواه لان غيره ليس بمنوي أو أطلق النية للصلاة لم يصل إلا نفلا ) لأن التعيين شرط في الفرض ولم يوجد فأبيح له التنفل لأنه أقل ما يحمل عليه الإطلاق وفيه وجه يصلي به الفرض وقيل مع الإطلاق واختاره ابن حمدان واختار أنه لا يصلي به نفلا فوق ركعتين بسلام واحد بلا نية ( وإن نوى فرضا ) سواء كانت معينة أو مطلقة ( فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى آخر الوقت ) وهو معني كلامه في الوجيز وغيره صلى به فروضا ونوافل وفي الرعاية ونذرا هذا هو المعروف في المذهب مع أن القاضي لم يحك به نصا وإنما أطلق أحمد القول في رواية جماعة أنه يتيمم لكل صلاة ومعناه لوقت كل صلاة لأنها طهارة صحيحة أباحت فرضا فأباحت ما هو مثله كطهارة الماء
وعنه لا يجمع به بين فرضين اختاره الآجري وهو قول ابن عباس وعليها له فعل غيره مما شاء ولو خرج الوقت لكن في إسناده عن ابن عباس الحسن بن عمارة وهو ضعيف مع أن حربا روى عنه أنه قال التيمم بمنزلة الوضوء يصلي به الصلوات ما لم يحدث والأصح أنه يتنفل قبل الفرض ثم يصليها وما شاء إلى آخر وقتها عن أي شيء تيمم وعنه لا يتنفل إلا أن يكون نوى الفرض والنفل فإن خالف وصلى لم يفعل به الفرض بعد ذلك وضابطه أن من نوى شيئا استباحه ومثله ودونه فالنذر دون ما وجب شرعا قال الشيخ تقي الدين ظاهر كلامهم لا فرق وفرض كفاية دون فرض عين وفرض جنازة أعلى
____________________
1-
(1/224)
ويبطل التيمم بخروج الوقت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من نافلة وقيل يصليها بتيمم نافلة ويباح الطواف بنية النافلة في الأشهر كمس المصحف قال الشيخ تقي الدين ولو كان الطواف فرضا خلافا لأبي المعالي ولا تباح نافلة بنية مس مصحف وطواف في الأشهر وإن تيمم جنب لقراءة أو مس مصحف فله اللبث في المسجد قال القاضي وجميع النوافل لأنها في درجة واحدة وإن تيمم لمس مصحف فله القراءة لا العكس ولا يستبيحها بنية اللبث وتباح الثلاثة بنية الطواف لا العكس وإن تيمم لمس مصحف ففي نفل طواف وجهان وفي المغني إن تيمم جنب لقراءة أو لبث أو مس مصحف لم يستبح غيره قال ابن تميم وفيه نظر وفي الرعاية وفيه بعد
( ويبطل التيمم بخروج الوقت ) وهو قول علي وابن عمر لأنها طهارة ضرورة فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة وظاهره ولو كان في الصلاة وصرح به في المغني وقال ابن عقيل لا تبطل وإن كان الوقت شرطا كما في الجمعة وخرجه السامري على وجود الماء فيها وفيه وجه لا تبطل حتى يدخل وقت التي تليها قاله المجد وابن تميم وفائدته هل يبطل التيمم بطلوع الشمس أو زوالها وفي ثالث تبطل بالنسبة إلى الصلاة التي دخل وقتها فيباح به غيرها فلو كان تيممه في غير وقت صلاة كالتيمم بعد طلوع الشمس بطل بزوالها ولو نوى الجمع في وقت الثانية فتيمم في وقت الأولى لها أو لفائتة لم يطل تيممه بدخول وقت الثانية لأن وقتيهما قد صارا وقتا واحدا ودخل في كلامه ما إذا تيمم لطواف أو جنازة أو نافلة وخرج الوقت فإنه يبطل كالفريضة
وعنه إن تيمم لجنازة ثم جيء بأخرى فإن كان بينهما وقت يمكنه التيمم
____________________
1-
(1/225)
ووجود الماء ومبطلات الوضوء فإن تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه ثم خلعه لم يبطل تيممه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لم يصل عليها حتى يتيمم لها وإلا صلى قال الشيخ تقي الدين لأن النفل المتواصل هنا كتواصل الوقت للمكتوبة قال وعلى قياسه ما ليس له وقت محدود كمس مصحف وطواف فعلى هذا النوافل المؤقتة كالوتر والسنن الراتبة والكسوف يبطل التيمم لها بخروج وقت النافلة والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل كالجنازة ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة
( ووجود الماء ) المعجوز عنه إجماعا لحديث أبي ذر وشرطه أن يكون مقدورا على استعماله من غير ضرر كعطش ومرض وألحق به في الشرح وغيره ما إذا رأى ركبا ظن معه ماء أو خضرة ونحوه و سرابا ظنه ماء قلنا بوجوب الطلب وسواء تبين له خلاف ظنه أولا فإن وجده وإلا استأنف التيمم ويحتمل أن لا يبطل لأن الطهارة المتيقنة لا تزول بالشك
( ومبطلات الوضوء ) لأنه إذا بطل الأصل بطل بدله من باب أولى لكن إن كان تيممه عن حدث أصغر فهو كما ذكره وإن كان عن جنابة فيبطل بخروج الوقت والقدرة على الماء وموجبات الغسل وإن كان لحيض أو نفاس فلا يزول حكمه إلا بحدثهما أو بأحد الأمرين
( فإن تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه ) كعمامة وخف ( ثم خلعه لم يبطل تيممه ) في اختيار المؤلف وصححه في الشرح وهو قول أكثر الفقهاء لأن التيمم طهارة لم يمسح فيها عليه فلا يبطل بنزعه كالملبوس على غير طهارة بخلاف الوضوء وكما لو كان الملبوس مما لا يجوز المسح عليه فإن كان الحائل
____________________
1-
(1/226)
وقال أصحابنا يبطل وإن وجد الماء بعد الصلاة لم تجب إعادتها وإن وجده فيها بطلت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو بعضه في محل التيمم بطل بخلعه قاله ابن حمدان ( وقال أصحابنا يبطل ) نص عليه لأنه مبطل للوضوء فأبطل التيمم كسائر المبطلات ويجاب بان مبطل الوضوء نزع ما هو ممسوح عليه بخلافه هنا
( وإن وجد الماء بعد الصلاة لم تجب إعادتها ) لما روي عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا له ذلك فقال للذي لم يعد
أصبت السنة وأجزأتك صلاتك
وقال للذي أعاد
لك الأجر مرتين
رواه النسائي وأبو داودولفظه له ورواه من طريق أخرى متصلا وقال على شرط الشيخين واحتج أحمد بأن عمر تيمم وهو يرى بيوت المدينة فصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة ولم يعد ولأنه أدى صلاته بطهارة صحيحة أشبه ما لو أداها بالماء وفيه نظر ولأنه إجماع فيما إذا وجده بعد الوقت وعنه يسن ولا يلزم إعادة صلاة جنازة وإن لزم غسله في وجه
( وإن وجده ) أي حقيقة ( فيها ) وفي طواف ( بطلت ) في ظاهر المذهب لأن حديث أبي ذر يدل بمفهومه على أنه ليس بطهور عند وجود الماء بمنطوقه على وجوب استعمال الماء عند وجوده وهو قادر على استعماله أشبه الخارج من الصلاة وكالمستحاضة إذا انقطع دمها فعليها يخرج فيتطهر والمنصوص أنه يستأنفها لأن ما مضى منها انبنى على طهارة ضعيفة كطهارة المستحاضة بخلاف من سبقه الحدث وفيه وجه يبني وقاله القاضي وغيره كمن سبقه الحدث وفيه روايتان أصحهما أنه يستقبلها فهنا أولى قاله في الشرح
____________________
1-
(1/227)
وعنه لا تبطل ويستحب تأخير التيمم إلى آخر الوقت لمن يرجو وجود الماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وعنه لا تبطل ) نقلها الميموني واختارها الآجري كما لو وجد الرقبة بعد التلبس بالصيام وأجيب بأن المروذي روى عن أحمد قال كنت أقول يمضي فإذا الأحاديث أنه يخرج فدل على رجوعه وبأن الصوم هو الواجب نفسه فنظيره إذا قدر على الماء بعد تيممه ولا خلاف في بطلانه ثم الفرق بأن مدة الصيام تطول فيشق بالخروج منه لما فيه من الجمع بين الفرضين الشاقين بخلافه هنا وعليها يجب المضي فيها وهو ظاهر كلام أحمد لقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } [ محمد 33 ] وقيل هو أفضل وقيل خروجه أفضل وهو رأي أبي جعفر للخروج من الخلاف فإن عين نفلا أتمه وإلا لم يزد على أقل الصلاة ومتى فرغ منها بطل تيممه ذكره ابن عقيل وعليها لو وجده في صلاة على ميت يمم بطلت وغسل في الأصح ويلزم من تيمم لقراءة ووطء ونحوه الترك
فرع لو انقلب الماء فيها وقال أبو المعالي إن علم بتلفه فيها بقي تيممه وإذا لم يعلم فلما فرغ شرع في طلبه بطل تيممه
( ويستحب تأخير التيمم إلى آخر الوقت لمن ) يعلم أو ( يرجو وجود الماء ) في قول الجمهور لأن الطهارة بالماء في نفسها فريضة والصلاة في أول الوقت فضيلة ولا شك أن انتظار الفريضة أولى وظاهره أنه إذا لم يرجه بل ظن أو علم عدمه فالتقديم أولى لئلا يترك الفضيلة المتيقنة لأمر غير مرجو وإن تردد فوجهان وقيل التقديم أفضل إلا أن يتحقق وجوده في الوقت وظاهر الخرقي و الفروع أن التأخير أفضل وهو المنصوص عن أحمد واختاره ابن عبدوس لقول علي رواه الدارقطني والبيهقي من رواية الحارث عنه وهو
____________________
1-
(1/228)
وإن تيمم وصلي في أول الوقت أجزأه والسنة في التيمم أن ينوي ويسمي ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع على التراب ضربة واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ضعيف ولأنه يستحب تأخير العشاء لئلا يذهب خشوعها وتأخيرها لإدراك الجماعة فتأخيرها لإدارك الطهارة أولى وللخروج من الخلاف إذ في رواية عن أحمد وقاله بعض العلماء إن التيمم لا يجوز إلا عند ضيق الوقت
( وإن تيمم وصلي في أول الوقت أجزأه ) لحديث عطاء السابق ولأنه اتى بما أمر به في حال العذر أشبه من صلى عريانا أو جالسا لمرض ثم قدر على السترة وبرئ في الوقت وظاهره أنه لا إعادة وهو إجماع فيما إذا وجده بعد الوقت وكذا إن وجده فيه على المجزوم به لكن قال أحمد إذا وجد المتيمم الماء في الوقت فأحب أن يعيد وحمله القاضي على جواز الإعادة من غير فضل
( والسنة في التيمم أن ينوي ) استباحة ما تيمم له ( ويسمي ) وكذا في الوجيز وعبر في المحرر و الفروع ب ثم وهو أولى ( ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع ) ليدخل الغبار بينهما وينزع خاتمه وعلم منه أن الضرب ليس بشرط فيه بل القصد حصول التراب في محله فلو كان ناعما فوضع يديه عليه أجزأه ولو أوصله بخرقة أو بيد أو بعضها حاز ذكره جماعة وكذلك لو نوى وصمد للريح حتى عمت محل الفرض بالتراب ذكره القاضي والشريف كما لو صمد للمطر حتى جرى على أعضائه وفيه وجه لا لأن الله تعالى أمر بقصد الصعيد والمسح به وفي ثالث يجزئ إن مسح بيديه فإن لم ينو حتى حصل في المحل ثم مسح وجهه بغير ما عليه صح وإلا فلا ( على التراب ) الطهور ( ضربة واحدة ) لا يختلف المذهب أن التيمم بضربة
____________________
1-
(1/229)
فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه وقال القاضي المسنون ضربتان يمسح بإحدهما وجهه وبالأخرى يديه إلى المرفقين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وبضربتين وأكثر لأن المقصود إيصال التراب إلى محل الفرض فكيفما حصل جاز كالوضوء وفي المغني لا خلاف أنه لا تسن الزيادة على ضربتين إذا حصل الاستيعاب بهما والمنصوص ضربة واحدة وهي الواجب بلا نزاع لما روى عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين
رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح وفي الصحيحين معناه من حديثه أيضا ولأنه حكم معلق على مطلق اليد فلم يدخل فيه الذراع لأنها في خطاب الشرع إلى الكوع بدليل السرقة والمس لا يقال هي مطلقة فيه مقيدة في الوضوء فيحمل عليه لاشتراكهما في الطهارة لأن الحمل إنما يصح إذا كان من نوع واحد كالعتق في الظهار على العتق في قتل الخطأ والتراب ليس من جنس الوضوء بالماء وهو يشرع فيه التثليث وهو مكروه فيه والوجه يغسل منه باطن الفم والأنف بخلافه هنا فلا يلحق به ( فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه ) على سبيل الاستحباب فلو مسح وجهه بيمينه ويمينه بيساره أو عكس وخلل أصابعه فيهما صح واستيعاب الوجه والكفين بالمسح واجب سوى ما يشق وصول التراب إليه
( وقال القاضي ) والشيرازي وابن الزاغوني وهو رواية ( المسنون ضربتان يمسح بإحداهما وجهه وبالأخرى يديه إلى المرفقين ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين
رواه الدارقطني وإسناده ثقات وروي أيضا من حديث ابن عمر قال الشافعي في رواية الزعفراني ابن عمر تيمم ضربة للوجه وضربة إلى المرفقين وبهذا رأيت أصحابي يأخذون والأول أولى قال الإمام أحمدمن قال ضربتين إنما
____________________
1-
(1/230)
فيضع بطون أصابع اليسرى على ظهر أصابع اليمنى ويمرها إلى مرفقه ويدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه ويمر إبهام اليسرى على ظهر إبهام اليمنى ويمسح اليسرى باليمنى كذلك ويمسح إحدى الراحتين بالأخرى ويخلل الأصابع ومن حبس في المصر صلى بالتيمم ولا إعادة عليه ولا يجوز لواجد الماء التيمم خوفا من فوات (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هو شيء زاده يعني لا يصح وقال الخلال الأحاديث في ذلك ضعاف جدا ولم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر وقال أحمد ليس بصحيح وهو عندهم حديث منكر قال الخطابي يرويه محمد بن ثابت وهو ضعيف
( فيضع بطون أصابع اليسرى على ظهر أصابع اليمنى ويمرها إلى مرفقه ويدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه ويمر إبهام اليسرى على ظهر إبهام اليمنى ويمسح اليسرى باليمنى كذلك ) لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأن في ذلك خروجا من الخلاف إذ بعض العلماء يوجبه وظاهر كلامه في الكافي أن هذا مباح قال في الشرح فإن بقي في محل الفرض شيء لم يصله التراب أمر يده عليه ما لم يفصل راحته فإن فصلها وكان قد بقي عليها غبار جاز أن يمسح بها وإن لم يبق احتاج إلى ضربة أخرى فإن كان المتروك من الوجه مسحه وأعاد مسح يديه ليحصل الترتيب فإن طال الفصل بينهما وقلنا بوجوب الموالاة استأنف التيمم ( ويمسح إحدى الراحتين بالأخرى ) ليمر التراب بعد الضرب ولا يجب لأن فرضهما قد سقط بإمرار كل واحدة على ظهر الكف ( ويخلل الأصابع ) قياسا على مبدله
( ومن حبس في المصر ) واحد الأمصار أو قطع عدو ماء عن بلدة وعدم ( صلى بالتيمم ) لأنه عادم للماء أشبه المسافر ( ولا إعادة عليه ) لأنه أدى فرضه بالبدل فلم يكن عليه إعادة كالمسافر ( ولا يجوز لواجد الماء التيمم خوفا من فوات
____________________
1-
(1/231)
المكتوبة ولا الجنازة وعنه يجوز للجنازة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المكتوبة ) نقله الجماعة لأن الله تعالى إنما أباحه عند عدم الماء وهذا واجد له كسائر الشروط وخروج وقت الاختيار لخروج الوقت قاله ابن تميم ( ولا الجنازة ) هذا أظهر الروايتين كما قلناه ( وعنه يجوز للجنازة ) روي عن ابن عمر وابن عباس وجمع لأنه لا يمكن استدراكها بالوضوء أشبه العادم والمراد به فوتها مع الإمام قاله القاضي وغيره قال جماعة وإن أمكنه الصلاة على القبر لكثرة وقوعه فتعظم المشقة وظاهره أنه لا يتيمم لعيد ونحوه وهو كذلك صرح به جماعة وعنه يجوز كفوت العيد وسجود التلاوة واختاره الشيخ تقي الدين والجمعة وهو أولى من الجنازة لأنها لا تعاد وجعلها القاضي وغيره أصلا للمنع قال ابن حامد والسجود يخرج على الجنازة قال ابن تميم وهو حسن وعلى الأول لو وصل مسافر إلى بئر ماء وعليه ضاق الوقت أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعده أو علمه قريبا وخاف فوت الوقت أنه كقدرته على ماء بئر بثوب يبله ثم يعصره فإنه يلزمه إن لم تنقص قيمته أكثر من ثمن الماء ولو خاف الوقت وقيل بلى فيستثنى اختار الشيخ تقي الدين فيمن يمكنه الذهاب إلى الحمام لكن لا يمكنه الخروج إلا بفوات الوقت كالمرأة معها أولادها ولا يمكنها أن تخرج حتى تغسلهم تتيمم وتصلي خارج الحمام لأن الصلاة بعد الوقت منهي عنه
فرع إذا تعذر عليه غسل مسنون كجمعة فهل يسن التيمم عنه على وجهين وذكر ابن تميم أن المنصوص أنه يشرع في غير الإحرام وصحح
____________________
1-
(1/232)
وإن اجتمع جنب وميت ومن عليها غسل حيض فبذل ما يكفي أحدهم لأولاهم به فهو للميت وعنه أنه للحي وأيهما يقدم فيه وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الشرح أنه لا يسن عن غسل الإحرام لأنه غسل غير واجب فلم يستحب التيمم عند عدمه كالجمعة
( وإن اجتمع جنب وميت ومن عليها غسل حيض فبذل ما يكفي أحدهم لأولادهم به فهو للميت ) جزم به في الكافي و الوجيز وقدمه في الفروع وغيره لأن القصد من غسل الميت تنظيفه ولا يحصل بالتيمم والحي يقصد بغسله إباحة الصلاة وهو يحصل بالتراب فعلى هذا إن فضل منه شيء كان لورثته فإن لم يكن حاضرا فللحي أخذه لطهارته بثمنه في موضعه لأن في تركه إتلافه أما إذا احتاج الحي إليه لعطش فهو مقدم في الأصح ( وعنه أنه للحي ) اختارها الخلال لأنه يستفيد ما لا يستفيده الميت من القراءة ومس المصحف ونحوها
( وأيهما يقدم فيه وجهان )
أحدهما تقدم الحائض قدمه في المحرر و الفروع لأنها تقضي حق الله تعالى وحق زوجها في إباحة وطئها
والثاني يقدم الجنب قدمه في الرعاية لأن غسله ثابت بصريح القرآن بخلاف غسلها
وفي ثالث يقدم الرجل ذكره في الشرح لأنه يصلح إماما لها وهو مفضل عليها
وفي رابع يقسم بينهما أي إذا احتملها
____________________
1-
(1/233)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وفي خامس يقرع فإن كان على أحدهم نجاسة سواء كانت على ثوبه أو بدنه فهو أولى لأن طهارة الحدث لها بدل بخلاف النجاسة وتقدم نجاسة ثوبه على نجاسة بدنه ونجاسة بدنه على نجاسة السبيلين وقيل الميت أولى اختاره المجد وحفيده ويقدم جنب على محدث وقيل سواء وقيل المحدث إلا أن كفي من تطهر به منهما وإن كفاه فقط قدم وقيل الجنب فإن تطهر به غير الأولى كان مسيئا مع صحة طهارته ذكره في الشرح و الفروع لأن الآخر لم يملكه وإنما قدم لشدة حاجته وعند الشيخ تقي الدين أن هذه المسائل في الماء المشترك وهو ظاهر ما نقل عن أحمد وإن وجد الماء في مكان فهو للأحياء لأنه لا وجدان للميت
____________________
1-
(1/234)
& باب إزالة النجاسة &
لا يجوز إزالتها بغير الماء وعنه أنها تزال بكل مائع طاهر مزيل كالخل ونحوه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب إزالة النجاسة &
كذا عبر في الوجيز والمراد به تطهير موارد الأنجاس الحكمية ( لا يجوز إزالتها بغير الماء ) هذا هو المذهب لما روت أسماء بنت أبي بكر قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع قال
تحته
ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه
متفق عليه وأمر بصب ذنوب من ماء فأهريق على بول الأعرابي ولأنها طهارة مشترطة أشبهت طهارة الحدث فعلى هذا لابد من كونه طهورا فتكون اللام فيه للعهد فلا تزال بطاهر ولا غير مباح على الأصح ( وعنه أنها تزال بكل مائع طاهر مزيل كالخل ) اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الغسل في حديث الولوغ فتقييده بالماء يفتقر إلى دليل ولأنه مائع طاهر مزيل أشبه الماء ( ونحوه ) كماء الورد والشجر وقيل يزال بماء طاهر لا بخل ونحوه واختار ابن حمدان أنا إن قلنا لا ينجس كثير خل وماء ورد ونحوهما بدون تغيره بنجاسة لما فيه جازت إزالتها به وإلا فلا وذكر جماعة أنه يجوز استعمال خل ونحوه في الإزالة تخفيفا وإن لم يطهر وظاهره أن ما لا يزيل كالمرق واللبن أنها لا تزال به وهو كذلك ولا بطعام وشراب لإفساد المال وأنه لا يعتبر لها النية وقيل بلى وقيل في بدن وفي الانتصار في طهارته بصوب الغمام وفعل مجنون وطفل احتمالان ولا يعقل للنجاسة معنى ذكره ابن عقيل وغيره
____________________
1-
(1/235)
ويجب غسل نجاسة الكلب والخنزير سبعا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ويجب غسل نجاسة الكلب والخنزير ) ومتولد من أحدهما لما روى أبو هريرة مرفوعا قال
إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا
متفق عليه ولمسلم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات
وله أيضا
طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يسغله سبع مرات أولاهن بالتراب
ولو كان سؤره طاهرا لم يجز إراقته ولا وجب غسله والأصل وجوبه عن نجاسة ولم يعهد التعبد إلا في غسل البدن والطهور لا يكون إلا في محل الطهارة ولأنه لو كان تعبدا لما اختص الغسل بموضع الولوغ لعموم اللفظ في الإناء كله وعنه طهارة شعر اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين وعنه طهارة سؤرهما واحتج بعضهم على طهارته بقوله تعالى { فكلوا مما أمسكن عليكم } [ المائدة 4 ] ولم يأمر بغسل أثر فمه وجوابه أن الله تعالى أمر بأكله ورسوله عليه السلام أمر بغسله فيعمل بأمرهما وإن سلمنا أنه لا يجب غسله فلأنه يشق فعفي عنه
( سبعا ) تنبيه إذا كانت على غير الأرض لما ذكرنا وعنه يغسل ثمانيا بتراب لما روى عبد الله بن معقل مرفوعا
فاغسلوه سبعا وعفروه الثامنة بالتراب
رواه مسلم وحمل على أنه عد التراب ثامنة لكونه جنسا آخر وعنه اختصاص العدد بالولوغ وعنه لا يجب العدد في غير الآنية وإذا ثبت هذا في الكلب فالخنزير شر منه لنص الشارع على تحريمه وحرمة اقتنائه فثبت الحكم فيه بطريق التنبيه وإنما لم ينص الشارع عليه لأنهم لم يكونوا يعتادونه ولم يذكر أحمد في الخنزير عددا وعنه لا يعتبر فيهما عدد ذكره القاضي في شرح المذهب
____________________
1-
(1/236)
إحداهن بالتراب فإن جعل مكانه أشنانا أو نحوه فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( إحداهن بالتراب ) أي يجعله في أي غسلة شاء والأولى جعله في الأولى للخير وليأتي الماء بعده فينظفه وعنه في الأخيرة وعنه إن غسله ثمانيا وعنه سواء وظاهره يجب التراب وهو كذلك وفيه وجه في الآنية فقط وعنه يستحب مطلقا ويعتبر كونه طهورا وقيل أو طاهرا ولا يكفي ذره على المحل بل لابد من مائع يوصله إليه وظاهر كلام جماعة يكفي ويتبعه الماء قال في الفروع وهو أظهر ( فإن جعل مكانه أشنانا أو نحوه كصابون ونخالة قال بعضهم أو غسله غسلة زائدة ( فعلى وجهين ) أحدهما وهو المذهب يجزئه لأن نصه على التراب تنبيه على ما هو أبلغ منه في التنظيف والثاني لا للنص عليه فلم يقم غيره مقامه كالتيمم وفي ثالث إن عدمه أو انضر المغسول به أجزأه وإلا فلا وفي رابع يجزئ بغير الغسلة الزائدة لأن الأمر بالتراب معونة للماء في قطع النجاسة أو للتعبد ولا يحصل بالماء وحده وهو اختيار المؤلف وصححه في الشرح
تنبيه إذا ولغ في الإناء كلاب أو أصاب المحل نجاسات متساوية في الحكم فهي كنجاسة واحدة وإلا فالحكم لأغلظها فلو ولغ فيه فغسل دون السبع ثم ولغ فيه مرة أخرى غسل ويغسل ما نجس ببعض الغسلات ما بقي بعد تلك الغسلة لأن المنفصل كالبلل الباقي وهو يطهر بباقي العدد كذلك هنا ثم إن كانت انفصلت عن محل غسل بالتراب غسل محلها بغير تراب وإلا غسل به وظاهر الخرقي واختاره أبن حامد أنه يغسل سبعا بتراب لأنها نجاسة كلب ويعتبر استيعاب المحل إلا فيما يضر فيكفي مسماه في الأشهر
____________________
1-
(1/237)
وفي سائر النجاسات ثلاث روايات إحداهن يجب غسلها سبعا وهل يشترط التراب على وجهين والثانية ثلاثا والثالثة تكاثر بالماء من غير عدد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وفي سائر ) أي باقي ( النجاسات ) حتى محل الاستنجاء ( ثلاث روايات إحداهن يجب غسلها سبعا ) نقله واختاره الأكثر لقول ابن عمر أمرنا أن نغسل الأنجاس سبعا فينصرف إلى أمره صلى الله عليه وسلم وقد أمر به في نجاسة الكلب فيلحق به سائر النجاسات لأنها في معناها والحكم لا يختص بمورد النص بدليل إلحاق البدن والثوب به والعرق والبول للريق ( وهل يشترط التراب على وجهين ) كذا في المحرر أحدهما يشترط اختاره الخرقي لأنها مقيسة والفرع يأخذ حكم الأصل والثاني لا وهو اختيار المجد قصرا له على مورد النص أو لأن ذلك للزوجة في ولوغ الكلب قال في الشرح وفيه نظر لأنه غير موجود في نجاسة الكلب غير الولوغ وقد قالوا بوجوب التراب فيه
( والثانية ثلاثا ) منقية اختارها المؤلف وقدمها ابن تميم وجزم بها في الوجيز لأنه عليه السلام أمر القائم من نوم الليل أن يغسل يديه ثلاثا معللا بوهم النجاسة ولا يزيل وهم النجاسة إلا ما يزيل يقينها ولأنه إذا اكتفى بثلاثة أحجار في الاستجمار فالاجتزاء بثلاث غسلات أولى لأنه أبلغ وعليها إذا غسله زائدا على الثلاثة فالزائد طهور في الأصح
( والثالثة تكاثر بالماء ) حتى تزول العين ( من غير عدد ) اختارها في المغني والطريق الأقرب وجزم بها في الوجيز في محل الاستنجاء لقوله عليه السلام في دم الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء وقال في آنية المجوس إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ولم يذكر عددا ولو كان واجبا لذكره في جواب السائل عن التطهير لأنه وقت حاجة فعلى الأشهر يغسل محل الاستنجاء
____________________
1-
(1/238)
كالنجاسات كلها إذا كانت على الأرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سبعا كغيره صرح به القاضي والشيرازي وابن عقيل ونص عليه أحمد في رواية صالح لكن نص في رواية أبي داود واختاره في المغني أنه لا يجب فيه عدد اعتمادا على أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا من قوله ولا من فعله ويؤيده أنه لا يشترط فيه تراب وبه قطع المؤلف وابن تميم وغيرهما وعنه لا عدد في بدن وعنه يجب في السبيل من نجاسة ثلاثا وفي غيره سبعا ( كالنجاسات كلها ) سواء كانت بولا أو خمرا أو نجاسة كلب وخنزير ( إذا كانت على الأرض ) وما اتصل بها من الحيطان والأحواض فالواجب مكاثرتها بالماء لما روى أنس قال جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي صلى الله عليه وسلم
دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء
متفق عليه ولو لم يطهر بذلك لكان تكثيرا للنجاسة ولأن الأرض مصاب الفضلات ومطارح الأقذار فلم يعتبر فيه عدد دفعا للحرج والمشقة والمراد بالمكاثرة صب الماء على النجاسة حتى يغمرها بحيث يذهب لونها وريحها فإن لم يذهبا لم يطهر وإن كان مما لا يزال إلا بمشقة سقط كالثوب ذكره في الشرح وكذا حكمها إذا غمرت بماء المطر والسيول لأن تطهير النجاسة لا تعتبر فيه النية فاستوى ما صبه الآدمي وغيره
تذنيب يجب الحت والقرص قال في التلخيص وغيره إن لم يتضرر المحل بهما ولا يضر بقاء لون أو ريح أو هما عجزا في الأصح ويطهر بل بقاء طعمها في الأصح وقال القاضي بقاء أثر النجاسة بعد استيفاء العدد مفعو
____________________
1-
(1/239)
ولا تطهر الأرض النجسة بشمس ولا ريح ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عنه ويعتبر العصر في كل غسلة مع إمكانه فيما يتشرب النجاسة أو دقه أو تثقيله وجفافه كعصره في الأصح وغمسه في ماء كثير راكد لم يطهر حتى ينفصل عنه ويعاد إليه العدد المعتبر وقيل يكفي تحريكه وخضخضته فيه وفي المغني و الشرح أن تمر عليه أجزاء لم تلاقه كما لو مرت عليه جريات في الماء الجاري وإن عصر ثوبا في ماء ولم يرفعه منه فغسله يبني عليها ويطهر وإذا غمس ثوبا نجسا في ماء قليل نجس الماء ولم يطهر منه شيء ولا يعتد بها غسلة وإن وضعه فيه ثم صب عليه الماء فغمره ثم عصره مرارا متعددة طهر نص عليه لأنه وارد كصبه عليه في غير الإناء
( ولا تطهر الأرض النجسة بشمس ولا ريح ) ولا جفاف لأنه عليه السلام أمر بغسل بول الأعرابي ولو كان ذلك يطهر لاكتفى به ولأن الأرض محل نجس فلم تطهر بالجفاف كالثياب واختار المجد وغيره يطهر إذا ذهب أثر النجاسة وقيل وغيرها ونص عليه في حبل غسيل واختاره الشيخ تقي الدين لا يقال جفاف الأرض طهورها مستدلين بحديث ابن عمر كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك رواه أحمد وأبو داود بإسناد على شرط البخاري لأنه في البخاري تعليقا وليس فيه تبول مع أنه يحتمل أنها كانت تبول ثم تقبل وتدبر في المسجد فيكون إقبالها وإدبارها بعد بولها
( ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وألبانها لأكلها النجاسة ولو طهر بالاستحالة لم ينه عنه فعلى هذا إذا وقع
____________________
1-
(1/240)
إلا الخمرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقع كلب في ملاحة فصار ملحا أو أحرق السرجين النجس فصار رمادا فهو نجس وعنه يطهر وذكرها في الشرح تخريجا قياسا على جلود الميتة إذا دبغت فحيوان متولد من نجاسة كدود الجروح والقروح وصراصير الكنيف طاهر لا مطلقا نص عليه وذكر بعضهم روايتين في نجاسة وجه تنور سجر بنجاسة ونقل الأكثر يغسل ونقل ابن أبي حرب لا بأس وعليهما يخرج عمل زيت نجس صابونا وتراب جبل بروث حمار فإن لم يستحل عفي عن يسيره في رواية وذكر الأزجي أن نجس التنور بذلك طهر بمسحه بيابس وإن مسح برطب تعين الغسل وحمل القاضي قول أحمد يسجر التنور مرة أخرى على ذلك
فرع القصرمل ودخان النجاسة وغبارها نجس على الأول لا الثاني وكذا ما تصاعد من بخار الماء النجس إلى الجسم الصقيل ثم عاد فقطر فإنه نجس على الأول لأنه نفس الرطوبة المتصاعدة وإنما يتصاعد في الهواء كما يتصاعد بخار الحمامات وبخار الحمامات طهور ( إلا الخمرة ) هي مأخوذة من خمر إذا ستر ومنه خمار المرأة وكل شيء غطى شيئا فقد خمرة ومنه
خمروا آنيتكم
والخر يخمر العقل أي يغطيه ويستره وهي نجسة إجماعا لكن خالف فيه الليث وربيعة وداود وحكاه القرطبي عن المزني فقالوا بطهارتها واحتج بعضهم للنجاسة بأنه لو
____________________
1-
(1/241)
إذا انقلبت بنفسها وإن خللت لم تطهر وقيل تطهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كانت طاهرة لفات الامتنان بكون شراب الجنة طهورا لقوله تعالى { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } [ الدهر 21 ] أي طاهرا وعلله في الشرح بأنه يحرم تناولها من غير ضرر أشبه الدم ( إذا انقلبت بنفسها ) فإنها تطهر في المنصوص وفي الشرح لا نعلم فيه خلافا لأن نجاستها لشدتها المسكرة وقد زالت من غير نجاسة خلفتها فوجب أن تطهر كالماء لا يقال حكم سائر النجاسات كذلك أي تطهر بالاستحالة لأن نجاستها لعينها والخمرة نجاستها لأمر زال بالانقلاب والنبيذ كذلك وخالف القاضي فيه لأن فيه ماء نجسا ودنها مثلها قاله الأصحاب
( وإن خللت لم تطهر ) في ظاهر المذهب لما روى الترمذي أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال
أهرقها قال أفلا أخللها قال لا لا
ولو جاز التخليل لم ينه عنه ولم تبح إراقته وعلى هذا يحرم تخليلها فلا تحل ففي النقل أو التفريغ من محل إلى آخر وإلقاء جامد فيه وجهان ( وقيل تطهر ) وهو رواية لأن علة التحريم زالت فعلى هذا يجوز وعنه يكره وعليهما تطهر وفي المستوعب يكره وأن عليها لا تطهر على الأصح وفي إمساك خمر ليصير خلا بنفسه أوجه ثالثها يجوز في خمرة خلال وهو أظهر فيترك حينئذ فعلى هذا تصير هذه الخمرة محرمة وعلى المنع يطهر على الأصح وإن اتخذ عصيرا للخمر فلم يتخمر وتخلل بنفسه ففي حلة الخلاف واقتضى ذلك أن الحشيشة المسكرة طاهرة وقيل نجسة وقيل إن أميعت
____________________
1-
(1/242)
ولا تطهر الأدهان النجسة وقال أبو الخطاب يطهر منها بالغسل ما يتأتى غسله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فائدة الخل المباح أن يصب على العنب أو العصير خل قبل غليانه حتى لا يغلي نقله الجماعة قيل له صب عليه خل فغلا قال يهراق
تنبيه لا يطهر إناء تشرب نجاسة بغسله نص عليه وقيل بلى إن لم يبق للنجاسة أثر وقيل بل ظاهره ومثله سكين سقيت ماء نجسا ويطهر باطن حب نقع في نجاسة بغسله نص عليه وقيل بلى كظاهره فينقع ويجفف مرارا كعجين وقيل كل مرة أكثر من مدة إقامته في الماء النجس وإن طبخ لحم بماء نجس طهر ظاهره بغسله وعنه وباطنه فيغلى في ماء طهور كثير ويجفف مرارا وقيل إن تشربه اللحم لم يطهر بحال ولا يطهر جسم صقيل بمسحه على الأصح وعنه تطهر سكين من دم الذبيحة فقط
( ولا تطهر الأدهان النجسة ) بغسلها في ظاهر المذهب لأنه لا يتحقق وصول الماء إلى جميع أجزائه ولو تحقق ذلك لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة السمن الذي وقعت فيه الفأرة واستثنى ابن عقيل الزئبق لأنه لقوته وتماسكه يجري مجرى الجامد وبعده ابن حمدان
( وقال أبو الخطاب يطهر منها بالغسل ما يتأتى غسله ) كزيت ونحوه لأن غسله ممكن لكون الماء يختلط بجميع أجزائه ويطهر به كالجامد والخبر السابق وارد في السمن وهو لا يمكن غسله لأنه يجهد وطريق تطهيره أن يجعل في ماء كثير ويحرك حتى يصيب جميع أجزائه ثم يترك حتى يعلو على الماء فيؤخذ وإن تركه في جرة وصب عليه ماء وحركه فيه وجعل لها بزالا يخرج منه الماء جاز
____________________
1-
(1/243)
وإذا خفي موضع النجاسة لزمه غسل ما يتيقن به إزالتها ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا ماتت الفأرة ونحوها في جامد ألقيت وما حولها والباقي طاهر نص عليه لحديث أبي هريرة رواه أحمد وأبو داود والجامد ما لا تسري إليه النجاسة غالبا وقال ابن عقيل ما لو فتح وعاؤه لم تسل أجزاؤه قال في الشرح والظاهر خلافه لأن سمن الحجاز لا يكاد يبلغه فإن اختلط ولم ينضبط حرم نص عليه وإن خرجت منه حية فطاهر نص عليه لانضمام دبره ولا يكره سؤره في اختيار الأكثر ( وإذا خفي موضع النجاسة ) في بدن أو ثوب أو بقعة يمكن غسلها وأراد الصلاة ( لزمه غسل ما تيقن به إزالتها ) لأنه اشتبه الطاهر بالنجس فوجب عليه اجتناب الجميع حتى يتيقن الطهارة بالغسل كما لو خفي المذكي بالميت ولأن النجاسة متيقنة فلا تزول إلا بيقين الطهارة فإن لم تعلم جهتها من الثوب غسله كله وإن علمها في أحد كمية ولا يعرفه غسلهما وإن رآها في بدنه أو ثوبه الذي عليه غسل ما يقع نظره عليه وعنه يكفي الظن في مذي وعند الشيخ تقي الدين وفي غيره وظاهره أنها إذا خفيت في فضاء واسع أنه لا يلزمه غسل وهو كذلك بل يصلي حيث شاء زاد بعضهم بلا تحر
( ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح ) ويطهر به لما روت أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله متفق عليه ومعنى النضح غمره بالماء وإن لم يزل عنه ولا يحتاج إلى مرس وعصر وهو
____________________
1-
(1/244)
وإذا تنجس أسفل الخف أو الحذاء وجب غسله وعنه يجزئ دلكه بالأرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نجس صرح به الجمهور وظاهر كلام الخرقي وأبي اسحاق بن شاقلا أنه طاهر لأنه لو كان نجسا لوجب غسله كسائر النجاسات قلنا اكتفى فيه بالرش تيسيرا وتخفيفا وقوله لم يأكل الطعام أي بشهوة واختيار لا عدم أكله بالكلية لأنه يسقى الأدوية والسكر ويحنك عند الولادة فإن أكله بنفسه غسل لأن الرخصة إنما وردت فيمن لم يطعم الطعام فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل وتخصيصه الغلام بالحكم المذكور مخرج للخنثى والأنثى وقد صرح به في الوجيز وقد روى أحمد وغيره عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية
قال قتادة هذا إذا لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعا والحكمة فيه أن بول الغلام يخرج بقوة فينتشر أو أنه يكثر حمله على الأيدي فتعظم المشقة بغسله أو أن مزاجه حار فبوله رقيق بخلاف الجارية لكن قال الشافعي لم يتبين لي فرق من السنة بينهما وذكر بعضهم أن الغلام أصله من الماء والتراب والجارية من اللحم والدم وقد أفاده ابن ماجة في سننه وهو غريب
فرع لعابهما طاهر وقيل إن نجس فم أحدهما طهر بريقه بعد ساعة وقيل لا بل يعفى عنه
( وإذا تنجس أسفل الخف أو الحذاء ) بالمشي وظاهر كلام ابن عقيل أو طرفه ( وجب غسله ) نقله واختاره الأكثر وكالثوب والبدن ( وعنه يجزئ دلكه بالأرض ) حتى تزول عين النجاسة وتباح الصلاة فيه قدمه في الكافي وفي الشرح أنه الأولى لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
____________________
1-
(1/245)
وعنه يغسل من البول والغائط ويدلك من غيرهما ولا يعفى عن يسير شيء من النجاسات إلا الدم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب
رواه أحمد وأبو داود من رواية محمد بن عجلان وهو ثقة روى له مسلم ولأنه عليه السلام هو وأصحابه كانوا يصلون في نعالهم والظاهر أنه لا يسلم من نجاسة يصيبها فلو لا ان دلكها يجزئ لما صحت الصلاة فيها ولأنه محل تتكرر إصابة النجاسة له فأجزأ فيه المسح كالسبيلين ويحكم بطهارة المحل به في وجه هو ظاهر كلام أحمد واختاره ابن حامد وجزم به في الوجيز وذهب أصحابنا المتأخرون إلى خلافه
فرع حكه بخرقة أو خشبة حكم دلكه
( وعنه يغسل من البول والغائط ) لفحشها وتغليظ نجاستهما ( ويدلك من غيرهما ) لما ذكرنا وقاله إسحق ولا يشترط للدلك جفاف النجاسة لظاهر الخبر وشرطه القاضي وظاهره أن النجاسة إذا أصابت غير أسفلهما أنه يغسل وهو كذلك نص عليه وعزاه بعضهم إلى الرجل وذيل المرأة ونقل إسماعيل ابن سعيد يطهر بمروره على طاهر يزيلها واختارها الشيخ تقي الدين لظاهر خبر أم سلمة رواه أحمد وغيره وفيه جهالة
( ولا يعفى عن يسير شيء من النجاسات ) لقوله تعالى { وثيابك فطهر } [ المدثر 4 ] والأحاديث مستفيضة بذلك ( إلا الدم ) فإنه يعفى عن يسيره في الصلاة دون المائعات
____________________
1-
(1/246)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والمطعومات فإن الإنسان غالبا لا يسلم منه وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ولقول عائشة ما كان لإحدانا إلا ثوب تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها فمصعته بظفرها وهذا يدل على العفو عنه لأن الريق لا يطهر ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن دوام الفعل ومثله لا يخفى عنه عليه السلام فلا يصدر إلا عن أمره وعن ابن عمر أنه كان يخرج من يديه دم في الصلاة من شقاق كان بهما وعصر بثرة فخرج منها دم فمسحه ولم يغسله ولأنه يشق التحرز منه فعفي عنه كأثر الاستجمار وقيل يختص بدم نفسه واليسير الذي لم ينقض الوضوء والكثير ما نقض الوضوء والدم المعفو عنه ما كان من آدمي أو حيوان طاهر لا الكلب ولا الخنزير
بقي ها هنا صور منها دم ما لا نفس له سائلة كالبق والقمل والبراغيث في ظاهر المذهب وعنه نجس ويعفى عن يسيره قال في دم البراغيث إني لأفزع منه إذا كثر قال في الشرح ليس فيه تصريح بنجاسته بل هو دليل التوقف
ومنها دم السمك فإنه طاهر لأنه لو كان نجسا لتوقفت إباحته على إراقته بالذبح كحيوان البر ولأنه يستحيل ماء وقيل نجس
ومنها دم الشهيد فإنه نجس وقيل طاهر وعليهما يستحب بقاؤه فيعايا بها ذكره ابن عقيل وقيل طاهر ما دام عليه صححه ابن تميم
____________________
1-
(1/247)
وما تولد منه من القيح والصديد وأثر الاستجاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومنها الدم الذي يبقى في اللحم وعروقه طاهر ولو غلبت حمرته في القدر لأنه لا يمكن التحرز فهو وارد على إطلاقه ويدفع بالعناية
ومنها العلقة التي يخلق منها الآدمي والحيوان الطاهر طاهر في رواية صححها ابن تميم لأنها بدء خلق آدمي وعنه نجسة صححها في المغني كسائر الدماء
( وما تولد منه من القيح والصديد ) بل العفو عنهما أولى لاختلاف العلماء في تجاستهما لذلك قال أحمد وأسهل من الدم قال في الشرح فعلى هذا يعفى منه عن أكثر مما يعفى عن مثله في الدم لأن هذا لا نص فيه وإنما ثبتت نجاسته لاستحالته من الدم وعنه طهارة قيح ومدة وصديد
مسألتان الأولى ماء القروح نجس في ظاهر نقل الإمام وقال في شرح العمدة إن كان متغيرا فهو كالقيح وإلا فهو طاهر كالعرق
الثانية إذا تفرق دم مسفوح في غير الصحراء فإذا اجتمع لم يكن قدر ما يعفى عنه فكثير حكما في الأشهر وإن نفذ من جانبي جبة أو ثوب صفيق فكدم واحد في الأصح كما لو نفذ من أحدهما وإن لم ينفذ ولم يتصل بالآخر فهما نجاستان إذا بلغا أو جمعا قدرا لا يعفى عنه لم يعف عنها كجاني الثوب ( وأثر الاستنجاء ) أي الاستجمار فإنه يعفى عنه بعد الإنقاء واستفاء العدد بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح واقتضى ذلك نجاسته وهو قول أكثر
____________________
1-
(1/248)
وعنه في المذي والقيء وريق البغل والحمار وسباع البهائم والطير وعرقها وبول الخفاش والنبيذ والمني أنه كالدم وعنه في المذي أنه يجزئ فيه النضح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأصحاب لأن الباقي عين النجاسة فعلى هذا عرقه نجس فينجس الماء اليسير بقعوده فيه واختار ابن حامد طهارته
( وعنه في المذي والقيء وريق البغل والحمار وسباع البهائم والطير وعرقها وبول الخفاش والنبيذ والمني أنه كالدم وعنه في المذي أنه يجزئ فيه النضح ) نقول المذي مختلف فيه لتردده بين البول لكونه لا يخلق منه الحيوان والمني لكونه ناشئا عن الشهوة والمذهب نجاسته ويعفى عن يسيره في ردائه جزم بها في الوجيز وهو قول جماعة من التابعين وغيرهم لأنه يخرج من الشباب كثيرا فيشق التحرز منه وعنه يكتفي فيه بالنضح لحديث سهل بن حنيف قال قلت يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والمذهب أنه لا يطهر بنضحه ولا يعفى عن يسيره لأنه عليه السلام أمر بغسل الذكر منه ولأنه نجاسة خارج من الذكر كالبول وهل يغسل ما أصابه أو جميع ذكره أو أنثييه فيه روايات وعنه طاهر كالمني اختاره أبو الخطاب في خلافه لأنه خارج بسبب الشهوة وقيل إن قلنا مخرجة مخرج المني فله حكمه واقتضى ذلك أن الودي وهو ماء أبيض يخرج عقيب البول نجس وأنه لا يعفى عنه مطلقا وصرح به الأصحاب وعنه هو كالمذي
وأما القيء وهو طعام استحال في الجوف إلى نتن وفساد فقال أحمد هو عندي بمنزلة الدم وذكره القاضي وجزم به في الوجيز لأنه خارج نجس من
____________________
1-
(1/249)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غير السبيل أشبه الدم والثانية عدم العفو عنه مطلقا قدمها في الفروع وهي أشهر لأن الأصل عدم العفو عن النجاسة إلا فيما خص وقيده في الوجيز بالنجس احترازا عن قيئ المأكول
وأما ريق البغل والحمار وعرقهما فيعفى عن يسيره إذا قيل بالنجاسة لأنه يشق التحرز منه قال في الشرح هو الظاهر عن أحمد قال الخلال وعليه مذهبه قال أحمد من يسلم من هذا ممن يركب الحمير إلا أني أرجو أن يكون ما جف منه أسهل والثانية لا يعفى عنه لما تقدم وريق سباع البهائم كالأسد ونحوه ما عدا الكلب والخنزير وريق سباع الطير كالبازي ونحوه وعرقها فيعفى عن يسيره للاختلاف في نجاستها وبول الخفاش وهو واحد الخفافيش وهو الذي يطير ليلا يعفى عن يسيره في رواية جزم بها في الوجيز لأنه يشق التحرز منه لكونه في المساجد كثيرا فلو لم يعف عنه لم يقر في المساجد ولما أمكن الصلاة في بعضها وقدم في الفروع وغيره خلافها ونبيذ نجس وهو المختلف فيه ويعفى عن يسيره في رواية جزم بها في الوجيز لوقوع الخلاف في نجاسته والثانية لا يعفى عنه مطلقا قدمها في الفروع وصححها في شرح العمدة ودل أن المجمع عليه لا يعفى عن شيء منه قال في شرح العمدة رواية واحدة والمني سيأتي الكلام عليه
مسائل ملحقة به منها بول ما يؤكل لحمه إذا قيل بنجاسته فإنه يعفى عن يسيره في قول لأنه يشق التحرز منه
____________________
1-
(1/250)
ولا ينجس الآدمي بالموت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ومنها سؤر الجلالة إذا حبست وأكلت الطاهرات المدة المعتبرة فهو طاهر وقيل ذلك في العفو عن يسيره روايتان وكذا عرقها
ومنها طين الشارع فهو طاهر ما لم تعلم نجاسته وعنه نجس فيعفى عن يسيره ويسير دخان نجاسة في وجه وأطلق أبو المعالي العفو عنه ولم يقيده باليسير لأن التحرز منه لا سبيل إليه قال في الفروع هذا متوجه ( ولا ينجس الآدمي بالموت ) على الأصح لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
المؤمن لا ينجس
متفق عليه ولمسلم معناه من حديث حذيفة وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
المسلم ليس بنجس حيا ولا ميتا
رواه الدارقطني والحاكم وقال على شرطهما وذكره البخاري موقوفا على ابن عباس وعن أحمد بل ما عدا الأنبياء عليهم السلام لما روى الدارقطني أن زنجيا وقع في بئر زمزم فمات فأمر بها ابن عباس أن تنزح ولأنه ذو نفس سائلة فنجس بالموت كسائر الحيوانات وزاد أبو حنيفة ويطهر بالغسل قلنا لو نجس بالموت لم يطهر بالغسل كالحيوانات التي تنجس به ولانه آدمي فلم ينجس بالموت كالشهيد وعلى الأول لا ينجس ما غيره ذكره في الفصول وغيره خلافا ل المستوعب وظاهره لا فرق فيه بين المسلم والكافر لاستوائهما في الآدمية حال الحياة وفي الاستدلال نظر وقيل ينجس الكافر وشعره بموته لأن الخبر إنما ورد في المسلم ولا يقاس الكافر عليه لأنه لا يصلي عليه ولا حرمة له كالمسلم
____________________
1-
(1/251)
وما لا نفس له سائلة كالذباب وغيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع حكم أجزاء الآدمي وأبعاضه حكم جملته سواء انفصلت في حياته أو بعد موته وقال القاضي هي نجسة رواية واحدة لأنه لا حرمة لها بدليل أنه لا يصلي عليها وتقضي بأن لها حرمة بدليل أن كسر عظم الميت ككسره وهو حي وكذا شعره مطلقا ويكره استعماله لحرمته وعنه يحرم وتصح الصلاة معه وعنه نجاسة شعر كل آدمي غير النبي صلى الله عليه وسلم
( وما لا نفس له سائلة ) المراد بالنفس السائلة الدم السائل لأن العرب تسمي الدم نفسا ومنه قيل للمرأة نفساء لسيلان دمها عند الولادة ويقال نفست المرأة إذا حاضت وسمي الدم نفسا لنفاسته في البدن قاله ابن أبي الفتح وقال الزمخشري النفس ذات الشيء وحقيقته يقال عندي كذا نفسا ثم قيل للقلب نفس لأن النفس به كقولهم المرء بأصغريه ( كالذباب ) هو هنا المعروف وهو مفرد وجمعه ذبان أذبة ولا يقال ذبابة ( وغيره ) سواء كان من حيوان البر أو البحر كالعقرب والخنفساء والعلق والسرطان ونحوها فإنها لا تنجس بالموت فعلى هذا لا ينجس الماء اليسير بموتها فيه في قول عامة العلماء وهو أصح الروايتين لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحية شفاء وفي الآخر داء رواه احمد والبخاري والظاهر موته بالغمس لاسيما إذا كان الطعام حارا فإنه لا يكاد يعيش غالبا ولو نجس الطعام لأفسده فيكون أمرا بإفساد الطعام وهو خلاف ما قصده الشارع لأنه قصد بغمسه إزالة ضرره ولأنه لا نفس له سائلة أشبه دود الخل إذا مات فيه والثانية نجس
____________________
1-
(1/252)
وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يؤكل لا لحرمته أشبه الحمار وفي الرعاية وعنه ينجس إن لم يؤكل فينجس به الماء القليل في الأصح إن أمكن التحرز منه غالبا وقلنا ينجس القليل بمجرد ملاقاة النجاسة دون تغيره فأما إن كان متولدا من النجاسة كدود الحش وصراصره فهو نجس حيا وميتا قال في الشرح إلا إذا قلنا إن النجاسة تطهر بالاستحالة ولا يرد هذا على المتن لأن موته لم يؤثر فيه شيئا بل هو باق على ما كان عليه
تنبيه ما له نفس سائلة ضربان نجس في الحياة وهو ظاهر إذ موته لا يزيده إلا خبثا وطاهر وهو ثلاثة أنواع آدمي وقد تقدم حكمه وما تباح ميتته كسمك ونحوه فلا ينجس بالموت لأنه لو نجس به لم يبح أكله وعنه نجاسة الطافي وإن مات بغير فعل آدمي وقلنا يحرم الطافي ففيه روايتان بناء على نجاسة دمه فإن لم يكن له دم لم يحرم على الأصح وما لا تباح ميتته كحيوان البر المأكول وحيوان البحر الذي يعيش فيه كالضفدع والتمساح ونحوهما فينجس بالموت وينجس الماء اليسير لملاقاته والكثير بتغيره وللوزغ نفس سائلة نص عليه كالحية لا العقرب وفي الرعاية في دود القز وبزره وجهان
( وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر ) في المنصور عند أصحابنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها والنجس لا يباح شربه ولو أبيح للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة وكان صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم وأمر بالصلاة فيها وطاف على بعيره ولأنه لو
____________________
1-
(1/253)
وعنه أنه نجس ومني الآدمي طاهر وعنه أنه نجس ويجزئ فرك يابسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان نجسا لتنجست الحبوب التي تدوسها البقر فإنها لا تسلم من أبوالها وأروثها وشمل كلامه بول سمك ونحوه مما لا ينجس بموته فإنه طاهر على المذهب ( وعنه أنه نجس ) لأنه رجيع من حيوان أشبه غير المأكول ( ومني الآدمي طاهر ) في ظاهر المذهب لقول عائشة كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلي فيه متفق عليه وقال ابن عباس امسحه عنك بإذخرة أو خرقة فإنما هو بمنزلة المخاط والبصاق رواه سعيد حثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عنه ورواه الدارقطني مرفوعا ولأنه لا يجب غسله إذا جف فلم يكن نجسا كالمخاط وظاهره أنه لا فرق بين ما أوجب غسلا أو لا وصرح به في الرعاية وهو بدء خلق آدمي فكان طاهرا كالطين وبهذا فارق البول فعلى هذا يستحب فرك يابسه لقول عائشة كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا رواه الدارقطني ولأنه مستحيل من الدم أشبه القيح فعلى هذا يعفى عن يسيره وعنه كالبول لما في الصحيح عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه خارج معتاد من السبيل أشبه البول فعلى هذا لابد من غسله وظاهر المغني و الشرح أنه يجزئ فرك يابسه وجزم ابن عقيل أنه كالبول في مني الخصي لاختلاطه بمجرى بوله وقيل وقت جماع لأنه لا يسلم من المذي وبعده في المغني وفي المحرر على هذه الرواية أنه يجزئ فرك يابسه في الرجل وتمسك بقول أحمد لأنه ثخين فيؤثر فيه الفرك تخفيفا بخلاف مني المرأة فإنه رقيق ولا يبقى له جسم بعد جفافه فلا يفيد الفرك فيه شيئا فإن خفي موضع
____________________
1-
(1/254)
وفي رطوبة فرج المرأة روايتان وسباع البهائم والطير والبغل والحمار الأهلي نجسة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفرك فيه فركه كله لكن لو أمنى وعلى فرجه نجاسة تنجس منيه لإصابته النجاسة ولم يعف عن شيء منه
فرع حكم بقية الخارج من بدن الآدمي كالعرق والريق والمخاط ونحوها طاهر حتى البلغم سواء كان من الرأس أو الصدر ذكره القاضي وقال أبو الخطاب هو نجس وقيل بلغم الصدر جزم به ابن الجوزي لأنه استحال في المعدة أشبه القيئ والأول أشهر لأنه لو كان نجسا لنجس الفم ونقض الوضوء ولا نسلم أنه استحال في المعدة بل هو منعقد من الأبخرة كالمخاط وما سال من الفم وقت النوم طاهر في ظاهر كلامهم
( وفي رطوبة فرج المرأة ) وهو مسلك الذكر ( روايتان ) إحداهما نجسة لأنها بلل في الفرج لا يخلق منها الآدمي أشبه المذي والثانية وهي الصحيحة وجزم بها الأكثر أنها طاهرة لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوبه عليه السلام وإنما كان من جماع لأن الأنبياء لا يحتلمون وهو يصيب الرطوبة ولأنه لو حكمنا بنجاستها فحكمنا بنجاسة منيها لكونه يلاقي رطوبته بخروجه منه وقال القاضي ما أصاب منه في حال الجماع فهو نجس لأنه لا يسلم من المذي وهو ممنوع فإن الشهوة إذا اشتدت خرج المني وحده كالاحتلام
( وسباع البهائم وسباع الطير والبغل ) إذا كان من الحمار الأهلي ( والحمار الأهلي نجسة ) نصره في التحقيق وجزم به في الخرقي والوجيز وقدمه في المحرر و الفروع لأنه عليه السلام لما سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب فقال
إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء
فمفهومه أنه ينجس إذا لم يبلغها
____________________
1-
(1/255)
وعنه أنها طاهرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقال يوم خيبر عن الحمر
إنها رجس
متفق عليه والرجس النجس ولأنه حيوان حرم أكله لخبثه لا لحرمته ويمكن التحرز منه فكان نجسا وجميع أجزائه وفضلاته كذلك ( وعنه أنها طاهرة ) نقلها عنه إسماعيل بن سعيد واختارها الآجري وقال في المحرر ما عدا الكلب والخنزير وهو مراد لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل
أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال نعم وبما أفضلت السباع كلها
رواه الشافعي والبيهقي من رواية ابن أبي حبيبة قال البخاري هو منكر الحديث وروى ابن ماجة من حديث أبي سعيد معناه وفيه قال
لها ما أخذت في أفواهها ولنا ما غبر طهور
ومر عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص على حوض فقال يا صاحب الحوض ترد على حوضك السباع فقال عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد عليها وترد علينا رواه مالك ولأنه حيوان يجوز بيعه فكان طاهرا كبهيمة الأنعام وعنه طهارة البغل والحمار اختاره المؤلف لأنه عليه السلام كان يركبهما وركبا في زمنه ولأنه لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما فكانا طاهرين كالسنور وأما قوله
إنها رجس
أراد به التحريم كقوله في الأنصاب والأزلام إنه رجس وقيل لحمها نجس وعليها حكمها حكم الآدمي قال في الشرح وغيره إلا في منيها فإن حكمه حكم بولها وذكر السامري وغيره أن في طهارة منيها ولبنها وبيضها على هذه الرواية وجهين وعن أحمد أنهما مشكوك فيهما
____________________
1-
(1/256)
وسؤر الهر والسنور وما دونهما في الخلقة طاهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لتردده بين أمارة تنجسه بدليل أنه يحرم أكله كالكلب وأمارة تطهيره لأنه ذو حافر يجوز بيعه أشبه الفرس فلا يجب غسل رأسه إذا وجد الماء المطلق فعلى هذه إذا لم يجد غير سؤرهما توضأ به ثم تيمم زاد في الرعاية ينوي الحدث والنجاسة وقال ابن عقيل يتيمم ثم يصلي ثم يتوضا ويصلي ويبطل التيمم بخروج الوقت دون الوضوء قال في الرعاية في الأقيس فيهما
( وسؤر ) بضم السين مهموزا وهو بقية طعام الحيوان وشرابه ( الهر ) ويسمى الضيون بضاد معجمة وياء ونون والسنور القط ( وما دونها في الخلقة ) كابن عرس والفأرة ( طاهر ) غير مكروه نص عليه في الهر وهو قول أكثر العلماء لما روى مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الهر
إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات
شبهها بالخدم أخذا من قول الله تعالى { طوافون عليكم } [ النور 58 ] ولعدم إمكان التحرز منها كحشرات الأرض كالحية قاله القاضي فطهارتها من النص وما دونها من التعليل قال السامري سؤر ما دون الهر طاهر في ظاهر المذهب وفيه وجه وبعد
تنبيه إذا علمت نجاسة فم هر فأوجه ثالثها إن غاب فطاهر وإلا فلا ورابعها إن احتمل ولوغها في ماء كثير طهور فطاهر قال ابن تميم قال شيخنا يعتبر مضي زمن بعد أكلها يزول فيها أثر النجاسة بريقها قال وكذا أفواه الأطفال والبهائم إذا تنجست قال ابن تميم فيكون الريق مطهرا لها ودل أنه لا يعفى عن نجاسة بيدها أو رجلها نص عليه ولا عن يسير نجاسة في طعام خلافا للشيخ تقي الدين وذكره قولا في المذهب لأن الله إنما حرم الدم المسفوح ولفعل الصحابة ولعموم البلوى ببعر الفأر وغيره
____________________
1-
(1/257)
& باب الحيض &
وهو دم طبيعة وجبلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الحيض &
وهو مصدر حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا فهي حائض وحائضة إذا جرى دمها فأصله السيلان مأخوذ من قولهم حاض الوادي إذا سال وحاضت الشجرة إذا سال منها شبه الدم وهو الصمغ الأحمر واستحيضت المرأة استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة وتحيضت أي قعدت أيام حيضها عن الصلاة ويسمى أيضا الطمث والعراك والضحك والإعصار وهو ثابت بالإجماع وسنده قوله تعالى { ويسألونك عن المحيض } [ البقرة 222 ] الآية والسنة قال أحمد الحيض يدور على ثلاثة أحاديث حديث فاطمة وأم حبيبة وحمنة وفي رواية وحديث أم سلمة مكان حديث أم حبيبة ( وهو دم طبيعة ) سجية ( وجبلة ) خلقة كتبه الله تعالى على بنات آدم ترخيه الرحم إذا بلغت في أوقات معلومة يخرج من قعر الرحم وليس هو بدم فساد بل خلقه الله لحكمة غذاء الولد وتربيته وهو مخلوق من مائهما فإذا حملت انصرف ذلك بإذن الله تعالى إلى غذائه ولذلك لا تحيض الحامل فإذا وضعته قلبه الله تعالى بحكمته لبنا يتغذى به ولذلك قلما تحيض المرضع فإذا خلت عنهما بقي الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة وقد يزيد على ذلك ويقل ويطول شهرها ويقصر
____________________
1-
(1/258)
ويمنع عشرة أشياء فعل الصلاة ووجوبها وفعل الصيام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بحسب ما ركبه الله تعالى في الطباع ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببر الأم ثلاث مرات وببر الأب مرة واحدة
( ويمنع عشرة أشياء فعل الصلاة ) فرضا كانت أو نفلا ( و ) يمنع ( وجوبها ) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إسقاط فرض الصلاة عنها في أيام حيضها وعلى أن قضاء ما فات منها في أيام حيضها ليس بواجب لقوله عليه السلام لفاطمة بنت أبي حبيش
إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ولما روت معاذة قالت سألت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت أحرورية أنت فقلت لست بحرورية ولكني أسأل فقالت كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة متفق عليهما ومعنى قولها أحرورية الإنكار عليها أن تكون من أهل حروراء وهي مكان ينسب إليه الخوارج لأنهم يرون على الحائض قضاء الصلاة كالصوم ولفرط تعمقهم حتى مرقوا منه ولأنه يشق لتكرره وطول مدته فإن أحبت القضاء فظاهر نقل الأثرم المنع قال في الفروع ويتوجه احتمال يكره لكنه بدعة كما رواه الأثرم عن عكرمة ولعل المراد إلا ركعتي الطواف لأنها نسك لا آخر لوقته فيعايا بها وما اعترض به شيخنا ابن نصر الله عليه ليس بلازم وعلم منه أنه يمنع صحة الطهارة وحكاه بعضهم اتفاقا لأنه حدث يوجب الطهارة واستمراره يمنع صحتها كالبول ولا يمنع غسلها كجنابة نص عليه بل يسن
( وفعل الصيام ) لقوله عليه السلام في حديث أبي سعيد
أليس إذا حاضت
____________________
1-
(1/259)
وقراءة القرآن ومس المصحف واللبث في المسجد والطواف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لم تصم ولم تصل قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها
رواه البخاري وظاهره يقتضي وجوب الصوم وهو كذلك إجماعا لأنه واجب في ذمتها وكذا كل من لزمته عبادة وجبت في ذمته كالدين المؤجل لكنه مشروط بالتمكن منها فإن مات قبل التمكن منها لم يكن عاصيا وتقضيه هي وكل معذور بالأمر السابق لا بأمر جديد على الأشهر وفي الرعاية يقضيه مسافر بالأمر الأول على الأصح وحائض ونفساء بأمر جديد على الأصح وفيه نظر
( وقراءة القرآن ) لقوله عليه السلام
لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن
وقد سبق ونقل الشالنجي كراهتها لها وقال الشيخ تقي الدين إذا ظنت نسيانه وجبت
( ومس المصحف ) للنص
( اللبث في المسجد ) لقوله عليه السلام
لا أحل المسجد لحائض ولا جنب
رواه أبو داود وقيل لا بوضوء وقيل ويمنع دخوله وحكى رواية لخوفها تلويثه في الأشهر ونصه في رواية ابن إبراهيم تمر ولا تقعد والمذهب حيث أمنت تلويثه
( والطواف ) لقوله عليه السلام لعائشة
افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري
متفق عليه ولأنه صلاة وهي ممنوعة منها ومن
____________________
1-
(1/260)
والوطء في الفرج وسنة الطلاق والاعتداد بالأشهر ويوجب الغسل والبلوغ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لوازمه اللبث في المسجد وهي ممنوعة منه وعند الشيخ تقي الدين بلا عذر وعن أحمد يصح منها ويجبره بدم
( و ) يمنع ( الوطء في الفرج ) لقوله تعالى { فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } [ البقرة 222 ] ولقوله عليه السلام
اصنعوا كل شيء إلا النكاح
رواه مسلم ويستثنى منه من به شبق بشرطه
( وسنة الطلاق ) لما روي عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال
مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا
متفق عليه ولم يقل البخاري
أو حاملا
ولأنه إذا طلقها فيه كان محرما وهو طلاق بدعة لما فيه من تطويل العدة وسيأتي وهذا ما لم تسأله الطلاق بعوض أو الخلع وفيه وجه
( والاعتداد بالأشهر ) لقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } [ البقرة 228 ] فأوجب العدة بالقروء وشرطه في الآية عدم الحيض لقوله تعالى { واللائي يئسن } [ الطلاق 4 ] الآية ويستثنى منه المتوفى عنها زوجها
( ويوجب الغسل ) عند انقطاعه لقوله صلى الله عليه وسلم
دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي
متفق عليه وقد سبق في الغسل الاختلاف فيه هل يجب بالخروج أو الانقطاع
( والبلوغ ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار
رواه أحمد وغيره من حديث عائشة وروي أيضا مرسلا وموقوفا فأوجب عليها
____________________
1-
(1/261)
والاعتداد به والنفاس مثله إلا في الاعتداد وإذا انقطع الدم أبيح فعل الصيام والطلاق ولم يبح غيرهما حتى تغتسل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن تستتر لأجل الحيض فدل على أن التكليف حصل به وظاهره أن أحكام البلوغ تثبت بابتدائه وصرح به في التلخيص و البلغة ( و ) يوجب ( الاعتداد به ) لما سبق قال في المغني و الشرح وأكثر هذه الأحكام مجمع عليها ( والنفاس مثله ) فيما يجب به ويحرم وما يسقط عنها بغير خلاف نعلمه لأنه دم حيض احتبس لأجل الولد ثم خرج فثبت حكمه لكن لو ضربت الحامل بطنها أو شربت دواء فأسقطت ونفست لم تصل وفي وجوب القضاء وجهان ( إلا في الاعتداد ) لأن انقضاء العدة بالقروء والنفاس ليس بقرء ولأن العدة تنقضي بوضع الحمل ولا يدل على البلوغ لأنه لا يتصور لحصوله بالحمل قبله ولا يحتسب عليه به في مدة الإيلاء ويقطع تتابع صوم الظهار في قول
( وإذا انقطع الدم ) انقطاعا يوجب الغسل والصلاة عليها ( أبيح ) لها ( فعل الصيام ) لأن وجوب الغسل لا يمنع فعله كالجنب ( و ) أبيح ( الطلاق ) لأن تحريمه لتطويل العدة بالحيض وقد زال ذلك
والثاني لا يباحان لمفهوم خبر ابن عمر رواه الدارقطني والأول أصح وألحق القاضي بهما القراءة وهو رواية عن أحمد ( ولم يبح غيرهما حتى تغتسل ) في قول أكثرهم وقال ابن المنذر هو كالإجماع وحكاه إسحاق بن راهويه إجماع التابعين لأن الله تعالى شرط لحل الوطء شرطين انقطاع الدم والغسل فقال { ولا تقربوهن حتى يطهرن } [ البقرة 222 ] أي حتى ينقطع
____________________
1-
(1/262)
ويجوز أن يستمتع من الحائض بما دون الفرج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + دمهن ( فإذا تطهرن ) أي اغتسلن بالماء { فأتوهن } كذا فسره ابن عباس وهي قراءة الأكثر بالتخفيف في الأولى وأهل الكوفة بتشديدها واتفق الكل على تشديد الثانية والتطهر تفعل إنما يكون فيما يتكلفه ويروم تحصيله فيقتضي اتخاذ الفعل منه لقوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } [ المائدة 6 ] وانقطاع الدم غير منسوب إليها ولا صنع لها فيه لا يقال ينبغي على قراءة الأكثر انه ينتهي النهي عن القربان بانقطاع الدم إذ الغاية تدخل في المغيا لكونها بحرف حتى لأنه قبل الانقطاع النهي عن القربان مطلق فلا يباح بحال وبعده يزول التحريم المطلق وتصير إباحة وطئها موقوفا على الغسل وظهر أن قراءة الأكثر أكثر فائدة وقيل لا يحرم وطؤها بعد الانقطاع وقاله داود وفاقا لأبي حنيفة إذا انقطع دمها لأكثره وهو عشرة أيام حل وطؤها وإلا لم يبح حتى تطهر وعلى الأول لو عدمت الماء تيممت وحل وطؤها وإن تيممت لها حل لأن ما أباح الصلاة أباح ما دونها ولو عبر بالطهر لكان أولى لشموله ما ذكرنا
فرع إذا أراد وطأها فادعت حيضا وأمكن قبل نص عليه لأنها مؤتمنة قال في الفروع ويتوجه تخريج في الطلاق وأنه يحتمل أن يعمل بقرينة أو أمارة وقال ابن حزم اتفقوا على قبول قول المرأة تزف العروس إلى زوجها فتقول هذه زوجتك وعلى استباحة وطئها بذلك وعلى تصديقها في قولها أنا حائض وفي قولها قد طهرت
مسألة تغسل المسلمة الممتنعة قهرا ولا نية هنا للعذر كالممتنع من الزكاة
____________________
1-
(1/263)
وإذا فعلته لم تصل به على الصحيح ويغسل المجنونة وتنويه وقال ابن عقيل يحتمل أن يغسلها ليطأها وينوي غسلها تخريجا على الكافرة ( ويجوز أن يستمتع من الحائض بما دون الفرج ) من القبلة واللمس والوطء بما دون الفرج في قول جماعة لقوله تعالى { فاعتزلوا النساء في المحيض } [ البقرة 222 ] قال ابن عباس فاعتزلوا نكاح فروجهن رواه عبد بن حميد وابن جرير ولأن المحيض هو اسم لمكان الحيض في ظاهر كلام أحمد وقاله ابن عقيل كالمقيل والمبيت فيختص التحريم بمكان الحيض وهو الفرج ولهذا لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم
اصنعوا كل شيء إلا النكاح
رواه مسلم وفي لفظ الجماع رواه أحمد وغيره ولأنه وطء منع للأذى فاختص بمحله كالدبر وقيل المحيض زمن الحيض قاله في الرعاية وغيرها فالاعتزال على هذا اعتزالهن مطلقا كاعتزال المحرمة والصائمة ويحتمل اعتزال ما يراد منهن في الغالب وهو الوطء في الفرج قال الشيخ تقي الدين هذا هو المراد لأنه قال هو أذى فاعتزلوا فذكر الحكم بعد الوصف بالفاء فدل على أن الوصف هو العلة لا سيما وهو مناسب للحكم كآية السرقة والأمر بالاعتزال في الدم للضرر والتنجيس وهو مخصوص بالفرج فيختص الحكم بمحل سببه وقال ابن قتيبة المحيض الحيض نفسه لقوله تعالى { قل هو أذى } ولا شك أن الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة جائز إجماعا فكذا ما بينهما وعلى هذا يسن ستر فرجها عند مباشرة غيره وقال ابن حامد يجب وعن أحمد لا يجوز أن يستمتع بما بينهما وجزم به في النهاية لخوفه مواقعة المحظور لما روى عبد الله بن سعد أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال
لك ما فوق الإزار
____________________
(1/264)
فإن وطئها في الفرج فعليه نصف دينار كفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رواه أبو داود وأجيب بأنه من رواية حزام بن حكيم وقد ضعفه ابن حزم وغيره سلمنا صحته فإنه يدل بالمفهوم والمنطوق راجح عليه وما روى البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرني أن أتزر فيباشرني وأنا حائض لأنه كان يترك بعض المباح تقذرا كتركه أكل الضب
( فإن وطئها ) من يجامع مثله ولو بلف خرقة قبل انقطاعه ( في الفرج فعليه نصف دينار كفارة ) كذا في المحرر وهو رواية لما روي أن عمربن الخطاب وقع على جارية له فوجدها حائضا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال
يغفر الله لك يا أب حفص تصدق بنصف دينار
رواه حرب وظاهر المذهب أن الكفارة دينار أو نصفه على وجه التخيير لما روى ابن عباس عن الني صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال
يتصدق بدينار أو نصفه
رواه أحمد والترمذي وأبو داود وقال هكذا الرواية الصحيحة وعنه نصفه وعنه نصفه في إدباره وعنه بل في أصفر وما ذكرناه هو المشهور لأنه معنى تجب فيه الكفارة فاستوى الحال فيه بين إقباله وإدباره وصفاته كالإحرام لا يقال كيف يخير بين الشيء ونصفه لأنه كتخيير المسافر بين الإتمام والقصر وظاهره لا فرق بين كونه ذهبا مضروبا أو تبرا نقله الجماعة واعتبر الشيخ تقي الدين كونه مضروبا قال في الفروع هو أظهر لأن الدينار اسم له كما في الدية وذكر في الرعاية هل الدينار هنا عشرة أو اثنا عشر يحتمل وجهين ومراده إذا أخرج دراهم كم يخرج وإلا فلو أخرج ذهبا لم تعتبر قيمته بلا شك وأنه لا فرق بين الناسي والمكره والجاهل
____________________
1-
(1/265)
وعنه ليس عليه إلا التوبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالحيض أو التحريم أو هما للعموم وعنه لا كفارة قال القاضي وابن عقيل بناء على الصوم والإحرام وبان بهذا أن من كرر الوطء في حيضة أو حيضتين أنه في تكرار الكفارة كالصوم فإن وطئها طاهرا ثم حاضت فإن استدام لزمته الكفارة وإن نزع انبنى على الخلاف هل هو جماع أم لا والمنصوص أنها تلزمه الكفارة لأنه وإن كان معذورا فهي واجبة بالشرع كالصوم وأن المرأة لا كفارة عليها وهو وجه لأن الإيجاب بالشرع لم يرد والمنصوص أن عليها الكفارة ككفارة الوطء في الإحرام ومقتضاه أنها إذا كانت مكرهة أو غير عالمة لا شيء عليها كالصبي لعدم تكليفه وظاهر كلامه واختاره ابن حامد أنها تلزمه للعموم وهما في القيمة والكفارة للفقراء وتجزئ إلى مسكين واحد كنذر مطلق وتسقط بالعجز عنها على الأصح وعنه تلزمه بوطء دبر وهو غريب
فرع الوطء في الحيض ليس بكبيرة خلافا للشافعي وإنما شرعت الكفارة زجرا عن معاودته ولهذا أغنى وجوبها عن التعزير في وجه ( وعنه ليس عليه إلا التوبة ) قدمه ابن تميم وجزم به في الوجيز وهو قول أكثر العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم
من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد
رواه ابن ماجة وضعفه البخاري ولأنه وطء نهي عنه لأجل الأذى أشبه الوطء في الدبر وكما لو وطئ بعد انقطاعه قبل غسلها في المنصوص وحديث الكفارة مداره على عبد الحميد بن زيد
____________________
1-
(1/266)
وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين وأكثره خمسون سنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بن الخطاب قيل لأحمد في نفسك منه شيء قال نعم قال ولو صح ذلك لكنا نرى عليه الكفارة
تذنيب بدن الحائض وعرقها وسؤرها طاهر ولا يكره طبخها وعجينها وغير ذلك ولا وضع يديها على شيء من المائعات ذكره ابن جرير إجماعا ولعل المراد ما لم يفسد من المائعات بملاقاة بدنها وإلا توجه المنع فيها وفي المرأة الجنب قاله في الفروع
( واقل سن تحيض له المرأة ) تمام ( تسع سنين ) في المشهور من المذهب قال الترمذي قالت عائشة إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ورواه القاضي مرفوعا من رواية ابن عمر أي حكمها حكم المرأة قال الشافعي رأيت جدة لها إحدى وعشرين سنة وذكر ابن عقيل أن نساء تهامة يحضن لتسع سنين وظاهره أنها إذا رأت الدم لدون تسع سنين فليس بحيض وهو كذلك بغير خلاف لأنه لم يثبت في الوجود والعادة لأنثى حيض قبل استكمالها وأنه لا فرق فيه بين البلاد الحارة والباردة وقيل لا حيض قبل تمام عشر وعنه اثنتا عشرة لأنه الزمان الذي يصح فيه بلوغ الغلام وهو تقريب وقيل تحديد ولانقطاعه غاية نص عليه
( وأكثره خمسون سنة قدمه في المستوعب و التلخيص وصححه في البلغة واختاره عامة المشايخ قاله ابن الزاغوني لقول عائشة إذا بلغت
____________________
1-
(1/267)
وعنه ستون في نساء العرب والحامل لا تحيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض
ذكره أحمد وقال أيضا لن ترى في بطنها ولدا بعد الخمسين رواه أبو إسحاق الشالنجي وظاهره أنه لا فرق بين نساء العرب وغيرهن لاستوائهن في جميع الأحكام
( وعنه ستون في نساء العرب ) وخمسون لغيرهن وقاله أهل المدينة لأنهن أقوى جبلة وعنه غايته ستون سنة جزم بها في المحرر و الوجيز وقدمها ابن تميم واختارها أبو الخطاب في خلافه الصغير لأن ما قبل ذلك وجد فيه حيض بنقل نساء ثقات وعنه إن تكرر بعد الخمسين فهو حيض وإلا فلا صححها في الكافي لوجوده على ما نقله الزبير بن بكار وعنه مشكوك فيه اختارها الخرقي فتصوم وتصلي لأن وجوبها متيقن فلا يزول بالشك ولا يقربها زوجها إذا انقطع حتى تغتسل لاحتمال أن يكون حيضا والصوم تقضيه وجوبا على الأصح لأنه واجب بيقين فلا يسقط بالشك وقد علم أنها إذا رأت دما ( بعد السنين ) أنه ليس بحيض بغير خلاف في المذهب لأنه لم يوجد وهو بمنزلة الجرح قاله أحمد وهو دم فساد خلافا للشافعي فإنه لا غاية لانقطاعه فالجواب أنه قد وصف النساء بالإياس منه لقوله تعالى { واللائي يئسن من المحيض } [ الطلاق 4 ] ولو أمكن أن يكون حيضا لم تيأس أبدا ولأنها تعتد بالأشهر
( والحامل لا تحيض ) في المنصوص وفاقا لأبي حنيفة لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس
لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض
رواه أحمد وأبو داود من رواية شريك القاضي فجعل الحيض
____________________
1-
(1/268)
وأقل الحيض يوم وليلة وعنه يوم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + علما على براءة الرحم فدل على أنه لا يجتمع معه وقال عليه السلام في حق ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض
ليطلقها طاهرا أو حاملا
فجعل الحمل علما على عدم الحيض كالطهر احتج به أحمد وعنه بلى حكاها أبو القاسم التميمي والبيهقي والشيخ تقي الدين واختارها قال في الفروع وهي أظهر وذكر عبيدة بن الطيب أنه سمع إسحاق ناظر أحمد ورجع إلى قوله هذا رواه الحاكم لأنه دم صادف عادة فكان حيضا كغيرها فعلى الأولى إذا رأت دما فهو دم فساد لا تترك له العبادة ولا تمنع زوجها من وطئها ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه نص عليه وفي وجوبه وجهان إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فهو نفاس ولا تنقص به مدته نص عليه لأنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا ولا تترك العبادة من غير علامة على قرب الوضع عملا بالأصل فإن تركتها لعلامة فتبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادة الواجبة لأنه تبين أنه ليس بحيض ولا نفاس
( وأقل الحيض يوم وليلة ) هذا هو المشهور واختاره عامة المشايخ لقول علي رضي الله عنه لا ثلاثة أيام خلافا لأبي حنيفة ( وعنه يوم ) اختارها أبو بكر لأن الشرع علق على الحيض أحكاما ولم يبينه فعلم أنه رده إلى العرف كالقبض والحرز وقد وجد حيض معتاد يوما ولم يوجد أقل منه قال عطاء رأيت من تحيض يوما رواه الدارقطني وقال الشافعي رأيت امرأة فقالت إنها لم تزل تحيض يوما لا يزيد وقال أبو عبد الله الزبيري كان في
____________________
1-
(1/269)
وأكثره خمسة عشر يوما وعنه سبعة عشر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نسائنا من تحيض يوما فمن قال به أخذ بظاهر الإطلاق يؤيده قول الأوزاعي عندنا امرأة تحيض بكرة وتطهر عشية ومن قال باليوم والليلة قال إنه المفهوم من إطلاق اليوم ومن ثم قال القاضي يمكن حمل كلام أحمد أقله يوم أي بليلته فتكون المسألة رواية واحدة وهذه طريقة الخلال ولكن الأكثر على خلافها
( وأكثره خمسة عشر يوما ) في ظاهر المذهب قال الخلال لا اختلاف فيه لقول عطاء رأيت من تحيض خمسة عشر يوما يؤيده ما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في سننه عن ابن عمر مرفوعا أنه قال
النساء ناقصات عقل ودين قيل وما نقصان دينهن قال تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي
وذكر ابن المنجا أنه رواه البخاري وهو خطأ قال البيهقي لم أجده في شيء من كتب الحديث وقال ابن مندة لا يثبت بوجه من الوجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم
( وعنه سبعة عشر ) قال ابن المنذر بلغني أن نساء الماجشون كن يحضن سبع عشرة وحكاه ابن مهدي عن غيرهن وقيل عليهما وليلة لا عشرة بلياليها خلافا لأبي حنيفة وقال مالك لأحد لأقله فلو رأت دفعة واحدة كان حيضا وأكثره خمسة عشر يوما
____________________
1-
(1/270)
وغالبه ست أو سبع وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما وقيل خمسة عشر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وغالبه ست أو سبع ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش لما سألته
تحيضي في علم الله بستة ايام أو سبعة ثم اغتسلي وصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن
رواه أبو داود والنسائي وأحمد والترمذي وصححاه وحسنه البخاري ( وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ) هذا هو المختار في المذهب وجزم به في الوجيز لما روى أحمد واحتج به عن علي أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض فقال علي لشريح قل فيها فقال شريح إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة فقال علي قالون أي جيد بالرومية وهذا لا يقوله إلا توقيفا وهو قول صحابي انتشر ولم يعلم خلافه ووجود ثلاث حيض في شهر دليل على أن الثلاثة عشر طهر صحيح يقينا قال أحمد لا يختلف أن العدة يصح أن تنقضي في شهر إذا قامت به البينة وظاهره أن الطهر في أثناء الحيضة لا توقيت فيه وسيأتي
( وقيل خمسة عشر ) هذه رواية عن احمد حكاها في المحرر و الفروع وهي قول أكثر العلماء لما تقدم من قوله تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي وذكر أبو بكر أنهما مبنيان على أكثر الحيض فإن قيل خمسة عشر يوما فأقل الطهر مثله وإن قيل سبعة عشر يوما فأقله ثلاثة عشر يوما
____________________
1-
(1/271)
ولا حد لأكثره فصل والمبتدأة تجس يوما وليلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والمشهور عند الأصحاب لا بناء فأكثر الحيض خمسة عشر يوما وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما ثم إنما يلزم ذلك أن لو كان شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوما فإذا زاد تصور أن حيضها سبعة عشر وطهرها خمسة عشر وأكثر وقيل يزاد على كل عدد ليلة وعنه لا توقيت فيه وهو على ما تعرفه من عادتها اختاره بعض أصحابنا وعنه إلا في العدة أي إذا ادعت انقضاءها في شهر كلفت البينة وإن كان في أكثر منه صدقت ( ولا حد لأكثره ) أي الطهر لأن التحديد من الشرع ولم يرد به ولا نعلم له دليلا ولأنه قد وجد من لا تحيض أصلا لكن غالبه بقية الشهر فصل والمبتدأة
هي التي رأت دم الحيض ولم تكن حاضت في زمن يمكن أن يكون حيضا وظاهره لا فرق بين الأسود والأحمر وهو الأصح وقال ابن حامد وابن عقيل لا تلتفت أول مرة إلا إلى الأسود قدمه في الرعاية فإن كان صفرة أو كدرة فظاهره أنها تجلس صرح به في المغني و الشرح وظاهر كلام الإمام خلافه ( تجلس ) أي تدع برؤيته نقله الجماعة الصلاة والصيام ونحوهما لأن دم الحيض جبلة وعادة ودم الاستحاضة لعارض من مرض ونحوه والأصل عدمه ( يوما وليلة ) نص عليه في رواية ابنيه والمروذي لأن العبادة واجبة في ذمتها بيقين وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا نسقطها بالشك ولو لم نجلسها الأقل لأدى إلى عدم جلوسها أصلا وظاهره أنه إذا كان أقل من يوم وليلة لا يلتفت
____________________
1-
(1/272)
ثم تغتسل وتصلي فإن انقطع دمها لأكثر فما دون اغتسلت عند انقطاعه وتفعل ذلك ثلاثا فإن كان في الثلاث على قدر واحد صار عادة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إليه لأنه دم فساد إلا إذا قلنا أقله يوم قال القاضي وابن عقيل إن المبتدأة لا تجلس فوق الأقل بلا خلاف وإنما موضع ذلك إذا اتصل الدم وحصلت مستحاضة في الشهر الرابع ( ثم تغتسل ) لأنه آخر حيضها حكما أشبه آخره حسا ( وتصلي ) لأن المانع منها هو الحيض وقد حكم بانقطاعه وعدم الغسل وقد وجد حقيقة ولا يحل وطؤها حتى ينقطع أو يجاوز أكثر الحيض لأن الظاهر أنه حيض وإنما أمرناها بالعبادة احتياطاص لبراءة ذمتها فتعين ترك وطئها احتياطاص وعنه يكره وقيل يباح مع خوف العنت فإن انقطع واغتسلت أبيح لأنها رأت النقاء الخالص وعنه يكره لاحتمال عوده كالنفساء وعنه إن أمن العنت وإن عاد بعد الانقطاع حرم الوطء إلى أكثر الحيض
( فإن انقطع دمها لأكثر فما دون ) هو بضم النون لقطعه عن الإضافة ( اغتسلت عند انقطاعه ) لاحتمال أن يكون آخر حيضها فلا تكون طاهرة بيقين إلا بالغسل ( وتفعل ذلك ) أي مثل جلوسها يوما وليلة وغسلها عند آخرهما وعند الانقطاع ( ثلاثا ) لأن العادة لا تثبت إلا بها في المشهور من المذهب لقول النبي صلى الله عليه وسلم
دعي الصلاة أيام أقرائك
هي صيغة جمع وأقله ثلاث ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث كالأقراء في عدة الحرة والشهور وخيار المصراة ومهلة المرتد فعلى هذا تجلس في الشهر الرابع وقال القاضي في الثالث
( فإن كان في ) الأشهر ( الثلاث على قدر ) أي لمقدار ( واحد صار عادة )
____________________
1-
(1/273)
وانتقلت إليه وأعادت ما صامته من الفرض فيه وعنه أنه يصير عادة مرتين فإن جاوز أكثر الحيض فهي مستحاضة فإن كان دمها متميزا بعضه ثخين أسود منتن وبعضه رقيق أحمر فحيضها زمن الدم الأسود (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لما ذكرناه فلو تكرر مختلفا كخمسة من الأول وسبعة في الثاني وعشرة في الثالث فالمتكرر حيض دون غيره ( وانتقلت إليه ) أي لزمها جلوسه ( وأعادت ما صامته من الفرض فيه ) لأنا تبينا فعله في زمن الحيض وكذا حكم غيره من اعتكاف واجب وطواف لكن إن ارتفع حيضها ولم يعد أو أيست قبل التكرار لم تقض ( وعنه أنه ) أي الدم ( يصير عادة ) بتكرره ( مرتين ) لأن العادة مأخوذة من المعاودة وقد عاودها في المرة الثانية فتجلس في الشهر الثالث وقال القاضي بل في الثاني واختاره الشيخ تقي الدين فإن كلام أحمد يقتضيه وعلم منه أن العادة لا تثبت بمرة قال في المغني وغيره لا يختلف المذهب فيه ( فإن جاوز ) الدم ( أكثر الحيض فهي مستحاضة ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم
إنما ذلك عرق وليس بالحيضة
متفق عليه ولأن الدم كله لا يصلح أن يكون حيضا والاستحاضة سيلان الدم في غير وقته من العرق العاذل بالذال المعجمة وقيل المهملة حكاهما ابن سيده والعاذر لغة فيه من أدنى الرحم دون قعره إذ المرأة لها فرجان داخل بمنزلة الدبر منه الحيض وخارج كالأليتين منه الاستحاضة وظاهره أنها لا تحتاج إلى تكرار صححه في الشرح لظاهر حديث حمنة والمنصوص أنه لا يثبت حكمها قبل تكرارها ثلاثا أو مرتين على الخلاف ثم هي لا تخلو من حالين إما أن يكون متميزاص أو غيره فقال ( فإن كان دمها متميزا بعضه ثخين أسود منتن وبعضه رقيق أحمر فيحضها زمن الدم الأسود ) ما لم يزد على أكثر الحيض ولم ينقص عن أقله قال ابن تميم ولا ينقص غيره عن أقل الطهر لما روت عائشة قالت
____________________
1-
(1/274)
وما عداه استحاضة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال
إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي
متفق عليه وفي لفظ النسائي
إذا كان الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو دم عرق
ولأنه خارج من الفرج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني والمذي وظاهره أنها إذا عرفت التمييز جلست من غير تكرار وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي واختاره ابن عقيل لأن معناه أن يتميز أحد الدمين عن الآخر في الصفة وهذا يوجد بأول مرة والتمييز يحصل بأحد أمور ثلاثة واعتبر أبو المعالي اللون فقط فالأسود أقوى ثم الأحمر ثم الأشقر وكريه الرائحة أقوى والثخين أقوى من الرقيق فإن تعارضت الصفات فذكر بعض الشافعية أنه يرجح بالكثرة فإن استوت رجح بالسبق
( وما عداه استحاضة ) فيصير حكمها حكم الطاهرات لما ذكرناه فتغتسل عند انقطاع الأول وتصوم وتتوضأ لكل صلاة كما يأتي
تنبيه تقدم أن دلالة التمييز لا تحتاج إلى تكرار وقال القاضي وأبو الحسن الآمدي تجلس المميزة من التمييز ما تكرر فعلى هذا إذا رأت في كل شهر خمسة أحمر ثم خمسة أسود ثم أحمر واتصل جلست زمان الأسود وهل تجلسه في الشهر الثاني أو الثالث أو الرابع يخرج على الخلاف ولا يعتبر أن لا تزيد مدة الدمين على شهر في وجه فلو رأت عشرة أسود
____________________
1-
(1/275)
وإن لم يكن متميزا قعدت من كل شهر غالب الحيض وعنه أقله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثم ثلاثين أحمر فحيضها زمن الأسود وفي آخر متى زادت مدتهما على شهر بطلت دلالة التمييز ولا يلتفت إلى الأسود فإن نقص التمييز عن الأكثر فطهرها بعده إلى الأكثر مشكوك فيه تفعل فيه كالمعتاد ولا قضاء عليها
وهل يباح وطؤها فيه روايتان قال ابن تميم والصحيح أنه طهر بيقين فإن رأت ستة عشر يوما أحمر ثم باقي الشهر أسود فيحضها زمن الأسود في الأصح والثاني تجلس من الأحمر يوما وليلة ثم تجلس الأسود ومتى بطلت دلالة التمييز فهل تجلس ما تجلسه منه أو من أول الدم فيه وجهان وعنه لا تسقط دلالة التمييز وإن عبر الأكثر قال ابن تميم فعلى هذا ينبغي أن لا تجلس زيادة على الأكثر وتأولها القاضي
( فإن لم يكن متميزا قعدت من كل شهر غالب الحيض ) في ظاهر المذهب واختاره الخرقي وابن أبي موسى والقاضي وجزم به في الوجيز لما روي أن حمنة بنت جحش قالت يا رسول الله إني أستحاض حيضة شديدة كبيرة قد منعتني الصوم والصلاة فقال
تحيضي في علم الله ستا أوسبعا ثم اغتسلي رواه أحمد وغيره وعملا بالغالب ولأنها ترد إلى غالب الحيض وقتا فكذا قدرا فعلى هذا تجتهد في الست والسبع وقيل تخير وتفارق المبتدأة في جلوسها الأول من حيث أنها أول ما ترى الدم ترجو انكشاف أمرها عن قرب ولم يتبين لها دم فاسد وإذا علم استحاضتها فقد اختلط الحيض بالفاسد يقينا وليس قرينة فلذلك ردت إلى الغالب عملا بالظاهر ( وعنه أقله ) اختارها أبو بكر وابن عقيل
____________________
1-
(1/276)
وعنه أكثر وعنه عادة نسائها كأمها وأختها وعمتها وخالتها وذكر أبو الخطاب في المبتدأة أول ما ترى الدم الروايات الأربع وإن استحيضت المعتادة رجعت إلى عادتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في التذكرة لانه اليقين وكحالة الابتداء ( وعنه أكثره ) اختاره في المغني لأنه زمان الحيض فإذا رأت الدم فيه جلسته كالمتادة ( وعنه عادة نسائها كأمها وأختها وعمتها وخالتها ) لأن الغالب شبهها بهن وقياسا على المهر وتقدم القربى فالقربى فإن اختلفت عادتهن جلست الأقل وقيل الأكثر وقيل تتحرى فإن عدم الأقارب اعتبر الغالب زاد ابن حمدان من نساء بلدها ( وذكر أبو الخطاب ) في هدايته وتبعه في الكافي ( في المبتدأة أول ما ترى الدم الروايات الأربع ) الأولى أنها تجلس الأقل لأنه اليقين والثانية تجلس ستا أو سبعا لأنه الغالب والثالثة تجلس عادة نسائها لأن الظاهر شبهها بهن والرابعة تجلس ما تراه من الدم ما لم يجاوز أكثره قياسا على اقله ولما فرغ من الكلام على المستحاضة المبتدأة شرع في أقسام المستحاضة المعتادة ولها أربعة أحوال فأشار بقوله
( وإن استحيضت المعتادة ) وهي التي تعرف شهرها ووقت حيضها منه وطهرها وشهرها عبارة عن المدة التي ترى فيه حيضا وطهرا وأقله أربعة عشر يوما على المذهب وغالبه الشهر المعروف ( رجعت إلى عادتها ) إلى القسم الأول وهي ما إذا كانت ذاكرة لعادتها وهي غير متميزة أو يكون الدم الذي يصلح للحيض ينقص عن أقله أو يزيد على أكثره فهذه تجلس قدر عادتها ثم تغتسل بعدها وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم
دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي
متفق عليه
واعلم أن العادة على ضربين متفقة ومختلفة فالمتفقة أن تكون أياما
____________________
1-
(1/277)
وإن كانت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + متساوية كسبعة في كل شهر فإذا استحيضت جلستها فقط والمختلفة قسمان إما أن تكون على ترتيب مثل أن ترى في شهر ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة ثم تعود إلى مثل ذلك فهذه إذا استحيضت في شهر فعرفت توبته عملت عليه وإن نسيت نوبته جلست الأول وهو ثلاثة ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر وإن علمت أنه غير الأول وشكت هل هو الثاني أو الثالث جلست أربعة لأنها اليقين ثم تجلس في الشهرين الأخيرين ثلاثة ثلاثة وفي الرابع ثم تعود إلى الثلاثة كذلك أبدا ويكفيها غسل واحد عند انقضاء المدة التي جلستها كالناسية وصحح في المغني و الشرح أنه يجب عليها الغسل أيضا عند مضي أكثر عادتها وإما أن يكون على غير ترتيب مثل أن تحيض في شهر ثلاثة وفي الثاني خمسة وفي الثالث أربعة فإن أمكن ضبطه بحيث لا يختلف فهو كالأول وإن لم يمكن ضبطه جلست الأقل من كل شهر واغتسلت عقيبة وذكر ابن عقيل أنها تجلس أكثر عادتها في كل شهر كالناسية للعدد وبعده المؤلف رحمه الله إذ فيه أمرها بترك الصلاة وإسقاطها عنها مع يقين الوجوب بخلاف الناسية فإنا لا نعلم عليها صلاة واجبة يقينا والأصل بقاء الحيض ثم أشار إلى الثاني وهو إذا اجتمعت العادة والتمييز بقوله ( وإن كانت ) أي تقدم العادة عليه في ظاهر كلام أحمد وأكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز لما روت أم حبيبة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الدم فقال لها
امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي
____________________
1-
(1/278)
279 رواه مسلم وهو عام في كل مستحاضة ولأن العادة أقوى لكونها لا تبطل دلالتها بخلاف اللون فإنه إذا زاد على أكثر الحيض فإنه تبطل دلالته
( وعنه يقدم التمييز ) على العادة بشرطه ( وهو اختيار الخرقي ) وقدمه في الرعاية لقوله عليه السلام لفاطمة
فإنه أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة
ولأن صفة الدم أمارة قائمة به والعادة بخلافه ولأنه خارج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني وغيره وظاهره لا فرق بين أن يكون أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضا فلو اتفقت العادة والتمييز عمل بهما
ويتفرع على الخلاف مسائل
منها إذا كان حيضها خمسة أيام في كل شهر فاستحيضت وصارت ترى ثلاثة أيام دما اسود في أول كل شهر فمن قدم العادة قال تجلس الخمسة كما كانت قبل الاستحاضة ومن قدم التمييز قال تجلس الثلاثة التي فيها الأسود في الشهر الثاني
ومنها إذا كان حيضها سبعا من أول كل شهر فاستحيضت وصارت ترى سبعة أسود ثم يصير أحمر ويتصل فالأسود حيض عليهما لموافقته العادة والتمييز وإن رأت مكان الأسود أحمر ثم صار أسود وعبر سقط حكم الأسود لعبوره أكثر الحيض وحيضها الأحمر لموافقته العادة وإن رأت
____________________
(1/279)
وإن نسيت العادة عملت بالتمييز فإن لم يكن لها تمييز جلست غالب الحيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مكان العادة أحمر ثم رأت خمسة أسود ثم صار أحمر واتصل فمن قدم العادة أجلسها أيامها ومن قدم التمييز جعل الأسود وحده حيضا
( وإن نسيت العادة ) هذا هو القسم الثالث من أقسام المستحاضة وهي التي لها تمييز وعادة وقد أنسيتها ( عملت بالتمييز ) بشرطه لما سبق من حديث فاطمة وظاهره لا فرق بين أن يكون المتميز متفقا مثل أن ترى في كل شهر ثلاثة أسود ثم يصير أحمر ويعبر أكثر الحيض أو مختلفا مثل أن ترى في كل شهر ثلاثة أسود ثم يصير أحمر ويعبر أكثر الحيض أو مختلفا مثل أن ترى في الأول خمسة أسود وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة أو بالزيادة فيهما فالأسود حيض على كل حال وظاهره لا يعتبر فيه تكرار وهو كذلك على المذهب وذكر في الرعاية فيها الروايات الأربع
( فإن لم يكن لها تمييز جلست غالب الحيض ) هذا هو القسم الرابع من أقسام المستحاضة وهي الناسية للعادة ولا تمييز لها ولها ثلاثة أحوال أحدها أن تكون ناسية لوقتها وعددها وهذه تسمى المتحيرة لأنها قد تحيرت في حيضها وحكمها أن تجلس غالب الحيض في ظاهر المذهب اختاره الخرقي وجزم به في الوجيز وقدمه غير واحد لحديث حمنة بنت جحش ولأنه لم يستفصلها هل هي مبتدأة أو ناسية ولو افترق الحال لسألها وكونها ناسية أكثر فإن حمنة امرأة كبيرة قاله أحمد ولم يسالها عن تمييزها ولا عادتها فلم يبق إلا أن تكون ناسية فعلى هذا إن كانت تعرف شهرها جلست ذلك منه لأنه عادتها فترد إليها كما ترد المعتادة إلى عادتها إلا أنه متى كان شهرها أقل من عشرين يوما لم تجلس منه أكثر من الفاضل عن ثلاثة عشر يوما أو خمسة عشر لئلا
____________________
1-
(1/280)
وعنه أقله وقيل فيها الروايات الأربع وإن علمت عدد أيامها ونسيت موضعها جلستها من أول كل شهر في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ينقص الطهر عن أمله وإن لم تعرف شهرها جلست من الشهر المعتاد للخبر ولأنه غالب عادات النساء فالظاهر أنه حيضها وتجتهد في الست والسبع فما غلب على ظنها جلسته صححه في المغني وغيره وذكر القاضي في موضع أنها تخير بينهما كالوطء فيه يتخير في التكفير بين دينار ونصفه لأن أو للتخيير وأجيب عنه بأنها قد تكون للاجتهاد لقوله تعالى { فإما منا بعد وإما فداء } [ محمد 4 ] و إما ك أو ولم يعرض لوقت إجلاسها وفيه وجهان والأشهر أنه من أول كل شهر ( وعنه أقله ) لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه فلا تدع العبادة لأجله وجعله في الكافي مخرجا وليس كذلك بل هو منصوص عليه
( وقيل فيها الروايات الأربع ) لو اقتصر في حكاية هذا القول على الروايتين الأخريتين لكان أولى ولهذا قال القاضي يتخرج فيها الروايتان الأخريتان كالمبتدأة لأن بنسيان العادة صارت عادمة لها فهي كمن عدمت العادة وهي تجلس عادة نسائها والأكثر والمشهور انتفاؤهما وظاهره أن استحاضتها لا تحتاج إلى تكرار وهو الأصح وحكى القاضي وجها أنها لا تجلس شيئا بل تغتسل لكل صلاة وتصلي وتصوم ويمنع الزوج من وطئها وتقضي الصوم الواجب
( وإن علمت عدد أيامها ونسيت موضعها ) هذا هو الحال الثاني من أحوال الناسية وهي تنقسم إلى قسمين أحدهما أن تعلم العدد ولا تعلم الوقت أصلا مثل أن تعلم أن حيضها خمسة أيام مثلا من النصف الأول ( جلستها من أول كل شهر هلالي ( في أحد الوجهين ) اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز ولم يفرقوا لأنه عليه السلام جعل حيض حمنة من أول الشهر والصلاة في بقيته
____________________
1-
(1/281)
وفي الآخر تجلسها بالتحري وكذلك الحكم في كل موضع حيض من لا عادة لها ولا تمييز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأن دم الحيض جبلة والاستحاضة عارضة فإذا رأته وجب تغليب دم الحيض وقيل تجلس في تمييز لا يعتد به إن كان لأنه أشبه بدم الحيض وهو ظاهر كلام ابن تميم ( وفي الآخر تجلسها بالتحري ) قيل هو الصواب وفيه نظر لأنه عليه السلام ردها إلى الاجتهاد في العدد فكذا في الوقت ولأنه لا أثر للهلال في أمر الحيض بوجه وذكر المجد وغيره إن ذكرت أول الدم كمعتادة انقطع حيضها أشهرا ثم جاء الدم خامس يوم من الشهر مثلا واستمر وقد أنسيت العادة فالوجهان الأخيران والثالث تجلس مجيء الدم من خامس كل شهر وهو ظاهر كلام أحمد لأنه عليه السلام أمر حمنة ابتداء بجلوس ست أو بسع ثم تصوم وتصلي ثلاثا وعشرين أو أربعا وعشرين وقال
فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن
وليس حيض النساء عند رؤوس الأهلة غالبا ومتى تعذر التحري بأن يتساوى عندها الحال ولم تظن شيئا أو تعذر الأولية عملت بالآخر وقال ابن حامد والقاضي إذا علمت قدر عادتها وجهلت موضعها بأن قالت حيضتي أحد أعشار الشهر فإنها لا تترك الصوم ولا الصلاة وعليها أن تغتسل كلما مضى قدر عادتها ويمنع وطؤها وتقضي من الصوم الواجب بقدرها وكذا الطواف وعنه لا تجلس شيئا
( وكذلك الحكم في كل موضع حيض من لا عادة لها ولا تمييز ) يعني أن فيهما الوجهين اللذين ذكرهما من لا عادة لها ولا تمييز تشارك من نسيت موضع حيضها في تعذر الجلوس في زمن محقق فوجب أن يثبت لها حكمها لأن الاشتراك يوجب المساواة وفيها وجه آخر والمذهب كما جزم به في الوجيز أنها تجلس في
____________________
1-
(1/282)
وإن علمت أيامها في وقت من الشهر كنصفه الأول جلستها فيه إما من أوله أو بالتحري على اختلاف الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أول الشهر ( وإن علمت أيامها في وقت من الشهر كنصفه الأول ) هذا هو القسم الثاني وهي أن تعلم أنها كانت تحيض أياما معلومة من العشر الأول ( جلستها ) أي الأيام ( فيه ) أي من ذلك الوقت دون غيره لأن ما عداه طهر بيقين ( إما من أوله ) وصححه جمع ( أو بالتحري على اختلاف الوجهين ) المتقدم ذكرهما فيمن نسيت موضع حيضها
ثم أعلم أنه لا يخلو عدد أيامها إما ان يكون زائدا على نصف ذلك الوقت أو يكون نصف المدة فأقل أما الأول فإنك تضم الزائد إلى مثله مما قبله فهو حيض بيقين فإذا قالت حيضتي سبعة ايام من العشر الأول فقد زادت يومين على نصف الوقت فتضمها إلى مثلها فيصير لها أربعة أيام حيضا بيقين وهي من أول الرابع إلى آخر السابع ويبقى لها ثلاثة أيام تجلسها من أول العشر أو بالتحري فيكون ذلك حيضا مشكوكا فيه وحكمه كالمتيقن في ترك العبادات ويبقى لها ثلاثة أيام طهرا مشكوكا فيه حكمه كالمتيقن في وجوب العبادات وسائر الشهر طهر وأما الثاني فليس لها حيض بيقين لأنها متى كانت تحيض خمسة أيام احتمل أن يكون الخمسة الأولى وأن تكون الثانية وأن يكون بعضها من الأولى وباقيها من الثانية فحينئذ تجلسها على الخلاف ولا يعتبر التكرار في الناسية صرح به في المغني و الشرح لأنها عرفت استحاضتها في الشهر الأول فلا معنى للتكرار
____________________
1-
(1/283)
وإن علمت موضع حيضها ونسيت عدده جلست فيه غالب الحيض أو أقله على اختلاف الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وإن علمت موضع حيضها ونسيت عدده ) هذا هو الحال الثالث من أحوال الناسية وهي الناسية لعددها دون وقتها ( جلست فيه ) أي في ذلك الموضع دون غيره كمن تعلم أن حيضها في العشر الأول فهي في قدر ما تجلسه كالمتحيرة فإنها تجلس ( غالب الحيض أو أقله على اختلاف الروايتين ) المنصوصتين والأكثر وعادة نسائها على المخرجتين والصحيح أنها تجلس الغالب من العشر وهل هو من أوله أوب التحري على الخلاف فإذا علمت ابتداءه بأن قالت حيضي كان من أول يوم من الشهر فذلك اليوم حيض يقينا فإن قلنا برواية الأقل لم يزد عليه وإن قلنا بالغالب جلست تمامه من النصف الأول فيكون حيضا مشكوكا فيه وبقية النصف طهر مشكوك فيه قال القاضي في شرحه تغتسل عقيب اليوم ثم تغتسل لكل صلاة إلى الخامس عشر ولا يأتيها زوجها ثم تتوضأ لكل صلاة إلى آخر الشهر وإن علمت آخره بأن قالت كان آخر حيضتي مع آخر الشهر ولا أعلم أوله فاليوم الأخير حيض بيقين ويكتفي به على الأقل وعلى الغالب تضيف إليه من النصف الأخير تمام ست أو سبع فيكون حيضا مشكوكا فيه وبقية النصف طهرا مشكوكا فيه وقال القاضي من أول النصف الثاني إلى التاسع والعشرين طهر مشكوك فيه تصوم وتصلي وتقضي الصوم وتتوضأ لكل صلاة من غير غسل ولا يقربها زوجها وإن جهلت طرفي حيضها بأن قالت كنت أول يوم من الشهر حائضا لا أعلم هل هو طرف الحيضة أو وسطها ولا أعلم هل هو كلها أو بعضها فاليوم الأول حيض يقينا والسادس عشر طهر يقينا وبقية النصف مشكوك فيه فعلى الأقل تجلسه فقط
____________________
1-
(1/284)
وإن تغيرت العادة بزيادة أو تقدم أو تأخر أو انتقال فالمذهب أنها لا تلتفت إلى ما خرج عن العادة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعلى الغالب تضيف إليه تمام ست أو سبع إن قلنا تجلس من أول الشهر أو بالتحري
مسألة إذا ذكرت الناسية عادتها ردت إليها والمعتادة كما تقدم من علمت أيام حيضها وطهرها فإن جهلتهما أو الطهر وحده ردت إلى الشهر الهلالي عملا بالغالب ولان تركها لعارض النسيان وقد زال وإن تبين أنها تركت الصلاة في غير عادتها لزمها إعادتها وقضاء ما فعلته من الصوم الواجب ونحوه في عادتها
( وإن تغيرت العادة بزيادة ) مثل أن يكون حيضها خمسة من كل شهر فتصير ستة ونحوها ( أو تقدم ) مثل أن يكون عادتها من أول الشهر ستة فتصير يومين من الشهر السابق وأربعة من الثاني وهو الذي تحيض فيه ( أو تأخر ) مثل أن يكون حيضها خمسة من أول الشهر فتصير خمسة في ثانية ( أو انتقال ) مثل أن يكون حيضها الخمسة الأول فتصير الخمسة الثانية لكن لم يذكره في المحرر و الوجيز ولا الفروع لأنه في معنى ما تقدم ( فالمذهب أنها لا تلتفت إلى ما خرج عن العادة ) نص عليه لقوله عليه السلام
اجلسي قدر ما كانت تحبسك حيضتك
رواه مسلم ولأن لها عادة فترد إليها كالمستحاضة وتصوم وتصلي في الخارج عن العادة ولا يأتيها زوجها لاحتمال أن يكون حيضا فيجب ترك وطئها احتياطا كما وجبت العبادة احتياطا لكنها تغتسل عقيب العادة وعند انقضاء الدم لاحتمال أن يكون حيضا كما قلناه في المبتدأة وعنه لا يجب الغسل عقيب الخارج عن العادة وفي الرعاية لا يجب الغسل
____________________
1-
(1/285)
حتى يتكرر ثلاثا أو مرتين على اختلاف الروايتين وعندي أنها تصير إليه من غير تكرار وإن طهرت في أثناء عادتها اغتسلت وصلت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على الأصح لما زاد عن العادة إن اعتبر تكراره ولم يعبر أكثر الحيض وفي كراهة الوطء فيه وجهان وعلى ما ذكره إن ارتفع حيضها ولم يعد أو يئست قبل التكرار لم تقض ( حتى يتكرر ثلاثا ) جزم به في الوجيز وهو الأشهر فعلى هذا تجلس في الشهر الرابع ( أو مرتين ) فتنتقل من الشهر الثالث وقيل الثاني ( على اختلاف الروايتين ) نقلهما عنه الفضل بن زياد فعليها إذا تكرر صار عادة وأعادت ما فعلته من الصيام والطواف الواجب لكن قال ابن تميم في وجوب إعادته قبل التكرار وجهان وعن أحمد الزائد لا يحتاج إلى تكرار وحده وظاهره أن العادة لا تثبت بمرة زاد في الرعاية على الأصح وقيل إلا في التمييز
( وعندي أنها تصير إليه من غير تكرار ) قال ابن تميم وهو أشبه وحكاه في الرعاية قولا وفي المستوعب رواية وفاقا للشافعي لأن النساء كن يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الصفرة والكدرة فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء رواه مالك ومعناه لا تعجلن بالغسل ومعنى القصة أن تدخل القطنة في فرجها فتخرج بيضاء نقية وقال أحمد هو ماء أبيض يتبع الحيضة ولم يقيده بالعادة فالظاهر أنهن كن يعددن ما يرينه من الدم حيضا من غير افتقاد عادة والظاهر أنهن جرين على العرف في اعتقاد ذلك حيضا ولم يرد من الشرع تغييره وذلك أننا أجلسنا المبتدأة من غير سبق عادة ورجعنا في أكثر أحكام الحيض إلى العرف
( وإن طهرت في أثناء عادتها اغتسلت وصلت ) وصامت لقول ابن
____________________
1-
(1/286)
فإن عاودها الدم في العادة فهل تلتفت إليه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عباس أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل وظاهره أنه لا فرق بين قليل الطهر وكثيره ونقله في الشرح عن الأصحاب لكن أقل الطهر في خلال الحيض ساعة فلو كان النقاء أقل منها فقال في الكافي و الشرح الظاهر أنه ليس بطهر وعن أحمد أقله يوم وصححه المؤلف وابن تميم وابن حمدان لأن الدم يجري تارة وينقطع أخرى وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة حرج فيكون منفيا قال في الشرح وغيره فعلى هذا لا يكون أقل من يوم طهر إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها أو ترى القصة البيضاء وأن الله تعالى وصف الحيض بكونه أذى فإذا ذهب الأذى وجب زوال الحيض وظاهره إباحة وطئها وعنه يكره وخرجه القاضي وابن عقيل على الخلاف في المبتدأة وأنه لا قضاء عليها فيما فعلته فيه من صوم واجب ونحوه إذا عاودها في العادة على الأصح ( فإن عاودها الدم في العادة ) ولم يجاوزها ( فهل تلتفت إليه على روايتين ) أصحهما أنها تلتفت إليه بمعنى أنها تجلسه لأنه صادف زمن العادة أشبه ما لو استمر والثانية لا تلتفت إليه حتى يكرر اختاره ابن أبي موسى وهو ظاهر الخرقي وقال أبو بكر هو الغالب في الرواية عن أبي عبد الله لأنه عاد بعد طهر صحيح أشبه ما لو عاد بعد العادة فعليها حكمه حكم ما لو عاد بعدها وعنه مشكوك فيه كدم نفساء عاد فعلى الأولى إذا عاد في العادة وغيرها ولم يجاوز أكثر الحيض فأوجه أحدها الجميع حيض والثاني ليس بحيض حتى يتكرر والثالث ما في العادة حيض وما زاد ليس بحيض حتى يتكرر فإن جاوز أكثره فمستحاضة لأن بعضه ليس بحيض فيكون كله استحاضة لاتصاله به وانفصاله
____________________
1-
(1/287)
والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض ومن كانت ترى يوما دما ويوما طهرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن الحيض ولم يتعرض المؤلف لعوده بعد العادة وهو ينقسم إلى قسمين تارة يتعذر كونه حيضا وهو إذا عبر أكثره وليس بينه وبين الدم الأول أقل الطهر فيكون استحاضة ولو تكرر وتارة يمكن كونه حيضا وذلك في حالين أحدهما أن يكون بضمه إلى الدم الأول لا يكون بين طرفيها أكثر من خمسة عشر يوما فإذا تكرر جعلناهما حيضة واحدة يلفق أحدهما إلى الآخر ويكون الطهر الذي بينهما طهرا في خلال الحيضة كما لو كانت عادتها عشرة أيام من أول الشهر فرأت منها خمسة دما وطهرت خمسة ثم رأت خمسة دما فلو رأت الثاني ستة أو أكثر امتنع ذلك لما ذكرناه والثاني أن يكون بينهما أقل الطهر وكل من الدمين يصلح حيضا بمفرده كيوم وليلة فصاعدا فهذا إذا تكرر يكون الدمان حيضتين وإن نقص أحدهما عن أقل الحيض فهو دم فساد
( والصفرة والكدرة ) وهي شيء كالصديد يعلوه صفرة وكدرة ( في أيام الحيض ) أي زمن العادة ( من الحيض ) لدخولهما في عموم النص ولقول عائشة وظاهره أنه إذا رأته بعد العادة والطهر أنها لا تلتفت إليه نص عليه لقول أم عطية كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا رواه أبو داود والبخاري ولم يذكر بعد الطهر وعنه بلى إن تكرر لقول أسماء واختاره جماعة وشرط آخرون اتصالها بالعادة
ثم شرع في بيان التلفيق فقال ( ومن كانت ترى يوما دما ويوما طهرا )
____________________
1-
(1/288)
فإنها تضم الدم إلى الدم فيكون حيضا والباقي طهرا إلا أن يجاوزا أكثر الحيض فتكون مستحاضة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكذا في المحرر و الوجيز وذكر في الشرح لا فرق بين كون زمن الدم مثل زمن الطهر أو أكثر أو أقل فلو رأت نصف يوم دما ونصفه طهرا أو ساعة وساعة فقال الأصحاب هو كالأيام في الضم إذا بلغ المجتمع أقل الحيض ولهذا في الفروع ومن رأت دما متفرقا يبلغ مجموعه أقل الحيض ( فإنها تضم الدم إلى الدم فيكون حيضا ) فتجلسه لأنه أمكن جعل كل واحد من الدم حيضة ضرورة أن أقل الطهر بينهما ثلاثة عشر وخمسة عشر يوما فتعين الضم لأنه دم في زمن يصلح كونه حيضاأشبه ما لو لم يفصل بينهما طهر ( والباقي ) أي النقاء ( طهرا ) لما تقدم من أن الطهر في أثناء الحيضة صحيح فتغتسل في زمانه وتصلي لأنه طهر حقيقة فيكون حكما وشرطه أن لا يجاوز مجموعهما أكثر الحيض وعنه أيام الدم والنقاء حيض وفيه وجه لا تجلس ما ينقص عن الأقل إلا أن يتقدم ما يبلغ الأقل متصلا ومتى انقطع قبل بلوغ الأقل ففي وجوب الغسل إذن وجهان ( إلا أن يجاوزا ) أي يعبرا ( أكثر الحيض ) مثل أن ترى يوما دما ويوما طهرا إلى ثمانية عشر ( فتكون مستحاضة ) لقول علي رضي الله عنه وقال القاضي فيمن لا عادة لها طهرها في السادس عشر يمنع كونها مستحاضة في زمن الأكثر فتجلس ما تراه من الدم فيه إذا تكرر والأول أصح فعلى هذا إن كانت معتادة بغير تمييز جلست ما تراه في زمن عادتها في الأصح والثاني تجلس قدر العادة أو ما أمكن منها في زمن الأكثر قال ابن تميم والوجهان فرع على قولنا الطهر في العادة لا يمنع ما بعدها أن يكون حيضا فإن قلنا يمنع لم تجلس غير الدم الأول فإن نقص عن أقله
____________________
1-
(1/289)
فصل والمستحاضة
تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فقال في المغني يضم إليه ما بعده ما يبلغ به الأقل ومنع منه آخرون وانه لا حيض لها قال ابن تميم وهو أظهر وإن كانت عادتها بتلفيق جلست على حسبها وإن لم تكن لها عادة ولها تمييز صحيح جلست زمنه فإن لم يكونا فإن قلنا تجلس الغالب فهل تلفق ذلك من أكثر الحيض أو تجلس أيام الدم من الست أو السبع وإن قلنا تجلس الأقل جلسته من أول يوم فصل ( والمستحاضة )
هي التي ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا ولا نفاسا حكمها حكم الطاهرات في وجوب العبادات وفعلها لأنها نجاسة غير معتادة أشبهت سلس البول ( تغسل فرجها ) لإزالة ما عليه من الدم ( وتعصبه ) بما يمنع الدم على حسب الإمكان من حشو بقطن أو شد بخرقة طاهرة مشقوقة الطرفين لقول حمنة أنعت لك الكرسف يعني القطن تحتشين به المكان قالت إنه أكثر قال فتلجمي
وظاهره ولو كانت صائمة لكن يتوجه أن يقصر على التعصيب فقط والأصح أنه لا يلزمها غسل الدم وإعادة شده لكل صلاة فإن خرج الدم بعد الوضوء لتفريط في الشد أعادت الوضوء لأنه حدث أمكن التحرز منه وإن خرج بغير تفريط فلا شيء عليها
( وتتوضأ لوقت كل صلاة ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة
توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وفي لفظ قال لها
توضئي لوقت كل صلاة
قال الترمذي حديث حسن صحيح
____________________
1-
(1/290)
وتصلي ما شاءت من الصلوات (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يقال فيه وفي غالب الروايات
وتوضئي لكل صلاة
لأنه مقيد فيجب حمله على المقيد به ولانها طهارة عن عذر وضرورة فتقيدت بالوقت كالتيمم وظاهره يجب ولو لم يخرج شيء وهوظاهر كلام جماعة لكن قال في الشرح و الفروع إنه لا يجب إذا لم يخرج شيء نص عليه فيمن به سلس البول وعليه إذا توضأت قبل الوقت بطل بدخوله كالتيمم لأنه لا حاجة إليه إذن واقتضى ذلك صحة طهارتها بعد دخول الوقت فتنوي استباحة الصلاة لا رفع الحدث فإن نوته فقال في التلخيص لا أعلم لأصحابنا فيه قولا وقياس المذهب أنه لا يكفي ولا تعيين النية للفرض في ظاهر كلامهم
( وتصلي ) بوضوئها ( ما شاءت من الصلوات ) إذا كانت أو قضاء أو جمعا أو نذرا ما لم يخرج الوقت كما يجمع بين فرض ونوافل اتفاقا لأنها متطهرة أشبهت المتيمم وعنه يبطل بدخوله وهو اختيار المجد وعنه لا يجمع به بين فرضين أطلقها جماعة وقيدها في المحرر بوضوء للأمربه لكل صلاة قال القاضي في الخلاف تجمع بالغسل لا تختلف الرواية فيه وفي الجامع الكبير تجمع وقت الثانية وتصلي عقيب طهرها وظاهره أن لها التأخير فإن أخرت لحاجة وقيل لمصلحة وفي الرعاية أو تنفل جاز فإن كان لغير ذلك صلت به في وجه وصححه ابن تميم كالمتيمم وفي آخر لا لأنه إنما أبيح لها الصلاة بهذه الطهارة مع وجود الحدث للضرورة ولا ضرورة هنا ومحل هذا ما إذا كان دمها مستمرا وفلو كان لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للفعل تعين فيه فإن توضأت زمن انقطاعه ثم عاد بطل ولو عرض هذا
____________________
1-
(1/291)
وكذلك من به سلس البول والمذي والريح والجريح الذي لا يرقأ دمه والرعاف الدائم وهل يباح وطء المستحاضة في الفرج من غير خوف ألعنت على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الانقطاع لمن عادتها الاتصال ففي بقاء طهارتها وجهان وعنه لا عبرة بانقطاع الدم مع بقاء الاستحاضة بحال لعدم ورود الشرع به للمشقة قال في الشرح وهو أولى وصححه ابن تميم
