وفي صَوْمٍ وَحَجٍّ لِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَجْهَانِ ( م 5 ) وقيل إنْ نذرت بِإِذْنِهِ أو قبل النكاح فَلَهَا النَّفَقَةُ ونقل أبو زرعة الدمشقي تصوم النذر بلا إذنه وفي الواضح في حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط وأن في صلاة وصوم واعتكاف منذور في الذمة وجهين قال في الفنون سفر التغريب يحتمل أن تسقط فيه وإن أحرمت بفريضة أو مكتوبة في وقتها وبسنتها فلها النفقة وفي التبصرة في سقوطها ( ( ( الوجه ) ) ) في ( ( ( الثالث ) ) ) حج فرض احتمال كزائدة على الحضر وفي بقائها في نزهة أو تجارة أو زيارة أهلها احتمال وَإِنْ اخْتَلَفَا في بَذْلِ تَسْلِيمٍ حَلَفَ وَقُبِلَ قَوْلُهُ وفي نُشُوزٍ وَأَخْذِ نَفَقَةٍ حَلَفَتْ وَقُبِلَ قَوْلُهَا وقال الْآمِدِيُّ إنْ اخْتَلَفَا في نُشُوزٍ فَإِنْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ صُدِّقَ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ صُدِّقَتْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَنْعِ وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّمْكِينِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ وفي التَّبْصِرَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قبل الدُّخُولِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا في النَّفَقَةِ قَوْلَ من يَشْهَدُ له الْعُرْفُ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَالْغَالِبُ أنها تَكُونُ رَاضِيَةً وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ كما لو أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ فَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا وَأَوْلَى لِأَنَّ هُنَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ قال وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَقْضُونَ بِالْيَدِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما له البيتوتة وهو الصواب ولكن على هذا ينبغي أن تجب النفقة لها بمقدار ذلك
والوجه الثاني ليس له ذلك لعدم وجوب النفقة إذن
المسألة 5 قوله وفي صوم وحج لنذر معين وجهان انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما لها النفقة ذكره القاضي وصححه في التصحيح وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه فإنه قال فإن صامت أو حجت لغير فرض فلا نفقة
والوجه الثاني لا نفقة لها اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور والوجيز
قلت وهو أولى من الوجه الأول قال ابن نصر الله في حواشيه وأظهرهما سقوطها والصواب أنه إذا كان النذر بإذنه فلها النفقة وإلا فلا وهو الوجه الثالث الذي ذكره المصنف
____________________
1-
(5/446)
الْعُرْفِيَّةِ وَتَقْدِيمِهَا على الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ فِيمَا إذَا تَدَاعَى الزَّوْجَانِ في مَتَاعِ الْبَيْتِ أو صَانِعَانِ في مَتَاعِ الْحَانُوتِ فَصْلٌ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْقُوتِ أو الْكِسْوَةِ أو بِبَعْضِهِمَا فَلَهَا الْفَسْخُ على الْأَصَحِّ ( ه ) وَصَاحِبَيْهِ وَالظَّاهِرِيَّةُ على التَّرَاخِي أو الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَذَكَرَ ابن الْبَنَّا وَجْهًا يُؤَجَّلُ ثَلَاثًا وهو أَصَحُّ قَوْلَيْ ( ش ) وَلَهَا الْمُقَامُ وَلَا تُمَكِّنُهُ وَلَا يَحْسِبُهَا وَنَفَقَةُ الْفَقِيرِ في ذِمَّتِهِ ما لم تَمْنَعْ نَفْسَهَا ( وش ) ثُمَّ إنْ أحب ( ( ( أحبت ) ) ) الْفَسْخَ مَلَكَتْهُ على الْأَصَحِّ
وَكَذَا لو رَضِيَتْ عُسْرَتَهُ أو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بها وفي الرِّعَايَةِ لَا في الْأَصَحِّ قال بَعْضُهُمْ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُعَيَّنَةِ مع تَجَدُّدِ حَقِّهِ بالإنتفاع كَتَجَدُّدِ حَقِّ الْمَرْأَةِ من النَّفَقَةِ أَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ أو الْمَهْرَ قبل النِّكَاحِ فَسَبَقَ في الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ في النِّكَاحِ وَإِنَّمَا لم يَسْقُطْ لِعَدَمِ انْعِقَادِ سَبَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ قال في الهدى هذا إنْ كان في الْمَسْأَلَةِ إجْمَاعٌ وَإِنْ كان فيها خِلَافٌ فَلَا فَرْقَ بين الْإِسْقَاطَيْنِ وَسَوَّيْنَا بين الْحُكْمَيْنِ فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا فَرْقٌ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ وقال وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدُهَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرَّ الْمَرْأَةَ بِأَنَّهُ ذُو مَالٍ فَتَزَوَّجَتْ على ذلك فَظَهَرَ لَا شَيْءَ له أو كان ذَا مَالٍ وَتَرَكَ النَّفَقَةَ عليها ولم تَقْدِرْ على أَخْذِ كِفَايَتِهَا من مَالِهِ بِنَفْسِهَا أو بِحَاكِمٍ أَنَّ لها الْفَسْخَ وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أو كان مُوسِرًا ثُمَّ افْتَقَرَ فَلَا فَسْخَ لها ولم يَزَلْ الناس تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ ولم يَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ كَذَا قال
وَمَنْ قَدَرَ يَتَكَسَّبُ أُجْبِرَ وفي التَّرْغِيبِ على الْأَصَحِّ وَفِيهِ وَلِلصَّانِعِ الذي لَا يَرْجُو عَمَلًا أَقَلُّ من ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فإذا عَمِلَ دَفَعَ نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا فَسْخَ ما لم يَدُمْ وفي الْمُغْنِي لَا وَلَوْ تَعَذَّرَ الْكَسْبُ بَعْضَ زَمَنِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَرِضُ وَلَوْ تَعَذَّرَ أَيْضًا أَيَّامًا يَسِيرَةً يزوله ( ( ( بزواله ) ) ) قَرِيبًا وَإِنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مُوسِرَةٍ أومتوسطة أو أُدُمٍ فَلَا فَسْخَ في الْأَصَحِّ فيه كَنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ وَخَادِمٍ وفي الإنتصار في الْكُلِّ احْتِمَالٌ مع ضَرَرِهَا وَيَبْقَى في ذِمَّتِهِ وَأَسْقَطَ الْقَاضِي يَسَارٍ وَتَوَسُّطٍ
____________________
(5/447)
وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَوَجْهَانِ ( م 6 ) وَلَا فَسْخَ في الْمَنْصُوصِ لِوَلِيِّ أَمَةٍ رَاضِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ وَإِنْ مَنَعَ مُوسِرٌ بَعْضَ نَفَقَةٍ أو كِسْوَةٍ وَقَدَرَتْ على مَالِهِ أَخَذَتْ كِفَايَتَهَا وَكِفَايَةَ وَلَدِهَا عُرْفًا بِلَا إذْنِهِ نَصَّ عليه وفي الرَّوْضَةِ الْقِيَاسُ مَنْعُهَا تَرَكَاهُ لِلْخَبَرِ
وفي وَلَدِهَا وَجْهٌ في التَّرْغِيبِ وَلَا تَقْتَرِضُ على الْأَبِ وَلَا تُنْفِقُ على الصَّغِيرِ من مَالِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا تُضَحِّي عن أَهْلِ الْبَيْتِ أَيْضًا وَمَتَى لم تَقْدِرْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ أو دَفَعَهَا منه يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ غَيَّبَهُ وَصَبَرَ أو غَابَ مُوسِرٌ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ بِاسْتِدَانَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَهَا فراقة وَمَنَعَ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَقِيلَ لَا في الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ عُذْرٍ وفي الْمُغْنِي بَلْ فيها أَوْلَى لِأَنَّ الْحَاضِرَ قد يُنْفِقُ لِطُولِ الْحَبْسِ
وَلِلْحَاكِمِ بَيْعُ عَقَارٍ وَعَرَضٍ لِغَائِبٍ إذَا لم يَجِدْ غَيْرَهُ وَيُنْفِقُ عليها يَوْمًا بِيَوْمٍ وَلَا يَجُوزُ كُلُّ شَهْرٍ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ ثُمَّ إنْ بَانَ مَيِّتًا قبل إنْفَاقِهِ حَسَبَ عليها ما أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا أو بِأَمْرِ الْحَاكِمِ قال ابن الزَّاغُونِيِّ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَمَبْلَغُ الْمَهْرِ فَإِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ كَتَبَ إنْ سَلَّمْتَ إلَيْهَا حَقَّهَا وَإِلَّا بِعْتُ عَلَيْك بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَبَى أو لم يَعْلَمْ مَكَانَهُ بَاعَ بِقَدْرِ نِصْفِهِ لِجَوَازِ طَلَاقِهِ قبل الدُّخُولِ فَإِمَّا إنْ لم تُوجَدْ نَفَقَةٌ ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ بِطَلَبِهَا وَكَذَا قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وَقَالَا في النَّفَقَةِ وما تَجِدُ من يُدِينُهَا عليه وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ في الْغَائِبِ ولم يَذْكُرْهُ في الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ الْمَانِعِ مع أَنَّهُ قد سَبَقَ في التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لو أَعْسَرَ نفقة ( ( ( بنفقة ) ) ) زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله وإن أعسر بالسكنى فوجهان يعني هل لها الفسخ بذلك أم لا وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما لها الفسخ وهو الصحيح صححه في التصحيح واختاره ابن عقيل وجزم به في الوجيز والمنور
والوجه الثاني لا فسخ لها ذكره القاضي وقطع به الآدمي في منتخبه وابن عبدوس في تذكرته وهو ظاهر ما قدمه في المحرر
____________________
1-
(5/448)
تُجْبَرْ وَرَفْعُ النِّكَاحِ هُنَا فَسْخٌ قال في التَّرْغِيبِ في قَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا فَيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلَى حَاكِمٍ فإذا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فُسِخَ بِطَلَبِهَا أو فُسِخَتْ بِأَمْرِهِ ( وش ) وَلَا يَنْفُذُ بِدُونِهِ وَقِيلَ ظَاهِرًا وفي التَّرْغِيبِ يَنْفُذُ مع تَعَذُّرِهِ زَادَ في الرِّعَايَةِ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا هو طَلَاقٌ أَمَرَهُ بِطَلَبِهَا بِطَلَاقٍ أو نَفَقَةٍ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عليه جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ مع عُسْرَتِهِ وَقِيلَ بَلَى فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ( م 7 ) وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَهَذَا وَالْقَوْلُ بِالْفَسْخِ وَقِيلَ إنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ فَلَوْ لم يَقْدِرْ فَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ
وَقِيلَ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُتَخَلِّفَةِ نَفَقَتُهُ وفي الْمُغْنِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ( م 8 )
وَهِيَ فَسْخٌ فَإِنْ أَجْبَرَهُ على الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فَرَاجَعَ ولم يُنْفِقْ فَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْفَسْخَ وَمَذْهَبُ ( م ) يُؤَجَّلُ في عَدَمِ نَفَقَةِ نَحْوِ كل شَهْرٍ فَإِنْ انْقَضَى وَهِيَ حَائِضٌ فَحَتَّى تَطْهُرَ وفي الصَّدَاقِ عَامَيْنِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عليه الْحَاكِمُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَإِنْ أَيْسَرَ في الْعِدَّةِ فَلَهُ ارْتِجَاعُهَا وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ فَمُوسِرٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ مع عُسْرَتِهِ وَقِيلَ بَلَى فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً انْتَهَى
الْقَوْلُ الثَّانِي هو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لم أَطَّلِعْ على من اخْتَارَهُ وَيُعَايَا بها عليه
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ في الْمَسْأَلَةِ وَقِيلَ إنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ فَلَوْ لم يَقْدِرْ فَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ المتخلفة ( ( ( المختلفة ) ) ) نَفَقَتُهُ وفي الْمُغْنِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى ما قَالَهُ في الْمُغْنِي هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوِيٌّ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ
____________________
1-
(5/449)
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ لِرَجْعِيَّةٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى كَزَوْجَةٍ وَكَذَا لِكُلِّ بَائِنٍ حَامِلٍ نَصَّ عليه وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ بِوَضْعِهِ وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ لَا يَلْزَمُهُ وَهِيَ سَهْوٌ وفي الرَّوْضَةِ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وفي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ وُجُوبُهُمَا لِحَائِلٍ وَعَنْهُ لها سُكْنَى اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وفي الإنتصار لَا تَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَعِدَّةٍ وَمَنْ نَفَاهُ ولا عن فَإِنْ صَحَّ فَلَا نَفَقَةَ فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَزِمَهُ ما مَضَى وَإِنْ لم يُنْفِقْ يَظُنُّهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا رَجَعَتْ على الْأَصَحِّ وَبِالْعَكْسِ يَرْجِعُ عليها على الْأَصَحِّ وفي الْوَسِيلَةِ إنْ نَفَى الْحَمْلَ فَفِي رُجُوعِهِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ نَصَّ عليه وَعَنْهُ إنْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ فَإِنْ مَضَتْ ولم يَبِنْ رَجَعَ وَعَنْهُ لَا كَنِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِتَفْرِيطِهِ كَنَفَقَتِهِ على أَجْنَبِيَّةٍ كَذَا قالوا وَيُتَوَجَّهُ فيه الْخِلَافُ قال الشَّيْخُ وَإِنْ كَتَمَتْ بَرَاءَتهَا منه فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا
وَهَلْ نَفَقَةُ الْحَامِلِ له أو لها لِأَجْلِهِ فَعَنْهُ لها فَلَا تَجِبُ لِنَاشِزٍ وَحَامِلٍ من شُبْهَةٍ وَفَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ وَتَجِبُ مع رِقِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَعَلَى غَائِبٍ وَمُعْسِرٍ وَلَا يُنْفِقُ بَقِيَّةَ قَرَابَةِ حَمْلٍ وَعَنْهُ له فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( م 9 ) وَأَوْجَبَهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَهَلْ نَفَقَةُ حَمْلٍ له أو لها لِأَجْلِهِ فَعَنْهُ لها وَعَنْهُ له اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ انْتَهَى وَهُمَا وَجْهَانِ في الْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا هِيَ لِلْحَمْلِ وَهِيَ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَصَحُّهُمَا أنها لِلْحَمْلِ قال الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَشْهَرُهُمَا وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ لها من أَجْلِهِ صَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهَا ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بها في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(5/450)
شيخنا له ولها لأجله وجعلها كمرضعة له بأجرة وفي الواضح في مسألة الرق ورايتان كحمل في نكاح صحيح أو لا حرمة له وإن قلنا هي لها فلا نفقة والفسخ لعيب كنكاح فاسد وعند القاضي كصحيح وهو أظهر
قال في الترغيب في حامل من شبهة وهل يلزم الزوج نفقة يلزمه كمكرهه ونائمة لا إن ظنته زوجها وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عنها كَزَانِيَةٍ وَعَنْهُ لها سُكْنَى اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فَهِيَ كَغَرِيمٍ وفي الْمُغْنِي إنْ مَاتَ هي ( ( ( وهي ) ) ) في مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ وَعَنْهُ لِحَامِلٍ سُكْنَى وَنَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَنَقَلَ الْكَحَّالُ في أُمِّ وَلَدٍ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا وَنَقَلَ جَعْفَرٌ من جَمِيعِ الْمَالِ ( م 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ نَقَلَ الْكَحَّالُ في أُمِّ الْوَلَدِ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا وَنَقَلَ جَعْفَرٌ من جَمِيعِ الْمَالِ انْتَهَى
ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِمُتَوَفًّى عنها لِقَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عنها وَلَكِنْ إذَا قُلْنَا إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لها نَفَقَةٌ فَهَلْ ذلك من مَالِ حَمْلِهَا أو من جَمِيعِ الْمَالِ ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَمَاتَ فَهَلْ نَفَقَتُهَا من الْكُلِّ أو من حَقِّ وَلَدِهَا على رِوَايَتَيْنِ وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ في نفقه أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهَا لَا نَفَقَةَ لها نَقَلَهَا حَرْبٌ وابن بُخْتَانَ
وَالثَّانِيَةُ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ ما في بَطْنِهَا نَقَلَهَا الْكَحَّالُ
وَالثَّالِثَةُ إنْ لم تَكُنْ وَلَدَتْ من سَيِّدِهَا قبل ذلك فنفقتهامن جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كانت حَامِلًا وَإِنْ كانت وَلَدَتْ قبل ذلك فَهِيَ في عِدَادِ الْأَحْرَارِ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ وَلَدِهَا نَقَلَهَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ قال وَهِيَ مُشْكِلَةٌ جِدًّا وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا وَاسْتَشْكَلَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فقال الْحَمْلُ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَيَتَوَقَّفُ نَصِيبُهُ فَكَيْفَ يُتَصَرَّفُ فيه قبل تحقق ( ( ( تحقيق ) ) ) الشَّرْطِ يجاب ( ( ( ويجاب ) ) ) بِأَنَّ هذا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ من حِينِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذلك فإذا حَكَمْنَا له بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فيه بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عليه وَعَلَى من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ على أَنَّهُ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ كما يَتَصَرَّفُ في مَالِ الْمَفْقُودِ انْتَهَى فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(5/451)
باب نفقة القريب والرقيق والبهائم
تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا وَوَلَدُهُ وَإِنْ سلفوا ( ( ( سفلوا ) ) ) بِالْمَعْرُوفِ أبو بَعْضُهَا وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مع فَقْرِهِمْ إذَا فَضَلَ عن نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَرَفِيقَةٍ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ من كَسْبِهِ وَأُجْرَةِ مِلْكِهِ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ وَوَرَثَتُهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ وَعَنْهُ تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا ( * ) نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ في الْحَالِ فَلَا تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ وَعَنْهُ بَلْ إنْ وَرِثَهُ وَحْدَهُ لَزِمَتْهُ مع يَسَارِهِ وَمَعَ فَقْرِهِ تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا فَلَا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مع أَبٍ فَقِيرٍ وَأَخًا مُوسِرًا مع ابْنٍ فَقِيرٍ على الْأَوْلَى وَتَلْزَمُ على الثَّانِيَةِ وَإِنْ اعْتَبَرَ وَارِثٌ في غَيْرِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ لَزِمَتْ الْجَدَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا وَوَلَدُهُ وَإِنْ سَفَلُوا وَعَنْهُ وَوَرَثَتُهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ وَعَنْهُ تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا
تَابَعَ في هذه الْعِبَارَةِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فيه فَأَدْخَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ من عَمُودِيِّ النَّسَبِ في وُجُوبِ النَّفَقَةِ لهم وقد صَرَّحَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ في كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجَهُمْ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ قال المنصف بَعْدَ ذلك وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَعَنْهُ تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ فَقَدَّمَ هُنَا أنها لَا تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ من ذَوِي الأحارم ( ( ( الأرحام ) ) ) وَقَدَّمَ في كَلَامِهِ الْأَوَّلِ أنها تَجِبُ لهم فَنَاقَضَ لَا يُقَالُ كَلَامُهُ ثَانِيًا مُخَصِّصٌ لِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّا نَقُولُ ذِكْرُهُ لِلرِّوَايَتَيْنِ بَعْدَهُ يَرُدُّ ذلك وَسَبَبُ التَّنَاقُضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ تَابَعَ صحاب الْمُحَرَّرِ في كَلَامِهِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ أَخْرَجَهُمْ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ من غَيْرِ عَمُودِيِّ النَّسَبِ وَتَابَعَ في كَلَامِهِ الثَّانِي ابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ فإنه قال وَلَا نَفَقَةَ لِذِي رَحِمٍ وَعَنْهُ تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ لَكِنْ ابن حَمْدَانَ لم يُدْخِلْ في كَلَامِهِ أَوَّلَ الْبَابِ ذَوِي الْأَرْحَامَ والمنصف ( ( ( والمصنف ) ) ) أَدْخَلَهُمْ فَحَصَلَ ما حَصَلَ هذا ما أظهر ( ( ( ظهر ) ) ) لي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(5/452)
قال الشيخ وهو الظاهر وأطلق في الترغيب أوجها ثلاثة وعنه يعتبر توارثهما اختاره أبو محمد الجوزي ولا نفقه لذوي الأرحام نقله جماعة ونقل جماعة تجب لكل وارث واختاره شيخنا لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام بل أولى قال وعلى هذا ما ورد من حمل الخال للعقل وقوله ابن أخت القوم منهم وقوله مولى القوم منهم وكان مسطح ابن خالة أبي بكر فيدخلون في قوله { وآت ذا القربى حقه } الإسراء 26 وأوجبها جماعة كعمودي نسبه فقط ومن له وارث لزمتهم بقدر إرثهم إلا الأب يختص بنفقه ولده وفي الواضح ما دامت أمه أحق به وقال ابن عقيل ومثله الولد وقال القاضي وأبو الخطاب القياس في أب وابن أن يلزم الأب سدس فقط لكن تركه أصحابنا لظاهر الآية فأم وجد أو ابن وبنت بينهما أثلاثا وأم وبنت أرباعا ويتخرج يلزمها ثلثاها بإرثهما فرضا وجد وأخ أو أم أم وأم أب سواء ولا تلزم أبا أم مع أم وابن بنت معها وإن كان أحد الورثة موسرا لزمه بقدر إرثه هذا المذهب وعنه الكل ولا يعتبر النقض فتجب لصحيح مكلف لا حرفه له وعنه بلى كاتفاق دينهما وفيه وجه وذكره الآمدي رواية وعنه فيهما غير عمودي نسبه وفي الموجز في الثانية رواية غير والد
وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْأَوِّلَةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ وَقَالُوا وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ في أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ وَتَسْقُطُ عن أبيه نَفَقَتُهُ فَكَانَ كَالْغَنِيِّ في حِرْمَانِ الزَّكَاةِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمُ الْكَسْبَ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْأُولَى قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ ذَكَرُوهُ في إجازة ( ( ( إجارة ) ) ) الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ وَقَالُوا وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ في أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ وَتَسْقُطُ عن أبيه نَفَقَتُهُ فَكَانَ كَالْغَنِيِّ في حِرْمَانِ الزَّكَاةِ انْتَهَى
الظَّاهِرُ أنه مُرَادَهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَهُمَا في التَّرْغِيبِ في الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حرفه له وَعَنْهُ بَلَى انْتَهَى قال في الْقَوَاعِدِ
____________________
1-
(5/453)
وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ ثُمَّ التَّسَاوِي وَقِيلَ يُقَدَّمُ وَارِثٌ ثُمَّ التَّسَاوِي فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ وَقِيلَ الْأُمُّ وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ ( م 2 ) نَقَلَ أبو طَالِبٍ الِابْنُ أَحَقُّ بِالنَّفَقَةِ منها وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَالْأَوْجُهُ في جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ ( م 3 ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا أَبٌ وَابْنٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ وَيُقَدَّمُ أبو أَبٍ على أبي أُمٍّ وَمَعَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وخرج صاحب التَّرْغِيبِ المسألة ( ( ( بإرث ) ) ) على روايتين من اشتراط ( ( ( مال ) ) ) انتفاء ( ( ( والده ) ) ) الحرفة للإنفاق ( ( ( إذنه ) ) ) وهو ( ( ( بالمعروف ) ) ) ضعيف وأظهر منه أن يخرج على الخلاف في إجبار المفلس على الكسب لوفاء دينه انتهى إذَا علمت ( ( ( احتاج ) ) ) ذلك فقد ( ( ( يتصدق ) ) ) قال في القواعد وأما وجوب النفقة على أقاربه من الكسب فصرح القاضي في خلافه والمجرد وابن عقيل في مفرداته وابن الزاغوني والأكثرون بالوجوب قال القاضي في خلافه لا فرق في ذلك بين الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب ( ( ( أنفق ) ) ) وخرج صاحب ( ( ( بإذن ) ) ) الترغيب ( ( ( حاكم ) ) ) على ( ( ( رجع ) ) ) الروايتين في ( ( ( وبلا ) ) ) اشتراط ( ( ( إذن ) ) ) انتفاء الحرفة لوجوب نفقة القريب انتهى فما نقله المنصف عن جماعة باللزوم هو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب ولعل المصنف ما اطلع على ما نقله في القواعد وإنما رأى جماعة ذكروا ذلك في إجازة المفلس واستطاعة الحج على ما ذكره وهو الظاهر والله أعلم
تنبيه ليس في كلام المصنف إفصاح بالروايتين اللتين بنى عليهما صاحب الترغيب المسألة وقد قال في الرعاية وغيره فإن عدم الحرفة فروايتان يعني في وجوب النفقة له
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ ثُمَّ التَّسَاوِي وَقِيلَ يُقَدَّمُ وَارِثٌ ثُمَّ التَّسَاوِي فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ وَقِيلَ الْأُمُّ وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بين الِابْنِ وَالْأَبِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَيْهِمَا وهو الصَّحِيحُ جزم بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ في الْقُرْبِ فَالْعَصَبَةُ انْتَهَى
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ عليه
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ في جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ انْتَهَى قد عَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ في التي قَبْلَهَا فَكَذَلِكَ هذه وَقَدَّمَ الشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ
____________________
1-
(5/454)
أبي أبي أب يستويان وقيل يقدم أبو أم وفي الفصول احتمال عكسه جزم به الشيخ وفي المستوعب يقدم الأحوج في الكل واعتبر في الترغيب بإرث وأن مع الاجتماع يوزع لهم بقدر إرثهم وَمَنْ تَرَكَهُ لم يَلْزَمْهُ الْمَاضِي أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ وجزم به في الفصول وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ لأنه تأكد بفرضه كنفقة الزوجة وفي الْمُحَرَّرِ وَإِذْنُهُ في الِاسْتِدَانَةِ ( * )
وظاهر ( ( ( والذي ) ) ) ما اختاره شيخنا ( ( ( أنها ) ) ) ويستدين عليه ( ( ( تلزمه ) ) ) فلا يرجع ( ( ( فرضت ) ) ) إن ( ( ( وتلزمه ) ) ) استغنى بكسب ( ( ( الاستدانة ) ) ) أو نفقة متبرع وظاهر كلام أصحابنا يأخذ بلا إذنه كزوجة نقل ابناه والجماعة يأخذ من مال والده بلا إذنه بالمعروف إذا احتاج ولا يتصدق وقال شيخنا من أنفق عليه بِإِذْنِ حَاكِمٍ رجع ( ( ( وقوله ) ) ) عليه وبلا إذن فيه خلاف ( ( ( يفرض ) ) ) وَمَنْ لَزِمَهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ لَزِمَهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَعَنْهُ في عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَعَنْهُ لِامْرَأَةِ أبيه وَعَنْهُ لَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْإِعْفَافِ وَلِمَنْ يَعِفُّ قريبة أَنْ يُزَوِّجَهُ حُرَّةً تُعِفُّهُ وَبِسُرِّيَّةٍ وَيُقَدَّمُ تَعْيِينُ قَرِيبٍ وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ وفي التَّرْغِيبِ التَّعْيِينُ لِلزَّوْجِ وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أعفة بها مع غِنَاهُ في الْأَصَحِّ
وَيُصَدَّقُ في أَنَّهُ بِلَا يَمِينٍ وَيُتَوَجَّهُ بِيَمِينِهِ وَيُعْتَبَرُ عَجْزُهُ وَيَكْفِي إعْفَافُهُ بِوَاحِدَةٍ وَيُعِفُّهُ ثَانِيًا إنْ مَاتَ وَقِيلَ لَا كَمُطَلَّقٍ لِعُذْرٍ في الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمِّهِ كَالْأَبِ قال الْقَاضِي وَلَوْ سَلَّمَ فَالْأَبُ آكَدُ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا عليه وَيُتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا وهو ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ كل إنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْفَرَائِضِ هل يَلْزَمُ الْعَتِيقَ نَفَقَةُ مَوْلَاهُ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ظِئْرٍ صَغِيرٍ حَوْلَيْنِ من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيهان
أحدهما قوله ومن تركه لم يلزمه الماضي أطلقه الأكثر وذكر بعضهم إلا بفرض حاكم وفي المحرر وإذنه في الاستدانة انتهى ظاهره أن في المحرر يلزمه بشيئين بفرض حاكم وإذنه في الاستدانة والذي في المحرر أنها لا تلزمه وإن فرضت وتلزمه في الاستدانة بإذن حاكم وقوله وذكر بعضهم إلا أن يفرض حاكم قال في الشرح فإن فرضها حاكم فينبغي أن تلزمه لأنها تأكدت بفرضه وفي الرعايتين تسقط إلا إن فرضها حاكم
____________________
1-
(5/455)
لِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ من رَضَاعِهِ وَقِيلَ بَلَى إذَا كانت في حِبَالِهِ كَخِدْمَتِهِ نَصَّ عليها وَلَهَا أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حتى مع رِضَا زَوْجٍ ثَانٍ وَلَوْ مع مُتَبَرِّعَةٍ وفي الْوَاضِحِ وَفَوْقَهَا مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ هِيَ أَحَقُّ بِمَا يَطْلُبُ بِهِ من الْأُجْرَةِ لَا بِأَكْثَرَ وفي الْمُنْتَخَبِ إنْ اسْتَأْجَرَهَا من هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا ثُمَّ فيه لِبِنَاءٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا فَيُحَلِّفُهَا أنها أَنْفَقَتْ عليه ما أَخَذَتْ منه وَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِخَوْفِ تَلَفِهِ وَلَهُ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ مَجَّانًا وَلِزَوْجٍ ثَانٍ مَنْعُهَا من رَضَاعِ وَلَدِهَا من الْأَوَّلِ نَصَّ عليه إلَّا لِضَرُورَتِهِ نَقَلَ مُهَنَّا أو شَرَطَهَا وَلَا يُفْطَمُ قبل حَوْلَيْنِ إلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ ما لم يَنْضُرْ وفي الرِّعَايَةِ هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ رَضِيَا
وقال في بَابِ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ مُبَاحٌ من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُبَاحُ من امْرَأَةٍ وفي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ أُبِيحَ بَعْدَ زَوَالِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وفي التَّرْغِيبِ له فِطَامُ رقيقة قلبهما ( ( ( قبلهما ) ) ) ما لم يَنْضُرْ قال في الرِّعَايَةِ وَبَعْدَهُمَا ما لم تَنْضُرْ الْأُمُّ
وَيَلْزَمُهُ خِدْمَةُ قَرِيبٍ لِحَاجَةٍ كَزَوْجَةٍ وَمَذْهَبٌ ( 5 ) تَجِبُ النَّفَقَةُ على كل ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِذِي رَحِمِهِ بِشَرْطِ قُدْرَةِ الْمُنْفِقِ وَحَاجَةِ الْمُنْفَقِ عليه وَإِنْ كان الْمُنْفَقُ عليه كَبِيرًا اُعْتُبِرَ مع فَقْرِهِ عمي أو زَمَانَةً وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ على الْمِيرَاثِ إلَّا أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ على أبيه خَاصَّةً وَيُعْتَبَرُ عِنْدَهُ اتِّحَادُ الدِّينِ في غَيْرِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ لَا فيه وَمَذْهَبٌ ( م ) تَجِبُ على والولد ( ( ( الولد ) ) ) ذَكَرًا كان أو أُنْثَى نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ وَتَجِبُ على الْأَبِ فَقَطْ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ الدِّينُ أولا وَمَذْهَبٌ ( ش ) تَجِبُ لِعَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً مع اتِّحَادِ الدِّينِ وَاعْتُبِرَ عَجْزُ الْمُنْفَقِ عليه بِصِغَرٍ أو جُنُونٍ أو زَمَانَةٍ إنْ كان من الْعَمُودِ الْأَسْفَلِ وَإِنْ كان من الْأَعْلَى فَقَوْلَانِ وإذا بَلَغَ الْوَلَدُ صَحِيحًا فَلَا نَفَقَةَ
____________________
(5/456)
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ رقيقة عُرْفًا وَلَوْ آبِقٌ وَأَمَةٌ نَاشِزٌ قال جَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أبي يَعْلَى الصَّغِيرِ في مُكَاتَبٍ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى من غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَكِسْوَتُهُ مُطْلَقًا وَتَزْوِيجُهُمْ بِطَلَبِهِمْ إلَّا أَمَةً يَسْتَمْتِعُ بها فَإِنْ أبي أُجْبِرَ وَتُصَدَّقُ في أَنَّهُ لَا يَطَأُ قال في التَّرْغِيبِ على الْأَصَحِّ وفي الْمُسْتَوْعِبِ يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْمُكَاتَبَةِ بِطَلَبِهَا وَلَوْ وَطِئَهَا وَأُبِيحَ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ ابن الْبَنَّا وَكَأَنَّ وَجْهَهُ لِمَا فيه من اكْتِسَابِ الْمَهْرِ فَمَلَكَتْهُ كَأَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ لِمَا فيه من إسْقَاطِ حَقِّ السَّيِّدِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ وَلَا يُكَلِّفُهُ مُشِقًّا نَصَّ عليه وَالْمُرَادُ مَشَقَّةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا يَجُوزُ تَكْلِيفُ الْأَمَةِ بِالرَّعْيِ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ لِبُعْدِهَا عَمَّنْ يَذُبُّ عنها
قال مُعَاوِيَةُ بن الْحَكَمِ كانت لي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ مَكَانٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ قال فَاطَّلَعَتْ ذَاتَ يَوْمٍ فإذا الذِّئْبُ قد ذَهَبَ بِشَاةٍ من غَنَمِهَا وأنا رَجُلٌ من بَنِي آدَمَ آسَفُ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَغْضَبُ كما يَأْسَفُونَ وَلَكِنِّي صَكَكْتهَا صَكَّةً فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَظَّمَ ذلك عَلَيَّ قُلْت يا رَسُولَ الله أَفَلَا أَعْتِقُهَا قال ائْتِنِي بها فَأَتَيْته بها فقال أَيْنَ اللَّهُ قالت في السَّمَاءِ قال من أنا قالت أنت رسول اللَّهِ قال أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وأبو دَاوُد وَإِنْ خَافَ مَفْسَدَةً لم يَسْتَرْعِهَا
وقد ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن نَقْلِ أَسْمَاءَ النَّوَى على رَأْسِهَا لِلزُّبَيْرِ نحو ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ من الْمَدِينَةِ أَنَّهُ حُجَّةٌ في سفرالمرأة السَّفَرَ الْقَصِيرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَرَعْيُ جَارِيَةِ مُعَاوِيَةَ ابن الْحَكَمِ في مَعْنَاهُ ( * ) وَأَوْلَى فَيُتَوَجَّهُ على هذا الْخِلَافِ وَأَمَّا كَلَامُ شَيْخِنَا وَمَعْنَاهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الثَّانِي قَوْلُهُ ورعى جَارِيَةِ الْحَكَمِ في مَعْنَاهُ صَوَابُهُ جَارِيَةِ ابْنِ الْحَكَمِ أو مُعَاوِيَةَ ابن الْحَكَمِ وقد تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ قَرِيبًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(5/457)
لغيره فيجوز مثل هذا قولا واحدا لأنه ليس بسفر شرعا ولا عرفا ولا يتأهب له أهبته وظاهر ما سبق أنه لا يكلفه مشقا أنه لا يجوز للنهي
وقاله ابن هبيرة وحكاه في شرح مسلم إجماعا قال فإن أعانه عيله فلا بأس لقوله صلى الله عليه وسلم فإن كلفتموهم فأعينوهم وقال وفي هذا الحديث أنه يؤمر الشاق على رقيقة بالبيع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فليبعه لكن هذا الأمر على طريق الوعظ لا الإجبار كذا قال ويريحه وقت قائله ونوم وصلاة ويداويه وجوبا قاله جماعة وظاهر كلام جماعة يستحب وهو أظهر
قال ابن شهاب في كفن الزوجة العبد لا مال له فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ولهذا النفقة المختصة المرض تلزمه من الدواء وأجرة الطبيب بخلاف الزوجة ويركبه في السفر عقبة وتلزمه إزالة ملكه بطلبه وامتناعه مما يلزمه فقط نص عليه كفرقة زوجة قاله في عيون المسائل وغيرها في أم ولد كما هو ظاهر كلامهم
قال شيخنا في مسلم بجيش ببلاد التتار أبي بيع عبده وعتقه ويأمره بترك المأمور وفعل المنهى فهربه منه إلى بلاد الإسلام واجب فإنه لا حرمة لهذا ولو كان في طاعة المسلمين وَالْعَبْدُ إذَا هَاجَرَ من أَرْضِ الْحَرْبِ فإن حُرٌّ وقال وَلَوْ لم تُلَائِمْ أَخْلَاقُ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عن مِلْكِهِ لِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فما لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ كَذَا قال رَوَى أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ من حديث أبي ذَرٍّ فَمَنْ لَاءَمَكُمْ من مَمْلُوكِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَمَنْ لَا يلائكم ( ( ( يلائمكم ) ) ) فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ وَهُمَا خَبَرَانِ صَحِيحَانِ وَكَذَا أَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ وَيُسَنُّ إطْعَامُهُ من طَعَامِهِ فَإِنْ وله ( ( ( وليه ) ) ) فَمَعَهُ أو منه وَلَا يَأْكُلُ بِلَا إذْنِهِ نَصَّ عليه
وَيَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا بَعْدَ ربه ( ( ( ريه ) ) ) وَإِلَّا حَرُمَ ذلك وَلَا يَجُوزُ له إجَارَتُهَا بِلَا
____________________
(5/458)
إذْنِ زَوْجٍ كما سَبَقَ قال الشَّيْخُ لِاشْتِغَالِهَا عنه بِرَضَاعٍ وَحَضَانَةٍ وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ إذَا أَجَّرَهَا في مُدَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ فَلَوْ أَجَّرَهَا في غَيْرِهِ توجه ( ( ( يوجه ) ) ) الْجَوَازُ وَإِطْلَاقُهُ مُقَيَّدٌ بِتَعْلِيلِهِ وقد يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ فإما إنْ ضَرَّ ذلك بها لم يَجُزْ وَتَجُوزُ الْمُخَارَجَةُ بِاتِّفَاقِهِمَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ بَعْدَ نَفَقَتِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ وفي التَّرْغِيبِ إنْ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لم يُعَارَضْ وَيُؤْخَذُ من الْمُغْنِي لِعَبْدٍ مَخَارِجُ هَدِيَّةِ طَعَامٍ وَإِعَارَةِ مَتَاعٍ وَعَمَلِ دَعْوَةٍ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وظاهرهذا أَنَّهُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ له في التَّصَرُّفِ وَظَاهِرُ كلامه جَمَاعَةٍ لَا يَمْلِكُ ذلك وإن فَائِدَةَ الْمُخَارَجَةِ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الضربية ( ( ( الضريبة ) ) )
وفي كِتَابِ الْهَدْيِ له التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ على خَرَاجِهِ وَلَوْ مَنَعَ كان كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا ولم يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ فَائِدَةٌ بَلْ ما زَادَ تَمْلِيكٌ من سَيِّدِهِ له يَتَصَرَّفُ فيه كما أَرَادَ كَذَا قال وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُهُ كَوَلَدٍ وَزَوْجَةٍ كَذَا قالوا
وَالْأَوْلَى ما رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد عن لَقِيطٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَك ضَرْبَك أَمَتَك وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ لَا يَجْلِدُ أحدكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُجَامِعُهَا أو يُضَاجِعُهَا من آخِرِ الْيَوْمِ وَلِابْنِ مَاجَهْ بَدَلَ الْعَبْدِ الأمه وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا في ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ عنه مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وَلَا يَضْرِبُهُ شَدِيدًا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا ذَنْبٍ عَظِيمٍ لِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَيُقَيِّدُهُ إذَا خَافَ عليه وَيَضْرِبُهُ غير مُبَرِّحٍ فَإِنْ وَافَقَهُ وَإِلَّا بَاعَهُ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تُعَذِّبُوا عبادالله
قال الْوَاحِدِيُّ أَصْلُ الْعَذَابِ في كَلَامِ الْعَرَبِ من الْعَذْبِ وهو منع ( ( ( المنع ) ) ) يُقَالُ عَذَبْتُهُ عَذْبًا إذَا مَنَعْتُهُ وَعَذَبَ عُذُوبًا أَيْ المنع ( ( ( امتنع ) ) ) وسمى الْمَاءُ عَذْبًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَطَشَ وسمى العذب ( ( ( العذاب ) ) ) عَذَابًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُعَاقَبَ من مُعَاوَدَةِ مِثْلِ جُرْمِهِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ من مِثْلِ فِعْلِهِ وَظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ يُوَافِقُ ما سَبَقَ من اخْتِيَارِ شَيْخِنَا وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُقَيَّدُ وَيُبَاعُ
____________________
(5/459)
أَحَبُّ إلى وَنَقَلَ أبو دَاوُد يُؤَدَّبُ في فَرَائِضِهِ وإذا حَمَّلَهُ ما يُطِيقُ قِيلَ له فَضَرَبَ مَمْلُوكَهُ على هذا فَاسْتَبَاعَتْ وهو يَكْسُوهَا مِمَّا يَلْبَسُ وَيُطْعِمُهَا مِمَّا يَأْكُلُ قال لَا تُبَاعُ قِيلَ فَإِنْ أَكْثَرَتْ أَنْ تَسْتَبِيعَ قال لَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ تَحْتَاجَ زَوْجًا فَتَقُولَ زوجنى وقد رَوَى أبو دَاوُد من حديث عبدالله بن عُمَرَ وَالتِّرْمِذِيِّ من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قال رَسُولَ اللَّهِ كَمْ تَعْفُو عن الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عليه الْكَلَامَ فَصَمَتَ فلما كان في الثَّالِثَةِ قال اعفو عنه سَبْعِينَ مَرَّةً حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَلَا يُشْتَمُ أَبَوَاهُ الْكَافِرَانِ لَا يُعَوِّدُ لِسَانَهُ الْخَنَا والرادا ( ( ( والردى ) ) ) وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سيء ( ( ( سيئ ) ) ) الْمَلَكَةِ وهو الذي يُسِيءُ إلَى مملكوكه ( ( ( مملوكه ) ) ) نَصَّ علي ذلك وفي الْفُنُونِ الْوَلَدُ يَضْرِبُهُ وَيُعَزِّرُهُ وَأَنَّ مثله عَبْدٌ وَزَوْجَةٌ وَإِنْ بَعَثَهُ لِحَاجَةٍ فَوَجَدَ مَسْجِدًا يُصَلَّى فيه قَضَى حَاجَتَهُ وَإِنْ صلى فَلَا بَأْسَ نَقَلَهُ صَالِحٌ
وَنَقَلَ ابن هانىء إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فيه صلى وَإِلَّا قَضَاهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كان كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا في بَيْتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ لَمَّا انْقَطَعَ عَقْدُهَا وَأَقَامَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالنَّاسِ على غَيْرِ مَاءٍ فَعَاتَبَنِي أبو بَكْرٍ وقال ما شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعَنُ بيده في خَاصِرَتَيْ يَطْعَنُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وحكى فَتْحُهَا وَعَكْسُهُ الطَّعْنُ في الْمَعَانِي وَلَمَّا رَوَى ابن عم ( ( ( عمر ) ) ) لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ قال ابْنُهُ بِلَالٌ وَاَللَّهِ لَنَمْنَعَنَّ فسبى ( ( ( فسبه ) ) ) سَبًّا سَيِّئًا وَضَرَبَ في صَدْرِهِ
قال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ السِّرِّ الْمَصُونِ مُعَاشَرَةُ الْوَلَدِ بِاللُّطْفِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ وإذا اُحْتِيجَ إلَى ضَرْبِهِ ضُرِبَ وَيُحْمَلُ على أَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَيُجَنَّبُ سَيِّئَهَا فإذا كَبُرَ فَالْحَذَرَ منه وَلَا يُطْلِعُهُ على كل الْأَسْرَارِ وَمِنْ الْغَلَطِ تَرْكُ تَزْوِيجِهِ إذَا بَلَغَ فَإِنَّك تدرى ما هو فيه بِمَا كُنْت فيه فَصُنْهُ عن الزَّلَلِ عَاجِلًا خُصُوصًا الْبَنَاتَ وَإِيَّاكَ أَنْ تُزَوِّجَ الْبِنْتَ بِشَيْخٍ أو شَخْصٍ مَكْرُوهٍ وَأَمَّا المملموك ( ( ( المملوك ) ) ) فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْكُنَ إلَيْهِ
____________________
(5/460)
بِحَالٍ بَلْ كُنْ منه على حَذَرٍ وَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ منهم مُرَاهِقٌ وَلَا خَادِمٌ فَإِنَّهُمْ رِجَالٌ مع النِّسَاءِ وَنِسَاءٌ مع الرِّجَالِ وَرُبَّمَا امْتَدَّتْ عَيْنُ امرأه إلَى غُلَامٍ مُحْتَقِرٍ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ وَالْحَاجَةَ إلَى الْوَطْءِ تَهْجُمُ على النَّفْسِ وَلَا يُنْظَرُ في عِزٍّ وَلَا ذُلٍّ وَلَا سُقُوطِ جَاهٍ وَلَا تَحْرِيمٍ
وَمَنْ غَابَ عن أُمِّ وَلَدٍ زُوِّجَتْ في الْأَصَحِّ لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ وَيُتَوَجَّهُ أو وَطْءٍ عِنْدَ من جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ وفي الِانْتِصَارِ في غَيْبَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَةَ سَيِّدٍ غَائِبٍ من يلى مَالَهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ بَكْرٍ وَفِيهِ في أُمِّ وَلَدٍ النَّفَقَةُ إنْ عَجَزَ عنها وَعَجَزَتْ لَزِمَهُ عِتْقُهَا وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عن أُمِّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا قال كَيْفَ تَتَزَوَّجُ بِلَا إذْنِهِ قُلْت غَابَ سِنِينَ فَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ جاء السَّيِّدُ قال الْوَلَدُ لِلْأَخِيرِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَتُرَدُّ إلَى السَّيِّدِ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد الْمَفْقُودُ يَقْدَمُ وقد تَزَوَّجَتْ أُمُّ وَلَدِهِ قال تُرَدُّ إلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَمَتِهِ دُونَ زَوْجِهَا وَالْحُرَّةُ نَفَقَةُ وَلَدِهَا من عَبْدٍ نَصَّ على ذلك
وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةَ نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَكَسْبُهُ لها وَيُنْفِقُ على من بَعْضُهُ حُرٌّ بِقَدْرِ وَبَقِيَّتُهَا عليه وقيل لِأَحْمَدَ فَإِنْ أَطْعَمَ عِيَالَهُ حَرَامًا يَكُونُ ضَيْعَةً لهم قال شَدِيدًا وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِمَصْلَحَةِ بَهِيمَتِهِ فَإِنْ عَجَزَ أُجْبِرَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ على بَيْعٍ أو كِرَاءٍ أو ذَبْحِ مَأْكُولٍ فَإِنْ أبي فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَصْلَحَ أو اقْتَرَضَ عليه
قال في الْغُنْيَةِ وَيُكْرَهُ إطْعَامُهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ على الْأَكْلِ على ما اتَّخَذَهُ الناس عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ قال أبو الْمَعَالِي في سَفَرِ النُّزْهَةِ قال أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبَ دَابَّةً وَنَفْسَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ وَيَحْرُمُ تَحْمِيلُهَا مُشِقًّا وَحَلْبُهَا ما يَضُرُّ وَلَدَهَا وَجِيفَتُهَا له وَنَقْلُهَا عليه وَلَعَنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من وَسَمَ أو ضَرَبَ الْوَجْهَ وَنَهَى عنه فَتَحْرِيمُ ذلك ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ وَذَكَرُوهُ في ضَرْبِ الْوَجْهِ في الْحَدِّ وفي الْمُسْتَوْعِبِ في الْوَسْمِ يُكْرَهُ فَيُتَوَجَّهُ في ضَرْبِهِ مِثْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وهو في الآدمى أَشَدُّ قال ابن عَقِيلٍ لَا يَجُوزُ الْوَسْمُ إلَّا لِمُدَاوَاةٍ وقال أَيْضًا يَحْرُمُ لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ نَقَلَ ابن هانىء يُوسَمُ وَلَا يَعْمَلُ في اللَّحْمِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ خِصَاءَ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ وقال لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يخصى شيئا وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كَالْآدَمِيِّ ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ فيه ( ع )
____________________
(5/461)
تَخْرِيجُهُ على الْخِصَاءِ لِعَدَمِ النَّسْلِ فِيهِمَا وَنَقَلَ أبو دَاوُد يُكْرَهُ
وفي الغنية لا يجوز خصاء شىء من حيوان وعبيد نص عليه في رواية حرب وأبي طالب وكذلك السمة في الوجه على ما نقله أبو طالب للنهى وإن كان لا بد منه للعلامة ففي غير الوجه ونزو حمار على فرس يتوجه
وفي الرِّعَايَةِ يُبَاحُ خصر ( ( ( خصي ) ) ) الْغَنَمِ وَقِيلَ يُكْرَهُ كَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ أو وَتَرٍ وَجَزُّ مَعْرِفَةٍ وَنَاصِيَةٍ وفي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ لِلْخَبَرِ وَعَنْ سَهْلِ بن الْحَنْظَلِيَّةِ قال مَرَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِبَعِيرٍ قد لَحِقَ ظهر ( ( ( ظهره ) ) ) بِبَطْنِهِ فقال اتَّقُوا اللَّهَ في هذه الْبَهَائِمِ الْعُجْمَةِ فاركبوه ( ( ( فاركبوها ) ) ) صَالِحَةً وَكُلُوا لَحْمَهَا صَالِحَةً إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَعَنْ أبي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا لو غُفِرَ لَكُمْ ماتأتون إلَى الْبَهَائِمِ لَغُفِرَ لَكُمْ كَثِيرًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ في غَيْرِ ما خُلِقَ له كَالْبَقَرِ لِلْحَمْلِ أو للركوب ( ( ( الركوب ) ) ) وَالْإِبِلِ وَالْحُمْرِ لِلْحَرْثِ ذكوه الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ في الْإِجَارَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى المالك ( ( ( الملك ) ) ) جَوَازُ الانتفاغ ( ( ( الانتفاع ) ) ) بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ له وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ الناس
وَلِهَذَا يَجُوزُ أمل ( ( ( أكل ) ) ) الْخَيْلِ وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ في الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لم يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذلك وَقَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً أرد ( ( ( أراد ) ) ) أَنْ يَرْكَبَهَا قالت إنَّا لم نُخْلَقْ لِهَذَا إنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ مُتَّفَقٌ عليه أَيْ أَنَّهُ مُعْظَمُ النَّفْعِ وَلَا يلزمه ( ( ( يلزم ) ) ) منه مَنْعُ غَيْرِهِ وقال ابن حَزْمٍ في الصَّيْدِ اخْتَلَفُوا في رُكُوبِ الْبَقَرِ فيلزمه ( ( ( فيلزم ) ) ) الْمَانِعُ مَنْعَ تَحْمِيلِ الْبَقَرِ وَالْحَرْثِ بِالْإِبِلِ وَالْحُمُرِ وَإِلَّا فلم يعلم ( ( ( يعمل ) ) ) بِالظَّاهِرِ وَلَا بِالْمَعْنَى
وَرَوَى أَحْمَدُ عن سَوَادَةَ بن الرَّبِيعِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال له إذَا رَجَعْت إلَى بَيْتِك فَمُرْهُمْ فَلْيُحْسِنُوا غذاء ( ( ( غدا ) ) ) رَبَاعَهُمْ مرهم ( ( ( ومرهم ) ) ) فَلْيُقَلِّمُوا أَظَافِرَهُمْ وَلَا يَعْبِطُوا بها ضُرُوعَ مَوَاشِيهِمْ إذَا
____________________
(5/462)
حَلَبُوا قال أَحْمَدُ شَتَمَ دَابَّةً قال الصَّالِحُونَ لَا تُقْبَلُ شهادت ( ( ( شهادته ) ) ) هذه عَادَتُهُ وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عن عُمَرَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ كان في سَفَرٍ فَلَعَنَتْ امرأته ( ( ( امرأة ) ) ) نَاقَةً فقاله خُذُوا ما عليها وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تمشى في الناس ما يَعْرِضُ لها أَحَدٌ ولها ( ( ( ولهما ) ) ) من حديث أبي بَرْزَةَ لَا تُصَاحِبُنَا نَاقَةٌ عليها لَعْنَةٌ فَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ النَّهْيَ عن مُصَاحَبَتِهَا فَقَطْ وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ من حديث عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ أَنْ تزد ( ( ( ترد ) ) ) وقال لَا يصحبنى شىء مَلْعُونٌ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا من الْعُقُوبَةِ الْمَالِيَّةُ لِيَنْتَهِيَ الناس عن ذلك هو الذي ذَكَرَهُ ابن هُبَيْرَةَ في حديث عِمْرَانَ وَيُتَوَجَّهُ على الْأَوَّلِ احْتِمَالٌ إنَّمَا نهى لِعِلْمِهِ بِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَلِلْعُلَمَاءِ كَهَذِهِ الْأَقْوَالِ
وقال ابن حَامِدٍ إذَا لَعَنَ أَمَتَهُ أو ملكه ( ( ( ملكا ) ) ) من أَمْلَاكِهِ فَعَلَى مقاله أَحْمَدَ يَجِبُ إخْرَاجُ ذلك عن مِلْكِهِ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيُتَصَدَّقُ بالشىء ( ( ( بالشيء ) ) ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَعَنَتْ بَعِيرَهَا فقال صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَصْحَبُنَا مَلْعُونٌ خَلِّيهِ قال وقد يجىء ( ( ( يجيء ) ) ) في الطَّلَاقِ إذَا قال لزوجتك ( ( ( لزوجته ) ) ) ذلك وَلَعَنَهَا مِثْلَ ما في الْفُرْقَةِ وَلِمُسْلِمٍ من حديث أبي الدَّرْدَاءِ لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يوم القامة ( ( ( القيامة ) ) ) وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ إن رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ فَلَعَنَهَا فقال صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَلْعَنْهَا فإنه ( ( ( فإنها ) ) ) مَأْمُورَةٌ وإن ( ( ( وأنه ) ) ) من لَعَنَ شيئا ليس له بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عليه
____________________
(5/463)
وَسَبَّتْ عَائِشَةُ يَهُودَ وَلَعَنَتْهُمْ لَمَّا سَلَّمُوا على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا عَائِشَةُ لَا تَكُونِي فَاحِشَةً وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مَهْ يا عَائِشَةُ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الْبَذَاءُ من الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ في النَّارِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا ليس الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلَا لَعَّانٍ وَلَا فَاحِشٍ وَلَا بذىء ( ( ( بذيء ) ) ) رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُمَا
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ موفوعا ( ( ( مرفوعا ) ) ) ليس مِنَّا من خَبَّبَ امْرَأَةً على زَوْجِهَا أو عَبْدًا على سَيِّدِهِ إسناد ( ( ( إسناده ) ) ) جَيِّدٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَيْ خَدَعَهُ وَأَفْسَدَهُ وَلِأَحْمَدَ مِثْلُهُ من حديث بُرَيْدَةَ وَتُسْتَحَبُّ نَفَقَتُهُ على غَيْرِ حَيَوَانٍ ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَيُتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/464)
بَابُ الْحَضَانَةِ
لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلِ عَصَبَةٍ أو امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أو مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ أو عَصَبَةٍ ثُمَّ هل هِيَ لِحَاكِمٍ أو لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ فيه وَجْهَانِ ( م 1 ) فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّمُ أبو أُمٍّ وَأُمَّهَاتُهُ على الْخَالِ وفي تَقْدِيمِهِمْ على أَخٍ من أُمٍّ أو عَكْسِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَأَحَقُّ النِّسَاءِ بِطِفْلٍ أو مَعْتُوهٍ أُمُّهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ كَرَضَاعٍ قَالَهُ في الْوَاضِحِ ثُمَّ جَدَّاتُهُ ثُمَّ أَخَوَاتُهُ ثُمَّ عَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ ثُمَّ عَمَّاتُ أبيه وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَقِيلَ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ بَعْدَ بَنَاتِ إخواته ( ( ( إخوته ) ) ) وَأَخَوَاتِهِ وَتُقَدَّمُ أُمُّ أُمٍّ على أُمِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب الحضانة
مسألة 1 قوله ولا حضانة إلا لرجل عصبة أو امرأة وارثة أو مدلية بوارث أو عصبة ثم هل هي لحاكم أو لبقية الأقارب من رجل امرأة ثم لحاكم فيه وجهان انتهى وهما احتمالان للقاضي وبعده لصاحب الهداية والكافي والهادي وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والبلغة والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم
أحدهما لا حق في الحضانة وينتقل إلى الحاكم جزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي فإنهم ذكروا مستحقي الحضانة ولم يذكروهم فيهم وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وقدمه في الرعايتين والنظم في أول الباب وصححه في التصحيح
والوجه الثاني هو لبقية الأقارب من ذوي الأرحام دون الحاكم وهو الصحيح قال في المغني وهو أولى وجزم به ابن رزين في نهايته وصاحب تجريد العناية وقدمه ابن رزين في شرحه وقال هو أقيس وقدمه في النظم في موضع وصححه في آخر وقدمه في الرعايتين في أثناء الباب ولعله تناقض منهم
مسألة 2 قوله في المسألة فعلى الثانية يقدم أبو أم وأمهاته على الخال وفي تقديمهم على أخ من أم أو عكسه وجهان انتهى وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والمقنع والهادي والشرح وشرح ابن منجا والنظم وغيرهم
____________________
1-
(5/465)
أَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ على أُخْتٍ لِأَبٍ وَخَالَةٌ على عَمَّةٍ وَخَالَةُ أُمٍّ على خَالَةِ أَبٍ وَخَالَةُ أَبٍ على عَمَّتِهِ وَمُدْلٍ من خَالَةٍ وَعَمَّةٍ بِأُمٍّ ( و ) وَعَنْهُ عَكْسُهُ في الْكُلِّ واختاره شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ وَكَذَا قَرَابَتُهُ لِقُوَّتِهِ بها وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا في مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةُ ابنه حَمْزَةَ على عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ لِأَنَّ صَفِيَّةَ لم تَطْلُبْ وَجَعْفَرٌ طَلَبَ نَائِبًا عن خَالَتِهَا فَقَضَى الشَّارِعُ بها لها في غَيْبَتِهَا وَقَدَّمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ الْخَالَةَ على الْعَمَّةِ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ قال بَعْضُهُمْ فَتَنَاقَضُوا وَكَذَا قَالَهُ ( ش ) في الْجَدِيدِ
وَأَحَقُّ الرِّجَالِ أَبٌ ثُمَّ جَدٌّ ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ وَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عليهم إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ على غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَالْجَدَّ يُقَدَّمُ على غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأَبَوَيْنِ وَعَنْهُ تقديمها ( ( ( تقديمهما ) ) ) على غَيْرِ أُمٍّ عنه تُقَدَّمُ أُخْتٌ لِأُمٍّ وَخَالَةٌ على أَبٍ فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ على كل رَجُلٍ وَقِيلَ إنْ لم يُدْلِينَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ على الْأَبِ وَجِهَتِهِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ على امْرَأَةٍ مع قُرْبِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ ( م 3 )
وَلَا حَضَانَةَ لِعَصَبَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ على أُنْثَى وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ إنْ بَلَغَتْ سَبْعًا وفي التَّرْغِيبِ تُشْتَهَى وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مُطْلَقًا وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هو أو إلَى مَحْرَمِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى من أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ وَكَذَا قال فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ لِعَدَمِ عُمُومِهِ فَإِنْ أَبَتْ الْأُمُّ لم تُجْبَرْ وَأُمُّهَا أَحَقُّ وَقِيلَ الْأَبُ وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فيه رِقٌّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهُ الذي تَحْصُلُ الْكَفَالَةُ
وفي الْفُنُونِ لم تعرضوا ( ( ( يتعرضوا ) ) ) لِأُمِّ وَلَدٍ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا من سَيِّدِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ وهو الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ وفي الْمُغْنِي في مُعْتَقِ بَعْضُهُ قِيَاسُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما يقدمون عليه قدمه في الرعايتين
والوجه الثاني يقدم عليهما صححه في التصحيح
مسألة 3 قوله وقيل تقدم العصبية على امرأة مع قربه فإن تساويا فوجهان انتهى
أحدهما تقدم هي مع التساوي على هذا البناء وهو الصواب وهو ظاهر كلام الشارح وغيره
والوجه الثاني يقدم هو
____________________
1-
(5/466)
قَوْلِ أَحْمَدَ يَدْخُلُ في مهأياة وقال في الْهَدْيِ لَا دَلِيلَ على اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وقال ( م ) في حُرٍّ له وَلَدٌ في أَمَةٍ هِيَ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ فتنقل ( ( ( فتنتقل ) ) ) فَالْأَبُ أَحَقُّ قال وَهَذَا هو الصَّحِيحُ لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ قال وَتُقَدَّمُ بِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتَ حَاجَةِ الْوَلَدِ على حَقِّ السَّيِّدِ كما قي الْبَيْعِ سَوَاءٌ
وقال الْأَصْحَابُ وَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ وَخَالَفَ صَاحِبُ الْهَدْيِ لِأَنَّهُ قال لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّرْعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ وَأَقَرَّ الناس ولم يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا ولا حتياط الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ على وَلَدِهِ وَلَا لِكَافِرٍ على مُسْلِمٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَذَا أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ ( وم ش ) وَلَوْ رضي الزَّوْجُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ لَا تَسْقُطُ إنْ رضي بِنَاءً على أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ وَقِيلَ تَسْقُطُ إلَّا بِجَدَّةٍ ( وم ) وَالْأَشْهَرُ وَقَرِيبَةٍ وهو مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَنَسِيبَةٍ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ ذَاتِ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ ( و 5 ) وَعَنْهُ لها حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ
وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ في الْأَصَحِّ ( م ) فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ عَادَتْ ( م ) في النِّكَاحِ وَوَافَقَ في غَيْرِهِ بِنَاءً على أَنَّ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ أَنْتِ أَحَقُّ له مالم تَنْكِحِي تَوْقِيتٌ لِحَقِّهَا من الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ وَعَنْهُ في طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَعْدَ الْعِدَّةِ ( و 5 ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَجْهًا وَصَحَّحَهُ في التَّرْغِيبِ
وَنَظِيرُهَا لو وُقِفَ على أَوْلَادِهِ فَمَنْ تَزَوَّجَ من الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ له قَالَهُ الْقَاضِي وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا فيه احْتِمَالَانِ في الِانْتِصَارِ وَيُتَوَجَّهُ كَإِسْقَاطِ أَبٍ الرُّجُوعَ في هِبَةٍ
وفي كِتَابِ الهدى هل الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ أو عليه فيه قَوْلَانِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَيَنْبَنِي عليهما ( ( ( عليها ) ) ) هل لِمَنْ له الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عنها على قَوْلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عليه خِدْمَةٌ لِوَلَدٍ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ له وَإِلَّا وَجَبَتْ عليه خِدْمَتُهُ
____________________
(5/467)
مَجَّانًا وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ على الْقَوْلَيْنِ قال وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ وَقُلْنَا الْحَقُّ لها لَزِمَتْ الْهِبَةُ ولم تَرْجِعْ فيها وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عليها فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا كَذَا قال ( م 4 ) ثُمَّ قال هذا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَذَا قال
وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ فَقِيلَ لِلْمُقِيمِ وَقِيلَ لِلْأُمِّ وَقِيلَ مع قُرْبِهِ ( م 5 وم ( ( ( و 6 ) ) ) 6 ) وَالسُّكْنَى مع قربة لِلْأُمِّ وَقِيلَ لِلْمُقِيمِ وَمَعَ بُعْدِهِ وَلَا خَوْفَ لِلْأَبِ ( وم ش ) وَعَنْهُ لِلْأُمِّ وَقَيَّدَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ بِإِقَامَتِهَا وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هو لِلْمُقِيمِ إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ الْأُمُّ إلَى بَلَدٍ كان فيه أَصْلُ النِّكَاحِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله وهل ( ( ( الهدي ) ) ) يسقط حقها ( ( ( أراد ) ) ) بإسقاطها ( ( ( المنتقل ) ) ) فيه احتمالان ( ( ( مصلحة ) ) ) في الانتصار في مسألة الخيار هل يورث أم لا ويتوجه كإسقاط الرجوع في هبة وفي كتاب الهدي هل الحضانة حق للحاضن أو عليه فيه قولان في مذهب ( ( ( صورة ) ) ) أحمد ( ( ( المضارة ) ) ) وينبني ( ( ( والبعيد ) ) ) عليهما ( ( ( مسافة ) ) ) هل ( ( ( قصر ) ) ) لمن ( ( ( ونصه ) ) ) له الحضانة ان ( ( ( يمكنه ) ) ) يسقطها وينزل عنها على قولين وأنه لا يجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له وإلا عليه خدمته مجانا وللفقير الأجرة على القولين قال وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها وإن قلنا الحق عليها فلها الْعَوْدُ إلى طلبها كذا قال انتهى كلام المصنف قال ابن نصر الله في حواشيه كلامه في المغني يدل على سقوط حق الأم من الحضانة بإسقاطها وإن ذلك ليس محل خلاف وإنما محل النظر أنها لو أرادت العود فيها هل لها ذلك يحتمل قولين أظهرهما لها ذلك لأن الحق لها ولم يتصل تبرعها به بالقبض فلها العود كما لو أسقطت حقها من القسم انتهى قال في المغني وإن تركت الأم الحضانة مع استحقاقها لها ففيه وجهان
أحدهما تنتقل إلى الأب لأن أمهاتها فرع عليها في الاستحقاق ( ( ( يومه ) ) ) فإذا أسقطت حقها سقط فروعها
والثاني تنتقل إلى أمها وهو أصح لأن الأب أبعد فلا تنتقل إليه مع وجود الأقرب وكون آمها فرعها لا يقتضي سقوط حقها بإسقاط بنتها كما لو تزوجت انتهى ملخصا
مَسْأَلَةٌ 5 و 6 قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ فَقِيلَ لِلْمُقِيمِ وَقِيلَ لِلْأُمِّ وَقِيلَ مع قُرْبِهِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
____________________
1-
(5/468)
وقال صاحب الهدى إنَّ أراد ( ( ( الأم ) ) ) المنتقل ( ( ( أحق ) ) ) مضارة الآخر وانتزاع الولد ( ( ( المقيم ) ) ) لم ( ( ( أحق ) ) ) يجب إليه وإلا عمل ما فيه مصلحة طفل وهذا متوجه ولعله مراد الأصحاب فلا مخالفة لا سيما في صورة المضارة والبعيد مسافة قصر ونصه مالم يمكنه العود في يومه ( ( ( البعيد ) ) ) اختاره الشيخ
وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا فَعَنْهُ أَبُوهُ أَحَقُّ وَعَنْهُ أُمُّهُ وَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ ( م 7 ) ( و (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة الأولى ( ( ( أبى ) ) ) 5 إذا كان السفر ( ( ( عندها ) ) ) بعيدا ( ( ( ليلا ) ) ) لحاجة ( ( ( وعنده ) ) ) ثُمَّ يعود فهل المقيم أحق أم الأم أطلق الخلاف
أحدهما المقيم أحق وهو الصحيح جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا وابن رزين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى
والوجه الثاني الأم أحق مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم
المسألة الثانية 6 إذا كان السفر قريبا لحاجة ثم يعود ( ( ( اختار ) ) ) فهل المقيم ( ( ( أخذه ) ) ) أحق أم الأم ( ( ( اختار ) ) ) أطلق ( ( ( أبدا ) ) ) الخلاف
أحدهما المقيم أحق ( ( ( أسرف ) ) ) وهو ( ( ( تبين ) ) ) الصحيح ( ( ( قلة ) ) ) وبه ( ( ( تمييزه ) ) ) قطع ( ( ( فيقرع ) ) ) في المستوعب والمغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى
والوجه الثاني الأم أحق مطلقا أعني سواء كانت المسافرة أو المقيمة ( ( ( للأم ) ) ) جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والحاوي والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى ولنا قول إن الأم أحق هنا وإن قلنا المقيم أحق في البعيد وهو الذي ذكره المصنف وقد قدم في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي أن الأم أحق مطلقا في البعيد وقطعوا في القريب بأنها أحق فهناك قدموا مع حكايتهم الخلاف وهنا قطعوا
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا فَعَنْهُ أَبُوهُ أَحَقُّ وَعَنْهُ أُمُّهُ وَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ انْتَهَى
الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ التَّخْيِيرُ وَالْكَلَامُ على الرِّوَايَتَيْنِ على الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّخْيِيرِ فإنه
____________________
1-
(5/469)
ش ( ( ( أطلقهما ) ) ) ) فإن ( ( ( والصحيح ) ) ) أبي ذلك أقرع ( ( ( الأب ) ) )
وفي الترغيب احتمال أنه أمه أَحَقُّ كبلوغه غير رشيد ونقل أبو داود يخير ابن ست أو سبع ومذهب ( 5 ) أمه أحق حتى يأكل ويشرب ويلبس ( ( ( والرعايتين ) ) ) وحده فيكون عند أبيه ومتى أخذه الأب لم يمنع زيارة أمة ولا هي تمريضه وإن أخذته أمه كان عندها ليلا وعنده نهارا ليؤدبه ويعلمه ما يصلحه وإن ( ( ( الناظم ) ) ) اختار أحدهما ( ( ( الزركشي ) ) ) ثم ( ( ( أضعف ) ) ) اختار ( ( ( الروايات ) ) ) غيره ( ( ( الرواية ) ) ) أخذه وكذا ( ( ( تقول ) ) ) إنَّ اختارا أبدا وفي الترغيب إن أسرف ( ( ( الأم ) ) ) تبين ( ( ( أحق ) ) ) قلة تمييزه فيقرع أو للأم
وَإِنْ بَلَغَتْ أُنْثَى سَبْعًا فَعَنْهُ الْأُمُّ أَحَقُّ ( و 5 ) قال في الْهَدْيِ وَهِيَ الْأَشْهَرُ عن أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا وَقِيلَ تُخَيَّرُ وَذَكَرَهُ في الْهَدْيِ رِوَايَةً وقال نَصَّ عليها ( وش ) وَالْمَذْهَبُ الْأَبُ ( م 8 ) تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهِ أَمْ لَا وَعَنْهُ بَعْدَ تِسْعٍ فَإِنْ بَلَغَتْ فَعِنْدَهُ حتى يستلمها ( ( ( يتسلمها ) ) ) زَوْجٌ ( و 5 ) وَعَنْهُ عِنْدَهَا وَقِيلَ إنْ كانت أَيِّمًا أو الزَّوْجُ مُحْرِمًا وَقِيلَ إنْ حُكِمَ بِرُشْدِهَا فَحَيْثُ أَحَبَّتْ كَغُلَامٍ وَقَالَهُ في الْوَاضِحِ وَخَرَّجَهُ على عَدَمِ إجْبَارِهَا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً زَادَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ ثَيِّبًا وَعَلَى الْمَذْهَبِ لِأَبِيهَا مَنْعُهَا من الِانْفِرَادِ فَإِنْ لم يَكُنْ فَأَوْلِيَاؤُهَا وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عن أَبَوَيْهِ وَرَوَى ابن وَهْبٍ عن مَالِكٍ الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِمَا حتى يُثْغِرَا وَرَوَى ابن الْقَاسِمِ عن ( م ) حتى يَبْلُغَا وَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ من زِيَارَتِهَا قال في التَّرْغِيبِ لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا إلَّا مع أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا خَلْوَةَ لِأُمٍّ مع خَوْفِهِ أَنْ يفسد ( ( ( تفسد ) ) ) قَلْبَهَا قَالَهُ في الْوَاضِحِ وَيُتَوَجَّهُ فيه مِثْلُهَا وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا في بَيْتِهَا وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إنْ مَرِضَتْ وَغَيْرُ أَبَوَيْهِ كَهُمَا فيها تَقَدَّمَ وَلَوْ مع أَحَدِهِمَا وَلَا يُقِرُّ بِيَدِ من لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ أُقْرِعَ قبل السَّبْعِ وَخُيِّرَ بَعْدَهَا مُطْلَقًا وَحَضَانَةُ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كان بَعْضُهُ حُرًّا تَهَايَأَ فيه سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أطلقهما والصحيح منهما أن الأب أحق قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وهو ظاهر ما قدمه الناظم قال الزركشي أضعف الروايات الرواية التي تقول إن الأم أحق انتهى
مسألة 8 قوله وإن بلغت أنثى سبعا فعنه الأم أحق قال في الهدي وهي أشهر عن أحمد وأصح دليلا وقيل تخير ذكره في الهدي رواية وقال نص عليها والمذهب الأب انتهى
المذهب كما قال المصنف بلا ريب والكلام على القولين غيره فإن ظاهره إطلاق
____________________
1-
(5/470)
= كِتَابُ الْجِنَايَاتِ وَهِيَ عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ وسبه ( ( ( وشبه ) ) ) عَمْدٍ وَخَطَأٌ
فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْصِدَ من يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا بِمَا يَقْتُلُهُ غَالِبًا مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أو سَنْدَانَ أولت وهو مَعْرُوفٌ من السِّلَاحِ أو كُوذَيْنِ وهو ما يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ أو خَشَبَةٌ كَبِيرَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا كَهُوَ نَصَّ عليه وهو الْخَشَبَةُ التي يقود ( ( ( يقوم ) ) ) عليها بَيْتُ الشَّعْرِ وَنَقَلَ ابن مُشَيْشٍ يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا ضَرَبَهُ بِمِثْلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَكُوذَيْنِ الْقَصَّارِ وَالصَّخْرَةِ وَبِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ احْتَجُّوا بِهِ في الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ وفي هذه الْمَسْأَلَةِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وغيرهما نَاقِضُ الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لَا بِالْحَجَرِ إجْمَاعًا أو يُكَرَّرُ ضَرْبُهُ بِصَغِيرٍ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ أو مَرَّةً في مَقْتَلٍ وَفِيهِمَا وَجْهٌ في الْوَاضِحِ
وفي الْأُولَى في الِانْتِصَارِ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ نَقَلَ حَرْبٌ شِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِخَشَبَةٍ دُونَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِ ذلك حتى يَقْتُلَهُ أو مَرَّةً بِهِ في مَرَضٍ أو ضَعْفٍ أو صِغَرٍ أو كِبَرٍ أو حَرٍّ أو بَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُهُ لَكَمَهُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَإِنْ قال لم أَقْصِدْ قَتْلَهُ لم يُصَدَّقْ أو يُلْقِيهِ من شَاهِقٍ أو في نَارٍ أو مَاءٍ يُغْرِقُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ بالقائه في نَارٍ وَقِيلَ لاكماء في الْأَصَحِّ ( م 1 ) أو يُكَتِّفُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الخلاف ( ( ( بحضرة ) ) ) أيهما ( ( ( سبع ) ) ) أصح ( ( ( بفضاء ) ) ) الرواية الأولى أو القول ( ( ( بمضيق ) ) ) الثاني ( ( ( بحضرة ) ) ) والصحيح ( ( ( حية ) ) ) منهما ( ( ( خلافا ) ) ) الرواية ( ( ( للقاضي ) ) ) الأولى وقد اختارها ( ( ( يجمع ) ) ) ابن القيم وغيره فهذه ثمان مسائل في هذا ( ( ( الواضح ) ) ) الباب = كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ أو يقليه ( ( ( يلقيه ) ) ) في نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ في نَارٍ وَقِيلَ لَا كَمَاءٍ في الْأَصَحِّ انْتَهَى
أَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ قال في الْكَافِي وَإِنْ كان لَا يُقْتَلُ غَالِبًا أو التَّخَلُّصُ منه مُمْكِنٌ فَلَا قَوَدَ فيه لِأَنَّهُ عَمَدَ الْخَطَأَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ فيه الدِّيَةَ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(5/471)
بحضره سبع بفضاء أو بمضيق بحضره حية خلافا للقاضي فيهما أو يجمع بينه وبين سبع بمضيق كزبية فيفعل به ما يقتل مثله أو يَنْهَشُهُ سبعا ( ( ( سبع ) ) ) أو حَيَّةٌ يُقْتَلُ مِثْلُهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 2 ) أو يخنقه بحبل أو غيره أو يسد فمه وأنفه نقل ( ( ( عمد ) ) ) أبو ( ( ( محض ) ) ) داود إذا غمه حتى يقتله قتل بِهِ أو يعصر خصيتيه أو يحبسه ويمنعه الأكل والشرب ويتعذر طلبه فيموت من ذلك لمدة يموت فيها غالبا فلو تركهما قادر فلا دية كتركه شد فصده أو يحرجه بحديد أو غيره فيموت منه والأصح ولو لم يداو مجروح قادر جرحه نقل جعفر الشهادة على القتل أن يروه وجأه وأنه مات من ذلك أو يطول به المرض ولا علة له غيره
قال ابن عقيل في الواضح ( ( ( النظم ) ) ) أو جرحه وتعقبه سراية بمرض ( ( ( بعمد ) ) ) ودام جرحه حتى مات فلا يلعق بفعل الله تعالى شىء أو يَغْرِزُهُ بأبرة وَنَحْوِهَا في غَيْرِ مَقْتَلٍ قيبقى ( ( ( فيبقى ) ) ) ضَمِنًا حتى يَمُوتَ وَفِيهِ وَجْهٌ فَإِنْ مَاتَ في الْحَالِ فَوَجْهَانِ ( م 3 ) أو يَقْطَعُ أو يَبُطُّ سِلْعَةَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه ( ( ( أجنبي ) ) ) الثاني ( ( ( خطرة ) ) ) لَا شيء ( ( ( ولي ) ) ) عليه ( ( ( صغير ) ) ) وهو ( ( ( ومجنون ) ) ) ظاهر ( ( ( لمصلحة ) ) ) كلامه في المحرر ( ( ( ولي ) ) ) وقدمه ( ( ( لمصلحة ) ) ) في الرعايتين ( ( ( يسحره ) ) ) والحاوي الصغير ( ( ( يقتله ) ) ) وشرح ( ( ( غالبا ) ) ) ابن رَزِينٍ
مسألة 2 قوله أو ينهشه سبعا أو حية ( ( ( خلطه ) ) ) يُقْتَلْ مِثْلُهُ غالبا وإلا فوجهان انتهى وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين
أحدهما هو عمد محض وهو ظاهر ما جزم به في النظم وغيره
والوجه الثاني ليس بعمد قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيره
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ أو يَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا في غَيْرِ مَقْتَلٍ قيبقى ( ( ( فيبقى ) ) ) ضَمِنًا حتى يَمُوتَ وَفِيهِ وَجْهٌ فَإِنْ مَاتَ في الْحَالِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ عَمْدًا وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإن لم يُفَرِّقْ بن الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً قال في الْهِدَايَةِ وهو قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ حَامِدٍ
____________________
1-
(5/472)
أجنبي خطرة بلا إذنه فيموت لَا ولي صغير ومجنون لمصلحه وقيل لا لا ولي لمصلحة أو يسحره بما يقتله غالبا أو يسقيه سما لا يعلم بِهِ أو يخلطه ( ( ( المنور ) ) ) بطعام ويطعمه أو بطعام أكله فيأكله جهلا فيلزمه القود وأطلق ابن رزين ( ( ( حامد ) ) ) فيما إذا ألقمه ( ( ( تجريد ) ) ) سما ( ( ( العناية ) ) ) أو خلطه به قولين
وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم اليهودية لما مات بشر بن البراء الذي أكل معه من الشاة المسمومة فقتلوها قودا ولم يقتلها أولا فإن علم به آكله وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله أحد بلا إذنه فهدر فإن قال القاتل بالسم أو السحر لم أعلمه قاتلا أو ادعى جهل المرض لم يقتل وقيل بلى وقيل ويجهله مثله
وَمَنْ شهاب ( ( ( شهدت ) ) ) عليه بَيِّنَةً بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَتْ أو رَجَعَ وَاحِدٌ من سِتَّةٍ مَثَلًا ذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وَقَالَتْ عَمَدْنَا قَتْلَهُ وفي الْكَافِي وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ وفي الْمُغْنِي ولم يَجُزْ جَهْلُهُمَا بِهِ وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ أو قال حَاكِمٌ أو وَلِيٌّ عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمَدْت قَتْلَهُ لَزِمَ الْقَوَدُ وَنَصَرَ ابن عَقِيلٍ في مُنَاظَرَاتِهِ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لم تُلْجِئْهُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ كان فَلَيْسَ الشَّرْعُ بِوَعِيدِهِ مُلْجِئًا لِأَنَّ وَعِيدَ الرَّسُولِ إكْرَاهٌ لَا وَعِيدَ البارىء ( ( ( البارئ ) ) )
وَقِيلَ في قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ كَمُزَكٍّ فإن الْمُزَكِّيَ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ غَيْرُ ملجىء ( ( ( ملجئ ) ) ) وَهَذَا أَوْلَى من قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ لم يَقْصِدُوا قَتْلَهُ بَلْ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ وَيُقْتَلُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ( م 4 ) وَلَا تَقْتُلُ بَيِّنَةٌ مع مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ هُمَا كَمُمْسِكٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه الثاني ( ( ( مباشر ) ) ) لا يكون عمدا بل ( ( ( علم ) ) ) شبه ( ( ( الولي ) ) ) عمد ( ( ( والحاكم ) ) ) وهو ظاهر ما ( ( ( يقتل ) ) ) جزم ( ( ( أقيد ) ) ) به ( ( ( الكل ) ) ) في ( ( ( ويختص ) ) ) المنور ( ( ( مباشرا ) ) ) واختاره ( ( ( عالما ) ) ) ابن حامد ( ( ( وليا ) ) ) وقدمه في ( ( ( البينة ) ) ) تجريد ( ( ( والحاكم ) ) ) العناية وشرح ابن ( ( ( حاكما ) ) )
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَقِيلَ في قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ كَمُزَكٍّ فإن الزكى ( ( ( المزكي ) ) ) لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُقْتَلُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى
ما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الرُّجُوعِ عن الشَّهَادَةِ وَنَصَرَاهُ وَكَذَلِكَ ابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وهو قَوْلُ الْقَاضِي لَا يُقْتَلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ وَقَالُوا عَمَدْنَا الْكَذِبَ لِيُقْتَلَ أو لِيُقْطَعَ فَفِي لُزُومِ الْقَوَدِ
____________________
1-
(5/473)
مع مباشر ( ( ( زاد ) ) ) وفي التبصرة إن علم الْوَلِيُّ الحاكم أنه ( ( ( كذبهما ) ) ) لم ( ( ( وعمدت ) ) ) يقتل ( ( ( قتله ) ) ) أقيد الكل ويختص مباشرا عالما ثم وليا ثم البينة والحاكم وقيل ثم حاكما لأن سببه أخص من البينة
وَإِنْ لَزِمَتْ دِيَةٌ بِبَيِّنَةٍ وَحَاكِمًا فَقِيلَ أَثْلَاثًا وَقِيلَ نِصْفَيْنِ ( م 5 ) وَلَوْ قال بَعْضُهُمْ عَمَدْنَا وَبَعْضُهُمْ أَخْطَأْنَا فَلَا قَوَدَ على الْمُتَعَمِّدِ على الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ من الدِّيَةِ المغلظلة ( ( ( المغلظة ) ) ) والمخطىء ( ( ( والمخطئ ) ) ) من الْمُخَفَّفَةِ
وَلَوْ قال كُلُّ وَاحِدٍ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ في الْقَوَدِ ( م 6 ) وَلَوْ قال وَاحِدٌ عَمَدْنَا وَالْآخَرُ أَخْطَأْنَا لَزِمَ الْمُقِرَّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ والاخر نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَبَيِّنَةٌ كمشرك ( ( ( كمشترك ) ) ) وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الدَّالَّ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا الدِّيَةُ وَأَنَّ الْآمِرَ لَا يَرِثُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وجهان زاد في الرعايتين وكذا لو قال الحاكم أو الولي علمت كذبهما وعمدت قتله
مسألة 5 وإن لزمت دية بينة وحاكما فقيل أثلاثا وقيل نصفين انتهى
أحدهما تلزمهم أثلاثا على الحاكم الثلث وعلى كل شاهد الثلث قياسا على ما إذا شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان فرجم ثم رجعوا فالدية على عددهم على الصحيح جزم به في المغني والشرح هنا
والوجه الثاني تلزمهم نصفين على الحاكم النصف وعلى الشاهدين النصف وهو الصواب ثم رأيت ابن حمدان في الرعاية الكبرى قطع بذلك في باب الرجوع عن الشهادة فلله الحمد
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَلَوْ قال كُلُّ وَاحِدٍ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ في الْقَوَدِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا قَوَدَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ حالته ( ( ( حالة ) ) ) انْتَهَى
الوجه الثَّانِي عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِاعْتِرَافِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمْدِيَّةِ وَدَعْوَاهُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَخْطَأَ لَا أَثَرَ له لتكذبيه ( ( ( لتكذيبه ) ) ) له
____________________
1-
(5/474)
فَصْلٌ الْمَذْهَبُ يُقْتَلُ جَمَاعَةٌ بِوَاحِدٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا فلتزمهم ( ( ( فتلزمهم ) ) ) دِيَةٌ وَعَلَى الْأُولَى دِيَةٌ نَصَّ عليه وهو الأشهر ( ( ( أشهر ) ) ) كخطأ وَنَقَلَ ابن مَاهَانَ دِيَاتٍ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ إنْ قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ قَتْلُ أَحَدِهِمْ وَالْعَفْوُ عن آخَرَ وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً من أَحَدِهِمْ وفي الْفُنُونِ أنا أَخْتَارُ رِوَايَةً عن أَحْمَدَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَجَانِبِ تَمْنَعُ الْقَوَدَ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لنا بِظَنٍّ فَضْلًا عن عِلْمٍ بِجِرَاحَةِ أَيِّهِمَا مَاتَ أو بِهِمَا وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وَآخَرُ مِائَةً فَسَوَاءٌ وَكَذَا لو قَطَعَ كَفَّهُ وَآخَرُ من مَرْفِقِهِ وَقِيلَ الْقَاتِلُ الثَّانِي فَيُقَادُ الْأَوَّلُ وَلَوْ انْدَمَلَا أُقَيِّدُ الْأَوَّلَ وَكَذَا من الثَّانِي الْمَقْطُوعِ يَدُهُ من كُوعٍ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ أو ثُلُثُ دِيَةٍ فيه الرِّوَايَتَانِ
وَلَوْ قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ لِقَتْلِهِ نَحْوُ أن ضَرَبَهُ أو مُتَوَالِيًا فَلَا قَوَدَ وَفِيهِ عن تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا يبقى ( ( ( تبقى ) ) ) معه حَيَاةٌ كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ أو مَرِيئِهِ أو دجيه ( ( ( ودجيه ) ) ) ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ قُتِلَ الْأَوَّلُ وَعُزِّرَ الثَّانِي وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في التَّبْصِرَةِ كما لو جَنَى على مَيِّتٍ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ وَدَلَّ هذا على أَنَّ التَّصَرُّفَ فيه كَمَيِّتٍ لو كان عَبْدًا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَذَا جَعَلُوا الضَّابِطَ يَعِيشُ مِثْلُهُ أو لَا يَعِيشُ وَكَذَا عَلَّلَ الْخِرَقِيُّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مع أَنَّهُ قال في الذي لَا يَعِيشُ خَرَقَ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ حَشْوَتَهُ فَقَطَعَهَا فَأَبَانَهَا منه وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لو لم يُبِنْهَا لم يَكُنْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مع أَنَّهُ بِقَطْعِهَا لَا يَعِيشُ فَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ كَوْنَهُ لَا يَعِيشُ في مَوْضِعٍ خَاصٍّ فَتَعْمِيمُ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم بِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ في مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ فَدَلَّ على تَسَاوِيهِمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَلِهَذَا احْتَجَّ بِوَصِيَّةِ عُمَرَ رصي ( ( ( رضي ) ) ) اللَّهُ عنه وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عليه في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 7 قوله ولو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد لقتله نحو أن ضربه كل منهم سوطا في حالة أو متواليا فلا قود وفيه عن تواطؤ وجهان في الترغيب انتهى
أحدهما عليهم القود وهو الصواب
والوجه الثاني لا قود عليهم كغير التواطؤ وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وأطلقهما في الرعاية الكبرى
____________________
1-
(5/475)
مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ كما احْتَجَّ هُنَا وَلَا فَرْقَ وقد قال ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ أيضا في الذَّكَاةِ كَالْقَوْلِ هُنَا في أَنَّهُ يَعِيشُ أولا وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ ايضا فَهَؤُلَاءِ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وَكَلَامُ الْأَكْثَرِ على التَّفْرِقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وقال في الْمُغْنِي إنْ فَعَلَ ما يَمُوتُ بِهِ يَقِينًا وَبَقِيَتْ معه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كا لو خَرَقَ حَشْوَتَهُ ولم يبنيها ( ( ( يبنها ) ) ) فَالْقَاتِلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ في حُكْمِ الْحَيَاةِ لِصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ وعلى رضي اللَّهُ عنهما وَكَمَا لو جَازَ بَقَاؤُهُ وَكَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ
قال وَإِنْ أَخْرَجَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ من حُكْمِ الْحَيَاةِ بِأَنْ أَبَانَ حَشْوَتَهُ أو ذَبَحَهُ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ هو الْأَوَّلُ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ من مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَلَوْ كان فِعْلُ الثَّانِي كلافعل لم يُؤَثِّرْ غَرَقُ حَيَوَانٍ في مَاءٍ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَمَا صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ نَفْسَهُ زَهَقَتْ بِهِمَا كَالْمُقَارِنِ وَلَا يَقَعُ كَوْنُ الْأَصْلِ الْخَطَرَ بَلْ الْأَصْلُ بَقَاءُ عِصْمَةِ الْإِنْسَانِ على ما كان فَإِنْ قِيلَ زَالَ الْأَصْلُ بِالسَّبَبِ قِيلَ وفي مَسْأَلَةِ المذكاة ( ( ( الذكاة ) ) ) وقد ظَهَرَ أَنَّ الْفِعْلَ الطارىء ( ( ( الطارئ ) ) ) له تَأْثِيرٌ في التَّحْرِيمِ في الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وتاثير في الْحِلِّ في مَسْأَلَةِ الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا على ما فيها من الْخِلَافِ ولم أَجِدْ في كَلَامِهِمْ دَلِيلًا هُنَا إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى أَنَّهُ كَمَيِّتٍ وَلَا فَرْقًا مُؤَثِّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ مُوجِبُ جِرَاحَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هذا أَنَّ الْمَرِيضَ الذي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَصَحِيحٍ في الْجِنَايَةِ منه وَعَلَيْهِ وَإِرْثُهُ وَاعْتِبَارُ كَلَامِهِ إلَّا ما سَبَقَ من تَبَرُّعَاتِهِ وَسَوَاءٌ عَايَنَ مِلْكَ الْمَوْتِ أولا
وقد ذَكَرُوا هل تُمْنَعُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ بمعانية ( ( ( بمعاينة ) ) ) المالك ( ( ( الملك ) ) ) أو لَا يَمْتَنِعُ ما دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا أو يَمْتَنِعُ بِالْغَرْغَرَةِ لنا أَقْوَالٌ ( م 8 ) إلَّا أَنْ يَخْتَلَّ عَقْلُهُ فَلَا اعْتِبَارَ لِكَلَامِهِ كَصَحِيحٍ وَلِهَذَا قال ابن حَزْمٍ قبل كِتَابِ الْعَاقِلَةِ بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ مَسْأَلَةٌ في من قَتَلَ عَلِيلًا وعن جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عن الشَّعْبِيِّ في رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا قد ذَهَبَ الرُّوحُ من نِصْفِ جَسَدِهِ قال يَضْمَنُهُ وقال ابن حَزْمٍ اتنفقوا ( ( ( اتفقوا ) ) ) على أَنَّ من كَرَبَتْ نَفْسُهُ من الزَّهُوقِ فَمَاتَ له مَيِّتٌ أَنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ قَدَرَ على النُّطْقِ فَأَسْلَمَ أنه مُسْلِمٌ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ من أَهْلِهِ وَأَنَّهُ إنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله استطرادا وقد ذكروا هل يمنع قبول توبته بمعاينة الملك أم لا يمنع ما دام عقله ثابتا أو يمتنع بالغرغرة لنا أقوال انتهى
قلت قد ذكر المصنف هذه المسألة في كتاب الوصايا وصححناها هناك فلتراجع
____________________
1-
(5/476)
شَخَصَ ولم يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ من أَوْصَى له بِوَصِيَّةٍ فإنه قد اسْتَحَقَّهَا فَمَنْ قَتَلَهُ في تِلْكَ الْحَالِ أُقَيِّدُ بِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَايَنَ أولا وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كان مَجْنِيًّا عليه أولا وَلِهَذَا قال ابن حَزْمٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الْعَاقِلَةِ من جُرِحَ جُرْحًا يُمَاتُ من مِثْلِهِ فَتَدَاوَى بِسُمٍّ فَمَاتَ فَالْقَوَدُ على الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ مَاتَ من فِعْلِ الْجَارِحِ وَمِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فَكِلَاهُمَا قَاتِلٌ وقال قبل هذا من قَتَلَ مَيِّتًا لَا شَيْءَ فيه لِأَنَّهُ ليس قَاتِلًا وَمَنْ كَسَرَهُ أو جَرَحَهُ فَقَدْ قال اللَّهُ تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } المائدة 45 وَهَذَا جُرْحٌ وَجَارِحٌ وقال { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } الشورى 40 وَهَذَا الْفِعْلُ بِالْمَيِّتِ سَيِّئَةٌ وَاعْتِدَاءٌ فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ منه إجْمَاعٌ وَأَكْثَرُ خُصُومِنَا يَرَوْنَ الْقَطْعَ على من سَرَقَ من مَيِّتٍ كَفَنَهُ وَالْحَدَّ على من زنا ( ( ( زنى ) ) ) بميته أو قَذَفَ مَيِّتًا انْتَهَى كَلَامُهُ
وَإِنْ رَمَاهُ من شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ فَالْقَاتِلُ الثَّانِي وَإِنْ أَلْقَاهُ في لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ لَزِمَ مُلْقِيَهُ الْقَوَدُ وَقِيلَ إنْ الْتَقَمَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فيه قبل غَرَقِهِ وَقِيلَ شِبْهُ عَمْدٍ وَمَعَ قِلَّةٍ فَإِنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَالْقَوَدُ إلا دِيَةٌ وَإِنْ كَتَّفَهُ في أَرْضٍ ذَاتِ سِبَاعٍ أو حَيَّاتٍ فقتله ( ( ( فقتلته ) ) ) قالقود ( ( ( فالقود ) ) ) وَقِيلَ الدِّيَةُ كَغَيْرِ مَسْبَعَةٍ وَعَنْهُ كممسكة لِمَنْ يَقْتُلُهُ وفي الْمُغْنِي وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ وفي الْمُنْتَخَبِ لَا مِزَاحًا مُتَلَاعِبًا فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَيُحْبَسُ مُمْسِكُهُ حتى يَمُوتَ وَعَنْهُ يُقْتَلَانِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَمِثْلُهُ أَمْسَكَهُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَكَذَا إنْ فَتَحَ فَمَهُ وَسَقَاهُ آخَرُ سُمًّا أو اتَّبَعَ رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَلَقِيَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ لِيَقْتُلَهُ وَفِيهَا وَجْهٌ لَا قَوَدَ وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا على قَتْلِ مُعَيَّنٍ أو أَكْرَهَهُ على الْإِكْرَاهِ عليه فَالْقَوَدُ وفي الْمُوجَزِ إذَا قُلْنَا تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ وبالواحد ( ( ( بالواحد ) ) ) وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمُكْرَهٍ وَيُتَوَجَّهُ عَكْسُهُ
وفي الِانْتِصَارِ لو أُكْرِهَ على الْقَتْلِ بِأَخْذِ الْمَالِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلِ النَّفْسِ فَلَا وَإِنْ أُكْرِهَ أو أَمَرَ عَبْدَ لِيَقْتُلَ عَبْدَهُ فَلَا قَوَدَ وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ كَبِيرًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أو صَبِيًّا أو مَجْنُونًا أو أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا من جَهْلٍ ظَلَمَهُ فيه لَزِمَ الْأَمْرُ نَقَلَ مُهَنَّا إذَا أَمَرَ رَجُلٌ صَبِيًّا أَنْ يَضْرِبَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الذي أَمَرَهُ وَلَا شَيْءَ عليه بِدَفْعِ سِكِّينٍ إلَيْهِ ولم يأمر ( ( ( يأمره ) ) ) نَقَلَهُ الْفَضْلُ وفي شَرْحِ أبي الْبَرَكَاتِ بن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) إنْ أَمَرَ مُمَيِّزًا فَلَا قَوَدَ
وفي الِانْتِصَارِ إنْ أَمَرَ صَبِيًّا وَجَبَ على آمِرِهِ وَشَرِيكِهِ في رِوَايَةٍ وَإِنْ سَلِمَ
____________________
(5/477)
لَا يَلْزَمُهُمَا فَلِعَجْزِهِ غَالِبًا وَإِنْ قَبِلَ مَأْمُورٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا تَحْرِيمَ الْقَتْلِ لَزِمَ الْمَأْمُورَ نَصَّ عليه وَيُؤَدَّبُ الْآمِرُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يُحْبَسُ كَمُمْسِكِهِ وفي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ يُقْتَلُ وَعَنْهُ يأمر ( ( ( بأمره ) ) ) عَبْدَهُ نَقَلَ أبو طَالِبٍ من أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْمَوْلَى وَحُبِسَ الْعَبْدُ حتى يَمُوتَ لِأَنَّهُ سَوْطُ الْمَوْلَى وَسَيْفُهُ كَذَا قال على وأبو هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لو جَنَى بِإِذْنِهِ لَزِمَ مَوْلَاهُ وَلَوْ أَكْثَرَ من ثَمَنِهِ وَحَمَلَهَا أبو بَكْرٍ على جَهَالَةِ الْعَبْدِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إنْ أَمَرَ عَبْدًا بِقَتْلِ سَيِّدِهِ فَقَتَلَ أَثِمَ وَإِنَّ في ضَمَانِهِ قِيمَتَهُ رِوَايَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ إنْ خَافَ السُّلْطَانُ قَتْلًا وَمَنْ قال لِغَيْرِهِ اُقْتُلْنِي أو اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ نَصَّ عليه وَعَنْهُ تَلْزَمُ الدِّيَةُ عنه لِلنَّفْسِ وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ وَلَوْ قال عَبْدٌ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ فَقَطْ نَصَّ عليه وقال اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَخِلَافٌ كَإِذْنِهِ ( م 9 10 )
وفي الِانْتِصَارِ لَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ وَحْدَهُ أَنْ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك إكْرَاهٌ كَاحْتِمَالٍ في اُقْتُلْ زَيْدًا أو عَمْرًا وَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ لَا يَلْزَمُ الْقَوَدُ أَحَدُهُمَا مُفْرَدًا فَعَنْهُ يُقْتَلُ شَرِيكُهُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ كما لو أَكْرَهَ أَبًا على قَتْلِ ابْنِهِ وَعَنْهُ لَا وَالْمَذْهَبُ يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ ومخطىء ( ( ( ومخطئ ) ) ) وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ ( م 11 ) وَمَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( فنصف ) ) ) ( 9 10 ) قوله ( ( ( الدية ) ) ) ولو قال اقتلني وإلا قتلتك ( ( ( شريك ) ) ) فخلاف ( ( ( سبع ) ) ) كإدنه انتهى فيه ( ( ( ولي ) ) ) مسألتان ( ( ( مقتص ) ) ) المقيس ( ( ( ودية ) ) ) والمقيس ( ( ( شريك ) ) ) عليه ( ( ( مخطئ ) ) )
المسألة الأولى 9 لو قال اقتلني وإلا قتلتك فهل ذلك إكراه أم لَا أطلق الخلاف فقال فيه خلاف قال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قال اقتلني وإلا قتلتك فإكراه ولا قود إذن وعنه ولا دية زاد في الرعايتين ويحتمل أن يقتل أو يغرم الدية إن قلنا هي للورثة انتهى وقال في الانتصار في الصيام لا إثم هنا ( ( ( عاقلته ) ) ) ولا كفارة كما نقله المصنف
المسألة الثانية 10 إذا أذن له في قتله ففيها خلاف قلت قال المصنف قبل ذلك لو قال لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل فهدر نص عليه وعنه تلزم الدية وعنه للنفس ويحتمل القود انتهى فهذه شبيهة بمسألة المصنف هنا إلا أن المصنف قال في تلك اقتلني بصيغة الأمر وفي هذه بصيغة الإذن فيحتمل فيه الأمر ويحتمل عدمه وهو الظاهر كقوله أذنت أن تقتلني فصيغة الأمر أقوى من الإذن في الفعل
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ لَا يَلْزَمُ الْقَوَدُ أَحَدَهُمَا مُفْرَدًا فَعَنْهُ يُقْتَلُ شَرِيكُهُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ لَا وَالْمَذْهَبُ يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ ومخطىء ( ( ( ومخطئ ) ) )
____________________
1-
(5/478)
فنصف الدية وقيل كما لها في شريك سبع وقيل في ولي مقتص ودية شريك مخطىء في ماله لا على عاقلته على الأصح قاله القاصي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ انْتَهَى الْمَذْهَبُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا رَيْبٍ وَلَكِنَّ الْكَلَامَ على غَيْرِهِ من الرِّوَايَتَيْنِ فإن ظَاهِرَهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا على غَيْرِ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى وَأَصَحُّ من الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ إحْدَى عَشَرَةَ مَسْأَلَةً في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(5/479)
فَصْلٌ وَشَبَهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا ولم يَجْرَحْهُ بها وقال جَمَاعَةٌ ولم يَقْصِدْ قَتْلَهُ كَمَنْ ضَرَبَهُ في غَيْرِ مَقْتَلٍ بِصَغِيرٍ أو لَكَزَهُ أو لَكَمَهُ أو سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أو أَلْقَاهُ في مَاءٍ يَسِيرٍ أو صَاحَ بِصَبِيٍّ أو مَعْتُوهٍ وفي الْوَاضِحِ أو امرأه وَقِيلَ أو مُكَلَّفًا على سَطْحٍ فَسَقَطَ أو اغْتَفَلَ عَاقِلًا بِصَيْحَةٍ فَسَقَطَ أو ذَهَبَ عَقْلُهُ فَالدِّيَةُ نَقَلَ الْفَضْلُ في رَجُلٍ بيده سِكِّينٌ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَرَمَى بها فَعَقَرَتْ رَجُلًا هل على من صَاحَ بِهِ شَيْءٌ قال هذا أَخْشَى عليه قد صَاحَ بِهِ وَمَنْ أَمْسَكَ الْحَيَّةَ كَمُدَّعِي الْمَشْيَخَةِ فَقَتَلَتْهُ فَقَاتِلٌ نَفْسَهُ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ ظَنَّ أنها لَا تَقْتُلُ فَشِبْهُ عَمْدٍ بِمَنْزِلَةِ من أَكَلَ حتى بِشَمٍّ فإن لم يَقْصِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ وَإِمْسَاكُ الْحَيَّاتِ جِنَايَةٌ فإنه مُحَرَّمٌ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا
وَالْخَطَأُ كَرَمْيِ صَيْدٍ أو غَرَضٍ أو شَخْصٍ فَيُصِيبُ آدَمِيًّا لم يَقْصِدْهُ أو يَنْقَلِبُ عليه نَائِمٌ وَنَحْوُهُ أو يَجْنِي عليه غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَصَبِيٍّ أو مَجْنُونٍ أو يَظُنُّهُ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينُ مَعْصُومًا فَالدِّيَةُ وَمَنْ قال كُنْت يوم قَتْلِهِ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ قَتَلَ في صَفِّ كُفَّارٍ أو دَارِ حَرْبٍ من ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا أو وَجَبَ رَمْيُ كُفَّارٍ تترسلوا ( ( ( تترسوا ) ) ) بِمُسْلِمٍ فَقَصَدَهُمْ دُونَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا دِيَةَ عليه وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ في الآخيرة وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَكْسُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا قال وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كما لو حَلَفَ لَا يصلى ( ( ( يصل ) ) ) يصلى وَيُكَفِّرُ كَذَا هُنَا وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أو نَصَبَ سِكِّينًا وَنَحْوَهُ تَعَدِّيًا ولم يَقْصِدْ جِنَايَةً فَخَطَأٌ وَلَوْ قَتَلَ من أَسْلَمَ خَوْفَ الْقَتْلِ فَيَأْتِي في الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
____________________
(5/480)
بَابُ شُرُوطِ الْقَوَدِ
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَقْتُولِ مَعْصُومًا فَكُلُّ من قَتَلَ مُرْتَدًّا أو زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَوْ قبل ثُبُوتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْمُرَادُ قبل التَّوْبَةِ وَقَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فَهَدَرٌ وَإِنْ بَعْدَ التَّوْبَةِ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا فَكَإِسْلَامٍ طاريء ( ( ( طارئ ) ) ) فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ لَا سِيَّمَا وَقَوْلُهُمْ عُضْوٌ من نَفْسٍ وَجَبَ قَتْلُهَا فَهَدَرٌ وَيُعَزَّرُ للأفتيات على وَلِيِّ الْأَمْرِ كَمَنْ قَتَلَ حَرْبِيًّا وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ له تعزيزه ( ( ( تعزيره ) ) ) وَيُحْتَمَلُ قَتْلُ ذِمِّيٍّ وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَيْهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ لِأَنَّ الْحَدَّ لنا وَالْإِمَامُ نَائِبٌ
قال في الرَّوْضَةِ إنْ أَسْرَعَ وَلِيِّ قَتِيلٍ أو أَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَ قَاطِعَ طَرِيقٍ قبل وُصُولِهِ الإمام ( ( ( للإمام ) ) ) فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ انْهَدَرَ دَمُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَا دِيَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي وَكَذَا من قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ أو حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَا ثُمَّ مَاتَا وَجَعَلَهُ في التَّرْغِيبِ كَمَنْ أَسْلَمَ قبل الأصابة وَمَنْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَا قبل وُقُوعِهِ بِهِمَا فَهَدَرٌ كَرِدَّةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ كَتَلَفِهِ بِبِئْرٍ حُفِرَتْ مُرْتَدًّا وَقِيلَ كَمُرْتَدٍّ لِتَفْرِيطِهِ إذْ قَتْلُهُ ليس إلَيْهِ وَقِيلَ يُقْتَلُ بِهِ
وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فَلَا قَوَدَ في الْأَصَحِّ أَصْلُهُمَا هل يَفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ في النَّفْسِ فَقَطْ وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أَمْ قَرِيبُهُ فيه وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا هل مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَمْ الْأَقَلَّ منها وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ فيه وَجْهَانِ ( م 1 3 ) وَقِيلَ هَدَرٌ وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ فَالْقَوَدُ في النَّفْسِ أو الدِّيَةُ نَصَّ عليه وقال ابن أبي مُوسَى يُتَوَجَّهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِرِدَّةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ شُرُوطِ الْقَوَدِ
مَسْأَلَةٌ 1 3 قَوْلُهُ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فَلَا قَوَدَ في الْأَصَحِّ أَصْلُهُمَا هل يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ في النَّفْسِ فَقَطْ وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أو قَرِيبُهُ فيه وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا هل مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أو الْأَقَلَّ منها وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 لو قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ طَرَفُهُ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ في
____________________
1-
(5/481)
واختار ( ( ( الطرف ) ) ) القاضي وصاحب التبصرة إن سرى القطع ( ( ( فيء ) ) ) في الرِّدَّةَ فلا ( ( ( قطعت ) ) ) قود فيجب ( ( ( السراية ) ) ) نصف ( ( ( فأشبه ) ) ) الدية ( ( ( انقطاع ) ) ) وقيل ( ( ( حكمها ) ) ) كلها ( ( ( باندمالها ) ) ) ومن عيله ( ( ( بقتل ) ) ) القود ( ( ( الآخر ) ) ) معصوم في حق ( ( ( أول ) ) ) المستحق لدمه وتشترط ( ( ( نقصا ) ) ) المكافأة حالة الجناية ( ( ( فارتد ) ) ) بأن ( ( ( والنقص ) ) ) لا يفضله ( ( ( مات ) ) ) قاتله ( ( ( ويدل ) ) ) بإسلام أو حرية أو ملك أو إبلاد خاصة فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَوْ ارْتَدَّ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَأَنَّ الْخَبَرَ في الْحَرْبِيِّ كما يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ حُكْمُ الْمَالِ غَيْرُ حُكْمِ النَّفْسِ بِدَلِيلِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاتِلٍ في مُحَارَبَةٍ وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَهُمَا بَاقٍ على الْعِصْمَةِ كَمَالِ غَيْرِهِمَا وَعِصْمَةُ دَمِهِمَا زَالَتْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الطرف على الصحيح من المذهب والوجهان أصلهما هل يفعل به كفعله أو في النفس فقط وفيه روايتان والصحيح من المذهب أنه يفعل به فيما دون النفس كما يفعل به في النفس وقدمه المصنف وغيره وهذه المسألة ليست من الخلاف المطلق في شيء لأنه صحح فيها حكما
المسألة الثانية 2 إذا قلنا بوجوب القود على الوجه الثاني فهل يستوفيه الإمام أو قريبه المسلم فيه وجهان قال المصنف أصلهما هل ماله فيء أو لورثته وفيه وجهان والصحيح من المذهب أن ماله فيء فيستوفيه الإمام على الصحيح من المذهب وهذه المسألة أيضا ليست مما نحن بصدده
المسألة الثالثة 3 إذا قلنا بعدم القود فهل يضمن دية الطرف أم الأقل منها ومن دية النفس أطلق الخلاف ومثاله أن يقطع يديه ورجليه ثم يموت مرتدا وأطلقه في المغني والشرح
أحدهما يجب عليه الأقل من دية النفس أو الطرف وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم ومال إليه الشيخ والشارح
والوجه الثاني تلزمه دية الطرف لأن الردة قطعت حكم السراية فأشبه انقطاع حكمها باندمالها أو بقتل الآخر له
تنبيه الذي يظهر أن في أول كلام المضنف نقصا بعد قوله فارتد والنقص ثم مات ويدل عليه كلام المصنف بعد ذلك والله أعلم
____________________
1-
(5/482)
وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ وَيُتَوَجَّهُ فيه عَكْسُهُ وَلَا مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ فَإِنْ كان ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أم وقتل ( ( ( قتل ) ) ) رَقِيقٌ مُسْلِمٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) وَيُقْتَلُ عَبْدٌ بِعَبْدٍ مُكَاتَبٍ أولا وَعَنْهُ مالم تَرِدْ قِيمَةُ قَاتِلِهِ وَإِنْ كَانَا لِسَيِّدٍ فَلَا قَوَدَ في أحد ( ( ( إحدى ) ) ) الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْمَذْهَبِ
وَذَكَرٌ بأثنى ( ( ( بأنثى ) ) ) وَعَنْهُ مع أَخْذِهِ نِصْفَ دِيَتِهِ وَخَرَّجَ في الْوَاضِحِ منها في عَبْدٍ بِعَبْدٍ وفي تَفَاضُلِ مَالٍ في قَوَدِ طَرَفٍ وَكِتَابِيٌّ بِمَجُوسِيٍّ نَصَّ عليه وَمُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ وهو بِهِ وَبِمُسْتَأْمَنٍ ( * ) وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدَهُ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ قُتِلَ له وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ وَلَا يُقْتَلُ من بَعْضُهُ حُرٌّ وَالْأَصَحُّ إلَّا بمثله أو أَكْثَرَ حُرِّيَّةً وَإِنْ قَتَلَ أو جَرَحَ ذمى ذِمِّيًّا أو عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ أو عَتَقَ مُطْلَقًا قُتِلَ بِهِ في الْمَنْصُوصِ كَجُنُونِهِ في الْأَصَحِّ وَعَدَمُ قَتْلِ من أَسْلَمَ ظَاهِرُ نَقْلِ بَكْرٍ كَإِسْلَامِ حَرْبِيٍّ قَاتِلٍ وَكَذَا إنْ جَرَحَ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ بَعْدَ الْجُرْحِ أو بَعْدَ الرَّمْيِ قبل الْإِصَابَةِ مَانِعَةً من الْقَوَدِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا كما بَعْدَ الزَّهُوقِ ( ع ) وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ صِحَّتَهَا وَأَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ يَزُولُ من جِهَةِ اللَّهِ وَجِهَةِ الْمَالِكِ وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ وَفَهِمَ منه شَيْخُنَا سُقُوطَ الْقَوَدِ وقال هذا ليس بِصَحِيحٍ وَإِنْ فَرَّقَا بين الخطأ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله ولا يقتل حر بعبد ولا مكاتب بعبده فإن كان ذا رحم محرم أو قتل رقيق مسلم رقيقا مسلما لذمي فوجهان انتهى فيه مسألتان
المسألة الأولى لا يقتل المكاتب بعبده إذا كان أجنبيا فإذا كان ذا رحم محرم فهل يقتل به أم لا أطلق الخلاف أطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما يقتل به وهو الصحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في الرعاية صريحا وقدمه في القواعد الأصولية
والوجه الثاني لا قود
تنبيهان أحدهما قوله يقتل مرتد بذمي وهو به وبمستأمن انتهى فقوله وهو به يعني يقتل الذمي بالمرتد هذا ظاهر العبارة وهو سهو لأن الأصحاب قالوا لا يقتل أحد بقتل المرتد وصرحوا بأن الذمي لا يقتل بقتله حتى المصنف أول الباب ثم ظهر لي أن الضمير في به يعود إلى المجوسي يعني يقتل المجوسي بالذمي وإن كان اللفظ موهما لكن يزول الإشكال
____________________
1-
(5/483)
ابْتِدَاءً وَالْخَطَأَ في أَثْنَاءِ الْعَمَلِ وقد يَكُونُ مُرَادُ ابْنِ عَقِيلٍ بِبَقَاءِ الضَّمَانِ الْقَوَدَ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ شَيْخِنَا ما يَأْتِي لو ارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ قبل إصَابَةِ الصَّيْدِ لم يَمْنَعْ من ترتيب ( ( ( ترتب ) ) ) الْحُكْمِ على سَبَبِهِ وَإِبَاحَةِ الصَّيْدِ وَأَبْلَغُ من كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ في التَّبْصِرَةِ تُسْقِطُ التَّوْبَةُ حَقَّ آدَمِيٍّ لَا يُوجِبُ مَالًا وَإِلَّا سَقَطَ إلَى مَالٍ إن جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أو حُرٌّ عبد ( ( ( عبدا ) ) ) ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ أو عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ وَقِيمَةُ عَبْدٍ وَيَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَقْتَ جنيايته ( ( ( جنايته ) ) ) وَكَذَا دِيَتُهُ نَقَلَهُ حَرْبٌ إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ
وَإِنْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبُهُ لِلْوَرَثَةِ على هذه وَعَلَى الْأُخْرَى لِلسَّيِّدِ وَمَنْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قبل مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ وفي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ ( * ) وَلَوْ رَمَاهُمَا فَوَقَعَ السَّهْمُ بِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أو الْعِتْقِ ثُمَّ مَاتَا فَدِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شىء لِلسَّيِّدِ وَلَا قَوَدَ وَأَوْجَبَهُ أبو بَكْرٍ كَقَتْلِهِ من عَلِمَهُ أو ظَنَّهُ ذِمِّيًّا أو عَبْدًا فَكَانَ قد أَسْلَمَ وَعَتَقَ أو قَاتِلُ أبيه فلم يَكُنْ في الْأَصَحِّ وَكَذَا مُرْتَدًّا
وَقِيلَ الدِّيَةُ وفي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رمي مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هل يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أو دِيَةُ كَافِرٍ فيه رِوَايَتَانِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أو الرَّمْيَةِ ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ على الرِّوَايَتَيْنِ في ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أو قِيمَةٍ ثُمَّ بني عَلَيْهِمَا من رَمَى مُرْتَدًّا أو حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قبل وُقُوعِهِ هل يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أو هَدَرٌ
وَإِنْ قَتَلَ من لَا يَعْرِفُ أو مَلْفُوفًا وَادَّعَى كُفْرَهُ أو رِقَّهُ أو مَوْتَهُ فَالْقَوَدُ أو دِيَتُهُ في الْأَصَحِّ إنْ أَنْكَرَ وَلِيُّهُمْ وَأَطْلَقَ ابن عَقِيلٍ في مَوْتِهِ وَجْهَيْنِ وَسَأَلَ الْقَاضِي أَفَلَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ وَعَدَمِهِ قال لَا لم يَعْتَبِرْهُ الْفُقَهَاءُ وَيُتَوَجَّهُ يُعْتَبَرُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الثاني قوله ومن جرح عبد نفسه ثم أعتقه قبل موته ثم مات فلا قود وفي ضمانه الخلاف انتهى وأطلقه في هذه المسألة في المغني والشرح وغيرهما والظاهر أنه أراد بالخلاف الخلاف الذي سبق قبل هذا فيما إذا جرح حر عبدا ثم عتق ثم مات فلا قود وفي وجوب الدية قولان قدم المصنف لزوم الدية واختار أبو بكر والقاضي وأصحابه لزوم القيمة فعلى هذا قوله وفي ضمانه الخلاف يعني في ضمان الدية أو القيمة الخلاف لكن إن جعلنا القيمة للسيد فإنها تسقط فيكون الخلاف في ضمان الدية أو السقوط وهو ظاهر كلام المصنف والله أعلم
____________________
1-
(5/484)
وَإِنْ ادعي زِنَا مُحْصَنٍ بِشَاهِدَيْنِ نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ أَرْبَعَةٌ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ قُبِلَ وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ ( م 7 ) وَقِيلَ وَظَاهِرًا
وقال في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بَعْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وقد رَوَى عُبَادَةُ بن الصَّامِتِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَرِيمُهُ فَمَنْ دخل عَلَيْك حَرِيمَك فَاقْتُلْهُ فَدَلَّ قود ولا دية ( ( ( يعزر ) ) ) وَلِهَذَا ذَكَرَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ إنْ أعترف الوالي ( ( ( الولي ) ) ) بِذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ واحتجح ( ( ( واحتج ) ) ) بِقَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَكَلَامُهُمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ السَّابِقُ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين كَوْنِهِ مُحْصَنًا أولا وَكَذَا ما يُرْوَى عن عُمَرَ وعلى رضي اللَّهُ عنهما وَصَرَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ ليس بِحَدٍّ وَإِنَّمَا هو عُقُوبَةٌ على فِعْلِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ فيه شُرُوطُ الْحَدِّ
الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ له قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كان مُحْصَنًا وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ في اعْتِبَارِ إحْصَانِهِ وَسَأَلَهُ أبو الْحَارِثِ وَجَدَهُ يَفْجُرُ بها له قَتْلُهُ قال قد روى ذلك عن عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنهما وَإِنْ قَتَلَهُ في دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دخل لِقَتْلِهِ واخذ مَالِهٍ فَالْقَوَدُ وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُهُ في مَعْرُوفٍ بِالْفَسَادِ
وَإِنْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ دَفْعَهُ عن نَفْسِهِ فَالْقَوَدُ وفي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي الدِّيَةُ وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ وجنبل ( ( ( وحنبل ) ) ) في قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارِ مجرح ( ( ( فجرح ) ) ) وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ على عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ منها أَرْشُ الْجِرَاحِ قال أَحْمَدُ حدثنا هشام ( ( ( هشيم ) ) ) أَنْبَأَنَا الشَّيْبَانِيُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 7 قوله وإن ادعى زنا محصن بشاهدين نقله ابن منصور اختاره أبو بكر وغيره ونقل أبو طالب وغيره أربعة اختاره الخلال وغيره قبل وإلا ففيه باطنا وجهان انتهى
أحدهما يقبل في الباطن قلت وهو الصواب
والوجه الثاني لا يقبل في الباطن قلت وهو ضعيف والصحيح من المذهب ثبوت الإحصان بشاهدين كما نقله ابن منصور وعليه أكثر الأصحاب
____________________
1-
(5/485)
عن الشَّعْبِيِّ قال أَشْهَدُ على على أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَهَلْ على من ليس بِهِ جُرْحٌ من دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ فيه وَجْهَانِ ( م 8 ) قَالَهُ ابن حَامِدٍ
وَلَا يُقْتَلُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَا بِالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ اخْتَلَفَا دِينًا وَحُرِّيَّةً وَقِيلَ وَلَوْ وَلَدَهُ من زِنًا لَا من رَضَاعٍ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وغيرهما في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّاهِدَ الْعَابِدَ فإن معه من الدِّينِ وَالشَّفَقَةِ ما يَرْدَعُهُ وَيَمْنَعُهُ عن الْقَتْلِ لأنه رَادِعَهُ حُكْمِيٌّ وهو ضَعِيفٌ وَرَادِعَ الْأَبِ طَبْعِيٌّ وهو أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ وَعَنْهُ تُقْتَلُ أُمٌّ وَعَنْهُ وَأَبٌ كَالْوَلَدِ بِهِمْ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يُقْتَلُ أو أُمٍّ بِوَلَدِ بِنْتِهِ وَعَكْسِهِ
وفي الرَّوْضَةِ لَا تُقْتَلُ أُمٌّ بِوَلَدٍ وَالْأَصَحُّ وَجَدَّةٌ وفي الِانْتِصَارِ لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ قَتْلُ أبيه بِرِدَّةٍ وَكُفْرٍ بِدَارِ حَرْبٍ وَلَا رَجْمُهُ بِزِنًا وَلَوْ قضى عليه بِرَجْمٍ وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بِقَتْلٍ في دَارِ الحرب ( ( ( حرب ) ) ) فَتَجِبُ دِيَةٌ إلَّا لِغَيْرِ مُهَاجِرٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فقال رَجُلٌ أنا الْقَاتِلُ لَا هذا أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ على الْمُقِرِّ لِقَوْلِ على أَحْيَا نَفْسًا ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَحَمَلَهُ أَيْضًا على أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَاتِلَ له سِوَى الْأَوَّلِ وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا منه وَذَكَرَ في الْقَسَامَةِ لو شُهِدَ عليه بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فذكر رِوَايَةَ حَنْبَلٍ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادَفَتِهِ الدَّعْوَى
في الْمُغْنِي في الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِيَ شَيْءٌ فَإِنْ صدقة الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الأولي ثُمَّ هل له طَلَبُهُ فيه وَجْهَانِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُوصَ وهو رِوَايَةُ حنيل وَأَنَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله وإن تجارح اثنان وادعى كل واحد دفعه عن نفسه فالقود وفي المذهب والكافي الدية ونقل أبو الصقر وحنبل في قوم اجتمعوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منه أرش الجرح وهل على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان قاله ابن حامد انتهى نقله عند ولد الشيرازي في المنتخب
أحدهما يشاركونهم اخترته في التصحيح الكبير
والوجه الثاني لا دية عليهم وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب
____________________
1-
(5/486)
أَصَحُّ القول ( ( ( لقول ) ) ) عُمَرَ أَحْيَا نَفْسًا ( * ) وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ثُمَّ رِوَايَةَ مُهَنَّا ادعي على رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فقال إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ فقال فُلَانٌ صَدَقَ أنه ( ( ( أنا ) ) ) قتله ( ( ( قتلته ) ) ) فإن هذا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ قُلْت أَلَيْسَ قدر ادَّعَى على الْأَوَّلِ قال إنَّمَا هذا بِالظَّنِّ فَأَعَدْت عليه فقال يُؤْخَذُ التي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَمَتَى وَرِثَ الْقَاتِلُ أو وَلَدُهُ بَعْضَ دَمِهِ فَلَا قَوَدَ فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ فَوَرِثَهَا أو وَلَدُهُمَا أو قَتَلَ أَخَاهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا هو أو وَلَدُهُ سَقَطَ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ بِإِرْثِ الْوَلَدِ واختاره بَعْضُهُمْ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أباه ( ( ( أبيه ) ) ) وَالْآخَرُ أُمَّهُ وَهِيَ في زَوْجِيَّةِ الْأَبِ فَلَا قَوَدَ على قَاتِلِ أبيه ولإرثه ( ( ( لإرثه ) ) ) ثَمَنَ أُمِّهِ وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ وَلَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ كانت بَائِنًا فَالْقَوَدُ عَلَيْهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله في آخر الباب لقول عمر أحيا نفسا انتهى صوابه لقوله لعمربزيادة لام في أوله يعني لقول علي لعمر أحيا نفسا وقد تقدم قبل ذلك بأربعة سطور أو أكثر أن عليا قال ذلك لعمر وقد ذكر القصة في الطرق الحكمية لابن القيم وغيره فهذه ثمان مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(5/487)
بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
من أُخِذَ بِغَيْرِهِ في النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بين عَبِيدٍ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا وَعَنْهُ دُونَ النَّفْسِ وَعَنْهُ في النَّفْسِ وَالطَّرَفِ حتى يستوي ( ( ( تستوي ) ) ) الْقِيمَةُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
قال حَرْبٌ في الطَّرْفِ كَأَنَّهُ مَالٌ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَيُشْتَرَطُ الْعَمْدُ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى أو شَبَهُهُ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً وَالْمُسَاوَاةُ في الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ وَالصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ من عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَأُذُنٍ مَثْقُوبَةٍ أولا وَسِنٍّ رَبَطَهَا بِذَهَبٍ أو لَا وَشَفَةٍ وَجَفْنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ قوى بَطْشُهَا أو ضَعُفَ وَأُصْبُعٍ وَكَفٍّ وَمَرْفِقٍ وخصيه وَذَكَرٍ بمثله وَمَخْتُونٍ كَأَقْلَفَ وَفِيهِ في أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ ( م 1 2 ) وَلَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
مَسْأَلَةٌ 1 2 وَفِيهِ في أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى هل يَجْرِي الْقِصَاصُ في الْأَلْيَةِ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وغيرهما
أَحَدُهُمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيها وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي فيها قُلْت وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هل يَجْرِي الْقِصَاصُ في الشَّفْرِ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ فيه وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيه وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي فيه الْقِصَاصُ
____________________
1-
(5/488)
تؤخذ يمين بيسار ويساتر بيمين وما علا من أنملة وشفة وجفن بما سفل وخنصر ببنصر أو سن بسن مخالفة في الموضع ( ( ( الخلاصة ) ) ) وأصلى بزائد ( ( ( قصاص ) ) ) وعكسه بل زائد ( ( ( الأظهر ) ) ) بمثله موضعا وخلقه ولو ( ( ( الناظم ) ) ) تفاوتا قدرا ولا كاملة الأصابع أو الأظفار بناقصة رضى الجاني أو لا بل مع أظفار معيبة وقيل ولا بزائدة أصبعا فإن ذهبت فله وقيل ولا زائدة بمثلها ولا عين صحيحة بقايمة ولسان ناطق بأخرس ولا صحيح بأشل من يد ورجل وأصبع وذكر ولو شل أو ببعضه شلل كأنملة يد
وَفِيهِ من أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَأُذُنٍ سَمِيعَةٍ بِصَمَّاءَ وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ وَتَامٍّ مِنْهُمَا بِمَخْرُومٍ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
قلت وهو الصواب ( ( ( بعيد ) ) ) قال في الخلاصة فلا قصاص فيه في الأظهر واختاره القاضي وصححه الناظم وقدمه في الرعايتين ( ( ( ميت ) ) )
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَفِيهِ من أَنْفٍ وَأُذُنٍ يَعْنِي صَحِيحَيْنِ بِأَشَلَّيْنِ وَأُذُنٍ سمعية ( ( ( سميعة ) ) ) بِصَمَّاءَ وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ وَتَامٍّ بِمَخْرُومٍ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ من يَدٍ أو رِجْلٍ أو أُصْبُعٍ أو ذَكَرٍ فَأَمَّا أَخْذُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَشَلَّيْنِ فَأُطْلِقَ فيه الْخِلَافُ وَكَذَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ في أَخْذِ الْأُذُنِ السمعية ( ( ( السميعة ) ) ) بِالصَّمَّاءِ وَالْأَنْفِ الشَّامِّ بِضِدِّهِ وهو الْأَنْفُ الْأَخْنَمُ وَأَخْذِ التَّامِّ مِنْهُمَا بِالْمَخْرُومِ فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ أُطْلِقَ فيها الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ في الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ قال في الْهِدَايَةِ فَأَمَّا الْأَنْفُ الْأَشَمُّ بِالْأَخْنَمِ أو الصَّحِيحُ بِالْمَخْرُومِ أو بِالْمُسْتَخْسِفِ فَلَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ فَيُحْتَمَلُ الْقِصَاصُ وَعَدَمُهُ انْتَهَى
وَتَابَعَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال لَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ وقال أَصْحَابُنَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْقِصَاصُ وَعَدَمُهُ فَنَسَبَهُ إلَى الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ الْخِلَافَ في أَخْذِ الصَّحِيحَةِ بِالصَّمَّاءِ وَذَلِكَ غَيْرُ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عنه وَعَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ في أَخْذِ الصَّحِيحِ بِالْمُسْتَخِفِّ
أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ في الْمُقْنِعِ وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي يَأْخُذُ الْأُذُنَ الصحيحة الصَّحِيحَةَ وَالْأَنْفَ الشَّامَّ بالأن ( ( ( بالأذن ) ) ) الصَّمَّاءِ وَالْأَنْفِ الْأَخْنَمِ واختارالقاضي أَيْضًا أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ قال في الْمُحَرَّرِ وقال الْقَاضِي يُؤْخَذُ في الْجَمِيعِ إلَّا في الْمَخْرُومِ خَاصَّةً وَقَطَعَ في الْمُقْنِعِ بَعْدَ الْأَخْذِ في الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ من الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ
____________________
1-
(5/489)
وفي الترغيب ولسان صحيح بأخرس وجهان ولا ذكر فحل بذكر خصى وعنين وعنه بلى وعنه بذكر عنين ولو قطع صحيح من مقطوع الأنملة العليا أنملته الوسطى فله أخذ دية أنملته والصبر حتى تذهب العليا بقود أبو غيره فيقتص ولا أرش له الآن للحيلولة بخلاف غصب مال لسد مال مسد مال ويؤخذ المعيب مما تقدم بمثله وبصحيح بلا أرش وقيل بل معه وقيل لنقص القدر كأصبع لا الصفة كشلل وقيل الشلل موت وذكر في الفنون أنه سمعه من جماعة من البله المدعين للفقه قال وهو بعيد وإلا لأنتن واستحال كالحيوان وفي الواضح إن ثبت فلا قود في ميت
وَإِنْ ادَّعَى الْجَانِي نَقْصَ الْعُضْوِ قُبِلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ نَصَّ عليه وَقِيلَ إنْ اتَّفَقَا على تَقَدُّمِ صِحَّتِهِ وَقِيلَ قَوْلُ الْجَانِي وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ عَكْسَهُ في أَعْضَاءٍ بَاطِنَةٍ لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ اسْتِيفَاءٍ لَا لِوُجُوبِهِ أَمْنُ الْحَيْفِ فَيُقَادُ في جِنَايَةٍ من مَفْصِلٍ أو لها حَدٌّ ينتهى إلَيْهِ كَمَارِنِ الْأَنْفِ وهو مالان منه وفي جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ خَاصَّةً كَمُوضِحَةٍ لَا فِيمَا دُونَ مُوضِحَةٍ وَبَعْضِ كُوعٍ لِبُعْدِ الضَّبْطِ قال في الِانْتِصَارِ وَشَعْرٍ وفي رِوَايَةِ أبي دَاوُد الْمُوضِحَةُ يُقْتَصُّ منها قال الْمُوضِحَةُ كَيْفَ يُحِيطُ بها وَجُرْحُ وقدم ( ( ( قدم ) ) ) وَسَاقٍ وَفَخْذٍ وَعَضُدٍ وَسَاعِدٍ وَيَتَعَيَّنُ جَانِبُهَا
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ليس في عَظْمٍ قِصَاصٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَمَّا ضَرَبَ بِالسَّيْفِ على سَاعِدِ هذا فَقَطَعَهُ فَأَمَرَ له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالدِّيَةِ لم يَجْعَلْ له الْقِصَاصَ قال وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا قِصَاصَ من غَيْرِ مَفْصِلٍ وَلَا في عَظْمٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ما قَدْرُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُقْتَصُّ من جَائِفَةٍ وَلَا مَأْمُومَةٍ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ وَلَا من كَسْرِ فَخْذٍ وَسَاقٍ وَيَدٍ لِأَنَّ فيه مُخًّا وَنَقَلَ حنبلى وَالشَّالَنْجِيُّ الْقَوَدُ في اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ قالوا ما أَصَابَ بِسَوْطٍ أو عَصًا وكان دُونَ النَّفْسِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ قال وَكَذَلِكَ أَرَى
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا قِصَاصَ بين الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا في أَدَبٍ يُؤَدِّبُهَا فإذا اعْتَدَى أو جَرَحَ أو كَسَرَ يُقْتَصُّ لها منه وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إذَا قَتَلَهُ بِعَصًا أو خَنَقَهُ أو شذخ ( ( ( شدخ ) ) ) رَأْسَهُ بِحَجَرٍ يُقْتَلُ بِمِثْلِ الذي قَتَلَ بِهِ لِأَنَّ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ
وَنَقَلَ أَيْضًا كُلُّ شىء من الْجِرَاحِ وَالْكَسْرِ يُقَدَّرُ على الْقِصَاصِ يُقْتَصُّ منه لِلْأَخْبَارِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ ثَبَتَ عن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ
____________________
(5/490)
وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ روى عَنْهُمْ وَجَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عن أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَرَضِهِ فإشار أَنْ لَا تَلُدُّونِي قُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فلما أَفَاقَ قال أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تلدونى قُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فقال لَا يَبْقَى في الْبَيْتِ أَحَدٌ إلالد وأن ( ( ( لد ) ) ) أَنْظُرُ إلَّا الْعَبَّاسَ فإنه لم يَشْهَدْكُمْ مُتَّفَقٌ عليه قال أبو عُبَيْدٍ عن الْأَصْمَعِيِّ اللَّدُودُ ما يسقى الْإِنْسَانَ في أَحَدِ شِقَّيْ الْفَمِ أَخْذًا من لَدِيدِ الْوَادِي وَهُمَا جانبا ( ( ( جانباه ) ) ) وَالْوَجُورُ بِالْفَتْحِ في وَسَطِ الْفَمِ وَالسَّعُوطُ ما أُدْخِلَ من أَنْفِهِ وَاللَّدُودُ بِالْفَتْحِ هو الدَّوَاءُ الذي يُلَدُّ بِهِ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه أَنَّ الْإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ كَصَرِيحِ الْعِبَارَةِ في نَحْوِ هذه الْمَسْأَلَةِ وَتَعْزِيرِ المتعدى بِنَحْوِ فِعْلِهِ مالم يَكُنْ مُحَرَّمًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/491)
فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ قَوَدُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ فَمَنْ أُوضِحَ بَعْضُ رَأْسِهِ وهو كَرَأْسِ الْجَانِي أو أَكْثَرَ أَوْضَحَهُ في كُلِّهِ وفي أَرْشٍ زَائِدٍ وَجْهَانِ ( م 4 ) وفي الْمُوجَزِ فيه وفي نَقْصِ أُصْبُعٍ رِوَايَتَانِ وَإِنْ أُوضِحَ كُلُّهُ وَرَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرُ فَلَهُ قَدْرُ شَجَّتِهِ من أَيِّ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ وَقِيلَ وَمِنْهُمَا
وَإِنْ شجة هَاشِمَةً أو مُنَقِّلَةً أو مَأْمُومَةً فَلَهُ قَوَدُ مُوضِحَةٍ وفي تَتِمَّةِ دِيَتِهَا وَجْهَانِ ( م 5 ) وإن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله ويعتبر قود الجرح بالمساحة دون كثافة لحم فمن أوضح بعض رأسه وهو كرأس الجاني أو أكثر أوضحه في كله وفي أرش زائد وجهان انتهى وأطلقهما في المقنع والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما لا يلزمه أرش للزائد صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي قال القاضي هذا ظاهر كلام أبي بكر قال في الهداية والمذهب لا يلزمه أرش للزائد على قول أبي بكر انتهى
قلت هو الصواب
والوجه الثاني له الأرش للزائد اختاره ابن حامد وبعض الأصحاب قاله الشارح وصححه في الرعايتين وجزم به في المنور وهو ظاهر كلام جماعة
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وَإِنْ شجة هَاشِمَةً أو مُنَقِّلَةً أو مَأْمُومَةً فَلَهُ قَوَدُ مُوضِحَةٍ وفي تَتِمَّةِ دِيَتِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ له شَيْءٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ له ما بين دِيَةِ مُوضِحَةٍ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَقَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ قُلْت هو الصَّوَابُ
____________________
1-
(5/492)
قُطِعَ قَصَبَةُ أَنْفِهِ أو من نِصْفِ ذِرَاعٍ أو سَاقٍ فَلَا قَوَدَ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى من مَارِنٍ وَكُوعٍ وَكَعْبٍ وَعَلَيْهِمَا في أَرْشِ الْبَاقِي وَلَوْ خَطَأً وَجْهَانِ ( م 6 ) وَقِيلَ في قَطْعِ الْأَصَابِعِ وَجْهَانِ
وَلَا أَرْشَ لِكَفٍّ وَقَدَمٍ وَعَلَى النَّصِّ لو قُطِعَ من كُوعٍ فتأكلت إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ ( 7 )
وَمَنْ قُطِعَ من مرفقة مُنِعَ الْقَوَدَ من الْكُوعِ وَفِيهِ إنْ قُطِعَ من عَضُدِهِ وَجْهَانِ ( م 8 ) وَلَهُ قَطْعُ عَضُدِهِ فَإِنْ خِيفَ جَائِفَةٌ فَفِي مَرْفِقِهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَمَتَى خَالَفَ وَاقْتُصَّ مع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله وإن قطع قصبه أنفه أو من نصف ذراع أو ساق فلا قود نص عليه وقيل بلى من مارن وكوع وكعب وعليهما في أرش الباقي ولو خطأ وجهان انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والهادي والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما لا يجب له أرش صححه في التصحيح قال الزركشي هذا أشهر الوجهين وجزم به في الوجيز وغيره
والوجه الثاني له الأرش اختاره ابن حامد وقدم في المغني أن في قصبة الأنف حكومة مع القصاص وقال فيمن قطع نصف الذراع ليس له القطع من ذلك الموضع وله نصف الدية وحكومة في المقطوع من الذراع وهل له أن يقطع من الكوع فيه وجهان ومن جوز له القطع من الكوع فعنه في وجوب الحكومة لما قطع من الذراع وجهان انتهى
مسألة 7 قوله ولا أرش لكف وقدم وعلى النص لو قطع من كوع فتأكلت إلى نصف الذراع ففي القود وجهان انتهى
أحدهما لا قود أيضا اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي وغيره وقدمه في الرعايتين وصححه الناظم
والوجه الثاني يقتص هنا من الكوع اختاره في المحرر
مسألة 8 قوله ومن قطع من مرفقه منع القود من الكوع وفيه إن قطع من عضده وجهان انتهى حكم هذه المسألة حكم ما إذا قطع من نصف الذراع أو الساق على ما تقدم خلافا ومذهبا عند الأصحاب فلا حاجة إلى إعادته وقد علمت الصحيح من ذلك
مسألة 9 قوله ولو قطع عضده فإن خيف جائفة ففي مرفقه وجهان انتهى يعني
____________________
1-
(5/493)
خَشْيَةِ الْحَيْفِ أو من مَأْمُومَةٍ أو جائفة ( ( ( وجائفة ) ) ) أو نِصْفِ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ أَجْزَأَ
وَإِنْ أَوْضَحَهُ فَأَذْهَب بَصَرَهُ أو سَمْعَهُ أو شَمَّهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ لم يَذْهَبْ ذلك فَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ وَالْأَشْهَرُ يَسْتَعْمِلُ ما يُذْهِبُهُ ( م 10 ) فَإِنْ خِيفَ على الْعُضْوِ فَالدِّيَةُ وَكَذَا الْوَجْهَانِ إنْ أَذْهَبَهُ بِلَطْمَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ أُذُنِهِ أو مَارِنِهِ أو شَفَتِهِ أو لِسَانِهِ أو حَشَفَتِهِ أو سِنِّهِ أُقَيِّدُ منه بِقَدْرِهِ بنسبه الْأَجْزَاءِ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَقِيلَ لَا قَوَدَ بِبَعْضِ لِسَانٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
ففي جواز القطع من مرفقه وجهان وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما له ذلك هو الصحيح جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين
والوجه الثاني ليس له ذلك
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْضَحَهُ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ أو سَمْعَهُ أو شَمَّهُ أَوْضَحَهُ بِقَدْرِهِ فَإِنْ لم يَذْهَبْ ذلك فَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ وَالْأَشْهَرُ يَسْتَعْمِلُ ما يُذْهِبُهُ انْتَهَى
الْأَشْهَرُ هو الصَّحِيحُ من الْمُذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَإِنَّمَا أتى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِلُزُومِ الدِّيَةِ
____________________
1-
(5/494)
فَصْلٌ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لا ( ( ( لما ) ) ) رُجِيَ عودة من عَيْنٍ أو مَنْفَعَةٍ في مُدَّةٍ يَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ في سِنٍّ كَبِيرٍ وَنَحْوِهَا الْقَوَدَ في الْحَالِ فَإِنْ مَاتَ في الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ قيل هَدَرٌ كَنَبْتِ شَيْءٍ فيه قَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَلَهُ في غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَمَتَى عَادَ ذلك نَاقِصًا فَحُكُومَةٌ وَإِلَّا لم يَضْمَنْ فَإِنْ كان أُقَيِّدُ أو أُخِذَتْ منه الدِّيَةُ رُدَّتْ وَلَا زَكَاةَ كَمَالٍ ضَالٍّ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي ثُمَّ إنْ عَادَ طَرَفُ جَانٍّ رَدَّ ما أَخَذَ وفي الْمُذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ لم يَرُدَّ ما أَخَذَ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
وَمَنْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بِحَالِهِ وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً نَصَّ عليه وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ ( م 12 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 11 قوله ( ( ( أبان ) ) ) ولا ( ( ( سنا ) ) ) قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لما ( ( ( لجرح ) ) ) رجي عوده ( ( ( برئه ) ) ) من ( ( ( فليستقر ) ) ) عين أو منفعة في مدة يقولها أهل الخبرة فإن مات في المدة ( ( ( الروضة ) ) ) فلوليه دِيَةِ سن وظفر وله في غيرهما ( ( ( الحال ) ) ) الدية وفي ( ( ( الاندمال ) ) ) الْقَوَدُ وجهان انتهى
أحدهما له القود حيث يشرع وهو الصحيح قطع به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
والوجه الثاني ليس له القود وهو ( ( ( قبله ) ) ) قوي
مَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ وَمَنْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بِحَالِهِ وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً نَصَّ عليه وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ حُكُومَةٍ لَا دِيَتِهِ لِأَنَّهُ ليس كَالْأَصْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذلك وَجَبَتْ دِيَتُهَا ذَكَرَهُ في السِّنِّ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَنِي حُكْمُهَا على وُجُوبِ قَلْعِهَا فَإِنْ وَجَبَ فَلَا شَيْءَ وَإِلَّا اُحْتُمِلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَعَادَ السِّنَّ فَنَبَتَ ثُمَّ قَلَعَهُ آخَرُ غَرِمَ دِيَتَهَا وَقِيلَ على الْأَوَّلِ الدِّيَةُ انْتَهَى
____________________
1-
(5/495)
وَإِنْ أَبَانَ سِنًّا وَضَعَ مَحَلَّهُ وَالْتَحَمَ في الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ ( م 13 ) ولورد الملتحم الجاني أقيد اثانية في المنصوص ويقبل قول الولي في عدم عوده ( ( ( احتمالين ) ) ) والتحامة
وفي المنتخب إنْ ادعي اندماله وموته بغير جرحه وأمكن قبل وسراية الجناية كهي في القود والدية في النفس دونهما فلو قطع أصبعا فالقود وكذا إن تأكلت ( ( ( جعل ) ) ) أُخْرَى وسقطت أو اليد ( ( ( سن ) ) ) من ( ( ( حيوان ) ) ) الكوع وَإِنْ شلتا ( ( ( قلعت ) ) ) بفتح الشين وضمها لغة ( ( ( تجب ) ) ) فأرشهما ( ( ( ديتها ) ) ) وقال ابن ( ( ( تجب ) ) ) أبي ( ( ( حكومة ) ) ) موسى لَا قود بنقضه بعد برئه ( ( ( فقدما ) ) ) وسراية ( ( ( وجوب ) ) ) القود ( ( ( الحكومة ) ) ) هدر لأنه ( ( ( الاحتمالان ) ) ) مستحق ( ( ( اللذان ) ) ) له ( ( ( ذكرهما ) ) ) بخلاف قسم الخطا واحتج الأصحاب بمسألة اقتلني أو اجرحني مع تحريم الإذن والقطع فهنا أولى فإن اقتص قهرا مع حرا أو برد بآلة كالة أو مسمومة ونحوه لزمه بقية الدية وعند القاضي نصفها وقال ابن عَقِيلٍ من له قود في نفس وطرف فقطع طرفه فسرى أوصال من عليه الدية فدفعه دفعا جائزا فقتله هل يكون مستوفيا لحقه كما يجزىء إطعام مضطر من كفارة قد وجب عليه بذله له وكذا من دخل ( ( ( تتمة ) ) ) مسجدا فصلى ( ( ( ذكرها ) ) ) قضاء ونوى كفاه عن ( ( ( حكما ) ) ) تحية ( ( ( وليستا ) ) ) المسجد فيه احتمالان ( ( ( المطلق ) ) ) ولا ( ( ( فليعلم ) ) ) دية لجرح قبل برئه فليستقر به قال في الروضة لو قطع كل منهما يدا فله أخذ دية كل منهما في الحال قبل الاندمال وبعده لا القود قبله
وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرُوحٍ على الدِّيَةِ فَعَفَا عن القبود ( ( ( القود ) ) ) على الدِّيَةِ وَأَحَبَّ أَخْذِ الْمَالِ قبل الِانْدِمَالِ فَقِيلَ يَأْخُذُ دِيَةً لا حتمال السِّرَايَةِ وَقِيلَ لَا لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ ( م 14 ) وَيَحْرُمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( القود ) ) ) 13 قوله وإن ( ( ( برئه ) ) ) أبان سنا وضع محله ( ( ( فعل ) ) ) والتحم ( ( ( بطل ) ) ) ففي ( ( ( حقه ) ) ) الحكومة وجهان ( ( ( سراية ) ) ) انتهى ( ( ( الجناية ) ) ) وأطلق ( ( ( فسرايتها ) ) ) في الرعايتين احتمالين ( ( ( هدر ) ) ) قال في المغني والشرح فأما ( ( ( دخله ) ) ) إن ( ( ( العفو ) ) ) جعل ( ( ( بالقصاص ) ) ) مكانها ( ( ( واحتج ) ) ) سنا أخرى ( ( ( بخبر ) ) ) أو ( ( ( رواه ) ) ) سن ( ( ( الدارقطني ) ) ) حيوان ( ( ( وبأنه ) ) ) أو ( ( ( تعجل ) ) ) عظما ( ( ( حقه ) ) ) وجبت ( ( ( كقتل ) ) ) ديتها ( ( ( موروثه ) ) ) وجها واحدا وإن قلعت هذه الثانية لم تجب ديتها لكن تجب حكومة ويحتمل أن لا يجب شيء انتهى فقدما وجوب الحكومة
تنبيه الاحتمالان اللذان ذكرهما ابن عقيل من تتمة مسائل ذكرها المصنف وقدم فيها حكما وليستا من الخلاف المطلق فيلعلم ذلك
مَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرْحٍ على الدِّيَةِ فَعَفَا عن الْقَوَدِ إلَى الدِّيَةِ وَأَحَبَّ أَخْذَ الْمَالِ قبل الِانْدِمَالِ فَقِيلَ يَأْخُذُ دِيَةً الاحتمال ( ( ( لاحتمال ) ) ) السِّرَايَةِ وَقِيلَ لَا لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَأْخُذُ دِيَةً وهو الصَّوَابُ وَاحْتِمَالُ جُرُوحٍ تَطْرَأُ الْأَصْلُ عَدَمُهَا
____________________
1-
(5/496)
القود قبل برئه على ( ( ( يأخذها ) ) ) الأصح ( ( ( لما ) ) ) فإن ( ( ( عللها ) ) ) فعل بطل حقه من ( ( ( أربع ) ) ) سرايه الجناية فسرايتها بعد ذلك هدر قال أحمد لأنه قد دخله العفو بالقصاص واحتج الأصحاب بخبر رواه الدارقطني وبأنه تعجل حقه كقتل موروثه
وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فوضعو ( ( ( فوضعوا ) ) ) حَدِيدَةً على طَرَفِهِ وَتَحَامَلُوا عليه حتى بَانَ فَالْقَوَدُ كَالنُّفُوسِ
وفي الِانْتِصَارِ لو حَلَفَ كُلٌّ منهم لَا يَقْطَعُ يَدًا حَنِثَ وَكَذَا قال أبو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا منهم قَاطِعٌ لِجَمِيعِ الْيَدِ سَلَّمْنَا لَكِنْ تُقْطَعُ يَدُهُ لِأَنَّهُ قَطَعَ بَعْضَهَا وَأَعَانَ على الْبَاقِي أو يُقْطَعُ بَعْضُهَا قَوَدًا وَالْبَاقِي مُؤْنَةٌ ضَرُورَةَ واستيفاء ( ( ( استيفاء ) ) ) الْوَاجِبِ وَعَنْهُ لَا قَوَدَ كما لو تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والقول الثاني لا يأخذها لما عللها به المصنف فهذه أربع عشرة مسألة في هذا الباب
____________________
1-
(5/497)
بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ
وَلَهُ شُرُوطٌ أَحَدُهَا كَوْنُ مستحقة مُكَلَّفًا فَإِنْ كان صَبِيًّا أو مَجْنُونًا حُبِسَ الْجَانِي إلَى الْبُلُوغِ أو الْإِفَاقَةِ
فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ فَهَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ يَعْفُو في مَجْنُونٍ لَا صَبِيٍّ ( م 1 ) وَعَنْهُ لِأَبٍ وَعَنْهُ وَوَصِيٌّ حاكم ( ( ( وحاكم ) ) ) اسيتفاؤه ( ( ( استيفاؤه ) ) ) لَهُمَا في نَفْسٍ وَدُونَهَا فَيَعْفُو إلَى الدِّيَةِ نَصَّ عليه وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أو قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا سَقَطَ حَقُّهُمَا كما لو اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ وَلَهُمَا الدِّيَةُ وَجِنَايَتُهُمَا على عَاقِلَتِهِمَا جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ
الشَّرْطُ الثَّانِي اتِّفَاقُ الْمُشْتَرَكِينَ فيه على اسْتِيفَائِهِ وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ غَائِبٍ وَبُلُوغٌ وإفاقه كَدِيَةٍ وَكَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِخِلَافِ مُحَارَبَةٍ لِتَحَتُّمِهِ وَحَدِّ قَذْفٍ لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا وَيُتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وغيرهما وَلَا يَلْزَمُ من لَا وَارِثَ له فإن الْإِمَامَ يَقْتَصُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب استيفاء القود
مسألة 1 قوله فإن كانا محتاجين فهل للولي العفو إلى الدية فيه روايتان ونصه يعفو في مجنون لا صبي انتهى وهما احتمال وجهين في الهداية والمذهب والمقنع وأطلق الخلاف في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والبلغة وشرح ابن منجا وغيرهم
إحداهما له العفو وهو الصواب قال القاضي هذا هو الصحيح وصححه الشارح والناظم وصاحب تجريد العناية وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير
والرواية الثانية ليس له ذلك قدمه في تجريد العناية والمنصوص اختاره جماعة وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور ولعله المذهب وأطلقهن في المحرر
____________________
1-
(5/498)
وَلَا يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصِّغَارِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْإِمَامِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْأَدَبِ قال الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا قَتَلَ الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ بن أبي طالب مُلْجِمٍ حَدًّا لِكُفْرِهِ لِأَنَّ من اعْتَقَدَ إبَاحَةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرٌ وَقِيلَ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ وَكَذَلِكَ لم يَنْتَظِرْ الْحَسَنُ غَائِبًا من الْوَرَثَةِ وَعَنْهُ لِشَرِيكٍ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ الِانْفِرَادُ بِهِ وَإِنْ مَاتَا فَوَارِثُهُمَا كَهُمَا وَعِنْدَ أبي مُوسَى تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِهِ من مَنَعْنَاهُ عُزِّرَ فَقَطْ وَحَقُّ شُرَكَائِهِ في تركه الْجَانِي وَيَأْخُذُ وَارِثُهُ من الْمُقْتَصِّ الزَّائِدَ عن حَقِّهِ وَقِيلَ حقه ( ( ( حق ) ) ) شُرَكَائِهِ عليه وَتَسْقُطُ عن الْجَانِي وفي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَقُّهُمْ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَيْنًا وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِعَفْوِ شَرِيكٍ عنه وَبِشَهَادَتِهِ وَلَوْ مع فِسْقِهِ بِعَفْوِهِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِأَنَّ نَصِيبَهُ سَقَطَ من الْقَوَدِ وَحَقُّ الْبَاقِينَ من الدِّيَةِ على الْجَانِي وفي التَّبْصِرَةِ إنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَةُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ حَقُّهُمْ من الدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ وَإِنْ قَتَلُوهُ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَبِسُقُوطِ الْقَوَدِ لَزِمَهُمْ الْقَوَدُ وَإِلَّا الدِّيَةُ وَإِنْ قَتَلَهُ الْعَافِي قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ أو جَوَازَهُ
وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَوَدَ بِقَدْرِ إرْثِهِ من مَالِهِ وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ ذَكَرَهَا ابن الْبَنَّاءِ وَخَرَّجَهَا شَيْخُنَا وَاخْتَارَهَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ فيه رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَمَنْ لَا وَارِثَ له فَوَلِيُّهُ الْإِمَامُ له الْقَوَدُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً أو يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى يَعْنِي بِذَلِكَ الْقَوَدَ هل يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ حَكَى ابن الزغواني ( ( ( الزاغوني ) ) ) في الْإِقْنَاعِ رِوَايَتَيْنِ في الْقِصَاصِ هل هو وَاجِبٌ للورثة ( ( ( للوارثة ) ) ) ابْتِدَاءً أو مَوْرُوثٌ عن الْمَيِّتِ انْتَهَى
إحْدَاهُمَا يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْمَوْتِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَنْتَقِلُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَيْهِمْ عن مَوْرُوثِهِمْ
قُلْت قد حَكَى الْأَصْحَابُ رِوَايَتَيْنِ في دِيَةِ الْمَقْتُولِ هل حَدَثَتْ على مِلْكِ الْوَارِثِ لأنها تَجِبُ بِالْمَوْتِ أو على مِلْكِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ سَبَبَهَا وُجِدَ في حَيَاتِهِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أنها حَدَثَتْ على مِلْكِ الْمَقْتُولِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَضَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُقْنِعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ فَكَذَا يَكُونُ الْقَوَدُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذلك أَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا لو عَفَا الْمَقْتُولُ عن
____________________
1-
(5/499)
وفي ( ( ( قاتله ) ) ) الانتصار منع ( ( ( الجرح ) ) ) وتسليم وكذا في عيون ( ( ( إطلاق ) ) ) المسائل منع ( ( ( نظر ) ) ) وتسليم لأن ( ( ( قدم ) ) ) بنا حاجة ( ( ( الدية ) ) ) إلى ( ( ( تحدث ) ) ) عصمة الدماء ( ( ( ملك ) ) ) فلو ( ( ( الميت ) ) ) لم يقتل لقتل ( ( ( قالوا ) ) ) كل ( ( ( بصحة ) ) ) من ( ( ( عفو ) ) ) لا ( ( ( المقتول ) ) ) وارث له ( ( ( القاتل ) ) ) قالا ( ( ( اللهم ) ) ) ولا رواية فيه وفي الواضح ( ( ( تلك ) ) ) وغيره ( ( ( وبين ) ) ) وجهان كوالده لولده ( ( ( فرق ) ) ) والأشهر ( ( ( مؤثر ) ) ) والديه وقيل وعفوه مجانا
الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يُؤْمِنَ في الِاسْتِيفَاءِ أَنْ يَتَعَدَّى الْجَانِي فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا أو حَائِلًا فَحَمَلَتْ لم تُقْتَلْ حتى تَضَعَ وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ ثُمَّ إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً وفي التَّرْغِيبِ تُلْزَمُ بِرَضَاعِهِ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ لم يُوجَدْ فَحَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَيْنِ وفي الْمُغْنِي له الْقَوَدُ إنْ سُقِيَ لَبَنُ شَاةٍ وَتُقَادُ في طَرَفِهَا بِالْوَضْعِ وفي الْمُغْنِي وَسَقْيِ اللِّبَأِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَيَفْرُغُ نِفَاسُهَا وفي الْبُلْغَةِ هِيَ فيه كَمَرِيضٍ وَأَنَّهُ إنْ تَأَثَّرَ لَبَنُهَا بِالْجَلْدِ وَلَا مُرْضِعَ أخر وَالْحَدُّ في ذلك كَالْقَوَدِ استحب ( ( ( واستحب ) ) ) الْقَاضِي تَأْخِيرَ الرَّجْمِ حتى تَفْطِمَهُ
وَقِيلَ يَجِبُ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ تُتْرَكُ حتى تَفْطِمَهُ وَلَا تُحْبَسُ لِحَدٍّ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ بَلْ لِقَوَدٍ وَلَوْ مع غَيْبَةِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ لَا في مَالِ غَائِبٍ
فَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا حُبِسَتْ حتى يَبِينَ أَمْرُهَا وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِامْرَأَةٍ فَعَلَى الأولى في التَّرْغِيبِ لَا قَوَدَ من منكوجه ( ( ( منكوحة ) ) ) مُخَالِطَةٍ لِزَوْجِهَا وفي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ ( م 3 ) وَيَضْمَنُ مُقْتَصٌّ من حَامِلٍ جنبيها ( ( ( جنينها ) ) ) وَاخْتَارَ الشَّيْخُ إنْ عمله ( ( ( علمه ) ) ) وَحْدَهُ وَقِيلَ حَاكِمٌ مَكَّنَهُ إنْ عِلْمًا أو جَهْلًا وَإِلَّا من عِلْمٍ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ حَدَثَ قبل الْوَضْعِ وفي الْمُذْهَبِ في ضَمَانِهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
قاتله بعد الجرح صح وقطع به الشيخ والشارح وابن منجا وغيرهم وقدمه المصنف وصاحب المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم قال الشارح وغيره صح عفوه عنه لأن الحق له فهو كماله انتهى
إذا علم ذلك فيكون الصحيح أن القود انتقل عن المقتول إلى الوارث كالدية والظاهر أنه لا فرق بينهما فعلى هذا يكون في إطلاق المصنف نظر لأنه قدم أن الدية تحدث على ملك الميت وأن الأصحاب قالوا بصحة عفو المقتول عن القاتل اللهم إلا أن يكون بين تلك وبين هذه المسألة فرق مؤثر والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا حُبِسَتْ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا وَقِيلَ تُقْبَلُ بِامْرَأَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ في التَّرْغِيبِ لَا قَوَدَ من مَنْكُوحَةٍ مُخَالِطَةٍ لِزَوْجِهَا وفي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى
قُلْت الذي يقوي أنها كَالْمَنْكُوحَةِ الْمُخَالِطَةِ لِزَوْجِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(5/500)
وجهان وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ إلَّا بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ وفي النَّفْسِ احْتِمَالٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَلَهُ تَعْزِيرُهُ وفي الْمُغْنِي يُعَزِّرُهُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ له كَالْمَالِ نَقَلَ صَالِحٌ وابن هانىء فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَعَدَا بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ قال هذا وقد وَجَبَ عليه الْقَتْلُ ما لِلْحَاكِمِ هُنَا
وَآلَةٍ مَاضِيَةٍ فَإِنْ قَدَرَ عليه وَلِيُّهُ وَأَحْسَنُهُ بَاشَرَ أو وَكَّلَ وَقِيلَ لَا يُبَاشِرُ في طَرَفٍ وَقِيلَ يُوَكِّلُ فِيهِمَا كَجَهْلِهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ الْجَانِي كَحَدٍّ قيل منه وَإِنْ تَشَاحَّ جَمَاعَةٌ في مُبَاشَرَتِهِ أُقْرِعَ وَقِيلَ يُعَيِّنُ إمَامٌ
فَإِنْ اقْتَصَّ جَانٍ من نَفْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ بِرِضَا وَلِيٍّ وَجْهَانِ وصحيح ( ( ( وصحح ) ) ) في التَّرْغِيبِ لَا يَقَعُ قَوَدًا وفي الْبُلْغَةِ يَقَعُ وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 4 ) قال وَلَوْ أَقَامَ حَدَّ زِنًا أو قَذْفٍ على نَفْسِهِ بِإِذْنٍ لم يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ
وَلَهُ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قوى وَأُحَسِّنُهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا قَطْعَ في سَرِقَةٍ لِفَوَاتِ الرَّدْعِ وقال الْقَاضِي على أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَبَتْ يَدُهُ فَجَنَى على نَفْسِهِ ولم يَعْتَبِرْ الْقَاضِي على جَوَازِهِ إذْنًا وَيُتَوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ وهو مُرَادُ الْقَاضِي وَهَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ يُتَوَجَّهُ على الْوَجْهَيْنِ في الْقَوَدِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ في حَدِّ زِنًا وَقَذْفٍ وَشُرْبٍ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ في الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ وهو قَطْعُ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ وَعَدَمُ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِجَلْدِهِ نَفْسَهُ وقد يُقَالُ بِحُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِحُصُولِ الْأَلَمِ وَالتَّأَذِّي بِذَلِكَ
وَلَا يُسْتَوْفَى قَوَدٌ في النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ كما لو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله فإن اقتص جان من نفسه ففي جوازه برضا ولي وجهان وصحح في الترغيب لا يقع قودا وفي البلغة يقع وفي الرعاية يحتمل وجهين انتهى
أحدهما يجوز وهو الصحيح جزم به في الوجيز والمنور وغيرهما وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وغيرهما
والوجه الثاني لا يجوز صححه في النظم وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح
____________________
1-
(5/501)
قَتَلَهُ بِمُحَرَّمٍ في نَفْسِهِ كَلِوَاطٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ في قَوَدٍ وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَجُوزُ في النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ لِأَنَّهُ أَوْحَى لَا بِسِكِّينٍ وَلَا في طَرَفٍ إلَّا بها لِئَلَّا يَحِيفَ وَأَنَّ الرَّجْمَ بِحَجَرٍ لَا يَجُوزُ بِسَيْفٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَفِعْلِهِ وَقَتْلِهِ بِسَيْفٍ واختاره شَيْخُنَا فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ أو الدِّيَةُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَإِنْ عَفَا وقد قُطِعَ ما لزم ( ( ( يلزم ) ) ) بِهِ فَوْقَ دِيَةٍ فَفِي لُزُومِهِ الزَّائِدَ احْتِمَالَانِ ( م 5 ) وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كان فِعْلُهُ مُوجِبًا لِقَوَدِ طَرَفِهِ لو انْفَرَدَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو فَعَلَ لم يَضْمَنْ وَأَنَّهُ ولو قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قبل الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ في قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ في الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ ( م 6 ) قال في التَّرْغِيبِ فَائِدَتُهُ لو عَفَا عن النَّفْسِ سَقَطَ الْقَوَدُ في الطَّرَفِ لِأَنَّ قَطْعَ السِّرَايَةِ كَانْدِمَالِهِ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ الْوَلِيُّ كَفِعْلِهِ لم يَضْمَنْهُ
وَإِنْ زَادَ أو تَعَدَّى بِقَطْعِ طَرَفِهِ فَلَا قَوَدَ وَيَضْمَنُهُ دبديته ( ( ( بديته ) ) ) عَفَا عنه أولا وَقِيلَ إنْ لم يَسْرِ الْقَطْعُ وَجَزَمُوا بِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَقَالُوا أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أو يَقْتُلُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ فَإِنْ عَفَا وقد قُطِعَ ما يَلْزَمُ بِهِ فَوْقَ دِيَةٍ فَفِي لُزُومِ الزَّائِدِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ وهو الصَّوَابُ
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَلْزَمُ
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يستوفي الْقَوَدُ في النَّفْسِ إلَّا بِالسَّيْفِ لو فَعَلَ يَعْنِي بِهِ مِثْلَ ما فَعَلَ لم يَضْمَنْ وَأَنَّهُ لو قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قبل الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ في قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ في الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ في قَوَدِ النَّفْسِ وَيَكْفِي قَتْلُهُ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَدْخُلُ فَلَهُ قَطْعُ طَرَفِهِ ثُمَّ قَتْلُهُ قُلْت هو الصَّوَابُ
