أحمد وقال ليس له أصل وأبو داود من رواية يعلى بن أبي يحيى وهو مجهول واختلف في سماع الحسين قال في المنتقى وهو حجة في قبول قول السائل من غير تحليف وإحسان الظن به وليست المسألة بحرفه وإن تفرغ قادر على الكسب للعلم وتعذر الجمع وقيل لعلم يلزمه أعطي وإن تفرغ للعبادة فلا
وَلَوْ سألة من ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَنْ يُعْطِيَهُ شيئا فَأَعْطَاهُ فَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ في كَوْنِهِ فَرْضًا كَسُؤَالِهِ مُقَدَّرًا كَعَشَرَةٍ دَرَاهِمَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَقَوْلِهِ شيئا إنِّي فَقِيرٌ ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ أبو الْمَعَالِي ( م 2 ) قال شَيْخُنَا وَإِعْطَاءُ السُّؤَالِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ صَدَقُوا وَلِهَذَا جاء في الحديث لو صَدَقَ لَمَا أَفْلَحَ من رَدَّهُ وقد اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بهذا وَأَجَابَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله ولو سأله من ظاهره الفقر أن يعطيه شيئا فأعطاه فقيل يقبل قول الدافع في كونه فرضا كسؤاله مقدرا كعشرة دراهم وقيل لا يقبل كقوله شيئا إني فقير ذكر هذه المسألة أبو المعالي انتهى ( قلت ) ظاهر كلام الأصحاب قبول قول الدافع
____________________
1-
(2/448)
بِأَنَّ السَّائِلَ إذَا قال أنا جَائِعٌ وَظَهَرَ صدقة وَجَبَ إطْعَامُهُ
وَهَذَا من تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى { وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } سورة الذاريات 19 وَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ لم يَجِبْ إعْطَاؤُهُمْ وَلَوْ سَأَلُوا مُطْلَقًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لم يَجِبْ إعْطَاؤُهُمْ وَلَوْ أَقْسَمُوا لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ إنَّمَا هو إذَا أَقْسَمَ على مُعَيَّنٍ وما ذَكَرَهُ شَيْخُنَا من الْخَبَرِ هو من حديث أبي أُمَامَةَ لَوْلَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ ما أَفْلَحَ من رَدَّهُمْ ولم أَجِدْهُ في الْمُسْنَدِ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا ليس بِصَحِيحٍ
وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ ( عِ ) مع أَنَّهُ ليس في الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لم يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إلَّا لِيُطَيِّبَ ما بَقِيَ من أَمْوَالِكُمْ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِك فَقَدْ قَضَيْت ما عَلَيْك رَوَاهُ ابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } سورة التوبة 34 إنَّمَا كان هذا قبل أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فلما أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَلِمَالِكٍ هذا الْمَعْنَى وَكَذَا عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ ما من صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ وَذَكَرَ عِقَابَهُ وَفِيهِمَا أَيْضًا من حَدِيثِهِ من آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فلم يُؤَدِّ زَكَاتَهُ وَذَكَرَ عِقَابَهُ وَأَنَّهُ يقول له أنا مَالُك أنا كَنْزُك قال الْقُرْطُبِيُّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ على أَنَّهُ إذَا نَزَلَتْ
____________________
(2/449)
بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ بَعْدَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فإنه يَجِبُ صَرْفُ الْمَالِ إلَيْهَا قال ( م ) يَجِبُ على الناس فِدَاءُ أَسْرَاهُمْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذلك أَمْوَالَهُمْ وَهَذَا ( ع ) أَيْضًا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ في الْمَال حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ من الْعُلَمَاءِ قال نَحْوُ مُوَاسَاةِ قَرَابَةٍ وَصِلَةِ إخْوَانٍ وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ وَإِعَارَةِ مُحْتَاجٍ دَلْوهَا وَرُكُوبِ ظَهْرِهَا وَإِطْرَاقِ فَحْلِهَا وَسَقْيِ مُنْقَطِعٍ حَضَرَ حِلَابَهَا حتى يُرْوَى وَسَبَقَ حَدِيثُ جَابِرٍ آخِرُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ فَالْعَمَلُ بِهِ مُقْتَصِرًا عليه أَوْلَى وقد قِيلَ في مَوْضِعٍ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ فيه الْمُوَاسَاةُ وَهَذَا يُبْطِلُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ
وقد قِيلَ إنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّهُ قبل وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ إنْ كانت الزَّكَاةُ مَكِّيَّةً وَإِنْ كانت مَدَنِيَّةً فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يوم وُرُودِهَا وَالزَّكَاةُ وَجَبَتْ قبل إسْلَامِ أبي هُرَيْرَةَ بِسَنَتَيْنِ بِلَا شَكٍّ وَهَذَا أَخَصُّ من حَدِيثِهِ إنْ صَحَّ إذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِك فَقَدْ قَضَيْت ما عَلَيْك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي في زَكَاةِ الحلى
وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّ الْجُمْهُورَ قالوا إنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْآيَةَ الْمُرَادُ بها الزَّكَاةُ وَأَنَّهُ ليس في الْمَالِ حَقُّ سِوَى الزَّكَاةِ وما جاء غَيْرُ ذلك حُمِلَ على النَّدْبِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقِيلَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ قال وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ منهم الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وطاووس ( ( ( وطاوس ) ) ) وَعَطَاءٌ وَمَسْرُوقٌ وَغَيْرُهُمْ إلَى أنها مُحْكَمَةٌ وَأَنَّ في الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ من فَكِّ الْأَسِيرِ وَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَالْمُوَاسَاةِ في الْعُسْرِ وَصِلَةِ الْقَرَابَةِ كَذَا قال وَاقْتَصَرَ عليه في شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا عَجِيبٌ وهو غَرِيبٌ
وَلَوْ جُهِلَ حَالُ السَّائِلِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ قال في الْفُنُونِ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ كَيَّتَانِ لِمَنْ خَلَفَ دِينَارَيْنِ قال لَعَلَّ ذلك إلَى من كان يُظْهِرُ التَّجَرُّدَ وَالْفَقْرَ لِحَالِهِ فَكَانَ ذلك لِمَكَانِ التَّزْوِيرِ لَا لِتَحْرِيمِ الِادِّخَارِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَقِيلٍ أَظْهَرَ ذلك لِيُتَصَدَّقَ عليه أو لِيُطْعَمَ وَنَحْوُهُ
____________________
(2/450)
فصل من أُبِيحَ له أَخْذُ شَيْءٍ أُبِيحَ له سُؤَالُهُ نَصَّ عليه ( وم ش ) فَالْغَنِيُّ في بَابِ الزَّكَاةِ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُوجِبُهَا وَنَوْعٌ يَمْنَعُهَا لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ لم يُنْكِرْ على السُّؤَالِ إذَا كَانُوا من أَهْلِهَا وَلِكَثْرَةِ التَّأَذِّي بِتَكْرَارِ السُّؤَالِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ السُّؤَالُ لَا الْأَخْذُ على من له قُوتُ يَوْمِهِ غَدَاءً وَعِشَاءً ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ أَنَّهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وه ) فَيَكُونُ غَنِيٌّ ثَالِثًا يُمْنَعُ السُّؤَالُ وَعَنْهُ غَدَاءٌ أو عِشَاءٌ لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الْخَبَرِ
وَعَنْهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَ هذه الرِّوَايَاتِ الْخَلَّالُ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَجِدُ من يَسْأَلُهُ كُلَّ يَوْمٍ لم يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَ أَكْثَرَ من قُوتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَجِدَ من يُعْطِيه أو خَافَ أَنْ يَعْجَزَ عن السُّؤَالِ أُبِيحَ له السُّؤَالُ أَكْثَرُ من ذلك وَلَا يَجُوزُ له في الْجُمْلَةِ أَنْ يَسْأَلَ فَوْقَ ما يَكْفِيه لِسَنَتِهِ وَعَلَى هذا يَنْزِلُ الْحَدِيثُ في الْغَنِيِّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهَا تَكْفِي الْمُنْفَرِدَ الْمُقْتَصِدَ لِسَنَتِهِ
وفي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ تُحَرِّمُ الْمَسْأَلَةَ على من له أَخْذُ الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا وقد قال ابن حَزْمٍ اتَّفَقُوا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ حَرَامٌ على كل قَوِيٍّ على الْكَسْبِ أو غَنِيٍّ إلَّا من تَحَمَّلَ حَمَالَةً أو سَأَلَ سُلْطَانًا أو ما لَا بُدَّ منه وانفقوا ( ( ( واتفقوا ) ) ) على أَنَّ ما كان أَقَلَّ من مِقْدَارِ قُوتِ الْيَوْمِ فَلَيْسَ غَنِيٌّ كَذَا قال نَقَلَ جماعة عن أَحْمَدَ في الرَّجُلِ له الْأَخُ من أبيه وَأُمِّهِ وَيَرَى عِنْدَهُ الشَّيْءَ يُعْجِبُهُ فيقول هَبْ لي هذا وقد كان ذلك يجزىء ( ( ( يجري ) ) ) بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ يُحِبُّ أَنْ يَسْأَلَهُ أَخُوهُ ذلك قال أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا ولم يُرَخِّصْ فيه إلَّا أَنَّهُ بين الْأَبِ وَالْوَلَدِ أَيْسَرُ وَذَلِكَ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي اللَّهُ عنها أَتَتْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَسَأَلَتْهُ
وَإِنْ اشْتَرَى شيئا وقال قد أَخَذْتُهُ بِكَذَا فَهَبْ لي فيه كَذَا فَنَقَلَ محمد بن الْحَكَمِ لَا تُعْجِبُنِي هذه الْمَسْأَلَةُ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِثَلَاثٍ وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم في الرَّجُلِ يشترى الْحَاجَةَ فَيُسْتَوْهَبُ عليها لَا يُعْجِبُنِي وَسَأَلَهُ محمد بن مُوسَى رُبَّمَا اشْتَرَيْت الشَّيْءَ وَأَقُولُ له أَرْجِحْ لي فقال هذه مَسْأَلَةٌ لَا تُعْجِبُنِي وَنَقَلَ حَرْبٌ إنْ اسْتَوْضَعَهُ أو اسْتَوْهَبَهُ لَا يَجُوزُ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ يُكْرَهُ قال الْقَاضِي كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَإِنْ كان يَلْحَقُ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ في مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ من جِهَةِ
____________________
(2/451)
أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ ما سَأَلَهُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّائِلُ إمْضَاءَ الْعَقْدِ بِدُونِهَا فَيَصِيرُ ثَمَنًا لَا هِبَةً وَسُؤَالُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَشِسْعِ النَّعْلِ أو الْحِذَاءِ هل هو كَغَيْرِهِ في الْمَنْعِ أَمْ يُرَخَّصُ فيه فيه رِوَايَتَانِ وَلَا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وقال في الْعَطْشَانِ لَا يستسقي يَكُونُ أَحْمَقُ وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَارَةِ وَالِاقْتِرَاضِ نَصَّ عَلَيْهِمَا
قال الْآجُرِّيُّ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حِلَّ الْمَسْأَلَةِ وَمَتَى تَحِلُّ وما قَالَهُ مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ في أَنْ تَعْلَمَ ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ من الْعِلْمِ لِدِينِهِ فَرْضٌ وَمَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ في آخِرِ الْإِمَامَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ على ما لَا يُعْلَمُ جَوَازُهُ قال الْآجُرِّيُّ وَلَمَّا عَلِمَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ مَسْأَلَةَ ذلك السَّائِلِ كانت اسْتِكْثَارًا كان عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَنَثَرَ ذلك لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ الْمُرَادُ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهُ فَيُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ
قال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ وَإِنْ أَخَذَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ حَيَاءً لم يَجُزْ الْأَخْذُ وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ فَدَلَّ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَلَنَا خِلَافٌ في بَيْعِ الْهَازِلِ وَهَذَا أَوْلَى أو مِثْلُهُ وقد أَعْطَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من السُّؤَالِ من لَا يُرِيدُ إعْطَاءَهُ وَعَدَمُ الْبَرَكَةِ فيه لَا تَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ كَأَخْذِهِ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ كما في الصَّحِيحَيْنِ من حديث حَكِيمٍ لَمَّا سَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِرَارًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ قال إنَّ هذا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بِوَرِكِ له فيه
وَمَنْ أَخَذَ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لم يُبَارَكْ له فيه وكان كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ طِيبَ النَّفْسِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ من الدَّافِعِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ من الْآخِذِ وفي كَشْفِ الْمُشْكَلِ عن ابْنِ عَقِيلٍ قال ما جاء بِمَسْأَلَتِك فَإِنَّك اكْتَسَبْت فيه السُّؤَالَ وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ استحيى ( ( ( استحى ) ) ) أو خَافَ رَدَّك وَلَا خَيْرَ في مَالٍ خَرَجَ لَا عن طِيبِ نَفْسٍ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَيْضًا في كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ أَنَّ الشِّبْلِيَّ طَلَبَ شيئا من بَعْضِ أربا ( ( ( أرباب ) ) ) الدُّنْيَا فقال له يا شِبْلِيُّ اُطْلُبْ من الله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 3 ) قوله وسؤال الشيء اليسير كشسع النعل أو الحذاء هل هو كغيره في المنع أم يرخص فيه فيه روايتان انتهى إحداهما يرخص فيه ( قلت ) وهو الصواب لأن العادة جارية بذلك والرواية الثانية يمنع من طلبه ( ( ( لله ) ) ) كغيره وهي بعيدة فيما يظهر
____________________
1-
(2/452)
فقال أنا أَطْلُبُ من اللَّهِ وَأَطْلُبُ الدُّنْيَا من خَسِيسٍ مِثْلِك فَبَعَثَ إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ قال ابن عَقِيلٍ إنْ كان بَعَثَ إلَيْهِ اتِّقَاءَ ذمة فَقَدْ أَكَلَ الشِّبْلِيُّ الْحَرَامَ وقد ذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عِنْدَ من يَتَحَدَّثُ سِرًّا قال وَيُكْرَهُ إنْ كانت إذْنُهُ اسْتِحْيَاءً وَعَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا إنَّمَا أنا خَازِنٌ فَمَنْ أَعْطَيْته عن طِيبِ نَفْسٍ فَيُبَارَكُ له فيه وَمَنْ أَعْطَيْته عن مَسْأَلَةٍ وَشَرَهٍ كان كَاَلَّذِي يَأْكُلُ ولا يَشْبَعُ
وفي لَفْظٍ لَا تحلفوا ( ( ( تلحفوا ) ) ) في الْمَسْأَلَةِ فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شيئا فَتَخْرُجُ له مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شيئا وأنا له كَارِهٌ فَيُبَارَكُ له فِيمَا أَعْطَيْته رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وقد ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هذا في الْمَسْأَلَةِ الْمُحَرَّمَةِ مع ذَكَرِهِمْ ما سَبَقَ من إشْرَافِ النَّفْسِ على ظَاهِرِهِ مع أَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ فِيهِمَا وَاحِدٌ فَقَدْ يُحْتَمَلُ ذلك وَلَا مُنَافَاةَ وقد يَكُونُ في الْمَسْأَلَةِ الْمُبَاحَةِ وَكُرِهَ عليه السَّلَامُ كَثْرَةُ الْمَسْأَلَةِ مع إمْكَانِ الصَّبْرِ وَالتَّعَفُّفِ فَكَانَ ذلك سَبَبًا لِعَدَمِ الْبَرَكَةِ كَإِشْرَافِ النَّفْسِ وَيُؤَيِّدُ هذا أَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ نَقْلُ الْمِلْكِ وَلَا يَنْتَقِلُ مع تَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ على ما سَيَأْتِي
وَعَنْ أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا فَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِحَقِّهِ فَيُبَارَكُ له فيه وَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الذي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وفي لَفْظٍ إنَّ هذا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ في حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هو وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كان كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وفي لَفْظٍ إنَّ هذا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هو لِمَنْ أعطي منه الْمِسْكَيْنِ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ أو كما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِنَّهُ من يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كان كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عليه شَهِيدًا يوم الْقِيَامَةِ مُتَّفَقٌ عليه وَيُتَوَجَّهُ عُدُولُ من أُبِيحَ له السُّؤَالُ إلَى رَفْعِ قِصَّةٍ أو مُرَاسَلَةٍ قال مُطَرِّفُ بن الشِّخِّيرِ فِيمَنْ له إلَيْهِ حَاجَةٌ لِيَرْفَعَهَا في رُقْعَةٍ وَلَا يُوَاجِهُنِي فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى في وَجْهِ أَحَدِكُمْ ذُلَّ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا رُوِيَ عن يحيى بن خَالِدِ بن بَرْمَكٍ وَتَمَثَّلَ فقال
____________________
(2/453)
% ما اعْتَاضَ بَاذِلٌ وَجْهَهُ بِسُؤَالِهِ % عِوَضًا وَلَوْ نَالَ الغني بِسُؤَالِ % % وإذا السُّؤَالُ مع النَّوَالِ وَزَنْته % رَجَحَ السُّؤَالُ وَخَفَّ كُلُّ نَوَالِ %
وما جَاءَهُ من مَالٍ بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ وَجَبَ أَخْذُهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ عليه أَنْ يَأْخُذَهُ لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خُذْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُ إنْ كان يُضَيِّقُ عليه أَنْ يَرُدَّهُ وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَيْضًا هذا الْخَبَرَ وقال هذا إذَا كان من مَالٍ طَيِّبٍ وَنَقَلَ جماع أَخَافُ أَنْ يُضَيِّقَ عليه رَدَّهُ وَقَالَهُ في التَّنْبِيهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيمَ لَا بَأْسَ إذَا كان عن غَيْرِ اسْتِشْرَافٍ أَنْ يَرُدَّ أو يَأْخُذَ هو بِالْخِيَارِ
كَذَا تَرْجَمَ الْخَلَّالُ أَنَّ الْقَبُولَ مُبَاحٌ من غَيْرِ اسْتِشْرَافٍ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ رَدَّ ذلك وقال دَعْنَا نَكُونُ أَعِزَّاءَ وَرَدَّ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ فقال له إِسْحَاقُ أَيُّ شَيْءٍ تَكُونُ الْحُجَّةُ أو كَيْفَ يَجُوزُ فقال لَا أَعْلَمُ فيه شيئا إلَّا أَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ إذَا تَعَوَّدَ لم يَصْبِرْ عنه
وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ في كَرَاهَةِ الرَّدِّ رِوَايَتَيْنِ وَعَلَّلَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ بِمَا في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً بِجَوَازِ الرَّدِّ وقال قد بَيَّنَ الْعِلَّةَ في جَوَازِ الرَّدِّ وَأَنَّ هذا يَحْمِلُ النُّصُوصَ الْمَذْكُورَةَ لِلْوُجُوبِ على الِاسْتِحْبَابِ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا مع حَاجَتِهِ إلَيْهِ إذاسلم من الشُّبْهَةِ وَالْآفَاتِ فإن الْأَفْضَلَ أَخْذُهُ وما ذَكَرَهُ من سَلَامَتِهِ من الشُّبْهَةِ يُؤْخَذُ من كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَجِبُ قَبُولُ الْمَكْرُوهِ
وَهَذَا مَعْنَى الْمَنْقُولِ عن أَحْمَدَ في جَائِزَةِ السُّلْطَانِ مع قَوْلِهِ هِيَ خَيْرٌ من صِلَةِ الْإِخْوَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ يَجِبُ ما لم يَحْرُمْ وَقَالَهُ ابن حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ قال لِأَنَّهُ دَاخِلٌ في وُجُوبِ النَّصِيحَةِ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُهُ عليه فَحَسَنٌ وَإِنْ اتَّقَاهُ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ فيؤخر ( ( ( فيؤجر ) ) ) على كل حَالٍ ثُمَّ من الْجَهْلِ اسْتِسْهَالَ الْمَرْءِ أَخْذَ مَالِ زَيْدٍ في بَيْعٍ أو أُجْرَةٍ ثُمَّ يَتَجَنَّبُهُ إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطِيبِ نَفْسٍ ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من رَغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي قال وكان مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرُدَّانِ ما أُعْطِيَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ كَغَيْرِهِ وَحُصُولُ الْخِلَافِ فيها وَتَشْدِيدُ أَحْمَدَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ على ما يَأْتِي في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وقال في شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الذي عليه الْجُمْهُورُ
____________________
(2/454)
يُسْتَحَبُّ الْقَبُولُ في غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ قال وَالصَّحِيحُ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا في يَدِ السُّلْطَانِ حُرِّمَتْ وَإِلَّا أُبِيحَ إنْ لم يَكُنْ في الْقَابِضِ مَانِعٌ من الِاسْتِحْقَاقِ وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ الْأَخْذَ من السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ وستحبه ( ( ( واستحبه ) ) ) آخَرُونَ في عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ
وَإِنْ اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ بِأَنْ قال سَيَبْعَثُ لي فُلَانٌ أو لَعَلَّهُ يَبْعَثُ لي وَإِنْ لم يَتَعَرَّضْ أو تَعَرَّضَ بِقَلْبِهِ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ نَصَّ على ذلك أَحْمَدُ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِالرَّدِّ وزاد أبو دَاوُد وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ رَدَّهَا وقال له الْأَثْرَمُ فَلَيْسَ عليه أَنْ يَرُدَّهُ كما يَرُدُّ الْمَسْأَلَةَ قال ليس عليه وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ يَحْرُمُ أَخْذُهُ قال لَا وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم لَا يَأْخُذُهُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هذا لِلِاسْتِحْبَابِ وَكَذَا ذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ الْمَسْأَلَةِ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ أَخْذُهُ وَقِيلَ رَدُّهُ أَوْلَى ( م 4 ) وقد دَلَّتْ رِوَايَةُ الْأَثْرَمِ وَكَلَامُ أبي الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْمَسْأَلَةِ لِتَحْرِيمِ سَبَبِهِ وهو السُّؤَالُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَهُمْ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَا يُحَرِّمَانِ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُذَلَّ وَلَا يَلِحَّ وَلَا يؤذي الْمَسْئُولُ وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا
وَإِنْ سَأَلَ لِرَجُلٍ محتاجا ( ( ( محتاج ) ) ) في صَدَقَةٍ أو حَجٍّ أو غَزْوٍ فَنَقَلَ محمد بن دَاوُد لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَكَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لِغَيْرِهِ التَّعْرِيضُ أَعْجَبُ إلَيَّ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَجَمَاعَةٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ استشرقت ( ( ( استشرفت ) ) ) بنفسه ( ( ( نفسه ) ) ) إلَى الْأَخْذِ بِأَنْ قال سَيَبْعَثُ لي فُلَانٌ أو لَعَلَّهُ يَبْعَثُ لي وَإِنْ لم يَتَعَرَّضْ أو تَعَرَّضَ بِقَلْبِهِ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ نَصَّ على ذلك أَحْمَدُ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِالرَّدِّ زَادَ أبو دَاوُد وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ رَدَّهَا وقال له الْأَثْرَمُ فَلَيْسَ عليه أَنْ يَرُدَّهُ كما يَرُدُّ الْمَسْأَلَةَ قال ليس عليه وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ يَحْرُمُ أَخْذُهُ قال لَا وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم لَا يَأْخُذُهُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هذا لِلِاسْتِحْبَابِ وَكَذَا ذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لاتختلف الرواية ( ( ( تختلف ) ) ) أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ الْمَسْأَلَةِ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ أَخْذُهُ وَقِيلَ رَدُّهُ أَوْلَى انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ( قُلْت ) قَوَاعِدُ الْإِمَامِ وما عُرِفَ من عَادَتِهِ وَفِعْلِهِ مع الناس كَرَاهَةُ قَبُولِ ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وهو الصَّوَابُ وَقَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِعُمَرَ رضي اللَّهُ عنه يَدُلُّ على ذلك وَقَدَّمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ان له الرَّدَّ وَالْقَبُولَ مُبَاحٌ وَحُمِلَ ما وَرَدَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ من مَنْعِ الْأَخْذِ على الِاسْتِحْبَابِ
____________________
1-
(2/455)
لا ولكن يعرض ثم ذكر حديث الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وحث على الصدقة ولم يسأل زاد في رواية محمد بن حرب ربما سأل رجلا فمنعه فيكون في نفسه عليه ونقل المروذي أنه قال لسائل ليس هذا عليك ولم يرخص له أن يسأل ونقل حرب وغير واحد أنه رخص في ذلك وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هل يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ لِلْمُحْتَاجِ أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ ( م 5 ) وَمَنْ أُعْطِي شيئا لِيُفَرِّقَهُ فَهَلْ الْأَوْلَى أَخْذُهُ أو عَدَمُهُ حَسَّنَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَدَمَ الْأَخْذِ في رِوَايَةٍ وَأَخَذَ هو وَفَرَّقَ في رِوَايَةٍ ( م 6 ) فَصْلٌ وَمَنْ سَأَلَ غَيْرَهُ الدُّعَاءَ لِنَفْعِهِ أو نَفْعِهِمَا أَثْبَتَ وَإِنْ قَصَدَ نَفَعَ نَفْسِهِ فَقَطْ نهى عنه كَالْمَالِ وَإِنْ كان قد لَا يَأْثَمُ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خلافة كما هو ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ وَيَأْتِي قَوْلُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ كَانُوا يَغْتَنِمُونَ أَدْعِيَةَ الْحَاجِّ قبل أَنْ يَتَلَطَّخُوا بِالذُّنُوبِ وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أُمَّ أَنَسٍ قالت يا رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ له قال فَدَعَا لي بِكُلِّ خَيْرٍ وكان من آخِرِهِ اللَّهُمَّ أَكْثَرِ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ له فيها قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه طَلَبُ الدُّعَاءِ من أَهْلِ الْخَيْرِ وَجَوَازُ الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ مع الْبَرَكَةِ فِيهِمَا وفي مُسْلِمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال عن أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 5 ) قوله وإن سأل لرجل محتاج في صدقة أو حج أو غزو فنقل محمد بن داود لا يعجبني أن يتكلم لنفسه فكيف لغيره التعريض أعجب إلي ونقل المروذي وجماعة لا ولكن يعرض وقال صاحب المحرر هل يكره أن يسأل للمحتاج أم لا على روايتين انتهى كلامهما إحداهما لا يكره ( قلت ) الصواب إن علم حاجة من طلب لأجله أو غلب على ظنه ذلك لم يكره السؤال له والتعريض لا يكفي خصوصا في هذه الأزمنة لا سيما إن كان المحتاج لا يقدر على الطلب من الحياء أو غيره والله أعلم والرواية الثانية يكره ولكن يعرض
( مسألة 6 ) قوله ومن أعطى شيئا ليفرقه فعل الأولى أخذه أم عدمه حسن أحمد عدم الاخذ في رواية وأخذ هو وفرق في رواية انتهى ( قلت ) طريقة الإمام أحمد في أغلب أحواله عدم الأخذ ولكن في هذه الأزمنة إن كان يحصل بالأخذ إعطاء من يستحق ممن لا يحصل له ذلك بعدم أخذه توجه رجحان الأخذ والله أعلم
____________________
1-
(2/456)
فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ وَلَهُ رِوَايَةٌ قال لِعُمَرَ إنْ اسْتَطَعْت أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَك فَافْعَلْ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه اسْتِحْبَابُ طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ من أَهْلِ الصَّلَاحِ وَإِنْ كان الطلب ( ( ( الطالب ) ) ) أَفْضَلَ منهم وقال شَيْخُنَا أَيْضًا في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ لَا بَأْسَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ بَعْضُهُمْ من بَعْضٍ لَكِنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ يَنْوُونَ بِذَلِكَ أَنَّ الذي يَطْلُبُونَ منه الدُّعَاءَ إذَا دَعَا لهم كان له من الْأَجْرِ على دُعَائِهِ لهم أَعْظَمُ من أَجْرِهِ لو دَعَا لِنَفْسِهِ وَحْدَهَا ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ ما من مُؤْمِنٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلَّا وَكَّلَ اللَّهُ مَلَكًا كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِدَعْوَةٍ قال الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ لِعَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه يا عَلِيُّ عُمَّ فإن فَضْلَ الْعُمُومِ على الْخُصُوصِ كَفَضْلِ السَّمَاءِ على الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ لِعُمَرَ رضي اللَّهُ عنه لَا تَنْسَنَا يا أَخِي من دُعَائِك قال وما زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَهُ الدُّعَاءَ فَصْلٌ الثَّالِثُ الْعَامِلُ عليها كَالْجَابِي وَالْكَاتِبِ وَالْقَاسِمِ وَالْحَاشِرِ وَالْحَافِظِ وَالْكَيَّالِ والوازن ( ( ( والوزان ) ) ) وَالْعَدَّادِ وَمَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فيها وَقِيلَ لِأَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ الْكَتَبَةُ من الْعَامِلِينَ قال ما سَمِعْت وَأُجْرَةُ كَيْلِ الزَّكَاةِ وَوَزْنِهَا وَمُؤْنَةِ دَفْعِهَا على الْمَالِكِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَامِلِ مُكَلَّفًا ( و ) أَمِينًا ( وَ ) وَكَذَا إسْلَامُهُ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ ( وَ ) لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلِاشْتِرَاطِ الْأَمَانَةِ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ لِأَنَّهُ ليس بِأَمِينٍ وَلِهَذَا قال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه لَا تَأْمَنُوهُمْ وقد خَوَّنَهُمْ اللَّهُ
وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( م 7 ) قال ابن عقيل وأبو يعلى الصغير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَامِلِ مُكَلَّفًا أَمِينًا وَكَذَا إسْلَامُهُ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قال في الرِّعَايَةِ وفي الْكَافِرِ وَقِيلَ الذِّمِّيُّ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ
____________________
1-
(2/457)
وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهُ الْوَصِيُّ في مَالِ الْيَتِيمِ بَيْعًا وَابْتِيَاعًا كَذَا قال وَيَأْتِي في أَوَّلِ الرَّهْنِ قال الْقَاضِي وَغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ إجَارَةٌ أو وَكَالَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَلَّى لم يَأْخُذْ بِحَقِّ عِمَالَتِهِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ السَّاعِي بِحَقِّ جِبَايَتِهِ كَذَا قال وَيُتَوَجَّهُ من هذا في الْمُمَيِّزِ الْعَاقِلِ الْأَمِينِ تَخْرِيجُ
وَكَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إذَا علم ( ( ( عمل ) ) ) الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ على الزَّكَاةِ لم يَكُنْ له أَخْذُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ رزقة من بَيْتِ الْمَالِ قال ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَ صَالِحٌ عن أبيه الْعَامِلُ هو السُّلْطَانُ الذي جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى له الثَّمَنَ في كِتَابِهِ وَنَقَلَ عبدالله نَحْوَهُ كَذَا ذُكِرَ وَمُرَادُ أَحْمَدَ إذَا لم يَأْخُذْ من بَيْتِ الْمَالِ شيئا فَلَا اخْتِلَافَ أو أَنَّهُ على ظَاهِرِهِ
وفي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ من غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وَجْهَانِ الْأَشْهَرُ لَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَقَرَابَةِ رَبِّ الْمَالِ من وَالِدٍ وَوَلَدٍ وَالْأَظْهَرُ بَلَى ( ش ) وقال الشَّيْخُ إنْ أَخَذَ أُجْرَتَهُ من غَيْرِهَا جَازَ وَقِيلَ إنْ مُنِعَ من الْخُمُسِ جَازَ ( م 8 ) وَلَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وهو ( ( ( يشترط ) ) ) الصحيح ( ( ( حريته ) ) ) اختاره ( ( ( ه ) ) ) القاضي قاله في ( ( ( فقره ) ) ) الهداية وغيره قال الزركشي أظنه ( ( ( ع ) ) ) في المجرد ( ( ( وفيهما ) ) ) واختاره الشيخ الموفق والمجد والشارح والناظم وغيرهم قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في المقنع والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وجزم به في الإفادات والوجيز وتذكرة ابن عبدوس ونهاية ابن رزين والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وهو الصواب والرواية الثانية لا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ قال ( ( ( وحريته ) ) ) المجد في شرحه وتبعه المصنف اختاره الأكثر انتهى ( قلت ) منهم القاضي في التعليق والجامع الصغير وجزم به الخرقي وصاحب الفصول والتذكرة والمبهج وعقود ابن البنا وغيرهم وقدمه في الهداية ( ( ( عمالة ) ) ) والمستوعب ( ( ( تفويض ) ) ) والخلاصة وشرح ( ( ( تنفيذ ) ) ) ابن رزين وإدراك الغاية ونظم المفردات وغيرهم وقال القاضي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَامِلًا في زَكَاةٍ خَاصَّةٍ عُرِفَ قَدْرُهَا وَإِلَّا فَلَا انتهى
( تنبيه ( ( ( للقاضي ) ) ) ) بنى بعض ( ( ( تعليقه ) ) ) الأصحاب الخلاف هنا ( ( ( العامل ) ) ) على ( ( ( الفقه ) ) ) ما يَأْخُذُهُ العامل ( ( ( جاز ) ) ) إن قلنا ما يَأْخُذُهُ أجرة ( ( ( كسعاة ) ) ) لم ( ( ( النبي ) ) ) يشترط إسلامه وإن قلنا ( ( ( الفسق ) ) ) هو ( ( ( ينافي ) ) ) زكاة اشترط إسلامه والصحيح من المذهب ( ( ( جواز ) ) ) المنصوص ( ( ( كونه ) ) ) عن ( ( ( كافرا ) ) ) الإمام ( ( ( كونه ) ) ) أحمد ( ( ( فاسقا ) ) ) أَنْ ما يَأْخُذُهُ أُجْرَةً
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وفي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ من غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وَجْهَانِ الْأَشْهَرُ لَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَقَرَابَةِ رَبِّ الْمَالِ من وَالِدٍ وَوَلَدٍ وَالْأَظْهَرُ بَلَى وقال الشَّيْخُ إنْ أُعْطِيَ أُجْرَتَهُ من غَيْرِهَا جَازَ وَقِيلَ إنْ مُنِعَ من الْخُمُسِ جَازَ انْتَهَى
____________________
1-
(2/458)
يشترط حريته ( ه ش ) ولا فقره ( و ) وذكره صاحب المحرر ( ع ) فيه وفيهما وجه وقيل يشترط إسلامه وحريته في عمالة تفويض لا تنفيذ وقال في الأحكام السلطانية يجوز أن يكون الكافر عاملا في زكاة خاصة عرف قدرها وإلا فلا وقيل للقاضي في تعليقه من شرط العامل الفقه فقال من شرطه معرفة ما تجب قيه الزكاة وجنسه كما يحتاج الشاهد معرفة كيف يتحمل الشهادة وفي الأحكام السلطانية يشترط علمه بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض وإن كان منفذا فقد عين له الإمام ما يأخذه جاز أن لا يكون عالما وأطلق غيره أنه لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه كسعاة النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن مرادهم والله أعلم بالأمانة العدالة وجزم باشتراطها في الأحكام السلطانية وسبق قولهم إنها ولاية
وذكر الشيخ وغيره أن الوكيل لا يوكل إلا أمينا وأن الفسق ينافي ذلك ويتوجه من جواز كونه كافرا فاسقا مع الأمانة ولعله مرادهم وإلا فلا يتوجه اعتبارا العدالة مع الأمانة دون الإسلام ويجوز أن يكون الرعاي والحمال ونحوهما كافرا أو عبدا وغيرهما لأن ما يأخذه اجرة لعلمه لا لعمالته وذكر أبو المعالي أنه يشترط كونه كافيا وهو مراد غيره وظاهر ما سبق لا يشترط ذكوريته وهذا متوجه ومن وكل من يفرق زكاته لم يدفع إليه من سهم العامل وما يأخذه العامل أجرة في المنصوص ( و ) وذكره ابن عبد البر ( ع ) وعنه الثمن مما يجبيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ من غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وهو الصَّحِيحُ على ما اصْطَلَحْته في الْخُطْبَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وابن تَمِيمٍ في مُخْتَصَرِهِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ الْمُسَدِّدُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الْأَظْهَرُ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قال الْمُصَنِّفُ وهو الْأَشْهَرُ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا قال الزَّرْكَشِيّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ البنا ( ( ( البناء ) ) ) وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ له في الشُّرُوطِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وقال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَيْضًا إنْ أَخَذَ أُجْرَتَهُ من غَيْرِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ على ذلك
____________________
1-
(2/459)
قال صاحب المحرر فعليها إن جاوزت أجرته الثمن أعطيه من مال المصالح ( ش ) ويقدم بأجرته على غيره وله الأخذ وإن تطوع بعمله لأن عليه السلام أمر لعمر رضي الله عنه بعمالة فقال إنما عملت لله فقال إذا أعطيت شيئا من غير تسأل فكل وتصدق متفق عليه وعن بريدة مرفوعا من استعملناه على عمل فرزقناه رزق فما أخذ بعد ذلك فهو غلول إسناده جيد رواه أبو داود
قال صاحب المحرر فيه تنبيه على جواز أخذ العامل حقه من تحت يده فيقبض من نفسه وما قاله متوجه ولا يعارض ما رواه مسلم عن عدي بن عميرة مرفوعا من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى وعن رافع بن خديج مرفوعا العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة
والترمذي وحسنه وإسناده جيد وفيه ابن إسحاق وقد صرح بالسماع وعن أبي موسى مرفوعا إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفرا طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له أحد المتصدقين متفق عليه وسبق في مانع الزكاة المتعدي في الصدقة كمانعها وعن جرير أن ناسا من الأعراب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن ناسا من المصدقين يأتونا فيظلموننا فقال أرضوا مصدقكم رواه مسلم وأبو داود وزاد قالوا يا رسول الله وإن ظلمونا قال وإن ظلمتم وهذا يدل أن
____________________
(2/460)
بعض الظلم لا يفسق وإلا لا نعزل ولم يجزىء الدفع
وفي شرح مسلم قد يكون الظلم بغير معصية كذا قال ولأبي داود بإسناد جيد عن بشير بن الخصاصية قلنا يا رسول الله إن قوما من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا فقال لا وتأتي مسألة الظفر آخر طريق الحكم
وإذا تَلِفَتْ الزَّكَاةُ بيده بِلَا تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ وَيُعْطَى أُجْرَتَهُ من بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لَا يُعْطَى شيئا ( وه ) قال ابن تَمِيمٍ واختاره صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْأَصَحُّ ( * ) أَنَّهُ إذَا جُعِلَ له جُعْلٌ على عَمَلِهِ فَلَا شَيْءَ له قبل تَكْمِيلِهِ وَإِنْ عَقَدَ له إجازة ( ( ( إجارة ) ) ) وَعَيَّنَ أُجْرَتَهُ مِمَّا يَأْخُذُهُ فَلَا شَيْءَ له عِنْدَ تَلَفِ ما أَخَذَهُ وَإِنْ لم يتعين ( ( ( يعين ) ) ) أو بَعَثَهُ الْإِمَامُ ولم يُسَمِّ له شيئا أُعْطِي من بَيْتِ الْمَالِ وَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ نَفَلَ الْعَامِلَ من غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا تَسْمِيَةِ شَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ عَقَدَ له إجَارَةً
وَلِلْعَامِلِ تَفْرِقَةُ الزَّكَاةِ إنْ أَذِنَ في ذلك أو أَطْلَقَ لِخَبَرِ عِمْرَانَ ابن حُصَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا وإذا تَأَخَّرَ الْعَامِلُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَشَاغُلًا بِأَخْذِهَا من نَاحِيَةٍ اُقْتُصِرَ على هذا في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ أو عُذْرٌ غَيْرُهُ انتظر ( ( ( انتظره ) ) ) أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ ولم يَخْرُجُوا وَإِلَّا أَخْرَجُوا بِأَنْفُسِهِمْ بِاجْتِهَادٍ أو تَقْلِيدٍ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْعَامِلُ وقد أَخْرَجُوا وكان اجْتِهَادُهُ مُؤَدِّيًا إلَى إيجَابِ ما أَسْقَطَ رَبُّ الْمَالِ أو الزِّيَادَةِ على ما أَخْرَجَهُ نَظَرٌ فَإِنْ كان وَقْتَ مَجِيئِهِ بَاقِيًا فَاجْتِهَادُ الْعَامِلِ أَمْضَى
وَإِنْ كان فَانِيًا فَاجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ أَنْفَذُ وَأَبْدَلُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَقْتُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وإذا تَلْفِتْ الزَّكَاةُ بيده بِلَا تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ وَيُعْطَى أُجْرَتَهُ من بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لَا يُعْطَى شيئا قال ابن تَمِيمٍ اختاره صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْأَصَحُّ إلَى آخِرِهِ هذا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَصَوَابُهُ وقال ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ إلَى آخِرِهِ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلُ قال ابن تَمِيمٍ لِأَنَّ هذا الْقَوْلَ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لَهُمَا لِأَنَّهُ مُفَصَّلٌ وَحَذَفَ الْهَاءَ من قَوْلِهِ وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ لم يذكر ما اخْتَارَهُ إلَّا بَعْدَ ذلك وَزِيَادَةِ هو قبل قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ كما قَرَرْنَاهُ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/461)
مجيئه وقت الإمكان وإن أسقط العالم أو أخذ دون ما يعتقد المالك وجوبه لزمه الإخراج زاد في الأحكام السلطانية فيما بينه وبين الله تعالى وسبق ما يتعلق بهذا آخر الخلطة ولا وجه لتعلق القاضي بما نقله حرب إذا لم يأخذ السلطان منه تمام العشر يخرج تمام العشر يتصدق به
وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ دَفْعَ زَكَاتِهِ إلَى الْعَامِلِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَحَلَفَ الْعَامِلُ وبرىء ( ( ( وبرئ ) ) ) وَإِنْ ادَّعَى العالم ( ( ( العامل ) ) ) الدَّفْعَ إلَى فَقِيرٍ صُدِّقَ الْعَامِلُ في الدَّفْعِ وَالْفَقِيرُ في عَدَمِهِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِهَا وَلَوْ عُزِلَ وَيَأْتِي حُكْمُ هَدَيْته في الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ عليه في وَضْعِهَا غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَا في أَخْذِهَا منهم وَإِنْ شَهِدَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قبل التَّنَاكُرِ وَالتَّخَاصُمِ قُبِلَ وَغُرِّمَ الْعَامِلُ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ شَهِدَ أَهْلُ السَّهْمَانِ عليه أو له لم يُقْبَلْ وَلَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ حِسَابِ ما تَوَلَّاهُ إذَا طَلَبَ منه جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي حُمَيْدٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ على الصَّدَقَةِ فلما جاء حَاسَبَهُ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه مُحَاسَبَةُ الْعُمَّالِ لِيَعْلَمَ ما قَبَضُوهُ وما صَرَفُوهُ وَكَالْخَرَاجِ وَقَالَهُ ( ه ) في الْعُشْرِ وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ يَلْزَمُهُ مع التُّهْمَةِ وَيَأْتِي حُكْمُ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَصْلٌ الرَّابِعُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَهُمْ رُؤَسَاءُ قَوْمِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أو كَفُّ شَرِّهِ وَمُسْلِمٌ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إيمَانِهِ أو إسْلَامُ نَظِيرِهِ أو نُصْحُهُ في
____________________
(2/462)
ضَعْفِ إسْلَامِهِ لَا أَنَّهُ مُطَاعٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ويعطى الْغَنِيُّ ما يَرَى الْإِمَامُ أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَمُرَادُهُ ما ذَكَرَهُ ما يَحْصُلُ بِهِ التَّأْلِيفُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَا يُزَادُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَعَنْهُ انْقِطَاعُ حُكْمِهِمْ ( وه م ) وَعَنْهُ مع كُفْرِهِمْ ( وش ) فَعَلَيْهَا يُرَدُّ مهمهم ( ( ( سهمهم ) ) ) على بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ أو يُصْرَفُ في مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ نَصَّ عليه وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ على بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ فَقَطْ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا إلَّا ما رَوَاهُ حَنْبَلٌ وَذَكَرَ النَّصَّ السَّابِقَ ولم يذكر له دَلِيلًا ثُمَّ هل يَحِلُّ لِلْمُؤَلَّفِ ما يَأْخُذُهُ يُتَوَجَّهُ إنْ أعطي الْمُسْلِمُ لِيَكُفَّ ظُلْمُهُ لم يَحِلَّ كَقَوْلِنَا في الْهَدِيَّةِ لِلْعَامِلِ لِيَكُفَّ ظُلْمُهُ وَإِلَّا حَلَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ الْخَامِسُ الرِّقَابُ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ قال جَمَاعَةٌ وَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَجِيءِ الْمَالِ فياخذون ما يُؤَدُّونَ لِعَجْزِهِمْ وَلَوْ مع الْقُوَّةِ وَالْكَسْبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ إذَا حَلَّ نَجْمٌ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ في الْمُؤَجَّلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ مُكَاتَبٌ بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ لِلتُّهْمَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ لِبُعْدِ احْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ مع وُجُودِهِ مع الْبَيِّنَةِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ ( * ) وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا ( وه ش ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَقْيَسُ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقَّهُ بِمَالِهِ أَشَدُّ من تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَالِدِ بِمَالِ الْوَلَدِ وَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أو إبْرَاءٍ فما فَضُلَ معه فَهَلْ هو له كما ( ( ( وكما ) ) ) لو فَضَلَ معه شَيْءٌ من صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ أو لِلْمُعْطِي كما لو أُعْطِي شيئا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( الثاني ) قوله ولا يقبل إنه مكاتب بلا بينة وكذا إن صدقه سيده للتهمة وفيه وجه وأطلق بعضهم وجهين انتهى الوجه الأول قدمه المصنف عدم قبول قوله ولو صدقه سيده ولم أر من تابعه على ذلك والوجه الثاني يقبل قوله إذا صدقه سيده وبه قطع في الوجيز والآدمي في منتخبه ومنوره وتذكرة ابن عبدوس والإفادات وغيرهم قال المجد في شرحه وهو الأصح وقدمه في محرره ( قلت ) وهو الصحيح وأطلق الوجيز في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجا ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وتجريد العناية وغيرهم
____________________
1-
(2/463)
رِوَايَتَانِ ( م 9 ) وَقِيلَ لِلْمُكَاتِبِينَ غَيْرُهُ وَلَوْ اسْتَدَانَ ما عَتَقَ بِهِ وَبِيَدِهِ من الزَّكَاةِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَلَهُ صرف ( ( ( صرفه ) ) ) فيه لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ أو مَاتَ وَنَحْوُ ذلك ولم يُعْتَقْ بِمِلْكِهِ فَعَنْهُ ما بيده لِسَيِّدِهِ ( وه ) وَعَنْهُ لِلْمُكَاتِبِينَ وَقِيلَ لِلْمُعْطِي قال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَلَوْ كان دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ اسْتَرْجَعَهُ الْمُعْطِي ( وم ش ) وَقِيلَ لَا يَسْتَرْجِعُ منه كما لو قَبَضَهَا منه ثُمَّ أَعْتَقَهُ ( م 10 ) وإن اشترى بالزكاة شيئا ثم عجز والعوض بيده فهو لسيده على الأولى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وَإِنْ اعتق يَعْنِي الْمُكَاتَبَ بِأَدَاءٍ أو إبْرَاءٍ فما فَضَلَ معه فَهَلْ هو له كما لو فَضُلَ معه شَيْءٌ من صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ أو لِلْمُعْطِي كما لو أُعْطِي شيئا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يَرُدُّ ما فَضُلَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وتذكره ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن منجا في شَرْحِ الْمُقْنِعِ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرُدُّ بَلْ يَأْخُذُ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ أو مَاتَ وَنَحْوُ ذلك ولم يُعْتَقْ بِمِلْكِهِ فَعَنْهُ ما بيده لِسَيِّدِهِ وَعَنْهُ لِلْمُكَاتِبِينَ وَقِيلَ لِلْمُعْطِي قال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَلَوْ كان دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ اسْتَرْجَعَهُ الْمُعْطِي وَقِيلَ لَا يَسْتَرْجِعُ منه كما لو قَبَضَهَا منه ثُمَّ أَعْتَقَهُ انْتَهَى إحْدَاهُمَا ما بيده لِسَيِّدِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ هذا أَصَحُّ زَادَ في الْكُبْرَى وَأَشْهُرُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ فِيمَا إذَا عَجَزَ وَقَدَّمَهُ الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ أنها تُسْتَرَدُّ إذَا عَجَزَ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُرَدُّ لِلْمُكَاتِبِينَ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْتَمِلُهُ تَقْدِيمُهُ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ فِيمَا إذَا عَجَزَ حتى لو قَبَضَهَا سَيِّدُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ في بَابِ الْكِتَابَةِ وَمَالَ إلَى الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى فِيمَا إذَا كان ما معه من صَدَقَةٍ مَفْرُوضَةٍ وَقَطَعَ بِمَا إذَا كان من صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ أو وَصِيَّةٍ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقِيلَ هو لِلْمُعْطِي حتى قال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ وَقِيلَ لَا تُؤْخَذُ من سَيِّدِهِ كما لو قَبَضَهَا منه ثُمَّ أَعْتَقَهُ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ
____________________
1-
(2/464)
وَفِيهِ على الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنِهِ قال أَصْحَابُنَا وهو الْأَوْلَى كما يَجُوزُ ذلك لِلْإِمَامِ فَإِنْ رَقَّ لِعَجْزِهِ أُخِذَتْ من سَيِّدِهِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنَّمَا يَجُوزُ بِلَا إذْنِهِ إنْ جَازَ الْعِتْقُ منها لِأَنَّهُ لم يَدْفَعْ إلَيْهِ وَلَا إلَى نَائِبِهِ كَقَضَاءِ دَيْنِ الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِهِ
وَلَوْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ بِيَدِ الْمُكَاتَبِ أَجْزَأَتْ ولم يَغْرَمْهَا عَتَقَ أو رُدَّ رَقِيقًا وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَ من الزَّكَاةِ أَسِيرًا مُسْلِمًا نَصَّ عليه اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ آخرو ( ( ( آخرون ) ) ) وَعَنْهُ لَا قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ ( وَ ) وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ وقال أبو الْمَعَالِي وَكَذَا لو دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَرَّمَهُ سُلْطَانٌ مَالًا لِيَدْفَعَ جَوْرَهُ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ منها رَقَبَةً يُعْتِقُهَا بِغَيْرِ رَحِمٍ ( وم ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وَكَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَوْنُ الْعِتْقِ إسْقَاطًا لَا يَمْنَعُ سُقُوطَ الْفَرْضِ بِهِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ التَّمْلِيكُ في غَيْرِهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا يَجُوزُ ( وه ش ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِعَدَمِ التَّمْلِيكِ الْمُسْتَحَقِّ فيه رِوَايَتَانِ ( م 12 ) فَإِنْ جَازَ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ أو مُكَاتَبَهُ عن زَكَاتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 11 ) قوله ( ( ( الجواز ) ) ) وإن اشترى بالزكاة ( ( ( علق ) ) ) شيئا ( ( ( العتق ) ) ) ثُمَّ عجز ( ( ( نواه ) ) ) والعوض بيده ( ( ( الزكاة ) ) ) فهو لسيده ( ( ( الشرط ) ) ) على الأولى ( ( ( يجزئه ) ) ) وفيه على ( ( ( جعله ) ) ) الثانية وجهان انتهى ( ( ( أصلا ) ) ) وأطلقهما ( ( ( للعتق ) ) ) ابن تَمِيمٍ وابن ( ( ( وهل ) ) ) حمدان ( ( ( يعقل ) ) ) في الرعاية الكبرى أحدهما يكون للمكاتبين كالرواية الثانية في المسألة التي قبلها وهو الصواب ثم رأيت الشيخ في المغني والشارح وابن رزين قطعوا بذلك في باب ( ( ( ثمنها ) ) ) الكتابة وقالوا حكمه حكم ما إذا وجد المأخوذ بعينه والوجه الثاني لَا يصرف ( ( ( يعتق ) ) ) للمكاتبين ( ( ( رقبة ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِي منها رَقَبَةً تُعْتَقُ بِغَيْرِ رَحِمٍ أو لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ الْمُسْتَحِقِّ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيّ رَجَعَ أَحْمَدُ عن الْقَوْلِ بِالْعِتْقِ حَكَاهُ من رِوَايَةِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بن مُوسَى وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَنَدِي وُرُودُهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وعنه لا يعتق من زكاته
____________________
1-
(2/465)
ففي الجواز وجهان ولو علق العتق بشرط ثم نواه من الزكاة عند الشرط لم يجزئه ( و ) جعله صاحب المحرر أصلا للعتق بالرحم ( و ) خلافا للحسن وعنه الرقاب عبيد يشترون من الزكاة ويعتقون خاصة ( وم ) ما لم يعط المكاتب منها في آخر نجم ومن عتق من الزكاة قال بعضهم حتى المكاتب وذكره بعضهم وجها رد ما رجع من ولائه في عتق مثله في ظاهر المذهب وقيل وفي الصدقات قدمه ابن تميم وهل يعقل عنه فيه روايتان ( م 13 ) وعنه ولاؤه لمن أعتقه وما أعتقه الساعي من الزكاة فولاؤه للمسلمين وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ من زَكَاتِهِ رَقَبَةٌ لَكِنْ يُعَيِّنُ في ثَمَنِهَا وكذا قال أبو بَكْرٍ لَا يُعْتَقُ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا يعطي ( ( ( بعضها ) ) ) الْمُكَاتَبُ لجهة الفقر لِأَنَّهُ عيد ( ( ( معتق ) ) ) ذكره ( ( ( فيعقل ) ) ) جماعة فصل ( ( ( كالذي ) ) ) السَّادِسُ الْغَارِمُونَ إمَّا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ قال في الْعُمْدَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ وفي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من الْمُسْلِمِينَ فَيَأْخُذُ ما غَرِمَ وَلَوْ كان غَنِيًّا خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وإن ( ( ( وإما ) ) ) غَارِمٌ لِنَفْسِهِ في مُبَاحٍ أو اشْتَرَى نَفْسَهُ من الْكُفَّارِ فَيُعْطَى قَدْرَهُ مع فَقْرِهِ فَلَوْ فَضَلَ من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) رقبة لكن يعين في ثمنها قال أبو بكر لا يعتق رقبة كاملة قال في الرعاية وعنه لا يعتق منها رقبة تامة وعنه ولا بعضها بل يعين في ثمنها انتهى ولم يذكرهما المصنف هنا
( مسألة 13 ) قوله ومن عتق من الزكاة قال بعضهم حتى المكاتب وذكره بعضهم وجها رد ما رجع من ولائه في عتق مثله في ظاهر المذهب وقيل وفي الصدقات قدمه ابن تميم وهل يعقل عنه فيه روايتان انتهى إحداهما لا يعقل عنه ( قلت ) وهو الصواب ثم وجدت قدمه الشيخ قدمه في المغني ونصره وقال اختاره الخلال ذكره في باب قسمه الفيء والصدقة فقال فصل ولا يعقل عنه اختاره الخلال وعنه أنه يعقل عنه اختاره أبو بكر لأنه معتق فيعقل عنه كالذي أعتقه من ماله وإنما لم يأخذ من ميراثه بالولاء لئلا ينتفع بزكاته والعقل عنه ليس بانتفاع فيبقى على الأصل ثم قال ولنا أنه لا ولاء عليه فلم يعقل عنه كما لو كان وكيلا في العتق ولأنه لا يرثه فلم يعقل عنه كما لو اختلف دينهما وما ذكروه يبطل بالوكيل والساعي إذا أعتق من الزكاة انتهى ويأتي قريبا من ذلك في أول باب الولاء من كلام أبي المعالي
____________________
1-
(2/466)
الْكِفَايَةِ بِقَدْرِ بَعْضِهِ أُعْطِيَ بِقَدْرِ بَقِيَّتِهِ وَقِيلَ وَغِنَاهُ ( وق ) وَنَقَلَهُ محمد بن الْحَكَمِ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على أَنَّهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وإذا قُلْنَا الْغَنِيُّ من له خَمْسُونَ دِرْهَمًا لم يَمْنَعْ ذلك الْأَخْذُ بِالْغُرْمِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
فَعَلَى هذا من له مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أُعْطِيَ خَمْسِينَ وَإِنْ كان عليه أَكْثَرُ تُرِكَ له مِمَّا معه خَمْسُونَ وَأُعْطِي تَمَامَ دَيْنِهِ وَالثَّانِيَةُ يُمْنَعُ فَلَا يُعْطَى حتى يَصْرِفَ ما في يَدِهِ وَلَا يُزَادُ على خَمْسِينَ فإذا صَرَفَهَا في دَيْنِهِ أُعْطِي مِثْلَهَا حتى يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَمَذْهَبُ ( م ) من عليه دَيْنٌ وَمَعَهُ بِقَدْرِهِ أو قَدْرِ بَعْضِهِ أُعْطِيَ بِقَدْرِ كَمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَمَنْ له أَلْفٌ وَعَلَيْهِ أَلْفَانِ وَلَهُ دَارٌ أو خَادِمٌ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ لم يُعْطَ شيئا فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ في دَيْنِهِ ولم يَكُنْ في الدَّارِ أو الْخَادِمِ فَضْلٌ بغنيه ( ( ( يغنيه ) ) ) أُعْطِي وكان من الْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ هذا مَذْهَبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَارِمٌ بِلَا بينه وَيُقْبَلُ إنْ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ في الْأَصَحِّ وَمَنْ غَرِمَ في مَعْصِيَةٍ لم يُدْفَعْ إلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ تَابَ دُفِعَ إلَيْهِ في الْأَصَحِّ
وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ في الْمَعَاصِي حتى افْتَقَرَ دُفِعَ إلَيْهِ من سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْغَارِمِ ما يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ لم يَجُزْ صَرْفُهُ في غَيْرِهِ وَإِنْ كان فَقِيرًا وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْغَازِي لَا يَصْرِفُ ما يَأْخُذُهُ إلَّا لِجِهَةِ وَاحِدَةٍ وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْغَارِمِ لِفَقْرِهِ جَازَ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ وحكى وَجْهٌ وَإِنْ أبرىء ( ( ( أبرئ ) ) ) الْغَرِيمُ أو قضي دَيْنَهُ من غَيْرِ الزَّكَاةِ اُسْتُرِدَّ منه على الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ( وش ) ثُمَّ قال وقال الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ هو على الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُكَاتَبِ فَإِنْ قُلْنَا أَخَذَهُ هُنَاكَ مُسْتَقَرٌّ فَكَذَا هُنَا قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرَهُ قال فَإِنْ كان فَقِيرًا فَلَهُ إمْسَاكُهَا وَلَا تُؤْخَذُ منه
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ وَقَالَهُ غَيْرُهُ إذَا اجْتَمَعَ الْغُرْمُ وَالْفَقْرُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أُخِذَ بِهِمَا فَإِنْ أَعُطِيَ لِلْفَقْرِ فَلَهُ صَرْفُهُ في الدَّيْنِ وَإِنْ أُعْطِيَ لِلْغُرْمِ لم يَصْرِفْهُ في غَيْرِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّ من أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ وهو الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَالْعِمَالَةُ وَالتَّأْلِيفُ صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ كَسَائِرِ مالله وَإِنْ لم يَسْتَقِرَّ صَرْفُهُ فِيمَا أَخَذَهُ له خَاصَّةً لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِهِ عليه من كل وَجْهٍ
وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ منه إذَا أبرىء ( ( ( أبرئ ) ) ) أو لم يَغْرَمْ وَمَنْ تَحَمَّلَ بِسَبَبِ إتْلَافِ مَالٍ أو نَهْبٍ أَخَذَ من الزَّكَاةِ وَكَذَا إنْ ضَمِنَ عن غَيْرِهِ مَالًا وَهُمَا مُعْسِرَانِ جَازَ الدَّفْعُ إلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقِيلَ يَجُوزُ الدَّفْعُ أَيْضًا إنْ كان الْأَصِيلُ مُعْسِرًا وَالْحَمِيلُ مُوسِرًا وفي
____________________
(2/467)
التَّرْغِيبِ يَجُوزُ إنْ ضَمِنَ مُعْسِرٌ مُوسِرًا بِلَا أَمْرِهِ وَيَأْخُذُ الْغَارِمُ لِذَاتِ الْبَيْنِ قبل حُلُولِ دَيْنِهِ وفي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ الْوَجْهَانِ ( * ) وَلَوْ وَكَّلَ الْغَارِمُ من عليه زَكَاةٌ قبل قَبْضِهَا منه بِنَفْسِهِ أو لِوَكِيلِهِ في دَفْعِهَا إلَى الْغَرِيمِ عن دَيْنِهِ جَازَ نَصَّ عليه وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ ضِدُّهُ وَسَبَقَ في فُصُولِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِجْزَائِهَا قَبْضُ الْفَقِيرِ
فَإِنْ قِيلَ قد وَكَّلَ الْمَالِكُ قِيلَ فَلَوْ قال اشْتَرِ لي بها شيئا ولم يَقْبِضْهَا منه فَيَصِيرُ قد وَكَّلَهُ أَيْضًا وَلَا يجزىء لِعَدَمِ قَبْضِهَا وَلَا فَرْقَ فَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا التَّسْوِيَةُ وَتَخْرِيجُهُمَا على قَوْلِهِ لِغَرِيمِهِ تَصَدَّقْ بِدَيْنِي عَلَيْك أو ضَارَبَ بِهِ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ قَبْضِهِ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ يَصِحُّ بِنَاءً على أَنَّهُ هل يَصِحُّ قَبْضُهُ من نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَيَأْتِي في التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ ( و ) وَإِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِ الْفَقِيرِ فَعَنْهُ يَصِحُّ صَحَّحَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ كَدَفْعِهَا إلَى الْفَقِيرِ
وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ عنه لَا ( م 14 ) ( وه ) لِمَا سَبَقَ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ على الْغَارِمِ وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ إلَّا بِتَوْكِيلِهِ وَأَظُنُّ الشَّيْخَ ذَكَرَ هذا أَيْضًا وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَلِلْإِمَامِ قَضَاءُ الدَّيْنِ من الزَّكَاةِ بِلَا وَكَالَةٍ لِوِلَايَتِهِ عليه في إبقائه ( ( ( إيفائه ) ) ) وَلِهَذَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تنبيهان ( ( ( يجبره ) ) ) أحدهما ) قوله يأخذ ( ( ( امتنع ) ) ) الغريم ( ( ( ويشترط ) ) ) لذات البين ( ( ( إخراج ) ) ) قبل ( ( ( الزكاة ) ) ) حلول ( ( ( تمليك ) ) ) دينه ( ( ( المعطى ) ) ) وفي الْغَارِمَ لنفسه الوجهان ( ( ( يشترط ) ) ) لعله ( ( ( تمليكه ) ) ) أراد بالوجهين الوجهين ( ( ( تعالى ) ) ) اللذين في ( ( ( والغارمين ) ) ) المكاتب قبل ( ( ( يقل ) ) ) اين ( ( ( وللغارمين ) ) ) يحل النجم فإن كان أراد ذلك فالصحيح من المذهب جواز الأخذ قبل حله نص عليه وقدمه المصنف وغيره
* ( الثاني ) قوله فيه تخريج يصح بناء على أنه هل يصح قبضه من نفسه لموكله وفيه روايتان ويأتي في التصرف في الدين انتهى يأتي هذا في التصرف في الدين في أواخر باب المسلم ووقد أطلق الخلاف هناك وقدم المصنف الصحة في باب التصرف في المبيع وقال إن أحمد نص عليه
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِ الْفَقِيرِ فَعَنْهُ يَصِحُّ صَحَّحَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ كَدَفْعِهَا إلَى الْفَقِيرِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَعَنْهُ لَا انْتَهَى إحْدَاهُمَا يَصِحُّ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ جَازَ على الْأَصَحِّ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وفي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْعَارٌ بِمَيْلِهِ إلَيْهِ
____________________
1-
(2/468)
يجبره عليه إذا امتنع في إخراج الزكاة تميلك المعطي ( و ) فلا يجوز أن يغذي الفقراء والمساكين ويعشيهم ولا يقضي منها دين ميت غرمه لمصلحة نفسه أو غيره حكاه أبو عبيد وابن عبد البر ( ع ) لعدم أهليته لقبولها كما لو كفنه منها ( ع ) وحكي ابن المنذر عن أبي ثور يجوز
وعن مالك أو بعض أصحابه مثله وأطلق صاحب التبيان الشافعي وجهين واختاره شيخنا وذكره إحدى الروايتين عن أحمد لأن الغارم لا يشترط تمليكه لأن الله تعالى قال { والغارمين } ولم يقل وللغارمين وَإِنْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ من دَيْنِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لم يُجْزِئْهُ نَصَّ عليه سَوَاءٌ كان الْمُخْرَجُ عنه عَيْنًا أو دَيْنًا ( وم ش ) خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَيُتَوَجَّهُ لنا احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ كَقَوْلِهِمَا بِنَاءً على أَنَّهُ هل هو تَمْلِيكٌ أَمْ لَا وَقِيلَ تُجْزِئُهُ من زَكَاةِ دَيْنِهِ حَكَاهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَسْقُطُ زَكَاةُ الدَّيْنِ بِالْإِبْرَاءِ منه وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ
وَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بها جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَ في تَمَامِ الْمِلْكِ من كِتَابِ الزَّكَاةِ هل الْحَوَالَةُ وَفَاءٌ وَذَكَرَ الشَّيْخُ في انْتِقَالِ الْحَقِّ بِالْحَوَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَإِلَّا كان بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لأفارقه حتى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فَأَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا منه أَنَّهُ برىء ( ( ( بريء ) ) ) أَنَّهُ كَالنَّاسِي وَيَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى غَرِيمِهِ لِيَقْضِيَ بها دَيْنَهُ سَوَاءٌ دَفَعَهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً أو اسْتَوْفَى حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمُقْرِضِ نَصَّ على ذلك قال أَحْمَدُ إذَا أَرَادَ إحْيَاءَ مَالِهِ لم يَجُزْ وقال أَيْضًا إنْ كان حِيلَةً فَلَا يُعْجِبُنِي وقال أَيْضًا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ حِيلَةً فَلَا أَرَاهُ
وَنَقَلَ ابن الْقَاسِمِ إذَا أَرَادَ الْحِيلَةَ لم يَصْلُحْ وَلَا يَجُوزُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَعْنِي بِالْحِيلَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّهَا عليه من دَيْنِهِ فَلَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ من شَرْطِهَا تَمْلِيكًا صَحِيحًا فإذا شَرَطَ الرجوع ( ( ( لرجوع ) ) ) لم يُوجَدْ فلم تُجْزِئْهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ حَصَلَ من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالدَّفْعِ إحْيَاءَ مَالِهِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهَا لِلَّهِ فَلَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْعِهِ وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى إنْ قَضَاهُ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ كما لو قَضَى دَيْنَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ زَكَاةً وَيُكْرَهُ حِيلَةً
كَذَا قال وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي الصِّحَّةَ وِفَاقًا إلَّا بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَذَا قال وَاخْتَارَ في النِّهَايَةِ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرَّدِّ لَا يَمْنَعُ التَّمْلِيكَ التَّامَّ لِأَنَّ له الرَّدَّ من غَيْرِ
____________________
(2/469)
جِنْسِهِ فَلَيْسَ مُسْتَحِقًّا وقال وَكَذَا الْكَلَامُ إنْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مُحْتَسِبًا من الزَّكَاةِ كَذَا قال وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ كَلَامَ الْقَاضِي ثُمَّ قال وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِجِهَةِ الْغُرْمِ لم يَمْنَع الشَّرْطُ الْإِجْزَاءَ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الشَّيْخِ ثُمَّ قال وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إلَيْهِ ما قَبَضَهُ وَفَاءً عن دَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى غَرِيمِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ من الزَّكَاةِ ثُمَّ قَبَضَهَا منه وَفَاءً عن دَيْنِهِ لَا أَرَاهُ أَخَافَ أَنْ تَكُونَ حِيلَةً وَدَيْنُ اللَّهِ في الْأَخْذِ لِقَضَائِهِ كَدِينِ الْآدَمِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَمْرِهِ عليه السَّلَامُ لِسَلَمَةَ بن صَخْرٍ بِصَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ لِتُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَصْلٌ السَّابِعُ في سَبِيلِ اللَّهِ وَهُمْ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا حَقَّ لهم في الدِّيوَانِ لِأَنَّ من له رِزْقٌ رَاتِبٌ يَكْفِيه مُسْتَغْنٍ بِذَلِكَ ( و ) فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ كِفَايَةُ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ وَلَوْ مع غِنَاهُمْ ( ه ) نَقَلَ صَالِحٌ إذَا أوصي بِفَرَسٍ تُدْفَعُ إلَى من ليس له فَرَسٌ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا كان ثِقَةً وفي جَوَازِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَازِي ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا أبو حَفْصٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ الْأَشْهَرُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وعبدالله وَكَذَا نَقَلَهُ ابن الْحَكَمِ وَنَقَلَ أَيْضًا يَجُوزُ ( م 15 )
لِأَنَّهُ لَمَّا يَعْتَبِرْ صِفَةَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وهو فَقْرُهُ لم يَعْتَبِرْ صِفَةَ الْمَالِ وَغَيْرُ الْغَازِي بِخِلَافِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ من الزَّكَاةِ فَرَسًا يَكُونُ حَبِيسًا في الْجِهَادِ وَلَا دَارًا أو ضَيْعَةَ للرباط ( ( ( الرباط ) ) ) أو يَقِفُهَا على الْغُزَاةِ وَلَا غَزَوْهُ على فَرَسٍ أَخْرَجَهُ من زَكَاتِهِ نَصَّ على ذلك ( و ) لِأَنَّهُ لم يُعْطِهَا لِأَحَدٍ وَيَجْعَلُ نَفْسَهُ مَصْرِفًا وَلَا يُغْزَى بها عنه وَكَذَا لَا يَحُجُّ هو بها وَلَا يُحَجُّ بها عنه ( و ) وَإِنْ اشْتَرَى الْإِمَامُ بِزَكَاةِ رَجُلٍ فَرَسًا فَلَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ يَغْزُو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ وفي جَوَازِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَازِي ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا أبو حَفْصٍ الْأَشْهَرُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وعبدالله وَكَذَا نَقَلَهُ ابن الْحَكَمِ وَنَقَلَ أَيْضًا يَجُوزُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ كما قال الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَشْهُرُ قال الزَّرْكَشِيّ هذا أَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ كما نَقَلَهُ ابن الْحَكَمِ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ واحد من زَكَاتِهِ خَيْلًا وَسِلَاحًا وَيَجْعَلَهُ في سَبِيلِ اللَّهِ وَعَنْهُ الْمَنْعُ منه انْتَهَى
____________________
1-
(2/470)
عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره أو غرمه وإن لم يغزو رده ( و ) لأنه أعطي على عمل لم يعمله نقل عبدالله إذا خرج في سبيل الله أكل من الصدقة وَهَلْ يَرُدُّونَ ما فَضُلَ بَعْدَ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ لِزَوَالِ الْحَاجَةِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَمْ لَا جَزَمَ بِهِ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ في الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ جُعْلٌ عَمِلَ ما أَخَذَهُ عليه وَلِأَنَّهُ أَخَذَ كِفَايَتَهُ وَإِنَّمَا ضَيَّقَ على نَفْسِهِ فيه وَجْهَانِ ( م 16 ) وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَازٍ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَمْ بِبَيِّنَةٍ فيه وَجْهَانِ ( م 17 ) وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الرِّبَاطَ كَالْغَزْوِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ نَفَقَةَ ذَهَابِهِ وما أَمْكَنَ من نَفَقَةِ إقَامَتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة ( ( ( والحج ) ) ) 16 ) قوله وهل ( ( ( السبيل ) ) ) يردون ما فضل ( ( ( يحج ) ) ) بعد غزوهم وعودهم لزوال الحاجة جزم بِهِ جماعة أم لا جزم به في منتهى الغاية فيه وجهان انتهى وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين أحدهما يلزمه رده وهو الصحيح جزم به في المذهب والكافي والمقنع وشرح ابن منجا والإفادات والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي ونهاية ابن رزين وغيرهم وقدمه في الشرح وصححه في تصحيح المحرر والوجه الثاني لا يرده جزم به المجد في شرحه وابن رزين أيضا في شرحه وصححه الناظم وهو ظاهر ما جزم به في ( ( ( الفرض ) ) ) المغني فإنه قال في باب زكاة الغنم وإن قضي الغارمون والرقاب وفي سبيل الله حاجتهم بها وفضل معهم فضل ردوا الفضل إلا الغازي فإن ما فضل معه بعد غزوة فهو له وذكره الخرقي في غير هذا الموضع انتهى وقال في باب قسم الفيء والغنيمة والصدقة ويدفع إلى الغازي دفعا مراعا فإن لم يغز رده وإن غزا وعاد فقد ملك ما أخذه لأنا دفعنا إليه قدر الكفاية وإنما ضيق على نفسه انتهى وقال في القاعدة الثانية والسبعين قال الخرقي والأكثرون لا يسترد انتهى وحمل الزركشي كلام الخرقي في الجهاد على غير الزكاة انتهى ( قلت ) كلامه يحتمل للأمرين فإنه قال ومن أعطي شيئا يَسْتَعِينُ بِهِ في غزاته فما فضل فهو له انتهى ( ( ( والنفل ) ) ) يحتمل أنه أراد الزكاة وغيرها وهو ظَاهِرُ عبادته ويحتمل أنه ( ( ( والخرقي ) ) ) أراد غير الزكاة ( ( ( والعمرة ) ) ) واحتماله ( ( ( كالحج ) ) ) إرادة الزكاة فقط بعيد ولم يتعرض الشيخ في المغني في الجهاد إلى ما أراد بذلك بل أجراه على ظاهره وكذلك ابن رزين في شرحه
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَازٍ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أن ببينة ( ( ( بنيته ) ) ) فيه وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشارخ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ إلَّا
____________________
1-
(2/471)
والحج من السبيل نص ( ( ( الرجوع ) ) ) عليه وهو المذهب عند الأصحاب وعنه لا اختاره الشيخ ( و ) فعلى الأولى يأخذ الفقير وقيل والغني كوصيته بثلثه في السبيل ذكره أبو المعالي ويأتي في آخر الوقف ما يحج به الفرض أو يستعين به في جزم به غير واحد وعنه والنفل وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وصححه بعضهم والعمرة كالحج في ذلك نقل جعفر ( ( ( القرائن ) ) ) العمرة من سبيل الله ( ( ( بينة ) ) ) وعنه هي سنة ( ( ( بد ) ) ) فَصْلٌ الثَّامِنُ ابن السَّبِيلِ الْمُنْقَطِعُ بِهِ في مُبَاحٍ وفي نُزْهَةٍ وَجْهَانِ ( م 18 ) وَعَلَّلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ ليس بِمَعْصِيَةٍ فَدَلَّ أَنَّهُ يعطي في سفره ( ( ( سفر ) ) ) مَكْرُوهٍ وهو نَظِيرُ إبَاحَةِ الترخيص ( ( ( الترخص ) ) ) فيه لَا سَفَرِ مَعْصِيَةٍ فَإِنْ تَابَ منه دُفِعَ إلَيْهِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ بَلْ سَفَرُ طَاعَةٍ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى كَذَا قال وَعَنْهُ وَمَنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ من بَلَدِهِ ( وش ) فَيَأْخُذُ ما يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ وَلَوْ مع غِنَاهُ بِبَلَدِهِ وَيَأْخُذُ أَيْضًا لِمُنْتَهَى قَصْدِهِ وَعَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ فِيمَا رُوِيَ عن أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْهُمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَ وَطَنَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ فَلَوْ قَطَعْنَاهُ عليه أَضْرَرْنَا بِهِ بِخِلَافِ المنشيء ( ( ( المنشئ ) ) ) لِلسَّفَرِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَأْخُذُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ببينة ( قلت ) الصواب الرجوع في ذلك إلى القرائن فإن دلت على قبول قوله قبلنا من غير بينة وإلا فلا بد من بينة والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ وهو الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ في سَفَرٍ مُبَاحٍ وفي نُزْهَةٍ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ له الْأَخْذُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قال في التَّلْخِيصِ فيعطي بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ وقال في الرِّعَايَةِ وهو من انْقَطَعَ بِهِ في سَفَرٍ مُبَاحٍ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْطَى لِأَنَّهُ من أَقْسَامِ الْمُبَاحِ في الْأَصَحِّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَلَا يُعْطَى قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالصَّحِيحُ الجواز ( ( ( والجواز ) ) ) في سَفَرِ التِّجَارَةِ دُونَ التَّنَزُّهِ ( قُلْت ) وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك
____________________
1-
(2/472)
وظاهر كلام أبي الخطاب وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ابن سَبِيلٍ في وَجْهٍ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَجَزَمَ به جَمَاعَةٌ منهم أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ بِبَيِّنَةٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ ( م 19 ) وَتُعْتَبَرُ بَيِّنَةٌ في أَنَّهُ فَقِيرٌ إنْ كان عُرِفَ بِمَالٍ وَإِلَّا فَلَا وَيُصَدَّقُ في إرَادَةِ السَّفَرِ بِلَا يَمِينٍ وَيَرُدُّ ما فَضُلَ بَعْدَ وُصُولِهِ ( وش ) لِأَنَّ الْأَخْذَ قَارَنَهُ يَسَارٌ سَابِقٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَوْلَا الْحَاجَةُ الْمُعَارِضَةُ فَيَظْهَرُ عَمَلُ الْمُقْتَضِي لَوْلَا الْمُعَارِضُ وَعَنْهُ هو له وَيَكُونُ أَخَذَهُ مُسْتَقِرًّا كَالْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ على ما سَبَقَ وقال أبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ كَذَا قال وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مع جَهْلِ أَرْبَابِهِ فَصْلٌ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مُسْتَحِقٍّ وَاحِدٍ ( وه م ) وَيُسَنُّ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بها لِكُلِّ مصنف ( ( ( صنف ) ) ) ثَمَنُهَا إنْ وُجِدَ حَيْثُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وهو الْمَذْهَبُ ( وه م ) كما لو فَرَّقَهَا السَّاعِي ( و ) وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فيه ( عِ ) وَكَوَصِيَّةٍ لِجَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ ( و ) وَيَخْرُجُ على هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَكَقَوْلِهِ إنْ شفي اللَّهُ مَرِيضِي فَمَالِي صَدَقَةٌ فَشُفِيَ مَرِيضُهُ وَعَنْهُ يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ ( وش ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 19 ) قوله ويقبل قوله إنه ابن سبيل في وجه قدمه بعضهم وجزم جماعة منهم أبو الخطاب والشيخ ببينة عملا بالأصل انتهى أحدهما لا يقبل إلا ببينة وهو الصحيح جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع وشرح المجد وابن منجا والنظم وغيرهم والوجه الثاني يقبل قوله من غير بينة ( ( ( صنف ) ) ) جزم به في التلخيص والبلغة وقدمه في الرعايتين والحاويين
* ( تنبيه ) قوله ولا يجب الاستيعاب نص عليه وعنه يجب فَعَلَى هذا إنْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ وَهَلْ يضمنه ( ( ( يضمن ) ) ) بِالثُّلُثِ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُسْتَحَبُّ أو بِأَقَلَّ جُزْءٍ من السَّهْمِ لِأَنَّهُ المجزىء ( ( ( المجزئ ) ) ) يَتَخَرَّجُ وَجْهَانِ كَالْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِلْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَحَكَاهُمَا ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ من غَيْرِ تَخْرِيجٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَب في الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَقَلَّ جُزْءٍ يجزىء منها فَكَذَا هُنَا وَلَيْسَ من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ كما نَبَّهْنَا عليه في الْخُطْبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/473)
فلا يجزىء من كل صنف دون ثلاثة ( وش ) فعلى هذا إن دفع إلى اثنين ضمن نصيب الثالث وهل يضمن بالثلث لأنه القدر المتسحب أو بأقل جزء من السهم لأنه المجزىء يتخرج وجهان ( ق ) كالأضحية * إذا أكلها وعنه يجزىء واحد اختاره في الانتصار وصاحب المحرر لأنه لما لم يمكن الاستغراق حمل على الجنس كقوله لاتزوجت النساء وكالعامل ( و ) مع أنه بلفظ الجمع وفي سبيل الله وابن السبيل لا جمع فيه
وقال في الانتصار في خمس الغنيمة إذا وجبت الاستيعاب فيه لم لا نقول به في الزكاة ( خ ) ولا تجب التسوية بين الأصناف إن وجب الاستيعاب كتفضيل بعض صنف على بعض وكالوصية للفقراء بخلاف المعين وقال صاحب المحرر وظاهر كلام أبي بكر بإعطاء العامل الثمن وقد نص عليه أحمد وجوبه ( وش ) وقال صاحب الرعاية إن قلنا ما يأخذه العامل أجره أجزأ واحد وإلا فلا ( خ ) ويسقط سهمه إن أخرجها ربها بنفسه ( و ) وإن حرم نقل الزكاة كفى الموجود ببلده
في الأصح ومن فيه سببان أخذ بهما ( و ) وقال صاحب المحرر على الروايتين لأنه عليه السلام أعطي سلمة بن صخر لفقره ودين الكفارة وللعموم كشخصين كالميراث وتعليق طلاق بصفات تجتمع في عين واحدة ولا يجوز أن يعطى بأحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وغيره وقد يتعذر الاستيعاب فلا يعلم المجمع عليه من المختلف فيه وإن أعطي بهما وعين لكل سبب قدرا وإلا كان بينهما نصفين تظهر فائدته لو وجد ما يوجب الرد فَصْلٌ وَيُسَنُّ صَرْفُ زَكَاتِهِ إلَى قَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ ( و ) وفي مَذْهَبِ ( م ) أَيْضًا في الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ وإذا أَحْضَرَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ من أَهْلِهِ من لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِيَدْفَعَ إلَيْهِمْ زَكَاتَهُ دَفَعَهَا قبل خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا وَبَعْدَهُ هُمْ كَغَيْرِهِمْ وَلَا يُخْرِجُهُمْ منها لِأَنَّ فيها ما هُمْ بِهِ أَخَصُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ ( و ) وَالْأَحْوَجُ ( و ) وَإِنْ كان الْأَجْنَبِيُّ أَحْوَجُ أُعْطِي الْكُلَّ ولم يُحَابِ بها قريبة وَالْجَارُ أَوْلَى من غَيْرِ الْجَارِ ( و ) وَالْقَرِيبُ أَوْلَى منه نَصَّ عليه ( ش ) كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَاَلَّذِي وَجَدْته في كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ كَمَذْهَبِنَا وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ وَالدَّيِّنُ على ضِدِّهِمَا وَلَا
____________________
(2/474)
يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ في حَالٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا ( ع ) وَكَذَا إنْ لم تُجِبْ حتى وَلَدِ الْبِنْتِ نَصَّ عليه ( وه م ) لِاتِّصَالِ مَنَافِعِ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا عَادَةً فَيَكُونُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ وَلِهَذَا لم تُقْبَلْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَكَقَرَابَةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِنْ مُنِعُوا الْخُمُسَ احْتَجَّ بهذا جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَقِيلَ يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَشَيْخُنَا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ ( وش ) وَمَذْهَبُ ( م ) لَا نَفَقَةَ لِجَدٍّ وَوَلَدِ وَلَدٍ
وَأَطْلَقَ في الْوَاضِحِ في جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ مَحْجُوبَيْنِ وَجْهَيْنِ وَمَذْهَبُ ( ش ) لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِ عَمُودِي نَسَبِهِ وَلَا يعطى عَمُودِي نَسَبِهِ لِغُرْمٍ لِنَفْسِهِ أو كِتَابَةٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَجُوزُ ( وش ) وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ابْنَ سَبِيلٍ كَذَلِكَ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا نسب ( ( ( وسبق ) ) ) كَلَامُهُمْ في كَوْنِهِ عَامِلًا وفي جَوَازِ دَفْعِهَا إلَى من يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبِ نَسَبٍ أو وَلَاءٍ كَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ
وقال ابن الزغواني ( ( ( الزاغوني ) ) ) في الْوَاضِحِ وَبِنْتُ الِابْنِ وابن الْبِنْتِ فيه رِوَايَاتٌ الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( وه ) كما لو تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ وإذا قَبِلَ زَكَاةً دَفَعَهَا إلَيْهِ قَرِيبُهُ فَلَا نَفَقَةَ له وَإِنْ لم يَقْبَلْ وَطَالَبَهُ بِنَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ أُجْبِرَ وَلَا يُجْزِئُهُ في هذه الْحَالِ جَعْلُهَا زَكَاةً وَالثَّانِيَةُ الْمَنْعُ وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كان يَرِثُهُ وَإِلَّا فَلَا وَالرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كانت نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( م 20 ) وإن ورث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ وفي جَوَازِ دَفْعِهَا إلَى من يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ نَسَبٍ أو وَلَاءٍ كَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ وقال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ وَبِنْتُ الِابْنِ وابن الْبِنْتِ فيه رِوَايَاتٌ الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كما لو تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ وَالثَّانِيَةُ الْمَنْعُ وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كان يَرِثُهُ وَإِلَّا فَلَا وَالرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كانت نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى إذَا كانت نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عليه لم يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَسَرَدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وقد قال بَنَيْتهَا على الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وقال هذه الرِّوَايَةُ أَشْهُرُ قال الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَشْهُرُ وَأَنَصُّ قال ابن هُبَيْرَةَ هِيَ الْأَظْهَرُ واختاره ( ( ( واختارها ) ) ) الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَهَا في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وقدمه ( ( ( وقدمها ) ) ) في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
____________________
1-
(2/475)
أحدهما الآخر كعمة وابن أخيها وعتيق ومعتقه وأخوين لأحدهما ابن فالوارث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هِيَ الظَّاهِرُ عنه رَوَاهَا عنه الْجَمَاعَةُ وهو عَكْسُ ما قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ فَيَكُونُ قد نَصَّ على كُلٍّ من الرِّوَايَتَيْنِ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يُمْكِنُ حَمْلُهَا على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَالْمَنْعُ إذَا كانت النَّفَقَةُ وَاجِبَةً وَالْجَوَازُ إذَا كانت غير وَاجِبَةٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ( تَنْبِيهَاتٌ )
الْأَوَّلُ الذي يَظْهَرُ أَنَّ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا من وَجْهَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهُ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ ثُمَّ فَرَّقَ في الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ بين من يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ فقال الثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كان يَرِثُهُ وَإِلَّا فَلَا فَأَدْخَلَ في هذه الرِّوَايَةِ من لَا يَرِثُ وهو مُنَاقِضٌ لِمَا صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ وَيَلْزَمُ من هذه أَيْضًا أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مُشْتَمِلَتَانِ على من يَرِثْ وَمَنْ لَا يَرِثْ فَيَحْصُلُ التَّنَاقُضُ أَيْضًا بِهِمَا لَمَّا صَدَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ وَيُعَكِّرُ على هذا كَوْنُ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَ في أَوَّلِ الْفَصْلِ اسْتِحْبَابَ صَرْفِهَا إلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ وِفَاقًا وَحَكَاهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا وقال الزَّرْكَشِيّ بِلَا نِزَاعٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ من يَرِثُهُ حَالًا أو مالا وَبِمَا قاله ( ( ( قبله ) ) ) في أَوَّلِ الْفَصْلِ من لايرث حَالًا ومالا لِبُعْدِهِ وَنَحْوِهِ وَيَكُونُ مُرَادُهُ بِصَدْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ من يَرِثُهُ حَالًا وَبِعَجْزِهَا من يَرِثُهُ مالا لِكَوْنِهِ مَحْجُوبًا وقد ذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ في الْفَائِقِ على ما يَأْتِي في التَّنْبِيهِ الثَّانِي فَعَلَى هذا يَكُونُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ وَتَقْدِيرُهُ الثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كان يَرِثُهُ حَالًا وَإِلَّا فَلَا فَلَفْظَةُ حَالًا سَاقِطَةٌ من الْكَاتِبِ وَيُشْكِلُ على هذا الْجَوَابِ ما يَأْتِي في التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ من قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ الْآخَرُ وَبِمَا مَثَّلَ بِهِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فإنه مَثَّلَ بِالْأَخِ وَالْعَمِّ فإن ظَاهِرَهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ وَيَدُلُّ عليه ما قال بَعْدَ هذا وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ وَيُشْكِلُ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ من وَجْهٍ آخَرَ وهو كَوْنُهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ على تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِمَا في حَمْلِهِ ما أَطْلَقَ من الرِّوَايَاتِ وقد الْتَزَمَ في الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا تَشْمَلُ من لَا يَرِثُ حَالًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ دَفْعِهَا إلَيْهِ قَطَعَ
____________________
1-
(2/476)
مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ على الْأَصَحِّ وفي دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ الْخِلَافُ وَعَكْسُهُ الْآخَرُ وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَوْ وَرِثُوا على الْأَصَحِّ لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ وفي الْإِرْثِ بِالرَّدِّ الْخِلَافُ
وفي الرِّعَايَةِ يَجُوزُ وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَسَبَقَ كَوْنُ الْقَرِيبِ عَامِلًا وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ يُعْطِي لِغَيْرِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ نَحْوُ كَوْنِهِ غَارِمًا أو مُكَاتَبًا أو ابْنَ السَّبِيلِ بِخِلَافِ عَمُودِي النَّسَبِ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَجَعْلِهَا في الرِّعَايَةِ كَعَمُودِي نَسَبِهِ في الْإِعْطَاءِ لِغُرْمٍ وَكِتَابَةٍ في قَوْلٍ وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطِي قرباته ( ( ( قرابته ) ) ) لِعِمَالَةِ وَتَأْلِيفٍ وَغُرْمٍ لِذَاتِ الْبَيْنِ وَغَزْوٍ وَلَا يُعْطِي لِغَيْرِ ذلك
وَإِنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أو يَتِيمٍ أو غَيْرِهِ ضَمَّهُ إلَى عِيَالِهِ فَعَنْهُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وه ش ) وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ لَا اخْتَارَهُ في التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ ( م 21 ) ( وم ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بِهِ الشيخ ( ( ( واجبا ) ) ) في المغني والمجد في شرحه والشارح وابن رزين في شرحه ( ( ( عائلته ) ) ) وغيرهم وهو ظاهر كلام من لم يصرح ( ( ( فيعطيهم ) ) ) بذلك بَلْ لا ( ( ( يعطي ) ) ) نعلم ( ( ( الجميع ) ) ) أحدا اختار ذلك فعلى هذا يكون في إطلاقه الخلاف نظر أيضا ( الوجه الثاني ) من النظر كونه حكى رواية رابعة بالفرق بين من تجب نفقته ومن لا تجب فقال الرابعة المنع إن كانت نفقته واجبة وإلا فلا فيلزم من هذا على مصطلحه أن تكون الروايتان الأولتان مشتملتين على من نفقته واجبة أو غير واجبة مع إطلاقه لهما في جملة بالخلاف الذي ذكرناه أيضا فإن الأصحاب قالوا لو كان للمعسر أم وأخت إن النفقة واجبة عليهما أخماسا ففي جواز الدفع إلى المعسر الخلاف والله أعلم لكون نفقته واجبة عليهما وهما يرثانه بالفرض والرد
( التنبيه الخامس ) قوله وجعلها في الرعاية كعمودي نسبه في الإعطاء لغرم وكتابة كذا في النسخ ورأيت في نسخة معتمدة لغزو وكتابة ورأيتها في نسخة أخرى كذلك إلا أنهم أصلحوها لغرم والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أو يَتِيمٍ أو غَيْرِهِ ضَمَّهُ إلَى عيله ( ( ( عياله ) ) ) فَعَنْهُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ لَا اخْتَارَهُ في التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ دفعها ( ( ( دفعهما ) ) ) إلَيْهِ وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
1-
(2/477)
روي عن ( ( ( والمصنف ) ) ) ابن عباس ولأنه يذم على تركه فيكون قد وقى بها ماله أو عرضه ولهذا لو دفع إليه شيئا في غير مؤونته التي عوده إياها تبرعا جاز نص عليه ( و ) وقد قال أحمد كانت ( ( ( الأكثر ) ) ) العلماء تقول في الزكاة لا يدفع بها مذمة ولا يحابى بها قريبا احتج صَاحِبُ المحرر هنا ورد ( ( ( والشيخ ) ) ) الشيخ المعنى المذكور بأنه نفع لا يسقط به واجبا عليه ولا يجتلب به مالا إليه كما لم يكن في عائلته وفي المستوعب وغيره لَا يَجُوزُ إن ( ( ( اختارها ) ) ) بقي ماله بزكاته
قال ( ( ( التنبيه ) ) ) أَحْمَدَ هو أن يكون قد عود قوما برا من ماله فيعطيهم من الزكاة ليدفع ما عودهم هذا واجب وذاك تطوع وهذا إذا كان المعطي غير مستحق الزكاة قالوا وقال أحمد سمعت ابن عيينة يقول لا يدفع بها مذمة ولا يحابى بها قريبا ولا يمنع منها بعيدا قال أحمد دفع المذمة أن يكون لبعض قرابته عليه حق فيكافئه من الزكاة وإذا كان له قريب محتاج وغيره أحوج منه فلا يعطي القريب ويمنع البعيد بل يعطي الجميع
وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى زَوْجَتِهِ ( ع ) وفي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلَى وَالنَّاشِزُ كَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دَفْعُ زَكَاتِهَا إلَى زَوْجِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ ( وش ) أَمْ لَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَاهُ عن أبي الْخَطَّابِ ( وه م ) فيه رِوَايَتَانِ ( م 22 ) ولم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) انتهى ( ( ( يستثن ) ) ) والمصنف قال ( ( ( شيئا ) ) ) اختاره الأكثر ( قلت ) اختاره صَاحِبُ المغني والشارح والشيخ تقي الدين وغيرهم ( ( ( الزوجين ) ) ) وهو الصواب ( ( ( لغرم ) ) ) والرواية ( ( ( لنفسه ) ) ) الثانية ( ( ( وكتابة ) ) ) لَا يَجُوزُ اختارها ( ( ( دفعها ) ) ) أبو بكر ( ( ( غني ) ) ) في التنبيه وابن أبي موسى في الإرشاد وجزم به في المستوعب وقدمه في الحاوي الكبير ( ( ( وجهين ) ) ) وشرح ( ( ( وجوزه ) ) ) ابن رزين ونقلها الأكثر ( ( ( استحقاقه ) ) ) عن ( ( ( للنفقة ) ) ) الإمام ( ( ( مشروط ) ) ) أحمد ( ( ( بفقره ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دَفْعُ زَكَاتِهَا إلَى زَوْجِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ أَمْ لَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَاهُ عن أبي الْخَطَّابِ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وَهِيَ
____________________
1-
(2/478)
يستثن ( ( ( الصحيحة ) ) ) جماعة شيئا وذكره ( ( ( تصحيح ) ) ) صاحب الْمُحَرَّرِ ظاهر الْمُذْهَبِ وقيل ( ( ( ومسبوك ) ) ) في الزوجين يجوز لغرم لنفسه ( ( ( إدراك ) ) ) وكتابة ( ( ( الغاية ) ) ) لِأَنَّهُ لا يدفع ( ( ( الروايتين ) ) ) عنه ( ( ( أولا ) ) ) نفقة ( ( ( وعلل ) ) ) واجبة ( وش ) كعمودي ( ( ( بعللها ) ) ) نسبه ولا ( ( ( أجد ) ) ) يجوز ( ( ( أحدا ) ) ) دفعها ( ( ( نسب ) ) ) إلَى فقيرة ( ( ( اختيار ) ) ) لها زوج غني ( ه ( ( ( والمصرح ) ) ) ) كغناها بدينها عليه ( و ) وكولد صغير فقير أبوه موسر ( و ) بل أولى للمعاوضة وثبوتها في الذمة وكذا لا يجوز دفعها إلى غني بنفقة لازمة اختاره الأكثر
وأطلق في الترغيب وجهين وجوزه في الكافي لأن استحقاقه للنفقة مشروط بفقره فيلزم من وجوبها له وجود الفقر بخلاف الزوجة قال صاحب المحرر ولا أحسب ما قاله إلا مخالفا للإجماع في الولد ( ( ( العمدة ) ) ) الصغير وقيل وفي غني بنفقة تبرع بها قريبه أو غيره وجهان وإن تعذرت النفقة من زوج أو قريب بغيبة أو امتناع أو غيره جاز الأخذ نص عليه ( و ) كمن غصب ماله أو تعطلت منفعة عقاره وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى كَافِرٍ إلَّا ما سَبَقَ من كَوْنِهِ عَامِلًا أو مُؤَلَّفًا لم يَسْتَثْنِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا سِوَى هَذَيْنِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَمْلُوكٍ وَلَا كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أو حَرْبِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامِلًا أو مُؤَلَّفًا أو غَارِمًا لِذَاتِ الْبَيْنِ أو غَازِيًا وَكُلُّ من حَرَّمْنَا الزَّكَاةَ عليه من ذَوِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصحيحة وصححه في تصحيح المحرر وقال اختاره القاضي في التعليق انتهى وجزم به الخرقي والعمدة والمنور والتسهيل وغيرهم وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره وقاله أبو الخطاب انتهى واختاره الخلال أيضا وقال هذا القول الذي عليه أحمد ورواية الجواز قول قديم رجع عنه فاختار الشيخان هذا والله أعلم والرواية الثانية يجوز اختاره القاضي وأصحابه والشيخ الموفق على ما زعمه المصنف وغيرهم واختاره أبو بكر قاله في تصحيح المحرر قال ابن رزين في شرحه هذا أظهر وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والتصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في إدراك الغاية
( تنبيه ) قول المصنف عن الرواية الثانية اختاره الشيخ فيه نظر فإنه أطلق الخلاف في المغني والكافي والمقنع والهادي كما تقدم ولكن في المغني نوع إيماء لكونه لما اعترض على رواية حمل الجواز أجاب عنه ولا يلزم من ذلك أنه اختاره لأن أطلق الروايتين أولا وعلل كل رواية بعللها ولم أجد أحدا نسب هذه الرواية إلى اختيار الشيخ غير المصنف والمصرح به في العمدة خلاف ذلك والله أعلم
____________________
1-
(2/479)
الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ إذَا كان أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ جَازَ له أَخْذُهَا كَذَا قال وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ زَادَ شَيْخُنَا وفي الْحَجِّ الْخِلَافُ وَجَزَمَ به ابن تَمِيمٍ لَا يُدْفَعُ إلَى غَارِمٍ لِنَفْسِهِ كَافِرٍ فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ لِذَاتِ الين ( ( ( البين ) ) ) وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فإنه ذَكَرَ الْمَنْعَ في الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ وَذَكَرَ ابن الْمُنْذِرِ لَا يُدْفَعُ إلَى كَافِرٍ ( ع ) وَعَنْ الزُّهْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَزُفَرَ يَجُوزُ
وَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ نَصَّ عليه لو كان ذِمِّيًّا ( ه ) لَا إلَى عَبْدٍ نَصَّ عليه ( و ) إلَّا ما سَبَقَ من كَوْنِهِ عَامِلًا لم يَسْتَثْنِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا سِوَى هذا وَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كان السَّيِّدُ فَقِيرًا ( ه ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِ دَفْعٌ إلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَلَهُ تَمَلُّكُهُ عليه وَالزَّكَاةُ دَيْنٌ أو أَمَانَةٌ فَلَا يَدْفَعُهَا إلَى من يَأْذَنْ له الْمُسْتَحِقُّ وَإِنْ كان عَبْدَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وفي الْكِتَابَةِ من تَعْلِيقِ الْقَاضِي في الْعَبْدِ بين اثْنَيْنِ يُكَاتِبُهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وما قَبَضَهُ من الصَّدَقَاتِ فَنِصْفُهُ يُلَاقِي نِصْفَهُ الْمُكَاتَبِ فَيَجُوزُ وما يُلَاقِي نِصْفَ السَّيِّدِ الْآخَرِ إنْ كان فَقِيرًا جَازَ في حِصَّتِهِ
وَإِنْ كان غَنِيًّا لم يَجُزْ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَكَذَا إنْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فما أَخَذَهُ من الصَّدَقَةِ يَكُونُ لِلْحِصَّةِ الْمُكَاتَبَةِ منه بِقَدْرِهَا وَالْبَاقِي لِحِصَّةِ السَّيِّدِ مع فَقْرِهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ ذلك يُشْبِهُ دَفْعَ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ إلَى غَرِيمِهِ هل يَجُوزُ وَجَزَمَ غَيْرُ الْقَاضِي بِصَرْفِهِ جَمِيعَ ما يَأْخُذُهُ في كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِجُزْئِهِ الْمُكَاتَبِ وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فيه كما يَرِثُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَيَأْخُذُ من بَعْضِهِ حُرٌّ بِقَدْرِ نِسْبَتِهِ من خَمْسِينَ أو من كِفَايَتِهِ على الْخِلَافِ فَمِنْ نِصْفِهِ حُرٌّ يَأْخُذُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أو نِصْفَ كِفَايَتِهِ
وَسَبَقَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى غَنِيٍّ إلَّا ما سَبَقَ وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا ما خَالَطَتْ الزَّكَاةُ مَالًا إلَّا أَهْلَكَتْهُ فيه محمد بن عُثْمَانَ بن صَفْوَانَ ضَعَّفَهُ أبو حَاتِمٍ وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ في تَارِيخِهِ وَالْحُمَيْدِيُّ وزاد قال يَكُونُ قد وَجَبَ عَلَيْك في مَالِك صَدَقَةٌ فَلَا تُخْرِجُهَا فَيُهْلِكُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ وقال ابن مَعِينٍ كنا نُنْكِرُ هذا الحديث على مُحَمَّدِ بن عُثْمَانَ وَمُحَمَّدٌ مَكِّيٌّ لَا بَأْسَ بِهِ وقال
____________________
(2/480)
أَحْمَدُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبدالله وقال تَفْسِيرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ وهو غَنِيٌّ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْفُقَرَاءِ وقال في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ لَا تَدْخُلُ الصَّدَقَةُ في مَالٍ إلَّا مَحَقَتْهُ
وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى بَنِي هَاشِمٍ نَصَّ عليه ( و ) كَالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( ع ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ إنَّا لَا تَحِلُّ لنا الصَّدَقَةُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وفي مَذْهَبِ ( م ) أَيْضًا الْجَوَازُ وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهُمْ إنْ مُنِعُوا الْخُمُسَ أَخَذُوا الزَّكَاةَ وَرُبَّمَا مَالَ إلَيْهِ أبو الْبَقَاءِ وقال إنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي يَعْقُوبَ من أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ ابن الصَّيْرَفِيِّ في مُنْتَخَبِ الْفُنُونِ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ في كِتَابِ النَّصِيحَةِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَالَهُ أبو يُوسُفَ وَقَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ
وقد رَوَى ابن أبي حَاتِمٍ حدثنا أبي حدثنا إبْرَاهِيمُ بن مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ حدثنا الْمُعْتَمِرُ بن سُلَيْمَانَ عن أبيه عن حَنَشٍ عن عكرمه عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَغِبْت لَكُمْ عن غُسَالَةِ الْأَيْدِي لِأَنَّ لَكُمْ في خُمُسِ الْخُمُسِ ما يغنكم ( ( ( يغنيكم ) ) ) أو يَكْفِيكُمْ حَنَشٌ اسْمُهُ حُسَيْنُ بن قَيْسٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا قال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مَتْرُوكٌ وفي كتابه ( ( ( كتاب ) ) ) المرتضي في الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِيَّةِ يَجُوزُ لِبَنِي هَاشِمٍ الْفُقَرَاءِ أَخْذُ زَكَاةِ بَنِي هَاشِمٍ وَسَبَقَ كَوْنُ الْهَاشِمِيِّ عَامِلًا ولم يَسْتَثْنِ جَمَاعَةً سِوَاهُ وقال الشَّيْخُ يعطي لِغَزْوٍ أو حَمَالَةٍ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا يُعْطَى لِغُرْمِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَظْهَرُ
وَبَنُو هَاشِمٍ من كان من سُلَالَتِهِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ قال في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ أبي رَافِعٍ وفي مَذْهَبِ ( م ) فِيمَا بين غَالِبٍ وَهَاشِمٍ قَوْلَانِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ هُمْ آلُ عَبَّاسٍ وَآلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ الْحَارِثِ بن عبد الْمُطَّلِبِ وَرُوِيَ عن أبي حَنِيفَةَ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا من كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَوَالِيهِمْ نَصَّ عليه ( وه ) وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وفي مَذْهَبِ ( م )
____________________
(2/481)
قَوْلَانِ لِحَدِيثِ أبي رَافِعٍ إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لنا وَإِنَّ مولى الْقَوْمِ من أَنْفُسِهِمْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيَأْتِي في الْوَلَاءِ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ في أَحْكَامٍ فَغَلَبَ الْحَظْرُ وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ إلَى الْجَوَازِ ( وم ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا من آلِ مُحَمَّدٍ وَكَمَوَالِي مَوَالِيهِمْ وَيَجُوزُ إلَى وَلَدِ هَاشِمِيَّةٍ من غَيْرِ هَاشِمِيٍّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ
وَقَالَهُ الْقَاضِي اعْتِبَارًا بِالْأَبِ ( و ) وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ لَا يَجُوزُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ ابن أُخْتِ الْقَوْمِ منهم مُتَّفَقٌ عليه وَلَا تَحْرُمُ الزَّكَاةُ على أَزْوَاجِهِ عليه السَّلَامُ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ ( و ) كَمَوَالِيهِنَّ ( ع ) لِلْأَخْبَارِ فِيهِمْ وفي الْمُغْنِي أَنَّ خَالِدَ بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ بَعَثَ إلَى عَائِشَةَ بِسُفْرَةِ من الصَّدَقَةِ فَرَدَّتْهَا وَقَالَتْ إنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لنا الصَّدَقَةُ قال وَهَذَا يَدُلُّ على تَحْرِيمِهَا على أَزْوَاجِهِ عليه السَّلَامُ ولم يُذْكَرْ ما يُخَالِفُهُ مع أَنَّهُمْ لم يَذْكُرُوا هذا في الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُنَّ من أَهْلِ بَيْتِهِ في تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ
وَلِهَذَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَزْوَاجُهُ عليه السَّلَامُ من أَهْلِ بَيْتِهِ الْمُحَرَّمِ عليهم الزَّكَاةُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَكَالدَّفْعِ إلَيْهِ عليه السَّلَامُ فَإِنَّهُنَّ في حَبْسِهِ وَنَفَقَتِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِهَذَا كُنَّ يُعْطَيْنَ من سَهْمِهِ من الْفَيْءِ من بَعْدِهِ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا ما تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عاملى فَهُوَ صَدَقَةٌ مُتَّفَقٌ عليه وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ وهو قَوْلُ
____________________
(2/482)
زَيْدِ بن أَرْقَمَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وقال شَيْخُنَا في تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ من أَهْلِ بَيْتِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ وَكَوْنُهُنَّ من أَهْلِ بَيْتِهِ كَذَا قال وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ أَمْ لَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( وش ) فيه رِوَايَتَانِ ( م 23 )
ولم يَذْكُرُوا مَوَالِيَهُمْ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ حُكْمَهُمْ كَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وهو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ وَذَكَرَ ابن بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ الْجَوَازَ ( ع ) وَسُئِلَ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عن مولى قُرَيْشٍ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ قال ما يُعْجِبُنِي
قِيلَ له فَإِنْ كان مولى مولى قال هذا أَبْعَدُ فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا من صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْوَصَايَا لِلْفُقَرَاءِ نَصَّ عَلَيْهِمَا ( ع ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ أَمْ لَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ أَعْنِي مُوَفَّقَ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْبَنَّا في عُقُودِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ قال في الْعُمْدَةِ وَآلِ مُحَمَّدٍ بَنُو هَاشِمٍ وَمَوَالِيهمْ فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ وَإِلَيْهِ مَال الزَّرْكَشِيّ قال في الْإِرْشَادِ لَا يعطي من الزَّكَاةِ بَنُو الْمُطَّلِبِ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ لهم الصَّدَقَاتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
( تَنْبِيهٌ ) قولهم ولم يَذْكُرُوا مَوَالِيَهُمْ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ حُكْمَهُمْ كَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وهو ظَاهِرٌ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ انْتَهَى الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ الْقَاضِي فإنه قال في بَعْضِ كَلَامِهِ لَا نَعْرِفُ فِيهِمْ رِوَايَةً وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ فِيهِمْ ما نَقُولُ في بَنِي هَاشِمٍ انْتَهَى ( قُلْت ) لم يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ على كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ في ذلك فَقَدْ قال في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْإِشَارَةِ وَالْخِصَالِ له تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ على بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ومواليه ( ( ( ومواليهم ) ) ) وَكَذَا قال في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وقال في الْوَجِيزِ وَلَا تُدْفَعُ إلَى هَاشِمِيٍّ وَمَطْلَبِي وَمُوَالَيْهِمَا انْتَهَى
____________________
1-
(2/483)
ونقل الميوني لا يجوز التطوع أيضا فالوصية للفقراء أولى وفي مذهب ( م ) المنع أيضا والمنع مع جواز الفرض والعكس وروى أحمد بإسناده في الورع عن المسور أنه كان لا يشرب من الماء الذي يسقى في المسجد ويكرهه يرى أنه صدقة والكفارة كزكاة في هذا لوجوبها بالشرع
وقيل هي كالتطوع والنذر كالوصية وجزم في الروضة بتحريم النفل على بني هاشم ومواليهم وأن النذر والكفارة كالزكاة وإن حرمت صدقة التطوع على بني هاشم فالنبي صلى الله عليه وسلم أولى ونقل الميموني وكذا إن لم تحرم اختاره جماعة وللشافعي قولان لأن ذلك من دلائل نبوته ونقل جماعة لا تحرم اختاره القاضي كاصطناع أنواع المعروف إليه عليه السلام ( ع ) واحتج أحمد والأصحاب بقوله عليه السلام كل معروف صدقة وأطلق ابن البنا في تحريم صدقة التطوع على النبي صلى الله عليه وسلم وجهين ومرادهم بجواز المعروف الاستحباب
ولهذا احتجوا بقوله كل معروف صدقة ومعلوم أن هذا للاستحباب ( ع ) وإنما عبر بالجواز لأنه أصل لما اختلف في تحريمه وهذا واضح فلا وجه لقول صاحب الرعاية قلت يستحب
ومن حرمت عليه الزكاة بما سبق فله أخذها هدية ممن أخذها وهو من أهلها ( و ) لأكله عليه السلام مما تتصدق به على أم عطية وقال إنها قد بلغت محلها متفق عليه فَصْلٌ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى في أَخْذِ الزَّكَاةِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ وَالصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ وَعَنْهُ إنْ أَكَلَ الطَّعَامَ وَإِلَّا لم يَجُزْ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَهَا صَالِحٌ وَغَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ لِلْعُمُومِ فَيُصْرَفُ ذلك في أُجْرَةِ رَضَاعَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وما لَا بُدَّ منه
وَيُقْبَلُ وَيُقْبَضُ لِلْمَوْلَى عليه الزَّكَاةَ وَالْهِبَةَ وَالْكَفَّارَةَ من يلى مَالَهُ وهو وَلِيُّهُ
____________________
(2/484)
وَوَكِيلُهُ الْأَمِينُ وَيَأْتِي ذلك قال ابن مَنْصُورٍ قُلْت لِأَحْمَدَ قال سُفْيَانُ وَلَا يَقْبِضُ لِلصَّبِيِّ إلَّا الْأَبُ أو وَصِيٌّ أو قَاضٍ قال أَحْمَدُ جَيِّدٌ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ صَالِحٍ قَبَضَتْ الْأُمُّ وَأَبُوهُ حَاضِرٌ فقال لَا أَعْرِفُ لِلْأُمِّ قَبْضًا وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْأَبِ ولم أَجِدْ عن أَحْمَدَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ غَيْرِ الْوَلِيِّ مع عَدَمِهِ مع أَنَّهُ الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فيه خِلَافًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ من يَلِيه من أُمٍّ وَقَرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ الولى
لِأَنَّ حِفْظَهُ عن الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ أَوْلَى من مُرَاعَاةِ الْوِلَايَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هذا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ نَقَلَ هَارُونُ الْحَمَّالُ في الصِّغَارِ يعطي أَوْلِيَاؤُهُمْ فَقُلْت ليس لهم وَلِيٌّ قال يُعْطَى من يعني بِأَمْرِهِمْ وَنَقَلَ مُهَنَّا في الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ يَقْبِضُ له وَلِيُّهُ قُلْت ليس له وَلِيٌّ قال الذي يَقُومُ عليه وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ نَصَّا ثَالِثًا بِصِحَّةِ الْقَبْضِ مُطْلَقًا قال بَكْرُ بن مُحَمَّدٍ سُئِلَ أَحْمَدُ يُعْطَى من الزَّكَاةِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ قال نعم يُعْطَى أَبَاهُ أو من يَقُومُ بِشَأْنِهِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ هذه الرِّوَايَةَ ثُمَّ قال قُلْت إنْ تَعَذَّرَ وَإِلَّا فَلَا وَالْمُمَيِّزُ كَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في عَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِهِ أَنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ في بَابِ الْمُكَاتَبِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَرُّوذِيِّ يَجُوزُ قال الْمَرُّوذِيُّ قُلْت لِأَحْمَدَ يُعْطَى غُلَامًا يَتِيمًا من الزَّكَاةِ قال نعم يَدْفَعُهَا إلَى الْغُلَامِ قُلْت فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَيِّعَهُ قال يَدْفَعُهُ إلَى من يَقُومُ بِأَمْرِهِ وَأَشَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَى قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصَدِّقُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ من أَغْنِيَائِنَا فَجَعَلَهَا في فُقَرَائِنَا فَكُنْت غُلَامًا فَأَعْطَانِي منها قَلُوصًا فيه أَشْعَثُ هو ابن سَوَّارٍ مُخْتَلَفٌ فيه رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَجَزَمَ به في الْمُغْنِي بِصِحَّةِ قَبُولِهِ بِلَا إذْنٍ وَكَذَا قَبْضُهُ كَكَسْبِهِ مُبَاحًا من حَشِيشٍ وَصَيْدٍ وَيُحْتَمَلُ صِحَّتُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ الْمَالَ
____________________
(2/485)
فَصْلٌ يَحْرُمُ شِرَاءُ زَكَاتِهِ نَصَّ عليه وهو أَشْهُرُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَأَهْلُ الظَّاهِرِ بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا تشتره ( ( ( تشتر ) ) ) وَلَا تفد ( ( ( تعد ) ) ) في صدقة ( ( ( صدقتك ) ) ) وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ منها لِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ رَغْبَةً أو رَهْبَةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( وم ش ) لِشِرَاءِ ابْنِ عُمَرَ وهو رَاوِي الحديث
وَعَنْهُ يُبَاحُ ( وه ) كما لو وَرِثَهَا نَصَّ عليه ( و ) لِلْخَبَرِ وَعَلَّلَهُ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَيُؤْخَذُ منه أَنَّ ما كان بِفِعْلِهِ كَالْبَيْعِ ( وش ) وَنُصُوصُ أَحْمَدَ إنَّمَا هِيَ في الشِّرَاءِ وَصَرَّحَ في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ أَنَّ الْهِبَةَ كَالْمِيرَاثِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ما أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَلَا إذَا كان شَيْءٌ جَعَلَهُ لِلَّهِ فَلَا يَرْجِعُ فيه وَتَأْتِي رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَهَا من دَيْنِهِ وَبِهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ فَبِعِوَضٍ أَوْلَى
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا منه أو من غَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد في فَرَسٍ جَمِيلٍ
وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ يَقْتَضِي الْفَرْقَ وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ مِمَّنْ أَخَذَهَا منه وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بها وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وما أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أو شيأ ( ( ( شيئا ) ) ) من نِتَاجِهِ فَلَا قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَشْتَرِهَا وَلَا شيئا من نَسْلِهَا نهى عُمَرُ عن ذلك ولم أَجِدْ في حديث عُمَرَ النَّهْيَ عن شاء ( ( ( شراء ) ) ) نَسْلِهَا
وَرَوَى أَحْمَدُ حدثنا يَزِيدُ بن هَارُونَ أخبرنا سُلَيْمَانُ يَعْنِي التَّيْمِيَّ عن أبي عُثْمَانَ عن عبدالله بن عَامِرٍ عن الزُّبَيْرِ بن الْعَوَّامِ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ على فَرَسٍ يُقَالُ له عمرو ( ( ( غمرة ) ) ) أو عمرا ( ( ( غمراء ) ) ) قال فَوَجَدَ فَرَسًا أو مُهْرًا يُبَاعُ فَنُسِبَ إلَى تِلْكَ الْفَرَسِ فَنَهَى عنها
____________________
(2/486)
أبو عُثْمَانَ هو النَّهْدِيُّ الْإِمَامُ فَالظَّاهِرُ رِوَايَتُهُ عن مَعْرُوفٍ قال بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُ ابن عَامِرِ بن رَبِيعَةَ الثِّقَةُ الْمَشْهُورُ وَرَوَاهُ ابن ماجة من حديث يَزِيدَ وَالصَّدَقَةُ كَالزَّكَاةِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ نَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرِهِ إذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ لَا يَرْجِعُ فيها إنَّمَا يَرْجِعُ الميراث ( ( ( بالميراث ) ) ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ في صَدَقَتِهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا تَرْجِعُ وَلَا تَشْتَرِهَا كُلُّ ما كان من صَدَقَةٍ فَهَذَا سبيلة فَإِنْ رَجَعَ بِإِرْثٍ جَازَ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ له الْأَكْلُ منه وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ فِيمَنْ يَتَصَدَّقُ على قَرِيبِهِ بِدَارِ أو غُلَامٍ أو شَيْءٍ إنْ أَكَلَ منه قبل أَنْ يَرِثَهُ فَلَا قال عِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ لَا أُجِيزُهُ له وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ على من قَبَضَهَا منه أو يُخْرِجُهَا الْفَقِيرُ عن نَفْسِهِ إلَى من قَبَضَهَا منه كما هو الْأَشْهَرُ في كَلَامِ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ أَمْ لَا يَجُوزُ ( وش ) لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَالِكُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ كما لو تُرِكَتْ له وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِمَا قد تَطَهَّرَ بِهِ فيه رِوَايَتَانِ ( م 24 و 25 ) وَسَبَقَ هذا وَنَحْوُهُ في أَوَّلِ الزَّكَاةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ على من قَبَضَهَا منه أو يُخْرِجُهَا الْفَقِيرُ عن نَفْسِهِ إلَى من قَبَضَهَا منه كما هو الْأَشْهَرُ في كَلَامِ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا يَجُوزُ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَالِكُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ كما لو تُرِكَتْ له لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِمَا قد تَطَهَّرَ بِهِ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هل يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ على من قَبَضَهَا منه أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فقال في الرِّكَازِ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى وَاجِدِهِ وَكَذَا زَكَاةُ الْمَعْدِنِ وَغَيْرِهِمَا من الزَّكَوَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فقال وَيَجُوزُ لِلسَّاعِي أَنْ يُعْطِيَهُ عَيْنَ زَكَاتِهِ وَعَنْهُ الْمَنْعُ كَإِسْقَاطِهَا عنه انْتَهَى وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ فقال وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ صَرْفُ الرِّكَازِ إلَى وَاجِدِهِ وَكَذَا صَرْفُ الْعُشْرِ وَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ إلَى من وَجَبَتْ عليه وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ وهو أَصَحُّ وَنَصَرَهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ وقال في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ لَا يَجُوزُ ذلك ذَكَرَهُ في الرِّكَازِ وَالْعُشْرِ وَحَكَى أبو بَكْرٍ ذلك عن أَحْمَدَ في زَكَاةِ الْفِطْرِ ذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ وَتَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الرِّكَازِ ما يُوهِمُ دُخُولَ جيمع ( ( ( جميع ) ) ) الزَّكَوَاتِ وَكَذَلِكَ في أَوَاخِرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ وَاَللَّهُ أعلم
____________________
1-
(2/487)
ومذهب ( ه )
يجوز في حق الركاز والمعدن لأنه عنده فيء ولم يدخل في ملكه كوضع الخراج ولا يجوز في العشر وسائر الزكوات لأنه ملكه وقد أمر بالتقرب ببعضه ولا يتحقق إذا كان هو المصروف إليه وسبق في أول الباب هل في المال حق سوى الزكاة ومن له عبد للتجارة فأعتقه بعد الحول قبل إخراج زكاة قيمته وقيمته نصاب فله دفع زكاة قيته إليه لم يكن فيه مانع والله سبحانه وتعالى أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 25 ) هل يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ أَنْ يُخْرِجَهَا عن نَفْسِهِ إلَى من قَبَضَهَا منه أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْحُكْمُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ( قُلْت ) الصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ لم يَكُنْ حِيلَةٌ كما تَقَدَّمَ في الْفِطْرَةِ فَهَذِهِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قد فَتَحَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِتَصْحِيحِهَا
____________________
1-
(2/488)
بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
تُسْتَحَبُّ في كل وَقْتٍ ( ع ) وَهِيَ أَفْضَلُ سِرًّا ( و ) بتطيب ( ( ( بطيب ) ) ) نَفْسٍ ( و ) في الصِّحَّةِ ( و ) وفي رَمَضَانَ وَأَوْقَاتِ الْحَاجَاتِ وفي كل زَمَانٍ أو مَكَان فَاضِلٍ كالعشر ( ( ( كالعشرة ) ) ) وَالْحَرَمَيْنِ وَذَوُو رَحِمِهِ وَالْجَارُ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا مع عَدَاوَتِهِ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ الصَّدَقَةُ على الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وصله وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ على ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَ في أَوَّلِ فَصْلٍ من تُدْفَعُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ ما يَتَعَلَّقُ بهذا وقد قال تَعَالَى { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حتى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وقال { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ منه تُنْفِقُونَ } وقال عليه السَّلَامُ لَا تَحْقِرَنَّ من الْمَعْرُوفِ شيئا وقال اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لم تَجِدُوا فبكلمة ( ( ( فكلمة ) ) ) طَيِّبَةٌ وقال أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جَهْدُ الْمُقِلِّ وَدِرْهَمٌ سَبَقَ مِائَةَ أَلْفٍ وَتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ مِمَّا فَضُلَ عن كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ من يُمَوِّنُهُ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ دَائِمًا كما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ بِمَتْجَرٍ أو غَلَّةِ مِلْكٍ أو وَقْفٍ أو صَنْعَةٍ وفي الِاكْتِفَاءِ
____________________
(2/489)
بِالصَّنْعَةِ نَظَرٌ وفي مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ لَا يَكْفِي وَقَالَهُ في غَلَّةِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَوْجُهٌ الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمُهُ وَالثَّالِثُ وهو أَصَحُّ إنْ صَبَرَ على الضِّيقِ اُسْتُحِبَّ له وَإِلَّا فَلَا وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في مَوَاضِعَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لو عَبَسَ الزَّمَانُ في وَجْهِك مَرَّةً لَعَبَسَ في وَجْهِك أَهْلُك وَجِيرَانُك
ثُمَّ حَثَّ على إمْسَاكِ الْمَالِ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَدَّخِرَ لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ وَأَنَّهُ قد يُتَّفَقُ له مُرْفَقٌ فَيَخْرُجُ ما في يَدِهِ فَيَنْقَطِعُ مِرْفَقُهُ فَيُلَاقِي من الضَّرَّاءِ وَمِنْ الذُّلِّ ما يَكُونُ الْمَوْتُ دُونَهُ فَلَا يبنغي ( ( ( ينبغي ) ) ) لِعَاقِلٍ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ الْحَاضِرَةِ بَلْ يُصَوِّرُ كُلَّ ما يَجُوزُ وُقُوعُهُ وَأَكْثَرُ الناس لَا يَنْظُرُونَ في الْعَوَاقِبِ وقد تَزَهَّدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَأَخْرَجُوا ما بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ احْتَاجُوا فَدَخَلُوا في مَكْرُوهَاتٍ
وَالْحَازِمُ من يَحْفَظُ ما في يَدِهِ وَالْإِمْسَاكُ في حَقِّ الْكَرِيمِ جِهَادٌ كما أَنَّ إخراجه ( ( ( إخراج ) ) ) ما في يَدِ الْبَخِيلِ جِهَادٌ وَالْحَاجَةُ تُحْوِجُ إلَى كل مِحْنَةٍ قال بِشْرٌ الْحَافِي لو أَنَّ لي دَجَاجَةً أَعُولُهَا خِفْت أَنْ أَكُونَ عَشَّارًا على الْجِسْرِ وقال الثَّوْرِيُّ من كان بيده مَالٌ فَلْيَجْعَلْهُ في قَرْنِ ثَوْرٍ فإنه زَمَانٌ من احْتَاجَ فيه كان أَوَّلَ ما يَبْذُلُ دِينَهُ قال ابن الْجَوْزِيِّ وَبَعْدُ فإذا صَدَقَتْ نِيَّةُ الْعَبْدِ وَقَصْدُهُ رَزَقَهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ من الذُّلِّ وَدَخَلَ في قَوْلِهِ { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ } سورة ( ( ( الآية ) ) ) الطلاق 3 قال أَصْحَابُنَا وَإِنْ أَضَرَّ ذلك بِنَفْسِهِ أو بِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أو بِغَرِيمِهِ أو بِكَفَالَتِهِ أَثِمَ ( وه م ) وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُمَوِّنُهُ لَا في نَفْسِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا إنْ لم يَضُرَّ فَالْأَصْلُ الِاسْتِحْبَابُ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّصَدُّقُ فيل الْوَفَاءِ وَالْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ وقد قال تَعَالَى { وَيُؤْثِرُونَ على أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كان بِهِمْ خَصَاصَةٌ } سورة الحشر 9 وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَإِنْ كان وَحْدَهُ وَعَلِمَ من نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ على الْمَسْأَلَةِ جَازَ وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابُ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّهُ جَوَّزَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ
وَعَنْ عُمَرَ رَدَّ جَمِيعَ صَدَقَتِهِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ يَنْفُذُ في الثُّلُثِ وَعَنْ مَكْحُولٍ في النِّصْفِ وقال الطَّبَرِيُّ الْمُسْتَحَبُّ الثُّلُثُ قال أَصْحَابُنَا وَإِنْ لم يَعْلَمْ لم يَجُزْ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَيُمْنَعُ من ذلك ويحجز ( ( ( ويحجر ) ) ) عليه وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ
____________________
(2/490)
وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ كان له عَائِلَةٌ وَلَهُمْ كِفَايَةٌ أو يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ جَازَ لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ وضي ( ( ( رضي ) ) ) اللَّهُ عنه وَإِلَّا فَلَا وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ له على الضِّيقِ وَلَا عَادَةَ له بِهِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عن الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ نَصَّ عليه وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ وَيَتَصَدَّقُ وَنَصَّ أَحْمَدُ في فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ يَسْتَقْرِضُ وَيَهْدِي له ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ في الطَّبَقَاتِ قال شَيْخُنَا فيه صِلَةُ الرَّحِمِ بِالْقَرْضِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَظُنُّ وَفَاءً
وَيُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ فَلَا يَأْخُذُ الْغَنِيُّ صَدَقَةً وَلَا يَتَعَرَّضُ لها فَإِنْ أَخَذَهَا مُظْهِرًا لِلْفَاقَةِ فَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا وهو كَبِيرَةٌ على نَصِّ أَحْمَدَ الْكَبِيرَةُ ما في حَدٌّ في الدُّنْيَا أو وَعِيدٌ في الْآخِرَةِ وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ لِلْآيَةِ وَلِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ فيه وفي بُطْلَانِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْإِحْبَاطَ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ وَذَكَرَهُ أن قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ
وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث عبدالله بن زَيْدِ بن عَاصِمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ ولم يُعْطِ الْأَنْصَارَ فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فقال يا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ
____________________
(2/491)
ضلال ( ( ( ضلالا ) ) ) فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي
____________________
(2/492)
فَقَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ فقال أَلَا تُجِيبُونَ لو شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ جِئْتنَا كَذَا وَكَذَا
____________________
(2/493)
الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عليه فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ في هذا كما قَالَهُ ابن حَزْمٍ لَا يَحِلُّ أَنْ يَمُنَّ إلَّا
____________________
(2/494)
من كُفِرَ إحْسَانُهُ وَأُسِيءَ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُعَدِّدَ إحْسَانَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ كما قَالَهُ شَارِحُ
____________________
(2/495)
الْأَحْكَامِ الصُّغْرَى إنَّ هذا دَلِيلٌ على إقَامَةِ الْحُجَّةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا على الْخَصْمِ وَلَمَّا كانت نِعْمَةُ الْإِيمَانِ أَعْظَمُ قَدَّمَهَا ثُمَّ نِعْمَةُ الْأُلْفَةِ أَعْظَمُ من نِعْمَةِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَالَ يُبْذَلُ في تَحْصِيلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَمَنْ أَخْرَجَ شيئا يَتَصَدَّقُ بِهِ أو وَكَّلَ في ذلك ثُمَّ بَدَا له اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ وَلَا يَجِبُ وَسَبَقَ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ قبل تَعْجِيلِهَا نَقَلَ محمد ابن دَاوُد أَنَّ أَبَا عبدالله سُئِلَ عن رَجُلٍ بَعَثَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ بها عليه فلم يَجِدْهُ الرَّسُولُ فَبَدَا لَلْمُرْسَلِ أَنْ يُمْسِكَهَا قال ما أَحْسَنُهُ أَنْ يُمْضِيَهُ وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ ما أَحْسَنَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ وقال ابن مَنْصُورٍ لِأَبِي عبدالله سُئِلَ سُفْيَانُ عن رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مالا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَمَاتَ الْمُعْطِي
قال مِيرَاثٌ قال أَحْمَدُ أَقُولُ إنَّهُ ليس بِمِيرَاثٍ إذَا كان من الزَّكَاةِ أو شَيْءٍ أَخْرَجَهُ لِلْحَجِّ وَإِنْ كان غير ذلك فَهُوَ مِيرَاثٌ قال إِسْحَاقُ كما قال أَحْمَدُ وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ عن أبيه ولم يَرُدَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوَكِيلَ يُخْرِجُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ ما عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ أو يَكُونُ على ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ رِوَايَةٌ بِالتَّفْرِقَةِ وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى قال حُبَيْشٌ إنَّ أَبَا عبدالله قِيلَ له رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فقال له تَصَدَّق بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ إنَّ الدَّافِعَ جاء إلَى صَاحِبِهِ فقال له رُدَّ عَلَيَّ هذه الدَّرَاهِمَ ما يَصْنَعُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فقال لَا يَرُدُّهَا عليه يَمْضِيهَا فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ أَنَّ أَبَا عبدالله سُئِلَ عن رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةً من مَالِهِ فَأَمَرَ بها أَنْ تُوضَعَ في أَهْلِ السِّكَّةِ أَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ قال مَضَى فَرَاجَعَهُ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ في ذلك وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ الرَّجُلُ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ فَلَا يَرُدُّهَا إلَى مَالِهِ بَعْدَ أَنْ سَمَّاهَا صَدَقَةً فَإِنْ كان مُرَادُهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَالرِّوَايَتَانِ وكان وَجْهُهُ أَنَّهُ هل يَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ كَالنَّذْرِ أَمْ لَا وَإِنْ لم يَتَكَلَّمْ فَقَدْ نَوَى خَيْرًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْضِيَهُ وقد صَحَّ عن عَمْرِو بن الْعَاصِ أَنَّهُ كان يقول إذَا أُخْرِجَ الطَّعَامُ لِلسَّائِلِ فَوَجَدَهُ قد ذَهَبَ عَزْلُهُ حتى يجىء ( ( ( يجيء ) ) ) سَائِلٌ آخَرُ وَصَحَّ هذا عن الْحَسَنِ وَرَوَاهُ لَيْثٌ عن طاووس ( ( ( طاوس ) ) )
وَصَحَّ عن حُمَيْدٍ وَبَكْرِ بن عبدالله الْمُزَنِيِّ قَالَا لَا يُعْطِيه سَائِلًا آخَرَ رَوَى ذلك الْأَثْرَمُ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أو الْمَوْهُوبُ قبل الْقَبْضِ وَمَنْ سَأَلَ
____________________
(2/496)
فَأَعْطَى فَقَبَضَهُ فَسَخِطَهُ لم يُعْطِ لِغَيْرِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنْ عَلِيِّ بن الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كان يَفْعَلُهُ رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ فَإِنْ صَحَّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ عقوبه وَيُحْتَمَلُ إن سُخْطَهُ دَلِيلٌ على أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ تَمَلُّكَهُ فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ على أَصْلِنَا كَبَيْعِ التَّلْجِئَةِ وَيُتَوَجَّهُ في الْأَظْهَرِ أَنَّ أَخْذَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى من الزَّكَاةِ وَأَنَّ أَخْذَهَا سِرًّا أَوْلَى وَفِيهِمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَظُنُّ عُلَمَاءَ الصوفيه وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ على كَافِرٍ وَغَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا نَصَّ عليه وَلَهُمْ أَخْذُهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وَالصَّدَقَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ على الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ أَفْضَلُ من الْعِتْقِ نَقَلَهُ حَرْبٌ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لميمونه وقد عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ لو كُنْت أَعْطَيْتهَا أَخْوَالَك كان أَعْظَمَ لِأَجْرِك مُتَّفَقٌ عليه
وَالْعِتْقُ أَفْضَلُ من الصَّدَقَةِ على الْأَجَانِبِ إلَّا زَمَنَ الْغَلَاءِ وَالْحَاجَةِ نَقَلَهُ بَكْرُ بن مُحَمَّدٍ وأبو دَاوُد وَيَأْتِي كَلَامُ الْحَلْوَانِيِّ أَوَّلَ الْعِتْقِ وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ من صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ سَأَلَ حَرْبٌ لِأَحْمَدَ أَيَحُجُّ نَفْلًا أَمْ يَصِلُ قَرَابَتَهُ قال إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ يَصِلُهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ قِيلَ فَإِنْ لم يَكُونُوا قَرَابَةً قال الْحَجُّ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ بَعْدَ هذه الرِّوَايَةِ رِوَايَةً أُخْرَى عن أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عن هذه الْمَسْأَلَةِ فقال من الناس من يقول لَا أَعْدِلُ بِالْمُشَاهَدِ شيئا وَتَرْجَمَ أبو بَكْرٍ فَضْلَ صِلَةِ الْقَرَابَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ وَنَقَلَ ابن هانىء في هذه الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ قَرَابَتُهُ فُقَرَاءُ فقال أَحْمَدُ يَضَعُهَا في أَكْبَادِ جَائِعَةٍ أَحَبُّ إلى فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ فَظَهَرَ من هذا هل الْحَجُّ أَفْضَلُ أَمْ الصَّدَقَةُ مع الْحَاجَةِ أَمْ مع الْحَاجَةِ على الْقَرِيبِ أَمْ على الْقَرِيبِ مُطْلَقًا فيه رِوَايَاتٌ أَرْبَعٌ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ من وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ فَيُؤْخَذُ منه أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ بِلَا حَاجَةٍ ( م 1 ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ الضَّرُورَةُ لِأَنَّ الْفَرْضَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ من الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا أَمْ الصَّدَقَةُ مع الْحَاجَةِ
____________________
1-
(2/497)
أنها تطوع وفي الزهد للإمام أحمد عن الحسن قال يقول أحدهم أحج أحج وقد حججت صل رحما تصدق على مغموم أحسن إلى جار وفي كتاب الصفوة ( ( ( وصيته ) ) ) لابن ( ( ( بالصدقة ) ) ) الجوزي أن الصدقة أَفْضَلُ من الحج ( ( ( وصيته ) ) ) ومن ( ( ( بحج ) ) ) الجهاد وعلل بأنها سر لا يطلع عليها إلا الله تعالى والله أعلم وسبق أول صلاة التَّطَوُّعِ أن ( ( ( فيؤخذ ) ) ) الحج أفضل من العتق فحيث قدمت الصدقة على الحج فعلى العتق أولى وحيث قدم العتق على الصدقة فالحج أولى وروى ابن أبي شيبة وغيره عن التابعين قولين هل الحج أفضل من الصدقة وروى أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي مسكين قال كانوا يرون أنه إذا حج مرارا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ فَصْلٌ قد سَبَقَ في ذَكَرِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ في الْبَابِ قَبْلَهُ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةُ من جَاءَهُ مَالٌ بِسُؤَالٍ أو إشْرَافِ نَفْسٍ أو بِهِمَا وَهَلْ يَجِبُ أَخْذُهُ بِدُونِهِمَا فَأَمَّا إنْ شَكَّ في تَحْرِيمِ الْمَالِ فَإِنْ كان أَصْلُهُ التَّحْرِيمُ كَالذَّبِيحَةِ في غَيْرِ بدل ( ( ( بلد ) ) ) الْإِسْلَامِ وَلَوْ كان فِيهِمْ مُسْلِمُونَ فَمُحَرَّمٌ لِحَدِيثِ عَدِيِّ بن حَاتِمٍ إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أم مع الحاجة على القريب أم على القريب مطلقا روايات أربع وفي المستوعب وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بحج التطوع فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة انتهى قال الشيخ تقي الدين الحج أفضل من الصدقة وإنه مذهب أحمد وقال ابن الجوزي في كتاب الصفوة الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد انتهى ( قلت ) الصواب أن الصدقة زمن المجاعة على المحاويج أفضل لا سيما الجار خصوصا صاحب العائلة وأخص من ذلك القرابة فهذا فيما يظهر لا يعد له الحج التطوع بل النفس تقطع بهذا وهذا نفع عام وهو متعد وهو قاصر وهو ظاهر كلام المجد في شرحه وغيره وأما الصدقة مطلقا أو على القريب غير المحتاج فالحج التطوع أفضل منه والله أعلم وقد حكى المصنف في باب صلاة التطوع قولان إن الحج أفضل تطوعات البدن وذكر أدلة ذلك ثم قال فظهر من هذا أن نفل الحج أفضل من صدقة التطوع ومن العتق ومن الأضحية ويأتي ذلك في صدقة التطوع والأضحية انتهى ( قلت ) ما قال مسلم إذا لم يكن حاجة فأما مع الحاجة فلا والله أعلم
____________________
1-
(2/498)
وَجَدْت مع كَلْبِك كَلْبًا غَيْرَهُ وقد قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ مُتَّفَقٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَأَطْلَقَهَا في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ( قُلْت ) الصَّحِيحُ الْأَخِيرُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَقَالَهُ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَغَيْرُهُ قال في الْآدَابِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عن هذا الْقَوْلِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ثُمَّ قال قَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ دَعْ ما يَرِيبُك إلَى ما لَا يَرِيبُك وقد قال في آدَابِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَسْعَنَا إلَّا حِلْمُ اللَّهِ وَعَفْوُهُ
* ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَيَنْبَنِي على هذا حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ صَدَقَتِهِ وهبته وَإِجَابَةِ دَعَوْته وَنَحْوِ ذلك انْتَهَى قد عَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ من ذلك وقوله في أول الفصل بعده ومال بيت المال إن شك في الحرام فيه فالحكم على ما سبق انتهى يعني بالحكم هذا الذي تكلمنا عليه والله أعلم
____________________
1-
(2/499)
عليه وإن كان أصله الإباحة كما لو شك في الماء المتغير هل هو بنجاسة أو لا عمل
____________________
(2/500)
بالأصل لقول عبدالله بن زيد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا متفق عليه وإن لم يعرف له أصل فإن علم أن فيه حراما وحلالا كمن في ماله هذا وهذا فقيل بالتحريم قطع به شرف الإسلام عبدالوهاب بن أبي الفرج في كتابه المنتخب ذكره قبيل باب الصيد وعلل القاضي وجوب الهجرة من دار الحرب بتحريم الكسب عليه هناك لاختلاط الأموال لأخذهم من غير جهته ووضعه في غير حقه
____________________
(2/501)
وقال الأزجي في نهايته هذا قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة وقدمه أبو الخطاب في الانتصار في مسألة اشتباه الأواني وقد قال أحمد لا يعجبني أن يأكل منه وسأل المروذي أبا عبدالله عن الذي يعامل بالربا يؤكل عنده قال لا قد لعن رسول الله آكل الربا وموكله وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف عند الشبهة ومراده حديث النعمان بن بشير متفق عليه وقال أنس إذا دخلت على مسلم لا يتهم فكل من طعامه واشرب منه شرابه ذكره البخاري وعن الحسن ابن علي مرفوعا دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه
( والثاني ) إن زاد الحرام على الثلث حرم الكل وإلا فلا قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع
( والثالث ) إن كان الأكثر الحرام حرم وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل لأن القليل تابع قطع به ابن الجوزي في المنهاج وذكر شيخنا إن غلب الحرام هل تحرم معاملته أو تكره على وجهين وقد نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالا إن عرف شيئا بعينه رده وإذا كان الغالب على ماله الفساد تنزه عنه أو نحو ذلك ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالا إن كان غالبه نهبا أو ربا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون يسيرا لا يعرف ونقل عنه أيضا هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع قال إن كان غالبه الحرام فلا
( والرابع ) عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو كثر لكن يكره وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته وجزم به في المغني وغيره وقدمه الأزجي وغيره ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مسألة 2 ) قوله وإذا شك في تحريم المال وعلم أن فيه حراما وحلالا كمن في ماله هذا وهذا فقيل بالتحريم قطع به شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرج في كتاب
____________________
1-
(2/502)
لما رواه أحمد عن أبي هريرة مرفوعا إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه وإن سقاه شرابا فليشرب من شرابه ولا يسأل عنه وروى جماعة من حديث الثوري عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبدالله عن ابن مسعود أن رجلا سأله فقال لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني فقال مهنوه لك وإثمه عليه
قال الثوري إن عرفته بعينه فلا تأكله ومراد ابن مسعود وكلامه لا يخالف هذا وروى جماعة أيضا من حديث معمر عن أبي إسحاق عن الزبير ابن الخريت عن سلمان قال إذا كان لك صديق عامل فدعاك إلى طعام فاقبله فإن مهنأه لك وإثمه عليه قال معمر وكان عدي بن أرطأة عامل البصرة يبعث إلى الحسن كل يوم بجفان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المنتخب ذكره قبيل باب الصيد وقال الأزجي في نهايته هذا قياس المذهب وقدمه أبو الخطاب في الانتصار في مسألة اشتباه الأواني والثاني إن زاد الحرام على الثلث حرم أكل وإلا فلا قدمه في الرعاية والثالث إن كان الأكثر الحرام حرم وإلا فلا قطع به ابن الجوزي في المنهاج وذكر شيخنا إن غلب الحرام هل تحرم معاملته أم تكره على وجهين والرابع عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو أكثر لكن يكره وتقوى الكراهية وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته جزم به في المغني وغيره وقدمه الأزجي وغيره انتهى وأطلقها في الآداب الكبرى والقواعد الأصولية ( قلت ) الصحيح الأخير على ما اصطلحناه وجزم به الشارح وقاله ابن عقيل في الفصول وغيره قال في الآداب الكبرى بعد أن ما ذكره المصنف هنا عن هذا القول وهو ظاهر ما قطع به وقدمه غير واحد ثم قال قدمه الأزجي وغيره وجزم به في المغني وغيره انتهى والصواب القول الأول لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقد قال في آداب الرعاية الكبرى ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة والله أعلم ولا يسعنا إلا حلم الله وعفوه
____________________
1-
(2/503)
ثريد فيأكل منها ويطعم أصحابه ويبعث عدي إلى الشعبي وابن سيرين والحسن فقبل الحسن والشعبي ورد ابن سيرين
قال وسئل الحسن عن طعام الصيارفة فقال قد أخبركم الله عنه اليهود والنصارى أنهم يأكلون الربا وأحل لكم طعامهم وقال منصور قلت لإبراهيم النخعي عريف لنا يصيب من الظلم فيدعوني فلا أجيبه فقال إبراهيم للشيطان غرض بهذا ليوقع عداوة وقد كان العمال يهمطون ويصيبون ثم يدعون فيجابون
قلت نزلت بعامل فنزلني وأجاز لي قال اقبل قلت فصاحب ربا قال أقبل ما لم تره بعينه قال الجوهري الهمط الظلم والخلط يقال همط الناس فلان يهمطهم إذا ظلمهم حقهم والهمط أيضا الأخذ بغير تقدير وينبني على هذا الخلاف حكم معاملته وقبول صدقته وهبته وإجابة دعوته ونحو ذلك ( * )
قال ابن الجوزي بناء ما ذكره إذا كان الأكثر الحرام يجب السؤال وإن لم يكن أكثر فالورع التفتيش ولا يجب فإن كان هو المسئول وعلمت أن له غرضا في حضورك وقبول هديته فلا ثقة بقوله والله أعلم وإن لم يعلم أن في المال حراما فالأصل الإباحة ولا تحريم بالاحتمال وإن كان تركه أولى للشك فيه وإن قوي سبب التحريم فظنه فيتوجه فيه كآنية أهل الكتاب وطعامهم فَصْلٌ وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَلِمَهُ حَلَالًا أو حَرَامًا أو عَلِمَهُمَا فيه أو شَكَّ في الْحَرَامِ فيه فَالْحُكْمُ على ما سَبَقَ فَلَا يتوجه ( ( ( يتجه ) ) ) إطْلَاقُ الْحُكْمِ فيه لَكِنْ خَرَجَ الْكَلَامُ على الْغَالِبِ وَالْغَالِبُ أَنَّ فيه حَلَالًا وَحَرَامًا وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ السَّابِقُ فَلِهَذَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فيه قال جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا يَجُوزُ الْعَمَلُ مع السُّلْطَانِ وَقَبُولُ جَوَائِزِهِ وَقَيَّدَهُ في التَّرْغِيبِ بِالْعَادِلِ وَقَيَّدَهُ في التَّبْصِرَةِ بِمَنْ غَلَبَ عَدْلُهُ وَأَنَّهَا تُكْرَهُ في رِوَايَةٍ وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيه ) قوله وينبني على هذا الحكم معاملته وقبول صدقته وهبته وإجابة دعوته ونحو ذلك انتهى قد علمت الصحيح من المذهب من ذلك وقوله في أول الفصل بعده ومال بيت المال إن شك في الحرام فيه فالحكم على ما سبق انتهى يعني بالحكم هذا الذي تكلمنا عليه والله أعلم
____________________
1-
(2/504)
لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ في جَائِزَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ فقال أَكْرَهُهُمَا وَجَائِزَتُهُ أَحَبُّ إلى من الصَّدَقَةِ وقال هِيَ خَيْرٌ من صِلَةِ الْإِخْوَانِ وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ خَيْرٌ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وقال أَيْضًا ليس بِحَرَامٍ وقال أَيْضًا يَمُوتُ بِدِينِهِ وَلَا يَعْمَلُ مَعَهُمْ
وقال بِهِجْرَانِهِ وَيَخْرُجُهُ إنْ لم يَنْتَهِ وَهَجَرَ أَحْمَدُ أَوْلَادَهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ لَمَّا أَخَذُوهَا قال الْقَاضِي وهو يَقْتَضِي جَوَازَ الْهَجْرِ بِأَخْذِ الشُّبْهَةِ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ هَجَرَتْ بِمَا في مَعْنَاهُ كَهَجْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ من ضَحِكَ في جِنَازَةٍ وَحُذَيْفَةُ بِشَدِّ الْخَيْطِ للحمي وَعُمَرُ أَمَرَ بِهَجْرِ صَبِيغٍ بِسُؤَالِهِ عن الذَّارِيَاتِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَالنَّازِعَاتِ
وقال ابن الزُّبَيْرِ لِتَنْتَهِ عَائِشَةُ أو لَأَحْجُرَنَّ عليها فَهَجَرَتْهُ وقال الْخَلَّالُ كَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَسَّعَ على من أَخَذَهَا لِحَاجَةٍ فلما أَخَذُوهَا مع الِاسْتِغْنَاءِ هَجَرَهُمْ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ وهو عِنْدِي على غَيْرِ قَطْعِ الْمُصَارَمَةِ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ اسْتَغْنَوْا فَلَهُمْ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ تَرَى أَنْ يُعِيدَ من حَجَّ من الدِّيوَانِ قال نعم وَكَذَا كَرِهَ مُعَامَلَةَ الْجُنْدِيِّ وَإِجَابَةَ دَعَوْته وَمُرَادُهُ من يَتَنَاوَلُ الْحَرَامَ الظَّالِمُ وَنَقَلَ عبدالله بن مُحَمَّدِ فُورَانَ عن أَحْمَدَ في الْمَالِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ قَالَا كُلْ فَهَذَا عِنْدِي من مَالِ السُّلْطَانِ كما قال عَلِيٌّ عليه السَّلَامُ بَيْتُ الْمَالِ يَدْخُلُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيَصِلُ إلَى الرَّجُلِ فَيَأْكُلُ منه فأما حَلَالٌ وَحَرَامٌ من مِيرَاثٍ أو أَفَادَ ذلك رَجُلٌ مَالًا فإنه يَرُدُّ على أَصْحَابِهِ فَإِنْ لم يَعْرِفْهُمْ ولم يَقْدِرْ عليهم تَصَدَّقَ بِهِ قال بَعْضُهُمْ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا مُسْتَحَقَّ له مُعَيَّنٌ حتى يَرُدَّ عليه وَلِعُمُومِ البلو ( ( ( البلوى ) ) ) بِهِ وَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ من التَّابِعِينَ فَمِنْ بَعْدِهِمْ من بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَّلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ بِأَنَّ بَاقِي الْمُسْتَحَقِّينَ لم يَأْخُذْ قَالَهُ ابن الْجَوْزِيِّ
قال وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَبْقَى حَقُّ أُولَئِكَ مَقَامٌ مَعْلُومٌ في مَقَامٍ مَظْلُومٍ وَلَيْسَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا وقيل ( ( ( وقبل ) ) ) منه ابن عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وعبدالله بن جَعْفَرٍ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَجَمَاعَةٌ من التَّابِعِينَ وَغَيْرُهُمْ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسُئِلَ عُثْمَانُ عن جَوَائِزِ السُّلْطَانِ فقال لَحْمُ ظَبْيٍ ذَكِيٍّ قال ابن عبدالبر وكان الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ وأبو سَلَمَةَ بن عبدالرحمن وَأَبَانُ بن عُثْمَانَ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ سِوَى سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ يَقْبَلُونَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ وكان الثَّوْرِيُّ مع وَرَعِهِ
____________________
(2/505)
وَفَضْلِهِ يقول هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ من صِلَةِ الْإِخْوَانِ
وَمَنْ دَفَعَ جَائِزَتَهُ إلَى آخَرَ فَعِنْدَ أَحْمَدَ لَا يُكْرَهُ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ لِلْأَوَّلِ لِلْمُحَابَاةِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ عبدالوهاب ويتوجه ( ( ( الوهاب ) ) ) نخريجه ( ( ( وتتوجه ) ) ) عن أَحْمَدَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ فَصْلٌ وَإِنْ أَرَادَ من معه حَلَالٌ وَحَرَامٌ أَنْ يَخْرُجَ من إثْمِ الْحَرَامِ أو يَتَصَرَّفَ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَدِيِّ ابن حَاتِمٍ في الصَّيْدِ السَّابِقِ كَذَا قال مع أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ في الصَّيْدِ بين الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَعَنْهُ أَيْضًا إنَّمَا قِلَّتُهُ في دِرْهَمٍ حَرَامٍ مع آخَرَ وَعَنْهُ أَيْضًا في عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تُجْحِفُ بِهِ وقال في الْخِلَافِ في مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ ظَاهِرُ مَقَالَةِ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا عَلِيٍّ النَّجَّادَ وابا إِسْحَاقَ يَتَحَرَّى في عَشَرَةٍ ظاهرة ( ( ( طاهرة ) ) ) فيها إنَاءٌ نَجِسٌ لِأَنَّهُ قد نَصَّ على ذلك في الدَّرَاهِمِ فيها دِرْهَمٌ حَرَامٌ فَإِنْ كانت عَشَرَةٌ أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ منها وَإِنْ كانت أَقَلَّ امْتَنَعَ من جَمِيعِهَا قال وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ هذا حَدًّا وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً وَقِيلَ له بَعْدَ ذلك قد قُلْتُمْ إذَا اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمَ يَعْزِلُ قَدْرَ الْحَرَامِ وَيَتَصَرَّفُ في الْبَاقِي فقال إنْ كان لِلدَّرَاهِمِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ لم يَجُزْ أَنْ يَتَصَرَّفَ في شَيْءٍ منها مُنْفَرِدًا وَإِلَّا عَزَلَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَتَصَرَّفَ في الْبَاقِي وكان الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا كان مَعْرُوفًا فَهُوَ شَرِيكٌ معه فَهُوَ يَتَوَصَّلُ إلَى مُقَاسَمَتِهِ وإذا لم يَكُنْ مَعْرُوفًا فَأَكْثَرُ ما فيه أَنَّهُ مَالٌ لِلْفُقَرَاءِ فَيَجُوزُ له أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ ليس لِلتَّحْدِيدِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ ( م 3 ) لِأَنَّهُ لم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ من معه مَالٌ حَلَالٌ وَحَرَامٌ أَنْ يَخْرُجَ من إثْمِ الْحَرَامِ أو يَتَصَرَّفَ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ وَعَنْهُ أَيْضًا إنَّمَا قُلْته في دِرْهَمٍ حَرَامٍ مع آخَرَ وَعَنْهُ أَيْضًا في عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تُجْحِفُ بِهِ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً وَاخْتَارَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ ليس لِلتَّحْدِيدِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ انْتَهَى ( قُلْت ) هذا هو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ فإذا فَعَلَ ذلك وَتَصَرَّفَ خَرَجَ من الْإِثْمِ وَجَازَ له التَّصَرُّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
( تَنْبِيهٌ ) حَصَلَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارٌ فإنه ذَكَرَ ما هُنَا بِعَيْنِهِ في أَوَّلِ بَابِ الشَّرِكَةِ وَحَصَلَ في كَلَامِهِ في الْمَوْضِعَيْنِ نَظَرٌ من وُجُوهٍ منها قَوْلُهُ هُنَا نَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ
____________________
1-
(2/506)
يحرم ( ( ( الحلال ) ) ) لعينه وإنما ( ( ( هناك ) ) ) حرم لتعلق حق ( ( ( بالتعريف ) ) ) غَيْرِهِ به ( ( ( ومنها ) ) ) فإذا أخرج عوضه زال التحريم عنه كما لو كان صاحبه حاضرا فرضي بعوضه وظاهره ولو علم صاحبه وليس بمراد وقد سبق كلام أحمد والقاضي ويأتي إن شاء الله تعالى في الغصب الخلاف في المغصوب إذا خلطه بما لا يتميز كدراهم وزيت هل يلزم مثله منه أو من حيث شاء وَذَكَرَ ابن الصيرفي في النَّوَادِرِ عن أَحْمَدَ إذا اختلط زيت حرام بمباح تصدق به
هذا مستهلك والنقد يتحرى وذكر الخلال عن أبي طالب عن أحمد في الزيت ( ( ( للتحديد ) ) ) أعجب إلي ( ( ( الواجب ) ) ) أن ( ( ( إخراج ) ) ) يتصدق به هذا غير الدراهم وذكر الأصحاب في الدراهم أن الورع ترك الجميع وقال شيخنا لا يتبين لي أن ذلك من الورع ومتى جهل قَدْرِ الْحَرَامِ تصدق بما ( ( ( هناك ) ) ) يراه حراما نقله فوران ( ( ( يخرج ) ) ) فدل هذا أنه يكفي الظن ( ( ( صححت ) ) ) وقاله ( ( ( بحمد ) ) ) ابن الجوزي ( ( ( تعالى ) ) ) ويتوجه أنها كصلاة من خمس وقد يفرق بكثرة المشقة لكثرة اختلاط الأموال فتعم البلوى قال أحمد لا يبحث عن شيء ما لم يعلم فهو خير وبأكل الحلال تطمئن القلوب وتلين فَصْلٌ وَالْوَاجِبُ في الْمَالِ الْحَرَامِ التَّوْبَةُ وَإِخْرَاجُهُ على الْفَوْرِ يَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ أو وَارِثِهِ فَإِنْ لم يَعْرِفْهُ أو عَجَزَ دَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ وَهَلْ له الصَّدَقَةُ بِهِ تَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في الْغَصْبِ وَمَتَى تَمَادَى بِبَقَائِهِ بيده تَصَرَّفَ فيه أو لا عَظُمَ إثْمُهُ وإذا لم تَكُنْ له صَدَقَةٌ بِهِ لم تُقْبَلْ صَدَقَتُهُ وبأثم ( ( ( ويأثم ) ) ) وَإِنْ وَهَبَهُ لِإِنْسَانٍ فَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ لِمَا فيه من الْمُعَاوَنَةِ على الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وفي رَدِّهِ إعَانَةُ الظَّالِمِ على الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحلال وقال هناك نقل الجماعة بالتعريف وجماعة غير الجماعة في مصطلحه ومصطلح غيره ومنها قوله هنا وذكر ابن عقيل في النوادر وذكر هناك وذكر ابن عقيل والنوادر وهو الصواب إذ ابن عقيل ليس له نوادر ولا ذكرها أحد في مصنفاته وإنما هي لابن الصيرفي ومنها أن ظاهر كلامه هنا إطلاق الخلاف وهناك قدم حكما ومنها قوله هنا واختار القاضي والأصحاب والشيخ أن كلام أحمد ليس للتحديد وأن الواجب إخراج قدر الحرام وقال هناك واختار الأصحاب لا يخرج قدر الحرام وقال أيضا هنا وذكر الأصحاب في الدراهم أن الورع ترك الجميع فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب قد صححت بحمد الله تعالى
____________________
1-
(2/507)
وَارِثِهِ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ أو تَصَدَّقَ بِهِ على الْخِلَافِ وَهَذَا نَحْوُ ما ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ وزاد إنْ رَدَّهُ فَسَقَ فَإِنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ فَقَدْ زَادَ فِسْقُهُ وَأَتَى كَبِيرَةً كَذَا قال وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقد نَقَلَ عبدالله عن أبيه أَنَّهُ قَرَأَ بَعْدَ آيَةِ غَضِّ الْبَصَرِ { إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ من الْمُتَّقِينَ } سورة المائدة 27 يَتَّقِي الْأَشْيَاءَ لَا يَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ له وَحَكَاهُ ابن الْجَوْزِيِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَّقِي الْكُفْرَ وَالرِّيَاءَ وَالْمَعَاصِيَ فَتَحْبَطُ الطَّاعَةُ بِالْمَعْصِيَةِ مِثْلِهَا فَيَكُونُ كما لم تُقْبَلْ وَذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ عن أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ الْمُرَادُ الْمُوَحِّدِينَ قال شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ إلَّا مِمَّنْ اتقي اللَّهَ في عَمَلِهِ فَفَعَلَهُ كما أُمِرَ خَالِصًا وَإِنَّهُ قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وعند الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الْكَبَائِرَ وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الشِّرْكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوله كتاب الصيام
____________________
(2/508)
بسم الله الرحمن الرحيم كِتَابُ الصِّيَامِ
الصَّوْمُ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَمِنْهُ { إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا } مريم 26 وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ صَائِمٌ لِإِمْسَاكِهِ عن الصَّهِيلِ في مَوْضِعِهِ وَكَذَا عن الْعَلَفِ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ
قِيلَ سُمِّيَ رَمَضَانُ لِحَرِّ جَوْفِ الصَّائِمِ فيه وَرَمَضِهِ وَالرَّمْضَاءُ شِدَّةُ الْحَرِّ وَقِيلَ لَمَّا نَقَلُوا أَسْمَاءَ الشُّهُورِ عن اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ سَمَّوْهَا بالإزمنة التى وَقَعَتْ فيها فَوَافَقَ هذا الشَّهْرُ أَيَّامَ شِدَّةِ الْحَرِّ وَرَمَضِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَحْرِقُ الذُّنُوبَ وَقِيلَ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ مَعْنًى كَسَائِرِ الشُّهُورِ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ في الشُّهُورِ مَعَانٍ أَيْضًا وَقِيلَ غَيْرُ ذلك وَجَمْعُهُ رَمَضَانَاتٌ وَأَرْمِضَةٌ وَرَمَاضِينُ وَأَرْمُضٌ وَرِمَاضٌ ورماضى وَأَرَامِيضُ
وَالْمُسْتَحَبُّ قَوْلُ شَهْرِ رَمَضَانَ كما قال اللَّهُ تَعَالَى { شَهْرُ رَمَضَانَ } البقرة 185 وَلَا يُكْرَهُ قَوْلُ رَمَضَانَ بِإِسْقَاطِ الشَّهْرِ ( وه ) وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يُكْرَهُ إلَّا مع قَرِينَةِ الشهروفاقا لاكثر الشَّافِعِيَّةِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا يُكْرَهُ وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ
وَقَالَا لَعَلَّهُ اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وفي الْمُنْتَخَبِ لَا يَجُوزُ وَرَوَى ابن عَدِيٍّ والبيهقى وَغَيْرُهُمَا من رِوَايَةِ أبي مَعْشَرٍ وهو ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ عن الْمَقْبُرِيِّ وعن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعالا تَقُولُوا رَمَضَانَ فإنه اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ قال ابن الْجَوْزِيِّ أَنْ يُسَمَّى بِهِ ( ع ) وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لو صَحَّ من أَسْمَائِهِ لم يُمْنَعْ اسْتِعْمَالُهُ في غَيْرِهِ كَالْأَسْمَاءِ التي وَقَعَتْ فيها الْمُشَارَكَةُ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ( من قام رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من
____________________
(3/3)
ذَنْبِهِ ) مُتَّفَقٌ عليه زَادَ أَحْمَدُ في رِوَايَةٍ عن عَفَّانَ عن حَمَّادِ بن سَلَمَةَ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ وما تَأَخَّرَ وَحَمَّادٌ له أَوْهَامٌ وَمُحَمَّدٌ تُكُلِّمَ فيه وَعَنْ أبي هريرة أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ( إذَا جاء رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ ) وفي لَفْظٍ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ولقت ( ( ( وغلقت ) ) ) أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ مُتَّفَقٌ عليه وَلِلْبُخَارِيِّ ايضا ( فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ على ظاهرة وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةُ الْخَيْرِ أو كَثْرَةُ أَسْبَابِهِ وَمَعْنَى صُفِّدَتْ غُلَّتْ وَالصَّفَدُ الْغُلُّ وهو مَعْنَى سُلْسِلَتْ وَالْمُرَادُ الْمَرَدَةُ فَلَيْسَ فيه إعْدَامُ الشَّرِّ بَلْ قِلَّتُهُ لِضَعْفِهِمْ وَلِهَذَا رَوَى الترمذى وابن مَاجَهْ من حديث أبي هُرَيْرَةَ ( صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ) وَلِلنَّسَائِيِّ من حَدِيثِهِ وَتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَرُدُّ قَوْلَ الْقَائِلِ إنَّ الْمَجْنُونَ يُصْرَعُ فيه وقد قال عبد اللَّهِ لِأَبِيهِ هذا فقال هَكَذَا الْحَدِيثُ وَلَا تَكَلُّمَ في ذَا
وَرَوَى أَحْمَدُ حدثنا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بن أبي هِشَامٍ عن مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بن الْأَسْوَدِ عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( أُعْطِيت أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ في رَمَضَانَ لم تعطه ( ( ( تعطها ) ) ) أُمَّةٌ من الْأُمَمِ قَبْلَهَا خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ من رِيحِ الْمِسْكِ وَتَسْتَغْفِرُ له الْمَلَائِكَةُ حتى يُفْطِرَ وَيُزَيِّنُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يقول يُوشِكُ عِبَادِي الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمْ المؤونة ( ( ( المئونة ) ) ) وَالْأَذَى وَيَصِيرُوا إلَيْك وَتُصَفَّدُ فيه مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَخْلُصُونَ فيه ما كَانُوا يَخْلُصُونَ إلَيْهِ في غَيْرِهِ وَيُغْفَرُ لهم في آخِرِ لَيْلَةٍ قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال لَا وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إذَا قَضَى عَمَلَهُ ) قال ابن نَاصِرٍ الْحَافِظُ حَدِيثٌ حَسَنٌ إسناده عُدُولٌ
____________________
(3/4)
فَصْلٌ صَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ ( ع ) فُرِضَ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ من الْهِجْرَةِ ( ع ) فَصَامَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ ( ع )
وَيَجِبُ صَوْمُهُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ فَإِنْ لم يُرَ مع الصَّحْوِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ صَامُوا وَصَلَّوْا التَّرَاوِيحَ ( و ) كما لو رَأَوْهُ وان حَالَ دُونَ مطلعة غَيْمٌ أو قَتَرٌ أو غَيْرُهُمَا لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ وَجَبَ صَوْمُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وذكره ( ( ( وذكروه ) ) ) ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَأَنَّ نُصُوصَ أَحْمَدَ عليه كَذَا قالوا ولم أَجِدْ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْوُجُوبِ وَلَا أَمَرَ بِهِ فَلَا تَتَوَجَّهُ إضَافَتُهُ إلَيْهِ وَلِهَذَا قال شَيْخُنَا لاأصل للوجود ( ( ( أصل ) ) ) في كَلَامِ أَحْمَدَ وَلَا في كَلَامِ أحمد من الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ
وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِعْلِهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ في الوجود ( ( ( الوجوب ) ) ) وَإِنَّمَا هو احْتِيَاطٌ قد عُورِضَ بِنَهْيٍ وَاحْتَجُّوا بِأَقْيِسَةٍ تَدُلُّ على أَنَّ الْعِبَادَاتِ يُحْتَاطُ لها وَاسْتَشْهَدُوا بِمَسَائِلَ وَهِيَ إنَّمَا تَدُلُّ على الإحتياط فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ أو كان الْأَصْلُ كَثَلَاثِينَ رَمَضَانَ وفي مَسْأَلَتِنَا لم يَثْبُتْ الْوُجُوبُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّهْرِ وَمِمَّا ذَكَرُوهُ : الشَّكُّ في انْقِضَاءِ مُدَّةِ المسيح ( ( ( المسح ) ) ) يَمْنَعُ الْمَسْحَ وانما كان لِأَنَّ الاصل الغسيل ( ( ( الغسل ) ) ) فَمَعَ الشَّكِّ يُعْمَلُ بِهِ وَيَأْتِي هل يُتَسَحَّرُ مع الشَّكِّ في طُلُوعِ الْفَجْرِ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا لم يجب ( ( ( تجب ) ) ) الطَّهَارَةُ مع الشَّكِّ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ فَيُقَالُ وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يُحَرِّمُهُ بِالشَّكِّ وقال الْقَاضِي وابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ في نَفْسِهَا وقد قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ الطَّهَارَةُ مَقْصُودَةٌ في نَفْسِهَا وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهَا بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَأْتِي فِيمَا يُفْعَلُ عن الْمَيِّتِ وَقِيلَ لِمَنْ نَصَرَ من الْأَصْحَابِ في كُتُبِ الْخِلَافِ صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ يَلْزَمُ عليه نَذْرُ صَوْمِ رَجَبٍ أو شَعْبَانَ فإنه إذَا غُمَّ أَوَّلُهُ لم يَلْزَمْ فقال كَذَلِكَ أَصْحَابُنَا وَالنُّذُورُ لَا تُبْنَى إلَّا على أُصُولِهَا من الْفُرُوضِ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ عِنْدَهُمْ فَعَلَى هذا يَصُومُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا بِوُجُوبِهِ احْتِيَاطًا وَيُجْزِئُهُ وَقِيلَ لِلْقَاضِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَعَ الشَّكِّ فيها لَا يجرم ( ( ( يجزم ) ) ) بها فقال لَا يَمْتَنِعُ التَّرَدُّدُ فيها لِلْحَاجَةِ كَالْأَسِيرِ وَصَلَاةٍ من خَمْسٍ كَذَا قال
____________________
(3/5)
وَذَكَرَ هذا في الإنتصار أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إنْ لم تُعْتَبَرْ فيه ( ( ( نية ) ) ) التَّعْيِينِ وَإِلَّا فَلَا كَذَا قال
وَتُصَلَّى التَّرَاوِيحُ لَيْلَتئِذٍ في اختبار ( ( ( اختيار ) ) ) ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْفَضْلِ الْقِيَامُ قبل الصِّيَامِ احْتِيَاطًا لِسُنَّةِ قِيَامِهِ وَلَا يَتَضَمَّنُ مَحْذُورًا وَالصَّوْمُ نهى عن تَقَدُّمِهِ وَاخْتَارَ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ التميميون ( ( ( والتميميون ) ) ) وَغَيْرُهُمْ لَا تُصَلَّى اقْتِصَارًا على النَّصِّ ( م 1 )
وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ من حُلُولِ الْآجَالِ وَوُقُوعِ الْمُعَلَّقَاتِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَغَيْرِ ذلك وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا تَثْبُتُ كما يَثْبُتُ الصَّوْمُ وَتَوَابِعُهُ من النِّيَّةِ وتبيتها ( ( ( وتبييتها ) ) ) وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فيه وَنَحْوُ ذلك وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ خُولِفَ لِلنَّصِّ وَاحْتِيَاطًا لِعِبَادَةٍ عَامَّةٍ وَعَنْهُ يَنْوِيهِ حُكْمًا جَازِمًا بِوُجُوبِهِ وَذَكَرَهُ ابن أبي مُوسَى عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا فَيُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إذَنْ
وَقِيلَ لَا وَعَنْهُ لَا يَجِبُ صَوْمُهُ قبل رُؤْيَةِ هِلَالِهِ أو إكْمَالِ شَعْبَانَ اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا وقال هو مَذْهَبُ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عنه وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَوْجَبَ طَلَبَ الْهِلَالِ لَيْلَتئِذٍ وَعَنْهُ الناس تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فَإِنْ صَامَ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا فَيُتَحَرَّى في كَثْرَةِ كَمَالِ الشُّهُورِ قَبْلَهُ وَنَقْصِهَا وَإِخْبَارِهِ بِمَنْ لَا يكتفي بِهِ وَغَيْرِ ذلك من الْقَرَائِنِ وَيُعْمَلُ بِظَنِّهِ وَيَأْتِي الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَتِهِ هل يَصُومُهُ وَعَنْهُ صَوْمُهُ مَنْهِيٌّ عنه اخْتَارَهُ أبو الْقَاسِمِ بن مندة الْأَصْفَهَانِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وابن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَيُصَلِّي التروايح ( ( ( التراويح ) ) ) لَيْلَتئِذٍ في اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهوأشبه بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ والتميميون ( ( ( والميموني ) ) ) وَغَيْرُهُمْ لَا تصلي اقْتِصَارًا على النَّصِّ انْتَهَى الْقَوْلُ الاول هو الصَّحِيحُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ هذا الْأَقْوَى عِنْدِي قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَتُصَلِّي التَّرَاوِيحَ لَيْلَتئِذٍ في الْأَظْهَرِ قال ابن تَمِيمٍ فُعِلَتْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال ابن الْجَوْزِيِّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ ذَكَرَهُ في كِتَابِ ( دَرْءِ الضَّيْمِ في صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا كما قال الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ قال في التَّلْخِيصِ وهو أَظْهَرُ قال النَّاظِمُ وهو أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا من ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وأطلقتها الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
1-
(3/6)
عقيل وغيرهم فقيل يكره وذكراه ابن عقيل رواية وعمل أيضا في موضع من الفنون بعادة غالبة كمضي شهرين كاملين فالثالث ناقص وأنه معنى التقدير وقال أيضا البعد مانع كالغيم فيجب على كل حنبلي يصوم مع الغيم أن يصوم مع البعد لاحتماله والشهور كلها مع رمضان في حق المطمور كاليوم الذي يشك فيه من الشهر في التحرز وطلب التحقيق ولا أحد قال بوجوب الصوم عليه بل التأخير ليقع أداء أو قضاء كَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ يَوْمٍ لَا يَتَحَقَّقُ من رَمَضَانَ
وقال في مَكَان آخَرَ أو يَظُنُّهُ لِقَبُولِنَا شَهَادَةَ وَاحِدٍ وَقِيلَ النَّهْيُ عنه لِلتَّحْرِيمِ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ( م 2 ) ( وم ش ) وَأَوْجَبَ ( م ) الصَّوْمَ على من شَكَّتْ في انْقِطَاعِ حَيْضِهَا قبل الْفَجْرِ وإذا لم يَجِبْ صَوْمُهُ وبأداء ( ( ( وجب ) ) ) الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ وَإِنْ لم يُسْأَلْ عنها وَمَنْ نَوَاهُ احْتِيَاطًا بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ فبأن منه فَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ ( وم ش ) وَعَنْهُ بَلَى ( وه ) وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ وَلَوْ اعْتَبَرَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ
وَقِيلَ في الاجزاء وَجْهَانِ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ ( م 3 ) وَيَدْخُلُ فيها قَوْلُهُ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مسألة 2 ) قوله وعنه ( ( ( صام ) ) ) صومه ( ( ( بنجوم ) ) ) منهي عنه ( ( ( حساب ) ) ) يعني صوم يوم ليلة الغيم اختاره أبو القاسم ابن مندة الأصفهاني وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم فقيل يكره وذكره ابن عقيل رواية وقيل النهي عنه للتحريم ونقله حنبل ذكره القاضي انتهى وأطلقهما الزركشي وصاحب الفائق فقال وإذا لم يجب ( ( ( يجزئه ) ) ) فهل هو ( ( ( أصاب ) ) ) مباح أو ( ( ( يحكم ) ) ) مندوب ( ( ( بطلوع ) ) ) أو ( ( ( الهلال ) ) ) مكروه ( ( ( بهما ) ) ) أو محرم ( ( ( كثرت ) ) ) على ( ( ( إصابتهما ) ) ) أربعة أوجه ( ( ( معنى ) ) ) اختار شيخنا الأول انتهى وقال الزركشي اختار أبو العباس أنه يستحب صومه انتهى وقال في الإختيارات حكى عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرا إلى أنه لا يستحب صومه انتهى قلت ظاهر النهي التحريم إلا أنه يصرفه عن ذلك دليل فتجيء في صيامه ( ( ( منتهى ) ) ) الأحكام ( ( ( الغاية ) ) ) الخمسة قال الزركشي وقول سادس ( ( ( بمستند ) ) ) بالتبعية ( ( ( شرعي ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَمَنْ نَوَاهُ احْتِيَاطًا بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ فَبَانَ منه فَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ وَلَوْ اعْتَبَرَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ وَقِيلَ في الاجزاء وَجْهَانِ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ انْتَهَى قُلْت قال الْمُصَنِّفُ في بَابِ نِيَّةِ الصَّوْمِ فَإِنْ لم يُرَدِّدْ نِيَّتَهُ بَلْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا من رَمَضَانَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كَصَحْوٍ أو غَيْمٍ ولم نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ فَبَانَ منه فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَرَدَّدَ أو نَوَى مُطْلَقًا انْتَهَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مع التَّرَدُّدِ وَالْإِطْلَاقُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَكَذَا
____________________
1-
(3/7)
الرعاية من صام بنجوم أو حساب لم يجزئه وإن أصاب ولا يحكم بطلوع الهلال بهما ولو كثرت إصابتهما وهذا معنى كلامه في منتهى الغاية قال لأنه ليس بمستند شرعي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذَا عَلِمَ ذلك فَالظَّاهِرُ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ مرادة بِقَوْلِهِ ( وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ ) وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا نَوَى احْتِيَاطًا بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ الصَّوْمَ بِنُجُومٍ أو حِسَابٍ وَنَحْوِهِ وَأَرَادَ في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ الْمُسْتَنَدِ الشَّرْعِيِّ الصَّوْمَ في يَوْمِ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ إذاكانت السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أو غَيْمٌ ولم نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ بُعْدٌ وَعَلَى كِلَا الإحتمالين في إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ في هذه الْمَسَائِلِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ في المسألة عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/8)
فَصْلٌ وَإِنْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ أو آخِرَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ ( و ) هذا الْمَشْهُورُ فَلَا يَجِبُ بِهِ صَوْمٌ وَلَا يُبَاحُ بِهِ فِطْرٌ وَعَنْهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْمُقْبِلَةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَعَنْهُ بَعْدَ الزَّوَالِ آخِرَ الشَّهْرِ لِلْمُقْبِلَةِ وَعَنْهُ آخِرَ الشَّهْرِ قبل الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ لِلْمُقْبِلَةِ وَيُقَالُ من الصَّبَاحِ إلَى الزَّوَالِ رأيت اللَّيْلَةَ كما في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ في حديث الرُّؤْيَا ( رَأَيْت اللَّيْلَةَ ) وَبَعْدَ الزَّوَالِ يُقَالُ رَأَيْت الْبَارِحَةَ قَالَهُ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ قالوا وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ من بَرِحَ إذَا زَالَ وفي الصَّحِيحَيْنِ عن سَمُرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا صلى الصُّبْحَ قال ( هل رَأَى مِنْكُمْ بالبارحة ( ( ( البارحة ) ) ) رُؤْيَا ) وبعد فَيَكُونُ مُرَادُ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ الْحَقِيقَةَ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا بَاطِلٌ وَبَعْضُ الْعَوَامّ يَحْذِفُ الْهَاءَ من الْبَارِحَةِ وَاللُّغَةُ إثْبَاتُهَا فَصْلٌ وَإِنْ ثبت ( ( ( ثبتت ) ) ) رُؤْيَتُهُ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ أو بَعِيدٍ لَزِمَ جَمِيعَ الْبِلَادِ الصَّوْمُ وَحُكْمُ من لم يَرَهُ كَمَنْ رَآهُ وَلَوْ اختلف ( ( ( اختلفت ) ) ) الْمَطَالِعُ نَصَّ عليه ( و ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ لِلْعُمُومِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِثُبُوتِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا الصَّوْمُ كَذَا ذَكَرُوهُ وَمَنْ يُخَالِفُ في الصَّوْمِ مع الإحتياط لِلْعِبَادَةِ لَا أَظُنُّهُ يُسَلِّمُ هذا وَلِهَذَا على الْمَذْهَبِ يَجِبُ مع الْغَيْمِ وَلَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ من جِهَةِ الْمُنَجِّمِينَ كَذَا قال وَأَجَابَ الْقَاضِي عن قَوْلِ الْمُخَالِفِ الْهِلَالُ يَجْرِي مَجْرَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وقد ثَبَتَ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ حُكْمَ نَفْسِهِ كَذَا الْهِلَالُ فقال يَتَكَرَّرُ مُرَاعَاتُهَا في كل يَوْمٍ فَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ في اعْتِبَارِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا فَيُؤَدِّي إلَى قَضَاءِ الْعِبَادَاتِ وَالْهِلَالُ في السَّنَةِ مَرَّةٌ فَلَيْسَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ في قَضَاءِ يَوْمٍ وَدَلِيلُ الْمَسْأَلَةِ من الْعُمُومِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ الزَّوَالُ في الدُّنْيَا وَاحِدٌ لَعَلَّهُ أَرَادَ هذا وَإِلَّا فَالْوَاقِعُ خِلَافَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) ( تنبيهات ) الأول قوله في الصحيحين عن سمرة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الصبح قال ( هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا ) ليس في البخاري ذكرالبارحة
____________________
1-
(3/9)
وقال شَيْخُنَا تَخْتَلِفُ الْمَطَالِعُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بهذا قال فَإِنْ اتَّفَقَتْ لَزِمَ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ العبد ( ( ( البعد ) ) ) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَلَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْبُعْدَ اخْتِلَافَ الْإِقْلِيمِ وَعَنْ ( م ) وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وابن الْمَاجِشُونِ يَلْزَمُ بَلَدَ الرُّؤْيَةِ وَعَمَلَهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْإِمَامُ الناس على ذلك وَذَكَرَ ابن عبد الْبَرِّ ( ع ) أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تُرَاعَى مع الْبُعْدِ كَالْأَنْدَلُسِ من خُرَاسَانَ كَذَا قال
قال في الرِّعَايَةِ تَفْرِيعًا على الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارُهُ لو سَافَرَ من بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ فبعدوتم شَهْرُهُ ولم يَرَوْا الْهِلَالَ صَامَ مَعَهُمْ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُفْطِرُ فَإِنْ شَهِدَ بِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ أَفْطَرُوا معه على الْمَذْهَبِ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ من بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَبَعُدَ أَفْطَرَ مَعَهُمْ وَقَضَى يَوْمًا على الْمَذْهَبِ ولم يُفْطِرْ على الثَّانِي وَلَوْ عَيَّدَ بِبَلَدٍ بِمُقْتَضَى الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ في أَوَّلِهِ وَسَارَتْ بِهِ سَفِينَةٌ أو غَيْرُهَا سَرِيعًا في يَوْمِهِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ في أَوَّلِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَبَعُدَ أَمْسَكَ مَعَهُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ لَا على الْمَذْهَبِ كَذَا قال
وما ذَكَرَهُ على الْمَذْهَبِ وَاضِحٌ وَعَلَى اخْتِيَارِهِ فيه نَظَرٌ لِأَنَّهُ في الْأُولَى اُعْتُبِرَ حُكْمُ الْمُنْتَقِلِ اليه لِأَنَّهُ صَارَ من جُمْلَتِهِمْ . وفي الثَّانِيَةِ اُعْتُبِرَ حُكْمُ المتنقل ( ( ( المنتقل ) ) ) منه لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حُكْمَهُ وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ اعْتِبَارُ ما انْتَقَلَ إلَيْهِ وَالثَّانِي ما انْتَقَلَ منه قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَفْطَرَ على الْمَذْهَبِ وَلْيَكُنْ خُفْيَةً فَصْلٌ وَيُقْبَلُ في هِلَالِ رَمَضَانَ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ نَصَّ عليه ( وش ) وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عن أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِحَدِيثَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ وهو أَحْوَطُ وَلَا تُهْمَةَ فيه بِخِلَافِ آخِرِ الشهر ولاختلاف الشَّهْرِ وَلِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ وَلِهَذَا لو حَكَمَ حَاكِمٌ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَجَبَ الْعَمَلُ بها ( وه ) وفي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ حتى مع غَيْمٍ وَقَتَرٍ فَيُفْهَمُ منه أَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ وَالْمَذْهَبَ التَّسْوِيَةُ وقال أبو بَكْرٍ إنْ جاء من خَارِجِ الْمِصْرِ أو رَآهُ فيه لَا في جَمَاعَةٍ قُبِلَ وَاحِدٌ وَإِلَّا اثْنَانِ وَحَكَى رِوَايَةً وفي الرِّعَايَةِ هذه الرِّوَايَةُ إلَّا أَنَّهُ قال لَا في جَمْعٍ كَثِيرٍ ولم يَقُلْ وَإِلَّا اثْنَانِ وَمَذْهَبُ ( ه ) يُقْبَلُ وَاحِدٌ في غَيْمٍ أو رَآهُ خَارِجَهُ أو أَعْلَى مَكَان منه كَالْمَنَارَةِ وَمَعَ الصَّحْوِ التَّوَاتُرُ وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُعْتَبَرُ عَدْلَانِ ( وم ق ) فَعَلَى الْأَوَّلِ وهو
____________________
(3/10)
الْمَذْهَبُ هو خَبَرٌ فَتُقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَلَا يُخْتَصُّ بِحَاكِمٍ فَيَلْزَمُ الصَّوْمُ من سَمِعَهُ من عَدْلٍ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ قَوْلَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فيه في شَهَادَةِ الْقَاذِفِ أَنَّهُ شَهَادَةٌ لَا خَبَرٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ وَهَذَا أَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ في المستوى ( ( ( المستور ) ) ) وَالْمُمَيَّزِ الْخِلَافُ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لايقبل صَبِيٌّ وفي الْكَافِي : يُقْبَلُ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وفي الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ طريقة الشَّهَادَةُ وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ فيه شَاهِدُ الْفَرْعِ مع إمْكَانِ شَاهِدِ الْأَصْلِ وَيَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ كَهِلَالِ شَوَّالٍ كَذَا قال
وإذا ثَبَتَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ ثَبَتَتْ بَقِيَّةُ الأحاكم ( ( ( الأحكام ) ) ) جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ وقال الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ مُفَرِّقًا بين الصَّوْمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قد يَثْبُتُ الصَّوْمُ بِمَا لَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَيَحِلُّ الدَّيْنُ وهو شَهَادَةُ عَدْلٍ وَيَأْتِي إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْحَمْلِ فَشَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ هل تَطْلُقُ وَلَا يُقْبَلُ في بَقِيَّةِ الشُّهُورِ إلَّا رَجُلَانِ ( وم ش ) لَا وَاحِدٌ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ ( ع ) خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ وفي الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ في هِلَالِ شَوَّالٍ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ ليس فيه غَيْرُهُ ولا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ( ه ) لِأَنَّهُ يُقْبَلُ ذلك في غَيْرِ الْعُقُوبَاتِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّوَاتُرُ في الْعِيدَيْنِ مع الْغَيْمِ فَصْلٌ وَمَنْ صَامَ بشهادين ( ( ( بشاهدين ) ) ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا ولم يَرَهُ إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ وَقِيلَ لَا مع صَحْوٍ وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وأبو مُحَمَّدِ بن الْجَوْزِيِّ ( * ) لِأَنَّ عَدَمَ الْهِلَالِ يَقِينٌ فَيُقَدَّمُ على الظَّنِّ وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فِيمَنْ صَامَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَجْهَانِ وَقِيلَ ( * ) ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَمَنْ صَامَ بِشَاهِدَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ولم ير ( ( ( يره ) ) ) إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ وَقِيلَ لَا مع صَحْوٍ وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وأبو مُحَمَّدِ بن الْجَوْزِيِّ انْتَهَى ليس كما قال عن صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ فإنه قال فيه وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَفْطَرُوا وَجْهًا وَاحِدًا ولم يَزِدْ عليه اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذُكِرَ ذلك في غَيْرِ هذا الْمَحَلِّ أو في غَيْرِ الْكِتَابِ أو وُجِدَ في نُسْخَةٍ ثُمَّ وَجَدْته في بَعْضِ النُّسَخِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/11)
روايتان ( م 4 ) وقيل لا فطر مع الغيم اختاره صاحب المحرر ( وه ) والأصح للشافعية وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا لأن الصوم إنما كان احتياطا فمع موافقته للأصل وهو بقاء رمضان أولى وقيل بلى قال صاحب الرعاية إن صاموا جزما مع الغيم أفطروا وإلا فلا فعلى الأول إن غم هلال شعبان وهلال رمضان فقد نصوم اثنين وثلاثين يوما حيث نقصنا رجبا وشعبان وكانا كاملين وكذا الزيادة إن غم هلال رمضان وشوال وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين وفي المستوعب وعلى هذا فقس وليس مراده مطلقا قال في شرح مسلم قالوا يعني العلماء لا يقع النقص متواليا في اكثر من أربعة أشهر وفي الصحيحين من حديث أبي بكر ( شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة ) نقل عبدالله والأثرم وغيرهما لا يجتمع نقصانهما في سنة واحدة ولعل المراد غالبا وأنكر أحمد تأويل من تأوله على السنة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فيها ونقل أبو داود لا أدري ما هذا قد رأيناهما ينقصان وقال إبراهيم الحربي معناه ثواب العامل فيهما على عهد أبي بكر الصديق واليوم واحد ويتوجه احتمال لا ينقص ثوابهما وإن نقص العدد وفاقا لإسحاق وجماعة من العلماء وقاله ابن هبيرة قال ويزيدهما فضلا إن كانا كاملين قال القاضي الأشبه الأول لأن فيه دلالة على معجزة النبوة لأنه أخبر بما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَمَنْ صَامَ بِشَاهِدَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ولم يَرَهُ إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ وَقِيلَ لَا مع صَحْوٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فِيمَنْ صَامَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُونَ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لَا يُفْطِرُونَ في أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْحَاوِيَيْنِ أَنَّ على هذا الْأَصْحَابُ فإنه قال فِيهِمَا وَمَنْ صَامَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ولم يَرَهُ مع الْغَيْمِ أَفْطَرَ وَمَعَ الصَّحْوِ يَصُومُ الْحَادِيَ والثلاين ( ( ( والثلاثين ) ) ) هذا هو الصَّحِيحُ وقال أَصْحَابُنَا له الْفِطْرُ بَعْدَ إكْمَالِ الثَّلَاثِينَ صَحْوًا كان أو غَيْمًا وَإِنْ صَامَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَى ما ذَكَرْنَا في شَهَادَةِ الأثنين وَقِيلَ لَا يُفْطِرُ بِحَالٍ انْتَهَى
____________________
1-
(3/12)
يكون في الثاني وما ذهبوا إليه فإنما هو إثبات حكم كذا قال وإن صاموا ثمانية وعشرين ثم رأوا هلال شوال قضوا يوما فقط نقله حنبل واحتج بقول علي رضي الله عنه ولبعد الغلط بيومين ويتوجه تخريج واحتمال وَمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَحُكْمُهُ ( و ) لِلْعُمُومِ وَكَعِلْمِ فَاسِقٍ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أو دَيْنٍ على مَوْرُوثِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إمْسَاكُهُ لو أَفْطَرَ فيه وَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعِتْقُهُ الْمُعَلَّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِ ذلك من خَصَائِصِ الرَّمَضَانِيَّةِ وَلِهَذَا فَارَقَ غَيْرُهُ من الناس وَلَيْسَتْ الْكَفَّارَةُ عُقُوبَةً مَحْضَةً بَلْ هِيَ عِبَادَةٌ أو فيها شَائِبَةُ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الْحَدِّ وَيَأْتِي في صموم ( ( ( صوم ) ) ) الْمُسَافِرِ أَنَّ الْخِلَافَ ليس شُبْهَةً في إسْقَاطِهَا ذَكَرَ ذلك في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ على رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ من أَحْكَامِهِ
وَحَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ ( صَوْمُكُمْ يوم تَصُومُونَ ) ( 1 ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِيهِ عبد اللَّهِ بن جَعْفَرٍ وهو ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ وَتَكَلَّمَ فيه ابن حِبَّانَ وقد رَوَاهُ أبو دَاوُد وابن ماجة وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ فذكر الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى فَقَطْ وَمَذْهَبُ ( ه ) إنْ وطيء فيه فَلَا كَفَّارَةَ عليه وَذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَذَا قال وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا قال وَلَا غَيْرُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هل يُفْطِرُ يوم الثَّلَاثِينَ من صِيَامِ الناس فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو الْخَطَّابِ ( م 5 ) وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا وُقُوعُ طَلَاقِهِ وَحِلُّ دَيْنِهِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِهِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَقَعُ وَيَحِلُّ وَإِنْ رَأَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ من رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ فَعَلَيْهِ هل يُفْطِرُ يوم الثَّلَاثِينَ من صِيَامِ الناس فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو الْخَطَّابِ انْتَهَى قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ قُلْت فَعَلَى الْأَوَّلِ هل يُفْطِرُ مع الناس أو قَبْلَهُمْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
____________________
1-
(3/13)
هلال شوال وحده لم يفطر نقله الجماعة ( وه م ) للخبر السابق وقاله عمر وعائشة واحتمال خطئه وتهمته فوجب الإحتياط
قال شيخنا وكما لا يعرف وحده ولا يضحى وحده قال والنزاع مبني على أصل وهو أن الهلال هل هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يشتهر ولم ير أو أنه لا يسمى هلالا إلا بالظهور والإشتهار كما يدل عليه الكتاب والسنة والإعتبار فيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد
وقال أبو حكيم يتخرج أن يفطر واختاره أبو بكر
قال ابن عقيل يجب أن يفطر سرا ( وش ) لأنه يتيقنه يوم العيد وعلل ابن عقيل بما فيه من المفسدة كتركه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم وقتل المنافقين
قال ولأن الحقوق يحكم بها عليه فيما يخصه كذا الفطر ولما احتج على القاضي بثبوت الحقوق التي عليه أجاب بأنا لا نعرف الرواية في ذلك ثم فرق بأنها عليه الفطر حق له كاللقيط إذا أقر بأنه عبد يقبل فيما عليه وهو الرق ولم يقبل فيما له من إبطال العقود
قيل لابن عقيل فيجب منع مسافر ومريض وحائض من الفطر ظاهرا لئلا يتهم فقال إن كانت أعذارا خفية منع من إظهاره كمرض لا أمارة له ومسافر لا علامة عليه وذكر القاضي أنه ينكر على من أكل في رمضان ظاهرا وإن جاز هناك عذر فظاهره المنع مطلقا
وقد قال أحمد رحمه الله أكره المدخل السوء وفي الرعاية فيمن رأى هلال شوال وعنه يفطر وقيل سرا كذا قال وقال صاحب المحرر لا يجوز إظهار الفطر ( ع ) قال والمنفرد بمفازة ليس بقربه بلد يبني على يقين رؤيته لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة بل الظاهر الرؤية بمكان آخر وإن رآه عدلان ولم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) انْتَهَى
أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ قُلْت وهو الصَّوَابُ قِيَاسًا على ما إذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ وَقَوَاعِدُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ تَقْتَضِيهِ وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ بَعْدَ ذلك
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْطِرُ لِلُزُومِهِ بِالصَّوْمِ في أَوَّلِهِ بِرُؤْيَتِهِ
____________________
1-
(3/14)
يشهد عنه ( ( ( رآه ) ) ) الْحَاكِمِ أو شَهِدَا فَرَدَّهُمَا لِجَهْلِهِ بِحَالِهِمَا لم يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِمَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ بِقَوْلِهِمَا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِمَا سَبَقَ وَلِمَا فيه من الإختلاف وَتَشْتِيتِ الْكَلِمَةِ وَجَعْلِ مَرْتَبَةِ الْحَاكِمِ لِكُلِّ إنْسَانٍ وَجَزَمَ الشَّيْخُ بِالْجَوَازِ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ( فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا ) ( 1 ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فَصْلٌ وإذا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ على الاسير وَالْمَطْمُورِ وَمَنْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهِمْ تَحَرَّى وَصَامَ فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أو ما بَعْدَهُ أجزاء ( ( ( أجزأه ) ) ) ( و ) فَلَوْ وَافَقَ رَمَضَانُ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ فقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ عن وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ اعْتَبَرْنَا منه التَّعْيِينَ وَإِلَّا وَقَعَ عن الثَّانِي وَقَضَى الْأَوَّلَ وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لم يُجْزِئْهُ نَصَّ عليه ( و ) لَا أَنَّهُ إنْ تَكَرَّرَ قَبْلَهُ يقضى السَّنَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ ( ه ) وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً ثُمَّ عَلِمَ صَامَ ثلاث أَشْهُرٍ كُلُّ شَهْرٍ على أَثَرِ شَهْرٍ كَالصَّلَاةِ إذَا فَاتَتْهُ نَقَلَهُ منها وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ كَالشَّكِّ في دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ على ما سَبَقَ وَسَبَقَ في بَابِ النِّيَّةِ تَصِحُّ نِيَّةُ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ لِلْعَجْزِ عنها وَإِنْ تَحَرَّى وَشَكَّ وَقَعَ قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ كَمَنْ تَحَرَّى في الْغَيْمِ وَصَلَّى وَمَنْ صَامَ بِلَا اجْتِهَادٍ فَكَمَنْ خَفِيَتْ عليه الْقِبْلَةُ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّهْرَ لم يَدْخُلْ فَصَامَ لم يُجْزِئْهُ وَلَوْ أَصَابَ وَسَبَقَ فيه في الْقِبْلَةِ وَجْهٌ وَكَذَا لو شَكَّ في دُخُولِهِ
وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ كَذَا قال وَنَقَلَ منها إنْ صَامَ لَا يَدْرِي هو رَمَضَانُ أو لَا فإنه يَقْضِي إذَا كان لَا يَدْرِي وَيَأْتِي حُكْمُ الْقَضَاءِ في بَابِهِ
____________________
(3/15)
فَصْلٌ صَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ على كل مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ قَادِرٍ ( ع ) وَسَبَقَ حُكْمُ الْكَافِرِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ على صَبِيٍّ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى إنْ أَطَاقَهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ وأطلق في الترغيب وجهين وَأَطْلَقَ ابن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُرَادُ الْمُمَيِّزُ كما ذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَحَدَّ ابن ابي مُوسَى طَاقَتَهُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ وَلَا يَضُرُّهُ لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ وَعَنْهُ يَلْزَمُ من بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ وَأَطَاقَهُ وقد قال الْخِرَقِيُّ يُؤْخَذُ بِهِ إذَنْ
قال الْأَكْثَرُ سؤمر ( ( ( يؤمر ) ) ) بِهِ الصَّبِيُّ إذَا أَطَاقَهُ ( م ) وَيُضْرَبُ عليه لِيَعْتَادَهُ أَيْ يَجِبُ على الْوَلِيِّ ذلك ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ الشَّيْخُ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ وقال اعْتِبَارُهُ بِالْعَشْرِ أَوْلَى لِأَمْرِهِ عليه السَّلَامُ بِالضَّرْبِ على الصَّلَاةِ عِنْدَهَا
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لايؤخذ بِهِ وَيُضْرَبُ عليه فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ كَالصَّلَاةِ وأن أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ في أَثْنَاءِ الشَّهْرِ لم يَلْزَمْهُ قَضَاءُ ما سَبَقَ منه خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ
وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أو بَلَغَ الصَّبِيُّ أو أَفَاقَ الْمَجْنُونُ في النَّهَارِ لَزِمَهُ إمْسَاكُ ذلك الْيَوْمِ ( م ش ) وَقَضَاؤُهُ ( خ ) في الظاهر الْمَذْهَبِ لِأَمْرِهِ عليه السَّلَامُ بِإِمْسَاكِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَلِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَكَقِيَامِ بَيِّنَةٍ فيه بِالرُّؤْيَةِ كما تَجِبُ الصَّلَاةُ بِآخِرِ وَقْتِهَا وَكَالْمُحْرِمِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة قوله ( ( ( صوم ) ) ) وَإِنْ نَوَى الْمُمَيِّزُ الصَّوْمَ ثُمَّ بَلَغَ النَّهَارِ بِسِنٍّ أو احْتِلَامٍ وَقُلْنَا يَقْضِي لو بَلَغَ مفطر ( ( ( مفطرا ) ) ) فَلَا قَضَاءَ عليه عِنْدَ الْقَاضِي كنذرة إتْمَامَ نَفْلٍ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ يوم الثَّلَاثِينَ وهو في نَفْلٍ مُعْتَادٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمغنى وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ والهاديي ( ( ( والهادي ) ) ) وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُ الْقَاضِي هو الصَّحِيحُ قال في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ لَا قَضَاءَ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وما قِيسَ عليه في الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُشَابِهُ مَسْأَلَتَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُ أبي الْخَطَّابِ جَزَمَ بِهِ في الأفادات وَالْوَجِيزِ
____________________
1-
(3/16)
يلزمه صوم يوم عن بعض مد في الفدية وعنه لا يجبان ويأتي الكلام في الجنون هل يقضي وإن قلنا يجب الصوم على الصبي عصى بالفطر وأمسك ويقضي كالبالغ وإن نوى المميز الصوم ثم بلغ في النهار بسن أو احتلام وقلنا يقضي لو بلغ مفطرا فلا قضاء عليه عند القاضي كنذره إتمام نفل وعند أبي الخطاب يلزمه القضاء كقيام البينة يوم الثلاثين وهو في نفل معتاد ( م ) وسبق الوجوب في أحدهما وتجدده في الآخر ملغى بما لو كانا مفطرين وكبلوغه في صلاة وحج فَعَلَى هذا هو كَمُسَافِرٍ قَدِمَ صَائِمًا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وحكي قول هنا وَعَلَى الْأَوَّلِ هو كَبُلُوغِهِ مُفْطِرًا وَإِنْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أو نُفَسَاءُ أو قَدِمَ مسافرا ( ( ( مسافر ) ) ) أو أَقَامَ مُفْطِرًا أو برىء مَرِيضٌ مُفْطِرًا لَزِمَهُمْ الْإِمْسَاكُ على الْأَصَحِّ ( وه ) كَالْقَضَاءِ ( ع ) وَكَمُقِيمٍ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ ( ر ) سَافَرَ أو حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أولا نَقَلَهُ ابن الْقَاسِمِ وَحَنْبَلٌ ويعايا ( ( ( ويعايى ) ) ) بها وَيَتَوَجَّهُ لَا إمْسَاكَ مع حَيْضٍ وَمَعَ السَّفَرِ خِلَافٌ وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ في صَائِمٍ أَفْطَرَ عَمْدًا أو لم يَنْوِ الصَّوْمَ حتى أَصْبَحَ لَا إمْسَاكَ عليه كَذَا قال أطلق جَمَاعَةٌ الرِّوَايَتَيْنِ في الْإِمْسَاكِ وقال في الْفُصُولِ يُمْسِكُ من لم يُفْطِرْ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَنَقَلَ الْحَلْوَانِيُّ إذَا قال الْمُسَافِرُ أُفْطِرُ غَدًا كَقُدُومِهِ مُفْطِرًا وَجَعَلَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ وإذا لم يَجِبْ الْإِمْسَاكُ فَقَدِمَ مُسَافِرٌ مُفْطِرًا فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ طَهُرَتْ من حَيْضِهَا له أَنْ يَطَأَهَا وَإِنْ برىء مَرِيضٌ صَائِمًا أو قَدِمَ مُسَافِرٌ أو أَقَامَ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ ( و ) وَأَجْزَأَ ( و ) كَمُقِيمٍ صَائِمٍ مَرِضَ ثُمَّ لم يُفْطِرْ حتى عُوفِيَ ( و ) وَلَوْ وَطِئَهَا فيه كافرا ( ( ( كفرا ) ) ) نَصَّ عليه ( ه ) كَمُقِيمٍ وطيء ثُمَّ سَافَرَ وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وأبو دَاوُد كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ ثم ( ( ( يوم ) ) ) يَقْدُمُ فُلَانٌ وَعَلِمَ قُدُومَهُ في غَدٍ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ في غَدٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ولوجود سَبَبِ الرُّخْصَةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو أَقْيَسُ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ من سَافَرَ في أَثْنَاءِ يَوْمٍ له الْفِطْرُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالرُّؤْيَةِ في يَوْمٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) ( تنبيهان ) ( الأول ) قوله بعد ذلك فعلى هذا هو كمسافر قدم صائما يلزمه الإمساك وعلى الأول هو كبلوغه مفطرا انتهى هذا سهو وصوابه فعلى الأول وهو قول القاضي هو كمسافر قدم صائما وعلى الثاني وهو قول أبي الخطاب هو كبلوغه مفطرا وهو واضح وصرح به المجد وغيره
____________________
1-
(3/17)
منه أَمْسَكَ ( و ) وَقَضَى ( و ) وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً لَا يلزمه ( ( ( يلزم ) ) ) الْإِمْسَاكُ وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَخَرَّجَ في الْمُغْنِي على قَوْلِ عَطَاءٍ من ظَنَّ أَنَّ الفجرلم يَطْلُعْ وقد طَلَعَ وَنَحْوُ ذلك
وقال شَيْخُنَا يُمْسِكُ وَلَا يقضى وإنه لو لم يَعْلَمْ بِالرُّؤْيَةِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لم يَقْضِ وَالرِّدَّةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ ( ع ) فَلَوْ ارْتَدَّ في يَوْمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فيه بَعْدَهُ أو ارْتَدَّ في لَيْلَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فيه فيجزم ( ( ( فجزم ) ) ) الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِقَضَائِهِ
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَنْبَنِي على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْمُوجِبُ في بَعْضِ الْيَوْمِ فان قُلْنَا يَجِبُ وَجَبَ هُنَا وَإِلَّا فَلَا وَمَذْهَبُ ( ه ) لَا يقضى لِوُجُوبِ الْمُسْقِطِ وَمَذْهَبُ ( ش ) يقضى لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ وَإِنْ حَاضَتْ المراة في يَوْمٍ فقال أَحْمَدُ تُمْسِكُ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ وَجَعَلَهَا الْقَاضِي كَعَكْسِهَا تَغْلِيبًا لِلْمُوجِبِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في الْمَنْثُورِ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْمَانِعُ رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيُؤْخَذُ من كَلَامِ غَيْرِهِ إنْ طَرَأَ جُنُونٌ وَقُلْنَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَإِنَّهُ لَا يقضى أَنَّهُ هل يقضى على الرِّوَايَتَيْنِ في إفَاقَتِهِ في أَثْنَاءِ يَوْمٍ بِجَامِعِ أَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا من الْوَقْتِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا إمْسَاكَ مع الْمَانِعِ وهو أَظْهَرُ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ من أَفْطَرَ في صَوْمٍ وَاجِبٍ غَيْرِ رَمَضَانَ وذكره جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُمْسِكُ إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَأَنَّهُ يَدُلُّ على جوبه ( ( ( وجوبه ) ) ) فانهم اذا قَالُوهُ في هذا الْمَعْذُورِ فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ أَوْلَى قال : وَلَا وَجْهَ له عِنْدِي في الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لِلْعِبَادَةِ خَاصَّةً وقد فُقِدَتْ كَذَا قال وَلَا يَلْزَمُ التَّعْيِينُ زَمَنَ الْعِبَادَةِ في النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ كَرَمَضَانَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وقال فيها في الْخِلَافِ وفي صَوْمِ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ قال لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لو أَفْطَرَ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ بِخِلَافِ رَمَضَانَ كَذَا قال وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ لَيْلًا ثُمَّ جُنَّ أو أُغْمِيَ عليه جَمِيعَ النَّهَارِ لم يَصِحَّ صَوْمُهُ ( ه ) لِأَنَّ الصَّوْمَ الإمسام ( ( ( الإمساك ) ) ) مع النِّيَّةِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا من رِوَايَةٍ صِحَّةَ صَوْمِ رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ في أَوَّلِهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي من أُغْمِيَ عليه أَيَّامًا بَعْدَ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ أَفَاقَ الْمُغْمًى عليه في جُزْءٍ من النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ لِدُخُولِهِ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ( يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ من أَجْلِي ) ( 1 ) وَمَذْهَبُ ( م ق ) إنْ كان مقيما ( ( ( مفيقا ) ) ) أَوَّلَ الْيَوْمِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ أَحَدُ
____________________
(3/18)
رُكْنَيْ الصَّوْمِ فَاعْتُبِرَ لِأَوَّلِهِ كَالنِّيَّةِ وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إفَاقَتَهُ أَكْثَرَ الْيَوْمِ وَلَا يُفْسِدُ قَلِيلُ الْإِغْمَاءِ الصَّوْمَ ( ق ) وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ ( و ) وَقِيلَ يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِقَلِيلِهِ اخْتَارَهُ ابن الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( وق ) الْجَدِيدُ كَالْحَيْضِ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ
وقال في الْوَاضِحِ هل من شَرْطِ إفَاقَتِهِ جَمِيعَ يَوْمِهِ أو يكفى بَعْضُهُ فيه رِوَايَتَانِ وَإِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ ( و ) خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إجْمَاعٌ قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ إذَا نُبِّهَ انْتَبَهَ فَهُوَ كَذَاهِلٍ وَسَاهٍ وإذا لم يَصِحَّ الصَّوْمُ مع الْإِغْمَاءِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ في الْأَصَحِّ ( و ) لِأَنَّهُ مَرِضَ وَلِأَنَّهُ يغطى الْعَقْلَ وَلَا يَرْفَعُ التَّكْلِيفَ وَلَا تَطُولُ مُدَّتُهُ وَلَا ولايه على صَاحِبِهِ وَيَدْخُلُ على الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَجْنُونَ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ فَاتَ بِالْجُنُونِ الشَّهْرُ أو بَعْضُهُ ( وش ) وَعَنْهُ يقضى ( وم ) وَعَنْهُ أَفَاقَ في الشَّهْرِ قَضَى وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَهُ لم يَقْضِ ( وه ) لِعِظَمِ مشقه الْقَضَاءِ وَمَنْ جُنَّ في صَوْمِ قَضَاءٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَحْوِ ذلك قَضَاهُ بِالْوُجُوبِ السَّابِقِ
____________________
(3/19)
فَصْلٌ يُكْرَهُ الصَّوْمُ وَإِتْمَامُهُ لِمَرِيضٍ يَخَافُ زِيَادَةَ مَرَضِهِ أو طُولَهُ وَالصَّحِيحُ مَرِضَ في يَوْمِهِ أو خَافَ مَرَضًا بِعَطَشٍ أو غَيْرِهِ ( ع ) وَيُجْزِئُهُ ( و ) كَمَرِيضٍ يُبَاحُ له تَرْكُ الْقِيَامِ أو الْجُمُعَةِ أو يُبَاحُ له التَّيَمُّمُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقِيَاسُ قَوْلِ من قال إنَّ صَوْمَ الْمُسَافِرِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّ الْمَرِيضَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى
وَمَنْ لم يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي في مَرَضِهِ (
) وَتَرْكُهُ يَضُرُّ بِهِ فَلَهُ التَّدَاوِي نَقَلَهُ حَنْبَلٌ في من بِهِ رَمَدٌ يَخَافُ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الإكتحال لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّوْمِ كَتَضَرُّرِهِ بِمُجَرَّدِ الصَّوْمِ
وَلَا يُفْطِرُ مَرِيضٌ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ ( و ) وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في وَجَعِ رَأْسٍ وحى ( ( ( وحمى ) ) ) ثُمَّ قال قُلْت إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ كَذَا قال وَقِيلَ لِأَحْمَدَ مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ قال إذَا لم يَسْتَطِعْ الصَّوْمَ قِيلَ مِثْلُ الْحُمَّى قال وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ من الْحُمَّى وَمَنْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ وَأَجْزَأهُ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يَحْرُمُ ( وم ) ولم أَجِدْ ذَكَرُوا في الْإِجْزَاءِ خِلَافًا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في صَوْمِ الظِّهَارِ أَنَّهُ يَجِبُ فِطْرُهُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ وَقِيلَ لِلْقَاضِي في الْخِلَافِ يوم الْعِيدِ يَحْرُمُ صَوْمُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَيَّامِ فقال هذا لايمنع صِحَّتَهُ يَدُلُّ عليه لو نَذَرَ صِيَامَ يَوْمٍ هو مَرِيضٌ فيه مَرَضًا مَخُوفًا فإنه يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ كان مَعْصِيَةً وقال الْآجُرِّيُّ من صَنْعَتُهُ شَاقَّةٌ فَإِنْ خَافَ تَلَفًا أَفْطَرَ وَقَضَى وَإِنْ لم يَضُرَّهُ تَرْكُهَا أَثِمَ وَإِلَّا فَلَا قال هذا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَقَ هذا الْمَعْنَى في تَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ
وَإِنْ خَافَ بِالصَّوْمِ ذَهَابَ مَالِهِ فَسَبَقَ أَنَّهُ عُذِرَ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وفي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَإِنْ أَحَاطَ الْعَدُوُّ بِبَلَدٍ وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُمْ فَهَلْ يَجُوزُ الْفِطْرُ ( وم ) ذَكَرَ الْخَلَّالُ رِوَايَتَيْنِ ويعايا ( ( ( ويعايى ) ) ) بها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الثاني قوله ( من لم يمكنه التداوي في مرضه ) كذا في النسخ ولعله ومن لم يمكنه التداوي في صومه أو ومن لم يمكنه التداوي في مرضه إلا بفطره فيكون فيه نقص وهذا أولى من التقدير الأول
____________________
1-
(3/20)
وقال ابن عَقِيلٍ إنْ حَصَرَ الْعَدُوُّ بَلَدًا أو قَصَدُوا عَدُوًّا بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لم يَجُزْ الْفِطْرُ وَالْقَصْرُ على الْأَصَحِّ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا كَانُوا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُمْ بِالْقُرْبِ أَفْطَرُوا عِنْدَ الْقِتَالِ ( م 7 ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ هو في الْغَزْوِ وَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ إلَى جَنْبِهِ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ إلَيْهِ على نَفْسِهِ أو فَوْتَ مَطْلُوبِهِ فَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَعَنْهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَعَنْهُ إنْ لم يَخَفْ على نَفْسِهِ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَسَبَقَ في التَّيَمُّمِ ( م 8 ) وَمَنْ بِهِ شَبَقٌ يَخَافُ تَنْشَقَّ مَثَانَتُهُ جَامَعَ وَقَضَى وَلَا يُكَفِّرُ نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ قال الْأَصْحَابُ هذا إنْ لم تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِدُونِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ وَكَذَا إنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 7 ) قوله وإن أحاط العدو ببلد والصوم يضعفهم فهل يجوز الفطر ذكرالخلال روايتين وقال ابن عقيل إن حصر العدو بلدا أو قصدوا عدوا بمسافة قريبة لم يجز الفطر والقصر على الأصح ونقل حنبل إذا كانوا بأرض العدو وهم بالقرب أفطروا عند القتل انتهى قال المجد في شرحه قال القاضي في ذلك روايتان ذكرها الخلال في كتاب التيسير نقلت ذلك من خط القاضي على ظهر الجزء العشرين من تعاليقه من المسائل الجارية في النظر والخط مقلوب انتهى إحداهما يجوز الفطر والحالة هذه وقد اختار الشيخ تقي الدين الفطر للتقوى على الجهاد وفعله وأمر به لما نازل العدو دمشق وقدمه في الفائق وقال نص عليه في رواية حنبل من الشافي وهو الصواب والله أعلم والرواية الثانية لا يجوز قلت وهو ظاهر كلام الأصحاب
( مسألة 8 ) قوله وذكر جماعة فيمن هو في الغزو وتحضره الصلاة والماء إلى جنبه يخاف إذا ذهب إليه على نفسه أو فوت مطلوبه فعنه يتيمم ويصلي اختاره أبو بكر وعنه لا يتيمم ويؤخر الصلاة وعنه إن لم يخف على نفسه توضأ وصلى وسبق في التيمم انتهى
قلت الصحيح من المذهب التيمم والصلاة وعليه الأصحاب في الخائف على نفسه وقدمه المصنف في باب التيمم في الغازي إذا كان بقربه الماء ويخاف إن ذهب على نفسه وأطلق هناك في فوت مطلوبه الروايتين في التيمم وصححنا هناك الروايتين والمصنف رحمه الله إنما ذكر هذه المسألة هنا على سبيل الإستشهاد للمسألة التي قبلها لكن إتيانه بهذه الصيغة يحتمل أنه حكى هذه الطريقة على ضعفها ويحتمل أنه أتى بها كذلك لقوة الخلاف من الجانبين والله أعلم
____________________
1-
(3/21)
أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لم يَجُزْ والإجاز لِلضَّرُورَةِ وَمَعَ الضرور ( ( ( الضرورة ) ) ) إلَى وَطْءِ حائط ( ( ( حائض ) ) ) وَصَائِمَةٍ فَقِيلَ الصَّائِمَةُ أَوْلَى لِتَحْرِيمِ الْحَائِضِ بِالْكِتَابِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا ( م 9 ) وَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِدَوَامِ شَبَقِهِ فَكَالشَّيْخِ الهم ( ( ( الهرم ) ) ) على ما يَأْتِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وَمَعَ الضَّرُورَةِ إلَى وَطْءِ حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ فَقِيلَ الصَّائِمَةُ أَوْلَى لِتَحْرِيمِ الْحَائِضِ بِالْكِتَابِ وَقِيلَ يُتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا انْتَهَى
أَحَدُهُمَا وَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الْعَلَّامَةُ ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا وَهُمَا احْتِمَالَانِ مطللقان ( ( ( مطلقان ) ) ) في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ الشَّيْخَ في الْمُغْنِي لِأَنَّ ما عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِعَيْنِهِ في المغني فَحِينَئِذٍ يَبْقَى في إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/22)
فَصْلٌ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرُ ( ع ) وهو من له الْقَصْرُ ( و ) وَإِنْ صَامَ أَجْزَأَهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُعْجِبُنِي وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ليس من الْبِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ ( 1 ) وَعُمَرُ وأبو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ وَقَالَهُ الظَّاهِرِيَّةُ ويروي عن عبد الرحمن ابن عَوْفٍ وَابْنِ عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هذا الْقَوْلَ وَرِوَايَةُ حَنْبَلٍ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ كَثْرَةُ تَفَرُّدِ حَنْبَلٍ وَحَمْلُهَا على رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا نَقَلَ حَرْبٌ لَا يَصُومُ
قال حَرْبٌ يَقُولُهُ بِتَوْكِيدٍ وَنَقَلَ أَيْضًا إنْ صَامَ أَجْزَأَهُ وَلَكِنَّ ذلك يَدُلُّ على أَنَّهُ يُكْرَهُ وَسَأَلَهُ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم عن الصَّوْمِ فيه لِمَنْ قَوِيَ فقال لَا يَصُومُ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن الْأَصْحَابِ قال وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ إذَا قَوِيَ عليه
____________________
(3/23)
وَاخْتَارَهُ الآجرى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرِهِ لَا يكره بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ وَلَيْسَ الْفِطْرُ أَفْضَلَ (
) ( خ ) وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُخْصَةِ الْقَصْرِ أنها مُجْمَعٌ عليها تَبْرَأُ بها الذِّمَّةُ وَرُدَّ بِصَوْمِ الْمَرِيضِ وَبِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ المزدلة ( ( ( المزدلفة ) ) ) وَسَبَقَ في الْقَصْرِ حُكْمُ من سَافَرَ لِيُفْطِرَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَا في رَمَضَانَ عن غَيْرِهِ ( وم ش ) كَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ ( و ) لِأَنَّهُ لو قَبِلَ صَوْمًا من الْمَعْذُورِ قَبِلَهُ من غَيْرِهِ كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِعِبَادَةٍ وَلِأَنَّ الْعَزِيمَةَ تَتَعَيَّنُ بِرَدِّ الرُّخْصَةِ كَتَرْكِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ ذلك الْوَقْتِ في غَيْرِهِ فَعَلَى هذا هل يَقَعُ صَوْمُهُ بَاطِلًا ( وم ش ) أَمْ يَقَعُ ما نَوَاهُ هِيَ مَسْأَلَةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ وَمَذْهَبُ ( ه ) يَجُوزُ عن وَاجِبٍ لِلْمُسَافِرِ وَلِأَصْحَابِهِ خِلَافٌ في الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ بَلْ أن تَضَرَّرَ لَزِمَهُ الْفِطْرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الصَّوْمُ
وَالْأَصَحُّ عن ( ه ) لَا يَصِحُّ النَّفَلُ وَلَنَا قَوْلٌ لِلْمُسَافِرِ صَوْمُ النَّفْلِ فيه وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَلَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ الى نَفْلٍ لم يصح له النفل فيه وعلى المذهب لو قلب صوم رمضان إلى نفل لم يَصِحَّ له النَّفَلُ وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ إلَّا على رِوَايَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ في سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ ( و ) بِمَا شَاءَ ( وهش ) لفطرة عليه السَّلَامُ في الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِأَنَّ من له الْأَكْلُ له الْجِمَاعُ كَمَنْ لم يَنْوِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ له يُفْطِرُ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَ الْفِطْرِ فَعَلَى هذا لَا كَفَّارَةَ بِالْجِمَاعِ ( وه ش ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً يُكَفِّرُ وَجَزَمَ بِهِ على هذا وهو أَظْهَرُ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بِالْجِمَاعِ ( وم ) لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى على السَّفَرِ فَعَلَى هذا إنْ جَامَعَ كَفَّرَ ( وم ر ) وَعَنْهُ لَا لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ فَلَا أَقَلَّ من الْعَمَلِ بِهِ في إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ ( وم ر ) لَكِنْ له الْجِمَاعُ بَعْدَ فطرة بِغَيْرِهِ كفطرة بِسَبَبٍ مُبَاحٍ وَمَذْهَبُ ( م ) الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ كَالْجِمَاعِ وَالْمَرِيضُ الذي يُبَاحُ له الْفِطْرُ كَالْمُسَافِرِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وابن شِهَابٍ في كُتُبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) تنبيه قوله في فصل للمسافر الفطر وليس الفطر أفضل صوابه وليس الصوم أفضل
وقوله في الفصل الذي بعده فكمعضوب حج ثم عوفى صوابه حج عنه ثم عوفي وقوله بعد ذلك في قياس الاحتمال الثاني كمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه لا تعتد بالشهور ثم تحيض وفيها أيضا وجهان انتهى قد ذكر المصنف الوجهين في باب العدة وأطلقهما ويأتي تصحيح ذلك إن شاء الله تعالى
____________________
1-
(3/24)
الْخِلَافِ أَصْلًا لِلْكَفَّارَةِ على الْمُسَافِرِ بِجَامِعِ الْإِبَاحَةِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِالْإِبَاحَةِ على النَّفْلِ وَنَقَلَ مُهَنَّا في الْمَرِيضِ يُفْطِرُ بِأَكْلٍ فَقُلْت يُجَامِعُ قال لَا أَدْرِي فَأَعَدْت عليه فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنِّي والمريض ( ( ( والمرض ) ) ) الذي يُنْتَفَعُ فيه بِالْجِمَاعِ كَمَنْ يَخَافُ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ لَا يُكَفِّرُ وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ سَافَرَ في أَثْنَاءِ الْيَوْمِ طَوْعًا أو كَرْهًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُفْطِرَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمْ ويعايا ( ( ( ويعايى ) ) ) بها وَلَهُ الْفِطْرُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ وَكَالْمَرَضِ الطارىء ( ( ( الطارئ ) ) ) وَلَوْ بِفِعْلِهِ وَالصَّلَاةِ لَا يُشَقُّ إتْمَامُهَا وَهِيَ آكَدُ لِأَنَّهَا مَتَى وَجَبَ إتْمَامُهَا لم تُقْصَرْ بِحَالٍ وَكَمَا يُفْطِرُ بَعْدَ يَوْمِ سَفَرِهِ ( و ) خِلَافًا لِعُبَيْدَةَ وَسُوَيْدِ بن غَفَلَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ فَعَلَى هذا لَا يُفْطِرُ قبل خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ ليس بِمُسَافِرٍ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ وزاد وَيَقْصُرُ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ( و ) وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بِجِمَاعٍ فَعَلَى الْمَنْعِ يُكَفِّرُ من وطىء ( ه م ر ) وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ كَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ في سَفَرِهِ ثُمَّ جَامَعَ وَدَعْوَى أَنَّ الْخِلَافَ شُبْهَةٌ في إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ مَمْنُوعٌ وَلَا دَلِيلَ عليه وَأَبْطَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْفَجْرِ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ فإنه زَمَنٌ مُخْتَلَفٌ في وُجُوبِ صَوْمِهِ فإن الْأَعْمَشَ وَغَيْرَهُ لم يُوجِبُوهُ وَيَبْطُلُ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ بِوَطْئِهِ في مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَيَبْطُلُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْوَطْءِ قبل خُرُوجِهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرِهِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ قال لَا كَفَّارَةَ وَبَعْضُهُمْ قال وَإِنْ لم يُسَافِرْ فَصْلٌ من عجر ( ( ( عجز ) ) ) عن الصَّوْمِ لِكِبَرٍ وهو الْهِمُّ وَالْهِمَّةُ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَلَهُ الْفِطْرُ ( ع ) وَيُطْعِمُ عن كل يَوْمٍ مِسْكِينًا ( م ) ما يجزىء في الْكَفَّارَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هِيَ لِلْكَبِيرِ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمَعْنَاهُ عن ابْنِ أبي لَيْلَى عن مُعَاذٍ ولم يُدْرِكْهُ ابن ليلي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَا أبو دَاوُد وَرَوَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن ابْنِ أبي لَيْلَى حدثنا اصحابنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَذَكَرَهُ وَإِنْ كان الْكَبِيرُ مُسَافِرًا أو مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ لِفِطْرِهِ بِعُذْرٍ مُعْتَادٍ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَلَا قَضَاءَ لِلْعَجْزِ عنه ويعايا ( ( ( ويعايى ) ) ) بها وَإِنْ أَطْعَمَ ثُمَّ قَدَرَ على الْقَضَاءِ فَكَمَعْضُوبٍ حَجَّ ثُمَّ
____________________
(3/25)
عُوفِيَ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ أحدهما أَحَدُهُمَا هذا وَالثَّانِي يقضى كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي ما رَفَعَهُ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ ثُمَّ تَحِيضُ وَفِيهَا أَيْضًا وَجْهَانِ
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مع خَوْفِ الضَّرَرِ على أَنْفُسِهِمَا أو على الْوَلَدِ ويجزيء ( و ) فَإِنْ أَفْطَرَتَا قَضَتَا ( و ) لِقُدْرَتِهِمَا عليه بِخِلَافِ الْكَبِيرِ
قال أَحْمَدُ أَقُولُ بِقَوْلِ أبي هُرَيْرَةَ يَعْنِي لَا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ في مَنْعِ الْقَضَاءِ وَخَبَرُ أَنَسِ بن مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عن الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ ( 1 ) أَيْ زَمَنَ عُذْرِهِمَا وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في النُّسَخِ إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ على حَمْلٍ وَوَلَدٍ حَالَ الرَّضَاعِ لم يَحِلَّ الصَّوْمُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ وَإِنْ لم تَخَفْ لم يَحِلَّ الْفِطْرُ وَلَا إطْعَامَ إنْ خَافَتَا على أَنْفُسِهِمَا ( و ) كَالْمَرِيضِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً إنْ خَافَتَا على وَلَدَيْهِمَا أطعمتها ( ( ( أطعمتا ) ) ) عن كل يَوْمٍ مِسْكِينًا ما يجزيء في الْكَفَّارَةِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أبي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ وَلَا يُعْرَفُ لهم مُخَالِفٌ وَلِأَنَّهُ إفْطَارٌ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ عن الصَّوْمِ من طَرِيقِ الْخِلْقَةِ كَالشَّيْخِ الْهِمِّ ( وش ) وَلَهُ قَوْلٌ لَا إطْعَامَ ( وه م و ( ( ( ر ) ) ) ) وَقَوْلٌ ثَالِثٌ لَا تُطْعِمُ الْحَامِلُ ( وم ر ) وَخَيَّرَهُمَا إِسْحَاقُ بين الْقَضَاءِ وَالْإِطْعَامِ لِشَبَهِهِمَا بِمَرِيضٍ وَكَبِيرٍ
وَيَجُوزُ الْفِطْرُ لِلظِّئْرِ التي تُرْضِعُ وَلَدَ غَيْرِهَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ يسوي فيه كَالسَّفَرِ لِحَاجَتِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ وفي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ لَا تُفْطِرُ الظِّئْرُ إذَا خَافَتْ على رَضِيعِهَا وَحَكَاهُ في الْفُنُونِ عن قَوْمٍ وَإِنْ قَبِلَ وَلَدُ الْمُرْضِعَةِ غَيْرَهَا وَقَدَرَتْ تَسْتَأْجِرُ له أوله ما تُسْتَأْجَرُ منه فَلْتَفْعَلْ وَلْتَصُمْ وَإِلَّا كان لها الْفِطْرُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْإِطْعَامُ على من يَمُونُهُ
وقال في الْفُنُونِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ على الْأُمِّ وهو أَشْبَهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لها وَلِهَذَا وَجَبَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ من قَرِيبٍ أو من مَالِهِ لِأَنَّ الْإِرْفَاقَ لَهُمَا وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ فَإِنْ لم تُفْطِرْ فَتَغَيَّرَ لَبَنُهَا أو نَقَصَ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنْ
____________________
(3/26)
قَصَدَتْ الْإِضْرَارَ أَثِمَتْ وكان لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهَا الْفِطْرَ بِطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ وذكره ابن الزَّاغُونِيِّ وقال ابو الْخَطَّابِ إنْ تَأَذَّى الصَّبِيُّ بِنَقْصِهِ أو تَغْيِيرِهِ لَزِمَهَا الْفِطْرُ فَإِنْ أَبَتْ فَلِأَهْلِهِ الْفَسْخُ
وَيُؤْخَذُ من هذا أَنْ يُلْزِمَ الْحَاكِمُ إلْزَامَهَا بِمَا يَلْزَمُهَا وَإِنْ لم تَقْصِدْ الضَّرَرَ بِلَا طَلَبٍ قُبِلَ الْفَسْخُ وَهَذَا مُتَّجَهٌ
وَيَجُوزُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إخْرَاجُ الْإِطْعَامِ على الْفَوْرِ لِوُجُوبِهِ وَهَذَا أَقْيَسُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ أتى بِهِ مع الْقَضَاءِ جَازَ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ له
وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ بِالْعَجْزِ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ واختاره صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَالدَّيْنِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ يَسْقُطُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ يَسْقُطُ في الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ كَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ بَلْ أَوْلَى لِلْعُذْرِ هُنَا وَلَا تَسْقُطُ عن الْكَبِيرِ وَالْمَأْيُوسِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عن نَفْسِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الذي لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ فَكَذَا بَدَلُهُ وَكَذَا إطْعَامُ من أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ
وَمَنْ وَجَدَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا في مهلكه كَغَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَفِي فَتَاوَى ابن الزَّاغُونِيِّ يَلْزَمُهُ إنْقَاذُهُ وَلَوْ أَفْطَرَ وَيَأْتِي في الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ في وُجُوبِهِ وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا على النمن ( ( ( المنقذ ) ) ) قذ وَجْهَيْنِ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كالمريض ( ( ( كالمرضع ) ) ) يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَهَلْ يَرْجِعُ بها على الْمُنْقِذِ
قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 10 12 ) وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِنْقَاذِهِ من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَمَنْ وَجَدَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا في مهلكه كَغَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ يَلْزَمُهُ إنْقَاذُهُ وَلَوْ أَفْطَرَ وَيَأْتِي في الدِّيَاتِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ في وُجُوبِهِ وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا وَجْهَيْنِ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَالْمُرْضِعِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَهَلْ يَرْجِعُ بها على الْمُنْقِذِ قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ على مَسَائِلَ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ هل يَلْزَمُهُ أَمْ لَا قال ابن الزَّاغُونِيِّ في فَتَاوِيهِ يَلْزَمُهُ الْإِنْقَاذُ مع القدر ( ( ( القدرة ) ) ) عليه ولوافطر قُلْت وهو الصَّوَابُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
____________________
1-
(3/27)
الكفار ونفقته على الآبق والله سبحانه وتعالى أعلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قال في التَّلْخِيصِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ لِلْخَوْفِ على جنيها ( ( ( جنينها ) ) ) وَهَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ من اُضْطُرَّ إلَى الْإِفْطَارِ لِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ إفْطَارَهُ أَوْلَى من إفْطَارِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَالَةُ هذه وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا وَجْهَيْنِ وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قَدَرَ على إنْقَاذِهِ ولم يَفْعَلْ حتى مَاتَ في ضَمَانِهِ وَجْهَيْنِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الضَّمَانُ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ على لُزُومِ الْإِنْقَاذِ وَعَدَمِهِ ( السألة الثَّانِيَةُ 11 ) هل يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إذَا أَفْطَرَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قُلْت قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ لو نَجَّى غَرِيقًا في رَمَضَانَ فَدَخَلَ الْمَاءُ في حَلْقِهِ وَقُلْنَا يُفْطِرُ بِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ حَصَلَ له لسبب ( ( ( بسبب ) ) ) إنْقَاذِهِ ضَعْفٌ في نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا فِدْيَةَ كَالْمَرِيضِ في قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ التي قللها ( ( ( قبلها ) ) ) يَعْنِي بها مَسْأَلَةَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ التلخيض انْتَهَى
قُلْت ما ذَكَرَهُ ابن رَجَبٍ أَوَّلًا هو الصَّوَابُ قِيَاسًا على الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 12 ) إذَا قُلْنَا عليه الْكَفَّارَةُ وَكَفَّرَ فَهَلْ يَرْجِعُ بها على الْمُنْقِذِ قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ عليه وَقَوْلُهُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِنْقَاذِهِ من الْكُفَّارِ وَنَفَقَتُهُ على الْآبِقِ انْتَهَى
قُلْت بَلْ هُنَا أَوْلَى بِلَا شَكٍّ من إنْقَاذِهِ من الْكُفَّارِ وَأَوْلَى من الْمُرْضِعِ إذَا خَافَتْ على وَلَدِهَا وَقَالُوا في حَقِّ الموضع ( ( ( المرضع ) ) ) إنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ على من يُمَوِّنُ الْوَلَدَ وَكَوْنُ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِنْقَاذُ من في مَهْلَكَةٍ أَوْلَى من هَؤُلَاءِ لَا شَكَّ فيه وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ أثنتا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا
____________________
1-
(3/28)
بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ وما يَتَعَلَّقُ بها لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( ع ) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَخَالَفَ زُفَرُ في صَوْمِ رَمَضَانَ في حَقِّ الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ وَمَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أو أُغْمِيَ عليه حتى طَلَعَ الْفَجْرُ لم يَصِحَّ وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ من اللَّيْلِ لِكُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ ( وم ش ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا صِيَامَ لِمَنْ لم يُجْمِعْ الصِّيَامَ من اللَّيْلِ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ
قال الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ رَفَعَهُ عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ وهو من الثِّقَاتِ ولم يُثْبِتْ أَحْمَدُ رَفْعَهُ بَلْ عن حَفْصَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَقْفَهُ على ابْنِ عُمَرَ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عن أبي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ حدثنا رَوْحُ بن الْفَرَجِ أبو الزِّنْبَاعِ حدثنا عبدالله بن عَبَّادٍ حدثنا الْمُفَضَّلُ بن فَضَالَةَ حدثني يحيى ابن أَيُّوبَ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن عمرة ( ( ( عمر ) ) ) عن عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من لم يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قبل طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ له
قال الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عبدالله بن عَبَّادٍ عن الْمُفَضَّلِ بهذا الْإِسْنَادِ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ ثُمَّ قال قال ابن حِبَّانَ رَوَى عنه أبو الزِّنْبَاعِ رَوْحٌ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ عنها مَوْقُوفًا وَعَنْ حَفْصَةَ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلِأَنَّ النِّيَّةَ عن ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ تجزىء النِّيَّةُ مع طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَبْطَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْخَبَرِ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ يَسْبِقُ الْمَشْرُوطَ
قال وَكَذَا الْقَوْلُ في الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَا بُدَّ أَنْ تُوجَدَ النِّيَّةُ قبل دُخُولِهِ فيها كَذَا قال وَسَبَقَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ الْأَفْضَلُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ وَمَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ يجزىء رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ بِنِيَّةٍ قبل الزَّوَالِ وَعِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ يجزىء كُلُّ
____________________
(3/29)
صَوْمٍ بِنِيَّةٍ قبل الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وحكى عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِنْ أتى بَعْدَ النِّيَّةِ بِمَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ لم يَبْطُلْ نَصَّ عليه ( و ) خِلَافًا لِابْنِ حَامِد وَبَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الْأَكْلَ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ فَلَوْ بَطَلَتْ بِهِ النِّيَّةُ فَاتَ مَحَلُّهَا وَإِنْ نَوَتْ الْحَائِضُ صَوْمَ الْغَدِ وقد عَرَفَتْ الطُّهْرَ لَيْلًا فَقِيلَ لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا ( م 1 ) لِلصَّوْمِ وَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ في نَهَارِ يَوْمٍ لِصَوْمِ الْغَدِ ( و ) لِلْخَبَرِ وَكَنِيَّتِهِ من اللَّيْلِ صَوْمَ بَعْدَ غَدٍ وَعَنْهُ يَصِحُّ نَقَلَهَا ابْنِ مَنْصُورٍ وَفِيهَا لم يَنْوِهِ من اللَّيْلِ فَبَطَلَ بِهِ تَأْوِيلُ الْقَاضِي وَهِيَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ فَيَبْطُلُ بِهِ تَأْوِيلُ ابْنِ عَقِيلٍ على أَنَّهُ يَكْفِي لِرَمَضَانَ نِيَّةٌ في أَوَّلِهِ وَأَقَرَّهَا أبو الْحُسَيْنِ على ظَاهِرِهَا وَتُعْتَبَرُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةٌ مُفْرَدَةٌ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ يَوْمٌ بِفَسَادِ آخَرَ وَكَالْقَضَاءِ وَعَنْهُ يجزيء في أَوَّلِ رَمَضَانَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِكُلِّهِ ( وم ) نَصَرَهَا أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَعَلَى قِيَاسِهِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَنَحْوُهُ فَعَلَيْهَا لو أَفْطَرَ يَوْمًا بِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ لم يَصِحَّ صِيَامُ الْبَاقِي بِتِلْكَ النِّيَّةِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ ( وم ) مع بَقَاءِ التَّتَابُعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ فقال وَقِيلَ مالم يَفْسَخْهَا أو يُفْطِرْ فيه يَوْمًا
وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ في كل صَوْمٍ وَاجِبٍ ( وم ش ) وهو أَنْ يَعْتَقِدَ أن يَصُومُ من رَمَضَانَ أو من قَضَائِهِ أو نَذْرِهِ أو كَفَّارَتِهِ نَصَّ عليه قال في الْخِلَافِ اخْتَارَهَا أَصْحَابُنَا أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لامرىء ( ( ( لكل ) ) ) مانوى ( ( ( امرئ ) ) ) ( 1 ) وَكَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَالتَّعْيِينُ مَقْصُودٌ في نَفْسِهِ لِاعْتِبَارِهِ لِصَلَاةٍ يَضِيقُ وَقْتُهَا كَغَيْرِهَا وَمَنْ عليه صَلَاةٌ فَاتَتْهُ فَنَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ ولم يُعَيِّنْ لم يُجْزِئْهُ وَالْحَجُّ يُخَالِفُ الْعِبَادَاتِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( تنبيه ) قوله وسبق كلامه أي كلام المجد وكلام غيره الأفضل مقارنة النية للتكبير لم يسبق شيء من ذلك والذي قاله في النية ويجوز تقديمها على التكبيرين بزمن يسير فيفهم من ذلك المقارنة لا أنه صرح به
( مسألة 1 ) قوله وإن نوت الحائض صوم الغد وقد عرفت الطهر ليلا فقيل يصح لمشقة المقارنة وقيل لا لأنها ليست أهلا انتهى أحدهما يصح قلت وهذا هو الصحيح والصواب لمشقة المقارنة والقول الثاني لا يصح لما علله به المصنف وقال في الرعاية فإن نوت حائض صوم فرض ليلا وقد انقطع دمها أو تمت عادتها قبل الفجر صح صومها وإلا فلا انتهى
____________________
1-
(3/30)
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ ( وه ) لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُرَادُ لِلتَّمْيِيزِ وَهَذَا الزَّمَانُ مُتَعَيَّنٌ كالحج ( ( ( وكالحج ) ) ) فَعَلَيْهَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَنِيَّةِ نَفْلٍ ( وه ) لَيْلًا وَنِيَّةُ فَرْضٍ تَرَدَّدَ فيها وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِ نِيَّةِ رَمَضَانَ فَصُرِفَ إلَيْهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ قَصْدُهُ وَعَمَلُهُ لَا بِنِيَّةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْلٍ أو نَذْرٍ أو غَيْرِهِ لِأَنَّهُ نَاوٍ تَرْكَهُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ كَنِيَّةِ الْفِعْلِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ في شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا إنْ كان جَاهِلًا وَإِنْ كان عَالِمًا فَلَا قال كَمَنْ دَفَعَ وَدِيعَةَ رَجُلٍ إلَيْهِ على طَرِيقِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ انه كان حَقَّهُ فإنه لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَاءٍ ثَانٍ بَلْ يقول له الذي وَصَلَ إلَيْك هو حَقٌّ كان لَك عِنْدِي
وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا وَجَبَ من الصَّوْمِ في حَجٍّ أو عُمْرَةٍ يَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَجِبَ نِيَّةُ التَّعْيِينِ وَقَوْلُهُمْ نِيَّةُ فَرْضٍ تَرَدَّدَ فيها بِأَنْ نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِي وَإِنْ لم يَكُنْ فَهُوَ نَفْلٌ لَا يُجْزِئُهُ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى حتى يَجْزِمَ بِأَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا من رَمَضَانَ ( وم ش ) وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُجْزِئُهُ ( وه )
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ صَالِحٌ عن أَحْمَدَ رِوَايَةً ثَالِثَةً بِصِحَّةِ النِّيَّةِ الْمُتَرَدِّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ مع الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ لِوُجُوبِ صَوْمِهِ وَإِنْ نَوَى إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَصَوْمِي عنه وَإِلَّا فَهُوَ عن وَاجِبٍ عينة بنيتة لم يُجْزِئْهُ عن ذلك الْوَاجِبِ وفي إجْزَائِهِ عن رَمَضَانَ إنْ بَانَ منه الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ قال وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ لم يَصِحَّ وَفِيهِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من رَمَضَانَ وَجْهَانِ لِلشَّكِّ وَالْبِنَاءِ على الْأَصْلِ ( م 2 ) ( وش ) وَإِنْ لم يُرَدِّدْ نِيَّتَهُ بَلْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ أن صَائِمٌ غَدًا من رَمَضَانَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كصحوم ( ( ( كصحو ) ) ) أو غَيْمٍ ولم نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ فبأن منه فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَرَدَّدَ أو نَوَى مُطْلَقًا ( و ) وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْأَثْرَمِ تُجْزِئُهُ مع اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ لِوُجُودِهَا وَإِنْ نَوَى الرَّمَضَانِيَّةَ عن مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ أَجْزَأَهُ كَالْمُجْتَهِدِ في الوفت ( ( ( الوقت ) ) ) وَمَنْ قال أنا صَائِمٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَصَوْمِي عنه وَإِلَّا فَهُوَ عن وَاجِبٍ عَيَّنَهُ بِنِيَّتِهِ لم يُجْزِئْهُ وَإِنْ قال وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ لم يَصِحَّ وفي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ من رَمَضَانَ وَجْهَانِ لِلشَّكِّ وَالْبِنَاءِ على الْأَصْلِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَصِحُّ قَدَّمَهُ وهو الصَّحِيحُ في الرِّعَايَةِ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ صَحَّ صَوْمُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ولأنه بني على أَصْلٍ لم يَثْبُتْ زَوَالُهُ وَلَا يُقْدَحُ تَرَدُّدُهُ لِأَنَّهُ حُكْمُ صَوْمِهِ مع الْجَزْمِ الوجه الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ انْتَهَى
____________________
1-
(3/31)
غدا إن شاء الله فإن قصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد فسدت نيته وإلا لم تفسد
ذكره في التعليق والفنون لأنه إنما قصد أن فعله للصوم بمشيئة الله تعالى وتوفيقه وتيسيره كما لا يفسد الإيمان بقوله أنا مؤمن إن شاء الله غير متردد في الحال وللشافعية وجهان ثم قال القاضي وكذا نقول سائر العبادات لا تفسد بذكر المشيئة في نيتها ومن خطر بقلبه ليلا أنه صائم غدا فقد نوى
قال في الروضة ومعناه لغيره الأكل والشرب بنية الصوم نية عندنا وكذا قال شيخنا هو حين يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان ولا يعتبر مع التعيين نية الفرضية في فرضه والوجوب في واجبه خلافا لابن حامد وللشافعية وجهان وإن نوى خارج رمضان قضاء ونفلا أو كفارة ظهار فنقل إلغاء لهما بالتعارض فتبقى نية أصل الصوم وجزم به صاحب المحرر وقيل عن أيهما يقع فيه وجهان وأوقعه أبو يوسف عن القضاء لتعيينه وتأكده لاستقراره في الذمة ووافق لو نوى قضاء وكفارة قتل أو كفارة قتل وظهار أنه يقع نفلا وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ من النَّهَارِ قبل الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي في أَكْثَرِ كُتُبِهِ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَفِعْلِهِمْ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بِنِيَّةٍ بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتَارَهُ في الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ ( وه ق ) لِأَنَّ فِعْلَهُ عليه السَّلَامُ إنَّمَا هو في الْغَدَاءِ وهو قبل الزَّوَالِ وَمَذْهَبُ وَدَاوُد هو كَالْفَرْضِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ
وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثَابِ عليه من وَقْتِ النِّيَّةِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ من أَصْحَابِنَا منهم الْقَاضِي في الْمَنَاسِكِ من تَعْلِيقِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وهو أَظْهَرُ وفي الْمُجَرَّدِ وَالْهِدَايَةِ من أَوَّلِ النَّهَارِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ
وقال حَمَّادٌ وَإِسْحَاقُ إنْ نَوَاهُ قبل الزَّوَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ تَطَوُّعُ حَائِضٍ طَهُرَتْ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ في يَوْمٍ ولم يَأْكُلَا بِصَوْمِ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ وَعَلَى الثَّانِي لَا لِامْتِنَاعِ تَبْعِيضِ صَوْمِ الْيَوْمِ وَتَعَذُّرِ تَكْمِيلِهِ بِفَقْدِ الْأَهْلِيَّةِ في بَعْضِهِ وَيَتَوَجَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عليها لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا صَوْمٌ كَمَنْ أَكَلَ نَوَى صَوْمَ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ ( و )
____________________
(3/32)
وَخَالَفَ فيه أبو زَيْدٍ الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا لم يَصِحَّ لِعَدَمِ حُصُولِ حِكْمَةِ الصَّوْمِ لأن ( ( ( ولأن ) ) ) عَادَةَ الْمُفْطِرِ الْأَكْلُ بَعْضَ النَّهَارِ وَإِمْسَاكُ بَعْضِهِ
وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ في عَاشُورَاءَ من كان أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ( 1 ) أَيْ لِيُمْسِكْ قوله ( ( ( لقوله ) ) ) في لَفْظٍ آخَرَ فَلْيُمْسِكْ وَإِمْسَاكُهُ وَاجِبٌ إنْ كان صَوْمُهُ وَاجِبًا وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لِمَنْ أَكَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ إمْسَاكُهُ لِلْخَبَرِ ذكره الْقَاضِي وَتَبِعَهُ صاحبه الْمُحَرَّرِ
وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ أَفْطَرَ نَصَّ عليه ( وش ر م ) وزاد في رِوَايَةٍ يَكْفُرُ إنْ تَعَمَّدَهُ لِاقْتِضَاءِ الدَّلِيلِ اعْتِبَارَ اسْتِدَامَةِ حَقِيقَةِ النِّيَّةِ وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِدَوَامِهِ حُكْمًا لِلْمَشَقَّةِ وَلَا مَشَقَّةَ هُنَا وَالْحَجُّ آكَدُ
وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ كَالْحَجِّ ومع بُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ وَمَذْهَبُ ( ه ) لَا يَبْطُلُ سَوَاءٌ قَطَعَ النِّيَّةَ قبل الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ لِقُوَّةِ الدَّوَامِ وَقَوْلُنَا أَفْطَرَ أَيْ صَارَ كَمَنْ لم يَنْوِ لَا كَمَنْ أَكَلَ فَلَوْ كان في نَفْلٍ ثُمَّ عَادَ نَوَاهُ جَازَ نَصَّ عليه ( وش ) وَكَذَا لو كان في نَذْرٍ أو كَفَّارَةٍ أو قَضَاءٍ فَقَطَعَ نِيَّتَهُ ثُمَّ نَوَى نَفْلًا جَازَ وَلَوْ قَلَبَ نيته ( ( ( نية ) ) ) نَذْرٍ وَقَضَاءٍ إلَى النَّفْلِ فَكَمَنْ انْتَقَلَ من فَرْضِ صَلَاةٍ إلَى نَفْلِهَا وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَرَدَّدَ في الْفِطْرِ أو نَوَى أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى أو وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت وَإِلَّا أَتْمَمْت فَكَالْخِلَافِ في الصَّلَاةِ
قِيلَ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لم يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ بِمِثْلِ هذه النِّيَّةِ وَكَمَنْ تَرَدَّدَ في الْكُفْرِ نَقَلَ الْأَثْرَمُ لا يجزئه من الواجب حتى يكون عازما على الصوم يومه كله وقيل : لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لم يَجْزِمْ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ وَالنِّيَّةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ( م 3 ) وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ أَفْطَرَ نَصَّ عليه فَعَلَيْهِ لو تَرَدَّدَ في الْفِطْرِ أو نَوَى أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى أو أن وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت وَإِلَّا أَتْمَمْت فَكَالْخِلَافِ في الصَّلَاةِ وقيل يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لم يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ
نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يجرئه ( ( ( يجزئه ) ) ) من الْوَاجِبِ حتى يَكُونَ عَازِمًا على الصَّوْمِ يَوْمَهُ كُلَّهُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لم يَجْزِمْ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ وَالنِّيَّةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا انْتَهَى
____________________
1-
(3/33)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقها الزَّرْكَشِيّ وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا إنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ في ( ( ( طفي ) ) ) نِيَّةِ الصَّلَاةِ وقد أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ في الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا تَرَدَّدَ في النِّيَّةِ أو عَزَمَ على فَسْخِهَا
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على ذلك مستوفيا ( ( ( مستوفى ) ) ) محرا ( ( ( محررا ) ) ) وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فكذلك ( ( ( فكذا ) ) ) الصَّحِيحُ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ قد صحت ( ( ( صححت ) ) )
____________________
1-
(3/34)
5 بَابُ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وما يَحْرُمُ فيه أويكره أويسن أو يُبَاحُ
من أَكَلَ أو شَرِبَ أَفْطَرَ ( ع ) خِلَافًا لِلْحَسَنِ بن صَالِحٍ فِيمَا ليس بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ مِثْلُ أَنْ يَسْتَفَّ تُرَابًا وخلاف ( ( ( وخلافا ) ) ) لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا لَا يُغَذِّي وَلَا يُمَاعُ في الْجَوْفِ كَالْحَصَاةِ وَإِنْ اسْتَعَطَ بِدُهْنٍ أو غَيْرِهِ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ ( و ) أو دماغة ( م ) أَفْطَرَ
وقال في الْكَافِي إلَى خَيَاشِيمِهِ لِنَهْيِهِ عليه السَّلَامُ الصَّائِمَ عن الْمُبَالَغَةِ في الإستنشاق وَعَنْ عَلِيٍّ الصَّائِمُ لَا يَسْتَعِطُ وَكَالْوَاصِلِ إلَى الْحَلْقِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ ابن صَالِحٍ وَدَاوُد لَا يُفْطِرُ بِوَاصِلٍ من غَيْرِ الْفَمِ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا حَرَّمَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْجِمَاعَ وَإِنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ أو صَبِرٍ أو قَطُورٍ أو ذَرُورِ إثْمِدٍ مُطَيَّبٍ فَعَلِمَ وُصُولَ شَيْءٍ من ذلك إلَى حَلْقِهِ أَفْطَرَ نَصَّ عليه وهو الْمَعْرُوفُ وَجَزَمَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ إنْ وَصَلَ يَقِينًا أو ظَاهِرًا أَفْطَرَ كَالْوَاصِلِ من الْأَنْفِ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ بِخِلَافِ الْمَسَامِّ كَدُهْنِ رَأْسِهِ وَلِذَلِكَ يَجِدُ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ وَيَتَنَخَّعُهُ على صِفَتِهِ وَلَا أَثَرَ كَوْنُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ مَنْفَذًا مُعْتَادًا كَوَاصِلٍ حقنه ( ( ( بحقنة ) ) ) وَجَائِفَةٍ
وَلِأَبِي دَاوُد عنه عليه السَّلَامُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وقال لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ ( 1 ) قال أَحْمَدُ وابن مَعِينٍ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يُفْطِرُ ( وم ش ) وَإِنْ قَطَّرَ في أُذُنِهِ شيئا فَدَخَلَ دِمَاغَهُ أَفْطَرَ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بن صَالِحٍ وَدَاوُد وَمَذْهَبُ ( م ) إنْ دخل حَلْقَهُ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ دَاوَى جُرْحَهُ أو جَائِفَتَهُ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى جَوْفِهِ ( م ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أو دَاوَى مَأْمُومَتَهُ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ ( م ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أو أَدْخَلَ إلَى مُجَوَّفِ فيه قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ أو الدَّوَاءَ شيئا من أَيِّ مَوْضِعٍ كان وَلَوْ كان خَيْطًا ابْتَلَعَهُ كُلَّهُ ( وه ش ) أو بَعْضَهُ ( ه ) أو طَعَنَ نَفْسَهُ أو طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ بِشَيْءٍ في جَوْفِهِ فَغَابَ هو ( وه ش ) أو بَعْضُهُ ( ه ) فيه أو احْتَقَنَ بِشَيْءٍ ( م ر ) أَفْطَرَ لِوُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ بِاخْتِيَارِهِ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ غير الْمُعْتَادِ في الْوَاصِلِ وَجَزَمَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ كما
____________________
(3/35)
سَبَقَ كَذَا قال
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَلَا بحقنه وَعِنْدَ أبي ثَوْرٍ يُفْطِرُ بِالسَّعُوطِ فَقَطْ وَإِنْ حَجَمَ أو احْتَجَمَ أَفْطَرَ نَصَّ عليه ( خ ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ قال أَحْمَدُ فيه غَيْرُ حَدِيثٍ ثَابِتٍ وقال اسحاق ثَبَتَ هذا من خَمْسَةِ أَوْجُهٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وَحَدِيثُ شَدَّادٍ صَحِيحٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ رَافِعٍ وَذُكِرَ عن الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ حَدِيثَ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ وَصَحَّحَهُمَا أَحْمَدُ
وَعَنْهُ إنْ عَلِمَا النَّهْيَ وَلَهُ نَظَائِرُ سَبَقَتْ ولم يذكر الْخِرَقِيُّ حَجَمَ وَذَكَرَ احْتَجَمَ كَذَا قال وَلَعَلَّ مُرَادَهُ ما اخْتَارَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ إنْ مَصَّ الْقَارُورَةَ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لَا فِطْرَ إنْ لم يَظْهَرْ دَمٌ وهو مُتَّجَهٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَضَعَّفَ خِلَافَهُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَإِنْ لم يَظْهَرْ دَمٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ
وَمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ لَا لِلتَّدَاوِي بَدَلَ الْحِجَامَةِ لم يُفْطِرْ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ الصِّيَامَ وَكَخُرُوجِ الدَّمِ يُفْطِرُ على وَجْهِ الْقَيْءِ لَا على غَيْرِ وَجْهِ الْقَيْءِ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ فيه وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِيه وَذَكَرَ في التَّلْخِيصِ أَنَّ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي يُفْطِرُ جَزَمَ بِهِ ابن هُبَيْرَةَ عن أَحْمَدَ
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ أَصَحُّ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ فَعَلَى هذا قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ التَّشْرِيطُ وَجْهَيْنِ وقال الْأَوْلَى إفْطَارُ المقصود ( ( ( المفصود ) ) ) وَالْمَشْرُوطِ دُونَ الْفَاصِدِ وَالشَّارِطِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لافطر بِغَيْرِ ذلك
واختار ( ( ( واختيار ) ) ) شَيْخِنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ من أُخْرِجَ دَمُهُ بِرُعَافٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ في الرُّعَافِ وَمَعْنَى الرُّعَافِ السَّبْقُ تَقُولُ الْعَرَبُ فَرَسٌ رَاعِفٌ إذَا تَقَدَّمَ الْخَيْلَ
____________________
(3/36)
وَرَعَفَ فُلَانٌ الْخَيْلَ أَيْ إذَا تَقَدَّمَهَا فسمى الدَّمُ رُعَافًا لِسَبْقِهِ الْأَنْفَ وهو بِفَتْحِ الْعَيْنِ في الْمَاضِي وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا في الْمُسْتَقْبَلِ وَضَمُّهَا فِيهِمَا شَاذٌّ وَيُقَالُ رِمَاحٌ رَوَاعِفُ لِمَا يَقْطُرُ منها الدَّمُ أو لِتَقَدُّمِهَا في الطَّعْنِ وَالرَّاعِفُ طَرَفُ الارنبة
وَإِنْ استفاء ( ( ( استقاء ) ) ) فقضاء ( ( ( فقاء ) ) ) ( و ) أَيَّ شَيْءٍ كان ( وم ش ) أَفْطَرَ لِخَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ من ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عليه قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ ( 1 ) وهو ضَعِيفٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمْ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ : لَا يُفْطِرُ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عن أبي هُرَيْرَةَ ويروي عن ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَعَنْهُ يُفْطِرُ بِمِلْءِ الْفَمِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ ( وه ) وَعَنْهُ أو نِصْفَهُ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَنْهُ إنْ فَحُشَ أَفْطَرَ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَ ابن هريرة ( ( ( هبيرة ) ) ) أَنَّهُ الْأَشْهَرُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ كَسَائِرِ الْمُفْطِرَاتِ
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لو تَجَشَّأَ لم يُفْطِرْ وَإِنْ كان لَا يَخْلُو أَنْ يَخْرُجَ معه أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ كَذَا هُنَا كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ معه نَجِسٌ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقَيْءَ فَقَدْ اسْتَقَاءَ فَيُفْطِرُ وَإِنْ لم يَقْصِدْ لم يستقيء ( ( ( يستقئ ) ) ) فلم يُفْطِرْ وَإِنْ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ إذَا قَاءَ بِنَظَرِهِ إلَى ما يُغْثِيهِ يُفْطِرُ كَالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ وَإِنْ قَبَّلَ أو لَمَسَ أو بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَإِنْ لم يَخْرُجْ منه شَيْءٌ فَيَأْتِي فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وَإِنْ أَمْنَى أَفْطَرَ ( و ) لِلْإِيمَاءِ في أَخْبَارِ التَّقْبِيلِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَهِيَ دَعْوَى ثُمَّ إنَّمَا فيها أنها قد تَكُونُ وَسِيلَةً وَذَرِيعَةً إلَى الْجِمَاعِ وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّ إبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقَ مُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ لَيَالِيَ الصَّوْمِ يَدُلُّ على التَّحْرِيمِ نَهَارًا وَالْأَصْلُ في التَّحْرِيمِ الْفَسَادُ خَرَجَ منه الْمُبَاشَرَةُ بِلَا إنْزَالٍ لِدَلِيلٍ كَذَا قال وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاشَرَةِ الْجِمَاعُ كما رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ هو الذي كان مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ لَا ما دُونَهُ مع أَنْ الْأَشْهَرَ لَا يَحْرُمُ ما دُونَهُ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ وَقَالَهُ دَاوُد وَإِنْ صَحَّ إجْمَاعٌ قَبْلَهُ كما قد ادَّعَى تَعَيَّنَ الْقَوْلُ
____________________
(3/37)
بِهِ وَعَنْ أبي يَزِيدَ الضَّبِّيِّ عن مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قالت سُئِلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا صَائِمَانِ قال قد أفطر ( ( ( أفطرا ) ) ) ( 1 ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وقال لَا يَثْبُتُ هذا وأبو يَزِيدَ مَجْهُولٌ
وَإِنْ مَذَى بِذَلِكَ أَفْطَرَ أَيْضًا نَصَّ عليه ( وم ) وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَأَظُنُّ وَشَيْخُنَا لَا يُفْطِرُ وهو اظهر ( وه ش ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَقِيَاسُهُ على الْمَنِيِّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ
وفي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ يَبْطُلُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ كَذَا قال
وَإِنْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى أو مَذَى فَكَذَلِكَ على الْخِلَافِ وِفَاقًا وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَفْطَرَ ( ه ش ) خِلَافًا لآجري ( ( ( للآجري ) ) ) وَإِنْ مَذَى لم يُفْطِرْ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( م ) وَالْقَوْلُ بِالْفِطْرِ أَقْيَسُ على الْمَذْهَبِ كَاللَّمْسِ لِأَنَّ الضَّعِيفَ إذَا تَكَرَّرَ قَوِيَ كَتَكْرَارِ الضَّرْبِ بالصغير ( ( ( بصغير ) ) ) في الْقَوَدِ وَإِنْ لم يُكَرِّرْ النَّظَرَ لم يُفْطِرْ ( وه ش ) لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ وَقِيلَ يُفْطِرُ ( وم ) وَنَصَّ أَحْمَدُ يُفْطِرُ بِالْمَنِيِّ لَا بِالْمَذْيِ وَكَذَا الْأَقْوَالُ إنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ أو مذي فَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ سَوَاءٌ لِدُخُولِ الْفِكْرِ تَحْتَ النَّهْيِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُفْطِرُ ( م ) وهو أَشْهَرُ لِأَنَّهُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَتَكْرَارِ النَّظَرِ وَيُخَالِفُ ذلك في التَّحْرِيمِ وإن تَعَلَّقَ بأجنبيه زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أو الْكَرَاهَةِ إنْ كان في زوجه كَذَا قالوا وَلَا أَظُنُّ من قال يُفْطِرُ بِهِ وهو أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وابن عَقِيلٍ يُسَلِّمُ ذلك وقد نَقَلَ أبو طَالِبٍ عن أَحْمَدَ لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وفي الْكَفَّارَةِ عن مَالِكٍ رِوَايَتَانِ وَالْمُرَادُ النِّيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ أَنَّهُ لو اسْتَحْضَرَ عِنْدَ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أو ذَكَرٍ أَنَّهُ يَأْثَمُ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ
وَلَا فِطْرَ وَلَا إثْمَ بِفِكْرٍ غَالِبٍ ( و ) وفي الْإِرْشَادِ احْتِمَالٌ فِيمَنْ هَاجَتْ شَهْوَتُهُ فَأَمْنَى أو مَذَى يُفْطِرُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أبي حَفْصٍ الْمَذْكُورَ ثُمَّ قال وَذَكَرَهُ ابن أبي مُوسَى احْتِمَالٌ وَيُفْطِرُ بِالْمَوْتِ فَيُطْعَمُ من تَرِكَتِهِ في نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ
____________________
(3/38)
9 فَصْلٌ وَإِنَّمَا يُفْطِرُ بِجَمِيعِ ما سَبَقَ إذَا فَعَلَهُ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ مُخْتَارًا فَلَا يُفْطِرُ نَاسٍ ( م ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَقَلَهُ الْفَضْلُ في الْحِجَامَةِ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ في الْإِمْنَاءِ بقلبه ( ( ( بقبلة ) ) ) أو تَكْرَارِ نَظَرٍ وَأَنَّهُ يُفْطِرُ بِوَطْئِهِ دُونَ الْفَرْجِ نَاسِيًا
وفي الْمُسْتَوْعِبِ الْمُسَاحَقَةُ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ وَكَذَا من اسْتَمْنَى فَأَنْزَلَ المنى وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَالْأَكْلِ في النِّسْيَانِ لِخَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ من نَسِيَ وهو صَائِمٌ فَأَكَلَ أو شَرِبَ فَلْيُتْمِمْ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ ( 1 ) مُتَّفَقٌ عليه وللدار قطني مَعْنَاهُ وزاد وَلَا قَضَاءَ عليه ( 2 ) وفي لَفْظٍ من أَفْطَرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ ( 3 ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال تَفَرَّدَ بِهِ ابن مَرْزُوقٍ وهو ثِقَةٌ عن الْأَنْصَارِيِّ وَلِلْحَاكِمِ وقال على شَرْطِ مُسْلِمٍ من أَكَلَ في رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ ( 4 ) وَلِأَنَّهُ يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِالْعِبَادَةِ لاحد في جِنْسِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ بِلَا قَصْدٍ كَطَيَرَانِ الذاب ( ( ( الذباب ) ) ) إلَى حَلْقِهِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ وَالْجِمَاعِ وَكَصَوْمِ النَّفْلِ ( وم ) وفي الرِّعَايَةِ لَا قَضَاءَ في الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يُفْطِرُ بِحِجَامَةٍ نَاسٍ اخْتَارَهُ في التذكير ( ( ( التذكرة ) ) ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنُدْرَةِ النِّسْيَانِ فيها وَقِيلَ وَاسْتِمْنَاءٍ نَاسٍ وَالْمُرَادُ وَمُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الْفِطْرَ بِمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ
قال وَقِيلَ عَامِدًا وَكَذَا إنْ أَمْنَى بِغَيْرِهَا مُطْلَقًا وَقِيلَ عَامِدًا أو مَذَى بِغَيْرِهَا عَامِدًا وَقِيلَ أو سَاهِيًا وَلَا يُفْطِرُ مُكْرَهٌ سَوَاءٌ أُكْرِهَ على الْفِطْرِ حتى فَعَلَهُ أو فُعِلَ بِهِ بِأَنْ صُبَّ في حَلْقِهِ الْمَاءُ مُكْرَهًا أو نَائِمًا أو دخل فيه مَاءُ الْمَطَرِ نَصَّ عليه كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى بِدَلِيلِ الْإِتْلَافِ
____________________
(3/39)
وفي الرِّعَايَةِ لاقضاء في الْأَصَحِّ وَقِيلَ يُفْطِرُ إنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ كَالْمَرِيضِ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ يُفْطِرُ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فَلَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِخِلَافِ النِّسْيَانِ وَالنَّصُّ فيه وَمَذْهَبُ ( م ) يُفْطِرُ كَالنَّاسِي عِنْدَهُ وَمَذْهَبُ ( ش ) لَا يُفْطِرُ إنْ فُعِلَ بِهِ وفعل بِنَفْسِهِ فَقَوْلَانِ
وَيُفْطِرُ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ ( و ) نَصَّ عليه في الْحِجَامَةِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ مَرَّ بِرَجُلٍ يَحْجُمُ رَجُلًا فقال أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ( 1 ) وَكَالْجَهْلِ بِالْوَقْتِ وَالنِّسْيَانُ يَكْثُرُ وفي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لم يَتَعَمَّدْ الْمُفْسِدَ كَالنَّاسِي وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا في الْكَافِي بَعْدَ التأثم ( ( ( التأثيم ) ) )
وَإِنْ أُوجِرَ الْمُغْمَى عليه مُعَالَجَةً لم يُفْطِرْ وَقِيلَ يُفْطِرُ لِرِضَاهُ بِهِ ظَاهِرًا فَكَأَنَّهُ قَصَدَهُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ
وَمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فيه بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ وهو نَاسٍ أو جَاهِلٌ فَهَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ فيه وَجْهَانِ وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ إعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ ( م 1 ) وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إعْلَامُ مُصَلٍّ اتى بِمُنَافٍ لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فيه بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ وهو نَاسٍ أو جَاهِلٌ فَهَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ فيه وَجْهَانِ وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ إعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ قُلْت وهو الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا الْجَاهِلُ لفطرة بِهِ على الْمَنْصُوصِ وَلِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِهِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي تَوْجِيهَ الْمُصَنِّفِ لِلْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ
تَنْبِيهٌ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إعْلَامُ مُصَلٍّ أتى بِمُنَافٍ لَا يُبْطِلُ وهو نَاسٍ أوجاهل انْتَهَى قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ ما إذَا قام الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ فإنه صَرَّحَ في المعني وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَأْمُومِينَ تَنْبِيهُهُ ولم يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ في مَوْضِعِهِ وَلَا في غَيْرِهِ ولهذا ( ( ( ولهذه ) ) ) الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ
منها لو عَلِمَ نَجَاسَةَ مَاءٍ فَأَرَادَ جَاهِلٌ بِهِ اسْتِعْمَالَهُ هل يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ أو لَا يَلْزَمُهُ إنْ قِيلَ إزَالَتُهَا شَرْطٌ فيه أَقْوَالٌ
وَمِنْهَا لو دخل وَقْتُ صَلَاةٍ على نَائِمٍ هل يَجِبُ إعْلَامُهُ أو لَا يَجِبُ أوجب إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ جَزَمَ بِهِ في التَّمْهِيدِ وهو الصَّوَابُ فيه أَقْوَالٌ لِأَنَّ النَّائِمَ كَالنَّاسِي وَالْقَوْلُ
____________________
1-
(3/40)
يبطل ( ( ( بوجوب ) ) ) وهو ناس أو جاهل ( ( ( أقوال ) ) ) وسبق أنه ( ( ( ينبغي ) ) ) يَجِبُ على المأموم تنبيه ( ( ( يعلم ) ) ) الإمام ( ( ( نجاسته ) ) ) فيما ( ( ( إعلامه ) ) ) يبطل لئلا يكون مفسدا ( ( ( أرها ) ) ) للصلاة مع قدرته فَصْلٌ وَلَا كَفَّارَةَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَمُبَاشَرَةٍ على ما يَأْتِي نَصَّ عليه ( وش ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَلَا دَلِيلَ وَالْجِمَاعُ آكَدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ لِلْحُقْنَةِ وَنَقَلَ محمد بن عَبْدِكَ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ من احْتَجَمَ في رَمَضَانَ وقد بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَإِنْ لم يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ قَضَى قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَالْمُفْطِرَاتُ الْمُجْمَعُ عليها أَوْلَى وقال قال ابن الْبَنَّا على هذه الرِّوَايَةِ يُكَفِّرُ بِكُلِّ ما فَطَّرَهُ بِفِعْلِهِ كَبَلْعِ حَصَاةٍ وَقَيْءٍ وَرِدَّةٍ وَغَيْرِ ذلك وفي الرِّعَايَةِ بَعْدَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن عَبْدِكَ وَعَنْهُ يُكَفِّرُ من أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ أو اسْتِمْنَاءٍ اقْتَصَرَ على هذا وَخَصَّ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةَ الْحِجَامَةِ بِالْمَحْجُومِ وَذَكَرَ ابن الزَّاغُونِيِّ على رِوَايَةِ الْحِجَامَةِ كما ذَكَرَهُ ابن الْبَنَّا لِأَنَّهُ أتى بِمَحْظُورِ الصَّوْمِ كَالْجِمَاعِ وِفَاقًا لِعَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَهَذَا ظَاهِرُ اخْتِيَارِ أبي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ وَصَرَّحَ بِهِ في أَكْلٍ أو شُرْبٍ وَقِيلَ يُكَفِّرُ لِلْحِجَامَةِ كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ وَمَذْهَبُ ( م ) يُكَفِّرُ من أَكَلَ أو شَرِبَ وَحُكِيَ عنه أَيْضًا في الْقَيْءِ وَبَلْعِ الْحَصَاةِ التَّكْفِيرُ وَعَدَمُهُ وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَذْهَبُ ( ه ) يُكَفِّرُ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إنْ كان مِمَّا يَتَغَذَّى بِهِ أو يَتَدَاوَى بِهِ فَصْلٌ وَإِنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ غُبَارُ طَرِيقٍ أو دَقِيقٌ أو دُخَانٌ لم يُفْطِرْ ( و ) كَالنَّائِمِ يَدْخُلُ حَلْقَهُ شَيْءٌ وفي الرِّعَايَةِ في الصُّورَةِ الْأُولَى وَقِيلَ في حَقِّ الْمَاشِي وفي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ في حَقِّ النَّخَّالِ وفي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ في حَقِّ الْوَقَّادِ كَذَا قال ووجه ( ( ( ووجهه ) ) ) لِنُدْرَتِهِ فَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ وَلَهُ نَظَائِرُ وَكَذَا إنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ لم يُفْطِرْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
بوجوب إعلامه بدخول الوقت مطلقا ضعيف جدا
ومنها لو أصابه ماء ميزاب وسأل هل يلزم الجواب المسئول أولا يلزم أو يلزم إن كان نجسا اختاره الأزجي وهو الصواب فيه أقوال لكن ينبغي أن يكون المثال الصحيح في هذه المسألة لو أصابه الماء ولم يسأل فهل يجب على من يعلم نجاسته إعلامه أم لا ولم أرها والله أعلم
____________________
1-
(3/41)
( و ) خِلَافًا لِلْحَسَنِ بن صَالِحٍ
وَإِنْ احْتَلَمَ أو أَمْنَى من وَطْءِ لَيْلٍ ( و ) أو أَمْنَى لَيْلًا من مُبَاشَرَتِهِ نَهَارًا ( و ) لم يُفْطِرْ ( و ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وطيء رَجُلٌ قُرْبَ الْفَجْرِ وَيُشْبِهُهُ من اكْتَحَلَ إذَنْ وَلَا يُفْطِرُ من ذَرَعَهُ الْقَيْءُ ( و ) وَلَوْ عَادَ إلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ( ه ) خِلَافًا لابي يُوسُفَ وَلَوْ أَعَادَهُ عَمْدًا ولم يَمْلَأْ الْفَمَ أو قَاءَ مالا يُفْطِرُ بِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ ( ه ر ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كبعله ( ( ( كبلعه ) ) ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ عن الْفَمِ ( و ) وَإِنْ اصبح في فيه طَعَامٌ فَرَمَاهُ أو شَقَّ رَمْيُهُ فبعله ( ( ( فبلعه ) ) ) مع رِيقِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أو جَرَى رِيقُهُ بِبَقِيَّةِ طَعَامٍ تَعَذَّرَ رمية أو بَلَعَ رِيقَهُ عَادَةً لم يُفْطِرْ ( و ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ لَفْظُهُ بِأَنْ تَمَيَّزَ عن رِيقِهِ فَبَلَعَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ نَصَّ عليه وَلَوْ كان دُونَ الْحِمَّصَةِ ( ه م )
قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ تَنَخَّعَ دَمًا كَثِيرًا في رَمَضَانَ أَجْبُنُ عنه وَمِنْ غَيْرِ الْجَوْفِ أَهْوَنُ وَإِنْ بَصَقَ نُخَامَةً بِلَا قَصْدٍ من مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَفِي فطرة وَجْهَانِ مع أَنَّهُ في حُكْمِ الظَّاهِرِ كَذَا قِيلَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ ( م 2 ) وَإِنْ فطر ( ( ( بصق ) ) ) في ذَكَرِهِ دُهْنًا لم يُفْطِرْ نَصَّ عليه ( ه روش ) وَأَبِي يُوسُفَ لِعَدَمِ الْمَنْفَذِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْبَوْلُ رَشْحًا كَمُدَاوَاةِ جُرْحٍ عَمِيقٍ لم يَنْفُذْ إلَى الْجَوْفِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ كَمَنْ وَضَعَ في فيه مَاءً لم يَتَحَقَّقْ نُزُولُهُ في حَلْقِهِ وَقِيلَ يُفْطِرُ إنْ وَصَلَ مَثَانَتَهُ وَهِيَ الْعُضْوُ الذي يَجْتَمِعُ فيه الْبَوْلُ دَاخِلَ الْجَوْفِ فإذا كان لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ قِيلَ مَثِنَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الثَّاءِ فَهُوَ أَمْثَنُ وَالْمَرْأَةُ مَثْنَاءُ وقال الْكِسَائِيُّ يُقَالُ رَجُلٌ مَثِنٌ وممثنون ( ( ( وممثون ) ) ) وَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا ثُمَّ اغْتَسَلَ صَحَّ صَوْمُهُ ( و ) مع أَنَّهُ يُسَنُّ قبل الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَهْيُهُ عليه السَّلَامُ في الصَّحِيحَيْنِ أو أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ احْتَجَّ بِهِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَلِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ مُتَّفَقٌ عليه وَكَذَا إنْ أَخَّرَهُ يَوْمًا صَحَّ وَأَثِمَ ( و ) وفي الْمُسْتَوْعِبِ يَجِيءُ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ اذا تَضَايَقَ وَقْتُ التي بَعْدَهَا أَنْ يَبْطُلَ اذا تَضَايَقَ وَقْتُ الظُّهْرِ قبل غُسْلِهِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ كَذَا قال وَسَبَقَ في تَرْكِ الصَّلَاةِ وَمُرَادُهُ ما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مسألة 2 ) قوله وإن بصق نخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة ففي فطرة وجهان مع أنه في حكم الظاهر كذا قيل وجزم به في الرعاية انتهى يعني جزم بما قاله المصنف كله أحدهما لا يفطر بذلك قلت وهو الصواب بل هذا مما لا شك فيه والوجه الثاني يفطر قلت وهو ضعيف جدا
____________________
1-
(3/42)
ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ إنْ فَاتَهُ شَيْءٌ من الصَّلَوَاتِ وَقُلْنَا يَكْفُرُ بِتَرْكِهَا بِشَرْطِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَكَذَا الْحَائِضُ تُؤَخِّرُهُ وَسَبَقَ في الْحَيْضِ وَنَقَلَ صَالِحٌ في الْحَائِضِ تُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ تَقْضِي
وَإِنْ تَمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ بِلَا قَصْدٍ لم يُفْطِرْ ( ه م ) وَإِنْ زَادَ على الثَّلَاثِ في أَحَدِهِمَا أو بَالَغَ فيه فَوَجْهَانِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَبْطُلُ بِالْمُبَالَغَةِ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ ( 1 ) وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فيها بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في الْمُجَاوَزَةِ يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ ( م 3 ) وَإِنْ تَمَضْمَضَ او اسْتَنْشَقَ لِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ كان
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ تَمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ بِلَا قَصْدٍ لم يُفْطِرْ وَإِنْ زَادَ على الثَّلَاثِ في أَحَدِهِمَا أو بَالَغَ فيه فَوَجْهَانِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُفْطِرُ بِالْمُبَالَغَةِ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فيها بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في الْمُجَاوَزَةِ يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُحَرَّرِهِ وَالشَّرْحُ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في الْعُمْدَةِ وَلَوْ تَمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ مَاءٌ لم يَفْسُدْ صَوْمُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وقال بينها ( ( ( بنيتها ) ) ) على الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وقال في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَلَوْ دخل حَلْقَهُ مَاءُ طَهَارَةٍ وَلَوْ بِمُبَالِغَةٍ لم يُفْطِرْ انْتَهَى الوجه الثَّانِي يُفْطِرُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ بِالْفِطْرِ بِالْمُبَالَغَةِ وقال بِهِ إذَا زَادَ على الثَّلَاثِ وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَ الْمَجْدِ * تنبيهات الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَإِنْ تَمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ لِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ كان لِنَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا فَكَالْوُضُوءِ وَإِنْ كان عَبَثًا أو لِحَرٍّ أو عَطَشٍ كُرِهَ نَصَّ عليه وفي الْفِطْرِ بِهِ الْخِلَافُ في الزَّائِدِ على الثلاث وكذا إن غاص في الماء في غير غسل مشروع أو أسرف
____________________
(3/43)
لنجاسة ونحوها فكالوضوء وإن كان عبثا أو لحر أو عطش كره نص عليه ( م )
وفي الفطر به الخلاف في الزائد على الثَّلَاثِ وَكَذَا إنْ غَاصَ في الْمَاءِ في غَيْرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ أو أَسْرَفَ أو كان عابثا وقال صاحب المحرر إن فعله لغرض صحيح فكالمضمضة المشروعة وإن كان عبثا فكمجاوزة الثلاث ونقل صالح يتمضمض إذا أجهد ولا يكره للصائم أن يغتسل ( ه ) للخبر قال صاحب المحرر ولأن فيه إزالة الضجر من العبادة كالجلوس في الظلال الباردة بخلاف قول المخالف إن فيه إظهار التضجر بالعبادة وقوله إن الصوم مستحق فعله على ضرب من المشقة فإذا زال ذلك بما لا ضرورة به إليه كره كما لو استند المصلي في قيامه إلى شيء واختار صاحب أن غوصه في الماء كصب الماء عليه ( وش ) ونقل حنبل لا بأس به إذا لم يخف إن يدخل الماء حلقه أو مسامعه وكرهه الحسن والشعبي ومالك وجزم به بعضهم وفي الرعاية يكره في الأصح فإن دخل حلقه ففي فطرة وجهان وقيل له ذلك ولا يفطر ونقل ابن منصور وأبو داود وغيرهما قال يدخل الحمام ما لم يخف ضعفا ورواه أبو بكر عن ابن عباس وغيره قال في الخلاف ما يجرى به الريق لا يمكنه التحرز منه وكذا ما يبقى من أجزاء الماء بعد المضمضة كالذباب والغبار ونحو ذلك فإن قيل يمكنه التحرز من أجزاء الماء من المضمضة بأن يبزق أبدا حتى يعلم أنه لم يبق منها شيء
قيل هذا يشق وليس في لفظ ما يمكن لفظه مشقة يعني ما يبقى في فيه ولم يجر به الريق وهذا معنى كلام صاحب المحرر هنا وقال في ذوق الطعام لا يفطر إن بصق واستقصى كالمضمضة ويأتي كلام الشيخ أول الفصل بعده إن شاء الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أو كان عَابِثًا انْتَهَى مُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في التي قَبْلَهَا وقد صَرَّحَ بِهِ وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك فَكَذَا في هذه الْمَسَائِلِ
الثَّانِي قَوْلُهُ بَعْدَ ذلك في غَوْصِ الْمَاءِ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ في الْأَصَحِّ فَإِنْ دخل حَلْقَهُ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى إطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ هُنَا من تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لم يذكر حُكْمَ ما لو دخل الْمَاءُ لى حَلْقِهِ في الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أو الْمُسْتَحَبِّ وَالصَّوَابُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوُضُوءِ
____________________
1-
(3/44)
فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ وَيَبْلَعَهُ فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ بَلَعَهُ قَصْدًا لم يُفْطِرْ ( و ) كما لو بَلَعَهُ قَصْدًا ولم يَجْمَعْهُ بِخِلَافِ غُبَارِ الطَّرِيقِ وَقِيلَ يُفْطِرُ فَيَحْرُمُ ذلك كعودة وَبَلْعِهِ من بَيْنِ شَفَتَيْهِ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ ظَاهِرُ شَفَتَيْهِ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ منه عَادَةً كَغَيْرِ الرِّيقِ وَإِنْ أَخْرَجَ من فيه حَصَاةً أو دِرْهَمًا أو خَيْطًا ثُمَّ أَعَادَهُ فَإِنْ كان ما عليه كَثِيرًا فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ وَإِنْ قَلَّ لم يُفْطِرْ في الْأَصَحِّ ( ش ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ انْفِصَالُهُ وَدُخُولُهُ حَلْقَهُ كَالْمَضْمَضَةِ وَلَوْ كان لِسَانَهُ لم يُفْطِرْ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ ( و ) لِأَنَّ الرِّيقَ لم يُفَارِقْ مَحَلَّهُ وقال ابن عَقِيلٍ يُفْطِرُ وَإِنْ تَنَجَّسَ فَمُهُ أو خَرَجَ إلَيْهِ قَيْءٌ أو قَلْسٌ فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ نَصَّ عليه وَإِنْ قَلَّ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ منه وَإِنْ بَصَقَهُ وَبَقِيَ فَمُهُ نَجِسًا فَبَلَعَ رِيقَهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ بَلَعَ شيئا نَجِسًا أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا وَصِفَةُ غَسْلِ فَمِهِ سَبَقَ في الْفَصْلِ الثَّانِي من إزَالَةِ النَّجَاسَةِ
وَهَلْ يُفْطِرُ بلع ( ( ( ببلع ) ) ) النُّخَامَةِ ( وش ) كَالَّتِي من جَوْفِهِ لِأَنَّهَا من غَيْرِ الْفَمِ كَالْقَيْءِ أَمْ لَا لِاعْتِبَارِهَا في الْفَمِ كَالرِّيقِ فيه رِوَايَتَانِ ( م 4 ) وعليها ( ( ( وعليهما ) ) ) يَنْبَنِي التَّحْرِيمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَهَلْ يُفْطِرُ ببلغ ( ( ( ببلع ) ) ) النُّخَامَةِ كَاَلَّتِي من جَوْفِهِ لِأَنَّهَا من غَيْرِ الْفَمِ كَالْقَيْءِ أَمْ لَا لِاعْتِيَادِهَا في الْفَمِ كَالرِّيقِ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى ذكر الْمُصَنِّفُ في هذه الْمَسْأَلَةِ ثلاث طُرُقٍ في مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ هذا الذي ذَكَرْنَاهُ هُنَا وهو الذي قَدَّمَهُ وَهِيَ
الطَّرِيقَةُ الْأُولَى إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ إذَا بَلَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى فَمِهِ وهو الصَّحِيحُ كَاَلَّتِي من جَوْفِهِ وجزم بن ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وهو الصَّوَابُ فَعَلَى هذا بَلْعُهَا حَرَامٌ عليه وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُفْطِرُ فَيُكْرَهُ بَلْعُهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الْفُصُولِ
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ في بَلْعِ النُّخَامَةِ من غَيْرِ تَفْرِيقٍ رِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بها في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُفْطِرُ
____________________
1-
(3/45)
وفي المستوعب أن القاضي وغيره ذكروا في النخامة روايتين ولم يفرقوا وذكر ابن أبي موسى يفطر بالتي من دِمَاغِهِ وفي ( ( ( أفطر ) ) ) التي ( ( ( قولا ) ) ) من صَدْرِهِ روايتنان ( ( ( فروايتان ) ) )
وَيُكْرَهُ ذَوْقُ الطَّعَامِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَأَطْلَقُوا ( وم ) وقال أَحْمَدُ : أُحِبُّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عنه لَا بَأْسَ لِحَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ وَاخْتَارَهُ في التَّنْبِيهِ وَابْنِ عَقِيلٍ ( وه ش ) وَحَكَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ والكمضمضة ( ( ( وكالمضمضة ) ) ) الْمَسْنُونَةِ فَعَلَى عليه أَنْ يَسْتَقْصِيَ في الْبَصْقِ أَفْطَرَ لِتَفْرِيطِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِإِطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وجزم بِفِطْرِهِ مُطْلَقًا وَيُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ في مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثِ
وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ الذي لَا يَتَحَلَّلُ منه أَجْزَاءٌ نَصَّ عليه ( و ) لِأَنَّهُ يَجْلِبُ الْغَمَّ وَيَجْمَعُ الرِّيقَ وَيُورِثُ الْعَطَشَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ يُرْوَى عن عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَكَوَضْعِ الْحَصَاةِ في فيه
قال أَحْمَدُ فِيمَنْ وَضَعَ في فيه دِرْهَمًا أو دِينَارًا لَا بَأْسَ بِهِ ما لم يَجِدْ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ وما يَجِدُ طَعْمَهُ فَلَا يُعْجِبُنِي
وقال في الصَّائِمِ يَفْتِلُ الْخَيْطَ يُعْجِبُنِي أَنْ يَبْزُقَ فَعَلَى الْأَوَّلِ هل يُفْطِرُ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ أو لَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ الطَّعْمِ لَا يُفْطِرُ كَمَنْ لَطَّخَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِحَنْظَلٍ ( ع ) بِخِلَافِ الْكُحْلِ فإنه تَصِلُ أَجْزَاؤُهُ إلَى الْحَلْقِ على وَجْهَيْنِ ( م 5 ) فَدَلَّ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِأَجْزَائِهِ وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) به صححه في الفصول وجزم به في الوجيز وأطلقهما في المذهب ( ( ( تحريم ) ) ) ومسبوك الذهب والمغني ( ( ( يتحلل ) ) ) والمقنع ( ( ( غالبا ) ) ) والمستوعب ( ( ( وفطره ) ) ) والرعايتين ( ( ( بوصوله ) ) ) والحاويين والفائق ( ( ( طعمه ) ) ) وغيرهم
الطريق ( ( ( حلقه ) ) ) الثالثة إن كانت من ( ( ( يبتلع ) ) ) دماغه ( ( ( ريقه ) ) ) أَفْطَرَ قولا ( ( ( وسبق ) ) ) واحدا ( ( ( السواك ) ) ) وإن كانت ( ( ( بابه ) ) ) من صدره فروايتان وهي طريقة ابن أبي موسى قلت الصواب الإفطار أيضا
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ الذي لَا يَتَحَلَّلُ منه أَجْزَاءٌ نَصَّ عليه فَعَلَيْهِ هل يُفْطِرُ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وفي مالا ( ( ( تحريم ) ) ) يَتَحَلَّلُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في
____________________
1-
(3/46)
في تحريم مالا يتحلل غالبا وفطره بوصوله أو طعمه إلى حلقه وجهان وقيل يكره بلا حاجة ويحرم مضغ العلك الذي تتحلل منه أجزاء ( ع )
وفي الْمُقْنِعِ إلا أن ( ( ( وإليه ) ) ) لا ( ( ( مال ) ) ) يبتلع ريقه وفرض بعضهم المسألة في ذوقه وإن وجد طعمه في حلقه أفطر وسبق السواك في بابه قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدَعَ بَقَايَا الطَّعَامِ بين أَسْنَانِهِ وَشَمُّ مالا يَأْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسُهُ الى حلقة كَسَحِيقِ مِسْكٍ وَكَافُورٍ وَدُهْنٍ وَنَحْوِهِ
وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَقَطْ ( وه ) لِقَوْلِ عُمَرَ بن أبي سَلَمَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ فقال له سَلْ هذه لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذلك فقال يا رَسُولَ قد غَفَرَ اللَّهُ لَك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وما تَأَخَّرَ فقال أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ له ( 1 ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَنَهَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عنها شَابًّا وَرَخَّصَ لِشَيْخٍ ( 2 ) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عن أبي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَكَذَا عن ابْنِ عَبَّاسٍ ( 3 ) بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْهُ تُكْرَهُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ وَلِغَيْرِهِ ( وم ر ) لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ وَكَالْإِحْرَامِ وَعَنْهُ تَحْرُمُ على من تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ( وم ش ) كما لو ظَنَّ الْإِنْزَالَ مَعَهَا ذكره صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ إنْ خَرَجَ منه مَنِيٌّ أو مَذْيٌ فَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ وَإِنْ لم يَخْرُجْ منه شَيْءٌ لم يُفْطِرْ ذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ ( ع ) لِمَا سَبَقَ
وَحَكَى ابن الْمُنْذِرِ عن ابْنِ مَسْعُودٍ يُفْطِرُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عنه وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عن ابْنِ شُبْرُمَةَ وَقَالَهُ ابن الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ وَيَأْتِي في الْغِيبَةِ هل يُفْطِرُ بها وَبِكُلِّ مُحَرَّمٍ وَمُرَادُ من اقْتَصَرَ من الْأَصْحَابِ على ذِكْرِ الْقُبْلَةِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَلِهَذَا قَاسُوا على الْإِحْرَامِ وَقَالُوا عِبَادَةٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ فَمَنَعَتْ دَوَاعِيَهُ كَالْإِحْرَامِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المقنع وغيره وإليه مال في المغني والشرح والوجه الثاني يفطر جزم به في الوجيز وغيره وقدمه ابن رزين في شرحه وهوالصواب
____________________
1-
(3/47)
وفي الْكَافِي وَاللَّمْسُ وَتَكْرَارُ النَّظَرِ كَالْقُبْلَةِ لِأَنَّهُمَا في مَعْنَاهَا وفي الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ في مَسْأَلَةِ الْقُبْلَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ في تَكْرَارِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ في الْجِمَاعِ فَإِنْ أَنْزَلَ أَثِمَ وَأَفْطَرَ وَالتَّلَذُّذُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالتَّقْبِيلِ سَوَاءٌ هذا كَلَامُهُ وهو مَعْنَى الْمُسْتَوْعِبِ وَاللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَلَمْسِ الْيَدِ لِيَعْرِفَ مَرَضَهَا وَنَحْوَهُ ولا يُكْرَهُ ( و ) كَالْإِحْرَامِ فَصْلٌ قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَعَاهَدَ صَوْمَهُ من لِسَانِهِ وَلَا يُمَارِيَ وَيَصُونَ صَوْمَهُ كَانُوا إذَا صَامُوا قَعَدُوا في الْمَسَاجِدِ وَقَالُوا نَحْفَظُ صَوْمَنَا وَلَا يَغْتَابَ أَحَدًا وَلَا يَعْمَلَ عَمَلًا يَجْرَحُ بِهِ صَوْمَهُ
قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُسَنُّ له كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ وَكَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ وَيَجِبُ كَفُّهُ عَمَّا يَحْرُمُ من الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّتْمِ وَالْفُحْشِ وَنَحْوِ ذلك ( ع ) وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ قَوْلَ النَّخَعِيِّ تسبيحه في رَمَضَانَ خَيْرٌ من أَلْفِ تسبيحه في غَيْرِهِ وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ عن الزُّهْرِيِّ
وَلَا يُفْطِرُ بِالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و ) وقال أَحْمَدُ أَيْضًا لو كانت الْغِيبَةُ تُفْطِرُ ما كان لنا صَوْمٌ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ( ع ) لِأَنَّ فَرْضَ الصَّوْمِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْإِمْسَاكُ عن الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهُ إلَّا ما خَصَّهُ دَلِيلٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وقال عَمَّارٌ رَوَاهُ الامام أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ من حديث أبي هُرَيْرَةَ من لم يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ( 1 ) مَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالتَّحْذِيرُ لم يُؤْمَرْ من اغْتَابَ بِتَرْكِ صِيَامِهِ قال وَالنَّهْيُ عنه لِيَسْلَمَ من نَقْصِ الْأَجْرِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قد يُكْثِرُ فَيَزِيدُ على أَجْرِ الصَّوْمِ وقد يَقِلُّ وقد يَتَسَاوَيَانِ
قال شَيْخُنَا هذا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه بين الائمة وَأَسْقَطَ أبو الْفَرَجِ ثَوَابَهُ بِالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا وَمُرَادُهُ ما سَبَقَ وَإِلَّا فَضَعِيفٌ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ عن قَوْلِهِمْ في تَأْوِيلِ حديث الْحِجَامَةِ كَانَا يَغْتَابَانِ فقال الْغِيبَةُ أَيْضًا أَشَدُّ لِلصَّائِمِ بِفِطْرِهِ أَجْدَرُ أَنْ تُفْطِرَهُ الْغِيبَةُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ رِوَايَةً ثَالِثَةً يُفْطِرُ بِسَمَاعِ الْغِيبَةِ وَذَكَرَ أَيْضًا وَجْهًا في الْفِطْرِ بِغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَنَحْوِهِمَا
____________________
(3/48)
فَيَتَوَجَّهُ منه احْتِمَالٌ يُفْطِرُ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تخرج ( ( ( تخريج ) ) ) من بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ إذَا كان يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أو قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ( 1 ) واختار ابن حَزْمٍ يُفْطِرُ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ منها وقال حَمَّادُ بن سَلَمَةَ عن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عند عُبَيْدٍ مولى رسول اللَّهِ صلى اله عليه وسلم إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أتى على امْرَأَتَيْنِ صَائِمَتَيْنِ تَغْتَابَانِ الناس فقال لَهُمَا قِيآ فَقَاءَتَا قَيْحًا وَدَمًا وَلَحْمًا عَبِيطًا ثُمَّ قال إنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عن الْحَلَالِ وَأَفْطَرَتَا على الْحَرَامِ ( 2 ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عن يَزِيدَ عن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ حدثني رَجُلٌ في مَجْلِسِ أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عن عُبَيْدٍ فَذَكَرَهُ
وقال وَكِيعٌ عن حَمَّادٍ الْبَكَّاءِ عن ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عن أَنَسٍ إذَا اغْتَابَ الصَّائِمُ افطر وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قال كَانُوا يَقُولُونَ الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ صَاحِبَ الحلية ذكر الْحِلْيَةِ ذَكَرَ عن الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ من شتم ( ( ( شاتم ) ) ) فَسَدَ صَوْمُهُ لِظَاهِرِ النَّهْيِ
قال الْأَصْحَابُ وَيُسَنُّ لِمَنْ شُتِمَ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ قال في الرِّعَايَةِ يَقُولُهُ مع نَفْسِهِ يَعْنِي يَزْجُرُ نَفْسَهُ وَلَا يُطْلِعُ الناس عليه لِلرِّيَاءِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ كان في غَيْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا جَهَرَ بِهِ لِلْأَمْنِ من الرِّيَاءِ وَفِيهِ زَجْرُ يُشَاتِمُهُ بِتَنْبِيهِهِ على حُرْمَةِ الْوَقْتِ الْمَانِعَةِ من ذلك
وَذَكَرَ شَيْخُنَا لنا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ هَذَيْنِ وَالثَّالِثُ وهو اخْتِيَارُهُ يَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا ( م 6 ) لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمُطْلَقَ بِاللِّسَانِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِمَنْ شُتِمَ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ قال في الرِّعَايَةِ يَقُولُهُ مع نَفْسِهِ يَعْنِي يَزْجُرُ نَفْسَهُ وَلَا يُطْلِعُ الناس عليه لِلرِّيَاءِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ كان في غَيْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا جهز ( ( ( جهر ) ) ) بِهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا لنا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ هَذَيْنِ وَالثَّالِثُ وهو اخْتِيَارُهُ س يَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا انْتَهَى قُلْت وهو ظَاهِرُ الحديث وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ
____________________
1-
(3/49)
فَصْلٌ يُسَنُّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ ( عِ ) وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ ( ع ) مالم يَخْشَ طُلُوعَ الْفَجْرِ ( و ) ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْأَصْحَابُ لِلْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهُ أَقْوَى على الصَّوْمِ وَلِلتَّحَفُّظِ من الْخَطَأِ وَالْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يُسْتَحَبُّ السُّحُورُ مع الشَّكِّ في الْفَجْرِ وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَ أبي دَاوُد قال أبو عبد اللَّهِ إذَا شَكَّ في الْفَجْرِ يَأْكُلُ حتى يستقن ( ( ( يستيقن ) ) ) طُلُوعَهُ وَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ
قال أَحْمَدُ يقول اللَّهُ تَعَالَى { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } ا ( لبقرة 187 ) الْآيَةَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَيْضًا قَوْلَ رَجُلٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ إنِّي أَتَسَحَّرُ فإذا شَكَكْت أَمْسَكْت فقال ابن عَبَّاسٍ كُلْ ما شَكَكْت حتى لَا تَشُكَّ وَقَوْلَ أبي قِلَابَةَ قال الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه وهو يَتَسَحَّرُ يا غُلَامُ أَجِفْ حتى لَا يَفْجَأَنَا الْفَجْرُ رواه ( ( ( رواهما ) ) ) سَعِيدٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ غَيْرِ الشَّيْخِ الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْمَنْعِ بِالشَّكِّ وَكَذَا جَزَمَ ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ حتي يَسْتَيْقِنَ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَكَذَا خَصَّ الْأَصْحَابُ الْمَنْعَ بِالْمُتَيَقَّنِ كَشَكِّهِ في نَجَاسَةِ طَاهِرٍ وقال الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ لو قال لِعَالِمَيْنِ اُرْقُبَا الْفَجْرَ فقال أَحَدُهُمَا طَلَعَ وقال الْآخَرُ لم يَطْلُعْ أَكَلَ حتى يَتَّفِقَا وَأَنَّهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَعُمَرُ وابن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ وَاحْتَجَّ من لم يَرَ صَوْمَ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ بِالْأَكْلِ مع الشَّكِّ في الْفَجْرِ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ على الْأَصْلِ هُنَا لَا يُسْقِطُ الْعِبَادَةَ وَالْبِنَاءَ على الْأَصْلِ في مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ يُسْقِطُ الصَّوْمَ وَلِلْمَشَقَّةِ هُنَا لِتَكْرَارِهِ وَالْغَيْمُ نَادِرٌ وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في الْجَوَابِ على الْمَشَقَّةِ مع ما في الْغَيْمِ من الْخَبَرِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إذَا خَافَ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَجَبَ عليه أَنْ يُمْسِكَ جُزْءًا من اللَّيْلِ يَتَحَقَّقُ له صَوْمُ جَمِيعِ الْيَوْمِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِوُجُوبِ صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ وقال لَا فَرْقَ ثُمَّ ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في مَوْضِعِهَا وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ مع الشَّكِّ في الْفَجْرِ وزاد بَلْ يُسْتَحَبُّ كَذَا قال
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مع شَكِّهِ في طُلُوعِهِ وَكَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مع جَزْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْجِمَاعِ ( و ) لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِهِ وَيُكْرَهُ مع الشَّكِّ في الْفَجْرِ وَلَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مع الشَّكِّ فيه
____________________
(3/50)
نَصَّ على الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَلَا يَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ من اللَّيْلِ في أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وهو ظَاهِرُ ما سَبَقَ أو تصريحه ( ( ( صريحه ) ) ) وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ ( م ر ) وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِوُجُوبِهِ في أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وِفَاقًا في صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ وَهَذَا يُنَاقِضُ ما ذَكَرُوهُ هُنَا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ في النِّيَّةِ من اللَّيْلِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا لِئَلَّا يَفُوتَ بَعْضُ النَّهَارِ عن النِّيَّةِ وَالصَّوْمُ يَدْخُلُ فيه بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ حَالَ الدُّخُولِ فيه بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَذَا قال وَسَبَقَ في النِّيَّةِ من اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ وهو الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فَيَحْرُمُ الاكل وَغَيْرُهُ بِطُلُوعِهِ ( و ) في قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِحَدِيثِ عَدِيِّ بن حَاتِمٍ في قَوْله تَعَالَى { حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ } البقرة 187 إنَّمَا ذلك سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى يُؤَذِّنَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ فإنه لَا يُؤَذِّنُ حتى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عن عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قال يا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وأنا جُنُبٌ فَأَصُومُ فقال وأنا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وأنا جُنُبٌ فَأَصُومُ فقال لَسْت مِثْلَنَا يا رَسُولَ اللَّهِ قد غَفَرَ اللَّهُ لَك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وما تَأَخَّرَ فقال وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقَى يَدُلُّ على أَنَّ وَقْتَ الصلاة ( ( ( صلاة ) ) ) الْفَجْرِ من وَقْتِ الصَّوْمِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ لَا يَمْنَعَنَّكُمْ من السُّحُورِ أَذَانُ بِلَالٍ وَالْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وقال عن قَيْسِ بن طَلْقٍ عن أبيه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس الْفَجْرُ الْأَبْيَضُ الْمُعْتَرِضُ وَلَكِنَّهُ الْأَحْمَرُ كَذَا وَجَدْته وَلَفْظُهُ في مُسْنَدِهِ ليس الْفَجْرُ بِالْمُسْتَطِيلِ في الْأُفُقِ وَلَكِنَّهُ الْمُعْتَرِضُ الْأَحْمَرُ وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا حتى يَعْتَرِضَ لَكُمْ
____________________
(3/51)
الْأَحْمَرُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ قال بِهِ وانه رِوَايَةٌ عنه وَلَكِنَّ قَيْسًا عِنْدَهُ ضَعِيفٌ
وَعَنْ عَاصِمٍ عن زِرٍّ قُلْت لِحُذَيْفَةَ أَيَّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْت مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال هو النَّهَارُ إلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لم تَطْلُعْ رَوَاهُ ابن ماجة وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا من حديث شُعْبَةَ عن عَدِيِّ بن ثَابِتٍ عن زِرٍّ وَعَنْ أبي يَعْفُورٍ عن إبْرَاهِيمَ عن صِلَةَ ولم يَرْفَعَاهُ وقال لَا يَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرُ عَاصِمٍ فَإِنْ كان رَفْعُهُ صَحِيحًا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قُرْبَ النَّهَارِ وَلَفْظُ أَحْمَدَ قُلْت أَبَعْدَ الصُّبْحِ قال نعم هو الصُّبْحُ غير أَنْ لم تَطْلُعْ الشَّمْسُ وَعَاصِمٌ في حَدِيثِهِ اضطرب ( ( ( اضطراب ) ) ) وَنَكَارَةٌ فَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَوْلَى وقال ابن عُمَرَ إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كان لَا يُؤَذِّنُ حتى يُقَالَ له أَصْبَحْت أَصْبَحْت مُتَّفَقٌ عليه وَمَعْنَاهُ قَرُبَ الصُّبْحُ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إذَا سمع أحدكم النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ على يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حتى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ منه رَوَاهُ أبو دَاوُد فَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لم يَتَحَقَّقْ طُلُوعُ الْفَجْرِ وقال مَسْرُوقٌ لم يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ إنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الذي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ
ذَكَرَهُ ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ رَأْيُ طَائِفَةٍ مع احْتِمَالِ مَعْنَاهُ تَحَقُّقُ طُلُوعِ الْفَجْرِ
وَالْمُذْهَبُ له الْفِطْرُ بِالظَّنِّ ( و ) لِأَنَّ الناس أَفْطَرُوا في عَهْدِهِ عليه السَّلَامُ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَكَذَا أَفْطَرَ عُمَرُ وَالنَّاسُ في عَهْدِهِ كَذَلِكَ وَلِأَنَّ ما عليه أَمَارَةٌ يَدْخُلُهُ التَّحَرِّي وَيُقْبَلُ فيه قَوْلُ الْوَاحِدِ كَالْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ
وقال في التَّلْخِيصِ يَجُوزُ الْأَكْلُ بالإجتهاد في أَوَّلِ الْيَوْمِ وَلَا يَجُوزُ في آخِرِهِ إلَّا بِيَقِينٍ وَلَوْ أَكَلَ ولم يَتَيَقَّنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ في الْآخِرِ ولم يَلْزَمْهُ في الْأَوَّلِ وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ
____________________
(3/52)
وإذا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ الْأَعْلَى أَفْطَرَ الصَّائِمُ حُكْمًا وَإِنْ لم يُطْعِمْ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ من ها هنا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ من ها هنا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ افطر شَرْعًا فَلَا يُثَابُ على الْوِصَالِ كما هو ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وقد يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ له الْفِطْرُ
وَالْعَلَامَاتُ الثَّلَاثُ مُتَلَازِمَةٌ ذَكَرَهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ عن الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهَا لِئَلَّا يُشَاهِدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَيَعْتَمِدَ على غَيْرِهَا كَذَا قال وَرَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَتَوَقَّفُ في هذا وَيَقُولُ يُقْبِلُ اللَّيْلُ مع بَقَاءِ الشَّمْسِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْفِطْرُ قبل الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ( و ) لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وكان عُمَرُ وَعُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنهما لَا يُفْطِرَانِ حتى يُصَلِّيَا الْمَغْرِبَ وَيَنْظُرَا إلَى اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَا يَجِبُ السُّحُورُ حَكَاهُ ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ ( ع )
وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ السُّحُورِ بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ لِحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أحدكم جَرْعَةً من مَاءٍ وَفِيهِ عبد الرحمن بن زَيْدِ بن أَسْلَمَ وهو ضَعِيفٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ ابن أبي عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ من حديث أَنَسٍ من رِوَايَةِ عبدالرحمن ابن ( ( ( الرحمن ) ) ) ثَابِتٍ
قال الْعُقَيْلِيُّ لَا يُتَابَعُ عليه فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُخَرَّجَ الْقَوْلُ بهذا على الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ في الْفَضَائِلِ وقد سَبَقَ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَلِأَحْمَدَ من حديث جَابِرٍ من أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ وَلَوْ بِشَيْءٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وَكَمَالُ فَضِيلَتِهِ بِالْأَكْلِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بن الْعَاصِ إنَّ فَصْلَ ما بين صِيَامِنَا وَصِيَامِ
____________________
(3/53)
أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا
وَيُسَنُّ أَنْ يُفْطِرَ على الرُّطَبِ فَإِنْ لم يَجِدْ فَعَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لم بجد ( ( ( يجد ) ) ) فَعَلَى الْمَاءِ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ من حديث أَنَسٍ وَرَوَوْا أَيْضًا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ من حديث سَلْمَانَ الضَّبِّيِّ إذَا أَفْطَرَ أحدكم فَلْيُفْطِرْ على تَمْرٍ فَإِنْ لم يَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ فإنه طَهُورٌ وَأَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ فِطْرِهِ رواه ( ( ( روى ) ) ) ابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنة من حديث أبي هُرَيْرَةَ ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حتى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَلِابْنِ ماجة من حديث عبدالله ابن عَمْرٍو لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ على قَوْلِ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أنت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَوَاهُ الدار قطني من حديث أن ( ( ( أنس ) ) ) وَمِنْ حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِمَا تَقَبَّلْ مِنَّا
____________________
(3/54)
وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وهو أَوْلَى وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إذَا أَفْطَرَ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ والدار قطني وقال إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَالْحَاكِمُ وقال على شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَالْعَمَلُ بهذا الْخَبَرِ أَوْلَى
وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ من غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ من أَجْرِهِ شَيْءٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ من حديث زَيْدِ بن خَالِدٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيُّ شَيْءٍ كان كما هو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَكَذَا رَوَاهُ ابن خُزَيْمَةَ من حديث سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَذَكَرَ فيه ثَوَابًا عَظِيمًا إنْ أَشْبَعَهُ
وقال شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِتَفْطِيرِهِ أَنْ يشعبه ( ( ( يشبعه ) ) ) فَصْلٌ من أَكَلَ شَاكًّا في غُرُوبِ الشَّمْسِ وَدَامَ شَكُّهُ أو أَكَلَ يَظُنُّ بَقَاءَ النَّهَارِ قَضَى ( ع ) وَإِنْ بَانَ لَيْلًا لم يَقْضِ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ صَحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ الْغُرُوبَ ثُمَّ شَكَّ وَدَامَ شَكُّهُ لم يَقْضِ وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا في طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَامَ شَكُّهُ لم يَقْضِ ( م ) وزاد وَلَوْ طَرَأَ شَكُّهُ لِمَا سَبَقَ في الْفَصْلِ قَبْلَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ فَيَكُونُ زَمَانُ الشَّكِّ منه وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَبَانَ لَيْلًا ولم يُجَدِّدْ نِيَّةَ صَوْمِهِ الْوَاجِبُ قَضَى كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وما سَبَقَ من أَنَّ له الاكل حتى تيقن ( ( ( يتيقن ) ) ) طُلُوعَهُ على أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ نِيَّةَ الصَّوْمِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ الْيَقِينِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اعْتِقَادُ طُلُوعِهِ وَلِهَذَا فَرَضَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هذه الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ اعْتَقَدَهُ نَهَارًا فَبَانَ لَيْلًا لِأَنَّ الظَّانَّ شَاكٌّ وَلِهَذَا خَصُّوا الْمَنْعَ بِالْيَقِينِ وَاعْتَبَرُوهُ بِالشَّكِّ في نَجَاسَةِ طَاهِرٍ وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ فيه وقد يَحْتَمِلُ أَنَّ الظَّنَّ والإعتقاد وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يَأْكُلُ مع الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ مالم يَظُنَّ وَيَعْتَقِدْ النَّهَارَ
وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ أو يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا في أول ( ( ( أوله ) ) ) أو آخِرِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ( و ) لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ ولم يُتِمَّهُ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ أَفْطَرْنَا على عَهْدِ رسول اللَّهِ
____________________
(3/55)
صلى اللَّهُ عليه وسلم في يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ
قِيلَ لِهِشَامِ بن عُرْوَةَ وهو رَاوِي الْخَبَرِ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قال بُدٌّ من قَضَاءٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ ولأن ( ( ( ولأنه ) ) ) جَهِلَ وَقْتَ الصَّوْمِ فَهُوَ كَالْجَهْلِ بِأَوَّلِ رَمَضَانَ
وَصَوْمُ الْمَطْمُورِ لَيْلًا بِالتَّحَرِّي بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ إمْكَانَ التَّحَرُّزِ من الْخَطَأِ هُنَا أَظْهَرُ وَالنِّسْيَانُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ منه وَكَذَا سَهْوُ الْمُصَلِّي بِالسَّلَامِ عن نَقْصٍ وَلَا عَلَامَةَ ظَاهِرَةٌ وَلَا أَمَارَةَ سِوَى عِلْمِ الْمُصَلِّي وَهُنَا عَلَامَاتٌ وَيُمْكِنُ الإحتياط وَالتَّحَفُّظُ وَتَأْتِي رِوَايَةٌ لَا قَضَاءَ على من جَامَعَ جَاهِلًا بِالْوَقْتِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال هو قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ
وَسَبَقَ قَوْلُهُ في ( ( ( فيمن ) ) ) من أَفْطَرَ فَبَانَ رَمَضَانَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ أَكَلَ يَظُنُّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فَأَخْطَأَ لم يَقْضِ لِجَهْلِهِ وَإِنْ ظَنَّ دُخُولَهُ فَأَخْطَأَ قَضَى وَصَحَّ عن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه في الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا الْقَضَاءُ وَالْأَمْرُ بِهِ وَالثَّانِيَةُ لَا نَقْضِي ما تَجَانَفْنَا الْإِثْمَ وقال قد كنا جَاهِلِينَ فَعَلَى هذا لَا قَضَاءَ في الصُّورَةِ الْأُولَى وَقَالَهُ فِيهِمَا الْحَسَنُ وَإِسْحَاقُ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَقَالَهُ في الاولى مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ قد أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا فَيَتَوَجَّهُ أنها مَسْأَلَةُ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ فيه الْخِلَافُ السَّابِقُ وقال صَاحِب الرِّعَايَةِ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَحْتَمِلُ ضِدُّهُ كَذَا قال فَصْلٌ من جَامَعَ في صَوْمِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ( و ) وَمُرَادُهُمْ ما صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ في قُبُلٍ أَصْلِيٍّ أَنْزَلَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ أو لِأَنَّهُ بَاطِنٌ كَالدُّبُرِ كما سَبَقَ في الإستنجاء وَأَنَّهُ لو أَوْلَجَ خُنْثَى مُشْكِلٌ ذَكَرَهُ في قُبُلِ خُنْثَى مِثْلِهِ أو قُبُلِ امْرَأَةٍ أو أَوْلَجَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ في قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ لم يَفْسُدْ صَوْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ كَالْغُسْلِ وَأَنَّ الْخَصِيَّ كَغَيْرِهِ إنْ أَوْلَجَ
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ لَا يَقْضِي من جَامَعَ كَجِمَاعٍ زَائِدٍ أو بِهِ بال إنْزَالٍ وَعَنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا وقال الْأَوْزَاعِيُّ إنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لم
____________________
(3/56)
يَقْضِ وَإِلَّا قَضَى وَيَأْتِي قَوْلُ شَيْخِنَا في فَصْلِ الْقَضَاءِ وَالنَّاسِي كَالْعَامِدِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ ( وم ) وَالظَّاهِرِيَّةُ وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ ابن بَطَّةَ ( وم ر )
وَعَنْهُ لَا يقضى اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا ( وه و ) وَذَكَرَهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا من جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا يَقْضِي جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَجَعَلَهُ جَمَاعَةٌ أَصْلًا لِلْكَفَّارَةِ
وفي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ لَا يقضى وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَتَأْتِي رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ يُكَفِّرُ كما اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ من أَوْجَبَهَا على النَّاسِي وَأَوْلَى أَمْ لَا يُكَفِّرُ ( و ) فيه رواتان ( م 7 ) وَعَلَى الثَّانِيَةِ إنْ عَلِمَ في الْجِمَاعِ أَنَّهُ نَهَارٌ وَدَامَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً على من وطىء بَعْدَ إفْسَادِ صَوْمِهِ على ما يَأْتِي
وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ جَامَعَ فَكَالنَّاسِي والمخطيء ( ( ( والمخطئ ) ) ) إلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ فَيُكَفِّرُ في الْأَشْهَرِ كما يَأْتِي وَكَذَا من أتى بِمَا لَا يُفْطِرُ بِهِ فَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ وَجَامَعَ ( وم ش ) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ في الإحتلام وَذَرْعِ الْقَيْءِ لَا يُكَفِّرُ اللاشتباه ( ( ( للاشتباه ) ) ) بِنَظِيرِهِمَا وهو إخْرَاجُ الْقَيْءِ وَالْمَنِيِّ عَمْدًا وَالْمُكْرَهُ كَالْمُخْتَارِ ( وه م ) في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ ابن الْقَاسِمِ كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عليه الصَّائِمُ فَلَيْسَ عليه قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ
قال الْأَصْحَابُ وَهَذَا يَدُلُّ على إسْقَاطِ الْقَضَاءِ مع الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ
قال ابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ الصَّحِيحُ في الْأَكْلِ وَالْوَطْءِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِمَا لَا يُفْسِدَانِ فَأَنَا أُخَرِّجُ في الْوَطْءِ رِوَايَةً من الْأَكْلِ وفي الْأَكْلِ رِوَايَةً من الْوَطْءِ وَقِيلَ يَقْضِي من فَعَلَ لَا من فُعِلَ بِهِ من نَائِمٍ وَغَيْرِهِ ( وق ) وَقِيلَ لَا قَضَاءَ مع النَّوْمِ فَقَطْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 7 ) قوله وكذا من جامع يعتقده ليلا فبان نهارا يقضي جزم به الأكثر وهل يكفر كما قال أصحابنا قال صاحب المحرر إنه قياس من أوجبها على الناسي وأولى لم لا يكفر فيه روايتان انتهى والصحيح من المذهب ما قاله الأصحاب وكونه يطلق الخلاف مع اختيار الأصحاب لإحدى الروايتين فيه شيء وقد تقدم الجواب عن ذلك في المقدمة أول الكتاب والله أعلم وأطلقهما المجد في شرحه فتبعه المصنف على ذلك
____________________
1-
(3/57)
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ نَصَّ أَحْمَدَ فيه لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودٍ وَإِنْ فَسَدَ الصَّوْمُ بِذَلِكَ فَهُوَ في الْكَفَّارَةِ كَالنَّاسِي ( وش ) وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالْكَفَّارَةِ على من أَكْرَهَهُ وَقِيلَ يُكَفِّرُ من فَعَلَ بِالْوَعِيدِ وَالْمَرْأَةُ الْمُطَاوِعَةُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا وَتُكَفِّرُ ( وه م ق ) كَالرَّجُلِ
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليها ( وش ) لِأَنَّ الشَّارِعَ لم يَأْمُرْهَا بها وَلِفِطْرِهَا بِتَغْيِيبِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ فَقَدْ سَبَقَ جِمَاعُهَا الْمُعْتَبَرُ وَمَنَعَ هذا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ ليس لِهَذَا الْقَدْرِ حُكْمُ الْجَوْفِ وَالْبَاطِنِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ أو يُسْتَحَبُّ غُسْلُهُ من حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ وَنَجَاسَةٍ
وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عنهما ( وق ) خَرَّجَهَا أبو الْخَطَّابِ من الْحَجِّ وَضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ أُمُّ وَلَدِهِ صَامَتْ وَقِيلَ يُكَفِّرُ عنها وَيَفْسُدُ صَوْمُ الْمُكْرَهَةِ على الْوَطْءِ نَصَّ عليه ( وه م ) وَعَنْهُ لَا ( وق ) وَقِيلَ يَفْسُدُ إنْ فَعَلَتْ لَا الْمَقْهُورَةُ وَالنَّائِمَةُ ( وق ) وَأَفْسَدَ ابن أبي مُوسَى صَوْمَ غَيْرِ النَّائِمَةِ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْوَطْءِ لها وَلَا كَفَّارَةَ في حَقِّ الْمُكْرَهَةِ إنْ فَسَدَ صَوْمُهَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( و ) نَصَّ عليه وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً تُكَفِّرُ وَذَكَرَ أَيْضًا أنها مُخْرَجَةٌ من الْحَجِّ ( وم ) في الْمُسْتَيْقِظَةِ
وَعَنْهُ تَرْجِعُ بها على الزَّوْجِ لِأَنَّهُ الملجيء ( ( ( الملجئ ) ) ) لها إلَى ذلك وقال ابن عَقِيلٍ إنْ أُكْرِهَتْ حتى مُكِّنَتْ لَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ غُصِبَتْ أو كانت نَائِمَةً فَلَا وَإِنْ جَامَعَتْ نَاسِيَةً فالكرجل ( ( ( فكالرجل ) ) ) ( و ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ عُذْرَهَا بِالْإِكْرَاهِ أَقْوَى وقال أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ لَا كَفَّارَةَ عليها وهو أَشْهَرُ ( و ) لِقُوَّةِ جَنَبَةِ الرَّجُلِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَفْسُدَ صَوْمُهَا مع النِّسْيَانِ وَإِنْ فَسَدَ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً كَالْأَكْلِ وَكَذَا الْجَاهِلَةُ وَنَحْوُهَا وَعَنْهُ يُكَفِّرُ عن الْمَعْذُورَةِ بِإِكْرَاهٍ أو نِسْيَانٍ وَجَهْلٍ وَنَحْوِهَا كَأُمِّ وَلَدِهِ إذَا أَكْرَهَهَا وَالْمُرَادُ وَقُلْنَا تَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ وَلَوْ أَكْرَهَ الزَّوْجَةَ على الْوَطْءِ دَفَعَتْهُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ وَلَوْ أَفْضَى إلَى نَفْسِهِ كَالْمَارِّ بين يَدَيْ الْمُصَلِّي كَذَا ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَالْوَطْءُ في الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ ( و ) وَيَتَوَجَّهُ فيه تَخْرِيجٌ من الْغُسْلِ وَمِنْ الْحَدِّ وقد قَاسَ جَمَاعَةٌ عَلَيْهِمَا لَكِنْ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إنْ أَنْزَلَ ( و ) وَعَنْ أبي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ لَا كَفَّارَةَ
وَإِنْ أَوْلَجَ في بَهِيمَةٍ فَكَالْآدَمِيَّةِ نَصَّ عليه احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ وَجَبَ الْحَدُّ كَالزِّنَا أولا كَالزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ في الْكَفَّارَةِ
____________________
(3/58)
وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْحَدِّ وَكَذَا خَرَّجَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً بِنَاءً على الْحَدِّ وَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فيه غُسْلٌ ( وه ) وَلَا فِطْرٌ ( وه ) وَلَا كَفَّارَةٌ ( وه ) كَذَا قال وَإِنْ أَوْلَجَ في مَيِّتٍ فَكَالْحَيِّ وَسَبَقَ وَجْهٌ في الْغُسْلِ
وَقِيلَ هُنَا في آدَمِيٍّ حَيٍّ أو مَيِّتٍ أو بَهِيمٍ حَيٍّ وَقِيلَ أو مَيِّتٍ كَذَا قِيلَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ أَوْلَجَ في بَهِيمَةٍ أو آدَمِيٍّ مَيِّتٍ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ
وَمَنْ طَلَعَ عليه الْفَجْرُ وهو مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ( و ) وَالْكَفَّارَةُ ( ه ) لِأَنَّهُ مَنَعَ صِحَّةَ الصَّوْمِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ فيه لِحُرْمَةِ الصَّوْمِ كَمَنْ وطيء في أَثْنَاءِ النَّهَارِ لأنه ( ( ( ولأنه ) ) ) لو جَامَعَ في النَّهَارِ نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَ وَاسْتَدَامَ قَضَى وَكَفَّرَ وَإِنَّمَا أَفْسَدَ صَوْمَهُ بالإستدامة دُونَ الإبتداء عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ولم يُوجِبُوا عليه كَفَّارَةً
وَأَمَّا الْحَدُّ على مُجَامِعٍ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَدَامَ فإنه يَجِبُ في وَجْهٍ ثُمَّ الْحَدُّ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَقَاسَ غَيْرُ وَاحِدٍ على من اسْتَدَامَ الْوَطْءَ حَالَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ نَزَعَ في الْحَالِ مع أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي لِأَنَّ النَّزْعَ جِمَاعٌ يُلْتَذُّ بِهِ كَالْإِيلَاجِ بِخِلَافِ مُجَامِعٍ حَلَفَ لَا يُجَامِعُ فَنَزَعَ لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوَّلَ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ
وقال أبو حَفْصٍ لَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ ( وه ش ) وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَصْلَ ذلك اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ في جَوَازِ وَطْءِ من قال لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قبل كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنْ جَازَ فَالنَّزْعُ ليس بِجِمَاعٍ وَإِلَّا كان جِمَاعًا وقال ابن أبي مُوسَى يَقْضِي قَوْلًا وَاحِدًا وفي الْكَفَّارَةِ عنه خِلَافٌ ( م 8 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَمَنْ طَلَعَ عليه الْفَجْرُ وهو مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ نَزَعَ في الْحَالِ مع أَوَّلِ طُلُوعِ الشمس ( ( ( الفجر ) ) ) فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وقال أبو حَفْصٍ لَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ وقال ابن أبي مُوسَى يَقْضِي قَوْلًا وَاحِدًا وفي الْكَفَّارَةِ عنه خِلَافٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْإِيضَاحِ وَالْمُبْهِجِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا عليه الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي كما قال الْمُصَنِّفُ وَنَصَرَهُ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ في موضوع ( ( ( موضع ) ) ) آخَرَ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ قال في الْخُلَاصَةِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ في الْأَصَحِّ الوجه الثَّانِي لَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ كما قال الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(3/59)
قال صَاحِبُ المحرر وهذا يقتضى روايتين إحداهما يقضى فقط ( ( ( وكلام ) ) ) قال وهو أصح ( ( ( موسى ) ) ) عندي ( ( ( واختيار ) ) ) ( وم ( ( ( المجد ) ) ) ) لحصوله مجامعا أول جزء من اليوم أمر بالكف عنه بسبب سابق من الليل ( ( ( طلوع ) ) ) فهو ( ( ( الفجر ) ) ) كمن ظنه ( ( ( علمه ) ) ) ليلا فبان نهارا لكن لما كان ذلك على وجه فيه عذر صار كوطء الناسي ومن ظنه ليلا
وفي الكفارة بِذَلِكَ روايتان ( ( ( فعليه ) ) ) كذا ( ( ( القضاء ) ) ) هذا ( ( ( والكفارة ) ) ) وَمَنْ جَامَعَ وهو صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ لم تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ عنه نَصَّ عليه ( وق ( ( ( ه ) ) ) ) أو جُنَّ ( ه ق ) أو حَاضَتْ المراة ( ه ق ) أو نَفِسَتْ ( ه ق ) لِأَمْرِهِ عليه السَّلَامُ الْأَعْرَابِيَّ بِالْكَفَّارَةِ ولم يَسْأَلْهُ وَكَمَا لوسافر ( و ) وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مَمْنُوعٌ وَيُؤْثَرُ عِنْدَهُمْ في مَنْعِ الْكَفَّارَةِ وَلَا يُسْقِطُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا تَفْرِقَةً بين كَوْنِهِ مُقَارِنًا وَطَارِئًا
وَلَا يُقَالُ تَبَيَّنَّا أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الصَّادِقَ لو أخبره أَنَّهُ سَيَمْرَضُ أو يَمُوتُ لم يَجُزْ الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ لَا تَتَجَزَّأُ صِحَّتُهُ بَلْ لُزُومُهُ كَصَائِمٍ صَحَّ أو أَقَامَ وفي الأنتصار وَجْهٌ : يَسْقُطُ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ ( وق ) لمعهما ( ( ( لمنعهما ) ) ) الصِّحَّةَ وَمِثْلُهُمَا مَوْتٌ وَكَذَا حنون ( ( ( جنون ) ) ) إنْ مَنَعَ طَرَيَانُهُ الصِّحَّةَ وَأَشْهَرُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا ( وم ) وَمَنْ وطيء ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ فوطيء ( ( ( فوطئ ) ) ) في يَوْمِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ فِيمَنْ اسْتَدَامَهُ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كالحج ( ( ( وكالحج ) ) ) وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً لَا كَفَّارَةَ عليه ( و ) وَخَرَّجَهُ ابن عَقِيلٍ من أَنَّ الشَّهْرَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ
وذكر ابن عبد الْبَرِّ ( ع ) بِمَا يَقْتَضِي دُخُولَ أَحْمَدَ فيه وَإِنْ لم يُكَفِّرْ عن الْأَوَّلِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ على الْأَصَحِّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِغَيْرِ خِلَافٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ وَتَدَاخَلَ مُوجِبُهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى الثَّانِي لم يَجِبْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَكَذَا أَكَلَ واطيء ( ( ( واطئ ) ) ) يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ ( و ) وَنَصَّ أَحْمَدَ في مُسَافِرٍ قَدِمَ مُفْطِرًا ثُمَّ جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عليه قال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ هذا على رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ حملة على ظَاهِرِهِ وهو وَجْهٌ في كِتَابِ الْمَذْهَبِ لِضَعْفِ هذا الْإِمْسَاكِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ فِيمَنْ لم يَنْوِ الصَّوْمَ لَا كَفَّارَةَ عليه لِأَنَّهُ لم يَلْتَزِمْهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) واختار الشيخ تقي الدين قاله في القواعد واختار أيضا صاحب الفائق وقدمه ابن رزين في شرحه وكلام ابن أبي موسى واختيار المجد ذكره المصنف قلت الصواب أنه إن تعمد فعل الوطء قريبا من طلوع الفجر مع علمه بذلك فعليه القضاء والكفارة وإلا فلا كفارة والله أعلم
____________________
1-
(3/60)
وَأَلْزَمَهُ مَالِكٌ بِالْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ تَرْكِ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَمْدًا بِلَا أَكْلٍ وَلَا جِمَاعٍ وأن أَكَلَ ثُمَّ جَامَعَ فَالْخِلَافُ ( * ) وَسَبَقَ هل تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِأَكْلٍ وَإِنْ جَامَعَ في يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَفَّرَ عن الْأَوَّلِ كَفَّرَ عن الثَّانِي ( و ) وَذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ ( ع ) وَفِيهِ رِوَايَةٌ عن ( ه ) وَكَذَا إنْ لم يُكَفِّرْ عن الْأَوَّلِ في اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا وَحَكَاهُ ابن عبد الْبَرِّ عن أَحْمَدَ ( وم ش ) لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ وَكَيَوْمَيْنِ من رَمَضَانَيْنِ وَفِيهِ رِوَايَةٌ عن ( ه ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي موسي ( م 9 ) ( وه ) كَالْحُدُودِ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَى قَوْلِنَا بِالتَّدَاخُلِ لو كَفَّرَ بِالْعِتْقِ في الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عنه ثُمَّ في الْيَوْمِ الثَّانِي عنه ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى لم يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا وَأَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ عنهما وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا وَلَوْ اُسْتُحِقَّتَا جميعا أَجْزَأَهُ بَدَلُهُمَا رَقَبَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ وُجُودُ السَّبَبِ الثَّانِي قبل أَدَاءِ مُوجِبِ الْأَوَّلِ وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ لَا تَتَغَيَّرُ فتلغوه ( ( ( فتلغو ) ) ) وَتَصِيرُ كَنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * تنبيه قوله ( ( ( قياس ) ) ) وإن ( ( ( مذهبنا ) ) ) أكل ثُمَّ جامع فالخلاف ( ( ( واحدة ) ) ) انتهى ( ( ( وكفر ) ) ) لعله ( ( ( عنها ) ) ) أراد ( ( ( أجزأه ) ) ) به الخلاف ( ( ( الكل ) ) ) الذي ( ( ( ونحو ) ) ) في الوطء الذي يلزمه الإمساك في المسألة التي ( ( ( الحنفية ) ) ) قبلها وقد ( ( ( أطعم ) ) ) قطع أكثر ( ( ( فقيرا ) ) ) الأصحاب ( ( ( فوطئ ) ) ) بوجوب ( ( ( أطعمه ) ) ) الكفارة ( ( ( فقط ) ) ) على ( ( ( عنهما ) ) ) الواطيء ( ( ( كحد ) ) ) بعد ( ( ( القذف ) ) ) الأكل ( ( ( عندهم ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وَإِنْ جَامَعَ في يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَفَّرَ عن الْأَوَّلِ كَفَّرَ عن الثَّانِي وَكَذَا ان لم يُكَفِّرْ عن الْأَوَّلِ في اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا وَحَكَاهُ ابن عبد الْبَرِّ عن أَحْمَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَجَامِعِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في الْخُلَاصَةِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ في الْأَصَحِّ قال الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ قال في التخليص هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَزِمَهُ ثِنْتَانِ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ واختاره أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ هو وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(3/61)
هذا قياس مذهبنا وقاله الحنفية وهو مذهب المالكية في نظيره وهو كل موضع قضى فيه بتداخل الأسباب في الكفارة إذا نوى التكفير عن بعضها فإنه يقع عن جميعها مثل من قال لزوجاته أنتي علي كظهر أمي ثم وطيء واحدة وكفر عنها أجزأه عن الكل ونحو ذلك
ووجدت أنا في كلام الحنفية لو أطعم إلا فقيرا فوطيء أطعمه فقط عنهما كحد القذف عندهم
وَإِنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْنَى وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ فَأَفْطَرَ وَفِيهَا نَظَرٌ فَعَنْهُ يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَالْأَكْثَرُ ( وم ) كَالْوَطْءِ في الْفَرْجِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه ( وه ش ) اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ النَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَظْهَرُ ( م 10 ) وَعَلَى الْأَوَّلِ النَّاسِي كَالْعَامِدِ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَيَدُلُّ عليه اعْتِبَارُهُ بِالْفَرْجِ
وقال صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا عَامِدًا وَكَذَا إذَا أَنْزَلَ الْمَجْبُوبُ بِالْمُسَاحَقَةِ وَكَذَا امْرَأَتَانِ يَلْزَمُ الْمُطَاوِعَةَ كَفَّارَةٌ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ وَالْقُبْلَةُ والمس ( ( ( واللمس ) ) ) وَنَحْوُهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي ( وم ) وفي رِوَايَةٍ لَا كَفَّارَةَ اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ ( و ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 10 ) قوله وإن جامع دون الفرج فأمنى وعبارة بعضهم فأفطر وفيها نظر فعنه يكفر اختاره الخرقي وأبو بكر وابن أبي موسى والأكثر كالوطء في الفرج والفرق واضح وعنه لا كفارة عليه اختاره جماعة منهم صاحب النصيحة والمغني والمحرر وهي أظهر انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر والرعايتين وغيرهم إحداهما لا تجب الكفارة وهي الصحيحة على ما اصطلحناه اختاره صاحب النصيحة والمغني والخلاصة والمحرر والشرح والفائق وغيرهم قال ابن رزين في شرحه وهي أصح قال المصنف هنا وهي أظهر وقدمها في النظم والرواية الثانية تجب الكفارة اختارها الأكثر كما قال المصنف منهم الخرقي وأبو بكر وابن أبي موسى والقاضي قال الزركشي هي المشهورة من الروايتين حتى إن القاضي في التعليق لم يذكر غيرها وجزم به في الوجيز والإفادات وغيرهما وقدمه في الفائق وشرح ابن رزين وغيرهما
____________________
1-
(3/62)
وَنَصُّ أَحْمَدَ إنْ قَبَّلَ فَمَذَى لَا يُكَفِّرُ ( م 11 ) وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى فَلَا كَفَّارَةَ ( م ) كما لو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَالْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ وَنَحْوُهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وفي رِوَايَةٍ لَا كَفَّارَةَ اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ وَنَصَّ أَحْمَدَ إنْ قَبَّلَ فَمَذَى لَا يُكَفِّرُ انْتَهَى ما اخْتَارَهُ الْقَاضِي جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ بِوَطْءٍ أو قُبْلَةٍ أو لَمْسٍ أو اسْتِمْنَاءٍ أو تَكْرَارِ نَظَرٍ فَمَذَى أو أَمْنَى بِبَعْضِ ذلك بَطَلَ صوما ( ( ( صومه ) ) ) مُطْلَقًا وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَاتٌ الْوُجُوبُ وَعَدَمُهُ
وَالثَّالِثَةُ يَجِبُ في الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ فَقَطْ وَكَذَا قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمَنْ وطيء دُونَ الْفَرْجِ أو قَبَّلَ أو لَمَسَ أو كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَفْطَرَ مُطْلَقًا وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ من أَمْنَى نَاسِيًا بِقُبْلَةٍ أو لَمْسٍ أو تَكْرَارِ نَظَرٍ لم يُفْطِرْ وَكَذَا قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَالْمُقَدَّمُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَاللَّمْسَ وَنَحْوَهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ كما اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ الْمَجْدِ وَابْنِ حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ في ذلك وهو الصَّحِيحُ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهَا في المعني قال الشَّارِحُ وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا لَا تَجِبُ نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ وأبو طَالِبٍ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَاخْتَارَهَا من اخْتَارَ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ
تَنْبِيهٌ الذي يَظْهَرُ أَنَّ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا من أَوْجُهٍ
أحدهما كَوْنُهُ خَصَّصَ الْقَاضِي بِإِلْحَاقِ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوِهِمَا بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَثِيرًا من الْأَصْحَابِ قال بِمَقَالَتِهِ وَقَطَعَ بها
الثَّانِي نِسْبَةُ الْقَوْلِ الثَّانِي إلَى الْأَصْحَابِ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ على خِلَافِ ذلك بَلْ أَكْثَرُهُمْ ولم نَرَ أَحَدًا غَيْرَهُ نَسَبَ ذلك إلَيْهِمْ مِثْلُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ بَلْ الذي اخْتَارَ الْفَرْقَ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَنَاسٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ
الثَّالِثُ كَوْنُهُ نَسَبَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إلَى الْقَاضِي ولم يُذْكَرْ عنه غَيْرُهُ وقد قال في التَّعْلِيقِ إنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ قَوْلًا وَاحِدًا وَخَصَّ الرِّوَايَتَيْنِ بِاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ
____________________
1-
(3/63)
لم ( ( ( ونحوهما ) ) ) يكرره ( و ( ( ( حكاه ) ) ) ) وعنه بلى كاللمس وأطلق في الهداية وغيرها الروايتين وقيل إن أمنى بفكرة أو نظرة واحدة عمدا أفطر وفي الكفارة وجهان وسبق حكم من جامع في يوم رأى الهلال في ليلته ( ( ( الحج ) ) ) وردت شهادته ( ( ( إحدى ) ) ) وجماع المسافر والمريض وَيَخْتَصُّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِرَمَضَانَ ( و ) لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُسَاوِيه خِلَافًا لِقَتَادَةَ في قَضَائِهِ فَقَطْ وفي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ يُكَفِّرُ إنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَسَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ هل تَخْتَصُّ بِالْجِمَاعِ وَالْكَفَّارَةُ على التَّرْتِيبِ فَيَجِبُ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لم يَجِدْهَا صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وفي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( وه ش ) وَيَأْتِي فيها إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِبَارُ سَلَامَةِ الرَّقَبَةِ وَكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً وَلَا يَحْرُمُ هُنَا الْوَطْءُ قبل التَّكْفِيرِ وَلَا في لَيَالِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ وذكره في الرِّعَايَةِ وَأَظُنُّهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ ذَكَرَهُ فها الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَحَرَّمَهُ ابن الْحَنْبَلِيِّ في كِتَابِهِ أَسْبَابُ النُّزُولِ عُقُوبَةً وَعَنْهُ إنَّهَا على التَّخْيِيرِ بين الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ فَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ ( وم و ( ( ( ر ) ) ) ) لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث مَالِكٍ عن الزُّهْرِيِّ عن حُمَيْدِ بن عبدالرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَفِيهِمَا من حديث ابْنِ جريح ( ( ( جريج ) ) ) عن ابْنِ شِهَابٍ عن حُمَيْدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً أو يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أو يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَتَابَعَهُمَا أَكْثَرُ من عَشَرَةٍ وَخَالَفَهُمْ أَكْثَرُ من ثَلَاثِينَ فَرَوَوْهُ عن الزُّهْرِيِّ بهذا الْإِسْنَادِ أَنَّ إفْطَارَ ذلك الرَّجُلِ كان بِجِمَاعٍ وَأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال له هل تَجِدُ ما تَعْتِقُ رَقَبَةً قال لَا قال هل تستطيع ( ( ( تسطيع ) ) ) أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قال لَا قال هل تَجِدُ ما تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قال لَا ثُمَّ جَلَسَ فأتى النبي ( ( ( للنبي ) ) ) صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقٍ فيه تَمْرٌ فقال تَصَدَّقْ بهذا قال على أَفْقَرَ مِنَّا قال اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ وفي أَوَّلِهِ هَلَكْت يا رَسُولَ اللَّهِ قال وما أَهْلَكَك قال وَقَعْت على امْرَأَتِي في رَمَضَانَ مُتَّفَقٌ عليه وهو عليه وهو أَوْلَى لِأَنَّهُ لَفْظُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مشتمل ( ( ( ومشتمل ) ) ) على زِيَادَةٍ وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ وللدار قطني هَلَكْت وَأَهْلَكْت وَضَعَّفَ هذه (1) (1) (1) (1) (1) (1) ونحوهما كما حكاه المصنف عن الأصحاب مع أن المصنف جعل الوطء دون الفرج والقبلة واللمس ونحوهما على حد سواء فيما إذا كان محرما في الحج فهذه إحدى عشرة مسألة قد يسر الله تعالى بتصحيحها
____________________
1-
(3/64)
الزِّيَادَةَ الْبَيْهَقِيُّ وَصَنَّفَ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ في إبْطَالِهَا وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ من حديث هِشَامِ بن سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عنه وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ وقال فَأَتَى بِعَرَقٍ فيه تَمْرٌ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَلَهُ من حديث عَائِشَةَ فيه عِشْرُونَ صَاعًا وَهِشَامٌ تَكَلَّمَ فيه وَرَوَى له مُسْلِمٌ وَتَابَعَهُ عبد الْجَبَّارِ بن عُمَرَ في الصَّوْمِ وهو ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ ابن ماجة وَتَابَعَهُ أبو أُوَيْسٍ عن الزُّهْرِيِّ عن حُمَيْدٍ وَفِيهِ كَلَامٌ وروى ( ( ( روى ) ) ) ذلك الدَّارَقُطْنِيُّ وَتَابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن اللَّيْثِ عن الزُّهْرِيِّ وَبَحْرِ ابن كَثِيرٍ عن الزُّهْرِيِّ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَشَارَ هو وَغَيْرُهُ إلَى صِحَّةِ هذه الزِّيَادَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِتْقُ رَقَبَةٍ أو صَوْمُ شَهْرٍ أو إطْعَامُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَعَنْ الْحَسَنِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أو إهْدَاءُ بدنه أو إطْعَامُ عِشْرِينَ صَاعًا أَرْبَعِينَ مِسْكِينًا وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ وَلِمَالِكٍ في الموطأ عن عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا نَحْوُهُ ولم يذكر عَدَدَ الْمَسَاكِينِ وَفِيهِ وَصُمْ يَوْمًا وَمَذْهَبُ ( م ) هذه الْكَفَّارَةُ إطْعَامٌ فَقَطْ كَذَا قال وَالْإِطْعَامُ كما يَأْتِي في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَإِنْ قَدَرَ على الْعِتْقِ في الصِّيَامِ لم يَلْزَمْهُ الإنتقال نَصَّ عليه وَيَلْزَمُ من قَدَرَ قَبْلَهُ وَيَأْتِي ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ في الظِّهَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَتَسْقُطُ هذه الْكَفَّارَةُ بِالْعَجْزِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه ( وق ) زَادَ بَعْضُهُمْ بِالْمَالِ وَقِيلَ وَالصَّوْمُ كَذَا قال لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ لم يَأْمُرْ الْأَعْرَابِيَّ بها أَخِيرًا ولم يذكر له بَقَاءَهَا في ذِمَّتِهِ وَكَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ ( وه ش ) لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ بها الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا جَاءَهُ الْعَرَقُ بعد ما أخبره بِعُسْرَتِهِ وَلَعَلَّ هذه الرِّوَايَةَ أَظْهَرُ
قال بَعْضُهُمْ فَلَوْ كَفَّرَ غَيْرُهُ عنه بِإِذْنِهِ وَقِيلَ أو دُونَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وعنهلا يَأْخُذُهَا وَأَطْلَقَ ابن أبي مُوسَى هل يَجُوزُ له أَكْلُهَا أَمْ كان خَاصًّا بِذَاكَ الْأَعْرَابِيِّ على رِوَايَتَيْنِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ رَخَّصَ لِلْأَعْرَابِيِّ فيه لِحَاجَتِهِ ولم يَكُنْ كَفَّارَةً وَلَا تَسْقُطُ غَيْرُ هذه الْكَفَّارَةِ بِالْعَجْزِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ
____________________
(3/65)
وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ وَنَحْوِ ذلك نَصَّ عليه
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا لِعُمُومِ أَدِلَّتِهَا حَالَةَ الْإِعْسَارِ وَلِحَدِيثِ سَلَمَةَ بن صَخْرٍ في الظِّهَارِ وَلِأَنَّهُ الْقِيَاسُ خُولِفَ في رَمَضَانَ لِلنَّصِّ كَذَا قالوا لِلنَّصِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِأَنَّهَا لم تَجِبْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ الصَّوْمُ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ وَإِنْ لم تَجِبْ إلَّا بِالصَّوْمِ وَالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا وَعَنْهُ تَسْقُطُ وَمَذْهَبُ ( ش ) هِيَ كَرَمَضَانَ إلَّا جَزَاءَ الصَّيْدِ لِأَنَّ فيه مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَالْغَرَامَةِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالْعَجْزِ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ بِالْعَجْزِ عن كُلِّهَا لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ فيها وقال ابن حَامِدٍ تَسْقُطُ مُطْلَقًا كَرَمَضَانَ
وَأَكْلُهُ الْكَفَّارَاتِ بِتَكْفِيرِ غَيْرِهِ عنه كَرَمَضَانَ وَعَنْهُ تَخْتَصُّ بِالْوَطْءِ في رَمَضَانَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَإِنْ مَلَّكَهُ ما يُكَفِّرُ بِهِ وَقُلْنَا له أَخْذُهُ هُنَاكَ فَلَهُ هُنَا أَكْلُهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عن نَفْسِهِ وَقِيلَ هل له أَكْلُهُ أو يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(3/66)
بَابُ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
يُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ في قَضَاءِ ( وَ ) قال الْبُخَارِيُّ قال ابن عَبَّاسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ } وَعَنْ ابْنِ عمرو ( ( ( عمر ) ) ) مَرْفُوعًا قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال لم يُسْنِدْهُ غَيْرُ سُفْيَانَ ابن بِشْرٍ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فيه وَالزِّيَادَةُ من الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وللدار قطني من رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وهو ضَعِيفٌ عن عبدالله بن عُمَرَ وَسُئِلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن قَضَاءِ رَمَضَانَ قال يَقْضِيهِ تِبَاعًا وَإِنْ فَرَّقَهُ أَجْزَأَهُ وَلَهُ أَيْضًا وقال إسْنَادٌ حَسَنٌ عن ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا قال ذلك إلَيْك أَرَأَيْت لو كان على أحدهم ( ( ( أحدكم ) ) ) دَيْنٌ فَقَضَى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَلَمْ يَكُنْ قَضَاءً فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَعْفُوَ وَيَغْفِرَ وَخَبَرُ أبي هُرَيْرَةَ فَلْيَسْرُدْهُ وَلَا يَقْطَعُهُ رَوَاهُ ابن الْمُنْذِرِ وَالدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَةِ عبد الرحمن بن إبْرَاهِيمَ الْقَاصِّ ضَعَّفَهُ ابن مَعِينٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَوَّاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ صَحَّ فَلِلِاسْتِحْبَابِ وَقَوْلِ عَائِشَةَ نَزَلَتْ < فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ > فَسَقَطَتْ < مُتَتَابِعَاتٌ > رَوَاهُ الدار قطني وقال إسْنَادٌ صَحِيحُ يَصْلُحُ لِسُقُوطِ الْحُكْمِ وَالتِّلَاوَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ مُوَسَّعٌ له كَصَوْمِ الْمُسَافِرِ أَدَاءً وَإِنَّمَا لَزِمَ التَّتَابُعُ فيه صَوْمِ مُقِيمٍ لَا عُذْرَ له لِلْفَوْرِ وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ لَا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ في نَفْسِهِ فَنَظِيرُهُ لو لم يَبْقَ من شَعْبَانَ إلَّا ما يَتَّسِعُ له وفي التَّتَابُعِ خُرُوجٌ من الْخِلَافِ وهو أَنْجَزُ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَأَشْبَهُ بِالْأَدَاءِ فَكَانَ اولى وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ في الزَّكَاةِ على الْفَوْرِ أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ على الْفَوْرِ وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ في الْكَفَّارَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْقَضَاءُ على التَّرَاخِي
____________________
(3/67)
وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ فيه كَذَا ذُكِرَ
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ ما لم يُدْرِكْ رَمَضَانَ ثَانٍ وَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ أَفْطَرَ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ التَّأْخِيرُ قال في التَّهْذِيبِ لهم حتى بِعُذْرِ السَّفَرِ وَأَوْجَبَ دَاوُد الْمُبَادَرَةَ في أَوَّلِ يَوْمٍ بَعْدَ الْعِيدِ وَهَلْ يَجِبُ الْعَزْمُ على فِعْلِهِ بتوجه ( ( ( يتوجه ) ) ) الْخِلَافُ في الصَّلَاةِ * وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في الصَّلَاةِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِشَرْطِ الْعَزْمِ على الْفِعْلِ في ثَانِي الْوَقْتِ قال وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ
قال في شرح مُسْلِمٍ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْأُصُولِ فيه وفي كل وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ على فِعْلِهِ وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَعُرْوَةَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ يَجِبُ التَّتَابُعُ وَكَذَا قال دَاوُد وَالظَّاهِرِيَّةُ يَجِبُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ كَأَدَائِهِ وَأَجَازَ جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ وَغَيْرُهُمْ الْأَمْرَيْنِ
قال الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) لَا فَضْلَ لِلتَّتَابُعِ على التَّفْرِيقِ لِأَنَّهُ لو أَفْطَرَ يَوْمًا رَمَضَانَ يَقْضِيهِ بِيَوْمٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ له قَضَاءُ شَهْرٍ
وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ تَامًّا أو نَاقِصًا لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالْمُسْتَوْعِبِ ( وه ش ) كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَضَى شَهْرًا هِلَالِيًّا أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا تَمَّمَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَالَهُ الْحَسَنُ بن صَالِحٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وحكى عن مَالِكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ من صَامَ من أَوَّلِ شَهْرٍ كَامِلٍ أو من أَثْنَاءِ شَهْرٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وكان رَمَضَانُ الْفَائِتُ نَاقِصًا أَجْزَأَهُ عنه اعْتِبَارًا بِعَدَدِ الْأَيَّامِ
وَعَلَى الثانية يقضي ( ( ( يقتضي ) ) ) يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلشَّهْرِ بِالْهِلَالِ أو الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تنبيه قوله وهل يجب العزم على فعله يعني فعل الصوم يتوجه الخلاف في الصلاة انتهى يعني هل يجب العزم على فعل الصوم المقضي قبل الدخول فيه أو لا يجب يتوجه أنه كالعزم على الصلاة إذا دخل وقتها قبل فعلها وفيه في الصلاة وجهان والصحيح من المذهب وجوب العزم على فعل الصلاة وقد قدمه المصنف في كتاب الصلاة من هذا الكتاب فيكون الصحيح في الصوم كذلك على هذا التوجيه والله أعلم وقد ذكر المصنف كلام ابن عقيل
____________________
1-
(3/68)
وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ بِلَا عُذْرٍ ( وَ ) عليه وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها ماكنت أَقْضِي ما عَلَيَّ من رَمَضَانَ إلَّا في شَعْبَانَ لِمَكَانِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَمَا لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ عن كل يَوْمٍ مِسْكِينًا ( وم ش ) رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عن أبي هُرَيْرَةَ وقال إسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ عن جَمَاعَةٍ من الصَّحَابَةِ وَلَا أَحْسَبُهُ يَصِحُّ عَنْهُمْ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَلْزَمُهُ إطْعَامٌ ( وه ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ } وكتاخير أَدَاءِ رَمَضَانَ عن وَقْتِهِ عَمْدًا وَذَكَرَ الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) من رِوَايَةِ عبدالله الْعُمَرِيِّ وَفِيهِ ضَعْفٌ عن عبدالله بن عُمَرَ يُطْعِمُ بِلَا قَضَاءٍ وَيُطْعِمُ ما يجزيء كَفَّارَةً ( وَ ) وَيَجُوزُ قبل الْقَضَاءِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فإذا قَضَى أَطْعَمَ رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَنَا مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ وَتَخَلُّصًا من آفَاتِ التأخر ( ( ( التأخير ) ) ) وَمَذْهَبُ ( م ) الْأَفْضَلُ معه وان أَخَّرَهُ بَعْدَ رَمَضَانَ ثَانٍ فَأَكْثَرَ لم يَلْزَمْهُ لِكُلِّ سَنَةٍ فِدْيَةٌ لِأَنَّهُ لِتَأْخِيرِهِ عن وَقْتِهِ وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَمَنْ دَامَ عُذْرُهُ بين الرَّمَضَانَيْنِ فلم يَقْضِ ثُمَّ زَالَ صَامَ الشَّهْرَ الذي أَدْرَكَهُ ثُمَّ قَضَى ما فَاتَهُ وَلَا يُطْعِمُ نَصَّ عليه ( وَ ) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ يُطْعِمُ بِلَا قَضَاءٍ فَعَلَى قَوْلِنَا إنْ كان أَمْكَنَهُ قَضَاءُ الْبَعْضِ قَضَى الْكُلَّ وَأَطْعَمَ عَمَّا أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ وَإِنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حتى مَاتَ فَإِنْ كان لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عليه نَصَّ عليه ( وَ ) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وفي التَّلْخِيصِ رِوَايَةٌ يُطْعَمُ عنه كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً الْوُجُوبُ عليه بِخِلَافِ الْمَيِّتِ وقال في الإنتصار يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ الصَّوْمُ عنه أو التَّكْفِيرُ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا
وقال في الرِّعَايَةِ إنْ أَخَّرَهُ النَّاذِرُ لِعُذْرٍ حتى مَاتَ فَلَا فِدْيَةَ على الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَجِّ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الصَّوْمُ وَإِنْ كان تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ مَاتَ قبل أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ ( وَ ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عن ابْنِ عمرو ( ( ( عمر ) ) ) مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وقال الصَّحِيحُ عن ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ
وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عن الْقَضَاءِ قالت لَا بَلْ يُطْعِمُ رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ حيد ( ( ( جيد ) ) )
____________________
(3/69)
وَكَذَا قال ابن عَبَّاسٍ وَإِنَّهُ إنْ نَذَرَ قَضَى عنه وَلِيُّهُ فَالرَّاوِي أَعْلَمُ بِمَا رَوَى
قال الْأَصْحَابُ وَلِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ في الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ وقال في الإنتصار في مَسْأَلَةِ صِحَّةِ الإستنابة في الْحَجِّ عِنْدَ طَرَيَانِ الْعَضَبِ وَالْكِبَرِ على من وَجَبَ عليه وأنه إذَا حَجَّ النَّائِبُ وَقَعَ الْحَجُّ عن الْمُسْتَنِيبِ ( وم ش ) وَمَذْهَبُ ( ه ) يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا وَلَا يَقَعُ عن الْمُسْتَنِيبِ إلَّا ثَوَابُ النَّفَقَةِ فَنَحْنُ نَقُولُ أُقِيمَ حَجُّ نَائِبِهِ مَقَامَ حجة فَفِعْلُ الْغَيْرِ لِلْحَجِّ بَدَلٌ عن فِعْلِهِ فِيمَا يُبْذَلُ إلَّا الْمُؤَدِّي وهو الْفَاعِلُ وَعِنْدَهُمْ الْبَدَلُ هو سَعْيُهُ بماله في تَحْصِيلِ حَجِّ الْغَيْرِ فَالْبَدَلُ عِنْدَهُ مُتَبَدِّلٌ ليس هو فِعْلُ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هو بَذْلُ الْمَالِ لِتَحْصِيلِ حَجِّ النَّائِبِ حتى لو تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ وَحَجَّ عنه بإذن ( ( ( بإذنه ) ) ) لم يَجُزْ عنه لِأَنَّ السَّعْيَ بِبَذْلِ الْمَالِ مَفْقُودٌ فَالْوَاجِبُ الْمُؤَدِّي هو الْمُبْتَذَلُ وَاحْتَجَّ لهم بِأَنَّ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فيها وقال فَأَمَّا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ فَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّ الوراث ( ( ( الوارث ) ) ) يَنُوبُ عنه في جَمِيعِهَا من الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في نِيَابَةِ الْوَارِثِ في الزَّكَاةِ ثُمَّ الصَّوْمُ يُقَابِلُ فَائِتَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَوْتِ بِالْإِطْعَامِ وَالصَّلَاةُ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَجْزُ فيها عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مَقْصُودُهَا تَحْصِيلُ الْمَالِ لِلْفُقَرَاءِ مُوَاسَاةً وَتَعَاطِي التَّكْلِيفِ مَقْصُودٌ للإمتحان فَعِنْدَ الْعَجْزِ يَسْتَقِلُّ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَيَلْتَحِقُ بِالدَّيْنِ وَالْحَجُّ الإمتحان فيه مَقْصُودٌ وَفِيهِ مَقْصُودٌ آخَرُ سِوَى الْفِعْلِ فإنه وُضِعَ على مِثَالِ حضره الْمُلُوكِ وَحُرْمَتِهِمْ وقد يَقْصِدُ الْمَلِكُ أَنْ تَكُونَ عَتَبَتُهُ مَخْدُومَةً بِأَصْحَابِهِ فَإِنْ عجزو ( ( ( عجزوا ) ) ) فبنوا بهم لِإِقَامَةِ الْخِدْمَةِ
وَالصَّلَاةُ لَا مَقْصُودَ فيها إلَّا مَحْضُ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ إمتحانا فإذا فَعَلَ غَيْرُهُ ذلك فَاتَ كُلُّ الْمَقْصُودِ فلم يَكُنْ في مَعْنَى الدَّيْنِ يُصَحِّحُ ما ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْخَصْمَ أَقَامَ لِلْحَجِّ بَدَلًا وَإِنْ خَالَفْنَا في صِفَتِهِ ولم يُقِمْ لِلصَّلَاةِ بَدَلًا وَاحْتَجَّ لهم أَيْضًا بِالْقِيَاسِ على الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وقال قد تَقَدَّمَ الْجَوَابُ المنع ( ( ( بالمنع ) ) ) والتسيم ( ( ( والتسليم ) ) ) ثُمَّ هُنَاكَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَنْوِيَ عن غَيْرِهِ
وَلَا يُؤْمَرُ بِبَذْلِ الْمَالِ لِتَحْصِيلِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا من بَلَغَ مَعْضُوبًا تَلْزَمُهُ الإستبانة ( ( ( الاستنابة ) ) ) وَاحْتَجَّ للمخالف ( ( ( للمخالفة ) ) ) بِالصَّلَاةِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا نُسَلِّمُهَا وَنَقُولُ يُصَلِّي عنه بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ الصَّلَاةُ لَا يُتَصَوَّرُ عَجْزُهُ عنها إلَّا أَنْ يَمُوتَ أو يَزُولَ عَقْلُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلَوْ وَصَّى بها لم تُصَلَّ عنه بِخِلَافِ الْحَجِّ عِنْدَهُمْ وَلَا مَدْخَلَ لِلْمَالِ في جُبْرَانِهَا وَالْبَدَلُ جُبْرَانٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ ثُمَّ هو قِيَاسٌ يُعَارِضُ النُّصُوصَ
____________________
(3/70)
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا لَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَقِيلَ له لاتدخلها النِّيَابَةُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فقل لَا نُسَلِّمُ بَلْ النِّيَابَةُ تَدْخُلُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ إذَا وَجَبَتْ وَعَجَزَ عنها بَعْدَ الْمَوْتِ فذكر في هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ النِّيَابَةَ في الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَلَامُهُ يفي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ تَقْتَضِي وفي الْحَيَاةِ أَيْضًا كَالْحَجِّ فَعَلَى هذا يَتَوَجَّهُ إنْ عَجَزَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلصَّلَاةِ كَبَّرَ عنه رَجُلٌ وَقَالَهُ إِسْحَاقُ وَنَقَلَهُ عن إبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَذَكَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ما ذَكَرَهُ غَيْرُهُ من قِيَاسِ النِّيَابَةِ في الْحَجِّ على الزَّكَاةِ ثُمَّ قال وَلَا يَلْزَمُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ فَإِنَّا إنْ قُلْنَا تَدْخُلُهُمَا النِّيَابَةُ فَإِنَّهُمَا كَمَسْأَلَتِنَا وَإِنْ قُلْنَا لَا تَدْخُلُهُمَا النِّيَابَةُ قُلْنَا هُنَاكَ لم يُؤْمَرْ أَنْ ينوبهما ( ( ( ينويهما ) ) ) عن غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَمَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ إلَى صَوْمِ رَمَضَانَ عنه بَعْدَ مَوْتِهِ فقال لو قِيلَ لم أَبْعُدْ فَعَلَى هذا الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُطْعِمُ كَقَوْلِ طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) وَقَتَادَةَ وَرِوَايَةٍ عن الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ في الْقَدِيمِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عنه وَلِيُّهُ مُتَّفَقٌ عليه من حديث عَائِشَةَ وَمَعْنَاهُ من حديث
____________________
(3/71)
ابْنِ عَبَّاسٍ وقد يَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْمُرَادَ التخير ( ( ( التخيير ) ) ) وقال في شَرْحِ مُسْلِمٍ من يقول بِالصِّيَامِ يَجُوزُ عِنْدَهُ الْإِطْعَامُ وقد قال شَيْخُنَا إنْ تَبَرَّعَ بِصَوْمِهِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ أو عن مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ من الْمَالِ وَكَذَا عن الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ رِوَايَةٌ يَصُومُهُ عن الْمَيِّتِ إذَا لم يَجِدْ ما يُطْعِمُ عنه وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في صَوْمِ النَّذْرِ نحو قَوْلِ شَيْخِنَا فذكر ما ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ لَا يُفْعَلُ عن عَاجِزٍ في حَيَاتِهِ بَلْ يُطْعِمُ ثُمَّ جَعَلَ هذا حُجَّةً لِلْمُخَالِفِ في عَدَمِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ
قال وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ يَصِحُّ الصَّوْمُ عنه كما نَقُولَ في الْحَجِّ إذَا عَجَزَ عنه في حَالِ الْحَيَاةِ يَحُجُّ عنه وَحَكَى الْقَاضِي عن دَاوُد لَا يُصَامُ عنه وَلَا يُطْعَمُ خِلَافَ ما سَبَقَ عنه وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالشَّافِعِيَّةُ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عن احد في حَيَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْإِطْعَامُ من رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى أولا ( وش ) أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ من الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى ( ه م ) كَالزَّكَاةِ على أَصْلِهِمَا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَأَكْثَرُ
____________________
(3/72)
أَجْزَأَهُ وإطعام ( ( ( إطعام ) ) ) مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرَانِ لِاجْتِمَاعِ التَّأْخِيرِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ التَّفْرِيطِ
قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا من أَفْطَرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ من غَيْرِ عُذْرٍ لم يُجْزِئْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَلَوْ صَامَهُ لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا يُرِيدُ نَفْسَ يَوْمٍ من رَمَضَانَ لَا يَكُونُ وَكَذَا ضَعَّفَهُ غَيْرُ أَحْمَدَ وَلَا يَلْزَمُهُ عن يَوْمٍ سِوَى يَوْمٌ ( وَ ) وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا يقضى معتمد ( ( ( متعمد ) ) ) بِلَا عُذْرٍ ( خ ) صَوْمًا وَلَا صَلَاةً قال وَلَا يَصِحُّ منه وَأَنَّهُ ليس في الْأَدِلَّةِ ما يُخَالِفُ هذا بَلْ يُوَافِقُهُ وَضَعُفَ أَمْرُهُ عليه السَّلَامُ الْمُجَامِعُ بِالْقَضَاءِ لِعُدُولِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عنه وَلَا يجزيء صَوْمُ كَفَّارَةٍ عن مَيِّتٍ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ نَصَّ عليه ( وَ ) خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ علله ( ( ( وعلله ) ) ) الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَجِبُ على طَرِيقِ الْعُقُوبَةِ لِارْتِكَابِ مَأْثَمٍ فَهِيَ كَالْحُدُودِ فَإِنْ كان مَوْتُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عليه وَقُلْنَا الإعتبار بِحَالَةِ الْوُجُوبِ أَطْعَمَ عنه ثلاث مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ من كَفَّارَةٍ أَطْعَمَ عنه أَيْضًا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ فَفِيهِ جَوَازُ الْإِطْعَامِ عن بَعْضُ صَوْمِ للكفارة ( ( ( الكفارة ) ) ) لِأَنَّ الْإِطْعَامَ هُنَا ليس بِالْمَأْمُورِ بِهِ في الْكَفَّارَةِ لَكِنَّهُ بَدَلُ الصَّوْمِ وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ الْمُتْعَةِ يُطْعَمُ عنه أَيْضًا نَصَّ عليه
قال الْقَاضِي لِأَنَّ هذا الصَّوْمَ وَجَبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَصَوْمُ النَّذْرِ عن الْمَيِّتِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ على ما سَبَقَ عِنْدَ الْكُلِّ ( وَ ) وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَنَصَّ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ يَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ عنه بِخِلَافِ رَمَضَانَ وِفَاقًا لِلَّيْثِ وَأَبِي عبيدة ( ( ( عبيد ) ) ) وَإِسْحَاقَ وَسَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ وجزم بِهِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِهِ ( وش ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى النَّصَّ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ حَرْبٍ يَصُومُ أَقْرَبُ الناس إلَيْهِ ابْنُهُ أو
____________________
(3/73)
غَيْرُهُ فَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُ من الإقتصار على النَّصِّ لَا يَصُومُ بِإِذْنِهِ وَكَذَا الْوَجْهَانِ في الْحَجِّ وَاخْتَارَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فيه الإنتصار كَحَالِ الْحَيَاةِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ الصِّحَّةَ لِعَدَمِ اسْتِفْصَالِهِ عليه السَّلَامُ وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عنه في يَوْمٍ وَاحِدٍ ويجزيء عن عِدَّتِهِمْ من الْأَيَّامِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَصُومُ وَاحِدٌ قال في الْخِلَافِ فَمَنَعَ الإشتراك كَالْحَجَّةِ الْمَنْذُورَةِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فيها من وَاحِدٍ لَا من جَمَاعَةٍ
وَحَكَى أَحْمَدُ عن طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) الْجَوَازَ وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عن الْحَسَنِ وهو أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ من الشَّافِعِيَّةِ وقال لم يذكر الْمَسْأَلَةَ أَصْحَابُهُمْ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( م 1 )
وَحَمَلَ ما سَبَقَ على صَوْمٍ شَرْطُهُ التَّتَابُعُ وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي يَدُلُّ عليه فإن ما جَازَ تَفْرِيقُهُ كُلَّ يَوْمٍ كَحَجَّةٍ منفردة ( ( ( مفردة ) ) ) فَدَلَّ ذلك من أَوْصَى بِثَلَاثِ حِجَجٍ جَازَ صَرْفُهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عنه سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَزَمَ ابن عَقِيلٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ نَائِبَهُ مِثْلُهُ وَلَيْسَ له أَنْ يَحُجَّ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ في عَامٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا ولم يذكر قَبْلَهُ ما يُخَالِفُهُ ذكره في فَصْلِ اسْتِنَابَةِ المعضوب ( ( ( المغصوب ) ) ) من بَابِ الْإِحْرَامِ وهو قِيَاسُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الصَّوْمِ وهو لم يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وَلَا فَرْقَ وَيَأْتِي في تَفْرِيقِ الإعتكاف وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهُ عنه وَلَا يَجِبُ ( وَ ) خلاف ( ( ( خلافا ) ) ) لِلظَّاهِرِيَّةِ كَالدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لم يَكُنْ له تركه وَلَهُ أَنْ يَصُومَ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى من يَصُومَ عنه من تَرِكَتِهِ عن كل يَوْمٍ مِسْكِينًا فَإِنْ لم تَكُنْ له تَرِكَةٌ لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ في صَوْمِ النَّذْرِ عن الْمَيِّتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ وَقِيلَ لَا يصلح إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَذَا الْوَجْهَانِ في الْحَجِّ ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عنه في يَوْمٍ وَاحِدٍ ويجزيء عن عِدَّتِهِمْ من الْأَيَّامِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَصُومُ وَاحِدٌ قال في الْخِلَافِ فَمَنَعَ الإشتراك كَالْحَجَّةِ الْمَنْذُورَةِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فيها من وَاحِدٍ لَا من جَمَاعَةٍ وَحَكَى أَحْمَدُ عن طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) الْجَوَازَ وهوأظهر وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى ما اخْتَارَهُ الْمَجْدُ هو الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصُومُ وَاحِدٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
( تَنْبِيهٌ ) مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْوَجْهَانِ في الْحَجِّ الْمَذْكُورَانِ في صَوْمِ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِغَيْرِ إذْنِهِ اللَّذَانِ في أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ
____________________
1-
(3/74)
قال القاضي وغيره كالحج الوارث بالخيار بين الحج بنفسه وبين دفع نفقة إلى من يحج عنه وقال صاحب المحرر إن القاضي في المجرد لم يذكر أن الورثة إذا امتنعوا يلزمهم استنابة ولا إطعام
وذكر في المستوعب وغيره أن مع عدم صوم الورثة يجب إطعام مسكين من ماله عن كل يوم ومع صوم الورثة لا يجب وجزم الشيخ في مسألة من نذر صوما فعجز عنه أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت بخلاف رمضان ولم أجد في كلامه خلاف ولا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام واختار شيخنا أن الصوم عنه بدل مجزيء بلا كفارة ويأتي كلامهم في الصلاة المنذورة وسبق كلامهم في الإنتصار في تأخير قضاء رمضان لعذر وأوجبها في المستوعب
قال كما لو عين بنذره صوم شهر فلم يصمه فإن يجب القضاء والكفارة وفي الرعاية كالمستوعب فإنه قال إن لم يقضه عنه ورثته أو غيرهم أطعم عنه من تركته لكل يوم فقير مع كفارة يمين وإن قضى كفته كفارة يمين
وعنه مع العذر المتصل بالموت وهذه الرواية والله أعلم هي رواية حنبل فإنه نقل إذا نذر صوم شهر فحال بينه مرض أو علة حتى يموت صام عنه وليه وأطعم لكل يوم مسكينا لتفريطه هذا كله فيمن أمكنه صوم ما نذره فلم يصمه ومات ولو أمكنه صوم ما نذره قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ( وم ) ذكره القاضي وبعض أصحابنا ذكره صاحب المحرر وذكره ابن عقيل أيضا لأن رمضان يعتبر فيه إمكان الأداء والنذر يحمل على أصله في الفرض
وأجاب القاضي بأنا لا نسلم أن النذر المطلق يثبت في ذمته مطلقا بل بشرط الإمكان كالنذر المعلق بشرط والنذر في حال المرض وقضاء رمضان ومذهب ( ه ش ) يلزم أن يقضى عنه كله لثبوته في ذمته صحيحة في الحال كالكفارة بخلاف من دام مرضه حتى مات لأنه لا ذمة له يثبت فيها الصوم وذكر القاضي في مسألة الصوم عن الميت أن من نذر صوم شهر وهو مريض ومات قبل القدرة عليه يثبت الصيام في ذمته ولا يعتبر إمكان الأداء ويخبر وليه بين أن يصوم عنه أو ينفق على من يصوم وفرق بينهما بأن النذر محله الذمة فلا يعتبر فيه إمكان الأداء كالكفارة وذكر نص أحمد في رواية عبدالله في رجل مرض في رمضان إن استمر به المرض حتى مات ليس عليه شيء وإن كان نذرا صام عنه وليه إذا هو
____________________
(3/75)
مات قال وأمأ إليه في رواية الميموني والفضل وابن منصور واختار صاحب المحرر أنه يقضي عن الميت ما تعذر فعله بالمرض دون المعتذر بالموت لأن النذر وإن تعلق بالذمة يتعلق بالايام الآتية بعد النذر فإذا مات قبل مضي المدة المقدرة تبينا أن قدر ما بقي منها صادف نذره حالة موته وهو يمنع الثبوت في ذمته كما لو نذر صوم شهر معين فمات قبله أو جن ودام جنونه حتى انقضى بخلاف القدر الذي أدركه حيا وهو مريض لأن المرض لا ينافي ثبوت الصوم في الذمة بدليل أنه يقضى رمضان ويقضي من نذر صوم شهر بعينه فلم يصمه لمرض وإذا ثبت في ذمة المريض والنيابة تدخله بعد الموت فلا معنى لسقوطه به وإنما سقط قضاء رمضان لأن النيابة لا تدخله ولم يجب الإطعام لأنه وجب عقوبة للتفريط ولم يوجد
قال ويؤيد ذلك أمره عليه السلام بقضائه عن الميت ولم يستفصل هل تركه لمرض أو غيره هذا كله في النذر في الذمة فأما إن نذر صوم شهر بعينه فمات قبل دخوله لم يصم ولم يقض عنه
قال صاحب المحرر وهو مذهب سائر الأئمة ولا أعلم فيه خلافا وإن مات في أثنائه سقط باقيه فإن لم يصمه لمرض حتى انقضى ثم مات في مرضه فعلى الخلاف السابق فيما إذا كان في الذمة وسبق كلامه في الإنتصار والرعاية فيما إذا أخر قضاء رمضان لعذر حتى مات والله أعلم
وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ فُعِلَ عنه نَصَّ عليه ( وش ) لِصَرِيحِ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ من وَجْهٍ وَمَنْ اعْتَذَرَ عن تَرْكِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ هُنَا أو في الصَّوْمِ بِاضْطِرَابِ الْأَخْبَارِ فَهُوَ عُذْرٌ بَاطِلٌ لِصِحَّةِ ذلك عِنْدَ أَئِمَّةِ الحديث وَمَذْهَبُ ( ه م ) كَقَوْلِهِمَا في الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْفَرْضِ وفي الرِّعَايَةِ قوله لَا يَصِحُّ كَذَا قال وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ من الْحَجِّ في حَيَاتِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَكَنَذْرِ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَهَذَا مَذْهَبُ ( ه ) لَكِنَّ الْوَاجِبَ عَنْده الْإِيصَاءُ بِقَضَائِهِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ( وش ) كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هذه الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسِعَةِ الْوَقْتِ هل هو في حَجَّةِ الْفَرْضِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ أو لِلُزُومِ الْأَدَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا الْعُمْرَةُ وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فُعِلَ عنه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( وق ) وَنَقَلَ ابن إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَعْتَكِفُوا عنه
____________________
(3/76)
قال سَعْدُ بن عُبَادَةَ لنبي ( ( ( للنبي ) ) ) صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لم تَقْضِهِ فقال اقْضِهِ عنها حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَنَّهُ يُرْوَى عن عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ولم يُعْرَفْ لهم مُخَالِفٌ من الصَّحَابَةِ وَقَاسَهُ جَمَاعَةٌ على الصَّوْمِ فَلِهَذَا في الرِّعَايَةِ قَوْلٌ لَا يَصِحُّ ( وَ ) فَيَتَوَجَّهُ على هذا أَنْ يُخْرِجَ عنه كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ( وَ ) وَلَوْ لم يُوصِ بِهِ ( ه م ) وَلَا يَكُونُ من ثُلُثِهِ ( ه م ) وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ فإن كُلَّ لَحْظَةٍ عِبَادَةٌ وما قَالَهُ مُحْتَمَلٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لم يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حتى مَاتَ فَالْخِلَافُ كَالصَّوْمِ قِيلَ يَقْضِي وَقِيلَ لَا وَيَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ ( وَ ) فَيَسْقُطُ عِنْدَهُمْ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ مع التَّفْرِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ منذور ( ( ( منذورة ) ) ) فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا تُفْعَلُ عنه ( وَ ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ لَا يَخْلُفُهَا مَالٌ لا ويجب بِإِفْسَادِهَا وَنَقَلَ حَرْبٌ تُفْعَلُ عنه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الْقَاضِي اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ ( م 2 ) رَوَاهُ أَحْمَدُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عنه وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وقال الْأَوْزَاعِيُّ وَعَلَى هذا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بها حيث ( ( ( وحيث ) ) ) جَازَ فِعْلُ غَيْرِ الصَّوْمِ فَلَا كَفَّارَةَ مع فِعْلِهِ لِظَاهِرِ النُّصُوصِ وَلِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ فِعْلِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ أداة بِنَفْسِهِ وَإِلَّا أَخْرَجَ عنه كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِتَرْكِ النَّذْرِ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ كان قد فَرَّطَ وَإِلَّا فَفِي الْكَفَّارَةِ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة 2 قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا تُفْعَلُ عنه وَنَقَلَ حَرْبٌ تُفْعَلُ عنه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الْقَاضِي اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُحَرَّرِهِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا تُفْعَلُ عنه وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُفْعَل عنه نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذه أَصَحُّ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا تُفْعَلُ في الْأَشْهَرِ قال في نَظْمِ النِّهَايَةِ لَا تُفْعَلُ في الْأَظْهَرِ
____________________
1-
(3/77)
شهر بعينه فلم يصمه لأن فوات أيام الحياة فيما إذا أطلق كفوات الوقت المعين إذا عين والله أعلم
ومذهب ( ه ) يلزمه أن يوصي بأن يطعم عنه إن أمكنه فعلها وقال البغوي الشافعي لا يبعد تخريج الإطعام من الإعتكاف إلى الصلاة فيطعم من كل صلاة مدا أما صلاة الفرض فلا تفعل وسبق الكلام فيها في قضاء رمضان وقد قال القاضي عياض والشافعية أجمعوا أنه لا يصلي عنه صلاة فائتة والله أعلم
قال في الْإِيضَاحِ من نَذَرَ طَاعَةً فَمَاتَ فُعِلَتْ وَكَذَا في الْمُسْتَوْعِبِ يَصِحُّ أَنْ يُفْعَلَ عنه كُلُّ ما كان عليه من نَذْرِ طَاعَةٍ إلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا على رِوَايَتَيْنِ وقال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ إنَّ قِصَّةَ سَعْدِ بن عُبَادَةَ الْمَذْكُورَةَ تَدُلُّ على أَنَّ كُلَّ نَذْرٍ يُقْضَى وَكَذَا تَرْجَمَ عليها أَيْضًا في الْمُنْتَقَى بِقَضَاءِ كل الْمَنْذُورَاتِ عن الْمَيِّتِ
وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لَا تُفْعَلُ طَهَارَةٌ مَنْذُورَةٌ عنه مع لُزُومِهَا بِالنَّذْرِ وَيَتَوَجَّهُ في فِعْلِهَا عن الْمَيِّتِ وَلُزُومِهَا بِالنَّذْرِ ما سَبَقَ في صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ هل هِيَ مَقْصُودَةٌ في نَفْسِهَا أَمْ لَا مع أَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ فِعْلِ الْوَلِيِّ لها أَنْ لَا تَلْزَمَ بِالنَّذْرِ وَإِنْ لَزِمَتْ لَزِمَ فِعْلُ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا بها كَنَذْرِ الْمَشْيِ إلَى مَسْجِدٍ تَلْزَمُ تَحِيَّتُهُ صَلَاةَ ركعيتن ( ( ( ركعتين ) ) ) كما يَأْتِي في النَّذْرِ وَهَلْ يُفْعَلُ طَوَافٌ مَنْذُورٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَصَلَاةٍ ( م 3 )
وفي الموطأ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن عَمَّتِهِ أنها حَدَّثَتْهُ أنها كانت جَعَلَتْ على نَفْسِهَا مَشْيًا إلَى مَسْجِدِ قُبَاءَ ولم تَقْضِهِ فَأَفْتَى عبدالله بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عنها وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَهَلْ يُفْعَل طَوَافٌ مَنْذُورٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَصَلَاةٍ يَعْنِي مَنْذُورَةً فيه الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ وقد تَقَدَّمَ حُكْمُهَا قبل ذلك وَعَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ فيها فَكَذَا في هذه فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قد صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى
____________________
1-
(3/78)
بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
أَفْضَلُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ نَصَّ عليه قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ لِعَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرٍو صُمْ يَوْمًا أو ( ( ( وأفطر ) ) ) أفطر يَوْمًا فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُد عليه السَّلَامُ وهوأفضل الصِّيَامِ فقلت فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ من ذلك فقال : لَا أَفْضَلَ من ذلك مُتَّفَقٌ عليه وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ ثلاث أَيَّامٍ من كل شَهْرٍ ( وَ ) وَأَيَّامُ الْبِيضِ أَفْضَلُ ( وش ) نَصَّ على ذلك لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ في ذلك وَأَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ وفي بَعْضِهَا كَصَوْمِ الدَّهْرِ
قال شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ مُرَادُهُ أَنَّ فَعَلَ هذا حَصَلَ له أَجْرُ صِيَامِ الدَّهْرِ بِتَضْعِيفِ الْأَجْرِ من غَيْرِ حُصُولِ الْمَفْسَدَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَيَّامُ الْبِيضِ ثَلَاثَ عشرة وخمس عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عشر سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِابْيِضَاضِ لَيْلِهَا وَذَكَرَ أبو الحسن الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَابَ فيها على آدَمَ وَبَيَّضَ صَحِيفَتَهُ وَعَنْ مَالِكٍ يُكْرَهُ صَوْمُهَا وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ نَصَّ عليه وَيُسْتَحَبُّ اتباع رَمَضَانَ بِسِتٍّ من شَوَّالٍ وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ من رِوَايَةِ سَعْدِ بن سَعِيدٍ أَخِي يحيى بن سَعِيدٍ عن عُمَرَ بن ثَابِتٍ عن أبي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا من صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعُهُ سِتًّا من شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ سَعْدٌ مُخْتَلَفٌ فيه وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد عن النُّفَيْلِيِّ عن عبد الْعَزِيزِ هو الداروردي ( ( ( الدراوردي ) ) ) عن صَفْوَانَ بن سُلَيْمٍ وَسَعْدِ بن سَعِيدٍ عن عُمَرَ فَذَكَرَهُ وهو إسْنَادٌ صَحِيحٌ وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عن خَلَّادِ بن أَسْلَمَ عن الداروردي ( ( ( الدراوردي ) ) ) وَرَوَاهُ أَيْضًا من حديث يحيى بن سَعِيدٍ عن عُمَرَ لَكِنْ فيه عُتْبَةُ بن أبي حَكِيمٍ مُخْتَلَفٌ فيه وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا من حديث جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَكَذَا من حديث ثَوْبَانَ وَفِيهِ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ
____________________
(3/79)
اللَّهُ لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ أَنْ يُتْبِعَهُ بِصَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ من شَوَّالٍ
قال جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَإِنَّمَا كُرِهَ صَوْمُ الدَّهْرِ لِمَا فيه من الضَّعْفِ وَالتَّشَبُّهِ بِالتَّبَتُّلِ ولو لا ذلك لَكَانَ فيه فَضْلٌ عَظِيمٌ لِاسْتِغْرَاقِ الزَّمَانِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ التَّشْبِيهُ في حُصُولِ الْعِبَادَةِ بِهِ على وَجْهٍ لَا مَشَقَّةَ فيه كما قال عليه السَّلَامُ في أَيَّامِ الْبِيضِ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ قال في الْمُغْنِي بِغَيْرِ خِلَافٍ قال وَكَذَا نهى عبدالله بن عَمْرٍو وعن قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ في أَقَلَّ من ثَلَاثٍ وقال من قَرَأَ قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَرَادَ التَّشْبِيهَ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ في الْفَضْلِ لَا في كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عليه وَتَحْصُلُ فَضِيلَتُهَا مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وقال في أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ استحب ( ( ( واستحب ) ) ) بَعْضُهُمْ تتباعها ( ( ( تتابعها ) ) ) وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرُهُ وَبَعْضُهُمْ عَقِبَ الْعِيدِ وَاسْتَحَبَّهُمَا ابن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لِمَا فيه من الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرِ وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ بِغَيْرِهِ وَسَمَّى بَعْضُ الناس الثَّامِنَ عِيدَ الْأَبْرَارِ
واختار شَيْخُنَا الْأَوَّلُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَذَكَرَهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وقال وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ ثا من شَوَّالٍ عِيدًا فإنه ليس بَعِيدٍ إجْمَاعًا وَلَا شَعَائِرُهُ شَعَائِرَ الْعِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِصَوْمِهَا في غَيْرِ شَوَّالٍ وِفَاقًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ لِأَنَّ فَضِيلَتَهَا كَوْنُ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا كما في خَبَرِ ثَوْبَانَ وَيَكُونُ تَقْيِيدُهُ بِشَوَّالٍ لسهوله الصَّوْمِ لِاعْتِيَادِهِ رُخْصَةً وَالرُّخْصَةُ أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَتِهَا لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وقد أفطر ( ( ( أفطره ) ) ) لِعُذْرٍ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وما ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ خَرَجَ على الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَكَرِهَ أبو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ صَوْمَ سِتَّةِ أَيَّامٍ من شَوَّالٍ وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذلك وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحَقَ بِرَمَضَانَ ماليس منه قال أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ يَوْمُ الْفِطْرِ فَاصِلٌ بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ وَآكَدُهُ التَّاسِعُ وهو يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فيه
____________________
(3/80)
وَقِيلَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فلما أتى عَرَفَةَ قال قد عَرَفْتُ قال قد عَرَفْتُ وَقِيلَ لِتَعَارُفِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بها ثُمَّ الثَّامِنُ وهو يَوْمُ التَّرْوِيَةِ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَرَفَةَ لم يَكُنْ بها مَاءٌ فَكَانُوا يَتَرَوَّوْنَ من الْمَاءِ إلَيْهَا وَقِيلَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الْأَمْرَ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَأَصْبَحَ يَتَرَوَّى هل هو من اللَّهِ أو حُلْمٌ ( م 2 ) فلما رَآهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ عَرَفَ أَنَّهُ من اللَّهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَآكَدُهَا التَّاسِعُ وهو يَوْمُ عَرَفَةَ إجماع ( ( ( إجماعا ) ) ) قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقِيلَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ فلما أتى عَرَفَةَ قال قد عَرَفْت قيل لِتَعَارُفِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بها انْتَهَى
هذه الْأَقْوَالُ لِلْعُلَمَاءِ وَلَيْسَتْ مَخْصُوصَةٌ بِمَذْهَبٍ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا لم يَظْهَرْ له صِحَّةُ أَحَدِهِمَا أتى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِيَدُلَّ على قُوَّةِ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال الْبَغَوِيّ في تَفْسِيرِهِ وَاخْتَلَفُوا في الْمَعْنَى الذي لِأَجْلِهِ سمي الموقوف ( ( ( الموقف ) ) ) عَرَفَاتٍ وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ فقال عَطَاءٌ كان جِبْرِيلُ يُرِي إبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِك وَيَقُولُ عَرَفْت فيقول عَرَفْت فسمي ذلك الْمَكَانَ عَرَفَاتٍ وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ
وقال الضَّحَّاكُ لَمَّا أُهْبِطَ آدَم عيله السَّلَامُ وَقَعَ بِالْهِنْدِ وَحَوَّاءَ بِجُدَّةِ فَاجْتَمَعَا بِعَرَفَاتٍ يوم عَرَفَةَ وَتَعَارَفَا فَسُمِّيَ الْيَوْمُ عَرَفَةَ وَالْمَوْضِعُ عَرَفَاتٌ
وقال السُّدِّيُّ لَمَّا أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ في الناس بِالْحَجِّ فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَأَتَاهُ من أَتَاهُ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَاتٍ وَنَعَتَهَا له فَخَرَجَ إلَى أَنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فَعَرَفَهَا بِالنَّعْتِ فَسُمِّيَ الْوَقْتُ عَرَفَةَ وَالْمَوْضِعُ عَرَفَاتٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِذَبْحِ ابْنِهِ فلما أَصْبَحَ روي يَوْمَهُ أَجْمَعَ ثُمَّ رَأَى ذلك لَيْلَةَ عَرَفَةَ ثَانِيًا فلما أَصْبَحَ عَرَفَ أَنْ ذلك من اللَّهِ فسمي الْيَوْمَ عَرَفَةَ وَقِيلَ بِذَلِكَ من الْعَرْفِ وهو الطِّيبُ وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الناس يَعْتَرِفُونَ في ذلك الْيَوْمِ بِذُنُوبِهِمْ انْتَهَى
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ ثُمَّ الثَّامِنُ وهو يَوْمُ التَّرْوِيَةِ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَرَفَةَ لم يَكُنْ بها مَاءٌ وَكَانُوا يَتَرَوَّوْنَ من الْمَاءِ إلَيْهَا وَقِيلَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الامر بِذَبْحِ وَلَدِهِ فَأَصْبَحَ يَتَرَوَّى هل هو من اللَّه أو حُلْمٍ انْتَهَى وَهَذَا أَيْضًا من جِنْسِ ما تَقَدَّمَ وقد تَقَدَّمَ في الْمُقَدِّمَةِ الْجَوَابُ عن هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَغَيْرَهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي رَوَاهُ أبو صَالِحٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ كما في التي قَبْلهَا
____________________
1-
(3/81)
ولا وجه لقول بعضهم آكده الثامن ثم التاسع ولعله أخذه من قوله من الهداية وغيرها آكده يوم التروية وعرفة
وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ( وم ش ) وَفِطْرُهُ أَفْضَلُ وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ لِفِطْرِهِ عليه السَّلَامُ بِعَرَفَةَ وهو يَخْطُبُ الناس مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ ماجة النَّهْيُ عنه من حديث أبي هُرَيْرَةَ من رِوَايَةِ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ وَفِيهِ جَهَالَةٌ وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ وَلِيَتَقَوَّى على الدُّعَاءِ وَعَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُرَادُ بِهِ كَرَاهَةُ صَوْمِهِ في حَقِّ الْحَاجِّ وَاسْتَحَبَّهُ أبو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ إلَّا أَنْ يُضْعِفَهُ عن الدُّعَاءِ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عن إمَامِنَا نَحْوَهُ وَجَزَمَ في الدُّعَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْحَاجِّ الْفِطْرُ يوم التَّرْوِيَةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ بها
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ المحرر ( ( ( المحرم ) ) ) قال عليه السَّلَامُ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ جَوْفُ اللَّيْلِ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغير من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَلَعَلَّهُ عليه السَّلَامُ لم يُكْثِرْ الصَّوْمَ فيه لِعُذْرٍ أو لم يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا
قال ابن الْأَثِيرِ إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا كَقَوْلِهِمْ بَيْتُ اللَّهِ وَآلُ اللَّهِ لِقُرَيْشٍ قال وَالشَّهْرُ الْهِلَالُ سُمِّيَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورِهِ وَأَفْضَلُهُ عَاشُورَاءُ وهو الْعَاشِرُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ تَاسُوعَاءُ وهو التَّاسِعُ مَمْدُودَانِ وحكى قَصْرُهُمَا وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ يُكْرَهُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فَرْضٌ وَهُمَا آكَدُهُ ثُمَّ
____________________
(3/82)
الْعَشْرُ رَوَى مُسْلِمٌ عن أبي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا في صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ إنِّي لَأَحْتَسِبُ على اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ التي بَعْدَهُ
وقال في صِيَامِ عَاشُورَاءَ إنِّي أَحْتَسِبُ على اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّغَائِرُ حَكَاهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ عن الْعُلَمَاءِ فَإِنْ لم تَكُنْ له صَغَائِرُ رجي ( ( ( رجا ) ) ) التَّخْفِيفَ من الْكَبَائِرِ فَإِنْ لم تَكُنْ رَفَعَتْ دَرَجَاتٍ وَعَنْ الْحَسَنِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم ( ( ( بصوم ) ) ) عَاشُورَاءَ يوم الْعَاشِرِ من الْمُحَرَّمِ إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ وقال ابن الْمَدِينِيِّ لم يَسْمَعْ الْحَسَنُ من ابْنِ عَبَّاسٍ وقال مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ التي رَوَاهَا عنه الثِّقَاتُ صِحَاحٌ وَعَنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ وَغَيْرِهِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ هو الْيَوْمُ التَّاسِعُ لِأَنَّ الْحَكَمَ بن عبدالله الْأَعْرَجَ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عن صَوْمِهِ أَيَّ يَوْمٍ قال إذَا رَأَيْت هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ فإذا أَصْبَحْت من تَاسِعِهِ فَأَصْبِحْ منها صَائِمًا قُلْت أَكَذَلِكَ كان يَصُومُهُ مُحَمَّدٌ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال نعم رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَعْنَاهُ أَهَكَذَا كان يَأْمُرُ بِصِيَامِهِ أو يَحُثُّ عليه جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وَعَنْ عَبَّاسٍ الْقَوْلَانِ وَاخْتَارَتْ طَائِفَةٌ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ صَحَّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وقال خَالِفُوا الْيَهُودَ وَعَنْ أبي رَافِعٍ صَاحِبِ أبي هُرَيْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا صَامَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قالوا إنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وفي لَفْظِ أبي دَاوُد تَصُومُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فقال فإذا كان الْعَامُ الْمُقْبِلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ فلم يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حتى تُوُفِّيَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وأبو دَاوُد وهو يَدُلُّ على أَنَّهُ لم يَكُنْ يَصُومُ التَّاسِعَ بَلْ الْعَاشِرَ وَأَنَّهُ عَاشُورَاءُ وَقَصَدَ صَوْمَ التَّاسِعِ مع الْعَاشِرِ مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ ليس يَدُلُّ على اقْتِصَارِهِ على التَّاسِعِ وقد رَوَى الْخَلَّالُ في الْعِلَلِ
____________________
(3/83)
حدثنا محمد بن إسْمَاعِيلَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عن ابْنِ أبي ذِئْبٍ عن الْقَاسِمِ بن عَبَّاسٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَيْرٍ مولى ابْنِ عَبَّاسٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ وقد أَمَرَ أَحْمَدُ بِصَوْمِهِمَا وَوَافَقَ شَيْخُنَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وقال مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ وهو قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ( وه ) ولم يَجِبْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هو الْأَصَحُّ من قَوْلِ أَصْحَابِنَا ( وش ) وَعَنْ أَحْمَدَ وَجَبَ نُسِخَ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ ( وه ) لِلْأَمْرِ بِهِ وقد رَوَى أبو دَاوُد أَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ من أَكَلَ بِالْقَضَاءِ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ من عَدَمِ الْقَضَاءِ عَدَمُ وُجُوبِهِ بِدَلِيلِ الْخِلَافِ فِيمَنْ صَارَ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ في أَثْنَاءِ يَوْمٍ من رَمَضَانَ وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ لم يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ فَمُعَاوِيَةُ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ وَقِيلَ في عُمْرَة الْقَضِيَّةِ وَقِيلَ زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ فَإِنَّمَا سمع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول ذلك بَعْدَ هذا وَعَاشُورَاءُ إنَّمَا وَجَبَ الْعَامِ الثَّانِي من الْهِجْرَةِ فَوَجَبَ يَوْمًا ثُمَّ نُسِخَ بِرَمَضَانِ ذلك الْعَامِ وَالْأَخْبَارُ في ذلك مَشْهُورَةٌ من اخْتَارَ الْأَوَّلَ حَمَلَ قبل رَمَضَانَ على تَأْكِيدِهِ وَكَرَاهَةِ تَرْكِهِ فلما فُرِضَ رَمَضَانُ بَقِيَ أَصْلُ الإستحباب وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
سَأَلَ ابن مَنْصُورٍ أَحْمَدَ هل سَمِعْت في الحديث من وَسَّعَ على عِيَالِهِ يوم عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عليه سَائِرَ السَّنَةِ فقال نعم رَوَاهُ سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عن إبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدِ بن الْمُنْتَشِرِ وكان من أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ من وَسَّعَ على عِيَالِهِ يوم عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عليه سَائِرَ سَنَتِهِ
قال ابن عُيَيْنَةَ قد جَرَّبْنَاهُ مُنْذُ خَمْسِينَ أو سِتِّينَ فما رأينا ( ( ( رأيناه ) ) ) إلَّا خَيْرًا وَذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ من حديث ابْنِ عُمَرَ قال الدَّارَقُطْنِيُّ مُنْكَرٌ وَمِنْ حديث أبي هُرَيْرَةَ وَالْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَفِيهِ على نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ
____________________
(3/84)
ذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ في الإستذكار قال جَابِرٌ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ وقال أبو الزُّبَيْرِ مثله وقال شُعْبَةُ مثله وَعَنْ اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه مِثْلُهُ وَلَفْظُهُ من وَسَّعَ على أَهْلِهِ
قال يحيى بن سَعِيدٍ جربناه ( ( ( جربنا ) ) ) ذلك فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا وَكَرِهَ شَيْخُنَا ذلك وَغَيْرُهُ سِوَى صَوْمَهُ قال وَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدِ بن الْمُنْتَشِرِ أَنَّهُ بَلَغَهُ لم يذكر عَمَّنْ بَلَغَهُ وَبَعْضُ الْجُهَّالِ وَالنَّوَاصِبِ وَنَحْوِهِمْ وَضَعَ في ذلك قباله الرَّافِضَةِ قال ولم يَسْتَحِبَّ أَحَدٌ من الْأَئِمَّةِ فيه غُسْلًا وَلَا كُحْلًا وَخِضَابًا وَنَحْوَ ذلك وَالْخَبَرُ بِذَلِكَ كَذِبٌ اتِّفَاقًا وَغَلِطَ من من صَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاسْتَحَبَّ ذلك صَاحِبُ التَّلْخِيصِ في كِتَابِهِ الْخُطَبِ الله أَعْلَمُ فَصْلٌ يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ إذَا أَدْخَلَ فيه يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا وهو وَاضِحٌ وَإِنْ أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّهْيِ جَازَ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ في إعَادَةِ الصَّلَاةِ ولم يُكْرَهْ وَالْمُرَادُ ما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إذَا لم يَتْرُكْ بِهِ حَقًّا وَلَا خَافَ منه ضَرَرًا
نَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّهْيِ فَلَيْسَ ذلك صَوْمُ الدَّهْرِ وَنَقَلَ صَالِحٌ إذَا أَفْطَرَهَا رَجَوْت أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْأَكْثَرِ ( وم ش ) وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ سمع أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ لِقَوْلِ حَمْزَةَ بن عَمْرٍو يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ أفاصوم في السَّفَرِ قال إنْ شِئْت فَصُمْ مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَغَيْرَهُ من الصَّحَابَةِ فَعَلُوهُ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ مَطْلُوبٌ لِلشَّارِعِ إلَّا ما اسْتَثْنَاهُ وَأَجَابُوا عن حديث عبدالله بن عَمْرٍو وَقَوْلُهُ عليه
____________________
(3/85)
السَّلَامُ لَا صَامَ من صَامَ الدَّهْرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ خَشِيَ عليه ما سَبَقَ وَلِذَلِكَ قال لَيْتَنِي قَبِلْت رُخْصَةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بعد ما كَبَّرَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي يُكْرَهُ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ
وقال شَيْخُنَا الصَّوَابُ قَوْلُ من جَعَلَهُ تَرْكًا لِلْأَوْلَى أو كَرِهَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ منه خِلَافًا لِطَائِفَةٍ من الْفُقَهَاءِ وَالْعُبَّادِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وهو ظَاهِرُ حَالِ من سَرَدَهُ وَمِنْهُمْ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ من اصحابنا حَمْلًا لِخَبَرِ عبدالله بن عَمْرٍو عليه وَعَلَى من في مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ لم يُرْشِدْ حَمْزَةَ بن عَمْرٍو إلَى يَوْمٍ وَيَوْمٍ قال أَحْمَدُ وَيُعْجِبُنِي أَنْ يُفْطِرَ منه أَيَّامًا يَعْنِي أَنَّهُ أَوْلَى لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَهُ اسحاق وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكَرَاهَةَ فَلَا تَعَارُضَ فَصْلٌ يُكْرَهُ الْوِصَالُ وهو أَنْ لَا يُفْطِرَ بين الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّ النَّهْيَ رِفْقٌ وَرَحْمَةٌ وَلِهَذَا وَاصَلَ عليه السَّلَامُ بِهِمْ وَوَاصَلُوا بَعْدَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ ابن الْبَنَّاءِ وَحَكَاهُ ابن عبدالبر عن الإئمة الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ
قال أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ أَيْضًا إلَى إبَاحَتِهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ رُوِيَ عن عبدالله بن الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَامِرٍ وَغَيْرِهِمَا فَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ وَاصَلَ بِالْعَسْكَرِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ما رَآهُ طَعِمَ فيها وَلَا شَرِبَ حتى كَلَّمَهُ في ذلك فَشَرِبَ سَوِيقًا قال أبو بَكْرٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَذَا قال قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوِصَالَ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ لِأَنَّ النَّهْيَ ما تَنَاوَلَ وَقْتَ الْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ لم يَأْمُرْ الَّذِينَ وَاصَلُوا بِالْقَضَاءِ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِأَكْلِ تَمْرَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْأَكْلَ مَظِنَّةُ الْقُوَّةِ وَكَذَا بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ على ظَاهِرِ ما رَوَاهُ الْمَرُّوذِيُّ عنه أَنَّهُ كان إذَا وَاصَلَ شَرِبَ شَرْبَةَ مَاءٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُكْرَهُ الْوِصَالُ إلَى السَّحَرِ نَصَّ عليه وَقَالَهُ اسحق ( ( ( إسحاق ) ) ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ في حديث أبي سَعِيدٍ فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ لَكِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى لِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ كَرِهَهُ
____________________
(3/86)
فَصْلٌ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عن أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ مع ذِكْرِهِمْ في يَوْمِ الشَّكِّ ما يَأْتِي
وقد قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعال ( ( ( تعالى ) ) ) في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَغَيْرِهِ إنَّهُ إذَا لم يَحُلْ دُونَهُ سَحَابٌ أو قتر ( ( ( فتر ) ) ) يَوْمُ شَكٍّ وَلَا يُصَامُ وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ ليس يَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ إذَا لم يَحُلْ دُونَ الْهِلَالِ شَيْءٌ من سَحَابٍ وَلَا غَيْرِهِ فَهَذَا من أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ على ما سَبَقَ في خُطْبَةِ الْكِتَابِ ( وش ) ولم أَجِدْ من أَحْمَدَ خِلَافَهُ إلَّا ما حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ في يَوْمِ الشَّكِّ عن أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ منهم أَحْمَدُ الْكَرَاهَةُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ وَأَنَّ قَوْلَهُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد يوم شَكٍّ فيه نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لم يَحُلْ دُونَهُ شَيْءٌ وَتَقَاعَدُوا عن الرُّؤْيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ كان المراد لم يحل دونه شيء وتقاعدوا عن الرؤية وفيه نظر فإن كان أراد ( ( ( أراده ) ) ) فَيَوْمُ الشَّكِّ مُحَرَّمٌ عِنْدَهُ لِقَوْلِ عَمَّارٍ من صَامَ الْيَوْمَ الذي يَشُكُّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ فَتَقَدُّمُهُ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ أَوْلَى عِنْدَهُ بِالتَّحْرِيمِ لِصِحَّةِ النَّهْيِ فيه وَلَا مُعَارِضَ وَوَجْهُ تَحْرِيمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَقَطْ أَنَّ قَوْلَ عَمَّارٍ صَرِيحٌ وَالنَّهْيُ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَوَجْهُ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِهِ فَقَطْ النَّهْيُ وَفِيهِ زِيَادَةٌ على المشروع ( ( ( الشرع ) ) ) وَصَوْمُ الشَّكِّ احْتِيَاطٌ لِلْعِبَادَةِ وَقَوْلُ عَمَّارٍ في إسْنَادِهِ أبو اسحاق وهو مُدَلِّسٌ وَرُوِيَ من غَيْرِ طَرِيقِهِ بإسناده ( ( ( بإسناد ) ) ) أَثْبَتَ منه مَوْقُوفٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَا يُكْرَهُ التَّقْدِيمُ بِأَكْثَرَ من يَوْمَيْنِ نَصَّ عليه لِظَاهِرِ حديث أبي هُرَيْرَةَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أحدكم رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كان يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ وَقِيلَ يُكْرَهُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ وَحَرَّمَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ من الإئمة وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ وَحَمَلَهُ على نَفْيِ الْفَضِيلَةِ وَحَمَلَ غَيْرَهُ على الْجَوَازِ
____________________
(3/87)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ آكَدُهُ يَوْمُ النِّصْفِ قال شَيْخُنَا وَلَيْلَةُ النِّصْفِ لها فَضِيلَةٌ في الْمَنْقُولِ عن أَحْمَدَ وقد روي أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ في فَضْلِهَا اشياء مَشْهُورَةٌ في كُتُبِ الحديث فَصْلٌ يُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ ( خ ) نَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ رواه ( ( ( ورواه ) ) ) عن عُمَرَ وَابْنِهِ وَأَبِي بَكْرَةَ قال أَحْمَدُ يروي فيه عنه عُمَرَ أَنَّهُ كان يَضْرِبُ على صَوْمِهِ وابن عَبَّاسٍ قال يَصُومُهُ إلَّا يَوْمًا أو أَيَّامًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن صِيَامِ رَجَبٍ رَوَاهُ ابن ماجة وأبو بَكْرٍ من أَصْحَابِنَا من رِوَايَةِ دَاوُد بن عَطَاءٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ فيه إحْيَاءً لِشِعَارِ الْجَاهِلِيَّةِ بِتَعْظِيمِهِ وَلِهَذَا صَحَّ عن عُمَرَ أن كان يَضْرِبُ فيه وَيَقُولُ كُلُوا فَإِنَّمَا هو شَهْرٌ كانت تُعَظِّمُهُ الْجَاهِلِيَّةُ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْفِطْرِ أو بِصَوْمِ شَهْرٍ آخَرَ من السَّنَةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ لم يَلِهِ
قال شَيْخُنَا من نَذَرَ صَوْمَهُ كُلَّ سَنَةٍ أَفْطَرَ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ وفي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ قال وَمَنْ صَامَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ أَفْضَلُ من غَيْرِهِ من الْأَشْهُرِ أَثِمَ وَعُزِّرَ وَحُمِلَ عليه فِعْلُ عُمَرَ وقال أَيْضًا في تَحْرِيمِ إفْرَادِهِ وَجْهَانِ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من كَرَاهَةِ أَحْمَدَ وفي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ الشَّافِعِيِّ لم يُؤَثِّمْهُ أَحَدٌ من الْعُلَمَاءِ فِيمَا نَعْلَمُهُ
وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ شَهْرٍ غَيْرِ رَجَبٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا لِلْأَخْبَارِ منها أَنَّهُ كان عليه السَّلَامُ يَصُومُ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَحْيَانًا ولم يُدَاوِمْ كَامِلًا على غَيْرِ رَمَضَانَ ولم يذكر الْأَكْثَرُ اسْتِحْبَابَ صَوْمِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَاسْتَحَبَّهُ في الْإِرْشَادِ
وقال شَيْخُنَا في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ نِزَاعٌ قِيلَ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ فَيُفْطِرُ نَاذِرُهُمَا بَعْضَ رَجَبٍ وَاسْتَحَبَّ الْآجُرِّيُّ صَوْمَ شَعْبَانَ ولم يذكر ( ( ( يذكره ) ) ) غَيْرُهُ وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَكَذَا قال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَشَعْبَانَ كُلَّهُ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وشعبان كله وقد رَوَى أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا من رِوَايَةِ مُجِيبَةَ
____________________
(3/88)
الْبَاهِلِيِّ وَلَا يُعْرَفُ عن رَجُلٍ من بَاهِلَةَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَهُ بِصَوْمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وفي الْخَبَرِ اخْتِلَافٌ وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لم يذكر اسْتِحْبَابَهُ الْأَكْثَرُ وَصَوْمُ شَعْبَانَ كُلِّهِ إلَّا قَلِيلًا في الصَّحِيحَيْنِ عن عَائِشَةَ وَقِيلَ قَوْلُهَا كُلُّهُ
قِيلَ غَالِبُهُ وَقِيلَ يَصُومُهُ كُلُّهُ في وَقْتٍ وَقِيلَ يُفَرِّقُ صَوْمَهُ كُلَّهُ في سَنَتَيْنِ وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عن عَائِشَةَ لَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ في لَيْلَةٍ وَلَا قام لَيْلَةً حتى أَصْبَحَ وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غير رَمَضَانَ
قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ قال الْعُلَمَاءُ إنَّمَا لم يَسْتَكْمِلْ غَيْرَهُ لِئَلَّا يُظَنُّ وُجُوبُهُ وَعَنْهَا أَيْضًا وَاَللَّهِ إنْ صَامَ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ حتى مَضَى لِوَجْهِهِ وَلَا أَفْطَرَهُ حتى يُصِيبَ منه وَلِمُسْلِمٍ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ما صَامَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غير رَمَضَانَ وَلِمُسْلِمٍ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَصَوْمُ شَعْبَانَ كُلِّهِ في السُّنَنِ عن أُمِّ سَلَمَةَ وَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ما ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ من الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ ووجه ( ( ( ووجهه ) ) ) قَوْلُ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ لم يَكُنْ عليه السَّلَامُ يَصُومُ من شَهْرٍ ما يَصُومُ من شَعْبَانَ وقال ذلك شَهْرُ يَغْفُلُ الناس عنه رَوَاهُ أبو الْبَزَّارُ وأبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ
وفي لفظة أَنَّهُ سَأَلَ النبي صلى اله عليه وسلم عن ذلك فقال تُرْفَعُ أَعْمَالُ الناس فَأُحِبُّ أنلايرفع عَمَلِي إلَّا وأنا صَائِمٌ وَرَوَى اللَّفْظَيْنِ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ
وَرَوَى سَعِيدٌ حدثنا عبدالعزيز بن مُحَمَّدٍ عن يَزِيدَ بن أُسَامَةَ بن الْهَادِ قال أَظُنُّهُ عن مُحَمَّدِ بن إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ كان يَصُومُ شَهْرَ الْمُحَرَّمِ فَأَمَرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِصِيَامِ شَوَّالٍ فما زَالَ أُسَامَةُ يَصُومُهُ حتى لَقِيَ اللهإسناده جَيِّدٌ إلَّا أَنَّهُ قال أَظُنُّهُ وَرَوَاهُ ابن ماجة عن مُحَمَّدِ بن الصَّبَّاحِ عنه ولم
____________________
(3/89)
يَشُكَّ وَفِيهِ أَنَّهُ كان يَصُومُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فقال له صُمْ شَوَّالًا فَتَرَكَهَا ولم يَزَلْ يَصُومُهُ حتى مَاتَ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وقال غَرِيبٌ وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ من رِوَايَةِ صَدَقَةَ الدَّقِيقِيِّ وهو ضَعِيفٌ عن ثَابِتٍ عن أَنَسٍ سُئِلَ عليه السَّلَامُ عن أَفْضَلِ الصِّيَامِ قال شَعْبَانُ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ وَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قال صَدَقَةٌ في رَمَضَانَ وَذَكَرَتْ امْرَأَةٌ لِعَائِشَةَ أنها تَصُومُ رَجَبًا فقالت إنْ كُنْت صَائِمَةً شَهْرًا لَا مَحَالَةَ فَعَلَيْك بِشَعْبَانَ فإن فيه الْفَضْلَ رَوَاهُ حُمَيْدُ بن زَنْجُوَيْهِ الْحَافِظُ وأبو زُرْعَةَ الرَّازِيّ
وَسَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ عن الصِّيَامِ فقالت كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ ف مُسْنَدِهِ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَقُلْت أَرَأَيْت أَحَبَّ الشُّهُورِ إلَيْك الصَّوْمُ في شَعْبَانَ فقال إنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ في شَعْبَانَ حين يَقْسِمُ من يُمِيتُهُ تِلْكَ السَّنَةِ فَأُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَ أَجَلِي وأنا صَائِمٌ رَوَاهُ أبو الشَّيْخِ الأصبهاني ( ( ( الأصباني ) ) ) من رِوَايَةِ مُسْلِمِ بن خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ عن طريق ( ( ( طريف ) ) )
قال الْعُقَيْلِيُّ في طريق ( ( ( طريف ) ) ) لَا يُتَابَعُ على حَدِيثِهِ وَرَوَى يحيى بن صَاعِدٍ وابن الْبَنَّاءِ من أَصْحَابِنَا هذا الْمَعْنَى من حديث عَائِشَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/90)
وقد قال ابن هُبَيْرَةَ في كَوْنِ أَكْثَرِ صَوْمِهِ عليه السَّلَامُ في شَعْبَانَ قال ما أَرَى إلَّا من طَرِيقِ الرِّيَاضَةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا هَجَمَ بِنَفْسِهِ على أَمْرٍ لم يَتَعَوَّدْهُ صَعُبَ ذلك عليها فَدَرَّجَهَا بِالصَّوْمِ في شَعْبَانَ لِأَجْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ كَذَا قال وَذَكَرَ في الْغُنْيَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ من رَجَبٍ وَأَوَّلِ خَمِيسٍ منه وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَآخِرِ السَّنَةِ وَأَوَّلِهَا وَصَوْمُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَصَلَاةٌ في لَيَالِيِهَا وَذَكَرَ أَشْيَاءَ وَاحْتَجَّ بِأَخْبَارٍ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ وَاعْتَمَدَ على ما جَمَعَهُ أبو الْحَسَنِ بن الْبَنَّاءِ من أَصْحَابِنَا في هذا الْبَابِ بِرِوَايَتِهِ عن أبي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بن أبي الْحَسَنِ الْمَذْكُورِ عن أبيه وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ ذلك أو بَعْضَهُ في بَعْضِ كُتُبِهِ كَكِتَابِهِ أَنَسُ الْمُسْتَأْنِسِ في تَرْتِيبِ الْمَجَالِسِ وَذَكَرَ أَخْبَارًا وَآثَارًا وَاهِيَةً وَكَثِيرٌ منها موضع ( ( ( موضوع ) ) )
وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يَذْكُرُ في كتابة الْمَوْضُوعَاتُ ما هو أَمْثَلُ منها وَيَذْكُرُهَا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فيقول قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَذَا وقال فُلَانٌ الصَّحَابِيُّ كَذَا والموضوعات ( ( ( والموضوع ) ) ) لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا لم يذكر الْأَصْحَابُ شيئا من ذلك وقال في كِتَابِهِ هذا إنَّهُ يُثَابُ على صَوْمِ عَاشُورَاءَ ثَوَابَ صَوْمِ سَنَةٍ ليس فيها صَوْمُ عَاشُورَاءَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ يُكْرَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ إفْرَادَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ نَصَّ عليه لِحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ لَا تَصُومُوا يوم الْجُمُعَةِ إلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ أو بَعْدَهُ يَوْمٌ مُتَّفَقٌ عليه وَلِمُسْلِمٍ لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ من بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخْتَصُّوا يوم الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ من بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أحدكم
قال الداوودي ( ( ( الداودي ) ) ) الْمَالِكِيُّ لم يَبْلُغْ ( م ) الْحَدِيثُ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه النَّهْيُ عن تَخْصِيصِ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ وهو مُتَّفَقٌ على كَرَاهَتِهِ قال وَاحْتَجَّ بع الْعُلَمَاءُ على كَرَاهَةِ صَلَاةِ الرَّغَائِب وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ وَدَخَلَ عليه السَّلَامُ على جُوَيْرِيَةَ في يَوْمِ جُمُعَةٍ وَهِيَ صَائِمَةٌ فقال لها أَصُمْتِ أَمْسِ قالت لَا قال تَصُومِينَ غَدًا قالت لَا قال فَأَفْطِرِي رَوَاهُمَا
____________________
(3/91)
الْبُخَارِيُّ وَيُحْمَلُ ما رُوِيَ عن صَوْمِهِ وَالتَّرْغِيبِ فيه على صَوْمِهِ مع غَيْرِهِ فَلَا تَعَارُضَ فَصْلٌ وَكَذَا إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ( م ) لِحَدِيثِ عبدالله بن بِشْرٍ عن أُخْتِهِ وَاسْمُهَا الصَّمَّاءُ لَا تَصُومُوا يوم السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ حدثنا أبو عَاصِمٍ حدثنا ثَوْرٌ عن خَالِدِ بن مَعْدَانَ عن عبدالله فَذَكَرَهُ إسناد ( ( ( إسناده ) ) ) جَيِّدٌ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وقال هذا مَنْسُوخٌ وقال قال مَالِكٌ هذا كَذِبٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ النسائي ( ( ( والنسائي ) ) ) وقال هذه أَحَادِيثُ مُضْطَرِبَةٌ وَالْحَاكِمُ وقال صَحِيحٌ على شَرْطِ الْبُخَارِيِّ
وقال صَاحِبُ شَرْحِ مُسْلِمٍ صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ وَلِأَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ فَفِي إفْرَادِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ قال الْأَثْرَمُ قال أبو عبدالله قد جاء فيه حَدِيثُ الصَّمَّاءِ وكان يحيى بن سَعِيدٍ يَتَّقِيهِ وَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ قال الْأَثْرَمُ وَحُجَّةُ أبي عبدالله في الرُّخْصَةِ في صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِحَدِيثِ عبدالله بن بِشْرٍ منها حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ يَعْنِي أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَصُومُ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَيَقُولُ هُمَا عِيدَانِ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ الذي فَهِمَهُ الْأَثْرَمُ من ورايته ( ( ( روايته ) ) ) وَأَنَّهُ لو أُرِيدَ إفْرَادُهُ لَمَا دخل الصَّوْمُ الْمَفْرُوضُ لِيُسْتَثْنَى فَالْحَدِيثُ شَاذٌّ أو مَنْسُوخٌ وَأَنَّ هذه طَرِيقَةُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ كَالْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وَأَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا فَهِمَ من كَلَامِ أَحْمَدَ الْأَخْذَ بِالْحَدِيثِ ولم يذكر الْآجُرِّيُّ غير صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَظَاهِرُهُ لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي في الْوَلِيمَةِ
____________________
(3/92)
فَصْلٌ وَكَذَا يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ بِالصَّوْمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ( خ ) لِمَا فيه من مُوَافَقَةِ الكفارة ( ( ( الكفار ) ) ) في تَعْظِيمِهَا وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَظِّمُونَهَا بِالصَّوْمِ وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَكَالْأَحَدِ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لم نَعْلَمْ أَحَدًا ذَكَرَ صَوْمَهُ بِكَرَاهَةٍ وَعَلَى قِيَاسِ كَرَاهَةِ صَوْمِهِمَا كُلُّ عِيدٍ للكافر ( ( ( للكفار ) ) ) أو يَوْمِ يُفَرِّدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ فَصْلٌ وَلَا يَحْرُمُ صَوْمُ ما سَبَقَ من الْأَيَّامِ نَصَّ عليه الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ في الْجُمُعَةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَلَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِخِلَافِهِمَا وَذَكَرَ ابن حَزْمٍ في صِحَّتِهِ فيه خِلَافًا وَحَرَّمَ الْآجُرِّيُّ صَوْمَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ما أُحِبُّ أَنْ يَتَعَمَّدَهُ
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ ما سَبَقَ من الصَّوْمِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْهُ ما سَبَقَ ثُمَّ قال وَقِيلَ في صِحَّةِ صَوْمِهَا بِدُونِ عَادَةٍ أو نَذْرٍ وَجْهَانِ
وقال شَيْخُنَا رضي اللَّهُ عنه لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ صَوْمِ أَعْيَادِهِمْ وَلَا صَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَا قِيَامُ لَيْلَتِهَا وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْوَلِيمَةِ وكلامة ( ( ( وكلام ) ) ) الْقَاضِي أَيْضًا أَمَّا مع عَادَةٍ أو نَذْرٍ مُطْلَقٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ قال إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم رَأَيْت أَبَا عبدالله أَعْطَى ابْنَهُ دِرْهَمَ النَّيْرُوزِ وقال اذْهَبْ بِهِ إلَى الْمُعَلِّمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من خَطِّهِ فَصْلٌ يَوْمُ الشَّكِّ إذَا لم يَكُنْ في السَّمَاءِ عِلَّةٌ ولم يَتَرَاءَى الناس الْهِلَالَ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أو شَهِدَ بِهِ من رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ قال أو كان في السَّمَاءِ عِلَّةٌ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ صَوْمُهُ فَإِنْ صَامَهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا كَرِهَ على ما سَبَقَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ
____________________
(3/93)
94 الْمُحَرَّرِ أن ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَذَكَرَ رِوَايَةَ الْأَثْرَمِ السَّابِقَةَ في تقدم ( ( ( تقديم ) ) ) رَمَضَانَ وقال هذا الْكَلَامُ لَا يُعْطِي أَكْثَرَ من مُجَرَّدِ الْكَرَاهَةِ كَذَا قال وَقِيلَ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابن الْبَنَّاءِ وأبو الْخَطَّابِ في الْعِبَادَاتِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ ابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَحْرُمُ بِدُونِ عَادَةٍ أو نَذْرٍ مُطْلَقٍ وَيَبْطُلُ على الْأَصَحِّ بدونها ( ( ( بدونهما ) ) ) وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عن أَحْمَدَ لَا يُكْرَهُ ( وه م ) حَمْلًا لِلنَّهْيِ على صَوْمِهِ من رَمَضَانَ وَلَا يُكْرَهُ مع عَادَةٍ ( وَ ) أوصلته وبما ( ( ( صلته ) ) ) قبله النِّصْفِ ( وَ ) وَبَعْدَهُ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَلَا يُكْرَهُ عن وَاجِبٍ لِجَوَازِ النَّفْلِ الْمُعْتَادِ فيه كَغَيْرِهِ وَالشَّكُّ مع الْبِنَاءِ على الْأَصْلِ لَا يَمْنَعُ سُقُوطَ الْفَرْضِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ قَضَاءً جَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَسِيلَةِ وَالْإِفْصَاحِ فَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ في كل وَاجِبٍ ( وه ش ) لِلشَّكِّ في بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلِهَذَا قال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُجْزِئُهُ عنه كما لو بَانَ من رَمَضَانَ عِنْدَهُمْ وفي لُقَطَةِ الْعَجْلَانِ لَا يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ سَوَاءٌ صَامَهُ نَفْلًا أو عن نَذْرٍ أو قَضَاءٍ فَإِنْ صَامَهُ لم يَصِحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ إجْمَاعًا لِلنَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عليه من حَدِيثَيْ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَصِحُّ فَرْضًا ( وم ش ) وَلَا نقلا ( ( ( نفلا ) ) ) ( وم ش ) وَعَنْهُ يَصِحُّ فَرْضًا نَقَلَهُ مُهَنَّا في قَضَاءِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ إنَّمَا نهى عنه لِأَنَّ الناس أَضْيَافُ اللَّهِ وقد دَعَاهُمْ فَالصَّوْمُ تَرْكُ إجَابَةِ الدَّاعِي وَمِثْلُ هذا لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ ولم يَصِحَّ النَّفَلُ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ الثَّوَابُ فَنَافَتْهُ الْمَعْصِيَةُ وَلِذَلِكَ لم يَصِحَّ النَّفَلُ في غَصْبٍ وَإِنْ صَحَّ الْفَرْضُ كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وقد سَبَقَ في الصَّلَاةِ في سَتْرِ الْعَوْرَةِ وفي ( الْوَاضِحِ ) رِوَايَةٌ يَصِحُّ عن نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ وَسَبَقَ مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ لَا يَصِحُّ عن وَاجِبٍ في الذِّمَّةِ وَيَصِحُّ عن نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ وَالتَّطَوُّعُ بِهِ مع التَّحْرِيمِ وَلَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَا يقضي عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ يَلْزَمُ وَيَقْضِي وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِمَا وَوَجْهُ انْعِقَادِهِ أَنَّ النَّهْيَ لَا يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْمَنْهِيِّ عنه وَلِأَنَّهُ دَلِيلُ التَّصَوُّرِ لِأَنَّ ما لَا يُتَصَوَّرُ لَا يُنْهَى عنه وَالتَّصَوُّرُ الْحِسِّيُّ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عنه إجْمَاعًا وَوَجْهُ الْأَوَّلِ النَّهْيُ وَلِمُسْلِمٍ من حديث أبي سَعِيدٍ لَا يَصْلُحُ الصِّيَامُ في يَوْمَيْنِ
____________________
(3/94)
وَلِلْبُخَارِيِّ لَا صَوْمَ في يَوْمَيْنِ وَالنَّهْيُ دَلِيلُ التَّصَوُّرِ حِسًّا كما في عُقُودِ الرِّبَا وَبَيْعِ الغرز ( ( ( الغرر ) ) ) وَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وهو مُتَحَقَّقٌ هُنَا فإن من أَمْسَكَ فيه مع النِّيَّةِ عَاصٍ إجْمَاعًا وَرَدَّ قَوْلُهُمْ لَا يَتَأَدَّى الْكَامِلُ بِالنَّاقِصِ بِقَضَاءِ الْمَكْتُوبَةِ في الْغَصْبِ وَفِيهِ نَظَرٌ على ما سَبَقَ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ هُنَاكَ التَّصَرُّفُ في مِلْكِ الْغَيْرِ وَتَرْكُ تَنْجِيَةِ الْغَرِيقِ لَا خُصُوصُ الصَّوْمِ وَبِقَضَائِهَا في حَالِ الْقُدْرَةِ على تَنْجِيَةِ الْغَرِيقِ فإنه يَصِحُّ وَبِأَنَّهُ لو نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ بِعَيْنِهِ فَقَضَاهُ في يَوْمِ عِيدٍ آخَرَ لم يَصِحَّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّهْيَ لم يَرْجِعْ إلَى عَيْنِ الْمَنْهِيِّ عنه لِأَنَّ النَّصَّ واضافة ( ( ( أضافه ) ) ) إلَى صَوْمِ هذا الْيَوْمِ كَإِضَافَةِ النَّهْيِ إلَى الصَّلَاةِ من حَائِضٍ وَمُحْدِثٍ فَصْلٌ وَكَذَا صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ نَفْلًا ( وَ ) ولما ( ( ( لما ) ) ) رَوَى مُسْلِمٌ عن كَعْبِ بن مَالِكٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَهُ وَأَوْسَ بن الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَيَا إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلِمُسْلِمٍ من حديث نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ وَلِأَحْمَدَ النَّهْيُ عن صَوْمِهَا من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَسَعْدٍ بِإِسْنَادَيْنِ ضعفين ( ( ( ضعيفين ) ) ) وَرَوَاهُ أَيْضًا عن يُونُسَ بن شَدَّادٍ مَرْفُوعًا
قال ابن الْجَوْزِيِّ يُونُسُ شَبِيهٌ بِالْمَجْهُولِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ النَّهْيَ من حديث عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وهو في الموطأ عن أبي النَّضْرِ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ مُرْسَلًا وَمَنْ صَامَهُنَّ أو رَخَّصَ فيه فلم يَبْلُغْهُ النَّهْيُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو تَأَوَّلَهُ على إفْرَادِهَا فَهَذَا يُسَوِّغُ لهم تَشْبِيهًا بِيَوْمِ الشَّكِّ وَلَا يَصِحُّ فَرْضًا في رِوَايَةٍ ( وه ش ) لَكِنْ صَحَّحَ أبو حَنِيفَةَ صَوْمَهَا عن نَذْرِهَا خَاصَّةً كَقَوْلِهِ في الْعِيدِ وَيَصِحُّ في رِوَايَةٍ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ لم يُرَخِّصْ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَصُمْنَ إلَّا لِمَنْ لم يَجِدْ الْهَدْيَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ عن أَحْمَدَ يَجُوزُ صَوْمُهَا عن دَمِ الْمُتْعَةِ خَاصَّةً وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ تَخْصِيصُ الرِّوَايَةِ بِصَوْمِ الْمُتْعَةِ وهو ظَاهِرُ
____________________
(3/95)
الْعُمْدَةِ واختار صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( م 3 ) وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ فَصْلٌ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ عليه صَوْمُ فَرْضٍ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ فيه رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ لِحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ من ادرك رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ من رَمَضَانَ شَيْءٌ لم يَقْضِهِ لم يُتَقَبَّلْ منه وَمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ من رَمَضَانَ شَيْءٌ لم يَقْضِهِ لم يُتَقَبَّلْ منه حتى يَصُومَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ من رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ثُمَّ يُحْمَلُ على ما إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْقَضَاءِ عنه وقال في الْمُغْنِي في سِيَاقِهِ ما هو مَتْرُوكٌ يَعْنِي من أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ من رَمَضَانَ شَيْءٌ لم يُتَقَبَّلْ منه وَكَالْحَجِّ وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 3 قوله ولا يصح فرضا في رواية ويصح في رواية وذكر الترمذي عن أحمد يجوز صومهما عن دم المتعة خاصة وكذا ظاهر كلام ابن عقيل تخصيص الرواية بصوم المتعة وهو ظاهر العمدة واختار صاحب المحرر انتهى يعني صوم أيام التشريق والصحيح الرواية الثالثة صححه في الفائق في باب أقسام النسك قال ابن منجا في شرحه في باب الفدية هذا المذهب وقدمه في المقنع والشرح والنظم هناك وقدمه في الرعاية الكبرى في آخر باب الإحرام وجزم به في الإفادات واختاره المجد في شرحه وهو ظاهر العمدة كما قال المنف قال الزركشي خص ابن أبي موسى الخلاف بدم المتعة والرواية الثانية يجوز مطلقا صححه في التصحيح والنظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى في باب صوم النذر والتطوع والرواية الأولى لا يجوز مطلقا اختاره ابن أبي موسى والقاضي قال في المنهج وهي الصحيحة وقدمها الخرقي وابن رزين في شرحه قال الزركشي وهي التي ذهب إليها أحمد أخيرا
وجزم به في الوجيز والمنتخب وأطلق الجواز وعدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والتلخيص والبلغة وشرح المجد والشرح والرعاية الصغرى وشرح ابن منجا هنا والزركشي والحاوي الكبير وغيرهم
____________________
1-
(3/96)
( وَ ) لِلْعُمُومِ وَكَالتَّطَوُّعِ بِصَلَاةٍ في وَقْتِ فَرْضٍ مُتَّسَعٍ قبل فِعْلِهِ وَكَذَا يَخْرُجُ في التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ مِمَّنْ عليه الْقَضَاءُ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِوُجُوبِهَا على الْفَوْرِ وَسَبَقَ في قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَيَبْدَأُ بِفَرْضِ الصَّوْمِ قبل نَذْرٍ لَا يخالف ( ( ( يخاف ) ) ) فَوْتَهُ
نَقَلَ حَنْبَلٌ وأبو الْحَارِثِ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ ايام وَعَلَيْهِ من صَوْمِ رَمَضَانَ أَيَّامٌ يَبْدَأُ بِالنَّذْرِ وهو مَحْمُولٌ على أَنَّهُ كان النَّذْرُ مُعَيَّنًا بِوَقْتٍ يَخَافُ فَوْتَهُ وَقَضَاءُ رَمَضَانَ مُوَسَّعُ الْوَقْتِ كَمَنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَ الزَّوَالِ يَبْدَأُ بِهِمَا قبل الظُّهْرِ لِسَعَةِ وَقْتِهَا وَتَعْيِينِ النَّذْرِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ إنْ كان النَّذْرُ مُطْلَقًا وقد صَرَّحَ أَحْمَدُ في مَوْضِعٍ بِتَقْدِيمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ على النَّذْرِ وَالنَّفَلِ فَيَجْمَعُ بين الرِّوَايَتَيْنِ تِلْكَ على ضِيقِ الْوَقْتِ وَهَذِهِ على سِعَةِ الْوَقْتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى أنه لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ قبل فَرْضِهِ لم يُكْرَهْ قَضَاء رَمَضَانَ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ اذا لم يَكُنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ وَإِنْ قُلْنَا الجواز ( ( ( بالجواز ) ) ) فَعَنْهُ يُكْرَهُ كَقَوْلِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وروى عن عَلِيٍّ وَلَا يَصِحُّ عنه لِيَنَالَ فَضِيلَتَهَا وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ ( م 5 ) ( وَ ) رُوِيَ عن عُمَرَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَكَعَشْرِ الْمُحَرَّمِ المبادرة ( ( ( والمبادرة ) ) ) إلَى إبْرَاءِ الذِّمَّةِ من أَكْبَرِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ على الثَّانِيَةِ وَلَا يُكْرَهُ على الْأُولَى بَلْ يُسْتَحَبُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( والطريقة ) ) ) 4 قوله وهل يجوز ( ( ( لأنا ) ) ) لمن عليه صوم فرض أن يتطوع بالصوم فيه روايتان إحداهما لا يجوز ولا يصح والثانية يجوز انتهى وأطلقهما في الهداية والمغني وشرح المجد والشرح والفائق وغيرهم إحداهما لا يجوز ولا يصح وهو الصحيح في المذهب نص عليه في رواية حنبل قال في الحاويين لم يصح في أصح الورايتين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والإفادات والمنور وغيرهم وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر وشرح ابن رزين والرعايتين وغيرهم والرواية الثانية يجوز ويصح قدمه في النظم قال في القاعدة الحادية عشرة جاز على الأصح قلت وهو الصواب
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى إنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ قبل فَرْضِهِ لم يُكْرَهْ قَضَاءُ رَمَضَانَ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ إذَا لم يَكُنْ قضاء ( ( ( قضاه ) ) ) قَبْلَهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَعَنْهُ يُكْرَهْ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ انْتَهَى
____________________
1-
(3/97)
والطريقة الأولى أصح لأنا اذا حرمنا التطوع قبل الفرض كان أبلغ من الكراهة فلا يصح تفريعها عليه والله أعلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ على الثَّانِيَةِ وَلَا يُكْرَهُ على الْأُولَى بَلْ يُسْتَحَبُّ وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَصَحُّ لِأَنَّا إذَا حَرَّمْنَا التَّطَوُّعَ قبل الْفَرْضِ كان أَبْلَغَ من الْكَرَاهَةِ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهَا عليه انْتَهَى
الطَّرِيقَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَ في ذلك الْمَجْدَ قال في الْمُغْنِي وَهَذَا هو أَقْوَى عِنْدِي فَعَلَى هذه الطَّرِيقَةِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرِّوَايَتَيْنِ على الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وقد قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيُبَاحُ قَضَاءُ رَمَضَانَ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ وقد عُلِّلَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ فيه يَفُوتُ بِهِ فَضْلُ صِيَامِهِ تَطَوُّعًا وَبِهَذَا عَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ ابن رَجَبٍ في اللَّطَائِفِ وقال وقد قِيلَ إنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ فَضِيلَةُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ أَيْضًا انْتَهَى
____________________
1-
(3/98)
فَصْلٌ من دخل في صَوْمِ تَطَوُّعٍ اُسْتُحِبَّ له إتْمَامُهُ ولم يَجِبْ وَإِنْ أَفْسَدَهُ لم يَلْزَمْهُ قَضَاءٌ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ ( وش ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لنا حَيْسٌ فقال أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْت صَائِمًا وفي أَوَّلِهِ أَنَّهُ دخل عليها يَوْمًا فقال هل عنكم ( ( ( عندكم ) ) ) شَيْءٌ قُلْنَا لَا قال فَإِنِّي إذًا صَائِمٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْخَمْسَةُ وزاد النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ ثُمَّ قال إنَّمَا مِثْلُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ مِثْلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ من مَالِهِ الصَّدَقَةَ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا وَلَهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ إنَّمَا مَنْزِلَةُ من صَامَ في غَيْرِ رَمَضَانَ أو في التَّطَوُّعِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ منها بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ وَبَخِلَ منها بِمَا شَاءَ فَأَمْسَكَهُ وَسَبَقَ في الْجُمُعَةِ حَدِيثُ جُوَيْرِيَةَ وَعَنْ أُمِّ هانيء أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم دَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ فقال ( ( ( فقالت ) ) ) أَمَّا إنِّي كُنْت صَائِمَةً فقال الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ له طُرُقٌ فيه كَلَامٌ يَطُولُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَضَعَّفَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال في إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَضَعَّفَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وكصوم ( ( ( كصوم ) ) ) مُسَافِرٍ رَمَضَانَ له الْخُرُوجُ لِكَوْنِهِ كان مُخَيَّرًا حَالَةَ دُخُولِهِ فيه وَكَفِعْلِ الْوُضُوءِ والإعتكاف سَلَّمَهُ أبو حَنِيفَةَ على الْأَصَحِّ عنه وَكَشُرُوعِهِ في أَرْبَعٍ بتسليمه له أَنْ يُسَلِّمَ من رَكْعَتَيْنِ ( وَ ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ وَكَدُخُولِهِ فيه ظَانًّا أَنَّهُ عليه فلم يَكُنْ سَلَّمَهُ أبو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَأَشْهَبُ وَعَنْ أَحْمَدَ يَجِبُ إتْمَامُ الصَّوْمِ وَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ ذَكَرَهُ ابن الْبَنَّاءِ وفي الْكَافِي ( وه م ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } محمد 33 وَلِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وقد أفطرنا ( ( ( أفطرتا ) ) ) لَا عَلَيْكُمَا صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ ثُمَّ هو للإستحباب
____________________
(3/99)
لِقَوْلِهِ لَا عَلَيْكُمَا وَعَنْ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا أَتَخَوَّفُ على أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ وَفِيهِ الشهوة ( ( ( والشهوة ) ) ) الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا فَتَعْرِضَ له شَهْوَةٌ من شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكَ صَوْمَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ من رِوَايَةِ عبدالواحد بن زَيْدٍ وهو شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ مَتْرُوكٌ بالإتفاق وَكَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَسَبَقَ ما بين ( ( ( يبين ) ) ) الْفَرْقَ وَلِأَنَّ نَفْلَ الْحَجِّ كَفَرْضِهِ في الْكَفَّارَةِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ معه بِخِلَافِ الصَّوْمِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ أَوْجَبَهُ على نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ أَعَادَ قال الْقَاضِي أَيْ نَذْرَهُ وَخَالَفَهُ ابن عَقِيلٍ وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في النَّفْلِ وقال تَفَرَّدَ بِهِ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ لَا يَقْضِي وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَقْضِي الْمَعْذُورُ وهو رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يقضى وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ رِوَايَتَانِ وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عِنْدَهُمَا لِصِحَّةِ صَوْمِهِ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَعُذْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَذَكَرَ ابن عبد الْبَرِّ لَا يقضى مَعْذُورٌ إجْمَاعًا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عُذْرٌ لَا صُنْعَ له فيه كَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ غير حَكَاهُ إجْمَاعًا وَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يُكْرَهُ خُرُوجُهُ يَتَوَجَّهُ لَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ والا كُرِهَ في الْأَصَحِّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ
وَهَلْ يَفْطُرُ لِضَيْفِهِ يَتَوَجَّهُ كَصَائِمٍ دُعِيَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَفْطُرُ وَصَرَّحَ أَصْحَابُنَا في الإعتكاف يُكْرَهُ تَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ كَصَوْمِ ( وَ ) وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ قال في الْكَافِي وَمَالَ إلَيْهِ أبو اسحاق الْجُوزَجَانِيُّ وقال الصَّلَاةُ ذَاتُ إحْرَامٍ وَإِحْلَالٍ كَالْحَجِّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ والرواية ( ( ( وللرواية ) ) ) التي حَكَاهَا ابن الْبَنَّاءِ في الصَّوْمِ تَدُلُّ على عَكْسِ هذا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ خَصَّهُ وَعَلَّلَ رِوَايَةَ لُزُومِهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى كَالْحَجِّ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا ولم يذكر أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ سِوَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ
وَقِيلَ الإعتكاف الصوم ( ( ( كالصوم ) ) ) على الْخِلَافِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا دخل في الإعتكاف وقد نَوَاهُ مُدَّةً لَزِمَتْهُ وَيَقْضِيهَا ( وم ) وَذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ إجْمَاعًا لَا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لم يَدْخُلْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ ذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ الْمُعْتَكِفُ بجامع ( ( ( يجامع ) ) ) يَبْطُلُ وَعَلَيْهِ الإعتكاف من قَابِلٍ وَلَعَلَّهُ في النَّذْرِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الإعتكاف عِنْدَهُ يَوْمٌ وَرَدَّ مريدا للإعتكاف في المسجد وَالْمُغْنِي على كَلَامِ ابْنِ عبد الْبَرِّ وَصَلَّى عليه السَّلَامُ الصُّبْحَ مُرِيدًا لِلِاعْتِكَافِ في الْمَسْجِدِ وَكُلُّهُ مَوْضِعٌ له ثُمَّ قطعة لَمَّا رَأَى أَخْبِيَةَ نِسَائِهِ قد ضُرِبَتْ فيه ولم يَقْضِينَ وَمُجَرَّدُ قَضَائِهِ لَا يَدُلُّ على وُجُوبِهِ بِدَلِيلِ قطعة وما في