( وكذلك من به سلس البول والمذي والريح والجريح الذي لا يرقأ دمه والرعاف الدائم ) يعني أن حكم هؤلاء حكم المستحاضة لتساويهم معنى وهو عدم التحرز من ذلك فوجب المساواة حكما قال إسحاق بن راهويه كان يزيد ابن ثابت سلس البول وكان يداويه ما استطاع فإذا غلبه صلى ولا يبالي ما أصاب ثوبه ولم ير أحمد حشو الذكر في ظاهر ما نقله عبد الله وأنه لو احتشى فصلى ثم أخرجه فوجد بللا فلا بأس ما لم يظهر خارجا ونقل الميموني فيمن به رعاف دائم إنه يحتشي ونقل ابن هاني خلافه فإن كان مما لا يمكن عصبه كالجرح الذي لا يمكن شده أو من به باسور أو ناصور ولا يمكن عصبه صلى على حسب حاله لفعل عمر رواه أحمد فإن قدر على حبسه حال القيام وحده ركع وسجد وأجزأته صلاته نص عليه كالمكان النجس وقال أبو المعالي يومئ لأن فوات الشرط لا بدل له قال ولو امتنعت القراءة أو لحقه السلس إن صلى قائما صلى قاعدا قال ولو كان قام وقعد لم يحبسه ولو استلقى حبسه صلى قائما وقاعدا لأن المستلقي لا نظير له اختيارا
( وهل يباح وطء المستحاضة في الفرج من غير خوف العنت على روايتين ) إحداهما يحرم إلا لخوف العنت قدمه غير واحد وذكر في الكافي و الفروع أنه قول الأصحاب قيل وبعدم الطول لنكاح حرة أو ثمن
____________________
1-
(1/292)
فصل وأكثر النفاس أربعون يوما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أمة ذكره في الرعاية لقول عائشة المستحاضة لا يغشاها زوجها ولأن بها أذى فحرم وطؤها كالحائض فإن وطئ أثم ولا كفارة عليه في الأشهر والثانية يباح مطلقا وهو قول أكثر العلماء لأن حمنة كانت تستحاض وكان زوجها طلحة بن عبيد الله يجامعها وأم حبيبة تستحاض وكان زوجها عبد الرحمن بن عوف يغشاها رواهما أبو داود وللعموم في حل وطء الزوجة وقد قيل وطء الحائض يتعدى إلى الولد فيكون مجذوما وعنه يكره وظاهره ذا خاف العنت أو خافته هي وطلبته منه أبيح له لأن حكمه أخف من حكم الحيض ومدته تطول
فائدة لا بأس بشرب دواء مباح لقطع الحيض إذا أمن ضرره نص عليه واعتبر القاضي إذن الزوج كالعزل وشربه يجوز لإلقاء نطفة ذكره في الوجيز ويجوز لحصول الحيض إلا قرب رمضان لتفطر ذكره أبو يعلى الصغير فصل وأكثر النفاس ( أربعون يوما )
وهو دم يرخيه الرحم للولادة وبعدها إلى مدة معلومة وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل لأجله وأصله لغة من التنفيس وهو الخروج من الجوف أو نفس الله كربته أي فرجها ( أربعون يوما ) هذا هو المذهب والمختار للأصحاب لما روت مسة الأزدية عن أم سلمة قالت كانت النفساء تجلس على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال لا نعرفه إلا من حديث مسة وإسناده إليها حسن وقال الخطابي أثنى البخاري على هذا
____________________
1-
(1/293)
ولا حد لأقله أي وقت رأت الطهر فهي طاهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحديث ومعناه كانت تؤمر أن تجلس وإلا كان الخبر كذبا مع أنه إجماع سابق أو كالإجماع وقد حكاه إمامنا عن عمر وعلي وابن عباس وانس وعثمان بن أبي العاص وعائذ بن عمرو وأم سلمة ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم ومن ثم قال الطحاوي لم يقل بالستين أحد من الصحابة وإنما قاله من بعدهم وقال أبو عبيد وعلى هذا جماعة الناس وقال إسحاق هو السنة المجمع عليها وعنه أكثره ستون اتباعا للوجود
وأول مدته من الوضع لا أن تراه قبل ذلك بيومين أو ثلاثة فإنه نفاس ولا يحسب من المدة وإن خرج بعضه فالدم قبل انفصاله نفاس ولا يحسب من المدة على الأصح ويثبت حكمه بوضع شيء فيه خلق الإنسان على الأشهر فعلى المذهب إن جاوز الدم الأكثر وصادف عادة حيضها ولم يجاوز أكثره فحيض وإلا فاستحاضة إن لم يتكرر ولا يدخل حيض واستحاضة في مدة نفاس
( ولا حد لأقله ) لأنه لم يرد في الشرع تحديده فيرجع فيه إلى الوجود وقد وجد قليلا عقب سببه فكان نفاسا كالكثير وعنه أقله يوم وقال أبو الخطاب قطرة وقدم في التلخيص لحظة ( أي وقت رأت الطهر فهي طاهر ) لانقطاع دم النفاس كما لو انقطع دم الحائض في عادتها يؤيده ما روت أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم كم تجلس المرأة إذا ولدت قال
أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك
قال الترمذي أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك وحكى البخاري في تاريخه أن امرأة ولدت بمكة فلم تر دما فلقيت عائشة فقالت أنت امرأة طهرك الله انتهى فعلى هذا لو ولدت ولم
____________________
1-
(1/294)
تغتسل وتصلي ويستحب أن لا يقربها في الفرج حتى تتم الأربعين وإذا انقطع دمها في مدة الأربعين ثم عاد فيها فهو نفاس وعنه أنه مشكوك فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ترد دما فهي طاهرة لا نفاس لها صرح به في المغني وغيره لأن النفاس هو الدم ولم يوجد ( تغتسل وتصلي ) لقول علي لا يحل للنفساء إذا رأت الطهر إلا أن تصلي ولأنه حكم بانقضاء نفاسها وذلك معلق على مطلق الطهر لكن قال في الشرح إذا كان أقل من ساعة ينبغي أن لا تلتفت إليه وإن كان أكثر من ذلك فظاهره أنها تغتسل وتصلي
( ويستحب أن لا يقربها في الفرج ) بعد طهرها وتطهرها ( حتى تتم الأربعين ) قال أحمد ما ينبغي أن يأتيها زوجها على حديث عثمان بن أبي العاص ولأنه لا يأمن عود الدم في زمن الوطء فيكون واطئا في نفاس وفي كراهته روايتان أصحهما الكراهة لما روى ابن شاهين من حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في النفساء
لا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين
قال ابن شهاب العكبري واحتج أحمد بأنه إجماع الصحابة وعنه لا لأنه حكم بطهارتها وظهر أنه لا يحرم وهو الصحيح لأن المانع منه الدم ولا دم وعنه يحرم ذكرها في المجرد لظاهر قول الصحابة وقيل مع عدم العنت وفرق القاضي بينه وبين دم المبتدأة إذا انقطع بان تحريم النفاس آكد لأن أكثره أكثر من أكثر الحيض فجاز أن يلحقه التغليظ في الامتناع من الوطء وفيه نظر وظاهره أنه يقربها في غير الفرج وهو كذلك كالحائض
( وإذا انقطع دمها في مدة الأربعين ) فالنقاء طهر على الأصح ( ثم عاد فيها فهو ) أي العائد ( نفاس ) قدمه في الكافي و المحرر وابن تميم وجزم به في الوجيز لأنه في مدته أشبه الأول ( وعنه أنه مشكوك فيه ) قال في المغني
____________________
1-
(1/295)
تصوم وتصلي وتقضي الصوم المفروض وإن ولدت توأمين فأول النفاس من الأول وآخره منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هي المشهورة نقلها عنه الأثرم وقدمها في الفروع وذكر أنه نقلها واختارها الأكثر كما لو لم تره ثم رأته في المدة في الأصح ( تصوم وتصلي ) أي تتعبد لأنها واجبة في ذمتها بيقين وسقوطها بهذا الدم مشكوك فيه وفي غسلها لكل صلاة روايتان
( وتقضي الصوم المفروض ) ونحوه احتياطا ولوجوبه يقينا لا يقال إنها لا تقضي الصوم قياسا على الناسية إذا صامت في الدم الزائد على الست والسبع لأن غالب حيض النساء كذلك وما زاد عليه نادر والغالب من النفاس وما نقص نادر والحيض يتكرر فيشق القضاء بخلاف النفاس وعنه تقضي الصوم مع عوده بخلاف الطواف اختاره الخلال وظاهره أنه لا يأتيها زوجها فيه وصرح به في المغني وغيره وقال ابن تميم وغيره وعلى الأولى في وجوب قضاء ما صامته فيه أو طافته أو سعته أو اعتكفت الطهر بينهما من واجب روايتان
فرع حكم النفاس كالحيض وفي وطئها ما في وطء حائض نقله حرب وقاله جمع وقيل تقرأ ونقل ابن ثواب تقرأ إذا انقطع الدم اختاره الخلال
( وإن ولدت توأمين ) أي ولدين في بطن واحد ( فأول النفاس من الأول وآخره منه ) أي من الأول في ظاهر المذهب لأنه دم خرج عقيب الولادة فكان نفاسا كحمل واحد ووضعه فعلى هذا متى انقضت الأربعون من حين وضع الأول فلا نفاس للثاني نص عليه وقيل تبدؤه بنفاس اختاره أبو
____________________
1-
(1/296)
وعنه أنه من الأخير والأول أصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المعالي والأزجي وقال لا يختلف المذهب فيه وعنه أوله وآخره من الثاني حسب ذكرها أبو الخطاب وأبو الحسين لأن مدة النفاس متعلق بالولادة فكان ابتداؤها وانتهاؤها من الثاني كمدة العدة فعلى هذا ما تراه قبل وضع الثاني لا يكون نفاسا ذكره في الشرح وقال غيره ما تراه قبله بيومين أو ثلاثة فهو نفاس وما زاد ففساد ( وعنه أنه من الأخير ) يعني أن أوله من الأول وآخره من الأخير ذكره الشريف والقاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل لأن الثاني ولد فلا تنقضي مدة النفاس قبل انتهائها منه كالمنفرد فعلى هذا متى زادت المدة على الأربعين من الأول فهما نفاسان قدمه في الرعاية واختاره في التلخيص وعنه واحد وذكر القاضي أنه منهما رواية واحدة وإنما الروايتان في وقت الابتداء هل هو عقيب انفصال الأول أو الثاني قال في المغني وهذا ظاهره إنكار لرواية من روى أن آخره من الأول ( والأول أصح ) قاله الأصحاب لأن الولد الثاني تبع للأول فلم يعتبر في آخر النفاس كأوله
____________________
1-
(1/297)
= كتاب الصلاة = (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الصلاة =
وهي في اللغة الدعاء لقوله تعالى { وصل عليهم } [ التوبة 103 ] أي ادع لهم وإنما عدي ب على لتضمنه معنى الإنزال ءأي أنزل رحمتك عليهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم
إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل
وقال الشاعر % تقول بنتي وقد قربت مرتحلا % يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا % % عليك مثل الذي صليت فاغتمضي % نوما فإن لجنب المرء مضطجعا %
وفي الشرع عبارة عن أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسلم فلا يرد عليه صلاة الأخرس لأن الأقوال فيها مقدرة والمقدر كالوجود وسميت صلاة لاشتمالها على الدعاء وقيل لأنها ثانية لشهادة التوحيد كالمصلي في السابق من الخيل
واشتقاقها من الصلوين وأحدهما صلى كعصا وهما عرقان من جانب الذنب وقيل عظمان ينحنيان في الركوع والسجود وقال ابن فارس من صليت العود إذا لينته لأن المصلي يلين ويخشع ورده النووي بأن لام الكلمة في الصلاة واو وفي صليت ياء
____________________
1-
(1/298)
وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل إلا الحائض والنفساء وتجب على النائم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وجوابه أن الواو وقعت رابعة فقلبت ياء ولعله ظن أن مراده صليت المخفف فتقول صليت اللحم صليا إذا شويته وإنما أراد ابن فارس المضعف وقال ابن الأعرابي صليت العصى تصلية أدرته على النار لتقومه
( وهي واجبة ) بالكتاب لقوله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } [ النساء 103 ] { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة } [ البينة 5 ]
وبالنسبة منها قوله عليه السلام
بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا
متفق عليه من حديث ابن عمر
وبالإجماع لأنهم أجمعوا على وجوب الخمس في اليوم والليلة قال نافع ابن الأزرق لابن عباس هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال نعم ثم قرأ { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون } [ الروم 17 18 ] وفرضت ليلة الإسراء وهو بعد مبعثه بخمس سنين وقيل قبل الهجرة بسنة وقيل بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا ( على كل مسلم بالغ عاقل ) أي مكلف بغير خلاف ( إلا الحائض والنفساء ) فلا تجب عليهما لما مر
( وتجب على النائم ) أي يجب عليه قضاؤها إذا استيقظ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(1/299)
ومن زال عقله بسكر أو إغماء أو بشرب دواء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها
رواه مسلم من حديث أبي هريرة ولو لم تجب عليه حال نومه لم يجب قضاؤها كالمجنون ويلحق به الساهي والجاهل فلو تركها الجاهل قبل بلوغ الشرع بوجوبها لزمه قضاؤها وقيل لا ذكره القاضي واختاره الشيخ تقي الدين بناء على أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم وأجرى ذلك الشيخ تقي الدين في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الشرع من تيمم وزكاة ونحوهما ( و ) تجب على ( من زال عقله بسكر ) لان سكره معصية فلا يناسب إسقاط الواجب عنه ولأنه إذا وجب بالنوم المباح فبالمحرم بطريق الأولى وقيل يسقط إذا كان مكرها ( أو إغماء ) لما روي أن عمارا غشي عليه ثلاثا ثم أفاق فقال هل صليت قالوا ما صليت منذ ثلاث ثم توضأ وصلى تلك الثلاث وعن عمران بن حصين وسمرة بن جندب نحوه ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع ولأنه لا تطول مدته غالبا ولا تثبت عليه الولاية ويجوز على الأنبياء ولأنه لا يسقط الصوم فكذا الصلاة كالنائم وقيل تسقط عنه ولا يقضيها روي عن ابن عمر وطاووس وغيرهما ( أو بشرب دواء ) وظاهره لا فرق بين أن يكون مباحا أو محرما وقيل إن كان مباحا فلا كالحيوان وفي المغني و الشرح إن طال زواله بشرب المباح لم يجب القضاء كالجنون وإن لم يطل وجب كالإغماء
فرع ما فيه السموم من الأدوية إذا كان الغالب فيه السلامة وفي المغني و الشرح ويرجى نفعه أبيح شربه في الأصح لدفع ما هو أخطر منه كغيره من الأدوية والثاني يحرم لأن فيه تعريضا للهلاك أشبه ما لو لم يرد
____________________
1-
(1/300)
ولا تجب على كافر ولا مجنون ولا تصح منهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + به التداوي وكما لو كان الغالب منه الهلاك فإن قلنا يحرم شربه فهو كالمحرمات من الخمر ونحوه وإن قلنا بإباحته فهو كالمباحات
( ولا تجب على كافر ) أصلي حكاه السامري وغيره رواية واحدة لأنها لو وجبت عليه حال كفره لوجب عليه قضاؤها ولأن وجوب الأداء يقتضي وجوب القضاء واللازم منتف وعنه بلى وصححها في الرعاية ولا يجب عليه القضاء إذا أسلم إجماعا لأنه اسلم خلق كثير في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده فلم يؤمر أحد بقضاء لما فيه من التنفير عن الإسلام وفي خطابه الفروع خلاف وأما المرتد فسيأتي ( ولا مجنون ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم
رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يعقل وعن الصبي حتى يحتلم
رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عائشة ولأنه ليس من أهل التكليف أشبه الطفل ونقل حنبل يعيد إذا أفاق ذكره أبو بكر فعلى الأولى يستثنى ما لو طرأ الجنون على الردة فإنه يجب عليه قضاء أيام الجنون الواقعة في الردة لان إسقاط القضاء عن المجنون رخصة والمرتد ليس من أهلها وقيل لا يجب كالحيض ( ولا تصح منهما ) لان من شرط صحتها النية وهي لا تصح من كافر ولا تقع من مجنون
مسألة لا تجب على الأبله الذي لا يعقل ذكره السامري كالمجنون وفي الرعاية يقضي مع قوله في الصوم الأبله كالمجنون
يقال رجل أبله بين البلاهة وهو الذي غلبت عليه سلامة الصدر وفي الحديث
____________________
1-
(1/301)
وإذا صلى الكافر حكم بإسلامه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أكثر أهل الجنة البله
يعني البله في أمر الدنيا لقلة اهتمامهم بها وهم أكياس في أمر الآخرة وتباله أرى من نفسه ذلك وليس به
( وإذا صلى الكافر ) على اختلاف أنواعه ( حكم بإسلامه ) نص عليه لقوله عليه السلام
من صل صلاتنا واستقبل قبلتنا فله ما لنا وعليه ما علينا
لكن في البخاري من حديث أنس موقوفا في قوله حين سأله ميمون بن سياه فقال
من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم
وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
نهيت عن قتل المصلين
وظاهره أن العصمة تثبت بالصلاة وهي لا تكون بدون الإسلام ولأنها عبادة تختص شرعنا أشبهت الأذان ولا يعتد به ويحكم بكفر من سجد لصنم فكذا عكسه وفائدته لو مات عقيبه ورثه المسلمون ودفن في مقابرهم ولو أراد البقاء على الكفر فهو مرتد فلو ادعى أنه كان متلاعبا أو مستهزئا لم يقبل منه ذكره في عيون المسائل و منتهى الغاية وغيرهما كالشهادتين ولا فرق بين أن تكون صلاته في دار الإسلام أو الحرب جماعة أو فرادى وذكر أبو محمد التميمي أنه محكوم بإسلامه إن صلى جماعة وفي صحة صلاته في الظاهر وجهان فإن صحت لم تصح إمامته في المنصوص وفي حجه وصومه قاصدا رمضان وزكاته ماله وقيل وبقية الشرائع والأقوال المختصة بنا كجنازة وسجدة تلاوة وجهان
____________________
1-
(1/302)
ولا تجب على صبي وعنه تجب على من بلغ عشرا ويؤمر بها لسبع ويضرب على تركها لعشر فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها لزم إعادتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ولا تجب على صبي ) في ظاهر المذهب للخبر ولأنها عبادة بدنية فلم يلزمه كالحج والطفل لا يعقل والمدة التي يكمل فيها عقله وبنيته تخفى وتختلف فنصب الشارع عليه علامة ظاهرة وهي البلوغ فعلى هذا تصح من المميز وهو من له سبع سنين وثواب فعله له ويشترط لصحتها ما يشترط لصحة صلاة البالغ إلا في السترة ذكره في الشرح وهو شامل لغة للصبية كما ذكره ابن حزم ( وعنه تجب على من بلغ عشرا ) لضربه عليها وعنه تجب على المراهق اختاره أبو الحسن التميمي وعليهما يلزمه إتمامها وغلا فالخلاف في النقل ( و ) على الأولى ( يؤمر بها لسبع ويضرب على تركها لعشر ) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم بالمضاجع
رواه أحمد وأبو داود من رواية سوار بن داود وقد وثقه ابن معين وغيره والمراد بهما استكمالهما والأمر والتأديب في حقه لتمرينه عليها حتى يألفها ويعتادها فلا يتركها عند البلوغ فيلزم الولي أمره بها وتعليمه إياها والطهارة نص عليه وقوله يؤمر بها أي من جهة الولي لا من جهة الشارع فإن النص يتضمن أمر الشارع للولي وهو مأمور بأمره فإن احتاج إلى أجرة فمن مال الصبي ثم على من تلزمه نفقته ( فإن بلغ في أثنائها ) كمن تمت مدة بلوغه وهو فيها وسمي بلوغا لبلوغه حد التكليف ( أو بعدها في وقتها لزمه إعادتها ) لأنها نافلة في حقه فلم يجزئه كما لو نواها نفلا وكما يلزمه إعادة الحج إلا على رواية الوجوب ذكره في التلخيص و البلغة وقدم جماعة وجوب الإعادة مطلقا وظاهره أنه لا يلزمه إعادة الطهارة لأن
____________________
1-
(1/303)
ولا يجوز لمن وجبت عليه الصلاة تأخيرها عن وقتها إلا لمن ينوي الجمع أو لمشتغل بشرطها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القصد غيرها قال في الفروع وكذا إسلام لأن أصل الدين لا يصح نفلا فإذا وجد فعلى وجه الوجوب ولأنه يصح بفعل غيره وهو الأب
( ولا يجوز لمن وجبت عليه الصلاة تأخيرها ) أو بعضها ( عن وقتها ) أي وقت الجواز مع القدرة والذكر إجماعا لما روى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن نؤخر الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى
رواه مسلم ولأنه يجب إيقاعها في الوقت فإذا خرج ولم يأت بها كان تاركا للواجب مخالفا للأمر وهو عاص مستحق العقاب ولأنه لو عذر بالتأخير لفاتت فائدة التأقيت واستثنى من ذلك صورتين الأولى ( إلا لمن ينوي الجمع ) لعذر فإنه يجوز له التأخير لأنه عليه السلام كان يؤخر الأولى في الجمع ويصليها في وقت الثانية وسيأتي ولأن وقتيهما يصير وقتا واحدا لهما ومقتضاه لا يحتاج إلى استثنائه وجوابه أن كل صلاة لها وقت معلوم فيتبادر الذهن إليه فيتعين إخراجه والثانية ( أو لمشتغل بشرطها ) كذا في الوجيز و الحاوي واقتصر الأكثر على الأول لأن الصلاة لا تصح بدونه إذا قدر عليه وشرطه أن يكون مقدورا عليه قاله في الشرح وقيده في الفروع بالقريب لكن قال الشيخ تقي الدين ليس مذهبا لأحمد وأصحابه وإن الوقت يقدم واختار تقديم الشرط إن انتبه قبل طلوعها ومن صحت صلاته مع الكراهة كالحاقن لا يجوز أن يشتغل بالطهارة إن خرج الوقت ومن أبيح له التأخير فمات قبل الفعل لم يأثم في الأصح ويسقط إذن بموته قال القاضي لأنه لا يدخلها النيابة فلا فائدة في بقائها في ذمته بخلاف الزكاة والحج ومقتضاه أن له التأخير عن أول وقتها بشرط العزم على فعلها ما لم يظن مانعا منها كموت وقتل وحيض
____________________
1-
(1/304)
ومن جحد وجوبها كفر فإن تركها تهاونا لا جحودا دعي إلى فعلها فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكذا من أعير سترة أول الوقت ومتوضئ عدم الماء في السفر وطهارته لا تبقى إلى آخر الوقت ولا يرجو وجوده ومستحاضة لها عادة بانقطاع دمها في وقت يتسع لفعلها فيتعين الفعل في أول الوقت ويأثم من عزم على الترك إجماعا ومتى فعلت في وقتها فهي أداء
( ومن جحد وجوبها كفر ) إذا كان ممن لا يجهله كالناشئ بين المسلمين في الأمصار زاد ابن تميم وإن فعلها لأنه لا يجحدها إلا تكذيبا لله ورسوله وإجماع الأمة ويصير مرتدا بغير خلاف نعلمه وإن ادعى الجهل كحديث الإسلام والناشئ ببادية عرف وجوبها ولم يحكم بكفره لأنه معذور فإن قال أنسيتها قيل له صل الآن وإن قال أعجز عنها لعذر أعلم أنه يجب عليه أن يصلي على حسب حاله ( فإن تركها تهاونا ) وكسلا ( لا جحودا دعي إلى فعلها ) لاحتمال انه تركها لعذر يعتد سقوطه بمثله كالمرض ونحوه والداعي له الإمام ومن في حكمه ويهدد فيقول له إن صليت وإلا قتلناك وذلك في وقت كل صلاة ( فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله ) نص عليه واختاره الأكثر لقوله تعالى { فاقتلوا المشركين } إلى قوله { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } [ التوبة 5 ] فمتى ترك الصلاة لم يأت بشرط التخلية فيبقى على إباحة القتل ولقوله عليه السلام
من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله
رواه أحمد بإسناده عن مكحول وهو مرسل جيد ولأنها من أركان الإسلام لا تدخلها النيابة فقتل تاركها كالشهادتين ومراده حتى
____________________
1-
(1/305)
وعنه لا يقتل حتى يترك ثلاثا ويضيق وقت الرابعة ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا فإن تاب قبل منه وإلا قتل بالسيف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تضايق وقت الثانية عنها صرح به في الوجيز وقيل عنهما قاله في الرعاية وعنه يجب قتله بدخول وقت الثانية وإن لم يضق قدمه ابن تميم واختاره المجد قال في الفروع وهي أظهر لمفهوم النهي عن قتل المصلين قال ابن حمدان إن وجب القضاء على الفور واختاره أبو إسحاق ابن شاقلا إلا الأولى من المجموعتين لأن وقتهما مع العذر واحد وحسنه في المغني وظاهره أنه إذا لم يدع إليها لم يكفر ولم يقتل بحال
( وعنه لا يقتل حتى يترك ثلاثا ) أي ثلاث صلوات ( ويضيق وقت الرابعة ) قدمه في التلخيص لأنه قد يترك الثلاث لشبهة فإذا ترك الرابعة انتفت الشبهة فيقتل والأصح حتى يضيق وقت الرابعة عنها وقيل بل عنهن وفي المبهج و الواضح و تبصرة الحلواني رواية ثلاثة أيام قتل وجوبا بضرب عنقه ( ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا ) أي ثلاثة أيام وجوبا في الأشهر ويضيق عليه لأنه يقتل لترك واجب فتقدمته الاستتابة كالمرتد وذكر القاضي أنه يضرب وينبغي الإشاعة عنه بتركها حتى يصلي ولا ينبغي السلام عليه ولا إجابة دعوته قاله الشيخ تقي الدين ( فإن تاب قبل منه ) كغيره ويصير مسلما بالصلاة نقل صالح توبته أن يصلي وصوبه الشيخ تقي الدين لأن كفره بالامتناع كإبليس وتارك الصلاة وصحتها قبل الشهادتين كمرتد وظاهره أنه متى راجع الإسلام لم يقض مدة امتناعه كغيره من المرتدين لعموم الأدلة وقدم في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة منهم خلافه ( وإلا قتل بالسيف ) يضرب به عنقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم
إذا قتلتم فأحسنوا القتلة
رواه مسلم أي الهيئة من القتل
____________________
1-
(1/306)
وهل يقتل حدا أو لكفره على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وهل يقتل حدا أو لكفره على روايتين ) أشهرهما انه يقتل كفرا وهي ظاهر المذهب واختارها الأكثر لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
بين الرجل والكفر ترك الصلاة
رواه مسلم وروى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من تركها فقد كفر
رواه الخمسة وصححه الترمذي وروى عبادة مرفوعا
من ترك الصلاة متعمدا فقد خرج من الملة
رواه الطبراني بإسناد جيد وقال عمر لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة
ولأنه يدخل بفعلها في الإيمان فيخرج بتركها منه كالشهادتين فعليها حكمه حكم الكفار من أنه لا يغسل ولا يصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين وذكر القاضي يدفن منفردا وذكر الآجري من قتل مرتدا ترك بمكانه ولا يدفن ولا كرامة وتبين منه زوجته قبل الدخول وكذا بعده إن لم يتب ويصلي في الأشهر والثانية ويقتل حدا قدمها في المحرر وابن تميم واختارها ابن بطة وذكر أنها المذهب قال في المغني وهي أصوب القولين وجزم بها في الوجيز للعمومات منها قوله عليه السلام
أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه
رواه البخاري وقال
إني اختبأت دعوتي شفاعتي لأمتي يوم القيامة فهي إن شاء الله تعالى نائلة من مات لا يشرك بالله شيئا
رواه مسلم وحديث عبادة رواه أحمد وغيره وصححه ابن حبان وابن عبد البر ولأنها عبادة تحكم بإسلام الكافر فلم يكفر بتركها كالزكاة والحج وهو إجماع حكاه في الشرح وفيه نظر وأجيب عما تقدم على كفر النعمة أو على معنى قارب الكفر فعليها حكمه كأهل الكبائر فتنعكس الأحكام السابقة لأنه مسلم قال بعضهم وإذا دفن مع المسلمين طمس قبره حتى ينسى
____________________
1-
(1/307)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وحكى النووي في شرح البخاري عن بعضهم أنه لا يرفع قبره ولا يدفن في مقابر المسلمين تحقيرا له وزجرا لأمثاله وهو غريب
فرع الجمعة كغيرها وقيل إن اعتقد وجوبها وصلى ظهرا أربعا وقلنا هي ظهر مقصورة لم يكفر
تنبيه إذا ترك شرطا أو ركنا مجمعا عليه كالطهارة فكتركها وكذا مختلفا فيه يعتقد وجوبه ذكره ابن عقيل وخالف فيه المؤلف وأنه لا يكفر بترك غيرها من زكاة وصوم وحج يحرم تأخيره تهاونا وكسلا اختاره الأكثر وذكر ابن شهاب أنه ظاهر المذهب ويقتل على الأصح وسيأتي
____________________
1-
(1/308)
& باب الأذان & (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الأذان &
الأذان هو في اللغة الإعلام لقوله تعالى { وأذان من الله ورسوله } [ التوبة 3 ] أي إعلام وقوله { وأذن في الناس بالحج } [ الحج 27 ] أي أعلمهم يقال أذن بالشيء يؤذن أذانا وتأذينا وأذينا على وزن رغيف إذا أعلم به وهو اسم وضع موضع المصدر وأصله من الأذن وهو الاستماع كأنه يلقي في آذان الناس ما يعلمهم به
وفي الشرع الإعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه بذكر مخصوص والإقامة هي في الأصل مصدر أقام وحقيقته إقامة القاعد وفي الشرع الإعلام بالقيام إليها بذكر مخصوص كأن المؤذن أقام القاعدين وأزالهم عن قعودهم إعلام الأذان فيه فضل عظيم لقوله عليه السلام
المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة
رواه مسلم من حديث معاوية ولقوله
الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين
رواه أحمد وغيره ولقوله
من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار
رواه ابن ماجة من حديث ابن عباس وهو أفضل من الإمامة في الأصح ومن الإقامة في قول الأكثر وعنه فضلها لأن النبي صلى الله عليه وسلم تولاها بنفسه
وأجيب عنه بان عدم مواظبته عليه إما خوف تغيير صيغته أو توهم سامع أن ثم غيره موصوفا بذلك أو لضيق الوقت عنه واقتصر عليه في المغني
____________________
1-
(1/309)
وهما مشروعان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الشرح وقيل إنما تركه لأنه لو أذن لزم إجابته ولم يكن لأحد التخلف عن دعوته مع أنه ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة واحدة على راحلته في مطر وبلة خرجه الترمذي وغيره وله الجمع بينهما وذكر أبو المعالي أنه أفضل ( وهما مشروعان ) بالكتاب لقوله تعالى { وإذا ناديتم إلى الصلاة } وبالسنة وهي كثيرة منها حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب الناس به لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس فقال وما تصنع به فقلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى قال فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله اشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله قال ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال تقول إذا قمت إلى الصلاة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال
إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال فسمع ذلك عمر بن الخطاب
____________________
1-
(1/310)
للصلوات الخمس دون غيرها للرجال دون النساء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلله الحمد
رواه أحمد وأبو داود ولفظه له وابن ماجة والترمذي بعضه وصححه ومدار هذا الحديث عندهم على ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث فقال حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه فذكره وقال الترمذي سألت البخاري عن هذا فقال هو عندي حديث صحيح ( للصلوات الخمس ) وفي الفروع والجمعة ولا يحتاج إليه لدخولها في الخمس ( دون غيرها ) من فائتة ومنذورة وقيل بلى والفرق ظاهر بين المفروضات وغيرها لأن المقصود منه الإعلام بوقت الصلاة على الأعيان وهذا لا يوجد في غيرها وكذا عيد وكسوف واستسقاء بل ينادي لذلك وألحق القاضي بذلك التراويح والمنصوص أنه لا ينادي لها كالجنازة على المعروف
فرع يسن أذان في أذن مولود حين يولد وفي الرعاية وغيرها ويقيم في اليسرى
( للرجال ) بشرط الإسلام والعقل وأما العدالة فسيأتي ( دون النساء ) لما روي عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
ليس على النساء أذان ولا إقامة
رواه النجاد وروي عن عمر وأنس ولا نعلم عن غيرهم خلافه لأن الأذان يشرع له رفع الصوت ولا يشرع لها وكذا
____________________
1-
(1/311)
وهما فرض على الكفاية إن اتفق أهل بلد على كهما قاتلهم الإمام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الإقامة لأن من لا يشرع له الأذان لا تشرع له الإقامة كالمسبوق وعنه يسن لهن لفعل عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم رواه ابن المنذر وعنه مع خفض الصوت والخنثى كامرأة
( وهما فرض على الكفاية ) على المذهب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم
متفق عليه والأمر يقتضي الوجوب وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما من ثلاثة لا يؤذنون ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان
رواه أحمد والطبراني ولأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة فكان واجبا كالجهاد فعلى هذا تجب على جماعة الرجال وعنه على كل رجل عاقل يريد الصلاة وحده قدمه في الرعاية حضرا وعنه وسفرا وهو أظهر لأنه عليه السلام كان يؤذن له ويقام فيهما وحكى القاضي عن أبي بكر أنهما فرض كفاية على أهل المصر سنتان على المسافرين اختاره المجد وكثير من أصحابنا وهو مفهوم كلام أحمد على ما ذكره ابن هبيرة وقال السامري الصحيح أنه لا فرق بين المصر والقرى ولا بين الحاضرين والمسافرين والواحد والجماعة سواء قلنا هما واجبان أو مسنونان وعنه هما سنة وهو ظاهر الخرقي لأنه دعاء إلى الصلاة أشبه قوله الصلاة جامعة وفي الروضة هو فرض وهي سنة فعلى المذهب وقيل وعلى أنهما سنة ( إن اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام ) لأنهما من أعلام الدين الظاهرة فقوتلوا على الترك كصلاة العيد والمراد بالإمام الخليفة ومن جرى مجراه كنائبه ومقتضاه أنه إذا قام بهما من يحصل به الإعلام غالبا أجزأ عن الكل
____________________
1-
(1/312)
ولا يجوز أخذ الأجرة عليهما في أظهر الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن كان واحدا نص عليه وأطلقه جماعة وقيده بعضهم بالبلد الصغير أو المحلة الكبيرة إذا كان يسمعهم جميعهم لأن الغرض إسماعهم وفي المستوعب متى أذن واحد سقط عمن صلى معه مطلقا خاصة وقيل يستحب اثنان قال في الفروع ويتوجه احتمال في الفجر فقط كبلال وابن أم مكتوم ولا تستحب الزيادة عليهما وقال القاضي على أربعة لفعل عثمان إلا من حاجة والأولى أن يؤذن واحد بعد واحد ويقيم من أذن أولا وإن لم يحصل الإعلام بواحد زيد بقدر الحاجة كل واحد في جانب أو دفعة واحدة بمكان واحد ويقيم أحدهم والمراد بلا حاجة فإن تشاحوا أقرع وعلم منه أن الصلاة تصح بدونهما لأن ابن مسعود صلى بعلقمة والأسود بلا أذان ولا إقامة واحتج به أحمد لكن يكره ذكره الخرقي وغيره
وذكر جماعة إلا بمسجد قد صلي فيه ونصه أو اقتصر مسافر ومنفرد على الإقامة وهما أفضل لكل مصل إلا لكل واحد ممن في المسجد فلا يشرع بل حصل لهم الفضيلة كقراءة الإمام للمأموم
وهل صلاة من أذن لصلاته بنفسه أفضل لأنه وجد منه فضل يختص الصلاة أم يحتمل أنها وصلاة من أذن له سواء لحصول سنة الأذان ذكر القاضي أن أحمد توقف نقله الأثرم
( ولا يجوز أخذ الأجرة عليهما في أظهر الروايتين ) لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(1/313)
فإن لم يوجد متطوع رزق الإمام من بيت المال من يقوم بهما وينبغي أن يكون المؤذن صيتا أمينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال لعثمان بن أبي العاص
واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وقال العمل على هذا عند أهل العلم
وقال وكرهوا أن يأخذ على أذانه أجرا ولأنه يقع قربة لفاعله أشبه الإمامة والثانية يجوز لأن فعله معلوم يجوز أخذ الرزق عليه فجاز أخذ الأجرة كسائر الأعمال والأولى أصح وخطأ ابن حامد من أجازه لأنه قياس مع وجود النص والإقامة كالأذان معنى وحكما ( فإن لم يوجد متطوع رزق الإمام من بيت المال من يقوم بهما ) لا نعلم خلافا في جواز أخذ الرزق عليه قاله في المغني و الشرح لأن بالمسلمين حاجة إليه ونقل عنه المنع لكن قال في الرعاية هو ضعيف وعلى ما ذكره يرزقه الإمام من الفيء لأنه المعد للمصالح فهو كأرزاق القضاة والغزاة وروى ابن المنذر عن الشافعي أنه من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم وظاهره أنه إذا وجد متطوع به لم يعط غيره منه لعدم الحاجة إليه
( وينبغي ) أي ويستحب ( أن يكون المؤذن صيتا ) أي رفيع الصوت لقوله عليه السلام لعبد الله بن زيد
قم مع بلال فألقه عليه فإنه اندى صوتا منك
واختار أبا محذور للأذان لكونه صيتا ولأنه أبلغ في الإعلام زاد في المغني وغيره وأن يكون حسن الصوت لأنه أرق لسامعه ( أمينا ) أي عدلا لما روى أبو محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
أمناء الناس على صلاتهم وسحورهم المؤذنون
رواه البيهقي وفيه يحيى بن عبد الحميد وفيه كلام ولأنه
____________________
1-
(1/314)
عالما بالأوقات فإن تشاح فيه اثنان قدم أفضلهما في ذلك ثم أفضلهما في دينه وعقله ثم من يختاره الجيران فإذا استويا أقرع بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مؤتمن يرجع إليه في الصلاة وغيرها ولا يؤمن أن يغرهم بأذانه إذا لم يكن كذلك ولأنه يؤذن على موضع عال ولا يؤمن منه النظر إلى العورات ( عالما بالأوقات ) ليتحراها فيؤذن في أولها وإذا لم يكن عالما بها لا يؤمن منه الخطأ واشترطه أبو المعالي كالذكورية والعقل والإسلام ويستحب أن يكون بصيرا قاله في المغني و الشرح لأن الأعمى لا يعرف الوقت فربما غلط وكره ابن مسعود وابن الزبير أذانه وكره ابن عباس إقامته
قال ابن تميم فإن كان له من يعرفه الوقت لم يكره نص عليه لفعل ابن أم مكتوم وتستحب حريته حكاه ابن هبيرة اتفاقا وظاهر كلام جماعة لا فرق قال أبو المعالي ويستأذن سيده ( فإن تشاح ) تفاعل من الشح وهو النحل مع حرص ( فيها اثنان ) لا يريدان أن يفوتهما ( قدم أفضلهما في ذلك ) أي في الخصال المذكورة لأنه عليه السلام قدم بلالا على عبد الله لكونه أندى صوتا منه وقسنا بقية الخصال عليه فإن استووا فيها فقال
ثم أفضلهما في دينه وعقله
لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم
رواه أبو داود وغيره ولأنه إذا قدم بالأفضلية في الصوت ففي الأفضلية في ذلك بطريق الأولى ولان مراعاتهما أولى من مراعاة الصوت لأن الضرر بفقدهما أشد ( ثم من يختاره الجيران ) كذا في الفروع و الشرح لأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في التقديم ولأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعف من النظر وحكم أكثرهم كالكل وذكر في الكافي هذا رواية ( فإن استويا أقرع بينهما ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لو يعلم الناس ما في النداء
____________________
1-
(1/315)
والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه والإقامة إحدى عشرة كلمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا
متفق عليه
وتشاح الناس في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد لأنها تزيل الايهام ويجعل من خرجت له كالمستحق المتعين
وعنه تقدم القرعة على من يختاره الجيران نقله الجماعة وقدمها في الكافي و التلخيص و البلغة وقيل يقدم الأدين الأفضل فيه ثم القرعة جزم به في الوجيز
وذكر القاضي والسامري وصاحب التلخيص أنهما مع الاستواء يقدم من له مزية في عمارة المسجد أو التقدم بالأذان فيه وفي الرعاية يقدم من له التقديم ثم الأعقل ثم الأدين ثم الأفضل فيه ثم الأخبر بالوقت ثم الأعمر للمسجد المراعي له ثم الأقدم تأذينا فيه وقيل أو أبوه ثم من قرع مع التساوي وعنه بل من رضيه الجيران
( والأذان ) المختار ( خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه والإقامة إحدى عشرة كلمة ) هذا هو المشهور لحديث عبدالله بن زيد وكان بلال يؤذن كذلك ويقيم حضرا وسفرا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مات وعليه عمل أهل المدينة قال أحمد هو آخر الأمرين وكان بالمدينة قيل له إن أبا محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة فقال أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقر بلالا على أذان عبد الله ويعضده حديث أنس قال أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة متفق عليه زاد
____________________
1-
(1/316)
فإن رجع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + البخاري إلا الإقامة وحديث ابن عمر قال إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وصححه
فائدة قوله الله أكبر أي من كل شيء أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله أو هو بمعنى كبير وقوله أشهد أي أعلم وقوله حي على الصلاة أي أقبلوا إليها وقيل أسرعوا والفلاح الفوز والبقاء لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله فيبقى فيها ويخلد وقيل هو الرشد والخير وطالبهما مفلح لأنه يصير إلى الفلاح ومعناه هلموا إلى سبب ذلك وختم بلا إله إلا الله ليختم بالتوحيد وباسم الله تعالى كما بدأ به وشرعت المرة إشارة إلى وحدانية المعبود سبحانه
( فإن رجع في الأذان او ثني الإقامة فلا بأس ) أي هو جائز نص عليه في رواية حنبل فقال أذان أبي محذورة أعجب إلي وعليه عمل أهل مكة إلى اليوم وهو يرجع فيعيد الشهادتين بعد ذكرهما خفضا بصوت أرفع من الصوت الأول عن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة رواه أحمد وأبو داود وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان
والحكمة أن يأتي بهما بتدبر وإخلاص لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الإسلام وسمي بذلك لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه أو إلى الشهادتين بعد
____________________
1-
(1/317)
ويقول في أذان الصبح الصلاة خير من النوم مرتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذكرهما والمراد بالخفض أن يسمع من بقربه أو أهل المسجد إن كان واقفا والمسجد متوسط الخط والترجيع اسم للمجموع من السر والعلانية وعنه لا يعتبر الترجيع فيه وأجاب في الشرح أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر أبا محذورة بذكر الشهادتين سرا ليحصل الإخلاص بهما فإنه في الإسرار أبلغ وخص أبا محذورة بذلك لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ فإن في الخبر أنه كان مستهزئا يحكي أذان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه فدعاه فأمره بالأذان وقصد نطقه بهما ليسلم بذلك وهذا لا يوجد في غيره بدليل أنه لم يأمر به بلالا ولا غيره ممن هو ثابت الإسلام ويعضده أن خبر أبي محذورة متروك بالإجماع لعدم عمل الشافعي به في الإقامة وأبي حنيفة في الأذان وعنه هما سواء وقاله إسحاق لصحة الرواية بهما وأما تثنية الإقامة فهي كالأذان لأن في حديث عبد الله بن زيد أنه أقام مثل أذانه رواه أبو داود ولا تكره تثنيتها
( ويقول في أذان الصبح ) بعد الحيعلتين ( الصلاة خير من النوم مرتين ) لقوله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة
فإذا كان أذان الفجر فقل الصلاة خير من النوم مرتين
رواه أحمد وأبو داود وفي رواية أن بلالا جاء ذات يوم فأراد أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له إنه نائم قال فصرخ بأعلى صوته الصلاة خير من النوم مرتين قال ابن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر وقيل يجب وجزم به في الروضة ويسمى هذا التثويب
____________________
1-
(1/318)
ويستحب أن يترسل في الأذان ويحدر في الإقامة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه من ثاب بالمثلثة إذا رجع لأن المؤذن دعا إلى الصلاة بالحيعلتين ثم عاد إليها وقيل سمي به لما فيه من الدعاء وظاهره أنه يقوله ولو أذن قبل الفجر وأنه يكره في غير أذان الفجر وبين الأذان والإقامة لقول بلال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في الفجر ونهاني أن أثوب في العشاء رواه أحمد وغيره واختصت بذلك لأنه وقت ينام الناس فيه غالبا فشرع ذلك للحاجة
( ويستحب أن يترسل ) أي يتمهل ويتأنى من قولهم جاء فلان على رسله ( في الأذان ويحدر ) أي يسرع ( الإقامة ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال
يا بلال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر
رواه الترمذي وقال لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم صاحب السقاء وهو إسناد مجهول ورواه الحاكم في مستدركه وعن عمر معناه رواه أبو عبيد ولأنه إعلام الغائبين فالتثبت فيه أبلغ والإقامة إعلام الحاضرين فلا حاجة إليه فيها ويسن أذانه أول الوقت وأن يقف على كل جملة قال جماعة هما مجزومان وحكي عن أهل اللغة قال إبراهيم النخعي شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما الأذان والإقامة ( وأن يؤذن قائما ) لما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال
قم فأذن
وكان مؤذنوه عليه السلام يؤذنون قياما قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه أنه من السنة لأنه أبلغ في الإسماع وظاهره أنه إذا أذن قاعدا أنه يصح
____________________
1-
(1/319)
ويؤذن قائما متطهرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لكن مع الكراهة صرح به في الشرح وغيره كالخطبة قاعدا وعنه لا يعجبني وبعده ابن حامد فإن كان لعذر جاز ولم يذكروا الاضطجاع ويتوجه الجواز لكن يكره لمخالفة السنة والماشي كالراكب وظاهره الكراهة وهو رواية عنه وعنه لا وعنه يكره حضرا وقال ابن حامد إن أذن قاعدا أو مشى فيه كثيرا بطل وهو رواية في الثانية
وأما الإقامة فتكره ماشيا أو راكبا نص عليه وعنه لا وقال في الرعاية يباحان للمسافر حال مشيه وركوبه في رواية ( متطهرا ) من الحدثين الأصغر والأكبر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يؤذن إلا متوضئ
رواه الترمذي والبيهقي مرفوعا من حديث أبي هريرة وموقوفا عليه وقالا هو أصح وحكم الإقامة كذلك فإن أذن أو أقام محدثا فظاهر كلام جماعة وصرح به في الشرح أنه يصح مع الكراهة وقدم ابن تميم والجد عدمها نص عليه وهو المذهب كقراءة القرآن وفي الرعاية وهو ظاهر كلام ابن تميم أنها تكره الإقامة قولا واحداص للفصل بينهما وبين الصلاة فإن كان جنبا فإنه يصح على الأصح مع الكراهة لأنه أحد الحدثين فلم يمنع صحته كالآخر والثانية لا اختاره الخرقي وقدمه السامري لأنه ذكر مشروع للصلاة أشبه القراءة وعلى الصحة إن أذن في مسجد مع جواز لبثه فيه صح ومع تحريمه فهو كالأذان في مكان غصب وفيه روايتان أصحهما الصحة لعدم اشتراط البقعة له لكن مع الإثم قاله ابن تميم وعدمها وهو اختيار ابن عقيل
____________________
1-
(1/320)
على موضع عال مستقبل القبلة فإذا بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا ولم يستدر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ومقتضى قول ابن عبدوس فإنه قطع باشتراط الطهارة له وفي الرعاية يسن أن يؤذن متطهرا من نجاسة بدنه وثوبه وربما يحتمله كلام المؤلف ( على موضع عال ) أي مرتفع كالمنارة ونحوها لحديث رواه أبو داود ولأنه أبلغ في الإعلام فلو خالف صح وكره كالخطبة ( مستقبل القبلة ) لما روى أبو داود مرسلا أن الذي رآه عبد الله بن زيد استقبل وأذن وحكى ابن المنذر الإجماع على أنه من السنة ولأنها أشرف الجهات فلو خالف فكالذي قبله ( فإذا بلغ الحيعلة ) وهي كلمة مولدة ليست من كلام العرب كما يقال بسمل وسبحل وهيلل ونحوها ( التفت ) برأسه وعنقه وصدره وظاهر المحرر أنه لا يلتفت بصدره ( يمينا وشمالا ) فيكون يمينا حي على الصلاة ثم يعيده يسارا ثم كذلك حي على الفلاح وقيل يقول يمينا حي على الصلاة ثم يسارا حي على الفلاح ثم كذلك ثانية وهو سهو والأولى أن يقول يمينا حي على الصلاة مرتين ويسارا حي على الفلاح مرتين ( ولم يستدر ) أي لا يزيل قدميه قدمه جماعة وهو ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز لما روى أبو جحيفة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم فخرج وتوضأ فأذن بلال فجعلت أتتبع فاه هاهنا وها هنا يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح متفق عليه ورواه أبو داود وفيه فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر وظاهره لا فرق فيه بين المنارة وغيرها وهو المشهور وكأنه لم يعجبه الدوران في المنارة وكما لو كان على وجه الأرض وعنه يزيل قدميه في المنارة ونحوها نصره في الخلاف واختاره المجد وجزم به في الروضة لأنه لا يحصل المقصود بدون ذلك زاد
____________________
1-
(1/321)
ويجعل اصبعيه في أذنيه ويتولاهما معا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبو المعالي مع كبر البلد للحاجة وظاهره أنه لا يلتفت في الإقامة وهو وجه قاله أبو المعالي وجزم به الآجري وغيره والثاني يلتفت فيها في الحيعلة ويرفع صوته مقدار طاقته ولا يجهد نفسه لئلا ينضر ما لم يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين وتكره الزيادة وعنه التوسط أفضل
( ويجعل أصبعيه ) أي سبابتيه ( في أذنيه ) هذا هو المذهب قال الترمذي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لما روى أبو جحيفة أن بلالا وضع أصبعيه في أذنيه رواه أحمد والترمذي وصححه وأمر عليه السلام بلالا بذلك وقال
إنه أرفع لصوتك
رواه ابن ماجة وعنه يضم أصابعه إلى راحتيه ويجعلهما على أذنيه وهو اختيار ابن عبدوس وابن البنا وصاحب البلغة رواه أحمد عن أبي محذورة وعن ابن عمر أنه أمر مؤذنا بذلك رواه أبو حفص وعنه يبسط أصابعه مضمومة على أذنيه جزم به في التلخيص زاد السامري عليها دون الإبهام والراحة وقدمه في الرعاية قال في الشرح والأول أصح لصحة الخبر وشهرته وعمل أهل العلم به ليجتمع الصوت ويستدل الأصم على كونه أذانا وأيهما فعل فحسن ويرفع وجهه إلى السماء فيه كله نص عليه في رواية حنبل لأنه حقيقة التوحيد وفي المستوعب عند كلمة الإخلاص وقيل والشهادتين قاله في الرعاية ( ويتولاهما معا ) لما في حديث زياد بن الحارث الصدائي حين أذن قال فأراد بلال أن يقيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم
يقيم أخو صداء فإن من اذن فهو يقيم
رواه أحمد وأبو داود وقال الترمذي إنما نعرفه من حديث الإفريقي وهو ضعيف عند أهل الحديث ولأنهما ذكران يتقدمان الصلاة فسن أن يتولاهما واحد كالخطبتين وعنه
____________________
1-
(1/322)
ويقيم في موضع أذانه إلا أن يشق عليه ولا يصح الأذان إلا مرتبا متواليا فإن نكسه أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير أو محرم لم يعتد به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا فرق بينه وبين غيره ذكره أبو الحسين لقوله عليه السلام لعبد الله بن زيد
ألقه على بلال
فألقاه عليه فأذن ثم قال له أقم أنت
رواه أبو داود ولأنه يحصل المقصود منه أشبه ما لو تولاهما واحد وهو محمول على الجواز والأول على الاستحباب ولو سبق المؤذن بالأذان فأراد المؤذن أن يقيم فقال أحمد لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة فإن أقام من غير إعادة فلا بأس
( ويقيم في موضع أذانه ) لقول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم
لا تسبقني بآمين
لأنه لو كان يقيم في المسجد لما خاف أن يسبقه بها كذا استنبطه الإمام أحمد ولقول ابن عمر كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة ولأنه أبلغ في الإعلام كالخطبة الثانية ( إلا أن يشق عليه ) مثل أن يؤذن في منارة أو مكان بعيد من المسجد فإنه يقيم في غير موضع أذانه لئلا تفوته بعض الصلاة لإمكان صلاته لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام لفعل بلال
( ولا يصح الأذان إلا مرتبا ) لأنه ذكر متعبد به فلا يجوز الإخلال بنظمه كأركان الصلاة ( متواليا ) عرفا لأنه لا يحصل المقصود منه وهو الإعلام بدخول الوقت بغير موالاة وشرع في الأصل كذلك بدليل أنه عليه السلام علمه أبا محذورة مرتبا متواليا ( فإن نكسه ) لم يصح لما ذكرنا ( أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير أو محرم لم يعتد به ) إذا طال التفريق بين جملة إما بالسكوت الطويل أو الكلام المباح الكثير بطل لإخلاله بالموالاة المشترطة ومثله نوم كثير أو إغماء أو جنون وظاهره أن السكوت والكلام المباح اليسير لا يبطلانه بل هو جائز لأن سليمان بن صرد وله صحبة كان
____________________
1-
(1/323)
ولا يجوز إلا بعد دخول الوقت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يأمر غلامه بالحاجة في أذانه وكرد السلام ولكن يكره ذلك إذا كان لغير حاجة فإن كان التفريق بالمحرم كالسب والقذف لم يعتد به لأنه فعل يخرجه عن أهلية الأذان كالردة وظاهره وإن كان يسيرا وجزم به في المحرر و الوجيز وعلله المجد بأنه قد يظن سامعه متلاعبا أشبه المستهزئ وعلله المؤلف بأنه محرم فيه زاد بعضهم كالردة فدل أن كل محرم سواء والثاني يعتد به لانه لم يخل بالمقصود أشبه المباح وظاهره أنه إذا ارتد بعد فراغه أنه لا يبطل وهو الصحيح بخلاف الطهارة فإن حكمها باق وقال القاضي يبطل قياسا عليها وحكم الإقامة كذلك قال أبو داود قلت لأحمد الرجل يتكلم في أذانه قال نعم قلت له يتكلم في الإقامة قال لا ولأنه يستحب حدرها ويعتبر معهما النية واتحاد المؤذن فلو أتى واحد ببعضه وآخر ببقيته لم تصح كالصلاة
مسألة لا تعتبر موالاة بين الإقامة والصلاة إذا أقام عند إرادة الدخول في الصلاة ويجوز الكلام بينهما وكذا بعد الإقامة قبل الدخول فيها روي عن عمر رضي الله عنه
( ولا يجوز ) أ لا يصح ( إلا بعد دخول الوقت ) لما روى مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم
متفق عليه ولأنه شرع للإمام بدخول الوقت وهو حث على الصلاة فلم يصح في وقت لا تصح فيه كالإقامة وفي الرعاية رواية بالكراهة وفيه نظر للإجماع على خلافها والمستحب أن يكون في أول الوقت لفعل بلال
____________________
1-
(1/324)
إلا الفجر فإنه يؤذن لها بعد نصف الليل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رواه ابن ماجة وظاهره أنه يجوز مطلقا ما دام الوقت باقيا والمنع منه فيما بعده ويتوجه بسقوط مشروعيته بفعل الصلاة ( إلا الفجر ) فإنه يجوز قبل الوقت نص عليه وصححه جماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم
إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم
متفق عليه زاد البخاري وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت ولان وقتها يدخل على الناس وفيهم الجنب والنائم فاستحب تقديم أذانه حتى يتهيؤوا لها فيدركوا فضيلة أول الوقت وذكر في المغني و الشرح أنه لا يجوز أن يتقدم على الوقت كثيرا لما في الصحيح من حديث عائشة قال القاسم ولم يكن بين أذانهما إلا أن ينزل ذا ويرقى ذا قال البيهقي مجموع ما روي في تقديم الأذان قبل الفجر إنما هو بزمن يسير واما ما يفعل في زماننا من الأذان للفجر من الثلث الأخير فخلاف السنة إن سلم جوازه وفيه نظر وعنه لا يصح قبل الوقت لفها لها كغيرها ثم نبه على وقت الجواز فقال ( فإنه يؤذن لها بعد نصف الليل ) كذا في المحرر و الوجيز لأن معظمه قد ذهب وقرب الأذان وبذلك يخرج وقت العشاء المختار ويدخل وقت الدفع من مزدلفة ورمي جمرة العقبة روي الأثرم قال كان مؤذن دمشق يؤذن لصلاة الصبح في السحر بمقدار ما يسير الراكب ستة أميال فلا ينكره مكحول وقيده في الكافي و الشرح بأن يجعله في وقت واحد في الليالي كلها فلا يتقدم ولا يتأخر لئلا يغر الناس وظاهره الاعتداد به وأنه لا فرق فيه بين رمضان وغيره وصححه في الشرح في حق من عرف له عادة بالأذان فيه واختاره جماعة وعليه العمل لكن نص أحمد وجزم
____________________
1-
(1/325)
ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ثم يقيم ومن جمع بين صلاتين أو قضاء فوائت إذن وأقام للأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + به في الوجيز أنه يكره قبل الفجر فيه لئلا يغر الناس فيتركوا سحورهم ويستحب لمن أذن قبله أن يكون معه من يؤذن في الوقت للخبر واشترطه طائفة من علماء الحديث وألحق الشيرازي الجمعة به فأجازه قبل الوقت ليدركها من بعد منزله واستثنى ابن عبدوس مع الفجر الصلاة المجموعة وفيه نظر لأن وقتهما كالواحدة ( ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ثم يقيم ) كذا في الوجيز لما روى تمام في فوائده بإسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة
وقيده في المحرر وغيره بقدر ركعتين قال بعضهم خفيفتين وقيل والوضوء وقد روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال
اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته
رواه أبو داود والترمذي وقيل بقدر الوضوء والسعي وفي التبصرة بقدر حاجته ووضوئه زاد الحلواني وصلاة ركعتين وهذا كله إذا سن تعجيلها ولأن الأذان شرع للإعلام فيسن تأخير الإقامة للإدراك كما يستحب تأخيرها في غيرها وكذا كل صلاة فيسن تقديمها لعموم النص وظاهره أنه لا تستحب الركعتان قبلها في الظاهر عنه ولا يكره فعلهما قبلها في المنصوص وعنه يسن للحديث الصحيح وعنه بين كل أذانين صلاة قاله ابن هبيرة في غير المغرب ( ومن جمع بين صلاتين ) سواء كان جمع تقديم أو تأخير ( أو قضاء فوائت أذن وأقام للأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها ) جزم به أكثر الأصحاب لما
____________________
1-
(1/326)
وهل يجزئ أذان المميز للبالغين على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامتين رواه مسلم وقدم في الرعاية أنه يؤذن لكل واحدة منهما ويقيم قال في الشرح وهو مخالف للسنة الصحيحة وعنه إن جمع بينهما بإقامة فلا باس وهو الذي في الشرح وخصه بما إذا كان الجمع في وقت الثانية لأن الأولى مفعولة في غير وقتها فهي كالفائتة والثانية مسبوقة بصلاة فلم يشرع لها كالثانية من الفوائت بخلاف جمع التقديم لأن الأولى مفعولة في وقتها أشبه ما لم يجمع وأما قضاء الفوائت فلما روى أبو عبيدة عن أبيه عبد لله بن مسعود أن المشركين يوم الخندق شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء رواه النسائي والترمذي ولفظه له وقال ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه وقيده في الشرح بما إذا كان في الجماعة فإن كان وحده كان استحباب ذلك في حقه أدنى لان الأذان والإقامة للإعلام ولا حاجة إليه هنا وعنه لا بأس بالاكتفاء لهن بإقامة واحدة إذا أذن وعنه يقيم في غير أذان وكذا لو قضاها متفرقات من غير موالاة فأما إذا كان كانت واحدة فيؤذن لها ويقيم وصرح في الكافي أنه يسن الأذان للفائتة ثم إن خاف من رفع صوته به أسر وإلا جهر فلو ترك الأذان لها فلا بأس ( وهل يجزئ أذان المميز ) وهو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بسن بل يختلف باختلاف الأفهام كذا قيل والصواب ضبطه به ( للبالغين على روايتين ) أولاهما الصحة نصره القاضي وغيره وقدمه في المحرر وجزم به في الوجيز مع الكراهة لما روى ابن المنذر بإسناده
____________________
1-
(1/327)
وهل يعتد بأذان الفاسق والأذان الملحن على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس قال كان عمومتي يأمرونني أن أأذن لهم وأنا غلام لم أحتلم وأنس شاهد ذلك ولم ينكره وهذا مما يظهر ولا يخفى فكان كالإجماع ولأنه ذكر تصح صلاته فصح أذانه كالبالغ والثانية لا يصح قدمها في الفروع واختارها جماعة لأنه لا يقبل خبره فلم يحصل الإعلام بأذانه أو بأنه فرض كفاية وفعله نفل وهو أولى قال الشيخ تقي الدين يتخرج فيه روايتان كشهادته وولايته وظاهره أن المراهق يصح أذانه وهو كذلك نقله حنبل
( وهل يعتد بأذان الفاسق ) أي العاصي لأن الفسق لغة العصيان والترك لأمر الله والخروج عن طريق الحق وشرعا من فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر والكبيرة ما فيها حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة نص عليه ( والأذان الملحن ) الذي فيه تطريب يقال لحن في قراءته إذا طرب بها وغرد ( على وجهين ) وكذا في المحرر أحدهما لا يصح أذان الفاسق صححه في التلخيص و الرعاية وقدمه السامري لأنه لا يقبل خبره ولانه عليه السلام وصفه بالأمانة والفاسق غير أمين وكمرأة وخنثى والثاني صحته كالإقامة لأنه مشروع لصلاته وهو من أهل العبادة وجزم به في الوجيز مع الكراهة فإن كان مستور الحال فيصح بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح ويصح في الأصح أذان الملحن والملحنون مع بقاء المعنى مع الكراهة قال القاضي كقراءة الألحان قال أحمد كل شيء محدث أكرهه مثل التطريب ولأنه يحصل به المقصود والثاني لا يصح لما روى الدارقطني عن ابن عباس قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب فقال عليه السلام
إن الأذان سهل سمح فإن كان أذانك
____________________
1-
(1/328)
ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول إلا في الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سهلا سمحا وإلا فلا تؤذن
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات فلو أحال أحدهما معنى كما لو نصب لأم رسول لأنه أخرجه عن كونه خبرا أو مد لفظة أكبر لأنه يجعل فيها ألفا فيصير جمع كبر وهو الطبل أو أسقط الهاء من اسم الله والصلاة بطل وتكره لثغة فاحشة وإلا فلا بأس لأنه روي أن بلالا كان يجعل الشين سينا وفيه شيء والفصيح أحسن وأكمل
( ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول إلا في الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ) كذا في المحرر و الوجيز نص عليه ولا نعلم خلافا في استحبابه لما روى عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله كبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة
رواه مسلم قال الأثرم هذا من الأحاديث الجياد ولأنه خطاب فإعادته عبث بل سبيله الطاعة وسؤال الحول والقوة وتكون الإجابة عقيب كل كلمة أي لا تقارن ولا تتأخر وقيل يوافقه في الحيعلة مع قول ذلك ليجمع بينهما وقال الخرقي وغيره يقول كما يقول لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول
متفق عليه قال الزركشي وهو المذهب وفيه نظر ولا فرق بين المؤذن
____________________
1-
(1/329)
العلي العظيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والسامع نص عليهما ولا الجنب والحائض للخبر وظاهره ولو في طواف وقراءة لأن ذلك يفوت بخلافهما ويستثنى منه المصلي ولو نفلا وتبطل بالحيعلة قال أبو المعالي إن لم يعلم أنها دعاء إلى الصلاة فروايتا ساه ولكن يجيبه إذا فرغ قاله في الكافي وكذا المتخلي قاله أبو المعالي ومقتضى كلامه أن المؤذن لا يجيب نفسه وهو ظاهر كلام جماعة وصرح آخرون باستحبابه كالسامع وأن يقولا ذلك خفية نص عليه قال في الفروع ويتوجه احتمال تجب إجابته للأمر وظاهر كلامهم أنه يجيب ثانيا وثالثا حيث سن واختاره الشيخ تقي الدين لكن لو سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعة لا يجيب الثاني لانه غير مدعو بهذا الأذان زاد المؤلف ( العلي العظيم ) وتتبعت ذلك فوجدته في المسند من حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ورواه الطبراني في معجمه الكبير وإسناده فيه لين ويقول في التثويب صدقت وبررت وفي الإقامة عند لفظها أقامها الله وأدامها زاد في المستوعب و التلخيص ما دامت السموات والأرض ويقول ذلك خفية
فائدة معنى لا حول ولا قوة إلا بالله إظهار الفقر وطلب المعونة منه في كل الأمور وهو حقيقة العبودية وقال أبو الهيثم أصل لا حول ولا قوة
____________________
1-
(1/330)
ويقل بعد فراغه اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من حال الشيء إذا تحرك يقول لا حركة ولا استطاعة إلا بالله وقال ابن مسعود معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعته إلا بمعونته قال الخطابي هذا أحسن ما جاء فيه ويقال لا حيل لغة حكاه الجوهري وعبر عنها الأزهري بالحوقلة وتبعه في الوجيز على أخذ الحاء من حول والقاف من قوة واللام من اسم الله تعالى
( ويقول بعد فراغه ) كل من المؤذن وسامعه ( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة رواه البخاري ورواه النسائي وأبو حاتم والبيهقي وابعثه المقام المحمود معرفين كما ذكره المؤلف ولم يثبت فيه الدرجة الرفيعة وروى البيهقي في سننه في آخره إنك لا تخلف الميعاد وظاهره أنه لا يستحب غير ذلك وفي الرعاية أنه يرفع بصره إلى السماء ويدعو بما ورد فقال أحمد إذا سألتم الله حاجة فقولوا في عافية ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما روى عبد الله بن عمرو مرفوعا
إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن
____________________
1-
(1/331)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة
رواه مسلم ولم يذكر السلام معه فظاهره أنه لا يكره بدونه وقد ذكر النووي أنه يكره للنص
تذنيب اللهم أصله يا الله والميم بدل من يا قاله الخليل وسيبويه وقال الفراء أصله يا الله أمنا بخير فحذف حرف النداء ولا يجوز الجمع بينهما إلا في الضرورة والدعوة بفتح الدال هي دعوة الأذان سميت تامة لكمالها وعظم موقعها وسلامتها من نقص يتطرق إليها وقال الخطابي وصفها بالتمام لأنها ذكر الله يدعى بها إلى طاعته وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال والتمام وما سواها من أمور الدنيا فإنه معرض للنقص والفساد وكان الإمام أحمد يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق قال لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص والصلاة القائمة التي ستقوم بصلاتها ويفعل بصلاتها والوسيلة منزلة عند الملك وهي منزلة في الجنة والمقام المحمود الشفاعة العظمى في موقف القيامة لأنه يحمده فيها الأولون والآخرون والحكمة في سؤال ذلك مع كونه واجب الوقوع بوعد الله تعالى إظهار كرامته وعظيم منزلته وقد وقع منكرا في الصحيح تأدبا مع القرآن فيكون قوله
الذي وعدته
منصوبا على البدلية أو على إضمار فعل أو مرفوعا على أنه خبر لمتبدأ محذوف
مسائل الأولى إذا دخل المسجد لم يركع حتى يفرغ نص عليه ليجمع بين الفضيلتين وعنه لا بأس قال في الفروع ولعل المراد غير أذان الجمعة
____________________
1-
(1/332)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأن سماع الخطبة أهم واختاره صاحب النظم ولا يقوم القاعد حتى يفرغ أو يقرب فراغه نص على معنى ذلك لأن الشيطان ينفر حين يسمع النداء
الثانية يعمل بالأذان في دارنا وكذا دار حرب إن علم إسلامه
الثالثة لا يؤذن غير الراتب إلا بإذنه إلا أن يخاف فوات الوقت فيؤذن غيره
الرابعة يستحب الدعاء بين الأذان والإقامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة
رواه أحمد والترمذي وحسنه وعند الإقامة فعله أحمد ورفع يديه وعن ابن عمر مرفوعا
تفتح أبواب السماء لقراءة القرآن وللقاء الزحف ولنزول القطر ولدعوة المظلوم وللأذان
رواه الحاكم بإسناد ضعيف
____________________
1-
(1/333)
& باب شروط الصلاة &
وهي ما يجب لها قبلها وهي ست أولها دخول الوقت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + باب شروط الصلاة
الشروط جمع شرط كفلوس جمع فلس والشرائط جمع شريطة قاله الجوهري والأشراط واحد شرط بفتح الشين والراء وسمي شرطا لأنه علامة على المشروط ومنه قوله تعالى { فقد جاء أشراطها } [ محمد 18 ]
وفي الاصطلاح هو ما يلزم من انتفائه انتفاء الحكم كالإحصان مع الرجم فالشرط ما لا يوجد المشروط مع عدمه ولا يلزم أن يوجد عند وجوده وهو عقلي كالحياة للعلم ولغوي كإن دخلت الدار فأنت طالق وشرعي كالطهارة للصلاة وقال بعضهم هو ما يتوقف عليه صحة الشيء إن لم يكن عذر ولا يكون منه وهي ما يجب لها قبلها ) أي يتقدم على الصلاة ويسبقها ويجب استمرارها فيها وبهذا المعنى فارقت الأركان
( وهي ست ) كذا بخط المؤلف بغير هاء وقياسه ستة بالهاء لأن واحدها شرط وهو مذكر يلزم الهاء في جمعه لقوله تعالى ( وثمانية أيام ) فكأنه قال شرائط الصلاة وهي ست كما ذكره في الهداية والعمدة ( أولها دخول الوقت ) لقوله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس } [ الإسراء 78 ] قال ابن عباس دلوكها إذا فاء الفيء ويقال هو غروبها وقيل طلوعها وهو غريب قال عمر الصلاة لها وقت شرطه الله لها لا تصح إلا به وحديث جبريل حين أم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس ثم قال
يا محمد هذا وقت الأنبياء
____________________
1-
(1/334)
والثاني الطهارة من الحدث والصلوات المفروضة الظهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من قبلك
فالوقت سبب وجوب الصلاة لأنها تضاف إليه وهي تدل على السببية وتتكرر بتكرره وهو سبب نفس الوجوب إذ سبب وجوب الأداء الخطاب ( والثاني الطهارة من الحدث ) لقوله صلى الله عليه وسلم
لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولقوله صلى الله عليه وسلم
لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول
رواه مسلم من حديث ابن عمر
( والصلوات المفروضات خمس ) في اليوم والليلة وأجمع المسلمون على ذلك وأن غيرها لا يجب إلا لعارض كالنذر وأما الوتر فسيأتي والأصل فيه أحاديث منها ما في الصحيحين عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
فرض الله على أمتي ليلة الإسراء خمسين صلاة فلم أزل أراجعه واسأله التخفيف حتى جعلها خمسا في كل يوم وليلة وقال هي خمس وهي خمسون في أم الكتاب
وكان قيام الليل واجبا فنسخ في حق الأمة وكذا في حقه عليه السلام على الأصح قال القفال في محاسن الشريعة في الأربع لطيفة حسن معها عدم الزيادة في الفرض عليها وهي أنك إذا ذكرت آحادها فقلت واحد واثنان وثلاثة وأربعة جمعت كل الأعداد وجدتها عشرة ولا شيء من الأعداد يخرج أصله عن عشرة وأراد بالمفروضات العينية ولهذا لم يذكر صلاة الجنازة لكونها فرضا على الكفاية نعم ترد عليه الجمعة فإنها من المفروضات العينية ولم يدخل في كلامه
( الظهر ) واشتقاقها من الظهور إذ هي ظاهرة في وسط النهار والظهر لغة الوقت بعد الزوال وشرعا اسم للصلاة من باب تسمية الشيء باسم وقته
____________________
1-
(1/335)
وهي الأولى ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فقولنا صلاة الظهر أي صلاة هذا الوقت وبدأ بها المؤلف تبعا للخرقي ومعظم الأصحاب لبداءة جبريل بها لما صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وبدأ ابن أبي موسى والشيرازي وأبو الخطاب بالفجر لبداءته عليه السلام بها السائل ولأنها أول اليوم ويعضده أن إيجابها كان ليلا وأول صلاة تحضر بعد ذلك هي الفجر فلم لا بدأ بها جبريل
وجوابه أنه يحتمل أنه وجد تصريح بأن أول وجوب الخمس من الظهر ويحتمل أن الإتيان بها متوقف على بيانها لأن الصلوات مجملة ولم تبين إلا عند الظهر والحكمة أنه بدا بها إشارة منه إلى أن هذا الدين ظهر أمره وسطع نوره من غير خفاء ولأنه لو بدأ بالفجر لختم بالعشاء في ثلث الليل وهو وقت خفاء فلذلك ختم بالفجر لأنه وقت ظهور لكن فيه ضعف إشارة إلى أن هذا الدين في آخر الأمر يضعف ( وهي الأولى ) قال عياض هو اسمها المعروف لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي عليهما السلام معلما له في اليومين وتسمى أيضا الهجير لفعلها في وقت الهاجرة
( ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ) أجمع العلماء على أن أول وقت الظهر إذا زالت الشمس لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جاءه جبريل فقال قم فصله فصل الظهر حين زالت الشمس ثم جاءه من الغد للظهر فقال قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ثم قال ما بين هذين وقت
إسناده ثقات رواه أحمد والترمذي
____________________
1-
(1/336)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقال البخاري هو أصح شيء في المواقيت وصححه ابن خزيمة والترمذي وحسنه من حديث ابن عباس نحوه وفيه
فصلى الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وهو بشين معجمة مكسورة وراء مهملة وبالكاف وهو أحد سيور النعل ثم أعلم أن الشمس إذا طلعت رفع لكل شاخص ظل طويل في جانب المغرب ثم ما دامت الشمس ترتفع فالظل ينقص فإذا انتهت الشمس إلى وسط السماء وهي حالة الاستواء انتهى نقصانه فإذا زاد الظل أدنى زيادة فهو الزوال فهو إذا ميلها عن وسط السماء ويختلف فيء الزوال فيطول في الشتاء ويقصر في الصيف لكن لا يقصر ظله وقت الزوال في بعض بلاد خراسان لمسير الشمس ناحية عنها ذكره ابن حمدان وذكر السامري وغيره أن ما كان من البلاد تحت وسط الفلك مثل مكة وصنعاء في يوم واحد وهو أطول أيام السنة لا ظل ولا فيء كوقت الزوال بل يعرف الزوال هناك بأن يظهر للشخص فيء من نحو المشرق للعلم بكونها قد أخذت مغربة ويختلف باختلاف الشهر والبلد فاقل ما تزول في إقليم الشام والعراق على ما نقله أبو العباس الشيحي على قدم وثلث في نصف حزيران ويتزايد إلى أن يبلغ عشرة أقدام وسدس في نصف كانون الأول وهو أكثر ما تزول عليه الشمس فإذا أردت معرفة ذلك فقف على مستو من الأرض وعلم الموضع الذي انتهى إليه ظلك ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى وألصق عقبك بإبهامك فإذا بلغت مساحة هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو وقت زوال الشمس وتجب به الظهر وعلم منه أن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا نص عليه في رواية أبي طالب
____________________
1-
(1/337)
إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس والأفضل تعجليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وشرط ابن بطة وابن أبي موسى مضي زمن يتسع لأدائها حذارا من تكليف ما لا يطاق وجوابه أنه لا يكلف بالفعل قبل الإمكان حتى يلزم تكليف ما لا يطاق وإنما يثبت في ذمته بفعله إذا قدر كالمغمى عليه وأما آخره فقال ( إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ) وهو المراد بقولهم سوى الزوال نص عليه لما سبق وصلاها عليه السلام في حديث أبي موسى حين سأله السائل حين زالت الشمس ثم أخرها في اليوم الثاني حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس وقال
الوقت فيما بين هذين رواه مسلم وعن عبد الله ابن عمرو مرفوعا
وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر رواه مسلم قال الأثرم قيل لأبي عبد الله متى يكون الظل مثله قال إذا زالت الشمس فكان الظل بعد الزوال مثله ومعرفة ذلك أن يضبط ما زالت عليه الشمس ثم ينظر الزيادة عليه فإن بلغت قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر وطول الإنسان ستة أقدام وثلثان بقدمه تقريبا وعنه آخره أول وقت العصر فبينهما وقت مشترك قدر أربع ركعات قال أحمد الزوال في الدنيا واحد وأنكر على المنجمين أنه يتغير في البلدان ومثله لا يقول ذلك إلا عن توقيف
( والأفضل تعجيلها ) لما روى أبو برزة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس وقال جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة متفق عليهما وقالت عائشة ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أبي بكر ولا من عمر حديث حسن قال في
____________________
1-
(1/338)
إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + التلخيص ويحصل بأن يشتغل بأسباب الصلاة من حين دخول الوقت وهو ظاهر الفروع فإنه لا يعد حينئذ متوانيا ولا مقصرا وذكر الأزجي قولا يتطهر قبله ( إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة ) كذا في المحرر و الوجيز أما في الحر فيستحب تأخيرها مطلقا إلى أن ينكسر وحكاه الترمذي عن ابن المبارك وأحمد وإسحاق وقال هو أشبه بالاتباع وصححه في الشرح واقتصر عليه في الكافي وقاله القاضي في الجامع والخرقي وابن أبي موسى وغيرهم لما روى أبو هريرة مرفوعا
إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم متقف عليه وفي لفظ أبردوا بالظهر وفيح جهنم هو غليانها وانتشار لهيبها ووهجها وصريحه أنه مختص بمن يصلي في جماعة وهو قول أبي الخطاب وطائفة تعليلا بالمشقة واعتبر القاضي في المجرد مع الخروج إلى الجماعة كونه في البلاد الحارة ومساجد الجماعات فأما تأخير ما في الغيم فيستحب لكل من يصلي جماعة كما ذكره القاضي والسامري ونص عليه في رواية المروذي لما روى ابن منصور عن إبراهيم قال كانوا يؤخرون الظهر ويعجلون العصر في اليوم المتغيم ولأنه وقت يخاف منه العوارض من المطر ونحوه فيشق الخروج لكل صلاة منهما فاستحب تأخير الأولى من المجموعتين ليقرب من الثانية لكي يخرج لهما خروجا واحدا طلبا للأسهل المطلوب شرعا وعنه لا تؤخر بل تعجل مع الغيم وهو ظاهر الخرقي و الكافي و التلخيص إذ مطلوبية التأخير في عامة الأحاديث إنما وردت في الحر وفيه وجه يستحب التأخير لكل مصل وظاهر كلام
____________________
1-
(1/339)
ثم العصر وهي الوسطى ووقتها من خروج وقت الظهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أبي الخطاب ويؤخر الظهر لا المغرب وأما الجمعة فيسن تقديمها مطلقا قال سهل ابن سعد ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة وقال سلمة بن الأكوع كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرجع فنتتبع الفيء متفق عليهما وتأخيرها لمن لم تجب عليه الجمعة إلى بعد صلاتها ولمن يرمي الجمرات حتى يرميها أفضل
( ثم العصر ) وهو العشي قال الجوهري والعصران الغداة والعشي ومنه سميت صلاة العصر وذكر الأزهري مثله تقول فلان يأتي فلانا العصرين والبردين إذا كان يأتيه طرفي النهار فكأنها سميت باسم وقتها ( وهي الوسطى ) مؤنث الأوسط وهو والوسط الخيار وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أوسط قومه أي من خيارهم وليست بمعنى متوسطة لكون الظهر هي الأولى بل بمعنى الفضلى وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ولمسلم
شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر وقاله أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم وصححه النووي قال الماوردي هذا مذهب الشافعي قال وإنما نص على أنها الصبح لأنه لم تبلغه الأحاديث الصحيحة في العصر وقيل هي الصبح وقيل الظهر وقيل المغرب لأنها وتر النهار ولا تقصر وقيل هي العشاء وقيل إحدى الخمس مبهمة وقيل جميعها وقيل الجمعة
( ووقتها من خروج وقت الظهر ) وهو إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال ومقتضاه أن بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر من غير فاصل بين الوقتين هذا هو المعروف في المذهب لحديث جابر أن جبريل صلى بالنبي
____________________
1-
(1/340)
إلى اصفرار الشمس وعنه إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم العصر حين صار ظل كل شيء مثله في اليوم الأول وظاهر الخرقي و التلخيص أن بينهما وقتا فاصلا فلا تجب إلا بعد الزيادة وآخر وقتها المختار ( إلى اصفرار الشمس ) في رواية نقلها الأثرم وغيره وصححها في الشرح وابن تميم وجزم بها في الوجيز قال في الفروع وهي أظهر لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وقت العصر ما لم تصفر الشمس رواه مسلم ( وعنه إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه ) سوى ظل الزوال إن كان وهي اختيار الخرقي وأبي بكر والقاضي وكثير من أصحابه وقدمها في المحرر و الفروع لأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه وقال الوقت فيما بين هذين وفي التلخيص أن ما بينهما وقت جواز ثم هو وقت ضرورة إلى غروبها وفي الكافي أنه إذا خرج وقت الاختيار بقي وقت الجواز إلى الغروب قال ابن تميم وظاهر الروضة أن وقت العصر يخرج بالكلية بخروج وقت الاختيار ( ثم يذهب وقتا الاختيار ) وهو الذي يجوز تأخير الصلاة إلى آخره من غير عذر وجزم في المحرر و الشرح أنه لا يحل تأخيرها عن وقت الاختيار إلا لعذر وظاهر كلام غيرهما الكراهة ( ويبقى وقت الضرورة ) وهو الذي تقع الصلاة فيه أداء ويأثم فاعلها بالتأخير إليه لغير عذر ( إلى غروب الشمس ) لأن مقتضى الأحاديث ذهاب الوقت بعد ما ذكر فيها ترك العمل به في الإدراك قبل غيبوبة الشمس فيبقى ما عداه على مقتضاه وظاهره أن وقت العصر يبقى إلى الغروب في حق المعذور وغيره هذا هو المعروف في المذهب وعليه أكثر العلماء لقوله عليه السلام
من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها 342
____________________
1-
(1/341)
متفق عليه وحينئذ لا فرق بين المعذور وغيره إلا في الإثم وعدمه فالمعذور له التأخير وغيره ليس له ذلك ويأثم به وظاهر الخرقي وابن أبي موسى أن الإدراك مختص بمن له ضرورة كحائض طهرت وصبي بلغ ومجنون أفاق ونائم استيقظ وذمي أسلم وألحق ابن عبدوس به الخباز والطباخ والطبيب إذا خشوا تلف ذلك وعلى هذا من لا عذر له لا يدركها بذلك بل تفوت بفوات وقتها المختار وتقع منه بعد ذلك قضاء وقاله بعض العلماء وهو أحد احتمالي ابن عبدوس ووجهه الزركشي ( وتعجيلها ) في أول الوقت ( أفضل بكل حال ) وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو برزة الأسلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية وعن رافع بن خديج قال كنا نصلي العصر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ننحر الجذور ثم يقسم لحمها عشرة أجزاء ثم تطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس متفق عليهما والأحاديث الثابتة تدل على هذا فمنها ما روى الترمذي مرفوعا أنه قال
الوقت الأول من الصلاة رضوان الله والوقت الآخر عفو الله وعنه مع غيم نقله صالح قاله القاضي ولفظ روايته يؤخر العصر أحب إلي آخر وقت العصر عندي ما لم تصفر الشمس فظاهره مطلقا
تنبيه قد استفيد من كلامهم أن من الصلوات ما له إلا وقت واحد كالظهر والمغرب والفجر على المختار وماله ثلاثة كالعصر والعشاء وقت فضيلة وجواز وضرورة وفي كلام بعضهم أن لها وقت فضيلة ووقت اختيار على الخلاف ووقت جواز على قول ووقت كراهة أي تأخيرها إلى الاصفرار ووقت تحريم التأخير إليه ومعناه أن يبقى ما لا يسع الصلاة
____________________
(1/342)
ثم المغرب وهي الوتر ووقتها من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فائدة يسن الجلوس بعدها إلى الغروب وبعد الفجر إلى طلوعها ولا يستحب ذلك في بقيتها نص عليه ذكره ابن تميم
( ثم المغرب ) وهو في الأصل مصدر غربت الشمس بفتح الراء وضمها غروبا ومغربا ويطلق في اللغة على وقت الغروب ومكانه فسميت هذه بذلك لفعلها في هذا الوقت ( وهي الوتر ) أي وتر النهار وليس مراده الوتر المشهور بل أنها وتر لكونها ثلاث ركعات ( ووقتها من مغيب الشمس ) إجماعا للأحاديث المستفيضة بذلك وغيبوبة الشمس سقوط قرصها وحكى الماوردي أنه لا بد من غيبوبة الضوء المستعلي عليها قلت ويعرف الغروب في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق ويمتد وقتها ( إلى مغيب الشفق الأحمر ) قال النووي وهذا هو الصحيح والصواب الذي لا يجوز غيره لأنه عليه السلام صلى المغرب حين غابت الشمس ثم صلى المغرب في اليوم الثاني حين غاب الشفق وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وقت المغرب ما لم يغب الشفق رواهما مسلم ولأن ما قبل مغيب الشفق وقت لاستدامتها فكان وقتا لابتدائها كأول وقتها وقال مالك والشافعي في المشهور عنهما لها وقت واحد مضيق مقدر آخره بالفراغ منها وقالت الشافعية هو عقيب غروب الشمس بقدر ما يتطهر ويستر عورته ويؤذن ويقيم ويصلي خمس ركعات قال بعضهم وأكل لقم يكسر بها سورة الجوع والصحيح عندهم أنه يأكل حتى يشبع لأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليومين حين
____________________
1-
(1/343)
الأحمر وتعجيلها أفضل إلا ليلة جمع لمن قصدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غابت الشمس وأجيب بحمله على الاستحباب والاختيار وتأكيد فعلها أول الوقت وما سبق على الجواز مع أنها متضمنة لزيادة وهي متأخرة عن حديث جبريل لأنه كان أول فرض الصلاة بمكة وأحاديثنا بالمدينة فتكون ناسخة لما يخالفها على تقدير التعارض ( الأحمر ) كذا ذكره معظم الأصحاب قال النووي وهو قول جمهور الفقهاء وأهل اللغة لما روى ابن عمر مرفوعا قال
الشفق الحمرة
رواه الدارقطني والصحيح وقفه ولأن الشمس أول ما تغرب يعقبها شعاع فإذا بعدت عن الأفق قليلا زال الشعاع وبقيت حمرة ثم ترق الحمرة وتنقلب صفرة ثم بياضا على حسب البعد وعنه الشفق البياض روي عن أبي هريرة وأنس لأخبار لا حجة فيها إن صحت وعنه هو الحمرة في السفر وفي الحضر البياض واختاره الخرقي وعلله بأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران فيظن أنها قد غابت والأول أصح لقوله تعالى { فلا أقسم بالشفق } [ الانشقاق 16 ] وقد قال الخليل بن أحمد وغيره البياض لا يغيب إلا عند طلوع الفجر ( وتعجيلها ) أول وقتها ( أفضل ) إلا لعذر إجماعا لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا وجبت وعن رافع بن خديج قال كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله متفق عليهما ولما فيه من الخروج من الخلاف ( إلا ليلة جمع ) وهي ليلة المزدلفة سميت جمعا لاجتماع الناس فيها وهي ليلة عيد الأضحى ( لمن قصدها ) أي لمحرم قصدها فيستحب له تأخيرها ليصليها مع العشاء الآخرة إجماعا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وكلامهم يقتضي لو دفع من عرفة قبل الغروب وحصل بالمزدلفة وقت الغروب لم يؤخرها ويصليها في وقتها وظاهره تعجيلها أفضل ولو مع غيم في رواية وهو ظاهر
____________________
1-
(1/344)
المستوعب و الكافي و التلخيص وفي أخرى يسن تأخيرها معه وهو الذي في المحرر وقدمه في الرعاية وهل ذلك لكل مصل أو لمن يخرج إلى الجماعة فيه وجهان
فائدة لا يكره تسميتها بالعشاء وبالمغرب أولى
( ثم العشاء ) قال الجوهري العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة والعشاء بالكسر والمد مثله وهو اسم لأول الظلام سميت الصلاة بذلك لأنها تفعل فيه ويقال لها عشاء الآخرة وأنكره الأصمعي وغلطوه في إنكاره ( ووقتها من مغيب الشفق ) أي المعهود وهو ( الأحمر ) إن كان في مكان يستتر عنه الأفق بالجبال أو نحوها استظهر حتى يغيب البياض فيستدل به على غيبوبة الحمرة لا لنفسه ويمتد ( إلى ثلث الليل الأول ) نص عليه واختاره الأكثر لأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول حين غاب الشفق وفي اليوم الثاني حين كان ثلث الليل الأول ثم قال
الوقت فيما بين هذين رواه مسلم وعن عائشة قالت كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل رواه البخاري ( وعنه نصفه ) أي يمتد وقت الاختيار إلى نصف الليل اختاره القاضي وابن عقيل والشيخان وقدمه ابن تميم قال في الفروع وهو أظهر لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى نصف الليل ثم صلى ثم قال
ألا صلى الناس وناموا ألا إنكم في صلاة ما انتظرتموها متفق عليه وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا قال
وقت العشاء إلى نصف الليل رواه مسلم وفي المغني و الشرح أن الأولى أنها لا تؤخر عن ثلث الليل لأنه يجمع
____________________
(1/345)
ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في المشرق ولا ظلمة بعده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الروايات والزيادة تعارضت فيها الأخبار وصححه الحلواني لكن يقال ثبت تأخيرها إلى نصف الليل عنه عليه السلام قولا وفعلا وهو زيادة على الثلث فيكون الأخذ به أولى وفي الوجيز يسن تأخيرها إلى ثلث الليل إن سهل وفي التلخيص وما بينهما وقت جواز
( ثم يذهب وقت الاختيار ) على الخلاف فيه ( ويبقى وقت الضرورة ) أي الإدراك ( إلى طلوع الفجر الثاني ) لقوله عليه السلام
ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى رواه مسلم من حديث أبي قتادة ولأنه وقت للوتر وهو من توابع العشاء فاقتضى أن يكون وقتا لها لأن التابع إنما يفعل في وقت المتبوع كركعتي الفجر والحكم فيه حكم الضرورة في وقت العصر على ما ذكرناه ويحرم تأخيرها عن وقت الاختيار بلا عذر ذكره الأكثر وقدم في الرعاية وغيرها الكراهة وظاهر الروضة يخرج الوقت مطلقا بخروج وقت الاختيار ولم يذكر في الوجيز لها وقت ضرورة قال في الفروع ولعله اكتفى بذكره في العصر وإلا فلا وجه لذلك وروى سعيد عن ابن عباس أنه كان يستحب تأخيرها مطلقا قال النووي لم يقل أحد من الأئمة إن تأخيرها إلى بعد نصف الليل أفضل من التقديم ( وهو البياض المعترض في المشرق ولا ظلمة بعده ) هذا بيان لمعنى الفجر الثاني ويسمى المستطير لانتشاره في الأفق قال تعالى { ويخافون يوما كان شره مستطيرا } [ الدهر 7 ] أي منتشرا فاشيا ظاهرا والفجر الأول الكاذب المستطيل بلا اعتراض أزرق له شعاع ثم يظلم ولدقته يسمى ذنب السرحان وهو الذئب لأن الضوء يكون في الأعلى دون الأسفل كما أن الشعر يكون على أعلى الذئب دون
____________________
1-
(1/346)
وتأخيرها أفضل ما لم يشق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أسفله وقال محمد بن حسنويه سمعت أبا عبد الله يقول الفجر يطلع بليل ولكنه يستره أشجار جنان عدن وهذا قريب مما تقدم في زوال الشمس لابد من ظهوره لنا ولا يكفي وجوده في نفس الأمر ( وتأخيرها ) إلى آخر وقتها المختار بحيث يفعلها فيه ( أفضل ما لم يشق ) في قول أكثر العلماء من الصحابة ومن بعدهم لما روي أبو برزة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب أن تؤخر العشاء التي تدعونها العتمة متفق عليه وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه
رواه أحمد والترمذي وصححه ومحله ما لم تؤخر المغرب لغيم أو جمع 3 وظاهره أنه إذا شق على المأمومين والأصح أو على بعضهم فإنه يكره ونص عليه في رواية الأثرم لأنه عليه السلام كان يأمر بالتخفيف رفقا بهم وظاهره أنها تؤخر ولو مع غيم وعنه يستحب تعجيلها معه وهل ذلك لكل مصل أو لمن يخرج إلى الجماعة فيه وجهان ذكرهما ابن تميم نعم ويلتحق بما ذكره عادم الماء العالم أو الراجي وجوده في آخر الوقت أن التأخير أفضل وكذا تأخيرها لمصلي كسوف إن أمن فوتها ولو أمره والده بتأخيرها ليصلي معه آخر نص عليه ويقدم في الكل إذا ظن مانعا منها
فائدة لا يكره تسميتها بالعتمة في الأصح وهي في اللغة شدة الظلمة والأفضل أن تسمى العشاء
فرع يكره النوم قبلها لحديث أبي برزة الأسلمي متفق عليه وعنه بلا موقظ لأنه عليه السلام رخص لعلي رواه أحمد والحديث بعدها في
____________________
1-
(1/347)
ثم الفجر ووقتها من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجملة إلا لشغل وشيء يسير والأصح وأهل وعيال وسبب الكراهة أن نومه يتأخر فيخاف منه تفويت الصبح عن وقتها أو عن أوله أو يفوته قيام الليل ممن يعتاده وعلله القرطبي بأن الله جعل الليل سكنا وهذا يخرجه عن ذلك ويستثنى منه ما إذا كان في خير كقراءة حديث ومذاكرة فقه وحكايات الصالحين وإيناس الضيف لأنه خير ناجز فلا يترك لمفسدة متوهمة
( ثم الفجر ) سمي به لانفجار الصبح وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل وقال الجوهري هو آخر الليل كالشفق في أوله وقد أفجرنا كما تقول قد أصبحنا من الصبح وهو مثلث الصاد حكاه ابن مالك وهو ما جمع بياضا وحمرة والعرب تقول وجه صبيح لما فيه من بياض وحمرة ولا يكره تسميتها بصلاة الغداة في الأصح وهي من صلاة النهار نص عليه ( و ) أول ( وقتها من طلوع الفجر الثاني ) إجماعا ويسمى الصادق لأنه صدقك عن الصبح ويمتد وقتها المختار ( إلى طلوع الشمس ) لما روى عبد الله ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وقت الفجر ما لم تطلع الشمس رواه مسلم وقال القاضي وابن عقيل وابن عبدوس يذهب وقت الاختيار بالإسفار ويبقى وقت الإدراك إلى طلوع الشمس قدمه في الرعاية فعلى هذا يكره التأخير بعد الإسفار بلا عذر وقيل يحرم قال ابن البنا وبطلوع الشمس وغروبها يعتبر في كل بلد بحسبه
فائدة وقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول من الصيف والعشاء على العكس قال الشيخ تقي الدين ومن زعم أن وقت العشاء بقدر
____________________
1-
(1/348)
وتعجيلها أفضل وعنه إن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حصة الفجر في الشتاء وفي الصيف فقد غلط غلطا بينا باتفاق الناس ( وتعجيلها ) أول الوقت إذا تيقنه أو غلب على ظنه ( أفضل ) قدمه في الكافي و المستوعب و الرعاية ونصره المؤلف وجزم به في الوجيز قال في الفروع وهي أظهر لما روت عائشة قالت كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ما يعرفهن أحد من الغلس متفق عليه وعن أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر ثم لم يعد إلى الإسفار حتى مات رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه قال الحازمي إسناده ثقات والزيادة من الثقة مقبولة قال ابن عبد البر صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ومحال أن يتركوا الأفضل وهم النهاية في إتيان الفضائل ( وعنه إن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار ) وهو الذي في التحقيق وجزم به الشريف وأبو الحسين وأبو الخطاب في رؤوس المسائل قال الحلواني العمل عليها وصححها ابن عقيل قال القاضي نقلها عبد الله والحسن بن ثواب لفعله عليه السلام في العشاء فينبغي أن يكون في الفجر مثله ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فقال
يا معاذ إذا كان الشتاء فغلس بالفجر وإذا كان الصيف فأسفر فإن الليل قصير والناس ينامون رواه أبو سعيد الأموي في مغازيه والبغوي في شرح السنة وظاهره اعتبار حال المأمومين كلهم والمذهب كما صرح به الشيرازي والجد أو أكثرهم ولعله مراد من أطلق وعنه الإسفار أفضل مطلقا لما روى الطحاوي عن محمد بن خزيمة عن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الأعمش
____________________
1-
(1/349)
ومن أدرك تكبيرة الإحرام من صلاة في وقتها فقد أدركها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن إبراهيم قال ما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على شيء ما اجتمعوا على التنوير وعن علي وابن مسعود أنهما كانا يسفران بها رواه سعيد وعن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان ويستثنى من ذلك الحاج بمزدلفة لكن حكى الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق أن معنى الإسفار أن يضيء الفجر فلا يشك فيه قال الجوهري أسفر الصبح أي أضاء يقال أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته وأظهرته
( ومن أدرك تكبيرة الإحرام من صلاة في وقتها فقد أدركها ) جزم به في التلخيص وقدمه في الرعاية و الفروع واختاره أبو الخطاب لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها رواه مسلم وللبخاري
فليتم صلاته وكإدراك الجمعة والمسافر صلاة المقيم وذكر القاضي أنه يدركها بإدراك أي جزء كان قال وهو ظاهر كلام الإمام وظاهره لا فرق بين أن يكون أخرها لعذر كحائض تطهر ومجنون يفيق أو لغيره ومحله في غير الجمعة كما قيده في الوجيز وغيره وهو الأصح فيها وعنه لا يدرك بدون ركعة اختارها الخرقي وصححها الحلواني لتخصيص الشارع الإدراك بالركعة وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة وكالجمعة ومقتضاه أن الصلاة كلها أداء إذا وقع بعضها خارج الوقت في ظاهر المذهب ولو صلى دون ركعة ولهذا ينويه وقطع به أبو المعالي في المعذور اعتبارا بالتحريمة وقيل
____________________
1-
(1/350)
ومن شك في الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله فإن أخبره بذلك مخبر عن يقين قبل قوله وإن كان عن ظن لم يقبله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قضاء اعتبارا بالسلام فإنه وقت سقوط الفرض وقيل الخارج عن الوقت ولا تبطل بخروج وقتها وهو فيها خلافا لأبي حنيفة في الفجر لوجوبها كاملة فلا تؤدى ناقصة ومثله عصر أمسه تغرب وهو فيها
( ومن شك في ) دخول ( الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله ) لأن الأصل عدم دخوله فلو صلى مع الشك لم يصح وإن أصاب كما لو صلى من اشتبهت عليه القبلة من غير اجتهاد وقال ابن حمدان من أحرم بفرض مع ما ينافيه لا مع ما ينافي الصلاة عمدا أو جهلا أو سهوا فسد فرضه ونفله يحتمل وجهين فلو غلب على ظنه دخوله كمن له صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة أو قارئ جرت عادته بقراءة شيء فقرأه جازت صلاته جزم به جماعة لأنه أمر اجتهادي فاكتفى فيه بغلبة الظن كغيره ولأن الصحابة كانوا يبنون أمر الفطر على غلبة الظن ولا يعيد بحال صرح به في المحرر إلا أن يتيقن أن صلاته قبل الوقت وأما إذا تيقن كالعالم بالمواقيت ودقائق الساعات وسير الكواكب إذا لم يكن في السماء علة ولا مانع فمن باب أولى وقيل إن قدر على اليقين لم يعمل بالظن وهوظاهر ما قدمه ابن تميم ( فإن أخبره بذلك ) أي بدخول الوقت ( مخبر ) ثقة ( عن يقين ) علم بأن قال رأيت الفجر طالعا والشفق غاربا ( قبل قوله ) لأن خبره مع الثقة يفيد وجوب العمل به ولأنه خبر ديني أشبه الرواية وظاهره ولو أمكنه اليقين ( وإن كان عن ظن لم يقبله ) لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه وتحصيل
____________________
1-
(1/351)
ومتى اجتهد وصلى فبان أنه وافق الواقت أو ما بعده أجزأه وإن وافق قبله لم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مثل ظنه أشبه حال اشتباه القبلة زاد ابن تميم وغيره إلا أن يتعذر عليه الاجتهاد فيعمل بقوله والأعمى والمطمور القادران على التوصل بالاستدلال كالبصير القادر لاستوائهما في إمكان التقدير بمرور الزمان فإن كان الأعمى عاجزا عن معرفته بنفسه قلد بصيرا عالما به فإن عدم من يقلده فاجتهد وصلى أعاد إن أخطأ وإلا فلا ذكره السامري وغيره وسيأتي والأصح أنه يعيد مطلقا
تذنيب إذا سمع أذان ثقة عارف بالوقت فله تقليده لأن الظاهر أنه لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت فجرى مجرى خبره ولأنه مؤتمن لكن قال ابن عقيل وأبو المعالي وابن تميم لا يعمل به في دار الحرب حتى يعلم إسلامه وفي كتاب أبي المعالي و الرعاية لا أذان في غيم لأنه عن اجتهاد ويجتهد هو فدل أنه لو عرف أنه يعرف الوقت بالساعات أو تقليد عارف عمل به جزم به المجد وقال الشيخ تقي الدين قال بعض أصحابنا لا يعمل بقول المؤذن مع إمكان العلم بالوقت وهو خلاف مذهب أحمد وسائر العلماء المعتبرين قلت من الأمارات صياح الديك المجرب وكثرة المؤذنين
( ومتى اجتهد ) قال الجوهري الاجتهاد بذل الوسع في المجهود وفي الروضة الاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب ( وصلى فبان أنه وافق الوقت ) أجزأه لأن الصلاة وقعت الموقع لكونه أدى ما خوطب به وفرض عليه ( أو ما بعده أجزأه ) لأن الصلاة تقع بعد الوقت قضاء وهو مسقط للفرض ومجزئ عنه ( وإن وافق قبله لم
____________________
1-
(1/352)
يجزئه ومن أدرك من الوقت قدر تكبيرة ثم جن أو حاضت المرأة لزمه القضاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يجزئه ) لأنه أداها قبل وقت الوجوب وتكون نفلا صرح به في ( الوجيز ) و ( الرعاية ) وكذا إذا ظن أن عليه فائتة فأحرم بها فبان أنها ليست عليه وقيل تبطل وذكر ابن تميم وغيره أنه إذا أخبره ثقة عن علم أنه صلى قبل الوقت أعاد وإلا فلا ولا بد من الفرق فيما إذا اجتهد في القبلة وصلى فلا إعادة عليه وإن أخطأ بخلاف الاجتهاد في الوقت والفرق بينهما أن المجتهد في القبلة أدى الصلاة بعد وجوبها عليه وفي الوقت أداها قبل وجوبها ثم تجدد سبب الوجوب وأيضا فإن تحصيل اليقين في الوقت ممكن بخلاف القبلة ذكره ابن المنجا وفي الآخر نظر
( ومن أدرك من الوقت ) وهو مكلف ( قدر تكبيرة ) أي تكبيرة الإحرام ولكن أطلقه أحمد والأصحاب فلهذا قيل يجزئ ( ثم ) طرأ ما يسقط الفرض عنه كما إذا ( جن أو حاضت المرأة لزمهم القضاء ) ذكره الأكثر وجزم به في ( الوجيز ) لأنها وجبت بدخول الوقت والأصل عدم سقوطها وكآخر الوقت وكالتي أمكن أداؤها وظاهر كلامهم أن المسألة مصورة بدخول الوقت ولكن إدراك جزء من الوسط كذلك وعنه إنه لا قضاء عليه إلا أن يدرك منه ما يتمكن من فعلها اختاره ابن أبي موسى وابن بطة كما لو طرأ العذر قبل دخول الوقت واختار الشيخ تقي الدين أن يضيق الوقت وفي وجوب الثانية من صلاتي الجمع بوجوب الأولى روايتان إحداهما يجب ويلزمه قضاؤها كما لو أدرك جزء من وقت العصر والثانية لا وهي الأصح لأنه لم يدرك شيئا من وقتها ولا وقت تبعها أشبه من لم يدرك شيئا بخلاف الثانية فإنها تفعل تبعا للأولى فمدرك وقتها مدرك
____________________
1-
(1/353)
وإن بلغ صبي أو أسلم كافر أو أفاق مجنون أو طهرت حائض قبل طلوع الشمس بقدر تكبيرة لزمهم الصبح وإن كان قبل غروب الشمس لزمهم الظهر والعصر وإن كان قبل طلوع الفجر لزمهم المغرب والعشاء ومن فاتته صلوات لزمه قضاؤها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لجزء من وقت تبع الأولى ( وإن ) طرأ تكليف بأن ( بلغ صبي أو أسلم كافر أو أفاق مجنون أو طهرت حائض قبل طلوع الشمس ) ولو ( بقدر تكبيرة ) وهو الأصح وقيل يجزئ كبعض تكبيرة وفي ( الفروع ) وظاهر ما ذكره أبو المعالي حكاية القول بإمكان الأداء وقد يؤخذ منه حكاية القول بركعة فتكون فائدة المسألة وهو متجه ( لزمهم الصبح ) أي صلاة الصبح لما تقدم من قوله
من أدرك سجدة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها فقوله سجدة أي مقدار سجدة ( وإن كان ذلك قبل غروب الشمس لزمهم الظهر والعصر ) لما روى سعيد والأثرم عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف أنهما قالا
إذا طهرت الحائض قبل مغيب الشمس صلت الظهر والعصر وإذا رأت الطهر قبل أن يطلع الفجر صلت المغرب والعشاء ورواه الخلال والبيهقي عن عبد الرحمن وفي الإسناد ضعف ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف قال أحمد عامة التابعين يقولون به إلا الحسن وحده قال لا تجب إلا الصلاة التي طهرت فيها لأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثانية ولأن ما دون الركعة تجب به الثانية فوجبت به الأولى كالركعة وظاهره ولو لم يتسع لفعلها وقدر ما تجب به الثانية ولا يعتبر زمن يتسع للطهارة نص عليه ( وإن كان قبل طلوع الفجر لزمهم المغرب والعشاء ) لما ذكرناه وعلل أبو الخطاب ذلك بأن من لزمه عصر يومه لزمه ظهر يومه كالمغمى عليه إذا أفاق قبل الغروب
( ومن فاتته صلوات ) بعذر أو غيره ( لزمه قضاؤها ) وفاقا وقال بعض الظاهرية إن غير المعذور لا يقضي واختاره الشيخ تقي الدين وحكاه ابن كج عن ابن
____________________
1-
(1/354)
على الفور مرتبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بنت الشافعي وحكمته التغليط عليه ( على الفور ) في المنصوص إن لم يتضرر في بدنه أو معيشة يحتاجها نص عليه لما روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها متفق عليه ولفظه للبخاري وفي رواية
من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها رواه الدارقطني بإسناد فيه ضعف فأمر بالصلاة عند الذكر والأمر للوجوب وإنما تحول عليه السلام بأصحابه لما ناموا وقال
إن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان لأنه سنة كفعل سنة قبل الفرض وقيل لا يجب القضاء على الفور وعلى الأول يجوز التأخير لفرض صحيح كانتظار رفقة أو جماعة للصلاة ( مرتبا ) على الأصح لما روى جابر عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة العصر يوم الخندق فصلاها بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب متفق عليه وعن ابن عمر مرفوعا
من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام رواه أبو بكر وأبو يعلى الموصلي بإسناد حسن ولأنها صلوات مؤقتات فوجب الترتيب فيها كالمجموعتين ولأن القضاء يحكي الأداء فظاهره يختص بحالة العذر
وجوابه أنه إذا وجبت الفورية والترتيب على المعذور فغيره أولى وإنما قيده بالنسيان لأنه قد خرج على سبب وعنه لا يجب الترتيب قاله في المبهج لأن كل واحدة عبادة مستقلة والأداء إنما كان واجبا في الأول لضرورة الوقت كالصوم وأسقط القاضي في موضع الفورية والترتيب فيما زاد على خمس وعلى الأول الترتيب شرط لصحتها فلو أخل به لم يصح
____________________
1-
(1/355)
قلت أو كثرت فإن خشي فوات الحاضرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالركوع والسجود قال في الفروع ويتوجه احتمال يجب الترتيب ولا يعتبر للصحة
مسألة يستحب أن يصلي الفائتة جماعة ومن شك فيما عليه من الصلاة فإن شك في زمن الوجوب قضى ما يعلم وجوبه وإن شك في الصلاة بعد الوجوب قضي ما يعلم به براءة ذمته نص عليه
( قلت ) الفوائت ( أو كثرت ) لأن الترتيب واجب فلم يسقط بالكثرة كما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها لكن إذا قلت الفوائت قضاها بسننها وإن كثرت فالأولى الاقتصار على الفرض لفعله عليه السلام يوم الخندق واستثنى أحمد سنة الفجر وقال لا يهملها وقال في الوتر إن شاء قضاه وإن شاء فلا ونقل مهنا يقضي سنة الفجر لا الوتر لأنه دونها وأطلق القاضي وغيره يقضي السنن والوتر كما يقضي غيره من الرواتب نص عليه ولا يصح نفل مطلق على الأصح لتحريمه كأوقات النهي وكذا يتخرج في النفل المبتدأ بعد الإقامة أو عند ضيق وقت المؤداة مع علمه بذلك وتحريمه
فائدة قال الشيخ تقي الدين إن عجز فمات بعد التوبة غفر له قال ولا تسقط بحج ولا تضعيف صلاة في المساجد الثلاثة ولا غير ذلك
( فإن خشي فوات الحاضرة ) سقط وجوب الترتيب في الصحيح المشهور في المذهب لئلا تصيرا فائتتين وفعل الحاضرة آكد بدليل أنه يقتل بتركها بخلاف الفائتة ولأن ترك الترتيب أيسر من ترك الوقت وعنه لا يسقط اختاره الخلال لأنه ترتيب فلم يسقط بضيق الوقت كترتيب الركوع والسجود ونقل
____________________
1-
(1/356)
أو نسي الترتيب سقط وجوبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ابن منصور إذا كثرت الفوائت بحيث لا يتسع لها وقت الحاضرة صلى الحاضرة في أول وقتها وهي اختيار أبي حفص وصححه في المغني لأنه إذا لم يكن بد من الإخلال بالترتيب ففعلها في أول الوقت لتحصل فضيلة الوقت والجماعة أولى ولأن فيه مشقة فإنه يتعذر معرفة آخر الوقت في حق أكثر الناس فعلى الأول المراد بفوات الحاضرة ضيق وقتها حتى لا يتسع لفعلهما جميعا وقيل ما لا يتسع لفعل الفائتة وإدراك الحاضرة وهل خروج وقت الاختيار كخروج الوقت فيه وجهان ولا يشتغل عن الحاضرة بالقضاء فإن خالف وقضى صح نص عليه لا نافلة في الأصح وظاهره لا فرق بين الحاضرة أن تكون جمعة أو غيرها فإن خوف فوت الجمعة كضيق الوقت في سقوط الترتيب نص عليه فيصلي الجمعة قبل القضاء وعنه لا يسقط قال جماعة لكن عليه فعل الجمعة في الأصح ثم يقضيها ظهرا فإن كان الذي عليه الفائتة الإمام في الجمعة وصلاها مع ذكره فإن سقط الترتيب لضيق الوقت صحت الجمعة وقضى ما عليه وإن قلنا لا يسقط أعاد الجمعة إن كان الوقت باقيا فإن ذكر الفائتة قبل إحرامه بالجمعة استناب فيها وقضى الفائتة فإن أدرك الجمعة مع نائبه وإلا صلى ظهرا وإن لم يفعل وصلى بهم فعلى الخلاف وقيل يلزمه أن يقضي ثم يأتي بما يدرك به الجمعة وهو أشبه ( أو نسي الترتيب ) بين فوائت حال قضائها أو بين حاضرة وفائتة حتى فرغ منها ( سقط وجوبه ) وليس عليه إعادة نص عليه في رواية الجماعة لقوله عليه السلام
عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ولأن المنسية ليس عليها أمارة فجاز أن يؤثر فيها النسيان كالصيام وعنه لا تسقط مع النسيان كالمجموعتين وجوابه أنه لا يتحقق فيهما إذ لابد
____________________
1-
(1/357)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من نية الجمع وهو متعذر مع النسيان وظاهره لا فرق بين أن يكون ذكر الفائتة ثم نسيها أو لم يسبق لها ذكر وأنه لا يسقط الترتيب بخشية فوات الجماعة في الحاضرة على الأصح ولا بالجهل بوجوبه في الأصح لأنه نادر ولأنه اعتقد بجهله خلاف الأصل وهو الترتيب فلم يعذر فلو صلى الظهر ثم الفجر جاهلا ثم صلى العصر في وقتها صحت عصره لاعتقاده لا صلاة عليه كمن صلاها ثم تيقن أنه صلى الظهر بلا وضوء أعاد الظهر وإن نسي ظهرا وعصرا من يومين وجهل السابقة فعنه يبدأ بالظهر ثم بالعصر اعتبارا بالترتيب الشرعي وعنه يتحرى فإن استويا فعنه بما شاء وعنه يصلي ظهرين بينهما عصرا وبالعكس لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين قال في المغني وهو القياس
فرع إذا ذكر فائتة في حاضرة أتمها غير الإمام وعنه نفلا وقيل فرضا وعنه تبطل وإن نسي صلاة من خمس يجهل عينها صلى خمسا نص عليه بنية الفرض وعنه فجرا ثم مغربا ثم رباعية وإن ترك عشر سجدات من صلاة شهرا قضى صلاة عشرة أيام لجواز تركه كل يوم سجدة ذكره أبو المعالي
____________________
1-
(1/358)
& باب ستر العورة &
وهو الشرط الثالث وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب ستر العورة &
العورة في اللغة النقصان والشيء المستقبح ومنه كلمة عوراء أي قبيحة فهي سوءة الإنسان وكل ما يستحيى منه وسميت عورة لقبح ظهورها ثم إنها تطلق على ما يجب سترها في الصلاة وهو المراد هنا وعلى ما يحرم النظر إليه وسيأتي في النكاح ( وهو الشرط الثالث ) في قول أكثر العلماء قال ابن عبد البر أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به أو صلى عريانا لقوله تعالى { خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف 31 ] لأنها وإن كانت نزلت بسبب خاص فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولقوله عليه السلام
لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث عائشة ورواه الحاكم وقال على شرط مسلم والمراد بالحائض البالغ ولأنه عليه السلام نهى عن الطواف بالبيت عريانا فالصلاة أولى لأنها أعلى وآكد منه
والأحسن في الاستدلال أن يقال انعقد الإجماع على الأمر به في الصلاة والأمر بالشيء نهي عن ضده فيكون منهيا عن الصلاة مع كشف العورة والنهي في العبادات يدل على الفساد وهذا محله عند القدرة فإن عجز عنه وجب أن يصلي عريانا
( وسترها ) لا من أسفل والأظهر بلى إن تيسر النظر ( عن النظر بما لا يصف البشرة ) أي السواد والبياض ( واجب ) لأن الستر إنما يحصل
____________________
1-
(1/359)
وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بذلك فدل [ على ] أنه إذا وصف بياض الجلد أو حمرته فليس بساتر وإذا ستر اللون ووصف الخلقة أي حجم العضو صحت الصلاة فيه لأن البشرة مستورة وهذا لا يمكن التحرز منه وإن كان الساتر صفيقا ويكفي نبات ونحوه وقيل لا يكفي حشيش مع وجود ثوب ويكفي متصل به كيده ولحيته على الأصح وفي لزوم طين وماء كدر لعدم وجهان لا بارية وحصير ونحوهما مما يضر ولا حفيرة واختار ابن عقيل يجب الطين لا الماء ويكون من فوق وظاهره أنه يجب سترها في غير الصلاة بين الناس وفي الرعاية يجب سترها مطلقا حتى خلوة عن نظر نفسه لأنه يحرم كشفها خلوة بلا حاجة فيحرم نظرها لأنه استدامة لكشفها المحرم قال في الفروع ولم أجد تصريحا بخلاف هذا لا أنه يحرم نظر عورته حيث جاز كشفها فإنه لا يحرم هو ولا لمسها اتفاقا وقد قال أبو المعالي إذا وجب سترها في الصلاة عن نفسه وعن الأجانب فهل يجب عن نفسه إذا خلا فيه وجهان أحدهما يجب الستر عن الملائكة والجن والثاني يجوز وقوله واجب مطلقا إلا لضرورة كتداو ونحوه أو لأحد الزوجين ولأمته المباحة أو هي لسيدها
( وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة ) نص أحمد أن عورة الرجل ما ذكره لما روي عن علي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي أو ميت رواته ثقات رواه ابن ماجة وأبو داود وقال
____________________
1-
(1/360)
وعنه أنها الفرجان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هذا الحديث فيه نكارة وقال ابن المنجا رواه أحمد وفيه نظر وعن جرهد الأسلمي قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعلي بردة وقد انكشفت فخذي فقال
غط فخذك فإن الفخذ عورة رواه مالك وأحمد وغيرهما وفي إسناده اضطراب ولا فرق بين الحر والعبد وكذا من بلغ عشرا في الأصح وأما الأمة فذكر معظم الأصحاب وهو المذهب أن عورتها كالرجل لما روى عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال
إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته عورة رواه أحمد وأبو داود يريد به الأمة فإن الأجير والعبد لا يختلف حاله بالتزويج وعدمه وكان عمر ينهى الإماء عن التقنع وقال إنما القناع للحرائر واشتهر ذلك ولم ينكر فكان كالإجماع وظاهره أن الركبة والسرة ليستا من العورة وهو الأصح وعنه والركبة لخبر ضعيف وعنه وهما ذكره ابن عقيل
( وعنه أنها الفرجان ) نقلها عنه مهنا واختاره المجد وغيره في الرجل قال في الفروع وهذا أظهر لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ولمسلم فانحسر الإزار عن فخذ نبي الله الله عليه وسلم ودخل أبو بكر وعمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو كاشف فخذيه لم يغطهما رواه أحمد من حديث عائشة ولأنه ليس بمخرج فلم يكن عورة كالساق وسمى الشارع الفخذ عورة لتأكد الاستحباب
____________________
1-
(1/361)
والحرة كلها عورة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال البخاري ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم
الفخذ عورة وقال أنس حسر النبي صلى الله عليه وسلم الإزار عن فخذه وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط وقال الطحاوي وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم آثار متواترة فيها أن الفخذ عورة ولم يضادها أثر صحيح وظاهر هذه الرواية مشاركة الأمة للرجل فيها قال ابن المنجا لم أجد في كتب الأصحاب تصريحا بأن عورة الأمة الفرجان في رواية وفيه نظر فإن أئمة من الأثبات قد نقلوها منهم أبو الخطاب والشيرازي وعنه ما لا يظهر غالبا اختارها أبو الحسين والمجد وقدمها في الكافي وجزم بها في الوجيز لأنه لا يظهر غالبا أشبه ما تحت السرة وقيل البرزة كالرجل دون الخفرة وقيل ما عدا رأسها عورة وهو ظاهر الخرقي وعلى الأول يسن ستر رأسها في الصلاة
فرع إذا أعتقت وهي في الصلاة مكشوفة الرأس ووجدت سترة كالعريان يجدها فإن لم تعلم بالعتق أو علمت به ولم تعلم بوجوب الستر فصلاتها باطلة لأن شرط الصلاة لا يعذر فيها بالجهل وإن لم تجد سترة أتمت صلاتها ولا إعادة
( والحرة ) البالغة ( كلها عورة ) حتى ظفرها نص عليه ذكر ابن هبيرة أنه المشهور وقال القاضي وهو ظاهر كلام أحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم
المرأة عورة
رواه الترمذي وقال حسن صحيح وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم
أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار قال إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها رواه أبو داود وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على
____________________
1-
(1/362)
إلا الوجه وفي الكفين روايتان وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة وعنه كالحرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أم سلمة وكرأسها وساقها فإنها بالإجماع ( إلا الوجه ) لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة ذكره في المغني وغيره وقد أطلق أحمد القول بأن جميعها عورة وهو مشمول على ما عدا الوجه أو على غير الصلاة وذكر ابن تميم رواية أنه عورة وذكر القاضي عكسها إجماعا ( وفي الكفين ) ظهرا وبطنا إلى الكوعين ( روايتان ) الأولى وهي المذهب سبق حكمها والثانية أنهما ليسا من العورة كالوجه واختاره المجد وجزم به في العمدة و الوجيز لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [ النور 31 ] قال ابن عباس وعائشة وجهها وكفيها رواه البيهقي وفيه ضعف ولأنه يحرم سترهما في الإحرام كما يحرم ستر الوجه ويظهران غالبا وتدعو الحاجة إلى كشفهما للبيع وغيره كالوجه وقال الشيخ تقي الدين والقدمين أيضا هذا كله في الحرة البالغة أما غير البالغة كالمراهقة والمميزة فكالأمة وظاهر إطلاق المؤلف يخالفه ( وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة ) قدمه في الكافي و الفروع لأن الرق باق فيهما والمقتضي للستر بالإجماع هو الحرية الكاملة ولم توجد فتبقى على الأصل وكونهما لا ينقل الملك فيهما لا يخرجهما عن حكم الإماء كالموقوفة وانعقاد سبب الحرية في أم الولد لا يؤثر كالمكاتبة لكن يستحب لهما ستر الرأس لما فيهما من شبه الأحرار وللخروج من الخلاف والأخذ بالاحتياط ( وعنه كالحرة ) قدمه ابن تميم لأن أم الولد لا تباع ولا ينقل الملك فيها والمعتق بعضها فيها حرية تقتضي الستر فوجب كالحرة وقدم في المحرر أن أم الولد كالأمة وصحح في المعتق بعضها أنها كالحرة وجزم به في الوجيز لأن فيها حرية يغلب حكمها احتياطا للعبادة كما وجب على
____________________
1-
(1/363)
ويستحب للرجل أن يصلي في ثوبين فإن اقتصر على ستر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخنثى المشكل ستر فرجيه احتياطا وقدم في التلخيص أن أم الولد كحرة وفي المعتق بعضها روايتان
فرع المكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالقن لأنه يجوز بيعهن وعتقهن كالقن وعنه كحرة وعنه المدبرة كأم الولد
تنبيه لم يتعرض المؤلف لعورة الخنثى المشكل والمذهب أنه كرجل لأن الأصل عدم وجوب الستر فلا نوجبه بالشك ويحب ستر فرجيه وإن قلنا العورة الفرجان فقط لأن أحدهما فرج حقيقي ولا يتحقق ستره إلا بسترهما وعنه كامرأة ذكره القاضي وقدمه السامري قال ابن حمدان وهو أولى لأنه يحتمل أن يكون امرأة فوجب ذلك احتياطا
( ويستحب للرجل ) حرا كان أو عبدا ( أن يصلي في ثوبين ) ذكره بعضهم إجماعا قال ابن تميم وغيره مع ستر رأسه بعمامة لما روى أبو هريرة أن سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد فقال
أولكلكم ثوبان متفق عليه زاد البخاري ثم سأل رجل عمر فقال إذا وسع الله عليكم فأوسعوا وقال إبراهيم كانوا يستحبون إذا وسع الله عليهم أن لا يصلي أحدهم في أقل من ثوبين قال القاضي وهو في الإمام آكد ونقله أبو طالب لأنه بين يدي المأمومين وتتعلق صلاتهم بصلاته وصرح ابن تميم أنه لا يكره أن يصلي في ثوب واحد إذا ستر عورته وعاتقيه قال في الشرح فإن لم يكن إلا ثوب واحد فالقميص أولى لأنه أبلغ ثم الرداء ثم المئزر والسراويل ( فإن اقتصر على ستر ) هو بفتح السين مصدر ستر وبكسرها ما يستر به
____________________
1-
(1/364)
العورة أجزأه إذا كان على عاتقه شيء من اللباس وقال القاضي يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( العورة أجزأه إذا كان على عاتقه ) هو موضع الرداء من المنكب ( شيء من اللباس ) يجب ستر عاتقه نص عليه مع القدرة ذكره الجماعة لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء رواه البخاري ومسلم وقال
على عاتقيه ولأحمد اللفظان وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل وهو ظاهر الخرقي لقول إبراهيم كانوا يكرهون إعراء المناكب في الصلاة رواه سعيد ولأن ما اشترط للفرض اشترط للنفل كالطهارة وعنه سنة لأنه ليس بعورة أشبه بقية البدن وعلى الأول يجزئه ستر أحد عاتقيه نص عليه وهو قول الأكثر وعنه يجب سترهما ذكره السامري وصاحب التلخيص واقتصر ابن هبيرة في حكايته عن أحمد وفي وجه يجزئه ستر عاتقيه أو أحدهما قدمه في الرعاية وفي آخر يجزئه وضع خيط ونحوه لأن هذا شيء فيتناوله الخبر وفي آخر يجزئه ما يسمى لباسا وإن قل دون حبل ونحوه وهذا ظاهر الخرقي وقدمه في الكافي ومتى قلنا بوجوبه فهو شرط لصحة الصلاة في ظاهر المذهب قال القاضي وعليه أصحابنا لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه وعنه ليس بشرط ذكره القاضي وابن عقيل وحملها المؤلف على أنه لا يجب ستر المنكبين جميعا لا أنها تنفي الشرطية ( وقال القاضي يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض ) يعني إذا اقتصر على ستر العورة دون المنكبين أجزأه في صلاة النفل دون الفرض نص عليه في رواية حنبل ذكره السامري وغيره وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية لأن مبناه على التخفيف ولذلك يسامح فيه بترك القيام والاستقبال في حال سيره مع القدرة فسومح فيه بهذا القدر
____________________
1-
(1/365)
ويستحب للمرأة أن تصلي في درع وخمار وملحفة فإن اقتصرت على ستر عورتها أجزأها وإذا انكشف من العورة يسير لا يفحش في النظر لم تبطل صلاته وإن فحش بطلت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ويستحب للمرأة ) الحرة ( أن تصلي في درع ) قيل اسم لقميصها وقال الإمام أحمد هو شبه القميص لكنه سابغ يغطي قدميها ( وخمار ) هو ما تغطي به رأسها ( وملحفة ) هو شيء تلتحف به من فوق الدرع روي استحباب ذلك عن عمر وابنه وعائشة روى محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا سليمان التيمي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب قال تصلي المرأة في درع وخمار وإزار وحكمته المبالغة في سترها ولا تبين عجيزتها ( فإن اقتصرت على ستر عورتها أجزأها ) لماروى عن أم سلمة وميمونة أنهما كانتا تصليان في درع وخمار ليس عليهما إزار رواه مالك قال أحمد اتفق عامتهم على الدرع والخمار وما زاد فهو خير وأستر ولأنها سترت ما يجب عليها ستره أشبهت الرجل ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع نص على ذلك ولا تضم ثيابها زاد السامري في حال قيامها
( وإذا انكشف من العورة يسير لا يفحش في النظر ) عرفا ( لم تبطل صلاته ) نص عليه واختاره السامري وقدمه في التلخيص و المحرر لما روي أن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه قال عمرو وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تغطوا عنا أست قارئكم رواه البخاري ولأن ثياب الفقراء لا تخلو من خرق وثياب الأغنياء من فتق والاحتراز من ذلك يشق فعفي عنه كيسير الدم وعنه تبطل مطلقا اختاره الآجري لأنه حكم معلق بالعورة فاستوى قليله وكثيره كالنظر ولو عبر بقوله يسير وهو ما لا يفحش كأبي الخطاب والمجد لكان أولى ( وإن فحش بطلت ) لأن التحرز منه ممكن من غير مشقة أشبه سائر العورة وحكى ابن المنذر الإجماع على أن المرأة الحرة
____________________
1-
(1/366)
ومن صلى في ثوب حرير أو مغصوب لم تصح صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة والأصل وجوب ستر جميعها فعفي عنه في اليسير غير الفاحش للنص وللمشقة فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل وظاهره لا فرق بين الرجل والمرأة ولا بين الفرجين وغيرهما قال في الشرح وغيره إلا أن العورة المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فاعتبر الفحش كل عضو بحسبه وهو معنى ما ذكره ابن عقيل أنه يعفى عن يسير المخففة دون المغلظة وظاهره ولو قصر زمنه وكشف كثير في زمن يسير ككشف يسير سهوا في زمن طويل قال في الرعاية إن فحش أو طال زمنه وإلا فروايتان
تنبيه إذا انكشفت عورته سهوا وقال ابن تميم أو عمدا فسترها في الحال عفي عنه ولم تبطل صلاته لأنه يسير في زمن يسير وعنه لا كما لو طال زمنه وقال التميمي إن بدت عورته وقتا واستترت آخر لم يعد للخبر فلم يشترط اليسير قال في المغني ولا بد من اشتراطه لأنه يفحش وإذا أطارت الريح سترته واحتاج عملا كثيرا في أخذها فوجهان
( ومن صلى في ثوب حرير أو مغصوب لم تصح صلاته ) هذا هو المشهور عن أحمد في الثوب المغصوب لما روى أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا بقية عن عثمان بن زفر عن هاشم الأوقص عن نافع عن ابن عمر أنه قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة مادام عليه ثم أدخل أصبعيه في أذنيه وقال صمتا إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول قال البخاري هاشم غير ثقة وبقية مدلس ولأن قيامه وقعوده
____________________
1-
(1/367)
وعنه تصح مع التحريم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولبثه فيه محرم منهي عنه فلم يقع عبادة كالصلاة في زمن الحيض وكالنجس وحكم الجزء المشاع أو المعين كذلك ذكره ابن عقيل وهذا إذا كان ذاكرا عالما وظاهره يعم الرجل والمرأة وهو كذلك في المغصوب وأما الحرير فتصح صلاة المرأة فيه لإباحته لها وكذا الرجل في حالة العذر ولو عبر بمن صلى في ثوب محرم عليه كما في الوجيز لاستقام وظاهره ولا فرق بين الفرض والنفل لأن ما كان شرطا في الفرض فهو شرط للنفل وقيده في الشرح بما إذا كان هو الساتر لها واختاره ابن الجوزي وعنه إن علم النهي لم يصح وإلا صحت ( وعنه تصح مع التحريم ) اختاره الخلال وصاحب الفنون لأن النهي لا يعود إلى الصلاة وكعمامة مغصوبة وخاتم ذهب وخف وتكة في الأصح وقيل بل مع الكراهة وهو ظاهر المستوعب وعنه الوقف في التكة وعنه يقف على إجازة المالك وعنه إن كان شعارا لم يصح جزم به في الوجيز وقال أبو بكر إن صلى في خاتم حديد أو صفر أعاد وعلى الأول لو جهل أو نسي كونه غصبا أو حريرا أو حبس بغصب حتى صلى فيه صحت على الأصح
تنبيه إذا لم يجد غير سترة حرير صلى فيها ولا إعادة وقيل روايتان ويصلي عريانا مع مغصوب فلو صلى فيه أو غصب ستارة الكعبة وصلى لم تصح على الأشهر والحرير أولى من النجس قاله ابن حمدان ولا يصح نفل آبق ذكره ابن عقيل
فرع لم يتعرض المؤلف للخنثى المشكل في الحرير والأشهر أنه في الصلاة وعنه وغيرها كرجل قاله القاضي
____________________
1-
(1/368)
ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا صلى فيه وأعاد على المنصوص ويتخرج أن لا يعيد بناء على من صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه فإنه قال لا إعادة عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا صلى فيه ) لأن ستر العورة آكد من إزالة النجاسة لتعلق حق الآدمي به في ستر عورته ووجوبه في الصلاة وغيرها فكان تقديمه أولى لكونه متفقا على اشتراطه فلو صلى عريانا مع وجوده أعاد قولا واحدا وعنه لا يصلي فيه حتى يضيق الوقت وعلى الأول لو كان نجس العين كجلد ميتة صلى عريانا من غير إعادة ذكره بعضهم فلو كان معه ثوبان نجسان صلى في أقلهما وأخفهما نجاسة ( وأعاد ) ما صلى فيه ( على المنصوص ) وهو المذهب لأنه أخل بشرط الصلاة مع القدرة عليه أشبه ما لو صلى محدثا ويستثنى منه ما إذا عجز عن إزالتها فإنه يصلي ولا يعيد لأنه شرط عجز عنه فسقط كالسترة ذكره في الكافي ( ويتخرج أن لا يعيد ) هذا رواية عن أحمد واختاره المؤلف وجزم به في التبصرة لأن الشرع منعه نزعه أشبه إذا لم يمكنه وكالعجز عن السترة ( بناء على من صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه فإنه قال لا إعادة عليه ) لأنه عاجز عن الشرط فلم يلزمه كمن عدم الماء فخرج جماعة فيه رواية من الإعادة في الثوب وخرجوا في الثوب من المكان ولم يخرج آخرون وهو أظهر لظهور الفرق لأن من لم يجد إلا ثوبا نجسا له حالتان يمكنه الصلاة معها مع الخلل لأنه إذا صلى عريانا لم يحمل النجاسة فقد فاته السترة وحدها وإذا صلى في الثوب النجس فقد فاتته طهارة الثوب وحده فاختيار إحدى الحالتين على الأخرى يوجب الإعادة استدراكا للخلل الحاصل بترك الشرط الذي كان مقدورا عليه من وجه بخلاف المحبوس في المكان
____________________
1-
(1/369)
ومن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النجس فإنه ليس له إلا حالة واحدة وهي الصلاة فالشرط ليس بمقدور عليه من كل وجه وخرج في التعليق رواية عدم الإعادة في الثوب من عدم الطهورين
تنبيه لم يتعرض المؤلف لكيفية الصلاة في الموضع النجس والمنصوص أنه يجلس على قدميه ويومئ بالركوع والسجود قدمه السامري وغيره وعنه يومئ غاية ما يمكنه وعنه يسجد بالأرض ومحله ما إذا كانت النجاسة يابسة أما إذا كانت رطبة فإنه يومئ وجها واحدا قاله ابن تميم
( ومن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها ) وترك ستر منكبيه وصلى قائما اختاره المؤلف وصححه في الشرح وجزم به في الوجيز لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا كان الثوب واسعا فخالف بين طرفيه وإن كان ضيقا فاشدده على حقوك رواه أبو داود ولأن القيام متفق على وجوبه فلا يترك لأمر مختلف فيه وكما لو لم يكف وقال القاضي يستر منكبيه ويصلي جالسا لأن الجلوس بدل عن ستر العورة لكونه يستر معظمها والمغلظ منها وستر المنكب لا بد له فكان مراعاته أولى وبعد ابن تميم ذلك وحمله ابن عقيل على سترة تتسع إن تركها على كتفيه وسدلها من ورائه تستر دبره وقدم في الفروع أنه إذا وجد ما يستر منكبيه وعجزه فقط ستر ذلك وصلى جالسا نص عليه وهو المذهب لأن ستر المنكبين الحديث فيه أصح ( فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين ) لأنهما أفحش وهما عورة بلا خلاف لأن غيرهما كالحريم والتابع لهما وعبر بعضهم عنهما بالسوأتين لقوله تعالى { فبدت لهما سوآتهما }
____________________
1-
(1/370)
فإن لم يكفها جميعا ستر أيهما شاء والأولى ستر الدبر على ظاهر كلامه وقيل القبل أولى وإن بذلت له سترة لزمه قبولها إن كانت عارية فإن عدم بكل حال صلى جالسا يومئ إيماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + [ الأعراف 22 ] سميا بذلك لأن كشفهما يسوء صاحبه ( فإن لم يكفهما جميعا ستر أيهما شاء ) لاستوائهما ( والأولى ستر الدبر على ظاهر كلامه ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لأنه أفحش وينفرج في الركوع والسجود ( وقيل القبل أولى ) لأن به يستقبل القبلة والدبر يستتر بالأليتين وقال ابن حمدان يعتبر أكثرهما سترا وفي المذهب هل القبل أولى أم الدبر فيه روايتان وهذا تفريع على ما ذكره أنه يستر عورته ويصلي قائما وعلى الثاني فلا وظاهره لا فرق بين أن يكون رجلا أو امرأة أو خنثى ويتوجه أنه يستر آلة الرجل إن كان هناك امرأة وآلتها إن كان هناك رجل
( وإن بذلت له سترة لزمه قبولها إن كانت عارية ) هذا هو الصحيح لأن المنة لا تكثر فيها أشبه بذل الحبل والدلو لاستقاء الماء وقيل لا يلزمه كالهبة في الأصح والثاني يلزمه قبولها هبة وذكره المؤلف احتمالا لأن العار في كشف عورته أكثر من الضرر فيما يلحقه من المنة وفهم منه أنه لا يلزمه طلبها عارية ويلزمه تحصيلها بقيمة المثل والزيادة كماء الوضوء
( فإن عدم بكل حال صلى ) ولا تسقط عنه بغير خلاف نعلمه كما لو عجز عن استقبال القبلة ( جالسا ) ندبا ولا يتربع بل ينضم نقله الأثرم والميموني وقدم في الرعاية أنه يتربع نص عليه في رواية محمد بن حبيب وقيل وجوبا ( يومئ إيماء ) أي بالركوع والسجود قدمه في المحرر وغيره وجزم به أبو الحسين وأبو الخطاب وصاحب الوجيز لما روي عن ابن
____________________
1-
(1/371)
وإن صلى قائما جاز وعنه أنه يصلي قائما ويسجد بالأرض وإن وجد السترة قريبة منه في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عمر أن قوما انكسرت بهم مركبهم فخرجوا عراة قال يصلون جلوسا يومئون إيماء برؤوسهم ولم ينقل خلافه ويومئ بالسجود أكثر من الركوع ( وإن صلى قائما ) وسجد بالأرض ( جاز ) لقوله عليه السلام
صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا وظاهره أن صلاة الجالس بالإيماء أولى من صلاته قائما لأن الجلوس فيه ستر العورة وهو قائم مقام القيام ولو صلى قائما لسقط الستر إلى غير بدل لأن الستر آكد من القيام لأنه يجب في الصلاة وغيرها ولا يسقط مع القدرة بحال والقيام يسقط في النافلة ولأن القيام سقط عنهم لحفظ العورة وهي في حال السجود أفحش فكان سقوطه أولى لا يقال الستر كله لا يحصل وإنما يحصل بعضه فلا يفي ذلك بترك ثلاثة أركان القيام والركوع والسجود لأن العورة إن كانت الفرجين فقد حصل سترهما وإلا حصل ستر أغلظها وأفحشها وعنه يصلي جالسا ويسجد بالأرض لأن السجود آكد من القيام لكونه مقصودا في نفسه ولا يسقط فيما يسقط فيه القيام وهو النفل ( وعنه ) يلزمه ( أنه يصلي قائما ويسجد بالأرض ) اختاره الآجري وغيره وقدمه ابن الجوزي لأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى من المحافظة على بعض شرط وعنه إن قام وأومأ بالسجود صح وقيل تقعد الجماعة ولا يقومون ويسجدون بالأرض وظاهره أنه لا إعادة عليه وصرح به جماعة وألحقه الدينوري في وجوب الإعادة بفاقد الطهورين وفي الرعاية أنه يعيد على الأقيس
فرع إذا نسي السترة وصلى عريانا أعاد لتفريطه كالماء
( وإن وجد ) العريان ( السترة قريبة منه ) عرفا لأنه لا تقدير فيه ( في
____________________
1-
(1/372)
أثناء الصلاة ستر وبنى وإن كانت بعيدة ستر وابتدأ وتصلي العراة جماعة وإمامهم في وسطهم وإن كانوا رجالا ونساء صلى كل نوع لأنفسهم وإن كانوا في ضيق صلى الرجال واستدبرهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أثناء الصلاة ) وأمكنه من غير زمن طويل ولا عمل كثير ( ستر وبنى ) على ما مضى من صلاته كأهل قباء لما علموا بتحويل القبلة استداروا إليها وأتموا صلاتهم ( وإن كانت بعيدة ستر وابتدأ ) لأنه لا يمكن فعلها إلا بما ينافيها من العمل الكثير أو بدون شرطها بخلاف التي قبلها وقيل يبني مطلقا وقيل يبتدئ مطلقا وقيل إن انتظر من يناوله لها لم تبطل لأنه انتظار واحد كانتظار المسبوق
( وتصلي العراة جماعة ) وجوبا لا فرادى لقول ابن عمر السابق ولأنهم قدروا على الجماعة من غير عذر أشبه المسبوقين ولا تسقط الجماعة لفوات السنة في الموقف كما لو كانوا في ضيق لا يمكن تقديم أحدهم وإذا شرعت الجماعة حال الخوف مع تعذر الاقتداء بالإمام في بعض الصلاة والحاجة إلى مفارقته وفعل ما يبطل الصلاة في غير تلك الحال فأولى أن يشرع هنا وقال ابن عقيل جلوسا وجوبا وإن في منفرد روايتين قال والصحيح أنه كالجماعة ويقومون صفا واحدا ( وإمامهم في وسطهم ) لأنه أستر لهم فإن تقدمهم لم يصح في الأصح وإن كانوا في ظلمة صلوا جماعة وتقديمهم إمامهم وإن لم يسعهم صف واحد وقفوا صفوفا وغضوا أبصارهم قال في الشرح وإن صلى كل صف جماعة فهو أحسن وقال ابن تميم وغيره فإن كانوا نوعا واحدا والموضع ضيق صلوا جماعة واحدة وإن كثرت الصفوف ( وإن كانوا رجالا ونساء صلى كل نوع لأنفسهم لأنها إن وقفت خلفه شاهدت العورة ومعه خلاف سنة الموقف وربما أفضى إلى الفتنة ( وإن كانوا في ضيق ) بفتح الضاد مخففا من ضيق ويجوز فيه الكسر على المصدر على حذف مضاف تقديره ذي ضيق ( صلى الرجال واستدبرهم
____________________
1-
(1/373)
النساء ثم صلى النساء واستدبرهن الرجال ويكره في الصلاة السدل وهو أن يطرح على كتفيه ثوبا ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النساء ثم صلى النساء واستدبرهن الرجال ) لما في ذلك من تحصيل الجماعة مع عدم رؤية الرجال والنساء وبالعكس
تنبيه إذا صلى عريانا وأعار سترته لم يصح ويستحب أن يعير إذا صلى بها ويصلي واحد بعد آخر وهل يلزمهم انتظارها ولو خرج الوقت أم لا كالقدرة على القيام بعده فيه وجهان فإن أستووا ولم يكن الثوب لواحد أقرع والأصح يقدم إمام مع ضيق الوقت وتقدم المرأة عليه لأن عورتها أفحش ولا يأثم مستتر بعار ويصلي بها عار ثم يكفن ميت وقيل يقدم هو وقيل الحي قاله ابن حمدان وهو بعيد
( ويكره في الصلاة السدل ) كذا ذكره جمع لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة رواه أبو داود بإسناد حسن وروى سعيد عن إبراهيم قال كانوا يكرهون السدل في الصلاة وعنه إن لم يكن تحته ثوب وعنه أو إزار فعلى هذا لا إعادة قاله أبو بكر اتفاقا إن لم تبد عورته وعنه بلى وحكى الترمذي عن أحمد لا يكره قال ابن المنذر لا أعلم فيه حديثا يثبت ( وهو ) إرخاء الثوب لغة قاله الجوهري واصطلاحا ( أن يطرح على كتفيه ثوبا ولا يرد ) أحد ( طرفيه على الكتف الأخرى ) قدمه السامري وصاحب التلخيص و الفروع وجزم به في الشرح زاد ولا يضم طرفه بيديه وهو رواية وظاهره أنه إذا رد أحد طرفيه على الكتف الأخرى لا يكره لزوال معنى السدل ونقل صالح طرحه على أحدهما ولم يرد أحد طرفيه على الآخر وقال ابن عقيل هو إسبال الثوب على
____________________
1-
(1/374)
ويكره اشتمال الصماء وهو أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره وعنه أنه يكره وإن كان عليه غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأرض وقيل وضع وسط الرداء على رأسه وإرساله من ورائه على ظهره وهي لبسة اليهود وقال القاضي هو وضع الرداء على عنقه ولم يرده على كتفيه
( ويكره اشتمال الصماء ) قدمه جماعة وجزم به في الوجيز لما روى أبو هريرة وأبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء رواه البخاري ( وهو أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره ) ومعنى الاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وجاء ذلك مفسرا في حديث أبي سعيد من رواية إسحاق عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد عنه مرفوعا نهى عن لبستين وهما اشتمال الصماء وهو أن يضع ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب والاحتباء وهو أن يحتبي به ليس على فرجه منه شيء وقال السامري هو أن يلتحف بثوب يرد طرفيه إلى أحد جانبيه ولا يبقى ليديه موضع تخرج منه وهو المعروف عند العرب والأول قول الفقهاء وهم أعلم بالتأويل وظاهره أنه إذا كان عليه ثوب لم يكره لأنها لبسة المحرم وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأن صلاته صحيحة إلا أن تبدو عورته صرح به في المحرر وغيره وعنه يعيد وفيه وجه يكره فوق الإزار لا القميص وعلى الأول الكراهة قيل لكشف كتفه الأيمن وقيل لظهور عورته فعلى هذا ينبغي أن يكون محرما فإفضائه إليه ذكره في الشرح ( وعنه يكره ) مطلقا ( وإن كان عليه غيره ) لعموم النهي
____________________
1-
(1/375)
ويكره تغطية الوجه والتلثم على الفم والأنف وكف الكم وشد الوسط بما يشبه شد الزنار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا احتبى وعليه ثوب يستر عورته جاز وإلا حرم وعنه يكره مطلقا وعنه المنع قاله ابن تميم
( ويكره تغطية الوجه ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي الرجل فاه رواه أبو داود بإسناد حسن ففيه تنبيه على كراهة تغطية الوجه لاشتماله على تغطية الفم ولأن الصلاة لها تحليل وتحريم فشرع لها كشف الوجه كالإحرام ( والتلثم على الفم والأنف ) روي ذلك عن ابن عمر ولقوله عليه السلام
أمرت أن أسجد على سبعة أعظم متفق عليه وعنه لا يكره في التلثم على الأنف روايتان وسهل أحمد في تغطية اللحية وقال لا بأس بتغطية الوجه لحر أو برد ( وكف الكم ) لقوله عليه السلام
ولا أكف شعرا ولا ثوبا متفق عليه زاد في الرعاية وتشميره وفي الوجيز وإرساله ويستثنى على كلامه بلا سبب ( و ) يكره ( شد الوسط ) بفتح السين ( بما يشبه شد الزنار ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بأهل الكتاب رواه أبو داود وعنه يكره لبس المنطقة ونقل حرب يكره شد وسطه على القميص لأنه من زي اليهود ولا بأس به على القباء قال القاضي لأنه من عادة المسلمين وعنه لا يكره قال أحمد أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
لا يصلين أحدكم إلا وهو محتزم زاد ابن تميم إلا أن يشده لعمل الدنيا فيكره وظاهره أنه إذا شده بمئزر أو حبل أنه لا بأس به وقاله أحمد وذكره في الكافي وقدم ابن تميم أنه يستحب نص عليه وقد فعله ابن عمر ويستثنى منه المرأة فإنه يكره
____________________
1-
(1/376)
وإسبال شيء من ثيابه خيلاء فصل ولا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان في أحد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لها شد وسطها مطلقا ( و ) يكره ( إسبال شيء من ثيابه ) كالقميص والإزار والسراويل ( خيلاء ) ذكره في الكافي وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية في غير حرب لقول النبي صلى الله عليه وسلم
من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام رواه أبو داود من حديث ابن مسعود والمذهب كما ذكره في المستوعب و الشرح وصححه في الفروع أنه حرام وهو ظاهر كلام أحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم
من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه متفق عليه والمراد في غير حرب بلا حاجة نحو كونه حمش الساقين ولم يرد التدليس على النساء ويكره فوق نصف ساقيه نص عليه وعلى الأصح تحت كعبه بلا حاجة وعنه ما تحتهما فهو في النار ويجوز للمرأة زيادة إلى ذراع وقال جماعة ذيل نساء المدن في البيت كرجل ويسن تطويل كم الرجل إلى رؤوس أصابعه أو أكثر يسيرا وتوسيعها قصدا وقصر كمها واختلف في سعته فصل ( ولا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان في أحد الوجهين )
اختاره أبو الخطاب وجزم به السامري وصاحب التلخيص لما روى أبو طلحة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة متفق عليه والمراد به كلب منهي عن اقتنائه وقال أحمد في رواية صالح الصورة لا ينبغي لبسها وكتعليقه وستر الجدر به وفاقا وظاهره عام في الكل
____________________
1-
(1/377)
ولا يجوز للرجل لبس ثياب الحرير ولا ما غالبه الحرير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والثاني يكره ولا يحرم قاله ابن عقيل وقدمه ابن تميم لقوله عليه السلام في آخر الخبر
إلا رقما في ثوب وكافتراشه وجعله مخدا لأنه عليه السلام اتكأ على مخدة فيها صورة رواه أحمد وعلم مما سبق أنه يحرم تصوير الحيوان وحكاه بعضهم وفاقا لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم رواه البخاري فلو أزيل منها ما لا تبقى الحياة معه لم يكره في المنصوص ومثله شجر ونحوه وكره الآجري الصلاة على ما فيه صورة وكذا في الفصول ولو على ما يداس لقوله عليه السلام
لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب إسناده حسن
( ولا يجوز الرجل ) ولا الخنثى ولو كافرا ( لبس ثياب الحرير ) في الصلاة وغيرها في غير حال العذر حكاه ابن المنذر إجماعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه حتى تكة وشرابه نص عليه والمراد 2 شرابه مفردة كشرابة البريد لا تبعا فإنها كزر وعلل القاضي والآمدي إباحة كيس المصحف لأنه يسير فعلى هذا يستثنى ( ولا ما غالبه الحرير ) لأن الغالب له حكم الكل فحرم لعموم الخبر والقليل مستهلك فيه أشبه الضبة من الفضة وقال ابن عبد البر مذهب ابن عباس وجمع أن المحرم الحرير الصافي الذي لا يخالطه غيره وسيأتي وظاهر كلام أحمد أن الاعتبار بالظهور وجزم به في الوجيز وقيل بالوزن
____________________
1-
(1/378)
ولا افتراشه إلا من ضرورة فإن استوى هو وما نسج معه فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قدمه في الرعاية ( ولا افتراشه ) لماروى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس الحرير والديباج وأن يجلس عليه رواه البخاري قال أحمد في رواية صالح وجعفرافتراش الحرير كلبسه وكذا الاستناد إليه ثم استثنى من ذلك بقوله ( إلا من ضرورة ) لأنها تبيح المحرم بدليل أكل الميتة وظاهره إباحته للنساء مطلقا لما روى أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها رواه جماعة منهم الترمذي وصححه وأغرب ابن عقيل في فنونه فجوز لهن لبسه دون الاستناد والافتراش
فرع يحرم تعليقه وستر الجدر به غير الكعبة المشرفة وفاقا وحرم الأكثر استعماله مطلقا فدل أن في شخانة وخيمة وبقجة وكمران ونحوه الخلاف ( فإن استوى هو وما نسج معه فعلى وجهين ) كذا في الفروع وغيره أحدهما يباح جزم به في الوجيز لقول ابن عباس إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من قز أما السدى أو العلم فلا يرى به بأسا رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن ولأن الحرير ليس أغلب أشبه الأقل والثاني يحرم قال ابن عقيل هو الأشبه لعموم الخبر ولأن النصف كثير لأنه لا يطلق على ما نسج معه من الكتان والقطن كتان ولا قطن وقيل يكره ولا يحرم كما لو شك في كثرة الحرير أو مساواته غيره مع إباحة النصف
تنبيه أباح أحمد لبس الخز وهو ما سدي بإبر يسم وألحم بوبر أو صوف للخبر ولفعل الصحابة وجعله ابن عقيل كغيره في الثياب المنسوجة من الحرير
____________________
1-
(1/379)
ويحرم لبس المنسوج بالذهب والمموه به فإن استحال لونه فعلى وجهين وإن لبس الحرير لمرض أو حكة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيره وفرق بينهما أحمد بأن هذا لبسه الصحابة وبأنه لا سرف ولا خيلاء وعلم منه إباحة الصرف وكذا الكتان إجماعا والنهي عنه من حديث جابر لا أصل له ونقل عبد الله عن أبيه يكره للرجال ولعله محمول على حالة لم ينبه عليها عبد الله مع أنه لبسه الصحابة وغيرهم وكالقطن
( ويحرم ) على ذكر بلا حاجة ( لبس المنسوج بالذهب والمموه به ) أي المطلي وكذا عبر في الوجيز ولا فرق في الذهب بين خالصه ومشوبه والمنفرد والخليط بخلاف الحرير لما تقدم في خبر أبي موسى وظاهره أن المنسوج والمموه بالفضة ليس كذلك والأشهر أنه كالذهب قدمه ابن تميم وفي الفروع وقال في الرعاية وقيل أو فضة وقيل يكره إلا في مغفر وجوشن وخوذة أو في سلاحه لضرورة ( فإن استحال لونه ) ولم يحصل منه شيء وقيل مطلقا ( فعلى وجهين ) أحدهما يحرم للخبر والثاني يباح وهو ظاهر الوجيز وصححه في الفروع لزوال علة التحريم من السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وقيل يكره وقيد ابن تميم إن كان بعد استحالته لا يحصل منه شيء فهو مباح وجها واحدا وقيل المنسوج بذهب كحرير
فرع ما حرم استعماله حرم تملكه وتمليكه كذلك وعمل خياطته لمن حرم عليه نصا
( وإن لبس الحرير لمرض أو حكة ) بكسر الحاء وهو الجرب أو من
____________________
1-
(1/380)
أو في الحرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أجل القمل جاز في ظاهر المذهب قاله في الشرح وصححه في الفروع لأن أنسا روى أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في قميص الحرير فرأيته عليهما في غزاة رواه البخاري وفيه وفي مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهما في قميص الحرير في سفر من حكة كانت بهما وما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره ما لم يقم دليل على اختصاصه به وقسنا على المنصوص مما ينفع فيه لبس الحرير ووهم في الشرح فأورد الرخصة في القمل فقط وعنه لا يباح لعموم الخبر والرخصة يحتمل أن تكون خاصة بهما وعلى الأول لا بد وأن يؤثر في زوالها ( أو في الحرب ) المباح لغير حاجة روايتان إحداهما الإباحة وهي ظاهر كلام الإمام في رواية الأثرم وهو قول عطاء وعروة وكان له يلمق من ديباج بطانته من سندس محشو قزا يلبسه في الحرب ولأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء وذلك غير مذموم في الحرب ومحله عند مفاجأة العدو وقيل عند القتال وقيل في دار الحرب وعنه مع نكاية العدو
والثانية التحريم للعموم ونصره في التحقيق لكن إذا احتاج إليه مثل أن يكون بطانة لبيضة أو درع أو نحوه أبيح وقال بعض أصحابنا يجوز مثل ذلك من الذهب لدرع محوه به لا يستغني عن لبسه وهو محتاج إليه
فرع المذهب أنه يباح الحرير لحاجة برد أو حر ونحوه لعدم وذكر
____________________
1-
(1/381)
أو ألبسه الصبي فعلى روايتين ويباح حشو الجباب والفرش به ويحتمل أن يحرم ويباح العلم الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع فما دون وقال أبو بكر يباح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ابن تميم أنه من احتاج إلى لبس الحرير لحر أو برد أو تحصين من عدو ونحوه أبيح ( أو ألبسه الصبي فعلى روايتين ) إحداهما يحرم على وليه إلباسه حريرا أو ذهبا نص عليه في رواية الجماعة وصححه في الشرح لقوله عليه السلام
وحرم على ذكورها وعن جابر قال كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري رواه أبو داود وشقق عمر وابن مسعود وحذيفة قمص الحرير على الصبيان رواه الخلال
ويتعلق التحريم بالمكلفين بتمكينهم من الحرام كتمكينهم من شرب الخمر وكونهم محلا للزينة مع تحريم الاستمتاع بهم أبلغ في التحريم
فعلى هذا لو صلى فيه لم تصح على المذهب والثانية يباح لعدم تكليفه قال سعيد حدثنا هشيم عن العوام عن إبراهيم التيمي قال كانوا يرخصون للصبي في خاتم الذهب فإذا بلغ ألقاه
( ويباح حشو الجباب والفرش ) بضم الراء جمع فراش وقد تسكن ( به ) لأنه لا خيلاء فيه ( ويحتمل أن يحرم ) وذكره ابن عقيل رواية كبطانة وللعموم وفي تحريم كتابة المهر فيه وجهان ( ويباح العلم ) بفتح اللام ( الحرير ) وهو طراز الثوب ( إذا كان أربع أصابع ) مضمومة ( فما دون ) أي فأقل نص عليه وقدمه غير واحد لما روى عمر
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة رواه مسلم وفي الوجيز دونها وفي الرعاية وغيرها قدر كف عرضا فلو لبس أثوابا في كل واحد قدر ما يعفى عنه ولو جمع صار ثوبا فقيل لا بأس وقيل يكره ( وقال أبو بكر يباح
____________________
1-
(1/382)
وإن كان مذهبا وكذلك الرقاع ولبنة الجيب وسجف الفراء ويكره للرجل لبس المزعفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن كان مذهبا ) واختاره المجد وحفيده وهو رواية لما روى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن ولأنه يسير أشبه الحرير ويسير الفضة والمذهب أنه يحرم يسير ذهب تبعا نص عليه كالمفرد
مسألة يجوز بيع حرير لكافر ولبسه له قاله الشيخ تقي الدين وظاهر كلام أحمد والأصحاب التحريم كما هو ظاهر الأخبار وجزم به في شرح مسلم وقال عن خلافه قد يتوهمه متوهم وهو وهم باطل وليس في الخبر أنه أذن له في لبسها قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم الى علي وأسامة كما بعث إلى عمر ولم يلزم منه إباحة لبسه وهو مبني على مخاطبتهم بفروع الإسلام وفائدتها زيادة العقاب في الآخرة ( وكذلك ) تباح ( الرقاع ) وهو جمع رقعة وهي الخرقة المعروفة ( ولبنة ) بفتح اللام وكسر الباء ( الجيب ) قال صاحب المطالع جيب القميص طوقه الذي يخرج منه الرأس فعلى هذه لبنته الزيق ( وسجف ) جمع سجاف بضم السين مع ضم الجيم وسكونها ( الفراء ) بكسر الفاء ممدودا واحده فرو بغير هاء قاله الجوهري وأثبتها ابن فارس لأن ذلك كله مساو للعلم وكذا حكم الخياطة به والأزرار ( ويكره للرجل لبس المزعفر ) نقله الأكثر وهو مذهب ابن عمر وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجال عن المزعفر متفق عليه وذكر الأزجي والقاضي تحريمه عليه وقيل يعيد من صلى به أو بمعصفر
____________________
1-
(1/383)
والمعصفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اختاره أبو بكر وقدم جماعة لا يكره نص عليه وقيل في غير الصلاة ( والمعصفر ) لما روى علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا وعن لبس المعصفر رواه مسلم وله أيضا إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ويستثنى منه إلا في الإحرام فإنه لا يكره نص عليه وظاهره أنه يباح للنساء لتخصيص الرجل بالنهي قلت ويلتحق بما ذكره الأحمر المصمت نص عليه واختار في المغني و الشرح أنه لا بأس به والمذهب يكره ونقل المروذي يكره للمرأة كراهة شديدة لغير زينة وكذا طيلسان في وجه وجلد مختلف في نجاسته وافتراشه في الأشهر ومشيه في نعل واحدة بلا حاجة
وعلم منه أنه يباح الأبيض والأصفر والأخضر وكذا الأسود لأنه عليه السلام دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء وعنه يكره الأسود للجند وقيل في غير حرب ونقل المروذي فيمن ترك ثيابا سودا يحرقها الوصي لأنها لباس الجند أصحاب السلطان والظلمة
تذنيب يستحب التواضع في اللباس لما روى أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه مرفوعا
البذاذة من الإيمان رجاله ثقات قال أحمد في رواية الجماعة وهو التواضع في اللباس ونقل المروذي يكره الرقيق للحي ولا بأس بغسله من العرق والوسخ نص عليه وكان ابن مسعود يعجبه إذا قام إلى الصلاة الريح الطيبة
____________________
1-
(1/384)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والثياب النقية وقال غير واحد يباح المورد والممسك ويكره للرجل أن يلبس ثياب المرأة والعكس نص عليه كالزيق العريض للرجل واختلفت عنه في كراهته للنساء قال القاضي إنما كرهه أحمد لإفضائه إلى الشهرة فصل يسن الرداء وقيل يباح
كفتل طرفه نص عليه ويسن إرخاء ذؤابة خلفه نص عليه وإطالتها كثيرا من الإسبال قاله الشيخ تقي الدين وإن أرخى طرفها بين كتفيه فحسن قاله الآجري وتسن السراويل وفي التلخيص لا بأس قال صاحب النظم وفي معناه التبان وجزم بعضهم بإباحته والأول أظهر قال أحمد السراويل أستر من الإزار ولباس القوم كان الإزار فدل على أنه لا يجمع بينهما ويستحب القميص قاله القاضي ويباح القباء قال صاحب النظم ولو للنساء والمراد ولا تشبه قاله في الفروع وظاهر كلامهم لا فرق بين الجديد والعتيق قال عبد الله بن محمد الأنصاري ينبغي للفقيه أن يكون له ثلاثة أشياء جديدة سراويله ومداسه وخرقة يصلي عليها ويجدد عمامته كيف شاء
فرع ما حرم استعماله حرم بيعه وخياطته وكذا أجرتها نص عليه
____________________
1-
(1/385)
& باب اجتناب النجاسات &
وهو الشرط الرابع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب اجتناب النجاسات &
وهو الشرط الرابع لقوله تعالى { وثيابك فطهر } قال ابن سيرين وابن زيد أمر بتطهير الثياب من النجاسة التي لا يجوز الصلاة معها وذلك لأن المشركين كانوا لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم وهذا أظهر الأقوال فيها وهو حمل اللفظ على حقيقته وهو أولى من المجاز فيكون شرطا بمكة لكن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الهجرة في ظل الكعبة فانبعث أشقى القوم فجاء بسلا حزور بني فلان ودمها وفرثها فطرحه بين كتفيه وهو ساجد حتى أزالته فاطمة رواه البخاري من حديث ابن مسعود قال المجد لا نسلم أنه أتى بدمها ثم الظاهر أنه منسوخ لأنه كان بمكة قبل ظهور الإسلام ولعل الخمس لم تكن فرضت والأمر بتجنب النجاسة مدني متأخر بدليل خبر النعلين وصاحب القبرين والأعرابي الذي بال في طائفة المسجد وحديث جابر بن سمرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي قال
نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله رواه أحمد وابن ماجة وإسناده ثقات إلى غير ذلك من الأحاديث فثبت بها أنه مأمور باجتنابها ولا يجب ذلك في غير الصلاة فتعين أن يكون
____________________
1-
(1/386)
فمتى لاقى ببدنه نجاسة أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو حملها لم تصح صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيها والأمر بالشيء نهي عن ضده وعنه ليس بشرط للخبر السابق وعلى الأول فطهارة بدن المصلي وسترته وبقعته محل بدنه والمذهب وثيابه مما لا يعفي عنه شرط كطهارة الحدث
فائدة طهارة الحدث فرضت قبل التيمم ذكره القاضي وجماعة في قياس الوضوء على التيمم في النية مع تقدمه عليه وفي الصحيحين أن عائشة قالت أنزلت آية التيمم قيل هي آية المائدة أو سورة النساء وقال أبو بكر بن العربي لا نعلم أية آية عنت عائشة بقولها فأنزلت آية التيمم قال وحديثها يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معروفا ولا مفعولا لهم وقال القرطبي معلوم أن غسل الجنابة لم يفرض قبل الوضوء كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم منذ افترضت عليه الصلاة بمكة لم يصل إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم قال أن آية الوضوء إنما نزلت ليكون فرضها المتقدم متلو في التنزيل وفي قولها فنزلت آية التيمم ولم تقل آية الوضوء ما يبين أن الذي طرأ لهم من العلم في ذلك الوقت حكم التيمم لا حكم الوضوء ( فمتى لاقى ببدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو حملها ) زاد في المحرر أو حمل ما يلاقيها ( لم تصح صلاته ) أقول متى باشرها بشيء من بدنه أو ثوبه لم تصح ذكره معظم الأصحاب وفي التلخيص أنه الأظهر وزاد إلا أن يكون يسيرا وذكر ابن عقيل في سترته المنفصلة عن ذاته إذا وقعت حال سجوده على نجاسة أنها لا تبطل فإنا كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلي الى جانبه وحائط لا يستند إليه صحت قاله ابن عقيل وصححه في الفروع لأنه ليس بموضع لصلاته ولا محمولا فيها
____________________
1-
(1/387)
وإن طين الأرض النجسة أو بسط عليها شيئا طاهرا صحت صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واختار السامري والمجد وجماعة أنها تبطل لأن سترته ملاقية لنجاسة أشبه ما لو وقعت عليه فلو استند إليها حال قيامه أو ركوعه أو سجوده بطلت وظاهره أنه لو قابلها حال ركوعه أو سجوده من غير مباشرة أنها لا تبطل ذكره في الكافي و المستوعب وفيه وجه كما لو باشرها ببعض أعضائه فإن كانت بين رجليه لم يصبها والقياس أنها كذلك وذكر السامري وابن حمدان فيها الصحة وشرطها أن تكون النجاسة غيرمعفو عنها لأن المعفو عنه لا أثر له وأما إذا حملها لم تصح كما لو كانت على بدنه فلو حمل آجرة باطنها نجس أو قارورة مسدودة الراس فيها نجاسة لم تصح لأنه حامل لنجاسة غير معفو عنها في غير معدنها أشبه حملها في كمه وكذا حمل مستجمر والأصح فيه الصحة وفي حمل بيضة فيها فرخ ميت وجهان وعلم منه أنه إذا حمل طاهرا طائرا أو غيره أنها لا تبطل للخبر ولأن النجاسة في معدنها فهي كالنجاسة في بدن المصلي
فرع إذا جهل كونها في الصلاة أو سقطت عليه فأزالها أو زالت سريعا صحت في الأصح للخبر ولأنه زمن يسير فعفي عنه كاليسير في القدر وفيه وجه
( وإن طين الأرض النجسة أو بسط عليها شيئا طاهرا صحت صلاته ) جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مباشر لها وكما لو غسل وجه آجر نجس وكسرير تحته نجس أو علو سفله غصب
____________________
1-
(1/388)
مع الكراهة وإن صلى على مكان طاهر من بساط طرفه نجس صحت صلاته إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى فلا تصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( مع الكراهة ) في ظاهر كلام أحمد وقدمه في الكافي و الرعاية وفي الشرح أنه أولى لاعتماده على النجاسة وعنه يعيد ذكرها الشيخان لاعتماده عليها أشبه ملاقاتها وعنه إن بسط على نجاسة رطبة لم تصح وإلا صحت اختاره ابن أبي موسى للاتصال وعلى الأول يشترط أن يكون الحائل صفيقا فإن كان خفيفا فالأصح المنع وحيوان نجس كأرض وقيل تصح هنا صححه ابن تميم وكذا ما وضع على حرير يحرم جلوسه عليه ذكره أبو المعالي فيتوجه إن صح جاز جلوسه عليه وإلا فلا ذكره في الفروع ورأى ابن عمر النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر رواه مسلم قال الدارقطني هو غلط من عمرو بن يحيى المازني والمعروف صلاته على البعير والراحلة لكنه من فعل أنس
( وإن صلى على مكان طاهر من بساط ) أو حبل ( طرفه نجس ) لا يصيبه ( صحت صلاته ) ذكره السامري وغيره وصححه المؤلف لأنه ليس بحامل للنجاسة ولامصل عليها وإنما اتصل مصلاه بها أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة وظاهره ولو حاذاها بصدره إذا سجد في الأصح والثاني المنع لأنها في حريم مصلاه والهواء تابع للقرار أشبه الصلاة على سقف الحش وظاهره ولو تحرك النجس بحركته وهو المذهب ( إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى فلا تصح ) جزم به في الوجيز و الفروع وغيرهما لأنه مستتبع لها فهو كحاملها فإن كان بيده أو وسطه حبل مشدود في نجس أو سفينة صغيرة فيها نجاسة تنجر معه إذا مشى لم يصح كحمله ما يلاقيها وإلا
____________________
1-
(1/389)
ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أولا فصلاته صحيحة وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صحت لأنه ليس بمستتبع لها ذكره السامري وجزم به في الفصول واختاره المؤلف كما لو أمسك غصنا من شجرة عليها نجاسة وقيل لا يصح جزم به في التلخيص وقاله القاضي لأنه حامل لما هو ملاق للنجاسة قال المجد إن كان الشد في موضع نجس مما لا يمكن جره معه كفيل لم يصح كحمله ما يلاقيها قال في الشرح والأول أولى لأنه لا يقدر على استتباع الملاقي للنجاسة أشبه ما لو أمسك سفينة عظيمة فيها نجاسة قال في الفروع ويتوجه مثلها حبل بيده طرفه على نجاسة يابسة ومقتضى كلام المؤلف الصحة وكذا حكم ما لو سقط طرف ثوبه على نجاسة ذكره ابن تميم
فرع إذا داس النجاسة عمدا في الأشهر بطلت وإن داسها مركوبة فلا قال ابن حمدان بلى إن أمكن رده عنها ولم يردها
تنبيه إذا شرب خمرا ولم يسكر غسل فمه وصلى ولم يلزمه قيء نص عليه وقيل بلى يلزمه ولإمكان إزالتها وقد روى أحمد وغيره من حديث ابن عمر مرفوعا
لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما فالمراد نفي ثوابها لا صحتها قاله المجد وحكم سائر النجاسات كذلك لأنها حصلت في معدتها ( ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أو لا فصلاته صحيحة ) لأن الأصل عدم كونها في الصلاة لاحتمال حدوثها بعدها فلا نبطلها بالشك ( وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها فعلى روايتين ) وكذا في المحرر إحداهما لا تبطل اختاره المؤلف وجزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم والمجد وقاله جماعة منهم ابن عمر لحديث أبي سعيد في خلع النعلين ولو بطلت لاستأنفها النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(1/390)
وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والثانية تبطل وهي الأشهر فعلى هذا يعيد لأنها طهارة مشترطة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث وأجيب بأن طهارة الحدث آكد لكونه لا يعفى عن يسيرها وقال القاضي وابن عقيل يعيد مع النسيان رواية واحدة وقطع به في التلخيص وكذا قال الآمدي يعيد إذا كان قد توانى رواية واحدة لأنه منسوب إلى التفريط بخلاف الجاهل وفي المغني الصحيح التسوية بينهما لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان بل أولى لوورور النص بالعفو عنه وكذا الخلاف إن عجز عنها حتى فرغ قال أبو المعالي أو زاد مرضه بتحريكه وفي الرعاية أو جهل حكمها
تنبيه إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وأمكن إزالتها من غير عمل كثير ولا زمن طويل فالحكم كما لو علم بعد الصلاة فإن قلنا لا تبطل أزالها وبنى وقال ابن عقيل تبطل رواية واحدة وإن لم يمكن إزالتها إلا بعمل كثير او مضى زمن طويل بطلت وقيل لا بل يزيلها ويبني ( وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر ) قدمه في الكافي و التلخيص وصححه ابن تميم والجد وجزم به في الوجيز والمراد بخوف الضرر فوات نفس أو عضو أو مرض لأن حراسة النفس وأطرافها من الضرر واجب وهو أهم من رعاية شرط الصلاة ولهذا لا يلزمه شراء سترة ولا ماء للوضوء بزيادة تجحف بماله فإذا جاز ترك شرط مجمع عليه لحفظ ماله فترك شرط مختلف فيه لأجل بدنه بطريق الأولى وعنه يلزمه إذا لم يخف التلف اختاره أبو بكر لأنه غير خائف للتلف أشبه إذا لم يخف الضرر والأول أولى فإن ستره
____________________
1-
(1/391)
وإن لم يخف لزمه قلعه وإن سقطت سنه فأعادها بحرارتها فثبتت فهي طاهرة وعنه أنها نجسة حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اللحم لم يحتج إلى تيمم وإلا تيمم له قاله ابن تميم وغيره وكذا إذا خاط جرحه بشيء بخس فإن خاف التلف لم يلزمه رواية واحدة ( وإن لم يخف ) الضرر ( لزمه قلعه ) لأنه قادر على إزالته من غير ضرر فلو صلى معه لم يصح فإذا مات من يلزمه قلعه قلع وأطلقه جماعة قال أبو المعالي وغيره ما لم يغطه اللحم للمثلة
( وإن سقطت سنة ) أو عضوه ( فأعادها بحرارتها فثبتت فهي طاهرة ) على المذهب لأنه جزء من جملة فكان حكمه حكمها كسائر الحيوانات الطاهرة والنجسة ( وعنه إنها نجسة ) اختارها القاضي لأنه لا حرمة لها بدليل أنه لا يصلي عليها وقد أبينت من حي فتكون نجسة ( حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه ) لتساويهما حينئذ في أصل النجاسة وقيل إن ثبتت السن وغيرها ولم يتغير فهو طاهر وإن ثبتت وتريح أو تغير فهو نجس يؤمر بقلعه ويعيد ما صلى قبل زواله وظاهره أنه إذا لم يثبت فإنه يزيله ويعيد ما صلى به في الأصح قال في المستوعب أصلهما الروايتان في نجاسته
فرع إذا جعل موضع سنه سن شاة مزكاة فصلاته معه مجزئة ثبتت أو لم تثبت
وصلة وصل المرأة شعرها زاد في الشرح أو شعر غيرها بشعر حرام لأن فاعل ذلك ملعون وقيل يكره قدمه في الرعاية ولا بأس بوصله بقرامل وتركها أفضل وعنه يكره رجحه في الشرح وبعده ابن حمدان وعنه يحرم والأيم وذات الزوج سواء وقيل لا بأس بإذن زوج لكن إن كان شعر أجنبية في حل النظر إليه وجهان وإن
____________________
1-
(1/392)
ولا تصح الصلاة في المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل وهي التي تقيم فيها وتأوي إليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان شعر بهيمة كره ثم إن كان الشعر نجسا لم تصح الصلاة معه في الأشهر وإن كان طاهرا وقلنا بالتحريم ففي صحة الصلاة معه وجهان ( ولا تصح الصلاة في المقبرة ) هي بتثليث الباء لكن بفتحها هو القياس وبضمها المشهور وبكسرها قليل والشيء إذا كثر في مكان جاز أن يبني من اسمه كقولهم أرض مسبعة إذا كثر فيها السباع ( والحمام ) مشدد واحد الحمامات المبنية ( والحش ) بفتح الحاء وضمها البستان ويطلق على المخرج لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين وهي الحشوش فسميت الأخلية في الحضر حشوشا بذلك ( وأعطان الإبل ) واحدها عطن بفتح الطاء وهي المعاطن الواحد معطن بكسرها ( وهي التي تقيم فيها وتأوي إليها ) قاله أحمد وقيل مكان اجتماعها إذا صدرت عن المنهل زاد بعضهم وما تقف فيه لترد الماء قال في المغني و الشرح والأول أجود لأنه جعله في مقابلة مراح الغنم لا نزولها في سيرها قال جماعة أو لعلفها للنهي وما ذكره من عدم صحة الصلاة في هذه المواضع هو المجزوم به في المذهب وعليه الأصحاب لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
جعلت لي الأرض كلها مسجدا إلا المقبرة والحمام رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصحح أنه مرسل وابن حبان والحاكم وقال أسانيده صحيحة وقال ابن حزم خبر صحيح وعن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم وعن البراء ابن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في مبارك الإبل رواه أحمد وأبو داود وصححه أحمد وإسحاق وقال ابن خزيمة لم نر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح والمنع منها تعبد فيتناول ما يقع
____________________
1-
(1/393)
والموضع المغصوب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه الاسم وفي آخر بأنها مظنة النجاسة فأقيمت مقامها وظاهره أن صلاة الجنازة لا تصح في المقبرة كغيرها وهو إحدى الروايات قدمه في الرعاية وعنه يكره ذكرها السامري وفي ثالثة وهي المذهب صحتها فيها من غير كراهة فعلى هذا يستثنى ولا فرق فيها بين القديمة والجديدة تكرر نبشها أو لا ولا يضر قبران لأنه لا يتناولها الاسم وقيل بلى واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع وهو أظهر بناء على أنه هل تسمى مقبرة أم لا وظاهر كلامهم أن الخشخاشة فيها جماعة قبر واحد فلا تمنع كما لو دفن بداره موتى ونص أحمد وهو المذهب أنه لا يصلي في مشلح حمام ومثله أتونه وما تبعه في بيع وكره أحمد الصلاة فوق الحمام والصحيح قصر النهي على ما يتناوله النص وإن الحكم لا يتعدى إلى غيره لأن الحكم إن كان تعبدا لم يقس عليه وإن علل فإنما يعلل بمظنة النجاسة ولا يتخيل هذا في أسطحتها لكن يصلى فيها للعذر وفي الإعادة روايتان وظاهره أنه لا يصلي فيها من أمكنه الخروج ولو فات الوقت والحش ثبت الحكم فيه بالتنبيه لكونه معدا للنجاسة ومقصودا لها ولانه قد منع من ذكر الله تعالى ومن الكلام فيه فمنع الصلاة فيه أولى وقال في المغني لا أعلم فيه نصا ( والموضع المغصوب ) على المذهب لأنها عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض ولا فرق في الغصب بين دعوى الملك أو المنفعة ويلحق به ما إذا أخرج ساباطا في موضع لا يحل له أو غصب راحلة وصلى عليها أو سفينة أو لوحا فجعله سفينة وصلى عليه أو مسجدا وغيره عن هيأته أو بسط طاهرا على أرض
____________________
1-
(1/394)
وعنه تصح مع التحريم وقال بعض أصحابنا بنا حكم المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق وأسطحتها كذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مغصوبة أو مغصوبا على أرض مباحة فإن لم يغير المسجد عن هيأته بل منع الناس الصلاة فيه فصلاته فيه صحيحة مع الكراهة في الأصح ولا يضمنه بذلك فإن كانت الأبنية مغصوبة والبقعة حلالا فروايتان وقيل هذا إن استند إليها وإلا كرهت وصحت فإن صلى في أرض غيره بلا إذنه أو صلى على مصلاه بلا إذنه ولم يغصبه أو أقام غيره من المسجد وصلى فيه فوجهان ويستثنى منه الجمعة فإنها تصح في موضع غصب نص عليه لأنها تختص ببقعته وفي طريق ضرورة وحافتيها نص عليها وعلى راحلة فيها وذكر جماعة وطريق أبيات يسيرة وكذا عيد وجنازة جزم به في الشرح وقيل وكسوف واستسقاء ( وعنه تصح ) في هذه المواضع لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته متفق عليه ولأنه موضع طاهر فصحت الصلاة فيه كالصحراء ولم ينقل عن أحد من العلماء أنهم أمروا بإعادتها ولأن النهي لمعنى في غير الصلاة أشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب ( مع التحريم ) للنهي وعنه مع الكراهة وفاقا وعنه لا تصح إن علم النهي لخفاء دليله وقيل إن خاف فوت الوقت صحت
( وقال بعض أصحابنا حكم المجزرة ) وهي ما أعد للذبح ( والمزبلة ) أي مرمى الزبالة وإن كانت طاهرة ( وقارعة الطريق ) أي التي تقرعها الأقدام مثل الأسواق والشوارع دون ما علا عن جادة المارة يمنة ويسرة نص عليه وألحق صاحب الروضة بذلك المدبغة والمذهب خلافه ( وأسطحتها كذلك ) أي لا تصح الصلاة فيها في اختيار الأكثر وجزم به في الوجيز وصححه ابن
____________________
1-
(1/395)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الجوزي وفي الفروع وقدمه في المحرر وغيره لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبع مواطن المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله رواه ابن ماجة والترمذي وقال ليس إسناده بالقوي وقد رواه الليث بن سعد عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وعلم منه أن الصلاة تصح فيها وهو الصحيح عنده وهو قول أكثر العلماء ويحتمله كلام الخرقي لأنه لم يذكرها ولعموم الأحاديث الصحيحة واستثنى في بعضها المقبرة والحمام فيبقى فيما عداها على العموم مع أن حديث ابن عمر يرويه زيد بن جبيرة وعبد الله بن عمر العمري وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما وفي لفظ
ومحجة الطريق بدل
قارعة وهي الطريق الجادة المسلوكة في السفر وليس المراد كل طريق لأنه لا يخلو موضع من المشي فيه ولهذا ذكر ابن تميم وصاحب الشرح لا بأس بطرق الأبيات القليلة
تنبيه أسطحة مواضع النهي كنهي عند أحمد وأكثر الأصحاب لأن الهواء تابع للقرار بدليل الجنب يمنع من اللبث على سطح المسجد ويحنث بدخول سطح الدار إذا حلف لا يدخلها فيعود الضمير إلى الكل وهو ظاهر المغني وظاهر كلامه هنا أن الأسطحة لا يكون لها حكم القرار وصححه في المغني و الشرح لما ذكرنا قال أبو الوفاء لا سطح نهر لأن الماء لا يصلى عليه
____________________
1-
(1/396)
وتصح الصلاة إليها إلا المقبرة والحش في قول ابن حامد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واختار أبو المعالي وغيره الصحة كالسفينة قال ولو جمد الماء فكالطريق وذكر بعضهم الصحة
( وتصح الصلاة إليها ) مع الكراهة نص عليه وجزم به في الوجيز وقدمه جماعة لقوله عليه السلام
وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ( إلا المقبرة ) اختاره الشيخان قال في الفروع وهو أظهر لما روى أبو مرثد الغنوي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول
لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها رواه مسلم ( والحش في قول ابن حامد ) وهو رواية عن أحمد وقيل وحمام وشرطه لا حائل ولو كمؤخرة الرحل وظاهره ليس كسترة صلاة فيكفي الخط بل كسترة المتخلي ولا يضر بعد كثير عرفا وعنه لا يكفي حائط المسجد جزم به جماعة لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلى واستحسنه صاحب التلخيص وعنه لا يصلي إلى ذلك وقارعة الطريق فإن فعل فقال أبو بكر في الإعادة قولان والصحيح أن الإعادة على الجميع قاله ابن تميم وغيره واختار أبو بكر خلافه قال القاضي يقاس على ذلك سائر مواضع النهي إلى الكعبة وفيه نظر لأن النهي عنده تعبد وشرطه فهم المعنى
تذنيب مازال اسمه مما نهي عنه زال المنع منه في الأشهر والمصلي في مسجد بني في مقبرة كالمصلي فيها لأنه لا يخرج بذلك عن أن يكون مقبرة لكن إن حدث حول المسجد لم يمنع الصلاة فيه زاد في الشرح بغير خلاف لأنه لم يبع ما حدث بعده وكذا إن حدث في قبلته فهو كالمصلى إليها
____________________
1-
(1/397)
ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها وتصح النافلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة تصح الصلاة في أرض السباخ على الأصح وفي الرعاية يكره كأرض الخسف نص عليه لأنه موضع مسخوط عليه ولا تصح في عجلة سائرة ولا أرجوحة تحرك لأنه ليس بمستقر القدمين على الأرض كما لو سجد على بعض أعضاء السجود وترك الباقي معلقا وفيه وجه وقدم في الشرح أنها تصح على العجلة إذا أمكنه ذلك والمربوط في الهواء يوميء
( ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها ) هذا هو المشهور وجزم به أكثر الأصحاب لقوله تعالى { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } [ البقرة 144 ] وللخبر
والمصلي فيها أو عليها غير مستقبل لجهتها ولأن المصلي فيها يستدبر منها ما يصلح أن يكون قبلة مع القدرة وذلك يبطل الفرض والمصلي عليها ليس مصليا وقد أمر بالصلاة إليها وظاهره لا فرق بين أن يسجد على منتهى الكعبة أو يقف عليه أو لا ذكره ابن هبيرة وصاحب التلخيص وجزم في المحرر وهو ظاهر كلام أحمد أنه إذا وقف على منتهاها بحيث إنه لم يبق وراءه شيء منها أو قام خراجها وسجد فيها فإنه يصح لأنه استقبله ولم يستدبر منه شيئا كما لو صلى إلى أحد أركانه وظاهر كلام الأكثر بخلافه وعنه يصح وهو ظاهر ما قدمه في الكافي واختاره الآجري كمن نذر الصلاة فيها وعنه مع الكراهة وعنه إن جهل النهي لأنه معذور ( وتصح النافلة ) فيها على الأصح وعليها لا نعلم فيه خلافا قاله في المغني و الشرح لما روى ابن عمر قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين متفق عليه
____________________
1-
(1/398)
إذا كان بين يديه شيء منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
لا يقال فابن عباس قال لم يصل فيها لأنه نفي والإثبات مقدم عليه خصوصا ممن كان حاضر القصة ولأن مبناها على التخفيف والمسامحة بدليل صحتها قاعدا أو إلى غير القبلة على الراحلة وقدم في الرعاية أنه لا يصح نفل فوقها في الأصح ويصح فيها على الأصح واقتصر جماعة على الصحة هنا وشرطها ( إذا كان بين يديه شيء منها ) ليكون مستقبلا بعضها فعلى هذا لو صلى إلى جهة الباب أو على ظهرها ولا شاخص متصل بها لم يصح وذكره في الشرح عن الأصحاب لأنه غير مستقبل بشيء منها فإن لم يكن شاخصا فوجهان قال في المغني والأولى أنه لا يشترط كون شيء منها بين يديه لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها دون حيطانها بدليل ما لو انهدمت والعياذ بالله تعالى ولهذا تصح على أبي قبيس فإنه أعلى منها وقيل لا تصح على ظهرها وقيل لا تصح فيها إن نقض البناء وصلى إلى الموضع والحجر منها نص عليه وهو ستة أذرع وشيء فيصح التوجه إليه وقال ابن حامد وابن عقيل لا وقاله أبو المعالي في المكي ويسن النفل فيه والفرض كداخلها في ظاهر كلامهم
مسألة يستحب نفله فيها وعنه لا ونقل الأثرم يصلي فيها إذا دخل وجاهه كذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصلي حيث شاء ونقل أبو طالب يقوم كما قام عليه السلام بين الاسطوانتين
____________________
1-
(1/399)
& باب استقبال القبلة &
وهو الشرط الخامس لصحة الصلاة إلا في حال العجز عنه والنافلة على الراحلة في السفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب استقبال القبلة &
قال الواحدي القبلة الوجهة وهي الفعلة من المقابلة والعرب تقول ماله قبلة ولا دبرة إذا لم يهتد لجهة أمره وأصل القبلة في اللغة الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها كالجلسة للحال التي يجلس عليها إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي يستقبلها المصلي وسميت قبلة لإقبال الناس عليها وقيل لأنه يقابلها وهي تقابله ( وهو الشرط الخامس لصحة الصلاة ) لقوله تعالى { فولوا وجوهكم شطره } [ البقرة 144 ] قال علي شطره قبله وقال ابن عمر بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة متفق عليه
واختلف هل كانت شرعة التوجه إلى بيت المقدس بالمدينة بالسنة أو القرآن على قولين ذكرهما القاضي وذكر ابن الجوزي عن الحسن وأبي العالية والربيع وعكرمة أنه كان برأيه واجتهاده قال في الفروع ولم يصرحوا بصلاته قبل الهجرة وسئل عنها ابن عقيل فقال الجواب ذكر ابن أبي خيثمة في تاريخه أنه قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى الكعبة قبل الهجرة وصلى إلى بيت المقدس بالمدينة ( إلا في حال العجز عنه ) كالمربوط إلى غير القبلة والمصلوب ونحوهما لأنه شرط عجز عنه فسقط كالقيام ومنه إذا اشتد الخوف عند التحام الحرب ويأتي ( والنافلة على الراحلة في السفر ) هو عبارة عن قطع
____________________
1-
(1/400)
الطويل والقصير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المسافة وجمعه أسفار سمي بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الرجال قاله ثعلب ( الطويل ) قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه جائز لكل من سافر سفرا تقصر فيه الصلاة أن يتطوع على دابته حيثما توجهت به ( والقصير ) هو مغن عن الأول لأنه إذا جاز في القصير جاز في الطويل من باب أولى وجزم به الأصحاب لقوله تعالى { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } [ البقرة 115 ] قال ابن عمر نزلت في التطوع خاصة ولما روى هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحتله حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان ابن عمر يفعله متفق عليه وللبخاري إلا الفرائض ولم يفرق بين طويل السفر وقصيره ولأن ذلك تخفيف في التطوع لئلا يؤدي إلى تقليله أو قطعه فاستويا فيه إذا كان مباحا زاد في التلخيص وابن تميم وغيرهما إذا كان يقصد جهة معينة لا من راكب التعاسيف ويومئ بالركوع والسجود وهو أخفض من ركوعه هذا إذا كان الراكب يحفظ نفسه بفخذيه وساقيه كراحلة القتب فأما إذا كان في الهودج والعمارية فإن أمكنه الاستقبال في جميعها والركوع والسجود لزمه كراكب السفينة لأنه ممكن غير مشق وإن قدر على الاستقبال دونهما لزمه وأومأ بهما نص عليه وقال أبو الحسن التميمي لا يلزمه ذلك لأن الرخصة العامة يستوي فيها من وجدت فيه المشقة وغيره كالقصر والجمع ولعله موافق لظاهر كلامه ويعتبر طهارة محله نحو سرج وركاب ولا فرق في المركوب بين أن يكون بعيرا أو غيره وظاهره أنه لا يجوز في الحضر على المذهب لأنه لم ينقل عنه عليه السلام وعنه يجوز للسائر الراكب خارج المصر فعله أنس لأنه راكب أشبه المسافر
____________________
1-
(1/401)
وهل يجوز التنفل للماشي على روايتين وإن أمكنه افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمه ذلك على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وهل يجوز التنفل للماشي ) في السفر سائرا ( على روايتين ) إحداهما لا يجوز وهو ظاهر الخرقي و الوجيز لأن الرخصة وردت في الراكب والماشي بخلافه لأنه يأتي في الصلاة بمشي متتابع وعمل كثير فلم يصح الإلحاق والثانية نقلها المثنى بن جامع يجوز اختاره القاضي وجزم به ابن الجوزي وقدمه في المحرر وصححه ابن تميم وفي الفروع لأن الصلاة أبيحت للراكب لئلا ينقطع عن القافلة في السفر وهو موجود في الماشي
فعلى هذا يلزمه أن يفتتحها إلى القبلة إذا أمكنه رواية واحدة ويركع ويسجد بالأرض إليهما لأنه ممكن ويفعل ما سوى ذلك ماشيا إلى جهة سيره وقيل يوميء بهما إلى جهة سيره وقيل ما سوى القيام يفعله إلى القبلة غير ماش
( وإن أمكنه ) أي الراكب ( افتتاح الصلاة ) أي بالإحرام ( إلى القبلة ) بالدابة أو بنفسه كراكب راحلة منفردة تطيعه ( فهل يلزمه ذلك على روايتين ) إحداهما يلزمه بلا مشقة جزم به في الوجيز ونقله واختاره الأكثر وذكره أبو المعالي وغيره المذهب لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه وهو حديث حسن ولأنه أمكنه ابتداء الصلاة إلى القبلة فلزمه وكراكب السفينة والثانية لا يلزمه اختاره أبو بكر ورجحه في المغني وغيره لما فيه من المشقة ولحديث ابن عمر ولأنه جزء من الصلاة أشبه سائرها ويحمل الخبر الأول على الاستحباب وعلم منه أنه إذا لم
____________________
1-
(1/402)
والفرض في القبلة إصابة العين لمن قرب منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يمكنه استقبالها به كراكب راحلة لا تطيعه أو جمل مقطور لا يمكنه إدارته لم يلزمه لأنه عاجز عنه أشبه الخائف وقال القاضي يحتمل أن يلزمه ولم يتعرض لذكر الركوع والسجود والمذهب أنه يلزمه إذا أمكنه من غير مشقة نص عليه لأنه كسفينة قاله جماعة فدل أنه وفاق وقيل لا يلزمه وذكره في الرعاية رواية للتساوي في الرخص العامة فدل أن السفينة كذلك كالمحفة
تذنيب إذا نذر الصلاة عليها جاز وذكر القاضي قولا لا فيتوجه مثله من نذر الصلاة في الكعبة
فرع إذا عذر من عدلت به دابته عن جهة سيره أو عدل هو إلى غير القبلة وطال بطلت وقيل لا فيسجد للسهو لأنه مغلوب كساه وإن لم يعذر بأن عدلت دابته وأمكنه ردها أو عدل إلى غيرها مع علمه بطلت وكذا إن انحرف عن جهة سيره فصار قفاه إلى القبلة عمدا إلا ان يكون ما انحرف إليه جهة القبلة ذكره القاضي وإن وقفت دابته تعبا أو منتظرا رفقة أو لم يسر كسيرهم أو نوى النزول ببلد دخله استقبل القبلة وإن نزل في أثنائها نزل مستقب 2 لا وأتمها نص عليه وإن أقام في أثنائها أتم صلاة مقيم وإن ركب ماش فيها أتمها والمقدم بطلانها
( والفرض في القبلة إصابة العين ) أي عين الكعبة ( لمن قرب منها ) وهو من كان معاينا لها أو ناشئا بمكة أو كثر مقامه فيها فيلزمه بحيث لا يخرج شيء من بدنه عنها نص عليه لأنه قادر على التوجه إلى عينها قطعا
____________________
1-
(1/403)
وإصابة الجهة لمن بعد عنها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلم يجز العدول عنه والتوجه إليها ظنا فعلى هذا لو خرج ببعض بدنه عن مسامتها لم تصح وقيل بلى فإن كان ثم حائل أصلي من جبل ونحوه وتعذر عليه التعيين اجتهد إلى عينها وعنه أو إلى جهتها وذكر جماعة إن تعذر فكبعيد ولا يضر علو عليها ولا نزول عنها إذا أخرجه ذلك عن بنائها ولم يخرج عن موضعها لأن الواجب استقبالها
تنبيه حكم من كان بالمدينة في استقبال قبلة النبي صلى الله عليه وسلم حكم من كان بمكة لأنه لا يقر على الخطأ وقال صاحب النظم وكذا مسجد الكوفة لاتفاق الصحابة عليه لكن قال في الشرح في قول الأصحاب نظر فإن صلاة الصف المستطيل في مسجده عليه السلام صحيحة مع خروج بعضهم عن استقبال عين الكعبة لكون الصف أطول منها وقولهم إنه لا يقر على الخط صحيح لكن إنما الواجب عليه استقبال الجهة وقد فعله ( وإصابة الجهة لمن بعد عنها ) جزم به في الكافي و الوجيز وقدمه في التلخيص و المحرر و الفروع وهو المذهب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين المشرق والمغرب قبلة رواه ابن ماجة والترمذي وصححه وحكاه عن عمر وابنه وعلي وابن عباس ولأن الإجماع انعقد على صحة صلاة الأثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو
لا يقال مع البعد يتسع المحاذي لأنه إنما يتسع مع التقوس أما مع عدمه فلا فعلى هذا لا يضر التيامن والتياسر في الجهة والبعيد هنا من لم يقدر على المعاينة ولا على من يخبره عن علم وعنه يلزمه إصابة عينها اختاره أبو الخطاب وذكر أبو
____________________
1-
(1/404)
فإن أمكنه ذلك بخبر ثقة عن يقين أو استدلال بمحاريب المسلمين لزمه العمل به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المعالي أنه المشهور لقوله تعالى { فولوا وجوهكم شطره } [ البقرة 144 ] وقياسا على القريب والخبر الأول لا يمكن حمله على عموم الأمكنة بل هو خاص بالمدينة وما شابهها فعلى هذا إن تيامن أو تياسر بطلت وفي الرعاية عليها إن رفع رأسه نحو السماء فخرج بوجهه عن القبلة منع وكذا ذكره ابن عبدوس وجعلاه فائدة الخلاف وفيه نظر بل إنما يظهر في صورة يخرج فيها المصلي عن استقبال العين إلى استقبال الجهة وهذا لم يخرج عن العين إلى الجهة وإنما خرج وجهه خاصة ( فإن أمكنه ذلك ) أي معرفة القبلة ( بخبر ثقة ) عدل ظاهرا وباطنا وقيل أو مستور أو مميز ( عن يقين ) أي عن علم لزمه تقليده في الأصح وليس له الاجتهاد كالحاكم يقبل النص من الثقة ولا يجتهد وقال في التلخيص القادر على معرفة القبلة ليس له متابعة المخبر وظاهره أنه لا يقبل خبر فاسق لكن يصح التوجه إلى قبلته في بيته فلو شك في حاله قبل قوله في الأصح وإن شك في إسلامه فلا وأنه إذا أخبره عن اجتهاد أنه لا يجوز تقليده في الأصح وقيل مع ضيق الوقت ذكره القاضي ظاهر كلام أحمد واختاره جماعة وقيل أو كان أعلم منه قلده وفي التمهيد يصليها على حسب حاله ثم يعيد إذا قدر فلا ضرورة إلى التقليد كعادم الطهورين يصلي ويعيد ويلزمه السؤال فظاهره يقصد المنزل في الليل ليستخبر ( أو استدلال بمحاريب ) وأحدها محراب وهو صدر المجلس ومنه محراب المسجد وهو الغرفة وقال المبرد لا يكون محرابا إلا أن يرتقي إليه بدرج ( المسلمين ) عدولا كانوا أو فساقا ( لزمه العمل به ) إذا علمها لهم لأن اتفاقهم عليها مع تكرر الأعصار إجماع عليها ولا يجوز مخالفتها وعنه يجتهد فإن أخطأ فوجهان وعنه ولو بالمدينة والمذهب الأول
____________________
1-
(1/405)
وإن وجد محاريب لا يعلم هل هي للمسلمين أولا لم يلتفت إليها وإن اشتبهت عليه في السفر اجتهد في طلبها بالدلائل وأثبتها القطب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا ينحرف لأن دوام التوجه إليه كالقطع كالحرمين ( وإن وجد محاريب ) ببلد خراب ( لا يعلم هل هي للمسلمين أولا لم يلتفت إليها ) لأنه لا دلالة فيها لاحتمال كونها لغير المسلمين وإن كان عليها آثار الإسلام لجواز أن يكون الباني مشركا عملها ليغر بها المسلمين وعلم منه أنه إذا علم أنها للكفار لا يجوز له التقليد لأن قولهم لا يرجع إليه فمحاريبهم أولى وفي المغني إذا علمت قبلتهم كالنصارى إذا رأى محاريبهم في كنائسهم علم أنها مستقبلة للمشرق
( وإن اشتبهت عليه في السفر ) ولم يمكنه معرفتها ( اجتهد في طلبها ) لأن ما وجب اتباعه عند وجوده وجب الاستدلال عليه عند خفائه كالحكم في الحادثة والمجتهد في القبلة هو العالم بأدلتها لأن من علم أدلة شيء كان مجتهدا فيه والجاهل الذي لا يعرف أدلتها وإن كان فقيها وكذا الأعمى فهذان فرضهما التقليد ويجب على من يريد السفر تعلم ذلك ومنعه قوم لأن جهة القبلة مما يندر التباسه والمكلف يجب عليه تعلم ما يعم لا ما يندر ( بالدلائل ) جمع دليل وهو أمور منها النجوم قال الله تعالى { وبالنجم هم يهتدون } [ النحل 16 ] ( وأثبتها القطب ) 2 لأنه لا يزول عن مكانه إلا قليلا ويمكن كل أحد معرفته قال جماعة وأصحها وأقواها القطب بتثليث القاف حكاه ابن سيده وهو نجم خفي شمالي وذكر السامري أنه الجدي وحوله أنجم دائرة كفراشة الرحى في أحد طرفيها الجدي والآخر الفرقدان وبين ذلك ثلاثة أنجم من فوق وثلاثة من أسفل تدور هذه الفراشة حول القطب دوران فراشة الرحى حول سفودها في كل يوم وليلة دورة وعليه تدور بنات نعش وهي سبعة أنجم متفرقة مضيئة مما تلي الفرقدين وهو خفي جدا يراه حديد النظر إذا لم يكن القمر طالعا
____________________
1-
(1/406)
فإذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا للقبلة والشمس والقمر ومنازلهما وما يقترن بها كلها تطلع من الشرق وتغرب في الغرب عن يمين المصلي والرياح الجنوب تهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( فإذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا للقبلة ) بالشام والعراق والجزيرة لأنه قد أخبر بذلك ثقات عن يقين وقيل ينحرف في الشام إلى الشرق قليلا وبالعراق يجعله حذاء أذنه اليمنى على علوها ذكره المؤلف وذكر ابن تميم أنه إذا جعل القطب أو الجدي أو الفرقدين أو بنات نعش وراءه فقد استقبلها فيما ذكرنا وفيه وجه لا يجتهد وعليه أن يصلي إلى أربع جهات
( والشمس والقمر ومنازلهما وما يقترن بها ويقاربها كلها تطلع من الشرق وتغرب في الغرب عن يمين المصلي ) وذلك معلوم لكن الشمس تختلف مطالعها ومغاربها على حسب اختلاف منازلها فتطلع قرب الجنوب شتاء وقرب الصبا صيفا وهي في الطلوع والغروب كما ذكره والقمر يبدو أول ليلة هلالا في المغرب عن يمين المصلي ثم يتأخر كل ليلة منزلا حتى يكون في السابع وقت المغرب في قبلة يصلي مائلا عنها قليلا إلى المغرب ثم يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدرا فيكون مراده عند التكامل وليلة إحدى وعشرين يكون في قبلة المصلي أو قريبا منها وقت الفجر وليلة ثمان وعشرين يبدو عند الفجر كالهلال من المشرق وتختلف مطالعه بحسب اختلاف منازله وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل في كل ليلة واحدا منها والشمس تنزل في كل منزل منها ثلاثة عشر يوما فيكون عودها إلى المنزل الذي نزلت فيه عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية فالمنازل منها ما بين طلوعها إلى غروبها أربعة عشر منزلا ومن غروبها إلى طلوعها كذلك فوقت الفجر منها منزلان والمغرب منزل وهو نصف سواد الليل وسواد الليل وسواد الليل اثنا عشر منزلا ( والرياح ) وأمهاتها أربع لكن قال أبو المعالي الاستدلال بها ضعيف ( الجنوب تهب
____________________
1-
(1/407)
مستقبلة لبطن كتف المصلي اليسرى مارة إلى يمينه والشمال مقابلتها تهب إلى مهب الجنوب والدبور تهب مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن والصبا مقابلتها تهب إلى مهبها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مستقبلة لبطن كتف المصلي اليسرى مارة إلى يمينه ) في الزاوية التي بين المشرق والقبلة فإذا استقبلها المصلي كانت القبلة بالعراق عن يمينه والمشرق على يساره وفي الشام من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الشتاء ( والشمال مقابلتها ) تهب من ظهر المصلي لأن مهبها من القطب إلى مغرب الشمس في الصيف ( تهب إلى مهب الجنوب ) فإذا استقبلها يكون على يمينه والمغرب على يساره ( والدبور تهب مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن ) من الزاوية التي بين القبلة والمغرب فإذا استقبلها يكون القطب على يساره والمشرق على يمينه ( والصبا مقابلتها تهب إلى مهبها ) فهي تهب يسرة المتوجه إلى قبلة الشام لأن مهبها من مطلع الشمس في الصيف إلى مطلع العيوق فإذا استقبلها كانت القبلة بالعراق على يساره والمغرب على يمينه وتسمى القبول لأن باب الكعبة وعادة أبواب العرب إلى مطلع الشمس فتقابلهم وبقية الرياح عن جنوبهم وشمائلهم ومن ورائهم
فوائد قال جماعة من أصحابنا يستدل بالأنهار الكبار غير المحددة فكلها بخلقة الأصل تجري من مهب الشمال من يمنة المصلي إلى يسرته على انحراف قليل الإنهرين أحدهما بخراسان ويسمى المقلوب والآخر بالشام ويسمى العاصي فإنهما يجريان عكس ذلك قال في المغني وهذا لا ينضبط لأن الأردن بالشام يجري نحو القبلة وكثير منها يجري نحو البحر يصب فيه وبالجبال فإن غالب وجوهها إلى القبلة خلفه يعرفه أهله وبالمجرة في السماء وهي أول الليل ممتدة على كتف المصلي الأيسر إلى القبلة وفي آخره على الأيمن في الصيف وفي الاستدال بها فيه نظر ولهذا لم يذكرها الأكثر منهم المؤلف
____________________
1-
(1/408)
فإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة يستحب أن يتعلم أدلة القبلة والوقت ويتوجه وجوبه فإن دخل الوقت وخفيت عليه لزمه قولا واحدا لقصر زمنه ويقلد لضيق الوقت لأن القبلة يجوز تركها للضرورة وهي شدة الخوف ولا يعيد بخلاف الطهارة والأعمى يقلد فيه وله العمل بلمس محراب ونحوه فإن قلد غيره ثم أبصر في الصلاة وفرضه قبول الخبر أتمها وكذا إن كان فرضه الاجتهاد ورأى ما يدل على صوابه وإن لم ير شيئا أو كان قلد غيره لعماه بطلت في الأشهر ومن صلى باجتهاد أو بيقين ثم عمي فيها بنى فقط
( فإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه ) لأن فرض كل واحد ما يؤدي إليه اجتهاده فلا يجوز تقليد صاحبه وإن كان أعلم منه كالعالمين يختلفان في الحادثة وظاهره لا فرق بين اختلافهما في جهتين أو جهة والأول المذهب والثاني قويل ولا يصح اقتداؤه به نص عليه لظنه خطأه بإجماع وذكر في المغني أن قياس المذهب صحة الاقتداء مع اختلافهما في جهتين وصححه في الشرح لأن كلا منهما يعتقد صحة صلاة الآخر وأن فرضه التوجه إلى ما توجه إليه فلم يمنع الاقتداء به كالمصلين حول الكعبة وقيل تبطل صلاة المأموم فقط وظاهر كلامهم يصح ائتمامه به إذا لم يعلم حاله فإن كان اختلافهما في جهة فتيامن أحدهما أو تياسر الآخر وفي صحة اقتداء أحدهما بالآخر وجهان ذكرهما القاضي وذكر في الشرح أنه لا يختلف المذهب في صحة الاقتداء لاتفاقهما في الجهة الواجب استقبالها وظاهره ولو ضاق الوقت كالحاكم ليس له تقليده غيره وكما لو كان متسعا وفيه وجه وهو الذي في التلخيص وذكره القاضي ظاهر كلام أحمد لأنه قال فيمن هو في مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة في
____________________
1-
(1/409)
ويتبع الجاهل والأعمى أوثقهما في نفسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بيت بعيد لأن عليه أن يسأل ورده المؤلف بأن مقتضاه المنع من الاجتهاد في المصر لأنه يمكنه التوصل بطريق الخبر عن يقين فإن اتفق اجتهادهما فائتم أحدهما بالآخر فمن بان له الخطأ انحرف وأتم وينوي المأموم المفارقة للعذر ويتم ويتبعه من قلده في الأصح
تنبيه إذا صلى بلا اجتهاد ولا تقليد أو ظن جهة باجتهاده فخالها أعاد وإن تعذر الأمران لخفاء الأدلة أو عدم من يقلده لجهله صحت صلاته بتحر في الأشهر وإن صلى بلا تحر أعاد وعنه يعيد إن تعذر التحري وقيل ويعيد في الكل إن أخطأ وإلا فلا
( ويتبع الجاهل والأعمى ) وجوبا ( أوثقهما في نفسه ) ذكره السامري وقدمه في الرعاية و الفروع وجزم به في الوجيز وصححه ابن تميم والمراد به أعلمها عنده وأصدقهما قولا وأشدهما تحريا لدينه لأن الصواب إليه أقرب وظاهره أنه إذا قلد المفضول لا يصح وهو ظاهر الخرقي وغيره لأنه يترك ما يغلب على ظنه أنه الصواب فلم يجز كالمجتهد ترك اجتهاده وقيل يستحب
فعلى هذا له تقليد من شاء منهما ذكر في الشرح أنه الأولى كما لو استويا وكعامي في الفتيا على الأصح وعلى الأول لا عبرة بظنه فلو غلب على ظنه إصابة المفضول لم يمنعه من تقليد الفاضل فإن كان أحدهما أدين والآخر أعلم فوجهان فلو تساويا فمن شاء وقال أبو الوفاء إن اختلفا فإلى الجهتين
تذنيب إذا قلد اثنين لم يرجع برجوع أحدهما لأنه دخل فيها بظاهر
____________________
1-
(1/410)
وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ أو صلى الأعمى بلا دليل أعادا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلا يزول إلا بمثله والمقلد إذا أخبر فيها بالخطأ عن يقين لزمه الرجوع إليه لأنه لو أخبر بذلك المجتهد الذي قلده فالجاهل والأعمى أولى وإن كان عن اجتهاد أو لم يتبين له لم يلزمه لأنه شرع فيها بدليل يقينا فلا يزول عنه بالشك وذكر في الشرح أن الثاني إن كان أوثق من الأول وقلنا يلزمه تقليد الأفضل فإنه يرجع إلى قول كالمجتهد إذا تغير اجتهاده في أثنائها
( وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ ) أعاد ذكره معظمهم وجزم به في المحرر وصححه ابن تميم لأن ذلك لا يكون إلا لتفريط لأن الحضر ليس بمحل للاجتهاد لقدرة من فيه على الاستدلال بمحاريب المسلمين ولا فرق في ظاهر كلامهم بين أن يصلي باجتهاد أو غيره وعنه لا إعادة عليه إذا صلى باجتهاد قدمه في الرعاية وهو ظاهر المستوعب لأنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة كالمصيب واحتج أحمد بقضية أهل قباء وفي ثالثة ما لم يحط جزما وظاهره أن المكي كغيره وهو ظاهر في رواية صالح وأنه لا يعيد مع الإصابة لأنه مأمور بها إلى القبلة وقد وحدت وقيل يعيد لأنه ترك فرضه وهو السؤال فإذا أخبره ثقة عدل في الحضر بالقبلة فصلى إليها وبان خطؤه أعاد ذكره في المغني و الشرح وغيرهما لأنه قد تبين أن خبره ليس بدليل ويستثنى من كلامه ما إذا كان محبوسا فيه ولا يجد من يخبره فإنه يصلي بالتحري ولا يعيد قاله أبو الحسن التميمي أشبه المسافر ( أو صلى الأعمى بلا دليل أعاها ) كتركه الواجب عليه لأنه في الحضر بمنزلة البصير لقدرته على الاستدلال بالحضر ولمس المحاريب ويعلم أيضا بأن باب المسجد إلى المغرب وغيره وظاهره أنه
____________________
1-
(1/411)
فإن لم يجد الأعمى من يقلده صلى وفي الإعادة وجهان وقال ابن حامد إن أخطأ أعاد وإن أصاب فعلى وجهين ومن صلى بالاجتهاد ثم علم أنه أخطأ القبلة فلا إعادة عليه فإن أراد صلاة أخرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يعيد ولو أصاب لأنه ترك فرضه مع أنه يغلب على ظنه عدم إصابته وفيه وجه أنه يعيد مع الخطأ ( فإن لم يجد الأعمى ) والمقلد في السفر ( من يقلده ) تحرى فإن صلى بدونه مع القدرة عليه قضى وقيل إن أخطأ فإن عدم التحري ( صلى ) على حسب حاله قاله أبو بكر لأنه لو لم يصل لأدى إلى خلو الوقت عن صلاة في الجملة وهو غير جائز كعادم الطهورين ( وفي الإعادة وجهان ) وقيل روايتان حكاهما في الشرح وغيره إحداهما يعيد مطلقا وهو ظاهر الخرقي لأنه صلى بغير دليل والثانية لا لأنه أتى بما أمر به وعادم للدليل ( وقال ابن حامد إن أخطأ أعاد ) لفوات الشرط وهو عدم الإصابة والصلاة بغير دليل ( وإن أصاب فعلى وجهين ) أحدهما لا يعيد لأنه استقبل القبلة فيها وهو إن كان فرضه السؤال فقد سقط بعدم المسؤول والثاني بلى لأنها وقعت في الوقت على نوع من الخلل استدراكا لما حصل
( ومن صلى بالاجتهاد ) ثم شك في اجتهاده لم يلتفت وبنى لأنه دخل فيها بظاهر فلا يزول عته بالشك وكذا إن زال ظنه ولم يبين له الخطأ ولا ظهر له جهة أخرى ( ثم علم أنه أخطأ القبلة فلا إعادة عليه ) لما روى عامر بن ربيعة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل { فأينما تولوا فثم وجه الله } رواه ابن ماجة والترمذي وقال ليس إسناده بذاك ولأنه شرط عجز عنه أشبه سائر الشروط ولا فرق بين كون الأدلة ظاهرة فاشتبهت عليه أو مستورة بغيم أو ما يسترها عنه وكذا إذا قلد فأخطأ مقلده ( فإن أراد صلاة أخرى
____________________
1-
(1/412)
اجتهد لها فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالأول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اجتهد لها ) لأنها واقعة متجددة فتستدعي طلبا جديدا كطلب الماء في التيمم وكالحادثة في الأصح فيها كمفت ومستفت وألزمه فيها أبو الخطاب وأبو الوفاء إن لم يذكر طريق الاجتهاد ( فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ) أي بالآخر لأنه ترجح في ظنه والعمل به واجب وظاهره ولو كان في صلاة فإنه يبني نقله الجماعة وهو الأصح خلافا للشافعي لقصة أهل قباء والصلاة تتسع الاجتهادين لطولها بخلاف حكم الحاكم وعنه تبطل وقال ابن أبي موسى يلزمه جهته الأولية لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ( ولم يعد ما صلى بالأول ) لأنها لو وجبت الإعادة لكان نقضا للاجتهاد بمثله وذلك غيرجائز لعدم تناهيه وكالحاكم بغير خلاف نعلمه
فرع إذا ظن الخطأ فيها بطلت وقال أبو المعالي إن بان له صحة ما كان عليه ولم يطل زمنه استمر وصحت وإن بان له الخطأ فيها بنى نص عليه لأنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة أخرى فلم يجز له تركها ولأن ما مضى منها كان صحيحا فجاز البناء عليه ومن أخبر فيها بالخطأ يقينا لزمه قبوله وإلا لم يجز وذكر جماعة إلا أن يكون الثاني يلزمه تقليده فكمن تغير اجتهاده وخرج أبو الخطاب وغيره على منصوصه في الثياب المشتبهة وجوب الصلاة إلى أربع جهات وهو رواية والله أعلم
____________________
1-
(1/413)
& باب النية &
وهي الشرط السادس للصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب النية &
النية مشددة وحكي فيها التخفيف يقال نويت نية ونواة وأنويت كنويت قاله الزجاج وانتويت كذلك حكاه الجوهري
وهي في اللغة القصد وهو عزم القلب على الشيء يقال نواك الله بخير أي قصدك به
وفي الشرع العزم على فعل الشيء تقربا إلى الله تعالى ومحلها القلب والتلفظ ليس بشرط إذ الغرض جعل العبادة لله تعالى وذلك حاصل بالنية لكن ذكر ابن الجوزي وغيره أنه يستحب أن يلفظ بما نواه وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم يضر فإن تلفظ بما نواه كان تأكيدا ذكره في الشرح
( وهي الشرط السادس للصلاة ) أي لا تصح إلا بها بغير خلاف لقوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [ البينة 5 ] والإخلاص عمل القلب وهو أن يقصد بعمله الله وحده ولقوله عليه السلام
إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى ولأنها قربة محضة فاشترطت لها النية كالصوم وقيل فرض وقيل ركن وعدها في التلخيص مع الأركان لاتصالها بها وإلا فهي بالشروط أشبه وقال سيدنا الشيخ عبد القادر هي قبل الصلاة شرط وفيها ركن قال صاحب النظم فيلزم في بقية الشروط مثلها وفيه نظر
____________________
1-
(1/414)
على كل حال ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة وإلا أجزأته نية الصلاة وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( على كل حال ) أي لا تسقط بوجه فهي شرط مع العلم والجهل والذكر والنسيان وغيرها
( ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة ) فرضا كانت كالظهر والعصر أو نفلا كالوتر والسنة الراتبة ونحوها نص عليه وجزم به الأصحاب لعموم الخبر فيلزمه نية الفعل والتعيين لتتميز عن غيرها وقيل نية الفرض تغني عن تعيينه ويحتمله كلام الخرقي وقيل إذا نوى فرض الوقت فيه أو ما عليه من رباعية جهلها صح وكفى وأومأ إليه أحمد وقيل يكفي نية الصلاة في نفل معين ذكره في الترغيب ( وإلا أجزأته نية ) مطلق ( الصلاة ) إذا كانت نافلة مطلقة كصلاة الليل لعدم التعيين فيها ( وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض على وجهين ) قيل هما روايتان إحداهما لا يشترط جزم به معظم الأصحاب وصححه ابن تميم وغيره لأن التعيين يغني عنها لكون الظهر لا يقع من المكلف إلا فرضا كما أغنى عن نية عدد الركعات والثانية يشترط وهو قول ابن حامد وصححه في الفروع ليتميز عن ظهر الصبي وعن المعادة
فعلى هذا يحتاج إلى نية الفعل والتعيين والفرضية وكذا الخلاف في اشتراط نية الأداء في الحاضرة ويصح القضاء بنية الأداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه ذكره الأصحاب قالوا ولا يصح القضاء بنية الأداء وعكسه أي مع العلم
وظاهره أنه لا يشترط إضافة الفعل إلى الله تعالى فيهما وكذا في جميع
____________________
1-
(1/415)
ويأتي بالنية عند تكبيرة الإحرام فإن تقدمت قبل ذلك بالزمن اليسير جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + العبادات في قول الأصحاب وقال أبو الفرج الأشبه اشتراطه وقيل يشترط فيما يقصد لعينه كالصلاة والصيام دون الطهارة
تنبيه إذا نوى من عليه ظهران فائتتان ظهرا منهما لم يجزئه عن واحدة منهما حتى يعين السابقة لأجل الترتيب وقيل بلى كصلاتي نذر لأنه مخير هنا في الترتيب وإن قصد بالفائتة أنها ظهر أمسه والحاضرة أنها ظهر يومه لم يحتج إلى وصفهما بالقضاء والأداء فإن كانتا عليه وحاضرة فترك شرطا في واحدة لزمه إعادة واحدة في الأشهر فإذا ظن أن عليه فائتة فنواها في وقت حاضرة مثلها ثم بان أنها لم تكن عليه لم تجزئه عن الحاضرة في الأظهر قاله ابن تميم والثاني تجزئه كما لو نوى ظهر أمس وعليه ظهر يوم قبله ( ويأتي بالنية عند تكبيرة الإحرام ) لأنه أول الصلاة لتكون النية مقارنة للعبادة ويشترط أن يدخل فيها بنية جازمة فإن دخل بنية مترددة لم يصح ( فإن تقدمت قبل ذلك بالزمن اليسير ) عرفا ( جاز ) هذا ظاهر ما في التلخيص و المحرر وقدمه ابن تميم والجد لأنها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها كالصوم ولأن أولها من أجزائها فكفى استصحاب النية فيها كسائر أجزائها وذكر السامري وابن الجوزي أنه لا يجوز تقديمها إلا بعد دخول الوقت بالزمن اليسير وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز وعليه شرح ابن الزاغوني كلام الخرقي معللا بأنها ركن فلا تقبل قبل الوقت كبقية الأركان وقال الآمدي يجوز بالزمن الطويل كالصوم ويحتمله كلام الخرقي واشترط الآجري مقارنتها للتكبير كالشافعي وهذا كله ما لم يفسخها أي يقطعها وبقاء إسلامه
____________________
1-
(1/416)
ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة فإن قطعها في أثنائها بطلت وإن تردد في قطعها فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال في الوسيلة و التعليق أو يشتغل بعمل ونحوه كعمل من سلم عن نقص وقيل أو يتكلم وكذا الحكم في سائر العبادات
فرع تصح النية للفرض من القاعد وفي التلخيص لا وعليه لا ينعقد نفلا
( ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة ) لأن كل عبادة يشترط لها النية فيشترط استصحابها كالصوم ومعنى الاستصحاب أن لا ينوي قطعها فدل على أنها إذا ذهل عنها أو عزبت عنه في أثنائها أنها لا تبطل لأن التحرز من هذا غير ممكن ( فإن قطعها في أثنائها بطلت ) نص عليه لأن النية شرط في جميعها وقد قطعها أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها وفي ثانية لا تبطل كالحج وفرق في المغني و الشرح بأن الحج لا يخرج منه بمحظوراته بخلاف الصلاة وقيل لا تبطل إن أعادها قريبا وهو بعيد ( وإن تردد في قطعها ) أو عزم على النسخ ( فعلى وجهين ) أحدهما لا تبطل وهو قول ابن حامد لأنه دخل بنية متيقنة فلا تزول بالشك كسائر العبادات والثاني تبطل وجزم به في الوجيز لأن استدامة النية شرط ومع التردد لا يبقى مستديما وكذا إن علق قطعها على شرط وصحح في الرعاية أنها لا تبطل وظاهره أنه إذا عزم على فعل محظور كالحديث أنها لا تبطل وصرح به جمع
أصل إذا شك فيها في النية أو في تكبيرة الإحرام استأنفها لأن الأصل عدمها فإن ذكر ما شك فيه قبل قطعها فقدم في الرعاية أنه عن أطال استأنفها وإلا فلا وقال جماعة إن لم يكن أتى بشيء من أفعال الصلاة بنى لأنه لم
____________________
1-
(1/417)
فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته انقلب نفلا وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يوجد مبطل لها وإن كان قد عمل فيها عملا مع الشك بنى في قول ابن حامد وقاله في التلخيص لأن الشك لا يزيل حكم النية وقال القاضي تبطل وجزم به في الكافي لخلوه عن نية معتبرة وقال المجد إن كان العمل قولا لم تبطل كتعمد زيادة ولا يعتد به وإن كان فعلا كركوع وسجود بطلت لعدم جوازه كتعمده في غير موضعه وحسنه ابن تميم
( فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته ) أو بان عدمه أو بفائتة فلم تكن ( انقلبت نفلا ) لأن نية الفرض تشمل نية النفل فإذا بطلت نية الفرضية بقيت نية مطلق الصلاة وعنه لا تنعقد لأنه لم ينوه وظاهره أنه إذا أحرم به قبل وقته مع علمه أنها لا تنعقد وهو كذلك في الأصح ( وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز ) قدمه جماعة وهو المذهب لأنه إكمال في المعنى كنقض المسجد للإصلاح ولأن نية النفل تضمنتها نية الفرض لكنه يكره لكونه أبطل عمله وقال القاضي في موضع لا تصح رواية واحدة كما انتقل من فرض إلى آخر وفي الجامع أنه يخرج على روايتين وصحح في المذهب أنه لا تصح لأنه أبطل عمله لغير سبب ولا فائدة ( ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر ) أي لغرض صحيح ( مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة ) قدمه غير واحد لأنه ينتقل إلى أفضل من حاله وذلك مطلوب في نظر الشرع وهل ذلك أفضل أم تركه على روايتين صرح في الشرح بعدم الكراهة وعنه لا يجوز حكاها القاضي وعن أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفردا ثم حضر الإمام وأقيمت الصلاة يقطع صلاته ويدخل معهم يتخرج منه قطع النافلة بحضور الجماعة بطريق الأولى فإن دخل معهم قبل قطعه ففي
____________________
1-
(1/418)
وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الإجزاء روايتان ( وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان ) لأنه قطع نية الأولى ولم ينو للثانية من أولها وقال ابن حمدان إن قلنا لا تجب نية القضاء صح ما نقله إليه دون ما نقله عنه وفي الفروع أنه إذا نوى الثاني من أوله بتكبيرة الإحرام أنه يصح وفي نفله الخلاف وكذا كل صلاة نواها فرضا واعتقد جوازه بعد إتمامها فرضا كصلاة الفذ خلف الصف وفي الكعبة وخلف الصبي والمتنفل على رواية والأقيس بقاؤها نفلا وإن اعتقد عدم جوازه فوجهان وظاهره البطلان وقوله بطلت الصلاتان فيه تجوز لأن الثانية لا توصف به
( ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما ) أي يشترط أن ينوي الإمام الإمامة على الأصح كالجمعة وفاقا والمأموم لحاله لأن الجماعة تتعلق به أحكام وجوب الإتباع وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بصلاة إمامه وإنما يتميزان بالنية فكانت شرطا رجلا كان المأموم أو امرأة صرح به في المستوعب وقيل إن كان المأموم امرأة لم يصح ائتمامها به إلا بالنية لأن صلاته تفسد إذا وقفت بجنبه ونحن نمنعه ولو سلم فالمأموم مثله ولا ينوي كونها معه في الجماعة فلا عبرة بالفرق
وعنه يشترط في الفرض وظاهره أنه إذا نوى أحدهما دون الآخر لم يصح لأن الجماعة إنما تنعقد بالنية فاعتبرت منهما جميعا وأنه إذا اعتقد كل منهما أنه إمام الآخر أو مأمومه فسدت صلاتهما نص عليه لأنه ائتم بمن ليس بإمام في الصورة الثانية وأم من لم يأتم به في الأولى وقيل تصح فرادى جزم به في
____________________
1-
(1/419)
وإن أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم يصح في أصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفصول وإن لم يعتبر نية الإمامة صحت في الأولى فرضا فرادى وكذا إذا نوى إمامة من لا يصح أن يؤمه كامرأة تؤم رجلا وإن شك في كونه إماما أو مأموما لم يصح لعدم الجزم بالنية وفي المجرد ولو بعد الفراغ لا تصح صلاة الإمام في الأشهر
مسائل الأولى لا يشترط تعيين الإمام وقيل بلى فعلى الأولى لو عينه فبان غيره بطلت وفيه وجه يتمها منفردا
الثانية لا يشترط تعيين المأموم وقيل بلى فعلى الأول إن عين مأموما وأخطأ ففي صحة صلاته وجهان
الثالثة إذا جهل ما قرأ به إمامه لم يضر في الأشهر
الرابعة إذا أحرم بجماعة فانفضوا قبل ركوعهم بطلت وقيل يتمها وحده وكذا إن أحرم ظنا أنه يأتيه مأموم ثم لم يأت وإن فعل ذلك وهو لا يرجو مجيء أحد لم تصح صلاته في الأصح وإن نوى زيد الاقتداء بعمرو ولم ينو عمرو الإمامة صحت صلاة عمرو وحده
( وإن أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم تصح في أصح الروايتين ) وهو المذهب وصححه في الشرح و الفروع وجزم به في الوجيز لأنه لم ينو الائتمام في ابتداء الصلاة ولأنه نقل نفسه مؤتما فلم يجز كنية إمامته فرضا ولا فرق بين أن يصلي وحده ركعة أو لا وفارق نقله إلى الإمامة للحاجة إليه والثانية تصح كما لو نوى الإمامة ولأنه نقل نفسه إلى الجماعة فعلى هذا يكره وعنه لا ومتى فرغ قبل إمامه فارقه وسلم نص عليه وإن
____________________
1-
(1/420)
وإن نوى الإمامة صح في النفل ولم يصح في الفرض ويحتمل أن تصح وهو أصح عندي فإن أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + انتظره ليسلم معه جاز ( وإن ) أحرم منفردا ثم ( نوى الإمامة صح في النفل ) قدمه في المحرر قال ابن تميم وغيره وهو المنصوص لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يتهجد وحده فجاء ابن عباس فأحرم معه فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه ( ولم يصح في الفرض ) على المذهب لأنه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة أشبه ما لو أحرم يوم الجمعة بعد الخطبة وكمال العدد ثم انفضوا فأحرم بالظهر ثم تكامل العدد وهو في الصلاة فنوى الجمعة وعنه لا تصح في فرض ولا نفل قدمه في التلخيص وقطع به بعضهم وفي الفروع اختاره الأكثر لأنه لم ينو الإمامة في ابتدائها أشبه ما لو ائتم بمأموم ( ويحتمل أن تصح ) فيهما ( وهو أصح عندي ) هذا رواية عنه واختارها المؤلف والشيخ تقي الدين لأنه عليه السلام أحرم وحده فجاء جابر وجبار فصلى بهما رواه أبو داود قاله في الشرح قلت رواه مسلم في صحيحه ولأن الأصل مساواة الفرض للنفل في النية والحاجة داعية إلى ذلك فصح كحالة الاستخلاف ( فإن أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر ) كمرض وغلبة نعاس وتطويل إمام وغير ذلك ( جاز ) لما روى جابر قال صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له فقال لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال
أفتان أنت يا معاذ مرتين متفق عليه ولم يأمره بالإعادة وكالطائفة الأولى في صلاة الخوف فلو زال عذره وهو يصلي فله الدخول معه ولا يلزمه وكمسبوق مستخلف أتم من خلفه صلاتهم فعلى هذا إن فارقه في ثانية الجمعة لعذر أتمها جمعة كمسبوق وإن فارقه في الأولى فكمزحوم فيها حتى تفوته الركعتان وإن قلنا لا تصح الظهر قبل الجمعة أتم نفلا وإن فارقه في قيام أتى ببقية
____________________
1-
(1/421)
وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين وإن نوى الإمامة لاستخلاف الإمام إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القراءة وبعدها له الركوع في الحال وإن ظن في صلاة سر أن الإمام قرأ لم يقرأ وعنه بلى لأنه لم يدرك معه الركوع
فرع لو سلم من له عذر ثم صلى وحده فظاهر كلامهم لا يجوز فيحمل فعل من فارق معاذا على ظن الجواز لكن لم ينكر عليه فدل على جوازه وذكره في شرح مسلم ( وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين ) وهي الأصح كما لو ترك متابعة إمامه بغير نية المفارقة والثانية يجوز ولا تبطل كما إذا نوى المنفرد الإمامة بل هاهنا أولى فإن المأموم قد يصير منفردا بغير نية وهو المسبوق إذا سلم إمامه والمنفرد لا يصير مأموما بغير نية بحال قال ابن تميم والإمام كالمأموم في ذلك
فرع تبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه لعذر أو غيره اختاره الأكثر لا عكسه في الأظهر ويتمها منفردا وعنه لا تبطل صلاة مأموم ويتمونها فرادى والأشهر أو جماعة اختاره جمع وقال القاضي وصاحب التلخيص إن فسدت صلاته بترك ركن فسدت صلاتهم رواية واحدة وإن كان بفعل منهي عنه كالحدث والكلام فروايتان واستثنى في المستوعب إذا صلى بهم محدثا ولم يذكر حتى سلم فإنه لا تبطل صلاتهم رواية واحدة استحسانا ( وإن ) أحرم مأموما ثم ( نوى الإمامة لاستخلاف الإمام إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب ) وهو المنصور عند أصحابنا لما روي أن عمر لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة رواه البخاري فما عابه عائب ولا أنكره منكر فكان كالإجماع ولفعل علي رواه سعيد
____________________
1-
(1/422)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهره سواء قلنا ببطلان صلاة الإمام أولا وبالجملة فقد اختلفت الرواية فيها والأصح أنها باطلة كتعمده ولقوله عليه السلام
إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليعد الصلاة رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث علي بن طلق وعنه إن كان من السبيلين ابتدأ ومن غيرهما يبني لأن نجاستهما أغلظ وعنه يبني مطلقا اختاره الآجري لخبر رواه ابن ماجة والدارقطني عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم
فعلى هذا إذا احتاج إلى عمل كثير فوجهان أصحهما البناء قاله ابن تميم وعنه يخير والأول أولى وحديث عائشة فيه إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي وروايته عن الحجازيين ضعيفة عند أكثر المحدثين
وإن سبق الإمام الحدث فجهل هو والمأموم حتى فرغوا من الصلاة فصلاة المأموم صحيحة
تنبيه إذا لم يستخلف الإمام فاستخلف الجماعة أحدهم أو مسبوقا منهم أو من غيرهم أو استخلف كل طائفة رجلا أو صلى بعضهم فرادى أو كلهم أو تطهر الإمام وأتم بهم قريبا وبنى صح الكل على المذهب وله أن يستخلف لحدوث مرض أو خوف أو حصر عن قراءة واجبة أو قصر ونحوه وظاهره وجنون وإغماء واحتلام ولو مسبوقا نص عليه ويستخلف من يسلم بهم وله استخلاف من لم يدخل معه نصا ويبني على ترتيب الأول
____________________
1-
(1/423)
وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين وإن كان لغير عذر لم يصح وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الأصح فإن استخلف في الركوع لغت تلك الركعة وقال ابن حامد إن استخلفه فيه أو بعده قرأ لنفسه وانتظره المأموم ثم ركع ولحق المأموم وإن استخلف امرأة وفيهم رجل أو أميا وفيهم قارئ صحت صلاة الثاني بالنساء والأميين فقط وقال في الرعاية ومن استخلف فيما لا يعتد له به لم يمنع اعتداد المأموم به
( وإن سبق اثنان ) أو أكثر ( ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما ) أو ائتم مقيم بمثله إذا سلم إمام مسافر ( فعلى وجهين ) أحدهما يصح قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة لعذر فجاز كالاستخلاف واستدل في الشرح بقضية ابي بكر حين تأخر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نظر والثاني لا يصح لأنه ثبت لكل منهما حكم الانفراد بسلام إمامه فصار كالمنفرد ابتداء وبناه في الشرح على عدم الاستخلاف وعنه لا يصح هنا وإن صح في التي قبلها اختاره المجد وعلى الأول محله في غير الجمعة كما جزم في الوجيز وصرح به القاضي لأنها إذا أقيمت بمسجد مرة لم تقم فيه ثانية ( وإن كان لغير عذر ) السبق ( لم يصح ) كاستخلاف إمام بلا عذر لأن مقتضى الدليل منعه وإنما ثبت جوازه في محل العذر لقضية عمر فيبقى فيما عداه على مقتضاه وظاهر كلامه في الكافي و الشرح أن هذا راجع إلى المسألة قبلها وظاهر كلامه في التلخيص أن في جواز ذلك من غير عذر روايتين
( وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم
____________________
1-
(1/424)
وبنى على صلاة خليفته وصار الإمام مأموما فهل تصح على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وبنى على صلاة خليفته وصار الإمام مأموما فهل تصح على وجهين ) أشهرهما أنه يصح ويجوز لما روى سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو ابن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فصلى أبو بكر وجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف وتقدم فصلى بهم متفق عليه والثاني لا صححه في الوسيلة وذكر أنه اختيار أبي بكر لعدم الحاجة إليه وفعله عليه السلام يحتمل أن يكون خاصا له لأن أحدا لا يساويه في الفضل ولا ينبغي لأحد أن يتقدم عليه بخلاف غيره كما قال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل يجوز ذلك للإمام الأعظم فقط
____________________
1-
(1/425)
& باب صفة الصلاة &
السنة أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة & باب صفة الصلاة &