____________________
1-
(5/502)
وَإِنْ كان قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَقِيلَ كَقَطْعِ يَدِهِ وَقِيلَ دِيَةُ رِجْلِهِ ( م 7 ) وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ في النَّفْسِ فلم يَكُنْ وَدَاوَاهُ أَهْلُهُ حتى بَرَأَ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ وَقَتْلِهِ وَإِلَّا تَرَكَهُ هذا رَأْيُ عُمَرَ وعلى وَيَعْلَى بن أُمَيَّةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أجمعين ذَكَرَهُ أَحْمَدُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ كان قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَقِيلَ كَقَطْعِ يَدِهِ وَقِيلَ دِيَةُ رِجْلِهِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا تَجِبُ دِيَةُ رِجْلِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ لَا قَطْعُ ما ليس له قَطْعُهُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي هو كَقَطْعِ يَدِهِ فيجزىء ( ( ( فيجزئ ) ) )
____________________
1-
(5/503)
فَصْلٌ وَإِنْ قَتَلَ أو قَطَعَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً في وَقْتٍ أو أَكْثَرَ فرضى الْأَوْلِيَاءُ بِالْقَوَدِ اكْتِفَاءً أُقَيِّدُ وَإِنْ طالب ( ( ( طلب ) ) ) كُلُّ وَلِيٍّ قَتْلَهُ على الْكَمَالِ فَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ بِالسَّبْقِ وَلِمَنْ بقى الدِّيَةُ كما لو بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ وَقِيلَ يُقَادُ لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مع الْمَعِيَّةِ وفي الِانْتِصَارِ إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رضي كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ منه وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ ( م 8 ) قال وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يحبر ( ( ( يجبر ) ) ) له بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ وَيُتَخَرَّجُ يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ على رِوَايَةِ يَجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَفَقِيرٍ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهُ كخطأ وَفِيهِ أَنَّ الْمُحَارَبَةَ كَمَسْأَلَتِنَا لِتَغْلِيبِ الْقَوَدِ فيها لِعَدَمِ جوبه ( ( ( وجوبه ) ) ) بِقَتْلِهِ غير مُكَافِئِهِ وَفِيهِ هِيَ لِلَّهِ بِدَلِيلِ الْعَفْوِ فَيَتَدَاخَلُ وَلَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ على جَانٍ وفي كِتَابِ الْآمِدِيِّ الْبَغْدَادِيِّ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ على الْمُقْتَصِّ وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ وابن رَزِينٍ على قَاتِلِهِ
وفي الْخِلَافِ في تَيَمُّمِ من لم يَجِدْ إلَّا مَاءً لِبَعْضِ بَدَنِهِ لو قَطَعَ يَمِينَيْ رَجُلَيْنِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ لَهُمَا أُخِذَ منه نِصْفُ الدية ( ( ( دية ) ) ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيُجْمَعُ بين الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ وَمَنْ رضي بِالدِّيَةِ أَخَذَهَا وَلِمَنْ بقى الْقَوَدُ وَيُقَدَّمُ قَوَدُ الطَّرَفِ على النَّفْسِ وَلَا قَوَدَ فِيهِمَا حتى يَنْدَمِلَ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ قَتَلَ رَجُلًا وَقَطَعَ يَدَ آخَرَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ وَلَا يَذْهَبُ الْحَقُّ لِهَذَا إذَا كان حَيًّا وَإِنْ قُتِلَ فَهِيَ نَفْسُهُ ليس هُنَا شَيْءٌ غَيْرَهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله وإن قتل أو قطع واحد جماعة فرضي الأولياء بالقود اكتفاء أقيد وإن طلب كل ولي قتله على الكمال فقيل بالقرعة وقيل بالسبق وقيل يقاد للكل اكتفاء مع المعية وفي الانتصار إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه وأنه قول أحمد انتهى وأطلق الأولين الزركشي
أحدهما الاعتبار بالسبق فيقاد للأول وهو الصحيح وبه قطع الخرقي والشيخ في الكافي والمقنع والشارح وابن منجا في شرحه وقدمه في الرعايتين قال في المغني يقدم الأول وإن قتلهم دفعة واحدة أقرع بينهم انتهى
والقول الثاني يقرع بينهم قال في الرعاية وهو أقيس وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير
____________________
1-
(5/504)
وَإِنْ قَطَعَ يَدَ وَاحِدٍ واصبع آخَرَ قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كان أَوَّلًا وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُصْبُعِهِ وَمَعَ أَوَّلِيَّتِهِ يُقْتَصُّ ثُمَّ رَبُّ الْيَدِ فَفِي أَخْذِهِ دِيَةَ الْإِصْبَعِ الْخِلَافُ وَإِنْ قَطَعَ يَسَارَ جَانٍ من له قَوَدٌ في يَمِينِهِ لها بِتَرَاضِيهِمَا أو قال له أَخْرِجْ يَمِينَك فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْدًا أو غَلَطًا أو ظَنَّ أنها تجزىء أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ عند ابْنِ حَامِدٍ لَا تجزىء وَتُضْمَنُ بِالدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا عَمْدًا لَا بَدَلًا عن يمنه ( ( ( يمينه ) ) ) فَتُهْدَرُ وَلَهُ قَطْعُ يَمِينِهِ بَعْدَ بُرْءِ الْيَسَارِ إلَّا مع تَرَاضِيهِمَا وففي سُقُوطِهِ إلَى الدِّيَةِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَإِنْ كان من عليه الْقَوَدُ مَجْنُونًا يَلْزَمُ قَاطِعَ يَسَارِهِ الْقَوَدُ إنْ عَلِمَهَا وَأَنَّهَا لَا تجزىء وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا فَالدِّيَةُ وَإِنْ كان الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا وفي التَّرْغِيبِ إذَا ادعي كُلٌّ مِنْهُمَا انه دُهِشَ اُقْتُصَّ من يَسَارِ الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّثَبُّتِ وقال إنْ قطعهما ( ( ( قطعها ) ) ) ظُلْمًا عَالِمًا عَمْدًا فَالْقَوَدُ وَقِيلَ الدِّيَةُ وَيُقْتَصُّ من يُمْنَاهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 9 قوله وله قطع يمينه بعد برء اليسار إلا مع تراضيهما ففي سقوطه إلى الدية وجهان انتهى يعني إذا قطع يسار جان لزمه قود في يمينه بتراضيهما وقلنا لا تجزىء
أحدهما يسقط إلى الدية قلت وهو الصواب فكأنه أسقط حقه من قطع اليمين وإذا لم تجز أخذت الدية
والوجه الثاني لا يسقط وهو ظاهر كلام جماعة فهذه تسع مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(5/505)
بَابُ الْعَفْوِ عن الْقَوَدِ
يَجِبُ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ أو الدِّيَةُ فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا وَعَفْوُهُ مَجَّانًا أَفْضَلُ ثُمَّ لَا عُقُوبَةَ على جَانٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا عليه حَقٌّ وَاحِدٌ وقد سَقَطَ كَعَفْوٍ عن دِيَةِ قَاتِلٍ خَطَأً ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي قَوْلٌ في تَعْزِيرِهِ
قال شَيْخُنَا الْعَدْلُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا هو الْغَايَةُ وهو الْعَدْلُ بين الناس وَالثَّانِي ما يَكُونُ الْإِحْسَانُ أَفْضَلَ منه وهو عَدْلُ الْإِنْسَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ في الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ فإن اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ عَدْلٌ وَالْعَفْوَ إحْسَانٌ وَالْإِحْسَانُ هُنَا أَفْضَلُ لَكِنَّ هذا الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إحْسَانًا إلَّا بَعْدَ الْعَدْلِ وهو أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالْعَفْوِ ضَرَرٌ فإذا حَصَلَ منه ضَرَرٌ كان ظُلْمًا من الْعَافِي إمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في آخِرِ الْمُحَارِبِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ اخْتَارَ الْقَوَدَ او عَفَا عن الدِّيَةِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَالصُّلْحُ على أَكْثَرَ منها في الْأَصَحِّ فِيهِمَا
وَخَرَّجَ ابن عَقِيلٍ في غَيْرِ الصُّلْحِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَطَلَاقِ من أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ فَوْقَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ له في الِانْتِصَارِ لو كان الْمَالُ بَدَلَ النَّفْسِ في الْعَمْدِ لم يَجُزْ الصُّلْحُ على أَكْثَرَ من الدِّيَةِ فقال كَذَا نَقُولُ على رِوَايَةٍ يَجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ تَعَيَّنَتْ قال أَحْمَدُ إذَا أَخَذَ الدِّيَةَ فَقَدْ عَفَا عن الدَّمِ فإنه قَتَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهَا قُتِلَ بِهِ وَعَنْهُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ وَعَنْهُ بِرِضَا الْجَانِي فَقَوَدُهُ بَاقٍ وَلَهُ الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أو على غَيْرِ مَالٍ أو عن الْقَوَدِ مُطْلَقًا وَلَوْ عن يَدِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ على الْأَصَحِّ على الْأُولَى خَاصَّةً وَإِنْ هَلَكَ الْجَانِي تَعَيَّنَتْ في مَالِهِ كَتَعَذُّرِهِ في طَرَفِهِ وَقِيلَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَعَنْهُ إنْ قُتِلَ فَلِوَلِيِّ الْأَوَّلِ قَتْلُ قَاتِلِهِ وَالْعَفْوُ عنه وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ في قَتْلِ الفيلة ( ( ( الغيلة ) ) ) لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ كَالْقَتْلِ في مُكَابَرَةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا في قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ يُقْتَلُ عمدا ( ( ( حدا ) ) ) لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ من مُحَارِبٍ وَإِنْ عَفَا على مَالٍ عن قَوَدٍ في طَرَفٍ ثُمَّ قَتَلَهُ الْجَانِي قبل الْبُرْءِ فَالْقَوَدُ في النَّفْسِ أو دِيَتُهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي تَتِمَّةُ الدِّيَةِ وَإِنْ قال لِمَنْ عليه قَوَدٌ عَفَوْت عن جِنَايَتِك أو عَنْك برىء من الدِّيَةِ كَالْقَوَدِ نَصَّ عليه وَقِيلَ إنْ قَصَدَهَا وَقِيلَ إنْ ادَّعَى قَصْدَ الْقَوَدِ فَقَطْ قُبِلَ وَإِلَّا بريء
وفي التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ بَقِيَتْ الدِّيَةُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ
____________________
(5/506)
عَفَا مَجْرُوحٌ عَمْدًا أو خَطَأً صَحَّ كَعَفْوِ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَنْهُ في الْقَوَدِ إنْ كان الْجُرْحُ لَا قَوَدَ فيه لو بَرَأَ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ عن الدِّيَةِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ لَا الْوَصِيَّةِ وَفِيهِ يُخَرِّجُ في السِّرَايَةِ في النَّفْسِ رِوَايَاتٍ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا وَالثَّالِثَةُ يَجِبُ النِّصْفُ بِنَاءً على أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ ليس بِوَصِيَّةٍ وَيَبْقَى ما قَابَلَ السِّرَايَةَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عنه قال وَذَهَبَ ابن أبي مُوسَى إلَى صِحَّتِهِ في الْعَمْدِ وفي الخطأ من ثَلَاثَةٍ
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قال عَفَوْت عن هذا الْجُرْحِ أو الضَّرْبَةِ فَعَنْهُ يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا من الدِّيَةِ إنْ لم يَقُلْ وما يَحْدُثُ منها كَعَفْوِهِ على مَالٍ وَعَنْهُ لَا كَعَفْوِهِ عن الْجِنَايَةِ ( م 1 )
وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ على الْأَوْلَى وَجْهَانِ ( م 2 ) وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ في عَفَوْت إلَى مَالٍ أو دُونَ سِرَايَتِهَا وَيَصِحُّ من مَجْرُوحٍ أَبْرَأْتُك من دَمِي وَنَحْوِهِ مُعَلَّقًا بِمَوْتِهِ فَلَوْ بَرَأَ بقى حَقُّهُ بِخِلَافِ عَفَوْت عَنْك وَنَحْوُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قال عَفَوْت عن هذا الْجُرْحِ أو الضَّرْبَةِ فَعَنْهُ يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا من الدِّيَةِ إنْ لم يَقُلْ وما يَحْدُثُ كَعَفْوِهِ على مَالٍ وَعَنْهُ لَا كَعَفْوِهِ عن الْجِنَايَةِ انْتَهَى إذَا عَفَا الْمَجْرُوحُ عَمْدًا أو خَطَأً وَقُلْنَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا من الدِّيَةِ وَالْحَالَةُ هذه قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ إرَادَةَ الْعَفْوِ عَمَّا يَحْدُثُ مَشْكُوكٌ فيه وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِرَادَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَضْمَنُ السِّرَايَةَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ على الْأُولَى وَجْهَانِ انْتَهَى
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قال في الْمُحَرَّرِ فَلَوْ قال عَفَوْت عن هذه الْجِنَايَةِ فَلَا شَيْءَ في السِّرَايَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً لَا إذَا قال أَرَدْت بِالْجِنَايَةِ الْجِرَاحَةَ نَفْسَهَا دُونَ سِرَايَتِهَا وَقُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ في التي قَبْلَهَا فإنه يُقْبَلُ منه مع يَمِينِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ انْتَهَى فَقَدَّمَ قَبُولَ قَوْلِهِ وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في النَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(5/507)
ولا يصح عفوه عن قود شجة لا قود فيها ومن صح عفوه فإن أوجب الجرح مالا عينا فكوصية وإلا فمن رأس المال لا من ثلثه على الأصح لأن الدية لم تتعين قال في المغني ولذلك صح عفو المفلس مجانا مع أنه هو في غير موضع وجماعة لم يصححوه إن قيل يحب أحد شيئين وَإِنْ أَبْرَأَ عَبْدًا من جِنَايَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَقَبَتِهِ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ كَحُرٍّ جِنَايَتُهُ على عَاقِلَتِهِ وَيَصِحُّ إبْرَاءُ عَاقِلَتِهِ إنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِلْمَقْتُولِ كابراء سَيِّدٍ كَعَفْوِهِ عنها ولم يُسَمِّ الْمُبْرَأَ وَإِنْ وَكَّلَ في قَوَدٍ ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ وَكِيلُهُ ولم يَعْلَمْ فَلَا شىء عَلَيْهِمَا وَقِيلَ بضمانها ( ( ( بضمانهما ) ) ) وَالْقَرَارُ على الْعَافِي وَقِيلَ الضَّمَانُ على الْوَكِيلِ حَالًا وَقِيلَ على عَاقِلَتِهِ فَعَلَيْهِمَا إنْ كان عَفَا إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ لِلْعَافِي على الْجَانِي وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قَوَدٌ أو تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انتهى الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الديات
____________________
(5/508)
بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ = كِتَابُ الدِّيَاتِ
كُلُّ من أَتْلَفَ إنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ أو سَبَبٍ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ فإذا أَلْقَى عليه أَفْعَى أو أَلْقَاهُ عليها أو طَلَبَهُ بِسَيْفٍ مُجَرَّدٍ وَنَحْوِهِ فَهَرَبَ فَتَلِفَ في هَرَبِهِ وفي التَّرْغِيبِ وَعِنْدِي ما لم يعتمد ( ( ( يتعمد ) ) ) إلْقَاءَ نَفْسِهِ مع الْقَطْعِ بِتَلَفِهِ لِأَنَّهُ كَمُبَاشِرٍ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ
أو ورعه ( ( ( روعه ) ) ) بِأَنْ شَهَرَهُ في وَجْهِهِ أو دَلَّاهُ من شَاهِقٍ فَمَاتَ أو ذَهَبَ عَقْلُهُ أو حَفَرَ بِئْرًا مُحَرَّمًا أو وَضَعَ حَجَرًا أو قِشْرَ بطيخا ( ( ( بطيخ ) ) ) أو صَبَّ مَاءً في فِنَائِهِ أو طريقه ( ( ( طريق ) ) ) فَتَلِفَ بِهِ نَصَّ عليه
أو رَمَى من مَنْزِلِهِ حَجَرًا أو غَيْرَهُ أو حَمَلَ بيده رُمْحًا جَعَلَهُ بين يَدَيْهِ أو خَلْفَهُ
____________________
(6/3)
لَا قَائِمًا في الْهَوَاءِ وهو يَمْشِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا أو وَقَعَ على نَائِمٍ بِفِنَاءِ جِدَارٍ فَتَلِفَ بِهِ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ الْأَخِيرَةَ في الرَّوْضَةِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ وَإِنْ تَلِفَ الْوَاقِعُ فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَعَدِّي النَّائِمِ وفي التَّرْغِيبِ إنْ رَشَّهُ لِيُسْكِنَ الْغُبَارَ فَمَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ كَحَفْرِ بِئْرٍ في سَابِلَةٍ فيه رِوَايَتَانِ ( م 1 ) نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إنْ أَلْقَى كِيسَهُ فيه دَرَاهِمُ فَكَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ وإن كُلَّ من فَعَلَ شيئا فيها ليس مَنْفَعَةٌ ضَمِنَ وَإِنْ بَالَتْ فيها دَابَّةُ رَاكِبٍ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ ضَمِنَهُ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا كَمَنْ سَلَّمَ على غَيْرِهِ أو أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوُهُ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ
وَإِنْ كان وَاضِعُ الْحَجَرِ آخَرُ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَوَقَعَ في الْبِئْرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فَعَنْهُ يُحَالُ على الْأَوَّلِ وهو أَشْهُرُ فَضَمَانُهُ على الْوَاضِعِ كَالدَّافِعِ لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ بِهِ الْقَتْلَ عَادَةً لِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مُكْرَهٍ وَعَنْهُ عليها ( م 2 ) فَيَخْرُجُ منه ضَمَانُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب ( ( ( المتسبب ) ) ) الديات
مسألة 1 قوله وفي الترغيب ( ( ( وجعله ) ) ) إن رشه ليسكن ( ( ( كقاتل ) ) ) الغبار ( ( ( وممسك ) ) ) فمصلحة عامة كحفر بئر في سابلة وفيه روايتان يعني في الضمان بحفر ذلك
قلت الصحيح من المذهب عدم الضمان وقد قدم ذلك في باب الغصب فقال وَإِنْ حفر ( ( ( تعدى ) ) ) بئرا في ( ( ( خص ) ) ) سابله لنفع المسلمين ولا ضرر لم يضمن ما تلف بِهِ وعنه إذا كان بإذن حاكم وعنه يضمن مطلقا انتهى
والذي قدمه هناك هو الصحيح من المذهب وعليه الأكثر والذي يظهر أنه أراد هنا حكاية الخلاف لا إطلاقه أو يكون من تتمة كلام صاحب الترغيب وهو ظاهر اللفظ
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَإِنْ كان وَاضِعُ الْحَجَرِ آخَرَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَوَقَعَ في الْبِئْرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فَعَنْهُ يُحَالُ على الْأَوَّلِ وهو أَشْهَرُ فَضَمَانُهُ على الْوَاضِعِ وَعَنْهُ عَلَيْهِمَا انْتَهَى
ما قال إنَّهُ أَشْهَرُ هو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
____________________
1-
(6/4)
المتسبب ( ( ( والرعايتين ) ) ) اختاره ابن عقيل وغيره وجعله أبو بكر ( ( ( ضمان ) ) ) كقاتل وممسك وَإِنْ تعدى أحدهما خص به وإن عمق ( ( ( أعمق ) ) ) بِئْرًا قَصِيرَةً ضَمِنَا التَّالِفَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَلِفَ أَجِيرٌ لِحَفْرِ بِئْرٍ بها فَهَدَرٌ وَكَذَا إنْ دَعَا من يَحْفِرُ له بِدَارِهٍ أو بِمَعْدِنٍ فَمَاتَ بِهَدْمٍ لم يَلْقَهُ أَحَدٌ نَقَلَهُ حَرْبٌ وَإِنْ حَفَرَ بِبَيْتِهِ بِئْرًا وَسَتَرَهُ لِيَقَعَ فيها أَحَدٌ فَمَنْ دخل بِإِذْنِهِ فَالْقَوَدُ في الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا كَمَكْشُوفَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ في عَدَمِ إذْنِهِ وَقِيلَ وَكَشَفَهَا لو وَضَعَ آخَرُ فيها سِكِّينًا ضَمِنُوهُ بَيْنَهُمْ نَصَّ على ذلك وَإِنْ قَرَّبَ صَغِيرًا من هَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ ضَمِنَهُ الْمُقَرِّبُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ في حَاجَةٍ فَأَتْلَفَ مَالًا أو نَفْسًا فَجِنَايَةُ خطأ من مُرْسِلِهِ وَإِنْ جني عليه ضَمِنَهُ أَيْضًا ذَكَرَ ذلك في الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ إلَّا أَنَّهُ قال ما جَنَى فَعَلَى الصَّبِيِّ وَلَوْ كان عَبْدًا فَكَغَصْبِهِ نَصَّ عليه وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أو صَاعِقَةٍ وقال ابن عَقِيلٍ وَعَرَفْت أَرْضُهُ بِهِ فَدِيَتُهُ وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أو فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية لضمان عليهما وما ذكره المصنف بعد ذلك معلوم والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أو صَاعِقَةٍ فَدِيَتُهُ وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أو فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَأَكْثَرُهُمْ ذَكَرَهُمَا فِيمَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ
إحْدَاهُمَا تَجِبُ عليه الدِّيَةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ نَقَلَهَا أبو الصَّقْرِ وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بِهِ إلَى أَرْضٍ بها الطَّاعُونُ أو وَبِيئَةٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا ولم أَرَهُ قال الْحَارِثِيُّ في الْغَصْبِ وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يَضْمَنُ ولم يُفَرِّقْ بين
____________________
1-
(6/5)
وَإِنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أو غَلَّهُ فَتَلِفَ بِصَاعِقَةٍ أو حَيَّةٍ فَوَجْهَانِ ( م 4 )
وَإِنْ اصْطَدَمَ رَجُلَانِ أو رَاكِبَانِ أو مَاشٍ أو رَاكِبٌ قال في الرَّوْضَةِ بَصِيرَانِ أو ضَرِيرَانِ أو أَحَدُهُمَا فَمَاتَا أو دَابَّتَاهُمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتْلِفَ الْآخَرَ وَقِيلَ نِصْفَهُ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ إنْ غَلَبَتْ الدَّابَّةُ رَاكِبَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَإِنْ اصْطَدَمَا عَمْدًا وَيُقْتَلُ غَالِبًا فَهَدَرٌ وَإِلَّا شِبْهُ عَمْدٍ وما تَلِفَ لِلسَّائِرِ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وَاقِفٌ وَقَاعِدٌ في الْمَنْصُوصِ وَقِيلَ بَلَى مع ضِيقِ الطُّرُقِ وفي ضَمَانِ سَائِرِ ما أَتْلَفَ لِوَاقِفٍ وَقَاعِدٍ في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ وَجْهَانِ ( م 5 )
وَإِنْ اصطدام ( ( ( اصطدم ) ) ) قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَهَدَرٌ لَا حروقن فَقِيمَةُ قِنٍّ وَقِيلَ نِصْفُهَا في تَرِكَةِ حُرٍّ وَدِيَةُ حُرٍّ وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهُ أو نِصْفُهَا في تِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصاعقة والمرض وهو الحق انتهى
مسألة 4 قوله وإن قيد حرا مكلفا أو غلة فتلف بصاعقة أو حية فوجهان انتهى وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير أو غيرهم
أحدهما تجب الدية وهو الصحيح قطع به في الوجيز وغيره وقدمه في النظم وغيره
والوجه الثاني لا تجب
مسألة 5 قوله وفي ضمان سائر ما أتلف لواقف وقاعد في طريق ضيق وجهان انتهى
أحدهما لا ضمان عليه وهو الصحيح من المذهب نص عليه وبه قطع في المغني والمقنع والشرح وشرح ابن منجا الوجيز وغيرهم وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وكذا في الرعاية الكبرى
والوجه الثاني يضمنه قدمه في المحرر والنظم والزركشي وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي
____________________
1-
(6/6)
فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتْلَفَ الْآخَرِ وفي الْمُغْنِي إنْ فَرَّطَا وَقَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُصْعَدَ مِنْهُمَا بَلْ الْمُنْحَدِرُ إنْ لم يَغْلِبْهُ رِيحٌ نَصَّ عليه وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ لَا يَضْمَنُ مُنْحَدِرٌ وفي التَّرْغِيب السَّفِينَةُ كَدَابَّةٍ الْمَلَّاحُ كَرَاكِبٍ ولا ( ( ( ويصدق ) ) ) يصدق مَلَّاحٌ في أن تَلِفَ مَالٌ بِغَلَبَةِ رِيحٍ وَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّدْمَ فَشَرِيكَانِ في إتْلَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَنْ فِيهِمَا فَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا فَالْقَوَدُ وَإِلَّا شِبْهُ وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الْمُصَادِمِ في حَقِّ نَفْسِهِ مع عَمْدٍ وَلَوْ خَرَقَهَا عَمْدًا أو شِبْهَ عَمْدٍ أو خَطَأً عَمِلَ على ذلك وَهَلْ يَضْمَنُ من أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ ما فيها أو نِصْفِهِ أو بِحِصَّتِهِ يَحْتَمِلُ أو جها ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَهَلْ يَضْمَنُ من أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ ما فيها أو نِصْفِهِ أو بِحِصَّتِهِ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا انْتَهَى
تَابَعَ في ذلك ابْنَ حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى فإنه قال وَمَنْ أَلْقَى عِدْلًا مملواء ( ( ( مملوءا ) ) ) في سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ ما فيها أو نِصْفَهُ أو بِحِصَّتِهِ قُلْت يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا انْتَهَى
قُلْت هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا حَمَلَ على الدَّابَّةِ زِيَادَةً على قَدْرِ الْمَأْجُورِ أو جَاوَزَ بها الْمَكَانَ الذي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ وَتَلِفَتْ أو زَادَ في الْحَدِّ سَوْطًا فَقَتَلَهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ جَمِيعَهُ وقد قَطَعَ في الْفُصُولِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ ما في السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ حَجَرٍ فيها ذَكَرَهُ في أَثْنَاءِ الْإِجَارَةِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِمَا إذَا زَادَ على الْحَدِّ سَوْطًا في وُجُوبِ الدِّيَةِ كَامِلَةً وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي جَعَلَ تَغْرِيقَ السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ فيها أَصْلًا في وُجُوبِ ضَمَانِ الْعَيْنِ كَامِلَةً إذَا جَاوَزَ بها مَكَانَ الْإِجَارَةِ أو زَادَ على الْحَدِّ سَوْطًا
وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ بَلْ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قد ذكره ذلك غيره في كِتَابِ الْحُدُودِ مستوفي وَقَدَّمَ ضَمَانَ الْجَمِيعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهِلَ هُنَا عن ذلك وَتَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ فَحَصَلَ الْخَلَلُ من جود ( ( ( وجود ) ) ) إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ وَمُتَابَعَتَهُ لِابْنِ حَمْدَانَ ولم يَعْزُهُ إلَيْهِ وابن حَمْدَانَ إنَّمَا قال ذلك من عِنْدِهِ وَمِنْ تَخْرِيجِهِ وَكَوْنُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ في كِتَابِ الْحُدُودِ وَقَدَّمَ الضَّمَانَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ أَلْقَى حَجَرًا فَفِيهِ نَوْعُ تَعَدٍّ وَأَمَّا هذه الْمَسْأَلَةُ فَأَلْقَى فيها من جِنْسِ ما فيها فَلَيْسَ فيه تَعَدٍّ وَفِيهِ ما فيه وَعَلَى كل حَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الْحَدِّ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ خَرَّجَ الْأَوْجُهَ على الْأَقْوَالِ التي في الْحَدِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/7)
وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ غَيْرُ وَلِيِّهِمَا فَاصْطَدَمَا ضَمِنَ وفي التَّرْغِيبِ تَضْمَنُ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهُمَا وَإِنْ رَكِبَاهَا فَكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ وَكَذَا إنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيٌّ لِمَصْلَحَةٍ قال ابن عَقِيلٍ وَيَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا وفي التَّرْغِيبِ إنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا ما يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مِثْلِهِمَا وَإِلَّا ضَمِنَ وَيَضْمَنُ كَبِيرٌ صَدْمِ الصَّغِيرِ وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ من أَرْكَبَ الصَّغِيرَ نَقَلَ حَرْبٌ إنْ حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا على دَابَّةٍ فَسَقَطَ ضَمِنَهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ أَهْلُهُ بِحَمْلِهِ فَصْلٌ وَإِنْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ أو طَرَفَهُ خَطَأً فَهَدَرٌ كَالْعَمْدِ وَعَنْهُ دِيَةُ ذلك على عَاقِلَتِهِ له أو لو رثته اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَلَا تُحْمَلُ دُونَ الثُّلُثِ في الْأَصَحِّ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ نَقَلَ حَرْبٌ من قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يودى من بَيْتِ الْمَالِ
وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَثْلَاثًا وَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ كَرَمْيِهِ عن قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وَحَجَرٍ من يَدٍ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَفْدِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَعَلَيْهِمْ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمْ فَقِيلَ على عَاقِلَةِ صاحبية دِيَتُهُ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا ( م 7 ) وفي بَقِيَّتِهَا الرِّوَايَتَانِ في فِعْلِ نَفْسِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ في مَسْأَلَةِ الْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمْ فَقِيلَ على عَاقِلَةِ صحابيه ( ( ( صاحبيه ) ) ) دِيَتُهُ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا على صَاحِبَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً قال أبو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ في الْخُلَاصَةِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُلْغِي فِعْلَ نَفْسِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وهو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي في الْمُحَرَّرِ وَالشَّيْخُ في الْعُمْدَةِ وَالْآدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي هذا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ في النَّظَرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
____________________
1-
(6/8)
وإن زادوا على ثلاثة فالدية في أموالهم وعنه على العاقلة لاتحاد فعلهم ولا يضمن من وضع الحجر وأمسك الكفة كمن أوتر وقرب السهم وقال القاضي وابن عقيل يتوجه روايتا ممسك وَإِنْ وَقَعَ في حُفْرَةٍ ثُمَّ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ ثُمَّ رَابِعٌ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ فَمَاتُوا أو بَعْضُهُمْ فَدَمُ الرَّابِعِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عليه وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَيْهِمَا وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عليهم وَإِنْ تَعَمَّدَ وَاحِدٌ أو كلهم وَيُقْتَلُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ
وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ على الثَّالِثِ وَقِيلَ على الثَّلَاثَةِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ على الثَّانِي وَقِيلَ نِصْفُهَا وَقِيلَ على الْأَوَّلَيْنِ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا وَقِيلَ دَمُهُ هَدَرٌ ( م 8 ) وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ على الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا وَقِيلَ على الثَّالِثِ وَقْتَ نِصْفِهَا ( م 9 ) وَيُتَوَجَّهُ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ في دِيَةِ الثَّالِثِ أنها على الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الْأَوَّلِ قِيلَ على الثَّانِي وَالثَّالِثِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ على الثَّالِثِ وَقِيلَ على الثَّلَاثَةِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ على الثَّانِي وَقِيلَ نِصْفُهَا وَقِيلَ على الْأَوَّلَيْنِ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا وَقِيلَ دَمُهُ هَدَرٌ انْتَهَى
أَطْلَقَ الْخِلَافَ في دِيَةِ الثَّالِثِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ لم أَطَّلِعْ على من اخْتَارَ شيئا منها وَذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ في الْفُصُولِ احْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ على الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَقِيلَ ثُلُثَاهَا وَقِيلَ على الثَّالِثِ وَقِيلَ نِصْفُهَا انْتَهَى
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ابن رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجِبُ ثُلُثَاهَا
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ تَجِبُ كَامِلَةً على الثَّالِثِ قال الْمَجْدُ وَعِنْدِي لَا شَيْءَ منها على الْأَوَّلِ بَلْ على الثَّالِثِ كُلُّهَا أو نِصْفُهَا
____________________
1-
(6/9)
وقيل ثلثاها ( ( ( الرابع ) ) ) ( م 10 ) وفي ( ( ( نصفها ) ) ) بقيتها في الكل الروايتان * وإن لم يقع بعضهم على بعض ( ( ( الثالث ) ) ) بل ماتوا بسقوطهم ( ( ( ودية ) ) ) وفي المغني أو وقع وشك في تأثيره أو قتلهم في الحفرة أسد ولم يتجاذبوا فلا ضمان وإن تجاذبوا فدم الْأَوَّلِ هدر وعليه دية الثاني وعلى الثاني دية الثالث وعلى الثالث دية الرابع وقيل دية الثالث على الثَّانِي وَقِيلَ والأول ( ( ( ثلثاها ) ) ) ودية الرابع على الثلاثة
وكذا إن ازدحم وتدافع جماعة ( ( ( الفصول ) ) ) عند الحفرة فسقط أربعة متجاذبين ( ( ( والنظم ) ) ) وعن علي أنه قضى للأول بربع ( ( ( ثلثاها ) ) ) الدية وللثاني بثلثها ( ( ( بأن ) ) ) وللثالث ( ( ( دمه ) ) ) بنصفها ( ( ( هدر ) ) ) وللرابع ( ( ( قوي ) ) ) بها
وجعله ( ( ( السبب ) ) ) على قبائل الذين ازدحموا ( ( ( بقيتها ) ) ) ترافع إلى ( ( ( الكل ) ) ) النبي ( ( ( الروايتان ) ) ) صلى ( ( ( هما ) ) ) الله ( ( ( الروايتان ) ) ) عليه ( ( ( اللتان ) ) ) وسلم فأجازه ( ( ( أول ) ) ) وذهب ( ( ( الفصل ) ) ) إليه أحمد ( ( ( فعل ) ) ) وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سِتَّةً تَغَاطُّوا في الْفُرَاتِ فَمَاتَ وَاحِدٌ فَرُفِعَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والقول الرابع يجب نصفها على الثالث
مسألة 10 قوله ودية الأول قيل على الثاني والثالث وقيل ثلثاها انتهى
القول الأول هو الصحيح جزم به في الفصول والوجيز وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير
والقول الثاني يجب ثلثاها
قلت والقول بأن دمه هدر قوي لأنه السبب
تنبيه قوله وفي بقيتها في الكل الروايتان هم الروايتان اللتان في أول الفصل في فعل نفسه
____________________
1-
(6/10)
إلَى عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه فَشَهِدَ رَجُلَانِ على ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٌ على اثْنَيْنِ فَقَضَى بخمسى الدِّيَةِ على الثَّلَاثَةِ وَبِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ على الِاثْنَيْنِ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ إنْ نَامَ على سَطْحِهِ فَهَوِيَ سَقْفُهُ من تَحْتِهِ على قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ كما قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِيمَنْ أَلْقَى في مَرْكَبِهِ نَارٌ
وَلَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِسُقُوطِهِ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ لم يَتَسَبَّبْ وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِدَوَامِ مُكْثِهِ أو بِانْتِقَالِهِ ضَمِنَهُ وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ في التَّائِبِ الْعَاجِزِ عن مُفَارَقَةِ الْمَعْصِيَةِ في الْحَالِ أو الْعَاجِزِ عن إزَالَةِ أَثَرِهَا كَمُتَوَسِّطِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَمُتَوَسِّطِ الْجَرْحَى تَصِحُّ تَوْبَتُهُ مع الْعَزْمِ وَالنَّدَمِ وَأَنَّهُ ليس عَاصِيًا بِخُرُوجِهِ من الْغَصْبِ وَمِنْهُ تَوْبَتُهُ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أو الْجُرْحِ وَتَخْلِيصُهُ صَيْدَ الْحَرَمِ من الشِّرْكِ وَحَمْلُهُ الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ بِالتَّوْبَةِ وَالضَّمَانُ بَاقٍ بِخِلَافِ ما لو كان ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ كَخُرُوجِ مُسْتَعِيرٍ من دَارٍ انْتَقَلَتْ عن الْمُعِيرِ
وَخُرُوجِ من أَجْنَبَ بِمَسْجِدٍ وَنَزَعَ مُجَامِعٌ طَلَعَ عليه الْفَجْرُ فإنه غَيْرُ آثِمٍ اتِّفَاقًا وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لم يَتُبْ من أَصْلِهِ تَصِحُّ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ ابن شَاقِلَا وَكَذَا تَوْبَةُ الْقَاتِلِ قد تُشْبِهُ هذا ولا ( ( ( وتصح ) ) ) تصح على الْأَصَحِّ
وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِي ذلك فإنه شَبَّهَهُ بِمَنْ تَابَ من قَتْلٍ أو إتْلَافٍ مع بَقَاءِ أَثَرِ ذلك لَكِنَّهُ قال إنَّ تَوْبَتَهُ في هذه الْمَوَاضِعِ تَمْحُو جَمِيعَ ذلك ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ وَالْمُعْتِبَةَ تَزُولُ عنه من جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَجِهَةِ الْمَالِكِ وَلَا يبقي إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ
قال شَيْخُنَا هذا ليس بِصَحِيحٍ لِأَنَّ التَّائِبَ بَعْدَ الْجُرْحِ أو وُجُوبِ الْقَوَدِ ليس كالمخطىء ( ( ( كالمخطئ ) ) ) ابْتِدَاءً فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بين الْمَعْذُورِ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ التَّائِبِ في أَثْنَائِهِ وَأَثَرِهِ
وأبو الْخَطَّابِ منه ( ( ( منع ) ) ) أَنَّ حَرَكَاتِ الْغَاصِبِ لِلْخُرُوجِ طَاعَةٌ بَلْ مَعْصِيَةٌ فَعَلَهَا لِدَفْعِ أَكْثَرِ الْغَصْبَيْنِ بِأَقَلِّهِمَا وَالْكَذِبُ لِدَفْعِ قَتْلِ إنْسَانٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هو الْوَسَطُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ أَضَلَّ غَيْرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُضِلٌّ وَمَنْ لَا يَرَى أَنَّهُ إضْلَالٌ فَكَالْكَافِرِ الدَّاعِيَةِ يَتُوبُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا
____________________
(6/11)
وَذَكَرَ جَدُّهُ أَنَّ الْخَارِجَ من الْغَصْبِ مُمْتَثِلٌ من كل وَجْهٍ إنْ جَازَ الْوَطْءُ لِمَنْ قال إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفِيهَا رِوَايَتَانِ وَإِلَّا تَوَجَّهَ لنا أَنَّهُ عَاصٍ من وَجْهٍ مُمْتَثِلٌ من وَجْهٍ فَصْلٌ وَمِنْ اضطرإلى طَعَامٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ أو شَرَابِهِ فَطَلَبَهُ فَمَنَعَهُ حتى مَاتَ ضَمِنَهُ نَصَّ عليه كَأَخْذِهِ ذلك لِغَيْرِهِ وهو عَاجِزٌ فَيَتْلَفُ أو دَابَّتُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ وَعِنْدَ الْقَاضِي على عَاقِلَتِهِ
وَكَذَا أَخَذَهُ تُرْسًا مِمَّنْ يَدْفَعُ بِهِ ضَرْبًا عنه ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ شَخْصٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ فَوَجْهَانِ ( م 11 ) وَقِيلَ وَهُمَا في وُجُوبِهِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ ضَمَانَهُ على الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا فَدَلَّ على أَنَّهُ مع الطَّلَبِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لم يَتَسَبَّبْ كما لو لم يَطْلُبْهُ في التي قَبْلَهَا فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَهُمْ عِنْدَهُ وَلَوْ لم يَطْلُبْهُ فَإِنْ كان مُرَادُهُمْ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وقد نَقَلَ محمد بن يحيى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ في غُزَاةٍ لم يَلْزَمْ من معه فَضْلُ حَمْلِهِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَذْكُرُ الناس فَإِنْ حَمَلُوهُ وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ شَخْصٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
وأطلقها في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَيْهِ مَالَ ابن منجا في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّهُمْ خَرَّجُوا ضَمَانَهُ على من مَنَعَهُ من الطَّعَامِ الشراب ( ( ( والشراب ) ) ) حتى مَاتَ وقد نَصَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ في هذه الْمَسْأَلَةِ على الضَّمَانِ وَلَكِنَّ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَغَيْرَهُ فَرَّقَ بين من مَنَعَهُ من الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبَيْنَ من أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ من هَلَكَةٍ لِأَنَّهُ في الثَّانِيَةِ لم يَكُنْ هَلَاكُهُ بِسَبَبٍ منه فلم يَضْمَنْهُ كما لو يَعْلَمْ بِحَالِهِ وَأَمَّا في مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ فإنه مَنَعَهُ منه كان سَبَبًا في هَلَاكِهِ فَافْتَرَقَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/12)
وَمَنْ أُسْقِطَتْ بِطَلَبِ سُلْطَانٍ أو تهديدة لِحَقِّ اللَّهِ أو غَيْرِهِ أو مَاتَتْ بِوَضْعِهَا أو ذَهَبَ عَقْلُهَا أو اسْتَعْدَى إنْسَانٌ ضَمِنَ السُّلْطَانُ والمستعدى في الذخيرة ( ( ( الأخيرة ) ) ) في الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أو قَطْعِ يَدٍ لم يَأْذَنْ سَيِّدٌ فيها
أو شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ وَإِنْ مَاتَتْ فَزَعًا فَوَجْهَانِ ( م 12 ) قال في الْمُغْنِي إنْ أَحْضَرَ ظَالِمَةً عِنْدَ حَاكِمٍ لم يَضْمَنْهَا بَلْ جنينهاوفي الْمُنْتَخَبِ وَكَذَا رَجُلٌ مُسْتَعْدًى عليه
وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ على نَصِّهِ في طَلَبِ سُلْطَانٍ لِرَجُلٍ يَفْزَعُ الرَّجُلَ بِالسُّلْطَانِ أو غَيْرِهِ فَيَمُوتُ قال في الْفُنُونِ إذَا شَمَّتْ حَامِلَةٌ رِيحَ طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ أو مَاتَ فقال حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ إنْ لم يعملوا ( ( ( يعلموا ) ) ) بها فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ عَلِمُوا وكان عَادَةً مُسْتَمِرَّةً أَنَّ الرَّائِحَةَ تَقْتُلُ احْتَمَلَ الضَّمَانُ لِلْإِضْرَارِ وَاحْتَمَلَ لَا لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ وَكَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بها صَاحِبُ سُعَالٍ وَضِيقِ نَفَسٍ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ
كَذَا قال وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ لِسَابِحٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ لم يَضْمَنْهُ في الْأَصَحِّ كالبالغ ( ( ( كبالغ ) ) ) سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا أو يَصْعَدَ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لم يَضْمَنْهُ كَاسْتِئْجَارِهِ قَبَّضَهُ الْأُجْرَةَ أولا وَقِيلَ إنْ أَمَرَهُ سُلْطَانٌ ضَمِنَهُ وهو من خطأ الْإِمَامِ وَلَوْ أَمَرَ من لَا يُمَيِّزُ قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 12 قوله فإن ماتت فزعا فوجهان انتهى يعني إذا أرسل إليها السلطان أو هددها وأطلقهما في الرعاية الكبرى في موضع والنظم
أحدهما يضمناه جزم به في الهداية والمستوعب والمقنع والمغنى والشرح نصراه في موضع آخر وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وهو أظهر
والوجه الثاني لا يضمنها وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي والمحرر قال في المغني والشرح وابن رزين في شرحه أيضا فإن استعدى على امرأة فألقت جنينا أو ماتت فزعا ضمنها العاقلة أن كان ظالما وإلا فلا فهذه اثنتا عشرة مسألة في هذا الباب
____________________
1-
(6/13)
وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ ما جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا مُتَّجَهٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وقد كان ابن عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مع الصِّبْيَانِ فَبَعَثَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يُقَالُ هذا تَصَرُّفٌ في مَنْفَعَةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ لِلْحَاجَةِ وَاطَّرَدَ بِهِ الْعُرْفُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ
وَإِنْ وَضَعَ شيئا على عُلُوٍّ وَقِيلَ غَيْرُ مُتَطَرِّفٍ فَرَمَتْهُ رِيحٌ أو دَفَعَهَا عن وُصُولِهَا إلَيْهِ ذَكَرَهَا في الِانْتِصَارِ في الصَّائِلِ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ تَدَحْرَجَ فَدَفَعَهُ عن نَفْسِهِ لم يَضْمَنْهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وَأَنَّهُمَا في بَهِيمَةٍ حَالَتْ بين مُضْطَرٍّ وَطَعَامِهِ وَلَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهَا مع أَنَّهُ يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(6/14)
بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ
دِيَةُ الْحُرِّ مِائَةُ بَعِيرٍ أو مِائَتَا بَقَرَةٍ أو أَلْفَا شَاةٍ أو أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أو اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ أُصُولُ الدِّيَةِ إذَا أَحْضَرَ من عليه الدِّيَةُ أَحَدَهَا لَزِمَ قَبُولُهُ وَعَنْهُ من الْأُصُولِ مِائَتَا حُلَّةٍ من حُلَلِ الْيَمَنِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ الْحُلَّةُ بَرْدَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وفي الْمُذْهَبِ جَدِيدَانِ من جِنْسٍ
وقال في كَشْفِ الْمُشْكَلِ في الْجُزْءِ السَّادِسِ في مُسْنَدِ عُمَرَ في إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ الْحُلَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا ثَوْبَيْنِ
قال الْخَطَّابِيُّ الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً حتى تَكُونَ جَدِيدَةً تَحِلُّ عِنْدَ طَيِّهَا هذا كَلَامُهُ ولم يَقُلْ من جِنْسٍ وَعَنْهُ الْأَصْلُ الْإِبِلُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قال جَمَاعَةٌ أو زَادَ ثَمَنُهَا انْتَقَلَ عنها إلَى الْبَاقِي
فَيَجِبُ في قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعَنْهُ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً نَصَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ من حَمَّلَ الْعَاقِلَةَ كخطأ وفي الرَّوْضَةِ رِوَايَةٌ الْعَمْدُ أَثْلَاثًا وَشِبْهُهُ رَبَاعًا كما تَقَدَّمَ
وَالْخَلِفَةُ الْحَامِلُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثَنَايَا وَقِيلَ إلَى بَازِلِ عَامٍ وَلَهُ سَبْعٌ وَإِنْ تَسَلَّمَهَا بِقَوْلِ خِبْرَةٍ ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا رُدَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا قُبِلَ وَتَجِبُ في الخطأ أَخْمَاسًا ثَمَانُونَ من الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالسَّوِيَّةِ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَيُؤْخَذُ في بَقَرٍ مُسِنَّاتٍ وأتبعه وفي غَنَمٍ ثَنَايَا وَأَجْذِعَةٍ نِصْفَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ أولا وَأَنَّهُ كَزَكَاةٍ
وَتُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ من عَيْبٍ وَعَنْهُ وَأَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا دِيَةَ نَقْدٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَاعْتَبَرُوا جِنْسَ ما شيته ثُمَّ بَلَدِهِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ في الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفِ بِالْيَمَنِ وَإِنْ تَنَازَعَا فَقِيمَةُ كل حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا وَتَغْلُظُ دِيَةُ طَرَفٍ كَقَتْلٍ وَلَا تَغْلِيظَ في غَيْرِ إبِلٍ وَدِيَةُ أُنْثَى نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ
____________________
(6/15)
وَتُسَاوِي جراجها ( ( ( جراحها ) ) ) جراحة إلَى الثُّلُثِ وَعَنْهُ على نِصْفِهِ كَالزَّائِدِ وفي الثُّلُثِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَدِيَةُ خنثي مُشْكِلٍ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا جِرَاحُهُ
وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ نِصْفُ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَعَنْهُ ثُلُثٌ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وقال إنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا فَدِيَةُ الْمُسْلِمِ وَكَذَا جِرَاحُهُ وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ أو مُسْتَأْمَنٍ بِدَارِنَا قال في التَّرْغِيبِ أو قُتِلَ منهم من آمَنُوهُ بِدَارِهِمْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ * وَجِرَاحُهُ بِالنِّسْبَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب مقادير ديات النفس
مسألة 1 قوله في جراح المرأة وفي الثلث روايتان انتهى
وأطلقهما في المذهب ( ( ( معاهد ) ) ) والمحرر ( ( ( دية ) ) ) والنظم ( ( ( أهل ) ) ) والحاوي ( ( ( دينه ) ) ) الصغير ( ( ( ونساؤهم ) ) ) والزركشي ( ( ( كنصفهم ) ) ) وغيرهم ( ( ( كالمسلمين ) ) )
إحداهما عدم ( ( ( يضمن ) ) ) المساواة فلا بد أن يكون أقل من ذلك وهو ( ( ( تبلغه ) ) ) الصحيح ( ( ( الدعوة ) ) ) صححه في المغني والشرح وقدمه في ( ( ( دين ) ) ) الرعايتين
والرواية ( ( ( دية ) ) ) الثانية ( ( ( أهل ) ) ) يساويه ( ( ( دينه ) ) ) في ذلك كما لو كان دونه وهو أولى اختاره الشريف أبو جعفر ( ( ( الفرج ) ) ) وأبو ( ( ( كدية ) ) ) الخطاب ( ( ( مسلم ) ) ) في خلافيهما والشيرازي وقدمه في ( ( ( يتبعه ) ) ) الهداية ( ( ( ونساء ) ) ) والمستوعب ( ( ( حرب ) ) ) وشرح ( ( ( وذريتهم ) ) ) ابن ( ( ( وراهب ) ) ) رزين ( ( ( يتبعون ) ) ) وغيرهم ( ( ( أهل ) ) ) وجزم ( ( ( الدار ) ) ) به ( ( ( والآباء ) ) ) في الوجيز ويحتمل كلامه في الكافي والمقنع فإنه قال ويساوي جراجها جراحة إلى ثلث الدية فإذا زادت صارت على النصف فظاهر قوله إلى ثلث الدية عدم المساواة وظاهر قوله فإذا زادت صارت على النصف المساواة وكذا وكلام ابن منجا في شرحه
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ أو مُسْتَأْمَنٍ بِدَارِنَا ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ انْتَهَى
الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ ذِمِّيٌّ عَائِدٌ إلَى الْمَجُوسِيِّ وَقَوْلُهُ مُعَاهَدٌ عَائِدٌ إلَى الْوَثَنِيِّ لَكِنْ لَا فَرْقَ بين الْوَثَنِيِّ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا عَاهَدَ وَإِنْ أَعَدْنَا لَفْظَةَ ذِمِّيٍّ إلَى الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَثَنِيَّ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا إلَّا على قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَلَيْسَ الْقَوْلُ مَخْصُوصًا بِهِ بَلْ بِهِ وبغير ( ( ( وبغيره ) ) ) هو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/16)
وفي ( ( ( وتغلظ ) ) ) المغني في معاهد دية أهل دينة ونساؤهم كنصفهم كالمسلمين ولا يضمن من لم تبلغه الدعوة وعند أبي الخطاب من له دين له دية أهل دينه وذكر أبو الفرج كدية مسلم لأنه ليس له من يتبعه
ونساء حرب وذريتهم وراهب يتبعون أهل الدار والآباء وتغلط دِيَةُ نَفْسٍ خَطَأً وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أو عَمْدًا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ قال في الِانْتِصَارِ كما يَجِبُ بِوَطْءِ صَائِمَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَفَّارَتَانِ ثُمَّ قال تَغْلُظُ إذَا كان موجبة الدِّيَةَ
وفي الْمُفْرَدَاتِ تَغْلُظُ عِنْدَنَا في الْجَمِيعِ ثُمَّ دِيَةُ الخطأ لَا تَغْلُظُ فيها
وفي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَطَرَفٌ بِثُلُثِ دِيَتِهِ بِحَرَمٍ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَإِحْرَامٌ وَشَهْرٌ حَرَامٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ وَرَحِمٌ مَحْرَمٌ اخْتَارَهُ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ ولم يُقَيِّدْ في التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ وَغَيْرُهُمَا الرَّحِمُ بِالْمَحْرَمِ كما قالوا في الْعِتْقِ ولم يَحْتَجَّ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لِلرَّحِمِ إلَّا بِسُقُوطِ الْقَوَدِ فَدَلَّ على أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِعَمُودَيْ النَّسَبِ وَقِيلَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ
وفي التَّرْغِيبِ تَخْرُجُ رِوَايَتَانِ وَلَا تَدَاخُلَ وَقِيلَ التَّغْلِيظُ بِدِيَةٍ عَمْدٍ وَقِيلَ بِدِيَتَيْنِ وفي الْمُبْهِجِ إنْ لم يُقْتَلْ بِأَبَوَيْهِ فَفِي لُزُومِهِ دِيَتَانِ أَمْ دِيَةٌ وَثُلُثٌ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ لَا تَغْلِيظَ كَجَنِينٍ وَعَبْدٍ وَذَكَرَهُ ابن رَزِينٍ الْأَظْهَرُ
وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ أو كَافِرٌ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَافِرًا عَامِدًا أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ في الْمَنْصُوصِ وَنَقَلَ ابن هانيء تَغْلُظُ بِثُلُثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وفي كل جَنِينٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حُرٍّ وَقِيلَ وَلَوْ مُضْغَةً لم تُتَصَوَّرْ ظَهَرَ أو بَعْضُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ في الِانْتِصَارِ وَأَنَّ مثله لو شُقَّ بَطْنُهَا فَشُوهِدَ قال أَصْحَابُنَا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أو خَطَأً فَسَقَطَ عَقِبَهَا أو بَقِيَتْ مُتَأَلِّمَةً إلَيْهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ غُرَّةٌ مَوْرُوثَةٌ عنه لها سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ وَقِيلَ أو أَقَلُّ لَا خُنْثَى وَلَا مَعِيبَةٌ تُرَدُّ في بَيْعٍ وَلَا خصى وَنَحْوُهُ فإنه أَعْوَزَتْ فَالْقِيمَةُ من أَصْلِ الدِّيَةِ وفي التَّرْغِيبِ وَهَلْ المرعى في الْقَدْرِ بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ أو الْإِسْقَاطِ فيه وَجْهَانِ
____________________
(6/17)
وَمَعَ سَلَامَتِهِ وَعَيْبِهَا هل تُعْتَبَرُ سَلِيمَةً أو مَعِيبَةً في الِانْتِصَارِ احْتِمَالَانِ ( م 2 ) وَيُرَدُّ قَوْلُ كَافِرَةٍ حَمَلْت به من مُسْلِمٍ
وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ مَيْتَةٍ أو عُضْوًا فَخَرَجَ مَيِّتًا وَشُوهِدَ بِالْجَوْفِ يَتَحَرَّكُ فَفِيهِ خِلَافٌ ( م 3 ) وفي مَمْلُوكٍ عُشْرُ قِيمَتِهَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ حَرْبٌ نِصْفُ عُشْرِهَا يوم جِنَايَتِهِ نَقْدًا إذَا سَاوَتْهُمَا حُرِّيَّةٌ وَرِقًّا وَإِلَّا فَبِالْحِسَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دِينُ أبيه أو هو أَعْلَى منها دِيَةً فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَتِهَا لو كانت على ذلك الدِّينِ
وفي التَّبْصِرَةِ في جَنِينِ الْحُرَّةِ غُرَّةٌ سَالِمَةٌ لها سَبْعُ سِنِينَ وَعَنْهُ بَلْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أبيه أو عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ
وَإِنْ سَقَطَ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ في مِثْلِهِ كَنِصْفِ سَنَةٍ لَا أَقَلَّ وَعَنْهُ وَاسْتَهَلَّ فَفِيهِ ما فيه مَوْلُودًا وَإِلَّا فَكَمَيِّتٍ قال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا كَحَيَاةِ مَذْبُوحٍ فإنه لَا حُكْمَ له فَإِنْ اخْتَلَفَا في حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 قوله في غرة الجنين الحر عشر دية أمه غرة موروثة عنه فإن أعوزت فالقيمة من أصل الدية وفي الترغيب وهل المرعي في القدر بوقت الجناية أو الإسقاط فيه وجهان ومع سلامته وعيبها هل تعتبر سليمة أو معيبة في الانتصار احتمالان انتهى
الصواب فيما قال في الترغيب إن المرعى في القدر بوقت الإسقاط لا بوقت الجناية وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب والصواب فيما قاله في الانتصار أن تعتبر الأم سليمة لسلامة الولد وإن كان ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن الاعتبار بقيمة الأم مطلقا وصورة المسألة فيما يظهر أن الولد إذا خرج سليما وكانت أمه معيبة فهل تعتبر قيمة الأم سليمة لسلامة الولد أو نعتبرها على صفتها ظاهر كلام الأصحاب الثاني والصواب الأول والله أعلم
مسألة 3 قوله ويرد قول كافرة حملت من مسلم وإن ضرب بطن ميتة أو عضوا فخرج ميتا وشوهد بالجوف يتحرك ففيه خلاف انتهى
قلت الصواب وجوب الغرة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وحركته تدل على حياته والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَوَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/18)
وفي التَّرْغِيبِ أو غَيْرِهِ لو خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا وَبَعْضُهُ مَيِّتًا فَرِوَايَتَانِ وَإِنْ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ وقد عَتَقَتْ أو أُعْتِقَ وَأَعْتَقْنَاهُ فَعَنْهُ كَجَنِينٍ حُرٍّ وَعَنْهُ مع سَبْقِ الْعِتْقِ الْجِنَايَةَ وَعَنْهُ كَجَنِينٍ مَمْلُوكٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ ( م 5 ) وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ مع سَبْقِ الْعِتْقِ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا عَبْدٍ جَرَحَ ثُمَّ عَتَقَ
وَيَرِثُ الْغُرَّةَ وَالدِّيَةَ من يَرِثُهُ كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ وَلَا رَقِيقٌ فَيَرِثُ عَصَبَةُ سَيِّدِ قَاتِلِ جَنِينِ أَمَتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمقنع والمحرر وشرح ابن منجا وغيرهم
أحدهما القول قول الجاني وهو الصحيح وصححه في التصحيح والنظم وغيرهم وقطع به في المغني والوجيز المنور والشرح في موضع وهو عجيب منه إذ الكتاب المشروح ذكر الوجهين وعذره أنه تابع في المغني وذهل عن كلام الشيخ في المقنع إلا أن تكون النسخة مغلوطة وقدمه في الخلاصة والرعايتين الحاوي الصغير وغيرهم
والوجه الثاني القول قول مستحقي دين الجنين
مسألة 5 قوله وإن ألقته أمه وقد عتقت أو أعتق وأعتقناه فعنه كجنين حر وعنه مع سبق العتق الجناية وعنه كجنين مملوك ونقل حرب التوقف انتهى أطلق الخلاف في كونه كجنين حر أو مملوك والحالة هذه وأطلقهما في المستوعب والكافي
إحداهما هو كجنين حر ففيه غرة وهو الصحيح اختاره ابن حامد والقاضي وجزم به في المقنع ومنتخب الآدمي ومنوره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية هو كجنين مملوك اختاره أبو بكر وأبو الخطاب فقال في الهداية وهو أصح في المذهب قال في المحرر نقلها حرب وابن منصور
والرواية الثالثة هو كجنين حر إن سبق العتق الجناية وإلا فلا وهي أقوى من كونه
____________________
1-
(6/19)
وفي الرَّوْضَةِ هُنَا إنْ شَرَطَ زَوْجُ الْأَمَةِ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ كان حُرًّا وَإِلَّا عَبْدًا وفي جَنِينِ دَابَّةٍ ما نَقَصَ نَصَّ عليه وقال أبو بَكْرٍ كَجَنِينِ أَمَةٍ
وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ وَلَوْ عَمْدًا وَاخْتِيرَ الْمَالُ أو أَتْلَفَ مَالًا فَدَاهُ سَيِّدُهُ أو بَاعَهُ في الْجِنَايَةِ وَعَنْهُ يَفْدِيهِ أو يُسَلِّمُهُ بها وَعَنْهُ يُخَيِّرُ بَيْنَهُنَّ وَعَنْهُ يَمْلِكُ بِالْعَفْوِ عن قَوَدٍ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ وَالْوَسِيلَةِ رِوَايَةً يَمْلِكُهُ بِجِنَايَةِ عَمْدٍ وَلَهُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ وَعِتْقُهُ
وَيَنْبَنِي عليه لو وطيء الْأَمَةَ وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا شَيْءَ عليه وَهِيَ له وَوَلَدُهَا وَهَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ منه أو يَبِيعُهُ حَاكِمٌ فيه رِوَايَتَانِ ( م 6 ) وَلَهُ التَّصَرُّفُ فيه وَقِيلَ بِإِذْنٍ وفي الِانْتِصَارِ لَا قَالَهُ أبو بَكْرٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ كَوَارِثٍ في تركه
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ يَكُونُ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ وَإِنْ فداء ( ( ( فداه ) ) ) فَبِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ وَعَنْهُ بِكُلِّهِ كَأَمْرِهِ بها أو إذْنِهِ فيها نَصَّ عَلَيْهِمَا وَعَنْهُ إنْ أَعْتَقَهُ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ وَعَنْهُ في قَوَدٍ وَقِيلَ أو غَيْرِ عَالِمٍ وَقِيلَ أو قَبْلَهُ يَفْدِيهِ بِكُلِّهِ وَلَوْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كجنين ( ( ( جاوزت ) ) ) مملوك ( ( ( قيمته ) ) )
تنبيه ( ( ( الدية ) ) ) قوله ( ( ( وموته ) ) ) أو أعتق ( ( ( لسيده ) ) ) وأعتقناه ( ( ( كموته ) ) ) يشعر بأن في عَتَقَ الجنين خلاف ( ( ( أتلفت ) ) ) هل ( ( ( ضمن ) ) ) يصح ( ( ( وشراء ) ) ) عتقه ( ( ( ولي ) ) ) أو ( ( ( قود ) ) ) لا يصح ( ( ( عفو ) ) ) حتى يوضع وهو كذلك والصحيح من المذهب أنه يصح عتقه مفردا وعليه الأصحاب وقدمه المضنف وغيره في كتاب العتق وعنه لا يعتق بالكلية وعنه لا يعتق حتى تلده حيا
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ منه أو يَبِيعُهُ حَاكِمٌ في رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ فَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ قال في الْخُلَاصَةِ لم يَلْزَمْهُ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو الصَّوَابُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَلْزَمُهُ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ ذَكَرُوهُ في الرَّهْنِ
____________________
1-
(6/20)
جاوزت قيمته ( ( ( ست ) ) ) الدية وموته عن جان مدبر كمباشر عتقه وذكر ابن عقيل إن قتله رجل فهل قيمته له أو لسيده كموته فيه روايتان وإن جنى على جماعة في وقت أو أوقات اشتركوا بالحصص نص عليه فإن عفا بعضهم تعلق حق من بقي بجميعهم
وقيل بحصتهم وإن جرح حرا فعفا ثم مات فإن فداه بقيمته فداه بثلثيه لصحة العفو في ثلثه وإن فداه بالدية زدت نصفها على القيمة فيفديه بنسبة القيمة من المبلغ وإن حفر بئرا ثم عتق ثم أتلفت ضمن وشراء ولي قود له عفو عنه والله أعلم
____________________
(6/21)
بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا
من أَتْلَفَ ما في الْإِنْسَانِ منه شَيْءٌ وَاحِدٌ فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ نَصَّ عليه كَلِسَانٍ وَأَنْفٍ وَلَوْ مع عِوَجِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَذَكَرٍ حتى صَغِيرٍ نَصَّ عليه وَشَيْخٍ
____________________
(6/23)
فإن ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وما فيه منه شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا نَصَّ عليه كَعَيْنَيْنِ وَمَعَ بَيَاضٍ يُنْقِصُ الْبَصَرَ يَنْقُصُ بِقَدْرِهِ وَعَنْهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ كَحَوْلَاءَ وَعَمْشَاءَ مع رَدِّ الْمَبِيعِ بِهِمَا وَأُذُنَيْنِ وفي الْوَسِيلَةِ وَأَشْرَافِهِمَا وهو جِلْدٌ بين الْعَذَارِ وَالْبَيَاضِ الذي حَوْلَهُمَا نَصَّ عليه
وفي الْوَاضِحِ وَأَصْدَافِ الْأُذُنَيْنِ وَشَفَتَيْنِ وَلَحْيَيْنِ وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ
____________________
(6/24)
نَصَّ عليه وَثُنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ نَصَّ عليه مَغْرَزُ الثَّدْيِ وَالْوَاحِدَةُ ثُنْدُوَةٌ يفتح ( ( ( بفتح ) ) ) الثَّاءِ بِلَا هَمْزَةٍ وَبِضَمِّهَا مع الْهَمْزَةِ قال الْجَوْهَرِيُّ الثَّدْيُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَهَذَا أَصَحُّ في اللُّغَةِ وَمِنْهُمْ من أَنْكَرَهُ وَالثَّدْيُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَثْدٍ وَثَدْيٌ وَثَدْيٌ بِضَمِّ الثَّاءِ وَكَسْرِهَا وَيَدَيْنِ وَيَدَيْ مُرْتَعِشٍ كَصَحِيحٍ
____________________
(6/25)
وَرِجْلَيْنِ وَقَدَمِ أَعْوَجَ وَيَدِ أَعْسَمَ وهو عِوَجٌ في الرُّسْغِ كَصَحِيحٍ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ حُكُومَةً وإليتين وَهُمَا ما عَلَا وَإِنْ لم يَصِلْ الْعَظْمُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ فيها الدِّيَةُ إذَا قُطِعَتَا حتى تَبْلُغَ الْعَظْمَ وَأُنْثَيَيْنِ نَصَّ عليه
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ وَحُكُومَةٌ لِتَنْقِيصِ ذَكَرِ وأسكتي الْمَرْأَةِ وَهُمَا شَفْرَاهَا أو أَشَلُّهُمَا
____________________
(6/26)
وَعَنْهُ في شَفَةٍ سُفْلَى ثُلُثَا دِيَةٍ وفي عُلْيَا ثُلُثُهَا وفي الْمَنْخِرَيْنِ ثُلُثَا دِيَةٍ وفي الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا ثلثا ( ( ( ثلثها ) ) ) وَعَنْهُ فِيهِمَا دِيَةٌ وفي الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا حُكُومَةٌ
وفي الْأَجْفَانِ الْأَرْبَعَةِ دِيَةٌ وفي جَفْنٍ رُبْعٌ وأصابع الْيَدَيْنِ دِيَةٌ وَكَذَا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ وفي كل أُصْبُعٍ عُشْرُ دِيَةٍ وفي أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ عُشْرٍ وَلَوْ كان لها ظُفْرٌ وَالْإِبْهَامُ مِفْصَلَانِ فَفِي كل مِفْصَلٍ نِصْفُ عُشْرٍ وفي ظُفْرٍ خُمُسُ أُصْبُعٍ نَصَّ عليه لِقَوْلِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ ابن الْمُنْذِرِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وفي سِنٍّ من صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ وَضِرْسِهِ وَنَابِهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ ما لم تَعُدْ
وَعَنْهُ إنْ لم يَكُنْ بَدَلَهَا فَحُكُومَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَنْهُ في الْكُلِّ دِيَةٌ فَفِي كل ضِرْسٍ بَعِيرَانِ لِأَنَّ فَوْقَ ثَنِيَّتَيْنِ وَرَبَاعِيَتَيْنِ وَنَابَيْنِ وَضَاحِكَيْنِ وَنَاجِذَيْنِ وَسِتَّةِ طَوَاحِينَ وَأَسْفَلَ مِثْلُهَا قال أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَالدِّيَةُ
____________________
(6/27)
وفي حَشَفَةِ ذَكَرٍ وَحَلَمَتَيْ ثَدْيَيْنِ وَكَسْرِ ظَاهِرِ سِنٍّ وهو ما بين لِثَةٍ دِيَةُ الْعُضْوِ
____________________
(6/28)
كُلِّهِ ثُمَّ من قَلَعَ ما في اللِّثَةِ وهو النسخ ( ( ( السنخ ) ) ) فَحُكُومَةٌ قَالَهُ الشَّيْخُ وفي التَّرْغِيبِ في سَنِخَةٍ حُكُومَةٌ وَلَا يَدْخُلُ في حِسَابِ النِّسْبَةِ
وفي قَطْعِ بَعْضِ مَارِنٍ وَأُذُنٍ وَلِسَانٍ وَسِنٍّ وَشَفَةٍ وَحَلَمَةٍ وَأَلْيَةٍ وَحَشَفَةٍ وَأُنْمُلَةٍ بِالْحِسَابِ من دِيَةِ ذلك مَنْسُوبًا بِالْأَجْزَاءِ وفي التَّرْغِيبِ هُنَا رِوَايَةٌ ثُلُثُ دِيَةٍ لِشَحْمَةِ أُذُنٍ وفي الْوَاضِحِ فِيمَا بَقِيَ من أُذُنٍ بِلَا نَفْعٍ الدِّيَةُ وَإِلَّا حُكُومَةٌ
وفي شَلَلِ عُضْوٍ أو ذَهَابِ نَفْعِهِ وَالْجِنَايَةِ على شَفَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُطْبِقَانِ على الْأَسْنَانِ قال في الْمُغْنِي أو اسْتَرْخَتَا فلم يَنْفَصِلَا عنهما دِيَةٌ كَامِلَةٌ
قال في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وفي التَّقَلُّصِ حُكُومَةٌ وفي تَسْوِيدِ سِنٍّ أَبَدًا دِيَتُهَا كَأُذُنٍ وَأَنْفٍ وَظُفْرٍ وَعَنْهُ ثُلُثُ دِيَتِهَا كَتَسْوِيدِ أَنْفِهِ مع بَقَاءِ نَفْعِهِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ
وَعَنْهُ حكومه كما لو احْمَرَّتْ أو اصْفَرَّتْ أو كَلَّتْ وَعَنْهُ إنْ ذَهَبَ نَفْعُهَا فَدِيَةٌ وَإِنْ احضرت ( ( ( اخضرت ) ) ) فَعَنْهُ كَتَسْوِيدِهَا جَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ حُكُومَةٌ وَهِيَ أَشْهَرُ ( م 1 ) وفي عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ وَبَقِيَ صُورَتُهُ كَأَشَلَّ من يَدٍ أو رِجْلٍ أو أُصْبُعٍ وَثَدْيٍ وَذَكَرٍ وَلِسَانٍ أَخْرَسَ وَطِفْلٍ بَلَغَ أَنْ يُحَرِّكَهُ بِالْبُكَاءِ ولم يُحَرِّكْهُ وَسِنٍّ سَوْدَاءَ وَعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَثَدْيٍ بِلَا حَلَمَةٍ وَذَكَرٍ بِلَا حَشَفَةٍ وَقَصَبَةِ أَنْفٍ وَشَحْمَةِ أُذُنٍ حُكُومَةٌ وَعَنْهُ ثُلُثُ دِيَةٍ وَلَوْ حَرَّكَهُ بِبُكَاءٍ فَالْقَوَدُ أو الدِّيَةُ وَذَكَرَ الْقَاضِي في لِسَانِ صَغِيرٍ لم يَنْطِقْ الدِّيَةُ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ حُكُومَةٌ وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ في ذَكَرٍ وَلِسَانٍ أَشَلَّ دِيَةٌ وَلَوْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب ديات الأعضاء ومنافعها
مسألة 1 قوله في السن وإن اخضرت فعنه كتسويدها جزم به في المجزم في المنتخب وعنه حكومة وهو أشهر
وقطع به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم قال في الهداية وغيره فإن تغيرت أو تحركت وجبت حكومة انتهى
والرواية الثانية خضرتها كتسويدها قطع به ولد الشيرازي في المنتخب كما قال المصنف وقطع به أيضا في الكافي
____________________
1-
(6/29)
نَبَتَ سِنٌّ من صَغِيرٍ سَوْدَاءُ ثُمَّ ثَغَرَ ثُمَّ عَادَتْ سَوْدَاءَ فَالدِّيَةُ وَيُحْتَمَلُ كتابته ( ( ( كنابتة ) ) ) بَيْضَاءَ ثُمَّ عَادَتْ سَوْدَاءَ إنْ كان لِعِلَّةٍ فَالرِّوَايَتَانِ وَإِلَّا الدِّيَةُ
وفي يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَسِنٍّ زَوَائِدَ حُكُومَةٌ وَعَنْهُ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَقِيلَ هَدَرٌ وَالرِّوَايَتَانِ في ذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ وَعَنْهُ الدِّيَةُ وَعَنْهُ لِعِنِّينٍ
وَخَرَّجَ منه في الِانْتِصَارِ في لِسَانِ أَخْرَسَ وَقَدَّمَ في الرَّوْضَةِ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ إنْ لم يُجَامِعْ بمثله فَثُلُثُ دِيَةٍ وَإِلَّا دِيَةٌ قال في عَيْنٍ قائمة ( ( ( قاتمة ) ) ) نِصْفُ دِيَةٍ وفي شَلَلِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ حُكُومَةٌ كَعِوَجِهِمَا
قال الشَّيْخُ أو تَغْيِيرُ لَوْنِهِمَا وَقِيلَ الدِّيَةُ كَشَلَلِ يَدٍ ومشانة ( ( ( ومثانة ) ) ) وَنَحْوِهِمَا وفي الْمُذْهَبِ وَإِنْ أَشَلَّ الْمَارِنَ وَعَوَّجَهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ وَيُحْتَمَلُ دِيَةٌ وفي أَنْفٍ أَخَشْمَ وَأُذُنٍ صَمَّاءَ وَمَخْرُومٍ مِنْهُمَا وَأَشَلَّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وفي الْمُحَرَّرِ إنْ لم يُؤْخَذْ بِهِ سَالِمٌ في الْعَمْدِ فَحُكُومَةٌ وفي التَّرْغِيبِ في أُذُنٍ مُسْتَحْشِفَةٍ وَهِيَ الشَّلَّاءُ رِوَايَتَانِ ثلثى ( ( ( ثلث ) ) ) دِيَةٍ أو حُكُومَةٌ وَكَذَا في أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لم تَجِبْ الدِّيَةُ
وَمَنْ له يَدَانِ على كُوعِهِ أو يَدَانِ وَذِرَاعَانِ على مِرْفَقَيْهِ وَتَسَاوَيَا فَهُمَا يَدٌ وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَةٍ وَحُكُومَةٌ وفي نِصْفِ أُصْبُعٍ من أَحَدِهِمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَإِنْ قَطَعَ يَدًا لم يُقْطَعَا وَلَا أَحَدُهُمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَمَنْ له يَدَانِ على كُوعِهِ أو يَدَانِ وَذِرَاعَانِ على مِرْفَقَيْهِ وَتَسَاوَيَا فَهُمَا يَدٌ وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَةٍ وَحُكُومَةٌ انْتَهَى
هذا صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وفي نِصْفِ أُصْبُعٍ من أَحَدِهِمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا سَهْوٌ من الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وفي قَطْعِ أُصْبُعٍ من أَحَدِهِمَا بِإِسْقَاطِ نِصْفِ أُصْبُعٍ كما صَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَالْيَدِ الْوَاحِدَةِ فَفِي كل أُصْبُعٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ
____________________
1-
(6/30)
فَصْلٌ وفي كل حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَذَا عِبَارَةُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ يُقَالُ حَسَّ وَأَحَسَّ أَيْ عَلِمَ وَأَيْقَنَ وَبِأَلِفٍ أَفْصَحُ وبها ( ( ( وبهما ) ) ) جاء الْقُرْآنُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ الْحَاسَّةُ وَالْحَوَاسُّ الْخَمْسُ على اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَشْهَرُ في حَسَّ بِلَا أَلِفٍ بِمَعْنًى قنل وَهِيَ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَشْمٌ وَذَوْقٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فيه حُكُومَةً
وَتَجِبُ دِيَةٌ في كَلَامٍ وَعَقْلٍ وَمَشْيٍ وَنِكَاحٍ وَأَكْلٍ وَحَدَبٍ في وراية فيه اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ فيه الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابن الْجَوْزِيِّ ( م 2 ) وَصَعَّرَ بِأَنْ يَضْرِبَهُ فَيَصِيرُ الْوَجْهُ في جَانِبٍ نَصَّ عليه وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ أو لَا يَبْلَعُ رِيقَهُ وفي تَسْوِيدِهِ ولم يَزُلْ وفي الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ أو أَزَالَ لَوْنَهُ إلَى غَيْرِهِ وإذا لم يَسْتَمْسِكْ غَائِطٌ أو بَوْلٌ وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثُلُثُ دِيَةٍ اخْتَارَهُ في الْإِرْشَادِ وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَمَنْفَعَةُ الصَّوْتِ وَمَنْفَعَةُ الْبَطْشِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الدِّيَةُ وفي الْفُنُونِ لو سَقَاهُ ذَرْقَ حَمَامٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ
وفي إذْهَابِ الصَّوْتِ وفي تقصه ( ( ( نقصه ) ) ) إنْ عَلِمَ بقدرة بِأَنْ يُخِنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا أو (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 قوله وتجب دية في كلام وعقل ومشي ونكاح وأكل وحدب في رواية اختاره الشيخ وغيره وخالف فيه القاضي وغيره وهو ظاهر المذهب قاله ابن الجوزي انتهى
القول الأول هو الصحيح قال في الفصول أطلق الإمام أحمد في الحدب الدية ولم يفصل وهذا محمول على أنه يمنع من المشي وأجراه في الهداية والمستوعب والخلاصة والشيخ في المقنع وغيرهم على ظاهره فقالوا تجب في الحدب الدية قال في الهداية قال أحمد في الحدب الدية وظاهره أنه إذا كسر صلبه فانحنى لزمته الدية انتهى وقطع بوجوب الدية في المحرر والشرح والوجيز وغيرهم
والقول الثاني تجب فيه حكومة قدمه في المذهب ومسبوك الذهب وقال هذا ظاهر المذهب
____________________
1-
(6/31)
يُذْهِبَ ضَوْءَ عَيْنٍ أو سَمْعِ أُذُنٍ أو شَمِّ مَنْخِرٍ أو أحدالمذاق الْخَمْسِ وفي بَعْضِ الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ على ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا وَقِيلَ سِوَى الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ حَرْفٌ بِمَعْنَى كَلِمَةٍ كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَمَدَ أولا وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ
وَمَنْ أُمْكِنَ زَوَالُ لنفسه ( ( ( لثغته ) ) ) لِكِبَرِ صَغِيرٍ وفي الْمُغْنِي أو تَعْلِيمِ كَبِيرٍ فَالدِّيَةُ وَإِلَّا وُزِّعَ على كَلَامِهِ وَإِنْ لم يَعْلَمْ قدرة كَنَقْصِ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشْمٍ وَمَشْيٍ أو أَنْحَى قَلِيلًا أو صَارَ مَدْهُوشًا أو في كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ أو عَجَلَةٌ أو لَا يَلْتَفِتُ أو لَا يَبْلَعُ ريقة إلَّا بِشِدَّةٍ أو اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أو احْمَرَّ أو تَحَرَّكَتْ سنة أو ذَهَبَ لَبَنُ امْرَأَةٍ فَحُكُومَةٌ
وَقِيلَ إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ فَالدِّيَةُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في نَقْصِ بَصَرٍ يَزِنُهُ بِالْمَسَافَةِ فَلَوْ نَظَرَ الشَّخْصُ على مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فَنَظَرُهُ على مِائَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ وفي الْوَسِيلَةِ لو لَطَمَهُ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ فَالدِّيَةُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَمَنْ صَارَ أَلْثَغَ فَقِيلَ دِيَةُ الْحَرْفِ وَقِيلَ حُكُومَةٌ ( م 3 )
وَإِنْ قَطَعَ رُبُعَ لِسَانٍ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامٍ أو بِالْعَكْسِ فَنِصْفُ دِيَةٍ فَإِنْ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نِصْفُ دِيَةٍ وَالْأَشْهَرُ وَحُكُومَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةٍ كَالثَّانِيَةِ وَقِيلَ في الثَّانِيَةِ نِصْفٌ
وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَنُطْقُهُ أو كان أَخْرَسَ فَدِيَةٌ وَإِنْ ذَهَبَا وَاللِّسَانُ بَاقٍ فَدِيَتَانِ وفي الْوَاضِحِ إنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَدِيَةٌ أَزَالَ نُطْقَهُ أو لم يُزِلْهُ فَإِنْ عَدِمَ الْكَلَامَ بِقَطْعِهِ وَجَبَ لِعَدَمِهِ أَيْضًا دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَذَا وَجَدْته وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ لو ذَهَبَ شَمُّهُ وَسَمْعُهُ وكلامهة ( ( ( ومشيه ) ) ) تَبَعًا فَدِيَتَانِ
وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ في دِيَتِهِ فالمنصوص وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مسألة 3 قوله ومن صار ألثغ فقيل دية الحرف وقيل حكومة انتهى
القول الأول هو الصواب قال في الرعاية الكبرى وإن صار ألثغ وجبت دية الحرف الذاهب وقيل حكومة فإن حصلت به تمتمة أو لثغة أو عجلة أو ثقل فحكومة انتهى
والقول الثاني فيه حكومة
____________________
1-
(6/32)
فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَدِيَتَانِ كَذَهَابِ شَمٍّ أو سَمْعٍ بِقَطْعِ أَنْفِهِ أو أُذُنِهِ وَعَنْهُ دِيَةٌ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ الذَّاهِبَةِ بِنَفْعِهَا وَإِنْ ذَهَبَ مَاؤُهُ أو إحْبَالُهُ فَالدِّيَةُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَكَذَا في الرَّوْضَةِ إنْ ذَهَبَ نَسْلُهُ الدِّيَةُ وفي الْمُغْنِي في ذَهَابِ مائة احْتِمَالَانِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَجْنِيٍّ في نَقْصِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ
وفي قَدْرِ ما أَتْلَفَهُ الْجَانِيَانِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في ذَهَابِ بَصَرِهِ دري ( ( ( أري ) ) ) أَهْلَ الْخِبْرَةِ وَيُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ شَيْءٍ إلَى عَيْنَيْهِ وَقْتَ غَفْلَتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في ذَهَابِ سَمْعٍ وَشْمٍ وَذَوْقٍ اُمْتُحِنَ وَعَمِلَ بِمَا يَظْهَرُ مع الْيَمِينِ وَكَذَا عَقْلُهُ وَلَا يُحَلِّفُهُ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَيَرُدُّ الدِّيَةَ إنْ عَلِمَ كَذِبَهُ
وَمَنْ أَفْزَعَ إنْسَانًا أو ضَرَبَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أو بَوْلٍ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ أو رِيحٍ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فَعَنْهُ عليه ثُلُثُ دِيَتِهِ وَعَنْهُ هَدَرٌ وَالْمُرَادُ ما لم يَدُمْ ( م 4 ) قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ إنْ دَامَ فَثُلُثُ دِيَةٍ وَمَنْ وطيء ( ( ( أفزع ) ) ) أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوَعَةً وَلَا شُبْهَةَ أو امراته وَمِثْلُهَا يُوطَأُ لِمِثْلِهِ فَأَفْضَاهَا بين مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ أو بين السَّبِيلَيْنِ فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ وهو حَقٌّ له أَيْ له طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ
وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ آدَمِيًّا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فَإِنْ ثَبَتَ الْبَوْلُ فَجَائِفَةٌ وَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُ بَكَارَةٍ في دِيَةِ إفْضَاءٍ على الْأَصَحِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة 4 قوله ومن أفرغ إنسانا أو ضربه فأحدث بغائط أو بول ونقل ابن منصور أو ريح وذكره القاضي وأصحابه فعنه عليه ثلث ديته وعنه هدر والمراد ما لم يدم انتهى
الرواية الأولى وهو وجوب ثلث الدية وهو الصحيح من المذهب نص عليه قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح وقدمه في الهداية والمذهب المستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية لا شيء عليه بل هو هدر جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر وغيره وهو الصواب
____________________
1-
(6/33)
وفي الْفُنُونِ فِيمَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا الْقَوَدُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِفِعْلٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ
وفي كل وَاحِدٍ من الشُّعُورِ فَصْلُ الدِّيَةِ وَهِيَ شَعْرُ رَأْسٍ وَلِحْيَةٍ وَحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ عَيْنَيْنِ نَصَّ عليه وَنَقَلَ حَنْبَلٌ شَيْءٌ من الْإِنْسَانِ فيه أَرْبَعَةٌ فَفِي كل وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي في جِلْدَةِ وَجْهٍ وفي حَاجِبٍ نِصْفٌ وفي هَدِبٍ رُبُعٌ وفي بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا حُكُومَةٌ فَإِنْ عَادَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ نَصَّ عليه وَإِنْ أَبْقَى من لِحْيَةٍ أو غَيْرِهَا ما لَا جمالا ( ( ( جمال ) ) ) فيه فَالدِّيَةُ وَقِيلَ بِقِسْطِهِ وَقِيلَ حُكُومَةٌ وَعَنْهُ في الشَّعْرِ حُكُومَةٌ كَالشَّارِبِ نَصَّ عليه وَإِنْ قَلَعَ جَفْنًا بِهُدْبِهِ فَدِيَةُ الْجَفْنِ فَقَطْ وَإِنْ قَلَعَ لَحْيَيْنِ بالإسنان فَدِيَةُ الْكُلِّ
وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عليه بَعْضُ أَصَابِعِهِ دخل في دِيَةِ الْأَصَابِعِ ما حَاذَاهَا وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَقِيَّةِ الْكَفِّ وَقِيلَ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الْأَصَابِعِ وفي كَفٍّ أَصَابِعَ وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ ثُلُثُ دِيَتِهِ شَبَّهَهُ أَحْمَدُ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَعَنْهُ حُكُومَةٌ ذَكَرَهَا في الْمُنْتَخَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا الْعَضُدُ وَكَذَا تَفْصِيلُ الرِّجْلِ
وفي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عليه كَكَمَالِ قِيمَةِ صَيْدِ الْحَرَمِ الْأَعْوَرِ فَإِنْ قَلَعَهَا صَحِيحٌ فَلَهُ الْقَوَدُ بشرط ( ( ( بشرطه ) ) ) وَيَأْخُذُ معه نِصْفَ الدِّيَةِ في الْمَنْصُوصِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا قَوَدَ وفي الرَّوْضَةِ إنْ قَلَعَهَا خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عليه
نَقَلَ منها عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ قالوا الْأَعْوَرُ إذَا فُقِدَتْ عَيْنُهُ له الدِّيَةُ كَامِلَةً وَلَا يُقْتَصُّ منه إذَا فَقَأَ عَيْنَ صَحِيحٍ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قال بِخِلَافِهِ إلَّا إبْرَاهِيمَ وَقِيلَ تُقْلَعُ عَيْنُهُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وَالْأَشْهَرُ وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِيَةٍ وَخَرَّجَهُ في التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ من قَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ
إنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَالْقَوَدُ أو الدِّيَةُ فَقَطْ وَذَكَرَ الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ دِيَتَانِ وَقِيلَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ كَغَيْرِهِ وَكَسَمْعِ أُذُنٍ وَيُتَوَجَّهُ فيه احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجُ من جَعَلَهُ
____________________
(6/34)
كَالْبَصَرِ في مَسْأَلَةِ نَظَرِيَّتِهِ من خَصَاصِ بَابٍ وفي يَدِ الْأَقْطَعِ أو رِجْلِهِ عَمْدًا نِصْفُ الدِّيَةِ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَعَنْهُ كما لها وعنه إن ( ( ( كمالها ) ) ) ذَهَبَتْ الْأُولَى هَدَرًا
وفي الرَّوْضَةِ إنْ ذَهَبَتْ في حَدٍّ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَإِنْ كانت ذَهَبَتْ في جِهَادٍ فَرِوَايَتَانِ فَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ لم تُقْطَعْ يَدُهُ إنْ كَمُلَتْ فيه الدِّيَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(6/35)
بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ
الشَّجَّةُ جُرْحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَهِيَ عُشْرُ الْحَارِصَةِ التي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تُدْمِيهِ ثُمَّ الْبَازِلَةُ الدَّامِيَةُ الدَّامِغَةُ التي تُدْمِيهِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ التي تُبْضِعُ اللَّحْمَ ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الْغَائِصَةُ فيه ثُمَّ السِّمْحَاقُ التي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ وعندالخرقي الْبَاضِعَةُ بين الْحَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ تَشُقُّ اللَّحْمَ وَلَا تُدْمِيهِ فَهَذِهِ خَمْسٌ فيها حُكُومَةٌ وَعَنْهُ في الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ وفي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ وفي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ وفي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ روى عن زَيْدٍ ولم يَصِحَّ
وَخَمْسٌ فيها مُقَدَّرٌ الْمُوضِحَةُ التي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتُبْرِزُهُ فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ
____________________
(6/37)
الدِّيَةِ فَمِنْ حُرٍّ خَمْسَةُ أبعر ( ( ( أبعرة ) ) ) نَصَّ عليه وَعَنْهُ في مُوضِحَةِ وَجْهٍ عَشْرَةٌ فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَثِنْتَانِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَوْضَحَهُ ثِنْتَيْنِ بَيْنَهُمَا حاحز ( ( ( حاجز ) ) ) فَإِنْ ذَهَبَ بِسِرَايَةٍ أو جِنَايَتِهِ فَالْكُلُّ وَاحِدَةٌ
وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْرُوحُ أو أَجْنَبِيٌّ فَثَلَاثٌ فَإِنْ قال الْجَانِي أنا خَرَقْته صُدِّقَ الْمَجْرُوحُ وفي التَّرْغِيبِ يُصَدَّقُ من يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ
قال وَلَهُ أَرْشَانِ وفي ثَالِثٍ وجهان ( ( ( جهان ) ) ) وَمِثْلُهُ لو قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعِ امْرَأَةٍ فَثَلَاثُونَ فَإِنْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ عَادَ على عِشْرِينَ فَإِنْ اخْتَلَفَا في خرق ( ( ( قاطعها ) ) ) صُدِّقَتْ وَإِنْ خَرَقَ جَانٍ بين مُوضِحَتَيْنِ بَاطِنًا فَقَطْ فَوَاحِدَةٌ وَقِيلَ ثِنْتَانِ كَخَرْقِهِ ظَاهِرًا في الْأَصَحِّ وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمَاعَةٌ مُوضِحَةً فَهَلْ يُوضَحُ من كل وَاحِدٍ بِقَدْرِهَا أو يُوَزَّعُ فيه الْخِلَافُ
ثُمَّ الْهَاشِمَةُ التي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ فَفِيهَا عَشْرَةُ أَبْعِرَةٍ نَصَّ عليه فَإِنْ هَشَمَهُ بِمُقْتَلٍ ولم يُوضِحْهُ فَحُكُومَةٌ وَقِيلَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ كَهَشْمِهِ على مُوضِحَةٍ
ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ التي تُوَضِّحُ وَتَهْشِمُ وَتُنَقِّلُ عِظَامَهَا فَفِيهَا خَمْسَةَ عَشْرَ بَعِيرًا نَصَّ عليه ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ التي تَصِلُ جِلْدَةَ الدِّمَاغِ تُسَمَّى الْآمَّةُ
ثُمَّ الدَّامِغَةُ التي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِنْ شجة شَجَّةً بَعْضُهَا هَاشِمَةٌ أو مُوضِحَةٌ وَبَقِيَّتُهَا دُونَهَا فَدِيَةُ هَاشِمَةٍ أو مُوضِحَةٍ فَقَطْ لِأَنَّهُ لو هَشَمَهُ كُلَّهُ أو أو ضحه ( ( ( أوضحه ) ) ) لم يَلْزَمْهُ فَوْقَ دِيَةٍ وقد أَنْشَدَ أبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ % سَلَا أُمَّ عَمْرٍو وَاعْلَمَا كُنْهَ شَأْنِهِ % وَلَا سِيَّمَا أَنْ تَسْأَلَا هل له عَقْلُ % هذا يُخَاطِبُ رَجُلَيْنِ أَيْ سَلَا أُمَّ عَمْرٍو أَيْ هل شَجُّ رَأْسِ عَمْرٍو من الْمَأْمُومَةِ وَهَلْ تُوجِبُ هذه الْجِرَاحَةُ الدِّيَةَ أَمْ لَا وَالْعَقْلُ الدِّيَةُ وقال تَمِيمُ بن رَافِعٍ الْمَخْزُومِيُّ % أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهَ لَمَّا سِقَاؤُنَا % وَنَحْنُ بِوَادِي عبد شَمْسٍ وَهِيَ شِمْ % يُرِيدُ أَقُولُ لِعَبْدَةَ فَرَخَّمَ وَنَصَبَ اللَّهَ على الْإِغْرَاءِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَقُولُ لِعَبْدَةَ لَمَّا وَهِيَ سِقَاؤُنَا بِوَادِي عبد شَمْسٍ ولم يَبْقَ فيه شَيْءٌ من الْمَاءِ اتَّقِ اللَّهَ وَشِمْ الْبَرْقَ وقال خَلَفٌ الْأَحْمَرُ
____________________
(6/38)
% لقد طَافَ عبد اللَّهِ بِي الْبَيْتَ سَبْعَةً % فَسَلَعْنَ عبيدالله ثُمَّ أبي بَكْرُ % فَتَحَ الدَّالَ في عبدالله لِلتَّثْنِيَةِ وَالسَّلْعَنَةُ ضَرْبٌ من الْمَشْيِ كَالْهَرْوَلَةِ وَارْتَفَعَ عبيدالله بِفِعْلِهِ وأبي بَكْرٌ من الْإِبَاءِ يُقَالُ أبي بأبي ( ( ( يأبى ) ) ) إبَاءً وقال الْآخَرُ % مُحَمَّدِ زَيْدًا يا أَخَا الْجُودِ وَالْفَضْلِ % فَإِهْمَالُ ما أَرْجُوهُ مِنْك من الْبَسْلِ % يُرِيدُ يا محمد ثُمَّ رَخَّمَ فقال يا محم ( ( ( محمد ) ) ) زَيْدًا أَيْ أَعْطِ دِيَتَهُ وَالْبَسْلُ الْحَرَامُ وقال الْآخَرُ % على صُلْبِ الْوَظِيفِ أَشُدُّ يَوْمًا % وَتَحْتِي فَارِسٌ بَطَلٌ كُمَيْتُ % يُرِيدُ أَشُدُّ يَوْمًا على فَارِسٍ بَطَلٍ وَتَحْتِي كُمَيْتٌ صُلْبُ الْوَظِيفِ فَصْلٌ وفي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ ما تَصِلُ بَاطِنَ جَوْفٍ كَبَطْنٍ ولم يَخْرِقْ الْأَمْعَاءَ وَظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَحَلْقٍ وَمَثَانَةٍ وَبَيْنَ وخصيتين ( ( ( خصيتين ) ) ) وَدُبْرٍ
وَإِنْ جَرَحَ جَانِبًا فَخَرَجَ من آخَرَ فَثِنْتَانِ نَصَّ عليه وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ جَرَحَ خَدًّا فَنَفَذَ أَنْفًا أو ذَكَرًا أو جَفْنًا إلَى بيضه الْعَيْنِ فَحُكُومَةٌ كَإِدْخَالِهِ أُصْبُعَهُ فَرْجَ بِكْرٍ وَدَاخِلِ عَظْمِ فَخِذٍ وَقِيلَ جَائِفَةٌ وَإِنْ جَرَحَ وَرِكَهُ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أو أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ قَفَاهُ فَمَعَ دِيَةِ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ حُكُومَةٌ لِجُرْحِ قَفَاهُ وَوَرِكِهِ
وَمَنْ وَسَّعَ جُرْحَ جَائِفَةٍ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ أَحَدُهُمَا فَجَائِفَةٌ وَإِنْ فَتَقَ مُوضِحَةً نَبَتَ شَعْرُهَا فَجَائِفَةٌ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ وفي التَّرْغِيبِ إنْ انْدَمَلَتْ فَأَوْضَحَهَا آخَرُ فَقِيلَ مُوضِحَةٌ وَقِيلَ حُكُومَةٌ
وَكَذَا فَتْقُ جَائِفَةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ إنْ أَوْضَحَهُ فَبَرَأَ ولم يَنْبُتْ الشَّعْرُ ثُمَّ أَوْضَحَهُ آخَرُ فَحُكُومَةٌ وَإِنْ الْتَحَمَ ما أَرْشُهُ مُقَدَّرٌ لم يَسْقُطْ وفي كَسْرِ ضِلْعٍ جَبْرٍ مُسْتَقِيمًا بَعِيرٌ
وَكَذَا تَرْقُوَةٌ نَصَّ عليه وفي الْإِرْشَادِ اثْنَانِ وَهَلْ في كَسْرِ كل وَاحِدٍ من فَخِذٍ
____________________
(6/39)
وَسَاقٍ وَعَضُدٍ وَذِرَاعٍ وهو السَّاعِدُ الْجَامِعُ لَعَظْمِي الزَّنْدِ بَعِيرٌ أو اثْنَانِ فيه رِوَايَتَانِ ( م 1 )
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً فيها وفي ضِلْعٍ حُكُومَةٌ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ كُسِرَتْ يَدُهُ أو رِجْلُهُ فيها حُكُومَةٌ وَإِنْ انْجَبَرَتْ وترجمة أبو بَكْرٍ بِنَقْصِ الْعُضْوِ بِجِنَايَةٍ وَعَنْهُ في الزَّائِدِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ عظمان ( ( ( عظمات ) ) ) وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِيمَا سِوَاهُ حُكُومَةٌ كَبَقِيَّةِ الْجُرُوحِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وعصص ( ( ( وعصعص ) ) ) وَعَانَةٍ
وقال في الْإِرْشَادِ غَيْرِ ضِلْعٍ وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عليه كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ بِهِ بَرَأَتْ فما نَقَصَ من الْقِيمَةِ فَلَهُ كَنِسْبَتِهِ صَحِيحًا عَشْرَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعَةٌ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهِ وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةٍ مَحَلٍّ له مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَةً على الْأَصَحِّ كَمُجَاوَزَتِهِ فَإِنْ لم تُنْقِصْهُ الْجِنَايَةُ حَالَ الْبُرْءِ فَحُكُومَةٌ نَصَّ عليه فَتُقَوَّمُ حَالَهَا وَقِيلَ قَبِيلَ الْبُرْءِ وَعَنْهُ لَا شَيْءَ فيها كما لو لم تُنْقِصْهُ ابْتِدَاءً أو زَادَتْهُ حسناء ( ( ( حسنا ) ) ) في الْأَصَحِّ باب الشجاج وكسر العظام
مسألة 1 قوله وهل في كسر كل واحد من فخذ وساق وعضد وذراع وهو الساعد الجامع لعظمى الزند بعير أو اثنان وفيه روايتان
ذكر أربع مسائل حكمهن واحد
إحداهما في كل واحد بعيران وهو الصحيح نص عليه في رواية أبي طالب وبه قطع في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والهادي ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الرعايتين واختاره القاضي في كسر الساق والفخذ
والرواية الثانية في كل واحد بعير نص عليه في رواية صالح وجزم به الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والنظم الحاوي الصغير وقاله أبو الخطاب وابن عقيل وجماعة من أصحاب القاضي وقال الشيخ الموفق والصحيح أنه لا تقدير في غير الخمسة وهي الضلع والترقوتان والزناد وقطع إذن في الزندين بعيرين
____________________
(6/40)
بَابُ الْعَاقِلَةِ وما تَحْمِلُهُ
سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ نَقَلَهُ عنه حَرْبٌ عَاقِلَةُ الْجَانِي كُلُّ ذُكُورٍ عَصَبَةٍ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ نَسَبًا وَوَلَاءً الْأَحْرَارُ الْعَاقِلُونَ الْبُلَّغُ الْأَغْنِيَاءُ وَقِيلَ وَمُمَيِّزٌ وَعَنْهُ وَفَقِيرٌ مُعْتَمِلٌ وَلَوْ بَعُدُوا أو غَابُوا
____________________
(6/41)
وَعَنْهُ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ( * ) وفي التَّرْغِيبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ من عَصَبَةِ أُمِّهِ وَعَنْهُ إلَّا عَمُودَيْهِ وَإِخْوَتَهُ وَهُمْ عَصَبَتُهُ
وَعَنْهُ إلَّا ابْنَاهُ إذَا كان امْرَأَةً نَقَلَ حَرْبٌ لابن ( ( ( الابن ) ) ) لَا يَعْقِلُ عن أُمِّهِ لِأَنَّهُ من قَوْمٍ آخَرِينَ وفي هَرَمٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَجْهَانِ ( م 1 )
وَعَنْهُ تَعْقِلُ امْرَأَةٌ وَخُنْثَى بِوَلَاءٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْمِلُهَا حَامِلُ جِنَايَتِهَا وَإِنْ عَرَفَ نَسَبَ قَاتِلٍ من قَبِيلَةٍ ولم يَعْلَمْ من أَيِّ بُطُونِهَا لم يَعْقِلُوا عنه ذَكَرَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ ولا تعاقل بين ذمي وحربي كمسلم وكافر وقيل بلى إن توارثا ويتعاقل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْعَاقِلَةِ وما تَحْمِلُهُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في الْعَاقِلَةِ وَعَنْهُ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ انْتَهَى
تَبِعَ الْمُصَنِّفُ في ذلك الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَإِنَّمَا قال الْخِرَقِيُّ وَالْعَاقِلَةُ الْعُمُومَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سلفوا ( ( ( سفلوا ) ) ) في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْأَبُ وَالِابْنُ وَالْإِخْوَةُ كل ( ( ( وكل ) ) ) الْعَصَبَةِ من الْعَاقِلَةِ انْتَهَى
وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عن الْخِرَقِيِّ بَلْ كَلَامُهُ إلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَقْرَبُ وَهِيَ قَوْلُهُ وَعَنْهُ إلَّا عَمُودَيْهِ وَإِخْوَتَهُ فَأَخْرَجَ الأبناء ( ( ( الآباء ) ) ) وَالْإِخْوَةَ فَهِيَ قَرِيبَةٌ من الرِّوَايَةِ الْأُولَى التي ذَكَرَهَا الْخِرَقِيُّ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وفي هَرَمٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا يَحْمِلُونَ منها وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَأَمَّا الزمني وَالشُّيُوخُ وَالضُّعَفَاءُ فَيَعْقِلُونَ كما يَعْقِلُ غَيْرُهُمْ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وقال في الْكُبْرَى وَيَعْقِلُ الْمَرِيضُ وَالضَّعِيفُ وَالشَّيْخُ وفي الْهَرَمِ وَالزَّمِنِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْمِلُونَ شيئا
____________________
1-
(6/42)
ذِمِّيَّانِ وَعَنْهُ لَا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ فَوَجْهَانِ وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَخَطَأُ إمَامٍ وَحَاكِمٍ في حُكْمٍ في بَيْتِ الْمَالِ كخطأ وَكِيلٍ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ على عاقلتها ( ( ( عاقلتهما ) ) ) وَالْمُرَادُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ ذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ كَغَيْرِ حُكْمٍ
وَكَذَا إنْ زَادَ سَوْطًا كَخَطَإٍ في حَدٍّ أو تَعْزِيرٍ أو جَهْلًا حَمْلًا أو بَانَ من حَكَمَا بِشَهَادَتِهِ غَيْرِ أَهْلٍ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ له أو عَجَزَتْ عن الْجَمِيعِ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ حَالًّا وَقِيلَ كَالْعَاقِلَةِ وَعَنْهُ لَا تَحْمِلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَتْ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ ابْتِدَاءً
وقال الشَّيْخُ بَلْ تَتَحَمَّلُهَا وَإِنْ سَلَّمَ فَمَعَ وُجُودِهِمْ وَقِيلَ بَلْ في مَالِهِ وَإِنْ كان ذِمِّيًّا لَا عَاقِلَةَ له فَقِيلَ كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ في مَالِهِ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا ثُمَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة ( ( ( أسلم ) ) ) 2 قوله ويتعاقل ( ( ( كفر ) ) ) ذميان وعنه ( ( ( إصابته ) ) ) لا فإن اختلفت الملة فوجهان وفي الترغيب روايتان انتهى
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما يتعاقلون وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الرعايتين وصححه
والوجه الثاني لا يتعاقلون وذكر الوجهين في الكافي وقال بناء على الروايتين في توريثهم انتهى والمذهب عدم التوارث كما قدمه المصنف في بابه وغيره وقيل إن اتفق دينهم تعاقلوا وإلا فلا قال في المغني ولا ( ( ( وكجناية ) ) ) يعقل ( ( ( مرتد ) ) ) يهودي ( ( ( وحكي ) ) ) عن نصراني ولا نصراني عن يهودي ويحتمل أن يتعاقلا
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ كان ذِمِّيًّا لَا عَاقِلَةَ له فَقِيلَ كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ في مَالِهِ انتهي
أَحَدُهُمَا يَكُونُ في مَالِهِ وهو الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في كُتُبِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
____________________
1-
(6/43)
أسلم أو كفر قبل إصابته في الأصح وكجناية مرتد وحكى وجه وَإِنْ تَغَيَّرَ دَيْنٌ جَارِحٌ حَالَتَيْ جُرْحٍ وَزَهُوقٍ عَقَلَتْ عَاقِلَتُهُ حَالَ الْجُرْحِ وَقِيلَ أَرْشُهُ وَقِيلَ الْكُلُّ في مَالِهِ وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ ابْنِ مُعْتِقِهِ بين جُرْحٍ أو رَمْيٍ وَتَلَفٍ فَكَتَغَيُّرِ دِينٍ فَصْلٌ وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةٌ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا لم تُصَدِّقْهُ وَلَا صُلْحًا وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِصُلْحِهِ عن دَمِ الْعَمْدِ وقال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ يُغْنِي عنه ذِكْرُ الْعَمْدِ بَلْ مَعْنَاهُ صَالَحَ عنه صُلْحَ إنْكَارٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَلَا قِيمَةَ دَابَّةٍ أو عَبْدٍ أو قِيمَةَ طَرَفِهِ وَلَا جِنَايَةً وَلَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ نَصَّ على ذلك وَتُحْمَلُ الْغُرَّةُ تَبَعًا لِدِيَةِ الْأُمِّ إلاإن تَأَخَّرَ مَوْتُ الْأُمِّ نَصَّ عليه
وقال أَيْضًا هذا من قِبَلِ أنها نَفْسٌ وَاحِدَةٌ وقال الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ فَقِيلَ له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد جَعَلَ في كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةً فَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا فلم يُجِبْ بِشَيْءٍ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ خير ( ( ( خبر ) ) ) الْمَرْأَةِ التي قَتَلَتْ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا قال فَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ قَضَى بِدِيَةِ الْجَنِينِ على الْجِنَايَةِ حَيْثُ لم تَبْلُغْ الثُّلُثَ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً عَمْدًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ فَيَتَوَجَّهُ منه احْتِمَالٌ تَحْمِلُ الْقَلِيلَ
وَعَمْدُ مُمَيِّزٍ كَمَجْنُونٍ وَعَنْهُ في مَالِهِ قال ابن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ مُغَلَّظَةٌ وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ في مَالِهِ بَعْدَ عَشْرٍ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ما أَصَابَ الصَّبِيُّ من شَيْءٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ فإذا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ فَهَذَا رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الثُّلُثَ وَتَحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ مُؤَجَّلًا في ثَلَاثِ سِنِينَ نَصَّ عليه كخطأ وَعَنْهُ مُؤَجَّلًا كَذَلِكَ في مَالِ جَانٍ وَقِيلَ حَالًّا قَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ كَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ تَحْمِلُهُ حَالًّا وفي التَّبْصِرَةِ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا ما دُونَ الثُّلُثِ وَجَمِيعُ ذلك في مَالِ جَانٍ في ثَلَاثِ سِنِينَ وقال الْخِرَقِيُّ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ * وفي الروضة دية الخطأ في خمس سنين في كل سنة خمسها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وقال الْخِرَقِيُّ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَعْنِي الْعَمْدَ وَالصُّلْحَ وَالِاعْتِرَافَ وما دُونَ الثُّلُثِ ليس هذا في الْخِرَقِيِّ وَلَعَلَّ هذا من تَتِمَّةِ نَقْلِ صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ وَأَنَّهُ نَقَلَهُ عن الْخِرَقِيِّ في غَيْرِ كتابه وَإِلَّا فَهُوَ خَطَأٌ
____________________
1-
(6/44)
وَيَجْتَهِدُ حَاكِمٌ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَيَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ ما يَسْهُلُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يَحْمِلُ الْمُوسِرُ مَالِكُ نِصَابٍ عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عنه كَالْحَجِّ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطُ رُبُعًا وفي تَكَرُّرِهِ في الْأَحْوَالِ وَجْهَانِ وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ كَإِرْثٍ قال أَحْمَدُ الْأَبُ فَمَنْ دُونَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وفي الْوَاضِحِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ الْآبَاءُ ثُمَّ الْأَبْنَاءُ وَقِيلَ مُدْلٍ بِأَبٍ كَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في مسأواة أَخٍ لِأَبٍ لِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ رِوَايَتَيْنِ وَخَرَجَ منها مُسَاوَاةُ بَعِيدٍ لِقَرِيبٍ وَنَقَلَ الْفَضْلُ وابن مَنْصُورٍ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرْسَلَ إلَى الْمَرْأَةِ فَأَسْقَطَتْ قال لِعَلِيٍّ لَا تَبْرَحْ حتى تَقْسِمَهَا على قَوْمِك يقول على قُرَيْشٍ فَقَسَمَهَا عليهم وفي التَّرْغِيبِ لَا يَضْرِبُ على عَاقِلَةٍ مُعْتِقَةٍ في حَيَاةِ مُعْتِقَةٍ بِخِلَافِ عَصَبَةِ النَّسَبِ كَذَا قال وَنَقَلَ حَرْبٌ وَالْمَوْلَى يَعْقِلُ عنه عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ
وَتُؤْخَذُ من بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ قَرِيبٍ وَقِيلَ يُبْعَثُ إلَيْهِ فَإِنْ تُسَاوَوْا وَكَثُرُوا وُزِّعَ الْوَاجِبُ بَيْنَهُمْ نَصَّ عليه وما أَوْجَبَ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَقَلَّ أُخِذَ في رَأْسِ الْحَوْلِ وَثُلُثَيْهَا فَأَقَلَّ فَفِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله وفي تكرره في الأحوال وجهان انتهى
وأطلقهما في الفصول والكافي والمغني والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم
أحدهما يتكرر النصف دينار والربع دينار في الأحوال الثلاثة على الغني والمتوسط قدمه ابن رزين في شرحه وهو ظاهر كلام جماعة فيجب في كل حول على الغنى نصف دينار وعلى المتوسط ربع دينار قال في الكافي لأنه قدر يتعلق بالحول على سبيل المواساة فيتكرر بالحول كالزكاة انتهى
والوجه الثاني لا يتكرر بل يسقط على الغني النصف دينار في الأحوال الثلاثة وكذلك المتوسط يقسط عليه الربع دينار في الأحوال الثلاثة صرح به في الفصول وأزال الإشكال قال في الكافي لو قلنا يتكرر لأفضى إلى إيجاب أكثر من أقل الزكاة فيكون مضرا انتهى قال في المغني والشرح لأن في إيجاب زيادة على النصفه إيجابا لزيادة على أقل الزكاة يكون مضرا انتهى
فهذه أربع مسائل في هذا الباب وليس في باب كفارة القتل شيء مما نحن بصدده
____________________
1-
(6/45)
رَأْسِ الْحَوْلِ ثُلُثٌ وَبَقِيَّتُهُ في رَأْسِ آخَرَ وَإِنْ أَوْجَبَ دِيَةً فَأَكْثَرَ فَفِي كل حَوْلٍ ثُلُثٌ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ دِيَةُ نَفْسٍ في ثَلَاثٍ
وَقِيلَ الْكُلُّ وَإِنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ فَدِيَتُهُمَا في ثَلَاثٍ كَإِذْهَابِهِ بِجِنَايَتِهِ سَمْعًا وَبَصَرًا وَقِيلَ في سِتٍّ
وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ من الزُّهُوقِ وفي الْجُرْحِ من الْبُرْءِ وقال الْقَاضِي من الْجِنَايَةِ في قَتْلِ مُوحٍ وَجُرْحٍ لم يَسْرِ وَمَنْ صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ فَقَسَّطَهُ وَإِلَّا سَقَطَ
____________________
(6/46)
بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
تَلْزَمُ كُلُّ قَاتِلٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ نَصَّ عليه لِكُلِّ مَقْتُولٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا وَقِيلَ لو مُضْغَةً لم تُتَصَوَّرْ وفي الْإِرْشَادِ إنْ جَنَى عليها فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَأَكْثَرَ فَقِيلَ كَفَّارَةٌ وَقِيلَ تَتَعَدَّدُ فَيَخْرُجُ مِثْلُهُ في جَنِينٍ وأنه ( ( ( وأمه ) ) ) وَعَنْهُ يَكْفِي الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ
وَعَنْهُ لا كَافِرًا بِنَاءً على كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ وفي الِانْتِصَارِ في إخْرَاجِ وَاجِبِ حَجٍّ لَا يَلْزَمُ مَجْنُونًا وَاخْتَارَ أَنَّ قَتْلَ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَوْءُودَةِ كَانُوا مُعْتَقِدِينَ الْحِلَّ وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ كالخطأ
وَكَذَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ صَحَّ ما روى أَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يُعْتِقَ عن كل مَوْءُودَةٍ في الْجَاهِلِيَّةِ رَقَبَةً
وَلَا تَلْزَمُ قَاتِلًا حَرْبِيًّا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا قَاتِلًا نِسَاءَ حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَمَنْ لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَقَوَدًا وَاحِدًا وَصَائِلًا وَبَاغِيًا وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ على رِوَايَةٍ لَا ضَمَانَ
قال الْخَطَّابِيُّ في بَابِ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ من لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ تَجِبُ فيه الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ ثُمَّ قال وفي وُجُوبِ الدِّيَةِ خِلَافٌ بين الْعُلَمَاءِ وَلَا تَلْزَمُ في الْعَمْدِ وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِهِ { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } النساء 93 فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذلك يَسْقُطُ بِالتَّكْفِيرِ احْتَاجَ دَلِيلًا يَثْبُتُ بمثله نَسْخُ الْقُرْآنِ
زَادَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَأَيْنَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ على أَنَّهُ إذَا تَابَ من قَتْلٍ أو كُفْرٍ قد شَاءَ أَنْ يَغْفِرَ له وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَشَبَهِهِ على الْأَصَحِّ وَمَنْ لَزِمَتْهُ فَفِي مَالِهِ وَقِيلَ ما حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ من خطأ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فَفِيهِ
وَيُكَفِّرُ عن غَيْرِ مُكَلَّفٍ من مَالِهِ وَلِيُّهُ نَقَلَ منها الْقَتْلُ له كَفَّارَةٌ وَالزِّنَا له كَفَّارَةٌ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ ليس بَعْدَ الْقَتْلِ شَيْءٌ أَشَدَّ من الزِّنَا قال الشَّافِعِيَّةُ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ الْقَتْلُ وَنَصَّ عليه الشَّافِعِيُّ في مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
____________________
(6/47)
بَابُ الْقَسَامَةِ
وَهِيَ أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ في دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ مُوجِبٌ لِلْقَوَدِ وفي التَّرْغِيبِ عنه عَمْدًا وَالنَّصُّ أو خَطَأً وَقِيلَ لَا قَسَامَةَ في عَبْدٍ كَافِرٍ كطوف ( ( ( كطرف ) ) ) نَصَّ عليه وَيُشْتَرَطُ لها اللَّوَثُ وهو الْعَدَاوَةُ وَلَوْ مع سَيِّدِ عَبْدٍ
قال في الرِّعَايَةِ وَعَصَبَةُ مَقْتُولٍ نحو ما كان بين الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَكَالْقَبَائِلِ التي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ وَنَقَلَ على ابن سَعِيدٍ عَدَاوَةٌ أو عَصَبِيَّةٌ وَعَنْهُ أَنَّهُ ما يَغْلِبُ على الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عن قَتِيلٍ وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ من معه سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ وَشَهَادَةُ من لَا يَثْبُتُ قَتْلٌ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وابن رَزِينٍ وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمْ وَقَوْلُ الْمَجْرُوحِ فُلَانٌ جرحنى ليس لَوَثًا
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَذْهَبُ إلَى الْقَسَامَةِ إذَا كان ثَمَّ لَطْخٌ إذَا كان ثُمَّ سَبَبٌ بَيِّنٌ إذَا كان ثَمَّ عَدَاوَةٌ إذَا كان مِثْلَ الْمُدَّعَى عليه يَفْعَلُ هذا وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع الْعَدَاوَةِ أَثَرُ الْقَتْلِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كَدَمٍ من أُذُنِهِ وَفِيهِ من أَنْفِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْقَسَامَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ في الْعَدَاوَةِ أَثَرُ الْقَتْلِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كَدَمٍ في أُذُنِهِ
____________________
1-
(6/49)
ويتوجه أو من شفته ( ( ( أنفه ) ) ) وفي الترغيب ليس أثرا واشترط القاضي أن لَا يختلط بالعمد ( ( ( لوثا ) ) ) وغيره وقال ابن عَقِيلٍ إنْ ادَّعَى قَتِيلٌ على مَحَلَّةِ بَلَدٍ كَبِيرٍ يَطْرُقُهُ غَيْرُ أَهْلِهِ تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ في رِوَايَةٍ
وَيُشْتَرَطُ تَكْلِيفُ الْقَاتِلِ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى وَإِمْكَانُ الْقَتْلِ منه وَإِلَّا كَبَقِيَّةِ الدعاوي وَصِفَةُ الْقَتْلِ فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ قبل تَفْصِيلِهِ لم يُعْتَدَّ بِهِ لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَطَلَبِ الْوَرَثَةِ وَكَذَا اتِّفَاقُهُمْ على الْقَتْلِ وَعَيَّنَ الْقَاتِلَ نَصَّ عليه
وَقِيلَ إنْ لم يُكَذِّبْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لم يُقْدَحْ لِغَيْبَتِهِ وَعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَنُكُولِهِ في الْأَصَحِّ فِيهِنَّ وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أو بِقِسْطِهِ فيه وَجْهَانِ ( م 2 ) وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ ثُمَّ إنْ زَالَ الْمَانِعُ عن صَاحِبِهِ حَلَفَ بِقِسْطِهِ وَقِيلَ خَمْسِينَ وَيَأْخُذُ وَعَلَى هذا اخْتَلَفَ التَّعْيِينُ أَقْسَمَ كُلُّ وَاحِدٍ على من عَيَّنَهُ وَمَتَى فُقِدَ اللَّوَثُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه يَمِينًا وَعَنْهُ خَمْسِينَ وبرىء ( ( ( وبرئ ) ) ) وَعَنْهُ لَا يَمِينَ في عَمْدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ وَلَا قَسَامَةَ مع عَدَمِ تَعْيِينِهِ نَصَّ عليه قال جَمَاعَةٌ نحو قَتَلَهُ هذا مع جَمَاعَةٍ أو قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا وفي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وفيه من أنفه وجهان انتهى وأطلقهما في المغني والشرح شرح ابن رزين
أحدهما يكون لوثا وهو الصواب كما لو خرج من أذنه وهو ظاهر كلام جماعة
والوجه الثاني لا يكون لوثا
مسألة 2 قوله وهل يحلف خمسين يمينا أو بقسطه فيه وجهان انتهى
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والهادي والمحرر والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم
أحدهما يحلف خمسين يمينا اختاره أبو بكر وفي الخلاف وجزم به الآدمي في منتخبه ومنوره في الرعايتين والنظم
والوجه الثاني يحلف بقسطه اختاره ابن حامد وجزم به في الوجيز
____________________
1-
(6/50)
الْمُغْنِي عن أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي ثُبُوتُهَا في قَتَلَهُ زَيْدٌ وَآخَرُ لَا أَعْرِفُهُ
وقال آخَرُ قَتَلَهُ عَمْرٌو وَآخَرُ لَا أَعْرِفُهُ وَيُقْبَلُ تَعْيِينُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا أَعْرِفُهُ وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ قال أَحْمَدُ وَلَا قَسَامَةَ على أَكْثَرَ من وَاحِدٍ إنَّمَا قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ وَعَنْهُ بَلَى في غَيْرِ قَوَدٍ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فَلَوْ ادَّعَى على
____________________
(6/51)
اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا لَوَثٌ حَلَفَ عليه خَمْسِينَ وَأَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ وَالْآخَرُ إنْ حَلَفَ برىء وَإِنْ
____________________
(6/52)
نَكَلَ فَفِي الْحُكْمِ عليه الْوَجْهَانِ وَلَوْ عَيَّنَ بَعْضُهُمْ قَاتِلًا فقال بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَيْضًا
____________________
(6/53)
حَلَفَا على الْمُتَّفَقِ عليه وأخذ ( ( ( وأخذا ) ) ) نِصْفَ الدِّيَةِ
____________________
(6/54)
وَيَجِبُ الْقَوَدُ في قَسَامَةِ الْعَمْدِ بِشَرْطِهِ نَصَّ عليه كَسَائِرِ قَتْلِ الْعَمْدِ قال أَحْمَدُ الذي يرفع ( ( ( يدفع ) ) ) الْقَتْلَ في هذا قد يُبِيحُهُ بِأَيْسَرَ منه فَيُبِيحُهُ بِالظَّنِّ فَلَوْ حَمَلَ عليه بِسِلَاحٍ لِيَأْخُذَ مَتَاعَهُ أَلَيْسَ دَمُهُ هَدَرًا وَإِنَّمَا هو شَيْءٌ وَقَعَ في نَفْسِهِ لم يَنَلْهُ بِشَيْءٍ فَكَذَا بِمَا وَقَعَ في أَنْفُسِهِمْ وَعَرَفُوهُ وَيُقْسِمُونَ عليه
وَيَبْدَأُ في الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ ذُكُورِ الْعَصَبَةِ الْعُدُولِ أَوَّلًا نَصَّ عليه الْوَارِثِينَ وَعَنْهُ أولا نَصَرَهَا جَمَاعَةٌ فَقَسَمُ من عُرِفَ وَفِيهِ نِسْبَةٌ من الْمَقْتُولِ لَا أَنَّهُ من الْقَبِيلَةِ فَقَطْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَسَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ إنْ لم يَكُنْ أَوْلِيَاءَهُ قال فَقَبِيلَتُهُ التي هر فيها وَأَقْرَبُهُمْ منه وَلَا تُقْسِمُ أُنْثَى نَصَّ عليه وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ تُقْسِمُ في الخطأ وفي خُنْثَى وَجْهَانِ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وفي خنثي وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا مَدْخَلَ له كَالنِّسَاءِ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ المنور ( ( ( والمنور ) ) ) وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له مَدْخَلٌ كَالرَّجُلِ فَيَحْلِفُ
____________________
1-
(6/55)
ولا مرتد وقت موت موروثه الحر لعدم إرثه ولو أسلم بل بعد موته فيحلفون خمسين بقدر إرثهم ويكمل الكسر وإن انفرد واحد حلفها نص عليه ونقل الميموني لا أجترىء عليه النبي صلى الله عليه وسلم يقول يحلف منكم خمسون قلت فمن احتج بالواحد قال يحتج بحديث معاوية قصرها على ثلاثة ابن الزبير
وفي مختصر ابن رزين يحلف ولي يمينا وعنه خمسين وإن جاوزوا خمسين حلف خمسون كل واحد يمينا وفي اعتبار كون الإيمان في مجلس واحد فيه وجهان أصلهما الموالاة ( م 4 )
قال اعتبر فحلف ثم جن أو عزل الحاكم بنى لا وارثه كهو وفي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وفي اعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَيْمَانِ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فيه وَجْهَانِ أصلها ( ( ( أصلهما ) ) ) الْمُوَالَاةُ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ أَصْلُهُمَا الْمُوَالَاةُ يَعْنِي أَنَّ الْأَيْمَانَ هل تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فيها أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا تَجِبُ قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشرح وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/56)
المنتخب إن لم يكن طالب فله الحق ابتداء ولا بد من تفصيل الدعوى في يمين المدعى ومتى حلف الذكور فالحق للجميع ويحتمل أن العمد لذكور العصبة والسيد كوارث وإن نكلوا أو كانوا نساء حلف المدعي عليه خمسين
وعنه يغرم الدية وعنه من بيت المال اختاره أبو بكر وقدم في الموجز يمينا واحدة وهو رواية في التبصرة فَإِنْ ادَّعَى على جَمَاعَةٍ وَصَحَّ فَقِيلَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ وَقِيلَ قَسَّطَهُ بِالسَّوِيَّةِ ( م 5 ) في الْمُسْتَوْعِبِ لَا تَصِحُّ يَمِينُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ ما قَتَلْته وَلَا أَعَنْت عليه وَلَا تَسَبَّبْت لِئَلَّا يَتَأَوَّلَ وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عليه وَقْتَ يَمِينِهِ كَالْبَيِّنَةِ عليه وَحُضُورُ الْمُدَّعِي
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ لم يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عليه فَدَاهُ الْإِمَامُ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ نَكَلَ فَعَنْهُ كَذَلِكَ وَعَنْهُ يُحْبَسُ حتى يقرأ ( ( ( يقر ) ) ) أو يَحْلِفَ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَهِيَ أَظْهَرُ ( م 6 7 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( و 7 ) ) ) 5 قوله فإن ادعى على جماعة ( وصح ) فقيل يحلف كل واحد خمسين وقيل قسطه بالسوية انتهى وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والزركشي
أحدهما يحلف كل واحد خمسين يمينا وهو الصحيح قدمه في المغني والشرح ونصراه وابن رزين وصابح الرعايتين والنظم وغيرهم
والوجه الثاني يحلف كل واحد منهم بقسطه ويكون بالسوية بينهم
مَسْأَلَةٌ 6 و 7 قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عليه فَدَاهُ الْإِمَامُ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ نَكَلَ فَعَنْهُ كَذَلِكَ وَعَنْهُ يُحْبَسُ حتى يَقْرَأَ أو يَحْلِفَ وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ على مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 إذَا طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ وَنَكَلُوا فَهَلْ يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ
____________________
1-
(6/57)
وَلَوْ رَدَّ الْيَمِينَ على الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ وفي التَّرْغِيبِ على رَدِّ الْيَمِينِ وَجْهَانِ وَأَنَّهُمَا في كل نُكُولٍ عن يَمِينٍ مع الْعَوْدِ إلَيْهَا في مَقَامٍ آخَرَ هل له ذلك لِتَعَدُّدِ الْمَقَامِ أَمْ لَا لِنُكُولِهِ مَرَّةً
وَيَفْدِي مَيِّتٌ في زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ من بَيْتِ الْمَالِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَنْهُ هَدَرٌ وَعَنْهُ في صَلَاةٍ لَا حَجَّ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ في غَيْرِ زِحَامٍ خَالِيًا وَنُقِلَ عن عبدالله لَا بَأْسَ أَنْ يَدِيَهُ سُلْطَانٌ قال أبو بَكْرٍ فَهَذَا اسْتِحْبَابٌ
وَإِنْ كان قَتِيلًا وَثَمَّ من بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ أُخِذَ بِهِ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ عن قَتِيلٍ بين قَرْيَتَيْنِ قال هذا قَسَامَةٌ قال الْمَرُّوذِيُّ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِعُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ على أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَذْهَبُ إلَى حديث عُمَرَ قِيسُوا ما بين الْحَيَّيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما لا يحبس وهو الصحيح جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع والهادي والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية يحبس حتى يقر أو يحلف
تنبيه ظهر مما تقدم أن في إطلاق المصنف شيئا وأن الأولى أنه كان يقدم أنه لا يحبس
المسألة الثانية 7 إذا قلنا لا يحبس فهل تلزمه الدية أو تكون في بيت المال أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والزركشي وغيرهم
إحداهما تلزمه الدية وهو الصحيح قال المصنف هنا وهو أظهر واختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب والشيخ الموفق وغيرهم وصححه الشارح والناظم وقدمه في الرعايتين
والرواية الثانية يكون في بيت المال قدمه في المحرر والحاوي الصغير فهذه سبع مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(6/58)
كان أَقْرَبَ فَخُذْهُمْ بِهِ
فَقَالُوا يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُغَرِّمُنَا وَتُحَلِّفُنَا قال نعم فَأَحْلَفَ خَمْسِينَ رَجُلًا بِاَللَّهِ ما قَتَلْت وَلَا عَلِمْت قَاتِلًا قال عُمَرُ وَهَذَا إزَالَةُ الْقَوَدِ بِالْيَمِينِ وَعَنْ أبي سَعِيدٍ قال وُجِدَ قَتِيلٌ بين قَرْيَتَيْنِ فَأَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَذَرَّعَ ما بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى شِبْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَلْقَاهُ على أَقْرَبِهِمَا
____________________
(6/59)
= كِتَابُ الْحُدُودِ
تَحْرُمُ إقَامَةُ حَدٍّ إلَّا لِإِمَامٍ أو نَائِبِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إلَّا لِقَرِينَةٍ كَتَطَلُّبِ الْإِمَامِ له لِيَقْتُلَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا ضَمَانَ نَصَّ عليه وَلِسَيِّدٍ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ وَالْأَصَحُّ حُرٌّ وَقِيلَ ذَكَرٌ عَدْلٌ إقَامَتُهُ على الْأَصَحِّ على رَقِيقِهِ الْكَامِلِ رِقُّهُ كَتَعْزِيرٍ
وَقِيلَ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ * وَقِيلَ وَغَيْرُ مَرْهُونِهِ وَمُسْتَأْجَرِهِ كَأَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ نَصَّ عليه وَفِيهَا وَجْهٌ وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ كانت ثَيِّبًا وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إنْ كانت مُحْصَنَةً فَالسُّلْطَانُ وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا حتى تُحَدَّ وَجَعَلَ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ مَرْهُونَةً وَمُكَاتَبَةً أَصْلًا لِمُزَوَّجَةٍ وَقِيلَ يُقِيمُهُ وَلِيُّ امْرَأَةٍ وَمَنْ أَقَامَهُ فَبِإِقْرَارٍ ويسمع البينة حاكم وفيه هو وجهان مع علمه بشروطها ( م 1 ) ونصه يقيمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كِتَابُ الْحُدُودِ * تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلِسَيِّدٍ إقَامَتُهُ على رَقِيقِهِ وَقِيلَ غَيْرُ مُكَاتَبٍ انْتَهَى
فَقَدَّمَ أَنَّ له إقَامَتَهُ على مُكَاتَبِهِ ولم أَعْلَمْ له مُتَابِعًا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُهُ عليه هو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ قال في الْمُنَوِّرِ وَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مُطْلَقًا على قِنٍّ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ قال في الْكُبْرَى وَلَا يُقِمْ الْحَدَّ على مُكَاتَبَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ الرعايتين ( ( ( والرعايتين ) ) ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ حَاكِمٌ وَفِيهِ هو وَجْهَانِ مع عِلْمِهِ شُرُوطَهَا انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَسْمَعُهَا وَيُقِيمُهُ كَالْحَاكِمِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ
____________________
1-
(6/61)
بعلمه وعنه لَا اختاره ( ( ( يسمعها ) ) ) القاضي
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وُجُوبَ بَيْعِ رَقِيقٍ زنا ( ( ( زنى ) ) ) في الرَّابِعَةِ وفي قَتْلِهِ لِرِدَّةٍ وَقَطْعِهِ لِسَرِقَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَيَأْتِي في التعزيز ( ( ( التعزير ) ) ) وُجُوبُ إقَامَةِ الْحَدِّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كان من يُقِيمُهُ شَرِيكًا لِمَنْ يُقِيمُهُ عليه في الْمَعْصِيَةِ أو عَوْنًا له وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَاحْتَجَّ بِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ من أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عن الْمُنْكَرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ بَلْ عليه أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى وَلَا يَجْمَعَ بين مَعْصِيَتَيْنِ
وقال شَيْخُنَا إنْ عَصَى الرَّقِيقُ عَلَانِيَةً أَقَامَ السَّيِّدُ عليه الْحَدَّ
وَإِنْ عَصَى سِرًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عليه إقَامَتُهُ بَلْ بخير ( ( ( يخير ) ) ) بين سِتْرِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ في ذلك كما يُخَيَّرُ الشُّهُودُ على إقَامَةِ الْحَدِّ بين إقَامَتِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ السِّتْرِ على الْمَشْهُودِ عليه وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنْ تَرَجَّحَ أن يَتُوبُ سَتَرُوهُ وَإِنْ كان في تَرْكِ إقامه الْحَدِّ عليه ضَرَرُ الناس كان في الرَّاجِحِ رَفْعُهُ إلَى الْإِمَامِ وَلِهَذَا لم يَقُلْ أَصْحَابُنَا إلَّا أَنَّ له إقَامَةَ الْحَدِّ بِعِلْمِهِ ولم يَقُولُوا إنَّ ذلك عليه وَذَلِكَ لأن لو وَجَبَ على من عَلِمَ من رَقِيقِهِ حَدًّا أَنْ يُقِيمَهُ عليه مع إمْكَانِ اسْتِتَابَتِهِ لَأَفْضَى ذلك إلَى وُجُوبِ هَتْكِ كل رَقِيقٍ وَأَنَّهُ لَا يُسْتَرُ على أَحَدٍ منهم وقد قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من سَتَرَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجيز ( ( ( مسلما ) ) ) وغيرهما ( ( ( ستره ) ) ) وقدمه في الهداية ( ( ( الدنيا ) ) ) والمذهب ( ( ( والآخرة ) ) ) ومسبوك الذهب والرعاية ( ( ( ويقال ) ) ) الكبرى ( ( ( السيد ) ) )
والوجه الثاني ( ( ( إقامته ) ) ) لا ( ( ( كالإمام ) ) ) يسمعها ( ( ( فيلزمه ) ) ) وَلَا يقيمه ( ( ( يلزم ) ) ) قدمه في المغني والشرح ( ( ( وغايته ) ) ) وشرح ( ( ( تخصيص ) ) ) ابن رزين ( ( ( الأخبار ) ) )
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وفي قَتْلِهِ لِرِدَّةٍ وقطعة لِسَرِقَةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أحداهما ليس له ذلك وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَلِضَرُورَةٍ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له ذلك صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
1-
(6/62)
مسلما سترة الله في الدنيا والآخرة كذا قال ويقال الشيد في إقامته كالإمام فيلزمه إقامته بثبوته عنده كالإمام
ولا يلزم ما ذكره بدليل الإمام وإنما قال الأصحاب للسيد إقامته لأنه استثنوه من التحريم ويتوجه من قول شيخنا تخريج في الإمام وغايته تخصيص ظاهر الأخبار وتقييد مطلقها وهو جائز لكن الشأن في تحقيق دليل التخصيص والتقييد وقيل لوصي حد رقيق موليه
وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا وَعَنْهُ قَاعِدًا بِسَوْطٍ لَا خَلَقٍ وَلَا جَدِيدٍ نَصَّ عليه قال في الْبُلْغَةِ وَلْتَكُنْ الْحِجَارَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالْكَفَّيْنِ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ سَوْطُ عَبْدٍ دُونَ حُرٍّ بِلَا مَدٍّ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ نَصَّ عليه وَلَا رَبْطَ وَلَا تَجَرُّدَ بَلْ مع قَمِيصٍ أو اثْنَيْنِ نَقَلَ أبو الْحَارِثِ وَالْفَضْلُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ وَعَنْهُ يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ نَقَلَ عبدالله والميوني يُجَرَّدُ
وَإِنْ كان السَّوْطُ مَغْصُوبًا أجزا على خِلَافِ مُقْتَضَى النهى لِلْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ في التَّمْهِيدِ وَلَا يُشَقُّ جِلْدٌ وَلَا يُبْدِي إبْطَهُ في رَفْعِ يَدِهِ نَصَّ عليه وَيُفَرِّقُ الضَّرْبَ وَأَوْجَبَهُ الْقَاضِي وَيَلْزَمُ اتِّقَاءُ وَجْهٍ وَرَأْسٍ وَفَرْجٍ وَمَقْتَلٍ وَإِنْ ضَرَبَ قَاعِدًا فَظُهْرُهُ وَمُقَارِبُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ في الْحُدُودِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ وَلِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ وقال شَيْخُنَا فيه نَظَرٌ وما قَالَهُ أَظْهَرُ وَتُعْتَبَرُ له النِّيَّةُ فَلَوْ جَلَدَهُ لِلتَّشَفِّي أَثِمَ وَيُعِيدُهُ ذَكَرَهُ في الْمَنْثُورِ عن الْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا وهو أَظْهَرُ ولم
____________________
(6/63)
يَعْتَبِرُوا نِيَّةَ من يُقِيمُهُ أَنَّهُ حَدٌّ مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ لَا يُعْتَبَرُ وَيَأْتِي في حَدِّ الْقَذْفِ كَلَامُ الْقَاضِي وفي الْفُصُولِ قُبَيْلَ فُصُولِ التَّعْزِيرِ يَحْتَاجُ عِنْدَ إقَامَتِهِ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَضْرِبُ لِلَّهِ عز وجل وَلَمَّا وَضَعَ اللَّهُ ذلك
وَكَذَلِكَ الْحَدُّ إذَنْ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَوَلَّى وَأَمَّرَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا يَضْرِبُ لَا عِلْمَ له بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَتْ نِيَّتُهُ وَالْعَبْدُ كَالْآلَةِ قال وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهُمَا كما تقول ( ( ( نقول ) ) ) في غُسْلِ الْمَيِّتِ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ غَاسِلِهِ وَاحْتَجَّ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ لا عتبار نِيَّةِ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْفَقِيرِ له جِهَاتٌ فَلَا بُدَّ من نِيَّةِ التَّمْيِيزِ كَالْجَلْدِ في الْحُدُودِ
وقال شَيْخُنَا في تَتِمَّةِ كَلَامِهِ السَّابِقِ في آخِرِ الصُّلْحِ فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ نَفْعَ الْخَلْقِ وَالْإِحْسَانَ إلَيْهِمْ وَهَذَا هو الرَّحْمَةُ التي بُعِثَ بها مُحَمَّدٌ صلى اللَّهُ عليه وسلم في قَوْلِهِ عز وجل { وما أَرْسَلْنَاك إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء 107 لَكِنْ الِاحْتِيَاطُ إلَى دَفْعِ الظُّلْمِ شُرِعَتْ الْعُقُوبَاتُ وَعَلَى الْمُقِيمِ لها أَنْ يَقْصِدَ بها النَّفْعَ وَالْإِحْسَانَ كما يَقْصِدُ الْوَالِدُ بِعُقُوبَةِ الْوَلَدِ وَالطَّبِيبُ بِدَوَاءِ الْمَرِيضِ فلم يَأْمُرْ الشَّرْعُ إلَّا بِمَا هو نَفْعٌ لِلْعِبَادِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْصِدَ ذلك
وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ وَتُضْرَبُ جَالِسَةً وَتُشَدُّ عليها ثِيَابُهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا وَتُمْسَكُ يَدَاهَا لِئَلَّا تَنْكَشِفَ وفي الْوَاضِحِ أَسْوَاطُهَا كَذَلِكَ
وَجَلْدُ الزِّنَا أَشَدُّ ثُمَّ الْقَذْفُ ثُمَّ الشُّرْبُ نَصَّ عليها ثُمَّ التعزيز ( ( ( التعزير ) ) ) وَلِلْإِمَامِ حَدُّهُ لِشُرْبٍ بِجَرِيدٍ وَنِعَالٍ وفي الْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَأَيْدٍ وفي الْوَسِيلَةِ يَسْتَوْفِي بِالسَّوْطِ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وفي الْمُوجَزِ لَا يجزيء بِيَدٍ وَطَرَفِ ثَوْبٍ وفي التَّبْصِرَةِ لَا يجزىء بِطَرَفِ ثَوْبٍ وَنَعْلٍ وَيَحْرُمُ حَبْسُهُ بَعْدَ حَدِّهِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ من لم يَنْزَجِرْ بِالْحَدِّ وَضَرَّ الناس فَلِلْوَالِي لَا الْقَاضِي حَبْسُهُ حتى يَتُوبَ وفي بَعْضِ النُّسَخِ حتى يَمُوتَ
وَيَحْرُمُ الْأَذَى بِالْكَلَامِ كَالتَّعْيِيرِ على كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا لِنَسْخِهِ بِشَرْعِ الْحَدِّ كَنَسْخِ حَبْسِ الْمَرْأَةِ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْزِيرًا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَتَأْخِيرُ حَدٍّ
وَإِنْ خفيف ( ( ( خيف ) ) ) من السَّوْطِ لم يَتَعَيَّنْ على الْأَصَحِّ فَيُقَامُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ وَعُثْكُولِ
____________________
(6/64)
نَخْلٍ حَسْبَمَا يَحْتَمِلُهُ وَقِيلَ ضَرَبَهُ بِمِائَةِ شِمْرَاخٍ وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَيُؤَخَّرُ لِشُرْبٍ حتى يَصْحُوَ نَصَّ عليه وَلِقَطْعِ خَوْفِ التَّلَفِ
وَمَنْ مَاتَ في حَدٍّ وَلَوْ حَدِّ خَمْرٍ نَصَّ عليه أو تَعْزِيرٍ ولم يَلْزَمْ تَأْخِيرُهُ فَهَدَرٌ وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أو في السَّوْطِ أو اعْتَمَدَ في ضَرْبِهِ فَدِيَتُهُ كَضَرْبِهِ بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِلْقَاءِ حَجَرٍ في سَفِينَةٍ مِثْلُهُ لَا يُغْرِقُهَا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَعَنْهُ نِصْفُهَا * وَقِيلَ دِيَتُهُ على الْأَسْوَاطِ إنْ زَادَ على الْأَرْبَعِينَ وفي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ إنْ وَضَعَ في سَفِينَةٍ كُرًّا فلم يَغْرَقْ ثُمَّ وَضَعَ قَفِيزًا فَغَرِقَتْ فَغَرَقُهَا بِهِمَا في أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي بِالْقَفِيزِ وَكَذَا الشِّبَعُ وَالرِّيُّ وَالسَّيْرُ بِالدَّابَّةِ فَرَاسِخَ وَالسُّكْرُ بِالْقَدَحِ أو الْأَقْدَاحِ
وَذَكَرَ أَيْضًا عن الْمُحَقِّقِينَ كما يَنْشَأُ الْغَضَبُ بِكَلِمَةٍ بَعْدَ كَلِمَةٍ ويمتلىء ( ( ( ويمتلئ ) ) ) الْإِنَاءُ بِقَطْرَةٍ بَعْدَ قَطْرَةٍ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ وقال أَيْضًا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ أَرْوَتْنِي الْجَرْعَةُ وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ غَرَّقَ السَّفِينَةَ هذا الْقَفِيزُ وقال لَا يُقَالُ لِسَفِينَةٍ ثقلية ( ( ( ثقيلة ) ) ) بِوَقْرِهَا عَامَ بَعْضُهَا في الْمَاءِ غَرِيقَةً بَعْضَ الْغَرَقِ
وَلَا يقع ( ( ( يقلع ) ) ) اسْمُ الْغَرَقِ إلَّا على غَمْرِ الْمَاءِ لها وَجَزَمَ أَيْضًا في السَّفِينَةِ بِأَنَّ الْقَفِيزَ الْمُغَرِّقَ لها ومن أمر بزيادة فزاد جهلا ضمنه الآمر وإلا فوجهان ( م 3 ) وإن تعمده العاد فقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وإذا زَادَ سَوْطًا فَدِيَتُهُ وَعَنْهُ نِصْفُهَا انْتَهَى
قَدَّمَ وُجُوبَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْإِجَارَةِ وَلَوْ جَاوَزَ الْمَكَانَ أو زَادَ على الْمَحْمُولِ فَالْمُسَمَّى مع أَجْرِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ وَقِيلَ نِصْفُهَا كَسَوْطٍ في حَدٍّ انْتَهَى
فَظَاهِرُهُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ نِصْفِ الدِّيَةِ إذَا زَادَ سَوْطًا وهو مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ في هذا الْبَابِ
مسألة 3 قوله وَمَنْ أَمَرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَهْلًا ضمه ( ( ( ضمنه ) ) ) الْآمِرُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ انتهى
____________________
1-
(6/65)
أو أَخْطَأَ وَادَّعَى ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ وَتَعَمَّدَ الْإِمَامُ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُهُ في الْأَقْيَسِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ
وَقِيلَ كخطأ فيه الرِّوَايَتَانِ قَدَّمَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَلَا يُحْفَرُ لِمَرْجُومٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى لِامْرَأَةٍ إلَى الصَّدْرِ إنْ رُجِمَتْ ببينه اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالتَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وابن رَزِينٍ يُحْفَرُ لها لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَهُوَ سِتْرٌ بِخِلَافِ الرَّجُلِ
وَيُسْتَحَبُّ بَدْأَةَ شُهُودٍ بِهِ وَحُضُورُهُمْ وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ فالإمام فَمَنْ يُقِيمُهُ وَيَجِبُ حُضُورُهُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَجُوزُ الناس صُفُوفًا لَا يُخْلَطُونَ ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا وقال أبو بَكْرٍ عن قَوْلِ مَاعِزٍ رُدُّونِي إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فإن قَوْمِي غَرُّونِي يَدُلُّ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ لم يَحْضُرْ رَجْمَهُ فَبِهَذَا أَقُولُ
وَيَجِبُ لِزِنًا حُضُورُ طَائِفَةٍ فَأَكْثَرَ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ ابن أبي طَلْحَةَ عنه وهو مُنْقَطِعٌ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْلِهِ عز وجل { إنْ نَعْفُ عن طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً } التوبة 66 قال ابن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ الطَّائِفَةُ الْوَاحِدُ فما فَوْقَهُ وَاخْتَارَ في الْبُلْغَةِ اثْنَانِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ قال الزَّجَّاجُ اصل الطَّائِفَةِ في اللُّغَةِ الْجَمَاعَةُ
وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْوَاحِدِ طَائِفَةٌ يُرَادُ بِهِ نَفْسُ طَائِفَةٍ وقال أَيْضًا الْقَوْلُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْآمِرُ أَيْضًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الوجه الثَّانِي يَضْمَنُ الضَّارِبُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
قُلْت وهو الصوابى حَيْثُ كان عَالِمًا عَاقِلًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ إذَا أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ
____________________
1-
(6/66)
الأول على غير ما عند أهل اللغة لأن الطائفة في معني جماعة وأقل الجماعة اثنان وقال ابن الأنباري إذا أريد بالطائفة الواحد كان أصلها طائفا على مثال قائم وقاعد فتدخل الهاء للمبالغة في الوصف كما يقال راوية علامة نسابة
واحتج من قال أقل الجماعة اثنان بقوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } الحجرات 9 فأضاف الفعل إليهما بلفظ الجمع وأجاب القاضي عنه بأن الطائفة اسم للجماعة لقوله تعالى { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } النساء 102 ولو كانت الطائفة واحدا لم يقل { فليصلوا } وهذا معنى كلام أبي الخطاب وسبق في الوقف أن الجماعة ثلاثة وفي الفصول في صلاة الخوف طائفة اسم جماعة وأقل اسم الجماعة من العدد ثلاثة
ولو قال جماعة لكان كذلك فكذا إذا قال طائفة وذكر أبو المعالي أن الطائفة تكلق على الأربعة في قوله { وليشهد عذابهما طائفة } النور 2 لأنه أول شهود الزنا
وَإِنْ رَجَعَ من أَقَرَّ بِحَدِّ زِنًا أو سَرِقَةٍ أو شُرْبٍ قَبْلَهُ أو في بَعْضِهِ أو هَرَبَ في الْمَنْصُوصِ فيه سَقَطَ فَإِنْ تَمَّمَ ضَمِنَ الرَّاجِعُ فَقَطْ بِالْمَالِ وَلَا قَوَدَ وفي الِانْتِصَارِ في زِنًا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ بِكِتَابَةٍ نحو مَزَحْتُ أو ما عَرَفْتُ ما قلت أو كنت نَاعِسًا وَفِيهِ في سَارِقِ بَارِيَّة مَسْجِدٍ وَنَحْوِهَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ في الزِّنَا فَقَطْ وَلَا يَتْرُكُ بَعْدَ بينه على الْفِعْلِ وَعَنْهُ أو على إقْرَارِهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ
وَمَنْ أتى حَدًّا سَتَرَ نَفْسَهُ نَقَلَ مُهَنَّا رَجُلٌ زَنَى يَذْهَبُ يُقِرُّ قال بَلْ يَسْتُرُ نَفْسَهُ وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي إنْ شَاعَ رَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ لِيُقِيمَهُ عليه قال ابن حَامِدٍ إنْ تَعَلَّقَتْ التَّوْبَةُ بِظَاهِرٍ كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ أَظْهَرَهَا وَإِلَّا أَسَرَّ
وَمَنْ قال الإمام ( ( ( لإمام ) ) ) أَصَبْتُ حَدًّا لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِمَا لم يُبَيِّنْهُ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَيُحَدُّ من زنا ( ( ( زنى ) ) ) هَزِيلًا وَلَوْ بَعْدَ سِمَنِهِ كَذَا عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ زَنَى أُعِيدَتْ بَعْدَ بَعْثِهِ وَعُوقِبَ ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ فَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ لِذَلِكَ الذَّنْبِ لِلْخَبَرِ نَصَّ عليه
____________________
(6/67)
فَصْلٌ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ عز وجل فَإِنْ كان فيها قَتْلٌ استوفى وَحْدَهُ
قالى في الْمُغْنِي لَا يُشْرَعُ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَدَاخَلَ الْجِنْسُ فظاهر ( ( ( فظاهره ) ) ) لَا يَجُوزُ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ قال أَحْمَدُ يُقَامُ عليه الْحَدُّ مَرَّةً لَا الْأَجْنَاسُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً لَا تَدَاخُلَ في السَّرِقَةِ وفي الْبُلْغَةِ فَقَطْعُ وَاحِدٍ على الْأَصَحِّ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ إنْ طَالَبُوا مُفْتَرِقِينَ قَطَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ قال أبو بَكْرٍ هذه رِوَايَةُ صَالِحٍ وَالْعَمَلُ على خِلَافِهَا ثُمَّ قال شَيْخُنَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ تَتَدَاخَلُ دَلِيلٌ على أَنَّ الثَّابِتَ أَحْكَامٌ وَإِلَّا فَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يُعْقَلُ فيه تَدَاخُلٌ فَالصَّوَابُ أنها أَحْكَامٌ وَعَلَى ذلك نَصَّ الْأَئِمَّةُ كما قال أَحْمَدُ بَعْضُ ما ذَكَرَهُ هذا مِثْلُ لَحْمِ خِنْزِيرٍ مَيِّتٍ فَأَثْبَتَ فيه تحرميين ( ( ( تحريمين ) ) )
وتسوفي ( ( ( وتستوفى ) ) ) حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كُلُّهَا وَيَبْدَأُ بها مُطْلَقًا وَبِالْأَخَفِّ وُجُوبًا وفي الْمُغْنِي إنْ بَدَأَ بِغَيْرِهِ جَازَ فَلَوْ زَنَى وَسَرَقَ مرار ( ( ( مرارا ) ) ) جُلِدَ مَرَّةً ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ وَإِنْ قَتَلَ في مُحَارَبَةٍ قُتِلَ فَقَطْ وَلَوْ زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا قُطِعَ ثُمَّ حُدَّ لِقَذْفِهِ ثُمَّ لِشُرْبِهِ ثُمَّ لِلزِّنَا وَقِيلَ يُؤَخَّرُ الْقَطْعُ وَأَنَّهُ يُؤَخَّرُ شُرْبٌ عن قَذْفٍ إنْ قِيلَ أَرْبَعُونَ وَلَا يستوفي حَدٌّ حتى يَبْرَأَ مِمَّا قَبْلَهُ
وَقِيلَ إنْ طَلَبَ صَاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَهُ قبل بُرْئِهِ من قَطْعٍ لِيَقْتُلَهُ فَوَجْهَانِ وَإِنْ قَتَلَ وَارْتَدَّ أو سَرَقَ وَقَطَعَ قُتِلَ وَقُطِعَ لَهُمَا وَقِيلَ لِلْقَوَدِ قَطَعَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْله وَلَوْ زنا ( ( ( زنى ) ) ) وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا قَطَعَ ثُمَّ حُدَّ لِقَذْفِهِ ثُمَّ لِشُرْبِهِ ثُمَّ لِلزِّنَا انْتَهَى
إنَّمَا بَدَأَ بِقَطْعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ آدَمِيٍّ فَقَدَّمَ لِأَنَّهُ قال وَيَبْدَأُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا قَدَّمَ حَدَّ الْقَذْفِ على حَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ مُخْتَلَفٌ فيه هل هو لِلَّهِ أو لِلْآدَمِيِّ فَقُدِّمَ على مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدِّمَ حَدُّ الشُّرْبِ على حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَقَوْلُهُ قبل ذلك فَلَوْ زَنَى وَسَرَقَ مِرَارًا جُلِدَ مَرَّةً ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ فَبَدَأَ بِالْجَلْدِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ من الْقَطْعِ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ لِلَّهِ لِأَنَّ الْقَطْعَ في السَّرِقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ بِخِلَافِ ما إذَا قَطَعَ يَدًا فإنه حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلِذَلِكَ بَدَأَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/68)
والمغني ويتوجه ( ( ( ثلاث ) ) ) أنه يظهر لهذا الخلاف فائدة في جواز الخلاف في استيفائه بغير حضور ولي الأمر فإن على المنع هل يعزر وأن الأجرة منه أو من المقتول وأنه هل يستقل بالاستيفاء أو يكون كمن قتل جماعة فيقرع أو يعين الإمام وأنه هل يأخذ نصف الدية كما قيل فيمن قتل لرجلين وغير ذلك
وإن أخذ الدية استوفى الحد وَذَكَرَ ابن الْبَنَّا من قَتَلَ بِسِحْرٍ قُتِلَ حَدًّا وَلِلْمَسْحُورِ من مَالِهِ دِيَتُهُ فَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ وَمَنْ فَعَلَ ذلك خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ أو لَجَأَ حَرْبِيٌّ أو مُرْتَدٌّ لم يَجُزْ أَخْذُهُ بِهِ فيه كَحَيَوَانٍ صَائِلٍ مَأْكُولٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَلَا يُكَلَّمُ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ زادن ( ( ( زاد ) ) ) في الرَّوْضَةِ وَلَا يُؤَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ لِيَخْرُجَ فَيُقَامَ عليه وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُؤْخَذُ دون ( ( ( بدون ) ) ) الْقَتْلِ وفي الرِّعَايَةِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ فيه كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا وَمَنْ فَعَلَهُ فيه أَخَذَ بِهِ فيه وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى دَارِهِ كَذَلِكَ
وَإِنْ قُوتِلُوا في الْحَرَمِ دَفَعُوا عن أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ لِلْآيَةِ في قَوْلِهِ { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ } البقرة 191 قِرَاءَتَانِ في السَّبْعِ هذا ظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فيه صَحَّحَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في تَفْسِيرِهِ وَقَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْمَرْوَزِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ
وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَنَّ مُجَاهِدًا في جَمَاعَةٍ من الْفُقَهَاءِ قالوا الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وفي التَّمْهِيدِ في النُّسَخِ أنها نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } التوبة 5
وَذَكَرَ صَاحِبُ الهدى من مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ بِالْحَرَمِ من مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ لَا تُقَاتَلُ لَا سِيَّمَا إنْ كان لها تَأْوِيلٌ كما امْتَنَعَ أَهْلُ مَكَّةَ من بَيْعَةِ يَزِيدَ وَبَايَعُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ فلم يَكُنْ قِتَالُهُمْ وَنَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عليهم وَإِحْلَالُ حَرَمِ اللَّهِ جَائِزًا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا خَالَفَ في ذلك عَمْرُو بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ وَشِيعَتُهُ وَعَارَضَ نَصَّ رسول اللَّهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ فقالا إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا
____________________
(6/69)
قال وَالْخَبَرُ صَرِيحٌ في أَنَّ الدَّمَ الْحَلَالَ في غَيْرِهَا حَرَامٌ فِيمَا عَدَا تِلْكَ السَّاعَةَ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَاتَلُ الْبُغَاةُ إذَا لم يَنْدَفِعْ بَغْيُهُمْ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ من حُقُوقِ اللَّهِ وَحِفْظُهَا في حَرَمِهِ أَوْلَى من إضَاعَتِهَا
وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ عن جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَنَصَّ عليه الشَّافِعِيُّ وَحُمِلَ الْخَبَرُ على ما يَعُمُّ إتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحٌ بِدُونِ ذلك فَيُقَالُ وَغَيْرُ مَكَّةَ كَذَلِكَ وَاحْتَجَّ في الْخِلَافِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ إلَّا بِإِحْرَامٍ وبالخبر ( ( ( بالخبر ) ) ) وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لي سَاعَةً من نَهَارٍ قالوا فلما اتَّفَقَ الْجَمِيعُ على جَوَازِ الْقِتَالِ فيها مَتَى عَرَضَ مِثْلُ تِلْكَ الْحَالِ عَلِمْنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ وَقَعَ لِدُخُولِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ
كَذَا قالوا وَلَمَّا كان هذا ضَعِيفًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ حُكْمًا وَاسْتِنْبَاطًا لم يَعْرُجُوا وَذَكَرَ مِثْلَهُمْ أبو بَكْرِ بن الْعَرَبِيِّ في الْمُعَارَضَةِ وقال لو تَغَلَّبَ فيها كُفَّارٌ أو بُغَاةٌ وَجَبَ قِتَالُهُمْ فيها بِالْإِجْمَاعِ وقال شَيْخُنَا إنْ تَعَدَّى أَهْلُ مَكَّةَ أو غَيْرُهُمْ على الرَّكْبِ دَفَعَ الرَّكْبُ كما يَدْفَعُ الصَّائِلُ
وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ مع الرَّكْبِ بَلْ يَجِبُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وفي التَّعْلِيقِ وَجْهٌ في حَرَمِ الْمَدِينَةِ كَالْحَرَمِ وفي مُسْلِمٍ عن أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ وما بين مَأْزِمَيْهَا أَنْ لَا يُهْرَاقَ فيها دَمٌ وَلَا يُحْمَلَ فيها سِلَاحٌ لِقِتَالٍ وَلَا تَعْصِمُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ لِلْعُمُومَاتِ وَلِغَزْوِ الطَّائِفِ وَإِقْرَارِهِمْ وَتَرَدَّدَ كَلَامُ شَيْخِنَا وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ في كِتَابِ الهدى
وَذَكَرَ أَنَّهُ حُجَّةَ في غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَإِنْ كانت في ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهَا كانت من تَمَامِ غَزْوَةِ هوزان ( ( ( هوازن ) ) ) وَهُمْ بدأوا ( ( ( بدءوا ) ) ) النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْقِتَالِ وَلَمَّا انْهَزَمُوا دخل مَلِكُهُمْ مَالِكُ بن عَوْفٍ مع ثَقِيفٍ في حِصْنِ الطَّائِفِ فَحَارَبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَانَ غَزَوْهُمْ من تَمَامِ الْغَزْوَةِ التي شَرَعَ فيها وَفَتْحُ خَيْبَرَ كان في صَفَرٍ وَبَيْعَةُ الرَّضْوَانِ كانت في ذِي الْقَعْدَةِ
____________________
(6/70)
بَايَعَهُمْ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ عُثْمَانَ وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قِتَالَهُ
وَيَجُوزُ الْقِتَالُ في الشَّهْرِ الْحَرَامِ دَفْعًا وَإِنَّمَا بَعَثَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وسلم أَبَا عَامِرٍ في سَرِيَّةٍ إلَى أَوْطَاسٍ في ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ ذلك كان في تَمَامِ الْغَزْوِ التي بَدَأَ الْكُفَّارُ فيها بِالْقِتَالِ قال وقد قال تَعَالَى في الْمَائِدَةِ وَهِيَ من آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا وَلَا مَنْسُوخَ فيها { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ } المائدة 2 وقال في الْبَقَرَةِ { يَسْأَلُونَك عن الشَّهْرِ الْحَرَامِ } البقرة 215 الْآيَةَ وَبَيْنَهُمَا في النُّزُولِ نَحْوُ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا في مَسْأَلَةِ التَّغْلِيظِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ قال تَعَالَى { فإذا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } التوبة 5 فَأَبَاحَ قَتْلَهُمْ بِشَرْطِ انْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ فَدَلَّ على أَنَّ قَتْلَهُمْ في الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَحْرُمُ وإذا كان قَتْلُ الْمُشْرِكِينَ وهو مُبَاحٌ حَرُمَ لِأَجْلِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ دَلَّ على تَغْلِيظِ الْقَتْلِ فيها كَذَا قال
وَمَنْ فَعَلَ ما يُوجِبُ حَدًّا وفي الْمُغْنِي أو قَوَدًا من الْغُزَاةِ في أَرْضِ الْعَدُوِّ أَخَذَ بِهِ في دَارِنَا خَاصَّةً قال أَحْمَدُ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ إنْ زَنَى الْأَسِيرُ أو قَتَلَ مُسْلِمًا ما أَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ تُقَامَ عليه الْحُدُودُ إذَا خَرَجَ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُقَاتَلُ إذَا قَتَلَ في غَيْرِ الْإِسْلَامِ لم يَجِبْ عليه هُنَاكَ حُكْمٌ كَذَا كان عَطَاءٌ يقول وَلَا اخْتِلَافَ بين الناس إذَا أتى حَدًّا ثُمَّ دخل دَارَ الْحَرْبِ أو أُسِرَ أَنَّهُ يُقَامُ عليه إذَا خَرَجَ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إذَا دخل دَارَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أو زَنَى أو سَرَقَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُقَامَ عليه ما أَصَابَ هُنَاكَ
____________________
(6/71)
بَابُ حَدِّ الزِّنَا
إذَا زَنَى مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حتى يَمُوتَ وفي رِوَايَةٍ يُجْلَدُ مِائَةً قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ اخْتَارَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ لَا كَالرِّدَّةِ اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وابن شِهَابٍ وقال عن الْأَوَّلِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( م 1 )
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ النَّفْيُ مع الرَّجْمِ لِأَنَّهُ غَايَةُ التَّغْلِيظِ لِأَنَّهُ نفى عن الدُّنْيَا رَأْسًا بِخِلَافِ الْجَلْدِ وَآيَةُ الرَّجْمِ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ قِيلَ لو كانت في الْمُصْحَفِ لَاجْتَمَعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابِ تِلَاوَتِهَا فقال ابن الْجَوْزِيِّ أَجَابَ ابن عَقِيلٍ فقال إنَّمَا كان ذلك لِيَظْهَرَ بِهِ مِقْدَارُ طَاعَةِ هذه الْأُمَّةِ في الْمُسَارَعَةِ إلَى بَذْلِ النُّفُوسِ بِطَرِيقِ الظَّنِّ من غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ لِطَلَبِ طَرِيقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ قُنُوعًا بِأَيْسَرِ شَيْءٍ كما سَارَعَ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه إلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ بِمَنَامٍ وَالْمَنَامُ أَدْنَى طَرِيقِ الْوَحْيِ وَأَقَلُّهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ حَدِّ الزِّنَا
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ إذَا زنا ( ( ( زنى ) ) ) مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حتى يَمُوتَ وفي رِوَايَةٍ يُجْلَدُ مِائَةً قلبه ( ( ( قبله ) ) ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ اخْتَارَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ لَا كَالرِّدَّةِ اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وابن شِهَابٍ وقال عن الْأَوَّلِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ انْتَهَى
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ التي نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ هِيَ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَطَعَ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغر وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(6/73)
وإذا وطىء حر ( ( ( اختارها ) ) ) مكلف بنكاح ( ( ( والقاضي ) ) ) صحيح ( ( ( والشريف ) ) ) في قبل ( ( ( خلافيهما ) ) ) حرة ( ( ( وصححها ) ) ) مكلفة ( ( ( الشيرازي ) ) ) فهما محصنان ومسلمان أو ( ( ( تذكرة ) ) ) كافران فإن اختل بعض ( ( ( ونظم ) ) ) ذلك ( ( ( المفردات ) ) ) فلا ( ( ( وقدمها ) ) ) إحصان لواحد منهما وذكر القاضي ( ( ( ونهايته ) ) ) أن أحمد ( ( ( تجريد ) ) ) نص ( ( ( العناية ) ) ) أنه لَا يحصل ( ( ( بالواو ) ) ) الإحصان ( ( ( وبه ) ) ) بوطئه ( ( ( يتضح ) ) ) في حيض وصوم وإحرام ونحوه وذكر جماعة منعا وتسليما تغليظا عليه وفي الإرشاد يحصن مراهق بالغة ومراهقة بالغا وذكره شيخنا رواية
وفي الترغيب إن كان أحدهما صبيا أو مجنونا أو رقيقا فلا إحصان لواحد منهما على الأصح ونقله الجماعة وعنه لا تحصن ذمية مسلما وسأله أبو طالب امرأة تزوجت بخصي أو عنين يحصنها قال لا قال وحكم اليهودية والنصرانية كالمسلمة ونقل المروزي لا يحصن المجوسي وإن زنى محصن ببكر فلكل حده نص عليه
ويثبت إحصانه بقوله وطئتها أو جامعتها والأشهر أو دخلت بها لا بولده منها واكتفى في الواضح ( ( ( القرض ) ) ) بقول ( ( ( تكلمنا ) ) ) بينه ( ( ( عليها ) ) ) باضعها فيتوجه مثله أتاها ونحوه
وإذا زَنَى حُرٌّ غَيْرُ مُحْصَنٍ جُلِدَ مِائَةً وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ نقلة أبو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عن ( 5 ) لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ وَالْمَذْهَبُ يُغَرَّبُ عَامًا الرَّجُلُ مَسَافَةَ قَصْرٍ
وَعَنْهُ أو أَقَلَّ وَالْمَرْأَةُ بِمَحْرَمٍ بَاذِلٍ وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ وَبِدُونِهِ لِتَعَذُّرِهِ وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ مع أَمْنٍ وَعَنْهُ بِلَا مَحْرَمٍ تَعَذَّرَ أو لَا لِأَنَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والرواية الأولى اختارها الخرقي والقاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وصححها الشيرازي وجزم بها تذكرة ابن عقيل والوجيز ونظم المفردات وقدمها ابن رزين في شرحه ونهايته وصاحب تجريد العناية وأطلقهما في الهداية والإيضاح والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم
تنبيه إتيان المصنف بصيغة الروايتين كذلك فيه نظر ولعل قوله وفي رواية يجلد بالفاء لا بالواو وبه يتضح المعنى وللمصنف عبارة كذلك في القرض تكلمنا عليها
____________________
1-
(6/74)
عُقُوبَةٌ ذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ في الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ وَتُغَرَّبُ مَسَافَةَ قَصْرٍ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ لِوُجُوبِهِ كَالدَّعْوَى وَعَنْهُ أَقَلُّ وَعَنْهُ بِدُونِهِ وقال جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ فَامْرَأَةٌ ثِقَةٌ وَلَوْ بِالْأُجْرَةِ وَقِيلَ لَا تُغَرَّبُ مع تَعَذُّرِهَا وَقِيلَ مُطْلَقًا
وَيُجْلَدُ رَقِيقٌ خَمْسِينَ وَلَا يُغَرَّبُ وَلَا يُعَيَّرُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وقد يُتَوَجَّهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا احْتِمَالٌ ( وم ) لِأَنَّ عُمَرَ نَفَاهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وقال في كَشْفِ الْمُشْكَلِ يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ نَفَاهُ أَبْعَدَهُ من صُحْبَتِهِ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ حدثنا أَحْمَدُ بن عُمَرَ وهو ابن مُسْلِمٍ الْخَلَّالُ حدثنا عبدالله بن عِمْرَانَ حدثنا سُفْيَانُ عن مِسْعَرٍ عن عَمْرِو بن مُرَّةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس على الْأَمَةِ حَدٌّ حتى تُحْصَنَ فإذا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ ما على الْمُحْصَنَاتِ
وَرَوَى ابن مَرْدُوَيْهِ من طَرِيقَيْنِ عن عبدالله بن عِمْرَانَ العائذي ( ( ( العابدي ) ) ) حدثنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن مِسْعَرٍ عن عَمْرِو بن مُرَّةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس على الْأَمَةِ حَدٌّ حتى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ فإذا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ ما على الْمُحْصَنَاتِ
وَرَوَاهُمَا الْحَافِظُ الضِّيَاءُ في الْمُخْتَارَةِ من طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَرْدُوَيْهِ إسْنَادٌ جَيِّدٌ وعبدالله بن عِمْرَانَ قال أبو حَاتِمٍ صَدُوقٌ ولم أَجِدْ له ذِكْرًا في الضُّعَفَاءِ وقال ابن حِبَّانَ في الثقاة ( ( ( الثقات ) ) ) يخطىء ( ( ( يخطئ ) ) ) وَيُخَالِفُ
وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِالْحِسَابِ وَيُغَرَّبُ في الْمَنْصُوصِ بِحِسَابِهِ
____________________
(6/75)
وَهَلْ اللُّوطِيُّ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كالزاني ( ( ( كزنى ) ) ) أو يُرْجَمُ بِكْرًا أو ثَيِّبًا فيه رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وقال أبو بَكْرٍ لو قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لم أربه بَأْسًا وَأَنَّهُ لَمَّا كان مَقِيسًا على الزَّانِي في الْغُسْلِ كَذَلِكَ في الْحَدِّ وَأَنَّ الْغُسْلَ قد يَجِبُ وَلَا حَدَّ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ من نفى الْغُسْلِ نفى الْحَدِّ وَأَوْلَى وَنَصَرَهُ ابن عَقِيلٍ ( و 5 ) لِأَنَّهُ أَبْعَدُ من أَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِخُرُوجِهِ عن هَيْئَةِ الْفُرُوجِ وَأَحْكَامِهَا
وفي رَدِّ شَيْخِنَا على الرَّافِضِيِّ إذَا قِيلَ الْفَاعِلُ كَزَانٍ فَقِيلَ يُقْتَلُ الْمَفْعُولُ ( بِهِ ) مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا وقبل بِالْفَرْقِ كَفَاعِلٍ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ كُلُّ مُسْتَحْسَنٍ وَمُسْتَلَذٍّ في الدُّنْيَا أُنْمُوذَجُ ما في الْآخِرَةِ من ثَوَابٍ وَكُلُّ مُؤْلِمٍ وَمُؤْذٍ أُنْمُوذَجُ عِقَابٍ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُسْنُ الْأَمْرَدِ أُنْمُوذَجًا لِحُصُولِ مِثْلِهِ في الْآخِرَةِ