____________________
(3/100)
السُّنَنِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الإعتكاف لِسَفَرٍ اعْتَكَفَ من الْعَامِ الْمُقْبِلِ عِشْرِينَ وَلَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ وَشَرَعَ في الصَّدَقَةِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ لم تَلْزَمْهُ الصَّدَقَةُ بِبَاقِيهِ إجْمَاعًا قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قال وهو نَظِيرُ الإعتكاف قالوا وما مَضَى من اعْتِكَافِهِ لَا يَبْطُلُ بِتَرْكِ اعْتِكَافِ الْمُسْتَقْبَلِ وقال في الْكَافِي وَسَائِرُ التَّطَوُّعَاتِ من الصَّلَاةِ والإعتكاف وَغَيْرِهِمَا كَالصَّوْمِ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ ما سَبَقَ في الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَوْ شَرَعَ في صَلَاةِ تَطَوُّعٍ قَائِمًا لم يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا قَائِمًا بِلَا خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ ( وَ ) خِلَافًا لابي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بن صَالِحٍ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ في الْأَحْكَام إلَّا ما خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ هُنَا ( وم ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ على كل حَالٍ أَنَّ طَوَافِ شَوْطٍ أو شَوْطَيْنِ أَجْرًا وَلَيْسَ من شَرْطِهِ تَمَامُ الْأُسْبُوعِ كَالصَّلَاةِ وَلِهَذَا قال عبد الرَّزَّاقِ رَأَيْت سُفْيَانَ يَفِرُّ من أَصْحَابِ الحديث إذَا كَثَرُوا عليه دخل الطَّوَافَ فَطَافَ شَوْطًا أو شَوْطَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ وَيَدْعُهُمْ
وَلَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَالْقِرَاءَةُ والاذكار بِالشُّرُوعِ وِفَاقًا وقال ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْلِهِ { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا } الآية الحديد 27 الْآيَةَ قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى والإبتداع قد يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَبِمَا يُنْذِرُهُ ويوجه ( ( ( ويوجبه ) ) ) على نَفْسِهِ وقد يَكُونُ بِالْفِعْلِ بِالدُّخُولِ فيه وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي الْأَمْرَيْنِ فَاقْتَضَى ذلك أَنَّ كُلَّ من ابْتَدَعَ قُرْبَةً قَوْلًا أو فِعْلًا فَعَلَيْهِ رِعَايَتُهَا وَإِتْمَامُهَا كَذَا قال وَيَلْزَمُ إتْمَامُ نَفْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ( وَ ) لانعقاج ( ( ( لانعقاد ) ) ) الْإِحْرَامِ لَازِمًا لِظَاهِرِ آيَةِ الْإِحْصَارِ فَإِنْ أفسدها ( ( ( أفسدهما ) ) ) أو فَسَدَ الزمه ( ( ( لزمه ) ) ) الْقَضَاءُ ( وَ )
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قال بِخِلَافِهِمْ وفي الْهِدَايَةِ والإنتصار وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ شِهَابٍ رِوَايَةٌ يَلْزَمُ الْقَضَاءُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لاأحسبها إلَّا سَهْوًا وَيَأْتِي في الْحَجِّ
____________________
(3/101)
فَصْلٌ سَبَقَ في الصَّلَاةِ في الْمَغْصُوبِ هل يُثَابُ على الْعِبَادَةِ على وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أو مَكْرُوهٍ وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَسَبَقَ هُنَاكَ هل يُعْمَلُ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ في هذا وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ في آدَابِ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ من الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ نَحْوِ نِصْفِ الْكِتَابِ وَالْكَلَامُ على الْأَخْبَارِ في ذلك كَحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ ما جَاءَكُمْ عَنِّي من خَيْرٍ قُلْتُهُ أو لم أَقُلْهُ فَأَنَا أَقُولُهُ وما أَتَاكُمْ من شَرٍّ فَأَنَا لَا أَقُولُ الشَّرَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ من رِوَايَةِ أبي مَعْشَرٍ وَاسْمُهُ نَجِيحٌ فيه لِينٌ مع أَنَّهُ صَدُوقٌ حَافِظٌ وَكَحَدِيثِ جَابِرٍ من بَلَغَهُ من اللَّهِ شَيْءٌ له فيه فَضِيلَةٌ فَأَخَذَهُ إيمَانًا بِهِ وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ عز وجل ذلك وَإِنْ لم يَكُنْ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَسَنُ بن عَرَفَةَ في جُزْئِهِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ إسْنَادَهُ حَسَنٌ وَذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَوْضُوعَاتِ من طُرُقٍ ولم يذكر ( ( ( يذكره ) ) ) من الطَّرِيقِ التي ذَكَرَهَا ابن عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وأما ( ( ( أما ) ) ) اذا قَطَعَ الصَّلَاةَ أو الصَّوْمَ فَهَلْ انْعَقَدَ الْجُزْءُ الْمُؤَدِّي وَحَصَلَ بِهِ قُرْبَةٌ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هل بَطَلَ حُكْمًا لَا أَنَّهُ أَبْطَلَهُ كَمَرِيضٍ صلى جُمُعَةً بَعْدَ ظُهْرِهِ أو لَا
____________________
(3/102)
يَبْطُلُ اخْتَلَفَ كَلَامُ أبي الْخَطَّابِ في الإنتصار وَكَلَامُ غَيْرِهِ في ذلك وفي كَلَامِ جَمَاعَةٍ بُطْلَانُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ ( م 5 ) وَحَمَلَ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ حَدِيثَ عُبَادَةَ فِيمَنْ تَرَكَ من الصَّلَاةِ شيئا على من تَرَكَ وَاجِبًا كَخُشُوعٍ وَتَسْبِيحٍ فلم يَذْكُرُوا تَرْكَ رُكْنٍ وَشَرْطٍ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ تَرْكَ رُكْنٍ وَشَرْطٍ كَتَرْكِهَا كُلِّهَا قال جَمَاعَةٌ لان الصَّلَاةَ مع ذلك وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَمُرَادُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ لَا يُثَابُ على قِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَنَحْوِ ذلك وقال شَيْخُنَا في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِثَوَابِهِ على ما فَعَلَهُ وَعِقَابِهِ على ماتركه وَلَوْ كان بَاطِلًا كَعَدَمِهِ وَلَا ثَوَابَ فيه لم يُجْبَرْ بِالنَّوَافِلِ شَيْءٌ وَالْبَاطِلُ في عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ضِدُّ الصَّحِيحِ في عُرْفِهِمْ وهو ما أَبْرَأَ الذِّمَّةَ فَقَوْلُهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ لِمَنْ تَرَكَ رُكْنًا بِمَعْنَى وَجَبَ الْقَضَاءُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُثَابُ عليها بِشَيْءٍ في الْآخِرَةِ إلَى أَنْ قال فَنَفَى الشَّارِعُ الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَرَكَ وَاجِبًا منه أو فَعَلَ مُحَرَّمًا فيه كَنَفْيِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَوْلِهِ لِلْمُسِيءِ فَإِنَّك لم تُصَلِّ ولا صَلَاةَ لِفَذٍّ وقال شَيْخُنَا أَيْضًا في قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } محمد 33 الْبُطْلَانُ هو بُطْلَانُ الثَّوَابِ وَلَا نُسَلِّمُ بُطْلَانَ جَمِيعِهِ بَلْ قد يُثَابُ على ما فَعَلَهُ فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِعَمَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قَطَعَ الصَّلَاةَ أو الصَّوْمَ فَهَلْ انْعَقَدَ الْجُزْءُ المؤدي وَحَصَلَ بِهِ قُرْبَةٌ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هل بَطَلَ حُكْمًا لَا أَنَّهُ أَبْطَلَهُ كَمَرِيضٍ صلى جُمُعَةً بَعْدَ ظُهْرِهِ أو لَا يَبْطُلُ
اخْتَلَفَ كَلَامُ أبي الْخَطَّابِ في الإنتصار وَكَلَامُ غَيْرِهِ في ذلك وفي كَلَامِ جَمَاعَةٍ بُطْلَانُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ انْتَهَى في ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 إذَا قَطَعَهَا فَهَلْ انْعَقَدَ الْجُزْءُ المؤدي وَحَصَلَ بِهِ قُرْبَةٌ أَمْ لَا
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 على الْأَوَّلِ هل بَطَلَ حُكْمًا أَمْ لَا قُلْت الصَّوَابُ في ذلك انْعِقَادُ الْجُزْءِ المؤدي وَحُصُولُ الثَّوَابِ بِهِ لِلْمَعْذُورِ وَالْبُطْلَانُ حُكْمًا وفي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمُصَنِّفِ ما يَدُلُّ على ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/103)
فَصْلٌ من دخل في وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قبل رَمَضَانَ وَالْمَكْتُوبَةُ في أَوَّلِ وَقْتِهَا وَغَيْرِ ذلك كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ كفارة ( ( ( وكفارة ) ) ) إنْ قُلْنَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا حُرِّمَ خُرُوجُهُ منه بِلَا عُذْرٍ ( وَ )
قال الشَّيْخُ بِغَيْرِ خِلَافٍ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا لِأَنَّ الْخُرُوجَ من عُهْدَةِ الْوَاجِبِ مُتَعَيَّنٌ وَدَخَلَتْ التَّوْسِعَةُ في وَقْتِهِ رِفْقًا وَمَظِنَّةَ الْحَاجَةِ فإذا شَرَعَ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ في إتْمَامِهِ وَجَازَ لِلصَّائِمِ في السَّفَرِ الْفِطْرُ لِقِيَامِ الْمُبِيحِ وهو السَّفَرُ كَالْمَرَضِ وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ شَافِعِيَّةٌ في الصَّوْمِ وَوَافَقُوا على الْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وإذا بَطَلَ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ ما كان عليه قبل شُرُوعِهِ فيه قال فيه في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَيُكَفِّرُ إنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَصْلٌ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُعَظَّمَةٌ زَادَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَالدُّعَاءُ فيها مُسْتَجَابٌ قِيلَ سُورَتُهَا مَكِّيَّةٌ قال الْمَاوَرْدِيُّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ قال الثَّعْلَبِيُّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ ( م 8 ) قال مُجَاهِدٌ وَالْمُفَسِّرُونَ في قَوْلِهِ { خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ } القدر 3 أَيْ قِيَامُهَا وَالْعَمَلُ فيها خَيْرٌ من الْعَمَلِ في أَلْفِ شَهْرٍ خَالِيَةٍ منها وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ من قام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ فيها ما يَكُونُ في تِلْكَ السَّنَةِ رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ لِقَوْلِهِ { إنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إنَّا كنا مُنْذِرِينَ فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } فإن الْمُرَادَ بِذَلِكَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عِنْدَ ابْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ شَرِيفَةٌ عَظِيمَةٌ قِيلَ سُورَتُهَا مَكِّيَّةٌ قال الْمَاوَرْدِيُّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ مدينة ( ( ( مدنية ) ) ) قال الثَّعْلَبِيُّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ انْتَهَى هَذَانِ الْقَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ ذلك مَخْصُوصًا بِالْأَصْحَابِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى الْخِلَافَ قَوِيًّا من الْجَانِبَيْنِ أتى بِهَذِهِ الْعَبَّارَةِ قُلْت الصَّوَابُ أنها مَدَنِيَّةٌ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ
____________________
1-
(3/104)
عباس قال ابن الجوزي وعليه المفسرون لقوله { إنا أنزلناه في ليلة القدر } القدر 1 وما روى عن عكرمة وغيره أنها ليلة النصف من شعبان ضعيف قيل سميت ليلة القدر لعظم قدرها عند الله
وقيل القدر بمعنى الضيق لضيق الأرض عن الملائكة التي تنزل فيها فروى أحمد عن أبي هريرة مرفوعا إن الملائكة تلك الليلة أكثر من عدد الحصى
ولم تُرْفَعْ ( وَ ) لِلْأَخْبَارِ بِطَلَبِهَا وَقِيَامِهَا وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ رُفِعَتْ وحكي رِوَايَةً عن أبي حَنِيفَةَ وَهِيَ في رَمَضَانَ ( وَ ) لَا في كل السَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أبي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِ وَجَزَمَ بِهِ ابن هُبَيْرَةَ عن أبي حَنِيفَةَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ عنه وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ منه عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ من الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ ( وم ش ) وَلَيَالِي وِتْرِهِ آكَدُ وَأَرْجَاهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَصَّ عليه لَا لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ ( ش ) واختار صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كُلُّ الْعَشْرِ سَوَاءٌ ( وم ) وَمَذْهَبُ ( م ) أَرْجَاهَا في تِسْعٍ بَقِينَ أو سَبْعٍ أو خَمْسٍ
وقال أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هِيَ في النِّصْفِ الثَّانِي من رَمَضَانَ وَعَنْ الْعُلَمَاءِ فيهما أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في تَفْسِيرِهِ قال الْجُمْهُورُ تَخْتَصُّ بِرَمَضَانَ وقال الْجُمْهُورُ منهم تَخْتَصُّ بِالْعَشْرِ الأخيرة ( ( ( الأخير ) ) ) منه وَأَكْثَرُ الاحاديث الصِّحَاحِ تَدُلُّ عليه وقال الْجُمْهُورُ منهم تَخْتَصُّ بِلَيَالِي الْوِتْرِ منه وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ تَدُلُّ عليه كَذَا قال وَالْمَذْهَبُ لَا تَخْتَصُّ بَلْ الْمَذْهَبُ انها آكَدُ وَأَبْلَغُ من لَيَالِي الشَّفْعِ وَعَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ كُلُّهَا سَوَاءٌ
وقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي تُطْلَبُ في جَمِيعِ رَمَضَانَ قال في الْكَافِي وَأَرْجَاهُ الْوِتْرُ من لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ كَذَا قال قال وتنتقل ( ( ( وتتنقل ) ) ) فيها وقال غَيْرُهُ تنتقل ( ( ( تتنقل ) ) ) لَيْلَةُ الْقَدْرِ في الْعَشْرِ الأخيرة ( ( ( الأخير ) ) ) قَالَهُ أبو قِلَابَةَ التَّابِعِيُّ وَحَكَاهُ ابن عبدالبر وَغَيْرُهُ عن مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَهُ أبو حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ أنها لَيْلَةٌ مُتَعَيَّنَةٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَالَهُ أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ
____________________
(3/105)
فَعَلَى هذا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قبل مُضِيِّ لَيْلَةِ الْعَشْرِ * وَقَعَ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَعَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ منه يَقَعُ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَيْلَةَ قَوْلِهِ فيها وَعَلَى أَصْلِ أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ النِّصْفُ الثَّانِي من رَمَضَانَ كَالْعَشْرِ عِنْدَنَا وَحَكَى صَاحِبُ الْوَسِيطِ الشَّافِعِيُّ عن الشَّافِعِيِّ إنْ قال في نِصْفِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لم تَطْلُقْ ما لم تَنْقَضِ سَنَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا في جَمِيعِ الشَّهْرِ فَلَا تَقَعُ بِالشَّكِّ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ إلَّا في كَوْنِهَا تنتقل ( ( ( تتنقل ) ) )
وَعَلَى قَوْلِنَا الْأَوَّلِ إنَّهَا في الْعَشْرِ وَتَتَنَقَّلُ إنْ كان قبل مُضِيِّ لَيْلَةٍ منه وَقَعَ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَعَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ منه يَقَعُ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ من الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو أَظْهَرُ لِلْأَخْبَارِ أنها في الْعَشْرِ وَأَنَّهَا في لَيَالٍ مُعَيَّنَةٍ منه
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْيَمِينِ على مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ
وَمَنْ نَذَرَ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قام الْعَشْرَ وَنَذْرُهُ في أَثْنَاءِ الْعَشْرِ كَطَلَاقٍ على ما سَبَقَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ في النُّذُورِ وقال شَيْخُنَا الْوِتْرُ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةَ احدى وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ الى آخِرِهِ وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْبَاقِي لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى الحديث فإذا كان الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَكُونُ ذلك لَيَالِي الْإِشْفَاعِ فَلَيْلَةُ الثَّانِيَةِ تَاسِعَةٌ تبقي وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ سَابِعَةٌ تبقي كما فَسَّرَهُ أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَإِنْ كان تِسْعًا وَعِشْرِينَ كان التَّارِيخُ بِالْبَاقِي كَالتَّارِيخِ بِالْمَاضِي
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فيها لِقَوْلِ عَائِشَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ وَافَقْتهَا ما أَقُولُ قال قُولِي اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وعنها ( ( ( عنها ) ) ) يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ عَلِمْت لَيْلَةَ الْقَدْرِ ما أَقُولُهُ قال قُولِي وَذَكَرَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله فعلى هذا لو قال أنت طالق ليلة القدر قبل مضي ليلة العشر انتهى الظاهر أن هنا سقطا وتقديره قبل مضي ليلة من العشر أو ليلة من أول العشر والله أعلم فهذه ثمان مسائل قد أطلق فيها الخلاف وصحح أكثرها
____________________
1-
(3/106)
قال أُبَيّ بن كَعْبٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لها رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلِأَحْمَدَ من رِوَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ عن عُمَرَ بن عبدالرحمن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لم يَرْوِ عنه غَيْرَهُ وَحَدِيثُهُ في أَهْلِ الْحِجَازِ عن عُبَادَةَ مَرْفُوعًا من قَامَهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ وَلَهُ أَيْضًا من رِوَايَةِ خَالِدِ بن مَعْدَانَ عن عُبَادَةَ ولم يُدْرِكْهُ وقال فيه وَاحْتِسَابًا ثُمَّ وَقَعَتْ له وَذَكَرَهُ وَفِيهِ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أنها صَافِيَةٌ يلجة ( ( ( بلجة ) ) ) كَأَنَّ فيها قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ لَا بَرْدَ فيها وَلَا حَرَّ وَلَا يَحِلُّ لِلْكَوْكَبِ أَنْ يُرْمَى بها حتى يُصْبِحَ وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً ليس فيها شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ
قال بَعْضُهُمْ وَيُسَنُّ أَنْ يَنَامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في الْمُعْتَكِفِ فَصْلٌ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي وَهِيَ أَفْضَلُ من لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِلْآيَةِ وَذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ إجْمَاعًا وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا هذا وَالثَّانِيَةُ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ وَبِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا هو أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وهو يَوْمُ الْجُمُعَةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ اخْتِيَارُ ابْنِ بَطَّةَ وَأَبِي الْحَسَنِ الخزري ( ( ( الخرزي ) ) ) وَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اليلة ( ( ( الليلة ) ) ) تَابِعَةٌ لِيَوْمِهَا وَفِيهِ ما لم يُذْكَرْ في فَضْلِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلِبَقَاءِ فَضْلِهَا في الْجَنَّةِ لِأَنَّ في قَدْرِ يَوْمِهَا تَقَعُ الزِّيَارَةُ إلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ كما رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وابن ماجة من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وقال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ لَيْلَةُ الْقَدْرِ التي أُنْزِلَ فيها الْقُرْآنُ افضل من لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا أَمْثَالُهَا من لَيَالِي الْقَدْرِ فَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ وَذَكَرَ أبو بَكْرِ بن الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ في الْمُعَارَضَةِ وذكره غَيْرَهُ أَنَّ يوم الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ
وقال شَيْخُنَا هو أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إجْمَاعًا وقال يَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ
____________________
(3/107)
الْعَامِ وَكَذَا ذكره جَدُّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في صَلَاةِ الْعِيدِ من شَرْحِهِ مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَنَّ يوم النَّحْرِ أَفْضَلُ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ أبو حَكِيمٍ أَنَّ يوم عَرَفَةَ أَفْضَلُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَقَالَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُهُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ هذه الْأَيَّامَ أَفْضَلُ من غَيْرِهَا وَيَتَوَجَّهُ على اخْتِيَارِ شَيْخِنَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَوْمُ الْقَرِّ الذي يَلِيهِ لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ قال في الْغُنْيَةِ إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ من الْأَيَّامِ أَرْبَعَةً الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى وَعَرَفَةَ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَاخْتَارَ منها يوم عَرَفَةَ وقال أَيْضًا إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِلْحُسَيْنِ الشَّهَادَةَ في اشرف الْأَيَّامِ وَأَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَرْفَعِهَا عِنْدَهُ مَنْزِلَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ على ظَاهِرِ ما في الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهَا وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وقال ايضا قد يُقَالُ ذلك وقد يُقَالُ لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ الاخير وَأَيَّامُ ذلك أَفْضَلُ قال وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لو جوده وَذَكَرَهَا وَرَمَضَانُ أَفْضَلُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ الصَّدَقَةَ فيه أَفْضَلُ وَعَلَّلُوا ذلك
قال شَيْخُنَا وَيَكْفُرُ من فَضَّلَ رَجَبًا عليه وقال في الْغُنْيَةِ إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ من الشُّهُورِ أَرْبَعَةً رَجَبًا وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَالْمُحَرَّمَ وَاخْتَارَ منها شَعْبَانَ وَجَعَلَهُ شَهْرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَمَا أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ فَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ كَذَا قال وقال ابن الْجَوْزِيِّ قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى في قَوْله تَعَالَى { منها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } التوبة 36 إنَّمَا سَمَّاهَا حُرُمًا لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فيها وَلِتَعْظِيمِ انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ فيها أَشَدُّ من تَعْظِيمِهِ في غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ تَعْظِيمُ الطَّاعَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ في قَوْله تَعَالَى { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } التوبة 36 أَيْ في الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ أَحَدَ الْأَقْوَالِ أَنَّ الظُّلْمَ الْمَعَاصِي قال فَتَكُونُ فَائِدَةُ تَخْصِيصِ بها أَنَّ شَأْنَ تَعْظِيمِ الْمَعَاصِي فيها أَشَدُّ من تَعْظِيمِهِ في غَيْرِهَا وَذَلِكَ لِفَضْلِهَا على ما سِوَاهَا كَتَخْصِيصِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَقَوْلِهِ { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الْحَجِّ } البقرة 197 وَكَمَا أَمَرَ بِالْمُحَافَظَةِ على الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وقال وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(3/108)
بَابُ الإعتكاف
الإعتكاف لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ { يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لهم } يُقَالُ عَكَفَ بِفَتْحِ الْكَافِ يَعْكُفُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا قِرَاءَتَانِ
وَشَرْعًا لُزُومُ مَسْجِدٍ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ قال ابن هُبَيْرَةَ وَهَذَا الإعتكاف لايحل أَنْ يُسَمَّى خَلْوَةً ولم يَزِدْ على هذا وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ أَوْلَى وَيُسَمَّى جوازا ( ( ( جوارا ) ) ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها عنه عليه السلام وهو السَّلَامُ وهو مُجَاوِرٌ في الْمَسْجِدِ مُتَّفَقٌ عليه وَفِيهِمَا من حديث أبي سَعِيدٍ قال كُنْت أُجَاوِرُ هذه الْعَشْرَ يَعْنِي الْأَوْسَطَ ثُمَّ قد بَدَا لي أُجَاوِرَ هذا الْعَشْرَ الآخر ( ( ( الأواخر ) ) ) فَمَنْ كان اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ في مُعْتَكَفِهِ
وهو سُنَّةٌ ( ع ) يجب ( ( ( ويجب ) ) ) بِنَذْرِهِ ( ع ) وَإِنْ عَلَّقَهُ أو غَيْرُهُ بِشَرْطٍ فَلَهُ شَرْطُهُ نحو لِلَّهِ أَنْ اعتكف شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ كُنْت مُقِيمًا أو مُعَافًى فَكَانَ فيه مَرِيضًا أو مُسَافِرًا لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَهَلْ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ أو بِالنِّيَّةِ سَبَقَ آخِرَ الْبَابِ قَبْلَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ إلَّا ما نهى عن صِيَامِهِ لِلِاخْتِلَافِ في جَوَازِهِ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَآكَدُهُ رَمَضَانُ ( ع ) وَآكَدُهُ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ ( ع ) ولم يفرق ( ( ( يفارق ) ) ) الْأَصْحَابُ بين الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يَعْتَكِفُ في الثَّغْرِ لِئَلَّا يَشْغَلَهُ نَفِيرٌ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ ( وَ ) وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمَنْذُورِ بِالنِّيَّةِ لِيَتَمَيَّزَ وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ منه فَقِيلَ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ منه بِالْفَسَادِ كَالصَّلَاةِ وَقِيلَ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمَكَانٍ كَالْحَجِّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا يُبْطِلُ ولم يَكُنْ نَوَى مُدَّةً مُقَدَّرَةً ابتدأالنية ( ( ( ابتداء ) ) ) وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الإعتكاف
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمَنْذُورِ بِالنِّيَّةِ لِيَتَمَيَّزَ وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ منه فَقِيلَ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ منه بِالْفَسَادِ كَالصَّلَاةِ وَقِيلَ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمَكَانٍ كَالْحَجِّ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فقال لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ وَعَلَّلَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْفَسَادِ منه فَهُوَ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ لِمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ بِهِ
____________________
1-
(3/109)
وظاهر كلام جماعة لا يبتدئها ولا يصح من كافر ومجنون وطفل كصلاة وصوم
قال صاحب المحرر لاأعلم فيه خلافا وكذا ذكر غيره لخروجه بالجنون عن كونه من أهل المسجد على ما سبق في باب الغسل لكن يتوجه هل يبني أو يبتديء الخلاف في بطلان الصوم ولا يبطل بإغماء جزم به في الرعاية وغيرهما ووتأتي في النذر نذر الكافر
____________________
(3/110)
فَصْلٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا الْمَرْأَةُ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا ( وَ ) لِتَفْوِيتِ مَنَافِعِهِمَا الْمَمْلُوكَةِ لَهُمَا فَإِنْ شَرَعَا في نَذْرٍ أو نقل ( ( ( نفل ) ) ) بِلَا إذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا وِفَاقًا لِحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا من غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وصوم ( ( ( وضرر ) ) ) الإعتكاف أَعْظَمُ وَالْحَجُّ آكَدُ وَخَرَّجَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ لَا يُمْنَعَانِ من اعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ كَرِوَايَةٍ في الْمَرْأَةِ في صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ ذَكَرَهَا في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ وَنَصَرَهَا في غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالْعَبْدُ يَصُومُ النَّذْرَ وَيَأْتِي هذا الْوَجْهُ في الْوَاضِحِ في النَّفَقَاتِ قال وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا من نَذْرٍ مُطْلَقٍ لِأَنَّهُ على التَّرَاخِي كَوَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا في صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ
قال وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ رَابِعٌ مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا إلَّا من مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ قبل النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ كَوَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا في سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَيَتَوَجَّهُ إنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فيه فَكَالْمَنْذُورِ وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لم يُحَلِّلَاهُمَا صَحَّ وَأَجْزَأَ ( وَ ) وقال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ قال جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا منهم ابن الْبَنَّا يَقَعُ بَاطِلًا لِتَحْرِيمِهِ كَصَلَاةٍ في مَغْصُوبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَكَذَا في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ نَصُّ أَحْمَدَ في الْعَبْدِ وَإِنْ أَذِنَّا لَهُمَا ثُمَّ أراد ( ( ( أرادا ) ) ) تَحْلِيلَهُمَا فَلَهُمَا ذلك إنْ كان تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَلَا ( وش ) لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ في الإعتكاف ثُمَّ مَنَعَهُنَّ منه بَعْدَ أَنْ دَخَلْنَ وَلِأَنَّ حَقَّهُمَا وَاجِبٌ وَالتَّطَوُّعُ لَا يَلْزَمُ بالشروع ( ( ( بالمشروع ) ) ) على ما سَبَقَ فَهِيَ هِبَةُ مَنَافِعَ تَتَجَدَّدُ وَلَا يَلْزَمُ منها ما لم يُقْبَضْ على ما يَأْتِي في الْعَارِيَّةِ وَمَذْهَبُ ( م ) مَنْعُ تَحْلِيلِهِمَا مُطْلَقًا لِلُزُومِهِ بِالشُّرُوعِ عِنْدَهُ
وَمَذْهَبُ ( ه ) له تَحْلِيلُ الْعَبْدِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالتَّمْلِيكِ وَيُكْرَهُ لِإِخْلَافِهِ الْوَعْدَ وَلَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَ الزَّوْجَةِ فِيهِمَا لِمِلْكِهَا بِالتَّمْلِيكِ وَلَوْ رجعها ( ( ( رجعا ) ) ) بَعْدَ الْإِذْنِ قبل الشُّرُوعِ جَازَ ( ع ) بِخِلَافِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ فإنه إسْقَاطٌ لِأَمْرٍ مَضَى لَا يَتَجَدَّدُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في النَّذْرِ الْمُطْلَقِ الذي يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ كَنَذْرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أو مُتَتَابِعَةٍ إذَا اخْتَارَا فِعْلَهُ مُتَتَابِعًا وَأَذِنَ لَهُمَا في ذلك يَجُوزُ له تَحْلِيلُهُمَا منه عِنْدَ مُنْتَهَى
____________________
(3/111)
كل يَوْمٍ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ له منه إذَنْ كَالتَّطَوُّعِ
قال وَتَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا يَدُلُّ عليه وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ كَغَيْرِهِ وفي الرِّعَايَةِ لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا في غَيْرِ نَذْرٍ وَقِيلَ في غَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَالْإِذْنُ في عَقْدِ النَّذْرِ إذْنٌ في فِعْلِهِ إنْ نَذَرَ زَمَنًا مُعَيَّنًا بِالْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا ( وش ) لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لم يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ السَّابِقُ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ مَنْعَ تَحْلِيلِهِمَا أَيْضًا كَالْإِذْنِ في الشُّرُوعِ
وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِلَا إذْنٍ نَصَّ عليه لِمِلْكِهِ مَنَافِعِهِ كَحُرٍّ مَدِينٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ قال جَمَاعَةٌ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ * نَصَّ عليه كالإعتكاف وَأَوْلَى لِإِمْكَانِ التَّكَسُّبِ معه وَلَا يُمْنَعُ من إنْفَاقِهِ لِلْمَالِ فيه كالإعتكاف وَكَتَرْكِهِ التَّكَسُّبِ مُدَّةً وَيُنْفِقُ فيها عليه مِمَّا قد جَمَعَهُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ يَجُوزُ إنْ لم يَحْتَجْ أَنْ يُنْفِقَ فيه مِمَّا قد جَمَعَهُ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ له الْحَجُّ من الْمَالِ الذي جَمَعَهُ ما لم يَأْتِ نَجْمُهُ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ والشيخ على إذْنِهِ له وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا نَصَّ عليه أَحْمَدُ ولعله ( ( ( ولعل ) ) ) الْمُرَادَ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا ( وق )
وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إنْ كان بَيْنَهُ وَبَيْنَ السد ( ( ( السيد ) ) ) مُهَايَأَةٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ في نَوْبَتِهِ بِلَا إذْنِهِ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ له فيها وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ يَعْنِي الْمُكَاتَبُ يَأْتِي في بَابِ الْكِتَابَةِ بَيَانُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ناقص ( ( ( ناقض ) ) ) في كَلَامِهِ من وَجْهَيْنِ وَتَحْرِيرُ ذلك
____________________
1-
(3/112)
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ من رَجُلٍ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً في مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ إلَّا في مَسْجِدٍ تُقَامُ فيه الْجَمَاعَةُ وَلَوْ من رَجُلَيْنِ مُعْتَكِفَيْنِ وَإِلَّا صَحَّ منه في مَسْجِدِ غَيْرِهِ وفي الإنتصار وَلَا يَصِحُّ من الرجال ( ( ( الرجل ) ) ) مُطْلَقًا إلَّا في مَسْجِدٍ تُقَامُ فيه الْجَمَاعَةُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ ما رَوَاهُ سَعِيدٌ حدثنا سُفْيَانُ عن جَامِعٍ بن أبي رَاشِدٍ عن شَقِيقِ بن سَلَمَةَ عن حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قال لِابْنِ مَسْعُودٍ لقد عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا اعْتِكَافَ إلَّا في الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أو قال في مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها قالت السُّنَّةُ على الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً وَلَا يلمس ( ( ( يمس ) ) ) امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ منه وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا في مَسْجِدٍ جَامِعٍ رَوَاهُ أبو دَاوُد وقال غَيْرُ عبدالرحمن بن اسحاق لَا يقول فيه قالت السُّنَّةُ يَعْنِي أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وعبدالرحمن مُخْتَلَفٌ فيه وَرَوَى له مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ من حديث الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ عن عَائِشَةَ في حَدِيثٍ عنها وَفِيهِ وَإِنَّ السُّنَّةَ وَذَكَرَهُ وفي آخِرِهِ وَيَأْمُرُ من اعْتَكَفَ أَنْ يَصُومَ وقال يُقَالُ إنَّ السُّنَّةَ إلَى آخِرِهِ من قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَمَنْ أَدْرَجَهُ في الحديث فَقَدْ وَهَمَ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَغَيْرُهُ عن عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ فَيَحْرُمُ تَرْكُهَا
وَيَفْسُدُ الإعتكاف بِتَكْرَارِ الْخُرُوجِ وَظَهَرَ من هذا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ الْجَمَاعَةُ يَصِحُّ في كل مَسْجِدٍ ( وم ش ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وَلَا يَصِحُّ إلَّا في مَسْجِدٍ إجْمَاعًا حَكَاهُ ابن عبدالبر وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ في مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَيَصِحُّ في الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أجماعا حكاه حَكَاهُ ابن الْمُنْذِرِ وَعَنْ حُذَيْفَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ لااعتكاف إلَّا فيها وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/113)
وَرَحَبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ منه في رِوَايَةٍ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ بَلَى جَزَمَ بَعْضُهُمْ وِفَاقًا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ وَجَمَعَ بين الرِّوَايَتَيْنِ في مَوْضِعٍ فقال إنْ كانت محفوظة ( ( ( محوطة ) ) ) فَهِيَ منه وَإِلَّا فَلَا
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ محمد بن الْحَكَمِ ما يَدُلُّ على صِحَّتِهِ فقال إذَا سمع أَذَانَ الْعَصْرِ في رَحَبَةِ مَسْجِدِ الْجَامِعِ انْصَرَفَ ولم يُصَلِّ ليس هو بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ حَدُّ الْمَسْجِدِ الذي جُعِلَ عليه حَائِطٌ وَبَابٌ وقال هذا في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا وقال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ ( م 2 ) وفي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ ال ( ( ( الرحبة ) ) ) الْمُتَّصِلَةُ بِهِ منه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَظَهْرُ الْمَسْجِدِ منه ( وه ش ) وَمَذْهَبُ ( م ) لَا يَعْتَكِفُ فيه وَلَا في بَيْتِ قَنَادِيلِهِ وقال ( م ) أَيْضًا يُكْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَنَارَةُ التي لِلْمَسْجِدِ إنْ كانت فيه أو بَابُهَا فيه فَهِيَ منه وبدليل ( ( ( بدليل ) ) ) مَنْعِ جُنُبٍ وَالْأَشْهَرُ عن مَالِكٍ يُكْرَهُ وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَإِنْ كان بَابُهَا خَارِجًا منه بِحَيْثُ لَا يَسْتَطْرِقُ إلَيْهَا الا خَارِجَ السمجد ( ( ( المسجد ) ) ) أو كانت خَارِجَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ وَرَحَبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ منه في رِوَايَةٍ وَهِيَ ظاهرة كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ بَلَى جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ وَجَمَعَ بين الرِّوَايَتَيْنِ في مَوْضِعٍ فقال إنْ كانت مَحُوطَةً فَهِيَ منه وَإِلَّا فَلَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ محمد بن الْحَكَمِ ما يَدُلُّ على صِحَّتِهِ فقال إذَا سمع آذان الْعَصْرِ في رحبه مَسْجِدِ الْجَامِعِ انْصَرَفَ ولم يُصَلِّ ليس هو بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ حَدُّ الْمَسْجِدِ هو الذي عليه حَائِطٌ وَبَابٌ وَقَدَّمَ هذا في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا وقال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَ الورايتين ( ( ( الروايتين ) ) ) الْأُولَتَيْنِ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ إحْدَاهُمَا لَيْسَتْ من الْمَسْجِدِ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٌ منهم الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِمْ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ في مَوْضِعٍ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ قال الْحَارِثِيُّ في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ من الْمَسْجِدِ قال الْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ قُلْت جَزَمَ بِهِ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ في مَوْضِعٍ من فَقَالَا وَرَحْبَةُ الْمَسْجِدِ كَهُوَ وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وقال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ أنها رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ على اخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةُ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَكَذَا في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى
____________________
1-
(3/114)
المسجد والمراد والله أعلم وهي قريبة منه كما جزم به بعضهم فخرج للأذان بطل اعتكافه لأنه مشي حيث يمشي جنب لأمر منه بد كخروجه إليها لغير الأذان وقيل لا يبطل واختاره ابن البنا وصاحب المحرر
وقال القاضي لأنها بنيت له فكأنها منه وقال أبو الخطاب لأنها كالمتصلة به وقال صاحب المحرر لأنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان فكأنها منه فيما بنيت له ولا يلزم منه ثبوت بقية أحكام المسجد لأنها لم تبن له وللشافعية وجهان وثالث إن ألف الناس صوت المؤذن جاز للحاجة وإلا فلا وإن كانت في الرحبة فهي منها وإلا فلا والله أعلم
والأفضل اعتكاف الرجل في الجامع إذا كان اعتكافه تتخلله جمعة ولا يلزم وفاقا لأكثر العلماء منهم أبو حنيفة وظاهر مذهب الشافعي وحكاه في شرح مسلم عن مالك لما سبق ولأنه خرج لما لا بد منه وكأنه استثنى الجمعة ولا تتكرر بخلاف الجماعة وفي الإنتصار وجه يلزم فإن اعتكف في غيره بطل بخروجه إليها ( وم ) لأنه أمكنه أن يحترز منه كالخارج من صوم الشهرين المتتابعين إلى صوم رمضان ونحن نمنعه على ما يأتي فأما إن عين بنذره المسجد الجامع تعين موضع الجمعة وإن عين غير موضعها لم يتعين موضعها ولا يصح إن وجبت الجماعة بالإعتكاف فيما تقام فيه الجمعة وحدها ويصح عند مالك والشافعي ولمن لا تلزمه الجمعة أن يعتكف في غير الجامع وتبطل بخروجه إليها الا أن يشترطه كعيادة المريض وَيَصِحُّ من الْمَرْأَةِ في كل مَسْجِدِ لِلْآيَةِ وَالْجَمَاعَةُ لَا تَلْزَمُهَا وفي الإنتصار في مَسْجِدٍ تُقَامُ فيه الْجَمَاعَةُ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ لِمَا رَوَاهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ سُئِلَ عن امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عليها أَنْ تَعْتَكِفَ في مَسْجِدِ نَفْسِهَا في بَيْتِهَا فقال بِدْعَةٌ وَأَبْغَضُ الإعمال إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ فَلَا اعْتِكَافَ إلَّا في مَسْجِدٍ تُقَامُ فيه الْجَمَاعَةُ وَلَا يَصِحُّ في مَسْجِدِ بَيْتِهَا وهو ما اتَّخَذَتْهُ لِصَلَاتِهَا لِمَا سَبَقَ وَهَذَا ليس بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَيَصِحُّ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ وفي كُتُبِهِمْ كَالْمُخْتَارِ الْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ في بَيْتِهَا
قال الْأَصْحَابُ فَلِمَ لم يُنَبِّهْ ازواجه على ذلك إنما خَافَ عَلَيْهِنَّ التَّنَافُسَ في الْكَوْنِ معه وَتَرْكَ الْمُسْتَحَاضَةِ فيه وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنَّنَا
____________________
(3/115)
نَكْرَهُهُ لها إذَا لم تَتَحَفَّظْ بِخِبَاءٍ وَنَحْوِهِ وَاسْتَحَبَّهُ غَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِمَوْضِعِ الرِّجَالِ نَقَلَ أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ يَعْتَكِفْنَ في الْمَسَاجِدِ وَيَضْرِبْنَ لَهُنَّ فيها الْخِيَمَ قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرجال ( ( ( الرجل ) ) ) أَيْضًا لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ لِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِ وَنَقَلَ ابن إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ إلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ لِبَرْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/116)
فَصْلٌ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ هذا الْمَذْهَبُ ( وش ) لِأَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُ عليه السَّلَامُ إنِّي نَذَرْت في الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً وفي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ يَوْمًا في السمجد ( ( ( المسجد ) ) ) الْحَرَامِ قال أَوْفِ بِنَذْرِك زَادَ الْبُخَارِيُّ فَاعْتَكِفْ لَيْلَةً وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ليس على الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ على نَفْسِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال رَفَعَهُ السُّوسِيُّ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ لَا يَرْفَعُهُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هو ثِقَةٌ فَيُقْبَلُ رَفْعُهُ وَزِيَادَتُهُ
قال الْخَطِيبُ دخل بَغْدَادَ وَحَدَّثَ أَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةً وَلِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ وَتَفَرَّدَ عبدالله بن بُدَيْلٍ وَلَهُ مَنَاكِيرُ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِعُمَرَ اعْتَكِفْ وَصُمْ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَضَعَّفَهُ وَزِيَادَتُهُ أبو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا ثُمَّ أَمَرَهُ اسْتِحْبَابًا أو نَذَرَهُ مع الإعتكاف بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ في الشِّرْكِ
____________________
(3/117)
8 وَيَصُومَ قال الدَّارَقُطْنِيُّ إسناده ( ( ( إسناد ) ) ) حَسَنٌ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بن بَشِيرٍ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ مُخْتَلِفَةٌ فَعَلَى هذا أَقَلُّهُ تَطَوُّعًا أو نَذَرَ اعْتِكَافًا أو أطلق ما يُسَمَّى بِهِ مُعْتَكِفًا لا بثا فَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَحْظَةً وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَأَقَلُّهُ عِنْدَهُمْ مُكْثٌ يَزِيدُ على طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ أَدْنَى زِيَادَةٍ وفي كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ لَا لَحْظَةٌ وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَيَصِحُّ الإعتكاف في أَيَّامِ النَّهْيِ التي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا وَلَوْ صَامَ ثُمَّ أَفْطَرَ عَمْدًا لم يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الإعتكاف بِغَيْرِ صَوْمٍ ( وه م ) فَعَلَى هذا لَا يَصِحُّ لَيْلَةً مُفْرَدَةً وفي أَقَلِّهِ وَجْهَانِ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَحَدُهُمَا يَوْمٌ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وِفَاقًا لِرِوَايَةٍ عن أبي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ ما يَتَأَتَّى فيه الصَّوْمُ
الثَّانِي أَقَلُّهُ ما يَقَعُ عليه الإسم إذَا وُجِدَ في الصَّوْمِ لِوُجُودِ اللُّبْثِ بِشَرْطِهِ وَجَزَمَ بهذا غَيْرُ وَاحِدٍ ( م 3 ) وهو أَصَحُّ عن أبي حَنِيفَةَ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا إنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَمُرَادُهُمْ إذَا لم يَكُنْ صَائِمًا كما ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ أَجْزَأَهُ بَقِيَّةُ النَّهَارِ إنْ كان صَائِمًا وَجَزَمُوا في النَّذْرِ على الْأَوَّلِ بِأَنَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْلَى لَا يَوْمًا ( ش ) لِيَخْرُجَ من الْخِلَافِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَعَنْهُ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ وَلَا يَصِحُّ في أَيَّامِ النَّهْيِ التي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا ( وه م ) وَاعْتِكَافُهَا نَذْرًا وَنَفْلًا كَصَوْمِهَا نَذْرًا وَنَفْلًا فَإِنْ أتى عليه يَوْمُ الْعِيدِ في أَثْنَاءِ اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ فَإِنْ قُلْنَا يَجُوزُ الإعتكاف فيه فَالْأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ وَيَجُوزُ خُرُوجُهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ الْمَلِكِ الْمَالِكِيِّ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى إنْ شَاءَ وَإِلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الإعتكاف بِغَيْرِ صَوْمٍ فَعَلَى هذا لَا يَصِحُّ في لَيْلَةٍ مُفْرَدَةٍ وفي أَقَلِّهِ وَجْهَانِ قَالَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَحَدُهُمَا يَوْمٌ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالثَّانِي أَقَلُّهُ ما يَقَعُ عليه الإسم إذَا وَجَدَ في الصَّوْمِ لِوُجُودِ اللَّبْثِ بِشَرْطِهِ وَجَزَمَ بهذا غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحُ وَالْفَائِقُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ ( قُلْت ) : وهو الصَّوَابُ وأطاقهما الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَبَيَّنَ مُرَادَهُمْ
____________________
1-
(3/118)
العكوف ثم يعود قبل غروب الشمس من يومه لتمام أيامه هذا قول مالك
قاله صاحب المحرر ولا يشترط أن يصوم للإعتكاف ما لم ينذر له الصوم الظاهر الآية والخبر وكما يصح أن يعتكف في رمضان تطوعا أو بنذر عينه به ( و ) وشرطه الحنفية للإعتكاف الواجب في الذمة فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ رَجَبٍ فَتَرَكَهُ وَاعْتَكَفَ رَمَضَانَ أو نَذَرَ اعْتِكَافَ رَمَضَانَ فَتَرَكَهُ وَاعْتَكَفَ رَمَضَانَ الْمُقْبِلَ لم يُجْزِئْهُ وَكَذَا عِنْدَهُمْ الإعتكاف الْمُطْلَقُ إذَا فَعَلَهُ في رَمَضَانَ لِوُجُوبِ صَوْمٍ في ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَدَّى بِرَمَضَانَ كَنَذْرِ الصَّوْمِ الْمُفْرَدِ
وأجيت ( ( ( وأجيب ) ) ) بِالْمَنْعِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَعْتَكِفَ في أَيِّ صَوْمٍ كان كَمَنْ نَذَرَ صَلَاةً وهو مُحْدِثٌ ثُمَّ تَطَهَّرَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ له أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ وَلِأَنَّهُ لو نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فأفطر ( ( ( فأفطره ) ) ) لِعُذْرٍ فَقَضَاهُ وَاعْتَكَفَ مع الْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ ( وَ )
وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيْرُهُ ( وَ ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ لِأَنَّ كُلَّ قرية ( ( ( قربة ) ) ) مُعَلَّقَةٌ بِزَمَنٍ لَا تَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ كَنَذْرِ صَلَاةٍ في يَوْمٍ مُعَيَّنٍ أو الصَّدَقَةِ وَكَنَذْرِ اعْتِكَافِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ غَيْرِ رَمَضَانَ وَخَالَفَ فيه بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لِفَوَاتِ الْمُلْتَزَمِ وَيَبْطُلُ هذا بِالصَّوْمِ الْمُعَيَّنِ ( ع ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ثُمَّ إذَا لَزِمَ شَهْرٌ غَيْرُهُ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ لِأَنَّهُ لم يَلْتَزِمْهُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى ثُمَّ قال وَقِيلَ إنْ شَرَطْنَاهُ فيه لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا هو الذي في الْمُسْتَوْعِبِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ تَحْقِيقًا لِشَرْطِ الصِّحَّةِ ( م 4 )
ويجزي مع شَرْطِ الصَّوْمِ رَمَضَانُ آخَرُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا لَا يُجْزِئُهُ وهو كقوله ( ( ( كقول ) ) ) الْحَنَفِيَّةِ السَّابِقِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ ولم يذكر الْقَاضِي خِلَافًا في نَذْرِ الإعتكاف الْمُطْلَقِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ وَمُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ أَقْرَبُ إلَى الْتِزَامِ الصَّوْمِ فَهُوَ أَوْلَى ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيْرُهُ ثُمَّ إذَا لَزِمَ شَهْرٌ غَيْرُهُ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ لِأَنَّهُ لم يَلْتَزِمْهُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى ثُمَّ قال وَقِيلَ إنْ شَرَطْنَاهُ فيه لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا هو الذي في الْمُسْتَوْعِبِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ تَحْقِيقًا لِشَرْطِ الصِّحَّةِ انْتَهَى فَقَوْلُهُ قَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ الْبَعْضُ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قُلْت الصَّوَابُ ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَلَيْسَ ذلك بِمُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ والله أعلم
____________________
1-
(3/119)
ولم يرد القاضي هذا وإن دل عليه كلامه والقول به في المطلق متعين وعلل في المستوعب الإجزاء بأنه لم يلزمه بالنذر صيام وإنما أوجب ذلك عن شهر رمضان وعلل عدمه بأنه لما فاته لزمه اعتكاف شهر بصوم فلم يقع صيامه عنه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عشر ( ( ( عشره ) ) ) الْأَخِيرِ فَنَقَصَ أَجْزَأَهُ وِفَاقًا بِخِلَافِ نَذَرَ عَشْرَةِ ايام من آخِرِ الشَّهْرِ فَنَقَصَ يَقْضِي يَوْمًا وِفَاقًا وَإِنْ فَاتَهُ الْعَشْرُ فَقَضَاهُ خَارِجَ رَمَضَانَ جَازَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وِفَاقًا لِقَضَائِهِ عليه السَّلَامُ في الْعَشْرِ الْأُوَلِ من شَوَّالٍ مُتَّفَقٌ عليه وَكَقَضَاءِ نَذَرَ صَوْمِ عَرَفَة أو عَاشُورَاءَ في غَيْرِهِ وقال ابن أبي مُوسَى يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ من قَابِلٍ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ في الْمُعْتَكِفِ يَقَعُ على امْرَأَتِهِ عليه الإعتكاف من قَابِلٍ لأشتماله على لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَبَقَ أَنَّ من نَذَرَ قِيَامَهَا لَزِمَهُ فَكَذَا اعْتِكَافُهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ من رَمَضَانَ الْآتِي في الْأَشْهَرِ قال من عِنْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ مِثْلُهُ من شَهْرٍ غَيْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ من تَعْيِينِ الْعَشْرِ تَعْيِينُ رَمَضَانَ في التي قَبْلِهَا وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ المسالة الْأُولَى قال وقد ذَكَرَ ابن أبي مُوسَى فذكر قَوْلَهُ ولم يَزِدْ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ لِأَنَّ فِعْلَهُ عليه السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَالصَّوْمُ يجزيء الْمَفْضُولُ فيه عن الْفَاضِلِ بِدَلِيلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَالْأَشْهُرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/120)
فَصْلٌ من قال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعتكف صَائِمًا أو بِصَوْمٍ لَزِمَاهُ مَعًا فَلَوْ فَرَّقَهُمَا أو اعْتَكَفَ وَصَامَ فَرْضَ رَمَضَانَ وَنَحْوَهُ لم يُجْزِئْهُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ليس على الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ على نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فيه كَالتَّتَابُعِ وَكَالْقِيَامِ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لَا الْجَمْعُ فَلَهُ فِعْلُ كل مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كما لو نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَائِمًا أو بِالْعَكْسِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا نُسَلِّمُهُ وَنَقُولُ يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ كما قال ثُمَّ سَلَّمَهُ وَهَذَا هو الْمَعْرُوفُ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا ليس مقصود ( ( ( بمقصود ) ) ) في الآخرة ( ( ( الآخر ) ) ) وَلَا سَبَبِهِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَالْوَجْهَانِ لنا وَلِلشَّافِعِيَّةِ في التي قَبْلَهَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَفَرَّقَ في التَّلْخِيصِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّوْمَ ليس من شِعَارِهِ الإعتكاف وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا فَالْوَجْهَانِ * في الْمَذْهَبَيْنِ وفيها ( ( ( وفيهما ) ) ) وَجْهٌ ثَالِثٌ لَا يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ هُنَا لِتَبَاعُدِ ما بين الْعِبَادَتَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ من الصَّوْمِ والإعتكاف كَفٌّ يُعْتَبَرُ بِالزَّمَانِ فَلَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالنَّذْرِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ ذَكَرَ ذلك صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُرَادُ رَكْعَةٌ أو رَكْعَتَانِ ولم يذكر هذه الصُّورَةَ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَذَكَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا
وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً وَيَقْرَأَ فيها سُورَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَهُ الْجَمْعُ فَلَوْ قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لم يُجْزِئْهُ ذَكَرَهُ في الإنتصار وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ لنا مِثْلُهُ وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَلْزَمُ حَالَ النَّاذِرِ في جَمِيعِ هذه الْمَسَائِلِ إذَا كانت عِبَادَةً مُفْرَدَةً فإذا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا أو بِالْعَكْسِ أو نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُصَلِّيًا أو بِالْعَكْسِ أو نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مُعْتَكِفًا أو بِالْعَكْسِ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي لَا مُنْفَرِدًا وَلَا مع الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لم يَلْزَمْهُ مُنْفَرِدًا وَلَيْسَ ( تنبيه ) قوله : وان نذر ان يصوم معتكفا فالوجهان وكذا قوله وان نذر أن يعتكف مصليا فالوجهان يعني المتقدمين قبل والمصنف قد قدم انهما يلزمانه معا فيما اذا نذر أن يعتكف صائما أو يصوم فكذا هنا والله أعلم
____________________
(3/121)
بِصِفَةٍ مَقْصُودَةٍ لِيَلْزَمَ بِالنَّذْرِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فيه على أَصْلِهِمْ وَإِنْ نَذَرَ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَلَهُمْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَوَّلُ كما سَبَقَ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الإعتكاف لِأَنَّهُ ليس عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً فَجَازَ جَعْلُهُ شَرْطًا في الْعِبَادَةِ التي جُعِلَتْ شَرْطًا له
وَنَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وُجُوبَ الْجَمْعِ في ذلك كُلِّهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ وَلِأَنَّهُ طَاعَةٌ لِاسْتِبَاقِهِ إلَى الْخَيْرَاتِ وَلِكَوْنِهِ أَشَقَّ قال وما عَلَّلَ بِهِ الْمُخَالِفَ يَبْطُلُ بِالتَّتَابُعِ في الصَّوْمِ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَكُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/122)
فَصْلٌ من نَذَرَ الإعتكاف أو الصَّلَاةَ في أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ السجد ( ( ( المسجد ) ) ) الْحَرَامِ أو مسجدالنبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لم يُجْزِئْهُ في غَيْرِهَا ( ه ) لِفَضْلِ الْعِبَادَةِ فيها على غَيْرِهَا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ يَتَعَيَّنُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَقَطْ وَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لم يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ فَدَلَّ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ أَنَّ مَسْجِدَهَا أَفْضَلُ ( رم ) وَهَذَا ظَاهِرُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لم يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ دُونَهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ على ماسبق وَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدَانِ فَقَطْ نَصَّ عليه لِأَفْضَلِيَّتِهِمَا عليه ( م ) في مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غير هذه الثَّلَاثَةِ لم يَتَعَيَّنْ لِحَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا الى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ وَذَكَرَهَا مُتَّفَقٌ عليه وَلِمُسْلِمٍ في رِوَايَةٍ إنَّمَا يُسَافَرُ إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ فَلَوْ تَعَيَّنَ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وهو صَحِيحٌ فِيمَا إذَا احْتَاجَ إلَى ذلك وَخَالَفَ فيه اللَّيْثُ وَيَتَوَجَّهُ إلَّا مَسْجِدَ قُبَاءَ وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيِّ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَزُورُ قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وفي كان يَأْتِي قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ وكان يَأْتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَيُصَلِّي فيه رَكْعَتَيْنِ
وكان ابن عُمَرَ يَفْعَلُهُ مُتَّفَقٌ عليه وَلِلنَّسَائِيِّ وَابْنِ ماجة من حديث سَهْلِ بن حُنَيْفٍ إنَّ من خَرَجَ حتى يَأْتِيَهُ فَيُصَلِّيَ فيه كان له عَدْلُ عُمْرَةٍ وَعَنْ أُسَيْدَ بن ظُهَيْرٍ مَرْفُوعًا الصَّلَاةُ في مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال غَرِيبٌ وَلَا نَعْرِفُ لاسيد شيئا يَصِحُّ غَيْرُ هذا
وَفِيهِ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَارَةِ وَكَرِهَهُ محمدبن مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ أَمَّا ما
____________________
(3/123)
لم يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فمهوم ( ( ( فمفهوم ) ) ) كَلَامِهِ في الْمُغْنِي يَلْزَمُ فيه وهو ظَاهِرُ الإنتصار فإنه قال الْقِيَاسُ لُزُومُهُ تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ وَذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا في تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ للصلاح ( ( ( للصلاة ) ) ) وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ تَعْيِينَهُ لها
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ قال وَنَذْرُ الإعتكاف مِثْلُهُ وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا وَجْهَيْنِ في تَعْيِينِ ما امْتَازَ بمزيه شَرْعِيَّةٍ كَقِدَمٍ وَكَثْرَةِ جَمْعٍ وَاخْتَارَ في مَوْضِعٍ آخَرَ يَتَعَيَّنُ وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بهذا في الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ وَقَطَعَ بِهِ ابن الْجَلَّابِ منهم رواه ( ( ( ورواه ) ) ) محمد بن الْمَوَّازِ في الْمَوَّازِيَّةِ عن مَالِكٍ وَذَكَرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا وَبَعْضُهُمْ قَوْلًا في تَعْيِينِ الْمَسَاجِدِ لِلِاعْتِكَافِ وَاحْتَجُّوا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ بِأَنَّهُ لَا مِزْيَةَ لِبَعْضِ الْمَسَاجِدِ على بَعْضٍ بِمِزْيَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَهَذَا يَبْطُلُ بِقُبَاءَ ثُمَّ هِيَ طَاعَةٌ فَتَدْخُلُ في الْخَبَرِ ثُمَّ الْفَرْقُ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ اللَّهَ لم يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَكَانًا وَيَبْطُلُ بِبِقَاعِ الْحَجِّ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الإعتكاف وَالصَّلَاةُ لَا يَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ كَذَا قَالَا ( م 2 ) فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ يَعْتَكِفُ في غَيْرِ الْمَسْجِدِ الذي عَيَّنَهُ وفي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ إنْ وَجَبَتْ في غَيْرِ الْمُسْتَحَبِّ وَكَذَا الصَّلَاةُ ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 5 قوله وَإِنْ عين ( ( ( أراد ) ) ) مسجدا ( ( ( الذهاب ) ) ) غير هذه الثلاثة ( ( ( عينه ) ) ) لم يتعين ( ( ( احتاج ) ) ) أَمَّا ما لم يَحْتَجْ الى شَدِّ رَحْلٍ فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي يَلْزَمُ فيه وهو ظَاهِرُ الإنتصار فإنه قال الْقِيَاسُ لُزُومُهُ تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ وَذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا في تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ لِلصَّلَاةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ تَعْيِينَهُ لها قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ قال وَنَذْرُ الإعتكاف مِثْلُهُ وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا وَجْهَيْنِ في تَعْيِينِ ما امْتَازَ بِمَزِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَقِدَمٍ وَكَثْرَةِ جَمْعٍ وَاخْتَارَ في مَوْضِعٍ آخَرَ يَتَعَيَّنُ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الإعتكاف وَالصَّلَاةُ لَا يختصمان ( ( ( يختصان ) ) ) بِمَكَانٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ كَذَا قَالَا انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا في مَسْجِدٍ ولم يَحْتَجْ إلَى شَدَّ رَحْلٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إيتانه ( ( ( إتيانه ) ) ) وَيَتَعَيَّنُ فيه أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ غير الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ لم يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ وهو ظَاهِرُ كلا أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ بَعْضِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مسالة 6 قَوْلٌ فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ يَعْتَكِفُ في غَيْرِ الْمَسْجِدِ الذي عَيَّنَهُ وفي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ إنْ وَجَبَتْ في غَيْرِ الْمُسْتَحَبِّ وَكَذَا الصَّلَاةُ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في
____________________
1-
(3/124)
وظاهر كلام جماعة يصلي في غير مسجد أيضا ولعله مراد غيرهم وهو متجه وإن أراد الذهاب إلى ما عينة فإن احتاج إلى شد رحل خير عند القاضي وغيره وجزم بعضهم بإباحته واختاره الشيخ في القصير واحتج بخبر قباء وحمل النهي على أنه لا فضيلة فيه وقاله أكثر الشافعية وحكاه في شرح مسلم عن جمهور العلماء ولم يجوز ابن عقيل وشيخنا ( م 7 ) ( وم ) وبعض أصحابه وذكر جماعة من أصحابه عنه يكره ولعله مراده في التلخيص وغيره بأنه لا يترخص وذكر الشيخ زين الدين في شرح المقنع يكره إلى القبور والمشاهد وهي المسألة ونقل ابن القاسم وشندي أن أحمد سئل عن الرجل يأتي المشاهد ويذهب إليها ترى ذلك قال أما على حديث ابن مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى وعلى نحو ما كان يفعل ابن عمر يتبع مواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأثره فليس بذلك بأس إلا أن الناس أفطروا في هذا جدا وأكثروا قال ابن القاسم فذكر قبر الحسين وما يفعل الناس عنده وحكى شيخنا وجها يجب السفر المنذور إلى المشاهد ومراده والله أعلم اختيار صاحب الرعاية
وقال شيخنا أيضا ما شرع جنسه والبدعة اتخاذه عادة كأنه واجب كصلاة وقراءة ودعاء وذكر جماعة وفرادى وقصد بعض المشاهد ونحوه يفرق بين الكثير الظاهر منه والقليل الخفي والمعتاد وغيره
قال ويترتب على استحبابه وكراهته حكم نذره وشرطه في وقف ووصيتة ونحوه والله أعلم أما ما لم يحتج إلى شد رحل فيخير ذكره القاضي وابن عقيل وقال في الواضح الأفضل الوفاء وهذا أظهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِق وَالْمُجَرَّدِ ذَكَرَهُ في بَابِ النَّذْرِ إحْدَاهُمَا لَا كَفَّارَةَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بها الْمُقْنِعُ في بَعْضِ النُّسَخِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ في وَجْهٍ فَدَلَّ على الْمُقَدَّمَ وَالْمَشْهُورَ لَا كَفَّارَةَ عليه قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عليه الْكَفَّارَةُ جَزَمَ بِهِ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى ما عَيَّنَهُ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ خُيِّرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْقَصِيرِ ولم يُجَوِّزْهُ ابن عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا انْتَهَى ما اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هو الصَّوَابُ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا
____________________
1-
(3/125)
فَصْلٌ من نَذَرَ اعْتِكَافًا مُعَيَّنًا مُتَتَابِعًا لَيْلًا أو نَهَارًا مُطْلَقًا أو شَرَطَ تَتَابُعَهُ أو نَوَاهُ في يَوْمَيْنِ أوليلتين أو أَكْثَرَ أو أَطْلَقَ وَقُلْنَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ في وَجْهٍ كما يَأْتِي لَزِمَهُ ما بَيْنَهُمَا من يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَطْ نَصَّ عليه ( وش ) لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلَةَ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ تَكْرَارُ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ ما تَخَلَّلَهُ من الْأَيَّامِ أو اللَّيَالِي تَبَعًا لِلُّزُومِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا
وَخَرَّجَ ابن عَقِيلٍ لَا يَلْزَمُهُ ما تَخَلَّلَهُ لأنه لَفْظَهُ لم يتناول ( ( ( يتناوله ) ) ) وَاخْتَارَهُ أبو حَكِيمٍ وَخَرَّجَهُ من اعْتِكَافِ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ معه لَيْلَةٌ وهو الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَحُكِيَ لنا قَوْلٌ لَا يَلْزَمُهُ لَيْلًا وَمَذْهَبُ ( ه م ) يَلْزَمُهُ بِعَدَدِ ما لَفَظَ بِهِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ من أَحَدِ جِنْسَيْ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي عِبَارَةٌ عنهما مع الْإِطْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { آيَتُك أَلَّا تُكَلِّمَ الناس ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } آل عمران 41 وقال ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آل عمران 41 وَأُجِيبُ بِأَنَّ اللَّهَ نَصَّ عَلَيْهِمَا كما يُعْمَلُ بِالنِّيَّةِ في اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ ( وَ )
وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أو مُطْلَقًا دخل مُعْتَكَفَهُ قبل فَجْرِهِ الثَّانِي وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِهِ ( وه ش ) لِأَنَّهُ اسْمُ الْيَوْمِ قَالَهُ الْخَلِيلُ وَلَا تَلْزَمُهُ اللَّيْلَةُ التي قَبْلَهُ ( م ) لِأَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْسَتْ من الْيَوْمِ وَحَكَى ابن أبي مُوسَى رِوَايَةً يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قبل وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً لَزِمَتْهُ بِيَوْمِهَا وَتَلْزَمُهُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةُ فَقَطْ فَيَدْخُلُ قبل الْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَجْرِهَا الثَّانِي ( وش ) وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الصَّوْمَ لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ( وه ) وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لم يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ من الْأَيَّامِ ( وه م ) لِأَنَّهُ يُفْهَمُ منه التَّتَابُعُ كَقَوْلِهِ مُتَتَابِعًا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَإِنْ قال في وَسَطِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا من وَقْتِي هذا لَزِمَهُ من ذلك الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ لِتَعْيِينِهِ ذلك بنذرة وفي دُخُولِ اللَّيْلِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ إنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَمِنْ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ دخل مُعْتَكَفَهُ قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ من أَوَّلِ لَيْلَةٍ منه وخروج ( ( ( وخرج ) ) ) بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ من آخِرِهِ نَصَّ عليه ( وَ ) وَعَنْهُ أويدخل قبل فَجْرِهَا الثَّانِي رُوِيَ عن اللَّيْثِ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَإِنْ نَذَرَ عَشْرًا مُعَيَّنًا دخل قبل لَيْلَتِهِ الْأُولَى ( وَ ) وَعَنْهُ أو قبل فَجْرِهَا الثَّانِي وَعَنْهُ أو بَعْدَ صَلَاتِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ تَطَوُّعًا دخل قبل لَيْلَتِهِ الْأُولَى نَصَّ عليه
____________________
(3/126)
لِرُؤْيَاهُ عليه السَّلَامُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ في حديث أبي سَعِيدٍ وخص ( ( ( وحض ) ) ) أَصْحَابَهُ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ على اعْتِكَافِ الْعَشْرِ وَلَيْلَتُهُ الْأُولَى كَغَيْرِهَا وهو عَدَدٌ مُؤَنَّثٌ
وَعَنْهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوَّلَ يَوْمٍ منه وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وابن الْمُنْذِرِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ كان إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صلى الْفَجْرَ ثُمَّ دخل مُعْتَكَفَهُ مُتَّفَقٌ عليه وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على الْجَوَازِ وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أن كان يَفْعَلُ ذلك في يَوْمِ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرَ بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً قبل دُخُولِ الْعَشْرِ
قال وَنُقِلَ هذا عنه ثُمَّ ذَكَرَهُ من حديث عَمْرَةَ عن عَائِشَةَ ولم أَجِدْهُ في الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الإعتكاف ( ع ) فَإِنْ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ أو الْعَشْرَ الْأَخِيرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ بيت ( ( ( يبيت ) ) ) لَيْلَةَ الْعِيدِ في مُعْتَكَفِهِ وَيَخْرُجَ منه إلَى الْمُصَلَّى نَصَّ عليه وقال هَكَذَا حَدِيثُ عَمْرَةَ عن عَائِشَةَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وذكره أَيْضًا أَنَّهُ بَلَغَهُ عن أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وقال سَعِيدٌ حدثنا فُضَيْلُ بن عِيَاضٍ عن مُغِيرَةَ عن أبي مَعْشَرٍ عن إبْرَاهِيمَ قال كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذلك
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِيَصِلَ طَاعَةً بِطَاعَةٍ قال في الْكَافِي وَلِأَنَّهَا لَيْلَةٌ تَتْلُو الْعَشْرَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّرْغِيبِ في قِيَامِهَا فَأَشْبَهَتْ ليال ( ( ( ليالي ) ) ) الْعَشْرِ وَأَوْجَبَهُ ابن الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ وقال إنَّهُ السُّنَّةُ الْمُجْمَعُ عليها فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِنِيَّةٍ فسدا ( ( ( فسد ) ) ) اعْتِكَافُهُ (
) قال ابن عبد الْبَرِّ لم يَقُلْ بِقَوْلِهِمَا أَحَدٌ من الْعُلَمَاءِ إلَّا رِوَايَةً عن مَالِكٍ ولم يَسْتَحِبَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِنِيَّةٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ انْتَهَى قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ كَذَا في النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ إلَى بَيْتِهِ انْتَهَى قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ وَتَقْدِيرُهُ بِنِيَّةِ إقَامَتِهِ أو بِنِيَّةِ قَطْعِهِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَصِحُّ بِهِ الْحُكْمُ على مَذْهَبِ من قال بِالْوُجُوبِ فإنه مَبْنِيٌّ عليه الثاني ( ( ( فصل ) ) ) قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ في بَيْتِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ واختار جَمَاعَةٌ منهم الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُتَوَجَّهُ الْجَوَازُ وَاخْتَارَهُ أبو حَكِيمٍ وَحَمَلَ كَلَامَ أبي الْخَطَّابِ عليه انْتَهَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ من المذهب ( ( ( المذاهب ) ) ) عَدَمُ الْجَوَازِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
____________________
1-
(3/127)
الأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي لانقضاء المدة كالعشر الأول أو الأوسط
وإن نذر أن يعتكف أيام العشر لزمه ما يتخلله من لياليه لا ليلته الأولى نص عليه وفيها وفي ليله المتخللة الخلاف السابق أول الفصل وفي الكافي إن نذر أيام الشهر أو لياليه أو شهرا بالليل أو بالنهار لزمه ما نذره فقط وذكره في الرعاية قولا وإن نذر شهرا مطلقا لزمه تتابعه نص عليه ( وه م ) لأنه معنى يصح ليلا ونهارا كمدة العدة والعنة والإيلاء ولأنه يفهم من إطلاقه بدليل فهمه من إطلاقه في العدة والإيلاء فعلم أن التصريح به في الكفارة تأكيد وعنه لا يلزمه اختاره الآجري وصححه ابن شهاب وغيره ( وش ) لانه يصح إطلاقه عرى ذلك ولهذا يصح تقييده بالتتابع ولا يلزمه الشروع فيه عقب النذر بخلاف لا كلمت زيدا شهرا ويدخل معتكفه قبل الغروب من أول ليلة منه عنه أو وقت صلاة المغرب وذكره ابن أبي موسى وعنه أو قبل الفجر الثاني من أول يوم منه ولا يخرج إلا بعد غروب شمس آخر أيامه ويكفي شهر هلالي ناقص بلياليه أو ثلاثين يوما بلياليها ثلاثين ليلة
قال صاحب المحرر على رواية لا يجب التتابع يجوز إفراد الليالي عن الأيام إذا لم نعتبر الصوم وإن اعتبرناه لم يجز ووجب اعتكاف كل يوم مع ليلته المتقدمة عليه وإن ابتدأ الثلاثين في أثناء النهار فتمامه في مثل تلك الساعة من اليوم الحادي والثلاثين وإن ابتداه في أثناء الليل تم في مثل تلك الساعة من الليلة الحادية والثلاثين إن لم نعتبر الصوم وإن اعتبرناه فثلاثين ليلة صحاحا بأيامها الكاملة فيتم اعتكافه بغروب شمس الحادي والثلاثين في الصورة الأولى أوالثاني والثلاثين في الثانية لئلا يعتكف بعض يوم أو بعض ليلة دون يومها الذي يليها والله أعلم
وإن نذر اعتكاف أيام أو ليال معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن ينويه لعدم دلالتها عليه وكذا احتج ابن عباس في قضاء رمضان بقوله { فعدة من أيام أخر } البقرة 184 واحتج غيره في الكفارة بقوله فصيام ثلاثة أيام وعنده القاضي يلزمه ( وه م ) كلفظ الشهر وقيل يلزمه إلا في ثلاثين يوما للقرينة لأن العادة فيه لفظ الشهر فإن تابع لزمه ما يتخللها من ليل أو نهار في الأشهر ويدخل في الأيام معتكفة قبل الفجر الثاني وعنه أو بعد صلاته وإن نذر شهر متفرقا فله تتابعه
____________________
(3/128)
( وش ) قال صاحب المحرر لأنه أفضل كاعتكافه في المسجد الحرام من نذر غيره قال وهو قياس قول أهل الرأي فإنهم قالوا فيمن أوصى بحجتين في عامين فأخرجا في عام جاز فهذا أولى ويحتمل أن يقال فقد سوى بينهما في القياس فدل على مخالفة لفظ الموصي للأفضلية لمصلحته فمع إطلاقه أولى وسبق في الصوم عن الميت ويأتي كلام أحمد والأصحاب أنه يعمل بلفظ الموصي وسبق في الفصل قبله كلام شيخنا
____________________
(3/129)
فصل من لزمه تتابع اعتكافه لم يجز خروجه وإلا لما لا بد منه فيخرج لبول وغائط ( ع ) وقيء بغتة وغسل متنجس يحتاجه وله المشي على عادته وقصد بيته إن لم يجد مكانا يليق به لا ضرر عليه فيه ولا منة كسقاية لا يحتشم مثله منها ولا نقص عليه قالوا ولا مخالفة لعادته وفي هذا نظر ويلزمه قصد أقرب منزليه لدفع حاجته به بخلاف من اعتكف في المسجد الأبعد منه لعدم تعيين أحدهما قبل دخوله للإعتكاف وإن بذل له صديقه أو غيره منزله القريب لقضاء حاجته لم يلزمه للمشقة بترك المروءة والإحتشام منه
ويحرم بوله في المسجد في إناء ولعموم قوله عليه السلام إن المساجد لم تبن لهذا إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن أو كما قال ويتوجه احتمال وصح عن أبي وائل أنه فعله واحتمال آخر لكبر وضعف وفاقا لإسحاق وكذا فصد وحجامة فيخرج لحاجة كثيرة وإلا لم يجز كمرض يمكنه احتماله وذكر ابن عقيل احتمالا يجوز في إناء ( وش ) كالمستحاضة ( و ) مع أمن تلويثه والفرق أنه لا يمكنه التحرز منه إلا بترك الإعتكاف وقيل الجواز لضرورة وكذا النجاسة في هواء المسجد كالقتل على نطع ودم في قنديل أظنه في الفصول
قال ابن تميم يكره الجماع فوق المسجد والتمسك بحائطه والبول علي نص عليه قال ابن عقيل في الإجارة في الفصول في التمسك بحائطه مراده الحظر فإن بال خارجا وجسده فيه لا ذكره وعنه يحرم وقيل فيه وجهان والله أعلم
ويخرج المعتكف لغسل جنابة وكذا غسل جمعة إن وجب وإلا لم يجز ( و ) كتجديد الوضوء ويخرج للوضوء لحدث نص عليه وإن قلنا لا يكره فيه فعله فيه بلا ضرر وسبق في آخر باب الوضوء ويخرج ليأتي بمأكول ومشروب يحتاجه إن لم يكن له من يأتيه به نص عليه ( وم ش ) وعند ( م ) لا يخرج ولا يعتكف حتى
____________________
(3/130)
يعد ما يصلحه كذا قال
ولا يجوز خروجه لأكله وشربه في بيته في ظاهر كلامه واختاره جماعة منهم صاحب المغني والمحرر ( وه ) لعدم الحاجة لإباحته ولانقص فيه وذكر القاضي أنه يتوجه الجواز واختاره أبو حكيم وحمل كلام أبي الخطاب عليه ( وش ) لما فيه ترك المروءة ويستحي أن يأكل وحده ويريد أن يخفى جنس قوته وقال ابن حامد إن خرج لما لا بد منه إلى منزله أكل فيه يسيرا كلقمة ولقمتين لا كل أكل وله غسل يده فيه إناء من وسخ وزفر ونحوهما وذكر صاحب المحرر وفي غير إناء ولا يجوز خروجه لغسلها وسبق أول الباب هل يخرج للجمعة وله التبكير إليها نص عليه وإطالة المقام بعدها ( وه ) ولا يكره لصلاحية الموضع للإعتكاف ويستحب عكس ذلك ذكره القاضي وهو ظاهر كلام أحمد وذكر الشيخ احتمالا يخير في الإسراع إلى معتكفه وفي منتهى الغاية احتمال تبكيره أفضل وأنه ظاهر كلام أبي الخطاب في باب الجمعة لأنه لم يستثن المعتكف وفي الفصول يحتمل أن يضيق الوقت وأنه إن تنفل بعدها فلا يزيد على أربع ونفل أبو داود التبكير أرجوا وأنه يرجع بعدها عادته وإنما جاز التبكير كحاجة الإنسان وتقديم وضوء الصلاة ليصلي به أول الوقت ولا يلزمه سلوك الطريق الأقرب وظاهر ما سبق يلزمه كقضاء الحاجة قال بعض أصحابنا الأفضل خروجه كذلك وعوده في أقصر طريق لا سيما في النذر والأفضل سلوك أطول الطرق إن خرج لجمعة وعيادة وغيرها والله أعلم
وَيَخْرُجُ لِمَرَضٍ يَتَعَذَّرُ معه الْقِيَامُ فيه أولا يُمْكِنُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى خِدْمَةٍ وَفِرَاشٍ ( وَ ) وَإِنْ كان خَفِيفًا كَالصُّدَاعِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ لم يَجُزْ ( وَ ) إلَّا أَنْ يُبَاحَ بِهِ الْفِطْرُ فَيُفْطِرُ فإنه يَخْرُجُ لإن قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَا وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ ( وَ ) فَإِنْ لم يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ رَحَبَةٌ رَجَعَتْ إلَى بَيْتِهَا فإذا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ ( وَ ) وَإِنْ كان له رَحَبَةٌ يُمْكِنُهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ فيها بِلَا ضَرَرٍ فَعَلَتْ ذلك فإذا طَهُرَتْ عَادَتْ إلَى الْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى لِمَا رَوَى ابن بَطَّةَ حدثنا الْحُسَيْنُ بن اسماعيل حدثنا زُهَيْرُ بن مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بن مَنْصُورٍ قال ابن بَطَّةَ حدثنا إسْمَاعِيلُ بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حدثنا أَحْمَدُ بن مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَا حدثنا عبدالرزاق حدثنا الثَّوْرِيُّ عن الْمِقْدَامِ بن شُرَيْحٍ عن أبيه عن عَائِشَةَ
____________________
(3/131)
قالت كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ امر رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِإِخْرَاجِهِنَّ عن الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ في رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ حتى يَطْهُرْنَ إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَيْضًا وَنَقَلَهُ يَعْقُوبُ بن بُخْتَانَ عن أَحْمَدَ
وقال أَحْمَدُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد أَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ قُبَّةٌ في رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ رَوَاهُ ابن بَطَّةَ بإسناد ( ( ( بإسناده ) ) ) عن يَعْقُوبَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهَذَا من أَحْمَدَ دَلِيلٌ على ثُبُوتِ الْخَبَرِ عِنْدَهُ وَنَقَلَ محمد بن الْحَكَمِ تَذْهَبُ إلَى بَيْتِهَا فإذا طَهُرَتْ بَنَتْ على اعْتِكَافِهَا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبدالله بن الْحَسَنِ وَكَبَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ تِلْكَ الاعذار لَا يَحْصُلُ مع الْكَوْنِ في الرَّحَبَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إقَامَتُهَا في الرَّحَبَةِ اسْتِحْبَابٌ في اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ أَحْمَدَ قال كان لها الْمُضِيُّ إلَى مَنْزِلِهَا ذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو شَبِيهٌ بِالْحَائِضِ تُوَدِّعُ الْبَيْتَ تَقِفُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَتَدْعُو فَكَذَا هُنَا لِتَقْرَبَ من مَحَلِّ الْعِبَادَةِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يُسَنُّ أَنْ تَجْلِسَ في الرَّحَبَةِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ وَإِنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ فَأَيْنَ شَاءَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَا يَخْرُجُ لِشَهَادَةٍ ( وَ ) إلَّا ان يَتَعَيَّنَ عليه أَدَاؤُهَا فيلزمه ( ( ( فيلزم ) ) ) الْخُرُوجُ ( م ) لِظَوَاهِرِ الْآيَاتِ وَكَالْخُرُوجِ إلَى الْجُمُعَةِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ ( م ) وَلَوْ لم يتعين ( ( ( يعين ) ) ) عليه التَّحَمُّلُ ( ش ) كَالنِّفَاسِ وَلَوْ كان سَبَبُهُ اخْتِيَارِيًّا وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ كان تَعَيَّنَ عليه تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا خَرَجَ لها وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ مَنْزِلِهَا لِوُجُوبِهِ شَرْعًا ( م ) كَالْجُمُعَةِ وهو حَقٌّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ لَا يُسْتَدْرَكُ إذَا تُرِكَ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ ( ق ) وَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِجِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا إنْ تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ أو إنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوَهُ وَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ خَافَ منها إنْ أَقَامَ في الْمَسْجِدِ على نَفْسِهِ أو حُرْمَتِهِ أو مَالِهِ نَهْبًا أو حَرِيقًا وَنَحْوَهُ فَلَهُ الْخُرُوجُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَهُنَا أَوْلَى
وَمَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ أو غير على الْخُرُوجِ لم يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَلَوْ بِنَفْسِهِ ( ق ) كَحَائِضٍ وَمَرِيضٍ وَخَائِفٍ أَنْ يَأْخُذَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَخَرَجَ وَاخْتَفَى ( وش ) وَإِنْ
____________________
(3/132)
أَخْرَجَهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عليه فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ منه بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ ( وَ ) وَإِلَّا لم يَبْطُلْ ( م ) لِأَنَّهُ خُرُوجٌ وَاجِبٌ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لم يَبْطُلْ وَإِنْ خَرَجَ من الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لم يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ كَالصَّوْمِ ذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ وَذَكَرَ في الْخِلَافِ وَالْفُصُولِ يَبْطُلُ لِمُنَافَاتِهِ الإعتكاف كَالْجِمَاعِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْقَطِعُ وَيَبْنِي كمريض ( ( ( كمرض ) ) ) وَحَيْضٍ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا وَذَكَرَهُ قِيَاسَ مذهبا ( ( ( مذهبنا ) ) ) في الْمُظَاهِرِ يَطَأُ في نَهَارِ صَوْمِهِ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ منها نَاسِيًا أو يَأْكُلُ فيه مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَيَبِينُ نَهَارًا يَقْضِي الْيَوْمَ وَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ جَعْلًا له بِالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ كَالْمَرِيضِ
فَكَذَا هُنَا وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الإعتكاف عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَصَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْخُرُوجَ لِعُذْرٍ مُوجِبٍ لِلْقَضَاءِ لَا يُبْطِلُ الْمَاضِيَ من الإعتكاف بِخِلَافِ صَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ فَعُلِمَ أَنَّهُ كَعِبَادَاتٍ
قال فَنَظِيرُ صَوْمِ الْيَوْمِ من الإعتكاف أَنْ يَطَأَ في يَوْمٍ منه نَاسِيًا وهو صَائِمٌ وَقُلْنَا من شَرْطِهِ الصَّوْمُ فإنه يُفْسِدُ عليه اعْتِكَافَ ذلك الْيَوْمِ كُلَّهُ وَلَا يُفْسِدُ ما مَضَى على ما اخْتَرْنَاهُ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ الْمُكْرَهِ كما سَبَقَ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ وَلَا فَرْقَ وَمَتَى زَالَ الْعُذْرُ رَجَعَ وَقْتَ إمْكَانِهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ ما مَضَى على ما يَأْتِي فِيمَنْ خَرَجَ لِمَا له منه بُدٌّ وَلَا يَبْطُلُ بِدُخُولِهِ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقْفٍ ( وَ ) وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ سَقْفٍ وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ يَبْطُلُ وَقَيَّدَهُ الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بن صَالِحٍ وَإِسْحَاقُ بِسَقْفٍ ليس فيه ممرة لِأَنَّ له منه بدا ( ( ( بد ) ) ) فَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَمَنْ أَرَادَ الْمَنْعَ مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/133)
فَصْلٌ وَالْمُعْتَادُ من هذه الْأَعْذَارِ وهو حَاجَةُ الْإِنْسَانِ ( عِ ) وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ ( عِ ) وَالْجُمُعَةُ كما لَا يَبْطُلُ الإعتكاف فَلَا تَنْقُصُ مُدَّتُهُ وَلَا يَقْضِي شيئا منه لأنه الْخُرُوجَ له كَالْمُسْتَثْنَى لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَبَقِيَّةُ الْأَعْذَارِ إنْ لم تَطُلْ فذكر الشَّيْخُ لَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَسِيرًا مُبَاحًا أو وَاجِبًا كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي في النَّاسِي في الْفَصْلِ قَبْلَهُ وَعَلَى هذا يَتَوَجَّهُ لو خَرَجَ بِنَفْسِهِ مُكْرَهًا أَنْ يُخَرَّجَ بُطْلَانُهُ على الصَّوْمِ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِقَضَاءِ زَمَنِ الْخُرُوجِ فيه بِالْإِكْرَاهِ وفي الصَّوْمِ يَعْتَدُّ بِزَمَنِ الْإِكْرَاهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَقْضِي وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( وش ) كما لو طَالَتْ ( م 8 ) وَذَكَرَ أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ الْمَذْكُورَ مُوهِمٌ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا وَأَنَّهُ أَرَادَ الْبِنَاءَ مع قَضَاءِ زَمَنِ الْخُرُوجِ
قال وَكَنَذْرِهِ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَخَرَجَ لِبَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ وقد بَقِيَ منه زَمَنٌ يَسِيرٌ كَذَا قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ خِلَافُهُ كما لو خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ قال وَكَالْأَجِيرِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لَا تَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ الْمُعْتَادَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَذَا هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ تَطَاوَلَ ذلك والإعتكاف مَنْذُورٌ فَلَهُ أَحْوَالٌ
أحدهما نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً غير مُعَيَّنَةٍ فَيُخَيَّرُ بين الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ ( وم ش ) مع كَفَّارَةِ يَمِينٍ لِكَوْنِ النَّذْرِ حلفه ( م ش ) وَبَيْنَ الإستئناف بِلَا كَفَّارَةٍ ( وَ ) كما قُلْنَا فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غير مُعَيَّنٍ وَشَرَعَ ثُمَّ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ يَبْنِي وفي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ وَقِيلَ أو يَسْتَأْنِفُهُ إنْ شَاءَ كَذَا قال وَمَذْهَبُ ( ه ) يَلْزَمُ الإستئناف بِعُذْرِ الْمَرَضِ كَمَذْهَبِهِ في الْمَرَضِ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَالْمُعْتَادُ من هذه الْأَعْذَارِ وهو حَاجَةُ الْإِنْسَانِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجُمُعَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَعْذَارِ إنْ لم تَطُلْ فذكر الشَّيْخُ لَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَسِيرًا مُبَاحًا أو وَاجِبًا وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي في النَّاسِي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَقْضِي وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كما لو طَالَتْ انْتَهَى ما احتاره الشَّيْخُ الموقف ( ( ( الموفق ) ) ) هو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ
____________________
1-
(3/134)
شهري الكفارة ويتخرج كقوله في مرض يباح الفطر به ولا يجب بناء على أحد الوجهين في انقطاع صوم الكفارة ما يبيح الفطر ولا يوجبه * ووافقت الحنفية على عذر الحيض هنا وفي شهري الكفارة واختار في المجرد أن كل خروج لواجب كمرض لا يؤمن معه تلويث المسجد لا كفارة فيه وإلا ففيه الكفارة واختار الشيخ تجب الكفارة إلا لعذر حيض ونفاس لأنه معتاد كحاجة الإنسان وضعفهما صاحب المحرر بأنا سوينا في نذر الصوم بين الأعذار وبأن زمن الحيض يجب قضاؤه لا زمن حاجة الإنسان كذا قال وظاهر كلام الشيخ لا يقضي ولعله أظهر * ويتوجه من قول القاضي هنا في الصوم ولا فرق والله أعلم
والثانية نذر اعتكافا معينا فيقضي ما تركه ويكفر لتركه في النذر في وقته نص أحمد على الكفارة في الخروج لفتنة وذكره الخرقي فيها والخروج لنفير وعدة وذكره ابن أبي موسى في عدة وعن أحمد فيمن نذر صوم شهر بعينه فمرض فيه أو حاضت فيه المرأة في الكفارة مع القضاء روايتان والإعتكاف مثله هذا معنى كلام أبي الخطاب وغيره
وقاله صاحب المحرر والمستوعب وغيرهما قال فيتخرج جميع الأعذار في الإعتكاف على روايتين عدم وجوب الكفارة * ( وم ش ) كرمضان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيهات
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ بَعْدَ هذه الْمَسْأَلَةِ وَيَتَخَرَّجُ كَقَوْلِ أبي حَنِيفَةَ في مَرَضٍ يُبَاحُ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ بِنَاءٌ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ في انْقِطَاعِ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِمَا يُبِيحُ الْفِطْرُ وَلَا يُوجِبُهُ انْتَهَى هَذَانِ الْوَجْهَانِ لَيْسَا من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذلك اسْتِشْهَادًا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الظهار ( ( ( الظهر ) ) )
* الثَّانِي قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ لايقضي وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ صَرَّحَ في الْمُغْنِي بِأَنَّ الْحَائِضَ إذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ فَأَتَمَّتْ اعْتِكَافَهَا وَقَضَتْ ما فَاتَهَا وَلَا كَفَّارَةَ عليها نَصَّ عليه هذا لفظه ( ( ( لفظ ) ) ) بِحُرُوفِهِ فَكَيْفَ يقول ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ لَا يَقْضِي انْتَهَى *
الثَّالِثُ قَوْلُهُ فَيَتَخَرَّجُ جَمِيعُ الْأَعْذَارِ في الْكَفَّارَاتِ في الإعتكاف على رِوَايَتَيْنِ عدم وجوب الكفارة صوابه روايتين عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ صَوَابُهُ رِوَايَتَيْ عَدَمِ بِإِسْقَاطِ النُّونِ لِلْإِضَافَةِ
____________________
1-
(3/135)
* والفرق أن فطرة لا كفارة فيه لعذر أو غيره ونقل المروزي وحنبل عدم الكفارة في الإعتكاف
وحمله صاحب المحرر على رواية عدم وجوبها في الصوم وسائر المنذورات وكلام القاضي والشيخ والحنفية هنا أيضا وإن ترك اعتكاف الزمن المعين لعذر أو غيره قضاه متتابعا ( وم ش ) بناء على التتابع في الأيام المطلقة أو لأنه مقتضى لفظ الناذر لأنه المفهوم من الشهر المعين المطلف فتضمن نذره التتابع والتعيين والقضاء يحكى الأداء فيما يمكن وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرطه أو بنيته ( وش ) كرمضان
وعند زفر وبعض الشافعية لا يلزمه تتابع ولو شرطه لأن ذكره في المعين لغو ومذهب ( م ) لا يقضى معذورة فعلى المذهب الأول ما خرج عن المدة المعينة يقضيه متتابعا ( ش ) متصلا بها ( ش )
الحالة الثالثة نذر أياما مطلقة فإن قلنا يجب التتابع على قول القاضي السابق فكالحالة الأولى وإن قلنا لا يجب تمم ما بقي عليه لكنه يبتديء اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه لإتيانه بالمنذور على وجهه
وقال صاحب المحرر قياس المذهب يخير بين ذلك وبين البناء على بعض اليوم ويكفر وقياس مذهب ( ش ) يبني بلا كفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * الرَّابِعُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا مُعَيَّنًا وَخَرَجَ وَتَطَاوَلَ يَقْضِي ما تَرَكَهُ وَيُكَفِّرُ لِتَرْكِهِ النَّذْرَ في وَقْتِهِ نَصَّ أَحْمَدُ على الْكَفَّارَةِ في الْخُرُوجِ لِفِتْنَةٍ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فيها وفي الْخُرُوجِ لِنَفِيرٍ وَعِدَّةٍ وَذَكَرَهُ ابن أبي مُوسَى في عِدَّةٍ ثُمَّ قال الْمُصَنِّفُ وَعَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَرِضَ فيه أو حَاضَتْ فيه الْمَرْأَةُ في الْكَفَّارَةِ مع الْقَضَاءِ رِوَايَتَانِ والإعتكاف مِثْلُهُ هذا كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وقاله صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا قال فَيَتَخَرَّجُ جَمِيعُ الْأَعْذَارِ في الإعتكافات ( ( ( الاعتكاف ) ) ) على رِوَايَتَيْنِ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ انْتَهَى الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ في الْجَمِيعِ مع الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقد قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ أَحْمَدُ على وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ في الْخُرُوجِ لِأَجْلِ الْفِتْنَةِ وَالْخِرَقِيُّ فيها وفي النَّفِيرِ وَالْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَشْهَدَ بِمَا يُعْطِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ في الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/136)
فَصْلٌ قد سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ منه فَلَا يَخْرُجَ لِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ كَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَزِيَارَةٍ وَشُهُودِ جِنَازَةٍ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا وَتَغْسِيلِ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ ( وَ ) لِمَا سَبَقَ أَوَّلُ الْبَابِ وَلِأَنَّ منه بُدًّا كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ فَرِيضَةٍ وهو النَّذْرُ لِفَضِيلَةٍ وَعَنْهُ له ذلك رَوَى أَحْمَدُ عن أبي بَكْرِ بن عَيَّاشٍ عن أبي إِسْحَاقَ عن عَاصِمِ بن ضَمْرَةَ عن عَلِيٍّ قال الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ اسناد صَحِيحٌ قال أَحْمَدُ عَاصِمٌ حُجَّةٌ وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا الْمُعْتَكِفُ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ رَوَاهُ ابن ماجة من حديث عَنْبَسَةَ بن عبد الرحمن وهو مَتْرُوكٌ وَرَوَى سَعِيدٌ حدثنا هُشَيْمٌ حدثنا مُغِيرَةُ عن إبْرَاهِيمَ قال كَانُوا يُحِبُّونَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَرِط هذه الْخِصَالَ وَهِيَ له إنْ لم يَشْتَرِطْ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَلَا يَدْخُلُ سَقْفًا وَيَأْتِي الْجُمُعَةَ وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَخْرُجُ في الْحَاجَةِ وَقَاسَ الشَّيْخُ على الْمَشْيِ في حَاجَةِ أَخِيهِ لِيَقْضِيَهَا كَذَا قال فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ كان الإعتكاف تَطَوُّعًا فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ منه لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَمُقَامُهُ على اعتكاف ( ( ( اعتكافه ) ) ) أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ كان لايخرج إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ إنَّهُ عليه السَّلَامُ كان لايعرج يَسْأَلُ عن الْمَرِيضِ رَوَاهُ أبو دَاوُد
وقال الشَّافِعِيَّةُ خُرُوجُهُ لِجِنَازَةٍ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ صَلَاةُ جِنَازَةٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أو دَفْنُ مَيْتٍ وَتَغْسِيلِهِ فَكَشَهَادَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ على ما سَبَقَ
وَإِنْ شَرَطَ ذلك فَلَهُ فِعْلَهُ نَصَّ عليه ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عن بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالثَّوْرِيِّ وابن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاقِ عن عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ عن الشَّافِعِيِّ جَمَعَا بين ما سَبَقَ وَلِأَنَّ في رِوَايَةِ الأثر ( ( ( الأثرم ) ) ) من قَوْلِ عَلِيٍّ وَلْيَأْتِ أَهْلَهُ وَلْيَأْمُرْهُمْ بِالْحَاجَةِ وهو قَائِمٌ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وابن
____________________
(3/137)
الْمُنْذِرِ عن أَحْمَدَ الْمَنْعَ ( وَ ) لِمَا سَبَقَ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَقْضِي زُمْنَ الْخُرُوجِ إذَا نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا في ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا كما لو عَيَّنَ الشَّهْرَ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لو قَضَاهَا صَارَ الْخُرُوجُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمَشْرُوط في غَيْر الشَّهْرِ وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يقصى ( ( ( يقضي ) ) ) لِإِمْكَانِ حَمْلِ شَرْطِهِ على نَفْيِ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ فَقَطْ فَنَزَلَ على الْأَقَلِّ فَأَمَّا إنْ شَرْطَ ماله منه بُدٌّ وَلَيْسَ بِقُرْبَةِ وَيَحْتَاجُهُ كَالْعَشَاءِ في مَنْزِلِهِ وَالْمَبِيتِ فيه فَعَنْهُ يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَجِبُ بعقدة كَالْوَقْفِ ولأنه يَصِيرُ كَأَنَّهُ نَذَرَ ما أَقَامَهُ وَلِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فيها ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ وَعَنْهُ الْمَنْعُ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ( م 9 ) لِمُنَافَاتِهِ الإعتكاف صُورَةً وَمَعْنًى كَشَرْطِ تَرْكِ الْإِقَامَةِ في الْمَسْجِدِ وَالنُّزْهَةِ وَالْفُرْجَةِ لِأَنَّهُ زَمَنُ الْخُرُوجِ في حُكْمِ الْمُعْتَكِفِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ فيه غَيْرُ الْمَشْرُوطِ وَشَرْطُهُ ما فيه قُرْبَةٌ يُلَائِمُ الإعتكاف بخلاف هذا الوقف لا يصح فيه شرط ما ينافيه فكذا الإعتكاف بِخِلَافِ هذا وَالْوَقْفُ لَا يَصِحُّ فيه شَرْطُ ما يُنَافِيهِ فَكَذَا الإعتكاف وَإِنْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلتِّجَارَةِ أو التَّكَسُّبِ بِالصِّنَاعَةِ في الْمَسْجِدِ لم يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ عن أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ سَأَلَ أبو طَالِبٍ لِأَحْمَدَ الْمُعْتَكِفُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ من الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا قال ما يُعْجِبُنِي قُلْت إنْ كان يَحْتَاجُ قال إنْ كان يَحْتَاجُ فَلَا يَعْتَكِفُ وَسَبَقَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَأَجَازَ هو عطاء ( ( ( وعطاء ) ) ) وَقَتَادَةُ شَرْطَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ قال مَتَى مَرِضْتُ أو عَرَضَ لَيَّ عَارِضٌ خَرَجْتُ فَلَهُ شَرْطُهُ ( م ) أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَالشَّرْطِ في الْإِحْرَامِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَائِدَةُ الشَّرْطِ هُنَا سُقُوطُ الْقَضَاءِ في الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ كَنَذْرِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ منه إلَّا لِمَرَضٍ فإنه يَقْضِي زَمَنَ الْمَرَضِ لِإِمْكَانِ حَمْلُ شَرْطِهِ هُنَا على نَفْيِ انْقِطَاعِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 9 قوله فأما إن شرط ماله منه بد وليس بقربة ويحتاجه كالعشاء في منزله والمبيت فعنه يجوز جزم به الشيخ وغيره وعنه المنع وجزم به القاضي وابن عقيل وغيرهما واختاره صاحب المحرر وغيره انتهى إحداهما الجواز وهو الصحيح جزم به الشيخ الموفق والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين وغيرهم وهو الصواب والرواية الثانية لا يجوز اختاره من ذكر المصنف
____________________
1-
(3/138)
التَّتَابُعِ فَقَطْ فَنَزَلَ على الْأَقَلِّ وَيَكُونُ الشَّرْطُ أَفَادَ هُنَا الْبِنَاءَ مع سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ على أَصْلِنَا وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الشافيعة ( ( ( الشافعية ) ) ) السَّابِقِ فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُمَا على الْوَجْهَيْنِ فَصْلٌ وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ منه فَسَأَلَ عن الْمَرِيضِ أو غَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ أو غَيْرِهِ في طَرِيقِهِ ولم يَعْرِجْ جَازَ ( وَ ) لِمَا سَبَقَ وَكَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ ولم يَقِفْ لِذَلِكَ
فَأَمَّا إنْ وَقَفَ لِمَسْأَلَتِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ ( وَ ) وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ لَا بَأْسَ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَلَقِيَهُ وَلَدُهُ أو شَرِبَ مَاءً وهو قَائِمٌ أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ ولم يَرَ أبو سَلَمَةَ بن عبدالرحمن بَأْسًا إذَا خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ أَنْ يَقِفَ عليه فَيَسْأَلُهُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْمَسْأَلَةُ هذه فيهما لَا بُدَّ منه من حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَمَعْنَاهَا وَالْخُرُوجُ لِمَرَضٍ وَحَيْضٍ له الْوَقْفَةُ وَالتَّعْرِيجُ وَغَيْرُهُمَا فَالْخُرُوجُ لِمَا لَا بُدَّ منه لَا يَجُوزُ معه يُزَادُ بِهِ زَمَانُهُ مِمَّا منه بُدٌّ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بِهِ جُزْءًا مُسْتَحَقًّا من اللُّبْثِ بِلَا عُذْرٍ كما لو خَرَجَ له وَيَجُوزُ معه مالا يَزْدَادُ بِهِ زَمَانُهُ غَيْرُ المباشر ( ( ( المباشرة ) ) ) لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ بِهِ حَقًّا فَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فَلَا تَجُوزُ فيه إنْ كان مِمَّا لايقضي وَقْتُهُ وَخَالَفَ فيه بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وهو مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ وَإِلَّا جَازَتْ ( م ) كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ بِدَلِيلِ أَنَّ هذه الْمُدَّةَ لَا تُحْتَسَبُ له وَيَقْضِيهَا بِخِلَافِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَلِهَذَا لو حَلَفَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا فَخَرَجَ لِعُذْرٍ يَقْضِي زَمَنَهُ عَشْرًا لم يَبَرَّ ما لم يَعْتَكِفْ ذلك وَلِأَنَّ الصَّوْمَ الْمُتَتَابِعَ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ في لَيَالِيهِ ما لم يَكُنْ من مَدَّتِهِ كَذَا هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ منه فَدَخَلَ مَسْجِدًا يُتِمُّ اعْتِكَافُهُ فيه جَازَ إنْ كان الثَّانِي أَقْرَبَ إلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ من الْأَوَّلِ ( وش ) لِأَنَّهُ لم يَتْرُكْ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا كَانْهِدَامِهِ أو أخراجه فَخَرَجَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأَتَمَّ فيه أو خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ وَأَقَامَ في الْجَامِعِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَإِنْ كان أَبْعَدَ أو خَرَجَ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ ( وَ ) لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا
ولم يُبْطِلْهُ أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ في الْحَالَتَيْنِ بِنَاءً على اصلهما في الزَّمَنِ الْيَسِيرِ على ما يَأْتِي وَأَبْطَلَهُ أبو حَنِيفَةَ فِيهِمَا لتعيين ( ( ( لتعين ) ) ) الْمَسْجِدِ كَتَعْيِينِ يَوْمٍ بِشُرُوعِهِ
____________________
(3/139)
في صَوْمٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَتَعَيَّنُ بِنَذْرِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّوْمُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مع نَقْلِهِ بِخِلَافِ الإعتكاف وَلَوْ تَلَاصَقَ مَسْجِدَانِ فَانْتَقَلَ من أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فَإِنْ مشي في انْتِقَالِهِ خَارِجًا مِنْهُمَا بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا وَيَبْطُلُ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ ملطلقا وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَكْسُهُ فَصْلٌ وَإِنْ خَرَجَ لِمَا له منه بُدٌّ فَإِنْ كان مُكْرَهًا أو نَاسِيًا فَقَدْ سَبَقَ في الْأَعْذَارِ وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ لم يَبْطُلْ في الْمَنْصُوصِ ( وَ ) لِأَنَّ عَائِشَةَ كانت تُرَجِّلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو مُعْتَكِفٌ في الْمَسْجِدِ وَهِيَ في حجر ( ( ( حجرتها ) ) ) بها يُنَاوِلهَا رَأْسَهُ مُتَّفَقٌ عليه
وَإِنْ أَخْرَجَ جَمِيعَهُ مُخْتَارًا عَمْدًا بَطَلَ وَإِنْ قَلَّ ( وَ ) كَالْجِمَاعِ لِتَحْرِيمِهِمَا وَكَمَا لو زَادَ عل نِصْفِ يَوْمٍ وَأَبْطَلَهُ أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِأَكْثَرَ من نِصْفِ يَوْمٍ فَقَطْ وَأَبْطَلَهُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بن صَالِحٍ إنْ دخل تَحْتَ سَقْفٍ ليس مَمَرُّهُ فيه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ثُمَّ إنْ كان مُتَتَابِعًا بِشَرْطٍ أو نِيَّةٍ أو قُلْنَا تَتَابَعَ في الْمُطْلَقِ اسْتَأْنَفَ ( و ) لِإِمْكَانِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَنْذُورِ على صِفَتِهِ كَحَالَةِ الإبتداء وَكَمَنْ عليه صَوْمُ شَهْرَيْنِ في كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ في الذِّمَّةِ وَلَا كفارة ( ( ( وكفارة ) ) ) ( وَ ) وقال في الرِّعَايَةِ يَسْتَأْنِفُ الْمُطْلَقُ الْمُتَتَابِعُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَقِيلَ أو يَبْنِي وَيُكَفِّرُ كَذَا قال وَإِنْ كان متتابعا ( ( ( متتابع ) ) ) مُتَعَيِّنًا كَنَذْرِهِ شَعْبَانَ مُتَتَابِعًا اسْتَأْنَفَ ( وم ش ) كَالْقَسَمِ قَبْلِهِ
وقد صَرَّحَ بِهِمَا وَالتَّتَابُعُ أَوْلَى من الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ قُرْبَةً مَقْصُودَةً وَيُكَفِّرُ ( م ش ) وَمَذْهَبُ ( ه ) وَصَاحِبَيْهِ يَبْنِي وَلَا يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّ التَّعْيِينَ أَصْلٌ وَالتَّتَابُعُ وَصْفٌ وَحِفْظُ الْأَصْلِ أَوْلَى وَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْيَمِينَ فَيُكَفِّرَ مع الْقَضَاءِ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ كَفَّرَ بِلَا قَضَاءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ كان مُتَعَيِّنًا ولم يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِهِ اعْتِكَافِ شَهْرِ شَعْبَانَ فَقِيلَ يَبْنِي ( وه ش ) لِأَنَّ التَّتَابُعَ هُنَا حَصَلَ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ كَقَضَاءُ رَمَضَانَ وَوَافَقَ أبو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ على تَتَابُعِ قَضَائِهِ إذَا فَوَّتَهُ وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ لِتَضَمُّنِ نَذْرِهِ التَّتَابُعَ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى من الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَلِهَذَا قال مَالِكٌ يَسْتَأْنِفُ هُنَا دُونَ الصَّوْمِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِ الْأَيَّامِ الْمُطْلَقَةِ فيه التتابع ( ( ( بالتتابع ) ) ) عِنْدَهُ
____________________
(3/140)
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هذا الْوَجْهَ أَصَحُّ في الْمَذْهَبِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَأَصْلُ وجهين من نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ فيه فإن فيه رِوَايَتَيْنِ ( م 10 ) وَيُكَفِّرُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ( م ش ) لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ في وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كما سَبَقَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُتَعَيَّنًا ولم يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرِ شَعْبَانَ فَقِيلَ يَبْنِي وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هذا الْوَجْهَ أَصَحُّ في الْمَذْهَبِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ من نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بعينة فَأَفْطَرَ فيه فإن فيه رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ في الْمُقْنِعِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وابن منجا في شَرْحِهِ وصاحب وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ أَحَدُهُمَا يَسْتَأْنِفُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ كما تَقَدَّمَ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَبْنِي
____________________
1-
(3/141)
فَصْلٌ وَإِنْ وطيء الْمُعْتَكِفُ في الْفَرْجِ عَمْدًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ ( ع ) لِلْآيَةِ وَالنَّهْيُ لِلْفَسَادِ وَكَذَا إنْ وطيء نَاسِيًا نَصَّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَا جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ رَوَاهُ حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَكَالْعَمْدِ وَكَالْحَجِّ وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من الصَّوْمِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ وقال الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَبْنِي وقد سَبَقَ في الْإِعْذَارِ وفي الْفَصْلِ بَعْدهَا الْوَطْءُ زَمَنَ الْعُذْرِ وَلَا كَفَّارَةَ بِالْوَطْءِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( وَ ) نَقَلَهُ أبو دَاوُد وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ ابن إبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَكَالصَّلَاةِ وَأَنْوَاعِ الصَّوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ وَالْحَجِّ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فيها على ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ
وَخَصَّ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ الْوُجُوبَ بِالْمَنْذُورِ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ أنها تَجِبُ في التَّطَوُّعِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا وَجْهَ له ولم يَذْكُرْهَا الْقَاضِي وَلَا وَقَفْتُ على لَفْظٍ يَدُلُّ عليها عن أَحْمَدَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَهِيَ في الْمُسْتَوْعِبِ وفي التَّنْبِيهِ عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وحكي رِوَايَةً وَمُرَادُهُ ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ أَفْسَدَ الْمَنْذُورَ بِالْوَطْءِ وهو كما أَفْسَدَهُ بِالْخُرُوجِ لِمَا له منه بُدٌّ على ما سَبَقَ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قِيلَ إنَّ هذا الْخِلَافَ في نَذْرٍ وَقِيلَ مُعَيَّنٍ فَلِهَذَا قِيلَ تَجِبُ الْكَفَّارَتَانِ وَكَمَا لو نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ في عَامٍ بِعَيْنِهِ فَأَحْرَمَ ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِلنَّذْرِ وَلَا تَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ في غَيْرِ الْفَرْجِ بِلَا شَهْوَةٍ ( و ) وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا تَحْرُمُ كَشَهْوَةٍ كَالصَّوْمِ وَمَتَى فَسَدَ خَرَجَ في كَفَّارَةِ الْوَطْءِ الْخِلَافُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ يَجِبُ بِالْإِنْزَالِ عن وَطْءٍ لَا عن لَمْسٍ وقبله قال وَمُبَاشَرَةُ النَّاسِي كَالْعَامِدِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَوْلِهِ وَمَتَى فَسَدَ خَرَجَ في كَفَّارَةِ الْوَطْءِ الْخِلَافُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ مُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الذي في الصَّوْمِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(3/142)
على إطلاق أصحابنا ( وه م ) واختار صاحب المحرر هنا لايبطله كالصوم فَصْلٌ وَإِنْ سَكِرَ في اعْتِكَافِهِ فَسَدَ وَلَوْ سَكِرَ لَيْلًا ( ه ) لِخُرُوجِهِ عن كَوْنِهِ من أَهْلِ المساجد ( ( ( المسجد ) ) ) كَالْحَيْضِ وَلَا يَبْنِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ وَإِنْ ارْتَدَّ فيه فَسَدَ كَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَمَذْهَبٌ ( ش ) لَا يَفْسُدُ وَيَبْنِي لِأَنَّهُ من أَهْلِ الْمُقَامِ في الْمَسْجِدِ وَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فيه كَذِمِّيٍّ على ما يَأْتِي في أَحْكَامِهِمْ وَإِنْ شَرِبَ خَمْرًا ولم يَسْكَرْ أو أتى كَبِيرَةً فقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ من أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالْمُقَامِ فيه وَمَذْهَبٌ ( م ) يَفْسُدُ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عن ( ه ش ) وقال عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ إنْ أتى ذَنْبًا فَسَدَ فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ وَاجْتِنَابُ ما لَا يَعْنِيهِ ( وَ ) من جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وكثر ( ( ( وكثرة ) ) ) كَلَامٍ وَغَيْرِهِ قال الشَّيْخُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ في غَيْرِ الإعتكاف فَفِيهِ أَوْلَى وَلَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ زَوْجَتُهُ في الْمَسْجِدِ وتحدث ( ( ( وتتحدث ) ) ) معه وتصليح ( ( ( وتصلح ) ) ) رَأْسَهُ أو غَيْرُهُ ما لم يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ منها وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ مع من يَأْتِيهِ ما لم يُكْثِرْ لِأَنَّ صَفِيَّةَ زَارَتْهُ عليه السَّلَامُ فَتَحَدَّثَتْ معه وَرَجَّلَتْ عَائِشَةُ رَأْسَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا لَا يَشْغَلَهُ نَصَّ عليه ( وَ ) وَلَيْسَ الصَّمْتُ من شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ قال ابن عَقِيلٍ يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ قال في الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي رَأَى أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه امْرَأَةً لَا تَتَكَلَّمُ فَقِيلَ له حَجَّتْ مُصْمِتَةٌ فقال لها تَكَلَّمِي فإن هذا لَا يَحِلُّ هذا من عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى أبو دَاوُد حدثنا أَحْمَدُ بن صَالِحٍ حدثنا يحيى بن حَمَدٍ الْمَدِينِيُّ حدثنا عبدالله بن خَالِدِ بن سَعِيدِ بن أبي مَرْيَمَ عن أبيه عن سَعِيدِ بن عبدالرحمن بن رُقَيْشٍ أَنَّهُ سمع شُيُوخًا من بَنِي عَمْرِو وبن عَوْفٍ وَمِنْ خَالِهِ عبدالله بن أَحْمَدَ قال قال عَلِيٌّ حَفَظْت عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ حَدِيثٌ حَسَنٌ وقال الْأَزْدِيُّ في عبدالله بن خَالِدٍ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ
____________________
(3/143)
وَإِنْ نَذَرَهُ لم يَفِ بِهِ ( وَ ) لِمَا سَبَقَ وقال أبو ثَوْرٍ وابن الْمُنْذِرِ له فِعْلُهُ إذَا كان أَسْلَمَ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من صَمَتَ نَجَا وهو مَحْمُولٌ على الصَّمْتِ عَمَّا لَا يعينه ( ( ( يعنيه ) ) ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلًا من الْكَلَامِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ له في غَيْرِ ما هو له كَتَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ أو الْوَزْنِ بِهِ وَجَاءَ لَا تُنَاظِرْ بِكِتَابِ اللَّهِ قِيلَ مَعْنَاهُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ عِنْدَ الشَّيْءِ تَرَاهُ مِثْلَ أَنْ تَرَى رَجُلًا جاء في وَقْتِهِ فَتَقُولَ { جِئْت على قَدَرٍ يا مُوسَى } طه 40 ذَكَرَ أبو عُبَيْدٍ نحو هذا المعني
وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا إنْ قَرَأَ عِنْدَ الْحُكْمِ الذي أُنْزِلَ له أو ما يُنَاسِبُهُ وَنَحْوَهُ فَحَسَنٌ كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَعَاهُ لِذَنْبٍ تَابَ منه { ما يَكُونُ لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بهذا } النور 16 وَقَوْلُهُ عِنْدَمَا أَهَمَّهُ { إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى اللَّهِ } يوسف 86 وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ حَدَّثَ ثَابِتٌ وَجَمَاعَةٌ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ فَدَخَلُوا على الْحَسَنِ فَحَدَّثُوهُ الحديث فقال هِيهِ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ قال أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ في اسْتِزَادَةِ الحديث إيهِ وَيُقَالُ هِيهِ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ وقال الْجَوْهَرِيُّ اية اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا اسْتَزَدْتَهُ من حَدِيثٍ أو عَمَلٍ إيهِ بِكَسْرِ الهزة ( ( ( الهمزة ) ) )
قال ابن السِّكِّيتِ فَإِنْ وَصَلْت نَوَّنْت فَقُلْت إيهٍ حَدِّثْنَا قال ابن السَّرِيِّ إذَا قُلْت إيهِ فَإِنَّمَا تَأْمُرُهُ أَنْ يَزِيدَك من الحديث الْمَعْهُودِ بَيْنكُمَا وَإِنْ قُلْت إيهٍ بِالتَّنْوِينِ كَأَنَّك قُلْت هَاتِ حَدِيثًا ما لِأَنَّ التَّنْوِينَ تَنْكِيرٌ فَأَمَّا اذا أَسْكَنْتَهُ وَكَفَفْتَهُ قُلْتَ إيها ( ( ( إليها ) ) ) عَنَّا قالوا لِلْحَسَنِ قُلْنَا ما زَادَنَا قال قد حدثنا منذر ( ( ( منذ ) ) ) عِشْرِينَ سَنَةً وهو يَوْمَئِذٍ جَمِيعٌ أَيْ مُجْتَمَعُ الْقُوَّةِ وَالْحِفْظِ وَلَقَدْ تَرَكَ شيئا ماأدري أَنَسِيَ الشَّيْخُ أو كَرِهَ أَنْ يُحَدَّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا قُلْنَا فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وقال { خُلِقَ الْإِنْسَانُ من عَجَلٍ } الأنبياء 37 ما ذَكَرْت لَكُمْ هذا إلَّا وأنا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ
قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ فيه إنَّهُ لَا بَأْسَ بِضَحِكِ الْعَالِمِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ إذَا كان بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أُنْسٌ ولم يَخْرُجْ ضَحِكُهُ إلَى حَدٍّ يُعَدُّ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَفِيهِ جَوَازُ الإستشهاد بِالْقُرْآنِ في مِثْلِ هذا الْمَوْطِنِ وفي الصَّحِيحِ مِثْلِهِ من فِعْلِهِ عليه السَّلَامُ
____________________
(3/144)
لَمَّا طَرَقَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا رضي اللَّهُ عنهما ثُمَّ انْصَرَفَ وهو يقول { وكان الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا } الكهف 54 قال ونظائر ( ( ( ونظائره ) ) ) كَثِيرَةٌ وَنَزَلَتْ { خُلِقَ الْإِنْسَانُ من عَجَلٍ } الأنبياء 37 لَمَّا اسْتَعْجَلَتْ قُرَيْشٌ الْعَذَابَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ النَّضْرُ بن الْحَارِثِ وَقِيلَ آدَم عليه السَّلَامُ فَعَلَى هذا قال الْأَكْثَرُ خُلُقَ عَجُولًا فَوَجَدَ في أَوْلَادِهِ وَأَوْرَثَهُمْ الْعَجَلَةَ وَقِيلَ خُلِقَ بِعَجَلٍ اسْتَعْجَلَ بِخَلْقِهِ قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ وقي الْإِنْسَانُ اسْمُ جِنْسٍ فَقِيلَ الْمَعْنَى خُلِقَ عَجُولًا
قال الزجاح ( ( ( الزجاج ) ) ) الْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَكْثُرُ منه اللَّعِبُ إنَّمَا خُلِقْتَ من لَعِبٍ يُرِيدُونَ الْمُبَالَغَةَ في وَصْفِهِ بِذَلِكَ وَقِيلَ فه تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالْمَعْنَى خُلِقَتْ الْعَجَلَةُ في الأنسان وَالْآيَةُ الْأُخْرَى رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أنها نَزَلَتْ في النَّضْرِ بن الْحَارِثِ وكان جِدَالُهُ في الْقُرْآنِ وَقِيلَ في أُبَيِّ بن خَلَفٍ وكان جدله ( ( ( جداله ) ) ) في الْبَعْثِ قال الزَّجَّاجُ كُلُّ ما يَعْقِلُ من الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ يُجَادِلُ وَالْإِنْسَانُ أَكْثَرُ هذه الاشياء جَدَلًا
____________________
(3/145)
فَصْلٌ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ إقرأالقرآن ( ( ( إقراء ) ) ) وَالْعِلْمِ وَالْمُنَاظَرَةُ فيه وَنَحْوِهِ ( وم ) ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ عن أَصْحَابِنَا نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يقريء ( ( ( يقرئ ) ) ) في الْمَسْجِدِ وهو مُعْتَكِفٌ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا يقريء ( ( ( يقرئ ) ) ) الْقُرْآنَ أَعْجَبُ إلي من أَنْ يَعْتَكِفَ لِأَنَّهُ له وَلِغَيْرِهِ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لولاأن الْإِقْرَاءَ يُكْرَهُ لَقَالَ يَعْتَكِفُ ويقريء ( ( ( ويقرئ ) ) ) قال أبو بَكْرٍ لَا يقريء ( ( ( يقرئ ) ) ) وَلَا يَكْتُبُ الحديث وَلَا يُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ فإنه كان يَحْتَجِبُ فيه وَاعْتَكَفَ في قُبَّةٍ وَكَالطَّوَافِ وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ في اسْتِحْبَابِ ذلك رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا يُسْتَحَبُّ ( وه ش ) لِظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ وَكَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَلَا يَتَّسِعُ الطَّوَافُ لمقعود ( ( ( لمقصود ) ) ) الْإِقْرَاءِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الإعتكاف
فَعَلَى الْأَوَّلِ فِعْلُهُ لِذَلِكَ أَفْضَلُ من الإعتكاف لِتَعَدِّي نَفْعِهِ كما سَبَقَ
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ في كَرَاهَةِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً على الْإِقْرَاءِ فإنه في مَعْنَاهُ وقال مَالِكٌ لَا يَقْضِي إلَّا فِيمَا خَفَّ فَصْلٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَيُصْلِحَ بين الْقَوْمِ وَيَعُودَ الْمَرِيضَ وَيُصَلِّيَ على الْجِنَازَةِ ويعزى ويهنيء ( ( ( ويهنئ ) ) ) وَيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ كُلُّ ذلك في الْمَسْجِدِ ( وش ) وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ إلَّا في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ لِكَرَاهَتِهَا عِنْدَهُمْ فيه
وقال مَالِكٌ لَا يَعُودُ مَرِيضًا فيه إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جَنْبِهِ وَلَا يَقُومَ ليهنيء ( ( ( ليهنئ ) ) ) أو يُعَزِّيَ أو يَعْقِدَ نِكَاحًا فيه إلَّا أَنْ يَغْشَاهُ في مَجْلِسِهِ وَلَا يُصْلِحَ فيه بين الْقَوْمِ إلَّا في مَجْلِسِهِ خَفِيفًا وَأَكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ مع المؤذن ( ( ( المؤذنين ) ) ) لِأَنَّهُ يَمْشِي وهو عَمَلٌ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ على جِنَازَةٍ فيه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَعَلَّ ظَاهِرَ الْإِيضَاحِ يَحْرُمُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أو يُزَوِّجَ
____________________
(3/146)
فَصْلٌ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قال أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ له تَرْكُ لِبْسِ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَالتَّلَذُّذِ بِمَا يُبَاحُ له قبل الإعتكاف وَأَنْ لَا يَنَامَ إلَّا عن غَلَبَةٍ وَلَوْ مع قُرْبِ الْمَاءِ وَأَنْ لَا يَنَامَ مُضْطَجِعًا بَلْ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ من ذلك وَكَرِهَ له ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ لِبْسَ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ في قِيَاسِ مَذْهَبِنَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ كَغَسْلِ يَدِهِ في طِشْتٍ وَتَرْجِيلِ شَعْرِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ آخر شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَلَوْ جَمَعَهُ وَأَلْقَاهُ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَكَرِهَ ابن عَقِيلٍ إزَالَةَ ذلك في الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا صِيَانَةً له وذكره غَيْرُهُ يُسَنُّ ذلك وظاهر ( ( ( وظاهره ) ) ) مُطْلَقًا وَإِلَّا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهُ فيه وَيُكْرَهُ له أَنْ يَتَطَيَّبَ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَتَطَيَّبُ وَنَقَلَ أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ مَعْمَرُ بن رَاشِدٍ وقال عَطَاءٌ في الْمُعْتَكِفَةِ وَنَقَلَ ابن ابراهيم يَتَطَيَّبُ ( وَ ) كالتنظيف ( ( ( كالتنظف ) ) ) والظواهر ( ( ( ولظواهر ) ) ) الْأَدِلَّةِ وَهَذَا أَظْهَرُ وَقَاسَ أَصْحَابُنَا الْكَرَاهِيَةَ على الْحَجِّ وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ على الصَّوْمِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ في كَرَاهَةِ لِبْسِ الثَّوْبِ الرَّفِيعِ وَالتَّطَيُّبِ وَجْهَيْنِ فَصْلٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ في الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ وَالْإِفْصَاحِ وَغَيْرُهُمْ وكما رَوَى أَحْمَدُ حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عن ابْنِ عَجْلَانَ حدثني عَمْرُو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ في الْمَسْجِدِ وَأَنْ تُنْشَدَ في الْأَشْعَارُ وَأَنْ تُنْشَدَ في الضَّالَّةُ وَعَنْ الْحِلَقِ يوم الْجُمُعَةِ قبل الصَّلَاةِ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ ولم يذكر أنشاد الضَّالَّةِ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إذَا رَأَيْتُمْ من يَبِيعُ أو يتبايع ( ( ( يبتاع ) ) ) في الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا
____________________
(3/147)
أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَصَحَّتْ الْأَخْبَارُ بِالْمَنْعِ من إنْشَادِ الضَّالَّةِ فَالْبَيْعُ في الإعتكاف أَوْلَى قال ابن هُبَيْرَةَ مَنَعَ صِحَّتَهُ وجوازه ( ( ( وجوزه ) ) ) أَحْمَدُ وَقِيلَ إنْ حُرِّمَ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ ( وم ش ) وقال أبو حَنِيفَةَ وبجوز وَيُكْرَهُ إحْضَارُ السِّلَعِ في الْمَسْجِدِ على قَوْلِنَا يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ فيه اليسر ( ( ( اليسير ) ) ) ( خ ) كَالْكَثِيرِ ( وَ ) وقال ابن بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ ما عُقِدَ من الْبَيْعِ في الْمَسْجِد لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ كَذَا قال
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عن أَحْمَدَ ما يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ في الْمَسْجِدِ ما لَا بُدَّ منه كما يَجُوزُ خُرُوجُهُ له اذا لم يَكُنْ له من يَأْتِيهِ بِهِ كما سَبَقَ في الْأَعْذَارِ فإنه قال لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي إلَّا ما لَا بُدَّ له منه فَأَمَّا التِّجَارَةُ وَالْأَخْذُ وَالْعَطَاءُ فَلَا يَجُوزُ فَهَذَا عَامٌّ في الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَالَهُ إِسْحَاقُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ منه وَلَوْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ منه ولم يَقِفْ له وَسَبَقَ جَوَازُهُ في فَصْلٍ له السُّؤَالُ عن الْمَرِيضِ في طَرِيقِهِ ما لم يُعَرِّجْ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ في الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ له وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ فَلَا يَخْرُجُ له ( وَ ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ولا يجوز أن يتكسب بالصنعة في المسجد كالخياطة وغيرها والقليل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الثَّانِي قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ في الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ في الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ منه وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ وَلَا يَخْرُجُ له انْتَهَى لَعَلَّهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ في الْمَسْجِدِ وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ لِأَنَّهُ قد صَدَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِلَا يَجُوزُ وَبِيُكْرَهُ فَلَوْ جَعَلْنَا الْبِنَاءَ كَذَلِكَ لَكَانَ عَيْنَ الْأَوَّلِ وَتَحَصَّلَ الْحَاصِلُ وهو الصَّوَابُ فَعَلَى هذا يَكُونُ قد قَدَّمَ المصنف ( ( ( المصف ) ) ) هُنَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وقد أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في كِتَابِ الْوُقُوفِ في الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَيَكُونُ قد حكم ( ( ( قدم ) ) ) في مَكَان وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في مَوْضِعٍ آخَرَ
مسألة 11 قوله وَلَا يَجُوزُ له أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ في الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ وغيرهما وَإِنْ احْتَاجَ للبسة وخياطة ( ( ( خياطة ) ) ) أو غَيْرَهَا لَا لِلتَّكَسُّبِ فقال ابن الْبَنَّاءِ لَا يَجُوزُ حَكَاهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ واختار هو وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا يَجُوزُ انْتَهَى قَوْلُ ابْنِ الْبَنَّاءِ هو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ منهم أَيْضًا لانهم قالوا لَا يكتسب ( ( ( يتكسب ) ) ) بِالصَّنْعَةِ وما اخْتَارَهُ ابن الْبَنَّاءِ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي فقال لَا تَجُوزُ الْخِيَاطَةُ في الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كان مُحْتَاجًا
____________________
1-
(3/148)
والكثير ( ( ( إليها ) ) ) والمحتاج وغيره سَوَاءٌ قاله القاضي ( ( ( للبسه ) ) ) وغيره ( وم ) وجزم ( ( ( ويأتي ) ) ) به في ( ( ( الوقف ) ) ) المذهب والإفصاح قال ( ( ( عمل ) ) ) صاحب ( ( ( الصنعة ) ) ) المحرر قاله جماعة ونقل حرب التوقف في اشتراطه فقيل له يشترط أن يخيط في الْمَسْجِدِ قال لاأدري وقال له المروذي ( ( ( هناك ) ) ) ترى أَنْ يخيط قال ما ينبغي أن يعتكف إذا كان يريد أن يعمل ونقل أبوطالب ما يعجبني أن يعمل ( ( ( يفرق ) ) ) فإذا كان ( ( ( المعتكف ) ) ) يحتاج فلا يعتكف ( ( ( إحدى ) ) )
وقال في الروضة لا يجوز له فعل غير ما هو فيه من العبادة ولا يجوز أن يتجر ولا يصنع الصنائع قال وقد منع بعض أصحابنا من الإقراء وإملاء الحديث كذا قال وقال ابن البناء يكره أن يتجر أو يتكسب بالصنعة حكاه في منتهى الغاية وجزم به في المستوعب وغيره وأباحه الحسن وأهل الرأي كالكلام والنوم وقاله الشافعي في اليسير وكره الكثير والله أعلم
وإن احتاج للبسه خياطة أو غيرها لا للتكسب فقال ابن البناء لا يجوز وحكاه في منتهى الغاية واختا رهو الشيخ وغيرهما يجوز قالوا وهو ظاهر الخرقي كلف عمامته والتنظيف
ولا يبطل الإعتكاف بالبيع وعمل الصنعة للتكسب لأنه إنما ينافي حرمة المسجد ولهذا أبيح في ممره وذكره في منتهى الغاية قولا يبطل إن حرم لخروجه بالمعصية عن وقوعه قربة وقاله مالك والشافعي في القديم مطلقا لمنافاته ( ( ( تكلمنا ) ) ) الإعتكاف ( ( ( عليها ) ) ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ يَنْبَغِي لِمَنْ قَصْدَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ أو غَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ الإعتكاف مُدَّةَ لُبْثِهِ فيه لَا سِيَّمَا إنْ كان صَائِمًا ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ وَمَعْنَاهُ في الْغُنْيَةِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ ولم يَرَهُ شَيْخُنَا والله أعلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إليها ولم يكن قل أو أكثر انتهى فجعله الشيخ والشارح في الخياطة مطلقا كانت للبسه أو غيره ويأتي آخر الوقف هل يجوز عمل الصنعة في المسجد فإن المصنف أطلق الخلاف هناك وقدم هنا عدم الجواز فحصل الخلل إلا أن يفرق بين المعتكف وغيره فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب تكلمنا عليها وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/149)
= كِتَابُ الْمَنَاسِكِ
الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا بِكَسْرِهَا في الْأَشْهَرِ وَعَكْسُهُ شَهْرُ الْحِجَّةِ وَالْحَجُّ لُغَةً الْقَصْدُ إلَى من تُعَظِّمُهُ وَقِيلَ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَشَرْعًا قَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ وَالْعُمْرَةُ لُغَةً الزِّيَارَةُ يُقَالُ اعْتَمَرَهُ إذَا زَارَهُ وَقِيلَ الْقَصْدُ وَشَرْعًا زِيَارَةُ الْبَيْتِ وَجْهٍ مَخْصُوصٍ
وَالْحَجُّ فَرْضٌ على كل مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ في الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفَرْضُ الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ في قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ سَنَةَ عَشْرَةٍ وقال بَعْضُ العماء ( ( ( العلماء ) ) ) سَنَةَ سِتٍّ وَبَعْضُهُمْ سَنَةَ خَمْسٍ وَالْعُمْرَةُ فَرْضٌ كَالْحَجِّ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَطْلَقَ أَحْمَدُ وُجُوبَهَا في مَوَاضِعَ فَيَدْخُلُ فيه الْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ قال وهو قَوْلُ شَيْخِنَا فَدَلَّ أَنَّ أَحْمَدَ لم يُصَرِّحْ بِوُجُوبِهَا على الْمَكِّيِّ وَصَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عليه وَتَجِبُ على غَيْرِهِ وَفَرْضُ الْعُمْرَةِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ من الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ ( وش ) في الْجَدِيدِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ هل على النِّسَاءِ من
____________________
(3/151)
جِهَادٍ قال نعم عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فيه الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ أبي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ أتى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال إنَّ أبي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الطَّعْنَ فقال حُجَّ عن أَبِيك وَاعْتَمِرْ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَجَاءَ جِبْرِيلُ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال ما الْإِسْلَامُ قال أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَعْتَمِرَ وَذَكَرَ الحديث وهو من حديث عُمَرَ رَوَاهُ ابن خُزَيْمَةَ في صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وقال إسناده ( ( ( إسناد ) ) ) صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ في كِتَابِهِ الْمُخَرَّجِ على الصَّحِيحَيْنِ وَعَنْ الضبي ( ( ( الصبي ) ) ) بن مَعْبَدٍ قال أَتَيْت عُمَرَ فَقُلْت إنِّي وَجَدْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَأَهْلَلْت بِهِمَا فقال عُمَرُ
____________________
(3/152)
هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك صلى اللَّهُ عليه وسلم إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } البقرة 196 وَعَنْهُ الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ ( وه م ق ) اخْتَارَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ رَجُلًا أتى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال زَعَمَ رَسُولُك أَنَّ عَلَيْنَا فذكر الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَدَقَ فقال وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أُنْقِصُ مِنْهُنَّ فقال لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُ الْعُمْرَةَ رَوَى مُسْلِمٌ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ في الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وفي كِتَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ مع عَمْرِو بن حَزْمٍ وَإِنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ حَجَّاجٍ عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ عن جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سُئِلَ عن الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ قال لَا وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ كَذَا في بَعْضِ نُسَخِهِ وَحَجَّاجٌ هو ابن أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ مُدَلِّسٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا
____________________
(3/153)
قال الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ يحيى بن أَيُّوبَ عن حَجَّاجٍ وَابْنِ جريح ( ( ( جريج ) ) ) عن ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عن جَابِرٍ مَوْقُوفًا وَلِلطَّبَرَانِيِّ عن مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحِيمِ عن سَعِيدِ بن عُفَيْرٍ عن يحيى بن أَيُّوبَ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْمُغِيرَةِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ موقوفا ( ( ( مرفوعا ) ) ) مِثْلُهُ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عن ابْنِ أبي دَاوُد عن مُحَمَّدٍ وَجَعْفَرِ بن مُسَافِرَ وَيَعْقُوبَ بن سُفْيَانَ عن ابن عُفَيْرٍ فَذَكَرَهُ يحيى بن أَيُّوبَ ثِقَةٌ رَوَى له الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لَكِنْ له مَنَاكِيرُ عِنْدَهُمْ كَهَذَا الحديث مع أَنَّ أَحْمَدَ قد قال فيه سيء ( ( ( سيئ ) ) ) الْحِفْظِ وقال أبو حَاتِمٍ وابن الْقَطَّانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
قال الدارقطي ( ( ( الدارقطني ) ) ) في بَعْضِ حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ وَأَمَّا تَضْعِيفُ خَبَرِ جَابِرٍ لِضَعْفِ عبيدالله كما ذَكَرَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ مُتَابَعَةً لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ فَلَا يَتَوَجَّهُ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وقال أبو حَاتِمٍ صَدُوقٌ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ عمره الْقَضِيَّةِ أو الْعُمْرَةَ مع حَجَّتِهِمْ فَإِنَّهَا لم تَكُنْ وَاجِبَةً على من اعْتَمَرَ وَعَنْ طَلْحَةَ بن عبيدالله مَرْفُوعًا الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ ابن
____________________
(3/154)
ماجة وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عن أبي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ مُرْسَلًا وقال ليس فيها شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ وقال ابن عبدالبر روى ذلك بِأَسَانِيدَ لَا تَصِحُّ وَلَا تقول ( ( ( تقوم ) ) ) بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ وَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجِبُ إتْمَامُهَا كما سَبَقَ آخِرَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ تَجِبُ إلَّا على الْمَكِّيِّ نَقَلَهَا عبدالله وَالْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ وَبَكْرُ بن مُحَمَّدٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ
وقال شَيْخُنَا عليه نُصُوصُهُ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي على أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ دَمَ التَّمَتُّعِ كَذَا قال وقد سَأَلَهُ عبدالله وَغَيْرُهُ من أَيْنَ يَعْتَمِرُ أَهْلُ مَكَّةَ قال ليس عليهم عُمْرَةٌ لان ذلك قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكِنَّهُ من رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بن مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ وهو ضَعِيفٌ وَقَالَهُ عَطَاءٌ وطاووس ( ( ( وطاوس ) ) ) لِأَنَّ مُعْظَمَهَا الطَّوَافُ وَهُمْ يَفْعَلُونَهُ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ في حَقِّ من لم يَطُفْ وَمَنْ طَافَ يَجِبُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عنها كَالْآفَاقِيِّ فَصْلٌ لَا يَجِبُ الْحَجُّ على كَافِرٍ أَصْلِيٍّ ( ع ) وَيُعَاقَبُ عليه وَعَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ ( وش ) كَالتَّوْحِيدِ ( ع ) وَعَنْهُ لَا وهو الْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ وَجْهَانِ وَعَنْهُ يُعَاقَبُ على النَّوَاهِي لَا الْأَوَامِرِ وَالْمُرْتَدُّ مِثْلُهُ ( و ) وَهَلْ يَلْزَمُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَةٍ في رِدَّتِهِ إذَا أَسْلَمَ إنْ قُلْنَا يَقْضِي ما فَاتَهُ من صَلَاةٍ وَصَوْمٍ لَزِمَهُ ( وش ) وَإِلَّا فَلَا ( وه م ) وَلَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بِرِدَّتِهِ إنْ قَضَى صَلَاةً تَرَكَهَا قبل رِدَّتِهِ ( ه م )
وَإِنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وهو مُسْتَطِيعٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَجٌّ ثَانٍ ( وه م ) أَمْ لَا ( وش ) فيه رِوَايَتَانِ وَسَبَقَ ذلك في الصَّلَاةِ
____________________
(3/155)
وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ من كَافِرٍ ( ع ) وَيَبْطُلُ إحْرَامُهُ وَيَخْرُجُ منه بِرِدَّتِهِ فيه ( وه ) كَالصَّوْمِ وَالْجِمَاعِ قد يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ معه وَيَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ معه ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الرِّدَّةِ ( ع ) وَلِلشَّافِعِيَّةِ في خُرُوجِهِ منه وَكَوْنِهِ كالجامع ( ( ( كالمجامع ) ) ) وَبَقَائِهِ إذَا أَسْلَمَ أَوْجُهٌ فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ على مَجْنُونٍ ( ع ) وَلَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بحنونه ( ( ( بجنونه ) ) ) ( و ) وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ منه إنْ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ ( ع ) وَكَذَا إنْ عَقَدَهُ له الْوَلِيُّ اقْتِصَارًا على النَّصِّ في الطِّفْلِ وَقِيلَ يَصِحُّ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ ( وم ش )
وَهَلْ يَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ من أَهْلِ الْعِبَادَاتِ ( م ) أَمْ لَا كَالْمَوْتِ فيه وَجْهَانِ فَإِنْ لم يَبْطُلْ فَكَمَنْ أُغْمِيَ عليه ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب المناسك
مسألة قوله ( ( ( وجهين ) ) ) وإن حج ( ( ( بطلانه ) ) ) ثم ( ( ( بجنون ) ) ) ارتد ( ( ( وإغماء ) ) ) ثم ( ( ( والمعروف ) ) ) أسلم وهومستطيع فهل يلزمه حج ثان أم لَا فيه روايتان وسبق ذلك في الصلاة انتهى قلت أطلق المصنف الخلاف في كتاب الصلاة أيضا وقد ذكرنا هناك الصحيح من المذهب اختار كل رواية فليراجع إذا لا حاجة إلى إعادته
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَهَلْ يَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ من أَهْلِ الْعِبَادَاتِ أَمْ لَا كَالْمَوْتِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ قُلْت وهو قِيَاسُ الصَّوْمِ إذَا أَفَاقَ جُزْءًا من الْيَوْمِ وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ الصِّحَّةُ وهو قَوْلُ الإئمة الثَّلَاثَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ وهو قِيَاسُ قَوْلِ الْمَجْدِ في الصَّوْمِ
____________________
1-
(3/156)
وأطلق ابن عقيل وجهين في بطلانه بجنون وإغماء والمعروف لا يبطل بإغماء كالسكر فيتوجه فيه مثله فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ على عَبْدٍ ( و ) كَالْجِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ منه الشَّهَادَةُ وَلِلْخَبَرِ الْآتِي في الْأَمْرِ بِإِعَادَتِهِ إذَا أعتقد ( ( ( عتق ) ) ) وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَيَصِحُّ منه ( و ) وَكَذَا مُكَاتَبٌ وَمُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ ( و )
وَلَا يَجُوزُ أم يُحْرِمَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ( و ) لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ فَإِنْ فَعَلَ انْعَقَدَ ( و ) خِلَافًا لِدَاوُدَ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ كَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ
قال ابن عَقِيلٍ وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ إحْرَامِهِ بِغَصْبِهِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قد حَجَّ في بَدَنٍ غُصِبَ فَهُوَ آكَدُ من الْحَجِّ بِمَالٍ غُصِبَ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ ليس بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ فَيَكُونُ هو الْمَذْهَبَ وَسَبَقَ مِثْلُهُ في الإعتكاف عن جَمَاعَةٍ فَدَلَّ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له فِعْلُ عِبَادَةٍ قد تُفَوِّتُ حَقَّ السيدإلا بِإِذْنِهِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه وَمِنْهُ صَلَاةٌ وَصَوْمٌ وقد يَكُونُ زَمَنُ الإعتكاف التَّطَوُّعِ أَقَلَّ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَحَقُّ السَّيِّدِ آكَدُ وقد سَوَّوْا بَيْنَهُمَا في الإعتكاف وَالْحَجِّ بِلَا إذْنٍ لِمَعْنًى وَاحِدٍ وَدَلَّ اعْتِبَارُ الْمَسْأَلَةِ بِالْغَصْبِ على تَخْرِيجِ رِوَايَةِ إنْ أُجِيزَ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ في رِوَايَةِ ( و ) اخْتَارَهَا ابن حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بها آخَرُونَ لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ
وَقَاسَ الشَّيْخُ على صَوْمٍ يَضُرُّ بَدَنَهُ وَمُرَادُهُ لَا يُفَوَّتُ بِهِ حَقٌّ وَلَيْسَ له تَحْلِيلُهُ وفي رِوَايَةٍ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ عن الْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ فَعَلَ انْعَقَدَ فَعَلَى هذه لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا ابن حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بها آخَرُونَ وَلَيْسَ له تَحْلِيلُهُ في رِوَايَةٍ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إحْدَاهُمَا لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له تَحْلِيلُهُ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
____________________
1-
(3/157)
كتطوع ( ( ( والقاضي ) ) ) نفسه ( ( ( وابنه ) ) ) وقد ذكر ابن ( ( ( ناظم ) ) ) عقيل ( ( ( المفردات ) ) ) قول احمد ( ( ( الأشهر ) ) ) لا يعجبني منع السيد عبده من المضي في الإحرام زمن الإحرام والصلاة والصيام وقال إن لم يخرج منه وجوب النوافل بالشروع كان بلاهة وإن أذن له لم يجز له تحليله ( ه ) للزومه كنكاح وإعارة لرهن وعنه له تحليله وإن باعه فمشتريه كبائعة في تحليله وله الفسخ إن لم يعلم إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله وإن علم العبد برجوع سيده عن إذنه فكما لو لم يأذن وإلا فالخلاف في عزل الوكيل قبل علمه
وَإِنْ نَذَرَ الْعَبْدُ الْحَجَّ لَزِمَهُ ( و ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَهَلْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ من اذا لم يَكُنْ نَذْرُهُ بِإِذْنِهِ ( وش ) أَمْ لَا لِوُجُوبِهِ عليه كَوَاجِبِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَلَعَلَّ المراء ( ( ( المراد ) ) ) بِأَصْلِ الشَّرْعِ فيه رِوَايَتَانِ
وَقِيلَ إنْ كان النَّذْرُ على الْفَوْرِ لم يَمْنَعْهُ وقد نَقَلَ ابن إبْرَاهِيمَ في مَمْلُوكٍ قال أمرأته طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم يُحْرِمْ أَوَّلَ يَوْمٍ من رَمَضَانَ قال يُحْرِمُ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ قُلْت فَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ قال ليس له ذلك إذَا عَلِمَ منه رُشْدًا
ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِيمَا يَجِبُ على الْمَمْلُوكِ من حَقِّ مَوْلَاهُ وما يَجِبُ من حَقِّ الْمَمْلُوكِ على سَيِّدِهِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على خِلَافِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَسَبَقَ ذلك في الجنائز
وَإِنْ أَفْسَدَ الْعَبْدُ حجة بِالْوَطْءِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فيه وَالْقَضَاءُ ( وش ) كَالْحُرِّ وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ في رِقِّهِ في الْأَصَحِّ لِلُزُومِهِ له كَالنَّذْرِ بِخِلَافِ حَجَّةِ الأسلام وَلَيْسَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والقاضي وابنه وغيرهم قال ناظم المفردات هذا الأشهر وقدمه في المحرر وغيره
مسألة 4 قوله وإن نذر العبد الحج لزمه وهل لسيده منعه إذا لم يكن نذره بإذنه أم لا لوجوبه عليه كواجب صلاة وصوم فيه رويتان وقيل إن كان النذر على الفور لم يمنعه انتهى وأطلقهما المجد في شرحه إحداهما له منعه منه وهو الصحيح اختاره ابن حامد والقاضي والشيخ الموفق والشارح وابن رزين وغيرهم وقدمه في الرعاية
____________________
1-
(3/158)
لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ منه إنْ كان شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ فيه إذْنٌ في مُوجَبِهِ وَمِنْ مُوجَبِهِ قَضَاءُ ماأفسده على الْفَوْرِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ وَإِنْ لم يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَفِي مَنْعِهِ من الْقَضَاءِ وَجْهَانِ كَالْمَنْذُورِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْعَبْدَ الْقَضَاءُ لِفَوَاتٍ أو إحْصَارٍ فيه الْخِلَافُ كَالْحُرِّ
وَإِنْ أُعْتِقَ قبل أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَزِمَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فان خَالَفَ فَحُكْمُهُ كَالْحُرِّ يَبْدَأُ بِنَذْرٍ أو غَيْرِهِ قبل حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أُعْتِقَ في الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ في حَالٍ يُجْزِئُهُ عن حَجَّةِ الْفَرْضِ لو كانت صَحِيحَةً فإنه يَمْضِي فيها وَيُجْزِئُهُ ذلك عن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ ( وش ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الكبرى والنظم قلت وهوالصواب ( ( ( عندي ) ) ) والرواية الثانية ليس له مَنْعُهُ وجزم به المجد
مسألة 5 قوله وإن ( ( ( إذنه ) ) ) أفسد العبد حجة بالوطء لزمه المضي فيه والقضاء كالحر ( ( ( صوم ) ) ) ويصح القضاء في رقه ( ( ( إحرام ) ) ) وليس لسيده ( ( ( إذنه ) ) ) مَنْعُهُ إنْ كان ( ( ( أضر ) ) ) شروعه فيما أفسده ( ( ( عمله ) ) ) بإنه وَإِنْ لم يكن ( ( ( يملك ) ) ) بإذنه ( ( ( بالتمليك ) ) ) ففي ( ( ( ووجد ) ) ) منعه ( ( ( الهدي ) ) ) من ( ( ( لزمه ) ) ) القضاء وجهان ( ( ( مات ) ) ) كالمنذور ( ( ( العبد ) ) ) وفيه مسألتان ( ( ( يصم ) ) )
مسألة ( ( ( فلسيده ) ) ) الأولى 5 إذا ( ( ( يطعم ) ) ) كان الْحَجَّ تطوعا وأفسده فهل للسيد منعه من القضاء إذا كان شروعه فيما أفسده بغير إذنه أم لا أطلق الخلاف أحدهما له منعه ( ( ( كالمرأة ) ) ) وهوالصحيح وقد قدمه المصنف في ( ( ( سيده ) ) ) هذا الكتاب ( ( ( أذن ) ) ) في باب محظورات الإحرام في هذه المسألة بعينها وهذه من جملة المسائل التي أطلق المصنف فيها الخلاف وقدم فيها حكما كما قدم التنبيه عليه في المقدمة والوجه الثاني ليس له منعه
مسألة الثانية 6 إذا كان حجة منذورا وأفسده وقد تقدم في كلام المصنف في المسالة التي قبلها ما يشابه هذه ولكن تلك الخلاف في منعه من فَعَلَهُ وهنا ( ( ( نائب ) ) ) منعه ( ( ( بإذن ) ) ) من ( ( ( مستنيب ) ) ) قضائه وعلى كل حال الصحيح أن له منعه كالمسألة المقيسة والتي قبلها والله أعلم
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْعَبْدَ الْقَضَاءُ لِفَوَاتٍ أو إحْصَارٍ فيه الْخِلَافُ كَالْحُرِّ يَعْنِي كَالْحُرِّ الصَّغِيرِ وقد قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ في الْحُرِّ الصَّغِيرِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِفَوَاتٍ أو إحْصَارٍ فَكَذَا هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/159)
وقال ابن عقيل عندي أنه لا يصح لانه ليس من حيث لو صحت أجزأت يجب أن يكون قضاؤها كهي كما قلنا فيمن نذر صوم يوم بقدم فلان فقدم في يوم من رمضان فإنه على الرواية التي تقول يجزئه عن النذر والفرض لو أفطر ذلك اليوم لزمه قضاء يومين ولا يكون الإعتبار في القضاء بما كان في الأداء ويلزمه حكم جنايته كحر معسر وإن تحلل بحصر أو حلله سيده لم يتحلل قبل الصوم وليس منعه منه نص عليه وقيل في إذنه فيه وفي صوم آخر في إحرامه بلا إذنه وجهان كنذر وسيأتي وعند المالكية إن تعمد المأذون السبب فللسيد منعه إن أضر به في عمله في الأشهر عندهم ويتوجه احتمال مثله وإن قلنا يملك بالتمليك ووجد الهدي لزمه
وإن أفسد حجه صام وكذا إن تمتع أو قرن لأن الحج له كالمرأة وذكر القاضي أنه على سيده إن أذن فيه كما لو فعله نائب بإذن فيه مستنيب فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ على صَبِيٍّ ويصلح ( ( ( ويصح ) ) ) منه فَإِنْ كان مُمَيِّزًا أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا أَحْرَمَ وَلِيُّهُ عنه وَيَقَعُ لَازِمًا وَحُكْمُهُ كَالْمُكَلَّفِ نَصَّ عليه ( وم ش ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَبِيًّا فقال ( ( ( فقالت ) ) ) أَلِهَذَا حَجٌّ قال نعم وَلَك أَجْرٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وقال السَّائِبُ بن يزيد ( ( ( زيد ) ) ) حُجَّ بِي مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وأنا ابن سَبْعِ سِنِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وقال ابن عَبَّاسٍ أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ ثُمَّ هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَانْفَرَدَ محمد بن الْمِنْهَالِ بِرَفْعِهِ وهو يُحْتَجُّ بِهِ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وكان آيَةً في الْحِفْظِ وَلِهَذَا صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ منهم ابن حَزْمٍ وَأَجَابَ بِنَسْخِهِ لِكَوْنِ فيه الْأَعْرَابِيَّ
وقد قال أبو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بن مُحَمَّدِ من وَلَدِ سَعِيدِ بن الْعَاصِ وهو إمَامُ أَهْلِ
____________________
(3/160)
الحديث في عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ قَالَهُ الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ وقال دَرَسَ الْفِقْهَ على أبي الْعَبَّاسِ بن سُرَيْجٍ
صَنَّفَ الْمُخَرَّجَ على مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُخَرَّجَ على الصَّحِيحِ لِمُسْلِمٍ أَزْهَدَ من رَأَيْت من الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرَهُمْ تَقَشُّفًا وَلُزُومًا لِمَدْرَسَتِهِ وَبَيْتِهِ وَأَكْثَرَهُمْ اجْتِهَادًا في الْعِبَادَةِ سَمِعْت أَبَا الْوَلِيدِ وَسُئِلَ عن قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أينما ( ( ( أيما ) ) ) أَعْرَابِيٍّ حَجَّ قبل أَنْ يُهَاجِرَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا هَاجَرَ قال مَعْنَاهُ قبل أَنْ يُسْلِمَ فَعَبَّرَ بِاسْمِ الْهِجْرَةِ عن الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ إذَا أَسْلَمُوا هَاجَرُوا وَفَسَّرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْإِسْلَامَ بِاسْمِ الْهِجْرَةِ وَإِنَّمَا سُمُّوا مُهَاجِرِينَ لِأَنَّهُمْ هَجَرُوا الْكُفَّارَ إجْلَالًا لِلْإِسْلَامِ سَمِعْت أَبَا الْوَلِيدِ سَمِعْت ابْنَ سُرَيْجٍ سَمِعْت إسْمَاعِيلَ بن إِسْحَاقَ الْقَاضِي يقول دَخَلْت على الْمُعْتَضِدِ فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا نَظَرْت فيه وكان قد جَمَعَ له الزَّلَلَ من رُخَصِ الْعُلَمَاءِ وما احْتَجَّ بِهِ كُلٌّ منهم لِنَفْسِهِ فَقُلْت له ياأمير الْمُؤْمِنِينَ مُصَنِّفُ هذا الْكِتَابِ زِنْدِيقٌ فقال لم تَصِحَّ هذه الْأَحَادِيثُ قُلْت الْأَحَادِيثُ على ما رُوِيَتْ وَلَكِنْ من أَبَاحَ الْمُسْكِرَ لم يُبِحْ الْمُتْعَةَ وَمَنْ أَبَاحَ الْمُتْعَةَ لم يُبِحْ الْغِنَاءَ وَالْمُسْكِرَ وما من عَالِمٍ إلَّا وَلَهُ زَلَّةٌ وَمَنْ جَمَعَ زَلَلَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ أَخَذَ بها أخذ ذَهَبَ دِينُهُ فَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ فَأُحْرِقَ ذلك الْكِتَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وقال أبو الْخَطَّابِ عن الخير ( ( ( الخبر ) ) ) الْمَذْكُورِ ذَكَرَهُ هِبَةُ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ في سُنَنِهِ وقال أَخْرَجَهُ ابن أبي حَاتِمٍ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ وضوء ( ( ( وضوءه ) ) ) كَالْبَالِغِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَلِأَنَّهُ إذَا صَحَّ إحْرَامُهُ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ على حُكْمِ الْبَالِغِ في الضَّمَانِ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِالْفِعْلِ وهوأقوى من الْقَوْلِ بِخِلَافِ نَذْرِهِ وَيَمِينِهِ
وكفار ( ( ( وكفارة ) ) ) الْحَجِّ تَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ وَتُحْرِمُ رُفْقَةُ الْمُغْمَى عليه عنه عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فيها وَمَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ كَفَّارَةٌ يرتفض ( ( ( ويرتفض ) ) ) بِرَفْضِهِ وَيُجْتَنَبُ الطِّيبُ اسْتِحْبَابًا وَذَكَرَ ابن هُبَيْرَةَ عن بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ هذا مَعْنَى قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ لَا أَنَّهُ يُخْرِجُهُ من ثَوَابِ الْحَجِّ وَسَبَقَ في كِتَابِ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْقَوْلُ مُتَّجَهٌ أن يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ وَيُثَابُ عليه إذَا أَتَمَّهُ صَحِيحًا لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ الإلتزام وَلَيْسَ على لُزُومِهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ
وَيُحْرِمُ مُمَيِّزٌ وهو ابن سَبْعٍ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَالْبَيْعِ وَقِيلَ يَصِحُّ منه بِدُونِهِ واختار صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ فَعَلَى هذا يُحَلِّلُهُ الْوَلِيُّ منه إنْ رَآهُ ضَرَرًا
____________________
(3/161)
في الْأَصَحِّ كَعَبْدٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ كَالْوَجْهَيْنِ وَلَا يُحْرِمُ الْوَلِيُّ عن مُمَيِّزٍ ( وم ش ) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالْوَالِي من يَلِي مَالَهُ وَيَصِحُّ عن الطِّفْلِ وَلَوْ كان مُحْرِمًا أو لم يَحُجَّ كَعَقْدِ النِّكَاحِ له وَلَا يَصِحُّ من غَيْرِ الْوَلِيِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَصِحُّ من الأيام ( ( ( الأم ) ) ) ايضا ( وش ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وقال بَعْضُهُمْ في عَصَبَتِهِ كَالْعَمِّ وَابْنِهِ وَجْهَانِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَكُلُّ ما أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ كَالْوُقُوفِ وَالْمَبِيتِ لَزِمَهُ وَسَوَاءٌ أَحْضَرَهُ الْوَلِيُّ فيها أو غَيْرُهُ وما عَجَزَ عنه عَمِلَهُ عنه الْوَلِيُّ رُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ في الرَّمْيِ وَعَنْ أبي بَكْرٍ أَنَّهُ طَافَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ في خرق ( ( ( خرقة ) ) ) رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُجَرِّدُ الصِّبْيَانَ لِلْإِحْرَامِ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ منهم الشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ عَطَاءٌ إلَّا الصَّلَاةَ وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ أَيْضًا وَعَنْ أَشْعَثَ بن سَوَّارٍ وهو ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ قال حَجَجْنَا مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَأَحْرَمْنَا عن الصِّبْيَانِ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ ماجة فَلَبَّيْنَا عن الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ وَلِلتِّرْمِذِيِّ فَكُنَّا نُلَبِّي عن النِّسَاءِ وَنَرْمِي عن الصِّبْيَانِ
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يرم ( ( ( يرمي ) ) ) عنه إلَّا من رَمَى عن نَفْسِهِ كَالنِّيَابَةِ في الْحَجِّ فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا وَإِلَّا قُلْنَا يَقَعُ الْإِحْرَامُ بَاطِلًا هُنَاكَ فَكَذَا الرَّمْيُ هُنَا
وَإِنْ أَمْكَنَ الصَّبِيَّ أَنْ يُنَاوِلَ النَّائِبَ الْحَصَى نَاوَلَهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ أَنْ تُوضَعَ الْحَصَاةُ في كَفِّهِ ثُمَّ تُؤْخَذَ منه فَتُرْمَى عنه فَإِنْ وَضَعَهَا النَّائِبُ في يَدِهِ وَرَمَى بها فَجَعَلَ يَدَهُ كَالْآلَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَطُوفَ فَعَلَهُ وَإِلَّا طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا أو رَاكِبًا
وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ من الطَّائِفِ بِهِ وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ له الْإِحْرَامَ فَإِنْ نَوَى
____________________
(3/162)
الطَّوَافَ عن نَفْسِهِ وَعَنْ الصَّبِيِّ وَقَعَ عن الصَّبِيِّ كَالْكَبِيرِ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا لِعُذْرٍ
وَيَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ عنه الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ طَافَ عن نَفْسِهِ أولا ( وم ش ) لِوُجُودِ الطَّوَافِ من الصَّبِيِّ كَمَحْمُولٍ مَرِيضٍ ولم يُوجَدْ من الْحَامِلِ إلَّا بالنية ( ( ( النية ) ) ) كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا لَا يجزيء عن الصَّبِيِّ كَالرَّمْيِ عن الْغَيْرِ فَعَلَى هذا يَقَعُ عن الْحَامِلِ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا شَرْطٌ فَهِيَ كَجُزْءٍ منه شَرْعًا وَقِيلَ يَقَعُ هُنَا عن نَفْسِهِ كما لو نَوَى الْحَجَّ عن نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَالْمَحْمُولُ الْمَعْذُورُ وُجِدَتْ النِّيَّةُ منه وهو أَهْلٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَلْغُوَ نِيَّتُهُ هُنَا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ لِكَوْنِ الطَّوَافِ لَا يَقَعُ عن غَيْرِ مُعَيَّنٍ
وَنَفَقَةُ الْحَجِّ في مَالِ وَلِيِّهِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ ( وم ق ) لِأَنَّهُ السَّبَبُ فيه قال ابن عَقِيلٍ كَإِتْلَافِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ له وعنه ( ( ( ومنه ) ) ) في مَالِهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي ( م 7 ) لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَأُجْرَةِ حَامِلِهِ إلَى الْجَامِعِ وَالطَّبِيبِ وَنَحْوِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ يَخْتَصُّ بِمَا يَزِيدُ على نَفَقَةِ الْحَضَرِ إنشاء ( ( ( وإنشاء ) ) ) السَّفَرِ لِلْحَجِّ بِهِ تَمْرِينًا على الطَّاعَةِ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَالُهُ كَثِيرٌ يَحْتَمِلُ ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ الْحَجِّ في مَالِ وَلِيِّهِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ في مَالِهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا هِيَ في مَالِ وَلِيِّهِ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ يَلْزَمُ ذلك الْوَلِيَّ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهوأصح وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ قال ابن رَزِينٍ فَعَلَى وَلِيِّهِ إجْمَاعًا ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ في مَالِ الصَّبِيِّ قَدَّمَهُ الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ قُلْت وهو ضَعِيفٌ وما عُلِّلَتْ بِهِ هذه الرِّوَايَةُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فيه نَظَرٌ
____________________
1-
(3/163)
فأما سفره للتجارة او للخدمة أو إلى مكة لاستيطانها أو الإقامة بها لعلم أو غيره مما يباح له السفر به في وقت الحج وغيره ومع الإحرام وعدمه فلا نفقة على الولي رواية واحدة بل على الجهة الواجبة فيها بتقدير عدم الإحرام ويؤخذ هذا من كلام غيره من التصرف لمصلحته ويؤخذ من كلام الشافية وكذا المالكية وإن كانوا استثنوا خوف الضيعة عليه فقط وَهَلْ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ على الْوَلِيِّ كَنَفَقَتِهِ أَمْ عليه كجنايته ( ( ( كحنايته ) ) ) فيه رِوَايَتَانِ ( م 8 ) وَلِلشَّافِعِيِّ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ * وَسَوَّى جَمَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَيَخْتَصُّ الْخِلَافُ بِمَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ
وَيَلْزَمُ الْبَالِغَ كفارة ( ( ( كفارته ) ) ) مع خَطَأٍ وَنِسْيَانٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِ كَتَغْطِيَةِ راسه لِبَرْدٍ او تَطْيِيبِهِ لِمَرَضٍ وان فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ لَا لِعُذْرٍ فَالْفِدْيَةُ عليه وما لَا يَلْزَمُ الْبَالِغَ كَفَّارَتُهُ مع خَطَأٍ وَنِسْيَانٍ لَا يَلْزَمُ الصبيي ( ( ( الصبي ) ) ) لِأَنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ وَمَتَى وَجَبَتْ على الْوَلِيِّ وَدَخَلَهَا الصَّوْمُ صَامَ عنه لِوُجُوبِهَا عليه ابْتِدَاءً كَصَوْمِهَا عن نَفْسِهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ لَا يفدى إلَّا بِالْمَالِ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يُصَامُ عنه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَوَطْءُ الصَّبِيِّ كَوَطْءِ الْبَالِغِ نَاسِيًا يَمْضِي في فَاسِدِهِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَلَا يَصِحُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله وهل الفدية وجزاء الصيد على الولي كنفقته أم عليه كجنايته فيه روايتان انتهى وأطلقهما في المستوعب والمغني والكافي وشرح المجد والنظم وغيرهم إحداهما يكون في مال وليه وهو الصحيح قال في المذهب ومسبوك الذهب يلزم الولي في أقوى الروايتين قال ابن منجا هذا المذهب وهو أصح قال ابن عبدوس في تذكرته نفقة الحج ومتعلقاته المجحفة بالصبي تلزم المحرم به وقدمه في المقنع والمحرر وشرح ابن رزين وحكاه إجماعا كما تقدم وجزم به في الوجيز والمنور والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم واختار أبو الخطاب والشيخ الموفق والشارح وصاحب الحاويين وغيرهم والرواية الثانية يكون في مال الصبي قدمه في الهداية والخلاصة والهادي والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم واختاره القاضي في الخلاف
تنبيه حكم جزاء الصيد والفدية حكم نفقة الحج خلافا ومذهبا ولذلك جمعهما أكثر الأصحاب وحكوا الخلاف في الجميع وهو الصواب وإليه ميل المصنف لقوله عن الطريقة الأخرى كذا ذكره الشيخ وغيره ولنا طريقة أخرى وهي هل يلحقان بالنفقة فيكون فيهما الخلاف الذي فيها أو يكونان كجنايته فيجب عليه قولا واحدا وهي طريقة الشيخ الموفق وجماعة وهو ظاهر ما قدمه المصنف والذي يظهر أن هذه الطريقة ضعيفة
____________________
1-
(3/164)
إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ نَصَّ عليه لِلْجَمْعِ بين الدَّلِيلَيْنِ وَنَظِيرُهُ احْتِلَامُ الْمَجْنُونِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهِ إفَاقَتُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ
وَقِيلَ يَصِحُّ قبل بُلُوغِهِ كَالْبَالِغِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِئَلَّا تَلْزَمَهُ عِبَادَةٌ بدينة ( ( ( بدنية ) ) ) وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا قَضَاؤُهُ لِفَوَاتٍ أو إحْصَارٍ وَصِحَّتُهُ منه وهو في الْقَضَاءِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِجْزَائِهِ عنه وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كما سَبَقَ في الْعَبْدِ فَصْلٌ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أو بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ إحْرَامِهِ قبل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أو وهو بها أو بَعْدَهُ قبل فَوْتِ وَقْتِهِ فَعَادَ فَوَقَفَ بها أَجْزَأَهُ عن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَلَا نَصَّ على ذلك ( وش ) وَاحْتُجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَمَا لو أَحْرَمَ إذَنْ وَلِأَنَّهَا حَالَةٌ تَصْلُحُ لِتَعْيِينِ الْإِحْرَامِ كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنَّمَا اُعْتُدَّ له بِإِحْرَامِهِ الْمَوْجُودِ إذَنْ وما قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ لم يَنْقَلِبْ فَرْضًا وَمِثْلُهُ الْوُقُوفُ
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مَوْقُوفًا فَتَتَبَيَّنُ الْفَرْضِيَّةُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ وَكَالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَكَذَا في الْخِلَافِ إلَّا أَنَّهُ لم يذكر الزَّكَاةَ وَكَذَا في الإنتصار قَالَا كما يَقِفُ على الْوُقُوفِ في إدْرَاكِ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ فَقِيلَ لَهُمَا يَلْزَمُ بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ فَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَفْعَالَ وُجِدَتْ في حَالِ النَّقْصِ وَهُنَا في الْكَمَالِ وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يجزىء عن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ تَرَكْنَاهُ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَجَابَ أَيْضًا عن أَصْلِ السُّؤَالِ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ ليس بِرُكْنٍ بَلْ شُرِطَ على وَجْهٍ لنا فَهُوَ كَوُضُوءِ الصَّبِيِّ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلَيْسَ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ في نَفْسِهِ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ ( وم ) وَقَالَهُ ( ه ) في الْعَبْدِ وقال في الصَّبِيِّ إنْ جَدَّدَ إحْرَامًا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ لُزُومِهِ عِنْدَهُ
وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا سَعَى قبل الْوُقُوفِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقُلْنَا السَّعْيُ رُكْنٌ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ لِحُصُولِ الْكَمَالِ في مُعْظَمِ الْحَجِّ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قال وهو اشبه بِتَعْلِيلِ أَحْمَدَ ( م 9 ) الْإِجْزَاءُ بِاجْتِمَاعِ الْأَرْكَانِ حَالَ الْكَمَالِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا سَعَى قبل الْوُقُوفِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقُلْنَا السَّعْيُ رُكْنٌ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ لِحُصُولِ الْكَمَالِ في مُعْظَمِ الْحَجِّ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قال وهو أَشْبَهَ بِتَعْلِيلِ أَحْمَدَ وَذَكَرَهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(3/165)
فعلى ( ( ( والزركشي ) ) ) هذا لَا يُجْزِئُهُ إن أعاد السعي ذكره ( ( ( المجد ) ) ) صاحب الْمُحَرَّرِ لأنه لا يشرع ( ( ( قياس ) ) ) مجاوزة عدده ولا تكرار واستدامة الوقوف مشروع ولا قدر له محدود
وقال في التَّرْغِيبِ يُعِيدُهُ على الْأَصَحِّ وَإِنْ عَتَقَ أو بَلَغَ في الْعُمْرَةِ قبل طَوَافِهَا أَجْزَأَهُ على الْخِلَافِ ( و ) وَإِلَّا فَلَا ( و ) وفي أَثْنَاءِ طَوَافِهَا ( و ) وَلَا أَثَرَ لاعادته ( و ) وَحَيْثُ قُلْنَا بالاجزاء فَلَا دَمَ ( ق ) لِنَقْصِهِمَا في ابْتِدَاءِ الاحرام كاستمرار ( ( ( كاستمراره ) ) ) ( وش ) فَصْلٌ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ مَنْعُهُ من حَجِّ الْفَرْضِ وَلَا تَحْلِيلُهُ وَيَدْفَعُ نَفَقَتَهُ إلَى ثِقَةٍ لِيُنْفِقَ عليه في الطَّرِيقِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَزَادَتْ نَفَقَتُهُ على نَفَقَةِ حَضَرِهِ ولم يَكْتَسِبْ الزَّائِدَ فَقِيلَ كَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ وَقِيلَ في الاصح مَنْعُهُ منه وَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا ( م 10 ) فَإِنْ مَنَعَهُ فَأَحْرَمَ فَهُوَ كَمَنْ ضَاعَتْ نَفَقَتُهُ فَصْلٌ وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُ الْمَرْأَةِ من حَجِّ التَّطَوُّعِ في رِوَايَةٍ ( و ) اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والزركشي أحدهما يجزئه وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب واختاره القاضي في التعليق وأبو الخطاب وغيرهما وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى والنظم وغيرهم الوجه الثاني لا يجزئه وهو الصحيح اختاره المجد في شرحه والقاضي في المحرر وقال هو قياس المذهب وابن عقيل وغيرهم وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم
مسألة 10 قوله وإن أحرم أي السفيه المبذر بنفل وزادت نفقته على نفقة حضره ولم يكتسب الزائد فقيل كعبد بلا إذن وقيل له في الأصح منعه وتحليله بصوم وإلا فلا انتهى أحدهما حكمه حكم العبد إذا أحرم بلا إذن سيده والقول الثاني له منعه منه وتحليله بصوم وهو الصحيح من المذهب صححه الناظم في أواخر باب الحجر قال في الرعاية الكبرى فله في الأصح منعه منه وتحليله بصوم وإلا فلا انتهى وقال في المغني والشرح في باب الحجر فإن لم يكن له كسب فلوليه تحليله لما في مضيه فيه من تضييع ماله ويتحلل بالصيام كالمعسر لأنه ممنوع من التصرف في ماله ويحنمل أن لا يملك تحليله بناء على العبد إذا أحرم بغير إذن سيده انتهى
____________________
1-
(3/166)
الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَتَكُونُ كَالْمُحْصَرِ كَالْعَبْدِ يُحْرِمُ بِلَا إذْنٍ وظاهر ( ( ( وظاهره ) ) ) حُكْمُهَا حُكْمُهُ في التَّحْرِيمِ وَالصِّحَّةِ وهو مُتَّجَهٌ وَقَاسَ الشَّيْخُ على الْمَدِينَةِ تُحْرِمُ بِلَا إذْنِ غَرِيمِهَا على وجهه يَمْنَعُهُ إيفَاءَ دَيْنِهِ الْحَالِّ عليها وَمُرَادُهُ له تَحْلِيلُهَا أَيْ مَنْعُهَا وَلَا يَجُوزُ لها التَّحَلُّلُ وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلُهَا واختاره أبو أبو بَكْرٍ والقاضي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ ( م 11 ) كما لو أَذِنَ لها ( و ) وَلَهُ الرُّجُوعُ ما لم تُحْرِمْ فَعَلَى الْأَوَّلِ في الْحَجِّ الْمَنْذُورِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ يُفَرَّقُ بين الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ ( م 12 )
وَإِنْ حَلَّلَهَا فلم تَقْبَلْ أَثِمَتْ وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا وَذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَلَهُ مَنْعُهَا من الْخُرُوجِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْإِحْرَامِ بها إنْ لم تَكْمُلْ شُرُوطُهَا فَلَوْ أَحْرَمَتْ اذن بِلَا اذنه لم يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا في الْأَصَحِّ وان كَمَلَتْ شُرُوطُهَا لم يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَلَا تَحْلِيلَهَا ( و ) وَنَفَقَتُهَا عليه قَدْرَ الْحَضَرِ
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تسأذنه ( ( ( تستأذنه ) ) ) وَنَقَلَ صَالِحٌ ليس له مَنْعُهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجَ حتى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُ الْمَرْأَةِ من حَجِّ التَّطَوُّعِ في رِوَايَةٍ اختراها ( ( ( اختارها ) ) ) جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والتخليص وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا له تَحْلِيلُهَا وهو الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ واختارها ( ( ( واختارهما ) ) ) ابن حَامِدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا أَشْهَرُ قال الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَصْرَحُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
مَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ في الْحَجِّ الْمَنْذُورِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ يُفَرَّقُ بين الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قال في الْمُغْنِي في مَكَان وَلَيْسَ له مَنْعُهَا من الْحَجِّ الْمَنْذُورِ قال الزَّرْكَشِيّ وهو الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخَانِ انْتَهَى ولم يَطَّلِعْ على إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ في الْمُغْنِي في مَكَان آخَرَ وَاعْتَمَدَ على الْقَطْعِ بِهِ في الْمَكَانِ الْآخَرِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
____________________
1-
(3/167)
تستأذنه ونقل أبو طالب ( ( ( يفرق ) ) ) إنْ كان غائبا ( ( ( وقته ) ) ) كتبت ( ( ( معينا ) ) ) إليه فإن أذن وَإِلَّا حجت ( ( ( ملكه ) ) ) بمحرم وعنه له تحليلها فيتوجه ( ( ( الروايتين ) ) ) منه منعها وهو قول للمالكية والشافعي والأول المذهب كأداء الصلاة أول الوقت ( و ) وقضاء رمضان ( و ) وظاهر ولو أحرمت قبل الميقات والأشهر ( ( ( فمراده ) ) ) للمالكية له تحليلها ومن أحرمت بواجب فحلف زوجها ( ( ( ممن ) ) ) بالطلاق الثلاث لا تحج العام لم يجز أن تحل
ونقل ابن منصور هي بمنزلة المحصر ورواه عن عطاء واختاره ابن أبي موسى كما لو منعها عدو من الحج إلا ( ( ( استثناء ) ) ) أن تدفع ( ( ( يشمل ) ) ) إليه مالها ونقل منها وسئل عن الْمَسْأَلَةَ فقال قال عطاء الطلاق هلاك هي بمنزلة المحصر وسبق أول الجنائز فَصْلٌ لَا يَجُوزُ لِوَالِدٍ مَنْعُ وَلَدِهِ من حَجٍّ وَاجِبٍ وَلَا تَحْلِيلُهُ منه وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ طَاعَتُهُ فيه وَلَهُ مَنْعُهُ من التَّطَوُّعِ كَالْجِهَادِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له سَفَرٌ مُسْتَحَبٌّ بِلَا إذْنٍ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ في بَحْثِ مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ وَيَتَوَجَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَنْضَرُّ بِهِ وَجَبَ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْجِهَادِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كما فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بين السَّفَرِ وله وَلِغَيْرِهِ في مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيلُهُ منه لِوُجُوبِهِ بِشُرُوعِهِ
وقال أَحْمَدُ في الْفَرْضِ إنْ لم تَأْذَنْ لَك أُمُّك وكان عِنْدَك زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَحُجَّ وَلَا تلتلفت ( ( ( تلتفت ) ) ) إلَى إذْنِهَا وَاخْضَعْ لها وَدَارِهَا وَيَلْزَمُهُ طَاعَةُ والدية في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَيَحْرُمُ فيها وَلَوْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَهَا نَصَّ على ذلك كُلِّهِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ وهو إطْلَاقُ كَلَامِ أَحْمَدَ
وقال شَيْخُنَا هذا فِيمَا نَفْعٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عليه فَإِنْ شَقَّ عليه ولم يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا لم يُقَيِّدْهُ أبو عبدالله لِسُقُوطِ فَرَائِضِ اللَّهِ بِالضَّرَرِ وَعَلَى هذا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تنبيه قوله وقيل يفرق بين المعين وغيره قال في الرعاية الكبرى فإن أحرمت به لم يملك تحليلها إن كان وقته معينا وإلا ملكه انتهى مع أنه أطلق الروايتين قبل ذلك فمراده فيهما غير ما جزم به بخلاف غيره ممن أطلق من غير استثناء فإنه يشمل هذه المسألة والله أعلم
____________________
1-
(3/168)
بَنَيْنَا تَمَلُّكَهُ من مَالِهِ فَنَفْعُهُ كَمَالِهِ فَلَيْسَ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ من الْعَبْدِ هذا كَلَامُهُ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ فين ( ( ( فيمن ) ) ) تَسْأَلُهُ أُمُّهُ شِرَاءَ مِلْحَفَةٍ لِلْخُرُوجِ إنْ كان خُرُوجُهَا في بِرٍّ وَإِلَّا فَلَا يُعِينُهَا على الْخُرُوجِ
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ إنْ امرني أبي بِإِتْيَانِ السُّلْطَانِ له عَلَيَّ طَاعَةٌ قال لَا فَيُحْمَلُ في هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَمَظِنَّةٌ في الْمُحَرَّمِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمَا سَبَقَ وَظَاهِرُهُمَا الْمُخَالَفَةُ وَأَنَّهُ لَا طَاعَةَ إلَّا في الْبِرِّ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ ما أُحِبُّ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمَا على الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ قال من تَرَكَ الشُّبْهَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَلَكِنْ يُدَارِي فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ في مَكْرُوهٍ وَنَقَلَ غَيْرُهُ فِيمَنْ تَعْرِضُ عليه أُمُّهُ شُبْهَةً بِأَكْلٍ فقال إنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يَأْكُلْ
وقال أَحْمَدُ إنْ معناه ( ( ( منعاه ) ) ) الصَّلَاةَ نَفْلًا يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ في تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ وقال إنْ نَهَاهُ أَبُوهُ عن الصَّوْمِ لَا يُعْجِبُنِي صَوْمُهُ وَلَا أُحِبُّ لِأَبِيهِ أَنْ يَنْهَاهُ فَظَاهِرُهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ في تَرْكِهِ
وذكره صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ ابن تَمِيمٍ لَا يَجُوزُ مَنْعُ وَلَدِهِ من سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَأَنَّ مثله المكترى وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَنَاهُ على الْإِثْمِ بِتَرْكِ سُنَّةٍ رَاتِبَة وَيَأْتِي في الْعَدَالَةِ في الشَّهَادَةِ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي في الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ وفي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ الْقُرَبِ وَقَوْلُهُ نُدِبَ إلَى طَاعَةِ أبيه
وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَتَأَخَّرُ من الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أبيه لَا يُعْجِبُنِي هو يَقْدِرُ يَبَرُّ أَبَاهُ بِغَيْرِ هذا وَيَأْتِي أَوَّلَ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَلَامُ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَأْمُرُهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ بالطلاف ( ( ( بالطلاق ) ) ) وَكَلَامُ شَيْخِنَا في أَمْرِهِ بِنِكَاحِ مُعَيَّنَةٍ
وقال في الْغُنْيَةِ يَجُوزُ تَرْكُ النَّوَافِلِ لطاعتها ( ( ( لطاعتهما ) ) ) بَلْ الْأَفْضَلُ طَاعَتُهُمَا
____________________
(3/169)
وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ في الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ نحو ثُلُثِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ الشَّرْطُ الْخَامِسُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ نَصَّ عليه ( وه ش ) وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَمَذْهَبُ ( م ) لَا يُشْتَرَطُ ذلك إلَّا لِمَنْ يَعْجَزُ عن السَّفَرِ وَلَا حِرْفَةَ له فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ وَالتَّكَسُّبُ بِالصَّنْعَةِ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَفِيمَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ وَالْعَادَةُ إعْطَاؤُهُ قَوْلَانِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَاعْتَبَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ في حَقِّ من يَحْتَاجُهُمَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ من قَدَرَ أَنْ يَمْشِيَ عن مَكَّةَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ فَيَدْخُلُ في الْآيَةِ ولأنه ( ( ( ولأن ) ) ) الْقُدْرَةَ على الْكَسْبِ كَالْمَالِ في حِرْمَانِ الزَّكَاةِ وَوُجُوبِ الحزية ( ( ( الجزية ) ) ) وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ الزَّمِنِ وَالْمَدِينِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ فَكَذَا هُنَا
وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الاولين يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ وَالْكَسْبُ بِالصَّنْعَةِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ حِرْفَتُهُ الْمَسْأَلَةُ وقد قال أَحْمَدُ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْبَادِيَةَ بِلَا زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ لَا أُحِبُّ ذلك يَتَوَكَّلُ على أزاود ( ( ( أزواد ) ) ) الناس وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في قَوْلِهِ لَا أُحِبُّ هل هو لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّوَكُّلُ على اللَّهِ وَاجِبٌ
قال شَيْخُنَا بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ حدثنا خَالِدُ بن عبدالله عن يُونُسَ عن الْحَسَنِ مُرْسَلًا قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ ما السَّبِيلُ قال الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عن هُشَيْمٍ حدثنا يُونُسُ عن الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عن هُشَيْمٍ سَأَلَ مُهَنَّا لأحمد هل شَيْءٌ يَجِيءُ عن الْحَسَنِ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال هو صَحِيحٌ ما نَكَادُ نَجِدُهَا إلاصحيحة وَلَا سِيَّمَا مِثْلَ هذا الْمُرْسَلِ فَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ في رِوَايَةِ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ ليس في الْمُرْسَلَاتِ أَضْعَفُ من مُرْسَلَاتِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ كَأَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ من كُلٍّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مُرْسَلَاتٍ خَاصَّةً
وَعَنْ قَتَادَةَ عن أَنَسٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ له غَيْرُ طَرِيقٍ وَبَعْضُهَا جَيِّدٌ رَوَاهُ أبو بَكْرِ ابن مَرْدُوَيْهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وقال حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وقال
____________________
(3/170)
الْمَحْفُوظُ عن قَتَادَةَ وغير عن الْحَسَنِ مرسلا ( ( ( مرسل ) ) ) كَذَا قال
وقال الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ بَعْضُ طُرُقِهِ لَا بَأْسَ بها وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وقد رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ هذا الْخَبَرَ عن جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ من الصَّحَابَةِ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ منها شَيْءٌ وَتَوَقَّفَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في غَيْرِ حَدِيثٍ منها وَرَدَّدَ النَّظَرَ فيه وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ من حديث ابْنِ عَمْرٍو وقال وَالْعَمَلُ عليه عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ فإنه من رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بن يَزِيدَ الجوزي ( ( ( الخوزي ) ) ) وهو مَتْرُوكٌ وَرَوَاهُ ابن ماجة من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ عُمَرُ بن عَطَاءِ بن وَرَّازٍ وهو ضَعِيفٌ وقياس ( ( ( وقياسا ) ) ) على الْجِهَادِ
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ فيه زَادٌ وَلَا رَاحِلَةٌ فَالدَّلِيلُ عليه قَوْلُهُ تَعَالَى { وَلَا على الَّذِينَ إذَا ما أَتَوْك لِتَحْمِلَهُمْ } التوبة 92 الاية وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ بالقدر ( ( ( بالقدرة ) ) ) على الْكَسْبِ فَكَذَا الْحَجُّ وقد تَزُولُ الْقُدْرَةُ في الطَّرِيقِ فَيُفْضِي إلَى ضَرَرٍ كَثِيرٍ بِخِلَافِ ما ذَكَرُوهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيُعْتَبَرُ الزَّادُ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أو بَعُدَتْ ( وه ش ) وَالْمُرَادُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ الْحَجُّ بَدَنِيٌّ مَحْضٌ وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ في وُجُوبِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَحْصُلُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ وهو الْمُصَحِّحُ لِلْمَشْرُوطِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَلْزَمُهُ وَلَا مَالَ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَتُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ مع بُعْدِهَا وهو مَسَافَةُ القصير ( ( ( القصر ) ) ) فَقَطْ ( وم ش ) إلَّا مع عَجْزٍ كَشَيْخٍ كَبِيرٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قال في الْكَافِي لَا حَبْوًا وَلَوْ أَمْكَنَهُ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ
وَيُعْتَبَرُ مِلْكُ الزَّادِ فَإِنْ وَجَدَهُ في الْمَنَازِلِ لم يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ ( وه ش ) وَأَنْ يَجِدَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ كما سَبَقَ ( وه ش ) وَفَرَّقَ أبو الْخَطَّابِ فَاشْتَرَطَ لِوُجُوبِ بَذْلِ الزِّيَادَةِ كَوْنَهَا يَسِيرَةً في الْمَاءِ لِتَكَرُّرِ عَدَمِهِ وَلَهُ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ فيه الْمَشَاقَّ فَكَذَا زِيَادَةُ ثَمَنٍ لَا يُجْحِفُ لِئَلَّا يَفُوتَ وهوالذي في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وغيرهما
وَتُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ على وِعَاءِ الزَّادِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ منه وَتُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ وما يَحْتَاجُ من آلَتِهَا بِشِرَاءٍ أو كِرَاءٍ صَالِحًا لِمِثْلِهِ عَادَةً لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الناس لِأَنَّ اعْتِبَارَ الرَّاحِلَةِ لِلْقَادِرِ على الْمَشْيِ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ كَالشَّيْخِ ولم يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ
____________________
(3/171)
لِظَاهِرِ النَّصِّ وَاعْتَبَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ إمْكَانَ الرُّكُوبِ مع أَنَّهُ قال رَاحِلَةٌ تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ
وَإِنْ لم يَقْدِرْ على خِدْمَةِ نَفْسِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ اعْتَبَرَ من يَخْدُمُهُ لِأَنَّهُ من سَبِيلِهِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَظَاهِرُهُ لو أَمْكَنَهُ لَزِمَهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّصِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالرَّاحِلَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَالْمُرَادُ بِالزَّادِ أَنْ لَا يَحْصُلَ معه ضَرَرٌ لِرَدَاءَتِهِ
وَأَمَّا عَادَةُ مِثْلِهِ فَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَالرَّاحِلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَلْزَمُهُ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَلِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَرْكِ الْحَجِّ بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ
وَيَعْتَبِرُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لِذَهَابِهِ وَعَوْدِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ لم يَكُنْ له في بَلَدِهِ أَهْلٌ يَعْتَبِرْ لِلْعَوْدِ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَسَاوَى الْمَكَانَانِ فإنه يَسْتَوْحِشُ الْوَطَنَ وَالْمُقَامَ بِالْغُرْبَةِ ( وه ش )
يعتبر ( ( ( ويعتبر ) ) ) أَنْ يَجِدَ وَالْعَلَفَ في الْمَنَازِلِ التي يَنْزِلُهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أو بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ لِجَمِيعِ سَفَرِهِ لِمَشَقَّتِهِ عَادَةً وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ حَمْلُ عَلَفِ الْبَهَائِمِ إنْ أَمْكَنَهُ كَالزَّادِ وَأَظُنُّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ في الْمَاءِ أَيْضًا وَيَعْتَبِرُ كَوْنَ ذلك فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ وَعَائِلَتِهِ من مَسْكَنٍ ( وش ) وَخَادِمٍ ومالا بُدَّ منه ( وه ش ) خِلَافًا لِبَعْضِ الشافيعة ( ( ( الشافعية ) ) ) وَيَشْتَرِيهِمَا بِنَقْدٍ بيده خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ في الْمَسْكَنِ لِأَنَّ ذلك لَا يَلْزَمُهُ في دَيْنِ الْآدَمِيِّ على ما يَأْتِي وَتَضَرُّرُهُ بِذَلِكَ فَوْقَ مَشَقَّةِ الْمَشْيِ في حَقِّ الْقَادِرِ عليه
وَإِنْ فَضَلَ من ثَمَنِ ذلك ما يَحُجُّ بِهِ بَعْدَ شِرَائِهِ منه ما يَكْفِيهِ لَزِمَهُ وَيَعْتَبِرُ كَوْنَهُ فَاضِلًا عن قَضَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ أو مُؤَجَّلٍ لِآدَمِيٍّ أو لِلَّهِ وَنَفَقَةِ عالية ( ( ( عياله ) ) ) إلَى أَنْ يَعُودَ ( وه ش ) وَأَنْ يَكُونَ له إذَا رَجَعَ ما يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ على الدَّوَامِ من عَقَارٍ أو بِضَاعَةٍ أو صِنَاعَةٍ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَجَمَاعَةٌ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ كما سَبَقَ وَكَالْمُفْلِسِ على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ
وقال في الرَّوْضَةِ وَالْكَافِي إلَى أَنْ يَعُودَ فَقَطْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ ( وه ش ) فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى
وقد نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَجِبُ عليه الْحَجُّ إذَا كان معه نَفَقَةٌ تُبَلِّغُهُ مَكَّةَ وَيَرْجِعُ وَيُخَلِّفُ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ حتى يَرْجِعَ
____________________
(3/172)
وَيُقَدِّمُ النِّكَاحَ من خَافَ الْعَنَتَ نَصَّ عليه ( وه ش ) لِوُجُوبِهِ إذنا ( ( ( إذن ) ) ) زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْحَجَّ ( وم ) كما لو لم يَخَفْهُ ( ع ) وَلِأَنَّهُ اسم ( ( ( أهم ) ) ) الْوَاجِبَيْنِ وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصَالِحِهِ بَعْدَ إحْرَازِ الْحَجِّ قال الشَّيْخُ وَمَنْ احْتَاجَ إلَى كُتُبِهِ لم يَلْزَمْهُ بَيْعُهَا وَمَنْ اسْتَغْنَى بِإِحْدَى نُسْخَتَيْنِ بِكِتَابٍ بَاعَ الْأُخْرَى وَسَبَقَ ذلك وَحُكْمُ الْحُلِيِّ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا آمِنًا وَلَوْ كان غير الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ وَيُمْكِنُ سُلُوكُهُ بَرًّا أو بَحْرًا خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ غَالِبُهُ السَّلَامَةُ لِحَدِيثِ عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَّا حجاجا ( ( ( حاجا ) ) ) أو معترما ( ( ( معتمرا ) ) ) أو غَازِيًا في سَبِيلِ اللَّهِ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَسَعِيدُ بن مَنْصُورٍ قال الْبُخَارِيُّ لَا يَصِحُّ وقال ابن عبد البرلا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ
وقال الْخَطَّابِيُّ ضَعَّفُوهُ وَرَوَاهُ ابن أبي شَيْبَةَ عن مُجَاهِدٍ وَذَكَرَ مَالِكٌ عن عُمَرَ وَعُمَرَ بن عبدالعزيز أَنَّهُمَا مَنَعَا من رُكُوبِهِ مُدَّةَ زَمَانِهِمَا وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ سُلُوكُهُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى فاشبه الْبَرَّ
وَإِنْ سَلِمَ فيه قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ فذكر ابن عَقِيلٍ عن الْقَاضِي يَلْزَمُهُ ولم يُخَالِفْهُ وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لَا يلزم
وقال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ على الْوَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ وَالْكَتَّانُ ( م 13 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 13 قَوْلُهُ وَإِنْ سَلِمَ فيه قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ فذكر ابن عَقِيلٍ عن الْقَاضِي يَلْزَمُهُ ولم يُخَالِفْهُ وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لايلزمه وقال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ على الْوَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ وَالْكَتَّانُ انْتَهَى ما قَالَهُ الْقَاضِي ولم يُخَالِفْهُ ابن عَقِيلٍ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وما جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وهو الصَّوَابُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَرْكَبُ الْبَحْرَ مع أَمْنِهِ غَالِبًا
____________________
1-
(3/173)
وقال ابن الجوزي ( ( ( سلم ) ) ) العاقل إذا ( ( ( قوم ) ) ) أراد ( ( ( وهلك ) ) ) سلوك ( ( ( قوم ) ) ) طريق يستوي فيها احتمال السلامة ( ( ( سلم ) ) ) والهلاك وجب فيه الكف ( ( ( قوم ) ) ) عن ( ( ( ونجا ) ) ) سلوكها ( ( ( قوم ) ) ) واختاره ( ( ( فأصلح ) ) ) شيخنا وقال ( ( ( ترى ) ) ) أعان على ( ( ( صحيح ) ) ) نفسه فلا يكون شهيدا وإن غلب الهلاك لم يلزمه سلوكه كذا ذكروه وذكره صاحب المحرر إجماعا في البحر وأن عليه يحمل ما رواه أحمد مرفوعا من ركب البحر عن اتجاجه فمات برئت منه الذمة ويعتبر أن لا يكون في الطريق خفارة لأنها رشوة ولا يتحقق إلا من ببذلها
وقال ابن حامد إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها وقيده في منتهى الغاية باليسيرة وأمن الغدر من المبذول له لتوقف إمكان الحج عليها كثمن الماء وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وقال شيخنا الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ولا يجوز مع عدمها كما يأخذه السلطان من الرعايا
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوَقْتِ مُتَّسِعًا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ فيها وَالسَّيْرُ حَسَبَ ما جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَعَنْهُ هُمَا من شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ( وه ش )
لِعَدَمِ الإستطاعة وَلِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْحَجِّ معه الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فلوا ( ( ( فلو ) ) ) حَجَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ فَمَاتَ في الطَّرِيقِ تَبَيَّنَّا عَدَمَهُ ( وه ش ) وَعَنْهُ من شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وهو الْأَصَحُّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قوله ( ( ( فسر ) ) ) وإن ( ( ( السبيل ) ) ) سلم ( ( ( بالزاد ) ) ) فيه ( ( ( والراحلة ) ) ) قوم ( ( ( ولأنه ) ) ) وهلك ( ( ( يتعذر ) ) ) قوم ( ( ( الأداء ) ) ) ليس هذا في نسخة المصنف وإنما فيها وإن ( ( ( يأثم ) ) ) سلم قوم ونجا ( ( ( يعزم ) ) ) قوم فأصلح كما ترى ( ( ( نقول ) ) ) وهو صحيح ( ( ( طرآن ) ) ) والله ( ( ( الحيض ) ) ) أعلم ( ( ( وتلف ) ) ) ( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَعَنْهُ هُمَا عن شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ من شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا هُمَا من شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وهو
____________________
1-
(3/174)
فسر السبيل بالزاد والراحلة ولأنه يتعذر الْأَدَاءِ دون القضاء ( ( ( المجد ) ) ) كالمرض المرجو برؤه وعدم الزاد والراحلة يتعذر معه الجميع فعلى هذا هل يأثم إن لم يعزم على الفعل إذا قدر يتوجه الخلاف الذي في الصلاة
قال ( ( ( وتبعه ) ) ) ابْنِ عقيل يأثم إن لم يعزم كما نقول في طرآن ( ( ( كثير ) ) ) الحيض وتلف الزكاة قبل إمكان الأداء والعزم في العبادات مع العجز يقوم مقام الأداء في عدم الإثم فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَأَنَّهُ قال الْمَحْرَمُ من السَّبِيلِ وَصَرَّحَ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وحرم ( ( ( وحرب ) ) ) بِالتَّسْوِيَةِ بين الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ وِفَاقًا وَأَنْكَرَ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ التَّفْرِقَةَ فقال من فَرَّقَ بين الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مع مَحْرَمٍ وَلَا يَدْخُلُ عليها رَجُلٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فقال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أرى ( ( ( أريد ) ) ) أَنْ أَخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وأمرأتي تُرِيدُ الحد ( ( ( الحج ) ) ) قال اُخْرُجْ مَعَهَا عَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى الصَّحِيحَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَفْظُ أَحْمَدَ وَفِيهِمَا إنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ في عزوة ( ( ( غزوة ) ) ) كَذَا قال انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَهَا
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ليس مَعَهَا مَحْرَمٌ رَوَاهُ البخارى وَلَفْظُ مُسْلِمٍ ذوم ( ( ( ذو ) ) ) مَحْرَمٍ منها وَلَهُ أَيْضًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الصحيح جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهادي وغيرهم قال الزركشي هذا ظاهر كلام ابن أبي موسى والقاضي في الجامع واختاره أبو الخطاب وغيره والرواية الثانية هما من شرائط لزوم الأداء قال المجد في شرحه وتبعه المصنف هنا اختاره أكثر أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في النظم وغيره وقدمه في المقنع والتلخيص وشرح ابن منجا وابن رزين وغيرهم
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو الصواب
____________________
1-
(3/175)
مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ منها وَلَهُ أَيْضًا مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ منها وَلِأَبِي دَاوُد نحو ( ( ( نحوه ) ) ) إلَّا أَنَّهُ قال بَرِيدًا وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا ثَلَاثًا
وَهَذَا مع ظَاهِرِ الْآيَةِ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ خَاصٌّ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ حدثنا أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ ابن أبي الرِّجَالِ حدثنا أبو حُمَيْدٍ سَمِعْت حَجَّاجًا يقول قال ابن جريح ( ( ( جريج ) ) ) عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن أبي مَعْبَدٍ مولى ابْنِ عَبَّاسٍ أو عِكْرِمَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ أبو حُمَيْدٍ هو عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن تَمِيمٍ وَحَجَّاجٌ هو ابن مُحَمَّدٍ ثِقَتَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي وَكَالسَّفَرِ لِحَجٍّ التَّطَوُّعُ ( و ) وَالزِّيَارَةُ ( و ) وَالتِّجَارَةُ ( و ) وَلِأَنَّ تَقْيِيدَ الْآيَةِ بِمَا سَبَقَ أَوْلَى من مُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَيَأْتِي حُكْمُ سَفَرِ الْهِجْرَةِ وَتَغْرِيبِ الزَّانِيَةِ
وَعَنْهُ الْمَحْرَمُ من شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فَهُوَ كَسَلَامَتِهَا من مَرَضٍ فَعَلَى هذا يُحَجُّ عنها لِمَوْتٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيَلْزَمُهَا أَنْ توصى بِهِ
وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ دُونَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ حَيْثُ شَرْطُهُ دُونَهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ وَشَرَطَهُمَا في الْهِدَايَةِ لِلْوُجُوبِ
وَذَكَرَ في الْمَحْرَمِ هل هو من شَرَائِطِ الْوُجُوبِ رِوَايَتَيْنِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّفْرِقَةُ على كِلَا الطَّرِيقَتَيْنِ مُشْكِلَةٌ وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بين هذه الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إمَّا نَفْيًا وَإِمَّا إثْبَاتًا لِمَا سَبَقَ وما قَالَهُ صَحِيحٌ وَلِذَا سَوَّى ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بين الثَّلَاثَةِ وَأَشَارَ إلَى أنها تُرَادُ لِلْحِفْظِ وَالرَّاحِلَةُ لِنَفْسِ السَّعْيِ وَنَقَلَ الاثرم لَا يُشْتَرَطُ الْمَحْرَمُ في الْحَجِّ الْوَاجِبِ
____________________
(3/176)
قال أَحْمَدُ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مع النِّسَاءِ وَمَعَ كل من أَمِنَتْهُ
وقال ابن سِيرِينَ مع مُسْلِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ وقال الْأَوْزَاعِيُّ مع قَوْمٍ عُدُولٍ وقال مَالِكٌ مع جَمَاعَةٍ من النِّسَاءِ وقال الشَّافِعِيُّ مع حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ثِقَةٍ وقال بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَحْدَهَا مع الْأَمْنِ وَالصَّحِيحُ عنهم ( ( ( عندهم ) ) ) يَلْزَمُهَا مع نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَيَجُوزُ لها مع وَاحِدَةٍ لتفسير ( ( ( لتفسيره ) ) ) عليه السَّلَامُ السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ
وقول ( ( ( وقوله ) ) ) لِعَدِيِّ بن حَاتِمٍ إنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَجِلُ من الْحِيرَةِ حتى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ مُتَّفَقٌ عليه وَإِنَّمَا هو خَبَرٌ عن الْوَاقِعِ وَاحْتَجَّ ابن حَزْمٍ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَقَوْلِهِ إذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ وقال عن سَفَرِ الْمَرْأَةِ في خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ لم يَأْمُرْ بِرَدِّهَا وَلَا عَابَ سَفَرَهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عُرِفَ من النَّهْيِ ولم يَأْمُرْ بِرَدِّهَا لِأَمْرِ الزَّوْجِ بِالسَّفَرِ مَعَهَا
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ لَا يُشْتَرَطُ الْمَحْرَمُ في الْقَوَاعِدِ من النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يُخْشَى مِنْهُنَّ وَلَا عَلَيْهِنَّ فِتْنَةٌ
سُئِلَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عن امْرَأَةٍ عَجُوزٍ كَبِيرَةٍ ليس لها مَحْرَمٌ وَوَجَدْت قَوْمًا صَالِحِينَ فقال إنْ تَوَلَّتْ هِيَ النُّزُولَ وَالرُّكُوبَ ولم يَأْخُذْ رَجُلٌ بِيَدِهَا فأرجوا ( ( ( فأرجو ) ) ) لِأَنَّهَا تُفَارِقُ غَيْرَهَا في جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا لِلْأَمْنِ من الْمَحْذُورِ هُنَا كَذَا قال فَأُخِذَ من جَوَازِ النَّظَرِ هُنَا فَتَلْزَمُهُ في شَابَّةٍ قَبِيحَةٍ وفي كل سَفَرٍ وَالْخَلْوَةِ كما يَأْتِي في آخِرِ الْعَدَدِ مع أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيمَنْ ليس لها مَحْرَمٌ وقال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وَعِنْدَ شَيْخِنَا تَحُجُّ كُلُّ امْرَأَةٍ آمِنَةٍ مع عَدَمِ الْمَحْرَمِ وقال إنَّ هذا مُتَوَجِّهٌ في كل سَفَرِ طَاعَةٍ كَذَا قال وَنَقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ عن الشَّافِعِيِّ في حَجَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فيه وفي كل سَفَرٍ غَيْرِ وَاجِبٍ كزيادة ( ( ( كزيارة ) ) ) وَتِجَارَةٍ وَقَالَهُ الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ في كَبِيرَةٍ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةَ الْمَرُّوذِيِّ ثُمَّ قال وَظَاهِرُهُ جَوَازُ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا في مَسْأَلَةِ الْعَجُوزِ تَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ هذا كَلَامُهُ
____________________
(3/177)
وَعَنْهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ إلَّا في مَسَافَةِ الْقَصْرِ ( وه ) كما لَا يُعْتَبَرُ في أَطْرَافِ الْبَلَدِ مع عَدَمِ الْخَوْفِ ( و ) وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مُتَّفَقٌ عليه
وفي رِوَايَةٍ أَيْضًا ثَلَاثَةً وفي رِوَايَةٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ وفي الْبُخَارِيِّ في بَعْضِ طُرُقِهِ ثلاث أَيَّامٍ وَلِمُسْلِمٍ من حديث أبي سَعِيدٍ يَوْمَيْنِ وَلَهُ أَيْضًا ثَلَاثَةً وَلَهُ أَيْضًا أَكْثَرَ من ثَلَاثٍ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَسُؤَالِهِمْ فَخَرَجَتْ جَوَابًا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ من لِعَوْرَتِهَا حُكْمٌ وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ على ما سَبَقَ في غُسْلِ الْمَيِّتِ وَيَأْتِي في النِّكَاحِ وَآخِرِ الْعَدَدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قال الْقَاضِي اعْتَبَرَ أَحْمَدُ الْمَحْرَمَ فِيمَنْ يُخَافُ أَنْ يَنَالَهَا الرِّجَالُ فَقِيلَ له في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن إبْرَاهِيمَ مَتَى لَا يَحِلُّ سَفَرُهَا إلَّا بِمَحْرَمٍ قال إذَا صَارَ لها سَبْعُ سِنِينَ أو قال تِسْعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قال شَيْخُنَا إمَاءُ الْمَرْأَةِ يُسَافِرْنَ مَعَهَا وَلَا يَفْتَقِرْنَ إلَى مَحْرَمٍ لِأَنَّهُ لَا مَحْرَمَ لَهُنَّ في الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فَأَمَّا عُتَقَاؤُهَا من الْإِمَاءِ وَبَيَّضَ لِذَلِكَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ عَكْسِهِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ وَمِلْكِ أَنْفُسِهِنَّ بِالْعِتْقِ فَلَا حَاجَةَ بِخِلَافِ الْإِمَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْمَحْرَمِ لِلْكُلِّ وعدمهم ( ( ( وعدمه ) ) ) كَعَدَمِ الْمَحْرَمِ لِلْحُرَّةِ لِمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وَالْمَحْرَمُ زَوْجُهَا أو من تُحَرَّمُ عليه على التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُبَاحٍ كَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَوَطْءٍ مُبَاحٍ بِنِكَاحٍ أوغيره وَرَابُّهَا وهو زَوْجُ أُمِّهَا وَرَبِيبُهَا وهو ابن زَوْجِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا ( و ) خِلَافًا لِمَالِكٍ في ابْنِ زَوْجِهَا
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ في أُمِّ امْرَأَتِهِ يَكُونُ مَحْرَمًا لها في حَجِّ الْفَرْضِ فَقَطْ ( خ ) قال الْأَثْرَمُ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أنها لم تُذْكَرْ في قَوْلِهِ { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } النور 31 الْآيَةَ
____________________
(3/178)
وَعَنْهُ الْوَقْفُ في نَظَرِ شَعْرِهَا وَشَعْرِ الرَّبِيبَةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمَا في الْآيَةِ ( خ ) وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أو زِنًا فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِأُمِّ الموطءة ( ( ( الموطوءة ) ) ) وَابْنَتِهَا لان السَّبَبَ غَيْرُ مُبَاحٍ
قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَالتَّحْرِيمِ بِاللِّعَانِ وَأَوْلَى لان الْمَحْرَمِيَّةَ تَعُمُّهُ فَاعْتُبِرَ إبَاحَةُ سَبَبِهَا كَسَائِرِ الرُّخَصِ
وَعَنْهُ بَلَى وَاخْتَارَهُ في الْفُصُولِ في وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا الزِّنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِثُبُوتِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَيَدْخُلُ في الْآيَةِ بِخِلَافِ الزِّنَا
وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالشُّبْهَةِ ما جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ الْوَطْءُ الْحَرَامُ مع الشُّبْهَةِ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ ذَكَرَ في الإنتصار في مَسْأَلَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْوَطْءَ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ ببشبهة ( ( ( بشبهة ) ) ) وَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِلْمُلَاعَنَةِ مع دُخُولِهَا في إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ فَلِهَذَا قِيلَ سَبَبٌ مُبَاحٌ لِحُرْمَتِهَا وَذَكَرَهُ من أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيَّانِ ولم أَجِدْ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْهَا بَلْ الشَّافِعِيَّةَ
قال شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَأَزْوَاجُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ في التَّحْرِيمِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ ( و )
وَلَيْسَ الْعَبْدُ بِمَحْرَمٍ لِسَيِّدَتِهِ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا لَا تُحَرَّمُ أَبَدًا وَلَا يُؤْمَنُ عليها كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَلْزَمُ من النَّظَرِ الْمَحْرَمِيَّةُ وَرَوَى سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ عن إسْمَاعِيلَ ابن عِيَاضٍ عن بُزَيْعِ بن عبد الرحمن عن نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا سَفَرُ الْمَرْأَةِ مع عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ بَزِيعٌ ضَعَّفَهُ أبو حَاتِمٍ وَعَنْهُ هو مَحْرَمٌ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ في شَرْحِ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ أَنَّهُ مَحْرَمٌ ( وش ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَحْرَمِ ذَكَرًا مُكَلَّفًا مُسْلِمًا ( ه ش ) نَصَّ عليه لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَنُ عليها كَالْحَضَانَةِ وَكَالْمَجُوسِيِّ لِاعْتِقَادِهِ حِلَّهَا ( و ) وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مثله مُسْلِمٌ لَا يُؤْمَنُ وَذَكَرَهُ في الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إسْلَامُهُ إنْ أُمِنَ عليها لِمَا
____________________
(3/179)
سَبَقَ وَالْحَضَانَةُ يُنَافِيهَا الْكُفْرُ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلِهَذَا نَافَاهَا الْفِسْقُ وَلِأَنَّهُ يُرَبِّيهِ وَيَنْشَأُ على طَرِيقَتِهِ بِخِلَافِ هذا
وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْكِتَابِيَّ مَحْرَمٌ لِابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وإن قُلْنَا يَلِي نِكَاحَهَا كَالْمُسْلِمِ
وَنَفَقَةُ الْمَحْرَمِ عليها نَصَّ عليه لِأَنَّهُ من سَبِيلِهَا وَذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ الْحَنَفِيُّ فَيُعْتَبَرُ أَنْ تَمْلِكَ زَادًا وَرَاحِلَةً لَهُمَا وَذَكَرَ الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) الْحَنَفِيُّ لَا نَفَقَةَ له وَلَا يَلْزَمُهَا حَجٌّ وَإِنْ بَذَلَتْ النَّفَقَةَ لم يَلْزَمْ الْمَحْرَمَ غير عَبْدِهَا السَّفَرُ بها على الْأَصَحِّ لِلْمَشَقَّةِ كَحَجِّهِ عن مَرِيضِهِ
وَوَجْهُ الثَّانِيَةِ أَمْرُهُ عليه السَّلَامُ لِلزَّوْجِ في خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ حَظْرٍ أو أَمْرُ تَخْيِيرٍ وَعَلِمَ عليه السَّلَامُ من حالة أَنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُسَافِرَ وَإِنْ أَرَادَ أجره فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهَا وَيَتَوَجَّهُ كنفقتة كما ذَكَرُوهُ في التَّغْرِيبِ في الزِّنَا وفي قَائِدِ الْأَعْمَى فَدَلَّ ذلك كُلُّهُ على أَنَّهُ لو تَبَرَّعَ لم يَلْزَمْهَا لِلْمِنَّةِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبَ لِلْمَحْرَمِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا النَّفَقَةُ كالقائد ( ( ( كقائد ) ) ) الْأَعْمَى وَلَا دَلِيلَ يَخُصُّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ فَصْلٌ فَإِنْ حَجَّتْ الْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ حُرِّمَ وَأَجْزَأَ ( و ) وَإِنْ أَيِسَتْ منه فَيَأْتِيَ في الْمَعْضُوبِ لِأَنَّهُ لِحِفْظِهَا وَمَنْ تَرَكَ حَقًّا يَلْزَمُهُ مِمَّا سَبَقَ من دَيْنٍ وَغَيْرِهِ حُرِّمَ وَأَجْزَأَ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ
وَيَصِحُّ من مَعْضُوبٍ وَأَجِيرِ خِدْمَةٍ بأجره أو لَا وَتَاجِرٍ وَلَا إثْمَ نَصَّ على ذلك ( و ) وقال في الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا وَالثَّوَابُ بِحَسَبِ الْإِخْلَاصِ
قال أَحْمَدُ لو لم يَكُنْ مَعَك تِجَارَةٌ كان اخلص وَرَخَّصَ في التِّجَارَةِ وَالْعَمَلِ في الْغَزْوِ قم قال ليس كَمَنْ لَا يَشُوبُ غَزْوَهُ بِشَيْءٍ من هذا وَسَبَقَ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَسَبَقَ في سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْحَجُّ مال ( ( ( بمال ) ) ) مَغْصُوبٍ وَالْأَبَوَانِ كَغَيْرِهِمَا إلَّا من له أَنْ يَتَمَلَّكَ فَيَتَمَلَّكَ وَقِيلَ ما فَعَلَ بِمَالِ ابْنِهِ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/180)
فَصْلٌ يَلْزَمُ الْأَعْمَى أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ ( ه ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِقُدْرَتِهِ عليه كَالْبَصِيرِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ وَيُعْتَبَرُ له قَائِدٌ كَبَصِيرٍ يَجْهَلُ الطَّرِيقَ وَقَائِدُهُ كَالْمَحْرَمِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ وَأَطْلَقُوا الْقَائِدَ
وقال في الْوَاضِحِ يَشْتَرِطُ لِلْأَدَاءِ قَائِدًا يُلَائِمُهُ أَيْ يُوَافِقُهُ وقد قال ابن أُمِّ مَكْتُومٍ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم لي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي وَأَمَرَهُ بِالْجَمَاعَةِ فَقَدْ يَحْتَمِلُ مِثْلُهُ ها هنا وَالْفَرْقُ أَظْهَرُ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ قَائِدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَقِيلَ وَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ وَقِيلَ وَغَيْرُ مُجْحِفَةٍ وَلَوْ بِتَبَرُّعٍ لم يَلْزَمْهُ لِلْمِنَّةِ فَصْلٌ من لَزِمَهُ الْحَجُّ أو الْعُمْرَةُ لم يَجُزْ تَأْخِيرُهُ بَلْ يَأْتِي بِهِ على الفوز ( ( ( الفور ) ) ) نَصَّ عليه ( وه م ر ) وَأَبِي يُوسُفَ وَدَاوُد بِنَاءً على أَنَّ الْأَمْرَ على الْفَوْرِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ وَحَدِيثُهُ أو حَدِيثُ الْفَضْلِ من أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَلِابْنِ مَاجَهْ الثَّانِي وَفِيهِمَا أبو إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ إسْمَاعِيلُ ابن خَلِيفَةَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ إلَّا رِوَايَةً عن ابْنِ مَعِينٍ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ رَوَاهُ عنه مِهْرَانُ تَفَرَّدَ عنه الْحَسَنُ بن عَمْرٍو وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ وَلِمَا يَأْتِي في الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ وَكَالْجِهَادِ وَكَحَجِّ الْمَعْضُوبِ بالإستنابة عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَذَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلِأَنَّهُ لو مَاتَ عَاصِيًا لِلْأَخْبَارِ وهو الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ لَا في الشَّابِّ
وَكَذَا الْخِلَافُ لهم في صَحِيحٍ لم يَحُجَّ حتى زَمِنَ قالوا فَإِنْ عَصَى اُسْتُنِيبَ عنه على الْفَوْرِ لِخُرُوجِهِ بِتَقْصِيرِهِ عن اسْتِحْقَاقِ التَّرَفُّهِ وَقِيلَ لَا كَمَنْ بَلَغَ مَعْضُوبًا ويعصى عِنْدَهُمْ من السَّنَةِ الْآخِرَةِ من آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا
____________________
(3/181)
وَقِيلَ من الْأُولَى لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فيها وَقِيلَ لَا يُسْنَدُ عِصْيَانُهُ إلَى سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحَيْثُ عَصَى لم يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ قبل مَوْتِهِ لِبَيَانِ فِسْقِهِ وَإِنْ حُكِمَ بها فِيمَا بين الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَقِيلَ يعصى فَقَدْ بَانَ فِسْقُهُ فَفِي نقصه ( ( ( نقضه ) ) ) الْقَوْلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَقِيلَ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُؤَخِّرْهُ فإنه فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ والاشهر سَنَةَ تِسْعٍ فَقِيلَ أَخَّرَهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً حَوْلَ الْبَيْتِ
وَقِيلَ بِأَمْرِ اللَّهِ لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ في السَّنَةِ التي اسْتَدَارَ فيها الزَّمَانُ وَتَتَعَلَّمَ منه أُمَّتُهُ الْمَنَاسِكَ التي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عليها ( م 15 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 15 قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لن يُؤَخِّرْهُ فإنه فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ والاشهر سَنَةَ تِسْعٍ فَقِيلَ أَخَّرَهُ لِعَدَمِ الإستطاعة وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً حَوْلَ الْبَيْتِ وَقِيلَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ في السَّنَةِ التي اسْتَدَارَ فيها الزَّمَانُ وَتَتَعَلَّمُ منه أُمَّتُهُ الْمَنَاسِكَ التي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عليها انْتَهَى
والقول الْأَوَّلُ حَكَاهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ احْتِمَالًا قال الْمَجْدُ حَكَى ذلك جَدِّي في تَفْسِيرِهِ فقال يَكُونُ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الإستطاعة إمَّا في حَقِّهِ وَحَقِّ اللَّهِ لِخَوْفِهِ على الْمَدِينَةِ من الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ وَإِمَّا لِحَاجَةٍ وَفَقْرٍ في حَقِّهِ مَنَعَهُ من الْخُرُوجِ وَمَنَعَ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا خَوْفًا عليه انْتَهَى ما حَكَاهُ الْمَجْدُ عن جَدِّهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي احْتِمَالٌ أَيْضًا لِلشَّيْخِ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَوَّاهُ الْمَجْدُ وَاسْتَدَلَّ له بِأَشْيَاءَ وَمَالَ إلَيْهِ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ احْتِمَالٌ أَيْضًا لِمَنْ ذكره ( ( ( ذكرنا ) ) ) وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ
قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا قال الْمَجْدُ وَقَالَهُ أبو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ قُلْت تَأْخِيرُ ذلك بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه وفي تَأْخِيرِهِ حِكَمٌ كَثِيرَةٌ منها لِئَلَّا يَرَى الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِ ذلك فَتَكُونُ حِكْمَةُ اللَّهِ في تَأْخِيرِهِ لِمَجْمُوعِ ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ قد حَجَّ قبل الْهِجْرَةِ فاكتفي بِهِ في حَقِّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ خَاصَّةً لِاخْتِصَاصِهِ بِالدِّينِ الحنفي ( ( ( الحنيفي ) ) ) فَكَمُلَتْ أَرْكَانُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ولم يُعْتَبَرْ ذلك بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ لِعَدَمِ حَجِّ غَيْرِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ قبل فَرْضِهِ ذَكَرَهُ ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ
____________________
1-
(3/182)
وظاهر قوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 يقتضى الإتمام بعد الشروع ولهذا قال { فإن أحصرتم } البقرة 196 ولا حصر قبل الشروع وسبب النزول حرامهم بالعمرة وحصرهم عنها فبين حكم النسكين
ويحمل قول علي وابن مسعود إتمامهما أن تحرم من دويرة أهلك على الندب عندهما وذكر ابن أبي موسى وجها ذكره ابن حامد رواية أنه يجوز تأخيره زاد صاحب المحرر مع العزم على فعله في الجملة ( وش ) ومحمد بن الحسن لما سبق ولأنه لو أخره لم يسم قضاء وأجيب بأنه يسمي فيه وفي الزكاة وذكره في الرعاية وجها ثم يبطل بتأخيره إلى سنة يظن موته فيها وسبق العزم الصوم والصلاة فَصْلٌ وَمَنْ عَجَزَ عن ذلك لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ زَادَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أو كان نِضْوَ الْخَلْقِ لَا يَقْدِرُ على الثُّبُوتِ على الرَّاحِلَةِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ
قال أَحْمَدُ أو كانت الْمَرْأَةُ ثَقِيلَةً لَا يَقْدِرُ مِثْلُهَا يَرْكَبُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَأَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ وغيرهم عَدَمَ الْقُدْرَةِ وَيُسَمَّى الْمَعْضُوبُ وَوَجَدَ زَادًا وَرَاحِلَةً جَازَ وَصَحَّ أَنْ يَسْتَنِيبَ من يَأْتِي بِهِ عنه ( م ) وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا ( وه ر ش ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ امْرَأَةً من خَثْعَمَ قالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أبي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ في الْحَجِّ شيخنا ( ( ( شيخا ) ) ) كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ على ظَهْرِ بَعِيرِهِ أَفَأَحُجُّ عنه قال فَحُجِّي عنه مُتَّفَقٌ عليه
وَسَبَقَ خَبَرُ أبي رَزِينٍ في الْعُمْرَةِ وَخَبَرُ ما السَّبِيلُ قال الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَكَالصَّوْمِ يفدي من عَجَزَ عنه سَوَاءٌ وَجَبَ عليه حَالَ الْعَجْزِ ( ه ر ه ) أو قَبْلَهُ ( م ) وَيَلْزَمُهُ على الْفَوْرِ ( ش ) كَنَفْسِهِ من حَيْثُ وَجَبَ أو من الْمِيقَاتِ كما يَأْتِي
وَإِنْ وَجَدَ نَفَقَةَ رَاجِلٍ لم يَلْزَمْهُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالْأَصَحُّ للشافية ( ( ( للشافعية ) ) )
____________________
(3/183)
وَإِنْ وَجَدَ مَالًا ولم يَجِدْ نَائِبًا فَفِي وُجُوبِهِ في ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على إمْكَانِ الْمَسِيرِ ( م 16 )
زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَإِنْ قُلْنَا يَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ كان الْمَالُ الْمُشْتَرَطُ في الأيجاب على الْمَعْضُوبِ بِقَدْرِ ما نُوجِبُهُ عليه لو كان صَحِيحًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ اُشْتُرِطَ لِلْمَالِ الْمُوجِبِ عليه أَنْ لَا يَنْقُصَ عن نَفَقَةِ الْمِثْلِ لِلنَّائِبِ لِئَلَّا يَكُونَ النَّائِبُ بَاذِلًا لِلطَّاعَةِ في الْبَعْضِ
وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ وُجُودَ مَالٍ يَسْتَأْجِرُ من يَحُجُّ بِهِ فَاضِلًا عن حَاجَتِهِ لو حَجَّ بِنَفْسِهِ ولم يَعْتَبِرُوا مُؤْنَةَ أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِ النَّائِبِ من الْحَجِّ وَالْأَصَحُّ لهم وَلَا مُدَّةَ ذَهَابِهِ لِإِمْكَانِهِ تَحْصِيلَ نَفَقَتِهِمْ
وَإِنْ لم يَسْتَنِبْ فَلَهُمْ في الْحَاكِمِ وَجْهَانِ وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ وَعِنْدَهُمْ إنْ طَلَبَ الاجير أَكْثَرَ من أجره مِثْلِهِ لم يَلْزَمْ الإستئجار وَيَلْزَمُ إنْ رضي بِأَقَلَّ وَتَنُوبُ امْرَأَةٌ عن رَجُلٍ خِلَافًا لِلْحَسَنِ بن صَالِحٍ وَأَضْعَفُ منه قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَابْنِ أبي ذِئْبٍ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عن أَحَدٍ وَلَا إسَاءَةَ وَلَا كَرَاهَةَ في نِيَابَتِهَا عنه ( وم ش ) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ لِفَوَاتِ رَمَلٍ وَحَلْقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ بِتَلْبِيَةٍ وَنَحْوِهَا ويجزيء الْحَجُّ عن الْمَعْضُوبِ لو عُوفِيَ نَصَّ عليه ( ه ش ) لِأَنَّهُ أتى بِمَا أُمِرَ وَالْمُعْتَبَرُ لِجَوَازِ الإستنابة الْإِيَاسُ ظَاهِرًا وَلَوْ اعْتَدَّتْ من ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لم تَبْطُلْ عِدَّتُهَا بِعَوْدِهِ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَدَلَّ على خِلَافٍ هُنَا لِلْخِلَافِ هُنَاكَ كما سَبَقَ في الصَّوْمِ وَإِنْ عُوفِيَ قبل فَرَاغِهِ أَجْزَأَهُ وفي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الشُّرُوعَ هُنَا مُلْزِمٌ وَإِنْ بريء قبل إحْرَامِ النَّائِبِ لم يُجْزِئْهُ ( و )
وليس لِمَنْ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَإِنْ فَعَلَ لم يُجْزِئْهُ ( و ) خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عن ( ه ) وَلَا يَكُونُ مراعي ( ه ) وَقَالَهُ أَصْحَابُهُ أَيْضًا في مَحْبُوسٍ دَامَ حسبه ( ( ( حبسه ) ) ) وَبَعْضُهُمْ في الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ مَحْرَمٍ وَدَامَ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ يَرْجُو الْحَجَّ بِنَفْسِهِ فَهُوَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 16 قوله وإن وجد مالا ولم يجد نائبا ففي وجوبه في ذمته وجهان بناء على إمكان المسير انتهى تقدم الصحيح من الخلاف في سعة الوقت هل هو من شرائط الوجوب أو من شرائط لزوم الأداء قريبا فليعاود
____________________
1-
(3/184)
كَصَحِيحٍ مُوسِرٌ افْتَقَرَ بَعْدَ وُجُوبِهِ عليه ( و ) وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هو مِثْلُ الْمَنْصُوصِ عليه فَصْلٌ وَإِنْ أَيِسَتْ الْمَرْأَةُ من مَحْرَمٍ وَقُلْنَا يُشْتَرَطُ لِلُّزُومِ السَّعْيُ أو كان وُجِدَ وَفَرَّطَتْ بِالتَّأْخِيرِ حتى عُدِمَ فَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم في الْمَرْأَةِ لَا مَحْرَمَ لها هل تَدْفَعُ إلَى رَجُلٍ يَحُجُّ عنها قال إذَا كانت يَئِسَتْ من الْمَحْرَمِ فَأَرَى أَنْ تُجَهِّزَ رَجُلًا يَحُجُّ عنها وَكَذَا نَقَلَ محمد بن أبي حَرْبٍ تُعْطِي من يَحُجُّ عنها في حَيَاتِهَا
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على الْمَنْعِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في امْرَأَةٍ لها خَمْسُونَ سَنَةً لَا مَحْرَمَ لها لَا تَخْرُجُ إلَّا مع مَحْرَمٍ وَأَرْجُو أَنْ تُرْزَقَ زَوْجًا ( م 17 )
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ على أَنَّ تَزَوُّجَهَا لَا يَبْعُدُ عَادَةً وَالْجَوَازُ على من أَيِسَتْ منه ظَاهِرًا وَعَادَةً لِزِيَادَةِ سِنٍّ أو مَرَضٍ أو غَيْرِهِ مِمَّا يَغْلِبُ على ظَنِّهَا عَدَمُهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْ أو اسْتَنَابَتْ من لها مَحْرَمٌ ثُمَّ فُقِدَ فَكَالْمَعْضُوبِ وَإِنْ جَهِلَتْ الْمَحْرَمَ ثُمَّ ظَهَرَ لها رَحِمٌ مَحْرَمٌ وَبَيَّضَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وَيَتَوَجَّهُ إنْ ظَنَّتْ عَدَمَهُ أَجْزَأَهَا على ما سَبَقَ وَإِلَّا فَلَا أو كَجَهْلِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ على ما سَبَقَ
وقد قال الْآجُرِّيُّ إنْ لم يَكُنْ مَحْرَمٌ سَقَطَ فَرْضُ الْحَجِّ بِبَدَنِهَا وَوَجَبَ أَنْ يَحُجَّ عنها غَيْرُهَا وَكَذَا قَالَهُ في الإنتصار وَكَلَامُهُمَا مَحْمُولٌ على الْإِيَاسِ وقال في التَّبْصِرَةِ إنْ لم تَجِدْ مَحْرَمًا فَرِوَايَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِتَرَدُّدِ النَّظَرِ في حُصُولِ الْإِيَاسِ منه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مَسْأَلَةٌ 17 قَوْلُهُ وَإِنْ أَيِسَتْ الْمَرْأَةُ من مَحْرَمٍ وَقُلْنَا يُشْتَرَطُ لِلُّزُومِ السَّعْيُ أو كان وُجِدَ وَفَرَّطَتْ بِالتَّأْخِيرِ حتى عُدِمَ فَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم في الْمَرْأَةِ لَا مَحْرَمَ لها هل تَدْفَعُ إلَى رَجُلٍ يَحُجُّ عنها قال إذَا كانت يَئِسَتْ من الْمَحْرَمِ فَأَرَى أَنْ تُجَهِّزَ رَجُلًا يَحُجُّ عنها وَكَذَا نَقَلَ محمد بن أبي حَرْبٍ تُعْطِي من يَحُجُّ عنها في حَيَاتِهَا وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على الْمَنْعِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في امْرَأَةٍ لها خَمْسُونَ سَنَةً لَا مَحْرَمَ لها لَا تَخْرُجُ إلَّا مع مَحْرَمٍ وَأَرْجُو أَنْ تُرْزَقَ زَوْجًا انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ لها أَنْ تَسْتَنِيبَ من يَحُجُّ عنها كَالْمَعْضُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ ما قَالَهُ الْآجُرِّيُّ وأبو الْخَطَّابِ في الإنتصار وهو كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
____________________
1-
(3/185)
فَصْلٌ وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ ( وه م ) لِمَا سَبَقَ في الإستطاعة وَكَالْبَذْلِ في الزَّكَاةِ وَكَذَا الْكَفَّارَةُ بِلَا خوف لِلْمِنَّةِ وَهِيَ هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ وَلَا يَجِبُ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَكَتَمَكُّنِهِ من حِيَازَةِ مَالٍ مُبَاحٍ وَلَا يَلْزَمُ لو وَجَدَهُ مُبَاحًا ذَكَرَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِلُزُومِهِ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِنَفْسِهَا وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ عِنْدَ بَذْلِ الْمَاءِ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ فلم تُؤَثِّرْ طَاعَةُ غَيْرِهِ في الْوُجُوبِ وَلِأَنَّ الاصل عَدَمُ دَلِيلِ الْوُجُوبِ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يُلْزِمُ هذا العضوب ( ( ( المعضوب ) ) ) بِبَذْلِ وَلَدِهِ له أَنْ يَحُجَّ عنه إذَا كان الْوَلَدُ يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً وقد أذى ( ( ( أدى ) ) ) عن نَفْسِهِ فَرْضَ الْحَجِّ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَلِأَصْحَابِهِ فِيمَا إذَا كان الْبَاذِلُ فَقِيرًا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ أو أَجْنَبِيًّا أو بَذَلَ الْمَالَ وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ جَوَازُ الرُّجُوعِ لِلْبَاذِلِ ما لم يُحْرِمْ وَلَا وَجْهَ لِتَمَسُّكِهِمْ بِأَنَّ الإستطاعة مُطْلَقَةٌ وَبِخَبَرِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَكَقُدْرَتِهِ بِنَفْسِهِ لماسبق فَصْلٌ ومن لَزِمَهُ حَجٌّ أو عُمْرَةٌ فتوفى قَبْلَهُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَرَّطَ أولا من رَأْسِ مَالِهِ كَالزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ وَلَوْ لم يُوصِ بِهِ وَسَبَقَ في الزَّكَاةِ وفي فِعْلِهِ عن الميت ( ( ( ميت ) ) )
وَلِلْبُخَارِيِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امراة قالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فلم تَحُجَّ حتى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عنها قال نعم حُجِّي عنها أَرَأَيْت لو كان على أُمِّك دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ اقْضُوا اللَّهَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ
وَيُخَرَّجُ عنه حَيْثُ وَجَبَ نَصَّ عليه لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقَاسَ الْقَاضِي على مَعْضُوبٍ أَحَجَّ عن نَفْسِهِ وَيُسْتَنَابُ من أَقْرَبِ وطنية لِتَخْيِيرِ الْمَنُوبِ عنه
وَقِيلَ من لَزِمَهُ بِخُرَاسَانَ فَمَاتَ بِبَغْدَادَ أُحِجَّ منها نَصَّ عليه كَحَيَاتِهِ
____________________
(3/186)
وَقِيلَ هذا هو الْأَوَّلُ لَكِنْ اُحْتُسِبَ له سَفَرُهُ من بَلَدِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُتَّجِهٌ لو سَافَرَ لِلْحَجِّ
ويجزيء دُونَ الْوَاجِبِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ لِأَنَّهُ كَحَاضِرٍ وَإِلَّا لم يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ الْوَاجِبَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ دُونَ مَحَلِّ وُجُوبِهِ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ كَمَنْ أَحْرَمَ دُونَ مقيات ( ( ( ميقات ) ) ) وَقِيلَ يجزيء يُحَجُّ عنه من مِيقَاتِهِ * لامن حَيْثُ وَجَبَ ( وم ش ) وَيَقَعُ الْحَجُّ عن الْمَحْجُوجِ عنه وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ بِلَا مَالٍ ( وم ش ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَشْبِيهُهُ بِالدَّيْنِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا قال في الْهِدَايَةِ لهم هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلَهُمْ يَقَعُ قَوْلَانِ وَعِنْدَهُمْ يَجِبُ أَنْ يُحِجَّ عنه من ثُلُثِهِ من بَلَدِهِ رَاكِبًا وَلَا يُجْزِئُهُ مَاشِيًا إلَّا أَنْ يَبْلُغَ منه إلأ مَاشِيًا
فَعَنْ أبي حَنِيفَةَ يُخَيَّرُ رَاكِبًا من حَيْثُ بَلَغَ وَمَاشِيًا من بَلَدِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَاكِبًا وَلَوْ أَوْصَى بِبَعِيرِهِ لِرَجُلٍ لِيَحُجَّ عن فَأَكْرَاهُ الرَّجُلُ وَأَنْفَقَهُ في طَرِيقِهِ وَحَجَّ عنه مَاشِيًا جازا ( ( ( جاز ) ) ) اسْتِحْسَانًا ثُمَّ يُرَدُّ الْبَعِيرُ إلَى وَرَثَتِهِ
وَيُكْرَهُ حَجُّهُ على حِمَارٍ كَذَا قالوا وَإِنْ مَاتَ هو أو نَائِبُهُ في الطَّرِيقِ حُجَّ عنه من حَيْثُ مَاتَ فِيمَا بَقِيَ نَصَّ عليه مَسَافَةً وَفِعْلًا وَقَوْلًا وَعَنْ أبي حَنِيفَةَ وَيُحَجُّ بِثُلُثِ ما بَقِيَ من جَمِيعِ مَالِهِ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ ما بَقِيَ من الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وعن مُحَمَّدٍ بِمَا بَقِيَ من الْمَالِ الذي أَخَذَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ
وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إنْ مَاتَ الحج ( ( ( الحاج ) ) ) عن نَفْسِهِ بَطَلَ ما أتى له إلَّا في الثَّوَابِ وَلَا بِنَاءَ بَعْدَ التَّحْلِيلَيْنِ عِنْدَهُمْ وَيُجْبَرُ بِدَمٍ وَمَعْنَاهُ في الرِّعَايَةِ غيرها وَإِنْ صُدَّ فَعِنْدَنَا فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الْوَاجِبِ وَمَنْ ضَاقَ مَالُهُ أو لَزِمَهُ دَيْنٌ أُخِذَ لِلْحَجِّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيهان ( ( ( بحصته ) ) )
الأول ( ( ( وحج ) ) ) قوله وَقِيلَ يجزيء يحج عنه من ميقاته ( ( ( محل ) ) ) كَذَا في النسخ والصواب وقيل ( ( ( وأبي ) ) ) يجزيء ( ( ( يوسف ) ) ) أَنْ يَحُجَّ بزيادة أن
الثاني قوله في النيابة وَلَا يستنيب ( ( ( يسير ) ) ) في إجَارَةٍ المعين وَيَجُوزُ في الذِّمَّةِ فَإِنْ قال فيها بِنَفْسِك لم يَجُزْ في وَجْهٍ وفي آخَرَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ لِتَنَاقُضِ الذِّمَّةِ مع الرَّبْطِ بِمُعَيَّنٍ كَمَنْ أَسْلَمَ في ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ انْتَهَى هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ من تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذلك وما ذكروه حسن
____________________
1-
(3/187)
بحصته وحج به من حيث يبلغ نص عليه لقدرته على بعض المأمور به وعنه يسقط الحج عين فاعله أم لا
وعنه يقدم الدين لتأكده وعند الحنفية إن سمي الموصي مالا يبلغ لم يصح قياسا وحج به من حيث يبلغ استحسانا ومن وصى بحج نفل وأطلق جاز من ميقات نص عليه وعليه الأصحاب ما لم تمنع قرينة وقيل من محل وصيته وقدمه في الترغيب كحج واجب ومعناه للشيخ فصل من ناب بلا إجارة ولا جعل جاز نص عليه ( و ) كالغزو وقال أحمد أيضا لا يعجبني أن يأخذ دراهم ويحج عن غيره إلا أن يتبرع ومراده الإجازة أو حجة بكذا وقد يحتمل حمله على إطلاقه لم يفعله السلف والنائب أمين يركب وينفق بالمعروف منه أو مما اقترضه أو استدانه لعذر على ربه أو ينفق من نفسه وينوي رجوعه به وعند أكثر الحنفية يرجع إن أنفق بحاكم وكذا ينبغي عند الشافعية
ويتوجه لنا الخلاف فيمن أدى عن غيره واجبا لو تركه وأنفق من نفسه فظاهر كلام أصحابنا يضمن وفيه نظر وعند الحنفية إن كان من نفسه أكثر أو مشى أكثر الطريق ضمن وإلا فلا
قال الأصحاب ويضمن ما زاد علي المعروف ويرد ما فضل إلا أن يؤذن له فيه لأنه لم يملكه بل أباحه فيؤخذ منه لو أحرم ثم مات مستنيبه أخذه الورثة وضمن ما أنفق بعد موته
وقال الحنفية ويتوجه لا للزوم ما أذن فيه قال في الإرشاد وغيره وفي حج عني بهذا فما فضل فلك ليس له أن يشتري به تجارة قبل حجه وكذا قال الحنفية قالوا فإن فعل لم يضمن وأجرأ عند أبي حنيفة وأبي يوسف ويتوجه يجوز له صرف نقد بآخر لمصلحة وشراء ماء لطهارة وتداو ودخول حمام ومنع ذلك الحنفية ولهم في دهن سراج خلاف قال بعضهم وينفق على خادمه إن كان مثله لا يخدم نفسه وهذا متجه
وإن مات أو ضل أو صد أو مرض أو تلف بلا تفريط أو أعوز بعده لم
____________________
(3/188)
يضمن ويتوجه من كلامهم يصدق إلا أن يدعى أمرا ظاهرا فيبينه وله نفقة رجوعه خلافا لبعض الحنفية
وعنه إن رجع لمرض رد ما أخذ كرجوعه لخوفه مرضا ويتوجه فيه احتمال وإن سلك ما يمكنه أقرب منه بلا ضرر ضمن ما زاد قال الشيخ : أو تعجل عجلة يمكنه تركها كذا قال ونقل الأثرم يضمن ما زاد على ما أمر بسلوكه ولو جاوز الميقات محلا ثم رجع ليحرم ضمن نفقة تجاوزه ورجوعه وإن أقام بمكة فوق مدة قصيرة لا عذر ويتوجه احتمال ولاعادة به كبعض الحنفية فمن ماله وله نفقة رجوعه خلافا لما في الرعاية الكبرى وأبي يوسف إلا أن يتخذها دارا ولو ساعة فلا لسقوطها فلم تعد إنفاقا
نقل أبو داود فين ضمن أن يحج عن امرأته فاستؤجر لحمل متاع إلى منى يبيعه بعد الموسم قال لا ينفق في إقامته عليه من مالها وظاهره كثرت إقامته أولا وإن له نفقة رجوعه
وهل الوحدة عذر إن قدر أن يخرج وحده يتوجه خلاف كالحنفية وظاهر كلام أصحابنا مختلف والأولى أنه عذر ومعناه في الرعاية وغيرها للنهي وحملة على الخوف فيه نظر لأن منه المبيت وحده وظهر من هذا يضمن إن خرج وذكر الشيخ إن شرط المؤجر على أجيره أن لا يتأخر عن القافلة ولايسير في آخرها أو وقت القائلة أو ليلا فخالف ضمن فدل أنه لا يضمن بلا شرط والمراد مع الأمن ومتى وجب القضاء فمنه عن المستنيب ويرد ماأخذ لان الحجة لم تقع عن مستنيبه لخيانته وتفريطه كذا معنى كلام الشيخ
وكذا في الرعاية نفقة الفاسد والقضاء على النائب ولعله ظاهر المستوعب وفيه نظر وعند الحنفية يضمن فإن حج من قابل بمال نفسه أجزأه ومع عذر ذكر الشيخ إن فات بلا تفريط احتسب له بالنفقة
فإن قلنا يجب القضاء فعليه كدخول في حج ظنه عليه فلم يكن وفاته وجزم جماعة إن فات بلا تفريط فلا قضاء عليهما إلا واجبا على مستنيب فيؤدي عنه بوجوب سابق وعند الحنفية لا يضمن إن فات لعدم المخالفة بل إن أفسده وعليه فيهما الحج من قابل بمال نفسه والدماء عليه والمنصوص ودم تمتع وقران كنهيه عنه وعلى مستنيبه إن أذن خلافا للحنفية كدم الإحصار خلافا
____________________
(3/189)
لأبي يوسف وأطلق في المستوعب في دم إحصار وجهين ونقل ابن منصور إن أمر مريض من يرمي عنه فنسي المأمور أساء والدم على الآمر
ويتوجه أن ما سبق من نفقة تجاوزه ورجوعه والدم مع عذر على مستنيبه كما ذكروه في النفقة في فواته بلا تفريط ولعله مرادهم
وإن شرط أحدهما أن الدم الواجب عليه على غيره لم يصح شرطه كأجنبي ويتوجه إن شرطه على نائب لم يصح اقتصر عليه في الرعاية فيؤخذ منه يصح عكسه وفي صحة الإستئجار لحج أو عمرة روايتا الإجارة على القرب أشهرهما لا يصح ( م ش ) لاختصاص كون فاعله مسلما كصلاة وصوم وكعتق بعضو لا يجزيء عن كفارة فلا يصح أن يقع إلا عبادة فيخرج عنها بالأجرة بخلاف بناء مسجد ولا يلزم من استنابة إجارة بدليل استنابة قاض وفي عمل مجهول ومحدث في صلاة كذا قالوا ويأتي في إجارة
واختاره أبو اسحاق بن شاقلا يصح لأنه لا يجب على أجير بخلاف أذان ونحوه وذكر في الوسيلة الصحة عنه وعن الخرقي فعلى هذا تعتبر شروط إجارة وإن استأجره بنفسه فتأتي والمنع قول ( ش ) والجواز قول ( م ) وإن استجار عينه لم يستنب ويتوجه كتوكيل وأن يستنيب لعذر وإن لزم ذمته تحصيل حجة له استناب فإن قال بنفسك فيتوجه في بطلان الإجارة تردد فإن صحت لم يجز أن يستنيب كما سبق
قال الشافعية إجارة العين استأجرتك لتحج عني أو عن ميتي فإن قال بنفسك فتأكيد والذمة ألزمت ذمتك تحصيل الحج وكل منهما قد يعين زمن العمل وقد لا
فإن عين غير السنة الأولى صح إلا في إجارة العين على أصلهم في استئجار الدار للشهر المستقبل إلا أن تكون المسافة بعيدة لا يمكن قطعها في سنة وإن أطلق فيهما حمل على السنة الأولى ولا يستنيب في إجارة العين ويجوز في الذمة فإن قال فيها بنفسك لم يجز في وجه وفي آخر تبطل الإجارة لتناقض الذمة مع الربط بمعين كمن أسلم في ثمرة بستان بعينه
وما ذَكَرُوهُ حَسَنٌ قال الْآجُرِّيُّ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فقال يَحُجُّ عنه من بَلَدِ كَذَا لم
____________________
(3/190)
يجر ( ( ( يجز ) ) ) حتى يَقُولَ عنه من مِيقَاتِ كَذَا وَإِلَّا فَمَجْهُولَةٌ فإذا وَقَّتَ مَكَانًا يُحْرِمُ منه فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ فَمَاتَ فَلَا أُجْرَةَ وَالْأُجْرَةُ من إحْرَامِهِ مِمَّا عَيَّنَهُ إلَى فَرَاغِهِ
وَيَتَوَجَّهُ لَا جَهَالَةَ وَيُحْمَلُ على عَادَةِ ذلك الْبَلَدِ غَالِبًا وَمَعْنَاهُ كَلَامُ أَصْحَابِنَا وَمُرَادُهُمْ ( وش ) وَيَتَوَجَّهُ إنْ لم يَكُنْ لِلْبَلَدِ إلَّا مِيقَاتٌ وَاحِدٌ جَازَ فَعَلَى قَوْلِهِ يَقَعُ الْحَجُّ عن الْمُسْتَنِيبِ وَعَلَيْهِ أجره مِثْلِهِ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ النُّسُكِ وَانْفِسَاخُهَا بِتَأْخِيرٍ يَأْتِي في الْإِجَارَةِ وَإِنْ قَدِمَ فَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَعَدَمُهُ بِعَدَمِهَا وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ أَظْهَرُهُمَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَمَعْنَاهُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ وَيَمْلِكُ ما يَأْخُذُهُ وَيَتَصَرَّفُ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَوْ أُحْصِرَ أو ضَلَّ أو تَلِفَ ما أَخَذَهُ فَرَّطَ أولا وَلَا يُحْتَسَبُ له بِشَيْءٍ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ لَا يَضْمَنُ بِلَا تَفْرِيطٍ وَالدِّمَاءُ عليه وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ في دَمِ إحْصَارٍ وَجْهَيْنِ وَمِثْلُهُ من ضَمِنَ الْحَجَّةَ وَإِنْ أَفْسَدَهُ كَفَّرَ وَمَضَى فيه وقضاء ( ( ( وقضاه ) ) ) وقال الشَّافِعِيَّةُ إنْ كانت إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ وقضاء ( ( ( وقضاه ) ) ) الْأَجِيرُ عنه
وَإِنْ كانت في الذِّمَّةِ فَعَنْهُ أَيْضًا في أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لِوُقُوعِ الْأَدَاءِ عنه فَيَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أُخْرَى لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ أُحْصِرَ فَإِنْ تَحَلَّلَ فما أتى بِهِ عن الْمُسْتَأْجِرِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَيَلْزَمُهُ لدم ( ( ( الدم ) ) ) وَالْأُجْرَةُ كَمَوْتِهِ وَإِنْ لم يَتَحَلَّلْ انْقَلَبَ إلَيْهِ بِأَحْكَامِهِ وَإِنْ فَاتَ بِغَيْرِ حَصْرٍ انْقَلَبَ إلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ هُنَا عِنْدَهُمْ وما فَضَلَ له وَيَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَبَهِيمَةٍ وَعَنْهُ وَارِثُهُ مِثْلُهُ وَتَجِبُ أُجْرَةُ مَسَافَةٍ قبل إحْرَامِهِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ ( وم ) وَقِيلَ لَا ( وش ) وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وجيهن ( ( ( وجهين ) ) ) وَعَلَى الْأَوَّلِ قَسَّطَ ما سَارَهُ لَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ رُكْنٍ لَزِمَهُ أجره الْبَاقِي وَيَسْتَحِقُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ فَيُقَسِّطُ على السَّيْرِ وَقِيلَ على الْعَمَلِ فَإِنْ كان على الْعَيْنِ انْفَسَخَتْ وَلَا يَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجِرُ من يَبْنِي في جَدِيدِ قَوْلَيْهِ وفي الذِّمَّةِ تبنى وَرَثَتُهُ إنْ جَازَ الْبِنَاءُ وَإِلَّا اسْتَأْجَرُوا من يَسْتَأْنِفُهُ فَإِنْ تَأَخَّرَ إلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ وَمَنْ ضَمِنَ الْحَجَّةَ بأجره أو جُعْلٍ فَلَا شَيْءَ له وَيَضْمَنُ ما تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ كما سَبَقَ
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَ لِوُجُودِ أَكْثَرِهِ قالوا لو رَجَعَ قبل طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَمُحْرِمٌ أَبَدًا عن النِّسَاءِ فَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَيَقْضِي ما بَقِيَ لِأَنَّهُ من جِنَايَتِهِ وقال الْآجُرِّيُّ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ من مِيقَاتٍ فَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا وَإِنْ أَحْرَمَ منه ثُمَّ مَاتَ
____________________
(3/191)
اُحْتُسِبَ منه إلَى مَوْتِهِ وَمَنْ أستؤجر عن مَيِّتٍ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَمْ لَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمَيِّتِ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ ( م 18 ) فَصْلٌ في مُخَالَفَةِ النَّائِبِ من أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ فقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَرُدُّ كُلَّ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ لم يُؤْمَرْ بِهِ ( وه ) وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ أَحْرَمَ بِهِ من مِيقَاتٍ فَلَا ( وش ) وَمِنْ مَكَّةَ يَرُدُّ من النَّفَقَةِ ما بَيْنَهُمَا ( م 19 )
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ على حَجَّةٍ من الْبَلَدِ إحْرَامُهَا من الْمِيقَاتِ وَعَلَى حَجَّةٍ من الْبَلَدِ إحْرَامُهَا من مَكَّةَ فإذا كانت الْأُولَى مِائَةً وَالثَّانِيَةُ خَمْسِينَ حَطَّ نِصْفَ الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِمِيقَاتِهِ
وَمَنْ أُمِرَ بِإِفْرَادٍ فَقَرَنَ لم يَضْمَنْ ( ه ) وَوَافَقَنَا صَاحِبَاهُ لِأَنَّهُ زَادَ لِوُقُوعِ الْعُمْرَةِ عنه كَتَمَتُّعِهِ كَبَيْعِ وَكِيلٍ لأكثر ( ( ( بأكثر ) ) ) مِمَّا سمي وفي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ هَدَرٌ كَذَا قال وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِمُخَالَفَتِهِ لِأَمْرِهِ بِنَفَقَتِهِ في سَفَرِهِ لِلْحَجِّ فَقَطْ
وَلَا تَقَعُ الْعُمْرَةُ لِلْمَيِّتِ ذا قالوا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كانت الْإِجَارَةُ على عَيْنٍ وَالْعُمْرَةُ في غيره وَقْتِهَا وَإِلَّا لَزِمَ الْأَجِيرَ الدَّمُ وفي جَبْرِ الْخَلَلِ بِهِ الْخِلَافُ وَكَذَا إنْ تَمَتَّعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ على الْعَيْنِ وقد أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَيَرُدُّ حِصَّتَهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 18 قوله ( ( ( أمره ) ) ) وَمَنْ استؤجر ( ( ( أمر ) ) ) عن ميت ( ( ( المستأجر ) ) ) فهل تصح الإقالة أم ( ( ( الذمة ) ) ) لا ( ( ( فمخالف ) ) ) لان الحق للميت ( ( ( فيلزمه ) ) ) يتوجه ( ( ( الدم ) ) ) احتمالان انتهى ( ( ( نقص ) ) ) يعني ( ( ( الأجرة ) ) ) إذا قلنا تصح ( ( ( حج ) ) ) الإجارة قلت ( ( ( اعتمر ) ) ) الصواب الجواز لأنه قائم ( ( ( عين ) ) ) مقامه ( ( ( رد ) ) ) فهو ( ( ( حصتها ) ) ) كالشريك والمضارب ( ( ( الأجرة ) ) ) والصحيح ( ( ( لتأخير ) ) ) جواز ( ( ( العمل ) ) ) الإقالة منهما ( ( ( الوقت ) ) ) فكذا ( ( ( المعين ) ) ) هنا
مسالة 19 قَوْلُهُ في مُخَالَفَةِ النَّائِبِ من أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ فقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَرُدُّ كُلَّ النَّفَقَةِ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ أَحْرَمَ بِهِ من مِيقَاتٍ فَلَا وَمِنْ مَكَّةَ يَرُدُّ من النَّفَقَةِ ما بَيْنَهُمَا انْتَهَى ما قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْإِحْرَامِ وقال هو وَصَاحِبُ الْحَاوِي تَقَعُ الْحَجَّةُ عن نَفْسِهِ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ وَضَمِنَ جَمِيعَ ما أَنْفَقَ هذا إنْ كان الْمَنُوبُ عنه حَيًّا فَأَمَّا إما ان كان مَيِّتًا وَقَعَتْ الْحَجَّةُ عنه وَضَمِنَ النَّائِبُ جَمِيعَ النَّفَقَةِ أَيْضًا انْتَهَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَنَصَرَهُ وَكَذَلِكَ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(3/192)
كان أمره بعد حجة بعمرة فتركها بقدرها من النفقة
ومن أمر بتمتع فقرن لم يضمن وقال الشافعية إن لم تتعد أفعال النسكين ففي نقص الأجرة وأيهما يلزم الدم وجهان وقال القاضي وغيره يرد نصف النفقة لفوات فضيلة التمتع وعمرة مفردة كإفراده ولو اعتمر لأنه أخل بها من الميقات
وقال الشافعية إن كانت إجارة عين انفسخت في العمرة لفوات وقتها المعين وإن كانت على الذمة فإن لم يعد إلى المقيات لزمه دم وفي نقص الأجرة الخلاف ومن أمر بقران فتمتع أو إفراد فللآمر ويرد نفقة قدر ما تركه من إحرام النسك المتروك من الميقات ذكره الشيخ وغيره وفي الفصول وغيرها يرد نصف النفقة وإن من تمنع لا يضمن لأنه زاده خيرا وقال الشافعية إن تمتع فإن كانت إجارة عين لم يقع الحج عن المستأجر وإن كانت على الذمة فمخالف في الأصح فيلزمه الدم وفي نقص الأجرة الخلاف
وإن حج ثم اعتمر فإن كانت على عين رد حصتها من الأجرة لتأجيرالعمل عن الوقت المعين وإن كانت في الذمة في لم يعد إلى الميقات لزمه دم وفي نقص الأجرة الخلاف
وَإِنْ اسْتَنَابَهُ وَاحِدٌ في حَجٍّ وَآخَرُ في عُمْرَةٍ فَقَرَنَ ولم يَأْذَنَا له صَحَّا له وَضَمِنَ الجيمع ( ( ( الجميع ) ) ) كَمَنْ أَمَرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ أو عَكْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ يَقَعُ عنهما وَيَرُدُّ نِصْفَ نَفَقَةِ من لم يَأْذَنْ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ في صِفَتِهِ وفي الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ من أُمِرَ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ وَالتَّفْرِقَةُ بِأَنَّ النُّسُكَيْنِ هُنَاكَ عن وَاحِدٍ لَا أَثَرَ له وَسَبَقَ قَوْلُهُمَا في ذلك فَيَتَوَجَّهُ منها لَا ضَمَانَ هُنَا وهو مُتَّجِهٌ إنْ عَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ وَإِلَّا فالإحتمالان ( ( ( فاحتمالان ) ) ) ( م 20 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 20 قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَنَابَهُ في حَجٍّ وَآخَرُ في عُمْرَةٍ فَقَرَنَ ولم يَأْذَنَا له صَحَّا له وَضَمِنَ الْجَمِيعَ كَمَنْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ أو عَكْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ يَقَعُ عنهما وَيَرُدُّ نِصْفَ نَفَقَةِ من لم يَأْذَنْ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ في صِفَتِهِ وفي الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ من أُمِرَ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ وَالتَّفْرِقَةُ بِأَنَّ النُّسُكَيْنِ هُنَاكَ عن وَاحِدٍ لَا أَثَرَ له وَسَبَقَ قَوْلُهُمَا في ذلك فَيَتَوَجَّهُ منها لَا ضَمَانَ هُنَا وهو مُتَّجِهٌ إنْ عَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ انْتَهَى وما اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ
____________________
1-
(3/193)
وإن ( ( ( ونصره ) ) ) أمر بحج أو عمرة فقرن لنفسه فالخلاف وإن فرغه ثم حج أو ( ( ( الحاوي ) ) ) اعتمر ( ( ( الكبير ) ) ) لنفسه صح ولم يضمن وعليه ( ( ( وجهه ) ) ) نفقة نفسه ( ( ( قوي ) ) ) مدة ( ( ( يقابل ) ) ) مقامه ( ( ( قوليهما ) ) ) لنفسه فإن ( ( ( القوة ) ) ) أرادوا إقامة تمنع ( ( ( وأولى ) ) ) القصر ( ( ( الاحتمالين ) ) ) فواضح ( ( ( الضمان ) ) ) وإلا فظاهره يخالف ما سبق لأنه لا فرق بين إقامته عبثا أو لمصلحته ولعل مرادهم التفرقة بذلك وفيه نظر فَصْلٌ وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامٍ من مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أو من غَيْرِهِ أو من بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ من مِيقَاتٍ أو في عَامٍ أو في شَهْرٍ فَخَالَفَ فقال ابن عَقِيلٍ أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَجُوزُ لِإِذْنِهِ فيه في الْجُمْلَةِ وفي الإنتصار لو نَوَاهُ بِخِلَافِ ما أَمَرَهُ بِهِ وَجَبَ رَدُّ ما أَخَذَهُ وَفِيهِ في ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ بِتَفْوِيتِ الْفَضْلِ مع حُصُولِ الْمَقْصُودِ كَحَبْسِهِ عن تكبير ( ( ( تبكير ) ) ) الْجُمُعَةِ وَقَوْلِهِ اشْتَرِ لي أَفْضَلَ الرِّقَابِ وأعتقه ( ( ( وأعتق ) ) ) عن كَفَّارَتِي فاشتري ما يُجْزِئُهُ وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ في تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا وَمَنْعُ ما ذَكَرَهُ في الإنتصار في أَمْرِهِ بِشِرَاءِ أَفْضَلِ رَقَبَةٍ
فَعَلَى هذا الْمُخْتَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ لِلْمُخَالَفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ ما أَخَذَهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عن الْمُسْتَنِيبِ كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مع الْمُخَالَفَةِ وَيَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ عن الْمُسْتَنِيبِ وتخبر ( ( ( وتنجبر ) ) ) الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصِ النَّفَقَةِ بِقِسْطِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرُدَّ شيئا لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ يَسِيرٍ فَلَا أَثَرَ له وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( م 21 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ونصره ( ( ( ويشبه ) ) ) وما اختاره القاضي وغيره قدمه في الرعاية الكبرى وجزم به الحاوي الكبير قلت وهوالصواب وما وجهه ( ( ( فضل ) ) ) المصنف ( ( ( لورثته ) ) ) قوي يقابل قوليهما في القوة والله أعلم وأولى الإحتمالين الضمان
مَسْأَلَةٌ 21 قَوْلُهُ وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامِ من مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أو من غَيْرِهِ أو من بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ من مِيقَاتٍ أو في عَامٍ أو في شَهْرٍ فَخَالَفَ فقال ابن عَقِيلٍ أَسَاءَ لمخالفه ( ( ( لمخالفته ) ) ) وَذَكَرَ الشَّيْخُ ويجوز لِإِذْنِهِ فيه في الْجُمْلَةِ وفي الإنتصار لو نَوَاهُ بِخِلَافِ ما أَمَرَهُ وَجَبَ رَدُّ ما أَخَذَهُ قال الْمُصَنِّفُ وَيُتَوَجَّهُ الْمَنْعُ في تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا فَعَلَى هذا الْمُخْتَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ لِلْمُخَالَفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ ما أَخَذَهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عن الْمُسْتَنِيبِ كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مع الْمُخَالَفَةِ وَيَحْتَمِلُ
____________________
1-
(3/194)
ويشبه ( ( ( وقوعه ) ) ) شرط الإحرام ( ( ( المستنيب ) ) ) من مكان ( ( ( بلده ) ) ) أو زمان أو نظيره شرط لوقوف بعرفة راكبا أو اللبث فيها أو المبيت جميع الليل أو أكثره ونحو ذلك فيخالف قال أصحابنا وَإِنْ لزمه بمخالفته ( ( ( نفلا ) ) ) زيادة فمن النائب وعنه الحنفية إن أخذ طريقا أبعد وأكثر نفقة وهي مسلوكة جاز
ولو عين سنة فحج بعدها جاز كبعه غدا فيبيعه بعده وفيه خلاف زفر ولو وصى أن يَحُجُّ عنه بثلثه كل سنة حجة فعن محمد كإطلاقه يحج عنه في سنة ( ( ( النسخ ) ) ) واحدة حججا ( ( ( بزيادة ) ) ) وهو ( ( ( واو ) ) ) أفضل ( ( ( والصواب ) ) ) للمسارعة ( ( ( حذفها ) ) ) إلى الطاعة ( ( ( إحدى ) ) ) وأداء ( ( ( وعشرون ) ) ) الأمانة وفي الينابيع من كتبهم أنه كان بأمر الحاكم وإلا ضمن الوصي وفي المحيط من كتبهم أنه لا عبرة بالمسمى فلو أحج الوصي عنه بأقل منه جاز لأن الموصي به وهو الحج لا يختلف
وفي عمدة الفتاوى من كتبهم أحجوا من ثلثي حجتين يكتفي بواحدة وما فضل لورثته وقال الْحَنَفِيَّةُ إنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لم يَفْسُدُ حَجُّهُ ولم يَضْمَنْ النَّفَقَةَ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْأَمْرِ وَعَلَى الْحَاجِّ دَمُ جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ الْجَانِي عن اخْتِيَارٍ وَكَذَا سَائِرُ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ ولشافعية ( ( ( وللشافعية ) ) ) خِلَافٌ هل الْمَشْرُوطُ كَالشَّرْعِيِّ فَلَوْ عَيَّنَّا الْكُوفَةَ لَزِمَ الْأَجِيرَ الدَّمُ بِمُجَاوَزَتِهَا في الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْخَلَلُ حتى لَا تُنْقَصَ الْأُجْرَةُ في أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى على حَجَّةٍ من بلده الْكُوفَةِ إحْرَامُهَا منه وَعَلَى حَجَّةٍ من بَلَدِهِ أحرامها من حَيْثُ أَحْرَمَ وَإِنْ لم يَلْزَمْ الدَّمُ نُقِصَ قِسْطٌ من الْأُجْرَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وقوعه عن المستنيب وتنجبر المخالفة بنقص النفقة بقسطه ويحتمل أن لا يرد شيئا لأنه كعيب يسير فلا أثر له والله أعلم انتهى جزم بما قاله الشيخ الشارح وابن رزين في شرحه وابن حمدان في الرعاية الكبرى قلت الصواب ما قاله ابن عقيل إلا فيما إذا كان ما فعله أفضل ولعله كما لو أمر بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات فإنه لا إساءة في ذلك لأنه فعل الأفضل والله أعلم
والإحتمال الثالث على ما بناه المصنف والله أعلم * تنبيه قوله في آخر الباب ويستخير هل يحج العام أو غيره وإن كان نفلا أو لا يحج كذا في النسخ وإن بزيادة واو والصواب حذفها فهذه إحدى وعشرون مسألة في الباب
____________________
1-
(3/195)
وَكَذَا لو لَزِمَهُ دَمٌ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ وَلَا تَنْقُصُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ وَإِنْ شَرَطَ الْإِحْرَامَ أَوَّلَ شَوَّالٍ فَأَخَّرَهُ فَالْخِلَافُ وَكَذَا لو شَرَطَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا لِأَنَّهُ تَرَكَ مَقْصُودًا كَذَا خَصُّوا هذه الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَكْسُهَا مِثْلَهَا وَأَوْلَى لِأَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ وَلَهُمْ فيه قَصْدٌ صَحِيحٌ
قالوا وَلَوْ صَرَفَ إحْرَامَهُ إلَى نَفْسِهِ ظَنًّا منه يَنْصَرِفُ وَأَتَمَّ الْحَجَّ على هذا لم يَضُرَّ وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّ أجره لِإِعْرَاضِهِ عنها وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ فِيمَا إذَا عَيَّنَ عَامًا فَقَدِمَ عليه وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِعَمَلِ قُرْبَةٍ على وَجْهِ النَّفَقَةِ وَالرِّزْقِ أو إجَارَةٍ أو جَعَالَةٍ أو وَصِيَّةٍ أو وَقْفٍ سَوَاءٌ فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَالصِّفَةُ فيه أولا أو يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلُ شَرْعًا لَا الْمَفْضُولُ
وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّفْرِقَةِ بين هذه الْأَبْوَابِ وَجْهٌ شَرْعِيٌّ لم أَجِدْهُمْ تَعَرَّضُوا له وَهَذَا إلْزَامٌ لِلْحَنَفِيَّةِ فإن بَابَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَاحِدٌ وقد ذَكَرُوا ما سَبَقَ في الْوَصِيَّةِ وَنَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا نَقُولُ بِهِ وَلَيْسَ الْوَقْفُ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ فما الْفَرْقُ وَنَفْرِضُ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ وَقَفَ علة الْحَجِّ عنه كُلَّ عَامٍ وأو شَرَطَ الْإِحْرَامَ من مَكَان أو في زَمَانٍ
فَإِنْ قِيلَ فيه ما ذَكَرُوهُ هُنَا فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُ في كل وَقْفٍ على عَمَلِ قُرْبَةٍ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَسِرٌ جِدًّا يُؤَيِّدُ ذلك ما يَأْتِي في الْوَقْفِ من الْخِلَافِ فِيمَا أُخِذَ منه لِعَمَلِ قُرْبَةٍ هل هو إجَارَةٌ او جَعَالَةٌ أو رِزْقٌ وَإِعَانَةٌ فما خَرَجَ حُكْمُهُ عن ذلك وَهَذَا عِنْدَ تَأَمُّلِ الْعَالِمِ المصنف ( ( ( المنصف ) ) ) قَاطِعٌ فَإِنْ لم يُسَوَّ بين الْجَمِيعِ أُعْطِيَ حُكْمُ كل بَابٍ ما في الْآخَرِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وَظَهَرَ من ذلك حَيْثُ اُعْتُبِرَ في وَقْفٍ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ مَانِعًا من اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ رَأْسًا كما قَالَهُ بَعْضُ الناس وقد يُقَالُ إنَّمَا يُوَزَّعُ وَيُنْقَصُ بِقَدْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ من لَزِمَهُ الْحَجُّ فَأَحْرَمَ بِهِ عن غَيْرِهِ حَيٍّ أو مَيِّتٍ فَرْضًا أو نَذْرًا أو نَفْلًا لم يَجُزْ وَيَقَعُ عن فَرْضِ نَفْسِهِ هذا الْمَذْهَبُ ( وش ) لِحَدِيثِ عَبْدَةَ بن سُلَيْمَانَ عن ابْنِ أبي عَرُوبَةَ عن قَتَادَةَ عن عُزْرَةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سمع رَجُلًا يقول لَبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ قال حَجَجْت عن نَفْسِك قال لَا
____________________
(3/196)
قال حُجَّ عن نَفْسِك ثُمَّ حُجَّ عن شُبْرُمَةَ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ قال الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وابن حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ ذَاكَ خَطَأٌ رَوَاهُ عَبْدَةُ مَوْقُوفًا وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا يَصِحُّ إنَّمَا هو عن ابْنِ عَبَّاسٍ
قال وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عن ابْنِ أبي لَيْلَى عن عَطَاءٍ عن عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ عن أَيُّوبَ عن أبي قِلَابَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عن خَالِدٍ عن أبي قِلَابَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلًا قال له منها سمع أبو قِلَابَةَ من ابْنِ عَبَّاسٍ أو رَآهُ قال لَا وَلَكِنَّ الحديث صَحِيحٌ عنه
وَرَوَاهُ سَعِيدٌ في سُنَنِهِ عن سُفْيَانَ عن ابْنِ جُرَيْجٍ وَعَنْ سُفْيَانَ عن أَيُّوبَ كما سَبَقَ في ( ( ( فمن ) ) ) من يُصَحِّحُهُ يقول تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُتَّصِلًا عبده وقد تَابَعَهُ غَيْرُهُ وهو من رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ الْأَثْبَاتِ وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ وَعَزْرَةُ هو ابن ثَابِتٍ كما في إسْنَادِ ابْنِ مَاجَهْ وهو من رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَمَنْ يُضَعِّفُهُ يقول رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ مَوْقُوفًا وَمُرْسَلًا وَقَتَادَةُ مُدَلِّسٌ وَعَزْرَةُ قِيلَ ليس بِابْنِ ثَابِتٍ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ
وَمِمَّنْ ضَعَّفَهُ ابن الْمُنْذِرِ وَلَكِنْ من يَحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَالْمُرْسَلُ حُجَّةٌ عليه وَقَوْلُهُ حُجَّ عن نَفْسِك أَيْ اسْتَدِمْهُ كقولك ( ( ( كقوله ) ) ) لِلْمُؤْمِنِ آمِنْ وَلِهَذَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ من طَرِيقَيْنِ وَفِيهِ ضَعْفٌ هذه عَنْك وَحُجَّ عن شُبْرُمَةَ وَخَبَرُ الْخَثْعَمِيَّةِ قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ فَبَقَاؤُهُ يَمْنَعُ أَدَاءَهُ عن غَيْرِهِ كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فإنه لَا يَطُوفُ من لم يَطُفْ عن نَفْسِهِ وَيَنُوبُ فيها من بَقِيَ عليه بَعْضُهَا لَا يُقَالُ الطَّوَافُ مُوجَبٌ بِالْإِحْرَامِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ كَالصَّلَاةِ لو أَحْرَمَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ لم يَجُزْ صَرْفُ مُوجَبِهَا من رُكُوعٍ وَسُجُودٍ إلَى الْفَرْضِ وَلَهُ صَرْفُهَا إلَيْهِ قبل الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ يُقَالُ مُوجَبُهَا يَتْبَعُ إحْرَامَهَا لِأَنَّهُ لَا يُنْفَرَدُ بِنِيَّةٍ وَوَقْتٍ وَمَكَانٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْقِيَاسُ على الصَّبِيِّ لَا يَتَّجِهُ
وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ يَنْعَقِدُ عن الْمَحْجُوجِ عنه ثُمَّ يقلبه ( ( ( يقبله ) ) ) الْحَاجُّ عن نَفْسِهِ نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمَنْ لَبَّى عن غَيْرِهِ وهو
____________________
(3/197)
ضرورة ( ( ( صرورة ) ) ) اجْعَلْهَا عن نَفْسِك رَوَاهُ ابن مَاجَهْ من حديث عَبْدَةَ السَّابِقِ وَأَجَابَ الْقَاضِي أَرَادَ التَّلْبِيَةَ لِقَوْلِهِ هذه عَنْك
ولم يَجُزْ فَسْخُ حَجٍّ إلَى حَجٍّ وَعَنْهُ يَقَعُ بَاطِلًا نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ لِتَعْيِينِ النِّيَّةِ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ منه بُطْلَانُ إحْرَامِهِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ عن غَيْرِهِ وَيَقَعُ عنه جَعَلَهَا الْقَاضِي ظَاهِرَ نَقْلِ مُحَمَّدِ بن مَاهَانَ فِيمَنْ عليه دَيْنٌ لَا مَالَ له أَيَحُجُّ عن غَيْرِهِ حتى يَقْضِيَ دَيْنَهُ قال نعم ( وه م ) وَدَاوُد وفي الإنتصار رِوَايَةً عَمَّا نَوَاهُ بِشَرْطِ عَجْزِهِ عن حَجِّهِ لِنَفْسِهِ وَقَالَهُ الثَّوْرِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَنُوبُ من لم يَسْقُطْ فَرْضُ نَفْسِهِ وَيَتَوَجَّهُ ما قِيلَ يَنُوبُ في نَفْلٍ عَبْدٌ وَصَبِيٌّ وَيُحْرِمُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْمَنْعَ وَمَتَى وَقَعَ الْحَجُّ لِلْحَاجِّ لم يَأْخُذْ شيئا وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ كَمَنْ بَنَى حَائِطًا يَعْتَقِدُهُ الْبَانِي لِنَفْسِهِ لم تَسْقُطْ الْأُجْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ كَذَا قال وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى وَيَسْتَحِقُّ أجره الْمِثْلِ في اصح الْقَوْلَيْنِ قال الْمُتَوَلِّي من أَصْحَابِهِ وَإِنْ لم يَجْهَلْ الْأَجِيرُ فَسَادَ الْإِجَارَةِ لم يَسْتَحِقَّ شيئا بِلَا خِلَافٍ قال وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ في الْمَعْضُوبِ فَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِنَفْلٍ وَقُلْنَا لَا نِيَابَةَ وَقَعَ حَجُّ الْأَجِيرِ عن نَفْسِهِ وَلَا أُجْرَةَ له بِلَا خِلَافٍ كَذَا قال ولم أَجِدْ خِلَافَهُ وَتَتَوَجَّهُ لنا التَّفْرِقَةُ بين الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَبِعَدَمِهِ من الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ فَصْلٌ وَإِنْ أَحْرَمَ من عليه حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِنَذْرٍ أو نَفْلٍ لم يَجُزْ وَيَقَعُ عنها هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه ( وش ) لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ فَإِنْ صَحَّ انْبَنَى على قَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَكَإِحْرَامٍ مُطْلَقٍ على الْأَصَحِّ عن أبي حَنِيفَةَ وَفَرَّقُوا بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَانْصَرَفَ إلَى الْمَعْرُوفِ كما في نَقْدٍ غَالِبٍ فَيَلْزَمُ مِثْلُهُ في الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَفَرَّقُوا بِتَعْيِينِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُزَادَ في الْقِيَاسِ فَإِنْ مَنَعَ اُسْتُدِلَّ عليه وَعَنْهُ عَمَّا نَوَاهُ ( و 5 م ) لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لامرىء ( ( ( لامرئ ) ) )
____________________
(3/198)
ما نَوَى وَأُجِيبُ الْمُرَادُ لَا قُرْبَةَ إلَّا بِنِيَّةٍ أو يُحْمَلُ على غَيْرِ الْحَجِّ لِمَا سَبَقَ
وَعَنْهُ يَقَعُ بَاطِلًا ولم يَذْكُرْهَا بَعْضُهُمْ هُنَا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يجزىء عن الْمَنْذُورَةِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ هُنَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَكَنَذْرِ حَجَّتَيْنِ فَيَحُجُّ وَاحِدَةً وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ تجزئة عنهما وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وقال أَرَأَيْتُمْ لو نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَصَلَّى الْعَصْرَ أَلَيْسَ يجزيء عنهما قال وَذَكَرْت ذلك لِابْنِ عَبَّاسٍ فقال أَصَبْت أو أَحْسَنْت كَذَا قال فَإِنْ صَحَّ ذلك فَالْمَنْعُ وَاضِحٌ وَلَا دَلِيلَ وَغَايَتُهُ كَمَسْأَلَتِنَا قال الشَّيْخُ بَعْدَ هذه الرِّوَايَةِ وَصَارَ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ في يَوْمٍ من رَمَضَانَ فَنَوَاهُ عن فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ فإنه يُجْزِئُهُ في رِوَايَةٍ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
كَذَا قال نَوَاهُ عن فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ وَالْمَنْقُولُ هُنَا نَوَاهُ عن نَذْرِهِ فَقَطْ وَيَأْتِي ما ذَكَرَهُ في النَّذْرِ وَمَذْهَبُ ( م ) إنْ نَوَاهُمَا فَعَنْ الْمَنْذُورَةِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ من عليه نَذْرٌ فَالرِّوَايَاتُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هذا وَغَيْرَهُ الْأَشْهَرُ في أَنَّهُ سَلَكَ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ لَا النَّفْلِ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا سَبَقَ وَمَنْ أتى بِوَاجِبِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ فِعْلُ نَذْرِهِ وَنَفْلِهِ قبل الْآخَرِ
وَقِيلَ لَا لِوُجُوبِهِمَا على الْفَوْرِ وَالنَّائِبُ كَالْمَنُوبِ عنه فَلَوْ أَحْرَمَ بِنَذْرٍ أو نَفْلٍ عَمَّنْ عليه حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عنها على الْمَذْهَبِ وَلَوْ اسْتَنَابَ عنه أو عن مَيِّتٍ وَاحِدًا في فَرْضِهِ وَآخَرَ في نَذْرِهِ في سَنَةٍ جَازَ قال ابن عَقِيلٍ وهو افضل من التَّأْخِيرِ لِوُجُوبِهِ على الْفَوْرِ كَذَا قال فَيَلْزَمُهُ وُجُوبُهُ إذَنْ وَلْيُحْرِمْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قبل الْآخَرِ وَأَيُّهُمَا احرم أَوَّلًا فَعَنْ حَجَّةِ الاسلام ثُمَّ الْأُخْرَى عن النَّذْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ لم يَنْوِهِ وفي الْفُصُولِ يَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ قد يُعْفَى عن التَّعْيِينِ في بَابِ الْحَجِّ وَيَنْعَقِدُ مُبْهَمًا ثُمَّ يُعَيَّنُ قال وهو أَشْبَهُ وَيَحْتَمِلُ عَكْسُهُ لِاعْتِبَارِ تَعْيِينِهِ بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَصْلٌ تَصِحُّ الإستبانة ( ( ( الاستنابة ) ) ) عن المغضوب ( ( ( المعضوب ) ) ) وَالْمَيِّتِ في النَّفْلِ ( و ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ لَا وَقَوْلٌ وَلَوْ لم يَكُنْ الْمَيِّتُ حَجَّ وَلَا لَزِمَهُ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي
____________________
(3/199)
وَالِانْتِصَارِ رِوَايَةً لَا نِيَابَةَ في نَفْلٍ مُطْلَقًا لَا يَثْبُتُ في الْوَاجِبِ لِلْحَاجَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَنِيبَ الْقَادِرُ بِنَفْسِهِ فيه وفي بَعْضِهِ على الْأَصَحِّ ( ش ) كَالصَّدَقَةِ وَالْخِلَافُ في عَجْزِ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَجُوزُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ او يَفُوتَ وفي آخِرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ ما يَتَعَلَّقُ بهذا
وَمَنْ أَوْقَعَ فَرْضًا أو نَفْلًا عن حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ أو لم يُؤْمَرْ بِهِ كَأَمْرِهِ بِحَجٍّ فَيَعْتَمِرُ أو عَكْسُهُ لم يَجُزْ كَالزَّكَاةِ فَيَقَعُ عنه وَيَرُدُّ ما أَخَذَهُ وَيَجُوزُ عن الْمَيِّتِ وَيَقَعُ عنه لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ امر بِالْحَجِّ عنه وَلَا إذْنَ له وَكَالصَّدَقَةِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَتَبِعَهُ من بَعْدَهُ قال لِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا عزى إلَيْهِ الْعِبَادَةُ وَقَعَتْ عنه وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُهْدٍ إلَيْهِ ثَوَابَهَا وهو عَاجِزٌ عن الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْحَيِّ وَسَوَّى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَالْأَوْلَى ما سَبَقَ في آخِرِ الْجَنَائِزِ في وُصُولِ الْقُرَبِ وَيَتَعَيَّنُ النَّائِبُ بِتَعْيِينِ وصى جُعِلَ إلَيْهِ التَّعْيِينُ فَإِنْ ابى عَيَّنَ غَيْرُهُ وَيَكْفِي النَّائِبَ أَنْ يَنْوِيَ الْمُسْتَنِيبُ فَلَا تُعْتَبَرُ تَسْمِيَتُهُ لَفْظًا نَصَّ عليه
وَإِنْ جَهِلَ اسْمَهُ او نَسَبَهُ لَبَّى عَمَّنْ سَلَّمَ اليه الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ عنه وقد نَقَلَ محمد ابن الْحَكَمِ إذ حَجَّ عن رَجُلٍ فيقول اول ما يُحْرِمُ ثُمَّ لَا يبالى ان يَقُولَ بَعْدَ ذلك وَالْمُرَادُ يستجيب ( ( ( يستحب ) ) ) فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ ان يَحُجَّ عن ابويه قال بَعْضُهُمْ ان لم يَحُجَّا وقال بَعْضُهُمْ وَغَيْرُهُمَا وَيُقَدِّمُ امه لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَيُقَدِّمُ وَاجِبَ ابيه على نَفْلِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا نَقَلَ ابراهيم من حَجَّ وَيُرِيدُ الْحَجَّ ولم يَحُجَّ وَالِدُهُ يَجْعَلُ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ عنهما عن كل وَاحِدٍ حَجَّةً نَقَلَ ابو طَالِبٍ يُقَدِّمُ دَيْنَ ابيه على نَفْلِهِ لِنَفْسِهِ فَأُمُّهُ اولى وَقِيلَ له فى رِوَايَةِ ابى دَاوُد اريد ان أَحُجَّ عن أُمِّي أَتَرْجُو أَنْ يَكُونَ لي أَجْرُ حَجَّةٍ ايضا قال نعم تَقْضِي عنها دَيْنًا عليها وَقِيلَ له أَحُجُّ عنها فَأُنْفِقُ من مَالِي وَأَنْوِي عنها اليس جَائِزًا قال نعم وَعَنْ زَيْدِ بن ارقم مَرْفُوعًا إذَا حَجَّ الرَّجُلُ عنه وَعَنْ وَالِدَيْهِ قُبِلَ منه وَمِنْهُمَا وَاسْتَبْشَرَتْ ارواحهما في السَّمَاءِ وَكُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ بَرًّا فيه أبو امية
____________________
(3/200)
الطَّرَسُوسِيُّ وأبو سعيدالبقال ضَعِيفَانِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا من حَجَّ عن ابويه أو قَضَى عنهما مَغْرَمًا بُعِثَ يوم الْقِيَامَةِ مع الابرار فيه صِلَةُ بين سُلَيْمَانَ مَتْرُوكٌ وَعَنْ عُثْمَانَ بن عبد الرحمن عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو الْبَصْرِيِّ عن عَطَاءٍ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا من حَجَّ عن ابيه أو أُمِّهِ فَقَدْ قَضَى عنه حَجَّتَهُ وكان له فَضْلُ عَشْرِ حِجَجٍ ضَعِيفٌ رَوَاهُنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ
ولكن ( ( ( ولكل ) ) ) مِنْهُمَا مَنْعُ وَلَدِهِ من نَفْلٍ لَا تَحْلِيلُهُ لِلُزُومِهِ بِشُرُوعِهِ قال أَحْمَدُ في الْفَرْضِ إنْ لم تاذن لَك أُمُّك وكان عِنْدَك زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَحُجَّ وَلَا تلتف ( ( ( تلتفت ) ) ) إلَى إذْنِهَا وأخضع لها وَدَارِهَا وَيَلْزَمُهُ طَاعَتُهُمَا في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَيَحْرُمُ فيها وَلَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بتاخير الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَ نَصَّ على الْجَمِيعِ وذكر جَمَاعَةٌ
وقال شَيْخُنَا هذا فِيمَا فيه نَفْعٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عليه فَإِنْ شَقَّ عليه ولم يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا ولم يُقَيِّدْهُ ابو عبد اللَّهِ لِسُقُوطِ فَرَائِضِ اللَّهِ بِالضَّرَرِ وَعَلَى هذا بَنَيْنَا تَمَلُّكَهُ من مَالِهِ فَنَفْعُهُ كَمَالِهِ فَلَيْسَ الْوَلَدُ باكثر من الْعَبْدِ وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ فِيمَنْ تَسْأَلُهُ أُمُّهُ شِرَاءَ مِلْحَفَةٍ لِلْخُرُوجِ إنْ كان خُرُوجُهَا في بِرٍّ وَإِلَّا فَلَا يُعِينُهَا على الْخُرُوجِ
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ إنْ أَمَرَنِي ابى بِإِتْيَانِ السُّلْطَانِ له عَلَيَّ طَاعَةٌ قال لَا وَهَذَا وما قَبْلَهُ خَاصَّانِ فَلَعَلَّهُ لِمَظِنَّةِ الْفِتْنَةِ فَلَا يُنَافِي ما سَبَقَ وَكَذَا ما نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ ما أُحِبُّ يُقِيمُ مَعَهَا على الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ قال من تَرَكَ الشُّبْهَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَلَكِنْ يُدَارِي وَهَذَا لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ مُتَّفَقٌ عليه وَلِهَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ فِيمَنْ تَعْرِضُ عليه أُمُّهُ شُبْهَةً باكل فقال ان عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يَأْكُلُ
وقال أَحْمَدُ ان مَنَعَاهُ الصَّلَاةَ نَفْلًا يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي وقال إنْ نَهَاهُ عن الصَّوْمِ لَا يُعْجِبُنِي صَوْمَهُ وَلَا أُحِبُّ لِأَبِيهِ أَنْ يَنْهَاهُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ مَنْعُ وَلَدِهِ من سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وإن مثله مُكْرٍ وَزَوْجٌ وَسَيِّدٌ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِإِثْمِهِ بِتَرْكِهَا كما ياتي في الْعَدَالَةِ من الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَلِتَغَيُّرِ اوضاع
____________________
(3/201)
الشَّرْعِ كَأَمْرِهِ يُسِرُّ في الْفَجْرِ ويهجر ( ( ( ويجهر ) ) ) في الظُّهْرِ وَنَحْوِهِ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي في الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ وقال في الْغُنْيَةِ يَجُوزُ تَرْكُ النَّوَافِلِ لِطَاعَتِهِمَا بَلْ الْأَفْضَلُ طاعتها ( ( ( طاعتهما ) ) ) فَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرَهُ فَخِلَافُ ما سَبَقَ فضل ( ( ( فصل ) ) )
من أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ وَلْيَجْتَهِدْ في الْخُرُوجِ من الْمَظَالِمِ وَيَجْتَهِدُ في رَفِيقٍ حَسَنٍ قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ شَيْءٍ من الْخَيْرِ يُبَادِرُ بِهِ قال أبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَخِيرُ في خُرُوجِهِ وَيُبَكِّرُ وَيَكُونُ يوم خَمِيسٍ وَيُصَلِّي في مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا أو دخل بَلَدًا ما وَرَدَ
وَكَذَا قال ابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ ويصلي ( ( ( يصلي ) ) ) رَكْعَتَيْنِ يَدْعُو بَعْدَهُمَا بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ وَيُصَلِّي في مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يقول اللَّهُمَّ هذا دِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَدِيعَةٌ عِنْدَك اللَّهُمَّ أنت الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ يوم خَمِيسٍ أو اثْنَيْنِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا يَدْعُو قبل السَّلَامِ افضل وما سَبَقَ من الإستخارة فَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ جَابِرٍ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الْأُمُورِ كُلِّهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَيَسْتَخِيرُ هل يَحُجُّ الْعَامَ أو غَيْرَهُ وَإِنْ كان الْحَجُّ نَفْلًا أولا يَحُجُّ وَتَوْدِيعُ الْمَنْزِلِ بِرَكْعَتَيْنِ لم اجدها في السُّنَّةِ وقد رَوَى احمد وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عن ابْنِ عُمَرَ قال لَمَّا مَرَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْحِجْرِ قال لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ ما أَصَابَهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ثُمَّ قَنَعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حتى اجاز الْوَادِيَ وَيَأْتِي في الْأَطْعِمَةِ قَوْلُ أَحْمَدَ ولا يُقِيمُ بها وَحُكْمُ مَائِهَا
____________________
(3/202)
بَابُ الْمَوَاقِيتِ
ذُو الْحُلَيْفَةِ لِلْمَدِينَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ وَيَلِيه في الْبُعْدِ الْجُحْفَةُ وَهِيَ لِلشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ ثُمَّ يَلَمْلَمَ لِلْيَمَنِ وَقَرْنٌ لِنَجْدِ الْيَمَنِ ونجد ( ( ( وبحد ) ) ) الْحِجَازِ وَالطَّائِفِ وَذَاتِ عِرْقٍ لِلْعِرَاقِ وَخُرَاسَانُ وَالْمَشْرِقِ
وَهَذِهِ الثَّلَاثُ من مَكَّةَ لَيْلَتَانِ وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ وعند بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وقال الشَّافِعِيُّ في الْأُمِّ واومأ إلَيْهِ أَحْمَدُ ذَاتُ عِرْقٍ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ وَالظَّاهِرُ انه خَفِيُّ النَّصِّ فَوَافَقَهُ فإنه مُوَفَّقٌ لِلصَّوَابِ
وَلَيْسَ الْأَفْضَلُ لِلْعِرَاقِيِّ أَنْ يُحْرِمَ من الْعَقِيقِ وهو وَادٍ وَرَاءَ ذَاتِ عِرْقٍ يَلِي الشَّرْقَ ش وَغَيْرُهُ كَبَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَأَبِي دَاوُد عن ابْنِ عَبَّاسٍ ان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بن أبي زِيَادٍ شِيعِيٌّ مُخْتَلَفٌ فيه قال ابن مَعِينٍ وأبو زُرْعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وقال الْجُوزَجَانِيُّ سَمِعْتُهُمْ يُضَعِّفُونَهُ وقال أبو حَاتِمٍ ليس بِقَوِيٍّ وقال ابن عَدِيٍّ مع ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وقال ابو دَاوُد لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَرَكَ حَدِيثَهُ وقال الْعِجْلِيُّ جَائِزُ الحديث قال ابن عبد الْبَرِّ ذَاتُ عِرْقٍ مِيقَاتُهُمْ بِإِجْمَاعٍ وَالِاعْتِبَارُ بِمَوَاضِعِهَا
وَهُنَّ مَوَاقِيتُ لِمَنْ مَرَّ عليها من غَيْرِ أَهْلِهَا كَالشَّامِّي يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ منها نُصَّ عليه قال النَّوَاوِيُّ بِلَا خِلَافٍ كَذَا قال وَمَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَالِكٍ وابي ثَوْرٍ له أَنْ يُحْرِمَ من الْجُحْفَةِ وَيَتَوَجَّهُ لنا مِثْلُهُ فإنه قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ في خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُنَّ وَلِمَنْ أتى عَلَيْهِنَّ من غَيْرِ اهلهن مِمَّنْ اراد الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كان دُونَ ذلك فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حتى أَهْلِ مَكَّةَ من مَكَّةَ مُتَّفَقٌ عليه يَعُمُّ من مِيقَاتِهِ بَيْنِ يَدِي هذه الْمَوَاقِيتِ التي مَرَّ بها وَمَنْ لَا وَقَوْلُهُ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ يَعُمُّ من مَرَّ بِمِيقَاتٍ
____________________
(3/203)
آخَرَ أولا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَعِنْدَ دَاوُد لَا حَجَّ له وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُحْرِمُ اهل الْمَدِينَةِ وَمَنْ مَرَّ بها من شَامِيٍّ وَغَيْرِهِ من ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا من الْجُحْفَةِ وَلَا شَيْءَ عليهم
وَعَنْ أبي حَنِيفَةَ عليه دَمٌ وَلِلشَّافِعِيِّ أَنْبَأْنَا ابن عُيَيْنَةَ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنْ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ في سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً من ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمَرَّةً من الْجُحْفَةِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ ما ذَكَرَهُ ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عن عَائِشَةَ كانت إذَا أَرَادَتْ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ من ذِي الْحُلَيْفَةِ وإذا أَرَادَتْ الْعُمْرَةَ من الْجُحْفَةِ قال وَلَوْ لم تَكُنْ الْجُحْفَةُ مِيقَاتًا لِذَلِكَ لَمَا جَازَ تَأْخِيرُ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ لِلْآفَاقِيِّ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ هُنَا نَظَرٌ
وَقَوْلُهُ آفَاقِيُّ وَصَوَابُهُ أُفُقِيُّ قِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ بِضَمَّتَيْنِ نِسْبَةً إلَى الْمُفْرَدِ وَالْآفَاقُ الْجَمْعُ فَأَمَّا إنْ مَرَّ الشَّامِيُّ أو الْمَدَنِيُّ من غَيْرِ طَرِيقِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَمِيقَاتُهُ الْجُحْفَةُ لِلْخَبَرِ وَمَنْ عَرَجَ عن الْمَوَاقِيتِ أَحْرَمَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ حَاذَى أَقْرَبَهَا منه وَيُسْتَحَبُّ له الِاحْتِيَاطُ فَإِنْ تَسَاوَيَا في الْقُرْبِ إلَيْهِ فَمِنْ أَبْعَدِهِمَا عن مَكَّةَ وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ مِيقَاتَ من عَرَجَ إذَا حَاذَى الْمَوَاقِيتَ قال في الرِّعَايَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ لم يُحَاذِ مِيقَاتًا أَحْرَمَ عن مَكَّةَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ وذكره الْحَنَفِيَّةُ مثله إنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُحَاذَاةِ وَهَذَا مُتَّجِهٌ وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَهَا فَمِنْهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
وَيَجُوزُ من أقر به الى الْبَيْتِ وَالْبَعِيدُ أَوْلَى وَقِيلَ سَوَاءٌ وَكُلُّ مِيقَاتٍ فَحَذْوُهُ مِثْلُهُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ من مَنْزِلُهُ دُونَهَا تَأْخِيرُ إحْرَامِهِ إلَى الْحَرَمِ
وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُ إلَّا مُحْرِمًا لِمَنْ قَصَدَ النُّسُكَ ولم يُجِيبُوا عن الْخَبَرِ السَّابِقِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْمَوَاقِيتِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَصَوَابُهُ أُفُقِيٌّ قِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ بِضَمَّتَيْنِ انْتَهَى ليس مِمَّا نَحْنُ فيه من الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الذي اصْطَلَحَ عليه الْمُصَنِّفُ في الْخُطْبَةِ وَلَكِنْ لِعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فيه قَوْلَانِ وَلَمَّا كان أَحَدُهُمَا ليس أَوْلَى من الْآخَرِ أتى بِهَذِهِ الصبغة ( ( ( الصيغة ) ) ) وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عن ذلك في الْمُقَدَّمَةِ وَالْأَفْصَحُ الضَّمُّ وقال بَعْضُهُمْ إنَّمَا فَتَحُوا ذلك تَخْفِيفًا قَالَهُ ابن خَطِيبِ الدَّهْشَةِ
____________________
1-
(3/204)
ميقات من حج من مكة مكي أولا منها وظاهره ولا ترجيح وأظهر قولي الشافعي من باب داره ويأتي المسجد محرما والثاني منه كالحنفية نفله حرب عن أحمد ولم أجد عنه خلافه ولم يذكره الأصحاب إلا في الإيضاح قال يحرم به من الميزاب
ويجوز من الحرم والحل نقله الأثرم وابن منصور ونصره القاضي وأصحابه كما لو خرج إلى الميقات الشرعي وكالعمرة ومنعوا وجوب إحرامه من الحرم ومكة وعنه عليه دم وعنه إن أحرم من الحل وجزم به الشيخ لإحرامه دون الميقات قال وإن مر في الحرم يعني قبل مضيه إلى عرفة فلا دم لإحرامه قبل ميقاته كمحرم قبل المواقيت إلا أن الصحيح عنه كروايتنا قبل هذه نفس مكة فيلزم الدم من أحرم مفارقا بنيانها إن لم يعد
وقد قال جابر أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نحرم إذا توجهنا فأهللنا من الأبطح رواه مسلم وأبو حنيفة يعتبره مروره في الحرم ملبيا ولم يعتبره صاحباه وعن احمد المحرم من الميقات غيره إذا قضى نسكه ثم اراد أن يحرم عن نفسه واجبا أو نفلا أو أحرم عن نفسه ثم اراد عن غيره أو عن إنسان ثم عن آخر يخرج يحرم من الميقات والا لزمه دم اختاره جماعة وجزم به القاضي وغيره
وفي الترغيب لا خلاف فيه كذا قال لأنه جاوز الميقات مريدا للنسك فأحرم من دونه وإحرامه عن غيره كالمعدوم في حق نفسه واختار الشيخ وغيره خلاف هذا وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره وكذا أحمد لكن اوله بعضهم لأن من كان بمكة كالمكي كما سبق وكالنسكين عن واحد وفرق القاضي بأن الثاني تابع للأول فكأنه أحرم بهما معا من الميقات كذا قال وعنه من اعتمر في أشهر الحج أطلقه ابن عقيل وزاد غير واحد من أهل مكة اهل بالحج من الميقات والا لزمه دم وهي ضعيفة عند الأصحاب وأولها بعضهم بسقوط دم المتعة عن الآفاقي بخروجه إلى الميقات وذكر ابن أبي موسى من كان بمكة من غير اهلها إن أراد عمرة واجبة فمن الميقات وإلا لزمه دم كمن جاوز الميقات واحرم دونه
وإن اراد نفلا فمن أدنى الحل والأصح أن ميقات من بمكة او الحرم مكي
____________________
(3/205)
وغيره من ادنى الحل لأمره عليه السلام عبد الرحمن بن أبي بكر يخرج مع عائشة الى التنعيم لتعتمر وليجمع في النسك بين الحل والحرم لأن أفعالها في الحرم ( ( ( أحكام ) ) ) بخلاف ( ( ( العمرة ) ) ) الحج قِيلَ التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ الْجِعْرَانَةُ لاعتماره عليه ( ( ( أفضل ) ) ) السلام منها ثم منه ثم من الحديبية وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَوَاءٌ وَعَيَّنَ مَالِكٌ التَّنْعِيمَ لِمَنْ بِمَكَّةَ وَالْعُلَمَاءُ بِخِلَافِهِ
وقد نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ في الْمَكِّيِّ أَفْضَلُهُ الْبَعْدُ هِيَ على قَدْرِ تَعَبِهَا قال في الْخِلَافِ مُرَادُهُ من الْمِيقَاتِ بَيْنَهُ في رِوَايَةِ بَكْرِ بن مُحَمَّدٍ يَخْرُجُ الى الْمَوَاقِيتِ أَحَبُّ إلى لِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ وَمِنْ أتى ( ( ( أدنى ) ) ) الْحِلِّ رُخْصَةٌ لِلْمَكِّيِّ وَمُرَادُهُ في الْوَاجِبَةِ كما ذَكَرَ ابن أبي مُوسَى كَذَا قال وقد ذَكَرَ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ لِعَائِشَةَ هِيَ على قَدْرِ سَفَرِك وَنَفَقَتِك وهو في الصَّحِيحَيْنِ او مُسْلِمٍ وَقَوْلُ عَلِيٍّ أَحْرِمْ من دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ مُحْتَجًّا بِذَلِكَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مسألة 2 قوله في أحكام الْعُمْرَةِ قبل ( ( ( أي ) ) ) التنعيم أفضل وفي ( ( ( إنما ) ) ) المستوعب ( ( ( العمرة ) ) ) وغيره الجعرانة يعني أفضل وظاهر كلام الشيخ سواء انتهى
أحدهما التنعيم أفضل وهو الصحيح جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والشرح والمقنع رأيته في نسخة مقروءة على المصنف وعليها شرح الشارع وابن منجا والوجه الآخر جزم به في المستوعب والتلخيص والبلغة والرعاية والحاويين والفائق وغيرهم
تنبيهات الأول قول المصنف وظاهر كلام الشيخ سواء الظاهر أنه أراد في المغني ولم يطلع على نسخة المقنع التي فيها ( ( ( تعتمر ) ) ) ذلك مع أن كتاب المصنف المقنع وهو من حافظيه ( ( ( منزلك ) ) ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
الثاني قوله ( ( ( ينشئ ) ) ) رَوَاهُ ابن ماجة من رِوَايَةِ ابْنِ اسحاق مُدَلِّسٍ كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وهو مُدَلِّسٌ أو ابن إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ
الثالث ( ( ( فصل ) ) ) قوله ثُمَّ الْجَمْعُ يَقَعُ على اثْنَيْنِ وَعَلَى بَعْضٍ آخَرَ كَذَا في النُّسَخِ وَصَوَابُهُ يَقَعُ على اثْنَيْنِ وَبَعْضٍ آخَرَ بِإِسْقَاطِ على نَبَّهَ عليه شَيْخُنَا فَفِي هذا الْبَابِ مَسْأَلَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/206)
وقال أحمد ايضا عن هذه العمرة اي شيء فيها انما العمرة التي تعتمر من منزلك ومراده والله وأعلم التي ينشىء لها السفر وإحرامها من الميقات كقوله في الحج وما الفرق وكفعله وفعل أصحابه في حجة الوداع وحمله على ظاهره لا يتجه وقد نص احمد أنه يحرم من الميقات وعليه الأصحاب ونقل صالح لا بأس قبله ونقل ابن إبراهيم كلما تباعدت فلك آجر ومراده المكي
وإن أحرم بالعمرة من مكة أو الحرم لزمه دم خلافا لعطاء ويجزئه إن خرج إلى الحل قبل طوافها وكذا بعده كإحرامه دون ميقات الحج به والله أعلم ولنا وللشافعي قول ( و . م ) لأنه نسك فاعتبر فيه الجمع بين الحل والحرم كالحج فيخرج ثم يعود يأتي بها ولا عبرة بفعله قبله وأن حلق أو اتى محظورا فدى وان وطىء فدى ومضى في فاسدها وقضاها بعمرة من الحل ويجزئه عنها ولا يسقط دم المجاوزة بخروجه والمراد على الراجح ش وللحنفية الخلاف فصل إذا اراد حر مسلم مكلف نسكا أو مكة نص عليه أو الحرم لزمه إحرام من ميقاته ( وه م ) إلا أن أبا حنيفة يجوز لمن منزله الميقات أو داخله من أفقي وغيره دخول الحرم ومكة الا أن يريد نسكا ولا وجد للتفرقة وظاهر مذهب الشافعي يجوز مطلقا إلا أن يريد نسكا وعن احمد مثله ذكرها القاضي وجماعة وصححها ابن عقيل وهي أظهر للخبر السابق وينبني على عموم المفوم والأصل عدم الوجوب
وجه الأول روى حرب وغيره عن ابن عباس لا يدخلن إنسان مكة الا محرما إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها احتج به احمد وقال كان ابن عمر يقول يدخل بغير إحرام وعن ابن عباس مرفوعا لا يدخل احد مكة إلا بإحرام من اهلها وغيرهم فيه حجاج ضعيف مدلس ومحمد بن خالد بن عبد الله الواسطي ضعفه احمد وابن معين وأبو زرعة وابن عدي وقال لا اعرفه مسندا إلا به من هذا الوجه واقتصر الشيخ على لزوم الإحرام بنذر دخولها وفيه الخلاف ذكره ابن
____________________
(3/207)
حزم وغيره وهو متجه ثم النذر قرينة في إرادة النسك المختص بها كالسبب الدال على النية واحتج القاضي وابن العربي المالكي وغيرهما بتحريم الله ورسوله مكة وذا في القتال قال في الانتصار ومعناه في الخلاف الإحرام شرط إباحة دخوله ولا توجيه لدخوله لئلا يقال لا ينوب عنه إحرام بحجة أو عمرة كما لم ينب عن منذورة اي كما قاله زفر
ومن تجاوزه بلا إحرام لم يلزمه قضاء الإحرام ذكره القاضي في المجرد وجزم به الشيخ وغيره ( وم ش ) كتحية المسجد راتبة ولا تقضي احتج به ابن عقيل والشيخ وغيرهما والمراد بعد انصرافه وعن الشافعية مطلقا وسبق دخوله في خطبة الجمعة وكما لو لم يدخل الحرم وذكره القاضي أيضا وأصحابه يقضيه وأن احمد أوما اليه كنذر الإحرام فإن أدى به نسكا من سنته سقط عنه وإن أخره فدخلت السنة الثانية لم يجزئه ولزمه حج او عمرة لترك المأمور به ( وه )
ومن أراد مكة لقتال مباح او خوف أو حاجة تتكرر وتردد المكي إلى قريبه بالحل لم يلزمه لدخوله عليه السلام هو وأصحابه يوم الفتح بلا إحرام قال ابن عقيل وكتحية المسجد في حق وقيمه لما تكرر للمشقة وعند الحنيفة المنع لمن كان خارج الميقات والله أعلم
ثم من لم يلزمه أو لم يرد الحرم إن بدا له أحرم حيث بدا له ( وم ش ) للخبر السابق ولأن من منزله دون الميقات لو خرج اليه ثم عاد لم يلزمه
وعن احمد يلزمه كمن جاوزه مريدا للنسك وعند الحنفية يحرم حيث شاء من الحل وكذا تجدد إسلام وعتق وبلوغ نص عليهن واختاره جماعة منهم الشيخ أنه لا يجب الإحرام منه كالقسم قبله وكالمجنون قال القاضي ولهذا نقول لو أذن لهما الولي في الإحرام من الميقات فلم يحرما لزمهما دم كذا قال وكلام غيره خلافه
وعنه يلزمه دم كمن وجب عليه وعنه يلزم من اسلم نصره القاضي وأصحابه لأنه حر بالغ عاقل كالمسلم وهو متمكن من زوال المانع ولهذا من لم يصل مع حدثه كتركها متطهرا وعند الحنفية على العبد دم وعند الشافعية على الكافر وفيهما قولان ومن جاوزه مريدا للنسك أو كان فرضه لزمه أن يرجع فيحرم منه إن لم يخف فوت الحج أو غيره واطلق في الرعاية وجهين وظاهر
____________________
(3/208)
المستوعب أنهما بعد إحرامه وكل منهما ضعيف فإن رجع فأحرم منه فلا دم وحكي فيه وجه
وإن أحرم دونه لعذر او غيره صح ولزمه دم ( و ) وعن عطاء والحسن والنخعي لا يلزمه وعن سعيد بن جبير والظاهرية لا يصح نسكه ولم اجد لمن احتج للصحة دليلا صحيحا ثم لا يسقط الدم برجوعه الى الميقات نص عليه ( وم ) لظاهر ما روي عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا من ترك نسكا فعليه دم ولأنه وجب لترك إحرامه من ميقاته ولأن الأصل بقاؤه وكما لو لم يرجع او لم يطف او لم يلب عند من سلم