يسن الخروج إليها بسكينة ووقار لخبر أبي هريرة في الصحيحين ويقارب خطاه ويقول ما ورد فمنها ما رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله إليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك
فإذا وصل المسجد قدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في عكسه ويقول ما ورد ولا يشبك أصابعه ولا يخوض في حديث الدنيا ويجلس مستقبل القبلة وإن سمع الإقامة لم يسع إليها إذا كان خارجه ونصه لا بأس به يسيرا إن طمع أنه يدرك التكبيرة الأولى واحتج بأنه جاء عن الصحابة وهم مختلفون
( السنة أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة ) كذا في الكافي وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك رواه ابن أبي أوفى ولأنه دعاء إلى الصلاة فاستحب المبادرة إليها قال ابن المنذر أجمع على هذا أهل الحرمين وهذا إن رأى الإمام وإلا قام عند رؤيته وقيل إن كان الإمام غائبا لم يصل إلى المسجد وقيل أو في المسجد لم يقوموا حتى يروه وذكر في الشرح أنه
____________________
(1/426)
ثم يسوي الإمام الصفوف ثم يقول الله أكبر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إن كان في المسجد أو قريبا منه قاموا قبل رؤيته وإلا فلا وعنه ينبغي أن تقام الصفوف قبل أن يدخل الإمام وذكر بعض أصحابنا الأولى أن يقوم إمام ثم مأموم ولا يحرم الإمام حتى تفرغ الإقامة نص عليه وهو قول جل أئمة الأمصار وعلم منه جواز إقامة المقيم قبل ذلك والمراد بالقيام إليها هو التوجه إليها ليشمل العاجز عنه ( ثم يسوي الإمام الصفوف ) بالمناكب والأكعب استحبابا فيلتفت عن يمينه فيقول استووا رحمكم الله وعن يساره كذلك وفي الرعاية يقول عن يساره اعتدلوا رحمكم الله ويكمل الأول فالأول ويتراصون قال أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول
تراصوا واعتدلوا متفق عليه زاد البخاري
فإني أراكم من وراء ظهري وروي عن عمر وعثمان قال في الفروع ويتوجه يجب تسوية الصفوف وهو ظاهر كلام شيخنا لأنه عليه السلام رأى رجلا باديا صدره فقال
لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ومن ذكر الإجماع على استحبابه فمراده ثبوت استحبابه لا نفي وجوبه
فائدة يمينه والصف الأول وهو ما يقطعه المنبر وعنه ما يليه للرجال أفضل وله ثوابه وثواب من وراءه ما اتصلت الصفوف فكلما قرب منه فهو أفضل وظاهر ما حكاه أحمد عن عبد الرزاق أن بقربه أفضل ومرادهم أن بعد يمينه ليس أفضل من قرب يساره وللأفضل تأخير المفضول والصلاة مكانه فتستثنى وظاهر كلام جماعة لا وفي كراهة ترك الصف الأول لقادر وجهان والصف الأخير للنساء أفضل
( ثم يقول ) قائما في فرض مع القدرة ( الله أكبر ) فلا تنعقد إلا بها نطقا
____________________
1-
(1/427)
لا يجزئه غيرها فإن لم يحسنها لزمه تعلمها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وما روي عن بعضهم أنه سنة وأن الدخول فيها يكفي فيه مجرد النية فقال النووي إنه لا يصح عنهم مع هذه الأحاديث ( لا يجزئه غيرها ) نص عليه لما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم رواه أحمد وأبو داود والترمذي مرسلا قال الترمذي هذا أصح شيء في هذا الباب والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم
لا يقبل الله صلاة أمرئ حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر رواه أبو داود من حديث رفاعة وقال عليه السلام للمسيء في صلاته
إذا قمت فكبر متفق عليه ولم ينقل أنه كان يستفتحها بغير ذلك فلا تنعقد بقول الله الأكبر أو الكبير أو الجليل ولا الله أقبر بالقاف ولا الله فقط وقيل يكره وتصح في الأوليين وظاهره أنه إذا نكسه لا يصح وهو المشهور
مسألة إذا مد همزة الله لم تنعقد لأنه غير المعنى فصار استفهاما وكذا إن قال أكبار لأنه يعني جمع كبر وهو الطبل وإن مططه كره مع بقاء المعنى وصحت
فرع إذا تممه راكعا أو أتى به فيه أو كبر قاعدا أو أتمه قائما انعقدت في الأصح نفلا كسقوط القيام فيه ويدرك الركعة إن كان الإمام في نفل ذكره القاضي ( فإن لم يحسنها لزمه تعلمها ) لأنها ركن في الصلاة فلزمه تعلمها كالفاتحة زاد في الرعاية في مكانه أو فيما قرب منه وقال في التلخيص إن كان في البادية لزمه قصد البلد لتعلمه ولا تكفيه الترجمة بدلا بخلاف
____________________
1-
(1/428)
فإن خشي فوات الوقت كبر بلغته ويجهر الإمام بالتكبير كله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + التيمم ( فإن ) عجز أو ( خشي فوات الوقت كبر بلغته ) ذكره السامري وغيره وصححه ابن تميم وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأنه عجز عن اللفظ فلزمه الإتيان بمعناه كلفظة النكاح وعنه لا يكبر إلا بالعربية اختاره الشريف لأنه ذكر تعينت صيغته فلم يترجم عنه كالقراءة وكالقادر فيحرم بقلبه وقيل يجب تحريك لسانه وإن قدر على البعض قاله وحكم الذكر الواجب كالتكبير في ذلك بخلاف المسنون فإنه لا يأتي به بغير العربية نص عليه فإن ترجم عنه بطلت
فرعان الأول إذا عرف لسانا فارسيا وسريانيا فثالثها يخير ويقدمان على التركي وقيل يخير كما يخير بين التركي والهندي
الثاني يلزم الأخرس ومن سقط عنه النطق تحريك لسانه بقدر الواجب من القراءة ونحوها ذكره القاضي وصاحب التلخيص وغيرهما لأن الصحيح يلزمه النطق بتحريك لسانه فإذا عجز عن أحدهما لزمه الآخر واختار المؤلف ورجحه في الشرح لا كمن سقط عنه القيام سقط عنه النهوض إليه وإن قدر عليه لأنه عبث ولم يرد الشرع به كالعبث بسائر جوارحه وإنما لزم القادر ضرورة
( و ) يستحب أن ( يجهر الإمام بالتكبير كله ) بحيث يسمع من خلفه وأدناه سماع غيره وذلك مطلوب لما فيه من متابعة المأمومين لإمامهم وكذا جهره بتسميع وسلام وقراءة في جهرية فإن لم يمكنه إسماعهم جهر به بعضهم ليسمعهم لما في الصحيح عن جابر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه فإذا كبر
____________________
1-
(1/429)
ويسر غيره به وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه ويرفع يديه من ابتداء التكبير ممدودة الأصابع مضمومة بعضها إلى بعض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر يسمعنا وكذا حكم جهره بتحميد وسلام لحاجة فيسن ( ويسر غيره به ) أي بالتكبير ( وبالقراءة ) لأنه لا حاجة إليه وربما لبس على المأمومين وإنما سن له الإسرار بها في حال إخفاء الإمام لا في حال جهره لأنه يسن له الإنصات والجمع بين مسنونية الإسرار والإنصات متناقض ( بقدر ما يسمع نفسه ) لأنه يجب على كل مصل أن يجهر بكل قول واجب بقدر ما يسمع نفسه لأنه لا يكون كلاما بدون الصوت وهو ما يتأتى سماعه وأقرب السامعين إليه نفسه وهذا ليس يفيد في مسنونية ذلك لأنه لو رفع صوته بحيث يسمع من يليه فقط لكان مسرا آتيا بالمقصود وهذا إن لم يمنع مانع من سماع نفسه فإن كان فبحيث يحصل السماع مع عدمه ( ويرفع يديه ) ندبا بغير خلاف نعلمه عند افتتاحها وليس بواجب اتفاقا ويقال لتاركه تارك السنة وقال القاضي لا بأس أن يقال هو مبتدع فإن عجز عن رفع إحدى يديه رفع الأخرى فإن كانتا في كميه رفعهما لخبر وائل بن حجر ( مع ابتداء التكبير ) أي يكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع انتهائه نص عليه وهو الصحيح لماروى وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبير ولأن الرفع للتكبير فكان معه وعنه يرفعهما قبل التكبير ثم يحطهما بعده لأنه ينفي الكبرياء عن غير الله وبالتكبير يثبتها لله والنفي مقدم ككلمة الشهادة وقيل يخير قال في الفروع وهو أظهر فإن ترك الرفع حتى فرغ من التكبير لم يرفع لأنها سنة فات محلها ( ممدودة الأصابع ) لقول أبي هريرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مدا رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد حسن ( مضموما بعضها إلى بعض ) هذا هو المذهب لأن
____________________
1-
(1/430)
إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأصابع إذا ضمت تمتد وعنه مفرقة لما روى أبو هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر نشر أصابعه ذكره أحمد ورواه الترمذي وقال إنه خطأ ثم لو صح كان معناه المد لأن النشر لا يقتضي التفريق كنشر الثوب ويكون مستقبلا ببطونهما القبلة ذكره ابن تميم والمبهج و الفروع ولم يذكره آخرون منهم المؤلف وقيل قائمة حال الرفع والحط ( إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ) ذكره في التلخيص وغيره واختاره الخرقي قال في الفروع وهي أشهر لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر متفق عليه وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إلى فروع أذنيه رواه مسلم وظاهره التخيير لصحة الرواية بهما وعنه يرفعهما إلى منكبيه اختاره الأكثر وذكر في الشرح أن ميل أبي عبد الله إلى هذا أكثر لكثرة رواته من الصحابة وقربهم وعنه إلى فروع أذنيه اختاره الخلال وصاحبه وعنه إلى صدره ونقل أبو الحارث يجاوز بهما أذنيه لأنه عليه السلام فعله وقال أبو حفص يجعل يديه حذو منكبيه وإبهاميه عند شحمة أذنيه جمعا بين الأخبار وقاله في التعليق ومن لم يقدر على الرفع المسنون حسب إمكانه وإن لم يمكن رفعهما إلا بزيادة على أذنيه رفعهما لأنه يأتي بالسنة وزيادة ويسقط بفراغ التكبير كله
فائدة كشف يديه هنا وفي الدعاء أفضل ورفعهما إشارة إلى الحجاب بينه وبين ربه كما أن السبابة إشارة إلى الوحدانية ذكره ابن شهاب
( ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى ) نص عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(1/431)
ويجعلهما تحت سرته وينظر إلى موضع سجوده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وضع اليمنى على اليسرى رواه مسلم من حديث وائل وفي رواية لأحمد وأبي داود ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد ونقل أبو طالب بعضها على الكف وبعضها على الذراع لا بطنها على ظاهر كفه اليسرى وجزم بمثله القاضي في الجامع ومعناه ذل بين يدي عز نقله أحمد بن يحيى الرقي وعنه يخير وعنه يرسلهما في صلاة الجنازة وعنه في صلاة التطوع ( ويجعلهما تحت سرته ) في أشهر الروايات وصححها ابن الجوزي وغره لقول علي من السنة وضع اليمنى على الشمال تحت السرة رواه أحمد وأبو داود وذكر في التحقيق أنه لا يصح قيل للقاضي هو عورة فلا يضعهما عليه كالعانة والفخذ فأجاب بأن العورة أولى وأبلغ بالوضع عليه لحفظه وعنه تحت صدره وفوق سرته وعنه يخير اختاره في الإرشاد لأن كلا منهما مأثور وظاهره يكره وضعهما على صدره نص عليه مع أنه رواه ( وينظر إلى موضع سجوده ) لما روى أحمد في الناسخ والمنسوخ عن ابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره إلى السماء فنزلت { الذين هم في صلاتهم خاشعون } فطأطأ رأسه ورواه سعيد ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن ابن سيرين وزاد فيه قال كانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه ولأنه أخشع وأكف لنظره إلا في صلاة الخوف عند الحاجة وحال إشارته في التشهد فإنه ينظر إلى سبابته لخبر ابن الزبير وصلاته تجاه الكعبة فإنه ينظر إليه وفي الغنية يكره إلصاق الحنك بالصدر على الثوب وأنه يروى عن الحسن أن العلماء من الصحابة كرهته
____________________
1-
(1/432)
ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ثم يقول ) سرا ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ) ذكره معظم الأصحاب قال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم من التابعين وغيرهم ونص عليه لأنه عليه السلام كان يستفتح بذلك رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولفظه له من حديث أبي سعيد وهو من رواية علي بن علي الرفاعي وقد وثقه أبو زرعة وابن معين وتكلم فيه بعضهم وصحح أحمد قول عمر بمحضر من الصحابة وهو من رواية عبدة عن عمر ولم يدركه وبأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ليست بذاك وليست ( وجهت وجهي ) والآية بعدها أفضل لخبر علي واختار الآجري قول ما في خبر علي كله واختار ابن هبيرة والشيخ تقي الدين أن جمعهما أفضل ويجوز بما ورد نص عليه قال الشيخ تقي الدين الأفضل أن يأتي بكل نوع أحيانا وكذا صلاة الخوف ولا يجهر به إمام وإنما جهر به ليعلم الناس ( ثم يقول ) سرا قبل القراءة نص عليه ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ذكره في الكافي وقدمه في الرعاية واختاره القاضي في الجامع لقوله تعالى { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } أي إذا أردت القراءة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها قبل القراءة وعنه أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم جزم به في المحرر وقدمه في التلخيص لحديث أبي سعيد المرفوع قال الترمذي هو أشهر حديث في الباب وهو متضمن للزيادة والأخذ بها أولى لكن ضعفه أحمد وعنه بعد كمالها إن الله هو السميع العليم اختارها في التنبيه والقاضي في المجرد وابن عقيل والسامري جمعا بين الأدلة وكيفما تعوذ فحسن وهذا كله واسع
____________________
1-
(1/433)
ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وليست من الفاتحة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة الاستفتاح والتعوذ سنتان نص عليه وعنه واجبان اختاره ابن بطة وعنه التعوذ ويسقطان بفوات محلهما كالبسملة واختار الشيخ تقي الدين التعوذ أول كل قربة ( ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول الفاتحة وأول كل سورة في قول أكثرهم لما روى نعيم المجمر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ( ولا الضالين ) الحديث ثم قال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم رواه النسائي وفي لفظ لابن خزيمة والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر وزاد ابن خزيمة في الصلاة ( وليست من الفاتحة ) جزم به أكثر الأصحاب وصححه ابن الجوزي وابن تميم والجد وحكاه القاضي إجماعا سابقا وكغيرها لما روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي رواه مسلم ولو كانت آية لعدها وبدأ بها ولما تحقق التنصيف لأن ما هو ثناء وتمجيد أربع آيات ونصف وما هو للآدمي اثنان ونصف لأنها سبع آيات إجماعا لكن حكى الرازي عن الحسن البصري أنها ثمان آيات وقال النبي صلى الله عليه وسلم في { تبارك الذي بيده الملك }
إنها ثلاثون آية رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد حسن ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون البسملة وهي قرآن على الأصح آية منه وكانت تنزل فصلا بين السور غير ( براءة ) وعنه
____________________
1-
(1/434)
وعنه أنها منها ولا يجهر بشيء من ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ليست من القرآن إلا في ( النمل ) فإنها بعض آية فيها إجماعا فلهذا نقل ابن الحكم لا تكتب أمام الشعر ولا معه وذكر الشعبي أنهم كانوا يكرهونه قال القاضي لأنه يشوبه الكذب والهجر غالبا ( وعنه أنها منها ) اختارها ابن بطة وأبو حفص وصححه ابن شهاب لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنزل علي سورة فقرأ { بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر } رواه مسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءتها مع الفاتحة رواه الدارقطني بإسناد رجاله ثقات واحتج أحمد بأن الصحابة أجمعوا على كتابتها في المصاحف
ثم اعلم أن مسألة البسملة عظيمة صنف فيها الأئمة منهم الخطيب البغدادي قال الأصوليون وقوة الشبهة في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منعت التكفير من الجانبين فدل على أنها ليست من المسائل القطعية خلافا للقاضي أبي بكر
فائدة تكتب أوائل الكتب كما كتبها سليمان والنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وإلى قيصر وغيره نص عليه فتذكر في ابتداء جميع الأفعال وعند دخول المنزل والخروج منه للتبرك وهي تطرد الشيطان وإنما يستحب إذا ابتدأ فعلا تبعا لغيرها لا مستقلة فلم تجعل كالحمدلة ونحوها
( ولا يجهر بشيء من ذلك ) قد مضى شرحه والآن لا يجهر بالبسملة وإن قلنا هي من الفاتحة قال في الشرح لا خلاف عنه فيه وحكى الترمذي أنه قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وقد روى أحمد والنسائي على شرط الصحيح لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا
____________________
1-
(1/435)
ثم يقرأ الفاتحة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين وفي رواية مسلم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها وعنه يجهر لأخبار منها ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس قرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني إسنادهم كلهم ثقات وعنه بالمدينة ليتبين أنها سنة لأن أهل المدينة ينكرونها كما جهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة وعنه يجهر في نفل وقيل إن قلنا هي من الفاتحة جهر بها واختار تقي الدين يجهر بها وبالتعوذ وبالفاتحة بالجنازة ونحو ذلك أحيانا فإنه المنصوص عن أحمد تعليما للسنة وللتأليف ويخير في غير صلاة في الجهر بها نقله الجماعة وكالقراءة والتعوذ وعنه يجهر وعنه لا
( ثم يقرأ الفاتحة ) وهي ركن في كل ركعة في ظاهر المذهب لما روى عبادة مرفوعا
لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب متفق عليه وفي لفظ
لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وعن أبي هريرة مرفوعا
من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج يقوله ثلاثا رواه مسلم والخداج النقصان في الذات نقص فساد وبطلان تقول العرب أخدجت الناقة ولدها أي ألقته وهو دم لم يتم خلقه فإن نسيها في ركعة لم يعتد بها وذكر ابن عقيل أنه يأتي بها فيما بعدها مرتين ويعتد بها ويسجد للسهو وعنه في الأوليين وعنه يكفي آية من غيرها وظاهره ولو قصرت ولو كانت كلمة وعنه سبع وعنه ما تيسر وعنه لا تجب قراءة في غير الأوليين والفجر لقول علي وحكى أبو الخطاب عن
____________________
1-
(1/436)
وفيها إحدى عشرة تشديدة فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بعض العلماء أن الفاتحة تتعين في ركعة ويأتي حكم المأموم في قراءتها
بديعة سميت بالفاتحة لأنه يفتتح بقراءتها في الصلاة وبكتابتها في المصاحف وتسمى الحمد والسبع المثاني وأم الكتاب والواقية والشافية والأساس والصلاة وأم القرآن لأن المقصود منه تقرير أمور الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر لله تعالى فالحمد لله ) إلى ( الرحيم ) يدل على الإلهيات و ( مالك يوم الدين ) يدل على المعاد ( وإياك نعبد وإياك نستعين ) يدل على نفي الجبر والقدر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله تعالى و ( إهدنا الصراط المستقيم ) إلى آخرها يدل على الثواب وتسمى الشفاء والشافية والسؤال والدعاء وقال الحسن أودع الله تعالى فيها معاني القرآن كما أودع فيه معنى الكتب السابقة وهي أفضل سورة قاله ابن شهاب وغيره وهي مكية وقال مجاهد مدنية وخطئ في ذلك وقيل نزلت مرتين فهي مكية مدنية ( وفيها إحدى عشرة تشديدة ) بغير خلاف وهذا على المذهب وعلى أن البسملة آية منها فيصير فيها أربعة عشرة تشديدة لأن فيها ثلاثة ويلزمه أن يأتي بقراءتها مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى مثل كسر كاف ( إياك ) أو ضم تاء ( أنعمت ) أو فتح همزة الوصل في ( اهدنا ) ( فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها ) وفيه مسائل
الأولى إذا ترك ترتيب الفاتحة ابتدأها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها مرتبة
____________________
1-
(1/437)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + متوالية وقال
صلوا كما رأيتموني أصلي ولأن القرآن معجز والإعجاز يتعلق بالنظم والترتيب وهي ركن فلم يجز تنكيسها كتكبيرة الإحرام
الثانية إذا ترك شدة منها لزمه استئنافها لأن الشدة أقيمت مقام حرف ومن ترك حرفا منها فكأنه لم يقرأها لأن المركب ينعدم بعدم جزء من أجزائه وذكر القاضي في الجامع أنها لا تبطل بترك شدة لأنها غير ثابتة في خط المصحف وإنما هي صفة للحرف ويسمى تاركها قارئا للفاتحة ولا يختلف المذهب أنه إذا لينها ولم يحققها على الكمال أنه لا يعيد الصلاة لأن ذلك لا يحيل المعنى ويختلف باختلاف الناس قال في المغني و الشرح ولعله إنما أراد في الجامع هذا المعنى فيكون قوله متفقا وفيه نظر
الثالثة إذا أطال قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل غير مأموم لزمه استئنافها لأنه يعد معرضا عن الفاتحة بذلك وهو على أضرب
أحدها قطع بذكر أو سكوت مشروع كالتأمين وسجود التلاوة والتسبيح بالتنبيه واستماع قراءة الإمام فإنه لا يؤثر وإن طال ذكره ابن تميم وكذا إذا سمع آية رحمة فسأل أنه لا يعد معرضا وفي الشرح أنه إذا كثر استأنفها
الثاني قطع غير مشروع كالتهليل والتسبيح فذكر القاضي أن ذلك مبطل لها والأصح أن الكثير مبطل لأنه أحل بالموالاة بخلاف اليسير فإنه يعفى عنه
____________________
1-
(1/438)
فإذا قال ولا الضالين قال آمين يجهر بها الإمام والمأموم في صلاة الجهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثالث قطع بسكوت طويل غير مشروع فهذا مبطل لها في ظاهر كلام الجماعة وسواء كان باختيار أو مانع من عقله أو أرتج عليه لكن إن كان يسيرا جرت العادة به لم يقطع قراءتها سواء نوى قطعها أولا لأنه يسير فعفي عنه وقال القاضي يكون قطعها مع النية لتحقق الإعراض ولو نوى قطع القراءة لم يقطع لأن القراءة باللسان فلم ينقطع بخلاف نية الصلاة وقيل إن سكت مع ذلك يسيرا انقطعت
الرابع قطع بسكوت طويل مشروع كالمأموم يشرع في القراءة ثم يسمع قراءة الإمام فينصت ثم يتمها بعد فراغ إمامه فهذا لا يؤثر لأنه مشروع كالذكر
مسألة يستحب أن يقرأها مرتلة معربة يقف عند كل آية لقراءته عليه السلام ويكره الإفراط في التشديد والمد والترجيع وإن أحال منها معنى بلحن يقدر على إصلاحه لم يعتد به وإن لم يحل صح ذكره جماعة فإن قرأ ( غير المغضوب عليهم ) بظاء قائمة فأوجه ثالثها إن عرف الفرق بينهما بطلت وإلا فلا
( فإذا قال ولا الضالين قال آمين ) بعد سكتة لطيفة ليعلم أنها ليست من القرآن وإنما هي طابع الدعاء ومعناه اللهم استجب وقيل اسم من أسمائه تعالى ويحرم تشديد الميم لأنه يصير بمعنى قاصدين ويخير في مد همزته وقصرها والمد أولى ذكره القاضي ( يجهر بها الإمام والمأموم في صلاة الجهر ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه
____________________
1-
(1/439)
فإن لم يحسن الفاتحة أو ضاق الوقت إن تعلمها قرأ قدرها في عدد الحروف وقيل في عدد الآيات من غيرها فإن لم يحسن إلا آية واحدة كررها بقدرها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تأمين الملائكة غفر له متفق عليه وروى أبو وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول آمين يمد بها صوته رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه وقال عطاء كان ابن الزبير يؤمن ويؤمنون حتى إن للمسجد للجة رواه الشافعي وعن أحمد ترك الجهر وعلى الأولى وهي الأصح يقولها المأموم بعد الإمام وذكر جماعة معا وإن تركه إمام أو أسره جهر به مأموم ليذكر الناس فإن تركه حتى قرأ غيره لم يقله ولم يتعرض المؤلف لذكر المنفرد وحكمه الجهر بها قياسا عليهما
فرع إذا قال آمين رب العالمين فقياس قول أحمد في التكبير الله أكبر كبيرا لا يستحب ( فإن لم يحسن الفاتحة ) لزمه تعلمها لأنها واجبة في الصلاة فلزمه تحصيلها إذا أمكنه كشروطها فإن لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته فإن كان عاجزا عنه إما لبعد حفظه ( أو ضاق الوقت عن تعلمها ) سقط قال أبو الفرج إذا طال زمنه ( قرأ ) لما روى رفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل
إذا قمت إلي الصلاة فإن كان معك قراءة فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله وكبر ثم اركع رواه أبو داود والترمذي وظاهره أنه لا ينتقل إلى الذكر إلا عند العجز عن القراءة ويعتبر أن يكون ذلك ( قدرها في عدد الحروف ) هذا قول في المذهب لأن الثواب مقدر بالحرف فكفى اعتباره ( وقيل في عدد الآيات ) دون عدد الحروف ( من غيرها ) لقوله تعالى { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } ولأنه عليه السلام عد الفاتحة سبعا ولأن من فاته صوم طويل لم يعتبر في القضاء مثله والمذهب أنه يعتبر أن يكون بعدد الآي والحروف من غير نقص لأن الحرف مقصود بدليل تقدير الحسنات به كالآي وليكون البدل كالمبدل حسب الإمكان وعنه يجزئه قراءة آية فإن لم يحسن إلا آية كررها بقدرها
____________________
1-
(1/440)
فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه بمثابة من قرأها لكونها من جنس الواجب وظاهره لو أحسن آية منها فقط كررها في الأصح لأن الآية منها أقرب شبها إلى بقية الفاتحة من غيرها والثاني يقرؤها مرة ويعدل إلى الذكر بقدر بقيتها لأنه إذا قرأها مرة فقد أسقط فرضها فيجب أن لا يعيدها كمن وجد بعض ما يكفيه لغسله فإنه يستعمله ثم ينتقل إلى البدل في الباقي وذكر بعضهم أنه إذا كان يحسن آخرها أتى قبله بالذكر كبدل ثم أتى بما يحسن منها وعنه لا يلزمه تكرار آية اختاره ابن أبي موسى وقيل يقرأ الآية وشيئا من غيرها وظاهر ما سبق أنه إذا أحسن بعض آية لا يكررها ذكره في المغني وغيره بل يعدل إلي غيره وقيل هي كآية والآية الطويلة كآية الدين لا تحتاج إلى تكرار بخلاف القصيرة
( فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى ) في المنصوص وصححه ابن تميم لقوله تعالى { إنا أنزلناه قرآنا عربيا } [ يوسف 2 ] و { بلسان عربي } [ الشعراء 195 ] قال أحمد القرآن معجز بنفسه أي في اللفظ والمعنى قال الأصحاب ترجمته بالفارسية لا تسمى قرآنا فلا يحرم على الجنب ولا يحنث بها من حلف لا يقرأ وقيل يجوز لقوله تعالى { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } [ الأنعام 19 ] وإنما ينذر كل قوم بلسانهم وجوابه ما سبق ( ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ) لما روى عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني فعلمه هؤلاء
____________________
1-
(1/441)
فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره فإن لم يحسن شيئا من الذكر وقف بقدر القراءة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخمس رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني وزاد في صلاتي بإسناد حسن ولم يأمره عليه السلام أن يصلي خلف قارئ زاد بعضهم في الحوقلة العلي العظيم ولأن هذا بدل من غير الجنس أشبه التيمم وعنه يكرره بقدر الفاتحة وقاله ابن عقيل وابن الجوري والمذهب إسقاط الحوقلة كما ذكره في المحرر وقدمه في الفروع وعنه يزيد على الخمس جملتين لتصير سبع جمل بدل آيات الفاتحة من أي ذكر شاء فذكر الحلواني يحمد ويكبر وذكر ابنه في التبصرة يسبح ونقله صالح ونقل ابن منصور ويكبر ونقل الميموني ويهلل ونقل عبد الله يحمد ويكبر ويهلل واحتج بخبر رفاعة فدل أنه لا يعتبر الكل ولا شيء معين
فرع إذا صلى وتلقف القراءة من غيره صحت ذكره في النوادر وفي الفروع ويتوجه على الأشهر يلزم غير حافظ يقرأ من مصحف
( فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره ) كما قلنا فيمن يحسن بعض الفاتحة ( فإن لم يحسن شيئا من الذكر ) زاد بعضهم وعجز عن قارئ يومه ( وقف بقدر القراءة ) أي قراءة الفاتحة ذكره في المحرر و الوجيز لأن القيام مقصود في نفسه لأنه لو تركه مع القدرة عليه لم يجزئه وإن كان أخرس فمع القدرة تجب القراءة والقيام بقدرها فإذا عجز عن أحدهما لزمه الآخر لقوله عليه السلام
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
مسألة يستحب سكوت الإمام بعد الفاتحة ليقرأ من خلفه لئلا ينازع فيها كنصه على السكوت قبلها ونقل عبد الله يسكت قبل القراءة وبعدها
____________________
1-
(1/442)
ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره وفي الباقي من أوساطه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقيل ظاهر كلام أحمد أن السكتة إذا فرغ من القراءة كلها لئلا يصل القراءة بتكبيرة الركوع ولا يسن السكوت ليقرأ المأموم
( ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة ) كاملة ندبا يبتدئها بالبسملة نص عليه سرا وفي المغني و الشرح أن الخلاف في الجهر هنا كالخلاف في أول الفاتحة ( تكون في الصبح من طوال المفصل ) وهو من ( قاف ) وفي الفنون من ( الحجرات ) وقيل من ( القتال ) وقيل من ( والضحى ) وهو غريب ( وفي المغرب من قصاره وفي الباقي من أوساطه ) لما روى سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال ما رأيت رجلا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان قال سليمان فصليت خلفه فكان يقرأ في الغداة بطوال المفصل وفي المغرب بقصاره وفي العشاء بوسط المفصل رواه أحمد والنسائي ولفظه له ورواته ثقات وإن قرأ على خلاف ذلك فظاهر كلام جماعة أنه يكره وصرح به في الواضح في المغرب وهذا إن لم يكن عذر فإن كان عذر لم يكره بأقصر من ذلك كمرض وسفر ونحوهما وإن لم يكن عذر كره بقصاره في فجر لا بطواله في مغرب نص عليهما وعنه يجب بعدها قراءة شيء فظاهره ولو بعض آية لظاهر الخبر وعلى المذهب تكره الفاتحة فقط وقراءة السورة وإن قصرت أفضل من بعضها قال القاضي وغيره تجوز آية إلا أن أحمد استحب كونها طويلة كآية الدين والكرسي ونص أحمد على جواز تفريق السورة في ركعتين لفعله عليه السلام وإن قرأ السورة قبل الفاتحة لم تقع موقعها
فائدة ذكر جماعة أنه يقرأ في الثانية أقل من الأولى وفي الظهر أكثر من العصر وذكر الخرقي وتبعه ابن الجوزي والسامري أنه يقرأ في الأولى من الظهر
____________________
1-
(1/443)
ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين في المغرب والعشاء وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان لم تصح صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بنحو ثلاثين آية وفي الأولى من العصر على النصف لفعله علية السلام رواه مسلم من حديث أبي سعيد ونص عليه في رواية حرب قاله القاضي في الجامع
( ويجهر الإمام في القراءة في الصبح والأوليين في المغرب والعشاء ) وهو مجمع على استحبابه لفعله عليه السلام وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف وظاهره انه لا يشرع للمأموم بغير خلاف لأنه مأمور بالإنصات وصرح غير واحد بالكراهة وقيل يجهر في صلاة الجهر بالحمد
ولا للمنفرد والأشهر أنه يخير لأنه لا يراد سماع غيره أشبه المأموم في سكتات الإمام بخلاف الإمام وعنه يسن له لأنه غير مأمور بالإنصات أشبه الإمام ونقل الأثرم تركه افضل وقيل يجهر في غير بدل الجمعة وأما المرأة فان لم يسمعها أجنبي فقيل تجهر كالرجل وقيل يحرم قال أحمد لا ترفع صوتها قال القاضي أطلق المنع
فرع يخير القائم لقضاء ما فاته بين جهر وأخفات ويسر في قضاء صلاة جهر نهارا مطلقا ويجهر بها ليلا في جماعة
مسألة يكره جهر أمام أو منفرد نهارا في نفل زاد بعضهم لا يسن له الجماعة وقيل لا ويخير ليلا والأولى تركه إذا كان فيه ضرر وفعله إذا كان فيه نفع
( وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان ) كقراءة ابن مسعود ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) ( لم تصح صلاته ) جزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية
____________________
1-
(1/444)
وعنه تصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وذكر ابن المنجا أنه المذهب لأن القرآن ثبت بطريق مقطوع به وهو التواتر ولا تواتر فيها بل أجمعت الصحابة على خلاف ذلك ( وعنه تصح ) جزم به في المغني وقدمه ابن تميم و في الفروع مع الكراهية وذكر الشيخ تقي الدين أنها أنصهما لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض وقال النبي صلى الله عليه وسلم
من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد رواه أحمد وفي ابن المنجا رواه البخاري وهو وهم وقال أئمة من السلف مصحف عثمان أحد الحروف السبعة وشرطه اتصال سنده وفي تعليق الأحكام به الروايتان وظاهر كلام ابن تميم أن الأحكام لا تتعلق بذلك عليهما واختار المجد لا تبطل الصلاة به ولا تجزئ عن ركن القراءة
تنبيه ظاهر ما سبق أنها تصح بما وافق مصحف عثمان زاد بعضهم على الأصح وصح سنده وإن لم يكن من قراء العشرة نص عليه وفي تعليق الأحكام به روايتان واختار أحمد قراءة نافع قال في المغني و الشرح من طريق إسماعيل بن جعفر وعنه قراءة أهل المدينة كلها سواء ثم قراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عياش ثم قراءة ابن عامر وأثنى أحمد على قراءة أبي عمرو غير أنه كره إدغامه الكبير وعنه يحرم وعنه تكره قراءة حمزة والكسائي لما فيهما من الكسر والإدغام الشديدين وزيادة المد
فعلى هذا إن أظهر ولم يدغم وفتح ولم يمل فلا كراهة والصلاة بجميع ذلك صحيحة نص عليه وذكر في الشرح أن أحمد لم يكره قراءة أحد من العشرة إلا ما ذكر عن حمزة والكسائي وإن كان في القراءة زيادة حرف فهي أولى
____________________
1-
(1/445)
ثم يرفع يديه ويركع مكبرا فيضع يديه على ركبتيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأجل العشر حسنات واختار الشيخ تقي الدين أن الحرف الكلمة وفي المذهب يكره بما خالف عرف البلد
( ثم ) إذا فرغ من قراءته ثبت قائما وسكت حتى ترجع إليه نفسه قبل أن يركع ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع قاله أحمد لحديث سمرة فإذا فرغ من القراءة سكت رواه أبو داود ( يرفع يديه ) مع ابتداء الركوع وذلك مستحب في قول خلائق من الصحابة ومن بعدهم لما روى ابن عمر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه متفق عليه وروى أحمد بإسناد جيد عن الحسن أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفعلون ذلك وكان ابن عمر إذا رأى رجلا لا يرفع يديه حصبه وأمره أن يرفع ومضى عمل السلف على هذا ( ويركع مكبرا ) وهو مشروع في كل خفض ورفع في قول عامتهم لما روى أبو هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا قام إلى الصلاة ثم يكبر حين يركع متفق عليه ( فيضع يديه ) مفرجتي الأصابع ( على ركبتيه ) استحبابا في قول الأكثر وذهب قوم إلى التطبيق وهو أن يجعل المصلي إحدى كفيه على الأخرى ثم يجعلهما بين ركبتيه إذا ركع وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ وقد فعله مصعب بن سعد فنهاه أبوه وقال كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب متفق عليه وفي حديث رفاعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك رواه أبو داود والمذهب أن يفرج بين أصابعه لأنه عليه السلام فرج أصابعه من وراء ركبتيه رواه أحمد من حديث ابن مسعود وذكر ابن الجوزي وفي الكافي أنه يكون
____________________
1-
(1/446)
ويمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حيال ظهره ولا يرفعه ولا يخفضه ويجافي مرفقيه عن جنبيه وقدر الإجزاء الانحناء بحيث يمكن مس ركبتيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قابضا لركبتيه ( ويمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حيال ظهره ) اتفاقا ( ولا يرفعه ولا يخفضه ) لما روت عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك متفق عليه وروي أنه عليه السلام كان إذا ركع لو كان قدح ماء على ظهره ما تحرك لاستواء ظهره ذكره في المغني و الشرح والمحفوظ ما رواه ابن ماجة عن وابصة بن معبد قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر ( ويجافي مرفقيه عن جنبيه ) لما روى أبو حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه رواه أبو داود والترمذي وصححه ( وقدر الإجزاء ) في ركوع ( الانحناء بحيث يمس ركبتيه ) بيديه كذا ذكره السامري وجماعة لأنه لا يسمى راكعا بدونه ولا يخرج عن حد القيام إلى الركوع إلا به والاعتبار بمتوسطي الناس لا بالطويل اليدين ولا بقصيرهما قال ابن تميم وفي الفروع أو قدره من غيره وقيل في أقل منه احتمالان وفي التلخيص وغيره أدناه الانحناء بحيث تنال كفاه ركبتيه وفي الوسيلة نص عليه وذكر ابن هبيرة أنهم اتفقوا على أن هذا مشروع وقال المجد وضابط الإجزاء الذي لا يختلف أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل فإن كانتا عليلتين لا يمكنه وضعهما انحنى ولم يضعهما فإن كانت إحداهما عليلة وضع الأخرى ذكره في المغني
فرع إذا سقط من قيام أو ركوع ولم يطمئن عاد إلى الركوع فاطمأن ولا يلزمه أن يقوم ثم يركع وإن اطمأن في ركوعه ثم سقط انتصب قائما ثم سجد
____________________
1-
(1/447)
ثم يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وهو أدنى الكمال ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا يعيد الركوع لأن فرضه قد سقط والاعتدال عنه قد سقط بقيامه وإن ركع ثم عجز عن القيام سجد عن الركوع فإن قدر على القيام قبل سجوده عاد إليه وإن كان بعده لم يلزمه العود إلى القيام لأن السجود قد صح وأجزأ فسقط ما قبله قال في الشرح فإن قام من سجوده عالما بتحريم ذلك بطلت لأنه زاد فعلا وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا ويعود إلى جلسة الفصل ويسجد لسهو ( ويقول ) في ركوعه ( سبحان ربي العظيم ) لما روى حذيفة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى رواه الجماعة إلا البخاري وعن عقبة بن عامر قال لما نزلت { فسبح باسم ربك العظيم } قال النبي صلى الله عليه وسلم
اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال
اجعلوها في سجودكم رواه أحمد وأبو داود والاقتصار عليها أفضل من غير زيادة وعنه الأفضل ويحمده اختاره المجد قال أحمد جاء هذا وهذا والواجب مرة ( ثلاثا ) وهو أدنى ( الكمال ) لما روى أبو داود والترمذي من حديث عون عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وإذا سجد قال مثل ذلك هذا مرسل لأن عونا لم يلق ابن مسعود فالكمال للمنفرد وقيل ما لم يخف سهوا وقيل بقدر قيامه وقيل سبع وهو ظاهر كلامه وقيل عشر والإمام إلى عشر وقيل ثلاث ما لم يؤثر مأموم وقيل ما لم يشق وظاهر الواضح قدر قراءته وقال الآجري خمس ليدرك المأموم ثلاثا وأما الوسط فقال أحمد جاء عن الحسن أنه قال التسبيح التام سبع والوسط خمس وأدناه ثلاث
( ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ) إن كان إماما أو منفردا لأنه عليه
____________________
1-
(1/448)
ويرفع يديه فإذا قام قال ربنا ولك الحمد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + السلام كان يقول ذلك وروى الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريدة
يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع فقل سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد وظاهره أن ترتيب هذا الذكر واجب فلو قال من حمد الله سمع له لم يجزئه لتغير المعنى فإن الأول صيغة تصلح للدعاء معنى سمع أجاب والثاني صيغة شرط وجزاء فافترقا أشبه ما لو نكس التكبير ( ويرفع يديه ) لحديث ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع رفعهما متفق عليه فيرفعهما مع رفع رأسه في رواية لما تقدم وعنه بعد اعتداله نقل أحمد بن الحسين أنه رأى أحمد يفعله وقيل يرفعهما المأموم مع رأسه رواية واحدة لأنه ليس في حقه ذكر بعد الاعتدال والرفع إنما جعل هيأة للذكر وكذا المنفرد إن قلنا لا يقول بعد الرفع شيئا ( فإذا قام ) أي اعتدل قائما ( قال ربنا ولك الحمد ) هذا مشروع في حق كل مصل في قول أكثر أهل العلم لما روى أبو هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول
سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد متفق عليه ويخير بين إثبات الواو وحدفها وبها أفضل نص عليه وهو الأصح للاتفاق عليه من رواية ابن عمر وأنس وأبي هريرة ويكون أكثر حروفا ويتضمن الحمد مقدرا أو مظهرا فإن التقدير ربنا حمدناك ولك الحمد لأن الواو لما كانت للعطف ولا شيء ها هنا يعطف عليه ظاهرا دل أن في الكلام مقدرا وهو قول اللهم ربنا ولك الحمد وبلا واو أفضل نص عليه لأنه متفق عليه من حديث أبي هريرة وأكثر فعله عليه السلام
اللهم ربنا لك الحمد وعنه يقول
ربنا ولك الحمد ولا يتخير قال في المغني و الشرح وكيفما قال جاز وكان حسنا لأن السنة وردت به
____________________
1-
(1/449)
ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا عطس حال رفعه فحمد الله لهما لا يجزئه نص عليه لأنه لم يخلصه للرفع وصحح المؤلف الإجزاء كما لو قاله ذاهلا وإن نوى أحدهما تعين ولم يجزئه عن الآخر
( ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ) أي حمدا لو كان أجساما لملأ ذلك ولمسلم وغيره وملء ما بينهما والأول أشهر في الأخبار واقتصر عليه الإمام والأصحاب لما روى ابن أبي أوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال
سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد رواه أحمد ومسلم والمعروف في الأخبار السماوات لما روى علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه وفي المحرر و الوجيز كالمقنع وهذا في حق الإمام والمنفرد كسائر الإذكار وهو اختيار الأصحاب إذ الأصل التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما وقد عضده قوله عليه السلام
صلوا كما رأيتموني أصلي وعنه يقتصر المنفرد على التسميع والتحميد فقط حطا له عن رتبة الإمام ورفعا له عن رتبة المأموم لأنه أكمل منه لعدم تبعيته وعنه يسمع فقط وعنه عكسه وظاهره أنه لا تستحب الزيادة على ذلك في رواية وخصها في المغني و الشرح بالفريضة وكلام أحمد عام ونقل عنه أبو الحارث إن شاء قال أهل الثناء والمجد قال أحمد وأنا أقوله فظاهره يستحب واختاره أبو حفص وصححه في المغني و الشرح
____________________
1-
(1/450)
فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد إلا عند أبي الخطاب ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد ) في ظاهر المذهب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد متفق عليه واقتصاره على أمرهم بذلك يدل على أنه لا يشرع في حقهم سواه ويأتي به حين يرفع لأنه ياخذ في الرفع عقيب تسميع الإمام فيحمد حينئذ وأما الإمام والمنفرد فيقولان ذلك بعد الاعتدال من الركوع لأنهما في حال الرفع يشرعان في التسميع ( إلا عند أبي الخطاب ) فإنه يزيد على ذلك ملء السماء إلى آخره وهو رواية نقلها الأثرم واختارها صاحب النصيحة والشيخ تقي الدين لأنه ذكر مشروع في الصلاة أشبه بقية الأذكار وظاهره اختصاص الزيادة عنده بما بعد التحميد وفي المغني لا أعلم خلافا أن المؤتم لا يسمع لأنه أمر بالتحميد عقيب تسميع إمامه وعنه ويسمع وحكاه في المحرر قولا كالإمام والمنفرد ولأنه ذكر مشروع لهما فشرع للمأموم كسائر الأذكار وجوابنا بأن حديثنا خاص بالمأموم وحديث بريدة عام وتقديم الصحيح الخاص أولى مع أن إسناد حديث بريدة فيه جابر الجعفي وعمرو بن شمر وهما ضعيفان عند أكثر المحدثين
مسألة لم يتعرض المؤلف لهيأة اليدين بعد الرفع والمنصوص عنه إن شاء أرسلهما وإن شاء وضع يمينه على شماله وفي المذهب والتلخيص يرسلهما
( ثم يكبر ويخر ساجدا ) للنصوص ( ولا يرفع يديه ) في ظاهر المذهب لقول ابن عمر وكان لا يفعل ذلك في السجود متفق عليه وعنه بلى وعنه في كل خفض ورفع وفيه عن ابن عمر وأبي حميد أحاديث صحاح وحيث استحب
____________________
1-
(1/451)
فيضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه ويكون على أطراف أصابعه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رفعهما فقال أحمد هو من تمام الصلاة من رفع أتم صلاة وعنه لا أدري قال القاضي إنما توقف على نحو ما يقوله ابن سيرين أن الرفع من تمام صحتها لأنه قد حكي عنه أن من تركه يعيد ولم يتوقف أحمد عن التمام الذي هو تمام فضيلة وسنة ومن تركه فقد ترك السنة ( فيضع ركبتيه ثم يديه ) على المشهور في المذهب وهو قول عامتهم لما روى وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وقال حسن غريب لا نعرف أحدا رواه غير شريك والعمل عليه عند أكثرهم ورواه أبو داود بإسناد جيد من غير طريق شريك ولأنه أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين وعنه عكسه لما روى أبو هريرة مرفوعا قال
إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير رواه أحمد وأبو داود والنسائي لكن قال الخطابي حديث وائل أصح وقال الحاكم هو على شرط مسلم وتقدير مساواته فهو منسوخ بما روى ابن خزيمة عن أبي سعيد قال كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين لكنه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل وقد تكلم فيه ابن معين والبخاري والمراد باليدين ها هنا الكفان ( ثم جبهته وأنفه ) بغير خلاف لما روى أبو حميد الساعدي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض رواه الترمذي وصححه ( ويكون على أطراف أصابعه ) أي أصابع رجليه ويثنيهما إلى القبلة ذكره في المغني و الشرح لقوله عليه السلام
أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ذكر منها
____________________
1-
(1/452)
والسجود على هذه الأعضاء واجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أطراف القدمين وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة وفي رواية وفتخ أصابع رجليه وفي المستوعب أنه يقيم قدمه ويجعل بطون أصابعهما على الأرض وقال في التلخيص يجب جعل باطن أطرافها إلى القبلة إلا أن يكون فيهما نعال أو خف وقيل يجب فتخها إن أمكن قال في الرعاية ويكره أن يلصق كعبيه في سجوده قاله في المستوعب
فرع إذا سقط على جنبه بعد قيامه من الركوع ثم انقلب ساجدا لم يجزئه سجوده حتى ينويه لأنه خرج عن سنن الصلاة وهيأتها وإن سقط منه ساجدا أجزأه بغير نية لأنه على هيأتها فلو قطع النية عن ذلك لم يجزئه قال ابن تميم وغيره ولا تبطل صلاته
( والسجود على هذه الأعضاء واجب ) أي ركن مع القدرة اختاره الأكثر وذكره ابن الجوزي قولا واحدا وعنه لا يجب على غير الجبهة ذكرها الآمدي لقوله عليه السلام
سجد وجهي فدل على أن السجود على الوجه وبه يسمى ساجدا لا بوضع غيره من الأعضاء ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء لوجب كشفها كالجبهة قال القاضي في الجامع هذا ظاهر كلام أحمد فإنه قد نص في المريض يرفع شيئا يسجد عليه ومعلوم أنه قد أخل بالسجود على يديه ذكره في المغني و الشرح فعلى هذه فيكون السجود على البقية سنة والأول أولى لما روى ابن عباس مرفوعا
أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين متفق عليه وقال
إذا سجد أحدكم سجد معه سبعة آراب
____________________
1-
(1/453)
إلا الأنف على إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه رواه مسلم وأجاب في المغني و الشرح بأن سجود الوجه لا ينفي سجود ما عداه وسقوط الكشف لا يمنع وجوب السجود فإنا نمنع في الجبهة على رواية ولم سلم فالجبهة هي الأصل في السجود وهي تكشف عادة بخلاف غيرها ( إلا الأنف ) فإنه لا يجب السجود عليه ( على إحدى الروايتين ) اختارها جماعة وهي ظاهر الوجيز وصححها القاضي قاله في الوسيلة لأنه عليه السلام لم يذكر الأنف منها وعن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر رواه تمام في فوائده وإذا سجد بأعلى الجبهة لم يسجد على الأنف والثانية ركن ذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وقدمها ابن تميم والجد وصححها ابن المنجا وغيره لما تقدم فمتى أخل بالسجود على عضو من هذه لم تصح
تنبيه إذا عجز عن السجود بغير الجبهة سجد بما يقدر عليه ما أمكنه ولا يجب أن يرفع إليه شيئا يسجد عليه لأنه هو الهبوط ولا يحصل بالرفع وإن عجز عن الجبهة لعارض من مرض أو غيره سقط عنه السجود بما يقدر عليه قال أحمد في المريض يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه إنه يجزئه حكاه في المغني و الشرح وصححه ابن تميم وقيل لا يسقط جزم به القاضي في التعليق لأنه لا يمكن وضعه بدون بعضها ويمكن رفعه بدون شيء منها ويجزئه بعض كل عضو منها وذكر في التلخيص أنه يجب سجوده بباطن كفه أو بعضه وفي الرعاية وقيل وأصابعه وهو قول ابن حامد ولا يجزئ سجوده على أنفه عن جبهته وفاقا وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة الإجزاء قال ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا قلت ولعله ذهب إلى أن الجبهة والأنف عضو واحد
____________________
1-
(1/454)
ولا يجب عليه مباشرة المصلي بشيء منها إلا الجبهة على إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لإشارته عليه السلام إليه والعضو الواحد يجزئ السجود على بعضه
( ولا تجب عليه مباشرة المصلى بشيء منها ) أي من أعضاء السجود وهو إجماع في القدمين لصحة صلاة لابس الخفين وفي الركبتين لاتصالهما بالعورة أو منها عند بعض وقول الجمهور في اليدين لما روى عبد الله بن عبد الرحمن قال جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعا يديه في ثوبه إذا سجد رواه أحمد وابن ماجة ( إلا الجبهة ) فإنه يجب عليه مباشرة المصلى بها ( على إحدى الروايتين ) ذكرها أبو الخطاب لقول خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا رواه البيهقي ومسلم وليس فيه جباهنا وأكفنا وعن علي قال إذا سجد أحدكم فليحسر العمامة عن جبهته رواه البيهقي وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة ولأنه سجد على ما هو حائل له أشبه ما لو سجد على يديه والثانية لا يجب وهي الأصح في المذهب ونصرها في المغني و الشرح وقدمها في المحرر و الفروع لما روى أنس قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود متفق عليه قال البخاري قال الحسن كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه وروى البيهقي عن الحسن قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم وعلى عمائمهم وذكر القاضي أنه لو سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله صحت صلاته رواية واحدة والجواب عن حديث خباب أنهم طلبوا منه ما يزيل عنهم ضرر الرمضاء في جباههم وأكفهم بتأخير الصلاة أو تسقيف المسجد أو نحوه لا أنهم طلبوا الرخصة في السجود على العمائم والأكمام لأنه إنما طلبه الفقراء ولم يكن لهم عمائم ولا أكمام طوال
____________________
1-
(1/455)
ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه ويضع يديه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يتقون بها الرمضاء وعلى الصحة ففي كراهة حائل متصل حتى طين كثير روايتان ولا يكره لعذر نقله صالح وغيره وذكر السامري أن ظاهر ما نقله أكثر الأصحاب لا فرق قال في الفروع وليس بمراد بل قال جماعة يكره بمكان شديد الحر والبرد قال ابن شهاب لترك الخشوع كمدافعة الأخبثين مسألتان الأولى إذا سجد على يديه لم يجزئه قولا واحدا لأن السجود عليها يفضي إلى تداخل أعضاء السجود قال القاضي في الجامع لم أجد عن أحمد نصا فيها ويجزئه إن قلنا لا يجب السجود على غير الجبهة وإن قلنا بالوجوب فلا لئلا يتداخل محل السجود بعضه في بعض
الثانية إذا علا موضع رأسه على موضع قدميه فلم تستعل الأسافل بلا حاجة جاز وقيل يكره وقيل تبطل وقيل إن كثر وقال في التلخيص التنكيس في السجود وهو استعلاء الأسافل واجب والصحيح أن اليسير لا بأس به دون الكثير ولم يذكر جماعة التنكيس في الواجبات والسنن
( و ) يسن أن ( يجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه ) وفخذيه عن ساقيه لما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يجنح حتى يرى وضح إبطيه وعن أبي حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه رواه أبو داود وقال أبو عبد الله في رسالته جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سجد لو مرت بهيمة لنفدت وذلك لشدة رفع مرفقيه وعضديه وهذا ما لم يؤذ جاره ( ويضع يديه ) يعني راحتيه على الأرض مبسوطتين مضمومتي الأصابع مستقبلا
____________________
1-
(1/456)
حذو منكبيه ويفرق بين ركبتيه ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بهما القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد ضم أصابعه رواه أبو حاتم والبيهقي ( حذو منكبيه ) لما تقدم ونقل عبد الله حذاء أذنيه ونقل أبو طالب قريبة من أذنيه ( ويفرق بين ركبتيه ) ورجليه لأنه عليه السلام كان إذا سجد فرج بين فخذيه وذكر ابن تميم وغيره أنه يجمع بين عقبيه ويكره افتراش الذراع في السجود للنهي المتفق عليه من حديث أنس
مسألة له أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه إن طال ولم يقيده جماعة لخبر أبي هريرة أن الصحابة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم قال استعينوا بالركب قال ابن عجلان هو أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وقيل في نفل وعنه يكره قال في الفروع وظاهر المسألة لو وضع جبهته بالأرض ولم يعتمد عليها يجزئه وقد احتج بعض أصحابنا بأمره عليه السلام بتمكين الجبهة من الأرض وبفعله ووجوب الرجوع إليه وهذا يقتضي الوجوب فهذان وجهان وقد ذكروا لو سجد على حشيش أو قطن أو ثلج وبرد ولم يجد حجمه لم يصح لعدم المكان المستقر عليه ( ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا ) كالتسبيح في الركوع على ما مر وفي المغني أنه يستحب الدعاء بما ورد لقوله عليه السلام
وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم رواه مسلم ومعناه حقيق وجدير وقال القاضي لا تستحب الزيادة عليه في الفرض وفي النفل روايتان ورده المؤلف بما صح من الأخبار وسنته عليه السلام أحق بالاتباع
____________________
1-
(1/457)
ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ثم يقول رب اغفر لي ثلاثا ثم يسجد الثانية كالأولى ثم يرفع رأسه مكبرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( ثم يرفع رأسه ) إذا قضى سجوده ( مكبرا ) ويكون ابتداؤه مع ابتدائه وانتهاؤه مع انتهائه ( ويجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ) ويفتح أصابعه نحو القبلة لقول أبي حميد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل حتى رجع كل عظم في موضعه وفي حديث عائشة وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى متفق عليه قال جماعة منهم الجد ويبسط يديه على فخذيه مضمومة الأصابع زاد في التلخيص ويضم الإبهام ولم يذكره آخرون ( ثم يقول ) بين السجدتين ( رب اغفر لي ثلاثا ) ذكره السامري وصاحب التلخيص و الفروع وغيرهم لما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين
رب اغفر لي رب اغفر لي رواه النسائي وابن ماجة وإسناده ثقات وقال ابن أبي موسى مرتين وهو ظاهر الخرقي للخبر وفي الرعاية يقول رب اغفر لي أو لنا ثلاثا وفي الشرح إن قال رب اغفر لنا فلا بأس ولم يعين أحمد في رواية جماعة ثلاثا بل قال يقول رب اغفر لي قال حرب ومذهبه إن قال شيئا وإن لم يقل جاز والأمر عنده واسع والأصح خلافه ولا يكره في الأصح ما ورد عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين
اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني رواه أبو داود وعنه يستحب في نفل واختار المؤلف وفرض
( ثم يسجد الثانية كالأولى ) من التكبير والتسبيح والهيأة لأنه عليه السلام كان يفعل ذلك ( ثم يرفع رأسه مكبرا ) لأنه عليه السلام كان يكبر في كل
____________________
1-
(1/458)
ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه إلا أن يشق عليه فيعتمد بالأرض وعنه يجلس جلسة الاستراحة على قدميه وأليتيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + رفع وخفض ( ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه ) نص عليه لحديث وائل بن حجر وعن ابن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة رواه أبو داود ولأنه أشق فكان أفضل كالتجافي قال القاضي لا يختلف قوله إنه لا يعتمد على الأرض سواء قلنا يجلس للاستراحة أولا ( إلا أن يشق عليه فيعتمد بالأرض ) لما روى الأثرم عن علي قال من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع وذكر في الشرح أنه إذا شق عليه اعتمد على الأرض لا نعلم فيه خلافا واقتضى كلامه أنه لا يجلس جلسة الاستراحة وهو المذهب المنصور عند أصحابنا لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض على صدور قدميه رواه الترمذي بإسناد فيه ضعف وروي ذلك عن عمر وابنه وعلي وابن مسعود وابن عباس قال أحمد أكثر الأحاديث على هذا قال الترمذي وعليه العمل عند أهل العلم قال أبو الزناد تلك السنة وفي الغنية يكره أن يقدم إحدى رجليه وإنه قيل يقطع الصلاة وكذا في رسالة أحمد يكره ( وعنه يجلس جلسة الاستراحة ) اختارها أبو بكر عبد العزيز وشيخه الخلال وذكر أن أحمد رجع عن الأولى لما روى مالك ابن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض رواه البخاري وقيل له ذلك إن كان ضعيفا قال المؤلف وفي هذا جمع بين الأخبار وإلا فمثل هذا لا يخفى على عمر وعلي ومن سمينا فيجلس ( على قدميه وأليتيه ) نص عليه في رواية المروزي وذكر ابن الجوزي أنه ظاهر المذهب لأنه لو جلس مفترشا لم يأمن السهو وليفارق الجلسة بين السجدتين
____________________
1-
(1/459)
ثم ينهض ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وعليه يحمل قول ابن عباس في الإقعاء على القدمين هو سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم للاتفاق على أنه لا يستحب في هذه الصورة وذكر الآمدي أن أصحابنا لا يختلفون في ذلك وقيل يجلس مفترشا كالجلوس بين السجدتين قدمه في الشرح و الفروع وذكره القاضي والمؤلف في المغني احتمالا واحتج بحديث أبي حميد وقال هو صحيح صريح لا ينبغي العدول عنه وقال الخلال روي عن أحمد ما لا أحصيه كثرة أنه يجلس على أليتيه وهل هي فصل بين الركعتين أو من الثانية فيه وجهان ( ثم ينهض ) بغير تكبير لأنه انتهى تكبيره عند انتهاء جلوسه وقال أبو الخطاب ينهض مكبرا ورده في المغني بأنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه
بشرى روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا قام العبد يصلي أتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو عاتقه فكلما ركع أوسجد تساقطت عنه رواه ابن حبان في صحيحه
( ثم يصلي الثانية كالأولى ) لقوله عليه السلام للمسيء في صلاته لما وصف له الركعة الأولى ثم افعل بعد ذلك في صلاتك كلها وفهم منه مساواة قراءة الثانية للأولى وسيأتي ( إلا في تكبيرة الإحرام ) لأنها وضعت للدخول في الصلاة وهو منتف ( والاستفتاح ) بغير خلاف نعلمه لما روى أبو هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض إلى الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت رواه مسلم واستثنى أبو الخطاب و المغني و الوجيز و الفروع تجديد النية لاستصحابها حكما ولأنها تراد للعقد وقد انعقدت قال المجد وترك استثنائها أولى لأنها شرط لا ركن ويجوز أن يتقدم الصلاة
____________________
1-
(1/460)
وفي الاستعاذة روايتان ثم يجلس مفترشا ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اكتفاء بالدوام الحكمي ( وفي الاستعاذة روايتان ) كذا في المغني إحداهما لا يتعوذ من تعوذ في الأولى قدمه في المحرر و الفروع وهو قول عطاء والحسن والثوري لظاهر خبر أبي هريرة المتقدم ولأن الصلاة جملة واحدة فإذا أتى بالاستعاذة في أولها كفى فلو تركها في الأولى أتى بها في الثانية قال ابن الجوزي رواية واحدة بخلاف الاستفتاح نص عليه لأنه يراد لافتتاح الصلاة وهي للقراءة وقيل يفتتح إن وجب والثانية يستعيذ في كل ركعة لظاهر قوله تعالى { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } [ النحل 98 ] ولحصول الفصل كالصلاتين فعلى هذه يستعيذ المسبوق وعلى الأولى كالاستفتاح فإذا قام للقضاء استفتح واستعاذ نص عليه لأن ما يدركه المأموم مع الإمام آخر صلاته
( ثم يجلس ) للتشهد إجماعا ( مفترشا ) كجلوسه بين السجدتين لحديث أبي حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس للتشهد جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته رواه البخاري وعنه إن تورك في أثنائه جاز ولا فضل فيه لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في وسط الصلاة وفي آخرها متوركا والأول أصح لأن حديث أبي حميد مقدم على حديث ابن مسعود فإن أبا حميد ذكره في عشرة من الصحابة فصدقوه وهو متأخر عن ابن مسعود فالأخذ به متعين ( ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ) وكذا اليسرى لأنه أشهر في الأخبار لا يلقمهما ركبتيه وفي الكافي واختاره صاحب النظم التخيير كذا في الأخبار يديه وفيها كفيه وفي حديث وائل بن حجر ذراعيه ( يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ) كذا ذكره السامري وابن الجوزي
____________________
1-
(1/461)
ويشير بالسبابة في تشهده مرارا ويبسط اليسرى على فخذه اليسرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجزم به في المحرر وقدمه في التلخيص و الفروع لما روى وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم عقد من أصابعه الخنصر والتي تليها وحلق حلقة بأصبعه الوسطى على الإبهام ورفع السبابة يشير بها رواه أحمد وأبو داود وعنه يبسطهما ويحلق الإبهام مع الوسطى وهي ظاهر الخرقي وعنه يقبض أصابعه الثلاث ويعقد إبهامه كخمسين قدمه ابن تميم واختاره المجد في شرح الهداية لخبر ابن عمر وعنه هي كيسراه فيضع أصابعها مضمومة مستقبلا بها القبلة لا مفرجة ( ويشير بالسبابة ) سميت به لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب وسباحة لأنه يشار بها للتوحيد والمراد سبابة اليمنى لفعله عليه السلام وظاهره لا بغيرها ولو عدمت قال في الفروع ويتوجه احتمال لأن عليه التنبيه على التوحيد ( في تشهده مرارا ) وكذا في المستوعب وظاهره أنه يشير بها في كل تشهده وهو رواية والأشهر أن موضع الإشارة بها عند ذكر الله لتنبه على الوحدانية زاد ابن تميم وذكر رسوله وقدم في التلخيص أنه يرفعهما في تشهده مرتين أو ثلاثا وذكر جماعة أنه يشير بها ولم يقولوا مرارا وظاهره ولو مرة وهو ظاهر كلام أحمد والأخبار وعلى كل حال لا يحركها في الأصح لفعله عليه السلام قال في الغنية ويديم نظره إليها في كل تشهده لخبر ابن الزبير رواه أحمد
فائدة يشير بالسباحة إذا دعا في صلاته أو غيرها نص عليه لحديث وائل قال فرأيته يحركها يدعو بها رواه أبو داود
( ويبسط اليسرى على فخذه اليسرى ) لما روى ابن عمر قال كان رسول الله
____________________
1-
(1/462)
ثم يتشهد فيقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع أصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها رواه مسلم قوله على فخذه اليسرى أي لا يخرج بها عنها بل يجعل أطراف أصابعه مسامتة لركبتيه زاد في المحرر وغيره مضمومة الأصابع زاد في المغني وغيره مستقبلا بأطراف أصابعها القبلة قال في التلخيص قريبا من الركبة وفي الكافي أو يلقمهما ركبتيه وقال ابن تميم إن قبض بها على ركبته فلا بأس ( ثم يتشهد سرا لخبر ابن مسعود وهو في الصحيحين وغيرهما ( فيقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ولفظه كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا السلام على الله من عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل السلام على فلان فسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إن الله هو السلام فإذا جلس أحدكم فليقل التحيات لله إلى آخره قال
ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو وفي لفظ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن قال الترمذي هو أصح حديث في التشهد والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وليس في المتفق عليه حديث غيره ورواه أيضا ابن عمر وجابر وأبو هريرة وعائشة ويترجح بأنه اختص بأنه عليه السلام أمره بأن يعلمه الناس رواه أحمد وليس تشهد ابن عباس أفضل وهو التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله إلى آخره ولفظ مسلم
وأشهد أن محمدا رسول الله ولا تشهد عمر وهو التحيات
____________________
1-
(1/463)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك إلى آخره فإن تشهد بأحدها أجزأة حكاه ابن هبيرة اتفاقا لكن قال بعض أصحابنا وهو الذي في التلخيص إنه لا يجزئ غير تشهد ابن مسعود فعلى هذا لو ترك منه حرفا لم يجزئه وقد ذكر المؤلف وصححه هو وغيره أنه متى أخل بلفظة ساقطة في بعض التشهدات فلا بأس وقدمه جماعة كما إذا أسقط لفظا لا يسقط المعنى به فعلى هذا الواجب خمس كلمات وهي التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أو رسول الله لأن هذا يأتي على معنى الجميع وهو المتفق عليه في الروايات وظاهره أنه لا يسمي في أوله وصرح القاضي بالكراهة وأنه يرتب الجمل وهو وجه لأن إذا لم يرتب فقد أخل به في ذكر مشروع فلم يصح كالأذان
فائدة إذا قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ينوي به النساء ومن لا شركة له في صلاته في ظاهر كلامهم لقوله عليه السلام
أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض
مهمات التحيات جمع تحية وهي العظمة وقال أبو عمرو الملك وقال ابن الأنباري السلام وقيل البقاء والصلوات هي الخمس وقيل الرحمة وقيل الأدعية وقيل العبادات والطيبات هي الأعمال الصالحة وقال ابن الأنباري الطيبات من الكلام ومن خواص الهيللة أن حروفها كلها مهملة تنبيها على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى وجوفية ليس فيها شيء من الشفوية إشارة إلى أنها تخرج من القلب
____________________
1-
(1/464)
هذا التشهد الأول ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( هذا التشهد الأول ) وظاهره تخفيفه وأنه لا يستحب الزيادة عليه ونصه فيها أساء ذكره القاضي في الجامع واختار ابن هبيرة تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واختاره الآجري وزاد وعلى آله وذكر جماعة لا باس بزيادة وحده لا شريك له وقيل قولها أولى ويكرره مسبوق نص عليه فإن سلم قبل تمامه قام ولم يتمه ( ثم يقول ) في التشهد الذي يعقبه السلام ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) هذا هو المشهور في المذهب واقتصر عليه أكثر أصحابنا لما روى كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال
قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد متفق عليه قال جدي في الانتصار إلا أن البخاري قال وآل محمد بإسقاط على وليس كذلك فإنه رواه في كتاب بدء الخلق وعلى آل محمد بإثباتها ( وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ) لما روى أحمد والنسائي والترمذي وصححه من حديث كعب وقال فيه
اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد
قلت ورواه البخاري من حديثه أيضا وظاهره أنه مخير بينهما وهو رواية لورود الرواية بهما وعنه يقتصر على الأخير فقط اختاره ابن عقيل وقدمه
____________________
1-
(1/465)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في المذهب والأول أولى لأنها وردت بألفاظ مختلفة فوجب أن يجزئ منها ما اجتمعت عليه الأحاديث وهو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حسب اختاره القاضي والشيخان وصححه ابن تميم والجد في فروعه وقال ابن حامد وأبو الخطاب يجب الصلاة على ما في خبر كعب وهو ظاهر كلامه في التلخيص و المذهب لظاهر الأمر به
مسائل الأولى أن المشبه دون المشبه به فكيف تطلب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وتشبه بالصلاة على إبراهيم وآله
وجوابه بأنه يحتمل أن مراده أصل الصلاة بأصلها لا القدر بالقدر كقوله تعالى { كتب عليكم الصيام كما كتب } الآية [ البقرة 183 ]
ويحتمل أن التشبيه وقع في الصلاة على الآل لا على النبي صلى الله عليه وسلم فيكون وعلى آل محمد متصل بما بعده ويقدر له ما يتعلق به والأول مقطوع عن التشبيه وفيهما نظر ويحتمل وهو أحسنها أن المشبه الصلاة على النبي وآله بالصلاة على إبراهيم وآله فتقابلت الجملتان وتعذر أن يكون لآل الرسول ما لآل إبراهيم الذين هم الأنبياء فكان ما يوفر من ذلك حاصلا للرسول صلى الله عليه وسلم والذي يحصل من ذلك هو آثار الرحمة والرضوان ومن كانت في حقه أكثر كان أفضل
الثانية السنة تقديم التشهد على الصلاة فإن لم يفعل من غير تغيير المعنى والإخلال بشيء من الواجبات فالأصح عدم الإجزاء وكذا لو أبدل آل بأهل وقال القاضي يجزئه
____________________
1-
(1/466)
ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثالثة كان يلزمه عليه السلام أن يقول في تشهده وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد إلى آخره والشهادتين في الأذان ذكره ابن عقيل وفيه وجه ذكره ابن حمدان
الرابعة لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة وقيل بلى اختاره أبو جعفر الطحاوي وأبو عبد الله الحليمي واللخمي وابو عبد الله بن بطة والقائلون به قيل يجب في العمر مرة واحدة وقيل كلما ذكر ودليله ظاهر وله الصلاة على غيره منفردا نص عليه وكرهها جماعة وحرمها آخرون وقاله الشيخ تقي الدين مع الشعار
الخامسة آل محمد عليه السلام أتباعه على دينه ذكره القاضي لقوله تعالى { آل فرعون } يعني أتباعه على دينه وقيل كل تقي للخبر رواه تمام في فوائده وقيل أزواجه ومن آمن به من عشيرته وقيل هم بنو هاشم المؤمنون ونص أحمد على أنهم أهل بيته فمنهم بنو هاشم وفي بني المطلب روايتا زكاة وأفضل أهل بيته علي وفاطمة وحسن وحسين وظاهر كلامه في موضع أن حمزة أفضل من حسن وحسين
( ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) لما روى أبو هريرة
____________________
1-
(1/467)
وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع
وذكرهن رواه مسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك متفق عليه وذكر ابن الجوزي وابن تميم تكرار أعوذ بالله في كل جملة وحكى القاضي وجوب ذلك وذكره في الرعاية رواية لظاهر الأمر به ( وإن دعا بما ورد في الأخبار ) أي أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار أصحابه زاد في المغني و الشرح وأخبار السلف وبأمر الآخرة ولو لم يشبه ما ورد ( فلا بأس ) وكذا ذكر الخرقي والسامري لقوله ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو وذكر ابن تميم أنه يدعو بما ورد وجزم به في الوجيز و الفروع لما روي عن أبي بكر الصديق أنه قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل
اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم متفق عليه وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت رواه الترمذي وصححه وعن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أوصيك بكلمات تقولهن في كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك رواه أحمد وقال عبد الله سمعت أبي يقول في سجوده اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصن وجهي عن المسألة لغيرك قال وكان عبد الرحمن يقوله وقال سمعت الثوري يقوله ومحله ما لم يشق على مأموم أو يخف سهوا إن كان منفردا وظاهره أنه لا يدعو بغير ذلك وعنه لا بأس أن يدعو بجميع حوائج دنياه وآخرته اختاره في المغني وصححه في
____________________
1-
(1/468)
ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشرح لظواهر الأخبار وظاهر كلام جماعة حواز الدعاء بما كان قربة إلى الله تعالى وإن لم يرد به أثر وقطع به في المحرر فأما ما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها كقوله اللهم ارزقني جارية حسناء وحلة خضراء لم يجز لأنه من كلام الآدميين وعنه يجوز لقوله ثم ليتخير من الدعاء إلى آخره وأجيب بحمله على الدعاء المأثور
فرع يجوز الدعاء لمعين على الأصح روي عن علي وأبي الدرداء وقيل في نفل وعنه يكره والمراد بغير كاف الخطاب ذكره جماعة وإلا بطلت لخبر تشميت العاطس وقوله عليه السلام لإبليس ألعنك بلعنة الله قبل التحريم أو مؤول ولا تبطل بقوله لعنه الله عند اسمه على الأصح ولا من عوذ نفسه بقرآن لحمى ونحوها ولا من لدغته عقرب فقال بسم الله ولا بالحوقلة في أمر الدنيا
( ثم يسلم ) وهو جالس بلا نزاع وأنه تحليلها وهو منها لقوله وتحليلها التسليم وليس لها تحليل سواه ( عن يمينه ) فيقول مطلقا لأنه أحد طرفيها فاشترط له كالأول ( السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك ) روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وعمار وابن مسعود لقول ابن مسعود إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره
السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وأصح الروايات عنه عليه السلام أنها تسليمتان فعن سعد قال كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى
____________________
1-
(1/469)
فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزئه وقال القاضي يجزئه ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بياض خده رواه مسلم ويسن التفاته فيهما قال أحمد ثبت عندنا من غير وجه أنه كان عليه السلام يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده ويكون التفاته في الثانية أكثر قال المؤلف لفعله عليه السلام رواه ابن صاعد وذكر ابن عقيل وابن الجوزي والسامري أنه يبتدئ بقوله السلام عليكم إلى القبلة ثم يلتفت عن يمينه ويساره في قوله ورحمة الله جمعا بين الأحاديث ويجهر بالأولى ويسر الثانية نص عليه لتقدمها أو لحصول التحلل بها واختار ابن حامد وقدمه في الرعاية خلافها لئلا يسابقه المأموم في السلام أو في القيام للقضاء إن كان مسبوقا وظاهر كلام جماعة أنه يجهر وبالأولى أكثر وقيل يسرهما كمأموم قال في المذهب ومنفرد ويستحب حذفه ويجزمه ولا يعربه
فرع إذا نكس السلام مطلقا لم يجزئه وقيل بلى وبعده المؤلف فإن نكره فأوجه ثالثها يجزئ مع التنوين لإقامته مقام الألف واللام وقيل تنكيره أفضل وفيه ضعف ( فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزئه ) اختاره أبو طالب وابن عقيل وصححه وقدمه في المستوعب و الرعاية لأنه عليه السلام كان يقوله وهو سلام في صلاة فيرد مقرونا بالرحمة فلم يجزئه بدونها كالسلام في التشهد فعلى هذا هي ركن وصححه في المذهب ( وقال القاضي يجزئه ) قال وهو ظاهر كلام أحمد لقوله وتحليلها التسليم وهو حاصل بدون ذكر الرحمة وجعله في شرح المحرر دليلا للأول وحمله على السلام المعهود وفيه نظر وعن علي أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم السلام عليكم رواه سعيد في سننه ولان ذكر الرحمة تكرير للثناء فعلى هذا
____________________
1-
(1/470)
وينوي بسلامه الخروج من الصلاة فإن لم ينو جاز وقال ابن حامد تبطل صلاته وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مبكرا إذا فرغ من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هي سنة ( ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة ) من حيث إنها صلاة مفروضة واقتصر فيها على السلام من غير ذكر الرحمة لكن الفرق ظاهر وفي التلخيص و المحرر في وجوبها روايتان
تتمة إذا زاد وبركاته فلا بأس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديث وائل وتركها أفضل ( وينوي بسلامه الخروج من الصلاة ) هذا الاولى لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة ( فإن لم ينو جاز ) نص عليه وقدمه ابن تميم والجد وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح لأن نية الصلاة قد شملت جميعها والسلام من جملتها فاكتفي فيه بالنية المستصحب حكمها وكتكبيرة الإحرام ولأنها عبادة فلم تجب النية للخروج منها كسائر العبادات ( وقال ابن حامد تبطل صلاته ) هو رواية عن أحمد وصححه في المذهب واقتصر عليه ابن هبيرة لأنه أحد طرفي الصلاة فوجبت فيه النية كالطرف الأول فعلى هذا هي ركن وقيل إن سها عنها سجد للسهو فإن نوى الخروج منها مع الحفظة والإمام والمأموم جاز نص عليه لما روى سمرة بن جندب قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض رواه أبو داود وإسناده ثقات وقيل تبطل للتشريك وقيل يستحب وقال أبو حفص السنة أن ينوي بالأولى الخروج وبالثانية على الحفظة من معه إن كان في جماعة وإن نوى بسلامه الحاضرين ولم ينو الخروج فقال ابن حامد تبطل وجها وحدا لتمحضه خطاب آدمي والأشهر يجوز وعنه لا يترك السلام على إمامه وإن وجبت الثانية اعتبر الخروج منها ( وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من
____________________
1-
(1/471)
التشهد وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية إلا أنه لا يجهر ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + التشهد ) كنهوضه من السجود قائما على صدور قدميه كما تقدم وظاهره أنه لا يرفع يديه وحكاه بعضهم وفاقا وعنه بلى اختاره المجد وحفيده وهي أظهر وقد صححه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخطابي وهو قول جماعة من أهل الحديث ( وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية ) لقوله
ثم افعل ذلك في صلاتك كلها واقتضى كلامه مساواة الثالثة للرابعة في عدم التطويل لأنها مثلها ( إلا أنه لا يجهر ) فيهما بغير خلاف نعلمه ( ولا يقرأ شيأ بعد الفاتحة ) في قول أكثر أهل العلم قال ابن سيرين لا أعلمهم يختلفون فيه لحديث أبي قتادة أنه كان عليه السلام يقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب وكتب عمر إلى شريح يأمره بذلك ويستثنى الإمام في صلاة الخوف إذا قلنا ينتظر الطائفة الثانية في الركعة الثالثة فيقرأ سورة معها وعنه يستحب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم من حديث أبي سعيد وظاهر كلامهم لا فرق بين الفرض والنفل
( ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا ) لحديث أبي حميد فإنه وصف جلوسه في التشهد الأول مفترشا والثاني متوركا وهذا بيان الفرق بينهما وزيادة يجب الأخذ بها والمصير إليها وحينئذ لا يسن التورك إلا في صلاة فيها تشهدان أصليان في الأخير منهما وعنه لا تورك في المغرب والأول المذهب وصفته كما رواه الأثرم عن الإمام ( يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض ) واختاره أبو الخطاب وجزم به في المحرر و الفروع لقول أبي حميد فإذاكان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدمه من ناحية واحدة رواه أبو داود وفي لفظ جلس على
____________________
1-
(1/472)
والمرأة كالرجل في ذلك كله إلا أنها تجمع نفسها في الركوع والسجود وتجلس متربعة أو تسدل رجليها فتجعلهما في جانب يمينها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أليتيه ونصب قدمه اليمنى وذكر الخرقي والقاضي والسامري أنه يجعل باطن قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى وقدمه ابن تميم وصححه المجد في شرح الهداية لأنه عليه السلام كان يفعله رواه مسلم من حديث ابن الزبير وعنه يخرج قدمه الأيسر من تحت ساقه الأيمن لحديث أبي حميد أيضا وأيها فعل جاز
فرع سئل أحمد هل يتورك في تشهد سجود السهو قال نعم هو من بقية الصلاة وحمله في الشرح على ما إذا كان السهو في صلاة فيها تشهدان وعلله بأن تشهدها يتورك فيه وهذا تابع له وفيه نظر فإن متقضى هذا أنه يتورك في كل تشهد كسجود السهو بعد السلام في الرباعية وغيرها وقاله القاضي لأنه تشهد ثان في الصلاة فيحتاج إلى الفرق ( والمرأة كالرجل في ذلك كله ) لشمول الخطاب لهما لقوله
صلوا كما رأيتموني أصلي ( إلا أنها تجمع نفسها في الركوع والسجود ) أي لا يسن لها التجافي لما روى زيد بن أبي حبيب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال
إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل رواه أبو داود في مراسيله ولأنها عورة فكان الأليق بها الانضمام وذكر في المستوعب وغيره أنها تجمع نفسها في جميع أحوال الصلاة لقول علي رضي الله عنه ( وتجلس متربعة ) لأن ابن عمر كان يأمر النساء أن يتربعن في الصلاة ( أو تسدل رجليها فتجعلهما في جانب يمينها ) وكذا في الخرقي و المحرر و المذهب ونص عليه لأنه غالب فعل عائشة وأشبه بجلسة الرجل وأبلغ في الانكماش والضم وأسهل عليها وظاهره أنها مخيرة بين الجلوس متربعة لاستوائهما ولكن السدل أفضل نص عليه واختاره
____________________
1-
(1/473)
وهل يسن لها رفع اليدين على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في شرح الهداية ولا تجهر بقراءة إن سمعها أجنبي وإلا جهرت كذكر ( وهل يسن لها رفع اليدين على روايتين ) إحداهما يسن قدمه ابن تميم والجد وهو عموم كلام الأصحاب لأن أم سلمة كانت ترفع يديها ورواه سعيد عن أم الدرداء ورواه الخلال عن حفصة بنت سيرين وقياسا على الرجل والثانية لا يسن جزم بها في الوجيز قال القاضي وتبعه في الشرح لأنه في معنى التجافي فعلى هذا هل يكره أو يجوز على روايتين والثالثة ترفع دونه قاله أبو بكر وهو أوسط الأقوال قاله المجد
فائدة لم يتعرض المؤلف لذكر الخنثى المشكل وحكمه كامرأة قاله ابن تميم وابن حمدان وغيرهما فصل يستحب الذكر والاستغفار ثلاثا
كما ورد في الأخبار ذكره في الشرح وغيره قال في المستوعب والرعاية ويقرأ آية الكرسي وكذا المعوذتين زاد بعضهم و { قل هو الله أحد } ولم يذكره الأكثر ويسبح ثلاثا وثلاثين ويحمد كذلك ويكبر أربعا وثلاثين للخبر ذكره في المستوعب و المذهب وغيرهما قالوا ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وفي المستوعب وغيره وهو حي لا يموت بيده الخير كذا قالوا واتباع السنة أولى ويفرغ من عدد ذلك معا
____________________
1-
(1/474)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قاله أحمد في رواية أبي داود للنص وعنه يخير بينه وبين إفراد كل جملة واختار القاضي الإفراد ويستحب الجهر بذلك وحكى ابن بطال عن أهل المذاهب المتبوعة خلافه وكلام أصحابنا مختلف قاله في الفروع قال ويتوجه يجهر لقصد التعليم فقط ثم يتركه والمقصود من العدد أن لا ينقص منه وأما الزيادة فلا تضر شيئا لا سيما من غير قصد لأن الذكر مشروع في الجملة فهو يشبه المقدر في الزكاة إذا زاد عليه ويشرع للإمام أن يدعو بعد الفجر والعصر لحضور الملائكة فيهما فيؤمنون على الدعاء والأصح وغيرها جزم به جماعة ويستقبل المأموم ذكره السامري ولا يخص نفسه بدعوة وإن فعل فلا بأس نص عليه وقيل يكره وهو قول إسحاق ويشير إلى السماء في دعائه بأصبعه ويسمعه المأموم وقيل إن قصد تعليمه وإلا خفض صوته كالمأموم والمنفرد وعنه يكره الجهر مطلقا ولا يجب الإنصات خلافا لابن عقيل قال ابن تميم ويستحب للمأموم أن لا ينصرف قبل إمامه إلا أن يطيل الجلوس فإن كان رجال أو نساء استحب أن يقمن عقيب سلامه ويثبت الرجال قليلا وينصرف كيف شاء عن يمينه وشماله وهو في الصحيح وصححه الترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم وفي الرعاية ينصرف عن يمينه وقيل أو عن يساره إن سهل قال القاضي يمينه أولى إلا أن تكون جهة انصرافه غيرها
ومن أدب الدعاء بسط يديه ورفعهما إلى صدره وكشفهما أولى وذكر جماعة أن الدعاء للرهبة بظهر الكف لدعائه عليه السلام في الاستسقاء والبداءة بحمد الله تعالى والثناء عليه قال الشيخ تقي الدين وختمه به والصلاة على النبي
____________________
1-
(1/475)
( فصل ) ويكره الالتفات في الصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى الله عليه وسلم أوله وآخره قال الآجري ووسطه وسؤاله بأسمائه وصفاته بدعاء جامع مأثور ويكون متطهرا مستقبل القبلة ويلح ويكرره ثلاثا ولا يسأم من تكراره في أوقات ولا يعجل وينتظر الفرج من الله تعالى ويجتنب السجع وسئل ابن عقيل هل يجوز أن يقال في القرآن سجع فأجاب بالجواز قال ابن الصيرفي لو سكت عن هذا كان أحسن ولا يعتد فيه ويبدأ بنفسه ويعم ويؤمن المستمع وتأمينه في أثناء دعائه وختمه به متجه ويكره رفع بصره وظاهر كلام جماعة خلافه وشرطه الإخلاص قال الآجري واجتناب الحرام وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره أنه من الأدب وقال الشيخ تقي الدين تبعد إجابته إلا مضطرا أو مظلوما وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في الدعاء قال
يا حي يا قيوم رواه الترمذي من رواية إبراهيم بن الفضل وهو ضعيف فصل ( ويكره الالتفات في الصلاة )
جزم به في المحرر و الوجيز وغيرهما لما روت عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال
هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد رواه البخاري وعن أنس مرفوعا قال
إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لابد ففي التطوع لا الفريضة ولأنه يكون به خارجا وجهه عن جهة الكعبة وأقل ما فيه الكراهة ويستثنى منه ما إذا كان لحاجة فإنه لا يكره لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو يلتفت إلى الشعب رواه أبو
____________________
1-
(1/476)
ورفع بصره إلى السماء وافتراش الذراعين في السجود والإقعاء في الجلوس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + داود ورواه النسائي وفيه وكان أرسل فارسا إليه يحرس وعلى الأول لا تبطل الصلاة به إلا أن يستدير عن القبلة بجملته أو يستدبرها ما لم يكن في الكعبة أو يختلف اجتهاده فيها أو في شدة خوف فإن استدار بصدره مع وجهه لم تبطل ذكره ابن عقيل والمؤلف خلافا لابن تميم وغيره ( ورفع بصره إلى السماء ) وفاقا لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال
لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهن رواه البخاري وكذا يكره تغميضه نص عليه واحتج بأنه فعل اليهود ولأنه يغير هيأة المصلي وربما كان سببا للنوم فأما مع الحاجة فلا وقد نقل أبو داود إن نظر أمته عريانة غمض عينيه ( وافتراش الذراعين في السجود ) أي يمدهما على الأرض ملصقا لهما بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم
اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب متفق عليه من حديث أنس قال الترمذي وأهل العلم يختارونه ( والإقعاء في الجلوس ) ذكره معظم الأصحاب وفي الشرح أنه الأولى لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويقعد على مقعدته متفق عليه وعن أبي هريرة قال نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث عن نقرة كنقر الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب رواه أحمد لأنه يتضمن ترك الافتراش المسنون فعلا وقولا فكان مكروها وحينئذ لا تبطل به وقال ابن حامد والقاضي في شرحه الصغير تبطل به وذكر ابن تميم وغيره أنه يكره الإقعاء من غير حاجة وعنه هو جائز روى مهنا عنه لا أفعله
____________________
1-
(1/477)
وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه وعنه أنه سنة ويكره أن يصلي وهو حاقن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا أعيب على من يفعله العبادلة كانوا يفعلونه ( وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه ) كذا فسره الإمام أحمد واقتصر عليه في المغني و الفروع قال أبو عبيد هذا قول أهل الحديث فأما عند العرب فهو جلوس الرجل على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب قال في المغني ولا أعلم أحدا قال باستحباب الإقعاء على هذه الصفة وقيل هو أن لا يمد ظهري قدميه ويجلس على عقبيه أو بينهما على أليتيه أوينصب قدميه ويجلس بينهما أو عليهما أو يفرشهما ويجلس عليهما أو يجلس على وركيه وأليتيه مع نصب ركبتيه أو فخذيه وذكر في الرعاية رواية أن هذا كله يسن ( وعنه أنه سنة ) لقول طاووس لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال هي السنة قال قلنا إنا لنراه جفاء فقال هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم رواه مسلم
مسألة يكره أن يعتمد على يده أو غيرها وهو جالس لقول ابن عمر نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه رواه أحمد وأبو داود وأن يستند إلى الجدار ونحوه لأنه يزيل مشقة القيام إلا من حاجة لأنه عليه السلام لما أسن وأخذه اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه رواه أبو داود فإن كان يسقط لو أزيل لم يصح ونقل الميموني لا بأس بالاستناد إليه وحمل على الحاجة
( ويكره أن يصلي وهو حاقن ) أي بوله سواء خاف الجماعة أو لا لا نعلم فيه خلافا لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان رواه مسلم والمراد به أن يبتدئ بها مع
____________________
1-
(1/478)
أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه ويكره العبث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المدافعة ولأنه يشغله عن خشوع الصلاة وحضور قلبه فيها فإن فعل صحت على المذهب كما لو صلى وقلبه مشغول بشيء من الدنيا وعنه يعيد وعنه إن أزعجه وقاله ابن أبي موسى ويتوجه أنه إذا خاف فوت الوقت فإنه يصلي معها من غير كراهة وفي معناه الحاقب وهو الذي احتبس غائطه وعبارته في الفروع أشمل قال ابن أبي الفتح وفي معناهما من به ريح محتبسة فتجيء الروايات وحكم الجوع والعطش المفرط كذلك قاله بعض أصحابنا قال ابن عقيل إنما جمع بينهما الشارع لاستوائهما في المعني وكذا قال يكره ما يمنعه من إتمام الصلاة بخشوعها كحر وبرد لأنه يقلقه ( أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه ) جزم به في المحرر و الوجيز قال الترمذي هو أشبه بالاتباع وهو مروي عن أبي بكر وعمر وابنه لقوله عليه السلام
لا صلاة بحضرة طعام ولحديث ابن عمر وهو في الصحيحين وللبخاري كان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه يسمع قراءة الإمام وهذا ما لم يضق الوقت فإن ضاق فلا يكره بل يجب وظهره أنه إذا لم تتق نفسه إليه أنه يبدأ بالصلاة من غير كراهة وقدم في الفروع وغيره أنه يكره ابتداؤها تائقا لطعام والمعنى يقتضيه وظاهره سواء كان بحضرته أولا لقول أبي الدرداء من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ رواه أحمد في الزهد والبخاري في تاريخه لكن الأول هو ظاهر الأخبار وعلى هذا إن بدأ بالصلاة صحت إجماعا حكاه ابن المنذر لأن البداءة بالطعام رخصة فإذا لم يفعلها صحت كسائر الرخص
( ويكره العبث ) لأنه عليه السلام رأى رجلا يعبث في صلاته فقال
____________________
1-
(1/479)
والتخصر والتروح وفرقعة الأصابع وتشكيلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لو خشع قلب هذا لخضعت جوارحه قال في الهداية للحنفية لأن العبث حرام خارج الصلاة فما ظنك به فيها وخالفه غيره ( والتخصر ) هو وضع يده على خاصرته لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل مختصرا متفق عليه ولأنه يمنع الخضوع والخشوع ويمنع من وضع اليمين على الشمال وتكره صلاة الحازق من ضيق الخف ومن لا يعقل غالبا كخوف أو غضب أو إزعاج وتخبيط ونحوه ( والتروح ) بمروحة ونحوها وقاله جماعة منهم عطاء لأنه من العبث زاد في الشرح و الفروع إلا لحاجة كغم شديد نص عليه ومراوحته بين رجليه مستحبة وتكره كثرته لأنه فعل اليهود ( وفرقعة الأصابع ) لما روى الحارث عن علي قال لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة رواه ابن ماجه ( وتشبيكها ) لما روى كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج بين أصابعه رواه الترمذي وابن ماجة وإسناده ثقات وقال ابن عمر في الذي يصلي وهو مشبك أصابعه تلك صلاة المغضوب عليهم رواه ابن ماجة
مسائل يكره أن يصلي وبين يديه ما يلهيه أو ينظر في كتاب وأن يلف شعره أو ثوبه أو يصلي وهو معقوص الشعر ولو فعلهما لعمل قبل صلاته أو مكتوف اليدين ومس لحيته وأن يمسح أثر السجود وفي المغني إكثاره منه ولو بعد التشهد وعنه وبعد الصلاة وأن ينفخ فيها ويحرك الحصى وأن يخص موضع جبهته بما يسجد عليه لأنه من شعار الرافضة وأن يعلق في قبلته شيئا من مصحف وغيره ولا بأس بكونه على الأرض وأن يكتب في القبلة وأن يصلي وبين يديه نجاسة أو باب مفتوح أو إلى نار في
____________________
1-
(1/480)
وله رد المار بين يديه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قنديل وشمعة والرمز بالعين والإشارة لغير حاجة وإخراج لسانه وفتح فمه ووضعه فيه شيء لا بيده نص عليه وأن يستصحب ما فيه صورة من فص أو ثوب وصلاته إلى متحدث أو نائم نص عليه وعنه لا يكره النفل وإلى كافر وصورة منصوبة نص عليهما وظاهره ولو كانت صغيرة لا تبدو للناظر إليها وأنه لا يكره إلى غير منصوبة ولا سجوده على صورة ولا صورة خلفه في البيت ولا فوق رأسه في سقف أو عن أحد جانبيه إلى وجه آدمي نص عليه وفي الرعاية أو حيوان غيره والأول أصح لأنه كان عليه السلام يعرض راحلته ويصلي إليها وإلى امرأة تصلي بين يديه وإن غلبه تثاؤب في صلاته كظم فإن أبي استحب وضع يده على فيه على الأصح للخبر ولا يقال تثاوب بل تثاءب
( و ) يستحب ( له رد المار بين يديه ) كذا في المحرر و الوجيز و الفروع وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان متفق عليه وعن ابن عمر مرفوعا
إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحدا يمر بين يديه فإن أبي فليقاتله فإن معه القرين رواه مسلم وعنه يجب رده آدميا كان أو غيره للفرض والنفل في ظاهر كلامهم لظاهر الأخبار وعنه يختص بالفرض وظاهر كلامهم سواء كان بين يديه سترة فمر دونها أو لم تكن فمر قريبا منه وقيل قدر خطوتين بحيث لو مشى ورده لم تبطل وصرح به في الكافي لأنه موضع سجوده أشبه من نصب سترة
____________________
1-
(1/481)
وعد الآي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأن المراد بنصبها الإعلام بأنه في الصلاة وفي الدفع إعلام صريح وقيل هو مختص بمن بين يديه سترة إذا مر دونها وهو ظاهر الرعاية وغيرها والنص شاهد له وهذا ما لم يغلبه أو يكن محتاجا بأن كان الطريق ضيقا ويتعين طريقا وتكره الصلاة هناك ذكره في المذهب ولا يحرم أو في مكة المشرفة في رواية قدمها ابن تميم لأنه عليه السلام صلى بمكة والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة رواه أحمد وغيره وألحق في المغني الحرم بمكة وظاهره لا فرق بين مكة وغيرها وقدمه في الرعاية وأطلق في الفروع الخلاف فإن تركه يمر نقصت صلاته نص عليه وحمله القاضي إن تركه قادرا فإن أبى دفعه فإن أصر فله قتاله على الأصح ولو مشى فإن خاف فسادها لم يكرر دفعه ويضمنه على الأصح فيهما والمذهب يحرم مروره بين مصل وسترته وظاهره ولو بعد منها لما روى أبو جهيم عبد الله بن الحارث بن الصمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه قال أبو النضر أحد رواته لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة متفق عليه وكذا يحرم بين يديه قريبا منها إذا لم يكن سترة في الأصح وهو ثلاثة أذرع وقيل العرف لا موضع سجوده وفي الفصول و الترغيب يكره وقيل النهي مختص بما بينه وبين سترته وحكى ابن حزم الاتفاق على إثمه في هذه الصورة
فرع للمصلي دفع العدو من سيل أو سبع أو سقوط جدار ونحوه وإن كثر لم تبطل في الأشهر ( و ) له ( عد الآي ) زاد ابن تميم والجد بأصابعه
____________________
1-
(1/482)
والتسبيح وقتل الحية والعقرب والقملة ولبس الثوب والعمامة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لما روى أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد الآي بأصابعه رواه محمد بن خلف وكتكبيرات العيد ( والتسبيح ) لأنه في معنى عد الآي قاله أبو بكر وصححه ابن أبي موسى وقدمه السامري وجزم به في المحرر ونص أحمد أنه يكره لأن المنقول عن السلف عد الآي دون التسبيح لأنه يتوالى لقصره فتتوالى حسناته فيكثر العمل بخلاف عد الآي وأطلق ابن الجوزي والجد الخلاف ( وقتل الحية والعقرب ) في قول أكثرهم لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب رواه الخمسة وصححه الترمذي وكرهه النخعي والأول أولى ( والقملة ) لأن عمر وأنسا والحسن البصري كانوا يفعلونه ولأن في تركها أذى له إن تركها على جسده ولغيره إن ألقاها وهو عمل يسير فلم يكره وعنه بلى وقال القاضي التغافل عنها أولى وفي جواز دفنها في مسجد وجهان وظاهره أنه مباح قتلها فيه وهو المنصوص وعليه أن يخرجها أو يدفنها قيل للقاضي يكره قتلها ودفنها فيه كالنخامة فقال دفن النخامة كفارة لها وإذا دفنها كأنه لم يتنخم فكذا القملة وفيه نظر لأن أعماقه تجب صيانته عن النجاسة كظاهره بخلافها وفي معناه البرغوث نقل المروذي أنه سئل عن قتل القملة والبرغوث في المسجد فقال أرجو أن لا يكون به بأس
فائدة له حك جسده يسيرا وقيل ضرورة ويجب رد كافر عصم دمه عن بئر في الأصح كمسلم فيقطع وقيل يتم وكذا إن فرمنه غريمه يخرج في طلبه كإنقاذ غريق ( ولبس الثوب ) ( و ) لف ( العمامة ) لما روى وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه
____________________
1-
(1/483)
ما لم يطل فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها عمدا كان أو سهوا إلا أن يفعله متفرقا ويكره تكرار الفاتحة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنه عمل يسير أشبه حمل أمامة وفتح الباب لعائشة ( ما لم يطل ) راجع إلى قوله وله رد المار إلى آخره لأنه قد صح عنه جواز أكثر هذه الأفعال ( فإن طال ) أي كثر ( الفعل ) عرفا بلا ضرورة وقيل ثلاثا وقيل ما ظن فاعله لا في صلاة ( في الصلاة ) متواليا ( أبطلها ) إجماعا ( عمدا كان أو سهوا ) إذا كان من غير جنس الصلاة لأنه يقطع الموالاة ويمنع متابعة الأذكار ويذهب الخشوع فيها ويغلب على الظن أنه ليس منها وكل ذلك مناف لها أشبه ما لو قطعها فإن كان لضرورة لم يقطعها وكان حكمه حكم الخائف جزم به في الشرح وغيره وعلم منه أنه لا فرق بين العمد والسهو كما جزم به الأصحاب لوجود المبطل وعنه لا تبطل بالسهو اختاره المجد وعلى الأول يحتاج إلى الفرق بين الأقوال والأفعال لأنه إذا تكلم ساهيا فيه الخلاف بخلاف الفعل إذ القول أخف من الفعل بدليل أنها تبطل بتكرار السجود دون تكرار الفاتحة إلا أن يفعله متفرقا فلا تبطل به ولو طال المجموع لأكل عمل منها لأنه عليه السلام أم الناس في المسجد فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب وإذا سجد وضعها رواه مسلم وللبخاري نحوه وصلى عليه السلام على المنبر وتكرره صعوده ونزوله عنه متفق عليه وأخذ الحسن والحسين في كل الركعات متفرقا وقيل تبطل به ذكره ابن تميم
فرع إشارة أخرس مفهومة أو لا كفعل ولا تبطل بعمل القلب في ظاهر المذهب ولا بإطالة نظر في كتاب في الأصح
( ويكره تكرار الفاتحة ) لعدم فعل ذلك وهي ركن واختلف في
____________________
1-
(1/484)
والجمع بين سور في الفرض ولا يكره في النفل ولا تكره قراءة أواخر السور وأوساطها وعنه يكره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تكرارها وأقل أحواله الكراهة ( والجمع بين سور في الفرض ) في رواية لأنه خلاف السنة المأثورة والثانية لا يكره وهي الصحيحة لقول ابن مسعود لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في ركعة متفق عليه
وعن ابن عمر أنه كان يقرأ في المكتوبة بالسورتين في ركعة رواه مالك وكتكرار سورة في ركعة وتفريق سورة في ركعتين نص عليهما لكن لا تستحب الزيادة على سورة في ركعة ذكره جماعة لفعله عليه السلام وعنه تكره المداومة ( ولا يكره ) أي الجمع بين سور ( في النفل ) قال في الشرح رواية واحدة لأنه عليه السلام قرأ في ركعة سورة ( البقرة ) و ( آل عمران ) و ( النساء ) وكان عثمان يختم القرآن في ركعة وقال أحمد صليت ركعتين ختمت فيهما القرآن وقيل يكره وهو بعيد ( ولا تكره قراءة أواخر السور وأوساطها ) وهو المشهور عنه لقوله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر منه } ) ولقول أبي سعيد أمرنا أن نقرأ الفاتحة وما تيسر رواه أبو داود وعن ابن مسعود أنه كان يقرأ في الآخرة من صلاة الصبح آخر ( آل عمران ) وآخر ( الفرقان ) رواه الخلال قال الحسن غزوت مع ثلاثمائة من الصحابة فكان أحدهم يقرأ إذا أم أصحابه بخاتمة ( البقرة ) وبخاتمة ( الفرقان ) وبخاتمة ( الحشر ) وكان لا ينكر بعضهم على بعض ( وعنه يكره ) في الفرض نقلها المروذي وقال سورة اعجب إلي قال المروزي كان لأبي عبد الله قرابة يصلي به فكان يقرأ في الثانية من الفجر بآخر السورة فلما أكثر قال أبو عبد الله تقدم أنت فصل فقلت له هذا يصلي بكم منذكم قال دعنا منه يجيء بآخر السورة وكرهه
____________________
1-
(1/485)
وله أن يفتح على الإمام إذا أرتج عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
قال المؤلف ولعل أحمد إنما أحب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فإن المنقول عنه قراءة السورة أو بعضها من أولها وعنه تكره المداومة وعنه قراءة الأوساط لا الأواخر لعدم نقله وظاهره جواز قراءة أوائل السور وصرح به بعضهم وتكره قراءة كل القرآن في فرض وعنه لا كفرائض تذنيب يستحب أن يقرأ كما في المصحف ويكره تنكيس السور في ركعة أو ركعتين كالآيات وعنه لا اختاره المجد وغيره للأخبار واحتج أحمد بأنه عليه السلام تكلم على ذلك فدل على التسوية
وقال الشيخ تقي الدين ترتيب الآيات واجب لأن ترتيبها بالنص وترتيب السور بالاجتهاد في قول الجماهير فتجوز قراءة هذه قبل هذه وكذا في الكتابة ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها لكن لما اتفقوا على المصحف زمن عثمان صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون وعلل المجد كراهة تنكيس الآيات بأنه مظنة تغير المعنى بخلاف السور إلا ما ارتبطت وتعلقت بالأولى كسورة قريش مع الفيل على رأي فحينئذ يكره ولا يبعد تحريمه عمدا لأنه تغيير لموضع السورة فإن نكس الكلمات حرم وبطلت
( و ) يشرع ( له أن يفتح على إمامه إذا ارتج عليه ) قاله عامة الأصحاب وروي عن عثمان وابن عمر ورواه البيهقي بإسناد حسن عن علي وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل في القراءة الواجبة أو غيرها وعنه إن طال وعنه في نفل وقيل إن سكت وقيل يجوز في الفرض في الحمد وفي النفل مطلقا وعنه تبطل به لقوله عليه السلام
يا علي لا تفتح على الإمام
____________________
1-
(1/486)
وإذا نابه شيء مثل سهو إمامه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + 487 رواه أبو داود بإسناد فيه ضعف قال الشعبي فيه الحارث وكان كذابا وقيل تبطل بتجرده للتفهيم والأول أصح لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فلبس عليه فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا قال نعم قال فما منعك رواه أبو داود وقال الخطابي إسناده جيد ولأنه تنبيه فيها بما هو مشروع أشبه التسبيح فعلى هذا يجب في الفاتحة كما لو نسي سجدة وقيل لا يجب فيها كغيرها وظاهره أنها لا تبطل ولو فتح بعد أخذه في قراءة غيرها فإن عجز عن إتمام ما أرتج عليه فقال ابن عقيل يسقط وتصح صلاته وصلاة الأمي خلفه دون القارئ فإنه يفارقه ويتم لنفسه وقيل عليه أن يخرج ثم إن استخلف من يتم بهم وصلى معه جاز وإلا تعلم ما ارتج عليه ثم صلى صححه المؤلف قال ابن تميم وغيره وهو أظهر وظاهره أنه لا يفتح على غير إمامه نص عليه لأن ذلك يشغله عن صلاته فإن فعل لم تبطل قال في الشرح وكما لو فتح غير المصلي عليه
تنبيه إذا عطس أو بشر بما يسره فقال الحمد لله أو أخبره بما يغمه فقال لا حول ولا قوة إلا بالله أو خاطب بشيء من القرآن لم تبطل على الأصح للأخبار لكن يكره لعاطس الحمد ونقل أبو داود يحمد في نفسه ولا يحرك لسانه فلو عطس حال شروعه في الحمد فنوى القراءة لما عطس فهل يجزئ عن فرض على وجهين وقال القاضي إذا قصد بالحمد الذكر أو القرآن لم تبطل فإن قصد خطاب آدمي بطلت وإن قصدهما فوجهان ( وإذا نابه شيء ) أي أمر ( مثل سهو إمامه ) كما لو أتى بفعل في غير محله لزم المأموم تنبيهه
____________________
1-
(1/487)
أو استئذان إنسان عليه سبح إن كان رجلا وإن كانت امرأة صفحت ببطن كفها على ظهر الأخرى وإن بدره البصاق بصق في ثوبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( أو استئذان إنسان ) داخل ( عليه سبح إن كان رجلا ) ولو كثر ويجوز بقراءة وتكبير وتهليل في الأظهر ( وإن كانت امرأة صفحت ) وفي المحرر و الوجيز صفقت وهما سواء معناهما متقارب وقيل التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى وقيل بأصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى والتصفيق الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى نقله القاضي عياض ( ببطن كفها على ظهر الأخرى ) لقوله عليه السلام في خبر سهل
إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وليصفح النساء وعن أبي هريرة مرفوعا
التسبيح للرجال والتصفيق للنساء متفق عليهما وظاهره أنها لا تسبح بل هو مكروه نص عليه كتصفيقه وتطبيق وصفير ويكره بنحنحة في الأصح وشرط التصفيق ما لم يطل قاله في الفروع وهو مراد وظاهر ذلك لا تبطل بتصفيقها على جهة اللعب قال في الفروع ولعله غير مراد وتبطل به لمنافاته الصلاة والخنثى كامرأة
فرع إجابة النبي صلى الله عليه وسلم كانت واجبة في الصلاة مطلقا نص عليه وإن قرأ آية فيها اسمه صلى الله عليه وسلم في نفل نصا وأطلقه بعضهم ولا يجيب الوالد في نفل إن لزم بالشروع وسأله المروذي عنها فقال يروى عن ابن المنكدر إذا دعتك أمك فيها فأجبه وأبوك لا تجبه وكذا الصوم ( وإن بدره البصاق ) ويقال بالسين والرأي أيضا والمخاط أو النخامة ( بصق في ثوبه ) وحك بعضه ببعض إذهابا لصورته إن كان في المسجد لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا قام أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبزقن قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه ثم رد
____________________
1-
(1/488)
وإن كان في غير المسجد جاز أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ويستحب أن يصلي إلى سترة مثل آخرة الرحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بعضه على بعض رواه البخاري ولمسلم معناه من حديث أبي هريرة ولما فيه من صيانة المسجد عن البصاق فيه قال أحمد البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه للخبر قال أبو الوفاء لأن بدفنه تزول القذارة واختار المجد يجوز في بقعة يندفن فيها يخلق موضعها استحبابا ويلزم غيره إزالتها إن لم يزلها فاعلها لخبر أبي ذر ( وإن كان في غير المسجد بصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ) قاله جماعة لقوله عليه السلام
ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى وظاهره أنه يكره أن يبصق أمامه أو عن يمينه لخبر أبي هريرة وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها رواه البخاري ولأبي داود بإسناد جيد عن حذيفة مرفوعا
من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه وفي الوجيز ويبصق في الصلاة أو المسجد في ثوبه وفي غيرهما يسرة وفيه نظر
( ويستحب أن يصلي إلى سترة ) مع القدرة عليها بغير خلاف نعلمه وظاهره لا فرق بين الحضر والسفر ولم يخش مارا لقوله عليه السلام
إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها رواه أبو داود وابن ماجة من حديث أبي سعيد وفي الواضح يجب وهو بعيد ويشهد له ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم
صلى في فضاء ليس بين يديه شيء رواه أحمد وأبو داود والسترة ما يستتر به ولو بخيط مطلقا ( مثل آخرة الرحل ) لقوله عليه السلام
إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من يمر وراء ذلك رواه مسلم وصلى في الكعبة وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع رواه أحمد والبخاري فإن كان في مسجد ونحوه قرب من الجدار أو فضاء
____________________
1-
(1/489)
فإن لم يجد خط خطا فإذا مر من ورائها شيء لم يكره وإن لم يكن سترة فمر بين يديه الكلب الأسود البهيم بطلت صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فإلى شيء شاخص من شجرة أو بعير أو ظهر إنسان أو عصا لأنه عليه السلام صلى إلى حربة وإلى بعير رواه البخاري ويلقي العصا بين يديه عرضا لأنها في معنى الخط ويستحب انحرافه عنها قليلا لفعله عليه السلام رواه أحمد وأبو داود من حديث المقداد بإسناد لين قال عبد الحق وليس إسناده بقوي لكن عليه جماعة من العلماء على ما ذكر ابن عبد البر ويكون بينه وبينها ثلاثة أذرع نص عليه وكلما دنا فهو أفضل للنص ولأنه أصون لصلاته وطولها ذراع نص عليه وعنه مثل عظم الذراع وهذا على سبيل التقريب لأنه عليه السلام قدرها بمؤخرة الرحل وهو عود في مؤخره ضد قادمته والمراد به رحل البعير وهو أصغر من القتب والمؤخرة تختلف فتارة تكون ذراعا وتارة أقل وعلى كل حال يجزئ الاستتار بها وعرضها لاحد له لأنها قد تكون غليظة كالحائط ودقيقة كالسهم لكن قال أحمد ما كان أعرض هو أعجب إلي ( فإن لم يجد خط خطا ) نص عليه وهو المذهب لقوله عليه السلام
إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولا يضره ما مر بين يديه رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة وذكر الطحاوي أن فيه رجلا مجهولا وقال البيهقي لا بأس به في مثل هذا وصفته كالهلال لا طولا لكن قال في الشرح وكيفما خط أجزأه وعنه يكره الخط ( فإذا مر من ورائها شيء لم يكره ) للأخبار السابقة ( فإن لم يكن له سترة فمر بين يديه ) قريبا ومرادهم ثلاثة أذرع فأقل من قدمه أو كانت تمر بينه وبينها ( الكلب الأسود البهيم بطلت صلاته ) بغير خلاف نعلمه في المذهب
____________________
1-
(1/490)
وفي المرأة والحمار روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقوله عليه السلام
إذا قام أحدكم فصلى فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فإن لم يكن فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود رواه أحمد من حديث أبي ذر والأسود البهيم الذي لا لون فيه سوى السواد ذكره جماعة وعنه أو بين عينيه بياض وصححه ابن تميم فإن كان فيه بياض في غير هذا الموضع فليس ببهيم رواية واحدة وخص البهيم به مع أنه ليس في الخبر لأنه شيطان
مسألة يباح قتل البهيم ذكره المؤلف وغيره لقوله عيه السلام
لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم فإنه شيطان وذكر ابن تميم وغيره أنه يحرم اقتناؤه ( وفي المرأة والحمار ) الأهلي ( روايتان ) كذا أطلقهما في المحرر و الفروع إحداهما لا تبطل نقلها الجماعة وهي ظاهر الوجيز لما روي أن زينب بنت أبي سلمة مرت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقطع صلاته رواه أحمد وابن ماجة بإسناد حسن وعن ابن عباس قال أقبلت راكبا على حمار أتان والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر علي أحد وعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة متفق عليهما والثانية تبطل قدمه السامري وابن تميم ورجحه في الشرح للنص السابق وحديث عائشة لا حجة فيه لأن حكم الوقوف يخالف حكم المرور وحديث ابن عباس ليس فيه إلا أنه مر بين يدي بعض الصف وسترة الإمام سترة لمن خلفه وظاهره أنه لا يقطعها غير ما ذكر وهو المذهب وعنه يقطعها شيطان قدمه ابن تميم وغيره وعنه
____________________
1-
(1/491)
ويجوز له النظر في المصحف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وسنور أسود وفي الصغيرة وجه وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل وعنه لا يبطل النفل وعنه والجنازة
فرع وسترة مغصوبة ونجسة كغيرها قدمه في الرعاية وفيه وجه فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم وعلى قياسه سترة الذهب قال في الفروع ويتوجه منها لو وضع المار سترة أو تستر بدابة جاز
تذنيب سترة الإمام سترة لمن خلفه ذكره الأصحاب وهو قول الفقهاء السبعة للأخبار ولا عكس فلا يستحب لمأموم سترة وليست سترة له ومعناه إذا مر ما يبطلها فظاهره أن هذا فيما يبطلها خاصة وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره وكذا المصلي لا يدع شيئا يمر بين يديه لأنه عليه السلام كان يصلي إلى سترة دون أصحابه وقال صاحب النظم لم أر أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه اعتبارا بسترة الإمام له حكما ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال لما فيه من المشقة على الجميع قال القاضي عياض اختلفوا هل سترة الإمام سترة لمن خلفه أم هي سترة له خاصة وهو سترة لمن خلفه مع الاتفاق على أنهم يصلون إلى سترة ولمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا
إنما الإمام جنة أي يمنع من نقص صلاة المأموم لا أنه يجوز المرور قدام المأموم
( ويجوز له النظر في المصحف ) والقراءة منه فيها جزم به معظم الأصحاب لما روى الأثرم أن عائشة كان يؤمها عبد لها في المصحف وقال الزهري كان خيارنا يقرؤون في المصاحف وهو قول عطاء ولأنه ليس بعمل كثير والفرض والنفل سواء قاله ابن حامد وعنه يجوز في النفل وحمل في
____________________
1-
(1/492)
وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها أو آية عذاب أن يستعيذ منها وعنه يكره في الفرض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشرح كلام المؤلف عليه وعنه لغير الحافظ وعنه يبطل فرض لقول ابن عباس نهانا أن نؤم من المصاحف رواه أبو بكر بن أبي داود وقيل ونفل أيضا لأنه اعتمد في فرض القراءة على غيره كاعتماده بحبل في قيامه ( وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها ) أي يسأل الرحمة من الله تعالى وآية عذاب أن يستعيذ منها على المذهب لما روى حذيفة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح ( البقرة ) فقلت يركع عند المائة ثم مضى إلى أن قال إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ مختصر رواه مسلم ولأنه دعاء وخير وعنه يستحب قاله القاضي وغيره وظاهره لكل مصل وسبق إذا تلى آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ( وعنه يكره في الفرض ) لأن المنقول عنه عليه السلام في النفل فيقتصر عليه وعنه يفعله إن صلى وحده ونقل الفضل لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته وقال أبو بكر الدينوري وابن الجوزي معنى ذلك تكرار الآية قال ابن تميم وليس بشيء قال أحمد إذا قرأ ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) في صلاة وغيرها قال سبحانك قيل في فرض ونفل ومنع منه ابن عقيل فيهما
فائدة سئل بعض أصحابنا عن القراءة بما فيه دعاء هل يحصلان له فتوقف ويتوجه الحصول لخبر أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطانيهما من كنزه الذي تحت العرش فتعلموهن وعلموهن نسائكم فإنها صلاة وقرآن ودعاء رواه الحاكم وقال على شرط البخاري
____________________
1-
(1/493)
فصل أركان الصلاة إثنا عشر القيام وتكبيرة الحرام وقراءة الفاتحة والركوع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل أركان الصلاة ( إثنا عشر )
جمع ركن وهو جانب الشيء الأقوى وهو ما كان فيها ولا يسقط عمدا ولا سهوا وسماها بعضهم فروضا وهو لفظي ( اثنا عشر ) كذا في الوجيز وغيره وجلعها في البلغة عشرة وعد منها النية لأن المشروع فيها قسمان واجب ومسنون والأول قسمان ما لا يسقط مطلقا وهي الأركان ( القيام ) لقوله تعالى { وقوموا لله قانتين } [ البقرة 228 ] ولحديث عمران
صل قائما ومحله في الفرض لقادر وهو قدر التحريمة لأن المسبوق يدرك به فرض القيام ذكره في الخلاف وغيره ولا يضره ميل رأسه قال أبو المعالي وغيره وحده ما لم يصر راكعا ويستثنى منه العريان والخائف ولمداواة وقصر سقف لعاجز عن الخروج ومأموم خلف إمام الحي العاجز عنه بشرطه فإن قام على رجل لم يجزئه ذكره في المذهب وظاهر كلامهم يخالفه ونقل خطاب بن بشر لا أدري ( وتكبيرة الإحرام ) لحديث علي
تحريمها التكبير ( وقراءة الفاتحة ) أي في حق الإمام والمنفرد ويتحملها إمام عن مأموم وكذا بدلها ( والركوع ) إجماعا وسنده قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اركعوا } [ الحج 77 ] وحديث المسيء في صلاته وهو ما رواه أبو هريرة أن رجلا دخل المسجد فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ثم قال
ارجع فصل فإنك لم تصل فعل ذلك ثلاثا ثم قال
والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني فقال
إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما
____________________
1-
(1/494)
والاعتدال عنه والسجود والجلوس بين السجدتين والطمأنينة في هذه الأفعال والتشهد الأخير والجلوس له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثم اسجد حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها رواه الجماعة ولمسلم وعزاه عبد الحق إلى البخاري إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر فدل على ان المسماة في الحديث لا يسقط بحال فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي لجهله بها ( والاعتدال عنه ) لأنه عليه السلام داوم على فعله وقال
صلوا كما رأيتموني أصلي لو طوله لم تبطل قال الحسن بن محمد الأنماطي رأيت أبا عبد الله يطيل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لحديث البراء متفق عليه ( والسجود ) إجماعا ( والجلوس بين السجدتين ) لما روت عائشة قالت كان النبي صلى اله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا رواه مسلم ( والطمأنينة في هذه الأفعال ) لما سبق ولحديث حذيفة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له
ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وظاهره أنها ركن واحد في الكل لأنه يعم القيام وهي السكون وإن قل قدمه ابن تميم والجد في فروعه وقيل بقدر الواجب وحكاه ابن هبيرة عن أكثر العلماء وقيل بقدر ظنه أن مأمومه الضعيف وثقيل اللسان أتى بما يلزمه ( والتشهد الأخير والجلوس له ) هذا هو المذهب وهو قول عمر وابنه وأبي سعيد البدري لقوله إذا قعد أحدكم في صلاته فليقل التحيات لله الخبر متفق عليه وعن ابن مسعود قال كنا نقول قبل أن يفرض التشهد السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لا تقولوا هكذا ولكن قولوا التحيات لله
ذكره رواء النسائي وإسناده ثقات والدار قطني وقال إسناد صحيح وقال عمر لا تجزئ صلاة إلا بتشهد رواه سعيد والبخاري في تاريخه والركن منه
اللهم صل على
____________________
1-
(1/495)
والتسليمة الأولى والترتيب ومن ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته وواجباتها تسعة التكبير غير تكبيرة الإحرام والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + محمد مع ما يجزئ من التشهد الأول وعنه واجب يسقط بالسهو وهو غريب وعنه سنة وقال أبو الحسين لا يختلف قوله إن الجلوس فرض واختلف قوله في الذكر فيه وهو معنى ما حكاه ابن هبيرة عن أحمد ( والتسليمة الأولى ) لقوله
وتحليلها التسليم وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم صلاته بالتسليم وثبت ذلك عنه من غير وجه ولأنها نطق مشروع في أحمد طرفيها فكان ركنا كالطرف الآخر ( والترتيب ) أي بين الأركان لأنه عليه السلام كان يصليها مرتبة وعلمها للمسيء في صلاته مرتبا بثم ولأنها عبادة تبطل بالحدث فكان الترتيب ركنا فيها كغيرها
( ومن ترك منها شيأ عمدا بطلت صلاته ) لأنه عليه السلام نفى الصلاة مع الجهل وأمره بالإعادة ولم يجعله عذرا وإذا انتفى مع الجهد فمع العمد أولى وتركه سهوا يأتي
( وواجباتها تسعة ) هذا هو القسم الثاني من الواجبات وسمى أبو الفرج الواجب سنة اصطلاحا قال ابن شهاب كما سمى المبيت ورمي الجمار وطواف الصدر سنة وهو واجب ( التكبير غير تكبيرة الإحرام ) في الأصح لأنه عليه السلام كان يكبر وقال
صلوا كما رأيتموني أصلي وعنه ركن لا يسقط بالسهو كتكبيرة الإحرام وعنه يسقط في حق مأموم فقط وعنه سنة لأنه عليه السلام لم يعلم المسيء في صلاته ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة قلنا ولم يعلمه التشهد ولا السلام ولعله اقتصر على تعليمه ما أساء فيه ( والتسميع ) وهو قول
سمع الله لمن حمده في حق إمام ومنفرد ( والتحميد ) وهو قول
ربنا ولك الحمد في حق الكل ( في الرفع من الركوع لما سبق من النصوص فعلا له وأمرا به ( والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة )
____________________
1-
(1/496)
وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة والتشهد الأول والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في موضعها والتسليمة الثانية في رواية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على المذهب والزائد على المرة سنة ( وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة ) على المشهور ولم ينقل تركه وعنه سنة لأنه لم يعلمه المسيء في صلاته ( والتشهد الأول والجلوس له ) اختاره الأكثر لأنه عليه السلام فعله وداوم على فعله وأمر به وسجد للسهو حين نسيه وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات لسقوطها بالسهو وانجبارها بالسجود كواجبات الحج ويستثنى منه غير مأموم قام إمامه عنه سهوا فيتابعه ( والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) في رواية اختارها الخرقي وفي المغني وهي ظاهر المذهب وصححها في الشرح وجزم بها في الوجيز لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا } [ الأحزاب 56 ] والأمر للوجوب ولا موضع تجب فيه الصلاة أولى من الصلاة المفروضة وعنه ركن قدمها في المحرر و الفروع وصححها في المذهب و الوسيلة وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وأنها اختيار الأكثر لحديث كعب وعنه سنة قال المروزي لأبي عبد الله إن ابن راهويه يقول لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته فقال ما اجترئ أن أقول مثل هذا وفي رواية هذا شذوذ لقوله
إذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك وكخارج الصلاة ( في موضعها ) أي في التشهد الأخير بعد الشهادتين ( والتسليمة الثانية في رواية ) قال القاضي وهي أصح جزم بها في الوجيز لأنه عليه السلام كان يسلمهما ولأنها عبادة شرع لها تحليلان فكانت واجبة كالأولى وعنه أنها ركن كالأولى صححه في المذهب وقدمه في التلخيص وابن تميم وابن حمدان وهي ظاهر الهداية و المحرر لعموم قوله
وتحليلها
____________________
1-
(1/497)
من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته ومن تركه سهوا سجد للسهو وعنه ان هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + 498 التسليم فعلى هذا هما من الصلاة وعنه سنة اختارها المؤلف وصححها في الشرح وجزم بها في الوجيز وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه وعنه في النفل وعنه هما واجبتان وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وصححها في الوسيلة قال القاضي الثانية سنة في الجنازة والنافلة رواية واحدة ( من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته ) لأنها واجبة أشبهت الأركان ( ومن تركه سهوا ) أو جهلا نص عليه ( سجد للسهو ) لأنه عليه السلام لما ترك التشهد الأول سجد له قبل أن يسلم متفق عليه من حديث عبد الله بن بحينة ولولا أنه واجب لما سجد لجبره لأنه لا يزيد في الصلاة زيادة محرمة لجبر ما ليس بواجب وغير التشهد من الواجبات مقيس عليه ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجب يجبر إذا تركه وإن كانت لا تصح إلا بها كالحج واقتضى كلامه أن الصلاة صحيحة بترك الواجب سهوا لأنه عليه السلام بنى على صلاته ( وعنه أن هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها ) لعدم تعليمها للمسئ
تنبيه إذا ترك شيئا ولم يدر أفرض أم سنة لم يسقط فرضه للشك في صحته وإذا اعتقد الفرض سنة أو بالعكس فصلاها على ذلك لم يصح لأنه بناها على اعتقاد فاسد ذكره ابن الزاغوني وظاهر كلامهم خلافه قال أبو الخطاب لا يضره أن لا يعرف الركن من الشرط والفرض من السنة ورد المجد على من لم يصحح الائتمام بمن يعتقد أن الفاتحة نفل بفعل الصحابة فمن بعدهم مع شدة اختلافهم فيما هو الفرض والسنة ولأن اعتقاد الفرضية والنفلية يؤثر في جملة الصلاة لا تفاصيلها لأن من صلى يعتقد الصلاة فريضة
____________________
1-
(1/498)
وسنن الأقوال اثنا عشر الاستفتاح والتعوذ وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم وقول آمين وقراءة السورة والجهر والإخفات وقول ملء السماء بعد التحميد وما زاد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود وعلى المرة في سؤال المغفرة والتعوذ في التشهد الأخير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فأتى بأفعال تصح معها الصلاة بعضها فرض وبعضها نفل وهو يجهل الفرض من السنة أو يعتقد الجميع فرضا صحت صلاته إجماعا
فرع الخشوع وهو ما يتعلق بالقلب سنة ذكره المؤلف وجمع وذكر الشيخ وجيه الدين أنه واجب قال في الفروع مراده والله أعلم في بعضها وإن أراد في كلها فإن لم تبطل بتركه فخلاف قاعدة ترك الواجب وإن أبطل به فخلاف الإجماع وكلاهما خلاف الأخبار
فائدة من علم بطلان صلاته ومضى فيها أدب لاستهزائه بها ذكره السامري ولا يكفر إذا صلى محدثا بلا عذر متعمدا في قول الجماهير لأن الكفر بالاعتقاد وهذا اعتقاد صحيح
( وسنن الأقوال ) هذا بيان القسم الثاني أو الثالث ( اثنا عشر ) كذا في الكافي وغيره ( الاستفتاح والتعوذ وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم وقول آمين وقراءة السورة ) وقد سبق ذكرها ( والجهر والإخفات ) حكاه ابن هبيرة اتفاقا وقيل واجبان وقيل الإخفات فقط وإن نسي فجهر فيما يسر فيه بنى على قراءته سرا وإن أسر فيما يجهر فيه بنى على قراءته سرا وعنه يستأنفها جهرا وإن كان فرغ من القراءة نص عليه والفرق أن الجهر زيادة حصل بها المقصود وزيادة فلا حاجة إلى إعادته والإسرار نقص فاتت به سنة مقصودة وهو إسماع المأموم القراءة وقد أمكنه الإتيان بها فينبغي أن يأتي بها ( وقول ملء السماء بعد التحميد ) لغير مأموم ( وما زاد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود وعلى المرة في سؤال المغفرة والتعوذ في التشهد الأخير
____________________
1-
(1/499)
والقنوت في الوتر فهذه لا تبطل الصلاة بتركها ولا يجب السجود لها وهل يشرع على روايتين وما سوى هذا من سنن الأفعال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والقنوت في الوتر ) لما تقدم في مواضعه وعنه واجبة وفيه شيء وكذا يسن الدعاء في التشهد الأخير وغير التعوذ ذكره أبو الخطاب في هدايته وعد من سنن الأقوال السجود على أنفه وجلسة الاستراحة والتسليمة الثانية في رواية
ومن سنن الأفعال الجهر والإخفات بالقراءة وبآمين وهو بعيد ( فهذه لا تبطل الصلاة بتركها ) لأنها غير واجبة فلا تبطل بتركها كمسنونات الحج ( ولا يجب السجود لها ) لأن فعلها غير واجب فجبرها أولى لكن يكره تركها ( وهل يشرع على روايتين ) إحداهما يشرع قدمه ابن تميم وابن حمدان قال في الشرح لكل سهو سجدتان رواه أحمد من حديث ثوبان ورواه ابن ماجة حدثنا هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد عن زهير بن سالم العنسي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم وإسماعيل روايته عن الشاميين حجة ورواه أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل فذكره ولأن السجود جبران فشرع ليجبر ما فات والثانية لا يشرع وهي ظاهر الوجيز لأن تركها عمدا لا يبطل الصلاة فلم يشرع لسهوها سجود كسنن الأفعال ولأن السجود زيادة في الصلاة فلم يجز إلا بتوقيف ( وما سوى هذا من سنن الأفعال ) وتسمى هيآتها كرفع يديه عند الإحرام والركوع والرفع منه ووضع اليمنى على اليسرى والنظر إلى موضع سجوده ووضع اليدين على الركبتين
____________________
1-
(1/500)
لا تبطل الصلاة بتركها ولا يشرع السجود لها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الركوع والتجافي فيه وفي السجود ومد الظهر معتدلا وجعله حيال رأسه والبداءة بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود وعكسه في القيام منه وفي التشهد الأول والتفريق بين ركبتيه في السجود ووضع يديه حذو منكبيه مضمومة مستقبلا بهما القبلة ونصب قدميه وفتخ أصابعهما في السجود والجلوس والافتراش بين السجدتين وفي التشهد الأول والتورك في الثاني ووضع اليمنى على الفخذ اليمنى مقبوضة محلقة والإشارة بالسبابة ووضع اليسرى على الفخذ اليسرى مبسوطة والالتفات في السلام عن يمينه ويساره والسجود على الأنف وجلسة الاستراحة ونية الخروج منها في سلامه على ما سبق ( لا تبطل الصلاة بتركها ) لأنها سنة ( ولا يشرع السجود لها ) نصره واختاره الأكثر لأنه لا يمكن التحرز من تركها لكثرتها فلو شرع السجود لم تخل صلاة من سجود في الغالب وبه يفرق بينها وبين سنن الأقوال وذكر جماعة منهم أبو الخطاب الروايتين فيهما فعلى هذا لا فرق وقدم ابن تميم وابن حمدان أنه يشرع كالأول فإذا قلنا لا يسجد فسجد لم تبطل صلاته نص عليه
____________________
1-
(1/501)
& باب سجود السهو &
ولا يشرع في العمد ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب سجود السهو &
قال صاحب المشارق السهو في الصلاة النسيان فيها وقيل هو الغفلة وقيل النسيان عدم ذكر ما قد كان مذكورا والسهو ذهول وغفلة عما كان مذكورا وعما لم يكن
فعلى هذا هو أعم من النسيان ولا مرية في مشروعية سجود السهو
قال الإمام أحمد يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أشياء سلم من اثنتين فسجد وسلم من ثلاث فسجد وفي الزيادة والنقصان قام من انثتين ولم يتشهد وقال الخطابي المعتمد عليه عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة يعني حديثي ابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة وابن بحينة
( ولا يشرع في العمد ) ذكره الأصحاب لقوله عليه السلام
إذا سها أحدكم فليسجد فعلق السجود على السهو لأنه شرع جبرانا والعامد لا يعذر ولا ينجبر خلل صلاته بسجوده بخلاف الساهي ولذلك أضيف السجود إلى السهو وقال الشافعي يسجد لترك القنوت والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأن ما تعلق الجبر بسهوه تعلق بعمده كجبران الحج وجوابه بأنه يبطل بزيادة ركن
( ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك ) لأن الشرع إنما ورد به في ذلك فدل أن حديث النفس لا يشرع له سجود لعدم الاحتراز منه وهو معفو عنه
____________________
1-
(1/502)
للنافلة والفرض فأما الزيادة فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا عمدا بطلت الصلاة وإن كان سهوا سجد له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( للنافلة والفرض ) في قول أكثر أهل العلم للأخبار الواردة فيه ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود فشرع لها السجود كالفريضة ويستثنى منه صلاة الجنازة لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى ولا في سجدة تلاوة لأنه لو شرع كان الجبر زائدا على الأصل أو شكرا ونظر إلى شيء يلهي وعنه يسجد في ذلك كله ذكره ابن تميم قال ابن حمدان استحبابا ولا يسجد لسهو في سجدتي السهو نص عليه وهو إجماع حكاه إسحاق لأنه يفضي إلى التسلسل وكذا إن سها بعدهما قبل السلام وكثرة سهو حتى يصير كوسواس ذكره ابن أبي موسى
( فأما الزيادة ) هذا شروع في بيان تفصيل الأحوال الثلاثة وحكمها ثم هي تنقسم إلى قسمين زيادة أقوال وزيادة أفعال وزيادة الأفعال قسمان أحدهما قوله ( فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما ) أي يقوم في موضع جلوس ( أو قعودا ) أي يقعد في موضع قيام ( أو ركوعا أو سجودا عمدا بطلت الصلاة ) إجماعا قاله في الشرح لأنه بها يخل بنظم الصلاة ويغير هيأتها فلم تكن صلاة ولا فاعلها مصليا ( وإن كان سهوا سجد له ) قليلا كان أو كثيرا لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود
فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين رواه مسلم ولأن الزيادة سهو فيدخل في قول الصحابي سها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد بل هي نقص في المعنى فشرع لها السجود لينجبر النقص لكن متى ذكر عاد إلى ترتيب الصلاة بغير تكبير قال جماعة إن زاد عقيب ركعة جلوسا يسيرا زاد جمع بقدر جلسة الاستراحة فهل يسجد لسهوه ويبطل عمده فيه وجهان وفي التلخيص إن جلس عن قيام ولم يتشهد ثم ذكر ولم يسجد للسهو قال القاضي سواء كان بقدر جلسة
____________________
1-
(1/503)
وإن زاد ركعة فلم يعلم حتى فرغ منها سجد لها وإن علم فيها جلس في الحال وتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الاستراحة أو أطول لأن صفتها تخالف صفة الجلوس للتشهد وقياس المذهب أنه إن كان يسيرا لا يسجد لأنه لا يبطل عمده الصلاة ولا وجه لما ذكره القاضي إلا إذا قلنا تجبر الهيآت بالسجود ولهذا علل بتغاير القعودين في الكيفية وقيل إن قام إلى خامسة في رباعية عاد فسلم وبطل فرضه وتصير نفلا وفيه نظر
مسألة إذا رفع رأسه من السجود يجلس للاستراحة وكان موضع جلوسه للفصل أو التشهد ثم ذكر أتى بذلك ولا سجود عليه ولو جلس للتشهد قبل السجود سجد كذلك وإن جلس للفصل فظنه التشهد وطوله لم يجب السجود ولو نوى القصر فأتم سهوا ففرضه الركعتان ويسجد للسهو وإن قام أو سجد فيها إكراما لإنسان بطلت
( وإن زاد ركعة ) لخامسة في الرباعية أو رابعة في المغرب أو ثالثة في الفجر ( فلم يعلم حتى فرغ منها سجد لها ) لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا فلما انفتل قالوا إنك صليت خمسا فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم متفق عليه وفي رواية قال
إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتي السهو
رواه مسلم ( وإن علم ) بالزيادة ( فيها ) أي في الركعة ( جلس في الحال ) بغير تكبير نص عليه لأنه لو لم يجلس لزاد في الصلاة عمدا وذلك مبطل لها ( وتشهد إن لم يكن تشهد ) لأنه ركن لم يأت به ( وسجد ) للسهو لقوله عليه السلام
من زاد أو نقص فليسجد سجدتين ( وسلم ) لتكمل صلاته وظاهره أنه إذا كان قد تشهد فإنه يسجد ويسلم وفي الشرح وغيره إن كان تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه ثم سجد للهو ثم سلم
____________________
1-
(1/504)
وإن سبح به أثنان لزمه الرجوع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه إذا قام إلى ثالثة نهارا وقد نوى ركعتين نفلا رجع إن شاء وسجد للسهو وله أن يتمها أربعا ذكره في الشرح ولا يسجد وهو أفضل وإن كان ليلا وكما لو قام إلى ثالثة في الفجر نص عليه لأنها صلاة شرعت ركعتين أشبهت الفجر ( وإن سبح به ) وفي الفروع نبه وهو أولى لشموله ( اثنان ) ثقتان فأكثر ويلزمهم تنبيهه وذكر صاحب النظم احتمالا في الفاسق كأذانه وفيه نظر وفي المميز خلاف ( لزمه الرجوع ) إليهما وظاهر سواء سبحا به إلى زيادة أو نقصان وسواء قلنا يعمل بغلبة ظنه أولا وسواء غلب على ظنه صوابهما أو خطؤهما نص عليه لأنه عليه السلام رجع إلى قول أبي بكر وعمر وأمر عليه السلام بتذكيره وعنه يستحب ذكرها القاضي وعليها يعمل بيقينه أو الحري لا أنه لا يرجع وظاهره أنه لا يرجع إلى ثقة نص عليه لأنه عليه السلام لم يرجع إلى قول ذي اليدين وحده وقيل يرجع إليه في زيادة لا مطلقا واختار أبو محمد الجوزي يرجع إلى واحد يظن صدقه
قال في الفروع ولعل المراد ما ذكره الشيخ إن ظن صدقه عمل بظنه لا بتسبيحه لكن أطلق أحمد أنه لا يرجع إليه وظاهر ما ذكروه أن المرأة كالرجل في هذا وإلا لم يكن في تنبيهها فائدة ولما كره تنبيهها بالتسبيح ونحوه ظاهره أنه يلزمه الرجوع إليهما ولو تيقن صواب نفسه وهو قول أبي الخطاب وذكره الحلواني رواية كالحاكم بحكم بالشاهدين ويترك يقين نفسه والمذهب أنه لا يلزمه الرجوع إليهما حينئذ لأن قولهما إنما يفيد الظن واليقين مقدم عليه وأجاب في المغني والشرح بأنه علم خطأهما فلا يرجع إليهما فيه وكذا يقول في الشاهدين متى علم الحاكم كذبهما أو غلطهما لم يجز الحكم
____________________
1-
(1/505)
فإن لم يرجع بطلت صلاته وصلاة من أتبعه عالما فإن فارق أو كان جاهلا لم تبطل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بشهادتهما ولا أظن أبا الخطاب يمنع من ذلك ومراده ما قاله القاضي يترك الإمام اليقين ومراده الأصل قال كالحاكم يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين وهو براءة الذمم وكذا شهادتهما برؤية لهلال يرجع إليهما ويترك الأصل واليقين وهو بقاء الشهر
فرع إذا اختلف الجماعة عليه سقط قولهم كالبينتين إذا تعارضتا ويعمل بغلبة ظنه وفي وجه وذكر في الوسيلة أنه أشبه بالمذهب أنه يرجع إلى من وافقه وقال ابن حامد يرجع إلى قول من أثبت الخطأ ويرجع منفرد إلى يقين وقيل لا لأن من في الصلاة أشد تحفظا قال القاضي والأول أشبه بكلام أحمد في الطواف
( فإن لم يرجع ) الإمام في موضع يلزمه الرجوع ( بطلت صلاته ) نص عليه وجزم به الأصحاب لأنه ترك الواجب عمدا ( وصلاة من أتبعه عالما ) على الأصح فيهما لأنه اقتدى بمن يعلم بطلان صلاته كما لو اقتدى بمن يعلم حدثه ( فإن فارق ) وسلم صحت صلاته في أصح الروايات واختاره الأكثر لأنه فارقه لعذر أشبه من فارق إمامه إذا سبقه الحدث وعنه ينتظره ليسلم معه وجوبا وعنه استحبابا وعنه يجب متابعته فيها وعنه يخبر المأموم في انتظاره أو اتباعه وعنه تبطل في الكل ومعنى الإبطال أنها تخرج أن تكون فرضا بل يسلم عقب الرابعة وتكون لهم نفلا ذكره في الفصول عن الأصحاب ( أو كان ) متبعه ( جاهلا ) وساهيا ( لم تبطل ) على الأصح لأن الصحابة تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة في حديث ابن مسعود ولم تبطل صلاتهم وتابعوه أيضا في حديث ذي اليدين ولم يأمرهم بالإعادة
____________________
1-
(1/506)
والعمل المستكثر في العادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر وإن كان سهوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
تنبيه إذا أدركه مسبوق فيها انعقدت صلاته واعتد بها قدمه ابن تميم وقاله القاضي بناء على اقتداء المفترض بالمتنفل والمذهب المنصوص عليه أنه لا يعتد بها لأنها سهو وغلط وعنه الوقف نقلها أبو الحارث والأول نصره المؤلف وهذا إذا لم يعلم بأنها زائدة فإن علم لم يدخل معه مفترض وكذا لا يدخل معه في سجود سهو بعد السلام على الأصح ( والعمل المستكثر في العادة ) هذا شروع في بيان القسم الثاني في زيادة الأفعال ( من غير جنس الصلاة ) لغير حاجة كالمشي والتروح ونحوهما ( يبطلها عمده وسهوه ) لما فيه من قطع الموالاة بين الأركان ما لم يكن ضرورة ( ولا تبطل باليسير ) لحمل أمامة وفتح الباب لعائشة وقد علم منه أن المرجع فيهما إلى العرف وذكره في المستوعب و الشرح ( ولا يشرع له سجود ) لعدم سجوده عليه السلام له ( وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر ) لأنه عمل من غير جنس الصلاة فاستوى كثيره وقليله كالجماع وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل وهو إجماع من يحفظ عنه في الفرض لأنهما ينافيان الصلاة إلا ما حكاه في الرعاية قولا أنها لا تبطل بيسير شرب لكنه غير معروف وكذا النفل قدمه جماعة وذكر في الشرح أنه الصحيح من المذهب وبه قال أكثرهم لأن ما أبطل الفرض أبطل النفل كسائر المبطلات وعنه لا إذا كان يسيرا كغيرهما وعنه لا تبطل بالشرب فقط لما روي أن ابن الزبير وسعيد بن جبير شربا في التطوع قال الخلال سهل أبو عبد الله في ذلك وذكر ابن هبيرة أنه المشهور عنه لأن مد النفل وإطالته مستحبة مطلوبة فيحتاج معه كثيرا إلى جرعة ماء لدفع العطش كما سومح به جالسا وعلى الراحلة ( وإن كان ) الأكل أو الشرب ( سهوا ) أو جهلا
____________________
1-
(1/507)
لم تبطل إذا كان يسيرا وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولم يذكره جماعة ( لم تبطل إذا كان يسيرا ) كذا ذكره معظم الأصحاب لأن تركهما عماد الصوم وركنه الأصلي وفواته اقتضاء لإبطاله من إبطاله الصلاة فإذا لم تؤثر فيه حالة السهو فالصلاة أولى وكالسلام قال في الكافي فعلى هذا يسجد لأنه يبطل الصلاة بعمده وعفي عن سهوه فيسجد له لجتس الصلاة وعنه تبطل به وهو قول الأوزاعي وقدمه في الكافي لأنه من غير جنس الصلاة فاستوى سهوه وعمده كالكثير وقيل تبطل بالأكل فقط وظاهره أنها تبطل به إذا كان كثيرا بغير خلاف قاله في الشرح لأن غيرهما يبطلها إذا كثر فهما أولى وقيل الفرض وحده قاله في الرعاية والمذهب أنها لا تبطل بيسير شرب عرفا في نفل ولو عمدا وظاهر ما في المستوعب و التلخيص أن الفرض والنفل لا يبطل بكثير ذلك سهوا
تنبيه إذا ترك بفيه سكرا ونحوه وبلع ما ذاب فهو كالأكل وكما لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه وقيل لا يبطل فيهما وإن بقي بين أسنانه بقية طعام يجري به ريقه فبلعه أو ازدرده بلا مضغ أو ترك بفمه لقمة لم يمضغها ولم يبتلعها لم تبطل للمشقة ولأنه عمل يسير لكنه يكره ذكره جمع لأنه يشغله عن خشوع الصلاة فإن لاكها فهو كالعمل إن كثر تبطل وإلا فلا ذكره في الكافي و الرعاية وقال في الروضة ما أمكن إزالته بطلت بابتلاعه ( وإن أتى ) شرع في بيان زيادة الأقوال وهي قسمان أحدهما ما يبطل عمده الصلاة كالسلام وكلام الآدميين وسيأتي والثاني ما لا يبطلها مطلقا وهو المراد بقوله ( بقول مشروع في غير موضعه ) عمدا
____________________
1-
(1/508)
كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخريين لم تبطل به ولا يجب السجود لسهوه وهل يشرع على روايتين وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها وإن كان سهوا ثم ذكر قريبا أتمها وسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سوى السلام قاله في الوجيز و الفروع وهو مراد من أطلق ( كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخريين لم تبطل به ) نص عليه لأنه مشروع في الصلاة في الجملة وقيل تبطل به ذكره ابن الجوزي في مسبوكه وقاله ابن حامد وأبو الفرج في قراءته راكعا أو ساجدا فعلى هذا يجب السجود لسهوه ( و ) على الأول ( لا يجب السجود لسهوه ) كسائر ما لا يبطل عمده الصلاة ( وهل يشرع على روايتين ) إحداهما يشرع صححه في الوسيلة و الرعاية و الفروع ونصره جماعة فعلى هذا هو مستحب وجزم به في الوجيز لعموم قوله عليه السلام
إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين والثانية لا يشرع قدمها في المغني لأنها لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال وظاهره أنه إذا أتى بذكر أو دعاء متعمدا لم يرد الشرع به فيها كقول آمين رب العالمين وفي التكبير الله أكبر كبيرا أنه لا يشرع له سجود وجزم به في المغني و الشرح لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى فلم يأمره بالسجود وفيه وجه أنها تبطل به ذكره ابن الجوزي وفيه بعد ( وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها ) لأنه تكلم فيها والباقي منها إما ركن أو واجب وكلاهما تبطل الصلاة بتركه عمدا ( وإن كان ) السلام ( سهوا ) لم تبطل به رواية واحدة قاله في المغني لأنه عليه السلام هو وأصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم لأن جنسه مشروع فيها أشبه الزيادة فيها من جنسها ( ثم ذكر قريبا أتمها ) زاد غير واحد وإن انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه ( وسجد ) لما روى ابن سيرين عن أبي هريرة قال
____________________
1-
(1/509)
فإن طال الفصل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين قد سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه وفي القوم رجل في يده طول يقال له ذو اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة فقال لم أنس ولم تقصر فقال كما يقول ذو اليدين فقالوا نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر فربما سألوه بم سلم فيقول نبئت أن عمران بن حصين قال ثم سلم متفق عليه ولفظه للبخاري لكن إن لم يذكر حتى قام فعليه أن يجلس لينهض إلى الإتيان بما بقي عليه من جلوس لأن هذا القيام واجب للصلاة فلزمه الإتيان به مع النية وشرط الإتمام استمرار الطهارة فلو أحدث استأنفها ( فإن طال الفصل ) بطلت في قول الجمهور لأنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل ولتعذر البناء معه ويرجع فيه إلى العرف قال في المغني و الشرح والمقاربة لمثل حاله عليه السلام في خبر ذي اليدين إذ م يرد بتحديده نص وقيل قدر ركعة طويلة قاله القاضي في الجامع وقيل قدر الصلاة التي هو فيها وقيل مادام في المسجد لأنه محل للصلاة
تنبيه إذا لم يذكر المتروك حتى شرع في صلاة غيرها فإن طال الفصل بطلت وإن لم يطل عاد إلى الأولى وأتمها وعنه يستأنفها اقتصر عليه في
____________________
1-
(1/510)
أو تكلم لغير مصلحة الصلاة بطلت وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن تبطل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الكافي لتضمن عمله قطع نيتها وعنه يستأنفها إن كان ما شرع فيه نفلا وذكر في المبهج يكمل الأولى من الثانية نفلا كانت أو فرضا لأنه سهو معذور فيه وفي الفصول فيما إذا كانتا صلاتي جمع أتمها ثم سجد عقبيها للسهو عن الأولى لأنهما كصلاة واحدة ولم يخرج من المسجد والأول المذهب لأنه عمل عملا من جنس الصلاة سهوا فلم تبطل كما لو زاد ركعة وأما إتمام الأولى بالثانية فلا يصح لأنه قد خرج من الأولى بالسلام ونية الخروج منها ولم ينوها بعد ذلك ونية غيرها لا تجزئ عن نيتها كحالة الابتداء ( أو تكلم ) في هذه الحال أي إذا سلم يظن أن صلاته قد تمت ( لغير مصلحة الصلاة ) كقوله يا غلام اسقني ماء ونحوه ( بطلت ) نص عليه في رواية جماعة وهو المذهب لما روى معاوية بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس رواه مسلم وأبو داود وقال
لا يحل مكان لا يصلح وعنه لا تفسد بالكلام في هذه الحال لأنه نوع من النسيان أشبه المتكلم جاهلا وأطلق جمع الخلاف
( وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن تبطل ) مطلقا اختارها الخلال وصاحبه وقدمها في المحرر و الرعاية وصححها جماعة وهي اختيار أكثر الأصحاب لما روى زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } [ البقرة 239 ] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام متفق عليه وللترمذي فيه كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وزيد مدني وهو يدل على
____________________
1-
(1/511)
والثانية لا تبطل والثالثة تبطل صلاة المأموم دون الإمام اختارها الخرقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن نسخ الكلام كان بالمدينة ويعضده حديث معاوية ( والثانية لا تبطل ) مطلقا نص عليه في رواية جماعة وقدمه ابن تميم وذكر المؤلف أنه الأولى وصححه في الشرح لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وذا اليدين تكلموا وبنوا على صلاتهم فعلى هذا إن أمكنه استصلاح الصلاة بإشارة ونحوها فتكلم فذكر في المذهب وغيره أنها تبطل وعنه إن تكلم لمصلحتها سهوا لم تبطل وإلا بطلت قال في المحرر وهو أصح عندي لأن النهي عام وإنما ورد في حال السهو فيختص به ويبقى في غيره على الأصل ( والثالثة تبطل صلاة المأموم ) لأنه لا يمكنه التأسي بالخليفتين فإنهما كانا مجيبين للنبي صلى الله عليه وسلم وإجابته واجبة بالنص ولا بذي اليدين لأنه تكلم سائلا عن قصر الصلاة في وقت يمكن ذلك فيه فعذر بخلاف غيره ( دون الإمام اختارها الخرقي ) لأن له أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان إماما وتكلم وبنى على صلاته فعلى هذه المنفرد كالمأموم ذكره في الرعاية وهو ظاهر المحرر وظاهره أن الخلاف جار بمن ظن تمام صلاته فسلم ثم تكلم واختاره جمع وقال القاضي والمجد هو على الإطلاق وصححه ابن تميم وقدمه في الرعاية لأن الكلام هنا قد يكون أشد كإمام نسي القراءة ونحوها فإنه يحتاج أن يأتي بركعة فلا بد له من إعلام المأموم والكلام غير المبطل ما كان يسيرا فإن كثر وطال أبطل اختاره الشيخان والقاضي زاعما أنه رواية واحدة لأن الأحاديث المانعة من الكلام عامة تركت في اليسير للأخبار فيبقى ما عداه على مقتضى العموم وقيل لا تبطل وهو ظاهر كلامه واختاره القاضي في الجامع الكبير لأن ما عفي عنه بالنسيان استوى قليله وكثيره كالأكل في الصوم
____________________
1-
(1/512)
إن تكلم في صلب الصلاة بطلت وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة لا بأس بالسلام على المصلي نص عليه وفعله ابن عمر لقوله تعالى { فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم } [ النور 61 ] أي على أهل دينكم وعنه يكره وهي قول ابن عقيل وقدمها في الرعاية وقاله الشعبي وعطاء وأبو مجلز لأنه ربما غلط فرد بالكلام وعنه يكره في فرض وقيل لا يكره إن عرف كيفية الرد وإن كثر ذلك عرفا بلا ضرورة وإن رده لفظا بطلت لأنه كلام آدمي أشبه تشميت العاطس ويرده إشارة لفعله عليه السلام رواه أبو داود والترمذي وصححه ولا يجب في الأصح وعنه يكره وعنه في فرض ولا يرده في نفسه بل يستحب بعدها لرده عليه السلام على ابن مسعود بعد السلام ولو صافح إنسانا يريد السلام عليه لم تبطل
( وإن تكلم في صلب الصلاة بطلت ) اعلم أن الكلام فيها ينقسم إلى أقسام
أحدها أن يتكلم عمدا عالماأنه فيها مع علمه بتحريم ذلك لغير مصلحة الصلاة ولا لأمر يوجب ذلك بطلت إجماعا حكاه ابن المنذر لما روى ابن مسعود قال كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا ثم قال
إن في الصلاة لشغلا متفق عليه وفي لفظ لأبي داود قال فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال
إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله قد أحدث أن لا تكلموا فيها وأبعد في الرعاية فحكى قولا أنها لا تبطل بكلام يسير
والثاني أن يتكلم ساهيا وهو مبطل لها في قول الأكثر للعموم ( وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا ) قدمه أبو الحسين وابن تميم ونصره في التحقيق ولا فرق بين أن يتكلم ساهيا أنه في صلاة أو يظن أن صلاته قد تمت فيسلم
____________________
1-
(1/513)
أو جاهلا ويسجد له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويتكلم ( أو جاهلا ) ذكره المؤلف وصاحب التلخيص لأنه عليه السلام لم يأمر معاوية حين شمت العاطس جهلا بتحريمه بالإعادة والساهي مثله لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان وظاهره أنه لا فرق بين الجاهل بتحريم الكلام أو الإبطال به قال القاضي في الجامع لا أعرف عن أحمد نصا في الجاهل بتحريم الكلام وألحق بعض أصحابنا الحديث العهد بالإسلام به وفيه وجه لا تبطل بحال ذكره في المغني احتمالا لما روى أبو هريرة أن أعرابيا قال وهو في الصلاة اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسمل بالإعادة رواه البخاري ثم قال والأولى أن يخرج هذا على الروايتين في الناسي لأنه معذور بمثله
الثالث أن يتكلم جاهلا وقد ذكر
( ويسجد له ) لعموم الأحاديث ولان عمده يبطلها فوجب السجود لسهوه كترك الواجبات
لا يقال لم يأمر معاوية بالسجود فكيف يسجد لأنه كان مأموما والإمام يتحمل عنه سهوه
الرابع أن يتكلم مغلوبا عليه وهو أنواع
أحدها أن تخرج الحروف بغير اختياره كما لو غلبه سعال أو عطاس أو تثاؤب فبان حرفان أو سبق لسانه حال قراءته إلى كلمة أخرى غير القرآن لم تبطل نص عليه لأنه لا يمكنه التحرز منه وقيل هو كالناسي
الثاني أن ينام فيتكلم فقد توقف أحمد عن الجواب عنه والأولى أنها لا تبطل به لرفع القلم عنه ولعدم صحة إقراره وعتقه
____________________
1-
(1/514)
وإن قهقه أو نفخ أو انتحب فبان حرفان فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثالث أن يكره على الكلام فصحح في المغني الإبطال به وذكره ابن شهاب كما لو أكره على زيادة ركن أو ركعة وذكر في التلخيص أنه كالناسي لقوله عليه السلام
رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه قال القاضي هو أولى منه بالعفو وصحة الصلاة نصره في التحقيق لأن الفعل غير منسوب إليه بدليل أنه لو أكره على إتلاف مال لم يضمنه والناسي يضمن ما أتلفه والأول أولى لأن النسيان يكثر بخلاف الإكراه
الرابع أن يتكلم بكلام واجب مثل أن يخشى على ضرير أو صبي الوقوع في هلكة أو يرى حية تقصد غافلا أو نارا يخاف أن تشتعل في شيء ولا يمكنه التنبيه بالتسبيح فقال أصحابنا تبطل به لما سبق وقيل لا وهو ظاهر كلام أحمد وصححه في الرعاية لقصة ذي اليدين وقيل هو كالناسي وذكر ابن تميم وغيره أنه متى أمكن استغناؤه بإشارة لم يجز أن يتكلم ولا يتكلم بزيادة على حاجته وحاصله أن المبطل منه ما كان على حرفين كقوله أب ودم أي ظاهرا لأنه لا تنتظم كلمة من أقل منهما فلو قال لا فسدت صلاته لأنها لام وألف
( وإن قهقه أو نفخ أو انتحب فبان حرفان فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى ) وفيه مسائل
الأولى إذا قهقه وهي ضحكة معروفة فإن قال قه قه فالأظهر أنها تبطل به وإن لم يبن حرفان ذكره في المغني وقدمه الأكثر كالمتن وحكاه ابن المنذر إجماعا لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء رواه الدارقطني بإسناد فيه ضعف ولأنه تعمد
____________________
1-
(1/515)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيها بما ينافيها أشبه خطاب الآدمي وظاهره أنها لا تفسد بالتبسم وهو قول الأكثر حكاه ابن المنذر
الثانية إذا نفخ فيها فهو كالكلام إذا بان حرفان ذكره في المذهب و الوجيز وصححه المؤلف لما روي عن ابن عباس قال من نفخ في صلاته فقد تكلم رواه سعيد وعن أبي هريرة نحوه لكن قال ابن المنذر لا يثبت عنهما وعنه تبطل مطلقا لظاهر ما ذكرنا وعنه عكسها روي عن جماعة منهم ابن مسعود وقيل لقدامة بن عبد الله نتأذى بريش الحمام إذا سجدنا فقال انفخوا رواه البيهقي بإسناد حسن وقدامة صحابي وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نفخ في صلاة الكسوف رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن والبخاري تعليقا وكالحرف الواحد والأولى حمله على ما إذا لم ينتظم حرفان فإن انتظم بطلت
الثالثة إذا انتحب بأن رفع صوته بالبكاء من غير خشية كالكلام إذا بان حرفان لانه من جنس كلام الآدميين وظاهره لا فرق بين ما غلب صاحبه وما لم يغلبه لكن قال في المغني و النهاية إنه إذا غلب صاحبه لم يضره لكونه غير داخل في وسعه ولم يحكيا فيه خلافا قوله فهو كالكلام أي يبطل إن كان عمدا وإن كان ساهيا أو جاهلا خرج على الروايتين
الرابعة إذا انتحب من خشية الله تعالى أنه لا يضر لما روى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء رواه أحمد وأبو داود قال أحمد كان عمر
____________________
1-
(1/516)
وقال أصحابنا في النحنحة مثل ذلك وقد روي عن أبي عبد الله أنه كان يتنحنح في الصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يبكي حتى يسمع له نشيج وذكره البخاري عن عبد الله بن شداد أنه سمعه وهو في آخر الصفوف وظاهره وإن لم يكن عن غلبة وقاله القاضي وأبو الخطاب وصححه ابن تميم وهو ظاهر كلام الأكثر لأن الله تعالى مدح الباكين فقال { خروا سجدا وبكيا } [ مريم 58 ] { ويخرون للأذقان يبكون } [ الإسراء 109 ] وهو عام فيما تضمن حرفا أو حروفا ولأنه ذكر ودعاء ولهذا مدح إبراهيم فقال { إن إبراهيم لأواه حليم } [ التوبة 114 ] وفي التفسير أنه كان يتأوه خوفا من الله تعالى
والثاني تبطل ذكره المؤلف أنه الأشبه بأصول أحمد لعموم النصوص والمدح على البكاء لا يخصصه كرد السلام وتشميت العاطس وكما لو لم يكن من خشية لأنه يقع على الهجاء ويدل بنفسه على المعنى كالكلام وإن استدعى البكاء كره كالضحك وإلا فلا
فرع إذا تأوه أو أن فبان حرفان من خوف الله تعالى لم تبطل وإن كان عن غير غلبة لأن الكلام لا ينسب إليه ولا يتعلق به حكم من أحكام الكلام فدل أنهما إذا ظهرا من بكاء أو بصاق أو تثاؤب أو سعال لا من خشية الله تعالى أنها تبطل قال في المستوعب وغيره إذا قلنا إن الكلام ناسيا لا تبطل الصلاة به فما كان من هذه الأشياء غالبا لا تبطل به وإن بان حرفان ( وقال أصحابنا في النحنحة مثل ذلك ) أي هي كالنفخ والقهقهة إن بان حرفان فسدت لأنه إذا أبانهما كان متكلما أشبه ما لو أن ( وقد روي عن أبي عبد الله أنه كان يتنحنح في الصلاة ) نقلها المروذي ومهنا
____________________
1-
(1/517)
ولا يراها مبطلة للصلاة فصل وأما النقص فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( ولا يراها مبطلة للصلاة ) اختارها المؤلف ويعضده ما روى أحمد وابن ماجه عن علي قال كان لي مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار فإذا دخلت عليه وهو يصلي يتنحنح لي وللنسائي معناه ولانها صوت لا يدل بنفسه ولا مع لفظ غيره على معنى لكونها حروفا غير محققة كصوت أعقل ولا يسمى فاعلها متكلما بخلاف النفخ والتأوه وأطلق في المحرر الروايتين وقيل إن تنحنح لضرورة أو حاجة فبان حرفان فوجهان وحمل الأصحاب ما روي عن الإمام أحمد أنه لم يأت بحرفين ورده المؤلف بأن ظاهر حاله أنه لم يعتبر ذلك لأن الحاجة تدعو إليها فصل وأما النقص فمتى ترك ركنا ناسيا أو ساهيا غير تكبيرة الإحرام أو النية إذا قلنا بركنيتها ( فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت ) الركعة ( التي تركه منها ) فقط نص عليه وجزم به الأصحاب لأنه ترك ركنا ولم يمكن استدراكه لتلبسه بالركعة التي بعدها فلغت ركعته وصارت التي تشرع فيها عوضا عنها ولا يعيد الاستفتاح نص عليه في رواية الأثرم وقال الشافعي إن ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية فإنه يعود إلى السجدة الأولى وإن ذكر بعد سجوده في الثانية وقعت عن الأولى لأن الركعة قد صحت وما فعله في الثانية سهوا لا يبطل كما لو ذكر قبل القراءة وذكر أحمد هذا القول فقر به إلا أنه اختار الأول وذكره ابن تميم وغيره وجها والأول أقوى لأن المزحوم في الجمعة إذا زال الزحام والإمام راكع في الثانية فإنه يتبعه ويسجد معه ويكون السجود من الثانية دون الأولى فعلى هذا إن
____________________
1-
(1/518)
وإن ذكره قبل ذلك عاد فأتى به وبما بعده وإن كان بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان الترك من الأولى صارت الثانية أوليته والثالثة ثانيته والرابعة ثالثته ويأتي بركعة وكذا القول في الثانية والثالثة والرابعة فإن رجع عمدا مع علمه بطلت صلاته نص عليه لتركه الواجب عمدا وظاهره أنه لا يبطل ما مضى من الركعات قبل المتروك ركنها وقال ابن الزاغوني بلى وبعده ابن تميم وغيره ( وإن ذكره قبل ذلك ) أي قبل القراءة ( عاد ) لزوما ( فأتى به ) أي بالمتروك نص عليه لكون القيام غير مقصود في نفسه لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة وهي المقصودة ولانه أيضا ذكره في موضعه كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السلام فإنه يأتي بها في الحال وقال في المبهج من ترك ركنا ناسيا فلم يذكر حتى شرع في ركن آخر بطلت تلك الركعة وذكره بعضهم رواية فعلى الأول إن لم يعد مع علمه بطلت صلاته وإن كان سهوا أو جهلا لم تبطل لأنه فعل غير متعمد أشبه ما لو مضى قبل ذكر المتروك وتبطل تلك الركعة وقال أبو الخطاب إذا لم يعده لا يعتد بما يفعله بعد المتروك فإن ذكر الركوع وقد جلس أتى به وبما بعده فإن ذكر بعد أن قام من السجدة الثانية وكان جلس للفصل أتى بالسجدة فقط ولم يجلس لأنه لم يتركه وقيل بلى ثم يسجد وإلا جلس للفصل ثم يسجد ( و ) يأتي معه ( بما بعده ) لوجوب الترتيب ( وإن كان بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة ) كذا ذكره جماعة منهم في المحرر لأن الركعة التي لغت بترك ركنها غير معتد بها فوجودها كعدمها فإذا سلم قبل ذكرها فقد سلم من نقص فإن طال الفصل أو أحدث بطلت لفوات الموالاة كما لو ذكره في يوم آخر وإن لم يطل بل كان عن قرب عرفا لم تبطل وأتى بركعة وظاهره لو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه ويسجد له
____________________
1-
(1/519)
وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي بثلاث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قبل السلام نقله حرب بخلاف ترك الركعة بتمامها وقال أبو الخطاب وجزم به في التبصرة و التلخيص تبطل ونقله الأثرم وغيره لأنه ترك ركن الصلاة ولم يمكنه استدراكه لكونه خرج منها بالسلام والأول أولى كما لو كان المتروك ركعة فإنه إجماع لخبر ذي اليدين لكن ذكر في المغني و الشرح إن كان المتروك سلاما أتى به فحسب وإن كان تشهدا أتى به وبالسلام وإن كان غيرهما أتى بركعة كاملة وهو المنصوص وقيل يأتي بالركن وبما بعده قال ابن تميم وهو أحسن وإن لم يعلم حتى شرع في صلاة فقد سبق
تنبيه إذا ترك ركنا لا يعلم موضعه أو جهل عين الركن المتروك بنى على الأحوط لئلا يخرج من الصلاة وهو شاك فيها فيكون مغررا بها لقوله عليه السلام
لا غرار في صلاة ولا تسليم رواه أبو داود قال الأثرم سألت أبا عبد الله عن تفسيره أما أنا فأرى أن لا يخرج منها إلا على يقين أنها قد تمت فعلى هذا إذا ترك سجدة لا يعلم من الأولى أو الثانية جعلها من الأولى وأتى بركعة وإن ترك سجدتين لا يعلم من ركعة أو ركعتين سجد سجدة وحصلت له ركعة وإن ذكر بعد شروعه في قراءة الثالثة لغت الأوليان فإن ترك ركنا لا يعلم هل هو ركوع أو سجود جعله ركوعا وإن شك في القراءة والركوع جعله قراءة وإن ترك اثنتين متواليتين من الفاتحة جعلهما من ركعة وإن لم يعلم تواليهما جعلهما من ركعتين
( وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي بثلاث ) نقله الجماعة وصححه في التلخيص وهو المذهب لأنه قد بطل كل واحدة من الثلاث بشروعه في التي بعدها وبقيت
____________________
1-
(1/520)
وعنه تبطل صلاته وإن نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائما وإن استتم قائما لم يرجع وإن رجع جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الرابعة ناقصة فيتمها بسجدة فتصح وتصير أولاه ويأتي بالثلاث الباقية ثم يتشهد ويسجد للسهو ويسلم وعنه تصح له ركعتان ويأتي بركعتين قال المؤلف ويحتمل أن يكون هذا هو الصحيح لأن أحمد حكاه عن الشافعي وقال هو أشبه من قول أبي حنيفة وعنه لا يصح له سوى تكبيرة الإحرام فيبني عليها ( وعنه تبطل صلاته ) وقاله إسحاق لأنه يؤدي إلى التلاعب في الصلاة ويفضي إلى عمل كثير غير معتد به وهو ما بين التحريمة والركعة الرابعة وبناه جماعة منهم صاحب الشرح على المسألة قبلها فإن لم يذكر حتى سلم بطلت نص عليه وذكره في المذهب و التلخيص رواية واحدة لأن الركعة الأخيرة بطلت بسلامه وفيه وجه كما لو لم يسلم وإن ذكر وقد قرأ في الخامسة فهي أولاه ولغا ما قبلها ذكره في التلخيص وغيره ولا يعيد الافتتاح وتشهده قبل سجدتي الأخيرة زيادة فعلية وقبل السجدة الثانية زيادة قولية ( وإن نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائما ) كذا ذكره جماعة منهم صاحب المحررط و الوجيز لما روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس وإذا استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو رواه أحمد وابو داود وابن ماجه من رواية جابر الجعفي وقد تكلم فيه ولأنه أخل بواجب وذكره قبل الشروع في ركن فلزمه الإتيان به كما لو لم تفارق أليتاه الأرض وظاهره أنه يلزمه الرجوع سواء فارقت أليتاه الأرض أو كان إلى القيام أقرب ويجب على مأموم اعتدل متابعته ( وإن استتم قائما ) ولم يقرأ ( لم يرجع وإن رجع جاز ) نص عليه وهو معنى ما في المحرر والمذهب و التلخيص
____________________
1-
(1/521)
وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع وعليه السجود لذلك كله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الكافي وذكر أنه قول الأصحاب كما لو ذكره قبل الاعتدال ولأنه لم يتلبس بركن مقصود لأن القيام ليس بمقصود في نفسه ولهذا جاز تركه عند العجز بخلاف غيره من الأركان والأشهر يكره رجوعه جزم به في الوجيز وذكره في الفروع وعنه يمضي وجوبا صححه المؤلف لما تقدم من حديث المغيرة ولان القيام ركن فلم يجز الرجوع بعد الشروع فيه كالقراءة وعنه يلزمه الرجوع وقاله النخعي ويتبعه المأموم ( وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع ) لحديث المغيرة ولأنه شرع في ركن مقصود كما لو شرع في الركوع وظاهره أنها تبطل صلاة الإمام إذا رجع بعد شروعه فيها إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا وكذا حال المأمومين إن تبعوه وإن سبحوا به قبل أن يعتدل فلم يرجع تشهدوا لأنفسهم وتبعوه وقيل بل يفارقونه ويتمون صلاتهم ( وعليه السجود لذلك كله ) جزم به أكثر الأصحاب لحديث المغيرة ولعموم قوله عليه السلام
إذا سها أحدكم فليسجد سجدتين وعنه إن كثر نهوضه وإن قل قدمه ابن تميم وفي التلخيص إن بلغ حد الركوع سجد لأنه زاد ما يبطل عمده الصلاة وقال القاضي في موضع إذا لم يعتدل قائما فلا سجود وحكاه في شرح المذهب عن شيخه لخبر رواه الدارقطني
مسألة حكم ترك الذكر فيه كتركهما فلو نسي تسبيح ركوع فذكره بعد زواله عن حد الركوع حتى انتصب قائما فوجهان
أحدهما لا يرجع جزم به في المغني و الشرح لانه يزيد ركوعا ويأتي بالتسبيح في ركوع غير مشروع
فعلى هذا إن رجع بطلت لا سهوا بل يسجد له فإن أدركه مسبوق في هذا الركوع لم يدركها ذكره المؤلف
____________________
1-
(1/522)
فصل وأما الشك فمن شك في عدد الركعات بنى على اليقين وعنه يبني على غالب ظنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
والثاني يجوز له الرجوع اقتصر عليه في المحرر وذكره القاضي قياسا على القيام من ترك التشهد وليس مثله لأن التشهد واجب في نفسه غير متعلق بغيره بخلاف بقية الواجبات لأنها تجب في غيرها كالتسبيح مع أن الأولى في التشهد لا يرجع إما جزما كما في المغني أو استحبابا كالمشهور وقياس بقية الواجبات مثله قاله في المحرر وغيره فصل ( وأما الشك )
هذا هو القسم الثالث مما يشرع له سجود السهو ( فمن شك في عدد الركعات بنى على اليقين ) اختاره الأكثر منهم أبو بكر وروي عن عمر وابنه وابن عباس لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم رواه مسلم وكطهارة وطواف ذكره ابن شهاب ولأن الأصل عدم ما شك فيه وكما لو شك في اصل الصلاة وسواء تكرر ذلك منه أو لا قاله في المستوعب وغيره ( وعنه يبني على غالب ظنه ) نقلها الأثرم وذكر الشريف وأبو الخطاب أنها اختيار الخرقي وروي عن علي وابن مسعود لما روى ابن مسعود مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين متفق عليه وللبخاري
بعد التسليم وفي لفظ لمسلم
فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب واختار الشيخ تقي الدين أنه يستأنفها من يعرض له أولا وقال على هذا عامة أمور الشرع وأن مثله يقال في طواف وسعي ورمي جمار
____________________
1-
(1/523)
وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين والإمام يبني على غالب ظنه فإن استويا عنده بنى على اليقين ومن شك في ترك ركن فهو كتركه وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وجهين وإن شك في زيادة لم يسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغير ذلك ( وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين والإمام على غالب ظنه ) جزم به في الكافي و الوجيز وذكر في الشرح أنه المشهور عن أحمد وأنه اختيار الخرقي جمعا بين الأخبار ولأن للإمام من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب بخلاف المنفرد ومرادهم ما لم يكن المأموم واحدا فإن كان فباليقين لأنه لا يرجع إليه بدليل المأموم الواحد لا يرجع إلى فعل إمامه ويبني على اليقين للمعنى المذكور ويعايا بها وذكر في المذهب أن المنفرد يبني على الأقل رواية واحدة وكذا الإمام في الأصح ( فإن استويا عنده بنى على اليقين ) وهو الأقل بغير خلاف لأنه الأصل وهو شامل للإمام والمنفرد وأما الماموم فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه وإن جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله وإن تيقن الإمام أنه مصيب فيما فعله لم يسجد للسهو في الأشهر وسواء بنى على اليقين أو غلبة الظن ( ومن شك في ترك ركن فهو كتركه ) ويعمل باليقين لأن الأصل عدمه وقيل هو كركعة قياسا قال أبو الفرج التحري سائغ في الأقوال والأفعال ومحله في غير تكبيرة الإحرام والنية على ما مر ( وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وحهين ) وكذا في الفروع أحدهما يلزمه السجود قدمه في المحرر وصححه في الشرح لأن الأصل عدمه والثاني لا قدمه في المستوعب و الرعاية وجزم به في الوجيز وذكر في المذهب أنه قول أكثر أصحابنا لان الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك ( وإن شك في زيادة لم يسجد ) لأن الأصل عدمها وعنه يسجد اختاره القاضي كشكه فيها وقت
____________________
1-
(1/524)
وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعلها فلو بان صوابه أو سجد ثم بان لم يسه أو سها بعده قبل سلامه في سجوده قبل السلام فوجهان وقيل يسجد في النقص لا الزيادة وقال في الرعاية وهو أظهر فإن كان شكه بعد السلام لم يلتفت إليه نص عليه لأن الظاهر أنه أتى بها على الوجه المشروع وقيل بلى مع قصر الزمن فإن طال فلا وجها واحدا
فرع إذا شك هل سهوه مما يسجد له أو لا أو ظن أن له سهوا فسجد له فبان سجوده له سهوا فهل يسجد فيه وجهان فإن كثر السهو حتى صار وسواسا لم يلتفت إليه
( وليس على المأموم سجود سهو ) في قول عامة العلماء لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه رواه الدارقطني وظاهره ولو أتى بما تركه بعد السلام لكن إن سها فسلم معه أو سها معه أو فيما انفرد سجد وكذا إن سها بعد مفارقة إمامه رواية واحدة ( إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه ) وحكاه إسحاق وبان المنذر إجماعا لعموم قوله إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا وسواء كان السجود قبل السلام أو بعده وظاهره أنه يسجد مسبوق مع إمامه إن سها إمامه فيما أدركه وكذا فيما لم يدركه وعنه لا يلحقه حكمه فلا يسجد معه بل يقضي ثم يسجد إن سجد بعد السلام وإن سجد قبله تبعه وعنه يخير بين متابعة إمامه وتأخير السجود إلى آخر صلاته وإذا تبع المسبوق إمامه ثم قضى هل يعيد السجود فيه روايتان إحداهما يعيده لأن محله آخر صلاته وإنما سجد مع إمامه تبعا والثانية لا لأنه قد سجد وانجبرت صلاته
____________________
1-
(1/525)
فإن لم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فإذا لم يسجد معه سجد وجها واحدا وظاهره أنه يسجد مع إمامه ولو لم يكمل التشهد ثم يتمه وقيل ثم يعيد السجود إذا سلم
تنبيه إذا قام مأموم لقضاء ما فاته فسجد إمامه بعد السلام وقلنا يجب عليه متابعة إمامه فهو كالقائم عن التشهد الأول نص عليه وهل يعود أولا أو يخير فيه روايات فإن كان قرأ لم يرجع على المذهب فإن أدركه في أحد سجدتي السهو سجد معه فإذا سلم أتى بالثانية ثم قضى صلاته نص عليه وقيل لا يأتي بها بل يقضي صلاته بعد سلام إمامه ثم يسجد وإن أدركه بعد سجود السهو وقبل السلام لم يسجد قاله في المذهب ( فإن لم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين ) إحداهما يسجد اختارها الأكثر لأنها نقصت بسهو إمامه فلزمه جبرها وكما لو انفرد لعذر ولعموم قوله فعليه وعلى من خلفه والثانية لا قدمها في المحرر وهي ظاهر الوجيز وقاله جماعة لأنه إنما يسجد تبعا ولم يوجد قال في التلخيص وأصلهما هل سجود المأموم تبعا أو لسهو غمامه فيه روايتان وهذا فيما إذا تركهما الإمام سهوا فإن ترك سجود السهو الواجب قبل السلام عمدا بطلت صلاة الإمام وفي صلاتهم روايتان والمراد بالمأموم غير المسبوق ببعضها فإنه لا يسجد كذلك في قول أكثرهم
____________________
1-
(1/526)
فصل وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب ظنه وعنه أن الجميع قبل السلام وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان من نقص كان قبله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ( وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب )
في ظاهر المذهب وعنه شرط لصحتها حكاه ابن تميم وغيره وعنه سنة وتأولها بعضهم والأول هو المشهور عن أحمد قاله ابن هبيرة سوى نفس سجود سهو قبل سلام فإنها تصح مع سهوه ويبطل بتركه عمدا ولا يجب السجود له ( ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب ظنه ) هذا هو المذهب واختاره الأكثر لحديث ابن مسعود وذي اليدين ولأنه من تمامها فكان قبل السلام كسجود صلبها وظاهره لا فرق بين أن يسلم عن نقص ركعة أو أقل وقال في الخلاف و المحرر وغيرهما عن نقص ركعة وإلا قبله نص عليه ( وعنه أن الجميع قبل السلام ) اختاره أبو محمد الجوزي وابنه أبو الفرج قال في الخلاف وهو القياس لحديث ابن بحينة وغيره قال الزهري كان آخر الأمرين السجود قبل السلام وعنه عكسه لحديث ثوبان لكل سهو سجدتان بعد التسليم رواه سعيد من رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين ( وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان من نقص كان قبله ) وقاله أبو ثور لأنه عليه السلام سجد في حديث ابن بحينة قبل السلام وكان من نقص والصحيح أن كل سجود سجده عليه السلام بعد السلام فهو بعد السلام وسائر السجود قبله وعنه عكسه وهذا الخلاف في محل وجوبه وهو ظاهر المستوعب و التلخيص واختاره الشيخ تقي الدين ويدل عليه كلام أحمد والثاني أنه في محل الفضل ذكره القاضي وأبو الخطاب وجزم به في المحرر
____________________
1-
(1/527)
وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل الفصل أو يخرج من المسجد ويكفيه لجميع السهو سجدتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الوجيز وقدمه في الفروع قال القاضي لا خلاف في جواز الأمرين وإنما الكلام في الأولى والأفضل فلا معنى لادعاء النسخ ( وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل الفصل ) عرفا ( أو يخرج من المسجد نص عليه وقدمه في المستوعب و التلخيص و المحرر وغيرهم لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام رواه مسلم ولأنه لتكميل الصلاة فلا يأتي به بعد طول الفصل كركن من أركانها ولأن المسجد محل الصلاة فاعتبرت فيه المدة كخيار المجلس وظاهره أنه إذا طال أو خرج أو أحدث لم يسجد وصحت وأنه يأتي به ولو تكلم صرح به في المحرر للخبر وعنه متى تكلم امتنع من السجود ولو كان في المسجد وقيل إن تكلم لا لمصلحة الصلاة لم يسجد وقيل إن طال الفصل وهو في المسجد لم يمنع وهو ظاهر الخرقي لأن حكم المسجد حكم البقعة الواحدة فكأنه باق في مصلاه بدليل الاقتداء وقيل يسجد وإن خرج من المسجد ما لم يطل الفصل صححه ابن تميم وهو ظاهر الوجيز لأنه عليه السلام رجع إلى المسجد بعد خروجه منه لإتمام الصلاة فالسجود أولى وعنه يسجد وإن خرج وطال الفصل كجبرانات الحج وعنه لا يسجد مطلقا وفيه وجه إذا أحدث بعد صلاته وتوضأ أنه يسجد
تنبيه إذا ذكره وهو في صلاة أخرى سجد إذا سلم وقيل إن قرب الزمن ولا يجب بترك سجود السهو ساهيا سجود آخر ولا يبطل به لأنه جابر للعبادة كجبرانات الحج وعنه أنه متى تعذر السجود الواجب بطلت
( ويكفيه لجميع السهو سجدتان ) إذا لم يختلف محلهما بغير خلاف
____________________
1-
(1/528)
لا أن يختلف محلهما ففيه وجهان ومتى سجد بعد السلام جلس فتشهد ثم سلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( إلا أن يختلف محلها ففيه وجهان ) أحدهما يكفيه سجدتان نص عليه ونصره المؤلف وهو ظاهر الوجيز وقول الأكثر لأنه عليه السلام سها فسلم وتكلم بعد سلامه وسجد لهما سجودا واحدا ولأنه شرع للجبر فكفى فيه سجود واحد كما لو كان من جنس ولأنه إنما أخر ليجمع السهو كله والثاني يتعدد قدمه في المحرر لعموم حديث ثوبان
لكل سهو سجدتان بعد السلام ولأن كل سهو يقتضي سجودا وإنما يتداخلان في الجنس الواحد وجوابه بأن السهو اسم جنس فيكون التقدير لكل صلاة فيها سهو سجدتان يدل عليه قوله
بعد السلام
ولا يلزمه بعد السلام سجودان الجنسان ما كان قبل السلام وبعده وقيل ما كان من زيادة ونقص والأول أولى قاله المؤلف وإذا قيل بالتداخل سجد قبل السلام لأنه الأصل وقيل بعده وقيل الحكم للأسبق
فرع إذا شك في محل سجوده سجد قبل السلام ومن شك هل سجد لسهوه أو لا سجد مرة في الأشهر فلو فارق إمامه لعذر وقد سها الإمام ثم سها المأموم فيما انفرد به فالمنصوص عنه أنهما جنس واحد ويكفيه في الأصح سجود لسهوين أحدهما جماعة والآخر منفردا
( ومتى سجد بعد السلام ) زاد المؤلف وغيره سواء كان محله بعد السلام أو قبله فنسيه إلى ما بعده ( جلس فتشهد ) أي التشهد الأخير وجوبا ( ثم سلم ) وهو قول جماعة منهم ابن مسعود لما روى عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم رواه أبو داود والترمذي وحسنه ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد يعقبه سلام كسجود الصلب وفي
____________________
1-
(1/529)
ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت الصلاة وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + توركه في شأنه وجهان ويكبر للسجود والرفع منه لفعله عليه السلام وقيل إن سجد بعد السلام كبر واحدة ذكره ابن تميم وصفته وما يقول فيه وبعد الرفع منه كسجود الصلب وقيل لا يتشهد اختاره الشيخ تقي الدين كسجوده قبل السلام ذكره في الخلاف إجماعا ولأنه سجود مفرد أشبه سجدة التلاوة
( ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت الصلاة ) بما قبل السلام لأنه ترك الواجب عمدا وعنه لا ذكره في المحرر قولا مع قطعه بوجوبه كواجبات الحج ( وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل ) في ظاهر المذهب لأنه جبر للعبادة خارج منها فلم تبطل بتركها كجبرانات الحج وسواء تركه عمدا أو سهوا وعنه تبطل قياسا على المشروع قبل السلام ويفرق بين الواجب في الصلاة والواجب لها لأن الأذان والجماعة واجب لها ولا تبطل بترك شيء من ذلك وفي صلاة المأمومين عليهما الروايتان
____________________
1-
(1/530)
& باب صلاة التطوع & (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة التطوع &
التطوع في الأصل فعل الطاعة وشرعا وعرفا طاعة غير واجبه والنفل والناقله الزيادة والتنقل التطوع ( وهي أفضل تطوع البدن ) لما روى سالم بن أبي الجعد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال استقيموا ولن تحصوا واعملوا أن خير أعمالكم الصلاة رواه ابن ماجه وإسناده ثقات إلى سالم قال أحمد سالم لم يلق ثوبان بينهما معدان بن أبي طلحة وليست هذه الأحاديث صحاحا ورواه البيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه ومالك في موطئة بلاغا وله طرق فيها ضعف ولأن فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوعات ولأنها تجمع أنواعا من العبادة الإخلاص والقراءة والركوع والسجود ومناجاة الرب والتوجه إلى القبلة والتسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكن أطلق أحمد والأصحاب أن الجهاد أفضل الأعمال المتطوع بها قال أحمد لا أعلم شيئا من الفرائض أفضل من الجهاد وذكر أكثر أصحابنا ثم العلم ثم الصلاة وعلى ما ذكره في الجهاد أنه أفضل الأعمال المتطوع بها والصلاة أفضل تطوع بدني محض وذكر جماعة أن النفقة فيه أفضل وجزم به آخرون بأن الرباط أفضل من الجهاد وقال الشيخ تقي الدين استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من جهاد لم تذهب فيه نفسه وماله ونقل منها طلب العلم أفضل
____________________
1-
(2/1)
وأكدها صلاة الكسوف والاستسقاء ثم الوتر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأعمال لمن صحت نيته فأي شيء تصحيح النية قال ينوي يتواضع فيه وينفى عنه الجهل وقيل بل الصوم لقوله عليه السلام لأبي أمامة ( عليك بالصوم فإنه لا مثل له رواه النسائي وفيه لين وقيل ما تعدى نفعه كعيادة مريض وإتباع جنازة وظاهر كلام ابن الجوزي أن الطواف أفضل من الصلاة فيه وقاله الشيخ تقي الدين وذكره عن الجمهور وقيل الحج أفضل لأنه جهاد فإن فيه مشهدا ليس في الإسلام مثله وهو يوم عرفة وإن مات به فقد خرج من ذنوبه ونقل عنه مهنا أفضلية الذكر على الصلاة والصوم قال في ( الفروع ) فيتوجه أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح وحاصله أن أفضلها جهاد ثم توابعه ثم علم تعلمه وتعليمه ثم صلاة ونص أن طواف الغريب أفضل منها فيه والوقوف بعرفة أفضل منه في الصحيح ثم ما تعدى نفعه فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق وعتق أفضل من صدقة على أجنبي إلا زمن حاجة ثم حج ثم عتق ثم صوم واختار الشيخ تقي الدين أن الذكر بقلب أفضل من القراءة بلا قلب وهو معنى كلام ابن الجوزي ( وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء ) لأنه يشرع لها الجماعة مطلقا أشبها الفرائض وظاهره أن الكسوف آكد من صلاة الاستسقاء لأنه عليه السلام لم يتركها عند وجود سببها بخلاف الاستسقاء فإنه كان يستسقي تارة ويترك أخرى ويلحق بهما في الآكدية ما تسن له الجماعة كالتراويح ذكره في ( المذهب ) و ( المستوعب ) وهو معنى ما في ( الفروع )
( ثم الوتر ) قدمه جماعة منهم صاحب ( التخليص ) وجزم به في ( الوجيز )
____________________
1-
(2/2)
وليس بواجب ووقته مابين صلاة العشاء وطلوع الفجر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وغيره وذكر ابن تميم وجا أنه آكد مما تسن له الجماعة وهذا على المشهور أنه ليس بواجب وقال القاضي ركعتا الفجر آكد منه لاختصاصها بعدد مخصوص وهو رواية وذكر المؤلف أن السنن الراتبة آكد التراويح ونقل حنبل ليس بعد مكتوبة أفضل من قيام الليل ( ليس بواجب ) نص عليه وهو الصحيح من المذهب لقوله عليه السلام للأعرابي حين سأله عما فرض الله عليه من الصلاة قال ( خمس صلوات ) قال هل علي غيرها قال قال ( لا ) إلا أن تطوع ) متفق عليه وكذب عبادة رجلا يقول الوتر واجب وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة ) الخبر وعن علي قال الوتر ليس بحتم كهيأة الصلاة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والترمذي وحسنه ولأنه يجوز فعله على الراحلة من غير ضرورة اشبه السنن وعنه هو واجب اختاره أبو بكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من لم يوتر فليس منا ) رواه أحمد وأبو داود وفيه ضعف وعن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الوتر حق فمن أحب أن الوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ورواته ثقات والنسائي وقال الموقوف أولى بالصواب وكان عليه السلام يواظب عليه حضرا وسفرا وقال أحمد من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ولا ينبغى ان تقبل له شهادة وأجيب بأنه محمول على تأكيد الاستجاب
( ووقته ما بين صلاة العشاء وطلع الفجر ) الثاني جزم به في ( المغني )
____________________
1-
(2/3)
واقله وأكثره إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والتخليص والوجيز وقدمه في الفروع لقوله عليه السلام في حديث خارجة بن حذافة لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر رواه أحمد وغيره وفيه ضعف وعن معاذ معناه مرفوعا رواه أحمد من رواية عبد الله بن زحر وهو ضعيف وقال النبي صلى الله عليه وسلم أوتروا قبل أن تصبحوا رواه مسلم وعنه إلى الصلاة الفجر جزم به في الكافي البهيقي عن ابن مسعود وإسناده ثقات وعن أبي بصرة مرفوعا إن الله زادكم صلاة فصلوها مابين العشاء إلى صلاة الصبح رواه أحمد من روايه ابن لهيعة ويحمل على حذف المضاف بدليل الرواية الأولى ويدخل في كلامه مالو جمع العشاء أنه إذا إخره حتى يطلع الفجر يكون قضاء وصححه في المغنى وذكر في الشرح احتمالا أنه يكون أداء لحديث أبي نصرة والأفضل فعله آخر الليل لمن وثق لا مطلقا وقال القاضي وقته المختار وقيلكل الليل سواء ومن له تجهد جعله بعده فإن أوتر أول الليل لم يكره نص عليه
وأقله لحديث أبي أيوب وهو قول كثير من الصحابة وأكثره وفي الوجيز وأفضله إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة نص عليه وذكره جماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة متفق عليه وعن عائشة قالت كانت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل
____________________
1-
(2/4)
وإن اوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس فتشهد ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ركعتين ويوتر بواحدة رواه مسلم وظاهره أنه لا يكره فعله بواحدة وان لم يتقدمها صلاة حتى المسافر وعنه يركع ركعتين ثم يوتر قال أحمد الأحاديث التي جاءت عنه عليه السلام أنه أوتر بركعة كان قبلها صلاة متقدمة وفال أبو بكر لا بأس بالوتر بركعته لعذر من مرض أو سفره أو نحوه وقيل له سرد عشرة ثم يجلس فيتشهد ثم يوتر بالأخرة ويتشهد ويسلم نص عليه وقيل له سرد إحدى عشرة بتشهد واحد وسلام وقيل أكثره ثلاث عشرة ركعة لما روى أحمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة فلما كبر وضعف أوتر بسبع ويحتمل أنهما الركعتان اللتان كان يصليهما جالسا بعد الوتر أو ركعتا الفجر وفيه بعد واستحب أحمد أن تكون الركعة عقيب الشفع ولا يؤخرها عنه وليس كالمغرب حتما خلافا لأبي حنيفة ولا ركعة قبله شفع لاحد له خلافا لمالك وتمسكا بأخبار فيهما ضعف على أنه لا حجة فيها
وإن أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس فتشهد ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك رواه مسلم وقيل كإحدى عشرة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركة قال في الخلاف عن فعله عليه السلام قصد بيان الجواز وإن كان الأفضل غيره وقد نص أحمد على جواز هذا
____________________
1-
(2/5)
وكذلك السبع وإن اوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن وأدنى الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وكذلك السبع ) أي يسرد ستا ويجلس ولا يسلم ثم يصلي السابعة ويتشهد ويسلم نص عليه وجزم به الكافي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وإسناده ثقات من حديث عائشة والأشهر في المذهب ونص عليه أحمد أن السبع كالخمس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وإسناده ثقات
( وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن ) هذا المذهب لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاث عشرة بخمس ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شىء إلا في آخرهن متفق عليه وحكى ابن عقيل في جميع ذلك وجهين أحدهما أنه يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة قال وهذا آصح والثاني يصلي الجميع سلام فيجلس عقب الشفع ويتشهد ثم يقوم فيأتي بركعة ثم يتشهد ويسلم
وأدني الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين ذكره الجماعة منهم أبو الخطاب وجزم به في المحرر والوجيز والفروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم افصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم رواه الأثرم بسنده عن نافع عن ابن عمر وهو قول جماعة من الصحابة ومن بعدهم ولأن الواحدة المفردة اختلفت في كراهتها والأفضل أن يتقدمها شفع فلذلك كانت الثلاث أدنى الكمال لكن إن سردهن بسلام جاز ذكره جماعة وقال القاضي إذا صلى الثلاث بسلام ولم يكن جلس عقيب الثانية جاز وإن كان جلس فوجهان أصحهما لا يكون وترا
____________________
1-
(2/6)
يقراء في الأولى بعد فاتحة الكتاب سبح وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد ويقنت فيها بعد الركوع فيقول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سبح وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ذلك رواه أحمد والترمذي ورواه أبو داود وغيره من حديث أبي بن أبي كعب زاد أحمد والنسائي فإذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاثا ولهما في رواية ورفع صوته بالآخرة وعنه يضيف مع الإخلاص المعوذتين لأنه عليه السلام كان يقرأ بذلك رواه ابن ماجه والدارقطني من حديث عائشة لكن فيه ضعف وذكر في التحقيق أنه لا يصح وقد أنكر أحمد وابن معين زيادتها
ويقنت فيها أي في الركعة الآخرة في جميع السنة على الأصح لأنه عليه السلام كان يقول في وتره أشياء تأتي وكان للدوام ولأن ما شرع في رمضان شرع في غيره كعدده وعنه لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان اختاره الأثرم لأن أبيا كان يفعل ذلك حين يصلى التراويح ورواه أبو داود والبيهقي وفيه انقطاع ثم هو رأى أبي وعنه أنه رجع عنها وخير الشيخ تقي الدين في دعاء القنوات بين فعله وتركه وأنه إن صلى بهم قيام رمضان فإن قنت جميع الشهر أو نصفه الأخير أو لم يقنت بحال فحسن ( بعد الركوع ) نص عليه روى عن الخلفاء الراشدين لما روى أبو هريرة وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع متفق عليه وعنه يسن قبله لكن يكبر ثم يقنت نص عليه روى عن جمع من الصحابة قال الخطيب الأحاديث التي جاء فيها قبل الركوع كلها معلولة ويرفع يديه إلى صدره ويبسط بطونهما نحو السماء نص على ذلك فيقول الإمام جهرا وكذا منفرد نص
____________________
1-
(2/7)
اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك اللهم إياك نعبد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه وقيل ومأموم وكان أحمد يسر وظاهر كلام جماعة أن الجهر مختص بالأمام فقط قال في الخلاف وهو أظهر
اللهم أصله يا الله فحذفت ياء من أوله وعوض عنها الميم في آخره ولذلك لا يجتمعان إلا في ضرورة الشعر لئلا يجمع بين العوض والمعوض ولخصوا في ذلك أن يكون الأبتداء بلفظ اسم الله تعالى تبركا وتعظيما أو طلبا للتخفيف بتصير اللفظين لفظا واحدا ( إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ) أي نطلب منك المعونة والهداية والمغفرة ( ونتوب إليك ) التوبة الرجوع عن الذنب وفي الشرع الندم على ما مضى من الذنب والإقلاع في الحال والعزم على ترك العود في المستقبل تعظيما لله تعالى فإن كان الحق لآدمي فلا بد أن يحلله ونؤمن بك أي نصدق بوحدانيتك ( ونتوكل عليك ) قال الجواهري التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير والاسم التكلان وقال ذو النون المصري هو ترك تدبير النفس والانخلاع من الحول والقوة وقال سهل بن عبد الله هو الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد ( ونثني عليك الخير كله ) أي نمدحك ونصفك بالخير والثناء في الخير خاصة وبتقديم النون يستعمل في الخير والشر وقال أبو عثمان المعافري أنثنيت على الرجل وصفته بخير أو شر ( نشكرك ولا نكفرك ) أصل الكفر الجحود والشر قال في المطالع والمراد هنا كفر النعمة لاقترانه بالشكر ( اللهم إياك نعبد ) قال الجوهري معنى العبادة الطاعة والخضوع والتذلل ولا يستحقه إلا الله تعالى قال الفخر إسماعيل وأبو البقاء العبادة ما أمر به شرعا من
____________________
1-
(2/8)
ولك نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحذف ونخشي إن عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم اهدنا فيمن هديت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده لمولاه ( ولك نصلي ونسجد ) لا لغيرك ( وإليك نسعى ) يقال سعى يسعى سعيا إذا عدا وقيل إدا كان بمعنى الجري عدي بإلى وإذا كان بمعنى العمل فبالام لقوله تعالى { وسعى لها سعيها } [ الإسراء 19 ] ونحفد بفتح النون ويجوز ضمها يقال حفد بمعنى أسرع وأحفد لغة فيه بمعنى يحفد يسرع أي يبادر بالعمل والخدمة ( نرجو رحمتك ) يقال رجوته أي أملته والرحمة سعة العطاء ( ونخشي عذابك ) أي نخاف عقوبتك لقوله تعالى { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم } [ الحجر 49 و 50 ] ( إن عذابك الجد ) بكسر الجيم الحق لا اللعب بالكفار ملحق بكسر الحاء أي لاحق بهم ومن فتحها أراد أن الله يلحقه إياه وهو معنى صحيح غير أن الراوية هي الأولى قال الخلال سألت ثعلبا عن ملحق وملحق فقال العرب تقولها جميعا
هذا الدعاء قنت به عمر رضي الله عنه وفي أوله بسم الله الرحمن الرحيم وفي آخره اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك وهاتان سورتان في مصحف أبي قال ابن سيرين كتبهما أبي مصحفه إلى قوله ملحق زاد غير واحد ونخلع ونترك من يكفرك
( اللهم اهدنا فيمن هديت ) أصل الرشاد والبيان لقوله تعالى وإنك
____________________
1-
(2/9)
وعافينا فيمن عافيت وبارك لنا فيما أعطيت وتولنا فيما توليت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلى صراط مستقيم [ الزخرف 25 ] فأما قوله تعالى { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } [ القصص 56 ] فهي من الله تعالى التوفيق والإرشاد وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب التثبيت عليها أوبمعنى المزيد منها وعافينا فيمن عافيت المراد بها العافية من الأستقام والبلايا والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك وبارك لنا فيما اعطيت البركة الزيادة وقيل هي حلول الخير الإلهي في الشيء والعطية الهبة والمراد بها ما أنعم به وتولنا فيمن توليت الولى ضد العدو وهو فعيل من تليت الشيء إذا عنيت به ونظرت فيه كما ينظر الولي في مال اليتيم لأنه تعالى ينظر في أمر وليه بالعناية ويجوز أن يكون من وليت الشيء إذا لم يكن بينه ويينه واسطة بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله تعالى حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو مقام الإحسان وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضي عليك سبحانه لاراد لأمره ولا معقب لحكمة فإنه يفعل ما يشاء يحكم ما يريد إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربننا وتعاليت رواه أحمد ولفظه له وتكلم فيه وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال علمني النبي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوات الوتر اللهم اهدني إلى وتعاليت وليس فيه ولا يعز من عاديت ورواه البيهقي وأثبتها فيه وتبعه المؤلف والراية إفراد الضمير وفي الرعاية لك الحمد على ما قضيت نستغفرك اللهم ونتوب إليك لا لجأ ولا ملجأ ولا ملتجأ ولا منجأ منك إلا إليك
____________________
1-
(2/10)
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك ومنك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك ومنك قال الخطابي في هذا معنى لطيف وذاك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه وهما ضدان ومتقابلان وكذلك المعافاة والمؤخذة بالعقوبة لجأ إلى ما لا ضد له وهو الله أظهر العجز والانقطاع وفزع منه إليه فاستعاذ به منه قال ابن عقيل لا ينبغي أن يقول في دعائه أعوذ بك منك إذ حاصلة أعوذ بالله من الله وفيه نظر إذ هو ثابت في الخبر لا نحصى ثناء عليك أي لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته لقوله تعالى { علم أن لن تحصوه } [ المزمل 20 ] أي تطيقوه
أنت كما أثنيت على نفسك اعترف بالعجز عن تفضيل الثناء ورد إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفضيلا فكما أنه لا نهاية لسلطانه وعظمته لا نهاية لثناء عليه لأنه تابع للمثني عليه روي هذا عن علي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخره وتر اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثنا عليك أنت كما أثنيت على نفسك رواه الخمسة ورواته ثقات قال في الشرح ويقول في قنوات الوتر ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو معنى مانقله أبو الحارث يدعو بما شاء واقتصر جماعة على دعاء اللهم اهدني وظاهره أنه يستحب وإن لم يتعين واختاره أحمد ونقل المروزي يستحب بالسورتين وأنه لا توقيت ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نص عليه قال ابن تميم من أوله ووسطه وآخره وفي التبصرة وعلى آله وقوله تعالى { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا } [ الإسراء 11 ] ألآية قال في الفروع فيتوجه قولها قبيل الأذان وفي نهاية أبي المعالى يكره
____________________
1-
(2/11)
وهل يمسح وجهه بيديه على رويتين ولا يقنت في غير الوتر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فرع المنفرد يفرد الضمير ويجهر به نص عليه وعند الشيخ تقي الدين يجمعه لأنه يدعو لنفسه وللمؤمنين ويؤمن مأموم على الأصح إن سمع وعنه أنه يقنت معه ويجهر به وعنه يتابعه في الثناء ويؤمن على الدعاء وعنه يخير وإن لم يسمع دعاء نص عليه وذكر أبو الحسين رواية فيمن صلى خلف من يقنت في الفجر أنه يسكت ولا يتابعه
و ( هل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ على روايتين أشهرهما أنه يمسح بهما وجهه نقله أحمد واختاره الأكثر لما روى السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه ومسح بهما وجهه رواه أبو داود من رواية ابن لهيعة وكخارج الصلاة والثانية لا نقلها الجماعة واختارها الآجري لضعف الخبر وعنه يكره صححها في الوسيلة وعنه يمرهما وإذا سجد رفع يديه نص عليه لأنه مقصود في القيام فهو كالقراءة ذكره القاضي وغيره وقيل لا وهو أظهر
ولا يقنت في غير الوتر رويت كراهته عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء وصرح ابن تميم بأنه بدعة وعن أحمد الرخصة فيه في الفجر ورواه الخطيب عن أبي بكر وعمر وعلي بأسانيد ضعيفة قال أحمد حدثنا عبد الرازق حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقننت في الفجر حتى فارق الدنيا رواه الخطيب وجماعة من طريق أبي جعفر الرازي واسمه عيسى بن ماهان وثقه
____________________
1-
(2/12)
إلاان تنزل بالمسلمين نازلة فللامام خاصة القنوات في صلاة الفجر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وضعفه آخرون ولأن عمر كان يقنت فيها بمحضر من الصحابة وغيرهم بل نص أحمد على أنه لا يقنت فيها وقال لا يعجبني لما روى مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعوا على حي من أحياء العرب ثم تركه وروى أبو هريرة وابن مسعود نحوه مرفوعا وعن أبي مالك الأشجعي قال قلت لأبي إنك قد صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وخلف علي هاهنا بالكوفة نحوه من خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر فقال أي بنى محدث رواه أحمد بإسناده صحيح والترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم وليس فيه في الفجر ويجاب عن حديث أنس السابق أنه أراد طول القيام فإنه يسمى قنوتا أو أنه كان يقنت إذا دعا لقوم أو دعا عليهم للجميع بينهما
ويؤيده ما روى سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت في الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم وعن فعل عمر أنه قال في أوقات النوازل وعن سعيد بن جبير قال أشهد على عباس أنه قال القنوات في الفجر بدعة رواه الدارقطني ولأنها صلاة مفروضة فلم يسن فيها كبقية الصلوات إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة هي الشديدة من شدائد الدهر فللأمام أي يستحب للإمام الأعظم لأنه عليه السلام هو الذي قنت فيتعدي الحكم إلى من يقوم مقامه وعنه ونائبه وعنه بإذنه وعنه وإمام جماعة وعنه كل مصل ( خاصة القنوات في صلاة الفجر ) هذا رواية عن أحمد واختاره المؤلف وغيره لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وعنه والمغرب قاله أبو الخطاب لأنه عليه السلام قنت في المغرب والفجر رواه مسلم وقيل والعشاء والمشهور في المذهب أنه يقنت
____________________
1-
(2/13)
ثم السنن الراتبة وهي عشر ركعات ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر وهما آكدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصلوات كلها قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رواه أحمد وأبو داود قال في الشرح والأول أولى لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إلا في الوتر والفجر ويستثني من ذلك الجمعة فإنه لا يقنت فيها على المنصوص وقيل بلى ويرفع صوته في الصلاة جهرية وظاهر كلامهم مصلقا قال في الفروع ويتوجه لا يقنت لرفع الوباء في الأظهر لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره ولأنه شهادة للأخبار فلا يسأل رفعه
( ثم السنن الراتبة ) التي تفعل مع الفرائض ( وهي عشر ركعات ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر ) كذا ذكره معظم الأصحاب لقول ابن عمر حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح كانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها حدثني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين متفق عليه وكذا أخبرت عائشة رواه الترمذي وصححه
( وهما آكدها ) أي أفضلها لقول عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر متفق عليه وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ( صلوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل ( رواه أحمد وأبو داود وقيل سنة المغرب ويستحب تخفيف سنة الفجر وقراءة ما ورد لا الفاتحة فقط وتجوز
____________________
1-
(2/14)
وقال ابو الخطاب وأربع قبل العصر راكبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وتوقف أحمد في موضع نقل أبو الحارث سمعت فيه شيأ ما أجترىء عليه ويستحب الاضطجاع بعدهما على جنبه الأيمن قبل فرضه نص عليه لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتين الفجر اضطجع وفي رواية فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع متفق عليه وذهب الظاهرية إلى وجوبه وعن أحمد يستحب لأن ابن مسعود أنكره ونقل أبو طالب يكره الكلام بعدهما إنما هي ساعة تسبيح ولعل المراد في غير العلم ولقول الميموني كنا نتناظر أنا وأبو عبد الله في المسائل قبل صلاة الفجر وغيره الكلام المحتاج إليه ويتوجه لا يكره لحديث عائشة ( وقال أبو الخطاب وأربع قبل العصر ) اختارها الآجري وقال اختاره أحمد لحديث علي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربعا يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين رواه الترمذي وحسنه وعن ابن عمر مرفوعا رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا رواه أحمد ويحمل هذا على الترغيب وليست من الرواتب لأن ابن عمر لم يحفظها واختار الشيخ تقي الدين أربعا قبل الظهر لما روت أم حبيبة مرفوعا ( من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتا في الجنة ( رواه مسلم والترمذي وزاد ( أربعا قبل الظهر ( وأخبرت به عائشة عن صلاته عليه السلام رواه مسلم
تذنيب فعل جميع الرواتب في البيت افضل في قول الجمهور وعنه سنة المغرب والفجر زاد في ( المغني ( والعشاء في بيته والباقي في المسجد لأن أبن عمر أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهن في بيته متفق عليه وعنه التسوية وكل سنة
____________________
1-
(2/15)
ومن فاته شيء من هذه السنن له قضاءه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها إلى فعلها بعدها إلى آخر وقتها ويستحب الفصل بينهما بكلام أو قيام لقول معاوية أمرنا بذلك رواه مسلم
وتجزي سنة عن تحية مسجد من غير عكس فإن فاتته سنة الظهر قبلها قضاها بعدها وبدأ بها وهي وسنة الفجر بعدهما في الوقت قضاء ذكره ابن الجوزي وصاحب ( التخليص ( وقيل أداء
( ومن فاته شيء من هذه السنن سن له قضاؤه ) قدمه ونصره جماعة وجزم به في ( الوجيز ( وصححه في ( الفروع ( لما روى أبو هريرة مرفوعا ( من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس ( رواه الترمذي والبيهقي وقال تفرد به عمرو بن عاصم وهو ثقة وعن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها رواه الترمذي وإسناده ثقات وعنه تقضى سنة الفجر إلى الضحى وقيل لا تقضى إلا هي إلى وقت الضحى وركعتا الظهر
مسألة يكره ترك الرواتب فإن داوم عليها رد قوله وأثم قاله القاضي والمشهور لا لكن قال أحمد من ترك لوتر فهو رجل سوء
فصل تسن المحافظة على أربع قبل الظهر وأربع بعدها واربع قبل العصر وأبع بعد المغرب وقال المؤلف ست واربع بعد العشاء غير السنن قال في المستوعب التنقل بين المغرب والعشاء مرغب فيه وهو التجهد ويجوز فعل ركعتين بعد الوتر جالسا ولا يستحب في قول الأكثر وعدها الآمدي من السنن الرواتب قال في ( الرعاية ( وهو غريب
____________________
1-
(2/16)
ثم الترويح وهي عشرون ركعة يقوم بها في رمضان في جماعة ويوتر بعدها في الجماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ثم التراويح ) سميت به لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربع يستريحون وقيل لأنها مشتقة من المراوحة وهي التكرار في الفعل وهي سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم وليست محدثة لعمر وهي من أعلام الدين الظاهرة وقال أبو بكر تجب والصحيح الاول لأن في المتفق عليه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بأصحابه ليلتين أو ثلاثا ثم تركها خشية أن تفترض
( وهي عشرون ركعة ) في قول أكثر العلماء وقد روى مالك عن يزيد بن رومان قال كان الناس يقومون في زمن عمر رضي الله عنه في رمضان بثلاث وعشرين ركعة والسر فيه أن الراتبة عشر فضوعفت في رمضان لأنه وقت جد وتشمير وقال مالك ست وثلاثون وزعم أنه الأمر القديم وتعليق بفعل أهل المدينة وحكى الترمذي عنهم أنها إحدى وأربعون ركعة واختاره إسحاق وقال السائب بن يزيد أمر عمر ابيا وتميما أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة رواه مالك وقال أحمد روي في هذا ألوان ولم يقض فيه بشيء وقال عبد الله رأيت أبي يصلي في رمضان مالا أحصي وقال أيضا لا بأس بالزيادة على عشرين ركعة وحكاه في الرعاية قولا ( يقوم بها في رمضان ) بعد سنة العشاء وقبل الوتر وعنه أو بعد العشاء جزم به في ( العمدة ( لا قبلها وخالف فيه بعض الحنفية وأفتى به بعض أئمتنا لأنها من صلاة الليل وشنع الشيخ تقي الدين عليه ونسبه إلى البدعة ولا تكفيها نية واحدة في الأصح
( وفي جماعة ويوتر بعدها في الجماعة ) نص عليه قال أحمد كان علي وجابر وعبد الله يصلونها في الجماعة وروى عن البيهقي علي أنه كان يجعل للرجال إماما وللنساء إماما وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أهله وأصحابه وقال إنه
____________________
1-
(2/17)
فان كان له تجهد جعل الوتر بعده وإن أحب متابعة الإمام فاوتر معه قام إذا سلم الإمام فشغلها بأخرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة رواه أحمد وصححه الترمذي وفهم منه أن وقتها ممتد إلى الفجر الثاني وظاهره لا فرق بين المسجد وغيره وجزم في المستوعب وغيره أن السنة المأثورة فعلها جماعة في المساجد وفعلها أول الليل أحب إلى أحمد لكن ذكر ابن تميم وغيره أنه لا بأس بتأخيرها بمكة وشمل كلامه ما إذا كن أوله غيم وقلنا بالصوم فإنها تفعل واختاره ابن حامد والسامري واختار أبو حفص لا وهو الأظهر قاله في ( التخليص (
أنواع يسن أن يجهر وفي الوتر بالقراءة واستحب أحمد أن يبتدىء فيها بسورة ( القلم ) ثم يسجد ثم يقوم فيقرأ من ( البقرة ) ولا يزيد فيه على ختمة إلا أن يوتورا ولا ينقص عنها نص عليه وقيل يعتبر حالهم ويدعو لختمه قبل ركوع آخر ركعة منها ويرفع يديه ويطيل الاولى ويعظ بعدها نص على الكل وقيل يختم في الوتر ويدعو وقيل يدعو بعد كل اربع كبعدها وكرهه ابن عقيل وقال هو بدعة ويستريح بين كل أربع فعله السلف ولا بأس بتركه وقراءة ( الأنعام ) في ركعة بدعة
( فإن كان تهجد جعل الوتر بعده ) لقوله النبي صلى الله عليه وسلم ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا متفق عليه وهذا على سبيل الأفضلية ( وإن أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى ) نص عليه وجزم به الأشياخ لقوله عليه السلام ( لا وتران في ليلة ( رواه أحمد وأبو داود من حديث قيس بن طلق عن أبيه وقيس فيه لين قال السامري وينوي بالركعة فسخ الوتر وعنه يعجبني أن يوتر معه اختاره الآجري وقال القاضي إن لم يوتر معه لم يدخل في
____________________
1-
(2/18)
ويكره التطوع بين التراويح وفي التعقيب روايتان وهو أن يتطوع بعد التراويح والوتر في جماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وتره لئلا يزيد على ما اقضته تحريمه الإمام فلو أوتر ثم صلى لم ينقض وتر نص عليه ونصره المؤلف ثم لا يوتر ويتوجه احتمال يوتر وعنه ينقضه وعنه بركعة ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر وعنه يخبر في نقضه وظاهر ما سبق أنه لا بأس بالتراويح مرتين في مسجد أو مسجدين جماعة أو فرادى
( ويكره التطوع بين التروايح ) نص عليه وقال روي عن عبادة وأبي الدرداء وعقبة بن عامر وظاهره لا فرق بين الإمام وغيره لما فيه من التطويل ولقلة مبالاتهم بمتابعة إمامهم ولا يكره الطواف نص عليه قال ابن تميم مع إمامه
( وفي التعقيب روايتان ) كذا في ( الفروع ( إحدهما يكره جزم به في ( لمذهب ( و ( المستوعب ( و ( التخليص ( لمخالفة أمره عليه السلام زاد أبو بكر والمجد ما لم ينتصف الليل رواية واحدة ذكره ابن تميم وغيره والثانية ونقلها عنه لجماعة وصححها في ( المغني ( و ( الشرح ( وجزم بها في ( الوجيز ( أنه لا يكره لقول أنس لا يرجعون إلا لخير يرجونه أو لشر يحذرونه قيل والكراهة قول قديم نقله محمد بن الحكم ( وهو ان يتطوع ) أي يصلي مطلقا ( بعد التراويح و ) بعد ( الوتر في جماعة ) نص عليه هذا بيان لمعنى التعقيب وظاهرة ( المغني ( وغيره ولم يقيده في ( الترغيب ( جماعة واختاره في ( النهاية ( ومحله عند القاضي إذا لم يكن رقد وقيل أو أكل وأستحبه ابن أبي موسى لمن فسخ وتره
____________________
1-
(2/19)
وصلاة الليل أفضل من النهار وأفضلها وسط الليل والنصف الأخير أفضل من الأول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وصلاة الليل أفضل من النهار ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ( رواه مسلم وقال عمرو بن العاص ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار رواه ابن أبي الدنيا ولأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص فالتطوع المطلق أفضله صلاة الليل قال أحمد ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل وهل الليل وهل هي أفضل من السنن الراتبة فيه خلاف
( وافضلها وسط الليل ) ذكره جماعة منهم في ( الوجيز ( قال آدم بن أبي إياس حدثنا أبو هلال الراسبي عن الحسن مرفوعا ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط ( وفي الصحيح مرفوعا ( أفضل الصلاة صلاة في جوف الليل الأوسط وفي الصحيح مرفوعا ( أفضل الصلاة صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ( ويروى أن داود عليه السلام قال يارب أي وقت أقوم لك قال لا تقم أول الليل ولا آخره ولكن وسط الليل حتى تخلو بي وأخلو بك ولم ( الكافي ( ( والمذهب ( أن الأوسط أفضل وفي ( الرعايه ( آخره خير ثم وسطه
( والنصف الأخير أفضل من الاول ) لقوله تعالى { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون } [ الذريات 17 18 ] وورد أن العرش يهتز وقت السحر وفي الصحيح مرفوعا قال ( ينزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ( ومن الثلث الأوسط والثلث بعد النصف أفضل مطلقا نص عليه وعنه الاستغفار في السحر أفضل من الصلاة ولا يقومه كله
____________________
1-
(2/20)
وصلاة الليل مثنى مثنى وإن تطوع في النهار باربع فلا بأس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلا ليلة عيد وقيامه كله الأقوياء حتى ولا ليالي العشر قال أحمد إذا نام بعد تجهده لم يبن عليه السهر وقيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة وتكره مداومة قيام الليل وهو مستحب إلا على النبي صلى الله عليه وسلم قال ( وصلاة الليل مثنى مثنى ) متفق عليه فإن زاد على ذلك فاختار ابن شهاب والمؤلف أنه لا يصح قال أحمد فيمن قام في التراويح إلى ثالثة يرجع وإن قرأ لأن عليه تسليما ولا بد للخبر وعنه يصح مع الكراهة ذكره جماعة وهو المشهور وسواء علم العدد أو نسيه قوله مثنى هو معدول عن اثنتين اثنتين ومعناه معنى المكرر فلا يجوز تكريره وإنما كرره عليه السلام للفظ لا للمعنى وذكر الزمخشري منعت الصرف للعدلين عدلها من صيغتها وعدلها عن تكرارها
( وإن تطوع في النهار بأربع ) كالظهر ( فلا بأس ) لفعله عليه السلام رواه النسائي من حديث علي وعن ابن عمر نحوه وعن نحوه وعن أبي أيوب مرفوعا ( من تطوع قبل الظهر [ أربعا ] لا يسلم فيهن تفتح له أبواب السماء ( رواه أبو داود والترمذي وصححه البخاري وإن لم يجلس إلا في آخرهن فقد ترك الأولى في كل ركعة مع الفاتحة سورة فإن زاد على أربع نهارا كره رواية واحدة وفي الصحة رويتان قاله في ( المذهب ( وقدم في ( الفروع ( الصحة
____________________
1-
(2/21)
والأفضل مثنى وصلاة القاعدة على النصف من صلاة القائم ويكون في حال القيام متربعا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( والأفضل مثنى ) لما روى علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ( رواه الخمسة وصححه البخاري وقال أحمد إسناده جيد وعلي بن عبد الله روى له مسلم ولأنه أبعد من السهو وأشبه بصلاة الليل وقيل لا يصح إلا مثنى ذكره في المنتخب
زيادة كثرة ركوع وسجود أفضل من طول قيام وقيل نهارا وعنه طول القيام قدمه في ( الرعاية ( وعنه التساوي اختاره المجد وحفيده وبالجملة ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه أو تطويله فالأفضل اتباعه فيه وكان أحمد يعجبه أن يكون له ركعات معلومة
( وصلاة القاعدة على النصف ) في الأجر ( من صلاة القائم ) لقوله عليه السلام في حديث عمران ( من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ( رواه أحمد والبخاري وقي ( المستوعب ( إلا المتربع رواه أحمد عن شاذان عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مولاه السائب عن عائشة مرفوعا بهذه الزيادة ومرادهم مع القدرة فأما مع العجز فهما سواء ويتوجه فرضا وفلا ما يأتي في الجماعة في تكميل الأجر
( و ) يستحب أن ( يكون في حال القيام متربعا ) روي عن ابن عمر وأنس قالت عائشة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعا رواه النسائي والدارقطني وعنه يفترش وقاله زفر والفتوى عليه وذكر أبو المعالى يحتبي وفي
____________________
1-
(2/22)
وادني صلاة الضحى ركعتان واكثرها ثمان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( الوسيلة ( إن كثر ركوعه وسجوده لم يتربع فعلى الأول يثني رجليه في سجوده وكذا في ( المستوعب ( و ( المحرر ( وعنه لا وهي أقيس لأن هيأة الراكع في رجليه هيأه القائم فينبغي أن يكون على هيأته قال المؤلف وهذا أصح في النظر إلا أن أحمد ذهب إلى فعل أنس وأخذ به
فرع لم يتعرض المؤلف للتطوع مضطجعا وظاهره أنه لا يصح وقدمه في ( الفروع ( ونقل ابن هانىء صحته ورواه الترمذي عن الحسن وهل يومىء أم يسجد فيه وجهان وله وجهان وله القيام عن جلوس وكذا عكسه وخالف فيها أبو يوسف ومحمد لأن الشروع ملزم كالنذر
( وأدنى ) أي أقل ( صلاة الضحى ركعتان ) لما روى أبو هريرة قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام وعن أبي الدرداء نحوه متفق عليه وفي لفظ لأحمد ومسلم وركعتي الضحى كل يوم ويكره مداومتها بل تفعل غبا نص عليه لقول عائشة ما رأيت البني صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قط متفق عليه ولما فيه من التشبيه بالفرائض وقال الآجري وابن عقيل وأبو الخطاب يستحب مداومتها ونقله موسى بن هارون للخبر السابق واختاره الشيخ تقي الدين لمن لم يقم في ليله
( وأكثرها ثمان ) قاله الأصحاب لما روت أم هانىء أن النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(2/23)
ووقتها إذا علت الشمس وهل يصح التطوع بركعة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) صلى ثمان ركعات ضحى متفق عليه واختار في ( الهدى ( أنها صلاة بسبب الفتح شكرا لله تعالى وإن الأمراء كانوا يصلونها إذا فتح الله عليهم وقاله بعض العلماء وعن أحمد أكثرهما اثنتا عشرة ركعة وهي في ( الشرح ( احتمال لقول أنس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب ( رواه ابن ماجه والترمذي وقال غريب
( ووقتها إذا علت الشمس ) وتبعه في ( الوجيز ( ومعناه أن وقتها من خروج وقت النهي إلى أن تتعالى الشمس والأفضل فعلها عند اشتداد حرما لما روى زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ( رواه أحمد ومسلم ومعناه أن تحمى الرمضاء وهي الرمل فتبرك الفصال من شدة الحر ومنه سمي رمضان ويمتد وقتها إلى قبيل الزوال
( وهل يصح التطوع بركعة ) أي بفرد ( على روايتين ) كذا في ( الهداية ( إحدهما تصح قدمها في ( المحرر ( و ( الفروع ( ونصرها أبو الخطاب وابن الجوزي وهو قول عمر رواه سعيد حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عنه ولأن الوتر مشروع وهو ركعة والثانية لا جزم بها في ( الوجيز ( وهي ظاهر الخرقي وقواها في ( المغني ( لأنه خلاف قوله عليه السلام ( صلاة الليل مثنى مثنى ( ولأنه لا يجزىء في الفرض فكذا في
____________________
1-
(2/24)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النقل كالسجدة ولم يرد أنه فعل في غير الوتر
فرع يجوز التطوع جماعة وقيل ما لم يتخذ عادة وقيل يكره قال أحمد ما سمعته فصل تسن صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة أطلقه الإمام والأصحاب فظاهره ولو في حج وغيره من العبادات لحديث جابر رواه البخاري ويستحب صلاة الحاجة إلى الله تعالى وإلى آدمي لما روى عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بنى آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليئن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم [ لا إله الله العلي العظيم ] سبحان رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر لا تدع لي ذنبا إلا غفرته [ ولا إلا فرجته ] ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ( رواه ابن ماجة والترمذي وقال غريب [ وفي إسناده مقال فإنه من رواية أبي الورقاء وهو مضعف في الحديث ] وصلاة التوبة لما روى علي قال حدثني أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر
____________________
1-
(2/25)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ) إلى آخرها رواه أبو داود والترمذي وقال حسن وعقب الوضوء للخبر الصحيح
قال ابن هبيرة وأن كان بعد عصر احتسب بانتظاره بالوضوء الصلاة فيكتب له ثواب مصل وتحية المسجد فإن جلس قبل الصلاة سن له أن يقوم فيصلي لأنه عليه السلام أمر رجلا بذلك رواه مسلم وليلة العيدين في رواية وقال جمع لقوله عليه السلام ( من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت يمت قلبه يوم تموت القلوب ( رواه ابن ماجة من حديث أبي امامة وفيه بقية روايته عن أهل بلدة جيدة وهو حديث حسن
وصلاة التسبيح عند جماعة ونصه لا وضعف الخبر المروي في ذلك وهو ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها لعمه العباس أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة ثم يسبح ويحمد ويهلل ويكبر خمسة عشر مرة ثم يقولها في ركوعه ثم في رفعه منه ثم في سجوده ثم في رفعه منه ثم في سجوده ثم في رفعه منه عشرا عشرا ثم كذلك في كل ركعة مرة في كل يوم ثم في الجمعة ثم في الشهر ثم في العمر رواه أحمد وقال
____________________
1-
(2/26)
وسجود التلاوة صلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يصح وأبو داود وابن خزيمة والآجري وصححوه وادعى الشيخ تقي الدين أنه كذب وفيه نظر
قال المؤلف لا بأس بها فإن الفضائل لا يشترط لها صحة الخبر وفيه نظر فإن عدم قول أحمد بها يدل على أنه لا يرى العمل بالخبر الضعيف في الفضائل ويستحب إحياء ما بين العشائين للخبر قال جماعة وليلة عاشوراء وليلة أول رجب وليلة نصف شعبان وفي ( الرعاية ( وليلة نصف رجب وفي ( الغنية ( وبين الظهر والعصر ولم يذكر ذلك آخرون وهو أظهر وقيل وصلاة الرغائب واختلف الخبر في صفتها والأصح أنها لا تفعل قال ابن الجوزي وأبو بكر الطرسوسي هي موضوعة فصل ( وسجود التلاوة صلاة )
لأنه سجود لله تعالى يقصد به التقرب إليه له تحريم وتحليل فكان صلاة كسجود الصلاة فعلى هذا يشترط له ما يشترط لصلاة النافلة في قول أكثر العلماء لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ( رواه مسلم فيدخل في عمومه السجود ولأنه أشبه سجدتي السهو وهو على الفور فلا يقضي لأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد وقيل إن طال الفصل وهو ظاهر ما في ( الشرح ( لأنه إذا لم يطل لم يبعد سببها وعنه وإن سمعه غير المتطهر تطهر وسجد وقد سبق أنه لا يجوز التيمم لخوفه فوته مع وجود الماء وقد حكى النوري الإجماع على اشتراط الطهارة له وللشكر
____________________
1-
(2/27)
وهو سنة للقارىء والمستمع دون السامع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وهو سنة ) نص عليه وهو المذهب لقول زيد بن أرقم قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم ( والنجم ) فلم يسجد فيها متفق عليه ورواه الدارقطني ولفظه فلم يسجد منا أحد وقال عمر إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء رواه البخاري وعليها يسجد في الأصح في طواف مع قصر فصل ويتيمم محدث ويسجد مع قصره وإذا نسي سجدة لم يعدها لأجله ولا يسجد لهذا ونقل صالح وجوبه في الصلاة فقط وعنه مطلقا لقوله تعالى { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } [ الانشقاق 21 ] ولا يذم إلا على ترك واجب ولأنه سجود يفعل في الصلاة أشبه سجود صلبها وجوابه بأنه ينتقض عندهم بسجود السهو ( للقارىء والمستمع ) في الصلاة وغيرها بغير خلاف علمنا ونص عليه لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانا لجبهته متفق عليه ولمسلم في غير صلاة والألف واللام بدل الإضافة أي ومستمعه وبه عبر في ( المحور ) ( والوجيز ) ( والفروع ) لأنه كتال وكذا يشاركه في الأجر فدل على مساواة قال في ( الفروع ( وفيه نظر وروى أحمد بإسناد فيه مقال عن أبي هريرة مرفوعا من استمع آية كتبت له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة لكن لا يسجد في صلاة لقراءة غير إمامه في الأصح كما لا يسجد مأموم لقراءة نفسه فإن فعل بطلت في وجه وعنه يسجد وعنه في نفل وقيل يسجد إذا فرغ ( دون السامع ) جزم به معظم الأصحاب وهو المنصوص لما روي
____________________
1-
(2/28)
ويعتبر أن يكون القارىء يصلح إماما له فإن لم يسجد القارىء لم يسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أن عثمان بن عفان مر بقاض فقرأ سجده ليسجد معه عثمان فلم يسجد وقال إنما السجدة على منت استمع ولا نعلم له مخالف في عصره ولأنه لا يشارك القارىء في الاجر فلم يشاركه في السجود وفيه وجه يسجد كالمستمع
( ويعتبر أن القارىء يصلح إماما له ) أي يجوز اقتداءه به لما روى عطاء أن رجلا من الصحابة قرأ سجدة ثم نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( انك كنت إمامنا ولو سجدت سجدنا معك ( رواه الشافعي مرسلا وفيه إبراهيم بن يحيى وفيه كلام وقال ابن مسعود لتميم بن خذلم وهو غلام يقرأ عليه سجدة فقال اسجد فإنك إمامنا فيها رواه رواه البخاري تعليقا فلا يسجد قدام إمامة ولا عن يساره مع خلو يمينه ولا أجل لتلاوة امرأة وخنثى وقيل بلى في الكل كما يسجد لتلاوة أمي وزمن لأن ذلك ليس بواجب عليه ولا يسجد رجل لتلاوة صبي في وجه ( فإنه لم يسجد القارىء لم يسجد ) نص عليه لقوله ولو سجدت سجدنا معك وقدم في الوسيلة أنه إذا كان التالي في غير صلاة ولم يسجد سجد مستمعه قال أحمد إذا ترك الإمام السجود فإن شاء أتي به
تنبيه لا يجزىء ركوع ولا سجود عن سجدة التلاوة في الصلاة نص عليه لأنه سجود مشروع أشبه مشروع أشبه سجود الصلاة وعنه بلى وعنه يجزىء ركوع الصلاة وحده ذكرها في ( المستوعب ( وهي قول القاضي لقوله تعالى { وخر راكعا وأناب } [ ص 24 ] وأجيب بأن المراد به السجود لقوله ( وخر ) وذكر في ( المذهب ( أنه إن جعل مكان السجود ركوعا لم يجزئه وبطلت صلاته
فائدة ذكر في ( المغني ( و ( الشرح ( أن السجدة إذا كانت آخره السورة
____________________
1-
(2/29)
وهو أربع عشرة سجدة في الحج منها اثنتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) سجد ثم قام فقرأ شيئا ثم ركع من غير قراءة وإن شاء ركع في آخرها لأن السجود يؤتي به عقب الركوع نص عليه وه قول ابن مسعود
( وهو أربع عشرة سجدة ) وهذا هو المشهور والصحيح من المذهب وعنه خمس عشرة لما روى أبو داود عن عمرو ابن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة فعلى هذا سجدة ( ص ) من عزائم السجود وأختاره أبو بكر وابن عقيل والصحيح انها ليست من عزائم السجود بل سجدة شكر روى البخاري عن ابن عباس قال ( ص ) ليست من عزائم السجود وقد رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وقال البني صلى الله عليه وسلم ( سجد داود توبة ونسجدها شكرا ( رواه النسائي فعلى هذا يسجد خارج الصلاة فإن سجد فيها عالما بطلت ذكره الجماعة وقيل لا تبطل وهو أظهر لأن سببها من الصلاة فإذا سقط منها بقي عشرة منها ثلاث في المفصل لأنه عليه السلام سجد في النجم وسجد معه المسلمون والمشركون رواه البخاري من حديث ابن عباس وسجود الفريقين معه لكونها أول سجدة لا لغيره وعن أبي هريرة قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ( الأنشقاق ) وفي ( اقرأ بأسم ربك ) رواه مسلم
( وفي الحج منها اثنان ) هذا قول عمرو ابنه وعلي وأبي الدرداء وأبي موسى وابن عباس لقوله عليه السلام ( في الحج سجدتان ( رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن العاص وهو من رواية عبد الله بن
____________________
1-
(2/30)
ويكبر إذا سجد وإذا رفع ويجلس ويسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) منين عن عمرو ولم يرو عنه غير الحارث بن سعيد وقوله صلى الله عليه وسلم ( من لم يسجدهما فلا يقرأهما ( رواه أحمد وغيره من رواية ابن لهيعة وعنه الأولى فقط وعنه عكسه
تنبيه إذا قرأ سجدة ثم أعادها ففي تكرارها وجهان وقيل يوحدها الراكب في صلاة ويكرره غيره ويتوجه مثله تحية مسجد إن تكرر دخوله ويأتي فيمن تكرر دخوله مكة
فائدة موضع سجدة ( ص ) عند ( وأناب ) و ( حم ) عند ( يسأمون ) لأنه من تمام الكلام وقيل ( يعبدون ) واختاره جماعة لأن الأمر بالسجود فيها وعنه يخير
( ويكبر إذا سجدو ) يكبر ( إذا رفع ) هذا هو المذهب لما تقدم من حديث ابن عمرو ولأنه سجود مفرد أشبه السجود بعد السلام للسهو وقيل لا يكبر للرفع منه بل يسلم إذا رفع وهو ظاهر ( الخرقي ( وقيل إن كان في غير الصلاة كبر للإحرام والسجود والرفع منه وقاله أبو الخطاب وصححه في ( الرعاية ( كما لو صلى ركعتين ( يجلس ) كذا قاله في ( المحرر ( و ( الوجيز ( لأنهما صلاة يشترط لها التكبير فاشترط لها ذلك ولم يذكره آخرون والمراد الندب ولهذا لم يذكروا جلوسه في الصلاة لذلك ( ويسلم ) وهو ركن في أصح الروايتين ويجزىء واحدة نص عليه وعنه لا يجزىء إلا اثنان
____________________
1-
(2/31)
ولا يتشهد فإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه وقال القاضي لا يرفعها ولا يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ذكرها القاضي في ( المجرد ( وعنه لا سلام له لأنه لم ينقل ( ولا يشهد ) لأنه صلاة لا ركوع فيه فلم يشرع التشهد كصلاة الجنازة بل لا تسن نص عليه وخرج أبو الخطاب أنه يتشهد قياسا على الصلاة وفيه بعد والافضل سجوده عن القيام فإن سجد عن جلوس فحسن قاله أحمد
مسألة يقول فيه سجود الشكر سبحان ربي الأعلى وجوبا وأن زاد ما ورد فحسن وذكر فحسن وذكر في ( الرعاية ( أنه يخير بين التسبيح وبين ما ورد والأولى أن يقول فيه ما يليق بالآية
( فإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه قدمه جماعة وجزم به في ( الوجيز ( لما روى وائل بن حجر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل رفع وخفض ويرفع يديه في التكبير ( وقال القاضي لا يرفعها ) وهو رواية وفي الشرح أنه قياس المذهب لقول ابن عمر كان لا يفعل في السجود متفق عليه وهو مقدم على الأول لأنه أخص منه واطلق في ( الفروع ( الخلاف وظاهره أنه يرفعهما إن كان في غير صلاة في الأصح
أصل يكره اختصار السجود وهو جمع آياته وقراءتها في وقت ليسجد فيها وقيل هو أن يحذف في قراءته آيات السجود قال الؤلف وكلاهما محدث وفيه إخلال بالترتيب
( ولا يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها ) ولا قراءة السجدة فيها بل يكرهان ذكره جماعة منهم صاحب ( الفروع ( لأن فيه إبهاما على المأمومين
____________________
1-
(2/32)
فإن فعل فالماموم مخير بين اتباعه وتركه ويستحب سجود عند تجديد النعم واندفاع النقم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقيل لا يكره لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الظهر ثم قام فركع فرأى أصحابه أنه قرأ ( تنزيل السجدة ) رواه أبو داود وفي ( المغني ( و ( الشرح ( اتباع السنة أولى ( فإن فعل فالمأموم مخير بين اتباعه وتركه ) هذا قول الأصحاب لأنه ليس بمسنون للإمام ولم يوجد الاستماع المقتضي للسجود وقال القاضي يلزمه متابعته واختاره المؤلف لقوله ( إنما جعل الإمام ليؤتم به وما ذكروه بالأطرش والبعيد ومقتضاه أنه يلزمه متابعتة في صلاة الجهر وهوالاصح وأنه لا تكره قرأءتها فيها وكذا يخرج في وجوب متابعته في سجود سهو مسنون وتشهد أول إن قلنا هو سنة قاله ابن تميم
( ويستحب سجود الشكر ) خلافا أبي حنيفة ومالك في كراهته وفي ابن تميم لأمير الناس وهو غريب ( عند تجدد النعم واندفاع النقم ) كذا قاله جمهور أصحابنا لما روى أبو بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو يسر به خر ساجدا رواه أحمد والترمذي وقال حسن غريب والعمل عليه عند أكثر العلماء وسجد عليه السلام حين قال له جبريل يقول الله ( من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليه ( رواه أحمد حين شفع في أمته فأجيب رواه أبو داود وسجد الصديق حين جاءه قتل مسيلمة رواه سعيد وسجد علي حين رأى ذا الثدية في الخوارج رواه أحمد وسجد كعب حين بشر بتوبة الله وقصته متفق عليها وظاهر لا فرق بين النعم الباطنة والظاهرة وقيده القاضي وجماعة بالظاهرة لأن العقلاء يهنؤون
____________________
1-
(2/33)
ولا يسجد له في الصلاة فصل في أوقات النهي وهي خمسة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بالسلامة من العارض ولا يفعلونه في كل ساعة وظاهره أنه يسجد لأمر يخصه وهو المنصوص ويشترط لها ما يشترط لسجودالتلاوة ( ولا يسجد له في الصلاة ) لأن سبيه ليس منها فإن فعل بطلت إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا وعند ابن عقيل فيه روايتان من حمد لنعمة أو استرجع لمصبية واستحبه ابن الزاغواني فيها كسجدة التلاوة وفرق القاضي بأن سبب سجود التلاوه عارض في الصلاة وإذا رأى مبتلى في دينه سجد بحضوره وإن كان في بدنه كتمه عنه قال إبراهيم الخعي كانوا يكرهون أن يسألوا الله العافية بحضرة المبتلى ذكره ابن عبد البر فصل في أوقات النهي
( وهي خمسة ) هذا هو المشهور في المذهب وظاهر ( الخرقي ( أنها ثلاثة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب وهو يشمل وقتين ولعله اعتمد على أحاديث عمر وأبي هريرة وأبي سعيد ( بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب ) لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس ( متفق عليه وفيها من حديث عمر وأبي هريرة مثله إلا أنهما قالا ( بعد الفجر وبعد العصر ( ويتعلق النهي من طلوع الفجر الثاني نص عليه وهو قول الأكثر لما روى ابن عمر مرفوعا ( لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين ( رواه أحمد والترمذي وقال هذا ما أجمع عليه أهل العلم وفي لفظ للترمذي ( لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي
____________________
1-
(2/34)
وعند طلوع الشمس حتى قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وإذا تضيفت للغرب حتى تغرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الفجر ( وعن ابن المسيب نحوه مرسلا رواه البيهقي وعنه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس اختاره ابو محمد رزق الله التميمي وذكر في ( التحقيق ( أنه قول أكثرهم وفي العصر يفعلها إلا بالوقت بغير خلاف نعلمه وظاهر ولو في وقت الظهر جمعا وتفعل سنة الظهر بعدها ولو في جمع تأخير والاعتبار بالفراغ منها لا بالشروع قاله غير واحد ( وعند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح ) هو بكسر القاف أي قدر رمح والظاهر أنه الرمح المعروف وقال في ( المستوعب ( حتى تبيض ( وعند قيامها حتى تزول ) وظاهره ولو في يوم الجمعة وفيه وجه لا نهي فيه واختاره الشيخ تقي الدين وظاهرة ولو لم يحضر الجامع لظاهر الخبر والأصل بقاء الإباحة إلى أن يعلم ( وإذا تضيفت للغروب ) أي مالت له وعنه إذا اصفرت ( حتى تغرب ) لما روى مسلم عن عقبة بن عامر قال ( ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (
وعن عمرو بن عبسة معناه بأطول منه رواه أحمد ومسلم وفيه ( فإنها تطلع وتغيب بين قرني شيطان ( والمراد به حزبه وأتباعه وقيل قوته وغلبته وقيل هما جانبا الرأس ومعناه أنه يدني رأسه إلى الرأس إلى في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة فيكون له ولشيعته تسلط ظاهر من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم كما منع من
____________________
1-
(2/35)
ويجوز قضاء الفرائض فيها وتجوز صلاة الجنازة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصلاة في الأماكن التي هي مأوى الشيطان وفي حديث عمرو بن عبسة ( ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم ( فهو معلل حينئذ وظاهره لا فرق بين مكة وغيرها في ذلك وعنه لا نهى بمكة ويتوجه إن قلنا الحرام كمكة في المرور بين يدي المصلي ان هنا مثله وكلامه في ( الخلاف ( أنه لا يصلي فيه اتفاقا وعنه ولا نهى بعد عصر وعنه ما لم تصفر ولا بين الشتاء والصيف
( ويجوز قضاء الفرائض فيها ) لقوله عليه السلام ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لها إلا ذلك ( وعنه لا يجوز لعموم النهي وأجيب بأنه محمول على التطوع جمعا بين الأدلة وكذا الخلاف عندنا في النذر ولا فرق بين أن يكون مطلقا أو معينا فلو نذرها وقت نهي انعقدت مع الكراهة ومع التحريم لا تنعقد وقيل لا تنعقد وقت نهي مطلقا
( وتجوز صلاة الجنازة ) بعد الفجر والعصر إجماعا لطولهما فإن الانتظار فيهما يضر بالميت زاد ابن تميم وحكاه في ( الرعاية ( قولا الفرض منها وعنه لا يصلي بعد الفجر حتى تطلع الشمس وظاهره أنه لا يصلي على قبر وغائب وقت نهي وقيل نفلا وصحح في المذهب يجوز على قبر في الوقتين الطويلين لطول زمانهما وحكي مطلقا وفي ( الفصول ( لا يجوز بعد العصر لأن العلة في جوازه على الجنازة خوف الأنفخار وقد أمن في القبر قال في ( الفروع ( وصلى قوم من أصحابنا بعد العصر بفتوى
____________________
1-
(2/36)
وركعتا الطواف وإعادة الجماعة إذا اقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بعض المشايخ ولعله قاس على الجنازة وحكي لي عنه أنه علل بأنها مفروضة وهذا يلزم عليه فعلها في الأوقات الثلاثة
فرع تقدم الجنازة على صلاة الفجر والعصر وتؤخر عن الباقي وذكر في ( المذهب ( أنه يبدأ بالجنازة مع سعة الوقت ومع ضيقه بالفرض قولا واحدا
( و ) تجوز ( ركعتا الطواف ) فيهما وهو قول جماعة من الصحابة لما روى جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى فيه في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ( رواه الترمذي وصححه ولا نهما تابعتان للطواف ويجوز فرضه ونفله وقت النهي وعنه لا يجوز لعموم النهي وأجيب بأنه مستثنى من حديث ابن عباس مع أن حديثنا لا تخصيص فيه
( و ) يجوز ( إعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر ) لما روى يزيد بن الأسود قال صليت مع صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال ما منعكما أن تصليا معنا فقالا يارسول الله قد صلينا في رحالنا قال ( لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ( رواه الترمذي وصححه وهذا نص في الفجر والعصر مثله ولأنه متى لم يعد لحقه تهمة في حقه وتهمة في حق الإمام فصريحه أنه يشترط لذلك أن يكون في المسجد مع الجماعة وعبر به غير واحد وذكره في ( الشرح ( أن ظاهر كلامه لا فرق بين المصلي
____________________
1-
(2/37)
وهل تجوز في الثلاثة الباقية على روايتين ولا يجوز التطوع بغيرها في شيء من هذه الأوقات الخمسة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) جماعة أو فرادى وفيه شيء وعنه لا يجوز لعموم النهي وجوابه واضح وشرط القاضي لجوازه أن تكون إعادتها مع إمام الحي وهو ظاهر ما في ( المستوعب ( و ( التخليص ( وفي ( الوجيز ( كا ( المقنع ( إلا أنه قال إلا المغرب بمسجد غير الثلاثة هو فيه قال جماعة أو دخل وهم يصلون بعدهما لكن قال ابن تميم وغيره لا يستحب الدخول
( وهل يجوز في الثلاثة على روايتين ) إحدهما لا تجوز على الجنازة فيها قدمه في ( المحرر ( و ( الرعاية ( ونصره المؤلف لحديث عقبة وذكره الصلاة مع الدفن ظاهر في الصلاة على الميت وكالنوافل ولأنها أوقات خفيفة لا يخاف على الميت فيها والثانية تجوز للعموم ولأنها أبيحت في بعض الأوقات فتباح في الباقي كالفرائض وحكاهما في ( المذهب ( في الكراهة وقال ابن أبي موسى يصلى عليها في جميع الأوقات إلا حال الغروب زاد في ( الرعاية ( والزوال ومحل ذلك ما لم يخف عليه فإن خيف صلي عليه في كل وقت رواية واحدة وفي الطواف يجوز قولا واحدا قاله في ( المذهب ( و ( التخليص ( وقدمه في ( المحرر ( وعنه لا يجوز لحديث عقبة ويجوز فيها أعادة الجماعة لتأكيد ذلك للخلاف في وجوبه والثانية المنع لحديث عقبة
( ولا يجوز التطوع بغيرها ) أي يحرم ابتداء التطوع المطلق ( في شيء من هذه الأوقات الخمسة ) لما تقدم وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها رواه أبو داود قالت أم سلمة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر وينهى عنها عن الركعتين بعد العصر ثم رأيته يصليهما وقال يابنت أبي أمية
____________________
1-
(2/38)
إلا ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن الراتبة فإنها على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هانان متفق عليه قال الزركشي وهذا مما لا خلاف فيه وفيه شيء فانه روي عن أحمد أنه قال لا نفعله ولا نعيب على من يفعله وعنه الرخصة بعد العصر مالم تصفر الشمس قال ابن المنذر رخصت فيه طائفة بعد العصر مطلقا منهم علي والزبير وابنه وتميم الداري والنعمان بن بشير وأيوب وعائشة وظاهره أنه لو خالف وأحرم به لم ينعقد وذكره في ( التخليص ( وغيره الصحيح من المذهب وعنه بلى وفي جاهل روايتان قال ابن تميم وظاهر الخرقي أن إتمام النفل في وقت النهي لا بأس به ولا يقطعه بل يخففه ( إلا ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن الراتبة فإنها على روايتين ) إحدهما يجوز الكل فيها اختارها صاحب ( الفضول ( ( والمذهب ( ( والمستوعب ( والشيخ تقي الدين وألحق به الاستخارة فيما ينوب وعقب الوضوء لقوله ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ( وقوله ( من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره ( وقوله ( أن الشمس والقمر آتيان من آيات الله فإذا رأيتموها فصلوا ( هذا وأن كان عاما من وجه فهو خاص من وجه آخر فيترجح على أحاديث النهي بحديث أم سلمة وكتحية المسجد حال خطبة الجمعة وليس عليها جواب صحيح وأجاب القاضي بأن المنع المنع هنا اختص الصلاة فهو آكد وهذا على العكس أظهر قال مع أن القياس المنع تركناه لخبر سليك وسجود التلاوة مستحب مأمور به والثانية المنع اختاره الأكثر قاله الشريف وابن الزاغواني وصححه الفاضي وصاحب ( 0 الوسيلة ( وهو
____________________
1-
(2/39)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أشهر لعموم النهي وإنما ترجح عمومها على أحاديث التحية وغيرها لأنها حاظرة وتلك مبيحة أو نادبة والصلاة بعد العصر من خصائصه عليه السلام فعلى هذا لا يسجد لتلاوة في وقت قصير وعنه يقضي ورده ووتره قبل صلاة الفجر وعنه يقضي وتره والسنن مطلقا إن خاف إهمالها أو نسيانها واختار المؤلف يقضي سنة الفجر بعدها ويقضي غيرها بعد العصر ولم يتعرض المؤلف لصلاة الاستسقاء وفي ( المغني ( و ( الشرح ( أنها لا تفعل وقت نهي بلا خلاف وذكر جماعة روايتين وصحح السامري الجواز والله أعلم
____________________
1-
(2/40)
وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا شرط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة الجماعة &
شرع لهذه الأمة ببركة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم الاجتماع للعبادة في أوقات معلومة فمنها ما هو في اليوم والليلة للمكتوبات ومنها ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة ومنها ما هو في السنة متكررا وهو صلاتا العيدين لجماعة كل بلد ومنها ما هو عام في السنة وهو الوقوف بعرفة لأجل التوصل والتوادد وعدم التقاطع
( وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا شرط ) نص عليه وهو قول الأكثر وقاله عطاء والأوزاعي لقوله تعالى ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) [ النساء 102 ] فأمر الجماعة في حال الخوف ففي غيره أولى يؤكد قوله تعالى ( واركعوا مع الراكعين ) [ البقرة 43 ] وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ( متفق عليه وعنه شرط ذكرها في ( الواضح ( والإقناع ( وصححها ابن عقيل قياسا على الجمعة لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ( رواه أبو داود من رواية يحيى بن [ أبي ] حية وهو ضعيف
____________________
1-
(2/41)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وصحح عبد الحق أنه من قول ابن عباس ورواه ابن ماجه والبيهقي وإسناده ثقات لكن قال الشريف لا يصح عن أصحابنا في كونها شرطا وعنه سنة وقاله أكثر العلماء لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة الجماعة افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ( وفي حديث أبي سعيد ( بخمس وعشرين درجة ( رواه البخاري ذكر ابن هبيرة أنه نشأ من ضرب خمسة في مثلها ويزاد على ذلك الوحدة والأجتماع وذكر الشيخ تقي الدين وجها أنها فرض كفاية ومقاتله تاركها كالاذان وعلى الأول ينعقد باثنين في غير جمعة وعيد ولو أنثى وعبد لا بصبي في فرض نص عليه ويشترط فيهم أن يكونوا أحرارا ولو سفرا في شدة خوف فلو صلى منفرد مطلقا صحت ولا ينقص أجره مع لعذر وبدونه في صلاته فضل خلافا لأبي الخطاب وغيره في الأولى ولنقله عن أصحابنا في الثانية وكذا قيل للقاضي عندكم لا فضل في صلاة الفذ فقال قد تحصل المفاضلة بين شيئين ولا خير في أحدهما وفيه نظر لأنه يلزم من ثبوت النية بينهما بجزء معلوم ثبوت الأجر فيهما وإلا فلا نسبة ولا تقدير واختار الشيخ تقي الدين كأبي الخطاب فيمن عادته الانفراد مع العذر وإلا تم أجره وذكر في موضع آخر أن من صلى قاعدا لعذر له أجر القائم واختاره جماعة لما روى أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا مرض اختاره العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما ( قال في ( الفروع ( ويتوجه احتمال تساويهما في أصل الأجر وهو الجزاء أو الفضل بالمضاعفة وظاهره أنها لا تجب على النساء بل يستحب لهن وعنه لا وعنه يكره ومال أبو بعلى الصغير إلى وجوبها إذا اجتمعت ولا الصبيان إلا على رواية وجوبها عليهم
____________________
1-
(2/42)
وله فعلها في بيته في أصح الروايتين ويستحب لأهل الثغر الاجتماع في مسجد واحد والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قاله في ( المذهب ( ولا خنثى مشكل قاله ابن تميم وفي وجوبها لفائتة والمنذورة وجهان
فرع للنساء حضور جماعة الرجال وعنه الفرض وكرهه القاضي وابن عقيل للشابة وهو أشهر والمراد المستحسنه وقيل يحرم في الجمعة وغيرها مثلها فمجالس الوعظ كذلك وأولى
( وله فعلها في بيته في أصح الروايتين ) كذا قاله جمع ونصره المؤلف لقوله عليه السلام ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته ( متفق عليه وفعلها في المسجد هو السنة والثانية يجب فعلها في المسجد زاد في ( الشرح ( و ( الرعاية ( قريب منه لقوله عليه السلام ( لا صلاة لجار المسجدإلا في المسجد ( وعن مثله وزاد ( جار المسجد من أسمه المنادي ( رواه البيهقي بإسناده جيد وقيل لا يصح في غير مسجد مع القدرة عليه وهو بعيد وفي ( المحرر ( إن فعلها في المسجد فرض كفاية وعنه فرض عين لإرادة التحريق
( ويستحب لأهل الثغر ) هو موضع المخافة من فروج البلدان ( الاجتماع في مسجد واحد ) لأنه أعلى للكلمة وأوقع للهيبة فإذا جاءهم خبر عن عدوهم سمعه جميعهم وتشاوروا في أمرهم وإن جاء عين للكفار رأى كثرتهم فأخبر بها قال الأوزاعي لو كان الأمر إلي لسمرت أبواب المساجد التي للثغور ليجتمع الناس في مسجد واحد
( الأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره ) لأنه يحصل به ثواب عمارة المسجد وتحصيل للجماعة لمن يصلي فيه وذلك معلوم
____________________
1-
(2/43)
ثم ما كان أكثر جماعة ثم في المسجد العتيق وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب على الروايتين ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في حق غيره زاد في ( الشرح ( وابن تميم وكذلك إن كانت تقام فيه مع غيبته إلا أن في قصد غيره كسر قلب جماعة فجبر قلوبهم أولى ( ثم ما كان أكثر جماعة ) ذكره في ( الكافي ( وغيره وفي ( الشرح ( أنه الأولى وصححه ابن تميم لما روى أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة الرجل مع رجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما هو أكثر فهو أحب إلى الله ( رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان ( ثم ) إن استويا فيكون الأفضل فعلها ( في المسجد العتيق ) لأن الطاعة فيه أسبق والمذهب أنه يقدم على على الأكثر جماعة وقيل إن استويا في القرب والبعد قال في ( الرعاية ( وهو أظهر وفي ( الوجيز ( وقدمه في ( المحرر ( و ( الفروع ( لما روى أبو موسى مرفوعا ( إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم ممشى ( رواه مسلم ولكثرة حسناته بكثرة خطاه والثانية قصد الأقرب لما تقدم ولأن له جوارا فكان أحق بصلاته كما أن الجار أحق بمعروف جاره وكما لو تعلقت الجماعة بحضوره وقيل يقدمان على الأكثر حمعا
مسأله تقدم الجماعة مطلقا على أول الوقت ذكروه في كتب الخلاف وهل فضيلة أول الوقت أفضل أم انتظار كثرة الجمع فيه وجهان
( ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه قال أحمد ليس لهم ذلك وصرح في الكافي والمستوعب والمحرر والفروع بأنها تحرم لأنه بمنزلة صاحب البيت وهو أحق بها لقوله عليه السلام لا يؤمن
____________________
1-
(2/44)
إلا ان يتأخر لعذر فان لم يعلم عذره انتظر وروسل ما لم يخش خروج الوقت فان صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها إلا المغرب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الرجل الرجل في بيته إلا بإذنه لأنه يؤدي إلى التنفير عنه وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدم ومع الاذن هو نائب عنه وحيث قلنا بأنه يحرم فظاهره أنها لا تصح وفي الرعاية تصح مع الكراهة ويستثنى منه ما إذا كان سلطانا فإنه أحق من إمام المسجد ( إلا أن يتأخر لعذر ) لصلاة أبي بكر بالناس حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم متفق عليه وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف مرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أحسنتم رواه مسلم وفي الكافي يجوز مع غيبة الإمام الراتب والأشهر لا إلا مع تأخره وضيق الوقت ( فإن لم يعلم عذره انتظر وروسل ) لأن الائتمام به سنة وفضيلة فلا يترك مع الأمكان ولما فيه من الافتيات بنصب غيره وقيده في الفروع تبعا لغيره بما إذا كان قريبا ولم يحصل به مشقة وتأخر عن وقته المعتاد ( ما لم يخش خروج الوقت ) فإنه يقدم غيره لئلا يفوت الوقت وتصير الصلاة قضاء وكذا إن كان بعيدا أو لم يغلب على الظن حضوره أو غلب ولا يكره ذلك صلوا قاله ابن تميم والجد في فروعه
( فإن صلى ) فريضة وظاهره ولو في الجماعة ( ثم أقيمت الصلاة ) في جماعة ( وهو في المسجد ) أو جاءه غير وقت نهي ولم يقصد الإعادة أو دخل إليهم وهم يصلون قاله في المغني والشرح ( استجب له إعادتها ) ذكره جمع لما تقدم ولئلا يتوهم رغبته عنه وظاهره لا فرق في إعادتها مع إمام الحي أو غيره وقال القاضي يستحب مع إمام الحي وقد سبق وقد علم أنها لا تجب الإعادة وعنه بلى مع إمام الحي بشرطه ( إلا المغرب ) قدمه الأكثر التطوع لا يكون بركعة ولو كان صلى وحده ذكره القاضي وغيره
____________________
1-
(2/45)
وعنه يعيدها ويشفعها برابعة ولا تكره إعادة الجماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وعنه يعيدها ) صححه ابن عقيل وابن حمدان للعموم لما روي عن حذيفة أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب وكان قد صلاهن في جماعة رواه الأثرم ( ويشفعها برابعة ) في المنصوص يقرأ فيها بالحمد وسورة كالتطوع نقله أبو داود وفيه وجه لا يشفعها وهو ينبني على صحة التطوع بفردو إن لم يشفعها صحت والأولى فرضه نص عليه لأنها وقعت فريضة فأسقطت الفرض وكإعادتها منفردا ذكره القاضي وغيره ولهذا ينوي المعادة نفلا وفي مذهب مالك هل ينوي فرضا أو نفلا أو إكمال الفضيلة أو يفوض الأمر إلى الله تعالى ومذهب الشافعي ينوي الفرض ولو كانت الأولى فرضه قال بعض أصحابنا ينوي ظهرا أو عصرا ولا يتعرض للفرض وعند بعضهم كلاهما فرض كفرض الكفاية إذا فعله طائفة ثم فعله طائفة أخرى
فرع المسبوق في ذلك يتمه بركعتين من الرباعية نص عليه لقوله عليه السلام وما فاتكم فأتموا وقيل يسلم معه
( ولا تكره إعادة الجماعة ) أي إذا صلى إمام الحي ثم حضر جماعة أخرى استحب لهم أن يصلوا جماعة هذا قول ابن مسعود وذكره بعضهم رواية واحدة لعموم قوله تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وقوله من يتصدق على هذا فليصل معه فقام رجل من القوم فصلى معه رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد وإسناده جيد وحسنه الترمذي وقال القاضي يكره لئلا يفضي إلى اختلاف القلوب ولأنه مسجد له إمام راتب فكره فيه إعادة الجماعة كالمسجد الحرام وقيل في غير مساجد الأسواق وهو ظاهر وقيل المساجد العظام وقيل لا يجوز والأول أولى
____________________
1-
(2/46)
في غير المساجد الثلاثة وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإن اقيمت وهو في نافلة أتمها إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه قادر على الجماعة فاستحب له كالمسجد الذي في ممر الناس وحينئذ يؤذن لها ويقيم قاله ابن تميم ويكره قصدها للإعادة زاد بعضهم ولو كان صلى فرضه وحده ولأجل تكبيرة الإحرام لفوتها له لا لقصد الجماعة نص على ذلك قال في التخليص وفضيلة التكبير الأولى لا تحصل إلا بشهود تحريم الإمام ( في غير المساجد الثلاثة ) فإنه يكره إعادتها فيها روي عن أحمد قال في الشرح وذكره أصحابنا لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها وتعظيما لها وما ذكره في المسجد الأقصى وهو رواية والمذهب أنه يكره في مسجد مكة والمدينة وعلله أحمد بأنه أرغب في توفير الجماعة وعنه يكره في المساجد الحل وغيرها مع كثرة الجمع إلا مع ثلاثة أنفس أو أقل قال في الرعاية وفيه بعد
مسألة ليس للإمام إعادة الصلاة مرتين وجعل الثانية عن فائتة أو غيرها والامة متفقون على أنه بدعة مكروهة ذكره الشيخ تقي الدين
3 ( وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا وكان عمر يضرب على صلاة بعد الأقامة وظاهره أنه لا يجوز ابتداء فعل نافلة بعد أقامة الفريضة مع أن صلاة نكرة في سياق النفي فتعم لكن بعد الفائتة تجوز بشرطه ( وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها ) خفيفة لقوله تعالى ( ولا تبطلوا أعمالكم ) [ محمد 33 ] وظاهرة ولو خارج مسجد قال ابن تميم وغيره لا يزيد على ركعتين إلا أن يكون قد شرع في الثالثة نص عليه سلم عنها جاز ( إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها ) على المذهب
____________________
1-
(2/47)
وعنه يتمها ومن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأن الفرض أهم وظاهره أنه أراد فوات جميعها وخص صاحب النهاية بفوات الركعة الأولى قال ابن منجا وكل متجه لكن في حمل كلامه على ما ذكر نظر ( وعنه يتمها ) للآية الكريمة
( ومن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة ) هذا هو المجزوم به في المذهب لأنه أدرك جزءا من صلاة الإمام أشبه مالو أدرك ركعة وكإدراك المسافر ولأنه يلزم أن ينوي الصفة التي عليها وهو كونه مأموما فينبغي أن يدرك فضل الجماعة وشرطه جلوسه مع الإمام في التشهد وقيل أو قبل سلام الثانية وظاهر كلام ابن أبي موسى أنه لا يكون مدركا لها إلا بإدراك ركعة معه وذكره الشيخ تقي الدين رواية واختارها لقوله عليه السلام في خبر أبي هريرة من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة متفق عليه
( ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة ) لما روى أبو هريرة مرفوعا إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة رواه أبو داود بإسناد حسن ولأنه لم يفته من الأركان غير القيام وهو يأتي به مع التكبيرة ثم يدرك مع الإمام بقية الركعة وشرط حصولها إذا اجتمع مع الإمام فيه بحيث ينتهي إلى قدر الإجزاء في الركوع وإن لم يطمئن وقيل إن أدرك معه الطمأنينة حكاه ابن عقيل وفي التخليص وجه يدركها ولو شك في إدراكه راكعا لأن الأصل بقاء الركوع فإن كبر ولإمام في الركوع ثم لم يستطيع حتى رفع إمامه لم يدركه نص عليه ولو
____________________
1-
(2/48)
واجزاته تكبير واحدة والأفضل اثنتان وما أدرك مع الأمام فهو آخر صلاته وما يقضيه أولها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أحرم قبل رفعه لم يدركه ولو أدرك ركوع المأمومين ( وأجزائه تكبير واحدة ) وهي تكبيرة الإحرام وتسقط تكبيرة الركوع نص عليه واحتج بأنه فعل زيد بن ثابت وابن عمر ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه اجتمع عبادتان من جنس واحد في محل فأجزأ الركن عن الواجب كطواف الزيارة والوداع قيل للقاضي لو كانت تكبيرة الركوع واجبة لم تسقط فأجاب بأن الشافعي أوجب القراءة وأسقطها إذا أدركه راكعا وعنه يجب معها تكبيرة الركوع صححه ابن عقيل وابن الجوزي وهو ظاهر كلام جماعة لوجوبها ويتوجه أنه لا بدمن قيام بعد تكبيرة الأحرام فإن نواهما بتكبيرة لم تنعقد ذكر القاضي أنه الظاهر من قول أحمد لأنه لو شرك بين الواجب وغيره في النية أشبه ما لو عطس عند رفع رأسه فقال ربنا ولك الحمد عنهما وعنه بلى اختاره الشيخان ورجحه في الشرح لأن نية الركوع لا تنافي نية الإفتتاح لأنهما من جملة العبادة وإن نوى بتكبيرة الركوع لم يجزئه لأن تكبيرة الإحرام ركن ولم يأت بها ( والأفضل اثنتان ) خروجا من الخلاف قال أبو داود قلت لأحمد يكبر مرتين أحب إليك قال إن كبر تكبيرتين ليس فيه اختلاف
فرع إذا أدركه في غير ركوع سن دخوله معه ندبا للخبر وظاهره مطلقا وينحط معه عن قيام بلا تكبير نص عليه لأنه لا يعتد له به وقد فاته محل التكبير ويقوم مسبوق تكبير نصال ولو لم تكن ثانيته وإن قام قبل سلام الثانية ولم يرجع انقلبت نفلا في الأصح
( وما أدرك ) المسبوق ( مع الإمام فهو آخر صلاته وما يقضيه أولها
____________________
1-
(2/49)
يستفتح ويتعوذ ويقرأالسورة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) هذا هو المشهور في المذهب وصححه وجزم به جماعة لما روى أحمد عن أبن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ورواه النسائي من حديث ابن عيينة كذلك قال مسلم أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة فاقضوا ولا أعلم رواها عن الزهري غيره وفيه نظر فقد رواها احمد عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وقد رويت عن أبي هريرة من غير وجه وذكر صاحب التحقيق والمؤلف أنه متفق عليه من حديث أبي هريرة وفيه نظر وفي رواية لمسلم واقض ماسبقك والمقضي هو الفائت فيكون على صفته ( يستفتح ويتعوذ ويقرأ السورة ) مع الفاتحة لأنه أول صلاته فعلى هذا لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة تشهد عقب قضاء ركعة على المذهب كالرواية الثانية وعنه في المغرب فقط وعنه يتشهد عقب ركعتين قدمها في الرعاية لأن المقضي أول صلاته وهذه صفة أولها قال في الكافي والشرح لأنهما ركعتان يقرأ فيهما الفاتحة والسورة وهما متواليتان كغير المسبوق وعنه ما يدركه أول صلاته وما يقضيه آخرها لقوله عليه السلام ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا متفق عليه من حديث أبي قتادة وأبي هريرة وأجيب بأن المعنى فأتموا قضاء للجمع بينهما وعليها يتشهد عقيب ركعة وذكر المؤلف إن تشهد عقيب ركعة أو ركعتين جاز لأن مسروقا وجندبا ذكرا ذلك عند ابن مسعود فصوب فعل مسروق ولم ينكر فعل جندب ولم يأمره بالإعادة ويستفتح ويستعيذ ويقرأ السورة فيما يدركه فقط وقيل يقرا السورة مطلفا وذكر ابن ابي موسى أنه المنصوص عليه قال المؤلف لا أعلم فيه خلافا بين الأئمة الأربعة لكن بنى ابن هبيرة
____________________
1-
(2/50)
ولا تجب القراءة على المأموم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وجماعة قراءتها على الخلاف وهو ظاهر رواية الأثرم ويخرخ عليه الجهر والقنوت وتكبير العيد التورك والافتراش وقال صاحب المحرر لا يحتسب له تشهد الأمام الأخير إجماعا من أول صلاته ولا من آخرها ويأتي بالتشهد الأول ويكرره حتى يسلم إمامه ويتوجه فيمن قنت مع إمامه لا يقنت ثانيا كمن سجد معه للسهو لا يعيده على الأصح ويلزمه القراءة فيما يقضيه قال المجد لا أعلم فيه خلافا
( ولا تجب القراءة ) أي قراءة الفاتحة على المأموم روي ذلك عن علي وابن عباس وابن مسعود وجابر وابن عمر وهو قول الأكثر لما روى أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا الحسن بن صالح عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له إمام فقراءته له قراءة قال في الشرح هذا إسناده متصل صحيح وضعفه جماعة لأن فيه ليث ابن أبي سليم وجابر الجعفي ورواه الدارقطني عن عبد الله بن شداد مرسلا قال في الاحكام هو الصحيح وصوبه الدارقطني والمراد بأنه لا قراءة على مأموم أي يحملها الإمام عنه وإلا فهي واجبة عليه نبه عليه القاضي كما يحصل عنه سجود سهو وسترة وكذا تشهد أول إذا سبقه بركعة وسجدة تلاوة ودعاء قنوت قاله في التخليص وغيره وعنه تجب ذكرها الترمذي والبيهقي واختارها الآجري ونقل الأثرم لا بد للمأموم من قراءة الفاتحة ذكره ابن الزاغواني لما روي عن عبادة مرفوعا إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن يقرأ بها رواه أبو داود والترمذي وحسنه وفيه ابن إسحاق
____________________
1-
(2/51)
ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه أولا يسمعه لبعده فأن لم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مدلس وقيل في صلاة السر ذكره في النوادر والأول أصح لقوله تعالى ( وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) [ الأعراف 204 ] قال أحمد أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة قال ابن مسعود لا أعلم في السنة القراءة خلف الأمام وقال ابن عمر قراءته تكفيك وقال علي ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام وقال ابن مسعود وددت من قرأ خلف الإمام أن أملأ فاه ترابا روى ذلك سعيد ( ويستحب أن يقرأ ) الفاتحة ( في سكتات الإمام ) ولو لتنفس نقله ابن هانىء ولا يضر تفريقها وظاهره أن للإمام سكتات بعد تكبيرة الإحرام وفراغ الفاتحة ويستحب أن يكون قدرها وفراغ القراءة وقال المجد هما سكتتان على سبيل الاستحباب إحدهما تختص بأول ركعة للاستفتاح والثانية عند فراغه من القراءة كلها ليرد إليه نفسه ( ما لا يجهر فيه ) لأن القراءة مشروعة فيها وإنما ترك لأجل التشويش وهذا المعنى مفقود هنا وفي المستوعب يقرا الفاتحة وسورة في الشرح يقرأ في الجهر في سكتات الإمام بالفاتحة وفي السر يقرأ بها وسورة كالإمام والمنفرد وذكر الشيخ تقي الدين هل الأفضل قراءة الفاتحة للاختلاف في وجوبها أم غيرها لأنه استمعهما ومقتضى نص أحمد وأكثر أصحابه الثاني وفيه شيء فلو قرأ حال جهر إمامه كره وقيل يستحب بالفاتحة وقيل يحرم وروي عن تسعة من الصحابة ( أولا يسمعه لبعده ) أي يستحب له أن يقرأ نص عليه فإن سمع قراءته فالمذهب يكره وقيل يعيد أومأ إليه أحمد فإن سمع همهمة الإمام ولم يفهم قراءته لم يقرأ نص عليه في رواية الجماعة وعنه بلى اختاره الشيخ تقي الدين قاله في الفروع وهي أظهر ( فإن لم
____________________
1-
(2/52)
يسمعه لطرش فعلى وجهين وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام على روايتين ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يسمعه لطرش فعلى وجهين ) وكذا في الفروع وسئل أحمد عن الأطروش هل يقرأ قال لا أدري فظاهره التوقف لكن إن كان بعيدا قرأ وإن كان قريبا وهي مسألة المتن فوجهان أحدهما يستحب لأنه لا يسمع فلا يكون مأمورا بالإنصات ومحله مالم يشغل غيره عن الاستماع ويخلط على من يقرب منه قاله في المغني والشرح والثاني يكره جزم به في الوجيز لما فيه من التشويش على المصلين ( وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام على رويتين ) إحدهما يستحب قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن سماعه لقراءة إمامه قامت مقام قراءته بخلاف الإستفتاح والتعوذ ومحله ما لم يسمع قراءة إمامه قاله في الشرح وغيره والثانية يكرهان وذكر ابن المنجا أنها هي الصحيحة لأن ذلك يشغله عن القراءة وهي أهم وعنه يكره التعوذ فقط اختاره القاضي لأن التعوذ إنما شرع من أجل القراءة فإذا سقطت سقط التبع بخلاف الاستفتاح لأنه أمكن من غير اشتغال عن الإنصات وظاهره أنهما يسنان في صلاة السر نص عليه
فرع إذا جهل ما قرأ به إمامه لم يضر وقيل يتمها وحده وقيل تبطل نقل ابن أصرم يعيد فقال أبو إسحاق لأنه لم يدر هل قرأالحمد أم لا ولا مانع من السماع وقال الشيخ تقي الدين بل لتركه الإنصات الواجب
( ومن ركع أوسجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده ) الأولى أن يشرع في أفعال الصلاة بعد شروع الإمام لقوله عليه السلام إنما جعل
____________________
1-
(2/53)
فأن لم يفعل عمدا بطلت صلاته عند أصحابنا إلا إلا القاضي فإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الإمام ليؤتم فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وقال البراء كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ثم نقع سجودا بعده متفق عليهما فإن كبر معه للأحرام لم تنعقد صلاته لأنه ائتم بمن لم تنعقد صلاته وإن سلم معه كره وصح وقيل لا كسلامه قبله بلا عذر عمدا أو سهوا يعيده بعده وإلا بطلت وإن فعل الباقي معه كره لمخالفة السنة ولم تفسد صلاته لأنه اجتمع معه في الركن ذكره السامري وجماعة وقال في المبهج تبطل وبعده في الرعاية وقيل إن سارقه بالركوع بطلت لا بغيره ولا يجوز أن يسبقه جزم به الأكثر لقوله عليه السلام أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار متفق عليه ونقل مهنا تبطل وفي الكافي والشرح أنه ظاهر كلامه والصحيح أنها لا تبطل
فعلى هذا متى سبقه بالركوع وجب عليه العود ليركع معه وهو المراد بقوله ليأتي به بعده ( فإن لم يفعل عمدا ) أي لم يعد حتى لحق الإمام فيه ( بطلت صلاته عند أصحابنا ) حكاه في المحرر قولا لأنه ترك الواجب عمدا ( إلا القاضي ) فإنها لا تبطل عنده وصححه في المذهب وذكر في التلخيص أنه المشور وقدمه في المحرر لأنه سبق يسير وقد اجتمع معه في الركن المقصود وعلى هذا إن عاد بطلت في وجه وبعده ابن حمدان وظاهره أنه إذا فعل ذلك سهوا أو جهلا أنها تصح في الأصح ( فإن ) سبقه بركن مثل أن ( ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته على وجهين ) وكذا ذكره أبو الخطاب وذكر السامري وجماعة أنهما روايتان إحدهما تبطل نص
____________________
1-
(2/54)
وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل وهل تبطل تلك الركعة على روايتين فإن ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت صلاته إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما وتبطل تلك الركعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه سبقه بركن كامل وهو معظم الركعة أشبه ما لو سبقه بالسلام وللنهي والثانية لا تبطل ذكره في التخليص أنه المشهور لأنه سبقه بركن واحد أشبه التي قبلها فعلى هذه لا يعتد له بتلك الركعة في أصح الروايتين قاله في المذهب والأصح أن الركوع ركن وعنه كاثنين ( وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل ) لقوله عليه السلام عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وهل تبطل تلك الركعة إذا فاته ذلك مع إمامه على روايتين المذهب أنها تبطل إن لم يأت بما فاته مع إمامه لأنه لم يقتد بإمامه في الركوع أشبه ما لم يدركه والثانية لا تلغى بل يعتد لأنه معذور بجهله أو نسيانه قال ابن تميم وكما لو كان عامدا وقلنا بصحة صلاته بالسبق بركن غير الركوع قال في المحرر وخرج منها الأصحاب صحة الصلاة مع العمد لأن الجاهل عامد والجهل بالحظر لا يبيح المخطور فإن سبقه بركعتين بأن ( ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه ) عمدا ( بطلت صلاته ) جزم به الأصحاب لأنه لم يقتد بإمامه في أكثر الركعة ( إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما ) لأن التحريم بالصلاة صحيح ولم يوجد ما يبطله لأن نعل الجاهل والناسي يعذران فيه للخبر ( وتبطل تلك الركعة ) لأنه لم يقتد بإمامه فيها وهذا إذا لم يأت بذلك مع إمامه قال ابن تميم وابن حمدان والجد وأما السبق بالأقوال فإنه لا يضر سوى تكبيرة الإحرام والسلام كما تقدم في المستوعب إذا سبق إمامه في جميع الأقوال لم يضره إلا تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها بعده والمستحب أن يتأخر بما عداها وحكم التخلف عن الإمام بركن أو أكثر يأتي في صلاة الجمعة
____________________
1-
(2/55)
ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية ولا يستحب له انتظار داخل في الركوع في أحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فرع إذا تركت متابعة إمامه بالتحريم بطلت فإن تخلف عنه بركعة فأكثر لعذر تابعه وقضى كمسبوق ( ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها لما ) في الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا قال ياأيها الناس إن منكم منفرين فأيكم صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ولحديث معاذ ومعناه أن يقتصر على أدنى الكمال من التسبيح وسائر أجزاء الصلاة إلا أن يؤثر المأموم التطويل وعددهم منحصر وهو عام في كل الصلوات مع أنه سبق أنه يستحب أن يقرأ في الفجر بطوال المفصل ويكره سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن قاله السامري غيره وظاهره أن المنفرد لا يكون كذلك لقوله عليه السلام إذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ماشاء ( وتطويل الركعة الأولى ) من كل صلاة ( أكثر من الثانية ) لما روى أبو قتاده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى متفق عليه وقال أبو سعيد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها رواه مسلم وليلحقه القاصد إليها لئلا يفوته من الجماعة شيء فإن طول الثانية عنها فإن كان يسير ( كالغاشية ) مع ( سبح ) فلا أثر له قال الإمام أحمد فيمن طول قراءة الثانية على الأولى يجزئه وينبغي أن لا يفعل فإن كان في صلاة خوف في الوجه الثاني كانت الثانية أطول من ( ولا يستحب له انتظار داخل في الركوع في إحدى الروايتين ) بل يكره لأن انتظاره تشريك في العبادة فلم يشرع كالرياء ويتخرج بطلانها في التشريكه في نية خروجه منها
____________________
1-
(2/56)
وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والثانية يستحب قدمه في المستوعب والمحرر والفروع ونصره المؤلف وجزم به في الوجيز لأنه انتظار ينفع ولا يشق فشرع كتطويل الركعة الأولى وتخفيف الصلاة وكالأنتظار في صلاة الخوف مالم يشق على متابعيه نص عليه وجزم به الأكثر زاد الشيخان أو يكثر الجمع لأنه يبعد أن لا يكون فيهم من يشق عليه زاد جماعة أو طال ذلك وقيل يستحب لمن جرت عادته بالصلاة معه لكن قال صاحب التلخيص وجمع ولا يميز بين داخل والقاضي وهو جائز وليس بمستحب وأنما ينتظر من كان ذا حرمة كأهل العلم ونظرائهم من أهل الفضل فلو أحسن بداخل حال القيام فكالركوع ذكره في الشرح وغيره وفي الحال تشهده وجهان وظاهر الوجيز والفروع مطلقا وفي الخلاف لا في السجود لأن المأموم لا يعتد به
( وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها ) صرح به جماعة لقوله عليه السلام لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن ليخرجن تفلات رواه أحمد وأبو داود وتخرج غير متطيبة لهذا الخبر وقال عليه السلام إذا أستأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن متفق عليه وأمته كامرأته وظاهره أن لها حضور صلاة الرجال جماعة للخبر وعنه الفرض وكرهه القاضي وابن عقيل للشابة وذكره ابن هبيرة اتفاقا والمراد للمستحسنة خوف الفتنة بها قال بعض الحنفية والفتوى اليوم على الكراهة في كل الصلوات لظهور الفساد واستحبه ابن هبيرة وقيل يحرم في الجمعة قال في الفروع
____________________
1-
(2/57)
وبيتها خير لها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويتوجه في غيرها مثلها وإن مجالس الوعظ كذلك وأولى ( وبيتها خير لها ) أطلقه الأصحاب وهو مراد وجزم به المجد وغيره للأخبار الخاصة في النساء بالنسبة إلى مسجده عليه السلام وروى أحمد حدثنا هارون أخبرني عبد الله بن وهب حدثنا داود بن قيس عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله إني أحب الصلاة معك قال قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قالت فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيتها وأتته فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل وهو حديث حين إن شاء الله تعالى وأطلق في عيون المسائل والمستوعب والرعاية أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف وبالمدينة بخمسين ألفا وبالأقصى نصفه لخبر أنس فيكون المراد غير صلاة المرأة في بيتها فلا تعارض وكذا مضاعفة النفل على غيرها لكن كلام الأصحاب أن النافلة بالبيت أفضل للأخبار ومسجد المدينة مراد لأنه السبب وهذا أظهر ويحتمل أن مرادهم التفضيل المذكور بالنسبة إلى سائر المساجد أو غير البيوت فلم تدخل البيوت فلا تعارض
مسائل الجن مكلفون في الجملة يدخل كافرهم النار ومؤمنهم الجنة لا أنه
____________________
1-
(2/58)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تصير ترابا كالبهائم وثوابه النجاة من النار وهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال لا يأكلون ولا يشربون فيها أو أنهم في ربض الجنة ولم يبعث إليهم نبي قبل نبينا وليس منهم رسول ذكره القاضي وغيره وقيل بلى وهو قول الضحاك وقال ابن حامد هم كالإنس في التكليف والعبادات وفي النوادر تنعقد الجمعية والجماعة بالملائكة وبمسلمي الجن وهو موجود زمن النبوة والمراد في الجمعة من لزمته كما هو ظاهر كلام ابن حامد فإن المذهب لا ينعقد بآدمي لا تلزمه كمسافر وصبي فهنا أولى وذكر الشيخ تقي الدين أنهم كالانس في الحد والحقيقة فلا يكون تكليفهم مساويا لما على الإنس لكن يشاركونهم في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم بلا نزاع فقد يدل على مناكحتهم وغيرها ويقضيه إطلاق الأصحاب وفي المعني لا تصح الوصية لجني لأنه لا يملك بالتمليك كالهبة قال في الفروع فيتوجه من انتفاء التمليك منا منع الوطء لأنه في مقابلة مال وإذا صح نكاح جنية فهي في الحقوق كآدمية لظاهر الشرع إلا ما خصه الدليل وأنه لا بد من شروط صحة ذلك ويقبل قولهم أن ما بيدهم ملكهم مع إسلامهم وكافرهم كالحربي ويجري التوارث الشرعي وأنه يعتبر لصحة صلاتهم ما يعتبر لصحة صلاة الآدمي وظاهر ما سبق أنهم في الزكاة والصوم والحج كذلك ويحرم عليهم ظلم الإنس وظلم بعضهم بعضا ويسقط فرض غسل ميت بغسلهم قال في الفروع ويتوجه مثله كل فرض كفاية إلا الأذان وكذا تحل ذبيحته لوجود المقتضي وعدم المانع ولعدم اعتبار التكليف فيه وقال ابن مسعود ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في
____________________
1-
(2/59)
فصل الإمامة
السنة أن يؤم القوم اقرؤهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أذنه متفق عليه خص الأذن لأنها حاسة الانتباه قيل ظهر عليه وسخر منه ويتوجه أنه على ظاهره كقيئه فيكون بوله وقيؤه طاهرا وهو غريب فصل في الأمامة
( السنة أن يؤم القوم أقرؤهم ) هذا ظاهر المذهب وجزم به معظم الأصحاب لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم رواه أحمد ومسلم وعن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءه سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فاقدمهم سنا وفي لفظ سلما ولا يؤمن الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم قال الطبري لما استخلف عليه السلام أبا بكر بعد قوله يؤم القوم أقرؤهم صح أن أبا بكرا أقرؤهم وأعلمهم لأنهم لم يكونوا يتعلمون شيئا من القرآن حتى يتعلموا معانيه وما يراد به كما قال ابن مسعود كان الرجل منا إذا علن عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن لكن أجاب أحمد عن حديث أبي بكر في تقديمه مع تقدم قوله أقرؤكم أبي أراد به الخلافة ومراده بالأقرإ أجوده كما جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لقوله عليه السلام من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ومن قرأ ولحن فيه فله حرف حسنة رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولأنه أعظم في الأجر وقيل يقدم
____________________
1-
(2/60)
ثم يوافقههم ثم أسنهم ثم أقدمهم هجرة أشرفهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأكثر قرآنا لقوله عليه السلام ليؤمكم أكثركم قرآنا وعليهما إذا عرف واجب الصلاة وما يحتاجه فيها وقيل وسجود السهو وقيل وجاهل يأتي بها عادة والمنصوص خلافه وعنه يقدم الأفقه عليه اختاره ابن عقيل إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما لايدري ما يفعل فيه إلا بالفقه فقدم كالإمامة الكبرى والحكم ( ثم أفقههم ) للخبر السابق فإن اجتمع فقيهان قارئان وأحدهما أفقه أو أقرأ قدم فإن كانا قارئين قدم أجودهما قراءة وأكثرهما ويقدم قارىء لا يعرف أحكام صلاته على فقيه أمي فإن اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة قدم لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة ( ثم أسنهم ) اختاره الخرقي وذكر السامري وصححه في المذهب وفي الرعاية أنه أشهر وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام لمالك بن الحويرث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم متفق عليه ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء ( ثم أقدمهم هجرة ) للخبر ومعناه أن يكون أحدهما اسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام وقيل بآبائه وقيل بكل منها لأنه قربة وطاعة فقدم به وسبق الإسلام كالهجرة قاله في الشرح والفروع ( ثم أشرفهم ) لقوله عليه السلام الأئمة من قريش وقال قدموا قريشا ولا تقدموها والنسب يكون بعلو النسب ذكره في المغني والشرح فعليه تقدم بنو هاشم ثم قريش وظاهر كلام أحمد يقدم الأقدم هجرة ثم الأسن ثم الأشرف وقدمه في المحرر وقال الخرقي يقدم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة وقدمه في الفروع وقال ابن حامد الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن
____________________
1-
(2/61)
ثم الأتقى ثم من تقع له القرعة وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة إلا ان يكون بعضهم ذا سلطان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عكس ما في المتن ( ثم الأتقى ) وجزم به في الوجيز لأنه أقرب إلى الإجابة وقد ورد إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال ذكره الإمام أحمد في رسالته وقال جماعة ثم الأتقى والأورع وقيل يقدمان على الأشرف وذكره في الشرح احتمالا لقوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ الحجرات 13 ] ولأن شرف الدين خير من شرف الدنيا ( ثم من تقع له القرعة ) ذكره في المذهب والتخليص وجزم به في الوجيز وهو رواية لأن سعد بن أبي وقاص أقرع بين الناس في الأذان يوم القادسية فالإمامة أولى ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم كسائر الحقوق ثم اختيار الجماعة في رواية وقيل يقدم بعمارة المسجد وجزم به في الفصول فإن اختلفت الجماعة عمل بالأكثر فإن استووا قيل يقرع وقيل يختار السلطان الأولى وقيل يقدم بحسن الخلق وفاقا لأبي حنيفة ومالك وقي والخلقة وفاقا لمالك وزاد بحسن اللباس وهذا كله على سبيل الاستحباب بغير خلاف علمناه
( وصاحب البيت ) بشرطه ( وإمام المسجد أحق بالإمامة ) من الكل بغير خلاف نعلمه لما روي أن ابن عمر أتى أرضا له عندها مسجد يصلي فيه مولى له فصلى ابن عمر معهم فسألوه أن يؤمهم فأبى وقال صاحب المسجد أحق ولأن في تقديم غيره افتئاتا وكسرا لقلبه وقال ابن عقيل إنما يكون أولى مع التساوي والأول أولى ويستحب تقديمها للأفضل منهما ويستثني من الأولى أن السيد يقدم على عبده في بيت العبد لفعل الصحابة رواه صالح ولعموم ولايته ( إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان ) فهو أولى في المنصوص لأنه
____________________
1-
(2/62)
والحر أولى من العبد والحاضر أولى من المسافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه السلام أم عتبان بن مالك وأنسا في بيوتهما ولأن له ولاية عامة وكذا الوالى من قبله زاد في الكافي ونائبها وأقتضى ذلك أن السلطان مقدم على خليفته وذكر أبو الخطاب وجها أنهما يقدمان عليه لعموم قوله عليه السلام من زار قوما فلا يؤمهم ولأن ولاية صاحب البيت والمسجد خاصة وإمامة السلطان عامة ولذلك لا يتصرف السلطان إلا بالغبطة كالوكيل بخلاف المالك فافترقا وقال ابن حامد صاحب البيت أحق بها وهو أولى
فرع معير أولى ومستأجر أولى في الأصح من مستعير ومؤجر وفي الوجيز وساكن البيت أحق ومقتضاه أن المستعير مقدم على المالك وفيه نظر على المذهب ( والحر أولي من العبد ) ذكره الأصحاب لأنه أكمل في أحكامه وأشرف ويصلح إماما في الجمعة والعيد ولو تبعض وعنه العبد أولى إن كان أفضل أو أدين لما ذكرناه واقتضى ذلك صحة إمامته في قول الجمهور لأن عائشة كان يؤمها غلام لها وفيه شيء ولعموم يؤم القوم أقرؤهم وصلى ابن مسعود وحذيفة وأبو ذر وراء أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد رواه صالح في مسائلة ولأنه من أهل الأذان فصح أن يكون إماما كالحر فعلى هذا لا يكره جزم به غير واحد ( والحاضر أولى من المسافر ) ذكره معظم الأصحاب لأنه إذا أم حصل جميع الصلاة في جماعة بخلافه وقال القاضي إن كان إماما فهو أحق جزم به ابن تميم لأنه عليه السلام كان يصلي بهم عام الفتح ويقول لأهل البلد صلوا أربعا فإنا سفر رواه أبو داود فعلى هذا يتمها المقيم بعد السلام كمسبوق فإن أتم المسافر فروايتا متنفل بمفترض وقال ابن عقيل
____________________
1-
(2/63)
والبصير أولى من الأعمى في أحد الوجهين وهل تصح إمامه الفاسق والأقلف على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ليس بجيد لأنه الأصل فليس بمتنفل وصحح في الشرح الصحة لأن المسافر إذا نوى الإتمام لزمه فيصير المجموع فرضا فعلى هذا لا تكره إمامته بمسافر كعكسه وفي الفصول إن نوى المسافر القصر احتمل أن لا يجزئه لأن الأئتمام لزمه حكما ( والبصير أولى من الأعمى في أحد الوجهين ) ذكره عن واحد وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأنه أقدر على توقي النجاسات واستقبال القبلة باجتهاده والثاني يقدم الأعمى وهو رواية لأنه أخشع لكونه لا يشتغل في الصلاة بما يلهيه وعنه هما سواء وقاله القاضي لأن الخشوع مع توقي النجاسة يتقابلان فيتساويان قال المؤلف والأول أولى لأن البصير لو غمض عينيه كره له ذلك ولو كان فضيلة لكان مستحبا لأنه يحصل بتغميضه ما يحصله الأعمى فإن كان الأعمى أصم ففي صحة إمامته وجهان وظاهره أنها تكره إمامته لأنه عليه السلام استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بهم وهو أعمى رواه أحمد وغيره من حديث أنس
تنبيه لم يتعرض المؤلف لإمامة البدوي والأصح أنها لا تكره إمامته ويقدم الحضري وتكره إمامه من يصرح نص عليه قال جماعة ومن تضحك صورته أو رؤيته وقيل والأمراد وفي المذهب وغيره وإمامه من اختلف في صحة إمامته قال في الفروع فيؤخذ منه الموسوس وهو متجه لئلا يقتدي به وظاهر كلامهم لا قال في المذهب والمتوضىء أولى من المتيمم
( وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف على روايتين ) إحداهما لا تصح إمامة
____________________
1-
(2/64)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الفاسق مطلقا قاله أكثر الأصحاب وقدمه السامري وصاحب الفروع وذكر ابن هبيرة أنها الأشهر قال ابن الزعواني وهي أختيار المشايخ لقوله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) [ السجدة 18 ] ولما روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا لا يؤمن امرأة رجلا ولا أعرابي مهاجرا ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان يخاف سوطه وسيفه وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم بينكم وبين ربكم قال البيهقي إسناده ضعيف ولأنه لايقبل إخباره لمعنى في دينه أشبه الكافر ولا يؤمن على شرائط الصلاة ولا فرق بين أن يكون فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال فمتى كان يعلن ببدعته ويتكلم بها ويناظر عليها لم يصح
قال أحمد لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية أي يظهرها ويدعوا إليها وعليه حمل المؤلف كلام الخرقي ومن صلى خلف من يعلن ببدعته أو سكر أعاد فيكون موافقا لما اختاره الشيخان من أن البطلان مختص بظاهر الفسق دون خفيه قال في الوجيز لا يصح خلف الفاسق المشهور فسقه لكن ظاهر كلامه وهو مذهب مطلقا
فعلى هذا تصح خلف عدل استنابه ولا إعادة في المنصوص وقيل إن كان المستنيب وحده عدلا فوجهان صححه أحمد وخالف القاضي وغيره وظاهر كلامهم لا يؤم فاسق فاسقا وقاله القاضي وغيره بخلاف الأمي لأنه لا يمكنه رفع ما عليه من النقص والفسق يزول بالتوبة ويعيد في المنصوص إذا علم فسقه
____________________
1-
(2/65)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ودخل في كلامه الجمعة والمذهب أنها تصلي خلفه لأنها تختص بإمام واحد فالمنع منها خلفه يؤدي إلى تفويتها دون سائر الصلوات نعم لو أقيمت في موضعين في أحدهما عدل فعلها وراءه ونقل ابن الحكم أنه كان يصلي الجمعة ثم يصلي الظهر أربعا وذكر غير واحد الإعادة ظاهر المذهب كغيرها وصححه ابن عقيل وعنه لا إعادة قال في الرعاية هي الأشهر لأنها صلاة مأمور بها كغير ها وكذا إن خاف فتنة أو أذى صلى خلفه وأعاد نص عليه فإن نوى الإنفراد ووافقه فيأفعالها لم يعد على الأصح وألحق المؤلف وصاحب التلخيص العيد بالجمعة والثانية تصح مع الكراهة ذكر الشريف أنها قول أكثرهم روى أن مسعود وواثلة وأبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا باسنانيد ضعيفة رواها الدارقطني وعن مكحول عن أبي هريرة الصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان او فاجرا رواه أبو داود والدارقطني وقال مكحول لم يلق أبا هريرة ومن دونه ثقات وضعيف في التحقيق إسناده وعن عمر مرفوعا صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله رواه الخلال والدارقطني بإسناده ضعيف وكما تصح مع فسق المأموم وعنه في نفل جزم به جماعة وذكره بعضهم رواية واحدة وأما إمامه الأقلف فعنه تصح مع الكراهة ذكره في المحرر وقدمه ابن تميم وصاحب الفروع وجزم في الوجيز لأنه إن أمكنه غسل النجاسة غسلها وإلا عفي عن إزالتها لعدم الإمكان والثانية لا تصح لأنه حامل
____________________
1-
(2/66)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لنجاسة ظاهرة يمكنه إزالتها وهل ذلك لترك الختان الواجب أو لعجزه عن غسل النجاسة فيه وجهان وقيل إن كثرت إمامته لم تصح وعلى المنع تصح إمامته بمثله قاله جماعة زاد ابن تميم إن لم يجب الختان وقيل يصح في التراويح إذا لم يكن قارىء غيره
فروع الأول تصح خلف من خالف في فرع نص عليه لفعل الصحابة والتابعين مع شدة الخلاف ما لم يعلم أنهم تركوا ركنا أو شرطا وذكر ابن أبي موسى في الصلاة خلف شارب نبيذ معتقدا حله روايتين وذكر أنه لا يصلي خلف من يقول الماء من الماء أو يجيز ربا الفضل
الثاني إذا ترك ركنا أو شرطا عند المأموم فعنه يعيد المأموم اختاره جمع وقدمه في المستوعب والمحرر لاعتقاده فساد صلاة إمامه كما لو اعتقد مجمعا عليه فبان خلافه وعنه لا يعيد اختاره المؤلف والشيخ تقي الدين كالإمام وكعلم المأموم لما سلم في الأصح
الثالث إذا ترك الإمام عمدا ما يعتقده وحده واجبا بطلت صلاتهما وقال السامري تفسد صلاة المأموم إن علم في الصلاة بحال الإمام
الرابع إذا ترك ركنا أو شرطا أو واجبا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاد ذكره الآجري إجماعا لتركه فرضه ولهذا أمر عليه السلام الذي ترك الطمأنينة بالاعادة وعنه لا لخفاء الطرق وعنه إن طال
____________________
1-
(2/67)
وفي إمامه أقطع اليدين وجهان ولا تصح الصلاة خلف كافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الخامس إذا فعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة من المختلف فيه فإن داوم على ذلك فسق وإن لم يداوم فذكر المؤلف أنه لا بأس بالصلاة خلفه لأنه من الصغائر وذكر السامري أنه يفسق قال ابن عقيل لو شرب النبيذ عامي بلا تقليد لعالم فسق وهو معنى كلام القاضي بناء على ما صرح به جماعة أنه لا يجوز أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق إن كان مما يفسق به
( وفي إمامة أقطع اليدين ) أو أحدهما ( وجهان ) وقيل روايتان حكاهما الآمدي إحدهما يصح اختاره القاضي وجزم به في الوجيز لأنه لا يخل بركن في الصلاة كقطع الأنف والثاني لا اختاره أبو بكر لإخلاله بالسجود على عضو وقيل إن كثرت إمامته وحكم أقطع الرجلين أو أحدهما كذلك واختار في المغني والشرح أنها لا تصح إمامته بمثله ذكره في الكافي وجزم ابن عقيل بأنها تكره إمامة من قطع أنفه ( ولا تصح الصلاة خلف كافر ) وفاقا لأنها تفتقر إلى النية والوضوء وهما لا يصحان منه ولأنه ائتم بمن ليس هو من أهل الصلاة أشبه ما لو ائتم بمجنون وسواء علم بكفره في الصلاة أو بعد الفراغ منها لأن الكفر لا يخفى غالبا فالجاهل به مفرط وقيل يصح إن كان يسره وعلى هذا لا إعادة على من صلى خلفه وهو لا يعلم كما لو ائتم بمحدث وهو لا يعلم
وجوابه بأن المحدث يشترط أن لا يعلم حدث نفسه والكافر يعلم حال نفسه
____________________
1-
(2/68)
ولا أخرس ولا من به سلس البول ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه إذا علمه مسلما فصلى خلفه فقال بعد الصلاة هو كافر [ لم تبطل لأنها كانت محكوما بصحتها وهو ممن لا يقبل قوله وإن قال بعد سلامه هو كافر ] تهزءا فنصه يعيد المأموم كمن ظن كفره أو حدثه فبان خلافه وقيل لا كمن جهل حاله لأن الظاهر من المصلين الإسلام سيما إذا كان إماما وإن علم له حالان أو إفاقه وجنون لم يدر في أيهما ائتم وأم فيهما ففي الإعادة أوجه ثالثها إن علم قبل الصلاة إسلامه وشك في ردته لم يعد وإلا أعاد ذكره في الشرح ( ولا أخرس ) لأنه أخل بفرض الصلاة كالمضطجع يؤم القائم وظاهره أنها لا تصح ولو بمثله نص عليه وقاله أكثر الأصحاب لأنه مأيوس من نطقه وفي الأحكام السلطانية والكافي أنها تصح قال في الشرح هو قياس المذهب قياسا على الأمي والعاجز عن القيام يؤم مثله ( ولا من به سلس البول ) لأن في صلاته خللا غير مجبور ببدل لكونه يصلي مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة أشبه ما لو ائتم بمحدث يعلم بحدثه وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة ولو عبر بمن حدثه مستمر كالوجيز والفروع لكان أولى وتصح إمامته بمثله ذكره في الشرح وفي الوجيز وفي الفروع وجهان
مسألة لا يصح أئتمام المتطهر بعادم الطهورين ولا القادر على الأستقبال بالعاجز عنه لأنه تارك لشرط يقدر عليه المأموم أشبه ائتمام المعافى بمن حدثه مستمر ( ولاعاجز عن الركوع والسجود والقعود ) أي لا تصح إمامة عاجز عن ركن أو شرط بالقادر عليه ذكره في المحرر والفروع لأنه أخل
____________________
1-
(2/69)
ولا تصلح خلف عاجز عن القيام إلا إمام الحي المرجو زوال علته ويصلون وراءه جلوسا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بركن لا يسقط في النافلة فلم يجز كالقاريء بالأمي وقيل يجوز واختاره الشيخ تقي الدين كالقاعد يؤم القائم وعلى الأول ولا فرق فيه بين إمام الحي وغيره وقاس أبو الخطاب المنع على صلاة الجنازة والمربوط وأما القيام فهو أخف بدليل سقوطه في النافلة قال في الشرح أمر النبي صلى الله عليه وسلم المصلين خلف الجالس بالجلوس ولا خلاف أن المصلي خلف المضطجع لا يضطجع وتصح إمامتهم بمثلهم جزم به في الفروع وفي الشرح أنه قياس المذهب لأنه عليه السلام صلى بأصحابه في المطر بالإيماء
( ولا تصح خلف عاجز عن القيام ) لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة فلم يصح الاقتداء به كالعاجز عن القراءة ( إلا إمام الحي ) وهو الإمام الراتب في المسجد لما في المتفق عليه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فاشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به إلى قوله وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون قال ابن عبد البر روي هذا مرفوعا من طرق متواترة ولأن إمام الحي يحتاج إلى تقديمه بخلاف غيره والقيام أخف بدليل سقوطه في النفل ( المرجو زوال علته ) لئلا يفضي إلى ترك القيام على الدوام أو مخالفة الخبر ولا حاجة إليه والأصل فيه فعله عليه السلام وكان يرجى برؤه وعنه يصح مع غير إمام الحي وإن لم يرج زواله ( ويصلون وراءه جلوسا ) لما تقدم قال في الخلاف هذا استحسان والقياس لا تصح لأنه عليه السلام صلى في مرض موته قاعدا وصلى أبو بكر والناس خلفه قياما متفق
____________________
1-
(2/70)
فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحد الوجهين وإن ابتدا بهم الصلاة قائما ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عليه من حديث عائشة وأجاب أحمد عنه بأنه لا حجة لأن أبا بكر ابتدأ بهم قائما فيتمها كذلك والجمع أولى من النسخ ثم يحتمل أن أبا بكر كان هو الإمام قال ابن المنذر وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه خلف أبي بكر في ثوب متوشحا ورواه أنس أيضا وصححهما الترمذي قال ولا نعرف انه عليه السلام صلى خلف أبي بكر إلا في هذا الحديث قال مالك العمل عليه عندنا لا يقال لو كان هو الإمام لكان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح أنه كان عن يسار أبي بكر لأنه يحتمل أنه فعل ذلك لأن خلفه صف وفعل مثل قولنا أسيد بن حضير وجابر وقيس بن فهر وأبو هريرة لكن المستحب له أن يستخلف لأن الناس مختلفون في صحة إمامته مع أن صلاة القائم أكمل وكمالها مطلوب ( فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحدى الوجهين ) هذا هو المشهور وصححه في التخليص والفروع وقدمه في المحرر لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى وراءه القوم قياما لم يأمرهم بالأعادة ولأن القيام هو الأصل وقد أتوا به والثاني لا يصح أومأ إليه أحمد للنهي عنه وقيل لا تصح صلاة مع علم وجوب الجلوس دون جهله كالراكع دون الصف
فرع إذا قدر المقتدي والمريض على الأتيان بجميع الأركان فلا بأس بإمامتهما ( وأن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتل ) أي حصل له علة ( فجلس أتموا خلفه قياما ) لقصه أبي بكر ولأن القيام هو الأصل فإذا بدأ به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه كمن أحرم في الحضر ثم سافر قاله في الشرح
____________________
1-
(2/71)
ولا تصح إمامه المرأة والخثنى للرجال ولا للخناثي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وظاهرة أنه لا يجوز الجلوس نص عليه وذكر الحلواني ولم يكن أقام الحي ( ولا تصح إمامة المرأة والخنثى للرجال ولا للخناثى ) لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في الصحيح من المذهب وهو قول عامتهم قال البيهقي وعليه الفقهاء السبعة والتابعون لما روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا لا تؤمن امرأة رجلا ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجن أن تؤمهم كالمجنون وكذا لا تصح إمامتها بالخنثى لاحتمال أن يكون رجلا وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل على الصحيح وأنه لو صلى خلفها وهو لا يعلم لا تصح وعليه الإعادة ذكره السامري وغيره وعنه تصح في النفل وعنه تصح في والنفل وعنه في التراويح قدمه في التخليص وجزم به ابن هبيرة وخص بعض أصحابنا الجواز بذي الرحم وبعضهم بكونها عجوزا وبعضهم بأن تكون أقرأ من الرجل وعلى الصحة تقف خلفهم ويقتدون بها في جميع أفعال الصلاة لأن أم ورقة قالت يارسول الله إني أحفظ القرآن وإن أهل بيتي لا يحفظونه فقال قدمي الرجال أمامك وقومي فصلي من ورائهم ذكره صاحب النهاية ولأنه أستر وقيل لا بد أن يتقدمهم أحدهم وفيه بعد وعنه يقتدون بها في القراءة ويقتدى بهم في غيرها فينوي الإمامة أحدهم واختار الأكثر الصحة في الجملة لخبر أم ورقة العام وهو ما رواه داود أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم أهل دارها وجعل لها مؤذنا فظاهره الصحة مطلقا والخاص وهو ما رواه الدارقطني
____________________
1-
(2/72)
ولا إمامه الصبي لبالغ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أنه أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها قال في الشرح هذه زيادة يجب قبولها لكن إن صح فيحمل على النفل جمعا بينه وبين النهي وأما الخنثي فلا تصح إمامته للرجل لاحتمال أن يكون أمرأة ولا بخنثى مثله لجواز أن يكون الامام امرأة والمأموم رجلا وقبل اقتداء خنثى بمثله وإن قلنا لا يؤم خنثى نساء وفيه نظر وظاهره صحة إمامه المرأة بالنساء وسيأتي وكذا إمامة الخنثى بهن لأن غايته أن يكون امرأة وإمامتها بهن صحيحة وإذا أمها وقفت خلفه وقال ابن عقيل إذا أم الخنثى قام وسطهن وقيل لا يصح صلاته في جماعة وذكره القاضي عن أبي حفص البرمكي ( ولا إمامه الصبي لبالغ ) في فرض نص عليه واختاره أكثر الأصحاب ورواه الأثرم عن ابن مسعود وابن عباس وقال عليه السلام لا تقدموا صبيانكم ولأنها حال كمال والصبي ليس من أهلها أشبه المرأة بل آكد لأنه نقص يمنع التكليف وصحه الإقرار والإمام ضامن وليس هو من الضمان لأنه لا يؤمن منه الإخلال بشرط القراءة حالة السر وعنه يصح فيه اختاره الآجري وذكره المجد تخريجا وبناه جماعة على اقتداء المفترض بالمتنفل وظاهره يقتضي صحة إمامته إن لزمته وهو متجه لأن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وهو ابن ست سنين أو سبع سنين رواه البخاري وأبو داود وقال فيه وأنا ابن ابن سبع سنين أو ثمان سنين
وجوابه أن الأمر لم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم لكنه خلاف الظاهر قال الخطابي
____________________
1-
(2/73)
إلا في النفل على إحدى الروايتين ولا تصح إمامه محدث ولا نجس يعلم ذلك فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كان أحمد يضعف أمر عمرو بن سلمة وقال مرة دعه ليس بشيء وقال في رواية أبي داود لا أدري أي شيء هذا وعلى الصحة يقدم العبد عليه ذكره ابن تميم وظاهره أن الخلاف فيمن يعقلها لقولهم وتصح منه إذا بلغ سبع سنين فدل أن ما دونها لا يصح نعم تصح بمثله وجزم في المنتخب بخلافه ( إلا في النفل على أحدى روايتين ) جزم به الأكثر ونصره الشريف وأبو الخطاب وصححه في المستوعب والفروع لأنه متنفل يؤم متنفلين وهي أخف إذ الجماعة تنعقد به فيها إذا كان مأموما والثانية لا يصح لما ذكرناه
( ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك ) هذا هو المجزوم به عند المعظم لأنه أخل بشرط الصلاة مع القدرة أشبه المتلاعب لكونه لا صلاة له في نفسه وظاهره أن من صلى خلفه فعليه الإعادة سواء جهل الحدث أو علمه وصرح به في المذهب وغيره خلافا للإشارة وبناه في الخلاف على إمامة الفاسق لفسقه بذلك وقيل للقاضي هو أمين على طهارته لا يعرف إلا من جهته فإذا علمناه بقوله لم يقبل رجوعه كما لو أقرت بانقضاء العدة وزوجت ثم رجعت قال فتجب لهذا المعنى أن لا يقبل قوله قبل الدخول في الصلاة وعلى أن دخولها في عقد النكاح اعتراف بصحته فلم تصدق وهذا من أمر الدين فقيل كقبل الصلاة وعلله في الفصول بأنه فاسق وإمامته عندنا لا تصح ولكن الفرق واضح بأن الفاسق متطهر وإنما تخلفت الصحة لمانع بخلافه هنا ( فإن جهل هو المأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده )
____________________
1-
(2/74)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ذكره جماعة منهم المؤلف وفي المحرر والتخليص لما روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم رواه محمد بن الحسين الحراني وهو قول جماعة من الصحابة وهو محل الشهرة ولم ينكر فكان إجماعا ولأن الحدث مما يخفى ولا سبيل إلى معرفته فكان المأموم معذورا وهذا في غير الجمعة إذا كان بالإمام أربعين فإنهما لا تصح كما لو كان المأموم محدثا فيها وعنه يعيد كالإمام اختاره أبو الخطاب روى عن علي ولم يثبت ولأنه صلى بهم محدثا أشبه ما لو علم وحكم النجاسة كالحدث لأن كلا منها طهارة لها والمجزوم به في المحرر اختصاص الحكم بالحدث لأن النجاسة أخف وخفاؤها أكثر فلذلك صحت صلاة الإمام مع نسيانها وعلم منه أنه إذا علم هو والمأموم فيها استأنف المأموم على الأصح لأنه ائتم بمن صلاته فاسدة أشبه ما لو ائتم بامرأة وعنه يبني ذكرها ابن عقيل لأن ما مضى من صلاتهم صحيح فكان لهم البناء عليه جماعة أو فرادى فإن علم معه واحد أعاد الكل نص عليه واختار القاضي والمؤلف يعيد من علم وإن علمه اثنان فأنكره هو أعادوا نقله أبو طالب وأحتج بخبر ذي اليدين وقيل بل هما فقط
فائدة إذا علم أن على إمامه فائتة وصحت صلاته في وجه ففي صلاة المأموم وجهان وان علم أنه ترك واجبا عليه فيها سهوا أو شك في إخلال إمامه بشرط أو ركن صحت صلاته معه بخلاف ما لو ترك الستارة أو الأستقبال لأنه لا يخفى غالبا
____________________
1-
(2/75)
ولا تصح إمامه الأمي وهو من لا يحسن الفاتحة أو يدغم حرفا لا يدغم أو يبدل حرفا أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى إلا بمثله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ولا تصح إمامة الأمي ) منسوب إلى الأم وقيل أمة العرب ( وهو من لا يحسن الفاتحة ) أي لا يحفظها أي لا تصح إمامته بمن يحسنها مضت السنة على ذلك قاله الزهري لأن القراءة شرط مقصود في الصلاة فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه كالطهارة والسترة وهو يتحملها عن المأموم وليس هو من أهل التحمل ( أو يدغم ) في الفاتحة ( حرفا لا يدغم ) أي في غير مثله وغير ما يقاربه في المخرج وهو الأرت وفي المذهب هو الذي في لسانه عجلة تسقط بعض الحروف ( أو يبدل حرفا ) بغيره وهو الألثغ كمن يبدل الراء غينا ( أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى ) ككسر كاف ( إياك ) وضم تاء ( أنعمت ) وفتح همزة ( إهدنا ) في الأصح فيها
وظاهره إذا لم يحل المعنى كفتح دال ( نعبد ) ونون ( نستعين ) لا يكون أميا وصرح به جماعة لأن المعنى المقصود حاصل وعنه تصح في ذلك في كله حكاها الآمدي وابن تميم وتأولها القاضي وقيل إن لم يكثر وقيل في نفل وظاهر ما ذكره المؤلف أنها لا تصح سواء علم المأمومون بحاله أو جهلوه فإن علموا كونه أميا لما سلم فوجهان وإن بطلت صلاة قارىء خلف أمي بطل فرض القرىء في ظاهره كلامه ثم هل تبقى نفلا فتصح صلاة الكل أو لا تقى فتبطل أو الإمام فيه أوجه ( إلا بمثله ) في الأصح لأنه يساويه فصحت إمامته كالعاجز عن القيام
تنبيه لا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول بعاجز عن نصفها الأخير ولا عكسه ولا اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بالعاجز عنها فإن لم يحسنها
____________________
1-
(2/76)
وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته وتكره إمامه اللحان والفأفاء الذي يكرر الفاء وألتمتام الذي يكرر التاء ومن لا يفصح ببعض الحروف وان يؤم نساء أجانب لا رجل معهن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأحسن بقدرها من القرآن لم يجز أن يأتم بمن لا يحسن شيئا من القرآن وجوازه المؤلف قال ابن تميم وفيه نظر وإن صلى خلف من يحسن دون السبع فوجهان
فائدة إذا شك قارىء في صلاة سر أهل إمامة أمي صحت عملا بالظاهر فإن أسر في صلاة جهر فوجهان فإن أخبر أنه قرأ فلا إعادة عليها لأن الظاهر صدقه وتستحب الإعادة ذكره في الشرح
( وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته ) ولا صلاة من ائتم به لأنه ترك ركنا مع القدرة على الإتيان به أشبه تارك الركوع والسجود ( وتكره إمامة اللحان ) وهو كثير اللحن وتصح نص عليه إن كان لا يحيل المعنى فإن أحاله في غير الفاتحة لم يمنع صحة إمامته إلا أن يتعمده وذكره في الشرح لأنه مستهزىء ومتعمد ونقل إسماعيل بن إسحاق لا يصلي خلفه ( والفأفاء الذي يكرر الفاء والتمتام الذي يكرر التاء ) في لأن قراءتهم نقصا عن حال الكمال بالنسبة إلى من لا يفعل ذلك ولأنهم يأتون بالحرف الواجب وإنما يزيدون حركة أو فاء أو تاء وذلك غير مؤثر كتكرير الآية ( و ) وتكره إمامه ( من لا يفصح ببعض الحروف ) كالقاف والضاد في حق البدوي وغيره للنقض وظاهره صحة إمامته أعجميا كان أو عربيا وقيل من قرأ 0 ولا الضالين ) بظاء قائمة لا تصح لأنه يحيل المعنى يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا وقد سبق ( وأن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن ) كذا ذكره معظم الأصحاب لأنه عليه السلام نهى أن يخلو الرجل بالأجنبية ولما فيه من
____________________
1-
(2/77)
أو قوما اكثرهم له كارهون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مخالطة الوسواس وحكم الواحدة كالجمع واقتضى ذلك أنه إذا أم محارمه أو أجنبيات معهن رجل فلا كراهة لأن النساء كن يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قيل نسبيا لإحداهن جزم به في الوجيز وقيل محرما وعنه يكره في الجهر مطلقا قال في الفروع وعلى كل حال لا وجه لاعتبار كونه نسيبا وفي الفصول يكره للشواب وذوات الهيئة الخروج ويصلين في بيوتهن فإن صلى بهم رجل محرم جاز والإ لم يجز وصحت الصلاة ( أو قوما أكثرهم له كارهون ) في قول أكثرهم لما روى أبو أمامة مرفوعا قال ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آدانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون رواه الترمذي وهو حسن غريب وفيه لين وأخبر عليه السلام أن صلاته لا تقبل رواه أبو داود من رواية الإفريقي وهو ضعيف عند الأكثر وقيل ديانة نص عليه وجزم بهه في الوجيز وظاهره أنه إذا كرهه اثنان أو ثلاثة لا يكره وقال أحمد حتى يكرهه أكثرهم قال القاضي المستحب أن لا يؤمهم صيانة لنفسه فإن استوى الفريقان فوجهان والأولى أن لا يؤمهم إزالة لذلك الاختلاف ذكره في الشرح وغيره أما إذا كان ذا دين وسنة فكرهوه لذلك فلا كراهة في حقه بل يكره إن كان لخلل في دينه أو فضله قاله الأكثر وقال الشيخ تقي الدين إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء أو المذهب فلا ينبغي أن يؤمهم لأن المقصود بالصلاة جماعة إنما يتم بالائتلاف وقال جده أو لدينا وهو ظاهر كلام جماعة وقيل تفسد صلاته لخبر أبي أمامة السابق
____________________
1-
(2/78)
ولا بأس بإمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها ويصح ائتمام المفترض بالمنتفل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( ولا بأس بإمامه ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما ) لعموم قوله عليه السلام يؤم القوم أقرؤهم وصلى التابعون خلف ابن زياد وهو ممن في نسبه نظر وقالت عائشة ليس عليه من وزر أبويه شيء قاله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الإسراء 15 ] ولأن كلا منها حر مرضي في دينه فصلح لها كغيره وكذا حكم الخصي واللقيط والمنفي بلعان والأعرابي إذا سلم دينهم وصلحوا لها وقيل يكره اتخاذ ولد الزنا إماما راتبا وعنه أحب أن يصلي خلف الجندي وعنه لا يعجبني إمامة الإعرابي إلا أن يكون قد سمع لأن الغالب عليهم الجهل قال في الشرح والمهاجر أولى
مسألة لا يكره على الأصح إمامة أبن بأبيه وظاهر رواية أبي داود لا يتقدمه في غير الفرض وإن أذن الأفضل للمفضول لم يكره في المنصوص وبدون إذنه يكره نص عليه وقيل إلا خوف أذى والمراد سوى إمام المسجد وصاحب البيت كما أنه يحرم كما سبق
( ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها ) رواية واحدة قاله الخلال لأن الصلاة واحدة وأنما اختلف الوقت وكذا عكسه لما قلناه وعنه لا يصح مطلقا لاختلاف النية وفي المذهب إذا قضى الظهر خلف من يؤديها صح وجها واحدا وفي العكس روايتان وإن قضى ظهر يوم خلف ظهر يوم آخر فالأصح الصحة وذكره بعضهم قولا واحدا هذا فيما إذا اتحدت الصلاة فإذا اختلفت فسيأتي
( ويصح إئتمام المفترض بالمتنفل ) في رواية نقلها إسماعيل بن سعيد وأبو داود
____________________
1-
(2/79)
ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر في إحدى الروايتين والأخرى لا تصح فيهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) واختارها المؤلف وصاحب النصيحة والتبصرة والشيخ تقي الدين لما روى جابر أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة متفق عليه ولفظ لمسلم ورواه الدارقطني وزاد وهي تطوع وهي لهم مكتوبة وصلى عليه السلام بطائفة من أصحابه ركعتين ثم سلم ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم رواه أحمد ولانهما صلاتان اتفقتا في الأفعال أشبه المتنفل خلف المفترض وذكر الشيخ تقي الدين وجها لحاجة نحو كونه أحق بالإمامة والثانية لا تصح نقلها حنبل وأبو الحارث وصححها ابن عقل وصاحب التخليص ونصرها جماعة وجزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع لقوله عليه السلام إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر وهو ينتقض بالمسبوق في الجمعة إذا أدرك أقل من ركعة فإنه ينوى الظهر خلف من يصليها ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر في إحدى الروايتين ) ومثله صلاة كل مفترض خلف مفترض بفرض غيره وقتا واسما وسيأتي ( والأخرى لا تصح فيها ) وهو المذهب لأن الاختلاف في الصفة كالأختلاف في الوضوء فيجب أن يكون الصحة وعدمها كما تقدم
مسائل الأولى إذا صلى فرضا رباعية خلف من يصلي الظهر اربعا وقيل أو المغرب فإذا تم فرضه قبل إمامه هل ينتظره أو يسلم قبله أو يخبر فيه أوجه فإن كاننت إحدهماا تخالف الأخرى كسلاة كسوف واستسقاء وجنازة وعيد منع فرضا وقيل نفلا لأنه يفضي إلى المخالفة في الأفعال
____________________
1-
(2/80)
فصل في الموقف السنة ان يوقف المأمومون خلف الإمام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الثانية إذا صلى ظهرا تامة خلف من يصلي الجمعة لم يصح على الاصح وقيل إن صح بناء الظهر على نية الجمعة صح وإلا فلا وقيل إن أدرك ما يعتد به صح وإن كملت الجمعة كمن هو في ظهر كما لو سبق الإمام الحدث في التشهد وقد أدركه إنسان فيه فالخلاف
الثالثة إذا صلى مريض بمثله ظهرا قبل إحرام صلاة الجمعة وقلنا يصح ثم حضر الإمام الجمعة لم ينقلب ظهره نفلا في الاصح فصل في الموقف
( السنة أن يقف المأمومون ) رجالا كانوا أو نساء ( خلف الإمام ) لفعله عليه السلام كان إذا قام إلى الصلاة قام أصحابه خلفه وقد روى أن جابر وجبارا وقف أحدهما عن يمينه وآلآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه رواه مسلم وأبو داود ولا ينقلهما إلا إلى الأكمل وعن سمرة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا رواه الترمذي بإسناده ضعيف وقال غريب والعمل عليه عند أهل العلم وكان أبو مسعود يرى أن يقف الاثنان عن جانبي الإمام لأنه صلى بين علقمة والإسود وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل رواه أحمد وفيه هارون بن عنترة وقد وثقة جماعة وقال ابن حبان لا يحتج به وقال ابن عبد البر لا يصح رفعه والصحيح أنه من قول ابن مسعود
____________________
1-
(2/81)
فإن وقفوا قدامه لم يصح وإن وقفوا يمينه أو عن جانبيه صح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وأجيب بأنه منسوخ أو على الجواز وأجاب ابن سيرين بأن المسجد كان ضيقا رواه البيهقي ويستثنى منه أن إمام العراة يقف وسطا وجوبا والمرأة إذا صلت بالنساء ( فإن وقفوا قدامه لم يصح ) في قوله أكثر العلماء لقوله عليه السلام إنما جعل الإمام ليؤتم به والمخالفة في الأفعال مبطلة لكونه يحتاج في الاقتداء إلى الالتفات خلفه ولأنه لم ينقل عنه عليه السلام ولا هو في المنقول فلم يصح كما لو صلى في بيته بصلاة الإمام وهو عام في كل الصلوات ولو بإحرام فأكثر لأنه ليس موقفا بحال والاعتبار بمؤخر القدم وإلا لم يضر كطول المأموم لأنه يتقدم برأسه في السجود قال في الفروع ويتوجه العرف فإن صلى قاعدا فالأعتبار بمحل القعود وهو الألية حتى لو مد رجليه وقدمها على الإمام لم يضر وإن كان مضطجعا فبالجنب وذكر الشيخ تقي الدين وجها يكره ويصح والمراد وأمكن الاقتداء وهو متجه أشبه من خلفه وقيل تصح جمعة وعيد وجنازة لعذر واختاره الشيخ تقي الدين وقال من تأخر بلا عذر فلما أذن جاء فصلى قدامه عزر فعلى الأول لا تصح صلاتهم قال ابن تميم وفي صلاة الإمام وجهان هذا إن لم يكن خلفه صف لكن يستثنى منه المرأة أمت رجالا في تراويح وداخل الكعبة إذا تقابلا أو جعل ظهره إلى ظهر إمامه لأنه لا يعتقد خطأه فإن جعل ظهره إلى وجهه لأنه مقدم عليه فإن وقفوا حول الكعبة مستديرين صحت فإن كان المأموم أقرب من جهته من الإمام في جهته جاز فإن كانا في جهة واحدة بطلت وقدم في الرعاية لا يضر وفي شدة الخوف نصا إذا أمكن المتابعة ( وإن وقفوا عن يمينه أو عن جانبيه صح )
____________________
1-
(2/82)
وإن كان واحد وقف عن يمينه وإن وقف خلفه أو عن يساره لم يصح وإن ام امرأة وقفت خلفه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لما تقدم وقيل إن وقف بينهما ففي الكراهة احتمالان ( وإن كان واحدا وقف عن يمينه ) لإدارة النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابر إلى يمينه لما وقفا عن يساره رواه مسلم ويندب تخلفه قليلا خوفا من التقدم ومراعاة للمرتبة فإن عدم صحة مصافته لم يصح والمراد لمن لم يحضر معه أحد فيجيء الوجه تصح منفردا وكصلاتهم قدامه ففي صحة صلاته وجهان ( وإن وقف خلفه ) لأنه صار فذا ( أو عن يساره لم يصح ) كذا ذكره جماعة والمراد إذا صلى ركعة فأكثر نص عليه مع خلو يمينه وعنه يصح اختاره أبو محمد التميمي والمؤلف قال في الفروع وهي أظهر وفي الشرح هي القياس كما لوكان عن يمينه وكون النبي صلى الله عليه وسلم رد ابن عباس وجابر لا يدل على عدم الصحبة بدليل رد جابر وجبارإلى ورائه مع صحة صلاتهما عن جانبيه وقيل يصح إن كان خلفه صف لأنه عليه السلام صلى وأبو بكر عن يمينه وكان أبو بكر هو الإمام وفيه شيء وحكم الجماعة كالواحد
تنبيه إذا كبر عن يساره أداره من ورائه إلى يمينه فإن كبر الآخر عن يساره أخذهما بيده إلى ورائه فإن شق ذلك أو تعذر تقدم الإمام فصلى بينهما أو عن يسارهما ولو تأخر الأيمن قبل إحرام الداخل ليصليا خلفه جاز وفي النهاية والرعاية بل أولى لأنه لغرض صحيح ولو أدركها الداخل جالسين كبر وجلس عن يمين صاحبه أو يسار الإمام ولا تأخر إذن للمشقة وظاهره أن الزمنى لا يتقدمون ولا يتأخرون للعلة
( وإن أم امرأة وقفت خلفه ) لقوله عليه السلام أخروهن من حيث
____________________
1-
(2/83)
وإن أجتمع أنواع تقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أخرهن الله وسواء أكان معه رجل أو رجال ولا يصح وقوف امرأة فذا فإن وقفت وحدهما فهي فذ وصححه في الكافي وإن وقفت مع رجل فكذا في قول جماعة ونقله المجد عن أكثر الأصحاب وعنه لا اختاره القاضي وابو الوفاء فإن كان في صف الرجال كره ولم تبطل صلاة من يليها وخلفها ذكره ابن حامد واختاره جماعة كما لو وقفت في غير صلاة وذكر ابن عقيل فيمن يليها رواية تبطل وفي الفصول أنه الأشبه وان أحمد توقف وذكر الشيخ تقي الدين أنه المنصوص وقيل ومن خلفها وقيل وأمامها ولا تبطل صلاتها وذهب الشريف وأبو الوفاء إلى خلافه للنهى عن وقوفها والوقوف معها فهما سواء فإن وقفت عن يمينه فظاهره يصح وعن يساره إن لم تبطل صلاتها ولا يليها فكرجل في ظاهر كلامهم وفي التعليق إذا كان الإمام رجلا وهو عريان فإنها تقف عن يمينه
( وإن اجتمع أنواع تقدم الرجال ) أحرارا كانوا أو عبيدا لقوله عليه السلام ليلني منكم أولو الأحلام والنهى رواه مسلم ويقدم الأفضل فالأفضل ( ثم الصبيان ) لأنه عليه السلام صلى فصف الرجال ثم صف خلفهم الغلمان رواه ابو داود وأحمد بمعناه وزاد والنساء خلف الغلمان وفيه لين وضعف وفي المذهب رواية تأخيرهم عن الكل ( ثم الخناثى ) لأنه
____________________
1-
(2/84)
ثم النساء وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الأمام إذا اجتمعت جنائزهم ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يحتمل أن يكونوا رجالا وفيه إشارة إلى صحة وقوف الخناثى صفا قال بعض أصحابنا هو ومبني على أن وقوف المرأة إلى جانب الرجل لا يبطل الصلاة وعلى أن الرجل الواحد إذا وقف مع امرأة لا يكون فذا وإلا لم يصح صفهم وإن أم رجل خنثى صح في الأصح فيقف عن يمينه صححه في الشرح وقيل خلفه وإن أم رجلا وخنثى وقف الرجل عن يمينه والخنثى خلفهما وفي الشرح يقف عن يسار الإمام أو يمين الرجل ولا يقفان خلفه لجواز أن يكون امرأة إلا عند من أجاز للرجل مصافتها فإن أم امرأة وخنثى فقال ابن تميم يقفان خلفه متباعدين ( ثم النساء ) فلو انفردت عن صف النساء أو صلت بامرأة مثلها فوقفت خلفها لم يصح وفي الكافي عكسه لأنها يجوز وقوفها منفردة بدليل حديث أنس ( وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الأمام ) وإلى القبلة في قبر لضرورة ( إذا اجتمعت جنائزهم ) وسيأتي ( ومن لم يقف معه إلا كافر ) إتفاقا ( أو امرأة ) أو خنثى فهو فذ قاله ابن حامد وفي الكافي والتخليص لأنهم من غير أهل الوقوف معه وفيه وجه وذكره في المحرر عن القاضي وصححه ابن عقيل لأنه وقف معه مفترض صلاته صحيحة أشبه الرجل ( أو محدث يعلم حدثه فهو فذ ) أي لا تصح صلاته لأن وجوده كعدمه وكذا إذا وقف معه سائر من لا يصح صلاته قاله في الشرح فدل أن صحة صلاته صحة مصافته فلو جهل الحدث حتى سلما صحت ولم يكن فذا نص عليه قال القاضي كجهل مأموم حدث إمامه وفي الفصول إن بان مبتدعا أعاد ولأن المبتدع لا يؤم بخلاف المحدث فإن المتيم يوئم
____________________
1-
(2/85)
وكذلك الصبي إلا في النافلة ومن جاء فوجد فرجة وقف فيها فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام فإن لم يمكنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( وكذلك الصبي ) إذا وقف معه في فرض لانه لا تصح إمامته بهم فلم يصج أن يصافهم كالمرأة لكن روى الإثرم أن أحمد سئل عن وقوف الصبي مع الفرض فتوقف وقال ما أدري فذكر له حديث أنس فقال ذاك في التطوع والمنصوص عنه وجزم به في الوجيز أنه فذ وانعقاد الجماعة به ومصافته مبني على صحة إمامته لأنه ليس من أهل الشهادة وفرضه نفل وقيل تصح مصافته وإن لم تصح إمامته لانها لا تشترط لها صحة الإمامة كالفاسق والعبد والمفترض خلف المتنفل قاله ابن عقيل وصححه ابن تميم وابن المنجا في الخلاصة قال في الفروع وهو إظهر ولأنه لو اشترط في صحتها صحة الإمامة لما صحت مصافه الأخرس وظاهر كلام أبي الخطاب صحة إمامته في الجملة دون مصافته حيث جوز أن يكون إماما في النفل وعلى الصحة فيقف رجل وصبي خلفه وعلى الأول عن يمينه أو من جانبيه نص عليه ( إلا في النافلة ) لحديث أنس وعنه لا كالفرض
فرع إذا وقف اثنان خلف الصف فخرج أحدهما لعذر أو غيره دخل الآخر في الصف أو وقف عن يمين الإمام أو نبه من يخرج فيقف معه فإن لم يمكنه نوى مفارقته وأتم منفردا لأنه عذر أشبه ما لو سبق إمامه الحدث ( ومن جاء فوجد فرجه ) بضم الفاء هي الخلل في الصف ( وقف فيها ) لقوله عليه السلام إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف قال ابن تميم فإن كانت بحذائه كره أن يمشي إليها عرضا وإن كان الصف غير مرصوص دخل فيه نص عليه ( فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام لأنه موقف الواحد ( فإن لم يمكنه
____________________
1-
(2/86)
فله أن ينبه من يقوم معه فإن صلى ركعة فذا لم يصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فله أن ينبه ممن يقوم معه ) بنحنحة أو كلام وجها واحدا لما في ذلك من حصول من يقف معه ويتبعه وظاهره يكره جذبه نص عليه وقيل يحرم اختاره ابن عقيل لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه ولو كان عبده أو ابنه لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي وقال ابن عقيل جوز أصحابنا جذب رجل يقوم معه صفا وصححه في المغني للحاجة فجاز كالسجود على ظهر إنسان أو قدمه حال الزحام وفي المغنى والشرح أنه إذا امتنع من الخروج معه لم يكرهه وصلى وحده أو انتظر جماعة أخرى ( فإن صلى فذا ركعة لم يصح ) وقاله النخعي وإسحاق لما روى علي بن شيبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لفرد خلف الصف رواه أحمد وابن ماجه وعن وابصة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فامره أن يعيد الصلاة رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وإسناده ثقات قال ابن المنذر ثبت أحمد وإسحاق هذا الحديث ولأنه خالف الوقوف أشبه ما لو وقف قدام الإمام وظاهره لا فرق بين العامد والعالم وضدهما على المذهب وفيه إشارة إلى أنه لو أحرم بالصلاة فذا أنها تصح وعنه عكسها اختاره في الروضة وعنه إن علم النهي وعنه تصح حكاها الدينوري لأن أبا بكرة واسمه نفيع ركع دون الصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصا ولا تعد رواه البخاري ولم يأمره بالإعادة
وجوابه يأنه عليه السلام نهاه عن العود والنهي يقتضي الفساد وعذره
____________________
1-
(2/87)
وإن ركع فذا ثم دخل الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام صلاته وإن رفع لم يسجد صحت وقيل إن علم النهي لم يصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فيما فعله بالجهل وفيه نظر على المذهب وعنه في النفل وبناه في الفصول على من صلى الصلاة منفردا ثم نوى الائتمام وفي النوادر رواية يصح لخوفه تضييفا وهو معنى قول بعضهم لعذر وحيث صحت فالمراد مع الكراهة قال في الفروع ويتوجه إلا لعذر وهو ظاهر كلام شيخنا وقيل تصح فذا في صلاة الجنازة قاله في التعليق وجزم جماعة أنه أفضل إن تعين صفا ولأحمد من رواية عبد الله العمري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكانوا ستة فجعل الصف الأول ثلاثة والثاني اثنين والثالث واحدا قال في الفصول ويعايا بها ورده في المغني لعدم صحة الخبر فيه قال لأن أحمد لو علم فيه حديثا لم يعده إلى غيره
( وإن ركع فذا ثم دخل في الصف او وقف معه آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته ) ذكره جماعة لأنه أدرك في الصف ما يدرك به الركعة ( وإن رفع ) الإمام من الركوع ( ولم يسجد صحت ) قدمه السامري والشيخان لأن أبا بكرة فعله أيضا زيد بن ثابت وابن مسعود كما لو أدرك الركوع معه وعنه لا يصح قدمه ابن تميم وابن حمدان وصححه ابن الجوزي وجزم به في الوجيز لأنه لم يدرك في الصف مايدرك به ركعة أشبه من صلى ركعه فذا وجعلها في المنتخب والوجيز فيما إذا سجد الإمام ( وقيل إنم علم النهي لم يصح ) هذا رواية واختارها الخرقي لأنه عليه السلام لم يأمر أبا بكرة
____________________
1-
(2/88)
وإن فعله لغير عذر لم يصح وإذا كان المأموم يرى من وراء الإمام صحت صلاته إذا أتصلت الصفوف وإن لم ير من وراءه لم تصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بالأعادة ونهاه عن العود والنهي يقتضي الفساد وظاهره لا فرق بين من دخله قبل رفع الإمام رأسه من الركوع أو بعده وهو المنصوص ( وإن فعله لغير عذر ) وهو المراد بقوله في الفروع لغير غرض وفي الكافي والشرح ولا خشي الفوات ( لم يصح ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وصححه ابن تميم وفي الفروع لأن الرخصة وردت في المعذور فلا يلحق به غيره وقيل يصح قدمه في الكافي لأن الموقف لا يختلف بخفية الفوات وعدمه
( وإذا كان المأموم يرى ) الإمام أو ( من وراء الإمام صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف ) جزم به الخرقي والمؤلف في الكافي ونهاية أبي العالي لأنه أمكنه الاقتداء بإمامه من غير خلل فوجب أن يصح الإنتفاء عدم الرؤية وعدم الاتصال المفسدين لها وكما لو صلى في الصف الأول ويرجع فيه إلى العرف وفي التخليص والرعاية أو ثلاثة اذرع لظاهر الأمر بالدنو من الأمام إلا ماخصه الدليل وفسره في المغني ببعد غير معتاد ولا يمنع الاقتداء ومعناه في الشرح والمذهب على أنه لا يعتبر اتصال الصفوف في المسجد قال أبو الحسن الآمدي لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد وليس بينه وبين الامام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداءه به وإن لم تتصل الصفوف لأن المسجد بني للجماعة فكل من حصل في محل الجماعة بخلاف خارج المسجد فإنه ليس معدا للاجتماع فيه فلذلك اشترط فيه ( وإن لم ير من وراءه لم تصح ) قدمه ابن تميم
____________________
1-
(2/89)
وعنه تصح إذا كانا في المسجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وهو ظاهر كلامه وصرح به في الخلاصة لقول عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها لا تصلين بصلاة الامام فإنكن دونه في حجاب فعللت النهي بالحجاب وهو موجود هنا ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب كما لو يسمع التكبير ( وعنه تصح إذا كانا في المسجد ) أي إذا صلى في المسجد بسماع التكبير فيه ولم ير إمامه ولا بعض من معه صح صححه ابن عقيل وفي الكافي وقدمه في المحرر والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأنهم في موضع الجماعة ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير أشبه المشاهدة وعنه في النفل وعنه والفرض مطلقا لظلمه وضرر فيدخل فيه الجمعة وقيل تصح فيها رواية واحدة
تتمات إذا اقتدى به خارج المسجد وهو يراه أو من خلفه في بعض الصلاة صح جزم به أبو الحسين وذكره المجد الصحيح في المذهب ولو جاوز ثلاثمائة ذراع أو كانت جمعة في دار ودكان واعتبر جماعة اتصال الصفوف عرفا فإن كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق ولم تتصل الصفوف إن صحت الصلاة فيه لم يمنع الاقتداء في رواية اختاره المؤلف وغيره لعدم النص في ذلك والإجماع وقال صاحب المحرر هو القياس ترك للآثار قال في الكافي إلا أن يكون ذلك عريضا يمنع الاتصال وعنه يمنع اختاره الأكثر للآثار ومثله إذا كان بسفينة وإمامه في أخرى لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة والمراد في غير شدة الخوف كما ذكره القاضي وغيره وألحق الآمدي بالنهي
____________________
1-
(2/90)
ولا يكون الإمام أعلى من المأموم فإن فعل وكان كثيرا فهل تصح صلاته على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) النار والبئر وقيل والسبع وإن كان بينهما حائل يمنع الرؤية لكن يسمع التكبير فالخلاف
( ولا يكون الإمام أعلى من المأموم ) وذلك مكروه وذكره جماعة وهو ظاهر المذهب لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في يقومن في مكان أرفع من مكانهم وروى الدارقطني معناه بإسناد حسن وقال ابن مسعود لحذيفة ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى رواه الشافعي بإسناد ثقات وظاهره لا فرق بين أن يقصد تعليمها أم لا عنه لا يكره وعنه إن أراد التعليم لحديث سهل أنه عليه السلام صلى على المنبر ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس ثم عاد حتى فرغ ثم قال إنما فعلت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي متفق عليه والظاهر أنه علو يسير لأنه كان على الدرجة السفلى جمعا بينه وبين ما سبق وقيل يجوز له خاصة ( فإن فعل وكان كثيرا ) وهو ذراع عند القاضي وقدره أبو المعالي مقدار قامة المأموم لحاجته إلى رفع رأسه إليه وهو منهي عنه ( فهل تصح صلاته ) أي الإمام ( على وجهين ) المذهب صحتها لفعل حذيفة وعمار رواه أبو داود والثاني لا تصح قاله ابن حامد وصححه ابن عقيل للنهي فعلى هذا أن ساواه بعضهم صحت صلاته وصلاتهم في الأصح زاد بعضهم بلا كراهة وفي النازلين إذن الخلاف ولا بأس بعلو المأموم نص عليه ولا يعيد الجمعة من يصليها فوق سطح المسجد روي عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام رواه الشافعي ورواه سعيد عن أنس ولأنه يمكنه القتداء به أشبه المتساويين وقيدها في الكافي إذا اتصلت الصفوف
____________________
1-
(2/91)
ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة أو يتطوع في موضع المكتوبة إلا من حاجة ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة ) أي المحراب روي عن ابن مسعود وغيره لأنه يستتر عن بعض المأمون أشبه ما لو كان بينهم وبينه حجاب وحينئذ فيقف عن يمين المحراب نص عليه فإن كان حاجة كما صرح به كضيق المسجد وكثرة الجمع لم يكره وعنه لا يكره مطلقا كسجود فيه وكما لو شاهده المأموم وعنه يستحب ذكرها أبي موسى
فائدة اتخاذ المحراب فيه مباح نص عليه وقيل يستحب أوما إليه أحمد واختاره الآجري وابن عقيل ليستدل به الجاهل لكن قال الحسن الطاق في المسجد أحداثه الناس وكان يكره كل محدث وعن سالم بن ابي الجعد لا تزال هذه الأمة بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى وعن علي أنه كان إذا مر بمسجد يشرف قال هذه بيعة احتج به أحمد وظاهره الكراهة
( أو يطوع في موضع المكتوبة ) نص عليه لما روى المغيرة بن شعبة مرفوعا قال لا يصلين الإمام في مقامه الذي صلى المكتوبة حتى يتنحى عنه رواه أبو داود ولأن في تحويله من مكانه إعلاما لمن أتى المسجد أنه صلى فلا ينتظره ويطلب جماعة أخرى وقال ابنعقيل لا يكره لكن تركه افضل كالمأموم ( إلا من حاجة ) فيهما والحاجة هنا أن لا يجد موضعا يتحول إليه ( ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم ) ذكره في المحرر والوجيز والفروع رواه البيهقي عن ابن مسعود وعن هارون بن مسلم عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كنا ننهى
____________________
1-
(2/92)
ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا رواه ابن ماجه وفيه لين وقال أنس كنا نتقي هذا على عهده صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وإسناده ثقات قال أحمد لأنه يقطع الصف قال بعضهم فتكون سارية عرضها مقام ثلاثة بلا حاجة ويتوجه أكثر أو العرف فلو كان الصف صغيرا قدر ما بين الساريتين لم يكره لأن الصف لا ينقطع بذلك وعنه لا يكره كالإمام وكقطع المنبر لأنه عليه السلام لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين
مسألة يكره اتخاذ غير إمام مكانا بالمسجد لا يصلي فرضه إلا فيه ويباح في النفل جمعا بين الخبرين وفي الرعاية يكره مداومته بموضع منه وقال المروذي كان أحمد لا يوطن الأماكن ويكره إيطانها وظاهره ولو كانت فاضلة ويتوجه لا يكره وهو ظاهر ما سبق من تحرى نقرة الإمام وأنه لا يكره ولو لحاجة كإسماع حديث وتقديس وإفتاء ونحوه لأنه يقصد
( ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقل القبلة ) لقوله عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار مايقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام رواه مسلم ولأنه إذا بقي على حاله ربما سها فظن أنه لم يسلم أو ظن غيره أنه في الصلاة فيستحب له أن يقوم أو ينحرف عن قبلته لقوله سمرة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه رواه البخاري وذكر جماعة يستحب أن لا يطيل الإمام جلوسه إلى القبلة من غير
____________________
1-
(2/93)
فإن كان معه نساء لبث قليلا لينصرف النساء وإذا صليت أمرأة بالنساء قامت وسطهن في الصيف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حاجة وظاهره يستحب أن يدعو مستقبل المأمومين وأنه يكره استقبالها فيه ذكره غير واحد والمأموم والمنفرد على حالها قال في التلخيص ويأتيان بالذكر وهما مستقلان القبلة مثني رجلها ( فإن كان معه نساء لبث ) الإمام ومن معه من الرجال ( قليلا لينصرف النساء ) لأنه عليه السلام واصحابه كانوا يفعلون ذلك قال الزهري فترى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل ان يدركهن أحد الرجال رواه البخاري من حديث أم سلمة ولأن الإخلال بذلك يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء ويستحب أن لا ينصرف المأموم قبل إمامه لقوله عليه السلام لا تسبقوني بالانصراف رواه مسلم ولئلا يذكر سهوا فيسجد له زاد في المغني والشرح إلا أن يخالف الإمام السنة في إطالة الجلوس أو ينحرف فلا بأس بذلك
( وإذا صلت امرأة بالنساء قامت وسطهن في الصف ) روي عن عائشة ورواه سعيد عن أم سلمة ولأنه يستحب لها التستر وهذا أستر لها أشبه إمام العراة وفيه إشارة إلى النساء يصلين جماعة وصرح باستحبابه غير واحد فإن تقدمتهن صح لكونه موقفا في الجملة للرجل ويحتمل أنه لا يجوز لأنها خالفت موقفها أشبه ما لو خالف الرجل موقفه وإن أمت واحدة وقفت عن يمينها كالمأموم من الرجال فإن وقفت خلفها جاز لأنه موقف لها لحديث أنس ذكره في الشرح تبعا للكافي والمذهب أنه لا يجوز مع أنه لا دلالة في حديث أنس
____________________
1-
(2/94)
فصل ويعذر في الجمعة والجماعة المريض ومن يدافع أحد الأخبثين او بحضرة طعام هو محتاج إليه والخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) غريبة قال في المستوعب وغيره من الأدب أن يضع الإمام نعله عن يساره والمأموم بين يديه لئلا يؤذي غيره فصل ( ويعذر في ) ترك ( الجمعة والجماعة المريض ) لأنه عليه السلام لما مرض تخلف عن المسجد وقال مروا أبا بكر فليصل بالناس متفق عليه وسواء خاف طول المرض أو كثرته وكذا خوف حدوثه لما روى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر العذر بالخوف والمرض لكن إن لم ينضرر باتيانها راكبا ومحمولا أو تبرع به أحد أو بأن يقود أعمى لزمته الجمعة وقيل لا كالجماعة نقل المروذي في الجمعة يكتري ويركب وحمله القاضي على ضعف عقب المرض فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر ويستثنى منه ما إذا كان في الجامع فتلزمه الجماعة ( ومن يدافع أحد الأخبثين ) لما تقدم ( أو بحضرة طعام هو محتاج إليه ) ويأكل حتى يشبع نص عليه لخبر أنس في الصحيحين وعنه ما يكسر به نفسه إلا ان يخاف ضررا جزم به جماعة في الجمعة وذكر ابن حامد إن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدر إلى الصلاة لحديث عمرو بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم دعي إلى الصلاة وهو يحتز من كتف شاة فأكل منها فقام وصلى متفق عليه قال في الفروع ولعل مراده مع عدم الحاجة وهو ظاهر ( والخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه ) كمن يخاف على ماله من لص أو سلطان أو يخاف على بهيمة من سبع أو شرود
____________________
1-
(2/95)
أو موت قريبه أو على نفسه من ضرر أو سلطان أو ملازمة غريم ولا شيء معه أو فوات رفقته أو غلبة النعاس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وكمن له خبز في تنور أو طعام على نار أو ماء في زرع أو يخاف ضياع ماله أو إباق عبده أو يرجو وجدانهما في تلك الحال أو يكون مستأجرا على حفظ مال ونحو ذلك لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق وقال ابن عقيل خوف فوت المال عذر في ترك الجمعة إذا لم يتعمد سببه بل حصل اتفاقا ( أو موت قريبه ) نص عليه أو تمريضه ونقل ابن منصور وليس له من يخدمه وأنه لا يترك الجمعة وكذا إن خاف على أهله أو ولده لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة قال في الشرح ولا نعلم في هذا خلافا ( أو ) يخاف ( على نفسه من ضرر ) كسبع أو سيل ونحوهما ( أو سلطان ) ياخذ ( أو ملازمة غريم ولا شيء معه ) يعطيه لأن حبس المعسر ظلم وكذا إن كان الدين مؤجلا وخشي أن يطالبه به قبل محله وظاهره أنه إذا قدر على أداء دينه فلا عذر للنص فإن وجب عليه حد لله تعالى أو لآدمي أو قصاص فمثله لأنه يتعين عليه وفاؤه لكن في القصاص إذا رجا العفو على مال وجهان أظهرهما أنه عذر حتى يصالح لأن الحدود لا تدخلها المصالحة بخلاف القصاص ( أو ) أراد سفرا مباحا إنشاء أو استدامة قاله ابن تميم وابن حمدان يخاف ( فوت رفقته ) لأن عليه في ضررا ( أو غلبة النعاس ) لأن رجلا صلى مع معاذ النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره وظاهره أنه يعذر بغلبته سواء خاف فوتها في الوقت أو مع الإمام وهو ظاهر الشرح وفي الرعاية أنه أشهر
____________________
1-
(2/96)
أو الأذى بالمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة الباردة المظلمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقدمه في الفروع وظاهر المستوعب والتلخيص أنه يعذر إذا خاف فوتها مع الإمام فقط فوتها مع الإمام فقط وذكر ابن تميم يعذر في الجماعة لا الجمعة وقيل لا فيهما وهو ظاهر الكافي وفي المذهب والوجيز يعذر فيهما بخوفه نقص الوضوء بانتظاره ( أو الأذى بالمطر والوحل ) لأخبار منها ما في الصحيحين عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير زاد مسلم في يوم جمعة إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم فعل ذلك من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض وثلج وجليد وبرد كذلك وعنه سفرا فائدة الوحل بتحريك الحاء والتسكين لغة رديئة
( والريح الشديد في الليلة المظلمة الباردة ) لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطير في السفر صلوا في رحالكم متفق عليه ورواه ابن ماجه بإسناد صحيح ولم يقل في السفر وفي الفروع بريح باردة في ليلة مظلمة ولم يذكر بعضهم مظلمة وعنه اعذار في السفر قال الآمدي الأعذار كالمطر والوحل والريح أعذار في السفر وفي الحضر روايتان وذكر أبو المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ولهذا جعله الأصحاب كالبرد في المنع من المنع من الحكم والإفتاء
مسائل يلحق بما تقدم إذا تقدم إذا خاف تطويل الإمام كثيرا وليس رؤية البلة في طريقة عذرا نص عليه
____________________
1-
(2/97)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الثانية يكره حضور المسجد من أكل بصلا أو فجلا أو نحوه حتى يذهب ريحه وعنه يحرم وظاهره ولو خلا المسجد من آدمي لتأدي الملائكة والمراد حضور الجماعة ولو لم يكن بمسجد ولو في غير صلاة وظاهره أنه لا يخرج وجزم جماعة بخلافه لكن إن حرم دخوله وجب إخراجه وإلا استحب
فائدة يقطع الرائحة الكريهة مضغ السذاب أو السعد قاله بعض الأطباء
الثالثة إذا طرأ بعض الاعذار في الصلاة أتمها حقيقة إن أمكن وإلا خرج منها والمأموم يفارق إمامه ويتمها أو يخرج منها قال أبو الدرداء من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته و قبله فارغ رواه البخاري
____________________
1-
(2/98)
& باب صلاة أهل الأعذار & ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين صل قائما فإن لم تستطيع فعلى جنب ( خ ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة أهل الأعذار &
الأعذار جمع عذر كأقفال جمع قفل ( ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين صل قائما فإن لم تستطيع فقاعدا فإن لم تستطيع فعلى جنب خ ) كذا وجد بخط المؤلف بخاء معجمة إشارة إلى ان البخاري أخرجه وكذا رواه جماعة زاد النسائي فإن لم تستطيع فمستلقيا وعن علي مرفوعا يصلي المريض قائما فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلى قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطيع صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة رواه الدارقطنى فإذا أمكنه القيام لزمه إجماعا ولو معتمدا إلى حائط او نحوه أو على إحدى رجليه وقال ابن عقيل لا يلزمه اكثراء من يقيمه ويعتمد عليه فإن عجز عنه أو يلحقه بالقيام ضرر من زيادة مرض أو ضعف أو تأخر برء صلى قاعدا لقوله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [ الحج 78 ] متربعا ندبا وقيل وجوبا ويثني رجليه في ركوع وسجود كمتنفل وفي النهاية والرعاية إن قدر أن يرتفع إلى حد الركوع لزمه وإلا ركع جالسا وعنه إن أطال القراءة تربع وإلا افترش ولا يفترش مطلقا وعنه لا يقعد إلا إن عجز عن قيامه لدنياه وهنو قول ميمون بن مهران وأسقطه القاضي بضرر متوهم وأنه لو تحمل الصيام والقيام حتى ازداد مرضه أثم ثم إن الإمام والأصحاب اعتبروا الخوف وهو ضد الأمن فقالوا يصلي صلاة الخوف إذا لم يؤمن هجوم العدو والمذهب أنه يصلي كما ذكرنا ولو كان بتعديه بضرب ساقه
____________________
1-
(2/99)
فإن صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة صحت صلاته على أحد الوجهين ويومىء بالركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن عجز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كتعديها بضرب بطنها فنفست فإن عجز فعلى جنبه الأيمن أفضل فإن صلى على الأيسر فظاهر كلام جماعة جوازه لظاهر خبر عمران ولأن المقصود استقبال القبلة وهو حاصل وقال الآمدى يكره مع قدرته على الأيمن ( فإن ) تركه قادر و ( صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة صحت صلاته في أحد الوجهين ) ذكره في التخليص والمذهب والمحرر وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع مع الكراهة وهو ظاهر كلام أحمد لأنه نوع استقبال ولهذا يوجه الميت إليه عند الموت والثاني لا يصح قال في الشرح وهو أظهر ولأنه نقله عند العجز عن صلاة على جنب فدل أنه لا يجوز مع القدرة عليه لأنه ترك الأستقبال بوجهه و جملته ونقل الأثرم يصلي كيف شاء كلاهما جائز فظاهره التخيير بينهما أما إذا عجز عن الصلاة على جنب تعين أن يصلي مستلقيا وجها واحدا
( ويومىء بالركوع والسجود ) لقوله عليه السلام وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما أستطعتم واعتبار أصل ما أمكنه نص عليه وقال أبو المعالي وأقل ركوعه مقابلة وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض أدنى مقابلة وتتمتها الكمال ( ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ) للخبر وليتميز أحداهما عن الآخر وإن سجد ما أمكنه على شيء رفعه كره وأجزأه نص عليهما لأنه أتي بما يمكنه من الانحطاط أشبه ما لو أومأ وعنه يخير وذكر ابن عقيل رواية بالمنع كيده ولا بأس بسجوده على وسادة ونحوها وعنه هو أولى من الإيماء واحتج بفعل أم سلمة وابن عباس وغيرهما قال ونهى عنه ابن مسعود وابن عمر ( فإن عجز ) هو بفتح الجيم في الماضي وكسرها في المستقبل في الأشهر
____________________
1-
(2/100)
عن ذلك أومأ ولا تسقط عنه الصلاة وإن قدر على القيام أو القعود في أثناء الصلاة انتقل إليه وأتمها ومن قدر على القيام وعجز من الركوع والسجود أومأ بالركوع قائما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عن ذلك أومأ بطرفه ) أي بعينيه لما روى زكريا الساجي بإسناده عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن الحسين بن علي بن ابي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فإن لم يستطع أومأ بطرفه وظاهر كلام جماعة لا يلزمه وصوابه في الفروع لعدم ثبوته وفي المستوعب يومىء بطرفه أو قلبه وفي الفروع يومىء بطرفه ناويا مستحضر الفعل والقول إن عجز عنه بقلبه كأسير عاجز لخوفه وفي الخلاف زيادة عليهما أو حاجبيه وقاسه على الإيماء برأسه ولا يلزم عليه الإيماء بيديه لأنه لا يمتنع أن يلزمه وقد قال أحمد يصلي مضطجعا ويومىء فأطلق وجوب الإيماء ولم يخصه ببعض الأعضاء
( ولا تسقط عنه الصلاة ) ما دام عقله ثابتا ذكره ونصره لأنه مسلم بالغ عاقل أشبه القادر على الإيماء برأسه وعنه تسقط أختارها الشيخ تقي الدين لظاهر خبر عمران وروي عن أبي سعيد نحوه ( وإن ) صلى قاعدا ثم ( قدر على القيام أو ) صلى على جنب ثم قدر على ( القعود في أثناء الصلاة انتقل إليه وأتمها ) لأن المبيح العجز وقد زال ولأن ما صلى كان العذر موجودا وما بقى قد أتى بالواجب فيه ولا يقرأ حال نهوضه إلى القيام لكن إن قدر على القيام قبل القراءة لزمه أن يأتي بها بعد قيامه وإن كان بعد القراءة قام فركع من غير قراءة وعكسه لو مرض في أثنائها جلس وله القراءة في هويه وياتي بها على حسب حاله ( ومن قدر على القيام ) لزمه لقوله تعالى { وقوموا لله قانتين } [ البقرة 228 ] ولخبر عمران ولأنه ركن قدر عليه فلم يسقط بالعجز عن غيره كالقراءة ( وعجز عن الركوع والسجود أومأ بالركوع قائما ) لأن الراكع كالقائم في نصب رجله فوجب أن يومىء به في قيامه
____________________
1-
(2/101)
وبالسجود قاعدا وإذا قال ثقات من العلماء بالطب للمريض إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك فله ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( و ) أومأ ( بالسجود قاعد ) لأن الساجد كالجالس في جمع رجليه فوجب أن يوميء في جلوسه ليحصل الفرق بين الإيمائين مسائل منها إذا كان في بيت سقفه قصير يتعذر خروجه منه أو في سفينة يعجز عن القيام فيها والخروج منها صلى جالسا نص عليه وقيل بل يقوم ما أمكنه كالأحدب ومنها إذاقدر قائما منفردا وجالسا جماعة خير بينهما قال في الشرح لأنه يفعل في كل منها واجبا ويترك واجبا وقيل جماعة أولى وقيل يلزمه قائما منفرد لأنه ركن بخلاف الجماعة
ومنها لو تقوس ظهره حتى ظهره فصار كالراكع فمتى ركع زاد في انحنائه قليلا ليقع الفرق وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حتى رقبته وإذا سجد قرب وجهه من الأرض ما أمكنه وإن قدر أن يسجد على صدغيه لم يلزمه لأنه ليس من أعضاء السجود
( وإذا قال ثقات من العلماء بالطب ) ومعناه في المحرر ( للمريض ) أو لمن به رمد ونحوه ( إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك فله ذلك ) لأنه عليه السلام صلى جالسا حين جحش شقة والظاهر أنه لم يكن لعجزه عن القيام بل فعله إما للمشقة أو خوف الضرر أشبه المرض وذلك وسيلة إلى عافيته وهي مطلوبة شرعا ويشترط إسلامهم وثقتهم لأنه أمر ديني فاشترط له ذلك كغيره وظاهره أنه لا يقبل فيه أقل من ثلاثة لأنه جمع قال ابن
____________________
1-
(2/102)
ولا تجوز الصلاة في السفينة قاعدا لقادر على القيام وتجوز صلاة الفراض على الراحلة خشية التأذي بالوحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المنجا وليس بمراد لأن قول الاثنين كاف صرح به المؤلف وغيره وحكاه في الفروع قولا وقيل عن يقين والمذهب أنه يقبل قول مسلم ثقة ونص أحمد أنه يفطر بقول واحد إن الصوم مما يمكن
( ولا تجوز الصلاة في السفينة قاعدا لقادر على القيام ) لأنه قادر على ركن الصلاة فلم يجز تركه كما لو يكن فيها وظاهره الجواز إذا عجز وقد سبق فلو قدر فيها على انتصاب يخرج به من حد الراكع فظاهره اللزوم وإن كان لا يقدر على الخروج منها صلى حسب حاله فيها وأتى بما يقدر عليه من التيامن وغيره وكلما دارت انحرف إلى القبلة في الفرض وقيل لا يجب كالنفل في الأصح فيه فإن كانت ضيقة لا يمكن كل من فيها الصلاة قائما في حالة صلوا فرادى ما لم يضيق الوقت وإن أمكن الإتيان فيها بجميع واجبات الصلاة لن يلزمه الخروج حاضرا كان أو مسافرا واقفة كانت أو مسافرة فرضا كانت الصلاة أو نفلا قدمه جماعة وصححه في الشرح كالصلاة على الأرض وعنه يلزمه لأنها ليست حال استقرار قال جماعة متى كان فبه مشقة على أصحابه لم يجب نص عليه وظاهره أن النفل فيها يصح مطلقا
مسألة تقام الجماعة في السفينة وعنه إذا صلوا جلوسا نص عليه وصلى جماعة فيها قياما جماعة وهم يقدرون على الخروج منهم أبو هريرة وابو سعيد رواه سعيد والبيهقي
( وتجوز صلاة الفرض على الراحلة ) واقفة وسائرة عليه الاستقبال وما يقدر عليه ( خشية التأذي بالوحل ) نصره المؤلف وقدمه جماعة وجزم به في
____________________
1-
(2/103)
وهل يجوز للمريض على الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الوجيز وصححه في الفروع لما روي بعلى بن مرة أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته فصلى بهم إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع رواه أحمد ولم ينقل عن غيره خلافه
فإن قدر على النزول من غير مضرة لزمه ذلك القيام والركوع كغير حاله المطر ويومىء بالسجود لما فيه من الضرر وعنه لا يجوز ذلك لقول أبي سعيد أبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين متفق عليه ولأن القيام والسجود من أركان الصلاة فلم يسقط بالمطر كبقيه الأركان
وأجيب بأنه عذر يبيح الجمع فأثر في أفعال الصلاة كالسفر والمرض والحديث محمول على اليسير عملا بالظاهر لأنه كان في مسجده في المدينة فلم يؤثر بخلاف الكثير الذي يلوث الثياب والبدن ( وهل يجوز ذلك للمريض على روايتين ) إحدهما يجوز قدمها في المحرر واختارها أبو بكر وجزم بها في الوجيز لأن مشقة النزول في المرض أكثر من مشقة النزول بالمطر لكن قيدها في رواية إسحاق إذا لم يستطيع النزول ولم يصح أحمد بخلافه والثانية المنع قال في الفروع نقله واختاره الأكثر لأن ابن عمر كان ينزل مرضاه واحتج به أحمد لأن الصلاة على الأرض أسكن له وأمكن بخلاف صاحب الطين وظاهر المذهب أنه لا يلزمه النزول مع مشقة شديدة أو زيادة ضرر وصرح به في الشرح وظاهر كلام جماعة أن فيه الرويتين
____________________
1-
(2/104)
فصل في قصر الصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أما إذا خاف انقطاعا عن الرفقة أو العجز عن الركوب فيصلي كخائف على نفسه من عدو
فرع من أتى بكل فرض أو شرط للصلاة وصلى عليها بلا عذر أو في سفينة ونحوها من أمكنه الخروج وافقة أو سائر صحت ومن كان في ماء وطين أومأ كمصلوب ومربوط والغريق يسجد على متن الماء فصل في قصر الصلاة
أجمعوا على قصرها بشرطه وسنده قوله تعالى { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم } [ النساء 101 ] علق القصر بالخوف لأن الآية نزلت على الغالب أسفاره عليه السلام وأكثرها لم يخل من عدو
وذكر الشيخ تقي الدين أن القصر قسمان
مطلق وهو ما اجتمع فيه الأفعال والعذر كصلاة الخوف حيث كان مسافرا فإنه يرتكب فيها مالا يجوز في صلاة الأمن والآية وردت على هذا
ومقيد وهو ما اجتمع فيه قصر العدد فقط كالمسافر أو قصر العمل فقط كالخائف وهو حسن لكن يرد عليه قول يعلى لعمر بن الخطاب ما لنا نقصر وقد أمنا فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة الله بها عليكم
____________________
1-
(2/105)
ومن سافر سفرا مباحا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فاقبلوا صدقته رواه مسلم فظاهر ما فهمناه تقيد قصر العدد بالخوف والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك وقيل قوله ( إن خفتم ) كلام مبتدأ معناه وإن خفتم
وقال ابن عمر صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان كذلك متفق
( ومن سافر سفرا مباحا ) ذكره أكثر الأصحاب وحكاه ابن هبيرة اتفاقا لأنه عليه السلام كان يترخص في العود من السفر وهو مباح وكالغزو وفي الوجيز سفرا جائز وهو أعم والمراد من ابتدأ سفرا مباحا وصرح به في الفروع والأصح أو هو أكثر قصده وعنه لا يترخص في سفره النزهة والتفرج أختاره أبو المعالي لأنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة ولا مصلحة في هذا وظاهر كلام ابن حامد اختصاصه بسفر الطاعة وقال في المبهج إذا سافر لتجارة مكاثر في الدنيا فهو سفر معصية والأول أولى وهو شامل إذا غربت المرأة ومعها محرم فله الترخيص وكذا الزاني وقاطع الطريق وفيهما وجه ودل على جوازه في سفر واجب من باب التنبيه ولا قصر في سفر المعصية وأباح في التخليص تناول الميتة للضرورة ولو عصى في سفره المباح لم يمنع الترخص كارتكابها في الحضر لا يمنعه ومن نقل سفره المباح إلى معصية لم يترخص في الأصح لزوال سببه وإن نقل سفر المعصية إلى مباح وقد بقي مسافة قصر قصر في الاصح لأن وجود ما مضى من سفره كعمده
____________________
1-
(2/106)
يبلغ سنة عشر فرسخا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسالة إذا سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل وصاحب التخليص لا يباح له الترخص لقوله عليه السلام لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد متفق عليه وقال المؤلف الصحيح جوازه والحديث محمول على نفي الفضلة قال ابن المنجا السفر المكروه كزيارة القبور والمساجد ملحق بالسفر المحرم وفيه نظر واختلف كلام الحلواني هل السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم أو الوالدين واجب أو طاعة كزيارته عليه السلام لكن قال أبو محمد الجويني يحرم الشد إلى غير المساجد الثلاثة نقله النووي وذكر الشيخ تقي الدين يجب السفر المنذور إلى المشاهد ( يبلغ ستة عشر فرسخا ) الفرسخ واحد الفرسخ وهو ثلاثة أميال هاشمية وبأميال بني أمية ميلان ونصف والميل اثنا عشر ألف قدم ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون اصبعا معترضة معتدلة كل أصبع ست حبات شعير بطون بعضهما إلى بعض عرض كل شعيرة ست شعرات برذون وذلك أربعة برد مسيرة يومين قاصدين نص عليه وهو قول عمر وابن عباس لما روى الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ياأهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان ضعفه أحمد ويحيى مع أن أحمد احتج به مع تضعيفه وظاهر كلامهم أن هذا تقريب وقال أبو المعالي تحديد والبر والبحر سواء فلو قطعه في زمن يسير في البحر قصر كما لو قطعها في البر في أقل من يومين وذكر صاحب المسالك أن من دمشق إلى القطيفة أربعة وعشرين ميلا ومن دمشق إلى الكسوة اثني عشر ميلا وعن ابن عباس وابن عمر يقصر في اليوم وقاله الأوزاعي وروى أبو داود أن دحية افطر في ثلاثة أميال وأفطر معه أناس كثيرون وقيل تقصر وقيل في طويل
____________________
1-
(2/107)
فله قصر الرباعية خاصة إلى ركعتين إذا فارق بيوت قربته أو خيام قومه وهو أفضل من الإتمام وإن أتم جاز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والسفر وقصيره والأول أولى لأنه مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والعقد فجاز القصر فيه كغيره قال المؤلف والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن الإجماع انعقد على خلافه
( فله قصر الرباعية خاصة إلى ركعتين ) ولا قصر في المغرب والفجر إجماعا حكاه ابن المنذر لأن الفجر لو قصرت صارت ركعة ولا نظير لذلك في الفرائض والمغرب وتر النهار فلو قصر منها ركعة لم يبق وترا وركعتان كان إجحافا بها وإسقاطها لأكثرها ولا نظير لها في الفرض ( إذا فرق بيوت قريته أو خيام قومه ) لأن الله تعالى جوز القصر لمن ضرب في الأرض وقبل مفارقة ما ذكر لا يكون ضاربا ولا مسافرا ولأن ذلك أحد طرفي السفر أشبه حالة الانتهاء ولأنه عليه السلام كان يقصر إذا ارتحل فعلى هذا لا يقصر إذا فارق بيوت قريته العامرة بشرط أن لا يرجع أو ينوي الرجوع قريبا فإن فعل لم يترخص بعد نية عوده حتى يفارقه ثانيا وقيل والخراب كما لو وليه عامر وقال أبو المعالي أو جعل مزارع وبساتين يسكنه أهله ولو في فصل النزهة وقيل يقصر بمفارقه سور بلده وظاهره ولو اتصل به بلد واعتبر أبو المعالي انفصاله ولو بذراع ويعتبر في ساكن القصور والبساتين مفارقة ما نسبوا إليه عرفا ( وهو أفضل من الإتمام ) نص عليه لأنه عليه السلام داوم عليه ولم ينقل عنه الإتمام وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده وروى أحمد عن أبن عمر مرفوعا إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته وفيه أن الإتمام أفضل لأنه أكثر عملا وعددا وهو الأصل أشبه غسل الرجلين ( وإن أتم جاز ) في المشهور للآية ولحديث
____________________
1-
(2/108)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يعلى قالت عائشة أتم النبي صلى الله عليه وسلم وقصره قاله الشافعي ورواه الدارقطني وصححه وبين سلمان أن القصر رخصة بمحضر اثنى عشر صحابيا رواه البيهقي بإسناده حسن ولما أتمت عائشة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أحسنت رواه أبو داود الطياسي والدارقطني وقال إسناد حسن وقيل يجب القصر وهو قول جماعة وعنه الوقوف وقال مرة لا يعجبني الإتمام وكرهه الشيخ تقي الدين قال في الفروع وهو إظهر
مسائل الاولى يعتبر تحقيق المسافة فلو شك في قدر السفر لم يقصر وإن بان بعده أنه طويل كما لو صلى شاكا في دخول الوقت وقال ابن أبي موسى وابن عقيل متى بلغ المسافة قصر وعنه إن بلغ عشرين فرسخا
الثانية أنه لا بد أن يقصد جهة معينة فلو سافر ولم يقصدها لم يقصر وأنه لا بد من الجزم ببلوغ المسافة فلو علم صاحبه في بلد بعيد ونوى إن وجده قبله لم يقصر وقيل إن بلغ مسافة قصر قصر وكذا سائح وتائه
الثالثة إذا سافر ليترخص فقد ذكروا لو سافر ليفطر حرام وقيل يكره ومثله من لا خف في رجله فلبسه لغرض المسح خاصة لا يستحب له كما لا يستحب له كما لا يستحب إن شاء السفر لغرض الترخص ويأتي من سافر يقصد حل يمينه
الرابعة يقصر ويترخص مسافر مكرها كأسير على الأصح كامرأة وعبد تبعا لزوج وسيد في نيته وسفره وفيهما وجه لا قصر وقال أبو المعالي والجيش مع الأمير والجندي مع أميره إن كان رزقهم في مال أنفسهم ففي أيهما يعتبر نيته فيه وجهان وإلا فكالأجير والعبد لشريكين ترجح نية إقامة أحدهما والأسير إذا صار ببلدهم فإنه يتم في المنصوص تبعا لإقامتهم كسفرهم
____________________
1-
(2/109)
فإن أحرام في الحضر ثم سافر وفي السفر ثم أقام أو ذكر صلاة في سفره أو صلاة سفر في حضر أو ائتم مسافر بمقيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الخامسة يوتر ويركع سنة الفجر في السفر ويخير في غيرهما وعن الشيخ تقي الدين يسن ترك غيرهما وأطلق أبو المعالي التخيير في النوافل والسنن ونقل ابن هاني يتطوع أفضل وجزم به في الفصول والمستوعب واختاره الشيخ تقي الدين في غير الرواتب ونفله بعضهم إجماعا
( فإن أحرم في الحضر ثم سافر وفي السفر ثم أقام ) أتم نص عليهما لأنها عبادة اجتمع لها حكم الحضر والسفر فغلب حكم الحضر كالمسح وفي الثانية وجه اعتبار بحالة أدائها كصلاة صحة في مرض والمسألة مصورة في راكب السفينة فلو سافر بعد دخول الوقت لم يجز القصر في قول أصحابنا لأنه تعين فعلها أربعا فلم يجز النقصان منها كالمنذورة وعنه يجوز وحكاه ابن المنذر إجماعا لأنها مؤداة في السفر أشبه ما لو دخل وقتها فيه وقيل إن ضاق الوقت لم يقصر وجها واحدا ( أو ذكر صلاة حضر في سفر ) أئمها إجماعا حكاها أحمد وابن المنذر إلا أنه قال اختلف فيه عن الحسن ولأن القضاء معتبر بالأداء وهو أربع ( أو ) ذكر ( صلاة سفر في حضر ) أتم نص عليه وقاله الأوزاعي لأن القصر من رخص السفر فبطل بزواله كالمسح ثلاثا وكذا لو أخرها مسافر عمدا حتى خرج وقتها أو ضاق عنها قاله في المحرر وغيره لأنها تعلقت بذمته كالدين والأصل الإتمام وقيل يقصر فيهما إذا ذكر صلاة حضر في سفر ( أو ائتم مسافر بمقيم ) أتم نص عليه قال ابن عباس تلك السنة رواه أحمد ولأنها صلاة مردودة من أربع فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة وسواء أدرك معه جميع الصلاة أو
____________________
1-
(2/110)
أو بمن يشك فيه أو أحرام بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها أو لم ينو القصر لزمه أن يتم أبو بكر لا يحتاج الجمع والقصر إلى نية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بعضها اعتقد مسافرا أو لا وعنه في ركعة فأكثر فعلى الأول إن أدرك معه تشهد الجمعة أتم نص عليه وعلى الثانية يقصر ويتوجه تخريج من صلاة الخوف يقصر مسافر مطلقا كما خرج بعضهم إيقاعا مرتين على صحة مفترض بمتنفل وشمل ما إذا أحرم المسافرون خلف مسافر فأحدث واستخلف مقيما فليزمهم الإتمام دون إمامهم المحدث ( أو بمن يشك فيه ) أي في إقامته وسفره لزمه أن يتم وإن بان أن الإمام مسافر لعدم نيته لكن إذا علم أو غلب على ظنه أن الإمام مسافر بإمارة وعلامة كهيأة لباس إلا أن إمامه نوى القصر فله أن ينويه عملا بالظن ولو قال إن قصر قصرت وإن أتم أتممت لم يضر وإن سبق إمامه الحدث فخرج قبل علمه بحاله فله القصر عملا بالظاهر وقيل يلزمه الإتمام لأنه الأصل ( أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ) كما لو اقتدى بمقيم أو نوى الإتمام ( ففسدت ) بالحدث ونحوه ( وأعادها ) أتم لأنها وجبت عليه بتلبسه بها وقيل إن بان أن الإمام محدث قبل السلام ففي وجوب الإتمام وجهان ( أو لم ينو القصر ) عند الإحرام ( لزمه أن يتم ) ذكره معظم الأصحاب لأنه الأصل وإطلاق النية ينصرف إليه كما لو نوى الصلاة مطلقا انصرف إلى الانفراد الذي هو الأصل فعلى هذا إن شك في النية في الصلاة أتم فإن ذكر أنه كان نوى القصر لم يقصر ذكره المذهب والشرح لأنه لزمه الإتمام فلم يزل
( وقال أبو بكر ) وجماعة ( لا يحتاج الجمع والقصر إلى نية ) لأنه فخبر قبل الدخول في الصلاة فكذا بعده والقصر هو الأصل لخبر عمر وعائشة ولأن السفر حال يبيح القصر فإذا تلبس المسافر بها فيه بغير نية جاز له القصر
____________________
1-
(2/111)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لقيام السفر مقام نيته كالإمام في الحضر فعلى هذا لو نرى الإتمام ثم أراد القصر لأنه رخصة وقيل لا لأن ما يوجب الأربع قد وجد
مسائل منها إذا صلى مسافر ومقيم خلف مسافر أتم المقيم إذا إمامه إجماعا
منها إذا أم مسافر مقيمين فأتم بهم الصلاة لأن المسافر يلزمه الإتمام بنبيه وعنه تفسد صلاة المقيمين قال القاضي لأن الركعتين الاخرتين نفل في حق الإمام فلا يؤم بهما مفترض
ومنها إذا انتقل مسافر من القصر إلى الإتمام جاز وفرضه الأوليان قاله ابن عقيل وغيره وإن فعله عمدا مع بقاء نية القصر فهل تبطل صلاته على وجهين وإن لم تعتبر نية القصر وصلى أربعا سجد للسهو على على الأصح ولا يجب ذلك على الأشهر فإن كان إماما وعلم المأموم أنه لم يرد الإتمام سبحوا به ولم يتابعوه لأنه سهو فإن تابعوا فوجهان
ومنها إذا شك هل نوى إمامه الإتمام أو قام سهوا لزم متابعته وقال ابن عقيل إن قام إلى ثالثة عمدا أتم فإن سلم منها عمدا بطلت وإن قام سهوا لم يلزمه الإتمام فإن شاء سجد وجلس وإن شاء أتم
ومنها إذا نوى مسافر القصر خلف مقيم عالما بذلك لم يصح وقيل بلى ويتمها وقيل ويقصرها وفي وجوب نيه سفر القصر في أوله وجهان
____________________
1-
(2/112)
ومن له طريقان بعيد فسلك البعيد أو ذكر صلاة سفر في آخره فله القصر وإذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإلا قصر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وإذا نوى الظهر تامة مسافر أو عبد خلف إمام جمعة لم يصح نص عليه
( ومن له طريقان بعيد وقريب فسلك البعيد ) قصر كذا في الوجيز وغيره لأن المسافة بعيدة أشبه المنفرد وكما لو كان الآخر مخوفا أو مشقا وقال ابن عقيل إن سلكه لرفع أذية واجتلاب نفع قصر قولا واحدا وإن كان لا لغرض صحيح خرج على الروايتين في سفر النزهة قال ابن حمدان ومثله بقية رخص السفر ( أو ذكر صلاة سفر في ) سفر ( آخر فله القصر ) لأن وجوبها وفعلها وجدا في السفر أشبه ما لو أداها وقيل يتمها لذكره لها في إقامة متخللة وظاهره أنه إذا ذكرها فيه أنه يقصر وفاقا وفيه وجه يتمها لأنه مختص بالأداء كالجمعة قال ابن تميم وغيره وقضاء بعض الصلاة في ذلك كقضاء جمعها
( وإذا نوى الإقامة في بلد أكثر منإحدى وعشرين صلاة ) أي اثنين وعشرين صلاة ( أتم وإلا قصر ) هذا هو المشهور عن أحمد وفي الكافي انه المذهب واختاره الخرقي والأكثر لما احتج به أحمد ومعناه متفق عليه من حديث جابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام وقد أجمع على إقامتها وقال أنس أقمنا بمكة عشرا نقصر الصلاة متفق عليه قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يذكر حديث أنس ويقول هو كلام ليس يفقهه
____________________
1-
(2/113)
وإن أقام لقضاء حاجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كل أحد ووجهه أنه حسب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ومنى وليس له وجه غير هذا وعنه إن نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإلا قصر قدمه قدمه السامري وصاحب التلخيص وجزم به في الوجيز وصححه القاضي وذكر ابن عقيل أنه المذهب لأن الذي تحقق أنه عليه السلام نواه إقامة أربعة أيام لأنه كان حاجا والحاج لا يخرج قبل يوم التروية وعنه إن نوى إقامة أربعة أيام أتم وإلا قصر قدمه في المحرر لقول النبي صلى الله عليه وسلم يقيم المهاجر بعد قضاءنسكه ثلاثا وبأن عمر أجلا اليهود من جزيرة العرب وضرب لهم أجلا ثلاثا وفي النصيحة فوق ثلاثة أيام لا خمسة عشر يوما بل في رستاق ينتقل فيه نص عليه كقصره عليه السلام بمكة ومنى وعرفة عشرا ويحتسب يوم الدخول والخروج من المدة على الأظهر ولا فرق بين أن يكون البلد للمسلمين أو لغيرهم وفي التخليص ان إقامة الجيش للغزو لا يمنع الترخيص وإن طال لفعله عليه السلام وظاهره أنه إذا نوى الإقامة بموضع يتعذر فيه الإقامة كالبرية لا يقصر لأنه نوى الإقامة والمذهب بلى لأنه لا يمكنه الوفاء بهذه النية فلغت وبقى حكم السفر الأول مستداما فلو نوى المسافر إقامة مطلقة وقيل بموضع تقام فيه انه يتم ومن نوى إقامة تمنع القصر ثم نوى السفر قبل فراغها فقيل تقصر وقيل إذا سافر
( وإن أقام لقضاء حاجة ) قصر لأنه عليه السلام أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة إسناده رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وقال
____________________
1-
(2/114)
أو حبس ظلما أو لم ينو الإقامة قصر أبدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تفرد معمر بروايته مسندا ورواه علي بن المبارك مرسلا ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أقام فيها تسع عشرة يصلي ركعتين رواه البخارى وقال أنس أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برامهر مز تسعة أشهر يقصرون الصلاة رواه البيهقي بإسناد حسن قال ابن المنذر أجمعوا أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة ولو أتى عليه سنون ولا فرق بين أن يغلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته وصرح به في الكافي وابن تميم وقيل إن ظن قضاء حاجته من استواء ريح أو خروج قافلة لم يقصر كما لو علم ( أو حبس ظلما ) قصر لما روى الأثرم أن ابن عمر أقام بأذربيحان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول وفي معناه إذا حبسه مرض أو مطر فإن حبس بحق لم يقصر ( أو لم ينو الإقامة قصر أبدا ) لما تقدم وعن على قال يقصر الذي يقول أخرج اليوم أخرج غدا شهرا وعن سعد أنه أقام في بعض قرى الشام أربعين يوما يقصر الصلاة رواهما سعيد ولا فرق إذا لم ينو الإقامة أو نواها مدة لا تمنع القصر بين أن يكون البلد منتهى قصده أو لم تكن على المنصوص وهو ظاهر كلام الخرقي والأكثر لأنه عليه السلام قصر في حجة مدة مقامه بمكة وكان منتهى قصده وكذلك الخلفاء من بعده وقال بعض أصحابنا إذا كان منتهى قصده لم يقصر حتى يخرج منه لانتهاء سفره وهذا كله إذا لم يكن فيه زوجه أو تزوج فإنه يتم على الأشهر وعنه أو أهل أو ماشية لأنه قول ابن عباس وقيل أو مال وقيل إن كان به ولد أو والد أو دار قصر وفي أهل غيرهما ومال وجهان
____________________
1-
(2/115)
والملاح الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخيص (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فرعان الأول إذا مر المسافر بوطنه أتم وعنه لا ولا حاجة فيه وإلا قصر
الثاني إذا نسي حاجة في بلده فرجع لأخذها عن قرب قصر في رجوعه اختاره المؤلف وفي وجه لا اختاره القاضي وحكاه عن أحمد وفي رجوعه إلى غير وظنه وجهان فإن نوى أن يقيم به ما يمنع القصر لم يقصر في رجوعه وقيل بلد بعينه ونوى الرجوع قريبا في رجوعه نص عليه
مسألة إذا سافر من ليس بمكلف سفرا طويلا ثم كلف بالصلاة في أثنائه فله القصر مطلقا فيما بقي ( والملاح ) صاحب السفينة قاله الجوهري ( الذي معه أهله وليس نية الإقامة ببلد ليس له الترخص ) أي يعتبر للسفر المبيح كونه منقطعا فإن كان دائما كما مثله لم يترخص نص عليه وهو قول الحسن وعطاء لأنه غير ظاعن عن وطنه وأهله أشبه المقيم
فعلى هذا لا يترخص بفطر رمضان لأنه يقضيه في السفر وكما تعتد امرأته كمقيم وظاهره أنه لا بد من اجتماع الأمرين فلو انتفى أحدهما لم يمنع الترخيص ولم يعتبر القاضي فيه أن يكون معه أهله وهو خلاف نصوصه لأن الشبه لا يحصل حقيقة إلا بمجموع الأمرين ومثله مكار وساع وبريد وراع ونحوهم نص عليه وقيل عنه يترخص اختاره المؤلف سواء كان معه أهله أو لا لأنه أشق
____________________
1-
(2/116)
فصل في الجمع
يجوز الجمع بين الظهر والعصر والعشاءين في وقت إحدهما لثلاثة أمور السفر الطويل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل في الجمع
( يجوز الجمع ) وتركه أفضل وعنه فعله اختاره أبو محمد الجوازي وغيره كجمعي عرفه ومزدلفة وعنه التوقف ( بين الظهر والعصر والعشاءين في وقت إحدهما ) فهذه الأربع هي التي تجمع في وقت إحدهما الظهر والعصر والمغرب والعشاء 0 لثلاثة أمور السفر الطويل ) نص عليه وهو قول أكثرهم لما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد رفع الشمس صلى الظهر والعصر حتى جميعثم سار وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وعن أنس معناه متفق عليه وظاهره لا فرق بين أن يكون نازلا أو سائرا في جمع التقديم أو التأخير وقال القاضي لا يجوز إلا لسائر وعنه لسائر وقت الأولى فيؤخر إلى الثانية اختاره الخرقي لما روى ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء قال سالم وكان ابن عمر يفعله متفق عليه وقال ابن أبي موسى الأظهر من مذهبه أن صفة الجمع فعل فعل الأولى آخر وقتها والثانية أول وقتها وظاهره أنه لا يجوز في القصر على المذهب وفيه وجه
____________________
1-
(2/117)
والمرض الذي يلحقة بترك فيه مشقة وضعف والمطر الذي يبل الثياب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقة وضعف ) نص عليه وصححه جماعة وجزم به في المحرر وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا مطر وفي رواية من غير خوف ولا سفر رواهما مسلم من حديث ابن عباس ولا عذر بعد ذلك إلا المرض وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة وهي نوع مرض وفي الوجيز يجوز بكل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا النعاس ونحوه انتهى واحتج أحمد بأن المرض أشد من السفر وشرط بعضهم إن جاز له ترك القيام واحتجم أحمد بعد الغروب ثم تعشى ثم جمع بينهما وعنه لا يجوز لما سبق
يجوز لمرضع نص عليه للمشقة بكثره النجاسة وفي الوسيلة رواية لا قال أبو المعالي كمريض وكمن به سلس البول ذكره في المحرر ولكن من يعجز عن الطهارة واليتيم لكل صلاة وعن معرفة الوقت كأعمى ونحوه أومأ إليه أحمد ومن له شغل أو عذر يبيح ترك جمعة وجماعة قاله ابن حمدان وغيره 0 والمطر الذي يبل الثياب ) نص عليه وهو قول الأكثر لما تقدم من حديث ابن عباس وفعله ابن عمر رواه مالك قال أبو سلمة من السنة إذا كان مطر أن يجمع بين المغرب والعشاء في ليلة الأثرم وروى النجاد بأسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة وفعله أبو بكر وعمر وعثمان وحكم الثلج كذلك في المنصوص وفيهما وجه لا يجوز قال ابن تميم وهو ظاهر كلام أحمد وظاهره أنه لا يجوز لطل ولا لمطر خفيف لا يبل الثياب وهو الاصح لعدم المشقة وفيه وجه
____________________
1-
(2/118)
إلا أجمع المطر يختص العشاءين في أصح الوجهين وهل يجوز لأجل الوحل أو الريح الشديدة الباردة أو لمن يصلي في بيته أو في مسجد طريقه تحت سلباط على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( إلا أن جمع المطر يختص العشاءين في أصح الوجهين ) نص عليه واختاره جمهور الأصحاب قال في الفروع وهو الأشهر لأنه لم يرد إلا في المغرب والعشاء ومشتقها اكثر من حيث إنهما يفعلان في الظلمة ومشقة السفر لأجل السير وفوات الرفقة وهو عدم معدوم هنا والثاني يجوز بين الظهر والعصر كالعشاءين وهو رواية اختاره القاضي وأبو الخطاب وصححه في المذهب لأنه معنى أباح الجمع فأباحة بين الظهر والعصر كالسفر ( وهل يجوز لأجل الوحل أو الريح الشديدة أو لمن يصلي في بيته أو في في المسجد طريقة تحت ساباط على وجهين ) وفيه مسائل الأولى يجوز الجمع لأجل الوحل في الأصح قال القاضي قال أصحابنا هو عذر يبيح الجمع بمجرد ويلحق به المشقة كالمطر والثاني لا يبيحه ذكره ابو الخطاب لأن مشقته دون مشقة المطر فلا يصح قياسه عليه وفيه نظر لأن الإنسان يتأذى به في نفسه وثيابه وذلك أعظم ضررا من البلل وظاهره لا فرق بين أن يكون ليلا أو نهار على المذهب وقيده الشريف وأبو الخطاب في رؤوس المسائل بلليل وظاهر كلام ابن ابي موسى اعتبار الظلمة ليلا
الثانية يجوز في الريح صححه ابن الجوزي والآمدي وابن تميم قال أحمد في رواية الميموني إن ابن عمر كان يجمع في الليلة الباردة زاد غير واحد ليلا وزاد في المذهب والكافي والكمستوعب مع طلمة والثاني المنع وقد علما
____________________
1-
(2/119)
ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى وقت الثانية أو تقدم الثانية إليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الثالثة يجوز لمن يصلي وحده أو في جماعة في بيته أو مسجد طريقه تحت ساباط أو بينه وبينه خطوات يسير في ظاهر كلام أحمد قاله القاضي لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر والثاني لا يجوز اختاره ابن عقيل وصححه في المذهب لعدم المشقة وقيل إن كان يصلي الثانية جماعة في وقتها لم يجمع وإلا جمع ( ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى وقت الثانية أو تقدم الثانية إليها ) كذا ذكره جماعة ومنهم صاحب الوجيز وصححه في الشرح لحديث معاذ السابق تفرد به قتيبة قال البخاري قلت له مع من كتبت هذا عن الليث قال مع خالد المدائني قال البخاري وخالد هذا كان يدخل الأحاديث على الشيوخ وروى ابن عباس نحوه رواه الشافعي وأحمد وأخر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوما في غزوة تبوك ثم خرج فصلى الظهر والعصرة جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا رواه مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ قال ابن عبد البر هذا حديث صحيح ثابت الإسناد ولأن الجمع من رخص السفر فلم يختص بحاله كسائر رخصه وتقديم أنه مختص بحاله السير في رواية وحمل على الاستحباب والمنصوص عنه أن الجمع في وقت الثانية أفضل وذكر المجد وقدمه في الفروع لأنه أحوط وفيه خروج من الخلاف وعمل بالأحاديث كلها وقيل في جمع السفر وقيل التقديم وجزم به غير واحد في جمع المطر ونقله الأثرم وأن في جمع السفر تؤخر وما ذكره المؤلف هنا هو قول في المذهب واختاره الشيخ تقي الدين وذكره ظاهر مذهب أحمد المنصوص عنه وهو يعم أقسامه لكن قال في الشرح
____________________
1-
(2/120)
وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط نية الجمع عند إحرامها ويحتمل تجزئة النية قبل سلامها وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المستحب أن يؤخر الأولى عن أول وقتها شيئا قال أحمد يجمع بينهما إذا اختلط الظلام أو غاب الشفق فعله ابن عمر
( وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط )
الأول ( نية الجمع ) في الأشهر قال القاضي وغيره هو المذهب لأنه عمل فيدخل في عموم قوله إنما الأعمال بالنيات ( عند إحرامها ) على المذهب لأن كل عبادة اشترطت فيها النية اعتبرت في أولها كنية الصلاة ( ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها ) هذا قول وصححه ابن الجوزي لأن موضع الجمع عند الفراغ من الأولى إلى الشروع في الثانية فإذا لم تتأخر النية عنه أجرأه وقيل تجزئه بعد سلام الأولى قبل أحرام الثانية وقيل محل النية عند إحرام الثانية لا قبله ولا بعده وعلى الأولى لا تحب في الثانية وهو الأشهر
( و ) الثاني الموالاة وهو ( أن لا يفرق بينهما ) فرقة طويلة لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة ولا يحصل ذلك مع التفريق الطويل وظاهره اشترط تقديم الأولى على الثانية وهو كذلك لتكون الثانية تابعة لأنها لم يدخل وقتها وسواء جمع في وقت الأولى أو الثانية على الأشهر وقيل يسقط بالنسيان قدمه ابن تميم لأن إحدهما هنا تبع لاستقرارها كالفوائت ( إلا بقدر الإقامة والوضوء ) كذا في المحرر والفروع لأن ذلك يسير وهو معفو عنه وهما من مصالح الصلاة وظاهره تقدير اليسير بذلك وصحح في المغني وجزم به في الوجيز أن مرجعه إلى العرف كالقبض والحرز ويشترط في
____________________
1-
(2/121)
فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين وأن يكون العذر موجودا عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الوضوء أن يكون خفيفا فإن طال بطل الجمع وأستثنى معها جماعة الذكر اليسير كتكبير عيد
فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وهو ظاهر الفروع لأنه فرق بينهما بصلاة فبطل كما لو قضى فائتة والثانية لاتبطل لأنها تابعة للصلاة فلم يقع الفصل بأجنبي كما لو تيمم وفي النتصار يجوز تنفله بينهما ونقل أبو طالب لا بأس أن يطوع بكلمة أو كلمتين جاز وذكر القاضي ان الجمع يبطل بالتفريق اليسير واعتبر في الفصول المولاة قال ومعناها أن يفصل بينهما بصلاة ولا كلام لئلا يزول معنى الاسم وهو الجمع وقال إن سبقه الحدث في الثانية وقلنا تبطل به فتوضأ أو أغتسل ولم يطل ففي بطلان جمعه احتمالان
( و ) الثالث ( أن يكون العذر ) المبيح ( موجودا عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى ) كذا ذكره الأكثر منهم في المحرر والوجيز لأن افتتاح الأولى موضع النية وفراغها وافتتاح الثانية موضع الجمع وقيل لا يشترط عند سلام الأولى وانه متى انقطع ثم عاد قبل طول الفصل صح الجمع قال ابن تميم وغيره سواء قلنا باعتبار نية الجمع أو لا وقيل يشترط دوامه في الأولى وظاهره انه إذا انقطع المطر في الاولى ولم يعد أنه يبطل الجمع لكن إن حصل وحل وقلنا بجوازه له لم يبطل ولا يشترط دوام العذر إلى فراغ الثانية في جمع المطر ونحوه بخلاف غيره وإن انقطع السفر في الأولى
____________________
1-
(2/122)
وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية الجمع في وقت الأولى مالم يضق عن فعلها واستمرار العذر إلى وقت الثانية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بطل الجمع مطلقا ويصح ويتمها وإن انقطع في الثانية كمن نوى الإقامة فيها أو دخلت السفينة البلد بطل الجمع كما لو كان قبل الشروع فيها كالقصر والمسح
فعلى هذا تنقلب نفلا وقيل تبطل وقيل لا يبطل الجمع كانقطاع المطر في الأشهر والفرق أنه لا يتحقق انقطاع المطر لاحتمال عوده في أثناء الصلاة ويخلفه الوحل وهو عذر مبيح بخلاف مسألتنا ومريض كمسافر وظاهر ما سبق أنه إذا قدم المسافر أو أقام أو عوفي بعد الثانية صح الجمع وإن كان الوقت باقيا كما لو قدم في أثناء الوقت
( وإن جمع في وقت الثانية كفاه ) أي أجزاء ( نية الجمع في وقت الأولى ) لأنه متى أخرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعا ( ما لم يضيق عن فعلها ) كذا جزم به الأكثر لأن تأخيرها عن القدرة الذي يضيق عن فعلها حرام وذكر المجد وغيره أن ينوبه قبل أن يبقى من وقت الأولى بقدرها لفوت فائدة الجمع وهي التخفيف بالمقارنة بينهما وقيل أو قدر تكبيرة أو ركعة وذكره في المغني احتمالا لأنه يدركها به وحمل الاول على أنه الأولى وقيل ينوبه من الزوال والغروب ( و ) يشترط ( استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية ) لأن المجوز للجمع العذر فإذا لم يستمر وجب أن لا يجوز لزوال المقتضي كالمريض يبرا والمسافر يقدم والمطر ينقطع وظاهره أنه لا يعتبر وجود العذر في وقت الثانية لأنها صارتا واجبتين في ذمته فلا بد له من فعلها
____________________
1-
(2/123)
ولا يشترط غير ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويشترط الترتيب في الجمعين لكن إن جمع في وقت الثانية وضاق الوقت عنهما قال في الرعاية أو ضاق وقت الأولة عن إحدهما ففي سقوط الترتيب لضيقه وجهان ( ولا يشترط غير ذلك ) أي مما تقدم اشتراطه في جمع التقديم من نية الجمع عند الأفتتاح ووجود العذر عند إحرامهما وسلام الأولى والموالاة لأن الثانية مفعولة في وقتها فهي أداء بكل حال والأولى معها كصلاة فائتة وهذا هو الأصح والثاني يشترط لأن حقيقة ضم الشيء إلى الشيء ولا يحصل مع التفريق فعلى هذا إن ترك الموالاة أثم وصحت كما لو صلى الأول لا بأس بالتطوع بينهما نص عليه ولو صلى الأولى وحده ثم الثانية إماما أو مأموما أو صلى إمام الأولى وإمام الثانية أو صلى معه مأموم الأولى وأخر الثانية أو نوى الجمع خلف من لا يجمع أو بمن لا يجمع صح
مسائل الأولى إذا بان فساد أولاهما بعد الجمع بنسيان ركن أو غيره بطلت وكذا الثانية فلا جمع ولا تبطل الأولى ببطلان الثانية ولا الجمع إن صلاها قريبا وإن ترك ركنا ولم يدر من أيهما تركه أعادهما إن بقي الوقت وإلا قضاهما
الثانية السنة تتبع الفرض تقدما وتأخرا وقيل لا يجوز فعل سنة الظهر الثانية بعد صلاة العصر جمعا وقيل في وقت العصر لم يجز وإلا جاز لبقاء الوقت إذن
____________________
1-
(2/124)
فصل في صلاة الخوف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الثالثة صلاة عرفة ومزدلفة كغيرهما نص عليه اختاره الأكثر وأختار أبو الخطاب والشيخ تقي الدين الجمع والقصر مطلقا والأشهر عن أحمد الجمع فقط اختاره المؤلف ولا متناع القصر للمكي قال أحمد ليس ينبغي أن يولى أحد منهم الموسم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم من المدينة وقال عطاء من السنة أن لا يولى أحد منهم فصل في صلاة الخوف
وهي ثابته بقوله تعالى { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } [ النساء 102 ] الآية وما ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم ثبت في حق أمته ما لم يقم دليل على اختصاصه لأن الله تعالى أمر باتباعه وتخصيصه بالخطاب لا يقضي اختصاصه بالحكم بدليل قوله تعالى { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة 103 ] وبالسنة وقد ثبت وصح أنه عليه السلام صلاها وأجمع الصحابة على فعلها وصلاها علي وابو موسى الأشعري وحذيفة
فإن قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم الخندق
وجوابه بأنه كان قبل نزولها قال في الشرح ويحتمل أنه عليه السلام نسيها يومئذ ولم يكن يومئذ قتال يمنعه منها
____________________
1-
(2/125)
قال الإمام أبو عبد الله رحمه الله تعالى صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه أو ستة كل ذلك جائز لمن فعله فمن ذلك إذا كان العدو من جهة القبلة صف الإمام المسلمين خلفه صفين فصلى بهم جميعا إلى أن يسجد فيسجد معه الصف الذي يليه ويحرس الاخر حتى يقوم الإمام إلى الثانية فيسجد ويلحقه فإذا سجد في الثانية سجد معه الصف الذي حرس وحرس الآخر حتى يجلس الإمام في التشهد فيسجد ويلحقه فيشهد ويسلم بهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( قال الإمام أبو عبد الله ) أحمد بن محمد بن حنبل ( صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة ) وقال في رواية أخرى ستة أوجه أو سبعة ( كل ذلك جائز لمن فعله ) قال الأثرم قلت لأبي عبد الله تقول بلأحاديث كلها أو تختار وأحدا منها قال أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن وأما حديث سهل فأنا أختاره
وشرطه أن يكون العدو مباح القتال سفرا كان أو حضرا مع خوف هجومهم على المسلمين لقوله { إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } [ النساء 101 ] ( فمن ذلك إذا كان العدو في جهة القبلة صف الإمام المسلمين خلفه صفين ) قال جماعة أو أكثر ( فصلى بهم جميعا ) من الإحرام والقيام والركوع والرفع منه ( إلى أن يسجد فيسجد معه الصف الذي يليه ويحرس الآخر حتى يجلس في التشهد فيسجد ويلحقه فيشهد ويسلم بهم ) جميعا هذه الصفة رواها جابر قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فصفنا خلفه صفين والعدو بيننا وبين القبلة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو ولما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر
____________________
1-
(2/126)
الوجه الثاني إذا كان في غير جهة القبلة جعل طائفة حذاء العدو وطائفة تصلي معه ركعة فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما وأتمت لأنفسها أخرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر تأخر الصف المقدم ثم ركع وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه كان مؤخرا في الركعة الأولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضي النبي صلى الله عليه وسلم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجد ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا رواه مسلم وروى البخاري بعضه وروى هذه الصفة أحمد وأبو داود من حديث أبي عياش الزرقي قال فصلاها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بعسفان ومرة بأرض بني سليم ولم يذكر المؤلف هنا تأخر المتقدم وتقدم المؤخر وهو مذكور في الخبر كما ترى وجزم به في الوجيز فقيل هو أولى للتساوي في فضيلة المقف ولقرب مواجهة العدو وقيل تجوز في الركعة الثانية يحرس الساجد معه أولا وذكر القاضي وأصحابه واقتصر عليه في المحرر أن الصف الأول في أول ركعة لا يسجدون مع الإمام بل يقفون حرسا لأنه أحوط وإن حرس بعض الصف أو جعلهم صفا واحدا جاز لحصول المقصود وفعله عليه السلام أولى وظاهر ما ذكره المؤلف أنه لا يشترط لها إلا أن يكون العدو في جهة القبلة والأشهر أنه لايشترط مع ذلك أن يخفى بعضهم عن المسلمين لا يخافوا كمينا زاد أبو الخطاب وتبعه في التخليص أو يكون المسلمون فيهم كثرة بأن يحرس بعضهم ويصلي بعض لأن المقصود يحصل به
( الوجه الثاني إذا كان العدو في غير جهة القبلة جعل طائفة حذو العدو وطائفة تصلي معه ركعة فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما وأتمت لأنفسها أخرى
____________________
1-
(2/127)
وسلمت ومضت إلى العدو وجاءت الأخرى فصلت معه الركعة الثانية فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى وتشهد أخرى وسلم بهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وسلمت ومضت إلى الحدود وجاءت الأخرى فصلت معه الركعة الثانية فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى وتشهدت وسلم بهم ) وذلك متفق عليه من حديث صالح بن خوات بن جير عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم وصح عن صالح بن خوات عن سهل بن ابي حثمة مرفوعا وهذا هو المختار عند أحمد لأنه أنكى للعدو وأقل في الأفعال وهو أشبه بكتاب الله تعالى وأحوط للصلاة والحرب وإن صلى كما في حديث ابن عمر وهو الوجه الثالث جاز وظاهره أنه يشترط لهذا الصلاة أن يكون العدو في غير جهة القبلة وهو قول القاضي وجماعة لأن صلاته عليه السلام بذات الرقاع كانت كذلك والمنصوص عن أحمد أنها أنها تفعل وإن كان كان العدو في جهة القبلة قال ابن تميم قال شيخنا نص أحمد محمول على ما إذا لم تمكن صلاة عسفان لانتشار العدو وقول القاضي محمول ما إذا أمكنت
قوله جعل طائفة حذو العدو شرط أبو الخطاب واقتصر عليه في التلخيص أن يكون المصلون يمكن تفريقهم طائفاتين كل طائفة ثلاثة لقوله تعالى { فإذا سجدوا } [ النساء 102 ] وأقل الجمع ثلاثة وذهب المؤلف وجمع إلى عدم اشتراطه لأن ما دون الثلاثة يصح به الجماعة فجاز أن تكون طائفة كالثلاثة بل تطلق ويراد بها الواحد قال القاضي وغيره
____________________
1-
(2/128)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وإن كان كل طائفة أقل من ثلاثة كره وصح لا يجب التسوية بينهما لكن يجب أن تكون الطائفة التي بإزاء العدو تحصل الثقة بكفايتها وحراستها زاد أبو المعالي بحيث يحرم فرارها فإن فرط الإمام في ذلك اثم وهو صغيرة الأشبه أنه لا يقدح لأن النهي لا يختص بشرط الصلاة وقيل يفسق وإن لم يتكرر كالمودع ومتى خشي اختلال حالهم واحتيج إلى معونتهم بالطائفة الأخرى فالإمام أن ينهز إليهم بمن معه وثبتوا على ما مضى من صلاتهم فإن أتى الطائفة التي بإزاء العدو مدد استغنت به عن الحراسة فهل تترك الحراسة بغير إذن الإمام وتصلي فيه وجهان وعليهما متى صلت فصلاتها صحيحة
قوله وطائفة تصلي معه ركعتين ويستحب أن يخفف لهم الصلاة لأن موضوعها على التخفيف وكذا الطائفة التي تفارقه حتى يستقل قائما لأن النهوض يشتركون فيه جمعا فلا حاجة إلى مفارقتهم له قبله لأنها إنما جازت للعذر وتنوى المفارقة لأن من ترك المتابعة ولم ينو المفارقة بطلت وتسجد لسهو إمامها قبل المفارقة عند فراغها وهي بعد المفارقة منفرد وقيل منوية والطائفة الثانية منوية في كل صلاته يسجدون لسهوه لا لسهوهم
قوله ثبت قائما أي يقرأ حال انتظاره ويطيلها ذكره في المحرر وغيره ولم يذكرها المؤلف لأنه ليس في الصلاة حال سكوت والقيام القراءة فينبغي أن يأتي بها كما في التشهد إذا انتظرهم وقال القاضي إذا قرأ في انتظارهم قرأ بعد مجيئهم بفاتحة الكتاب وسورة خفيفة وإن لم يقرأ في انتظارهم
____________________
1-
(2/129)
فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قرأ إذا جاؤوا بالفاتحة وسورة وهذا على سبيل الاستحباب فلو قرأ قبل مجيئهم ثم ركع عند مجيئهم أو قبله فأدركوا راكعا ركعوا معه وصحت الركعة مع ترك السنة
قوله فإذا جلس للتشهد أي يتشهد ويطيل الدعاء فيه حتى يدركه فيتشهدوا ويسلم بهم وقيل له أن يسلم قبلهم بعد أن صلوا معه ركعة ثم يصلوا وحدهم ركعة أخرى ويسلموا والأول أولى لموافقة الخبر ولقوله تعالى { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } [ النساء 102 ] فيدل على أن صلاتهم كلها معه ولتحصل المعادلة بينهما فإن الأولى أدركت معه فضيلة الإحرام والثانية السلام وهذه الصفة والتي قبلها في الركعتين كصلاة الفجر والرباعية المقصود للمسافر فأما الجمعة فتصلى في الخوف حضرا بشرط كون الطائفة أن تعين فيصلي بطائفة ركعة بعد حضورها الخطبة فإن أحرم بالتي لم يحضرها لم يصح وتقضي كل طائفة ركعة بلا جهرا وتصلى الاستسقاء ضرورة كالمكتوبة والكسوف والعيد آكد منه
( فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة ) ذكره الأصحاب لأنه إذا لم يكن بد من التفضيل فالأولى أحق به وما فات الثانية ينجبر بإدراكها السلام مع الإمام ونص أحمد على أنه لو عكس صحت وروى عن علي لأن الأولى أدركت معه فضيلة الإحرام فينبغي أن يزيد الثانية في الركعات ليحصل الجبريه قال في الشرح وكيف فعل جاز والأول أولى لأنها تصلي جميع صلاتها في حكم الإتمام
____________________
1-
(2/130)
وإن كانت غير مقصودة صلى بكل طائفة ركعتين وأتمت الأولى بالحمد لله في كل ركعة والأخرى تتم بالحمد لله وسورة وهل تفارقه الأولى في التشهد أو في الثالثة على الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والأولى تفعل صلاتها في حكم الانفراد قال في الفروع ويتخرج يفسد من فسادها بتفريقهم أربع طوائف وعلى الأول إذا صلى بالثانية الركعة الثالثة وجلس للتشهد قامت ولا تتشهد معه لأنه ليس بموضع لتشهدها بخلاف الرباعية وفيه وجه تتشهد معه إذا قلنا إنها تقضي ركعتين متواليتين لئلا يفضي إلى أن يصلي ثلاث ركعات بتشهد واحد ولا نظير له ( وأن كانت رباعية غير مقصود صلى بكل طائفة ركعتين وأتمت الأولى ) بعد مفارقة الإمام ( بالحمد الله ) وحدها ( في كل ركعة ) لأنها آخر صلاتها ( و ) تقوم ( الأخرى إذا تشهدت معه الأول تتم بالحمد لله وسورة لأنها أول صلاتها فلا استفتاح ) إذا قامت للقضاء ويسلم بهم وإن قلنا ما يقضيه المسبوق آخر صلاته فلا استفتاح ولا يقرأ السورة ( وهل تفارقه في التشهد أو في الثالثة على وجهين ) إحدهما تفارقه إذا فرغ من التشهد قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وغيره وينتظر الثانية جالسا يكرره فإذا أتت قام ليدرك جميع الركعة الثالثة ولأن الجلوس أخف على الإمام لأنه متى انتظرهم قائما احتاج إلى قراءة السورة وفي الثالثة خلاف السنة وقال أبو المعالي تحرم معه ثم ينهض بهم والثاني يفارقونه حين قيامه إلى الثالثة لأنه يحتاج إلى التطويل من أجل الانتظار والتشهد يستحب تخفيفه ولأن ثواب القائم أكثر قال في الشرح وكلاهما جائز ويصح بطائفة ركعة وبإخرى ثلاثا ويكون تاركا للأفضل قاله ابن تميم
____________________
1-
(2/131)
وإن فرقهم أربعا فصلى بكل ركعة صحت وبطلت صلاة الإمام والأخريين إن علمتا بطلان صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( وإن فرقهم أربعا فصلى بكل طائفة ركعة ) أو فرقهم ثلاث فرق فصلى بالأولى ركعتين وبالباقيتين ركعة ركعة أو صلى بكل فرقة ركعة في المغرب ( صحت صلاة الأوليين ) فقط ذكره السامري وصاحب التخليص والوجيز وقدمه في الفروع لأنهما ائتما بمن صلاته صحيحة ولمفارقتها قبل الانتظار الثالث وهو المبطل لأنه لم يرد ( وبطلت صلاة الإمام ) لأنه زاد انتظارا ثالثات لم يرد الشرع به فوجب بطلانها أشبه ما لو فعله من غير خوف وسواء كان هذا التفريق لحاجة أو غيرها قاله ابن عقيل لأنه يمكنهم صلاة شدة الخوف ( والأخرين إن علمتا بطلان صلاته ) لأنهما ائتما بمن صلاته باطلة أشبه ما لو كانت باطلة من أولها وظاهره أنهما إذا جهلتا بطلان صلاة الإمام أنها تصح لأنه مما يخفى وكما لو ائتم بمحدث لا يعلم حدثه ويجوز خفاءه على الإمام أيضا قاله في الشرح والوجيز وفيه تبطل صلاة الثالثة والرابعة مطلقا لأن الإمام والمأموم يعلمان وجود المبطل وأنما خفي عليهم حكمه فلم يمنع ذلك البطلان كما لو علم حدث الإمام ولم يعلم كونه مبطلا وقيل إن كان لحاجة صحت صلاة الجميع قال ابن تميم وهو أقيس فعلى هذا تفارقه الإولتان بعد القيام وتفارقه الثالثة وتقوم الرابعة عقب رفعه من السجود وإن كان لغير حاجة صحت صلاة الأولى فقط وبطلت صلاة الإمام وباقي الطوائف وقيل تبطل صلاة الكل لنيته صلاة محرمة ابتداء وقيل تصح صلاة الإمام فقط جزم به في الخلاف لأن صلاة المأمومين إنما فسدت لانصرافهم
____________________
1-
(2/132)
الوجه الثالث أن يصلي بكل طائقة ركعة ثم تمضي إلى العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة ويسلم وحده وتمضي هي إلى العدو ثم تأتي الأولى فتتم صلاتها ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتها الوجه الرابع أن يصلي بكل طائفة صلاة ويسلم بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في غير وقت الانصراف قال في الفروع ويتوجه احتمال تبطل صلاة الأولى والثالثة لانصرافهما في غير محله
( الوجه الثالث أن يصلي بطائفة ركعة ثم تمضي إلى العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة ويسلم وحده وتمضي هي إلى العدو ثم تأتي الأولى فتتم صلاتها ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتهما ) لما روى ابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين والطائفة الأخرى مواجهة العدو ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابنا مقبلين على العدو وجاء أولئك فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة متفق عليه وعلى كل طائفة القراءة في الركعة التي تقضيها وقال القاضي لا قراءة عليها لأنها مؤمة به حكما فلا يقرأ فيما يقضيه كمن زحم أو نام حيى سلم إمامه والمنصوص خلافه وإذا قضت الثانية ركعتها حين تفارق الإمام ثم تمضي وتأتي الأولى فتتم صلاتها جاز قال ابن تميم وهو أحسن لخبر ابن مسعود
( الوجه الرابع أن يصلي بكل طائفة صلاة ويسلم بها ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الشافعي والنسائي عن جابر مرفوعا وذكر جماعة أن هذه الصفة حسنة الكلفة لا يحتاج فيها إلى مفارقة الإمام ولا إلى تعريف كيفيه الصلاة وبناه القاضي على اقتداء المفترض بالمنتفل ونصه التفرقة
____________________
1-
(2/133)
الوجه الخامس أن يصلي الرباعية المقصودة تامة وتصلي معه كل طائفة ركعتين ولا تقضي شيئا فتكون له تامة ولهم مقصودة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( الوجه الخامس أن يصلي الرباعية المقصودة تامة وتصلي معه كل طائفة ركعتين ولا تقضي شيئا فتكون له تامة ولهم مقصودة ) لما روى جابر قال أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال فنودى بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطاعة الأخرى ركعتين قال فكانت الرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان متفق عليه
وتأويله القاضي على أنه عليه السلام صلى بهم كصلاة الحضر وأن كل طائفة قضت ركعتين وهو تأويل فاسد لمخالفة صفة الرواية وقول أحمد ومنعه في المحرر لاحتمال سلامه فتكون الصفة قبلها
تتميم وهو الوجه السادس ولم يذكر المؤلف هنا وهو لو قصرها وصلى بكل طائفة ركعة بلا قضاء كصلاته عليه السلام في خبر ابن عباس وحذيفة وزيد بن ثابت صح في ظاهر كلامهم واختاره المؤلف وقدمه في الرعاية والفروع ومجمع البحرين وغيرهم والمذهب خلافة وعليه الأكثر قال في الشرح الذين قالوا ركعة إنما هو عند شدة القتال والذين روينا عنهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثرهم لم ينقصوا من ركعتين وابن عباس لم يعلم ذلك لصغر سنه فالأخذ برواية من حضرها وصلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم أولى
إذا صلى بهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عام نجد على ما خرجه أحمد من حديث أبي هريرة وهي أن تقوم معه طائفة وأخرى تجاه العدو وظهرها إلى القبلة ثم يحرم ويحرم معه الطائفتان ثم يصلي ركعة هو والتي معه ثم يقوم إلى الثانية
____________________
1-
(2/134)
ويستحب أن يحمل معه في الصلاة يدفع به عن نفسه ولا يثقله كالسيف والسكين ويحتمل أن يجب ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويذهب الذين معه إلى وجه العدو وتأتي الأخرى فتركع وتسجد ثم يصلي بالثانية ويجلس وتأتي التي تجاه العدو فتركع وتسجد ويسلم بالجميع جاز
( ويستحب أن يحمل معه في الصلاة ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله كالسيف والسكين ) ذكره معظم الأصحاب لقوله تعالى { وليأخذوا أسلحتهم } [ النساء 102 ] وقوله { ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم } [ النساء 102 ] فدل على الجناح عند عدم ذلك ولأنه لو وجب لكان شرطا كالسترة وقال ابن منجا وهو خلاف الأجماع ولأن حمله يراد لحراسة أو قتال والمصلى لا يتصف بواحدة منها والأمر به للرفق بهم والصيانة لهم يكن للإيجاب كما أن النهي عن الوصال لما كان للرفق لم يكن للتحريم وذكره الشريف وابن عقيل بأن حمله في غير الصلاة محظور فالأمر به هنا أمر بعد حظر وهو للإباحة مع قولهم يستحب وظاهره أنه يكره كالرمح هذا إذا كان متوسطا فإن كان في حاشية لم يكره قاله جماعة وإن إحتاج إلى ذلك ذكره فلا كراهة ( ويحتمل أن يجب ذلك أي حمل الخف من سلاح يقيه واختاره وقاله جماعة وقاله داود وفي الشرح وهو أظهر لأن الأمر للوجوب وليس بشرط وفاقا قال في الفروع ويتوجه احتمال لكن إن كان بهم من مطر أو مرض فلا يجب بغير خلاف
فرع يجوز حمل سلاح نجس في هذه الحال للحاجة بلا إعادة على المشهور
____________________
1-
(2/135)
فصل وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة وغيرها ويؤمئون إيماء على قدر الطاقة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل ( وإذا اشتد الخوف )
المراد به حال المسايفة وهو أن يتواصل الطعن والكر والفر ولم يمكن تفريق القوم ولا صلاتهم على ما سبق ( صلوا ) أي يلزمهم فعل الصلاة ( رجلا وركبانا إلى القبلة وغيرها ) لقوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } [ البقرة 239 ] قال ابن عمر فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجلا قياما على أقدامهم وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها متفق عليه زاد البخاري قال نافع لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه ابن ماجه مرفوعا ولأنه عليه السلام صلى بأصحابه في غير شدة الخوف وأمرهم بالمشي إلى وجاه العدو وهم في الصلاة ثم يعودون لقضاء ما بقي من صلاتهم وهو مشي كثير وعمل طويل واستدبار القبلة فمع شدته أولى
( ويؤمئون إيماء على قدر الطاقة ) لأنهم لو تمموا الركوع والسجود لكانوا هدفا لأسلحة الكفار معرضين لأنفسهم بالهلاك ويومىء بالسجود أخفض من الركوع ولا يجب أن يسجد على ظهر دابته وله الكر والفر ونحوه لأنه موضوع ضرورة ولو كان مبطلا لجاز إجلاء الوقت عن الصلاة ولأنهم مكلفون تصح طهاتهم كالمريض بخلاف الصياح فإنه لا حاجة بهم إليه ولا يزول الخوف إلا بانهزام الكل وظاهره أن لهم فعل ذلك سواء وجد قبل الصلاة أو فيها وتنعقد الجماعة حينئذ نص عليه للنصوص فظاهره أنها تجب
____________________
1-
(2/136)
فإن امكنهم افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمهم فهل يلزمهم ذلك على رويتين ومن هرب من عدو هربا مباحا أو من سيل أو سبع ونحوه فله أن يصلي كذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وهو ظاهر ما احتجوا به وقيل لا يجب وعند ابن حامد والمؤلف لا ينقد وعلى الأول يعفى عن تقدم الإمام كعمل كثير لكن يعتبر إمكان المتابعة وأن الصلاة لا تؤخر عن وقتها وهو قول أكثرهم وعنه يجوز تأخيرها حال شدة الحرب والتحام القتال والمطاردة ذكرها ابن أبي موسى وتاخيره عليه السلام يوم الخندق قال أبو سعيد كان ذلك نزول صلاة الخوف رواه أحمد والنسائي وأته لا إعادة عليهم
( فإن أمكنهم افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمهم ذلك على روايتين ) المذهب وقدمه في المحرر والفروع لا يلزمه كبقية أجزائها والثانية بلى وهي ظاهر الخرقي وجزم بها في الوجيز كما لو أمكنهم ذلك في ركعة كاملة وظاهره لا تجب مع العجز حكاه بعضهم رواية واحدة وفيه نظر فقد ذكر أبو بكر في الشافي وابن عقيل أنه يجب مع القدرة ومع العجز روايتان
( ومن هرب منعدو هربا مباحا ) كخوف قتل محرم أو أسر ( أو من سيل أو سبع ) وهو الحيوان المعروف بضم الباء وسكونها وقد يطلق على كل حيوان مفترس ( أو نحوه ) كنار ( فله أن يصلي كذلك ) أي كما تقدم لوجود شرطه سواء خاف على نفسه أو ماله أو أهله أو ذبه عنه وعلى الأصح أو عن غيره فإن أمكنه صلاة أمن كدخوله حصنا أو صعوده ربوة فله ذلك لأنه لا ضرورة وفي تأخير الصلاة لمحرم خوف فوت الحج
____________________
1-
(2/137)
وهل لطالب العدو الخائف فواته الصلاة كذلك على رويتين ومن أمن في الصلاة أتم صلاة آمن ومن أبتدأها أمنا فخاف أتم صلاة خائف ومن صلى صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا فبان أنه ليس بعدو أو بينه وبينه ما يمنعه فعليه الإعادة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) خلاف وظاهره أن العاصي بهربه له أن يصلي صلاة الخوف لأنها رخصة فلا تثبت بالمعصية كرخص السفر ( وهل لطالب العدو الخائف فواته الصلاة كذلك على رويتين ) إحداهما واختارها الأكثر أن له ذلك روي عن شرحبيل بن حسنة وقاله الاوزاعي لقول عبد الله بن أنيس بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي قال اذهب فاقتله فرأيته وقد حضرته صلاة العصر فقلت أني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤجر الصلاة فانطلقت وأنا أصلي أومىء إيماء نحوه رواه أبو داود وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو قد علم جوازه فإنه لا يظن به أنه فعل ذلك مخطئا ولأن فوات الكفار ضرر عظيم فأبيحت صلاة الخوف عند فوته كالحالة الأخرى والثانية لا يصلي إلا صلاة أمن صححها ابن عقيل وقاله أكثر العلماء لأنها مشروطة بالخوف وهو معدوم هنا وكذا التيمم له وقال ابن أبي وسى إن خاف الطالب رجوع العدو صلى صلاة خائف وهو الذي في الشرح
( ومن أمن في الصلاة أتم صلاة آمن وإن ابتدأها آمنا فخاف أتم صلاة خائف ) على حسب حاله لأنه يبني على صلاة صحيحة وكما لو صلى قائما ثم عجز أو عاجز ثم قدر وظاهره أنه لو انتهى السيل أو الحريق إليه وهو يصلي أنه يصلي صلاة خائف وكذا من خاف كمينا أو مكيدة أو مكروها وإن لم يكن العدو بإزاء المسلمين ولا إعادة عليهم على الأشهر ( ومن صلى صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا فبان أنه ليس بعدو أو بينه وبينه ما يمنعه فعليه الإعادة ) كذا ذكره الأكثر لأنه لم يوجد المبيح أشبه من ظن الطهارة ثم علم بحدثه
____________________
1-
(2/138)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وسواء استند ظنه إلى الخبر ثقة أو غير وقيل لا إعادة وذكره ابن هبيرة رواية وكذا إن كان وثم مانع وقيل إن خفي المانع وإلا أعادة فإن بان عدوا يقصد غيره لم يعد في الأصح لوجود سبب الخوف بوجود عدو يخاف هجمه كما لا يعيد من خاف عدوا في تخلفه عن رفقته فصلاها ثم بان أمن الطريق وقال في التبصرة إن كان بينهم وبين العدو خندق أو سور فخافوا طمه أو هدمه إن اشتغلوا صلوا صلاة الخوف وقال القاضي فإن علموا أن ذلك لا يتم إلا بعد الفراغ منها صلوا صلاة آمن والله أعلم
____________________
1-
(2/139)
& باب صلاة الجمعة & وهي واجبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة الجمعة &
وهي بتثليب الميم حكاه ابن سيده والأصل الضم واشتقاقها من اجتماع الناس للصلاة وقيل لجمعها الجماعات وقيل لجمع طين آدم فيها وقيل لأن آدم جمع فيها خلفه رواه أحمد من حديث أبي هريرة وقيل لأنه جمع مع حواء في الأرض فيها وفيه خبر مرفوع وقيل لما جمع فيها من الخير قيل أول من سماه يوم الجمعة كعب بن لؤي وأسمه القديم يوم العروبة وهو أفضل أيام الأسبوع
( وهي واجبة ) بالأجماع وسنده قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } [ الجمعة 9 ] والسعي الواجب لا يجب إلا إلى واجب والمراد به الذهاب إليها لا الإسراع وبالسنة فمنها قول ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم وقال أبو هريرة وابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين رواهما مسلم وهي صلاة مستقلة بنفسها لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ولجوازها قبل الزوال
____________________
1-
(2/140)
على كل مسلم مكلف ذكر حر مستوطن ببناء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا أكثر ممن ركعتين قال أبو يعلى الصغير وغيره ولا تجمع في محل يبيح الجمع وعنه ظهر مقصورة وفي الانتصار والواضح هي الأصل والظهر بدل زاد بعضهم رخصة في حق من فاتته وهي أفضل من الظهر ( على كل مسلم مكلف ) لأن الإسلام والعقل شرطان للتكليف وصحة العباد فلا تجب على مجنون إجماعا ولا على صبي في الصحيح من المذهب لما روى طارق بن شهاب مرفوعا الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض رواه أبو داود وقال طارق قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا وإسناده ثقات ولأن البلوغ من شرائط التكليف بالفروع وعنه يجب على مميز ذكرها في المذهب والشرح وزاد بناء على تكليفه وذكر السامري إن لزمت المكتوبة صبيا لزمته وقيل لا واختاره المجد وقال هو الإجماع للخبر ( ذكر ) ذكره ابن المنذر إجماعا لأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال وفي نهاية الأزجي رواية أنها تلزمها ( حر ) هو المشهور وهو قول أكثرهم ولأن العبد مملوك المنفعة محبوس على سيده أشبه المحبوس بالدين وعنه يلزمه اختاره أبو بكر لعموم الآية وقياسا على الظهر فيستحب أن يستأذن سيده ويحرم منعه ومخالفته قال المؤلف لا يذهب إليها من غير اذن وعنه يلزمهم باذن سيد ومقتضاه لا تجب على المعتق بعضه وقيل يلزمه في نوبته وهو ظاهر والمدبر والمعلق عتقه بصفة كالقن لبقاء الرق وتعلق حق السيد ( مستوطن ببناء ) معتاد ولو كان فراسخ نقله الجماعة من حجر أو
____________________
1-
(2/141)
ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ تقريبا إذا لم يكن له عذرا ولا تجب على المسافر 0000000000000 (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قصب ونحوه متصلا أو متفرقا يشمله اسم واحد لا يرتحل عنه شتاء ولا صيفا ( ليس بينه وبين موضع الجمعة ) إذا كان خارجا عن المصر ( أكثر من فرسخ ) نص عليه ( تقريبا ) عن مكان الجمعة وعنه عن أطراف البلد وعنه الاعتبار بسماع النداء لقوله عليه السلام الجمعة على من سمع النداء رواه أبو داود وقال إنما أسنده قبيصة قال البيهقي هو من الثقات قال في الشرح الأشبه أنه من كلام عبد الله بن عمرو ورواه الدارقطني ولفظه إنما الجمعة على من سمع النداء والعبرة بسماعه من المنارة لا بين يدي الإمام نص عليه زاد بعضهم غالبا من مكانها أو من أطراف البلد وعنه يجب على من يقدر على الذهاب إليها والعود إلى أهله في يومه روي عن أنس والحسن والأول المذهب لظاهر الآية ولأنهم من أهل الجمعة يسمعون النداء كالمصر واعتبار سماع النداء غير ممكن لأنه يكون فيهم الأصم وثقيل السمع وقد يكون بين يدي الإمام فيختص بسماعه أهل المسجد فاعتبر بمظنته والموضع الذي يسمع فيه النداء غالبا إذا كان المؤذن صبيا والرياح ساكنة والأصوات هادئة والعوارض منتفية هو فرسخ فلو سمعه قرية من فوق فرسخ لعلو مكانها أو لم يسمعه من دونه لجبل حائل أو انخفاضها فعلى الخلاف وحيث عليه لزمهم ولم تنعقد بهم لئلا يصير التابع أصلا وأما إذا كان في البلد فيجب عليه السعي إليها قرب أو بعد سمع النداء أو لم يسمعه لأن البلد كالشيء الواحد ( إذا لم يكن له عذر ) من مرض ونحوه لأنه معذور
( ولا تجب على المسافر ) له القصر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا
____________________
1-
(2/142)
ولا عبد ولا أمرأة ولا خنثى ومن حضرها منهم أجزائه ولم تنعقد به ولم يجزان يؤم فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير وكما لا يلزمه بنفسه لا يلزمه بغيره نص عليه لكن إن كان عاصيا بسفره لزمته وذكر ابن تميم إن حضر مكانها فإن كان سفره دون مسافة القصر وجبت عليه بغيره لا بنفسه فإن أقام ما يمنع القصر ولم ينو استيطانا لزمته في الأشهر لعموم الآية والأخبار ولم تنعقد به لعدم الاستيطان وفيي إمامته فيها وجهان وعنه لا تلزمه جزم به في التخليص وهو ظاهر كلامه هنا وفي الكافي لأن الاستيطان من شرائط الوجوب قال إبراهيم كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر وبسجستان لا يجمعون ولا يشرقون رواه سعيد
فرع لا جمعة بمنى كعرفة نص عليه نقل يعقوب ليس بينهما جمعة إنما يصلي الظهر ولا يجهر وقيل ولا يوم التروية ( ولا عبد ولا امرأة ) لما ذكرناه ( ولا خنثى ) لأنه لا يعلم كونه رجلا لكن يشكل عليه بأنه إذا قيل إنها فرض الوقت والظهر بدل عنها ( ومن حضرها منهم ) أي من هؤلاء ( أجزائه ) لأن إساقط الجمعة عنهم تخفيفا فإذا حضرها أجزأت كالمريض ( ولم تنعقد به ) لأنه ليس من أهل الوجوب وإنما يصح منهم الجمعة تبعا لمن انعقدت به فلو انعقدت بهم لا نعقدت بهم متفرقين كالأحرار المقيمين ( ولم يجزأن يؤم فيها ) لئلا يصير التابع متبوعا وهو في المرأة اتفاق وكذا مسافر له القصر وقيل تلزمه تبعا للمقيمين قاله الشيخ تقي الدين وحكاه بعضهم رواية تلزمه بحضورها في وقتها ما لم ينضر بالانتظار وتنقد به ويؤم فيها كمن سقطت عنه تخفيفا لعذر مرض وخوف ونحوهما لزوال ضرره فهو كمسافر
____________________
1-
(2/143)
وعنه في العيد أنها تجب عليه ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يقدم وإن قلنا عبدا وصبيا إمامتها وانعقدت بهما وصححه في الفروع في العبد وقال القاضي في المجرد لا تصح إمامه الصبي فيها ولو وجبت عليه ( وعنه في العبد أنها تجب عليه ) اختارها أبو بكر لعموم الآية وقياسا على الظهر فيستحب أن يستأذن سيده ويحرم منعه ومخالفته قال المؤلف لا يذهب إليها من غير إذن وعنه تلزمه بإذن سيد
تنبيه من لم تجب عليه لمرض أو سفر أو اختلف في وجوبها كعبد فهي أفضل في حقه ذكره ابن عقيل وللمرأة حضورها وقيل يكره للشابة فقط وقيل لا يجوز
( ومن سقطت عنه لعذر ) كمرض وخوف ( إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به ) وأم فيها لأن سقوطها لمشقة السعي فإذا تحمل وحضورها انتقت المشقة ووجبت عليه وانعقدت به كالصحيح ( ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة ) أي ممنتلزمه ( قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته ) ذكره الأصحاب لأنه صلى ما لم يخاطب به وترك ما خوطب به فلم تصح كما لو صلى العصر مكان الظهر وكشكه في دخول الوقت لأنها فرض الوقت فعلى هذا يعيدها ظهرا إذا تعذرت الجمعة ثم إن ظن أنه يدرك الجمعة سعى إليها لأنها المفروضة في حقه وإلا انتظر حتى يتقن أن الإمام صلى ثم يصلي الظهر وقيل إن أمكنه إدراكها وإلا صحت ظهره وحكى أبو إسحاق ابن شاقلا وجها أن فرض الوقت الظهر فتصح مطلقا ولا تبطل بالسعي إلى
____________________
1-
(2/144)
والأفضل لمنلا تجب عليه ألا يصلي حتى يصلي الإمام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الجمعة وكذا إذا صلى الظهر شاكا هل صلى الإمام الجمعة أو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة لم يصح في الأشهر ويعيدونها إذا فاتت الجمعة لكن يستثنى على الأول ما لو أخر الإمام الجمعة تأخير منكرا فللغير أن يصلي ظهرا ويجرئه عن فرضه جزم المجد وجعله ظاهر كلامه لخبر تأخير الأمراء الصلاة عن وقتها
( والأفضل لمن لا تجب عليه ) كالمسافر والمريض ( أن لا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام ) ذكره جماعة منهم صاحب الوجيز لأنه ربما زال عذره فلزمته الجمعة لكن يستثنى من ذلك من دام عذره كامرأة وخنثى فالتقدم في حقهما أفضل ولعله مراد من أطلق وظاهره أنهم إذا فرض الوقت ولو زال عذره لم تلزمه الجمعة كالمغضوب إذا حج عنه ثم برىء وقيل بلى وهو رواية في الترغيب كصبي بلغ في الأشهر وقيل إن زال عذره والإمام في الجمعة لزمته وقيل إن عوفي المريض بين الأحرام والسلام أعادها وفي زوال عذر غيره وجهان والثانية لا تصح قبل الإمام اختاره أبو بكر كمن تجب عليه وعلى الأولى لو صلاها ثم حضر الجمعة كانت له نفلا لأن الأولى أسقطت الفرض وقيل بل فرضا
مسألة لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن ممن أهل فرضها الصلاة جماعة في المصر لحديث فضل صلاة الجماعة وفعله ابن مسعود واحتج به أحمد زاد السامري وغيره على الأول بأذن وإقامة وفي كراهتا في مكانها وجهان
____________________
1-
(2/145)
ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال ويجوز قبله وعنه لا يجوز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ومن خاف فتنة أو ضررا صلى حيث يأمن ذلك ونقل الأثرم لا يصلي فوق ثلاثة جماعة ذكره ابن عقيل تبعا لشيجه ومن لزمته الجمعة فتركها بلا عذر تصدق بدينار أو بنصفه للخبر ولا يجب قاله في الفروع
( ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال ) أي بعد اللزوم قبل فعلها رواية واحدة لتركها بعد الوجوب كما لو تركها لتجارة بخلاف غيرها وهذا بناء على استقرار بأوله ولهذا خرج الجواز مع الكراهة ما لم يحرم بها لعدم الاستقرار ويجوز إذا خاف فوت رفقة سفر مباح وقيل مندوب ( ويجوز قبله ) أي قبل الزوال بعد طلوع الفجر اختاره المؤلف لما روى الشافعي عن سفيان بن عيينه عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر قال لا تحبس الجمعة عن سفر وكما لو سافر من الليل ( وعنه لا يجوز ) قدمها في المحرر والرعاية وجزم بها في الوجيز لما روى الدارقطني عن ابن عمرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سافر من دار إقامة يوم جمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره وأن لل يعان على حاجته ولأن هذا وقت يلزمه من كان على فرسخ السعي إليها فلم يجز في البلد السفر بطريق الأولى وبدليل
____________________
1-
(2/146)
وعنه يجوز في الجهاد خاصة فصل ويشترط لصحة الجمعة أربعة شروط أحدهما الوقت وأوله أول وقت صلاة العيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الاعتداء باللغسل وانه يسن التكبير إليها فمنع ممن السبب إلى تفويتها قال أحمد م سافر يوم جمعة قل من يفعله إلا رأى ما يكره وعليها له سفر إن أتي بها في طريقة وإلا كره رواية واحدة ( وعنه يجوز للجهاد خاصة ) وأنه أفضل نقلها أبو طالب لأنه عليه السلام جهز جيش مؤته يوم الجمعة وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم جهز زيد بن حارثهوعليا وعبد الله بن رواحة فتخلف عبد الله ابن رواحة لصلاة الجمعة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لغدوة في سبيل الله أرواحه خير من الدنيا وما فيها فراح منطلقا وذكر القاضي أن الروايات إن دخل وقتها وإلا جاز وعلى المنع له السفر إن أتى بها في قرية بطريقه وإلا كره رواية واحدة وظاهر كلام جماعة لا يكره فصل ويشترط لصحتها أربعة شروط
أحدهما الوقت لأنها مفروضة فاشترط لها كبقية الصلوات فلا تصح قبل الوقت ولا بعده إجماعا ( وأوله أول وقت صلاة العيد ) نص عليه قدمه السامري وصاحب التخليص وقاله القاضي وأصحابه لقول عبد الله ابن سيدان شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبتة وصلاته قبل نصف النهار ثم شهدتها مع عمر فكان خطبتة وصلاته إلى أن أقول قد انتصف النهار ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار فما رأيت
____________________
1-
(2/147)
وقال الخرقي يجوز فعلها في الساعة السادسة وآخر وقت الظهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحدا عاب ذلك ولا أنكره رواه الدارقطني وأحمد واحتج به قال كذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال ولم ينكر فكان كالإجماع ولأنها صلاة عيد أشبهت العيدين فعلى هذا هل هو وقت لوجوبها كما اختاره أبو حفص ابن بدران وغيره أو وقت جوازها نقله واختاره الأكثر وذكر القاضي وغيره أن المذهب فيه رويتان
( وقال الخرقي يجوز فعلها في الساعة السادسة ) حكاه ابن هبيرة رواية عن أحمد واختاره أبو بكر وابن شاقلا والمؤلف لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنزيحها حين تزول الشمس رواه مسلم وفي نسخة للخرقي الخامسة واختاره ابن أبي موسى وظاهره أنه لا يجوز فعلها قبل ذلك وأغرب ابن عقيل في مفرداته ان مذهب قوم من أصحابنا أنه لا يجوز فعلها في وقت الفجر وعنه تلزم بالزوال اختاره الآجري وهو قول أكثر العلماء لما روى سلمة بن الأكوع قال كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس متفق عليه وفعلها بعده أفضل وأنها لا تفضل أول النهار لأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل وللخروج من الخلاف وتعجيلها في أول وقتها أفضل صيفا وشتاء لأن التأخير يشق على الناس لاجتماعهم أوله بخلاف الظهر ( وآخره وقت الظهر ) بغير خلاف لأنها بدل منها أو واقعة موقعها
____________________
1-
(2/148)
فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهرا وإن خرج وقت صلوا ركعة أتموها جمعة وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهرا أو يستأنفونها على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فوجب الإلحاق لما بينهما من المشابهة ( فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهرا ) لفوات الشرط قال في الشرح لا نعلم فيه خلافا ( وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموا جمعة ) نص عليه وذكره الأكثر وهو المذهب لأن الوقت إذا فات لم يمكن استدراكه فسقط اعتباره في الأستدامة للعذر وكالجماعة في حق المسبوق وعنه يعتبر الوقت في جميعها إلا السلام لأن الوقت شرط فيعتبر في جميعها كالطهارة ( وإن خرج قبل ) فعل ( ركعة فهل يتمنونها ظهرا أو يستأنفونها على وجهين ) كذا في المحرر والفروع أحدهما يتمونها ظهرا لأنها صلاتا وقت فجاز بناء إحداهما على الأخرى كصلاة السفر مع الحضر والثاني يستأنفونها ظهرا لأنهما صلاتان مختلفان فلم تبن إحدهما على الأخرى كالظهر والصبح وظاهر أنهم لا يتمونها جمعة وهو ظاهر الخرقي قال ابن المنجا وهو قول أكثر الأصحاب لأنه عليه السلام خص إدراكها بالركعة وقيل يتمونها جمعة حكاه ابن حامد وأبو بكر والقاضي وذكر ابن الجوزي أنه الصحيح من المذهب وذكره في الرعاية نصا وقياسا على بيقية الصلوات ورد بالحديث السابق وبأن الفرق بينها وبين سائر الصلوات ثابت في كثير من الأحكام فيمتنع القياس فلو دخل وقت المغرب وهم فيها فقيل كذلك وقيل لأن وقت المغرب ليس وقتا لها ووقت العصر ووقت الظهر التي الجمعة بدلها فعلى المذهب لو بقي من الوقت قدر الخطبة والتحريمة لزمهم فعلها وإلا لم يجز وكذا يلزمهم إن شكوا في خروجه عملا بلأصل
____________________
1-
(2/149)
الثاني أن يكون يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز إقامتها في غير ذلك وتجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا شملها اسم واحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( الثاني أن يكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز إقامتها في غير ذلك ) لأنه عليه السلام كتب إلى قرى عرينة أن يصلوا الجمعة وأسعد بن زرارة جمع بهم بهزم النبيت ولأن القرية المبنية بما جرت به العادة يستوطنها العدد فدل على أنها لا تصح من أهل الخيام وبيوت الشعر والحركاوات لأن ذلك لم يقصد للاستيطان غالبا ولذلك كانت قبائل العرب حوله عليه السلام ولم يأمرهم بها في المستوعب وغيره ولو اتخذوها أوطانا لأن استيطانهم في غير بنيان وقدم الأزجي واختاره الشيج تقي الدين صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام قال في الفروع وهو متجه نقل أبو النصر العجلي ليس على أهل البادية جمعية لأنهم يتنقلون وفي تصريح المؤلف بالقرية تنبيهه على أنه لا يشترط لصحتها المطر وتشترط الإقامة فيها فلو رحل عنها أهلها في بعض السنة لم يصح قال ابن وكذا لو دخل قوم بلد لا ساكن به بنية الإقامة به سنة فلا جمعة عليهم ولو أقام ببلد ما يمنع القصر وأهله لا تجب عليهم فلا جمعة أيضا فلو خربت القرية وعزم أهلها على عمارتها والإقامة بها فعليهم الجمعة وإن عزموا على النقلة فلا ( وتجوز إاقامتها في الأبينة المتفرقة إذا شملها اسم واحد ) قياسا على القرية المتصلة واعتبر أحمد في رواية ابن القاسم اجتماع المنازل في القرية قاله القاضي وقال أيضا متقاربة الاجتماع والصحيح
____________________
1-
(2/150)
وفيما قارب البنيان من الصحراء الثالث حضورأربعين من أهل القرية في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أن التفريق إذا لم تجربه عادة لم تصح فيها الجمعة زاد في الشرح إلا أن يجتمع منها ما منها ما يسكنه أربعون فتجب بهم الجمعة ويتبعهم الباقون قال ابن تميم والجد في فروعه وربض البلد حكمه وإن كان بينهما فرجة
تنبيه إذا تقارب قريتان في كل منهما دون الأربعين لم يصح فعل الجمعة في واحدة بتكميل الأخرى فإن كمل في أحدهما لزمهم فعلها وإن كمل كل منهما فالأولى جمع كل قرية في موضعها وقال القاضي القرية إذا كانت في المصر على فرسخ فما دون لزمهم قصده والأصح خلافه كما لو كانت إلى جنب قرية أخرى فلو كان في قرية أربعون وإلى جنبها مصر فيه دونه لزم أهل قصد القرية ( و ) تجوز إقامتها ( فيما قارب البنيان من الصحراء ) وأنه لا يشترط لها البنيان لقول كعب [ بن مالك ] إن اسعد بن زرارة أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات قال كم كنتم يومئذ قال اربعون رجلا رواه أبو داود والدارقطنى قال البيهقي حسن الإسناد صحيح قال الخطابي حرة بني بياضة على ميل من المدينة وقياسا على الجامع وظاهره وإن لم يكن عذر ويجوز للمسافر القصر والفطر فيه ذكره القاضي وقيل لا تصح إلا في جامع إلا لعذر لكن قال ابن عقيل إذا صلى في الصحراء استخلف من يصلي بالضعفة
( الثالث حضور أربعين ) رجلا ( من أهل القرية في ظاهر المذهب ) وهو الأصح واختاره عامة المشايخ لما تقدم ممن حديث كعب وقال أحمد
____________________
1-
(2/151)
وعنه تنعقد بثلاثة فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة وقال جابر مضت السنة أن في كل اربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطرا رواه الدارقطني وفيه ضعف ( وعنه تنعقد بثلاثة ) اختاره الشيخ تقي الدين لقوله تعالى { فاسعوا إلى ذكر الله } [ الجمعة 9 ] وهذا جمع وأقله ثلاثة وعنه في القرى الخاصة لقلتهم وعنه بخمسين لما روى أبو هريرة قال لما بلغ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم رواه أبو بكر النجاد وعنه بسبعة وعنه بخمسة وعنه بأربعة وعلى الروايات كلها لا يعتبر كون الإمام زائدة على العدد على المذهب وعنه بلى فعليها لو بان محدثا ناسيا لم يجزئهم إلا أن يكونوا بدونه العدد المعتبر ويتخرج لا مطلقا قال المجد بناء على رواية أن صلاة المؤتم بناس حدثه تفسد إلا أن يكون قرأ خلفه
فرع إذا رأى الإمام وحده العدد فتنقص لم يجز أن يؤمهم ولزمه استخلاف أحدهم وبالعكس لا يلزم واحدا منهما ولو أمره السلطان أن يصلي إلا بأربعين لم يجز بأقل ولا أن يستخلف لقصر ولايته بخلاف التكبير الزائد وبالعكس الولاية باطلة لتعذرها جمعة لأنه شرط فاعتبر في كالطهارة و ( استأنفوا ظهرا ) نص عليه وجزم به السامري وصاحب التخليص وقيل يتمون ظهرا وقيل جمعة ولو بقي وحده
____________________
1-
(2/152)
ويحتمل أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة ومن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لم يسجد في الأولى وقيل جمعة إن بقي معه اثنا عشر رجلا لأنه العدد الباقي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا في الصلاة رواه البخاري والمراد في انتظارها كما روى مسلم في الخطبة وللدارقطني بقي معه أربعون رجلا تفرد به علي بن عاصم وإنما انفضوا لظنهم جواز الأنصراف ولأبي داود في مراسيله أن خطبته عليه السلام هذه كانت بعد صلاته الجمعة فظنوا لا شيء عليهم في الانصراف قال في الفروع ويتوجه أنهم انفضوا لقدوم التجارة لشدة المجاعة أو ظن وجوب خطبة واحدة وقد فرغت قال في الشرح ويحتمل أنهم عادوا فحضروا القدر الواجب ويحتمل أنهم عادوا قبل عادوا قبل طول الفصل ( ويحتمل ) هذا وجه ( أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة ) وهو قياس قول الخرقي واختاره المؤلف وذكر قياس المذهب قال المزني وهو الأشبه عندي كالمسبوق والأول أصح والفرق بأن المسبوق أدرك ركعة من جمعة قال أبو المعالي سواء سمعوا الخطبة أو لحقوهم قبل نقصهم بلا خلاف كبقائه من السامعين
( ومن أدرك مع الإمام منها ركعة ) أي بسجدتيها وتظهر فائدته فيما لو زحم عن السجود ( أتمها جمعة ) رواه البيهقي عن ابن مسعود وابن عمر وعن أبي هريرة مرفوعا من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة رواه الأثرم ورواه ابن ماجه ولفظه فليصل إليها أخرى قال ابن حبان هذا خطأ وقال ابن الجوزي لا يصح ( ومن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا ) لمفهوم ما سبق
____________________
1-
(2/153)
إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي وقال ابو أسحاق ابن شاقلا ينوى جمعة ويتمها ظهرا ومن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود سجد على ظهر إنسان أو رجله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وعنه يكون مدركا للجمعة لقوله عليه السلام ما أدركتم فصلوا ما فاتكم فاقضوا وكالظهر وكإدراك المسافر صلاة المقيم والفرق بإن المسافر إدركه إدراك إلزام وهذا إدراك إسقاط للعدد وبأن الظهر ليس من شرطها الجماعة بخلاف مسألتنا وظاهر كلام المؤلف صحة دخول معه وهو الأصح بشرط أن ينويها بإحرامه ولهذا ( إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي ) صححه الحلواني وهو الأظهر لأن النية قصد يتبع العلم ويوافق الفعل فالمصلى ظهرا لا ينوى جمعة لأنه ينوى غير ما يفعله ولأن الظهر لا يتأدى بينة الجمعة إبتداء نفلا ( وقال أبو إسحاق بن شاقلا ينوى جمعه ) تبعا لإمامه ( ويتمها ظهر ) وذكر القاضي المذهب كصلاة المسافر مع المقيم وضعفه المجد بان قال فر من اختلاف النية ثم في البناء مع اختلاف يمنع الاقتداء وقيل الخلاف مبني على أن الجمعة هل هي ظهر مقصورة أم يصح دخول من فاته معه في أظهر الوجهين فإن دخل انعقدت تفلا والثامي يصح دخوله في نية الجمعة ثم يبني عليها ظهرا ويجب أن يصادف ظهره زوال الشمس
( ومن أحرم مع الإمام ثم زحم على السجود بالأرض ( سجد على ظهر إنسان أو رجله ) أي قدمه وجوبا إن أمكن ذكره معظمهم لقول عمر غذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه أبو داود الطياسي وسعيد
____________________
1-
(2/154)
فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع إمامه وتصير أولاه ويتمها جمعة وإن يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته وإن جهل تحريمه فسجد أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وهذا قاله بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر له مخالف ولا يأتي بما يمكنه حال العجز فوجب وصح كالمريض يومىء وقيل لا يجوز ذلك وذكر ابن عقيل أنه لا يسجد على ظهر أحد ويومىء غاية الإمكان فأما إن احتاج إلى وضع يديه أو ركبتيه وقلنا يجوز في الجبهة فوجهان ذكره ابن تميم وغيره ( فإن لم يمكنه ) انتظر و ( سجد إذا زال الزحام ) وتبع إمامه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك في صلاة عسفان للعذر وهو موجود هنا والمفارقة وقعت صورة لا حكما فلم تؤثر ( إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع إمامه وتصير أولاده ويتمها جمعة ) ذكره ابن الجوزي وصاحب التخليص لقوله عليه السلام فإذا ركع فاركعوا ولأنه مأموم خاف فوت الثانية فلزمته المتابعة كالمسبوق وعنه لا يتابعه بل يشتغل بسجود الأولى وكما لو زال الزحام والإمام قائم فإن لم يزل الزحام حتى سجد الإمام في الثانية تابعه وهل تحصل له ركعة يتمها جمعة او يصلي ظهر فيه وجهان ( فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته ) لتركه متابعة إمامه عمدا ومتابعة واجبة لقوله فلا تختلفوا عليه وترك الواجب عمدا يبطلها وفاقا ( وإن جهل تحريمه فسجد ) أي إذا جهل تحريم متابعة إمامه في الثانية لم تبطل صلاته ولم يعتد بسجوده لأنه أتي به في موضوع الركوع جهلا فهو كالساهي وقا أبو الخطاب يعتد به ( ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه ) لأنه أتى بسجود معتد به ( و ) إذا اعتد بذلك ( صحت جمعته ) لأنه أدرك مع الإمام ركعة والجمعة تدرك بها ويسجد بها ويسجد للسهو قاله أبو الخطاب وخالف فيه المؤلف قال
____________________
1-
(2/155)
وعنه يتمها ظهرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ابن تميم وهو أظهر لأنه ليس على المأموم سجود سهو ( وعنه يتمها ظهرا ) لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة بسجدتها لأن ما أتى به من السجود لم يتابع إمامه فيه حقيقة وإنما أتى به على وجه التدارك فلم يكن مدركا للجمعة
مسائل الأولى إذا أدرك الركوع وزحم عن السجود أو أدرك القيام وزحم عن الركوع والسجود حتى سلم إمامه أو سبقه الحدث ففاته ذلك بالوضوء وقلنا يبني استأنف نص عليه لاختلافهما في فرض وشرط كظهر وعصر ولافتقار كل منهما إلى النية وعنه يتمها ظهرا لأنه لم يدرك ركعة كاملة أشبه المسبوق بركوع الثانية وعنه يتم جمعة من زحم عن سجود أو نسيه لإدراكه الركوع لمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على الأصح لأنه أتى به في الجماعة والإدراك الحكمي كالحقيقي لحمل الإمام السهو عنه
الثانية إذا فاته الإمام الركوع والسجود بنوم أو غفلة ونحوه لغي تلك الركعة نص عليه وكذا إن فاته الركوع فقط في رواية فإن فاته ركعة فأكثر لم يقض قبل سلام إمامه نص عليه في الجمعة بل يتابعه فإذا سلم الإمام قضى ما فاته كالمسبوق فعلى هذا إن فاته ركن أتى به ثم لحق إمامه وإن كان ركوعا في الأشهر وإن كان ركنين لغت ركعته نص عليه وقال ابن عقيل يأتي بهما كنصه في المزحوم فإن زحم عن الجلوس للتشهد أى به قائما وأجزأه قاله ابن حامد والأولى انتظار زوال الزحام
____________________
1-
(2/156)
الرابع أن يتقدمها خطبتان ومن شرط صحتهما حمد الله تعالى والصلاة على الرسول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الثالثة إذا أحرم مع الإمام فزحم وأخرج من الصف فصلى فذا لم يصح وإن أخرج في الثانية فإن نوى مفارقته أتمها جمعة في قياس المذهب وإلا فروايتان إحدهما يتمها جمعة كمسبوق والثانية يعيد لأنه فذ في الركعة
( والرابع أن يتقدمها خطبان ) لقوله تعالى { فاسعوا إلى ذكر الله } [ الجمعة 9 ] والذكر هو الخطبة فأمر بالسعي إليه فيكون واجبا ولمواظبته عليه السلام عليها مع قوله صلوا كما رأيتموني أصلي وعن عمر وعائشة قصرت الصلاة من أجل الخطبة ويشترط اثنتان لقوله ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس متفق عليه ولأنهما مقام الركعتين فالأخلال بأحدى الركعتين وعنه تجزئه واحدة والمنصوص أنهما بدل من الركعتين ويشترط تقديمهما على الصلاة لفعله عليه السلام وأصحابه بخلاف غيرهما لأنهما شرط في صحة الجمعة والشرط مقدم أو لاشتعال الناس بمعايشهم فقدما لأجل التدارك وأن يكونا في وقت تصح فيه الجمعة من مكلف مستور العورة قاله القاضي
( ومن شرط صحتهما حمد الله تعالى ) لما روى أبو هريرة مرفوعا كل كلام لا يبدا فيه بالحمد لله فهو أجدم رواه أبو داود ورواه جماعة مرسلا وروى أبو داود عن ابن مسعود قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال الحمد لله ويتعين هذا اللفظ في قول الجمهور ( والصلاة على رسوله ) محمد صلى الله عليه وسلم لأن
____________________
1-
(2/157)
وقراءة آية الوصية بتقوى الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله كالأذان ويتعين لفظ الصلاة أو يشهد أنه عبده ورسوله واوجبه الشيخ تقي الدين لدلالته عليه ولأنه إيمان به والصلاة دعاء له وبينهما تفاوت وقيل لا يشترط ذكره لأنه عليه السلام لم يذكر ذلك في خطبته وعملا بالأصل ( وقراءة آية ) كاملة لما روى جابر بن سمرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرا آيات ويذكر الناس رواه مسلم ولأنهما أقيما مقام ركعتين والخطبة فرض فوجبت فيها القراءة كالصلاة وظاهره أنهما لا تتعين بما دونهما بدليل منع الجنب منها وقال أبو المعالي لو قرأآيه لا تستقل بمعنى أو حكم كقوله ( ثم نظر ) أو ( مدهامتان ) لم يكف قيل يشترط قراءة آية فيها اختاره المؤلف فلو قرأما تضمن الحمد والموعظة ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أجزاء قال أبو المعالي وفيه نظر لقول أحمد لا بد من خطبة وكما لا يجزىء عنها قراءة ( فاطر ) أو ( الحج ) نص عليه
( الوصية بتقوى الله تعالى ) لأنه المقصود وقيل في الثانية والمذهب في كل منهما وذكر أبو المعالي والشيخ تقي الدين ولا يكفي ذكر الموت وذم الدنيا ولا بد أن يحرك القلوب ويبعث بها إلى الخير فلو اقتصر على أطيعوا الله واجتنبوا معاصيه فالأظهر لا يكفي وإن كان فيه وصية لأنه
____________________
1-
(2/158)
وحضور العدد المشترط وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما من يتولى الصلاة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لا بد من اسم الخطبة عرفا وتشترط الموالاة بين أجزائهما والصلاة في الأصح لأنهما مع الصلاة كالمجموعين فلوا قرأ سجدة فنزل فسجد لم يكره وظاهر كلامه في التخليص والرعاية أنه لا يضر تفريق كثير بدعاء لسلطان ونحوه ولا يكون ذلم بغير العربية إلا عند العجز كالقراءة ثم هل يجب إبدال عاجز عن قراءة بذكر أم لا لحصول معناها فيه وجهان ويبدأ بالحمد لله ثم الصلاة ثم بالموعظة ثم القراءة في ظاهر كلام جماعة ( و ) يشترط ( حضور العدد المشترط ) لسماع القدر الواجب لأنه ذكر اشترط للصلاة فاشترط له العدد كتكبيرة الإحرام فإن انفضوا وعادوا قبل فوات ركن منها بنوا وإن كثر التفريق أو فات منها ركن أو أحداث فتطهر ففي البناء والاستئناف مع اتساع الوقت وجهان ويرفع صوته بهما بحيث يسمع العدد المعتبر إذا لم يعرض مانع فإن لم يسمعوا لخفض صوته أو بعد لم يصح وكذا إن كانوا صما خلافا للمجد فإن قرب الأصم وبعد منم يسمع فقيل لا يصح لفوت المقصود وقيل بلى كما لو كان أهل القرية طرشا أو عجما وهو عربي وإن كانوا كلهم خرسا صلوا ظهرا في الأصح وتشترط النية ذكره في الفنون والأشهر أنها تبطل بكلام محرم ولو يسير ( وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما من يتولى على رويتين ) إحدهما يشترط تقدم الطهارة قدمه السامري وغيره لأنه عليه السلام لم يكن يفصل بين الخطبة والصلاة بطهارة فدل على أنه كان متطهرا ولأنه ذكر شرط في الجمعة أشبه تكبيرة الإحرام والثانية لا واختارها الأكثر وجزم بها في الوجيز ولأنه
____________________
1-
(2/159)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ذكر يتقدم الصلاة أشبه الأذان وعنه تشترط الكبرى اختاره جماعة ونصه تجزىء خطبة الجنب جزم به الشريف وأبو الخطاب لأن تحريم لبثه لا تعلق له بواجب العبادة كمن صلى ومعه درهم غصب لكن قيده القاضي في جامعه وابن الجوزي والسامري وصاحب التخليص فيه بأن يكون المنبر خارج المسجد لأنه لبثه فيه معصية تنافي العبادة وقيل إن جاز للجنب قراءة آية أو لم تجب القراءة في الخطبة فوجهان كالأذان وستر العورة وإزالة نجاسة كطهارة صغرى