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أُنْمُوذَجٌ حَسَنٌ فإذا وحد ( ( ( وجد ) ) ) مِثْلُهُ وَأَضْعَافُهُ في جَارِيَةٍ حَصَلَ مَقْصُودُ الْأُنْمُوذَجِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنَالَ مِثْلَ هذا في الْآخِرَةِ فَيُبَاحُ مِثْلُ ما حَظَرَ مِمَّا كانت تَشْرَئِبُّ إلَيْهِ فَيُوجَدُ الصِّبْيَانُ على هَيْئَةِ الرِّجَالِ من غَيْرِ ذَكَرٍ وَرُبَّمَا كان الْوِلْدَانُ كَذَلِكَ
قال ابن عَقِيلٍ جَرَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ بين أبي على بن الْوَلِيدِ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَزْوِينِيِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَهَلْ اللُّوطِيُّ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كالزاني ( ( ( كزنى ) ) ) أو يُرْجَمُ بِكْرًا أو ثَيِّبًا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
إحْدَاهُمَا حَدُّهُ كَحَدِّ الزَّانِي سَوَاءٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ منتخب ( ( ( ومنتخب ) ) ) الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حدة الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالٍ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن الْقَيِّمِ في الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَهُ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ قال ابن رَجَبٍ في كَلَامٍ له على ما إذَا زَنَى بِأَمَتِهِ الصَّحِيحُ قَتْلُ اللُّوطِيِّ سَوَاءٌ كان مُحْصَنًا أَمْ لَا
____________________
1-
(6/76)
فقال أبو علي لا يمتنع جماع الولدان في الجنة وإنشاء الشهوات لذلك فيكون هذا من جملة اللذات لأنه إنما منع منه في الدنيا لكونه محلا للأذى ولأجل قطع النسل وهذا قد أمن في الجنة ولذلك أبيحوا شرب الخمر لما أمنوا من غائلة السكر وهو إيقاع العربدة الموجبة للعداوة وزوال العقل
فقال أبو يوسف الميل إلى الذكور عاهة ولم يخلق هذا المحل للوطء فقال أبو علي العاهة هي الميل إلى محل فيه تلويث وأذى فإذا أزيل ولم يكن نسل لم يبق إلا مجرد الالتذاذ والمتعة ولا وجه للعاهة انتهى ما ذكره ابن الجوزي
وفي فنون ابن عقيل أيضا سئل عمن له من أهل الجنة أقارب في النار هل يبقى على طبعه فقال قد أشار إلى تغير الطبع بقوله { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الحجر 47 فيزيل التحاسد والميل إلى اللواط وأخذ مال الغير
ومملوكه كأجنبي قال في الترغيب ودبر أجنبية كلواط وقاله في التبصرة وقيل كزنا وإنه لا حد بدبر أمته ولو محرمة برضاع وزان بذات محرم كلواط ونقل جماعة ويؤخذ ماله لخبر البراء وأوله الأكثر على عدم وارث وأوله جماعة ضرب العنق فيه على ظن الراوي وقد قال أحمد يقتل يؤخذ ماله على خبر البراء إلا رجلا يراه مباحا فيجلد قلت فالمرأة قال كلاهما في معنى واحد يقتل وعند أبي بكر إن خبر البراء عند الإمام أحمد على المستحل وإن غير المستحل كزان نقل صالح وعبدالله أنه على المستحل
وَمَنْ أتى بهمية ( ( ( بهيمة ) ) ) وَلَوْ سَمَكَةً عُزِّرَ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ كَلُوطِيٍّ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الْحَدُّ في رِوَايَةٍ وَإِنْ سَلَّمْنَا في رِوَايَةٍ فَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فيه غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ
كَذَا قال وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ ذلك وَلَوْ وَجَبَ الْحَدُّ مع أَنَّهُ احْتَجَّ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطِ بِوُجُوبِ ذلك بِهِ ظاهره ( ( ( وظاهره ) ) ) يَجِبُ ذلك وَإِنْ لم يَجِبْ الْحَدُّ وَهَذَا هو الْمَشْهُورُ وَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى مع أَنَّ ما ذَكَرَهُ من عَدَمِ وُجُوبِ ذلك غَرِيبٌ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ على الْأَصَحِّ وَتَحْرُمُ فَيَضْمَنُهَا وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ وَقِيلَ يُكْرَهُ فَيَضْمَنُ النَّقْصَ
____________________
(6/77)
فَصْلٌ وَلَا حَدَّ إلَّا بتغيب ( ( ( بتغييب ) ) ) حَشَفَةٍ أصليه من خَصِيٍّ أو فَحْلٍ
أو قَدْرِهَا لِعَدَمٍ في فَرْجٍ أَصْلِيٍّ قُبُلًا كان أو دُبُرًا فَتُعَزَّرُ امْرَأَتَانِ تَسَاحَقَتَا وقال ابن عَقِيلٍ يُحْتَمَلُ الْحَدُّ لِلْخَبَرِ وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَلَوْ وطىء امْرَأَتَهُ في حَيْضٍ أو نِفَاسٍ أو في دُبُرٍ أو أَمَةٍ له أو لِمُكَاتَبِهِ فيها شِرْكٌ أو لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ فيه حَقٌّ أو امْرَأَةٌ على فِرَاشِهِ أو مَنْزِلِهِ ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أو جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أو نُشُوءٍ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ أو تَحْرِيمِ نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أو ادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ عليها فَلَا حَدَّ نَقَلَ مُهَنَّا لَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ بِقَوْلِهِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنْكَرَتْ هِيَ وقد أَقَرَّتْ على نَفْسِهَا بِالزِّنَا فَلَا تُحَدُّ حتى تُقِرَّ أَرْبَعًا وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِجَهْلِ الْعُقُوبَةِ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِقِصَّةِ مَاعِزٍ
وَإِنْ وطىء أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ أَبَدًا بِرَضَاعٍ أو غَيْرِهِ وَعَلِمَ لم يُحَدَّ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ وَقِيلَ كذا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْأَكْثَرُ يُعَزَّرُ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُرْجَمُ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ
وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ فَإِنْ كانت مُرْتَدَّةً أو مَجُوسِيَّةً فَلَا حَدَّ وَعَكْسُهُ مُحَرَّمَةٌ بِنَسَبٍ وَإِنْ وطيء في نِكَاحٍ أو مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَمُتْعَةٍ أو بِلَا وَلِيٍّ وَشِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَقِيلَ أو قَبْلَهُ لم يُحَدَّ
وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ في وَطْءِ بَائِعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لم يجد ( ( ( يحد ) ) ) ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ ( م 3 ) وكذاوطؤه بِعَقْدٍ فُضُولِيٍّ وَعَنْهُ يُحَدُّ قبل الْإِجَارَةِ وَاخْتَارَ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ انْتَهَى
يَعْنِي إذ وطيء في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَقُلْنَا يُحَدُّ بَعْدَهُ أَمْ لَا
قُلْت هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيٍّ فإن الْمُصَنِّفَ حَكَى في نَقْضِ حُكْمِ من حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِمَا هُنَاكَ فَلْيُرَاجَعْ وَإِنَّ
____________________
1-
(6/78)
المحرر يُحَدُّ قبلها إن ( ( ( فأثر ) ) ) اعتقد أنه ( ( ( شيئا ) ) ) لا ينفذ بها ( ( ( بأنه ) ) )
وَحَكَى رِوَايَةً وَإِنْ زَنَى بِمَيِّتَةٍ فَرِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَنَقَلَ عبدالله الناس يَقُولُونَ عليه حَدَّانِ فَظَنَنْته يَعْنِي نَفْسَهُ قال أبو بَكْرٍ هذا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَظُنُّ أَبَا عبدالله أَشَارَ إلَيْهِ هذا بِخِلَافِ طَرَفِ مَيِّتٍ لِعَدَمِ ضَمَانِ الْجُمْلَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَتْلٍ بِخِلَافِ الْوَطْءِ
وَإِنْ أُكْرِهَ رَجُلٌ فَزَنَى فَنَصُّهُ يُحَدُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ لَا كَامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ أو غُلَامٍ بِإِلْجَاءٍ أو تَهْدِيدٍ أو مَنْعِ طَعَامٍ مع اضْطِرَارٍ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ فِيهِمَا لَا بِتَهْدِيدٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا قال بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ الْفِعْلُ بَلْ الْقَوْلُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ خَافَتْ على نَفْسِهَا الْقَتْلَ سَقَطَ عنها الدَّفْعُ كَسُقُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِالْخَوْفِ
وَمَنْ وطىء أَمَةَ امْرَأَتِهِ وقد أَحَلَّتْهَا له عُزِّرَ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ وَعَنْهُ إلَّا سَوْطًا وَعَنْهُ بِعَشْرٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ في رِوَايَةٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ قال أبو بَكْرٍ عليه الْعَمَلُ قال أَحْمَدُ لِمَا لَزِمَهُ من الْجِلْدِ أو الرَّجْمِ وَعَنْهُ بَلَى وقال شَيْخُنَا إنْ ظَنَّ جَوَازَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الصحيح من المذهب لا ينقض فلا يحد هنا فأثر الحكم شيئا وعلى القول بأنه ينقض فيحد هنا فأقرب من ذلك ما ذكره المصنف فيما إذا حكم حنفي لحنبلي بشفعة الجوار فإنه أطلق فيه وجهين على القول بأن حكم الحاكم يزيل الشيء عن صفته في الباطن ومسألة متروك التسمية
مسألة 4 قوله وإن زنى بميتة فروايتان انتهى
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح والحاوي الصغير وغيرهم وحكاهما في الكافي وغيره وجهين
إحداهما لا حد عليه وهو الصحيح من المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والآدمي في منتخبه ومنوره وغيرهما
والوجه الثاني يجب عليه الحد اختاره أبو بكر والناظم وقدمه في الرعايتين
____________________
1-
(6/79)
لَحِقَهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فيه وفي حَدِّهِ وَعَنْهُ يُحَدُّ فَلَا يَلْحَقُهُ كَعَدَمِ حِلِّهَا وَلَوْ ظَنَّ حِلَّهَا نَقَلَهُ مُهَنَّا
وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ فِيمَنْ وطىء أَمَةَ امْرَأَتِهِ أو أبيه أو ابْنِهِ قال يُحَدُّ إلَّا أَمَةَ امْرَأَتِهِ على خَبَرِ النُّعْمَانِ قُلْت فَأَحَلَّ أَمَتَهُ لِرَجُلٍ قال لَا يَصْلُحُ وَلَا تَكُونُ له الْأَمَةُ وَإِنْ وَطِئَهَا فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ لِأَنَّهُ وطء على شُبْهَةٍ
وقد قال أَحْمَدُ في مَوَاضِعَ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَلَدُ إذَا لم يُحَدَّ وفي زَادِ الْمُسَافِرِ رِوَايَةُ ابْنِ مَنْصُورٍ الرَّجُلُ يُحِلُّ أَمَتَهُ لِرَجُلٍ أو فَرْجَهَا أو الْمَرْأَةُ أَمَتَهَا لِزَوْجِهَا حَدِيثُ النُّعْمَانِ ابْنِ بَشِيرٍ وقال أبو بَكْرٍ بَعْدَ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ الْأَوْلَى حُكْمُ غَيْرِ الْأَبِ من الْقَرَابَةِ على خَبَرِ النُّعْمَانِ
وَعَنْهُ فِيمَنْ وطيء أَمَةَ امْرَأَتِهِ إنْ أَكْرَهَهَا عَتَقَتْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا وَإِلَّا مَلَكَهَا بِمِثْلِهَا لِخَبَرِ سَلَمَةَ بن المحيق ( ( ( المحبق ) ) ) لِأَنَّهُ إتْلَافٌ كَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَمَنْ أَتْلَفَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِمَا يَتَعَذَّرُ معه انْتِفَاعُ مَالِكِهِ بِهِ عَتَقَ وَلِمَالِكِهِ قِيمَتُهُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ من الْأُصُولِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَإِنَّ من هذا جِذْعَ مَرْكُوبِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ حَكَاهَا شَيْخُنَا فقال حكي عن أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ الْقَوْلَ بِهِ
وَإِنْ وطىء في نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا مع عِلْمِهِ نَصَّ عليه أو زَنَى بِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِزِنًا أو غَيْرِهِ أو بِصَغِيرَةٍ بوطأ ( ( ( يوطأ ) ) ) مِثْلُهَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَقِيلَ أولا وَقِيلَ لها تِسْعٌ أو بِمَجْنُونَةٍ أو بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أو مَلَكَهَا أو أَقَرَّ عليها فَجَحَدَتْ ( 5 ) كَسُكُوتِهَا ( و ) أو بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ وَنَصَّهُ أو نَكَحَ بِنْتَه من زِنًا وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ على أَنَّهُ لم يَبْلُغْهُ الْخِلَافُ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ على مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ حُدَّ
وَكَذَا بِمَنْ له عليها قَوَدٌ في الْأَصَحِّ وفي الْمُغْنِي أو دَعَا أَمَةً مُشْتَرَكَةً فوطىء ( ( ( فوطئ ) ) ) يَظُنُّهَا الْمَدْعُوَّةَ وَإِنْ مَكَّنَتْ مُكَلَّفَةٌ من لَا يُحَدَّ وَقِيلَ ابن عَشْرٍ أو جَهِلَهُ أو حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا أو اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ حُدَّتْ كَلُزُومِهَا كَفَّارَةَ رَمَضَانَ دُونَ مَجْنُونٍ وَكَذَا يُحَدُّ رَجُلٌ وطىء من لم يَبْلُغْ نَصَّ عليه
____________________
(6/80)
فَصْلٌ وَلَا يَثْبُتُ الزِّنَى إلَّا بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ مَحْدُودٌ في قَذْفٍ أولا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ في مَجْلِسٍ أو مَجَالِسَ نَصَّ على ذلك وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ مَجْلِسٌ وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ مَجْلِسٌ أو مَجَالِسُ قال الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ تَدُلُّ إلَّا على مَجْلِسٍ إلَّا عن ذَاكَ الشَّيْخِ بَشِيرِ بن الْمُهَاجِرِ عن ابْنِ بُرَيْدَةَ عن أبيه وَذَاكَ مُنْكَرُ الحديث
وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الوطىء ( ( ( الوطء ) ) ) وَعَنْهُ وَمَنْ زَنَى وفي الرِّعَايَةِ أنها أَظْهَرُ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ
وأن شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أو صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَهَلْ هو رُجُوعٌ فَلَا يُحَدُّ أو يُحَدُّ فيه رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَلَا يُحَدُّونَ وَهُمَا في التَّرْغِيبِ إنْ أَنْكَرَ وَأَنَّهُ إنْ صَدَّقَهُمْ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ
الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ عليه أَرْبَعَةٌ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ بِزِنًا وَاحِدٍ يَصِفُونَهُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَأَنَّ هذا لَا يَقْدِرُونَ عليه لم يُسْمَعْ أُقِيمَ حَدٌّ إلَّا بِإِقْرَارٍ وَسَوَاءٌ أَتَوْا الْحَاكِمَ حمله ( ( ( جملة ) ) ) أو مُتَفَرِّقِينَ وَلَوْ صَدَّقَهُمْ نَصَّ عليه فَإِنْ شَهِدُوا في مَجْلِسَيْنِ فَأَكْثَرَ وَكَانُوا أو بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فيه لِأَمْرٍ ظَاهِرٍ
قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أو خَفِيَ كَشَكِّهِ في فِسْقٍ حُدُّوا لِلْقَذْفِ كما لو شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ على الْأَصَحِّ أو كان الْمَشْهُودُ عليه مَجْبُوبًا أو رَتْقَاءَ وَعَنْهُ لَا كَمَسْتُورِي الْحَالِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أو مَوْتُ أَحَدِهِمْ قبل وَصْفِهِ الزِّنَا وَأَنَّ الْمَشْهُودَ عليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أو صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَهَلْ هو رُجُوعٌ فَلَا يُحَدُّ أو يُحَدُّ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
إحْدَاهُمَا لَا حَدَّ عليه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو رُجُوعٌ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عليه الْحَدُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ
____________________
1-
(6/81)
عذراء نص عليه وفيها في الواضح تزول حصانتها بهذه الشهادة وعنه يحد العميان خاصة
فعلى الأول إن كان أحدهم زوجا لا عن ونقل أبو النضر في مسألة المجبوب أن الشهود قذفة وقد أحرزوا ظهورهم فذكر له قول الشعبي العذراء قال أحمد قال عنه اختلاف فدل أنهما سواء في هذه الرواية فإن رجمه القاضي فالخطأ منه قلت فترى في هذا أو فيمن شهد عليه بالزنا فلم يسأل القاضي عن إحصانه حتى رجمه إن الدية في بيت المال لأن الحاكم ليس عليه غرم قال نعم
قال أبو بكر وقال غيره إذا رجمه بشهادتهم ثم بان له كذبهم فالدية عليهم أو القود مع العمد قال وإرجمه قبل أن يعرف إحصانه فله قول آخر إن خطأه في ماله أو على عاقلته إن أخطأ في النفس وهذا أولى به عندي
وقد أطلق ابن رزين في محبوب ونحوه قولين بخلاف العذراء ونقل محمد ابن حبيب فيمن قذف إلى الحاكم فقال القاذف أنا أجيء بثلاثة شهود معي فجاء بهم يكون شاهدا معهم فال إن جاء بهم قريبا ولم يتباعد فهو شاهد رابع
ونقل مهنا إن شهد أربعة على رجل الزنا أحدهم فاسق فصدقهم أقيم عليه الحد وَمَنْ شَهِدَ في غَيْرِ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَقِيلَ لَا يَفْسُقُ وَخَالَفَ أبو الْخَطَّابِ ( م 6 ) وَإِنْ شَهِدُوا بِزِنًا وَاحِدٍ لَكِنْ عَيَّنَ اثْنَانِ بيتاأو بَلَدًا أو يَوْمًا وَاثْنَانِ آخَرَ حُدُّوا لِلْقَذْفِ على الْأَصَحِّ
وَعَنْهُ يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عليه وَحْدَهُ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وفي التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَمَنْ شَهِدَ في غَيْرِ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَقِيلَ لَا يَفْسُقُ وَخَالَفَ أبو الْخَطَّابِ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَفْسُقُ لِأَنَّهُمْ قالوا لو جاء بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قام الْحَاكِمُ فَهُوَ قَاذِفٌ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/82)
وغيرهما ظاهرها الاكتفاء بشهادتهم بكونها زانية وعنه لا اعتبار بالفعل الواحد وإن عين اثنان زاوية من بيت صغير واثنان أخرى منه أو قال اثنان في قميص أبيض أو قائمة وقال اثنان في أحمر أو نائمة كملت شهادتهم وقيل هي كالتي قبلها
وَإِنْ قال اثْنَانِ زَنَى بها مُطَاوِعَةً وقال اثْنَانِ مُكْرَهَةً لم يُقْبَلْ فَيُحَدُّ شاهد ( ( ( شاهدا ) ) ) الْمُطَاوَعَةِ لِقَذْفِهَا وفي حَدِّ الْأَرْبَعَةِ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَجْهَانِ
وَقِيلَ تُقْبَلُ على الرَّجُلِ فَيُحَدُّ وَحْدَهُ اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وفي التَّرْغِيبِ لَا تُحَدُّ هِيَ وَفِيهِ وَجْهَانِ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ لَا يُحَدُّ أَحَدٌ وَإِنْ قال اثْنَانِ وَهِيَ بَيْضَاءُ وقال اثْنَانِ غَيْرَهُ لم يُقْبَلْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لم تَجْتَمِعْ على عَيْنٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ
وإن شهد أربعة فرجعوا أو أحدهم فهل يحدون أو إلا الراجع وحده فيه روايتان ( م 8 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ قال اثْنَانِ زَنَى بها مُطَاوِعَةً وقال اثْنَانِ مُكْرَهَةً لم يُقْبَلْ فَيُحَدُّ شاهد ( ( ( شاهدا ) ) ) الْمُطَاوَعَةِ لِقَذْفِهَا وفي حَدِّ الْأَرْبَعَةِ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يُحَدُّونَ لِقَذْفِهِ جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ في مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وإرداك ( ( ( وإدراك ) ) ) الْغَايَةِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُحَدُّونَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَيَظْهَرُ لي قوله ( ( ( قوة ) ) ) هذا الْقَوْلِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّجُلِ قد كَمُلَتْ فإذا سَقَطَ عنه الح ( ( ( الحد ) ) ) فَأَوْلَى أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعُوا أو أَحَدُهُمْ يعنى قبل الْحَدِّ فَهَلْ يُحَدُّونَ أو إلَّا الرَّاجِعَ وحده فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/83)
واختار في الترغيب يُحَدُّ الرَّاجِعِ بعد الحكم وحده لأنه لا يمكن التحرز بعده وظاهر المنتخب لا يحد أحد لتمامها بالحكم وإن رجع أحدهم بعد الحد وحد وحده إن ورث حد القذف
ونقل أبو النضر لا يحد ( ( ( حامد ) ) ) لأنه ثابت وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زانى ( ( ( زنى ) ) ) بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ على الشُّهُودِ أَنَّهُمْ الزُّنَاةُ بها لم يُحَدَّ الْمَشْهُودُ عليه وفي حَدِّ الْأَوَّلَيْنِ لِلزِّنَا وَلِلْقَذْفِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ ( م 9 و 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إحداهما يحد ( ( ( حملت ) ) ) الأربعة وهو الصحيح ( ( ( زوج ) ) ) قدمه في الكافي ( ( ( سيد ) ) ) والمحرر والنظم ( ( ( تحد ) ) ) وشرح ابن رزين وصححه فقال حدوا في ( ( ( تدع ) ) ) الأظهر ( ( ( شبهة ) ) ) وقال الشيخ ( ( ( الوسيلة ) ) ) في ( ( ( والمجموع ) ) ) المغني على الجميع ( ( ( ادعت ) ) ) الحد في أصح الروايتين انتهى فقد اتفق الشيخان
والرواية الثانية يحد غير الراجع اختاره أبو بكر وابن حامد وقطع به في المقنع والوجيز والآدمي في منورة ومنتخبه وغيرهم وقدمه في إدراك الغاية
( مَسْأَلَةٌ 9 و 10 ) قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ على الشُّهُودِ أَنَّهُمْ الزُّنَاةُ بها لم يُحَدَّ الْمَشْهُودُ عليه وفي حَدِّ الْأَوَّلِينَ لِلزِّنَا وَلِلْقَذْفِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ انْتَهَى في ضِمْنِ كرمه مَسْأَلَتَانِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9 هل يُحَدُّ الْأَوَّلُونَ لِلزِّنَا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ عليهم بِأَنَّهُمْ هُمْ الزُّنَاةُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُحَدُّونَ لِلزِّنَا وهو الصَّحِيحُ قال النَّاظِمُ هذا الْأَشْهَرُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحَدُّونَ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
مسألة 10 هل يُحَدُّ لِلْقَذْفِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيز
____________________
1-
(6/84)
وإن حملت من لَا زوج ( ( ( يحدون ) ) ) لها ولا سيد لم تحد نقله ( ( ( المقنع ) ) ) الجماعة ( ( ( وجماعة ) ) ) وعنه بلى إن لم ( ( ( القاذف ) ) ) تدع شبهة ( ( ( جاء ) ) ) وفي ( ( ( مجيء ) ) ) الوسيلة ( ( ( الشاهد ) ) ) والمجموع رواية ( ( ( يحد ) ) ) ولو ادعت وكذاحده لِخَمْرٍ بِرَائِحَتِهِ وَكَذَا قِيلَ في قَيْئِهِ وَوُجُودِهِ سَكْرَانَ وَقِيلَ يُحَدُّ ( م 11 و 12 )
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ يُؤَدَّبُ له بِرَائِحَتِهِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ كَحَاضِرٍ مع من يَشْرَبُهُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ قال بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ يُسْتَعْمَلُ لِقَطْعِ رَائِحَةِ الْخَمْرِ الْكُسْفُرَةُ وَعِرْقُ الْبَنَفْسَجِ وَالثُّومِ وما أَشْبَهَ ذلك مِمَّا له رَائِحَةٌ قَوِيَّةٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والرواية الثانية لا يحدون وهو ظاهر كلام الشيخ في المقنع وجماعة وقدمه ابن رزين في شرحه قال الشيخ في المغني والشارح وغيرهما وذكر أبو الخطاب في صدر هذه المسألة يعني التي قبل هذه كلاما معناه لا يحد أحد منهم حد الزنا وهل يحد الأولون حد القذف على وجهين بناء على القاذف إذا جاء مجيء الشاهد هل يحد على روايتين
مَسْأَلَةٌ 11 و 12 ) قَوْلُهُ وَكَذَا قِيلَ في قَيْئِهِ وَوُجُودِهِ سَكْرَانَ وَقِيلَ يُحَدُّ انْتَهَى
يَعْنِي هل حُكْمُ ما إذَا تَقَيَّأَهَا أو وُجِدَ سَكْرَانَ حُكْمُ من وُجِدَ منه رِيحُهَا أَمْ يُحَدُّ مُطْلَقًا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ
مَسْأَلَةٌ 11 من تَقَيَّأَهَا
مَسْأَلَةٌ 12 وُجُودُ سَكْرَانَ
إحْدَاهُمَا حُكْمُهُمَا حُكْمُ من وُجِدَ منه رَائِحَةُ الْخَمْرِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُحَدُّ هُنَا في الْمَسْأَلَتَيْنِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْإِرْشَادِ في وُجُودِهِ سَكْرَانَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ لم يَدَّعِ شُبْهَةً
____________________
1-
(6/85)
بَابُ الْقَذْفِ
من قَذَفَ بِزِنًا في قُبُلٍ وهو مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ مُحْصَنًا وَلَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ نَصَّ عليه جُلِدَ الْحُرُّ ثَمَانِينَ وَالْعَبْدُ أَرْبَعِينَ وَلَوْ عَتَقَ قَبْلُ حُدَّ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ بِحِسَابِهِ وَقِيلَ كَعَبْدٍ
وَمَنْ قَذَفَ غير مُحْصَنٍ عُزِّرَ وَقِيلَ سِوَى سَيِّدٍ لِعَبْدِهِ قال أَحْمَدُ لَا يُحَدُّ وَحُدَّ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا بِقَذْفِهِ وَإِنْ نَزَلَ كَقَوَدٍ فَلَا يَرِثُهُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ وَرِثَهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ وَحُدَّ له لِتَبَعُّضِهِ
وفي التَّرْغِيبِ لَا يُحَدُّ الْأَبُ وفي أُمٍّ وَجْهَانِ وَقِيلَ لَا حَدَّ بِقَذْفِهِ أَبَاهُ أو أَخَاهُ وَعَنْهُ يُحَدُّ قَاذِفُ أُمِّهِ أو ذِمِّيَّةٌ لها وَلَدٌ أو زَوْجُ مُسْلِمٍ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ قَذَفَ كَافِرًا لَا وَلَدَ له مُسْلِمٌ لم يُحَدَّ على الْأَصَحِّ
وَيُحَدُّ بِقَذْفٍ على جِهَةِ الْغَيْرَةِ ( بِفَتْحِ الْغَيْنِ ) وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ( وم ) وَأَنَّهَا عُذْرٌ في غَيْبَةٍ وَنَحْوِهَا وَتَقَدَّمَ في الطَّلَاقِ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ وَشَيْخِنَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ رصي ( ( ( رضي ) ) ) اللَّهُ عنها لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن خَدِيجَةَ وما تَذْكُرُ من عَجُوزٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ وَقَوْلُهُ إنِّي أَعْرِفُ إذَا كُنْت عَنِّي رَاضِيَةً وإذا كُنْت عَلَيَّ غَضْبَى وَلِدُعَائِهَا وَجَعْلِهَا رِجْلَيْهَا
____________________
(6/87)
بين الْإِذْخِرِ تَقُولُ يا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أو حَيَّةً تَلْدَغُنِي وَذَلِكَ في الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِمَا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ امْرَأَةَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قالت وَاَللَّهِ إنَّ أَزْوَاجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ فَقُلْت قد خَابَ من فَعَلَ ذلك مِنْهُنَّ وَخَسِرَ أَفَتَأْمَنُ إحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عليها لِغَضَبِ رَسُولِهِ فإذا هِيَ قد هَلَكَتْ وَإِنَّ عُمَرَ قال هذا لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَتَبَسَّمَ
وَفِيهِ وكان قد أَقْسَمَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا من شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حتى عَاتَبَهُ اللَّهُ عز وجل
وَالْمُحْصَنُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الذي يُجَامِعُ مِثْلُهُ الْعَفِيفُ عن الزِّنَا وَقِيلَ وَوَطْءٌ لَا يُحَدُّ بِهِ لِمِلْكٍ أو شُبْهَةٍ وَقِيلَ يَجِبُ الْبَحْثُ عن بَاطِنِ عِفَّةٍ وفي الْمُبْهِجِ لَا مُبْتَدِعٍ وفي الْإِيضَاحِ لَا فَاسِقٍ ظَهَرَ فِسْقُهُ وَلَا يَخْتَلُّ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِ في حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً بِمُتَّهَمٍ بها حُدَّ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ وَفِيهِ لَا يُحَدُّ بِقَذْفِ فَاسِقٍ وفي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ عِنْدِي يُحَدُّ بِقَذْفِ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ لِعَدَالَتِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا من الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الزِّنَا وفي اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا لَا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب القذف
مسألة 1 قوله وفي اشتراط بلوغه روايتان أشهرهما لا قاله في الترغيب
____________________
1-
(6/88)
فَالْغُلَامُ ابن عَشْرٍ وَالْبِنْتُ بِنْتُ تِسْعٍ وَمُطَالَبَتُهُ إذَا بَلَغَ وَالْمُلَاعَنَةُ وَابْنُهَا وَوَلَدُ الزِّنَا كَغَيْرِهِمْ نَصَّ عليه وَمَنْ قال لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِدُونِ تِسْعٍ عُزِّرَ زَادَ في الْمُغْنِي إنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ لِأَنَّهُ لِتَأْدِيبِهِ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا الْبُلُوغِ
وَإِنْ قال وَأَنْتِ أَمَةٌ أو كَافِرَةٌ وما ثَبَتَ وَأَمْكَنَ فَرِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَإِنْ كانت كَذَلِكَ لم يُحَدَّ وَعَنْهُ بَلَى فَإِنْ قالت أَرَدْتَ قَذْفِي الْآنَ فَأَنْكَرَ فَهَلْ يُحَدُّ أو يُعَزَّرُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إحداهما لا يشترط بلوغه وهو الصحيح ( ( ( أضافه ) ) ) من المذهب ( ( ( جنون ) ) ) وهو الذي قاله في التَّرْغِيبِ أَنَّهُ أشهر قال أبو بكر لا يختلف قول أبي عبدالله أنه يحد قاذفه إذا كان ابن ( ( ( مجنونا ) ) ) عشر ( ( ( حين ) ) ) أو ( ( ( قذفه ) ) ) ثنتي ( ( ( فأنكرت ) ) ) عشرة ( ( ( وعرفت ) ) ) سنة وقطع ( ( ( حال ) ) ) به ( ( ( جنون ) ) ) القاضي ( ( ( وإفاقة ) ) ) والشريف ( ( ( فوجهان ) ) ) وأبو الخطاب في خلافاتهم والشيرازي وابن البنا وابن عقيل في التذكرة وهو مقتضى كلام الخرقي وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ونظم المفردات وقدمه في الهادي والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم قال في القواعد الأصولية أظهر الروايتين وجوب الحد انتهى
والرواية الثانية يشرط البلوغ قاله في العمدة ومنتخب الآدمي ومنوره ونهاية ابن رزين والمحصن هو الحر المسلم البالغ العفيف انتهى وقيل هذه الرواية مخرجة لا منصوصة وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب المستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح شرح ابن منجا والزركشي وغيرهم فعلى المذهب يشترط أن يكون مثله يطأ أو يوطأ وقد بين المصنف سنهما والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَمَنْ قال لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ أَمَةٌ أو كَافِرَةٌ وما ثَبَتَ وَأَمْكَنَ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ غيرهم
إحْدَاهُمَا يُحَدُّ وهو الصَّحِيحُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ حُدَّ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ قال لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ كَافِرَةٌ أو أَمَةٌ ولم يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحَدُّ
____________________
1-
(6/89)
وَجْهَانِ ( م 3 )
ويتوجه مثله إن أضاف ( ( ( يرجع ) ) ) إلَى جنون ( ( ( القولين ) ) ) وفي الترغيب ( ( ( دلت ) ) ) إن كان من ( ( ( عمل ) ) ) يجن لم يقذفه وفي ( ( ( حد ) ) ) المغني إن ادعى أنه كان مجنونا حين قذفه فأنكرت وعرفت له حال جنون وإفاقة فوجهان وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولَةٍ فَرِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ قَذْفًا مُتَقَدِّمًا كان في صِغَرٍ أو قال زَنَيْتِ مُكْرَهَةً أو قال يا زَانِيَةُ ثم ثُمَّ ثَبَتَ زِنَاهَا في كُفْرٍ لم يُحَدَّ كَثُبُوتِهِ في إسْلَامٍ وفي الْمُبْهِجِ إنْ قَذَفَهُ بِمَا أتى في الْكُفْرِ حُدَّ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ
وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ رَجُلٌ رَمَى امْرَأَةً بِمَا فَعَلَتْ في الْجَاهِلِيَّةِ قال يُحَدُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي لو قال ابن عِشْرِينَ لِابْنِ خَمْسِينَ زَنَيْتُ من ثَلَاثِينَ سَنَةً لم يُحَدَّ وهو سَهْوٌ
وَلَا يَسْقُطُ حَدٌّ بِزَوَالِ إحْصَانِهِ نَصَّ عليه ( خ ) حَكَمَ حَاكِمٌ بِوُجُوبِهِ ( خ ) أولا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 3 قوله وإن كانت كذلك لم يحد وعنه بلى فإن قالت أردت قذفي الآن وأنكر فهل يحد أو يغرر وجهان انتهى وأطلقهما في المقنع والمحرر والمستوعب والنظم والزركشي وغيرهم
أحدهما لَا يحد بل يعزر وهو الصحيح اختاره أبو الخطاب في الهداية وابن البناء قاله في المستوعب وصححه في التصحيح وابن منجا في شرحه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني وغيره
والوجه الثاني يحد اختاره القاضي وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم قال في المستوعب فقال الخرقي والقاضي القول قولها قلت ويحتمل أن يرجع فيه إلى القولين فإن دلت عل شيء عمل به وإلا فلا حد والله أعلم
مسألة 4 قوله وإن ادعى رق مجهولة فروايتان انتهى
إحداهما يحد وهو الصحيح قال في الرعايتين حد على الأصح وقدمه الشيخ الموفق والشارح وصاحب الحاوي غيرهم
والرواية الثانية لا يحد اختاره أو بكر
____________________
1-
(6/90)
( خ ) لِأَنَّ الْحُدُودَ تُعْتَبَرُ بِوَقْتِ وُجُوبِهَا وَكَمَا لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهِ وَجُنُونِهِ
وَبِخِلَافِ فِسْقِ الشُّهُودِ قبل الْحُكْمِ لِضِيقِ الشَّهَادَةِ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَبِأَنَّ الزِّنَا نَوْعُ فِسْقٍ وَاحْتِمَالُ وُجُودِ الْجِنْسِ أَكْثَرُ من النَّوْعِ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مُزِيلُهُ على الْقَذْفِ بِإِقْرَارٍ أو بَيِّنَةٍ قِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ لو زَنَى مَقْطُوعُ الْيَدِ أَتُعَادُ بَعْدَ بَعْثِهِ وَيُعَاقَبُ فقال لَا نراعى مِثْلَ هذا كَحَدِّ هَزِيلٍ بَعْدَ سِمَنِهِ كَذَا عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ
وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ إلَّا أَنْ يَرَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي في طُهْرٍ لم يَطَأْ فيه وفي التَّرْغِيبِ وَلَوْ دُونَ فَرْجٍ وفي الْمُغْنِي أو تقربه فَيُصَدِّقَهَا فَيَعْتَزِلَهَا ثُمَّ تَلِدَ بِمَا يُمْكِنُ أَنَّهُ من الزَّانِي فَيَلْزَمُهُ قَذْفُهَا وَنَفْيُهُ وفي الْمُحَرَّرِ وَكَذَا وَطْؤُهَا في طُهْرٍ زَنَتْ فيه وَظَنَّ الْوَلَدَ من الزَّانِي
وفي التَّرْغِيبِ نَفْيُهُ مُحَرَّمٌ مع التَّرَدُّدِ فَإِنْ تَرَجَّحَ النَّفْيُ بِأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ فَوَجْهَانِ وَاخْتَارَ جَوَازَهُ مع أَمَارَةِ الزِّنَا وَلَا وُجُوبَ وَلَوْ رَآهَا تَزْنِي وَاحْتَمَلَ من الزِّنَا حَرُمَ نَفْيُهُ وَلَوْ نَفَاهُ ولا عن انْتَفَى
وَإِنْ لم تَلِدْ ما يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ أو اسْتَفَاضَ زِنَاهَا أو أخبره بِهِ ثِقَةٌ أو رَأَى مَعْرُوفًا بِهِ عِنْدَهَا زَادَ في التَّرْغِيبِ خَلْوَةٌ وَاعْتَبَرَ في الْمُغْنِي هُنَا اسْتِفَاضَةُ زِنَاهَا وَقَدَّمَ لَا يَكْفِي اسْتِفَاضَةٌ بِلَا قَرِينَةٍ فَلَهُ قَذْفُهَا وَفِرَاقُهَا أَوْلَى قال شَيْخُنَا إذَا قال أَخْبَرَتْنِي أنها زَنَتْ فَكَذَّبَتْهُ فَفِي كَوْنِهِ قَاذِفًا نِزَاعٌ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَإِنْ جَعَلَ قَذْفًا أو قَذَفَهَا صَرِيحًا فَلَهُ لِعَانُهَا وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أنها قالت له فَأَنْكَرَتْهُ لم تَطْلُقْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ
وَلَوْ أَسْقَطَتْ جَنِينًا بِسَبَبِ الْقَذْفِ لم يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ قَذْفُهُ فَلَا عُدْوَانَ فَدَلَّ أَنَّهُ لو حَرُمَ قَذْفُهُ ضَمِنَهُ
وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ الْمُبَاحَ أَنْ يَرَاهَا تَزْنِي أو يَظُنُّهُ وَلَا وَلَدَ وَإِنْ وَلَدَتْ أَسْوَدَ وَهُمَا أَبْيَضَانِ أو عَكَسَهُ فَلَهُ نَفْيُهُ بِقَرِينَةٍ وَقِيلَ وَدُونَهَا
____________________
(6/91)
فَصْلٌ وَصَرِيحُ الْقَذْفِ يازان يا عَاهِرُ قد زَنَيْتَ زنا ( ( ( زنى ) ) ) فَرْجُك وَنَحْوُهُ
وكذايا لُوطِيُّ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ مع غَضَبٍ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَيَا مَعْفُوجٌ صَرِيحٌ قال أَحْمَدُ يُحَدُّ وَقِيلَ كِنَايَةٌ وَإِنْ فَسَّرَ يا مَنْيُوكَةَ بِفِعْلِ زَوْجٍ فَلَيْسَ قَذْفًا
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وزاد إنْ أَرَادَ بِزَانِي الْعَيْنِ أو يا عَاهِرَ الْيَدِ لم يُقْبَلْ منه مع سَبْقِهِ ما يَدُلُّ على قَذْفٍ صَرِيحٍ وَإِنْ قال لَسْت بِوَلَدِ فُلَانٍ فَقَذَفَ لِأُمِّهِ في الْمَنْصُوصِ إلَّا مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لم يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ ولم يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ وَكَذَا إنْ نَفَاهُ عن قَبِيلَتِهِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ بِالْقِيَاسِ لَا حَدَّ
نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قال لِرَجُلٍ لَسْتَ لِأَبِيك يُحَدُّ وَإِنْ كانت أُمُّهُ كَافِرَةً وَنَقَلَهُ مُهَنَّا لِتَمِيمِيٍّ لَسْت منهم وَنَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ فِيمَنْ قال لو كُنْتَ وَلَدَ فلا ( ( ( فلان ) ) ) ما فَعَلَتْ كَذَا
وَلَسْتَ بِوَلَدِي كِنَايَةٌ في قَذْفِهَا نَصَّ عليه وَقِيلَ صَرِيحٌ
وَإِنْ قال لِرَجُلٍ يا زان أو لامرأة يا زَانِيَةُ فَصَرِيحٌ كَفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا لَهُمَا خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ في عَالِمٍ بِعَرَبِيَّةٍ وَقِيلَ كِنَايَةٌ وَقِيلَ لِلرَّجُلِ وَكَذَا أَنْتِ أَزْنَى الناس أو من فُلَانَةَ فَعَلَى الْأَوَّلِ في فُلَانَةَ وَجْهَانِ ( م 5 )
وفي زَنَتْ أو رِجْلُك أو ثَنَاهُمَا وَجْهَانِ ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ أَزْنَى الناس أو من فُلَانَةَ
يَعْنِي أَنَّهُ صَرِيحٌ على الصَّحِيحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي على أَنَّهُ صَرِيحٌ في فُلَانَةَ وَجْهَانِ يَعْنِي في قَذْفِ فُلَانَةَ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا ليس بِقَاذِفٍ لها قال في الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو قَذْفٌ أَيْضًا لها قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وهو الصَّوَابُ
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وفي زَنَتْ يَدُك أو رِجْلُك أو ثَنَاهُمَا وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/92)
وكذا زنى بدنك ( ( ( صريح ) ) ) قاله ( ( ( فيحد ) ) ) في الرعاية وكذا العين في الترغيب وفي المغني وَغَيْرِهِ لا وَإِنْ قال زَنَأْت في الْجَبَلِ فَصَرِيحٌ وَقِيلَ إنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ وقال أَرَدْتُ الصُّعُودَ في الْجَبَلِ قِيلَ فَإِنْ لم يَقُلْ في الْجَبَلِ فَوَجْهَانِ ( م 7 ) وَقِيلَ لَا قَذْفَ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في لفظه عِلْقٌ وَذَكَرَهَا شَيْخُنَا صَرِيحَةً * وَمَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ رَزِينٍ كُلُّ ما يَدُلُّ عليه عُرْفًا
وَكِنَايَتُهُ وَالتَّعْرِيضُ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ قد فَضَحْتِهِ أو نَكَّسْتِ رَأْسَهُ أو أَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ أو يا قَحْبَةُ يا فَاجِرَةُ أو لم ( ( ( لمن ) ) ) يُخَاصِمُهُ يا حَلَالُ ابْنَ الْحَلَالِ ما يَعْرِفُك الناس بِالزِّنَا يا نَظِيفُ يا خَنِيثُ بِالنُّونِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما هو صريح فيحد به اختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين
والوجه الثاني ليس بصريح فلا يحد وهو الصحيح اختاره ابن حامد قال الشيخ الموفق والشارح هذا ظاهر المذهب قال في الخلاصة لم يكن قذفا في الأصح
مسألة 7 قوله وإن قال أردت الصعود في الجبل قيل فإن لم يقل في الجبل فوجهان يعني هذان الوجهان مبنيان على القول الثاني وهو قوله وقيل إن عرف العربية وقال أردت الصعود وأطلقهما في الهداية والمذهب والمقنع والمحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما هو صريح وجها واحدا وهو الصحيح صححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين وغيره
والوجه الثاني حكمها كالتي قبلها فيها الوجهان
تنبيه قوله قوله وإن لم يقل في الجبل فوجهان وقيل لا قذف ويتوجه مثلها لفظة علق وذكرها شيخنا صريحة انتهى
وقال بعد ذلك وقال شيخنا إن علق تعريض انتهى فلعله قال هذا أولا ثم اطلع على نل بأنها صريح أوله قولان والله أعلم
____________________
1-
(6/93)
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ بِالْبَاءِ يا عَفِيفُ أو لِعَرَبِيٍّ يا نَبَطِيُّ يا فَارِسِيُّ يا رُومِيُّ أو لأحد ( ( ( لأحدهم ) ) ) بأعربي ( ( ( يا ) ) ) أو ما أنا بِزَانٍ أو ما أُمِّي بِزَانِيَةٍ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ وَعَنْهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ قُبِلَ وَعَنْهُ يُحَدُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ
وَذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ عن الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ لَا يُحَدّ إلَّا بِنِيَّةٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَالْقَرِينَةُ كَكِنَايَةِ طَلَاقٍ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وفي التَّرْغِيبِ هو قَذْفٌ بِنِيَّةٍ وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا وفي قِيَامِ قَرِينَةٍ مَقَامَهَا ما تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا بِالنِّيَّةِ وفي لُزُومِ إظْهَارِهَا وَجْهَانِ ( م 8 ) وَإِنْ على أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُقْبَلُ تَأْوِيلُهُ وفي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ يُحَدُّ بِالصَّرِيحِ فَقَطْ وَإِنَّ قَوْلَهُ أَحَدُهُمَا زَانٍ فقال أَحَدُهُمَا أنا فقال لَا فقال قَذْفٌ لِلْآخَرِ وَذَكَرَ في الْمُفْرَدَاتِ وإذا لم يُحَدَّ بِالتَّعْرِيضِ عُزِّرَ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمُ عَقْلِهِ
وفي الْمُغْنِي وَجْهَانِ فِيمَنْ يُجَنُّ وَقْتًا وَيُفِيقُ وَقْتًا قال في التَّرْغِيبِ في مَقْذُوفٍ يُقْبَلُ من مُطْبَقٍ إفَاقَتُهُ طَارِئَةٌ وَيَتَوَجَّهُ أو يُجَنُّ وَقْتًا
وَكَذَا في الْخِلَافِ في أخبرني فُلَانٌ أو أَشْهَدَنِي أَنَّك زَنَيْت فَكَذَّبَهُ فُلَانٌ وَكَذَا لو سمع رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فقال صَدَقْت فَإِنْ زَادَ فِيمَا قُلْت فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ يُحَدُّ ( م 9 )
وَيُعَزَّرُ في يا كَافِرُ يا فَاجِرُ يا حِمَارُ يا تَيْسُ يا ثَوْرُ يا رَافِضِيُّ يا خَبِيثَ الْبَطْنِ أو الْفَرْجِ يا عَدُوَّ اللَّهِ يا ظَالِمُ يا كَذَّابُ يا خَائِنُ يا شَارِبَ الْخَمْرِ يا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( مخنث ) ) ) 8 قوله ويلزمه الحد باطنا بالنية ( ( ( فاسق ) ) ) وفي لزوم ( ( ( المبهج ) ) ) إظهارها ( ( ( ديوث ) ) ) وجهان ( ( ( قذف ) ) ) انتهى ( ( ( لامرأته ) ) ) لعله من تتمة كلامه ( ( ( لظالم ) ) ) في الترغيب ( ( ( ظالم ) ) ) وهو ( ( ( جبرك ) ) ) الظاهر والذي ( ( ( ورحم ) ) ) يظهر ( ( ( سلفك ) ) ) أنه ( ( ( احتمل ) ) ) يلزمه ( ( ( المدح ) ) ) إظهار ( ( ( والتهزي ) ) ) النية ( ( ( وأنه ) ) ) إذا ( ( ( أظهر ) ) ) سئل ( ( ( فيعزر ) ) ) عما أراد والله أعلم ( ( ( علق ) ) )
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَكَذَا لو سمع رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فقال صَدَقْت فَإِنْ زَادَ فِيمَا قُلْت فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ يُحَدُّ انْتَهَى
الْقَوْلُ الأولى قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي فقط بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/94)
مخنث نص على ذلك وقيل فاسق كناية ومخنث تعريض ويعزر في قرنان وقواد ونحوهما وسأله حرب عن ديوث قال يعزر قلت هذا عند الناس أقبح من الفرية فسكت
وفي المبهج ديوث قذف لامرأته ومثله كشخان وقرطبان ويتوجه في مأبون كمخنث في الفنون هو لغة العيب يقولون عود مأبون والأبن الجنون والأبنة العيب ذكره ابن الأنباري في كتاب الزاهر
فإن كان له عرف بين الناس في الفعل به أو الفعل منه فليس بصريح لأن الأبنة المشار إليها لا تعطى أنه يفعل بمقتضاها إلا بقول آخر يدل على الفعل كقوله للمرأة يا شبقة يا مغتلمة وفي الرعاية لم أجدك عذراء كناية وإن من قال لظالم بن ظالم جبرك الله ورحم سلفك احتمل المدح والتهزي وأنه أظهر فيعزر قال شيخنا إن علق تعريض
وَإِنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا حُدَّ في الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ قَذَفَهُ بِمَا ليس فيه قَالَهُ أَحْمَدُ وَعَكْسُهُ ما أنت فُلَانَةَ على الْأَصَحِّ وَإِنْ قَذَفَ من لَا يُتَصَوَّرُ عَادَةُ الزِّنَا منهم كَأَهْلِ بَلَدِهِ لم يُحَدَّ
وقال أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ليس قَاذِفًا لِأَنَّهُ لَا عَارَ وَيُعَزَّرُ كَسْبُهُمْ بِغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لم يَطْلُبْهُ أَحَدٌ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ في الْمُغْنِي جَعَلَ هذه الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا لِقَذْفِ الصَّغِيرَةِ مع أَنَّهُ قال لَا يَحْتَاجُ في التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ
وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ وَيُعَزَّرُ حَيْثُ لَا حَدَّ وَإِنْ قال من رَمَانِي فَهُوَ ابن الزَّانِيَةِ لم يُحَدَّ ( ع ) وَكَذَا لو اخْتَلَفَا في شَيْءٍ فقال أَحَدُهُمَا الْكَاذِبُ ابن الزَّانِيَةِ نَصَّ عليه وما أَشْبَهَهُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُعَزَّرُ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ لَكِنْ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ فَدَلَّ ذلك على تَحْرِيمِ غيبه أَهْلِ قَرْيَةٍ ( 5 ) لَا أَحَدَ هَؤُلَاءِ أو وَصَفَ رَجُلًا بِمَكْرُوهٍ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ في الْعَالِمِ من يَزْنِي وَنَحْوُهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ بَعْدَ الْبَحْثِ
وَإِنْ قال لا مرأته يا زَانِيَةُ فقالت بِكَ زَنَيْتُ سَقَطَ حَقُّهَا بِتَصْدِيقِهَا ولم تَقْذِفْهُ وَإِنْ
____________________
(6/95)
قال زني بِكِ فُلَانٌ فَقَدْ قَذَفَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا وَخَرَجَ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ فَعَلَى أنها لم تَقْذِفْهُ يَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لو أَقَرَّ بِأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لم يَقْذِفْهَا لِاحْتِمَالِ أنها مُكْرَهَةٌ أو نَائِمَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في التر غيب في الزَّوْجَةِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ خَبَرُ مَاعِزٍ حين سَأَلَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بِفُلَانَةَ فلم يَضْرِبْهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَقَلَهُ لها ابن مَنْصُورٍ وَنَقَلَ منها لَا يُحَدُّ لها قال أبو بَكْرٍ لو كان قَاذِفًا لم يَسْأَلْهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمَنْ وَإِنَّمَا هذا بَيَانُ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كان قَوْلُهَا أنت أَزْنَى مِنِّي أو زَنَيْت وَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَقَدْ قَذَفَتْهُ
وفي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ وَإِنْ قال يا زَانِيَةُ قالت بَلْ أنت زَانٍ حُدَّ له وَعَنْهُ لَا لِعَانَ وَتُحَدُّ هِيَ فَقَطْ وهو سَهْوٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وقال بَلْ هذا يُعْطِي رِوَايَةً عنه أَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ فَصْلٌ وهو حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِ قال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عنه لَا عن بَعْضِهِ وَعَنْهُ لِلَّهِ فَلَا يَسْقُطُ وَعَلَيْهِمَا لَا يُحَدُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ له إلَّا بِالطَّلَبِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( ع )
وَيَتَوَجَّهُ على الثَّانِيَةِ وَبِدُونِهِ وَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ ( ع ) وَأَنَّهُ لو فَعَلَ لم يُعْتَدَّ بِهِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدٌّ
وفي الْبُلْغَةِ لَا يَسْتَوْفِيهِ بِدُونِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَوَجْهَانِ وَأَنَّ هذا في الْقَذْفِ الصَّرِيحِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَبْرَأُ بِهِ سِرًّا على خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا الْإِمَامُ وَسَبَقَ في كِتَابِ الْحُدُودِ هل يعتبر ( ( ( تعتبر ) ) ) الْمُوَالَاةُ أو النِّيَّةُ وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ قَدَّمَ قَاذِفَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَأَقَرَّ فقال قد أَمْسَيْنَا غَدًا نُقِيمُهُ عليه فَغَابَ الْمَقْذُوفُ فقال لَا يُحَدُّ حتى يَحْضُرَ لَعَلَّهُ عَفَا
وَإِنْ قال اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ عُزِّرَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُحَدُّ وَصَحَّحَهُ في التَّرْغِيبِ على الْأَوَّلِ
____________________
(6/96)
وَإِنْ مَاتَ وَوَرِثَ حَدَّ الْقَذْفِ فَلِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ إذَنْ
وَإِنْ قُذِفَ مَيِّتٌ مُحْصَنٌ أو لا فَلِوَارِثِهِ الْمُحْصَنِ خَاصَّةً حَدُّ قَاذِفِهِ وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ لَا حَدَّ بِقَذْفِ مَيِّتٍ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ طاهر في غَيْرِ أُمَّهَاتِهِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ
وَحَقُّ الْقَذْفِ لِلْوَرَثَةِ نَصَّ عليه وَقِيلَ سِوَى الزَّوْجَيْنِ وفي الْمُغْنِي لِلْعَصَبَةِ وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ حَدَّهُ الْبَاقُونَ كَامِلًا وَقِيلَ يَسْقُطُ وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ افْتَرَى على أبيه وقد مَاتَ فَعَفَا ابْنُهُ قال جَائِزٌ
وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ أَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ رَفْعِهِ قال في نَفْسِهِ فَإِنَّمَا هو حَقُّهُ وإذا قَذَفَ أَبَاهُ فَهَذَا شَيْءٌ يَطْلُبُهُ غَيْرُهُ قال في الرَّوْضَةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَبِهِ مَلَكَهُ وَارِثُهُ فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ حُدَّ لِمَنْ يَطْلُبُ منهم بِقِسْطِهِ وَسَقَطَ قِسْطُ من عَفَا بِخِلَافِ الْقَذْفِ إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَبَعَّضُ وَهَذَا يَتَبَعَّضُ *
وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَفَرَ وَيُقْتَلُ وَعَنْهُ إنْ تَابَ لم يُقْتَلْ وَعَنْهُ كَافِرٌ بِإِسْلَامٍ وَهِيَ مُخَرَّجَةٌ من نَصِّهِ من التَّفْرِقَةِ بين السَّاحِرِ الْمُسْلِمِ وَالسَّاحِرِ الذِّمِّيِّ قال في الْمَنْثُورِ وَهَذَا كَافِرٌ قُتِلَ من سَبَّهُ فَيُعَايَا بها وَقَذْفُهُ عليه السَّلَامُ كَقَذْفِ أُمِّهِ وَيَسْقُطُ سَبُّهُ بِالْإِسْلَامِ كَسَبِّ اللَّهِ وَفِيهِ خِلَافٌ في الْمُرْتَدِّ قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ *
قال شَيْخُنَا وَكَذَا من قَذَفَ نِسَاءَهُ لِقَدْحِهِ في دِينِهِ وَإِنَّمَا لم يَقْتُلْهُمْ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قبل عِلْمِهِ بَرَاءَتَهَا وَأَنَّهَا من أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ فَتَخْرُجُ بها مِنْهُنَّ وَتَحِلُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* تنبيهان أحدهما قوله قال في الروضة بخلاف القذف إذا عفا بعض الورثة لأن القذف لا يتبعض وهذا يتبعض انتهى
صوابه بخلاف القتل لأن القتل لا يتبعض مكان القذف في الموضعين وهو في الروضة كذلك وهو واضح
* الثاني قوله ويسقط سبه يعني صلى الله عليه وسلم بالإسلام كسب الله تعالى وفيه خلاف في المرتد قال الشيخ وغيره انتهى
ليس في هذا خلاف مطلقا عند المصنف بل قد قدم حكما وهو أن ساب الله تعالى يسقط عنه حكمه بالإسلام ولكن الشيخ ذكر فيه خلافا
____________________
1-
(6/97)
لِغَيْرِهِ في وَجْهٍ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ في غَيْرِ مَدْخُولٍ بها ( م 10 )
وَسَأَلَهُ حَرْبٌ رَجُلٌ افْتَرَى على رَجُلٍ فقال يا ابْنَ كَذَا وَكَذَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ فَعَظَّمَهُ جِدًّا وقال عن الْحَدِّ لم يَبْلُغْنِي فيه شَيْءٌ وَذَهَبَ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ
وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ فَحَدٌّ طَالَبُوا أو بَعْضُهُمْ فَيُحَدُّ لِمَنْ طَلَبَ ثُمَّ لَا حَدَّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ وَعَنْهُ إنْ طَالَبُوا مُتَفَرِّقِينَ وَعَنْهُ إنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ هُنَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
كما لو لا عن امْرَأَتَهُ وفي يا نَاكِحَ أُمِّهِ الرِّوَايَاتُ وَنَصَّ فِيمَنْ قال لِرَجُلٍ با ( ( ( يا ) ) ) ابْنَ الزَّانِيَةِ يُطَالِبُهُ قِيلَ إنَّمَا أَرَادَ أُمَّهُ قال أَلَيْسَ قد قال له هذا قَصْدٌ له وَإِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ تَعَدَّدَ الْحَدُّ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ إنْ تَعَدَّدَ الطَّلَبُ وَمَنْ أَعَادَ قَذْفَهُ قبل الْحَدِّ فَحَدٌّ نَصَّ عليه
وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَهُ أو بَعْدَ لِعَانِهِ فَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُحَدُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمَذْهَبُ يُعَزَّرُ عَلَيْهِمَا لَا لِعَانَ وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ يُلَاعَنُ إلَّا أَنْ يَقْذِفَهَا بِزِنًا لا عن عليه مَرَّةً وَاعْتَرَفَتْ أو قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ يُلَاعَنُ لِنَفْيِ تَعْزِيرٍ وَإِنْ قذف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 10 قوله وقال شيخنا وكذا من قذف نساءه لقدحه في دينه وإنما لم يقتلهم بكلامهم في عائشة لأنهم تكلموا قبل علمه ببراءتها وأنها من أمهات المؤمنين لإمكان المفارقة فتخرج بها منهن وتحل لغيره في وجه وقيل لا وقيل في غير مدخول بها انتهى
يعني لو حصل مفارقة لأحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هل تخرج من أمهات المؤمنين وتحل لغيره أولا أو تخرج إن كان قبل الدخول حكى أقوالا ظاهرها إطلاق الخلاف فيها
قلت قد صرح المصنف بهذه المسألة وقدم أنه يحرم نكاحها مطلقا وأن ابن ( ( ( قذفه ) ) ) حامد وغيره قال يجوز نكاح من فارقها في حياته فقال في الخصائص في كتاب النكاح وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط وجوز ابن حامد غيره نكاح من فارقها في حياته انتهى
____________________
1-
(6/98)
بِزِنًا آخَرَ بَعْدَ حَدِّهِ فَرِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ يُحَدُّ مع طُولِ الْفَصْلِ ( م 11 )
قال ابن عَقِيلٍ إنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ نَكَحَهَا قبل حدة فَقَذَفَهَا فَإِنْ طالب ( ( ( طالبت ) ) ) بِأَوَّلِهِمَا فَحَدٌّ فَفِي الثَّانِي رِوَايَتَانِ وَإِنْ طَالَبَتْ بِالثَّانِي فَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أو لا عن لم يُحَدَّ لِلْأَوَّلِ وَمَنْ تَابَ من زِنًا حُدَّ قَاذِفُهُ وَقِيلَ يُعَزَّرُ واختاره في التَّرْغِيبِ يُحَدُّ بِزِنًا جَدِيدٍ لِكَذِبِهِ يَقِينًا بِخِلَافِ من سَرَقَ عَيْنًا ثَانِيًا فإنه وَجَدَ منه ما وَجَدَ في الأولى ( ( ( الأولة ) ) )
وَإِنْ قَذَفَ من أَقَرَّتْ مَرَّةً وفي الْمُبْهِجِ أَرْبَعًا أو شَهِدَ بِهِ اثْنَانِ أو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فلالعان وَيُعَزَّرُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا
وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَةٍ من قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا إعْلَامُهُ وَالتَّحَلُّلُ منه وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وعبدالقادر وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَهُ قال شَيْخُنَا وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ وَقِيلَ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا دَعَا له وَاسْتَغْفَرَ ولم يَعْلَمْهُ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عن أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ قال وَعَلَى الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لو سَأَلَهُ فَيَعْرِضُ وَلَوْ مع اسْتِحْلَافِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ
وَمَنْ جَوَّزَ التَّصْرِيحَ في الْكَذِبِ الْمُبَاحِ هُنَا نَظَرٌ وَمَعَ عَدَمِ تَوْبَةٍ وَإِحْسَانِ تَعْرِيضِهِ كَذِبٌ وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ قال وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا لَا يَعْلَمُهُ بَلْ يَدْعُو له في مُقَابَلَةِ مَظْلِمَتِهِ قال وَزِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَغِيبَتِهِ وَذَكَرَ في الْغُنْيَةِ إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ وَأَهْلِهِ وَغِيبَتِهِ بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ فَهُنَا لَا طَرِيقَ له إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَبْقَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة 11 قوله وإن قذفه بزنا آخر بعد حده فروايات الثالثة يحد مع طول الفصل انتهى
إحداهن يحد مع طول الفصل وهو الصواب وجزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم قال في الرعاية الكبرى حد على الأصح
والرواية الثانية يحد مطلقا قال الناظم يحد مع قرب الزمان في الأولى
والرواية الثالثة لا يحد مطلقا وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وأطلق الخلاف مع قصر الفصل في المغني والكافي والشرح والرعاية الكبرى
____________________
1-
(6/99)
له عليه مَظْلِمَةٌ ما فَيَجْبُرَهَا بِالْحَسَنَاتِ كما يُجْبِرُ مَظْلِمَةَ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ لَا يَصِحُّ إحْلَالُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَبَاحُ بِإِبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً قال وَعِنْدِي يَبْرَأُ وَإِنْ لم يَمْلِكْ إبَاحَتَهُ كَالدَّمِ وَالْقَذْفِ قال وَيَنْبَغِي اسْتِحْلَالُهُ فإنه حَقُّ آدَمِيٍّ فَدَلَّ أَنَّهُ لو أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ على الناس لم يَمْلِكْهُ ولم يُبَحْ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قبل وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ وَإِذْنُهُ في عِرْضِهِ كَإِذْنِهِ في قَذْفِهِ وَهِيَ كَإِذْنِهِ في دَمِهِ وَمَالِهِ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ رِضَا الْمُدَّعَى عليه بِتَوْكِيلِ الْمُدَّعِي أَسْقَطَ حَقَّهُ فَجَازَ
قُلْنَا ليس له إبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ وَلِهَذَا لو رضي بِأَنْ يُشْتَمَ أو يُغْتَابَ لم يُبَحْ ذلك وَتَقَدَّمَ في طَلَاقِ الْحَائِضِ أَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَهُ بِمِلْكِ مَحَلِّهِ وَتَقَدَّمَ في العمرى أَنَّ النَّهْيَ إذَا كان ضَرَرًا لم يَمْنَعْ صِحَّتَهُ وما روى عنه صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيَعْجِزُ أحدكم أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ وَأَنَّهُ كان يَفْعَلُ ذلك فَلَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ وَيُحْمَلُ على إسْقَاطِ حَقٍّ وَحَدٍّ
____________________
(6/100)
وَإِنْ أَعْلَمَهُ ولم يُبَيِّنْهُ فَحَلَّلَهُ فَإِبْرَاءٌ من مَجْهُولٍ وفي المغنية ( ( ( الغنية ) ) ) لَا يَكْفِي الِاسْتِحْلَالُ الْمُبْهَمُ لِجَوَازٍ ولو عَرَفَ قَدْرَ ظُلْمِهِ لم تَطْلُبْ نَفْسُهُ بِالْإِحْلَالِ
إلَى أَنْ قال تَعَذَّرَ ذلك فَيُكْثِرُ الْحَسَنَاتِ فإن اللَّهَ يَحْكُمُ عليه وَيُلْزِمُهُ قَبُولَ حَسَنَاتِهِ مُقَابَلَةً لِجِنَايَتِهِ كَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا فَجَاءَ بمثله فَأَبَى قَبُولَهُ وَأَبْرَأهُ حَكَمَ الْحَاكِمُ عليه بِقَبْضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(6/101)
بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ
كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ نَقَلَ ذلك الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ لِعَطَشٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ النَّجِسِ إلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بها ولم يَجِدْ غَيْرَهُ وَخَافَ تَلَفًا وَيُقَدِّمُ بَوْلًا وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِمَا مَاءً نَجِسًا وَأَبَاحَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ من نَقِيعِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ ما دُونَ الْمُسْكِرِ قال الْخَلَّالُ فُتْيَاهُ على قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ
فإذا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ وَيُصَدَّقُ مُخْتَارًا لِحِلِّهِ كَمُكْرَهٍ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ ذَكَرَهُمَا في التَّعْلِيقِ قال كما لَا يُبَاحُ لِمُضْطَرٍّ فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ ( م 1 ) وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ نَصَّ عليه وَكَذَا كُلُّ ما جَازَ فِعْلُهُ لِلْمُكْرَهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال شَيْخُنَا يُرَخِّصُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُكْرَهُ عليه من الْمُحَرَّمَاتِ لِحَقِّ اللَّهِ عز وجل كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وهو ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ فإذا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كثيرة يُسْكِرُ وَيُصَدَّقُ مُخْتَارًا لِحِلِّهِ كَمُكْرَهٍ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ قَالَهُ الْوَاضِحِ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَحِلُّ لِمُكْرَهٍ وَشَرِبَهُ مُكْرَهًا فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ في الْوَاضِحِ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْحَدِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لم يُرِدْ في هذه الْمَسْأَلَةِ إطْلَاقَ الْخِلَافِ لِلِاخْتِلَافِ في التَّرْجِيحِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حِكَايَتَهُ في الْجُمْلَةِ وقد قَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُحَدُّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَحِلُّ لِلْمُكْرَهِ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُحَدُّ الْمُكْرَهُ اختاره ( ( ( اختارها ) ) ) أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في وُجُوبِ الْحَدِّ وَعَدَمِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/103)
وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِ مَرَّةٍ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَعَنْهُ مَرَّتَيْنِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَعَلَ أبو الْخَطَّابِ بَقِيَّةَ الْحُدُودِ بِمَرَّتَيْنِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في حَدِّ الْخَمْرِ بِمَرَّتَيْنِ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا بِخِلَافِ حَدِّ السَّرِقَةِ ولم يُفَرِّقُوا بين حَدِّ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالْقَوَدِ فَدَلَّ على رِوَايَةٍ فيه وَهَذَا مُتَّجَهٌ أو عَدْلَيْنِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا عَالِمًا تَحْرِيمَهُ مُخْتَارًا كَدَعْوَاهُ إكْرَاهًا أو جَهْلِهِ بِسُكْرِهِ وَيُعَزَّرُ من جَهْلِ تَحْرِيمِهِ لِقُرْبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ ذَكَرَهُ في الْبُلْغَةِ * كَالْحَدِّ وفي الْفُصُولِ وَالْبُلْغَةِ مُخْتَارًا وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا وَرَاءَهُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا وَلَا يَسْتَفْسِرُهُمَا الْحَاكِمُ عَمَّا شَرِبَ لِأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ يُوجِبُ الْحَدَّ فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ لم يَرَهُ الْحَاكِمُ مُوجِبًا اسْتَفْسَرَهُمَا
فَعَلَى الْحُرِّ الْحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَجَوَّزَهَا شَيْخُنَا لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنَّهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَعَنْهُ أَرْبَعُونَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا وَضَرَبَ عَلِيٌّ النَّجَاشِيَّ بِشُرْبِهِ في رَمَضَانَ ثَمَانِينَ ثُمَّ حَبَسَهُ ثُمَّ عِشْرِينَ من الْغَدِ نَقَلَ صَالِحٌ أَذْهَبُ إلَيْهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَغْلُظُ عَزَّرَهُ بِعِشْرِينَ لِفِطْرِهِ وَالرَّقِيقُ نِصْفُهُ
وَعَنْهُ يُحَدُّ ذِمِّيٌّ لَا حَرْبِيٌّ وَقِيلَ إنْ سَكِرَ وَالْمَذْهَبُ لَا قال في الْبُلْغَةِ وَلَوْ رضي بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُ لم يَلْتَزِمْ بِالِانْقِيَادِ في مُخَالَفَةِ دِينِهِ
وَيُحَدُّ من احْتَقَنَ بها في الْمَنْصُوصِ كما لو اسْتَعَطَ أو عَجَنَ دَقِيقًا فَأَكَلَهُ وفي الْمُغْنِي ولم يَخْبِزْ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أو تَمَضْمَضَ حُدَّ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا ثُمَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * تنبيهات
أحدها ظاهر كلام المصنف أن محل الخلاف في حده إذا قلنا إنها لا تحل له إذا أكره عليها والمجد وابن حمدان وصاحب الحاوي والناظم والزركشي وغيرهم حكوا الخلاف في حده لم يفصلوا وكذا الشيخ والشارح وغيرهما قطعوا بعدم الحد ولم يفرقوا
الثاني قوله ويعزر من جهل تحريمه لقرب عهد بإسلام ذكره في البلغة انتهى
صوابه ولا يعزر وبزيادة لا وهو في البلغة كذلك والمعنى يساعده
____________________
1-
(6/104)
قال وهو بَعِيدٌ وفي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ وَصَلَ جَوْفَهُ حُدَّ
وَيَحْرُمُ الْعَصِيرُ إذَا غلي نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ إذَا غلي أَكْرَهُهُ إنْ لم يُسْكِرْ * فإذا أَسْكَرَ فَحَرَامٌ وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِيمَا نُشَّ وَالْمَنْصُوصُ يَحْرُمُ ما تَمَّ له ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ زَادَ بَعْضُهُمْ بِلَيَالِيِهَا وإذا طُبِخَ قبل التَّحْرِيمِ حَلَّ إنْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وفي الْمُغْنِي أو لم يُسْكِرْ وَلَهُ وَضْعُ تَمْرٍ وَنَحْوِهِ في مَاءٍ لِتَحْلِيَتِهِ ما لم يَشْتَدَّ أو تَتِمَّ ثَلَاثٌ نَصَّ عليه
نَقَلَ ابن الْحَكَمِ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أو تَمْرَ هِنْدِيٍّ أو عُنَّابًا وَنَحْوَهُ لِدَوَاءٍ غَدْوَةً وَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً أو عَشِيَّةً وَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً هذا نَبِيذٌ أَكْرَهُهُ وَلَكِنْ يَطْبُخُهُ وَيَشْرَبُهُ على الْمَكَانِ فَهَذَا ليس نَبِيذًا
وَإِنْ غَلَى الْعِنَبُ وهو عِنَبٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَيُبَاحُ فُقَّاعٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ لَا يُسْكِرُ وَيَفْسُدُ إذَا بَقِيَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وفي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ يَحْرُمُ وَجَعَلَ أَحْمَدُ وَضْعَ زَبِيبٍ في خَرْدَلٍ كَعَصِيرٍ وَأَنَّهُ إنْ صُبَّ فيه خَلٌّ أُكِلَ
وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ كَنَبِيذٍ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ أو مُذِيبٍ وَحْدَهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ اخْتَارَهُ في التَّنْبِيهِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ في الْمُغْنِي ما لم يَحْتَمِلْ إسْكَارَهُ وَلَهُ الِانْتِبَاذُ في دَبًا وَحَنْتَمٍ وَنَقِيرٍ وَمُزَفَّتٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* والثالث قوله ويحرم العصير إذا غلى نقلة الجماعة وعنه إذا غلى أكرهه وإن لم يسكر انتهى
صوابه إن لم يسكر بإسقاط الواو
* والرابع قوله ونقل ابن الحكم إذا نقع زبينا أو تمر هندي وعنابا ونحوه انتهى
قال اين مغلى كذا وقع في النسخ بأو وإنما هو بالواو والكراهة لأجل الخليطين ذكرها جماعة من الأصحاب وبوب أبو بكر في زاد المسافر باب القول في تحريم الخليطين وذكرها
____________________
1-
(6/105)
وفي كِتَابِ الهدى رِوَايَةٌ يَحْرُمُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَالَهُ الحلال ( ( ( الخلال ) ) ) وَعَنْهُ غيره من الْأَوْعِيَةِ إلَّا سِقَاءً يُوكَى حَيْثُ بَلَغَ الشَّرَابُ وَلَا يُتْرَكُ يَتَنَفَّسُ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ دَاوُد لَا يُعْجِبُنِي إلَّا هو وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَرِهَ السِّقَاءَ الْغَلِيظَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فيه انتهى
ويظهر لي أنه لا اعتراض على المصنف وأن كلامه في الخليطين واضح وتقديره إذا نقع زبيبا وعنابا أو تمر هندي وعنابا ونحوه وهذا واف بالخليطين والله أعلم
____________________
1-
(6/106)
بَابُ التَّعْزِيرِ
كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فيها وَالْأَشْهَرُ وَلَا كَفَّارَةَ كَمُبَاشَرَةِ دُونِ الْفَرْجِ نَصَّ عليه وَامْرَأَةٍ امْرَأَةً وَسَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فيها وَجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فيها وَقَذْفٍ بِغَيْرِ زِنًا وفي الرِّعَايَةِ هل حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ أو لِآدَمِيٍّ وَأَنَّ التَّعْزِيرَ لِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِثْلُهُ وَقَوْلُنَا وَلَا كَفَّارَةَ فَائِدَتُهُ في الظِّهَارِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِمَا لَا في الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إنْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ لِاخْتِلَافِ سَبَبِهَا وَسَبَبِ التَّعْزِيرِ يُعَزَّرُ فيها الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا نَصَّ عليه في سَبِّ صَحَابِيٍّ كَحَدٍّ وَكَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ
وَعَنْهُ نَدْبًا نَصَّ عليه في تَعْزِيرِ رَقِيقِهِ على مَعْصِيَةٍ وَشَاهِدِ زُورٍ وفي الْوَاضِحِ في وُجُوبِ التَّعْزِيرِ رِوَايَتَانِ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ تَشَاتَمَ وَالِدٌ وَوَلَدُهُ لم يُعَزَّرْ الْوَالِدُ لِحَقِّ وَلَدِهِ وَيُعَزَّرُ الْوَلَدُ لِحَقِّهِ وفي جَوَازِ عَفْوِ وَلِيِّ الْأَمْرِ عنه الرِّوَايَتَانِ وَلَا يَجُوزُ تعزيرة إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْوَالِدِ وفي الْمُغْنِي في قَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا يَحْتَاجُ في التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِتَأْدِيبِهِ فَلِلْإِمَامِ تَعْزِيرُهُ إذَا رَآهُ يُؤَيِّدُهُ نَصُّهُ فِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا يَجِبُ على السُّلْطَانِ تَأْدِيبُهُ ولم يُقَيِّدْهُ بِطَلَبِ وَارِثٍ مع أَنَّ أَكْثَرَهُمْ أو كَثِيرًا منهم له وَارِثٌ
وقد نَصَّ في مَوَاضِعَ على التَّعْزِيرِ ولم يُقَيِّدْهُ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَّا ما تَقَدَّمَ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَيَأْتِي في أَوَّلِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا افْتَاتَ خَصْمٌ على الْحَاكِمِ له تَعْزِيرُهُ مع أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ ( ع ) فَدَلَّ أَنَّهُ ليس كَحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمُفْتَقِرِ جَوَازَ إقَامَتِهِ إلَى طَلَبٍ وَلِهَذَا أَجَابَ في الْمُغْنِي عن قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الزُّبَيْرِ إنْ كان ابْنَ عَمَّتِك وَأَنَّهُ لم يُعَزِّرْهُ وَعَنْ قَوْلِ رَجُلٍ إنَّ هذه لَقِسْمَةٌ ما أُرِيدَ بها وَجْهُ اللَّهِ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْعَفْوَ عنه
وفي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ لَمَّا أَغْضَبَ عمرهم بِهِ فَتَلَا عليه ابن أَخِيهِ الْحُرُّ بن قَيْسٍ { خُذْ الْعَفْوَ } الأعراف 199 الآية وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ في قَوْلِ عَائِشَةَ
____________________
(6/107)
رضي اللَّهُ عنها ما انْتَقَمَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ التَّخَلُّقُ بهذا فَلَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُهْمِلُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قال قال الْقَاضِي أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ له
وفي الْمُغْنِي نَصَّ عليه أو رَآهُ لِمَصْلَحَةٍ أو طَالَبَ آدَمِيٌّ بِحَقِّهِ وَجَبَ وفي الْكَافِي يَجِبُ في مَوْضِعَيْنِ فِيهِمَا الْخَبَرُ وَإِلَّا إنْ جاء تَائِبًا فَلَهُ تَرْكُهُ وَإِلَّا وَجَبَ وهو مَعْنَى الرِّعَايَةِ مع أَنَّ فيها له الْعَفْوَ عن حَقِّ اللَّهِ وَأَنَّهُ إنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ فَدَلَّ أَنَّ ما رَآهُ تَعَيَّنَ فَلَا يُبْطِلُهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَدْرُ تَعْزِيرِ عَيْنِهِ ( م ) وَخَصْلَةُ عَيْنِهَا لِعُقُوبَةِ مُحَارِبٍ كتعينه ( ( ( كتعيينه ) ) ) الْقَتْلَ لِتَارِكِ صَلَاةٍ أو زِنْدِيقٍ وَنَحْوِهِ
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَيَسْقُطُ بِعَفْوِ آدَمِيٍّ حَقُّهُ وَحَقُّ السَّلْطَنَةِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ وفي الِانْتِصَارِ في قَذْفِ مُسْلِمٍ كَافِرًا التَّعْزِيرُ لِلَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِيمَنْ زَنَى صَغِيرًا لم يَرَ عليه شيئا وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ في صَبِيٍّ قال لِرَجُلٍ يا زَانٍ ليس قَوْلُهُ شيئا
وَكَذَا في التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ وَكَذَا في الْمُغْنِي وَلَا لِعَانَ وَأَنَّهُ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ
وفي رَدِّ شَيْخِنَا على الرَّافِضِيِّ لَا نِزَاعَ بين الْعُلَمَاءِ أَنَّ غير الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يُعَاقَبُ على الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا وَكَذَا الجنون ( ( ( المجنون ) ) ) يُضْرَبُ على ما فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ لَكِنْ لَا عُقُوبَةَ بِقَتْلٍ أو قَطْعٍ قال في الْوَاضِحِ من شَرَخَ في عَشْرٍ صَلُحَ تَأْدِيبُهُ في تَعْزِيرٍ على طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ فَكَذَا مِثْلُ الزنا ( ( ( زنا ) ) ) وهو مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي
وَذَكَرَ ما نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ في الْغِلْمَانِ يَتَمَرَّدُونَ لَا بَأْسَ بِضَرْبِهِمْ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عن الْقَاضِي يَجِبُ ضَرْبُهُ على صَلَاةٍ قال الشَّيْخُ لِمَنْ أَوْجَبَهَا مُحْتَجًّا بِهِ هو تَأْدِيبٌ وَتَعْوِيدٌ كَتَأْدِيبِهِ على خَطٍّ وَقِرَاءَةٍ وَصِنَاعَةٍ وَشِبْهِهَا وَكَذَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَتَأْدِيبِ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ وَالدَّوَابِّ فإن شُرِعَ لَا لِتَرْكِ وَاجِبٍ فَظَاهِرُ
____________________
(6/108)
كَلَامِهِمْ في تَأْدِيبِهِ في الْإِجَارَةِ وَالدِّيَاتِ أَنَّهُ جَائِزٌ
وَأَمَّا الْقِصَاصُ مِثْلُ أَنْ يَظْلِمَ صَبِيٌّ صَبِيًّا أو مَجْنُونٌ مَجْنُونًا أو بَهِيمَةٌ بَهِيمَةً فَيُقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ من الظَّالِمِ وَإِنْ لم يَكُنْ في ذلك زَجْرٌ عن الْمُسْتَقْبِلِ لَكِنْ لِاشْتِفَاءِ الْمَظْلُومِ وَأَخْذِ حَقِّهِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ يَفْعَلُ ذلك لَا يَخْلُو عن رَدْعٍ وَزَجْرٍ في الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَهُ لِأَجْلِ الزَّجْرِ وَإِلَّا لم يَشْرَعْ لِعَدَمِ الْأَثَرِ بِهِ الفائدة ( ( ( والفائدة ) ) ) في الدُّنْيَا
وَأَمَّا في الْآخِرَةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى ذلك لِلْعَدْلِ بين خَلْقِهِ فَلَا يَلْزَمُ منه فِعْلُنَا نَحْنُ كما قال ابن حَامِدٍ الْقِصَاصُ بين الْبَهَائِمِ وَالشَّجَرِ وَالْعِيدَانِ جَائِزٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ مِثْلِ ما كان في الدُّنْيَا وَكَمَا قال أبو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ في الْقِصَاصِ من الْحَجَرِ لم نَكُبَّ أُصْبُعَ الرَّجُلِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ السَّابِقِ في التَّعْزِيرِ أو صَرِيحِهِ فِيمَنْ لم يُمَيِّزْ
وقال شَيْخُنَا الْقِصَاصُ مُوَافِقٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَاحْتَجَّ بِثُبُوتِهِ في الْأَمْوَالِ وَبِوُجُوبِ دِيَةِ الخطأ وَبِقِتَالِ الْبُغَاةِ الْمَغْفُورِ لهم قال فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الظُّلْمَ وَالْعُدْوَانَ يؤدي فيه حَقُّ الْمَظْلُومِ مع عَدَمِ التَّكْلِيفِ فإنه من الْعَدْلِ وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الظُّلْمَ على نَفْسِهِ وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا بين عِبَادِهِ كَذَا قال
وَبِتَقْرِيرِهِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ على الْآدَمِيِّينَ وَالْمَذْهَبُ قَالَهُ الْقَاضِي بِعَشْرِ جَلْدَاتٍ فَأَقَلَّ إلَّا في وَطْءِ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَيُعَزَّرُ حُرٌّ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ إلَّا سَوْطًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ بِمِائَةٍ بِلَا نَفْيٍ وَلَهُ نَقْصُهُ وَعَنْهُ وَكَذَا كُلُّ وَطْءٍ في فَرْجٍ وَهِيَ أَشْهَرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَعَنْهُ أو دُونَهُ نَقَلَهُ يَعْقُوبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا على ما قَدَّمُوهُ
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيًّا وَجَدَ رَجُلًا مع امْرَأَةٍ في لِحَافِهَا فَضَرَبَهُ مِائَةً وَالْعَبْدُ بِخَمْسِينَ إلَّا سَوْطًا وَعَنْهُ الْكُلُّ بِعَشْرٍ فَأَقَلَّ نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ لِلْخَبَرِ وَمُرَادُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا إلَّا في مُحَرَّمٍ لِحَقِّ اللَّهِ وَعَنْهُ بِتِسْعٍ وَعَنْهُ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَاسْتَثْنَى من قَدَّمَهُ ما سَبَبُهُ الْوَطْءُ فَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ روى عنه أَدْنَى حَدٍّ عليه وهو أَشْهَرُ نَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ وفي الْفُصُولِ حَدُّ الْعَبْدِ
____________________
(6/109)
وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لَا يَبْلُغُ بِجِنَايَةٍ حَدًّا في جِنْسِهَا وَيَكُونُ ما لم يَرِدْ بِهِ نَصٌّ بِحَبْسٍ وَتَوْبِيخٍ وَقِيلَ في حَقِّ اللَّهِ وَيَشْهَرُ لِمَصْلَحَةٍ نَقَلَهُ عبدالله في شَاهِدِ زُورٍ وَيَحْرُمُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ وفي تَسْوِيدِ وجهه وَجْهَانِ ( م 1 ) وَتَوَقَّفَ فيه أَحْمَدُ وَعَنْ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه في شَاهِدِ الزُّورِ يُحْلَقُ رَأْسُهُ ذَكَرَهُ في الْإِرْشَادِ وَالتَّرْغِيبِ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ عن أَصْحَابِنَا لَا يَرْكَبُ وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا يُمَثَّلُ بِهِ ثُمَّ جَوَّزَهُ هو لِمَنْ تَكَرَّرَ منه لِلرَّدْعِ وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ في اللُّوطِيِّ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ عبدالله فيه عن عُمَرَ يُضْرَبُ ظَهْرُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ وَيُطَافُ بِهِ وَيُطَالُ حَبْسُهُ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ له التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ شَعْرٍ لَا لِحْيَةٍ وَيَصْلُبُهُ حَيًّا وَلَا يُمْنَعُ من أَكْلٍ وَوُضُوءٍ ويصلى بِالْإِيمَاءِ وَلَا يُعِيدُ كَذَا قال وَيُتَوَجَّهُ لَا يُمْنَعُ من صَلَاةٍ
قال وَهَلْ يُجَرَّدُ في التَّعْزِيرِ من ثِيَابِهِ إلَّا بِسَتْرِ عَوْرَتِهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عنه في الْحَدِّ قال وَيَجُوزُ أَنْ يُنَادَى عليه بِذَنْبِهِ إذَا تَكَرَّرَ منه ولم يُقْلِعْ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ أَحْمَدَ في شَاهِدِ الزُّورِ قال فَنَصَّ أَنَّهُ يُنَادَى عليه بِذَنْبِهِ وَيُطَافُ بِهِ وَيُضْرَبُ مع ذلك قال في الْفُصُولِ يُعَزَّرُ بِقَدْرِ رُتْبَةِ المرمي فإن الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُ بِقَدْرِ مَرْتَبَتِهِ وَذَكَرَ ابن عبدالبر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب التعزير
مسألة 1 قوله ويحرم حلق لحيته وفي تسويد وجه وجهان توقف فيه أحمد انتهى
أحدهما لا يفعل به ذلك وهو الصحيح جزم به في المغني والشرح وشرح ابن رزين نصروه ( ( ( البر ) ) ) ذكروه في الرجوع عن الشهادة في تعزير شاهد الزور وقد سئل الإمام أحمد في رواية مهنا عن تسويد الوجه قال مهنا فرأيت كأنه كره تسويد الوجه قال في النكت في شاهد الزور انتهى
قلت الصواب الرجوع في ذلك إلى الأشخاص فإن المقصود منه الردع والزجر وذلك يختلف باختلاف الأشخاص فكل أحد يحسبه فيرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم فيفعل ذلك إن رآه مصلحة ثم وجدت في المغني والشرح قريبا من ذلك
____________________
1-
(6/110)
عن عُمَرَ بن عبدالعزيز رضي اللَّهُ عنه قال إيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ في الْعُقُوبَةِ
وَجَزَّ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وقال شَيْخُنَا بِمَا يَرْدَعُهُ كَعَزْلِ مُتَوَلٍّ وَإِنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ لَكِنْ ما فيه مُقَدَّرٌ لَا يَبْلُغُهُ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ دُونَ نِصَابٍ وَلَا يُحَدُّ حَدَّ الشُّرْبِ بِمَضْمَضَةِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ رِوَايَةٌ وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِهِ وقد يُقَالُ بِقَتْلِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنَّهُ يُقْتَلُ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ وَذَكَرَهُ وَجْهًا ( وم ) وَنَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بن سَعِيدٍ الْأُطْرُوشُ في الدُّعَاةِ من الْجَهْمِيَّةِ
وقال في الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَاِتِّخَاذُ الطَّوَافِ بِالصَّخْرَةِ دِينًا وفي قَوْلِ الشَّيْخِ انْذِرُوا لِتُقْضَى حَاجَتُكُمْ أو اسْتَعِينُوا بِي إنْ أَصَرَّ ولم يَتُبْ قُتِلَ وَمَنْ تَكَرَّرَ شُرْبُهُ ما لم يَنْتَهِ بِدُونِهِ لِلْأَخْبَارِ فيه
قال الْأَصْحَابُ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ منه وَلَا جَرْحُهُ وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ من مَالِهِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ إتْلَافَهُ أَوْلَى مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ وقال ابن الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَارِيخِهِ الْمُنْتَظِمِ في سَنَةِ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ في خِلَافَةِ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ كَثُرَ الرَّفْضُ فَكَتَبَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إنْ لم تُقَوِّ يَدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لم يُطِقْ دَفْعَ الْبِدَعِ فَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوِيَةِ يَدِي فَأَخْبَرْت الناس بِذَلِكَ على الْمِنْبَرِ وَقُلْت إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى قد بَلَغَهُ كَثْرَةُ الرَّفْضِ وقد خَرَجَ تَوْقِيعُهُ بِتَقْوِيَةِ يَدِي في إزَالَةِ الْبِدَعِ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ من الْعَوَامّ يَتَنَقَّصُ بِالصَّحَابَةِ فَأَخْبِرُونِي حتى أَنْقُضَ دَارِهِ وَأُخَلِّدَهُ الْحَبْسَ فَانْكَفَّ الناس
وَسَبَقَ في آخِرِ الْغَصْبِ حُكْمُ إتْلَافِ الْمُنْكَرِ إذَا كان مَالًا وَالصَّدَقَةُ بها وَانْفَرَدَ ابن الْجَوْزِيِّ بِذَلِكَ كَانْفِرَادِهِ بِقَوْلِهِ في سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ تَكَلَّمَ ابن الْبَغْدَادِيِّ الْفَقِيهُ فقال إنَّ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها قَاتَلَتْ عَلِيًّا عليه السَّلَامُ فَصَارَتْ من الْبُغَاةِ فَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ بِإِقَامَتِهِ من مَكَانِهِ وَوَكَّلَ يه في الْمَخْزَنِ وَكَتَبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الْمُسْتَضِيءَ بِأَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِتَعْزِيرِهِ فَجُمِعَ الْفُقَهَاءُ فَمَالُوا عليه
فَقِيلَ لي ما تَقُولُ فَقُلْت هذا رَجُلٌ ليس له عِلْمٌ بِالنَّقْلِ وقد سُمِعَ أَنَّهُ جَرَى فقال وَلَعَمْرِي إنَّهُ جَرَى قِتَالٌ وَلَكِنْ ما قَصَدَتْهُ عَائِشَةُ وَلَا عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنهما
____________________
(6/111)
وَإِنَّمَا أَثَارَ الْحَرْبَ سُفَهَاءُ الْفَرِيقَيْنِ وَلَوْلَا علما ( ( ( علمنا ) ) ) بِالسِّيَرِ لَقُلْنَا مِثْلَ ما قال وَتَعْزِيرُ مِثْلِ هذا أَنْ يُقِرَّ بالخطأ بين الْجَمَاعَةِ فَيُصْفَحَ عنه فَكَتَبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَوَقَّعَ إنْ كان قد أَقَرَّ بالخطأ فَيُشْتَرَطُ عليه أَنْ لَا يُعَاوِدَ ثُمَّ يُطْلَقُ
كَذَا قال فإذا كان تَعْزِيرُ مِثْلِ هذا أَنْ يُقِرَّ بالخطأ فَكَيْفَ يقول فَيُصْفَحُ عنه لِأَنَّهُ لَا صَفْحَ مع وُجُودِ تَعْزِيرِ مِثْلِهِ وَمُرَادُهُ يُصْفَحُ عنه بِتَرْكِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا جَعَلَ اعْتِرَافَ هذا بالخطأ تَعْزِيرًا لِمَا فيه من الذُّلِّ وَالْهَوَانِ له فَهُوَ كَالتَّعْزِيرِ بِضَرْبٍ وَكَلَامِ سُوءٍ لِغَيْرِهِ وما قَالَهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَهُنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ الِاعْتِرَافَ بالخطأ تَوْبَةٌ وفي التَّعْزِيرِ مَعَهَا خِلَافٌ وَلَعَلَّ ابت الْجَوْزِيِّ أَرَادَ بِنَقْضِ الدَّارِ في كَلَامِهِ السَّابِقِ الْمُبَالَغَةَ لَا حَقِيقَةَ الْفِعْلِ كما ذَكَرَ ابن عبدالبر وَغَيْرُهُ عن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ لَمَّا قال الْحُطَيْئَةُ فب الزِّبْرِقَانِ بن بَدْرٍ % دَعْ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا % وَاقْعُدْ فَإِنَّك أنت الطَّاعِمُ الْكَاسِي % وَسَأَلَ عُمَرُ حَسَّانَ وَلَبِيدًا فَقَالَا إنَّهُ هَجَاهُ فَأَمَرَ بِهِ فَرُمِيَ في بِئْرِ ثُمَّ أَلْقَى عليه شيئا فقال الْحُطَيْئَةُ % مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ % زُغْبِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ % % أَلْقَيْت كَاسِبَهُمْ في قَعْرِ مُظْلِمَةٍ % فَاغْفِرْ عَلَيْك سَلَامُ اللَّهِ يا عُمَرُ % % أنت الْإِمَامُ الذي من بَعْدِ صَاحِبِهِ % أَلْقَتْ إلَيْك مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشْرُ % % لم يُؤْثِرُوك بها إذْ قَدَّمُوك لها % لَكِنْ بِأَنْفُسِهِمْ كانت بِك الْأُثْرُ % % فَامْنُنْ على صِبْيَةٍ في الرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْ % بين الْأَبَاطِحِ يَغْشَاهُمْ بها الفدر ( ( ( الغدر ) ) ) % % أَهْلِي فِدَاؤُك كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ % من عَرَضِ دَاوِيَّةٍ يَعْمَى بها الْخَبَرُ %
فَحِينَئِذٍ كَلَّمَهُ عبدالرحمن بن عَوْفٍ وَعَمْرُو بن الْعَاصِ وَاسْتَرْضَيَاهُ حتى أَخْرَجَهُ من السِّجْنِ ثُمَّ دَعَاهُ فَهَدَّدَهُ بِقَطْعِ لِسَانِهِ إنْ عَادَ يهجوا ( ( ( يهجو ) ) ) أَحَدًا قال الْجَوْهَرِيُّ الْفَادِرُ
____________________
(6/112)
وَالْفَدُورُ الْمُسِنُّ من الْوُعُولِ وَيُقَالُ الْعَظِيمُ وَالْجَمْعُ فُدْرٌ وَفُدُرٌ وَمَوْضِعُهَا الْمَفْدَرَةُ
مِمَّا هو مَكْتُوبٌ على بَابِ السِّجْنِ بِالْعِرَاقِ هَاهُنَا تَلِينُ الصِّعَابُ وَتُخْتَبَرُ الْأَحْبَابُ وَمَكْتُوبٌ على بَابِ سِجْنٍ هذه مَنَازِلُ الْبَلْوَى وَقُبُورُ الْأَحْيَاءِ وَتَجْرِبَةُ الْأَصْدِقَاءِ وشماتو ( ( ( وشماتة ) ) ) الْأَعْدَاءِ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ في السِّجْنِ % خَرَجْنَا من الدُّنْيَا وَنَحْنُ من أَهْلِهَا % فَلَسْنَا من الْأَمْوَاتِ فيها وَلَا الْأَحْيَا % % إذَا جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ % فَرِحْنَا وَقُلْنَا جاء هذا من الدُّنْيَا % % وَنَفْرَحُ بِالرُّؤْيَا فَجُلُّ حَدِيثِنَا % إذَا نَحْنُ أَصْبَحْنَا الْحَدِيثُ عن الرُّؤْيَا % % فَإِنْ حَسُنَتْ لم تَأْتِ عَجْلَى وَأَبْطَأَتْ % وَإِنْ هيت سَاءَتْ بَكَّرَتْ وَأَتَتْ عَجْلَى %
وَلَمَّا عَمِلَ مَعْنُ لن زَائِدَةَ خَاتَمًا على نَقْشِ خَاتَمِ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ جاء بِهِ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَالِ فَأَخَذَ بِهِ مَالًا ضَرَبَهُ عُمَرُ مِائَةً وَحَبَسَهُ وَكَلَّمَ فيه فَضَرَبَهُ مِائَةً وَكَلَّمَ فيه فَضَرَبَهُ مِائَةً وَنَفَاهُ قال في الْمُغْنِي لَعَلَّهُ كانت له ذُنُوبٌ فَأُدِّبَ عليها أو تَكَرَّرَ منه الْأَخْذُ أو كان ذَنْبُهُ مُشْتَمِلًا على جِنَايَاتٍ
وَنَصَّ أَحْمَدُ في الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِيَةِ يُحْبَسُ حتى يَكُفَّ عنها وفي الرِّعَايَةِ من عُرِفَ بِأَذَى الناس ولم يَكُفَّ حُبِسَ حتى يَمُوتَ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي فِعْلُهُ لَا لِلْقَاضِي وَنَفَقَتُهُ من بَيْتِ الْمَالِ لِيَدْفَعَ ضَرَرَهُ ويأتى كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ السَّاحِرِ
وفي التَّرْغِيبِ في الْعَائِنِ لِلْإِمَامِ حَبْسُهُ وَيُتَوَجَّهُ إنْ كَثُرَ مَجْذُومُونَ وَنَحْوُهُمْ لَزِمَهُمْ التَّنَحِّي نَاحِيَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَلِلْإِمَامِ فِعْلُهُ وَجَوَّزَ ابن عَقِيلٍ قَتْلَ مُسْلِمٍ جَاسُوسٍ لِكُفَّارٍ ( وم ) وزاد ابن الْجَوْزِيِّ إنْ خِيفَ دَوَامُهُ وَتَوَقَّفَ فيه أَحْمَدُ وَعِنْدَ الْقَاضِي يُعَنَّفُ ذُو الْهَيْئَةِ وَغَيْرُهُ يُعَزَّرُ
وقال ( ش ) إنْ كان من ذَوِي الْهَيْئَاتِ كَحَاطِبٍ أَحْبَبْت أَنْ يتجافي عنه وَإِنْ لم يَكُنْ منهم كان لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ وقال أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ
____________________
(6/113)
وَقِصَّةُ حَاطِبٍ في الصَّحِيحَيْنِ وقال عُمَرُ قد كَفَرَ وقال لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا الْمُنَافِقِ قال ابن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ تَقَرَّبَ إلَى الْقَوْمِ لِيَحْفَظُوهُ في أَهْلِهِ بِأَنْ أَطْلَعَهُمْ على بَعْضِ أَسْرَارِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في كَيْدِهِمْ وَقَصْدِ قِتَالِهِمْ وَعَلِمَ أَنَّ ذلك لَا يَضُرُّ رَسُولَ اللَّهِ لنصره اللَّهِ إيَّاهُ وَهَذَا الذي فَعَلَهُ أَمْرٌ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه حُسْنَ الظَّنِّ وقال إنَّهُ قد صَدَقَكُمْ
وقد دَلَّ الْحَدِيثُ على أَنَّ حُكْمَ الْمُتَأَوِّلِ في اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ خِلَافُ حُكْمِ الْمُتَعَمِّدِ لِاسْتِحْلَالِهِ من غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَدَلَّ على أَنَّ من أتى مَحْظُورًا وَادَّعَى في ذلك ما يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ في ذلك وَإِنْ كان غَالِبُ الظَّنِّ بِخِلَافِهِ وقال عن قَوْلِ عُمَرَ وَهَذَا لِأَنَّهُ رَأَى صُورَةَ النِّفَاقِ وَلَمَّا احْتَمَلَ قَوْلَ عُمَرَ وكان لِتَأْوِيلِهِ مَسَاغٌ لم يُنْكِرْ عليه الرَّسُولُ الله صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ في كِتَابِهِ الهدى فيه إنَّ من نَسَبَ ملسما ( ( ( مسلما ) ) ) إلَى نِفَاقٍ أو كُفْرٍ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظِّهِ لَا يَكْفُرُ بَلْ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُثَابُ على نِيَّتِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ وَيُبَدِّعُونَ من خَالَفَهُمْ وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ
وَكَذَا قال الْخَطَّابِيُّ إنَّ من كَفَّرَ مُسْلِمًا أو نفقة مُتَأَوِّلًا وهو من أَهْلِ الِاجْتِهَادِ يَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ
قال في كَشْفِ الْمُشْكَلِ وقد دَلَّ الْحَدِيثُ على أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ فَيُقَالُ مُطْلَقًا أو مع التَّأْوِيلِ فَهُوَ لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا وَلِهَذَا لم يَقَعْ تَعْزِيرٌ هذا إنْ صَحَّ ما ذَكَرَهُ من التَّأْوِيلِ وَإِنْ لم يَصِحَّ لم يَدُلَّ أَيْضًا لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا طَلَبَ قَتْلَهُ لم يُنْكِرْ عليه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو يُقَالُ لم يذكر أَنَّهُ لم يُوجَدْ الْمُقْتَضِي لِقَتْلِهِ بَلْ ذَكَرَ الْمَانِعَ وهو شُهُودُ بَدْرٍ فَدَلَّ على وُجُودِ الْمُقْتَضِي وَأَنَّهُ لَوْلَا الْمُعَارِضُ لَعَمِلَ بِهِ وهو أَيْضًا يَدُلُّ على تَحْرِيمِ ما وَقَعَ
وفي كِتَابِ الهدى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ يمحي بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ وَلِهَذَا قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ
____________________
(6/114)
وَغَيْرِهِ فيه أَنَّ الْجَاسُوسَ وَغَيْرَهُ من أَصْحَابِ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ لَا يُكَفَّرُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا الْجِنْسُ كَبِيرَةٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إيذَاءَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو كَبِيرَةٌ بِلَا شَكٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } الأحزاب 57 وَقَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ على أَهْلِ بَدْرٍ فقال ( ( ( فقالوا ) ) ) اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ
قال الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ الْغُفْرَانُ لهم في الْآخِرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ تَوَجَّهَ على أَحَدٍ منهم حَدٌّ أو غَيْرُهُ أُقِيمَ عليه في الدُّنْيَا وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ على إقَامَةِ الْحَدِّ وَأَقَامَهُ عُمَرُ على بَعْضِهِمْ وَضَرَبَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِسْطَحًا الْحَدَّ وكان بَدْرِيًّا
وقال في كَشْفِ الْمُشْكَلِ في هذا ليس على الِاسْتِقْبَالِ وَإِنَّمَا هو لِلْمَاضِي وَتَقْدِيرُهُ أَيُّ عَمَلٍ كان لَكُمْ فَقَدْ غُفِرَ وَيَدُلُّ على هذا شَيْئَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لو كان للمتسقبل ( ( ( للمستقبل ) ) ) كان جَوَابُهُ فَسَأَغْفِرُ
وَالثَّانِي أَنَّهُ كان يَكُونُ إطْلَاقًا في الذُّنُوبِ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ وَيُوَضِّحُ هذا أَنَّ الْقَوْمَ خَافُوا الْعُقُوبَةَ فِيمَا بَعْدُ فقال عُمَرُ يا حُذَيْفَةُ هل أنا منهم وَكَذَا اخْتِيَارُ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ لِلْمَاضِي
وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا نَفْيَ إلَّا في الزِّنَا وَالْمُخَنَّثِ وقال الْقَاضِي نَفْيُهُ دُونَ عَامٍ وَاحْتَجَّ بِهِ شَيْخُنَا وَبِنَفْيِ عُمَرَ نَصْرَ بن حَجَّاجٍ لَمَّا خَافَ الْفِتْنَةَ بِهِ نَفَاهُ من الْمَدِينَةِ إلَى الْبَصْرَةِ فَكَيْفَ من عُرِفَ ذَنْبُهُ وَيَمْنَعُهُ الْعَزَبُ السُّكْنَى بين مُتَأَهِّلَيْنِ وَعَكْسُهُ وَأَنْ أمرأة تَجْمَعُ بين الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ شَرٌّ منهم وهو الْقَوَّادَةُ فَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْأَمْرِ الْمَصْلَحَةَ وقال أَيْضًا إنَّمَا الْعُقُوبَةُ على ذَنْبٍ ثَابِتٍ
أَمَّا الْمَنْعُ وَالِاحْتِرَازُ فَيَكُونُ لِلتُّهْمَةِ لِمَنْعِ عُمَرَ اجْتِمَاعَ الصِّبْيَانِ بِمُتَّهَمٍ بِالْفَاحِشَةِ وفي الْفُنُونِ لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ وهو الْحَزْمُ عِنْدَنَا وَلَا تَقِفُ السِّيَاسَةُ على ما نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ إذا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ قد قَتَلُوا وَمَثَّلُوا وَحَرَّقُوا
____________________
(6/115)
الْمَصَاحِفَ وَنَفَى عُمَرُ نَصْرَ بن حَجَّاجٍ خَوْفَ فِتْنَةِ النِّسَاءِ
قال شَيْخُنَا مَضْمُونُهُ جَوَازُ الْعُقُوبَةِ وَدَفْعُ الْمَفْسَدَةِ وَهَذَا من بَابِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ قال وقد سَلَكَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْسَعَ من هذا
قال وَقَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك كَالدُّعَاءِ عليه وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ نحو يا كَلْبُ فَلَهُ قَوْلُهُ أو تَعْزِيرُهُ وَلَوْ لَعَنَهُ فَهَلْ له أَنْ يَلْعَنَهُ يَنْبَنِي على جَوَازِ لَعْنِهِ الْمُعَيَّنِ
وَمَنْ لَعَنَ نَصْرَانِيًّا أُدِّبَ أَدَبًا خَفِيفًا لِأَنَّهُ ليس له أَنْ يَلْعَنَهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَرَ من النَّصْرَانِيِّ ما يَقْتَضِي ذلك قال وَالْأَرْبَعُ التي من كُنَّ فيه كان مُنَافِقًا خَالِصًا مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ لَا قِصَاصَ فِيهِنَّ وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ قال يوم بَيْعَةِ أبي بَكْرٍ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا قال ابن الْجَوْزِيِّ إنَّمَا قال هذا لِأَنَّ سعد ( ( ( سعدا ) ) ) أَرَادَ الْوِلَايَةَ وما كان يَصْلُحُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ قال وقال الْخَطَّابِيُّ أَيْ اُحْسُبُوهُ في عِدَادِ من مَاتَ لَا تَعْتَدُّوا بِحُضُورِهِ قال وَمَنْ قال لِمُخَاصَمَةِ الناس تَقْرَأُ تَارِيخَ آدَمَ وَظَهَرَ منه مَعْرِفَتُهُمْ بِخَطِيئَتِهِ عُزِّرَ وَلَوْ كان صَادِقًا قال وَمَنْ امْتَنَعَ من لَفْظِهِ الْقَطْعُ مُتَدَيِّنًا عُزِّرَ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَكَذَا من يَمْسِكُ الْحَيَّةَ النَّارَ وَنَحْوَهُ
وقال فِيمَنْ فَعَلَ كَالْكُفَّارِ في عِيدِهِمْ اتَّفَقُوا على إنْكَارِهِ وَأَوْجَبُوا عُقُوبَةَ من يَفْعَلُهُ قال وَالتَّعْزِيرُ على شَيْءٍ دَلِيلٌ على تَحْرِيمِهِ
وقال فِيمَنْ غَضِبَ فقال فما نَحْنُ مُسْلِمِينَ إنْ أَرَادَ ذَمَّ نَفْسِهِ لِنَقْصِ دِينِهِ فَلَا حَرَجَ فيه وَلَا عُقُوبَةَ
وَمَنْ قال لِذِمِّيٍّ يا حَاجُّ عُزِّرَ لِأَنَّ فيه تَشْبِيهَ قَاصِدِ الْكَنَائِسِ بِقَاصِدِ بَيْتِ اللَّهِ وَفِيهِ تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ فإنه بِمَنْزِلَةِ من شَبَّهَ أَعْيَادَهُمْ بِأَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْظِيمِهِمْ
وَكَذَا يُعَزَّرُ من يسمى من زَارَ الْقُبُورَ وَالْمَشَاهِدَ حَاجًّا وَمَنْ سَمَّاهُ حَجًّا أو جَعَلَ له مَنَاسِكَ فإنه ليس لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ في ذلك ما هو خَصَائِصِ حَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَفَاعِلُهُ ضَالٌّ
وَمِنْ الْقِصَاصِ في الْكَلِمَةِ ما رَوَى أحمدحدثنا أبو النَّضْرِ حدثنا مُبَارَكُ بن
____________________
(6/116)
فَضَالَةَ حدثنا أبو رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قال له كَلِمَةً كَرِهَهَا رَبِيعَةُ وَنَدِمَ فقال رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حتى يَكُونَ قِصَاصًا فَأَبَى ذلك وَأَنَّهُمَا أَخْبَرَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال لِرَبِيعَةَ لَا تَرُدَّ عليه وَقُلْ غَفَرَ اللَّهُ لَك يا أَبَا بَكْرٍ فقال في سَمَاعِ أبي عِمْرَانَ من رَبِيعَةَ نَظَرٌ وَخَرَجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَصْحَابِهِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ في مَرَضِهِ وقد عَصَّبَ رَأْسَهُ فقال من كُنْت جَلَدْت له ظَهْرًا فَهَذَا فَلْيَسْتَقِدْ منه وَمَنْ كُنْت شَتَمْت له عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ منه وَمَنْ كُنْت أَخَذْت له مَالًا فَهَذَا مَالِي وهو خَبَرٌ طَوِيلٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في الشَّمَائِلِ وابن جَرِيرٍ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ من حديث الْفَضْلِ بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ فلما أَكْثَرَ رَدَّ عليه بَعْضَ الشَّيْءِ فَقَامَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال كان مَلَكٌ يُكَذِّبُهُ فلما رَدَدْت عليه وَقَعَ الشَّيْطَانُ ولم أَكُنْ لِأَجْلِسَ في مَجْلِسٍ بقع ( ( ( يقع ) ) ) فيه إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَا أبو دَاوُد
ورواه ( ( ( رواه ) ) ) أَيْضًا عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وقد رَوَى هو وَغَيْرُهُ أَنَّ زَيْنَبَ لَمَّا سَبَّتْ
____________________
(6/117)
عَائِشَةَ قال لها النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سُبِّيهَا كَذَا رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ ولم أَجِدْهُ إنما لِابْنِ ماجة دُونَك فَانْتَصِرِي فَأَقْبَلْت عليها حتى يَبِسَ رِيقُهَا فيها ما تَرُدُّ عَلَيَّ شيئا فَرَأَيْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وَصَدَّرَ ابن الْجَوْزِيِّ هذا المعني في قَوْلِهِ { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } الشورى 40 عن مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَقَالَهُ ابن أبي نَجِيحٍ وَالثَّوْرِيُّ وَظَاهِرُ قَوْلِ مُقَاتِلٍ وَهِشَامِ بن حُجْرٍ في الْآيَةِ خِلَافُهُ وهو ظَاهِرُ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا لو تَشَاتَمَ اثْنَانِ عرا ( ( ( عزرا ) ) ) وصحت ( ( ( وصرحت ) ) ) بِهِ المالي ( ( ( المالكية ) ) ) قالوا لِأَنَّهُ ذية ( ( ( أذية ) ) ) وسبب ( ( ( وسب ) ) ) فلا فَلَا يَجُوزُ قال شَيْخُنَا وَمَنْ دُعِيَ عليه ظُلْمًا له أَنْ يدعوا ( ( ( يدعو ) ) ) على ظَالِمِهِ بِمِثْلِ ما دَعَا بِهِ عليه نحو أَخْزَاك اللَّهُ أو لَعَنَك اللَّهُ أو يَشْتُمُهُ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ نحو يا كَلْبُ خِنْزِيرُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ له مِثْلَ ذلك لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عليهم من سَبِيلٍ } الشوري 41 فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَّا على الظَّالِمِ لِلنَّاسِ الْبَاغِي وإذا كان له أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْمَخْلُوقِ من وَكِيلٍ وَوَلِيِّ أَمْرٍ وَغَيْرِهِمَا فَاسْتِعَانَتُهُ بِخَالِقِهِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا على ظَالِمِهِ فما صَبَرَ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ الدَّاعِيَ مُنْتَصِرٌ وَالِانْتِصَارُ وَإِنْ كان جَائِزًا لَكِنْ قال تَعَالَى { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذلك لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } الشورى 43 وَقَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِعَائِشَةَ لَمَّا دَعَتْ على السَّارِقِ لَا تُسَبِّخِي أَيْ لَا تخفى ( ( ( تخففي ) ) ) عنه ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ أبي بَكْرٍ الْأَخِيرَةَ التي رَوَاهَا أبو دَاوُد قال وإذا دَعَا عليه بِمَا آلَمَهُ بِقَدْرِ أَلَمِ ظُلْمِهِ فَهَذَا عَدْلٌ
وَإِنْ اعْتَدَى في الدُّعَاءِ كَمَنْ يَدْعُو بِالْكُفْرِ على من شتمة أو أَخَذَ مَالَهُ فَذَلِكَ سَرَفٌ مُحَرَّمٌ وَمَنْ حَبَسَ نَقْدَ غَيْرِهِ عنه مُدَّةً ثُمَّ أَدَّاهُ إلَيْهِ غزر ( ( ( عزر ) ) ) فَإِنْ لم يَتَعَمَّدْ الْإِثْمَ فَلَا ضَمَانَ في الدُّنْيَا لِأَجْلِ الرِّبَا وَهُنَا يُعْطِي اللَّهُ عز وجل صَاحِبَ الْحَقِّ من حَسَنَاتِ الْآخَرِ تَمَامَ حَقِّهِ فإذا كان هذا الظَّالِمُ لَا يُمْكِنُهُ تَعْزِيرُهُ فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ عليه بِعُقُوبَةٍ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ
____________________
(6/118)
وإذا كانت ذَنْبُ الظَّالِمِ إفْسَادَ دِينِ الْمَظْلُومِ لم يَكُنْ له أَنْ يُفْسِدَ دِينَهُ لَكِنْ له أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ دِينُهُ مِثْلَ ما فَعَلَ له وَكَذَا لو افْتَرَى عليه الْكَذِبَ لم يَكُنْ له أَنْ يَفْتَرِيَ عليه الْكَذِبَ لَكِنْ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عليه بِمَنْ يَفْتَرِي عليه الْكَذِبَ نَظِيرَ ما افْتَرَاهُ وَإِنْ كان هذا الِافْتِرَاءُ مُحَرَّمًا لِأَنَّ اللَّهَ إذَا عَاقَبَهُ بِمَنْ يَفْعَلُ بِهِ ذلك لم يَقْبُحْ منه وَلَا ظُلْمَ فيه لِأَنَّهُ اعْتَدَى بمثله وَأَمَّا من الْعَبْدِ فَقَبِيحٌ ليس له فِعْلُهُ
وَمِنْ هذا الْبَابِ قَوْلُ مُوسَى { رَبَّنَا إنَّك آتَيْت فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا } يونس 88 الْآيَةَ وَدَعَا سَعْدٌ على الذي طَعَنَ في سِيرَتِهِ وَدِينِهِ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ عن بَعْضِهِمْ أَنَّ دُعَاءَ مُوسَى بِإِذْنٍ قال وهو قَوْلٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلِانْتِقَامِ
وَذَكَرَ في مَجْلِسِ الْوَزِيرِ ابن هُبَيْرَةَ مثله فَاتَّفَقَ الْوَزِيرُ وَالْعُلَمَاءُ على شَيْءٍ وَخَالَفَهُمْ فيه ( ( ( فقيه ) ) ) مَالِكِيٌّ فقال الْوَزِيرُ أَحِمَارٌ أنت الْكُلُّ يُخَالِفُونَك وَأَنْتَ مُصِرٌّ ثُمَّ قال الْوَزِيرُ لِيَقُلْ لي كما قُلْت له فما أنا إلَّا كَأَحَدِكُمْ فَضَجَّ الْمَجْلِسُ بِالْبُكَاءِ وَجَعَلَ الْمَالِكِيُّ يقول أنا أولى بِالِاعْتِذَارِ وَالْوَزِيرُ يقول الْقِصَاصُ فقال يُوسُفُ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ وقد تَوَلَّى دَرْسَ النِّظَامِيَّةِ إذا أبي الْقِصَاصَ فَالْفِدَاءُ فقال الْوَزِيرُ له حُكْمُهُ فقال الرَّجُلُ نِعَمُك عَلَيَّ كَثِيرَةٌ قال لَا بُدَّ قال عَلَيَّ دَيْنٌ مِائَةُ دِينَارٍ فقال الْوَزِيرُ يُعْطَى مِائَةً لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَمِائَةً لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِي ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في تَارِيخِهِ فَدَلَّ على مُوَافَقَتِهِ وقد يُؤْخَذُ منه الصُّلْحُ بِمَالٍ على حَقٍّ آدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ وَسَبٍّ
وَلِمُسْلِمٍ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الْمُسْتَبَّانِ ما قَالَا فَعَلَى البادىء ( ( ( البادئ ) ) ) ما لم يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ وَذَكَرَ في شَرْحِ مُسْلِمٍ كَقَوْلِ شَيْخِنَا وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ في جَوَازِهِ وَصَحَّ خَبَرُ عَائِشَةَ أنها دَعَتْ على السَّارِقِ فقال عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا تُسَبِّخِي عنه أَيْ لَا تُخَفِّفِي عنه
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ من قَصَدَ الْجَهْرَ في صَلَاةِ سِرٍّ أو عَكْسَهُ أو يَزِيدُ فيها أَذْكَارًا غير مَسْنُونَةٍ وَنَحْوِهِ فَلِلْمُحْتَسِبِ تَأْدِيبُهُ وَلَمَّا طَوَّلَ مُعَاذٌ الصَّلَاةَ قال له النبي
____________________
(6/119)
ص = أَفَتَّانٌ أنت يا مُعَاذُ أَيْ مُنَفِّرٌ عن الدِّينِ فَفِيهِ إنْكَارُ الْمَكْرُوهِ وهو مَحَلُّ وِفَاقٍ ولكن في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه التَّعْزِيرُ على إطَالَتِهَا إذَا لم يَرْضَ المأمون ( ( ( المأمومون ) ) ) وَالِاكْتِفَاءُ في التَّعْزِيرِ بِالْكَلَامِ
وَمَنْ اسْتَمْنَى بيده بِلَا حجة ( ( ( حاجة ) ) ) عُزِّرَ يُكْرَهُ ذلك نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا يُعْجِبُنِي بِلَا ضَرُورَةٍ قال مُجَاهِدٌ كَانُوا يَأْمُرُونَ فِتْيَانَهُمْ أَنْ يَسْتَعِفُّوا له وقال الْعَلَاءُ ابن زِيَادٍ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ في مَغَازِيهِمْ وَعَنْهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَوْ خَافَ ذكرهافي الْفُنُونِ وَإِنْ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا لِأَنَّ الْفَرْجَ ما إبَاحَتِهِ بِالْعَقْدِ لم يُبَحْ بِالضَّرُورَةِ فَهُنَا أَوْلَى وقد جَعَلَ الشَّارِعُ الصَّوْمَ بَدَلًا من النِّكَاحِ وَالِاحْتِلَامُ مُزِيلًا لِشِدَّةِ الشَّبَقِ مُفْتِرٌ لِلشَّهْوَةِ وَيَجُوزُ خَوْفَ الزنا ( ( ( زنا ) ) ) وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَالْمَرْأَةُ كالرجل ( ( ( كرجل ) ) ) فَتَسْتَعْمِلُ شيئا مِثْلَ الذَّكَرِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعُ وَعَدَمُ الْقِيَاسِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَلَوْ اضْطَرَّ إلَى جِمَاعٍ وَلَيْسَ من يُبَاحُ وَطْؤُهَا حَرُمَ ( و )
____________________
(6/120)
بَابُ السَّرِقَةِ
من سَرَقَ وهو مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ وَعَنْهُ أو مُكْرَهٌ مَالًا مُحْتَرَمًا عَالِمًا بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ من مَالِكِهِ أو نَائِبِهِ نَصَّ عليه وفي الِانْتِصَارِ وَلَوْ بِكَوْنِهِ في يَدِهِ ولم يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ من غَلَّةِ وَقْفٍ وَلَيْسَ من أَهْلِهِ وَقِيلَ وَمِنْ غَاصِبِهِ وَسَارِقِهِ نِصَابًا من حِرْزٍ مَثَلَهُ الْمَأْذُونُ فيه وَخَرَجَ بِهِ دَخَلَهُ أولا بِلَا شُبْهَةٍ
وَتَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ وَصَفَاهَا وَالْأَصَحُّ لَا تُسْمَعُ قبل الدَّعْوَى أو إقْرَارِ مَرَّتَيْنِ وَوَصْفُهَا بخلا فإقراره ( ( ( إقراره ) ) ) بِزِنًا فإن في اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ ( م 1 ) بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ وَجَزَمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ اسْتِفْسَارُ الْحَاكِمِ الشُّهُودَ أَنَّهُمْ شَاهَدُوا كَالْمِيلِ في الْمُكْحُلَةِ وَالْحَبْلِ في الْبِئْرِ لِأَنَّ الزِّنَا يُطْلَقُ على مالا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ وَعَنْهُ في إقْرَارِ عَبْدٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا
لَا يَكُونُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ نَصَّ عليه وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ له على سَرِقَةِ نِصَابٍ وفي الْمُغْنِي أو قال فَقَدْته وَمَعْنَاهُ في الِانْتِصَارِ وَطَالَبَهُ هو أو وَكِيلُهُ أو وَلِيُّهُ بِالسَّرِقَةِ لَا بِالْقَطْعِ وَعَنْهُ أو لم يُطَالِبْهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا كَإِقْرَارِهِ بِزِنًا بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَجَبَ قَطْعُهُ
وفي الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ في طَلَبِهِ وَإِنْ قُطِعَ بِدُونِهِ أجزا ومن أقر بسرقة مال غائب أو شهدت به بينة انتظر حضوره فيحبس وقيل لا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ السَّرِقَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ إقْرَارُ مَرَّتَيْنِ وَوَصَفَهَا بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِزِنًا فإن في اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ انْتَهَى
قُلْت الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا أَوْلَى التفصيل ( ( ( بالتفصيل ) ) ) من الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ وقد وَرَدَتْ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ بِذَلِكَ
____________________
1-
(6/121)
كَإِقْرَارِهِ له بِحَقٍّ مُطْلَقٍ قال في التَّرْغِيبِ غَايَتُهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَقِيلَ لِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فإن لِلْحَاكِمِ حَقًّا في الْقَطْعِ فَيُحْبَسُ
وَإِنْ كَذَّبَ مُدَّعٍ نَفْسَهُ سَقَطَ قَطْعُهُ وَسَوَاءٌ كان ثَمِينًا وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ أو لَا حتى أَحْجَارٌ وَلَبَنٌ وَخَشَبٌ وَمِلْحٌ وَفِيهِ وَجْهٌ وفي تُرَابٍ وَكَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرٍ وَالْأَشْهَرُ وَثَلْجٍ وَقِيلَ وَمَاءٍ وَجْهَانِ ( م 2 و 5 ) وفي الْوَاضِحِ في صَيْدٍ مَمْلُوكٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 5 قَوْلُهُ وفي تُرَابٍ وَكَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرِ وَالْأَشْهَرُ وَثَلْجٍ وَقِيلَ وَمَاءُ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 التُّرَابُ هل يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في التُّرَابِ الذي يُتَدَاوَى بِهِ كَالْأَرْمَنِيِّ وما يُغْسَلُ أو يضيغ ( ( ( يصبغ ) ) ) بِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ اخْتَارَهُ النَّاظِمُ وقال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ في التُّرَابِ الذي له قِيمَةٌ كَالْأَرْمَنِيِّ وَاَلَّذِي يُعَدُّ لِلْغَسِيلِ بِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 الْكَلَأُ هل يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهِ قال أبو بَكْرٍ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ كَلَأٍ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 السِّرْجِينُ الطَّاهِرُ هل يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أبو
____________________
1-
(6/122)
محرز ( ( ( إسحاق ) ) ) روايتان نقل ابْنِ منصور لَا قَطَعَ في طير لإباحته أصلا قال في الانتصار والفصول فيجيء ( ( ( وقالا ) ) ) عنه لَا
وقال في الرَّوْضَةِ إن لم يتمول عادة كماء وكلأ محرز فلا قطع في إحدى الروايتين وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَنَائِمٍ لَا مُكَاتَبٍ وَلَا حُرٍّ وَقِيلَ بَلَى مع صِغَرِهِ أو جُنُونِهِ * فَعَلَى الْأَوْلَى إنْ كان عليه حلى وقال جَمَاعَةٌ ولم يَعْلَمْ بِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إسحاق ( ( ( ففيه ) ) ) وابن عقيل وقدمه ( ( ( ولد ) ) ) في الرعايتين
والوجه الثاني لا يقطع اختاره الناظم وقطع به في المغني والكافي والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وقدمه في المذهب وغيره ولعله المذهب
المسألة الرابعة 5 الثلج وفيه طريقان أصحهما أن فيه وجهين وأطلقهما في المذهب
أحدهما يقطع بسرقته وهو الصحيح وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى فإنه قال وما أصله الإباحة كغيره وقال الشيخ في المغني الأشبه أنه كالملح انتهى والصحيح من المذهب أنه يقطع بسرقة الملح
والوجه الثاني لا يقطع بسرقته اختاره القاضي
تنبيهان الأول قطع به في المغني والشرح وقالا لا نعلم فيه خلافا وقدمه في المذهب غيره واختاره أبو بكر وابن شاقلا والناظم وغيرهم وقال ابن عقيل يقطع وقدمه في الرعايتين
وقطع به ابن هبيرة قاله في تصحيح المحرر ويحتمله تقديم المصنف وأطلقهما في المحرر والحاوي وذكر المصنف كلامه في الروضة
* الثَّانِي قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَنَائِمٍ لَا مُكَاتَبٍ وَلَا حُرٍّ وَقِيلَ بَلَى مع صِغَرِهِ أو حنونه ( ( ( جنونه ) ) ) انْتَهَى
الصَّوَابُ أَنَّ هذا الْقَوْلَ رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ ومنهم ( ( ( منهم ) ) ) صَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/123)
ففيه وفي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ ( م 6 و 7 )
وفي الْمُغْنِي والترغيب ( ( ( والكافي ) ) ) وغيرهما لَا قطع ( ( ( يقطع ) ) ) بسرقة عبد مميز وفي الكافي وَلَا كبير أكرهه ( ( ( الملك ) ) ) وفيه الترغيب ( ( ( فأشبهت ) ) ) وفي ( ( ( الحرة ) ) ) عبد نائم وسكران ( ( ( يقطع ) ) ) وجهان ( ( ( لأنها ) ) ) وَإِنْ سَرَقَ إنَاءً فيه خَمْرٌ أو مَاءٌ ولم يُقْطَعْ بِمَاءٍ أو صَلِيبًا أو صَنَمِ نَقْدٍ لم يُقْطَعْ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَيُقْطَعُ بِإِنَاءِ نَقْدٍ أو دَرَاهِمَ بها ثماثيل ( ( ( تماثيل ) ) )
وَقِيلَ ولم يَقْصِدْ إنْكَارًا لَا بِآلَةِ لَهْوٍ وَكُتُبِ بِدَعٍ وَتَصَاوِيرَ وَمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَعَنْهُ ولم يَقْصِدْ سَرِقَةً وفي التَّرْغِيبِ مِثْلُهُ في إنَاءِ نَقْدٍ وفي الْفُصُولِ في قُضْبَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 و 7 قوله فعلى الأولى إن كان عليه حلي وقال جماعة ولم يعلم به وفي أم ولد وجهان ذكر مسألتين
المسألة الأولى 6 إذا سرق حرا صغيرا وقلنا لا يقطع به وعيله حلى فهل يقطع به أم لاأطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والمقنع الهادي والمحرر والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما لا يقطع وهو الصحيح اختاره الشيخ الموفق الشارح وقدمه ابن رزين في شرحه وقطع به في الفصول
والوجه الثاني يقطع قال في المذهب قطع في أصح الوجهين وصححه في التصحيح وتصحيحا لمحرر وجزم به في الوجيز واختاره أبو الخطاب في رءوس المسائل وابن عبدوس في تذكرته
المسألة الثانية 7 هل يقطع بسرقة أم الولد أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في المغني والكافي والشرح قال في الرعاية وإن سرق أم ولد مجنة أو نائمة قطع وإن سرقها كرها فوجهان
أحدهما لا يقطع قدمه ابن رزين في شرحه وهو الصواب لأنه لا يحل بيعها ولا نقل الملك فيها وفأشبهت الحرة
والوجه الثاني يقطع لأنها مملوكة تضمن بالقيمة فأشبهت القن
____________________
1-
(6/124)
الْخَيْزُرَانِ وَمَخَادِّ الْجُلُودِ الْمُعَدَّةِ لِتَغْيِيرِ الصُّوفِيَّةِ يُحْتَمَلُ كَآلَةِ لَهْوٍ وَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ وَضَمَانُهَا
وَنِصَابُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خاصة ( ( ( خالصة ) ) ) وَمَغْشُوشَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا أو رُبْعُ دِينَارٍ أو ما قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا وَعَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وفي الْمُبْهِجِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ في الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ دارهم ( ( ( دراهم ) ) ) أو قِيمَتُهَا وفي تَكْمِيلِهِ بِضَمِّ النَّقْدَيْنِ وَجْهَانِ ( م 8 )
وَيَكْفِي تِبْرٌ في الْمَنْصُوصِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ النِّصَابِ حَالَ إخْرَاجِهِ من حِرْزٍ فَلَوْ أَتْلَفَهُ فيه بِأَكْلٍ أو غَيْرِهِ أو ذَبْحٍ فيه كَبْشًا قِيمَتُهُ نِصَابٌ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ أو قُلْنَا هو مَيْتَةٌ لم يُقْطَعْ وَلَوْ نَقَصَتْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ قُطِعَ وَكَذَا لو مَلَكَهُ سَارِقُهُ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وابن هُبَيْرَةَ عن أَحْمَدَ
وفي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي يَسْقُطُ قبل التَّرَافُعِ ( م 9 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله وفي تكميله بضم ( ( ( رفع ) ) ) النقدين ( ( ( إليه ) ) ) وجهان انتهى ( ( ( يبق ) ) ) وأطلقهما ( ( ( لرافعه ) ) ) في ( ( ( عفو ) ) ) المحرر والنظم ( ( ( الواضح ) ) ) والحاوي الصغير وغيرهم
أحدهما يكمل النصاب ( ( ( تدرأ ) ) ) بضم ( ( ( الحدود ) ) ) أحد ( ( ( بالشبهات ) ) ) النقدين ( ( ( فإذا ) ) ) إلَى الآخر ( ( ( السلطان ) ) ) إن ( ( ( وصح ) ) ) جعلا ( ( ( عنده ) ) ) أصلين ( ( ( الأمر ) ) ) قدمه ( ( ( بالبينة ) ) ) في الرعايتين ( ( ( الاعتراف ) ) ) وصححه ( ( ( وجب ) ) ) في تصحيح ( ( ( إقامته ) ) ) المحرر
قلت وهو الصواب
والوجه الثاني لا يضم قال شارح المحرر أصل الخلاف الخلاف في الضم الزكاة انتهى
قلت الذي يظهر أنه يقطع هنا بالضم وإن لم نقل به في الزكاة والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَكَذَا لو مَلَكَهُ سَارِقُهُ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في جَمَاعَةٌ وابن هُبَيْرَةَ عن أَحْمَدَ وفي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي يَسْقُطُ قبل التَّرَافُعِ انْتَهَى
يعين لو مَلَكَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ من الْحِرْزِ وَقَبْلَ التَّرَافُعِ هل يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ أَمْ لَا
____________________
1-
(6/125)
قال الْإِمَامَ أحمد إذا رفع إليه لم يبق ( ( ( يسقط ) ) ) لرافعه عفو ( ( ( القطع ) ) ) وظاهر ( ( ( فلم ) ) ) الواضح ( ( ( يصرح ) ) ) وغيره قبل الحكم قال أحمد تدرأ الحدود بالشبهات ( ( ( مفهومه ) ) ) فإذا صار إلى السلطان وصح عنده الأمر بالبينة أو الاعتراف وجب عليه إقامته عند ذلك
وَيَشْفَعُ الرَّجُلُ في حَدٍّ دُونَ السُّلْطَانِ وَيَسْتُرُ على أَخِيهِ وَلَا يَرْفَعُ عنه الشَّفَاعَةَ فَلَعَلَّ اللَّهَ عز وجل يَتُوبُ عليه
وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ وَمَعًا عَشْرَةٌ غَرِمَ ثَمَانِيَةً الْمُتْلَفُ وَنَقْصُ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ دِرْهَمَيْنِ وَلَا قَطْعَ وَكَذَا جُزْءًا من كِتَابٍ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَنَظَائِرِهِ وَضَمَانُ ما في وَثِيقَةٍ أَتْلَفَهَا إنْ تَعَذَّرَ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَيْهِمَا وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْدِيلًا بِطَرَفِهِ دِينَارٌ مَشْدُودٌ يَعْلَمُهُ وَقِيلَ أو يَجْهَلُهُ صَحَّحَهُ في الْمَذْهَبِ كَجَهْلِهِ قِيمَتَهُ وَيُقْطَعُ سَارِقُ نِصَابٍ لِجَمَاعَةٍ على الْأَصَحِّ وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في نِصَابِ قُطِعُوا مُطْلَقًا وَعَنْهُ يُقْطَعُ من أَخْرَجَ نِصَابًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ إنْ لم يُقْطَعْ بَعْضُهُمْ لِشُبْهَةٍ أو غَيْرِهَا فَلَا قَطْعَ وَإِنْ هَتَكَا حِرْزًا وَدَخَلَاهُ فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما يمتنع القطع ويسقط قبل الترافع وهو الصحيح جزم في الإيضاح والعمدة والنظم وشرح ابن رزين والمغني الشرح فقالا يسقط قبل الترافع إلى الحاكم والمطالبة به عنده وقالا لا نعلم فيه خلافا وهو ظاهر كلام ابن منجا في شرحه وظاهر كلامه في الهداية والكافي والمقنع والمحرر وغيرهم واختاره ابن عقيل
والوجه الثاني لا يسقط القطع جزم به جماعة وذكره ابن هبيرة عن أحمد قال المصنف هو ظاهر كلامه في البلغة والرعاية الصغرى وتذكره ابن عبدوس وغيرهم واختاره أبو بكر وغيره
تنبيه قول المصنف وفي الخرقي والإيضاح والمغني يسقط قبل الترافع انتهى ليس كما قال عن الخرقي فإن كلامه كغيره فإنه قال ويقطع السارق وإن وهبت له
____________________
1-
(6/126)
أو دخل أَحَدُهُمَا فَقَرَّبَهُ من النَّقْبِ وَأَدْخَلَ الْآخَرُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ قَطْعًا وَكَذَا إنْ وَضَعَهُ وَسَطَ النَّقْبِ فَأَخَذَهُ الْخَارِجُ وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وَإِنْ رَمَاهُ الدَّاخِلُ خَارِجًا أوة نَاوَلَهُ فَأَخَذَهُ الْآخَرُ أَوَّلًا أو أَعَادَهُ فيه أَحَدُهُمَا قُطِعَ الدَّاخِلُ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ هُمَا وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ فَإِنْ تَوَاطَآ فَفِي قَطْعِهِمَا وَجْهَانِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ ( م 10 ) فَصْلٌ من دخل حِرْزًا فبلغ ( ( ( فبلع ) ) ) جَوْهَرَةً وَخَرَجَ فَقِيلَ يُقْطَعُ وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ وَقِيلَ لَا ( م 11 ) وَيُقْطَعُ إنْ رَمَى بِهِ خَارِجًا أو جَذَبَهُ بِشَيْءٍ وَكَذَا إنْ أَمَرَ آدَمِيًّا غير مُكَلَّفٍ بِإِخْرَاجِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) السرقة بَعُدَ إخراجه بل ظاهر كلامه القطع سواء كان قبل الترافع أو بعده وأما صاحب الإيضاح فإن مفهوم كلامه فيه كما قال المصنف فإنه قال وإذا وهب له العين المسروقة نظر فيه فإن كان بعد أن بلغ الإمام لم يسقط عنه القطع فلم يصرح بما قال وإنما هو من مفهومه
مسألة 10 قوله وإن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرجه فإن تواطآ ففي قطعهما وجهان وإلا فلا انتهى
أحدهما لا قطع وهو الصحيح على ما اصطلحناه قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمقنع والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
الوجه الثاني يقطع جزم به الوجيز والمنور وقدمه في المحرر وغيره وصححه في النظم وغيره وهو الصواب
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ وَمَنْ دخل حِرْزًا فَبَلَعَ جَوْهَرَةً فَقِيلَ يُقْطَعُ وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ وَقِيلَ لَا انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا غيرهم
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
1-
(6/127)
أو تركه على دابة وقيل وساقها أو ماء جار وقيل راكد فانفتح فأخرجوه على جدار فأخرجته ( ( ( بالقطع ) ) ) أو استتبع ( ( ( القطع ) ) ) سخل شاة ( ( ( بالنسبة ) ) ) وقيل أو ( ( ( التفرقة ) ) ) تبعها والأصح أو تطيب ( ( ( المطلق ) ) ) فيه وخرج ريح والأصح ولو اجتمع بلغ نصابا أو هتك الحرز وأخذ المال وقتا آخر أو أخذ بعضه ثم أخذ بقيته وقرب ما بينهما وقيل أو بعد قدمه في الترغيب ( ( ( الأقوال ) ) ) قال وَإِنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ وَأَهْمَلَهُ فَلَا قَطْعَ هُنَا
قال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يَبْنِي فِعْلَهُ كما يَبْنِي على فِعْلِ غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ إنْ عبد ( ( ( عاد ) ) ) غَدًا ولم يَكُنْ رَدَّ الْحِرْزَ فَأَخَذَ بَقِيَّتَهُ سَلَّمَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِ سَرِقَتِهِ الثَّانِيَةِ من غَيْرِ حِرْزٍ
وَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ إنْ قَطَعَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ كُوَّارَةٍ فَخَرَجَ الْعَسَلُ شيئا فَشَيْئًا قُطِعَ وَلَوْ عَلَّمَ قِرْدًا السَّرِقَةَ فَالْغُرْمُ فَقَطْ ذَكَرَهُ أبو الْوَفَاءِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَإِنْ أَخْرَجَهُ إلَى سَاحَةِ دَارٍ من بَيْتٍ مُغْلَقٍ منها قُطِعَ وَعَنْهُ إنْ كان بَابُهَا مُغْلَقًا وفي التَّرْغِيبِ إنْ فَتَحَ بَابَهَا فَوَجْهَانِ
وَحِرْزُ الْمَالِ ما حُفِظَ فيه عَادَةً وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالْبَلَدِ وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَقُوَّتِهِ وَضِدِّهِمَا فَحِرْزُ نَقْدٍ وَجَوْهَرٍ وَقُمَاشٍ في الْعُمْرَانِ في دَارٍ وَدُكَّانٍ وَرَاءَ غَلْقٍ وَثِيقٍ وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في قُمَاشٍ غَلِيظٍ وَرَاءَ غَلْقٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه الثالث إن خرجت قطع وإلا فلا لأنه أتلفه في الحرز واختاره الشيخ الموفق والشارح وابن عبدوس في تذكرته
قلت إتلافه في الحرز غير متحقق بل فعل فيه ما هو سبب في الإتلاف إن وجد والظاهر أنها لا تتلف في تلك الساعة
قال الشيخ الموفق الشارح فإن لم تخرج فلا قطع عليه وإن خرجت فوجهان وقال ابن رزين إن لم تخرج فلا قطع وإن خرجت فقدم أنه يقطع كما تقدم
تنبيه يحتمل أن الخلاف المطلق في كونه يقطع مطلقا أو لا يقطع مطلقا وأما القول بالقطع إذا خرجت وعدمه إن لم تخرج فهو مفزع على القول بالقطع وقدم القطع مطلقا بالنسبة إلى التفرقة ويحتمل أن الخلاف المطلق في الأقوال الثلاثة وهو ظاهر عبارته
____________________
1-
(6/128)
وفي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ما جُعِلَ لِلسُّكْنَى وَحِفْظِ الْمَتَاعِ كَالدُّورِ وَالْخِيَامِ حِرْزٌ سَوَاءٌ سَرَقَ من ذلك وهو مَفْتُوحُ الْبَابِ أو لَا بَابَ له إلَّا أَنَّهُ مَحْجَرٌ لِلْبِنَاءِ الصندوق ( ( ( والصندوق ) ) ) بِسَوْقِ حِرْزٍ وَثَمَّ حَارِسٌ وَقِيلَ أو لَا
وَحِرْزُ بَقْلٍ وَقُدُورُ باقلى ( ( ( باقلا ) ) ) وَطَبِيخٌ وَخَزَفٌ وَثَمَّ الحارث ( ( ( الحارس ) ) ) وَرَاءَ الشَّرَائِحِ
وَحِرْزُ خَشَبٍ وَحَطَبِ الْحَظَائِرِ وفي التَّبْصِرَةِ حِرْزُ حَطَبٍ تَعْبِيَتُهُ وَرَبْطُهُ بِالْحِبَالِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَالسُّفُنُ في الشَّطِّ بِرَبْطِهَا
وَالْمَاشِيَةُ الصَّيِّرُ وفي الْمَرْعَى بِرَاعٍ يَرَاهَا غَالِبًا وَإِبِلٌ بَارِكَةٌ مَعْقُولَةٌ بِحَافِظٍ حتى نَائِمٍ وَحُمُولَتُهَا بِسَائِقٍ يَرَاهَا أو بِتَقْطِيرِهَا وَقَائِدٍ يراهاوفي التَّرْغِيبِ بِقَائِدٍ يَكْثُرُ الْتِفَاتُهُ وَيَرَاهَا إذَنْ إلَّا الْأَوَّلُ مُحْرَزٌ بِقَوَدِهِ وَالْحَافِظُ الرَّاكِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ كَقَائِدٍ
وَالْبُيُوتُ بِالصَّحْرَاءِ وَالْبَسَاتِينِ بِمُلَاحَظٍ فَإِنْ كانت مُغْلَقَةً أَبْوَابُهَا فَبِنَائِمٍ وَكَذَا خَيْمَةٌ وخركاة وَنَحْوُهُمَا قال ابن عَقِيلٍ هذا من أَصْحَابِنَا مَحْمُولٌ على أَنَّهُ نَائِمٌ على الرَّحْلِ وَإِلَّا بِمُلَاحَظٍ وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
وَحِرْزُ ثِيَابٍ في حَمَّامٍ وَأَعْدَالٍ وَغَزْلٍ في سُوقٍ أو خَانٍ وما كان مشستركا ( ( ( مشتركا ) ) ) في الدُّخُولِ إلَيْهِ بِحَافِظٍ كَقُعُودِهِ على الْمَتَاعِ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَإِنْ فَرَّطَ في الْحِفْظِ فَنَامَ أو اشْتَغَلَ فَلَا قَطْعَ
وَيَضْمَنُ وفي التَّرْغِيبِ إنْ اسْتَحْفَظَهُ رَبُّهُ صَرِيحًا وَفِيهِ وَلَا تَبْطُلُ الْمُلَاحَظَةُ بِفَتَرَاتٍ وَإِعْرَاضٍ يَسِيرٍ بَلْ بِتَرْكِهِ وَرَاءَهُ
وَحِرْزُ كَفَنٍ في قَبْرٍ بِمَيِّتٍ فَلَوْ نَبَشَهُ وَأَخَذَ كَفَنًا مَشْرُوعًا قُطِعَ على الْأَصَحِّ وفي الْوَاضِحِ من مَقْبَرَةٍ مَصُونَةٍ بِقُرْبِ الْبَلَدِ ولم يَقُلْ في التَّبْصِرَةِ مَصُونَةٍ وفي كَوْنِهِ مِلْكًا له أو لِوَارِثِهِ فيه وَجْهَانِ ( م 12 ) وَعَلَيْهِمَا هو خَصْمُهُ وَقِيلَ نَائِبُ إمَامٍ كَعَدَمِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة 12 قوله وفي وكونه ملكا أو لوارثه فيه وجهان انتهى يعني به الكفن
____________________
1-
(6/129)
وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ هو وقال أبو الْمَعَالِي وَقِيلَ لِمَا لم يَكُنْ الْمَيِّتُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَوَارِثُهُ لَا يَمْلِكُ إبْدَالَهُ وَالتَّصَرُّفَ فيه إذَا لم يَخْلُفْ غَيْرَهُ أو عَيَّنَهُ بِوَصِيَّةٍ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ حَقًّا لِلَّهِ
وفي الِانْتِصَارِ وَثَوْبٌ رَابِعٌ وَخَامِسٌ مِثْلُهُ كَطِيبٍ وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَرَابِعٌ وَخَامِسٌ وَجْهَانِ
وَحِرْزُ بَابٍ تَرْكِيبُهُ في مَوْضِعِهِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِبَابِ مَسْجِدٍ كَحُصُرِهِ وَنَحْوِهَا في الْأَصَحِّ وَتَأْزِيرُهُ وَجِدَارُهُ وَسَقْفُهُ كَبَابِهِ وَيُقْطَعُ بِهِ من آدَمِيٍّ وبحلقه بَابِ دَارِهِ وفي التَّرْغِيبِ حِرْزُ بَابِ بَيْتٍ أو خِزَانَةٍ بِغَلْقِهِ أو غلب ( ( ( غلق ) ) ) بَابِ الدَّارِ عليه وفي سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ الْمَخِيطَةِ رِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا قَالَهُ ابن الْجَوْزِيِّ ( م 13 ) وَإِنْ نَامَ على رِدَائِهِ في مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ أو على مِجَرِّ فَرَسِهِ ولم يَزُلْ عنه أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إذَا سُرِقَ
أَحَدُهُمَا هو مِلْكٌ لِلْمَيِّتِ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ في الْجَنَائِزِ فقال لو كَفَّنَ فَقَدَّمَ الْمَيِّتَ فَالْكَفَنُ بَاقٍ على مِلْكِهِ تقضي منه دُيُونُهُ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وإذا أَكَلَهُ ضَبُعٌ فَكَفَنُهُ إرْثٌ وقال ابن تَمِيمٍ أَيْضًا وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ في قَضَاءِ دَيْنِهِ منه وَزِيَادَةُ الثُّلُثِ في الْوَصِيَّةِ وقال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ لو تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَكَلَ الْمَيِّتُ كان لِلْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْوَرَثَةِ وَقَطْعًا بِذَلِكَ
مَسْأَلَةٌ 13 قَوْلُهُ وفي سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ الْمَخِيطَةِ رِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا قَالَهُ ابن الْجَوْزِيِّ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا لَا يُقْطَعُ وهو الصَّحِيحُ قال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُقْطَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
1-
(6/130)
نعله في رجله قطع سارقه
وفي الترغيب لو سرق مركوبه من تحته فلا قطع وفي الرعاية احتمال وإن سرقة بمالكه ومعه نصاب فالوجهان وعند أبي بكر ما كان حرزا لمال فهو حرز لآخر وحمله أبو الخطاب على قوة سلطان وعدله فَصْلٌ وَيُقْطَعُ كُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قريبة إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَعَنْهُ إلَّا أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا وَقِيلَ إلَّا ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ قَطْعُ غَيْرِ أَبٍ وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةٍ من سَيِّدِهِ نَصَّ عليه وَسَرِقَةِ سَيِّدٍ من مُكَاتَبِهِ فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وفي الِانْتِصَارِ فِيمَنْ وَارِثُهُ حُرٌّ يُقْطَعُ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ
وَمِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ له كَبَيْتِ الْمَالِ نَصَّ عليه قال لِأَنَّ له فيه حَقًّا وَغَنِيمَةٌ لم تُخَمَّسْ أو لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ منه كَغَنِيمَةٍ مُخَمَّسَةٍ وفي الْمُحَرَّرِ يُقْطَعُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِسَرِقَةٍ من بَيْتِ الْمَالِ نَصَّ عليه وَمِثْلُهُ سَرِقَةُ عبد وَالِدٍ وَوَلَدٍ وَنَحْوِهِمَا قال أَحْمَدُ فِيمَنْ سَرَقَ من امْرَأَةِ سَيِّدِهِ وهو يَدْخُلُ عليهم ولم يُحَرِّزُوهُ عنه لم يُقْطَعْ وَلَا يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَتِهِ من مَالِهِ الْمُحَرَّزِ عنه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَمَنْعِهِ نَفَقَتَهَا فَتَأْخُذُهَا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ أو أَكْثَرُ
وَعَنْهُ بَلَى كَحِرْزٍ مُنْفَرِدٍ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ كَضَيْفِهِ وَصَدِيقِهِ وَعَبْدِهِ من امْرَأَتِهِ من مَالٍ مُحَرَّزٍ عنه ولم يَمْنَعْ الضَّيْفَ قُرَاهُ حَمَلَ إطْلَاقَ أَحْمَدَ لَا قَطْعَ على ضَيْفٍ على ما تَقَدَّمَ وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِسَرِقَةِ مَالِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَهُمَا بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَضَمَانُ مُتْلَفٍ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ مُسْتَأْمَنٌ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنَى نَصَّ عليه بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ وَسَوَّى في الْمُنْتَخَبِ بَيْنَهُمَا في عَدَمِ الْقَطْعِ وَيُقْطَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَالِ الْآخَرِ
وَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا وَادَّعَاهُ له أو بَعْضَهُ لم يُقْطَعْ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ بَلَى بِيَمِينِهِ وَعَنْهُ يُقْطَعُ مَعْرُوفٌ بِسَرِقَةٍ اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَكَذَا دَعْوَاهُ إذْنَهُ في دُخُولِهِ وفي الْمُحَرَّرِ يُقْطَعُ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لو شَهِدَ عليه فقال أَمَرَنِي رَبُّ الدَّارِ أَنْ أُخْرِجَهُ لم يُقْبَلْ منه وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في حَدِّ زِنَا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لم يُحَدَّ
____________________
(6/131)
وَمَنْ سُرِقَ أو غُصِبَ مَالُهُ فَسَرَقَ مَالَهُمَا مع مَالِهِ من حِرْزٍ وَاحِدٍ لم يُقْطَعْ وَقِيلَ بَلَى إنْ تَمَيَّزَ وَإِنْ سَرَقَ مَالَهُمَا من حِرْزٍ آخَرَ وَمِمَّنْ له عليه دَيْنٌ قُطِعَ وَقِيلَ وَلَوْ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ لِعَجْزِهِ
وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا فَقُطِعَ ثُمَّ سَرَقَهَا أو آجَرَ أو أَعَارَ دَارِهِ فَسَرَقَ منها مَالَ مُسْتَأْجِرٍ أو متسعير ( ( ( مستعير ) ) ) قُطِعَ وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ إنْ قَصَدَ بِدُخُولِهِ الرُّجُوعَ قال في الْفُنُونِ له الرُّجُوعُ بِقَوْلٍ لَا بِسَرِقَةٍ على أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا إذَا أَعَارَهُ ثَوْبًا وَسَرَقَهُ ضَمَّنَهُ شيئا وَلَا فَرْقَ فَصْلٌ وإذا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى من مِفْصَلِ كَفِّهِ وَيَجِبُ ذَكَرَ الشَّيْخُ يُسْتَحَبُّ حَسْمُهَا بغمسهما ( ( ( بغمسها ) ) ) في زَيْتٍ مَغْلِيٍّ قال أَحْمَدُ قَطَعَ النبي وَأَمَرَ بِهِ فَحَسَمَ وهو وَأُجْرَةُ قَاطِعٍ من مَالِهِ وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ وَيُسْتَحَبُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ في عُنُقِهِ زَادَ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ إمَامٌ وَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى من مِفْصَلِ كَعْبِهِ يُتْرَكُ عَقِبُهُ نَصَّ عليه وَحُسِمَتْ فَإِنْ عَادَ فَعَنْهُ يَجِبُ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى في الثَّالِثَةِ وَرِجْلِهِ الْيُمْنَى في الرَّابِعَةِ وَلَا تفريغ ( ( ( تقريع ) ) ) فَيُقْطَعُ الْكُلُّ مُطْلَقًا
وَالْمَذْهَبُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ فيحس ( ( ( فيحبس ) ) ) حتى يَتُوبَ كَالْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ وفي الْإِيضَاحِ
____________________
(6/132)
يُعَذَّبُ وفي التَّبْصِرَةِ أو يُغَرَّبُ وفي الْبُلْغَةِ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حتى يَتُوبَ وَأَمَّا ما رَوَاهُ مُصْعَبُ بن ثَابِتٍ عن عبدالله بن الزُّبَيْرِ عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ عن جَابِرٍ قال جِيءَ بِسَارِقٍ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال اُقْتُلُوهُ فَقَالُوا إنَّمَا سَرَقَ فقال اقْطَعُوهُ ثُمَّ جِيءَ بِهِ ثَانِيَةً فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَالُوا إنَّمَا سَرَقَ فقال اقْطَعُوهُ ثُمَّ جِيءَ بِهِ ثَالِثَةً فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَالُوا إنَّمَا سَرَقَ فقال اقْطَعُوهُ ثُمَّ جِيءَ بِهِ رَابِعَةً فقال اُقْتُلُوهُ فَقَالُوا إنَّمَا سَرَقَ فقال اقْطَعُوهُ فَأَتَى بِهِ في الْخَامِسَةِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَتَلُوهُ
فقال أَحْمَدُ وابن مَعِينٍ مُصْعَبٌ ضَعِيفٌ زَادَ أَحْمَدُ لم أَرَ الناس يَحْمَدُونَ حَدِيثَهُ وقال أبو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ رَوَى حَدِيثَهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وقال حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَمُصْعَبُ ليس بِالْقَوِيِّ وَقِيلَ هو حَسَنٌ وَقَتَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْهُ وقال أبو مُصْعَبٍ الْمَالِكِيُّ يُقْتَلُ السَّارِقُ في الْخَامِسَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ شَيْخِنَا إنَّهُ كَالشَّارِبِ في الرَّابِعَةِ يُقْتَلُ عِنْدَهُ إذَا لم يَنْتَهِ بِدُونِهِ فَلَوْ سَرَقَ وَيَمِينُهُ أو رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَلَوْ كان الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لم يُقْطَعْ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ من شِقٍّ وَلَوْ كان يَدُهُ الْيُسْرَى أو يَدَيْهِ فَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَجْهَانِ بِنَاءً على الْعِلَّتَيْنِ ( م 14 ) وَلَوْ كان رِجْلَيْهِ أو يُمْنَاهُمَا قُطِعَتْ يُمْنَى يَدَيْهِ في الْأَصَحِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ فَلَوْ سَرَقَ وَيَمِينُهُ أو رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا لو كان الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لم يُقْطَعْ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ من شِقٍّ وَلَوْ كان يَدُهُ الْيُسْرَى أو يَدَيْهِ فَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَجْهَانِ بِنَاءً على الْعِلَّتَيْنِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا قَطْعَ وهو الصَّحِيحُ قال في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فيه وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ لم يَجِبْ بِالسَّرِقَةِ وَسُقُوطُ الْقَطْعِ عن يَمِينِهِ لَا يقتضى قَطْعَ رِجْلِهِ كما لو كان الْمَقْطُوعُ يَمِينَهُ
____________________
1-
(6/133)
وَمَنْ سَرَقَ وَلَهُ يَدٌ يُمْنَى فَذَهَبَتْ هِيَ أو يُسْرَى يَدَيْهِ فَقَطْ أو مع رِجْلَيْهِ أو إحْدَاهُمَا فَلَا قَطْعَ لِتَعَلُّقِ الْقَطْعِ بها لِوُجُودِهَا كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ فَمَاتَ وَإِنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أو يُمْنَاهُمَا فَقِيلَ يُقْطَعُ كَذَهَابِ يُسْرَاهُمَا وَقِيلَ لَا لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ ( م 15 )
وَالشَّلَّاءُ كَمَعْدُومَةٍ في رِوَايَةٍ وفي أُخْرَى كَسَالِمَةٍ ( م 16 ) إنْ أَمِنَ تَلَفَهُ بِقَطْعِهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والوجه الثاني يقطع ( ( ( ذهب ) ) ) لأنه ( ( ( معظم ) ) ) قطع ( ( ( نفعها ) ) ) بيمنه ( ( ( كالأصابع ) ) ) فقطعت رجله كما ( ( ( ذهبت ) ) ) لو ( ( ( خنصر ) ) ) كانت اليسرى ( ( ( بنصر ) ) ) مقطوعة
مَسْأَلَةٌ 15 قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ وَلَهُ يَدٌ يُمْنَى فَذَهَبَتْ أو يُسْرَى يَدَيْهِ فَقَطْ أو مع رِجْلَيْهِ أو إحْدَاهُمَا فَلَا قَطْعَ لِتَعَلُّقِ الْقَطْعِ بها لِوُجُودِهَا كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ فَمَاتَ وَإِنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أو يُمْنَاهُمَا فَقِيلَ يُقْطَعُ كَذَهَابِ يُسْرَاهُمَا وَقِيلَ لَا لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا يُقْطَعُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ ما قَوَّاهُ الشَّيْخُ في بَحْثِهِ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَإِنْ كانت يَدَاهُ صَحِيحَتَيْنِ وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ أو مَقْطُوعَةً فَلَا أَعْلَمُ فيها قَوْلًا لِأَصْحَابِنَا وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا تُقْطَعُ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ سَارِقٌ له يُمْنَى فَقُطِعَتْ عَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِأَنَّهُ سَارِقٌ له يَدَانِ لِأَنَّ قَطْعَ يُمْنَاهُ يُذْهِبُ مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ من الرِّجْلَيْنِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في الْقَوْلِ الثَّانِي لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ كَذَا في النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الشِّقِّ لِأَنَّ ذَهَابَ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ لَا تَعَلُّقَ له بِقَطْعِ الْيَدِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فيه وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ في الْمُغْنِي فإنه عَلَّلَهُ بِذَلِكَ كما تَقَدَّمَ وَيَكُونُ وَجْهُهُ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ يَضْعُفُ مَشْيُهُ لِأَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى تُعِينُ على الْمَشْيِ بِالِاتِّكَاءِ عليها وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 16 قَوْلُهُ وَالشَّلَّاءُ كَمَعْدُومَةٍ في رِوَايَةٍ وفي أُخْرَى كَسَالِمَةٍ انْتَهَى
____________________
1-
(6/134)
وَكَذَا ما ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِهَا كَالْأَصَابِعِ ( م 17 ) فَإِنْ ذهبت ( ( ( ذهب ) ) ) خِنْصَرٌ أو بِنْصَرٌ أو وَاحِدَةٌ سِوَاهُمَا وَقِيلَ الْإِبْهَامُ فَقَطْ فَوَجْهَانِ ( م 18 )
وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يَمِينِهِ فَقَطَعَ قَاطِعٌ يَسَارَهُ بِلَا إذْنِهِ عَمْدًا فَالْقَوَدُ وَإِلَّا الدِّيَةُ واختاره الشَّيْخُ يجزىء وَلَا ضَمَانَ وهو احْتِمَالٌ في الِانْتِصَارِ وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ تَضْمِينَهُ نِصْفَ دِيَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ قُطِعَ دَهْشَةً أو وظنها ( ( ( ظنها ) ) ) تجزيء كَفَتْ وَلَا ضَمَانَ وَيَجْتَمِعُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير
إحداهما في كالمعدومة فلا تقطع وتقطع رجله قدمه في الكافي وقال نص عليه والناظم وابن رزين في شرحه وهو الصواب
والرواية الثانية هي كسالمة فيجزىء قطعها مع أمن تلفه قطع به في المنور وصححه في الرعايتين
مسألة 17 قوله وكذا ما ذهب معظم نفعها كالأصابع
يعني هل يجزىء قطعها أم يقتل أطلق الخلاف وقد علمت ذلك في التي قبلها ومن صحح وقدم وهذه كذلك
مسألة 18 قوله فإن ذهب خنصر أو بنصر أو واحدة سواهما وقيل الإبهام فقط فوجهان انتهى
أحدهما هي كالمعدومة
والوجه الثاني هي كالصحيحة وهو الصحيح قطع به في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وهو ظاهر ما قطع به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وصححه في النظم
تنبيه ذهب صاحب المحرر والرعايتين والحاوي وجماعة إلى أن ذهاب الإبهام كذهاب أصبعين وذهب صاحب المغني والشرح وابن رزين وغيرهم إلى أنها كإصبع وهو الصواب وهو ظاهر ما قدمه المصنف والذي يظهر أن في كلامه نقصا وهو لفظة إلا وتقديره وقيل إلا الإبهام يعني أنها ليست محلا للخلاف المطلق على هذه الطريقة وهي طريقته في المحرر وغيره
____________________
1-
(6/135)
الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وفي الِانْتِصَارِ يُحْتَمَلُ لَا غُرْمَ لِهَتْكِ حِرْزٍ وَتَخْرِيبِهِ
وَيُقْطَعُ على الْأَصَحِّ الطَّرَّارُ الذي يَبُطُّ جَيْبًا أو كُمًّا وَغَيْرَهُ وَيَأْخُذُ منه وَعَلَى الْأَصَحِّ أو بَعْدَ سُقُوطِهِ نِصَابًا مع أَنَّ ذلك حِرْزٌ وقال ابن عَقِيلٍ على الْأَصَحِّ وَبَنَى في التَّرْغِيبِ الْقَطْعَ على الرِّوَايَتَيْنِ في كَوْنِهِ حِرْزًا
وَيُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن شَاقِلَا وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ كَوَدِيعَةٍ وَمُنْتَهِبٍ وَمُخْتَلِسٍ وَغَاصِبٍ وَمَنْ سَرَقَ تَمْرًا أو كَثْرًا أو مَاشِيَةً من غَيْرِ حِرْزٍ أُضْعِفَتْ الْقِيمَةُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ وَغَيْرُهُمَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ يَخْتَصُّ التَّمْرُ وَالْكَثْرُ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَكَذَا دُونَ نِصَابٍ من حِرْزٍ سَأَلَهُ ابن هانىء عَمَّنْ يُعْفَى عنه حَدٌّ في سَرِقَةٍ قال أَذْهَبُ إلَى حديث عُمَرَ إذَا درىء ( ( ( درئ ) ) ) عنه شَيْءٌ منه أَضْعَفْت عليه الْغُرْمَ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ الْإِنْكَارَ وَأَطْلَقَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَامَ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ وَأَنَّهُ يروى عن عُمَرَ قال جَمَاعَةٌ ما لم يَبْذُلْ له وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ وفي التَّرْغِيبِ ما يحي ( ( ( يحيي ) ) ) بِهِ نَفْسَهُ
____________________
(6/136)
بَابُ حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ
وهو كُلُّ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ وَلَوْ أُنْثَى يَعْرِضُ لِلنَّاسِ بِسِلَاحٍ وَالْأَصَحُّ وَعَصَى وَحَجَرٍ وفي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهٌ وَيَدٍ فيغضبه ( ( ( فيغصبه ) ) ) الْمَالَ مُجَاهَرَةً اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ في صَحْرَاءَ وَقِيلَ وَمِصْرَ إنْ لم يُغَثْ
وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أو إقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ كَسَرِقَةٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالْحِرْزُ وَالنِّصَابُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ في سُقُوطِهِ بِشُبْهَةٍ كَسَرِقَةٍ وَجْهَانِ فَمَنْ قَدَرَ عليه ولم يُقْتَلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا نفى حتى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَقِيلَ عَامًا فَلَا يأوى بِبَلَدٍ وَعَنْهُ يُعَزَّرُ بِمَا يَرْدَعُهُ وفي التَّبْصِرَةِ هُمَا وَعَنْهُ يُحْبَسُ وفي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةُ نَفْيِهِ طَلَبَهُ وتنفي الْجَمَاعَةُ مُتَفَرِّقَةً خِلَافًا لِلتَّبْصِرَةِ
وَمَنْ أَخَذَ مَالًا ولم يَقْتُلْ قُطِعَتْ حَتْمًا يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مُرَتَّبًا وُجُوبًا ذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ وَجَوَّزَهُ أبو الْخَطَّابِ ثُمَّ أَوْجَبَهُ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ أو الْمَوْجُودِ مِنْهُمَا وَقِيلَ الْمَوْجُودُ مع يَدِهِ الْيُسْرَى في مَقَامٍ وَاحِدٍ وَحُسِمَتَا ثُمَّ خلي وفي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا إنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ قَوَدًا وَاكْتَفَى بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى فَفِي إمْهَالِهِ وَجْهَانِ وَإِنْ قُطِعَتْ يُسْرَاهُ قَوَدًا وَقُلْنَا تُقْطَعُ يُمْنَاهُ لِسَرِقَةٍ أُمْهِلَ وَإِنْ عَدِمَ يُسْرَى يَدَيْهِ قُطِعَتْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ لَا كَيُمْنَى يَدَيْهِ في الْأَصَحِّ وَلَا تُقْطَعُ بَقِيَّةُ أَرْبَعَةِ مُحَارِبٍ ثَانِيًا في الْأَصَحِّ
وَمَنْ قَتَلَ فَقَطْ قُتِلَ حَتْمًا وَلَا أَثَرَ لِعَفْوِ وَلِيٍّ وَيُعَايَا بها وَقِيلَ حَتْمًا إنْ قَتَلَهُ لِقَصْدِ مَالِهِ وَقِيلَ في غَيْرِ مكافىء ( ( ( مكافئ ) ) ) وفي اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ دَيْنًا وَحُرِّيَّةً حتى لَا يُقْتَلَ وَالِدٌ وَسَيِّدٌ بِمَعْصُومٍ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَعَنْهُ وَيُصْلَبُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وفي اعْتِبَارِ المكأفاة دَيْنًا وَحُرِّيَّةً حتى لَا يُقْتَلَ وَالِدٌ سيد ( ( ( وسيد ) ) ) بِمَعْصُومٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/137)
وَمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ تَحَتَّمَ ثُمَّ صَلْبُهُ وَقِيلَ يُصْلَبُ أَوَّلًا حتى يَشْتَهِرَ وفي التَّبْصِرَةِ حتى يَتَمَثَّلَ بِهِ وَيَعْتَبِرَ وَقِيلَ مُسَمَّى صَلْبٍ وَعِنْدَ ابْنِ رَزِينٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَعَنْهُ يقطع ( ( ( ويقطع ) ) ) اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وفي تَحَتُّمِ قَوَدٍ في طَرَفٍ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَيُحْتَمَلُ سُقُوطُهُ بِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هذا الِاحْتِمَالَ فقال يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ الْجِنَايَةُ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فقال يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ في الطَّرَفِ وَهَذَا وَهْمَ وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ لِقَوَدٍ لَزِمَهُ بَعْدَ مُحَارَبَتِهِ كَتَقْدِيمِهَا بِسَبْقِهَا
وَكَذَا لو مَاتَ قَتْلِهِ لِلْمُحَارَبَةِ وَقِيلَ وَيُصْلَبُ وَالرِّدَّةُ فيها وَالطَّلِيعُ كَمُبَاشِرٍ وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ السَّرِقَةَ كَذَلِكَ فَرَدْءُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَهُوَ وَقِيلَ يَضْمَنُ الْمَالَ آخِذُهُ وَقِيلَ قَرَارُهُ عليه وفي الْإِرْشَادِ من قَاتَلَ اللُّصُوصَ وَقُتِلَ الْقَاتِلُ فَقَطْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمقنع والبلغة والشرح وغيرهم
إحداهما يقتل به وهو الصحيح صححه في التصحيح وقال في تجريد العناية يقتل على الأظهر وبه قطع في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتن والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية لا يقتل قال الزركشي هذا شيء على قاعدة المذهب واختاره الشريف وأبو الخطاب والشيرازي وهو ظاهر ما قطع به الآدمي في منورة ومنتخبه
مسألة 2 قوله وفي تحتم قود في طرف روايتان انتهى وأطلقهما في الهداية والخلاصة والكافي والمقنع والمحرر وغيرهم
إحداهما لا يتحتم استيفاؤه وهو الصحيح صححه الشيخ الموفق والشارح والناظم وصاحب التصحيح وغيرهم وجزم به في المنور وغيره وقدمه في تجريد العناية وغيره
والرواية الثانية يتحتم جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح وقدمه والرعايتين والحاوي الصغير وهما وجهان في الكافي والبلغة
____________________
1-
(6/138)
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْآمِرُ كَرَدْءٍ وَأَنَّهُ في السَّرِقَةِ كَذَلِكَ وَفِيهَا في الِانْتِصَارِ الشَّرِكَةُ تَلْحَقُ غير الْفَاعِلِ بِهِ كَرَدْءٍ مع مُبَاشِرٍ وفي الْمُفْرَدَاتِ إنَّمَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ لِلسَّعْيِ بِالْفَسَادِ وَالْغَالِبُ من السُّعَاةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالتَّلَصُّصُ بِاللَّيْلِ الْمُشَارَكَةُ بِأَعْوَانٍ بَعْضٌ يقلات ( ( ( يقاتل ) ) ) أو يُحْمَلُ أو يَكْثُرُ أو يَنْقُلُ فقلنا ( ( ( فقتلنا ) ) ) الْكُلَّ أو قَطَعْنَاهُمْ حَسْمًا لِلْإِفْسَادِ وَلَوْ طَلَعَ إلَيْهِمْ عَسْكَرٌ فَأَخَذُوا رَجُلًا ليس منهم فَغَرِمُوهُ فَلَهُ طَلَبُهُمْ بِهِ إنْ سَاغَ أَخْذُهُ منهم قَالَهُ شَيْخُنَا وَإِنَّ الْمَرْأَةَ التي تُحْضِرُ النِّسَاءَ لِلْقَتْلِ تُقْتَلُ وَعَنْهُ نَسْخُ آيَةِ الْمُحَارِبِينَ وَأَنَّهُ كَغَيْرِهِ في الْحَدِّ إلَّا في قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ
وَمَنْ تَابَ قبل الْقُدْرَةِ عليه سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ في الْمُبْهِجِ في حَقِّ اللَّهِ رِوَايَتَيْنِ وَهَذَا فِيمَنْ تَحْتَ حُكْمِنَا وفي خَارِجِيٍّ وَبَاغٍ وَمُرْتَدٍّ مُحَارَبٍ الْخِلَافُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِبَيِّنَةٍ وَقِيلَ وَقَرِينَةٍ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْكَافِرُ فَلَا يُؤْخَذُ بشيء في كُفْرِهِ ( ع ) وَيَسْقُطُ حَدُّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ بِتَوْبَتِهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ وَصَلَاحُ عَمَلِهِ مُدَّةً قِيلَ قبل تَوْبَتِهِ وَقِيلَ قبل الْقُدْرَةِ وَقِيلَ قبل إقَامَتِهِ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ حَدُّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ بِتَوْبَتِهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ وَصَلَاحُ عَمَلِهِ مُدَّةً قِيلَ قبل تَوْبَتِهِ وَقِيلَ قبل الْقُدْرَةِ وَقِيلَ قبل إقَامَتِهِ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَسْقُطُ بِتَوْلِيَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ مَحَلُّ التَّوْبَةِ قبل ثُبُوتِ الْحَدِّ أو قبل الْقُدْرَةِ أو قبل إقَامَتِهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وقال النَّاظِمُ وَمَنْ تَابَ من حَدٍّ سِوَاهُ قُبَيْلَ أَنْ يُوَطِّدَهُ قَاضٍ فَأَسْقَطَ بِأَوْكَدَ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قدمة في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا وفي سُقُوطِ حَدِّ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالْقَاذِفِ بِالتَّوْبَةِ قبل إقَامَةِ الْحَدِّ وَقِيلَ قبل تَوْبَتِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في النَّظْمِ
____________________
1-
(6/139)
وفي بحث ( ( ( ثلاث ) ) ) القاضي التفرقة بين علم الإمام بهم أولا واختار شيخنا ولو في الحد لا يكمل وإن هربه فيه توبة له وعنه لا يسقط ذكره أبو بكر المذهب وعنه إن ثبت ببينة ذكرها ابن حامد وابن الزاغوني وغيرهما وعليهما يسقط في حق محارب تاب قبل القدرة
ويحتمل لا كما قبل المحاربة وفي المحرر لا يسقط بإسلام ذمي ومستأمن نص عليه وذكره ابن أبي موسى في ذمي ونقله فيه أبو داود وظاهر كلام جماعة أن فيه الخلاف وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ إنْ أَكْرَهَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فَوَطِئَهَا قُتِلَ ليس على هذا صلح ( ( ( صولحوا ) ) ) وَلَوْ أَسْلَمَ هذا حَدٌّ وَجَبَ عليه فَدَلَّ أَنَّهُ لو سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ التَّائِبَ وَجَبَ عليه أَيْضًا وَأَنَّهُ أَوْجَبَهُ بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فإنه لم يُصَرِّحْ بِتَفْرِقَةٍ بين إسْلَامٍ وَتَوْبَةٍ
وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ من قَذْفِ أُمِّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ حَدٌّ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَسْقُطُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في سُقُوطِ الْجِزْيَةِ بِإِسْلَامٍ إذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ عنه الْعُقُوبَاتُ الْوَاجِبَةُ بِالْكُفْرِ كَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ من الْحُدُودِ وفي الْمُبْهِجِ احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَدُّ زِنَا ذِمِّيٍّ وَيُسْتَوْفَى حَدُّ قَذْفٍ قَالَهُ شَيْخُنَا
وفي الرِّعَايَةِ الْخِلَافُ وهو مَعْنَى ما أَخَذَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا من عَدَمِ إعْلَامِهِ وَصِحَّةِ تَوْبَتِهِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ عز وجل مع أَنَّهُمْ في أُصُولِ الْفِقْهِ ذَكَرُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَادَ إلَى الْفِسْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَجَزَمَ ابن الْجَوْزِيِّ بِعَوْدِهِ إلَى الْجَلْدِ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي في بَحْثِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ مع تَصْرِيحِهِ في أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَسْقُطُ وَجَعَلَهُ أَصْلًا في مَسْأَلَةِ الْحُدُودِ وفي التَّبْصِرَةِ يَسْقُطُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا يُوجِبُ مَالًا وَإِلَّا سَقَطَ إلَى مَالٍ وفي الْبُلْغَةِ في إسْقَاطِ التَّوْبَةِ في غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ قبل الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا رِوَايَتَانِ فَصْلٌ وَمَنْ صَالَ على نَفْسِهِ أو حُرْمَتِهِ أو مَالِهِ وَلَوْ قَلَّ آدَمِيٌّ كَافَأَهُ أَمْ لَا قال ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ كَمُحَارَبَةِ صَبِيٍّ أو مَجْنُونٍ أو غَيْرِ آدَمِيٍّ دَفَعَهُ بِأَسْهَلَ ما يَظُنُّ وَقِيلَ يَعْلَمُ دَفْعَهُ بِهِ وَقِيلَ إنْ لم يُمْكِنْهُ هَرَبٌ أو احْتِمَاءٌ وَنَحْوُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ قال
____________________
(6/140)
أَحْمَدُ لَا تُرِيدُ قَتْلَهُ وَضَرْبَهُ لَكِنْ ادْفَعْهُ وقال الْمَيْمُونِيُّ رَأَيْته يَعْجَبُ مِمَّنْ يقول أُقَاتِلُهُ وَأَمْنَعُهُ وأنا لَا أُرِيدُ نَفْسَهُ قال أَحْمَدُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِمْ أو يَتْبَعَهُمْ إذَا وَلَّوْا وَنَقَلَ الْفَضْلُ إنْ صَارَ في مَوْضِعٍ تعلم ( ( ( نعلم ) ) ) أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْك فَلَا تَتْبَعُهُ وَقِيلَ له الْمُنَاشَدَةُ فقال حَدِيثَ سَلْمَانَ ولم يُثْبِتْهُ وقال قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من قُتِلَ دونه مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في لُصُوصٍ دَخَلُوا عليه يُقَاتِلُهُمْ أو يُنَاشِدُهُمْ قال قد دَخَلُوا ما يُنَاشِدُهُمْ وَاحْتَجَّ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وقال يَمْنَعُ مَالَهُ وَنَفْسَهُ وَنَقَلَ ابن ثَوَابٍ في لِصٍّ قال ضَعْ ثَوْبَك وَإِلَّا ضَرَبْتُك بِالسَّيْفِ وَلَا تَدْرِي هل يَفْعَلُ أَمْ لَا فَأَبَيْت ثُمَّ ضَرَبْته ضَرْبَةً لَا تَدْرِي يَمُوتُ منها أَمْ لَا فَهَدَرٌ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ له دَفْعُهُ بِالْأَسْهَلِ إنْ خَافَ أَنْ يَبْدُرَهُ قال بَعْضُهُمْ أو يَجْهَلُهُ فَإِنْ قُتِلَ فَشَهِيدٌ وَإِنْ قَتَلَهُ فَهَدَرٌ وَلَا يَجُوزُ في حَالِ مَزْحٍ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَيُقَادُ بِهِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ في التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن نَفْسِهِ على الْأَصَحِّ كَحُرْمَتِهِ في الْمَنْصُوصِ
وَعَنْهُ وَلَوْ في فِتْنَةٍ وَنَقَلَ عنه اثْنَانِ فيها إنْ دخل عليه مَنْزِلَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ فيها وَلَا يَلْزَمُهُ عن مَالِهِ على الْأَصَحِّ كما لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ من الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وفي التَّبْصِرَةِ في الثَّلَاثَةِ يَلْزَمُهُ في الْأَصَحِّ وَلَهُ بَذْلُهُ وَذَكَرَ
____________________
(6/141)
الْقَاضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ وَأَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَهُ وفي التَّرْغِيبِ الْمَنْصُوصُ عنه أَنَّ تَرْكَ قِتَالِهِ عنه أَفْضَلُ وَأَطْلَقَ رِوَايَتَيْ الْوُجُوبِ في الْكُلِّ ثُمَّ قال عِنْدِي يَنْتَقِضُ عَهْدُ الذِّمِّيِّ وَالْبَهِيمَةُ لَا حُرْمَةَ لها فَيَجِبُ وما قَالَهُ في الذِّمِّيِّ مُرَادُ غَيْرِهِ وفي الْبَهِيمَةِ مُتَّجَهٌ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ يُرِيدُ الْمَالَ أَرَى دَفْعَهُ إلَيْهِ وَلَا يأتى على نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا عِوَضَ منها وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا بَأْسَ قال المروزي ( ( ( المروذي ) ) ) وَغَيْرُهُ كان أبو عبدالله لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لها في نِهَايَةِ المبتدي ( ( ( المبتدئ ) ) ) يَجُوزُ دَفْعُهُ عن نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ وَقِيلَ يَجِبُ
وَلِمُسْلِمٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ جاء رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قال فَلَا تُعْطِهِ مَالَك قال أَرَأَيْت إنْ قَاتَلَنِي قال اقتله ( ( ( قاتله ) ) ) قال أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي قال فَأَنْتَ شَهِيدٌ قال أَرَأَيْت إنْ قَتَلْته قال هو في النَّارِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَا يَبْذُلُهُ إنْ لم يَحْرُمْ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْغَصْبِ لو قَتَلَ دَفْعًا عن مَالِهِ قُتِلَ وَلَوْ قَتَلَ دَفْعًا عن نَفْسِهِ لم يُقْتَلْ وَيَتَوَجَّهُ مع ضَعْفِهِ حَمْلُهُ على الْيَسِيرِ كَقَوْلِ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ
وَكَذَا دَاخِلَ مَنْزِلِ غَيْرِهِ مُتَلَصِّصًا نَقَلَ عبدالله إنْ ظَنَّ الْعَجْزَ عن قتل ( ( ( قتال ) ) ) اللُّصُوصِ وَإِنْ هو أَعْطَاهُمْ يَدَهُ تَرَكُوهُ رَجَوْت أَنْ له تَرْكُ قِتَالِهِمْ وَإِلَّا فَلْيَدْفَعْهُمْ ما اسْتَطَاعَ وَيَلْزَمُهُ عن نَفْسِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مه إيثَارُ الشَّهَادَةِ وَكَإِحْيَائِهِ بِبَذْلِ طَعَامِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مع ظَنِّ سَلَامَةِ الدَّافِعِ
____________________
(6/142)
وَكَذَا مَالُهُ مع ظَنِّ سَلَامَتِهِمَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَجُوزُ وَإِلَّا حَرُمَ وَقِيلَ جَوَازُهُ عنهما وَعَنْ حُرْمَتِهِ رِوَايَتَانِ ونقل حَرْبٌ الْوَقْفَ في مَالِ غَيْرِهِ وَنَقَلَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُقَاتِلُهُ لِأَنَّهُ لم يُبَحْ له قَتْلُهُ لِمَالِ غَيْرِهِ وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا لُزُومَهُ عن مَالِ غَيْرِهِ قال في التَّبْصِرَةِ فَإِنْ أبي أَعْلَمَ مَالِكَهُ فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ إعَانَتُهُ
قال شَيْخُنَا في جُنْدٍ قَاتَلُوا عَرَبًا نَهَبُوا أَمْوَالَ تُجَّارٍ لِيَرُدُّوهُ إلَيْهِمْ هُمْ مُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا ضَمَانَ عليهم بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ قال وَمَنْ أَمَرَ لِلرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ لم يثبت ( ( ( يثب ) ) ) يَأْثَمُ على فَسَادِ نِيَّتِهِ كَالْمُصَلِّي رِيَاءً وَسُمْعَةً وهو مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ في كل طَاعَةٍ وَلَا يَسْقُطُ عنه الْأَمْرُ بِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَعَنْهُ بَلَى كَإِيَاسِهِ على الْأَصَحِّ
وفي الْفُصُولِ يَضْمَنُ من قَتَلَهُ دَفْعًا عن نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي بِلُزُومِ دَفْعِ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ عن نَفْسِهِ وَبِإِبَاحَتِهِ عن مَالِهِ وَحُرْمَتِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَحُرْمَتِهِ وَإِنَّ في إبَاحَتِهِ عن مَالِ غَيْرِهِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ لِأَجْلِهِ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابن عَقِيلٍ
وفي الْمَذْهَبِ وَجْهَانِ في وُجُوبِهِ عن نَفْسِ غَيْرِهِ وَيَرِثُهُ جَزَمَ بِهِ أبو الْوَفَاءِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَقُولَ يَضْمَنُهُ إذَنْ وفي الْمُغْنِي في الثَّلَاثَةِ لِغَيْرِهِ مَعُونَتُهُ بِالدَّفْعِ لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أو مَظْلُومًا وَلِئَلَّا تَذْهَبَ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ وما احْتَجَّ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ
وَيَتَوَجَّهُ في الذَّبِّ عن عِرْضِ غَيْرِهِ الْخِلَافُ وقد رَوَى أَحْمَدُ النَّهْيَ عن خِذْلَانِ الْمُسْلِمِ وَالْأَمْرَ بِنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَرَوَى هو وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنة عن أبي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا من رَدَّ عن عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ وَجْهَهُ عن النَّارِ يوم الْقِيَامَةِ وَرَوَى أَحْمَدُ وأبو دَاوُد من رِوَايَةِ يحيى بن سُلَيْمٍ عن إسْمَاعِيلَ بن بَشِيرٍ وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ عن جَابِرٍ وَأَبِي طَلْحَةَ مَرْفُوعًا ما من امرىء ( ( ( امرئ ) ) ) يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا في مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فيه حُرْمَتُهُ ويتنقص ( ( ( وينتقص ) ) ) فيه من عِرْضِهِ إلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ في مَوْضِعٍ يُحِبُّ فيه نُصْرَتَهُ وما من امرىء ( ( ( امرئ ) ) ) يَنْصُرُ مُسْلِمًا في مَوْضِعٍ يتنقص ( ( ( ينتقص ) ) ) فيه من عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فيه من حُرْمَتِهِ إلَّا نصرة اللَّهُ في مَوْطِنٍ يُحِبُّ فيه
____________________
(6/143)
نُصْرَتَهُ وَلِأَحْمَدَ من حديث سَهْلِ بن حُنَيْفٍ من أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فلم يَنْصُرْهُ وهو قَادِرٌ على نَصْرِهِ أَذَلَّهُ اللَّهُ على رؤوس ( ( ( رءوس ) ) ) الْخَلَائِقِ يوم الْقِيَامَةِ وَفِيهِ ابن لَهِيعَةَ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا في شَهَادَةِ الْعَدُوِّ وَلَوْ ظَلَمَ ظَالِمٌ فَنَقَلَ ابن أبي حَرْبٍ لَا يُعِينُهُ حتى يَرْجِعَ عن ظُلْمِهِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِينُوهُ أَخْشَى أَنْ يجتريء ( ( ( يجترئ ) ) ) يَدْعُونَهُ حتى يَنْكَسِرَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَسَأَلَهُ صَالِحٌ فِيمَنْ يَسْتَغِيثُ بِهِ جَارُهُ قال يُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى صَيْحَةٍ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي ما يَكُونُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ في الثَّانِيَةِ
قال أَنَسٌ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ أُنَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد سَبَقَهُمْ إلَى الصَّوْتِ وهو على فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عرى في عُنُقِهِ السَّيْفُ وهو يقول لم تُرَاعُوا لم تُرَاعُوا مُتَّفَقٌ عليه
وَسَبَقَ أَنَّ الْعَفْوَ عن الْقَوَدِ وَغَيْرِهِ أَفْضَلُ بِلَا تَفْصِيلٍ وهو عَمَلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في الْمِحْنَةِ وَغَيْرِهَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عنه ابن أبي دَاوُد وَأَمْثَالُهُ لَا أُحْلِلْهُمْ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ لَوْلَا أَنَّ ابْنَ أبي دَاوُد دَاعِيَةٌ لَأَحْلَلْته وَنَقَلَ عبدالله أَنَّهُ أَحَلَّ ابْنَ أبي دَاوُد وَعَبْدَ الرحمن بن إِسْحَاقَ فِيمَا بَعْدُ وَيَلْزَمُ من نَصِّهِ هُنَا أَنْ لايعفو عن ظَالِمٍ لِأَنَّهُ إذَا لم يَنْصُرْهُ في تَرْكِ الْحَرَامِ لِمَا هو عليه من الظُّلْمِ في شَيْءٍ آخَرَ فَهُنَا أَوْلَى
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في أَحْكَامِ الْقُرْآنِ في قَوْلِهِ { وَاَلَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } الشورى 39 أنها مَحْمُولَةٌ على من تَعَدَّى وَأَصَرَّ وَآيَاتُ الْعَفْوِ مَحْمُولَةٌ على أَنَّ الْجَانِيَ نَادِمٌ وَظَهَرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ من نَصِّهِ على الْعَفْوِ عنه نَصْرُهُ على ظَالِمِهِ فَالْمَسْأَلَتَانِ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(6/144)
وقد ذَكَرَ ابن عبدالبر في كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ قال رَجُلٌ لِابْنِ سِيرِينَ إنِّي وَقَعْت فِيك فَاجْعَلْنِي في حِلٍّ قال لَا أُحِبُّ أَنْ أَحِلَّ لَك ما حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْك وقال شَيْخُنَا إنَّ في الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَائِدَةً عَظِيمَةً وهو أَنَّهُ حَمِدَهُمْ على أنه ( ( ( أنهم ) ) ) يَنْتَصِرُونَ عِنْدَ الْبَغْيِ عليهم كما أَنَّهُمْ هُمْ يَعْفُونَ عِنْدَ الْغَضَبِ لَيْسُوا مِثْلَ الذي ليس له قُوَّةُ الِانْتِصَارِ وَفِعْلُهُ لِعَجْزِهِمْ أو كَسَلِهِمْ أو وَهَنِهِمْ أو ذُلِّهِمْ أو حُزْنِهِمْ فإن أَكْثَرَ من يَتْرُكُ الِانْتِصَارَ بِالْحَقِّ إنَّمَا يَتْرُكُهُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَأَشْبَاهِهَا
وَلَيْسُوا مِثْلَ الذي إذَا غَضِبَ لَا يَغْفِرُ وَلَا يَعْفُو بَلْ يعتدي ( ( ( يتعدى ) ) ) أو يَنْتَقِمُ حتى يُكَفَّ من خَارِجٍ كما عليه أَكْثَرُ الناس إذَا غَضِبُوا وَقَدَرُوا لَا يَقِفُونَ عِنْدَ الْعَدْلِ فَضْلًا عن الْإِحْسَانِ فَحَمِدَهُمْ على أَنَّهُمْ هُمْ يَنْتَصِرُونَ وَهُمْ يَغْفِرُونَ
وَلِهَذَا قال إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَذِلُّوا فإذا قَدَرُوا عَفَوْا إلَى أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ في دَفْعِ الْإِنْسَانِ عن نَفْسِهِ ثُمَّ قال وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَجِبَ مَفْسَدَةٌ تُقَاوِمُ مَفْسَدَةَ التَّرْكِ أو تُفْضِي إلَى فَسَادٍ أَكْثَرَ وَعَلَى هذا تَخْرُجُ قِصَّةُ ابْنِ آدَمَ وَعُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنه بِخِلَافِ من لم يَكُنْ في دفعة إلَّا إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ الظَّالِمِ أو حَبْسُهُ أو ضَرْبُهُ فَهُنَا الْوُجُوبُ أَوْجَهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ { هُمْ يَنْتَصِرُونَ } فَالِانْتِصَارُ قد يَكُونُ مُسْتَحَبًّا تَارَةً وقد يَكُونُ وَاجِبًا أُخْرَى كَالْمَغْفِرَةِ سَوَاءٌ
وَمَنْ قَفَزَ إلَى بَلَدِ الْعَدُوِّ ولم يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُ كَالصَّائِلِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ رَابَطَ بِمَكَانٍ مَخُوفٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ قال أَرْجُو ذلك نَقَلَهُ الْفَضْلُ وَنَقَلَ حَرْبٌ ما أَحْسَنُهُ
وَمَنْ عَضَّ يَدَ غَيْرِهِ وَحَرُمَ فَجَذَبَهَا وقال جَمَاعَةٌ بِالْأَسْهَلِ فَسَقَطَتْ ثَنَايَاهُ فَهَدَرٌ وَكَذَا مَعْنَاهُ فَإِنْ عَجَزَ دَفَعَهُ كَصَائِلٍ وَمَنْ نَظَرَ في بَيْتِهِ من خُصَاصِ بَابٍ وَلَوْ لم يَتَعَمَّدْ لَكِنْ ظَنَّهُ معتمدا ( ( ( متعمدا ) ) ) قال في التَّرْغِيبِ أو صَادَفَ عَوْرَةً من مَحَارِمِهِ وَأَصَرَّ وفي الْمُغْنِي في مِثْلِ هذه الصُّورَةِ وَلَوْ خَلَتْ من نِسَاءٍ فَخَذَفَ عَيْنَهُ وَنَحْوَ ذلك فَتَلِفَتْ فَهَدَرٌ
وَلَا يَتْبَعُهُ وقال ابن حَامِدٍ يَدْفَعُهُ بِالْأَسْهَلِ فَيُنْذِرُهُ أَوَّلًا كَمَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ لم يَقْصِدْ أُذُنَهُ بِلَا إنْذَارٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَقِيلَ بَابٌ مَفْتُوحٌ كَخُصَاصِهِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَنْ أبي ذَرٍّ مَرْفُوعًا وَإِنْ مَرَّ رَجُلٌ على بَابٍ لَا سِتْرَ له غير مُغْلَقٍ
____________________
(6/145)
فَنَظَرَ فَلَا خَطِيئَةَ عليه إنَّمَا الْخَطِيئَةُ على أَهْلِ الْبَيْتِ فيه ابن لَهِيعَةَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ أَعْمَى سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَإِنْ عَقَرَتْ كَلْبَةٌ من قَرُبَ من أَوْلَادِهَا أو خَرَقَتْ ثَوْبَهُ لم تفلت ( ( ( تقتل ) ) ) بَلْ تقتل ( ( ( تنقل ) ) )
____________________
(6/146)
بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
وَهُمْ الْخَارِجُونَ على الْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ لَا جَمْعٌ يَسِيرٌ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَإِنْ فَاتَ شَرْطٌ فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ وفي التَّرْغِيبِ لَا تَتِمُّ الشَّوْكَةُ إلَّا وَفِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ وَأَنَّهُ يَعْتَبِرُ كَوْنَهُمْ في طَرَفِ وِلَايَتِهِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ تَدْعُو إلَى نَفْسِهَا أو إلَى إمَامِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ وَيَلْزَمُهُ مُرَاسَلَتُهُمْ وَإِزَالَةُ شُبْهَتِهِمْ فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا لَزِمَ الْقَادِرَ قِتَالُهُمْ
وَعِنْدَ شَيْخِنَا الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ حتى يَبْدَءُوهُ ( وم ) وهو ظَاهِرُ اخْتِيَارِ الشَّيْخِ وَقَالَا في الْخَوَارِجِ له قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً وَتَتِمَّةُ الْجَرِيحِ وهو خِلَافُ ظَاهِرِ رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بن مَالِكٍ وفي الْمُغْنِي في الْخَوَارِجِ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ من أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ بُغَاةٌ لهم حُكْمُهُمْ وَأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَذَا قال وَلَيْسَ بِمُرَادِهِمْ لِذِكْرِهِمْ كُفْرَهُمْ أو فِسْقَهُمْ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ
وَلِهَذَا قال شَيْخُنَا يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بين الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ وهو الْمَعْرُوفُ عن الصَّحَابَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الحديث وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَنُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ من أَصْحَابِ ( م ش ) وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا يَخْرُجُ على وَجْهِ من صَوَّبَ غير مُعَيَّنٍ أو وَقَفَ لَا أَنَّ عَلِيًّا هو الْمُصِيبُ وَهِيَ أَقْوَالٌ في مَذْهَبِنَا وَأَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرَهُمْ رَأَى تَرْكَ قِتَالِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مع وَاحِدَةٍ
وقال في تَفْضِيلِ مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ على الْكُوفَةِ أَكْثَرُ الْمُصَنَّفِينَ لِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ يَرَى الْقِتَالَ من نَاحِيَةِ عَلِيٍّ وَمِنْهُمْ من يَرَى الْإِمْسَاكَ وهو الْمَشْهُورُ من قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الحديث مع رُؤْيَتِهِمْ لِقِتَالِ من خَرَجَ عن الشَّرِيعَةِ كَالْحَرُورِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَأَنَّهُ يَجِبُ وَالْأَخْبَارُ في أَمْرِ الْفِتْنَةِ تُوَافِقُ هذا فَاتَّبِعُوا النَّصَّ الصَّحِيحَ وَالْقِيَاسَ الْمُسْتَقِيمَ وَلِهَذَا كان الْمُصَنِّفُونَ لِعَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَذْكُرُونَ فيه تَرْكَ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ وَالْإِمْسَاكَ عَمَّا شَجَرَ بين الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ
وقال في ردة على الرَّافِضِيِّ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ يقول أَكْثَرُهُمْ ( 5 م ) وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ لم يُوجَدْ شَرْطُ قِتَالِ الطَّائِفَةِ الْبَاغِيَةِ فإن اللَّهَ لم يَأْمُرْ بِهِ ابْتِدَاءً بَلْ بِالصُّلْحِ
____________________
(6/147)
ثُمَّ إنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا قُوتِلَتْ وَهَؤُلَاءِ وقوتلوا ( ( ( قوتلوا ) ) ) قبل أَنْ يَبْدَءُوا بِقِتَالٍ وَلِهَذَا كان هذا الْقِتَالُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَمَالِكٍ قِتَالَ فِتْنَةٍ وأبو حَنِيفَةَ يقول لَا يَجُوزُ قتلا ( ( ( قتال ) ) ) الْبُغَاةِ حتى يَبْدَءُوا بِقِتَالٍ إلَى أَنْ قال شَيْخُنَا وَلَكِنْ عَلِيٌّ كان أَقْرَبَ إلَى الْحَقِّ من مُعَاوِيَةَ وَإِنْ بَعْضُ أَصْحَابِنَا صَوَّبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِنَاءً على أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ذَكَرَهُ ابن حَامِدٍ
وفي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ كَقَوْلِ شَيْخِنَا فقال الْأَكَابِرُ من الصَّحَابَةِ وَالْكَافَّةُ كَانُوا مُتَبَاعِدِينَ عن ذلك قال أَحْمَدُ حدثنا إسْمَاعِيلُ حدثنا أَيُّوبُ حدثنا محمد بن سِيرِينَ قال هَاجَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَشْرَةُ آلَافٍ فما حَضَرَ فيها مِائَةٌ وفي غَيْرِ كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ بَلْ لم يَبْلُغُوا ثَلَاثِينَ وَحَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ حدثنا مَنْصُورٌ قال الشَّعْبِيُّ لم يَشْهَدْ الْجَمَلَ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم غَيْرُ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَإِنْ جَاءُوا بِخَامِسٍ فَأَنَا كَذَّابٌ
وَمُرَادُهُ من الْبَدْرِيِّينَ وقال ابن هُبَيْرَةَ في حديث أبي بَكْرَةَ في تَرْكِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ أَيْ في قَتْلِ عُثْمَانَ فَأَمَّا ما جَرَى بَعْدَهُ فلم يَكُنْ لِأَحَدٍ من الْمُسْلِمِينَ التَّخَلُّفُ عن عَلِيٍّ وَلَمَّا تَخَلَّفَ عنه سَعْدٌ وابن عُمَرَ وَأُسَامَةُ وَمُحَمَّدُ بن مَسْلَمَةَ من الصَّحَابَةِ وَمَسْرُوقٌ وَالْأَحْنَفُ من التَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ نَدِمُوا فَقَدْ رَوَى ابن عبدالبر في كِتَابِ الِاسْتِيعَابِ في أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ أَنَّ عبدالله بن عُمَرَ كان يقول عِنْدَ الْمَوْتِ إنِّي أَخْرُجُ من الدُّنْيَا وَلَيْسَ في قَلْبِي حَسْرَةٌ إلَّا تَخَلُّفِي عن عَلِيٍّ أو كَلَامًا هذا مَعْنَاهُ ( رَوَاهُ عنه ) من طُرُقٍ وَكَذَا روى عن مَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ من تَخَلُّفِهِمْ قالوا ذلك كَذَلِكَ قال
وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَجِبُ قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ ( ع ) ثُمَّ قال الْقَاضِي أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْخَوَارِجَ وَشِبْهَهُمْ من أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ مَتَى خَرَجُوا على الْإِمَامِ وَخَالَفُوا رَأْيَ الْجَمَاعَةِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ قال تَعَالَى { فَقَاتِلُوا التي تَبْغِي حتى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ } الحجرات 9 فَإِنْ اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً ولم يَخَفْ مَكِيدَةً أَنْظَرَهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَعْطَوْهُ مَالًا أو رَهْنًا
وَقِيلَ لِلْقَاضِي يَجُوزُ قِتَالُ الْبُغَاةِ إذَا لم يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ فقال نعم لأنه الْإِمَامَ إنَّمَا أُبِيحَ له قِتَالُهُمْ لِمَنْعِ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ وَهَذَا مَوْجُودٌ بِدُونِ إمَامٍ وَيَحْرُمُ قِتَالُهُمْ بِمَنْ يَقْتُلُ مُدْبِرَهُمْ كَكُفَّارٍ وَبِمَا يَعُمُّ إلاتلافه ( ( ( إتلافه ) ) ) كَمَنْجَنِيقٍ وَنَارٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفِعْلِهِمْ
____________________
(6/148)
إنْ لم يَفْعَلْهُ وَكَذَا بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ وَعَنْهُ وَغَيْرُهَا وَمُرَاهِقٌ وَعَبْدٌ كَخَيْلٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَيَحْرُمُ قَتْلُ مُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ ( م 1 ) جَزَمَ في التَّرْغِيبِ بِأَنَّ الْمُدْبِرَ من انْكَسَرَتْ شَوْكَتُهُ لَا الْمُتَحَرِّفُ إلَى مَوْضِعٍ
وفي الْمُغْنِي يَحْرُمُ قَتْلُ من تَرَكَ الْقِتَالَ وَيَحْرُمُ أَخْذُ مَالِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَيُخَلَّى أَسِيرُهُمْ بَعْدَ الْحَرْبِ وفي التَّرْغِيبِ لَا مع بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ فَإِنْ بَطَلَتْ وَيُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ في الْحَالِ فَوَجْهَانِ ( م 2 )
وَقِيلَ يَجُوزُ حبسة لِيُخَلَّى أَسِيرُنَا وَقِيلَ يُخَلَّى صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ وَنَحْوُهُمَا في الْحَالِ وَيُكْرَهُ له قَصْدُ رَحْمَةِ الْبَاغِي بِالْقَتْلِ وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا كَإِقَامَةِ حَدٍّ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَحْرُمُ
ولا يضمن بغاة ما تلف حال الحرب كأهل العدل وعنه بلى ففي القود (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا قُتِلَ مُدْبِرُهُمْ وَجَرِيحُهُمْ هل يُقَادُ بِهِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يُقَادُ بِهِ وهو ظاهر كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقَادُ بِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في ذلك فَأَنْتَجَ شُبْهَةً تَمْنَعُ الْقَوَدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ ويخلى أَسِيرُهُمْ بَعْدَ الْحَرْبِ وفي التَّرْغِيبِ لَا مع بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ فَإِنْ بَطَلَتْ وَيُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ في الْحَالِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَيَحْتَمِلُ الْخِلَافُ من تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ
____________________
1-
(6/149)
وَجْهَانِ ( م 3 ) وَهُمَا في تَحَتُّمِهِ بَعْدَهَا ( م 4 ) وَيَضْمَنَانِ ما تَلِفَ في غَيْرِهَا
قال شَيْخُنَا في المستحيل ( ( ( المستحل ) ) ) لِأَذًى من أَمَرَهُ وَنَهَاهُ بِتَأْوِيلٍ كَمُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَاحْتَجَّ بِمَا أَتْلَفَهُ الْبُغَاةُ لِأَنَّهُ من الْجِهَادِ الذي يَجِبُ فيه الْأَجْرُ على اللَّهِ وَلَا حَدَّ مع تَأْوِيلٍ كَمَالٍ وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ يُحَدُّ وفي قَبُولِ دَعْوَى دَفْعِ خَرَاجٍ إلَيْهِمْ من مُسْلِمٍ بِلَا بَيِّنَةٍ وَقِيلَ غيره وَجْهَانِ ( م 5 ) لَا جِزْيَةَ وَفِيهَا احْتِمَالٌ بَعْدَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الترغيب ( ( ( الحول ) ) ) وهو الظاهر ويحتمل أن يكون ابتداء مسألة وهو بعيد وعلى كل حال الصواب عدم إرسال أسيرهم والحالة هذه وإن كان ظاهر ما قدمه المصنف تخليتهم والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ بُغَاةَ ما تَلِفَ حَالَ الْحَرْبِ كَأَهْلِ الْعَدْلِ وَعَنْهُ بَلَى فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ انْتَهَى
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ ضَمِنَ الْمَالَ احْتَمَلَ الْقَوَدُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَوَدُ وهو الصَّوَابُ تَغْلِيظًا عليهم لِكَوْنِهِمْ بُغَاةً كَالْمَالِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَالْوَجْهَانِ في تَحَتُّمِهِ بَعْدَهَا انْتَهَى
يَعْنِي في تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ التَّحَتُّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وفي قَبُولِ دَعْوَى دَفْعِ خَرَاجٍ إلَيْهِمْ من مُسْلِمٍ بِلَا بَيِّنَةٍ وَقِيلَ وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
1-
(6/150)
الحول وَشَهَادَتُهُمْ وَإِمْضَاءُ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ
وفي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ الْأَوْلَى رَدُّ كِتَابِهِ قبل حُكْمِهِ وقال ابن عَقِيلٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ ما لم يَكُونُوا دُعَاةً ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ وَغَيْرَهُ فَسَّقُوا الْبُغَاةَ قال وَهَؤُلَاءِ نَظَرُوا إلَى من عَدُّوهُ بُغَاةً في زَمَنِهِمْ فَرَأَوْهُمْ فُسَّاقًا
وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ يَصِحُّ قَضَاءُ الْخَارِجِيِّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ كما لو أَقَامَ الْحَدَّ وَأَخَذَ جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَزَكَاةً
وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ ذِمَّةٍ فأعينوهم ( ( ( فأعانوهم ) ) ) انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ وَقِيلَ لَا فَفِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَإِنْ ادَّعُوا شُبْهَةً كَوُجُوبِ إجَابَتِهِمْ فَلَا وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وَيَضْمَنُونَ ما أَتْلَفُوهُ في الْأَصَحِّ وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمِنُوهُمْ فَكَعَدِمِهِ إلَّا أَنَّهُمْ في أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُغَاةٍ وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رأى الْخَوَارِجِ ولم يَخْرُجُوا عن قَبْضَةِ الْإِمَامِ لم يُقَاتِلُوا ولم يَتَعَرَّضْ لهم وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ عليهم كَأَهْلِ الْعَدْلِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عن قَوْمٍ من أَهْلِ الْبِدَعِ يَتَعَرَّضُونَ وَيُكَفِّرُونَ قال لَا تَعْرِضُوا لهم قُلْت وَأَيُّ شَيْءٍ تَكْرَهُ من أَنْ يَحْبِسُوا قال لهم وَالِدَاتٌ وَأَخَوَاتٌ وقال في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ الْحَرُورِيَّةُ إذَا دَعَوْا إلَى ما هُمْ عليه إلَى دِينِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ وَإِلَّا فَلَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه الثاني يقبل قوله مع يمينه صححه الناظم وجزم به في المنور
مسألة 6 قوله وإن استعانوا بأهل ذمة فأعانوهم انتقض عهدهم وقيل لا ففي أهل عدل وجهان انتهى
قلت الذي يظهر أن العكس أولى وهو أنهم إذا قاتلوا مع البغاة وقلنا ينتقض عهدهم فهل ينتقض إذا قاتلوا مع أهل العدل يأتي الخلاف وهذا هو الصواب ولعله حصل سبقة قلم من المصنف أو يكون فرع الوجهين على القول بانتقاض عهدهم إذا أعانوا أهل البغي إذا علم ذلك فالصواب عدم انتقاض عهدهم مع أهل العدل وكذا لا ينتقض إذا قاتلوا مع أهل البغي مكرهين أو ادعوا شبهة مسموعة والله أعلم
____________________
1-
(6/151)
يُقَاتِلُونَ
وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ الْأُطْرُوشُ عن قَتْلِ الْجَهْمِيَّةِ قال أَرَى قَتْلَ الدُّعَاةِ منهم وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ أَنَّ مَالِكًا قال في عَمْرِو بن عُبَيْدٍ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ قال أَحْمَدُ أَرَى ذلك إذَا جَحَدَ الْعِلْمَ وذكرله الْمَرُّوذِيُّ عَمْرَو بن عُبَيْدٍ قال كان لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ وَهَذَا كَافِرٌ
وقال له الْمَرُّوذِيُّ الْكَرَابِيسِيُّ يقول من لم يَقُلْ لَفْظَهُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ فقال هو الْكَافِرُ قال مَاتَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ وَخَلَفَهُ حُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ وقال كَذَبَ هَتَكَهُ اللَّهُ الْخَبِيثَ قال ابن حَامِدٍ فَقَدْ أَبَانَ عن بِدْعَتِهِ وَكُفْرِهِ وقال عن حَارِثٍ الْمُحَاسِبِيِّ قَاتَلَهُ اللَّهُ وقال لَا يَغُرَّك خُشُوعُهُ وَلِينُهُ وَتَنْكِيسُ راسه فإنه رَجُلُ سُوءٍ ذَاكَ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا من قد خَبَرَهُ لَا تُكَلِّمْهُ وَلَا كَرَامَةَ له وَكَذَّبَ أَحْمَدُ دَاوُد الظَّاهِرِيَّ وقال إنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ وقال لَا فَرَّجَ اللَّهُ عنه لِقَوْلِهِ الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ وَأَنْكَرَ دَاوُد فقال أَحْمَدُ محمد بن يحيى النَّيْسَابُورِيُّ أَصْدَقُ منه لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قال ابن حَامِدٍ فَمَنَعَ من قَبُولِهِ تَوْبَتَهُ
وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِقَوْلِ خَالِدٍ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الْخَارِجِيِّ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قال لَا وَبِكَفِّهِ عن الْمُنَافِقِينَ وَبِمَا روى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه وَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إمَامٍ أو عَدْلٍ عُزِّرُوا وَإِنْ عَرَضُوا بِذَلِكَ فَوَجْهَانِ ( م 7 ) وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إمَامٍ أو عَدْلٍ عُزِّرُوا وَإِنْ عَرَضُوا بذلك فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يُعَزَّرُونَ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعَزَّرُونَ قال في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ الْإِمَامِ
____________________
1-
(6/152)
مبتدع ( ( ( عزرهم ) ) ) داعية له ( ( ( فظاهره ) ) ) دعاة أرى ( ( ( التعزير ) ) ) حبسه ( ( ( بالتعريض ) ) ) وكذا في التبصرة على الإمام منعهم وردعهم ولا يقاتلهم إلا أن يجتمعوا لحربه فكبغاة وقال أحمد أيضا في الحرورية الداعية تقاتل كبغاة ( ( ( إطلاق ) ) )
وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ يُقَاتَلُ من مَنَعَ الزَّكَاةَ وَكُلُّ من مَنَعَ فَرِيضَةً فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُ حتى يَأْخُذُوهَا منه وَاخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ وَشَيْخُنَا وقال أَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عن شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ من شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ قِتَالُهَا حتى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَالْمُحَارِبِينَ وَأَوْلَى
وَلِهَذَا اتَّفَقُوا أَنَّ الْبِدَعَ الْمُغَلَّظَةَ شَرٌّ من الذُّنُوبِ وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ عن السُّنَّةِ وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ على جَوْرِ الْأَئِمَّةِ وَظُلْمِهِمْ ( 2 ) وَأَنَّ الرَّافِضَةَ شَرٌّ من الْخَوَارِجِ اتِّفَاقًا قال وفي قَتْلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَنَحْوِهِمَا وَكُفْرِهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ قَتْلِهِ كَالدَّاعِيَةِ وَنَحْوِهِ وإن ما قَالُوهُ مِمَّا تَعْلَمُ مُخَالَفَتَهُ لِلرَّسُولِ كُفْرٌ وَكَذَا فِعْلُهُمْ من جِنْسِ فِعْلِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ كُفْرٌ أَيْضًا
وَجَوَّزَ ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ الْخُرُوجَ على إمَامٍ غَيْرِ عَادِلٍ وَذَكَرَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ على يَزِيدَ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَكَذَا قال الْجُوَيْنِيُّ إذَا جَارَ وَظَهَرَ ظُلْمُهُ ولم يُزْجَرْ حين زَجَرَ فَلَهُمْ خَلْعُهُ وَلَوْ بِالْحَرْبِ وَالسِّلَاحِ قال النَّوَوِيُّ خَلْعُهُ غَرِيبٌ وَمَعَ هذا مَحْمُولٌ على أَنَّهُ لم يَخَفْ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ منه وَنُصُوصُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ أَمَرَ بِالصَّبْرِ وَأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَمَّتْ الْفِتْنَةُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ وَسُفِكَتْ الدِّمَاءُ وَتُسْتَبَاحُ الْأَمْوَالُ وَتُنْتَهَكُ الْمَحَارِمُ
قال شَيْخُنَا عَامَّةُ الْفِتَنِ التي وَقَعَتْ من أَعْظَمِ أَسْبَابِهَا قِلَّةُ الصَّبْرِ إذا الْفِتْنَةُ لها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) عزرهم انتهى فظاهره عدم التعزير بالتعويض والله أعلم
تنبيه ما ذكره ابن حامد من إطلاق الوجهين في مسألتين ليس من إطلاق الخلاف الذي نحن بصدده إذ المصنف قد قدم قبل ذلك حكما فيها والله أعلم
____________________
1-
(6/153)
سَبَبَانِ إمَّا ضَعْفُ الْعِلْمِ وَإِمَّا ضَعْفُ الصَّبْرِ فإن الْجَهْلَ وَالظُّلْمَ أَصْلُ الشَّرِّ وَفَاعِلُ الشَّرِّ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِجَهْلِهِ بِأَنَّهُ شَرٌّ وَلِكَوْنِ نَفْسِهِ تُرِيدُهُ فَبِالْعِلْمِ يَزُولُ الْجَهْلُ وَبِالصَّبْرِ يُحْبَسُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ فَتَزُولُ تِلْكَ الْفِتْنَةُ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَصُونُ من الِاعْتِقَادَاتِ الْعَامِّيَّةِ التي غَلَبَتْ على جَمَاعَةٍ مُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ أَنْ يَقُولُوا إنَّ يَزِيدَ كان على الصَّوَابِ وإن الْحُسَيْنَ أَخْطَأَ في الْخُرُوجِ عليه وَلَوْ نَظَرُوا في السِّيَرِ لَعَلِمُوا كَيْفَ عُقِدَتْ له الْبَيْعَةُ وَأُلْزِمَ الناس بها وَلَقَدْ فَعَلَ في ذلك كُلَّ قَبِيحٍ ثُمَّ لو قَدَّرْنَا صِحَّةَ خِلَافَتِهِ فَقَدْ بَدَرَتْ منه بَوَادِرُ وَكُلُّهَا تُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ من نَهْبِ الْمَدِينَةِ ورمى الْكَعْبَةِ بِالْمَنْجَنِيقِ وَقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَضَرْبِهِ على ثَنِيَّتَيْهِ بِالْقَضِيبِ وَحَمْلِهِ الرَّأْسَ على خَشَبَةٍ وَإِنَّمَا يَمِيلُ جَاهِلٌ بِالسِّيرَةِ عَامِّيُّ الْمَذْهَبِ يَظُنُّ أَنَّهُ يَغِيظُ بِذَلِكَ الرَّافِضَةَ
وَمَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةَ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْوِيلٍ فَهُمْ خَوَارِجُ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ وَعَنْهُ كُفَّارٌ وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ هو أَشْهَرُ وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فيه وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في الْإِرْشَادِ عن أَصْحَابِنَا تَكْفِيرَ من خَالَفَ في أَصْلٍ كَخَوَارِجٍ وَرَافِضَةٍ وَمُرْجِئَةٍ وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ قال لم يَخْلُقْ اللَّهُ الْمَعَاصِيَ أو وَقَفَ فِيمَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ وَفِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا غير مُسْتَحِلٍّ وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهُ كَافِرٌ
وفي الْمُغْنِي يَخْرُجُ في كل مُحَرَّمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلٍ كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ كَفَّرَهُمْ فَحُكْمُهُمْ عِنْدَهُ كَمُرْتَدِّينَ قال في الْمُغْنِي هذا مقتضي قَوْلِهِ وقال شَيْخُنَا نُصُوصُهُ صَرِيحَةٌ على عَدَمِ كُفْرِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا كَفَّرَ الْجَهْمِيَّةَ لَا أَعْيَانَهُمْ قال وَطَائِفَةٌ تَحْكِي عنه رِوَايَتَيْنِ في تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ مُطْلَقًا حتى الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ الْمُفَضِّلَةِ لِعَلِيٍّ قال وَمَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مَبْنِيَّةٌ على التَّفْضِيلِ بين النَّوْعِ وَالْعَيْنِ وَنَقَلَ محمد بن عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ من أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ النبي عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ من الْإِسْلَامِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فقال لَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ وَلَا تُصَلُّوا عليهم
____________________
(6/154)
وَنَقَلَ محمد بن مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ من زَعَمَ أَنَّ في الصَّحَابَةِ خَيْرًا من أبي بَكْرٍ فَوَلَّاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدْ افْتَرَى عليه وَكَفَرَ بِأَنْ زَعَمَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقِرُّ الْمُنْكَرَ بين أَنْبِيَائِهِ في الناس فَيَكُونُ ذلك سَبَبَ ضَلَالِهِمْ
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ من قال عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ كَفَرَ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ الْقَدَرِيُّ لَا تُخْرِجُهُ عن الْإِسْلَامِ وفي نِهَايَةِ المبتدى ( ( ( المبتدئ ) ) ) من سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًّا كُفِّرَ وَإِلَّا فُسِّقَ وَقِيلَ عنه يُكَفَّرُ نَقَلَ عبدالله فِيمَنْ شَتَمْنَا الْقَتْلَ أَجْبَنُ عنه وَيُضْرَبُ ما أَرَاهُ على الْإِسْلَامِ
وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ في أُصُولِهِ كُفْرَ الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَمَنْ لم يُكَفِّرْ من كَفَّرْنَاهُ فُسِّقَ وَهُجِرَ وفي كُفْرِهِ وَجْهَانِ وَاَلَّذِي ذَكَرَ هو وَغَيْرُهُ من رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَيَعْقُوبَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ وقال من رَدَّ مُوجِبَاتِ الْقُرْآنِ كَفَرَ وَمَنْ رَدَّ ما تَعَلَّقَ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ الثَّابِتَةِ فَوَجْهَانِ وَأَنَّ غَالِبَ أَصْحَابِنَا على كُفْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ وَذَكَرَ في مَكَان آخَرَ إنْ جَحَدَ أَخْبَارَ الْآحَادِ كَفَرَ كَالتَّوَاتُرِ عِنْدَنَا تُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلِ
فَأَمَّا من جَحَدَ الْعِلْمَ بها فَالْأَشْبَهُ لَا يُكَفَّرُ وَيُكَفَّرُ نَحْوِ الْإِسْرَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِهِ من الصِّفَاتِ وقال في إنْكَارِ الْمُعْتَزِلَةِ اسْتِخْرَاجَ قَلْبِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِعَادَتِهِ في كُفْرِهِمْ بِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على أَصْلِهِ في الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ صِفَةٌ له وَعَلَى من قال لَا أُكَفِّرُ من لَا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ
قال شَيْخُنَا قِتَالُ التَّتَارِ وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ كَقِتَالِ الصِّدِّيقِ رضي اللَّهُ عنه مَانِعِي الزَّكَاةِ وَيُؤْخَذُ ما لهم وَذُرِّيَّتُهُمْ وَالْمَقْفَزُ إلَيْهِمْ وَلَوْ ادَّعَى إكْرَاهًا
وَمَنْ أَجْهَزَ على جَرِيحٍ لم يَأْثَمْ وَلَوْ تَشَاهَدَ وَلِمَنْ أَخَذَ منهم شيئا خُمُسُهُ وَبَقِيَّتُهُ له وَمَنْ اتباع ( ( ( ابتاع ) ) ) منهم مَالَ مُسْلِمٍ أَخَذَهُ رَبُّهُ وَإِنْ جَهِلَهُ أَعْطَى ما اشْتَرَاهُ بِهِ وهو لِلْمُصَالِحِ كَذَا قال مع أَنَّهُ قال في الرَّافِضَةِ الْجَبَلِيَّةِ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِمْ فإن عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه أَوْهَبَ عَسْكَرَهُ ما كان في عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ وَلِأَنَّهُمْ نَهَبُوا من الْمُسْلِمِينَ أَضْعَافَ ما يُؤْخَذُ منهم ثُمَّ خَرَّجَ سَبْيَ حَرِيمِهِمْ على تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ لم تَسُبَّ الْخَوَارِجَ
وفي رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه لم يَسْبِ لِلْخَوَارِجِ ذُرِّيَّةً ولم
____________________
(6/155)
يَغْنَمْ مَالَهُمْ فَعَلِمَ أَنَّ سِيرَتَهُ وَسِيرَةَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ تُخَالِفُ سِيرَتَهُمْ في أَهْلِ الرِّدَّةِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ من قَاتَلَ على مَنْعِ الزَّكَاةِ لَا يُكَفَّرُ وَحُكْمُهُمْ كَبُغَاةٍ وَقَالُوا فِيمَنْ قَاتَلَهُمْ الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه يُحْتَمَلُ رِدَّتُهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ جَحَدُوا وُجُوبَهَا
وَنَقَلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ أَمْرَ هذا الْكَافِرِ ( بَابَكَ ) لعنة اللَّهُ ليس كَغَيْرِهِ سَبْيُ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فَوَقَعُوا عَلَيْهِنَّ فَحَمَلْنَ فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ كَذَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا يُحَارِبُنَا وهو مُقِيمٌ في دَارِ الشِّرْكِ أَيُّ شَيْءٍ حُكْمُهُ إذَا كان هَكَذَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الِارْتِدَادِ
وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أو رِيَاسَةٍ فَظَالِمَتَانِ ضَامِنَتَانِ وَتَضْمَنُ قال شَيْخُنَا فَأَوْجَبُوا الضَّمَانَ على مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ وَإِنْ لم يُعْلَمْ عَيْنَ الْمُتْلَفِ وقال وَإِنْ تَقَابَلَا تَقَاصَّا لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَالْمُعَيَّنَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وقال وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ ما نَهَبَهُ كُلُّ طَائِفَةٍ من الْأُخْرَى تَسَاوَيَا كَمَنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمُحْرِمِ بِمَالِهِ أَخْرَجَ نِصْفَهُ وَالْبَاقِي له وَمَنْ دخل لِلصُّلْحِ فَجَهِلَ قَاتِلَهُ ضَمِنَتَاهُ
____________________
(6/156)
بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ
من كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ قِيلَ طَوْعًا وَقِيلَ وَكَرْهًا وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ ( م 1 ) فَمُرْتَدٌّ بِأَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أو جَحَدَ صِفَةً قال في الْفُصُولِ مُتَّفَقًا على إثْبَاتِهَا أو بَعْضِ كُتُبِهِ أو رُسُلِهِ أو سَبَّهُ أو رَسُولَهُ أو ادَّعَى النُّبُوَّةَ قال شَيْخُنَا أو كان مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ وَلِمَا جاء بِهِ اتِّفَاقًا
وقال أو تَرَكَ إنْكَارَ مُنْكَرٍ بِقَلْبِهِ أو جَحَدَ حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عليه كَعِبَادَةٍ من الْخَمْسِ أو تَحْرِيمِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ أو شَكَّ فيه وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ قال شَيْخُنَا وَلِهَذَا لم يُكَفِّرْ بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الرَّجُلَ الشَّاكَّ في قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بَلَاغِ الرِّسَالَةِ وَأَنَّ منه قَوْلَ عَائِشَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ مَهْمَا يَكْتُمُ الناس يَعْلَمُهُ اللَّهُ قال نعم رَوَاهُ مُسْلِمٌ في الْجَنَائِزِ وفي أُصُولِ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ قال قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ كَأَنَّهَا لَمَّا قالت لك صَدَّقَتْ نَفْسَهَا فقالت نعم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَمَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ قِيلَ طَوْعًا وَقِيلَ وَكَرْهًا وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ انْتَهَى
ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذلك بَعْدَ إسْلَامِهِ طَوْعًا فإنه قال كُلُّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ هذه الْأَحْكَامَ مُتَرَتِّبَةٌ عليه حَيْثُ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ وهو الصَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هذا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
1-
(6/157)
وحمل في الفنون الخبر الأول على أنه لم تبلغه الدعوة قال ويحمل على قول يرى أن العقل موجب على أنه كان مهلة النظر لم يتكامل له النظر
وقد سمع أبي بن كعب قراءة أنكرها ثم سمع قراءة سواها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهما فقراء عليه فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما قال فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذا كنت في الجاهلية فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى فرقا فقال لي يا أبي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف الحديث رواه مسلم قال شيخنا وغيره في الإجماع إجماعا قطعيا وذكر أن كثيرا من أصحابنا وغيرهم فسقه فقط
قال أوجعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ( ع ) قال جماعة أو سجد لشمس أو قمر قال في الترغيب أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين قال شيخنا أوتوهم أن من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار أو أجاز ذلك وقيل أو كذب على نبي أو أصر في دارنا على خمر وخنزير غير مستحل
وقال القاضي رأيت بعض أصحابنا يكفر جاحد تحريم النبيذ والمسكر كله كالخمر وسيأتي رواية في العدالة قال وَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا لِلْخِلَافِ فيه بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لو صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا في بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ كَفَرْتُمْ رَوَاهُ أبو دَاوُد لأحمد ( ( ( ولأحمد ) ) ) وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا ضَلَلْتُمْ هذا في جَاحِدِ السُّنَنِ
قال ولم يُكَفِّرْهُ من التَّابِعِينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ بِجَحْدِ سُنَّةٍ قال وَمَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَسَرَّ الْكُفْرَ فَمُنَافِقٌ كَافِرٌ كعبدالله بن أُبَيِّ بن سَلُولَ وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وفي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَنِفَاقٌ كَقَوْلِهِ في ثعلبه { وَمِنْهُمْ من عَاهَدَ اللَّهَ } التوابة 75
____________________
(6/158)
الْآيَةَ وَهَلْ يُكَفَّرُ على وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَدَّ رَسُولَ رسول اللَّهِ كفر ( ( ( فكفر ) ) ) قال وَطَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا قالوا كُلُّهُ فكفر ( ( ( كفر ) ) ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ ما كان من النِّفَاقِ في الْأَفْعَالِ لَا يُكَفِّرُ وَذَلِكَ فِيمَا سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم عَمَّنْ لَا يَخَافُ النِّفَاقَ على نَفْسِهِ فقال أَحْمَدُ وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَكُونُ في غَالِبِ حَالِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَدُلُّ على كُفْرِهِ
وفي مَعْنَى النِّفَاقِ الرِّيَاءُ لِلنَّاسِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ وَلَا يُكَفَّرُ بِهِ فَكَذَا هذا النِّفَاقُ أو أَنَّهُ نِفَاقٌ فَهُوَ مِثْلُهُ وَلِأَحْمَدَ من حديث عُقْبَةَ وعبدالله بن عُمَرَ
____________________
(6/159)
وَأَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا وَالْمُرَادُ الرِّيَاءُ وَلَعَلَّ مُرَادَ من قال كُلُّهُ كُفْرٌ غَيْرُ نَاقِلٍ عن الْمِلَّةِ كَقَوْلِ أَحْمَدَ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَإِلَّا فَضَعِيفٌ جِدًّا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ لَا يَكْفُرُ إلَّا مُنَافِقٌ أَسَرَّ الْكُفْرَ ( م 2 )
قال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من أَخْرَجَ الْحَجَّاجَ عن الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَخَافَ الْمَدِينَةَ وَانْتَهَكَ حَرَمَ اللَّهِ وَحَرَمَ رَسُولِهِ فَيَتَوَجَّهُ عليه يَزِيدُ وَنَحْوُهُ وَنَصُّ أَحْمَدَ خِلَافُ ذلك وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِاللَّعْنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وقال شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِكَرَاهَةٍ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ من كان مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَفَعَلَ هذه الْخِصَالَ يَعْنِي الْأَرْبَعَ التي من كُنَّ فيه كان مُنَافِقًا خَالِصًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا هو مُنَافِقٌ يَخْلُدُ في النَّارِ فإن إخوه يُوسُفَ وَغَيْرَهُمْ جَمَعُوا هذه الْخِصَالَ
قال أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُنَافِقَ فإنه أَظْهَرَ خِلَافَ ما أَبْطَنَ قال بَعْضُهُمْ وَمَنْ نَدَرَ ذلك منه فَلَيْسَ دَاخِلًا في الْخَبَرِ وقال التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا مَعْنَى هذا عِنْدَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وفي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَنِفَاقٌ كَقَوْلِهِ في ثَعْلَبَةَ { وَمِنْهُمْ من عَاهَدَ اللَّهَ } الْآيَةَ وَهَلْ يُكَفَّرُ على وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَدَّ رَسُولَ رسول اللَّهِ فَكَفَرَ قال وَطَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا قالوا كُلُّهُ كُفْرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ ما كان من النِّفَاقِ في الْأَفْعَالِ لَا يُكَفَّرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لَا يُكَفِّرُ إلَّا مُنَافِقٌ أَسَرَّ الْكُفْرَ انْتَهَى
____________________
1-
(6/160)
أهل العلم ( ( ( كله ) ) ) نفاق العمل وقال جماعة ( ( ( والصواب ) ) ) المراد المنافقون الذين كانوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال فيخاف أن يفضي به إلى حقيقة النفاق
وقد ذكر معنى هذه الأقوال أو بعضها في أحاديث ولا يَكْفُرُ من حكى ( ( ( أسر ) ) ) كفرا ( ( ( الكفر ) ) ) سمعه ولا يعتقده ولعل هذا ( ع ) وروى ابن عساكر في ترجمة محمد بن سعيد بن هناد سمعت يحيى بن خلف بن الربيع الطرسوسي قال جاء رجل ( ( ( إنه ) ) ) إلى مالك بن أنس ( ( ( والأصحاب ) ) ) وأنا شاهد فقال ما تقول في رجل يقول القرآن مخلوق فقال كافر زنديق خذوه فاقتلوه فقال الرجل إنما أحكي كلاما سمعته فقال إنما سمعته منك
وفي الِانْتِصَارِ من تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ من لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ حَرُمَ ولم يُكَفَّرْ وفي الْخِلَافِ في إسْلَامِ كَافِرٍ الصلاة ( ( ( بالصلاة ) ) ) ثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا حُكْمًا في الْأُصُولِ لِأَنَّا لو رَأَيْنَا رَجُلًا عليه زنا ( ( ( زنار ) ) ) أو عَسَلِيٌّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في الْمَقْتُولِ بِأَرْضِ حَرْبٍ يُسْتَدَلُّ عليه بِالْخِتَانِ وَالثِّيَابِ فَثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا حُكْمًا في هذه الْمَوَاضِعِ في بَابِ الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا في مَسْأَلَتِنَا قال وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ هذا وَلَا يُسَلِّمُهُ
وفي الْفُصُولِ إنْ شَهِدَ عليه بِأَنَّهُ كان يُعَظِّمُ الصَّلِيبَ مِثْلَ أَنْ يُقَبِّلَهُ وَيَتَقَرَّبَ بِقُرْبَانَاتِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَيُكْثِرَ من بِيَعِهِمْ وَبُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ احْتَمَلَ أَنَّهُ رِدَّةٌ لِأَنَّ هذه أَفْعَالٌ تُفْعَلُ اعْتِقَادًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادًا لِأَنَّهُ قد يَفْعَلُ ذلك تَوَدُّدًا أو تُقْيَةً لِغَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ المستهزىء ( ( ( المستهزئ ) ) ) بِالْكُفْرِ يَكْفُرُ
وَإِنْ كان على ظَاهِرٍ يَمْنَعُ الْقَصْدَ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِأَفْعَالٍ من خَصَائِصِ الْكُفْرِ أَنْ يَكْفُرَ مع عَدَمِ ظَاهِرٍ يَدُلُّ على عَدَمِ الْقَصْدِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصْدٌ وَجَزَمَ ابن عَقِيلٍ قبل هذا بِأَنَّ من وُجِدَ منه امْتِهَانٌ لِلْقُرْآنِ أو خَمْصٌ منه أو طَلَبُ تَنَاقُضِهِ أو دَعْوَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ أو مُخْتَلِقٌ أو مَقْدُورٌ على مِثْلِهِ أو إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ كُلُّ ذلك دَلِيلٌ على كُفْرِهِ فَيُقْتَلُ بَعْدَ التَّوْبَةِ وقال غَيْرُهُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ من قال إنَّ الْقُرْآنَ مَقْدُورٌ على مِثْلِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ مَنَعَ قُدْرَتَهُمْ بَلْ هو مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ وَالْعَجْزُ شَمَلَ الْخَلْقَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
هذا كله كم كلام القاضي والصواب أنه لا يكفر إلا من أسر الكفر لا غيره كما قال القاضي إنه ظاهر كلام الإمام والأصحاب
____________________
1-
(6/161)
فَمَنْ ارْتَدَّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا رَجُلًا أو امْرَأَةً دُعِيَ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَيَّقَ عليه وَيُحْبَسَ فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ بِسَيْفٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عنه لِأَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ وَعَنْهُ وَلَا تَأْجِيلُهُ وَرَسُولُ الْكُفَّارِ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ كان مُرْتَدًّا بِدَلِيلِ رَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ وَذَكَرَهُ في كِتَابِ الهدى قال في الْفُنُونِ في مَوْلُودٍ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ إنْ نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ احْتِمَالَانِ قال وَالصَّحِيحُ إنْ تَقَدَّمَ الْإِسْلَامُ فَمُرْتَدٌّ
وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ عَقْلُهُ وَرِدَّتُهُ وَعَنْهُ له عَشْرٌ وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَعَنْهُ سَبْعٌ وَعَنْهُ حتى يَبْلُغَ وَعَنْهُ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَهِيَ أَظْهَرُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُمَا وَعَلَيْهِنَّ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ قال في الِانْتِصَارِ وَيَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ وَيُدْفَنُ بِمَقَابِرِهِمْ وإن فَرْضِيَّتَهُ مُتَرَتِّبَةٌ على صِحَّتِهِ كَصِحَّتِهِ تَبَعًا وَكَصَوْمِ مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ رَمَضَانَ وَلَا يُقْتَلُ وهو سَكْرَانُ إنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُمَا حتى يُسْتَتَابَا بَعْدَ بُلُوغٍ وَصَحْوٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ في الثَّلَاثَةِ من رِدَّةِ سَكْرَانَ وفي الرَّوْضَةِ تَصِحُّ رِدَّةُ مُمَيِّزٍ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَيَجْرِي عليه أحكم ( ( ( أحكام ) ) ) الْبُلَّغِ
وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ فَإِنْ بَلَغَ مُرْتَدًّا قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ قال وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ حتى يَبْلُغَ مُكَلَّفًا وَجَزَمَ أَنَّهُ إذَا زَنَى ابن عَشْرٍ أو بِنْتُ تِسْعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ
وَيُقْتَلُ زِنْدِيقٌ وهو الْمُنَافِقُ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أو كَفَرَ بِسِحْرِهِ أو سَبَّ اللَّهَ أو رَسُولَهُ نَقَلَ حَنْبَلٌ أو تَنَقَّصَهُ وَقِيلَ وَلَوْ تَعْرِيضًا نَقَلَ حَنْبَلٌ من عَرَّضَ بِشَيْءٍ من ذِكْرِ الرَّبِّ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ ما الشَّتِيمَةُ التي يُقْتَلُ بها قال نَحْنُ نَرَى في التَّعْرِيضِ الْحَدَّ قال فَكَانَ مَذْهَبُهُ فما يَجِبُ الْحَدُّ من الشَّتِيمَةِ التَّعْرِيضَ وَعَنْهُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ إنْ تَكَرَّرَتْ ثَلَاثًا
وفي الْفُصُولِ عن أَصْحَابِنَا فَلَا تُقْبَلُ إنْ سَبَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لم يَعْلَمْ إسْقَاطَهُ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ سَبَّ اللَّهَ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ في خَالِصِ حَقِّهِ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْخَالِقَ مُنَزَّهٌ عن النَّقَائِصِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ فإنه مَحَلٌّ لها فَلِهَذَا افْتَرَقَا
وَعَنْهُ مِثْلُهُمْ من وُلِدَ على الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَالْخِلَافُ في أَحْكَامِ
____________________
(6/162)
الدُّنْيَا من تَرْكِ قَتْلِهِمْ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا في الْآخِرَةِ فَإِنْ صَدَقَ قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ وفي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ رِوَايَةٌ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ زِنْدِيقٍ بَاطِنًا وَضَعَّفَهَا وقال وَكَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إذَا أتى مَعْصِيَةً وَتَابَ منها وَأَنَّ قَتْلَ عَلِيٍّ زِنْدِيقًا لَا يَدُلُّ على عَدَمِ قَبُولِهَا كَتَوْبَةِ قَاطِعِ طَرِيقٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ دَاعِيَةٍ إلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ وَاخْتَارَهَا أبو إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا وفي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ نَحْنُ لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِمَظَالِمِ من أَضَلَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا مُطَالَبَةَ قال شَيْخُنَا قد بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَتُوبُ على أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ من أَئِمَّةِ الْبِدَعِ
وفي الرِّعَايَةِ من كَفَرَ بِبِدْعَةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ على الْأَصَحِّ وَقِيلَ إنْ اعْتَرَفَ بها وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ من دَاعِيَةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ قَاتِلٍ وَعَلَى قَبُولِهَا لو اقْتَصَّ من الْقَاتِلِ أو عفى ( ( ( عفا ) ) ) عنه هل يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ في الْآخِرَةِ فيه وَجْهَانِ ( م 3 )
وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فَكَالزِّنْدِيقِ في تَوْبَتِهِ قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَحَمَلَ رِوَايَةَ قَبُولِ تَوْبَةِ السَّاحِرِ على الْمُتَظَاهِرِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ يُؤَيِّدُهُ تدليلهم ( ( ( تعليلهم ) ) ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَعَلَى قَبُولِهَا لو اقْتَصَّ من الْقَاتِلِ أو عفى ( ( ( عفا ) ) ) عنه هل يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ في الْآخِرَةِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال ابن الْقَيِّمِ في الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَالتَّحْقِيقُ في الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْمَقْتُولِ وَحَقُّ الْوَلِيِّ فإذا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا على ما فَعَلَ وَخَوْفًا من اللَّهِ وَتَوْبَةً نَصُوحًا سَقَطَ اللَّهِ بالتوية ( ( ( بالتوبة ) ) ) وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أو الصُّلْحِ أو الْعَفْوِ وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عنه يوم الْقِيَامَةِ عن عَبْدِهِ التَّائِبِ الْمُحْسِنِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هذا وَلَا يُبْطِلُ تَوْبَةَ هذا انْتَهَى وَتَبِعَ في ذلك الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فإنه فَصَّلَ هذا التَّفْصِيلَ وَاخْتَارَهُ وهو الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه
تنبيه ( ( ( وتوبة ) ) ) قَوْلُهُ وَإِنْ أُكْرِهَ حربي ( ( ( ذمي ) ) ) على إقْرَارِهِ بِهِ لم يَصِحَّ كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وأن أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ وَبَعْضُهُمْ أَصْلَحَهَا كَذَلِكَ
____________________
1-
(6/163)
للرواية المشهورة بأنه لم يوجد بالتوبة سوى ما يظهره
وظاهر كلام غيره وهو أولى في الكل لقوله تعالى في المنافقين { إلا الذين تابوا } البقرة 160
وتوبة كل كافر إتيانه بالشهادتين مع إقراره بما جحده من نبي أو غيره أو قوله أنا مسلم ولا يعتبر في الأصح إقرار مرتد بما جحده لصحة الشهادتين من مسلم ومنه بخلاف توبة من بدعة ذكره فيها جماعة ونقل المروذي في الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف فأما من جحد فلا وعنه يغني قوله محمد رسول الله عن كلمة التوحيد وعنه من مقربه ويتوجه احتمال يكفي التوحيد ممن لا يقر به كوثني لظاهر الأخبار
ولخبر أسامة وقتله الكافر الحربي بعد قوله لا إله إلا الله لأنه مصحوب بما يتوقف عليه الإسلام ومستلزم له وفاقا للشافعية وغيرهم وقال بعض الشافعية يكفي مطلنا وهو الذي ذكره ابن هبيرة في حديثي جندب وأسامة قال فيه إن الإنسان إذا قال لا إله إلا الله عصم بها دمه ولو ظن السامع أنه قالها فرقا من السيف بعد أن يكون مطلقا
وإن أكره ذمي على إقراره به لم يصح لأنه ظلم وفي الانتصار احتمال وفيه يصير مسلما بكتابة الشهادة ويكفي جحده لردته بعد إقراره بها في الأصح كرجوعه عن حد لا بعد بينة بل يجدد إسلامه قال جماعة يأتي بالشهادتين وفي المنتخب الخلاف
نقل ابن الحكم فيمن أسلم ثم تهود أو تنصر فشهد عليه عدول فقال لم أفعل وأنا مسلم قبل قوله هو أكثر عندي من الشهود قال شيخنا اتفق الأئمة أن المرتد إذا أسلم عصم دمه وماله وإن لم يحكم به حاكم بل مذهب الإمام أحمد في المشهور عنه و ( 5 ش ) أن من شهدت عليه بينة بالردة فأنكر حكم بإسلامه ولا يحتاج أن يقر بما شهد به عليه
فإذا لم يشهد عليه عدل لم يفتقر الحكم إلى إقراره ( ع ) بل إخراجه إلى ذلك قد
____________________
(6/164)
يكون كذبا ولهذا لا يجوز بناء حكم على هذا الإقرار كإقرار الصحيح فإنه قد علم أنه لقنه وأنه فعله خوف القتل وهو إقرار تلجئة نقل أبو طالب في اليهودي إذا قال قد أسلمت أو أنا مسلم يجبر عليه قد علم ما يراد منه
وفي مفردات أبي يعلى الصغير لا خلاف أن الكافر لو قال أنا مسلم ولا أنطق بالشهادة يقبل منه ولا يحكم بإسلامه وإن شهد أنه كفر وادعى الإكراه قبل منه مع القرينة فقط لأن إنكاره للردة يمنعها ولو شهد عليه بكلمة كفر فادعاه قبل مطلقا في الأصح لأن تصديقه ليس فيه تكذيب للبينة
ومن أسلم وقال لم أرده أو لم أعتقد لم يقبل منه وعنه بلى وعنه إن ظهر صدقه وعنه يقبل من صغير قال أحمد فيمن قال لكافر أسلم وخذ ألفا فأسلم ولم يعطه فأبى الإسلام يقتل وينبغي أن يفي قال وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس
وعن غالب القطان عن رجل عن أبيه عن جده أرسل ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي جعل لقومه مائة من الإبل على أن يسلموا فأسلموا وحسن إسلامهم ثم بدأ له أن يرتجعها منهم أفهو أحق بها أم هم قال إن له أن بدا له أن يسلمها إليهم فليسلمها وإن بدا له أن يرتجعها فهو أحق بها منهم فإن أسلموا فلهم إسلامهم وإن لم يسلموا قوتلوا على الإسلام
وقال إن أبي شيخ كبير وهو عريف على الماء وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده فقال إن العرافة حق لا بد للناس من عرفاء ولكن العرفاء في النار رواه أبو داود وفي إسناده من لا يحتج به قال الخطابي فيه إن من أعطى رجلا على أن يفعل أمرا مفروضا عليه فإن للمعطي ارتجاعه منه ولم يشارط النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم على أن يسلموا فيعطيهم جعلا على الإسلام وإنما أعطاهم عطايا بأنه يتألفهم وفي العرافة مصلحة الناس وفيه التحذير من التعريض للرياسة والتآمر على الناس لما فيه من الفتنة وأنه إذا لم يقم بحقه ولم يؤد الأمانة فيه أثم
____________________
(6/165)
ولا يبطل إحصان قذف ورجم بردة فإذا أتى بهما بعد إسلامه حد خلافا لكتاب ابن رزين في إحصان رجم فَصْلٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ من مَوْتِهِ وَعَنْهُ من رِدَّتِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو إِسْحَاقَ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ وَعَنْهُ نَتَبَيَّنُهُ منها بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا فَعَلَى الْأَوْلَى يُمْنَعُ من التَّصَرُّفِ فيه وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وأبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ وأبوالفرج وفي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عليه
نَقَلَ ابن هانىء يُمْنَعُ منه فإن ( ( ( فإذا ) ) ) قُتِلَ صَارَ في بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَقْفَ تَصَرُّفِهِ وَأَنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ كَالرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ وَجَعَلَ في التَّرْغِيبِ كَلَامَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ وَاحِدًا وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَتَبِعَهُ ابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُ وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ نَصَّ على ذلك لَكِنْ لم يَقُولُوا يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ بَلْ قالوا يُمْنَعُ منه وهو مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فإنه ذَكَرَ أَنَّهُ يُوقَفُ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ وَإِلَّا بَطَلَ وَأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْفَظُ بَقِيَّةَ مَالِهِ
قالوا فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بطلبت ( ( ( بطلت ) ) ) تَغْلِيظًا عليه بِقَطْعِ ثَوَابِهِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَقِيلَ إنْ لم يَبْلُغْ تَبَرُّعُهُ الثُّلُثَ صَحَّ وفي الْمُحَرَّرِ على الْأَوْلَى تَنْفُذُ مُعَاوَضَتُهُ وَيُقِرُّ بيده وَتُوقَفُ تَبَرُّعَاتُهُ وَتُرَدُّ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا وَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ يقضي دَيْنُهُ وَيُنْفَقُ على من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُتْرَكُ بِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا صِحَّةَ وَلَا نَفَقَةَ وَلَا يقضي دَيْنٌ مُتَجَدِّدٌ في الرِّدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ رُدَّ عليه مِلْكًا جَدِيدًا وَيَمْلِكُ بِأَسْبَابِ التَّمَلُّكِ إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ وَإِلَّا فَلَا وَاحْتَجَّ بِهِ في الْفُصُولِ على بَقَاءِ مِلْكِهِ وَأَنَّ الدَّوَامَ أَوْلَى وَعَلَى رِوَايَةٍ يَرِثُهُ مُسْلِمٌ أو أَهْلُ دِينِهِ الذي اخْتَارَهُ فَكَمُسْلِمٍ فيه وفي الِانْتِصَارِ لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ وَيَضْمَنُ ما أَتْلَفَهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ إنْ فَعَلَهُ بِدَارِ حَرْبٍ أو في جَمَاعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَلَا اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالشَّيْخُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَكَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إجْمَاعًا قال وَإِنَّ الْمُرْتَدَّ تَحْتَ حُكْمِنَا ليس مُحَارِبًا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَقِيلَ هُمْ كَبُغَاةٍ
وَيُؤْخَذُ بِحَدِّ فِعْلِهِ في رِدَّتِهِ نَصَّ عليه كَقَبْلِهَا وَظَاهِرُ نَقْلِ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ
____________________
(6/166)
جَمَاعَةٌ إنْ أَسْلَمَ فَلَا كَعِبَادَتِهِ نَقَلَ مُهَنَّا في مُرْتَدٍّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَتَلَ بها رَجُلًا مُسْلِمًا ثُمَّ عَادَ وقد أَسْلَمَ فَأَخَذَهُ وَلِيُّهُ هل عليه قَوَدٌ فقال قد زَالَ عنه الْحُكْمُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ وهو مُشْرِكٌ وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ وهو مُشْرِكٌ فَقِيلَ له فَيَذْهَبُ دَمُ الرَّجُلِ فقال ما أَقُولُ في هذا شيئا
قال ابن شِهَابٍ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ على إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَكَذَا قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الْحَدَّ وهو حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى توقف ( ( ( وتوقف ) ) ) عن الْقِصَاصِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَمَتَى لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَهُوَ وما معه كَحَرْبِيٍّ وَالْمَنْصُوصُ لَا يَتَنَجَّزُ جَعْلَ ما بِدَارِنَا فَيْئًا إنْ لم يَصِرْ فَيْئًا بِرِدَّتِهِ
وَإِنْ لَحِقَ زَوْجَانِ مُرْتَدَّانِ بِدَارِ حَرْبٍ لم يُسْتَرَقَّا وَلَا أَوْلَادُهُمَا كَوَلَدِ من أُسِرَ من ذِمَّةٍ وَمَنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ وَيَجُوزُ في الْمَنْصُوصِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ اسْتِرْقَاقُ الْحَادِثِ في الرِّدَّةِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ وَالْحَمْلُ وَقْتَهَا وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ وَيُرَقُّ أو الْقَتْلُ وفي رِوَايَتَانِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ وَيُرَقُّ أو الْقَتْلُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
يَعْنِي بِهِ من وُلِدَ في حَالِ رِدَّةِ الزَّوْجَيْنِ إذَا لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُلْنَا باسترقاقة وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ منجا وَالزَّرْكَشِيِّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُقِرُّونَ بِجِزْيَةٍ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقِرُّونَ فَلَا يُقْبَلُ منهم إلَّا إسلام ( ( ( الإسلام ) ) ) أو السَّيْفُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي لِاقْتِصَارِهِمَا على هذه الرِّوَايَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مع حِكَايَتِهِمَا الرِّوَايَتَيْنِ إذَا وَقَعَ أبو الْوَلَدِ في الْأَسْرِ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أو وهو في دَارِ الْإِسْلَامِ لم يُقِرَّ بها لِانْتِقَالِهِ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيّ وَهِيَ رِوَايَتُهُ لم أراها ( ( ( أرها ) ) ) لِغَيْرِهِ
____________________
1-
(6/167)
وإذا ارتد أهل بلد وجرى فيه حكمهم فدار حرب فيغنم ما لهم وولد حدث بعد الردة فَصْلٌ وَيُكَفَّرُ السَّاحِرُ كَاعْتِقَادِ حِلِّهِ وَعَنْهُ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وكفر ( ( ( وكفره ) ) ) أبو بَكْرٍ بِعَمَلِهِ قال في التَّرْغِيبِ وهو أَشَدُّ تَحْرِيمًا وَحَمَلَ ابن عَقِيلٍ كَلَامَ أَحْمَدَ في كُفْرِهِ على مُعْتَقَدِهِ وإن فَاعِلَهُ يُفَسَّقُ وَيُقْتَلُ حَدًّا فَعَلَى الْأَوْلَى يُقْتَلُ وهو من يَرْكَبُ مِكْنَسَةً فَتَسِيرُ بِهِ في الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا قِيلَ في مُعَزِّمٍ على الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ وَقِيلَ يُعَزَّرُ ( م 5 ) وَقِيلَ وَلَوْ بِقَتْلٍ
وفي التَّرْغِيبِ الْكَاهِنُ والنجم ( ( ( والمنجم ) ) ) كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فَسَّقَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ السَّاحِرِ الذي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ في الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا قِيلَ في مُعَزِّمٍ على الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ وَأَنَّهُ يَأْمُرُهَا فتطيعه ( ( ( فتعطيه ) ) ) وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ وَقِيلَ يُعَزَّرُ انْتَهَى
يَعْنِي هذا السَّاحِرَ وَالْكَاهِنَ وَالْعَرَّافَ هل يَلْحَقُونَ بِالسَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ أَمْ يُعَزَّرُونَ فَقَطْ حَكَى في ذلك خِلَافًا وَأَطْلَقَهُ وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا لَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا قَوْلُ غَيْرِ أبي الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ قال في الْبُلْغَةِ وَإِنْ كان سِحْرًا بِسَقْيِ أَدْوِيَةٍ فَلَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يَقْتُلَ بِهِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ إنْ كان يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي حُكْمُهُمْ حُكْمُ السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ قَالَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قال في التَّرْغِيبِ الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فَسَّقَهُ فَقَطْ كما نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ أو عَمِلَ سِحْرًا يَدَّعِي بِهِ إحْضَارَ الْجِنِّ وَطَاعَتَهُ فِيمَا شَاءَ فَمُرْتَدٌّ وقال في الْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ وَقِيلَ هُمَا كَالسَّاحِرَةِ
____________________
1-
(6/168)
فقط إن قال أصبت بحدسي وفراهتي فإن أوهم قوما بطريقته أنه يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه بالفساد
قال شيخننا التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية من السحر قال ويحرم إجماعا وأقر أولهم وآخر أن الله تعالى يدفع عن أهل العبادة والدعاء ببركته ما زعموا أن الأفلاك توجبه وأن لهم من ثواب الدارين ما لا تقوى الأفلاك أن تجلبه
ومن سحر بالأدوية والتدخين وسقي مضر عزر وقيل ولو بقتل وقال القاضي والحلواني إن قال سحري ينفع وأقدر على القتل به قتل ولو لم يقتل به ويقاد منه إن قتل بما يقتل غالبا وإلا الدية
والمشعبذ والقائل بزجر الطير والضارب بحصى وشعير وقداح إن لم يعتقد إباحته وأنه يعلم به عزر وكف عنه وإلا كفر ويحرم طلسم ورقية بغير عربي وقيل يكره وتوقف الإمام أحمد في الحل بسحر وفيه وجهان ( م 6 ) وسأله مهنا عمن يأتيه مسحورة فيطلقه عنها قال لا بأس قال الخلال إنما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ توقف ( ( ( وتوقف ) ) ) أَحْمَدُ في الْحِلِّ بِسِحْرٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ في الْحِلِّ وهو إلَى الْجَوَازِ أَمْيَلُ وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ تَأْتِيه مَسْحُورَةٌ فيقطع ( ( ( فيقطعه ) ) ) عنها قال لَا بَأْسَ قال الْخَلَّالُ إنَّمَا كَرِهَ فعله ( ( ( فعاله ) ) ) وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا كما بَيَّنَهُ مُهَنَّا وَهَذَا من الضَّرُورَةِ التي يُبِيحُ فِعْلَهَا انْتَهَى
قال في آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ وَحِلُّ السِّحْرِ عن الْمَسْحُورِ جَائِزٌ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَحْرُمُ الْعَطْفُ وَالرَّبْطُ وَكَذَا الْحِلُّ بِسِحْرٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْحَلُّ وَقِيلَ يُبَاحُ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ وقال في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَيَجُوزُ حَلُّهُ بِقُرْآنٍ أو بِكَلَامٍ مُبَاحٍ غَيْرِهِ انْتَهَى فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِسِحْرٍ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَأْسَ بِحَلِّ السِّحْرِ بِقُرْآنٍ أو ذِكْرٍ أو كَلَامٍ حَسَنٍ وَإِنْ حَلَّهُ بِشَيْءٍ من السِّحْرِ فَعَنْهُ التَّوَقُّفُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحْضُ نَفْعٍ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/169)
كره أحمد فعاله ولا يرى به بأسا كما بينه مهنا وهذا من الضرورة التي يبيح فعلها ولا يقتل ساحر كتابي على الأصح وفي التبصرة إن اعتقدوا جوازه وإن قتل به أقيد كما تقدم وتقدم إن سحر مسلما
وفي عيون المسائل أن الساحر يكفر وهل تقبل توبته على روايتين ثم قال ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس وذلك شائع عام في الناس ونحو ما حكى أن امرأة أرادت إفسادا بين زوجين فقالت للزوجة إن زوجك يعرض عنك وقد سحر وهو مأخوذ عنك وأنا أسحره لك حتى لايريد غيرك ولكن أريد أن تأخذي من شعر حلقة بالموسى ثلاث شعرات إذا نام فإن بها يتم الأمر وذهبت إلى الرجل فقالت له إن امرأتك قد علقت بغيرك وعزمت على قتلك وأعدت لك موسى في هذه الليلة لنحرك فأشفقت لشأنك ولقد لزمني نصحك
فتناوم الرجل فراشه فلما ظنت المرأة أنه قد نام عمدت إلى وأهوت بها إلى حلقه لأخذ الشعر ففتح الرجل عينيه فرآها فقام إليها وقتلها
وقد ذكر بعضهم أن ذلك روي عن حماد بن سلمة قال باع رجل غلاما على أنه نمام فاشتراه المشتري على ذلك فسعى بينه وبين امرأته بذلك وفي آخر القصة فجاء أولياؤها فقتلوه فوقع القتال بين الفريقين
ثم قال في عيون المسائل فأما من يسحر بالأدوية والتدخين وسقي شيء مضر فلا يكفر ولا يقتل ويعزر بما يردعه وما قاله غريب ووجهه أنه يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة فأشبه السحر ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر أو أكثر فيعطي حكمه تسويه بين المتماثلين أو المتقاربين لا سيما إن قلنا بقتل الآمر بالقتل على رواية سبقت فهنا أولى أو الممسك لمن يقتل فهذا مثله ولهذا ذكر ابن عبدالبر عن يحيى بن أبي كثير قال يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة
رأيت بعضهم حكاه عن يحيى بن أكتم قال النمام شر من الساحر يعمل النمام في ساعة ما لا يعمله الساحر في شهر لكن يقال الساحر إنما كفر لو صف السحر
____________________
(6/170)
وهو أمر خاص ودليله خاص وهذا ليس بساحر وإنما يؤثر عمله ما يؤثره فيعطي حكمه إلا فيما اختص به من الكفر وعدم قبول التوبة ولعل هذا القول أوجه من تعزيره فقط
فظهر مما سبق أنه رواية مخرجة من الممسك والآمر وسبقت المسألة في التعزير
ومن أطلق الشارع عليه كفره لدعواه غير أبيه ومن أتى عرافا فصدقه بما يقول فقيل كفر النعمة وقيل قارب الكفر وذكر ابن حامد روايتين
إحداهما تشديد وتأكيد نقل حنبل كفر دون كفر لا يخرج عن الإسلام
والثانية يجب التوقف ولا يقطع بأنه لا يقطع بأنه لا ينقل عن الملة نص عليه في رواية صالح وابن الحكم ( م 7 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَمَنْ أَطْلَقَ الشَّارِعَ كُفْرَهُ لِدَعْوَاهُ غير أبيه وَمَنْ أتى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يقول فَقِيلَ كَفَرَ النِّعْمَةَ وَقِيلَ قَارَبَ الْكُفْرَ وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ لَا يُخْرِجُ عن الْإِسْلَامِ
وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ التَّوَقُّفُ وَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عن الْمِلَّةِ نَصَّ عليه في رواية ( ( ( روية ) ) ) صَالِحٍ وَابْنِ الْحَكَمِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا كُفْرُ نِعْمَةٍ وقال بِهِ طَوَائِفُ من الْعُلَمَاءِ من الْفُقَهَاءِ والمحدثيي ( ( ( والمحدثين ) ) ) وَذَكَرَهُ ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عن جَمَاعَةٍ وروى عن أَحْمَدَ
وَالثَّانِي قَارَبَ الْكُفْرَ وقال الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ من الْعُلَمَاءِ في قَوْلِهِ من أتى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ على مُحَمَّدٍ أَيْ جَحَدَ تَصْدِيقَهُ بِكَذِبِهِمْ وقد يَكُونُ على هذا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لهم كُفْرَ حَقِيقَةٍ انْتَهَى
وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا أتى بِهِ تَشْدِيدًا وَتَأْكِيدًا وقد بَوَّبَ على ذلك الْبُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بَابًا وَنَصَّ أَنَّ بَعْضَ الْكُفْرِ دُونَ بَعْضٍ وَنَصَّ عَلَيْهِمَا أَئِمَّةُ الحديث
____________________
1-
(6/171)
وإن أسلم أبو ( ( ( رجب ) ) ) حمل أو ( ( ( شرح ) ) ) طفل ( ( ( البخاري ) ) ) أو ( ( ( وللعلماء ) ) ) أحدهما لَا جده ( ( ( ينقل ) ) ) وجدته والمنصوص ( ( ( الملة ) ) ) أو ( ( ( منهم ) ) ) مميز لم يبلغ نقل ابن منصور ( ( ( عباس ) ) ) لم ( ( ( وعطاء ) ) ) يبلغ عشرا ( ( ( النخعي ) ) ) فمسلم وكذا ( ( ( كفر ) ) ) إن سباه ( ( ( المعاصي ) ) ) مسلم منفردا ( ( ( تخرج ) ) ) وعنه كافر ( ( ( الملة ) ) ) كسببه معهما ( ( ( ملخصا ) ) ) على الأصح وإن سبي مع أحدهما فمسلم وعنه يتبع أباه وعنه المسبي معه منهما واختاره الآجري
وَيَتْبَعُ سَابِيًا ذِمِّيًّا كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ إنْ سَبَاهُ مُنْفَرِدًا فَمُسْلِمٌ وَنَقَلَ عبدالله وَالْفَضْلُ بن زِيَادٍ يَتْبَعُ مَالِكًا مُسْلِمًا كَسَبْيٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَإِنْ مَاتَا أو أَحَدُهُمَا في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
قال ابن ( ( ( الكل ) ) ) رجب في شرح البخاري ( ( ( المالك ) ) ) للعلماء في هذه الأحاديث ( ( ( الصورة ) ) ) مسالك ( ( ( يصير ) ) ) متعددة ( ( ( مسلما ) ) ) منهم من ( ( ( ريب ) ) ) حملها على ( ( ( وتعليل ) ) ) من فعل ذلك مستحلا منهم مالك وإسحاق ومنهم من حملها على التغليظ والكفر الذي لا ينقل عن الملة منهم ابْنِ عباس وعطاء قال النخعي هو كفر بالنعم ونقل عن أحمد وقبله طاووس وروى عن أحمد إنكار من سمى شارب الخمر كافرا ولذلك أنكر القاضي جواز إطلاق اسم كفر النعمة على أهل الكبائر وحكى ابن حامد عن ( ( ( ضعيف ) ) ) أحمد جواز إطلاق الكفر والشرك على بعض الذنوب التي لا تخرج عن الملة وروى عن أحمد أنه كان يتوقى الكلام في تفسير هذه النصوص تورعا ويمرها كما جاءت من غير تفسير مع اعتقادهم أن المعاصي لا تخرج عن الملة انتهى ملخصا
تنبيه قوله وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ في النَّارِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ في الْجَنَّةِ انْتَهَى
قال ابن حَمْدَانَ نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ وأبو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ انْتَهَى فَخَالَفَ الْمُصَنِّفُ في النَّقْلِ عن ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وزاد الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَاَلَّذِي رَأَيْته في الْمُغْنِي أَنَّهُ نَقَلَ رِوَايَةَ الْوَقْفِ وَاقْتَصَرَ عليها وقال الشَّيْخُ عبدالله كنيله في كِتَابِ الْعُدَّةِ ذَكَرَ شَيْخُ مَشَايِخِي في الْمُغْنِي في كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عن أَوْلَادِ الْمَجُوسِ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وهو ابن خَمْسِ سِنِينَ فقال يُدْفَنُ في مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أو يُمَجِّسَانِهِ يَعْنِي أَنَّهُمَا لم يُمَجِّسَاهُ فَبَقِيَ على الْفِطْرَةِ وسىء ( ( ( وسئل ) ) ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فقال أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وقال أَيْضًا الْإِمَامُ أَحْمَدُ نَحْنُ نَمُرُّ هذه الْأَحَادِيثَ على ما جَاءَتْ وَلَا نَقُولُ شيئا انْتَهَى ولم أَرَ ذلك في الْمُغْنِي
____________________
1-
(6/172)
دارنا وقيل أو دار حرب فمسلم على الأصح نقله الجماعة وجزم به الأصحاب إلا المحرر فيؤخذ رواية وفي الموجز والتبصرة رواية لابموت أحدهما
نقل أبو طالب في يهودي أو نصراني مات وله ولد صغير فهو مسلم إذا مات أبواه ويرث أبويه
ونقل جماعة إن كفله المسلمون فمسلم ويرث الولد الميت لعدم تقدم الإسلام واختلاف الدين ليس من جهته كالطلاق في المرض ولأنه يرث إجماعا فلا يسقط بمختلف فيه وهو الإسلام وكما تصح الوصية لأم ولده ولأنه لا يمتنع حصول إرثه قبل اختلاف الدين كما قال الكل إن الدين لا يمنع الإرث وإن لم يكن الميت مالكا له يوم الموت لكن في حكم المالك
كذا ذكره القاضي وقال فإن قيل نقل الكحال وجعفر في نصراني مات عن نصرانية حامل فأسلمت ثم ولدت لا ترث إنما ترث بالولادة وحكم بالإسلام قيل يحتمل أن يخرج من هذا رواية لا يرث وإنه القياس ويحتمل التفرقة وأنه ظاهر تعليل أحمد لقوة المانع لأنه مسلم بأمر مجمع عليه وهو إسلام أمه وهو حمل والمسقط ضعيف للخلاف في إسلامه بالموت ولو كان الحمل لا يرث كما في المحرر لم يحتج إلى التخريج ولا هذا الفرق
ولم يذكر في الفصول إرثه فظاهره كالطفل وذكر أيضا في كتاب الروايتين في إرث الطفل روايتين وظاهر الفصول أنه كمن أسلم قبل قسم التركة
وقال في مكان آخر بعد رواية الكحال جعل تجدد الإسلام مانعا من إرثه مع كوننا نجعل للحمل حكما في باب الإرث وذلك أن من أصله أن يورث القريب الكافر إذا أسلم قبل القسم
وقال شيخنا قيد ذلك بما إذا أسلمت أمه قبل الوضع فإنه في هذه الصورة يصير مسلما بلا ريب قال وتعليل ابن عقيل ضعيف
____________________
(6/173)
وأطفال الكافر في النار وعنه الوقف واختار ابن عقيل وابن الجوزي في الجنة كأطفال المسلمين ومن بلغ منهم مجنونا واختار شيخنا تكليفهم في القيامة للأخبار ومثلهم من بلغ منهم مجنونا فإن جن بعد بلوغه فوجهان ( م 8 )
وظاهره يتبع أبويه بالإسلام كصغير فيعايا بها ونقل ابن منصور فيمن ولد أعمى أبكم أصم وصار رجلا وهو بمنزلة الميت هو مع أبويه وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا قال هو معهما ويتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة وقاله شيخنا وذكر في الفنون عن أصحابنا لا يعاقب قال وإذا منع حائل البعد شروط التكليف فأولى فيهما ولعدم جواز إرسال رسول إليهما بخلاف أولئك وقال إن عفو الله عن الذي كان يعامل ويتجاوز لأنه لم تبلغه الدعوة وعمل بخصلة من الخير
وفي نهاية المبتدي لا يعاقب وقيل بلى إن قيل بخطر الأفعال قبل الشرع وقال ابن حامد يعاقب مطلقا لقوله تعالى { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } القيامة 36 وهو عام ولأن الله ما أخلى عصره من قائم له بحجة كذا قال ولأحمد ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار قال في شرح مسلم خص اليهود والنصارى للتنبيه لأن لهم كتابا قال وفي مفهومه إن لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور قال وهذا جار على ما تقرر في الأصول لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمْ من بَلَغَ مَجْنُونًا فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا هو في النَّارِ وَإِنْ قُلْنَا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ في الْجَنَّةِ وهو الظَّاهِرُ إذَا جُنَّ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ وهو الصَّوَابُ حَيْثُ تَمَكَّنَ من الْإِسْلَامِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو كَأَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَلَعَلَّ الْخِلَافَ إذَا جُنَّ قَرِيبًا من الْبُلُوغِ وهو الظَّاهِرُ وَقَوْلُ المنصف بَعْدَ بُلُوغِهِ فيه إيهَامٌ وَالصَّوَابُ ما قُلْنَاهُ بِحَيْثُ أن يَتَمَكَّنَ من الْإِسْلَامِ
____________________
1-
(6/174)
قال القاضي ( ( ( ثمان ) ) ) أبو يعلى في قوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } الإسراء 15 في هذا دليل على أن معرفة الله لا تجب عقلا وإنما تجب بالشرع وهو بعثه الرسل وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار قال وقيل معناه أنه لا يعذب فيما طريقه السمع إلا بقيام حجة السمع من جهة الرسول ولهذا قالوا لو أسلم بعض أهل الحرب في دار الحرب ولم يسمع بالصلاة والزكاة ونحوها لم يلزمه قضاء شيء منها لأنها لم تلزمه إلا بعد قيام حجة السمع والأصل فيه قصة أهل قباء حين استداروا إلى الكعبة ولم يستأنفوا
ولو أسلم في دار الإسلام ولم يعلم بفرض الصلاة قالوا عليه القضاء لأنه قد رأى الناس يصلون في المساجد بأذان وإقامة وذلك دعا إليها ذكر ذلك ابن الجوزي ولم يزد عليه فدل على موافقته
والمشهور في أصول الدين عن أصحابنا أن معرفة الله تعالى وجبت شرعا نص عليه وقيل عقلا وهي أول واجب لنفسه ويجب قبلها النظر لتوقفها عليه فهو أول واجب لغيره ولا يقعان ضرورة وقيل بلى
وكذا إن أعدما أو أحدهما بلا موت كزنا ذمية ولو بكافر أو اشتباه ولد مسلم بولد كافر نص عليهما قال القاضي أو وجد بدار حرب وقال في مسألة الاشتباه تكون القافة في هذا قال ما أحسنه وإن لم يكفرا ولدهما ومات طفلا دفن في مقابرنا نص عليه واحتج بقوله فأبواه يهودانه قال صاحب النظم كلقيط ويتوجه كالتي قبلها
ويدل على خلاف النص عن أبي هريرة مرفوعا ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه فقال رجل يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك قال الله أعلم بما كانوا عاملين متفق عليه وفي مسلم على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه وفسر أحمد الفطرة فقال التي فطر الله الناس عليها شقي أو سعيد
قال القاضي المراد به الدين من كفر أو إسلام قال وقد فسر أحمد هذا في
____________________
(6/175)
غير موضع وذكر الأثرم معناه على الإقرار بالواحدنية حين أخذهم من صلب آدم { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى } الأعراف 172 وبأنه له صانعا ومدبرا وإن عبد شيئا غيره وسماه بغير اسمه وأنه ليس المراد على الإسلام لأن اليهودي يرثه ولده الطفل إجماعا ونقل يوسف الفطرة التي فطر الله العباد عليها وقيل له في رواية الميموني هي التي فطر الله الناس عليها الفطرة الأولى نعم
قال ابن حامد اختلف قوله في تعذيب أطفال المشركين والكلام منه في ذلك مبني على ما مقالته في تفسير الفطرة ثم ذكر هذه الروايات وقال ابن عقيل المراد به يحكم بإسلامه ما لم يعلم له أبوان كافران ولا يتناول من ولد بين كافرين لأنه انعقد كافرا كذا قال
وإن بلغ ممسكا عن إسلام وكفر قتل قاتله وفيه احتمال وقيل يقتل إن حكم بإسلامه بما تقدم لا بالدار ذكره أبو الخطاب وغيره
وَمَنْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ لم يَجُزْ تَعْزِيرُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُ لم يَجِبْ غَيْرُ الْقَتْلِ وقد سَقَطَ وَالْحَدُّ إذَا سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ أو استوفى لم تَجُزْ بالزيادة ( ( ( الزيادة ) ) ) عليه كَسَائِرِ الْحُدُودِ وقال شَيْخُنَا فِيمَنْ شَفَعَ عِنْدَهُ في شَخْصٍ فقال لو جاء النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَشْفَعُ فيه ما قُبِلَ إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عليه قُتِلَ لَا قَبْلَهَا في أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا وَيَسُوغُ تَعْزِيرُهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَالِكِيَّةِ يُعَزَّرُ بَعْدَ التَّوْبَةِ
وَوَجَّهَ شَيْخُنَا هذا الْمَعْنَى في مَكَان آخَرَ بِأَنْ قَتْلَهُ من حَيْثُ هو رَسُولٌ حَقٌّ لِلَّهِ وقد سَقَطَ فَيُعَزَّرُ لِحَقِّ الْبَشَرِيَّةِ كَتَعْزِيرِ سَابِّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ إسْلَامِهِ قال وَمَنْ لم يُعَاقِبْهُ بِشَيْءٍ قال انْدَرَجَ حَقُّ الْبَشَرِيَّةِ في حَقِّ الرِّسَالَةِ فإن الْجَرِيمَةَ الْوَاحِدَةَ إذَا أَوْجَبَتْ الْقَتْلَ لم يَجِبْ غَيْرُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
وَلِهَذَا انْدَرَجَ حَقُّ اللَّهِ في حَقِّ الْآدَمِيِّ بِعَفْوِهِ عن قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ قال وفي الْأَصْلَيْنِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ ( م ) يُعَزَّرُ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْعَفْوِ وَمَذْهَبُ ( 5 ) لَا يَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ وَلِهَذَا تَرَدَّدَ من أَسْقَطَ الْقَتْلَ بِالْإِسْلَامِ هل يُؤَدَّبُ حَدًّا أو تَعْزِيرًا على خُصُوصِ الْقَذْفِ وَالسَّبِّ تَقَدَّمَ احْتِمَالٌ يُعَزَّرُ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ بَعْدَ عَفْوِ الْآدَمِيِّ لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ فَدَلَّ من التَّعْلِيلِ على تَعْزِيرِ الْمُرْتَدِّ وهو من الْقَاضِي اعْتِبَارٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ على عَادَتِهِ
____________________
(6/176)
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَأَمَّا إذَا لم يَتُبْ أو تَابَ ولم تُقْبَلْ ظَاهِرًا قُتِلَ فَقَطْ جَعَلَهُ الْأَصْحَابُ أَصْلًا لِعَدَمِ الْجَلْدِ مع الرَّجْمِ
____________________
(6/177)
باب ( ( ( كتاب ) ) ) الْجِهَادِ
وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ على مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ فإن فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا وَلَوْ أَذِنَ سَيِّدٌ صَحِيحٍ وَلَوْ أَعْوَرَ وَاجِدٍ وفي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ من الْإِمَامِ ما يَحْتَاجُهُ هو وَأَهْلُهُ لِغَيْبَتِهِ وَمَعَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مَرْكُوبًا وَعَنْهُ يَلْزَمُ عَاجِزًا بِبَدَنِهِ في مَالِهِ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَشَيْخُنَا كَحَجٍّ على مَعْضُوبٍ وَأَوْلَى وفي الْمُذْهَبِ قَوْلُ يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَقْدِرُ على الْمَشْيِ وفي الْبُلْغَةِ يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَسِيرًا
وإذا قام بِهِ طَائِفَةٌ كان سُنَّةً في حَقِّ غَيْرِهِمْ صَرَّحَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَأَنَّ ما عَدَا الْقِسْمَيْنِ هُنَا سُنَّةٌ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ الْجِهَادُ بِاللِّسَانِ فَيَهْجُوهُمْ الشَّاعِرُ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِحَسَّانَ بن ثَابِتٍ اُهْجُ الْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ
وَلَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ كَعْبًا قال له إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ في الشُّعَرَاءِ ما أَنْزَلَ فقال الْمُؤْمِنُ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ وقد رَوَى أَحْمَدُ عن عَمَّارٍ قال شَكَوْنَا إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ فقال اُهْجُوهُمْ ما
____________________
(6/179)
يَهْجُونَكُمْ وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ فَمِنْهُ بِالْقَلْبِ وَالدَّعْوَةِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَدَنِ فَيَجِبُ بِغَايَةِ ما يُمْكِنُهُ وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ % الرَّأْيُ قبل شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ % هو أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحِلُّ الثَّانِي % % فإذا هُمَا اجْتَمَعَا لِعَبْدٍ مَرَّةً % بَلَغَا من الْعَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ %
قال وَعَلَى الْأَمِيرِ أَنْ يُحَرِّضَهُمْ على الْجِهَادِ وَيُقَاتِلَ بِهِمْ عَدُوَّهُ بِدُعَائِهِمْ وَرَأْيِهِمْ وَفِعْلِهِمْ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا يُمْكِنُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ على الْجِهَادِ وَيَفْعَلُ مع بَرٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ لَا مُخَذِّلٍ وَنَحْوِهِ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ مُخْتَصَرٌ من الصَّحِيحَيْنِ وَيُقَدَّمُ الْقَوِيُّ مِنْهُمَا نَصَّ على ذلك كُلَّ عَامٍ مَرَّةً إلَّا لِمَانِعٍ بِطَرِيقٍ وَلَا يُعْتَبَرُ أَمْنُهَا فإن وَضَعْهُ على الْخَوْفِ وَعَنْهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِحَاجَةٍ وَعَنْهُ وَمَصْلَحَةٍ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لو اخْتَلَفُوا على رَجُلَيْنِ لم يَتَعَطَّلْ الْغَزْوُ وَالْحَجُّ
هَذَانِ بَابَانِ لَا يَدْفَعُهُمَا شَيْءٌ أَصْلًا وما يُبَالِي من قَسْمِ الْفَيْءِ أو من وَلِيِّهِمَا وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَجِبُ الْجِهَادُ بِلَا إمَامٍ إذَا صَاحُوا النَّفِيرَ وَسَأَلَهُ أبو داوود بِلَادٌ غَلَبَ عليها رَجُلٌ فَنَزَلَ الْبِلَادَ يغزى بِأَهْلِهَا يَغْزُو مَعَهُمْ قال نعم قُلْت يشترى من سَبْيِهِ قال دَعْ هذه الْمَسْأَلَةَ الْغَزْوُ ليس مِثْلَ شِرَاءِ السَّبْيِ الْغَزْوُ دَفْعٌ عن الْمُسْلِمِينَ لَا يُتْرَكُ لِشَيْءٍ فَيَتَوَجَّهُ من سَبْيِهِ كَمَنْ غَزَا بِلَا إذْنٍ
وَمَنْ حضر ( ( ( حصر ) ) ) بَلَدُهُ أو هو عَدُوٌّ أو اسْتَنْفَرَهُ من له اسْتِنْفَارُهُ تَعَيَّنَ عليه وَلَوْ لم يَكُنْ أهله ( ( ( أهلا ) ) ) لِوُجُوبِهِ وفي الْبُلْغَةِ يَتَعَيَّنُ في مَوْضِعَيْنِ إذَا الْتَقَيَا وَالثَّانِي إذَا نَزَلُوا بلدة إلَّا لِحَاجَةِ حِفْظِ أَهْلٍ أو مَالٍ وَالثَّانِي من يَمْنَعُهُ الْأَمِيرُ وَيَلْزَمُ الْعَبْدَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ هذا في الْقَرِيبِ
أَمَّا من على مَسَافَةِ قَصْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مع عَدَمِ الْكِفَايَةِ وَلَوْ نُودِيَ الصلاة ( ( ( بالصلاة ) ) )
____________________
(6/180)
وَالنَّفِيرِ صلى وَنَفَرَ وَمَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ يَنْفِرُ وَيُصَلِّي رَاكِبًا أَفْضَلُ وَلَا يَنْفِرُ في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَلَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ نَصَّ على ثلاث ( ( ( الثلاث ) ) ) نقل أبو داوود أَيْضًا في الْأَخِيرَةِ يَنْفِرُ إنْ كان عليه وَقْتٌ قُلْت لَا يَدْرِي نَفِيرٌ حَقٌّ أَمْ لَا قال إذَا نَادَوْا بِالنَّفِيرِ فَهُوَ حَقٌّ قُلْت إنَّ أَكْثَرَ النَّفِيرِ لَا يَكُونُ حَقًّا قال يَنْفِرُ يَكُونُ يَعْرِفُ مَجِيءَ عَدُوِّهِمْ كَيْفَ هو
وَمَنْ لم يَنْفِرْ على فَرَسٍ حَبِيسٍ عِنْدَهُ إبْقَاءً عليه فَلَا بَأْسَ وَإِنْ تَرَكَهُ لِشُغْلِهِ بِحَاجَةٍ أَعْطَاهُ من يَنْفِرُ عليه وَإِنْ لم يَغْزُ عليه كُلَّ غَزَاةٍ لِيُرِيحَهُ فَلَا بَأْسَ قُلْت يَتَقَدَّمُ في الْغَارَةِ أو يَتَأَخَّرُ في السَّاقَةِ قال ما كان أَحْوَطَ ما يَصْنَعُ بِالْغَنَائِمِ إنَّمَا يُرَادُ سَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ
وقال الْقَاضِي قال أبو بَكْرٍ في السُّنَنِ في النَّفِيرِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ إذَا لم يُسْتَغَاثُوا ولم يَتَيَقَّنُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ لم يَنْفِرُوا حتى يُصَلُّوا قال وَلَا تَنْفِرُ الْخَيْلُ إلَّا على حَقِيقَةٍ وَيَتَوَجَّهُ أو خَوْفٍ لِلْخَبَرِ قال وَلَا يَنْفِرُ على غُلَامٍ آبِقٍ لَا يَهْلَكُ الناس بِسَبَبِهِ
وَلَوْ نَادَى الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لحادثه فَيُشَاوِرُ فيها لم يَتَأَخَّرْ أَحَدٌ بِلَا عُذْرٍ وَجِهَادُ الْمُجَاوِرِ مُتَعَيَّنٌ نَصَّ عليه إلَّا لِحَاجَةٍ وَمَعَ التَّسَاوِي جِهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ وفي الْبَحْرِ أَفْضَلُ
وفي الْخَبَرِ له أَجْرُ شَهِيدَيْنِ ذَكَرَهُ في رِوَايَةِ عبدالله وإذا غَزَا فيه فَأَرَادَ رَجُلٌ يُقِيمُ بِالسَّاحِلِ لم يَجُزْ إلَّا باذن الْوَالِي على كل الْمَرَاكِبِ نَقَلَهُ أبو دواد قُلْت مَتَى يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ بِلَا إذْنٍ قال إذَا صَارَ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ قُلْت إنَّهُ صَارَ وَرُبَّمَا تَعَرَّضَ الْعِلْجُ لِلرَّجُلِ وَلِلْخِطَابِ قال لَا يَتَقَدَّمُ حتى يَأْمَنَ ثُمَّ تَلَا { وإذا كَانُوا معه على أَمْرٍ جَامِعٍ لم يَذْهَبُوا حتى يَسْتَأْذِنُوهُ } النور 66 قُلْت أَذِنَ له في أَرْضِ الْخَوْفِ يَتَقَدَّمُ له ذلك قال نعم قد يَبْعَثُ الْمُبَشِّرَ وفي الْحَاجَةِ قُلْت الْمُتَسَرِّعُ يُقَدَّمُ فَيُسَلِّمُ عليه الرَّجُلُ قال ما يُعْجِبُنِي أَنْ يخطى إلَيْهِ كَذَا في عِدَّةِ نُسَخٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَلَقَّاهُ
وَسَأَلَهُ أَيْضًا في الْمَرْكَبِ من يَتَعَرَّى وَمَنْ يَغْتَابُ الناس قال يَغْزُو مَعَهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ قال أَحْمَدُ أَكْرَهُ الْحَرَسَ بِالْجَرَسِ قُلْت فَيَحْرُسُ الرَّجُلُ مَعَهُمْ وَلَا
____________________
(6/181)
يَنْتَهُونَ قال يَحْرُسُ وَلَا يَضْرِبُ بِهِ
سُئِلَ عن رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ في الْحَرَسِ قال الذي نهى عنه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان في السَّفَرِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونُوا في الْحَرَسِ يُرِيدُونَ الْعَدُوَّ أَيْ عِنْدَنَا عُدَّةٌ فَلَا بَأْسَ قِيلَ يَحْرُسُ رَاجِلًا أو رَاكِبًا قال ما يَكُونُ أَنْكَى قُلْت هو حِيَالُ حِصْنٍ يَحْرُسُ لَا يَخْرُجُ أَهْلُ الْحِصْنِ قال هذا رَاكِبًا أَفْضَلُ
وَيُسْتَحَبُّ تَشْيِيعُ غَازٍ لَا تَلْقِيهِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ هَنَّأَهُ بِالسَّلَامَةِ من الشَّهَادَةِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَجٌّ وَأَنَّهُ يَقْصِدُهُ لِلسَّلَامِ وَنَقَلَ عنه في حَجِّ لَا إلَّا إنْ كان قَصَدَهُ أو ذَا عِلْمٍ أو هَاشِمِيًّا أو من يُخَافُ شَرُّهُ وَشَيَّعَ أَحْمَدَ أُمَّةٌ لِحَجٍّ وَنَقَلَ ابْنَاهُ أَنَّهُ قال لَهُمَا اُكْتُبَا اسْمَ من سَلَّمَ عَلَيْنَا مِمَّنْ حَجَّ حتى إذَا قَدِمَ سَلَّمْنَا عليه قال الْقَاضِي جَعَلَهُ مُقَابَلَةً ولم يَسْتَحِبَّ أَنْ يَبْدَأَهُمْ
قال ابن عَقِيلٍ مَحْمُولٌ على صِيَانَةِ الْعِلْمِ لَا على الْكِبْرِ وفي الْفُنُونِ تَحْسُنُ التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ لِلْمُسَافِرِ كالمرضي تَحْسُنُ تَهْنِئَةُ كُلٍّ منهم بِسَلَامَتِهِ وفي نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي تُسْتَحَبُّ زيادة ( ( ( زيارة ) ) ) الْقَادِمِ وَأَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقِيلَ له أَلَا تَعُودُ فلان ( ( ( فلانا ) ) ) قال إنَّهُ لَا يَعُودُنَا على أَنَّهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ
أو مَانِعُ زَكَاةٍ ذَكَرَهُ وفي الرِّعَايَةِ إن الْقَاضِيَ يُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ ما لم يَشْغَلْهُ عن الْحُكْمِ وَرَوَى سَعِيدٌ حدثنا أبو مُعَاوِيَةَ حدثنا حَجَّاجٌ عن الْحَكَمِ قال قال ابن عَبَّاسٍ لو يَعْلَمُ الْمُقِيمُونَ ما لِلْحَاجِّ عليه من الْحَقِّ لَأَتَوْهُمْ حتى يُقَبِّلُوا رَوَاحِلَهُمْ لِأَنَّهُمْ وفدالله في جَمِيعِ الناس حَجَّاجٌ هو ابن أرطأة ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ وَالْحَكَمُ هو ابن عُيَيْنَةَ لم يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ
وقال ابن عبدالبر في أَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّانِي من بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ قال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه لَا تَلَقَّوْا الْحَاجَّ وَلَا تُشَيِّعُوهُمْ
وفي قِصَّةٍ تَخَلُّفَ كَعْبِ بن مَالِكٍ عن غَزْوَةِ تَبُوكَ تَهْنِئَةُ من تَجَدَّدَتْ له نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ وَالْقِيَامُ إلَيْهِ وَمُصَافَحَتُهُ وَإِعْطَاءُ الْبَشِيرِ وَأَمَّا تَهْنِئَةُ من تَجَدَّدَتْ له نِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ
____________________
(6/182)
فَهُوَ من عُرْفٍ وَعَادَةٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ قال في كِتَابِ الهدى هو جَائِزٌ ولم يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِهِ كما ذَكَرَهُ في النِّعْمَةِ الدِّينِيَّةِ قال وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ له لِيُهَنِّئَك ما أَعْطَاك اللَّهُ وما مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْك فإن فيه تَوْلِيَةَ النِّعْمَةِ رَبَّهَا وَالدُّعَاءُ لِمَنْ نَالَهَا بالتهاني ( ( ( بالتهني ) ) ) بها
وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ اسْتِحْبَابَ تَشْيِيعِ الْحَاجِّ وَوَدَاعِهِ وَمَسْأَلَتِهِ أَنْ يَدْعُوَ له نَقَلَ الْفَضْلُ ابن زِيَادٍ ما سَمِعْنَا أَنْ يُدْعَى لِلْغَازِي إذَا قَفَلَ وَأَمَّا الْحَاجُّ فَسَمِعْنَا عن ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي قِلَابَةَ وَأَنَّ الناس لَيَدْعُونَ وقال ابن أَصْرَمَ سَمِعْته يقول لِرَجُلٍ تَقَبَّلَ اللَّهُ حَجَّك وَزَكَّى عَمَلَك وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الْعَوْدَ إلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ وفي الْغُنْيَةِ تَقَبَّلَ اللَّهُ سَعْيَك وَأَعْظَمَ أَجْرَك وَأَخْلَفَ نَفَقَتَك لِأَنَّهُ روى عن عُمَرَ
وَتُكَفِّرُ الشَّهَادَةُ غير الذين قال شَيْخُنَا وَغَيْرَ مَظَالِمِ الْعِبَادِ كَقَتْلٍ وَظُلْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَخَّرَهُمَا وقال شَيْخُنَا وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَجَّ يُسْقِطُ ما وَجَبَ عليه من الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فإنه يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ من دَمٍ أو مَالٍ أو عِرْضٍ بِالْحَجِّ ( ع )
وقال الْآجُرِّيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخَبَرَ إنَّ الشَّهَادَةَ تُكَفِّرُ غير الدَّيْنِ قال هذا إنَّمَا هو لِمَنْ تَهَاوَنَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَمَّا من اسْتَدَانَ دَيْنًا وَأَنْفَقَهُ في غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَبْذِيرٍ ثُمَّ لم يُمْكِنْهُ قَضَاؤُهُ فإن اللَّهَ يَقْضِيه عنه مَاتَ أو قُتِلَ
وَتُكَفِّرُ طَهَارَةٌ وَصَلَاةٌ وَرَمَضَانُ وَعَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ الصَّغَائِرَ
فَقَطْ قال شَيْخُنَا وَكَذَا حَجٌّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَرَمَضَانَ أَعْظَمُ منه وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةٌ لِلْكَبَائِرِ وفي الصَّحِيحَيْنِ أو الصَّحِيحِ الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا قال ابن هُبَيْرَةَ فيه إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كِبَارَ الطَّاعَاتِ يُكَفِّرُ اللَّهُ ما بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لم يَقُلْ كَفَّارَةً لِصِغَارِ ذُنُوبِهِ بَلْ إطْلَاقُهُ يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ قال وَقَوْلُهُ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ ليس له جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ أَيْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فلم يُقَاوِمْهُ شَيْءٌ من الدُّنْيَا
____________________
(6/183)
وَقَوْلُهُ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ أَيْ أَيَّامَ الْحَجِّ فَيَرْجِعُ وَلَا ذَنْبَ له وَبَقِيَ حَجُّهُ فَاضِلًا له لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
وَالْمَذْهَبُ لَا تَذْهَبُ وقال في سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ لَمَّا نَزَّهَ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّا لَا يَجُوزُ عليه نَزَّهَهُ من خَطَايَاهُ كُلِّهَا التي تَجُوزُ عليه يُقَالُ بَرِرْت أبي بِكَسْرِ الرَّاءِ أَبَرُّهُ بِضَمِّهَا مع فَتْحِ الْبَاءِ بِرًّا وأنا بربه بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبَارٌّ وَجَمْعُ الْبَرِّ الْأَبْرَارُ وَجَمْعُ الْبَارِّ الْبَرَرَةُ وهو الْإِحْسَانُ وَفِعْلُ الْجَمِيلِ وما يَسُرُّ
قال شَيْخُنَا من عَرَفَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ تَعْظِيمُ قَدْرِهَا في الْقُلُوبِ الْإِيمَانُ وهو مُتَفَاضِلٌ لَا يَعْلَمُ مَقَادِيرَهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَرَفَ أَنَّ ما قَالَهُ الرَّسُولُ حَقٌّ ولم يَضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وقد يَفْعَلُ النَّوْعُ الْوَاحِدُ بِكَمَالِ إخْلَاصٍ وَعُبُودِيَّةٍ فَيُغْفَرُ له بِهِ كَبَائِرُ كَصَاحِبِ السِّجِلَّاتِ وَالْبَغِيِّ التي سَقَتْ الْكَلْبَ فَغَفَرَ لها كَذَا قال
وَلِمُسْلِمٍ من حديث عُثْمَانَ ما من امرىء ( ( ( امرئ ) ) ) تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إلَّا كانت كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا من الذُّنُوبِ ما لم يَأْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ ليس له جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا من حَجَّ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا
وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيُسْتَحَبُّ وَلَوْ سَاعَةً نَصَّ عليه وقال الْآجُرِّيُّ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ وهو أَفْضَلُ من مَقَامٍ بِمَكَّةَ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( ع ) وَالصَّلَاةُ بها أَفْضَلُ نَصَّ على ذلك قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَأَمَّا فَضْلُ الصَّلَاةِ هذا شَيْءٌ خَاصَّةً فَضْلٌ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ قال أَحْمَدُ إذَا اخْتَلَفَ الناس في شَيْءٍ فَانْظُرُوا ما عليه الثَّغْرُ فإن
____________________
(6/184)
الْحَقَّ مَعَهُمْ
وَأَفْضَلُهُ بِأَشَدِّهَا خَوْفًا وَيُكْرَهُ نَقْلُ الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ إلَيْهِ وَنَهَى أَحْمَدُ عنه فذكر له أبو دَاوُد منعه طَرَسُوسَ وَغَيْرِهَا فَكَرِهَهُ وَنَهَى عنه قُلْت تَخَافُ عليه الْإِثْمَ قال كَيْفَ لَا أَخَافُ وهو يَعْرِضُ بِذُرِّيَّتِهِ لِلْمُشْرِكِينَ قِيلَ له فإنطاكية قال لَا يَنْقُلُهُمْ إلَيْهَا فإنه قد أُغِيرَ عليهم مُنْذُ سِنِينَ قَرِيبَةً من السَّاحِلِ الشَّامُ كُلُّهَا إذَا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فَلَيْسَ لِأَهْلِ خُرَاسَانَ عِنْدَهُمْ قَدْرٌ يَقُولُهُ في الِانْتِقَالِ إلَيْهَا بِالْعِيَالِ قِيلَ فَالْأَحَادِيثُ إنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ فقال ما أَكْثَرُ ما جاء فيه
قُلْت فَلَعَلَّهَا في الثُّغُورِ قال إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَحَادِيثُ في الثُّغُورِ وَذَكَرْت له مَرَّةً هذا أَنَّ هذا في الثُّغُورِ فَأَنْكَرَهُ واقل الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيْنَ هِيَ وَلَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ على الْحَقِّ هُمْ أَهْلُ الشَّامِ وَقُعُودُهُ عليهم أَفْضَلُ وَالتَّزْوِيجُ بِهِ أَسْهَلُ نَصَّ على ذلك وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَنْتَقِلُ بِأَهْلِهِ إلَى مَدِينَةٍ تَكُونُ مَعْقِلًا لِلْمُسْلِمِينَ كَأَنْطَاكْيَةَ وَالرَّمْلَةِ وَدِمَشْقَ
وقال في رِوَايَةِ بِشْرِ بن مُوسَى يُسْتَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ
وَمَنْ لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ حَرُمَ قِتَالُهُ قَبْلَهَا وَيَجِبُ ضَرُورَةً وَيُسَنُّ دَعْوَةُ من بَلَغَهُ وَعَنْهُ قد بَلَغَتْ الدَّعْوَةُ كُلَّ أَحَدٍ فَإِنْ دَعَا فَلَا بَأْسَ
وَمَنْ عَجَزَ عن إظْهَارِ دِينِهِ بِدَارُ حَرْبٍ يَغْلِبُ فيها حُكْمُ الْكُفْرِ زَادَ بَعْضُهُمْ أو بَلَدِ بُغَاةٍ أو بِدْعَةٍ كَرَفْضٍ وَاعْتِزَالٍ وَطَاقَ الْهِجْرَةَ لَزِمَتْهُ وَلَوْ في عِدَّةٍ بِلَا رَاحِلَةٍ وَلَا مَحْرَمٍ وَعَلَّلَ الْقَاضِي الْوُجُوبَ بِتَحْرِيمِ للكسب ( ( ( الكسب ) ) ) عليه هُنَاكَ لِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِهِمْ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَوَضْعِهِ في غَيْرِ حَقِّهِ
قِيلَ لِلْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَى بَلَدٍ غَلَبَتْ الْبِدَعُ لِلْإِنْكَارِ فقال يَلْزَمُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْلِهِ { فما لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } عن الْقَاضِي إنَّ
____________________
(6/185)
الْهِجْرَةَ كانت فَرْضًا إلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ كَذَا قال وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ إنْ أَمِنَتْ على نَفْسِهَا من الْفِتْنَةِ في دِينِهَا لم تُهَاجِرْ إلَّا بِمَحْرَمٍ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ إذَا أَمْكَنَهَا إظْهَارُ دِينِهَا وَأَمِنَتْهُمْ على نَفْسِهَا لم يُبَحْ إلَّا بِمَحْرَمٍ كَالْحَجِّ فَإِنْ لم تَأْمَنْهُمْ جَازَ الْخُرُوجُ حتى وَحْدَهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ
وَتُسَنُّ لِقَادِرٍ وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ تَجِبُ عليه وَأَطْلَقَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا تُسَنُّ لِامْرَأَةٍ بِلَا رُفْقَةٍ وَلَا يُعِيدُ ما صلى من لَزِمَتْهُ وَلَا يُوصَفُ الْعَاجِزُ عنها بِاسْتِحْبَابٍ وقال ابن هُبَيْرَةَ في قَوْلِ مُجَاشِعِ بن مَسْعُودٍ السُّلَمِيِّ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن أَخِيهِ مُجَالِدٍ يُبَايِعُك على الْهِجْرَةِ فقال لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ على الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ
وَلِلْبُخَارِيِّ قُلْت بَايِعْنَا على الْهِجْرَةِ فقال مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا
وَلِمُسْلِمٍ أن الْهِجْرَةَ مَضَتْ لِأَهْلِهَا وَلَكِنْ على الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ
قال ابن هُبَيْرَةَ إنَّمَا كانت الْهِجْرَةُ قبل فَتْحِ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ مُطْمَئِنًّا فلما فُتِحَتْ مَكَّةُ كانت عِبَادَةُ اللَّهِ في كل مَوْضِعٍ إذا لو فَسَحَ في الْهِجْرَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لَضَاقَتْ الْمَدِينَةُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ من سُكَّانِهَا كَذَا قال
وَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ من بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَرَوَى سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ { إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ } العنكبوت 56 إن الْمَعْنَى إذَا عُمِلَ بِالْمَعَاصِي في أَرْضٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب الجهاد
مسألة 1 قوله وفي الحرية وجهان انتهى
____________________
1-
(6/186)
فَاخْرُجُوا منها وَبِهِ قال عَطَاءٌ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده الحديث وَعَلَى هذا الْعَمَلُ
وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ وَالِدٍ مُسْلِمٍ قال أَحْمَدُ فِيمَنْ له أُمٌّ اُنْظُرْ سُرُورَهَا فَإِنْ أَذِنَتْ من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ في قبلها ( ( ( قلبها ) ) ) وَإِلَّا فَلَا تَغْزُ وفي الْحُرِّيَّةِ وَجْهَانِ ( م 1 )
لَا جَدٌّ وجده ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا تَحْضُرُنِي الْآنَ عن أَحْمَدَ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ في الْجَدِّ أبي الْأَبِ وقد قال ابن حَزْمٍ اتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ وَاتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ
وَإِنْ تَعَيَّنَ وفي الرَّوْضَةِ أو كان فَرْضَ كِفَايَةٍ فَلَا إذْنَ
وَلَا غَرِيمَ لَا وَفَاءَ له وفي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ لَا يَسْتَأْذِنُ مع تَأْجِيلِهِ قال أَحْمَدُ يَجِبُ عليه أَنْ يَطْلُبَ من الْعِلْمِ ما يَقُومُ بِهِ دِينُهُ قِيلَ له فَكُلُّ الْعِلْمِ يُقِيمُ بِهِ دِينَهُ قال الْفَرْضُ الذي يَجِبُ عليه في نَفْسِهِ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذلك وَهَذَا خَاصَّةً يَطْلُبُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا
أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُ من أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرُ حُرٍّ في الْجِهَادِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْأَبَوَانِ الرَّقِيقَانِ في الِاسْتِئْذَانِ كَالْحُرَّيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ وَقِيلَ أو رَقِيقٌ لم يَتَطَوَّعْ بِلَا إذْنِهِ وَمَعَ رِقِّهِمَا فيه وَجْهَانِ فَقَدَّمَ إذَا كان أَحَدُهُمَا رَقِيقًا جَوَازَ التَّطَوُّعِ وَأَطْلَقَ فِيمَا إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ الْخِلَافَ
____________________
1-
(6/187)
بلا إذن نص عليه
ونقل ابن هانىء فيمن لا يأذن له أبواه يطلب منه بقدر ما ينفعه العلم لا يعدله شيء
وفي الرعاية من لزمه التعلم وقيل أو كان فرض كفاية وقيل أو نفلا ولا يحصل ببلده فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه
وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ إلَّا لِحَاجَةٍ نَصَّ عليه وفي الْمُغْنِي وَفُرْصَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا وفي الرَّوْضَةِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عن أَحْمَدَ فيه فَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ جَوَازُهُ بِكُلِّ حَالٍ ظَاهِرًا وَخُفْيَةً وَعُصْبَةً وَآحَادًا وَجَيْشًا وَسَرِيَّةً وفي الْخِلَافِ في الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ الْغَزْوُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَهُ كُلُّ وَاحِدٍ الِانْفِرَادِ وَلَا دُخُولُ دَارِ حَرْبٍ بِلَا إذْنِ إمَامٍ وَلَهُمْ إذَا كَانُوا مَنَعَةً فِعْلُهُ وَدُخُولُهَا بِلَا إذْنِهِ وَمَنْ أَخَذَ ما يَسْتَعِينُ بِهِ في غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فالفضل ( ( ( فالفاضل ) ) ) له وَإِلَّا في الْغَزْوِ
وَإِنْ أَخَذَ دَابَّةً غير عَارِيَّةٍ وَحَبِيسٍ لِغَزْوَةٍ عليها مَلَكَهَا بِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَمِثْلُهَا سِلَاحٌ وَغَيْرُهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ الْوَقْفُ قِيلَ لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَحْمِلُ وَيُعْطِي نَفَقَةً يَخْلُفُ شيئا قال لَا فإذا غَزَا فَهُوَ مِلْكُهُ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُمَرَ قال وَلَا يَحِلُّ له بِالنَّفِيرِ
وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ لَا يعطى أَهْلَهُ إلَّا أَنْ يَصِيرَ إلَى رَأْسِ مَغْزَاهُ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عن قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى فَهُوَ كَمَالِكٍ قال إذَا بَلَغَهُ كما قال ابن عُمَرَ بعثه ( ( ( بعث ) ) ) لِأَهْلِهِ نَفَقَةً وَقِيلَ مَلَكَهُ لَا يَتَّخِذُ منه سُفْرَةً وَلَا يُطْعِمُ أَحَدًا وَلَا يُعِيرُهُ وَلَا أَهْلَهُ نَصَّ عليه
نَقَلَ ابن هانيء لَا يَغْزُو على ما ليس له وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا إلَّا عن غَيْرِ مألسة وَلَا إشْرَافِ نَفْسٍ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد الْمَسْأَلَةُ في الْحِمْلَانِ فقال أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ في كل شَيْءٍ
وَيَحْرُمُ فِرَارُ مُسْلِمِينَ وَلَوْ ظَنُّوا التَّلَفَ من مِثْلَيْهِمْ لِغَيْرِ تَحْرِيفٍ لِقِتَالٍ أو تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ
____________________
(6/188)
وَلَوْ بَعُدَتْ وَيَجُوزُ مع الزِّيَادَةِ وهو أَوْلَى مع ظَنِّ التَّلَفِ بِتَرْكِهِ وَأَطْلَقَ ابن عَقِيلٍ في النَّسْخِ اسْتِحْبَابَ الثياب ( ( ( الثبات ) ) ) لِلزَّائِدِ وقد رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ
حدثنا أبو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيلُ بن عَيَّاشٍ عن صَفْوَانَ بن عَمْرٍو عن عبدالرحمن ابن ( ( ( الرحمن ) ) ) جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ عن مُعَاذٍ قال أَوْصَانِي رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قال لَا تُشْرِكْ بِاَللَّهِ شيئا وَإِنْ قُتِلْت وَحُرِّقْت وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْك وَإِنْ أَمَرَاك أَنْ تَخْرُجَ من أَهْلِك ملكك ( ( ( وملكك ) ) ) وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فإن من تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ منه ذِمَّةُ اللَّهِ وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا فإنه رَأْسُ كل فَاحِشَةٍ وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ تُحِلُّ سَخَطَ اللَّهِ وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ من الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ الناس وإذا أَصَابَ الناس مَوْتٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ على عِيَالِك من طَوْلِك وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاك أَدَبًا وَأَخِفْهُمْ في اللَّهِ إسْمَاعِيلُ عن الْحِمْصِيِّينَ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِ وعبدالرحمن لم يُدْرِك مُعَاذًا
وَإِنْ ظُنَّ الظَّفْرُ بِالثَّبَاتِ ثَبَتُوا وَقِيلَ لُزُومًا وَإِنْ ظَنَّ الْهَلَاكُ فِيهِمَا قَاتَلُوا وَعَنْهُ لُزُومًا قال أَحْمَدُ ما يُعْجِبُنِي أَنْ يُسْتَأْسَرَ وقال فَلْيُقَاتِلْ أَحَبُّ إلَيَّ الْأَسْرُ شَدِيدٌ وقال عَمَّارٌ يقول من اسْتَأْسَرَ بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ فَلِهَذَا قال الْآجُرِّيُّ يَأْثَمُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ قال أَحْمَدُ وإذا أَرَادُوا ضَرْبَ عُنُقِهِ لَا يَمُدُّ رَقَبَتَهُ وَلَا يُعِينُ على نَفْسِهِ بِشَيْءٍ فَلَا يُعْطِيهِمْ سَيْفَهُ لِيُقْتَلَ بِهِ وَيَقُولُ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ وَلَا يقول ابْدَءُوا بِي وَلَوْ أُسِرَ هو وَابْنُهُ لم يَقُلْ قَدِّمُوا ابْنِي بين يَدَيَّ وَيَصْبِرُ قال وَيُقَاتِلُ
وَلَوْ أَعْطَوْهُ الْأَمَانَ قد لَا يفون ( ( ( يقوى ) ) ) وَقِيلَ له إذَا أُسِرَ أَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ قال إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَقْوَى بِهِمْ قال وَلَوْ حَمَلَ على الْعَدُوِّ وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لم يُعِنْ على قَتْلِ نَفْسِهِ وَقِيلَ له يَحْمِلُ الرَّجُلُ على مِائَةٍ قال إذَا كان مع فُرْسَانٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا يُسْتَحَبُّ انْغِمَاسُهُ لِمَنْفَعَةِ للمسلمين ( ( ( المسلمين ) ) ) وَإِلَّا نهى عنه وهو من التَّهْلُكَةِ وفي الْمُنْتَخَبِ لَا يَلْزَمُ ثَبَاتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ على الِانْفِرَادِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالنَّصِيحَةِ وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْمُوجَزِ وَغَيْرِهَا يَلْزَمُ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وأبو طَالِبٍ
وَإِنْ اشْتَعَلَ مَرْكَبُهُمْ نَارًا فَعَلُوا ما رَأَوْا السَّلَامَةَ فيه وَإِلَّا خُيِّرُوا كَظَنِّ السَّلَامَةِ في
____________________
(6/189)
الْمَقَامِ وَالْوُقُوعِ في الْمَاءِ ظن ( ( ( ظنا ) ) ) مُتَسَاوِيًا وَعَنْهُ يَلْزَمُ الْمُقَامُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا يَحْرُمُ وقال شَيْخُنَا جِهَادُ الدَّافِعِ لِلْكُفَّارِ يَتَعَيَّنُ على كل أَحَدٍ وَيَحْرُمُ فيه الْفِرَارُ من مِثْلَيْهِمْ لِأَنَّهُ جِهَادُ ضَرُورَةٍ لَا اخْتِيَارٍ وَثَبَتُوا يوم أُحُدٍ وَالْأَحْزَابِ وُجُوبًا وَكَذَا لَمَّا قَدِمَ التَّتَرُ دِمَشْقَ
عن عبدالله بن أبي أَوْفَى مَرْفُوعًا لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فإذا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ مُتَّفَقٌ عليه
وَذَكَرَ ابن عبدالبر أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي اللَّهُ عنه قال في كِتَابِهِ إلَى خَالِدِ بن الْوَلِيدِ رضي اللَّهُ عنه احْرِصْ على الْمَوْتِ تُوهَبُ لَك الْحَيَاةُ وَأَخَذَهُ الشَّاعِرُ فقال % تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الْحَيَاةَ فلم أَجِدْ % لنفس ( ( ( لنفسي ) ) ) حَيَاةً مِثْلَ أَنْ أَتَقَدَّمَا % وَمِنْ هذا قَوْلُ الْخَنْسَاءِ % يُهِينُ النُّفُوسَ وَهَوْنُ النُّفُوسِ % عِنْدَ الْكَرِيهَةِ أوفى ( ( ( أوقى ) ) ) لها % وقال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ الْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهُمَا اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عن أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّنْ لَا يؤوب ( ( ( يئوب ) ) ) إلَى رَحْلِهِ قال الشَّاعِرُ
____________________
(6/190)
% يَفِرُّ جَبَانُ الْقَوْمِ عن عُرْسِ نَفْسِهِ % ويحمى شُجَاعُ الْقَوْمِ من لَا يُنَاسِبُهْ % % ويزرق ( ( ( ويرزق ) ) ) مَعْرُوفَ الْجَوَادِ عَدُوُّهُ % وَيُحْرَمُ مَعْرُوفَ الْبَخِيلِ أَقَارِبُهْ % وَقَوْلُ آخَرَ % وَخَارِجٍ أَخْرَجَهُ حُبُّ الطَّمَعْ % فَرَّ من الْمَوْتِ وفي الْمَوْتِ وَقَعْ % % من كان يَهْوَى أَهْلَهُ فَلَا رَجَعْ % وكان مُعَاوِيَةُ يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ % أَكَانَ الْجَبَانُ يَرَى أَنَّهُ % سَيُقْتَلُ قبل انْقِضَاءِ الْأَجَلْ % % وقد ترك ( ( ( تدرك ) ) ) الْحَادِثَاتُ الْجَبَانَ % وَيَسْلَمُ منها الشُّجَاعُ الْبَطَلْ % وَمِنْ أَشْعَارِ الْجُبَنَاءِ % أَضْحَتْ تُشَجِّعُنِي هِنْدٌ وقد عَلِمَتْ % أَنَّ الشَّجَاعَةَ مَقْرُونٌ بها الْعَطَبُ % % لِلْحَرْبِ قَوْمٌ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمْ % إذَا دَعَتْهُمْ إلَى نِيرَانِهَا وَثَبُوا % % وَلَسْتُ منهم وَلَا أَبْغِي فِعَالَهُمْ % لَا الْقَتْلُ يُعْجِبُنِي منها وَلَا السَّلْبُ % % لَا وَاَلَّذِي جَعَلَ الْفِرْدَوْسَ جَنَّتَهُ % ما يَشْتَهِي الْمَوْتَ عِنْدِي من له أَرَبُ % وقال أَيْضًا % إنِّي أَضِنُّ بِنَفْسِي أَنْ أَجْوَدَ بها % وَالْجُودُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ السَّرَفِ % ما أَبْعَدَ الْقَتْلَ من نَفْسِ الْجَبَانِ وما % أَحَلَّهُ بالفتى الْحَامِي عن الشَّرَفِ %
____________________
(6/191)
فَصْلٌ يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل في الطَّاعَاتِ وَأَنْ يَجْتَهِدَ في ذلك
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يدعو ( ( ( يدعوا ) ) ) سِرًّا قال أبو دَاوُد بَابُ ما يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن أَنَسٍ قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا غَزَا قال اللَّهُمَّ أنت عَضُدِي وَنَصِيرِي بِك أَحُولُ وَبِك أَصُولُ وَبِك أُقَاتِلُ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ
قال ابن الْأَنْبَارِيِّ الْحَوْلُ مَعْنَاهُ في كَلَامِ الْعَرَبِ الْحِيلَةُ يُقَالُ ما لِلرَّجُلِ حَوْلٌ وما له مَحَالَةٌ قال وَمِنْهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَيْ لَا حِيلَةَ في دَفْعِ سُوءٍ وَلَا قُوَّةَ في دَرْكِ خَيْرٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وهو أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْمَنْعَ وَالدَّفْعَ من قَوْلِك حَالَ بين الشَّيْئَيْنِ إذَا مَنَعَ أَحَدَهُمَا من الْآخَرِ يقول لَا أَمْنَعُ وَلَا أَدْفَعُ إلَّا بِك وكان غَيْرُ وَاحِدٍ منهم شَيْخُنَا يقول هذا عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ عِلْمٍ
وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ تَعَاهُدُ خَيْلٍ وَرِجَالٍ فَيَمْنَعُ ما لَا يَصْلُحُ لِحَرْبٍ كَمُخَذِّلٍ يَفْنَدُ عن الْغَزْوِ وَمُرْجِفٍ يحدث بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَضَعْفِنَا وَمُكَاتَبٍ بِأَخْبَارِنَا وَرَامٍ بَيْنَنَا وَمَعْرُوفٍ بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ وَصَبِيٍّ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وفي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا طِفْلٌ نساء ( ( ( ونساء ) ) ) إلَّا عَجُوزًا لِمَصْلَحَةٍ قال بَعْضُهُمْ وَامْرَأَةً لِلْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ بِفِعْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في مُخَذِّلٍ وَنَحْوِهِ وَلَا لِضَرُورَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ بَلَى وَيَحْرُمُ وَيَتَوَجَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لِحَاجَةٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ مع حُسْنِ رأى فِينَا زَادَ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقُوَّتُهُ بِهِمْ بِالْعَدُوِّ
وفي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَبَنَاهُمَا على الْإِسْهَامِ له كَذَا قال وفي الْبُلْغَةِ يَحْرُمُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِحُسْنِ الظَّنِّ قال وَقِيلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَطْلَقَ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَلِفُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ وَلَا يُعَاوَنُونَ وَأَخَذَ الْقَاضِي متحريم الِاسْتِعَانَةِ تَحْرِيمَهَا في الْعِمَالَةِ وَالْكَتَبَةِ وَسَأَلَهُ أبو طَالِبٍ عن مِثْلِ الْخَرَاجِ فقال لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ في شَيْءٍ وَأَخَذَ الْقَاضِي منه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ عَامِلًا
____________________
(6/192)
في الزَّكَاةِ فَدَلَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ وَالْأَوْلَى الْمَنْعُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ منه مَفَاسِدُ أو يُفْضِي إلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى من مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ
وقال شَيْخُنَا من تَوَلَّى منهم دِيوَانًا لِلْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ لِأَنَّهُ من الصَّغَارِ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ إلَّا ضَرُورَةً
وَيَحْرُمُ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ في شَيْءٍ من أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ فيه أَعْظَمَ الضَّرَرِ لِأَنَّهُمْ دُعَاةٌ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ نَصَّ على ذلك وَعَنْهُ في الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يُغْتَرُّ بِهِمْ فَلَا بَأْسَ فِيمَا لَا يُسَلَّطُونَ فيه على الْمُسْلِمِينَ حتى يَكُونُوا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ
قد اسْتَعَانَ بِهِمْ السَّلَفُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ في أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ خِلَافُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ
وَنُحَرِّمُ إعَانَتَهُمْ على عَدُوِّهِمْ إلَّا خَوْفًا وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ في أَسِيرٍ لم يشترطوا ( ( ( يشرطوا ) ) ) إطْلَاقَهُ ولم يُخِفْهُمْ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُقَاتِلُ مَعَهُمْ بِدُونِهِ
وَيُرْفَقُ بِسَيْرِهِمْ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ أَكْرَهُ السيرالشديد إلَّا الأمر ( ( ( لأمر ) ) ) يَحْدُثُ وَيُعِدُّ لهم الزَّادَ وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَيَتَخَيَّرُ مَنَازِلَهُمْ وَيَتْبَعُ مَكَامِنَهَا وَيَأْخُذُ بِعُيُونِ خَبَرِ عَدُوٍّ وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ وَيَجْعَلُ لهم عُرَفَاءَ وَشِعَارًا وَيُسْتَحَبُّ أَلْوِيَةٌ بِيضٌ وَالْعَصَائِبُ في الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بها نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَلِأَحْمَدَ عن عَمَّارٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ تَحْتَ رَايَةِ قَوْمِهِ
وَنَادَى بَعْضُ الصَّحَابَةِ في الْيَمَامَةِ وَغَيْرِهَا يا لَفُلَانٍ وَلَمَّا كَسَعَ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيًّا أَيْ ضَرَبَ دُبُرَهُ وَعَجِيزَتَهُ بِشَيْءٍ قال الْأَنْصَارِيُّ يا لَلْأَنْصَارِ وقال الْمُهَاجِرِيُّ يا لَلْمُهَاجِرِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ لِلِاسْتِغَاثَةِ وَبِفَصْلِ اللَّامِ وَوَصْلِهَا فقال عليه السَّلَامُ ما بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فقال عبدالله بن أُبَيٍّ قد فَعَلُوهَا وَاَللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ منها الْأَذَلَّ فقال عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ قال دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ الناس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ مُتَّفَقٌ عليه من حديث جَابِرٍ
وَيَتَوَجَّهُ منه جَوَازُ الْقَتْلِ وَتَرْكُهُ لِمُعَارِضٍ وَيُوَافِقُهُ { يا أَيُّهَا النبي جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ }
____________________
(6/193)
( التوبة 73 ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّ الْعَفْوَ كان ما لم يُظْهِرُوا نِفَاقَهُمْ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخِنَا في إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ وقال ابن حَامِدٍ فَإِنْ قِيلَ تَرْكُهُ عليه السَّلَامُ إقَامَةَ الْحُدُودِ على الْمُنَافِقِينَ لِأَيِّ مَعْنًى قِيلَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ فَعَلَ ذلك بِأَمْرِ اللَّهِ غير أَنَّهُ ما تَرَكَ بَيَانَهُمْ وقد كان تَرْكُهُ الْحَدَّ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْفَعَةً وَقُوَّةً لِلْمُسْلِمِينَ
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لنا وَذَكَرَ منها الْقَاضِي عِيَاضٌ عَقِبَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ في بَابِ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا أو مَظْلُومًا وقال أَيْضًا ما رَوَاهُ مُسْلِمٌ عن جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا بِالْجِعْرَانَةِ منصرفة من حُنَيْنٍ وفي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقْبِضُ منها وَيُعْطِي الناس فقال يا محمد اعْدِلْ فقال وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إذْ لم أَكُنْ أَعْدِلُ
فقال عُمَرُ يا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي فَأَقْتُلُ هذا الْمُنَافِقَ فقال مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ الناس أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي
قال هذه هِيَ الْعِلَّةُ وَلِمُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْقَوَدَ وَلِأَحْمَدَ عن أُبَيِّ بن كَعْبٍ مَرْفُوعًا إذَا سَمِعْتُمْ من يَتَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ وَلَا تَكْنُوا وَإِنَّ أُبَيًّا قَالَهُ لِرَجُلٍ
وَيَجْعَلُ في كل جَنْبَةٍ كُفُوًا وَيَصُفُّهُمْ وَيَمْنَعُهُمْ الْفَسَادَ وَالتَّشَاغُلَ بِتِجَارَةٍ وَيَعِدُ الصَّابِرِينَ بِالْأَجْرِ وَلَا يَمِيلُ مع ذِي قَرَابَةٍ أو مَذْهَبٍ قِيلَ لِأَحْمَدَ في الْآبِقِ لَا يُعْلَمُ طَرِيقُهُ يَنْفِرُ له الْأَمِيرُ خَيْلًا قال لَا لَعَلَّهُمْ أَنْ يُعْطِبُوا وَيَلْزَمُهُمْ الصَّبْرُ وَالنُّصْحُ وَالطَّاعَةُ فَلَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَقْتَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فَأَبَوْا عَصَوْا قال الْآجُرِّيُّ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا بين الْمُسْلِمِينَ
قال أَحْمَدُ وَلَوْ قال من عِنْدَهُ من رَقِيقِ الرُّومِ فَلْيَأْتِ بِهِ السَّبْيَ يَنْبَغِي ينتهون إلَى ما يَأْمُرُهُمْ قال ابن مَسْعُودٍ الْخِلَافُ شَرٌّ ذَكَرَهُ ابن عبدالبر وقال كان يُقَالُ لَا
____________________
(6/194)
خَيْرَ مع الْخِلَافِ وَلَا شَرَّ مع الِائْتِلَافِ
وفي الصَّحِيحَيْنِ عن ابْنِ أبي أَوْفَى مَرْفُوعًا لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فإذا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَتَرْجَمَ عليه أبو دَاوُد بِكَرَاهَةِ تَمَّنِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ نَقَلَ أبو دَاوُد إذَا جاء الْخِلَافُ جاء الْخِذْلَانُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يُخَالِفُوهُ يَتَشَعَّبُ أَمْرُهُمْ فَإِنْ كان يقول سِيرُوا وَقْتَ
كَذَا وَيَدْفَعُ قَبْلَهُ دَفَعُوا معه نَصَّ عليه قال أَحْمَدُ السَّاقَةُ يُضَاعَفُ لهم الْأَجْرُ إنَّمَا يَخْرُجُ فِيهِمْ أَهْلُ قُوَّةٍ وَثَبَاتٍ وَيَحْرُمُ إحْدَاثُ شَيْءٍ كَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَتَعْجِيلٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ إذَا عَلِمَ مَوْضِعَ مَخُوفٍ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُبَارَزَةٌ بِلَا إذْنِهِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَلِّلَهُمْ نَصَّ على ذلك وفي الْفُصُولِ يَجُوزُ بِإِذْنِهِ لِمُبَارَزَةِ الشَّبَابِ الْأَنْصَارِيِّينَ يوم بَدْرٍ لَمَّا طَلَبَهَا عُتْبَةُ يوم بَدْرٍ بِغَيْرِ إذْنٍ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يُنْكِرْ ذلك وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عن أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذلك بِلَا إذْنِهِ
وَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ وفي الْبُلْغَةِ مُطْلَقًا سُنَّ لِلشُّجَاعِ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِهِ وفي الْفُصُولِ في اللِّبَاسِ أنها هل تُسْتَحَبُّ لِلشُّجَاعِ ابْتِدَاءً لِمَا فيه من كَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ أَمْ يُكْرَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ فَتَضْعُفُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ فيه احْتِمَالَانِ قال قال أَحْمَدُ يَكُونُ ذلك بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ شَرَطَ أو كان الْعَادَةُ أَنْ يُقَاتِلَهُ خَصْمُهُ فَقَطْ لَزِمَ فَإِنْ انْهَزَمَ أَحَدُهُمَا وفي غَيْرِ الْبُلْغَةِ أو أُثْخِنَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ وَالرَّمْيُ
قال أَحْمَدُ وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ في الْقِتَالِ وَعَلَى أَنْفِهِ وَلَهُ لُبْسُ عَلَامَةٍ كَرِيشِ نَعَامٍ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ لِشُجَاعٍ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ عَدُوٍّ وَلَوْ مَاتَ بِهِ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ لم يُرِدْهُمَا وَرَمْيُهُمْ بِمَنْجَنِيقٍ نَصَّ على ذلك وَقَطْعُ مَاءٍ وَسَابِلَةٍ لَا حَرْقَ نَحْلٍ وَتَغْرِيقَهُ وفي أَخْذِ كل شَهْدِهِ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ شَيْءٌ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَيَجُوزُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ لَا أَخْذُ نَحْلٍ وَتَغْرِيقِهِ وفي أَخْذِ كل شَهْدِهِ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ شَيْءٌ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ
____________________
1-
(6/195)
عقر دابة لحاجة أكل
وعنه ولأكل في غير دواب قتالهم جزم به بعضهم وذكره في المغني إجماعا في دجاج وطير
واختار إتلاف قتالهم ولا يدعها لهم ذكره في المستوعب وعكسه أشهر
وفي البلغة يجوز قتل ما قاتلوا عليه في تلك الحالة ولو أخذناه حرم قتله إلا لأكل وإن تعذر حمل متاع فترك ولم يشتر فللأمير أخذه لنفسه وإحراقه نص عليهما وإلا حرم إذا ما جاز اغتنامه حرم إتلافه وإلا جاز إتلاف غير حيوان
قال في البلغة ولو غنمنا ثم عجزنا عن نقله إلى دارنا فقال الأمير من أخذ شيئا فله فهو لآخذه وكذا إن لم يقل في أكثر الروايات وعنه غنيمة ويجب إتلاف كتبهم المبدلة ذكره في البلغة ولنا حرق شجرهم وزرعهم وقطعه بلا ضرر ولا نفع وعنه إن تعذر قتلهم بدونه أو فعلوه بنا وإلا حرم نقله واختاره الأكثر
وفي الوسيلة لا يحرق ولا بهيمة إلا أن يفعلوه بنا قال أحمد لأنهم يكافئون على فعلهم وكذا تغريقهم ورميهم بنار وهدم عامر قيل هو كذلك وقيل يجوز ( م 3 ) قال أحمد لا يعجبني يلقى في نهرهم سم لعله يشرب منه مسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ قدمة في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وما هو بِبَعِيدٍ بَلَى هو قَوِيٌّ
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَكَذَا تَغْرِيقُهُمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَهَدْمُ عَامِرٍ قِيلَ هو كَذَلِكَ وَقِيلَ يَجُوزُ انْتَهَى يَعْنِي إن تعريقهم ( ( ( تغريقهم ) ) ) وَرَمْيَهُمْ بِالنَّارِ وَهَدْمَ عَامِرِهِمْ هل هو كَقَطْعِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ تَجُوزُ هُنَا فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْجَوَازُ هُنَا وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِالْجَوَازِ إذَا عَجَزُوا عن أَخْذِهِ بِغَيْرِ ذلك وَإِلَّا لم تَجُزْ
____________________
1-
(6/196)
وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ سئل ( ( ( سأله ) ) ) أبو دَاوُد الْمَطْمُورَةُ فيها النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَسْأَلُهُمْ الْخُرُوجَ فَيَأْبَوْنَ يُدْخِنُ عليهم فَكَرِهَهُ ولم يُصَرِّحْ بِالنَّهْيِ
وَيَحْرُمُ قَتْلُ رَاهِبٍ وقال جَمَاعَةٌ لَا يُخَالِطُ الناس وَشَيْخٍ فَانٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وفي الْمُغْنِي وَعَبْدٍ وَفَلَّاحٍ وفي الْإِرْشَادِ وَحَبْرٍ إلَّا لِرَأْيٍ أو قِتَالٍ أو تَحْرِيضٍ وفي الْمُغْنِي الْمَرْأَةُ تَكَشَّفَتْ لِلْمُسْلِمِينَ أو شَتَمَتْهُمْ رُمِيَتْ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا
وَيَتَوَجَّهُ عليه غَيْرُهَا قِيلَ لِأَحْمَدَ الرَّاهِبُ يُقْتَلُ إنْ خَافُوا يَدُلُّ عليهم قال لَا وما عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ فَإِنْ عملوا ( ( ( علموا ) ) ) حَلَّ دَمُهُ وَقَالَا أَيْضًا إنْ خَافُوا ذَهَبُوا بِهِ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يُقْتَلُ مَعْتُوهٌ مِثْلُهُ لَا يُقَاتِلُ فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِهِمْ رَمَيْنَاهُمْ بِقَصْدِ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ رَمَيْنَاهُمْ بِقَصْدِ الْكُفَّارِ إنْ خِيفَ عَلَيْنَا فَقَطْ نَصَّ عليه وَقِيلَ وَحَالَ الْحَرْبِ وَإِلَّا حَرُمَ
وإذا لم يَحْرُمْ جَازَ وَإِنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ وفي الدِّيَةِ الرِّوَايَتَانِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الرَّمْيُ وَيَكْفُرُ وَلَا دِيَةَ قال أَحْمَدُ وَإِنْ قالوا ارْحَلُوا عَنَّا وَإِلَّا قَتَلْنَا أَسْرَاكُمْ فَلْيَرْحَلُوا عَنْهُمْ فَصْلٌ وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حَرُمَ على الْأَصَحِّ قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ أو غَيْرِهِ وعنها لتوقف ( ( ( التوقف ) ) ) في الْمَرِيضِ وَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَنَقَلَ أبو طاللب ( ( ( طالب ) ) ) لَا يُخَلِّيه وَلَا يَقْتُلُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حُرُمَ على قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ بِضَرْبِهِ أو غَيْرِهِ وعنها لتوقف ( ( ( الوقف ) ) ) في الْمَرِيضِ وَفِيهِ وَجْهَانِ
أعلم أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا عَجَزَ عن الذَّهَابِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ فيه اقتصر ( ( ( واقتصر ) ) ) عليها في الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
____________________
1-
(6/197)
ويحرم قتل أسير غَيْرِهِ ولا ( ( ( وتقديره ) ) ) شيء عليه نص ( ( ( يمكنه ) ) ) عيه ( ( ( لامتناع ) ) ) واختار ( ( ( مرض ) ) ) الآجري لرجل قَتَلَهُ للمصلحة ( ( ( وبهذا ) ) ) كقتل ( ( ( صرح ) ) ) بلال أمية بن ( ( ( واضح ) ) ) خلف أسير عبدالرحمن بن ( ( ( الوقف ) ) ) عوف أعانه ( ( ( المريض ) ) ) عليه الأنصار
وقال ( ( ( ظاهره ) ) ) من قتل أسيرا ( ( ( المريض ) ) ) فلا ( ( ( وجهين ) ) ) شيء ( ( ( القتل ) ) ) عليه ( ( ( وتركه ) ) ) وإن ( ( ( والأصحاب ) ) ) قتل امرأة ( ( ( صرحوا ) ) ) أو صبيا عاقبه الأمير ( ( ( وصححوا ) ) ) وغرم ( ( ( القتل ) ) ) ثمنه ( ( ( فيحتمل ) ) ) غنيمة وقال أبو داود باب ( ( ( عائد ) ) ) الأسير ينال منه ويضرب ثم روى حديث أنس لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلَى بدر ( ( ( الوقف ) ) ) فإذا هو بروايا ( ( ( توقف ) ) ) قريش فيها عبد ( ( ( للأصحاب ) ) ) أسود لبني ( ( ( صحيح ) ) ) الحجاج فأخذه ( ( ( كون ) ) ) أصحاب رسول ( ( ( مراده ) ) ) الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يسألونه أين ( ( ( نقص ) ) ) أبو سفيان ( ( ( وتقديره ) ) ) فيقول وَاَللَّهُ ما لي بشيء من أمره علم ولكن هذه قريش قد جاءت فإذا قال لهم ذلك ضربوه وذكر الحديث وهو صحيح قال الخطابي فيه جواز ضرب الأسير الكافر إذا كان في ضربه طائل
وَيَخْتَارُ الْإِمَامُ الْأَصَحَّ لنا لُزُومًا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وفي الرَّوْضَةِ نَدْبًا في أَسْرَى مُقَاتِلَةِ أَحْرَارٍ من قتل وَاسْتِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ نَصَّ عليه بِخِلَافِ رَدِّ سِلَاحٍ وَبِخِلَافِ مَالٍ بِلَا رِضًى غَانِمٍ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فيه بِحَالٍ فما فَعَلَهُ تَعَيَّنَ وَإِنْ تَرَدَّدَ نَظَرُهُ فَالْقَتْلُ أَوْلَى وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لِلْإِمَامِ عَمَلُ الْمَصْلَحَةِ في مَالٍ وَغَيْرِهِ كَعَمَلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَهْلِ مَكَّةَ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ من عليه وَلَاءُ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْحَرْبِيِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الأول الذي يظهر أن في كلام المصنف هنا نقصا بعد قوله بضربه أو غيره وتقديره وإن لم يمكنه لا متناع مرض أو غيره قتله وبهذا صرح الأصحاب وهو واضح
الثاني قوله وعنه الوقف في المريض وفيه وجهان ظاهره أن في المريض وجهين القتل وتركه والأصحاب قد صرحوا أن فيه روايتين وصححوا القتل فيحتمل أن قوله وفيه وجهان عائد إلى الوقف يعني في توقف أحمد وجهان للأصحاب وهذا صحيح لكن كون هذا مراده هنا فيه بعد ويحتمل أن يكون هنا نقص أيضا وتقديره وقيل فيه وجهان فالنقص قيل ويقوى هذا قوله في الرعاية الكبرى وعنه الوقف فيه وقيل يحتمل وجهين تركه وقتله انتهى فيكون فيه طريقان فيما يظهر والله أعلم
____________________
1-
(6/198)
لِبَقَاءِ نَسَبِهِ وَقِيلَ أو وَلَاءٍ لِذِمِّيٍّ
وَلَا يُبْطِلُ اسْتِرْقَاقٌ حَقًّا لِمُسْلِمٍ قَالَهُ ابن عَقِيلٍ قاله في الِانْتِصَارِ لَا عَمَلَ لِسَبْيٍ إلَّا في مَالٍ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ قَوَدٍ له أو عليه وفي سُقُوطِ دَيْنِ من في ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ كَذِمَّةِ مَرِيضٍ احْتِمَالَانِ وفي الْبُلْغَةِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ فَيَقْضِي منه دَيْنَهُ فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ برقة وَإِنْ غَنِمَا مَعًا فَهُمَا لِغَانِمٍ وَدَيْنُهُ في ذِمَّتِهِ وَقِيلَ إنْ زنا ( ( ( زنى ) ) ) مُسْلِمٌ بِحَرْبِيَّةٍ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ سُبِيَتْ لم تُسْتَرَقَّ كَحَمْلِهَا منه وفي اسْتِرْقَاقِ من لَا تُقْبَلُ منه جِزْيَةٌ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَفِيهِمْ قال الْخِرَقِيُّ لَا يُقْبَلُ إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ قال في الْوَاضِحِ يَدُلُّ على عَدَمِ مُفَادَاةٍ وَمَنٍّ كَمُرْتَدٍّ وزاد في الْإِيضَاحِ أو الْفِدَاءِ * وفي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ كَالْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ وَرِوَايَةٌ يُخَيَّرُ وفي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ يُجْبَرُ الْمَجُوسِيُّ على الْإِسْلَامِ
وَإِنْ شَهِدَ الْفِدَاءَ شَهِدَ خَيْرًا كَثِيرًا وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَشْهَدُهُ أَحَبُّ إلَيَّ من الْحَجِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 وفي اسْتِرْقَاقِ من لَا تُقْبَلُ منه جِزْيَةٌ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ قال الزَّرْكَشِيّ وهو الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْبُلْغَةِ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
تَنْبِيهَانِ
( * ) الْأَوَّلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذلك وَفِيهِمْ قال الْخِرَقِيُّ لَا يُقْبَلُ إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ وزاد في الْإِيضَاحِ أو الْفِدَاءُ انْتَهَى
الذي في الْخِرَقِيِّ كَاَلَّذِي في الْإِيضَاحِ من ذِكْرِ الْفِدَاءِ فَلَعَلَّ نسخه الْمُصَنِّفِ ما فيها ذِكْرُ الْفِدَاءِ أو أَرَادَ غير الْخِرَقِيِّ فَسَبَقَ الْقَلَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/199)
فَإِنْ أَسْلَمُوا امْتَنَعَ الْقَتْلُ فقط وَجَازَ الْفِدَاءُ ليتخلص به من الرق ولا يجوز رده إلى الكفار أطلقه بعضهم وذكر الشيخ إلا أن تمنعه عشيرة ونحوها وَنَصُّهُ تَعْيِينُ رِقِّهِمْ ( * ) وإن بذلوا الجزية قبلت ولم تسترق زوجة ( ( ( الموفق ) ) ) وولد بالغ
وَمَنْ أَسْلَمَ قبل أَسْرِهِ لِخَوْفٍ أو غَيْرِهِ فَلَا تَخْيِيرَ لِأَنَّهُ لَا يَدَ عليه وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ في قودو ( ( ( قود ) ) ) وَدِيَةٍ لَكِنْ لَا قَوَدَ مع شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وفي الدِّيَةِ الْخِلَافُ ( وش ) وَغَيْرُهُ كَبَاغٍ أو أنها مَسْأَلَةُ من قَتَلَ بِدَارِ حَرْبِ من ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ بِخِلَافِ قَتْلِ الْبَاغِي فَعَلَى هذا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ ( وش )
وقد بَعَثَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو مُقِيمٌ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ قبل خُرُوجِهِ خالد ( ( ( خالدا ) ) ) لَمَّا رَجَعَ من هَدْمِ الْعُزَّى وَقَتَلَ الْمَرْأَةَ السَّوْدَاءَ الْعُرْيَانَةَ النَّاشِرَةَ الرَّأْسِ وَهِيَ الْعُزَّى وَكَانَتْ بِنَخْلَةٍ لِقُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَكَانَتْ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ وَبَعَثَهُ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَأَسْلَمُوا ولم يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فقالواة ( ( ( فقالوا ) ) ) صَبَأْنَا صَبَأْنَا فلم يُقْبَلْ منهم وقال ليس هذا بِإِسْلَامٍ فَقَتَلَهُمْ فَأَنْكَرَ عليه من معه كَسَالِمٍ مولى أبي حُذَيْفَةَ وَابْنِ عُمَرَ فلما بَلَغَهُ عليه السَّلَامُ رَفَعَ يَدَيْهِ وقال اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ وَبَعَثَ عَلِيًّا بِمَالٍ فَوَدَاهُمْ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَضَمِنَ لهم ما تَلِفَ
وكان بين خَالِدٍ وعبدالرحمن في ذلك كَلَامٌ فَبَلَغَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال مَهْلًا يا خَالِدُ دَعْ عَنْكَ أَصْحَابِي لو كان لَك أُحُدٌ ذَهَبًا ثُمَّ أَنْفَقْته في سَبِيلِ اللَّهِ ما أَدْرَكْت غَدْوَةَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) الثاني قوله فإن أسلموا امتنع القتل وجاز الفداء ونصه تعيين رقهم انتهى
ما قدمه المصنف صححه الشيخ الموفق والشارح وصاحب البلغة والمنصوص هو الصحيح وعليه الأصحاب قاله الزركشي وقطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمنور وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم
____________________
1-
(6/200)
رَجُلٍ من أَصْحَابِي وَلَا رَوْحَتَهُ
وَاحْتَجَّ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا على تَوْرِيثِ كل وَاحِدٍ من الغرقي من الْآخَرِ بِمَا روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً إلَى قَوْمٍ من خَثْعَمَ فلما دَهَمَتْهُمْ الْخَيْلُ اعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ فَقَتَلُوهُمْ فَوَدَاهُمْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَنْصَافِ دِيَاتِهِمْ لِوُقُوعِ الْإِشْكَالِ فِيهِمْ هل أَسْلَمُوا فَيَلْزَمُهُ إكْمَالُ دِيَاتِهِمْ أَمْ لَا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ فَجَعَلَ فِيهِمْ نِصْفَ دِيَاتِهِمْ
وَكَذَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ الْغُرَّةَ في الْجَنِينِ السَّاقِطِ مَيِّتًا وَالصَّاعِ في مُقَابَلَةِ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إنَّمَا أَمَرَ لهم بِنِصْفِ الْعَقْلِ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوا على أَنْفُسِهِمْ بِمُقَامِهِمْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَكَانُوا كَمَنْ مَاتَ بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ
وفي رَدِّ شَيْخِنَا على الرَّافِضِيِّ الْأُمَّةُ يَقَعُ منها التَّأْوِيلُ في الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ قَتْلَ أُسَامَةَ لِلرَّجُلِ الذي أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ عَلَاهُ بِالسَّيْفِ وَخَبَرُ الْمِقْدَادِ قال فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ وَمَعَ هذا فلم يَضْمَنْ الْمَقْتُولُ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْقَاتِلَ كان مُتَأَوِّلًا هذا قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا
وَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وقال أُسَيْدَ بن حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بن عُبَادَةَ في قِصَّةِ الْإِفْكِ إنَّك مُنَافِقٌ وقال عُمَرُ عن حَاطِبٍ يا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا الْمُنَافِقِ وقال بَعْضُ الصَّحَابَةِ عن مَالِكِ بن الدِّخْشَنِ إنَّهُ مُنَافِقٌ وَذَلِكَ في الصَّحِيحَيْنِ فَأَنْكَرَ عليه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يُكَفِّرْ أَحَدًا وفي الْبُخَارِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَعَنَ رَجُلًا يُدْعَى حِمَارًا لِكَثْرَةِ شُرْبِهِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَلْعَنْهُ فإنه يُحِبُّ اللَّهَ
____________________
(6/201)
وَرَسُولَهُ ولم يُعَاقِبْهُ لِلَعْنِهِ له فَالْمُتَأَوِّلُ المخطىء ( ( ( المخطئ ) ) ) مَغْفُورٌ له بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وقال بَعْضُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ كَانُوا أَسْلَمُوا ولم يُهَاجِرُوا فَثَبَتَ في حَقِّهِمْ الْعِصْمَةُ الْمُؤْثِمَةُ دُونَ الْمُضَمِّنَةِ كَذُرِّيَّةِ حَرْبٍ وقد ذَكَرَ شَيْخُنَا بَعْدَ ذلك قِصَّةَ خَالِدٍ كما تَقَدَّمَ ولم يَتَكَلَّمْ على ما فيها من التَّضْمِينِ الْمُخَالِفِ عِنْدَهُ لِقِصَّةِ أُسَامَةَ بَلْ
____________________
(6/202)
قال إنَّهُ وَقَعَ منه كما وَقَعَ من أُسَامَةَ فَدَلَّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ قِصَّةِ أُسَامَةَ لَا تَضْمِينَ
وَقِصَّةُ خَالِدٍ تَرْغِيبًا في الْإِسْلَامِ أَنَّ التَّضْمِينَ ليس في الْمُسْنَدِ وَلَا الْكُتُبِ السِّتَّةِ أو يُقَالُ قِصَّةُ خَالِدٍ فيها التَّضْمِينُ وفي قِصَّةِ أُسَامَةَ مَسْكُوتٌ عنه وَمِثْلُ أُسَامَةَ يَعْلَمُهُ كما يَعْلَمُ الْكَفَّارَةَ ولم يُطَالِبْ إمَّا لِعُسْرَتِهِ أو لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَيْتُ الْمَالِ
وَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا هذا أَنَّ من قَتَلَ بَاغِيًا في غَيْرِ حَرْبٍ مُتَأَوِّلًا لَا شَيْءَ فيه وَأَنَّ قَتْلَ الْبَاغِي لِلْعَادِلِ كَذَلِكَ التأويل ( ( ( للتأويل ) ) ) وَذُكِرَ في مَكَان آخَرَ قَتَلَ خَالِدٌ مَالِكَ بن النُّوَيْرَةِ فلم يَقْتُلْهُ أبو بَكْرٍ كما أَنَّ أُسَامَةَ لَمَّا قَتَلَ لم يُوجِبْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَوَدًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً وَكَمَا أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ بَنِي جَذِيمَةَ لم يَقْتُلْهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِلتَّأْوِيلِ وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ أَسِيرٌ بِبَيِّنَةٍ
وَالْأَسِيرُ الْقِنُّ غَنِيمَةٌ وَلَهُ قَتْلُهُ وَمَنْ فيه نَفْعٌ لَا يُقْتَلُ كَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَأَعْمَى رَقِيقٍ بِالسَّبْيِ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا دِيَةَ في قَتْلِهِ وفي الْوَاضِحِ من لَا يَقْتُلُ غير الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ يُخَيَّرُ فيه بِغَيْرِ قَتْلٍ وفي الْبُلْغَةِ الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ رَقِيقٌ بِالسَّبْيِ وَغَيْرُهُمَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ قال وَلَهُ في الْمَعْرَكَةِ قَتْلُ أبيه وَابْنِهِ وَمَنْ قَتَلَ أَسِيرًا غير مَمْلُوكٍ قبل تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فيه فَهَدَرٌ وَمَتَى صَارَ لنا رَقِيقًا مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ حَرُمَ مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ وبيع ( ( ( وبيعه ) ) ) لِكَافِرٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَعَنْهُ في الْبُلَّغِ وَعَنْهُ غير امْرَأَةٍ
وَيَجُوزُ مُفَادَاتُهُ بِمُسْلِمٍ وَعَنْهُ الْمَنْعُ بِصَغِيرٍ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَيَعْقُوبُ لَا يُرَدُّ صَغِيرٌ وَنِسَاءٌ إلَى كُفَّارٍ وفي الْبُلْغَةِ في مُفَادَاتِهِمَا بِمُسْلِمٍ رِوَايَتَانِ وَلَا يُرَدُّ مُسْلِمٌ وَمُسْلِمَةٌ
وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسٍ وَرَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ وَنَقَلَ ابن هانيء في رَمْيِهِ لَا يَفْعَلُ وَلَا يُحَرِّقُهُ قال أَحْمَدُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبُوهُ وَعَنْهُ إنْ مَثَّلُوا مُثِّلَ بِهِمْ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
قال شَيْخُنَا الْمُثْلَةُ حَقٌّ لهم فَلَهُمْ فِعْلُهَا لِلِاسْتِيفَاءِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ وَلَهُمْ تَرْكُهَا وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ في التَّمْثِيلِ بِهِمْ زِيَادَةٌ في الْجِهَادِ وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لهم عن نَظِيرِهَا فَأَمَّا إذَا كان في التَّمْثِيلِ الشَّائِعِ دُعَاءٌ لهم إلَى الْإِيمَانِ أو زَجْرٌ لهم عن الْعُدْوَانِ فإنه هُنَا من إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ ولم تَكُنْ الْقِصَّةُ في
____________________
(6/203)
أُحُدٍ كَذَلِكَ
فَلِهَذَا كان الصَّبْرُ أَفْضَلَ فأن ( ( ( فأما ) ) ) إذَا كان الْمُغَلَّبُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَالصَّبْرُ هُنَاكَ وَاجِبٌ كما يَجِبُ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِصَارُ وَيَحْرُمُ الْجَزَعُ هذا كَلَامُهُ وَكَذَا قال الْخَطَّابِيُّ إنْ مَثَّلَ الْكَافِرُ بِالْمَقْتُولِ جَازَ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ وقال ابن حَزْمٍ في الْإِجْمَاعِ قبل السَّبْقِ وَالرَّمْيِ اتَّفَقُوا على أَنَّ خِصَاءَ الناس من أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ في غَيْرِ الْقِصَاصِ وَالتَّمْثِيلَ بِهِمْ حَرَامٌ
وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وقال غَرِيبٌ وفي نُسْخَةٍ حَسَنٌ عن مَحْمُودِ بن غَيْلَانَ عن أبي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ عن أبي سُفْيَانَ عن ابْنِ أبي لَيْلَى عن الْحَكَمِ عن مِقْسَمٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ رَجُلٍ من الْمُشْرِكِينَ فأبي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَبِيعَهُمْ
قال التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا من حديث الْحَكَمِ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ أَيْضًا عن الْحَكَمِ قال غَيْرُهُ ابن أبي لَيْلَى ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ وقال الْعِجْلِيُّ جَائِزٌ الْحَدِيثُ وَضَعَّفَ عبد الْحَقِّ وابن الْقَطَّانِ هذا الْخَبَرَ من جِهَةِ ابْنِ أبي لَيْلَى وَقَالَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْحَكَمَ سمع من مِقْسَمٍ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ ليس هذا منها وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَعِنْدَهُ ادْفَعُوا إلَيْهِمْ جِيفَتَهُ فإنه خَبِيثُ الْجِيفَةِ خَبِيثُ الدِّيَةِ فلم يَقْبَلْ منهم شيئا وَلَهُ في رِوَايَةٍ فَخَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ
وإذا حَصَرَ حِصْنًا لَزِمَهُ عَمَلُ الْمَصْلَحَةِ من مُصَابَرَتِهِ وَالْمُوَادَعَةِ بِمَالٍ وَالْهُدْنَةِ بِشَرْطِهَا نقلها الْمَرُّوذِيُّ وإنزلوا على حُكْمِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ عَدْلٍ مُجْتَهِدٍ في الْجِهَادِ أو أَكْثَرَ منه جَازَ
وفي الْبُلْغَةِ بِشَرْطِ صِفَاتِ الْقَاضِي إلَّا الْبَصَرَ وَيَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِالْأَحَظِّ لنا وَحُكْمُهُ لَازِمٌ وَقِيلَ بِغَيْرِ مَنٍّ وَقِيلَ في نِسَاءٍ وَذُرِّيَّةٍ وَلِلْإِمَامِ أَخْذُ فِدَاءٍ مِمَّنْ حُكِمَ
____________________
(6/204)
برقة أو قَتْلِهِ وَلَهُ الْمَنُّ مُطْلَقًا وفي الْكَافِي وَالْبُلْغَةِ يَمُنُّ على مَحْكُومٍ بِرِقِّهِ بِرِضَى غَانِمٍ وَمَنْ أَسْلَمَ قبل حُكْمِهِ فَمُسْلِمٌ قبل الْقُدْرَةِ عليه فَيَعْصِمُ نَفْسَهُ وَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَمَالَهُ حَيْثُ كَانَا وَمَنْفَعَةٌ بِإِجَارَةٍ لِأَنَّهَا مَالٌ وَحَمْلُ امْرَأَتِهِ لَا هِيَ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِرِقِّهَا وفي الْبُلْغَةِ يَنْقَطِعُ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ وَيُحْتَمَلُ لَا بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ وَيَتَوَقَّفُ على إسْلَامِهَا في الْعِدَّةِ وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ حُكْمُهُ فَإِنْ كان بِقَتْلٍ وَسَبْيٍ عَصَمَ نَفْسَهُ لَا مَالَهُ وفي اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا في الْكَافِي وَغَيْرِهِ ( م 6 )
وَإِنْ سَأَلُوا أَنْ يُنْزِلَهُمْ على حُكْمِ اللَّهِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ وَخُيِّرَ كَأَسْرَى وفي الْوَاضِحِ يُكْرَهُ وفي الْمُبْهِجِ لَا يُنْزِلُهُمْ لِأَنَّهُ كَإِنْزَالِهِمْ بِحُكْمِنَا ولم يَرْضَوْا بِهِ وَلَوْ كان بِهِ من لَا جِزْيَةَ عليه فَبَذَلَهَا لِعَقْدِ الذِّمَّةِ عُقِدَتْ مَجَّانًا وَحَرُمَ رِقُّهُ
وَلَوْ جَاءَنَا عَبْدٌ مُسْلِمًا وَأُسِرَ سَيِّدُهُ أو غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلِهَذَا لَا نَرُدُّهُ في هُدْنَةٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَالْكُلُّ له وَإِنْ أَقَامَ بِدَارِ حَرْبٍ فَرَقِيقٌ وَلَوْ جاء مَوْلَاهُ بَعْدَهُ لم يُرَدَّ إلَيْهِ وَلَوْ جاء قَبْلَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ جاء هو مُسْلِمًا فَهُوَ له وَإِنْ خَرَجَ عَبْدٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أو نَزَلَ من حِصْنٍ فَهُوَ حُرٌّ نَصَّ على ذلك قال وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ غَنِيمَةٌ فَلَوْ هَرَبَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ جاء بِمَالٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَالْمَالُ لنا
وَلَمَّا جاء وَفْدُ ثَقِيفٍ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَسَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَ لهم الطَّاغِيَةَ وَهِيَ اللَّاتُ لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله ومن أسلم بعده لزم حكمه فإن كان بقتل وسبي عصم نفسه لا ماله له وفي استرقاقه روايتان في الكافي وغيره انتهى
تبع صاحب الكافي الرعايتين والحاويين وعند أكثر الأصحاب وجهان وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمقنع والبلغة والمحرر وشرح ابن منجا والحاوي الكبير
إحداهما لا يسترقون وهو الصحيح اختاه القاضي وغيره وصححه في التصحيح والخلاصة وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم
والرواية الثانية يسترقون جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وصححه الناظم وهو احتمال في الهداية ومال إليه
____________________
1-
(6/205)
يَهْدِمُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَأَبَى حتى سَأَلُوهُ شَهْرًا فَأَبَى فَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُسْلِمَ بِتَرْكِهَا جَمَاعَةٌ من سفائهم ( ( ( سفهائهم ) ) ) وَذَرَارِيّهِمْ وَلَا يُرَوِّعُوا قَوْمَهُمْ بِهَدْمِهَا حتى يَدْخُلَهُمْ الْإِسْلَامُ فَأَبَى إلَّا أَنْ يَبْعَثَ أَبَا سُفْيَانَ بن حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بن شُعْبَةَ يَهْدِمَانِهَا فيه وُجُوبُ هَدْمِ ذلك لِمَا في بَقَائِهِ من الْمَفْسَدَةِ وَهَكَذَا كان يَفْعَلُ عليه السلام ( ( ( وسلم ) ) ) في جَمِيعِ الطَّوَاغِيتِ قال في الهدى وَهَكَذَا حُكْمُ الْمَشَاهِدِ وما يُقْصَدُ بِالْعَظِيمِ وَالنَّذْرِ من الْأَحْجَارِ
____________________
(6/206)
بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةُ
ما أُخِذَ من كُفَّارٍ قَهْرًا بِقِتَالٍ وَتُمُلِّكَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ كَعِتْقِ عَبْدٍ حَرْبِيٍّ وَإِبَانَةِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَا وَلَحِقَا بِالْجَيْشِ وفي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ لَا في فَوْرِ الْهَزِيمَةِ لِلَبْسِ الْأَمْرِ هل هو حِيلَةٌ أو ضَعْفٌ
وفي الْبُلْغَةِ بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وزاد الْقَاضِي مع قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا بِمِلْكِ الْأَرْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَمَلُّكٍ كَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ بِالْقَصْدِ وَلَنَا تَبَايُعُهَا وَقِسْمَتُهَا فيها في الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ وهو أَنْفَعُ وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ وفي الْبُلْغَةِ رِوَايَةٌ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا فيها وَشِرَاءُ الْأَمِيرِ لِنَفْسِهِ منها إنْ وَكَّلَ من جَهِلَ أنهى وكله ( ( ( وكبله ) ) ) صَحَّ وَإِلَّا حُرِّمَ نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ ما اشْتَرَاهُ ابن عُمَرَ في قِصَّةِ جَلُولَاءِ لِلْمُحَابَاةِ فَإِنْ أَخَذَهَا عَدُوٌّ من مُشْتَرٍ فَمِنْهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ من بائعة اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ
وَلَا يَمْلِكُ كُفَّارٌ حُرًّا مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا وَيَلْزَمُ فداءه ( ( ( فداؤه ) ) ) لحفاظهم ( ( ( كحفظهم ) ) ) من الْأَذَى وَنَصُّهُ في ذِمِّيٍّ إنْ أستعين بِهِ وَلَا فِدَاءَ بِخَيْلٍ وَسِلَاحِ مُكَاتَبٍ أو ( ( ( وأم ) ) ) وَلَدٍ وَمَنْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ في الْمَنْصُوصِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وفي الْمُحَرَّرِ ما لم يَنْوِ التَّبَرُّعَ فَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ ثَمَنِهِ فَوَجْهَانِ ( م 1 ) وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْأَسْرَى وَأَهْلِ الثَّغْرِ ذلك فَيَشْتَرِيهِمْ لِيُخَلِّصَهُمْ وَيَأْخُذَ ما وَزَنَ لَا زِيَادَةَ فإنه يَرْجِعُ وَيَمْلِكُونَ ما لنا بِالْقَهْرِ كَبَعْضِهِمْ من بَعْضٍ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ أولا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ شَيْخُنَا وَعَنْهُ إنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ ثَمَنِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وهو قَوِيٌّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
____________________
1-
(6/207)
حازوه بدارهم نص عليه فيما بلغ به قبرس يرد إلى أصحابه ليس غنيمة ولا يؤكل لأنهم لم يحوزوه إلى بلادهم ولا إلى أرض هم أغلب عليها
ولهذا قيل له أصبنا في قبرس من متاع المسلمين قال يعرف وقال أهل قبرس كانوا سبوا فدخل بقيته في شيء من أمرهم فنقموا عليه ذلك
وقيل له غزاة البحر ينتهون إلى قبرس فيريد الأمير أن يأخذ خبر الروم فيبعث سرية ليأخذوا أعلاجا من أهل قبرس ليستخبر منهم خبر الروم ثم يتركهم فما ترى في الخروج في هذه السرية قال ما أدري أخاف أن يرغبوا ولهم ذمه
وقيل له أخذوا مركبا للروم فيها ناس من قبرس فقالوا أكرهنا على الخروج أيقتلون قال لو تركوه كان أحسن لا يقتلون وقيل له يحمل من قبرس حجر المسن والكير ويحمل الملح من ساحلها ليأكله فيفضل منه يأتي به منزله فرخص في ذلك وعنه لا يملكونه ولو حازوه بدارهم اختاره الآجري وأبو محمد يوسف الجوزي ونصره أبو الخطاب وابن شهاب واحتجا بقوله { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } ( للنساء 141 ) قال ولأنهم لا يملكون رقيقا برضانا بالبيع عند أصحابنا فهنا أولى وكأحد مستأمن له بدارنا بعقد فاسد أو غصب وكحبيس ووقف
وعنه أم الوالد كوقف صححه ابن عقيل فعلى الأولى يملكون ما أبق وشرد إليهم وعنه لا وما لم يملكوه يأخذه ربه مجانا ولو بعد إسلام من هو معه أو قسمة أو شراء منهم وإن جهل ربه وقف أمره وفي التبصرة أنه أحق بما لم يملكوه بعد القسمة بثمنه لئلا ينتقض حكم القاسم
وما ملكوه إن كان أم ولد لزم السيد أخذها لكن بعد القسمة بالثمن نص على ذلك وما سواها لربه أخذه مجانا
ويعمل بقول عبد مأسور هو لفلان أو بسيمة حبيس نص عليهما سئل أبو داود أخذنا مراكب من بلاد الروم فيها النواتية يعني الملاح فقالوا هذا المركب لفلان وهذا لفلان
قال هذا قد عرف صاحبه لا يقسم فإن أبي أو جهل ربه قسم نص عليه
____________________
(6/208)
وإلا لم يصح قسمته قيل لأحمد على المسلمين أن يوقفوه حتى يتبين ربه قال إذا عرف فقيل هذا لفلان وكان ربه بالقرب ومتى وجده ربه قسمه أو شراء منهم أخذه في الشراء بثمنه وعنه وفي القسمة بقيمته وعنه فيها بثمنه الذي حسب به ذكره في البلغة وعنه لا حق له فيهما كوجدانه بيد المستولى عليه وقد جاءنا بأمان أو أسلم ولو وجده ربه بيد من أخذه منهم مجانا أخذه بغير قيمته على الأصح فيهما وإن تصرف فيه من أخذه منهم لزم تصرفه وفي أخذ بغير قيمته على الأصح فيهما وإن تصرف فيه من أخذه منهم لزم تصرفه وفي أخذ ربه له ممن بيده ما تقدم ومتى أحب أخذ مكاتبه بقي على كتابته وولاؤه له وإلا كان عند مشتريه على بقيى ة كتابته وولاؤه له نص عليه وفي المستوعب في عقود متفرقة إن علم ربه بقسمه وبيعه ولم يطالب فهو رضا
وترد مسلمة سباها العدو إلى زوجها وولدها منهم كملاعنة وزنا وإن أبي الإسلام ضرب وحبس حتى يسلم ونقل ابن هانىء لا يعجنبي أن يقتل فَصْلٌ وَيُبْدَأُ في قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بِمَنْ تَقَدَّمَ وَبِمُسْتَحَقِّ السَّلَبِ
وهو من غَرَّرَ حَالَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أو أَثْخَنَ كَافِرًا مُمْتَنِعًا لَا مُشْتَغِلًا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَمُنْهَزِمًا نَصَّ عليه وفي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ { إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ } الأنفال 16 قال أَحْمَدُ إنَّمَا سَمِعْنَا له سَلَبَهُ في الْمُبَارَزَةِ وإذا الْتَقَى الزَّحْفَانِ
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ إنَّمَا يُعْطِي السَّلَبَ من بَارَزَ فَقَتَلَ قِرْنَهُ دُونَ من لم يُبَارِزْ وَعَنْهُ بِشَرْطِهِ له اخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَعَنْهُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ وَقِيلَ وَلَيْسَ من أَهْلِ الرَّضْخِ وَلَا الْمَقْتُولُ صَبِيًّا أو امْرَأَةً وَنَحْوَهُمَا قَاتَلُوا وقال شَيْخُنَا وَمِنْ الْعُقُوبَةِ الْمَالِيَّةِ حِرْمَانُهُ عليه السَّلَامُ السَّلَبَ لِلْمَدَدِيِّ لَمَّا كان في أَخْذِهِ عُدْوَانٌ على وَلِيِّ الْأَمْرِ
وفي الْفُنُونِ يَجُوزُ أَنَّهُ يَكُونُ قِيلَ له عَاقِبْ من تَرَى بِحِرْمَانِ الْمَالِ وَلَا يُخْمَسْ وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ فَسَلَبَهُ غَنِيمَةٌ كَأَكْثَرِ في الْأَصَحِّ وَنَصَّهُ غَنِيمَةٌ وقال الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي لَهُمَا وَإِنْ أَسَرَهُ فَقَتَلَ أو رَقَّ أو فدي فَغَنِيمَةٌ وَقِيلَ الْكُلُّ لِمَنْ أَسَرَهُ وَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ أو يَدًا وَرِجْلًا وَقَتَلَهُ آخَرُ فَغَنِيمَةٌ وَقِيلَ لِلْقَاتِلِ وَقِيلَ لِلْقَاطِعِ كَقَطْعِ
____________________
(6/209)
أَرْبَعَةٍ وَإِنْ قَطَعَ يَدًا أو رِجْلًا فَلِلْقَاتِلِ كما لو عَانَقَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ وَقِيلَ غَنِيمَةٌ
وَالسَّلَبُ ما عليه حتى مِنْطَقَةُ ذَهَبٍ وَعَنْهُ في السَّيْفِ لَا أَدْرِي وَدَابَّتِهِ التي قَاتَلَ عليها وما عليها وَعَنْهُ أو آخِذًا عِنَانَهَا وَعَنْهُ الدَّابَّةُ وَآلَتُهَا غَنِيمَةٌ كَنَفَقَتِهِ على الْأَصَحِّ وَكَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَجَنِيبِهِ قال في التَّبْصِرَةِ وَحِلْيَةِ دَابَّتِهِ ثُمَّ يعطي قال جَمَاعَةٌ وَيُعْطَى أُجْرَةً من جَمَعَ الْغَنِيمَةَ وَحَفِظَهَا وَجَعَلَ من دَلَّهُ مَصْلَحَةٍ كَطَرِيقٍ وَحِصْنٍ إنْ شَرَطَهُ من الْعَدُوِّ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا منهم لَا مِنَّا فَإِنْ جَعَلَ له منهم امْرَأَةً فَمَاتَتْ أو لم تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ أَسْلَمَتْ قبل الْفَتْحِ فَالْقِيمَةُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ أو قَبْلَهُ وَهِيَ أَمَةٌ أَخَذَهَا وَمَعَ كُفْرِهِ قيمته ( ( ( قيمتها ) ) ) ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ فَفِي أَخْذِهَا احْتِمَالَانِ ( م 2 ) وَإِنْ فُتِحَ صُلْحًا فَقِيمَتُهَا وَالْأَشْهَرُ إنْ أبي إلَّا هِيَ ولم تُبْذَلْ فَسْخُ الصُّلْحِ وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هانىء هِيَ له لِسَبْقِ حَقِّهِ وَلِرَبِّ الْحِصْنِ الْقِيمَةُ وَإِنْ بُذِلَتْ مَجَّانًا أو بِالْقِيمَةِ لَزِمَ أَخْذُهَا وَإِعْطَاؤُهَا له وَالْمُرَادُ غَيْرُ حُرَّةٍ الْأَصْلُ وَإِلَّا قِيمَتُهَا فَصْلٌ ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي وَيُقَسَّمُ خُمُسُهُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ نَصَّ عليه سَهْمٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مَصْرِفُهُ كَالْفَيْءِ وَعَنْهُ في الْمُقَاتِلَةِ وَعَنْهُ في كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَعَنْهُ في الثَّلَاثَةِ وفي الِانْتِصَارِ لِمَنْ يَلِي الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ وَاحْتَجَّ بِنُصُوصٍ ولم يذكر سَهْمَ اللَّهِ
وَذَكَرَ مثله في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَعَنْ عُمَرَ بن عبدالعزيز أَنَّهُ جَمَعَ بَنِي مَرْوَانَ حين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 قوله ثم إن أسلم ففي أخذه احتمالان انتهى
يعني لو أسلمت وهي أمة فإنها تسلم إليه إلا أن يكون كافرا فله قيمتها بلا نزاع فلو أسلم بعد ذلك فذكر في أخذها احتمالين أطلقهما في الرعاية الكبرى والقواعد الفقهية
أحدهما ليس له أخذها وإنما يأخذ القيمة وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والمقنع والمغني والشرح وغيرهم لاقتصارهم على إعطائه قيمتها
والاحتمال الثاني له أخذها
____________________
1-
(6/210)
اُسْتُخْلِفَ فقال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كانت له فَدَكُ فَكَانَ يُنْفِقُ منها وَيَعُودُ منها على صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ وَيُزَوِّجُ منه أَيِّمَهُمْ وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يجعلهالها فَأَبَى وَكَانَتْ كَذَلِكَ في حَيَاتِهِ ثُمَّ عَمِلَ فيها أبو بَكْرٍ كَذَلِكَ ثُمَّ عُمَرُ ثَمّ أُقْطِعَهَا مَرْوَانُ ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ
رأيت أَمْرًا مَنَعَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَاطِمَةَ ليس لي بِحَقٍّ وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ قد رَدَدْتُهَا على ما كانت حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَأُقْطِعَهَا مَرْوَانُ في أَيَّامِ عُثْمَانَ وَذَلِكَ مِمَّا تَعَلَّقُوا بِهِ عليه وَتَأْوِيلُهُ ما رَوَاهُ أبو دَاوُد حدثنا عُثْمَانُ بن أبي شَيْبَةَ حدثنا محمد ابن الْفُضَيْلِ عن الْوَلِيدِ بن جُمَيْعٍ عن أبي الطُّفَيْلِ قال جَاءَتْ فَاطِمَةُ إلَى أبي بَكْرٍ تَطْلُبُ ميراثهامن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال فقال أبو بَكْرٍ سَمِعْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إنَّ اللَّهَ إذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ من بَعْدِهِ وروى أَيْضًا عن مُحَمَّدِ بن يحيى بن فَارِسٍ عن إبْرَاهِيمَ بن حَمْزَةَ عن حَاتِمِ بن إسْمَاعِيلَ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عن ابْنِ شِهَابٍ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ مَرْفُوعًا لَا نُوَرِّثُ ما تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا هذا الْمَالُ لِآلِ مُحَمَّدٍ لِنَائِبَتِهِمْ وَلِضَعِيفِهِمْ فإذا مِتُّ فَهُوَ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ من بَعْدِي وَرَوَاهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ في الشَّمَائِلِ من حديث أُسَامَةَ وَأُسَامَةُ مُخْتَلَفٌ فيه
وَرَوَى مُسْلِمٌ وقال أبو بَكْرٍ إنْ أَجْرِي على فِعْلِ من قام مَقَامَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ من الْأَئِمَّةِ جَازَ وكان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَصْنَعُ بهذا السَّهْمِ ما شَاءَ الله قَالَهُ في الْمُغْنِي
وفي رَدِّ شَيْخِنَا على الرَّافِضِيِّ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا ( وش ) إنَّ اللَّهَ أَضَافَ هذه الْأَمْوَالَ إضَافَةَ مِلْكٍ كَسَائِرِ أَمْلَاكِ الناس ثُمَّ اخْتَارَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ بَلْ أَمْرُهَا إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يُنْفِقُهَا فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فَيُثَابُ عليها كُلِّهَا بِخِلَافِ ما مَلَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ فإن له صَرْفَهُ في الْمُبَاحِ
____________________
(6/211)
وَسَهْمٌ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عبد مَنَافٍ وَقِيلَ لِفُقَرَائِهِمْ وفي تَفْضِيلِ ذُكُورِهِمْ على إنَاثِهِمْ رِوَايَتَانِ فَإِنْ لم يَأْخُذُوهُ فَفِي كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ كَفِعْلِ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِيهِمْ وَسَهْمٌ لليتامي من لَا أَبَ ولم يَبْلُغْ وَالْأَشْهَرُ الْفُقَرَاءُ
وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ فَيَدْخُلُ الْفَقِيرُ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ الْمُسْلِمِينَ من الْكُلِّ فَيُعْطُوا كَزَكَاةٍ وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَلْزَمُ وفي الِانْتِصَارِ يَكْفِي وَاحِدٌ وَاحِدٌ من الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَمِنْ ذَوِي القربي إذَا لم يُمَكِّنْهُ على أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لِمَ لَا نَقُولُ بِهِ في الزَّكَاةِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إعْطَاءَ الْإِمَامِ من شَاءَ منهم لِلْمَصْلَحَةِ كَزَكَاةٍ وَاخْتَارَ أَيْضًا أَنَّ الْخُمُسَ وَالْفَيْءَ وَاحِدٌ يُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ ( وم ) وفي دره ( ( ( رده ) ) ) على الرَّافِضِيِّ أَنَّهُ قَوْلٌ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَنَّ عن أَحْمَدَ ما يُوَافِقُ ذلك فإنه جَعَلَ مَصْرِفَ خُمُسِ الزَّكَاةِ مَصْرِفَ الْفَيْءِ وهو تَبَعٌ لِخُمُسِ الْغَنَائِمِ
وَذَكَرَهُ أَيْضًا رِوَايَةً وَاخْتَارَ صَاحِبُ الهدى الْأَوَّلَ أَنَّ الْإِمَامَ يُخَيَّرُ فِيهِمْ لا يَتَعَدَّاهُمْ كَزَكَاةٍ وَأَنَّهُ قَوْلٌ ( م ) ثُمَّ يُعْطِي النَّفَلَ وهو زِيَادَةٌ على السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ سَرِيَّةً من جَيْشِهِ تُغِيرُ أَمَامَهُ بِالرَّابِعِ فَأَقَلَّ بَعْدَ الْخُمُسِ أو خَلْفَهُ إذَا قَفَلَ بِالثُّلُثِ فَأَقَلُّ بَعْدَهُ بِشَرْطٍ
وَعَنْهُ وَدُونَهُ وَلَا يَعْدِلُ شَيْءٌ عِنْدَ أَحْمَدَ الْخُرُوجَ في السَّرِيَّةِ مع غَلَبَةِ السَّلَامَةِ لِأَنَّهُ أَنْكَى وَأَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ عَمِلَ ما فيه غَنَاءٌ جُعْلًا لِمَنْ نَقَبَ أو صَعَدَ هذا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 3 قوله وفي تفضيل ذكورهم على أناثهم روايتان انتهى وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح وغيرهم
إحداهما يجوز التفضيل وهو الصحيح وبه قطع الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمقنع والعمدة والوجيز وغيرهم وقدمه في الكافي والرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه في البلغة والنظم
والرواية الثانية الذكر كالأنثى قدمه ابن رزين في شرحه
____________________
1-
(6/212)
الْمَكَانَ أو جاء كذا ( ( ( بكذا ) ) ) فَلَهُ من الْغَنِيمَةِ أو منه كَذَا ما لم يُجَاوِزْ ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بِشَرْطٍ وَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهُ فِيهِمَا نَصَّ عليه
وَعَنْهُ بِلَا شَرْطٍ لو كان خَبَّأَ عَشْرَةَ رؤوس ( ( ( رءوس ) ) ) حتى نَادَى الْإِمَامُ من جاء بِعَشْرَةِ رؤوس ( ( ( رءوس ) ) ) فَلَهُ رَأْسٌ فَجَاءَ بها فَلَا شَيْءَ له نَقَلَهُ أبو دَاوُد وفي جَوَازِ من أَخَذَ شيئا فَلَهُ وَقِيلَ لِمَصْلَحَتِهِ ( م 4 ) روايتان وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ إنْ بَقِيَ مالا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى فَمَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ له وَسَأَلَهُ أبو دَاوُد إنْ أَبَاحَ الْحَرْبِيُّ لِلنَّاسِ فقال من أَخَذَ شيئا فَلَهُ قال لَا يَفْعَلُ هذا إذًا يَنْهَبُ الناس
قال شَيْخُنَا لِلْإِمَامِ على الصَّحِيحِ أَنْ يَخُصَّ طَائِفَةً بِصِنْفٍ كَالْفَيْءِ قال وَلَيْسَ لِلْغَانِمَيْنِ إعْطَاءُ أَهْلِ الْخُمُسِ قَدْرَهُ من غَيْرِهَا وَقِيلَ في قَوْلِهِ من أَخَذَ شيئا لَا يُخَمَّسُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيمَنْ جاء بِكَذَا ثُمَّ الْبَاقِي لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ لِقَصْدِ قِتَالٍ وَلَوْ لم يُقَاتِلْ أو بُعِثَ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ أو قال الْإِمَامُ يَتَخَلَّفُ الضَّعِيفُ فَتَخَلَّفَ قَوْمٌ بِمَوْضِعٍ مُخَوَّفٍ نَصَّ عليه دُونَ مَرِيضٍ عَاجِزٍ وقال الْآجُرِّيُّ من شَهِدَهَا ثُمَّ مَرِضَ فلم يُقَاتِلْ أُسْهِمَ له وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ
وَكَافِرٌ وَعَبْدٌ لم يُؤْذَنْ لَهُمَا وَمَنْهِيٌّ عن حُضُورِهِ وَالْأَصَحُّ أو بِلَا إذْنِهِ وَفَرَسٌ عَجِيفٌ وَنَحْوُهُ وَفِيهِ وَجْهٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وفي جَوَازِ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له وَقِيلَ لِمَصْلَحَةٍ رِوَايَتَانِ يَعْنِي في جَوَازِ ذك إذ قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَبِهِ قَطَعَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ طريقه أَنَّ مَحِلَّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا كان لِمَصْلَحَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وكان الْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْدَمَ هذه الطَّرِيقَةَ وَيُصَحِّحَ الْجَوَازَ
____________________
1-
(6/213)
وفي التبصرة يسهم لفرس ضعيف ويحتمل لا ولو شهدها عليه ومخذل ومرجف ونحوهما ولو تركا ذلك وقاتلا ولا يرضخ لهم لأنهم عصاة وكذا من هرب من اثنين كافرين ذكره في الروضة بخلاف غريم وولد لزوال إثمه بتعيينه عليه بحضور الصف وذكر ابن عقيل في أسير أو تاجر روايتين ( * ) قال أحمد يسهم للمكاري والبيطار والحداد والخياط والإسكاف والصناع وإن استؤجر للجهاد لم يصح فيسهم له وعنه يصح قيل ممن لا يلزمه فلا يسهم على الأصح وقيل يرضخ ويسهم لأجير الخدمة على الأصح
وقال القاضي وغيره إذا قصد الجهاد وكذا حمل صاحب المحرر إسهام النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة وكان أجيرا لطلحة رواه أحمد ومسلم على أجير قصد مع الخدمة الجهاد وفي الموجز هل يسهم لتجار عسكر وأهل وسوقة ومستأجر مع جند كركابي وسايس أم يرضخ فيه روايتان وفي الوسيلة ظاهر كلامه لا تصح الثيابة تبرع أو بأجرة وقطع به ابن الجوزي وفي الترغيب يصح استئجار إمام أهل الذمة للحاجة وفي البلغة لهم الأجرة فقط إن صحت الإجارة وفيها روايتان
ولا يصح استئجار غيره لهم ويسهم لمن يعطي من الفيء لأن الله جعله له ليغزو لا أنه عوض عن غزوة بل يقع له لا لغيره وكذا من يعطي له من صدقة لأنه يعطاه معونة لا عوضا أو دفع إليه ما يعينه به فله فيه الثواب وليس عوضا وعن زيد بن خالد مرفوعا من جهر غازيا في سبيل الله فله مثل أجره ولا ينقص من أجره شيء صحيح رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه
ولأبي داود حسن عن عبدالله بن عمرو مرفوعا للغازي أجره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) تَنْبِيهٌ قول وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في أَسِيرٍ أو تَاجِرٍ رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
ليس هذا من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الذي نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَإِنَّمَا هذه طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمَذْهَبُ يُسْهِمُ لهم وقد قال الْمُصَنِّفُ قَبْل ذلك وَهِيَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ لِقَصْدِ الْقِتَالِ وَلَوْ لم يُقَاتِلْ
____________________
1-
(6/214)
وللجاعل أجره وأجر الغازي ومن أخذ من سهم الفيء أو ما يتقوى به من زكاة وغيرها فليس عوضا وفيه الثواب للخبر ذكره الشيخ وغيره وظاهر كلامهم لا ثواب لغيره وقد تقدم فصل فَيُقْسَمُ للراجال ( ( ( للراجل ) ) ) سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ كان فَرَسُهُ بِرْذَوْنًا وَيُسَمَّى الْعَتِيقَ وهو نَبَطِيُّ الْأَبَوَيْنِ أو هَجِينًا أُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ وَعَكْسُهُ الْمُقْرَفُ فَلَهُ سَهْمٌ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ سَهْمَانِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَعَنْهُ إنْ عَمِلَ كَعَرَبِيٍّ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَعَنْهُ لَا يُسْهَمُ له وَيُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ فَقَطْ نَصَّ عليه وفي التَّبْصِرَةِ لِثَلَاثَةٍ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ خَيْلٍ وَعَنْهُ لِرَاكِبِ بَعِيرٍ سَهْمٌ وَعَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ يُسْهَمُ له مُطْلَقًا منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ كَفَرَسٍ وَقِيلَ له وَلِفِيلٍ سَهْمُ هَجِينٍ قال أَحْمَدُ عن أبي هُرَيْرَةَ كَرِهَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الشِّكَالَ في الْخَيْلِ
سَأَلَ الْخَلَّالُ ثَعْلَبًا عنه قال إذَا كان مُخَالِفَ الْقَوَائِمِ بَيَاضٌ أو سَوَادٌ مُخَالِفٌ من جِهَةِ الطِّيَرَةِ وَالشِّكَالُ الْمُوَافَقَةُ بَيَاضُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمُخَالِفُ في يَدٍ وَرِجْلٍ وَجَمِيعًا مَكْرُوهَانِ وَلَا بَأْسَ بِغَزْوِهِمَا على فَرَسٍ لَهُمَا هذا عَقَبَةٌ وَهَذَا عَقَبَةٌ وَالسَّهْمُ بَيْنَهُمَا نَقَلَهُ مُهَنَّا
وَإِنْ أَسْلَمَ أو بَلَغَ أو عَتَقَ أو لَحِقَ مَدَدًا وَأَفْلَتَ أَسِيرًا وَصَارَ رَجُلٌ فَارِسًا أو عَكْسَهُ قبل نقضي ( ( ( تقضي ) ) ) الْحَرْبِ فَكَمَنْ شَهِدَهَا وَبَعْدَهُ وَقِيلَ وَقَبْلَ إحْرَازِهَا لَا يُؤْثِرُ وَلَوْ لَحِقَهُمْ عَدُوٌّ قاتل ( ( ( وقاتل ) ) ) الْمَدَدُ مَعَهُمْ حتى سَلِمُوا بِالْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاتَلُوا عن أَصْحَابِهَا لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ في أَيْدِيهِمْ وحورها ( ( ( وحووها ) ) ) نقلة الْمَيْمُونِيُّ وَكَذَا من ذَهَبَ أو مَاتَ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ وقال الْآجُرِّيُّ لو حَازُوهَا ولم تُقَسَّمْ ثُمَّ انْهَزَمَ قَوْمٌ فَلَا شَيْءَ لهم لِأَنَّهَا لم تَصِرْ إلَيْهِمْ حتى صَارُوا عُصَاةً
وَوَارِثٌ كَمَوْرُوثِهِ نَصَّ عليه وفي الْبُلْغَةِ في قَبْلِ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يَقْوَى عِنْدِي مَتَى قُلْنَا لم يَمْلِكُوهَا وَإِنَّمَا لهم حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا يُورَثُ كَالشَّفِيعِ وَيُرْضَخُ من أَرْبَعَةِ
____________________
(6/215)
الْأَخْمَاسِ وَقِيلَ من أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَقِيلَ من سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَمُمَيِّزٍ وَقِيلَ مُرَاهِقٍ وَلَهُ التَّفْضِيلُ وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ الْقِسْمَةَ
وَلِفَرَسِ سَيِّدٍ تَحْتَ عَبْدِهِ سَهْمَانِ وَيُسْهَمُ لِكَافِرٍ كَمُسْلِمٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِحِسَابِهِ وَعَنْهُ يُرْضَخُ لَهُمَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ في كَافِرٍ وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرِيَّتَهُ وَهِيَ لِلْجَيْشِ نَصَّ عليه
وَهَدِيَّةُ كَافِرٍ لِلْإِمَامِ بِدَارِ حَرْبٍ غَنِيمَةٌ وَعَنْهُ له وَقِيلَ فَيْءٌ وبدرانا ( ( ( وبدارنا ) ) ) قِيلَ له وَقِيلَ فَيْءٌ ( م 5 ) وَبَعْضُ قُوَّادِهِ كَهُوَ وَلِأَحَدِ الْغَانِمِينَ غَنِيمَةٌ وَعَنْهُ له وما أُخِذَ منة مُبَاحِهَا بِقُوَّةِ الْجَيْشِ له قِيمَةٌ في مَكَانِهِ شَرْعًا فَغَنِيمَةٌ بَعْدَ تَعْرِيفِ لُقَطَةٍ سَنَةً بِدَارِنَا قال في الْبُلْغَةِ يَعْرِفُ ما يَتَوَهَّمُهُ لِمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَهُوَ له وَنَقَلَ أبو دَاوُد أَيْضًا قِيلَ لِأَحْمَدَ له له بِطَرَسُوسَ قِيمَةٌ قال هذا قد حَمَلَهُ وعنى بِهِ أَيْ هو له وَنَقَلَ عبد اللَّهِ إنْ صَادَ سَمَكًا فَإِنْ كان يَسِيرًا فَلَا بَأْسَ يَبِيعُهُ بِدَانَقٍ أو قِيرَاطٍ وما زَادَ رَدَّهُ إلَى الْمُقْسِمِ
وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ وَهَدِيَّةٌ وَمُبَاحٌ وَكَسْبُ طَائِفَةٍ غَنِيمَةٌ في الثَّلَاثَةِ وَلَهُ الْقِتَالُ بِسِلَاحِهِمْ وفي الْبُلْغَةِ لِحَاجَةٍ وَيَرُدُّهُ بَعْدَ الْحَرْبِ وفي قِتَالِهِ بِفَرَسٍ وَثَوْبٍ رِوَايَتَانِ ( م 6 و 7 ) وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بن الْحَارِثِ لَا يَرْكَبُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أو خَوْفٍ على (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( نفسه ) ) ) 5 قوله وهدية ( ( ( المروذي ) ) ) كافر للإمام ( ( ( بأس ) ) ) بِدَارِ حَرْبٍ غَنِيمَةٍ وعنه ( ( ( ويكسر ) ) ) له ( ( ( الصليب ) ) ) وقيل ( ( ( ويقتل ) ) ) فيء ( ( ( الخنزير ) ) ) وبدارنا قيل له وقيل فيء انتهى
أحدهما ( ( ( يصب ) ) ) في ( ( ( الخمر ) ) ) لمن أهديت ( ( ( يكسر ) ) ) له ( ( ( الإناء ) ) ) وهو ( ( ( وله ) ) ) الصحيح ( ( ( دهن ) ) ) وبه ( ( ( بدنه ) ) ) قطع ( ( ( لحاجة ) ) ) في ( ( ( ودابته ) ) ) المغني ( ( ( وشرب ) ) ) والشرح ( ( ( شراب ) ) ) وشرح ابن رزين وغيرهم ( ( ( دهنه ) ) )
والقول ( ( ( بزيت ) ) ) الثاني ( ( ( للتزين ) ) ) هو فيء ( ( ( يعجبني ) ) )
مَسْأَلَةٌ 6 و 7 قَوْلُهُ وفي قِتَالٍ بِفَرَسٍ وَثَوْبٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 هل له أَنْ يُقَاتِلَ على فَرَسٍ من الْغَنِيمَةِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/216)
نفسه ونقل المروذي لا بأس أن يركب من الفيء ولا يعجفه
ومن أخذ منها طعاما أو علفا لا غيرهما فله ولدوابه أكله بلا إذن ولا حاجة ولسبي اشتراه وقيل ولو أحرز بدار حرب لا لفهد وكلب صيد وجارح ويرد ما فضل معه منه في الغنيمة وعنه لا قليلا فيها ( * ) قال في الموجز والتبصرة كطعام أو علف يومين ونقله أبو طالب ويرد ثمنه إن باعه وعنه وقيمة أكله
سأله أبو داود الرجل يضطر فيشتري شعيرا روميا من رجل في السر ثم يرفعه إلى المقسم قال لا قلت إذا رفعه إلى صاحب المقسم أخذ منه ثمنه قال لا أليس هو حمله على البيع وكره أن يشتريه وأبي أن يرخص له
والسكر والمعاجين ونحوها كطعام وفي العقاقير وجهان ( م 8 ) ولا يضحى بشيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إحْدَاهُمَا ليس له ذلك وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ قَطَعَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
قُلْت الصَّوَابُ إنْ كان فيه مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كان له ذلك ثُمَّ وَجَدْته في الْفُصُولِ صَحَّحَهُ فقال وَهَذِهِ أَصَحُّ عِنْدِي لِأَنَّ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ أَهَمُّ من حِفْظِ الْخَيْلِ وَالْمَالِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 هل له أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا من الْغَنِيمَةِ أَمْ لَا أُطْلِقَ فيه الْخِلَافُ وَالْحُكْمُ فيه كَالْحُكْمِ في الْفَرَسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك وَعَنْهُ يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ
قُلْت وَفِيهَا قُوَّةٌ ( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَعَنْهُ لَا يَرُدُّهُ إنْ كان قَلِيلًا فيها الْأَحْسَنُ أو الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظَةِ فيها لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ على ما قَبْلَهُ وقد قال وَيُرَدُّ ما فَضَلَ معه منه في الْغَنِيمَةِ
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَالسُّكَّرُ وَالْمَعَاجِينُ وَنَحْوُهَا كَطَعَامٍ وفي الْعَقَاقِيرِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
1-
(6/217)
فيه الخمس وَلَا ينبغي أن يبيع حنطة بشعير أو عكسه لكن يعطيه بلا ثمن نص على ذلكن ولا يغسل ثوبه بصابون فإن غسل فقيمته في المقسم نقله أبو طالب ولا يجعل في الفيء ثمن كلب وخنزير بل باز لا بأس بثمنه نقله صالح ويخص الإمام بكلب من شاء ولا يدخل في غنيمة ويكسر الصليب ويقتل الخنزير قاله الإمام أحمد ونقل أبو داود يصب الخمر ولا يكسر ( ( ( حاجة ) ) ) الإناء وله دهن بدنه لحاجة ودابته وشرب شراب ونقل أبو داود دهنة بزيت للتزيين لا يعجبني وليس لأجير لحفظ غنيمة ركوب دابة منها إلا بشرط وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ وَلَوْ مُفْلِسًا
وفي سَفِيهٍ وَجْهَانِ فَهُوَ لِلْبَاقِي ( م 9 ) لِأَنَّهُ مِلْكُ التَّمَلُّكِ وفي مِلْكِهِ بِتَمَلُّكِهِ قبل الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ ( م 10 ) وفي الْبُلْغَةِ أَعْرَضَ عنه قبل الْقِسْمَةِ صَحَّ على الْأَصَحِّ قال وَلَوْ قالوا اخْتَرْنَا الْقِسْمَةَ لم يَسْقُطْ بِالْإِعْرَاضِ وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلَّ فَهِيَ فَيْءٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أحدهما هو ( ( ( أعتق ) ) ) كطعام ( ( ( منها ) ) ) وهو الصواب بل ( ( ( كتم ) ) ) أولى فينتفع ( ( ( غنمه ) ) ) بِهِ بلا إذن ولا ( ( ( تحرقه ) ) ) حاجة ( ( ( النار ) ) )
والوجه ( ( ( فله ) ) ) الثاني ( ( ( ويؤخذ ) ) ) ليس له أخذ ( ( ( منها ) ) ) ذلك
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ وَلَوْ مُفْلِسًا وفي سَفِيهٍ وَجْهَانِ فَهُوَ لِلْبَاقِي انْتَهَى لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا السُّقُوطَ من غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَسْقُطُ وهو الصَّوَابُ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ في الْحَجَرِ
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وفي مِلْكِهِ بِتَمَلُّكِهِ قبل الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى
قال الْقَاضِي لَا يَمْلِكُونَ قبل الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوا وقال أَيْضًا لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ لم يَمْلِكْ حَقَّهُ منها إلَّا بِالِاخْتِيَارِ وهو أَنْ يَقُولَ اخْتَرْت تَمَلُّكَهَا فإذا اخْتَارَهُ مَلَكَ حَقَّهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا ليس بِصَحِيحٍ
قُلْت الصَّوَابُ ما قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ في دُخُولِهِ إلَى مِلْكِهِ الِاخْتِيَارَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/218)
ومن أعتق منها رقيقا أو كان يعتق إن كان قدر حقه وإلا فكعتقه شقصا نص عليه وفي الإرشاد لا يعتق وقيل به إن كانت أجناسا وفي البلغة فيمن يعتق عليه ثلاث روايات الثالثة موقوف إن تعين وإلا فلا
والغال وهو من كتم ما غنمه يلزم تحريق رحله وقت غلوله إن كان حيا حرا مكلفا والمراد ملتزما وذكره الآدمي البغدادي وقيل ولو باعه أو وهبه ولا يحرق سلاح ومصحف ونفقة ودابة وآلتها والأصح وكتب علم وثيابه التي عليه وقيل ساتر العورة فقط ويضرب ولا ينفي نص عليه وعنه ويحرم سهمه اختاره الآجري ولم يستثن إلا المصحف والدابة وأنه قول أحمد
وقيل يباع مصحفه ويتصدق به وما لم تحرقه النار فله ويؤخذ ما غل للمغنم فإن تاب بعد القسمة أعطى الإمام خمسة وتصدق ببقيته وقال الآجري يأتي به الإمام فيقسمه في مصالح المسلمين وإن من ستر على غال وأخذ ما أهدى له منها أو باعه إمام وحاباه فهو غال
واختار شيخنا وبعض المتأخرين أن تحريق رحل الغال من التعزير لا الحد الواجب فيجتهد الإمام فيه بحسب المصلحة وهذا أظهر وَقِيلَ وَسَارِقٌ منها كَغَالٍّ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كان له سَهْمٌ أولا
وَإِنْ دخل قَوْمٌ أو وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدٌ إلَى دَارِ حَرْبٍ بِلَا إذْنٍ فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٍ وَعَنْهُ كَغَنِيمَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَعَنْهُ لهم فَعَلَى الْوُسْطَى بِسَرِقَةٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ( م 11 ) وَفِيهِ الْبُلْغَةِ بِسَرِقَةٍ وَاخْتِلَاسٍ الرِّوَايَاتُ وَمَعْنَاهُ في الرَّوْضَةِ فَإِنْ كان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ وَإِنْ دخل قَوْمٌ أو وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدٌ دَارَ حَرْبِ بِلَا إذْنٍ فغيمتهم ( ( ( فغنيمتهم ) ) ) فَيْءٍ وَعَنْهُ هِيَ كَغَنِيمَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَعَنْهُ لهم فَعَلَى الْوُسْطَى فِيمَا أَخَذُوهُ بِسَرِقَةٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ انْتَهَى
ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ غَنِيمَةٌ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِهِمْ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/219)
لهم منعة ( ( ( إحدى ) ) ) فالروايتان الأولتان وقيل والثالثة
وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِسَبْيِ زَوْجَيْنِ مَعًا وَرِقِّهِمَا وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ إنْ تَعَدَّدَ السَّابِي وَيَنْفَسِخُ بِسَبْيِ زَوْجَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ لَا نَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِيِّ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ كَزَوْجَةِ ذِمِّيٍّ وَقِيلَ أو زَوْجٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَهَلْ تُتَنَجَّزُ أو نقف ( ( ( تقف ) ) ) على فَوْتِ إسْلَامِهِمَا في الْعِدَّةِ في الْبُلْغَةِ الْوَجْهَانِ وَلَيْسَ بَيْعُ الزَّوْجَيْنِ الْقِنَّيْنِ أو أَحَدِهِمَا طَلَاقًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْبَائِعِ قال أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه خَبَرُ بَرِيرَةَ لَا حُجَّةَ فيه لِأَنَّهُ قبل { وَالْمُحْصَنَاتُ من النساء } النِّسَاءِ 24 وَلَوْلَا ذلك لم يَخْفَ على ابْنِ عَبَّاسٍ وهو رِوَايَةٌ فَكَيْفَ هذا إلَّا وَالْآيَةُ بَعْدَ خَبَرِ بَرِيرَةَ قِيلَ له فما يَرُدُّ هذا
قال فِعْلُ الْأَكَابِرِ مِثْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وقال أَذْهَبُ إلَى خَبَرِ أبي سَعِيدٍ أنها في الْمُشْرِكَاتِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ يَكُونُ بَيْعُهَا طَلَاقًا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ قال أبو بَكْرٍ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فقالت لي زَوْجٌ هِيَ عَلَيْك حَرَامٌ وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهُمَا وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ
____________________
(6/220)
بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ
ما أُخِذَ عَنْوَةً بِالسَّيْفِ فَعَنْهُ يَصِيرُ وَقْفًا وَيَكُونُ أَرْضَ عُشْرٍ وَعَنْهُ يُقَسَّمُ كَمَنْقُولٍ وَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظٌ وَالْمَذْهَبُ لِلْإِمَامِ قَسْمُهَا فَلَا خَرَاجَ بَلْ أَرْضُ عُشْرٍ وَوَقَفَهَا لَفْظًا وفي الْمُغْنِي أو يَتْرُكُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِخَرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ يُؤْخَذُ مِمَّنْ نقر ( ( ( تقر ) ) ) معه من مُسْلِمٍ أو ذِمِّيٍّ كَأُجْرَةٍ وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ كَالتَّخْيِيرِ في الْأُسَارَى
وفي الْمُجَرَّدِ أو يُمَلِّكُهَا لِأَهْلِهَا أو غَيْرِهِمْ بِخَرَاجٍ فَدَلَّ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لو مَلَّكَهَا بِغَيْرِ خَرَاجٍ كما فَعَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَكَّةَ لم يَجُزْ وَقَالَهُ أبو عُبَيْدٍ لِأَنَّهَا مَسْجِدٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مُنَاخُ من سَبَقَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْبُلْدَانِ وَلَمَّا قال ( ش ) فُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا قال سَبَقَ لهم أَمَانٌ فَمِنْهُمْ من أَسْلَمَ قبل أَنْ يَظْهَرَ لهم على شَيْءٍ وَمِنْهُمْ من لم يُسْلَمْ
وَقِيلَ الْأَمَانُ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ وَدُخُولِ دَارِهِ فَكَيْفَ يُغْنِمُ مَالُ مُسْلِمٍ أو مَالُ من بُذِلَ له الْأَمَانُ قال في الْمُغْنِي فما فَعَلَهُ الْإِمَامُ من وَقْفٍ وَقِسْمَةٍ ليس لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَفِيهِ في الْبَيْعِ إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ صَحَّ بِحُكْمِهِ كَالْمُخْتَلِفَاتِ وَكَذَا بَيْعُ إمَامٍ لِمَصْلَحَةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْحُكْمِ
وما أُخِذَ لِذَهَابِ أَهْلِهَا خَوْفًا مِنَّا أو صَالَحُونَا على أنها لنا وَنَقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ فَدَارُ إسْلَامٍ فَتَجِبُ الْجِزْيَةُ وَنَحْوُهَا وَتَصِيرُ وَقْفًا وَعَنْهُ بِوَقْفِ الْإِمَامِ فَقِبَلَهُ كَفَيْءٍ مَنْقُولٍ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ على أنها لهم وَلَنَا الْخَرَاجُ عنها فَدَارُ عَهْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُمْ وَقِيلَ يُمْنَعُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ
وفي التَّرْغِيبِ إنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أو بَاعُوا الْمُنْكَرَ من مُسْلِمٍ مُنِعُوا إظْهَارَهُ وخراجها ( ( ( وخراجهما ) ) ) كَجِزْيَةٍ يَسْقُطُ إنْ أَسْلَمُوا أو صَارَتْ لِمُسْلِمٍ وَقِيلَ أو ذِمِّيٍّ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ الذي ضَرَبَهُ عُمَرُ وَكَذَا في التَّرْغِيبِ وَذَكَرَ فِيمَا صَالَحْنَاهُمْ على أَنَّهُ لنا ونقرة مَعَهُمْ بِخَرَاجٍ لَا يَسْقُطُ خَرَاجُهُ بِإِسْلَامٍ وَعَنْهُ بَلَى كَجِزْيَةٍ
وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ في الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ فَيَزِيدُ وَيُنْقِصُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ قال الْخَلَّالُ
____________________
(6/221)
رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ إلَّا أَنَّ جِزْيَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَعَنْهُ يُعْمَلُ بِمَا وَظَّفَهُ عُمَرُ وَعَنْهُ له الزِّيَادَةُ فيه وَعَنْهُ جَوَازُهُمَا في الْخَرَاجِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وقال نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ قال أَحْمَدُ هو بَيِّنٌ في حديث عُمَرَ إنْ زِدْت عليهم كَذَا فَلَا تجدهم ( ( ( تجهدهم ) ) ) إنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ ما تُطِيقُ الْأَرْضُ
وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ في جِزْيَةٍ يَجُوزُ النَّقْصُ فَقَطْ وَالْخَرَاجُ على مَالِهِ ما يَسْقِي وَإِنْ لم يَزْرَعْ وَعَنْهُ أو أَمْكَنَ زَرْعُهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ قال ابن عَقِيلٍ أو الدَّوَالِيبِ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْيَاؤُهُ فلم يَفْعَلْ وَقِيلَ أو زَرَعَ مالا مَاءَ له فَرِوَايَتَانِ ( م 1 ) وفي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مُطْلَقًا
وفي الْمُحَرَّرِ ما زَرَعَ عَامًا وَأُرِيحَ آخَرَ عَادَةً فَنِصْفُ خَرَاجٍ وفي الْمُذْهَبِ مِثْلُهُ إنْ لم يُمْكِنْ زَرْعُهُ إلَّا كَذَا وفي التَّرْغِيبِ كَالْمُحَرَّرِ وَفِيهِ يُؤْخَذُ خَرَاجُ ما لم يُزْرَعْ عن أَقَلِّ ما يَزْرَعُ وَأَنَّ الْبَيَاضَ بين النَّخْلِ ليس فيه إلَّا خَرَاجُهَا وَهَذِهِ في التَّبْصِرَةِ قال شَيْخُنَا وَلَوْ يَبِسَتْ الْكُرُومُ بِجَرَادٍ أو غَيْرِهِ سَقَطَ من الْخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ من النَّفْعِ قال وإذا لم يُمْكِنْ النَّفْعُ بِهِ بِبَيْعٍ أو إجَارَةٍ أو عِمَارَةٍ أو غَيْرِهِ لم تَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ وَمَنْ عَجَزَ عن عِمَارَتِهَا أجير ( ( ( أجبر ) ) ) على إجَارَتِهَا أو رَفْعِ يَدِهِ
وَالْخَرَاجُ كَدَيْنٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُؤَدِّيه ثُمَّ يُزَكِّي وَلِلْإِمَامِ وَضْعُهُ عَمَّنْ له دَفْعُهُ إلَيْهِ وقال أَحْمَدُ لَا يَدْعُ خَرَاجًا وَلَوْ تَرَكَهُ أَمِيرُ الؤمنين ( ( ( المؤمنين ) ) ) كان هذا فَأَمَّا من دُونَهُ فَلَا وَإِنْ تَرَكَ شيئا من الْعُشْرِ أو تَرَكَهُ الْخَارِصُ تَصَدَّقَ بِقَدْرِهِ وَلَهُ رَشْوُ الْعَامِلِ وَالْهَدِيَّةُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ فَقَطْ نَصَّ عليه وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَانِعَ من قد اُسْتُحْلِفَ بِالْأَيْمَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب حكم الأرضين المغنومة
مسألة 1 قوله إن أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل أو زرع ما لا ماء له فروايتان انتهى
إحداهما لا خراج عليه وهو الصحيح قدمه في المغني والكافي والشرح والرعاية وغيرهم
____________________
1-
(6/222)
الْمُغَلَّظَةِ فإنه إنْ صَانَعَهُمْ أَحْنَثَهُمْ وَالْأَخْذُ حَرَامٌ وَالرِّشْوَةُ ما أَعْطَاهُ بَعْدَ طَلَبِهِ وَالْهَدِيَّةُ ابْتِدَاءً قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَهَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ يَأْتِي في هَدِيَّةِ الْقَاضِي ( م 2 )
وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا ظُلِمَ في خَرَاجِهِ من عُشْرٍ قال أَحْمَدُ لِأَنَّهُ غَصْبٌ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وما فيها شَجَرٌ وَقْتَ الْوَقْفِ ثمرة الْمُسْتَقْبَلُ كَمُجَدِّدٍ فيه عُشْرُ الزَّكَاةِ مع خَرَاجٍ وَقِيلَ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا عُشْرٍ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَلَا خَرَاجَ على الْمَسَاكِنِ وكان أَحْمَدُ يَخْرُجُ عن دَارِهِ لِأَنَّ بَغْدَادَ كانت مَزَارِعَ وقد فُتِحَتْ وَمَكَّةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً ( و 5 م ) فَيَحْرُمُ بَيْعُهَا وَإِجَارَتُهَا ( و 5 م ) كَبِقَاعِ الْمَنَاسِكِ وَجَوَّزَهُمَا الشَّيْخُ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْبَيْعَ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الهدى فيه لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ التَّقَدُّمَ على غَيْرِهِ بِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَاخْتَصَّ بها لَسَبْقِهِ وَحَاجَتِهِ فَهِيَ كَالرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ
وَالْإِقَامَةِ على الْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا من الْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ التي من سَبَقَ إلَيْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بها ما دَامَ يَنْتَفِعُ وَلَا يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ لِوُرُودِهِ على الْمَحِلِّ الذي كان الْبَائِعُ اخْتَصَّ بِهِ من غَيْرِهِ وهو الْبِنَاءُ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْإِجَارَةُ على الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَعَنْهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ لِحَاجَةٍ وَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ فَعَنْهُ لَا يَأْثَمُ بِدَفْعِهَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَعَنْهُ إنْكَارُ عَدَمِهِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة ( ( ( لالتزامه ) ) ) 2 قوله وهل ينتقل الملك ( ( ( ينبغي ) ) ) يأتي ( ( ( لهم ) ) ) في هدية ( ( ( الزيادة ) ) ) القاضي انتهى ( ( ( رأس ) ) )
قلت قال المصنف في باب ( ( ( ساقطة ) ) ) أدب القاضي ( ( ( بذلها ) ) ) ويحرم قبوله ( ( ( عنده ) ) ) رشوة ( ( ( فضل ) ) ) وكذا ( ( ( ترك ) ) ) هدية فإن ( ( ( لوجوب ) ) ) قبل ( ( ( بذله ) ) ) فقيل يؤخذ ( ( ( حرم ) ) ) لبيت المال لخبر ابن اللتبية وَقِيلَ ترد كمقبوض بعقد فاسد وقيل تملك بتعجيله ( ( ( يحلف ) ) ) المكافأة انتهى ( ( ( فتحها ) ) ) فأطلق ( ( ( عنوة ) ) ) الخلاف أيضا ( ( ( صلحا ) ) ) ويأتي ( ( ( فيفتيه ) ) ) تحرير ذلك هناك إن شاء الله تعالى وأن الصحيح ( ( ( حنث ) ) ) أنها ( ( ( للشك ) ) ) ترد
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ سَكَنَ فيها بِأُجْرَةٍ فَعَنْهُ لَا يَأْثَمُ بِدَفْعِهَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَعَنْهُ إنْكَارُ عَدَمِهِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي انْتَهَى
ما قَالَهُ الشَّيْخُ هو الصَّحِيحُ وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْضًا وما قَالَهُ الْقَاضِي لم أَطَّلِعْ على من اخْتَارَهُ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ في هذه الْأَعْصُرِ
____________________
1-
(6/223)
لالتزامه قال أحمد لا ينبغي لهم أخذه ويتوجه مثله فيمن عامل بعينة ونحوها في الزيادة عن رأس ماله قال شيخنا هي ساقطة يحرم بذلها ومن عنده فضل ترك فيه لوجوب بذله وإلا حرم نص عليه نقل حنبل وغيره سواءالعاكف فيه والباد وأن مثله السواد كل عنوة وعنه صلحا ( وش ) فيجوزان ( وش )
وفي المستوعب وقيل قد يحل على فتحهما عنوة أو صلحا فيقتيه بما صح عنه ويتوجه من كلام جماعة لا حنث للشك وَلَا خَرَاجَ على مَزَارِعِهَا لِأَنَّهُ جِزْيَةُ الْأَرْضِ وفي الِانْتِصَارِ على الْأَوْلَى بَلَى ( خ ) كَسَائِرِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا أَعْلَمُ من أَجَازَ ضَرْبَ الْخَرَاجِ عليها سِوَاهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَضْرِبْ عليها شيئا وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ له الْبِنَاءُ وَالِانْفِرَادُ وَيُكْرَهُ أَخْذُ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ نَصَّ عليه ( وم ) لِأَجْلِهِ وَقِيلَ لِلْحَوَادِثِ سَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي في السَّابِعِ من شُرُوطِ الْبَيْعِ وقال أبو دَاوُد بَابُ الدُّخُولِ في أَرْضِ الْخَرَاجِ حدثنا هَارُونُ بن مُحَمَّدِ بن بَكَّارٍ أَنْبَأَنَا محمد بن عِيسَى يَعْنِي ابْنَ سُمَيْعٍ حدثنا زَيْدُ بن وَاقِدٍ حدثني أبو عبدالله عن مُعَاذٍ قال من عَقَدَ الْجِزْيَةَ في عُنُقِهِ فَقَدْ برىء مِمَّا عليه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إسْنَادٌ جَيِّدٌ
حدثنا حَيْوَةُ بن شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ حدثنا بَقِيَّةُ أخبرني عُمَارَةُ بن أبي الشَّعْثَاءِ حدثني سِنَانُ بن قَيْسٍ حدثني شَبِيبُ بن نُعَيْمٍ حدثني يَزِيدُ بن خُمَيْرٍ حدثني أبو الدَّرْدَاءِ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا فَقَدْ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ وَمَنْ نَزَعَ صَغَارَ كَافِرٍ من عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ في عُنُقِهِ فَقَدْ وَلَّى الْإِسْلَامَ ظَهْرَهُ قال فَسَمِعَ مِنِّي خَالِدُ بن مَعْدَانَ هذا الحديث فقال لي أَشُبَيْبٌ حَدَّثَك قُلْت نعم قال فإذا قَدِمْت فَسَلْهُ فَلِيَكْتُبْ إلَيَّ بِالْحَدِيثِ قال فَكَتَبَهُ له فلما قَدِمْت سَأَلَنِي خَالِدُ بن مَعْدَانَ الْقِرْطَاسَ فَأَعْطَيْته فلما قَرَأَهُ تَرَكَ ما في يده ( ( ( يديه ) ) ) من الْأَرَضِينَ حين سمع ذلك عُمَارَةُ مَجْهُولٌ تَفَرَّدَ عنه بَقِيَّةَ
____________________
(6/224)
وفي جَوَازِ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لِرَبِّهَا رِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَمَصْرِفُ خَرَاجٍ كَفَيْءٍ وَجَزَمَ بِهِ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ لافقتاره ( ( ( لافتقاره ) ) ) إلَى اجْتِهَادٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِهِ وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ وَالْغَنِيمَةَ لِمَصَالِحِ الْمَمْلَكَةِ لِأَنَّ بها يَجْتَمِعُ الْجُنْدُ على بَابِ السُّلْطَانِ فَيُنَفِّذُ أَوَامِرَ الشَّرْعِ ويحمى الْبَيْضَةَ وَيَمْنَعُ القوى من الضَّعِيفِ فَلَوْ فرقة غَيْرُهُ تَفَرَّقُوا أو زَالَتْ حِشْمَتُهُ وَطَمِعَ فيه فَجَرَّ ذلك إلَى الْفَسَادِ وَالْكُلَفِ التي تُطْلَبُ من الْبُلْدَانِ بِحَقٍّ أو غَيْرِهِ يَحْرُمُ تَوْفِيرُ بَعْضِهِمْ وَجَعْلُ قِسْطِهِ على غَيْرِهِ وَمَنْ قام فيها بِنِيَّةِ الْعَدْلِ وَتَقْلِيلِ الظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِلَّهِ فَكَالْمُجَاهَدِ في سَبِيلِ اللَّهِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا
قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ في كِتَابِ الدِّيوَانِ يَعْمَلُ بِمَا وَثَّقَ بِهِ من خَطِّ أُمَنَاءِ الْكُتَّابِ في الرُّسُومِ وَالْحُقُوقِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْمَعْهُودُ وَيَعْمَلُ في اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِمَّنْ وَجَبَ عليه بِإِقْرَارِ الْعَامِلِ يَقْبِضُهُ وَاَلَّذِي عليه الدَّوَاوِينُ أو بِخَطِّهِ الْمَعْرُوفِ وَاَلَّذِي عليه الْفُقَهَاءُ إنْ أَقَرَّ بِهِ وَإِلَّا لم يَلْزَمْهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ لَزِمَهُ ذلك اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لَا وَيَعْمَلُ في اسْتِيفَائِهِ من الْعَامِلِ إنْ كانت خَرَاجًا إلَى بَيْتِ الْمَالِ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ بَيْتِ الْمَالِ وَأَمَّا حَفِظَهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كانت خَرَاجًا في حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ فَبِتَوْقِيعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وهو حُجَّةٌ للعمل ( ( ( للعامل ) ) ) في جَوَازِ الدَّفْعِ
فَأَمَّا في الِاحْتِسَابِ بِهِ له فَاحْتِمَالَانِ ( * ) فَإِنْ شَكَّ كَاتِبُ الدِّيوَانِ في التَّوْقِيعِ عَرَضَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وفي جَوَازِ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لِرَبِّهَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قال الْقَاضِي أبو الْحَسَنِ في التَّمَامِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ هل يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ الْخَرَاجِ بِنَفْسِهِ على رِوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصُ منها يَجُوزُ ذلك انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا سِيَّمَا في هذه الْأَزْمِنَةِ وَكَلَامُهُمْ في كَوْنِ الْقَاضِي يلى جِبَايَتَهُ أولا يَلِيهَا يَدُلُّ على ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يُقَوِّي ذلك ما قَطَعَ بِهِ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمَتْنِ فإنه يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ أَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ بين الْكَلَامَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ مَصْرِفَ الخراح ( ( ( الخراج ) ) ) كَالْفَيْءِ مَحِلُّهَا قبل قَوْلِهِ وفي جَوَازُ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لِرَبِّهَا رِوَايَتَانِ وهو وَاضِحٌ
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وهو صاحب حُجَّةٌ لِلْعَامِلِ في جَوَازِ الدَّفْعِ فَأَمَّا في الِاحْتِسَابِ
____________________
1-
(6/225)
على الموقع فإن أنكره لم يحتسب به للعمل ثم إن أمكن العمل أن يرجع رجع وإن لم يمكنه فطلب يمين الموقع فإن أنكر صحة الخراج لم يحلف وإن علمه لم يحلف في عرف السلطنة بل في حكم القضاءومن ادعى دفع خراج ونفقة واحتج بتوقيع ولي الأمر فكما تقدم ويشترط أن لا يخرج من المال إلا ما علم صحته وأن لا يبتديء به حتى يستدعى منه كالشهادة
ويتوجه جواز الابتداء به والمستدعى لإخراج المال من نفذت توقيعاته فإذا وقع بإخراج مال لزم الأخذ به فإن استراب الموقع بإخراجه فله سؤاله من أين أخرجه ويطالبه بإحضار شواهد الدين به وإن لم يجز للحاكم أن يسأل الشاهد عن سبب شهادته كذا قال والأشهر خلافه فإن أحضرها ووقع في نفسه صحتها فلا ريبة وإن ذكر أنه أخرجها من حفظه لتقدم علمه بها فقوه معلول ويخير الموقع في قبوله منه ورده عليه وليس له إحلافه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
بِهِ له فَاحْتِمَالَانِ انْتَهَى هذا من تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
____________________
1-
(6/226)
بَابُ الْأَمَانِ
يَصِحُّ مُنْجَزًا وَمُعَلَّقًا من كل مُسْلِمٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ حتى عَبْدٍ أو أَسِيرٍ أو أُنْثَى نَصَّ على ذلك قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا إذَا عَرَفَ الْمَصْلَحَةَ فيه وَذَكَر غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ في الْمَرْأَةِ بِدُونِ هذا الشَّرْطِ وَعَنْهُ مُكَلَّفٌ وَقِيلَ يَصِحُّ لِلْأَسِيرِ من الْإِمَامِ وَقِيلَ وَالْأَمِيرُ بِمَا يَدُلُّ عليه من قَوْلٍ أو إشَارَةٍ فَقُمْ أو قِفْ أو أَلْقِ سِلَاحَك أَمَانٌ
كما لو أَمَّنَ يَدَهُ أبو بَعْضَهُ أو سَلَّمَ عليه أو لَا تَذْهَلْ أو لَا بَأْسَ وَقِيلَ كِنَايَةٌ فَإِنْ اعْتَقَدَهُ الْكَافِرُ أَمَانًا أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ وُجُوبًا وَكَذَا نَظَائِرُهُ قال أَحْمَدُ إذَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْأَمَانِ فَظَنَّهُ أَمَانًا فَهُوَ وَكُلُّ شَيْءٍ يَرَى الْعِلْجُ أَنَّهُ أَمَانٌ فَهُوَ أَمَانٌ وقال إذَا اشْتَرَاهُ لِيَقْتُلَهُ فَلَا يَقْتُلُهُ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ فَقَدْ آمَنَهُ
وَيَصِحُّ من الْإِمَامِ لِلْكُلِّ وَمِنْ الْأَمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بازائه وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِقَافِلَةٍ فَأَقَلُّ قِيلَ لِقَافِلَةٍ صَغِيرَةٍ وَحِصْنٍ صَغِيرٍ وَأُطْلِقَ في الرَّوْضَةِ لِحِصْنٍ أو بَلَدٍ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا أَنْ لَا يُجَارَ على الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقِيلَ لِمِائَةٍ ( م 1 )
وَيُقْبَلُ من عَدْلٍ إنِّي أَمَّنْته في الْأَصَحِّ كَإِخْبَارِهِمَا أَنَّهُمَا أَمَّنَاهُ كَالْمُرْضِعَةِ على (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْأَمَانِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِقَافِلَةٍ صَغِيرَةٍ وَحِصْنٍ صَغِيرٍ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ لِحِصْنٍ أو بَلَدٍ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا أَنْ لَا يُجَارَ على الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقِيلَ لِمِائَةٍ انْتَهَى
أُطْلِقَ الْخِلَافُ في مِقْدَارِ الْقَافِلَةِ وَالْحِصْنِ هل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ عُرْفًا أو مِائَةً
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ الْقَافِلَةَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
1-
(6/227)
فعلها وعند الآجري يصح لأهل الْحِصْنِ ولو ( ( ( مائة ) ) ) هموا ( ( ( فأقل ) ) ) بفتحه من عبد ( ( ( البنا ) ) ) أو امرأة أو أسير عندهم يروي من عمر وأنه قول فقهاء المسلمين سئل أبو داود لو أن أسيرا في عمورية نزل بهم المسلمون فأمن الأسير أهل القرية قال يرحلون عنهم
وَيَحْرُمُ الْأَمَانُ لِلْقَتْلِ وَالرِّقِّ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وفي التَّرْغِيبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ أَمَانُ امْرَأَةٍ عن الرِّقِّ
قال وَيُشْتَرَطُ لِلْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا وألا تَزِيدَ مُدَّتُهُ على عَشْرِ سِنِينَ وفي جَوَازِ إقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا هذه الْمُدَّةِ بِلَا جِزْيَةٍ وَجْهَانِ ( * ) وإذ أَمَّنَهُ سَرَى إلَى ما معه من أَهْلٍ وَمَالٍ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ أَمَّنْتُك نَفْسَك فَقَطْ
وَمَنْ جاء بِأَسِيرٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَمَّنَهُ قبل قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَعَنْهُ الْأَسِيرُ وَعَنْهُ يُعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ أَعْلَاجٌ اسْتَقْبَلُوا سَرِيَّةً دَخَلَتْ بَلَدَ الرُّومِ فَقَالُوا حئنا ( ( ( جئنا ) ) ) مُسْتَأْمَنِينَ قال في رِوَايَةِ أبي دَاوُد إنْ اسْتَدَلَّ بِشَيْءٍ قُلْت وَقَفُوا فلم يَبْرَحُوا ولم يُجَدِّدُوا بِسِلَاحٍ
فَرَأَى لهم الْأَمَانَ وَمَنْ أَسْلَمَ في حِصْنٍ أو فَتَحَهُ بِأَمَانٍ وَاشْتَبَهَ حُرِّمَ قَتْلُهُمْ نَصَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والحاويين وهو ( ( ( ورقهم ) ) ) الصواب
والقول الثاني وهو اشتراط كون ( ( ( يخرج ) ) ) القافلة أو الحصن ( ( ( اشتبه ) ) ) مائة فأقل ( ( ( لزمه ) ) ) اختاره ( ( ( قود ) ) ) ابن البنا ( ( ( قود ) ) )
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ قال في التَّرْغِيبِ يُشْتَرَطُ لِلْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ على عَشْرِ سِنِينَ وفي جَوَازِ إقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا هذه الْمُدَّةَ بِلَا جِزْيَةَ وَجْهَانِ انْتَهَى
الظَّاهِرُ أَنَّ هذا من تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ بَلْ هو الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قال بَعْدَ ذلك بِأَسْطُرٍ وَيُعْقَدُ لِرَسُولٍ وَمُسْتَأْمَنٍ وَلَا جِزْيَةَ مُدَّةَ الأمن ( ( ( الأمان ) ) ) نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى إنْ أَقَامَ سَنَةً وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى
وَلَعَلَّ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ خَصَّ ذلك بِعَشْرِ سِنِينَ وَعَلَى كل حَالٍ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا
____________________
1-
(6/228)
عليه ورقهم وعند أبي بكر وصاحب التبصرة يخرج واحد بقرعة ويرق الباقي ويتوجه مثل المسألة لو نسي أو اشتبه من لزمه قود فلا قود وفي الدية بقرعة الخلاف ويعقد لرسول ومستأمن ولا جزية مدة الأمان نص عليه وقال أيضا وذلك إذا أمنه الإمام وقيل بلى إن أقام سنة واختاره شيخنا
وَمَنْ جَاءَنَا وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أو تَاجِرٌ وَصَدَقْته عَادَةً قُبِلَ وَإِلَّا فَكَأَسِيرٍ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إنْ لم يُعْرَفْ بِتِجَارَةٍ ولم يُشْبِهْهُمْ وَمَعَهُ آله حَرْبٍ لم يُقْتَلْ وَحُبِسَ وَإِنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ أو حَمَلَتْهُ رِيحٌ في مَرْكَبٍ أو شَرَدَ دَابَّةٌ فَلِمَنْ أَخَذَهُ وَعَنْهُ فَيْءٌ وَنَقَلَ ابن هانىء إنْ دخل قَرْيَةً وَأَخَذُوهُ فَهُوَ لِأَهْلِهَا
وَيَحْرُمُ دُخُولُهُ إلَيْنَا بِلَا إذْنٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ رَسُولًا وَتَاجِرًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وفي التَّرْغِيبِ دُخُولُهُ لِسِفَارَةٍ أو لِسَمَاعِ قُرْآنٍ أَمْنٌ بِلَا عَقْدٍ لَا لِتِجَارَةٍ على الْأَصَحِّ فيها بِلَا عَادَةٍ نَقَلَ حَرْبٌ في غُزَاةٍ في الْبَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا تَقْصِدُ بَعْضَ الْبِلَادِ لم يَعْرِضُوا لهم
وَيُنْتَقَضُ الْأَمَانُ بِرِدَّةٍ وَبِالْخِيَانَةِ وَإِنْ أَوْدَعَ أو أَقْرَضَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْلِمًا مَالًا أو تَرَكَهُ وَعَادَ لِإِقَامَتِهِ بِدَارِ حَرْبٍ أو انْتَقَضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ يَبْقَى أَمَانُ مَالِهِ وَقِيلَ يُنْتَقَضُ وَيَصِيرُ فَيْئًا وَعَنْهُ في الذِّمِّيِّ وَمَتَى لم يَنْتَقِضْ فَطَلَبَهُ أُعْطِيَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ فَإِنْ عَدِمَ فَفَيْءٌ وَلَوْ أُسِرَ وَاسْتُرِقَّ فَقِيلَ صَارَ فَيْئًا وَالْأَشْهَرُ يُوقَفُ ( م 2 )
فَإِنْ عَتَقَ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَفَيْءٌ وَقِيلَ لِوَارِثِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ كُفَّارٌ أَسِيرَنَا بِشَرْطِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ أَبَدًا أو مُدَّةً مُعَيَّنَةً أو يَرْجِعُ إلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَهْرُبُ وَإِنْ لم يَشْرُطُوا وَأَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ لَا الْخِيَانَةُ وَيَرُدُّ ما أَخَذَ وَإِنْ لم يَأْمَنُوهُ فَلَهُ الْأَمْرَانِ وَقَتَلَهُمْ نَصَّ على ذلك قال أَحْمَدُ إذَا أَطْلَقُوهُ فَقَدْ أَمَّنُوهُ وقال إذَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَمَتَى لم يُنْتَقَضْ فَطَلَبَهُ أُعْطِيَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ فَإِنْ عَدِمَ فَفَيْءٌ وَلَوْ أُسِرَ وَاسْتُرِقَّ فَقِيلَ صَارَ فَيْئًا وَالْأَشْهَرُ يُوقَفُ انْتَهَى
الْأَشْهَرُ هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ
____________________
1-
(6/229)
علم ( ( ( فهاتان ) ) ) أنهم ( ( ( مسألتان ) ) ) أمنوه فلا قيل له إنه مطلق قال قد يكون يطلق ولا يأمنونه إذا علم أنهم أمنوه فلا يقتل وقيل له أيضا الأسير يمكنه أن يقتل منهم يجد غفلة قال إن لم يخف أن يفطنوا به
وقيل له يسرق ممن حبس معه قال إذا كانوا يأمنونه فلا وإن شرطوا مالا باختياره بعثه فإن عجز لزمه العود نص عليهما وعنه يحرم كامرأة لخوف فتنتها فيتوجه منه أنه يبدأ بفداء جاهل للخوف عليه ويتوجه عالم لشرفه وحاجتنا إليه وكثرة الضرر بفتنته وذكر الآجري عن ( ش ) وأحمد إن صالحهم على مال مختارا ينبغي أن يفي لهم به قال أحمد لو قال الأسير لعلج أخرجني إلى بلادي وأعطيك كذا وفى له
ولو جاء العلج بأسير على أن يفادى بنفسه فلم يجد قال يفديه المسلمون إن لم يفد من بيت المال ولا يرد قال أحمد والخيل أهون من السلاح ولا يبعث السلاح قال ولو خرج الحربي بأمان ومعه مسلمة يطلب بنته فلم يجدها لم ترد المسلمة معه ويرضى ويرد الرجل
____________________
(6/230)
بَابُ الْهُدْنَةِ
لَا تَصِحُّ إلَّا من إمَامٍ أو نَائِبِهِ وفي التَّرْغِيبِ لِآحَادِ الْوُلَاةِ عَقْدُهُ مع أَهْلِ قَرْيَةٍ وَلَا يَصِحُّ إلَّا حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَازِمَةً قال شَيْخُنَا وَجَائِزَةٌ وَعَنْهُ عَشْرُ سِنِينَ وَإِنْ زَادَ فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَبِمَالٍ مِنَّا لِضَرُورَةٍ وفي الْفُنُونِ لِضَعْفِنَا مع الْمَصْلَحَةِ
وَقَالَهُ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ لِحَاجَةٍ وَكَذَا قَالَهُ أبو يَعْلَى في الْخِلَافِ في الْمُؤَلَّفَةِ وَاحْتَجَّ بِعَزْمِهِ عليه السَّلَامُ على بَذْلِ شَطْرِ نَخْلِ الْمَدِينَةِ
وفي الْإِرْشَادِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُحَرَّرِ يَجُوزُ مع الْمَنْعِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ { فَسِيحُوا في الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } التوبة 2 وَقِيلَ دُونَ عَامٍ وأن قال هَادَنْتُكُمْ ما شِئْنَا أو شَاءَ فُلَانٌ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ نُقِرُّكُمْ ما أَقَرَّكُمْ اللَّهُ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّتَهُ أَيْضًا وَأَنَّ مَعْنَاهُ ما شِئْنَا وَصِحَّتُهَا مُطْلَقَةٌ لَكِنْ جَائِزَةٌ وَيُعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِنَبْذِ الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ وَإِتْمَامِ الْمُوَقَّتَةِ ( 5 ) إلَّا بِسَبَبٍ وَكَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في الموقته وقال كان بين النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ لَا يُصَدُّ أَحَدٌ عن الْبَيْتِ وَلَا يَخَافُ في الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَجَعَلَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْأَمَانَ لِلْحُجَّاجِ لم يَكُنْ بِعَهْدٍ وَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ خَاصَّةٌ بِالْمُعَاهَدِ وَالْمَنْعَ عن الْبَيْتِ عَامٌّ
وَالْقَتْلُ في الشَّهْرِ الْحَرَامِ حُرِّمَ في الْبَقَرَةِ وفي نسخة نِزَاعٌ فَإِنْ قِيلَ نُسِخَ فَلَيْسَ في آيَةِ الْبَرَاءَةِ ما يَدُلُّ على نَسْخِهِ وَتَحْرِيمُهُ كان عَامًّا وَلَا عَهْدَ قبل الْحُدَيْبِيَةِ وَلِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِمَّنْ تَبْرَأَ إلَيْهِمْ من عَاهَدَهُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَيَحْرُمُ قِتَالُهُمْ في شَهْرٍ حَرَامٍ وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ ما أَبَاحَهُ هو الْقِتَالُ فيه وَأَخَذَ صَاحِبُ الهدى من قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ نُقِرّكُمْ ما أَقَرَّكُمْ اللَّهُ جَوَازَ إجْلَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ من دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا استغنى عَنْهُمْ وَأَجَلَاهُمْ عمربعد مَوْتِهِ وَإِنَّ هذا مَذْهَبُ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَإِنَّهُ قَوْلٌ يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهِ لِلْمَصْلَحَةِ قال وَلَا يُقَالُ لم يَكُنْ أَهْلُ خَيْبَرَ أَهْلَ ذِمَّةٍ بَلْ أَهْلَ هُدْنَةٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ لَكِنْ لو لم يَكُنْ فَرْضُ الْجِزْيَةِ نَزَلَ
____________________
(6/231)
وقال في الْكَلَامِ على قِصَّةِ هَوَازِنَ فيها دَلِيلٌ على أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا جَعَلَا بَيْنَهُمَا أَجَلًا غير مَحْدُودٍ جَازَ وهو رِوَايَةٌ في الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ وَإِنْ شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أو إدْخَالَهُمْ الْحَرَمَ أو إعْطَاءَ سِلَاحٍ أو رَدَّ مُسْلِمٍ صَبِيٍّ أو امْرَأَةٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ أو رَدَّ مَهْرِهَا وَنَحْوَ ذلك فَشَرْطٌ فَاسِدٌ وفي فَسَادِ عَقْدِهَا وَعَقْدِ ذِمَّةٍ بِهِ وَجْهَانِ ( م 1 و 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْهُدْنَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 و 2 قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أو إدْخَالَهُمْ الْحَرَمَ أو إعْطَاءَ سِلَاحٍ أو رَدَّ مُسْلِمٍ صَبِيٍّ أو امْرَأَةٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ أو رَدَّ مَهْرِهَا وَنَحْوَ ذلك فَشَرْطٌ فَاسِدٌ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وفي فَسَادِ عَقْدِهَا وَعَقْدِ ذِمَّةٍ يه وَجْهَانِ انْتَهَى
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 الْهُدْنَةُ إذَا شَرَطَ فيها ما ذَكَرَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُغْنِي وَالْهِدَايَةِ وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ منجا وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً على الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ في الْبَيْعِ قال الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ إلَّا فِيمَا إذَا شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْعَقْدِ في الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ في الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 عَقْدُ الذِّمَّةِ إذَا وَقَعَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ أو بَعْضِهَا وَالْحُكْمُ فيه كَالْحُكْمِ في عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وفي لُزُومِ مُسْلِمٍ تَزَوَّجَهَا رَدُّ مَهْرِهَا الذي كان دَفَعَهُ إلَيْهَا زَوْجٌ كَافِرٌ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
هذا من تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَلِهَذَا عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ولم يُسْتَدَلَّ بِشَيْءٍ
____________________
1-
(6/232)
وفي المبهج رواية يرد مهر من شرط ردها مسلمة ونصرة لا يلزم كما لو لم يشترط ذكر ذلك آخر الجهاد في فصل أرض العنوة والصلح وقال قبيل كتاب الجزية نقل جعفر المرأة منهم تجيء إلينا اليوم مسلمة ى يرد على زوجها المهر فإن ذلك كان حينئذ
ولا ترد المرأة والظاهر أنه سقط لا قال شيخنا رد المال الذي هو عوض عن رد المرأة الشروط ردها منسوخ أما رده نفسه فلا ناسخ له ولو لم تبق امرأة يشرط ردها فلا يرد مهرها لعدم سببه فإن وجد سببه هو إفساد النكاح فالآية دلت عليه ولم يفسخ وفي لزوم مسلم تزوجها رد مهرها الذي كان دفعه إليها زوج كان إليه روايتان ( م 1 ) ولم يستدل بشيء وقدم الانتصار رد المهر مطلقا إن جاء بعد العدة وإلا ردت إليه ثم ادعى نسخه وأن نص أحمد لا يرده ويجوز شرط رد رجل مسلم لحاجة ولا يمنعه منهم ولا يجبره ويأمره شرا بقتال وفرار وفي الترغيب يعرض له أن لا يرجع ويلزمنا حمايتهم من مسلم وذمي فقط فلو أخذهم أو أخذ مالهم غيرهما حرم أخذنا ذلك في الأصح
وذكر شيخنا رواية منصوصة لنا شراؤهم من سابيهم ( و 5 ) ولنا شراء ولدهم وأهلهم منهم كحرب وعنه يحرم كذمة وذكر جماعة إن قهر حربي ولده ورحمه على نفسه وباعه من مسلم وكافر فقيل يصح البيع نقل الشالنجي لا بأس فإن دخل بأمان لم يشتر وقيل لا يصح وإنما يملكه بتوصله بعوض وإن لم يكن صحيحا كدخوله بغير أمان فيرابيهم نص عليه والمسألة مبنية على العتق على الحربي بالرحم هل يحصل أم لا لأنه من حكم الإسلام
وإن سبى بعضهم ولد بعض وأباه صح قيل لشيخنا عن سبي ملطية مسلميها ونصاراهم فحرم مال المسلمين وأباح سبي النصارى وذريتهم ومالهم كسائر الكافر لأنه لا ذمة لهم ولا عهد لأنهم نقضوا عهدهم السابق من الأئمة بالمحاربة وقطع الطريق وما فيه غضاضة علينا والإعانة على ذلك ولا يعقد لهم إلا من يقاتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وهؤلاء التتر لا يقاتلونهم على
____________________
(6/233)
ذلك بل بعد إسلامهم لا يقاتلون الناس على الإسلام
ولهذا وجب قتال التتر حتى يلتزموا شرائع الإسلام منها الجهاد وإلزام أهل الذمة بالجزية والصغار ونواب التتر الذي يسمون الملوك لا يجاهدون على الإسلام وهم تحت حكم التتر قال ونصارى ملطية وأرض المشرق ويهودهم لو كان لهم ذمة وعهد من ملك مسلم يجاهدون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية كأهل المغرب واليمن ثم لم يعاملوا أهل مصر والشام معاملة أهل العهد جاز لأهل مصر والشام غزوهم واستباحة دمهم ومالهم لأن أبا جندل وأبا بصير حاربوا أهل مكة مع أن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهدا قال وهذا باتفاق الأئمة لأن العهد والذمة إنما يكون من الجانبين وإن اشتبه أن ما أخذ من كافر بمسلم فينبغي الكف ويتوجه يحرم كما قاله شيخنا في سبي مشتبه يحرم استرقاقه قال ومن كسب شيئا فادعاه رجل وأخذه فللأول على الثاني ما غرمه عليه من نفقة وغيرها إن لم يعرفه ملك الغير أو عرف وأنفق غير متبرع
وإن خاف نقضهم العهد جاز نبذه إليهم بخلاف ذمة ويجب إعلامهم قبل الإغارة وفي الترغيب إن صدر منهم خيانة فإن علموا أنها خيانة اغتالهم وإلا فوجهان
وفي كتاب الهدى لبعض أصحابنا المتأخرين عن سبب الفتح وهو مساعدة قريش لحلفائهم بني بكر بن عبد مناة بن كنانة على خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها إن أهل العهد إذا حاربوا من في ذمة الإمام وعهده صاروا حربا نابذين لعهده وله أن يبيتهم وإنما يعلمهم إذا خاف منهم الخيانة وأنه ينتقض عهد الجميع إذا لم ينكروا وينتقض عهد نساء وذرية تباعا لهم وفي جَوَازِ قَتْلِ رَهَائِنِهِمْ بِقَتْلِهِمْ رَهَائِنَنَا رِوَايَتَانِ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وفي جَوَازِ قَتْلِ رَهَائِنِهِمْ بِقَتْلِهِمْ رَهَائِنَنَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
1-
(6/234)
ومتى مات إمام أو عزل لزم من بعده الوفاء بعقده ( م ) لأنه عقده باجتهاد فلا ينتقض باجتهاد غيره وقد جوز ابن عقيل وغيره نقض ما عقدة بعض الخلفاء الأربعة نحو صلح بني تغلب لاختلاف المصالح باختلاف الأزمنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/235)
بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ
يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَّا من إمَامٍ وَنَائِبِهِ وَقِيلَ وَكُلُّ مُسْلِمٍ لِمَنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ وَالْتَزَمَ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ من أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَمَنْ تَدَيَّنَ بِهِمَا كَسَامِرَةَ وَفِرِنْجٍ وصائبة ( ( ( وصابئة ) ) ) وَهُمْ نَصَارَى وَرُوِيَ أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا فَمِنْ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْمَجُوسُ لَا كِتَابَ لهم فَيَجِبُ ما لم يَخَفْ غَائِلَةً وَعَنْهُ وَكُلُّ كَافِرٍ غَيْرِ وَثَنِيٍّ من الْعَرَبِ وَصَرِيحُهَا أو ظَاهِرُهَا وَيُقَرُّ على عَمَلِ كُفْرٍ وَعِبَادَةٍ وفي الْفُنُونِ لم أَجِدْ أَصْحَابَنَا ذَكَرُوا أَنَّ الْوَثَنِيَّ يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ قال وَوُجِدَتْ رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ أبي سَعِيدٍ الْبَرَدَانِيِّ أَنَّ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ يُقَرُّونَ بِجِزْيَةٍ فَيُعْطِي هذا أَنَّهُمْ يُقَرُّونَ على عَمَلِ أَصْنَامٍ يَعْبُدُونَهَا في بُيُوتِهِمْ ولم يُسْمَعْ بِذَلِكَ في سِيرَةٍ من سِيَرِ السَّلَفِ وَمَعَاذَ اللَّهِ إذَا قُلْنَا بِتَرْكِهِمْ أَنْ نُمَكِّنَهُمْ من عِبَادَةِ وَثَنٍ أو عَمَلِ صَنَمٍ وَلَا أَعْرِفُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلِيلًا وَاخْتَارَ شَيْخُنَا في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ أَخْذَهَا من الْكُلِّ حتى ( ( ( وأنه ) ) ) أنه لم يَبْقَ أَحَدٌ من مُشْرِكِي الْعَرَبِ بَعْدَ نُزُولِ الْجِزْيَةِ بَلْ كَانُوا أَسْلَمُوا
وقال في الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ من أَخَذَهَا من الْجَمِيعِ أو سَوَّى بين الْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وقد أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ في آيَاتٍ ولم يَقُلْ حتى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَخَبَرُ بُرَيْدَةَ فيه وإذا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ وَلَا حُصُونَ لِلْمُشْرِكِينَ ولم يَدَعْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَحَدًا منهم إلَيْهَا وَهِيَ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ عَامَ تَبُوكَ آخِرَ مَغَازِيهِ قَيَّدَهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ من لم يَقْبَلْ الْجِزْيَةَ من أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَاخْتَارَ دِينَ الْآخَرَ لَا يُقْبَلُ منه
وَصِيغَةُ الْعَقْدِ أَقْرَرْتُكُمْ بِالْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ أو يَبْذُلُونَ ذلك فيقول أَقْرَرْتُكُمْ على ذلك أو نَحْوَهُمَا وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فيه ذِكْرُ قَدْرِ الْجِزْيَةِ وفي ذِكْرِ الِاسْتِسْلَامِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ
وَإِنْ نقل ( ( ( انتقل ) ) ) غَيْرُ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ إلَى دِينِهِمَا قبل الْبَعْثَةِ فَلَهُ حُكْمُهُمَا وَكَذَا بَعْدَهَا وَعَنْهُ إنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ وَعَنْهُ إنْ تَمَجَّسَ وفي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ قيل الْبَعْثَةِ بَعْدَ التَّبْدِيلِ كَبَعْدِ الْبَعْثَةِ وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ
____________________
(6/237)
وَلَوْ قبل التَّبْدِيلِ
وَإِنْ انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ أو مَجُوسِيٌّ إلَى غَيْرِ دِينِهِ فَعَنْهُ إنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ وَعَنْهُ وَيُقَرُّ بِدِينِهِ الْأَوَّلِ وَعَنْهُ يُقَرُّ بِأَفْضَلَ منه كَمَجُوسِيٍّ تَهَوَّدَ وفي الْوَسِيلَةِ وَجْهٌ أو يَهُودِيٌّ تَنَصَّرَ وقال شَيْخُنَا اتَّفَقُوا على التَّسْوِيَةِ بين الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِتَقَابُلِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا قال وَيُسَمُّونَ بِهِمَا قبل نَسْخٍ وَتَبْدِيلٍ وَمُؤْمِنِينَ مُسْلِمِينَ قال وَإِنْ اشْتَرَى الْيَهُودُ نَصْرَانِيًّا فَجَعَلُوهُ يَهُودِيًّا عُزِّرُوا على جَعْلِهِ يَهُودِيًّا وَلَا يَكُونُ إلَّا مُسْلِمًا وَعَنْهُ يُقَرُّ بِدِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عليه وَعَنْهُ إنْ لم يَكُنْ دُونَ الْأَوَّلِ ( م 1 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ
مَسْأَلَةٌ 1 4 قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ أو مَجُوسِيٌّ إلَى غَيْرِ دِينِهِ فَعَنْهُ إنْ لم يُسْلَمْ قُتِلَ وَعَنْهُ وَيُقَرُّ بِدِينِهِ الْأَوَّلِ وَعَنْهُ يُقَرُّ بِأَفْضَلَ منه كَمَجُوسِيٍّ تَهَوَّدَ وَعَنْهُ يُقَرُّ بِدِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عليه وَعَنْهُ إنْ لم يَكُنْ دُونَ الْأَوَّلِ انْتَهَى
في ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 إذَا انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ إلَى دِينٍ كِتَابِيٍّ مِثْلَ أَنْ يَتَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أو ينتصر ( ( ( يتنصر ) ) ) يَهُودِيٌّ فَهَلْ يُقَرُّ مُطْلَقًا أو يُقَرُّ على ما هو أَفْضَلُ من دِينِهِ أو لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ أو لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه في رِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ وهو احْتِمَالٌ في الْمُقْنِعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُقَرُّ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ يُقَرُّ على أَفْضَلِ من دِينِهِ كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ في وَجْهٍ في الْوَسِيلَةِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اتَّفَقُوا على التَّسْوِيَةِ بين الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِتَقَابُلِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا
____________________
1-
(6/238)
وعلى غير الأولى متى لم يقر وأصر عليه فإن كان دون الأول قتل وفي (1) (1) (1) (1) (1) (1) قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ أَفْضَلُ من دِينِ الْيَهُودِيَّةِ الْآنَ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 إذَا انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إلَى دِينٍ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهَلْ يُقَرُّ على دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عليه كما لو تَمَجَّسَ أو لَا يُقَرُّ مُطْلَقًا فيه رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يُقَرُّ وهو الصَّحِيحُ نَصَّ عليه قال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَقَطَعَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُقَرُّ على دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عليه وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الإسلام ( ( ( إسلام ) ) ) أو السَّيْفُ وهو الصَّحِيحُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه وَعَنْهُ يُقْبَلُ من أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذى كان عليه أو دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنَّفِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3 إذَا انْتَقَلَ مَجُوسِيٌّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهَلْ يُقَرُّ أَمْ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه فيه رِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ يُقَرُّ عليه وهو الصَّحِيحُ نَصَّ عليه قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُقْنِعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
قُلْت يَنْبَغِي على الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنْ يُقْبَلَ منه الدَّيْنُ الذي انْتَقَلَ إلَيْهِ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا منه الدَّيْنَ الذي كان عليه فلأن ( ( ( فلئن ) ) ) نَقْبَلَ منه الدِّينَ الذي انْتَقَلَ إلَيْهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَى من دِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 4 إذَا انْتَقَلَ مَجُوسِيٌّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لم يُقَرَّ وَهَلْ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ أو لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو دِينُهُ أو لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ فيه رِوَايَاتٌ
____________________
1-
(6/239)
اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) وإلا ضرب وحبس
وَمَنْ جُهِلَتْ حَالُهُ وَادَّعَى أَحَدَ الْكِتَابَيْنِ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُ في الْأَصَحِّ وَعَنْهُ وَتَحِلُّ منا كحته وَذَبِيحَتُهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِتَهَوُّدٍ أو تَنَصَّرَ مُتَجَدِّدٍ وَإِنْ كَذَّبَ نَصْرَانِيٌّ بِمُوسَى خَرَجَ من النَّصْرَانِيَّةِ لتكذبيه ( ( ( لتكذيبه ) ) ) عِيسَى ولم يُقَرَّ لَا يَهُودِيٌّ بِعِيسَى وَإِنْ تَزَنْدَقَ ذِمِّيٌّ لم يُقْتَلْ لِأَجْلِ الْجِزْيَةِ نَقَلَهُ عنه ابن هانىء
وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ لِكُلِّ حَوْلٍ في آخِرِهِ وَيَمْتَهِنُونَ عِنْدَهُ وَلَا يُقْبَلُ إرْسَالُهَا لِزَوَالِ الصِّغَارِ كما لَا يَجُوزُ تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ وَلَا تَتَدَاخَلُ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهِ وَلَا يَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ قال أَصْحَابُنَا لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ نَقْضَ الْأَمَانَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ من الْعِوَضِ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ يَصِحُّ وَيَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إحداهن لا يقبل منه إلا الإسلام فقط وهو الصحيح اختاره الخلال وصاحبه وجزم به في المقنع وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين والمغني ذكره عند قول الخرقي وإذا تزوج كتابية فانتقلت إلى دين آخر
والرواية الثانية لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه
والرواية الثالثة لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه كان عليه أو دين أهل الكتاب وأطلقهن في الشرح
تنبيه ظهر مما تقدم أن في إطلاق المصنف في بعض المسائل نظرا كما ترى وأن ظاهر كلامه يشمل ما لو انتقل إلى دين غير دين أهل الكتاب والمجوس وليس الأمر كذلك والله أعلم
مسألة 5 قوله وعلى غير الأولى متى لم يقر وأصر عليه فإن كان دون الأول قتل وفي استتابته وجهان انتهى وأطلقهما في المغني والشرح
أحدهما يستتاب وهو الصواب
والوجه الثاني يقتل من غير استتابة وهو ضعيف
____________________
1-
(6/240)
من الْمُقِلِّ دِينَارًا أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا أو الْقِيمَةَ نَصَّ عليه لِتَغْلِيبِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فيها قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالْمَنَافِعُ وَنِصْفُ صَاعٍ جَيِّدٍ عن صَاعٍ وَسَطٍ وَالْمُتَوَسِّطُ مِثْلَاهُ وَالْغَنِيُّ عُرْفًا وَقِيلَ من مَلَكَ نِصَابًا وَحَكَى رِوَايَةً وَعَنْهُ من مَلَكَ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ مَثَلًا الْمُتَوَسِّطُ كَذَا وَظَّفَهُ عُمَرُ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ تَغْيِيرِهِ
وفي الْخَرَاجِ عنه خَلَفٌ وَلَهُ أَنْ يَشْرُطَ عليهم ضِيَافَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَوَابِّهِمْ وفي اعْتِبَارِ بَيَانِ قَدْرِهَا وَأَيَّامِهَا وَالِاكْتِفَاءِ بها عن الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ ( م 6 و 7 ) وَقِيلَ تَجِبُ بِلَا شَرْطٍ وَمَتَى بَذَلُوا الْوَاجِبَ حُرِّمَ التَّعَرُّضُ بِقَتْلٍ أو أَخْذِ مَالٍ وَيَلْزَمُ دَفْعُ قَاصِدِهِمْ بِأَذًى وَلَا مَطْمَعَ في الذَّبِّ عَمَّنْ بِدَارِ حَرْبٍ قال في التَّرْغِيبِ وَالْمُنْفَرِدُونَ بِبَلَدٍ غَيْرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 6 و 7 قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَشْرُطَ عليهم ضِيَافَةَ الملسمين ( ( ( المسلمين ) ) ) وَدَوَابَّهُمْ وفي اعْتِبَارِ بَيَانِ قَدْرِهَا وَأَيَّامِهَا وَالِاكْتِفَاءُ بها عن الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 هل يُعْتَبَرُ بَيَانُ قَدْرِ الضِّيَافَةِ وَأَيَّامِهَا أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ ذلك فَلَا بُدَّ من ذِكْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمتسوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ إطْلَاقُ ذلك كُلِّهِ وَيُرْجَعُ فيه إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وهو الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ في الْكَافِي قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ شَرَطَ الضِّيَافَةَ مطقا صَحَّ في الظَّاهِرِ قال أبو بَكْرٍ إذَا أَطْلَقَ مُدَّةَ الضِّيَافَةِ فَالْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّ ذلك الْوَاجِبَ على الْمُسْلِمِينَ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 هل يكتفي بها عن الْجِزْيَةِ أم لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ
أَحَدُهُمَا يكتفي بها وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَنَصَرَهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهَا أَقَلَّ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا الْجِزْيَةُ مُقَدَّرَةُ الْأَقَلِّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يكتفي بِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عليه وَبِهِ قَطَعَ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
1-
(6/241)
متصل ببلدنا يجب ذب أهل الحرب عنهم على الأشبه ولو شرطنا أن لا نذب عنهم لم يصح
وَلَا تَلْزَمُ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَزَمِنًا وَأَعْمَى وشيخنا ( ( ( وشيخا ) ) ) فَانِيًا وَرَاهِبًا بِصَوْمَعَةٍ وَفِيهِ وَجْهٌ وَلَا يَبْقَى بيده مَالٌ إلَّا بُلْغَتُهُ فَقَطْ وَيُؤْخَذُ ما بيده قَالَهُ شَيْخُنَا قال وَيُؤْخَذُ منهم مَالَنَا كَالرِّزْقِ الذي لِلدُّيُورَةِ والمرزارع ( ( ( والمزارع ) ) ) وإجماعا ( ( ( إجماعا ) ) ) قال وَيَجِبُ ذلك قال وَمَنْ له تِجَارَةٌ أو زِرَاعَةٌ وهو مُخَالِطٌ أو مُعَاوِنُهُمْ على دِينِهِمْ كَمَنْ يَدْعُو إلَيْهِ من رَاهِبٍ وَغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ إجْمَاعًا وَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا تَلْزَمُ عَبْدًا وَعَنْهُ لِمُسْلِمٍ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وفي التَّبْصِرَةِ عن الْخِرَقِيِّ تَلْزَمُ عَبْدًا مُسْلِمًا عن عَبْدِهِ
قال أَحْمَدُ وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ وَتَلْزَمُ مُعْتَقًا بَعْضُهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وفي ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ( م 8 ) لَا فَقِيرًا عَاجِزًا عنها وَفِيهِ احْتِمَالٌ كَمُعْتَمَلٍ على الْأَصَحِّ وفي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ ( م 9 ) فَإِنْ بَانَ رَجُلًا فَلِلْمُسْتَقْبِلِ وَيَتَوَجَّهُ وَلِلْمَاضِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وفي ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ انْتَهَى
إحْدَاهُمَا تَجِبُ عليه الْجِزْيَةُ وهو الصَّحِيحُ قال الزَّرْكَشِيّ هذا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ قال الشيخت الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وإذا عَتَقَ لَزِمَتْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ سَوَاءٌ كان مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا هذا الصَّحِيحُ عن أَحْمَدَ انْتَهَى وقال في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ صَارَ أَهْلًا لها في آخَرِ الْحَوْلِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا جِزْيَةَ عليه قال الْخَلَّالُ هذا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عنه وَأَوْجَبَهَا
تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّوَايَتَيْنِ في الذِّمِّيِّ إذَا أَعْتَقَهُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك بِأَرْبَعَةِ سُطُورٌ وَعَنْهُ لَا جِزْيَةَ على عَتِيقٍ مُسْلِمٍ وَالظَّاهِرُ أنها هِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَوَّلًا فَيَحْصُلُ في الْكَلَامِ نَظَرٌ لِكَوْنِهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ثُمَّ يحكى رِوَايَةً بِعَدَمِ الْجِزْيَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لُزُومُ الْجِزْيَةِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ فَحَصَلَ خَلَلٌ من جِهَةِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وفي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ عليه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ في الْكَافِي وَالْحَاوِي
____________________
1-
(6/242)
فإن بذلتها امرأة لدخول دارنا مكنت مجانا
ومن صار أهلا بآخر حول أخذ منه بقسطه بالعقد الأول وقيل يخير بينه وبين لحوق بمأمنه وعنه لا جزية على عتيق مسلم وعنه عتيق ذمي جزم به في الروضة ويلفق مع إفاقة مجنون حول ثم تؤخذ وقيل في آخره بقدرها مكعتق بعضه وقيل يعتبر الغالب وقيل فيمن لاينضبط أمره فقط وإن طرأ المانع بعد الحول لم تسقط في الأصح إلا بالإسلام
نص عليه وأنه يدخل في قوله من أسلم على شيء فهو له لأنها عقوبة لا أجرة عن السكنى وفي الفنون أنها عقوبة وأن بقاء النفس مع الذل ليس بغنيمة عند العقلاء ومن عد الحياة مع الذل نعمة فقد أخطأ طريق الإصابة وفي الفنون أيضا عن القول بأنها عوض عن كف الأذى لا بأس به
وفي الإيضاح لا تسقط بإسلام ومنع في الانتصار وجوبها وأنها مراعاة وان الخراج يسقط نص عليه وإن طرأ في أثنائه سقطت وقيل يجب بقسطه وإن تولى إمام فعرف ما عليهم أو قامت به بينة أو ظهر واعتبر في المتسوعب ثبوته أقرهم فإن جهله فقيل يعمل بقولهم وله تحليفهم فإن بان نقص أخذه وقيل يعقدها باجتهاده ( م 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الْكَبِيرِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وهو ضَعِيفٌ
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وإذا تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ ما عليهم أو ما قَامَتْ بَيِّنَةٌ أو ظَهَرَ أَقَرَّهُمْ
____________________
1-
(6/243)
ويؤخذ عوض الجزية زكاتان من أموال بني تغلب مما تجب فيه زكاة حتى ممن لا تلزمه جزية وفيه وجه اختاره الشيخ وليس للإمام تغييره لأن عقد الذمة مؤبد وقد عقدة عمر معهم هكذا واختار ابن عقيل يجوز لاختلاف باختلاف المصلحة الأزمنة ن وجعله جماعة كتغيير خراج وجزية وقاله شيخنا وكلام الشيخ وغيره يقتضي الفرق وسبق ما يدل عليه
وذكره هو وغيره احتمالا بقبولها إذا بذلها جزم في الخلاف بالفرق وبأن فيه نظرا وبأن هذا لزمهم برضاهم ولم يرضوا بالزيادة عليه بخلاف الخراج فإنهم ألزموا به وإن لم يرضوا وقيل تقبل الجزية منهم للآية وكحربي لم يدخل في الصلح ومصرفه كجزية لقول أحمد في رواية محمد بن موسى تضاعف عليهم الجزية وعنه كزكاة لقوله في رواية ابن القاسم إنما هي الزكاة الصغير والكبير سواء
وقاله أبو الخطاب وغيره فدل أنها تؤخذ ممن لا جزية عليه إن قيل هي زكاة وإلا فلا وهو أظهر ويلحق بهم من تنصر من تنوخ وبهراء أو تهود من كنانة وحمير أو تمجس من بنى تميم وذكره جماعة وقيل لا واختاره الشيخ وحكاه نص أحمد وللإمام المصالحة مثلهم لمن خشي ضرره بشوكته من العرب وأباها إلا باسم الصدقة مضعفة نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فَإِنْ جَهِلَهُ فَقِيلَ يعلم ( ( ( يعمل ) ) ) بِقَوْلِهِمْ وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ فَإِنْ بَانَ نَقْصٌ أَخَذَهُ وَقِيلَ يَعْقِدُهَا بِاجْتِهَادِهِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ وهو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يستآنف الْعَقْدَ مَعَهُمْ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ فقال في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عَقَدَ الذِّمَّةِ مَعَهُمْ على ما يُؤَدِّي اجْتِهَادُهُ انْتَهَى
____________________
1-
(6/244)
بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ
يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ في النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ وَالْحَدِّ فِيمَا يُحَرِّمُونَهُ وَعَنْهُ إنْ شَاءَ لم يَقُمْ حَدُّ زِنَا بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَمِثْلُهُ قَطْعُ سَرِقَةِ بعضهخم بَعْضٍ وَيَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ عن الْمُسْلِمِينَ بِلِبْسِ ثَوْبٍ يُخَالِفُ بَقِيَّةَ ثِيَابِهِمْ كَعَسَلِيٍّ وأكن ( ( ( وأدكن ) ) ) يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى السَّوَادِ وَبِشَدِّ زُنَّارٍ فَوْقَ ثَوْبِ النَّصْرَانِيِّ وَلِلْمَرْأَةِ غِيَارٌ بِالْخُفَّيْنِ بِاخْتِلَافِ لَوْنَيْهِمَا وَأَنْ يَجْعَلُوا لِدُخُولِ الْحَمَّامِ بِرِقَابِهِمْ جُلْجُلًا وهو الْجَرَسُ الصَّغِيرُ أو خَاتَمٌ رَصَاصٌ وَنَحْوُهُ
وَيَلْزَمُ تَمْيِيزُ قُبُورِهِمْ عن قُبُورِنَا تَمْيِيزًا ظَاهِرًا كَالْحَيَاةِ وَأَوْلَى ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَأَنْ لَا يَكْتَنُوا بِكُنْيَةِ الْمُسْلِمِينَ كَأَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي عبدالله وَكَذَا اللَّقَبُ كَعِزِّ الدِّينِ وَنَحْوِهِ
قَالَهُ شَيْخُنَا وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِنَصْرَانِيٍّ طَبِيبٍ يا أَبَا إِسْحَاقَ وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَفِعْلِ عُمَرُ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِأُسْقُفِ نَجْرَانَ يا أَبَا الْحَارِثِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَعُمَرُ قال يا أَبَا حَسَّانَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ يَجُوزُ لِلْمَصْلَحَةِ وقال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَيُحْمَلُ ما روى عليه وَعَنْ ( م ) الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ لِأَنَّ فيه تَكْبِيرًا وَتَعْظِيمًا وَأَنْ يَحْذِفُوا مَقْدِمَ رُءُوسِهِمْ لَا كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ وَأَنْ لَا يُفَرِّقُوا شُعُورَهُمْ وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِ خَيْلٍ بِلَا سَرْجٍ لَكِنْ عَرْضًا بِإِكَافٍ وَقِيلَ يَمْنَعُهُمْ من الطَّيَالِسَةِ وَأَنَّهُمْ إنْ أَبَوْا الْغِيَارَ لم يُجْبَرُوا وَنُغَيِّرُهُ نَحْنُ
وقال شَيْخُنَا وَمِنْ حَمْلِ سِلَاحٍ وَالْمُقَاتِلَةِ يثقاف ( ( ( بثقاف ) ) ) ورمى وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ عليهم وَتَحْرُمُ الْعِيَادَةُ وَالتَّهْنِئَةُ وَالتَّعْزِيَةُ لهم كَالتَّصْدِيرِ وَالْقِيَامِ وَكَمُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ وَعَنْهُ يَجُوزُ ( و 5 ش ) وَعَنْهُ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ يُعَادُ وَيُعْرَضُ عليه الْإِسْلَامُ نَقَلَ أبو داوود إنْ كان يُرِيدُ يَدْعُوهُ لِلْإِسْلَامِ فَنَعَمْ وَيُدْعَى بِالْبَقَاءِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ زَادَ جَمَاعَةٌ قَاصِدًا كَثْرَةَ الْجِزْيَةِ
____________________
(6/245)
وقد كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الدُّعَاءَ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالْبَقَاءِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فُرِغَ منه وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَيَسْتَعْمِلُهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا هُنَا رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ عن أبي الْحَسَنِ مولى أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ عنها قالت تُوُفِّيَ ابْنِي فَجَزِعْت عليه فَقُلْت لِلَّذِي يُغَسِّلُهُ لَا تُغَسِّلْ ابْنِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَتَقْتُلُهُ فَانْطَلَقَ عُكَّاشَةُ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا فَتَبَسَّمَ فقال طَالَ عُمْرُهَا قالت فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً عُمِّرَتْ ما عُمِّرَتْ
أبو الْحَسَنِ تَفَرَّدَ عنه يَزِيدُ بن أبي حَبِيبٍ الْإِمَامُ وَلِمُسْلِمٍ من حديث أَنَسٍ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ قال لِيَتِيمَةٍ كانت عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ لقد كَبِرْت لَا كَبِرَ سِنُّك وَأَنَّهَا قالت لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَإِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ ذَكَرَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَضَحِكَ وقال يا أُمَّ سُلَيْمٍ أَتَعْلَمِينَ أَنِّي اشْتَرَطْت على رَبِّي فَقُلْت إنَّمَا أنا بَشَرٌ أَرْضَى كما يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْت عليه من أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ ليس لها بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا له طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً وَدَعَا لِأَنَسٍ بِطُولِ الْعُمُرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ لِأُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا سَأَلَتْ أَنْ يُمَتِّعَهَا اللَّهُ بِزَوْجِهَا عليه السَّلَامُ وَابْنِهَا وَأَخِيهَا إنَّكِ سَأَلْتِ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَا يُعَجَّلُ منها شَيْءٌ قبل أَجَلِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ منها شَيْءٌ بَعْدَ أَجَلِهِ فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ من عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في الْقَبْرِ كان خَيْرًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فلم يَنْهَ ولم يَقُلْ إنَّ الدُّعَاءَ لَا أَثَرَ في زِيَادَةِ الْعُمُرِ وَإِنَّمَا أَرْشَدَ إلَى الْأَفْضَلِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَكِنْ رَوَى أَحْمَدُ وابن مَاجَهْ من حديث ثَوْبَانَ لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إلَّا الدُّعَاءُ لَا يَزِيدُ في الْعُمْرِ إلَّا الْبِرُّ إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ من حديث سَلْمَانَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ
____________________
(6/246)
ولم يَكْرَهْ أَحْمَدُ فِدَاك أبي وَأُمِّي لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَالَهُ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَكَرِهَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَك لِمَا سَبَقَ وَلِمُسْلِمٍ من حديث أبي سَعِيدٍ إنَّ وَفْدَ عبد الْقَيْسِ قالوا لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم يا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاءَك وَمَاذَا يَصْلُحُ لما ( ( ( لنا ) ) ) من الْأَشْرِبَةِ وَالْحَدِيثُ وَفِدَاك يكسر ( ( ( بكسر ) ) ) الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ
وَتُحَرَّمُ الْبُدَاءَةُ بِالسَّلَامِ وفي الْحَاجَةِ احْتِمَالٌ نَقَلَ أبو دَاوُد فِيمَنْ له حَاجَةٌ إلَيْهِ لَا يُعْجِبُنِي وَمِثْلُهُ كَيْفَ أنت أو أَصْبَحْت أو حَالُك نَصَّ عليه وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا وَيَتَوَجَّهُ بِالنِّيَّةِ كما قال له الْحَرْبِيُّ تَقُولُ أَكْرَمَك اللَّهُ قال نعم يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ وَيَجُوزُ هَدَاك اللَّهُ زَادَ أبو الْمَعَالِي وَأَطَالَ بَقَاءَك وَنَحْوَهُ وَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ اُسْتُحِبَّ قَوْلُهُ له رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي
وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمْ لَزِمَ رَدُّ عَلَيْكُمْ أو عَلَيْك وَهَلْ الْأَوْلَى الْوَاوُ وَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَرُدُّ تَحِيَّتَهُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَهْلًا أَهْلًا وَسَهْلًا وَكَرِهَ أَحْمَدُ مُصَافَحَتَهُ قِيلَ له فَإِنْ عَطَسَ يقول له يَهْدِيكُمْ اللَّهُ قال أَيَّ شَيْءٍ يُقَالُ له كَأَنَّهُ لم يَرَهُ وقال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لم يَسْتَحِبَّهُ كما لَا يُسْتَحَبُّ بُدَاءَتَهُ بِالسَّلَامِ وَعَنْ أبي مُوسَى إنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لهم يَرْحَمكُمْ اللَّهُ فَكَانَ يقول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ
مسألة مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَهَلْ الْأَوْلَى الْوَاوُ فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ أَوْلَى وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَبِعَهُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى واختارت أَصْحَابُنَا بِالْوَاوِ انْتَهَى وَبِهِ قَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ إدراك ( ( ( وإدراك ) ) ) الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ وأحكام الذِّمَّةِ له وَالصَّوَابُ إثْبَاتُ الْوَاوِ وَبِهِ جَاءَتْ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَهَا الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْأَوْلَى عَدَمُ الْوَاوِ وَبِهِ قَطَعَ في الْإِرْشَادِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ
____________________
1-
(6/247)
لهم يهديكم الله ( ( ( وتتوجه ) ) ) ويصلح ( ( ( التسوية ) ) ) بالكم رواه ( ( ( الروايات ) ) ) أحمد وأبو ( ( ( المعصوم ) ) ) داود ( ( ( صحت ) ) ) والنسائي ( ( ( بهذا ) ) ) والترمذي ( ( ( وبهذا ) ) ) وصححه وقال شيخنا فيه الرواتيان قال والذي ذكره القاضي يكره وهو ظاهر كلام أحمد وابن عقيل إنما نفى الاستحباب وإن شمته كافر أجابه
وَيُمْنَعُونَ من إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إجْمَاعًا إلَّا فِيمَا شَرَطُوهُ فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا على أَنَّهُ لنا
وفي لُزُومِ هَدْمِ الْمَوْجُودِ في عَنْوَةٍ وَقْت فَتْحِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَهُمَا في التَّرْغِيبِ إنْ لم يُقِرَّ بِهِ أَحَدٌ بِجِزْيَةٍ وَإِلَّا لم يَلْزَمْ قال شَيْخُنَا وَبَقَاؤُهُ ليس تَمْلِيكًا فَنَأْخُذُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَقَالَهُ أَيْضًا في مُشْتَبَهٍ كما لم يَمْلِكْ أَهْلُ خَيْبَرَ الْمَعَابِدَ وَكَغَيْرِهَا وقال لو انْقَرَضَ أَهْلُ مِصْرَ ولم يَبْقَ من دخل في عَهْدِهِمْ فَلَنَا الْعَقَارُ وَالْمَنْقُولُ وَالْمَعَابِدُ فَيْئًا فَإِنْ عَقَدَ لِغَيْرِهِمْ ذِمَّةً فَكَعَقْدِ مبتدأ فَإِنْ انْتَقَضَ فَكَمَفْتُوحٍ عَنْوَةً
وقال وقد أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ منهم كَنَائِسَ كَثِيرَةً من أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَلَيْسَ في الْمُسْلِمِينَ من أَنْكَرَ ذلك فَعَلِمَ أَنَّ هَدْمَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ جَائِزٌ مع عَدَمِ الضَّرَرِ عَلَنًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيرهم ( ( ( فإعراض ) ) )
قلت وتتوجه ( ( ( أعرض ) ) ) التسوية ( ( ( عنهم ) ) ) لأن الروايات ( ( ( لقلة ) ) ) عن المعصوم ( ( ( اليهود ) ) ) صحت بهذا ( ( ( أجلاهم ) ) ) وبهذا ( ( ( عمر ) ) )
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وفي لُزُومِ هَدْمِ الْمَوْجُودِ في عَنْوَةٍ وَقْتَ فتحة وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ هَدْمُهُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(6/248)
فإعراض من أعرض عنهم كان لقلة المسلمين ونحو ذلك من الأسباب كما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهود حتى أجلاهم عمر وولي الأمر إذا حكم في مسائل الاجتهاد بأحد القولين لمصلحة المسلمين وجبت طاعته ( ع )
ومن قال إنه ظالم وجبت عقوبته ولا يجوز في مسائلى الاجتهاد أن يفعلوا شيئا بغير أمر ولي الأمر قال في الفنون في بيت من بيوت نيران المجوس هو للمجوس ما بقي منهم واحد في المكان سواء كان من أهل ذلك المكان أولا لأنه عليه السلام قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب والنصارى إذا كانت لهم بيعة فانقرض أهل الصقع وجاء قوم من النصارى يقيمون بها لم نمنعهم ولا نخربها ولا تسلم إلى غيرهم
وهذا وجه ثالث يمنع الهدم وفي الرعاية هو أشهر كذا قال وقال الإمام أحمد ما في السواد من البيع فمحدث يهدم إلا الحيرة وبانقيا وبني صلوبا فإنهم صولحوا عليه ولم يخرجوا وما كان من صلح أقروا على صلحهم وكل مصر مصرة العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة واحتج بقول ابن عباس ولهم رم ما تشعث منها وعنه وبناؤها إذا انهدمت وعنه منعهما اختاره الأكثر قاله ابن هبيرة كمنع الزيادة
قال شيخنا ولو في الكيفية وقال لا أعلى ولا أوسع اتفاقا وقيل إن جاز بناؤها جاز بناء بيعة متهدمة ببلد فتحناه وَيُمْنَعُونَ من تَعْلِيَةِ بِنَاءٍ على جاء ( ( ( جار ) ) ) مُسْلِمٍ لَا صقة أولا وَلَوْ رضي الْجَارُ قال أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى زَادَ ابن الزَّاغُونِيِّ يَدُومُ على دَوَامِ الْأَوْقَاتِ وَرِضَاهُ يُسْقِطُ حَقَّ من يحدث بَعْدَهُ فَدَلَّ أَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ قِسْمَةَ مَنَافِعَ لَا تَلْزَمُ لِسُقُوطِ حَقِّ من يحدث
قال شَيْخُنَا أو كان الْبِنَاءُ لِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لِأَنَّ مالا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِاجْتِنَابِهِ فَمُحَرَّمٌ وَيَجِبُ هَدْمُهُ وفي مُسَاوَاتِهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) ولو مَلَكُوا منه دار ( ( ( دارا ) ) ) عَالِيَةً أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وفي مُسَاوَاتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/249)
بنى مُسْلِمٍ عندهم دارا دونهم فلا تغيير في الأصح وبناء متهدمة عالية كبيعة والمتهدم منها ظلما ( ( ( يمنعون ) ) ) كهدمه بنفسه وقيل يعاد وهو أولى ( ( ( نهايته ) ) ) ولو ( ( ( وناظمها ) ) ) سقط ( ( ( والآدمي ) ) ) هذا البناء ( ( ( منوره ) ) ) الذي يجب إزالته على شيء أتلفه فيتوجه الضمان وأنه مقتضى ما ذكروه
وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا إظْهَارَ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ فَإِنْ فعلوا ( ( ( فعلا ) ) ) أَتْلَفْنَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا نَصَّ عليه وَسَبَقَ أَوَّلُ الْغَصْبِ وَإِظْهَارُ عِيدٍ وَصَلِيبٍ وَضَرْبُ نَاقُوسٍ وَرَفْعُ صَوْتٍ بِكِتَابٍ أو على مَيِّتٍ وقال شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ إظْهَارُ أَكْلٍ في رَمَضَانَ وَنَصَّ أَحْمَدُ لَا يَضْرِبُونَ بِنَاقُوسٍ وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إظْهَارُهُ قال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَيُمْنَعُ من التَّعَرُّضِ لِلذِّمَّةِ فِيمَا لم يَظْهَرُوا مع أَنَّهُ في مَكَان آخَرَ قال يُمْنَعُونَ من ضَرْبِ النَّاقُوسِ وَإِظْهَارِ الْخَنَازِيرِ وَظَاهِرُهُ ليس لهم إظْهَارُ شَيْءٍ من شَعَائِرِ دِينِهِمْ في دَارِ الْإِسْلَامِ لَا وَقْتَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا لِقَاءِ الْمُلُوكِ وَلَا غَيْرِ ذلك وَقَالَهُ شَيْخُنَا
وَإِنْ صالحوا ( ( ( صولحوا ) ) ) في بَلَدِهِمْ بِجِزْيَةٍ أو خَرَاجٍ لم يُمْنَعُوا شيئا مِمَّا تَقَدَّمَ كَأَهْلِ الْهُدْنَةِ وقال أَحْمَدُ ما مَصَّرَهُ الْعَرَبُ أو فُتِحَ عَنْوَةً فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَضْرِبُوا فيه نَاقُوسًا أو يَشْرَبُوا خَمْرًا أو يَتَّخِذُوا فيه خِنْزِيرًا فَصْلٌ وَيُمْنَعُونَ مَقَامَ الْحِجَازِ وهو مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا وقال شَيْخُنَا منه تَبُوكُ وَنَحْوَهَا وما دُونَ الْمُنْحَنَى وهو عُقْبَةُ الصَّوَّانُ من الشَّامِ كَمَعَّانٍ قال وَمَنْ سَمَّى من قَصَدَ منهم كَنِيسَةً حَاجًّا أو قال حَجَّ الْمُشَاهَدُ عُزِّرَ بِمَا يَرْدَعُهُ إلَّا أَنْ يُسَمَّى حَجًّا بِقَيْدٍ كَحَجِّ الْكُفَّارِ وَحَجِّ الضَّالِّينَ وَلَهُمْ دُخُولُهُ وَالْأَصَحُّ بِإِذْنِ إمَامٍ لِتِجَارَةٍ وَلَا يُقِيمُوا بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ فَوْقَ أَرْبَعَةٍ إلَّا لِمَرَضٍ فَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ وَفِيهِ وَجْهٌ وَيُمْنَعُونَ ودخول ( ( ( دخول ) ) ) الْحَرَمِ نَصَّ عليه مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وقال ابن الْجَوْزِيِّ إلَّا لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أحدهما لا يمنعون قال ابن عبدوس في تذكرته ولا يعلون على جار مسلم وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز
والوجه الثاني يمنعون جزم به ابن رزين في نهاية وناظمها والآدمي في منوره
مسألة 4 قوله ويمنعون دخول الحرم نص عليه مطلقا وقيل إلا لضرورة
____________________
1-
(6/250)
وَلَوْ غير مُكَلَّفٍ وَيُعَزَّرُ وَيُنْبَشُ إنْ دُفِنَ بِهِ إلَّا أَنْ يَبْلَى ولم يَسْتَثْنِهِ في التَّرْغِيبِ وَلَا يَدْخُلُهُ لِيُسْلِمَ فيه وَلَا تَاجِرٌ وَلَا رَسُولٌ مُطْلَقًا وَلَا بِعِوَضٍ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ أو بَعْضَهُ مَلَكَهُ وَقِيلَ يَرُدُّهُ وَقِيلَ لهم دُخُولُهُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ كَحَرَمِ الْمَدِينَةِ في الْأَشْهَرِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُمْنَعُ من الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا الْحَرَمِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وَلَيْسَ لِكَافِرٍ دُخُولُ مَسْجِدٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ كَاسْتِئْجَارِهِ لِبِنَائِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ منهم من أطلقهما ( ( ( أطلقها ) ) ) وَمِنْهُمْ من قال لِمَصْلَحَةٍ وَمِنْهُمْ من قال بِإِذْنِ مُسْلِمٍ وَمِنْهُمْ من اعْتَبَرَهُمَا مَعًا وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي يَجُوزُ لِيَسْمَعُوا الذَّكَرَ فَتَرِقُّ قُلُوبُهُمْ وَيُرْجَى إسْلَامُهُمْ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أو دَاوُد وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ عن الْحَسَنِ عن عُثْمَانَ ابن أبي الْعَاصِ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ وَاشْتَرَطُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجْبُوا فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا خَيْرَ في دِينٍ لَا رُكُوعَ فيه
وقال أبو الْمَعَالِي إنْ شَرَطَ الْمَنْعَ في عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مُنِعُوا وَإِنْ كان جَنْبًا فَوَجْهَانِ ( م 5 ) وَإِنْ قَصَدُوا اسْتِبْدَالَهَا بِأَكْلٍ وَنَوْمٍ مُنِعُوا ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وقال ابن الْجَوْزِيِّ إلَّا لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ انْتَهَى
الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وإذا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَهَلْ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لِلْحَاجَةِ أُطْلِقَ الْخِلَافُ
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَطَعَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَحَكَاهُ عن ابْنِ حَامِدٍ وهو ظَاهِرُ كا قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا اخْتَارَهُ ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ فَإِنْ كان جُنُبًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/251)
ولأحمد عن أسود بن عامر عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر ( ( ( جنابة ) ) ) مرفوعا لا ( ( ( نعلم ) ) ) يدخل ( ( ( أحدا ) ) ) مسجدنا ( ( ( منهم ) ) ) بعد عامنا ( ( ( باستفسارهم ) ) ) هذا غير أهل ( ( ( يمنعون ) ) ) الكتاب وخدمهم قيل لم ( ( ( المسلم ) ) ) يسمع ( ( ( يمنع ) ) ) الحسن من جابر ( ( ( اللبث ) ) ) وإسناده ( ( ( فهذا ) ) ) حسن ( ( ( بطريق ) ) ) فيكون رواية ( ( ( وأحرى ) ) ) بالتفرقة بين الكتابي وغيره وقاله ( 5 ) في الكل
وَتَجُوزُ عِمَارَةُ كل مَسْجِدٍ وَكِسْوَتُهُ وَإِشْعَالُهُ بِمَالِ كل كَافِرٍ وَأَنْ يَبْنِيَهُ بيده ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في وَقْفِهِ عليه وَوَصِيَّتِهِ له فَيَكُونُ على هذا الْعِمَارَةُ في الْآيَةِ وَدُخُولُهُ وَجُلُوسُهُ فيه يَدُلُّ عليه خَبَرُ أبي سَعِيدٍ الْمَرْفُوعُ إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المساجد ( ( ( المسجد ) ) ) فَاشْهَدُوا له بِالْإِيمَانِ فإن اللَّهَ تَعَالَى يقول { إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ } التوبة 18 الْآيَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ من رِوَايَةِ دَرَّاجٍ أبي السَّمْحِ وهو ضَعِيفٌ أو مَعْنَى الْآيَةِ ما كان لهم أَنْ يُتْرَكُوا فَيَكُونُوا أَهْلَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وفي الْفُنُونِ الْآيَةُ وَارِدَةٌ على سَبَبٍ وهو عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ فيه فَقَطْ لِشَرَفِهِ وفي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ في بِنَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَدُخُولِهِ وَجُلُوسِهِ فيه كِلَاهُمَا مَحْظُورٌ على الْكَافِرِ يَجِبُ على الْمُسْلِمِينَ مَنْعُهُمْ من ذلك أَطْلَقَ ولم يَخُصَّ مَسْجِدًا وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْعُلَمَاءِ
وَإِنْ اتَّجَرَ ذِمِّيٌّ إلَى غَيْرِ فَفِي تِجَارَتِهِ إنْ بَلَغَتْ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَعَنْهُ عِشْرِينَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما في الآداب الكبرى والرعاية الكبرى في باب الغسل والرعاية الصغرى في مواضع الصلاة ومختصر ابن تميم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية
أحدهما لا يمنعون قلت وهو ظاهر كلام كثيرمن الأصحاب لإطلاقهم الجواز وأكثرهم لا يخلو عن جناية ولم نعلم أحدا منهم قال باستفسارهم
____________________
1-
(6/252)
وَقِيلَ وَإِنْ قُلْت في التَّبْصِرَةِ عن الْقَاضِي دِينَارًا نِصْفُ الْعُشْرِ وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ الْعُشْرُ جَزَمَ بِهِ في الْوَاضِحِ مَرَّةً في السَّنَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُ ذِمِّيَّةً مُتَّجِرَةً بِالْحِجَازِ فَقَطْ لِمَنْعِهَا منه يَلْزَمُ التَّغْلِبِيَّ عُشْرٌ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ لَا شَيْءَ عليه وَيَمْنَعُهُ دَيْنٌ كَزَكَاةٍ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وفي تَصْدِيقِهِ بِأَنَّ جَارِيَةً معه أَهْلُهُ أو بِنْتُهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَتَانِ ( م 6 )
وفي الرَّوْضَةِ لَا عُشْرَ عن زَوْجَتِهِ وَسَرِيَّتِهِ وَإِنْ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا وَبَلَغَتْ تِجَارَتُهُ كَذِمِّيٍّ وَقِيلَ نِصْفُهُ فَالْعُشْرُ في السَّنَةِ وَذَكَرَ ابن هُبَيْرَةَ عنه ما لم يَشْرِطْ أكثروفي الْوَاضِحِ الْخُمُسُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ وَذَكَر شَيْخُنَا أَنَّ أَخْذَ الْعُشُورِ من تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ في أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ وَتَقْدِيرِهَا على الْخِلَافِ وقال ابن حَامِدٍ وَالْآمِدِيُّ يُؤْخَذُ منه كُلَّمَا دخل إلَيْنَا وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ منه شَيْءٌ مِيرَةٍ يَحْتَاجُ إلَيْهَا
وَلَا يُعْشَرُ ثَمَنُ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَعَنْهُ بَلَى جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْغُنْيَةِ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ عُشْرُ ثَمَنِهِ وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ على أَنَّ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ ما حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ فإن نَفْسَ الْعَيْنِ وهو الْحَلَالُ الْمُطْلَقُ طَعَامُ الْأَنْبِيَاءِ كما في الْخَبَرِ عنه عليه السَّلَامُ وَيَتَخَرَّجُ تَعْشِيرُ ثَمَنِ الْخَمْرِ
وقال الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ الذِّمِّيُّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ يُؤْخَذُ منه الْجِزْيَةُ وفي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا شَيْءَ عليهم غَيْرُهَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه الثاني يمنعون وهو الصواب لأن المسلم يمنع من اللبث فهذا بطريق أولى وأحرى
مسألة 6 قوله وفي تصديقه بأن جارية معه أهله أو بنته ونحوه روايتان انتهى
إحداهما يصدق قدمه في الرعاية الكبرى قلت وهو الصواب لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته ثم وجدت ابن رزين قدمه في شرحه وقال الخلال هو أشبه القولين
والرواية الثانية لا يصدق لأنها في يده فأشبهت بهيمته وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي
____________________
1-
(6/253)
وَالثَّانِيَةُ عليهم نِصْفُ الْعُشْرِ في أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى ذلك هل يَخْتَصُّ ذلك بِالْأَمْوَالِ التي يَتَّجِرُونَ بها إلَى غبر بَلَدِنَا على رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا يَخْتَصُّ بها
وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ في ذلك وَفِيمَا لم يتجزوا ( ( ( يتجروا ) ) ) بِهِ من أَمْوَالِهِمْ وَثِمَارِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ قال وَأَهْلُ الْحَرْبِ إذَا دَخَلُوا إلَيْنَا تُجَّارًا بِأَمَانِ أُخِذَ منهم الْعُشْرُ دَفْعَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ عَشَرُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلَتْ إلَيْهَا أَمْ لَا وَعَنْهُ إنْ فَعَلُوا ذلك بِالْمُسْلِمِينَ فُعِلَ بِهِمْ وَإِلَّا فَلَا
وَيَحْرُمُ تَعْشِيرُ الْأَمْوَالِ وَالْكُلَفِ التي ضَرَبَهَا الْمُلُوكُ على الناس ( ع ) ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ وَشَيْخُنَا قال الْقَاضِي لَا يَسُوغُ فيها اجْتِهَادٌ وَأَفْتَى بِهِ الْجُوَيْنِيُّ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لِلْحَاجَةِ قال شَيْخُنَا وما جُهِلَ رَبُّهُ وَجَبَ صَرْفُهُ في الْمَصَالِحِ كَمَغْصُوبٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَكَذَا إنْ عُلِمَ وَأَبَوْا رَدَّهُ إلَيْهِ لأن تَقْلِيلُ للظلم ( ( ( الظلم ) ) ) وَهَذِهِ الْكُلَفُ دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ وَالشُّبْهَةُ لَا كَمَغْصُوبٍ وَالتَّوَرُّعُ عنها كَالشُّبُهَاتِ فَلَا يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ وَلَا يَجِبُ إنْكَارُهُ وَلَكِنْ ولولي ( ( ( لولي ) ) ) يَعْتَقِدُ تَحْرِيمُهُ مَنْعَ مُوَلِّيَتِهِ من التَّزْوِيجِ مِمَّنْ لَا يُنْفِقُ عليها إلَّا منه وقال فِيمَنْ ضَمِنَهُ وَيَأْخُذُهُ وَيُعْطِيه الْجُنْدَ وَيَخْفِرُ إنْ حَرَسَ أَهْلُ الطَّرِيقِ وَأَخَذَ كِفَايَتَهُ جَازَ وَأَمَّا الضَّمَانُ الذي يَأْخُذُهُ الْجُنْدُ ولايمكنه دَفْعُهُ فَدَرْكُهُ على غَيْرِهِ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ نُصْحُ الْمُسَافِرِ وَحِفْظُ مَالِهِ فَصْلٌ وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ وَعَنْهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ إلَّا في حَقِّ آدَمِيٍّ وَالْأَشْهَرُ وَفِيهِ كَمُسْتَأْمَنِينَ فَيَحْكُمُ ويعدى بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا ( م 7 ) وَعَنْهُ بِاتِّفَاقِهِمَا كَمُسْتَأْمَنِينَ وفي الرَّوْضَةِ في إرْثِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ وَعَنْهُ إنْ اختلف ( ( ( اختلفت ) ) ) الْمِلَّةُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ إلَّا في حَقِّ الآدمي ( ( ( آدمي ) ) ) وَالْأَشْهَرُ وَفِيهِ كَمُسْتَأْمَنَيْنِ فَيَحْكُمُ وبعدي ( ( ( ويعدي ) ) ) بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا انْتَهَى
إحْدَاهُنَّ يَلْزَمُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
____________________
1-
(6/254)
المجوس يُخَيَّرُ إذا تحاكموا ( ( ( حق ) ) ) إلينا ( ( ( آدمي ) ) ) واحتج بآية التخيير وظاهر ما ( ( ( الأشهر ) ) ) تقدم أنهم على الخلاف لأنهم ذمة ( ( ( الزركشي ) ) ) ويلزمهم حكمنا ( ( ( المشهور ) ) ) لا شريعتنا هذه الشريعة وإن ( ( ( والخلاصة ) ) ) لم يتحاكموا إلينا فليس للحاكم أن يتبع شيئا ( ( ( والرعايتين ) ) ) من أمورهم ولا يدعون إلى حكمنا أصلا نص على الكل
وَلَا يُحَضِّرَ يَهُودِيًّا يوم سَبْتٍ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليه وَفِيهِ وَجْهَانِ أو مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ وَلِهَذَا لَا تُكْرَهُ امْرَأَتُهُ على إفْسَادِهِ مع تَأَكُّدِ حَقِّهِ ( م 8 و 9 ) وقال يَحْتَمِلُ أَنَّ السَّبْتَ مُسْتَثْنًى من عَمَلٍ في إجَارَةٍ قال أَحْمَدُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والرواية ( ( ( حدثنا ) ) ) الثانية ( ( ( يزيد ) ) ) يلزمه ( ( ( أنبأنا ) ) ) إن اختفلت الملة وإلاخير
والرواية الثالثة إن تقاتلوا في حق ( ( ( السبت ) ) ) آدمي ( ( ( فقبلا ) ) ) لزم ( ( ( يديه ) ) ) الحكم ( ( ( ورجليه ) ) ) وَإِلَّا فهو ( ( ( فسخناه ) ) ) مخير قال في المحرر وهو أصح عندي
والرواية الرابعة يخير في حق آدمي وغيره قال المصنف وهو الأشهر وكذا قال في المحرر قال الزركشي هو المشهور وجزم به في المذهب والخلاصة والمقنع والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني ( ( ( الخمر ) ) ) والشرح ( ( ( المقبوضة ) ) ) والرعايتين والحاويين ( ( ( ثمنها ) ) ) وغيرهم ( ( ( يدفعه ) ) ) ( قلت ( ( ( المشتري ) ) ) ) وهذا ( ( ( للبائع ) ) ) هو الصحيح ( ( ( وارثه ) ) ) من المذهب ( ( ( خنزير ) ) )
مَسْأَلَةٌ 8 و 9 قَوْلُهُ وَلَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يوم سَبْتِهِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليه وَفِيهِ وَجْهَانِ أو مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ وَلِهَذَا لَا يُكْرِهُ امْرَأَتَهُ على إفْسَادِهِ مع تَأَكُّدِ حَقِّهِ انْتَهَى في ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 إذَا قُلْنَا لَا يُحْضِرُ الْيَهُودِيَّ يوم السَّبْتِ فَهَلْ ذلك لِأَجْلِ بَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليهم أو مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ تَرَدَّدَ الْمُصَنِّفُ في ذلك قُلْت الصَّوَابُ في ذلك أَنَّ عَدَمَ إحْضَارِهِ فيه مُطْلَقًا أغني سَوَاءٌ قُلْنَا بِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ أو لِضَرَرِهِ بإفساد ( ( ( بإفساده ) ) ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليهم
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 هل تَحْرِيمُ السَّبْتِ بَاقٍ مُسْتَمِرٍّ عليهم الْآنَ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ قال في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وفي بَقَاءِ تَحْرِيمِ السَّبْتِ عليهم وَجْهَانِ انْتَهَى قال النَّاظِمُ وَفَائِدَتُهَا حِلُّ صَيْدِهِ فيه وَعَدَمِهِ انْتَهَى قُلْت وَكَذَا من فَائِدَتِهَا ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ من عَدَمِ إحْضَارِهِمْ على رَأْيٍ
أَحَدُهُمَا تَحْرِيمُهُ بَاقٍ عليهم وَيَحْمِلُهُ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ على ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُلْت
____________________
1-
(6/255)
حدثنا يزيد ( ( ( حالهم ) ) ) أنبأنا ( ( ( يدل ) ) ) شعبة عن عمرو بن مرة سمعت عبدالله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي قال قال يهودي لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات } الإسراء 101 فقال لا نقل له نبي فإنه لو سمعك لصارت له أربعة أعين فسألاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة أو قال لا تفروا من الزحف شعبة الشاك وأنتم يهود عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت فقبلا يديه ورجليه وقالا نشهد أنك نبي قال فما يمنعكما أن تتبعاني قالا إن داود عليه السلام دعا أن لا يزال من ذريته نبي فإنا نخشى إن أسلمنا أن تقتلنا يهود
ورواه النسائي والترمذي وصححه وعبدالله بن سلمة تكلم فيه وحديثه حسن وجمهور المفسرين على أن المراد بالآيات ( ( ( نظر ) ) ) المعجزات ( ( ( لما ) ) ) والدلالات ( ( ( بيناه ) ) ) وهي العصا واليد ( ( ( انتفى ) ) ) والطوفان ( ( ( التحريم ) ) ) والجراد ( ( ( عنهم ) ) ) والقمل والضفادع والدم وفي الثامن والتاسع أقوال ولا يحكم إلا بالإسلام
وإن تعاقدوا عقودا فاسدة ثم أسلموا أو أتونا وتقايضوا من الطرفين لم نفسخه ونعاملهم ونقبض ثمنه منهم وإلا فسخناه وقيل إن ارتفعوا بعد أن ألزمهم حاكمهم بالقبض نفذ وهذا لالتزامهم بحكمه لا لزومه لهم كقوا الماوردي والأشهر لالأن حكمه لغو لعدم الشرط وهو الإسلام وعند ( 5 ) يجوز أن يقلد الكافر القضاء بين أهل دينه وهذا لم تجربه عادة الناس بل قد يقع تقليد رياسة وزعامة وعنه في الخمر المقبوضة دون ثمنها يدفعه المشترى للبائع أو وارثه بخلاف خنزير لحرمة عينه
وَإِنْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ فَلَهُ الثَّمَنُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعَبِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ لِثُبُوتِهِ قبل إسْلَامِهِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَاحْتَجَّ بِهِ في الِانْتِصَارِ بِأَنَّهَا تصمن ( ( ( تضمن ) ) ) وَأَنَّهَا مَالٌ لهم قال أَحْمَدُ ما يُعْجِبنِي الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ في خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ وَيَحْكُمُ في ثَمَنِهِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ يَسْتَحْلِفُهُمْ بِالْكَنِيسَةِ وبغلظ ( ( ( ويغلظ ) ) ) عليهم بِمَا يُعَظِّمُونَ بِهِ وَبِاَللَّهِ وإذا حَضَرَ عِنْدَهُ وَوَجَبَتْ
____________________
(6/256)
الْيَمِينُ لم يَجُزْ إرْسَالُهُ إلَيْهِمْ يُحَلِّفُونَهُ
وَإِنْ حَلَّفُوهُ ثُمَّ جَاءُوا قبل أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ بِأَيْمَانِهِمْ أَجُزْأَهُ وَإِنْ تَبَايَعُوا بِرِبًا في سُوقِنَا مُنِعُوا لِأَنَّهُ عائذ ( ( ( عائد ) ) ) بِفَسَادِ نَقْدِنَا وَكَذَا إنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ في نَهَارِ رَمَضَانَ كَشِوَاءٍ مُنِعُوا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ وَظَاهِرُهُ لَا في غَيْرِ سُوقِنَا أَيْ إنْ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ وفي الِانْتِصَارِ لو اعْتَقَدُوا بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَتَخَرَّجُ أَنْ يُقَرُّوا على وَجْهٍ لنا
وَمَنْ أَبَى بَذْلَ الْجِزْيَةِ أو الصِّغَارَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أو الْتِزَامَ حُكْمِنَا أو قَاتَلَنَا وَالْأَشْهَرُ أو لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ مُقِيمًا بها انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ أو كِتَابَهُ أو دِينَهُ أو رَسُولَهُ بِسُوءٍ أو تحبس ( ( ( تجسس ) ) ) لِلْكُفَّارِ أو آوَى جَاسُوسًا أو قَتَلَ مُسْلِمًا أو فَتَنْهَ عن دِينِهِ أو قَطَعَ عليه الطَّرِيقَ أو زَنَى بِمُسْلِمَةٍ قال شَيْخُنَا وَلَوْ لم يَثْبُتْ بينة بَلْ اُشْتُهِرَ بين الْمُسْلِمِينَ أو أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ فَنَصُّهُ يَنْتَقِضُ وَنَصُّهُ إنْ سَحَرَهُ فَآذَاهُ في تَصَرُّفِهِ أو قَذَفَهُ فَلَا
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا رِوَايَتَيْنِ وفي الْوَسِيلَةِ إنْ لم تَنْقُضْهُ في غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَشَرَطَ وَجْهَانِ وَإِنْ أَبَى ما مُنِعَ منه في الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ فيه وَجْهَانِ ( م 10 ) فَإِنْ لَزِمَ أو شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وظاهر حالهم يدل على ذلك وفيه نظر ( ( ( مذهب ) ) ) لما بيناه
والوجه الثاني ( ( ( يقتل ) ) ) انتفى التحريم ( ( ( المعروف ) ) ) عنهم
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى ما مَنَعَ في الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا أَبَى تَرَكَ ما مُنِعَ منه من عَدَمِ إظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالصَّلِيبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِكِتَابَةٍ بين الْمُسْلِمِينَ وَضَرْبَ النَّاقُوسِ بين الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَنَحْوِ ذلك على ما يَأْتِي في نَقْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الذِّمَّةِ عليهم أو لَا بُدَّ من شَرْطِهِ عليهم أُطْلِقَ الْخِلَافُ هذا ما ظَهَرَ لي وَلَكِنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ ليس بِمُسْتَقِيمٍ
أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا عليهم
____________________
1-
(6/257)
روايتين ( م 11 ) وذكر أيضا في مناظراته في رجم يهوديين زنيا يحتمل لنقض العهد وينتقض بإظهار ما أخذ عليهم ستره مما هو دين لهم فكيف بإظهار ما ليس بدين وذكر جماعة الخلاف مع الشرط فقط
قال ابن شهاب وغيره يلزم أهل الذمة ما ذكر في شروط عمر وكذا ابن رزين لكن قال ابن شهاب من أقام من الروم في مدائن الشام لزمتهم هذه الشروط شرطت عليهم أم لا قال وما عدا الشام فقال الخرقي إن شرط عليهم في عقد الذمة انتقض العهد بمخالفته وإلا فلا لأنه قال ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا عليه حل ماله ودمه وقال شيخنا في نصراني لعن مسلما تجب عقوبته بما يردعه وأمثاله عن ذلك
وفي مذهب أحمد وغيره قول يقتل لكن المعروف في المذاهب الأربعة القول الأول ومن نقضه بلحوقه بدار حرب فكأسير حربي ومن نقضه بغيره فنصه يقتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا بِشَرْطِهِ عليهم وهو الصَّوَابُ
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ فَإِنْ لَزِمَ أو شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
أَيْ فَفِي نَقْضِ الْعَهْدِ بِفِعْلِ ذلك وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِفِعْلِ ذلك وهو الصَّحِيحُ قال الشَّارِحُ هو قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ من أَصْحَابِنَا قال الزَّرْكَشِيّ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُنْتَقَضُ إنْ كان مَشْرُوطًا عليهم وَكَذَا الْحُكْمُ لو لَزِمَ من غَيْرِ شَرْطٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَظْهَرَ خَمْرًا أو خِنْزِيرًا أو صَلِيبًا أو رَفَعَ صَوْتَهُ بكتابه بين الْمُسْلِمِينَ أو عِنْدَ مَوْتَاهُمْ أو ضَرَبَ نَاقُوسًا بين الْمُسْلِمِينَ أو علا بِنَاءَ جَارٍ مُسْلِمٍ أو رَكِبَ الْخَيْلَ أو حَدَّثَ في الْإِسْلَامِ بِيعَةً أو كَنِيسَةً أو أَقَامَ بِالْحِجَازِ أو دخل الْحَرَمَ وَنَحْوَ ذلك عُزِّرَ وَإِنْ شَرَطَ عليهم تَرْكَ ذلك انْتَقَضَ عَهْدُ فَاعِلِهِ وَقِيلَ بَلْ يُعَزَّرُ انْتَهَى
____________________
1-
(6/258)
قِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فيه كَحَرْبِيٍّ ( م 12 )
وذكر أبو الفرج ( ( ( انتقض ) ) ) أن ( ( ( العهد ) ) ) ما ( ( ( بغير ) ) ) فيه ضرر ( ( ( كحربي ) ) ) علينا أو ما في شروط عمر يلزمه ( ( ( يبقى ) ) ) تركه وينتقض بفعله وَيَحْرُمُ بِإِسْلَامِهِ قَتْلُهُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِقُّهُ ( و 5 ش ) وَإِنْ رُقَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَقِيَ رِقُّهُ من نَقَضَ عَهْدَهُ بِغَيْرِ قِتَالِنَا أُلْحِقَ بما ( ( ( بمأمنه ) ) ) أمنه وَالْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ غَيْرُ السَّابِّ وَأَنَّهُ فيه الْخِلَافُ الذي في الْمُرْتَدِّ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ في المتسوعب على ما ذَكَرَهُ ابن أبي مُوسَى أَنَّ سَابَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُقْتَلُ وَلَوْ أَسْلَمَ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابن البنا ( ( ( البناء ) ) ) في الْخِصَالِ
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ صَحِيحُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ما تَقَدَّمَ في قَذْفِ أُمِّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَنَّ اقْتِصَارَ السَّامِرِيِّ على هذا مع ذِكْرِهِ الْخِلَافَ في تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ السَّابِّ فيه خَلَلٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ما في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَأَنَّ عَكْسَ هذه رِوَايَةٌ تَقَدَّمَتْ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ وَأَنَّهُ قد تَوَجَّهَ بِأَنَّهُ قد يَكُونُ وَقَعَ غَلَطًا من الْمُسْلِمِ لَا اعْتِقَادًا له وَتَقَدَّمَ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَالِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 12 قوله وإن نقضه بغيره فنصه يقتل قيل يتعين قتله والأشهر يخير فيه كحربي انتهى
يعني إذا انتقض العهد بغير اللحوق بدار الحرب
أحدهما يتعين قتله قال صاحب المحرر والنظم والمصنف وغيرهم وهو المنصوص وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره
والقول الثاني يخير فيه كحربي قال المصنف وهو الأشهر واختاره القاضي وغيره وجزم به في الكافي والمقنع وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الشرح وغيره قلت وهو الصحيح وأطلقهما في المحرر
تنبيه قوله قيل يتعين قتله والأشهر يخير فيه هذان القولان تفسير للنص هذا الذي يظهر لي أو يكون قوله والأشهر يخير فيه مقابل للنصوص وهو مصطلح صاحب المحرر والنظم والرعايتين وغيرهم من الأصحاب وكلامهم صحيح في ذلك لكن يبقى قول المصنف قيل يتعين قتله مفسر للنص فقط وإتيانه بهذه الصيغة لا بد له من نكتة وتقدم معنى ذلك في المقدمة
____________________
1-
(6/259)
وفي الْخِلَافِ فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَتَابَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فيه كَالْأَسِيرِ وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ الْإِمَامُ رَآهُ مَصْلَحَةً ثُمَّ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ في مَالِهِ وَإِنَّ سَابَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُقْتَلُ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِمَيِّتٍ فَلَا يَسْقُطُ بِتَوْبَةٍ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَدُلُّ على أَنَّهُ ثابت ( ( ( ثاب ) ) ) بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لو نَقَضَ الْعَهْدَ بِغَيْرِ السَّبِّ ثُمَّ أَسْلَمَ لم يخيرفيه وفي الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا قُتِلَ مَالُهُ فَيْءٌ إذَنْ وَعَنْهُ إرْثٌ فَإِذَنْ إنْ تَابَ قبل قَتْلِهِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ أَحْمَدَ قال في ذِمِّيٍّ فَجَرَ بِمُسْلِمَةٍ يُقْتَلُ قِيلَ له فَإِنْ أَسْلَمَ قال يُقْتَلُ هذا قد وَجَبَ عليه وَأَنَّ على قَوْلِنَا يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فيه تُشْرَعُ اسْتِتَابَتُهُ بِالْعَوْدِ إلَى الذِّمَّةِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بها جَائِزٌ بَعْدَ هذا لَكِنْ لَا تَجِبُ هذه الِاسْتِتَابَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أوجنباها ( ( ( أوجبناها ) ) ) بِالْإِسْلَامِ على رِوَايَةٍ وَأَنَّ على رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْخَابِيُّ يَسْقُطُ الْقَتْلُ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ مع أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ كَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ
وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فإنه إذَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ اُسْتُتِيبَ وَمَعَ هذا فَمَنْ يَقْبَلُهَا قد يُجَوِّزُهَا وَلَا يُوجِبُهَا لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عن أَصْحَابِ هذا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ له أَسْلَمَ لم يُقْتَلْ وحكى عنه أَنَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَتَابُ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَخَرَجَ عنه في الذِّمِّيِّ يُسْتَتَابُ وهو يعيد ( ( ( بعيد ) ) ) وقال شَيْخُنَا فِيمَنْ قَهَرَ مُسْلِمِينَ وَنَقَلَهُمْ إلَى دَارِ حَرْبٍ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ يُقْتَلُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْمُحَارَبِ
وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ ذُرِّيَّتِهِ كَنِسَائِهِ سَوَاءٌ لَحِقُوا بِدَارُ حَرْبٍ أولا لِأَنَّهُمْ لم يَنْقُضُوا الْعَهْدَ نَقَلَهُ عنه عبدالله وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ بَلَى كَحَادِثٍ بَعْدَ نَقْضِهِ بِدَارِ حَرْبٍ نَقَلَهُ عبدالله ولم يُقَيِّدْهُ في الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا بِدَارِ حَرْبٍ وفي الْعُمْدَةِ يُنْتَقَضُ في ذُرِّيَّتِهِ إنْ أَلْحَقَهُمْ بِدَارِ حَرْبٍ
وَمَنْ عَلِمَ منهم بِنَقْضِهِ ولم يُنْكِرْ عليه فَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 13 ) وَيُنْتَقَضُ في هُدْنَةٍ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 13 قَوْلُهُ وَمَنْ عُلِمَ منهم بِنَقْضِهِ ولم يُنْكَرْ عليه فَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ أَيْضًا كَالْهُدْنَةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْتَقَضُ
____________________
1-
(6/260)
ذريته وعهد ( ( ( ثلاث ) ) ) من لم ينكر أو لم يعتزل عنه أو لم يخبر الإمام ثم إذا أعلموا الإمام أقرهم بتسليم الناقض أو تمييزهم عنهم فإن أبى القادرانتقض وإلا فكأسير
ومن أسر منهم فادعى أنه ممن لم ينقض وأشكل صدق ومن جاءنا بأمان فحصل له ذريه ثم نقض العهد فكذمي ذكره في المنتخب
ويمنع من شراء المصحف ولا يصح وفي المغني وغيره وحديث وفقه وقيل فيهما وجهان واقتصر في عيون المسائل على المصحف وسنن النبي صلى الله عليه وسلم وكره أحمد بيعه ثوبا مكتوبا فيه ذكر الله وتعليم القرآن لا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتخرج نصرانية لشراء زنارها ولا يشتريه مسلم لها
____________________
(6/261)
بَابُ الْفَيْءِ
وهو ما أُخِذَ من كَافِرٍ بِلَا قِتَالٍ كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرٍ وما تَرَكُوهُ فَزَعًا أو مَاتَ وَلَا وَارِثَ قال شَيْخُنَا وَلَيْسَ للسطان ( ( ( للسلطان ) ) ) إطْلَاقُهُ دَائِمًا
وَمَصْرِفُهُ مَصَالِحُ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ لِلْمُقَاتِلَةِ فَلَا يُفْرَدُ عَبْدٌ في الْأَصَحِّ بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ وَاخْتَارَ أبو حَكِيمٍ وَشَيْخُنَا لَا حَقَّ لِرَافِضَةٍ وَذَكَرَهُ في الْهَدْيِ عن مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَعَنْهُ خَمْسَةٌ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَبَقِيَّتُهُ لِلْمَصَالِحِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَسَّمَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ ثُمَّ خُمُسُ الْخُمُسِ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا في الْمَصَالِحِ وَبَقِيَّةُ خُمُسِ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِيمَا في الصَّحِيحَيْنِ في الْخَبَرِ الثَّامِنَ عَشَرَ من مُسْنَدِ عُمَرَ رصي ( ( ( رضي ) ) ) اللَّهُ عنه كان ما لم يُوجِفْ عليه مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً هذا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ من أَصْحَابِنَا وهو قَوْلُ ( ش ) وَذَهَبَ بَعْض أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْفَيْءَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْخُذُ من نَصِيبِهِ ما يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ في مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ من الثُّغُورِ ثُمَّ الْأَنْهَارِ وَالْقَنَاطِرِ وَرِزْقِ قُضَاةٍ وَمَنْ نَفْعُهُ عَامٌّ ثُمَّ يُقَسِّمُ بين الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْعَبِيدَ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ وَهِيَ أَصَحُّ عنه قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ بَعْدَ الْكِفَايَةِ يَدَّخِرُ ما بَقِيَ وَأَعْطَى أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه الْعَبِيدَ ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ قال وقال الشَّافِعِيُّ ولم يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِينَاهُ في أَنَّ ليس للماليك ( ( ( للمماليك ) ) ) الْعَطَاءِ حَقٌّ وَلَا لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ
وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْفَيْءِ أَنْ يَسْتَأْثِرُوا منه فَوْقَ الْحَاجَةِ كَالْإِقْطَاعِ يَصْرِفُونَهُ فِيمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أو إلَى من يَهْوُونَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وهو مَعْنَى كَلَامِ الْآجُرِّيِّ وَغَيْرِهِ وقد قِيلَ لِأَحْمَدَ هَؤُلَاءِ الْمَكَافِيفُ يَأْخُذُونَ من الدِّيوَانِ أَرْزَاقًا كَثِيرَةً تَطِيبُ لهم كَيْفَ تَطِيبُ يُؤْثِرُونَهُمْ بها وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ الْأَنْصَارِ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم =
____________________
(6/263)
وفي جَوَازِ تَفْضِيلِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا تَفْضِيلَ لِفِعْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مع جَوَازِهِ وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ ولاحق لِمَنْ حَدَثَ بِهِ زَمَنٌ وَنَحْوُهُ في الْأَصَحِّ وَإِنْ مَاتَ من حَلَّ عَطَاؤُهُ فَإِرْثٌ وَلِزَوْجَةِ الْجُنْدِيِّ وَذُرِّيَّتِهِ كِفَايَتُهُمْ وَيَسْقُطُ حَقُّ أُنْثَى يَتَزَوَّجُهَا وإذا بَلَغَ بَنُوهُ أَهْلًا لِلْقِتَالِ فُرِضَ لهم بِطَلَبِهِمْ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْحَاجَةُ إلَيْهِمْ
وبيت المال ملك للمسلمين يضمنه متلفه ويحرم إلا بإذن إمام ذكره في عيون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْفَيْءِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وفي جَوَازِ تفصيله ( ( ( تفضيله ) ) ) بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بَلْ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِمَعْنًى فِيهِمْ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ إدراك ( ( ( وإدراك ) ) ) الْغَايَةِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمتسوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذلك مُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَيَفْعَلُ ما يَرَاهُ انْتَهَى قُلْت وهو الصَّوَابُ فَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ ولم يُفَضِّلْ أبو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عليهم أَجْمَعِينَ
تَنْبِيهٌ فَسَّرَ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ السَّابِقَةِ بِالْإِسْلَامِ وَفَسَّرَهَا في الرِّعَايَةِ بِالْإِسْلَامِ أو الْهِجْرَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّابِقَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ بَلْ ما استقح ( ( ( استحق ) ) ) بِهِ الْفَضِيلَةَ كَتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ وَحُضُورِ مَشْهَدٍ لم يَشْهَدْهُ غَيْرُهُ كَبَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْوِهِمَا وهو الصَّوَابُ ولم يُقَيِّدْ ذلك بِالسَّبْقِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وفي الرِّعَايَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الثَّالِثَةُ الْفَرْقُ فَيَجُوزُ في السَّابِقَةِ فَقَطْ
____________________
1-
(6/264)
الْمَسَائِلِ وَذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ لَا يَجُوزُ له الصَّدَقَةُ وَيُسَلِّمُهُ لِلْإِمَامِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في السَّرِقَةِ منه وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ لو أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ وَكَذَا قال في وَقْفٍ على جِهَةٍ عَامَّةٍ كسمجد ( ( ( كمسجد ) ) ) أو موصي بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ
قال وَلَا يُتَصَوَّرُ في الْمُشْتَرَكِ بين عَدَدٍ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعِينٍ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا نحو بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُبَاحَاتِ وَالْوَقْفِ على مُطْلَقٍ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْإِعْطَاءِ أو بِالِاسْتِعْمَالِ أو بِالْفَرْضِ وَالتَّنْزِيلِ أو غَيْرِهِ فإن الْمَالِكَ يَعْتَبِرُ كَوْنَهُ مُعَيَّنًا وَلَكِنْ هو مُبَاحٌ أو مُتَرَدِّدٌ بين الْمُبَاحِ وَالْمَمْلُوكِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ بين مَعْنَيَيْنِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ في بَيْتِ الْمَالِ أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعِينٍ وفي الْمُغْنِي في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِلَا إذْنٍ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِينَ
وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ وَتَرْتِيبُهَا فَافْتَقَرَ إلَى إذْنِهِ وقال شَيْخُنَا في عُمَّالِهِ إذَا اخْتَانُوا منه وَقَبِلُوا هَدِيَّةً وَرِشْوَةً مِمَّنْ فُرِضَ له دُونَ أُجْرَتِهِ أو دُونَ كِفَايَتِهِ وَعِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ لم يُسْتَخْرَجْ منه ذلك الْقَدْرُ وقال وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ لهم أَخْذٌ خِيَانَةً فإنه يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِعْطَاءُ فَهُوَ كَأَخْذِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ أو الْغَرِيمِ دَيْنَهُ بِلَا إذْنٍ فَلَا فَائِدَةَ في اسْتِخْرَاجِهِ وَرَدِّهِ إلَيْهِمْ بَلْ الْإِمَامُ مَصَارِفَهُ الشَّرْعِيَّةَ لم يُعَنْ على ذلك
قال وقد ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ شَاطَرَ عُمَّالَهُ كَسَعْدٍ وَخَالِدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بن الْعَاصِ ولم يَتَّهِمْهُمْ بِخِيَانَةِ بَيِّنَةٍ بَلْ بِمُحَابَاةٍ اقْتَضَتْ أَنْ جَعَلَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قال وَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ بَعْضِ ما وَرِثَهُ أو غَيْرِهِ وَجَهِلَ قَدْرَهُ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ وَقِيلَ لِلْقَاضِي في مَسْأَلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ شَهْرُ بن حَوْشَبٍ سَرَقَ خَرِيطَةً من بَيْتِ الْمَالِ فقال لو كان هذا صَحِيحًا لم يَقْدَحْ في عَدَالَتِهِ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذلك لِحَاجَةٍ وَتَأْوِيلٍ فَلَا يُوجَبُ رَدُّ خَبَرِهِ
____________________
(6/265)
كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
أَصْلُهَا الْحِلُّ فَيَحِلُّ قال شَيْخُنَا لِمُسْلِمٍ وقال أَيْضًا اللَّهُ أَمَرَنَا بِالشُّكْرِ وهو الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْذُورِ فَإِنَّمَا أَحَلَّ الطَّيِّبَاتِ لِمَنْ يَسْتَعِينُ بها على طَاعَتِهِ لَا على مَعْصِيَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { ليس على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } المائدة 93 الْآيَةَ
وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ بِالْمُبَاحِ على الْمَعْصِيَةِ كَمَنْ يَبِيعُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ لِمَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَسْتَعِينُ بِهِ على الْفَوَاحِشِ وَقَوْلُهُ { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عن النَّعِيمِ } التكاثر 8 أَيْ عن الشُّكْرِ عليه فَيُطَالَبُ بِالشُّكْرِ فإن اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يُعَاقِبُ على تَرْكِ مَأْمُورٍ أو فِعْلِ مَحْظُورٍ
وفي مُسْلِمٍ بَعْدَ كِتَابِ صِفَةِ النَّارِ عن عِيَاضِ بن حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ذَاتَ يَوْمٍ في خُطْبَتِهِ أَلَا إنَّ ربى أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ مِمَّا عملني ( ( ( علمني ) ) ) يَوْمِي هذا كُلُّ ما نَحَلْته عَبْدًا حَلَالٌ أَيْ قال له كُلُّ مَالٍ أَعْطَيْته عَبْدًا من عِبَادِي فَهُوَ له حَلَالٌ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فيه سَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عن الْمِسْكِ يُجْعَلُ في الدَّوَاءِ وَيُشْرِبُهُ قال لَا بَأْسَ وفي الِانْتِصَارِ حتى شَعْرٍ وفي الْفُنُونِ الصَّحْنَاةُ سَحِيقُ سَمَكٍ مُنْتِنٍ في غَايَةِ الْخَبَثِ
وَيُحَرَّمُ نَجَسٌ كميته وَمُضِرٌّ كَسُمٍّ وفي الْوَاضِحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّمَّ نَجَسٌ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِهِ عليه السَّلَامُ من الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ ولم يُسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ وفي التَّبْصِرَةِ ما يَضُرُّ كَثِيرُهُ يَحِلُّ يَسِيرُهُ وَيَحْرُمُ من حَيَوَانِ بَرٍّ حُمْرٌ أَنَسِيَةٌ
وما يَفْرِسُ بِنَابِهِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَبْدَأُ بالعدوى ( وش ) كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَدُبٍّ خِلَافًا لِمُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فيه وفي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ كَبِيرٌ وهو سَهْوٌ قال أَحْمَدُ إنْ لم يَكُنْ نَابٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَنِمْسٌ وابن آوَى وابن
____________________
(6/267)
عُرْسٍ نَقَلَ عبدالله في ابْنِ عُرْسٍ كُلُّ شَيْءٍ يَنْهَشُ بِأَنْيَابِهِ فَمِنْ السِّبَاعِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَأْخُذُ بِمَخَالِبِهِ فَمِمَّا نهى عنه قال ابن عَقِيلٍ هذا منه يعطى أَنَّهُ لَا تُرَاعَى فِيهِمَا الْقُوَّةُ وَأَنَّهُ أَضْعَفُ من الثَّعْلَبِ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ اُعْتُبِرُوا الْقُوَّةَ
وَسِنَّوْرٍ أَهْلِيٍّ قال أَحْمَدُ أَلَيْسَ مِمَّا يُشْبِهُ السِّبَاعَ قال شَيْخُنَا ليس في كَلَامِهِ هذا إلَّا الْكَرَاهَةُ وَجَعَلَهُ أَحْمَدُ قِيَاسًا وَأَنَّهُ يُقَالُ يَعُمُّهَا اللَّفْظُ وَقِيلَ نَقَلَ حَنْبَلٌ هو سَبُعٌ وَيَعْمَلُ بِأَنْيَابِهِ كَالسَّبُعِ وَنَقَلَ فيه جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وقال قال الْحَسَنُ هو مَسْخٌ وما يَصِيدُ بمخالبه ( ( ( بمخلبه ) ) ) نَصَّ عليه كَعِقَابٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَبَاشِقٍ وَشَاهِينِ وَحَدَأَةٍ وَبُومَةٍ وما أَمَرَ الشَّرْعُ بِقَتْلِهِ أو نهى عنه وفي التَّرْغِيبِ تَحْرِيمًا إذْ لو حَلَّ لَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ مَأْكَلِهِ
وما يَأْكُلُ الْجِيَفَ نَصَّ عليه وَنَقَلَ عبدالله وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ وَجَعَلَ فيه شَيْخُنَا رِوَايَتَيْ الْجَلَالَةِ وَأَنَّ عَامَّةَ أَجْوِبَةِ أَحْمَدَ ليس فيها تَحْرِيمٌ وقال إذَا كان ما يَأْكُلُهَا من الدَّوَابِّ السِّبَاعُ فيه نِزَاعٌ ولم يُحَرِّمُوهُ وَالْخَبَرُ في الصَّحِيحَيْنِ فَمِنْ الطَّيْرِ أولى كَنَسْرٍ وَرَخْمٍ وَلَقْلَقٍ وَعَقْعَقٍ وَغُرَابِ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعِ وَاحْتُجَّ فيه بِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقَتْلِهِ وَتَارَةً بِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَنَقَلَ فيه حَرْبٌ لَا بَأْسَ لِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ
وما تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ وَالْأَصَحُّ ذُو الْيَسَارِ وَقِيلَ على عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال جَمَاعَةٌ وَالْمُرُوءَةُ كَفَأْرَةٍ لِكَوْنِهَا فُوَيْسِقَةٍ نَصَّ عليه وَحَيَّةٍ لِأَنَّ لها نَابًا من السِّبَاعِ نَصَّ عليه وَعَقْرَبٍ وقنفد ( ( ( وقنفذ ) ) ) وَوَطْوَطٍ نَصَّ عَلَيْهِنَّ وَعَلَّلَ أَحْمَدُ الْقُنْفُدَ بِأَنَّهُ بلغة أَنَّهُ مَسْخٌ أَيْ لَمَّا مُسِخَ على صُورَتِهِ دَلَّ على خَبَثِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا
وَحَشَرَاتٍ وَزُنْبُورٍ وَنَحْلٍ وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ في الْإِشَارَةِ وفي الرَّوْضَةِ يُكْرَهُ ذُبَابٌ وَزُنْبُورٍ وفي التَّبْصِرَةِ في خُفَّاشٍ وَخَطَّافٍ وَجْهَانِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْخُفَّاشَ لِأَنَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْخُفَّاشَ لِأَنَّهُ مَسْخٌ قال شَيْخُنَا هل هو لِلتَّحْرِيمِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت قد أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في قَوْلِ الْإِمَامِ أحمدأكره كَذَا وَجْهَيْنِ هل هو لِلْكَرَاهَةِ أو
____________________
1-
(6/268)
مَسْخٌ قال شيخنا هل هي ( ( ( يستحضر ) ) ) للتحريم ( ( ( أصل ) ) ) فيه وجهان ( م ( ( ( علم ) ) ) 1 )
وقال جماعة ( ( ( فأحد ) ) ) ثم ما يشبهه وفي التبصرة وَالرِّعَايَةِ أو مسمى باسم حيوان خبيث وإن أشبه مباحا ومحرما غلب التحريم قاله في التبصرة
وإن فقد الكل حل وقيل يحرم وعند أحمد وقدماء أصحابه لا أثر لاستخباث العرب فإن لم يحرمه الشرع حل قاله شيخنا واختاره وإن أول من قاله الخرقي وإن مراده ما يأكل الجيف لأنه تبع الشافعي وهو حرمة بهذه العلة
وَيَحْرُمُ مُتَوَلِّدٌ من مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه كَبَغْلٍ وَسِمْعٍ وَلَدُ ضَبُعٍ من ذِئْبٍ وَعِسْبَارٍ وَلَدُ ذِئْبَةٍ من ضِبْعَانٍ وَلَوْ تَمَيَّزَ كَحَيَوَانٍ من نَعْجَةٍ نِصْفُهُ خَرُوفٌ وَنِصْفُهُ كَلْبٌ قَالَهُ شَيْخُنَا لَا مُتَوَلِّدٍ من مُبَاحَيْنِ كَبَغْلٍ من وَحْشٍ وَخَيْلٍ وما تَوَلَّدَ من مَأْكُولٍ طَاهِرٍ كَذُبَابِ الْبَاقِلَّا يُؤْكَلُ تَبَعًا لَا أَصْلًا في الْأَصَحِّ فِيهِمَا
وقال ابن عَقِيلٍ يَحِلُّ موته ( ( ( بموته ) ) ) قال وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ كَذُبَابٍ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ قال أَحْمَدُ في الْبَاقِلَا الْمُدَوَّدِ يَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَإِنْ لم يَتَقَذَّرْهُ فَأَرْجُو وقال عن تَفْتِيشِ التَّمْرِ الْمُدَوَّدِ قال لَا بَأْسَ بِهِ إذَا عِلْمَهُ وَكَرِهَ جَعْلَ النَّوَى مع التَّمْرِ في شَيْءٍ وَاحِدٍ وَأَكَلَ التَّمْرَ فَجَعَلَ يَأْخُذُ النَّوَى على ظَهْرِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْآمِدِيُّ وابن الْجَوْزِيِّ
وَيَحْرُمُ ثَعْلَبٌ وَسِنَّوْرُ بَرٍّ وَخَطَّافٌ وَذُبَابٌ وفي الْمُبْهِجِ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ لِأَنَّ ما في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمٌّ يَضُرُّ وَبَقٌّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) التحريم وصححهما ذلك في الخطبة وذكرنا من قدم وأطلق وذكرنا أن الصواب بالرجوع في ذلك إلى القوانين فإن دلت على تحريم أو كراهة عمل به لكن هل هذه المسألة من ذلك القبيل أم لا ظاهر كلام المصنف أنها ليست من ذلك القبيل إلا عند شيخه ويؤيده قوله لأنه مسخ ويحتمل أنه لم يستحضر أصل المسألة إذا علم ذلك
فأحد الوجهين أنه يحرم وهو الصحيح جزم به في المغني والمحرر والشرح وشرح ابن رزين والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى
والوجه الثاني يكره
____________________
1-
(6/269)
لَا وَبَرٌ وَيَرْبُوعٌ وَأَرْنَبٌ على الْأَصَحِّ في الْكُلِّ وَنَقَلَ عنه عبدالله في الثَّعْلَبِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فيه إلَّا عَطَاءٌ وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَدَعْهُ
وفي هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ رِوَايَتَانِ ( م 2 )
وفي غُدَافٍ وَسِنْجَابٍ وَجْهَانِ ( م 3 و 4 )
وما عَدَا ذلك بِلَا كَرَاهَةٍ كَزَرَافَةٍ في الْمَنْصُوصِ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ وَضَبُعٍ وَفِيهِ رِوَايَةٌ قَالَهُ ابن الْبَنَّاءِ وفي الرَّوْضَةِ إنْ عُرِفَ منه أَكَلَ مَيِّتَةً فَكَجَلَّالَةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( وضب ) ) ) 2 قوله ( ( ( وخيل ) ) ) وفي هدهد ( ( ( برذون ) ) ) وصرد روايتان ( ( ( بالوقف ) ) ) انتهى ( ( ( ونعامة ) ) )
وأطلقهما ( ( ( وبهيمة ) ) ) في المغني والكافي والمحرر والشرح والحاويين وغيرهم
إحداهما يحرمان قال الناظم هذه الرواية أولى وجزم به الآدمي في منوره وجزم به في منتخبه في الأولى ( ( ( التحريم ) ) )
والرواية الثانية ( ( ( سماه ) ) ) لَا يحرمان ( ( ( ينهى ) ) ) اختاره ابن ( ( ( الطير ) ) ) عبدوس في تذكرته ( ( ( الحدأة ) ) )
مَسْأَلَةٌ 3 و 4 قَوْلُهُ وفي غُدَافٍ وَسِنْجَابٍ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 الْغُدَافُ وهو بِضَمِّ الْغَيْنِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
أَحَدُهُمَا يُحَرِّمُ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ لَا يُؤْكَلُ الْغُدَافُ وقال الْخَلَّالُ الْغُدَافُ مُحَرَّمٌ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُحَرَّمُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 السِّنْجَابُ
أَحَدُهُمَا يُحَرَّمُ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُحَرَّمُ وَمَال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ إلَيْهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
1-
(6/270)
يؤكل الأيل قيل إنه يأكل الحيات فعجب وذكر الخلال الغربان خمسة الغداف وغراب البين يحرمان والزاغ مباح
وكذا الأسود والأبقع إذا لم يأكلا الجيف وأن هذا معنى قول أبي عبدالله قال شيخنا فإذا أباح الأبقع لم يكن للأمر بقتله أثر في التحريم وقد سماه فاسقا أيضا وإن حربا وأبا الحارث رويا لا ينهى عن الطير إلا ذي المخلب وما أكل الجيف ولهذا علل في الحدأة بأكلها الجيف فلا يكون لقتله فويسقا أثر كمذهب مالك لأنه قد يؤمر بقتل الشيء لصياله وإن لم يكن محرما ولو كان قتله موجبا تحريمه لنهي عنه وإن كان الصول عارضا كجلالة عرض لها الحل وفي زاد المسافر لا بأس بالأسود والزاغ ولا يؤكل الأبقع أمر عليه السلام بقتله ولا غراب البين والغداف لأنهما يأكلان الجيف فَصْلٌ وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ إلَّا الضِّفْدَعَ نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ عن قَتْلِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَالتِّمْسَاحَ وقال جَمَاعَةٌ وَالْكَوْسَجُ وَنَحْوُهُ وفي الْحَيَّةِ وَجْهَانِ ( م 5 ) وقال أبو عَلِيٍّ النِّجَادُ وَحَكَاهُ ابن عَقِيلٍ عن أبي بَكْرٍ النِّجَادِ وما يَحْرُمُ نَظِيرُهُ في بَرٍّ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَحَكَاهُ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً وفي الْمُذْهَبِ رِوَايَتَانِ وَتَحْرُمُ وَعَنْهُ تُكْرَهُ جَلَّالَةٌ أَكْثَرُ غِذَائِهَا نَجَاسَةٌ وَلَبَنُهَا وَبَيْضُهَا حتى تُحْبَسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نَصَّ عليه
وَتُطْعَمُ الطَّاهِرَ وَعَنْهُ غَيْرُ طَيْرٍ أَرْبَعِينَ وَعَنْهُ وَالشَّاةُ سَبْعًا وَعَنْهُ وَالْبَقَرُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة 5 قوله وفي الحية وجهان انتهى
أحدهما يحرم جزم به في المقنع والعمدة وشرح ابن منجا والوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وغيرهم وصححه في النظم وقدمه في الشرح
والوجه الثاني يباح قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة يباح حيوان البحر جميعه إلا الضفدع والتمساح وظاهر كلامه إباحه الحية وهو كالصريح في ذلك وقال في المحرر ويباح حيوان البحر إلا الضفدع وفي التمساح روايتان فظاهره أيضا إباحة الحية وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والحاويين
____________________
1-
(6/271)
ثَلَاثِينَ ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ وهو وَهْمٌ وَقَالَهُ ابن بَطَّةَ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَقِيلَ الْكُلُّ أَرْبَعِينَ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ وَكَرِهَ أَحْمَدُ رُكُوبَهَا وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَسَأَلَهُ ابن هانىء بَقَرَةً شَرِبَتْ خَمْرًا أَيَجُوزُ أَكْلُهَا قال لَا حتى يَنْتَظِرَ بها أَرْبَعُونَ يَوْمًا ذَكَرَهُ ابن بَطَّةَ حَكَاهُ الْقَاضِي
وَذَكَرَهُ أَيْضًا في زَادِ الْمُسَافِرِ وزاد وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا تَحْرِيمَ الْجَلَالَةِ وَأَنَّ مثله خَرُوفٌ ارْتَضَعَ من كَلْبَةٍ ثُمَّ شَرِبَ لَبَنًا طَاهِرًا وهو معتى ( ( ( معنى ) ) ) كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَهُ عَلَفٌ نَجَاسَةٌ لَا يُذْبَحُ أو يُحْلَبُ قَرِيبًا نَقَلَهُ عبدالله بن الْحَكَمِ وَاحْتَجَّ بِكُسْبِ الْحَجَّامِ وَاَلَّذِينَ عَجَنُوا من آبَارِ ثَمُودَ فَدَلَّ على تَحْرِيمِ آبَارِ ثَمُودَ
وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ نَزَلَ الْحَجَرَ أَيَشْرَبُ من مَائِهَا أو يَعْجِنُ بِهِ قال لَا إلَّا من ضَرُورَةٍ لَا يُقِيمُ بها وَعَنْ ابْنِ عرم ( ( ( عمر ) ) ) أَنَّ الناس نَزَلُوا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْحَجَرِ أَرْضَ ثَمُودَ فَاسْتَقَوْا من آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ فَأَمَرَهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُهْرِقُوا ما اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا من الْبِئْرِ التي تَرِدُهَا النَّاقَةُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَا وَجْهَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ على إبَاحَتِهِ مع الْخَبَرِ وَنَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ تَحْرِيمَ عَلَفِهَا مَأْكُولًا وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ مَأْكُولٍ على الْأَصَحِّ وَخَصَّهُمَا في التَّرْغِيبِ بِطَاهِرٍ مَحْرَمٍ كَهِرٍّ
وما سقى أو سُمِّدَ بِنَجَسٍ من زَرْعٍ وَثَمَرٍ نَجِسٌ مَحْرَمٌ نَصَّ عليه وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ طَاهِرٌ مُبَاحٌ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ كَسَقْيِهِ بِطَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ أَنَّهُ كَرِهَ الْعُذْرَةَ وَرَخَّصَ في السرحين ( ( ( السرجين ) ) ) وَاسْتَحَبَّ منه ما أُكِلَ لَحْمُهُ وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ الطِّينِ لِضَرَرِهِ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ كَأَنَّهُ لم يَكْرَهْهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَكَلَهُ عَيْبٌ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا من بِهِ مَرَضٌ
وَكَرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْقَوْمُ حين يُوضَعُ الطَّعَامُ فَيَفْجَأَهُمْ وَالْخُبْزَ الْكِبَارَ وقال ليس فيه بَرَكَةٌ وَوَضَعَهُ تَحْتَ الْقَصْعَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ له وَحَرَّمَ الْآمِدِيُّ وَضْعَهُ وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ وَكَرِهَ أَصْحَابُنَا في الْأَوَّلِيَّيْنِ وَجَزَمَ في الْمُغْنِي في الثَّانِيَةِ وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلَا تَعَمُّدِ أَكَلَ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَ في المتسوعب وَغَيْرِهِ إلَّا من طَعَامٍ من عَادَتِهِ السَّمَاحَةُ وَلَا بَأْسَ بِلَحْمٍ نِيءٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَلَحْمٍ مُنْتِنٍ نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ وَذَكَرَ
____________________
(6/272)
جَمَاعَةٌ فِيهِمَا يُكْرَهُ وَجَعَلَهُ في الِانْتِصَارِ في الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا
وَكَرِهَ أَحْمَدُ حَبًّا دِيسَ بِالْحُمْرِ وقال لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدُوسُوهُ بها وقال حَرْبٌ كره ( ( ( كرهه ) ) ) كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَهَذَا الْحَبُّ كَطَعَامِ الْكَافِرِ وَمَتَاعِهِ على ما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى وَلَا يُؤْكَلُ حتى يُغْسَلُ
وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ ثُومٍ وَنَحْوِهِ ما لم يَنْضَجْ بِالطَّبْخِ وقال لَا يُعْجِبُنِي وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَرِهَهُ لِمَكَانِ الصَّلَاةِ في وَقْتِ الصَّلَاةِ وَكَرِهَ مَاءُ بِئْرٍ بين الْقُبُورِ وَشَوْكَهَا وَبَقْلَهَا قال ابن عَقِيلٍ كما ( ( ( كلما ) ) ) سُمِّدَ بِنَجَسٍ وَالْجَلَّالَةَ وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ اللَّحْمِ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى غَيْرِ سُمٍّ وَنَحْوِهِ فَخَافَ تَلَفًا نَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّفْسَ تَكَادُ تَتْلَفُ وَقِيلَ أو ضَرَرًا
وفي الْمُنْتَخَبِ أو مَرَضًا أو انْقِطَاعًا عن الرُّفْقَةِ وَمُرَادُهُ يَنْقَطِعُ فَيَهْلِكُ كما ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أو زِيَادَةَ مَرَضٍ وَأَوْجَبَ الْكُسْبَ على خَائِفٍ مُحَرَّمًا وفي التَّرْغِيبِ إنْ خَافَ مَرَضَهُ فَوَجْهَانِ وَعَنْهُ إنْ خَافَ في سَفَرٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ أَكَلَ وُجُوبًا نَصَّ عليه
وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وافاقا ( ( ( وفاقا ) ) ) وَقِيلَ نَدْبًا سدر ( ( ( سد ) ) ) مقه ( ( ( رمقه ) ) ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ وَلَهُ الشِّبَعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقِيلَ بِدَوَامِ خَوْفِهِ ويبني عَلَيْهِمَا تَزَوُّدُهُ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَجَوَّزَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ يَتَزَوَّدُ إنْ خَافَ الْحَاجَةَ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قال كما يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُ الْمَاءَ إذَا خَافَ كَذَا هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ السُّؤَالِ نَقَلَهُ عنه أبو الْحَارِثِ
قِيلَ له في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قال يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وهو مع الناس هذا أَشْنَعُ وقال له يَعْقُوبُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك قال الصَّدَقَةُ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ قال أَحْمَدُ لِسَائِلٍ قُمْ قَائِمًا لِيَكُونَ لَك عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ قال الْقَاضِي يَأْثَمُ إذَا لم يَسْأَلْ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا في الْخِلَافِ في الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَيُّهُمَا أَشَدُّ حَاجَةً وَأَخَذَهُ شَيْخُنَا من الضِّيَافَةِ من طَرِيقِ الْأَوْلَى
وَرَوَى أَحْمَدُ حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ حدثنا شُعْبَةُ عن أبي بِشْرٍ سَمِعْت عَبَّادَ بن شُرَحْبِيلَ وكان مِنَّا من بَنِي نُمَيْرٍ قال أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَأَتَيْت الْمَدِينَةَ فَدَخَلْت حَائِطًا من حِيطَانِهَا فَأَخَذْت سُنْبُلًا فَفَرَكْته فَأَكَلْت منه وَحَمَلْت في ثَوْبِي فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ
____________________
(6/273)
فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي فَأَتَيْت الرَّسُولَ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال ما عَلَّمْته إذا كان جَاهِلًا وَلَا أَطْعَمْته إذَا كان سَاغِبًا أو جَائِعًا فَرَدَّ على الثَّوْبَ وَأَمَرَ لي بِنِصْفِ وَسْقٍ
حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وَفِيهِ فَرَدَّ على ثَوْبِي وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ إنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَسْأَلَةِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ قِيلَ فَإِنْ تُوَقَّفَ قال ما أَظُنّ أَحَدًا يَمُوتُ من الْجُوعِ اللَّهُ يأيته ( ( ( يأتيه ) ) ) بِرِزْقِهِ
ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ أبي سَعِيدٍ من اسْتَعْفَفَ أَعَفَّهُ اللَّهُ وَخَبَرَ أبي ذَرٍّ أَنَّهُ سَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال تَعَفَّفْ ثُمَّ قال أبو عبدالله يَتَعَفَّفُ خَيْرٌ له وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَأْثَمُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ وَجَدَ مع مَيْتَةٍ طَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ أو صَيْدًا وهو مُحَرَّمٌ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ وفي الْفُنُونِ قال حَنْبَلِيٌّ الذي يَقْتَضِيه مَذْهَبُنَا خِلَافَ هذا وَقِيلَ إنْ لم تَقْبَلْهَا نَفْسُهُ حِلًّا وفي الْكَافِي هِيَ أَوْلَى إنْ طَابَتْ نَفْسُهُ وَإِلَّا أَكَلَ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ
وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُقَدِّمُهُ وَلَوْ بِقِتَالِهِ ثُمَّ صَيْدًا ثُمَّ مَيْتَةً فَلَوْ عَلِمَهُ وَبَذَلَهُ له فَفِي بَقَاءِ حَالِهِ كَبَذْلِ حُرَّةٍ بُضْعَهَا لِمَنْ لم يَجِدْ طَوْلًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَإِنْ بَذَلَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ ذلك وقال ابن عَقِيلٍ لَا يُلْزِمُ مُعَسِّرًا على احْتِمَالٍ وَإِنْ وَجَدَهُمَا مُحَرَّمٌ بِلَا مَيْتَةٍ قَدَّمَ الطَّعَامَ وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَيُقَدَّمُ مُخْتَلَفًا فيه
وَيَحْرُمُ أَكْلُ عُضْوِهِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْفُنُونِ عن حَنْبَلِيٍّ فَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ فَرُبَّهُ الْمُضْطَرُّ وفي الْخَائِفِ وَجْهَانِ أَحَقُّ ( م 6 ) وَهَلْ له إيثَارُهُ كَلَامُهُمْ على أَنَّهُ لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ فَرُبَّهُ الْمُضْطَرُّ أَحَقُّ وفي الْخَائِفِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا رُبَّهُ أَحَقُّ أَيْضًا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ كان صَاحِبُ الطَّعَامِ أو الشَّرَابِ مُضْطَرًّا إلَيْهِ في ثَانِي الْحَالِ فَهَلْ يُمْسِكُهُ له أو يَدْفَعُهُ إلَى الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ في الْحَالِ
قُلْت يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَظْهَرُهُمَا إمْسَاكُهُ إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عن غَيْرِهِ وَلَا إنْجَاؤُهُ من هَلَكَةٍ إنْ خَافَ على نَفْسِهِ التَّلَفَ حَالًا أو مالا انْتَهَى
____________________
1-
(6/274)
يجوز وذكر صاحب الهدى في غزوة الطائف أنه يجوز وأنه غاية الجود لقوله تعالى { ولو كان بهم خصاصة } الحشر 9 ولفعل جماعة من الصحابة رضي الله عنهم في فتوح الشام وعد ذلك في مناقبهم وإلا لزمه أكله من الميتة بقيمته نص عليه ولو في ذمة معسر وفيه احتمال لابن عقيل وفي زيادة لا تجحف
وفي عيون المسائل والانتصار قرضا بعوضه وقيل مجانا واختاره شيخنا كالمنفعة في الأشهر ونهى صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر رواه أحمد من حديث على رضي الله عنه فإن أبى أخذه بالأسهل ثم قهرا وقاتله عليه
فإن قتل المضطر ضمنه رب الطعام وعكسه بعكسه وفي الترغيب في قتاله وجهان ونقل عبدالله أن أباه كرهه وحرمه في الإرشاد وإن بذله له بفوق ما يلزمه أخذه وأعطاه قيمته وقيل يقاتله فإن لم يجد إلا آدميا مباح الدم كزان محصن قتله وأكله وكذا معصوما ميتا والأكثر يحرم وفي الترغيب وكذا آدميا مباح الدم قال في الفصول في الجنائز يقدم حي اضطر إلى سترة لبرد أو مطر على تكفين ميت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمُضْطَرُّ أَحَقُّ بِهِ وَفِيهِ قُوَّةٌ
تَنْبِيهٌ قد لَاحَ لَك من كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لم يَسْبِقْ إلَى ذِكْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ هو الذي خَرَّجَهُمَا وَحِينَئِذٍ في إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وفي زِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا ليس له بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ يَجِبُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ في مَكَانَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي قال الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من ثَمَنِ مِثْلِهِ
____________________
1-
(6/275)
فإن كانت السترة للميت احتمل أن يقدم الحي أيضا ولم يذكر غيره
ومن مر بثمرة بستان لا حائط عليه نص عليه ولم يذكره في الموجز ولا ناظر ولم يذكره في الوسيلة فله الأكل وعنه من متساقط وعنه منهما لحاجة مجانا وعنه لضرورة ذكره جماعة كمجموع مخبي وعنه ويضمنه اختارهما في المبهج وجوزه في الترغيب لمسأذن ثلاثا للخبر فَعَلَى الْمَذْهَبِ في زَرْعٍ قَائِمٍ وَشُرْبِ لَبَنِ مَاشِيَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 8 ) ولا يحمل بحال ولا يرمي ( ( ( ومسبوك ) ) ) شجرا ( ( ( الذهب ) ) ) نص عليهما ( ( ( والخلاصة ) ) )
وَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَ ضِيَافَةُ مُجْتَازٍ بِهِ مُسْلِمٍ وَعَنْهُ وَذِمِّيٍّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُسَافِرٍ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَحَاضِرٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ ( م 9 ) في قَرْيَةٍ وفي مِصْرَ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ( م 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( ليلة ) ) ) 8 قوله ( ( ( والأشهر ) ) ) فعلى ( ( ( ويوما ) ) ) المذهب ( ( ( فقط ) ) ) في زرع قائم وشرب لبن ماشية روايتان انتهى
وأطلقهما في الهداية ( ( ( السبيل ) ) ) والمذهب ( ( ( يضيفهم ) ) ) ومسبوك الذهب ( ( ( مروا ) ) ) والمستوعب والخلاصة والكافي ( ( ( أيام ) ) ) والمغني والمقنع ( ( ( أبوا ) ) ) والهادي ( ( ( أخذوا ) ) ) والمحرر ( ( ( منهم ) ) ) والشرح ( ( ( بمثل ) ) ) وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين والقواعد الفقهية ونهاية ابن رزين والزركشي وغيرهم
إحداهما له ذلك كالثمرة ( ( ( ويلزم ) ) ) وهو ( ( ( إنزاله ) ) ) الصحيح قال ناظم ( ( ( كزوجة ) ) ) المفردات ( ( ( وقريب ) ) ) هذا ( ( ( ورفيق ) ) ) الأشهر وجزم ( ( ( عائشة ) ) ) به ( ( ( مرفوعا ) ) ) في المنور ( ( ( نزل ) ) ) ومنتخب ( ( ( بقوم ) ) ) الآدمي وغيره ( ( ( يصومن ) ) ) واختاره ( ( ( تطوعا ) ) ) أبو بكر ( ( ( بإذنهم ) ) ) في ( ( ( إسناده ) ) ) لبن ( ( ( ضعيف ) ) ) الماشية ( ( ( رواه ) ) )
والرواية ( ( ( الترمذي ) ) ) الثانية ليس ( ( ( ماجه ) ) ) له ذلك وصححه في الصحيح والنظم وجزم به في الوجيز قال في إدراك الغاية وتجريد العناية له ذلك في رواية ( ( ( كشف ) ) ) فدل ( ( ( المشكل ) ) ) أن المقدم ( ( ( النهي ) ) ) ليس له ( ( ( صوم ) ) ) ذلك ( ( ( الأضحى ) ) )
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَحَاضِرٌ وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ انْتَهَى
الوجه الأول ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْحَاضِرَ ليس كَالْمُسَافِرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو كَالْمُسَافِرِ فَيُعْطَى حُكْمَهُ قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ في قَرْيَةٍ وفي مِصْرٍ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/276)
ليلة والأشهر ويوما فقط نقله الجماعة وقيل ثلاثة وما فوقها صدقة فإن أبى فله محاكمته ونقل الشالنجي إذا بعثوا في السبيل يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام فإن أبوا أخذوا منهم بمثل ذلك ويلزم إنزاله في بيته لعدم مسجد وغيره فقط وأوجبه في المفردات مطلقا كالنفقة
والضيافة وأدم وفي الواضح ولفرسه تبن لا شعير ويتوجه فيه وجه كأدمه وأوجب شيخنا المعروف عادة قال كزوجة وقريب وعن عائشة مرفوعا من نزل بقوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم إسناده ضعيف رواه الترمذي وابن ماجة قال في كشف المشكل في النهي عن صوم الأضحي الناس فيه تبع لوفد الله عند بيته وهم كالضيف فلا يحسن صومه عند مضيفه
ومن قدم لضيفانه طعاما لم يجز لهم قسمه لأنه أباحه ذكره في الانتصار وغيره ومن امتنع من الطيبات بلا سبب شرعى فمذموم مبتدع وما نقل عن الإمام أحمد أنه امتنع من البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم كذب ذكره شيخنا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إحْدَاهُمَا لَا يَجِبُ عليهم وَلَيْسُوا كَأَهْلِ القرية ( ( ( القرى ) ) ) وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَطَعَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ الرعايتين ( ( ( والرعايتين ) ) ) وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هُمْ كَأَهْلِ الْقُرَى في ذلك وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَفِيهِ ضَعْفٌ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وفي الْوَاضِحِ وَلِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ كَذِمَّةٍ كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ كَأَدَمِهِ يَعْنِي أَنَّ الشَّعِيرَ لِلدَّابَّةِ كَالْأَدَمِ لِلْآدَمِيِّ
____________________
1-
(6/277)
بَابُ الذَّكَاةِ
لَا يَحِلُّ حَيَوَانٌ إلَّا بِذَكَاةٍ وقال ابن عَقِيلٍ في الْبَحْرِيِّ أو عَقْرٍ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَحَيَوَانِ الْبَرِّ إلَّا الْجَرَادَ وَالسَّمَكَ وما لَا يَعِيشُ إلَّا في الْمَاءِ وَعَنْهُ وَمَيْتَةُ كل بَحْرِيٍّ وَعَنْهُ مَيْتَةُ سَمَكٍ فَقَطْ فَيَحْرُمُ جَرَادٌ مَاتَ بِلَا سَبَبٍ وَعَنْهُ وَسَمَكٌ طَافٍ وَنُصُوصُهُ لَا بَأْسَ بِهِ ما لم يَتَقَذَّرْهُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عن الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ حِلَّهُ قال وما يُرْوَى خِلَافُ ذلك فَمَحْمُولٌ على التَّنْزِيهِ
وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عِنْدَ قَائِلِهِ وقال ابن عَقِيلٍ ما لَا نَفْسَ له سَائِلَةً يَجْرِي مَجْرَى دِيدَانِ الْخَلِّ وَالْبَاقِلَّا فَيَحِلُّ بِمَوْتِهِ قال وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 )
فَإِنْ حوم ( ( ( حرم ) ) ) لم يَنْجُسْ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ مع دَمٍ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ شَيَّ سَمَكٍ حَيٍّ لَا جَرَادَ وقال ابن عَقِيلٍ فِيهِمَا يُكْرَهُ على الْأَصَحِّ وَنَقَلَ عبدالله في الْجَرَادِ لَا بَأْسَ بِهِ ما أَعْلَمُ له وَلَا لِلسَّمَكِ ذَكَاةً وَيَحْرُمُ بَلْعُهُ حَيًّا ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ إجْمَاعًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الذَّكَاةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وقال ابن عَقِيلٍ ما لَا نَفْسَ له سَائِلَةٌ يَجْرِي مَجْرَى دِيدَانِ الْخَلِّ وَالْبَاقِلَّاءِ فَيُحْمَلُ بِمَوْتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ وَفِيهِ ورايتان انْتَهَى
يَعْنِي أَنَّ في حِلِّ الذُّبَابِ رِوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وفي تَحْرِيمِ الذُّبَابِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ من الْمُسْتَخْبَثَاتِ وَقَطْعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْأَطْعِمَةِ وفي مَوْضِعٍ وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ إنَّمَا هو حِكَايَةٌ عن ابْنِ عَقِيلٍ قد ذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُصَنِّفُ في كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ وهو بَعِيدٍ
____________________
1-
(6/279)
وفي المغني يكره
وللذكاة قال في الروضة والعمدة وهو معنى كلام غيرهما وَلِلنَّحْرِ شُرُوطٌ
أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ عَاقِلًا لِيَصِحَّ قَصْدُ التَّذْكِيَةِ وَلَوْ مُكْرَهًا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ فيه كَذَبْحِ مَغْصُوبٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا لَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الْأَكْلِ وفي التَّعْلِيقِ لو تَلَاعَبَ بِسِكِّينٍ على حَلْقِ شَاةٍ فَصَارَ ذَبْحًا ولم يَقْصِدْ حِلَّ أَكْلِهَا لم يُبَحْ
وَعَلَّلَ ابن عَقِيلٍ تَحْرِيمَ ما قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِصَوْلِهِ بِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ أَكْلَهُ كما وَطِئَهُ آدَمِيٌّ إذَا قُتِلَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ كَذَبْحِهِ وَذَكَر الْأَزَجِيُّ عن أَصْحَابِنَا إذَا ذَبَحَهُ لِيُخَلِّصَ مَالَ غَيْرِهِ منه يَقْصِدُ الْأَكْلَ لَا التَّخْلِيصَ لِلنَّهْيِ عن ذَبْحِهِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا في بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ لو لم يَقْصِدْ الْأَكْلَ أو قَصْدَ مُجَرَّدَ حِلِّ يَمِينِهِ لم يُبَحْ وَنَقَلَ صَالِحٌ وَجَمَاعَةٌ اعْتِبَارَ إرَادَةِ التَّذْكِيَةِ فَظَاهِرُهُ يَكْفِي
وفي الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قال له الصَّيْدُ فُرْجَةً وَنُزْهَةً مَيْتَةٌ لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَكْلِ قال وما أَحْسَنَ ما قال قال لِأَنَّهُ عَبَثٌ مُحَرَّمٌ وَلَا أَحَدَ أَحَقُّ بهذا من مَذْهَبِ أَحْمَدَ حَيْثُ جَعَلَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كُلَّ خَطَرٍ في مَقْصُودٍ شَرْعِيٍّ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَكَذَا خَرَّجَ أَصْحَابُهُ في السِّكِّينِ الْكَالَّةِ قال وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا أَنَّ ما قَتْلُهُ بِفَهْدٍ أو كَلْبٍ مغصوبة ( ( ( مغصوب ) ) ) مَيْتَةٌ لِكَوْنِ إمْسَاكِهِ وَإِرْسَالِهِ بِلَا حَقٍّ كَلَا إرْسَالٍ كما أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِسُتْرَةٍ مغصوب ( ( ( مغصوبة ) ) ) عُرْيَانُ وفي التَّرْغِيبِ هل يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ من قَصْدِ الْإِحْلَالِ فيه وَجْهَانِ سواء ( ( ( وسواء ) ) ) كان مُسْلِمًا أو كِتَابِيًّا وَلَوْ مُمَيِّزًا وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ لَا دُونَ عَشْرٍ وَلَوْ أُنْثَى قِنًّا وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِطَاقَةِ الذَّبْحِ
وفي التَّرْغِيبِ في الصَّابِئَةِ رِوَايَتَانِ مَأْخَذُهُمَا هل هُمْ نَوْعٌ من النَّصَارَى أَمْ لَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ من ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ فإنه قال هُمْ يَسْبِتُونَ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ وَكُلُّ من يَصِيرُ إلَى كِتَابٍ فَلَا بَأْسَ بِذَبِيحَتِهِ وَعَنْهُ لَا أَقْلَفَ لَا يُخَافُ بِخِتَانِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الْأَقْلَفِ لَا صَلَاةَ له وَلَا حَجَّ هِيَ من تَمَامِ الْإِسْلَامِ ونفل فيه الْجَمَاعَةُ لَا بَأْسَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ جُنُبٌ وَنَحْوُهُ وَنَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَذْبَحُ الْجُنُبُ وَنَقَلَ أَيْضًا في الْحَائِضِ لَا بَأْسَ وَنَقَلَ عبدالله تَحِلُّ ذَكَاةُ مُرْتَدٍّ إلَى الْكِتَابِيِّينَ وَعَنْهُ يَحْرُمُ سَمَكٌ وَجَرَادٌ صَادَهُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ صَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ
____________________
(6/280)
الثَّانِي الْآلَةُ فَتَحِلُّ بِكُلِّ مُحَدِّدٍ حتى حَجَرٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ إلَّا السِّنَّ وَالظُّفْرَ نَصَّ على ذلك وفي عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ رِوَايَتَانِ وَمِثْلُهَا سِكِّينٌ ذَهَبٌ وَنَحْوُهَا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ ( م 2 4 ) وفي التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ بِعَظْمٍ وَلَوْ بِسَهْمٍ نَصْلُهُ عَظْمٌ
الثالث قطع الحلقوم والمرىء وعنه والودجين اختاره أبو محمد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 2 4 قَوْلُهُ وفي عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ رِوَايَتَانِ وَمِثْلُهَا سِكِّينٌ ذَهَبٌ وَنَحْوُهَا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ انْتَهَى ذِكْرُ مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 إذَا كانت الْآلَةُ التي يُذْبَحُ بها عَظْمًا غير سِنٍّ فَهَلْ يَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بها أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَحِلُّ وهو الصَّحِيحُ قال في الْمُغْنِي يَقْتَضِي إطْلَاقُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إبَاحَةَ الذَّبْحِ بِهِ قال وهو أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ آلَةٍ لها حَدٌّ يَقْطَعُ وَيَنْهَرُ الدَّمَ إلَّا السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ قال في إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ في الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الحديث وَهَذَا تَنْبِيهٌ على عَدَمِ التَّذْكِيَةِ بِالْعِظَامِ إمَّا لِنَجَاسَةِ بَعْضِهَا وَإِمَّا لتنجسه ( ( ( لتنجيسه ) ) ) على مُؤْمِنِي الْجِنِّ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 الْآلَةُ الْمَغْصُوبَةُ هل تَحْصُلُ بها التَّذْكِيَةُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيها وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا تَحْصُلُ الذَّكَاةُ بها وَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ قال الْقَاضِي وغيرهم يُبَاحُ لِأَنَّهُ يُبَاحُ الذَّبْحُ بها لِلضَّرُورَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ في مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُبَاحُ التَّذْكِيَةُ بها
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 هل تَحْصُلُ التَّذْكِيَةُ بِسِكِّينٍ ذَهَبٍ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا ذَكَرَ في الِانْتِصَارِ
____________________
1-
(6/281)
الْجَوْزِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَعَنْهُ أو أَحَدِهِمَا وفي الْإِيضَاحِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وفي الْإِشَارَةِ المرىء ( ( ( المريء ) ) ) وَالْوَدَجَيْنِ وَكَلَامُهُمْ في اعْتِبَارِ إبَانَةِ ذلك بِالْقَطْعِ مُحْتَمَلٌ وَيَقْوَى عَدَمُهُ وَظَاهِرُهُ لَا يَضُرُّ رَفْعُ يَدِهِ إنْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ على الْفَوْرِ وَاعْتَبَرَ في التَّرْغِيبِ قَطْعًا تَامًّا فَلَوْ بَقِيَ من الْحُلْقُومِ جِلْدَةٌ ولم يَنْفُذْ الْقَطْعُ وانتهى الْحَيَوَانُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَطَعَ الْجِلْدَةَ لم يَحِلَّ
وفي الكافىء وَالرِّعَايَةِ يَكْفِي قَطْعُ الأوادج ( ( ( الأوداج ) ) ) فَقَطْعُ أَحَدِهِمَا مع الْحُلْقُومِ أو الْمَرِيءِ أَوْلَى بِالْحِلِّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ رِوَايَةً في الأولى ( ( ( الأولة ) ) ) وَذَكَرَ وَجْهًا يكفى قَطْعُ ثَلَاثٍ من الْأَرْبَعَةِ
وَيُسَنُّ ذَبْحُ غَيْرِ إبِلٍ وَنَحْرُهَا وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ يُنْحَرُ الْبَقَرُ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وما صَعُبَ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ ذَبْحُ إبِلٍ وَعَنْهُ وَلَا تُؤْكَلُ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ ابن عَبَّاسٍ وابن عُمَرَ قَالَا النَّحْرُ في اللَّبَّةِ وَالذَّبْحُ في الْحَلْقِ وَالذَّبْحُ وَالنَّحْرُ في الْبَقَرِ وَاحِدٌ وَإِنْ ذَبَحَ مَغْصُوبًا حَلَّ نَصَّ عليه لِإِبَاحَتِهِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ سُتْرَةِ الصَّلَاةِ قَالَهُ ابن شِهَابٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ
وَكَذَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في سِكِّينٍ غَصْبٍ لِأَنَّهُ يُبَاحُ الذَّبْحُ بها لِلضَّرُورَةِ فَالسُّتْرَةُ أَغْلَظُ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَكَذَا لو أَبَانَ رَأْسًا وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ في الْمَغْصُوبِ لَا يَأْكُلُهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ له قال الْقَاضِي فَأَبَاحَهُ بَعْدَ إذْنِهِ وما سَبَقَ من الْفَرْقِ وذكروه ( ( ( ذكروه ) ) ) في سِكِّينٍ غَصْبٍ وَلَوْ اُخْتُتِنَ بها أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ كَالْعِتْقِ بِمَكَانِ غَصْبٍ وَكَتَرْكِ الْبَدَاءَةِ بِقَطْعِ الْأَيْدِي في الْحُدُودِ وَذَكَاةِ ما عَجَزَ عنه كَوَاقِعٍ بِبِئْرٍ وَمُتَوَحِّشٌ يَجْرَحُهُ حَيْثُ شَاءَ من بَدَنِهِ نَصَّ عليه وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَإِنْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مِثْلُ كَوْنِ رَأْسِهِ في مَاءٍ وَنَحْوِهِ لم يَحِلَّ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى بِجُرْحٍ مُوحٍ
وَإِنْ ذَبَحَهُ من قَفَاهُ خَطَأً فَأَتَتْ الْآلَةُ مَحَلَّ ذَبْحِهِ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَعَنْهُ أولا وفي والمغني غَلَبَ بقاؤه ( ( ( بقاؤها ) ) ) حَلَّ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةَ يَحْرُمُ مع حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ وهو ظَاهِرُ ما رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عنه
وَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا فَرِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَمُلْتَوٍ عُنُقُهُ كَمَعْجُوزٍ عنه قَالَهُ الْقَاضِي وقيل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والموجز أنها كالآلة ( ( ( ذبحه ) ) ) المغصوبة وقد ( ( ( قفاه ) ) ) علمت ( ( ( خطأ ) ) ) الصَّحِيحُ من المذهب فيها ( ( ( والشيرازي ) ) ) فكذا في هذه قلت بل هذه أولى بالصحة ( ( ( والتصحيح ) ) ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أكثر الأصحاب والله أعلم
____________________
1-
(6/282)
كَذَلِكَ وما أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ من مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ فَذَكَّاهُ وَحَيَاتُهُ يُمْكِنُ زِيَادَتُهَا وقال شَيْخُنَا وَقِيلَ تَزِيدُ على حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّ قِيلَ بِشَرْطِ تَحَرُّكِهِ بِيَدٍ أو طَرْفِ عَيْنٍ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ أولا ( م 6 ) وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَجَمَاعَةٌ ما عُلِمَ مَوْتُهُ بِالسَّبَبِ وَعَنْهُ لِدُونِ أَكْثَرِ يَوْمٍ لم يَحِلَّ وَعَنْهُ حَلَّ مُذَكًّى قبل مَوْتِهِ ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وفي كِتَابِ الْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ يشترط ( ( ( تشترط ) ) ) حَيَاةٌ يُذْهِبُهَا الذَّبْحُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة 5 قوله وَإِنْ ذبحه ( ( ( خرج ) ) ) من ( ( ( بحياة ) ) ) قفاه خطأ فأتت الآلة محل ذبحه وفيه حياة مُسْتَقِرَّةٍ حَلَّ وإن ( ( ( بذبحه ) ) ) فعله عمدا فروايتان انتهى
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمحرر والحاويين وغيرهم
إحداهما يباح بشرطه وهو الصحيح اختاره القاضي والشيرازي وغيرهما وصححه في المغني والشرح وشرح ( ( ( كمنخنقة ) ) ) ابن منجا ( ( ( الميموني ) ) ) والتصحيح وغيرهم ( ( ( خرج ) ) ) وهو ( ( ( حيا ) ) ) ظاهر ما جزم به الكافي ( ( ( حنيفة ) ) ) والآدمي في منتخبه ( ( ( صيد ) ) ) ومنوره ( ( ( عقر ) ) ) وغيرهما ( ( ( ووقع ) ) )
والرواية الثانية ( ( ( ماء ) ) ) لَا يباح ( ( ( تأكله ) ) ) وهو ( ( ( لعل ) ) ) ظاهر ( ( ( الماء ) ) ) كلامه ( ( ( أعان ) ) ) في الوجيز وصححه في الرعايتين ( ( ( ذكاة ) ) ) والنظم ( ( ( أمه ) ) ) وتصحيح ( ( ( تحريمه ) ) ) المحرر ( ( ( كتحريم ) ) ) وقدمه ( ( ( أبيه ) ) ) الزركشي وقال ( ( ( وجأ ) ) ) هو ( ( ( بطن ) ) ) منصوص ( ( ( أمه ) ) ) أحمد ( ( ( فأصاب ) ) ) ومفهوم ( ( ( مذبحه ) ) ) كلام ( ( ( تذكى ) ) ) الخرقي ( ( ( والأم ) ) )
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وما أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ من مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ فذكاة وحياة ( ( ( وحياته ) ) ) يُمْكِنُ زِيَادَتُهَا حَلَّ قِيلَ بِشَرْطِ تَحَرُّكِهِ بِيَدٍ أو طَرَفِ عَيْنٍ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ أولا انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ شَيْءٍ من ذلك قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ إذَا أَدْرَكَ ذَكَاةَ ذلك وَفِيهِ حَيَاةٌ يُمْكِنُ أَنْ تَزِيدَ على حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّ بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَرَّكَ عِنْدَ الذَّبْحِ وَلَوْ بِيَدٍ ورجل أو طَرَفِ عَيْنٍ أو قَصْعِ ذَنْبٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذلك حَيْثُ كان فيها حَيَاةٌ تَزِيدُ على حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أنها إذَا كانت تَعِيشُ زَمَنًا يَكُونُ الْمَوْتُ بِالذَّبْحِ أَسْرَعَ منه حَلَّتْ بِالذَّبْحِ وَأَنَّهَا مَتَى كانت مِمَّا لَا يُتَيَقَّنُ مَوْتُهَا كَالْمَرِيضَةِ وَأَنَّهَا مَتَى تَحَرَّكَتْ وَسَالَ دَمُهَا حَلَّتْ انْتَهَى
____________________
1-
(6/283)
وعنه إن تحول ذكره في المبهج ونقله عبدالله والمروذي وأبو طالب وفي الترغيب لو ذبح وشك في الحياة المستقرة ووجد ما يقارب الحركة المعهودة في التذكية المعتادة حل في المنصوص قال وأصحابنا قالوا الحياة المستقرة ما جاز بقاؤها أكثر اليوم وقالوا إذا لم يبق فيه إلا حركة المذبوح لم يحل فإن كان التقييد بأكثر اليوم صحيحا فلا معنى للتقييد بحركة المذبوح للحظر وكذا بعكسه فإن بينهما أمدا بعيدا قال وعندي أن الحياة المستقرة ما ظن بقاؤها زيادة على أمد حركة المذبوح لمثله سوى أمد الذبح
قال وما هو في حكم الميت كمقطوع الحلقوم ومبان الحشوة فوجدوها كعدم على الأصح وَمَرِيضَةٌ كَمُنْخَنِقَةٍ وَقِيلَ لَا يعتبر ( ( ( تعتبر ) ) ) حَرَكَتُهَا ( م 7 )
وذكاة جنين مأكول بتذكية أمه ولو ( ( ( المريضة ) ) ) لم يشعر ( ( ( المنخنقة ) ) ) واستحب ( ( ( وأخواتها ) ) ) أحمد ذبحه وعنه لا بأس وإن خرج بحياة مستقرة حل بذبحه نقله الجماعة
وقدم في المحرر أنه كمنخنقة ونقل الميموني إن خرج حيا فلا بد من ذبحه وعنه يحل بموته قريبا وفي قياس الواضح لابن عقيل ما قاله أبو حنيفة لا يحل جنين بتذكية أمه أشبه لأن الأصل الحظر ولهذا قال عليه السلام في صيد عقر ووقع في ماء لا تأكله لعل الماء أعان على قتله
فهذا تنبيه ولا يؤثر في ذكاة أمه تحريمه كتحريم أبيه ولو وجأ بطن أمه فأصاب مذبحه تذكى والأم ميتة ذكره أصحابنا ذكره في الانتصار
الرَّابِعُ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ أو إرْسَالِ الْآلَةِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أو قَبْلَهُ قَرِيبًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 7 قوله ومريضة كمنخنقة وقيل لا تعتبر حركتها انتهى
الصحيح من المذهب أن حكم المريضة حكم المنخقة وأخواتها كما قدمه المصنف وقد علمت الصحيح من المذهب في ذلك فكذا في هذه وتقدم كلامه في المغني وهو صريح في المسألة
____________________
1-
(6/284)
فَصَّلَ بِكَلَامٍ أولا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ من مُسْلِمٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَكْسَهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ فيه اسْمُ اللَّهِ وَعَنْهُ هِيَ سُنَّةٌ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ الْآيَةَ في الْمَيِّتَةِ وقد رَخَّصَ أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَكْلِ ما لم يُسَمَّ عليه وَعَنْهُ يَسْقُطُ سَهْوًا وَذَكَرَهُ ابن جَرِيرٍ إجْمَاعًا وَعَنْهُ في الذَّبْحِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ وَالسَّهْمُ وَعَنْهُ شَرْطٌ لِلصَّيْدِ سُنَّةٌ لِلذَّبِيحَةِ وَعَنْهُ بِعَرَبِيَّةٍ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافَهُ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ قد ذَكَرَ اللَّهَ وفي الِانْتِصَارِ في تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ على قِيَاسِهِ أَدَاءُ شَهَادَةٍ وَإِيمَانٌ وَيَمِينٌ وَخُطْبَةٌ وَتَلْبِيَةٌ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِلْمُ بِاعْتِقَادِ الْإِيمَانِ وَيَحْصُلُ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَبِأَنَّ الْقَصْدَ من الْخُطْبَةِ الْمَوْعِظَةُ وَمِنْ التَّلْبِيَةِ إجَابَةُ الدَّاعِي وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِلَفْظِ اللِّعَانِ وَبِلَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لو قال أَعْلَمُ لم يَصِحَّ وقال في مَكَان آخَرَ وَعَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ التَّلْبِيَةَ وَالتَّسْمِيَةَ وقد نَصَّ على التَّسْمِيَةِ وَلَيْسَ جَاهِلٌ كَنَاسٍ كَالصَّوْمِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَقِيلَ يَكْفِي تَكْبِيرٌ وَنَحْوُهُ وَيَضْمَنُ أَجِيرٌ تَرْكَهَا إنْ حَرُمَتْ وَاخْتَارَ في النَّوَادِرِ لِغَيْرِ شَافِعِيٍّ وَيَتَوَجَّهُ تَضْمِينُهُ النَّقْصَ إنْ حَلَّتْ
وَيُسَنُّ مَعَهَا نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا كَالصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمَنْصُوصِ وفي الْمُنْتَخَبِ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ مَعَهَا شيئا وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بها وَمِنْ سَمَّى على سَهْمٍ فَرَمَى بِغَيْرِهِ لم يُبَحْ كَقَطِيعٍ فَيَذْبَحَ منه أو شَاةٍ فَيَذْبَحُ غَيْرَهَا وَقِيلَ بَلَى كَآلَةِ ذَبْحٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ من عَدَمِ اعْتِبَارِهَا على صَيْدٍ بِعَيْنِهِ لِمَشَقَّتِهِ اعْتِبَارُ تَعْيِينِ الْآلَةِ
وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ بِآلَةٍ كآلة وَحْدَهَا وَالْحَيَوَانُ يَرَاهُ وَسَلْخُهُ وَكَسْرُ عُنُقِهِ قبل زَهُوقِ نَفْسِهِ وَحَرَّمَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَفْعَلُ وقال شَيْخُنَا في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ على كل شَيْءٍ فإذا قَتَلْتُمْ فاحسنوا الْقِتْلَةَ وإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ في هذا الحديث إنَّ الْإِحْسَانَ وَاجِبٌ على كل حَالٍّ حتى في حَالِّ إزْهَاقِ النُّفُوسِ نَاطِقُهَا وَبَهِيمُهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ للادميين وَالذِّبْحَةَ لِلْبَهَائِمِ هذا كَلَامُهُ وقد قال ابن حَزْمٍ اتَّفَقُوا أَنَّ إحْسَانَ الذَّابِحِ وَاجِبٌ فِيمَا يَذْبَحُ وفي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ قَطْعُ رَأْسِهِ قبل سَلْخِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَفْعَلُ
____________________
(6/285)
وَيُسَنُّ تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ الْكَحَّالُ يَجُوزُ لِغَيْرِهَا إذَا لم يَتَعَمَّدْهُ وَيُسَنُّ على جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَرِفْقُهُ بِهِ وَتَحَامُلُهُ على الْآلَةِ بِالْقُوَّةِ وَإِسْرَاعُهُ بِالشَّحْطِ وَسَبَقَ ما يَقْتَضِي الْوُجُوبَ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ أَكْرَهُ نَفَخَ اللَّحْمِ قال في الْمُغْنِي الذي لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ غِشٌّ وَأَكْلَ غُدَّةٍ وَأُذُنَ قَلْبٍ نَصَّ عليه وَحَرَّمَهُمَا أبو بَكْرٍ وأبو الْفَرَجِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن أُذُنِ الْقَلْبِ وهو هَكَذَا وقال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ كَرِهَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَكْلَ الْغُدَّةِ
الْأَوْزَاعِيُّ عن وَاصِلٍ عن مُجَاهِدٍ وَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ ما يَحِلُّ له فَعَنْهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عليهم وهو شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ قال في الْوَاضِحِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وفي الْمُنْتَخَبِ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ هو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِهِ وَعَنْهُ لَا كَذَبْحِ حَنَفِيٍّ حَيَوَانًا فَتَبَيَّنَ حَامِلًا وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ فَلَنَا تَمَلُّكُهَا منهم وَيَحْرُمُ عَلَيْنَا إطْعَامُهُمْ شَحْمًا من ذَبْحِنَا نَصَّ عليه لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليهم
وفي الرِّوَايَتَيْنِ لِابْنِ عَقِيلٍ نُسِخَ في حَقِّهِمْ ايضا وَإِنْ ذَبَحَ ما ثَبَتَ تحريمه ( ( ( تحريم ) ) ) عليه كَذِي الظُّفْرِ فَفِي تَحْرِيمِهِ عَلَيْنَا ما تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُحَرَّمُ وَقِيلَ لَا كَظَنِّهِ تَحْرِيمَهُ عليه فلم يَكُنْ وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لهم مع اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِاعْتِقَادِنَا وَإِنْ ذَبَحَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله فإن ذبح كتابي ما يحل له فعنه تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم وهو شحم الثرب والكليتين قال في الواضح اختاره الأكثر وفي المنتخب هو ظاهر المذهب وفي عيون المسائل هو الصحيح من مذهبه وعنه لا انتهى
( إحداهما ) يحرم علينا ذلك اختاره من ذكره المصنف واختاره ايضا أبو الحسن التميمي والقاضي
والرواية الثانية لا يحرم وهو الصحيح اختاره ابن حامد حكاه عن الخرقي في كلام مفرد واختاره الشيخ الموفق والشارح وصاحب الحاويين وصححه في الخلاصة والنظم وشرح ابن منجا وغيرهم وقطع به في الوجيز والآدمي في منتخبه ومنوره وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المذهب والمحرر وقال هو وغيره فيه وجهان وقيل روايتان
( مسألة 9 ) قوله وإن ذبح ما ثبت تحريمه عليه كذى الظفر ففي تحريمه علينا ما تقدم
____________________
1-
(6/286)
لِعِيدِهِ أو مُتَقَرِّبًا بِهِ إلَى شَيْءٍ يُعَظِّمُهُ لم يَحْرُمْ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ أَنْ يَذْكُرَ عليه اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ وَنَقَلَ عبدالله لَا يُعْجِبُنِي ما ذُبِحَ لِلزُّهْرَةِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْكَنِيسَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ
وذكره الْآيَةَ وَسَبَقَ زيادة ( ( ( زيارة ) ) ) الْقُبُورِ حَدِيثُ النَّهْيِ عن مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ وَأَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ فَيَكُونَ عِنْدَهُ مَنْهِيًّا عنه وهو نَظِيرُ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقُبُورِ وقد كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا وَالنَّهْيُ ظَاهِرٌ في التَّحْرِيمِ وَسَبَقَ في الْوَلِيمَةِ الْمُفَاخَرَةُ بها وَعَدَمُ ذِكْرِ الْأَكْثَرِ هذه الْمَسْأَلَةَ لَا عِبْرَةَ بِهِ مع صِحَّةِ النَّهْيِ وَنَظِيرُ ما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ
وَمَنْ ذَكَّى حَيَوَانًا فَوَجَدَ فيه أو في رَوْثِهِ جرادا ( ( ( جراد ) ) ) أو حَبًّا أو سَمَكَةً في سَمَكَةٍ لم يَحْرُمْ على الْأَصَحِّ وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ الطَّافِي أَشَدُّ من هذا وقد رَخَّصَ فيه أبو بَكْرٍ وقال عليه السَّلَامُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَحْرُمُ جَرَادٌ في بَطْنِ سَمَكٍ لِأَنَّهُ من صَيْدِ الْبَرِّ وَمَيْتَتُهُ حَرَامٌ لَا الْعَكْسُ لِحِلِّ مَيْتَةِ صَيْدِ الْبَحْرِ وَيَحْرُمُ بَوْلٌ طَاهِرٌ كَرَوْثِهِ أَبَاحَهُ الْقَاضِي في كِتَاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وقيل يحرم وقيل لا انتهى
ذكر المصنف في هذه المسألة ثلاثة طرق
أحدها وهو الصحيح أنها مثل المسألة التي قبلها وأن فيها روايتين مطلقتين عنده
إحداهما لا يحرم علينا وهو الصحيح بلا ريب وبه قطع في المقنع والشرح وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه في النظم والحاويين قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر
والرواية الثانية يحرم وبه قطع في الوجيز والمنور وقدما في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم فصاحب المحرر أطلق في المسألة الأولى الخلاف وهنا قدم التحريم وهو موافق للطريقة الثانية وقدم في الرعايتين والحاويين هنا عدم التحريم وقدمنا هنا التحريم وهو موافق للطريقة الثانية أيضا
____________________
1-
(6/287)
الطِّبِّ وَذَكَرَ رِوَايَةً في بَوْلِ الْإِبِلِ وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ فيه لَا وَكَلَامُهُ في الْخِلَافِ يَدُلُّ على حِلِّ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ فإنه احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } الأنعام 145 الْآيَةَ وَبِالْأَخْبَارِ الضَّعِيفَةِ ما أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ فَقِيلَ له هذا على حَالِ الضَّرُورَةِ على عَادَةِ الْعَرَبِ في شُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ فقال يَعُمُّ سَائِرَ الْأَحْوَالِ وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ تَحَلُّلُهُ كَاللَّبَنِ وَبِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلَّحْمِ وَكَذَا احْتَجَّ في الْفُصُولِ بِإِبَاحَةِ شُرْبِهِ كَاللَّبَنِ وَدَلَّ على الْوَصْفِ قِصَّةُ الْعُرَنِيِّينَ وفي الْمُغْنِي إبَاحَةُ رَجِيعِ سَمَكٍ وَنَحْوِهِ
وَيَحِلُّ مَذْبُوحٌ مَنْبُوذٌ بِمَوْضِعٍ يَحِلُّ ذَبْحُ أَكْثَرِ أَهْلِهِ وَلَوْ جُهِلَتْ تَسْمِيَةُ الذَّابِحِ وَهَلْ الذَّبِيحُ إسْمَاعِيلُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن أبي مُوسَى وهو أَظْهَرُ قال شَيْخُنَا هو قَطْعِيٌّ أو إِسْحَاقُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قال ابن الْجَوْزِيِّ نَصْرَهُ أَصْحَابُنَا فيه رِوَايَتَانِ ( م 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وَهَلْ الذَّبِيحُ إسْمَاعِيلُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن أبي مُوسَى وهو أَظْهَرُ قال شَيْخُنَا وهو قَطْعِيٌّ أو إِسْحَاقُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قال ابن الْجَوْزِيِّ نَصْرَهُ أَصْحَابُنَا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ إسْمَاعِيلُ من أَكْثَرَ من عِشْرِينَ وَجْهًا من الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(6/288)
= كِتَابُ الصَّيْدِ
وهو مُبَاحٌ لِقَاصِدِهِ وَاسْتَحَبَّهُ ابن أبي مُوسَى وَيُكْرَهُ لَهْوًا وهو أَطْيَبُ مَأْكُولٍ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ وقال الْأَزَجِيُّ الزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ مَكْسَبٍ وَسَبَقَ أَوَّلَ الذَّكَاةِ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ وَمَنْ أَدْرَكَ صَيْدًا صَادَهُ مُتَحَرِّكًا فَوْقَ حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ لم يُبَحْ إلَّا بها وَعَنْهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا وَعَنْهُ دُونَ مُعْظَمِ يَوْمٍ وفي التَّبْصِرَةِ دُونَ نِصْفِهِ وَبِإِرْسَالِ الصَّائِدِ عليه لِيَقْتُلَهُ لِعَدَمِ آلَةٍ ذَكَاةٌ وَعَنْهُ بِالْإِرْسَالِ لَا بِمَوْتِهِ قال الشَّيْخُ كَمُتَرَدِّيَةٍ بِبِئْرٍ وَعَنْهُ عَكْسُهُ وَأَبَاحَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا بِالْإِرْسَالِ
قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ عليه من الذَّبْحِ فَجَعَلَ يَعْدُو منه يَوْمَهُ حتى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا فذكر الْقَاضِي يَحِلُّ وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ على الْمَوْتِ فَصَارَ كَالْمَاءِ ( م 1 ) وَإِنْ لم يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ فَكَمَيِّتٍ يَحِلُّ بِشُرُوطٍ
أَحَدُهَا صَائِدٌ من أَهْلِ الزكاة ( ( ( الذكاة ) ) ) وَقِيلَ بَصِيرٌ فَلَا يَحِلُّ صَيْدٌ اشْتَرَكَ في قَتْلِهِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ أو مُتَوَلِّدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ بِسَهْمَيْهِمَا أو جَارِحَتَيْهِمَا فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ مَقْتَلَهُ عَمِلَ بِهِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ كَإِسْلَامِهِ بَعْدَ إرْسَالِهِ وَلَوْ أَثْخَنَهُ كَلْبُ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَتَلَهُ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَرُمَ وَيَضْمَنُهُ له وَإِنْ صَادَ مُسْلِمٌ بِكَلْبِ مَجُوسِيٍّ لم يَكْرَهْ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَيَحِلُّ وَعَنْهُ لَا كَعَكْسِهِ وَلَوْ أَعَانَهُ مُسْلِمٌ أو كَلْبُهُ وَقِيلَ ولم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب الصيد
مسألة 1 قوله وإن امتنع عليه في الذبح فجعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا فذكر القاضي يحل واختار ابن عقيل لا يحل لأن الإتعاب يعينه على الموت فصار كالماء انتهى قلت ما اختاره القاضي هو الصواب وهو ظاهر كلام الأصحاب والله أعلم
____________________
1-
(6/289)
يَزِدْ عَدْوُ كَلْبِهِ بِزَجْرِ مُسْلِمٍ حَرُمَ
وَإِنْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَادَ عَدْوُهُ أو رَدَّ عليه كَلْبُ مَجُوسِيٍّ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ أو ذَبَحَ ما أَمْسَكَهُ له مَجُوسِيٌّ بِكَلْبِهِ وقد جَرَحَهُ غير مُوحٍ أو ارْتَدَّ أو مَاتَ بين رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ حَلَّ وَكَذَا إنْ أَعَانَ سَهْمَهُ رِيحٌ قال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ كما لو رَدَّهُ حَجَرٌ أو غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ وَفِيهِ في الرِّعَايَةِ فيه يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ في ذِي نَابٍ وفي تَرْكِ أَكْلِهِ وَأَعَانَهُ رِيحٌ وَجْهٌ
الثَّانِي الْآلَةُ مُحَدِّدٌ فَهُوَ كَآلَةِ ذَبْحٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَجْرَحَهُ نَصَّ عليه فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقْلِهِ كَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ شَدْخَتَهُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ ومريه ( ( ( ومريئه ) ) ) أو بِعَرْضِ مِعْرَاضٍ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ ولم يَجْرَحْهُ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ لم يُبَحْ لِأَنَّهُ وَقِيذٌ
وَكَذَا ما قَتَلَهُ مِنْجَلٌ أو سِكِّينٌ سُمِّيَ عِنْدَ نَصْبِهِ بِلَا جُرْحٍ نَصَّ عليه وَإِلَّا حَلَّ وَقِيلَ يَحِلُّ مُطْلَقًا وَيَتَوَجَّهُ عليه حِلُّ ما قَبْلَهَا حيث ( ( ( وحيث ) ) ) حَلَّ فَظَاهِرُهُ يَحِلُّ وَلَوْ ارْتَدَّ أو مَاتَ وهوه كَقَوْلِهِمْ إذَا ارْتَدَّ أو مَاتَ بين رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ حَلَّ وَالْحَجَرُ كَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ خَرَقَهُ نَقَلَهُ حَرْبٌ فَإِنْ كان له حَدٌّ كَصَوَّانٍ فَكَمِعْرَاضٍ وَإِنْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ فيه سُمٌّ قال جَمَاعَةٌ وَظَنَّ أَنَّهُ أَعَانَهُ حَرُمَ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَعَانَ لم يَأْكُلْ وَلَيْسَ مِثْلُ هذا من كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمُرَادٍ
وفي الفضول ( ( ( الفصول ) ) ) إذَا رمى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يُبَحْ لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عليه فَهُوَ كما لو شَارَكَ السَّهْمَ تَغْرِيقٌ بِالْمَاءِ وَمَنْ أتى بِلَفْظِ الظَّنِّ كَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فَمُرَادُهُ احْتِمَالُ الْمَوْتِ بِهِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ من عَلَّلَهُ منهم كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ بِاجْتِمَاعِ المبيع ( ( ( المبيح ) ) ) وَالْمُحَرَّمِ كَسَهْمَيْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ وَقَالُوا فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ السُّمَّ لم يُعِنْ على قَتْلِهِ لِكَوْنِ السَّهْمِ أو ( ( ( أرحى ) ) ) حى منه فَمُبَاحٌ
وَلَوْ كان الظَّنُّ مُرَادًا لَكَانَ الْأَوْلَى فَأَمَّا إنْ لم يَغْلِبْ على الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ فَمُبَاحٌ وَنَظِيرُ هذا من كَلَامِهِمْ في شُرُوطِ الْبَيْعِ فَإِنْ رَأَيَاهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فيه ظَاهِرًا وَقَوْلُهُمْ في الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فيها وقد سَبَقَ ذلك
وفي الْكَافِي وَغَيْرِهِ إذَا اجْتَمَعَ في الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمُثْقَلٍ
____________________
(6/290)
وَمُحَدِّدٍ أو بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ أو بِسَهْمِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ أو سَهْمٍ غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو كَلْبِ مُسْلِمٍ وَكَلْبِ مَجُوسِيٍّ أو غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو غَيْرِ مُعَلَّمٍ أو اشْتَرَكَا في إرْسَالِ الْجَارِحَةِ عليه أو وَجَدَ مع كَلْبِهِ كَلْبًا لَا يَعْرِفُ مُرْسِلَهُ أو لَا يَعْرِفُ حاله أو مع سَهْمِهِ كَذَلِكَ لم يُبَحْ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ وَإِنْ وَجَدْت معه وغيره فَلَا تَأْكُلْ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ وإذا شَكَكْنَا في الْمُبِيحِ رُدَّ إلَى أَصْلِهِ
وفي التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ مع جُرْحٍ مُوحٍ لَا عَمَلَ لِلسُّمِّ معه لِخَوْفِ التَّضَرُّرِ بِهِ وَكَذَا في الْفُصُولِ وقال لَا نَأْمَنُ أَنَّ السُّمَّ تَمَكَّنَ من بَدَنِهِ بِحَرَارَةِ الْحَيَاةِ فَيَقْتُلَ أو يَضُرَّ أَكْلُهُ وَهُمَا حَرَامٌ وَمِمَّا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا حَرَامٌ وَإِنْ رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من عُلُوٍّ أو وَطِئَهُ شَيْءٌ فَمَاتَ فَالْأَشْهَرُ عنه يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ لَا بِجُرْحٍ مُوحٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَمِثْلُهُ ذَكَاةٌ ( م 2 و 3 )
وَإِنْ رَمَاهُ في عُلُوٍّ فَوَقَعَ بِالْأَرْضِ فَمَاتَ حَلَّ وَعَنْهُ بِجُرْحٍ مُوحٍ جَزَمَ بِهِ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مَسْأَلَةٌ 2 و 3 قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من عُلُوٍّ أو وَطِئَهُ شَيْءٌ وَمِثْلُهُ ذكاة انْتَهَى
ذِكْرُ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 إذَا جَرَحَهُ جَرْحًا مُوحِيًا ثُمَّ وَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من عُلُوٍّ أو وَطِئَهُ شَيْءٌ فَمَاتَ فَهَلْ يُبَاحُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ قال في الْمُذْهَبِ هُنَا وَالْأَشْهَرُ عنه يَحْرُمُ قال الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَبِهِ قال أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ قال الزَّرْكَشِيّ وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَاخْتَارَهُ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ لِكَوْنِهِ قَطَعَ بِهِ هُنَا في الْوَجِيزِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 مَسْأَلَةُ الذَّكَاةِ وَهِيَ ما إذَا ذَبَحَ حَيَوَانًا ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من عُلُوٍّ أو وطىء عليه شَيْءٌ فَمَاتَ وَالْحُكْمُ في ذلك كَالْحُكْمِ في مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك
____________________
1-
(6/291)
الروضة وَإِنْ رماه أو عقره وعلم الإصابة فغاب ثم وجده ميتا حل على الأصح كما لو وجده بفم كلبه أو وهو يعبث به أو سهمه فيه جزم به في المحرر وغيره قال في الفصول وغيره ولو قبل علمه بعقره وعنه وجرحه موح وعنه إن وجده في يومه وعنه أو مدة قريبة حل وإلا فلا ونقل ابن منصور إن غَابَ نهارا حل لا ليلا قال ابن عقيل وغيره لأن الغالب من حال الليل تخطف الهوام
ومتى وجد به أثرا آخر يحتمل أنه أعان في قتله حرم نص عليه ولم يقولوا ظن كسهم مسموم وتتوجه التسوية لعدم الفرق أو المراد بالظن الاحتمال وإن غالب قبل عَقْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ أو كَلْبُهُ عليه فَفِي الْمُنْتَخَبِ أنها كَذَلِكَ وهو مَعْنَى الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ قال في الْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَذَكَرَهَا في الْفُصُولِ كما لو وَجَدَ سَهْمَهُ أو كَلْبَهُ نَاحِيَةً كَذَا قال وَتَبِعْهُ في الْمُحَرَّرِ وَفِيهِ نَظَرٌ على ما ذَكَر هو وَغَيْرُهُ من التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا على الْخِلَافِ ( م 4 ) وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ حِلُّهُ وهو مَعْنَى ما جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ عُضْوًا وَبَقِيَتْ حَيَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ حَرُمَ الْبَائِنُ وَعَنْهُ إنْ ذَكَّى حَلَّ كَبَقِيَّتِهِ فَإِنْ كان من حُوتٍ وَنَحْوِهِ حَلَّ وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ بِحِلِّهِ وَإِنْ أَبَانَهُ إذَنْ حَلَّ وَعَنْهُ يَحِلُّ إلَّا الْبَائِنَ وَيَحْرُمُ ما قَتَلَهُ غير مُحَدِّدٍ كَبُنْدُقٍ وَحَجَرٍ وَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ قال في الْمُغْنِي وَلَوْ شَدَخَهُ لِأَنَّهُ وقيد ( ( ( وقيذ ) ) ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله وإن غالب قبل عقره ثم وجده وسهمه أو كلبه عليه ففي المنتخب أنها كذلك وهو معنى المغني وغيره يعني مثل ما إذا رآه أو عقره كلبه وعلم الإصابة ثم غاب ثم وجده ميتا على ما تقدم في كلام المصنف قريبا قال في المنتخب وعنه يحرم هنا وذكرها في الفصول كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحية كذا قال وتبعه في المحرر وفيه نظر على ما ذكر هو وغيره من التسوية بينها وبين التي قبلها على الخلاف انتهى
وملخص كلام المصنف أن هذه المسألة والتي قبلها على حد سواء لا فرق بينهما وصاحب المحرر فيه قطع بعدم الإباحة في المسألة الثانية وهي ما إذا غاب عنه قبل تحقق الإصابة ثم وجده عقيرا وحده والسهم أو الكلب ناحية والصواب التسوية كما قال المصنف وغيره والله أعلم
____________________
1-
(6/292)
وَيَحِلُّ ما قَتَلَهُ جَارِحٌ مُعَلَّمٌ جُرْحًا وَعَنْهُ وَصَدْمًا أو خَنْقًا اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ وهو ما لَا بَيَاضَ فيه نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا لَوْنَ في غير السَّوَادِ فَيَحْرُمَ صَيْدُهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ الْعِلَّةُ وَالسَّوَادُ عَلَامَةٌ كما يُقَالُ إذَا رَأَيْت صَاحِبَ السِّلَاحِ فَاقْتُلْهُ فإنه مُرْتَدٌّ فَالْعِلَّةُ الرِّدَّةُ وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بن سَعْدٍ الْكَرَاهَةَ وَعَنْهُ وَمِثْلُهُ في أَحْكَامِهِ ما بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي هُنَا وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ فَدَلَّ على وُجُوبِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ إبَاحَتَهُ وَنَقَلَ مُوسَى بن سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وقد قال الْأَصْحَابُ يَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ بَلْ نَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقَتْلِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْيَدِ وَيُبْطِلُ حُكْمَ الْفِعْلِ وَيُؤْخَذُ من كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَقُورَ مِثْلُهُ إلَّا في قَطْعِ الصَّلَاةِ وهو مُتَّجَهٌ وَأَوْلَى قتله ( ( ( لقتله ) ) ) في الْحَرَمِ قال في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ تَرْكُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجِبُ قَتْلُهُ لِيَدْفَعَ شَرَّهُ عن الناس دعوى ( ( ( ودعوى ) ) ) نَسْخِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا إلَّا الْمُؤْذِي كَقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ وَيُقَابِلُهُ قَتْلُ الْكُلِّ كما قَالَهُ مَالِكٌ
ثُمَّ تَعْلِيمُ ماله نَابٌ منه كَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وفي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ وَنَمِرٍ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ وفي الْمُغْنِي لَا في وَقْتِ رُؤْيَتِهِ لِلصَّيْدِ وإذا أَمْسَكَ لم يَأْكُلْ وَقِيلَ وَتَكَرَّرَ ذلك ثَلَاثًا فَيَحِلُّ في الرَّابِعَةِ وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ وَاخْتَارَ في الْمُغْنِي أَنَّ غير الْكَلْبِ بِتَرْكِهِ الْأَكْلَ أو بِالْعُرْفِ ولم يذكر الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ تَرْكَ الْأَكْلِ فَإِنْ أَكَلَ منه فَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُهُ
وَقِيلَ حين الصَّيْدِ جَزَمَ ابن عَقِيلٍ وَقِيلَ قبل مُضِيِّهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يُبَاحُ كَصَيْدِهِ الْمُتَقَدِّمَ على الْأَصَحِّ وَكَشُرْبِهِ من دَمِهِ نَصَّ عليه وفي الِانْتِصَارِ من دَمِهِ الذي جَرَى وَلَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عن كَوْنِهِ مُعَلَّمًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ
وَتَعْلِيمُ ما له مِخْلَبٌ كَصَقْرٍ وَبَازٍ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَرْجِعَ إذَا دعى وفي
____________________
(6/293)
وُجُوبِ غَسْلِ ما أَصَابَهُ فَمُ الْكَلْبِ رِوَايَتَانِ ( م 5 )
الثَّالِثُ أَصْلُ الْفِعْلِ وَإِرْسَالُ الْآلَةِ لِقَصْدِ صَيْدٍ فَلَوْ سَقَطَ سَيْفٌ من يَدِهِ فَعَقَرَهُ أو احْتَكَّتْ شَاةٌ بِشَفْرَةٍ في يَدِهِ لم يَحِلَّ وَكَذَا إنْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ وَغَيْرُهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ زَجَرَهُ فَزَادَ في طَلَبِهِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ الْمُضَافِ إلَى فِعْلِ الْبَهِيمَةِ كما لو عَدَا على آدَمِيٍّ فَأَغْرَاهُ عليه فَأَصَابَهُ ضَمِنَ وَعَنْهُ أو أَرْسَلَهُ بِلَا تَسْمِيَةٍ ثُمَّ سَمَّى وَزَجَرَهُ فَزَادَ قَطَعَ بِهِ في الْوَاضِحِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ حَلَّ
وقال ابن عَقِيلٍ إنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ فَرِوَايَتَانِ وَنَقَلَ حَرْبٌ إنْ صَادَ من غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ لَا يُعْجِبُنِي وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لم يذكر اسْمَ اللَّهِ وفي الرَّوْضَةِ إنْ اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ حر ( ( ( حل ) ) ) أَكَلَ منه أولا بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَإِنْ رَمَى ما ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَقِيلَ يَحِلُّ كما لو أَصَابَ غَيْرَهُ أو هو وَغَيْرَهُ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 5 قوله وفي وجوب غسل ما ( ( ( ظنه ) ) ) أصابه ( ( ( آدميا ) ) ) فم الكلب ( ( ( صيدا ) ) ) روايتان ( ( ( محرما ) ) ) انتهى وأطلقهما ( ( ( يبح ) ) ) في الهداية ( ( ( جارح ) ) ) والمذهب والمستوعب والمغني والمقنع والمحرر والشرح وغيرهم وهما وجهان في المقنع وغيره
إحداهما يجب غسله وهو الصحيح صححه في التصحيح المحرر وجزم بِهِ في الوجيز ( ( ( الصورة ) ) )
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى ماظنه صَيْدًا فَقِيلَ يَحِلُّ وَقِيلَ لَا انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَحِلُّ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وإرداك ( ( ( وإدراك ) ) ) الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/294)
كما أرسله على ( ( ( يحل ) ) ) غير شيء ( ( ( احتمال ) ) ) أو ( ( ( لأبي ) ) ) ظنه أو علمه صيد ( ( ( والموفق ) ) ) فأصاب ( ( ( والناظم ) ) ) صيدا في المنصوص
وفي الترغيب إن ظنه آدميا أو صيدا محرما لم يبح وكذا جارح وقيل يحرم به في الصورة الأخيرة وفي مختصر ابن رزين إن أرسله لا سهمه إلى صيد فصاد غيره حرم والمذهب خلافه نص عليه وتقدمت التسمية
وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فلم يَثْبُتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ غَيْرِهِ أو وَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ بِحِجْرِهِ وفي الْمُغْنِي لَا بِعَمَلِ صَيَّادٍ أو دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أو لم يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا وَمِثْلُهُ إحْيَاءُ أَرْضٍ بها كَنْزٌ فَقِيلَ يَمْلِكُ كَنَصْبِ خَيْمَتِهِ وَفَتْحِ حُجْرَةٍ لِلْأَخْذِ وَعَمَلِ بِرْكَةٍ لِلسَّمَكِ فَوَقَعَ بها وَشَبَكَةٍ وَشَرَكٍ نَصَّ عليه وَفَخٍّ وَمِنْجَلٍ وَحَبْسِ جَارِحٍ له وبالجائه لِمَضِيقٍ لَا يَفْلِتُ منه وَقِيلَ يَمْلِكُهُ بِأَخْذِهِ وَقِيلَ هو مُبَاحٌ ( م 7 10 ) وفي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه الثَّانِي يَحِلَّ وهو ( ( ( لاتفاقهما ) ) ) احتمال لأبي ( ( ( تحريمه ) ) ) الخطاب ( ( ( ويتحالفان ) ) ) واختاره الشيخ ( ( ( ضمان ) ) ) والموفق والناظم
مَسْأَلَةٌ ( 7 10 ) قَوْلُهُ وَمَنْ رمي صَيْدًا فلم يُثْبِتْهُ فَدَخَلَ فيه غَيْرُهُ أو وَثَبَتْ سمكه فَوَقَعَتْ بِحِجْرِهِ أو دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أو لم يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا وَمِثْلُهُ أحياء أَرْضٍ بها كَنْزٌ فَقِيلَ يَمْلِكُ بِأَخْذِهِ وَقِيلَ هو مُبَاحٌ انْتَهَى ذِكْرُ مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 إذَا رَمَى صَيْدًا فلم يُثْبِتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ غَيْرِهِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا أولا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ أو هو مُبَاحٌ له وَلِغَيْرِهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا يَمْلِكُهُ صَاحِبُ الْخَيْمَةِ مُطْلَقًا قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ انْتَهَى قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/295)
الترغيب إن دخل الصيد داره فأغلق بابه أو برجه فسد المنافذ أو حصلت السمكة في بركته فسد مجرى الماء فقيل يملكه وقيل إن سهل تناوله منه وإلا كمتحجر للإحياء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ هو مُبَاحٌ له وَلِغَيْرِهِ وهو قَرِيبٌ من الذي قَبْلَهُ وَهَلْ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 لو وَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ في حِجْرِ إنْسَانٍ فَهَلْ يَمْلِكُهَا مُطْلَقًا أو يَأْخُذُهَا أو هِيَ مُبَاحَةٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهَا يملكه ( ( ( يملكها ) ) ) وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِأَخْذِهَا
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هِيَ على الْإِبَاحَةِ قبل أَخْذِهَا
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9 إذَا دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أو لم يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا فَهَلْ يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ ذلك أو لَا بُدَّ من تَمَلُّكِهَا بِأَخْذِهِ وَنَحْوِهِ أو هِيَ على الْإِبَاحَةِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْحُكْمُ فيها كَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 10 لو أَحْيَا أَرْضًا بها كَنْزٌ فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ أولا يمكله إلَّا بِأَخْذِهِ أو هو على الْإِبَاحَةِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أحدهما لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ له بِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ كَالْمَسَائِلِ التي قَبْلَهُ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هو على الْإِبَاحَةِ وَحِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ هذا الْقَوْلُ في هذه الْمَسَائِلِ يَدُلُّ على أَنَّهُ غَيْرُ الثَّانِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مِلْكُ أَنْ يَتَمَلَّكَ فَلَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ في الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُنَا لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/296)
ويحتمل اعتبار قصد التملك بغلق وسد فعلى الأول ما يبنيه الناس من الأبرجة لتعشش بها الطيور يملكون الفراخ إلا أن تكون الطيور مملوكة فهي لأربابها نص عليه وإن حصل
أو عشش بأرضه صيد أو طائر لم يملكه نقل صالح وحنبل فيمن صاد من نخلة بدار قوم فهو له فإن رماه ببندقة فوقع فيها فهو لأهلها كذا قال الإمام أحمد وفي الترغيب ظاهر كلامه يملكه بالتوحل ويملك الفراخ فخرج في المسألة وجهان أصحهما يملكه وإنما لم يضمنه في الأولة في الإحرام لأنه لم يوجد منه فعل يوجب ضمانا لأنه ما ملكه وكذا في عيون المسائل من رمى صيدا على شجرة في دار قوم فحمل نفسه فسقط خارج الدار فهو له وإن سقط في دارهم فهو لهم لأنه حريمهم وفي الرعاية لغيره أخذه على الأصح والمنصوص أنه للمؤجر وذكر أبو المعالى إن عشش بأرضه نحل ملكه لأنها معدة لذلك
وفي كتاب الآدمي إلا أن يعد حجره وبركته وأرضه له وسبق كلامهم في زكاة ما يأخذه من المباح أو من أرضه وقلنا لا يملكه أنه يزكيه اكتفاء بملكه وقت الأخذ كالعسل وهذا كالصريح في أن النحل لا يملك بملك الأرض وإلا لملك العسل ولهذا قال في الرعاية في الزكاة سواء أخذه من أرض موات أو مملوكة له أو لغيره وإن أثبته ملكه فلو رماه فقتله حرم لأنه مقدور عليه
نقل ابن الحكم إن أصاباه جميعا فذكياه جميعا حل وإن ذكاه أحدهما فلا وفي الخلاف يحل واحتج بهذه الرواية وإن رماه آخر حل إن أصاب مذبحه أو الأول مقتله وإلا فلا وفي حله احتمال في الواضح وفي الترغيب إن أصاب مذبحه ولم يقصد المذبح لم يحل وإن قصده فهو ذبح ملك غيره بلا إذنه يحل على الصحيح مأخذهما هل يكفي قصد الذبح أم لا بد من قصد الإحلال وإن أوحاه بعد إيحاء الأول فالروايتان ( * ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أحاوه ( ( ( أوحاه ) ) ) بَعْدَ إيحَاءِ الْأَوَّلِ فَالرِّوَايَتَانِ انْتَهَى لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا أَوْحَاهُ وَوَقَعَ في مَاءٍ وقد تَقَدَّمَ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَوَّلَ الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ ما
____________________
1-
(6/297)
ومتى حل ضمن الثاني ما خرق من جلده وفي المنتخب ما نقص بذبحه كشاة ه الغير وفي الترغيب ما بين كونه حيا مجروحا وبين كونه مذبوحا وإلا قيمته بجرح الأول فإن أدرك الأول ذكاته فلم يذكه فمات فهل يضمنه الثاني كذلك أو نصف قيمته بجرح الأول أو بالجرحين مع أرش جرحه فيه أوجه ( م 11 )
فلو كانت قيمته عشرة فنقصه كل جرح عشرا لزمه على الأول تسعة وعلى الثاني أربعة ونصف وهو أولى وعلى الثالث خمسة فلو كان عبدا أو شاة للغير ولم يوحياه وسريا تعين الأخيران ( * ) ولزمه الثاني عليهما ذلك وكذا الأول على (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إذَا رَمَاهُ فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ التي وَرَدَ فيها رِوَايَةُ ابْنِ الْحَكَمِ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرِيبًا وَقَدَّمَ في هذه التَّحْرِيمَ
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ فَإِنْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فلم يُذَكِّهِ فَمَاتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الثَّانِي كَذَلِكَ أو نِصْفَ قِيمَتِهِ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ أو بِالْجُرْحَيْنِ مع أَرْشِ جُرْحِهِ فيه أَوْجُهٌ انْتَهَى
وأطلقهما ( ( ( وأطلقها ) ) ) في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا يَضْمَنُ الثَّانِي قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ كَذَلِكَ يَعْنِي كَالْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ قال الْمُصَنِّفُ في الثمثيل ( ( ( التمثيل ) ) ) وهو أَوْلَى
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فقال يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ مع أَرْشِ ما نَقَصَهُ بِجُرْحِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ فَلَوْ كان عَبْدًا أو شَاةً لِلْغَيْرِ ولم يُوَحِّيَاهُ وَسَرَيَا تَعَيَّنَ الْأَخِيرَانِ انْتَهَى
يَعْنِي الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ من الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا ما اخْتَارَهُ الْمَجْدُ
____________________
1-
(6/298)
الثالث ( ( ( والمصنف ) ) ) وعلى الثَّانِي بقية قيمته سليما وإن أصاباه معا حل وهو بينهما كذبحه مشتركين وكذا واحد بَعْدَ واحد ووجداه ميتا وجهل ( ( ( إطلاق ) ) ) قاتله ( ( ( الاحتمالين ) ) )
فإن ( ( ( والوجهين ) ) ) قال ( ( ( فمن ) ) ) الأول أنا أثبته ثم قتلته أنت فتضمنه لم يحل لا تفاقهما على تحريمه ويتحالفان ولا ضمان فإن قال لم تثبته قيل قوله لأن الأصل الامتناع ذكر ذلك في المنتخب وفي التَّرْغِيبِ متى تشاقا في إصابته ( ( ( المطلق ) ) ) وصفتها أو ( ( ( اصطلحه ) ) ) احتمل أن إثباته بهما أو بأحدهما لا بعينه فهو بينهما
ولو أن أحدهما لو انفرد أثبته وحده فهو له ولا يضمن الآخر ولو أن أحدهما موح واحتمل الآخر احتمل أنه بينهما واحتمل أن نصفه للموحي ونصفه الآخر بينهما ولو وجد مثبتا موحيا وترتبا وجهل السابق منهما حرم وإن ثبت بهما لكن عقب الثاني وترتبا فهل هو للثاني أو بينهما يحتمل وجهين ونقل ابن الحكم إن أصاباه جمعيا فذكياه جمعيا حل وإن ذكاه أحدهما فلا ومن وقع في شبكته صيد فذهب بها ممتنعا فهو لصائد ثانيا نص عليه
وَتَحِلُّ الطَّرِيدَةُ وَهِيَ الصَّيْدُ بين قَوْمٍ يَأْخُذُونَهُ قَطْعًا وَكَذَا النَّادُّ نَصَّ عليه وَيُكْرَهُ الصَّيْدُ بشباش وَمِنْ وَكْرِهِ لَا بِلَيْلٍ وَلَا فَرْخَ من وَكْرِهِ وَلَا بِمَا يُسْكِرُ نَصَّ على ذلك وَإِنْ دَعَوَا الطَّيْرَ على وَكْرِهَا إنَّمَا هو لِلطِّيَرَةِ لَا لِلصَّيْدِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُكْرَهُ من وَكْرِهِ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ كَرَاهَتَهُ وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُكْرَهُ بِلَيْلٍ
وقد رَوَى أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ حَدِيثَ الذي صَادَ الْفِرَاخَ من وَكْرِهَا وَأَنَّ أُمَّهُنَّ جَاءَتْ فَلَزِمَتْهُنَّ حتى صَادَهَا وَأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِنَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والمصنف
الثاني ما بعد هذه المسألة من إطلاق الاحتمالين والوجهين فمن كلام صاحب الترغيب لأنه من خلاف المطلق الذي اصطلحه المصنف والله أعلم
____________________
1-
(6/299)
وَلَا بَأْسَ بِشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَدَبْقٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَكُلُّ حِيلَةٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ بِمُثْقَلٍ وَكَذَا كَرِهَ شَيْخُنَا الرَّمْيَ مُطْلَقًا لِنَهْيِ عُثْمَانَ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُنْدُقِ يُرْمَى بها الصَّيْدُ لَا لِلْعَبَثِ وَأَطْلَقَ ابن هُبَيْرَةَ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ
وَيَحْرُمُ صَيْدُ سَمَكٍ وَغَيْرُهُ بِنَجَاسَةٍ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ وقال اسْتَعِنْ عليهم بِالسُّلْطَانِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( * ) وفي الْمُبْهِجِ فيه وَبِمُحَرَّمٍ رِوَايَتَانِ وَلَوْ مَنَعَهُ الْمَاءُ حتى صَادَهُ حَلَّ أَكْلُهُ نَقَلَهُ أبو دَاوُد قال في الرِّعَايَةِ وَيَحْرُمُ نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُصَادُ الْحَمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عن صَيْدٍ بِعِتْقِهِ أو إرْسَالِهِ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ كَانْفِلَاتِهِ أو نَدَّ أَيَّامًا ثُمَّ صَادَهُ آخَرُ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَزُولُ فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ كَنَحْوِ كَسْرِهِ أَعْرِضَ عنه فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ
قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا في طَرِيقَتِهِ الْعِتْقُ إحْدَاثُ قُوَّةٍ نصادف ( ( ( تصادف ) ) ) الرِّقَّ وهو ضَعِيفٌ شَرْعِيٌّ يقول ( ( ( يقوم ) ) ) بِالْمَحِلِّ فَيَمْنَعَهُ عن دَفْعِ يَدِ الِاسْتِيلَاءِ عنه وَالرِّقُّ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا قال الْحَنَفِيَّةُ الْحَرْبِيُّ رَقِيقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا وَالرِّقُّ سَابِقٌ على الْمَالِيَّةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقُهَا وَالْمَحَلُّ غَيْرُ الْحَالِ فيه ابن عَقِيلٍ وَلَا يَجُوزُ أَعْتَقْتُك في حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ صَيْدُ سَمَكٍ وَغَيْرِهِ بِنَجَاسَةٍ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ انْتَهَى
قَدَّمَ التَّحْرِيمَ وَنَصَّ عليه ولم أَرَ مُتَابِعًا لَكِنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يَحْتَمِلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيّ هو الْمَشْهُورُ
____________________
1-
(6/300)
= كِتَابُ الْأَيْمَانِ
الْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ بِشَرْطِ الْحِنْثِ بِاَللَّهِ أو بِصِفَةٍ له كَوَجْهِ اللَّهِ نَصَّ عليه وَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ نَوَى مَقْدُورَهُ وَمَعْلُومَهُ وَكَذَا نِيَّةَ مُرَادِهِ أو بِاسْمٍ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ نحو وَاَللَّهِ وَالْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ وَخَالِقِ الْخَلْقِ وَرَازِقٍ أو رَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِنْ قال وَالرَّحِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْعَظِيمِ وَالْمَوْلَى وَنَحْوُهُ وَنَوَى بِهِ اللَّهَ أو أَطْلَقَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الرَّبُّ وَالْخَالِقُ وَالرَّازِقُ وَخَرَّجَهَا في التَّعْلِيقِ على رِوَايَتَيْ أَقْسَمَ وَقِيلَ يَمِينٌ مُطْلَقًا كَالرَّحْمَنِ في الْأَصَحِّ وما لَا يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَالْحَيِّ وَالْمَوْجُودِ وَالشَّيْءِ فَإِنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ فَيَمِينٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا
وَحَرْفُ الْقَسَمِ البا ( ( ( الباء ) ) ) يَلِيَهَا مُظْهَرٌ وَمُضْمَرٌ وَالْوَاوُ يَلِيَهَا مُظْهَرٌ وَالتَّاءُ وَحْدَهَا تَخْتَصُّ اسْمَ اللَّهِ
وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ في تَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ يَقْبَلُ بِنِيَّةِ أَنَّ قِيَامَهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ وفي التَّرْغِيبِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَثِقُ ابْتَدَأَ لَأَفْعَلَنَّ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ بَاطِنًا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَطَلَاقٍ وَلَهُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حَرْفِهِ فنقول ( ( ( فيقول ) ) ) اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِجَرٍّ وَنَصْبٍ فَإِنْ نَصَبَهُ بِوَاوٍ أو رَفَعَهُ مَعَهَا أو دُونَهَا فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ لَا يُرِيدَهَا عَرَبِيٌّ ( * )
وَقِيلَ أو عَامِّيٌّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ مع رَفْعِهِ قال الْقَاضِي في الْقَسَامَةِ لو تَعَمَّدَهُ لم يَضُرَّ لِأَنَّهُ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى وقال شَيْخُنَا الْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِمَا أَرَادَهُ الناس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كِتَابُ الْأَيْمَانِ
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَإِنْ نَصَبَهُ بِوَاوٍ أو رَفَعَهُ مَعَهَا وَدُونَهَا فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَهَا عَرَبِيٌّ كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ إلَّا أَنْ لَا يُرِيدَهَا بِزِيَادَةِ لَا
____________________
1-
(6/301)
بالألفاظ الملحونة كقوله حلفت بالله رفعا ونصبا والله باصوم أو باصلي ونحوه وكقول الكافر أشهد أن محمد رسول الله يرفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيدا بمائة وأعتقت سالم ونحو ذلك وأن من رام جعل الناس كلهم في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا
وهاء الله يمين بالنية وهي في المستوعب حرف قسم ويجاب الإيجاب بأن خفيفة وثقيلة وبلام وبنوني توكيد وبقد والنفي بما وإن بمعناها وبلا وتحذف لا لفظا نحو والله أفعل
وإن قال والعهد والميثاق والجلال والعظمة والأمانة ونحو ذلك ونوى صفة الله وعنه أو أطلق فيمين كإضافته إليه نحو وعهد الله وحقه وذكر ابن عقيل الروايتين في علي عهد الله وميثاقه وإن قال وايم الله أو لعمر الله فيمين وعنه بالنية وإن قال حلفت بالله أو أحلف بالله فيمين وعنه بالنية كما لو لم يقل بالله أو نوى خيرا وعنه فيهما يكفر نصره القاضي وغيره وكذا لفظ القسم والشهادة قال جماعة والعزم
وفي المغني عزمت وأعزم ليس يمينا ولو نوى لأنه لا شرع ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى وقال ابن عقيل رواية واحدة وقسما بالله يمين تقديره أقسمت قسما وكذا ألية بالله وَإِنْ قال على يَمِينٌ فَقِيلَ يَمِينٌ وَقِيلَ بِالنِّيَّةِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ لَا وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا تَخْرِيجٌ زَادَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَتَخْرِيجُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَإِنْ قال على يَمِينٌ فَقِيلَ يَمِينٌ وَقِيلَ بِالنِّيَّةِ وَعِنْد الشَّيْخِ لَا انْتَهَى
أَحَدُهَا عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْمُقْنِعِ فقال قال أَصْحَابُنَا عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ انْتَهَى
قُلْت وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى
____________________
1-
(6/302)
لأفعلن قال شيخنا ( ( ( علي ) ) ) هذه ( ( ( يمين ) ) ) لام ( ( ( ونوى ) ) ) الْقَسَمَ فلا تذكر إلا معه مظهرا ( ( ( يمين ) ) ) أو مقدرا
وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ أو الْمُصْحَفِ أو الْقُرْآنِ أو آيَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَمَنْصُوصُهُ بِكُلِّ آيَةٍ إنْ قَدَرَ وَعَنْهُ أولا وفي الْفُصُولِ وَجْهٌ بِكُلِّ حَرْفٍ وفي الرَّوْضَةِ أَمَّا بِالْمُصْحَفِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ فَصْلٌ وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلى من أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا قال شَيْخُنَا لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ من حَسَنَةِ الصِّدْقِ وَسَيِّئَةَ الْكَذِبِ أَسْهَلُ من سَيِّئَةِ الشِّرْكِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ وَلَا كَفَّارَةَ وَقِيلَ وَخَلْقُ اللَّهِ وَرِزْقُهُ يَمِينٌ فَنِيَّةُ مَخْلُوقِهِ وَمَرْزُوقِهِ كَمَقْدُورِهِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَتَلْزَمُ حَالِفًا بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَالْتَزَمَ ابن عَقِيلٍ وَنَبِيٍّ غَيْرَهُ وَأَنَّ مَعْلُومَهُ يَمِينٌ لِدُخُولِ صِفَاتِهِ وقيل لِأَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِعِتْقٍ أو طَلَاقٍ أو شَيْءٍ قال سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَ لَا يَكْرَهُ لَا يُحْلَفُ إلَّا بِاَللَّهِ وفي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والقول الثالث لَا يكون يَمِينًا مطلقا ( ( ( بالله ) ) ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الموفق فقال في المغني والكافي وَإِنْ قال على يمين ونوى الخير فليس بيمين على أصح ( ( ( معين ) ) ) الروايتين وَإِنْ نوى القسم ( ( ( بالله ) ) ) فقال ( ( ( لتفعلن ) ) ) أبو الخطاب هو يمين وقال الشافعي ليس يمينا وهذا الأصح وقطع به الأخير في الكافي وهو الصواب
تنبيه الذي يظهر أن الخلاف المطلق إنما هو في كونه يمينا أولا أما القول بأنه يمين بالنية فليس هو داخل في ( ( ( قرم ) ) ) ذلك ( ( ( ضعفه ) ) ) ولكن على القول بأنه ( ( ( عدي ) ) ) يمين هل يشترط فيه النية أم لا وقدم عدم الاشتراط
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وفي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ
أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال وَيُعَزَّرُ وَفِيهِ قُوَّةٌ لَا سِيَّمَا في الطَّلَاقِ وهو ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ
____________________
1-
(6/303)
واختار شيخنا التحريم وتعزيره ( وم ) واختار في موضع لا يكره وأنه قول غير واحد من أصحابنا لأنه لم يحلف بمخلوق ولم يلتزم لغير الله شيئا وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر والالتزام لله أبلغ من الالتزام به بدليل النذر له واليمين به ولهذا لم ينكر الصحابة على من حلف بذلك كما أنكروا على من حلف بالكعبة واختار شيخنا فيمن حلف بعتق وطلاق وحنث يخير بين أن يوقعه أو يكفر كحلفه بالله ليوقعنه وذكر أن الطلاق يلزمني ونحوة يمين باتفاق العقلاء والأمم والفقهاء وخرجه على نصوص لأحمد وهو خلاف صريحها وذكر أنه إن حلف به نحو الطلاق لي لازم ونوى النذر كفر عند الإمام أحمد
وأيمان البيعة رتبها الحجاج ضمنها يمينا بالله وعتقا وطلاقا وصدقة مال وقيل وحجا فمن قال أيمان البيعة تلزمني ولا نية فلغو وإن نواها وقيل ولو جهلها لزمته وقيل يلزمه عتق وطلاق وصدقة وفي الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق
وأيمان المسلمين يلزمه عتق وطلاق وظهار ويمين بالله بنية ذلك ففي اليمين بالله الوجهان ويتوجه في جاهل ما تقدم وألزم القاضي الحالف بالكل ولو لم ينو ومن حلف بأحدها فقال آخر يميني في يمينك أو عليها أو مثلها ينوي التزام مثلها لزمه نص عليه في طلاق وفي المكفرة الوجهان
قال شيخنا وكذا أنا معك ينوي في يمينه ومن حلف بكفره كقوله هو كافر أو أكفر بالله أو بريء من الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم أو يستحل الزنا أو ترك الصلاة أو لا يراه الله بموضع كذا ونحو ذلك منجزا ومعلقا
وفي الانتصار والطاغوت لأفعلنه لتعظيمه له معناه عظمته إن فعلته وفعله لم يكفر ويلزمه كفارة بخلاف هو فاسق إن فعله لإباحته في حال وعنه لا كفارة اختاره الشيخ وكذا عند ابن عقيل وحده محوت المصحف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وقال هو قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ من أَصْحَابِنَا وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/304)
لإسقاطه حرمته وكذا عنده عصيت الله في كل ما أمرني واختاره في المحرر
وإن قال لعمري أو قطع الله يديه ورجليه أدخله الله النار فلغو نص عليه ولا يلزمه إبرار قسم الأصح كإجابة سؤال بالله
وقال شيخنا إنما يجب على معين فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس وسبق في الزكاة وإن قال بالله لتفعلن فيمين وفي المغني إلا أن ينوي وأسألك بالله لتفعلن يعمل بنيته ويتوجه في إطلاقه وجهان ( م 3 )
والكفارة على الحالف وحكى عنه على المحنث وروي ما يدل على إجابة من سأل بالله فروى أحمد والنسائي والترمذي وقال حسن غريب من حديث ابن عباس وأخبركم بشر الناس قلنا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله ولا يعطى به حديث حسن له طريقان في أحدهما ابن لهيعة والأخرى جيدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ بعمل ( ( ( يعمل ) ) ) بِنِيَّتِهِ وَيَتَوَجَّهُ في إطْلَاقِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ مع الْإِطْلَاقُ
____________________
1-
(6/305)
وروى أبو داود بإسناد جيد من حديث ابن عباس ومن سألكم بوجه الله فأعطوه وفي لفظ من سألكم بالله فأعطوه وله مثلها من حديث ابن عمر وفيهما ومن استعاذكم بالله فأعيذوه وهما حديثان جيدان وله من حديث جابر لا يسأل بوجه الله إلا الجنة من رواية سليمان بن معاذ هو ابن قرم ضعفه غير أحمد وابن عدي فصل وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا على مُسْتَقْبَلٍ وَتَقَدَّمَ الْمُسْتَحِيلُ في طَلَاقِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ على مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا كَذِبَهُ فَغَمُوسٌ وَعَنْهُ يُكَفِّرُ وَيَأْثَمُ كما يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ فَيُكَفِّرَ كَاذِبٌ في لِعَانِهِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
____________________
(6/306)
وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ على عَدَمِ التَّكْفِيرِ بِقَوْلِهِ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } آل عمران 72 الْآيَةَ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْجَزَاءَ غَيْرُ هذا وَإِنَّ الْكَفَّارَاتِ تُمَحِّصُ هذا
وقال شَيْخُنَا من قال يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ قال يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ في ذلك أَيْضًا وَأَمَّا من قال لَا كَفَّارَةَ في الْمُسْتَقْبَلِ أو أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فيه ما الْتَزَمَهُ فَالْمَاضِي أَوْلَى وَأَمَّا من قال الْيَمِينُ الْغَمُوسُ بِاَللَّهِ لَا تُكَفَّرُ وَأَنَّ الْيَمِينَ بِالنَّذْرِ وَالْكُفْرِ وَغَيْرِهِمَا يُكَفَّرُ فَلَهُمْ في الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ ما الْتَزَمَهُ من نَذْرٍ وَكُفْرٍ وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنْبَلِيَّةِ
وقال محمد بن مُقَاتِلٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ في الْحَلِفِ بِالْكُفْرِ وَقَالَهُ جَدُّنَا أبو الْبَرَكَاتِ في الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كما قال وَالثَّانِي وهو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ما الْتَزَمَهُ في الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إلَّا إذَا كان يَلْزَمُهُ ما الْتَزَمَهُ في الْيَمِينِ على الْمُسْتَقْبِلِ لِأَنَّهُ في جَمِيعِ صُوَرِ الْأَيْمَانِ لم يَقْصِدْ أَنْ يَصِيرَ كَافِرًا وَلَا نَاذِرًا وَلَا مُطَلِّقًا وَلَا مُعْتِقًا لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصْدُهُ في الْمَاضِي الْخَبَرِ التَّصْدِيقُ أو التَّكْذِيبُ وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ كما يَقْصِدُ الْحَظَّ أو الْمَنْعَ في الْأَمْرِ أو النَّهْيَ وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ
فَكَمَا قالوا يَجِبُ الْفَرْقُ في الْمُسْتَقْبَلِ بين من قَصْدُهُ الْيَمِينَ وَقَصْدُهُ الْإِيقَاعَ وَأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْتَزِمُ وُقُوعَهُ عن الْمُخَالَفَةِ وَالْمَوْقِعُ يَلْتَزِمُ ما يُرِيدُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ في التَّعْلِيقِ على الْمَاضِي فإنه تَارَةً يَقْصِدُ الْيَمِينَ وَتَارَةً يَقْصِدُ الْإِيقَاعَ فَالْحَالِفُ يَكْرَهُ لُزُومَ الْجَزَاءِ وَإِنْ حَنِثَ صَدَقَ أو كَذَبَ لم يَقْصِدْ إيقَاعَ ما الْتَزَمَهُ إذَا كَذَبَ كما لم يَقْصِدْ في الْحَظِّ وَالْمَنْعِ وَالشَّارِعُ لم يَجْعَلْ من الْتَزَمَ شيئا يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ بَرَّ أو فَجَرَ وَلِهَذَا لم يُكَفِّرْ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ نَفْيَ حُرْمَةِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ لَكِنْ فَعَلَ كَبِيرَةً مع اعْتِقَادِهِ أنها كَبِيرَةً وَالْقَوْلُ في الْخَبَرِ كَنَظَائِرِهِ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وقد يَجْتَمِعُ في الْإِنْسَانِ شُعْبَةٌ من شُعَبِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ
وَإِنْ عَقَدَهَا على مَاضٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أو مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَهُ فلم يَكُنْ
____________________
(6/307)
كَمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ فلم يَفْعَلْ أو ظَنَّ الْمَحْلُوفَ عليه خِلَافَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَنَحْوَ ذلك وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ كَمَنْ ظَنَّ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَعَارَضُ فيه التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ وَالْقَصْدُ فَلَوْ كانت يَمِينُهُ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ مُقِرًّا بِمَا وَقَعَ أو مُؤَكِّدًا له لم يَقَعْ وَإِنْ كان مَنْسِيًّا فَقَدْ أَوْقَعَهُ بِمَنْ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَالْخِلَافُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْمُقْبِلَ زَيْدٌ أو ما كان أو كان كَذَا فَكَمَنْ فَعَلَ مُسْتَقْبَلًا نَاسِيًا وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِحِنْثِهِ في عِتْقٍ وَطَلَاقٍ زَادَ في التَّبْصِرَةِ مثله في الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا
وَكُلُّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٌ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ قال شَيْخُنَا حتى عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَأَنَّ هل فِيهِمَا لَغْوٌ على قَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمُرَادُهُ ما سَبَقَ وَإِنْ جَرَى على لِسَانِهِ ولم يَقْصِدْهَا لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ فَلَا كَفَّارَةَ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ في الْمَاضِي وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أو الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا فيه رِوَايَتَانِ ( م 4 )
وَقِيلَ هُمَا قالت عَائِشَةُ أَيْمَانُ اللَّغْوِ ما كان في الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ وَالْمُزَاحَةِ وَالْحَدِيثِ الذي لَا يَعْقِدُ عليه الْقَلْبُ وَأَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ عليها على حَدٍّ من الْأَمْرِ في غَضَبٍ أو غَيْرِهِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَذَكَر أَحْمَدُ أَوَّلَهُ فِيمَا خَرَّجَهُ في مَحْبِسِهِ وَمَنْ قال في يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا وَعَنْهُ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أو الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
يَعْنِي هل لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ يَجْرِيَ على لِسَانِهِ من غَيْرِ قَصْدِ قَوْلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ أو هو أَنْ يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ في ذلك وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
إحْدَاهُمَا هو أَنْ يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُقْنِعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو قَوْلُهُ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ وَنَحْوِهِ إذَا جَرَى على لِسَانِهِ ولم يَقْصِدْهُ وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُدَّةِ مع أَنَّ كَلَامَهُ في الْعُدَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إلَى الصُّورَتَيْنِ
____________________
1-
(6/308)
المسائل ومع فصل يسير ولم يتكلم
وعنه وفي المجلس وهو في الإرشاد عن بعض أصحابنا وفي المبهج لو تكلم قدم الاستثناء على الجزاء أو أخره فعل أو ترك لم تلزمه كفارة قال أحمد قول ابن عباس إذا استثنى بعد سنة فله ثنياه ليس هو في الأيمان إنما تأويله قول الله { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت } الكهف 23 24 فهذا استثناء من الكذب لأن الكذب ليس فيه كفارة وهو أشد من اليمين لأن اليمين تكفر والكذب لا يكفر
قال ابن الجوزي فائدة الاستثناء خروجه من الكذب قال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولم يصبر فسلم منه بالاستثناء وكلامهم يقتضي إن رده إلى يمينه لم ينفعه لو وقوعها وتبيين مشيئة الله واحتج به الموقع في أنت طالق إن شاء الله
قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله تحقيق مذهبنا إنما يقف على إيجاد فعل أو تركه فالمشيئة متعلقة على الفعل فإذا وجد ذلك تبينا أنه شاء وإلا فلا وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع ويعتبر نطقه إلا من مظلوم خائف نص على ذلك ولم يقل في المستوعب خائف وفي اعتبار قصد الاستثناء وجهان فائدتهما فيمن سبق على لسانه عادة أو أتى به تبركا ( م 5 ) ولم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وفي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ فَائِدَتُهُمَا فِيمَنْ سَبَقَ على لِسَانِهِ عَادَةً أو أتى بِهِ تَبَرُّكًا انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الزَّرْكَشِيّ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وأبو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمَا مع الِاتِّصَالِ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قبل تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى منه وَظَاهِرُ بَحْثِ أبي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ حتى لو نَوَى عِنْدَ تَمَامِ يَمِينِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ قال وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْمُقْنِعِ وَجَمَاعَةٍ وَذَكَر ابن الْبَنَّا وَبَنَاهُ على أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وهو ما كان على الْمَاضِي وَإِنْ لم يَقْصِدْهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
____________________
1-
(6/309)
يعتبره شيخنا ولو أراد تحقيقا لإرادته ونحوه لعموم المشيئة
وفي الترغيب وجه يعتبر قصد الاستثناء أول كلامه وكذا قوله إن أراد الله وقصد بالإرادة المشيئة لا محبته وأمره ذكره شيخنا
وإن شك في الاستثناء فالأصل عدمه وقال شيخنا إلا ممن عادته الاستثناء واحتج المستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة ومن كان حنثه في يمينه خيرا استحب وقدم في الترغيب أن بره وإقامته على يمينه أولى ولا يستحب تكرار حلفه فقيل يكره ونقل حنبل لا يكثر الحلف فإنه مكروه وإن دعى محق لليمين عند حاكم فالأولى افتداء نفسه وقيل يكره حلفه وقيل مباح ونقله ابن حنبل كعند غير حاكم ويتوجه فيه يستحب لمصلحة كزيادة طمأنينة وتوكيدا لأمر وغيره ومنه وقوله عليه السلام لعمر رضي الله عنه عن صلاة العصر والله ما صليتها تطبيبا منه لقلبه وكذا قال بعض أصحابنا في كتابه الهدى عن قصة الحديبية فيها جواز الحلف بل استحبابه على الخير الديني الذي يريد تأكيده وقد حفظعن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا وأمره الله بالحلف على تصديق ما أخبره في ثلاث مواضع من القرآن في سورة سبأ ويونس والتغابن
وإن قال إن فعلت كذا فعبد فلان حر أو ماله صدقة ونحوه وفعله فلغو وعنه يكفر كنذر معصية وإن حرم حلالا غير زوجته نحو ما أحل الله علي حرام ولا زوجة له ( * ) لم يحرم ويكفر إن فعله نص عليه وقيل يحرم حتى يكفر وكذا تعليقه بشرط نحو إن أكلته فهو علي حرام نقله أبو طالب قال في الانتصار وطعامي علي كالميتة والدم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ نحو ما أَحَلَّ اللَّهُ على حَرَامٌ أو لَا زَوْجَةَ له كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وَلَا زَوْجَةَ له بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ قبل الْوَاوِ وَإِنَّمَا قال ذلك لِئَلَّا يَشْمَلَهَا كَلَامُهُ
____________________
1-
(6/310)
وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ وَهَلْ يُسْتَحَبُّ على فِعْلِ طَاعَةٍ أو تَرْكِ مَعْصِيَةٍ فيه وَجْهَانِ ( م 6 ) وَلَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ وفي الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ لَا الْمَحْلُوفُ في نَفْسِهِ وَلَا ما رَآهُ خَيْرًا
وفي الْإِفْصَاحِ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ وَأَنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ ( ش م ) قال شَيْخُنَا لم يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا تُوجِبُ إيجَابًا أو تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ قال وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أو متفقه فإذا قال أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ
وَلَوْ قال أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ لَا نَذْرٌ فَالْأَيْمَانُ إنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ وهو أَنْ يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قُرْبَةً لَزِمَهُ الْوَفَاءُ وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلَّهِ ما يَطْلُبُهُ اللَّهُ منه الوفاء وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ التي بين الناس وهو أَنْ يَلْتَزِمَ كُلٌّ من التعاقدين ( ( ( المتعاقدين ) ) ) لِلْآخَرِ ما اتَّفَقَا عليه فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بها ثُمَّ إنْ كان الْعَقْدُ لَازِمًا لم يَجُزْ نَقْضُهُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَلَا كَفَّارَةَ في ذلك لِعِظَمِهِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ مع أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ بَلْ يتقربت ( ( ( يتقرب ) ) ) بِالطَّاعَاتِ قال وَهَذِهِ أَيْمَانٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ولم يَفْرِضْ اللَّهُ ما يَحِلُّ عُقْدَتَهَا إجْمَاعًا
نَقَلَ عبدالله قال اللَّهُ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال الْعُهُودُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الْعَهْدُ شَدِيدٌ في عَشَرَةِ مَوَاضِعَ من كِتَابِ اللَّهِ وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إذَا حَلَفَ بِالْعَهْدِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله واليمين تنقسم إلى أحكام التكليف الخمسة وهل يستحب على فعل طاعة أو ترك معصية فيه وجهان انتهى وأطلقهما في المغني والشرح وشرح الوجيز
إحداهما لا يستحب صححه الناظم فقال لا ندب في الإيلاء ليفعل طاعة ولا ترك عصيان على المتجودة وإليه ميل شارح الوجيز
والوجه الثاني يستحب اختاره بعض الأصحاب وقدمه ابن رزين في شرحه قلت وهو الصواب
____________________
1-
(6/311)
بِكُلِّ ما اسْتَطَاعَ وَيُكَفِّرُ إذَا حَنِثَ بِأَكْثَرَ من كَفَّارَةٍ يَمِينٍ قال في الْمُغْنِي إنْ حَلَّ الْيَمِينُ على مُبَاحٌ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } النحل 91 أَيْ في الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ } النحل 91 الْآيَةَ وَقَوْلُهُ { أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } المائدة 1 وَالْعَهْدُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فَمَعَ الْيَمِينِ أَوْلَى
وَنَهَى عن نَقْضِ الْيَمِينِ وَيَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَضَرَبَ لهم الْمَثَلَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحِلَّ الْمُخْتَلَفَ فيه لَا يَدْخُلُهُ هذا قال شَيْخُنَا من جِنْسِهِمَا لَفْظُ الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُمْ هذا في ذِمَّةِ فُلَانٍ أَصْلُهُ من هذا أَيْ فِيمَا لَزِمَهُ بِعَهْدِهِ وَعَقْدِهِ قال في الْفُنُونِ الذِّمَمُ هِيَ الْعُهُودُ وَالْأَمَانَاتُ وفي الْوَاضِحِ وَمِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَذِمَّةُ فُلَانٍ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا في طَرِيقَتِهِ الذِّمَّةُ لَا تَمْلِكُ لِأَنَّهَا الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ لُغَةً وفي الشَّرْعِ وَصَفٌّ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَالْإِلْزَامِ وَلِهَذَا لو اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ من آخَرَ صَحَّ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْحَقَّ الثَّابِتَ فيها
وَقِيلَ له الذِّمَّةُ صِفَةٌ فَتَفُوتَ بِالْمَوْتِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِهِ فقال لَا نُسَلِّمُ أنها صِفَةٌ بَلْ عِبَارَةٌ عن الِالْتِزَامِ ولم يَفُتْ وقال في الْفُنُونِ الذِّمَّةُ وَإِنْ كانت الْعَهْدَ فبالملك ( ( ( فالملك ) ) ) التَّسَلُّطُ فإذا بقى حُكْمُ الْمِلْكِ وَلَا تَسَلَّطَ حَقِيقَةً في الْمَيِّتِ بَقِيَ حُكْمُ الذِّمَّةِ وَإِنْ كان لَا عَهْدَ حَقِيقَةً لِلْمَيِّتِ فَصْلٌ من لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ جِنْسًا أو أَكْثَرَ أو كِسْوَتُهُمْ أو يُطْعِمُ بَعْضًا وَيَكْسُو بَعْضًا نَصَّ عليه وَفِيهِ قَوْلٌ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ من جِنْسَيْنِ وَكَعِتْقٍ مع غَيْرِهِ أو إطْعَامٍ وَصَوْمٍ
ما يجزىء صَلَاةَ الْآخِذِ فيه وفي التَّبْصِرَةِ الْمَفْرُوضَةَ وَكَذَا نَقَلَ حَرْبٌ ما يَجُوزُ فيه الْفَرْضُ كَوَبَرٍ وَصُوفٍ وما يُسَمَّى كِسْوَةً وَلَوْ عَتِيقًا لم تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وفي الْمُغْنِي وَحَرِيرٍ في التَّرْغِيبِ ما يَجُوزُ لِلْآخِذِ لِبْسُهُ فَمَنْ عَجَزَ كَعَجْزِهِ عن فُطْرَةٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ كَرَقَبَةٍ في ظِهَارٍ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِلَا عُذْرٍ وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهَا وقال ابن عَقِيلٍ هل الدَّيْنُ كَزَكَاةٍ فَيَصُومُ أَمْ لَا كَفِطْرَةٍ فيه رِوَايَتَانِ
وَلَهُ التَّكْفِيرُ قبل الْحِنْثِ وفي الْوَاضِحِ على رِوَايَةِ حِنْثِهِ بِعَزْمِهِ على مُخَالِفَةِ يَمِينِهِ
____________________
(6/312)
بِنِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ بَلْ لَا يَصِحُّ وَفِيهِ رِوَايَةٌ لَا يَجُوزُ بِصَوْمٍ لِأَنَّهُ تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ كَصَلَاةٍ وَاخْتَارَ في التَّحْقِيقِ لَا يَجُوزُ كَحِنْثٍ مُحْرِمٍ في وَجْهٍ وَهُمَا سَوَاءٌ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ وَنَقَلَ ابن هانىء قَبْلَهُ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ تُقَدَّمُ الْكَفَّارَةُ وَأُحِبُّهُ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا قبل الْحِنْثِ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ من الزَّكَاةِ
وَمَنْ لَزِمَتْهُ أَيْمَانٌ قبل التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عن غَيْرِهِ وَعَنْهُ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ كما لو اخْتَلَفَ مُوجِبُهَا كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ وَعَنْهُ إنْ كانت على أَفْعَالٍ نحو وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قَعَدْت كما لو كَفَّرَ عن الْأَوِّلَةِ وَإِلَّا كَفَّارَةٌ كَوَاللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ بِنُذُورٍ مُكَرَّرَةٍ أو بِطَلَاقٍ مُكَفَّرٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ فِيمَنْ حَلَفَ نُذُورًا كَثِيرَةً مُسَمَّاةً إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَبَاهُ وأخاه فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وقال شَيْخُنَا فِيمَنْ قال الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَرَّرَهُ لم يَقَعْ أَكْثَرُ من طَلْقَةٍ إذَا لم يَنْوِ فَيَتَوَجَّهَ مِثْلُهُ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا سَبَقَ فِيمَا يُخَالِفُ الْمَدْخُولَ بها غَيْرُهَا يَقَعُ بِهِمَا ثَلَاثٌ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ إجْمَاعًا وكان الْفَرْقُ أَنَّهُ يَلْزَمُ من الشَّرْطِ الْجَزَاءُ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا لِلتَّلَازُمِ
وَلَا رَبْطَ في الْيَمِينِ وَلِأَنَّهَا لِلزَّجْرِ وَالتَّطْهِيرِ فَهِيَ كَالْحُدُودِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْأَصْلُ حَمْلُ اللَّفْظِ على فَائِدَةٍ أُخْرَى ما لم يعرضه ( ( ( يعارضه ) ) ) مُعَارِضٌ وَنَقَلَ عبدالله أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُغْلِظَ على نَفْسِهِ إذَا كَرَّرَ الْأَيْمَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً فَإِنْ لم يُمْكِنْهُ أَطْعَمَ
وَلَوْ حَلَفَ يَمِينًا على أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَكَفَّارَةٌ حَنِثَ في الْجَمِيعِ أو وَاحِدٍ وَتَنْحَلُّ في الْبَقِيَّةِ
وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَحُرٍّ وَقِيلَ لَا عِتْقَ وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ حتى مُرْتَدٌّ بِغَيْرِ صَوْمٍ
____________________
(6/313)
بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
يُرْجَعُ فيها إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ ليس بها ظَالِمًا نَصَّ عليه احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ فَيَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْإِخْوَةِ إخْوَةَ الْإِسْلَامِ وما ذَكَرْت فُلَانًا أَيْ ما قَطَعْت ذِكْرَهُ وما رَأَيْته أَيْ ما ضَرَبْت رِئَتَهُ وَبِنِسَائِي طَوَالِقُ نِسَاءَهُ الْأَقَارِبَ منه وَبِجَوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَبِمَا كَاتَبْت فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَبِمَا عَرَّفْته جَعَلْته عَرِيفًا وَلَا أَعْلَمْته أَيْ أُعَلِّمُ الشَّفَةَ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً وَهِيَ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَلَا أَكَلْت له دَجَاجَةً وفي ( ( ( وهي ) ) ) الْكُبَّةُ من الْغَزْلِ وَلَا فَرَوْجَةً وَهِيَ الدُّرَّاعَةُ وَلَا في بَيْتِي فُرُشٌ وَهِيَ صِغَارُ الْإِبِلِ وَلَا حَصِيرٌ وهو الْجِبْسُ وَلَا بَارِيَةٌ أَيْ السِّكِّينُ التي يَبْرِي بها وما أَشْبَهَ ذلك
وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ في الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ لَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْمَبِيعِ وقد كَرِهَ أَحْمَدُ التَّدْلِيسَ وقال لَا يُعْجِبُنِي وَنَصُّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مع الْيَمِينِ وَيُقْبَلُ منه في الْحُكْمِ مع قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظَّاهِرِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَيَقْبَلُ حُكْمًا مع قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظَّاهِرِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ طَرِيقَةً مُؤَخَّرَةً وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ ثُمَّ قال وَقِيلَ إنْ قَرُبَ الِاحْتِمَالُ إلَى آخِرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلْ
____________________
1-
(6/315)
وأطلقهما في المذهب والمستوعب وجزم به أبو محمد الجوزي بقبوله ثم يرجع إلى سبب يمينه وقدمه في الخرقي والإرشاد ( * ) والمبهج وحكى رواية وقدمه القاضي بموافقته للوضع وعنه يقدم عليه وذكر القاضي وعليها عموم لفظه احتياطا ثم إلى التعيين
وقيل يقدم عليه وضع لفظه شرعا أو عرفا أو لغة وفي المذهب في الاسم والعرف وجهان وذكر ابنه النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة فإذا حلف لظالم ما لفلان عندي وديعة ونوى غيرها أو ب ما معنى الذي أو استثنى بقلبه بر فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها ويكفر على الأصح ذكرهما ابن الزاغوني وعزاهما الحارثي إلى فتاوى أبي الخطاب ولم أرهما
وذكر القاضي أنه يجوز جحدها بخلاف اللقطة وإن لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب وعند ابن عقيل لا يسقط ضمان لخوفه من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه وفي فتاوى ابن الزاغواني إن أبي اليمين بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ أَيْ قَدَّمُوا السَّبَبَ على النِّيَّةِ أَمَّا صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا الْخِرَقِيُّ فلم يُقَدِّمْ السَّبَبَ على النِّيَّةِ بَلْ قَدَّمَهَا عليه وهو مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ فقال وَيَرْجِعُ في الْأَيْمَانِ إلَى النِّيَّةِ فَإِنْ لم يَنْوِ شيئا رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما يَصْحَبُهَا انْتَهَى فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عنه
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَحْلِفْ لم يَضْمَنْ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يَسْقُطُ ضَمَانٌ لِخَوْفِهِ من وُقُوعِ طَلَاقٍ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عن يَمِينِهِ وفي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ إنْ أبي الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وهو تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى
قال الْخِرَقِيُّ في بَابِ الْوَدِيعَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم يَحْلِفْ حتى أُخِذَتْ منه وَجَبَ الضَّمَانُ لِلتَّفْرِيطِ قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ وَتَقَدَّمَ النَّقْلُ في الباب الْوَدِيعَةِ من هذا التَّصْحِيحِ فَلْيُرَاجَعْ
____________________
1-
(6/316)
وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ فإذا هِيَ حَائِضٌ أو لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ وَتَطْلُقُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ فِيمَنْ حَلَفَ في شَعْبَانَ بِثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا في نَهَارِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سَافَرَ في رَمَضَانَ فَإِنْ حَاضَتْ وطىء وَكَفَّرَ لِحَيْضٍ وَذَكَرَ هو وَجَمَاعَةٌ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا في كُمِّهِ فإذا هو بَيْضٌ عُمِلَ منه نَاطِفٌ يُسْتَهْلَكُ
وَأَنَّهُ لو قال لِمَنْ على سُلَّمٍ إنْ صَعِدْت فيه أو نَزَلْت منه أو قُمْت عليه أو رَمَيْت نَفْسَك أو حَطَّك إنْسَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ
وَأَنَّهُ حَلَفَ لَا وَطِئْتُك إلَّا وَأَنْتِ لا بسة عَارِيَّةٌ رَاجِلَةٌ رَاكِبَةٌ وَطِئَهَا بِلَيْلٍ عُرْيَانَةً في سَفِينَةٍ
وَأَنَّهُ لو حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ منه لَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ سقلت ( ( ( سلقت ) ) ) بَيْضًا وَذَكَرَ هذه الْمَسَائِلَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا في نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ ووطء ( ( ( ووطئ ) ) ) فَنَصُّهُ لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّهَا حِيلَةٌ قال من احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ
وَنَقَلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ لَا يَرَى الْحِيلَةَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ فقال له إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قال لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ على دَرَجَةٍ إنْ صَعِدْت أو نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ قالوا تَحَمَّلَ قال أَلَيْسَ هذا حِيلَةٌ هذا هو الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ وَقَالُوا إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فوطىء ( ( ( فوطئ ) ) ) على اثْنَيْنِ وإذا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ فَحُمِلَ فَأُدْخِلَ قال ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ لَا يَجُوزُ الْحِيَلُ في الْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ منها إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَإِنَّ أَصْحَابَنَا قالوا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ وَلَا يُسْقِطُهُ بِذَلِكَ وَنَقَلَ المروذي ( ( ( المروزي ) ) ) لَعَنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ له وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَعَنَ اللَّهُ الْمَرَقِ لقد احْتَالَ حتى أَكَلَ
____________________
(6/317)
وَإِنْ حَلَفَ لَتُخْبِرُنِّي بِشَيْءٍ فِعْلُهُ مُحَرَّمٌ وَتَرَكَهُ فَصَلَاةُ السَّكْرَانِ أو بِطَعْمِ النَّجْوِ فَحُلْوٌ لِسُقُوطِ الذُّبَابِ عليه ثُمَّ حَامِضٌ لِأَنَّهُ يُدَوِّدُ ثُمَّ مُرٌّ لِأَنَّهُ يكرح ( ( ( يكرج ) ) ) وَعِنْدَ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ يُبَرِّرُ له الْفِطْرَ وَإِنْ حَلَفَ لَا سَرَقَتْ مِنِّي شيئا فَخَانَتْهُ في وَدِيعَتِهِ أولا أَقَمْت في هذا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت منه وهو جَارٌ حَنِثَ بِقَصْدٍ أو سَبَبٍ فَقَطْ وَقِيلَ تَحْمِلُ من رَاكِدٍ كُرْهًا وَلَا حِنْثَ
وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا وَقَصَدَ عَدَمَ تَجَاوُزِهِ أو السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ أولا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ بَرَّ وَكَذَا أَكْلُ شَيْءٍ أو بَيْعُهُ أو فِعْلُهُ غَدًا
وَإِنْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّهُ غَدًا وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ حَنِثَ بِأَقَلَّ فَقَطْ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِمِائَةٍ حَنِثَ بها وَبِأَقَلَّ
وَإِنْ حَلَفَ لايدخل دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ قُبِلَ حُكْمًا وَعَنْهُ لَا وَيُدَيَّنُ
وَإِنْ دعى إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى لم يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ على الْأَصَحِّ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُشْرَبُ له الْمَاءُ من عَطَشٍ وَالنِّيَّةُ أو السَّبَبُ قَطْعُ مِنَّتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ ما فيه مِنَّةٌ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ لَا أَقُلْ كَقُعُودِهِ في ضَوْءِ نَارِهِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا لِقَطْعِ الْمِنَّةِ فَانْتَفَعَ بِهِ أو بِثَمَنِهِ في شَيْءٍ وقيل وَقِيلَ أو بِغَيْرِهِ بِقَدْرِ مِنَّتِهِ فَأَزِيدُ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ حَنِثَ
وفي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا يَحْنَثُ بِشَيْءٍ منها لِأَنَّهُ لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا إلَّا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عنها مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً لِيَخْرُجَ مَخْرَجَ الْوَضْعِ الْعُرْفِيِّ وَكَذَا سَوَّى الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا وَأَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ما فيه مِنَّةٌ
وفي الرَّوْضَةِ إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ له خُبْزًا والسب ( ( ( والسبب ) ) ) الْمِنَّةُ حَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ كَائِنًا ما كان وَأَنَّهُ إنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ عِمَامَةً أو عَكْسَهُ إنْ كانت اُمْتُنَّتْ عليه بِغَزْلِهَا حَنِثَ بِكُلِّ ما يَلْبَسُهُ منه وَكَذَا مَنَعَ ابن عَقِيلٍ الْحَالِفَ على خُبْزٍ غَيْرِهِ من لَحْمِهِ
____________________
(6/318)
وَمَائِهِ
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ على تَمْرٍ لِلْحَلَاوَةِ بِكُلِّ حُلْوٍ وَحَالِفٌ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ لِلْهَجْرِ بِوَطْئِهَا لِاقْتِضَاءِ الْيَمِينِ مَنْعًا وَالْتِزَامًا فَهِيَ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِخِلَافِ أَعْتِقُهُ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أو لِسَوَادِهِ يُعْتَقُ وَحْدَهُ وَقِيلَ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ مَنَعَ منه وقال الْقَاضِي أبو الْخَطَّابِ لأنه عِلَّتَهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِضَ وَقَوْلُهُ لَا يَطَّرِدُ
وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ التَّشْرِيعَ وَكَذَا أعتقه ( ( ( أعتقته ) ) ) لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أو لِسَوَادِهِ لِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ عليه وَالْبَدَاءِ وَاخْتَارَ في التَّمْهِيدِ له عِتْقُ كل أَسْوَدَ قال لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدْءِ في حَقِّهِ ثُمَّ النُّسَخُ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ من البارىء ( ( ( البارئ ) ) ) في الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عليه كما يُرَدُّ الْبَدْءُ من الْآدَمِيِّ ثُمَّ لم يَمْنَعْ جَوَازُ وُرُودِ النُّسَخِ من الْقِيَاسِ
كَذَا جَوَازُ الْبَدْءِ في حَقِّ الْمُوَكَّلِ وَجَزَمَ بِهِ فيه إنْ قال إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عليه كُلَّ شَيْءٍ من مَالِي وَجَدْت فيه تِلْكَ الْعِلَّةَ ثُمَّ قال أَعْتِقُ عَبْدِي فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَعَتَقَ كُلُّ عَبْدٍ له أَسْوَدَ صَحَّ ذلك وهو نَظِيرُ قَوْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ تَعَبَّدَنَا بِالْقِيَاسِ
وقال في الْعُدَّةِ إنَّ الْمُخَالِفَ احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْقِيَاسَ فَلَوْ قال لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ لي سَكَنْجَبِينًا فإنه يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ لم يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ له رُمَّانًا وَإِنْ كان يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ مَعَانِيَ لَا تُوجَدُ في الرُّمَّانِ لِذَلِكَ لم يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وقد وَرَدَ عن أَهْلِ اللُّغَةِ ما يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ فإن ابْنَيْنِ لو ضَرَبَا أُمَّهُمَا فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ صالح ( ( ( صلح ) ) ) الرَّدُّ عليه بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبُهُ
وَكَذَلِكَ لو قال لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً لِئَلَّا يَعْتَدِي بها لم يَصْلُحْ أَنْ يُعْطِيَهُ سِكِّينًا لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ على أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ في الْمَوْضِعِ الذي دَلَّ الشَّرْعُ عليه وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ وفي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لم يَدُلَّ الشَّرْعُ عليه فلم يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أبي الْخَطَّابِ
____________________
(6/319)
وهو يَدُلُّ على أَنَّهُ لو قال قِسْ عليه كُلَّ ما صَلَحَ لِلصَّفْرَاءِ جَازَ وَيَدُلُّ أَيْضًا على أَنَّهُ إذَا لم يُعْتِقْ غير ما أعتق ( ( ( أعتقه ) ) ) مع أَنَّهُ أَسْوَدُ أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتَهُ وَيَقُولُ له لم يُعْتِقْ غَيْرَهُ من السُّودِ وَكَذَا قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَأَمَّا إذَا قال أَعْتَقْتُ فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَقِيسُوا عليه كُلَّ أَسْوَدَ فذكر في الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى الْعِتْقَ غَيْرُ من أَعْتَقَهُ مُلْزِمًا بِهِ لِلْمُخَالِفِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ما ذُكِرَ من كَلَامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ خِلَافُهُ وقد قال الْقَاضِي في النَّصِّ على الْعِلَّةِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لو قال وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ لم يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ
وَكَذَا لَفْظُ الشَّرْعِ وَأَجَابَ بِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ وَبِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالْقِيَاسِ وَغَيْرُهُ لم يَأْمُرْ بِذَلِكَ فَلَوْ قال لنا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ على بَعْضٍ ثُمَّ قال وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرِكَهُ فيه كُلُّ حُلْوٍ وفي الْإِيضَاحِ الطَّلَاقُ وَإِنْ حَلَفَ على شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لم يَجُزْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ في كَنَفِهِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يأوى مَعَهَا بِدَارٍ يَنْوِي جَفَاهَا وَلَا سَبَبَ فَأَوَى مَعَهَا في غَيْرِهَا حَنِثَ أو لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لم يَرَهَا وَنَقَلَ ابن هانىء أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ قال الْحَرِيرِيُّ في دُرَّةِ الْغَوَّاصِ لَا يُقَالُ اجْتَمَعَ فُلَانٌ مع فُلَانٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ اجْتَمَعَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَخَالَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ في صِحَاحِهِ فقال جَامِعُهُ على كَذَا أَيْ اجْتَمَعَ معه
وَإِنْ قال إنْ تَرَكْت هذا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَفْلَتَ فَخَرَجَ أو قَامَتْ تصلي ( ( ( تصل ) ) ) أو لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى أَنْ تَمْنَعَهُ وَلَا تَدَعْهُ فَإِنَّهَا لم تَتْرُكْهُ يَخْرُجُ فَلَا يَحْنَثُ نَقَلَهُ مُهَنَّا نَقَلَ حَرْبٌ أَكْرَهُ إذَا حَلَفَ لَا يُلْبِسُ امْرَأَتَهُ من كَدِّهِ أَنْ يُعْطِيَ أجره الْخَيَّاطِ أو الْقَصَّارِ أو نَحْوِ هذا
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أو لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أولا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ وَعَبْدُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَعُزِلَ وَطَلَّقَ وَأَعْتَقَ أو حَلَفَ لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فيه
____________________
(6/320)
فَزَالَ وَنَوَى ما دَامَ لم يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فيه رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أو لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أو لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ وَعَبْدُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَعَزَلَ وَطَلَّقَ وَأَعْتَقَ أو حَلَفَ لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فيه فَزَالَ وَنَوَى ما دَامَ لم يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فيه رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ يَحْنَثُ انْتَهَى
هذه الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ تَنْزِعُ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَصْلُ هذه الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ هل يَخُصُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصَّ إذَا كان السَّبَبُ هو الْمُقْتَضِي له أو يقضي بِعُمُومِ اللَّفْظِيَّةِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَتَابَعَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
أحدها الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ فَإِنْ كان اللَّفْظُ أَعَمَّ من السَّبَبِ أُخِذَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَقِيلَ بَلْ بِخُصُوصِ السَّبَبِ انْتَهَى
وقال النَّاظِمُ فَإِنْ كان مَعْنَاهُ أَعَمَّ فَخُذْ بِهِ وَخَلِّ خُصُوصَ اللَّفْظِ عند ( ( ( عنده ) ) ) تَسْدُدْهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَخَذُوهُ من نَصِّ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ من نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فيه فَزَالَ الظُّلْمُ قال أَحْمَدُ النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ وَكَذَلِكَ أَخَذُوهُ من قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هذا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّعْيِينِ على الْوَصْفِ قالوا وَالسَّبَبُ وَالْقَرِينَةُ عِنْدَنَا تُعِينُ الْخَاصَّ وقال تُخَصِّصُ الْعَامَّ انْتَهَى
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَنَصُّهُ يَحْنَثُ وَذَلِكَ لأنه الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لعبرة ( ( ( العبرة ) ) ) بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وما أَشْبَهَهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ في ذلك بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَّى الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْخِلَافَ إلَيْهَا أَيْضًا
وَرَجَّحَهُ ابن عَقِيلٍ في عُمُدِ الْأَدِلَّةِ وقال وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا أَحْسَنُ وقد يَكُونُ جَدُّهُ لَحَظَ هذا انْتَهَى
فَتَلَخَّصَ في ذلك ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وقال الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ على لَفْظِ الْخِرَقِيِّ إذَا لم
____________________
1-
(6/321)
يحنث ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
يَنْوِ شيئا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غير ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا فإذا خلف ( ( ( حلف ) ) ) لَا يأوى مع امْرَأَتِهِ في هذه الدَّارِ وكان سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا من جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ من جِيرَانِهَا أو منه حَصَلَ عليه بها وَنَحْوِ ذلك اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بها كما هو مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَإِنْ كان لِغَيْظٍ من الْمَرْأَةِ يَقْتَضِي جَفَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فيه تعدي ذلك إلَى كل دَارِ الْمَحْلُوفِ عليها بِالنَّصِّ وما عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَا التي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه أو لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ له الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ
وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَشْمَلُ ما إذَا كان اللَّفْظُ خاص ( ( ( خاصا ) ) ) وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كما مَثَّلْنَا أَوَّلًا أو كان اللَّفْظُ عام ( ( ( عاما ) ) ) وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كما مَثَّلْنَا ثَانِيًا وَلَا نِزَاعَ بين الْأَصْحَابِ فِيمَا عَلِمْت في الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ يقتضي ( ( ( المقتضي ) ) ) لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ في عَكْسِهِ فَقِيلَ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ بالجملة ( ( ( وبالجملة ) ) ) فيه قَوْلَانِ أو ثَلَاثَةٌ
أَحَدُهَا وهو الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وفي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا يُؤْخَذُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو يَقْتَضِي نَصَّ أَحْمَدَ وَذَكَرَهُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ وحكى عن الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ على السَّبَبِ وَيَكُونُ ذلك السَّبَبُ مَبْنِيًّا على أَنَّ الْعَامَّ أُرِيدَ بِهِ الخاص ( ( ( خاص ) ) )
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا إذَا حَلَفَ لايدخل بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا إذَا ادعى ( ( ( دعي ) ) ) إلَى غَدَاءٍ فحلف ( ( ( فخلف ) ) ) لَا يَتَغَدَّى أو حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي ما دَامَا كَذَلِكَ
وقد أَشَارَ الْقَاضِي إلَى هذا في التَّعْلِيقِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وهو مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَادَ في النُّقُولِ على الْآخَرِ من جِهَةِ من اخْتَارَ في الْمَسْأَلَةِ
وملخصة أَنَّ الْقَاضِيَ وَعَامَّةَ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ قالوا الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ في
____________________
1-
(6/322)
وإن انحلت بعزله على أحد الوجهين لم يبر برفعه المنكر بعد عزله وفي حنثه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ في عُمُدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالشَّارِحَ وَصَاحِبَ الْبُلْغَةِ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَالْقَاضِيَ في مَوْضِعٍ في الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ ابن رَجَبٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ قالوا الِاعْتِبَارُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ وهو الصَّوَابُ وَأَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَبِعَهُ فَرَّقُوا وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ كما نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ كان الْمَجْدُ لَحَظَ ما قَالَهُ حَفِيدُهُ فَيَكُونُ قد وَافَقَ الْمُوَفَّقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 6 - 4 قَوْلُهُ وَإِنْ انْحَلَّتْ بِعَزْلِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لم يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وفي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ في وِلَايَتِهِ انْتَهَى
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 4 هل تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِعَزْلِ الْوَالِي أَمْ لَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُ في الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أو لَا وهو الصَّوَابُ
الْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ صَرَّحَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا وقال في التَّرْغِيبِ إنْ كان السَّبَبُ أو الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اخْتَصَّ بها وَإِنْ كانت تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَرَابَتِهِ وَذَكَرَ الْوِلَايَةَ تَعْرِيفًا تَنَاوَلَ الْيَمِينَ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5 إذَا قُلْنَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَرَأَى الْمُنْكَرَ في وِلَايَتِهِ ولم يَرْفَعْهُ حتى عُزِلَ فَهَلْ يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ أَطْلَقَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ ولم يَرْفَعْهُ وَفِيهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ وهو أَوْلَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ
____________________
1-
(6/323)
بعزله أوجه الثالث يحنث إنى أمكنه في ولايته ( م 4 6 )
وإن لم تنحل بعزله فرفعه إليه بعد عزله بر وإن لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وفيه لو علم به بعد علمه فقيل فات البر كما لو رآه معه وقيل لا لإمكان صورة الرفع فعلى الأول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالثَّالِثَةُ 6 إذَا لم يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ حتى عُزِلَ أو مَاتَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الرغيب
مَسْأَلَةٌ 7 9 قَوْلُهُ وَإِنْ لم تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لم يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بين تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ لو عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ فَاتَ الْبِرَّ كما لو رَآهُ معه وَقِيلَ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ وفيه الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ هو كَإِبْرَائِهِ من دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
فيه مَسَائِلُ من التَّرْغِيبِ أَطْلَقَ فيها الْخِلَافَ وَاقْتَصَرَ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 إذَا لم يُعَيِّنْ الْوَالِي فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ من كان في زَمَنِ حَلِفِهِ أولا يَتَعَيَّنُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ قُلْت وهو الصَّوَابُ حَيْثُ لم يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ كُلَّ وَالٍ يولي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَيَّنُ وهو من كان الْيَمِينُ في زَمَنِهِ فَيَكُونُ لِلْعَهْدِ وَظَاهِرُ حال ( ( ( الحال ) ) ) يَقْتَضِي ذلك
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 لو عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَيْ بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي صَرَّحَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ وهو وَاضِحٌ فَهَلْ فَاتَ الْبِرُّ كما لو رَآهُ معه أولا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَكَذَا قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَفْظُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ فَنَقْلَاهُ قُلْت هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لم يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ على ما تَقَدَّمَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْبِرَّ قد فَاتَ وهو الظَّاهِرُ من حَالِ الْحَالِفِ
____________________
1-
(6/324)
هو كَإِبْرَائِهِ من دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 7 9 )
وكذا قوله جوابا ( ( ( أواخر ) ) ) لقولها تزوجت علي ( ( ( والصحيح ) ) ) كل أمرأة لي ( ( ( يحنث ) ) ) طالق تطلق على نصه وقطع بِهِ جماعة أخذا بالأعم ( ( ( ومنتخب ) ) ) من ( ( ( الآدمي ) ) ) لفظ ( ( ( ومنوره ) ) ) وسبب ( ( ( وتذكرة ) ) ) قوله لمن ( ( ( عبدوس ) ) ) عليه دينه إنْ خرجت ( ( ( شاء ) ) ) فعبدي حر ( ( ( تعالى ) ) ) ونحوه ويتوجه مثله من قيل له خرجت امرأتك فطلقها أو قال له عبده قدم أبوك أو مات عدوك فأعتقه ولم يوقعه ابن عقيل لبطلان الخبر لدلالة الحال لأنه مقدر بشرط أو تعليل وفي الانتصار في قوله لأكبر ( ( ( الحادية ) ) ) منه ( ( ( والأربعين ) ) ) هو حر لأنه ابني عتق ولم يقبل تعليل بكذب كقوله أنت طالق لأنك قمت وقع إن كانت ما قامت
وفي الْفُنُونِ أَنْتِ طَالِقٌ ما سَرَقَ ذَهَبِي غَيْرُك وَعَلِمَ سَرِقَتَهَا وَقَعَ وَإِنْ حَلَفَ زَجْرًا لم يَقَعْ بِالشَّكِّ وَإِنْ حَلَفَ لِلِصٍّ لَا يُخْبِرُ بِهِ فَسُئِلَ عَمَّنْ هو مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عليه حَنِثَ إنْ لم يَنْوِ حَقِيقَةَ الْغَمْزِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ بَرَّ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَكَذَا قِيلَ لو كانت يَمِينُهُ على امْرَأَتِهِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ كَحَلِفِهِ لَا يَتَزَوَّجُ عليها وَالْمَذْهَبُ يَبَرُّ بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ تَغُمُّهَا وَتَتَأَذَّى بها كَظَاهِرِ رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وفي الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا أو مُقَارَبَتِهَا
وقال شَيْخُنَا إنَّمَا الْمَنْصُوصُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُمَاثَلَتُهَا وَاعْتُبِرَ في الرَّوْضَةِ حتى في الْجِهَازِ ولم يذكر دُخُولًا وَإِنْ حَلَفَ لَيُطَلِّقَنَّ ضَرَّتَهَا فَفِي بِرِّهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة ( ( ( برجعي ) ) ) الثالثة 9 على القول بأن ( ( ( حلف ) ) ) البر قد ( ( ( يضربها ) ) ) فات ( ( ( فعضها ) ) ) قال هو ( ( ( خنقها ) ) ) كإبرائه من دين ( ( ( ونوى ) ) ) بعد ( ( ( بيمينه ) ) ) حلفه ( ( ( إيلامها ) ) ) ليقضينه ( ( ( حنث ) ) ) وفيه وجهان وأطلقهما المصنف في أواخر ( ( ( الروضة ) ) ) هذا الباب ( ( ( حلف ) ) ) والصحيح ( ( ( ليضربنها ) ) ) أنه ( ( ( فخنقها ) ) ) لا يَحْنَثْ صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم فكذا الصحيح هنا أنه لا يحنث ويأتي ذلك عند كلام المصنف فيعل محررا إن شاء الله تعالى في المسألة الحادية والأربعين
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لِيُطَلِّقَن ضَرَّتَهَا فَفِي بَرِّهِ بِرَجْعِيٍّ خِلَافٌ انْتَهَى
أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يَبَرُّ بِهِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كان ثَمَّ نِيَّةٌ أو قَرِينَةٌ رَجَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا بَرَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَبَرَّ إلَّا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ
____________________
1-
(6/325)
برجعي ( م 10 ) وإن حلف لا يضربها فعضها أو خنقها ونحوه وقيل ونوى بيمينه إيلامها حنث وأطلق في الروضة إن حلف ليضربنها فخنقها أو عضها لم يحنث فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هذه فَدَخَلَهَا وَهِيَ فَضَاءٌ أو مَسْجِدٌ أو حَمَّامٌ أو بَاعَهَا أو لَا لَبِسْت هذا الْقَمِيصَ فَصَارَ رِدَاءً أو عِمَامَةً أو لَا كَلَّمْت هذا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أو امْرَأَةَ فُلَانٍ هذه أو عَبْدَهُ أو صَدِيقَهُ هذا فَزَالَ ذلك ثُمَّ كَلَّمَهُ أو لَا أَكَلْت لَحْمَ هذا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا أو هذا الرُّطَبُ فَصَارَ تَمْرًا أو دِبْسًا نَصَّ عليه أو هذا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا وَنَحْوَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ
كَقَوْلِهِ دَارَ فُلَانٍ فَقَطْ أو التَّمْرَ الحديث فَعَتَقَ أو الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ وَكَالسَّفِينَةِ تُنْقَضُ ثُمَّ تُعَادُ وفيه ( ( ( وفيها ) ) ) احْتِمَالٌ وَقِيلَ لَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ في نَحْوِ بَيْضَةٍ صَارَتْ فَرْخًا فَلَوْ حَلَفَ لِيَأْكُلَن من هذه التُّفَّاحَةِ أو الْبَيْضَةِ فَعَمِلَ منها شَرَابًا أو نَاطِفًا فَالْوَجْهَانِ وَمِثْلُهَا بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أو لَا يَنْكِحُ فَعَقَدَ فَاسِدًا لم يَحْنَثْ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ بَلَى في الْبَيْعِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِمُخْتَلَفٍ فيه وَإِنْ قَيَّدَ بِيَمِينِهِ بمتنع ( ( ( بممتنع ) ) ) الصِّحَّةِ كَخَمْرٍ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي في إنْ سَرَقْت من ( ( ( مني ) ) ) شيئا وَبِعْتِنِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ طَلُقَتْ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ وَالشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ وَخَالَفَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في إنْ سَرَقْت منى شيئا وَبِعْتنِيهِ كما لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَإِنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنهُ فَبَاعَهُ بِعِوَضٍ بَرَّ
وَكَذَا نَسِيئَةً وَقِيلَ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أولا يُؤَجِّرُ أو لَا يُزَوِّجُ لِفُلَانٍ حنت ( ( ( حنث ) ) ) بِقَبُولِهِ وَيَحْنَثُ في هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَارِيَّةٍ بِفِعْلِهِ وَإِنْ لم يُقْبَلْ وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ في بَيْعٍ ( * ) وَقَالَهُ الْقَاضِي في إنْ بِعْتُك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيَحْنَثُ في هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَارِيَّةٍ بِفِعْلِهِ وَإِنْ لم يَقْبَلْ وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ مِثْلُهُ في بَيْعٍ انْتَهَى
____________________
1-
(6/326)
فأنت حر
وفي الترغيب إن قال الآخر إن اشتريته فهو حر فاشتراه عتق من بائعه سابقا للقبول وإن نذر أن يهب له بر بالإيجاب كيمينه وقد يقال يحمل على الكمال ذكره شيخنا وإن حلف لا يهبه فقيل لا يحنث بإعارته والصدقة عليه كحلفه لا يتصدق عليه فيهبه في الأصح وقيل يحنث وقيل بالصدقة اختاره القاضي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
لم نَرَ ما قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فيه وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ فلم يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي لم يَحْنَثْ وَقَطَعَ بِهِ
مَسْأَلَةٌ 11 و 12 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِإِعَارَتِهِ وَالصَّدَقَةُ عليه وَقِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ بِالصَّدَقَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 11 إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَعَارَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنَوَّرِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ على أَنَّ الْعَارِيَّةَ هل هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أو إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ قُلْنَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أنها إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقًا لِرُجُوعِ الْأَيْمَانِ إلَى الْعُرْفِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 12 إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عليه فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وقال هذا ظَاهِرُ كَلَامِ
____________________
1-
(6/327)
وغيره ( م 11 12 )
ويحنث بوقفه عليه وَقِيلَ لا ( ( ( يحنث ) ) ) كوصيته له وصدقة واجبة ونذر وكفارة وتضييفه وإبرائه وقد تقدم هل يسقط دين بهبة وفي محاباة بيع وجهان ( م 13 ) ويحنث بالهدية خلافا لأبي الخطاب
وَإِنْ حلف لا يتصدق فأطعم عياله لم يَحْنَثْ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي شَمِلَ الْجِنَازَةَ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتَدْخُلُ في الْعُمُومِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَالطَّوَافُ ليس صَلَاةً مُطْلَقَةً وَلَا مُضَافَةً فَلَا يُقَالُ صَلَاةُ الطَّوَافِ كما لَا يُقَالُ صَلَاةُ التِّلَاوَةِ كَذَا قال كما لَا يُقَالُ صلاة التِّلَاوَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ
سَبَقَ أَنَّهُ هو وَالْأَصْحَابُ قالوا إنَّهُ صَلَاةٌ وَأَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِدُخُولِهِ في الْعُمُومِ وَكَذَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في الصَّلَاةِ وَقْتَ النَّهْيِ الطَّوَافُ ليس بِصَلَاةٍ في الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ فيه الْكَلَامُ وَالْأَكْلُ وهو مَبْنِيٌّ على الْمَشْيِ فَهُوَ كَالسَّعْيِ وَقِيلَ له الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحمد في رواية حنبل واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به الآدمي في منتخبه وقيل يحنث هنا وإن لم يحنث بالإعارة
تنبيه محل الخلاف في صدقة التطوع أما الصدقة الواجبة والنذر والضيافة الواجبة فلا يحنث به قولا واحدا كما نبه عليه المصنف وغيره
مسألة 13 قوله وفي محاباة بيع وجهان انتهى
وأطلقهما في المذهب والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم
أحدهما يحنث قلت وهو الصواب والصحيح صححه في الخلاصة وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الهداية والمقنع وغيرهما
____________________
1-
(6/328)
صلى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ فقال التَّشَهُّدُ لايسمى صَلَاةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ صلى التَّشَهُّدَ قَاعِدًا وفي كَلَامِ أَحْمَدَ الطَّوَافُ صَلَاةٌ وقال أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ عن قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ في جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِيمَا استثناهء ( ( ( استثناه ) ) ) وهو النُّطْقُ
قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أو حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ وَقِيلَ إنْ حَنِثَ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ وَقِيلَ بِفَرَاغِهِ كَقَوْلِهِ صَلَاةً أو صَوْمًا وَكَحَلِفِهِ لَيَفْعَلَنهُ وَقِيلَ بِرَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا وفي التَّرْغِيبِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْرُجُ إذَا أَفْسَدَهُ
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ لَا يَحُجُّ بِإِحْرَامِهِ بِهِ وَقِيلَ بِفَرَاغِ أَرْكَانِهِ وَيَحْنَثُ بِحَجٍّ فَاسِدٍ وفي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ ( م 14 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والوجه الثالث لا يحنث وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية واختاره الشيخ الموفق والشارح وابن عبدوس وغيرهم وجزم به في المنور
مَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ وفي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي لو كان حَالُ حَلِفِهِ صَائِمًا أو حَاجًّا وَالثَّالِثَةُ الصَّلَاةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وفي الصُّغْرَى في الصَّوْمِ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ وهو قِيَاسُ ما إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ وَاسْتَدَامَهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى ولكن لَا تُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ في الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ في التَّعْلِيقِ وهو بَعِيدٌ وقال شَيْخُنَا قد يُقَالُ حَلَفَ في الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَقُلْنَا لَا يُبْطِلُ ثُمَّ قال وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الثَّالِثَ الطَّوَافُ فَيَحْلِفُ وهو طَائِفٌ ثُمَّ يَسْتَدِيمُهُ وَيَدُلُّ عليه سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ فإنه ذَكَرَ أَوَّلًا أَحْكَامَ الطَّوَافِ ثُمَّ أَحْكَامَ الصَّوْمِ وَأَدْخَلَ مَسْأَلَةَ الصَّلَاةِ ضِمْنًا ثُمَّ الْحَجَّ وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا
____________________
1-
(6/329)
فَصْلٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 15 17 قَوْلُهُ وفي لَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَلَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ فذكر مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 15 إذَا حَلَفَ لَا أكل ( ( ( يأكل ) ) ) لَحْمًا يأكل ( ( ( فأكل ) ) ) لَحْمَ الرَّأْسِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ يأكل ( ( ( بأكل ) ) ) الْخَدِّ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قال الزَّرْكَشِيّ وهو مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا انْتَهَى قال في الْخُلَاصَةِ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ على الْأَصَحِّ قال في الْمُذْهَبِ حَنِثَ بِأَكْلِ الرَّأْسِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ حتى يَنْوِيَهُ قال الزَّرْكَشِيّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وحكى عن ابْنِ أبي مُوسَى وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ رَأْسٍ لم تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا قال في الْمُغْنِي فَإِنْ أَكَلَ رَأْسًا أو كَارِعًا فَقَدْ روى عن أَحْمَدَ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ انْتَهَى قال الْقَاضِي لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ لَا يَتَنَاوَلُ الرُّءُوسَ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 16 لو أَكَلَ اللِّسَانَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْلَ اللِّسَانِ كَأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قال الزَّرْكَشِيّ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللِّسَانِ على أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 17 إذَا أَكَلَ لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِهِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ قال في الْكَافِي وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا تَنَاوَلَتْ يَمِينُهُ اكل واللحم ( ( ( اللحم ) ) ) الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ وهو أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ أبو مُحَمَّدٍ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ وحكى عن ابْنِ أبي مُوسَى وهو قوى
____________________
1-
(6/330)
وإن حلف لا يأكل لحما لم يحنث بمرقه في الأصح كمخ وكبد وكلية وكرش وكارع وشحمة وألية غيرها إلا بنية اجتناب الدسم وفي لحم رأس ولسان ولحم لا يؤكل وجهان ( م 15 17 )
ويحنث بسمك تقديما للشرع واللغة وعند ابن أبي موسى لا ونقل صالح وابن هانىء إن حلف لا يشترى لحما فاشترى رأسا أو كارعا إن كان لشيء تأذى به من اللحم فالرأس مفارق للبدن
وإن كان عقد لا يشترى لحما لجمعيه فلا يعجبني يشترى شيئا من الشاة قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 18 و 19 قَوْلُهُ وَهَلْ بَيَاضُ لَحْمٍ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامِ لَحْمٍ أو شَحْمٍ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18 هل بَيَاضُ اللَّحْمِ مِثْلُ سَمِينِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ لَحْمٍ أو شَحْمٍ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في النَّظْمِ
أَحَدُهُمَا هو شَحْمٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ من حَلَفَ لَا يأكله ( ( ( يأكل ) ) ) شَحْمًا وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ قال في الْمُقْنِعِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ قال الزَّرْكَشِيّ هو اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو لَحْمٌ ليس بِشَحْمٍ فَلَا يَحْنَثُ من حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَهُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وقال الشَّحْمُ هو الذي يَكُونُ في الْجَوْفِ من شَحْمِ الْكُلَى أو غَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيّ وهو الصَّوَابُ وهو كما قال وقال الْقَاضِي وَإِنْ أَكَلَ من كل شَيْءٍ من
____________________
1-
(6/331)
وإن حلف لا يأكل لحما فأكل شحما فلا بأس إن كان لشيء لحقه من اللحم وإلا فلا يأكله وهل بياض لحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم فيه وجهان ( م 18 19 )
ويحنث حالف لا يأكل شحما بألية لا بلحم أحمر وحده في الأصح فيهما وإن حلف لا يأكل رأسا أو بيضا حنث برأس طير وسمك وبيض سمك وجراد وعند القاضي وعند أبي الخطاب برأس يؤكل عادة منفرد أو بيض يفارق بائضه حيا ( م 20 )
وفي الواضح في الرءوس هل يحنث اختاره الخرقي أم برؤوس بهيمة الأنعام فقط فيه روايتان وفي الترغيب إن كان بمكان العادة إفراده بالبيع فيه حنث فيه وفي غير مكانه وجهان نظرا إلى أصل العادة أو عادة الحالف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الشَّاةِ من لَحْمِهَا الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَلْيَةِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْقَلْبِ فقال شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ ابْنَ حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الشَّحْمِ لَا يَقَعُ عليه انْتَهَى
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 19 هل السَّنَامُ لَحْمٌ أو شَحْمٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ
أَحَدُهُمَا هو شَحْمٌ قُلْت وهو الصَّوَابُ وقد صَرَّحَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْأَلْيَةَ لَا تُسَمَّى لَحْمًا فَكَذَا السَّنَامُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو لَحْمٌ قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ هو قَوْلٌ سَاقِطٌ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ
مَسْأَلَةٌ 20 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا أو بَيْضًا حَنِثَ بِرَأْسِ طَيْرٍ وَسَمَكٍ وَبِيضِ سَمَكٍ وَجَرَادٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ عَادَةً مُنْفَرِدٌ أو بياض ( ( ( بيضا ) ) ) يُفَارِقُ بَائِضَهُ حَيًّا انْتَهَى
وَكَلَامُهُ في الْمُقْنِعِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما اخْتَارَهُ الْقَاضِي هو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وفي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءً إلَى تَقْدِيمِهِ قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ بِأَكْلِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ على الْأَصَحِّ وما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ قَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ في الْبَيْضِ
____________________
1-
(6/332)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِكُلِّ خُبْزٍ وفي التَّرْغِيبِ إنْ كان خُبْزُ بَلَدِهِ من الْأُرْزِ حَنِثَ بِهِ وفي حِنْثِهِ بِخُبْزِ غَيْرِهِ الْوَجْهَانِ قَبْلَهَا نَظَرًا إلَى وَضْعِ الِاسْمِ أو إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا من حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً هل يَحْنَثُ بِمَاءٍ مِلْحٍ أو نَجِسٍ وَحِنْثُهُ في الْمُغْنِي لَا بِجَلَّابٍ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً حَنِثَ بِثَمَرِ الشَّجَرِ رَطْبًا وَالْأَصَحُّ وَيَابِسًا كَحَبِّ صَنَوْبَرٍ وَعُنَّابٍ لَا بِبُطْمٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَلَا بِزَيْتُونٍ وَبَلُّوطٍ وَزُعْرُورٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ وبحنث ( ( ( ويحنث ) ) ) بِبِطِّيخٍ وَقِيلَ لَا كَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَالثَّمَرَةِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ شَرْعًا وَلُغَةً هذا مَعْنَى قَوْلِهِمْ في السَّرِقَةِ منها وَغَيْرِهِ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا في السَّلَمِ اسْمُ الثَّمَرَةِ إذَا أُطْلِقَ لِلرَّطْبَةِ وَلِهَذَا لو أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ ثَمَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَمَرَةً يَابِسَةً لم تَلْزَمْهُ وَكَذَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا الثَّمَرُ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَطْبًا أو بُسْرًا حَنِثَ بِمُذَنَّبٍ وَقِيلَ لَا كَأَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ أو هُمَا عن تَمْرٍ أو هو عنهما وَفِيهِ عن رَطْبٍ رِوَايَةٌ في الْمُبْهِجِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ من هذه الْبَقَرَةِ لم يَعُمَّ وَلَدًا وَلَبَنًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ من هذا الدَّقِيقِ فَاسْتَفَّهُ أو خَبَزَهُ حَنِثَ
وَحَقِيقَةُ الْغَدَاءِ والقيلوية ( ( ( والقيلولة ) ) ) قبل الزَّوَالِ قال ابن شِهَابٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ بَعْدَهُ لم يَحْنَثْ قال ابن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ الْغَدَاءُ مَأْخُوذٌ من الْغَدَاةِ وَالْعَشَاءُ مَأْخُوذٌ من الْعَشِيِّ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فإذا زَالَتْ الشَّمْسُ سُمِّيَ عَشَاءً وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ من الْغُرُوبِ وَآخِرُهُ الْعِرْفُ أو نِصْفُ اللَّيْلِ يَتَوَجَّهُ خِلَافٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ السُّحُورَ منه إلَى الْفَجْرِ ( 5 ) أو أَنَّهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كما ذَكَرَهُ في الصِّحَاحِ وَجَزَمَ ابن الْجَوْزِيِّ بِمَعْنَاهُ فإنه ذَكَرَ في قَوْلِهِ { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } آل عمران 17 قول الزجاج إنه الْوَقْتُ الذي قبل طُلُوعِ الْفَجْرِ وهو أَوَّلُ إدْبَارِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ
____________________
(6/333)
وَإِنْ حَلَفَ لَا نَامَ أو لَيَنَامَنَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَحْنَثُ بِأَدْنَى نَوْمٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ لُغَةً وَعُرْفًا وقال في الْخِلَافِ لِمَنْ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ الْمُرَادُ بِهِ نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ فُلَانٌ نَامَ يُعْقَلُ من إطْلَاقِهِ النَّوْمُ الْمُعْتَادُ وهو أَنْ يَنَامَ على جَنْبٍ وقال لِمَنْ احْتَجَّ بِخَبَرِ صَفْوَانَ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا إلَّا من جَنَابَةٍ لَكِنْ من غَائِطٍ بول ( ( ( وبول ) ) ) وَنَوْمٍ الْجَوَابُ عنه ما قَدَّمْنَا وهو أَنَّ إطْلَاقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْمِ المتعاد ( ( ( المعتاد ) ) ) أو إلَى النَّوْمِ الْكَثِيرِ مِمَّا ذَكَرْنَا في الْمَسْأَلَةِ
وَالْقُوتُ خُبْزٌ وَفَاكِهَةٌ يَابِسَةٌ وَلَبَنٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ قُوتُ بَلَدِهِ وَيَحْنَثُ بِحَبٍّ يَقْتَاتُ في الْأَصَحِّ وَالْأُدْمُ شِوَاءٌ نَصَّ عليه وَجُبْنٌ وَبَيْضٌ وَزَيْتُونٌ وما يَصْطَبِغُ بِهِ كَخَلٍّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة ( ( ( ولبن ) ) ) 21 قَوْلُهُ وفي تَمْرٍ وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي هل يُسَمَّى أُدُمًا أَمْ لَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاويين الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا هو من الْأُدُمِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس من الْأُدُمِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ من حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدُمًا وَبِهِ قَطَعَ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ في مُنْتَخَبِهِ
مَسْأَلَةٌ 22 قَوْلُهُ وفي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قال في الرِّعَايَةِ وفي الْمَاءِ وَالدَّوَاءِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ من ذلك وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَيْءٌ من ذلك طَعَامًا في الْعُرْفِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُسَمَّى ذلك طَعَامًا في الْأَظْهَرِ
____________________
1-
(6/334)
ولبن والأشهر ( ( ( الناظم ) ) ) وملح وفي تمر ( ( ( يحنث ) ) ) وجهان ( ( ( بأكل ) ) ) ( م 21 ) ويتوجه عليهما زبيب ونحوه وهو ظاهر ( ( ( ضعيف ) ) ) كلام جماعة وفي المغني لا يحنث والطعام ما يؤكل ويشرب وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوهما وجهان ( م 22 )
والعيش يتوجه فيه عرفا الخبز وفي اللغة العيش الحياة فيتوجه ما يعيش به فيكون كالطعام والأكلة بفتح الهمزة المرة ولو مع تقارب تقطيع الأكل وبالضم اللقمة