الثانية إحدهما لا تشترط الطهارة بل يستحب قدمه الأكثر وجزم به في الوجيز وذكر في التخليص أنه مشهور لأن الخطبة منفصلة عن الصلاة أشبها الصلاتين وجهان قدمه في الرعاية لأن الخطبة مقام ركعتين وعنه لا يشترط مع العذر كالحدث ذكر في الشرح أنه المذهب لأنه إذا جاز الاستخلاف في الصلاة في العذر فهاهنا أولى وعلى الجواز لا يشترط حضور النائب الخطبة كالمأموم لتعينها عليه وعنه بلى لانه لا تصح جمعة من لم يحضرها الخطبة صح على الأشهر ولو لم يكن صلى معه على الأصح وإن منعنا الاستخلاف أتموا فرادى جمعة بركعة كمسبوق وقيل مطلقا لبقاء حكم الجماعة شرط كما لو اختل العدد وإن جاز الاستخلاف فأتموا فرادى لم تصح جمعتهم ولو كان في الثانية كما لو أنقض العدد وأولى
____________________
1-
(2/160)
ومن سننهما أن يخطب على المنبر أو موضع عال ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم بوجهه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألتان الأولى إذا قلنا يعتد بأذان المميز والفاسق ففي خطبته وجهان زاد في الرعاية إن صح أن يؤم غير من خطب وإن لم تصح إمامه العبد ففي صحة خطبته خطبته وجهان
الثانية لمن لا يحسن الخطبة قراءتها من صحيفة ذكره أبو المعالي وابن عقيل قال كالقراءة في الصلاة في المصحف والمذهب أنه لا بأس بالقراءة من الحفظ فهذا مثله
( ومن سننهما أن يخطب لما روى سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة من الأنصار أن مري غلامك النجار يعمل لي أعواد أجلس عليها إذا كلمت الناس متفق عليه وفي الصحيح أنه عمل من أثل الغابة فكان يرتقي عليه واتخاده كان في سنة سبع من الهجرة وقيل سنة ثمان وكان ثلاث درج ويسمى منبرا لارتفاعه من النبر وهو الارتفاع واتخاذه سنة مجمع عليها قاله في شرح مسلم ويكون صعوده فيه على تؤدة إلى الدرجة التي تلي السطح قاله في التلخيص ( أو موضع عال ) إن لم يكن لأنه في معناه لاشتراكهما في المبالغة في الإعلام ويكونان عن يمين مستقبلي القبلة وقال أبو المعالي إن وقف بالأرض وقف على يسار مستقبلي القبلة بخلاف المنبر ( ويسلم على المأمون إذا أقبل عليهم بوجهه ) لما روى ابن ماجه عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم ورواه الأثرم عن ابي بكر وعمر وابن مسعود وابن الزبير ورواه [ أبو بكر ] النجاد عن عثمان وكسلامه على من عنده في خروجه قال القاضي وجماعة لأنه استقبال بعد استدبار أشبه من
____________________
1-
(2/161)
ويجلس إلى فراغ الأذان ويجلس بين الخطبتين ويخطب قائما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فارق قوما ثم إليهم وعكسه المؤذن قاله المجد وظاهره استحباب استقبال الخطيب الناس وهو كالإجماع قاله ابن المنذر ولم يذكر المؤلف رد السلام عليه وهو فرض كفاية وكذا كل سلام مشروع على الجماعة المسلم عليهم لا فرض عين وقيل سنة كابتدائه وفيه وجه غريب واجب ذكره الشيخ تقي الدين ( ويجلس إلى فراغ الأذان ) لما روى ابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب مختصر رواه أبو داود وذكره ابن عقيل إجماع الصحابة ولأنه يستريح بذلك من تعب الصعود ويتمكن من الكلام التمكن التام وهذا النداء هو الذي يتعلق به وجوب السعي لأنه الذي كان عهده عليه السلام وعنه بالأول لسقوط الفرض به إذا علم حضور العدد بعد طلوع الفجر لا قبله
( ويجلس بين الخطبين ) لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبين وهو قائم يفصل بينهما متفق عليه وكجلسته الأولى ويستحب تخفيفها قال في التلخيص بقدر سورة الإخلاص وعنه يجب الجلوس بينهما اختاره النجاد لفعله عليه السلام والأول اصح لأن جماعة من الصحابة منهم علي سردوا الخطبة من غير جلوس ولأنه ليس فيها ذكر مشروع فلم يجب كالأول ( ويخطب قائما ) نص عليه واختاره الأكثر لفعله عليه السلام ولأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلم يجب له القيام كالأذان
____________________
1-
(2/162)
ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا ويقصد تلقاء وجهه ويقصر الخطبة ويدعوا المسلمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وعنه يجب مع القدرة جزم به في النصيحة وبالجلوس بينهما وقال الطحاوى عن قول الشافعي لم يقله غيره وليس كذلك ( ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا ) لما روى الحكم بن حزن قال وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة فقام متوكئا على سيف أو قوس أو عصا مختصر رواه أبو داود ولأنه أمكن له وإشارة إلى أن هذا الدين فتح به ويكون إعتماده على ذلك بإحدى يديه في ظاهر كلامه قال في الفروع ويتوجه باليسرى والأخرى بحرف المنبر فإن لم يعتمد أمسك يمينه بشماله أو أرسلها ( ويقصد تلقاء وجهه ) لفعله عليه السلام ولأن في التفاته إلى أحد جانبيه إعراضا عن الآخر وظاهره أنه إذا التفت أو استدبرا الناس أنه يجزىء مع الكراهة صرحوا به في في الاستدبار لحصول المقصود وفيه وجه لا يجزىء لتركه الجهة المشروعة وينحرف إليه المأمومون إذا خطب نص عليه لفعل الصحابة
( ويقتصر الخطبة ) لما روى مسلم عن عمار مرفوعا إن صلاة الرجل وقصر خطبته مئته من فقهه فأطيعوا الصلاة وأقصروا الخطبة وفي التعليق والثانية أقصر جعله أصلا لإفراد الإقامة ويستحب رفع صوته حسب الإمكان ( ويدعوا للمسلمين ) لأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة ففيها أولى
____________________
1-
(2/163)
ولا يشترط إذن الإمام وعنه يشترط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ولا يجب في الثانية وقيل ويرفع يديه جزم به في الفصول واحتج بالعموم وقيل لا يستحب قال المجد هو بدعة وفاقا للمالكية والشافعية وغيرهم وقد يفهم من كلامه أن الدعاء لا يسن للمسلمات وليس كذلك لأن جمع المذكر يشملهم ولم يذكر المؤلف الدعاء للسلطان فيها ولا لمعين وهو جائز بل قيل يستحب للسلطان حتى قال أحمد أو غيره وكان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام عادل ولأن في صلاحه صلاح المسلمين ولأن أبا موسى كان يدعو في خطبته لعمر وروى البزار أرفع الناس درجة يوم القيامة إمام عادل قال أحمد إني لأدعوا بالتسديد والتوفيق فإذا فرغ منها نزل عند لفظه الإقامة في وجه قاله في التخليص وفي الآخر إذا فرغ منها وينزل مسرعا
( ولا يشترط إذن الإمام ) في الأصح لأن عاليا صلى بالناس وعثمان محصور فلم ينكره أحد وصوبه عثمان رواه البخاري بمعناه ولأنها فرض الوقت أشبهت الظهر قال أحمد وقعت الفتنتة بالشام تسع سنين فكانوا يجمعون ( وعنه يشترط ) لأنه لايقيمها في كل عصر إلا الأئمة وهي من أعلام الدين الظاهر أشبهت الجهاد وعنه لم يتعذر وعنه يشترط لوجوبها لا لجوازها وإن لم يعلم بموته إلا بعد الصلاة واشترط إذنه فعنه لا أعادة للمشقة وعنه بلى لبيان الشرط
فرع إذا غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة جاز اتباعهم نص عليه القاضي ولو قلنا من شرطها إمام عادل إذا كان خروجهم بتأويل سائغ وقال ابنأبي موسى يصلي معه الجمعة ويعيدها ظهرا
____________________
1-
(2/164)
فصل وصلاة الجمعة ركعتان يجهر فيها بالقراءة ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل وصلاة الجمعة ركعتان إجماعا حكاه ابن المنذر قال عمر صلاة ا لجمعة ركعتان تمام غير قاصر وقد خاب من افترى رواه أحمد ( يجهر فيها بالقراءة ) قاله الأئمة لفعله عليه السلام ونقله الخلف عن السلف وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النهار عجماء إلا الجمعة والعيدين ( ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين ) بعد الفاتحة ذكره الأصحاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الثانية بالغاشية فحسن لفعله عليه السلام رواه مسلم من حديث النعمان بن بشير وعنه يقرأ في الثانية بسبح قال مالك أدركت عليه الناس والذي جاء به الحديث الغاشية مع سورة الجمعة وقيل يقرأ في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية لفعله عليه السلام رواه من حديث النعمان بن بشير ورواه أبو داود من حديث سمرة وقال الخرقي وسورة قال الحلواني وهذا يدل على أنه لا يختص بسورة معينة وقال في الشرح ومهما قرأ به فحسن وهو ظاهر الوجيز لكن الأولى الاقتداء به عليه السلام لأن سورة الجمعة تليق بها فيها من ذكرها والأمر بها والحث عليها
تذنيب يسحب أن يقرأ في فجر يوم الجمعة ( ألم تنزيل ) السجدة و ( هل أتى على الإنسان ) نص عليه لأنه عليه السلام كان يقرأ بهما متفق عليه من حديث أبي هريرة
____________________
1-
(2/165)
وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة ولا تجوز مع عدمها فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قال الشيخ نقي الدين واستحب ذلك لتضمنهما ابتداء خلق السموات والأرض وخلق الإنسان إلى أن يدخل الجنة أو النار وتكره مداومته عليها في المنصوص وصحح في المذهب خلافة لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة أو لظن الوجوب فإن سها عن السجدة فعن أحمد يسجد للسهو قال القاضي كدعاء القنوات قال لا يلزم على على هذا تغيير سجود التلاوة في غير صلاة الفجر في غير صلاة الجمعة لأنه يحتمل أن يقال فيه مثل ذلك ويحتمل أن يفرق بينهما لأن الحث والترغيب وجد في هذه السجدة أكثر والسنة إكمالها قال الشيخ تقي الدين ويكره تحريه قراءة سجدة غيرها
1 ( ويجوز إقامة الجمعة في موضعين ) فأكثر ( من البلد للحاجة ) كسعة البلد وتباعد أقطاره أو بعد الجامع أو ضيقه أو خوف فتنة ولأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا قال الطحاوي وهو الصحيح من مذهبنا وعنه لا يجوز لأنه عليه السلام وأصحابه لم يقيموها في أكثر من موضعع واحد والأول أصح والجواب لعدم حاجتهم إلى أكثر ولأن الصحابة كانوا يؤثرون بسماع خطبته وشهود جمعته وإن بعدت منازلهم وظاهره إذا استغنى بجمعينلم تجز الثالثة ( ولا تجوز مع عدمها ) لا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء ( فإن فعلوا ) أي فعلوها في موضعين من غير وتفويتا لجمعته وظاهره ولو تأخرت وهو ظاهر كلام جماعة وذكر ابن حمدان أنه أولى وسواء قلنا شرط أولا وقيل السابقة هي الصحيحة
____________________
1-
(2/166)
فإن استوتا فالثانية باطلة فإن وقعتا معا أو جهلت الأولى بطلتا معا وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزى بالعيد وصلى ظهرا جاز إلا للإمام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنها لم يتقدمها ما يفسدها ( فإن استويا ) في الإذان وعدمه ( فالثانية باطلة ) لأن الاستغناء حصل بالأولى فأنيط الحكم بها لكونها سابقة ويعتبر السبق بالإحرام وقيل بالشروع في الخطبة وقيل بالسلام وظاهره ولو كانت إحدهما في المسجد الأعظم أو قصبة البلد في وجه وفي الآخر تصح الواقعة فيها ولو كانت الثانية وصححه بعضهم لأن لهذه المعاني فقدم بها كجمعة الإمام ( فإن وقعتا معا ) ولا مزية لإحداهما بطلتا لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا تعيين إحداهما بالصحة أشبه ما لو جمع بين أختين وتلزمهم الجمعة إن أمكن لأنه مصر لم يصل فيه جمعه صحيحة فإن سبقت إحداهما وعلمت بطلت الثانية ولزم أهلها الظهر فإن علموا بذلك في أثنائها استأنفوا ظهرا صححه المؤلف لأن ما مضى لم يكن فعله جائزا بخلاف المسبوق وجزم القاضي وغيره وقدمه في الرعاية يتمونها ظهرا ( أو جهلت الأولى بطلتا معا ) لما ذكرناه وكذا إذا جهل الحال هل وقعتا معا أو في وقتين فهل يصلون ظهرا كما ذكره في الشرح أنه الأولى وقدمه في الشرح للشك في شرط إقامة الجمعة أو جمعة لأنا لا نعلم المانع من صحتها والأصل عدمه فيه وجهان قال ابن تميم الأشبه أنهم يعيدون جمعة أي بشرطها
( وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزى بالعيد وصلى ظهر جاز ) لأنه عليه السلام صلى العيد وقال من شاء أن يجمع فليجمع رواه أحمد من حديث زيد بن أرقم وحينئذ تسقط الجمعة إسقاط حضور لا وجوب فيكون حكمه كمريض لا كمسافر ونحوه عمن حضر العيد مع الإمام عند الاجتماع ويصلي الظهر كصلاة الأعذار وعنه لا تسقط الجمعة كالأمام ( إلا للإمام )
____________________
1-
(2/167)
وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) هذا المذهب لما روى أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون ورواته ثقات وهو من رواية بقية وقد قال حدثنا ولأنه لو تركها لا متنع فعلها في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه فعلى هذا إن اجتمع معه العدد المعتبر أقامها وإلا صلوا وعنه تسقط عنه كهم قدمه ابن تميم وحكاه السامري عن الأصحاب واحتج المؤلف بأن ابن الزبير لم يصلها وكان إماما ولأنها إذا سقطت عن المأموم سقطت عن الإمام كحاله السفر وجزم ابن عقيل بأن له الاستنابة وقال الجمعة تسقط بأدنى عذر كمن له عروس تجلى فكذا المسرة بالعيد ورده في الفروع وعنه لا عن العدد العتبر فتكون فرض كفاية
فرع يسقط العيد بالجمعة سواء فعلت قبله أو بعده لفعل ابن الزبير وقول ابن عباس أصحاب السنة رواه أبو داود فعلى هذا لا يلزمه شيء إلى العصر لكن قال ابن تميم إن فعلت بعد الزوال اعتبر العزم على الجمعة لترك صلاة العيد وذكر أبو الخطاب والمؤلف وصاحب الوجيز السقوط بفعل الجمعة وقت وفي مفردات ابن عقيل احتمال يسقط الجمع وتصلى فرادى
( وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان ) نص عليه لأنه عليه السلام كان يصلي
____________________
1-
(2/168)
وأكثرها ست ركعات فصل ويستحب أن يغتسل للجمعة في يومها والأفضل فعله عند مضيه إليها ويتنظف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بعد الجمعة ركعتين متفق عليه من حديث أبن عمر ( وأكثرها ست ركعات ) نص عليه لقول ابن عمر عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله رواه أبو داود واختاره في المغني أربعا روي عن ابن عمر لفعله عليه السلام وأمره رواه مسلم من حديث أبي هريرة وقيل إن شاء صلى بسلام أو سلامين مكانه نص عليه وعنه في بيته أفضل وقيل لا سنة لها ويسن أن يفصل بكلام أو انتقال من موضعه للخبر وظاهره لا سنة لها قبلها نص عليه قال الشيخ تقي الدين وهو مذهب الشافعي وأكثر أصحابه وعليه جماهير الأئمة لأنها وإن كانت ظهرا مقصورة فتفارقها في أحكام وعنه ركعتان اختاره ابن عقيل وعنه أربع وقاله طائفة من أصحابنا قال عبد الله رأيت أبي يصلي في المسجد إذا أذن المؤذن ركعات فصل ويستحب أن يغتسل للجمعة
في يومها ولا يجب حكاه ابن عبد البر إجماعا وفيه نظر قال الترمذي العمل على أنه مستحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في خبر عائشة لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا وظاهره حصول الفضيلة به ولو أحدث بعده ولم يتصل به الرواح ( والأفضل فعله عند مضيه إليها ) لأنه أبلغ في المقصود وفيه خروج من الخلاف وذكر جماعة من له فالمستحب أن يجامع ثم يغتسل نص عليه للخبر ( ويتنظف
____________________
1-
(2/169)
ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر إليها ماشيا ويدنو من الإمام ويشتغل بالصلاة والذكر ويقرأ سورة الكهف في يومها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ويتطيب ) لما روى أبو سعيد مرفوعا قال لا يغتسل رجلل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن بدهن ويمس من طيب امرأته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى رواه البخاري قوله ويمس من طيب امراته يعني ما ظهر لونه وخفي ريحه لتأكد الطيب وظاهر كلام أحمد والآصحاب خلافه ( ويلبس أحسن ثيابه ) لوروده في بعض الألفاظ وأفضلها البياض ويعتم ويرتدي ( ويبكر إليا ) ولو كان مشتعلا بالصلاة في منزله ( ماشيا ) لقوله عليه السلام ومشى ولم يركب ويكون بسكينة ووقار بعد طلوع الفجر الثاني وقيل بعد صلاته لا بعد طلوع الشمس ولا بعد الزوال فإن كان عذر فلا بأس بالركوب كالعودة ( ويدنو من الإمام ) مستقبل القبلة لقوله عليه السلام من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة عمل يامها وقيامها رواه أحمد وأبوداود من حديث أوس بن أوس وإسناده ثقات ( ويشتغل بالصلاة والذكر ) والقراءة لما في ذلك من تحصيل الأخر بشرط أن يكون غير سامع للخطبة بأن يحضر قبلها أو في مكان بعيد ( ويقرأ سورة الكهف في يومها ) لما روى البيهقي بإسناده عن أبي سعيد مرفوعا من قرأ
____________________
1-
(2/170)
ويكثر الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له ممن النور ما بين الجمعتين رواه سعيد موقوفا وقال ما بينه وما بين البيت العتيق زاد أبو المعالي وصاحب الوجيز أو ليلتها لقوله عليه السلام من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلته وقي فتنة الدجال ( ويكثر الدعاء ) رجاء أن يصادف ساعة الإجابة لقوله عليه السلام إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم سأل الله تعالى شاء إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها متفق عليه من حديث أبي هريرة واختلف فيها فقال أحمد أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها الإجابة إنها بعد العصر وترجى بعد زوال الشمس وفي الدعوات للمستغفرين عن عراك بن مالك أنه كان إذا يصلى الجمعة انصرف فوقف في الباب فقال اللهم أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت لما أمرتني فارزقني من فضلك وأنتخير الرازقين ( و ) يكثر ( الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) أي في يوم الجمعة لقوله عليه السلام أكثروا علي من الصلاة في يوم الجمعة رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن قال الأصحاب وليتها لقوله عليه السلام أكثروا الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى علي صلى الله عليه عشرا رواه البيهقي بإسناد جيد وقدروي الحث عليها مطلقا لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة رواه الترمذي وحسنه
فائدة روى ى ابن السني من حديث أنس مرفوعا من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد من آمن بلله ورسوله
____________________
1-
(2/171)
ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إماما أو يرى فرجه فيتخطى إليها وعنه يكره ولا ولا يقيم غيره فيجلس مكانه إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع يحفظه له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( ولا يتخطى رقاب الناس ) لماروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له اجلس فقد آذنت ولما فيه من سوء الأدب والأذى وذلك مكروه وقد صرح جماعة بتحريمه ( إلا أن يكون إماما ) فلا يكره له جاجة لتعين مكانه وألحق به في الغنية المؤذن ( أو يرى ) المصلي ( فرجة فيتخطى إليها ) لأنهم أسقطوا حق أنفسهم بتأخرهم وعنه إن وصلها بدونه كره وإلا كره وإلا فلاذكره المؤلف وقدمه في الفروع وعنه لا يكره مطلقا وعنه يكره ثلاثة صفوف وقيل يكره إلا أن تكون الفرجة أمامه 0 وعنه يكره ) مطلقا لما روى سهل بن معاذ مرفوعا من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا الى جهنم رواه الترمذي ( ولا يقيم غيره فيجلس مكانه ) وذلك حرام لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه متفق عليه ولكن يقول افسحوا قاله في التخليص لما روى مسلم عن جابر مرفوعا لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده ولكن ليقل إفسحوا ولأن المسجد بيت الله والناس فيه سواء وظاهره ولو كان عبده أو ولده إلا الصغير وسواء كان راتبا له يجلس في أولا وفي الرعاية يكره ( إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع يحفظه ) لأن ابن سيرين كان يفعل ذلك لأنه قعد فيه لحفظه له ولا يحصل ذلك إلا بإقامته وعلله في الشرح بأن النائب يقوم باختياره وفغي الفروع قال أصحابنا إلا من جلس بمكان
____________________
1-
(2/172)
وإذا وجد مصلى مفروشا فهل رفعه على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يحفظه لغير بإذنه أو دونه ولم يذكر جماعة أو دونه لأنه توكيل في اختصاص مباح كتوكيله في تمليك المباح ومقاعد الأسواق لكن إن جلس في مكان الإمام أو طريق المارة أو استقل المصلين في مكان ضيق أقيم قاله أبو المعالي
مسالة إذا آثر بمكانه الأفضل فقيل يكره وقيل لا كما لو جلس وقيل إن آثر عالما أو دينا جاز ولا يكره القبول في الأصح وفي الفصول لا يجوز الإيثار وكذا الخلاف إن آثر بمكانه فسبق إليه آخر وصحح في الشرح وابن حمدان أنه لا يجوز لأنه قام مقامه أشبه ما لو تحجر مواتا ثم آثر به غيره وهذا بخلاف ما لو وسع لرجل في طريق فمر غيره لأنها جعلت للمرور فيها والمسجد للإقامة فيه
( وإذا وجد مصلى مفروشا فهل له رفعه على وجهين ) كذا في الفروع أحداهما لا يجوز قدمه في المحرر لأنه كالنائب وعنه ولما فيه من الافتئات على صاحبه والتصرف في ملكه بغير إذنه والإقتضاء إلي الخصومة وقاسه في الشرح على السابق إلى رحبة المسجد ومقاعد الأسواق
فعلى هذا له رفعه إذا حضرت الصلاة قاله في الفائق والثاني له رفعه والصلاة مكانه جزم به في الوجيز لأنه لا حرمة له بنفسه والفضيلة بالسبق بالبدن وقيل إن كان صاحبه لا يصل إليه إلا بتخطي الناس رفعه وألا فلا وعلم منه أنه لا يصلي عليه وقدمه عليه وقدمه في الرعاية يكره وجزم
____________________
1-
(2/173)
ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه فهو أحق به ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) به جماعة بتحريمه وقال في الفروع ويتوجه إن حرم رفعه فله فرشه وإلا كره وأطلق شيخنا ليس له فرشه ( ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه فهو أحق به ) لما روى مسلم عن أبي أيوب مرفوعا من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به وقيده بعضهم بما إذا عاد قريبا وأطلقه الأكثر منهم المؤلف وقيده في الوجيز بما إذا عاد ولم يتشاغل بغيره وذكره في الشرح وتبعه ابن تميم إن لم يصل إليه إلا بالتخطي فكمن رأى فرجة وجوزه أبو المعالي ( ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين متفق عليه زاد مسلم وليتجوز فيهم وكذا قال أحمد والأكثر ولا يزيد عليهما هذا كانتتقام في مسجد فإن لم يكن لم يصل وفي المغني والتخليص والمحرر إن لم تفتنه معه تكبيرة الإحرام فإن جلس قام فأتى بهما أطلقه أصحابنا لقوله عليه السلام قم فاركع ركعتين قال المجد في شرحه ما لم يطل الفصل فإن ذكر فائتة أو قلنا له ستة صلاها وكفت إن كانت الفائته ركعتين فأكثر لأن تحية لا تحصل بغيرهما ولو نوى االتحية والفرض فظاهر كلامهم حصولهم له كنظائرهما
مسائل منها إذا صعد المنبر انقطع التنفل مطلقا وفي كلام بعضهم بخروجه وهو أشهر في الأخبار ولو لم يشرع في الخطبة وجوز ابن عقيل وابنالجوزي لمنيسمعها وقيل يكره وظاهر كلامهم لا تحريم إن لم
____________________
1-
(2/174)
ولا يجوز الكلام والإمام يخطب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يحرم الكلام فيها وهو متجه قاله في الفروع ويحققه من هو فيه ومن نوى أربعا صلى ركعتين
ومنها إذا نعس استحب له أن يتحول لقوله عليه السلام إذا نعس أحدكم في مجلسه فليتحول إلى غيره صححه الترمذي
ومنها إنه لا يكره الاحتباء وقت الخطبة نص عليه وفعله جماعة من من الصحابة وكرهه الشيخان لنهيه عليه السلام عنه رواه أبو داود والترمذي وحسنه وفيه ضعيف ولأنه يصير متهيئا للنوم والسقوط وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي ما رأيت أحمد جالسا إلا القرضاء إلا أن يكون في صلاة وهي أن يجلس على أليتيه رافعا ركبته إلى صدوره ومفضيا بأخمص قدميه إلى الأرض وربما بيده ولا جلسه أخشع منها
( ولا يجوز الكلام والإمام يخطب ) قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز ونصره المؤلف وصححه في التخليص لقوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } [ الأعراف 204 ] ولقوله عليه السلام من قال صه فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له رواه أحمد وأبو داود ولقوله السلام في خبر ابن عباس والذي يقول أنصت ليس له جمعة رواه أحمد من رواية مجالد ولقوله عليه السلام لأبي الدرداء إذا إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ رواه أحمد وظاهره لا فرق بين القريب والبعيد سمع الخطبة
____________________
1-
(2/175)
إلا له أو لمن كلمه ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها وعنه يجوز فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أو لا وقيل وحالة الدعاء المشروع وعنه يحرم على ما سامع اختاره القاضي وجمع وعنه يكره مطلقا وعنه يجوز فعلى الأول يباح ما يحتاج إليه كتحذير ضرير ونحوه لأنه يجوز في الصلاة وتشميت عاطس ورد السلام نطقا كإشارته به لأنه مأمور به لحق آدمي أشبه الضرير فدل على أنه يجب والثاني يمنع من ذلك نطقا وهو ظاهر كلامه لأنه مأمور بالأنصات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر كالدعاء اتفاقا والأفضل لمن لا يسمع أن يشتغل بذكر الله خفية وقيل بل سكوته أفضل فيسجد لتلاوة وفي الفصول إن بعد ولم يسمع همهمة الإمام جاز أن يقرأ وأن يذاكر في الفقه ولمن يسمع تسكيت المتكلم إشارة نص عليه وإشارة أخرس مفهمة ككلامه ( إلا له أو لمن كلمه ) كذا أطلقه جماعة وقيده في المحرر والفروع لمصلحتة لأنه عليه السلام كلم سليكا وكلمة هو رواه ابن ماجه بإسناده صحيح من حديث أبي هريرة وسأل عمر عثمان فأجابه وسأل العباس بن مرداس النبي صلى الله عليه وسلم الاستسقاء وعنه يكرهان ولا منع كأمر إمام بمعروف ( ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها ) من غير كراهة لما روى مالك والشافعي بإسناد جيد عن ثعلبة بن مالك قال كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين وقيل يكره وعنه يجوز فيها فبالقياس على الإمام وعلى من كلمه ولم يتعرض المؤلف للكلام بين الخطبتين وفيه أوجه الجواز والكراهة والتحريم وجعل الشيخان أصل التحريم سكوته لتنفس
مسائل الأولى ليس له أن يتصدق على سائل وقت الخطبة و 3 لا يناوله
____________________
1-
(2/176)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إذن للإعانة على محرم والأ جاز نص عليه وفي الرعاية يكره فإن كانت المسألة قبلها ثم جلس لها جاز كالصدقة على من لم يسأل أو سأل الإمام الصدقة لإنسان وقيل يكره السؤال والتصدق في المسجد جزم به في الفصول وظاهر كلام ابن بطة يحرم السؤال وقاله في إنشاد الضالة وهذا مثله وأولى
الثانية يكره العبث والشرب حال الخطبة [ إن سمعها ] والإ جاز نص عليه قيل لا بأس بالشراب إذا اشتد عطشه وجزم أبو المعالي بإنه إذن أولى وقال في الفصول وكره جماعة شربه بعد الأذان بقطعه لأنه بيع منهي عنه وكذا شربه على أن يعطيه الثمن بعد الصلاة لأنه بيع ويتخرج الجواز للحاجة دفعا للضرر وتحصيلا لاستماع الخطبة
الثالثة يستحب لمن صلى الجمعة أن ينتظر صلاة العصر فيصليها في موضعه ذكره في الفصول والمستوعب ولم يذكره الأكثر ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة لقوله عليه السلام إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها وذكر الشيخان وجماعة جلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها لا في بقية الصلوات نص عليه لكن اقتصر على الفجر لفعله عليه السلام رواه مسلم عن جابر بن سمرة
____________________
1-
(2/177)
& باب صلاة العيدين & وهي فرض كفاية إن أتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس وآخره إذا زالت فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة العيدين &
سمى به لأنه يعود ويتكر لأوقاته وقيل لأنه يعود بالفرح والسرور وقيل سمي به تفاؤلا ليعود ثانية كالقافلة وجمع الياء وأصله الواو للزومها في الواحد وقيل للفرق بينه وبين أعواد الخشب
( وهي فرض كفاية ) في ظاهر المذهب والإجماع على مشروعها وسنده قوله تعالى { فصل لربك وانحر } هي صلاة العيد في قول عكرمة وعطاء وقتاده قال في الشرح وهو المشهور في التفسير وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده يداومون عليها ولأنها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجهاد بدليل قتل تاركها ولم تجب على الأعيان لحديث الأعرابي متفق عليه ولأنه لا يشرع لها اذان أشبهت صلاة الجنازة وعنه فرض عين اختاره الشيخ تقي الدين وعنه سنة مؤكدة جزم به في التبصرة فلا يقال تاركها كالتراويح وعلى إن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام كالأذان + وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس لأحاديث النهي وكما قبل الطلوع الشمس ولأنه عليه السلام ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس بدليل الإجماع على فعلها ذلك الوقت ولم يكن يفعل إلا الأفضل وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى الفطر والأضحى حين تطلع الشمس فيتم طلوعها وكان يفتح الصلاة إذا حضر ( وآخره إذا زالت ) لأنها شاركت الضحى في أول وقتها فكذا يجب أمن يشاركه في آخره ( فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال
____________________
1-
(2/178)
خرج من الغد فصلى بهم ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والإمساك في الأضحى حتى يصلي والغسل والتكبير إليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) خرج من الغد فصلى بهم ) لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهد النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم وأن يجرجوا غدا لعيدهم رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسنه وقال مالك لا يصلى في غير يوم العيد قال أبو بكر الخطيب سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أن تتبع وحديث أبي عمير صحيح فالمصير إليه واجب كالفرائض وكذا لو مضى أيام قال ابن حمدان وفيه نظر وقال القاضي في الخلاف لا تصلى إذا
( ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر ) لما روى الشافعي مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس ولأنه يتسع بذلك وقت الأضحية ووقت إخراج صدقة الفطر ويكون تعجيل الأضحية بحيث يوافق من بمنى في ذبحهم نص عليه ( والأكل في الفطر قبل الصلاة ) لقول بريدة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات رواه البخاري وزاد في رواية منقطعة ويأكلن وترا وفي شرح الهدية أن الأكل فيه آكد من الإمساك في الأضحى والتوسعة على الأهل والصدقة ( والإمساك في الأضحى حتى يصلي ) لما تقدم فإن كان له أضحية استحب له أن يأكل من كبدها لأنه أسرع تناولا وهضما وإن لم يكن فإن شاء أكل قبل خروجه نص عليه ( الغسل ) وقد سبق ( والتكبير إليها ) للمأموم ليحصل له الدنو من
____________________
1-
(2/179)
بعد الصبح ماشيا على أحسن هيأة إلا المعتكف يخرج في ثياب اعتكافه أو اعتكافه أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الإمام وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه ( بعد طلوع ) أي بعد صلاة الصبح قاله جماعة وذهب آخرون أنه بعد طلوع الشمس فعله رافع وينويه قاله ابن المنذر ( ماشيا ) لما روى الحارث عن على قال من السنة أن يخرج إلى العيد ماسيا رواه الترمذي وقال العمل على هذا عند أكثر أهل العلم وقال أبو المعالي إن كان البلد ثغرا استحب الركوب وإظهار السلاح ويستثنى من كلامه من له ضرورة من مرض ونحوه فإنه يخرج راكبا كالعود لقول علي ثم تركب إذا رجعت رواه البيهقي ( على أحسن هيأه ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس في برد الأحمر في العيدين والجمعة أحسن ثيابه رواه البيهقي بإسناده جيد ويكون مظهر للتكبير وعنه يظهر في الفطر فقط لا عكسه ( إلا المعتكف ) في العشر الآخر أو عشر ذي الحجة ( يجرج من ) معتكفه إلى المصلى ( في ثياب اعتكافه ) نص عليه لقوله عليه السلام ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده إلا المعتكف فإنه يخرج في ثياب اعتكافه واستحبه السلف وذكره ابن المنذر عن جماعة من العلماء ولأنه أثر العبادة فاستحب بقاؤه كالخلوق وعنه ثياب جيدة ورثة سواء للمعتكف وغيره وقال القاضي في موضع معتكف كغيره في زينة وطيب ونحوهما ( أو ماما يتأخر إلى وقت الصلاة ) لما روى أبو سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحي إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة رواه مسلم ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر لابسا أجمل ثيابه لأنه منظور إليه من بين سائر الناس لكن
____________________
1-
(2/180)
وإذا غدا من طريق رجع في أخرى وهل من شرطها الإستيطان وإذن الإمام والعدد المشترط للجمعة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إن كان معتكفا فظاهر كلامه خروجه في ثياب اعتكافه وقال ابن تميم وغيره يسن للإمام التجمل والتنظيف وإن كان معتكفا
فرع لا بأس بخروج النساء إلى العيد لكن لا يتطيبن ولا يلبسن ثوب شهرة أو زينة ولا يخالطن الرجال لقوله عليه السلام وليخرجن تفلات وعنه يستحب اختاره ابن حامد والمجد للحديث الصحيح وفاقا للشافعي في غير ذوي الهيئات والمستحسنات وعنه يكره وعنه للشابة وعنه لا يعجبني خروجهن في وقتنا لقول عائشة متفق عليه
( وإذا غدا عن طريق رجع في أخرى ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق رواه البخاري ورواه مسلم من حديث أبي هريرة وعلته لتشهد له الطريقان أو لمساواته لهما في التبرك بمرور بهم وسرورهم برؤيته أو ليتبرك الطريقان بوطئة عليهما أو لزيادة الأجر بالسلام على أهل الطريق الآخر أو لتحصل الصدقة على الفقراء من أهل الطريقين فينبغي طرده في غيرها قلنا ويلزمه في الجمعة نقله ابن تميم وفي شرح الهداية أنه المنصوص لكن الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنى خاص فلا يلتحق به غيره وظاهره ولا فرق بينهما وقيل الأولى سلوك الأبعد في الخروج والأقرب في العود وصححه النووي ( وهل من شرطها ) أي صحتها إذا ( الاستيطان وإذن الإمام والعدد المشترط للجمعة على روايتين ) وكذا في المحرر وأسقط
____________________
1-
(2/181)
وتسن في الصحراء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الإذن كالفروع إحداهما يشترط ذلك واختاره الأكثر فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة لأنهما صلاة خطبة راتبة أشبهت الجمعة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجة ولم يصل لكن إن فاتت قضيت تطوعا من كل أحد والثانية لا قدمه وصححه جماعة وجزم في الوجيز فيفعلها المسافر والعبد والمرأة والمنفرد لأن أنسا كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام جمع أهله ومواليهم وأمر عبد الله مولاة فصلى بهم ركعتين رواه سعيد وذكره البخاري في صححه وأنما لم يقمها النبي صلى الله عليه وسلم لاشتغاله عنها بالمناسك لأنها أهم لكونهما فرض عين وصلاة العيد سنة في حق المسافر وعلى الأولى يفعلونها تبعا قال في الشرح وغيره إن صلوا بعد خطبة الإمام صلوا بغير خطبة لئلا يؤدي إلى تفريق الكلمة وصحح ابن الزعفراني أنه يشترط الاستيطان وذكره ابن عقيل رواية واحدة قال ويكتفى باستيطان أهل البادية إذا لم يعتبر العدد وإن قلنا باعتباره وكان في القرية اقل منهم وإلى جنبهم مصر أوقرية تقام فيه العيد لزمهم السعي مطلقا لأن العيد لا يتكرر فلا يشق إتيانه بخلاف الجمعة قال ابن تميم وفيه نظر والصحيح أن هلا يشترط إذن الإمام كالجمعة
( وتسن في الصحراء ) القرية عرفا نقل حنبل الخروج إلى المصلى أفضل إلا ضعيفا أو مريضا لقوله أبي سعيد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى متفق عليه وكذلك الخلفاء بعده ولأنه أوقح لهيبة الإسلام وأظهر لشعار الدين ولا مشقة في ذلك لعدم تكررها بخلاف الجمعة قال النووي والعمل على هذا في معظم الأمصار وقال الشافعي إن كان الجامع واسعا فهو أفضل كأهل مكة وجوابه بأنهم يحصلون بذلك معاينة
____________________
1-
(2/182)
وتكره في الجامع إلا من عذر ويبدأ بالصلاة فيصلي ركعتين يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعذ ستا وفي الثانية بعد القيام من سجود خمسا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وذلك من أكبر شعار الدين ( وتكره في الجامع إلا من عذر ) وهو قول الأكثر لمخالفة فعله عليه السلام ومع العذر ولا يكره روى أبو هريرة قال أصابنا نطر في يوم العيد بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد رواه أبو داود وفي لين وللمعنى ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد نص عليه لفعل علي ويخطب لهم لتكميل حصول مقصودهم وإن تركوا فلا بأس قاله ابن تميم ولهم فعلها قبل الإمام قبل الإمام وبعده وأيهما سيق سقط الفرض وجازت التضحية لكن قال ابن تميم الأولى أن لا يتقدم صلاة الإمام والمستخلف هل يصلي أربعا أو ركعتين فيه رويتان ولا يؤم فيها عبد كالجمعة في الأشهر ( ويبدأ بالصلاة ) قبل الخطبة قال ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة متفق عليه فلو قدم الخطبة عليها لم يعتد بها قول الأكثر وكما لو خطب في الجمعة وذكرالمؤلف أنه لم يصح عن عثمان وفي شرح الهداية أنه قدمها في أواخر خلافته ( فيصلي ركعتين ) إجماعا لما في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ولقول عمر صلاة الفطر والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى رواه أحمد ( يكبر في الأولى بعد ) تكبيرة الإحرام و ( الاستفتاح وقبل التعوذ ستا ) زوائد ( وفي الثانية بعد القيام من السجود جمسا ) زوائد
____________________
1-
(2/183)
ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويقول الله أكبر كبيرا والحمد لله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) نص عليه وهو الذي ذكره أكثر الأصحاب لما روى أحمد حدثنا وكيع حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنيتى عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة إسناد حسن قال عبد الله قال أبي أنا أذه إلى هذا ورواه ابن ماجه وصححه ابن المديني وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التكبير سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما رواهه أبو داود والدارقطني وعنه سبع زوائد في الأولى روي عنأبي بكر وعمر وعلي والفقهاء السبعة وهو ظاهر ما تقدم وعنه خمس في الأولى وأربع في الثانية واحتج بفعل أنس وعنه يصلي أهل القرى بغير تكبير قال أحمد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وكل جائز وقال ابن الجوزي ليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وفي العيدين حديث صحيح وقد علم منه أن التكبير في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ وهو السنة نص عليه لأن الاستفتاح لأول الصلاة والاستعاذة للقراءة وعنه الاستفتاح بعد التكبيرات الزوائد اختاره الخلال وصاحبه لأن الاستعاذة تلب الاستفتاح في سائر الصلوات فكذا هنا والقراءة بعد الاستعاذة وعنه يخير ( ويرفع يديه مع كل تكبيرة ) نص عليه لحديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير قال أحمد فأآأن يدخل فيه هذا كله وعن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة والعيد وعن زيد كذلك رواهما الأثرم ( ويقول ) بين كل تكبيرتين وعقب الآخرة منها في ظاهر كلامه وصححه في شرح الهداية والمذهب أنهلا يأتي بالذكر بعد التكبير الأخرة في الركعتين ( الله أكبر كبيرا والحمد لله
____________________
1-
(2/184)
كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وأله وسلم تسليما وإن أحب قال غير ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما ) لما روى عقبة بن عامر قال سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد قال يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد ولأنها تكبيرات حال القيام فاستحب أن فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة ( وإن أحب قال غير ذلك ) لأن الغرض الذكر بعد التكبير لا ذكر مخصوص لعدم وروده فلهذا نقل حرب أن الذكر غير مؤقت يؤيده أنه روى عنه يحمد ويكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ويدعوا وعنه ويسبح ويهلل وظاهره قول شيء لا وقوف مجرد
فروع الأول إذا شك في عدد التكبير بنى على الأقل
الثاني إذا نسي التكبير حتى ركع سقط أو لم يأت به لأنه سنة فات محله وكذا إن ذكره قبل الركوع في الأصح كما لو نسي الاستفتاح أو لتعوذ حتى شرع في القراءة والثاني لا يسقط فعلى هذا يأتي به وإن كان فرغ من القراءة لم يعدها وإن كان فيها أتى به ثم استأنفها لتسلم من أن يتخللها غيرها وقيل إن كان المنسي يسيرا لم يستأنف القراءة
الثالث إذا أدرك الإمام راكعا أحرم ثم ركع ولا يشتغل بقضاء التكبير لأنه ذكر مشروع كالاستفتاح وكما لو يقضه نص عليه وقال ابن عقيل يأتي
____________________
1-
(2/185)
ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية ويجهر بالقراءة ويكون بعد التكبير في الركعتين وعنه يوالى بين القراءتين فإذا سلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) به وعنه أحمد إن لم يسمع قراءة الإمام اختاره بعض أصحابنا فإن سبقه ببعض التكبير فعلى الخلاف
( ثم يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسبح وفي الثانية بالغاشية ) على المذهب لما روى سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية رواه أحمد ولابن ماجه من حديث ابن عباس والنعمان ابن بشير مثله وروي عن عمر وأنس ولأنه فيه حثا على على الصدقة والصلاة في قوله ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) هكذا فسره سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعنه الأولى ( ق ) والثانية ( اقتربت ) اختاره الآخري لفعله عليه السلام رواه مسلم وعنه ( لا توقيت ) اختاره الخرقي ( ويجهر بالقراءة ) لما روى الدارقطني عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في القراءة في العيدين والاستسقاء وقال المجد لا نعلم فيه خلافا إلا ما رواه الحارث الأعور عن علي أنه كان يسمع من يليه ولم يجهر ذلك الجهر قال في الشرح وحكاه ابن أبي موسى عن أحمد ( ويكون بعد التكبير في الركعتين ) هذا هو مشهور وقاله الفقهاء السبعة وذكره ابن المنذر عن ابن عباس ولأنه تكبير في إحدى ركعتى العيد فكان قبل القراءة كالأولى ( وعنه يوالي بين القراءتين ) اختاره أبو بكر وهو قول جابر بن عبد الله وعقبة بن عامر ذكره ابن المنذر لأنه ذكر مسنون في قيام الركعة الأخيرة فكان بعد القراءة كدعاء القنوت ( فإذا سلم ) يحتمل أنه أراد السلام من الصلاة وهو أظهر ويحتمل أن يراد به السلام المعروف وجزم به في النصيحة فقال إذا استقبلهم سلم وأومأ بيده
____________________
1-
(2/186)
خطب خطبتين يجلس بينهما يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( خطب خطبتين ) بعد الصلاة كخطبتي الجمعة فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها في قول جمهور العلماء وهما كالجمعة في أحكامها على الأصح حتى في الكلام نص عليه إلا التكبير مع الخاطب واستثنى جماعة الطهارة واتحاد الإمام والقيام والجلسة والعدد لكونهما سنه لا شرطا للصلاة في الأصح فأشبها الذكر بعد الصلاة الأذان ( يجلس بينهما ) لما روى جابر قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم البصري وهو متروك وعن عبيد الله بن عتبة قال السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن يحيى وفيه كلام وهل يجلس عقيب صعوده إلى المنبر ليسترح كما هو الأظهر والمنصوص عن أحمد والسافعي في الأم أو لا لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان فيه وجهان ويسن أن ( ويستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع ) لما روى سعيد عن عبيد الله بن عتيبة قال يكبر الإمام يوم العيد قيل أن يخطب تسع تكبيرات وفي الثانية سبع تكبيرات والتكبير في الأولى نسقا وفاقا وظاهر كلامه جالسا وقيل قائما كسائر أذكار الخطبة وظاهره أنه يبدأ بالتكبير في الثانية كالأولى وعنه بعد فراغها اختاره القاضي قال أحمد قال عبيد الله بن عتبه إنه من السنة وقيل التكبيرات شرط واختار الشيخ تقي الدين أنه يفتحها بالحمد لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(2/187)
يحثهم في الفطر على الصدقة وبين لهم ما يخرجون ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ويبين لهم حكم الأضحية والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما والخطبتان سنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) افتتح خطبة بغيره ( يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ) لقوله عليه السلام اغنوهم من السؤال في هذا اليوم ( ويبين لهم ما يخرجون ) اي من جنسها وقدرها ووجوبها ووقتها ( ويرغبهم في الأضحية ) لقوله عليه السلام لفاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة من دمها أن يغفر لك ما قد سلف من ذنوبك وعن زيد بن أرقم قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال سنة أبيكم إبراهيم قالوا فما لنا قال بكل شعرة حسنة قالوا والصوف قال بك شعرة حسنة قال الحاكم صحيح الإسناد ( ويبين لهم حكم الأضحية ) لأنه أن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحي كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم ( التكبيرات الزوائد والذكر بينهما ) سنة في الأشهر لأنه ذكر مشروع بين التحريمة والقراءة أشبه الاستفتاح فعلى هذا إن نسيه فلا سجود للسهو في الأصح وعنه شرطا للصلاة وفي الروضة إن نسى التكبيرات الزوائد أتم ولم تبطل وساهيا لا يلزمه سجود لأنها هيأة وفيه نظر
( والخطبتان سنة ) لماروى عطاء عن عبد الله بن السائب قال شهدتمع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب رواه ابن ماجه وإسناده ثقات وأبو داود والنسائي وقالا مرسل ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها كخطبة الجمعة وذكر القاضي وابن عقيل أنهما شرط
____________________
1-
(2/188)
ولا ينتفل قبل الصلاة في موضعها ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فاته على صفته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فائدة السنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة وأن ينفردن بموعظة إذا يسمعن خطبة الرجال وفي نهاية أبي المعالي إذا فرغ فرأى قوما لم يسمعوها استحب إعادة مقاصدها لهم لفعله عليه السلام فدل على استحبابه في حق النساء والمراد مع عدم والمراد مع عدم خوف فتنة
( ولا ينتقل قبل الصلاة ولا بعدها في موضعهما ) وهو مكروه نص عليه لقول ابن عباس خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما متفق عليه قال أحمد لا أرى الصلاة وفي المستوعب وغيره لا يسن وفي المحرر لا سنة لها قبلها ولا بعدهما وفيه نظر وقيل يصلي تحية المسجد واختاره أبو الفرج وجزم به في الغنية وهو أظهر وظاهره جواز فعل الصلاة بعدها في غير موضعهما ونص عليه وروى حرب عن ابن مسعود أنه كان يصلي يوم العيد إذا رجع إلى منزله أربع ركعات واحتج به أسحاق فلو فرق موضعهما ثم عاد بعد الصلاة لم يكره التنفل نص عليه
فرع يكره قضاءه فائتة موضع العيد قبل مفارقته نص عليه لئلا يقتدى به
( ومن كبر قبل سلام إمامه صلى ما فاته على صفته ) نص عليه لعموم قوله عليه السلام ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ولأنهما ولأنها أصل بنفسها فتدرك بإدراك التشهد كسائر الصلوات وقال القاضي يصلي أربعا كالجمعة وإذا أدرك معه ركعة قضى أخرى وكبر فيها ستا زوائد أو خمسا على الخلاف
____________________
1-
(2/189)
وإن فاتته الصلاة استحب له أن يقضيها على صفتها وعنه أربعا وعنه أربعا وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وظاهر المذهب أن المسبوق في القضاء يراعي مذهبه في التكبير لأنه في حكم المنفرد في القراءة والسهو فكذا في التكبير وعنه بمذهب إمامه لئلا يكبر في الركعتين عددا يخالف الإجماع في الأصل وكمأموم وكذا إن فاتته ركعة أو ركعتان بنوم أو غفلة
( وإن فاتته الصلاة استحب له أن يقضيها على صفتها ) قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وهو الأصح لفعل أنس ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات وظاهره متى شاء وعند ابن عقيل قبل الزوال وإلا من الغد وعنه إن قضى جماعة كبر ولا يكبر المنفرد وقال ابن البناء إذا قضى ركعتين فهل يكبر على وجهين ( وعنه أربعا ) لقول ابن مسعود من فاتته الصلاة مع الإمام يوم العيد فليصل أربعا رواه سعيد والأثرم ورويا أن عليا أمر رجلا يصلي بضعفة الناس أربعا واحتج به أحمد في رواية الأثرم وكقضاء الجمعة بلا تكبير لأنه إنما يصلي تطوعا فكان على صفته بسلام كالظهر وعنه أو بسلامين ( وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع ) لأنه تطوع بالنهار فكان مخيرا فيه كالمطلق ولأن كلا قد جاء الأثر به عن الصحابة ولامرجح فكان له فعل ماشاء فإن خرج وقتها فكالسنن في القضاء مسألة يجوز استخلافه اللضعفة وفي صفة صلاة الخليفة الخلاف وأيهما سبق به الفرض وضحى وتنويه المسبوقة نفلا
____________________
1-
(2/190)
ويسن التكبير في ليلتي العيدين وفي الأضحى يكبر عقيب كل فريضة جماعة وعنه أنه يكبر وإن كان وحده من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخره أيام التشريق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( ويسن التكبير في ليلتي العيدين ) خصوصا في الفطر وهو آكد من الأضحى نص عليه من غروب الشمس لقوله تعالى { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } [ البقرة 185 ] قال أحمد كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا ويجهر به في الخروج إلى المصلى فيهما في قول الأكثر وهو ممتد إلى الفراغ الإمام من خطبته لأن شعار العيد لم ينتقص فسن كما في حال الخروج وعنه إلى خروج الإمام إلى الصلاة لفعل ابن عمر رواه الشافعي والدار قطني وعنه إلى وصوله المصلى لأن التكبير في الخروج هو الذي اتفقت عليه الآثار وما بعده ليس فيه نص ولا إجماع ( وفي الأضحى ) يسن فيه المطلق في عشرذي الحجة ولو لم ير بهيمة الأنعام ويرفع صوته قاله أحمد والمراد لغير أنثى وأيام العشر الأيام المعلومات وأيام التشريق المعدودات ( يكبر عقيب كل فريضة في الجماعة ) هذا هو المذهب لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده وقال ابن مسعود إنما التكبير على من صلى في جماعة رواه ابن المنذر ولأنه ذكر مختص بوقت العيد فاختص بالجماعة كالخطبة فيكبر الإمام إلى القبلة كغيره والأشهر يقبل على الناس ثم يكبر لفعله عليه السلام ولأنه أقرب إلى المحافظة وقيل يخير ( وعنه أن هيكبر وإن كان وحده ) قدمه في التخليص وغيره للعموم ولأنه ذكر مشروع للمسبوق أشبه التسليمة الثانية ( من صلاة الفجر يوم عرفة إلى ) بعد صلاة ( العصر منآخر أيام التشريق ) لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى الصبح يوم عرفة أقبل علينا فقال الله أكبر ومد التبير إلى آخر أيام التشريق رواه الدارقطني
____________________
1-
(2/191)
إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) من رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي وهما ضعيفان قيل لأحمد بأي حديث تذهب في ذلك قال بالإجماع عمر علي وابن عباس وابن مسعود ولأن الله تعالى أمر بالذكر في الأيام المعدوات وهي أيام يرمى فيها اشبهت يوم النحر وعنه يكبر من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق وروي عن زيد بن ثابت والزهري وعنه من ظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر آخر أيام التشريق روي عن عثمان رواه سعيد قال النووي القول الأول هو الراجح وعليه العمل في الأمصار وظاهر ما سبق أنه لا يكبر في الفطر عقب الفرائص لعدم نقله وفيه وجه وجزم به في ( التلخيص ( ولا عقب نافلة ولو صليت جماعة ( إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر ) إلى عصر آخر أيام التشريق لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية والجهر به مسنون إلا في حق النساء ويأتي به كالذكر عقب الصلاة وعنه يكبر تبعا للرجال فقط وعنه لا يكره كالأذان وحمله القاضي على الجهر والمسافر كالمقيم ولو لم يأتم بمقيم والمميز كالبالغ
فرع إذا فانته صلاة من أيام التشريق فقضاها فيها من عامه كبر لأنها مفروضة فيه ووقت التكبير باق وإن قضاها في غيرها لم يكبر كالتلبية وفيه وجه بلى كالدعاء وإن فاتته من غيرها فقضاها فيها كبر في رواية ذكره المؤلف وعنه لا يكبر لبعد أيامها لأنه سنة فات وقتها
فائدة سميت أيام التشريق من تشريق اللحم وهو تقديده وقيل
____________________
1-
(2/192)
فإن نسي التكبير قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قولهم أشرق ثبير وقيل لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس وقيل هو التكبير دبر الصلوات وأنكره أبو عبيد ( فإن نسي التكبير قضاه ) مكانه ويعود فيجلس من قام أو ذهب لأن فعله جالسا في مصلاه سنة فلا تترك مع إمكانها وقال حماعة إن كبر ماشيا فلا بأس قال المؤلف هو أقيس كسائر الأذكار وظاهره أنه يأتي به ولو طال الفصل والمذهب يكره ( ما لم يحدث ) لأنه مبطل للصلاة والذكر تابع لها بطريق الأولى ( أو يخرج من المسجد ) لأنه سنة فات محلها وقيل أو يتكلم لأنه شرع عقيبها فنافاه ما ينافيها والوجه الثاني يأتي به كالتلبية والدعاء وأطلقهما في ( الفروع ( فإن نسيه الإمام كبر المأموم ليحرز الفضيلة بخلاف سجود السهو لأنه من الصلاة ففي الانفراد به ترك المتابعة وإذا سلم وعليه سجود سهو أتى به ثم كبر لأنه من تمام الصلاة
تنبيه فإن اجتمع عليه تلبية وتكبير فإن لم يرم جمرة العقبة حتى صلى الظهر يوم النحر كبر ثم لبى نص عليه لأن التكبير مشروع مثله في الصلاة فكان أشبه بها والمسبوق ببعض الصلاة يقضي الصلاة يقضي ما فاته ثم يكبر نص عليه كالذكر والدعاء
( وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان ) أحدهما لا يكبر وقال أبو الخطاب هو ظاهر كلام أحمد وقدمه في ( الفروع ( وقال في الفطر إن
____________________
1-
(2/193)
وصفة التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قيل فيه مقيد نقله الجماعة لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات والثاني يكبر اختاره أبو بكر وأبو الوفاء وقال هو الأشبه بالمذهب وفي ( الشرح ( انه الأولى لأنها مفروضة مؤقتة تسن لها الجماعة كالمكتوبة وخصه في ( الكافي ( بعيد الفطر ( وصفه التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) لأنه عليه السلام كان يقول كذلك رواه الدارقطني وقاله علي وحكاه ابن المنذر عن عمر قال أحمد اختياري تكبير ابن مسعود وذكر مثله وقال النخعي كانوا يكبرون كذلك رواه أبو بكر النجاد ولأنه تكبير خارج الصلاة له تعلق بها ولا يختص الحاج فكان شفعا كالأذان واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير أولا وآخرا وأما تكبيره ثلاثا في وقت واحد فلم أره في كلامهم ولعله يقاس على الاستغفار بعد الفراغ من الصلاة وعلى قول سبحان الملك القدوس بعد الوتر لأن الله وتر يحب الوتر
تتمات لا بأس قوله لغيره تقبل الله منا ومنك نقله الجماعة كالجواب وقال لا أبتدىء به وعنه الكل حسن وعنه يكره ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار نص عليه وقال إنما هو دعاء وذكر قيل تفعله أنت قال لا وأول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث وعنه يستحب ذكرها الشيخ تقي الدين ومن تولى صلاة العيد أقامها كل عام لأنها راتبة ما لم يمنع منها بخلاف كسوف واستسقاء ذكره القاضي وغيره
____________________
1-
(2/194)
& باب صلاة الكسوف & وإذا كسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة & باب صلاة الكسوف &
يقال كسفت بفتح الكاف وضمها ومثله خسفت وقيل الكسوف للشمس والخسوف للقمر وقيل عكسه وهو مردود بقوله تعالى { وخسف القمر } [ القيامة 8 ] وقيل الكسوف في أوله والخسوف في آخره وقيل الكسوف الذهاب كله
وفعلها ثابت بالسنة المشهورة واستنبطها بعضهم من قوله تعالى { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن } ) [ فصلت 37 ]
وإذا كسفت الشمس أو القمر استعمله فيهما فزع الماس إلى الصلاة هي سنة مؤكدة حكاه ابن هبيرة والنووي إجماعا وقدم لقوله عليه السلام ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا متفق عليه فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا وروى أحمد معناه ولفظه ( فافزعوا إلى المساجد ( وروى الشافعي من رواية إبراهيم بن أبي يحيى إن القمر خسف وابن عباس أمير على البصرة فخرج فصلى بالناس ركعتين في كل ركعة ركعتان وقال إنما صليت كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو شامل للحضر والسفر والرجال والنساء وإن حضرها غير ذوي الهيئات
____________________
(2/195)
جماعة وفرادى بإذن الإمام وغير إذنه وينادى لها الصلاة جامعة يصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ويجهر بالقراءة ثم يركع ركوعا طويلا ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون القيام الأول ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع ثم يرفع ثم يسجد طويلتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مع الرجال فحسن وكذا للصبيان حضورها واستحبه ابن حامد لهم ولعجائز كجمعة وعيد ( جماعة ) في جامع أفضل لقول عائشة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه متفق عليه ولما فيه من المبادرة بها لخوف فوتها بالتجلي وعنه بالمصلى أفضل ( وفرادى ) لأنها نافلة ليس منم شرطها الأستيطان فلم يشترط لها جماعة كالنوافل ( بإذن الإمام وغير إذنه ) لأنها نافلة وإذنه ليس شرطا فيها وكصلاتها منفردا وعنه بلى كالعيد ( وينادى لها الصلاة جامعة ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مناديا فنادى الصلاة جامعة متفق عليه والأول منصوب على الإغراء والثاني على الحال وفي الرعاية برفعها ونصبها ووقتهما من حين الكسوف إلى الانجلاء ولا تقضى كاستسقاء وتحية مسجد ( فيصلي ركعتين يقرأفي الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ) من غير تعيين وذكر جماعة أنه يقرأ قدر سورة البقرة أو هي ( ويجهر بالقراءة ) على الأصح وظاهره ولو في كسوف الشمس ( ثم يركع ركوعا طويلا ) من غير تقدير وقال القاضي وجزم به في التخليص وغيره إنه بقدر مائة آية وقال ابن أبي موسى بقدر معظم القراءة وقيل نصغها 0 ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد ) كغيرها ( ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون القيام الأول ) وقيل كمعظمها ( ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع الأول ) نسبته إلى القراءة كنسبة الأول منها ( ثم يرفع ) وظاهره من غير إطالة ( ثم يسجد سجدتين طويلتين ) في الأصح وقيل يطيله كالركوع وقيل
____________________
1-
(2/196)
ثم يقوم إلى الثانية فيغفل مثل ذلك ثم يتشهد ويسلم فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وكذا الجلوس بينهما وظاهره أنه لا يطيله وصرح به بن عقيل والأكثر كما لا يطيل القيام عن ركوع يسجده بعده وحكاه القاضي عياض إجماعا لعدم ذكره الروايات وانفراد أبو الزبير عن جابر مرفوعا بإطالته فيكون فعله مرة ليتبين الجواز أو أطالة قليلا ليأتي بالذكر الوارد فيه والأصل ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في خسوف الشمس فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعا هو أدنى من الركوع الأول ثم سمع وحمد ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف متفق عليه وقال ابن عباس خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم قياما طويى نحوا من سورة البقرة وفي حديث أسماء ثم سجد فأطال السجود وفي حديث عائشة انه جهر بقراءته قال ابن البر هذا أصح ما في الباب وباقي الروايات معللة ضعيفة وقال أحمد أصح حديث في الباب حديث ابن عباس وعائشة ( ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك ) لكن يكون دون الأولى في كل ما يفعل فيها قال القاضي وابن عقيل القراءة في كل قيام أقصر مما قبله وكذا التسبيح وذكر أبو الخطاب وغيره قراءة القيام الثالث أطول من الثاني ( ثم يشهد ويسلم ) لما روى النسائي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد ثم سلم وظاهره أنه لا يشرع لها خطبة على المذهب لأنه عليه السلام أمر بها الخطبة وعنه لها خطبتان تجلى الكسوف أو لا اختاره ابن حامد والسامري ولم يذكر القاضي نصا بعدهما إنما أخذوه من نصه لا خطبة للاستسقاء ( فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة ) لقوله عليه السلام في حديث أبي مسعود فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم متفق عليه ولأن
____________________
1-
(2/197)
وإن تجلى قبلها أو غابت كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصل وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المقصود التجلي وقد حصل وظاهره أنه لا يقطعها لكونه منهيا عنه وشرع تخفيفها لزوال السبب وقال القاضي إن كان بعد ركوع الأول أتمها صلاة كسوف وإن كان فيه أو قبله أتمها بركوع واحد ( وإن تجلى قبلها ) لم يصل لقوله عليه السلام إذا رأيتم فافزعوا إلى الصلاة حتى تنجلي فجعله غاية للصلاة والمقصود منها زوال العارض وإعادة النعمة بنورها وقد حصل فإن خف قبلها شرع فيها وأوجز ( أو غابت ) الشمس ( كاسفة أو طالعت والقمر خاسف لم يصل ) لأنه ذهب وقت الأنتفاع بهما وقيل إن طلعت والقمر خاسف صلى ويعلم بالأصل في بقائه فلو شك في التجلى لغيم أتمها من غير تخفيف ولو انكشف الغيم عن بعض القمر ولا كسوف عليه أتمها لأن الباقي لا يعلم حاله والأصل بقاءه والأشهر يصلي إذا غاب القمر خاسفا ليلا لأنه لم يذهب وقت الانتفاع بنوره والثاني لا لغيبوبته كالشمس وفي منع الصلاة له بطلوع الفجر كطلوع الشمس وجهان إن فعلت وقت نهى
فرع إذا فرع منها ولم يذهب الكسوف لم يعدها بل يذكر ويدعو ويعمل بالأصل في بقائه وذهابه وقال ابن حامد يصلي ركعتين ركعتين حتى يتجلي لفعله عليه السلام رواه أبو داود عن النعمان بن بشير
( وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس ) وفي المحرر والفروع جاز كصلاة الخوف روى مسلم من حديث جابر النبي صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات بأربع سجدات وعن أبي بن كعب أنه صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(2/198)
ولا يصلي لشيء سائر الآيات إلا للزلزلة الدائمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات وسجد سجدتين رواه أبو داود وعبد الله ابن أحمد قال المؤلف لا يزيد على أربع لأنه لم يرد وفيه نظر وفي السنن كصلاة النافلة وعنه أربع ركوعات في كل ركعة أفضل قال النووي وبكل نوع قال به بعض الصحابة وحمل بعضهم ذلك على اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر الانجلاء فزاد في عدد الركوع وفي بعضها أسرع فاقتصر وفي بعضها توسط فتوسط واعترض عليه بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في الركعة الأولى وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء وقال بعض السلف هو محمول على بيان الجواز في جميعها قال النووي وهذا أقوى وظاهره أنهلا يجوز الزيادة في السجود وصرح به في الفروع لأنه لم يرد
فرع الركوع الثاني سنة وتدرك به الركعة في وجه واختاره أبو الوفاء إن صلاها الإمام بثلاث ركوعات لإدراكه معظم الركعة
( ولا يصلى لشيء من سائر الآيات ) لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنه وجد في زمانهم انشقاق القمر وهبوب الرياح والصواعق وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح شديدة اصفر لونه وقال ( اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ( لأن الرياح نعمة لقوله تعالى { ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات } [ الروم 46 ] ( إلا للزلزلة ) هي وجفة الأرض واضطرابها وعدم سكونها ( الدائمة ) نص عليه لفعل ابن عباس رواه سعيد والبيهقي وروى الشافعي عن علي نحوه وقال لو ثبت هذا الحديث لقلنا به وعن أحمد يصلى
____________________
1-
(2/199)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لكل آية ذكره الشيخ تقي الدين قول المحققين من العلماء لأنه عليه السلام علل الكسوف بأنه آية وهذه صلاة رهبة كما أن صلاة الاستسقاء صلاة رغبة ورجاء وقد أمر الله تعالى عباده أن أن يدعوه خوفا وطمعا وفي النصيحة يصلون لكل آية ما أحبوا ركعتين أم أكثر كسائر الصلوات وأنه يخطب
تنبيه تقدم الجنازة على الكسوف ويقدم هو على الجمعة إن أمن فوتها أو لم يشرع في خطبتها وكذا على العيد والمكتوبة مع سعة الوقت في الأصح فإن خاف بدأ بالفرض وفي تقديم الوتر إن خاف فوته والتراويح عليه وجهان وقيل إن صليت التراويح جماعة قدمت لمشقة الانتظار وإن كسف بعرفة صلى ثم دفع وإن منعت وقت نهي ذكر ودعا وقيل لا يتصور كسوف إلا في ثامن أو تاسع وعشرين ولا خسوف إلا في إبدار القمر واختاره الشيخ تقي الدين ورده في الفروع بما ذكره أبو شامة في تاريخه أن القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادى الآخر سنة أربع وخمسين مستمائة وكسف الشمس في غده والله على كل شيء قدير واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده أهل النجامة وكسف الشمس يوم مات إبراهيم عاشر ربيع الأول قاله غير واحد ويستحب العتق في كسوفها نص عليه لأمر به عليه السلام قال في المستوعب وغيره لقادر وهوالظاهر
____________________
1-
(2/200)
& باب صلاة الاستسقاء & وإذا أجدبت الأرض وقحط المطر فزع الناس إلى الصلاة وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) & باب صلاة الاستسقاء &
هو استفعال من السقيا قال القاضي الاستسقاء بالدعاء بطلب السقيا فكأنه قال باب الصلاة لأجل طلب السقيا على صفة مخصوصة
( وإذا أجدبت الأرض ) أي أصابها الجدب وهو نقيض الخصب ( وقحط المطر ) أي احتبس ( فزع الناس إلى الصلاة ) وهي سنة مؤكدة لقول عبد الله بن زيد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعوا وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة متفق عليه وظاهره يسن حضرا وسفرا جماعة وفرادى والأفضل جماعة حتى ولو كان القحط في غير أرضهم وظاهره اختصاصها بالجدب فلو غار ماء عين أو نهر أو نقص وضر فرويتان ولا استسقاء لانقطاع مطر عن أرض غير مسكونة ولا مسلوكة لعدم الضرر
( وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد ) لأنها في معناها قال ابن عباس سنة الاستسقاء سنة العيدين فعلى هذا تسن في الصحراء وأن يصلي ركعتين يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا من غير أذان ولا إقامة لأنه عليه السلام لم يقمها إلا في الصحراء وهي أوسع عليهم من غيرها وقال ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما كان يصلي في العيد قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أنهم كانوا يصلون صلاة الاستسقاء
____________________
1-
(2/201)
وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم والصيام والصداقة وترك التشاحن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يكبرون فيها سبعا وخمسا رواه الشافعي من رواية أبراهيم بن أبي يحيى وهو مرسل وعن ابن عباس نحوه وزاده فيه وقرأ سبح وفي الثانية بالغاشية رواه الدارقطني وعنه ركعتين كصلاة التطوع وهي ظاهره الخرقي لقوله عبد الله بن زيد استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين رواه البخارى والأول أصح لأنها مطلقة ورواية ابن عباس مقيدة وقد علم أنها تفعل أول النهار وقيل الزوال وذكره ابن عبدالبر من جماعة من العلماء
( وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس ) أي يخويفهم ويذكرهم بالخير فيما يرق به قلوبهم وينصحهم ويذكرهم بالعواقب ( وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم ) وذلك واجب لأن المعاصي سبب القحط والتقوى سبب للبركات لقوله تعالى { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } [ الأعراف 196 ] الآية ( الصيام ) لأنه وسيلة إلى النزول الغيث وقد روى دعوة الصائم لا ترد ولما فيه منكسر الشهوة وحضور القلب والتذلل للرب زاد جماعة ثلاثة ايام وأنه يخرج صائما وظاهر ما ذكروه أنه لا يلزم الصوم بأمره مع انهم صرحوا بوجوب طاعته في غير المعصية وذكره بعضهم جماعا قال الفروع ولعل المراد في السياسة والتدبير والأمور المجتهد فيها لا مطلقا ولهذا جزم بعضهم يجب في الطاعة ويسن ف المسنون ويكره في المكروه ( والصدقة ) لأنها متضمنة للرحمة المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث ( وترك التشاحن ) وهو تفاعل من الشحناء وهي العداوة لأنها تحمل على المعصية والبهت وتمنع نزول الخير بدليل قوله عليه السلام خرجت
____________________
1-
(2/202)
ويعدهم يوما يخرجون فيه ويتنظف لها ولا يتطيب ويخرج متوضعا متخشعا متذللا متضرعا ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ ويجوز خروج الصبيان وقال ابن حامد يستحب وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأخبركم بليلة القدر فتلاحي فلان وفلان فرفعت ( ويعدهم يوما ) أي يعينه لهم ( يخرجون فيه ) ليتهيأوا للخروج على الصفة المسنونة ( وينظف لها ) من إزالة الرائحة وتقليم الأظفار ونحوهما لئلا يؤذي الناس وهو يوم يجتمعون له أشبه الجمعة ( ولا يتطيب ) وفاقا لأنه يوم استكانة وخضوع ( ويخرج متواضعا متخشيعا متذللا متضرعا ) لما روى ابن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متوضعا متخشعا متضرعا حتى أتى المصلى قال الترمذي حديث حسن صحيح ( ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ ) لأنه أسرع إلى إجابتهم وظاهره تخرج العجائز ومن لا هيأة لها والأشهر لا يستحب بل قال ابن عقيل ظاهره كلام أحمد أنه لا يجوز خروجهم وقيل يستحب وهو ظاهر كلام جماعة ولا تخرج ذات هيأت لأن الضرر في خروجهن أكثر
( ويجوز خروج الصبيان ) كالبهائم لأن الرزق مشترك بين الكل لكن المميز يستحب خروجه ( وقال ابن حامد يستحب ) لما روى البزار مرفوعا لولا أطفال رضع وعباد ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ولأنهم لا ذنوب لهم فيكون دعاؤهم مستجابا كالمشايخ والمذهب الأول لأن النص 2 لا يدل على الاستجاب وألا لزم استحباب خروج البهائم وفي الفصول نحن لخروج الشيوخ والصبيان أشد استحبابا قال ويؤمر سادة العبيد بإخراج عبيدهم وإمائهم ولا يجب والمراد مع عدم الفتنة ( وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا ) لأنه خروج لطلب الرزق والله ضمن أرزاقهم كما ضمن أرزاق المسلمين والمذهب يكره
____________________
1-
(2/203)
ولم يختلطوا بالمسلمين فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأتهم أعداء الله فهم بعيدون من الإجابة وإذا غيث المسلمون فربما ظنوه بدعائهم ونقل الميموني أنه لا يكره وهو ظاهر كلام أبي بكر ( ولم يختلوط بالمسلمين ) لقوله تعالى { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } [ الانفعال 25 ] ولأنه لا يؤمن أن يصبيهم عذاب فيعم من حضر وظاهره أنهم لا يفردون بيوم لئلا يتفق نزول غيث يوم خروجهم وحدهم فيكون أعظم لفتنتهم وربما افتتن بهم غيرهم وقال ابن أبي موسى والسامري وصاحب التخليص إفرادهم بيوم أولى لئلا يظنون إنما حصل من السيقا بدعائهم وفي خروج عجائزهم الخلاف ولا تخرج منهم شابة بلا خلاف في المذهب ذكره في الفصول وجعل لأهل الذمة من خالف دين الإسلام في الجملة
فائدة يستحب الاستسقاء بمن ظهر صلاحه لأنه أقرب إلى الإجابة وقد استسقى عمر بالعباس ومعاوية بيزيد بن الأسود واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى ذكره المؤلف وقال السامري وصاحب التخليص لا بأس بالتوسل في الاستسقاء بالشيوخ والعلماء المتقين وقال في المذهب ويجوز أن يشتفع إلى الله برجل صالح وقيل يستحب قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وجزم في المستوعب وغيره ( فيصلي بهم ) ركعتين كالعيد وعنه بلا تكبير زائد وهو ظاهر الخرقي وفي النصيحة يقرأ في الأولى ( إنا أرسلنا نوحا ) وفي الثانية ما أحب ( ثم يخطب خطبة واحدة ) لأنه لم ينتقل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيه بأكثر منها وعنه خطبتين كالعيد وهي بعد الصلاة على الأصح قال ابن عبد البر
____________________
1-
(2/204)
يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد ويكثر فيها الاستغفار وقراءة الأيات التي فيها الأمر التي فيها الأمر به يرفع يديه فيدعو بدعاء النبي صلي عليه وسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وعليه جماعة الفقهاء لقول أبي هريرة صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم خطبنا رواه أحمد وكالعيد وعنه قبلها روي عن عمر وابن الزبير كالجمعة وعنه يخير اختاره جماعة وعنه لا خطبة لها صححها ابن عقيل ونصرها في الخلاف فعليها يدعو بعدها وعلى الأول يخطب على منبر ويجلس للاستراحة ذكره الأكثر كالعيد في الأحكام والناس جلوس ( يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد ) لقول ابن عباس صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيد وعنه يفتتحها بالحمد كالجمعة وقيل بالاستغفار لأنه مناسب قال المحرر والفروع ويكثر فيها الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك معونة على الإجابة وعن عمر قال الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك رواه الترمذي ( ويكثر فيها الاستغفار ) لأنه سبب لنزول الغيث روى سعيد أن عمر خرج يستسقي فلم يزد على الاستغفار فقالوا ما رأيناك استسقت فقال لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي ينزل به المطر ثم قرأ { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا } [ نوح 10 11 ] وعن علي نحوه ( وقراءة الآيات التي فيها الأمر به ) لقوله تعالى { وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } [ هود 3 ] ( ويرفع يديه ) في الدعاء وهو سنة لقول أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وكان يرفع حتى يرى بياض إبطه متفق عليه قال جماعة وظهورهما نحو السماء لحديث رواه مسلم ( فيدعوا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ) روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال ذلك كله وروى ابن عباس مرفوعا اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا غدقا عاجلا
____________________
1-
(2/205)
اللهم أسقنا غيثا مغيثا مريئا مجللا سحا عاما طبقا دائما اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة ولا سيقا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالبلاد والعباد من اللأواء والجهد والضنك ملا نشكوا إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأسقينا من بركات السماء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) غير رائث رواه ابن ماجه وإسناده ثقات قوله غير رائث أي غير بطيء ولا متأخر وظاهره أن الدعاء مختص به وأن الناس يؤمنون وقال الخرقي بل يدعون ( اللهم ) أي يا لله ( اسقنا ) بوصل الهمزة وقطعها ( غيثا ) هو مصدر والمراد به المطر ويسمى الكلأ غيثا ( مغيثا ) هو المنقد من الشدة يقال غاثه وأغاثه وغيثت الأرض فهي الأرض فهي مغيثة ومغيوثة ( هنيئا ) هو ممدود مهموز وهو الذي يحصل منغير مشقة ( مريئا ) السهل النافع وهو ممدود مهموز المحمود العاقبة ( غدقا ) بفتح الدال وكسرها والمغدق الكثير الماء والخير ( مجللا ) السحاب الذي يعم العباد والبلاد نفعه ( سحبا ) الصب يقال سح الماء يسح إذا سال من فوق إلى أسفل وساح يسيح إذا جرى على وجه الأرض ( عاما ) شاملا ( طبقا ) بفتح الطاء والباء الذي طبق البلاد مطره ( دائما ) أي متصلا إلى أن يحصل الخصب ( اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ) القانط اليائس لقوله تعالى { لا تقنطوا من رحمة الله } أي لا تيأسوا ( اللهم سيقا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالبلاد والعباد من اللأواء ) أ الشدة وقال الأزهري شدة المجاعة ( والجهد ) بفتح الجيم المشقة وبضمها الطاقة قاله الجوهري وقال ابن منجا هما المشقة ورد بما سبق ( والضنك ) الضيق ( ما لا نشكوه إلى إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع ) قال الجوهري الضرع لكل ذات ظلف أو خف ( واسقنا ممن بركات السماء
____________________
1-
(2/206)
وأنزل علينا ممن بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ) المدرارا الدائم إلى وقت الحاجة هذا الدعاء بكماله رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أن قوله اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق رواه الشافعي في مسنده عن المطلب بن حنطب وهو مرسل وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت رواه أبو داود
( و ) يسن للإمام أن ( يستقبل القبلة في أثناء الخطبة ) لأنه عليه السلام حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه متفق عليه وقيل يستقبل بعد الخطبة وأطلقهما في الفروع قال النووي فيه استحباب استقبالها كالخطبة ويلحق به الوضوء والغسل والتيمم والقراءة وسائر الطاعات إلا ما خرج بدليل ( ويحول رداءه ) بعد استقبل القبلة رواه مسلم ( فيجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ) نص عليه لما روى أحمد وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وكان الشافعي يقول بهذا ثم رجع فقال يجعل أعلاه أسفله لما روى عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها فثقلت عليه فقلبها الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن رواه أحمد وأبو
____________________
1-
(2/207)
ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم ويدعوا سرا حال استقبال القبلة فيقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا فإن سقوا وإلا عادوا ثانيا وثالثا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) داود وأجيب عن هذه الرواية على تقدير ثبوتها فهي ظن من الراوي وقد نقل التحويل جماعة لم ينقل أحد منهم أنه جعل أعلاه أسلفه ويبعد أنه عليه السلام ترك ذلك في جميع الأوقات لثقل الرداء ( ويفعل الناس كذلك ) وهو قول أكثرهم لأن ما ثبت في حقه ثبت في حق غيره ما لم يقم دليل على اختصاصه كيف وقد عقل المعنى وهو التفاءل بقلب الرداء ليقلب ما بهم من الجدب إلى الخصب مع أنه روى عن جفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط رواه الدارقطني ( ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم ) لعدم نقله ولم يذكرها المؤلف في الكافي وظاهر ما سبق أنه لا تحويل في كسوف ولا حالة الأمطار والزلزلة صرح به في الفروع وغيره ( ويدعوا سرا حال استقبال القبلة ) لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبلغ في الخشوع لقوله { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب } [ الأعراف 55 ] ويسن الجهر ببعضه حتى يحصل التأمين ( فيقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا ) لأن في ذلك استنجازا لما وعد من فضله حيث قال { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } [ البقرة 186 ] فإن دعا بغير ذلك فلا بأس فإذا فرغ منه استقبلهم بوجهه ثم حثهم على الصدقة والبر والخير ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا للمؤمنين وللمؤمنات ويقرأ آية ويقول أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين وقد فرغ منها ذكره السامري ( فإن سقطوا ) فذلك فضل من الله ونعمة ( وإلا عاودا ثانيا وثالثا ) لأنه أبلغ في التضرع وقد روي أن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء ولأن الحاجة داعية
____________________
1-
(2/208)
وإن سقطوا قبل خروجهم قبل خروجهم شكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلى ذلك فاستحب كالأول وقال أصبغ استسقي للنيل بمصر خمسة وعشرين مرة متوالية وحضره ابن وهب وابن القاسم وجمع
( وإن ) تأهبوا للخروج و ( سقوا قبل خروجهم شكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله ) لأنهم إذا فعلوا ذلك زادهم الله من فضله قال الله تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم } [ إبراهيم 7 ] وظاهره أنهم لا يصلون لأنها تراد لنزول الغيث وقد وجد وقال القاضي وابن عقيل والجد في فروعه وجمع إنه يستحب خروجهم بعد التأهب ويصلون شكرا لله ويسألون المزيد لأن الصلاة شرعت لإزالة العارض من الجدب وذلك لا يحصل بمجرد النزول وقيل يخرجون ولا يصلون وقيل عكسه وذكر ابن منجا أن التشاغل عند نزول الغيث بالدعاء مستحب لقوله عليه السلام يستجاب الدعاء عند ثلاث التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال اللهم صيبا نافعا رواه أحمد والبخاري فلو سقطوا بعد خروجهم صلوا وجها واحدا فإن كان في الصلاة أتمها وفي الخطبة رويتان
مسألة ذكر القاضي وجمع أن الاستسقاء ثلاثة أضرب أحدها ما وصفنا وهو أكلهما الثاني استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبتها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(2/209)
وينادى لها الصلاة وهل جامعة وهل من شرطها إذن الإمام على روايتين ويستحب أن يقف في أول المطر ويخرج رحله وثيابه ليصيبها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) متفق عليه من حديث أنس والثالث يدعو الله تعالى عقيب صلواتهم وفي خلواتهم
( وينادى لها الصلاة جامعة ) كالكسوف ( وهل من شرطها إذن الإمام على روايتين ) إحدهما لا يشترط اختارها أبو بكر وابن حامد وقدمها في الفروع وهي ظاهر كلام الأكثر لأنها نافلة أشبهت النوافل فعليها يفعلها المسافر وأهل القرى ويخطب بهم أحدهم والثانية يشترط لفعله عليه السلام بأصحابه وكذلك الخلفاء من بعده وكالعيد فعليها إن خرجوا بغير إذنه دعوا وانصرفوا بلا صلاة وفي ثالثة يعتبر إذنه للصلاة والخطبة دون الخروج لها والدعاء وقال أبو بكر إن خرجوا بغير إذن صلوا ودعوا من غير خطبة
( ويستحب أن يقف في أول المطر ويخرج رحله ) هو سكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث ( وثيابه ليصيبها ) لقول أنس أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا لم صنعت هذا قال لأنه إلا الإزار يتزربه ولم يذكر المؤلف استحباب الوضوء والغسل منه وذكر جماعة واقتصر في الشرح على الوضوء فقط لأنه روي أنه عليه السلام كان يقول إذا سال الادي اخرجوا بنا إلى جعله طهرا فنتطهر به قال أبو المعلي ويقرأ عند فراغه ( قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ) تفاؤلا بالإجابة
____________________
1-
(2/210)
و إن زادت المياه فخيف منها استحب أن يقول اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الظرب والأكام وبطون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فائدة إذا سمع الرعد ورأى البرق سبح لما في الموطأ أن عبد الله بن الزبير كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفة ولا يتبع البصر البرق لأنه منهي عنه
( وإن زادت المياه فخيف منها استحب أن يقول اللهم حوالينا ولا علينا ) إلى آخره واقتصر في المذهب والفروع على ذلك لما في الصحيح أنه عليه السلام كان يقول ذلك ما عدا الآية وهي اللائقة بالحال فاستحب الدعاء لانقطاعه قال النووي ولا يشرع له الاجتماع في الصحراء وقد مر أن الآمدي قال يصلى لكثرة المطر
قوله اللهم حوالينا أي أنزله حوالي المدينة مواضع النبات ولا علينا في المدينة ولا في غيرها من المباني ( اللهم على الظرب ) جمع ظرب قال الجوهري هو بسكر الراء واحد الظرب وهي الروابي االصغار ( والآكام ) بفتح الهزة يليها مدة على الوزن آصال وتكسر الهمزة بغير جمع مد على وزن جبال فالأول جمع أكم تكتب وأكم جمع آكمام كجبال وأكم واحده أكمة فهو مفرد أربع مرات قال عياض هو ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا وكان أكثر ارتفاعا مما حوله كالتلول ونحوها وقال مالك هي الجبال الصغار قال الخليل هي حجر واحد ( وبطون الأودية )
____________________
1-
(2/211)
ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) هي الأمكنة المنخفضة ( ومنابت الشجر ) إي أصولها لأنه لها ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) أي لاتكلفنا من الأعمال ما لا نطيق وقيل هو حديث النفس والوسوسة وعن مكحول هو الغلمة وعن إبراهيم هي الحب وعن بن عبد الوهاب هو العشق وقيل هو شماته الأعداء وقيل هو الفرقة والقطعية نعوذ باللله منها ( واعف عنا ) أي تجاوز وامح عنا ذنوبنا ( واغفر لنا ) أي استر علينا ذنوبنا ولا تفصحنا ( وارحمنا ) فإنا لا نتال العمل بطاعتك ولا ترك معاصيك إلا برحمتك ( انت مولانا ) ناصرنا وحافظنا ( فانصرنا على القوم الكافرين )
يستحب أن يقول مطرنا بفضل الله ورحمته ويحرم بنوء كذا لخبر زيد بن خالد وهو في الصحيحين وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعا ولا يكره في نوء كذا خلافا للآمدي إلا أن يقول مع ذلك برحمة الله تعالى
____________________
1-
(2/212)
= كتاب الجنائز = (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الجنائز =
الجنائز بفتح الجيم لا غير جمع جنازة بالكسر والفتح لغة ويقال بالفتح للميت وبالكسر للنعش عليه ميت ويقال عكسه فإذا لم يكن عليه ميت فلا يقال نعش ولا جنازة وإنما يقال له سرير قاله الجوهري واشتقاقه من جنز إذا ستر والمضارع بكسر النون وكان من حقه أن يذكر بين الوصايا والفرائض لكن ذكر هنا لأن أهم ما يفعل بالميت الصلاة فذكر في العبادات فصل يستحب الإكثار من ذكر الموت والاستعداد
لقوله عليه السلام أكثروا من ذكر هاذم اللذات هو بالذال المعجمة ويكره الأنين على الأصح وكذا تمنى الموت نزول الشدائد ويستحب أن يقول اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ووتوقني إذا كانت الوفاة خيرا لي ومراد الأصحاب غير تمنى الشهادة على ما ما في الصحيح من تمنى الشهادة خالصا من قبله أعطاه الله منازل الشهداء ولا يكره لضرر بدنه وقيل يستحب وفي كراهة موت الفجأة رويتان وفيه خبران متعارضان رواه احمد ولعل الجمع بينهما يختلف باختلاف الأشخاص وكذا هما حقنة لحاجة وقطع العروق وفصدها
مسألة التداوي مباح وتركه أفضل نص عليه واختاره القاضي وجماعة
____________________
1-
(2/213)
تستحب عيادة المريض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فعله وقيل يجب زاد بعضهم إن ظن نفعه ويحرم بمحرم مأكول وغيره من صوت ملهاة وغيره نقله الجماعة في ألبان الأتن واحتج بتحريمها وفي الترياق الخمر ونقله المروازي في مداواة الدبر بالخمر ويجوز ببول إبل فقط ونقل الفضل في حشيشة تسكر تسحق وتطرح مع دواء لا بأس أما مع الماء فلا وشدد فيه وذكر جماعة أن الدواء المسموم إن غلب منه السلامة ورجي نفعه أبيح شربه لدفع ما هو أخطر منه كغيره وقيل لا لأن فيه تعريضا للتلف ويكره أن يستطب مسلم ذميا لغير ضرورة وأن يأخذ منه دواء لم يبين مفرداته وصرح في المذهب بجوازه
( تستحب عيادة المريض ) والسؤال عن حالة لأخبار وقيل بعد ثلاثة أيام لفعله عليه السلام رواه ابن ماجه بإسناده ضعيف عن أنس وأوجب الشيرازي وجماعة عيادته لظاهر الأمر به والمراد مرة واختاره الآجري وفي
____________________
1-
(2/214)
وتذكير التوبة والوصية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الرعاية فرض كفاية كوجه في إبتداء السلام ويغب بها وظاهر إطلاق جماعة خلافه قال في الفروع ويتوجه اختلافه باختلاف الناس والعمل بالقرائن بكرة وعشيا ويكره وسط النهار نص عليه وفي رمضان ليلا لا مبتدع نص عليهما ويأخذ بيده ويقول لا بأس طهور إن شاء الله تعالى لفعله عليه السلام ويخير بما يجد بلا شكوى وكان أحمد يحمد الله أولا لخبر ابن مسعود إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك وينفس له في اجله لخبر رواه ابن ماجه عن أبي سعيد فإن ذلك لا يرد شيئا ويدعو له ويستحب بما رواه أبو داود والحاكم وقال على شرط البخاري عن ابن عباس مرفوعا ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله يقول سبع مرات أسال الله رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي لكن ذكر ابن الجوزي يكره أن يعود امرأة غير محرمة أو تعود امرأة من أقاربها وإن كانت أجنبية فهل يكره يحتمل وجهين وأطلق غيره عيادتها ( وتذكيره ) إذا خيف موته قاله في الوجيز ( التوبة ) لأنها واجبة عليه على كل حال وهو أحوج إليها من غيرها لقوله عليه السلام إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر يعنى ما لم تبلغ روحه إلى حلقه ( والوصية ) لقوله عليه السلام ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده متفق عليه من حديث
____________________
1-
(2/215)
فإذا نزل به تعاهد بل حلقه بماء أو شراب وندى شفتيه بقطنه ولقنه قول لا إله إلا الله مرة ولم يزد على ثلاث إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه بلطف ومدارة ويقرأ عنده سورة يس وتوجيهه إلى القبلة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ابن عمر ( فإذا نزل به ) أي نزل الملك به لقبض روحه ( تعاهد ) أرفق أهله وأتقاهم لربه ( بل حلقة بماء أو شرب وندى شفتيه بقطنة ) لأن ذلك يطفىء ما نزل به من الشدة ويسهل عليه النطق بالشهادة ( ولقنه قول لا إله إلا الله ) لما روى مسلم عن أبي سعيد مرفوعا لقنوا موتاكم لا إله إلا الله وأطلق على المختصضر ميتا باعتبار ما هو واقع لا محالة وعن معاذ مرفوعا من كان آخره كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة رواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد واقتصر عليها لأن إقراره بها بالأخرى وفيه شيء وفي الفروع احتمال وقاله بعض العلماء يلقن الشهادتين لأن الثانية تبع فلهذا اقتصر في الخبر على الأولى قال أبو المعالي ويكره من الوارثة بلا عذر ( مرة ) نقله مهنا وأبو طالب ( ولم يزد على ثلاث ) لئلا يضجره وعن أبن المبارك لما حضره الموت فجعل رجل يلقنه لا إله إلا الله فأكثر عليه فقال إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم ( إلا أن يتكلم بده فيعيد تلقينه بلطف ومدرارة ) ذكره النووى إجماعا لأن اللطف مطلوب في كل موضع فنها أولى ( ويقرأ عنده سورة يس ) لقوله عليه السلام اقرؤوا يس على موتاكم رواه أبو داود وابن ماجه وفيه لين من حديث معقل بن يسار ولأنه يسهل خروج الروح ونص على أنه يقرأ عنده فاتحة الكتاب وقيل وتبارك
( و ) يستحب ( توجيهه إلى القبلة ) لقوله عليه السلام عن البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا رواه داود ولقوله حذيفة وجهوني وعلى جنبه
____________________
1-
(2/216)
فإذا مات أغمض عينيه وشد لحييه ولين مفاصله وخلع ثيابه وسجاه بثوب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأيمن أفضل نص عليه إن كان المكان واسعا وعنه مستلقيا اختاره الأكثر وعنه سواء وعلى الثانية يرفع رأسه قليلا ليصير وجهه إلى القبلة ذكره جماعة ويستحب تطهير ثيابه ذكره في المغني والشرح لأن أبا سعيد لما حضر الموت دعا بثياب جدد ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها رواه أبو داود وذكر ابن الجوزي عن بعض العلماء أن المراد بثيابه عمله ( فإذا مات أغمض عينيه ) لأن عليه السلام أغمض أبا سلمة وقال إن الملائكة يؤمنون على ما تقولون رواه وعن شداد مرفوعا إذا حضرتم الميت فأغمضوا البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإنه على ما قال رواه أحمد ولئلا يقبح منظره ويساء به الظن ويقول ممن يغمضه بسم الله وعلى وفاة رسول الله نص عليه
فرع يغمض الرجل ذات محرم وتغمضه وكره أحمد أن تغمضه حائض أو جنب أو يقرباه وتغمض الأنثى مثلها أو صبي وفي الخنثى وجهان
( وشد لحييه ) لئلا يدخله الهوام أو الماء في وقت غسله ( ولين مفاصله ) لتبقى أعضاؤه سهلة على الغاسل لينة ومعناه أنه يرد ذراعيه إلى عضديه ثم يردهما إلى جنبيه ثم يدهما ويرد ساقيه إلى فخديه وهما إلى بطنه ثم يردهما ويرد ساقيه إلى فخديه وهما إلى بطنه يردهمات ويكون ذلك عقب موته قبل قسوتها فإن شق ذلك تركه ( وخلع ثيابه ) لئلا يحمى جسده فيسرع الفساد ويتغير وربما خرحت منه نجاسة فلوثتها ( وسجاه ) أي غطاه ( بثوب
____________________
1-
(2/217)
يستره وجعل على بطنه مرآة نحوها ووضعه على السرير غسله متوجها منحدرا نحو رجليه ويسارع في قضاء دينه وتفريق وصيته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يستره ) لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة متفق عليه ولأنه أعظم في كرامته وينبغي أن يعطف فاضل الثواب عند راسه ورجليه لئلا يرتفع الريح ( وجعل على بطنه مرآة ) بكسر الميم التي ينظر فيها ( أو نحوها ) من حديد أو طين لقول أنس صعوا على بطنه شيئا من حديد ولئلا ينتفخ بطنه قال ابن عقيل وهذا لايتصور إلا وهو ظهره ( ووضعه على السرير غسله ) لأنه يبعد عن الهوام ويرتفع عن نداوة الأرض ( متوجها ) إلى القبلة على جنبه الأيمن وقيل على ظهره ( منحدرا نحو رجليه ) أي يكون رأسه أعلى من رجليه لينصب عنه ماء الغسل وما يخرج منه
( و ) يجب أن ( يسارع في قضاء دينه ) لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي هريرة مرفوعا نفي المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ولا فرق بين دين الله تعالى ودين الآدمي زاد في الرعاية قبل غسله وقال السامري قبل دفنه بوفائه أو برهن أو ضمين عنه إن تعذر وفاؤه عاجلا ولما فيه من إبراء الذمة
( و ) يسن ( تفريق وصيته ) لما فيه من تعجيل الأجر واقتضى ذلك تقديم الدين على الوصية لقول علي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية وذهب أبو ثور إلى عكسه لظاهر النص وجوابه أن الوصية لما أشبهت الميراث في كونها بلا عرض فكان في إخراجها مشقة على الوارث فقدمت حثا على إجراجها قال الزمخشري ولذلك جيء بكلمة أو التسوية أي فيستويان في
____________________
1-
(2/218)
وتجهيز إذا تيقن موته بانفصال كفيه وميل أنفه وانخساف صدغيه واسترجاء رجليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الاهتمام وعدم الضييع وإن كان مقدما عليها ( وتجهيز ) لقوله عليه السلام لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله رواه أبو داود ولأنه أصون له وأحفظ من التغيير لكن لا بأس أن ينتظر من يحضره من وليه وغيره إن كان قريبا ولم يخش عليه أو يشق عليه أو يشق على الحاضرين نص عليه فإن مات فجأة أو شك في موته انتظر به حتى موته قال أحمد من غدوة إلى الليل وقال القاضي ترك يومين أو ثلاثة ما لم يخف فساده ( إذا تيقن موته بانفصال كفيه وميل أنفه وانخساف صدغيه واسترجاء رجليه ) لأن هذه العلامات دالة على الموت يقينا زاد في الشرح والرعاية وامتداد جلده وجهه وظاهر المستوعب والتخليص والفروع أن ذلك راجع إلى المارعة في تجهيزه وكلام ابن تميم دال على أن هراجع إلى قوله ولين مفاصله وما بعده وظاهر كلامه في المذهب وصرح به ابن المنجا أنه راجع إلى قضاء الدين وما بعده لأن الأولين لاولاء به لأحد عليهما إلا بعد الموت والتجهيز قبل تيق الموت تفريط
مسألة لا يستحب النعي وهو النداء بموته بل يكره نص عليه ونقل صالح لا يعجبني وعنه يكره إعلام غير صديق أو قريب ونقل حنبل أو جار وعنه أو أهل دين ويتوجه يستحب لإعلامه عليه السلام أصحابه بالنجاشي في اليوم الذي مات فيه متفق عليه من حديث أبي هريرة وفيه كثرة المصلين فيحصل لهم ثواب ونفع للميت ولا بأس بتقبيله والنظر إليه ولو بعد تكفينه نص عليه
____________________
1-
(2/219)
فصل في غسل الميت غسل الميت وتكفنه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فصل في غسل الميت
( غسل الميت ) المسلم ( وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته اغسلوا بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه متفق عليه من حديث ابن عباس وقال عليه السلام صلوا على من قال لا إله إلا الله رواه والدارقطني وضعف ابن الجوزي طرقه كلها والسترة واجبة في الحياة فكذا بعد الموت ولأن في تركه أذى للناس وهتكا لحرمته ولا نعلم فيه خلافا وظاهر الوجيز أن حمله كفاية وصرح في المذهب بالاستجاب وأما اتباعه فسنة ذكره المؤلف وابن تميم لحديث البراء فعلى ما ذكره يسقط فرضها برجل أو خنثى أو امرأة
ويس لها الجماعة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ويشترط لغسله ماء طهور وإسلام غاسل وعقله ولو جنبا وحائضا وفي مميز رويتان كأذانه فدل على أنه لا يكفي من الملائكة وهو ظاهر كلام الآكثر وفي الانتصار يكفي إن علم
تذنيب كره أحمد للغاسل والحفار أخذ أجرة على عمله إلا أن يكون محتاجا فيعطى من بيت المال أعطي بقدر عمله وذكر بعضهم أن
____________________
1-
(2/220)
وأولى الناس به وصيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته ثم ذوو أرحامه إلا الصلاة عليه فإن الأمير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة أنه يجوز على الصحيح لكن ذكر القاضي في الجامع أنه إذا أعطى على الصلاة والحج وتعليم القرآن من غير شرط أنه يجوز وأحسنه كلامه في الخصال إذا اختص فاعله أن يكون من أهل القربة إذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى غيره كالجهاد والقضاء والإقامة جاز أخذ الرزق عليه وإن لم يعد نفعه إلى غيره لم يجز كالصلاة والصيام والحج وكل ما لم يختص فاعله أن يكون من أهل القربة كالبناء يجوز أخذ الأجرة عليه فقط
( وأولى الناس به وصيه ) العدل لأن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء وأوصى أنس أن يغسله محمد بن سرين ولأنه حق للميت يقدم فيه وصيه على غيره وقيل أو فاسق وقيل لا تصح الوصية بذلك وقيل بالصلاة فقط مع وجود عصبته الصالح للإمامة ( ثم أبوه ) لاختصاصه بالحنو والشفقة لأنه مقدم على الابن في ولاية النكاح فكذلك في الصلاة ( ثم جده ) وإن علا فلمشاركة الأب في المعنى وعنه يقدم الابن على الجد لا على الأب قال في الفروع ويتوجه تخريج في النكاح ( ثم الأقرب فالأقرب من عصباته ) فيقدم الابن ثم ابنه وإن نزل ثم الأخ من الأبوين ثم الأب على الترتيب الميراث وعنه يقدم أخ وابنه على جد وعنه سواء ( ثم ذوو أرحامه ) كالميراث ثم الأجانب وهم أولى من زوجه وأجنبية أولى منزوج وسيد وزوج أولى من سيد وزوجه من أم ولد ثم صديقه بعضهم قال في الفروع فيتوجه منه تقديم الجار على أجنبي ( إلا الصلاة عليه فإن الأمير ) وهو الإمام
____________________
1-
(2/221)
أحق بها بعد وصيه وغسل المرأة أحق الناس به الأقرب فالأقرب من نسائها ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه في أصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أو الحاكم من قبله ( أحق بها بعد وصيه ) لأنه عليه السلام كان يصلي على الجنائز ولم ينقل أنه كان يستأذن أحد من العصبيات وقد دل على أن الوصي يقدم على الأمير لأن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر قاله أحمد وقال أوصى عمر أن يصلي عليه صهيب وأوصيت أم سلمة أن يصلي عليها سعيد بن زيد وأوصى أبو بكرة أن يصلي عليه أبو هريرة فإن قدم الوصي غيره فوجهان فإن وصى إلى اثنين قيل يصليان معا وقيل منفردين ووصيته إلى فاسق مبني على صحة إمامته
( وغسل المرأة أحق الناس به ) وصيتها قاله في المحرر والفروع زاد في الوجيز وغير الفاسقة والمؤلف ترك ذكرها استغناء بما سبق ( الأقرب من نساءها ) فتقدم أمها وإن علت ثم بنتها وإن نزلت ثم القربى كالميراث وعمتها وخالتها سواء لا ستوائها في القرب والمحرمية وكذا بنت أخيها وبنت أختها وقيل تقدم بنت الأخ ثم أقرب نساء محارمحها ثم الأجنبيات
فرع تسن البداءة بمن يخاف عليه ثم بأقرب ثم بأفضل ثم بأسن ثم بقرعة ( ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه في أصح الروايتين ) هذا هو المذهب لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك رواه أحمد والدارقطني بإسناده فيه ابن إسحاق وروى
____________________
1-
(2/222)
وكذلك السيد مع سريته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ابن المنذر أن علينا غسل فاطمة وقد روي عن عائشة أنها قالت لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه وقد وقع ولم ينكر ولأن آثار النكاح من عدة الوفاة والإرث باقية فكذا الغسل والثانية ليس له ذلك لأنها فرقة تباح بها أختها سواها فوجب أن يحرم النظر واللمس كالمطلقة قبل الدخول ولأن البينونة حصلت بالموت وما زالت عصمة النكاح فلم يجر كالاجنبية وعنه يجوز لعدم غيره فيحرم نظر عورة وحكي عنه المنع مطلقا كالمذهب فيمن أبانها في مرضه وعنه يجوز لها دونه اختاره الخرقي وابن أبي موسى والفرق أمن للمرأة رخصة في النظر للأجنبي بخلاف الرجل إذ محذور الشهوة فيها أخف وقد نفاه المؤلف وحمل كلامه على التنزيه وفيه نظر فإنه ظاهر رواية صالح وعلى الأولى يشمل ما قبل الدخول وأنها تغسله وإن لم تكن في عدة كما لو ولدت عقب موته والمطلقة الرجعية إن أبيحت وعنه المنع بناء على تحريمها ( وكذلك السيد مع سريته ) لأنها فراش له ومملوكة وحكم الملك في إباحة اللمس والنظر حكم الزوجة في الحياة بل بقاء الملك أولى لبقاء وجوب تكفينا ومؤنة دفنها كالحياة بخلاف الزوجة والثانية المنع لأن الملك ينتقل منها إلى غيره وعلى الأولى لا يغسل أمته المزوجة والمعتدة من زوج فإن كانت في استبراء فوجهان ولا المعتق بعضها وحكم أم الولد كالأمة وفيه وجه لأنها عتقت بموته ولم يبق علقة من ميراث ونحوه
فائدة السرية هي المة التي بوأها بيتا منسوبة إلى السر وهو الجماع وضموا السين لأن الحركات قد تغير في الأبنية خاصة كما قالوا في النسبة
____________________
1-
(2/223)
وللمراة والرجل غسل من له دون سبع سنين وفي ابن السبع وجهان وإن مات رجل بين أو امرأة بين رجال أو خنثى مشكل يمم في اصح الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلى الدهر دهري وقال الأخفش هي مشتة من السر لأنه يسر بها
( وللمرأة والرجل غسل من له دون سبع سنين ) ذكرا كان أو أنثى نص عليه واختاره الأكثر لأنه لا عورة له بدليل أن إبراهيم ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم غسله النساء قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه أن المرأة تغسل الصبي الصغير فتغسله مجرد بغير ستره وتمس عورته والنظر إليها وعنه الوقف في الرجل للارية وقيل بمنعه اختاره المؤلف وصاحب الوجيز لأن عورتها أفحش وعنه يغسل ابنته الصغيرة وعنه يكره دون السبع إلى ثلاث ( وفي ابن السبع وجهان ) أحدهما يجوز قدمه ابن تميم لأنه فاقد أهلية فهم الخطاب وليس محلا للشهوة أشبه لطفل لكن قال أحمد يستر إذا بلغ السبع والثاني لا اختاره أبو بكر وابن حامد وهو ظاهر المحرر والوجيز لأنه بلغ سنا يحصل فيه التمييز أشبه من فوقها ولأنه مأمور بالصلاة والتفرقة بينهم في المضاجع وقيل تحد الجارية بتسع لقول عائشة إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امراة رواه أحمد وذكره البخاري وظاهره أنه إذا زاد على السبع لا يغسله غير نوعه صرح به في النهاية وغيرها لأنه يصير محلا للشهوة ويحرم النظر إلى عورته المغلظة كالبالغ وعنه إلى عشر اختاره أبو بكر أمكن الوطء أولا
( وإن مات رجل بين نسوة أو امرأة ن بين رجال أو خنثى مشكل يمم في أصح الروايتين ) هذا هو المقصور في المذهب لما روى تمام في فوائده عن واثلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ماتت المرأة نع الرجال ليس بينهم محرم يمم
____________________
1-
(2/224)
وفي الأخرى يصب عليه من فوق القميص ولا يمس ولا يغسل كافر ولا يدفنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تيمم كما ييمم الرجال ولأنه لا يحصل بالغسل من غير مس تنظيف ولا إزالة نجاسة بل ربما كثرت والمنصوص أنه يلف على يده خرقه لئلا يمسه وقيل لا يجب إن كان ذا رحم محرم وعلم منه أنه لا مدخل للرجال في غسل الأقارب من النساء ولا بالعكس في قول اكثرهم لتحريمها كالأجنبية وبناه ابن تميم على تحريم النظر إلى ما لا يظهر غالبا وعنه لا بأس بغسل ذات محرم منفوق قميص عند مع ستر ما حرم النظر إليه ( ولا يمس ) وتغطى وجوهم وقيل بل يمس من وراء حائل وعنه هو واليتمم سواء والرجال أولى بالخنثى وقيل النساء
( ولا يغسل مسلم كافرا ) لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } [ الممتحنة 13 ] وفي غسله تول لهم ولأنه لا يصلي عليه كالأجنبي ( ولا يدفنه ) ولا يحتمله ولا يكفنه ولا يتبع جنازته للنهي عن الموالاة وهو عام ولأنه تعظيم وتطهير له أشبه الصلاة عليه وفارق غسله في حياته فإنه لا يقصد ذلك ولا فرق فيه بين القريب والزوجة وغيرهما وعنه يجوز ذلك كله اختاره الآجري وأبو حفص قال رواه الجماعة وعنه يجوز دون غسله دون غسله قدمه ابن تميم واختاره المجد قال في الرعاية وهو أظهر الرعاية لعدم ثبوته في قصة أبي طالب وعنه دفنه كالعدم لأنه عليه لما أخبر بموت أبي طالب قال لعلي اذهب فواره رواه أبو داود والنسائي وإذا غسل فكثوب نجس فلا وضوء ولا نية للغسيل ويلقى
____________________
1-
(2/225)
إلا أن لا يجد من يواريه غيره وإذا أخذ في غسله ستر عورته وجرده وقال القاضي يغسله في قميص خفيف واسع الكمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في حفرة وإذا أراد أن يتبعه ركب وسار أمامه ( إلا أن لا يجد من يواريه غيره ) فإنه يلزمنا دفنه في ظاهر كلام أصحابنا لأن قتلى بدر ألقوا في القليب ولأنه يتضرر بتركه ويتغير ببقائه مسلما نص عليه وقد تقديم وفيه وجه يجوز إن لم تجب نية غسله ويغسل حلال محرما وبالعكس لأن كل واحد منهما تصح طهارته وغسله
( وإذا أخذ في غسله ستر عورته ) وهو ما بين سرته وركبته على المذهب حذارا من النظر إليها لقوله عليه السلام لعلي لا تبرز فخدك ولا تنظر إلى فخد حي ولا ميت ( وجرده ) نص عليه في رواية الأثرم وهو المذهب لأن ذلك أمكن في تغسيله وأبلغ في تطهيره وأشبه بغسل الحي وأصون له من التنجس إذ يحتمل خروجها منهولفعل الصحابة بدليل أنهم قالوا لا ندري أنجرد النبي صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا والظاهر أنه عليه السلام أمرهم به وأقرهم عليه ( وقال القاضي ) وهو رواية عن أحمد واقتصر ابن هبيرة في حكايتها عنه فقط واختارها الشريف وابن عقيل وقدمها السامري وصاحب التخليص ( يغسله في قميص خفيف واسع الكمين ) لأنه عليه السلام غسل في قميصه رواه مالك وأحمد قال يعجبني أن يغسل وعليه ثوب يدخل يده من تحت الثوب ولأنه أستر للميت وإن لم يكن واسع الكمين توجه أن يفتق رؤوس الدخاريص وأدخل يده منها والأول أشهر وغسله عليه السلام في قميص
____________________
1-
(2/226)
ويستر الميت عن العيون ولا يحضر إلا من يعين في غسله ثم يرفع راسه برفق إلى قريب من الجلوس ويعصر رفيقا ويكثر صب الماء حيئذ ثم يلف على يده خرقة فينجية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) من خصائصه واحتمال المفسدة منتفية في حقه لأنه لا يغطي وجهه نقله الجماعة والحديث المروي فيه لا أصل له وظاهر كلام أبي بكر يسن وأومأإليه لأنه ربما تغير لدم أو غيره فيظن السوء ( ويستر الميت عن العيون ) تحت ستر أو سقف لأنه ربما كان به عيب يستره في حياته أو تظهر عورته واستحب ابن سيرين أن يكون البيت مظلما ذكره أحمد لأنه أستر فدل على أنه لا يستحب تغسيله تحت السماء لئلا يستقبلها بعورته وللخبر ولا ينظر الغاسل إلا لما بد منه ( ولا يحضره إلا من يعين في غسله ) لأنه ربما حدث أمر يكره الحي أن يطلع منه على مثله وربما ظهر فيه شيء وهو في الظاهر منكر فيتحدث به فيكون فضيحة والحاجة غير داعية إلى حضوره بخلاف من يعين الغاسل بصب ونحوه واسثنى وابن عقيل أن لوليه الدخول عليه كيف شاء ( ثم يرفع إلى قريب من الجلوس ويعصر بطنه ) ليخرج ما في جوفه من نجاسة ( عصرا رفيقا ) لأن الميت في محل الشفقة والرحمة وعنه يفعله في الثانية وعنه بل في الثالثة لأنه لا يلين حتى يصيبه الماء ويستثى منه الحامل فإنه لا يعصر بطنها لخبر رواه الخلال وظاهره أنه لا يجلسه لأن فيه أذية له ويكون ثم بخور لئلا يظهر منه ريح ( ويكره صب الماء حينئذ ) ليذهب ما خرج ولا يظهر رائحته ( ثم يلف على يده خرقة فينجيه ) وفاقا لأن في ذلك إزالة النجاسة وطهارة للميت من غير تعدي النجاسة إلى الغاسل وظاهره أنهلا يكفي مسحها ولا وصول الماء بل يجب أن ينجى ويكفيه خرقة واحدة قاله في المجرد وقال غيره بل لا بد لكل فرج من
____________________
1-
(2/227)