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شيئا فَلَبِسَ نَعْلًا أو خُفًّا حَنِثَ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَ لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ ولوى ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ أو اتَّزَرَ بِقَمِيصٍ لَا بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ على رَأْسِهِ وَلَا بِنَوْمِهِ عليه وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ إنْ قُدِّمَتْ اللُّغَةُ وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ ( م 23 )
وَإِنْ قال قيمصا ( ( ( قميصا ) ) ) فَاِتَّزَرَ لم يَحْنَثْ وَإِنْ ارْتَدَى فَوَجْهَانِ ( م 24 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وصححه الناظم ( ( ( حلف ) ) )
والوجه الثاني ( ( ( يلبس ) ) ) يَحْنَثْ بأكل شيء ( ( ( عبث ) ) ) من ( ( ( وسفه ) ) ) ذلك وهو ضعيف
مَسْأَلَةٌ 23 قَوْلُهُ وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَتَدَثَّرَ بِهِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ
مَسْأَلَةٌ 24 وَإِنْ ارْتَدَى فَوَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ قال في الْمُغْنِي وَكَذَلِكَ إنْ كان قَمِيصًا يَعْنِي وَحَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ فَارْتَدَى بِهِ حَنِثَ ولم يذكر غَيْرُهُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِنْ كان قَمِيصًا فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ أو رِدَاءً أو عِمَامَةً حَنِثَ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ
____________________
1-
(6/335)
وإن حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا حَنِثَ بِحُلِيِّ جَوْهَرٍ أو ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ وَلَوْ خَاتَمٍ في غَيْرِ خِنْصَرٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه ما يَأْتِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ من النَّهْرِ فَكَرَعَ لَا بِعَقِيقٍ وَسَبَجٍ وَحَرِيرٍ وفي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ زَادَ بَعْضُهُمْ مُفْرِدِينَ وَمِنْطَقَةٌ مُحَلَّاةٌ لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ ( م 5 و 26 )
وفي الْوَسِيلَةِ تَحْنَثُ الْمَرْأَةُ بِحَرِيرٍ
وإن حلف لايدخل دار فلان حنث بما جعله لعبده أو آجره أو استأجره وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 25 و 26 قَوْلُهُ وفي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ زَادَ بَعْضُهُمْ مُفْرَدَيْنِ وَمِنْطَقَةٌ مُحَلَّاةٌ لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 25 لو حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ الدَّرَاهِمَ أو الدَّنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ في ( ( ( والهادي ) ) ) الهادي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وَهُمَا ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي فإنه ذَكَرَ ما يَحْنَثُ بِهِ من ذلك ولم يَذْكُرْهُمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ بِلُبْسِهَا وهو من الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ قال في الْإِرْشَادِ لو لَبِسَ ذَهَبًا أو لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ قُلْت وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى من الذي قَبْلَهُ وَالصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ فَإِنْ عُدِمَا حَنِثَ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 26 لو لَبِسَ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً فَهَلْ هِيَ من الْحُلِيِّ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا هِيَ من الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَيْسَتْ من الْحُلِيِّ قُلْت الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى من الثَّانِي وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعَادَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(6/336)
وَجْهَانِ ( م 27 و 28 )
وفي التَّرْغِيبِ الْأَقْوَى إنْ كان سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ وَإِنْ قال مَلَكَهُ فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ ( م 29 ) وَإِنْ قال دَابَّةُ عبد فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا جَعَلَ بِرَسْمِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَجُلٌ هذه الدَّابَّةَ وَلَا يَبِيعُهُ وإن حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أو يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ إنْ رقي السَّطْحَ أو نَزَلَهَا منه أو من نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ على الْحَائِطِ أو دُخُولِهِ طَاقِ الْبَابِ ( م 30 و 31 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 27 و 28 قوله وفي مغصوب أو لَا يسكنه من ملكه وجهان انتهى
يعني لة حلف لا يدخل مسكنه فدخل في مسكن غصبه أو في مكان له لكنه لا يسكنه فذكر مسألتين
مسألة 28 المغصوب
مسألة 28 ملكه الذي لا يسكنه
قال في البلغة والترغيب الأقوى أنه إن كان سكنه مرة أن يحنث وقال في الرعايتين والحاوي وإن قال لا أسكن مسكنه ففيما لا يسكنه من ملكه أو يسكنه بغصب وجهان زاد في الكبرى ويحنث بسكنى ما سكنه منه بغصب انتهى
وظاهر كلامه في المغني أنه يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ الدار ( ( ( خارجه ) ) ) المغصوبة وبه ( ( ( أغلق ) ) ) قطع الناظم وصححه
مسألة 29 قوله وإن قال ملكه ففيما استأجره خلاف في الانتصار
قلت الصواب عدم الحنث وهو المتعارف بين الناس وإن كان مالك منافع الأجور والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 30 و 31 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أو لَا يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ إنْ رقي السَّطْحَ أو نَزَلَهَا منه أو من ثقب ( ( ( نقب ) ) ) فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ على الْحَائِطِ أو دُخُولِهِ طَاقَ الْبَابِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
____________________
1-
(6/337)
وقيل لَا يَحْنَثُ بدخوله له خارجه إذَا أَغْلَقَ وَإِنْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أولا أَرْكَبُ حَنِثَ بِدُخُولِ مَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَبَيْتِ شَعْرٍ وَأَدَمٍ وَخَيْمَةٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةٍ في الْمَنْصُوصِ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ لَا بِدُخُولِ صُفَّةٍ وَدِهْلِيزٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أولا يَضَعُ قَدَمَهُ في دَارٍ فَدَخَلَ رَاكِبًا أو مَاشِيًا حَنِثَ
وَهَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ يَتَوَجَّهُ لَا إنْ قُدِّمَ الْعُرْفُ وَإِلَّا حَنِثَ وقد قال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أن اسْمَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة الأولى 30 لو حلف لا يدخل دار فلان فوقف على الحائط فهل يحنث أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في المغني والشرح والنظم
أحدهما لا يحنث وهو الصواب
والوجه الثاني يحنث اختاره القاضي نقله في المستوعب وقدمه ابن رزين في شرحه
المسألة الثانية 31 لو دخل طاق الباب فهل يحنث أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والمقنع والشرح وغيرهم وهي من جملة المسائل اللاتي من حلف على فعل ففعل بعضه
أحدهما بحنث بذلك مطلقا وهو ظاهر ما اختاره الأكثر على ما تقدم وقدمه ابن رزين في شرحه
والوجه الثاني لا يحنث به مطلقا وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه وهذا الصحيح على ما تقدم في تعليق الطلاق بالشروط في كتاب الإنصاف وقال القاضي لا يحنث إذا كان بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا قلت هو الصواب وصححه ابن منجا في شرحه وجزم في الوجيز قال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وإن دخل طاق الباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان انتهى اختار القاضي الحنث ذكره عنه في المستوعب
____________________
1-
(6/338)
الدَّارِ يَقَعُ على الْمَقَابِرِ قال وهو صَحِيحٌ فإن الدَّارَ في اللُّغَةِ يَقَعُ على الرَّبْعِ الْمَسْكُونِ وَعَلَى الْخَرَابِ غَيْرِ الْمَأْهُولِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ وَقِيلَ إنْ أَنْزَلَ وَعَنْهُ إنْ عَزَلَ لم يَحْنَثْ وَعَنْهُ في مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِهِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ وَرْدًا أو بَنَفْسَجًا وَنَحْوَهُ وَلَوْ يَابِسًا أو لَا يَشُمُّ وَرْدًا أو بَنَفْسَجًا فَشَمَّ دُهْنَهُمَا أو مَاءَ وَرْدٍ أو لَا يَشُمُّ طِيبًا فَشَمَّ نَبْتًا رِيحُهُ طَيِّبٌ حَنِثَ في الْأَصَحِّ لَا فَاكِهَةً
وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا فَوَجْهَانِ ( م 32 ) وَإِنْ حلفى ( ( ( حلف ) ) ) لَا كَلَّمْته حتى يُكَلِّمَنِي أو يَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا وَلَا نِيَّةَ فَنَصُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَيَتَوَجَّهُ أَقَلُّ زَمَنٍ
وَقِيلَ إنْ عَرَّفَهُ فَلِلْأَبَدِ كَالدَّهْرِ وَالْعُمُرِ وَقِيلَ الْعُمُرُ كَحِينٍ فَإِنْ نَكَّرَهُمَا أو قال زَمَنًا فَلِأَقَلِّ زَمَنٍ وَعِنْدَ الْقَاضِي كَحِينٍ وَكَذَا بَعِيدًا وَمَلِيًّا وَطَوِيلًا وَعِنْدَ الْقَاضِي لِفَوْقِ شَهْرٍ وقال ابن عَقِيلٍ في وَقْتٍ وَنَحْوِهِ الْأَشْهَرُ بِمَذْهَبِنَا ما يُؤَثِّرُ في مِثْلِهِ من المؤخذة ( ( ( المؤاخذة ) ) ) وَالزَّمَانِ كَحِينٍ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لِلْأَبَدِ وَحُكِيَ عن ابْنِ أبي مُوسَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ في زمان ( ( ( زمن ) ) ) وَحِقَبٍ أَقَلُّ زَمَنٍ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ نِصْفُهَا وَقِيلَ لِلْأَبَدِ وَشُهُورٍ ثَلَاثَةٍ كَأَشْهُرٍ أو أَيَّامٍ وَعِنْدَ الْقَاضِي اثْنَا عَشَرَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي في مَسْأَلَةِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ اسْمُ الْأَيَّامِ يَلْزَمُ الثَّلَاثَ إلَى الْعَشَرَةِ لِأَنَّك تَقُولُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَقُلْ أَيَّامًا فَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمَ الْأَيَّامِ ما زَادَ على الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً لَمَا جَازَ نَفْيُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 32 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ والموجيز وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ منجا وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/339)
فقال قد بينا اسم الأيام يقع على ذلك والأصل الحقيقة يعني قوله { وتلك الأيام نداولها بين الناس } آل عمران 140 وقوله { بما أسلفتم في الأيام الخالية } الحاقة 24 وقوله { فعدة من أيام أخر } البقرة 184 185 وقال زفر بن الحارث % وكنا حسبنا كل سوداء تمرة % ليالي لاقينا جذاما وحميرا %
قال القاضي فدل أن الأيام والليالي لا تختص بالعشرة
وإن قال إلى الحصاد فإلى أول مدته وعنه آخرها وإن قال الحول فحول لا تتمته أومأ إليه ذكره في الانتصار وسبقت مسائل في تعليق الطلاق
وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ من حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زِنْدِيقًا بِقَائِلٍ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ قَالَهُ سجاة ( ( ( سجادة ) ) ) قالا أَحْمَدُ ما أَبْعَدَ ما قال وَالسَّفَلَةُ من لم يُبَالِ ما قال وما قِيلَ فيه وَنَقَلَ عبدالله هو من يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا مِئْزَرٍ وَلَا يُبَالِي على أَيِّ مَعْصِيَةٍ رُئِيَ قال ابن الْجَوْزِيِّ الرَّعَاعُ السَّفَلَةُ وَالْغَوْغَاءُ نَحْوُ ذلك وَأَصْلُ الْغَوْغَاءِ صِغَارُ الْجَرَادِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أو سَبَّحَ أو ذَكَرَ اللَّهَ لم يَحْنَثْ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمَنْ دَقَّ بَابَهُ { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ } بالحجر 46 يَقْصِدُ التَّنْبِيهَ بِقُرْآنٍ وفي الْمَذْهَبِ وَجْهَانِ وَإِنْ لم يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ حَنِثَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ ما نُطِقَ بِهِ فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عليه ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ قال شَيْخُنَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ وَيَتَضَمَّنُ ما يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ من الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي
فَلِهَذَا نَجْعَلُ الْقَوْلَ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ وقسيما ( ( ( وقسما ) ) ) منه أُخْرَى وينبنى عليه من حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فقال قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا هل يَحْنَثُ فيه وَجْهَانِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وفي الْخِلَافِ في الْمُسِيءِ في صَلَاتِهِ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ افْعَلْ ذلك يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ في الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ إذَا كان لها اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ من الْفِعْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى فِعْلًا قال أبو الْوَفَاءِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ فَسَمِعَ الْقُرْآنَ حَنِثَ ( ع )
____________________
(6/340)
وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَضَرَبَهُ بها ضَرْبَةً مُؤْلِمَةً لم يَبَرَّ وَعَنْهُ يَبَرُّ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ كَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنهُ بِمِائَةٍ
وَإِنْ حَلَفَ لَا مَالَ له حَنِثَ بِغَيْرِ زَكَوِيٍّ وَبِدَيْنٍ لَا بِمُسْتَأْجَرٍ وفي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عنه وَضَائِعٍ آيَسَهُ وَجْهَانِ ( م 33 و 34 ) وَعَنْهُ يَحْنَثُ بِنَقْدٍ فَقَطْ قال في الْوَاضِحِ وَالْمَالُ ما تَنَاوَلَهُ الناس عَادَةً بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ لِطَلَبِ الرِّبْحِ مَأْخُوذٌ من الْمَيْلِ من يَدٍ إلَى يَدٍ وَجَانِبٍ إلَى جَانِبٍ قال وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الْأَعْيَانَ من الْأَمْوَالِ وَلَا يَعُمُّ الدَّيْنَ في الْمُغْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَمْلِكُ مَالًا وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ السَّابِقَةَ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يأوى مَعَهَا في هذا الْعِيدِ حَنِثَ بِدُخُولِهِ وَالْعِيدُ قبل الصَّلَاةِ لَا بَعْدَهَا وَأَيَّامُ الْعِيدِ تُؤْخَذُ بِالْعُرْفِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَخَرَجَ ابن أبي مُوسَى لَا يأوى حتى تَغِيبَ شَمْسُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَآخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
نَقَلَ ابن الْحَكَمِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم أَغُمَّك حتى تَقُولِينَ قدغممتني إنْ هو وَقَعَ في أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَأَهْلِ بَيْتِهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَغُمُّهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 33 و 34 وقوله وفي مغصوب عاجز عن أخذه أو ضائع آيسه فذكر مسألتين
مسألة 33 المغصوب العاجز عنه
ومسألة 34 الضائع الآيس منه
قال في المغني والشرح فإن كان له مغصوب حنث وإن كان له مال ضائع ففيه وجهان الحنث وعدمه فإن ضاع على وجه قد أيس من عوده كالذي سقط في البحر لم يحنث ويحتمل أن لا يحنث في كل موضع لا يقدر على أخذ ماله كالمجحود والمغصوب والذي على غير ملىء انتهى وقال ابن رزين وإن يئس من عوده لم يحنث وقدم أنه يحنث بالمال المغصوب وقال في الوجيز وإن حلف لا مال له وله مال غير زكوي أو دين على إنسان حنث انتهى
____________________
1-
(6/341)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شيئا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلِكًا
كَحَلِفِهِ على لَبَنٍ يَحْنَثُ بِمُسَمَّاهُ وَلَوْ من صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ما تَقَدَّمَ في مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ فَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا أو أَقِطًا أو جُبْنًا أو كِشْكًا أو مَصْلًا أو لَا يَأْكُلُ بَيْضًا أو تَمْرًا فَأَكَلَ نَاطِفًا أولا لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ في خَبِيصٍ فَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا كَحَلِفِهِ لَا أَكَلْت شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتٌ منه في الْأَصَحِّ وَفِيهِ وفي التَّرْغِيبِ إنْ طَحَنَهُ لم يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَعَنْ أَحْمَدَ في الْأُولَى في حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ رِوَايَتَانِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يأكلن ( ( ( يأكل ) ) ) زُبْدًا حَنِثَ بِسَمْنٍ ظَهَرَ طَعْمُهُ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ كَعَكْسِهِ في الْأَصَحِّ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هذا الشَّيْءَ أو شيئا فَشَرِبَهُ أو بِالْعَكْسِ أو لَا يَأْكُلُ أو لَا يَشْرَبُ أو لَا يفعلهم ( ( ( يفعلهما ) ) ) فَمَصَّ رُمَّانًا أو سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ ( م 35 و 36 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 35 و 36 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هذا الشَّيْءَ أو شيئا فَشَرِبَهُ أو بِالْعَكْسِ لَا يَأْكُلُ أو لَا يَشْرَبُ أو لا يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أو سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 35 لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شيئا فَشَرِبَهُ أو بِالْعَكْسِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ أطلقه ( ( ( وأطلقه ) ) ) في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِي
إحْدَاهُمَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَحْنَثُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فترد ( ( ( فثرد ) ) ) فيه وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ رَوَى مُهَنَّا لَا يَحْنَثُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وقال الْقَاضِي إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عليه حَنِثَ وَإِنْ لم يُعَيِّنْهُ لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنَقَلَ في الْمُغْنِي عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عليه فيه الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ لم يُعَيِّنْهُ لم يَحْنَثْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عن كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ وقال في التَّرْغِيبِ مَحَلُّ الْخِلَافِ مع ذكر
____________________
1-
(6/342)
وعنه يحنث في الصورة الأولى لتعيينه وفي الترغيب الخلاف مع ذِكْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِلَّا حَنِثَ وفيه وإن حَلَفَ لا يذوقه فازدرده ولم يذقه حنث وظاهر المعنى لا وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه ومصه لا بذوقه وإن حلف لَا يَأْكُلُ مائعا حنث بأكله خبز وإن حلف لَا يَشْرَبُ من الكوز فصب ( ( ( يفعلهما ) ) ) منه ( ( ( فمص ) ) ) في إناء وشرب لم يَحْنَثُ وعكسه إن اغترف بإناء من النهر أو البئر
وقال ابن عقيل يحتمل ( ( ( موسى ) ) ) عدم حنثه بكرعه من النهر ( ( ( والكافي ) ) ) لعدم اعتياده كحلفه لَا يلبس ( ( ( يحنث ) ) ) هذا ( ( ( واقتصر ) ) ) الثوب فيعتم به ويحنث ( ( ( يحنث ) ) ) بشربه من ( ( ( قياس ) ) ) نهر يأخذ منه في الأصح كقوله من ( ( ( قبلها ) ) ) ماء النهر وإن حلف لا يأكل من هذه الشجرة حنث بالثمرة فقط ولو لقطه من تحتها فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ أو لَا يَلْبَسُ من غَزْلِهَا وَعَلَيْهِ منه شَيْءٌ نَصَّ عليه وَلَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يُسَافِرُ وَلَا يَسْكُنُ دَارًا وَلَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وهو كَذَلِكَ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ وَكَذَا لَا يَطَأُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَلَا يَمْسِكُ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ
أولا يُضَاجِعُهَا على فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ نَصَّ عليه أولا يُشَارِكُهُ فَدَامَ ذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وَعَكْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ قال أبو مُحَمَّدٍ الجوزية ( ( ( الجوزي ) ) ) في اللُّبْسِ إنْ اسْتَدَامَهُ حَنِثَ إنْ قَدَرَ على نَزْعِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المأكول والمشروب وإلا حنث
المسألة الثانية 36 لو حلف لا يأكل أو لا يشرب أو لا يفعلهما فمص رمانا أو سكرا فهل يحنث أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين والحاوي الصغير
إحداهما لا يحنث وهو الصحيح نص عليه واختاره ابن أبي موسى وغيره وقدمه في المغني والكافي والشرح وغيرهما وجزم به في النظم وغيره قال ابن رزين فعنه لا يحنث واقتصر عليه
والرواية الثانية يحنث وهو قياس من قول الخرقي في المسألة التي قبلها
____________________
1-
(6/343)
وقال الْقَاضِي وابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا الْخُرُوجُ وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لُبْسًا وَلَا فيه مَعْنَاهُ وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ لِاشْتِمَالِهِ على إيلَاجٍ وَإِخْرَاجٍ فَهُوَ شَطْرُهُ وَجَزَمَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ لَا يَحْنَثُ الْمَجَامِعُ إنْ نَزَعَ في الْحَالِ وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ في مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ الْكَفَّ في الْمُسْتَقْبَلِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِأَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ بَعْدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ يَمِينِهِ لَا اسْتَدَمْت الْجِمَاعَ
فَإِنْ أَقَامَ السَّاكِنُ أو الْمُسَاكِنُ حتى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا لَيْلًا ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ بِنَفْسِهِ وَبِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ لم يَحْنَثْ قال الشَّيْخُ لِأَنَّ ما لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه لَا يُرَادُ وَلَا تَقَعُ الْيَمِينُ عليه وَذَكَرَ أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ لم يَنْوِ النَّقْلَةَ وَإِنْ خَرَجَ بِدُونِهِمَا وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هانىء وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ أو تَرَكَ له بها شيئا حَنِثَ
وَقِيلَ إنْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ وَقِيلَ أو وَجَدَهُ بِمَا يَتَأَثَّثُ بِهِ فَلَا وَإِنْ أَوْدَعَهُ أو أَعَارَهُ أو مَلَكَهُ أو أَبَتْ زَوْجَتُهُ الْخُرُوجَ معه وَلَا يُمْكِنُهُ يُجْبِرُهَا فَخَرَجَ وَحْدَهُ لم يَحْنَثْ وَإِنْ بَنَيَا بَيْنَهُمَا حَاجِزًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ وَقِيلَ أولا ثُمَّ سَاكَنَهُ حَنِثَ وَقِيلَ كما لو كان في الدَّارِ حُجْرَتَانِ لِكُلِّ حُجْرَةٍ بَابٌ موافق ( ( ( ومرافق ) ) ) مُخْتَصَّةٌ فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ
قال في الْفُنُونِ فِيمَنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْتِ عَلَيَّ الْبَيْتَ وَلَا كُنْت لي زَوْجَةً إنْ لم تَكْتُبِي لي نِصْفَ مَالِك فَكَتَبَتْهُ له بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَتَبَتْ له لِأَنَّهُ يَقَعُ بِاسْتِدَامَةِ الْمُقَامِ فَكَذَا اسْتِدَامَةُ الزَّوْجِيَّةِ
وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن من الدَّارِ أو لَا يَأْوِي إلَيْهَا أو يَنْزِلُ فيها نَصَّ عَلَيْهِمَا أولا يَسْكُنُ الْبَلَدَ أو لَيَرْحَلَن منه فَكَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ وَكَذَا يَتَوَجَّهُ إنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن منه وَالْأَشْهَرُ يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ وفي الرِّعَايَةِ بِمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَرْحَلَن عن الدَّارِ أو الْبَلَدِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لم يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ على الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ إنْ خَرَجْت منها فَلَكَ دِرْهَمٌ اسْتَحَقَّ بِخُرُوجٍ أَوَّلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا أو كان فيها غير سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ ( م 37 و 38 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 37 و 38 قوله وإن حلف لا يسكن الدار فدخلها أو كان فيها غير ساكن
____________________
1-
(6/344)
وقال الْقَاضِي وَلَوْ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ لم يَحْنَثَ قال شَيْخُنَا وَالزِّيَادَةُ ليست سُكْنَى اتِّفَاقًا وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا
وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ فَيَتَوَجَّهُ بَرَّ حَالِفٌ لَيُسَافِرَن بِهِ وَلِهَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَقَلُّ من يَوْمٍ يَكُونُ سَفَرًا إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ وفي الْإِشَارَةِ أَنَّ بَقِيَّةَ أَحْكَامِ السَّفَرِ غيرى الْقَصْرِ تَجُوزُ فِيهِمَا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِبَلَدٍ بَاتَ خَارِجَ بن بُنْيَانِهِ
قال أَحْمَدُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ في هذه الْقَرْيَةِ فَإِنْ أَكَلَ فيها أو في نَاحِيَةٍ من حَدِّهَا حَنِثَ قال الْقَاضِي في إقَامَةِ الْجُمُعَةِ في الْقَرْيَةِ وَقِيلَ له يَحْتَمِلُ أَنَّ جؤاثا كانت مِصْرًا وَسَمَّاهَا ابن عَبَّاسٍ قَرْيَةً لِأَنَّ الْعَرَبَ كانت تسمى الْمِصْرَ قَرْيَةً وَذَكَرَ الْآيَاتِ فقال الْمَشْهُورُ في لِسَانِ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا أَنَّ الْقَرْيَةَ لَا يُعَبَّرُ بها عن الْمِصْرِ إلَّا مَجَازًا كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ما ذَكَرَهُ هو الْعُرْفُ وَأَمَّا لُغَةُ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا فَكَمَا قال الْخَصْمُ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دار ( ( ( دارا ) ) ) فَاسْتَدَامَ أو لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ فَدَخَلَ فُلَانٌ عليه فَأَقَامَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
فَدَامَ جُلُوسُهُ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 37 إذَا حَلَفَ لم يَسْكُنْ الدَّارَ فَدَخَلَهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وَأَطْلَقَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ بَحْثِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 38 لو كان فيها وهو غَيْرُ سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ بَحْثِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ
____________________
1-
(6/345)
معه أولا بيته بارية وفيه قصب فنسجت فيه حنث في الأصح ونصه في الأولى فإن أدخله قصبا لذلك حنث وقيل لا فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شيئا لم يَبَرَّ إلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ هو أو من يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لم يَحْنَثْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في غَيْرِ الدُّخُولِ وحكى عنه في الْمُفْرَدَاتِ وَلُبْسُ ثَوْبٍ كُلُّهُ من غَزْلِهَا نَحْوُ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَيُدْخِلُ بَعْضَ جَسَدِهِ أو لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَيَبِيعُ نِصْفَهُ وَيَهَبُ نِصْفَهُ أو لَا يَشْرَبُ مَاءَ هذا الْإِنَاءِ لاماء النَّهْرِ فَيَشْرَبُ بَعْضَهُ أو لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهِ فيلبس ( ( ( فليس ) ) ) ثَوْبًا فيه منه فَإِنْ لم يَقُلْ ثَوْبًا أو لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ هو أو وَكِيلُهُ وَغَيْرُهُ حَنِثَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ فيه الرِّوَايَتَانِ
وَنَقَلَ عنه أبو الْحَارِثِ لَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ من غَزْلِهِ وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ بِهِ وَقِيلَ وَبِأَقَلَّ وَجْهَانِ ( م 39 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 39 قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ بِهِ وَقِيلَ وَبِأَقَلَّ وَجْهَانِ
يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ هو أو وَكِيلُهُ فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ نِصْفِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ نِصْفَهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ في الْمُقْنِعِ وشرحه ( ( ( وشرحيه ) ) ) في آخِرِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ قُلْت وهو الصَّوَابُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَقِيلَ وَبِأَقَلَّ هذا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو الصَّوَابُ أَيْضًا أَعْنِي أَنَّ فيه الْوَجْهَيْنِ وَلَمَّا عَلَّلَ ابن منجا الْوَجْهَيْنِ في شَرْحِهِ قال وَيَقْتَضِي هذا التَّعْلِيلُ خُرُوجَ وجهين فِيمَا إذَا أَكَلَ دُونَ الذي اشْتَرَاهُ شَرِيكُ زَيْدٍ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
1-
(6/346)
وإن اشتراه لغيره أو باعه حنث بأكله منه وفيه احتمال والشركة والتولية والسلم والصلح على مال شراء
وَإِنْ حَلَفَ لَا قُمْت وَقَعَدْت فَفَعَلَ وَاحِدًا فَالرِّوَايَتَانِ وَكَذَا وَلَا قَعَدْت وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وفي الْمُغْنِي يَمِينٌ واحده يَحْنَثُ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ على أَدَاءِ مِائَةٍ لم يُعْتَقْ بِأَدَاءِ بَعْضِهَا نَصَّ عليه لِجَعْلِهَا عِوَضًا وَمَعَ عَدَمِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُعَوَّضَ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهُ فَمَكَثَ عِنْدَهُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ حَنِثَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ لَا حِنْثَ لِعَدَمِ تَبَعُّضِ الْبَيْتُوتَةِ كَقَوْلِهِ لَا أَقَمْت عِنْدَك كُلَّ اللَّيْلِ أو يَنْوِيهِ فَيُقِيمُ بَعْضَهُ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أو جَاهِلًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ بِالْمَحْلُوفِ حَنِثَ في عِتْقٍ وَطَلَاقٍ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرُوهُ في الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ في يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وَعَنْهُ لَا حِنْثَ وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو في الْإِرْشَادِ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا
وقال شَيْخُنَا رُوَاتُهَا بِقَدْرِ رُوَاةِ التَّفْرِقَةِ وَإِنَّ هذا يَدُلُّ أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلِّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ الرِّوَايَاتِ نحو أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ فَدَخَلَ ولم يَعْلَمْ أولا يُفَارِقُهُ إلَّا بِقَبْضِ حَقِّهِ فَقَبَضَهُ فَفَارَقَهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أو أَحَالَهُ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ بَرَّ أولا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عليه وَجَهِلَهُ وفي الْمُنْتَخَبِ يَحْنَثُ بِالْحَوَالَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ في الضَّمَانِ أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَضَاءِ
فَإِنْ سَلَّمَ على جَمَاعَةٍ هو فِيهِمْ وَجَهِلَهُ لم يَحْنَثْ هُنَا على الْأَصَحِّ وَإِنْ عَلِمَهُ ولم يَنْوِهِ فَإِنْ لم يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا على الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَإِنْ قَصَدَهُ حَنِثَ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ لَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِثْلَهَا الدُّخُولَ على فُلَانٍ وَفِعْلُهُ في جُنُونِهِ كَنَائِمٍ فَلَا حِنْثَ حِينَئِذٍ وَقِيلَ كَنَاسٍ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
____________________
(6/347)
لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ نَاسٍ وَعَنْهُ بَلَى وَقِيلَ هو كَنَاسٍ
وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَهُوَ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يحالفه ( ( ( يخالفه ) ) ) لم يَحْنَثْ نَاسٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ لِيَفْعَلَنهُ فَخَالَفَهُ لم يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرَامَهُ لَا إلْزَامَهُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ وَلَا يَجِبُ لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ بِوُقُوفِهِ في الصَّفِّ ولم يَقِفْ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْسَمَ عليه لَيُخْبِرَنهُ بِالصَّوَابِ والخطأ لَمَّا فَسَّرَ الرُّؤْيَا فقال لَا تُقْسِمْ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لم يَقْصِدْ الْإِقْسَامَ عليه مع الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَتْمِ وقال إنْ لم يَعْلَمْ الْمَحْلُوفُ عليه بِيَمِينِهِ فَكَنَاسٍ وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أَظْهَرُ وقال خَوْفُ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ إكْرَاهٌ على الْخُرُوجِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ ولم يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ لم يَحْنَثْ على الْأَصَحِّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ حَنِثَ في الْمَنْصُوصِ وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ ولم يَأْمُرْهُ ولم يَنْهَهُ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا على كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٍ وَكَذَا نَاسِيًا على كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَكَلَامِ جَمَاعَةٍ يَقْتَضِي حِنْثَهُمَا ( م 40 ) فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شيئا وَعَيَّنَ وَقْتًا أو أَطْلَقَ فَتَلِفَ أو مَاتَ الْحَالِفُ قبل مضى وَقْتٍ يَفْعَلُهُ فيه حَنِثَ نَصَّ عليه كَإِمْكَانِهِ وَإِنْ قال في غَدٍ فَتَلِفَ قَبْلَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ حَنِثَ إذَنْ نَصَّ عليه وَقِيلَ في آخَرِ الْغَدِ وفي التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ على قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَ وجهين إن أطلق وَجْهَيْنِ إنْ أَطْلَقَ ولم يُمْكِنْهُ
وَيَتَخَرَّجُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ حِنْثِهِ لِعَجْزِهِ كَمُكْرَهٍ وَكَمَوْتِهِ في الْأَصَحِّ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة 40 قوله وإن حلف ليفعلنه فتركه مكرها لم يحنث كالتي قبلها على كلام القاضي وابن عقيل وجماعة وكذا ناسيا على كلام جماعة وكلام جماعة يقتضي حنثهما انتهى
أحدهما لا يحنث فيها وهو الصواب خصوصا للكره
والقول الآخر يحنث وهو قوي في الناس
____________________
1-
(6/348)
الثَّانِيَةِ قبل الْغَدِ وَمِثْلُهُ لو جُنَّ إلَى بَعْدِ الْغَدِ ذكر الشَّيْخُ وفي الْمُغْنِي إنْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ وَعَدَمِ نفقه وَهَرَبَ وَنَحْوُهُ حَنِثَ وَيَحْنَثُ بِتَلَفِهِ بِاخْتِيَارِهِ وفي وَقْتِهِ الْخِلَافُ وَإِنْ قال الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ وَتَلِفَ عَقِبَهُ حَنِثَ وَقِيلَ في آخِرِهِ وَيَحْنَثُ بِمَوْتِهِ في الْأَصَحِّ بِآخِرِ حَيَاتِهِ
وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأهُ الْيَوْمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ ( م 41 ) وفي التَّرْغِيبِ أَصْلُهُمَا إذَا امْتَنَعَ من الْإِيفَاءِ في الْغَدِ كُرْهًا لَا يَحْنَثُ على الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فقضى لِوَرَثَتِهِ ( م 42 ) وَإِنْ أَخَذَ عنه عِوَضًا لم يَحْنَثْ في الْأَصَحِّ وَإِنْ مُنِعَ منه فَالرِّوَايَتَانِ وَهُمَا في الْمُذْهَبِ إنْ أُكْرِهَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة 41 قوله وَإِنْ حَلَفَ ليقضينه حقه ( ( ( أخذت ) ) ) في غد ( ( ( حجره ) ) ) فأبرأه ( ( ( فلم ) ) ) اليوم ( ( ( يأخذه ) ) ) وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ انْتَهَى
الطَّرِيقَةُ الْأُولَى طَرِيقَةُ الشَّيْخِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً على ما إذَا أُكْرِهَ وَمُنِعَ منة الْقَضَاءِ في غَدٍ هل يَحْنَثُ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ في مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ في الصحيح وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ
مَسْأَلَةٌ 42 قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فقضى لِوَرَثَتِهِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/349)
وإن قال عند رأس الهلال فعند غروب شمس آخره ولو تأخر فراغ كيله لكثرته ذكره الشيخ ويحنث بعد من أمكنه وفي الترغيب لا تعتبر المقارنة فتكفي حالة الغروب وإن قضاه بعد حنث وإن حلف لا أخذت حقك منى لا فأكره على دفعه حنث وإن أكره قابضه فالخلاف وإن وضعه الحالف بين يديه أو في حجره فلم يأخذه لم يحنث لأنه لم يضمن بمثل هذا مال ولا صيد
ويحنث لو كانت يمينه لا أعطيكه لأنه يعد عطاء إذ هو تمكين وتسليم بحق فهو كتسليم ثمن ومثمن وأجرة وزكاة وإن أخذه حاكم فدفعه إلى الغريم فأخذه حنث نص عليه كقوله لا تأخذ حقك علي وعند القاضي لا كقوله لا أعطيكه
وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه حنث نص عليه ذكره ابن الجوزي ظاهر المذهب كإذنه وكقوله لا افترقنا
وعنه لا اختاره الخرقي قاله القاضي وقدمه في الترغيب وقيل إن أذن له أو لم يلازمه وأمكنه حنث وإلا فلا جزم به في الكافي ومعناه في المستوعب واختاره في المحرر والمغني وجعله مفهوم كلام الخرقي
وإن ألزمه حاكم بفراقه لفلسه وقيل أو لم يلزمه فكمكره وقدر الفراق ما عد فراقا عرفا كبيع وفعل وكيله كهو نص عليه قال في الانتصار وغيره إن الشرع أقام أقوال الوكيل وأفعاله مقام الموكل في العقود وغيرها قال في الترغيب فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله نقل ابن الحكم إن حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف عليه حنث
ذكره ابن أبي موسى وإن حلف لا يفعله فوكل وعادته فعله بنفسه لا يحنث وفي المفردات إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث ( * ) وإلا فلا ولو توكل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ صَوَابُهُ لم
____________________
1-
(6/350)
الْحَالِفُ في الْعَقْدِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لم يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ في النِّكَاحِ من الْإِضَافَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ ( م 43 ) وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا وَشَرْطَ الْبَرَاءَةِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ أولا لم يَحْنَثْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يبرأ ولا يقال حنث قاله ابن نصر الله
مسألة 43 قوله ولو توكل الحالف في العقد فإن أضافه إلى موكله لم يحنث ولا بد في النكاح من الإضافة وإن أطلق فوجهان انتهى
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الغصير
أحدهما لا يحتث وهو الصواب
والوجه الثاني يحنث لعدم إضافته إلى موكله
____________________
1-
(6/351)
بَابُ النَّذْرِ وَالْوَعْدِ وَالْعَهْدِ
وهو الْتِزَامُهُ لِلَّهِ تَعَالَى شيئا بِقَوْلِهِ لَا بِنِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ صِيغَةُ خَاصَّةً يُؤَيِّدُهُ ما يَأْتِي في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أو الْأَكْثَرِ تُعْتَبَرُ لِلَّهِ عَلَيَّ أو عَلَيَّ كَذَا وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ إلَّا مع دَلَالَةِ حَالٍ
وفي الْمُذْهَبِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ فيقول لِلَّهِ عَلَيَّ وهو مَكْرُوهٌ لَا يأتي ( ( ( يأت ) ) ) بِخَيْرٍ وقال ابن حَامِدٍ يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شيئا مُحْدَثًا وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا في تَحْرِيمِهِ وَنَقَلَ عبدالله نهى عنه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال ابن حَامِدٍ الْمَذْهَبُ مُبَاحٌ وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ من أَهْلِ الحديث وَظَاهِرُ ما سَبَقَ يُصَلِّي النَّفَلَ كما هو لَا بِنَذْرِهِ ثُمَّ يُصَلِّيهِ خِلَافًا لِلْأَرْجَحِ لِلْحَنَفِيَّةِ
وَلَا يَصِحُّ إلَّا من مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةِ نَصَّ عليه وَقِيلَ منه بِغَيْرِهَا مَأْخَذُهُ أَنَّ نَذْرَهُ لها كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ وَالْمُنْعَقِدُ أَنْوَاعٌ
أَحَدُهَا علي نَذْرٍ أو إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ وَفَعَلَهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ
الثَّانِي نَذْرُ لحاج ( ( ( لجاج ) ) ) وَغَضَبٍ وهو تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ منه أو الْحَمْلَ عليه نَحْوُ إنْ كَلَّمْتُك أو إنْ لم أَضْرِبْك فَعَلَيَّ الْحَجُّ أو الْعِتْقُ أو مَالِي صَدَقَةٌ فإذا وُجِدَ شَرْطُهُ فَفِي الْوَاضِحِ يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ تَعْيِينُ كَفَّارَةِ يَمِينٍ
وَالْمَذْهَبُ يُخَيِّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ( م 1 ) نَقَلَ صَالِحٌ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه فَلَا كَفَّارَةَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب النذور والوعد والعهد ( ( ( يضر ) ) )
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ في نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ إذا وَجَدَ شَرْطَهُ فَفِي الْوَاضِحِ يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ تَعْيِينُ كَفَّارَةِ يَمِينٍ المذهب يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ انْتَهَى
فَصَرَّحَ بِالْمَذْهَبِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ على غَيْرِ الْمَذْهَبِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ بين كَفَّارَةِ يَمِينٍ
____________________
1-
(6/353)
بلا خلاف ولا يضر قوله على مذهب من يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه ذكره شيخنا لأن الشرع لا يتغير بتوكيد ويتوجه فيه كانت طالق بتة قال شيخنا وإن قصد لزوم الجزاء عند الشرط لزمه مطلقا عند أحمد نقل الجماعة فيمن حلف بحجة أو بالمشي إلى بيت الله الحرام إن أراد يمينا كفر يميينه وإن أراد نذرا فعلى حديث عقبة
ونقل ابن منصور من قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين وقال في امرأة حلفت إن لبست قميصي هذا فهو مهدي تكفر بإطعام عشرة مساكين كل مسكين مد ونقل مهنا إن قال غنمي صدقة وله غنم شركة إن نوى يمينا فكفارة يمين
وإن علق الصدقة به ببيعه والمشتري بشرائه فاشتراه كفر كل منهما كفارة يمين نص عليه
وقال شيخنا إذا حلف بمباح أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فإن مالم يلزم بنذره لا يلزم شيء إذا حلف به فمن يقول لا يلزم الناذر شيء لا يلزم الحالف بالأولى فإن ايجاب النذر أقوى من إيجاب اليمين
الثالث نذر مستحبا يقصد التقرب مطلقا أو علقه بشرط نعمة أو دفع نقمة قال في المستوعب أو غيره كطلوع الشمس نحو إن شفي الله مريضي أو سلم مالي أو إن طلعت الشمس فلله علي كذا أو فعلت كذا لدلالة الحال ذكره ابن عقيل وغيره نحو تصدقت بكذا ونص عليه أحمد في إن قدم فلان تصدقت بكذا
وكذا قال شيخنا فيمن قال إن قدم فلان أصوم كذا هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة لا أعلم فيه نزاعا ومن قال ليس بنذر فقد أخطأ وقال قول القائل لئن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَفِعْلِ ما وُجِدَ شَرْطُهُ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا تَعْيِينُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
1-
(6/354)
ابتلاني لأصبرن ولئن لقيت عدوا لأجاهدن ولو علمت أي العمل أحب إلى الله لعلمته نذر معلق بشرط كقول الآخر { لئن آتانا من فضله } التوبة 75 الآية ونظير ابتداء الإيجاب تمني لقاء العدو ويشبهه سؤال الإمارة فإيجاب المؤمن على نفسه إيجابا لم يحتج إليه بنذر وعهد وطلب وسؤال جهل منه وظلم
وقوله لئن ابتلاني لصبرت ونحو ذلك إن كان وعدا والتزاما فنذر وإن كان خبرا عن الحال ففيه تزكية للنفس وجهل بحقيقة حالها والمنصوص أو حلف بقصد التقرب فقال والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا ( ش ) فوجد شرطه لزمه ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون وحكاه عن أبي الطيب أيضا لوجود أحد سببيه والنذر كاليمين ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا
وفي الخلاف لأنه لم يلزمه فلا تجزئه عن الواجب ذكراه في جواز صوم المتمتع السبعة قبل رجوعه إلى أهله وفي الخلاف فيمن نذر صوم يوم يقدر فلان لم يجب لأن سبب الوجوب القدوم وما وجد وذكر القاضي أن المخالف في هذه المسألة احتج بأن الناذر عند وجود الشرط يصير كالمتكلم بالجواب عند وجود الشرط لأنه لو قال إن ملكت هذا الثوب فلله علي أن أتصدق بهذا الثوب اليوم فيلزمه أن يتصدق به
كذا يجب أن يصير عند قدوم فلان كأنه قال لله علي أن أصوم هذا اليوم وقد أكل فيه فلا يلزمه والجواب أنه يلزمك أن تقول مثل هذا إذا نذر صوم يوم الخميس فأفطر فيه أنه لا يلزمه القضاء ويجعله كالمتكلم بالجواب عند وجود الشرط وهو اليوم ولما لم نقل بهذا في يوم بعينه كذا في مسألتنا
وأما نذر صوم يوم قد أكل فيه فإنما لم يلزمه لأنه يحصل نذر معصية وفي التَّرْغِيبِ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ شَاءَ لَكِنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ يُكَفِّرُ إذَا تَيَقَّنَ الْحِنْثَ وَإِنْ نَذَرَ من يُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ يَقْصِدُ الْقِرْبَةَ نَصَّ عليه أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ وَعَنْهُ كُلُّهُ قال في الرَّوْضَةِ ليس لنا في نَذْرِ الطَّاعَةِ ما يَفِي بِبَعْضِهِ إلَّا هذا الْمَوْضِعُ وَعَلَّلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّدَقَةُ بِكُلِّهِ وَاحْتَجُّوا لِلثَّانِيَةِ بِالْخَبَرِ من نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ
____________________
(6/355)
وَعَنْهُ يَشْتَمِلُ النَّقْدَ فَقَطْ وَيَتَوَجَّهُ على اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ عَزْمِهِ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ في الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ من الصَّامِتِ أو من جَمِيعِ ما يَمْلِكُ قال إنَّمَا يَكُونُ هذا على قَدْرِ ما نَوَى أو على قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عن الناس الْعَرَبُ تسمى الْإِبِلَ وَالنَّعَمَ الْأَمْوَالَ وَغَيْرُهُمْ يسمى الصَّامِتَ وَغَيْرُهُمْ يسمى الْأَرْضَ
ثُمَّ قال لو أَنَّ أَعْرَابِيًّا قال مَالِي صَدَقَةٌ أَلَيْسَ إنَّمَا كنا نَأْخُذُهُ بِإِبِلِهِ أو نَحْوِ هذا وَنَقَلَ عبدالله إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أو بِبَعْضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ فَإِنْ نفذ ( ( ( نفد ) ) ) هذا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يوم حِنْثِهِ
قال في كِتَابِ الهدى يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ يوم نَذْرِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ قال فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذلك الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ كَذَا قال وَإِنَّمَا نَصُّهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يوم نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ منه قَدْرُ دَيْنِهِ وَهَذَا على أَصْلِ أَحْمَدَ صَحِيحٌ في صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ يَكُونُ قَدْرُ الدَّيْنِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ من النَّذْرِ
وَإِنْ حَلَفَ أو نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا فَقِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ كَمَنْ حَلَفَ أو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ فَإِنْ لم يَتَحَصَّلْ له إلَّا ما يَحْتَاجُهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ
وَحَبَّةُ بُرٍّ لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ وَالْمَقَاصِدُ مُعْتَبَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ خُرُوجُهُ من نَذْرِهِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لِتَعْلِيقِ حُكْمِ الرِّبَا عليها ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَإِنْ حَنْبَلِيًّا آخَرَ قال إنْ لم يَجِدْ وَعَدَ فإن الرَّدَّ لَا يَتَحَقَّقُ مع الْعِدَّةِ فَلَا يُقَالُ رَدُّ الْفَقِيرِ وَالسَّاعِي وَالْغَرِيمِ وَمَصْرِفُهُ كَالزَّكَاةِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُجْزِئُهُ إسْقَاطُ دَيْنٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِدِينَارٍ وَلَهُ على مُعْسِرٍ دِينَارٌ لَا يَجُوزُ حتى يَقْبِضَهُ
وَإِنْ نَوَى يَمِينًا أو مَالًا دُونَ مَالٍ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ وَعَنْهُ لَا وَإِنْ نَذَرَهَا بِبَعْضِهِ لَزِمَهُ وَعَنْهُ ثُلُثُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ إنْ جَاوَزَ ما سَمَّاهُ ثُلُثَ الْكُلِّ صَحَّحَهُ في
____________________
(6/356)
الْمُحَرَّرِ وَكَذَا ابن رَزِينٍ وَنَقَلَ عبدالله إنْ حَلَفَ فقال إنْ خَرَجَتْ فُلَانَةُ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ إنْ كان على وَجْهِ الْيَمِينِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَلَى وَجْهِ النَّذْرِ فَيُوَفِّي بِهِ
وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إنْ قال إنْ مَلَكْت عَشَرَةَ دارهم ( ( ( دراهم ) ) ) فَهِيَ صَدَقَةٌ إنْ كان على وَجْهِ الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ النَّذْرَ يُجْزِئُهُ الثُّلُثُ وإذا حَلَفَ فقال على عِتْقُ رَقَبَةٍ فَحَنِثَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ لِوُجُودِ مُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ ونبته ( ( ( ونيته ) ) ) أَلْفٌ فَنَصُّهُ يُخْرِجُ ما شَاءَ
وَنَصَّ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمًا وَصَلَاةً يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَهُمَا في الرِّعَايَةِ في صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَهَدْيٍ وَرِقَابٍ وَجَزَمَ في الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ وانه يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ وَمَعَ فَقْدِهَا يَتَصَدَّقُ بِمُسَمَّى مَالٍ
وَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ بِنِيَّتِهِ وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ فَإِنْ لم يَشْتَرِطْ عَطَفَ نِيَّةَ النَّهَارِ على الْمَاضِي لِيَصُومَ جَمِيعَهُ وَيَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تجزىء في فَرْضٍ وَعَنْهُ تُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ بِنَاءً على التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ فَدَلَّ أَنَّ في لُزُومِهِ الصَّلَاةَ قَائِمًا الْخِلَافَ وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ أَيْضًا
وفي الْخِلَافِ في سُجُودِ التِّلَاوَةِ لو نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ على الرَّاحِلَةِ أَجْزَأَهُ عليها وَلَوْ نَذَرَهُمَا مُطْلَقًا لم يجزيء وَيَبَرُّ بِمَوْضِعِ غَصْبٍ مع الصِّحَّةِ وَلَهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا نَذَرَ جَالِسًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ كَشَرْطِ تَفْرِيقِ صَوْمٍ في وَجْهٍ ( خ ) وفي النَّوَادِرِ لو نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ أو أَطْلَقَ لم يَجِبْ وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ إنْ عَيَّنَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَلِهَذَا في الزِّيَادَاتِ لِلْحَنَفِيَّةِ من نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لمتجزئه بتسلمتين ( ( ( تجزئه ) ) ) وَبِالْعَكْسِ تُجْزِئُهُ وفي الْخِلَافِ إنْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لم يجز ( ( ( تجزئه ) ) ) بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ نَذَرَهَا بِتَسْلِيمَةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَجُوزَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ كما إذَا نَذَرَ الْقِرَانَ جَازَ الْإِفْرَادُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ
وَإِنْ قال إنْ مَلَكْت ما ( ( ( مال ) ) ) لفلان ( ( ( فلان ) ) ) فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهِ فَمَلَكَهُ فَكَمَا له وقال عَبْدَ فُلَانٍ يَقْصِدُ الْقُرْبَةَ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ في ذِمَّتِهِ بِدَلِيلِ إرْسَالِهِ نَحْوُ الله ( ( ( لله ) ) ) عَلَيَّ عِتْقٌ قال اللَّهُ تَعَالَى { وَمِنْهُمْ من عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا من فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ } الْآيَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(6/357)
فَصْلٌ وَمَنْ نَذَرَ وَاجِبًا كَرَمَضَانَ فَحُكْمُهُ بَاقٍ وَيُكَفِّرُ إنْ لم يَصُمْهُ
كَحَلِفِهِ عليه وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و 5 ش ) وَكَذَا نَذْرٌ مُبَاحٌ كَلُبْسِ ثَوْبِهِ مُنْجِزًا أو مُعَلِّقًا وَمَكْرُوهٌ كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَمُحَرَّمٌ كَإِسْرَاجِ بِئْرٍ وَشَجَرَةٍ مُجَاوِرٍ عِنْدَهُ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَجَرَةً أو جَبَلًا أو مَغَارَةً أو قَبْرًا إذَا نَذَرَ له أو لِسُكَّانِهِ أو لِلْمُضَافَيْنِ إلَى ذلك الْمَكَانِ لم يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا كَقَبْرٍ وَكَصَدَقَتِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ حَيْضٍ وَفِيهِ وَجْهٌ كَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ ( خ ) جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وَالْمَذْهَبُ يُكَفِّرُ في الثَّلَاثَةِ نَقَلَ ابن الْحَكَمِ لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابن آدَمَ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ حين نَذَرَتْ في النَّاقَةِ لَتَنْحَرَنهَا إنْ سَلِمَتْ ليس في قَلْبِي منه شَيْءٌ لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَإِنْ كان نَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَكَذَا اُحْتُجَّ في رِوَايَةِ عبدالله وَغَيْرِهِ على أَنَّهُ لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عن الْحَسَنِ فِيمَنْ نَذَرَ يَهْدِمُ دَارَ فُلَانٍ يُكَفِّرُ يَمِينَهُ قال أبو عبدالله ليس عليه كَفَّارَةٌ بِمَنْزِلَةِ من قال غُلَامُ فُلَانٍ حُرٌّ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَهَذَا مِمَّا لَا يَمْلِكُ وَإِنْ كَفَّرَ فَهُوَ أَعْجَبُ إلى وقال أبو بَكْرٍ بَعْدَ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ الْكَفَّارَةُ أَوْلَى لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا نَذْرَ في مَعْصِيَةٍ وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَذَا قال وَهَذَا الْخَبَرُ لم أَجِدْهُ وَلَا يَصِحُّ
وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ إذَا نَذَرَ نَذْرًا يَجْمَعُ في يَمِينِهِ الْبِرَّ وَالْمَعْصِيَةَ يُنَفِّذُ في الْبِرِّ وَيُكَفِّرُ في الْمَعْصِيَةِ
وإذا نَذَرُوا نُذُورًا كَثِيرَةً لَا يُطِيقُهَا أو ما لَا يَمْلِكُ فَلَا نَذْرَ في مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وفي الْإِرْشَادِ فيه في الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَصَحَّحَ ابن عَقِيلٍ لَا يَنْعَقِدُ بِمَالِ غَيْرِهِ وقال في الْفُنُونِ يُكْرَهُ إشْعَالُ الْقُبُورِ وَالتَّبْخِيرُ وَنَصَّ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أو
____________________
(6/358)
نَفْسِهِ ذَبَحَ كَبْشًا قِيلَ مَكَانَهُ وَقِيلَ كَهَدْيٍ ( م 2 ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَلْزَمَانِهِ وَعَنْهُ إنْ قال إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ كَذَا أو نَحْوَهُ وَقَصَدَ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَنَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَيَذْبَحُ في مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ كَبْشًا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال عليه أَكْثَرُ نُصُوصِهِ قال وهو مَبْنِيٌّ على الْفَرْقِ بين النَّذْرِ وَالْيَمِينِ
وَلَوْ نَذَرَ طَاعَةً حَالِفًا بها أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا خِلَافٍ عن أَحْمَدَ فَكَيْفَ لَا يُجْزِئُهُ إذَا نَذَرَ مَعْصِيَةً حَالِفًا بها فَعَلَى هذا على رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَلْزَمَانِ النَّاذِرَ وَالْحَالِفُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَتَصِيرُ سِتَّةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ نَذَرَ شُرْبِ الْخَمْرِ لَغْوٌ فَلَا كَفَّارَةَ وَنَذْرُ ذَبْحِ وَلَدِهِ يُكَفَّرُ
وَقَدَّمَ ابن رَزِينٍ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لَغْوٌ قال وَنَذْرُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَنَذْرِهِ لِشَيْخٍ مُعَيَّنٍ حَيٍّ لِلِاسْتِعَانَةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ منه كَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ وقال غَيْرُهُ هو نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَقَالَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا وَأَبُوهُ وَكُلُّ مَعْصُومٍ كَالْوَلَدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عليه وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ ما لم نَقِسْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 فيمن نذر ذبح ولده أو نفسه وقلنا يذبح كبشا فقال قيل مكانه وقيل كهدي انتهى
أحدهما أنه يذبحه مكانه وهو الصحيح قطع به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام غيره
والقول الثاني حكمه حكم الهدي
تنبيه لما ذكر المصنف إذا نذر الصدقة بكل ماله ونحوه قال بعد ذلك ومصرفه كزكاة ذكره شيخنا واقتصر عليه وقد ذكر المصنف في باب الحيض لما ذكر كفارة الوطء فيه وما يجب بذلك قال وهو كفارة قال الأكثر يجوز إلى مسكين واحد كنذر مطلق وذكر شيخنا وجها ومن له أخذ الزكاة لحاجته انتهى
فجعل النذر المطلق يجوز صرفه إلى مسكين واحد ولم يحك خلافا وحكى عن الأصحاب أن المساكين مصرف الصدقات وحقوق الله من الكفارات ونحوها فإذا وجدت صدقة غير معينة الصرف انصرفت إليهم كما لو نذر صدقة مطلقة
____________________
1-
(6/359)
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْعَمُّ وَالْأَخُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وِلَايَةً وقال شَيْخُنَا فِيمَنْ نَذَرَ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصْرَفُ لِجِيرَانِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قِيمَتُهُ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ من الْخَتْمَةِ وَيَتَوَجَّهُ كَمَنْ وَقَفَهُ على مَسْجِدٍ لَا يَصِحُّ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ على الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُكْسَرُ وهو لِمَصْلَحَتِهِ وقال أَيْضًا في النَّذْرِ لِلْقُبُورِ هو لِلْمَصَالِحِ ما لم يَعْلَمْ رَبُّهُ وفي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ وَأَنَّ من الْحُسْنِ صَرْفُهُ في نَظِيرِهِ من الْمَشْرُوعِ
فَإِنْ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ لم يُكَفِّرْ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي بَلَى لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِدَارِ غَصْبٍ وَقِيلَ حتى الْمَحْلُوفَ عليها وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وفي الْعُدَّةِ قَاسَ أَحْمَدُ ذَبْحَ نَفْسِهِ على ذَبْحِ وَلَدِهِ وهو مَخْصُوصٌ من جُمْلَةِ الْقِيَاسِ ثَبَتَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وفي الرَّوْضَةِ إنْ قال لِوَلَدِهِ وَاَللَّهِ لَأَذْبَحَنك فَهَلْ يَذْبَحُ كَبْشًا أو تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فيه رِوَايَتَانِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ في النَّذْرِ أَنَّ في نَذَرَ قَتْلِ نَفْسٍ مُحَرَّمَةِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّ في قَوْلِهِ لِلَّهِ عليه أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ الرِّوَايَتَيْنِ قال كما تَقَدَّمَ لو حَلَفَ عليه وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ قَضَاهُ ( و 5 ) نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ لَا ( وم ش ) وَعَلَيْهِمَا يُكَفِّرُ على الْأَصَحِّ ( خ ) وقال ابن شِهَابٍ يَنْعَقِدُ وَلَا يَصُومُهُ وَيَقْضِي صَحَّ منه الْقِرْبَةُ وَلَغَا تَعْيِينَهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَافُ عليه فيه يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَكَذَا الصَّلَاةُ في ثَوْبٍ حَرِيرٍ وَالطَّلَاقُ في زَمَنِ الْحَيْضِ صَادَفَ التَّحْرِيمَ يَنْعَقِدُ على قَوْلِهِمْ وَرِوَايَةٌ لنا كَذَا هُنَا
وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنِ صَوْمٍ وَعَلَى قِيَاسِ ذلك إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ وَصَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وقد أَكَلَ كَذَا قال وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالصَّلَاةُ زَمَنَ الْحَيْضِ وَنَذْرَهُ صَوْمَ يَوْمِ تَشْرِيقٍ كَعِيدٍ
وفي الْمُحَرَّرِ تَخْرِيجٌ وَلَوْ جَازَ كَنَذْرِ صَلَاةِ وَقْتٍ نُهِيَ وَنَذْرِ صَوْمِ اللَّيْلِ مُنْعَقِدٌ في النَّوَادِرِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ لَا لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنٍ لِلصَّوْمِ وفي الْخِلَافِ مفردات ( ( ( ومفردات ) ) ) ابْنِ عَقِيلٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فلانا ( ( ( فلان ) ) ) فَقَدِمَ وهو مُفْطِرٌ قَضَى ( وش ) وَعَنْهُ لَا ( و 5 م ) كَقُدُومِهِ لَيْلًا لَا يَصُومُ صَبِيحَتَهُ ( م )
وفي الْمُنْتَخَبِ يُسْتَحَبُّ وَإِنْ قَدِمَ ولم يُفْطِرْ فَنَوَى فَكَذَلِكَ ( و ) بِنَاءً على
____________________
(6/360)
أَنَّ مُوجِبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ من قُدُومِهِ أو كُلَّ الْيَوْمِ وَإِنْ لم يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ ( و 5 ) فَعَلَى الْقَضَاءِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ لَا ( و ) كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ من نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه ( م 3 )
قَضَى في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الِانْتِصَارِ وَيُكَفِّرُ وَفِيهِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ كَحَيْضٍ وَإِنَّ في إمْسَاكِهِ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَلْزَمُ في الثَّانِيَةِ وَإِنْ قَدِمَ في رَمَضَانَ انْعَقَدَ على الْأَصَحِّ فَيَقْضِي
وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ وهو مُفْطِرٌ قَضَى وَعَنْهُ لَا وَإِنْ قَدِمَ ولم يُفْطِرْ فَنَوَى فَكَذَلِكَ وَإِنْ لم يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ فَعَلَى الْقَضَاءِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ وَعَنْهُ لَا كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ من نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه هل يَقْضِي أَمْ لَا
الْوَجْهُ الأولى الذي يَظْهَرُ لي أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ من نَذَرَتْ صَوْمَ حَيْضٍ على ما ذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ وَأَنَّ النذرلا يَنْعَقِدُ وَلَا تَقْضِي وهو الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْته في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال لو قالت نَذَرْت صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ بِمُفْرَدِهِ أو نَذَرَ الْمُكَلَّفُ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه فإنه لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ في كُتُبِ الْخِلَافِ مَحَلَّ وِفَاقٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِيدِ وَذَكَرَ الْفَرْقَ وَحَكَى مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ عن أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ قال أَيْضًا لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه كَحَيْضٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْضِي قُلْت وهو ضَعِيفٌ
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ في رَمَضَانَ انْعَقَدَ على الْأَصَحِّ فَيَقْضِي وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا عليه الْكَفَّارَةُ أَيْضًا صححهت في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ
____________________
1-
(6/361)
ويكفر إن لم يصمه وعنه يكفيه لرمضان ونذره وفي نية نذره وجهان ( م 5 )
وفي الفصول لا يلزمه صوم آخر لا لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص عليه وذكر أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل لغو وقيل يجزئه عن رمضان وفرق القاضي بين قدومه في يوم من رمضان المسألة المذكورة وبين نذره صوم يوم قدومه أبدا فقدم يوم اثنين فإن أثانين رمضان لا تدخل تحت نذره نص عليه قال لأن رمضان لا ينفك من اثنين فلهذا لم ينعقد نذره وهنا ينفك قدومه عن رمضان كما ينفك يوم الخميس عمن نذرت أن تصومه فحاضت فيه أنها تقضي وافق عليها أبو يوسف
وإن قدم وهو صائم عن نذر معين فعنه يكفيه لهما ( و 5 ) والأصح يتمه ولا يستحب قضاؤه بل يقضي نذر القدوم كصومه في قضاء رمضان ( و 5 ش ) أو كفارة ( و 5 ش ) أو نذر مطلق ( و 5 ش ) وإن قدم يوم عيد أو حيض قضى وكفر ( خ ) وعنه لا وعنه في الكفارة وقيل عكسه وإن سمع قدومه فبيت لصوم نهار قدومه كفاه ( و ) ونذر اعتكافه كصومه وفي عيون المسائل والفصول والترغيب وغيرها يقضي بقية اليوم لصحته في بعض اليوم إلا إذا اشترط الصوم فكنذر صومه وفي صحة نذر اليوم قبل يوم قدومه وجهان ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ عليه اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وَعَنْهُ يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ وفي نِيَّةٍ نذر وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا بُدَّ من نِيَّتِهِ لِفَرْضِهِ وَنَذْرِهِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلة نِيَّةِ النَّذْرِ قال الْمَجْدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ قال في الْقَوَاعِدِ وفي تَعْلِيلِهِ بَعْدُ
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وفي صِحَّةِ نَذْرِ الْيَوْمِ قبل يَوْمِ وقدومه ( ( ( قدومه ) ) ) وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/362)
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ ( و 5 ) وَيَتَوَجَّهُ
وَإِنْ نَذَرَ عِبَادَةً وَطَاعَةً لَزِمَتْهُ وَذَكَر أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا إنْ وَجَبَ جِنْسُهَا بِالشَّرْعِ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ إنْ الْحَجَّ مَاشِيًا أو الصَّلَاةَ بِالْبَقَرَةِ أو في جَمَاعَةٍ أو يَعُودُ مَرِيضًا أو يَشْهَدَ جِنَازَةً أو يُسَلِّمَ على زَيْدٍ احْتَمَلَ اللُّزُومُ وَالتَّخْيِيرُ وفي التَّرْغِيبِ إنْ نَذَرَ صِفَةً في الْوَاجِبِ كَحَجِّهِ مَاشِيًا وَالصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ كَثِيرَةٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فَيُكَفِّرُ
قال وَلَوْ نَذَرَ الْجِهَادَ في جِهَةٍ لَزِمَهُ فيها وَمِثْلُهُ تَجْهِيزُ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا مالا مَالَ فيه كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَالْأَمْرِ بِمَعْرُوفٍ فَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَإِنْ عَيَّنَ وَقْتًا تَعَيَّنَ وَلَا يُجْزِئُهُ قَبْلَهُ ( و 5 ) كَيَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ ( و )
وَلَهُ تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ ( و ) وَعِنْدَ شَيْخِنَا الِانْتِقَالُ إلَى زَمَنٍ أَفْضَلَ وَأَنَّ من نَذَرَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَلَهُ صَوْمُ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ كَالْمَكَانِ قال وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ لِمَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مُفْرِدًا أو قَارِنًا أَنْ يَتَمَتَّعَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ كما أَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ نَقَلَ حَنْبَلٌ لم يُجْزِئْهُ حتى يَصُومَهُ بِعَيْنِهِ وفي النَّوَادِرِ وَلَوْ تَرَدَّدَ في يَوْمٍ قَبْلَهُ صَامَهُ وَإِنْ أَفْطَرَهُ أو من أَوَّلِهِ أو في أَثْنَائِهِ قَضَاهُ وَلَوْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرِ مَرَضٍ ( م ) أو حَيْضٍ ( م ) كَنَذْرِ اعْتِكَافِهِ ( و ) وَابْتَدَأَهُ مُتَتَابِعًا مُوَاصِلًا لِتَتِمَّتِهِ وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهُ ( و 5 م ) وَوَافَقَا في الِاعْتِكَافِ وَعَنْهُ وَتَرْكُ مُوَاصَلَتِهِ ( و ) وينبنى من لَا يُقْطَعُ عُذْرُهُ تَتَابُعُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ
وَيُكَفِّرُ ( ش ) وَلَوْ لم يَنْوِ يَمِينًا ( 5 ) وَعَنْهُ يُكَفِّرُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَعَنْهُ فيه يَفْدِي فَقَطْ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَإِنْ جُنَّ الشَّهْرُ لم يَقْضِ على الْأَصَحِّ ( 5 ) وَصَوْمُهُ في ظِهَارٍ كَفِطْرِهِ وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ ( و 5 ) وَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ يَوْمًا ابْتَدَأَ وَيُكَفِّرُ ( ش ) وَلَا يَقْضِيهِ وَحْدَهُ ( 5 ) وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ أو أَيَّامًا غير ثَلَاثِينَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما لا يصح وهو الصواب لأنه لا يعلم في الغالب
والوجه الثاني يصح
____________________
1-
(6/363)
وَعَنْهُ أو هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ ( خ ) وَعَنْهُ بشرط أو نِيَّةٌ ( و ) وفي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما رِوَايَتَا الْحَجِّ قَالَهُ في الْوَاضِحِ ( * ) فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ ( و ) وَمَعَ الْعُذْرِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ أو يبني فَهَلْ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أو الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ فيه وَجْهَانِ ( م 7 )
وَيُكَفِّرُ وَفِيهَا رِوَايَةٌ ( وم ش ) كَشَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرَّوْضَةِ وفي التَّرْغِيبِ إنْ أَفْطَرَهُ بِلَا عُذْرٍ كَفَّرَ وَهَلْ يَنْقَطِعُ فَيَسْتَأْنِفُهُ أَمْ لَا فَيَقْضِي ما تَرَكَهُ فيه رِوَايَتَانِ وَكَذَا في التَّبْصِرَةِ هل يُتِمُّهُ أو يَسْتَأْنِفُهُ فيه رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُكَفِّرُ وَيَسْتَأْنِفُهُ
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لم يَعُمَّ رَمَضَانَ وَأَيَّامَ النهى وَعَنْهُ بَلَى فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَفِيهَا وَجْهٌ وَعَنْهُ يَعُمُّ أَيَّامَ النَّهْيِ خَاصَّةً كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ أبدأ فَيَقْدَمُ يوم اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ وفي الرَّوْضَةِ لايختلف الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَدَاخَلُ في أَثَانِينَ رَمَضَانَ وَإِنْ قال سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ ما في شَهْرٍ ( * ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ أو أَيَّامًا غير ثَلَاثِينَ وَعَنْهُ أو هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ وفي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما رِوَايَتَانِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ انْتَهَى
قُلْت قد قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لو حَجَّ من عليه حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَحَجٌّ مَنْذُورٌ أَنَّهُ لَا يجزيء عن الْمَنْذُورَةِ مع حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ عن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يجزىء عنهما وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ واختاره أبو حَفْصٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ التي أَرَادَهَا في الْوَاضِحِ فِيمَا يَظْهَرُ فَعَلَى هذا لَيْسَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ مِمَّا فيها الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ الذي اصْطَلَحَ عليه الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
المسألة 7 قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وَمَعَ عُذْرٍ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ أو يَبْنِي فَهَلْ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أو الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت الذي يَظْهَرُ أنها مِثْلُ ما إذَا آجَرَهُ في أَثْنَاءِ شَهْرٍ هل يَسْتَوْفِي بِالْعَدَدِ وهو الْمَذْهَبُ وعيله ( ( ( وعليه ) ) ) الْأَصْحَابُ أو يُكْمِلُ الشَّهْرَ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ يُكْمِلُ الشَّهْرَ تَامًّا أو نَاقِصًا فَعَلَى الْأَوَّلِ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ قال سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ ما في شَهْرٍ انْتَهَى
____________________
1-
(6/364)
ويصوم ( ( ( والصحيح ) ) ) اثنى عشر شهرا ( ( ( لزوم ) ) ) سوى ( ( ( التتابع ) ) ) رمضان وأيام النهي فيقضي قال في الترغيب ( ( ( الشهر ) ) ) يصوم مع التفرق ثلاثمائة ( ( ( فكذا ) ) ) وستين يوما ذكره ( ( ( السنة ) ) ) القاضي وعند ابن ( ( ( ويلزمه ) ) ) عقيل أن صيامها متتابعة وهي على ما بها من نقصان أو تمام وفي التبصرة لايعم العيد ورمضان وفي التشريق روايتان وعنه يقضي العيد والتشريق إن أفطرها
وفي الكافي إن لزم التتابع فكمعينة وإن قال سنة الآن أو وقت كذا فكمعينة وقيل مطلقة
ويلزم صَوْمُ الدَّهْرِ بِنَذْرِهِ ويتوجه إن استحب فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ ( م 8 ) ولا يدخل رمضان وقيل بل قضى فطره ( ( ( واجب ) ) ) منه ( ( ( بنذره ) ) ) لعذر ويوم نهى وصوم ظهار ونحوه ففي الْكَفَّارَةِ وجهان ( ( ( والاحتمال ) ) ) أظهرهما وجوبها مع صوم ظهار لأنه سببه وَإِنْ نَذَرَ صَوْمًا فَتَرَكَهُ لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يُطْعِمُ فَقَطْ وَقِيلَ يُكَفِّرُ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً كَغَيْرِ صَوْمٍ وفي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ بِصِيَامٍ عنه وَسَبَقَ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه أَنَّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَكَذَا إنْ نَذَرَهُ عَاجِزًا نَقَلَ أبو طَالِبٍ ما كان نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أو يَقْدِرُ عليه فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَوْ نَذَرَ مَعْضُوبٌ أو صَحِيحٌ أَلْفَ حَجَّةٍ لَزِمَهُ وَيُحَجُّ عنه وَالْمُرَادُ لَا يُطِيقُهُ وَلَا شيئا منه وَإِلَّا أتى بِمَا يُطِيقُهُ منه وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي
وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا فقال الْقَادِرُ على فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ لِقَوْلِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والصحيح من المذهب لزوم ( ( ( وسلم ) ) ) التتابع في الشهر كما قدمه المصنف فكذا يكون في السنة
مسألة 8 قوله ويلزمه صوم الدهر بنذره فإن أفطر كفر فقط فإن كفره بصيام فاحتمالان انتهى
أحدهما لا يصح وهو الصواب لأنه واجب بنذره قبل الكفارة
والاحتمال الثاني صح
____________________
1-
(6/365)
ص = كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلِأَمْرِهِ لِأُخْتِ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ أَنْ تَمْشِيَ وَتُكَفِّرَ فَأَمَّا إنْ نَذَرَ من لَا يَجِدُ زَادًا وَلَا رَاحِلَةً الْحَجَّ فَإِنْ وَجَدَهُمَا لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ وَإِلَّا لم يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ ما فيه أَنْ يَظْهَرَ من الدَّيْنِ ما يَعْجَزُ عن أَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ كما لو نذر ( ( ( نذرا ) ) ) أَلْفَ حَجَّةٍ أو الصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا فإنه يَصِحُّ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ في ذلك بِرِضَاهُ وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عبد اللَّهِ فَأَتْلَفَهُ كَفَّرَ كَتَلَفِهِ نَصَّ عليه
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ في الْفَائِتِ وما عَجَزَ عنه لِأَنَّ غَايَةَ الْعِتْقِ جِهَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَلَا غَايَةَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ أُضْحِيَّةٍ نَذَرَ لِبَقَاءِ جِهَةِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَقِيلَ قِيمَتُهُ في رِقَابٍ
وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أو مَكَان من الْحَرَمِ أو مَكَّةَ وَأَطْلَقَ أو قال غير حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ في أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ مشي إلَى عِبَادَةٍ وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ ما لم يَنْوِ إتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ مَشْيٍ من مَكَانِهِ نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لو نَذَرَهُ من مَحَلِّهِ لم يَجُزْ من مِيقَاتِهِ على قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ من الْأَبْعَدِ من إحْرَامِهِ أو مِيقَاتِهِ وَقِيلَ هُنَا أو من إحْرَامِهِ إلَى أَمْنِهِ فَسَادَهُ بوطذه ( ( ( بوطئه ) ) ) قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ وفي التَّرْغِيبِ لَا ركب ( ( ( يركب ) ) ) حتى يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلَيْنِ على الْأَصَحِّ فَإِنْ تَرَكَهُ وَرَكِبَ لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ ولم يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ بِمَوْضِعٍ كَنَذْرِ التَّحَفِّي وَنَحْوِهِ فَيَتَوَجَّهُ منه أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَادِرًا
وَلِهَذَا ذَكَرَ ابن رَزِينٍ رِوَايَةً ثَالِثَةً لَا كَفَّارَةَ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ حدثنا محمد ابن عبدالله بن المثني حدثنا صَالِحُ بن رُسْتُمَ أبو عَامِرٍ حدثني كَثِيرُ بن شِنْظِيرٍ عن الْحَسَنِ عن عِمْرَانَ قال ما قام فِينَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَطِيبًا إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله ( ( ( المثلة ) ) ) وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَالرِّوَايَتَانِ يَعْنِي اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قَبْلُ في وُجُوبِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ أو دَمٍ وَقَدَّمَ وُجُوبَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ
____________________
1-
(6/366)
عن المثلة قال وقال ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فإذا نذر أحدكم أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب
ورواه البيهقي من حديث أبي داودد عن صالح ورواه من حديث محمد بن عبدالله الأنصار عن صالح وقال فليهد بدنه وليركب والحسن لم يسمع من عمران عند ابن معين وابن المديني وأبي حاتم والبيهقي وغيرهم
وفي مسند أحمد حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك عن الحسن أخبرني عمران بن حصين فذكر حديث سبق في التداوي حدثنا يزيد حدثنا شريك بن عبدالله عن منصور عن خيثمة عن الحسن قال كنت أمشي مع عمران بن حصين فذكر حديث اقرءوا القرآن وسلوا الله به فإن من بعدكم قوما يقرءون القرآن ويسألون الناس به وهذا إسناد مشهور جيد وشريك حديثه حسن
وعنه دم وفي المغني قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا وإن نذر الركوب فمشى فالروايتان لأن الركوب في نفسه غير طاعة وإن نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه والصلاة ويتوجه مرادهم لغير المرأة لأفضلية بيتها وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين ذكره في الواضح ومذهب ( م ) على ما ذكره في المدونة من قال علي المشي إلى المدينة أو بيت المقدس فلا يأتيهما أصلا إلا أن يريد الصلاة في مسجديهما فليأتهما
وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ على أَرْبَعٍ فَطَوَافَانِ نَصَّ عليه قال شَيْخُنَا هذا بَدَلُ وَاجِبٍ وَعَنْهُ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ وفي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ ( م 9 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ على أَرْبَعٍ فَطَوَافَانِ نَصَّ عليه قال شَيْخُنَا هذا بَدَلٌ وَاجِبٌ وَعَنْهُ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ وفي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/367)
وَمِثْلُهُ نذ ( ( ( نذر ) ) ) السَّعْيِ على أَرْبَعٍ ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَكَذَا لو نَذَرَ طَاعَةً على وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عنه كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أو الحج ( ( ( حجا ) ) ) حَافِيًا حَاسِرًا أو الْمَرْأَةُ الْحَجَّ حَاسِرَةً وفي بِالطَّاعَةِ وفي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ ( م 10 و 11 ) وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ هذا الْعَامَ فلم يَحُجَّ ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى في الْعَامِ الثَّانِي فَيَتَوَجَّهُ يَصِحُّ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِفَوْتِهَا وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى وفي الْمَعْذُورِ الْخِلَافُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
يعنى على القول بأنه يطوف طوافا واحدا وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية وغيرهم قال الشيخ والشارح بناء على ما تقدم وقالا قياس المذهب لزوم الكفارة لإخلاله بصفة نذره وإن كان غير مشروع انتهى
والوجه الثاني لا كفارة عليه
مسألة 10 و 11 قوله ومثله نذر السعي على أربع ذكره في المبهج والمستوعب وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو حجا حافيا حاسرا أو المرأة الحج حاسرة وفي بالطاعة وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان انتهى ذكر مسألتين
مسألة 10 السعي على أربع
ومسألة 11 نذر الطاعة على وجه منهي عنه
وجزم بما قاله في المبهج والمستوعب ابن حمدان في الرعاية الكبرى وقال أيضا فإن كان حافيا حاسرا كفر ولم يفعل الصفة وقيل يمشي منذ أحرم انتهى وذكر في القواعد الأصولية هذه المسائل وعددها وقال قياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع وإلغاء لتلك الصفة ويخرج في الكفارة وجهان ولكن نقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه يكفر يمينه ولا يقرأ انتهى والصواب الإتيان بالطاعة على الوجه المشروع وقياس قول الشيخ الموفق والشارح وجوب الكفارة والمصنف قد قاس هذه المسائل على التي قبلها وقد علمت حكم ما قبلها والله أعلم
____________________
1-
(6/368)
فَصْلٌ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ نَصَّ عليه ( و 5 ش ) لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } الكهف 23 وَلِأَنَّهُ في مَعْنَى الْهِبَةِ قبل الْقَبْضِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا يَلْزَمُ وَاخْتَارَهُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ من تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عن عِوَضِ الْمُتْلِفِ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ قال بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ وَقَالَهُ من الْفُقَهَاءِ ابن شُبْرُمَةَ
وقال ابن الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ أَجَلْ ما قَالَهُ عُمَرُ بن عبدالعزيز لِقَوْلِهِ { كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ } الصف 3 الْآيَةَ وَلِخَبَرِ آيَةُ الْمُنَافِقِ الثلاث ( ( ( ثلاث ) ) ) إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَحَمْلًا على وَعْدٍ وَاجِبٍ وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ الْعِدَةُ دَيْنٌ وَذَكَرَ أبو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صبية ثُمَّ يُخْلِفُهُ وَرَوَاهُ ابن مَاجَهْ حديث ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ثُمَّ لَا يَفِي له فإن الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ وَفِيهِ وَالسَّعِيدُ من وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَفِيهِ عُبَيْدُ بن مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ رَوَى عنه غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ وقال أبو حَاتِمٍ مَجْهُولٌ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَا تُمَارِ أَخَاك وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ ثُمَّ تُخْلِفْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
قال ابن الْجَوْزِيِّ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ من الْكَذِبِ إذَا لم يَفْعَلْ كَقَوْلِهِ { سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا } وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ الْفِرَارِ من الزَّكَاةِ لَمَّا قِيلَ له إنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ عُوقِبُوا على تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ في الْقَسَمِ قال لَا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَعَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَيْهِمَا وَمَذْهَبُ ( م ) يَلْزَمُ لِسَبَبٍ كم ( ( ( كمن ) ) ) قال لِغَيْرِهِ تَزَوَّجْ وَأُعْطِيك كَذَا وَاحْلِفْ لَا تَشْتُمْنِي وَلَك كَذَا وَإِلَّا لم يَلْزَمْ
____________________
(6/369)
وقد رَوَى أبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عن أبي النُّعْمَانِ عن أبي وَقَّاصٍ وَلَا يُعْرَفَانِ عن زَيْدِ بن أَرْقَمَ مَرْفُوعًا إذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فلم يَفِ ولم يج ( ( ( يجئ ) ) ) لِلْمِيعَادِ فَلَا إثْمَ عليه وَتَقَدَّمَ آخِرَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ الْعَهْدُ وَأَنَّهُ غَيْرُ الْوَعْدِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَالْأَمَانِ وَالذِّمَّةِ وَالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِ ذلك وفي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ وأنا على عَهْدِك وَوَعْدِك ما اسْتَطَعْت
قال ابن الْجَوْزِيِّ قال الْمُفَسِّرُونَ الْعَهْدُ الذي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ الذي يَحْسُنُ فِعْلُهُ وَالْوَعْدُ من الْعَهْدِ وقال في { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ } الإسراء 34 عَامٌّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَبَيْنَ الناس ثُمَّ قال الزَّجَّاجُ كُلُّ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أو نهى عنه فَهُوَ من الْعَهْدِ
____________________
(6/370)
= كِتَابُ الْقَضَاءِ
وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْإِمَامِ على الْأَصَحِّ قال شَيْخُنَا وقد أَوْجَبَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ في الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ في السَّفَرِ وهو تَنْبِيهٌ على أَنْوَاعِ الاجتماع ( ( ( الاحتمال ) ) ) وَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُهَا دِينًا وَقُرْبَةً فَإِنَّهَا من أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَإِنَّمَا فَسَدَ حَالُ الْأَكْثَرِ لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ بها وَمَنْ فَعَلَ ما يُمْكِنُهُ لم يَلْزَمْهُ ما يَعْجِزُ عنه وَلِمُسْلِمٍ عن مَعْقِلِ بن يَسَارٍ مَرْفُوعًا ما من أَمِيرٍ يَلِي الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لهم وَيَنْصَحُ إلَّا لم يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ
وَعَنْهُ سُنَّةً نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ لَا يُسَنُّ دُخُولُهُ فيه نَقَلَ عبدالله لَا يُعْجِبُنِي هو أَسْلَمُ وَذَكَرَ ما رَوَاهُ عن عَائِشَةَ مَرْفُوعًا لَيَأْتِيَن على الْقَاضِي الْعَدْلِ سَاعَةٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لم يَقْضِ بين اثْنَيْنِ في تَمْرَةٍ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَصِّبَ بِكُلِّ إقْلِيمٍ قَاضِيًا أَفْضَلَ من يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَتَحَرِّي الْعَدْلَ وَأَنْ يَسْتَخْلِفَ بِكُلِّ صُقْعٍ أَصْلَحَ من يَجِدُ لهم وفي كِتَابِ الْآدَمِيِّ على الْإِمَامِ نَصْبُ من يَكْتَفِي بِهِ وَمَنْ طَلَبَ ولم يُوثَقْ
____________________
(6/371)
بِغَيْرِهِ ولم يَشْغَلْهُ عن أَهَمَّ منه تَعَيَّنَ وَقِيلَ وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وقال الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كان فيه غَيْرُ أَهْلٍ فَإِنْ كان أَكْثَرُ قَصْدِهِ إزَالَتَهُ أُثِيبَ وَإِنْ كان أَكْثَرُهُ لِيَخْتَصَّ بِالنَّظَرِ أُبِيحَ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ تَمْكِينِهِ فَاحْتِمَالَانِ
وَقِيلَ يَحْرُمُ بِخَوْفِهِ مَيْلًا وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيَتَوَجَّهُ كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ ( م 1 ) فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كُرِهَ له طَلَبُهُ وَعَنْهُ لَا لِقَصْدِ الْحَقِّ وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ بَلْ يُسْتَحَبُّ إذَنْ وقال الْمَاوَرْدِيُّ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَحْرُمُ بِدُونِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لِقَصْدِ الْمَنْزِلَةِ وَالْمُبَاهَاةِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ طَائِفَةٌ كَرِهَتْهُ إذَنْ وطائفة ( ( ( وطائقة ) ) ) لَا
قال في رِوَايَةِ عبدالله عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حتى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ وَالْمُرَادُ إذَا لم يكنة ( ( ( يكن ) ) ) فيه أَهْلٌ له وَإِلَّا حَرُمَ وَقَدَحَ فيه ( وش ) وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ طَلَبَ لم يُجَبْ وَقِيلَ الْإِجَابَةُ أَفْضَلُ إنْ أَمِنَ نَفْسَهُ وَقِيلَ مع خُمُولِهِ وَقِيلَ أو فَقْرِهِ هو ( ( ( وسأله ) ) ) سأله أبو دَاوُد الرَّجُلُ في الْغَزْوِ ويريد ( ( ( يريد ) ) ) الْوَالِي يَجْعَلُهُ على الثُّغَرِ أو على ضُعَفَاءَ وهو لَا يُحِبُّ يَعْرِفُهُ الْوَالِي قال لَا بَأْسَ فَرَاجَعْته فقال أَرَى إنْ كان عِنْدَهُ نَجْدَةٌ يَرْجُو أَنْ ينجو ( ( ( ينجوا ) ) ) بِسَبَبِهِ فَيَكُونُ عليهم ما أَحْسَنَهُ
وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فيه وَأَخْذُهُ وَطَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ وَظَاهِرُ تَخْصِيصِهِمْ الْكَرَاهَةُ بِالطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَوْلِيَةُ الْحَرِيصِ وَلَا يَنْفِي أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يُكْرَهُ وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي مُوسَى مَرْفُوعًا إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي هذا الْعَمَلَ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب القضاء
مسألة 1 قوله وإن وثق بغيره فيتوجه كالشهادة وظاهر كلامهم مختلف انتهى
قلت الصواب الترك ولا سيما في هذه الأزمنة وهذا مما لا شك فيه الآن
____________________
1-
(6/372)
أَحَدًا حَرَصَ عليه وقد قال في الْغُنْيَةِ في إمَامِ الصَّلَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إمَامًا من يُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ وهو يَجِدُ من يَكْفِيهِ ذلك وَإِنَّمَا وَلَّى عليه السَّلَامُ زِيَادَ بن الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ لِمَا رَآهُ من الْمَصْلَحَةِ لِقَوْمِهِ لَا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَيَصِحُّ وِلَايَةُ مَفْضُولٍ وَقِيلَ لِلْمَصْلَحَةِ
وتشترط للمصلحة تَوْلِيَةُ إمَامٍ أو نَائِبِهِ فيه وَأَنْ يُعْرَفَ الْمُوَلَّى صَالِحًا لِلْقَضَاءِ وَتَعْيِينُ ما يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فيه من عَمَلٍ وَبَلَدٍ وَعَنْهُ وَعَدَالَةُ الْمُوَلَّى وَعَنْهُ سِوَى الْإِمَامِ
وَصَرِيحُ التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك الْحُكْمَ أو قَلَّدْتُكَهُ أو فَوَّضْت أو رَدَدْت أو جَعَلْت إلَيْك الْحُكْمَ أو اسْتَخْلَفْتُك أو اسْتَنَبْتُكَ في الْحُكْمِ فإذا وَجَدَ أَحَدُهَا وَقَبِلَ الْمُوَلَّى الْحَاضِرُ في الْمَجْلِسِ أو الْغَائِبُ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أو شَرَعَ غَائِبٌ في الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ وفي كِتَابِ الْآدَمِيِّ يَشْتَرِطُ فَوْرِيَّةَ الْقَبُولِ مع الْحُضُورِ
وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ اعْتَمَدْت أو عَوَّلْت عَلَيْك وَوَكَّلْت أو أَسْنَدْت إلَيْك فَتَنْعَقِدُ بِقَرِينَةٍ نَحْوُ فَاحْكُمْ
وَالْأَوْلَى مُكَاتَبَتُهُ بها إنْ كان بِبَلَدٍ آخَرَ
وَتَثْبُتُ بِشَاهِدِينَ وَالْأَصَحُّ وَبِاسْتِفَاضَةٍ مع قُرْبِ ما بَيْنَهُمَا كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ الْآدَمِيُّ وَاسْتِفَاضَةٌ وَظَاهِرُهُ مع الْبُعْدِ وهو مُتَّجِهٌ فَصْلٌ وَتُقَيَّدُ وِلَايَةُ الْحُكْمِ الْعَامَّةِ وَيَلْزَمُ بها فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَأَخْذُ الْحَقِّ وَدَفْعُهُ لِرَبِّهِ وَالْحَجْرُ لِفَلَسٍ أو سَفَهٍ وَالنَّظَرُ في مَالِ غَيْرِ رَشِيدٍ وَالنَّظَرُ في وُقُوفِ عَمَلِهِ لِيَعْمَلَ بِشَرْطِهَا وفي مَصَالِحِ طُرُقِ عَمَلِهِ وَأَفْنِيَتِهِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا وَتَزْوِيجُ من لَا وَلِيَّ لها وَتَصَفُّحُ حَالِ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ ما لم يُخَصَّا بِإِمَامٍ وَكَذَا جِبَايَةُ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ في الْخَرَاجِ قال في التَّبْصِرَةُ وَالِاحْتِسَابُ على الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامُهُمْ بِالشَّرْعِ
وقال شَيْخُنَا ما يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ لَا حَدَّ له شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى من اللَّفْظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ أَمِيرُ الْبَلَدِ إنَّمَا هو مُسَلَّطٌ على الْأَدَبِ وَلَيْسَ إلَيْهِ الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالْحُدُودُ وَالرَّجْمُ إنَّمَا يَكُونُ هذا إلَى الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ الْعَمَلِ وَأَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا في أَحَدِهِمَا أو فِيهِمَا
____________________
(6/373)
فَيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ أو خاصة بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ في مُقِيمٍ بها وطارىء ( ( ( وطارئ ) ) ) إلَيْهَا فَقَطْ وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً في غَيْرِ عَمَلِهِ وهو مَحَلُّ حُكْمِهِ وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا كَتَعْدِيلِهَا وفي الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَهُ تَوْلِيَةُ حَاكِمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ وقيل إنْ اتَّحَدَ عِلْمُهُمَا وَقِيلَ أو الزَّمَنُ أو الْمَحَلُّ فَلَا وَيُقَدَّمُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَلَوْ عِنْدَ نَائِبٍ ( و ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا
قال حَرْمَلَةُ قال الشَّافِعِيُّ لولا شُعْبَةُ ما عُرِفَ الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ كان يَجِيءُ إلَى الرَّجُلِ فيقول له لَا تُحَدِّثْ وَإِلَّا اسْتَعْدَيْت عَلَيْك السُّلْطَانَ
وفي الرِّعَايَةِ يُقَدَّمُ مِنْهُمَا من طَلَبَ حُكْمَ الْمُسْتَنِيبِ وفي التَّرْغِيبِ إنْ تَنَازَعَا أَقَرَعَ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ كَانَا في الْحَاجِزِ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ ليس الْحَاكِمُ في وِلَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَإِلَى الْوَالِي الْأَعْظَمُ وقال الشافعي ( ( ( شافعي ) ) ) أَيُّهُمَا سبقت ( ( ( سبق ) ) ) إلَيْهِ بِالدَّعْوَى تَعَيَّنَ حُكْمُهُ على الْخَصْمِ وَلَا وَجْهَ له لِأَنَّ الْمَكَانَ ليس تَحْتَ وِلَايَتِهِمَا فَلَا عَدْوَى
وَيُشْتَرَطُ كَوْنِ الْقَاضِي بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا من قَذْفٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ إنْ فُسِّقَ بِشُبْهَةٍ فَوَجْهَانِ ومتكلما ( ( ( متكلما ) ) ) ومتكلما سَمِيعًا ولم يذكر أبو الْفَرَجِ في كُتُبِهِ كَوْنَهُ بَالِغًا وفي الِانْتِصَارِ في صِحَّةِ إسْلَامِهِ لَا نَعْرِفُ فيه رِوَايَةً فَإِنْ سَلِمَ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَإِنْ سَلِمَ بَصِيرًا حُرًّا وَفِيهِمَا وَجْهٌ وَقِيلَ بِهِ في عَبْدٍ قَالَهُ ابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ
وقال أَيْضًا فيه بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُجْتَهِدًا إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ وَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا على أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ وفي الْإِفْصَاحِ إن الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ على تَقْلِيدِ كُلٍّ من الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَيَأْتِي في العادلة ( ( ( العدالة ) ) ) لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَجَوَازُ الِانْتِقَالِ عنه قال الشَّيْخُ النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ في الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فإن اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ قال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فإن الْإِجْمَاعَ ليس عِبَارَةً عن الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ وَلَيْسَ في كَلَامِ الشَّيْخِ ما فَهِمَهُ هذا
قال الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ
____________________
(6/374)
ذَكَرَهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ في الْوَصَايَا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ من رِوَايَةِ جوبير ( ( ( جويبر ) ) ) وهو مَتْرُوكٌ عن الضَّحَّاكِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ ولو يَلْقَهُ مَرْفُوعًا مَهْمَا أُوتِيتُمْ من كِتَابِ اللَّهِ فَالْعَمَلُ بِهِ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ في تَرْكِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ في كِتَابِ اللَّهِ فَسُنَّةِ نَبِيٍّ مَاضِيَةٍ فَإِنْ لم تَكُنْ سُنَّةُ نَبِيٍّ فما قال أَصْحَابِي إنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ في السَّمَاءِ فَأَيُّهَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهتديتهم ( ( ( اهتديتم ) ) ) وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ ثُمَّ رَوَاهُ من رِوَايَةِ جُوَيْبِرٍ أَيْضًا عن جَوَابِ بن عبيدالله مَرْفُوعًا مُرْسَلًا بِنَحْوِهِ قال الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وهو ضَعِيفٌ لم يَثْبُتْ له إسْنَادٌ وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ عُثْمَانَ بن سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ صَحَّحَهُ في الرَّدِّ على الْجَهْمِيَّةِ
وقال أَحْمَدُ حدثنا مُعَاذُ بن هِشَامٍ حدثني أُبَيٌّ عن قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بن عبدالعزيز كان يقول ما يَسُرُّنِي أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَخْتَلِفُوا لِأَنَّهُمْ لو لم يَخْتَلِفُوا لم تَكُنْ رُخْصَةٌ وقال سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عن أَفْلَحَ بن حُمَيْدٍ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَحْمَةٌ لِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وقال اللَّيْثُ عن يحيى ين سَعِيدٍ قال أَهْلُ الْعِلْمِ أَهْلُ تَوْسِعَةٍ
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ وَمُجْتَهِدًا في مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ وَاخْتِيَارٌ في الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ أو مُقَلِّدًا وَقِيلَ فيه يُفْتِي ضَرُورَةً وقال ابن بَشَّارٍ ما أَعِيبُ على من يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِأَحْمَدَ يُفْتِي بها وَظَاهِرُ نَقْلِ عبدالله يُفْتِي غَيْرُ مُجْتَهِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا على الْحَاجَةِ نَقَلَ عبدالله فيمن عنده فِيمَنْ عِنْدَهُ كَتَبَ فيها قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ وَقَضَاؤُهُ بِمَا يَشَاءُ حتى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ ما يُؤْخَذُ بِهِ فَعَلَى هذا يراعى ألفاظه ( ( ( ألفاظ ) ) ) إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرِهَا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ في ذلك وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عن الظَّاهِرِ عنه فَيَتَوَجَّهُ مع الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ في مُجْتَهِدٍ وَنَقَلَ عنه الْأَثْرَمُ قَوْمٌ يُفْتُونَ هَكَذَا يَتَقَلَّدُونَ قَوْلَ الرَّجُلِ وَلَا يُبَالُونَ بِالْحَدِيثِ
وقال أَحْمَدُ لِأَحْمَدَ بن الْحَسَنِ أَلَا تَعْجَبُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَا يَقْنَعُ وقال فُلَانٌ فَيَقْنَعُ وقال له أبو دَاوُد الرَّجُلُ يَسْأَلُ أَدِلَّةً على إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ قال إذَا كان يُفْتِي بِالسُّنَّةِ لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ أَحَدٍ نَقَلَ أبو طَالِبٍ عَجَبًا لِقَوْمٍ عَرَفُوا الْإِسْنَادَ وَصِحَّتَهُ يَدَعُونَهُ وَيَذْهَبُونَ إلَى رَأْيِ سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ قال اللَّهُ تَعَالَى { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عن أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ }
____________________
(6/375)
النور ( ( ( الفتنة ) ) ) 63
وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَبِقَوْلٍ أو وَجْهٍ عن غَيْرِ نَظَرٍ في التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا له وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْكِتَابَةِ وقال الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْحَلْوَانِيُّ وابن رَزِينٍ وَشَيْخُنَا وَرِعًا وَقِيلَ وَزَاهِدًا وَأَطْلَقَ فِيهِمَا في التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ وقال ابن عَقِيلٍ لَا مُغَفَّلًا وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ لَا بَلِيدًا وقال أَيْضًا لَا نَافِيًا لِلْقِيَاسِ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ
وقال شَيْخُنَا الْوِلَايَةُ لها رُكْنَانِ الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ فَالْقُوَّةُ في الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تعتبرحسب الْإِمْكَانِ
وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ وَأَنَّ على هذا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ فَيُوَلِّي لِعَدَمٍ أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ وَأَقَلِّهِمَا شَرًّا وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأَعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ وهو كما قال فإن الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ فِيمَنْ قال لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى أَعْدِلَ منه قال شَيْخُنَا قال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إذَا لم يُوجَدْ إلَّا فَاسِقٌ عَالِمٌ أو جَاهِلُ دِينٍ قُدِّمَ ما الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ إذَنْ وقد وَجَدْت بَعْضَ فُضَلَاءِ أَصْحَابِنَا في زَمَنِنَا كَتَبَ لأنس ( ( ( للأنس ) ) ) بِهِ ما يُوَافِقُ ذلك وهو ما قَالَهُ أبو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيُّ لو لاية أُنْثَى تَكْبُرُ وَتَصْغُرُ بِوَالِيهَا وَمَطِيَّةٍ تَحْسُنُ وَتَقْبُحُ بمتطيها ( ( ( بممتطيها ) ) )
فَالْأَعْمَالُ بِالْعُمَّالِ كما أَنَّ النِّسَاءَ بِالرِّجَالِ وَالصُّدُورُ مَجْلِسُ ذَوِي الْكَمَالِ وقد عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُ ذلك وَلَا كَرَاهَةَ فيه فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ كَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْأَسَنَّ أَوْلَى مع التَّسَاوِي وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخَلْقِ وَغَيْرُ ذلك وَمَنْ كان أَكْمَلُ في الصِّفَاتِ
وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مع أَهْلِيَّتِهِ وكان نَافِعُ بن عبدالحارث وهو صَحَابِيٌّ خِلَافًا لِلْوَاقِدِيِّ عَامِلًا لِعُمَرَ على مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِعُسْفَانَ فقال له من اسْتَعْمَلْت على أَهْلِ الْوَادِي يَعْنِي مَكَّةَ لِأَنَّ الْوَادِيَ مُنْفَرِجٌ ما بين جَبَلَيْنِ فقال ابن أبزي يَعْنِي عبدالرحمن بن أبزي مولى نَافِعٍ هذا وهو مُخْتَلَفٌ في صُحْبَتِهِ فقال عُمَرُ وَمَنْ ابن أبزي فقال مَوْلًى من مَوَالِينَا فقال اسْتَخْلَفْت عليهم مَوْلًى فقال إنَّهُ قاريء ( ( ( قارئ ) ) )
____________________
(6/376)
لِكِتَابِ اللَّهِ عَالَمٌ الفرائض ( ( ( بالفرائض ) ) ) فقال له عُمَرُ أَمَا إنَّ نَبِيَّكُمْ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد قال إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْفَعُ بهذا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وقال بَعْدَ قَوْلِهِ عَالَمٌ بِالْفَرَائِضِ قَاضٍ وَلَا يَمْنَعُ ذَهَابُ عَيْنِ وِلَايَةِ الإمام ( ( ( الإمامة ) ) ) الْكُبْرَى ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فَصْلٌ وَالْمُجْتَهِدُ من يَعْرِفُ من الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْحَقِيقِيَّةَ وَالْمَجَازَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْمُبَيَّنَ والجمل ( ( ( والمجمل ) ) ) وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْعَامَّ وَالْخَاصَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى منه وَصَحِيحَ السُّنَّةِ وَسَقِيمَهَا وَتَوَاتُرَهَا وَآحَادَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَالْمُجْمَعَ عليه وَالْمُخْتَلَفَ فيه وَالْقِيَاسَ وَشُرُوطَهُ وَكَيْفَ يَسْتَنْبِطُ وَالْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بِحِجَازٍ وَشَامٍ وَعِرَاقٍ فَمَنْ عَرَفَ أَكْثَرَهُ صَلُحَ لَلْفَتَيَا وَالْقَضَاءِ وَقِيلَ وَيَعْرِفُ أَكْثَرَ الْفِقْهِ
وقال أبو محمدالجوزي من حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا وَعَنْهُ يَجُوزُ مع ضِيقِ الْوَقْتِ وفي الرِّعَايَةِ له لِخَوْفِهِ على خُصُومٍ مُسَافِرِينَ فَوْتُ رُفْقَتِهِمْ في الْأَصَحِّ وَيَتَجَزَّأُ الِاجْتِهَادُ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ في بَابٍ لَا مَسْأَلَةٍ
وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَنْعُ من ليس أَهْلًا قال شَيْخُنَا وَأَكْثَرُ من تَمَيَّزَ في الْعِلْمِ من الْمُتَوَسِّطِينَ إذَا نَظَرَ وَتَأَمَّلَ أَدِلَّةَ الْفَرِيقَيْنِ بِقَصْدٍ حَسَنٍ وَنَظَرٍ تَامٍّ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا لَكِنْ قد لَا يقث ( ( ( يثق ) ) ) بِنَظَرِهِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّ عِنْدَهُ مالا يَعْرِفُ جَوَابَهُ وَالْوَاجِبُ على مِثْلِ هذا مُوَافَقَتُهُ لِلْقَوْلِ الذي تَرَجَّحَ عِنْدَهُ بِلَا دَعْوَى منه لِلِاجْتِهَادِ كَمُجْتَهِدٍ في أَعْيَانِ الْمُفْتِينَ وَالْأَئِمَّةِ إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا قَلَّدَهُ وَالدَّلِيلُ الْخَاصُّ الذي يُرَجِّحُ بِهِ قَوْلًا على قَوْلٍ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ من دَلِيلٍ عَامٍ على أَنَّ أَحَدَهُمَا أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ وَعِلْمُ أَكْثَرِ الناس بِتَرْجِيحِ قَوْلٍ على قَوْلٍ في أَكْثَرِ الْأُمُورِ أَيْسَرُ من عِلْمِ أَحَدِهِمْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ
وَيَجِبُ أَنْ يُنَصِّبَ اللَّهُ على الْحُكْمِ دَلِيلًا وَأَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ من الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَتَكَلَّمَ فيها الصَّحَابَةُ إلَى الْآنَ بِقَصْدٍ حَسَنٍ بِخِلَافِ الْإِمَامَيْنِ قال أَيْضًا النَّبِيهُ الذي سمع اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَأَدِلَّتَهُمْ في الْجُمْلَةِ عِنْدَهُ ما يَعْرِفُ بِهِ رُجْحَانَ
____________________
(6/377)
الْقَوْلِ قال وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يبتدىء ( ( ( يبتدئ ) ) ) الناس بِقَهْرِهِمْ على تَرْكِ ما يُسَوِّغُ وَإِلْزَامِهِمْ بِرَأْيِهِ وَاعْتِقَادِهِ اتِّفَاقًا فَلَوْ جَازَ هذا لَجَازَ لِغَيْرِهِ مِثْلُهُ وَأَفْضَى إلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ نَقَلَ أَحْمَدُ بن الْحُسَيْنِ بن حَسَّانَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إلَّا رَجُلٌ عَالِمٌ كَبِيرٌ يَعْرِفُ كَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا يَجُوزُ الِاخْتِيَارُ إلَّا لِعَالِمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُمَيِّزٍ فَيَخْتَارُ الْأَقْرَبَ وَالْأَشْبَهَ بِهِمَا فَيَعْمَلُ بِهِ قال الشَّافِعِيُّ ليس لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ حَاكِمًا وَلَا يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ حتى يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وَفَرْضِهِ وَأَدَبِهِ عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَالِمًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ عَاقِلًا يُمَيِّزُ بين الْمُشْتَبِهِ يعقل ( ( ( ويعقل ) ) ) الْقِيَاسَ عَدْلًا
قال الْبَيْهَقِيُّ وَاشْتَرَطَ في الْقَدِيمِ مع هذا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا كَيْفَ يَأْخُذُ الْأَحَادِيثَ فَلَا يَرُدُّ منها ثَابِتًا وَلَا يُثْبِتُ منها ضَعِيفًا وَسُئِلَ ابن الْمُبَارَكِ مَتَى يُفْتِي الرَّجُلُ فقال إذَا كان عَالِمًا بِالْأَثَرِ بَصِيرًا بِالرَّأْيِ
وقال عبدالرحمن بن مَهْدِيٍّ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إمَامًا حتى يَعْلَمَ ما يَصِحُّ مِمَّا لَا يَصِحُّ حتى لَا يَحْتَجَّ بِكُلِّ شَيْءٍ وَحَتَّى يَعْلَمَ مَخَارِجَ الْعِلْمِ وفي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ على أُصُولِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وفي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ على أُصُولِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال في آدَابِ الْمُفْتِي وهو أَوْلَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا قال في آدَابِ الْمُفْتِي وقد أَوْجَبَ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ على فُرُوعِهِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وابن الْبَنَّا في أَوَائِلِ كُتُبِهِمْ الْفُرُوعِيَّةِ وقال أبو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ أَبْلَغُ ما تَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَحْكَامِ الْأَحْكَامِ إتْقَانُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَطَرَفٌ من أُصُولِ الدِّينِ انْتَهَى وقال الْقَاضِي شَرَفُ الدِّينِ من قَاضِي الْجَبَلِ في أُصُولِهِ تَبَعًا لِمُسْوَدَّةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى تَقْدِيمُ مَعْرِفَتِهَا على الْفُرُوعِ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ قُلْت في غَيْرِ فَرْضِ الْعَيْنِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ عَكْسُهُ انْتَهَى
فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ في الْأَوْلَوِيَّةِ ى لَا في الْوُجُوبِ وهو أَوْلَى كَلَامِ
____________________
1-
(6/378)
وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ من ظَنَّهُ عَالِمًا فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَوَجْهَانِ ( م 3 ) وميتا في الأصح ( ( ( الروضة ) ) ) والعامي يخبر ( ( ( الطوفي ) ) ) فقط فيقول ( ( ( مختصره ) ) ) مذهب ( ( ( والمصنف ) ) ) فلان كذا ( ( ( أصوله ) ) ) ذكره ابن عقيل ( ( ( الجواز ) ) ) وغيره وكذا قال شيخنا الناظر المجرد يكون حاكيا لما رآه لا مفتيا وفي آدَابِ عيون ( ( ( المفتي ) ) ) المسائل إن كان الفقيه مجتهدا يعرف صحة الدليل كتب الجواب عن نفسه وإن كان ممن لا يعرف الدليل قال مذهب أحمد كذا مذهب الشافعي كذا فيكون مخبرا لا مفتيا
وفي المغني إن قيل المفتي يجوز أن يخبر ( ( ( الأصل ) ) ) بما سمع ( ( ( الإنسان ) ) ) قلنا ليس إذا ( ( ( العدالة ) ) ) مفتيا بل ( ( ( الفسق ) ) ) مخبر فيحتاج ( ( ( نقلت ) ) ) يخبر عن رجل بعينه ( ( ( تيسر ) ) ) مجتهد فيكون معمولا بخبره لا ( ( ( الإنصاف ) ) ) بفتياه بحثه لما ( ( ( طريق ) ) ) اعتبر الاجتهاد ( ( ( وصفته ) ) )
وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ ما قبل الشَّرْعُ وَقِيلَ يُفْتِي مَسْتُورُ الْحَالِ وَيُفْتِي الْفَاسِقُ نَفْسَهُ وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وَتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ قال الْمَرُّوذِيُّ أَنْكَرَ أبو عبدالله على من يَتَهَجَّمُ في الْمَسَائِلِ وَالْجَوَابَاتِ وقال لِيَتَّقِ اللَّهَ عَبْدٌ وَلْيَنْظُرْ ما يقول فإنه مَسْئُولٌ وقال يَتَقَلَّدُ أَمْرًا عَظِيمًا وقال عَرَّضَهَا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ قد تَجِيءُ ضَرُورَةٌ قال الْحَسَنُ إنْ تَرَكْنَاهُمْ وَكَّلْنَاهُمْ إلَى غَيْرِ سَدِيدٍ وقال شَيْخُنَا لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءٌ إلَّا مِمَّنْ يُفْتِي بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ في كل ما يستفتي
وَنَقَلَ محمد بن أبي طَاهِرٍ عنه لَسْت أفتى في الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ وَنَقَلَ محمد بن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
غيرهم في الوجوب ينبغي أن يحمل على ما قلنا
مسألة 3 قوله ويقلد العامي من ظنه عالما فإن جهل عدالته فوجهان انتهى
أحدهما عدم الجواز وهو الصحيح نصره الشيخ في الروضة وقدمه الطوفي في مختصره والمصنف في أصوله
والوجه الثاني الجواز قدمه في آداب المفتي قلت ولعل الخلاف مبني على أن الأصل في الإنسان هل هو العدالة أوالفسق وقد نقلت في ذلك ما تيسر من كلام الأصحاب في الإنصاف في باب طريق الحكم وصفته فمن أراده فليطلبه هناك
____________________
1-
(6/379)
أبي حَرْبٍ سُئِلَ عَمَّنْ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قال يُرْوَى عن أبي مُوسَى يَمْرُقُ من دِينِهِ وَنَقَلَ أبو دَاوُد أَنَّهُ ذَكَرَ { وَمَنْ لم يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } المائدة 44 عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ليس بِكُفْرٍ يُنْقِلُ عن الْمِلَّةِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ إذَا هَابَ الرَّجُلُ شيئا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ على أَنْ يَقُولَ وَسُئِلَ أَحْمَدُ عن مَسْأَلَةٍ في اللِّعَانِ فقال مَثِّلْ رَحِمَك اللَّهُ عَمَّا تتنفع ( ( ( تنتفع ) ) ) بِهِ
وقال أَيْضًا دَعْنَا من الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ خُذْ فِيمَا فيه حَدِيثٌ وقال شَيْخُنَا فِيمَنْ سَأَلَهُ عن رَجُلٍ اسْتَوْلَدَ أمه ثُمَّ وَقَفَهَا في حَيَاتِهِ هل يَكُونُ وَقْفًا بَعْدَ مَوْتِهِ قال السَّائِلُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الذي يَزْجُرُهُ وَأَمْثَالُهُ من الْجُهَّالِ عن مِثْلِ هذه الْأُغْلُوطَاتِ
فإن هذا السَّائِلَ إنَّمَا قَصَدَ التغليظ ( ( ( التغليط ) ) ) لَا الِاسْتِفْتَاءَ وقد نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن أُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ إذا لو كان مُسْتَفْتِيًا لَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ هل يَصِحُّ وَقْفُهَا أَمْ لَا أَمَّا سُؤَالُهُ عن الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ مع ظُهُورِ حُكْمِهِ فَتَلْبِيسٌ على الْمُفْتِي وَتَغْلِيطُ حتى أَظُنَّ أَنَّ وَقْفَهَا في الْحَيَاةِ صَحِيحٌ وقال ابن هُبَيْرَةَ عن قَوْلِ أبي مُوسَى سُئِلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فلما أُكْثِرَ عليه غَضِبَ
الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عليه قال يَدُلُّ على كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ السُّؤَالِ قال وَلَا أَرَى ذلك مَكْرُوهًا إلَّا السُّؤَالَ عَمَّا لَا يَعْنِي أو تَصْوِيرَ أَحْدَاثٍ لم تَقَعْ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا إلَّا نَادِرًا فَلَا يُشْغَلُ بها الْوَقْتُ الْعَزِيزُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِأَجْلِهَا عن أَهَمَّ منها
وَإِنْ اعْتَدَلَ عِنْدَهُ قَوْلَانِ وَقُلْنَا يَجُوزُ أَفْتَى بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَحْوَطُ وَلَهُ تَخْيِيرُ من أَفْتَاهُ بني قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ رُوِيَ عن أَحْمَدَ وَقِيلَ يَأْخُذُ بِهِ إنْ لم يَجِدْ غَيْرَهُ أو كان أَرْجَحَ سَأَلَهُ أبو دَاوُد عن الرَّجُلِ يَسْأَلُ عن الْمَسْأَلَةِ أدلة على إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ قال إذَا كان الذي أَرْشَدَ إلَيْهِ يَتَّبِعُ وَيُفْتِي بِالسُّنَّةِ فَقِيلَ له إنَّهُ يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ وَلَيْسَ كُلُّ قَوْلِهِ يُصِيبُ قال وَمَنْ يُصِيبُ في كل شَيْءٍ قُلْت يُفْتِي بِرَأْيِ مَالِكٍ قال لَا يُتَقَلَّدْ من مِثْلِ هذا بِشَيْءٍ
____________________
(6/380)
وَمُرَادُهُ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أَحْمَدَ غَايَةٌ وَلِهَذَا نَقَلَ أبو دَاوُد وَعَنْهُ مَالِكٌ أَتْبَعُ من سُفْيَانَ وَنُقِلَ عنه أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ مَالِكٍ وَلَا رَأْيُ أَحَدٍ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَكْتُومُ هذه الْفُصُولُ هِيَ أُصُولُ الْأُصُولِ وَهِيَ ظاهره الْبُرْهَانِ لَا يَهُولَنك مُخَالَفَتُهَا لِقَوْلٍ مُعَظَّمٍ في النَّفْسِ وَلِطَعَامٍ وقد قال رَجُلٌ لِعَلِيٍّ عليه السَّلَامُ أَتَظُنُّ أَنَّا نَظُنُّ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ على الخطأ وَأَنْتَ على الصَّوَابِ فقال إنَّهُ مَلْبُوسٌ عَلَيْك اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ
وقال رَجُلٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قال كَذَا فقال إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ لم يَنْزِلْ من السَّمَاءِ وقال أَحْمَدُ من ضِيقٍ علم الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقال أَيْضًا لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَهُ على أَقْوَمِ مِنْهَاجٍ وَأَحْسَنِ الْآدَابِ فَكَانَ أَصْحَابُهُ على طَرِيقِهِ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ ثُمَّ دَخَلَتْ آفَاتٌ وَبِدَعٌ فَأَكْثَرُ السَّلَاطِينِ يعلمون ( ( ( يعملون ) ) ) بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ لَا بِالْعِلْمِ وَيُسَمُّونَ ذلك سِيَاسَةً وَالسِّيَاسَةُ هِيَ الشَّرِيعَةُ
وَالتُّجَّارُ يَدْخُلُونَ في الرِّبَا وَلَا يَعْلَمُونَ وقد يَعْلَمُونَ وَلَا يُبَالُونَ وَصَارَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ في تَخْلِيطٍ منهم منة يَقْتَصِرُ على صُورَةِ الْعِلْمِ وَيَتْرُكُ الْعَمَلَ بِهِ ظَنًّا منه أَنَّهُ يُسَامَحُ لِكَوْنِهِ عَالِمًا وقد نسى أَنَّ الْعِلْمَ حُجَّةٌ عليه
وَمِنْهُمْ من يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلرِّيَاسَةِ لَا لِلْعَمَلِ بِهِ فَيُنَاظِرُ وَمَقْصُودُهُ الْغَلَبَةُ لَا بَيَانُ الْحَقِّ فينظر ( ( ( فينصر ) ) ) الخطأومنهم من يجتريء ( ( ( يجترئ ) ) ) على الْفُتْيَا وما حَصَّلَ شُرُوطَهَا وَمِنْهُمْ من يدخل ( ( ( يداخل ) ) ) السَّلَاطِينَ فَيَتَأَذَّى هو مِمَّا يَرَى من الظُّلْمِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ وَيَتَأَذَّى فيقول لَوْلَا أَنِّي على صَوَابٍ ما جَالَسَنِي هذا وَيَتَأَذَّى الْعَوَامُّ بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوْلَا أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ قَرِيبٌ ما خَالَطَهُ هذا الْعَالِمُ
وَرَأَيْت الْأَشْرَافَ يَثِقُونَ بِشَفَاعَةِ آبَائِهِمْ وَيَنْسَوْنَ أَنَّ الْيَهُودَ بَنُو إسْرَائِيلَ وَرَأَيْت الْقُصَّاصَ لَا يَنْظُرُونَ في الصَّحِيحِ وَيَبِيعُونَ بِسُوقِ الْوَقْتِ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الْعِبَادِ على غَيْرِ الْجَادَّةِ فَمِنْهُمْ من صَحَّ قَصْدُهُ وَلَا يَنْظُرُونَ في سِيرَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ وَلَا في أَخْلَاقِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بَلْ قد وَضَعَ جَمَاعَةٌ من الناس لهم كُتُبًا فيه رَقَائِقُ قَبِيحَةٌ وَأَحَادِيثُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَوَاقِعَاتٌ تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ مِثْلُ كُتُبِ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي عبدالله التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فَيَسْمَعُ المبتدىء ( ( ( المبتدئ ) ) ) ذَمَّ الدُّنْيَا وَلَا يَدْرِي ما
____________________
(6/381)
الْمَذْمُومُ فَيَتَصَوَّرُ ذَمَّ ذَاتِ الدُّنْيَا فَيَنْقَطِعُ في الْجَبَلِ وَيَقْتَصِرُ على الْبَلُّوطِ الكمثري ( ( ( والكمثرى ) ) ) أو اللَّبَنِ أو الْعَدَسِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يُرْفِقَ بِالنَّاقَةِ لِيَصِلَ
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ ما نقل ( ( ( ننقل ) ) ) عن أبي يَزِيدَ وَدَاوُد الطَّائِيِّ وَبِشْرٌ وَغَيْرُهُمْ فَحَلَفَ أبو يَزِيدَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ سَنَةً
وكان دَاوُد يَشْرَبُ الْمَاءَ الْحَارَّ من دَنٍّ وَيَقُولُ بِشْرٌ أَشْتَهِي مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً الشِّوَاءَ فما صَفَا لي دِرْهَمَهُ وَتَكَلَّمَ عليه بمقتضي الشَّرْعِ وقال التَّقْلِيدُ لِلْأَكَابِرِ أَفْسَدَ الْعَقَائِدَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاظَرَ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّبِعَ الدَّلِيلَ فإن أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ أَخَذَ في الْجَدِّ بِقَوْلِ زَيْدِ بن ثَابِتٍ وَخَالَفَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وقد قال عَلِيٌّ عليه السَّلَامُ اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ
وقد ذَكَرَ لِأَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ كَلِمَاتٍ عن إبْرَاهِيمَ بن أَدْهَمَ فقال وَقَفْنَا في ثَنِيَّاتِ الطَّرِيقِ عَلَيْك ما كان عليه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَتَكَلَّمَ أَحْمَدُ في الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَبَلَغَهُ عن سَرِيٍّ السَّقَطِيِّ أَنَّهُ قال لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُرُوفَ وَقَفَ الْأَلِفُ وَسَجَدَتْ الْبَاءُ
فقال نُفِّرُوا الناس عنه وكان الشَّافِعِيُّ يَرُدُّ على مَالِكٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَزَهِّدِينَ لم يَكُنْ عليها الرَّسُولُ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ وَلَا سَلَكُوا ما رَتَّبَهُ أبو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ في الرِّيَاضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَزَهِّدِينَ إنْ رَأَوْا عَالِمًا ثَوْبًا جَمِيلًا أو تَزَوَّجَ مُسْتَحْسَنَةً أو ضَحِكَ عَابُوهُ
وَهَذَا في أَوَائِلِ الصُّوفِيَّةِ فَأَمَّا في زَمَانِنَا فَلَا يَعْرِفُونَ التَّعَبُّدَ وَلَا التَّقَلُّلَ وَقَنَعُوا في إظْهَارِ الزُّهْدِ بِالْقَمِيصِ الْمُرَقَّعِ فما الْعَجَبُ في نِفَاقِهِمْ إنَّمَا الْعَجَبُ نِفَاقُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ في قَوْله تَعَالَى { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ من حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ } الأعراف 182
وَكَيْفَ لَا يُوصَفُ بالاستدراجة ( ( ( بالاستدراج ) ) ) من يَعْمَلُ لِثُبُوتِ الْجَاهِ بين الْخَلْقِ ويمضى عُمُرَهُ في تَرْبِيَةِ رِيَاسَتِهِ لِيُقَالَ هذا فُلَانٌ أو في تَحْصِيلِ شَهَوَاتِهِ الْفَانِيَةِ مع سُوءِ الْقَصْدِ وقال طَلَبُ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ مَهْلَكَةٌ لِطَالِبِي ذلك فَتَرَى أَكْثَرَ الْمُتَفَقِّهِينَ يَتَشَاغَلُونَ بِالْجَدَلِ وَيَكْثُرُ منهم رَفْعُ الْأَصْوَاتِ في الْمَسَاجِدِ بِذَلِكَ
____________________
(6/382)
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْغَلَبَةُ وَالرِّفْعَةُ فَهُمْ دَاخِلُونَ في قَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من تَعَلَّمَ عِلْمًا لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أو لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أو لِيَصْرِفَ وَجْهَ الناس إلَيْهِ لم يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَمِنْهُمْ من يُفْتِي وَلَا يَبْلُغُ دَرَجَةَ الْفَتْوَى ويرى الناس صُورَةَ تَقَدُّمِهِ فَيَسْتَفْتُونَهُ وَلَوْ نَظَرَ حَقَّ النَّظَرِ وَخَافَ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ له أَنْ يُفْتِيَ
وَإِنْ حَدَثَ ما لَا قَوْلَ فيه تَكَلَّمَ فيه حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ ومفت ( ( ( ومضت ) ) ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ في الْأُصُولِ وَلَهُ رَدُّ الْفُتْيَا إنْ كان بِالْبَلَدِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَإِلَّا لم تَجُزْ وَإِنْ كان مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْفُتْيَا وهو جَاهِلٌ تَعَيَّنَ الْجَوَابُ وقال شَيْخُنَا الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ في التي قَبْلَهَا كَسُؤَالِ عَامِّيٍّ عَمَّا لم يَقَعْ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَاكِمٌ في الْبَلَدِ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في شَهَادَةِ الْعَبْدِ الْحُكْمُ يَتَعَيَّنُ بِوِلَايَتِهِ حتى لَا يُمْكِنَهُ رَدُّ مُحْتَكِمِينَ إلَيْهِ وَيُمْكِنُهُ رَدُّ من يَسْتَشْهِدُهُ وَإِنْ كان محتملا ( ( ( متحملا ) ) ) لِشَهَادَةٍ فَنَادِرٌ أَنْ لَا يَكُونَ سِوَاهُ وفي الْحُكْمِ لَا يَنُوبُ الْبَعْضُ عن الْبَعْضِ وَلَا يقول لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ امْضِ إلَى غيرى من الْحُكَّامِ
وَيَتَوَجَّهُ في الْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ تَخْرِيجٌ من الْوَجْهِ في إثْمِ من دُعِيَ إلَى شَهَادَةٍ قالوا لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عليه بِدُعَائِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ عليه إثْمُ كل من عَيَّنَ في كل فَرْضِ كِفَايَةٍ فَامْتَنَعَ وَكَلَامُهُمْ في الْحَاكِمِ وَدَعْوَةُ الْوَلِيمَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ خلافة وَإِنْ تَوَجَّهَ تَخْرِيجٌ في الْكُلِّ وَإِلَّا قِيلَ الْأَصْلُ عَدَمُ التعين ( ( ( التعيين ) ) ) بالتعين ( ( ( بالتعيين ) ) ) وفي الْكُلِّ خُولِفَ في الشَّهَادَةِ على وَجْهٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا ما دُعُوا } البقرة 282 فَيُقْتَصَرُ عليه
قوله ( ( ( وقوله ) ) ) كَسُؤَالٍ عَمَّا لم يَقَعْ وَمِنْ قوى عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ إمَامِهِ أَفْتَى بِهِ وَأَعْلَمَ السَّائِلَ وَمَنْ أَرَادَ كِتَابَةً في فُتْيَا أو شَهَادَةٍ لم يَجُزْ أَنْ يُكَبِّرَ خَطَّهُ لِتَصَرُّفِهِ في مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا حَاجَةَ كما لو أَبَاحَهُ قَمِيصَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَخْرُجُ عن الْعَادَةِ بِلَا حَاجَةٍ ذَكَرَهُ في الْمَنْثُورِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتِيَ أو يَكْتُبَ شَهَادَةً لم يَجُزْ له أَنْ يُوَسِّعَ الْأَسْطُرَ وَلَا يُكْثِرَ إذَا أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ في
____________________
(6/383)
مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ولم تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ
وَلَا يَجُوزُ طلاق ( ( ( إطلاق ) ) ) الْفُتْيَا في اسْمٍ مُشْتَرَكٍ إجْمَاعًا بَلْ عليه التَّفْصِيلُ فَلَوْ سُئِلَ هل له الْأَكْلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَأَرْسَلَ أبو حَنِيفَةَ إلَى أبي يُوسُفَ يسأله ( ( ( سأله ) ) ) عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ فَقَصَرَهُ وَجَحَدَهُ هل له الْأُجْرَةُ مع جَحْدِهِ إنْ عَادَ وَسَلَّمَهُ إلَى رَبِّهِ
وقال إنْ قال نعم أو لَا أَخْطَأَ فَفَطِنَ أبو يُوسُفَ فقال إنْ قَصَرَهُ قبل جُحُودِهِ فَلَهُ وَبَعْدَهُ لَا لِأَنَّهُ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ وَسَأَلَ أبو الطَّيِّبِ قَوْمًا عن بَيْعِ رِطْلِ تَمْرٍ بِرِطْلِ تَمْرٍ فَقَالُوا يَجُوزُ فَخَطَّأَهُمْ فَقَالُوا لَا فَخَطَّأَهُمْ فقال إنْ تُسَاوَيَا كَيْلًا جَازَ فَهَذَا يُوَضِّحُ خَطَأَ مُطْلَقِ الْجَوَابِ في مَسْأَلَةٍ احْتَمَلَتْ التفضيل ( ( ( التفصيل ) ) ) ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَإِنَّ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ أَوْجَبَا التَّحَرُّزَ من الْعَوَامّ بِالتَّقِيَّةِ
وَأَنَّهُ لَا إقَالَةَ لَعَالِمٍ زَلَّ في شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُونَهُ وقال له قَائِلُ يَنْبَغِي أَنْ تُفْتِيَ بِظَاهِرِ الذي تَسْمَعُ فقال ليس كَذَلِكَ فَإِنِّي لو سُئِلْت عَمَّنْ قال لِرَجُلٍ يا عَالِمُ يا فَاضِلُ يا كَرِيمُ هل هو مَدْحٌ أَمْ لَا فَإِنَّا لَا نُفْتِي حتى نَعْلَمَ فَإِنْ كان في ذلك مَعَانٍ تَنْطَبِقُ عليها هذه الْأَوْصَافُ وَإِلَّا فَهِيَ مَجَانَةٌ وَاسْتِهْزَاءٌ وَقِيلَ له في مُفْرَدَاتِهِ عن جِمَاعِ الْأَعْرَابِيِّ في نَهَارِ رَمَضَانَ لم يَسْتَفْصِلْهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هل كان سَفَرًا أو حَضَرًا فقال شَاهِدُهُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَاضِرٌ فَعَلَامَةُ ذل وَدَلَالَتُهُ أَغْنَتْهُ
وما مَنَعَ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ منه ( ( ( منع ) ) ) دَوَامَهَا فَيَنْعَزِلُ بِهِ وفي الْمُحَرَّرِ فَقَدْ سمع أو بَصَرَ بَعْدَ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ له الْحُكْمُ فيه وَقَالَهُ فلا الِانْتِصَارِ في فَقْدِ بَصَرٍ وَقِيلَ إنْ تَابَ فَاسِقٌ أو أَفَاقَ من جِنٍّ أو أغمى عليه وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ فَوِلَايَتُهُ بَاقِيَةٌ وفي التَّرْغِيبِ إنْ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ في الْمُعْتَمَدِ إنْ طَرَأَ جُنُونٌ فَقِيلَ إنْ لم يَكُنْ مُطْبِقًا لم يَنْعَزِلْ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ أَطْبَقَ بِهِ وَجَبَ عَزْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الشَّافِعِيَّةُ فَقِيلَ بِمُدَّةِ سَنَةٍ لِتَكْمِيلِ إيجَابِ الْعِبَادَاتِ وَقِيلَ شَهْرٌ لِإِيجَابِ رَمَضَانَ مع الصَّلَاةِ وَقِيلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِإِيجَابِ الصَّلَاةِ وَالْأَشْبَهُ بِقَوْلِنَا الشَّهْرُ لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ شَهَادَةَ من يُخْنَقُ أَحْيَانًا وقال في الشَّهْرِ مَرَّةً كَذَا قال
وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ تَعَيَّنَ عَزْلُهُ في الْمُغْنِي يُعْزَلُ وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمَوْلَى أو عُزِلَ من وَلَّاهُ أو غَيْرُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَشْهَرُ بَلْ الصَّالِحُ لها لم
____________________
(6/384)
يَنْعَزِلْ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَعَقْدِهِ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ لم يَفْسَخْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ
وَقِيلَ يلى كَنَائِبِهِ بِزَوَالِ وِلَايَةِ مُسْتَنِيبِهِ وَفِيهِ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قَوْلٌ لَا وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ في أَمْرٍ مُعَيَّنٍ من سَمَاعِ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِحْضَارِ مُسْتَعْدًى عليه فَعَلَى هذا الْوَجْهِ لو عَزَلَهُ في حَيَاتِهِ لم يَنْعَزِلْ وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِعَزْلِهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قال في الْمُغْنِي كَالْوَالِي قال شَيْخُنَا كَعَقْدِ وَصِيٍّ وَنَاظِرٍ عَقْدًا جَائِزًا كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَمِثْلِهِ كُلُّ عَقْدٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوَالٍ وَمَنْ يُنَصِّبُهُ لِجِبَايَةِ مَالٍ وَصَرْفِهِ وَأَمْرِ الْجِهَادِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُحْتَسِبِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ
وقال أَيْضًا في الْكُلِّ لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حتى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وفي الرِّعَايَةِ في نَائِبِهِ في الْحُكْمِ وَقَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ من وَلَّاهُ وَقِيلَ قال اسْتَخْلِفْ عَنْك انْعَزَلُوا وَلَا يَبْطُلُ ما فَرَضَهُ فَارِضٌ في الْمُسْتَقْبَلِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وفي عَزْلِهِ قبل عِلْمِهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وفي عَزْلِهِ قبل عمله ( ( ( علمه ) ) ) وَجْهَانِ انْتَهَى
اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا في مَحَلِّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَبَنَاهُمَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ على عَزْلِ الْوَكِيلِ قبل عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ وقال الْقَاضِي أَيْضًا فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ على هذه الطَّرِيقَةِ عَزْلَهُ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمُصَنِّفُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا وَذَكَرَهُمَا من غَيْرِ بِنَاءِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي والمضنف ( ( ( والمصنف ) ) ) هُنَا وَغَيْرِهِمْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمْ مَحْمُولًا على ما صَرَّحَ بِهِ أُولَئِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ من غَيْرِ بِنَاءٍ
إذ عَلِمَ ذلك فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَنْعَزِلُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وهو
____________________
1-
(6/385)
وله عزل نفسه في الأصح وقال صاحب الرعاية إن لم يلزمه قبوله وفيها له عزل نائبه بأفضل وقيل بمثله وقيل بدونه لمصلحة الدين وقال القاضي عزل نفسه يتخرج على روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم لا وفيه روايتان نص عليهما في خطأ الإمام فإن قلنا في بيت المال فهو وكيل فله عزل نفسه وإن قلنا على عاقلته فلا ( * ) وللشافعية وجهان واحتج للمنع بأنه لا يجوز للرسول عزل نفسه عن الرسالة ولأنه يفضي إلى تأخير استيفاء الحقوق وإلى إسقاطه الحدود عند أبي حنيفة لأن الحد لا يجب عنده في دار خلت من إمام ولأن أبا بكر لو ملك عزل نفسه لما سألهم ذلك واحتج للجواز بقولهم لعثمان اخلع نفسك
فقال لا أفعل فلو لم يملكه لم يمتنع وذكر القاضي هل لمن ولاه عزله الخلاف واحتجوا للجواز بوقوعه لكن لم يقع من الصحابة إلا لمصلحة فقال عمر لأعزلن أبا مريم وأولين رجلا إذا رآه الفاجر فرق فعزله عن قضاء البصرة وولي كب بن سور مكانه وعزل على أبا الأسود فقال لم عزلتني وما جنيت قال رأيت كلامك يعلو على الخصمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الصَّوَابُ الذي لَا يَسَعُ الناس غَيْرُهُ قال في التخليص لَا يَنْعَزِلُ قبل الْعِلْمِ بغيرت ( ( ( بغير ) ) ) خِلَافٍ وَإِنْ انْعَزِلْ الْوَكِيلُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ قال لِأَنَّ في وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قِيلَ هو وَكِيلٌ فَهُوَ تَبَعِيَّةٌ بِنَسْخِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ لَا يثبت ( ( ( تثبت ) ) ) قبل بُلُوغِ النَّاسِخِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ الْمَحْضَةِ وَأَيْضًا فإن وِلَايَةَ الْقَاضِي الْعُقُودُ وَالْفُسُوخُ فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بِإِبْطَالِهَا قبل الْعِلْمِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ انْتَهَى
( * ) تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وقال الْقَاضِي عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً على أَنَّهُ هل وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا في خطأ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا في بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا على عَاقِلَتِهِ فَلَا انْتَهَى
قد قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قبل ذلك أَنَّ له عَزْلَ نَفْسِهِ وَكَذَا ابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ وهو الْمَذْهَبُ وقد قال الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْعَاقِلَةِ وخطأ إمَامٍ وَحَاكِمٍ في حُكْمٍ في بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَحَاصِلُ ما تَقَدَّمَ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الذي اصْطَلَحَ عليه الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(6/386)
وفي الأحكام السلطانية أن أبا بكر روى بإسناده أن عمر كان إذا بلغه عن عامله أنه لا يعود المريض ولا يدخل عليه الضعيف عزله فأما إن خاف مفسدة باستمراره ووقوع فتنة فيدخل في كلامهم وأنه لا يعزله كغيره ويتوجه له عزله لأن عمر عزل سعدا عن الكوفة وقال لم أعزله عن عجز ولا خيانة
وَمَنْ أَخْبَرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ وولى غَيْرُهُ فبانة ( ( ( فبان ) ) ) حَيًّا لم يَنْعَزِلْ وَقِيلَ بَلَى
وَإِنْ قال من نَظَرَ في الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ من فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَدْ وَلَّيْته فَلَا وِلَايَةَ لِمَنْ نَظَرَ لِجَهَالَةِ المولى ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا بِأَنَّهُ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا لِلْخَبَرِ أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ وَالْمَعْرُوفُ صِحَّتُهَا بِشَرْطٍ وَأَنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَبَقَ في الْمُوصَى إلَيْهِ وَإِنْ قال وَلَّيْتهمَا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي فَقَدْ وَلَّاهُمَا ثُمَّ عَيَّنَ من سَبَقَ فَتَعَيَّنَ
وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ من بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ وَعَنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ مع الْحَاجَةِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ وَبِدُونِهَا وَقِيلَ إنْ لم يَتَعَيَّنْ عليه وَعَنْهُ لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً على أَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ لم يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ من الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ ( م 5 )
وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ فَوَجْهَانِ ( م 6 ) وَمَنْ أَخَذَ لم يَأْخُذْ أُجْرَةً وفي أُجْرَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ من الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ قال في الْكَافِي وإذا قُلْنَا يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ فلم يُجْعَلْ له شَيْءٌ فقال لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا يجعل ( ( ( بجعل ) ) ) جَازَ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ لم يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فقال لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حتى تجعلال ( ( ( تجعلا ) ) ) لي جُعْلًا جَازَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وهو الصَّوَابُ
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/387)
خطه وجهان ونقل عنه المروذي فيمن يسأل عن العلم فربما أهدى له لا يقبل إلا أن يكافئ وإن حكما بينهما من يصلح له نفذ حكمه وهو كحاكم الإمام
وعنه لا ينفذ في قود وحد قذف ولعان ونكاح وظاهر كلامه ينفذ في غير فرج كتصرفه ضرورة في تركه ميت في غير فرج ذكره ابن عقيل في عمد الأدلة واختار شيخنا نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام وأنه إن حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية جاز وأنه يكفي وصف القصة له يؤيده قول أبي طالب نازعني ابن عمي الأذان فتحاكمنا إلى أبي عبد الله قال اقترعا
قال شيخنا خصوا اللعان لأنه فيه دعوى وإنكار وبقية الفسوخ كإعسار قد يتصادقان فيكون الحكم إنشاء لا إبداء ونظيره لو حكماه في التداعي بدين وأقر به الورثة وفي عمد الأدلة بعد ذكر التحكيم وكذا يجوز أن يتولى متقدموا الأسواق والمساجد الوساطات والصلح عند الفوزة والمخاصمة وصلاة الجنازة وتفويض الأموال إلى الأوصياء وتفرقة زكاته بنفسه وإقامة الحدود على رقيقه وخروج طائفة إلى الجهاد تلصصا وبياتا وعمارة المساجد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعزير لعبد وإماء وأشباه ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَآدَابِ الْمُفْتِي وَأُصُولِ الْمُصَنِّفِ
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَ لم يَأْخُذْ أُجْرَةً وفي أُجْرَةِ خَطِّهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في أُصُولِهِ
____________________
1-
(6/388)
بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ وَظَاهِرُ الْفُصُولِ يَجِبُ ذلك حَكِيمًا مُتَأَنِّيًا فَطِنًا وَإِنْ افْتَاتَ عليه الْخَصْمُ فَفِي المعني له تَأْدِيبُهُ وَالْعَفْوُ وفي الْفُصُولِ يَزْبُرُهُ فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِدَفْعِ الصَّائِلِ وَالنُّشُوزِ في الرِّعَايَةِ يَنْتَهِرُهُ وَيَصِيحُ عليه قبل ذلك وَظَاهِرُ ذلك وَلَوْ لم يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ لَكِنْ هل ظَاهِرُهُ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فيه نَظَرٌ كَالْإِقْرَارِ فيه وفي غَيْرِهِ أو لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذلك لِكَثْرَةِ الْمُتَظَلِّمِينَ على الْحُكَّامِ وَأَعْدَائِهِمْ فَجَازَ فيه وفي غَيْرِهِ وَلِهَذَا شَقَّ رَفْعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَدَّبَهُ بِنَفْسِهِ مع أَنَّهُ حَقٌّ له وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عن أَصْحَابِنَا أَنَّ ما يَشُقُّ رَفْعُهُ لَا يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ
وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وَسُؤَالُهُ إنْ ولى في غَيْرِ بَلَدِهِ عن عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَإِعْلَامِهِمْ بِيَوْمِ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ وقال جَمَاعَةٌ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَلَقِّيه
وَدُخُولُهُ يوم خَمِيسٍ أو اثْنَيْنِ أو سَبْتٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يوم اثْنَيْنِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ فَخَمِيسٍ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أو سَبْتٍ لا بسا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ وفي التَّبْصِرَةِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ جَمِيعَهَا سُودٌ وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ ضَحْوَةً لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ وَلَا يَتَطَيَّرُ بِشَيْءٍ وَإِنْ تَفَاءَلَ فَحَسَنٌ فَيَأْتِيَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ
قال كَعْبٌ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قلما يَقْدَمُ من سَفَرٍ سَافَرَهُ إلَّا ضُحًى وكان يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وقال جَابِرٌ لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قال ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وظاهركلامهم غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ وكان اسْتِقْبَالُ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا كَأَوَّلِ النَّهَارِ ولم يَذْكُرْهُمَا الْأَصْحَابُ
وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأَ على الناس وَمَنْ يُنَادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ قال في التَّبْصِرَةِ وليقل ( ( ( وليقلل ) ) ) من كَلَامِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَرُوحُ إلَى مَنْزِلِهِ وَيَنْفُذُ فَيُسَلَّمُ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ قَبْلَهُ
____________________
(6/389)
قال في التَّبْصِرَةِ وَلْيَأْمُرْ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ ما تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يوم الْوَعْدِ بأعدال ( ( ( بأعدل ) ) ) أَحْوَالِهِ غير غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عن الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ على من مَرَّ بِهِ وَلَوْ صِبْيَانًا ثُمَّ على من في مَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي تحية ( ( ( تحيته ) ) ) مَسْجِدٍ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالْأَشْهَرُ وَيَجْلِسُ على بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فَسِيحًا وَسَطَ الْبَلَدِ كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ مِمَّا يُكْرَهُ فيه وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَتَّخِذُ فيه على بَابِهِ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا بِلَا عُذْرٍ
وفي الْمُذْهَبِ يَتْرُكُهُ نَدْبًا وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ليس له تَأْخِيرُ الْحُضُورِ إذَا تَنَازَعُوا إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَلَا له أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا في أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ يَنْبَغِي على رَأْسِهِ من يُرَتِّبُ الناس وَلَهُ ذكر الشَّيْخُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيَتَوَجَّهُ فيه ما في عَامِلِ الزَّكَاةِ وفي الْكَافِي عَارِفًا يُشَاهِدُ ما يَكْتُبُهُ وَالْقِمْطَرُ بين يَدَيْهِ مَخْتُومًا وَيَكُونُ الْأَعْوَانُ أَهْلَ دِينٍ وَيُوصِيهِمْ وَيُقَدِّمُ السَّابِقَ في حكومه وَاحِدَةٍ ( وش ) كَسَبْقِهِ إلَى مُبَاحٍ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يُقَدِّمُ من له بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضَجَّرَ الْبَيِّنَةُ ( و 5 )
وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُقَدِّمُ الْمُسَافِرَ الْمُرْتَحِلَ وفي الْكَافِي مع قِلَّتِهِمْ وَيَلْزَمُ في الْأَصَحِّ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا في لحظة وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ وَالْأَشْهَرُ يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ على كَافِرٍ دُخُولًا وَجُلُوسًا وَقِيلَ دُخُولًا فَقَطْ فَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا أو يُلَقِّنَهُ حُجَّتَهُ أو يُضَيِّفَهُ أو يُعْلِمَهُ الدَّعْوَى وَقِيلَ إنْ لم يسحنها ( ( ( يحسنها ) ) ) جَازَ وفي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يسوى بين خَصْمَيْنِ في مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ ذِمِّيٌّ في وَجْهٍ
وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا رَدَّ عليه وفي التَّرْغِيبِ يَصْبِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا وَقِيلَ يُكْرَهُ قِيَامُهُ لَهُمَا نَقَلَ عبدالله سُنَّةُ الْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بين يَدَيْهِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِهِ وَلِلْحَاكِمِ السُّؤَالُ عن شَرْطِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ تُرِكَ لِيُتَحَرَّزَ وَأَنْ يَزِنَ عنه وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَسُؤَالُ خَصْمِهِ الْوَضْعَ عنه على الْأَصَحِّ كَسُؤَالِهِ إنْظَارَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ كَعْبَ بن مَالِكٍ تَقَاضَى ابْنَ أبي حدر ( ( ( حدرد ) ) ) دَيْنًا عليه فَأَشَارَ إلَيْهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بيده أَنْ دَعْ الشَّطْرَ من دَيْنِك قال قد فَعَلْت
____________________
(6/390)
قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُمْ فَأَعْطِهِ قال أَحْمَدُ هذا حُكْمٌ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَإِنْ فَعَلَهُ قَاضٍ يَجُوزُ إذَا كان على وَجْهِ الصُّلْحِ وَالنَّظَرِ لَهُمَا
وَيُسَنُّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ وَيُشَاوِرَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عليه قال أَحْمَدُ ما أَحْسَنَهُ لو فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يشاورن ( ( ( يشاورون ) ) ) وَيَنْتَظِرُونَ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ عليه أَنْ يَجْتَهِدَ قال عُمَرُ وَاَللَّهِ ما يَدْرِي أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ الخطأ ( ( ( أخطأ ) ) ) وَلَوْ كان حَكَمَ بِحُكْمٍ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَقُلْ هذا
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ وقال الْفَضْلُ بن زِيَادٍ لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرجل ( ( ( الرجال ) ) ) فَإِنَّهُمْ لم يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا قال أبو الْخَطَّابِ وَحَكَى أبو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عن أَصْحَابِنَا وَأَجَازَ أبو الْخَطَّابِ إنْ كانت الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بِحَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ إذَا قَدَرَ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ وَلِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْقُطُ عنه فَرْضُهُ وهو التَّقْلِيدُ بِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ
وَمِنْ الْعَجَبِ ما رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ في كِتَابِ الْمَدْخَلِ إلَى السُّنَنِ عن الْمَرُّوذِيِّ قال أَحْمَدُ إذَا سُئِلْت عن مَسْأَلَةٍ لَا أَعْرِفُ فيها خَبَرًا قُلْت فيها بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إمَامٌ عَالِمٌ من قُرَيْشٍ ووري ( ( ( وروي ) ) ) عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا
وَذَكَرَ في الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ يقبض ( ( ( يقيض ) ) ) في رَأْسِ كل مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلًا يُعَلِّمُ الناس دِينَهُمْ فَكَانَ في الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بن عبدالعزيز وفي الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ في إسْنَادِهَا أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بن يَاسِينَ أبو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ كَذَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال الْإِدْرِيسِيُّ سَمِعْت أَهْلَ بَلَدِهِ يَطْعَنُونَ فيه وَلَا يَرْضَوْنَهُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
ثُمَّ قال وقد رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وفي إسنادهما ( ( ( إسنادها ) ) ) ضَعْفٌ وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَرَوَى أبو دَاوُد عن سُلَيْمَانَ بن دَاوُد الْمَهْرِيِّ عن ابْنِ وَهْبٍ عن سَعِيدِ بن أبي أَيُّوبَ عن شَرَاحِيلَ بن يَزِيدَ المغافري ( ( ( المعافري ) ) ) عن أبي عَلْقَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ فِيمَا
____________________
(6/391)
أَعْلَمُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ على رَأْسِ كل مِائَةِ سَنَةٍ من يُجَدِّدُ لها دِينَهَا قال أبو دَاوُد رَوَاهُ عبدالرحمن بن شُرَيْحٍ الإسكندراني لم يُخْبِرْ بِهِ شَرَاحِيلُ كلهم ثِقَاتٌ وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَعَ ما عِنْدَهُ من الشَّرْعِ لِقَوْلِ أَحَدٍ
وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي مُوسَى أَنَّهُ كان يُفْتِي الناس بِالْمُتْعَةِ زَادَ مُسْلِمٌ فقال رَجُلٌ لِأَبِي مُوسَى رُوَيْدُك بَعْضَ فُتْيَاك فَإِنَّك لَا تَدْرِي ما أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ في النُّسُكِ بَعْدَك فقالة يا أَيُّهَا الناس من كنا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فليتئذ ( ( ( فليتئد ) ) ) فإن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فيه فَأَتِمُّوا قال فَقَدِمَ عُمَرُ فَذَكَرْت ذلك له فقال أَنْ تَأْخُذَ بِكِتَابِ اللَّهِ فإن اللَّهَ تَعَالَى قال { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } البقرة 196 وَأَنْ تَأْخُذَ بِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُحِلَّ حتى نَحْرَ الْهَدْيَ
وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قال له قد عَلِمْت أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد فَعَلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ في الْأَرَاكِ ثُمَّ يَرُوحُونَ في الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ قال ابن هُبَيْرَةَ فيه إنَّهُ يَتَعَيَّنُ على الْعَالِمِ إذَا كان يُفْتِي بِمَا كان الْإِمَامُ على خِلَافِهِ مِمَّا يَسُوغُ فيه الِاجْتِهَادُ في مِثْلِ هذه الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ الْمَوْطِنِ أَنْ يَتْرُكَ ما كان عليه يصير ( ( ( ويصير ) ) ) إلَى ما عليه الْإِمَامُ قال وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِحْسَانِ
وَإِنْ حَكَمَ ولم يَجْتَهِدْ ثُمَّ بَانَ له أَنَّهُ قد حَكَمَ بِالْحَقِّ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في
____________________
(6/392)
الْقَصْرِ من الْفُصُولِ وَلَا يَحْكُمُ مع ما يَشْغَلُ فَهْمَهُ كَغَضَبٍ كَثِيرٍ وَجُوعٍ وَأَلَمٍ وَصَرَّحَ في الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ فَإِنْ حَكَمَ نَفَذَ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ إنْ عَرَضَ بَعْدَ فَهْمِ الْحُكْمِ
وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةً بِخِلَافِ مُفْتٍ قال عُمَرُ بن عبدالعزيز كانت الْهَدِيَّةُ فِيمَا مَضَى هَدِيَّةً وَأَمَّا الْيَوْمَ فَهِيَ رِشْوَةٌ وقال كَعْبُ الْأَحْبَارِ قَرَأْت في بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى على أَنْبِيَائِهِ الْهَدِيَّةُ تَفْقَأُ عَيْنَ الْحُكْمِ قال الشَّاعِرُ % إذَا أَتَتْ الْهَدِيَّةُ دَارَ قَوْمٍ % تَطَايَرَتْ الْأَمَانَةُ من كُوَاهَا % وقال مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ % إذَا رِشْوَةٌ من بابى بَيْتٍ تَقَحَّمَتْ % لِتَدْخُلَ فيه وَالْأَمَانَةُ فيه % % سَعَتْ هَرَبًا منه وولتت ( ( ( وولت ) ) ) كَأَنَّهَا % حَلِيمٌ تَنَحَّى عن جِوَارِ سَفِيهِ %
فَإِنْ قَبِلَ ذلك فَقِيلَ توخذ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ وَقِيلَ تُرَدُّ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَقِيلَ تَمَلَّكَ بِتَعْجِيلِهِ الْمُكَافَأَةَ ( م 1 ) فَعَلَى الْأَوَّلِ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ في انْتِقَالِ الْمِلْكِ في الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ ( م 2 ) وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ في الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنْ قَبِلَ فَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ وفي تُرَدُّ وَقِيلَ تُمْلَكُ بِتَعْجِيلِ المكأفاة انْتَهَى
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي هو الصَّوَابُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لم أَطَّلِعْ على من اخْتَارَهُ وهو ضَعِيفٌ
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ في انْتِقَالِ الْمِلْكِ في الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا عَدَمُ الِانْتِقَالِ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/393)
في الرعاية أن الساعي يعيد لرب الما بما أهداه إليه نص عليه
وعنه لا مأخذه ذلك ونقل مهنا فيمين اشترى من وكيل فوهبه شيئا أنه للموكل وهو يدل لكلام القاضي المتقدم ويتوجه فيه في نقل الملك الخلاف وجزم ابن تميم في عامل الزكاة إذا ظهرت خيانته برشوة أو هدية أخذها الإمام الأرباب الأول وتبعه في الرعاية ثم قال قلت إن عرفوا رد إليهم قال أحمد فيمن ولي شيئا من أمر السلطان لا أحب له أن يقبل شيئا
يروى هدايا الأمراء غلول والحاكم خاصة لا أحبه له إلا ممن كان له به خلطة ووصلة ومكافأة قبل أن يلي واختار شيخنا فيمن كسب مالا محرما برضا الدافع ثم تاب كثمن خمر ومهر بغي وحلوان كاهن أن له ما سلف للآية ولم يقل الله فمن أسلم ولا من تبين له التحريم قال أيضا لا ينتفع به ولا يرده لقبضه عوضه ويتصدق به كما نص عليه أحمد في حامل الخمر
وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه يتصدق به فإذا تصدق به فللفقير أكله ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه وقال أيضا فيمن تاب إن علم صاحبه دفعه إليه وإلا صرفه في مصالح المسلمين وله مع حاجته أخذ كفايته وفي رده على الرافضي في بيع سلاح في فتنة وعنب خمر يتصدق بثمنه وأنه قول محققي الفقهاء
كذا قال وقوله مع الجماعة أولى ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ما تصدق أحد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله تعالى إلا الطيب وذكر الحديث ولمسلم من حديث أبي هريرة إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْتَقِلُ وهو ظَاهِرُ الحديث
____________________
1-
(6/394)
قال أحمد حدثنا محمد بن عبيد حدثنا أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أزراقكم وإن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله تعالى الدين فقد أحبه والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قال قلت وما بوائقه يا رسول الله قال غشه وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله تعالى لا يمحو السيء بالسيء ولكنه يمحو السيء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث أبان قال ابن معين وغيره ليس به بأس فلا يقبل قول الأزدي إنه متروك والصباح لم يتكلم فيه ابن أبي حاتم بجرح ولا تعديل
وقال ابن حيان يروى الموضوعات كذا قال وهو حديث حسن إن شاء الله وروى أبو داود الطيالسي عن جعفر بن سليمان عن النضر بن حميد الكندي عن أبي الجارود عن أبي الأخوص عن عبدالله مرفوعا لا يعجبنك رجب الذراعين يسفك الدماء فإن له عند الله تعالى قاتلا أو قتيلا لا يموت ولا يعجبنك امرؤ كسب مالا من حرام فإنه إن أنفقه أو تصدق به لم يقبل منه وإن تركه لم يبارك له فيه وإن بقي منه شيء كان زاده إلى النار رواه الطبراني من حديث جعفر بن سليمان وهو إسناد متروك وقال أحمد حدثنا يزيد حدثنا عمرو بن ميمون عن أبيه قال لما مرض عبدالله بن عامر مرضه الذي توفى فيه أرسل إلى ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم عبدالله بن عمر فقال لهم قد نزل بي ما قد ترون ولا أراني إلا لما بي فما ظنكم بي فقالوا قد كنت تعطي الفقير والسائل وتصل الرحم وحفرت الآبار بالفلوات لابن السبيل وبنيت الحوض بعرفة يشرع فيه حاج بيت الله فمانشك لك في النجاة وعينه إلى عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمر ساكت فلما أبطأ عليه بالكلام قال له يا أبا عبدالرحمن مالك لا تتكلم قال إذا طاب المكسب زكت النفقة وسترد فتعلم إسناد جيد
وروى بان أبي الدنيا عن محمد هو ابن سيرين قال دخل ابن عامر على ابن
____________________
(6/395)
عمر فقال الرجل يصيب المال فيصل منه الرحم ويفعل منه ويفعل قال ابن عمر إنك ما علمت لمن أجدرهم أن يفعل ذلك ولكن انظر ما أوله فإن كان أوله خبيثا فإن الخبيث كله خبيث
وله قبول هدية معتادة قبل ولايته ومع أن ردها أولى والمذهب إن لم يكن حكومة وذكر جماعة أو أحس بها وفي المستوعب المحرم كالعادة وفي الفصول احتمال في غير عمله كالعادة
وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَمَجْلِسِ حُكْمِهِ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَجَعَلَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ كَهَدِيَّةٍ كَالْوَالِي سَأَلَهُ حَرْبٌ هل لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ قال لَا إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ في الْوَالِي
وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ ما لم يَشْغَلْهُ وفي التَّرْغِيبِ وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ وهو في الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ له مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَيَجُوزُ وفي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ وَقَدَّمَ لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ ولمية ( ( ( وليمة ) ) ) عُرْسٍ وَذَكَرَ هو وَجَمَاعَةٌ إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ وَتَرَكَهَا ولم يَذْكُرُوا لو تَضَيَّفَ رَجُلًا وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ وَيَتَوَجَّهُ كَالْمُقْرِضِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى
وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ له ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا كَنَفْسِهِ فَيَحْكُمُ نَائِبُهُ وفي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ بَلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقِيلَ بين والدية أو وَلَدَيْهِ وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمَا كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن الزَّاغُونِيِّ وأبو الْوَفَا وزاد إذَا لم يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا من ذلك تُهْمَةٌ ولم يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةً لم يثبت ( ( ( تثبت ) ) ) بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ
وَقِيلَ لَا وَلَا يَحْكُمُ وَقِيلَ وَلَا يفتى على عَدُوِّهِ وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ حُكْمَهُ على عَدُوِّهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ ظَاهِرَةٌ وَأَسْبَابَ الشَّهَادَةِ خَافِيَةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا في عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَحْكُمُ على عَدُوِّهِ كَالشَّهَادَةِ وَلَا نَقُلْ عن الْحَنَفِيَّةِ وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَالشَّهَادَةِ وَيَحْكُمُ لِيَتِيمِهِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَقِيلَ غيره
____________________
(6/396)
فَصْلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ المحبوسين ( ( ( بالمحبوسين ) ) ) فَيُنْفِذُ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ وَمَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذلك ثُمَّ يُنَادِي بِالْبَلَدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ في أَمْرِهِمْ فإذا حَضَرَ فَمَنْ حَضَرَ له خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَبَسَ لِتَعْدِلَ الْبَيِّنَةُ فأعادته مَبْنِيٌّ على حَبْسِهِ في ذلك وَيَتَوَجَّهُ إعَادَتُهُ وفي الرِّعَايَةِ إنْ كان الْأَوَّلُ حَكَمَ بِهِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ إطْلَاقَ المحبسو ( ( ( المحبوس ) ) ) حُكْمٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَفِعْلِهِ وَأَنَّ مثله تَقْدِيرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ وَنَحْوِهِ ( وم )
وَالْمُرَادُ إذًا لم يَأْمُرْ ولم يَأْذَنْ بِحَبْسِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ وأذنه حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كما يَأْتِي قال الْمَرُّوذِيُّ لَمَّا حُبِسَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال له السَّجَّانُ يا أَبَا عبدالله الحديث الذي يُرْوَى في الظَّلَمَةِ وَأَعْوَانِهِمْ صَحِيحٌ قال نعم فقال فَأَنَا منهم قال أَحْمَدُ أَعْوَانُهُمْ من يَأْخُذُ شَعْرَك وَيَغْسِلُ ثَوْبَك وَيُصْلِحُ طَعَامَك وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِنْك فَأَمَّا أنت فَمِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَيَقْبَلُ قَوْلَ خَصْمِهِ في أَنَّهُ حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وَتَعْدِيلِهَا وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) وَقِيلَ يَقِفُهُ وَإِنْ بَانَ حَبْسُهُ في تُهْمَةٍ أو تعزير ( ( ( تعزيرا ) ) ) عَمِلَ بِرَأْيِهِ في تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَمَنْ لم يَعْرِفْ خَصْمَهُ وَأَنْكَرَهُ نُودِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لم يَعْرِفْ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ وَمَعَ غِيبَةِ خَصْمِهِ يَبْعَثُ إلَيْهِ وَقِيلَ يُخَلِّيهِ كَجَهْلِهِ مَكَانَهُ أو تَأَخُّرِهِ بِلَا عُذْرٍ وَالْأَوْلَى بِكَفِيلٍ وَإِطْلَاقُهُ حُكْمٌ
وَكَذَا أمرة بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ ذَكَرَهَا في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ في الْمُحْتَسِبِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ إذْنَهُ في مِيزَابٍ وَبِنَاءٍ وَغَيْرِهِ يَمْنَعُ الضَّمَانَ لِأَنَّهُ كإذان ( ( ( كإذن ) ) ) الْجَمِيعِ وَمَنْ مَنَعَ فَلِأَنَّهُ ليس له عِنْدَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَا لِأَنَّ إذْنَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِإِذْنِهِ في قَضَاءِ دَيْنٍ وَنَفَقَةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يُخَلَّى قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وقال إنْ صَدَقَهُ غَرِيمُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْقَى في الْحَبْسِ وَقِيلَ يَقِفُ لِيَصْطَلِحَا على شَيْءٍ وَجَزَمَ في الْفُصُولِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رأى الْحَاكِمِ الْجَدِيدِ
____________________
1-
(6/397)
وغير ذلك ( ( ( ثلاث ) ) ) ولا يضمن بإذنه في النفقة على لقيط وغيره بلا خلاف وإن ضمن لعدمها
ولهذا إذن الإمام في أمر مختلف فيه كاف بلا خلاف وسبق قول شيخنا الحاكم ليس هو الفاسخ وإنما يأذن أو يحكم به فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله وهل فعله حكم فيه الخلاف المشهور هذا كلامه وكذا فعله ذكره الأصحاب في حمى الأئمة أن اجتهاد الإمام لا يجوز نقضه كما لا يجوز نقض حكمه وذكروا خلا الشيخ أن الميزاب
ونحوه يجوز بإذن احتجوا بنصه عليه أفضل الصلاة والسلام ميزاب العباس
وفي المغني وغيره في بيع ما فتح عنوة إن باعه الإمام لمصلحة رآها صح لأن فعل الإمام كحكم الحاكم وفيه أيضا لا شفعة فيها إلا أن يحكم ببيعها حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه وفيه أيضا أن تراها بلا قسمة وقف لها وإن ما فعله الأئمة ليس لأحد نقضه واختار أبو الخطاب رواية أن الكافر لا يملك مال مسلم بالقهر قال وإنما منعه منه بعد القسمة لأن قسمة الإمام تجري مجري الحكم وفعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين غائبة وعقد نكاح بلا ولي ذكره الشيخ في عقد النكاح بلا ولي وغيره
وذكره شيخنا أصح الوجهين وذكر الأزجي فيمن أقر لزيد فلم يصدقه وقلنا يأخذه الحاكم ثم ادعاه المقر لم يصح لأن قبض الحاكم له بمنزلة الحكم بزوال ملكه عنه وذكر الأصحاب في القسمة والمطلقة المنسية أن قرعة الحاكم كحكمه لا سبيل إلى نقضه
وفي التعليق والمحرر فعله حكم إن حكم به هو أو غيره ( و ) كفتياه فإذا قال حكمت بصحته نفذ حكمه باتفاق الأئمة قاله شيخنا وفي المستوعب حكمه يلزمة بأحد ثلاثة ألفاظ ألزمتك أو قضيت له به عليك أو خرج إليه منه وإقراره ليس كحكمه
ثم باليتامي والمجانين والوقوف والوصايا فلو نفذ الأول وصيته لم يعد له لأن الظاهر معرفة أهليته لكن نراعيه فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية
____________________
(6/398)
وصية غيرها حكم خلافا لمالك يقبله حاكم آخر خلافا لمالك وإن له إثبات خلافه وقد ذكروا إذا بان فسق الشاهد وسيأتي يعمل بعلمه في عدالته أو بحكم
ومن كان من أمناء الحاكم للأطفال أو الوصايا التي لا وصي لها ونحوه بحاله أقره لأن الذي قبله ولاه من فسق عزله ويضم إلى الضعيف أمينا ويتوجه أنها مسألة وجعل في الترغيب أمناء الأطفال كنائب فيه الخلاف وأنه يضم إلى وصي فاسق أو ضعيف أمينا وله إبداله
وَلَهُ في الْأَصَحِّ النَّظَرُ في حَالِ من قَبْلَهُ وَقِيلَ يَجِبُ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمٍ إلَّا إذَا خَالَفَ نَصًّا كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ فليزم ( ( ( فيلزم ) ) ) نَقْضُهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ متواتر ( ( ( متواترا ) ) ) أو إجْمَاعًا وَقِيلَ وَلَوْ ظَنِّيًّا وَقِيلَ وَقِيَاسًا جَلِيًّا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَوِفَاقًا لِمَالِكٍ وزاد وَخِلَافُ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ
وَلَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهِ لم يُنْقَضْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا قال سَعِيدٌ حدثنا هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بن عبدالله عن دَاوُد عن الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كان يَقْضِي بِالْقَضَاءِ وَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِغَيْرِ ما قَضَى فَيَسْتَقْبِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَلَا يَرُدُّ قصاءه ( ( ( قضاءه ) ) ) الْأَوَّلَ مُرْسَلٌ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عن الْحَاكِمِ عن الْأَصَمِّ عن مُحَمَّدِ بن عبدالله بن عبد الْحَكَمِ عن ابْنِ وَهْبٍ عن يُونُسَ عن الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قال وهو على الْمِنْبَرِ يا أَيُّهَا الناس إنَّ الرَّأْيَ إنما كان من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُصِيبًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيهِ وَإِنَّمَا هو مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ
مُنْقَطِعٌ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْك الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } النساء 105 الْآيَةَ نَزَلَتْ في قِصَّةِ بَنِي الْأُبَيْرِقِ كما رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لم يَعْتَقِدْهُ وِفَاقًا وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا وفي الْإِرْشَادِ وَهَلْ يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ قَوْلِ صَحَابِيٍّ يَتَوَجَّهُ نَقْضُهُ إنْ جُعِلَ حُجَّةً كَالنَّصِّ وَإِلَّا فَلَا
نَقَلَ عنه ابن الْحَكَمِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ وَآخَرُ بِقَوْلِ تَابِعِيٍّ فَهَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ
____________________
(6/399)
لِأَنَّهُ حَكَمَ يجوز ( ( ( بجور ) ) ) وَتَأَوَّلَ الْخَطَأَ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ من عَمِلَ عَمَلًا ليس عليه أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ لِوُجُودِ الْخِلَافِ في الْمَدْلُولِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ فَأَمَّا إذَا أَخْطَأَ بِلَا تَأْوِيلٍ فَلْيَرُدَّهُ وَيَطْلُبْ صَاحِبَهُ حتى يَرُدَّهُ فَيَقْضِي بِحَقٍّ وقد رَوَى الشَّعْبِيُّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كان يَقْضِي بِالْقَضَاءِ فَيَنْزِلُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ ذلك فَيَتْرُكُ قَضَاءَهُ وَيَسْتَعْمِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ
وَمَنْ لم يُصْلَحْ نُقِضَ حُكْمُهُ نَقَلَ عبدالله إنْ لم يَكُنْ عَدْلًا لم يَجُزْ حُكْمُهُ وَقِيلَ غَيْرُ الصَّوَابِ قَدَّمَهُ في التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهَلْ يَثْبُتُ سَبَبُ نَقْضِهِ وَيَنْقُضُهُ غَيْرُ من حَكَمَ مع وُجُودَهُ تَقَدَّمَ في التَّفْلِيسِ
وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ وَذَكَرُوهُ في الْمَفْقُودِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ قال في الِانْتِصَارِ في لِعَانِ عَبْدٍ في إعَادَةِ فَاسِقٍ شَهَادَتَهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ رَدَّهُ لها حُكْمٌ بِالرَّدِّ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ له فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ رَدِّ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ لِإِلْغَاءِ قَوْلِهِمَا وَفِيهِ في شَهَادَتِهِ في نِكَاحٍ لو قُبِلَتْ لم يَكُنْ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ فإن سَبَبَ الْأَوَّلِ الْفِسْقُ وَزَالَ ظَاهِرًا لِقَبُولِ سَائِرِ شَهَادَاتِهِ
وإذا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْوَاقِعَةِ فَتَغَيَّرَ الْقَضَاءُ بها لم يَكُنْ نَقْضًا لِلْقَضَاءِ الْأَوَّلِ بَلْ رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فيها فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أو لِوَلِيِّهِ وفي الْمُغْنِي رُدَّتْ بِاجْتِهَادٍ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ له وقال أَحْمَدُ في رَدِّ عَبْدٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ قد مَضَى وَالْمُخَالَفَةُ في قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ نَقْضٌ مع الْعِلْمِ
وَإِنْ حَكَمَ بينة خَارِجٌ وَجَهْلُ عِلْمِهِ بِبَيِّنَةٍ دَاخِلٌ لم يَنْقُضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَرْيُهُ على الْعَدَالَةِ وَالصِّحَّةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ في آخَرِ فُصُولِ من ادَّعَى شيئا في يَدِ غَيْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَثُبُوتُ شَيْءٍ عنه ليس حُكْمًا بِهِ على ما ذَكَرُوهُ في صِفَةِ السِّجِلِّ وفي كِتَابِ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْقَاضِي هُنَاكَ يُخَالِفُهُ
وَمَنْ اسْتَعْدَاهُ على خَصْمٍ بِالْبَلَدِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَقِيلَ إنْ حَرَّرَ دَعْوَاهُ وَمَتَى لم يَحْضُرْ لم يُرَخَّصْ له في تَخَلُّفِهِ وَإِلَّا أَعْلَمَ الْوَالِيَ بِهِ وَمَتَى حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا في حَاكِمٍ مَعْزُولٍ وَيُرَاسِلُهُ قبل إحْضَارِهِ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَإِنْ قال حَكَمَ عَلَيَّ بِفَاسِقَيْنِ عَمْدًا قبل قَوْلِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ بِيَمِينِهِ وَعَنْهُ مَتَى بَعُدَتْ الدَّعْوَى عُرْفًا وفي الْمُحَرَّرِ وخشي بِإِحْضَارِهِ ابْتِذَالَهُ لم يُحْضِرْهُ حتى يُحَرَّرَ وَيُتَبَيَّنَ
____________________
(6/400)
أَصْلُهَا وَعَنْهُ مَتَى تَبَيَّنَ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَلَا
وَلَا يُعْتَبَرُ لِامْرَأَةٍ بَرْزَةٌ تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا غير مُخَدَّرَةٍ مُحَرَّمٌ نَصَّ عليه غيرها تُوَكِّلُ كَمَرِيضٍ وَأَطْلَقَ في الِانْتِصَارِ النَّصَّ في الْمَرْأَةِ وَاخْتَارَهُ إنْ تَعَذَّرَ الْحَقُّ بِدُونِ حُضُورِهَا وَإِلَّا لم يُحْضِرْهَا وَأَطْلَقَ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ إحْضَارَهَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنَاهُ على الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَلِأَنَّ مَعَهَا أَمِينَ الْحَاكِمِ لَا يَحْصُلُ معه خِيفَةُ الْفُجُورِ وَالْمُدَّةُ يَسِيرَةٌ كَسَفَرِهَا من مُحَلَّةٍ إلَى مُحَلَّةٍ وَلِأَنَّهَا لم تنشيء ( ( ( تنشئ ) ) ) هِيَ إنَّمَا أنشىء ( ( ( أنشئ ) ) ) بها
وفي التَّرْغِيبِ إنْ خَرَجَتْ لِلْعَزَايَا أو الزِّيَارَاتِ ولم تُكْثِرْ فه ( ( ( فهي ) ) ) مُخَدَّرَةٌ فَيُنْفِذُ من يُحَلِّفُهَا وَمَنْ ادَّعَى على غَائِبٍ بِمَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ بِهِ بَعَثَ إلَى من يُتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ حَرَّرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ يُحْضِرُهُ وَقِيلَ لِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ لِدُونِ يَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وزاد بِلَا مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ
وفي التَّرْغِيبِ لَا يُحْضِرْهُ مع الْبُعْدِ حتى تَتَحَرَّرَ دَعْوَاهُ وَفِيهِ يَتَوَقَّفُ إحْضَارُهُ على سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إنْ كان مِمَّا لَا يقضي فيه بِالنُّكُولِ قال وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُحْضِرْهُ مع الْبُعْدِ حتى يَصِحَّ عِنْدَهُ ما ادَّعَاهُ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَمَنْ ادَّعَى قَبْلَهُ شَهَادَةً لم تُسْمَعْ ولم يَعُدْ عليه ولم يَحْلِفْ خِلَافًا لِشَيْخِنَا في ذلك وَأَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ قال وَلَوْ قال أنا أَعْلَمُهَا وَلَا أُؤَدِّيهَا فَظَاهِرٌ
وَلَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ ما ادَّعَى بِهِ إنه قِيلَ كِتْمَانُهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِ ما تَلِفَ وَلَا يُبْعَدُ كما يَضْمَنُ من تَرَكَ الْإِطْعَامَ الْوَاجِبَ وَكَوْنُهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ لِفِسْقِهِ بِكِتْمَانِهِ لَا يَنْفِي ضَمَانَهُ في نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِالْأَوَّلِ على أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ حَقًّا على الشَّاهِدِ وَمَنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ أو حَاكِمٌ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْحَاكِمُ إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ منه
____________________
(6/401)
باب طريق الحكم وصفته
إذَا جاء إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حتى يُبْدَأَ وَالْأَشْهَرُ وأن يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى قُدِّمَ ثُمَّ من قُرِعَ وَقِيلَ من شَاءَ حَاكَمَ فإذا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الْآخَرُ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ
هَكَذَا وَرَدَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمُدَّعِي من إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَقِيلَ من يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ ( * ) فَلَوْ قال أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ التَّعَاقُبَ فَلَا نِكَاحَ فَالْمُدَّعِي هِيَ وَعَلَى الثَّانِي هو لا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَتَصِحُّ على السَّفِيهِ بما يُؤْخَذُ بِهِ إذْنٌ وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَيُحَلَّفُ إذَا أَنْكَرَ ولا تصح ( ( ( طريق ) ) ) على السفيه ( ( ( وصفته ) ) ) بما يؤخذ به إذن ( ( ( وعكسه ) ) ) وبعد ( ( ( المنكر ) ) ) فك حجره ويحلف إذَا أَنْكَرَ وَلَا تَصِحُّ الدعوى ( ( ( دعوى ) ) ) إلَّا مُحَرَّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِ مَعْلُومَةً إلَّا ما يَصِحُّ مَجْهُولًا كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَعَبْدٍ مُطَلِّقٍ في مَهْرٍ وَاعْتَبَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً إلَّا في الْوَصِيَّةِ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِمَجْهُولٍ لِئَلَّا يَسْقُطَ حَقُّ الْمَقَرِّ له وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا حَقٌّ له فإذا رُدَّتْ على عَدْلٍ إلَى مَعْلُومٍ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ ليس بِالْحَقِّ وَلَا مُوجِبِهِ فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ وَفِيهِ لو ادَّعَى دِرْهَمًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ على إقْرَارِهِ قُبِلَ وَلَا يَدَّعِي الْإِقْرَارَ لِمُوَافَقَةِ لَفْظِ الشُّهُودِ بَلْ لو ادَّعَى لو تُسْمَعْ وَفِيهِ في اللُّقَطَةِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُعَدِّي حَاكِمٌ في مِثْلِ ما لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب طريق الحكم وصفته تنبيهان
الأول قوله وعكسه المنكر قال ابن نصر الله كان الأولى أن يقول وعكسه المدعى عليه كما قال غيره ليعم ما إذا أنكر المدعى عليه وما إذا سكت فإنه إذا سكت ولم ينكر لم يترك أيضا وليس منكرا انتهى قلت لعل المنكر من لم يقر فيشمل الساكت
____________________
1-
(6/403)
تَتْبَعهُ الْهِمَّةُ وَقِيلَ تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ
قال في التَّرْغِيبِ الصَّحِيحُ تُسْمَعُ فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُّزُومِ في الْمُسْتَقْبَلِ كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ في قَتْلِ أبي أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ أَنَّهُ يُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا وَيَحْلِفُ كُلٌّ منهم وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ لَا إقْرَارٍ وَبَيْعٍ إذَا قال نَسِيت لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ
وَيُعْتَبَرُ انْفِكَاكُ الدَّعْوَى عَمَّا يُكَذِّبُهَا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا ثُمَّ ادَّعَى على آخَرَ الْمُشَارَكَةَ فيه لم تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ غَلِطْت أو كَذَبْت في الْأُولَى فَالْأَظْهَرُ يُقْبَلُ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ لِإِمْكَانِهِ وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وفي الرِّعَايَةِ من أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَذَكَرَ تَلَقِّيه منه سمع وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَخَذَ منه بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيه منه يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( * )
وَيُعْتَبَرُ التَّصْرِيحُ بها فَلَا يَكْفِي لي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا حتى يَقُولَ وأنا الْآنَ مُطَالَبٌ بِهِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَكْفِي الظَّاهِرُ وَإِنْ قال غَصَبْت ثَوْبِي فَإِنْ كان بَاقِيًا فَلِي رَدُّهُ وَإِلَّا قِيمَتُهُ صَحَّ اصْطِلَاحًا وَقِيلَ يَدَّعِيه فَإِنْ حَلَفَ ادَّعَى قِيمَتَهُ وفي التَّرْغِيبِ لو أَعْطَى دَلَّالًا ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ فَجَحَدَهُ فقال أَدَّعِي ثَوْبًا إنْ كان بَاعَهُ فَلِي عِشْرُونَ وَإِنْ كان بَاقِيًا فَلِي عَيْنُهُ
وَإِنْ كان تَالِفًا فَلِي عَشْرَةٌ فَقَدْ اصْطَلَحَ الْقَضَاءُ على قَبُولِ هذه الدَّعْوَى المردة ( ( ( المرددة ) ) ) لِلْحَاجَةِ وَإِنْ ما ادَّعَى أَنَّهُ له الْآنَ لم تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ كان له أَمْسِ أو في يَدِهِ في الْأَصَحِّ حتى يُبَيِّنَ يده ( ( ( سبب ) ) ) الثَّانِي نحو غَاصِبِهِ بِخِلَافِ ما لو شَهِدْت أَنَّهُ كان مِلْكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ من رَبِّ الْيَدِ فإنه يُقْبَلُ وقال شَيْخُنَا على الْقَوْلِ الصَّحِيحِ إنْ قال وَلَا أَعْلَمُ له مُزِيلًا قُبِلَ كَعِلْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَلْبَسُ عليه ولم يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) الثاني قوله وإن أخذ منه بينة ثم ادعاه فهل يلزم ذكر تلقيه منه يحتمل وجهين انتهى
هذا من تتمة كلام صاحب الرعاية قوله ولو قال بيعا لازما أو هبة مقبوضة فوجهان لعدم تعرضه للتسليم انتهى هذا فيما يظهر من تتمة كلامه في الترغيب وقدم في الرعاية الاكتفاء بذلك
____________________
1-
(6/404)
الشَّاهِدِ وهو بَاقٍ في مِلْكِهِ إلَى الْآنِ
وقال فِيمَنْ بيده عَقَارٌ فَادَّعَى رَجُلٌ بِمَثْبُوتٍ على الْحَاكِمِ أَنَّهُ كان لِجَدِّهِ إلَى يَوْمِ مَوْتِهِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ ولم ثبت ( ( ( يثبت ) ) ) أَنَّهُ مُخْلَفٌ عن مَوْرُوثِهِ لَا يُنْزَعُ منه بِذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَيْنِ تَعَارَضَا وَأَسْبَابُ انْتِقَالِهِ أَكْثَرُ من الْإِرْثِ ولم تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكُوتِهِمْ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَلَوْ فُتِحَ هذا الانتزاع ( ( ( لانتزع ) ) ) كَثِيرٌ من عَقَارِ الناس بِهَذِهِ الطَّرِيقِ
وقال فِيمَنْ بيده عَقَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كان مِلْكًا لِأَبِيهِ فَهَلْ يُسْمَعُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قال لَا إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أو إقْرَارٍ من هو بيده أو تَحْتَ حُكْمِهِ
وقال في بينه شَهِدَتْ له بِمِلْكِهِ إلَى حِينِ وَقْفِهِ وَأَقَامَ وَارِثٌ بَيِّنَةً بِأَنَّ مورثه ( ( ( موروثه ) ) ) اشْتَرَاهُ من الْوَاقِفِ قبل وَقْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ كَتَقْدِيمِ من شَهِدَ بِأَنَّهُ ورثة من أبيه وَآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ وَإِنْ قالا كان بِيَدِك أو لَك أَمْسِ لَزِمَهُ سَبَبُ زَوَالِ يَدِهِ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ في الثَّانِيَةِ فَيَتَوَجَّهُ عيلهما لو أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً أَنَّهُ له ولم يُبَيِّنْ سَبَبًا هل يُقْبَلُ وَيَكْفِي شُهْرَتُهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ حَاكِمٍ عن تَجْدِيدِهِ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ وَظَاهِرُهُ عَمَلُهُ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَوْرُوثَهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ له سِوَاهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عن دَعْوَى في وَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فيها
وَتُسْمَعُ دعوة ( ( ( دعوى ) ) ) اسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَقِيلَ إنْ جَعَلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ وفي الْفُصُولِ دَعْوَاهُ سَبَبًا قد تُوجِبُ مَالًا كَضَرْبِ عَبْدِهِ ظُلْمًا يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُسْمَعَ حتى يَجِبَ الْمَالُ وفي التَّرْغِيبِ لَا تُسْمَعُ إلَّا دَعْوَى مُسْتَلْزِمَةٌ لَا كَبَيْعِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لو ادَّعَى بَيْعًا أو وهبة ( ( ( هبة ) ) ) لم تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَيَّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَبِلَ اللُّزُومَ وَلَوْ قال بَيْعًا لَازِمًا أو هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ مَسْأَلَةَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَفُرُوعِهَا ضَعِيفَةٌ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَّ الثُّبُوتَ الْمَحْضَ يَصِحُّ بِلَا مُدَّعًى عليه
وقال إذَا قِيلَ لَا تُسْمَعُ إلَّا مُحَرَّرَةً فَالْوَاجِبُ أَنَّ من ادَّعَى مُجْمَلًا اسْتَفْصَلَهُ الْحَاكِمُ وقال بِأَنَّ الْمُدَّعَى عليه قد يَكُونُ مُبْهَمًا كَدَعْوَى الْأَنْصَارِ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ وَدَعْوَى الْمَسْرُوقِ منه على بينة ( ( ( بني ) ) ) الْأُبَيْرِقِ ثُمَّ الْمَجْهُولُ قد يَكُونُ مُطْلَقًا وقد يَنْحَصِرُ في قَوْمٍ كَقَوْلِهَا نَكَحَنِي أَحَدُهُمَا
____________________
(6/405)
وَقَوْلِهِ زَوْجَتِي إحْدَاهُمَا وقال فِيمَنْ ادَّعَى على خَصْمِهِ أَنَّ بيده عَقَارًا اسْتَغَلَّهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَعَيْنُهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَأَنْكَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِاسْتِيلَائِهِ لَا بِاسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الْحَاكِمَ إثْبَاتُهُ وَالْإِشْهَادُ بِهِ كما يَلْزَمُ الْبَيِّنَةَ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ لِأَنَّهُ كَفَرْعٍ مع أَصْلٍ
وما لَزِمَ أَصْلَا الشَّهَادَةِ بِهِ لَزِمَ فَرْعُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ وَلَوْ لم يَلْزَمْ إعَانَةُ مُدَّعٍ بِشَهَادَةٍ وَإِثْبَاتٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الدُّورُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وهو الْأَمْرُ بِإِعْطَائِهِ ما ادَّعَاهُ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَإِلَّا فلا ( ( ( فهو ) ) ) كَمَالٍ مَجْهُولٍ يُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ ثُمَّ إنْ كان المدعي عَيْنًا حَاضِرَةً لَكِنْ لم تَحْضُرْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ اُعْتُبِرَ إحْضَارُهُ لِلتَّعْيِينِ وَيَجِبُ على الْمُدَّعِي إنْ أَقَرَّ أَنَّ بيده مثله وَلَوْ ثَبَتَ أن بيده بِبَيِّنَةٍ أو بِنُكُولٍ حُبِسَ أيدا ( ( ( أبدا ) ) ) حتى يُحْضِرَهُ أو يدعى تَلَفَهُ فَيُصَدَّقَ لِلضَّرُورَةِ وتكفى الْقِيمَةُ
وَإِنْ كانت تَالِفَةً أو في الذِّمَّةِ ذَكَرَ صِفَةَ مسلمة وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهِ أَيْضًا وفي التَّرْغِيبِ يَكْفِي ذِكْرُ قِيمَةٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَيَذْكُرُ قِيمَةَ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وَيَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيلَ وَيَصِفُهُ وَيُقَوَّمُ مُحَلًّى بِغَيْرِ جِنْسِ حِلْيَتِهِ وَمُحَلًّى بِالنَّقْدَيْنِ بأيهما ( ( ( بأيها ) ) ) شَاءَ لِلْحَاجَةِ وَمَنْ ادَّعَى عَيْنًا أو دَيْنًا لم يُعْتَبَرْ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِكَثْرَةِ سَبَبِهِ وقد يَخْفَى على الْمُدَّعِي وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا على أبيه ذَكَرَ مَوْتَ أبيه وَحَرَّرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أو أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ من تركه أبيه ما يَفِي بِدَيْنِهِ وَإِنْ ادَّعَى عَقْدًا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ في النِّكَاحِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ وَمِلْكُ الْإِمَاءِ وفي اسْتِدَامَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَجْهَانِ ( م 1 )
وفي التَّرْغِيبِ يُعْتَبَرُ في النِّكَاحِ وصفة بِالصِّحَّةِ وَالْبَيْعُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ الْمُفْسِدِ وهو مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ أنها لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً وَلَا مُرْتَدَّةً ودعوى امرأة نكاح رجل لطلب مهر أو نحوه مسموعة وإن ادعت النكاح فقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وفي اسْتِدَامَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَجْهَانِ انْتَهَى
يَعْنِي أنها لم تَدَّعِ الْعَقْدَ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ استدامة ( ( ( استدامته ) ) ) وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا تَصِحُّ دَعْوَاهَا وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ حتى تَذْكُرَ شُرُوطَ النِّكَاحِ
____________________
1-
(6/406)
فَوَجْهَانِ ( م 2 )
فَإِنْ سَمِعَتْ فَكَزَوْجٍ وَلَيْسَ جُحُودُ بَيِّنَةِ طَلَاقًا خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ على رِوَايَةِ صِحَّةِ إقْرَارِهَا إذَا ادَّعَاهُ وَاحِدٌ وَإِنْ عَلِمَ أنها لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَهَلْ يُمَكَّنُ منها ظَاهِرًا فيه وَجْهَانِ ( م 3 )
وَإِنْ ادَّعَى إرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإِنْ ادَّعَى قَتْلَ مَوْرُوثِهِ ذَكَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا أو شَبَهَهُ أو خَطَأً وَيَصِفُهُ وَأَنَّهُ انْفَرَدَ أولا وَلَوْ قال قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وكان حَيًّا أو ضَرَبَهُ وهو حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لم يذكر الْحَيَاةَ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 قوله ودعوى امرأة نكاح رجل لطلب مهر أو نحوه مسموعة وإن ادعت النكاح فقط فوجهان انتهى
وأطلقهما في المغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم
أحدهما لا تسمع وهو الصحيح اختاره أبو الخطاب وغيره وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه الناظم وغيره
والوجه الثاني تسمع اختاره القاضي
مسألة 3 قوله وإن علم أنها ليست امرأته وأقامت بينة فهل يمكن منها ظاهرا فيه وجهان انتهى وأطلقهما في المغني والشرح
أحدهما لا يمكن قلت وهو عين الصواب وكيف يمكن منها وهو يعلم من نفسه ويتحقق أنها ليست امرأته حتى ولو كان الشهود مائة ولو حكم حاكم بذلك لأن حكمه لا يحل حراما والأولى له إطلاقها ظاهرا فهو كما لو قال هي أختى من الرضاعة
والوجه الثاني يمكن منها لأن الحاكم قد حكم بالزوجية وهو بعيد جدا
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَلَوْ قال قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وكان حَيًّا أو ضَرَبَهُ وهو حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لم يذكر الْحَيَاةَ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(6/407)
فَصْلٌ فإذا حَرَّرَ دَعْوَاهُ فَلِلْحَاكِمِ سُؤَالُ خَصْمِهِ عنها وَقِيلَ إنْ سَأَلَ سُؤَالَهُ وفي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجْهَانِ كما لَا يَحْكُمُ له إلَّا بِسُؤَالِهِ في الْأَصَحِّ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ في وَالِي الْمَظَالِمِ يَرُدُّ الْغُصُوبَ السُّلْطَانِيَّةَ قبل تَظَلُّمِ أَرْبَابِهَا إلَيْهِ وَيَكْفِيه الْعَمَلُ بِمَا في الدِّيوَانِ فَإِنْ أَقَرَّ حَكَمَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وفي التَّرْغِيبِ إنْ أَقَرَّ فَقَدْ ثَبَتَ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَوْلِهِ قَضَيْتُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ تتعلق ( ( ( يتعلق ) ) ) بِاجْتِهَادِهِ وَلَوْ قال الْحَاكِمُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْك فقال نعم لَزِمَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بِأَنْ قال الْمُدَّعِي قَرْضًا أو ثَمَنًا ما أَقْرَضَنِي أو بَاعَنِي أو لَا حَقَّ له عَلَيَّ وَنَحْوُهُ صَحَّ الْجَوَابُ
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ما لم يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ فَلَوْ ادَّعَتْ من يَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ فقال لَا يستحق ( ( ( تستحق ) ) ) عَلَيَّ شيئا لم يَصِحَّ الْجَوَابُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لم يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِسْقَاطِهِ كَجَوَابِهِ في دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ بِهِ لَا يتسحق ( ( ( يستحق ) ) ) على شيئا وَلِهَذَا ما أَقَرَّتْ في مَرَضِهَا لَا مَهْرَ لها عليه لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أنها أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَالْمُرَادُ أو أنها أَسْقَطَتْهُ في الصِّحَّةِ وَلَوْ قال الْمُدَّعِي دِينَارًا لَا يَسْتَحِقُّ على حَبَّةً فَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ ليس بِجَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يكتفي في دَفْعِ الدَّعْوَى إلَّا بِنَصٍّ لَا بِظَاهِرٍ وَلِهَذَا لو حَلَفَ وَاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْته عليه أو حَلَفَ الْمُنْكِرُ إنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيَّ لم يُقْبَلْ وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وما لم يَنْدَرِجْ في لَفْظِ حَبَّةٍ من بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ يَعُمُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً ( م 5 )
وقد تَقَدَّمَ في اللِّعَانِ وَجْهَانِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ وَلَوْ قال لي عَلَيْك مِائَةٌ فقال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وأطلقهما في الرعاية الكبرى
أحدهما لا يشترط ذكر الحياة قلت وهو الصواب أو هو الظاهر
والوجه الثاني يشترط ذكرها وهو الأحوط
مسألة 5 قوله ولو قال لمدعي دينارا لا يستحق حبة فعند ابن عقيل ليس بجواب وعند شيخنا يعم الحبات وما لم يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال يعم حقيقة عرفية انتهى
قلت الصواب ما قاله الشيخ تقي الدين وهو الظاهر
____________________
1-
(6/408)
ليس لَك على مِائَةٌ اُعْتُبِرَ في الْأَصَحِّ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ منها كَالْيَمِينِ وَإِنْ نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عليه بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا وَإِنْ قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي على ما دُونَ الْمِائَةِ إذَا لم يُسْنِدْ الْمِائَةَ إلَى عَقْدٍ لِكَوْنِ الْيَمِينِ لَا تَقَعُ إلَّا مع ذِكْرِ النِّسْبَةِ لِتَطَابُقِ الدَّعْوَى ذكر في التَّرْغِيبِ
وَإِنْ أَجَابَ مُشْتَرٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ رَجَعَ على الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ قال هو مِلْكِي اشْتَرَيْته من فُلَانٍ وهو مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَإِنْ انْتَزَعَ الْمَبِيعَ من يَدِ مُشْتَرٍ بِبَيِّنَةِ مِلْكٍ مُطْلَقٍ رَجَعَ على الْبَائِعِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ كما يَرْجِعُ في بَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ وفي التَّرْغِيبِ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي الزَّوَالَ من قوته ( ( ( وقته ) ) ) لِأَنَّ ما قَبْلَهُ غَيْرُ مَشْهُودٍ بِهِ
قال الْأَزَجِيُّ وَلَوْ قال لَك عَلَيَّ شَيْءٌ فقال ليس لي عَلَيْك شَيْءٌ وَإِنَّمَا عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لم يُقْبَلْ منه دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ الشَّيْءِ
وَلَوْ قال لَك على دِرْهَمٌ فقال ليس لي عَلَيْك دِرْهَمٌ وَلَا دَانِقٌ وَإِنَّمَا لي عَلَيْك أَلْفٌ قُبِلَ منه دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ ليس حَقِّي هذا الْقَدْرَ قال وَلَوْ قال ليس لَك عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا دِرْهَمٌ صَحَّ
وَلَوْ قال ليس له عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَبُّطِ اللَّفْظِ وَالصَّحِيحُ يَلْزَمُهُ ما أَثْبَتَهُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ ليس عَلَيَّ عَشَرَةٌ لَكِنْ خسمة ( ( ( خمسة ) ) ) وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ من النَّفْيِ فَيَكُونُ إثْبَاتًا
وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ فَأَحْضِرْهَا وَمَعْنَاهُ إنْ شِئْت وفي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَ أَنَّهُ مَوْضِعُهَا وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي لَا يقول فَأَحْضِرْهَا فإذا أَحْضَرَهَا لم يُسْأَلْهَا وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَلَا يقول اشْهَدَا وَلَا يُلَقِّنُهُمَا وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَنْبَغِي وفي الْمُوجَزِ يُكْرَهُ كتعنتهما ( ( ( كتعنتها ) ) ) وَانْتِهَارِهِمَا وَفِيهِمَا في ظَاهِرِ الْكَافِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله وإن قال هو ملكي اشتريته من فلان وهو ملكه ففي الرجوع وجهان انتهى أحدهما له الرجوع عليه إذا بان مستحقا وهو الصواب لا سيما أن كان المشتري جاهلا والإضافة إلى ملكه في الظاهر والوجه الثاني ليس له الرجوع لاعترافه له بالملك وهو بعيد
____________________
1-
(6/409)
يَحْرُمُ وَإِنْ شهدوا ( ( ( شهدا ) ) ) وَاتَّضَحَ الْحُكْمُ ولم يَجُزْ تَرْدِيدُهُمَا وفي الرِّعَايَةِ إنْ ظَنَّ الصُّلْحَ أَخَّرَهُ وفي الْفُصُولِ وَأَحْبَبْنَا له أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَيُؤَخِّرُهُ فَإِنْ أَبَيَا حُكِمَ وفي الْمُغْنِي وَيَقُولُ قد شَهِدَا عَلَيْك فَإِنْ كان قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ عِنْدِي يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا فَدَلَّ أَنَّ له الْحُكْمَ مع الرِّيبَةِ
وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِضِدِّ ما يَعْلَمُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ وَمَعَ اللَّبْسِ يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ عَجَّلَ فَحَكَمَ قبل الْبَيَانِ حَرُمَ ولم يَصِحَّ وَلَهُ الْحُكْمُ بها وَبِالْإِقْرَارِ في مَجْلِسِهِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يُحْكَمُ بِإِقْرَارِ في مَجْلِسِهِ حتى يَسْمَعَهُ معه عَدْلَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَالْمُذْهَبِ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ في غَيْرِ ذلك وَعَنْهُ يَجُوزُ به وَعَنْهُ في غَيْرِ الْحَدِّ نَقُلْ حَنْبَلٌ إذَا رَآهُ على حَدٍّ لم يَكُنْ له أَنْ يُقِيمَهُ إلَّا بِشَهَادَةِ من شَهِدَ معه لِأَنَّ شَهَادَتَهُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ فَيَذْهَبَانِ إلَى حَاكِمٍ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ نَفْسِهِ فَلَا
يعمل ( ( ( ويعمل ) ) ) بِعِلْمِهِ وفي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ في عَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَجُرْحِهِ لِلتَّسَلْسُلِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فيه غَيْرُهُ فَلَا تُهْمَةَ وقال أَيْضًا هو وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا هذا ليس بِحُكْمٍ لأن يَعْدِلُ هو وَيُجَرِّحُ غَيْرَهُ وَيُجَرَّحُ هو وَيُعَدَّلُ غَيْرُهُ وَلَوْ كان حُكْمًا لم يَجُزْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ
قال في التَّرْغِيبِ إنَّمَا الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ لَا بِهِمَا وَقِيلَ يَعْمَلُ في جُرْحِهِ وَعَنْهُ لَا فِيهِمَا بِعِلْمِهِ كَشَاهِدٍ في الْأَصَحِّ وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ عليه لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في مَسْأَلَةِ الْمُرْسَلِ وابن عَقِيلٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ له طَلَبَ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ من الْقَدْحِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا ولم يذكر مُسْتَنِدَهُ
وَمَنْ جاء بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الْحَاكِمُ وقال له زِدْنِي شُهُودًا فَصْلٌ الْمَذْهَبُ تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ وفي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ كَبَيِّنَةِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحُجَّةُ على أبي حَنِيفَةَ وفي عُيُونِ
____________________
(6/410)
الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا إنْ مَنَعُوا عَدَالَةَ الْعَبْدِ فَنَدُلُّ عليه بِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَحْمِلُ هذا الْعِلْمَ من كل خَلَفٍ عُدُولُهُ وَالْعَبْدُ من حمل ( ( ( حمال ) ) ) الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى فَهُمْ عُدُولٌ بِشَهَادَةِ الرَّسُولِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لهم وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ من لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ فَعَلَيْهَا إنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ وفي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ ( م 7 )
وَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ لم يَسْأَلْ عنه إلَّا أَنْ يُجَرِّحَهُ الْخَصْمُ وفي الِانْتِصَارِ يُقْبَلُ من الْغَرِيبِ أنا حُرٌّ عَدْلٌ لِلْحَاجَةِ كما قَبِلْنَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ زوجة ( ( ( مزوجة ) ) ) وَلَا مُعْتَدَّةً وَيَكْفِي في تَزْكِيَتِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ يُعْلَمُ خِبْرَتُهُمَا الْبَاطِنَةُ بِصُحْبَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَقِيلَ أو يَجْهَلُهَا وفي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُتَّهَمُ بِعَصَبِيَّةٍ أو غَيْرِهَا أَنَّهُ عَدْلٌ رَضِيٌّ أو عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ وَيَكْفِي عَدْلٌ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ
وَلَا تَجُوزُ التَّزْكِيَةُ إلَّا لِمَنْ له خِبْرَةُ باطنة وفي التَّرْغِيبِ وَمَعْرِفَةُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ في حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ في وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ فيه وَجْهَانِ ( م 8 10 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 7 قوله وفي جهل ( ( ( يعجبني ) ) ) حريته المعتبرة ( ( ( يعدل ) ) ) وجهان وأطلقهما ( ( ( الناس ) ) ) في المحرر ( ( ( قضائك ) ) ) والرعايتين وتجريد ( ( ( إنهم ) ) ) العناية ( ( ( أحدثوا ) ) )
أحدهما ( ( ( فأحدثنا ) ) ) لَا يرجع ( ( ( يلزم ) ) ) في كونه حرا وهو الصحيح في تصحيح المحرر وقال ( ( ( أيام ) ) ) جزم بِهِ في ( ( ( وبحبسه ) ) ) المغني والشرح ( ( ( كمالها ) ) ) وأورده في النظم مذهبا انتهى
والوجه الثاني يرجع إليه
مَسْأَلَةٌ 8 10 قَوْلُهُ وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ في حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ في وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ
____________________
1-
(6/411)
قال أحمد لَا يعجبني أن يعدل إن الناس ( ( ( تبعضت ) ) ) يتغيرون ( ( ( جاز ) ) ) وقال قيل لشريح ( ( ( تزكية ) ) ) قد أحدثت في قضائك قال إنهم أحدثوا فأحدثنا وذكر جماعة لَا يلزم المزكي الحضور للتزكية ويتوجه وجه
ومن ( ( ( الأكثر ) ) ) ثبتت عدالته مرة لزم البحث عنها على الأصح مع طول المدة وإن سأل حبس خصمه أو كفيلا به أو تعديل عين مدعاة قبل التزكية أو سأله من أقام شاهدا بمال وقيل أو غيره حتى يقيم آخر أجيب في الأصح ثلاثة أيام وقيل حتى يعدل أو يجرح وقيل به وبحبسه مع كمالها وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ يُحَالُ في قِنٍّ أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة الأولى 8 هل تعديل الخصم وحده تعديل في حقه أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في المغني والشرح وغيرهما
أحدهما هو تعديل في حقه وهو الصحيح والصواب قال في الرعاية الكبرى وإن أقر الخصم بالعدالة فقال هما عدلان فيما شهدا به على أو صادقان حكم عليه بلا تزكية وقيل لا انتهى وقال في الصغرى والحاوي الصغير فإن أقر الخصم بالعدالة حكم عليه وقيل لا يحكم انتهى
الوجه الثاني ليس بتعديل
المسألة الثانية هل تصديق الشهود تعديل أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية الكبرى فقال وهل تصديق الشهود تعديل لهم فيه وجهان انتهى
أحدهما ليس بتعديل
والوجه الثاني هوة تعديل وهو الصواب أعني بالنسبة إليه
المسألة الثانية 10 هل تصح التزكية في واقعة واحدة أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية الكبرى وفي صحة التزكية في واقعة واحدة الوجهان وقيل إن تيعضت جاز وإلا فلا تزكية انتهى
أحدهما لا يصح وهو الصواب وهو ظاهر كلام الأكثر
والوجه الثاني يصح
____________________
1-
(6/412)
امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أو طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بِوَاحِدٍ في قِنٍّ وَجْهَانِ ( * )
وَإِنْ جَرَحَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ كُلِّفَ بِهِ بَيِّنَةً وَيُنْظَرُ له وَلِجُرْحِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أتى بها حُكِمَ بها نَصَّ عليه وَلَوْ بفسقه وَإِلَّا حُكِمَ عليه قال في الْخِلَافِ فِيمَا لَا نَفْسَ له سَائِلَةً وقد احْتَجَّ بِخَبَرِ سَلْمَانَ فَضَعَّفَهُ خَصْمُهُ ولم يُبَيِّنْ سَبَبَهُ وقال يَجِبُ التَّوَقُّفُ حتى يُبَيِّنَ سَبَبَهُ كَالْبَيِّنَةِ إذَا طَعَنَ فيها الْمَشْهُودُ عليه يَجِبُ على الْحَاكِمِ التَّوَقُّفُ حتى يُبَيِّنَ وَجْهَ الطَّعْنِ
فَأَجَابَ بِأَنَّ حُكْمَ الْخَبَرِ أو سع من الشَّهَادَةِ لِسَمَاعِهِ وَقَبُولِهِ مِمَّنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ بِخِلَافِهَا وفي التَّرْغِيبِ لو ادَّعَى جُرْحَ الْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ له تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي في الْأَصَحِّ
وَالْمَذْهَبُ لَا يُسْمَعُ لم يُبَيِّنْ سَبَبَهُ بِذِكْرِ قَادِحٍ فيه عن رُؤْيَةٍ أو اسْتِفَاضَةٍ وَفِيهَا وَجْهٌ كَتَزْكِيَةٍ وَفِيهَا وَجْهٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال إنَّ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُونَ في مِثْلِ عُمَرَ بن عبدالعزيز وَالْحَسَنِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ وقلا إنَّهُ لَا يُعْلَمُ في الْجُرْحِ بِالِاسْتِفَاضَةِ نِزَاعًا بين الناس قال هذا إذَا كان فِسْقُهُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ فَأَمَّا إذَا كان الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ منه اكتفى بِمَا دُونَ ذلك كما قال ابن مَسْعُودٍ اعْتَبَرُوا الناس بِأَخْدَانِهِمْ
وَبَلَغَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عن مُجَالَسَتِهِ وقال لا بُدَّ من بَيَانِ بِدْعَةِ الْمُبْتَدِعِ وَالتَّحْذِيرِ منها لِأَنَّهُ من الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عن الْمُنْكَرِ وَعَنْهُ يَكْفِي الْمُطْلَقُ نَحْوُ هو فَاسِقٌ أو ليس بِعَدْلٍ كَتَعْدِيلٍ في الْأَصَحِّ وَيَعْرِضُ الْجَارِحُ وبالزنا ( ( ( بالزنا ) ) ) فإن جَرَحَ ولم يَأْتِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةٍ حُدَّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وفي التَّرْغِيبِ لَا يَجُوزُ الْجُرْحُ بِالتَّسَامُعِ نعم لو زَكَّى التَّوَقُّفُ بِتَسَامُعِ الْفِسْقِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بحال في قِنٍّ أو امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أو طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بِوَاحِدٍ في قِنٍّ وَجْهَانِ انْتَهَى
من الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ ذلك
____________________
1-
(6/413)
الشَّهَادَةِ فِيهِمْ وَقِيلَ في الْمَسْئُولِينَ ( م 11 ) وفي التَّرْغِيبِ وَعَلَى قَوْلِنَا التَّزْكِيَةُ لَيْسَتْ شَهَادَةً لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدِ في الْجَمِيعِ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عن تَزْكِيَةِ من شَهِدَ عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ أخبره وَإِلَّا لم يَجِبْ وَإِنْ قَبِلَ جُرْحَ وَاحِدٍ فَتَزْكِيَةُ اثْنَيْنِ مُقَدَّمَةٌ في الْأَصَحِّ وَيُقَدَّمُ جُرْحُ اثْنَيْنِ وَإِنْ ارْتَابَ حَاكِمٌ من بَيِّنَةٍ لَزِمَهُ الْبَحْثُ وفي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ يُسْتَحَبُّ تَفْرِيقُهُمْ وَيُسْأَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عن كَيْفِيَّةِ التَّحَمُّلِ هل تَحَمَّلَ وَحْدَهُ
وَأَيْنَ وَمَتَى فَإِنْ اتَّفَقُوا وَعَظَ وَخَوَّفَ فَإِنْ ثبتواحكم وَإِلَّا لم يَقْبَلْهَا وَإِنْ حَاكَمَ من لَا يُعْرَفُ لِسَانُهُ تَرْجَمَ له من يَعْرِفُهُ وَالْمَذْهَبُ يُقْبَلُ في تَرْجَمَةٍ وَتَزْكِيَةٍ وَجُرْحٍ وَتَعْرِيفٍ وَرِسَالَةٍ عَدْلَانِ بِشُرُوطِ الشَّهَادَةِ
وفي مَالٍ رَجُلٍ وَامْرَأَتَانِ وَالْأَصَحُّ في الزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَعَنْهُ الحد في الْكُلِّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كان امْرَأَةً أو ولدا ( ( ( والدا ) ) ) أو وَلَدًا أو أَعْمَى لِمَنْ خَبَّرَهُ بَعْدَ عَمَاهُ وَيَكْتَفِي بِالرُّقْعَةِ مع الرَّسُولِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ الْمُشَافَهَةُ
وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ بِجُرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ فَصْلٌ وإذا قال الْمُدَّعِي مَالِي بَيِّنَةٌ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ له الْيَمِينَ على خَصْمِهِ له تَحْلِيفُهُ مع عِلْمِهِ قُدْرَتَهُ على حَقِّهِ نَصَّ عليه نَقَلَ ابن هانىء إنْ عَلِمَ عِنْدَهُ مَالًا لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ حَقَّهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ يُكْرَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 11 قوله ومن رتبه حاكم ليسأل سرا عن الشهود لتزكية أو جرح فقيل تعتبر شروط الشهادة فيهم وقيل في المسئولين انتهى
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم
أحدهما تعتبرشروط الشهادة فيهم قدمه في المغني والشرح فقالا ويقبل قول أصحاب المسائل وقيل لا يقبل إلا شهادة المسئولين وقال في الكافي ويجب أن يكونوا عدولا ولا يسألون عدوا ولا صديقا وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب
والوجه الثاني يعتبر ذلك في المسئولين لا فيمن رتبهم الحاكم
____________________
1-
(6/414)
وَنَقَلَهُ من حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهَذَا يَدُلُّ على تحريمى ( ( ( تحريم ) ) ) تَحْلِيفِ الْبَرِيءِ دُونَ الظَّالِمِ وفي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي رَوَى أبو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عن رَافِعِ بن خَدِيجٍ مَرْفُوعًا من أَرَادَ ان يستخلف ( ( ( يستحلف ) ) ) أَخَاهُ على يَمِينٍ وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَأَجَلَّ اللَّهَ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَجَبَتْ له الْجَنَّةُ
وَبِإِسْنَادِهِ عن عَلِيٍّ مَرْفُوعًا من قَدَّمَ غَرِيمًا إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيُحَلِّفَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ كَاذِبًا لم يَرْضَ اللَّهُ تَعَالَى يوم الْقِيَامَةِ منزلة إلَّا مع إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ في الْجَنَّةِ
على صِفَةِ جَوَابِهِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بِصِفَةِ الدَّعْوَى وَعَنْهُ يَكْفِي تَحْلِيفُهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَإِنْ سَأَلَهُ تَحْلِيفَهُ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ فَيَحْرُمُ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفُهُ ثَانِيًا أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ له تَحْلِيفُهُ عِنْدَ من جَهِلَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ بِبَيِّنَةٍ وأن أَمْسَكَ عن تَحْلِيفِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِدَعْوَاهُ الْمُتَقَدِّمَةِ
وَإِنْ أَبْرَأهُ من يَمِينِهِ فَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَطَلَبُهَا وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِهِ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي طَوْعًا وَعَنْهُ يَبْرَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي وَعَنْهُ وَيُحَلِّفُهُ له وَإِنْ لم يحلف ( ( ( يحلفه ) ) ) ذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا من رِوَايَةٍ مُهَنَّا أَنَّ رَجُلًا اتَّهَمَ رَجُلًا بِشَيْءٍ فَحَلَفَ له ثُمَّ قال لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تَحْلِفَ لي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَلَهُ ذلك قال لَا قد ظَلَمَهُ وَتَعَنَّتَهُ وَاخْتَارَ أبو حَفْصٍ تَحْلِيفَهُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا ولم يَصِلْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ وفي الْمُغْنِي أو بِمَا لَا يُفْهَمُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُذَيِّلُ حُكْمَ الْيَمِينِ وفي التَّرْغِيبِ هِيَ يَمِينٌ كَاذِبَةٌ وفي الرِّعَايَةِ لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لم يَسْمَعْهُ الْحَاكِمُ الْمُحَلِّفُ له
وَلَا يَجُوزُ التَّأْوِيلُ وَالتَّوْرِيَةُ في الْيَمِينِ إلَّا المظلوم ( ( ( لمظلوم ) ) ) وقال في التَّرْغِيبِ كُلُّ ما ليس يجاز ( ( ( بجاز ) ) ) في مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَالنِّيَّةُ على نِيَّةِ الْحَاكِمِ الْمُحَلِّفِ وَاعْتِقَادِهِ فَالتَّأْوِيلُ على خِلَافِهِ لَا يَنْفَعُ وقد سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ في الشُّفْعَةِ
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ مُعْسِرٌ خَافَ حَبْسًا أَنَّهُ لَا حَقَّ له عَلَيَّ وَلَوْ نوى ( ( ( توى ) ) ) السَّاعَةَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِالنِّيَّةِ وهو مُتَّجَهٌ وَلَا من عليه دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غريمة مَنْعَهُ من سَفَرٍ نَصَّ عليه وَيُتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ لم يَحْلِفْ قال إنْ حَلَفْت
____________________
(6/415)
وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِالنُّكُولِ
وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا وفي الرِّعَايَةِ يَقُولُهُ مَرَّةً وَقِيلَ ثَلَاثًا الذي قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الْحَقُّ قالوا فَإِنْ لم يَحْلِفْ قضي عليه نَصَّ عليه نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ مَرِيضًا كان أو غَيْرَهُ وَيَتَخَرَّجُ حَبْسُهُ لِيُقِرَّ أو يَحْلِفَ قال أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي رَدُّ الْيَمِينِ وَنَقَلَ اليموني ( ( ( الميموني ) ) ) كَأَنِّي أَكْرَهُ هذا وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ليس له أَنْ يَرُدَّهَا ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك وما هو بِبَعِيدٍ يُقَالُ له احْلِفْ وَخُذْ فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ رَدُّهَا وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فَقَالُوا وَعَنْهُ تُرَدُّ الْيَمِينُ على الْمُدَّعِي وَلَعَلَّ ظَاهِرُهُ يَجِبُ ولهذاى ( ( ( ولهذا ) ) ) قالالشيخ وَاخْتَارَ ابو الْخِطَابِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْيَمِينَ على خَصْمِهِ وقال قد صَوَّبَهُ أَحْمَدُ وقال ما هو بِبَعِيدٍ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةُ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ الرَّدِّ واختارا في الْعُمْدَةِ رَدَّهَا وَاخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وزاد بِإِذْنِ النَّاكِلِ فيه
وقال شَيْخُنَا مع عِلْمِ مُدَّعٍ وَحْدَهُ بالمدعي بِهِ لهم رَدُّهَا وإذا لم يَحْلِفْ لم أخذ ( ( ( يأخذ ) ) ) كَالدَّعْوَى على ورثه مَيِّتٍ حَقًّا عليه يَتَعَلَّقُ بِتِرْكَتِهِ وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عليه هو الْعَالِمُ بالمدعي بِهِ دُونَ الْمُدَّعِي مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَرَثَةُ أو الوضي ( ( ( الوصي ) ) ) على غَرِيمِ الْمَيِّتِ فَيُنْكِرَ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا تَضْطَرُّوا الناس في أَيْمَانِهِمْ إلَى ما لَا يَعْلَمُونَ قال وَأَمَّا إنْ كان الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْعِلْمَ وَالْمُنْكِرَ يَدَّعِي الْعِلْمَ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ الْقَوْلَانِ يَعْنِي الرِّوَايَتَيْنِ
فَإِنْ حَلَفَ حَكَمَ له وَإِنْ نَكَلَ صَرَفَهُمَا ثُمَّ إنْ بَذَلَ أَحَدُهُمَا الْيَمِينَ لم تُسْمَعْ إلَّا في مَجْلِسٍ آخَرَ وَالْأَشْهَرُ قبل الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يقضي بِنُكُولِهِ أو يَحْلِفُ وَلِيٌّ أو أن بَاشَرَ ما ادَّعَاهُ أو لَا يُحَلِّفُ حَاكِمٌ فيه أَوْجُهٌ وقطه الشَّيْخُ يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ ( م 12 ) وَبَلَغَ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ مَحْضَرًا بِنُكُولِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يَقْضِي بِنُكُولِهِ أو يَحْلِفُ وَلِيٌّ أو إنْ بَاشَرَ ما ادَّعَاهُ أو لَا يَحْلِفُ حَاكِمٌ فيه أَوْجُهٌ وَقَطَعَ الشَّيْخُ يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ انْتَهَى
____________________
1-
(6/416)
فإن قُلْنَا يحلف ( ( ( برد ) ) ) حلف ( ( ( اليمين ) ) ) إن ( ( ( وتعذر ) ) ) ادعى ( ( ( ردها ) ) ) عليه وجوب تسليمه من موليه ( ( ( بأن ) ) ) فإن ( ( ( الأب ) ) ) أبى ( ( ( والوصي ) ) ) حلف ( ( ( وأمين ) ) ) المدعي ( ( ( الحاكم ) ) ) وأخذه إن جعل النكول مع يمين المدعي كبينته لَا كإقرار خصمه وفي الترغيب لا خلاف بيننا أن ما لا يمكن ( ( ( يحلفون ) ) ) ردها ( ( ( وتقف ) ) ) فيه ( ( ( اليمين ) ) ) يقضي ( ( ( ويكتب ) ) ) بنكوله بأن يكون صاب الدعوى غير معين كالفقراء أو يكون الإمام بأن يدعي لبيت المال دينا ونحو ذلك
وفي الرعاية في صورة الْحَاكِمُ يحبس حتى يقرأ أو يحلف وقيل يحكم عليه وقيل يحلف الحاكم وفي ( ( ( محضرا ) ) ) الانتصار ( ( ( بنكول ) ) ) نزل أصحابنا نكوله منزلة بين منزلتين فقالوا لا يقضي به في قود وحد وحكموا به في حق مريض وعبد وصبي مأذون لهما
وفي الترغيب في القسامة من قضي عليه بنكوله بالدية ففي ماله لأنه كإقراره وفيها قال أبو بكر لأن النكول إقرار واختار شيخنا المدعي يحلف ابتداء مع اللوث وأن الدعوى في التهمة كسرقة يعاقب الْمُدَّعَى عليه الفاجر وأنه لَا يجوز ( ( ( ترد ) ) ) إطلاقه وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيَبِينَ أَمْرُهُ أو ثَلَاثًا على وَجْهَيْنِ نَقَلَ حَنْبَلٌ حتى يَبِينَ أَمْرُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ ومحققوا ( ( ( ومحققو ) ) ) أَصْحَابِهِ على حَبْسِهِ
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حَبَسَ في تُهْمَةٍ بِخِلَافِ دَعْوَى بَيْعٍ أو قَرْضٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
يعني إذَا قلنا برد ( ( ( معروفا ) ) ) اليمين ( ( ( بالفجور ) ) ) وتعذر ( ( ( المناسب ) ) ) ردها ( ( ( للتهمة ) ) ) قطع في ( ( ( طائفة ) ) ) المغني ( ( ( يضربه ) ) ) والشرح ( ( ( الوالي ) ) ) بأن ( ( ( والقاضي ) ) ) الأب والوصي ( ( ( طائفة ) ) ) وأمين ( ( ( الوالي ) ) ) الحاكم لا ( ( ( القاصي ) ) ) يحلفون وتقف اليمين ويكتب ( ( ( طوائف ) ) ) الحاكم محضرا ( ( ( أصحاب ) ) ) بنكول ( ( ( مالك ) ) ) المدعى ( ( ( والشافعي ) ) ) عليه وقال في الحاوي الصغير ( ( ( الخبر ) ) ) وَكُلِّ مال لا ترد ( ( ( الصانعين ) ) ) فيه ( ( ( آلات ) ) ) اليمين ( ( ( صنعته ) ) ) يقضي ( ( ( والحكم ) ) ) فيه ( ( ( بالقسامة ) ) ) بالنكول كالإمام إذَا ادعى ( ( ( أجعته ) ) ) لبيت المال أو وكيل الفقراء ونحو ذلك انتهى
وقدمه في الرعاية الصغرى قال وكذا الأب ووصيه وأمين الحاكم إذا ادعوا حقا لصغير أو مجنون ( ( ( ضربته ) ) ) وناظر الوقف ( ( ( حبسته ) ) ) وقيم ( ( ( فإذا ) ) ) المسجد ( ( ( أقر ) ) ) وقال في الكبرى قضى بالنكول في الأصح وقيل على الأصح وقيل يحبس ( ( ( يؤخذ ) ) ) حتى يقرأ ( ( ( يجيء ) ) ) أو يحلف ( ( ( يقر ) ) ) وقيل ( ( ( أما ) ) ) بل يحلف ( ( ( عرف ) ) ) المدعي ( ( ( بالخير ) ) ) منهم ويأخذ ما ادعاه وقيل إن كان قد باشر ما ادعاه حلف إلا فَلَا قلت لا ( ( ( إلزامه ) ) ) يحلف ( ( ( بشيء ) ) ) إمام ( ( ( ويحلف ) ) ) ولا ( ( ( ويترك ) ) ) حاكم ( ( ( إجماعا ) ) ) انتهى وقطع الشيخ أنه يحلف إذا عقل أو بلغ وتابعه الشارح
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيُبَيِّنَ أَمْرَهُ وَلَوْ ثَلَاثًا على وَجْهَيْنِ انْتَهَى هذا من تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَلَيْسَ من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ
____________________
1-
(6/417)
ونحوه لتفريطه بترك كتابته والإشهاد وأن تحليف كل مدعى عليه وإرساله مجانا ليس مذهبا لإمام واحتج في مكان آخر بأن قوما اتهموا أناسا بسرقة فرفعهم إلى النعمان بن بشير فحبسهم أياما ثم أطلقهم فقالوا له خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال لهم إن شئتم ضربتهم فإن ظهر مالكم وإلا ضربتكم مثل ما ضربتهم فقالوا هذا حكمك فقال حكم الله تعالى ورسوله إسناده جيد رواه النسائي وأبو داود وترجم عليه باب في الامتحان بالضرب
وظاهره أنه قال به وقال يه شيخنا وفي الأحكام السلطانية يحبسه وال قال فظاهر كلام أحمد وقاض وأنه ليشهد له { ويدرأ عنها العذاب } النور 8 الآية حملنا على الحبس لقوة التهمة
وذكر شيخنا الأول قول أكثر العلماء واختار تعذير مدع بسرقة ونحوها على من تعلم براءته واختار أن أخبر من له رائي جني بأن فلانا سرق كذا كخبر أنسي مجهول فيفيد تهمة كما تقدم وفي الأحكام السلطانية يضربه الوالي مع قوة التهمة تعزيرا فإن ضرب ليقر لم يصح وإن ضرب ليصدق عن حاله فأقر تحت الضرب قطع ضربه وأعيد إقراره ليؤخذ به ويكره الاكتفاء بالأول
كذا قال قال شيخنا إذا كان معروفا بالفجور المناسب للتهمة قال طائفة يضربه الوالي والقاضي وقال طائفة الوالي القاضي وقد ذكر ذلك طوائف من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزبير أن يمس بعض المعاهدين بالعذاب لما كتم إخباره بالمال الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه
وقال له أين كنز حيى بن أخطب فقال يا محمد أذهبته النفقات والحروب فقال المال كثير والعهد وأقرب من هذا وقال للزبير دونك هذا فمسه الزبير بشيء من العذاب فدلهم على المال وفي كتاب الهدى ما هو نفس كلام شيخنا أن في هذا الخبر دليلا على الاستدلال بالقرائن على صحة الدعوى وفسادها وكذلك فعل سليمان عليه السلام
____________________
(6/418)
في استدلاله بالقرينة على تعين أم الطفل الذي ذهب به الذئب وادعت كل واحدة من المرأتين أنه ابنها واختصمتا إليه في الآخر فقضى به داود للكبرى فخرجتا على سيلمان فقال بم قضى بينكما نبي الله فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما فقالت الصغرى لا تفعل رحمك الله هو ابنها فقضى به لها فلو اتفقت مثل هذه القصة في شريعتنا عمل بالقافة
وفاقا لمالك والشافعي قال أصحابنا وكذا لو اشتبه ولد مسلمة وكافرة وتوقف فيها أحمد فقيل له ترى القافة فقال ما أحسنه فإن لم توجد قافة وحكم بينهما حاكم بمثل حكم سليمان كان صوابا وكان أولى من القرعة لأن القرعة مع عدم الترجيح فلو ترجح بيدأ وشاهد واحد أو قرينة ظاهرة من لوث أو نكول أو موافقة شاهد الحال لصدقه كدعوى حاسر الرأس عن العمامة عمامة من بيده عمامة وهو يشتد عدوا وعلى رأسه أخرى ونظائر ذلك قدم على القرعة كدعوى كل واحد من الزوجين قماش البيت آلاته وكل واحد من الصانعين آلات صنعته والحكم بالقسامة هو من هذا ولم يقص النبي صلى الله عليه وسلم قصة سليمان إلا ليعتبر بها في الأحكام وترجم عليها النسائي باب في الحاكم يوهم خلاف ليستعلم به الحق
ونقل الجماعة أنه قال قول عمر ليس الرجل بأمين على نفسه إذا أجعته أو ضربته أو حبسته فإذا أقر على هذا لم يؤخذ به ولا تمتحنه بقول زنيت سرقت حتى يجيء هو يقر أما منة عرف بالخير فلا يجوز إلزامه بشيء ويحلف ويترك إجماعا وَإِنْ قال الْمُدَّعِي مالي بَيِّنَةٌ ثُمَّ أتى بها فَنَصُّهُ لَا تُسْمَعُ وَقِيلَ بَلَى وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وهو مُتَّجَهٌ حَلَّفَهُ أولا كَقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُهُ لي وَجَزَمَ في التَّرْغِيب بِالْأَوَّلِ
قال وَكَذَا قَوْلُهُ كَذَبَ شُهُودِي وَأَوْلَى وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ في الْأَصَحِّ وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبٍ ذَكَرَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ وفي التَّرْغِيبِ إنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَتْ بِهِ وَبِسَبَبِهِ وَقُلْنَا يُرَجَّحُ ذِكْرُ السَّبَبِ لم يَفْدِهِ إلَّا أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى شيئا فَشَهِدُوا له بِغَيْرِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لهم قال أَحْمَدُ وأبو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ تُقْبَلُ فَيَدَّعِيه ثُمَّ يُقِيمُهَا
____________________
(6/419)
وفي الرِّعَايَةِ إنْ قال اسْتَحَقَّهُ وما شَهِدُوا بِهِ أَيْضًا وَإِنَّمَا ادَّعَيْت بِأَحَدِهِمَا لادعى الْآخَرَ وَقْتًا ثُمَّ ادَّعَاهُ ثُمَّ شَهِدُوا بِهِ قُبِلَتْ وَلَوْ ادَّعَى شيئا فَأَقَرَّ له بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ له الدعوى ( ( ( والدعوى ) ) ) بِحَالِهَا نَصَّ عليه وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حتى يُقِيمَهَا أُجِيبَ في الْمَجْلِسِ على الْأَصَحِّ فَإِنْ لم يُحْضِرْهَا فيه صَرَفَهُ وَقِيلَ يُنْظَرُ ثَلَاثَةً وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ
وَيُجَابُ مع قُرْبِهَا وَعَنْهُ وَبَعْدَهَا كَكَفِيلٍ فِيمَا ذُكِرَ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وانه يُضْرَبُ له أَجَلًا مَتَى مَضَى فَلَا كَفَالَةَ وَنَصُّهُ لَا يُجَابُ إلَى كَفِيلٍ كَحَبْسِهِ وفي مُلَازَمَتِهِ حتى يَفْرُغَ له الْحَاكِمُ من شُغْلِهِ مع غَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 13 )
قال الْمَيْمُونِيُّ لم أَرَهُ يَذْهَبُ في الْمُلَازَمَةِ إلَى أَنْ يُعَطِّلَهُ عن عَمَلِهِ وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا من عَنَتِ خَصْمِهِ
وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ ثُمَّ يُقِيمُهَا مَلَكَهُمَا فَإِنْ كانت في الْمَجْلِسِ وَقِيلَ أو قَرِيبُهُ مَلَكَ أَيَّهمَا شَاءَ وَقِيلَ هُمَا وَقِيلَ إقَامَتُهَا فَقَطْ في الْكُلِّ قَطَعُوا بِهِ في الْخِلَافِ وإن سأل تحليفه ولا يقيمها فحلف ففي جواز إقامتها وجهان ( م 14 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مَسْأَلَةٌ 13 قَوْلُهُ وفي مُلَازَمَتِهِ حتى يَفْرُغَ له الْحَاكِمُ من شُغْلِهِ مع غَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا له مُلَازَمَتُهُ وهو الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا في هذه الْأَزْمِنَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك
مَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ وَلَا يُقَيِّمُهَا فَحَلَفَ فَفِي جَوَازِ إقَامَتِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى
وَالْوَجْهَانِ لِلْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وشرح ( ( ( شرح ) ) ) ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا ليس له إقَامَتُهَا صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له إقَامَتُهَا قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(6/420)
فصل وَإِنْ لم يُقِرَّ الْمُدَّعَى عليه ولم يُنْكِرْ أو قال لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ
ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَعْرِفُ قَدْرَ حَقِّهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِهِ قال الْحَاكِمُ إنْ أَجَبْت وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْت عَلَيْك وَقِيلَ يُحْبَسُ حتى يُجِيبَ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ عن أَصْحَابِنَا فَإِنْ كان لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حُكِمَ بها وَقَوْلُهُ لي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ ليس جَوَابًا
وَإِنْ قال لي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فيه لَزِمَ إنْظَارُهُ في الْأَصَحِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ قال إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بَرْهَنَ كَذَا لي بِيَدِك أَجَبْت وَإِنْ ادَّعَيْت هذا ثَمَنَ كَذَا بِعْتنِيهِ ولم تُقْبِضنِيهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك على فَجَوَابٌ وَإِنْ ادَّعَى قَضَاءً أو إبْرَاءً وَجَعَلَ مُقِرًّا أو بَعْدَ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أُنْظِرَ لِلْبَيِّنَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَقِيلَ لَا يُنْظَرُ لِقَوْلِهِ لي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ الْمُدَّعِي على بَقَائِهِ وَأَخَذَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عليه وَإِنْ قِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عليه
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَالَهُ في بَيْعٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَوْ قال أَبْرَأَنِي من الدَّعْوَى فَفِي التَّرْغِيبِ انْبَنَى علة الصُّلْحِ على الْإِنْكَارِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ لم تُسْمَعْ وَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ سَبَبَ الْحَقِّ ابتدأ ( ( ( ابتداء ) ) ) لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قَضَاءً أو إبْرَاءً مُتَقَدِّمًا لِإِنْكَارِهِ نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ وَقِيلَ بَلَى بِبَيِّنَةٍ فَصْلٌ من ادَّعَى على غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَقِيلَ وَيَوْم أو مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ أو مَيِّتٌ أو غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَحُكِمَ بها وَلَيْسَ تَقَدُّمُ الْإِنْكَارِ هُنَا شَرْطًا وَلَوْ فَرَضَ إقْرَارَهُ فَهُوَ تَقْوِيَةٌ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ قال في الِانْتِصَارِ لِخَصْمِهِ أَلَا جَعَلْت لِلْقَاضِي هُنَا أَنْ يَنْصِبَ عن الْغَائِبِ من يُنْكِرُ عنه كما فَعَلْت في إقَامَةِ الْمُدِيرِ لثبت ( ( ( لتثبت ) ) ) الْكُتُبَ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا تَفْتَقِرُ الْبَيِّنَةُ إلَى جُحُودٍ إذْ الْغَيْبَةُ كَالسُّكُوتِ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ غلى سَاكِتٍ وَكَذَا جُعِلَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا هذه الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا على الْخَصْمِ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قال هو مُعْتَرِفٌ وأنا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا لم تُسْمَعْ وَقَالَهُ الْآدَمِيُّ في كِتَابِهِ إنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِإِقْرَارِ غَرِيمِهِ لَغَتْ مُطْلَقًا قال أَحْمَدُ فِيمَنْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَسْرُوقَةٌ فَادَّعَى أنها عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ من أَقَامَ بها بَيِّنَةً أَخَذَهَا حتى يَجِيءَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ
____________________
(6/421)
فَيُثْبِتَ وَقِيلَ يُقِيمُ كَفِيلًا ولايحلفه على بَقَاءِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ يُحَلِّفُهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ في يَمِينِهِ لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ وفي التَّرْغِيبِ لِكَمَالِهَا فَيَجِبُ تَعَرُّضُهُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ معه وَلَا يَمِينَ مع بَيِّنَةٍ كَمُقَرٍّ له إلَّا هُنَا
وَعَنْهُ بَلَى فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَعَنْهُ نعم مع رِيبَةٍ ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَرَشَدَ فَعَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ قَدِمَ فَجَرَحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أو مُطْلَقًا لم يُقْبَلْ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْدَحُ فيه وَإِلَّا قُبِلَ وَعَنْهُ لَا يُحْكَمُ على غَائِبٍ كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْضِي في السَّرِقَةِ بِالْغُرْمِ فَقَطْ وَعَنْهُ بَلَى تَبَعًا كَشَرِيكٍ حَاضِرٍ وَلَوْ قال لِوَكِيلِ غَائِبٍ احْلِفْ أَنَّ لَك مُطَالَبَتِي أو قال قد عَزَلَك فَاحْلِفْ أَنَّهُ ما عَزَلَك لم يُسْمَعْ وَيُسْمَعُ إنْ قال أنت تَعْلَمُ أَنَّهُ عَزَلَك لِأَنَّهَا دَعْوَى عليه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ
وفي التَّرْغِيبِ هل له تَحْلِيفُهُ على نَفْيِ الْعِلْمِ أَنَّهُ ما عَزَلَهُ أو مَاتَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَزَلَهُ قُبِلَتْ وَلَوْ كَانَا ابنا ( ( ( ابني ) ) ) الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَادَرَتْ الْبَيِّنَةُ فَشَهِدَتْ بِعَزْلِهِ قبل تَقَدُّمِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عليه لم تُسْمَعْ وَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ ثُمَّ حَضَرَ مُوَكِّلُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كان عَزَلَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ لِإِثْبَاتِهِمَا حَقًّا لِأَبِيهِمَا وَالْغَيْبَةُ دُونَ ذلك يُعْتَبَرُ لِسَمَاعِهِمَا حُضُورُهُ كَحَاضِرِ الْمَجْلِسِ وَقِيلَ يُسْمَعَانِ وَيُحْكَمُ عليه وَعَنْهُ يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ فَقَطْ فَإِنْ أَبَى الْحُضُورَ حُكِمَ عليه
وَعَنْهُ لَا فَيُضَيِّقُ عليه الْحَاكِمُ بِمَا يَرَاهُ فَيُحَتِّمُ عليه وَيَحْرُمُ أَنْ يُدْخَلَ عليه بَيْتُهُ فَإِنْ أَصَرَّ حُكِمَ عليه نَصَّ على ذلك فَإِنْ وَجَدَ له مَالًا وَفَّاهُ منه وَإِلَّا قال لِلْمُدَّعِي إنْ عرفتا ( ( ( عرفت ) ) ) له مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك منه وفي التَّبْصِرَةِ إنْ صَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ في مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عليه وَإِخْرَاجِهِ وَنَصُّهُ يُحْكَمُ عليه بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ يَحْكُمُ عليه إذَا خَرَجَ قال لِأَنَّهُ صَارَ في حُرْمَةٍ كَمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ قال في التَّرْغِيبِ لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ له وَالْكِتَابَةُ له إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ له بِكِتَابِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ عليه وَيَأْتِي في الْقِسْمَةِ وَالدَّعْوَى وَيَصِحُّ تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أبيه عنه وَعَنْ أَخٍ غَائِبٍ أو غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أو دَيْنٌ فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أو بَيِّنَةٍ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ وَالْحَاكِمُ نَصِيبَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيهان الأول قوله ولو كانا ابنا للموكل صوابه ابني الموكل
____________________
1-
(6/422)
الْآخَرِ وَقِيلَ يَتْرُكُ نَصِيبَهُ من الدَّيْنِ في ذِمَّةِ غَرِيمِهِ حتى يَقْدَمَ وَيَرْشُدَ وَتُعَادُ الْبَيِّنَةُ في غَيْرِ الْإِرْثِ
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وزاد وَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ غَيْرُ رَشِيدٍ اُنْتُزِعَ الْمَالُ من يَدِ المدعي عليه لَهُمَا بِخِلَافِ الْغَائِبِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْآخَرُ يُنْتَزَعُ وفي الْمُغْنِي إنْ أَدَّى أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَة وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُمَا فَإِنْ حَضَرَ لم تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ كَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ ثَبَتَ لِمَنْ لم يَخْلُقْ تَبَعًا لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ سُؤَالَ غَرِيمِ الْحَجْرِ كَالْكُلِّ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ الْقَضِيَّةَ الْوَاحِدَةَ الْمُشْتَمِلَةَ على عَدَدٍ أو أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ في الْمُشْرِكَةِ أَنَّ الْحُكْمَ على وَاحِدٍ أو له يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمَسْأَلَةَ وَأَخَذَهَا من دَعْوَى مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ هذا يَسْتَحِقُّ هذا أو الْآنَ من وَقْفٍ بِشَرْطٍ شَامِلٍ يَعُمُّ وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ وَالشَّرْطُ وَاحِدٌ رَدَّدَ النَّظَرَ على وَجْهَيْنِ ثُمَّ من أَبْدَى ما يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ من الْحُكْمِ عليه وَلَوْ عَلِمَهُ فللثاني ( ( ( فلثان ) ) ) الدَّفْعُ بِهِ وَهَلْ هو نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ كَحُكْمٍ مُغَيٍّ بِغَايَةٍ هل هو نَسْخٌ فَصْلٌ من ادَّعَى أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ له فلم يَذْكُرْهُ فَشَهِدَ بِهِ اثْنَانِ قَبِلَهُمَا وَأَمْضَاهُ على إمْضَائِهِ بِخِلَافِ من نَسِيَ شَهَادَتَهُ فَشَهِدَا عِنْدَهُ بها وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ لَا يَقْبَلُهُمَا وَمُرَادُهُمْ على الْأَوَّلِ إذَا لم يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَهُ لم يَقْبَلْهُمَا لِأَنَّهُمْ احْتَجُّوا فيه بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَذَكَرُوا هُنَاكَ صَوَابَهُ لو تَيَقَّنَ لم يَقْبَلْهُمَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ الْأَصْلِ الْمُحْدَثِ لِلرَّاوِي عنه لَا أَدْرِي وَذَكَرُوا هُنَاكَ لو كَذَّبَهُ لم يُقْدَحْ في عَدَالَتِهِمَا ولم يُعْمَلْ بِهِ وَدَلَّ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَقِيلٍ هُنَا قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ في الدَّلِيلَيْنِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَك بِكَذَا أَمْضَاهُ فَإِنْ وَجَدَ حُكْمَهُ أو شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) الثاني قوله وهل حكمه لطبقة حكم للثانية والشرط واحد ردد النظر على وجهين ثم من أبدى ما يجوز أن يمنع الأول من الحكم عليه لو علمه فلثان الدفع به وهل هو نقض للأول كحكم مغيا بغاية هل هو فسخ انتهى
هذا من تتمة كلام الشيخ تقي الدين والمصنف قد قدم حكما وهو قوله قبل ذلك ويصح تبعا وقد اختار الشيخ تقي الدين في الفتاوي المصرية أن حكمه لطبقة ليس حكما لطبقة أخرى
____________________
1-
(6/423)
وَتَيَقَّنَهُ ولم يَذْكُرْهُ لم يُعْمَلْ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في الْمُذْهَبِ
وفي التَّرْغِيبِ هوالأشهر كَخَطِّ أبيه بِحُكْمٍ أو شَهَادَةٍ لم يَشْهَدْ ولم يُحْكَمْ بها إجْمَاعًا ولم يُنَفِّذْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَعَنْهُ إنْ كان في حِرْزِهِ كَقِمْطَرِهِ وَمَنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ منه أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بين أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أو يَعْتَمِدَ على مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لم يَجُزْ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَلَهُمَا حُكْمُ مُغَفَّلٍ أو مُحْرَقٍ وَإِنْ لم يَتَحَقَّقْ لم يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَهُ عنه وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ ذَكَرَهُ ابن الزغواني ( ( ( الزاغوني ) ) )
وقال الْخَطَّابِ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ سُؤَالُهُمَا عن ذلك وَلَا يَلْزَمُهُمَا جَوَابُهُ وقال أبو الْوَفَاءِ إذَا عَلِمَ تَجَوَّزَهُمَا فَهُمَا كَمُغَفَّلٍ ولم يَجُزْ قَبُولُهُمَا وَإِنْ قال وهو عَدْلٌ حَكَمْت لِفُلَانٍ على فُلَانٍ بِكَذَا وَلَيْسَ أَبَاهُ أو ابْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ في الْمَنْصُوصِ سَوَاءٌ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ أو لَا
وقال أبو شَيْخُنَا قَوْلُهُمْ في كِتَابِ الْقَاضِي أخباره بِمَا ثَبَتَ بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ يُوجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ في الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ إذْ لو قُبِلَ خَبَرُهُ لَقُبِلَ كِتَابُهُ وَأَوْلَى قال وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ إنْ قال ثَبَتَ عِنْدِي فَهُوَ كَقَوْلِهِ حَكَمْت في الْأَخْبَارِ وَالْكِتَابِ وَإِنْ قال شهد ( ( ( شهدا ) ) ) أو أَقَرَّ عِنْدِي فُلَانٌ فَكَالشَّاهِدَيْنِ سَوَاءٌ وَكَذَا لو قَالَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَقِيلَ لَا فَهُوَ كَشَاهِدٍ وَقِيلَ لَا وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ أَمِيرُ الْجِهَادِ وَأَمِيرُ الصَّدَقَةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ قَالَهُ شَيْخُنَا
قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ كُلُّ من صَحَّ منه إنْشَاءُ أَمْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ وَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ آخَرُ بِحُكْمٍ أو ثُبُوتِ عَمَلٍ بِهِ مع غَيْبَةِ الْمُخْبَرِ وفي الرِّعَايَةِ عن الْمَجْلِسِ وَيُقْبَلُ خَبَرُهُ في غَيْرِ عَمَلِهِمَا وفي عَمَلِ أَحَدِهِمَا وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يخبر ( ( ( يجبر ) ) ) في عَمَلِهِ حَاكِمًا في غَيْرِ عَمَلِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلُهُ وَجَازَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ ثُمَّ قال وَإِنْ كَانَا في وِلَايَةِ الْمُخْبِرِ فَوَجْهَانِ وَفِيهِ إذَا قال سَمِعْت الْبَيِّنَةَ فَأَحْكُمُ لَا فَائِدَةَ له حَيَاةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ عِنْدَ الْعَجْزِ عنها
____________________
(6/424)
فَصْلٌ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عن صِفَتِهِ بَاطِنًا
وَعَنْهُ بَلَى في مُخْتَلَفٍ فيه قبل الْحُكْمِ قَطَعَ بِهِ في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ لِحَنْبَلِيٍّ بِشُفْعَةِ جِوَارٍ فَوَجْهَانِ ( م 15 )
وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ أو عليه بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ بِاجْتِهَادِهِ وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَحَكَى عنه نُحِيلُهُ في عَقْدٍ فسخ ( ( ( وفسخ ) ) ) مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهَا في الْوَسِيلَةِ قال أَحْمَدُ الْأَهْلُ أَكْبَرُ من الْمَالِ
وفي الْفُنُونِ أَنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا وَاعْتَبَرَهَا بِاللِّعَانِ وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا أَجَابَ بِأَنَّ اللِّعَانَ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِسَتْرِ الزَّانِيَةِ وَصِيَانَةِ النَّسَبِ فَتَعَقَّبَ الْفَسْخُ الذي لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ إلَّا بِهِ وما وَضَعَهُ الشَّرْعُ لِلْفَسْخِ بِهِ زَالَ الْمِلْكُ وَلَيْسَ في مَسْأَلَتِنَا سِوَى جَهْلِ الْحَاكِمِ بِبَاطِنِ الْأَمْرِ وَعِلْمُهُمَا وَعِلْمُ الشُّهُودِ أَكْثَرُ من النَّصِّ في الدَّلَالَةِ لِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُومٌ وَهَذَا مَحْسُوسٌ لِأَنَّ التَّزْوِيرَ من فِعْلِهِمَا
وإذا فَسَخْنَا الْأَحْكَامَ بِالْمَنْصُوصَاتِ من الْأَدِلَّةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَلَأَنْ تَبْطُلَ الْأَحْكَامُ بالحسن ( ( ( بالحس ) ) ) بَاطِنًا أَوْلَى في كَلَامٍ طَوِيلٍ فَقِيلَ له هذا كُلُّهُ لَا يَدْفَعُ أَشْكَالَ اللِّعَانِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَلْزَمُهُ في إنْفَاذِ الْأَحْكَامِ بَوَاطِنُ الْأَحْوَالِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الظَّاهِرُ وما ذَكَرْته في اللِّعَانِ فَهُوَ الْحُجَّةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ صِحَّةَ الْفَسْخِ على قَوْلٍ يَتَحَقَّقُ فيه الْكَذِبُ وَلِهَذَا قال عليه السَّلَامُ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ فِيكُمَا من تَائِبٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 15 قوله وحكم الحاكم لايحيل الشيء عن صفته باطنا وعنه بلى في مختلف فيه قبل الحكم قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار فوجهان انتهى
قلت الصواب الإحالة في الباطن في هذه المسألة لشمول الرواية لها والله أعلم
____________________
1-
(6/425)
وَانْبَنَى إبَاحَةُ الزَّوْجِ الثَّانِي على فَسْخٍ بُنِيَ على كَذِبٍ وقال في الِانْتِصَارِ حُكْمُهُ ليس بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ وَإِنَّمَا يقول أَمْضَيْت ما شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ أو حَكَمْت بِمَا شَهِدُوا بِهِ وَأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ بَاطِلٍ فَلَا يُمْكِنُ نُفُوذُهُ وَمَتَى عَلِمَهَا كَاذِبَةً لم يُنَفِّذْ وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ في دَيْنٍ بِبَيِّنَةِ زُورٍ فَفِي نُفُوذِهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ
وقال شَيْخُنَا هل يُبَاحُ له بِالْحُكْمِ ما اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ قبل الْحُكْمِ فيه رِوَايَتَانِ وفي حِلِّ ما أَخَذَهُ وَغَيْرِهِ بِتَأْوِيلٍ أو مع جَهْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُتَأَوِّلُ فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ رِوَايَتَانِ بِنَاءً على ثُبُوتِ الْحُكْمِ قبل بُلُوغِ الْخِطَابِ قال أَصَحُّهُمَا حُكْمُهُ كَالْحَرْبِيِّ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَوْلَى وَجَعَلَ من ذلك وَضْعَ طَاهِرٍ في اعْتِقَادِهِ في مَائِعٍ لِغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ أَسْلَمَ بِدَارِ حَرْبٍ وَعَامَلَ بِرِبًا جَاهِلًا رَدَّهُ وفي الِانْتِصَارِ وَيُحَدُّ لِزِنًا وَمَنْ حُكِمَ له بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ حَلَّتْ له حُكْمًا فَإِنْ وطىء مع الْعِلْمِ فَكَزِنًا وَقِيلَ لَا حَدَّ وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرُهُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ
وَإِنْ حَكَمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِزُورٍ فَزَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ اجْتِمَاعُهُ بها خَوْفًا من مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يُعْلَمُ الْحَالُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بن الْحَسَنِ قال في الْمُغْنِي إنْ انفسح ( ( ( انفسخ ) ) ) بَاطِنًا جَازَ كذا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَتَحْرُمُ على الْأَوَّلِ بهذا الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ لم يُؤَثِّرْ كَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ في عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هو فَتْوَى فَلَا يُقَالُ حُكِمَ بِكَذِبِهِ أو بِأَنَّهُ لم يَرَهُ وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّ له دَخْلًا فَهُوَ مَحْكُومٌ بِهِ في حَقِّهِ من رَمَضَانَ فلم يُغَيِّرْهُ حُكْمٌ ولم يُوَرِّثْ شُبْهَةً وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُغَيِّرُ إذَا اعْتَقَدَ الْمَحْكُومُ عليه أَنَّهُ حُكْمٌ وَهَذَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ كَمُنْكِرَةِ نِكَاحِ مدح ( ( ( مدع ) ) ) يتقنه ( ( ( يتيقنه ) ) ) فَشَهِدَ له فَاسِقَانِ فَرَدَّا
ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وفي الْمُغْنِي إنْ رَدَّهُ ليس بِحُكْمٍ هُنَا لِتَوَقُّفِهِ في الْعَدَالَةِ وَلِهَذَا لو ثَبَتَ حُكْمٌ قال شَيْخُنَا أُمُورُ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بين الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فيها إ لا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ إجْمَاعًا وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ سَبَبِ الْحُكْمِ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ ليس بِحُكْمٍ فَمَنْ لم يَرَهُ سَبَبًا لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
وَعَلَى ما ذكره الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ في رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَنَّهُ حَكَمَ وفي الْخِلَافِ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ الْوَاحِدُ بِرُؤْيَةٍ كَالْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قالوا لو حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَزِمَ
____________________
(6/426)
الناس الصَّوْمُ وَلَوْ كان الْأَمْرُ كما قالوا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْحَاكِمِ مَرْدُودًا وَيَكُونُ خَطَؤُهُ مَقْطُوعًا بِهِ وقال لهم لَمَّا قالوا لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَالْحُدُودِ فقال يُنْتَقَضُ بِالْغَزْوِ
وَلِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُهُ الِاجْتِهَادُ في وُجُوبِهِ وَوَقْتِ إقَامَتِهِ وَالْآلَةِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ من وَجَبَ عليه الجمعة ( ( ( والجمعة ) ) ) لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ في وُجُوبِهَا وَأَفْعَالِهَا فَهِيَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَقِيلَ له فَالْجُمُعَةُ مُخْتَلَفٌ في مَوْضِعٍ إقَامَتِهَا وفي الْعَدَدِ الذي تَنْعَقِدُ بِهِ فقال إلَّا أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَالْحَدُّ يَفْتَقِرُ للمعنى ( ( ( المعنى ) ) ) الذي ذَكَرْنَا كَذَا قال وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ في مُخْتَلَفٍ فيه لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ إنْ لم يَرَهُ وَكَذَا إنْ كان نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فيه كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ( * ) وفي الْمُحَرَّرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ قَبْلَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ في مُخْتَلَفٍ فيه لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ إنْ لم يَرَهُ وَكَذَا إنْ كان نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فيه كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ انْتَهَى
قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ الْحُكْمُ بِالنُّكُولِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ هو الْمَذْهَبُ فيكف ( ( ( فكيف ) ) ) لَا يَلْزَمُهُ تَنْفِيذُهُ على قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كان أَصْلُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بها وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَدَمُ لُزُومِ التَّنْفِيذِ لِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فيه إذَا كان الْحَاكِمُ الذي رُفِعَ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فيه لَا يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ كَالْحُكْمِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ وإذا كان لَا يَرَى صِحَّتَهُ لم يَلْزَمْهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ في الرِّعَايَةِ بِالْفَلَسِ وَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَمِثْلُهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ بِالْحُكْمِ على الْغَائِب وَنَحْوِهِ وقال شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ في حَوَاشِيهِ في النَّفْسِ مِمَّا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ هذا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فيه فإذا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ في الْمِثَالِ لِلْمَسْأَلَةِ ما إذَا كان الصَّادِرُ من الْحَاكِمِ مختلف ( ( ( مختلفا ) ) ) فيه هل هو حُكْمٌ أَمْ لَا كَفِعْلِهِ في تَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ فإن تَزْوِيجَهُ اُخْتُلِفَ فيه هل هو حُكْمٌ أَمْ لَا فإنه قبل الْحُكْمِ بِهِ لم يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ حُكْمٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ ليس بِحُكْمٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْعِلْمِ فإن صَرِيحٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ هل يَحْكُمُ بِالْعَدْلِ أَمْ لَا فإذا حَكَمَ بِهِ من يَرَاهُ صَارَ لَازِمًا ثُمَّ رَدَّدَ الْقَوْلَ فِيمَا مِثْلُهُ هل هو صَحِيحٌ أَمْ لَا قال هذا قَوِيٌّ جِدًّا في كل حُكْمٍ اُخْتُلِفَ فيه بَعْدَ وُقُوعِهِ هل هو صَحِيحٌ أَمْ لَا لَكِنْ تَحْتَاجُ الْأَمْثِلَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ إلَى ثُبُوتِ
____________________
1-
(6/427)
وَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا بِذَلِكَ وَرَدُّهُ الحكم ( ( ( والحكم ) ) ) بِمَذْهَبِهِ وقال شَيْخُنَا قد يُقَالُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَبَيِّنَةٍ إنْ عَيَّنَا الْحَاكِمَ وَمَنْ قَلَّدَ في صِحَّةِ نِكَاحٍ لم يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ وَقِيلَ بَلَى كَمُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ ما لم يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُهُ بِتَغَيُّرِهِ في الْأَصَحِّ وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ في إتْلَافٍ بِمُخَالَفَةِ قَاطِعٍ ضَمِنَ لَا مُسْتَفْتِيَهُ وفي تَضْمِينِ مُفْتٍ ليس أَهْلًا وَجْهَانِ ( م 16 )
وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أو فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ نَقْضُهُ ويرجح ( ( ( ويرجع ) ) ) بِالْمَالِ وَبَدَلِهِ وَبَدَلِ قَوَدٍ مستوفي على الْمَحْكُومِ له وَإِنْ كان الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافٍ حِسِّيٍّ أو بِمَا سَرَى إلَيْهِ ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالْمُسْتَوْعِبُ حَاكِمٌ كَعَدَمِ مُزَكٍّ وَفَسَّقَهُ وَقِيلَ قَرَارُهُ على مُزَكٍّ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ وَذَكَرَ ابن الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ في عَدَالَتِهِمَا أو بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَيَمْنَعُ ذلك من الْمَسْأَلَتَيْنِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الخلاف فيها بعد قوعها هل يجوز الإقدام عليها أم لا ومثله أيضا في حواشي المحرر بيع الصفة وأجازة المشاع لغير الشريك وقال جزم به في الشرح الكبير في الحكم على الغائب وقال لا نعلم فيه خلافا ذكره في مسألة كتاب القاضي إلى القاضي فيما حكم به لينفذه
مسألة 16 قوله وفي تضمين مفت ليس أهلا وجهان انتهى وأطلقهما ابن مفلح في أصوله أيضا
أحدهما لا يضمن اختاره ابن حمدان في آداب المفتي قلت وهو بعيد جدا لا وجه له
الوجه الثاني يضمن وهو الصواب ومما لا شك فيه قال ابن القيم في إعلام الموقعين في الجزء الأخير عن القول الأول ولم أعرف هذا القول لأحد قبل ابن حمدان ثم قال قلت خطأ الحاكم أو الشاهد انتهى هذا الذي قاله ليس من المسألة في شيء لأن مراده بخطأ المفتي الذي هو أهل للإفتاء والمسألة مفروضة فيمن ليس أهلا وعلى كل حال القول بعدم الضمان ضعيف جدا والأولى للمصنف أنه كان يقدم الضمان والله أعلم
____________________
1-
(6/428)
الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ( م 17 )
فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ له على ذَكَرَ رَدَّ ما أَخَذَهُ وَنَقَضَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فيه غَرِمَ الْحَاكِمُ
وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ إذَا بَانَ له فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أو أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ نَقَضَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ ولم يَجُزْ له تَنْفِيذُهُ وَأَجَابَ أبو الْوَفَاءِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ لِفِسْقِهِمْ ذَكَرَ ابن رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَا ضَمَانَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَيَضْمَنُ الشُّهُودَ
وَإِنْ بَانُوا عَبِيدًا أو ووالدا ( ( ( والدا ) ) ) أو وَلَدًا وعدوا فَإِنْ كان الْحَاكِمُ الذي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لم يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لم يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَإِنْ كان لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ ولم يُنَفِّذْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ وفي الْمُحَرَّرِ من حَكَمَ بِقَوَدٍ أو حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فَلَهُ نَقْضُهُ إذَا كان لَا يَرَى قَوْلَهُمْ فيه
قال وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فيه صَادَفَ ما حَكَمَ فيه وَجَهِلَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْإِرْشَادِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 17 قوله وذكر ابن الزاغوني أنه لا يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا بثبوته ببينة إلا أن يكون حكم بعلمه في عدالتهما أو بظاهر عدالة الإسلام ويمنع ذلك في المسألتين في إحدى الروايتين وإن جاز في الثانية احتمل وجهين انتهى
الوجه الأول أما حكمه بعلمه في عدالتهما فالصحيح من المذهب جواز ذلك وأما الحكم بظاهر عدالة الإسلام فالصحيح من المذهب عدم الجواز وهاتان المسألتان قد تقدم الكلام عليهما في كلام المصنف وذكر المذهب فيهما وإذا قلنا يجوز الحكم بظاهر عدالة الإسلام ثم ظهر فسقهم فهل يسوغ له نقض حكمه أم لا قال المصنف يحتمل وجهين والظاهر أنه من تتمة كلام ابن الزاغوني وعلى كل حال الصواب النقض هو ظاهر كلام الأصحاب وظاهر ما قدمه المصنف قبل ذلك بقوله وإن بان بعد الحكم كفر الشهود أو فسقهم لزمه نقضه والله أعلم
الوجه الثاني لا ينقض وهو بعيد فهذه سبع عشرة مسألة في هذا الباب وليس في كتاب القاضي إلى القاضي شيء من الخلاف المطلق والله أعلم
____________________
1-
(6/429)
أَنَّهُ إذَا حَكَمَ في مُخْتَلَفٍ فيه بمالا يَرَاهُ مع عِلْمِهِ لَا يُنْقَضُ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَكَّ في رَأْيِ الْحَاكِمِ تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ هل عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْمُعَارِضِ كَمَنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةٍ خَارِجٍ وَجَهِلَ عِلْمَهُ بِبَيِّنَةٍ دَاخِلٍ يُنْقَضْ
وقد عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِمَّا ذَكَرُوا في نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ في عَدَمِ النَّقْضِ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِالْخِلَافِ في الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَإِنْ قال عَلِمْت وَقْتَ الْحُكْمِ أَنَّهُمَا فَسَقَةٌ أو زُورٌ وَأَكْرَهَنِي السُّلْطَانُ على الْحُكْمِ بِهِمَا فقال ابن الزَّاغُونِيِّ إنْ أَضَافَ فِسْقَهُمَا إلَى عِلْمِهِ لم يَجُزْ له نَقْضُهُ مع إكْرَاهِهِ له لِأَنَّهُ ليس له نَقْضُ تَعْدِيلٍ مُبَيِّنَةٌ بِالتَّزْكِيَةِ لِعِلْمِهِ
وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ عِلْمِهِ افْتَقَرَ إلَى بَيِّنَةٍ بِالْإِكْرَاهِ وَيُحْتَمَلُ لَا وقال أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ إنْ قال كُنْت عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا فإن يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا وَجَدْته وَمَنْ له عِنْدَ غَيْرِهِ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ بِحَاكِمٍ وَعَنْهُ في الضَّيْفِ أو قَدَرَ وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وفي غَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما خَرَّجَهُ أبو الْخَطَّابِ من نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالرَّهْنِ مَرْكُوبٍ ومحلوب ( ( ( ومجلوب ) ) ) وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ من الْمُفْلِسِ
وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا في الثَّابِتِ بِإِقْرَارٍ أو بَيِّنَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَقَدَّرَ له على مَالٍ حَرُمَ أَخْذُهُ بَاطِنًا قَدْرَ حَقِّهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ يَجُوزُ وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ من جِنْسِ حَقِّهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَدِّ إلَيْهِ مَالَهُ الذي ائْتَمَنَك عليه
وَنَقَلَ حَرْبٌ في غَيْرِهَا خلاف ( ( ( خلافا ) ) ) وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ وقال شَيْخُنَا خِصَالُ الْمُنَافِقِ مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَنَقَلَ أبو دَاوُد في امْرَأَةٍ مَهْرٌ فَمَاتَ ابْنُهَا أَتَأْخُذُ مَهْرَهَا من مِيرَاثه من نَصِيبِ زَوْجِهَا من تَحْتَ يَدِهَا
قال أَخَافُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهَا لم تَحْبِسِي شيئا وَسَأَلَهُ مُهَنَّا يُطْمِعُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ شيئا وَيَنْوِيَ أَنْ لَا يَفْعَلَ قال لَا أَمَّا من غُصِبَ مَالًا جَهْرًا فَأَخَذَ منه بِقَدْرِهِ جَهْرًا فَجَائِزٌ وَلَيْسَ من هذا الْبَابِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وفي الْفُنُونِ من شَهِدَتْ له بَيِّنَةٌ بِمَالٍ لَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَخَذَهُ وَقِيلَ لَا كَقَوَدٍ في الْأَصَحِّ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَلَعَلَّهُ يَحْمِلُهُ على الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ أَذَهَبُ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ قال لَا
وَمَنْ قَدَرَ على عَيْنِ مَالِهِ أَخَذَهُ قَهْرًا زَادَ في التَّرْغِيبِ ما لم يُفْضِ إلَى فِتْنَةٍ
____________________
(6/430)
قال وَلَوْ كان لِكُلٍّ مِنْهُمَا على الْآخَرِ دَيْنٌ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَا
____________________
(6/431)
بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
يُقْبَلُ في كل حَقِّ آدَمِيٍّ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ حتى في قَوَدٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ وفي هذه الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ على شَهَادَةٍ
وَذَكَرُوا فِيمَا إذا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عليه فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ قلا يَجُوزُ نَقْضُ الْحُكْمِ بِإِنْكَارِ الْقَاضِي الْكَاتِبَ وَلَا يَقْدَحُ في عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَمْنَعُ إنْكَارُهُ الْحُكْمَ كما يَمْنَعُ رُجُوعُ شهد ( ( ( شهود ) ) ) الْأَصْلِ الْحُكْمَ فَدَلَّ ذلك على أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وهو أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عليه وَدَلَّ ذلك أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ في التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذلك وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ في شُهُودِ فَرْعِ الْفَرْعِ
وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنَفِّذَهُ وَإِنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا وفي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُقْبَلُ فِيمَا يثبت ( ( ( ثبت ) ) ) عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ في مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ فَوْقَ يَوْمٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا وقال خَرَّجْته في الْمَذْهَبِ وَأَقَلُّ كَخَبَرٍ وقال الْقَاضِي وَيَكُونُ في كِتَابِهِ شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَلَا يَكْتُبُ ثَبَتَ عِنْدِي لِأَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَقَالَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
قال شَيْخُنَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ أَنَّهُ خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ تضمن ( ( ( يتضمن ) ) ) إلْزَامًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَتَوَجَّهُ لو أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ على نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ على الْخَطِّ فَإِنْ حَكَمَ لِلْخِلَافِ في الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كما هو الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ في مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَإِنْ لم يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قال ثَبَتَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا نَفَّذَهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ في قُرْبِ الْمَسَافَةِ ولزم ( ( ( ولزوم ) ) ) الْحَنْبَلِيِّ تَنْفِيذَهُ يَنْبَنِي على لُزُومِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فيه
وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ مع عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في الحظ ( ( ( الخط ) ) ) لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُخْتَلَفًا فيه وَلِهَذَا لَا يُنَفِّذُهُ الْحَنَفِيَّةُ حتى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ وَلِلْحَنْبَلِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مع بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ وَلَوْ سمع الْبَيِّنَةَ ولم يُعَدِّلْهَا وَجَعَلَهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ مع بُعْدِ
____________________
(6/433)
الْمَسَافَةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَلَهُ الْكِتَابَةُ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَى من يَصِلُ إلَيْهِ من قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قال شَيْخُنَا وَتَعْيِينُ الْقَاضِي الْكَاتِبَ كَشُهُودِ الْأَصْلِ وقد يَجْبُرُ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ
وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ أَنْ يَقْرَأَ على عَدْلَيْنِ فَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُمَا لِمَعْنَاهُ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ نَصَّ عليه ثُمَّ يقول هذا كِتَابِي إلا فُلَانِ بن فُلَانٍ فإذا وَصَلَا قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ هذا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك كَتَبَهُ بِعِلْمِهِ وَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَوْلَهُمَا له وقرىء ( ( ( وقرئ ) ) ) عَلَيْنَا قول ( ( ( وقول ) ) ) الْكَاتِبِ أشهدا عَلَيَّ
وَقَوْلُهُمَا وَأَشْهَدَنَا عليه وفي كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ كَتَبَهُ بِحَضْرَتِنَا وقال لنا اشْهَدَا على أَنِّي كَتَبْته في عَمَلِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي وَحَكَمْت بِهِ من كَذَا وَكَذَا فَيَشْهَدَانِ بِذَلِكَ وَلَا يُعْتَبَرُ خَتْمُهُ وَأَشْهَدَهُمَا لا يَصِحَّ وَعَنْهُ بَلَى فَيَقْبَلُهُ إنْ عَرَّفَهُ خَطَّ الْقَاضِي وَخَتَمَهُ بِمُجَرَّدِهِ وَقِيلَ لَا وَعِنْدَ شَيْخِنَا من عَرَفَ خَطَّهُ بِإِقْرَارٍ او إنْشَاءٌ أو عَقْدٍ أو شَهَادَةِ عَمَلٍ بِهِ كَمَيِّتٍ
فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونَهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وَإِنْكَارِ مَضْمُونِهِ وَذَكَرَ قَوْلًا في الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْكُمُ شَاهِدٌ مَيِّتٌ وقال الحظ ( ( ( الخط ) ) ) كَاللَّفْظِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وهو يَعْرِفُ أَنَّ هذا صَوْتُهُ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَشْهَدُ على الشَّخْصِ إذَا عَرَفَ صَوْتَهُ مع إمْكَانِ الِاشْتِبَاهِ وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ الشَّهَادَةَ على الصَّوْتِ من غَيْرِ رُؤْيَةِ الْمَشْهُودِ عليه وَالشَّهَادَةُ على الْخَطِّ أَضْعَفُ لَكِنْ جَوَازُهُ قَوِيٌّ أَقْوَى من مَنْعِهِ
قال وَكِتَابُهُ في غَيْرِ عَمَلِهِ أو بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ وفي الرَّوْضَةِ إنْ كَتَبَ شَاهِدَانِ إلَى شَاهِدَيْنِ من بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ عنهما لم يَجُزْ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ على غَيْرِهِ إذَا سمع منه لَفْظَ الشَّهَادَةِ وقال اشْهَدْ عَلَيَّ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عليه بِخَطِّهِ فَلَا لِأَنَّ الْخُطُوط يَدْخُلُ عليها الْعِلَلُ فَإِنْ قام بِخَطِّ كل وَاحِدٍ من الشَّاهِدَيْنِ شَاهِدَانِ سَاغَ له الْحُكْمُ بِهِ
وإذا وَصَلَ الْكِتَابُ وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ فقال ما أنا الْمَذْكُورُ قبل قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ قضي بِالنُّكُولِ أو بِرَدِّ الْيَمِينِ على الْخِلَافِ وَإِنْ ثَبَتَ ذلك بِبَيِّنَةٍ أو إقْرَارٍ الْمَحْكُومُ عليه غَيْرِي قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ بِالْبَلَدِ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَيِّتًا يَقَعُ بِهِ
____________________
(6/434)
إشْكَالٌ فَيَتَوَقَّفُ حتى يُعْلِمَ الْخَصْمَ
وَيَقْبَلُ كِتَابَهُ في حَيَوَانٍ في الْأَصَحِّ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بها كَمَشْهُودٍ عليه لَا له فَإِنْ لم يَثْبُتْ مُشَارَكَةٌ في وَصِفَتِهِ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ بِكَفِيلٍ مَضْمُونًا مَخْتُومًا عُنُقُهُ فَيَأْتِي بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ على عَيْنِهِ وَيَقْضِيَ له بِهِ وَيَكْتُبَ له كِتَابًا لِيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وأن لم يُثْبِتْ ما ادَّعَاهُ فَكَمَغْصُوبٍ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بلاحق وفي الرِّعَايَةِ لا نفعه ( ( ( منفعة ) ) ) ولم يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا في الْمَشْهُودِ عليه فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَالْمُدَّعَى عليه وَلَا بَيِّنَةَ أَوْلَى
وَقِيلَ يَحْكُمُ بِهِ الْكَاتِبُ وَيُسَلِّمُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لِمُدَّعِيهِ وفي التَّرْغِيبِ على الْأَوَّلِ لو ادَّعَى على رَجُلٍ دين ( ( ( دينا ) ) ) صِفَتُهُ كَذَا ولم يذكر اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لم يُحْكَمْ عليه بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي فيه الْمُدَّعَى عليه كما قُلْنَا في المدعي بِهِ لِيَشْهَدَ على عَيْنه وَكَذَا قال شَيْخُنَا هل يَحْضُرُ لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ على عَيْنِهِ كما في الْمَشْهُودِ بِهِ وَيَأْتِي في شَهَادَةِ الْأَعْمَى
قال في الْمُغْنِي إنْ كَتَبَ بِثُبُوتِ بَيِّنَةٍ أو إقْرَارٍ بِدَيْنٍ جَازَ وَحَكَمَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ الْمَحْكُومُ عليه وقال وَكَذَا عَيْنًا كَعَقَارٍ مَحْدُودٍ أو عَيْنًا مَشْهُورَةً لَا تَشْتَبِهُ وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْجَدِّ في النَّسَبِ بِلَا حَاجَةٍ قال في الْمُنْتَقَى في صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فيه أَنَّ الْمَشْهُودَ عليه إذَا عُرِفَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أبيه أَغْنَى عن ذِكْرِ الْجَدِّ وَكَذَا ذَكَرُهُ غَيْرُهُ فَصْلٌ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أو عُزِلَ لم يَضُرَّ
كَبَيِّنَةِ أَصْلٍ وَقِيلَ كما لو فَسَقَ فَيُقْدَحُ خَاصَّةً فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ وَيَلْزَمُ من وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ تَغَيُّرُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أولا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ ما لو ضَاعَ أو انْمَحَى وَكَمَا لو شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ إنْفَاذُهُ قَالَهُ في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ قال وَلَوْ شَهِدَا خِلَافَ ما فيه قُبِلَ اعْتِمَادًا على الْعِلْمِ قال في فَتَاوِيهِ وأبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وَإِنْ قَالَا هذا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك أخبرنا من نَثِقُ بِهِ لم يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِمَا وَإِنْ قَدِمَ غَائِبٌ فَلِلْكَاتِبِ الْحُكْمُ عليه بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ
____________________
(6/435)
وَإِنْ حَكَمَ عليه فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عليه بِمَا جَرَى لِئَلَّا يَحْكُمَ عليه الْكَاتِبُ أو سَأَلَهُ من ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ مِثْلَ إن أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أو من ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ له بِمَا جَرَى من بَرَاءَةٍ أو ثُبُوتِ مُجَرَّدٍ أو مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ أو تَنْفِيذٍ أو الْحُكْمُ له بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ إنْ ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لم يَلْزَمْهُ وَإِنْ سَأَلَهُ مع الْإِشْهَادِ كِتَابَتَهُ وَأَتَاهُ بِوَرَقَةٍ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ
قال أَحْمَدُ إذَا أَخَذَ السَّاعِي زَكَاتَهُ كَتَبَ له بَرَاءَةً وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَلْزَمُهُ إنْ تَضَرَّرَ بِتَرْكِهِ وما تَضَمَّنَ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةِ سِجِلٍّ وَغَيْرِهِ مَحْضَرٌ وفي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ الْمَحْضَرُ شَرْحُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ لَا الْحُكْمُ بِثُبُوتِهِ وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلَّ نُسْخَتَيْنِ نُسْخَةً يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَنُسْخَةً عِنْدَهُ
وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ بن فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَاضِي عبدالله الْإِمَامِ على كَذَا وَإِنْ كان نَائِبًا كَتَبَ خَلِيفَةُ الْقَاضِي فُلَانٍ قَاضِي عبدالله الْإِمَامِ في مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ ذكر أنه فلان ابن فلان وأحضر معه مدعى عيله ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بن فُلَانٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا إنْ جَهِلَهُمَا فَادَّعَى عليه بِكَذَا فَأَقَرَّ أو أَنْكَرَ فقال لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ قال نعم فَأَحْضَرَهَا وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ أو فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ وَإِنْ نَكَلَ ذَكَّرَهُ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَسَأَلَهُ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ فَأَجَابَهُ في يَوْمِ كَذَا من شَهْرِ كَذَا من سَنَةِ كَذَا وَيَعْلَمُ في الْإِقْرَارِ وَالْإِحْلَافِ جَرَى الأمرع ( ( ( الأمر ) ) ) على ذلك وفي الْبَيِّنَةِ شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارٍ لم يَحْتَجْ في مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَصْلٌ وَأَمَّا السِّجِلُّ فَلِإِنْفَاذِ ما ثَبَتَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمِ وَصِفَتُهُ هذا ما أَشْهَدَ عليه الْقَاضِي فُلَانٌ كما تَقَدَّمَ من حَضَرَهُ من الشُّهُودِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وقد عَرَفَهُمَا بِمَا رَأَى معه قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِمَحْضَرٍ من خَصْمَيْنِ وَيَذْكُرُهُمَا إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ وَإِلَّا قال مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عليه جَازَ حُضُورُهُمَا وَسَمَاعُ الدَّعْوَى من أَحَدِهِمَا على الْآخَرِ معرفة فُلَانُ بن فُلَانٍ وَيَذْكُرُ الْمَشْهُودَ عليه وَإِقْرَارَهُ طَوْعًا في صِحَّةٍ منه وَجَوَازِ أَمْرٍ بِجَمِيعِ ما سمى وَوُصِفَ في كِتَابٍ نُسْخَتُهُ كَذَا وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ الْمُثْبَتَ أو الْمَحْضَرَ جمعيه ( ( ( جميعه ) ) ) حَرْفًا حَرْفًا
____________________
(6/436)
فإذا فَرَغَهُ قال وَإِنَّ الْقَاضِيَ أَمْضَاهُ وَحَكَمَ بِهِ على ما هو الْوَاجِبُ في مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذلك وَالْإِشْهَادَ بِهِ الْخَصْمَ الْمُدَّعِي وَيَنْسُبُهُ ولم يَدْفَعْهُ خَصْمُهُ بِحُجَّةٍ وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ على حُجَّتِهِ وَأَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ على إنْفَاذِهِ وَحُكْمِهِ وَإِمْضَائِهِ من حَضَرَهُ من الشُّهُودِ في مَجْلِسِ حُكْمِهِ في الْيَوْمِ الْمُؤَرَّخِ في أَعْلَاهُ وَأَمَرَ بِكَتْبِ هذا السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نُسْخَةً بِدِيوَانِ الْحُكْمِ وَنُسْخَةً يَأْخُذُهَا من كَتَبَهَا له وَلَوْ لم يذكر بِمَحْضَرٍ من خَصْمَيْنِ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ على الْغَائِبِ وقال شَيْخُنَا الثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهِمَا بَلْ إلَى دَعْوَاهُمَا لَكِنْ تَكُونُ الْبَاءُ بَاءَ السَّبَبِ لَا الظَّرْفِ كَالْأُولَى وَهَذَا ينبني ( ( ( يبنى ) ) ) على أَنَّ الشَّهَادَةَ هل تَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ فَأَمَّا التَّزْكِيَةُ فَلَا وقال ظَاهِرُهُ أَنْ لَا حُكْمَ فيه بِإِقْرَارٍ وَلَا نُكُولٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَضُمُّ ما اُجْتُمِعَ من مَحْضَرٍ وَسِجِلٍّ وَيَكْتُبُ مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتُ كَذَا من وَقْتِ كَذَا
____________________
(6/437)
باب القسمة
يَحْرُمُ قِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ التي لَا تُقْسَمُ إلَّا بِضَرَرٍ أو رَدِّ عِوَضٍ إلَّا بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ وَأَرْضٍ بِبَعْضِهَا بِئْرٌ أو بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ لَا يَتَعَدَّلُ بِأَجْزَاءٍ وَلَا قِيمَةٍ وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ في حُكْمِ الْبَيْعِ يَجُوزُ فيها ما يَجُوزُ فيه خَاصَّةً لِمَالِكٍ وَوَلِيٍّ وَلَوْ قال أَحَدُهُمَا أنا آخُذُ الْأَدْنَى وَيَبْقَى لي في الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حصتى فَلَا إجْبَارَ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وفي الرَّوْضَةِ إذَا كان بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ من كل مَوْضِعٍ منها حَقَّهُ لم يَنْتَفِعْ بِهِ جُمِعَ له حَقُّهُ من مَكَان وَاحِدٍ فإذا كان له سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بإدخاله ( ( ( بإدخال ) ) ) الضَّرَرِ على شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عليهم مُنِعَ من التَّصَرُّفِ فيه وَأُجْبِرَ على بَيْعِهِ كَذَا قال وفي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ وَالْكَافِي الْبَيْعُ ما فيه رَدٌّ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ فيها أُجْبِرَ فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ وَالْإِفْصَاحِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَكَلَامُ الشَّيْخِ وَالْمُحَرَّرِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ
وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَلَوْ في وَقْفٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ في الْإِجَارَةِ قال عَمْرُو بن الصَّلَاحِ وَدِدْت لو مُحِيَ من الْمَذْهَبِ قال وقد عُرِفَ من أَصْلِنَا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ السَّيِّدُ من الْإِنْفَاقِ على ممالكيه ( ( ( مماليكه ) ) ) بَاعَهُمْ الْحَاكِمُ عليه فإذا صِرْنَا إلَى ذلك دَفْعًا لضرر ( ( ( للضرر ) ) ) عن شَرِيكٍ له عليه حَقٌّ وَمِلْكٌ فَلِمَ لَا يَصِيرُ إلَى ذلك دَفْعًا لِلضَّرَرِ عن شَرِيكٍ لاحق له عليه وَلَا مِلْكَ قال وَالْإِجْبَارُ على الْمُهَايَأَةِ ضَعِيفٌ وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ من قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ بها وَعَنْهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِهِ مَقْسُومًا مَنْفَعَتُهُ التي كانت اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالضَّرَرِ كَرَبِّ ثُلُثٍ مع رَبِّ ثُلُثَيْنِ فَلَا إجْبَارَ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ إنْ طَلَبَهَا الْمُتَضَرِّرُ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ
وَيُعْتَبَرُ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ في دُورٍ مُتَلَاصِقَةٍ وَنَحْوِهَا في كل عَيْنٍ وَحْدَهَا نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَأْخُذُ من كل مَوْضِعٍ حَقَّهُ إذَا كان خَيْرًا له
وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ أو بَهَائِمُ أو ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا من جِنْسٍ وفي الْمُغْنِي من نَوْعٍ فَطَلَبَهَا أَحَدُهُمَا أَعْيَانَا بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ في الْمَنْصُوصِ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ وَقِيلَ أولا وَالْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ من قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمُتَفَاوِتُ من قِسْمَةِ
____________________
(6/439)
التَّعْدِيلِ
وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أو حَائِطٌ فَقِيلَ لَا إجْبَارَ وَقِيلَ إلَّا في قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا في كَمَالِ عَرْضِهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي يُجْبَرُ إنْ طَلَبَ قِسْمَةَ طُولِهِمَا في كَمَالِ الْعَرْضِ أو قِسْمَةَ الْعَرْصَةِ عَرْضًا وَهِيَ تَسَعُ حَائِطَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْعَرْصَةِ ( م 1 ) ومع القسمة فقيل بالقرعة وقيل لكل واحد ما يليه ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْقِسْمَةِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أو حَائِطٌ فَقِيلَ لَا إجْبَارَ وَقِيلَ إلَّا في قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا في كَمَالِ عَرْضِهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي يُجْبَرُ إنْ طَلَبَ قِسْمَةَ طُولِهِمَا في كَمَالِ الْعَرْضِ أو قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ عَرْضًا وَهِيَ تَسَعُ حَائِطَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْعَرْصَةِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا لي في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وهو الْإِجْبَارُ في قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا في كَمَالِ عَرْضِهَا لِمَ أطلع على من اخْتَارَهُ
الْقَوْلُ الثَّالِثُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي نَسَبَهُ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ إلَى الْأَصْحَابِ فقال وقال أَصْحَابُنَا إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفُ الطُّولِ في كَمَالِ الْعَرْضِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ عَرْضًا وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وفي نِسْبَتِهِ إلَى الْأَصْحَابِ نَظَرٌ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزِ
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ فقال في الْحَائِطِ لَا يُجْبَرُ على قَسْمِهَا بِحَالٍ وقال في الْعَرْصَةِ كَقَوْلِ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ
مسألة 2 قوله وَمَعَ الْقِسْمَةِ فَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ما يَلِيهِ
____________________
1-
(6/440)
وَلَا إجْبَارَ في دَارٍ لها عُلُوٌّ وَسُفْلٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا جَعْلَ السُّفْلِ لِوَاحِدٍ وَالْعُلُوِّ لِآخَرَ أو قِسْمَةَ سُفْلٍ لَا عُلُوٍّ أو عَكْسَهُ أو قِسْمَةَ كل وَاحِدٍ وَحْدَهُ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُمَا مَعًا وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعَدَلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعَ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلُوٍّ وَلَا ذِرَاعَ بِذِرَاعٍ
وَلَا إجْبَارَ في قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَعَنْهُ بَلَى وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ في الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ وَلَا ضَرَرَ وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِزَمَنٍ أو مَكَان صَحَّ جَائِزًا وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ لَازِمًا إنْ تعاقدوا ( ( ( تعاقدا ) ) ) مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقِيلَ لَازِمًا بِالْمَكَانِ مُطْلَقًا فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أولا فيه نَظَرٌ ( م 3 )
فَإِنْ كانت إلَى مُدَّةٍ لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ وَالْمُشْتَرِيَ قال ذلك شَيْخُنَا وقال أَيْضًا مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ من مَعْنَى الْبَيْعِ فَقَدْ يُقَالُ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ والهدى وقال أَيْضًا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كان على جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ على جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَلَا فَرْقَ في ذلك بين الْمُنَاقَلَةِ بِالْمَنَافِعِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا على الْمُهَايَأَةِ بِلَا مُنَاقَلَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ما ذَكَرَ شَيْخُنَا عن الْأَصْحَابِ وَجْهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وهو أَظْهَرُ وفي الْمُبْهِجِ لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ قال وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ كَيْفَ يَبِيعُ قال يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ شَاءُوا بَاعُوا أو تَرَكُوا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
القول ( ( ( ونفقة ) ) ) الأول ( ( ( الحيوان ) ) ) ظاهر ( ( ( مدة ) ) ) كلام كثير من الأصحاب ( ( ( يطلب ) ) )
والقول ( ( ( قسمة ) ) ) الثاني قدمه ( ( ( عين ) ) ) في الرعايتين قال في المغني ( ( ( مصدم ) ) ) والشرح ( ( ( الماء ) ) ) وإن حصل له ما يمكن بناء حائط فيه أجبر ( ( ( ثقبان ) ) ) ويحتمل ( ( ( بقدر ) ) ) أَنْ لا يجبر لأنه لا يدخله القرعة خوفا من أن يحصل ( ( ( ينتفع ) ) ) لكل ( ( ( بقدر ) ) ) واحد ( ( ( حاجته ) ) ) منهما ما يلي ملك الآخر انتهى
قلت والقول الثاني هو الصواب
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أولا فيه نَظَرٌ قال شَيْخُنَا انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أنها تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً
____________________
1-
(6/441)
ونفقة الحيوان مدة كل واحد عليه
وإن نقض الحادث عن العادة فللآخر الفسخ وإن كان بينهما أرض فيها مزروعة قسمت دون الزرع بطلب أحدهما واختار في الكافي لا ولا يجبر على قسمة الزرع وحده وكذا قسمتهما وفي المغني والكافي يجبر في قصيل ومشتد حبة وتجوز بتراضيهما في قصيل أو قطن واختار القاضي وفي مشتد مع الأرض وقيل بذر لأنهما تبع وفي الترغيب مأخذهما هل هي إفراز أو بيع وإن كان بينهما أرض
في بعضها نخل وبعضها شجر أو يشرب سيحا وبعضها بعلا قدم من يطلب قسمة كل عين على حدة لا أعيانا بالقيمة وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين ما فالنفقة لحاجة بقدر حقيهما والماء على ما شرطا عند الاستخراج ولهما قسمته مهايأة بزمن أو بنصب حجر مستوفى مصدم الماء فيه ثقبان بقدر حقيهما ولأحدهما في الأصح سقي أرض لا شرب لها منه بنصيبه وقيل إذا قلنا لا يملك الماء بملك أرضه فلكل منهما أن ينتفع بقدر حاجته فَصْلٌ وما لَا ضَرَرَ فيه وَلَا رَدَّ عِوَضٍ كَقَرْيَةٍ
وَبُسْتَانٍ وَدَارٍ كَبِيرَةٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ من جِنْسٍ كَدِبْسٍ وَخَلٍّ وَدُهْنٍ وَلَبَنٍ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ أُجْبِرَ هو أو وَلِيُّهُ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هل يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عليه فيه وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هل يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عليه فيه وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يُقَسِّمُهُ حَاكِمٌ وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ قال في الْمُحَرَّرِ
وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ على الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَكَذَا قال في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وهو عَامٌّ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ على الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَقِيلَ إنْ كان له وَكِيلٌ حَاضِرٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وابن حَمْدَانَ وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وَوَلِيُّ الْمَوْلَى عليه قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ كَهُوَ انْتَهَى
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَسِّمُ مع غَيْبَةِ الْوَلِيِّ قُلْت بَلْ أَوْلَى لأنه له نَوْعَ كَلَامٍ
____________________
1-
(6/442)
قال جَمَاعَةٌ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( م 5 ) كَبَيْعٍ مَرْهُونٍ وَجَانٍ وَإِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيْعِ ما لَا يَنْقَسِمُ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا وما لم يَثْبُتْ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ التي تُبَاعُ وَأَنَّ مِثْلَ ذلك لو جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أنها خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لها هل يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ من ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ فَهَرَبُوا منه يَقْسِمُ عليهم وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ
قال شَيْخُنَا وَإِنْ لم يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ وَأَنَّهُ أَوْلَى وهو مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي في الدَّعْوَى قال في الْمُحَرَّرِ يَقْسِمُ حَاكِمٌ على غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ وفي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَلْ مع وَكِيلِهِ فيها الْحَاضِرُ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ في عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ
وقال شَيْخُنَا في قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ قَسَّمَهَا فلا حوها هل يَصِحُّ قال إذَا تهايؤوها ( ( ( تهايؤها ) ) ) وَوَزَّعَ كُلٌّ منهم حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ له وَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبُهُ إلَّا أَنَّ من تَرَكَ من نَصِيبِ مَالِكِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أو مُقَاسَمَتِهَا وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
على المولى ( ( ( رد ) ) ) عليه ( ( ( وقسمة ) ) ) والله أعلم ( ( ( بعضه ) ) )
وقال ( ( ( وقف ) ) ) في القاعدة الثالثة والعشرين فإن ( ( ( وتفرقهما ) ) ) كان المشترك ( ( ( الرد ) ) ) مثليا في قسمة الإجبار وهو المكيل والموزون فهل يجوز للشريك أخذ قدر حقه إذا امتنع الآخر وغاب على وجهين انتهى
أحدهما الجواز وهو قول أبي الخطاب
والثاني المنع وهو قول القاضي لأن القسمة يختلف في كونها بيعا وإذن الحاكم يرفع النزاع ( ( ( كله ) ) )
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ قال جَمَاعَةٌ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى
من الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا ثُبُوتَ مِلْكِهِمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةِ الْخِرَقِيِّ وَأَقَرَّهُ في الْمُغْنِي عليه وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مُلْحَقًا بِخَطِّهِ وَمِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ لم يَذْكُرُوا ذلك أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/443)
بلا رد وقسمة ما بعضه وقف بلا رد من رب الطلق ولحم رطب بمثله ولم يجز بيعه
وقسم ثمر يخرص خرصا وما يكال وزنا وعكسه زاد فيهما في الترغيب في الأصح وتفرقهما قبل القبض فيهما ولا يحنث بها من حلف لا يبيع وقيل بيع فينعكس الكل فلا يجوز قسمة ما كله وقف أو بعضه وفي المحرر عليهما إن كان الرد من رب وقف لرب طلق جازت قسمته بالرضا في الأصح وفي الترغيب عليهما ما كله وقف لا تصح قسمته في الأصح ولا شفعة مطلقا لجهالة ثمن ويفسخ بعيب وقيل تبطل لفوات التعديل وإن بان غبن فاحش لم تصح وعلى الثاني كبيع وَتَصِحُّ بِقَوْلِهِ رَضِيت دُونَ لَفْظِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ على الثَّانِي في التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَاسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَهُمْ نَصْبُ قَاسِمٍ وَسُؤَالُ حَاكِمٍ نَصَبَهُ
وَشَرْطُ الْمَنْصُوبِ إسْلَامُهُ وَعَدَالَتُهُ وَمَعْرِفَتُهُ بها قال في الْمُغْنِي فَيُعْرَفُ الْحِسَابُ لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ للمكاتب ( ( ( للكاتب ) ) ) وفي الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ لِلُّزُومِ وفي الْمُغْنِي وَكَذَا مَعْرِفَتُهُ وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَقِيلَ وَلَوْ مع تَقْوِيمٍ وَتُبَاحُ أُجْرَتُهُ وَعَنْهُ هِيَ كَقِرْبَةٍ نَقَلَ صَالِحٌ أَكْرَهُهُ
وَنَقَلَ عبدالله أَتَوَقَّاهُ قال ابن عُيَيْنَةَ لَا تَأْخُذُ على شَيْءٍ من الْخَيْرِ أَجْرًا وَعَنْ أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا إيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةَ قالوا وما الْقُسَامَةُ قال الشَّيْءُ يَكُونُ بين الناس فَيُنْتَقَصُ منه رَوَاهُ أبو دَاوُد من رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بن عُثْمَانَ وثقة ابن حِبَّانَ وَتَفَرَّدَ عنه مُوسَى بن يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ وَمُوسَى وثقة ابن مَعِينٍ وابن حِبَّانَ وقال أبو دَاوُد صَالِحٌ وَلَهُ مَشَايِخُ مَجْهُولُونَ وقال ابن الْمَدِينِيِّ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الحديث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 6 قوله في فوائد القسمة على القول بأنها إفراز أو بيع وتصح يعني على القول بأنها إفراز بقوله رضيت بدون لفظه القسمة وفيه على الثاني في الترغيب وجهان انتهى
قلت الصواب الصحة قال في فوائد القواعد وكأن مأخذهما الخلاف في اشتراط الإيجاب والقبول انتهى والمذهب عدم الاشتراط فيصح بذلك والله أعلم
____________________
1-
(6/444)
قال الْخَطَّابِيُّ الْقُسَامَةُ بِضَمِّ الْقَافِ اسْمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ الْقَسَّامُ لِنَفْسِهِ في الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا جاء هذا فِيمَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ وكان عَرِيفًا لهم أو نَقِيبًا فإذا ( ( ( فإذ ) ) ) قَسَمَ بَيْنَهُمْ سِهَامَهُمْ أَمْسَكَ منها شيئا لِنَفْسِهِ يَسْتَأْثِرُ بِهِ عليهم ثُمَّ ذَكَرَ ما رَوَاهُ أبو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن عَطَاءِ بن يسر ( ( ( يسار ) ) ) مُرْسَلًا نَحْوُهُ قال فيه الرَّجُلُ يَكُونُ على الْفِئَامِ من الناس
وَمِنْ حَظِّ هذا الْفِئَامُ الْجَمَاعَاتُ وَهِيَ بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ نَصَّ عليه زَادَ في التَّرْغِيبِ إذَا أَطْلَقَ الشُّرَكَاءُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ وَاحِدٌ بالاستيجار ( ( ( بالاستئجار ) ) ) بِلَا إذْنٍ وَقِيلَ بِعَدَدِ الْمُلَّاكِ وفي الْكَافِي على ما شَرَطَا فَعَلَى النَّصِّ أُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقَسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ على مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ كَأَمْلَاكٍ
ذَكَرَهُ شَيْخُنَا قال فإذا ما نَهِمَ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ ما عليه وَيَسْتَحِقُّهُ الضَّيْفُ حَلَّ لهم قال وَإِنْ لم يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالزِّيَادَةِ يَأْخُذُهَا الْمُقْطِعُ فَالْمُقْطِعُ هو الذي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فإذا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقْطِعَ من الضَّرِيبَةِ ما يَزِيدُ على أجره ومثله ولم يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ له ذلك
وقال ابن هُبَيْرَةَ في التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ من أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنه اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ في أُجْرَةِ الْقَسَّامِ فقال قَوْمٌ على الْمُزَارِعِ وقال قَوْمٌ على بَيْتِ الْمَالِ وقال قَوْمٌ عَلَيْهِمَا
وَتُعَدَّلُ السِّهَامُ بِالْأَجْزَاءِ إنْ تَسَاوَتْ وَبِالْقِيمَةِ إنْ اختلف ( ( ( اختلفت ) ) ) وَبِالرَّدِّ إنْ اقْتَضَتْهُ وَيَقْرَعُ كَيْفَ شَاءَ وَالْأَحْوَطُ كتاب ( ( ( كتابة ) ) ) اسْمِ كل شَرِيكٍ في رُقْعَةٍ ثُمَّ تُدَرَّجٌ في بَنَادِقَ من طِينٍ مُتَسَاوِيَةٍ وَيُقَالُ لِمَنْ لم يَحْضُرْ ذلك أَخْرِجْ بُنْدُقَةً على هذا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ لو ثُمَّ كَذَلِكَ الثَّانِي وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ
وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كل سَهْمٍ في رُقْعَةٍ ثُمَّ قال أُخْرِجُ بُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ بندقة ( ( ( وبندقة ) ) ) لِفُلَانٍ جَازَ وَقِيلَ بخير ( ( ( يخير ) ) ) بين الصِّفَتَيْنِ وَإِنْ اختلف ( ( ( اختلفت ) ) ) سِهَامُ الثَّلَاثَةِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جَزَّأَ الْمَقْسُومُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِحَسَبِ الْأَقَلِّ منها وَلَزِمَ إخْرَاجُ الْأَسْمَاءِ على السِّهَامِ لِئَلَّا يَحْصُلَ تَفَرُّقٌ وَاخْتِلَافٌ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ وَلِلثُّلُثِ ثِنْتَيْنِ وَلِلسُّدُسِ رُقْعَةً بِحَسَبِ التَّجْزِئَةِ
____________________
(6/445)
وَقَدَّمَ في الْمُغْنِي بِاسْمِ كل وَاحِدٍ رُقْعَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ثُمَّ يُخْرِجُ بُنْدُقَةً على أَوَّلِ سَهْمٍ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ النِّصْفِ أَخَذَهُ مع ثَانٍ وَثَالِثٍ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْرِقَتِهِ وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مع ثَانٍ ثُمَّ يَقْرَعُ بين الْآخَرَيْنِ كَذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا قُرْعَةَ في مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ إلَّا لِلِابْتِدَاءِ فَإِنْ خَرَجَتْ لِرَبِّ الْأَكْثَرِ أَخَذَ كُلٌّ حَقَّهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ فَصْلٌ وَيَلْزَمُ نَصَّ عليه بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ بِالرِّضَا بَعْدَهَا
وَقِيلَ فِيمَا فيه رَدٌّ وَقِيلَ أو ضَرَرٌ وفي الْمُغْنِي بِالرِّضَا بَعْدَهَا إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَمَتَى طَلَبَا قِسْمَةً ولم يَثْبُتْ مِلْكُهُمَا فَلَهُ الْقِسْمَةُ قال الْقَاضِي وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا على غَيْرِهِمَا وَيَذْكُرُ في الْقَضِيَّةِ قِسْمَتَهُ بِدَعْوَاهُمَا لَا بِبَيِّنَةٍ
وَمِنْ ادَّعَى غَلَطًا تَقَاسَمَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَأَشْهَدَا على رِضَاهُمَا لم يُقْبَلْ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ بِبَيِّنَةٍ كَقِسْمَةِ قَاسِمٍ حَاكِمٍ وَكَقَاسِمٍ نَصَبَاهُ فِيمَا لم يُعْتَبَرْ فيه رِضًا بَعْدَ قُرْعَةٍ وفي الرِّعَايَةِ إنْ كان مُسْتَرْسِلًا فَكَبَيْعٍ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ من الْحِصَّتَيْنِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ لم تَبْطُلْ فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ بَلَى كما لو كان ذلك في إحْدَاهُمَا وَإِنْ كان شَائِعًا بِطَلَبٍ وَقِيلَ في الْمُسْتَحَقِّ وَقِيلَ بِالْإِشَاعَةِ في إحْدَاهُمَا وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ منها أَنَّ هذا من سَهْمِي تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ
وَمَنْ كان بَنَى أو غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا فَقَلَعَ رَجَعَ على شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ في قِسْمَةِ إجْبَارٍ إنْ قُلْنَا بِيعَ كَقِسْمَةِ تَرَاضٍ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ قال شَيْخُنَا إذَا لم يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ في الْغُرُورِ إذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِيَ أَعْيَانًا وَعَلَى هذا فَاَلَّذِي لم يُسْتَحَقَّ شَيْءٌ من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) تنبيه قوله فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان انتهى
الظاهر أن هذا من تتمة كلام الشيخ تقي الدين وأن المصنف قدم القرعة وكذا قوله بعد ذلك بأسطر وهنا احتمالان التسوية بين القسمة والبيع والثاني الفرق مطلقا والثالث إلحاق ما كان من القسمة تبعا للبيع وأن المصنف قدم حكما غير ذلك
____________________
1-
(6/446)
نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عليه بِمَا فَوَّتَهُ من الْمَنْفَعَةِ هذه الْمُدَّةَ وَهُنَا احْتِمَالَاتٌ
أَحَدُهَا التَّسْوِيَةُ بين الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ
الثَّانِي الْفَرْقُ مُطْلَقًا
الثَّالِثُ إلْحَاقُ ما كان من الْقِسْمَةِ بَيْعًا بِالْبَيْعِ
وَلَا يُمْنَعُ دَيْنٌ على مَيِّتٍ نَقَلَ تَرِكَتَهُ فَظُهُورُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُبْطِلُهَا فَإِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ فَكَبَيْعِ التَّرِكَةِ قبل قَضَائِهِ ويصح على الْأَصَحِّ إنْ قَضَى فَالنَّمَاءُ لِوَارِثٍ كَنَمَاءِ جَانٍ لَا كَمَرْهُونٍ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ هو الْمَشْهُورُ قيل تركه وفي الِانْتِصَارِ من أَدَّى نَصِيبَهُ من الدَّيْنِ انْفَكَّ نَصِيبُهُ منها كَجَانٍ
وَعَنْهُ يَمْنَعُ بِقَدْرِهِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا يَرِثُونَ شيئا حتى يُؤَدُّوهُ وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ وَالرِّوَايَتَانِ في وَصِيَّةٍ بِمُعَيَّنٍ وَنَصَرَ في الِانْتِصَارِ الْمَنْعَ وَذَكَرَ عليه إذَا لم يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أو كانت الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ مُنِعَا ثُمَّ سَلَّمَ لِتَعَلُّقِ الْإِرْثِ بِكُلِّ التَّرِكَةِ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مُزَاحَمَةَ وَذَكَرَ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا هل لِلْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ الْإِيفَاءُ من غَيْرِهَا وفي الرَّوْضَةِ الدَّيْنُ على مَيِّتٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لهم أَدَاءَهُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ قال وَكَذَا حُكْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ
وَإِنْ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ في حِصَّةِ وَاحِدٍ وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ التَّعْدِيلِ وَالنَّفْعِ قال شَيْخُنَا كَذَا طَرِيقُ مَاءٍ وَنَصُّهُ هو لَهُمَا ما لم يَشْتَرِطَا رَدَّهُ قال الشَّيْخُ قِيَاسُهُ جَعْلُ الطَّرِيقِ مثله يَبْقَى في نَصِيبِ الْآخَرِ ما لم يَشْتَرِطْ صَرْفَهَا عنه
وفي كِتَابِ الْآدَمِيِّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَسَدُّ الْمَنْفَذِ عَيْبٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في مَجْرَى الْمَاءِ لَا يُغَيِّرُ مَجْرَى الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بهذا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ له النَّفَقَةَ حتى يُصْلِحَ مَسِيلَهُ وَمَنْ وَقَعَتْ ظُلَّةٌ في حَقِّهِ فَلَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
____________________
(6/447)
باب الدعاوي
إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا حَلَفَ وَهِيَ له وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ له بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ في كَلَامِ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عليه دَلِيلٌ وَكَذَا في الرَّوْضَةِ وَفِيهَا إنَّمَا لم يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ
وفي التَّمْهِيدِ يَدُهُ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عليه دَيْنًا فَدَلِيلُ الْعَقْلِ على بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَيِّنَةٌ حتى يَجُوزَ له أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ إلى الْحُكْمَ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ له دُونَ المدعى وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ من الدَّيْنِ كَذَا قال وَيَنْبَغِي على هذا أَنْ يحكى في الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ كما قَالَهُ أَصْحَابُنَا في قِسْمَةِ عَقَارٍ لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ
وَعَلَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ يُصَرِّحُ في الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا على كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا حُكْمَ وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عليه مَحْضَرًا بِمَا جَرَى أَجَابَهُ وَيَذْكُرُ فيه أَنَّ الْحَاكِم بَقَّى الْعَيْنَ بيده لِأَنَّهُ لم يُثْبِتْ ما يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا وَإِنْ كانت بِيَدَيْهِمَا كَعِمَامَةٍ بِيَدِ وَاحِدٍ شَيْءٌ منها وَبَقِيَّتُهَا بِيَدِ الْآخَرِ تَحَالَفَا وَهِيَ بَيْنَهُمَا فَيَمِينُ كل وَاحِدٍ على النِّصْفِ الذي أَخَذَهُ
وفي التَّرْغِيبِ وَعَنْهُ يَقْرَعُ فَمَنْ قَرَعَ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ وفي الْبُخَارِيِّ عن
____________________
(6/449)
أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عَرَضَ على قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ في الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ قال ابن هُبَيْرَةَ هذا فِيمَنْ تُسَاوَوْا في سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَكَوْنِ الشَّيْءِ في يَدِ مُدَّعِيهِ وَيُرِيدُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدٌ نِصْفَهَا فَأَقَلَّ وَالْآخَرُ كُلَّهَا أو أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فَيُصَدَّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ بِيَمِينِهِ نَصَّ عليه
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وأبو الْفَرَجِ يَتَحَالَفَانِ فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا كَحَيَوَانِ وَاحِدٍ سَائِقُهُ أو آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَقِيلَ غَيْرُ مُكَارٍ وَالْآخَرُ رَاكِبُهُ أو عليه حِمْلُهُ أو قَمِيصٌ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَالْآخَرُ لا بسه فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُقَدَّمُ رَاكِبٌ إلَّا في رَجْلِ حَيَوَانِ
وَإِنْ كانت بِيَدِهِمَا مُشَاهَدَةً أو حُكْمًا أو بِيَدِ وَاحِدٍ مُشَاهَدَةً وَالْآخَرِ حُكْمًا عُمِلَ بِالظَّاهِرِ فَلَوْ نَازَعَ رَبُّ الدَّارِ خَيَّاطًا فيها في إبْرَةٍ أو مِقَصٍّ أو قَرَّابًا في قِرْبَةٍ فَهِيَ لِلثَّانِي وَعَكْسُهُ الثَّوْبُ وَالْحَبُّ وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ في رَفٍّ مَقْلُوعٍ أو مِصْرَاعٍ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ فَلِرَبِّهَا وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَنَصُّهُ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا كما يَدْخُلُ في بَيْعٍ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وكذاما لَا يَدْخُلُ في الْبَيْعِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ عَادَةً فَلِمُكْتَرٍ
وَإِنْ تَنَازَعَ زَوْجَانِ أو وَرَثَتُهُمَا أو أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَمْلُوكٌ نَقَلَهُ مُهَنَّا في قُمَاشِ الْبَيْتِ فما صَلُحَ لِلرَّجُلِ فَهُوَ له وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ وَلَا عَادَةَ نَقَلَ الْأَثْرَمُ الْمُصْحَفَ لَهُمَا فَإِنْ كانت لَا تُقْرَأُ ولاتعرف بِذَلِكَ فَلَهُ
____________________
(6/450)
وَكَذَا صَانِعَانِ في آلَةِ دُكَّانِهِمَا فَآلَةُ كل صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا وقال الْقَاضِي في الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كان بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةُ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كان بِيَدِ أَحَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةُ فَلَهُ وَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قال شَيْخُنَا وَكَلَامُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَتَى كان بِيَدَيْهِمَا وَإِنْ لم يَكُونَا بد كان كَالزَّوْجَيْنِ فَصْلٌ وَإِنْ كانت بِيَدِ ثَالِثٍ فَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا
فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَاهَا منه وَبَدَّلَهَا وَاقْتَرَعَا عليها يَقْتَسِمَانِهِمَا كنا كل مُقِرٍّ لَهُمَا وَقِيلَ من قَرَعَ مِنْهُمَا وَحَلَفَ فَلَهُ وقال شَيْخُنَا قد يُقَالُ تجزىء يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَيُقَالُ إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عليها
وَيُقَالُ إن اقْتَرَعَا على الْعَيْنِ فَمِنْ قُرِعَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عليه بها وَيُقَالُ إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَدَلٌ وَالْمَطْلُوبُ ليس له هُنَا بَدَلُ الْعَيْنِ فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ فَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ له وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَهِيَ له وَالْأَصَحُّ وَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ له لِلْآخَرِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا وإذا أَخَذَهَا الْمَقَرُّ له فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا منه قال في الرَّوْضَةِ وَلِلْمَقَرِّ له قِيمَتُهَا على الْمُقِرِّ وَإِنْ قال لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ لم يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَهِيَ له نَصٌّ عليه ثُمَّ إنْ بَيَّنَهُ قُبِلَ كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ من قَرَعَ أَخَذَهَا أَيْضًا وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَقَالُوا الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ
وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ وَيَحْلِف لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا الثَّالِثُ ولم يُنَازِعْ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ يَقْرَعُ كإقراه ( ( ( كإقراره ) ) ) لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وفي الْوَاضِحِ وَحَكَى أَصْحَابُنَا لَا يَقْرَعُ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِمَا لِغَيْرِهِمَا وَتُقِرُّ بيده حتى يَظْهَرَ رَبُّهَا وَكَذَا في التَّعْلِيقِ مَنَعَا أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ ثُمَّ تَسْلِيمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَخَذَهَا من قَرَعَ ثُمَّ عَلِمَ أنها لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ
وفي التَّرْغِيبِ في التي بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرُ مُنَازَعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَذَكَرَهُ ابن
____________________
(6/451)
رَزِينٍ وَغَيْرُهُ قال في التَّرْغِيبِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا إذْ الْيَدُ الْمُسْتَحَقَّةُ الْوَضْعِ كَمَوْضُوعَةٍ وَفِيهِ لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا فَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ ولم يُنَازِعْ فَقِيلَ يُسَلِّمُ إلَيْهِ
وَقِيلَ يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ يَبْقَى بِحَالِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وابن مَنْصُورٍ في التي قَبِلَهَا لِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا وَمَنْ قَرَعَ في النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ وَإِنْ لم تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ هِيَ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا
وَإِنْ كان ظَاهِرٌ عُمِلَ بِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بها شَجَرٌ أو بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا وَقِيلَ بِبَيِّنَةٍ فَهِيَ له وَإِنْ تَنَازَعَا مُسْنَاةً بين نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ آخَرَ فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ لِرَبِّ النَّهْرِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا جِدَارًا بين مِلْكَيْهِمَا فَبَيْنَهُمَا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّ نِصْفَهُ له قال في الْمُغْنِي وَيَجُوزُ أَنَّ كُلَّهُ له وَإِنْ كان مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا أو مُتَّصِلًا بِهِ اتصلا ( ( ( اتصالا ) ) ) لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً وَقِيلَ أو أَمْكَنَ أو له سُتْرَةٌ أو أَزَجٌّ وَقِيلَ أو جُذُوعٌ فَهُوَ له بِيَمِينِهِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ وَيُحْكَمُ لِصَاحِبِ الْأَزَجِّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّا قُلْنَا له وَضْعُ خَشَبَةٍ على حَائِطِ جَارِهِ إذَا لم يَضُرَّ فَلِهَذَا لم يَكُنْ دَلَالَةٌ على الْيَدِ بِخِلَافِ الْأَزَجِ فإنه لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ على حَائِطِ جَارِهِ
وَإِنْ تَنَازَعَ رَبُّ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ سَقْفًا فَهُوَ لَهُمَا وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لِرَبِّ الْعُلُوِّ وَإِنْ تَنَازَعَا سُلَّمًا مَنْصُوبًا أو دَرَجَةً فَلِرَبِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كان تَحْتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ أو فيها طَاقَةٌ وَنَحْوُهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ في الصَّدْرِ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كانت في الْوَسَطِ فما إلَيْهَا بَيْنَهُمَا وما وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَالْوَجْهَانِ إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ وَرَبُّ بَابٍ بِوَسَطِهِ في صَدْرِ الدَّرْبِ فَصْلٌ وَمَنْ ادعى عَيْنٌ بيده فَأَقَرَّ بها لِحَاضِرٍ مُكَلَّفٍ فَصَدَّقَهُ فَكَأَحَدِ مُدَّعِيَيْنِ على ثَالِثٍ أَقَرَّ له الثَّالِثُ زَادَ في الرَّوْضَةِ هُنَا كَقَوْلِهِ هُنَاكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَجَهِلَ لِمَنْ هِيَ أو جهلة رَبُّ الْيَدِ ابْتِدَاءً مُدَّعٍ وَاحِدٌ بِيَمِينِهِ بِنَاءً على رَدِّ الْيَمِينِ وَقِيلَ بِبَيِّنَةٍ فَيَأْخُذُهَا حَاكِمٌ وَقِيلَ تُقَرُّ بِيَدِ رَبِّ الْيَدِ وَذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُذْهَبِ وَضَعَّفَهُ في التَّرْغِيبِ
____________________
(6/452)
وَعَلَيْهِمَا يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أو لثالث ( ( ( الثالث ) ) ) لم يُقْبَلْ في ظَاهِرِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وفي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُقْبَلُ على الرَّابِعِ خَاصَّةً ( م 1 ) ثُمَّ إنْ عَادَ الْمَقَرُّ له أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لم يُقْبَلْ منه وَإِنْ عَادَ قبل ذلك فَوَجْهَانِ
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِرِقِّهَا لِشَخْصٍ أو كان الْمَقَرُّ بِهِ عَبْدًا فَكَمَالِ غَيْرِهِ وَعَلَى الذي قَبْلَهُ يُعْتِقَانِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قال يَبْقَى على مِلْكِ الْمُقِرِّ فَيَصِيرُ وَجْهًا خَامِسًا وَإِنْ أَقَرَّ بها المجهول ( ( ( لمجهول ) ) ) قِيلَ عَرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلَتْك نَاكِلًا فَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا فَقِيلَ تُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا لااعترافه ( ( ( لاعترافه ) ) ) أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب الدعاوي
مسألة 1 قوله ( ( ( أصر ) ) ) وإن عاد ادعاها ( ( ( بنكوله ) ) ) لنفسه أو لثالث لم يُقْبَلْ في ظاهر المغني وغيره وفي المحرر وغيره يقبل على الرابع خاصة انتهى
قطع بها في المحرر صاحب الرعايتين والحاوي ( ( ( يخرج ) ) ) والنظم والمنور ( ( ( كذبه ) ) ) والزركشي وغيرهم وتابع صاحب المغني الشارح ابن رزين
مسألة 2 قوله ثم إن عاد الْمَقَرُّ له أولا إلى دعواه لم تقبل وإن عاد قبل ذلك فوجهان انتهى
يعني إذا كان في يده شيء فأقر به لغيره فكذبه المقر له ثُمَّ عاد ادَّعَاهَا فتارة يدعيها قبل أن يدعيها المقر وتارة يدعيها بعد أن يدعيها فإن ادعاها المقر لم يقبل وإن ادعاها قبله ( ( ( لنفسه ) ) ) فوجهان وأطلقهما ( ( ( غلطت ) ) ) في ( ( ( ويده ) ) ) المحرر ( ( ( باقية ) ) ) وشرحه والنظم والرعايتين والحاوي الصغير ذكروه في الإقرار
أحدهما لا يقبل وبه قطع الآدمي في منوره وهو ظاهر كلامه في الوجيز
والوجه الثاني يقبل
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بها لِمَجْهُولٍ قِيلَ عَرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا فَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا فَقِيلَ يُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(6/453)