وعن احمد يسقط وكذا عن الشافعي وظاهر مذهبه إن رجع قبل طواف قدوم او عرفه سقط وذكره بعض الحنفية عن أبي يوسف ومحمد وقاله ابو حنيفة إن رجع إليه ملبيا والجاهل والناسي كالعالم العامد ولا يأثم ناس وسبق حكم الجاهل آخر صلاة الجماعة وذكر الشافعية لا ياثم ويتوجه أن لا دم على مكره أو أنه كإتلاف
وذكر بعض أصحابنا يلزمه وقال صاحب الرعاية يحتمل أن لا يلزمه ولو أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوزة نص عليه وعليه الأصحاب كدم محظور ولأنه الأصل ونقل مهنا يسقط بقضائه ( وه ) لفعل المتروك وهو قضاء الإحرام من الميقات واجيب لم يفعله لدليل المسألة قبلها فصل يكره الإحرام قبل الميقات ويصح قال احمد وهو أعجب إلي وقاله القاضي وأصحابه والمغني والمستوعب وغيرهم لأنه عليه السلام لم يحرم من دويرة أهله وحج مرة واعتمر مرارا وكذا عامة أصحابه وانكره عمر على عمران وعثمان على عبد الله بن عامر رواهما سعيد والأثرم قال البخاري كرهه عثمان وكإحرامه قبل ميقاته الزماني ولعدم أمنه من محظور وفيه مشقة كوصال الصوم وكيف يتصور الأمن مع احتمال مالا يمكن دفعه وقال الشافعي أنبأنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال
____________________
(3/209)
يستمتع المرء بأهله وثيابه حتى يأتي كذا وكذا للمواقيت ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث أبي ايوب
وقدم في الرعاية الجواز والمستحب الميقات وهو ظاهر كلام جماعة ونقل صالح إن قوي على ذلك فلا بأس وعند أبى حنيفة الأفضل من دويرة أهله وقال بعض اصحابه إن أمن محظورا وللشافعي خلاف في الأفضل واختلف اصحابه في الترجيح وبعض أصحابه يكره وبعضهم يستحب إن أمن محظورا لخبر أم سلمة مرفوعا من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له رواه ابن ماجة من رواية ابن إسحاق مدلس ( الحديث )
وصرح بالسماع ولأحمد من روايته وصرح بالسماع من اهل من المسجد الاقصى بعمرة أو بحجة غفر له ما تقدم من ذنبه فركبت ام حكيم عن ذلك الحديث حتى أهلت منه بعمرة وفي لفظ له من رواية ابن لهيعة من أحرم من بيت المقدس غفر له الله ما تقدم من ذنبه وفي لفظ من أهل بحجة او عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر او وجبت له الجنة شك عبد الله
____________________
(3/210)
هو ابن عبد الرحمن أيتهما قال إسناده جيد ليس فيه ابن إسحاق ولا وجه للكلام فيه من قبل ابن أبي فديك فإنه ثقة عندهم يحتج به في الكتب الستة وانفرد ابن سعد بقوله ليس بحجة فالجواب عن هذا الخبر بتضعيفه نظر وكذا جواب القاضي قوله من أهل معناه من قصده من المسجد الأقصى ويكون إحرامه من الميقات
وقال الشيخ يحتمل اختصاص هذا بيت المقدس ليجمع بين الصلاة في المسجدين بإحرام واحد ولذلك احرم ابن عمر منه ولم يكن يحرم من غيره إلا من الميقات وعند الظاهرية لا يصح الإحرام قبل الميقات وذكر ابن المنذر وغيره الصحة إجماعا لأنه فعل من الصحابة والتابعين ولم يقل أحد قبل المخالف لا يصح فصل يكره الإحرام بالحج قبل أشهره ويصح حجة ( وه م ) نقل أبو طالب وشندي يلزمه الحج إلا أن يريد فسخه بعمرة فله ذلك
قال القاضي بناء على اصله في فسخ الحج إلى العمرة وعن أحمد تنعقد عمرة اختاره الآجرى وابن حامد ( وش ) وداود ونقل عبد الله يجعله عمرة ذكره القاضي موافقا للأول ولعله أراد إن صرفه إلى عمرة أجزأ عنها وإلا تحلل بعملها ولا يجزىء عنها وقول يتحلل بعملها ولا يجزىء عنها ونقل ابن منصور يكره قال القاضي أراد كراهة تنزيه وذكر ابن شهاب العكبري رواية لا يجوز وجه الأول { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } وكلها مواقيت للناس فكذا للحج واحد الميقاتين كميقات المكان وقوله { الحج أشهر } أي معظمه فيها كقوله الحج عرفة أو أراد حج المتمتع
وإن أضمر الإحرام امرنا الفضيلة والخصم يضمر الجواز والمضمر لا يعم وقول الخصم الحج مجمل في القرآن بينه عليه السلام بفعله وقال خذو عني
____________________
(3/211)
مناسككم أجاب القاضي وغيره بين عليه السلام الواجب المستحب ويجب علينا أخذ المسنون منه كالواجب وقول ابن عباس من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج على الاستحباب والإحرام تتراخى الأفعال عنه فهو كالطهارة ونية الصوم بخلاف الصلاة والصوم
وأما أبو الخطاب فقال الإحرام عندنا شرط لأنه يحصل بالنية وهي مجرد العزم أو القصد إلى فعل الحج والعزم على الفعل غير الفعل فلم يكن من جملة الفعل وعند الشافعي ركن فلم يتقدم على وقت العبادة كبقية الأركان فصل أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة منه يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر نص على ذلك احمد ( وه ) وعند الشافعي آخره ليلة النحر واختاره الآجري وعند مالك جميع الحجة منها جهة الأول روى البخاري عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم النحر يوم الحج الأكبر وللبخاري عن عمر أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وللنجاد والدارقطني مثله عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير ولا نسلم صحة خلافه عن غيرهم
قال القاضي والعشر بإطلاقه للأيام شرعا قال تعالى { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ( البقرة 243 ) وقال هو والشيخ وغيرهم العرب تغلب التأنيث في ا العدد خاصة لسبق الليالي فتقول سرنا عشرا وقوله تعالى { فمن فرض فيهن الحج } البقرة 197 أي في أكثرهن وإنما فات الحج بفجر يوم النحر لفوات الوقوف لا لخروج وقت الحج
____________________
(3/212)
وقوله { الحج أشهر } البقرة 197 أي في بعضها كقوله { وجعل القمر فيهن نورا } نوح 16 ثم الجمع يقع على اثنين وعلى بعض آخر كعقدة ذات القروء
وعند مالك شوال وذو القعدة وذو الحجة واختاره ابن هبيرة من أصحابنا وفائدة الخلاف تعلق الحنث به عندنا وعند الحنفية وعند الشافعي جواز الإحرام فيها ويتوجه مثله على خلاف سبق وعند مالك تعلق الدم بتأخير طواف الزيارة عنها قال المتولي من الشافعية لا فائدة فيه إلا في كراهة العمرة عند مالك فيها وحجة أبي بكر لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم كانت في ذي الحجة عند أحمد واحتج بقول أبي هريرة بعثني أبو بكر أنادي يوم الحج الأكبر قال أحمد فهل هذا إلا في ذي الحجة رواه البيهقي في مناقب أحمد
والأشهر في ذي القعدة وذكره شيخنا اتفاقا فعلى هذا قال في الخلاف من حج على ماكانوا عليه لم يسقط فرضه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحج على وجه يقع به الاجزاء يقتدى به في المستقبل وذكر القاضي أنه هحتج من قال ليس على الفور بقوله عليه السلام في حجة الوداع من أحب أن يرجع بعمرة فليفعل فأجاب : يحتمل أنه قاله لمن حج في سنة تسع مع أبي بكر كذا قال وهذا اللفظ لا نسلم صحته والمعروف من أحب أن يحرم في عمرة فليفعل فصل الْعُمْرَةُ في رَمَضَانَ أَفْضَلُ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَقْضِي حِجَّةً أو قال حِجَّةً مَعِي وَرَوَوْا أَيْضًا تَعْدِلُ وَلِأَبِي دَاوُد تَعْدِلُ حِجَّةً مَعِي عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ قال بَعْضُهُمْ في الثَّوَابِ
وَقَالَتْ أُمُّ مَعْقِلٍ لِزَوْجِهَا قد عَلِمْت أَنَّ عَلَيَّ حِجَّةٌ إلَى أَنْ قالت يارسول اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ قد سَقِمْت وَكَبِرْت فَهَلْ من عَمَلٍ يجزىء عَنِّي من حِجَّتِي فقال عُمْرَةٌ
____________________
(3/213)
في رَمَضَانَ تجزىء حِجَّةً رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد
وفي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ قال لِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَى الْبَيْتِ في كل السَّنَةِ وَيَتَّسِعُ الْخَيْرُ على أَهْلِ الْحَرَمِ وَحُكِيَ عن احمد نَقَلَ ابن إبْرَاهِيمَ هِيَ في رَمَضَانَ أَفْضَلُ وفي غَيْرِ اشهر الْحَجِّ أَفْضَلُ وَكَذَا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ قال لِأَنَّهَا اتم لِأَنَّهُ ينشىء ( ( ( ينشئ ) ) ) لها سَفَرًا وَرُوِيَ هذا الْمَعْنَى عن عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ قال في الْخِلَافِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ إنَّمَا قال أَحْمَدُ ذلك في عُمْرَةٍ لَا تَمَتُّعَ بها بِدَلِيلِ ما قَدَّمْنَا عنه من الْقَوْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةِ التَّسْوِيَةِ
وقال الْقَاضِي وَقِيلَ يُحْمَلُ قَوْلُهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عن الْعُمْرَةِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ يَكُونُ فِعْلُهَا في غَيْرِهَا أَفْضَلُ لِأَنَّ التَّشَاغُلَ بِالْحَجِّ أَفْضَلُ من الْعُمْرَةِ وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ عُمْرَةً في ذِي الْقِعْدَةِ وَعُمْرَةً في شَوَّالٍ
وَلِلشَّافِعِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن عَلِيٍّ في كل شَهْرٍ عُمْرَةٌ وَسَبَقَ في الْفَصْلِ قَبْلَهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي عن مَالِكٍ
وَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بها يوم عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ نَقَلَ أبو الْحَارِثِ يَعْتَمِرُ مَتَى شَاءَ ( وم ش ) وَدَاوُد كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَكَالطَّوَافِ الْمُجَرَّدِ وَكَبَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَا دَلِيلَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً يُكْرَهُ رَوَاهُ النِّجَادُ عن عَائِشَةَ وَلِلْأَثْرَمِ عنها يوم النَّحْرِ وَيَوْمَيْنِ من التَّشْرِيقِ فَقَدْ اخْتَلَفَ وهو مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ في إحْرَامِهَا وَلَيْسَ منها
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً يُكْرَهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَنَقَلَ ابن ابراهيم فِيمَنْ وَاقَعَ قبل الزِّيَارَةِ يَعْتَمِرُ إذَا انْقَضَتْ ايام التَّشْرِيقِ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لم يَرَ الْعُمْرَةَ فيها وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْحَجِّ لَا بَأْسَ بها كَذَا قال وإن أَرَادَ احمد لَا يُحْرِمُ بها مع
____________________
(3/214)
الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ كما قال الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وقال مَالِكٌ لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ مِنًى في الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ والأختيار تَرْكُهُ
____________________
(3/215)
@ 217 بَابُ الأحرام
وهو نِيَّةُ النُّسُكِ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ يَنْعَقِدُ بِالتَّلْبِيَةِ وَنِيَّةُ النُّسُكُ كَافِيَةٌ نَصَّ عليه ( وم ش ) وفي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ مع تَلْبِيَةٍ أو سَوْقِ هَدْيٍ ( وه ) اخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْمَالِكِيَّةِ وحكي قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ وابن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ اعْتَبَرَ مع النِّيَّةِ التَّلْبِيَةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ ليس في آخِرِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ فَكَذَا أَوَّلُهَا كَصَوْمٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَبِخِلَافِ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ فإنه إيجَابُ مَالٍ كَالنَّذْرِ
وَرَفْعُ الصَّوْتِ بها لَا يَجِبُ فَلَا يَجِبُ تَابِعُهُ ثُمَّ لِلنَّدَبِ لِمَا سَبَقَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَجِبُ التَّلْبِيَةُ وَالِاعْتِبَارُ بِمَا نَوَاهُ لَا بِمَا سَبَقَ لِسَانُهُ اليه ( و ) وقال ابن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ عليه كُلُّ من يَحْفَظُ عنه من أَهْلِ الْعِلْمِ وقال مَالِكٌ الِاعْتِبَارُ بِالْعَقْدِ دُونَ النِّيَّةِ
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أراد ( ( ( أراده ) ) ) التَّنَظُّفُ له بِأَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَطْعِ رَائِحَةٍ قال إبْرَاهِيمُ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذلك ثُمَّ يَلْبَسُونَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَسَبَقَ انه يَغْتَسِلُ له
وَهَلْ يَتَيَمَّمُ لِعَدَمٍ أَمْ لَا وَلَا يَضُرُّ حَدَثُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ قبل إحْرَامِهِ وفي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لِلْحَنَفِيَّةِ لم يَنَلْ فَضْلَهُ كَالْجُمُعَةِ كَذَا في كَلَامِهِمْ وَيُسْتَحَبُّ له التَّطَيُّبُ سَوَاءً بَقِيَ عَيْنُهُ كَالْمِسْكِ او أَثَرُهُ كَالْبَخُورِ ( وه ش ) وَلَفْظُ احمد لَا بَأْسَ ان يَتَطَيَّبَ قبل أَنْ يُحْرِمَ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم قبل أَنْ يُحْرِمَ وَيَوْمَ النَّحْرِ قبل أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فيه مِسْكٌ وَلِمُسْلِمٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ في مَفْرِقِهِ وهو مُحْرِمٌ وَهَذَا في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ
وَرُوِيَ عن عُمَرَ وَابْنِهِ عثمان ( ( ( وعثمان ) ) ) وَذَكَرَ الْقَاضِي واصحابه عن مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَدَامَهُ فَلَا كَفَّارَةَ لِخَبَرِ يَعْلَى بن امية أَنَّ رَجُلًا احرم في جُبَّةٍ مُتَضَمِّخٌ
____________________
(3/217)
بِالْخَلُوقِ وَأَنَّهُ سَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال أَمَّا الطَّيِّبُ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ واما الْجُبَّةَ فَانْزَعْهَا مُتَّفَقٌ عليه وَهَذَا عَامَ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ ابن عبد الْبَرِّ مع ان التَّزَعْفُرَ مَنْهِيٌّ عنه لِلرَّجُلِ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُ من مَنْعِ ابْتِدَائِهِ مَنْعُ اسْتِدَامَتِهِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجُلُ والمراة سَوَاءٌ عن عَائِشَةَ كنا نَخْرُجُ مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بالمسك ( ( ( بالسك ) ) ) الْمُطَيِّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فإذا عرفت ( ( ( عرقت ) ) ) إحْدَانَا سَالَ على وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَا يَنْهَانَا رَوَاهُ ابو دَاوُد
وَالْمَذْهَبُ يُكْرَهُ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ وَحَرَّمَهُ الْآجُرِّيُّ وَقِيلَ هو كَبَدَنِهِ وهو أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ نَقَلَهُ من بَدَنِهِ من مَكَان إلَى آخَرَ أو نَقَلَهُ عنه ثُمَّ رَدَّهُ أو مَسَّهُ بيده او نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ فَدَى بِخِلَافِ سيلانه ( ( ( سيلان ) ) ) بِعَرَقٍ وَشَمْسٍ
وَيُسْتَحَبُّ لُبْسُهُ إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ نَظِيفِينَ وَنَعْلَيْنِ بَعْدَ تَجَرُّدِ الرَّجُلِ عن الْمَخِيطِ لَفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا لِيُحْرِمْ أحدكم في إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ قال ابن الْمُنْذِرِ ثَبَتَ ذلك وفي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ إخْرَاجُ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ من الرِّدَاءِ أَوْلَى وَيَجُوزُ إحْرَامُهُ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ وفي التَّبْصِرَةِ بَعْضُهُ على عَاتِقِهِ فَصْلٌ ثُمَّ يُحْرِمُ عَقِيبَ مَكْتُوبَةٍ أو نَفْلٍ نَصَّ عليه ( وه ) قال ابن بَطَّالٍ هو قَوْلُ جُمْهُورِ
____________________
(3/218)
الْعُلَمَاءِ
وقال الْبَغَوِيّ عليه الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْهُ عَقِيبَهَا واذا رَكِبَ وإذا سَارَ سَوَاءٌ وختار شَيْخُنَا عَقِبَ فَرْضٍ إنْ كان وَقْتُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ اذا رَكِبَ لِأَنَّهُ أَصَحُّ من غَيْرِهِ لِأَنَّهُ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث ابْنِ عُمَرَ وَلِلْبُخَارِيِّ من حديث جَابِرٍ وقال رَوَاهُ أَنَسٌ وابن عَبَّاسٍ وفي الموطأ عن عُرْوَةَ مُرْسَلًا كان يُصَلِّي في مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فإذا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ اهل وَذَكَرَهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ في الصَّحِيحِ أَظُنُّهُ من حديث ابْنِ عُمَرَ
وَإِنَّ اسْتِحْبَابَ الرَّكْعَتَيْنِ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَرْكَعُهُمَا وَقْتَ نَهْيٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه خِلَافُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا من عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا وَأَظْهَرُهُمَا إذَا سَارَ رَوَى أَحْمَدُ وابو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عن أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فلما عَلَا على جَبَلِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ
وَجْهُ الْأَوَّلِ عن ابْنِ اسحاق حدثني خُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ عَجَبًا لا ختلاف اصحاب رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في إهْلَالِهِ فقال إنِّي لَأَعْلَمُ الناس بِذَلِكَ خَرَجَ حَاجًّا فلما صلى في مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حين فَرَغَ مِنْهُمَا فَسَمِعَ ذلك منه أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عنه فلما اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ فادرك ذلك منه أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عنه وَذَلِكَ أَنَّ الناس إنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ إرسالا فَقَالُوا إنَّمَا أَهَلَّ حين اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ فلما عَلَا على شَرَفِ الْبَيْدَاءِ اهل فَأَدْرَكَ ذلك منه أَقْوَامٌ فَقَالُوا إنَّمَا أَهَلَّ حين عَلَا على شَرَفِ الْبَيْدَاءِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وفي لَفْظٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَهَلَّ في دُبُرِ الصَّلَاةِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ منهم النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ من رِوَايَةِ خُصَيْفٍ من غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وقال هو الذي يَسْتَحِبُّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُحْرِمَ
____________________
(3/219)
دُبُرَ الصَّلَاةِ وَأَكْثَرُهُمْ يُوَثِّقُ ابْنَ إِسْحَاقَ وَيَخْشَى منه التَّدْلِيسَ
وقد زَالَ وَخُصَيْفٌ وثقة ابن مَعِينٍ وأبو زُرْعَةَ وابن سَعْدٍ وقال النسائى صَالِحٌ وقال ابن عَدِيٍّ إذَا حَدَّثَ عنه ثِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ
وقال يحيى الْقَطَّانُ كنا نَجْتَنِبهُ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَجَمَعَ بين الْأَخْبَارِ وَأَحْوَطُ وَأَسْرَعُ إلَى الْعِبَادَةِ فَهُوَ أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ إنْ كان لِلْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ اُسْتُحِبَّ صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ فيه وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ إحْرَامِهِ صَحَّ عن ابْنِ عُمَرَ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا وَيُسْتَحَبُّ تَعْيِينُ النُّسُكِ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وَفِعْلِ من معه في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ إطْلَاقُ الْإِحْرَامِ أَفْضَلُ
وَيُسْتَحَبُّ ( وه ش ) قَوْلُهُ الهم ( ( ( اللهم ) ) ) إنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي ولم يَذْكُرُوا هذا في الصَّلَاةِ لِقِصَرِ مُدَّتِهَا وَتَيَسُّرِهَا عَادَةً وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فيها وَكَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ هُنَا فيه نَظَرٌ
وَيُسْتَحَبُّ ان يَشْتَرِطَ وَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي أو مَعْنَاهُ نَحْوُ أُرِيدُ كَذَا إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ او قَوْلُ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ قُلْ اللَّهُمَّ إنِّي اريد الْحَجَّ فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ ( وش ) لِقَوْلِ ضُبَاعَةَ يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَجِدُنِي وَجِعَةً فقال حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي مُتَّفَقٌ عليه زَادَ النَّسَائِيُّ في رِوَايَةٍ إسْنَادُهَا جَيِّدٌ فإن لَك على رَبِّك ما اسْتَثْنَيْت وَلِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ فَإِنْ حُبِسْت أو مَرِضْت فَقَدْ حَلَلْت من ذلك بِشَرْطِك على رَبِّك فَمَتَى حُبِسَ
____________________
(3/220)
بِمَرَضٍ وخطأ طَرِيقٍ وَغَيْرِهِ حَلَّ وَلَا شَيْءَ عليه نَصَّ عليه
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ معه هَدْيٌ فَيَلْزَمُهُ نَحْرُهُ وَلَوْ قال فَلِي أَنْ أَحِلَّ خَيْرٌ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ او إنْ أَفْسَدَهُ لم يَقْضِهِ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ له في ذلك
وَقِيلَ يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ بِقَلْبِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ فَكَذَا هو وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا الِاشْتِرَاطَ لِلْخَائِفِ خَاصَّةً جَمْعًا بين الْأَدِلَّةِ وَنَقَلَ ابو دَاوُد إنْ اشْتَرَطَ فَلَا باس وَعِنْدَ أبى حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ لَا فَائِدَةَ في الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان يُنْكِرُ الاشتراط في الحج ويقول لا فائدة في الاشتراط لأن ابن عمر كان ينكر الِاشْتِرَاطَ في الْحَجِّ وَيَقُولُ اليس حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى اللَّهُ عليه وسلم انه لم يَشْتَرِطْ رَوَاهُ النسائى وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ فَصْلٌ يُخَيَّرُ بَيْنِ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ ( و ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إجْمَاعًا قالت عَائِشَةُ خَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال من أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ اراد أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فليهل ( ( ( فليهلل ) ) ) وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فليهل ( ( ( فليهلل ) ) ) قالت وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ معه وَأَهَلَّ معه نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ وَكُنْت فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُتَّفَقٌ عليه وفي مُسْلِمٍ عنها لَا نَرَى إلَّا الْحَجَّ وَفِيهِ أَيْضًا خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ عنها وفي الصَّحِيحَيْنِ من أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فليهل ( ( ( فليهلل ) ) ) فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْت لَأَهْلَلْت بِعُمْرَةٍ
وفي الصَّحِيحَيْنِ عن جَابِرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَ عنها بِعُمْرَةٍ وَعِنْدَ طَائِفَةٍ من السَّلَفِ
____________________
(3/221)
وَالْخَلْفِ لَا يَجُوزُ إلَّا التَّمَتُّعُ وَقَالَهُ ابن عَبَّاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ من أَهْلِ الحديث وَطَائِفَةٌ من بَنِي امية وَمَنْ تَبِعَهُمْ نَهَوْا عن التَّمَتُّعِ وَعَاقَبُوا من تَمَتَّعَ وَكَرِهَ التَّمَتُّعَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ وابن الزُّبَيْرِ وَغَيْرُهُمْ وَبَعْضُهُمْ وَالْقِرَانَ رَوَى الشَّافِعِيُّ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كان يَكْرَهُهُ ذكر ابن حَزْمٍ انهم اخْتَلَفُوا فيها فَمِنْ مُوجِبٍ لِذَلِكَ وَمِنْ مَانِعٍ وَمِنْ كَارِهٍ وَمِنْ مُسْتَحِبٍّ وَمِنْ مُبِيحٍ
وَأَفْضَلُ الانساك التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ ثُمَّ الْقِرَانُ قال في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ الذي يَخْتَارُ الْمُتْعَةَ لِأَنَّهُ آخَرُ ما أَمَرَ بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يَعْمَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على حِدَةٍ وقال أبو دَاوُد سَمِعْته يقول نَرَى التَّمَتُّعَ أَفْضَلَ وَسَمِعْته قال لِرَجُلٍ يُرِيدُ ان يَحُجَّ عن أُمِّهِ تَمَتُّعٌ أَحَبُّ إلَيَّ
وقال إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم كان اخْتِيَارُ أبي عبد اللَّهِ الدُّخُولَ بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لو اسْتَقْبَلْت من أمرى ما اسْتَدْبَرْت ما سُقْت الْهَدْيَ وَلَأَحْلَلْت مَعَكُمْ وَسَمِعْته يقول الْعُمْرَةُ كانت آخَرَ الْأَمْرَيْنِ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا من طُرُقٍ ان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَمَّا طَافُوا وَسَعَوْا أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلَّا من سَاقَ هَدْيًا وَثَبَتَ على إحْرَامِهِ لِسَوْقِهِ الْهَدْيَ وَتَأَسَّفَ كما سَبَقَ
وَلَا يَنْقُلُهُمْ إلَّا إلَى الْأَفْضَلِ وَلَا يَتَأَسَّفُ إلَّا عليه فَإِنْ قِيلَ لم يامرهم بِالْفَسْخِ لِفَضْلِ التَّمَتُّعِ بَلْ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ جَوَازِ الْعُمْرَةِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ رَدٌّ لم يَعْتَقِدُوهُ ثُمَّ لو كان لم يَخُصَّ بِهِ من لم يَسُقْ الْهَدْيَ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ في الِاعْتِقَادِ ثُمَّ لو كان لم يأسف ( ( ( يتأسف ) ) ) لِاعْتِقَادِهِ جَوَازَهَا فيها وَجَعَلَ الْعِلَّةَ فيه سَوْقَ الْهَدْيِ وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ في الْكِتَابِ دُونَ غَيْرِهِ
قال عِمْرَانُ نَزَلَتْ آيَةُ التَّمَتُّعِ في كِتَابِ اللَّهِ وَأَمَرَنَا بها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ لم تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ ولم يَنْهَ عنها حتى مَاتَ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِلْبُخَارِيِّ مَعْنَاهُ وَلِإِتْيَانِهِ بِأَفْعَالِهَا كَامِلَةً على وَجْهِ الْيُسْرِ وَصَحَّ عنه صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ ما خُيِّرَ
____________________
(3/222)
بين أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا وَقَوْلُهُ إنَّ هذا الدَّيْنَ يُسْرٌ وَقَوْلُهُ بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ
وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) عُمْرَةُ التَّمَتُّعِ بِلَا خِلَافٍ وفي عُمْرَةِ الْإِفْرَادِ من ادنى الْحِلِّ وَعُمْرَةُ الْقِرَانِ والخلاف وَلِأَنَّ عَمَلَ الْمُفْرَدِ أَكْثَرُ من الْقَارِنِ فَكَانَ أَوْلَى وَلِأَنَّ في التَّمَتُّعِ زِيَادَةٌ على الْإِفْرَادِ وَلَيْسَ فيه ما يُوَازِيه وهو الدَّمُ وهو دَمُ نُسُكٍ لَا جُبْرَانَ وَإِلَّا لَمَا أُبِيحَ له التَّمَتُّعُ بِلَا عُذْرٍ لِعَدَمِ جَوَازِ إحْرَامٍ نَاقِصٍ يَحْتَاجُ ان يَجْبُرَهُ بِدَمٍ قال في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ إذَا دخل بِعُمْرَةٍ يَكُونُ قد جَمَعَ اللَّهُ له حَجَّةً وَعُمْرَةً وَدَمًا
فَإِنْ قِيلَ لو كان دَمُ نُسُكٍ لم يَدْخُلْهُ الصَّوْمُ كَالْهَدْيِ والإضحية وَلَا يَسْتَوِي فيه جَمِيعُ الْمَنَاسِكِ
قِيلَ دُخُولُ الصَّوْمِ لَا يُخْرِجُهُ عن كَوْنِهِ نُسُكًا وَلِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ وَالْقُرَبُ يَدْخُلُهَا الْإِبْدَالَ وَاخْتِصَاصُهُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ نُسُكًا كَالْقِرَانِ نُسُكٌ وَيَقْتَصِرُ على طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَلِأَنَّ سَبَبَ التَّمَتُّعِ من جِهَتِهِ كَمَنْ نَذْرَ حِجَّةً يُهْدِي فيها هَدْيًا ثُمَّ إنَّمَا اخْتَصَّ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وهو التَّرَفُّه بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ فَإِنْ قِيلَ نُسُكٌ لَا دَمَ فيه أَفْضَلُ كَإِفْرَادٍ لَا دَمَ فيه رُدَّ تَمَتُّعُ الْمَكِّيِّ وَتَمَتُّعُ غَيْرِهِ الذي فيه الدَّمُ سَوَاءٌ عِنْدَك
وَإِنَّمَا كان إفْرَادُ لَا دَمَ فيه افضل لِأَنَّ ما يَجِبُ فيه الدَّمُ دَمُ جِنَايَةٍ وَلِهَذَا إفْرَادٌ فيه دَمُ تَطَوُّعٍ أَفْضَلُ فَإِنْ قِيلَ في الْقِرَانِ مُسَارَعَةٌ إلَى فِعْلِ الْعِبَادَتَيْنِ وهو اولى لِلْآيَةِ وَكَالصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا قبل الْعِبْرَةُ بِمُسَارَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلِهَذَا تَخْتَلِفُ الصَّلَاةُ اول وَقْتِهَا وَآخِرَهُ وَتُؤَخَّرُ لِطَلَبِ الْمَاءِ او الْجَمَاعَةِ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ عن أَحْمَدَ إنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ افضل ثُمَّ التَّمَتُّعُ لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ عن عَائِشَةَ مَرْفُوعًا من كان معه هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مع الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حتى يَحِلَّ مِنْهُمَا جميعا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا قال وَإِنْ اعتمرو ( ( ( اعتمر ) ) ) وَحَجَّ في سُفْرَتَيْنِ أو اعْتَمَرَ
____________________
(3/223)
قبل أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ في الصُّورَةِ الْأُولَى وَذُكِرَ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَفْضَلُ من الثَّانِيَةِ نَصَّ عليه وَسَبَقَتْ الثَّانِيَةُ آخِرَ الْبَابِ قَبْلَهُ
وقال شَيْخُنَا وَمَنْ أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ بِسُفْرَةٍ ثُمَّ قَدِمَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ فإنه مُتَمَتِّعٌ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم واصحابه رضي اللَّهُ عَنْهُمْ اعْتَمَرُوا عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ ثُمَّ تَمَتَّعُوا وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ الْقِرَانُ أَفْضَلُ وَعِنْدَ مَالِكٍ الْإِفْرَادُ وهو ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِفْرَادَ افضل ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ وَلَهُ قَوْلٌ التَّمَتُّعُ وَقَوْلٌ الْقِرَانُ وَمَذْهَبُهُ شَرْطُ أَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ أَنْ يَعْتَمِرَ تِلْكَ السَّنَةَ فَلَوْ اخر الْعُمْرَةَ عن سَنَتِهِ فَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ أَفْضَلُ منه لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ عن سَنَةِ الْحَجِّ أَمَّا حَجَّةُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَاخْتُلِفَ فيها بِحَسَبِ الْمَذَاهِبِ حتى اخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هل حَلَّ من عُمْرَتِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ أَحْمَدَ لَا شَكَّ أَنَّهُ كان قَارِنًا وَالْمُتْعَةُ احب إلَيَّ
قال شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ متقدموا ( ( ( متقدمو ) ) ) أَصْحَابِهِ وهو بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الحديث كَذَا قال وَجْهٌ أَنَّهُ كان مُتَمَتِّعًا قال سَالِمُ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن ابيه تَمَتَّعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في حِجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ واهدى فَسَاقَ معه الْهَدْيَ من ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ اهل بِالْحَجِّ وَتَمَتَّعَ الناس معه بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فكان من الناس من أهل بالحج وتمتع الناس معه بالعمرة إلى الحج فَكَانَ من الناس من أَهْدَى وَمِنْهُمْ من لم يُهْدِ فلما قَدِمَ مَكَّةَ قال لِلنَّاسِ من كان مِنْكُمْ أَهْدَى فإنه لَا يَحِلُّ من شىء وحرم ( ( ( حرم ) ) ) منه حتى يَقْضِيَ حجة وَمَنْ لم يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ بالصفا ( ( ( وبالصفا ) ) ) المروة ( ( ( والمروة ) ) ) وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثم ( ( ( تم ) ) ) لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلِيُهْدِ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثلاثة أَيَّامٍ في الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَعَنْ عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ مِثْلُهُ
وَأَمَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْمُتْعَةِ وقال سُنَّةُ ابى الْقَاسِمِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ وقال نَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ كَيْفَ تُخَالِفُ أَبَاك وقد نهى عنها فقال وَيْلَكُمْ أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ إنْ كان عُمَرُ نهى عنها يَبْتَغِي فيه الْخَيْرَ يَلْتَمِسُ بِهِ تَمَامَ الْعُمْرَةِ فَلِمَ تُحَرِّمُونَ ذلك وقد أَحَلَّهُ اللَّهُ وَعَمِلَ بِهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَسُولُ اللَّهِ أَحَقُّ ان تَتَّبِعُوا سَنَتَهُ أَمْ سَنَةَ عُمَرَ لم يَقُلْ لَكُمْ
____________________
(3/224)
إنَّ الْعُمْرَةَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ حَرَامٌ وَلَكِنَّهُ قال إنْ أَتَمَّ لِلْعُمْرَةِ أَنْ تُفْرِدُوهَا من أَشْهُرِ الْحَجِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ هذا الْمَعْنَى وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال أَهَلَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ فلم يُحِلَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا من سَاقَ الْهَدْيَ من اصحابه وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عنه تَمَتَّعَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ وَأَوَّلُ من نهى عنها مُعَاوِيَةُ فيه لَيْثُ بن ابي سُلَيْمٍ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ
فَإِنْ قِيلَ قال أَنَسٌ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جميعا يقول لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا مُتَّفَقٌ عليه وَفِيهِمَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَنْكَرَهُ وَأَنَّ انسا قال ما تَعُدُّونَا إلَّا صَبِيَّانَا وَلِمُسْلِمٍ أَهَلَّ بِهِمَا جميعا لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا وَعَنْ أبي إِسْحَاقَ عن أبي أَسْمَاءَ الصُّيَقْلِ عن أَنَسٍ مَرْفُوعًا لو اسْتَقْبَلْت من أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْت لَجَعَلْتهَا عُمْرَةً وَلَكِنْ سُقْت الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ بين الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أبو أَسْمَاءَ تَفَرَّدَ عنه أبو إِسْحَاقَ وقال عُمَرُ سَمِعْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يقول أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ من رَبِّي فقال صَلِّ في هذا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً في حَجَّةٍ وفي رِوَايَةٍ قُلْ عُمْرَةً وَحِجَّةً رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ واهل الضبي ( ( ( الصبي ) ) ) بن مَعْبَدٍ بِهِمَا جميعا وقال له عُمَرُ هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك رَوَاهُ احمد وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وابن ماجة
قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ انسا سَمِعَهُ يُلَقِّنُ قَارِنًا تَلْبِيَتَهُ فَظَنَّهُ يُلَبِّي بِهِمَا عن نَفْسِهِ أو سَمِعَهُ في وَقْتَيْنِ أو في وَقْتٍ وَاحِدٍ لَمَّا أَدْخَلَ الْحَجَّ على الْعُمْرَةِ أو قَرَنَ بِهِمَا اي فَعَلَ الْحِجَّةَ بَعْدَهَا ويسمي قِرَانًا لُغَةً وَخَبَرُ عُمَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ عُمْرَةً دَاخِلَةً في
____________________
(3/225)
حِجَّةٍ كَقَوْلِهِ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ في الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَخَبَرُ الضبي ( ( ( الصبي ) ) ) فيه أَنَّ الْقِرَانَ سُنَّةٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ في الْأَفْضَلِ
فَإِنْ قِيلَ عن عَائِشَةَ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم افرد الْحَجَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلشَّافِعِيِّ وَالنَّسَائِيُّ اهل بِالْحَجِّ وَلِمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اهل بِالْحَجِّ مُفْرَدًا
وفي الصَّحِيحَيْنِ عن جَابِرٍ قال أَهَلَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وهو فِيهِمَا عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَبَقَ خَبَرُ عَائِشَةَ لَوْلَا اني أَهْدَيْت لأهلك ( ( ( لأهللت ) ) ) بِعُمْرَةٍ قِيلَ أَفْرَدَ عَمَلَ الْحَجِّ عن الْعُمْرَةِ أو أَهَلَّ بِالْحَجِّ فِيمَا بَعْدُ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عن جَابِرٍ إنَّمَا ذَكَرَ الصَّحَابَةَ فَقَطْ وَسَبَقَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَأَجَابَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابي طَالِبٍ فقال كان هذا في الأول ( ( ( أول ) ) ) الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ في ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ بِالْمَدِينَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فلما وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَسَخَ على اصحابه وَتَأَسَّفَ على التَّمَتُّعِ لِأَجَلِ سَوْقِ الْهَدْيِ فَكَانَ الْمُتَأَخِّرُ اولى ثُمَّ أَخْبَارُ التَّمَتُّعِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ وَأَصْرَحُ فَكَانَتْ أَوْلَى على ان قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ السَّابِقَ أَوْلَى من فِعْلِهِ لِاحْتِمَالِهِ اخْتِصَاصُهُ بِهِ
وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ قد أَكْثَرَ الناس الْكَلَامَ هذه الاخبار وَأَوْسَعُهُمْ نَفْسًا الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) تَكَلَّمَ فيه في زِيَادَةٍ على ما فَحَصْنَاهُ من كَلَامِهِمْ انه أَحْرَمَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عليه الْعُمْرَةَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ وَتَأْنِيسًا لهم في فِعْلِهَا في أَشْهُرِ الْحَجِّ لِكَوْنِهَا كانت مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فيها ولم يُمْكِنْهُ التَّحَلُّلُ بِسَبَبِ الْهَدْيِ وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ فَصَارَ قَارِنًا أخر أَمْرِهِ
وَأَمَّا كَرَاهَةُ عُمَرَ فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ قال لِأَبِي مُوسَى لقد عَلِمْت أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ وَلَكِنْ كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ في الْأَرَاكِ ثُمَّ يرجون ( ( ( يروحون ) ) ) إلَى الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَبَا مُوسَى كان يُفْتِي بِذَلِكَ في إمَارَتِهِ وَإِمَارَةِ
____________________
(3/226)
عُمَرَ وَذَكَرَ الْخَبَرَ إلَى أَنْ قال لِعُمَرَ ما هذا الذي أَحْدَثْت في شَأْنِ النُّسُكِ قال إنْ تَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فإن اللَّهَ قال وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ( البقرة 196 ) وَإِنْ تَأْخُذْ بِسَنَةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَحِلَّ حتى نَحَرَ الْهَدْيَ فَهَذَا رَأْيٌ منه كما قال عُثْمَانُ لَمَّا قال له عَلِيٌّ وكان يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ انت تنهي عن الْمُتْعَةِ فقال هذا رَأْيٌ وقد رُوِيَ عن عُمَرَ من طُرُقٍ اخْتِيَارُ التَّمَتُّعِ رَوَاهُ ابو عُبَيْدٍ وَالْأَثْرَمُ وَالنَّجَّادُ وَغَيْرُهُمْ
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَأَنْكَرَ عليه سَعْدٌ وَعَجِبَ منه ابن عَبَّاسٍ وَالنَّبِيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم حُجَّةٌ على الْجَمِيعِ وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ تَمَتَّعَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال عُرْوَةُ نهى أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ عن الْمُتْعَةِ فَقِيلَ ذلك لِابْنِ عَبَّاسٍ فقال أَرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ اقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ويقولون ( ( ( ويقول ) ) ) نهى أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ
فَإِنْ قِيلَ قال أبو ذَرٍّ كانت مُتْعَةُ الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عن رَبِيعَةَ بن ابي عبد الرحمن عن الْحَارِثِ بن بِلَالِ بن الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عن أبيه قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ فسخ ( ( ( فسن ) ) ) الْحَجُّ لنا خَاصَّةً ام لِلنَّاسِ كافة عَامَّةً قال بَلْ لنا خَاصَّةً رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وابن ماجة وأبو دَاوُد وَلَفْظُهُ لَكُمْ خَاصَّةً وَعَنْ ابي عِيسَى الْخُرَاسَانِيِّ عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا من اصحاب النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أتي عُمَرُ فَشَهِدَ عِنْدَهُ انه سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه ينهي عن عن الْعُمْرَةِ قبل الْحَجِّ قِيلَ قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابي دَاوُد ليس يَصِحُّ حَدِيثٌ في ان الْفَسْخَ كان لهم خَاصَّةً وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عن قَوْلِ أبي ذَرٍّ من يقول هذا وَالْمُتْعَةُ في كِتَابِ اللَّهِ وَأَجْمَعَ الناس عليها
____________________
(3/227)
وقال أَحْمَدُ لَا يُثْبِتُ حَدِيثَ بِلَالٍ وَلَا يُعْرَفُ الْحَارِثُ ولم يَرْوِهِ إلَّا الدَّرَاوَرْدِيَّ وقال الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ رَبِيعَةُ وَتَفَرَّدَ بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عنه ولم أَجِدْ من وَثَّقَ أَبَا عِيسَى سِوَى ابْنِ حِبَّانَ وَلَا يَخْفَى تَسَاهُلُهُ وَلَوْ صَحَّ هذا عِنْدَ عُمَرَ اُحْتُجَّ بِهِ في مَوْضِعٍ وقال ابن الْقَطَّانِ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ
وَيَدُلُّ على ضَعْفِ ذلك قَوْلُ جَابِرٍ أَمَرَنَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ نَحِلَّ فقال سُرَاقَةُ يا رَسُولَ اللَّهِ ارأيت مُتْعَتَنَا هذه لِعَامِنَا هذا أَمْ لِلْأَبَدِ فقال بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ مُتَّفَقٌ عليه زَادَ مُسْلِمٌ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ في الْحَجِّ الى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ
وفي مُسْلِمٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا هذه عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بها فَمَنْ لم يَكُنْ معه الْهَدْيُ فليحل ( ( ( فليحلل ) ) ) الْحِلَّ كُلَّهُ فإن الْعُمْرَةَ قد دَخَلَتْ في الْحَجِّ الى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَصَحَّ هذا الْمَعْنَى عن عَلِيٍّ وَسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ وَأَسْمَاءَ وَعِمْرَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَعْلَمُ وَأَصَحُّ وَمَعَهُمْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَالْعَمَلُ بِذَلِكَ أَحَقُّ وَأَوْلَى وَاَللَّهُ اعلم فَصْلٌ التَّمَتُّعُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ آخَرُونَ من الْمِيقَاتِ اي مِيقَاتِ بَلَدِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْكَافِي وَمُرَادُهُمْ ما جَزَمَ بِهِ آخَرُونَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ وهو نَصُّ أَحْمَدَ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ عِنْدَهُ في الشَّهْرِ الذي يُهِلُّ بها فيه وروى مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن جَابِرٍ لَا الشَّهْرَ الذي يَحِلُّ منها فيه
قال الْأَصْحَابُ وَيَفْرُغُ منها قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَيَتَحَلَّلُ قالوا ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ من عامة زَادَ جَمَاعَةٌ من مَكَّةَ زَادَ بَعْضُهُمْ أو قُرْبِهَا وَنَقَلَهُ حَرْبٌ وأبو دَاوُد
وَالْإِفْرَادُ ان يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَالشَّافِعِيَّةُ قال جَمَاعَةٌ يُحْرِمُ بِهِ من الْمِيقَاتِ ثُمَّ يُحْرِمُ بها من أَدْنَى الْحِلِّ زَادَ بَعْضُهُمْ وَعَنْهُ بَلْ من الْمِيقَاتِ
وفي الْمُحَرَّرِ أَنْ لَا يَأْتِيَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ بِغَيْرِهِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَحَلَّلَ
____________________
(3/228)
منه في يَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ أَحْرَمَ فيه بِعُمْرَةٍ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ في ظَاهِرِ ما نَقَلَهُ ابن هانىء ليس على مُعْتَمِرٍ بَعْدَ الْحَجِّ هَدْيٌ لِأَنَّهُ في حُكْمِ ما ليس من أَشْهُرِهِ بِدَلِيلِ فَوْتِ الْحَجِّ فيه وَكَذَا في مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ فَدَلَّ أَنَّهُ لو أَحْرَمَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ من الْأَوَّلِ صَحَّ
وفي الْفُصُولِ الْإِفْرَادُ ان يُحْرِمَ بِالْحَجِّ في اشهره فإذا تَحَلَّلَ منه أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ من أَدْنَى الْحِلِّ
وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا قال جَمَاعَةٌ من الْمِيقَاتِ أو بِالْعُمْرَةِ منه ثُمَّ بِالْحَجِّ قال جَمَاعَةٌ من مَكَّةَ أو من قُرْبِهَا وَإِنْ شَرَعَ في طَوَافِهَا لم يَصِحَّ ( وش ) كما لو سَعَى إلَّا لِمَنْ معه هَدْيٌ فَيَصِحُّ وَيَصِيرُ قَارِنًا بِنَاءً على الْمَذْهَبِ انه لَا يَجُوزُ له التَّحَلُّلُ وَلَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ إدْخَالِهِ الْإِحْرَامَ بِهِ في أَشْهُرِهِ على الْمَذْهَبِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ على أَصْلِهِمْ وَلَهُمْ وَجْهَانِ لو أَدْخَلَهُ فيها وكان أَحْرَمَ بها قَبْلَهَا لِتَرَدُّدِ النَّظَرِ هل هو أَحْرَمَ بِهِ قبل أَشْهُرِهِ
وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عليه الْعُمْرَةَ لم يَصِحَّ ولم يَصِرْ قَارِنًا بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بالاحرام الثَّانِي شَيْءٌ ( وم ش ) وَفِيهِ خِلَافٌ لنا وَالصِّحَّةُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ مع أَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَأَسَاءَ عِنْدَهُمْ قالوا فَإِنْ كان طَافَ لِلْحَجِّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ بأن أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ على أَفْعَالِ الْحَجِّ من وَجْهٍ
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفُضَهَا لِتَأَكُّدِ الْحَجِّ بِفِعْلِ بَعْضِهِ وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَيَقْضِيهَا وَمَذْهَبُنَا أَنَّ عَمَلَ الْقَارِنِ كَالْمُفْرِدِ في الْإِجْزَاءِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ التَّرْتِيبُ لِلْحَجِّ كما يتاخر الْحِلَاقُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَوَطْؤُهُ قبل طَوَافِهِ لَا يُفْسِدُ عُمْرَتَهُ
قالت عَائِشَةُ وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا مُتَّفَقٌ عليه
وقال لها النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَسَعُك طَوَافُك لِحَجِّك وَعُمْرَتِك فَأَبَتْ فَبَعَثَ بها مع عبد الرحمن إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ وفي لَفْظٍ يجزىء عَنْك طَوَافُك
____________________
(3/229)
بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عن حَجِّك وَعُمْرَتِك رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ
وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لها قد حَلَلْت من حَجِّك وَعُمْرَتِك جميعا قالت أَجِدُ في نَفْسِي اني لم أَطُفْ بِالْبَيْتِ حتى حَجَجْت قال فَاذْهَبْ بها يا عَبْدَ الرحمن فاعمرها من التَّنْعِيمِ زَادَ مُسْلِمٌ وكان رَجُلًا سَهْلًا إذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عليه
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا من قَرَنَ بين حجة وَعُمْرَتِهِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وابن ماجة وفي لَفْظٍ من أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عنهما حتى يَحِلَّ مِنْهُمَا جميعا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النسائى وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ وقال رَوَاهُ عن عُبَيْدِ اللَّهِ ابن عُمَرَ عن نَافِعٍ غَيْرُ وَاحِدٍ ولم يَرْفَعُوهُ وهو أَصَحُّ كَذَا قال وَرَفَعَهُ جَمَاعَةٌ عن نَافِعٍ من رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ وَكَعُمْرَةِ الْمُتَمَتِّعِ وَكَمَا يُجْزِئُهُ الْحَجُّ
وَعَنْ أَحْمَدَ على الْقَارِنِ طوفان ( ( ( طوافان ) ) ) وَسَعَيَانِ ( وه ) رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عن عَلِيٍّ وفي صِحَّتِهِ نَظَرٌ مع أَنَّهُ لَا يَرَى إدْخَالَ الْعُمْرَةِ على الْحَجِّ فَعَلَى هذه يُقَدِّمُ الْقَارِنُ فِعْلَ الْعُمْرَةِ على فِعْلِ الْحَجِّ ( وه ) كَمُتَمَتِّعٍ سَاقَ هَدْيًا فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قبل طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لها فَقِيلَ تُنْتَقَضُ عُمْرَتُهُ وَيَصِيرُ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ يُتِمُّهُ ثُمَّ يَعْتَمِرُ ( وه ) وَقِيلَ لَا تُنْتَقَضُ فإذا رَمَى الْجَمْرَةَ طَافَ لها ثُمَّ سَعَى ثُمَّ طَافَ له ثُمَّ سَعَى وَيَأْتِي فِيمَنْ حَاضَتْ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ بَعْدَ فَصْلٌ فَسْخِ الْقَارِنِ وَالْمُفْرِدِ
بَابُ الاحرام ( مَسْأَلَةٌ ) قَوْلُهُ : وَعَنْ أَحْمَدَ : على الْقَارِنِ طوفان ( ( ( طوافان ) ) ) وَسَعَيَانِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يُقَدِّمُ الْقَارِنُ فِعْلَ الْعُمْرَةِ غلى فِعْلِ الْحَجِّ كَمُتَمَتِّعٍ سَاقَ هَدْيًا فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قبل طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لها ثُمَّ سَعَى ثُمَّ طَافَ له ثُمَّ سَعَى انيهى
____________________
(3/230)
وعن أحمد على القارن عمرة مفردة اختارها ابو بكر وابو ( ( ( أر ) ) ) حفص لعدم طوافها ولاعتمار عائشة وسبق رواية ضعيفة لا تجزىء العمرة من أدنى الحل والحج يجزىء للمتمتع من مكة فالعمرة للمفرد من أدنى الحل أولى فَصْلٌ يَلْزَمُ الْمُتَمَتِّعَ دَمٌ بِالْإِجْمَاعِ وهو دَمُ نُسُكٍ لَا جُبْرَانَ وَسَبَقَ في أَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِشُرُوطٍ
أَحَدُهَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ قال احمد عُمْرَتُهُ في الشَّهْرِ الذي اهل وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ جَابِرٍ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ يُعْتَبَرُ لِلْعُمْرَةِ أو من أَعْمَالِهَا فَاعْتُبِرَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالطَّوَافِ
فَإِنْ قِيلَ ليس منها وَإِنَّمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَيْهَا ثُمَّ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ كَحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِعَرَفَةَ قِيلَ من أَعْمَالِهَا أَنَّهُ يَعْتَبِرُ له ما يَعْتَبِرُ لها وَيُنَافِيه ما يُنَافِيهَا وَلَيْسَ اسْتَدَامَتْهُ كَابْتِدَائِهِ كما لو أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ قبل وَقْتِهَا وَاسْتَدَامَهُ وَإِنَّمَا أجزاه إذَا أَعْتَقَ لِأَنَّ عَرَفَةَ مُعْظَمُ الْحَجِّ لَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَاسْتِدَامَتِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ عُمْرَتُهُ في الشَّهْرِ الذي يَحِلُّ فيه
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ إنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ اربعة أَشْوَاطٍ في غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَإِلَّا فَمُتَمَتِّعٌ لِأَمْنِهِ إفْسَادَهَا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَهُ وَالْأَظْهَرُ عن الشَّافِعِيِّ إنْ اتى بافعالها أو بَعْضِهَا في أَشْهُرِهِ لم يَلْزَمْهُ دَمٌ ثُمَّ قِيلَ عِنْدَهُمْ يَلْزَمُهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ لِإِحْرَامِهِ بالحد ( ( ( بالحج ) ) ) من مَكَّةَ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُحْرِمًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) القول الأول قدمه ( ( ( يحج ) ) ) في الرِّعَايَةِ الكبرى والقول ( ( ( الشرط ) ) ) الثاني ( ( ( السادس ) ) ) لم أر ( ( ( المتعة ) ) ) من ( ( ( للمكي ) ) ) اختاره ( ( ( كغيره ) ) ) قلت وهو الصواب وظاهر كلام ( ( ( كالإفراد ) ) ) أكثر ( ( ( وكسائر ) ) ) الأصحاب ( ( ( الطاعات ) ) ) تنبيهات
الأول ( ( ( هم ) ) ) قوله فدل ( ( ( لأنهم ) ) ) انه ( ( ( سكان ) ) ) لو احرم بَعْدَ تحلله من الأول صح انتهى لعله بعد تحلله الأول بإسقاط من او يقال وتقديره بعد تحلله ( ( ( السفر ) ) ) من النسك ( ( ( التمتع ) ) ) الأول
الثاني ( ( ( يسقط ) ) ) قوله ( ( ( دم ) ) ) وإذا قَضَى الْقَارِنُ قَارِنًا فَدَمَانِ لِفَوَاتِهِ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي وفي دَمِ فَوَاتِهِ الرِّوَايَتَانِ أَيْ الْمَذْكُورَتَانِ بِقَوْلِهِ قُبَيْلَ ذلك وَلَا يَسْقُطُ دمها ( ( ( دمهما ) ) ) بِفَوَاتِهِ ايضا على الْأَصَحِّ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذلك وَفِيهِ لِفَوَاتِهِ الْخِلَافُ يَعْنِي الْخِلَافَ الي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ
____________________
1-
(3/231)
الثاني أن يحج من عامه ( و ) وخلافا للحنفية لأن ظاهر الاية الموالاة ولأنه أولى لو اعتمر في غير اشهره ثم حج من عامه لكثرة التباعد
الثالث الا يسافر بين العمرة والحج فإن سافر مسافة قصر فأكثر أطلقه جماعة ولعل مرادهم فأحرم به فلا دم عليه نص عليه وروي عن عمر رضي الله عنه من رجع فليس بمتمتع وهو عام ولأنه مسافر لم يترفه بترك احد السفرين كمحل الوفاق ولا يلزم المفرد لأن عمرته في غير أشهره
وفي الفلول والمذهب والمحرر فإن أحرم به من الميقات فلا دم نص عليه احمد ( وش ) وحمله القاضي على ان بينه وبين مكة مسافة قصر
وقال ابن عقيل بل هو رواية كمذهب ( ش ) وفي الترغيب إن سافر إليه فأحرم منه فوجهان لأن الدم وجب لترك الإحرام من الميقات رد بالمنع بدليل القارن وقال أبو حنيفة أن رجع إلى أهله فلا دم روي عن ابن عمر وقال مالك إن رجع إلى بلده او بقدره فلا دم ويتوجه احتمال يلزمه دم وإن رجع وقاله الحسن وابن المنذر ومعناه عن ابن عباس لظاهر الآية
قال القاضي في قول ابن عباس لا يمنع أنه متمتع لكن عليه دم وإن رجع إلى الميقات محرما فالخلاف
الرابع أن يحل من إحرام العمرة قبل إحرامه بالحج تحلل أولا فإن أحرم به قبل حله منها صار قارنا
الخامس الا يكون من حاضري المسجد الحرام ( 4 ) للآية وهم أهل الحرم ومن كان منه وذكره ابن هبيرة قول أحمد والشافعي وقيل من مكة وقاله أحمد دون مسافة قصر نص عليه ( وش ) لأن حاضر الشيء من حل فيه او قرب منه وجاوره بدليل رخص السفر والبعيد بترخص فأشبه من وراء الميقات إلينا وقال ( م ) هم أهل مكة وقال ( ه ) أهل المواقيت ومن دونهم إلى مكة ومن منزله قريب وبعيد لم يلزمه دم لأن بعض أهله من حاضري المسجد فلم يوجد الشرط وله أن يحرم من القريب واعتبر في المجرد والفصول إقامته أكثر بنفسه ثم بماله ثم ببيته ثم الذي أحرم منه ( وش ) وإن دخل أفقي مكة متمتعا ناويا للإقامة بها بعد فراغ نسكه أو نواها بعد فراغه منه فعليه الدم ( و ) وحكي وجه وإن استوطن
____________________
(3/232)
أفقي مكة فحاضر وإن استوطن مكي بالشام ثم عاد مقيما متمتعا لزمه الدم وفي المجرد والفصول لا كسفر غير مكي ثم عاد
السادس أن يحرم بالعمرة من الميقات ذكره أبو الفرج والحلواني وذكر القاضي وابن عقيل وجزم به في المستوعب والرعاية وغيرهما إن بقي بينه وبين مكة دون مسافة القصر فأحرم منه لم يلزمه دم المتعة لأنه من حاضري المسجد بل دم المجاوزة وقاله أكثر الشافعية وبعضهم كالأول
واختار الشيخ وغيره إذا أحرم منه لزمه الدمان لأنه لم يقم ولم ينوها به وليس بساكن ونص أحمد في أفقي أحرم بعمرة في غير اشهره ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهره وحج من عامه أنه متمتع عليه دم قال فالصورة الأولى أولى وقال قال ابن المنذر وابن عبد البر أجمع العلماء أن من أحرم بعمرة في أشهره وحل منها وليس من حاضري المسجد الحرام ثم أقام بمكة حلالا ثم حج من عامه أنه متمتع عليه دم
السابع نية التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها ذكره القاضي وتبعه الأكثر واختار الشيخ وغيره لا وهو أصح للشافعية لظاهر الآية وحصول الترفه ولا يعتبر وقوع النسكين عن واحد ذكره بعضهم وأكثر الشافعية
ولا تعتبر هذه الشروط في كونه متمتعا وهو أصح للشافعية ومعنى كلام الشيخ يعتبر وجزم به في الرعاية إلا الشرط السادس فإن المتعة للمكي كغيره ( وم ش ) نقله الجماعة كالإفراد وكسائر الطاعات بل هم أولى لأنهم سكان حرم الله ونقل المروذي ليس لأهل مكة متعة قال القاضي وغيره معناه ليس عليهم دم المتعة وذكر ابن عقيل رواية لا يصح منهم
وقال ( ه ) لا يصح منه المتعة والقران ويكره له ذلك ومتى فعله لزمه دم جناية وتحرير مذهب أبي حنيفة أن المكي لو أحرم بعمرة ثم بحج فإنه يرفض الحج وعليه لرفضه دم وعليه حجة وعمرة وعند صاحبيه يرفض العمرة ويقضيها وعليه دم لأنه لا بد من رفض أحدهما لأن الجمع بينهما لا يشرع للمكي ورفضها أولى لأنها أدنى وأقل عملا وأيسر قضاء لعدم توقيتها وعنده ( ه ) تأكد إحرامها بفعله بعضها وفي رفضها إبطال العمل والحج لم يتأكد وفي رفضه امتناع عنه وإنما لزمه بالرفض دم لتحلله قبل أوانه لتعذر المضي فيه كالمحصر
____________________
(3/233)
وفي رفض العمرة قضاؤها وفي رفض الحج فضاؤه وعمرة لأنه في معنى فائت الحج وإن مضى عليهما أجزأه لتأدية ما التزمه لكنه منهي عنه ولا يمنع تحقق الفعل على أصلهم وعليه دم لجمعه بينهما لتمكن النقص في عمله للنهي فهو دم جبر وفي حق الأفقي دم شكر
وإن كان طاف للعمرة أربعة أشواط ثم أحرم بالحج رفضه لأن للأكثر حكم الكل فيتعذر رفضها كفراغها والله أعلم فصل يلزم القارن دم نص عليه ( و ) واحتج جماعة منهم الشيخ بالآية وبأنه ترفه بسقوط أحد السفرين كالمتمتع ونقل بكر عليه هدي وليس كالمتمتع وإن الله أوجب على المتمتع هديا في كتابه والقارن إنما يروى عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم ان عمر قال للضبي اذبح تيسا كذا قال وهو منقطع ضعيف وسأله ابن مشيش القارن يجب عليه الدم وجوبا فقال كيف يجب عليه وجوبا وإنما شبهوه بالتمتع فيتوجه منه رواية لا يلزمه كقول داود ثم قال أكثر اصحابنا هو دم نسك
وقال في المبهج وعيون المسائل ليس بدم نسك اي دم جبر كأكثر الشافعية ولا يلزم حاضري المسجد الحرام خلافا لبعض المالكية وبعض الشافعية وظاهر اعتمادهم على الآية والقياس أنه لا يلزم من سافر سفر قصر أو إلى الميقات إن قلنا به كظاهر مذهب الشافعي وكلامهم يقتضي لزومه لأن اسم القران باق بعد السفر بخلاف التمتع فصل لا يسقط دم تمتع وقران بإفساده نسكهما نص عليه ( وم ش ) لأن ما وجب الاتيان به في الصحيح وجب في الفاسد كالطواف وغيره وعنه يسقط ( وه ) لأنه لم يترفه بسقوط احد السفرين قال القاضي إن قلنا يلزم القارن للإفساد دمان سقط دم القران ولا يسقط دمهما بفواته أيضا والمراد على الأصح
____________________
(3/234)
وإذا قضى القارن قارنا فدمان لفواته الأول والثاني وفي دم فواته الروايتان وقال الشيخ يلزمه دمان لقرانه وفواته ولو قضى القارن مفردا لم يلزمه شيء لأنه أفضل جزم به الشيخ وغيره وجزم غير واحد يلزمه دم لفواته الأول ( وش ) لأن القضاء كالاداء وهو ممنوع وفيه لفواته الخلاف وزاد في الفصول ودم ثالث لوجوب القضاء كذا قال
وإذا فرغ حجة احرم بالعمرة من الأبعد كمن فسد حجه وإلا لزمه دم وكذا إن قضى أحرم بالحج من الأبعد فَصْلٌ يَلْزَمُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ جَزَمَ بِهِ في الْخِلَافِ وَرَدَّ ما نَقَلَ عن أَحْمَدَ بِخِلَافِهِ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ لِقَوْلِهِ { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فما اسْتَيْسَرَ من الْهَدْيِ } أَيْ فَلْيُهْدِ وَحَمْلُهُ على أَفْعَالِهِ أَوْلَى من حَمْلِهِ على إحْرَامِهِ قوله ( ( ( لقوله ) ) ) الْحَجُّ عَرَفَةَ ويوم النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الكبر ( ( ( الأكبر ) ) ) وَلِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ تَتَعَلَّقُ بِهِ صِحَّةُ التَّمَتُّعِ فلم يَكُنْ وَقْتًا لِلْوُجُوبِ كَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلِأَنَّ الْهَدْيَ من جِنْسِ ما يَقَعُ بِهِ التَّحَلُّلُ فَكَانَ وَقْتُ وُجُوبِهِ بَعْدَ وَقْتِ الْوُقُوفِ كَطَوَافٍ وَرَمْيٍ وَحَلْقٍ
وَعَنْهُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ لِلْآيَةِ ( وه ش ) وَلِأَنَّهُ غَايَةٌ فَكَفَى أَوَّلُهُ كَأَمْرِهِ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ وَعَنْهُ بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ ( وم ) وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ اختيار ( ( ( واختيار ) ) ) الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِفَوَاتٍ قَبْلَهُ وَعَنْهُ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِنِيَّتِهِ التَّمَتُّعَ إذَنْ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَنْبَنِي عليها ما إذَا مَاتَ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ يُخْرَجُ عنه من تَرِكَتِهِ وقال الشَّافِعِيُّ في أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُخْرَجُ شَيْءٌ
وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَائِدَةُ الرِّوَايَاتِ إذَا تَعَذَّرَ الدَّمُ وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَى الصَّوْمِ فَمَتَى ثَبَتَ التَّعَذُّرُ فيه الرويات ( ( ( الروايات ) ) )
____________________
(3/235)
أَمَّا وَقْتُ ذَبْحِهِ فَجَزَمَ جَمَاعَةٌ منهم الْمُسْتَوْعِبُ وَالرِّعَايَةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَحْرُهُ قبل وَقْتِ وُجُوبِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي واصحابه لَا يَجُوزُ قبل فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ( وه م ) فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ إذَا وَجَبَ لِقَوْلِهِ { وَلَا تَحْلِقُوا رؤوسكم ( ( ( رءوسكم ) ) ) حتى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } فَلَوْ جَازَ قبل يَوْمِ النَّحْرِ لَجَازَ الْحَلْقُ لِوُجُودِ الْغَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ في الْمُحْصِرِ وَيَنْبَنِي على عُمُومِ المفوم ( ( ( المفهوم ) ) ) وَلِأَنَّهُ لو جَازَ لَنَحَرَهُ عليه السَّلَامُ وَصَارَ كَمَنْ لَا هَدْيَ معه وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا أو كان له نِيَّةُ او فِعْلُ الْأَفْضَلِ وَلِمَنْعِ التَّحَلُّلِ بِسَوْقِهِ وسياتي وَقَاسُوهُ على الاضحية وَالْهَدْيِ وَهِيَ دَعْوَى وَلِأَنَّ جَوَازَ تَقْدِيمِهِ يُفْتَقَرُ إلَى دَلِيلٍ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فَإِنْ احْتَجَّ بِمَا سَبَقَ فَسَبَقَ جَوَابُهُ
وَإِنْ قِيلَ كَالصَّوْمِ وهو بَدَلُهُ قِيلَ هذا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ فَاخْتَصَّ بِزَمَنٍ كَطَوَافٍ وَرَمْيٍ وَوُقُوفٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَهَذَا الْبَدَلُ يُخَالِفُ الْأَبْدَالَ لآن كُلَّ وَقْتٍ جَازَ فيه بَعْضُ الْبَدَلِ جَازَ كُلُّهُ وَهُنَا تَجُوزُ الثَّلَاثَةُ لَا السَّبْعَةُ
وَإِنْ قِيلَ إنَّمَا جَازَ الصَّوْمُ لِوُجُودِ السَّبَبِ كَنَظَائِرِهِ فَمِثْلُهُ هُنَا أَشْكَلَ جَوَابُهُ وَاخْتَارَ في الِانْتِصَارِ له نَحْرُهُ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَأَنَّهُ أَوْلَى من الصَّوْمِ لِأَنَّهُ مُبَدَّلٌ وَحَمَلَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ بِذَبْحِهِ يوم النَّحْرِ علو وُجُوبِهِ يوم النَّحْرِ
وقال الْآجُرِّيُّ له نَحْرُهُ قبل خُرُوجِهِ يوم التَّرْوِيَةِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إنْ قَدِمَ قبل الْعَشْرِ وَمَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ لَا يَضِيعُ أو يَمُوتُ او يُسْرَقُ وَكَذَا قال عَطَاءٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ إذَا احرم بِالْحَجِّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ وَبَعْدَ حِلِّهِ من الْعُمْرَةِ لَا إذَا أَحْرَمَ بها فَإِنْ عَدِمَ الْهَدْيَ في مَوْضِعِهِ وَلَوْ وَجَدَهُ بِبَلَدِهِ او وَجَدَ من يُقْرِضُهُ نَصَّ عليه لِتَوْقِيتِهَا كَمَاءِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ فَصِيَامُ عَشْرَةِ ايام كَامِلَةً كَمَّلَتْ الْحَجَّ وامر الْهَدْيِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَمَعْنَاهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ
قال الْقَاضِي كَمَّلَ اللَّهُ الثَّوَابَ بِضَمِّ سَبْعٍ إلَى ثَلَاثٍ وقال عن قَوْلِهِ { تِلْكَ عَشَرَةٌ } لِأَنَّ الْوَاوَ تَقَع وتكون بِمَعْنَى أو وَقِيلَ تَوْكِيدُ ثَلَاثَةٍ في الْحَجِّ وَالْأَشْهَرُ عن احمد وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ الْأَفْضَلُ أَنَّ آخِرَهَا عَرَفَةُ ( وه ) وَعَلَّلَ بِالْحَاجَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ يَخْتَصُّ بِالنَّفْلِ
____________________
(3/236)
وَعَنْهُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ ( وم ش ) وَرُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وفي الْبُخَارِيِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ يَصُومُ قبل يَوْمِ عَرَفَةَ وفي يَوْمِ عَرَفَةَ لَا جُنَاحَ وَلِأَنَّ صَوْمَهُ بِعَرَفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَهُ تَقْدِيمُهَا بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ نَصَّ عليه وهو أَشْهَرُ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ صَوْمِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّ إحْرَامَهَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صِحَّةُ التَّمَتُّعِ فَكَانَ سَبَبًا لِوُجُودِ الصَّوْمِ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ وَكُلُّ شَيْئَيْنِ تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِهِمَا وَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كان الْأَوَّلُ مِنْهُمَا سَبَبًا كَالنِّصَابِ وَالْحَوْلِ وَالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ وَلَيْسَ صَوْمُ رَمَضَانَ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ وَإِنْ لم تَجِبْ إلَّا بِهِ وَبِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا
قِيلَ لِلْقَاضِي فَيَكُونُ إحْرَامُهَا سَبَبًا لِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ فيها فَأَجَابَ نعم إذَا أَحْرَمَ وَسَاقَهُ كان هَدْيَ مُتْعَةٍ وَمَنَعَهُ التَّحَلُّلَ ولم يَجُزْ ذَبْحُهُ لِمَا سَبَقَ كَذَا قال
وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْحَلِّ من الْعُمْرَةِ وَعَنْ احمد وَقَبْلَ إحْرَامِهَا وَالْمُرَادُ في أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ فَيَكُونُ السَّبَبَ قال ابن عَقِيلٍ أَحَدُ نُسُكَيْ الْمُتَمَتِّعِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عليه كَالْحَجِّ قال وَقَالَهُ عَطَاءٌ وطاووس ( ( ( وطاوس ) ) ) وَمُجَاهِدٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ حتى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ لِلْآيَةِ أَيْ في إحْرَامِ الْحَجِّ لَا في وَقْتِهِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ معه من إحْرَامٍ فَفِيهِ زِيَادَةُ إضْمَارٍ قال الْقَاضِي وفي إحْرَامِهِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ فِعْلٌ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا لِفِعْلٍ قال وَقِيلَ في جَوَابِهَا إنَّهَا أَفَادَتْ وُجُوبَ الصَّوْمِ وَالْكَلَامُ في الْجَوَازِ وَعِنْدَنَا يَجِبُ إذَا احرم بِالْحَجِّ وقد قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ وَسُئِلَ عن صِيَامِ الْمُتْعَةِ مَتَى يَجِبُ قال إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ كَذَا قال وَوَقْتُ وُجُوبِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَقْتَ وُجُوبِ الْهَدْيِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ
وقال الْقَاضِي أَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّ الصَّوْمَ يَتَعَيَّنُ قبل يَوْمِ النَّحْرِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْهَدْيِ فإذا اخْتَلَفَا في وَقْتِ الْوُجُوبِ جَازَ ان يَخْتَلِفَا في وَقْتِ الْجَوَازِ وَمِنْ تَتِمَّةِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ فَصَامَ أَجْزَأَهُ إذَا كان في أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهَذَا يَدْخُلُ على من قال لَا تجزىء الْكَفَّارَةُ إلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ وَلَعَلَّ هذا يَنْصَرِفُ وَلَا يَحُجُّ
____________________
(3/237)
قال الْقَاضِي إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ اراد بِهِ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْكَفَّارَةِ قبل الْحِنْثِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الشَّبَهُ إذَا كان صَوْمُهُ قبل الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ لأن قد وَجَدَ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ وَلِأَنَّهُ قال إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ في أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ في إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ من شَرْطِ التَّمَتُّعِ ان يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَهَا إلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَضَاءٌ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ على مَنْعِ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا كان اداء وسياتي في كَلَامِ الشَّيْخِ في تَتَابُعِ الصَّوْمِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَظَهَرَ أَنَّ جَوَازَ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا مَبْنِيٌّ عليه وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ على مَنْعِ صَوْمِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَكَذَا تَكَلَّمَ الْأَصْحَابُ هل يَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِهِ عن وَقْتِ وُجُوبِهِ وَسَيَأْتِي وفي كَلَامِهِمْ من النَّظَرِ مالا يَخْفَى
وَالثَّانِي هو الصَّحِيحُ وَيُعْمَلُ بِظَنِّهِ في عَجْزِهِ وَيُلْزِمُ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَجِبَ تَقْدِيمُ إحْرَامِ الْحَجِّ لِيَصُومَهَا فيه وَحَكَى بَعْضُهُمْ وَجْهًا يَجِبُ وفي التَّشْرِيقِ خِلَافٌ وَسَبَقَ في صَوْمِ التَّطَوُّعِ
وَأَمَّا السَّبْعَةُ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا في التَّشْرِيقِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِبَقَاءِ أَعْمَالٍ من الْحَجِّ قال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا للشافعى يَجُوزُ إذَا رَجَعَ من مِنًى إلَى مَكَّةَ وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِيمَنْ قَدَرَ على الْهَدْيِ في الصَّوْمِ وَيَجُوزُ بَعْدَ التَّشْرِيقِ نَصَّ عليه ( وه ش ) وَالْمُرَادُ ما قَالَهُ الْقَاضِي وقد طَافَ يَعْنِي طَوَافَ الزيادة ( ( ( الزيارة ) ) ) لِلْآيَةِ وَالْمُرَادُ رَجَعْتُمْ من عَمَلِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ وَمُعْتَبَرٌ لِجَوَازِ الصَّوْمِ وَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ تَحْقِيقًا كَتَأْخِيرِ رَمَضَانَ لِسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَمَنَعَ الْمُخَالِفُ لُزُومَهُ قبل عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِحُجَّةٍ ضَعِيفَةٍ لَكِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ فَجَازَ على أَصْلِنَا كما سَبَقَ وَعَلَى هذا لَا يَصِيرُ قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ اي يَجِبُ إذَنْ وَأَجَابَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ انه أَرَادَ إذَا ابْتَدَأَ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ
وَلِلشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ الى وَطَنِهِ وقيل وفي الطَّرِيقِ فَلَوْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ من الْحَجِّ صَامَ بها وَإِلَّا لم يَجُزْ فَإِنْ لم يَجُزْ
____________________
(3/238)
صَوْمُ الثَّلَاثَةِ في التشويق ( ( ( التشريق ) ) ) أو جَازَ ولم يَصُمْهَا صَامَ بَعْدَ ذلك الْعَشَرَةَ ( وم ش ) لِوُجُوبِهِ فَقَضَاهُ بِفَوَاتِهِ كَرَمَضَانَ وَلِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ كَصَوْمِ الظِّهَارِ لو مَسَّهَا لم يَسْقُطْ وَلِأَنَّهُ احد مُوجِبِي الْمُتْعَةَ كَالْهَدْيِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ في الْأَشْهَرِ عِنْدَنَا وَلَا تَلْزَمُ الْجُمُعَةُ إذَا فَاتَ وَقْتُهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا يَصُومُ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ روى عن ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وطاووس ( ( ( وطاوس ) ) ) وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ ثُمَّ هل يَلْزَمُهُ دَمٌ فيه رِوَايَاتٌ وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ
إحْدَاهُنَّ يَلْزَمُهُ لِتَأْخِيرِهِ لِأَنَّهُ صَوْمٌ مُؤَقَّتٌ بَدَلٌ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ بِخِلَافِ صَوْمِ الظِّهَارِ فإنه غَيْرُ مُؤَقَّتٍ وَصَوْمُ رَمَضَانَ أَصْلٌ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ وَاجِبٌ أَخَّرَهُ عن وَقْتِهِ كَرَمْيِ الْجِمَارِ
وَالثَّانِيَةُ لَا ( وم ش ) وَعَلَّلَهُ في الْخِلَافِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ أَخَّرَهُ إلَى وَقْتِ جَوَازِ فِعْلِهِ كَالْوُقُوفِ إلَى اللَّيْلِ وَالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ عن التَّشْرِيقِ كَذَا قال
وَالثَّالِثَةُ لَا يَلْزَمُهُ مع عُذْرٍ وفي الِانْتِصَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُهْدِيَ فَقَطْ قَادِرٌ إنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَجُزْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ في التَّشْرِيقِ أو جَازَ ولم يَصُمْهَا صَامَ بَعْدَ ذلك الْعَشَرَةَ ثُمَّ هل يَلْزَمُهُ دَمٌ فيه رِوَايَاتٌ وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ إحْدَاهُنَّ يَلْزَمُهُ لِتَأْخِيرِهِ وَالثَّانِيَةُ لَا وَالثَّالِثَةُ لَا يَلْزَمُهُ مع عُذْرٍ انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ على مسالتين مَسْأَلَةُ 2 الْمَعْذُورِ
ومسألة 3 غَيْرِهِ وفي مجموعها ( ( ( مجموعهما ) ) ) ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ واطلق الْخِلَافَ في غَيْرِ الْمَعْذُورِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ مسبوك ( ( ( ومسبوك ) ) ) الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُنَّ عليه دَمٌ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ قال الزَّرْكَشِيّ وَهِيَ التي نَصَّهَا الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَلْزَمُهُ مع الْعُذْرِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ في
____________________
1-
(3/239)
اعتبر في الكفارة بالأغلظ واما ( ( ( ومسبوك ) ) ) إن ( ( ( الذهب ) ) ) صام أيام التشريق ( ( ( المعذور ) ) ) وجاز فلا دم جزم به جماعة منهم الشيخ ( ( ( وجوب ) ) ) والرعاية ( ( ( الدم ) ) ) ولعله مراد ( ( ( أخره ) ) ) القاضي ( ( ( لغير ) ) ) واصحابه ( ( ( عذر ) ) ) والمستوعب وغيرهم بتأخير الصوم ( ( ( المعذور ) ) ) عن ايام الحج وَالرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ في تَأْخِيرِ الْهَدْيِ عن أَيَّامِ النَّحْرِ هل يَلْزَمُهُ دَمٌ
وَاحْتَجَّ احمد بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَلْزَمُهُ هَدَيَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا دَمَ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ عليه هَدْيَانِ إذَا ايسر
أَحَدُهُمَا لِحِلِّهِ بِلَا هَدْيٍ وَلَا صَوْمٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الهداية ( ( ( والثاني ) ) ) والمذهب ( ( ( هدي ) ) ) ومسبوك ( ( ( المتعة ) ) ) الذهب والتلخيص ( ( ( القران ) ) ) في المعذور دون غيره وقدم ابن منجا في شرحه ( ( ( الثلاثة ) ) ) وُجُوبَ الدم ( ( ( التفريق ) ) ) اذا اخره لغير عذر وأطلق الخلاف في المعذور
تنبيه قوله بعد إطلاق الروايات والترجيح مختلف تحصيل الحاصل لأنه قد ذكر في خطبة الكتاب إذا اختلف الترجيح أطلقت الخلاف وتقدم مثل ذلك في باب الزكاة الفطر وتقدم الجواب عن ذلك وغيره في مقدمة ( ( ( الأداء ) ) ) الكتاب ( ( ( بأن ) ) )
مَسْأَلَةٌ 4 5 قَوْلُهُ وَالرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ في تَأْخِيرِ الْهَدْيِ عن ايام النَّحْرِ هل يَلْزَمُهُ دَمٌ انْتَهَى وَفِيهِ أَيْضًا مَسْأَلَتَانِ مسالة 4 الْمَعْذُورِ
ومسألة 5 غَيْرِهِ وَفِيهِمَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَأَطْلَقَهُنَّ أَيْضًا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ إحْدَاهُنَّ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْهَدْيِ قَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ في غَيْرِ الْمَعْذُورِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ لم يَلْزَمْهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا قَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ في الْمَعْذُورِ دُونَ غَيْرِهِ
قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْوُجُوبِ على الْمَعْذُورِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في غَيْرِ الْمَعْذُورِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ حَكَى جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ في الْمَعْذُورِ وَجْهَيْنِ وفي غَيْرِ الْمَعْذُورِ رِوَايَتَيْنِ
____________________
1-
(3/240)
والثاني المتعة هدي أو القران
ولا يجب تتابع ولا تفريق في الثلاثة ولا السبعة ( و ) لإطلاق الأمر وكذا التفريق بين الثلاثة والسبعة إذا قضى كسائر الصوم ومنع الشيخ وجوب التفريق في الأداء بان صام أيام منى وأتبعها السبعة ثم إنما كان من حيث الوقت فسقط بفواته كالتفريق بين الصلاتين بخلاف أفعال الصلاة من ركوع وسجود فإنه من حيث الفعل لم يسقط واوجبه أكثر الشافعية فقيل يفرق بيوم وقيل باربعة وقيل بمدة إمكان السير إلى الوطن وقيل بهما وهو المذهب
وإن مات ولم يصم تمكن منه اولا فكصوم رمضان على ما سبق نص عليه ( وش ) وَإِنْ وَجَبَ الصَّوْمُ وَشَرَعَ فيه ثُمَّ وَجَدَ هَدْيًا لم يَلْزَمْهُ وأجزاه الصَّوْمُ ( وم ش ) وفي الْفُصُولِ وغير تَخْرِيجٌ من اعْتِبَارِ الْأَغْلَظِ في الْكَفَّارَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُظَاهِرَ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَ فَنَاسَبَهُ الْمُعَاقَبَةُ وَالْحَاجُّ في طَاعَةٍ فَخُفِّفَ عليه وَاخْتَارَ الْمُزَنِيّ يَلْزَمُهُ وفي وَاضِحِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ أن فَرَّغَهُ ثُمَّ قَدَرَ يوم النَّحْرِ نَحَرَهُ وَإِنْ وَجَبَ إذَنْ
وَأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ يَجِبُ بِإِحْرَامِهِ كَذَا قال وَقَوْلُ أبي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ في صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أو بَعْدَهَا وَقَبْلَ حِلِّهِ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْهَدْيُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّبْعَةَ بَدَلٌ ايضا لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ لَزِمَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمَرْتَبَةِ بِخِلَافِ صَوْمِ فِدْيَةِ الْأَذَى وَاخْتِلَافُ وَقْتِهِمَا لَا يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ كما اخْتَلَفَ وَقْتُهُ وَوَقْتُ الْهَدْيِ وَإِنَّمَا جَازَ مع الْهَدْيِ لِأَنَّهُ بَعْضُ الْبَدَلِ
قال الْقَاضِي وَإِنَّمَا جَازَ فِعْلُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ قالوا الصَّوْمُ الْقَائِمُ مَقَامَ الهدى في الْإِحْلَالِ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ الْبَدَلُ لِأَنَّهُ قام مَقَامَ الْمُبْدَلِ رُدَّ ليس لِأَجْلِ التَّحَلُّلِ بَلْ لِأَنَّ وَقْتَهَا أَنْ يَصُومَ في الْحَجِّ بِخِلَافِ السَّبْعَةِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ في الصَّلَاةِ إنْ قُلْنَا تَبْطُلُ بِأَنَّ ظُهُورَ الْمُبْدَلِ هُنَاكَ يُبْطِلُ حُكْمَ الْبَدَلِ من أَصْلِهِ وَيُبْطِلُ ما مضي من الصَّلَاةِ وَهُنَا صَوْمُهُ صَحِيحٌ يُثَابُ عليه وقد بَيَّنَّا انه ليس بِمَشْرُوطٍ لِإِبَاحَةِ الْإِحْلَالِ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ فِعْلُهُ لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَيْضِهَا في عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلْمَشَقَّةِ بان يَجِدَهُ بِبَلَدِهِ وَلَا يَبِيعَ مَسْكَنَهُ لِأَجَلِهِ وَالْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ لم تَعْتَدَّ إلَّا بِهِ مالم تَيْأَسْ
____________________
(3/241)
وَإِنْ وَجَدَهُ قبل شُرُوعِهِ فَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ وقال الشَّافِعِيَّةُ إنْ اُعْتُبِرَ حَالُ الْوُجُوبِ وَبِالْأَغْلَظِ وهو نَصُّ الشَّافِعِيِّ هُنَا فَصْلٌ جَزَمَ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ بِالِاسْتِحْبَابِ وَمَعْنَاهُ عن أَحْمَدَ وَعَبَّرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ بِالْجَوَازِ وَإِنَّمَا أَرَادُوا فَرَضَ الْمَسْأَلَةِ مع الْمُخَالِفِ وَلِهَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي اسْتِحْبَابَهُ في بِحَثِّ الْمَسْأَلَةِ
قال ابن عَقِيلٍ هو مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِلْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ أَنْ يَفْسَخَا نِيَّتَهُمَا بِالْحَجِّ زَادَ الشَّيْخُ إذَا طَافَا وَسَعَيَا فَنَوَيَا بِإِحْرَامِهِمَا ذلك عُمْرَةً مُفْرَدَةً فإذا فَرَغَاهَا وَحَلَّا منها أَحْرَمَا بِالْحَجِّ لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ
وقال ( ه م ش ) وَدَاوُد لَا يَجُوزُ وَلَنَا وَلَهُمْ ما سَبَقَ في أَفْضَلِ الْأَنْسَاكِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة 6 قوله وإن وجب الصوم وشرع فيه ثم وجد هديا لم يلزمه وأجزاه الصوم وإن وجده قبل شروعه فعنه لا يلزمه وعنه يلزمه وأطلقهما في المغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والفائق والزركشي وغيرهما
احداهما يلزمه وهو الصحيح صححه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم قال في القواعد الفقهية هذا المذهب فعلى هذا لو قدر على الشراء بثمن في الذمة وهو موسر في بلده لم يلزمه ذلك بخلاف كفارة الظهار وغيرهما قاله في القواعد
والرواية الثانية يلزمه صححه في التصحيح والنظم ومناسك القاضي موفق الدين وجزم به في الإفادات وتذكرة ابن عبدوس وهو ظاهر ما جزم به بالخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم لأنهم قالوا لَا يلزمه الانتقال بعد الشروع قال في التلخيص وتبعه في القواعد الفقهية ومبنى الخلاف هل الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب أو بأغلظ الأحوال فيه روايتان انتهى قلت الصحيح من المذهب أن الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب كما قدمه المصنف وغيره في كتاب الظهار فعلى هذا البناء أيضا يكون الصحيح ما صححناه أولا والله أعلم وإن سلم هذا البناء كان في إطلاق المصنف الخلاف نظر واضح ولكن ظاهر كلامه عدم البناء
____________________
1-
(3/242)
قالوا { ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } محمد 33 رُدَّ بِالْفَسْخِ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ لَا إبْطَالُهُ من أَصْلِهِ زَادَ الْقَاضِي على أَنَّهُ مَحْمُولٌ على غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا قالوا { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ } البقرة ( ( ( رد ) ) ) 196 الْآيَةَ اخْتَصَّتْ الِابْتِدَاءَ بِهِمَا لَا الْبِنَاءَ قالوا احد النُّسُكَيْنِ كَالْعُمْرَةِ رُدَّ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ ثُمَّ لَا فَائِدَةَ وَهُنَا فَضِيلَةُ التَّمَتُّعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَضِيلَةُ الْإِفْرَادِ إنْ كان قَارِنًا
فَإِنْ قِيلَ يصح وَإِنْ لم يَعْتَقِدْ فِعْلَ الْحَجِّ من علمه ( ( ( عامه ) ) ) قِيلَ مَنَعَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا بُدَّ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ عن عَامِهِ لِيَسْتَفِيدَ فَضِيلَةَ التَّمَتُّعِ وَلِأَنَّهُ على الْفَوْرِ فَلَا يُؤَخِّرُهُ كما لو لم يُحْرِمْ فَكَيْفَ وقد أحرم واختلف كلام القاضي وقد يؤخره كما لو لم يحرم فكيف وقد أَحْرَمَ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي وَقَدَّمَ الصِّحَّةَ لِأَنَّ بِالْفَسْخِ حَصَلَ على صِفَةٍ يَصِحُّ منه التَّمَتُّعُ وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصِيرُ حَجًّا وَالْحَجُّ يَصِيرُ عُمْرَةً لِمَنْ حُصِرَ عن عَرَفَةَ أو فَاتَهُ الْحَجُّ
قالوا لَا يَجُوزُ قبل الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ كَذَا بَعْدَهُ نَقَلَ أبو طَالِبٍ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً اذا طَافَ بِالْبَيْتِ وَلَا يَجْعَلُهَا وهو في الطَّرِيقِ رُدَّ لِأَنَّ هذا الْفَسْخَ لم يَجُزْ في زَمَنِهِ عليه السَّلَامُ لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قال لِأَبِي مُوسَى طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ الْفَسْخُ لِيَصِيرَ مُتَمَتِّعًا فإذا فَسَخَ قبل فِعْلِ الْعُمْرَةِ لم يَحْصُلْ ذلك وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ افْسَخْ وَاسْتَأْنِفْ عُمْرَةً لِأَنَّ الْإِحْرَامَ الْأَوَّلَ تَعَرَّى عن نُسُكٍ كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجُوزُ فَيَنْوِي إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ عُمْرَةً وَخَبَرُ أبي مُوسَى اراد أَنَّ الْحَلَّ يَتَرَتَّبُ على الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ليس فيه الْمَنْعُ من قَلْبِ النِّيَّةِ وَلِهَذَا في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تنبيهان
الأول قال في القواعد فإن قلنا الاعتبار بحال الوجوب صار الصوم أصلا لا بدلا وعلى هذا فهل يجزئه فعل الأصل وهو الهدي المشهور أنه يجزئه وقطع به في الكافي وغيره وحكى القاطي في شرح المذهب عن ابن حامد أنه لا يجزئه
الثاني قوله فإن صام ثلاثة فقط ففي براءة ذمته وجهان انتهى الظاهر أن هذا من تتمة كلام الشافعية
____________________
1-
(3/243)
الصَّحِيحَيْنِ عن عَائِشَةَ قالت نَزَلْنَا بِسَرِفٍ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من لم يَكُنْ معه هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كان معه هَدْيٌ فَلَا وَفِيهِمَا ايضا عنها حتى إذَا دَنَوْنَا من مَكَّةَ أَمَرَ من لم يَكُنْ معه هَدْيٌ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ وَفِيهِمَا
أَيْضًا عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ من ذِي الْحِجَّةِ فَصَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ وقال لَمَّا صلى الصُّبْحَ من شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا وفي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ لو ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لم يَبْعُدْ وَاخْتَارَ ابن حَزْمٍ وُجُوبَهُ وقال هو قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِسْحَاقَ
وفي مُسْلِمٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ من طَافَ حَلَّ وقال سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى اللَّهُ عليه وسلم وابن عَبَّاسٍ إنَّمَا يَرْوِي التَّخْيِيرَ أو الْأَمْرَ بِالْحِلِّ فَالتَّخْيِيرُ كان أَوَّلًا ثُمَّ حَتَّمَهُ عليهم آخِرًا لَمَّا امْتَنَعُوا فَعِلَّةُ الْحَتْمِ زَالَتْ وفي مُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ قال لِعَطَاءٍ من أَيْنَ يقول ذلك يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ قال من قَوْلِ اللَّهِ { ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } قُلْت فإن ذلك بَعْدَ الْمُعَرَّفِ فقال كان ابن عَبَّاسٍ يقول هو بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ كان يَأْخُذُ ذلك من امر رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ إلَّا قبل وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لِعَدَمِ جَوَازِهِ في وَقْتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهِ فَضِيلَةَ التَّمَتُّعِ وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ مِمَّنْ معه هَدْيٌ مِنْهُمَا
وَكَذَا لَا يَحِلُّ مُتَمَتِّعٌ سَاقَ هَدْيًا فَيُحْرِمُ بِالْحَجِّ اذا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قبل تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ فإذا ذَبَحَهُ يوم النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا مَعًا نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم دخل في الْعَشْرِ ولم يَحِلَّ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الْهَدْيُ يَمْنَعُهُ من التَّحَلُّلِ من جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ في الْعَشْرِ ( وه ) وغيره وَنَقَلَ أَيْضًا فِيمَنْ يَعْتَمِرُ قَارِنًا أو مُتَمَتِّعًا وَمَعَهُ هَدْيٌ له أَنْ يُقَصِّرَ من شَعْرِ رَأْسِهِ خَاصَّةً لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ قَصَّرْت من راس النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ مُتَّفَقٌ عليه قال قَيْسُ بن سَعْدٍ الْحَبَشِيُّ وهو الذي خَلَفَ عَطَاءً في مَجْلِسِهِ بِمَكَّةَ في الْفُتْيَا وقد رَوَاهُ عن عَطَاءٍ عن مُعَاوِيَةَ الناس يُنْكِرُونَ هذا على مُعَاوِيَةَ
____________________
(3/244)
وَنَقَلَ يُوسُفُ بن مُوسَى فِيمَنْ قَدِمَ مُتَمَتِّعًا معه هَدْيٌ إنْ قَدِمَ في شَوَّالَ نَحَرَهُ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ وَإِنْ قَدِمَ في الْعَشْرِ لم يَحِلَّ فَقِيلَ له خَبَرُ مُعَاوِيَةَ فقال إنَّمَا حَلَّ بِمِقْدَارِ التَّقْصِيرِ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ بتحلل ( ( ( يتحلل ) ) ) قبل الْعَشْرِ لَا بَعْدَهُ إلَّا بِتَقْصِيرِ الشَّعْرِ قال وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدْيَ لَا يَمْنَعُ التَّحَلُّلَ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْمَقَامُ في الْعَشْرِ لِأَنَّهُ لَا يَطُولُ إحْرَامُهُ وقال مَالِكٌ له التَّحَلُّلُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ
وقال الشَّيْخُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَنْهُ أَيْضًا كَقَوْلِنَا وَجْهُ الْأَوَّلِ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ وَكَامْتِنَاعِهِ في وَقْتِهِ عليه السَّلَامُ وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ احد نَوْعَيْ الْجَمْعِ بين الْإِحْرَامَيْنِ كَالْقِرَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَحَيْثُ صَحَّ الْفَسْخُ لَزِمَهُ دَمٌ نَصَّ عليه
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّمَتُّعِ إنْ اُعْتُبِرَتْ فما حَلَّ حتى نَوَى انه يَحِلُّ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ عن الْقَاضِي لَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِحْرَامُ بِنِيَّةِ الْفَسْخِ قال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ ذلك فَصْلٌ من حَاضَتْ وَهِيَ مُتَمَتِّعَةٌ قبل طَوَافِ الْعُمْرَةِ فَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أو خَافَهُ غَيْرُهَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَصَارَ قَارِنًا نَصَّ عليه ( وم ش ) ولم يَقْضِ طَوَافَ الْقُدُومِ
وقال ( ه ) يَصِيرُ رَافِضًا لِلْعُمْرَةِ قال أَحْمَدُ ما قَالَهُ غَيْرُهُ لِخَبَرِ عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ أنها أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ فَحَاضَتْ فقال عليه السَّلَامُ اُنْقُضِي رَأْسَك وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلَتْ فلما قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي مع عبد الرحمن إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ منه فقال هذه عُمْرَةٌ مَكَانَ عُمْرَتِك لنا ما سَبَقَ في صِفَةِ الْقِرَانِ وَلِأَنَّ إدْخَالَ الْحَجِّ على الْعُمْرَةِ يَجُوزُ من غَيْرِ خسية ( ( ( خشية ) ) ) الْفَوَاتِ فَمَعَهُ أَوْلَى وَخَبَرُ عُرْوَةَ رُوِيَ فيه أَنَّهُ قال : حدثني غَيْرُ وَاحِدٍ فلم يَسْمَعْهُ والأثبات عن عَائِشَةَ بِخِلَافِهِ وَخَبَرُ جَابِرٍ السَّابِقُ وَمُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْضُ نُسُكٍ يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ
____________________
(3/245)
وَيُحْتَمَلُ دَعِي الْعُمْرَةَ وَأَهِلِّي مَعَهَا بِالْحَجِّ أو : دَعِي أَفْعَالَهَا
وَكَذَا عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لو وَقَفَ الْقَارِنُ بِعَرَفَةَ قبل الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَزِمَهُ رَفْضُ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ صَارَ بَانِيًا أَفْعَالَهَا على أَفْعَالِهِ من كل وَجْهٍ وَلِكَرَاهَتِهَا عِنْدَهُمْ في هذه الْأَيَّامِ فَإِنْ رَفَضَهَا لَزِمَهُ دَمٌ لِرَفْضِهَا وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا فَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى في غَيْرِهَا لِاشْتِغَالِهِ باداء بَقِيَّةِ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ دَمُ كَفَّارَةٍ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا وقال بَعْضُهُمْ إذَا حَلَقَ له ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا على ظَاهِرِ ما ذَكَرَهُ في الْأَصْلِ وَقِيلَ بَلَى لِلنَّهْيِ قال الْفَقِيهُ أبو جَعْفَرٍ منهم وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا وَعِنْدَنَا يَجِبُ دَمُ الْقِرَانِ وَتَسْقُطُ عنه الْعُمْرَةُ ونص عليه
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْوُقُوفَ من أَفْعَالِ الْحَجِّ فلم يَتَعَلَّقْ بِهِ رَفْضُ الْعُمْرَةِ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُرْتَفَضُ بِرَفْضِهِ وَلَا يَتَحَلَّلُ بِوَطْءٍ مع تَأَكُّدِهِ فَالْوُقُوفُ أَوْلَى وَلَيْسَ كَإِحْرَامٍ بِحَجَّتَيْنِ لانه لَا يَصِحُّ الْمُضِيُّ فِيهِمَا وَالْوَقْتُ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَهَذَا بِخِلَافِهِ وَسَبَقَ في صِفَةِ الْقِرَانِ إذَا لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وَإِنْ احرم مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى نَفْسَ الْإِحْرَامِ ولم يُعَيِّنْ نُسُكًا صَحَّ ( و ) كَإِحْرَامِهِ بِمِثْلِ إحْرَامِ فُلَانٍ ثُمَّ يَجْعَلُهُ ما شَاءَ نَصَّ عليه ( وه م ) بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قبل النِّيَّةِ كَابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ وقال الْحَنَفِيَّةُ فَإِنْ طَافَ شَوْطًا كان لِلْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فيه فَكَانَ أَهَمَّ وَكَذَا لو أُحْصِرَ أو جَامَعَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَإِنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ كان لِلْحَجِّ كَذَا قالوا
وقال أَحْمَدُ أَيْضًا يَجْعَلُهُ عُمْرَةً كَإِحْرَامِهِ بِمِثْلِ إحْرَامِ فُلَانٍ وَقَالَهُ الْقَاضِي إنْ كان في غيره أَشْهُرِهِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَوْلَى كَابْتِدَاءِ إحْرَامِ الْحَجِّ في غَيْرِهَا على ما سَبَقَ
وقال الشَّافِعِيَّةُ إنْ جَعَلَهُ حَجًّا بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِهِ لم يجزىء في الْأَصَحِّ بِنَاءً على انْعِقَادِهِ عُمْرَةً لَا مُبْهَمًا وفي الرِّعَايَةِ إنْ شَرَطْنَا تَعْيِينَ ما أَحْرَمَ بِهِ بَطَلَ الْمُطْلَقُ
____________________
(3/246)
كَذَا قال وَإِنْ أَبْهَمَ إحْرَامَهُ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ او بمثله صَحَّ لِخَبَرِ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ من الْيَمَنِ فقال له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمَ اهللت قال بِمَا أَهْلَ بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال فأهد وأمكث حَرَامًا وفي خَبَرِ انس أَهْلَلْت بِإِهْلَالٍ كاهلال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَنْ أبي مُوسَى أَنَّهُ أَحْرَمَ كَذَلِكَ قال سُقْت من هَدْيٍ قال لَا قال فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فَإِنْ عَلِمَ انْعَقَدَ بمثله فَإِنْ كان مُطْلَقًا فَكَمَا سَبَقَ فَظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى ما يُصْرَفُ إلَيْهِ كَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا الى ما كان صَرْفُهُ اليه كَأَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لهم وَأَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا احْتِمَالَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ اصحابنا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لَا بِمَا وَقَعَ في نَفْسِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ
وَإِنْ كان إحْرَامُهُ فَاسِدًا فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ لنا وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا نَذَرَ عِبَادَةً فَاسِدَةً هل تَنْعَقِدُ بِصَحِيحَةٍ وَإِنْ جَهِلَهُ فَكَمَنْسِيٍّ على ما يَأْتِي وقال الْحَنَفِيَّةُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ قَارِنًا وَكَذَا عِنْدَنَا إنْ شَكَّ هل احرم ذَكَرَهُ في الْكَافِي وَالْأَشْهَرُ كما لو لم يُحْرِمْ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عِلْم بِأَنَّهُ لم يُحْرِمْ كَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِجَزْمِهِ بِالْإِحْرَامِ بِخِلَافِ إنْ كان مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فلم يَكُنْ مُحْرِمَا
لو قال إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ فَيَتَوَجَّهُ ان لَا يَصِحَّ ( و ) وَلَوْ قال أَحْرَمْت يَوْمًا أو بِنِصْفِ نُسُكٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ أو يَصِحُّ كَالشَّافِعِيَّةِ
وَإِنْ احرم بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ عُمْرَةً نَقَلَهُ أبو دَاوُد كما لو نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَمُرَادُهُمْ له جَعْلُهُ عُمْرَةً لَا تَعْيِينُهَا
وَعَنْهُ ما شَاءَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَحَمَلَ نَصَّ أَحْمَدَ على النَّدْبِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ هل يَجْعَلُهُ ما شَاءَ أو عُمْرَةً على وَجْهَيْنِ فَإِنْ عَيَّنَهُ بِقِرَانٍ صَحَّ حجة وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دَمُ قِرَانٍ احْتِيَاطًا وَقِيلَ وَتَصِحُّ عُمْرَتُهُ بِنَاءً على إدْخَالِ الْعُمْرَةِ على الْحَجِّ لحالجة ( ( ( لحاجة ) ) ) فَيَلْزَمُهُ دَمُ قِرَانٍ
وَإِنْ عَيَّنَهُ بِتَمَتُّعٍ فَكَفَسْخِ حَجٍّ إلَى عُمْرَةٍ وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَيُجْزِئُهُ عنهما وَإِنْ
____________________
(3/247)
كان شَكُّهُ بَعْدَ الطواف ( ( ( طواف ) ) ) الْعُمْرَةِ جَعَلَهُ عُمْرَةً لا متناع إدْخَالِ الْحَجِّ إذْن لِمَنْ لَا هَدْيَ معه فإذا سَعَى وَحَلَقَ فَمَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْوُقُوفِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيُتِمُّهُ وَيُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلْحَلْقِ في غَيْرِ وَقْتِهِ إنْ كان حَاجًّا وَإِلَّا فَدَمُ مُتْعَةٍ
وَإِنْ كان شَكُّهُ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَجَعَلَهُ حَجًّا أو قِرَانًا تَحَلَّلَ بِفِعْلِ الْحَجِّ ولم يُجْزِئْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ لأن يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَنْسِيَّ عُمْرَةٌ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهُ عليها بَعْدَ طَوَافِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَجٌّ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهَا عليه وَلَا دَمَ وَلَا قَضَاءَ لِلشَّكِّ في سَبَبِهِمَا
وقال الشَّافِعِيَّةُ أن أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ قِرَانًا في الْجَدِيدِ فَيُتِمُّهُ وَيُجْزِئُهُ عن الْحَجِّ وَلَا يُجْزِئُهُ عن الْعُمْرَةِ في الْأَصَحِّ إلَّا إنْ جَازَ إدْخَالُهَا على الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ لانه لَا بُدَّ منه فَلَوْ جَعَلَهُ حَجًّا وَأَتَى بِعَمَلِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ جَعَلَ عُمْرَةً وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقِرَانِ أَجْزَأَهُ عنها وإن جَازَ إدْخَالُهَا على الْحَجِّ وَلَوْ لم يَجْعَلْهُ شيئا وَأَتَى بِعَمَلِ الْحَجِّ تَحَلَّلَ ولم يُجْزِئْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَشَكِّهِ فِيمَا أتى بِهِ وَلَوْ اتى بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ لم يَتَحَلَّلْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ولم يُتِمَّ عَمَلَهُ
وَإِنْ عَرَضَ شَكُّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ أَجْزَأَهُ الْحَجُّ ان وَقَفَ ثَانِيًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كان مُعْتَمِرًا فَلَا يُجْزِئُهُ ذلك الْوُقُوفُ عن الْحَجِّ وَإِنْ عَرَضَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ فَنَوَى قَارِنًا وَأَتَى بِعَمَلِهِ لم يُجْزِئْهُ عن حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ
وقال جَمَاعَةٌ منهم يُتِمُّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَمِنْهَا الْحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَأْتِي بِهِ فَيَصِحُّ حجة قال أَكْثَرُهُمْ إنْ فَعَلَ هذا صَحَّ حجة وَلَا نُفْتِيه بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كان مُحْرِمًا بِحَجٍّ وان هذا الْحَلْقَ في غَيْرِ وَقْتِهِ وقال بَعْضُهُمْ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ قالوا وَيَلْزَمُ غير الْمَكِّيِّ دَمٌ عن الْوَاجِبِ عليه وَلَا يُعَيِّنُ جِهَتَهُ لِأَنَّهُ إنْ كان مُعْتَمِرًا فَدَمُ مُتْعَةٍ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَقَ في غَيْرِ وَقْتِهِ فَإِنْ عَجَزَ صَامَ كَمُتَمَتِّعٍ وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ في صِيَامِ ثَلَاثَةٍ فَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ
وَكَذَا إنْ عَرَضَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وفي الْقَدِيمِ يَتَحَرَّى وَيَعْمَلُ بِظَنِّهِ وَالْأَصَحُّ ويجزئه ( ( ( يجزئه ) ) ) وقال الْحَنَفِيَّةُ إنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ أو شَكَّ فيه قبل أَنْ يَأْتِيَ بِفِعْلٍ من أَفْعَالِهِ وَتَحَرَّى فلم يَظْهَرَ له لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ قَارِنًا احْتِيَاطًا
____________________
(3/248)
فَصْلٌ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أو عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَ بِوَاحِدَةٍ ( وم ش ) لِأَنَّ الزَّمَانَ يَصْلُحُ لِوَاحِدَةٍ فَيَصِحُّ بِهِ كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَدَلَّ على خِلَافٍ هُنَا كاصله وهو مُتَوَجِّهٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا كَبَقِيَّةِ افعالهما وَكَنَذْرِهِمَا في عَامٍ وَاحِدٍ تَجِبُ إحْدَاهُمَا ولم تَجِبْ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَكَنِيَّةِ صَوْمَيْنِ في يَوْمٍ وَإِنْ احرم بِصَلَاتَيْ نَفْلٍ او أحداهما قَالَهُ في الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ مُطْلَقًا انْعَقَدَ بِالنَّافِلَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ وقال أبو حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ بِالنُّسُكَيْنِ وَيَقْضِي وَاحِدَةً فَلَوْ أَفْسَدَهُ قَضَاهُمَا
عِنْدَهُ وقال دَاوُد لَا يَنْعَقِدُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ من عَمِلَ عَمَلًا ليس عليه أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وهو مَنْهِيٌّ عنه وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بحمله ( ( ( يحمله ) ) ) على غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا قال الْحَنَفِيَّةُ من أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ يوم النَّحْرِ باخرى لَزِمَتَاهُ فَإِنْ حَلَقَ في الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عليه وَإِلَّا لَزِمَهُ عِنْدَ ابي حَنِيفَةَ قَصَّرَ او لم يُقَصِّرْ
وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ إنْ لم يُقَصِّرْ فَلَا شَيْءَ عليه لِأَنَّ الْجَمْعَ بين إحْرَامَيْ الْحَجِّ بِدْعَةٍ كَالْجَمْعِ بين إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ فإذا حَلَقَ فَهُوَ أَوْلَى إنْ كان نُسُكًا في الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ جِنَايَةٌ على الثَّانِي وَلِأَنَّهُ في غَيْرِ أَوَانِهِ وَإِنْ لم يَحْلِقْ حق حَجَّ في الْعَامِ الْقَابِلِ فَقَدْ أَخَّرَ الْحَلْقَ عن وَقْتِهِ في الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا
قال الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ فَرَغَ من عُمْرَتِهِ إلَّا التَّقْصِيرَ فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِحْرَامِهِ قبل الْوَقْتِ لِأَنَّهُ جَمَعَ بين إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ وَهَذَا مَكْرُوهٌ قالوا فَلَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ او عُمْرَةٍ فَقَدْ جَمَعَ بين الْعُمْرَتَيْنِ من حَيْثُ الْأَفْعَالُ وَبَيْنَ الْحَجَّتَيْنِ أحراما فَعَلَيْهِ ان يَرْفُضَهَا كما لو احرم بِهِمَا مَعًا وَيَقْضِيهَا لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فيها وَدَمٌ لِرَفْضِهَا بِتَحَلُّلِهِ قبل أَوَانِهِ بِنَاءً على أَصْلِهِمْ أَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ بتحلل ( ( ( يتحلل ) ) ) بِأَفْعَالِهَا من غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ إحْرَامُهُ إحْرَامَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ أَهَلَّ لِعَامَيْنِ فذكر أبو بَكْرٍ رِوَايَةَ ابي طَالِبٍ إذَا قال لَبَّيْكَ الْعَامَ وَعَامَ قَابِلٍ فإن عَطَاءً يقول يَحُجُّ الْعَامَ وَيَعْتَمِرُ قَابِلَ وَإِنْ أَحْرَمَ عن اثْنَيْنِ وَقَعَ عن نَفْسِهِ ( و )
____________________
(3/249)
لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عنهما وَلَا أَوْلَوِيَّةَ وَكَإِحْرَامِهِ عن زَيْدٍ وَنَفْسِهِ وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ عن احدهما لَا بِعَيْنِهِ لِأَمْرِهِ بِالتَّعْيِينِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ له جَعْلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ لِصِحَّتِهِ بِمَجْهُولٍ فَصَحَّ عنه
قال الْحَنَفِيَّةُ هو الِاسْتِحْسَانُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ وَسِيلَةٌ إلَى مَقْصُودٍ وَالْمُبْهَمُ يَصْلُحُ وَسِيلَةً بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ فَاكْتُفِيَ بِهِ شَرْطًا فَلَوْ طَافَ شَوْطًا او سَعَى او وَقَفَ بِعَرَفَةَ قبل جَعْلِهِ تَعَيَّنَ على نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ فَسْخٌ وَلَا يَقَعُ عن غَيْرِ مُعَيَّنٍ
وَعَنْهُ يَبْطُلْ احرامه كَذَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَضْمَنُ وَيُؤَدَّبُ من اخذ من اثْنَيْنِ حَجَّتَيْنِ لِيَحُجَّ عنهما في عَامٍ لِفِعْلِهِ مُحَرَّمًا نَصَّ عليه فَإِنْ اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ في عَامٍ في نُسُكٍ فَأَحْرَمَ عن أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهُ فَإِنْ فَرَّطَ اعاد الْحَجَّ عنهما
وَإِنْ فَرَّطَ الْمُوصَى اليه بِذَلِكَ غَرِمَ ذلك وَإِلَّا فَمِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِيَيْنِ إنْ كان النَّائِبُ غير مستاجر لِذَلِكَ والا لَزِمَاهُ وَإِنْ أَحْرَمَ عن أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ولم يَنْسَهُ صَحَّ ولم يَصِحَّ إحْرَامُهُ لِلْآخَرِ بَعْدَهُ نَصَّ عليه وَظَاهِرُ ما سَبَقَ فِيمَنْ اهل بِحَجَّةٍ عن ابويه
وقال الْحَنَفِيَّةُ من أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عنهما أَجْزَأَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا عن أَحَدِهِمَا لَا من حَجَّ عن غَيْرِهِ بِغَيْرِ امره فَإِنَّمَا يَجْعَلُ ثَوَابَ حجة له ولذلك ( ( ( وذلك ) ) ) بَعْدَ أَدَاءِ الْحَجِّ فَلَغَتْ نِيَّتَهُ قبل أَدَائِهِ وَصَحَّ جَعْلُهُ ثَوَابَهُ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ كَذَا قالوا وَسَبَقَ آخِرَ الْمَنَاسِكِ في فضل ( ( ( فصل ) ) ) الِاسْتِنَابَةِ عن الْمَعْضُوبِ فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ لَا تَجِبُ وَسَبَقَ اول الْبَابِ وَتُسْتَحَبُّ عقبة ( ( ( عقب ) ) ) إحْرَامِهِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِمَا سَبَقَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إذَا رَكِبَ وَالْمُرَادُ وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً لِأَنَّهُ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث ابْنِ عُمَرَ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ من حديث جَابِرٍ وَأَنَسٍ أَهَلَّ وَنَقَلَ حَرْبٌ يُلَبِّي مَتَى شَاءَ سَاعَةَ يُسْلِمُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هِيَ كَالْإِحْرَامِ
وَصِفَتُهَا في الصَّحِيحَيْنِ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لاشريك قال الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) وَالْقُرْطُبِيُّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ على هذه التَّلْبِيَةِ وَيَقُولُ لَبَّيْكَ إنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ
____________________
(3/250)
قال شَيْخُنَا هو افضل عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ فإنه حُكِيَ عن مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَحَكَى الْفَتْحُ عن ابي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ
قال ثَعْلَبٌ من كَسَرَ فَقَدْ عَمَّ يَعْنِي حَمِدَ الله ( ( ( لله ) ) ) على كل حَالٍ قال وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ خَصَّ أَيْ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَك أَيْ لِهَذَا السَّبَبِ
وَلَبَّيْكَ لَفْظُهُ مُثَنَّى وَلَيْسَ بِمُثَنًّى لأن لَا وَاحِدَ له من لَفْظِهِ ولم يَقْصِدْ بِهِ التَّثْنِيَةَ بَلْ لِلتَّكْثِيرِ وَالتَّلْبِيَةُ من لَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ بِهِ أَيْ أنا مُقِيمٌ على طَاعَتِك إقامه بَعْدَ اقامة كما قالوا حناينك ( ( ( حنانيك ) ) ) وحنانيك وَنَحْوَهُ وَالْحَنَانُ الرَّحْمَةُ وَعِنْدَ يُونُسَ لَفْظُهَا مُفْرَدٌ وَالْيَاءُ فيها كالباء ( ( ( كالياء ) ) ) وفي عَلَيْك واليك وَلَدَيْك فلبت ( ( ( قلبت ) ) ) الْبَاءُ الثَّالِثَةُ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِثَلَاثِ ياءات ( ( ( باءات ) ) ) ثُمَّ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ ما قَبْلَهَا ثُمَّ يَاءً لِإِضَافَتِهَا إلَى مُضْمَرٍ كما في لَدَيْكَ وَرَدَّهُ سِيبَوَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ % فلبى يَدَيْ مِسْوَرٍ %
بِالْيَاءِ دُونَ الْأَلِفِ مع إضَافَتِهِ إلَى الظَّاهِرِ وَهِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ وَالدَّاعِي قِيلَ هو اللَّهُ وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عليها وَلَا يُكْرَهُ نَصَّ عليه ( وم ش ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان لَا يَزِيدُ على ذلك وزاد ابن عُمَرَ في آخِرِهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ في يَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ متفق عليه وزاد عُمَرُ ما زَادَهُ ابْنُهُ مُتَّفَقٌ عليه وَعَنْهُ أَيْضًا لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا وَمَرْهُوبًا إلَيْك
رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وابن الْمُنْذِرِ وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد من حديث جَابِرٍ كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ في التَّلْبِيَةِ هِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ وَالدَّاعِي قِيلَ هو اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا من اللَّهِ أَفْضَلُ السلام انْتَهَى قُلْت أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ على أَنَّهُ إبْرَاهِيمُ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ من أَهْلِ التَّفْسِيرِ
____________________
1-
(3/251)
والناس ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا ولزم تلبيته وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته لبيك إله الحق لبيك حديث حسن رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم وفي الإفصاح لأبن هبيرة تكره الزيادة وقيل له الزيادة بعدها لا فيها وللبخاري التلبية من حديث عائشة كابن عمر وليس فيه والملك لا شريك لك
وقد نقل المروذي كان في حديث ابن عمر والملك لا شريك لك فتركه لأن الناس تركوه وليس في حديث عائشة واستحب الشافعية إذا رأى ما يعجبه لبيك إن العيش عيش الآخرة لرواية الشافعي عن مجاهد مرسلا تلبية ابن عمر حتى إذا كان ذات يوم والناس ينصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيه ذلك وكذا ذكر الآجري إذا رأى ما يعجبه قال اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
ويستحب أن يلبي عن أخرس ومريض نقله ابن إبراهيم قال جماعة وجنون وإغماء زاد بعضهم ونوم وقد ذكر أن إشارة الأخرس المفهومة كنطقه وتتأكد التلبية إذا علا نشزا أو هبط واديا أو لقي رفقة أو سمع ملبيا وعقيب مكتوبة أو أتى محظورا ناسيا وأول الليل والنهار أو ركب زاد في الرعاية أو نزل وقاله الشافعية ولم يقيدوا الصلاة بمكتوبة قال النخعي كانوا يستحبون التلبيسة دبر الصلاة المكتوبة وأذا هبط واديا أو علا نشزا او لقي راكبا أو استوت به راحلته وعن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبي في حجته كذلك ولم يذكر إذا استوت به راحلته وزاد ومن آخر الليل وعند مالك لا يلبي عند لقاء الرفقة وفي المستوعب يستحب عند تنقل الأحوال به وذكر كما سبق وزاد وإذا راى البيت
ويستحب رفع صوته بها لخبر السائب بن خلاد أتاني جبريل عليه السلام
____________________
(3/252)
فأمرني أن آمر اصحابي ان يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية أسانيده جيدة رواه الخمسة وصححه الترمذي ولأحمد من رواية ابن اسحاق أن جبريل قال له كن عجاجا ثجاجا والعج التلبية والثج نحر البدن وعن ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج افضل قال الحج والثج عبد الرحمن تفرد عنه ابن المنكدر قال الترمذي ولم يسمع منه وقال حديث غريب ومن رواه على غير ذلك فقد أخطأ عند أحمد والبخاري والترمذي وقال أحمد وابن معين في رواية مهنا أصل الحديث معروف ويختلفون في إسناده
وكره مالك إظهارها في غير المساجد حكاه بعضهم وذكر ابن هبيرة أنهم اتفقوا على أن إظهارها مسنون في الصحارى ولا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصارها ( ه ) ذكره الأصحاب والمنقول عن أحمد إذا احرم في مصره لا يعجبني ان يلبي حتى يبرز لقول ابن عباس لمن سمعه يلبي بالمدينة إن هذا المجنون إنما التلبية إذا برزت
واحتج القاضي وأصحابه بأن إخفاء التطوع أولى خوف الرياء على من لا يشارك في تلك العبادة بخلاف البراري وعرفات والحرم ومكة واحتج الشيخ
____________________
(3/253)
بكراهة رفع الصوت في المسجد وجديد قولي الشافعي كما سبق عن أبي حنيفة وجمهور أصحابه ان الخلاف في أصل التلبية فإن استحبت استحب إظهارها وإلا فلا وبعضهم في إظهارها وأنه إن لم يستحب ففي المساجد الثلاث وجهان وذكر ابن هبيرة عن مالك وأحمد كقولنا
وعند شيخنا لا يلبي بوقوفه بعرفة ومزدلفة لعدم نقله كذا قال وكانت عائشة تتركها إذا راحت إلى الموقف وعن جعفر بن محمد أن عليا كان يقطعها إذا زاغت الشمس من يوم عرفة رواهما مالك ويأتي متى يقطعها
والإكثار منها لخبر سهل بن سعد ما من مسلم يلبي إلا لبى من عن يمينه وعن شماله من حجر أو شجر او مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وهنا رواه ابن ماجة من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهو ضعيف عنهم وكذا الترمذي رواه أيضا بإسناد جيد وعن جابر مرفوعا ما من محرم يضحي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه إسناده ضعيف رواه أحمد وابن ماجة
والدعاء بعدها ( م ) لخبر خزيمة إنه كان يسأل الله رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار إسناده ضعيف رواه الشافعي والدارقطني
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها ( م ) لقول القاسم ابن محمد كان يستحب ذلك فيه صالح بن محمد بن زائدة قواه أحمد وضعفه الجماعة رواه الدارقطني ولأنه يشرع فيه ذكر الله كصلاة وأذان
ولا يستحب تكرار التلبية في حالة واحدة قاله أحمد وقاله في المستوعب وغيره وقال له الأثرم ماشيء يفعله العامة يكبرون دبر الصلاة ثلاثا فتبسم وقال لا أدري من اين جاءوا به قلت أليس بجزئه مرة قال بلى لأن المروي
____________________
(3/254)
التلبية مطلقا واستحبه في الخلاف لتلبسه بالعبادة
وقال الشيخ حسن فإن الله وتر يحب الوتر وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سال سال ثلاثا رواه مسلم ولأحمد وأبي داود أنه كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا وللبخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وفي الرعاية يكره تكرارها في حالة واحدة كذا قال
وتسن نسقا ومثلها التكبير دبر الصلاة في الأضحى والتشريق ذكره الشيخ ويعتبر أن تسمع امرأة نفسها بها ( و ) والسنة أن لا ترفع صوتها حكاه ابن عبد البر ( ع ) ويكره جهرها أكثر من قدر سماع رفيقها خوف الفتنة ( وش ) ومنعها في الواضح ومن أذان أيضا وعلى قولنا صوتها عورة تمنع كبعض الشافعية وظاهر كلام بعض أصحابنا تقتصر على إسماع نفسها وهو متجه ( وش ) وفي كلام أبي الخطاب والشيخ والمستوعب وجماعة لا ترفع لا بقدر ما تسمع رفيقتها
ولا تشرع إلا بالعربية إن قدر كأذان وذكر صلاة ولم يجوز أبو المعالي الأذان بغير العربية إلا لنفسه مع عجزه وَهَلْ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ نُسُكِهِ فيها فيه وَجْهَانِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَارِنِ ذِكْرُ الْعُمْرَةِ قبل الحج ( ( ( الحجة ) ) ) نُصَّ عليه لِقَوْلِ أَنَسٍ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال : ( مسالة 8 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ نُسُكِهِ فيها - يَعْنِي في التَّلْبِيَةِ - فيه وَجْهَانِ انْتَهَى ( أَحَدُهُمَا ) يُسْتَحَبُّ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الجه ( الثَّانِي ) : لَا يُسْتَحَبُّ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ( قُلْت ) : وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
____________________
(3/255)
لبيك عمرة وحجا متفق عليه وذكر الآجري الحجة قبل العمرة وأنه يذكر نسكه فيها أول مرة
وَيَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ اول حَصَاةٍ من جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قال أَحْمَدُ يُلَبِّي حتى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بقطع ( ( ( يقطع ) ) ) عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُسَامَةَ كان رِدْفَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ اردف الْفَضْلَ من مُزْدَلِفَةَ الى مِنًى فَكِلَاهُمَا قال لم يَزَلْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُلَبِّي حتى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلِلنَّسَائِيِّ فلما رَمَى قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَرَوَاهُ حَنْبَلٌ قَطَعَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ وكان ابن عَبَّاسٍ بِعَرَفَةَ فقال مَالِي لَا أَسْمَعُ الناس يُلَبُّونَ فقال سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ يَخَافُونَ من السُّنَّةَ عن بُغْضِ عَلِيٍّ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِيهِ خَالِدُ بن مَخْلَدٍ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ شِيعِيٌّ له مَنَاكِيرُ وَلَبَّى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمُزْدَلِفَةَ قَالَهُ ابن مَسْعُودٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَبَّى من مِنًى الى عَرَفَةَ فَقِيلَ له ليس يوم تَلْبِيَةٍ بَلْ يَوْمُ تَكْبِيرٍ فقال أَجَهِلَ الناس أَمْ نَسُوا خَرَجْت مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فما تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حتى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَهَا تَكْبِيرٌ أو تَهْلِيلٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِشُرُوعِهِ في الرَّمْيِ فَيَقْطَعُهَا كَالْمُعْتَمِرِ بِشُرُوعِهِ في الطَّوَافِ بِخِلَافِ ما قَبْلَهُ
وَأَصَحُّ رِوَايَتَيْ مَالِكٍ يَقْطَعُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ من يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَا سَبَقَ في إظْهَارِهَا وَلِمَالِكٍ عن نَافِعٍ كان ابن عُمَرَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ في الْحَجِّ إذَا انْتَهَى إلَى الْحَرَمِ حتى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَسْعَى ثُمَّ يُلَبِّيَ حتى يَغْدُوَ من مِنًى إلَى عَرَفَةَ فإذا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ وكان يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ في الْعُمْرَةِ يداخل ( ( ( حين ) ) ) الْحَرَمَ
وَيَقْطَعُهَا الْمُعْتَمِرُ بِشُرُوعِهِ في الطَّوَافِ نَصَّ عليه وهو مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ خِلَافًا لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
____________________
(3/256)
عن ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُ الحديث أَنَّهُ كان يُمْسِكُ عن التَّلْبِيَةِ في الْعُمْرَةِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وقال ابن عَبَّاسٍ يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حتى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد مَرْفُوعًا من رِوَايَةِ ابْنِ أبي لَيْلَى وهو ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ قَبْلَهُ فَلَا يَقْطَعُهَا كما قبل مَحَلِّ النِّزَاعِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَقْطَعُ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ إنْ أَحْرَمَ من الْمِيقَاتِ وَإِنْ أَحْرَمَ من أَدْنَى الْحِلِّ فإذا رَأَى الْبَيْتَ
وقال الْخِرَقِيُّ يَقْطَعُهَا إذَا وَصَلَ الْبَيْتَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْ أَحْمَدَ بِرُؤْيَتِهِ وَحَمْلًا على الْأَوَّلِ ولابأس بها في طَوَافِ الْقُدُومِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ لِمَا سَبَقَ وَلِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَلَا دَلِيلَ لِلْكَرَاهَةِ
وَحَكَى الشَّيْخُ عن أبي الْخَطَّابِ لَا يُلَبِّي لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرٍ يَخُصُّهُ قال ابن عيينه ما راينا أَحَدًا يقتدى بِهِ يلبى حَوْلَ الْبَيْتِ إلَّا عَطَاءُ بن السَّائِبِ وهو جَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَالْقَدِيمُ يُسْتَحَبُّ قال الْأَصْحَابُ لَا يُظْهِرُهَا ( ف و ) فيه وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لَا يُسْتَحَبُّ
وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي يُكْرَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قال لِئَلَّا يُشَوِّشَ على الطَّائِفِينَ وفي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ يُسَنُّ وَالسَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ يَتَوَجَّهُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ وهو مُرَادُ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ ( وش ) تَبَعٌ له وَلَا بَأْسَ أَنْ يلبى الْحَلَالُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ( وه ش ) كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُكْرَهُ ( وم ) لعمد ( ( ( لعدم ) ) ) نَقْلِهِ وَلَوْ صَحَّ اعْتِبَارُهَا بِسَائِرِ الْأَذْكَارِ كانت مُسْتَحَبَّةً وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْكَلَامَ في أَثْنَائِهَا وَمُخَاطَبَتَهُ حتى بِسَلَامٍ وَرَدَّهُ منه كَأَذَانٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
____________________
(3/257)
باب محظورات الإحرام وكفاراتها وما يتعلق بذلك
وَهِيَ تِسْعٌ
إزَالَةُ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ او قَطْعٍ او نَتْفٍ او غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ يَتَضَرَّرُ بِإِبْقَاءِ الشَّعْرِ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَلَا تَحْلِقُوا رؤوسكم ( ( ( رءوسكم ) ) ) حتى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كان مِنْكُمْ مَرِيضًا أو بِهِ أَذًى من رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ من صِيَامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ } البقرة 196 - وقال كَعْبُ بن عُجْرَةَ كان بِي أَذًى من رَأْسِي فَحُمِلْت إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ على وَجْهِي فقال ما كنت ارى الْجَهْدَ قد بَلَغَ بِك ما أَرَى أَتَجِدُ شَاةً قلت لَا فَنَزَلَتْ الْآيَةُ { فَفِدْيَةٌ من صِيَامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ } البقرة 196 -
قال هو صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أو اطعام سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُتَّفَقٌ عليه ومسلم ( ( ( ولمسلم ) ) ) أتى على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ فقال كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيك فقلت أَجَلْ فقال فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً أو صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أو تَصَدَّقْ بثلاث ( ( ( بثلاثة ) ) ) آصُعٍ من تَمْرٍ بين سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَالْفِدْيَةُ في ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَصَرَهُ هو وَأَصْحَابُهُ نَصَّ عليه ( وش ) لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ وَاعْتُبِرَتْ في مَوَاضِعَ كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ وما يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى وَعَنْهُ في أَرْبَعٍ نقله ( ( ( نقلها ) ) ) جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ كَثِيرٌ
وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى رِوَايَةً في خَمْسٍ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَلَا وَجْهَ لها وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ في رُبْعِ الرَّأْسِ وَكَذَا في الرَّقَبَةِ كُلِّهَا أو الْإِبْطِ الْوَاحِدِ أو الْعَانَةِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وقال صَاحِبَاهُ إذَا حَلَقَ عُضْوًا لَزِمَهُ دَمٌ وَإِنْ كان أَقَلَّ فطام ( ( ( فطعام ) ) ) أَيْ الصَّدْرُ وَالسَّاقُ وَشِبْهُهُ
وَإِنْ أَخَذَ من شَارِبِهِ نُسِبَ فَيَجِبُ في رُبْعِهِ قِيمَةُ رُبْعِ دَمٍ وَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ لَزِمَهُ دَمٌ وَقَالَا صَدَقَةٌ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى
____________________
(3/258)
وَيَتَوَجَّهُ بمثله احْتِمَالٌ
وَالْفِدْيَةُ دَمٌ أو إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مدبر في رِوَايَةٍ وَهِيَ أَشْهَرُ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وفي رِوَايَةٍ نِصْفُ صَاعٍ ( وم ش ) كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ ليس بِمَنْصُوصٍ عليه فَيُعْتَبَرُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا كَالشَّعِيرِ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ من الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ وَمِنْ غير صَاعٌ
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا يجزىء خُبْزٌ رِطْلَانِ عِرَاقِيَّةً وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِأَدَمٍ وَإِنَّ مِمَّا ياكله أَفْضَلُ من بُرٍّ وَشَعِيرٍ
قال أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ أو صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ يَصُومُ ثَلَاثَةً في الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ
وقال الْحَسَنُ وَنَافِعٌ وَعِكْرِمَةُ يَصُومُ عَشَرَةً وَالصَّدَقَةُ على عَشَرَةٍ كَذَا قالوا وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ في التَّخْيِيرِ نَقَلَ جَعْفَرٌ وَغَيْرُهُ كُلُّ ما في الْقُرْآنِ أو فَهُوَ مُخَيَّرٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَعْذُورِ وَالتَّبَعُ لَا يُخَالِفُ أَصْلَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ خُيِّرَ فيها لِعُذْرٍ خُيِّرَ بِدُونِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ ولم يُخَيِّرْ اللَّهُ بِشَرْطِ الْعُذْرِ بَلْ الشَّرْطُ لِجَوَازِ الْحَلْقِ
وَعَنْهُ من غَيْرِ عُذْرٍ يَتَعَيَّنُ الدَّمُ فإنه عَدِمَهُ أَطْعَمَ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ دَمٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْظُورٍ يَخْتَصُّ الْإِحْرَامَ كَدَمٍ يَجِبُ بِتَرْكِ رَمْيٍ وَمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ وَلَهُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ على الْحَلْقِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وفي كل شَعْرَةٍ إطْعَامُ مِسْكِينٍ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَالْفِدْيَةُ يَعْنِي في حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمِ الأظافر ( ( ( الأظفار ) ) ) دَمٌ أو إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مدبر في رِوَايَةٍ وَهِيَ أَشْهَرُ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وفي رِوَايَةٍ نِصْفُ صَاعٍ انْتَهَى الصحيح ( ( ( والصحيح ) ) ) من الْمَذْهَبِ هو الْأَوَّلُ وهو أَشْهَرُ كما قال الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَزَمَ بها في الْكَافِي وَأَطْلَقَهَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
1-
(3/259)
لأنه أقل ما وجب شرعا فدية وعنه قبضة طعام لأنه لا تقدير فيه فدل أن المراد يتصدق بشيء
وعنه درهم وعنه نصفه وعنه درهم أو نصفه ذكرها أصحاب القاضي وخرجها هو من ليالي منى وعند الحنفية كالأول وفي كلامهم ايضا عليه صدقة وعن مالك مثله وعنه أيضا لا ضمان فيما لم يمط به الأذى
وعن الشافعي درهم وعنه إطعام مسكين وعنه درهم ويتوجه تخريج كقوله الأول لأن ما ضمنت به الجملة ضمن بعضه بنسبته كصيد وبعض شعر كهي لأنه غير مقدر بمساحة بل كموضحة يستوي صغيرها وكبيرها وخرج ابن عقيل وجها بنسبته كأنملة أصبع وشعر البدن كالرأس في الفدية خلافا لدواد لحصول الترفه به بل أولى لأن الحاجة لا تدعو إليه
وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ لانه جِنْسٌ وَاحِدٌ كَسَائِرِ الْبَدَنِ وَكَلُبْسِهِ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ وفي رِوَايَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّهُمَا كَجِنْسَيْنِ لِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِالرَّأْسِ فَقَطْ فَهُوَ كَحَلْقٍ وَلُبْسٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ لَبِسَ أو تَطَيَّبَ في رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ فَالرِّوَايَتَانِ وَنَصُّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم ابو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وفي رِوَايَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا أَنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْهَادِي وَالْمُنَوِّرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ اخْتَارَهَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ وابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وقال بِنِيَّتِهَا على الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
1-
(3/260)
وجزم به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم لأن الحلق إتلاف فهو اكد والنسك يختص بالرأس وذكر ابن أبي موسى الروايتين في اللبس
وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أو حَلَالٌ راس مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ على الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ وَلَا شَيْءَ على الْحَالِقِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ مع عِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ وعند أبي حَنِيفَةَ عليه صَدَقَةٌ
وفي الْفُصُولِ احْتِمَالُ الضَّمَانِ عليه كَشَعْرِ الصَّيْدِ كَذَا قال وَإِنْ سَكَتَ لم يَنْهَهُ فَقِيلَ على الْحَالِقِ كإتلاف ( ( ( كإتلافه ) ) ) مَالَهُ وهو سَاكِتٌ وَقِيلَ على الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ وَإِنْ حَلَقَهُ مُكْرَهًا أو نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ على الْحَالِقِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ أَزَالَ ما مُنِعَ منه كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ من الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ كَإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ بيده وَقِيلَ على الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ وَلِلشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ وفي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ الْقَرَارُ على الْحَالِقِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا فِدْيَةَ على أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ
وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فَهَدَرٌ نَصَّ عليه لِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ وفي الْفُصُولِ إحتمال لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْآدَمِيِّ كَالْحَرَمِ لِلصَّيْدِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَمَنْ طَيَّبَ غير وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أو أَلْبَسَهُ فَكَالْحَلْقِ
وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ أَزَالَ ما نَزَلَ أو خَرَجَ فيها أَزَالَهُ وَلَا شَيْءَ عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أو حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ على الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ وَلَا شَيْءَ على الْحَالِقِ وَإِنْ سَكَتَ ولم يَنْهَهُ فَقِيلَ على الْحَالِقِ كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وهو سَاكِتٌ وَقِيلَ على الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في المتسوعب وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا الْفِدْيَةُ على الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ فإنه قال وَإِنْ حَلَقَ مُكْرَهٌ فَدَى الْحَالِقُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْفِدْيَةُ على الْحَالِقِ قال الْآدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَإِنْ حَلَقَ بِلَا إذْنِهِ فَدَى الْحَالِقُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُقْنِعِ
____________________
1-
(3/261)
كقتل صيد صائل او قطع جلد أشعر أو افتصد فزال لأن التابع لا يضمن كقلع أشفار عين لم يضمن هدبها أو حجم أو احتجم ولم يقطع شعرا ويتوجه في الفصد احتمال مثله
وقال في الْمُبْهِجِ إنْ أَزَالَ شَعْرَ الْأَنْفِ لم يَلْزَمْهُ دَمٌ لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ كَذَا قال وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ وَإِنْ حَصَلَ أَذًى من غَيْرِ الشَّعْرِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَقُرُوحٍ وَصُدَاعٍ أَزَالَهُ وَفَدَى كَأَكْلِ صَيْدٍ لِضَرُورَةٍ وَلَهُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ بِقَطْعِهِ بِلَا تَعَمُّدٍ نَقَلَهُ ابن إبْرَاهِيمَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ انه بَانَ بِمُشْطٍ أو تَخْلِيلٍ فَدَى
قال أَحْمَدُ وَإِنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ إنْ كان شعر ( ( ( شعرا ) ) ) مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ وَتُسْتَحَبُّ الْفِدْيَةُ مع شَكِّهِ
وفي الْفُصُولِ إنْ شَكَّ في عَدَدِ بَيْضِ صَيْدٍ احْتَاطَ كَشَكِّهِ في عَدَدِ صَلَوَاتٍ تَرَكَهَا وَلَهُ حَكُّ رَأْسِهِ وَيَدَيْهِ بِرِفْقٍ نَصَّ عليه ما لم يَقْطَعْ شَعْرًا وَقِيلَ غَيْرُ الْجُنُبِ لَا يُخَلِّلُهُمَا بِيَدَيْهِ وَلَا يَحُكُّهُمَا بِمُشْطٍ أو ظُفْرٍ وَلَهُ غُسْلُهُ في حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ روى عن عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم غَسَلَ رَأْسَهُ وهو مُحْرِمٌ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وأدبر وَأَدْبَرَ مُتَّفَقٌ عليه من حديث أبي أَيُّوبَ وَاغْتَسَلَ عُمَرُ وقال لَا يَزِيدُ الْمَاءُ الشَّعْرَ إلَّا شُعْثًا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال لي عُمَرُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ بِالْجُحْفَةِ تَعَالَ أبا قيك أَيُّنَا أَطْوَلُ نفسها ( ( ( نفسا ) ) ) في الْمَاءِ رَوَاهُ سَعِيدٌ
وَكَرِهَ مَالِكٌ غَطْسَهُ في الْمَاءِ وَتَغْيِيبَ رَأْسِهِ فيه وَالْكَرَاهَةُ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَيَتَوَجَّهُ قَوْلُ تَرْكُهُ أَوْلَى أو الْجَزْمُ بِهِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ إلَّا من احْتِلَامٍ رَوَاهُ مَالِكٌ وقال ابن عَبَّاسٍ لَا يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
____________________
(3/262)
وَلِلشَّافِعِيِّ عنه أَنَّهُ دخل حَمَّامًا بِالْجُحْفَةِ وقال ما يَعْبَأُ اللَّهُ بِأَوْسَاخِنَا وَيُحْمَلُ هذا وما سَبَقَ على الْحَاجَةِ أو أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مع أَنَّهُ مُزِيلٌ لِلشُّعْثِ وَالْغُبَارِ مع الْجَزْمِ بِالنَّهْيِ عن النَّظَرِ في الْمِرْآةِ لِإِزَالَةِ شُعْثٍ وَغُبَارٍ فيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ مع أَنَّ الْحُجَّةَ اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا وَهِيَ هُنَا فَيَتَوَجَّهُ من عَدَمِ النَّهْيِ هُنَا عَدَمُهُ هُنَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِزَوَالِ الْغُسْلِ من الشُّعْثِ وَالْغُبَارِ ما لَا يُزِيلُ النَّظَرُ في الْمِرْآةِ وَاحْتِمَالُهُ إزَالَةَ الشَّعْرِ كما سياتي فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ من الْكَرَاهَةِ هُنَاكَ الْقَوْلُ بها هُنَا
وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أو خِطْمِيٍّ وَنَحْوِهِمَا جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاحْتَجَّ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد في الْمُحْرِمِ الذي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَحَكَاهُ عن لِتَعَرُّضِهِ لَقَطْعِ الشَّعْرِ وَكَرِهَهُ جَابِرٌ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بان الْقَصْدَ منه النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ كَالْأُشْنَانِ وَالْمَاءِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَسْتَلِذُّ رَائِحَتَهُ ثُمَّ يَبْطُلَ بِالْفَاكِهَةِ وَالدُّهْنِ يَقْصِدُ بِهِ التَّرْجِيلَ وَإِزَالَةَ الشُّعْثِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ عن أَحْمَدَ انه كَرِهَ الْمَحْلَبَ وَالْأُشْنَانَ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَيَفْدِي نَقَلَ صَالِحٌ قد رَجَّلَ شَعْرَهُ وَلَعَلَّهُ يَقْطَعُهُ من الْغَسْلِ وقال أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عليه صَدَقَةٌ كَذَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أو خِطْمِيٍّ ونحوهما جَازَ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ انْتَهَى الصَّحِيحُ ما قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشارح وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ قلت وهو قَوِيٌّ إذَا خَافَ من قَطْعِ الشَّعْرِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ قلت وَهِيَ ضَعِيفَةٌ
____________________
1-
(3/263)
وفي الْفِدْيَةِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ هُمَا في تَحْرِيمِهِ فَإِنْ حَرُمَ فَدَى وَإِلَّا فَلَا
وقال شيخنا فيمن احتاج وقطعه ( ( ( غسل ) ) ) لحجامة ( ( ( رأسه ) ) ) أو غسل ( ( ( الجواز ) ) ) ولم يضره ( ( ( فدية ) ) ) كذا قال
وَيَحْرُمُ أَنْ يَتَفَلَّى الْمُحْرِمُ أو يَقْتُلَ قَمْلًا بِزِئْبَقٍ أو غَيْرِهِ أو صبئانا ( ( ( صئبانا ) ) ) لِأَنَّهُ بَيْضُهُ لِتَرَفُّهِهِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ والظاهر ( ( ( ولظاهر ) ) ) خَبَرِ كَعْبِ بن عُجْرَةَ وَعَنْهُ يَجُوزُ كَسَائِرِ ما يُؤْذِي وَكَالْبَرَاغِيثِ كَذَا قالوا وَظَاهِرُ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الْبَرَاغِيثَ كَقَمْلٍ وهو مُتَّجَهٌ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ لَا يَقْتُلُهُ وَلَا بَعُوضًا وَذَكَرَهُ في مَوْضِعٍ قَوْلًا وزاد وَلَا قُرَادًا
وقال شَيْخُنَا إنْ قَرَصَهُ ذلك قَتَلَهُ مَجَّانًا وَإِلَّا فَلَا يَقْتُلُهُ وَرَمْيُ الْقَمْلِ كَقَتْلِهِ في قَوْلٍ وَقِيلَ من غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ من شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ
وَيَجُوزُ من ظَاهِرِهِ وَحَكَى الشَّيْخُ عن الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا أَزَالَهُ من شَعْرِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تنبيه قوله في هذه المسألة وعنه يحرم ويفدي وذكر صاحب المستوعب والشيخ وغيرهما أنه يكره وفي الفدية روايتان وقيل هما في تحريمه فإن حرم فدى وإلا فلا انتهى قلت قال في المغني وتبعه الشارح وابن رزين يكره غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما فإن فعل فلا فدية عليه وعنه عليه الفدية ونصروا عدم الفدية وقال في المستوعب فإن غسل رأسه بالسدر والخطمي كره له وهل تلزمه الفدية على روايتين انتهى قلت الصواب أن محل الروايتين في وجوب الفدية على القول بالتحريم
فأما على القول بالكراهة فبعيد جدا إلا أن يكون المراد بالكراهة التحريم لأنها في عرف المتقدمين لذلك إذا علم ذلك فعلى القول بالكراهة أو الجواز لا فدية على الصحيح من المذهب وإن كان الشيخ وغيره قد ذكروا الخلاف في الفدية مع الكراهة فهم قد صححوا عدم وجوب الفدية وعلى رواية التحريم تجب الفدية على الصحيح وهو الذي قدمه المصنف بقوله وعنه يحرم ويفدي وقيل فيه روايتان كما ذكره المصنف والله أعلم
مسألة 5 قوله ورمي القمل كقتله في قول وقيل من غير ظاهر ثوبه وقال
____________________
1-
(3/264)
فَإِنْ حَرُمَ قَتْلُ الْقَمْلِ فَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ رُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ وَعَنْهُ لَا لِخَبَرِ كَعْبٍ وَلِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ له كَسَائِرِ الْمُحَرَّمِ الْمُؤْذِي وَلَهُ قَتْلُهُ في الْحَرَمِ إجْمَاعًا لِإِبَاحَةِ التَّرَفُّهِ فيه بِقَطْعِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ وَلَهُ قَتْلُ الْقُرَادِ عن بَعِيرِهِ وروى ( ( ( روي ) ) ) عن ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كَسَائِرِ الْمُؤْذِي وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَكَرِهَهُ عِكْرِمَةُ وفي الموطأ أَنَّ عُمَرَ فَعَلَهُ وَأَنَّ ابْنَهُ كَرِهَهُ فصل وَحُكْمُ الْأَظْفَارِ كَالشَّعْرِ لِأَنَّ الْمَنْعَ منه لِلتَّرَفُّهِ ذَكَرَهُ ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَسَبَقَ قَوْلُ دَاوُد في تَخْصِيصِهِ بِالرَّأْسِ خَاصَّةً وَيَتَوَجَّهُ هُنَا احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ التَّرَفُّهُ بِهِ فَهُوَ دُونَ الشَّعْرِ فَيَمْتَنِعُ الْإِلْحَاقُ وَلَا نَصَّ يُصَارُ إلَيْهِ وهو اولى مِمَّا سَبَقَ في الْمَنْهَجِ في شَعْرِ الْأَنْفِ
وقال الشَّيْخُ وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا فِدْيَةَ عليه لِأَنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عن أَحْمَدَ ولم أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ قَصَّ أَظْفَارَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) القاضي وابن عقيل الروايتان فيهما إذا أزاله من شعره وبدنه وباطن ثوبه ويجوز من ظاهره وحكى الشيخ عن القاضي أن الروايتين فيما إذا أزاله من شعره انتهى
القول الأول هو الصحيح اختاره صاحب المغني والشارح وجزم به ابن رزين وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
والقول الثاني إنما يكون كقتله إذا رماه من غير ظاهر ثوبه وقال الزركشي قال القاضي في الروايتين وموضع الروايتين إذا ألقاها من شعر رأسه أو بدنه أو لحمه أما إن ألقاها من ظاهر بدنه أو ثيابه او بدن محل أو محرم غيره فهو جائز انتهى
مسالة 6 قوله فإن حرم قتل القمل فعنه يتصدق بشيء وعنه لا انتهى وأطلقهما في الكافي والزركشي
إحداهما لا شيء عليه وهو الصحيح قال في العمدة ولا شيء فيما حرم أكله إلا المتولد وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين والنظم وصححه
والرواية الثانية يتصدق بشيء وجزم به في الهداية والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
____________________
1-
(3/265)
لَزِمَهُ دَمٌ فَإِنْ كان في مَجَالِسَ فَكَذَا عن مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ إنْ قَلَّمَ في كل مَجْلِسٍ يَدًا أو رِجْلًا وَإِنْ قَصَّ يَدًا أو رِجْلًا لَزِمَهُ دَمٌ إقَامَةً لِلرُّبْعِ مَقَامَ الْكُلِّ وَإِنْ قَصَّ أَقَلَّ من خَمْسَةِ أَظْفَارٍ فكل ( ( ( فلكل ) ) ) ظُفُرٍ صَدَقَةٌ
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ تَجِبُ بِقَصِّ ثَلَاثَةٍ منها وَإِنْ قَصَّ خَمْسَةَ أَظَافِيرَ فَأَكْثَرَ مُتَفَرِّقَةً من يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ ظُفْرٍ لِأَنَّ في قَصِّهَا كَذَلِكَ يَتَأَذَّى بِهِ وَيَشِينُهُ بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ من مَوَاضِعَ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُ الدَّمُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يُطْعِمُ عن كل كَفٍّ صاع ( ( ( صاعا ) ) ) من طَعَامٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ من رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بن الْأَشْعَثِ قال الْعُقَيْلِيُّ لَا يُتَابَعُ على حَدِيثِهِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كما سَبَقَ في الشَّعْرِ
وَإِنْ وَقَعَ بِظُفْرِهِ مَرَضٌ فَأَزَالَهُ أو انْكَسَرَ فَقَصَّ ما احْتَاجَهُ فَقَطْ ( و ) أو قَلَعَ أصبعا بِظُفْرِهَا فَهَدَرٌ وَإِنْ لم يُمْكِنْ مُدَاوَاةُ قُرْحِهِ إلَّا بِقَصِّهِ قصة وَيَفْدِي خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيِّ قِيلَ لِأَحْمَدَ يَنْكَسِرُ ظُفْرُهُ قال يُقَلِّمُهُ وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ أَكْثَرُ مِمَّا انْكَسَرَ وقال الْآجُرِّيُّ إنْ انْكَسَرَ فَآذَاهُ قَطَعَهُ وَفَدَى فصل الثَّالِثُ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ نهى الْمُحْرِمَ عن لُبْسِ الْعَمَائِمِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تنبيه قوله في حكم الأظفار بعد أن قدم أن حكمها حكم الشعر وقال الشيخ وفيه رواية أخرى لا فدية عليه لأن الشرع لم يرد به قال فظاهره أن الرواية عن احمد ولم أجده لغيره انتهى ما نقله عن الشيخ
وأعلم أن عبارته في المغني في باب الفدية أجمع أهل العلم على ان المحرم ممنوع من أخذ أظفاره وعليه الفدية باخذها في قول اكثرهم حماد ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وروي عن عطاء وعنه لا فدية عليه لأن الشرع لم يرد به بفدية انتهى هذا لفظه والظاهر أن قوله وعنه يعود إلى عطاء لا إلى الإمام أحمد لأنه لم يتقدم له ذكر وذكرها بعد ذكر عطاء وهذا واضح جدا فقول المصنف فظاهره أن الرواية عن أحمد غير مسلم وقد رأيت لفظه وقد نبه على ذلك ايضا ابن نصر الله في حواشيه والله أعلم
____________________
1-
(3/266)
وَالْبَرَانِسِ وَقَوْلُهُ في الْمُحْرِمِ الذي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فإنه يُبْعَثُ يوم الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَالْأُذُنَانِ من الرَّأْسِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ ذَكَرَهَا ابن عَقِيلٍ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ من الْوَجْهِ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ بن صَالِحٍ وَإِسْحَاقَ ما أَقْبَلَ مِنْهُمَا من الْوَجْهِ وما ادبر من الرَّأْسِ وَالْبَيَاضُ الذي فَوْقَهَا دُونَ الشَّعْرِ من الرَّأْسِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ وَيَدُلُّ عليه حُكْمُ الْمُوضِحَةِ فيه وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا في رَأْسٍ أو وَجْهٍ وَلَيْسَ من الْوَجْهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ ليس من الرَّأْسِ إجْمَاعًا
وَالصُّدْغُ وهو فَوْقَ الْعِذَارِ هل هو ما يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ أو يَنْزِلُ قَلِيلًا وفيه وَجْهَانِ لنا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَهَلْ هو من الرَّأْسِ كَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ أو من الْوَجْهِ فيه وَجْهَانِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَتَيْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ وَالصُّدْغُ وهو فَوْقَ الْعِذَارِ هل هو ما يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ او يَنْزِلُ قَلِيلًا فيه وَجْهَانِ وَهَلْ هو من الرَّأْسِ أو من الْوَجْهِ فيه وَجْهَانِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 في مَحَلِّ الصُّدْغِ هل هو ما يُحَاذِي رَأْسَ الاذن او يَنْزِلُ قَلِيلًا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه
أَحَدُهُمَا هو الشَّعْرُ الذي بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعِذَارِ وَيُحَاذِي راس الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عن رَأْسِهَا قَلِيلًا وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو ما يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالظَّاهِرُ انهم تَابَعُوا الْمَجْدَ على ذلك وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هو ما حَاذَى مُقَدَّمَ أَعْلَى الْأُذُنِ وهو الذي عليه الشَّعْرُ في حَقِّ الْغُلَامِ يُحَاذِي طَرَفَ الْأُذُنِ الْأَعْلَى انْتَهَى وَيُصْلَحُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالْأَمْرُ في ذلك يَسِيرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ولم نَرَ من حَكَى الْخِلَافَ غير الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ ذلك على مَحَلٍّ وَاحِدٍ وهو حَمْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي على الْأَوَّلِ او عَكْسُهُ
مسألة الثَّانِيَةُ 8 هل الصُّدْغُ من الرَّأْسِ أو من الْوَجْهِ أَطْلَقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ
____________________
1-
(3/267)
والتحذيف الشعر الخارج الى طرف الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى العذار هل من الرأس كأكثر الشافعية أو من الوجه وفيه وجهان والنزعتان بفتح الزاي وإسكانها لغة ما انحسر عنه الشعر من الراس متصاعدا في جانبيه من الرأس كالشافعي وجمهور العلماء خلافا لابن عقيل وبعض العلماء والناصية الشعر الذي بين النزعتين من الرأس وبعض المنهي عنه مثله في التحريم فيحرم تغطيته بلا صق معتاد أولا كعمامة وطين ونورة وحناء وقرطاس فيه اولا دواء وعصابة قال أحمد وشدسير فيه ويفدي لصداع ونحوه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ
أَحَدُهُمَا هو من الرَّأْسِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمَجْدُ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَظْهَرُ أَنَّهُ من الرَّأْسِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ قال الشَّارِحُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ من الرَّأْسِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو من الْوَجْهِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَالتَّحْذِيفُ - الشَّعْرُ الْخَارِجُ الى طَرَفِ الْجَبِينِ في جَانِبَيْ الْوَجْهِ بين النَّزْعَةِ وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ - هل هو من الرَّأْسِ أو من الْوَجْهِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا هو من الرَّأْسِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في المغني والكافي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَظْهَرُ أَنَّهُ من الراس قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا اصح الْوَجْهَيْنِ
الوجه الثَّانِي هو من الْوَجْهِ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ قَالَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَتَقَدَّمَ هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ في بَابِ الْوُضُوءِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا فَحَصَلَ تَكْرَارٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
تَنْبِيهٌ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على أَنَّ حُكْمَ الصُّدْغِ وَالتَّحْذِيفِ وَاحِدٌ في الْخِلَافِ هل هُمَا من الرَّأْسِ أو من الْوَجْهِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي بَابِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ
____________________
1-
(3/268)
وَإِنْ حَمَلَ على رَأْسِهِ شيئا فَلَا فِدْيَةَ كستره بيده وَلَا اثر لِلْفَصْدِ وَعَدَمِهِ فِيمَا فيه فِدْيَةٌ ومالا وقال ابن عَقِيلٍ إنْ قَصَدَ بِهِ السِّتْرَ فَدَى كَجُلُوسِهِ عِنْدَ عَطَّارٍ لِقَصْدِ شَمِّ الطِّيبِ وَإِنْ لَبَّدَهُ بِغَسْلٍ أو صَمْغٍ ونحو فَلَا يَدْخُلُهُ غُبَارٌ وَلَا دَبِيبٌ وَلَا يُصِيبُهُ شُعْثٌ جَازَ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَأَيْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّدًا مُتَّفَقٌ عليه
وَإِنْ اسْتَظَلَّ في مَحْمَلٍ أو ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ نَازِلًا او رَاكِبًا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وفي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ اكثر الْأَصْحَابِ رُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ من طُرُقٍ النَّهْيُ عنه وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ قَصَدَهُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ التَّرَفُّهَ كَتَغْطِيَتِهِ وَعَنْهُ لَا فِدْيَةَ وَعَنْهُ بَلَى إنْ طَالَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ
قال الشَّيْخُ هِيَ الظَّاهِرُ عنه وَعَنْهُ يَجُوزُ لِأَنَّ أُسَامَةَ او بِلَالًا رَفَعَ ثَوْبَهُ يَسْتُرُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْحَرِّ حتى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَجَابَ أَحْمَدُ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ سِتْرٌ لَا يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ زَادَ ابن عَقِيلٍ أو كان بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أو بِهِ عُذْرٌ وَفَدَى أو لم يَعْلَمْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِهِ
وَيَجُوزُ بِخَيْمَةٍ وَنَصْبِ ثَوْبٍ وَبَيْتٍ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ضُرِبَتْ له قُبَّةٌ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ من حديث جَابِرٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّرَفُّهُ في الْبَدَنِ عَادَةً (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) التحذيف من ( ( ( جمع ) ) ) الوجه ( ( ( الرجال ) ) ) دون الصدغ اختاره ( ( ( نظر ) ) ) ابن حامد والشيخ في المغني كما تقدم عنهما وأطلقهما ابن تميم والزركشي وقال ابن عقيل الصدغ من الوجه قاله الشارح وأطلق الخلاف في الفصول
مَسْأَلَةٌ ( 10 11 ) قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَظَلَّ في مَحْمَلٍ أو ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ نَازِلًا أو رَاكِبًا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا فِدْيَةَ وَعَنْهُ بَلَى إنْ طَالَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قال الشَّيْخُ هِيَ الظَّاهِرُ عنه وَعَنْهُ يَجُوزُ انْتَهَى
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ في رِوَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودُ الى لُزُومِ الْفِدْيَةِ لَا غير وَيَكُونُ قد قَدَّمَ التَّحْرِيمَ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في لُزُومِ الْفِدْيَةِ وهو الذي يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إلَى التَّحْرِيمِ وَإِلَى لُزُومِ الْفِدْيَةِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ قد أَطْلَقَهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ في التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ وفي
____________________
1-
(3/269)
بل جمع الرجال فيه وفيه نظر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا على الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ وَعَلَى كل تَقْدِيرٍ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَذْكُرُ النَّقْلَ في كل مسالة منها
مسألة ( 10 ) هل يَحْرُمُ اسْتِظْلَالٌ بِالْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ او يُكْرَهُ أو يَجُوزُ فيه رِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ يَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حتى أَنَّ الْقَاضِيَ في التَّعْلِيقِ وفي غَيْرِهِ وَابْنَ الزاغواني ( ( ( الزاغوني ) ) ) وَصَاحِبَ التَّلْخِيصِ وَعُقُودَ ابْنِ الْبَنَّا وَجَمَاعَةً لَا خِلَافَ في ذلك عِنْدَهُمْ انْتَهَى وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ عَائِدٌ الى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ في التَّحْرِيمِ أَيْضًا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هِيَ الظَّاهِرُ عنه وَجَزَمَ بِهِ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11 إذَا قُلْنَا يَحْرُمُ الِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أو لَا يَلْزَمُهُ إنْ طَالَ فيه رِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ فِدْيَةٌ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَظْهَرُ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلَا يُظَلَّلُ بِمَحْمَلٍ في رِوَايَةٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذلك وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وابن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وابن الْبَنَّا في عُقُودِهِ وَالشِّيرَازِيُّ في إيضَاحِهِ وابن حَمْدَانَ في إفَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُبْهِجِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْحَاوِي وَالْمُذَهَّبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ كَثُرَ الِاسْتِظْلَالُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةُ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالزَّرْكَشِيُّ قلت وهو أَقْوَى وَأَوْلَى من الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
____________________
1-
(3/270)
وَيَجُوزُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ فَعَلَهُ عُثْمَانُ رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ عنه وَعَنْ زَيْدٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَّهُ قَالَهُ ابن عَبَّاسٍ وَسَعْدُ ابن ابي وَقَّاصٍ وَجَابِرٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَتَانِ رَوَى النَّهْيَ عنه مَالِكٌ وَلِأَنَّهُ لم تَتَعَلَّقْ بِهِ سُنَّةُ التَّقْصِيرِ من الرَّجُلِ فلم تَتَعَلَّقْ بِهِ حُرْمَةُ التَّخْمِيرِ كَسَائِرِ بَدَنِهِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ فَتَكُونُ كَالرَّأْسِ وقال مَالِكٌ لَا يَفْعَلُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا فِدْيَةَ وقال بَعْضُ أَصْحَابِهِ فيها رِوَايَتَانِ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ في الْمُحْرِمِ والذي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وفي لَفْظٍ وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والحاويين ( ( ( انفرد ) ) ) والفائق ( ( ( بهما ) ) ) وغيرهم ( ( ( مسلم ) ) )
تنبيه ( ( ( والذي ) ) ) ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح أن محل الخلاف في لزوم ( ( ( الصحيحين ) ) ) الفدية على القول بالتحريم ( ( ( عاصم ) ) ) وقاله ( ( ( ضعفه ) ) ) القاضي ( ( ( الأكثر ) ) ) والشيرازي في المبهج وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب وصاحب التلخيص والبلغة وغيرهم وقال ابن أبي موسى والشيخ في الكافي والمجد والشارح وابن منجا في شرحه وغيرهم هما ميتان على الروايتين في جواز ( ( ( بعض ) ) ) الاستظلال ( ( ( حديثه ) ) ) وعدمه فإن قلنا يحرم وجبت ( ( ( المحرم ) ) ) الفدية وإلا ( ( ( الفضل ) ) ) فلا ( ( ( لأحمد ) ) ) وهي طريقة ( ( ( كره ) ) ) ابن ( ( ( الركوب ) ) ) حمدون
مَسْأَلَةٌ ( 12 ) قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ فَيَكُونُ كَالرَّأْسِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُبَاحُ وَلَا فِدْيَةَ وهو الصَّحِيحُ قال الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ قلت منهم الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الرِّوَايَةِ وَالْجَوَازُ أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْفُصُولِ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْبَنَّا في عُقُودِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على الْمَنْعِ من تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَدَّمَهُ في الْمُبْهِجِ
____________________
1-
(3/271)
انفرد بهما مسلم والذي في الصحيحين ولا تخمروا رأسه
وروي في الخبر وخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ولا يتجه صحته ولا يخفى وجه الترجيح وعن ابن عباس مرفوعا في المحرم يموت قال خمروهم ولا تشبهوا باليهود وفي لفظ خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود روى الدارقطني الأول من حديث علي بن عاصم ضعفه الأكثر وهو كثير الغلط والخطأ مع تماديه عليه وروي الثاني من رواية عبد الرحمن بن صالح الأزدي ثقة شيعي قال أبو أحمد الحاكم خولف في بعض حديثه ويحتمل أنه في غير المحرم قال الفضل لأحمد لم كره الركوب في المحمل في الشق الأيمن قال لموضع البصاق فصل الرَّابِعُ ليس ( ( ( لبس ) ) ) الْمَخِيطِ في بَدَنِهِ أو بَعْضِهِ بِمَا عُمِلَ على قَدْرِهِ إجْمَاعًا وَلَوْ دِرْعًا مَنْسُوجًا أو لَبَدًا مَعْقُودًا أو نَحْوُ ذلك لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ قال لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حتى يكون ( ( ( يكونا ) ) ) أَسْفَلَ من الْكَعْبَيْنِ مُتَّفَقٌ عليه من حديث ابْنِ عُمَرَ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ قال جَمَاعَةٌ بِمَا عُمِلَ على قَدْرِهِ وَقُصِدَ بِهِ
____________________
(3/272)
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ كان غير مُعْتَادٍ كَجَوْرَبٍ في كَفٍّ وَخُفٍّ في رَأْسٍ كَفَّرَ وفي صَيْفٍ وَقَلِيلُ اللُّبْسِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ { فَمَنْ كان مِنْكُمْ مَرِيضًا } وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ فَاعْتُبِرَ فيه مُجَرَّدُ الْفِعْلِ كَوَطْءٍ في فَرْجٍ أو مَحْظُورٍ فَلَا تَتَقَدَّرُ فِدْيَتُهُ بِزَمَنٍ كَغَيْرِهِ وَاللُّبْسُ في الْعَادَةِ مُخْتَلِفٌ وَلَا يَحْرُمُ أَنْ يَأْتَزِرَ بِقَمِيصٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا
وعن أبي حَنِيفَةَ في أَقَلَّ من يَوْمٍ أو من لَيْلَةٍ صَدَقَةٌ وَعِنْدَ مَالِكٍ إنْ لم يَحْصُلْ له انْتِفَاعٌ ما بان نَزَعَهُ في الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ فَإِنْ أَحْرَمَ في قَمِيصٍ وَنَحْوِهِ خَلَعَهُ ولم يَشُقَّهُ وَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّ يَعْلَى بن أميه أَحْرَمَ في جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِخَلْعِهَا مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَبِي دَاوُد فَخَلَعَهَا من رَأْسِهِ ولم يَأْمُرْهُ بِشِقٍّ وَلَا فِدْيَةٍ
وقال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَشُقُّهُ لِئَلَّا يَتَغَطَّى رَأْسُهُ بنزعة وَإِنْ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ في خَلْعِهِ فَدَى على ما سَبَقَ وَإِنْ عَدِمَ إزَارًا ليس ( ( ( لبس ) ) ) سَرَاوِيلَ نَصَّ عليه لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ من لم يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَمَنْ لم يَجِدْ ازارا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ مُتَّفَقٌ عليه رَوَاهُ الإثبات وَلَيْسَ فيه بِعَرَفَاتٍ قال مُسْلِمٌ لم يُذْكَرْ أَحَدٌ منهم بِعَرَفَاتٍ غَيْرُ شُعْبَةَ وقال الْبُخَارِيُّ تَابَعَهُ ابن عُيَيْنَةَ عن عُمَرَ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَابَعَهُ سَعِيدُ بن زَيْدٍ أَخُو حَمَّادٍ وَلِمُسْلِمٍ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَلَيْسَ فيه يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ أَجَازَ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْإِزَارِ فَلَوْ اُعْتُبِرَ فَتْقُهُ لم يُعْتَبَرْ عَدَمُهُ ولم يُشْتَبَهْ على أَحَدٍ ولم يُوجِبْ فِدْيَةً وَحَمْلُهَا أَوْلَى من جَوَازِ اللُّبْسِ وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا وهو يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ
وَمَتَى وَجَدَ إزَارًا خَلَعَ السَّرَاوِيلَ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ إنْ لَبِسَ سَرَاوِيلَ فَدَى قال الطحاوي ( ( ( الطحطاوي ) ) ) لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ حتى يُفَتِّقَهُ وَمَعْنَاهُ في الموطأ وَأَنَّهُ لم يَسْمَعْ بِلُبْسِهِ لِأَنَّهُ لم يَرْوِ الْخَبَرَ فيه وَجَوَّزَهُ أَصْحَابُهُ وَالرَّازِيُّ بِلَا فَتْقٍ وَيَفْدِي وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ
وَإِنْ عَدِمَ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ بِلَا فِدْيَةٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا يَقْطَعُ خُفَّيْهِ قال أَحْمَدُ هو فَسَادٌ وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالنَّهْيِ عن إضَاعَةِ الْمَالِ وَجَوَّزَهُ أبو
____________________
(3/273)
الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَإِنَّ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ كَرَاهَتُهُ لِغَيْرِ إحْرَامٍ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ قال أبو الشَّعْثَاءِ لِابْنِ عَبَّاسٍ لم يَقُلْ لِيَقْطَعْهُمَا قال لَا رَوَاهُ أَحْمَدُ حدثنا يحيى عن ابْنِ جُرَيْجٍ اخبرني عَمْرُو بن دِينَارٍ عنه صَحِيحٌ وَطَافَ عبد الرحمن بِخُفَّيْنِ فقال له عُمَرُ وَالْخُفَّانِ مع الْقَبَّاءِ قال لَبِسْتُهُمَا مع من هو خَيْرٌ مِنْك يَعْنِي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَرُوِيَ ايضا عن ابْنِ عُمَرَ الْخُفَّانِ نَعْلَانِ لِمَنْ لَا نَعْلَ له وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ عن عَلِيٍّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وإن الْمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ لَبِسَهُمَا وهو مُحْرِمٌ وقال أَمَرَتْنَا بِهِ عَائِشَةُ وَلِأَنَّ في قَطْعِهِ ضَرَرًا كَالسَّرَاوِيلِ فإنه يُمْكِنُهُ فَتْقُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَلَا يَلْبَسُهُ على هَيْئَتِهِ وَيَلْبَسُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ بحضره أَحَدٍ
وَعَنْهُ إنْ لم يَقْطَعْهُمَا دُونَ كَعْبَيْهِ فَدَى لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ
وَالْجَوَابُ أَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ لم يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَى الْخَبَرَ عن نَافِعٍ وَرَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ عن نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ من قَوْلِهِ وَرَوَاهَا أبو الْقَاسِمِ بن بَشْرَانَ في أَمَالِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ من قَوْلِ نَافِعٍ عن حَمْزَةَ بن مُحَمَّدٍ الدَّهْقَانِ عن الْعَبَّاسِ الدَّوْرِيِّ عن كَثِيرِ بن هِشَامٍ عن جَعْفَرِ بن بُرْقَانَ عنه وَرَوَاهَا مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَجَمَاعَةٌ من الْأَئِمَّةِ فَرَفَعُوهَا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فيها فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عن ابْنِ عُمَرَ سَمِعْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول على هذا الْمِنْبَرِ وَذَكَرَهُ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ رَجُلًا نَادَى في الْمَسْجِدِ ما يَتْرُكُ الْحَرَامُ من الثِّيَابِ قال الدَّارَقُطْنِيُّ سمعت أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يقول هو في حديث ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَيْثِ بن سَعْدٍ وَجُوَيْرِيَةَ بن اسماء عن نَافِعٍ عنه وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ
فَلَوْ كان الْقَطْعُ وجبا ( ( ( واجبا ) ) ) لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِينَ لم يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ أو كَثِيرٌ منهم كَلَامَهُ بِالْمَسْجِدِ في مَوْضِعِ الْبَيَانِ وَوَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يُقَالُ اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ لأن يُقَالُ فَلِمَ ذَكَرَ لُبْسَهُمَا وَالْمَفْهُومُ من إطْلَاقِهِ لُبْسَهُمَا بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ يُحْمَلُ على الْجَوَازِ كما سَبَقَ في كَلَامِ الْقَاضِي وَأَجَابَ عن قَوْلِهِمْ الْمُقَيَّدُ يَقْضِي على الْمُطْلَقِ بِالْمَنْعِ
____________________
(3/274)
في رِوَايَةٍ ثُمَّ إذَا لم يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ وَعَنْ قَوْلِهِمْ فيه زِيَادَةُ لَفْظٍ بِأَنَّ خَبَرَنَا فيه زِيَادَةُ حُكْمِ جَوَازِ اللُّبْسِ بِلَا قَطْعٍ يَعْنِي وَهَذَا الْحُكْمُ لم يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَهُ شَيْخُنَا وهو اولى من دَعْوَى الشَّيْخِ كما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي من كَلَامِ أبي دَاوُد وما ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ ابْنَ ابي مُوسَى رَوَاهُ نَظَرٌ
وَإِنْ لَبِسَ مَقْطُوعًا دُونَهُمَا مع وُجُودِ نَعْلٍ لم يَجُزْ وَفَدَى نَصَّ عليه لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ شَرَطَ لِجَوَازِ لُبْسِهِمَا عَدَمَ النَّعْلَيْنِ وَأَجَازَهُ لِأَنَّهُ يُقَارِبُ النَّعْلَيْنِ ولم يُجِزْهُ لِإِسْقَاطِ الْفِدْيَةِ وَلِأَنَّهُ مُحِيطٌ لِعُضْوٍ بِقَدْرِهِ كَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَوَازَهُ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَشَيْخُنَا لِأَنَّهُ ليس بِخُفٍّ وَإِنَّمَا امرهم بِالْقَطْعِ أَوَّلًا لِأَنَّ رُخْصَةَ الْبَدَلِ لم تَكُنْ شُرِعَتْ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ يَصِيرُ كَنَعْلٍ فَإِبَاحَتُهُ أَصْلِيَّةٌ وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ الْخُفُّ الْمُطْلَقُ وَإِنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ النَّعْلِ لِأَنَّ الْقَطْعَ مع وُجُودِهِ إفْسَادٌ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ
وَلُبْسُ اللَّالَكَةِ وَالْجُمْجُمِ ونحوها ( ( ( ونحوهما ) ) ) يَجُوزُ على الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وَإِنْ وَجَدَ نَعْلًا لَا يُمْكِنُهُ لُبْسُهَا لَبِسَ الْخُفَّ وَلَا فِدْيَةَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ يَفْدِي وَتُبَاحُ النَّعْلُ كَيْفَ كانت لِإِطْلَاقِ إبَاحَتِهَا وَعَنْهُ في عَقِبِ النَّعْلِ أو قَيْدِهَا السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ على الإمام ( ( ( الزمام ) ) ) الْفِدْيَةُ وَذَكَرَهُ في الأرشاد
قال الْقَاضِي مُرَادُهُ الْعَرِيضَيْنِ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فيها وَرُبَّمَا تَعَذَّرَ الْمَشْيُ بِدُونِهِ وَكَمَا لَا يَجِبُ قَطْعُ الْخُفِّ وَأَوْلَى وَالرَّانُّ كَخُفٍّ
وَإِنْ شَقَّ إزَارَهُ وَشَدَّ كُلَّ نِصْفٍ على سَاقٍ فَكَسَرَاوِيلَ وَلَا يُزِرُّهُ وَلَا يَعْقِدُ عليه شيئا نَصَّ عليه وَلَا بِشَوْكَةٍ أو إبْرَةٍ أو خَيْطٍ وَلَا يَغْرِزُ أَطْرَافَهُ فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَفَدَى لِأَنَّهُ كَمَخِيطٍ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِمُحْرِمٍ وَلَا تَعْقِدْ عَلَيْك شيئا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ أَيْضًا عن ابن جُرَيْجٍ مُرْسَلًا رَأَى رَجُلًا مُحْتَزِمًا بِحَبْلٍ فقال انْزِعْ الْحَبْلَ مَرَّتَيْنِ وَرَوَى هو وَمَالِكٌ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كان يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ وَرَوَى الْأَثْرَمُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقَ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قال لِمَوْلَاهُ يا أَبَا مَعْبَدٍ زُرَّ عَلَيَّ طَيْلَسَانِي
____________________
(3/275)
فقال له كنت تَكْرَهُ هذا فقال أُرِيدُ أَنْ أَفْتَدِيَ
قال أَحْمَدُ في مُحْرِمٍ حَزَّمَ عِمَامَةً على وَسَطِهِ لَا يَعْقِدُهَا وَيُدْخِلُ بَعْضَهَا في بَعْضٍ وَلَهُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِقَمِيصٍ وَيَرْتَدِيَ بِهِ وبرداءه ( ( ( وبرداء ) ) ) مُوصِلٍ وَلَا يَعْقِدَهُ وَيَعْقِدَ إزَارَهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُهُ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَسُتْرَةٍ تَفْتُقُهُ
وَيُبَاحُ الْهِمْيَانُ قال ابن عبد الْبَرِّ إجازه فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مُتَقَدِّمُوهُمْ وَمُتَأَخِّرُوهُمْ فَمَتَى كان فيه نَفَقَتُهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِأَنْ أَدْخَلَ السُّيُورَ بَعْضَهَا في بَعْضٍ لم يَعْقِدْهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ والإ جَازَ عَقْدُهُ نَصَّ على ذلك قال إبْرَاهِيمُ كَانُوا يُرَخِّصُونَ في عَقْدِهِ لَا في عَقْدِ غَيْرِهِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ الْهِمْيَانَ لِلْمُحْرِمِ يَعْنِي مالا نَفَقَةَ فيه
وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهُ إذَنْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وفي رَوْضَةِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا يَعْقِدُ سُيُورَهُ وَقِيلَ لَا بَأْسَ احْتِيَاطًا على النَّفَقَةِ وَإِنْ كان في الْمِنْطَقَةِ نَفَقَةٌ فَكَهِمْيَانٍ
وَإِنْ لَبِسَهَا لِوَجَعٍ او حَاجَةٍ افْتَدَى نَصَّ عليه وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ الْمِنْطَقَةُ كَهِمْيَانٍ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وابن أبي مُوسَى وابن حَامِدٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا النَّفَقَةُ وَعَدَمُهَا وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ وهو أَظْهَرُ وَقِيلَ له شَدُّ وَسَطِهِ يحبل ( ( ( بحبل ) ) ) وَعِمَامَةٍ وَنَحْوِهِمَا
وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَرِدَاءٌ لِحَاجَةٍ وَيَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ في صَدْرِهِ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفٍ لِقَضِيَّةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَلَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ نَقَلَ صَالِحٌ إذَا خَافَ من عَدُوٍّ وهو مَعْنَى قَوْلِهِ لَا إلَّا من ضَرُورَةٍ
قال الشَّيْخُ وَإِنَّمَا مُنِعَ منه لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لَا يَحْمِلُ الْمُحْرِمُ السِّلَاحَ في الْحَرَمِ قال وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ ليس في مَعْنَى اللُّبْسِ وَلَوْ حَمَلَ قِرْبَةً في عُنُقِهِ لم يَحْرُمْ وَلَا فِدْيَةَ وقد سُئِلَ احمد عن الْمُحْرِمِ يلقى جِرَابَهُ في عُنُقِهِ كَهَيْئَةِ الْقِرْبَةِ فقال
____________________
(3/276)
أَرْجُو الا بَأْسَ كَذَا قال الشَّيْخُ وَظَاهِرُهُ يُبَاحُ عِنْدَهُ في الْحَرَمِ
وَعَنْ أَحْمَدَ لِلْمُحْرِمِ ان يَتَقَلَّدَ بِسَيْفٍ بِلَا حَاجَةٍ وَاخْتَارَهُ ابن الزَّاغُونِيِّ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ في غَيْرِ مَكَّةَ لِأَنَّ حَمْلَ السِّلَاحِ بها لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ ونقل الْأَثْرَمُ لَا يَتَقَلَّدُهُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفٍ رَوَى مُسْلِمٌ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ سلاح ( ( ( السلاح ) ) ) بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا مَنَعَ أَحْمَدُ من تَقْلِيدِ السَّيْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ في مَعْنَى اللُّبْسِ عِنْدَهُ وَلِهَذَا نَقَلَ صَالِحٌ يَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ في صَدْرِهِ وَمِثْلُهَا جِرَابُهُ وَإِنْ جَازَ فِيهِمَا فَلِأَنَّهُمَا في مَعْنَى هِمْيَانِ النَّفَقَةِ
ويفدى بِطَرْحِ قَبَاءٍ وَنَحْوِهِ على كَتِفِهِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِنَهْيِهِ عليه السَّلَامُ عن لُبْسِهِ لِلْمُحْرِمِ رَوَاهُ ابن الْمُنْذِرِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عن عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ مَخِيطٌ لُبْسُهُ عَادَةً كَالْقَمِيصِ
وَعَنْهُ إنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ فَدَى وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالتَّرْغِيبُ وَرَجَّحَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ لِمَا سَبَقَ في الْخُفِّ لِعَدَمِ نَعْلٍ وَكَالْقَمِيصِ يَتَّشِحُ بِهِ وَرِدَاءٍ مُوصِلٍ وفي الْوَاضِحِ أو أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ فصل الْخَامِسُ الطِّيبُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ يَعْلَى بن امية بِغَسْلِ الطِّيبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله في فصل ( ( ( المحرم ) ) ) الرابع ولا ( ( ( وقصته ) ) ) فِدْيَةَ لأن يعلى ( ( ( مالك ) ) ) بن أمية احرم ( ( ( يحصل ) ) ) في جبة ( ( ( الحال ) ) ) فأمره النبي ( ( ( فدية ) ) ) صلى الله عليه وسلم بخلعها متفق عليه وَقَوْلُهُ في فَصْلٍ الْخَامِسُ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أَمَرَ يعلي بن أميه بِغَسْلِ الطِّيبِ انْتَهَى قال ابن نَصْرِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ أَنَّ يَعْلَى رَاوِي الحديث وَصَاحِبَ الْقِصَّةِ غَيْرُهُ انْتَهَى قلت ليس كما قال بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَعْلَى رَاوِي الْقِصَّةِ قَالَهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ الحديث وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابن حَجَرٍ وابن الْمُلَقَّنِ وَغَيْرُهُمَا وقد وَرَدَ معنا ( ( ( معنى ) ) ) بِهِمَا وهو رَاوِي الْقِصَّةِ كَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ في حديث الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ نَبَّهْتُ على ذلك لِاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِمَا قال
____________________
1-
(3/277)
وقال في المحرم الذي وقصته راحلته لا تحنطوه متفق عليه عليهما
ولمسلم لا تمسوه بطيب فإن طيب شيئا من بدنه نص عليه أو ثوبه أو مس منه ما يعلق به كماء ورد ومسك مسحوق أو لبس أو استعمل ما صبغ بطيب أو بخربه أو غمس في ماء ورد فدى
وقال أبو حنيفة إن طيب أقل من عضو فعليه صدقة قال وإن كان رطبا يلي بدنه أو يابسا ينفض عليه فدى وإلا فلا أو لبسه مبخرا بعود او ند فلا فدية
وقال مالك إن لم يحصل له بالطيب انتفاع ما بان غسله في الحال فلا فدية وَإِنْ قَصَدَ شَمَّ طِيبٍ كَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ وَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَمَاءٍ وَرْدٍ وَنَحْوِهَا بِأَنْ قَصَدَ الْعَطَّارَ أو الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا حَرُمَ وَفَدَى نَصَّ عليه كما لو بَاشَرَهُ
وفي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ عن ابْنِ حَامِدٍ يُبَاحُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ في حَمْلِ ما فيه مِسْكٌ لِيَشُمَّهُ كما لو لم يَقْصِدْ وَالْفَرْقُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ
وأن لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا يَفُوحُ رِيحُهُ بِرَشِّ مَاءٍ فَدَى كَظُهُورِهِ بِنَفْسِهِ وَكَذَا إنْ افْتَرَشَهُ نَصَّ عليه وَلَوْ تَحْتَ حَائِلٍ غير ثِيَابِ بَدَنِهِ لَا يَمْنَعُ رِيحَهُ وَمُبَاشَرَتَهُ وَإِنْ مَنَعَ فَلَا وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ إنْ كان بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كُرِهَ وَلَا فِدْيَةَ
وَإِنْ طُيِّبَ بِإِذْنِهِ فَدَى وَكَذَا إنْ اكْتَحَلَ بِهِ أو اسْتَعَطَ أو احْتَقَنَ لِاسْتِعْمَالِهِ كَشَمِّهِ وَإِنْ أَكَلَ أو شَرِبَ ما فيه طِيبٌ يَظْهَرُ رِيحُهُ فَدَى لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ منه وَلَوْ طُبِخَ أو مَسَّتْهُ النَّارُ لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ منه وَإِنْ ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ وَبَقِيَ طَعْمُهُ فَدَى نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ على بَقَائِهَا وَقِيلَ لَا كَبَقَاءِ لَوْنِهِ فَقَطْ وَلَوْ لم تَمَسَّهُ النَّارُ وَلِمُشْتَرِيهِ حَمْلُهُ وَتَقْلِيبُهُ إنْ لم يَمَسَّهُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَلَوْ ظَهَرَ رِيحُهُ لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ التَّطَيُّبَ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه وَيَتَوَجَّهُ وَلَوْ عَلِقَ بيده لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلِحَاجَةِ التِّجَارَةِ
وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ إنْ حَمَلَهُ مع ظُهُورِ رِيحِهِ لم يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ
وَنَقَلَ ابن الْقَاسِمِ لَا يُصْلَحُ لِلْعَطَّارِ بِحَمْلِهِ لِلتِّجَارَةِ إلَّا ما لَا رِيحَ له وَلَهُ شَمُّ
____________________
(3/278)
الْعُودِ ولأن الْقَصْدَ منه التَّبْخِيرُ
وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا كَأُتْرُجٍّ وَتُفَّاحٍ وَنَبَاتِ الصَّحْرَاءِ وكشيح وما يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لَا لِقَصْدِ الطِّيبِ كَحِنَّاءٍ وَعُصْفُرٍ لأن ليس بِطِيبٍ وَلَا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ وَلَا يُسَمَّى مُتَطَيِّبًا عَادَةً وَكَذَا قُرُنْفُلٌ وَدَارُ صِينِيِّ وَنَحْوُهُمَا
وَلَهُ شَمُّ مالا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ كَرَيْحَانٍ فَارِسِيٍّ وَنَمَّامٍ وَبَرَمٍ وَنَرْجِس وَمَرْزَجُوشٍ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ لِمَا سَبَقَ
وقال عُثْمَانُ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَحْرُمُ في رِوَايَةٍ وَيَفْدِي وهو أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِ جَابِرٍ لَا يَشُمُّهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَرِهَهُ ابن عُمَرَ قَالَهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وَكَالْوَرْدِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا فِدْيَةَ
وَأَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ ليس من آلَةِ الْمُحْرِمِ لِلْكَرَاهَةِ وَذَكَرَ أَيْضًا رِوَايَةً يَحْرُمُ ما نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة 13 قَوْلُهُ وَلَهُ شَمُّ مالا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ كَرَيْحَانٍ فارسى وتمام ( ( ( ونمام ) ) ) وَبَرَمٍ وَنَرْجِسِ ومرز حوش في رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَيُحْرِمُ في رِوَايَةٍ وَيَفْدِي وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ المهذب رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا فِدْيَةَ وَأَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ ليس من آلَةِ الْمُحْرِمِ لِلْكَرَاهَةِ وَذَكَرَ ايضا رِوَايَةً يَحْرُمُ ما نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْبِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يُبَاحُ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ فيه وهو الصَّحِيحُ قال الْمُصَنِّفُ هذا اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ شَمُّهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَصَحَّحَ في التَّصْحِيحِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ في شَمِّ الرِّيحَانِ وَأَوْجَبَ الْفِدْيَةَ في شَمِّ النِّرْجِسَ وَالْبُرَمَ قلت وَالْقَوْلُ بِالتَّفْرِقَةِ غَرِيبٌ أَعْنِي التَّفْرِقَةَ بين الرَّيْحَانِ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(3/279)
وَكَذَا ما يُتَّخَذُ منه طِيبٌ كَوَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَنَيْلُوفَرَ وَيَاسَمِينٍ وهو الذي يُتَّخَذُ منه الزنبق ( ( ( الزئبق ) ) ) وَمَنْثُورٌ في رِوَايَةٍ وفي رِوَايَةٍ يَحْرُمُ وَيَفْدِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا وَهِيَ أَظْهَرُ كَمَاءِ وَرْدٍ ولأنه ينبت للطيب ويتخذ منه كزعفران ( ( ( ومسبوك ) ) ) وَمَاءُ رَيْحَانٍ وَنَحْوِهِ كَهُوَ وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ كما ( ( ( كماء ) ) ) وَرْدٍ وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ وَلَهُ الإدهان بِدُهْنٍ لَا طِيبَ فيه كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ نَصَّ عليه لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَلَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه في إطلاقه الخلاف مع قوله عن الرواية الأولى اختاره الأصحاب نظر لأنه لم يختلف الترجيح حتى يطلق الخلاف وتقدم الجواب عن ذلك في المقدمة ويحتمل أنه اراد أن يقول اختاره أكثر الأصحاب فسبق القلم أو سقط من الناسخ
مسالة 14 قوله وكذا ما يتخذ منه طيب كورد وبنفسج ونيلوفر وياسمين وهو الذي يتخذ منه الزنبق ومنثور في رواية وفي رواية أخرى يحرم ويفدي اختاره القاضي والشيخ وغيرهما وهي أظهر كما ورد انتهى واطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر والمذهب الأحمد والرعايتين والحاويين والفائق والزركشي وغيرم
إحداهما ليس له شمه فإن فعل فدى وهو الصحيح اختاره القاضي والشيخ الموفق والشارح قال المصنف هنا وهو أظهر وصححه في التصحيح والكافي والنظم وغيرهم وقدمه ابن رزين وغيره وجزم به ابن البنا في عقوده وصاحب الوجيز وغيرهما
والرواية الثانية له شمه ولا فدية عليه جزم به في الإفادات والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم
مسألة 15 قوله وماء ريحان ونحوه كهو وفي الفصول احتمال بالمنع كماء ورد ويتوجه عكسه انتهى ذكر المصنف في ماء الريحان ونحوه ثلاث طرق أصحها أنه كأصله والأصل أطلق فيه الخلاف فكذا يكون في مائه وقد علمت الصحيح في أصله فكذا يكون الحكم في مائه والله أعلم
تنبيهان الأول ذكر المصنف الخلاف في ذلك روايتين وتابع على ذلك أبا الخطاب وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمقنع والمذهب الأحمد والمحرر والرعايتين وغيرهم وحكى الشيخ في الكافي في الريحان الفارسي الروايتين ثم قال
____________________
1-
(3/280)
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وابن ماجة من حديث ابْنِ عُمَرَ من رِوَايَةِ فَرْقَدٍ السنخي ( ( ( السنجي ) ) ) وهو ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ
وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَيَفْدِي ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ كَالْمُطَيَّبِ وَلِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْأَدْهَانِ ولم يُكْتَسَبُ الدُّهْنُ إلَّا الرائحة ( ( ( للرائحة ) ) ) وَلَا أَثَرَ لها مُنْفَرِدَةً وَمَنَعَ الْقَاضِي ذلك وهو وَاضِحٌ قال وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَنْعَ لِلْكَرَاهَةِ وَلَا فِدْيَةَ وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ على زَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَقَاسَا الْجَوَازَ على سَمْنٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ السَّمْنَ كَزَيْتٍ وَذَكَرَ شيخ وَغَيْرُهُ الشَّحْمَ وَالْأَدْهَانُ مِثْلُهُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صدق ( ( ( صدع ) ) ) فَقَالُوا أَلَا نَدْهُنُك بِالسَّمْنِ قال لَا قالوا أَلَيْسَ تَأْكُلُهُ قال ليس أَكْلُهُ كإدهان بِهِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ إنْ تَدَاوَى بِهِ فَدَى
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالرِّوَايَتَانِ في رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ مع أَنَّهُ لم يذكر عن أَحْمَدَ في الْبَدَنِ شيئا وَخَصَّ الشَّيْخُ الْخِلَافَ بِالرَّأْسِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّعْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْوَجْهُ كَالشَّافِعِيَّةِ وَلِهَذَا قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا هُمَا في دَهْنِ شَعْرِهِ وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةُ لَا فِدْيَةَ بإدهانه بِدُهْنٍ فيه طِيبٌ لِعَدَمِ قَصْدِهِ وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ شَمُّ دُهْنٍ مُطَيَّبٍ وَأَكْلُهُ مع ظُهُورِ رِيحِهِ أو طَعْمِهِ وفي غَيْرِ مُطَيَّبٍ رِوَايَتَانِ كَذَا قال
وَيُقَدَّمُ غَسْلُ طِيبٍ على نَجَاسَةٍ يَتَيَمَّمُ لها وَفْدِيَّةُ تَغْطِيَةٍ وَلِبَاسٍ وَطِيبٍ كَحَلْقٍ وَمَنْ احْتَاجَ إلَى ذلك فَعَلَهُ وَقْتَ حَاجَتِهِ فَقَطْ وَفَدَى كَحَلْقٍ لِعُذْرٍ وَمَنْ بِهِ شَيْءٌ لَا يُحِبُّ أَنْ يَطَّلِعَ عليه أَحَدٌ لَبِسَ وَفَدَى ونص عليه وَلَا يَحْرُمُ دَلَالَةً على طِيبٍ وَلِبَاسٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
في سائر النبات الطيب ( ( ( شهاب ) ) ) الرائحة الذي لَا يتخذ ( ( ( يضمن ) ) ) منه ( ( ( بالسبب ) ) ) طيب ( ( ( ولأنه ) ) ) وجهان قياسا ( ( ( يتعلق ) ) ) على الريحان ( ( ( الصيد ) ) ) وقدم ( ( ( يتعلق ) ) ) ابن رزين أن ( ( ( مختص ) ) ) جميع القسمين ( ( ( تحريم ) ) ) فيه ( ( ( الأكل ) ) ) وجهان ( ( ( والإثم ) ) ) وغيره ثم قال وقيل في الجميع روايتان انتهى فتلخص للأصحاب في حكاية الخلاف ثلاث طرق والله اعلم
الثَّانِي قَوْلُهُ في الأدهان بِدُهْنٍ لَا طِيبَ فيه قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الرِّوَايَتَانِ في رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَخَصَّ الشَّيْخُ الْخِلَافَ بِالرَّأْسِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّعْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْوَجْهُ انْتَهَى طَرِيقَةُ الْقَاضِي عليها الْأَكْثَرُ كَالشَّيْخِ في الْكَافِي وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ تَابَعَهُ عليها الشَّارِحُ وابن منجا وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ في مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
1-
(3/281)
ذكره القاضي وابن شهاب وغيرهما لأنه لا يضمن بالسبب ولأنه لا يتعلق بهما حكم مختص والدلالة على الصيد يتعلق بها حكم مختص وهو تحريم الأكل والإثم فصل السَّادِسُ النِّكَاحُ فَإِنْ تَزَوَّجَ أو زَوَّجَ مُحْرِمَةً أو كان وَلِيًّا أو وَكِيلًا لم يَصِحَّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ تَعَمَّدَ أولا لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عن عُثْمَانَ مَرْفُوعًا لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ وَلِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي دَاوُد أَنَّ عُمَرَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إلَى أَبَانَ بن عُثْمَانَ وَأَبَانُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ إنِّي قد أَرَدْت أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بن عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بن جُبَيْرٍ وَأَرَدْت أَنْ تَحْضُرَ فَأَنْكَرَ ذلك عليه وقال سمعت عُثْمَانَ يقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ
وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كان يقول لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ على نَفْسِهِ وَلَا على غَيْرِهِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَرَفَعَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَلِأَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ عنه أنه رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فقال لَا تَتَزَوَّجْهَا وَأَنْتَ مُحْرِمٌ نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه وَلِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وهو مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ نِكَاحَهُ وَعَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ مَعْنَاهُ رَوَاهُمَا أبو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَدَوَاعِيَهُ فَمَنَعَ عَقْدُ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ من دَوَاعِي الْجِمَاعِ فَمَنَعَهُ الْإِحْرَامُ كَالطِّيبِ أو عَقْدٌ لَا يَتَعَقَّبُهُ اسْتِمْتَاعٌ كَالْمُعْتَدَّةِ
وأجاز ( ( ( وأجازه ) ) ) ابن عَبَّاسٍ وابو حَنِيفَةَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَزَوَّجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مَيْمُونَةَ وهو مُحْرِمٌ مُتَّفَقٌ عليه وَلِلْبُخَارِيِّ وَبَنَى بها وهو حَلَالٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ وَلِأَحْمَدَ
____________________
(3/282)
وَالنَّسَائِيُّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ
وَالْجَوَابُ عن يَزِيدَ بن الْأَصَمِّ عن مَيْمُونَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَبَنَى بها حَلَالًا وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال غَرِيبٌ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عن يَزِيدَ بن الاصم مُرْسَلًا وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
وَلِمُسْلِمٍ عنه عن مَيْمُونَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وهو حَلَالٌ قال وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَبِي دَاوُد تَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ وَعَنْ رَبِيعَةَ ابن أبي عبد الرحمن عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ عن أبي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بها حَلَالًا وَكُنْت الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وقال ( ( ( وقالا ) ) ) لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غير حَمَّادِ بن زَيْدٍ عن مَطَرِ بن رَبِيعَةَ
وَلِمَالِكٍ عن رَبِيعَةَ عن سُلَيْمَانَ مُرْسَلًا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ ورجل ( ( ( ورجلا ) ) ) من الْأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ وهو بِالْمَدِينَةِ قبل أَنْ يَخْرُجَ وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وقال ابن الْمُسَيِّبِ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهِلَ وقال أَيْضًا أَوْهَمَ رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ أَيْ ذَهَبَ وَهْمُهُ إلَى ذلك
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى غَلِطَ وَسَهَا يُقَالُ وَهِلَ في الشَّيْءِ وَعَنْ الشَّيْءِ يَوْهَلُ وَهَلًا بِالتَّحْرِيكِ وَلِلْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد هذا الْمَعْنَى عن ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ خَطَأٌ وَكَذَا نَقَلَ أبو الْحَارِثِ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ خَطَأٌ ثُمَّ قِصَّةُ مَيْمُونَةَ مُخْتَلِفَةٌ كما سَبَقَ فَيَتَعَارَضُ ذلك وما سَبَقَ لَا مُعَارِضَ له ثُمَّ رِوَايَةُ الْحِلِّ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَفِيهَا صَاحِبُ الْقِصَّةِ وَالسَّفِيرُ فيها وَلَا مَطْعَنَ فيها وَيُوَافِقُهَا ما سَبَقَ وَفِيهَا زِيَادَةٌ مع صفر ( ( ( صغر ) ) ) ابْنِ عَبَّاسٍ إذَنْ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ ظَهَرَ تَزْوِيجُهَا وهو مُحْرِمٌ أو فِعْلُهُ خَاصٌّ بِهِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
قال أَحْمَدُ فِيمَا سَبَقَ عن عُمَرَ وهو بِالْمَدِينَةِ لَا يُنْكِرُونَهُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ يُرَادُ بِهِ
____________________
(3/283)
الْوَطْءُ غَالِبًا وَيَحْرُمُ بِالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ وَاخْتِلَافِ الدِّينِ وَغَيْرِ ذلك بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ فَافْتَرَقَا وَيُعْتَبَرُ حَالَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فيه فَعَقَدَهُ بَعْدَ حِلِّهِ صَحَّ في الْأَشْهَرِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ فَإِنْ وَكَّلَ ثُمَّ أَحْرَمَ لم يَنْعَزِلْ وَكِيلُهُ في الْأَصَحِّ فإذا حَلَّ فَلِوَكِيلِهِ عَقْدُهُ له في الْأَقْيَسِ وَإِنْ قال عُقِدَ قبل إحْرَامِي قُبِلَ قَوْلُهُ
وَكَذَا إنْ عَكَسَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ فَيَمْلِكُ إقْرَارَهُ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَصِحُّ مع جَهْلِهِمَا وُقُوعُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ من الْمُسْلِمِينَ تَعَاطِي الصَّحِيحَ وَإِنْ وَكَّلَهُ في تَزْوِيجِ مُعْتَدَّةٍ فَفَرَغَتْ فَعَقَدَهُ له فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَصِحَّ وَلَوْ قال تَزَوَّجْتُ وقد حَلَلْتُ قالت بَلْ مُحْرِمَةٌ صُدِّقَ وَتُصَدَّقُ هِيَ في نَظِيرِهَا في الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ ذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْ أَحْمَدَ إنْ زَوَّجَ الْمُحْرِمُ وغيره صَحَّ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِبَاحَةِ مَحْظُورٍ لِحَلَالٍ فلم يَمْنَعْهُ الْإِحْرَامُ كحلقة رأسه ( ( ( رأس ) ) ) حَلَالٍ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وهو نِكَاحٌ فَاسِدٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ الصَّدَاقِ
وَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَفِي التَّعْلِيقِ لم يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَ وَيُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ مالا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَافِرُ وَلَا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ لِلْحَرَجِ لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ واختاره هو الْجَوَازَ لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَبْطُلُ بِفِسْقٍ طَرَأَ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ أَحْرَمَ نَائِبُهُ كَهُوَ وفي إباحة الرجعة فيه وصحتها روايتان المنع نقله الجماعة ونصره القاضي واصحابه كالنكاح والإباحة اختاره الخرقي وجماعة لأنها إمساك ولأنها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة ( 16 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَفِي التَّعْلِيقِ لم يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَ وَيُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ لِلْحَرَجِ لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتَارَ هو الْجَوَازَ لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى وَذَكَرَ بَعْضُ اصحابنا إنْ أَحْرَمَ نَائِبُهُ كَهُوَ انْتَهَى اقْتَصَرَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ على حِكَايَةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَنَائِبِهِ أَنْ يُزَوِّجَ وهو مُحْرِمٌ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى
قلت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْهُمَا كغيرهما ( ( ( كغيرها ) ) ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مسألة 17 قوله وفي إبَاحَةِ الرَّجْعَةِ فيه وَصِحَّتِهَا رِوَايَتَانِ الْمَنْعُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
____________________
1-
(3/284)
مُبَاحَةٌ فَلَا احلال وَلَوْ حَرُمَتْ فَلَا مَانِعَ كَالتَّكْفِيرِ لِلْمُظَاهِرِ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّهَا أَبَاحَتْ الْوَطْءَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَالتَّكْفِيرُ ليس بِعَقْدٍ وَلَيْسَ الْقَصْدُ الكفارة ( ( ( بالكفارة ) ) ) حِلَّ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ لو وطىء ثُمَّ وطىء أو مَاتَتْ كَفَّرَ وَالْكَفَّارَةُ تَجُوزُ في حَالَةٍ لَا يَجُوزُ فيها عَقْدُ النِّكَاحِ كَتَكْفِيرِ من ظَاهَرَ من إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ أو زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ
وَتُكْرَهُ خِطْبَةُ الْمُحْرِمِ كَخُطْبَةِ الْعَقْدِ وَشُهُودِهِ وَحَرَّمَهَا ابن عَقِيلٍ لِتَحْرِيمِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَأَطْلَقَ ابو الْفَرَجِ تَحْرِيمَ الْخِطْبَةِ وَتُكْرَهُ شَهَادَتُهُ فيه وَحَرَّمَهَا ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ حَنْبَلٍ لَا يَخْطِبُ قال وَمَعْنَاهُ لَا يَشْهَدُ النِّكَاحَ ثُمَّ سَلَّمَهُ كَالْمُصَلِّي يَشْهَدُ النِّكَاحَ وَالْمُحْرِمِ يَشْهَدُ شِرَاءَ الصَّيْدِ وَلَا يَعْقِدَانِ وَلَا فِعْلَ لِلشَّاهِدِ في الْعَقْدِ أَمَّا الزِّيَادَةُ في الْخَبَرِ وَلَا يَشْهَدُ فَلَا تَصِحُّ وفي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يُكْرَهُ لِمُحِلٍّ خِطْبَةِ مُحْرِمَةٍ وَإِنَّ في كَرَاهَةِ شَهَادَتِهِ فيه وَجْهَيْنِ كَذَا قال وَلَا فِدْيَةَ بِمَا سَبَقَ كَشِرَاءِ الصَّيْدِ وَيَصِحُّ شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْءٍ غيره لِمَا سَبَقَ قال الشَّيْخُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
ونصره القاضي وأصحابه كالنكاح والإباحة اختاره الخرقي وجماعة انتهى وأطلقهما في الإرشاد والهداية والمبهج والمذهب ومسبوك الذهب المستوعب وغيرهم ذكروه في باب الرجعة وأطلقهما هنا في المقنع والمحرر والحاويين ونظم المفردات وغيرهم
احداهما يباح ويصح وهو الصحيح اختاره الخرقي والقاضي في كتاب الروايتين والشيخ الموفق والشارح وغيرهم وصححه في البداية والمستوعب هنا والتلخيص والبلغة والرعاية الكبرى والتصحيح وتصحيح المحرر والفائق وغيرهم قال ناظم المفردات عليهما الجمهور وجزم به في الإفادات والوجيز ومنتخب الآدمي والمنور وغيرهم وقدمه في الكافي والرعاية الصغرى
والرواية الثانية المنع وعدم الصحة نقلها الجماعة عن الإمام أحمد ونصرها القاضي وأصحابه قال ابن عقيل لا يصح على المشهور قال في الإيضاح وهي أصح ونصرها في المبهج قال الزركشي وهي أشهر عن أحمد
تنبيه قوله لأنه لو وطىء ثم وطىء أو ماتت كفر قال ابن نصر الله ولعله لو عزم أو وطىء ثم ماتت كفر
____________________
1-
(3/285)
فصل السَّابِعُ الْوَطْءُ في قُبُلٍ يَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ في الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا في الْمُوَطَّإِ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عن رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وهو مُحْرِمٌ فَقَالُوا يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حتى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ قال وقال عَلِيٌّ وإذا أهلا ( ( ( أهل ) ) ) بِالْحَجِّ من عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حتى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَفِيهِ أَيْضًا وهو صَحِيحٌ عن ابْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ عن رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وهو بِمِنًى قبل أَنْ يُفِيضَ فَأَمَرَهُ بِنَحْرِ بَدَنَةٍ
وفي رِوَايَةٍ عن عِكْرِمَةَ قال لَا اظنه إلَّا عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قال الذي يُصِيبُ أَهْلَهُ قبل أَنْ يُفِيضَ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عن عِكْرِمَةَ عنه
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ رَجُلًا أتى أَهْلَهُ قبل أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ يوم النَّحْرِ قال يَنْحَرُ جَزُورًا بَيْنَهُمَا
وَلَهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه أنه رَجُلًا أتى عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرٍو يَسْأَلُهُ عن مُحْرِمٍ وَقَعَ بِامْرَأَةٍ فَأَشَارَ إلَى عبد اللَّهِ بن عُمَرَ فقال اذْهَبْ إلَى ذلك وَاسْأَلْهُ قال شُعَيْبٌ فلم يَعْرِفْهُ الرَّجُلُ فَذَهَبْتُ معه فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فقال بَطَلَ حَجُّك قال الرَّجُلُ أَفَأَقْعُدُ قال لَا بَلْ تَخْرُجُ مع الناس وَتَصْنَعُ ما يَصْنَعُونَ فإذا أَدْرَكْتَ قَابِلَ حُجَّ وَأَهْدِ فَرَجَعَ إلَى عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قال اذْهَبْ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَاسْأَلْهُ
قال شُعَيْبٌ فَذَهَبْتُ معه فَسَأَلَهُ فقال له مِثْلَ ما قاله ابن عُمَرَ فَرَجَعَ إلَى عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قال ما تَقُولُ أنت قال أَقُولُ مِثْلَ ما قَالَا وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وزاد وَحُلَّ إذَا حَلُّوا فإذا كان الْعَامُ الْمُقْبِلُ فَاحْجُجْ أنت وَامْرَأَتُك وَأَهْدَيَا هَدْيًا فَإِنْ لم تَجِدَا فَصُومَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ في الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعْتُمَا وفي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَتَفَرَّقَانِ من حَيْثُ يُحْرِمَانِ حتى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَعَمْرُو بن شُعَيْبَ حَدِيثُهُ حَسَنٌ
قال الْبُخَارِيُّ رأيت عَلِيًّا وَأَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيَّ وَإِسْحَاقَ يَحْتَجُّونَ بِهِ قِيلَ له
____________________
(3/286)
فَمَنْ تَكَلَّمَ فيه مَاذَا يقول قال يَقُولُونَ أَكْثَرَ عَمْرُو بن شُعَيْبٍ وَنَحْوَ هذا
وَسَبَقَ في زَكَاةِ الْعَسَلِ وَرَوَى أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ ثُمَّ يحجان ( ( ( يحججان ) ) ) من قَابِلٍ وَيُحْرِمَانِ من حَيْثُ أَحْرَمَا وَيَتَفَرَّقَانِ وَيُهْدِيَانِ جَزُورًا
وَرَوَاهُ أَيْضًا من طَرِيقٍ آخَرَ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ من قَابِلٍ ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ من حَيْثُ يُحْرِمَانِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ حتى يَقْضِيَا نُسُكَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْهَدْيُ
وروى أَيْضًا من طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أخبرني ابن لَهِيعَةَ عن يَزِيدَ بن أبي حَبِيبٍ عن عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ السُّلَمِيِّ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَأَلَ الرَّجُلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال لَهُمَا أَتِمَّا حَجَّكُمَا ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ اخرى قَابِلَ حتى إذَا كُنْتُمَا في الْمَكَانِ الذي أَصَبْتهَا فيه فأحرم ( ( ( فأحرما ) ) ) وَتَفَرَّقَا وَلَا يُؤَاكِلْ وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ أَتِمَّا مَنَاسِكَكُمَا وَأَهْدَيَا رِوَايَةُ الْعَبَادِلَةِ كَابْنِ وَهْبٍ عن ابْنِ لَهِيعَةَ صحيحه عِنْدَ عبد الْغَنِيّ بن سَعِيدٍ
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ يَعْتَبِرُ بِذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ يُضَعِّفُهَا وَرُوِيَ أَيْضًا عن مُجَاهِدٍ وَسُئِلَ عن الْمُحْرِمِ يَأْتِي امْرَأَتَهُ قال كان ذلك على عَهْدِ عُمَرَ فقال يَمْضِيَانِ بِحَجِّهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَجِّهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ حَلَالًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ حتى إذَا كان من قَابِلٍ حَجًّا وَأَهْدَيَا وَتَفَرَّقَا من حَيْثُ أَصَابَهَا حتى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَرَوَى مَعْنَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عنه وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَيَفْسُدُ النُّسُكُ قبل التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا يَفْسُدُ بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ بدنه لنا أَنَّ ما سَبَقَ مُطْلَقٌ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا صَادَفَ إحْرَامًا تَامًّا كَقَبْلِ الْوُقُوفِ وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ عَمَّنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ ثم ( ( ( تم ) ) ) حَجُّهُ يَعْنِي قَارَبَهُ لِبَقَاءِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ
وَلَا يَلْزَمُ من أَمْنِ الْفَوَاتِ أَمْنُ الْفَسَادِ بِدَلِيلِ الْعُمْرَةِ وَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ من الْجُمُعَةِ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ قبل الزَّوَالِ
وَوَطْءُ امْرَأَةٍ في الدُّبُرِ وَاللِّوَاطُ وَبَهِيمَةٍ كَالْقُبُلِ لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَالْغُسْلِ كَالْقُبُلِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ لَا يَفْسُدُ بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ من عَدَمِ لحد ( ( ( الحد ) ) ) وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ
____________________
(3/287)
وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَنَا خِلَافٌ في الْحَدِّ بِذَلِكَ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ
وَعَنْهُ كَقَوْلِنَا وَالنَّاسِي وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ وَنَحْوُهُ كَغَيْرِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِمَا سَبَقَ عن الصَّحَابَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ كَالْفَوَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ تَرْكُ رُكْنٍ فَأَفْسَدَ ولا ( ( ( والوطء ) ) ) وطء فِعْلٌ مَنْهِيٌّ عنه وَقَاسُوا على الصَّلَاةِ لِأَنَّ حَالَاتِ الْإِحْرَامِ مُدْرَكَةٌ كَحَالَاتِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَرْكِ شَرْطِهَا
وفي الْفُصُولِ رِوَايَةٌ لَا يَفْسُدُ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه وهو مُتَّجِهٌ وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ عن الصَّحَابَةِ وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ قبل الْوُقُوفِ شَاةٌ وَبَعْدَهُ بَدَنَةٌ وَالْقَارِنُ عليه دَمٌ وَاحِدٌ نَصَّ عليه لِإِطْلَاقِ ما سَبَقَ وَكَالْمُفْرِدِ وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ فَتَدَاخَلَتْ الْكَفَّارَةُ كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ
وَعَنْهُ وَشَاةٌ لِلْعُمْرَةِ إنْ لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ إنْ وطىء قبل فَوَاتِ الْعُمْرَةِ فَسَدَتْ وَعَلَيْهِ شَاةٌ لها وَشَاةٌ لِلْحَجِّ وَبَعْدَ طَوَافِهَا لَا تَفْسُدُ بَلْ حَجَّةٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ
قال الْقَاضِي وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ هذا على رِوَايَتِنَا عليه طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ كَذَا قال وَالْمَرْأَةُ الْمُطَاوِعَةُ كَالرَّجُلِ لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ الْحَدِّ وَلِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا في السَّبَبِ الْمُوجِبِ كما لو قَتَلَا رَجُلًا أو حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا وَحَلَفَتْ مِثْلَ ذلك فَوَطِئَهَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَدَاوُد وَكَنَفَقَةِ الْقَضَاءِ على الْمُطَاوِعَةِ وَلِأَنَّهُ أكد من الصَّوْمِ وَعَنْهُ يجزئها ( ( ( يجزئهما ) ) ) هَدْيٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَاحِدٌ وَسَبَقَ كَلَامُ الصَّحَابَةِ
وَعَنْهُ لَا فِدْيَةَ عليها لِأَنَّهُ لَا وَطْءَ منها ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ كَالصَّوْمِ وَلَا فِدْيَةَ على مُكْرَهَةٍ نَصَّ عليه كَالصَّوْمِ وَلِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِ وَعَنْهُ بَلَى كَمُطَاوِعَةٍ
وَعَنْهُ يَفْدِي عنها الواطيء ( ( ( الواطئ ) ) ) لِأَنَّ الْإِفْسَادَ منه كَإِفْسَادِ حجة وَكَنَفَقَةِ الْقَضَاءِ
نَقَلَ الْأَثْرَمُ على الزَّوْجِ حَمْلُهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي على أَنْ يَدَعَهَا وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ الرِّوَايَةُ التي في الْمُكْرَهَةِ على الْوَطْءِ في الصَّوْمِ تُكَفِّرُ
____________________
(3/288)
وَتَرْجِعُ بها على الزَّوْجِ لِأَنَّهُ الملجىء ( ( ( الملجئ ) ) ) لها إلَى ذلك كما قُلْنَا تَرْجِعُ عليه بِنَفَقَةِ الْقَضَاءِ في الْحَجِّ
وَكَمَا قُلْنَا في مُحْرِمٍ حُلِقَ رَأْسَهُ مُكْرَهًا أو نَائِمًا إنَّ الْفِدْيَةَ على الْحَالِقِ كَذَا قال وقد عُرِفَ الْكَلَامُ فيه تتوجه ( ( ( فتتوجه ) ) ) هذه الرؤية ( ( ( الرواية ) ) ) هُنَا وفي الرَّوْضَةِ الْمُكْرَهَةُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا وَلَا تَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهَا وَعَلَيْهَا بدنه كَذَا قال ويلزمها ( ( ( ويلزمهما ) ) ) الْمُضِيُّ في فَاسِدِهِ وَحُكْمُهُ كَإِحْرَامٍ صَحِيحٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عن جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَنُصِبَ الْخِلَافُ مع دَاوُد وَذَكَرَ الشَّيْخُ عن الْحَسَنِ وَمَالِكٍ يَجْعَلُ الْحَجَّةَ عُمْرَةً
قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ أَحَبُّ إلى أَنْ يَعْتَمِرَ من التَّنْعِيمِ وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ مَالِكٌ لنا ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } وما سَبَقَ من السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم من عَمِلَ عَمَلًا ليس عليه أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ الْحَجُّ عليه أَمْرُهُ وَالْوَطْءُ ليس عليه أَمْرُهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ ويلزمها ( ( ( ويلزمهما ) ) ) قَضَاؤُهُ إنْ كان فَرْضًا وَتُجْزِئُهُ الْحَجَّةُ من قَابِلٍ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يجزىء عَمَّا يجزىء عنه الْأَوَّلُ لو لم يُفْسِدْهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ أَيَّتُهُمَا حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ التي أَفْسَدَ أو التي قَضَى قال لَا أَدْرِي
وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّفْلِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ لِإِطْلَاقِ ما سَبَقَ من السُّنَّةِ وَلِوُجُوبِهِ بِدُخُولِهِ في الْإِحْرَامِ كنذور ( ( ( كمنذور ) ) ) كَذَا قالوا وَالْمُرَادُ وُجُوبُ إتْمَامِهِ لَا وُجُوبُهُ في نَفْسِهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّهُ تَطَوُّعٌ كَغَيْرِهِ فَيُثَابُ عليه ثَوَابَ نَفْلٍ وَسَبَقَ عِنْدَ من دخل في تَطَوُّعِ صَوْمٍ رِوَايَةٌ غَرِيبَةٌ لَا يَقْضِيهِ وَالْقَضَاءُ على الْفَوْرِ لِتَعْيِينِهِ بِالدُّخُولِ فيه
وَيَلْزَمُ الْإِحْرَامُ من أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ الْمِيقَاتُ أو إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ من السُّنَّةِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ بِدَلِيلِ الْمَسَافَةِ من الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ وَكَالصَّلَاةِ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ في النُّسُكِ سَبَبٌ لِوُجُوبِهِ فَتَعَلَّقَ بِمَوْضِعِ الْإِيجَابِ كَالنَّذْرِ
قال الْقَاضِي فإنه لو نَذَرَ حَجَّةً من دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ لم يَجُزْ أَنْ يُحْرِمَ من الْمِيقَاتِ وَلَزِمَهُ من دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وقد نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إذَا نذر ( ( ( نزر ) ) ) أَنْ يَحُجَّ ما شيا ولم يَنْوِ من أَيْنَ يَمْشِي يَكُونُ ذلك من حَيْثُ حَلَفَ قال ولم يُسَلِّمْ بَعْضُهُمْ هذا اعْتِبَارًا بِالْفَرْضِ
____________________
(3/289)
وَهَذَا مُسَلَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا قال وَفِيهِ نَظَرٌ وَسَبَقَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْحَجِّ من الْمِيقَاتِ وَالْعُمْرَةِ من أَدْنَى الْحِلِّ وَعِنْدَ مَالِكٍ هُمَا من الْمِيقَاتِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُجْزِئُهُمَا إلَّا من حَيْثُ أَهَلَّا الْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ وَنَقَلَ أبو دَاوُد فِيمَنْ أَحْرَمَ من بَغْدَادَ فَحُبِسَ في السِّجْنِ ثُمَّ خُلِّيَ عنه أَيُحْرِمُ من بَغْدَادَ قال يُحْرِمُ من الْمِيقَاتِ أَحَبُّ إلَيَّ
قال الْقَاضِي لِأَنَّ التَّحَلُّلَ من الْحَجِّ لم يَكُنْ بِإِفْسَادٍ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ نَقْلُ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ إلَى الْأُخْرَى لِلْقِيَاسِ السَّابِقِ وَإِطْلَاقِ الصَّحَابَةِ وَظَاهِرُهُ من الْمِيقَاتِ لأن الْمَعْهُودُ وَلِكَرَاهَةِ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِتَقْدِيمِ إحْرَامِهِ كما لو أَحْرَمَ في شَوَّالٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ
وَأَجَابَ الْقَاضِي بِتَأْكِيدِ الْمَكَانِ لِوُجُوبِ الدَّمِ بِمُجَاوَزَتِهِ كَذَا قال وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ على الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ وَسَبَقَ عِنْدَ سُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ بِفَسَادِ السك ( ( ( النسك ) ) ) أو فَوَاتِهِ
وَيُسْتَحَبُّ تَفَرُّقُهُمَا في الْقَضَاءِ قال احمد يَتَفَرَّقَانِ في النُّزُولِ وَالْمَحْمَلِ وَالْفُسْطَاطِ وما أَشْبَهَ ذلك لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ إذَا بَلَغَ الْمَوْضِعَ فَتَاقَتْ نَفْسُهُ فَوَاقَعَ الْمَحْذُورَ فَفِي الْقَضَاءِ وداع ( ( ( داع ) ) ) بِخِلَافِ الْأَدَاءِ ولم يَتَفَرَّقَا في قَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا أَفْسَدَاهُ لِأَنَّ الْحَجَّ أَبْلَغُ في مَنْعِ الدَّاعِي لِمَنْعِهِ مُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا يَتَفَرَّقَانِ لِتَذَكُّرِ شِدَّةِ الْمَشَقَّةِ بِسَبَبِ لَذَّةٍ يَسِيرَةٍ فَيَنْدَمَانِ وَيَتَحَرَّزَانِ وَلَنَا وَجْهٌ يَجِبُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ لِإِطْلَاقِ ما سَبَقَ من السُّنَّةِ وَيَتَفَرَّقَانِ من مَوْضِعِ الْوَطْءِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِمَا سَبَقَ من الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَعْنَى
وَعَنْهُ من حَيْثُ يُحْرِمَانِ وَزُفَرُ إلَى حِلِّهِمَا لِأَنَّ التَّفْرِيقَ خَوْفُ الْمَحْظُورِ فَجَمِيعُ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ وَالْفَرْقُ تَذَكُّرُهُ بِالْمَوْضِعِ وَسَبَقَ مَعْنَى التَّفَرُّقِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَحْرَمُهَا كَظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَكُونُ بِقُرْبِهَا يراعى حَالَهَا لِأَنَّهُ مَحْرَمُهَا وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ غَيْرُ الزَّوْجِ
____________________
(3/290)
وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فَإِنْ كان مَكِّيًّا أو حَصَلَ بها مُجَاوِرًا أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ من الْحِلِّ لِأَنَّهُ مِيقَاتُهَا سَوَاءً كان أَحْرَمَ بها منه أو من الْحَرَمِ وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ وَمَضَى فيها فَأَتَمَّهَا فقال أَحْمَدُ يَخْرُجُ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ منه بِعُمْرَةٍ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ من مَكَّةَ وَفَدَى لِتَرْكِهِ فإذا فَرَغَ منه أَحْرَمَ من الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ التي أَفْسَدَهَا وَفَدَى بِمَكَّةَ لِمَا أَفْسَدَ من عُمْرَتِهِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الميموني ( ( ( والميموني ) ) ) فإذا أفرغ ( ( ( فرغ ) ) ) منه أَحْرَمَ من ذِي الْحُلَيْفَةِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ ما أَفْسَدَ
قال الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ تَفْرِيعًا على رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ إنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ لِلْقَضَاءِ فَهَلْ هو مُتَمَتِّعٌ إنْ أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا على ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ ابراهيم إذَا أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ
وَنَقَلَ ابن إبْرَاهِيمَ رِوَايَةً اخرى تَقْتَضِي إنْ بَلَغَ الْمِيقَاتَ فَمُتَمَتِّعٌ فقال لَا تَكُونُ مُتْعَةً حتى يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ وقال أبو حَنِيفَةَ إنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَمُتَمَتِّعٌ وقال أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا من الْمِيقَاتِ فَمُتَمَتِّعٌ ثُمَّ احْتَجَّ الْقَاضِي على أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْمِيقَاتِ أَنَّهُ لَمَّا أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ حَصَلَ لسفر ( ( ( السفر ) ) ) لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ لِأَنَّهُ لو اعْتَمَرَ من التَّنْعِيمِ وَحَجَّ من عَامِهِ لم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فلما تَعَلَّقَ بِذَلِكَ السَّفَرُ حُكْمٌ وهو بُطْلَانُ التَّمَتُّعِ لم يَبْطُلْ ذلك الْحُكْمُ بِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ كما قُلْنَا فِيمَنْ دخل مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ من بَلَدِهِ في أَشْهُرِ الْحَجِّ ولم يُفْسِدْهَا لَمَّا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ السَّفَرِ حُكْمٌ وهو صِحَّةُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ لو مَضَى فيها وَحَجَّ من عامة كان مُتَمَتِّعًا لم يَبْطُلْ ذلك الْحُكْمُ بِمُجَاوَزَةِ اليمقات ( ( ( الميقات ) ) ) كَذَا هُنَا كَذَا قال
وَقَضَاءُ الْعَبْدِ كَنَذْرِهِ قِيلَ يَصِحُّ في رِقِّهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ فيه بِإِيجَابِهِ وهو من أَهْلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ في الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ حَائِضٍ وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَجَبَتْ شَرْعًا فَوَقَفَتْ على شَرْطِ الشَّرْعِ وَقِيلَ لَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَإِنْ كان ما أَفْسَدَهُ مَأْذُونًا فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 18 قَوْلُهُ وَقَضَاءِ الْعَبْدُ كَنَذْرِهِ قِيلَ يَصِحُّ في رِقِّهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ فيه بِإِيجَابِهِ وهو من أَهْلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ في الْجُمْلَةِ وَقِيلَ لَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ انْتَهَى الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ قَضَاءِ الْعَبْدِ في حَالِ رِقِّهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هذا أَشْهَرُ وقال في كِتَابِ الْمَنَاسِكِ وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ في رِقِّهِ في الْأَصَحِّ لِلُزُومِهِ له كَالنَّذْرِ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ وطء في نُسُكٍ وهو حُرٌّ أو عَبْدٌ صَغِيرٌ فَسَدَ حَيْثُ يَفْسُدُ بِهِ نُسُكُ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ وَيُتِمَّانِهِ إذْن ثُمَّ يَقْضِيَانِهِ إذَا
____________________
1-
(3/291)
قضى ( ( ( زال ) ) ) متى ( ( ( الصغر ) ) ) قدر ( ( ( والرق ) ) ) نقله أبو ( ( ( زالا ) ) ) طالب ولم يملك منعه منه لأن إذنه فيه إذن في موجبه ومقتضاه وإلا ملك منعه لتفويت حقه وقيل لا لوجوبه
وإن أعتق قبل قضاء فنواه انصرف إلى حجة الإسلام على المذهب وكذا يلزم الصبي القضاء نص عليه لأنه تلزمه البدنة والمضي في فَاسِدِهِ كبالغ ( ( ( بحيث ) ) ) وقيل لا لعدم ( ( ( كفاهما ) ) ) تكليفه ويقضيه بعد بلوغه نص عليه وقيل قبله وتكفيهما المقضية عن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ والقضاء ( ( ( كفاهما ) ) ) إن كفت لو ( ( ( قوي ) ) ) صحت كالأداء ( ( ( الجانبين ) ) )
وخالف ابن عقيل قال ( ( ( أشهر ) ) ) كما ( ( ( ولكن ) ) ) قلنا ( ( ( صحح ) ) ) فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم في يوم من رمضان وقلنا يجزئه عنهما فأفطره قضى يومين ومن أفسد القضاء قضى الواجب لا القضاء لأن الواجب لا يزداد كإفساد قضاء صوم وصلاة
وإن جامع بعد تحلله الأول لم يفسد حجة لقوله الحج عرفة وإن من وقف بها تم حجه ولأنه قول ابن عباس خلافا للنخعي والزهري وحماد ويتوجه لنا مثله إن بقي إحرامه وفسد بوطئه وذكر أبو بكر في التنبيه أن من وطيء في الحج ( ( ( كتاب ) ) ) قبل ( ( ( المناسك ) ) ) الطواف ( ( ( فتناقض ) ) ) فسد حجه وحمله بعضهم على ما قبل التحلل وَهَلْ هو بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمٌ ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودُهُ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ فَقِيلَ له فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ عُمْرَةٍ على حَجٍّ فقال إنَّمَا لَا يَصِحُّ على إحْرَامٍ كَامِلٍ وَهَذَا قد تَحَلَّلَ منه
وقال أَيْضًا إطْلَاقُ الْمُحْرِمِ من حَرُمَ عليه الْكُلُّ وفي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ يَبْطُلُ إحْرَامُهُ على احْتِمَالٍ وقال في مُفْرَدَاتِهِ هو مُحْرِمٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا أَنَّهُ مُحْرِمٌ وقال في مسالة ما يُبَاحُ بِالتَّحَلُّلِ يَمْنَعُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ
وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وابن الْحَكَمِ فِيمَنْ وطىء بَعْدَ المرمى ( ( ( الرمي ) ) ) يُنْتَقَضُ إحْرَامُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
زال الصغر والرق فإن زالا في فساده بحيث لو صح كفاهما عن حجة الإسلام كفاهما قضاؤه عنهما وإلا فلا انتهى
تنبيه إتيان المصنف بهذه الصيغة هنا يدل على أن الخلاف قوي من الجانبين وإن كان أحدهما أشهر ولكن صحح في كتاب المناسك فتناقض قوله
____________________
1-
(3/292)
وَيَعْتَمِرُ من التَّنْعِيمِ فَيَكُونُ إحْرَامٌ مَكَانَ إحْرَامٍ فَهَذَا الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ من الْحِلِّ لِيَجْمَعَ بين الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِيَطُوفَ في إحْرَامٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ رُكْنُ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وإذا أَحْرَمَ طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَسَعَى ما لم يَكُنْ سَعَى وَتَحَلَّلَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إنَّمَا وَجَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ من الْحَجِّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وقال وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَالْأَئِمَّةَ أَرَادُوا هذا وَسَمَّوْهُ عُمْرَةً لِأَنَّ هذه أَفْعَالُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا عُمْرَةً حقيقية ( ( ( حقيقة ) ) ) فَيَلْزَمُهُ سَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا كَالشَّيْخِ قال سَوَاءٌ بَعُدَ أول وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وقال شَيْخُنَا أَيْضًا يَعْتَمِرُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُمْ ولما سَبَقَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِحْرَامِ المبتدأ طَوَافٌ وَسَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ وَالْعُمْرَةُ تَجْرِي مَجْرَى الْحَجِّ بِدَلِيلِ الْقِرَانِ بَيْنَهُمَا
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي على أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ عن طَوَافِ الْحَجِّ بِنَقْلِ مُحَمَّدِ ابن أبي حَرْبٍ فِيمَنْ نَسِيَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ حتى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ يَدْخُلُ مُعْتَمِرًا فَيَطُوفُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَعِنْدَ لَا عُمْرَةَ عليه وحجة صَحِيحٌ وَلَا يَفْسُدُ إحْرَامُهُ وَقَالَهُ ابن عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ كُلُّهُ فَلَا يَفْسُدُ بَعْضُهُ كَبَعْدِ التَّحَلُّلَيْنِ
وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَمَا قيل رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَمْ شَاةٌ لِعَدَمِ إفْسَادِهِ لِلْحَجِّ كَوَطْءٍ دُونَ الْفَرْجِ بِلَا إنْزَالٍ وَلَحِقَهُ الْجِنَايَةُ فيه رِوَايَتَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 19 قَوْلُهُ وَهَلْ هو بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمٌ ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودُهُ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ وقال أَيْضًا إطْلَاقُ الْمُحْرِمِ من حَرُمَ عليه الْكُلُّ وفي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ يَبْطُلُ إحْرَامُهُ على احْتِمَالٍ وقال في مُفْرَدَاتِهِ هو مُحْرِمٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا أَنَّهُ مُحْرِمٌ وقال في مَسْأَلَةِ ما يُبَاحُ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ يُمْنَعُ انه مُحْرِمٌ وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ أحكامه ( ( ( أحكام ) ) ) الْإِحْرَامِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وابن الْحَكَمِ فِيمَنْ وطىء بَعْدَ الرَّمْي يُنْتَقَضُ إحْرَامُهُ انْتَهَى
قلت الصَّوَابُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ كما قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ في مَوْضِعٍ في كَلَامِهِمْ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ
____________________
1-
(3/293)
وَإِنْ طَافَ ولم يَرْمِ ثُمَّ وطىء فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كما سَبَقَ وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِوُجُودِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْقَارِنُ كَالْمُفْرَدِ على ما سَبَقَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لِلْحَجِّ لَا لِلْعُمْرَةِ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ الى النَّحْرِ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا سَبَقَ وَتَفْسُدُ قبل فَرَاغِ الطَّوَافِ وَكَذَا قبل سَعْيِهَا إنْ قُلْنَا رُكْنٌ أو وَاجِبٌ وفي التَّرْغِيبِ إنْ وطىء قَبْلَهُ على الرِّوَايَتَيْنِ في كَوْنِهِ رُكْنًا أو غَيْرَهُ وَلَا تَفْسُدُ قبل الْحَلْقِ إنْ لم يَجِبْ وَكَذَا إنْ وَجَبَ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ تَفْسُدُ وفي التَّبْصِرَةِ في فِدَاءِ مَحْظُورِهَا قبل الْحَلْقِ الرِّوَايَتَانِ
وفي الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يَفْسُدُ الْحَجُّ فَقَطْ كَذَا قال وَلَا يَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الا شَاةٌ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِنَقْصِ حُرْمَةِ إحْرَامِهَا عن الْحَجِّ لنقص ( ( ( ولنقص ) ) ) اركانها وَدُخُولِ أَفْعَالِهَا فيه إذَا اجْتَمَعَتْ معه
وَالنَّقْصُ يَمْنَعُ كَمَالَ الْكَفَّارَةِ كَبَعْدِ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وقال الْحَلْوَانِيُّ في الْمُوجَزِ الْأَشْبَهُ بَدَنَةٌ كَالْحَجِّ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا إلَّا أَنْ يَطَأَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أشواطا ( ( ( أشواط ) ) ) فَلَا يَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ لنا أَنَّهُ وطىء في إحْرَامٍ تَامٍّ كَقَبْلِ الْأَرْبَعَةِ
قِيلَ لِأَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَسَدَتْ بِجِمَاعٍ ثُمَّ اعْتَمَرَ من عَامِهِ لَا يَنْوِيهِ يَعْنِي الْقَضَاءَ قال لَا يُجْزِئُهُ حتى ياتي بِعُمْرَةٍ أُخْرَى وَعَلَيْهِ دَمٌ
وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ وَطْئِهِ فذكر بَعْضُ أَصْحَابِنَا في مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَجِبُ مُضِيُّهُ فيه وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَنْعَقِدُ لِمُنَافَاتِهِ له وَسَبَقَ في الرِّدَّةِ في الْأَذَانِ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ قد يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ الواطىء ( ( ( الواطئ ) ) ) وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 20 قوله وهل يلزمه بدنة أو شاة فيه روايتان انتهى يعني إذا وطىء بعد التحلل الأول وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمقنع والتلخيص والمحرر وشرح ابن منجا والزركشي وغيرهم
إحداهما يلزمه شاة وهو الصحيح نص عليه وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح قال ابن البنا في عقوده وأبو المعالي في خلاصته يلزمه دم جزم به في الإرشاد والإيضاح والكافي والمنور وغيرهم وصححه القاضي في كتاب الروايتين وقدمه في المعنى والشرح وابن رزين وغيرهم
والرواية الثانية يلزمه بدنة جزم به في الإفادات والوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الرعايتين والحاويين والنظم والفائق وغيرهم
____________________
1-
(3/294)
الْمُرْتَدِّ وياتي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في فَصْلِ من كَرَّرَ مَحْظُورًا فصل الثَّامِنُ الْمُبَاشَرَةُ بِلَمْسٍ أو نَظَرٍ للشهوة ( ( ( لشهوة ) ) ) فَإِنْ وطىء دُونَ الْفَرْجِ أو قَبَّلَ أو لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فَذُكِرَ له في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ قَوْلُ سُفْيَانَ يَقُولُونَ عليه بَدَنَةٌ وقد تَمَّ حَجُّهُ فقال جَيِّدٌ وقال في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ ابن عَبَّاسٍ جَعَلَ عليه بَدَنَةً وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَاسُوهُ على الْوَطْءِ في الْفَرْجِ
وَعَنْهُ شَاةٌ إنْ يَفْسُدْ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهَا الْحَلْوَانِيُّ كما لو لم يُنْزِلْ وَالْقِيَاسَانِ ضَعِيفَانِ وفي فَسَادِ نُسُكِهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في الْوَطْءِ دُونَهُ وَأَنْزَلَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ فَأَفْسَدَهَا الْإِنْزَالُ عن مُبَاشَرَةٍ كَالصَّوْمِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِنَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى عن الرَّفَثِ وهو عَامٌّ فيه وَالنَّهْيُ يَدُلُّ على فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عنه
وَالثَّانِيَةُ لَا يَفْسُدُ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالصَّوْمُ يَفْسُدُ بِجَمِيعِ مَحْظُورَاتِهِ وَالْحَجُّ بِالْجِمَاعِ فَقَطْ وَالرَّفَثُ مُخْتَلَفٌ فيه بين الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فلم نَقُلْ بِجَمِيعِهِ مع أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِهِ في الْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ أَمْنَى بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ وَإِنْ لم يُنْزِلْ لم يَفْسُدْ وقال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة 21 قَوْلُهُ فَإِنْ وطىء دُونَ الْفَرْجِ أو قَبَّلَ أو لَمَسَ بِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَعَنْهُ شَاةٌ إنْ لم يَفْسُدْ وفي فَسَادِ نُسُكِهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ نَصَرَهَا الْقَاضِي واصحابه واختاره ( ( ( واختارها ) ) ) الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في الْوَطْءِ دُونَهُ وَأَنْزَلَ الثَّانِيَةُ لايفسد اختاره ( ( ( يفسد ) ) ) الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ انْتَهَى واطلقهما في الْإِرْشَادِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَفْسُدُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ والشارع وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَفْسُدُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في الْمُبْهِجِ فَسَدَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَكَذَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ إذَا أَنْزَلَ وقال الزَّرْكَشِيّ هذه اشهرها
____________________
1-
(3/295)
الشيخ لا نعلم فيه خلافا كالصوم وكعدم الشهوة وسبق في الصوم خلاف ومثله هنا وظاهر كلام الحلواني أن لنا في المسألة خلافا
وعن ابن عباس أنه قال لرجل قبل أهله أفسدت حجك ومعناه عن سعيد بن جبير وغيره وحمله الشيخ وغيره على الإنزال وسياتي قَوْلُهُ عليه السلام الحج عرفة وأن من وقف ( ( ( ينزل ) ) ) بها تم ( ( ( يفسد ) ) ) حجه وَعَلَيْهِ شَاةٌ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وفي رِوَايَةٍ بَدَنَةٌ نصره ( ( ( نصرها ) ) ) الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالْوَطْءِ وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى لم يَفْسُدْ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالْمُبَاشَرَةُ أَبْلَغُ وَعَلَيْهِ بدنه نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّهُ من دَوَاعِي الْجِمَاعِ كقبله وَطِيبٍ
وَعَنْهُ شَاةٌ وَرَوَى النَّجَّادُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلَيْنِ وَرَوَى الْأَثْرَمُ عنه الثَّانِيَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عليه وَلَوْ أَنْزَلَ
وقال الْحَنَفِيَّةُ إنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى لَا شَيْءَ عليه قال صَاحِبُ الْهِدَايَةِ منهم لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الْجِمَاعُ ولم يُوجَدْ فَصَارَ كما لو تَفَكَّرَ فَأَمْنَى وَالِاسْتِمْنَاءُ مِثْلُهُ وَإِنْ مَذَى بِتَكْرَارِ نَظَرٍ أو امنى بِنَظْرَةٍ
وفي الرَّوْضَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أو مَذَى بِنَظْرَةٍ فَشَاةٌ لِأَنَّهُ جُزْءٌ من الْمَنِيِّ حَصَلَ بِهِ لَذَّةٌ وفي الْكَافِي لَا فِدْيَةَ بِمَذْيٍ بِتَكْرَارِ نَظَرٍ فَيَتَوَجَّهُ منه تَخْرِيجٌ وَلَا بِمَذْيٍ بِغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي ( ( ( الآمدي ) ) ) الْبَغْدَادِيُّ في كِتَابِهِ إنْ مَذَى بِاسْتِمْنَاءٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً يَفْدِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 22 قوله وإن لم ينزل لم يفسد وعليه شاة في رواية اختارها جماعة منهم الخرقي والشيخ وفي رواية بدنة نصرها القاضي وأصحابه كالوطء انتهى يعني إذا وطىء دون الفرج أو قبل أو لمس لشهوة ولم ينزل وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص وشرح ابن منجا
إحداهما عليه شاة وهو الصحيح اختاره الشيخ الموفق في المغني والشارح والناظم وجزم به الخرقي وصاحب الكافي والوجيز وشرح ابن رزين والزركشي وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمقنع والرعايتين والحاويين وغيرهم
والرواية الثانية يلزمه بدنة نصرها القاضي وأصحابه كما قال المصنف
____________________
1-
(3/296)
بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ أَنْزَلَ أولا وَمُرَادُهُ إنْ كَرَّرَهُ وَأَخَذَهَا من نَقْلِ الْأَثْرَمِ فِيمَنْ جَرَّدَ أمرأته ولم يَكُنْ منه غَيْرُ التَّجْرِيدِ عليه شَاةٌ وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ على لَمْسٍ أو مَذْيٍ لِنَظَرِهِ عليه السَّلَامُ إلَى نِسَائِهِ وَكَذَا اصحابه وَلَا حُجَّةَ فيه لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ عَيْنٍ وقد يُؤْخَذُ من كَلَامِهِ هذا جَوَازُهُ لِشَهْوَةٍ وَلِهَذَا في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ أن كَرَّرَ النَّظَرَ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ فَلَا شَيْءَ عليه لِقَوْلِهِ إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسَهَا مالم تَكَلَّمْ أو تَعْمَلْ بِهِ مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَنَّهُ دُونَ النَّظَرِ
وَعَنْ أبي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ إنَّهُ كَالنَّظَرِ لِقُدْرَتِهِ عليه وَخَطَأٌ كَعَمْدٍ كَوَطْءٍ
وَقِيلَ لَا كما سَبَقَ في الصَّوْمِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ نِسْيَانٌ غَالِبًا وَتَفْسُدُ الْعِبَادَةُ بِمُجَرَّدِهِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ مع شَهْوَةٍ وَيَتَوَجَّهُ خَطَأِ ما سَبَقَ
وَمَنْ عَدِمَ بدنه الْوَطْءِ وَالْمُبَاشَرَةِ لَزِمَهُ صَوْمٌ كَصَوْمِ الْمُتْعَةِ لِوُجُوبِهَا بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ السَّابِقِ فَكَذَا بَدَلُهَا
قال الشَّيْخُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا فَإِنْ لم يَجِدْ صَامَ عن إطْعَامِ كل مِسْكِينٍ يَوْمًا كَجَزَاءِ الصَّيْدِ لَا يَنْتَقِلُ في إحْدَى الرواتين ( ( ( الروايتين ) ) ) إلَى الْإِطْعَامِ مع وُجُودِ الْمِثْلِ وَلَا إلَى الصِّيَامِ مع الْقُدْرَةِ على الْإِطْعَامِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يُخَيَّرُ في الْجَمِيعِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى أَمَّا الشَّاةُ فَيُخَيَّرُ كما يُخَيَّرُ في فِدْيَةِ الْأَذَى لِلتَّرَفُّهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ وَقَعَ على امْرَأَتِهِ في الْعُمْرَةِ قبل التَّقْصِيرِ عليه فِدْيَةٌ من صِيَامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فصل التَّاسِعُ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَاصْطِيَادُهُ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } وَقَوْلِهِ { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُمًا } وَيَأْتِي حُكْمُ الخطأ وَالْعَمْدِ وَيُحْرِمُ وَيَفْدِي ما يُولَدُ منه مع اهلي أو غَيْرِ مَأْكُولٍ وَقِيلَ لَا يَفْدِي ما تَوَلَّدَ من مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ لِأَنَّ اللَّهَ
____________________
(3/297)
إنَّمَا حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ وَهَذَا يَحْرُمُ اكله وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَغْلِيبًا لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ كما غَلَّبُوا تَحْرِيمَ أَكْلِهِ وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَ في يَدِهِ هو او بَعْضُهُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ آدَمِيًّا وَمَالًا بِمُبَاشَرَةٍ او سَبَبٍ وَمِنْهُ جِنَايَةُ دَابَّتِهِ على ما سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في الْغَصْبِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَدَاوُد جُرْحُ الصَّيْدِ لَا يُضْمَنُ لنا أَنَّهُ أَعْظَمُ من تَنْفِيرِهِ وقد مَنَعَهُ الشَّارِعُ وَكُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ضُمِنَتْ ابعاضها كَالْآدَمِيِّ وَالْمَالِ وَلَا حُجَّةَ في الْآيَةِ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ ما نَقَصَهُ
وترحم الدَّلَالَةُ عليه وَالْإِشَارَةُ وَالْإِعَانَةُ وَلَوْ بِإِعَارَةِ سِلَاحٍ لِيَقْتُلَهُ بِهِ سَوَاءً كان معه ما يَقْتُلُهُ بِهِ اولا أو بِمُنَاوَلَتِهِ سِلَاحَهُ أو سَوْطَهُ أو أَمَرَهُ بِاصْطِيَادِهِ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أو يدفعه ( ( ( بدفعه ) ) ) إلَيْهِ فَرَسًا لَا يَقْدِرُ على اخد الصَّيْدِ إلَّا بِهِ لِأَنَّ في خَبَرِ أبي قَتَادَةَ لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هل أَشَارَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْكُمْ أو أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قالوا لَا وَفِيهِ أَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا فلم يُؤْذِنُونِي وَأَحَبُّوا لو أَنِّي أَبْصَرْتُهُ فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فقلت لهم نَاوَلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ قالوا لَا وَاَللَّهِ لَا نُعِينُكَ عليه
وَفِيهِ إذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شيئا فَنَظَرْتُ فإذا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ وَفِيهِ فَبَيْنَمَا أنا مع اصحابي يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ إذْ نَظَرْتُ فإذا أنا بِحِمَارٍ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عليه فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي مُتَّفَقٌ على ذلك وَيَضْمَنُهُ بِذَلِكَ نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ وابن ابراهيم وأبو الْحَارِثِ في الدَّالِّ وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ في الْمُشِيرِ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ فيه وفي الذي يُعِينُ لِخَبَرِ أبي قَتَادَةَ وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عن عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ في مُحْرِمٍ أَشَارَ
وَأَمَّا ما رَوَى ابن عُمَرَ لَا جَزَاءَ على الدَّالِّ فقال الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ عنه ما رَوَاهُ النَّجَّادُ لَا يَدُلُّ الْمُحْرِمُ على صَيْدٍ وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ ثُمَّ حَمَلَهُ على دَلَالَةٍ لم يَتَّصِلْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله في أول فصل قتل صيد البر وقيل لا يفدي ما تولد من مأكول وغيره قدمه في الرعاية انتهى قلت ليس كما قال عن الرعاية فإنه قال فيها وما أكل أبواه فدى وحرم قتله وكذا ما أكل أحد ابويه دونه وقيل لا يفدي كمحرم الأبوين انتهى وجزم بالفدية في الرعاية الصغرى ولعله اراد أن يقول ذكره فسبق القلم فقال قدمه والله أعلم
____________________
1-
(3/298)
بها التَّلَفُ قال وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِعَانَةَ تُوجِبُ الْجَزَاءَ كَذَا الْإِشَارَةُ وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ سَبَبٌ يُؤَثِّرُ في تَحْرِيمِ أَكْلِهِ يَخْتَصُّهُ كَقَتْلِهِ وَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ وَشَرَكٍ وَإِمْسَاكِهِ وَضَمَانُهُ أكد من ضَمَانِ الْمَالِ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَلِهَذَا يَضْمَنُهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ أو شَرَكٍ يَمْلِكُهُ بِخِلَافِ ما لو وَقَعَ بِهِ وَلَوْ نَفَّرَهُ ضَمِنَهُ وَلَوْ افزع عَبْدًا فَأَبَقَ فَلَا زَادَ في الْخِلَافِ وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَتَلِفَ فَرْخُهُ ضَمِنَهُ وَلَوْ غَصَبَهُ فَمَاتَ فَرْخُهُ فَلَا
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَضْمَنُهُ قَادِرٌ لم يَكُفَّ الضَّرَرُ عنه وقال الْقَاضِي أَيْضًا الدَّلَالَة يُضْمَنُ بها الْمَالُ بِدَلِيلِ الْمُودِعُ يَدُلُّ على الْوَدِيعَةِ فَقِيلَ له لِتَفْرِيطِهِ في الْحِفْظِ فقال قد جَعَلْتَ سَبَبًا في التَّفْرِيطِ في الْحِفْظِ فَكَذَا في ضَمَانِ الصَّيْدِ كَالْإِتْلَافِ كَذَا قال وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِإِحْرَامِهِ عَدَمَ التَّعَرُّضِ له فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ ما الْتَزَمَهُ كَالْمُودَعِ بِخِلَافِ الْمُحِلِّ فإنه لم يَلْتَزِمْ وَعَنْ أبي يُوسُفَ وَزُفَرَ عليه الْجَزَاءُ ايضا
وقال أبو الْفَرَجِ في الْمُبْهِجِ إنْ كانت الدَّلَالَةُ مُلْجِئَةً الْمُحْرِمَ الْجَزَاءُ كَقَوْلِهِ دخل الصَّيْدُ في هذه الْمَغَارَةِ وَإِلَّا لم يَلْزَمْهُ كَقَوْلِهِ ذَهَبَ إلَى تِلْكَ الْبَرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُضْمَنُ بِالسَّبَبِ مع الْمُبَاشَرَةِ إذَا لم يَكُنْ مُلْجِئًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ على الْقَاتِلِ وَالدَّافِعِ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بان الْمُمْسِكَ غَيْرُ ملجىء ( ( ( ملجئ ) ) ) وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ وَالدَّلَالَةُ سَبَبٌ غَيْرُ ملجىء ( ( ( ملجئ ) ) ) وَيَضْمَنُ بها الْمُودَعُ وَسَبَقَ ان ضَمَانَ الصَّيْدِ اكد وقال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا شَيْءَ على الدَّالِّ لِمَا سَبَقَ وَسَوَاءً كان الْمَدْلُولُ عليه ظاهر ( ( ( ظاهرا ) ) ) او خَفِيَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا بِدَلَالَتِهِ عليه وَلَا شَيْءَ على دَالٍّ وَمُشِيرٍ لِمَنْ راى الصَّيْدَ قبل دَلَالَتِهِ وَإِشَارَتِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَبَبًا في تَلَفِهِ وَكَذَا لو وُجِدَ من الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أو اسْتِشْرَافٌ فَفَطَنَ له غَيْرُهُ فَصَادَهُ او أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فيه وَظَاهِرُ ما سَبَقَ لو دَلَّهُ فَكَذَّبَهُ لم يَضْمَنْ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَإِنْ نَصَبَ شَبَكَةً ثُمَّ أَحْرَمَ أو أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ كَدَارِهِ أو لِلْمُسْلِمِينَ في طَرِيقٍ وَاسِعٍ لم يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْآدَمِيِّ فِيهِمَا وَأَطْلَقَ في الِانْتِصَارِ ضَمَانَهُ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ
وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ في الْفَارِّ من الزَّكَاةِ بِنَصْبِ الْيَهُودِ الشَّبَكَ يوم الْجُمُعَةِ وَأَخَذُوا يوم الْأَحَدِ ما سَقَطَ فيها وَأَنَّهُ شُرِعَ لنا وَمُرَادُ ما أَطْلَقَ من أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا لم يَتَحَيَّلْ فَالْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وإذا لم يَتَحَيَّلْ فَالْخِلَافُ وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ
وفي الْفُصُولِ في أَوَاخِرِ الْحَجِّ في دِبْقٍ قبل إحْرَامِهِ لَا يَضْمَنُ بِهِ بَلْ بَعْدَهُ
____________________
(3/299)
كَنَصْبِ أُحْبُولَةٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ وَرَمْيٍ اعْتِبَارًا بِحَالِ النَّصْبِ وَالرَّمْيِ وَيَحْتَمِلُ الضَّمَانَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ كَرَمْيِهِ عيدا ( ( ( عبدا ) ) ) فأصابه ( ( ( فأصاب ) ) ) حُرًّا وقال يَتَصَدَّقُ من أذاه او ( ( ( وأفزعه ) ) ) أفزعه بِحَسَبِ اذيته وقال أَظُنُّهُ اسْتِحْسَانًا كَالْآدَمِيِّ قال وَتَقْرِيبُهُ كَلْبًا من مَكَانِ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ كَتَقْرِيبِهِ الصَّيْدَ من مَهْلَكَةٍ
وَمَنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَتَلِفَ أو نَقَصَ في حَالِ نقوره ( ( ( نفوره ) ) ) ضَمِنَ وَإِنْ كان مَكَانَهُ بَعْدَ أَمْنِهِ من نُفُورِهِ فَلَا وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّ عُمَرَ دخل دَارَ النَّدْوَةِ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ على وَاقِفٍ في الْبَيْتِ فَوَقَعَ عليه طَيْرٌ من هذا الْحَمَامِ فَأَطَارَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُلَطِّخَهُ بِسُلْحِهِ فَوَقَعَ على وَاقِفٍ آخَرَ فَانْتَهَزَتْهُ حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ فقال لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ ابن عبد الْحَارِثِ أني وَجَدْت في نَفْسِي أَنِّي أَطْرَتْهُ من مَنْزِلٍ كان فيه آمِنًا إلَى مَوْقِعَةٍ كان فيها حَتْفُهُ فقال نَافِعٌ لِعُثْمَانَ كَيْفَ تَرَى في غَيْرِ ثَنِيَّةٍ عَفْوًا تَحْكُمُ بها على امير الْمُؤْمِنِينَ فقال عُثْمَانُ أَرَى ذلك فَأَمَرَ بها عُمَرُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
وَإِنْ تَلِفَ في حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَوَجْهَانِ وَإِنْ رَمَاهُ فَأَصَابَهُ ثُمَّ سَقَطَ على آخَرَ فَمَاتَا ضَمِنَهُمَا وَإِنْ مشي الْمَجْرُوحُ قَلِيلًا ثُمَّ سَقَطَ على الْآخَرِ ضَمِنَ الْمَجْرُوحَ فَقَطْ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ يَضْمَنُهُمَا وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أو أَعَانَهُ أو أَشَارَ فَقَتَلَهُ أو اشْتَرَكَا في قَتْلِهِ فَرِوَايَاتٌ
إحْدَاهُنَّ جَزَاءٌ وَاحِدٌ على الْجَمِيعِ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ في الْمُشْتَرِكِينَ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْمِثْلَ فَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ وَمَنْ قَتَلَهُ ظَاهِرٌ في الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ فَالْقَتْلُ هو الْفِعْلُ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الرُّوحِ وهو فِعْلُ الْجَمَاعَةِ لَا فِعْلُ كل وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ من جاء بِعَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَجَاءَ بِهِ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ الْمَجِيءَ مُشْتَرَكٌ بِخِلَافِ من دخل دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَدَخَلَهَا جَمَاعَةٌ لِوُجُودِ الدُّخُولِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 23 قوله وإن تلف في حال نفوره بآفة سماوية فوجهان انتهى أحدهما يضمن وهو الصحيح قدمه في الرعاية وهو الصواب وهو ظاهر كلام اكثر الأصحاب حيث قالوا لو نفره فتلف فعليه الضمان وأطلقوا التلف فشمل كلامهم الآفة السماوية وغيرها وهو كالصريح في كلامه في الكافي وغيره ولا يمكن احالته على غير السبب فتعين إحالته عليه والله أعلم
والوجه الثاني لا يضمن قال في الرعاية وقيل لا بآفة سماوية في الأصح
____________________
1-
(3/300)
وهو الِانْفِصَالُ من خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ مُنْفَرِدًا وَلِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ في الضَّبُعِ كَبْشٌ ولم يُفَرِّقْ وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن عُمَرَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عن ابْنِ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ النَّجَّادُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عن ابْنِ عَبَّاسٍ ولم يُعْرَفْ لهم مُخَالِفٌ وَلِأَنَّهُ جَزَاءٌ عن مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ وَيَحْتَمِلُ التَّبْعِيضَ فَكَانَ وَاحِدًا كَقِيَمِ الْعَبِيدِ وَالْمُتْلَفَاتِ وَكَذَا الدِّيَةُ لَا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ على الْأَشْهَرِ الْأَصَحِّ فِيهِمَا
قال الْقَاضِي وَجَزَاءُ الصَّيْدِ يَتَبَعَّضُ لِأَنَّهُ لو مَلَكَ بَعْضَ الْجَزَاءِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يَخْرُجُ بَعْضُ الرَّقَبَةِ وَيَصُومُ وَمَتَى ثَبَتَ اتِّحَادُ الْجَزَاءِ في الْهَدْيِ ثَبَتَ في الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أو عَدْلُ ذلك صِيَامًا } وَلِمَا سَبَقَ
الثانية ( ( ( والثانية ) ) ) على كل وَاحِدٍ جَزَاءٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ في الْمُشْتَرِكِينَ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَيَأْتِي خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ في الِاشْتِرَاكِ في صَيْدِ الْحَرَمِ
وَالثَّالِثَةُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كل وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْجَزَاءَ بَدَلٌ لَا كَفَّارَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَطَفَ عليه الْكَفَّارَةَ وَالصَّوْمُ كَفَّارَةٌ فَتَكْمُلُ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ من مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو وطيء في نَهَارِ رَمَضَانَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عنها إنْ كان من أَهْلِ الْعِتْقِ وَإِلَّا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا صَوْمٌ كَامِلٌ وَهِيَ طَرِيقٌ جَيِّدَةٌ عليهم قَالَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ لَا جَزَاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ قَاتِلٍ فيوخذ منه لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مع مُبَاشِرٍ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ فَقَتَلَهُ مُحِلٌّ
وَقِيلَ الْقَرَارُ عليه لِأَنَّهُ هو الذي جَعَلَ فِعْلَ الْمُمْسِكِ عِلَّةً وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَجَزَمَ بِهِ ابن شِهَابٍ أَنَّهُ على الْمُمْسِكِ لِتَأَكُّدِهِ وَأَنَّ عَكْسَهُ الْمَالُ كَذَا قال وَإِنْ كان الدَّلِيلُ وَالشَّرِيكُ لَا ضَمَانَ عليه كَالْمُحِلِّ في الْحِلِّ فَالْجَزَاءُ جَمِيعُهُ على (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة ( ( ( المحرم ) ) ) 24 قَوْلُهُ وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أو أَعَانَهُ أو اشار فَقَتَلَهُ أو اشْتَرَكَا في قَتْلِهِ فَرِوَايَاتٌ
____________________
1-
(3/301)
المحرم في الأشهر قال ابن البنا نص عليه كذا قال وإنما أطلق أحمد القول ولم يبين
قال القاضي فيحتمل أنه يريد به جميعه ويحتمل بحصته وذكر بعضهم وجهين لأنه اجتمع موجب ومسقط فغلب الإيجاب كمتولد بين مأكول وغيره وصيد بعضه في الحل وبعضه في الحرم وجزاء الصيد آكد من دية النفس لما سبق في الدال وكذا الخلاف إن كان الشريك سبعا فإن سبق حلال وسبع فجرحه فعلى المحرم جزاؤه مجروحا وإن سبق هو فعليه ارش جرحه فلو كانا محرمين ضمن الجارح نقصه والقاتل تتمة الجزاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
إحْدَاهُنَّ جَزَاءُ وَاحِدٍ على الْجَمِيعِ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ وَالثَّانِيَةُ على كل وَاحِدٍ جَزَاءٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالثَّالِثَةُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كل وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن الْأَكْثَرِ وَقِيلَ لَا جَزَاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ قَاتِلٍ فَيُؤْخَذُ منه لَا يَلْزَمُ مُمْسِكًا مع مُبَاشِرٍ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ فَقَتَلَهُ مُحِلٌّ وَقِيلَ الْقَرَارُ عليه وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَجَزَمَ بِهِ ابن شِهَابٍ أَنَّهُ على الْمُمْسِكِ لِتَأَكُّدِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
إحْدَاهُنَّ على الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي ايضا وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ في مَوْضِعٍ وَقَدَّمَهُ في آخَرَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هذا أَوْلَى قال الزَّرْكَشِيّ هذا الْمُخْتَارُ من الرِّوَايَاتِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ على كل وَاحِدٍ جَزَاءٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَحَكَاهُمَا في الْمُذْهَبِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ فَعَلَى كل وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن الْأَكْثَرِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْمُبْهِجِ وقال هذا أَظْهَرُ انْتَهَى وَالْأَقْوَالُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ الرِّوَايَةِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهَا وقد قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
____________________
1-
(3/302)
وَيَحْرُمُ على الْمُحْرِمِ صَيْدٌ صَادَهُ أو ذَبَحَهُ إجْمَاعًا وَكَذَا إنْ دَلَّ حَلَالًا أو أَعَانَهُ أو اشار وَكَذَا أَكْلُهُ ما صِيدَ له نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرَدَّهُ عليه فلما رَأَى ما في وَجْهِي قال إنَّا لم نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ
وَلِمُسْلِمٍ هذه الْقِصَّةُ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ رِجْلَ حِمَارٍ وفي لَفْظٍ شِقَّ حِمَارٍ وفي لَفْظٍ عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا
وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ في حديث أبي قَتَادَةَ السَّابِقِ قال ولم يَأْكُلْ منه حين أَخْبَرْته أَنِّي اصْطَدْته له
قال أبو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ لَا أَعْلَمُ أن أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ أَكَلَ منه وَعَنْ عَمْرِو بن ابي عَمْرٍو عن الْمُطَّلِبِ بن حَنْطَبٍ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ في الْإِحْرَامِ حَلَالٌ ما لم تَصِيدُوهُ أو يُصَدْ لَكُمْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وأبو
____________________
(3/303)
دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال لَا نَعْرِفُ لِلْمُطَّلِبِ سَمَاعًا من جَابِرٍ وقال ابن أبي حَاتِمٍ يُشْبِهُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا من حديث عَمْرٍو عن رَجُلٍ من الْأَنْصَارِ وَمِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا أخبرني رَجُلٌ ثِقَةٌ من بَنِي سَلِمَةَ عن جَابِرٍ وَعَمْرو من رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ
وقال أَحْمَدُ وأبو حَاتِمٍ وابن عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ وَوَثَّقَهُ أبو زُرْعَةَ وقال ابن مَعِينٍ وأبو دَاوُد النسائي ( ( ( والنسائي ) ) ) ليس بِقَوِيٍّ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بهذا الْخَبَرِ في رِوَايَةِ منها وقال إلَيْهِ أَذْهَبُ
وَصَحَّ عن عُثْمَانَ أَنَّهُ أتى بِلَحْمِ صَيْدٍ فقال لِأَصْحَابِهِ كُلُوا فَقَالُوا أَلَا تَأْكُلُ أنت فقال إنِّي لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ إنَّمَا صِيدَ من اجلي رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَجُوزُ أَكْلُهُ ما صِيدَ له وهو احْتِمَالٌ في الِانْتِصَارِ لِأَنَّ خَبَرَ أبي قَتَادَةَ يَدُلُّ على تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بالاشارة وَالْإِعَانَةِ فَقَطْ قُلْنَا وَبِالْأَمْرِ
وقد ذَكَرَ أبو بَكْرٍ الرَّازِيّ منهم الْجَوَازَ فيه وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عن أبي حَنِيفَةَ قَالَهُ ابن هُبَيْرَةَ وفي الْهِدَايَةِ لهم يَأْكُلُ إذَا لم يَدُلَّ وَلَا أَمَرَ فَهَذَا تَنْصِيصٌ على أَنَّ الدَّلَالَةَ مُحْرِمَةٌ قالوا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ خَبَرُ أبي قَتَادَةَ هذا كَلَامُهُ فَهُوَ حُجَّةٌ عليهم وما سَبَقَ أَخَصُّ وَلَا يَحْرُمُ عليه أَكْلُ غَيْرِهِ نَصَّ عليه لِأَنَّ في خَبَرِ أبي قَتَادَةَ هو حَلَالٌ فَكُلُوهُ مُتَّفَقٌ عليه
وقال أبن أَخِي طَلْحَةَ كنا مع طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ فَأُهْدِيَ لنا طَيْرٌ وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ فَمِنَّا من أَكَلَ وَمِنَّا من تَوَرَّعَ فلم يَأْكُلْ فلما اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَفَّقَ من أَكَلَهُ وقال أَكَلْنَاهُ مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ
____________________
(3/304)
وَأَفْتَى بِهِ أبو هُرَيْرَةَ وقال له عُمَرُ لو افتيتم ( ( ( أفتيتهم ) ) ) بِغَيْرِهِ لَأَوْجَعْتُك رَوَاهُ مَالِكٌ وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ يَحْرُمُ وَقَالَهُ طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ لِخَبَرِ الصَّعْبِ وَكَمَا لو دَلَّ عليه وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وما سَبَقَ أَخَصُّ وَالْجَمْعُ أَوْلَى
وما حَرُمَ على الْمُحْرِمِ لِدَلَالَةٍ أو إعَانَةٍ وَصَيْدٍ له لَا يَحْرُمُ على مُحْرِمٍ غَيْرِهِ كَحَلَالٍ لِمَا سَبَقَ وَلَنَا قَوْلٌ يَحْرُمُ لِأَنَّ ظَاهِرَ خَبَرِ أبي قَتَادَةَ تَحْرِيمُهُ إشَارَةٌ وَاحِدٌ قُلْنَا نعم على الْمُشِيرِ
وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صيد ( ( ( صيدا ) ) ) أثم أَكَلَهُ ضَمِنَهُ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ نَصَّ عليه وأبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ فلم يَتَكَرَّرْ كَإِتْلَافِهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ وَكَصَيْدِ الْحَرَمِ وقتله ( ( ( قتله ) ) ) حَلَالٌ وَأَكَلَهُ وَلِأَنَّهُ حَرَمٌ مَيْتَةٌ وَلَا يَضْمَنُ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ مُحْرِمٌ اخر وَكَذَا إنْ دَلَّ أو أَعَانَ أو أَشَارَ فَأَكَلَ منه
وفي الْغُنْيَةِ عليه الْجَزَاءُ وَإِنْ أَكَلَ ما صِيدَ لِأَجْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ خِلَافًا لِأَصَحِّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لنا أَنَّهُ إتْلَافٌ مُنِعَ منه لِلْإِحْرَامِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَلِهَذَا يُبَاحُ لِغَيْرِهِ فَلَوْ حَرَقَهُ بِنَارٍ فَظَاهِرُ ما سَبَقَ يَضْمَنُهُ وفي الْخِلَافِ لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فيه وَلَوْ سَلَّمْنَا فلم يَنْتَفِعْ بِهِ وكالطبيب ( ( ( وكالطيب ) ) ) لو أَتْلَفَهُ لم يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَطَيَّبَ ضَمِنَهُ وَيَضْمَنُ بَعْضَهُ بمثله لَحْمًا لِضَمَانِ اصله بمثله من النَّعَمِ لا مَشَقَّةَ فيه لِجَوَازِ عُدُولِهِ إلَى عَدْلِهِ من طَعَامٍ أو صَوْمٍ وفي الْخِلَافِ لَا يُعْرَفُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَلَوْ قُلْنَا بِهِ لم يَمْتَنِعْ وَإِنْ سلمتا ( ( ( سلمنا ) ) ) وهو الْأَشْبَهُ باصوله لِأَنَّهُ لم يُوجِبْ في شَعْرِهِ ثُلُثَ دَمٍ لِأَنَّ النَّقْصَ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ لَا يُضْمَنُ بِهِ كَطَعَامِ سَوَّسَ في يَدِ الْغَاصِبِ وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ فلم يَجِبْ كما في الزَّكَاةِ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ وَجْهَيْنِ
وَبَيْضُ الصَّيْدِ مِثْلُهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ قَتَلَهُ لِصِيَالِهِ عليه لم يَضْمَنْ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ كَآدَمِيٍّ وَكَجَمْلٍ صَائِلٍ وَسَلَّمَهُ الْحَنَفِيَّةُ لِأَنَّهُ أُذِنَ من صَاحِبِ الْحَقِّ وهو الْعَبْدُ وَهُنَا
____________________
(3/305)
أَذِنَ الشَّارِعُ لِإِذْنِهِ في الْفَوَاسِقِ لِدَفْعِ أَذًى مُتَوَهَّمٍ فَالْمُتَحَقَّقُ أَوْلَى
وفي التَّنْبِيهِ عليه الْجَزَاءُ وَقَالَهُ زُفَرُ كَجَمَلٍ صَائِلٍ عِنْدَهُمْ وَكَقَتْلِهِ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ في الْأَصَحِّ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَسَوَاءٌ خَشِيَ منه تَلَفًا أو مَضَرَّةً أو على بَعْضِ مَالِهِ وَكَذَا إنْ خَلَّصَهُ من شكة ( ( ( شبكة ) ) ) أو سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَتَلِفَ قبل إرْسَالِهِ لم يَضْمَنْهُ في الْأَشْهَرِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُبَاحٌ كَحَاجَتِهِ كَمُدَاوَاةِ الْوَلِيِّ مُوَلِّيهِ وَلَوْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ فَوَدِيعَةٌ وَلَهُ أَخْذُ ما لَا يَضُرُّهُ كَيَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ وَإِنْ أَزْمَنَهُ فَجَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ كَتَالِفٍ وَكَجُرْحٍ تُيُقِّنَ بِهِ مَوْتُهُ وَقِيلَ ما نَقَصَ لِئَلَّا يَجِبَ جَزَاءَانِ لو قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ وَلِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ وَإِنْ جَرَحَهُ غير مُوحٍ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ
وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غير مُنْدَمِلٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ فَيَجِبُ ما بَيْنَهُمَا فَإِنْ كان سُدُسُهُ وهو مِثْلِيٌّ فَقِيلَ يحب سُدُسُ مِثْلِهِ وَقِيلَ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ وَقِيلَ يضمن ( ( ( يضمنه ) ) ) كُلَّهُ وَكَذَا إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا ولم يَعْلَمْ مَوْتَهُ بِالْجُرْحِ وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 25 قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَحَهُ غير مُوحٍ فَوَقَعَ في مَاءٍ او تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غير مُنْدَمِلٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ فَيَجِبُ ما بَيْنَهُمَا فَإِنْ كان سُدُسُهُ وهو مِثْلِيٌّ فَقِيلَ يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ وَقِيلَ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ كُلَّهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ إحْدَاهُمَا يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ قلت وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قِيَاسًا على ما إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا من الصَّيْدِ فإن الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أن يَضْمَنُهُ بمثله من مِثْلِهِ كما قد صَرَّحَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ وَكَذَا صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمُوا وُجُوبَ مِثْلِهِ من مِثْلِهِ لَحْمًا فَكَذَا هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو قِيَاسُ قَوْلِ من قال بِوُجُوبِ قِيمَةِ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا من الصَّيْدِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَلَعَلَّ الْخِلَافَ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ على هذا الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ خِلَافَهُ قد اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ
____________________
1-
(3/306)
يَضْمَنُ كُلَّهُ إحَالَةً لِلْحُكْمِ على السَّبَبِ الْمَعْلُومِ وهو أَظْهَرُ كَنَظَائِرِهِ وَإِنْ كان مُوحِيًا أو غَابَ غير مُنْدَمِلٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ كَقَتْلِهِ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي واصحابه في كتاب ( ( ( كتب ) ) ) الْخِلَافِ إذَا جرحه ( ( ( جرجه ) ) ) وَغَابَ وَجَهِلَ خَبَرَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ كما لو ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فَلَا يضمنه ( ( ( يضمن ) ) ) بِالشَّكِّ
وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ كَالْجَنِينِ كَذَا قالوا وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ وَسَبَقَ قَوْلُ مَالِكٍ وَدَاوُد أَوَّلَ الْفَصْلِ
وَإِنْ أَحْرَمَ وفي مِلْكِهِ صَيْدٌ لم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه وَلَا يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ كَبَيْتِهِ وَنَائِبِهِ في غَيْرِ مَكَانِهِ وَلَا يضمنه ( ( ( يضمه ) ) ) وَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فيه وَمَنْ غَصَبَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِنْ كان بيده الْمُشَاهَدَةِ كَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَقَفَصِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَمِلْكُهُ بَاقٍ فَيَرُدُّهُ من أَخَذَهُ وَيَضْمَنُهُ من قَتَلَهُ وَإِنْ لم يُرْسِلْهُ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ إنْ امكنه وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ نَصَّ أَحْمَدُ على التَّفْرِقَةِ بين الْيَدَيْنِ وَعَلَيْهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 26 قوله وكذا إنْ وجده ميتا ولم يعلم ( ( ( يفعل ) ) ) موته ( ( ( ولهذا ) ) ) بالجرح وقيل ( ( ( جرحه ) ) ) يضمن ( ( ( حلالا ) ) ) كله ( ( ( فمات ) ) ) إحالة للحكم ( ( ( إحرامه ) ) ) على السبب ( ( ( المحرم ) ) ) المعلوم ( ( ( فعله ) ) ) وهو أظهر كنظائره انتهى ذكر المصنف في هذه المسألة ( ( ( العين ) ) ) طريقتين ( ( ( خاصة ) ) ) للاصحاب ( ( ( كالمغصوب ) ) ) والذي قدمه أنها ( ( ( حنيفة ) ) ) كالمسألة ( ( ( يضمنه ) ) ) التي قبلها ( ( ( ملكه ) ) ) فيها ( ( ( محترم ) ) ) الخلاف المطلق ( ( ( يبطل ) ) ) وقد علمت ( ( ( أتلفه ) ) ) الصحيح ( ( ( المرسل ) ) ) من ( ( ( والواجب ) ) ) الوجهين فيها ( ( ( ترك ) ) ) فكذا ( ( ( التعرض ) ) ) في هذه ( ( ( الإحرام ) ) )
والطريقة الثانية أَنَّهُ يضمنه كله ( ( ( إرساله ) ) ) قال المصنف وهو أظهر قلت ( ( ( يرسله ) ) ) وهو الصواب ( ( ( حله ) ) )
مَسْأَلَةٌ 27 قَوْلُهُ وَإِنْ كان بيده الْمُشَاهَدَةُ كَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَقَفَصِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَمِلْكُهُ بَاقٍ وَإِنْ لم يُرْسِلْهُ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ انْتَهَى
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وهو الضَّمَانُ مُطْلَقًا ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ وَالنَّاظِمُ وابن منجا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وهو تَخْرِيجٌ لِابْنِ عَقِيلٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو الصَّحِيحُ وهو ما جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ في الْمُغْنِي وَكَذَا الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وقد قال الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك نَصَّ أَحْمَدُ على التَّفْرِقَةِ بين الْيَدَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
1-
(3/307)
الأصحاب وللشافعي قولان أحدهما يزول ملكه مطلقا والثاني لا
وله في لزوم إرساله مطلقا قولان والأشهر للحنفية لا يلزمه إرساله من قفص معه ولهم قول إن كان في يده لزمه على وجه لا يضيع لنا على بقاء ملكه قياسه على سائر أملاكه ولا يلزم من منع ابتداء تملكه زواله بدليل البضع ولا من رفع يده المشاهدة لأنه فعل في الصيد والمشتري يلزمه رفع يده عن الشقص المشفوع وملكه ثابت ولنا على أنه لا يلزمه ازالة يده الحكيمة أنه انما نها عن فعله في الصيد ولم يفعل ولهذا لو جرحه حلالا فمات بعد إحرامه لم يلزمه شيء بخلاف يده المشاهدة فإنه فعل الإمساك واستدامته كابتدائه ولهذا لو حلف لا يمسك شيئا حنت باستدامته فهو كاللبس وإن أرسله إنسان من يده المشاهدة لم يضمنه ذكره الأصحاب وأبي يوسف ومحمد لأنه فعل ما تعين على المحرم فعله في هذه العين خاصة كالمغصوب
وعند أبي حنيفة يضمنه لأنه ملكه محترم فلا يبطل بإحرامه وقد أتلفه المرسل والواجب عليه ترك التعرض له ويمكنه ذلك بتخليته بنيته بخلاف أخذه في الإحرام فإنه لم يملكه فلا يضمنه مرسله وقيل للقاضي لا نسلم أنه يلزمه إرساله حتى يلحق بالوحش بل يرفع يده ويتركه في منزله وفي قفصه فقال أما على أصلنا فيلزمه وهو ظاهر كلام أحمد يرسله وأما على قولكم ثم قاسه على ما اصطاده حال الإحرام وهذا الفرع فيه نظر وظاهر كلام غيره خلافه وقد فرق هو في بحثه مع الشافعي بمنع ابتداء التمليك ولهذا قال هو وغيره لا يرسله بعد حله كما لا يترك اللبس بعد حله ويلزمه قبله واعتبره في المغني بعصير تخمر ثم تخلل قبل إراقته فظهر أن قول أبي حنيفة متوجه
وفي الكافي يرسله بعد حله كما لو صاده كذا قال وجزم به في الرعاية ولا يصح ملكه عما بيده المشاهدة وفيه نظر وفي عيون المسائل إن أحرم وعنده صيد زال ملكه عنه ولأنه لا يجوز ابتداء تملكه والنكاح يراد للاستدامة والبقاء فلهذا لا يزول كَذَا قال
وَإِنْ مَلَكَ صَيْدًا في الْحِلِّ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَزِمَهُ رَفْعُ يَدِهِ وَإِرْسَالُهُ فَإِنْ أَتْلَفَهُ أو تَلِفَ ضَمِنَهُ كَصَيْدِ الْحِلِّ في حَقِّ الْمُحْرِمِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَتَوَجَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ وَنَقْلُ الْمِلْكِ فيه لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا نهى
____________________
(3/308)
عن تَنْفِيرِ صَيْدِ مَكَّةَ ولم يُبَيِّنْ مِثْلَ هذا الْحُكْمِ الْخَفِيِّ مع كَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَالصَّحَابَةُ مُخْتَلِفُونَ وَقِيَاسُهُ على الْإِحْرَامِ فيه نَظَرٌ لِأَنَّهُ أكد لِتَحْرِيمِهِ مالا يُحَرِّمُهُ
وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إرْثٍ لِخَبَرِ الصَّعْبِ السَّابِقِ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عليه كَالْخَمْرِ
وَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ لِمَالِكِهِ أَيْضًا
وفي الرِّعَايَةِ لَا شَيْءَ لِوَاهِبِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ رَهْنًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ ولاجزاء وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ وَقِيلَ يُرْسِلُهُ لِئَلَّا تَثْبُتَ يَدُهُ الْمُشَاهَدَةُ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَمِثْلُهُ مُتَّهِبُهُ على وَاهِبِهِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ رَدِّهِ فَهَدَرٌ
وَلَا يُتَوَكَّلُ في صَيْدٍ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا فَسْخُ بَائِعِهِ بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ بَلْ فَسْخُ الْمُشْتَرِي بِهِمَا وَلَا يَدْخُلُ في مِلْكِ الْمُحْرِمِ وَيُرْسِلُهُ وَيَمْلِكُهُ بِإِرْثٍ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ منه وَيَمْلِكُ بِهِ الْكَافِرُ فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ وَقِيلَ لَا كَغَيْرِهِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ فَيَمْلِكُهُ إذَا حَلَّ وفي الرِّعَايَةِ يَمْلِكُهُ بِشِرَاءٍ وإتهاب
وَإِنْ ذَبَحَ صَيْدًا أو قَتَلَهُ فَمَيْتَةٌ نَصَّ عليه قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَتَلَهُ لِصُولِهِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عليه لِمَعْنًى فيه لِحَقِّ اللَّهِ كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِ فَسَاوَاهُ فيه وَإِنْ خَالَفَهُ في غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ له فلم يَحِلَّ لِغَيْرِهِ كَذَبْحٍ لم يُقْطَعْ فيه ما يُعْتَبَرُ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِجُرْحِهِ وَالْمِلْكُ أَوْسَعُ من الْإِبَاحَةِ بِدَلِيلِ الْمَجُوسِيِّ فَتَحْرِيمُهُ أَوْلَى وَهَذَا أَخَصُّ من قَوْله تَعَالَى { إلَّا ما ذَكَّيْتُمْ } وَمِنْ قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ما أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه فَكُلْ
وَعَنْ الْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ إبَاحَتُهُ وهو قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَلَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله ويملكه بإرث وقيل لا وفي الرعاية يملكه بشراء وإتهاب انتهى
قلت قال في الرعاية لا يملك صيدا باصطياده بحال ولا بشراء ولا إتهاب في الأصح فيهما انتهى فلعل في كلام المصنف نقصا وتقديره وفي الرعاية قول يملكه بشراء وإتهاب والله أعلم
____________________
1-
(3/309)
قَوْلٌ يَحِلُّ لِغَيْرِهِ وَأَبَاحَهُ عَمْرُو بن دِينَارٍ وَأَيُّوبُ لِحَلَالٍ
وَإِنْ اُضْطُرَّ فَذَبَحَهُ فَمَيْتَةٌ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ ما اصْطَادَهُ الْمُحْرِمُ أو قَتَلَهُ فَإِنَّمَا هو قَتْلٌ قَتَلَهُ كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَيَتَوَجَّهُ حِلُّهُ لِحِلِّ فِعْلِهِ وَإِنْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ
وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ حَلَّ لِمُحِلٍّ كَكَسْرِ مَجُوسِيٍّ وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ كَالذَّبْحِ لِحِلِّهِ لِمُحْرِمٍ بِكَسْرِ مُحِلٍّ لَا بِكَسْرِ مُحْرِمٍ وقال الرِّعَايَةِ يَحْرُمُ عليه ما كَسَرَهُ وَقِيلَ على حَلَالٍ وَمُحْرِمٍ وَإِنْ أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدًا حتى حَلَّ ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ لِتَحْرِيمِ إمْسَاكِهِ كَغَصْبٍ وَكَذَا بِذَبْحِهِ وهو مَيْتَةٌ لِضَمَانِهِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ كَحَالِ إحْرَامِهِ وَعِنْدَ أبي لخطاب يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُهُ كَصَيْدِهِ بَعْدَ الْحِلِّ كَذَا قال
وَكَذَا إنْ أَمْسَكَ صَيْدَ حَرَمٍ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ وَإِنْ جَلَبَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ
وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فيه احْتِمَالَانِ قَالَهُ في الْفُنُونِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَيْضُهُ وَيَضْمَنُ الصبي ( ( ( الصيد ) ) ) بمثله نَصَّ عليه وَدَاوُد
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ له صَرْفُهَا في النَّعَمِ التي تَجُوزُ في الهداية ( ( ( الهدايا ) ) ) فَقَطْ لنا فَجَزَاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ الْآيَةَ
فَجَزَاءٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ يُقْرَأُ في السَّبْعِ بِتَنْوِينِهِ فَمِثْلُ صِفَةٌ أو بَدَلٌ وَيُقْرَأُ شَاذًّا بِنَصَبِ مِثْلِ أَيْ يَخْرُجُ مِثْلُ وَقَدَّرْنَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ وَيُقْرَأُ بِإِضَافَةِ الْجَزَاءِ إلَى مِثْلِ مثل في حُكْمِ الزَّائِدِ كَقَوْلِهِمْ مِثْلِي لَا يقول ذلك أَيْ أنا لاأقول وَقَدَّرْنَا لِأَنَّ الذي يَجِبُ بِهِ الْجَزَاءُ الْمَقْتُولُ لَا مِثْلُهُ وَمِنْ النَّعَمِ صِفَةٌ لِجَزَاءٍ ان نَوَّنْته أَيْ جَزَاءٌ كَائِنٌ من النَّعَمِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ نَصَبْت مَثَلًا لِعَمَلِهِ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا من صِلَته لَا إنْ رَفَعْته لِأَنَّ ما يَتَعَلَّقُ بِهِ من صِلَتِهِ وَلَا يُفْصَلُ بين الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِصِفَةٍ أو بَدَلٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 28 قوله وكذا إن أمسك صيد حرم وخرج إلى الحل ضمنه بتلفه وإن جلبه ضمنه بقيمته وهل يحرم أم لا لأن تحريم الصيد لعارض فيه احتمالان قاله في الفنون فيتوجه مثله بيضه انتهى قلت الصواب التحريم كأصله وهو ظاهر كلام الأصحاب والله أعلم
____________________
1-
(3/310)
وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ أَضَفْته وَيَجُوزُ مُطْلَقًا جَعْلُهُ حَالًا من الضَّمِيرِ في قَتَلَ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ يَكُونُ من النَّعَمِ { يَحْكُمُ بِهِ } صِفَةُ جَزَاءٍ إذَا نَوَّنْته وإذا اضفته فَفِي مَوْضِعِ حَالٍ عَامِلُهَا مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الْمُقَدَّرِ في الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ
وقال جَابِرٌ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الضَّبُعِ فقال هو صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فيه كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ رَوَاهُ أبو دَاوُد
____________________
(3/311)
حدثنا محمد بن عبد اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ حدثنا جَرِيرُ بن حَازِمٍ عن عبد اللَّهِ ابن عُبَيْدٍ عن عبد الرحمن بن أبي عَمَّارٍ عنه حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَرَوَاهُ ابن ماجة عن عَطَاءٍ عن جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَتُؤْكَلُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال إسْنَادُهُ صَالِحٌ وَلَهُ أَيْضًا عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عن عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَلَهُ عن الْأَجْلَحِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ قال في الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ وفي الظَّبْيِ شَاةٌ وفي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ وفي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ وَالْجَفْرَةُ التي قد أَرْبَعَتْ
الْأَجْلَحُ وَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وقال ابن عَدِيٍّ صَدُوقٌ وقال أبو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وقال ابن حِبَّانَ لَا يَدْرِي ما يقول
وقال أَحْمَدُ ما أقر به من فِطْرٍ وَفِطْرٌ وثقة أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ وَكِلَاهُمَا شِيعِيٌّ وَلِمَالِكٍ عن جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى في الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وفي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وفي الْأَرْنَبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قد ينشط أحيانا فيرفع الحديث وأحيانا يوقفه ومن رفعه فهي زيادة من ثقة مقبولة وقد رفعها ثقتان أحدهما ابن أبي عمار عن جابر والآخر ابراهيم الصائغ عن عطاء عنه ولا سبيل إلى توهيمهما وهما ثقتان لمجرد مخالفة منصور بن زاذان وعبد الكريم بن مالك عن عطاء وإيقافهما إياه لا سيما وفي الطريق إلى ابن زاذان هشيم وهو مدلس وقد عنعنه لكنه قد صرح بالسماع عند البيهقي
وللحديث شاهد مرسل قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس يقول أنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ضبعا صيدا وقضى فيها كبشا
قال الشيخ الألباني ورجاله ثقات وقد وصله الدارقطني وعنه البيهقي من طريق ابن أبي السدي نا الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضبع صيد وجعل فيها كبشا
قال الشيخ الألباني وهذا سند ضعيف من أجل ابن أبي السدي واسمه محمد بن المتوكل العسقلاني فإنه ضعيف وقد اتهم وأما أثر ابن عباس فأخرجه الشافعي وعنه البيهقي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في الضبع كبش قال الشيخ الألباني وهذا إسناد حسن إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه فقد روى أبو بكر بن ابي خيثمة بسند صحيح عن ابن جريج قال إذا قلت قال عطاء فأنا سمعته منه وإن لم أقل سمعت قال الشيخ الألباني وهذه فائدة هامة جدا تدلنا على أن عنعنة ابن جريج عن عطاء في حكم السماء
رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما وهو صحيح دون قوله تؤكل فهي ضعيفه
____________________
1-
(3/312)
بِعَنَاقٍ وفي الْيَرْبُوعِ بحفرة ( ( ( بجفرة ) ) ) فقال أبو طَالِبٍ اذهب إلَيْهِ وَحَكَمَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرحمن ابن عَوْفٍ في ظَبْيٍ بِعَنْزٍ رَوَاهُ مَالِكٌ من رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ عنه ولم يُدْرِكْهُ
وَعَنْ طَارِقِ ابن شِهَابٍ أَنَّ أَرْبَدَ أَوْطَأَ ظَبْيًا فَفَزَرَ ظَهْرَهُ فَسَأَلَ أَرْبَدَ عُمَرَ فقال اُحْكُمْ يا أَرْبَدُ فيه فقال أنت خَيْرٌ مِنِّي يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ واعلم فقال عُمَرُ إنَّمَا أَمَرْتُك أَنْ تَحْكُمَ فيه ولم آمُرْك أَنْ تُزَكِّيَنِي فقال أَرْبَدُ أَرَى فيه جَدْيًا قد جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ فقال عُمَرُ فَذَلِكَ فيه رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى في الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَقَضَى ابن عُمَرَ على جَمَاعَةٍ في ضَبُعٍ بِكَبْشٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَضَى ابن عَبَّاسٍ في حَمَامَةٍ بِشَاةٍ قال عَطَاءٌ من حَمَامِ مَكَّةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
قال أَصْحَابُنَا هو إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ ذلك على وَجْهِ الْقِيمَةِ لِمَا سَبَقَ من الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ وَقَوْلِهِ لِعُمَرَ قد جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ وَلِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالسِّعْرِ وَصِفَةِ الْمُتْلَفِ ولم يُوصَفْ لهم ولم يَسْأَلُوا عنه وَلِأَنَّ الْجَفْرَةَ لَا تجزىء في الْهَدَايَا وَلِأَنَّهَا خَيْرٌ من الْيَرْبُوعِ وَالشَّاةُ خَيْرٌ من الْحَمَامَةِ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُخْرَجٌ على وَجْهِ التَّكْفِيرِ فَكَانَ اصلا كَالْعِتْقِ في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الوطء ( ( ( والوطء ) ) ) في رَمَضَانَ وَبَعْضُهُ هل يَضْمَنُهُ بمثله أَمْ بِقِيمَتِهِ سَبَقَ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِمَّا صيدله
وَإِنْ كان الصَّيْدُ مَمْلُوكًا له أولغيره لَزِمَهُ مع ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِرَبِّهِ الْجَزَاءُ نَصَّ عليه فَإِنْ حَرُمَ أَكْلُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ حَلَّ ضَمِنَ نَقْصَهُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَقِيقَةً وَلِأَنَّهُ مُنِعَ من قَتْلِهِ لِلْإِحْرَامِ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ فَاجْتَمَعَا كَالْعَبْدِ وَعِنْدَ دَاوُد لَا جَزَاءَ قال الْحَنَفِيَّةُ وما نَبَتَ بِنَفْسِهِ في الْحَرَمِ في مِلْكِ رَجُلٍ يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ قِيمَتَهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَقِيمَةً أُخْرَى لِمَالِكِهِ
كَصَيْدِ حرمى وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِمْ إنْ مَلَكَ الْأَرْضَ بِمَا نَبَتَ فيها وَيُعْتَبَرُ الْمِثْلُ بِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ هو على ما حَكَمَ الصَّحَابَةُ زَادَ أبو نَصْرٍ الْعِجْلِيُّ لَا يُحْتَاجُ أَنْ يُحْكَمَ عليه مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ
وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ اقْتَدُوا بِاَلَّذِينَ من بَعْدِي وَ
____________________
(3/313)
أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يُسْتَأْنَفُ الْحُكْمُ وَلَا يكتفي بِهِ لِقَوْلِهِ { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ }
وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي لنا وقال لِخَصْمِهِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارَ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَمَنْ ضَرَبَهُ فَعَلَيْهِ دِينَارٌ لَا يَتَكَرَّرُ الدِّينَارُ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ كَذَا مَثَّلَ وَقَاسَ الْمَسْأَلَةَ على ما حَكَمَ فيه مثله ( ( ( بمثله ) ) ) صَحَابِيَّانِ في وَقْتِهِمَا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ فَرْضَ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ في الصَّحَابِيِّينَ إنْ كان بِنَاءً على أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ قُلْنَا فيه رِوَايَتَانِ
وَإِنْ كان لِسَبْقِ الْحُكْمِ فيه فَحُكْمُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ مِثْلُهُ في هذا لِلْآيَةِ
وقد احْتَجَّ بها الْقَاضِي وقد نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ كُلُّ ما تَقَدَّمَ فيه من حُكْمٍ فَهُوَ على ذلك وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَتْبَعُ ما جاء قد حَكَمَ وَفَرَغَ منه وقد رَجَعَ الْأَصْحَابُ في بَعْضِ المثلى إلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ كما ياتي فَإِنْ عُدِمَ فَقَوْلُ عَدْلَيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ خَبِيرَيْنِ لِاعْتِبَارِ الْخِبْرَةِ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فَيَعْتَبِرَانِ الشَّبَهَ خِلْقَةً لَا قِيمَةً كَفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا الْقَاتِلَ نَصَّ عليه وَهُمَا أَيْضًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِقِصَّةِ اربد السَّابِقَةِ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَتَقْوِيمِهِ عَرَضَ الزَّكَاةِ لِإِخْرَاجِهَا قال ابن عَقِيلٍ إذَا قَتَلَ خَطَأً لِأَنَّ الْعَمْدَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ إلَّا جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ لِعَدَمِ فِسْقِهِ
قال بَعْضُهُمْ وَعَلَى قِيَاسِهِ قَتْلُهُ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ فَمِنْ المثلى في النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ رُوِيَ عن عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ مالك ( ( ( ومالك ) ) ) وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهَا وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ قِيمَتُهَا وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وفي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ رُوِيَ عن عُمَرَ وَعُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ بَدَنَةٌ
____________________
(3/314)
رُوِيَ عن أبي عُبَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وفي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ رُوِيَ عن ابْنِ عباس ( ( ( مسعود ) ) ) وَعَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ وفي الْأُيَّلِ بَقَرَةٌ
رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَالتَّيْتَلُ وَالْوَعْلُ كَالْأُيَّلِ
وَعَنْهُ في كُلٍّ من الْأَرْبَعَةِ بَدَنَةٌ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْوَاضِحِ وَالتَّبْصِرَةِ
وَعَنْهُ لَا جَزَاءَ لِبَقَرَةِ الْوَحْشِ كَجَامُوسٍ
وفي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ التَّيْتَلُ الْوَعْلُ الْمُسِنُّ قال وَالْوَعْلُ هِيَ الْأَرْوَى
وَعَنْ ابْنِ عباس ( ( ( عمر ) ) ) في الْأَرْوَى بَقَرَةٌ وفي الضَّبُعِ كَبْشٌ لِمَا سَبَقَ قال أَحْمَدُ حَكَمَ فيها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِكَبْشٍ
وقال الْأَوْزَاعِيُّ كان الْعُلَمَاءُ بِالشَّامِ يَعُدُّونَهَا من السِّبَاعِ وَيَكْرَهُونَ أَكْلَهَا
قال الشَّيْخُ هو الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى وفي الظَّبْيِ وهو الْغَزَالُ شَاةٌ كما سَبَقَ وَكَذَا الثَّعْلَبُ إنْ أُكِلَ لِأَنَّهُ يشبههه ( ( ( يشبهه ) ) ) وَعَنْ قَتَادَةَ وطاووس ( ( ( وطاوس ) ) ) فيه الْجَزَاءُ وَلَنَا وَجْهٌ أو حُرِّمَ تَغْلِيبًا وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَأَنَّ عليها لَا يَقُومُ وَنَقَلَ بَكْرٌ عليه جَزَاءٌ هو صَيْدٌ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ فيه وفي السِّنَّوْرِ يَحْرُمُ أَكْلُهُمَا وَقَتْلُهُمَا وفي الْقِيمَةِ بِقَتْلِهِمَا رِوَايَتَانِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ في السِّنَّوْرِ أَهْلِيًّا أو بَرِّيًّا حُكُومَةً وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على النَّدْبِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ في سِنَّوْرِ الْبَرِّ حُكُومَةٌ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم الْمُسْتَوْعِبُ ما في حِلِّهِ خِلَافٌ كَثَعْلَبٍ وَسِنَّوْرٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ وَغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ الْخِلَافُ
وفي الرِّعَايَةِ إنْ أُبِحْنَ وَفِيهِنَّ السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ على قَوْلٍ وَمُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ غَيْرُهُ وفي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ لِمَا سَبَقَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فيه جَمَلٌ وَعَنْ عَطَاءٍ شَاةٌ
وَالْعَنَاقُ أُنْثَى من وَلَدِ الْمَعْزِ دُونَ الْجَفْرَةِ وفي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ وَهِيَ من الْمَعْزِ لها أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ
____________________
(3/315)
وقال ابن الزُّبَيْرِ فُطِمَتْ وَرَعَتْ وَقِيلَ يَرُوحُ بها الرَّاعِي على يَدَيْهِ وَعَنْ أَحْمَدَ جَدْيٌ
وَقِيلَ شَاةٌ وَقِيلَ عَنَاقٌ وفي الضَّبِّ جَدْيٌ لِمَا سَبَقَ
وَعَنْهُ شَاةٌ لِأَنَّهُ قَوْلُ جَابِرٍ وَعَطَاءٍ وقال مَالِكٌ قِيمَتُهُ وَالْوَبَرُ كَالضَّبِّ وقال الْقَاضِي فيه جَفْرَةٌ لِأَنَّهُ ليس بِأَكْبَرَ منها وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ شَاةٌ وفي الْحَمَامِ شَاةٌ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ
وَلِلنَّجَّادِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ قال قَضَى عُمَرُ في الْمُحْرِمِ في الطَّيْرِ إذَا أَصَابَهُ شَاةٌ وَلِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ كَحَمَامِ الْحَرَمِ وَقِيَاسُ الشَّيْءِ على جِنْسِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الشَّاةَ إذَا كانت مِثْلًا في الْحَرَمِ فَكَذَا الْحِلُّ وَعِنْدَ مَالِكٍ في حَمَامِ الْحَرَمِ فيه شَاةٌ وفي الْحِلِّ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا شَاةٌ وَالثَّانِيَةُ حُكُومَةٌ كَحَمَامِ الْحِلِّ
وَالْحَمَامُ كُلُّ ما عَبَّ الْمَاءَ أَيْ يَضَعُ مِنْقَارَهُ فيه فَيَكْرَعُ وَيَهْدُرُ كَالشَّاةِ وَيُشْبِهُهَا فيه ولا يَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً كَبَقِيَّةِ الطَّيْرِ فَمِمَّا يشرب ( ( ( شرب ) ) ) كَالْحَمَّامِ وَالْعَرَبِ تُسَمِّيهِ حَمَامًا الْقَطَا وَالْفَوَاخِيتُ وَالْوَرَاشِينُ وَالْقُمْرِيُّ وَالدِّبْسَيْ وَالشَّغَانِينُ
وفي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا في كل مُطَوَّقٍ شَاةٌ لِأَنَّهُ حَمَامٌ وَقَالَهُ الْكِسَائِيُّ فَالْحَجَلُ مُطَوَّقٌ وَلَا يَعُبُّ فَفِيهِ الْخِلَافُ
وَيَضْمَنُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالصَّحِيحَ وَالْمَعِيبَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْحَامِلَ وَالْحَائِلَ بمثله لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْهَدْيُ فيها مُقَيَّدٌ بِالْمِثْلِ وَلِهَذَا فيه مالا يَجُوزُ هَدْيًا مُطْلَقًا كَالْجَفْرَةِ وَالْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ وَلَا يَضْمَنُ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ فَاخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِهِ كَالْمَالِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عنه وَلَا يَجِبُ في أَبْعَاضِهِ وَلَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ وَقِيَاسُ قَوْلِ أبي بَكْرٍ في الزَّكَاةِ يُضْمَنُ مَعِيبًا بِصَحِيحٍ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَخَرَّجَهُ في الْفُصُولِ احْتِمَالًا من الرِّوَايَةِ هُنَاكَ وَفِيهَا تَعْيِينُ الْكَبِيرِ أَيْضًا فَمِثْلُهُ هُنَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
وقال الْقَاضِي يَضْمَنُ الْحَامِلَ بِقِيمَةِ مِثْلِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا أَكْثَرُ من قِيمَةِ لَحْمِهَا وَقِيلَ أو بِحَائِلٍ لِأَنَّ هذه لَا تَزِيدُ في لَحْمِهَا كَلَوْنِهَا وَإِنْ جَنَى عليها فَأَلْقَتْ وجنينها ( ( ( جنينها ) ) ) ضَمِنَ نَقْصَ الْأُمِّ فَقَطْ كما لو جَرَحَهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ في الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ
____________________
(3/316)
وقال في الْمُبْهِجِ إذَا صَادَ حَامِلًا فَإِنْ تَلِفَ حَمْلُهَا ضَمِنَهُ
وفي الْفُصُولِ يَضْمَنُهُ إنْ نهيا ( ( ( تهيأ ) ) ) لِنَفْخِ الرُّوحِ فيه لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَصِيرُ حَيَوَانًا كما يَضْمَنُ جَنِينَ امْرَأَةٍ بِغُرَّةٍ قال جَمَاعَةٌ وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَجَزَاؤُهُ
وقال جَمَاعَةٌ وَمِثْلُهُ يَعِيشُ وقال يَضْمَنُهُ مالم يَحْفَظْهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ لَكِنْ هو لم يَجْعَلْهُ غير مُمْتَنِعٍ فَهُوَ كَطَيْرٍ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ أَمْسَكَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ
وَيَجُوزُ فِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى قال جَمَاعَةٌ بَلْ أَفْضَلَ لِأَنَّهَا أَطْيَبُ وَأَرْطَبُ وفي أُنْثَى بِذَكَرٍ وَجْهَانِ الْجَوَازُ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ لَيْسَتْ من جِنْسِ زِيَادَتِهَا وَكَالزَّكَاةِ
ويجو فِدَاءُ أَعْوَرَ من عَيْنٍ بِأَعْوَرَ من أُخْرَى وَأَعْرَجَ من قَائِمَةٍ بِأَعْرَجَ من أُخْرَى لِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ وَعَكْسُهُ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ
وَكَفَّارَةُ جزاءالصيد على التَّخْيِيرِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله بعد ذكره ضمان الصغير والكبير والصحيح والمعيب والذكر والأنثى والحامل والحائل بمثله وقيل يضمنه مالم يحفظه إلى أن يطير انتهى هذا القول ليس مناسبا لما تقدم من كلام المصنف ولا موافقا له لأن كلامه قبل ذلك في الحمل فلعل هنا نقصا وهو الظاهر أو يقدر ما يصحح ذكر هذا القول والله أعلم
مسألة 29 قوله ويجوز فداء ذكر بأنثى قال جماعة بل أفضل لأنها أطيب وارطب وفي أنثى بذكر وجهان الجواز والمنع انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب المستوعب والكافي والمغني والمقنع والهادي والتلخيص والشرح وشرح ابن منجا والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم
أحدهما الجواز وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهما وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين وغيرهما
والوجه الثاني المنع وصححه في النظم قال في الخلاصة والأنثى أفضل فيفدي به واقتصر عليه وقيل في المحرر والمنور وتذكرة ابن عبدوس تفدي أنثى بمثلها انتهى فظاهر كلام هؤلاء المنع والله أعلم
____________________
1-
(3/317)
وَعَنْهُ يَلْزَمُ الْمِثْلُ فَإِنْ لم يَجِدْ أَطْعَمَ فَإِنْ لم يَجِدْ صَامَ نَقَلَهَا محمد بن الْحَكَمِ رُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَالثَّوْرِيِّ ( وَزُفَرَ ) وَالشَّافِعِيِّ في الْقَدِيمِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا إطْعَامَ فيها وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ في الْآيَةِ لِيَعْدِلَ بِهِ الصِّيَامَ لِأَنَّ من قَدَرَ على الْإِطْعَامِ قَدَرَ على الذَّبْحِ وَكَذَا قَالَهُ ابن عَبَّاسٍ وَلَنَا الْآيَةُ
وأو حَقِيقَةٌ في التَّخْيِيرِ كَآيَةِ فِدْيَةِ الْأَذَى وَالْيَمِينِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ إتْلَافٍ مَنَعَ منه الْإِحْرَامُ أو فيها أَجْنَاسٌ كَالْحَلْقِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّعَامَ فيها لِلْمَسَاكِينِ فَكَانَ من خِصَالِهَا كَغَيْرِهَا وما وَرَدَ من إيجَابِ الْمِثْلِ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْمُقَدَّرِ وَلَا تَخْيِيرَ وَلَا تَرْتِيبَ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ قَوَّمَ الْمِثْلَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بها طَعَامًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٍ وَجَبَ مِثْلُهُ إذَا قُوِّمَ وَجَبَتْ قِيمَةُ مِثْلِهِ كَالْمِثْلِيِّ من مَالِ الْآدَمِيِّ فَيُقَوَّمُ بِالْمَوْضِعِ الذي أَتْلَفَهُ وَبِقُرْبِهِ
نَقَلَهُ ابن الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِالْحَرَمِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ
وَعَنْ أَحْمَدَ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ مَكَانَ إتْلَافِهِ أو بِقُرْبِهِ لَا الْمِثْلُ وَدَاوُد كما لَا مِثْلَ له وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ
وَعَنْهُ له الصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِمَّا خَيَّرَ اللَّهُ فيه وَالطَّعَامُ كَفِدْيَةِ الْأَذَى الْمُخْرَجُ في فِطْرَةٍ وَكَفَّارَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ وَكُلُّ ما يُسَمَّى طَعَامًا وَجَزَمَ بِهِ في الْخِلَافِ في مَسْأَلَةِ الِاشْتِرَاكِ في قَتْلِهِ
وَإِنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ صَامَ عن طَعَامِ كل مِسْكِينٍ يَوْمًا كُلُّ مَذْهَبٍ على أَصْلِهِ فَعِنْدَنَا من البرمد وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ
وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ وَصَاعٌ من غَيْرِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ مُدٌّ وقد جَعَلَ اللَّهُ الْيَوْمَ في الظِّهَارِ في مُقَابَلَةِ الْمِسْكَيْنِ وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ في رِوَايَةٍ يَصُومُ عن مُدٍّ
وفي رِوَايَةٍ عن مُدَّيْنِ فَأَقَرَّهُ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ على ما سَبَقَ وهو أَظْهَرُ
____________________
(3/318)
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ثَوْرٍ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ في الصَّيْدِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَإِنْ بَقِيَ مالا يَعْدِلُ يَوْمًا صَامَ يَوْمًا نَصَّ عليه لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ
وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُ صَوْمٍ لِلْآيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عن بَعْضِ الْجَزَاءِ وَيُطْعِمَ عن بَعْضِهِ كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ وَجَوَّزَهُ محمد بن الْحَسَنِ إنْ عَجَزَ عن بَعْضِ الْإِطْعَامِ
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ بَقِيَ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ فَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ عنه يَوْمًا وَكَذَا عِنْدَهُمْ إنْ كان الْوَاجِبُ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ وما دُونَ الْحَمَامِ كَسَائِرِ الطَّيْرِ يَضْمَنُهُ لِمَا رَوَى النَّجَّادُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال ما أُصِيبَ من الطَّيْرِ دُونَ الْحَمَامِ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَيَأْتِي في الْجَرَادِ وَلِأَنَّهُ مُنِعَ منه لِحَقِّ اللَّهِ كَالْحَمَامِ
وَعَنْ دَاوُد لَا يَضْمَنُ دُونَ الْحَمَامِ وَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانَهُ كَمَالِ الْآدَمِيِّ وفي أَكْبَرَ من الْحَمَامِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ فيه شَاةٌ وَرُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ وَكَالْحَمَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالثَّانِي قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ ( 30 ) قَوْلُهُ وفي أَكْبَرِ من الْحَمَامِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا تَجِبُ فيه شَاةٌ والثاني قِيمَتُهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا تَجِبُ فيه قِيمَتُهُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على وُجُوبِ الشَّاةِ في الْحَمَامِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فيه شَاةٌ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْخُلَاصَةِ أَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ كَالْحَمَامِ وَقِيلَ الْقِيمَةُ وَقِيلَ لَا انْتَهَى ذكرالمصنف مَسْأَلَتَيْنِ
مسألة الْأُولَى 31 إذَا قَتَلَ الْجَرَادَ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عليه فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ
____________________
1-
(3/319)
خولف في الحمام للصحابة
ولا يجوز إخراج القيمة بل طعاما قال القاضي لا يجوز صرفها في الهدي وقيل يخرج القيمة لما يأتي في الجراد
وإن أتلف بيض صيد ضمنه بقيمته نص عليه مكانه لما روى أحمد
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن مطر عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار أن رجلا أو طأ بعيره على أدحي نعام فكسر بيضها فقام إلى علي فسأله فقال له علي عليك بكل بيضة جنين ناقة أو ضراب ناقة فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال هلم إلى الرخصة بكل بيضة صوم أو إطعام مسكين حديث حسن جيد الإسناد
وعن أبي المهزم وهو ضعيف متروك عن أبي هريرة مرفوعا رواه الدارقطني وله ولابن ماجة ثمنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا عليه الْجَزَاءُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ صَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال النَّاظِمُ ويفدي جَرَادٌ في الْأَصَحِّ بِقِيمَةٍ وَلَوْ في طَرِيقٍ يُشْبِهُ بِبُعْدٍ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 32 إذَا مَشَى على بَيْضِ الطَّيْرِ لِحَاجَةٍ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وقد حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَرَادِ إذَا انْفَرَشَ في طَرِيقِهِ وَكَذَا قال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ في الْجَرَادِ فَكَذَا في هذا قلت الضَّمَانُ هُنَا قَوِيٌّ لِنُدْرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
صحيح لغيره رواه أحمد والدارقطني قلت وفي سند الإمام أحمد سعيد ابن أبي عروبة وهو ثقة حافظ كثير التدليس واختلط قلت وقد عنعنه وفيه أيضا مطرين طهمان وهو صدوق كثير التدليس وقد عنعنه أيضا وفي سند الدارقطني سعيد بن أبي عروبة أيضا وقد عنعنه وقد أخرج الحديث ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح وانظر الإرواء
ضعيف رواه ابن ماجه والدارقطني من طريق حسين المعلم عن أبي المهرم عن
____________________
1-
(3/320)
وللنجاد مثله من حديث ابن عمر وللدارقطني مثله من حديث كعب بن عجرة ومن حديث عائشة صيام يوم لكل بيضة وللشافعي عن ابن مسعود وابي موسى في بيضة النعامة صوم أو إطعام مسكين ولأنه صيد لأنه يطلب مثله ولا مثل له فضمن بقيمته كالصيد وقال مالك يضمن بيضة نعامة بعشر قيمة بدنة
وعن داود لا شيء فيه ولا شيء في بيض مذر أو فرخه ميت لأن لا قيمة له قال أصحابنا إلا بيض النعام فإن لقشره قيمة واختار الشيخ لا شيء فيه كسائر ماله قيمة عن غير الصيد وقال الحلواني في الموجز إن تصور وتخلق في بيضه ففيه ما في جنين صيد سقط بالضربة ميتا
وعند الحنفية إن كسر بيض نعامة فقيمته فإن خرج منه فرخ ميت فقيمته استحسانا لأن البيض معد ليخرج منه الفرخ الحي فكسره قبل أوانه سبب موته والقياس يغرم البيضة فقط للشك في حياته وعلى الاستحسان لو ضرب بطن صيد فألقى جنينا ميتا وماتت الأم فعليه قيمتها
ومن كسر بيضة فخرج فرخ حي فعاش فلا شيء فيه وسبق قول يحفظه إلى أن يطير وإن جعل بيضا تحت آخر أو مع بيض صيد أو شيئا فنفر عنه حتى فسد أو فسد بنقله ضمنه لتلفه بسببه إن صح وفرخ فلا وحكم بيض كل حيوان حكمه لأنه جزء منه وفي لبنه قيمته كما سبق مكانه كحلب حيوان مغصوب كذا قيل وفيه نظر طاهر ويضمن الجراد ذكره الشيخ عن أكثر العلماء لأنه طير في البر يتلفه الماء كالعصافير يضمنه بقيمته لأنه لا مثل له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه قال الشيخ الألباني وهذا سند ضعيف جدا أبو المهزم واسمه يزيد بن سفيان ضعيف جدا قال الحافظ في التقريب متروك ومن طريقه رواه الطبراني أيضا كما في نصب الراية وفاته أن يعروه لابن ماجة وأشار البيهقي في سننه إلى تضعيف الحديث
ضعيف جدا رواه الدارقطني والبيهقي قلت وفي سنده ابن أبي يحيى وهو متهم بالكذب وشيخه الحسين ضعيف وقال البيهقي عقبه وروى في ذلك عن جماعة من الصحابة قلت منهم ابن عباس قوله في بيض النعام قيمته وسنده صحيح رواه الدرقني وهو اثر صحيح
____________________
1-
(3/321)
وعنه يتصدق بتمرة عن جرادة
وقال مالك عليه جزاؤه بحكم حكمين لما رواه عن يحيى بن سعيد أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن جرادة قتلها وهو محرم فقال عمر لكعب تعال نحكم فقال كعب درهم فقال عمر لكعب إنك لتجد الدراهم لتمرة خير من جرادة وروي أيضا عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال إني أصبت جرادة وأنا محرم فقال أطعم قبضة من طعام
وللشافعي مثله عن ابن عباس وله أيضا أن عمر قال لكعب في جرادتين قتلهما ونسي إحرامه ثم ذكره فألقاهما ما جعلت في نفسك قال درهمان قال بخ درهمان خير من مائة جرادة اجعل ما جعلت في نفسك
وعند الحنفية يتصدق بما شاء فإن قتله أو أتلف بيض طير لحاجة كالمشي عليه فقيل يضمنه لأنه قتله لنفعه كمضطر وقيل لا لأنه اضطره كصائل وعنه لا يضمن الجراد لأن كعبا أفتى بأخذه وأكله فقال عمر ما حملك أن تفتيهم به قال هو من صيد البحر قال وما يدريك قال والذي نفسي بيده إن هو إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين رواه مالك
وقال ابن المنذر قال ابن عباس هو من صيد البحر ورواه أبو داود من رواية أبي المهزم عن أبي هريرة مرفوعا ومن طريق أخرى وقال الحديثان وهم ورواه عن كعب قوله ولا يضمن ريش طائر وَلَا يَضْمَنُ رِيشً طَائِرٍ إنْ عَادَ لِزَوَالِ النَّقْصِ وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أبو بَكْرٍ عليه حُكُومَةٌ وَذَكَرَ غَيْرُهُ لَا شَيْءَ عليه وَكَذَا شَعْرُهُ
وَإِنْ صَارَ غير مُمْتَنِعٍ فَكَالْجُرْحِ كما سَبَقَ وَإِنْ غَابَ ما فَفِيهِ ما نَقَصَ لِإِمْكَانِ زَوَالِ نَقْصِهِ كما لو جَرَحَهُ وَجَهِلَ حاله وَلَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْجَزَاءِ وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُ كل مُؤْذٍ من حَيَوَانٍ وَطَيْرٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وهو مُرَادُ من أَبَاحَهُ
نَقَلَ حَنْبَلٌ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالذِّئْبَ وَالسَّبُعَ وَكُلَّ ما عَدَا من
____________________
(3/322)
السِّبَاعِ وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا عليه أو لم يَعْدُ
وقال أبو حَنِيفَةَ يَقْتُلُ ما في الْخَبَرِ وَالذِّئْبَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَعَنْ أبي حَنِيفَةَ العقوب ( ( ( العقور ) ) ) وَغَيْرُ الْعَقُورِ وَالْمُسْتَأْنَسُ وَالْمُسْتَوْحِشُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ في ذلك الْجِنْسُ
وَكَذَا الْفَأْرَةُ الْأَهْلِيَّةُ وَالْوَحْشِيَّةُ سَوَاءٌ قال أَصْحَابُهُ وَلَا شَيْءَ في بَعُوضٍ وَبَرَاغِيثَ وَقُرَادٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَيْدٍ وَلَا مُتَوَلِّدَةٍ من الْبَدَنِ وَمُؤْذِيَةٌ بِطَبْعِهَا وَكَذَا النَّمْلُ الْمُؤْذِي وَإِلَّا لم يَحِلَّ قَتْلُهُ لَكِنْ لَا جَزَاءَ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى لنا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَّقَ تَحْرِيمَ صَيْدِ الْبَرِّ بِالْإِحْرَامِ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصِيدَ لِقَوْلِهِ { لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ } وَقَوْلِهِ { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ } ولأنه اضاف الصَّيْدَ الى الْبَرِّ وَلَيْسَ الْمُحَرَّمُ صَيْدًا حَقِيقَةً وَلِهَذَا قال عليه السَّلَامُ الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا خَمْسٌ من الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدْأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ مُتَّفَقٌ عليه مرفوعا
وَلِمُسْلِمٍ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَلِلنَّسَائِيِّ وابن ماجة خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا خَمْسٌ من الدَّوَابِّ ليس على الْمُحْرِمِ في قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ مُتَّفَقٌ عليه
وَلِمُسْلِمٍ في الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فيه يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ
وَسُئِلَ ايضا ما يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ من الدَّوَابِّ فقال حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النبي
____________________
(3/323)
صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كان يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ قال وفي الصَّلَاةِ أَيْضًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حلا ( ( ( حلال ) ) ) في الْحَرَمِ فَأَسْقَطَ الْغُرَابَ رَوَاهُ ابو دَاوُد وَلِأَحْمَدَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ في الْحَرَمِ فَأَسْقَطَ الْحِدَأَةَ
وَلِمُسْلِمٍ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى فَنَصَّ من كل جِنْسٍ على أَدْنَاهُ تَنْبِيهًا وَالتَّنْبِيهُ مُقَدَّمٌ على الْمَفْهُومِ إنْ كان فإن اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ يَدُلُّ على عَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُخَالِفُ لَا يقول بِالْمَفْهُومِ وَالْأَسَدُ كَلْبٌ كما في دُعَائِهِ عليه السَّلَامُ على عُتْبَةَ بن أبي لَهَبٍ وَلِأَنَّ مالا يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَلَا مِثْلِهِ لَا يُضْمَنُ بِشَيْءٍ كَالْحَشَرَاتِ فإن عِنْدَهُمْ لَا يُجَاوِزُ بِقِيمَتِهِ شَاةً لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ
قُلْنَا فَهَذَا لَا جَزَاءَ فيه
وَعِنْدَ زُفَرَ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً ما بَلَغَتْ وهو أَقْيَسُ على أَصْلِهِمْ وقال قَوْمٌ لَا يُبَاحُ قَتْلُ غُرَابِ الْبَيْنِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ فإنه مَثَّلَ بِالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ فَقَطْ وَكَذَا قال الْحَنَفِيَّةُ الْمُرَادُ بِهِ الْغُرَابُ الذي يَأْكُلُ الْجِيَفَ لِلَّفْظِ الْخَاصِّ لَكِنَّ غَيْرَهُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ وفي الْمَفْهُومِ نَظَرٌ هُنَا وَعَنْ أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ قال الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ فيه يَزِيدُ بن أبي زِيَادٍ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ وسبق ( ( ( سبق ) ) ) أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلصِّحَاحِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاعْتَمَدَ عليه الْقَاضِي بِنَاءً على أَنَّ الْعَادِيَ وَصْفٌ لَازِمٌ
وَيَدْخُلُ في الْإِبَاحَةِ الْبَازِي وَالصَّقْرُ وَالشَّاهِينُ وَالْعُقَابُ وَنَحْوُهَا وَالذُّبَابُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(3/324)
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَقْتُلُ الْقِرْدَ وَالنِّسْرَ وَالْعُقَابَ إذَا وَثَبَ وَلَا كَفَّارَةَ فَإِنْ قَتَلَ شيئا من هذه من غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عليه فَلَا كَفَّارَةَ عليه وَلَا يَنْبَغِي له ومالا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ لَا جَزَاءَ فيه لِمَا سَبَقَ
قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ
نَقَلَ أبو دَاوُد يَقْتُلُ كُلَّ ما يُؤْذِيهِ وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ في نَمْلٍ وَنَحْوِهِ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ من غَيْرِ أَذِيَّةٍ وَذَكَرَ منها الذُّبَابَ وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الذَّرِّ وَنَقَلَ مُهَنَّا وَيَقْتُلُ النَّمْلَةَ إذَا عَضَّتْهُ وَالنَّحْلَةَ إذَا أذته وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ نَحْلٍ وَلَوْ بِأَخْذِ كل عَسَلِهِ قال هو وَغَيْرُهُ إنْ لم يَنْدَفِعْ ضَرَرُ نَمْلٍ إلَّا بِقَتْلِهِ جَازَ
قال أَحْمَدُ يُدَخِّنُ لِلزَّنَابِيرِ إذَا خَشِيَ أَذَاهُمْ هو أَحَبُّ إلَيَّ من تَحْرِيقِهِ وَالنَّمْلُ إذَا آذَاهُ يَقْتُلُهُ وَاحْتَجَّ في الْمُغْنِي على تَحْرِيمِ قَتْلِ غَيْرِ مُؤْذٍ بِالنَّهْيِ عن قَتْلِ الْكِلَابِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 33 قَوْلُهُ وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ في نَمْلٍ وَنَحْوِهِ يَعْنِي إذَا لم يُؤْذِ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ من غَيْرِ أَذِيَّةٍ وَذَكَرَ منها الذُّبَابَ وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ انْتَهَى يَعْنِي هل يَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ وَنَحْوِهِ إذَا لم يُؤْذِ أَمْ لَا
قُلْت الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا في مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ أَنَّ قَتْلَ النَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالضُّفْدَعِ لَا يَجُوزُ وقال ابن عَقِيلٍ في آخِرِ الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ وَلَا تَخْرِيبُ أَجْحُرَتِهِنَّ وَلَا قَصْدُهُنَّ بِمَا يَضُرُّهُنَّ وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ الضَّفَادِعِ انْتَهَى وَسُئِلَ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ هل يَجُوزُ احراق بُيُوتِ النَّمْلِ بِالنَّارِ فقال يُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ وَذَكَرَ في الْمُغْنِي في مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْكَلْبِ أَنْ لَا يَضُرَّهُ فيه لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ وكان في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَكَان آخَرَ يُكْرَهُ قَتْلُ مالا يَضُرُّ من نَمْلٍ وَنَحْلٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ انْتَهَى
وهو الذي جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وقال في الْآدَابِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ على الْمَسْأَلَةِ فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ في قَتْلِ مالا يَضُرُّهُ فيه ثلاثا الْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ انْتَهَى وَعَلَى كل حَالٍ الصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ وقد اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ
____________________
1-
(3/325)
فدل على التسوية وأنه إن جاز جاز قتل كل كلب لم يبح اقتناؤه كما هو ظاهر كلام جماعة هنا وهو متجه ويلزم من لم يحرم قتل النمل وأولى وقد سبق قول أحمد يقتل النمل إذا آذته فالكلاب بنجاستها وأكل ما غفل الناس عنه أولى لكن ما استثناه الشرع من كلب الصيد ونحوه يحرم قتله كما أن الكلب الأسود البهيم يباح قتله ذكره الأصحاب لأمر الشارع به وعن ابن عباس مرفوعا نهي عن قتل الخطاطيف وكان يأمر بقتل العنكبوت وكان يقال إنها مسخ رواه أبو يعلى الموصلي بسند واه قال ابن الجوزي في الموضوعات ولا يجوز قتل العنكبوت وفي ذلك بسط في الآداب الشرعية
ولا جزاء في محرم إلا ما سبق من المتولد قال احمد في الضفدع لا فدية فيه نهي عن قتله وفي الإرشاد فيه حكومة ونقله عبد الله وقاله سفيان وذكر لأحمد فقال لا أعرف فيه حكومة وقال ابن عقيل في النملة لقمة أو تمرة إذا لم تؤذه وخرج بعضهم مثله في النحلة وقال بعض أصحابنا في أم حبين جدي وهي دابة معروفة مثل ابن عرس وابن آوى ويقال أم حبينة سميت بذلك لانتفاخ بطنها شبهت بالحبلي ومنه الأحبن وهو المستسقي لأن عثمان رضي الله عنه قضى بذلك رواه الشافعي فيتوجه منه كل محرم لم يؤمر بقتله
وَلَا يَحْرُمُ أَهْلِيٌّ إجْمَاعًا وَالِاعْتِبَارُ في وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ بِأَصْلِهِ نَصَّ عليه فَالْحَمَامُ وَحْشِيٌّ نَصَّ عليه فَفِي أَهْلِيِّهِ الْجَزَاءُ وَالْبَطُّ كَالْحَمَامِ وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهُ أهليه ( ( ( أهليا ) ) ) لِأَنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ كَذَا قالوا وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ في الدَّجَاجِ رواتين وَخَصَّهُمَا ابن أبي مُوسَى بِالدَّجَاجِ السِّنْدِيِّ وَالْجَوَامِيسُ أَهْلِيَّةٌ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّ ما تَوَحَّشَ من إنْسِيٍّ أو تَأَنَّسَ من وَحْشِيٍّ فَلَيْسَ صَيْدًا ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا في الثَّانِيَةِ
وَيَحْرُمُ مَنْعُ الصَّيْدِ الْمَاءَ والكلاولا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ إجْمَاعًا وَالْبَحْرُ الْمِلْحُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ سَوَاءٌ قال اللَّهُ تَعَالَى { وما يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ }
____________________
(3/326)
وما يَعِيشُ فيها كَسُلَحْفَاةٍ وَسَرَطَانٍ كَالسَّمَكِ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ عليه الْجَزَاءُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ما يَعِيشُ في الْبَرِّ له حُكْمُهُ وما يَعِيشُ في الْبَحْرِ له حُكْمُهُ كَالْبَقَرِ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا شَيْءَ في السُّلَحْفَاةِ لِأَنَّهَا من الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْوَزَغِ وَلَا يُقْصَدُ أَخْذُهَا وَيُمْكِنُ أَخْذُهَا بِلَا حِيلَةٍ كَذَا قالوا فَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَبَرِّيٌّ لِأَنَّهُ يُفَرِّخُ وَيَبْيَضُّ في الْبَرِّ وَيَكْتَسِبُ من الْمَاءِ الصَّيْدَ
وفي حِلِّهِ في الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ المخ ( ( ( المنع ) ) ) صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّيْدِ لِلْمَكَانِ فَلَا فَرْقَ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ لِإِطْلَاقِ حِلِّهِ في الْآيَةِ ولأنه ( ( ( ولأن ) ) ) الْإِحْرَامَ لَا يُحَرِّمُهُ كَحَيَوَانٍ أَهْلِيٍّ وَسَبُعٍ الله أَعْلَمُ فصل وَيَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ ما نهى اللَّهُ تَعَالَى عنه مِمَّا فُسِّرَ بِهِ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ وهو السِّبَابُ وَقِيلَ الْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ رُوِيَ عن جَمَاعَةٍ منهم ابن عُمَرَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ قال ابن عَبَّاسٍ هو أَنْ تُمَارِيَ صَاحِبَك حتى تُغْضِبَهُ قال الشَّيْخُ الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ من ذلك كُلِّهِ وقال في الْفُصُولِ يَجِبُ اجْتِنَابُ الْجِدَالِ وهو المماراة ( ( ( الممارة ) ) ) فِيمَا لَا يُعْنِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 34 قوله ولا يحرم صيد البحر وفي حله في الحرم روايتان المنع صححه بعضهم والثانية بحل انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقتنع والهادي والتلخيص وشرح ابن منجا والزركشي وغيرهم
إحداهما لا يباح وهو الصحيح صححه في التصحيح والشرح والشيخ تقي الدين في منسكه وقدمه في المغني وشرح ابن رزين وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الوجيز يحرم صيد البحر على المحرم والحلال مطلقا انتهى
والرواية الثانية يباح جزم به في الإفادات والمنور وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى قال في الفصول وهو اختياري وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه الناظم
____________________
1-
(3/327)
وفي الْمُسْتَوْعِبِ يَحْرُمُ عليه الْفُسُوقُ وهو السِّبَابُ وَالْجِدَالُ وهو الْمُمَارَاةُ فِيمَا لَا يُعْنِي وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ له كُلُّ جدل ( ( ( جدال ) ) ) وَمِرَاءٍ فيها لَا يَعْنِيهِ وَكُلُّ سِبَابٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ كما يَحْرُمُ علي الْمُحِلِّ وَأَوْلَى كَذَا قال وفي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ عن أَكْثَرِ المفسدين ( ( ( المفسرين ) ) ) في قَوْله تَعَالَى { وَلَا جِدَالَ في الْحَجِّ } لَا تُمَارِينَ أَحَدًا فَيَخْرُجُهُ الْمِرَاءُ إلَى الْمُمَارَاةِ وَفِعْلِ مالا يَلِيقُ في الْحَجِّ وَعَنْ جَمَاعَةٍ لَا شَكَّ في الْحَجِّ وَلَا مِرَاءَ فإنه قد عُرِفَ وَقْتُهُ
وَفِيهِ في قَوْلِهِ { وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } قِيلَ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْحِيدِ وَقِيلَ غَيْرُ فَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَقِيلَ إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَفِيهِ في قَوْلِهِ { فَلَا يُنَازِعُنَّكَ في الْأَمْرِ } أَيْ في الذَّبَائِحِ وَالْمَعْنَى فَلَا تُنَازِعْهُمْ وَهَذَا جَائِزٌ في فِعْلٍ لَا يَكُونُ إلَّا من اثْنَيْنِ فإذا قُلْتَ لَا يُجَادِلْنَك فُلَانٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ لَا تُجَادِلْنَهُ وَلِهَذَا قال { وَإِنْ جَادَلُوك فَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } قال وَهَذَا أَدَبٌ حَسَنٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ لِيَرُدُّوا بِهِ من جَادَلَ على سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَلَا يُجِيبُوهُ وَلَا يُنَاظِرُوهُ
وفي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا يُسْتَحَبُّ ان يتوقي الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَنْفَعُ وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ وَاللَّغْوُ وَغَيْرُ ذلك مِمَّا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ وَبَسْطُ هذا في الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَكِتَابِ اصول الْفِقْهِ آخِرَ الْقِيَاسِ وَلِأَحْمَدَ عن عبد اللَّهِ بن نُمَيْرٍ عن حَجَّاجِ بن دِينَارٍ عن أبي غَالِبٍ عن أبي امامة مَرْفُوعًا ما ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عليه الا اتوا ( ( ( أوتوا ) ) ) الْجَدَلَ ثُمَّ قَرَأَ { ما ضَرَبُوهُ لَك إلَّا جَدَلًا } أبو غَالِبٍ مُخْتَلَفٌ فيه قال ابن مَعِينٍ صَالِحُ الحديث وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وقال ابن عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ وقال ابن سَعِيدٍ مُنْكَرُ الحديث وقال أبو حَاتِمٍ ليس بِقَوِيٍّ وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَبَالَغَ ابن الْجَوْزِيِّ فقال لَا يُلْتَفَتُ إلَى رِوَايَتِهِ وَرَوَاهُ ابن ماجة من حديث حَجَّاجٍ وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا جِدَالٌ في الْقُرْآنِ كُفْرٌ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَعَنْ
____________________
(3/328)
محكحول ( ( ( مكحول ) ) ) عن أبي هُرَيْرَةَ ولم يَسْمَعْ منه مَرْفُوعًا لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ حتى يَتْرُكَ الْكَذِبَ في الْمُزَاحَةِ وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كان صَادِقًا وَعَنْ أبي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا أنا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كان مُحِقًّا وَبَيْتٍ في وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كان مَازِحًا وَبَيْتٍ في أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد
وَيُسْتَحَبُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ له كَثْرَتُهُ بِلَا نَفْعٍ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا من كان يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلِيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُت مُتَّفَقٌ عليه وَعَنْهُ مَرْفُوعًا من حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مالا يَعْنِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِأَحْمَدَ من حديث الْحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ مِثْلُهُ وَلَهُ ايضا في لَفْظٍ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ وَتَجُوزُ له التِّجَارَةُ وَعَمَلُ الصَّنْعَةِ وَالْمُرَادُ مالم يَشْغَلْهُ عن مُسْتَحَبٍّ أو وَاجِبٍ قال ابن عَبَّاسٍ كانت عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا في الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا في الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ { ليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا من رَبِّكُمْ } في مَوَاسِمِ الْحَجِّ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَبِي دَاوُد عن مُسَدَّدٍ عن عبد الْوَاحِدِ بن زياده ( ( ( زياد ) ) ) عن الْعَلَاءِ ابن الْمُسَيِّبِ حدثنا أبو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ قال كُنْت رَجُلًا أكري في هذا الْوَجْهِ وكان نَاسٌ يَقُولُونَ ليس له ( ( ( لك ) ) ) حَجٌّ فَلَقِيت ابْنَ عُمَرَ فَقُلْت أني أكري في هذا الْوَجْهِ وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ ليس لَك حَجٌّ فقال ابن عُمَرَ أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّي وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتُفِيضُ من عَرَفَاتٍ وَتَرْمِي الْجِمَارَ قلت بَلَى قال فإن لَك حَجًّا جاء رَجُلٌ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَأَلَهُ مِثْلَ ما سَأَلْتنِي فَسَكَتَ عنه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فلم يُجِبْهُ حتى نَزَلَتْ هذه الْآيَةُ { ليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا من رَبِّكُمْ }
____________________
(3/329)
فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقَرَأَ عليه هذه الْآيَةَ وقال لَك حَجٌّ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أحمد ( ( ( وأحمد ) ) ) وَعِنْدَهُ إنَّا نكري فَهَلْ لنا من حَجٍّ وَفِيهِ وَتَحْلِقُونَ رؤسكم ( ( ( رءوسكم ) ) ) وَفِيهِ فقال أَنْتُمْ حُجَّاجٌ وَسَبَقَ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَصْدُ التِّجَارَةِ ولحج ( ( ( والحج ) ) ) بِالسَّفَرِ
وَيَجُوزُ لُبْسُ الْكُحْلِيِّ وَغَيْرِهِ من الْأَصْبَاغِ وَقَطْعُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِغَيْرِ طِيبٍ وفي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يُسَنُّ وهو أَظْهَرُ وَكَذَا يَجُوزُ الْمُعَصْفَرُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ حدثنا يَعْقُوبُ أَنْبَأْنَا أُبَيٌّ عن إِسْحَاقَ قال فإن نَافِعًا مولى عبد اللَّهِ بن عُمَرَ حدثني عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى النِّسَاءَ في إحْرَامِهِنَّ عن الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وما مَسَّ الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ من الثِّيَابِ وَلْتَلْبَسْ ماأحبت بَعْدَ ذلك من أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أو خَزًّا أو حُلِيًّا أو سَرَاوِيلَ أو قَمِيصًا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد عن أَحْمَدَ وقال رَوَاهُ عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بن مَسْلَمَةَ عن ابْنِ اسحاق إلَى قَوْلِهِ وما مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ من الثِّيَابِ لم يذكر ( ( ( يذكرا ) ) ) ما بَعْدَهُ وَلِلشَّافِعِيِّ عن أبي جَعْفَرٍ قال أَبْصَرَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ على عبد اللَّهِ بن جَعْفَرٍ ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجِينَ وهو مُحْرِمٌ فقال ما هذه الثِّيَابُ فقال عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه ما أخال أَحَدًا يُعَلِّمُنَا السُّنَّةَ فَسَكَتَ عُمَرُ وقال عُرْوَةُ كانت أَسْمَاءُ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُصْبَغَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ ليس فيها زَعْفَرَانٌ
وقال أَسْلَمُ رَأَى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ على طَلْحَةَ يَوْمًا ثَوْبًا مَصْبُوغًا وهو مُحْرِمٌ فقال ما هذا فقال إنما هو مدر فقال إنَّمَا هو مُدَرٌّ فقال إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ الناس فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هذا الثَّوْبَ لَقَالَ إنَّ طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ كان يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ في الْإِحْرَامِ فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ من هذه الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ رَوَاهُمَا مَالِكٌ وَلِلشَّافِعِيِّ عن جَابِرٍ قال تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ وَرَوَى حَنْبَلٌ في مَنَاسِكِهِ حدثنا أبو عبد اللَّهِ حدثنا رَوْحٌ حدثنا حَمَّادٌ عن أَيُّوبَ عن عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قالت كُنَّ أزواج ( ( ( أزاوج ) ) ) النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُحْرِمْنَ في الْمُعَصْفَرَاتِ
وَاخْتُلِفَ عن عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَنَهَى عنه عُثْمَانُ وقال إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عنه فقال له عَلِيٌّ إنَّمَا نَهَانِي رَوَاهُ النَّجَّادُ فَإِنْ صَحَّ ذلك فَلِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ جَاهِلٌ في جَمِيعِ الْأَصْبَاغِ أو يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ كما سَبَقَ في سَتْرِ الْعَوْرَةِ في غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَحَمَلَ
____________________
(3/330)
الْقَاضِي الْخَبَرَ على الِاسْتِحْبَابِ لِاسْتِحْبَابِ الْبَيَاضِ في الْإِحْرَامِ أو على أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ ليس بِطِيبٍ وَلَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ كَسَائِرِ الْأَصْبَاغِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ مالم ينقض فَجَازَ وَإِنْ نقض ( ( ( نفض ) ) ) كَغَيْرِهِ وَجَوَّزَهُ في الْوَاضِحِ مالم ينقض عليه وَكَذَا قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ يُمْنَعُ من لُبْسِهِ وَإِنْ لَبِسَهُ وهو ينقض ( ( ( ينفض ) ) ) فدي وَلِلْمَصْبُوغِ بِالرَّيَاحِينِ حُكْمُهَا مع الرَّائِحَةِ
وَيَجُوزُ الْكُحْلُ بِإِثْمِدٍ لِرَجُلٍ وإمرأة إلَّا لِزِينَةٍ فَيُكْرَهُ نَصَّ على ذلك رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عن ابْنِ عُمَرَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَكَرِهَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وزاد وفي حَقِّهَا أَكْثَرُ لِأَنَّ أَبَانَ بن عُثْمَانَ نهى عنه وقال ضَمِّدْهَا بِالصَّبْرِ وَحَدَّثَ عن عُثْمَانَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمُحْرِمِ إذَا اشتكي عَيْنَيْهِ ضَمَّدَهَا بِالصَّبْرِ
وَعَنْ جَابِرٍ أَنْ عَلِيًّا قَدِمَ الْيَمَنَ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ فَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ عليها فقالت أبي أَمَرَنِي بهذا فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَدَقْتِ صَدَقْتِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَعَنْ عَائِشَةَ أنها قالت لا مرأة اكْتَحِلِي بِغَيْرِ الْإِثْمِدِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ لَكِنَّهُ زِينَةٌ وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ وَلَنَا قَوْلٌ لَا يَجُوزُ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ بِالسَّوَادِ فَظَاهِرُهُ التَّخْصِيصُ
وَيَنْظُرُ الْمُحْرِمُ في الْمِرْآةِ لِحَاجَةٍ كَإِزَالَةِ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهِ وَيُكْرَهُ لِزِينَةٍ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَنَا قَوْلٌ يَحْرُمُ
قال أَحْمَدُ لَا بَأْسَ وَلَا يُصْلِحُ شَعَثًا وَلَا ينقض ( ( ( ينفض ) ) ) عنه غُبَارًا وقال إذَا كان يُرِيدُ زِينَةً فَلَا يَرَى شَعْرَةً فَيُسَوِّيهَا رَوَى أَحْمَدُ من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حديث عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو مَرْفُوعًا إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا يتوجه أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وفي تَرْكِ الأولي نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَأْتُوا شُعْثًا غُبْرًا وقال ابن عَبَّاسٍ يَنْظُرُ الْمُحْرِمُ في الْمِرْآةِ وَنَظَرَ ابن عُمَرَ فيها رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وزاد لِشَكْوَى بِعَيْنَيْهِ وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبَعْضُ من
____________________
(3/331)
أَطْلَقَهُ قَيَّدَهُ في مَكَان آخَرَ بِالْحَاجَةِ وقد سَبَقَ في الْغُسْلِ في إزَالَةِ الشَّعْرِ وَلَا فِدْيَةَ بِذَلِكَ وَبِمَا في هذا الْفَصْلِ إلَّا ما سَبَقَ في الْمُعَصْفَرِ قال الْآجُرِّيُّ وابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَيَلْبَسُ الْخَاتَمَ وَسَبَقَ في الْحُلِيِّ في الزَّكَاةِ لُبْسُهُ لِزِينَةٍ وإذا لم يُكْرَهْ فَيَتَوَجَّهُ في كَرَاهَتِهِ لِلْمُحْرِمِ لِزِينَةِ ما في كُحْلٍ وَنَظَرٌ في مِرْآةٍ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ لَا بَأْسَ بِالْهِمْيَانِ وَالْخَاتَمِ لِلْمُحْرِمِ وفي رِوَايَةٍ رَخَّصَ فصل وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا في وَجْهِهَا فيحرم ( ( ( حرم ) ) ) عليها تَغْطِيَتُهُ بِبُرْقُعٍ أو نِقَابٍ أو غَيْرِهِ قال ابن الْمُنْذِرِ كَرَاهِيَةُ الْبُرْقُعِ ثَابِتَةٌ عن سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فيه وَسَبَقَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَخَبَرُهُ في الْمُعَصْفَرِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال إحْرَامُ الْمَرْأَةِ في وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ في رَأْسِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ليس على الْمَرْأَةِ حُرْمٌ إلَّا في وَجْهِهَا من رِوَايَةِ أَيُّوبَ بن مُحَمَّدٍ أبي الْجَمَلِ ضَعَّفَهُ ابن مَعِينٍ وقال أبو زُرْعَةَ مُنْكَرُ الحديث وقال الْعُقَيْلِيُّ يَهِمُ في بَعْضِ حَدِيثِهِ وقال الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْهُولٌ وَوَثَّقَهُ الْفَسَوِيُّ وقال أبو حَاتِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ قال بَعْضُهُمْ الْمَحْفُوظُ مَوْقُوفٌ وقال أبو الْفَرَجِ في الْإِيضَاحِ وَكَفَّيْهَا وقال في الْمُبْهِجِ وفي الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ
وقال في الِانْتِصَارِ في مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إنَّ الْمَرْأَةَ أُبِيحَ لها كَشْفُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ في الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ وَيَجُوزُ لها أَنْ تُسْدِلَ على الْوَجْهِ لِحَاجَةٍ ولقول عَائِشَةَ كان الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فإذا حَاذَوْنَا أَسْدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا من رَأْسِهَا على وَجْهِهَا فإذا جاوزنا ( ( ( جاوزونا ) ) ) كَشَفْنَاهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وابن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ أَيْضًا عن أُمِّ سَلَمَةَ وفي الْحَدِيثَيْنِ
____________________
(3/332)
رِوَايَةٌ يَزِيدُ بن زِيَادٍ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ وَسَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قالت كنا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مع أَسْمَاءَ بِنْتِ أبي بَكْرٍ رَوَاهُ مَالِكٌ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ جَوَازَ السَّدْلِ
وقال أَحْمَدُ إنَّمَا لها أَنْ تُسْدِلَ على وَجْهِهَا من فَوْقٍ وَلَيْسَ لها أَنْ تَرْفَعَ الثَّوْبَ من أَسْفَلَ وَمَعْنَاهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ قال الشَّيْخُ عن قَوْلِ أَحْمَدَ كَأَنَّهُ يقول إنَّ النِّقَابَ من أَسْفَلَ على وَجْهِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ تُسْدِلُ وَلَا تُصِيبُ الْبَشَرَةَ فَإِنْ أَصَابَتْهَا فلم تَرْفَعْهُ مع الْقُدْرَةِ فَدَتْ لا ( ( ( لاستدامة ) ) ) ستدامة ( ( ( الستر ) ) ) التستر قال الشَّيْخُ ليس هذا الشَّرْطُ عن أَحْمَدَ وَلَا في الْخَبَرِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فإن الْمَسْدُولَ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ من إصَابَةِ الْبَشَرَةِ فَلَوْ كان شَرْطًا لَبُيِّنَ وما قَالَهُ صَحِيحٌ لَكِنْ زَادَ وَأَنَّهَا مُنِعَتْ من الْبُرْقُعِ وَالنِّقَابِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُعَدُّ لِسَتْرِ الْوَجْهِ كَذَا قال
وَالْمَذْهَبُ يُحَرِّمُ تَغْطِيَةَ ما لبس لها سَتْرُهُ وَلَا يُمْكِنُهَا تَغْطِيَةُ جَمِيعِ الرَّأْسِ إلَّا بِجُزْءٍ من الْوَجْهِ وَلَا كَشْفُ جَمِيعِ الْوَجْهِ إلَّا بِجُزْءٍ من الرَّأْسِ فَسَتْرُ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أكد عَوْرَةٌ لايختص بِالْإِحْرَامِ وَحُكْمُ المرأة الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ في جَمِيعِ ما سَبَقَ إلَّا في لُبْسِ الْمَخِيطِ وَتَظْلِيلِ الْمَحْمَلِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا سَبَقَ من حديث ابْنِ عُمَرَ وَلِحَاجَةِ السَّتْرِ كَعَقْدِ الْإِزَارِ لِلرَّجُلِ وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن عَائِشَةَ قالت كنا نَخْرُجُ مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فإذا عرفت ( ( ( عرقت ) ) ) إحداهنا ( ( ( إحدانا ) ) ) سأل على وَجْهِهَا فَيَرَاهَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَا يُنْكِرُهُ عليها وَإِنَّمَا كَرِهَهُ في الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ لِقُرْبِهَا من الرِّجَالِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ على أَنَّهُ ليس بِمَنْهِيٍّ عنه لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِهِ لِطُولِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لَا على اسْتِحْبَابِهِ
وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ عليها نَصَّ عليه وَهُمَا شَيْءٌ يُعْمَلُ لابدين ( ( ( لليدين ) ) ) كما يُعْمَلُ لِلْبُزَاةِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالنِّقَابِ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ وَكَالرَّجُلِ وَلَا يَلْزَمُ من تغطيتهما ( ( ( تغطيتها ) ) ) بِكُمِّهَا لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ جَوَازُهُ بِهِمَا بِدَلِيلِ تَغْطِيَةِ الرَّجُلِ قَدَمَيْهِ بِإِزَارِهِ لَا بخفف ( ( ( بخف ) ) ) وَإِنَّمَا جَازَ تَغْطِيَةُ قَدَمَيْهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ في الصَّلَاةِ وَلَنَا في الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ أو الْكَفَّانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمُ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ قَالَهُ الْقَاضِي
وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ على الأخيروعند أبي حَنِيفَةَ لها ذلك للشافعي ( ( ( وللشافعي ) ) ) الْقَوْلَانِ قال الْقَاضِي وَمِثْلُهُمَا إنْ لَفَّتْ على يَدَيْهَا خِرْقَةً أو خِرَقًا وَشَدَّتْهَا على حِنَّاءٍ
____________________
(3/333)
أولا كَشَدِّهِ على جَسَدِهِ شيئا وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يَحْرُمُ وَإِنْ لقتها ( ( ( لفتها ) ) ) بالاشد فَلَا لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ اللُّبْسُ لَا تَغْطِيَتُهُمَا كَبَدَنِ الرَّجُلِ وَلَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ في الْمُعَصْفَرِ وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَلَا دَلِيلَ لِلْمَنْعِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَحَمَلَهَا الشَّيْخُ على الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ من الزِّينَةِ كَالْكُحْلِ وَلَا فِدْيَةَ
وَلَا يَحْرُمُ لِبَاسُ زِينَةٍ قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ وقد قال أَحْمَدُ المحرم ( ( ( المحرمة ) ) ) والمتوفي عنها زَوْجُهَا يَتْرُكَانِ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ وَلَهُمَا ما سِوَى ذلك وقال الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ يَحْرُمُ لِبَاسُ زِينَةٍ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ كَحُلِيٍّ
وَيُسْتَحَبُّ خِضَابُهَا بِحِنَّاءٍ لِلْإِحْرَامِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ من السُّنَّةِ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ من حِنَّاءٍ عَشِيَّةَ الْإِحْرَامِ وَتُغَلِّفَ رَأْسَهَا بِغَسْلَةٍ ليس فيها طِيبٌ وَلَا تُحْرِمُ عَطَلًا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ من رِوَايَةِ مُوسَى بن عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ ضَعَّفَهُ أَئِمَّةُ الحديث
وقال أَحْمَدُ لَا يَكْتُبُ حَدِيثَهُ وَلِأَنَّهُ من الزِّينَةِ كَالطِّيبِ وَيُكْرَهُ في إحْرَامِهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لأن من الزِّينَةِ كَالْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ فَإِنْ فَعَلَتْ فَإِنْ شَدَّتْ يَدَيْهَا بِخِرْقَةٍ فَدَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لَوْنُهُ لَا رِيحُهُ عَادَةً كَخِضَابٍ بِسَوَادٍ وَنِيلٍ وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ لَا بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِ عِكْرِمَةَ إنَّ عَائِشَةَ وَأَزْوَاجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُنَّ يَخْضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ وَهُنَّ حُرُمٌ رَوَاهُ ابن الْمُنْذِرِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فيه الْفِدْيَةُ وَيُسْتَحَبُّ في غَيْرِ الْإِحْرَامِ لزوجة ( ( ( لمزوجة ) ) ) لأنه فيه زِينَةً وَتَحَبُّبًا إلَى الزَّوْجِ كَالطِّيبِ
قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَيُكْرَهُ لِلْأَيِّمِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مع خَوْفِ الْفِتْنَةِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُسْتَحَبُّ لها وفي ذلك أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ بَعْضُهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَبَعْضُهَا أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَبَعْضُهَا أبو الشَّيْخِ وَبَعْضُهَا الطَّبَرَانِيُّ وَهِيَ في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ على الْمُقْنِعِ في بَابِ السِّوَاكِ
وقد رَوَى الْحَافِظُ ابو مُوسَى الْمَدِينِيُّ في كِتَابِ الِاسْتِفْتَاءُ في مَعْرِفَةِ اسْتِعْمَالِ الْحِنَّاءِ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ اخْتَضِبْنَ فإن الْمَرْأَةَ تَخْتَضِبُ لِزَوْجِهَا وَإِنَّ
____________________
(3/334)
الْأَيِّمَ تَخْتَضِبُ تَعْرِضُ لِلرِّزْقِ من اللَّهِ عز وجل فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فذكر الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فيه بِالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَلَا دَلِيلَ لِلْمَنْعِ وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ له الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ وقال في مَكَان آخَرَ كَرِهَهُ أَحْمَدُ قال أَحْمَدُ لِأَنَّهُ من الزِّينَةِ
وقال شَيْخُنَا هو بِلَا حَاجَةٍ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ ثُمَّ احْتَجَّ بِلَعْنِ الْمُتَشَبِّهِينَ وَالْمُتَشَبِّهَات وَسَبَقَتْ مَسْأَلَةُ التَّشَبُّهِ عِنْدَ زَكَاةِ الْحُلِيِّ وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ نهي عنه لِلَوْنِهِ لَا لِرِيحِهِ فإن رِيحَ الطِّيبِ له حَسَنٌ وَالْحِنَّاءُ في هذا كَالزَّعْفَرَانِ
وَعَنْ مُفَضَّلِ بن يُونُسَ وهو من الثِّقَاتِ عن الْأَوْزَاعِيُّ عن أبي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ عن ابي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أتى برجل بِرَجُلٍ مَخْضُوبِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فقال ما بَالُ هذا فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى الْبَقِيعِ فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَقْتُلُهُ قال إنِّي نُهِيت عن قَتْلِ الْمُصَلِّينَ أبو يَسَارٍ رَوَى عنه الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ ولم أَجِدْ فيه سِوَى قَوْلِ أبي حَاتِمٍ مَجْهُولٌ فَأَرَادَ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ في الْعِلَلِ أَنَّ الْمُفَضَّلَ انْفَرَدَ بِوَصْلِهِ وقال أبو مُوسَى حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَنَحْوِهِ بِمَعْنَاهُ من حديث ابي سَعِيدٍ وقد قال الْحَافِظُ عُمَرُ بن بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ لَا يَصِحُّ في هذا الْبَابِ شَيْءٌ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ في الْحِنَّاءِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةً وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ ثُمَّ قال وقد نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ الْحِنَّاءُ من الزِّينَةِ وَمَنْ يُرَخِّصُ في الرَّيْحَانِ يُرَخِّصُ فيه وَنَقَلَ محمد بن حَرْبٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسالة 35 قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِضَابِ لِلْمَرْأَةِ فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فذكر الشَّيْخُ انه لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فيه بِالنِّسَاءِ وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ له الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ وقال في مَكَان آخَرَ كَرِهَهُ أَحْمَدُ قال أَحْمَدُ لِأَنَّهُ من الزِّينَةِ وقال شَيْخُنَا هو بِلَا حَاجَةٍ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ في الْحِنَّاءِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةً انْتَهَى ما قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هو الصَّوَابُ وَقَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَعَمَلُ الناس عليه من غَيْرِ نَكِيرٍ وقال في الْآدَابِ الْكُبْرَى فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فَيَتَوَجَّهُ إبَاحَتُهُ مع الْحَاجَةِ وَمَعَ غَيْرِهَا يَخْرُجُ على مَسْأَلَةِ تَشَبُّهِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ في لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ وانتهى
____________________
1-
(3/335)
وسئل عن الخضاب للمحرم فقال ليس بمنزلة الطيب ولكنه زينة وقد كره الزينة عطاء للمحرم وقد احتج غير واحد من فقهاء الحديث كابن جرير وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن شيء لخبر بريدة مرفوعا سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم وفيه وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء وسيد الرياحين في الدنيا والآخر الفاغية وهو الحناء رواه ابن شاذان بإسناده ويباح لحاجة لخبر سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اشتكى أحد رأسه قال اذهب فاحتجم وإذا اشتكى رجله قال اذهب فاخضبها بالحناء رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد وله في لفظ قالت
____________________
(3/336)
كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فما كانت تصيبه فرحة ولا نكتة إلا أمرني أن أضع عليها الحناء حديث حسن
____________________
(3/337)
فصل الخنثي الْمُشْكِلُ إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ أو غَطَّى وَجْهَهُ وجيده ( ( ( وجسده ) ) ) لم تَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ أو لَبِسَ الْمَخِيطَ فدي لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ أو مرأة ( ( ( امرأة ) ) ) وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يُغَطِّي رَأْسَهُ وَيَفْدِي وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عن ابْنِ الْمُبَارَكِ ولم يُخَالِفْهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ فصل من كَرَّرَ مَحْظُورًا من جِنْسٍ مِثْلُ أَنْ حَلَقَ أو قَلَّمَ ثُمَّ قَلَّمَ أو لَبِسَ ثُمَّ لَبِسَ وَلَوْ بِمَخِيطٍ في رَأْسِهِ أو بِدَوَاءٍ مُطَيَّبٍ فيه أو تَطَيَّبَ ثُمَّ تَطَيَّبَ أو وطىء ثُمَّ وَطِئَهَا أو غَيْرَهَا ولم يُكَفِّرْ عن الْأَوَّلِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ تَابَعَهُ أو فَرَّقَهُ فَظَاهِرُهُ لو قَلَّمَ خَمْسَةَ أظافر ( ( ( أظفار ) ) ) في خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ لَزِمَهُ دَمٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا بُنِيَتْ الْجُمْلَةُ فيه على الْجُمْلَةِ في تَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ كَذَا الْوَاحِدُ على الْوَاحِدِ في تَكْمِيلِ الدَّمِ
وَإِنْ كَفَّرَ عن الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ وَعَنْهُ لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لها كَالْأَوَّلِ فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ في غَيْرِهِ وَعَنْهُ إنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ الْمَحْظُورِ فَلَبِسَ لِلْحَرِّ ثُمَّ لِلْبَرْدِ ثُمَّ لِلْمَرَضِ فَكَفَّارَاتٌ وَإِلَّا كَفَّارَةٌ نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ لَبِسَ قَمِيصًا وَجُبَّةً وَعِمَامَةً لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ قلت فَإِنْ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً ثُمَّ برىء ثُمَّ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً فقال عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تنبيه قوله الخنثي المشكل إن لبس المخيط أو غطى وجهه وجسده لم تلزمه فدية للشك وإن غطى وجهه ورأسه أو لبس المخيط فدي انتهي تحتمل هذه الألف في قوله أو لبس المخيط أن تكون زائدة وأن صوابه وإن غطى وجهه ورأسه ولبس المخيط فدي من غير ذكر ألف قبل الواو في قوله أو لبس وإن لم يكن كذلك كان تكرارا من المصنف وسهوا لأنه قال أولا إن لبس المخيط لم تلزمه فدية وقال هنا فدي والله أعلم
ثم رأيت ابن نصر الله في حواشيه قال يعني إما أن يجمع بين تغطية وجهه ورأسه أو بين تغطية وجهه ولبس المخيط انتهى يعني أن كلامه صحيح ويقدر فيه فيقال وإن ذلك حصل اللبس وقوله أو غطى وجهه وجسده مبني على أن تغطيه وجه الرجل لا توجب فدية وإلا فالرجل والمرأة مشتركان في ذلك والله أعلم
____________________
1-
(3/338)
كَفَّارَتَانِ وقال ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ إذَا لَبِسَ وَغَطَّى رَأْسَهُ مُتَفَرِّقًا فَكَفَّارَتَانِ وَإِنْ كان في وَقْتٍ وَاحِدٍ فَرِوَايَتَانِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ إنْ كَرَّرَهُ في مَجْلِسٍ تَدَاخَلَتْ لَا في مَجَالِسَ وَعِنْدَ مَالِكٍ تَتَدَاخَلُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَا تَدَاخُلَ وفي الْقَدِيمِ تَتَدَاخَلُ وَلَهُ قَوْلٌ عليه لِلْوَطْءِ الثَّانِي شَاةٌ كَقَوْلِ أبي حَنِيفَةَ لنا ما تَدَاخَلَ مُتَتَابِعًا تَدَاخَلَ مُتَفَرِّقًا كَالْأَحْدَاثِ وَالْحُدُودِ وَكَفَّارَاتِ الإيمان وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لَا يَتَضَمَّنُ سَبَبُهَا إتْلَافَ نَفْسٍ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ وطء فَكَفَّرَ عنه الأول ( ( ( كالأول ) ) ) أو مَحْظُورٍ فَكَفَّرَ عنه كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ في حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً ولم يُفَرِّقْ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا شيئا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَنَا على أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ إذَا كَفَّرَ عن الْأَوَّلِ اعْتِبَارُهُ بِالْحُدُودِ وَالْأَيْمَانِ
وَتَتَعَدَّدُ كَفَّارَةُ الصَّيْدِ بِتَعَدُّدِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ أَنَّ من قَتَلَ صَيْدًا لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ أَكْثَرَ لَزِمَهُ مِثْلُ ذلك وَلِأَنَّهُ لو قَتَلَ أَكْثَرَ مَعًا تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ فَمُتَفَرِّقًا أَوْلَى لِأَنَّ حَالَ التَّفْرِيقِ ليس أَنْقَصَ كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ كَقَتْلِ الْآدَمِيِّ أو بَدَلُ مُتْلَفٍ كَبَدَلِ مَالِ الْآدَمِيِّ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا تَتَعَدَّدُ ان لم يُكَفِّرْ عن الْأَوَّلِ وَحُكِيَ عنه مُطْلَقًا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ثَانِيًا فَلَا جَزَاءَ يَنْتَقِمُ اللَّهُ منه رُوِيَ عن شُرَيْحٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَقَالَهُ دَاوُد لِلْآيَةِ لِأَنَّ الْجَزَاءَ إذَا عُلِّقَ بِلَفْظِ من لم يَتَكَرَّرْ نَحْوُ من دخل دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ وَلِأَنَّهُ قال { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ منه } وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ ثُمَّ عَادَ قِيلَ له اذْهَبْ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْك رَوَاهُ النَّجَّادُ وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ
وَالْجَوَابُ عن الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ شَرْطٍ في مَحَالٍّ نَحْوُ من دخل دُورِي فَلَهُ بِدُخُولِ كل دَارٍ دِرْهَمٌ وَالْقَتْلُ يَقَعُ في صَيْدٍ وَصُيُودٍ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ كَقَوْلِهِ في آيَةِ الرِّبَا { وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ } والعائد ( ( ( وللعائد ) ) ) ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ وَكَقَوْلِهِ في آيَةِ الْمُحَارَبَةِ { ذلك لهم خِزْيٌ في الدُّنْيَا وَلَهُمْ في الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } لَا يَمْنَعُ من الْعَزْمِ وَعَنْ الثَّالِثِ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عنه في حَمَامِ الْحَرَمِ في الْحَمَامَةِ شَاةٌ وَبِتَقْدِيمِ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عليه وَسَبَقَ جَوَابُ الربع ( ( ( الرابع ) ) )
وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَحْظُورَاتٍ من أَجْنَاسٍ مُتَّحِدَةِ الْكَفَّارَةِ نَصَّ عليه وهو أَشْهَرُ
____________________
(3/339)
كَحُدُودٍ مُخْتَلِفَةٍ وإيمان مُخْتَلِفَةٍ وَعَنْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْهُ إنْ كان في وَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فكل ( ( ( فلكل ) ) ) وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ اخْتَارَهُ ابو بَكْرٍ قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَمُوجِبَاتُهَا مُخْتَلِفَةٌ كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقِيلَ إنْ تَبَاعَدَ الْوَقْتُ تَعَدَّدَ الْفِدَاءُ وَإِلَّا فَلَا
وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ النية ( ( ( بالنية ) ) ) لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ منه بِالْفَسَادِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ ويلزم ( ( ( ويلزمه ) ) ) دَمٌ لِرَفْضِهِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ لَا شَيْءَ لِرَفْضِهِ لِأَنَّهَا نِيَّةٌ لم تُفِدْ شيئا وَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ نَصَّ عليه لِأَنَّهَا جِنَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فَتَعَدَّدَتْ كَفَّارَاتُهَا كَفِعْلِهَا على غَيْرِ وَجْهِ الرَّفْضِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وهو رِوَايَةٌ في الْمُسْتَوْعِبِ وَخَالَفَ أبو حَنِيفَةَ في إحْرَامِ الصَّغِيرِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ عِنْدَهُ وَلَا كَفَّارَةَ بإحرام ( ( ( بإحرامه ) ) ) عِنْدَهُ مُطْلَقًا
وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ وَجْهَيْنِ قال في مُفْرَدَاتِهِ مَبْنَاهُ على التَّوَسُّعَةِ وَسُرْعَةِ الْحُصُولِ فَلِهَذَا لو أَحْرَمَ مُجَامِعًا انْعَقَدَ وَحُكْمُهُ كَالصَّحِيحِ وَسَبَقَ قبل الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَعَمْدُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ خَطَأٌ
وَإِنْ لَبِسَ أو تَطَيَّبَ أو غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا أو جَاهِلًا أو مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عليه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ لِمَا رَوَى ابن ماجة حدثنا محمد بن المصفي حدثنا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ حدثنا الْأَوْزَاعِيُّ عن عَطَاءٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عن أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وما اُسْتُكْرِهُوا عليه إسْنَادٌ جَيِّدٌ وقال عبد الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ وَمِمَّا رَوَيْته بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ الْمُتَّصِلِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ من رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بن سُلَيْمَانَ الْمَرَادِيِّ حدثنا بِشْرُ بن بَكْرٍ عن الْأَوْزَاعِيِّ عن عَطَاءٍ عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عن أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وما اُسْتُكْرِهُوا عليه وقال ولم يَرْوِهِ عن الْأَوْزَاعِيِّ إلَّا بِشْرٌ تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال تَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ ولم يُحَدِّثْ بِهِ عنه غَيْرُ الرَّبِيعِ وأبو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ الْفَقِيهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وقال جَوَّدَ إسْنَادَهُ بِشْرُ بن بَكْرٍ وهو من الثِّقَاتِ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ عن الْأَوْزَاعِيِّ فلم يذكر عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ وَرَوَى الْحَافِظُ ضِيَاءُ
____________________
(3/340)
الدِّينِ في الْمُخْتَارَةِ الطَّرِيقَيْنِ وقال ابن حَزْمٍ في أَوَّلِ دِيَاتِ الْجِرَاحِ من المحلي هذا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ من طَرِيقِ الرَّبِيعِ عن بِشْرٍ عن الْأَوْزَاعِيِّ بهذا الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الناس هَكَذَا وقال أَحْمَدُ وأبو حَاتِمٍ لَا يَثْبُتُ هذا الْحَدِيثُ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ حَدِيثَ ابْنِ مصفي جِدًّا وقال ليس هذا إلَّا عن الْحَسَنِ يَعْنِي مُرْسَلًا وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ مَبْنِيَّةٌ على عُمُومِ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَفِيهِ خِلَافٌ لنا وَلِلْأُصُولِيَّيْنِ وَسَبَقَ قِصَّةُ الذي أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ في الجنة ( ( ( الجبة ) ) ) وهو مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ فَأَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِخَلْعِهَا وَغَسْلِهِ ولم يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ
وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عن وَقْتِ الْحَاجَةِ وكان سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الطِّيبَ لم يَكُنْ حُرِّمَ فَقِيلَ له عن قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ له في الصَّحِيحَيْنِ اصْنَعْ في عُمْرَتِك كما تَصْنَعُ في حَجِّك فقال يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرِّمَ في الْحَجِّ ولم يُحَرَّمْ في الْعُمْرَةِ إلَى هذه الْحَالِ كَذَا قال وقال في اللُّبْسِ لم يَكُنْ حُرِّمَ وَقِيَاسًا على الصَّوْمِ وَالتَّفْرِقَةُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ عليه أَمَارَةٌ وَهِيَ التَّجَرُّدُ وَالتَّلْبِيَةُ فلم يُعْذَرْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ يَبْطُلُ بِالذَّبِيحَةِ عليها أَمَارَةٌ وَفَرَّقَ بين الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ في التَّسْمِيَةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَمَارَةَ وَقْتَ الذَّبْحِ وَالتَّسْمِيَةَ يَتَقَدَّمُهَا كَذَا قال وَعَنْهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالْحَلْقِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالتَّفْرِقَةِ بأنه بِأَنَّهُ إتْلَافٌ يَبْطُلُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ ليس بِإِتْلَافِ وَلَا فَرْقَ فيه كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وقال الْمَأْمُورُ بِهِ فَرْضٌ عليه كَتَجَنُّبِ الْمَحْظُورِ فَحُكْمُ أَحَدِهِمَا حُكْمُ الْآخَرِ
وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بِإِمْكَانِ تَلَافِيهِ فما مَضَى لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ هُنَا كَالصَّوْمِ وَكَذَا قال الْقَاضِي لِخَصْمِهِ يَجِبُ أَنْ تَقُولَ ذلك وَمَتَى زَالَ عُذْرُهُ غَسَلَهُ في الْحَالِ فَإِنْ أَخَّرَهُ وَلَا عُذْرَ فدي وَلَهُ غَسْلُهُ بيده ويمانع ( ( ( وبمائع ) ) ) وَغَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعِينَ بِحَلَالٍ وَيَغْسِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ لِأَنَّ له بَدَلًا وَإِنْ قَدَرَ على قَطْعِ رَائِحَتِهِ بِغَيْرِ الْمَاءِ فَعَلَ وَتَوَضَّأَ لِأَنَّ الْقَصْدَ قطعهما ( ( ( قطعها ) ) )
وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فَوَجْهَانِ لِأَنَّهُ قَصَدَ مَسَّهُ وَجَهْلُ تَحْرِيمِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 36 قَوْلُهُ وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فبوجهان ( ( ( فوجهان ) ) ) انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(3/341)
كجهل تَحْرِيمَ الطِّيبَ وَإِنْ حَلَقَ أو قَلَّمَ فدي مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولأنه إتْلَافٌ كَإِتْلَافِ مَالِ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ على من حَلَقَ لأذي بِهِ وهو مَعْذُورٌ فَدَلَّ على وُجُوبِهَا مَعْذُورٍ بِنَوْعٍ آخَرَ وَلَنَا وَجْهٌ وهو رِوَايَةٌ مُخْرِجَةٌ من قَتَلَ الصَّيْدَ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً لَا فِدْيَةَ على مُكْرَهٍ وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَنَائِمٍ وَنَحْوِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ لِمَا سَبَقَ في الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا
وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ مُطْلَقًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ منهم صَالِحٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولظاهر ما سَبَقَ من الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ في جَزَاءِ الصَّيْدِ وَبَيْضِهِ وقال الزُّهْرِيُّ على الْمُتَعَمِّدِ بِالْكِتَابِ وَعَلَى المخطىء ( ( ( المخطئ ) ) ) بِالسُّنَّةِ وقال الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عن ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ فَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً أَيُغَرَّمُ قال نعم يُعَظِّمُ بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَمَضَتْ بِهِ السُّنَنُ
وروي النَّجَّادُ عن الْحَكَمِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ لِيُحْكَمْ عليه في الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَرَوَى أَحْمَدُ عن ابْنِ مَسْعُودٍ في رَجُلٍ ألقي جُوَالِقًا على ظَبْيٍ فَأَمَرَهُ بِالْجَزَاءِ قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَهَذَا لَا يَكُونُ عَمْدًا وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ كَمَالِ الْآدَمِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا جَزَاءَ بِقَتْلِ الْخَطَأِ نَقَلَهُ صَالِحٌ
وقال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ قال ابن عَبَّاسٍ إذَا صَادَ الْمُحْرِمُ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عليه إنَّمَا على الْعَامِدِ رَوَاهُ النَّجَّادُ وَغَيْرُهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَهُ طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) وَدَاوُد وابن الْمُنْذِرِ وقال سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ إنَّهُ السُّنَّةُ ذَكَرَهُ ابن حَزْمٍ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ قال الْقَاضِي هِيَ حُجَّةٌ لنا من وَجْهٍ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ من نَسِيَ الْإِحْرَامَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَعِنْدَهُمْ لَا يَلْزَمُهُ وَلِأَنَّهُ خَصَّ الْعَمْدَ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ الْوَعِيدِ في آخِرِهَا وَلِأَنَّ ما سَبَقَ أَخَصُّ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ فَقُدِّمَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي فَإِنْ صَحَّ لَفْظُهُ وَدَلَالَتُهُ فما سَبَقَ أَخَصُّ وَسَبَقَتْ التَّفْرِقَةُ بين الْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ وَحُكِيَ عن مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ يَجِبُ الْجَزَاءُ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أحدهما لا فدية عليه لأنه جهل تحريمه فأشبه من جهل تحريم الطيب قلت وهو الصواب وقدمه في الرعاية الكبرى في موضع
والوجه الثاني عليه الفدية لأنه قصد من الطيب وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين في
____________________
1-
(3/342)
الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ لَا في الْعَمْدِ وقال الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عن ابْنِ جُرَيْجٍ قال كان مُجَاهِدٌ يقول وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا غير نَاسٍ لِحُرْمَةٍ وَلَا مَرِيدًا غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ فَقَدْ أَحَلَّ وَلَيْسَتْ له رُخْصَةٌ وَمَنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا لِحُرْمَةٍ أو أَرَادَ غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ عليه النَّعَمُ وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ وَالْمُكْرَهُ عِنْدَنَا كمخطىء ( ( ( كمخطئ ) ) ) وَذَكَرَ الشَّيْخُ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ في مَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ وَسَبَقَ في الْحَلْقِ وَيَأْتِي نَظِيرُهُ في إتْلَافِ مَالِ الْآدَمِيِّ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ خَطَأٌ فصل الْقَارِنُ كَغَيْرِهِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِأَنَّهُمَا حُرْمَتَانِ كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ اخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ إحْرَامَانِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ أَحْمَدَ فإنه شَبَّهَهُ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ هو نِيَّةُ النُّسُكِ وَنِيَّةُ الْحَجِّ غَيْرُ نِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ كَبَيْعِ عَبْدٍ وَدَارٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَقْدًا وَاحِدًا وَالْمَبِيعُ اثْنَانِ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ جَزَاءَانِ ذَكَرَهَا في الْوَاضِحِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ تخرجا ( ( ( تخريجا ) ) ) إنْ لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ وَخَصَّهَا ابن عَقِيلٍ بِالصَّيْدِ كما لو أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِحْرَامٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَكَمَا لو وطىء وهو مُحْرِمٌ صَائِمٌ قال الْقَاضِي لَا يَمْتَنِعُ التَّدَاخُلُ ثُمَّ لم يَتَدَاخَلَا لِاخْتِلَافِ كَفَّارَتِهِمَا أو لِأَنَّ الصِّيَامَ وَالْإِحْرَامَ لَا يَتَدَاخَلَانِ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ يَتَدَاخَلَانِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ في الْحَلْقِ وَبَنَى الْحَنَفِيَّةُ قَوْلَهُمْ على أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ قالوا إلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُحْرِمٍ بِالْعُمْرَةِ أو الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عليه عِنْدَ الْمِيقَاتِ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَبِتَأْخِيرِ وَاجِبٍ وَاحِدٍ يَلْزَمُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ فصل قال ابن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إلَّا الْجِمَاعِ وَسَبْقِ دَوَاعِيهِ وَرَفْضِ النُّسُكِ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الرِّدَّةِ وَسَبَقَ في الآذان فصل كُلُّ هَدْيٍ أو إطْعَامٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِحْرَامِ أو الْحَرَمِ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ إنْ قَدَرَ أن يُوصِلُهُ
____________________
(3/343)
إلَيْهِمْ وَيَجِبُ نَحْرُهُ بِالْحَرَمِ وَيُجْزِئُهُ جَمِيعُهُ قال أَحْمَدُ مَكَّةُ وَمِنًى وَاحِدٌ ابن عَبَّاسٍ يقول نُزِّهَتْ مَكَّةُ عن الدِّمَاءِ وقال مَالِكٌ لَا يَنْحَرُ في الْحَجِّ إلَّا بِمِنًى وَلَا في الْعُمْرَةِ إلَّا بِمَكَّةَ وهو مُتَوَجِّهٌ
وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد من رِوَايَةِ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ وهو مُخْتَلَفٌ فيه وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَى له مُسْلِمٌ لَكِنْ في مُسْلِمٍ عنه مَرْفُوعًا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ لِأَنَّهُ كُلَّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ وَلِأَنَّهُ نَحْرَهُ بِالْحَرَمِ كَمَكَّةَ وَمِنًى وَقَوْلُهُ { بَالِغَ الْكَعْبَةِ } وَقَوْلُهُ { ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } لَا يَمْنَعُ الذَّبْحَ في غَيْرِهَا كما لم يَمْنَعْهُ بِمِنًى وَتَخْصِيصُهَا بِمَنَاسِكَ لَا يَلْزَمُ في الذَّبْحِ لِشَرَفِ مَكَّةَ وهو تَنْجِيسٌ قِيلَ لِلْقَاضِي فَلِمَ اسْتَحْبَبْتُمْ النَّحْرَ بها فقال لِيَكُونَ اللَّحْمُ طَرِيًّا لِأَهْلِهَا وَكَذَا قال غَيْرُهُ يُسَنُّ أَنْ يَنْحَرَ الْحَاجُّ بِمِنًى وَالْمُعْتَمِرُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ هُمَا سَوَاءٌ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ في الْإِجْزَاءِ
وَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْفُقَرَاءِ سَلِيمًا فَنَحَرُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ وَنَحَرَهُ فَإِنْ أَبَى أو عَجَزَ ضَمِنَهُ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَيَجِبُ تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ بِالْحَرَمِ أو إطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ كَالذَّبْحِ وَالتَّوَسُّعَةُ عليهم مَقْصُودَةٌ وَالطَّعَامُ كَالْهَدْيِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ يَجُوزَانِ في الْحِلِّ وقال عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ والهدي ( ( ( الهدي ) ) ) بِمَكَّةَ وَالطَّعَامُ حَيْثُ شَاءَ
لنا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَنْفَعُهُمْ كَالْهَدْيِ وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ إنَّ اللَّهَ نَكَّرَ الْمَسَاكِينَ ولم يَخُصَّ الْحَرَمَ فَقَالُوا إنَّهُ عُطِفَ على الْهَدْيِ فَصَارَ تَنْكِيرًا بَعْدَ تَعْرِيفٍ كَقَوْلِنَا صَدَقَةٌ تبلغ ( ( ( نبلغ ) ) ) بها بَلَدَ الكذا كَذَا مِسْكَيْنَا رَجَعَ إلَى مَسَاكِينِ ذلك الْبَلَدِ وَمَسَاكِينُهُ من له أَخْذُ زَكَاةٍ لحاجة ( ( ( لحاجته ) ) ) مُقِيمًا بِهِ أو مُجْتَازًا من الْحَاجِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ بَانَ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ غَنِيًّا فَكَالزَّكَاةِ وما جَازَ تَفْرِيقُهُ لم يَجُزْ دَفْعُهُ إلَى فُقَرَاءِ الذِّمَّةِ كَالْحَرْبِيِّ
وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ وَيُعَشِّيَهُمْ إنْ جَازَ في كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَتَوَجَّهُ
____________________
(3/344)
احْتِمَالَانِ الْإِجْزَاءُ قَالَهُ أبو يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَنْبَنِي عن التَّمْلِيكِ وَإِنْ مُنِعَ من إيصَالِهِ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ فَفِي جَوَازِ ذَبْحِهِ في غَيْرِهِ وَتَفْرِيقِهِ رِوَايَتَانِ وَالْجَوَازُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا }
وما وَجَبَ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ فَحَيْثُ فَعَلَهُ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ أمركعب بن عُجْرَةَ بِالْفِدْيَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ من الْحِلِّ
وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بن عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ وَنَحَرَ عنه جَزُورًا بِالسُّقْيَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْهُ في الْحَرَمِ وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ في غَيْرِ الْحَلْقِ قَالَهُ في الْفُصُولِ وَالتَّبْصِرَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ خُولِفَ فيه لِمَا سَبَقَ وَاعْتَبَرَ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ الْعُذْرَ في الْمَحْظُورِ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ في الْحَرَمِ الْهَدْيِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ في جَزَاءِ الصَّيْدِ حَيْثُ قَتَلَهُ وَقِيلَ لِعُذْرٍ وَالْمَذْهَبُ في الْحَرَمِ لِلْآيَةِ وَوَقْتُ ذَبْحِهِ حين فَعَلَهُ وَلَهُ الذَّبْحُ قَبْلَهُ لِعُذْرٍ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ
وَمَنْ أَمْسَكَ صَيْدًا أو جَرَحَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ جَزَاءَهُ ثُمَّ تَلِفَ أو قَدَّمَ من أُبِيحَ له الْحَلْقُ فِدْيَتَهُ أجزا نُصَّ على ذلك ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وفي الرعاية وفي الرِّعَايَةِ إنْ أَخْرَجَ فِدَاءَ صَيْدٍ بيده قبل تَلَفِهِ فَتَلِفَ أَجْزَأَ عنه وهو بَعِيدٌ كَذَا قال ويجزىء صَوْمٌ وَالْحَلْقُ وَهَدْيُ تَطَوُّعٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وما سُمِّيَ نُسُكًا بِكُلِّ مَكَان كَأُضْحِيَّةٍ لِعَدَمِ تَعَدِّي نَفْعِهِ وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالدَّمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 37 قوله في الهدي والإطعام وهل يجوز أن يغدي المساكين ويعشيهم إن جاز في كفارة اليمين يتوجه احتمالان انتهى أحدهما يجوز قلت وهو الصواب لأنه شبيه بها قال المصنف وربما كان أنفع لهم من الهدي والاحتمال الثاني لا يجوز وإن جوزناه في كفارة اليمين لظاهر القرآن
مسألة 38 قوله وإن منع إيصاله إلى الحرم ففي جواز ذبحه في غيره وتفريقه روايتان والجواز أظهر لقوله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } انتهى
إحداهما يجوز وهو الصحيح قال المصنف هو أظهر وجزم به في الشرح وغيره وقدمه في الرعاية وغيره والرواية الثانية لا يجوز وهو قول في الرعاية
تنبيه قوله ويجزىء صوم رفاق وحلق وفاقا وهدي تطوع ذكر القاضي وغيره
____________________
1-
(3/345)
كَأُضْحِيَّةٍ نَصَّ عليه قِيَاسًا عليها فَلَا يجزىء ما لَا يضحي بِهِ ويجزىء الْجَذَعُ من الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ من الْمَعْزِ أو سُبُعُ بدنه أو بَقَرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى في التَّمَتُّعِ { فما اسْتَيْسَرَ من الْهَدْيِ } صَحَّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ شَاةٌ أو شِرْكٌ في دَمٍ وَفَسَّرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم النُّسُكَ في خَبَرِ كَعْبِ بن عُجْرَةَ بِذَبْحِ شَاةٍ وَالْبَاقِي قِيَاسٌ عَلَيْهِمَا وَإِنْ ذَبَحَ بدنه أو بَقَرَةً فَهُوَ أَفْضَلُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ كُلُّهَا كما لو اخْتَارَ الأعلي من خِصَالِ الْكَفَّارَةِ أَمْ سُبُعُهَا وَالْبَاقِي له أَكْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فيه الجواز ( ( ( لجواز ) ) ) تَرْكِهِ مُطْلَقًا كَذَبْحِ سَبْعِ شِيَاهٍ فيه وَجْهَانِ وَكُلُّ من لَزِمَتْهُ بَدَنَةٌ أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ كَعَكْسِهَا لِقَوْلِ جَابِرٍ كنا نَنْحَرُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وِفَاقًا وما سُمِّيَ نُسُكًا بِكُلِّ مَكَان وِفَاقًا كَأُضْحِيَّةٍ انتهي الذي يَظْهَرُ أَنَّ في الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ نَظَرًا فإن هَدْيَ التَّطَوُّعِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَكَذَا ما كان نُسُكًا فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ وَيَدُلُّ عليه قَوْلُهُ بَعْدَ ذلك لِعَدَمِ نَفْعِهِ وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُنَافِي هَدْيَ التَّطَوُّعِ وما يُسَمَّى نُسُكًا فإن فِيهِمَا نَفْعًا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ 39 قَوْلُهُ فِيمَنْ وَجَبَ عليه هَدْيٌ وَإِنْ ذَبَحَ بَدَنَةً أو بَقَرَةً لِجَوَازِ تَرْكِهِ مُطْلَقًا كَذَبْحِ سَبْعِ شِيَاهٍ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي المحرر ( ( ( والمحرر ) ) ) وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال قلت وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ على الْخِلَافِ أَيْضًا زِيَادَةُ الثَّوَابِ فإن ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ من ثَوَابِ التَّطَوُّعِ
أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ كُلُّهَا اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الخلاص ( ( ( الخلاصة ) ) ) ذَكَرَهُ في المنطورة ( ( ( المنذورة ) ) ) وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ إلَّا سُبْعُهَا قال ابن أبي الْمَجْدِ فَإِنْ ذَبَحَ بَدَنَةً لم تَلْزَمْهُ كُلُّهَا في الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هذا أَقِيسُ انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَهَا نَظَائِرُ منها لو أَخْرَجَ بَعِيرًا عن خَمْسٍ من الْإِبِلِ وَقُلْنَا يجزىء وَمِنْهَا لو نَذَرَ هَدْيًا فَأَقَلُّ ما يجزىء شَاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ فَلَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً بَدَلَ ذلك وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بين هذه وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّذْرَ تَنَاوَلَ هذه فَهِيَ كَإِحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَلَكِنَّ من يُعَلِّلُ بِجَوَازِ التَّرْكِ يُدْخِلُ هذه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قد فَتَحَ اللَّهُ بِتَحْرِيرِهَا
____________________
1-
(3/346)
البدنة عن سبعة فقيل له والبقرة فقال وهل هي إلا من البدن رواه مسلم
وإن نذر بدنة فقال القاضي وأصحابه يلزمه ما نواه وإلا فروايتان ونصروا تجزئه بقرة وأطلق بعضهم روايتين إحداهما تجزئه بقرة لما سبق والثانية تجزئه مع عدم البدنة لأنها بدل وتجزئه أيضا في جزاء الصيد وقيل لا لأنها لا تشبه النعامة وذكر القاضي رواية في غير النذر لا تجزئه عنها إلا لعدمها
ومن لزمه بدنة أجزأه سبع شياه لأن الشاة معدولة بسبع بدنة وهي دم كامل وأطيب لحما فهي أعلى وعنه عند عدمها لأنها بدل ولأحمد وابن ماجة عن ابن جريج قال قال عطاء الخراساني عن ابن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال إن علي بدنة وأنا موسر لها ولا أجدها فأشتريها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن عطاء لم يسمع من ابن عباس قال احمد إذا قال ابن جريج قال فلان وأخبرت جاء بمناكير وإذ قال أنبأنا وسمعت فحسبك به
وعنه لا يجزئه إلا عشر شياه رواه حنبل لقول رافع كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم الغنائم عشرا من الشاه ببعير رواه النسائي بإسناد جيد ومعناه لابن ماجة قال الخلال العلم على مارواه الجماعة يعني الأول وَمَنْ لَزِمَهُ سَبْعُ شِيَاهٍ أَجْزَأَتْهُ بَدَنَةٌ أو بَقَرَةٌ ذَكَرَهُ في الْكَافِي لِإِجْزَائِهِمَا عن سَبْعَةٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا في
____________________
(3/347)
جَزَاءِ صَيْدٍ وفي الْمُغْنِي أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْغَنَمَ أَطْيَبُ وَالْبَقَرَةُ كَالْبَدَنَةِ في إجْزَاءِ سَبْعِ شِيَاهٍ عنها وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(3/348)
باب صيد الحرمين ونباتهما وما يتعلق بذلك
أَجْمَعُوا على تَحْرِيمِ صَيْدِهِ على الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ وَعَلَى دَالٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ وَمَكَّةُ وما حَوْلَهَا كانت حَرَامًا قبل إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ قال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عن مَكَّةَ كانت حَرَامًا ولم تَزَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ اكثر الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم فَتَحَ مَكَّةَ إنَّ هذا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يوم خَلَقَ السموات ( ( ( السماوات ) ) ) وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ الى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّهُ لم يَحِلَّ الْقِتَالُ فيه لِأَحَدٍ قَبْلِي ولم يَحِلَّ لي إلَّا سَاعَةً من نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يختلي خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا من عَرَّفَهَا فقال الْعَبَّاسُ يا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فإنه لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فقال إلَّا الْإِذْخِرَ وفي خَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ نَحْوُهُ وفي خَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هذه حَرَامٌ وَفِيهِ لَا يختلي شَوْكُهَا وَفِيهِ وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ الْقَيْنُ الْحِدَادُ وَلِلْأَثْرَمِ في خَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا وَعَلَى هذا يَكُونُ ما أخبربه في الصَّحِيحَيْنِ من غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا وَبَيَّنَهُ وقال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا حُرِّمَتْ بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ
وفي صَيْدِ الْحَرَمِ الْجَزَاءُ نَصَّ عليه كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ لِمَا سَبَقَ عن الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ منهم وَلِأَنَّهُ مُنِعَ منه لِحَقِّ اللَّهِ كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ وَالْحُرْمَتَانِ تَسَاوَتَا في الْمَنْعِ منه وَعَنْ دَاوُد لَا يَضْمَنُهُ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَعِنْدَ ابي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُهُ صَغِيرٌ وَكَافِرٌ وَلَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فيه وَلَهُ في إجْزَاءِ الْهَدْيِ فيه رِوَايَتَانِ وَلَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ فَدَخَلَهُ الصَّوْمُ كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ عَامَّةٌ فَضَمِنَهُ الصَّغِيرُ وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِمَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ ضَمَانَهُ كَالْمَالِ وَهُمَا يَضْمَنَانِهِ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ هو آكَدُ من الْمَالِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ مُؤَبَّدَةٌ
____________________
(3/349)
فَلَزِمَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا من أَهْلِ الْعِبَادَةِ
وَحُكْمُ صَيْدِهِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا نص ( ( ( ونص ) ) ) عليه حتى في تَمَلُّكِهِ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وذكر الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ جَزَاءَانِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَإِنْ دَلَّ مُحِلٌّ حَلَالًا على صَيْدٍ في الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَاهُ بِجَزَاءٍ وَاحِدٍ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ الْجَزَاءُ على الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ فَعَلَى الْجَزَاءُ لنا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْجَزَاءِ فَضَمِنَ بِالدَّلَالَةِ كَصَيْدِ الْمُحْرِمِ وَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ
فإنه لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ فيه كَصَيْدِ الْحَرَمِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَكَذَا قال أبو الْحُسَيْنِ طَرْدُهُ صَيْدَ الْمَدِينَةِ وَلِأَنَّهَا حُرْمَةٌ تُوجِبُ رَفَعَ يَدِهِ عن الصَّيْدِ كَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ لَا جَزَاءَ على دَالٍّ في حِلٍّ بَلْ على الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ كَحَلَالٍ دَلَّ مُحْرِمًا وسبقت وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ وَالْأَوَّلُ نَصُّ أَحْمَدَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ اشْتَرَكَ حَلَالَانِ في قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ بِنَاءً منهم على أَنَّ الضَّمَانَ بَدَلٌ عن الْمَحَلِّ لَا جَزَاءٌ على الْجِنَايَةِ وَالْمَحَلُّ مُتَّحِدٌ كَقَتْلِهِمَا رَجُلًا خَطَأً الدِّيَةُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى كل وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ وَلَنَا ما سَبَقَ وما قَالُوهُ مَمْنُوعٌ
وَإِنْ قَتَلَ الْمُحِلُّ من الْحِلِّ صَيْدًا في الْحَرَمِ بِسَهْمٍ أو كَلْبٍ أو قَتَلَهُ على غُصْنٍ في الْحَرَمِ أَصْلُهُ في الْحِلِّ ضَمِنَهُ ( و ) لِأَنَّ الشَّارِعَ لم يُفَرِّقْ بين من هو في الْحِلِّ أو في الْحَرَمِ وَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالْحَرَمِ كالملتجىء ( ( ( كالملتجئ ) ) ) وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّ الْقَاتِلَ حَلَالٌ في الْحِلِّ وَكَذَا لو أَمْسَكَ طَائِرًا في الْحِلِّ فَتَلِفَ فَرْخُهُ في الْحَرَمِ ضَمِنَهُ علي الْأَصَحِّ وَلَا يَضْمَنُ الْأُمَّ وَعَكْسُ هذه الْمَسَائِلِ أَنْ يَقْتُلَ من الْحَرَمِ صَيْدًا في الْحِلِّ بِسَهْمِهِ أو كَلْبِهِ أو صَيْدًا على غُصْنٍ في الْحِلِّ أَصْلُهُ في الْحَرَمِ أو يُمْسِكَ طَائِرًا في الْحَرَمِ فَيَتْلَفَ فَرْخُهُ في الْحِلِّ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بالاباحة ( ( ( الإباحة ) ) ) وَلَيْسَ من صَيْدِ المحرم ( ( ( الحرم ) ) ) وَلَا الْمُحْرِمِ وعه يَضْمَنُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا اعْتِبَارًا بِالْقَاتِلِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في الطَّائِرِ على الْغُصْنِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ وَيَتَوَجَّهُ ضَمَانُ الْفَرْخِ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَإِنْ فَرَّخَ في مَكَان يُحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ عنه فَالْوَجْهَانِ وَلَوْ كان بَعْضُ قَوَائِمِ الصَّيْدِ في الْحِلِّ وَبَعْضُهُمَا في الْحَرَمِ حُرِّمَ تَغْلِيبًا وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ لَا لانه الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ ولم يَثْبُتْ أَنَّهُ من صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَوْ كان رَأْسُهُ فَقَطْ فيه فَخَرَّجَهُ الْقَاضِي على
____________________
(3/350)
الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ من الْحِلِّ على صَيْدٍ في الْحِلِّ فَقَتَلَهُ في الْحَرَمِ لم يَضْمَنْهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ لم يُرْسِلْهُ على صَيْدٍ في الْحَرَمِ بَلْ دخل بِاخْتِيَارِهِ كَاسْتِرْسَالِهِ بِنَفْسِهِ وقال أبو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ وقاله أبو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ كَسَهْمِهِ وَخَالَفَ فيه أبو ثَوْرٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَطَأِ كَالْعَمْدِ وَعَنْهُ في كَلْبِهِ يَضْمَنُهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ بِتَفْرِيطِهِ والإ فَلَا اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ فَعَلَى هذا لَا يَضْمَنُ صَيْدًا غَيْرَهُ وَعَنْهُ بَلَى لِتَفْرِيطِهِ وَإِنْ قَتَلَ السَّهْمُ صَيْدًا غير الذي قَصَدَهُ فَكَالْكَلْبِ وَقِيلَ يَضْمَنُهُ الرَّامِي
وَيَحْرُمُ الصَّيْدُ في هذه الْمَوَاضِعِ ضَمِنَهُ أولا لِأَنَّهُ قَتْلٌ في الْحَرَمِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ أو اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ دخل سَهْمُهُ أو كَلْبُهُ الْحَرَمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَهُ لم يَضْمَنْهُ قال الْقَاضِي كَعَدْوِهِ بِنَفْسِهِ فَيَدْخُلُ الْحَرَمَ ثُمَّ يَقْتُلُهُ في الْحِلِّ وَلَوْ جَرَحَ من الْحِلِّ صَيْدًا فيه فَمَاتَ في حَرَمٍ حَلَّ ولم يَضْمَنْ كما لو جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ فَمَاتَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يُكْرَهُ لِمَوْتِهِ في الْحَرَمِ كَذَا قال فصل يَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ حتى الشَّوْكِ وَالْوَرَقِ إلَّا الْيَابِسَ لِأَنَّهُ كَمَيِّتٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وما انْكَسَرَ ولم يَبِنْ كَظُفْرٍ مُنْكَسِرٍ وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَا زَالَ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ نَصَّ عليه وقال الشَّيْخُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا لِأَنَّ الْخَبَرَ في الْقَطْعِ قال بَعْضُهُمْ لَا يَحْرُمُ عُودٌ وَوَرَقٌ زَالَا من شَجَرَةٍ أو زَالَتْ هِيَ لا نِزَاعَ فيه وَلَا يَحْرُمُ الْإِذْخِرُ وَالْكَمْأَةُ وَالثَّمَرَةُ وما أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ من بَقْلٍ وَرَيَاحِينَ وَزَرْعٍ نَصَّ أَحْمَدُ على الْجَمِيعِ
وَلَا يَحْرُمُ ما أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ من شَجَرٍ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وابن إبن إبْرَاهِيمَ وأبو طَالِبٍ وقد سُئِلَ عن الرِّيحَانِ وَالْبُقُولِ في الْحَرَمِ فقال ما زَرَعْتَهُ أنت فَلَا بَأْسَ وما نَبَتَ فَلَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ له أَخْذُ جَمِيعِ ما يَزْرَعُهُ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بهذا في كتاب ( ( ( كتب ) ) ) الْخِلَافِ لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ كَزَرْعٍ وَعَوْسَجٍ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكُ الْأَصْلِ كَالْأَنْعَامِ وَجَزَمَ ابن الْبَنَّا في خِصَالِهِ بِالْجَزَاءِ فيه لِلنَّهْيِ عن قَطْعِ شَجَرِهَا وَكَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ النَّهْيُ عن شَجَرِ الْحَرَمِ وهو ما أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ وَهَذَا مُضَافٌ إلَى مَالِكِهِ فَلَا يَعُمُّهُ الْخَبَرُ وهو غَيْرُ مَمْلُوكٍ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ كَالزَّرْعِ وَعَنْ الْقَاضِي إنْ أَنْبَتَهُ في الْحَرَمِ أَوَّلًا فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ أَنْبَتَهُ في الْحِلِّ ثُمَّ غَرَسَهُ في الْحَرَمِ فَلَا
____________________
(3/351)
وَاخْتَارَ في الْمُغْنِي أَنَّ ما أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ من جِنْسِ شَجَرِهِمْ لَا يَحْرُمُ كَجَوْزٍ وَنَخْلٍ قِيَاسًا على ما أَنْبَتُوهُ من الزَّرْعِ وَحَيَوَانٍ أَهْلِيٍّ فَإِنَّا إنَّمَا أَخْرَجْنَا من الصَّيْدِ ما كان أَصْلُهُ إنْسِيًّا دُونَ ما تَأَنَّسَ من الوحش ( ( ( الوحشي ) ) ) كَذَا هُنَا كَذَا قال
وهو لم يُفَرِّقْ في الزَّرْعِ ولم يَجْعَلُوا الشَّجَرَ كَالصَّيْدِ فلهم ( ( ( فلم ) ) ) يَقُولُوا فِيمَنْ دخل الْحَرَمَ بِشَجَرَةٍ كَالصَّيْدِ وعن أبي حَنِيفَةَ يَجُوزُ قَطْعُ الشَّجَرِ إلَّا ما نَبَتَ بِنَفْسِهِ وكان من جِنْسِ مالا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ كَالدَّوْحِ وَنَحْوِهِ لنا ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ شَجَرٌ نَامٍ غَيْرُ مُؤْذٍ نَبَتَ أَصْلُهُ في الْحَرَمِ لم يُنْبِتْهُ آدَمِيٌّ كما نَبَتَ بِنَفْسِهِ مِمَّا لَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ وما فيه مَضَرَّةٌ كَشَوْكٍ وَعَوْسَجٍ يَحْرُمُ قَطْعُهُ عِنْدَ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ بِطَبْعِهِ كالسبع ( ( ( كالسباع ) ) ) وفي جَوَازِ رَعْي حَشِيشِهِ وَجْهَانِ
وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ أبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا في كُتُبِ الْخِلَافِ بِالْمَنْعِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمَا وَأَخَذَهُ الْقَاضِي من قَوْلِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب صيد الحرمين ونباتهما وما يتعلق بذلك
مسألة 1 قوله وما فيه مضرة كشوك وعوسج يحرم قطعه عند الشيخ وغيره للأخبار السابقة وعند أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه لا يحرم انتهى
أحدهما يحرم قتله وهو الصحيح اختاره الشيخ والشارح وقدمه ابن رزين وصاحب الفائق قال في المحرر وشجر الحرم ونباته يحرم إلا اليابس والإذخر وما زرعه الإنسان أو غرسه فظاهره عدم الجواز قلت ثبت في الصحيح ولا يعضد شوكه أي لا يقطع
والقول الثاني لا يحرم وعليه الأكثر قال الزركشي عليه جمهور الأصحاب قلت وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين والنظم وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره واختاره القاضي وأصحابه وغيرهم كما قال المصنف
____________________
1-
(3/352)
أَحْمَدَ لِلْفَضْلِ بن زِيَادٍ وَسَأَلَهُ عن مَعْنَى قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يختلي خَلَاهَا فقال لَا يُحْتَشُّ من حَشِيشِ الْحَرَمِ وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ فَقِيلَ له يأخذ ( ( ( تأخذ ) ) ) الْمِقْرَعَةُ من الشَّجَرَةِ فقال ما كان يَابِسًا فَلِهَذَا قال ابن الْبَنَّا أومىء ( ( ( أومئ ) ) ) اليه لِأَنَّ ما حَرُمَ إتْلَافُهُ بِنَفْسِهِ حَرُمَ أَنْ يُرْسِلَ عليه ما يُتْلِفُهُ كَالصَّيْدِ وَعَكْسُهُ الْإِذْخِرُ
وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ وأبي يُوسُفَ لِأَنَّ الهداية ( ( ( الهدايا ) ) ) كانت تَدْخُلُ الْحَرَمَ فَتَكْثُرُ فيه فلم يُنْقَلْ شَدُّ أفواههما ( ( ( أفواهها ) ) ) وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كالإدخر ( ( ( كالإذخر ) ) ) اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ ابْنِ هانىء لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَشَّ الْمُحْرِمُ ولم يُفَرِّقْ بين الْحَرَمِ وَالْحِلِّ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْخِلَافَ إنْ أَدْخَلَ بَهَائِمَهُ لِرَعْيِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا لِحَاجَةٍ لم يَضْمَنْهُ كما لو أَدْخَلَ كَلْبَهُ فَأَخَذَ صَيْدًا لم يَضْمَنْهُ وَلَوْ أَرْسَلَهُ عليه وَأَغْرَاهُ ضَمِنَهُ كَذَا الْحَشِيشُ قال وَلِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ بقطعة كَذَا بِرَعْيِهِ وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ احْتَشَّهُ لها فَكَرَعْيِهِ
وَيَضْمَنُ شَجَرَ الْحَرَمِ وَحَشِيشَهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنِ لمنذر ( ( ( المنذر ) ) ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ منه لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ كَالصَّيْدِ وَلِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِقَطْعِ شَجَرٍ كان في الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّوَافِ وفدي قال الرَّاوِي وَذَكَرَ الْبَقَرَ رَوَاهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 2 قوله وفي جواز رعي حشيشه وجهان وذكره أبو الحسين وجماعة روايتين وجزم أبو الخطاب وابن البنا وغيرهما في كتب الخلاف بالمنع ونصره القاضي وابنه وغيرهما انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم أحدهما عدم الجواز جزم أبو الخطاب وابن البنا وغيرهما في كتب الخلاف ونصره القاضي في الخلاف وابنه وغيرهما كما قاله المصنف وجزم به في التنبيه ورءوس المسائل والآدمي في منتخبه وغيرهم وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في المستوعب وشرح ابن رزين وغيرهما
والوجه الثاني الجواز اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإفادات والجيز وغيرهما وصححه في التصحيح قلت وهو الصواب
____________________
1-
(3/353)
حَنْبَلٌ في الْمَنَاسِكِ وَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَدَنَةٍ في رِوَايَةٍ وَعَنْهُ بِبَقَرَةٍ كَالْمُتَوَسِّطَةِ وَالْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتَ وَالْوَرَقَ بِقِيمَتِهِ نَصَّ على ذلك وَقِيلَ في الْغُصْنِ قِيمَتُهُ وَقِيلَ نَقْصُ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ في الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَكَالصَّيْدِ يُضْمَنُ بِمُقَدَّرٍ وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعَنْ أَحْمَدَ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِقِيمَتِهِ
وَعَنْهُ أَيْضًا في الْغُصْنِ الْكَبِيرِ شَاةٌ وَمَنْ لم يَجِدْ قَوَّمَهُ ثُمَّ صَامَ نَقَلَهُ ابن الْقَاسِمِ قال في الْفُصُولِ من لم يَجِدْ قَوَّمَ الْجَزَاءَ طَعَامًا كَالصَّيْدِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فيه كَالصَّيْدِ عِنْدَهُ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِاسْتِخْلَافِهِ في أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ كَنَبَاتِ شَعْرِ آدَمِيٍّ قَطَعَهُ
وَالثَّانِي لَا لأن غَيْرُ الْأَوَّلِ كَحَلْقِ الْمُحْرِمِ شَعْرًا فَعَادَ وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْطُوعِ نَصَّ عليه كَالصَّيْدِ وَقِيلَ يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ له فيه كَقَلْعِ الربح ( ( ( الريح ) ) ) له وَذَكَاةُ الصَّيْدِ يُعْتَبَرُ لها الْأَهْلِيَّةُ بِخِلَافِ هذا وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 3 قوله ويضمن الشجرة الكبيرة ببدنة وفي رواية وعنه ببقرة وجزم القاضي وأصحابه في كتب الخلاف في الكبيرة بقرة والصغيرة شاة ونقله الجماعة وعنه يضمن الجميع بقيمته انتهى
إحداهما تضمن ببقرة وهو الصحيح نقله الجماعة وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والنظم وشرح ابن رزين والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف أيضا
والرواية الثانية تضمن ببدنه جزم به في المحرر والإفادات وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق
تنبيه ظاهر قوله وعنه يضمن الجميع بقيمته أن هذه الرواية داخلة في الخلاف الذي أطلقه وهي لا تقاوم الروايتين اللتين قبلها ففي إدخالها في الخلاف المطلق نظر لأن الترجيح لم يختلف فيها مع غيرها والله أعلم
____________________
1-
(3/354)
يَمْلِكُهُ بِصَدَقَتِهِ بِقِيمَتِهِ كَحُقُوقِ الْعِبَادِ وَلَهُ بَيْعُهُ وَيُكْرَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ وَوَافَقُوا على الصَّيْدِ
وَمَنْ غَرَسَ من شَجَرِ الْحَرَمِ في الْحِلِّ رَدَّهُ لِإِزَالَتِهِ حُرْمَتَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أو يَبِسَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ وَلَوْ قَلَعَهُ غَيْرُهُ من الْحِلِّ فَقَدْ أَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُهُ وَحْدَهُ لِبَقَاءِ حُرْمَتِهِ بِخِلَافِ من نَفَّرَ صَيْدًا فَخَرَجَ من الْحَرَمِ ضَمِنَهُ الْمُنَفِّرُ لَا قَاتِلُهُ لِتَفْوِيتِهِ حُرْمَتَهُ بِإِخْرَاجِهِ وَيَحْتَمِلُ فِيمَنْ قَلَعَهُ كَدَالٍّ مع قَاتِلٍ وَيُؤْخَذُ من كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو رُدَّ إلَى الْحَرَمِ لم يَضْمَنْهُ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ فَإِنْ فَدَاهُ ثُمَّ وَلَدَ لم يَضْمَنْ وَلَدَهُ وَإِنْ وَلَدَ قَبْلَهُ فَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَضْمَنُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِبَقَاءِ أَمْنِ الصَّيْدِ وَلِهَذَا يَلْزَمُ رَدُّهُ فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَمَنْ قَطَعَ غُصْنًا أَصْلُهُ أو بَعْضُهُ في الْحَرَمِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ تابع لِأَصْلِهِ وفي عَكْسِهِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ أو لِأَنَّهُ في الْحَرَمِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 4 قوله فإن فداه ثم ولد لم يضمن ولده وإن ولد قبله فيتوجه احتمال لا يضمنه ويحتمل أن يضمنه لبقاء أمن الصيد ولهذا يلزم رده فيسري إلى الولد انتهى أحدهما يضمنه قلت وهو الصواب
والإحتمال الثاني لا يضمنه
مَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ وَمَنْ قَطَعَ غُصْنًا أَصْلَهُ أو بَعْضَهُ في الْحَرَمِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ وفي عَكْسِهِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ أو لِأَنَّهُ في الْحَرَمِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وغيرهم
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُهُ اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
____________________
1-
(3/355)
فصل قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُخْرِجُ من تُرَابِ الْحَرَمِ وَلَا يُدْخِلُ من الْحِلِّ كَذَلِكَ قال ابن عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ وَلَا يُخْرِجُ من حِجَارَةِ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ
وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ وَاقْتَصَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا على كَرَاهَةِ إخْرَاجِهِ وَجَزَمَ في مَكَان آخَرَ بِكَرَاهَتِهِمَا وقال بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ إلَى الْحِلِّ وفي إدْخَالِهِ إلَى الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ وفي الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ في تُرَابِ والحل ( ( ( الحل ) ) ) والحرم نَصَّ عليه قال أَحْمَدُ وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ لِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهَا أَيْضًا في تُرَابِ الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ كَتُرَابِ الْحَرَمِ
قال وَنَحْنُ لِأَخْذِ تُرَابِ الْقُبُورِ لِلتَّبَرُّكِ أو النَّبْشِ أَكْرَهُ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ له في السُّنَّةِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ كَذَا قال وَالْأَوْلَى أَنَّ تُرَابَ الْمَسْجِدِ أَكْرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْرُمُ وهو أَظْهَرُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ يَحْرُمُ وفي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ في مَسْأَلَةِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِأَنَّهُ قدر كَرِهَ الناس إخْرَاجَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ فَكَذَا هُنَا كَذَا قال وَأَحْمَدُ لم يَعْتَمِدْ على ما قال بَلْ على ما سَبَقَ وَلَعَلَّهُ بِدْعَةٌ عِنْدَهُ
وَأَمَّا تُرَابُ الْمَسْجِدِ وانتفاع ( ( ( فانتفاع ) ) ) بالموقوف ( ( ( بالموقف ) ) ) في غَيْرِ جِهَتِهِ وَلِهَذَا قال أَحْمَدُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِطِيبِ الْكَعْبَةِ لم يَأْخُذْ منه شيئا وَيَلْزَقُ عليها طِيبًا من عِنْدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ وَذَكَرَهُ عنه جَمَاعَةٌ في طِينِ الْحَرَمِ منهم الْمُسْتَوْعِبُ وفي الرِّعَايَةِ فَإِنْ أَلْصَقَهُ عليه أو على يَدِهِ أو غَيْرِهَا لِلتَّبَرُّكِ جَازَ إخْرَاجُهُ والأنتفاع بِهِ كَذَا قال وَسَبَقَ حُكْمُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ له ثُمَّ لو جَازَ لم يَلْزَمْ مِثْلُهُ هُنَا لِأَنَّهُ يَسِيرٌ جِدًّا لَا أَثَرَ له وقد سَبَقَ
وَلَا يُكْرَهُ وَضْعُ حصي في الْمَسْجِدِ كما في مَسْجِدِهِ زَمَنِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَعْدَهُ قال في الْفُنُونِ في الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ وَهَذَا يَدُلُّ على الِاسْتِشْفَاءِ بِمَا يُوضَعُ على جِدَارِ الْكَعْبَةِ من شَمْعٍ وَنَحْوِهِ قِيَاسًا على مَاءِ زَمْزَمَ وَلِتَبَرُّكِ الصَّحَابَةِ بِفَضَلَاتِهِ عليه السَّلَامُ كَذَا قال وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرَى في مَسْأَلَةِ الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ وَنَحْوِهِ نَظَرًا وَأَنَّهُ ليس كَمَاءِ زَمْزَمَ وَلَا كَفَضَلَاتِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
وَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُ مَاءِ زَمْزَمَ قال أَحْمَدُ أَخْرَجَهُ كَعْبٌ لم يَزِدْ على ذلك قال
____________________
(3/356)
الشَّيْخُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ كَالثَّمَرَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ أنها كانت تَحْمِلُ من مَاءِ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَحْمِلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا من هذا الْوَجْهِ وهو من رِوَايَةِ خَلَّادِ بن يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ في تَارِيخِهِ فذكر حَدِيثَهُ هذا عن عَائِشَةَ أنها كانت تَحْمِلُ من مَاءِ زَمْزَمَ في الْقَوَارِيرِ وَقَالَتْ حَمَلَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الأداوي وَالْقِرَبِ فَكَانَ يَصُبُّ على الْمَرْضَى وَيَسْقِيهِمْ ثُمَّ قال لَا يُتَابَعُ عليه وقال ابن حِبَّانَ في الثِّقَاتِ رُبَّمَا أَخْطَأَ فصل حَدُّ الْحَرَمِ من طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا وَمِنْ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ إضاءة لين ( ( ( لبن ) ) ) وَمِنْ الْعِرَاقِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ على ثَنِيَّةِ زُحَلٍ وهو جَبَلٌ بِالْمُنْقَطَعِ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ في شِعْبٍ يُنْسَبُ إلَى عبد اللَّهِ ابن خَالِدِ بن أُسَيْدٍ وَمِنْ جُدَّةَ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْأَعْشَاشِ وَمِنْ الطَّائِفِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ طَرَفِ عَرَفَةَ وَمِنْ بَطْنِ عرفة ( ( ( عرنة ) ) ) أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا قال ابن الْجَوْزِيِّ وَقِيلَ عن أضاءة لين ( ( ( لبن ) ) ) وَهَذَا هو الْمَعْرُوفُ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ في الْهِدَايَةِ فصل تَوَاتَرَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ قال قَوْمٌ سُمِّيَتْ مَدِينَةً لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ من الدِّينِ وَالدِّينُ الطَّاعَةُ وَيُقَامُ بها طَاعَةٌ وَإِلَيْهَا
____________________
(3/357)
وقال أخرون لِأَنَّهَا دِينَ أَهْلُهَا أَيْ مُلِكُوا يُقَالُ دَانَ فُلَانٌ بَنِي فُلَانٍ أَيْ مَلَكَهُمْ وَفُلَانٌ في دِينِ فُلَانٍ طَاعَتِهِ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي حُمَيْدٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال هذه طَابَةُ وَعَنْ جَابِرِ بن سَمُرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ اللَّهَ سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ وَعَنْ زَيْدِ بن ثَابِتٍ مَرْفُوعًا إنَّهَا طَيْبَةُ يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ كما تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا طَهُرَتْ من الشِّرْكِ وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ وزاد في أَوَّلِهِ قال كان الناس يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَالْمَدِينَةُ
وَذَكَرَهُ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أُمِرْت بَقَرِيَّةٍ تَأْكُلُ القري يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي الناس كما يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ مُتَّفَقٌ عليه فَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُسَمَّى بِيَثْرِبَ وَهَلْ يُكْرَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عن الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا من سَمَّى الْمَدِينَةَ بِيَثْرِبَ فَلِيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ هِيَ طَابَةُ هِيَ طَابَةُ فيه يَزِيدُ بن أبي زيادة ( ( ( زياد ) ) ) ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ سَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ
قال ابن الْجَوْزِيِّ قال الْأَزْهَرِيُّ كُرِهَ ذِكْرُ الثَّرْبِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ في كَلَامِ الْعَرَبِ وقال أبو عُبَيْدَةَ يَثْرِبُ اسْمُ أَرْضٍ وَمَدِينَةُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في نَاحِيَةٍ منها قال الْفَرَّاءُ نَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وَأَثْرِبِيٌّ مَنْسُوبٌ إلَى يَثْرِبَ وَإِنَّمَا فَتَحُوا الرَّاءَ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ
ويحرم صيد المدينة نقله الجماعة وشجرها وحشيشها لخبر علي إن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَرْوِيِّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في تَسْمِيَةِ الْمَدِينَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُسَمَّى يَثْرِبَ وَهَلْ يُكْرَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ لِحَدِيثٍ ذَكَرَهُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ
قال الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ بن حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فَهِمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ من هذا الحديث كَرَاهِيَةَ تَسْمِيَةِ الْمَدِينَةِ يَثْرِبَ وَقَالُوا ما وَقَعَ في الْقُرْآنِ إنَّمَا هو حِكَايَةٌ عن قَوْلِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ انْتَهَى قلت الصَّوَابُ الْكَرَاهَةُ لِلْحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(3/358)
النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال والمدينة ( ( ( المدينة ) ) ) حَرَمٌ ما بين عاثر ( ( ( عائر ) ) ) إلَى كَذَا وفي لَفْظٍ آخَرَ حَرَمٌ من عِيرٍ إلَى كَذَا رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَلِمُسْلِمٍ حَرَمٌ ما بين عِيرٍ إلَى ثَوْرٍ وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْمَدِينَةُ حَرَمٌ من كَذَا إلَى كَذَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ لَا يختلي خَلَاهَا فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَلَهُمَا عنه مَرْفُوعًا اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ ما بِمَكَّةَ من الْبَرَكَةِ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كان يقول لو رَأَيْت الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ ما ذَعَرْتهَا قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما بين لَابَتَيْهَا حَرَامٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وزاد وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى وَعَنْ عبد اللَّهِ بن زَيْدِ عن عَاصِمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ كما حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَوْت في صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ ما دَعَا إبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ مُتَّفَقٌ عليه وَعَنْ سعيد ( ( ( سعد ) ) ) مَرْفُوعًا إنِّي أُحَرِّمُ ما بين لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عضاها ( ( ( عضاهها ) ) ) أن يُقْتَلَ صَيْدُهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَعَنْ رَافِعِ بن خَدِيجٍ مَرْفُوعًا تَحْرِيمُ ما بين لَابَتَيْهَا وَعَنْ أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا تَحْرِيمُ ما بين مازميها أَلَّا يُهْرَاقَ فيها دَمٌ وَلَا يُحْمَلَ فيها سلام ( ( ( سلاح ) ) ) لِقِتَالٍ وَلَا يُخْبَطَ فيها شَجَرَةٌ إلَّا لِعَلَفٍ وَعَنْهُ ايضا مَرْفُوعًا إنِّي حَرَّمْت ما بين لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ كما حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وكان أبو سَعِيدٍ يَجِدُ أَحَدَنَا في يَدِهِ الطَّيْرَ فَيَفُكُّهُ من يَدِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ وَلَهُ أَيْضًا عن سَهْلِ ابن حُنَيْفٍ مَرْفُوعًا إنَّهَا حَرَمٌ آمِنٌ وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا لَا يختلي خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا
____________________
(3/359)
تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بها وَلَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ أَنْ يَحْمِلَ فيها السِّلَاحَ لِقِتَالٍ وَلَا يُصْلَحُ أَنْ تُقْطَعَ فيها شَجَرَةٌ إلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَعَنْ عَدِيِّ بن زَيْدٍ قال حَمَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَدِينَةَ بَرِيدًا في بَرِيدٍ لَا يُخْبَطُ شَجَرُهُ وَلَا يُعْضَدُ إلَّا ما يُسَاقُ بِهِ الْجَمَلُ فيه سُلَيْمَانُ بن كِنَانَةَ روي عنه غَيْرُ وَاحِدٍ ولم أَجِدْ فيه كَلَامًا رَوَاهُ أبو دَاوُد وفي تَحْرِيمِهَا أَخْبَارٌ سِوَى ذلك ثُمَّ قالوا لم يُبَيِّنْهُ بَيَانًا عَامًّا رُدَّ لَا يُعْتَبَرُ
ثُمَّ بُيِّنَ وَنُقِلَ عَامًّا أو نُقِلَ خَاصًّا حجته ( ( ( كحجته ) ) ) عليه السَّلَامُ وَرَجْمِهِ لما عز وَصِفَةِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ قالوا { وإذا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } قُلْنَا مِمَّا حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ ثُمَّ مَحْمُولٌ على غَيْرِ الْمَدِينَةِ كَغَيْرِ مَكَّةَ قال الْقَاضِي تَحْرِيمُ صَيْدِ الْمَدِينَةِ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ هذه الْحُرْمَةِ في زَوَالِ مِلْكِ الصَّيْدِ نَصَّ عليه ثُمَّ ذَكَرَ في الصِّحَّةِ احْتِمَالَيْنِ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ من شَجَرِهَا وَحَشِيشِهَا لِحَاجَةِ الْمُسَانَدِ وَالْحَرْثِ وَالرَّحْلِ وَالْعَلَفِ وَنَحْوِ ذلك لِمَا سَبَقَ وَلِأَنَّ ذلك بِقُرْبِهَا فَالْمَنْعُ منه ضَرَرٌ بِخِلَافِ مَكَّةَ
وَمَنْ أَدْخَلَهَا صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ نَصَّ عليه لِقَوْلِ أَنَسٍ كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَحْسَنَ الناس خُلُقًا وكان لي أَخٌ يُقَالُ له أبو عُمَيْرٍ قال أَحْسَبُهُ قال كان فَطِيمًا وكان إذَا جاء قال يا ابا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ نفير ( ( ( نغير ) ) ) كان يَلْعَبُ بِهِ مُتَّفَقٌ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا في هذه الْمَسْأَلَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ قال الْقَاضِي تَحْرِيمُ صَيْدِ الْمَدِينَةِ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَإِنْ قُلْنَا تَصِحُّ فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ هذه الْحُرْمَةِ في زَوَالِ مِلْكِ الصَّيْدِ نَصَّ عليه ثُمَّ ذَكَرَ في الصِّحَّةِ احْتِمَالَيْنِ انْتَهَى قلت الصَّوَابُ صِحَّةُ التَّذْكِيَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْمَنْعُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا حُكْمُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا في مَسْأَلَةِ من أَدْخَلَ صَيْدًا أو أَخَذَ ما تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ من الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ
____________________
1-
(3/360)
والتي قبلها ولا جزاء فيما حرم من ذلك قال في رواية بكر بن محمد لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من أصحابه حكموا فيه بجزاء واختاره غير واحد وأكثر العلماء لأنه يجوز دخوله بلا إحرام أو لا يصلح أداء النسك أو لذبح الهدايا كسائر المواضع
ولا يلزم من الحرمة الضمان ولا من عدمها عدمه ونقل الأثرم والميموني وحنبل فيه الجزاء سلبه لمن وجده وهو المنصور عند أصحابنا في كتب الخلاف لما سبق من تحريمها كمكة وعن عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبد يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال معاذ الله أن أراد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي أن يرد عليهم
رواه مسلم وعن سليمان بن أبي عبد الله قال رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال من رأيتموه بعيد فيه شيئا فله سلبه فلا أرد عليكم طعمه أطعمنيها ولكن إن شئتم أعطيتكم ثمنه
رواه أحمد وأبو داود وقال من أخذ أحدا بصيد فيه فليسلبه قال البخاري وأبو داود وقال من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه قال البخاري سليمان أدرك المهاجرين سمعه يعلى بن حكيم ووثقه ابن حبان وتفرد عنه يعلى وقال أبو حاتم ليس بمشهور فيعتبر بحديثه ولأنه يحرم لحرمة ذلك كحرم مكة والإحرام وسلبه ثيابه قال جماعة والسروايل قال في الفصول وغيره وزينة كمنطقة وسوار وخاتم وجبة قال وينبغي أن منه آلة الاصطياد
لأنها آلة الفعل المحظور كما قلنا في سلب المقتول قال غيره وليست الدابة منه وأخذها قاتل الكافر لئلا يستعين بها على الحرب فإن لم يسلبه أحد تاب فقط وللشافعي قول قديم فيه الجزاء وهل هو ما قلنا أو يتصدق به لمساكين
____________________
(3/361)
المدينة فيه قولان وفي صَيْدِ السَّمَكِ في الْحَرَمَيْنِ رِوَايَتَانِ وقد سَبَقَتَا
وَحَرَمُهَا ما بين لَابَتَيْهَا بَرِيدٌ في بَرِيدٍ نَصَّ عليه لِمَا سَبَقَ وَاللَّابَةُ الْحَرَّةُ وَهِيَ أَرْضٌ بها حِجَارَةٌ سُودٌ فصل وَمَكَّةُ أَفْضَلُ من الْمَدِينَةِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ وَأَخَذَهُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وقد سُئِلَ عن الْجِوَارِ بِمَكَّةَ كَيْفَ لنا بِهِ وقد قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ الى اللَّهِ وَإِنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَيَّ وَعَنْهُ الْمَدِينَةُ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قال في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَسُئِلَ عن الْمُقَامِ بِمَكَّةَ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ بِالْمَدِينَةِ فقال بِالْمَدِينَةِ لِمَنْ قَوِيَ عليه لِأَنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ
قال الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ أنها أَفْضَلُ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْمُقَامَ فيها لنا عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عن عبد اللَّهِ بن عَدِيِّ بن الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سمع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول وهو وَاقِفٌ بالجزورة ( ( ( بالحزورة ) ) ) في سُوقِ مَكَّةَ وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْت مِنْك ما خَرَجْت رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وابن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ وهو كما قال وَأَرْسَلَهُ ابن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ كما سَبَقَ وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بن عَطَاءٍ وَمَعْمَرٌ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عن ابي هُرَيْرَةَ وَاخْتُلِفَ عن يُونُسَ وَرَوَاهُ ابن أَخِي الزُّهْرِيِّ عن عَمِّهِ عن مُحَمَّدِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 8 قوله وفي صيد السمك في الحرمين روايتان وقد سبقتا انتهى قلت إنما سبق ذكر حرم مكة فإنه قال في الباب الذي قبله لما تكلم على الصيد للمحرم وذكر الجواز في صيد البحر قال وفي حله في الحرم روايتان وتقدم الكلام على ذلك وأما صيد السمك في حرم المدينة إذا كان مثلا في بركة أو بئر ونحوه فلم يذكره المصنف أو نقول دخل حرم المدينة في قوله الحرم وهو ظاهر عبارته ويؤيده قوله هنا وقد سبقنا وعلى كل تقدير الحكم واحد والله أعلم فهذه ثمان مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(3/362)
عن عبد اللَّهِ بن عَدِيٍّ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بن سَلَمَةَ وأبو ضَمْرَةَ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو وَعَنْ أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بن جَعْفَرٍ عن ابن سَلَمَةَ مُرْسَلًا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ذَكَرَ ذلك الدَّارَقُطْنِيُّ وقال التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ محمد بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ اصح وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ خَبَرَ أبي هُرَيْرَةَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهِيَ أَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَيَّ فَرَوَاهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ من حديث عَنْبَسَةَ حدثني يُونُسُ وابن سَمْعَانَ عن الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أبو بَكْرٍ من أَصْحَابِنَا من حديث ابْنِ الْحَمْرَاءِ السَّابِقِ وَلَا أَحْسَبُهُمَا يَصِحَّانِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ما أَطْيَبَك من بَلَدٍ وَأَحَبَّك إلَيَّ وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْك ما سَكَنْت غَيْرَك وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وابن الْبَنَّا وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ بِمُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ فيه أَكْثَرَ قال الْقَاضِي وهو نَصٌّ لأن أخبرني ( ( ( أخبر ) ) ) أَنَّ الْعَمَلَ فيها أَفْضَلُ وَلِمَا سَبَقَ قالوا عن رَافِعٍ مَرْفُوعًا الْمَدِينَةُ خَيْرٌ من مَكَّةَ رُدَّ لَا يُعْرَفُ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على وَقْتِ كَوْنِ مَكَّةَ دَارَ حَرْبٍ أو على الْوَقْتِ الذي كان فيها وَالشَّرْعُ يؤحذ ( ( ( يؤخذ ) ) ) منه وَكَذَا لَا يُعْرَفُ اللَّهُمَّ إنَّهُمْ أَخْرَجُونِي من أَحَبِّ الْبِقَاعِ إلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إلَيْك وقال الْقَاضِي مَعْنَاهُ بَعْدَ مَكَّةَ وَلِمَالِكٍ عن يحيى بن سَعِيدٍ مَرْفُوعًا ما على الْأَرْضِ بُقْعَةٌ أَحَبُّ إلى أَنْ يَكُونَ قَبْرِي بها منها ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَهُ للبخاري ( ( ( وللبخاري ) ) ) أَنَّ عُمَرَ قال اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً في سَبِيلِك وَاجْعَلْ مَوْتِي في بَلَدِ رَسُولِك
وَالْجَوَابُ لِأَنَّهُمَا هَاجَرَا من مَكَّةَ فَأَحَبَّا الْمَوْتَ في أَفْضَلِ الْبِقَاعِ بَعْدَهَا وَلِهَذَا عن ابْنِ عُمَرَ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا دخل مَكَّةَ قال اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنَايَانَا بها حتى تُخْرِجَنَا منها وَاحْتَجُّوا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ تَدُلُّ على فَضْلِهَا لَا فَضِيلَتِهَا على مَكَّةَ وبأن ( ( ( وبأنه ) ) ) عليه السَّلَامُ خُلِقَ منها وهو خَيْرُ الْبَشَرِ وترتبه ( ( ( وتربته ) ) ) خَيْرُ التُّرَبِ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ فَضْلَ الْخِلْقَةِ لَا يَدُلُّ على فَضْلِ التُّرْبَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَفْضَلُ من غَيْرِهِ ولم يَدُلَّ
____________________
(3/363)
على أَنَّ تُرْبَتَهُ أَفْضَلُ وَكَذَا قال غَيْرُهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ التُّرْبَةَ أَفْضَلُ قال في الْفُنُونِ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ من مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ فَأَمَّا وهو فيها فَلَا وَاَللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ وَالْجَنَّةُ لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لو وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ التُّرْبَةَ على الْخِلَافِ وقال شَيْخُنَا لم أَعْلَمْ أَحَدًا فَضَّلَ التُّرْبَةَ علي الْكَعْبَةِ غير الْقَاضِي عِيَاضٍ ولم يَسْبِقْهُ أَحَدٌ وَلَا وَافَقَهُ أَحَدٌ وفي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ في الْمُجَاوَرَةِ فَقَطْ
وَجَزَمُوا بِأَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وهو أَظْهَرُ وقال الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَانٍ يَكْثُرُ فيه إيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ أَفْضَلُ حَيْثُ كان وَمَعْنَى ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ وَذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ الْمُقَامُ بِالْمَدِينَةِ أَحَبُّ إلَيَّ من الْمُقَامِ بِمَكَّةَ لِمَنْ قَوِيَ عليه لِأَنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ
وقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ على لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إلَّا كُنْت له شَفِيعًا يوم الْقِيَامَةِ وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ من حديث ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حديث أبي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حديث أبي سَعِيدٍ وَمِنْ حديث سعيد ( ( ( سعد ) ) ) وَفِيهِنَّ أو شَهِيدًا وفي حديث سَعْدٍ وَلَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عنها إلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فيها من هو خَيْرٌ منه وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ من أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ إلَّا أَذَابَهُ اللَّهُ في النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ أو ذَوْبَ الْمِلْحِ في الْمَاءِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا من اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بها رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الْمَدِينَةُ حَرَمٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فيها أو آوَى مُحْدِثًا لعنه اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ منه يوم الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَكَرِهَهَا أبو حَنِيفَةَ وفي كَلَامِ أَصْحَابِهِ الْمَنْعُ لنا ما سَبَقَ قالوا يقضي ( ( ( يفضي ) ) ) إلَى الْمَلَلِ وَلَا يَأْمَنُ الْمَحْظُورَ فَيَتَضَاعَفُ الْعَذَابُ عليه وَلِأَنَّهُ يَضِيقُ على أَهْلِهِ وَأَبْطَلَ الْقَاضِي الْمَلَلَ بِمَسْجِدِهِ عليه السَّلَامُ وَالنَّظَرَ إلَى قَبْرِهِ وَوَجْهِهِ في حَيَاتِهِ وَوُجُوهِ الصَّالِحِينَ فإنه يُسْتَحَبُّ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْمَلَلِ وَيُقَابِلُ مُضَاعَفَةَ الْعَذَابِ
____________________
(3/364)
مُضَاعَفَةُ الثَّوَابِ على أنا نَمْنَعُ من عَلِمَ وُقُوعَ الْمَحْظُورِ وَلَا يُفْضِي إلَى الضِّيقِ كَذَا قال وفي بَعْضِهِ وَلِمَنْ هَاجَرَ منها الْمُجَاوَرَةُ بها وَذَكَرَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ أبي طَالِبٍ كَيْفَ لنا بِالْجِوَارِ بِمَكَّةَ وابن عُمَرَ كان يُقِيمُ بها وَمَنْ كان باليمين ( ( ( باليمن ) ) ) وَجَمِيعِ الْبِلَادِ هُمْ بِمَنْزِلَةِ من يَخْرُجُ وَيُهَاجِرُ أَيْ لَا بَأْسَ بِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنَّمَا كَرِهَ عُمَرُ الجور ( ( ( الجوار ) ) ) بِمَكَّةَ لِمَنْ هَاجَرَ منها فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَكَاهُ ولم يَقُلْ بِهِ وَيَحْتَمِلُ الْقَوْلَ بِهِ فَيَكُونُ فيه رِوَايَتَانِ
وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بمكة ( ( ( بمكان ) ) ) أو زَمَانٍ فَاضِلٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا وابن الْجَوْزِيِّ وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ سُئِلَ أَحْمَدُ هل تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ قال لَا إلَّا بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنَ وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ أَذَاقَهُ اللَّهُ من الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ ولم يذكر السَّيِّئَاتِ وَسَبَقَ في آخَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ من مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ فصل لَا يَحْرُمُ صَيْدُ وَجٍّ وَشَجَرُهُ وهو وَادٍ بالطائفة ( ( ( بالطائف ) ) ) وَلَهُ في ضَمَانِهِ قَوْلَانِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وأبو دَاوُد عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن إنْسَانٍ عن أبيه عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عن أبيه مَرْفُوعًا أَنَّ صَيْدَ وَجٍّ وعضاه ( ( ( وعضاهه ) ) ) حَرَمٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ وَذَلِكَ قبل نُزُولِهِ الطَّائِفَ وَحِصَارِهِ ثقيف ( ( ( ثقيفا ) ) ) صَحَّحَهُ الشَّافِعِيُّ لنا لَا دَلِيلَ وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ مع ظَاهِرِ ما سَبَقَ وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وقال أبو حَاتِمٍ في مُحَمَّدٍ ليس بِالْقَوِيِّ وفي حَدِيثِهِ نَظَرٌ وقال الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ عليه وَتَفَرَّدَ عن ابيه عبد اللَّهِ فَلِهَذَا قال ابن الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ لَا يُعْرَفُ وقال ابن حيان ( ( ( حبان ) ) ) وَالْأَزْدِيُّ لم يَصِحَّ حَدِيثُهُ وقال الْقَاضِي يُحْمَلُ على الِاسْتِحْبَابِ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(3/365)
باب صفة الحج والعمرة
يُسْتَحَبُّ دُخُولُ مَكَّةَ من أَعْلَاهَا من ثَنِيَّةِ كَدَاءَ نَهَارًا وَقِيلَ وَلَيْلًا وَنَقَلَ ابن هانىء لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ من السُّرَّاقِ وَخُرُوجُهُ من الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى كدي وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ من بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وفي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ لِيَقُلْ حِينِ دُخُولِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَمِنْ اللَّهِ وَإِلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَابَ فَضْلِك فإذا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ نَصَّ عليه ودعاء ( ( ( ودعا ) ) ) وَمِنْهُ اللَّهُمَّ زِدْ هذا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا وَزِدْ من عِظَمِهِ شَرَفِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا اللهم ( ( ( واللهم ) ) ) أنت السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ وَقِيلَ يَجْهَرُ بِهِ وَاقْتَصَرَ في الرَّوْضَةِ على الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ وَيُكَبِّرُ وَقِيلَ وَيُهَلِّلُ وكان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا رَأَى ما يُحِبُّ قال الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ وإذا ما رَأَى ما يَكْرَهُ قال الْحَمْدُ لِلَّهِ على كل حَالٍ
ثُمَّ يضطجع ( ( ( يضطبع ) ) ) بِرِدَائِهِ في طَوَافِهِ نَصَّ عليه وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ في رَمْلِهِ وَقَالَهُ الْأَثْرَمُ يَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ فَوْقَ الْأَيْسَرِ وَيَطُوفُ الْمُتَمَتِّعُ لِلْعُمْرَةِ وَالْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ لِلْقُدُومِ وهو الْوُرُودُ
وفي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ نَقَلَ حَنْبَلٌ نَرَى لِمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ بَعْدَ ذلك وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوَافُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ
وَكَذَا عَطَاءٌ وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ السَّلَامِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ على حَقِّ الانبياء وهو ظَاهِرُ كَلَامِ اصحابنا وَغَيْرِهِمْ وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا يَشْتَغِلُ بِدُعَاءٍ فَيُحَاذِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ أو بَعْضَهُ وهو جِهَةُ الْمَشْرِقِ بِبَدَنِهِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ يُجْزِئُهُ بِبَعْضِهِ وفي الْمُجَرَّدِ احْتِمَالٌ لَا يُجْزِئْهُ إلَّا بِكُلِّ بَدَنِهِ قال في أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَلْيَمُرَّ بِكُلِّ الْحَجَرِ بِكُلِّ بَدَنِهِ فَيَسْتَلِمْهُ بيده الْيُمْنَى وَيُقَبِّلْهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَيَسْجُدْ عليه وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَاهُ وَإِنْ شَقَّ قَبَّلَ يَدَهُ
____________________
(3/367)
نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ وَظَاهِرُهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَالَهُ الْقَاضِي وفي الرَّوْضَةِ هل له أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ فيه اخْتِلَافٌ بين أَصْحَابِنَا وَإِلَّا اسْتَلَمَهُ بِشَيْءٍ وَقَبَّلَهُ وفي الرَّوْضَةِ في تَقْبِيلِهِ الْخِلَافُ في الْيَدِ وَيُقَبِّلُهُ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ بيده أو بِشَيْءٍ وَلَا يُقَبِّلُهُ في الْأَصَحِّ وَلَا يُزَاحِمُ فَيُؤْذِي أَحَدًا لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عن شَيْخٍ مَجْهُولٍ عن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال له إنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ على الْحَجَرِ فَتُؤْذِي الضَّعِيفَ ان وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ وَهَلِّلْ وَكَبِّرْ وفي اسْتِقْبَالِهِ بِوَجْهِهِ وَجْهَانِ
وَعِنْدَ شَيْخِنَا هو السُّنَّةُ وفي الْخِلَافِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ غير مُسْتَقْبِلٍ له في الطَّوَافِ مُحْدِثًا قال جَمَاعَةٌ وَإِنْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ احْتَسَبَ من الْحَجَرِ وَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَإِيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عن يَسَارِهِ فَيُقَرِّبُ جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ إلَيْهِ قال شَيْخُنَا لِكَوْنِ الْحَرَكَةِ الدَّوْرِيَّةِ تَعْتَمِدُ فيها الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فلما كان الْإِكْرَامُ في ذلك لِلْخَارِجِ جَعَلَ لِلْيُمْنَى فَأَوَّلُ رُكْنٍ يَمُرُّ بِهِ يُسَمَّى الشَّامِيَّ وَالْعِرَاقِيَّ وهو جِهَةُ الشَّامِ ثُمَّ يَلِيه الرُّكْنُ الْغَرْبِيُّ وَالشَّامِيُّ وهو جِهَةُ الْمَغْرِبِ ثُمَّ الْيَمَانِيُّ جِهَةُ الْيَمَنِ
ثُمَّ يَرْمُلُ في ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ وَلَا يَقْضِيهِ وَلَا بَعْضَهُ في غَيْرِهَا فَيُسْرِعُ الْمَشْيَ وَيُقَارِبُ الخطأ وهو اولى من الدُّنُوِّ من الْبَيْتِ وَالتَّأْخِيرِ له أو لِلدُّنُوِّ أَوْلَى وفي الْفُصُولِ لَا يَنْتَظِرُ لِلرَّمَلِ كما لَا يَتْرُكُ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لِتَعَذُّرِ التَّجَافِي في الصَّلَاةِ
وَفِيهِ في فُصُولِ اللِّبَاسِ من صَلَاةِ الْخَوْفِ الْعَدْوُ في الْمَسْجِدِ على مِثْلِ هذا الْوَجْهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ وفي اسْتِقْبَالِهِ بِوَجْهِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ وهو الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هو السُّنَّةُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا فَإِنْ لم يُمْكِنُهُ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ قام بِحِذَائِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ لَكِنَّ هذه صُورَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَيْضًا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ
____________________
1-
(3/368)
مكروه جدا كذا قال ويتوجه ترك الولى ثم يمشي اربعا يستلم الحجر في كل مرة وكذا الركن اليماني نص عليه وقيل ويقبل يده وفي الخرقي والإرشاد يقبله ولا يستلم الركنين الآخرين نص عليه لأنهما لم يتما على قواعد إبراهيم وكلما حاذى الحجر ونص عليه في المحرر في رمله كبر
ذكر جماعة وهلل ونقل الأثرم ورفع يديه وذكر جماعة وقال ما تقدم وبين الركنين وفي المحرر آخر طوافه بينهما { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } ويكثر في بقية رمله وطوافه من الذكر والدعاء ومنه رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم
وذكر أحمد أنه يقوله في سعيه وفي المستوعب وغيره ويرفع يديه وأنه يقف في كل طوافه عند الملتزم والميزاب وكل ركن ويدعو وله القراءة نص عليه فتستحب وقاله الآجري ونقل أبو داود أيهما أحب إليك فيه قال كل وعنه تكره القراءة قال في الترغيب لتغليطه مصلين وقال شيخنا ليس له إذا وقال شيخنا تستحب القراءة فيه لا الجهر بها وقال القاضي وغيره ولأنه صلاة وفيها قراءة ودعاء فيجب كونه مثلها وقال شيخنا وجنس القراءة أفضل من جنس الطواف قال أحمد لا بأس بالتزاحم فيه ولا يعجبني التخطي
ولا يسن رمل واضطباع لامرأة أو محرم من مكة أو حامل معذور نص عليه ولا في غيره وذكر الآجري يرمل بالمحمول وقيل من تركهما فيه أو لم يسع عقب طواف القدوم أتى بهما في طواف الزيارة أو غيره ولم يذكر ابن الزاغوني في منسكه الرمل والاضطباع إلا في طواف الزيارة ونفاهما في طواف الوداع ويجزىء الطواف راكبا لعذر نقله الجماعة وعنه ولغيره اختاره ابو بكر وابن حامد وعنه مع دم وكذا المحمول مع نيته وصحة أخذ الحامل منه الأجرة يدل على أنه قصده به لأنه لا يصح أخذها عما يفعله عن نفسه ذكره القاضي وغيره
ويأتي في الحلق لا يشارطه عليه لأنه نسك وقيل مع نيتهما يجزىء عنهما وقيل عكسه وكذا السعي راكبا نص عليه وذكره الخرقي والقاضي وغيرهما وذكر الشيخ يجزىء وقال أحمد إنما طاف عليه السلام راكبا ليراه الناس قال جماعة فيجيء من هذا أنه لا بأس به للإمام الأعظم ليري الجهال
وإن طاف على جدار الحجر أو جعل البيت عن يمينه أو ترك شيئا منه ولو الأقل
____________________
(3/369)
ورجع إلى أهله نص على الكل أو لم ينوه أو وراء حائل وقيل ولو في المسجد جزم به في المستوعب لم يجزئه وكذا طوافه على الشاذروان عند شيخنا ليس هو منه بل جعل عمادا للبيت وفي الفصول إن طاف حول المسجد احتمل أن لا يجزئه ولم يزد وإن طاف على سطح المسجد توجه الإزاء كصلاته إليها وَإِنْ قَصَدَ في طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ معه طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الإجراء ( ( ( الإجزاء ) ) ) في قِيَاسِ قَوْلِهِمْ وَيَتَوَجَّهُ إحتمال كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً وفي الْإِجْزَاءِ عن فَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ وفي الِانْتِصَارِ في الضَّرُورَةِ أَفْعَالُ الْحَجِّ إلا تَتْبَعُ إحْرَامَهُ فَتَتَرَاخَى عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 3 قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ في طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ معه طَوَافًا بِنِيَّةٍ حقيقة ( ( ( حقيقية ) ) ) لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ في قِيَاسِ قَوْلِهِمْ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً وفي الْإِجْزَاءِ عن فَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الاولى 2 وَهِيَ الْأَصْلُ إذَا قَصَدَ في طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ معه طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ فَهَلْ يُجَزِّئُهُ وهو قِيَاسُ قَوْلِهِمْ أو هو كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً يَعْنِي إذَا أَرَادَ الْمُصَلِّي الشُّرُوعَ في الْفَاتِحَةِ فَعَطَسَ فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ يَنْوِي بِذَلِكَ عن الْقِرَاءَةِ وَعَنْ الْعُطَاسِ وَجْهٌ في الْمَسْأَلَةِ تَوْجِيهَيْنِ من عِنْدِهِ أَحَدُ التَّوْجِيهَيْنِ أَنَّهُ يجزىء في قِيَاسٍ لهم وهو الصَّوَابُ التوجيه ( ( ( والتوجيه ) ) ) الثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاطِسِ إذَا حَمِدَ يَنْوِيهِمَا وَهِيَ
الْمَسْأَلَةُ 3 الثَّانِيَةُ وقد أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْإِجْزَاءِ عن فَرْضِ الْقِرَاءَةِ
أَحَدُهُمَا لَا يجزىء وهو الصَّحِيحُ نص ( ( ( ونص ) ) ) عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ على الِاسْتِحْبَابِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ إذَا عَلِمْت لك فَيَكُونُ على التَّوْجِيهِ الثَّانِي في الْمَسْأَلَة الْأُولَى وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ قِيَاسًا على مسالة الْعَاطِسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ فَالْحَقِيقِيَّةُ نِيَّةُ الطَّوَافِ حَقِيقَةً وَالْحُكْمِيَّةُ أَنْ يَكُونَ له نِيَّةٌ قبل ذلك ثُمَّ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا من غَيْرِ قَطْعٍ وهو مَعْنَى قَوْلِهِمْ
____________________
1-
(3/370)
وتنفرد ( ( ( استصحاب ) ) ) بمكان وزمن ونية فلو مر بعرفة أو عدا حول البيت بنية طلب غريم أو صيد لم يجزئه وصححه في الخلاف وغيره في الوقوف فقط لأنه لا يفتقر إلى نية وقيل له في الانتصار في مسألة النية المبيت بمزدلفة ورمي الجمار وطواف الوداع لا يفتقر إلى نية
فقال لا نسلم ذلك فإنه لو عدا خلف غريمه أو رجم إنسانا بالحصى وهو على الجمرة أو أكره على البيتوتة بمزدلفة لم يجزئه ذلك في حجه ولكن نية الحج تشتمل على جميع أفعاله كما تشتمل نية الصلاة على جميع أركانها وواجباتها وهذه من الواجبات وقد شملتها نية الحج وهذا بخلاف البدل عن ذلك وهو الهدي فإنه لم تشمله نية الحج وكذا ذكره القاضي وغيره أن نية الحج تشمل أفعاله لا البدل وهو الهدي وذكر غير واحد في مسألة النِّيَّةِ أَنْ الحج كالعبادات ( ( ( يقطعها ) ) ) لتعلقه ( ( ( نبه ) ) ) بأماكن وأزمان فيفتقر كل جزء منه ( ( ( الطواف ) ) ) إلى نية ( ( ( أحدث ) ) )
وتشترط ( ( ( تطهر ) ) ) الطهارة من حدث قال القاضي ( ( ( صحة ) ) ) وغيره ( ( ( البناء ) ) ) الطواف كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق وعنه يجبره بدم وعنه إن لم يكن بمكة وعنه يصح من ناس ومعذور فقط وعنه ويجيزه بدم وعنه وكذا حائض وهو ظاهر كلام القاضي وجماعة واختاره شيخنا وأنه لا دم لعذر وقال هل هي واجبة أو سنة لها فيه قولان في مذهب أحمد وغيره ونقل أبو طالب والتطوع أيسر
وإن طاف فيما لا يجوز له لبسه صح وفدي ذكره الآجري ويلزم الناس في الأصح وجزم به ابن شهاب انتظارها لأجله فقط إن أمكن ونقل المروذي في المريض ببلد ( ( ( النية ) ) ) الغزو يقيمون عليه قال لا ينبغي للوالي أن يقيم عليه
وَيُسَنُّ فِعْلُ الْمَنَاسِكِ على طَهَارَةٍ نَصَّ عليه وَالنَّجَسُ وَالسُّتْرَةُ كَالْحَدَثِ وَقِيلَ الطَّهَارَةُ وَالسُّتْرَةُ لِلسَّعْيِ كَالطَّوَافِ وَالْمُوَالَاةِ فيه وَالْأَكْثَرُ وفي السَّعْيِ شَرْطٌ فَإِنْ فَصَلَ يَسِيرًا أو أُقِيمَتْ مَكْتُوبَةٌ أو حَضَرَتْ جِنَازَةٌ صلي وبني وَإِنْ أَحْدَثَ تطهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
استصحاب حكم النية أن لا يقطعها نبه عليه شيخنا
الثاني قوله في الطواف وإن أحدث تَطَهَّرَ وفي الْبِنَاءِ رِوَايَاتُ الصَّلَاةِ يعنى اللاتي فيمن سبقه الحدث وهو في الصلاة ثم تطهر الصحيح من المذهب عدم صحة البناء وقد قدمه المصنف ذكروه في باب النية وغيرها
____________________
1-
(3/371)
وفي البناء روايات الصلاة ذكره ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ مع عُذْرٍ وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَمَنْ شَكَّ فيه في عَدْوِهِ أَخَذَ بِالْيَقِينِ نَصَّ عليه وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بِظَنِّهِ وَيَأْخُذُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ بِعَدْلٍ ثُمَّ يَتَنَفَّلُ بِرَكْعَتَيْنِ وَعَنْهُ وَلَوْ بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ وُجُوبُهُمَا وَهِيَ أَظْهَرُ وَحَيْثُ رَكَعَهُمَا جَازَ وَالْأَفْضَلُ خَلْفَ الْمَقَامِ بِ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَلَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْمَقَامِ وَمَسْحُهُ فَسَائِرُ الْمَقَامَاتِ أَوْلَى
ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ عن مَسِّ الْمَقَامِ قال لَا تَمَسَّهُ وَنَقَلَ الْفَضْلُ يُكْرَهُ مَسُّهُ وَتَقْبِيلُهُ وفي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ فإذا بَلَغَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ فَلْيَمَسَّ الصَّخْرَةَ بيده وَلْيُمَكِّنْ منها كَفَّهُ وَيَدْعُو وفي مَنْسَكِ سَعِيدِ بن أبي عَرُوبَةَ عن قَتَادَةَ قال لم يُؤْمَرُوا بِمَسْحِهِ وَلَقَدْ تَكَلَّفَتْ هذه الْأُمَّةُ شيئا لم يَتَكَلَّفْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمْ وَلَقَدْ كان أَثَرُ قَدَمَيْهِ فيه فما زَالُوا يَمْسَحُونَهُ حتى أماح
وَيَجُوزُ جَمْعُ أَسَابِيعَ بِرَكْعَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَصَّ عليه كَفَصْلِهِ بين السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ
بِخِلَافِ تَأْخِيرِ تَكْبِيرِ تَشْرِيقٍ عن فَرْضٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ عنها فإنه يُكْرَهُ لِئَلَّا يؤدي ( ( ( تؤدي ) ) ) إلَى إسْقَاطِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَطْعُهُ على شَفْعٍ فَيُكْرَهُ الْجَمْعُ إذَا ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَالْمُوجَزِ ولم يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ
وَلَهُ تَأْخِيرُ سَعْيِهِ عن طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُسْتَحَبُّ عَوْدُهُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ وفي اسباب الْهِدَايَةِ قبل الرَّكْعَتَيْنِ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ وَإِنْ فَرَغَ مُتَمَتِّعٌ ثُمَّ عَلِمَ أَحَدَ طَوَافَيْهِ بِلَا طَهَارَةٍ وَجَهِلَهُ لَزِمَهُ الْأَشَدُّ وهو من الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ وَدَمٌ وَإِنْ كان وطىء بَعْدَ حِلِّهِ من عُمْرَتِهِ لم يَصِحَّا وَتَحَلَّلَ بِطَوَافِهِ الذي نَوَاهُ لِحَجِّهِ من عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِحَلْقِهِ وَدَمٌ لِوَطْئِهِ في عُمْرَتِهِ فصل ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ من بَابِ الصَّفَا فَيَرْقَاهُ لِيَرَى الْبَيْتَ وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له له الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وهو على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ وَيَدْعُو قال
____________________
(3/372)
بَعْضُهُمْ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وقال جَمَاعَةٌ قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وهو أَظْهَرُ رَمَلَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وقال جَمَاعَةٌ سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا وهو أَظْهَرُ إلَى الْعَلَمِ الْآخَرِ ثُمَّ يَمْشِي فَيَرْقَى الْمَرْوَةَ يقول ما قال على الصَّفَا سبع ( ( ( ويجب ) ) ) اسْتِيعَابُ ما بَيْنَهُمَا فَقَطْ فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهِمَا وَتُعْتَبَرُ الْبُدَاءَةُ ثَانِيًا بِالْمَرْوَةِ فَيَنْزِلُ يَمْشِي مَوْضِعَ مَشْيِهِ وَيَسْعَى مَوْضِعَ سَعْيِهِ إلَى الصَّفَا يَفْعَلُهُ سَبْعًا ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ سَقَطَ الشَّوْطُ الْأَوَّلُ وَلَا تَرْقَى امْرَأَةٌ وَلَا تَسْعَى شَدِيدًا وَلَا يُسَنُّ فيه اضبطاع ( ( ( اضطباع ) ) ) نَصَّ عليه وَلَا يجزىء قبل طَوَافٍ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بَلَى سَهْوًا وَجَهْلًا وَعَنْهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ مع دَمٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ قَالَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وزاد وأ لَا يُقَدِّمَهُ على أَشْهُرِ الْحَجِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ خِلَافُهُمَا وَصَرَّحَ بِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 4 و 5 قَوْلُهُ ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وقال جَمَاعَةٌ قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وهو أَظْهَرُ رَمَلَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا وهو أَظْهَرُ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ وَلَهُ فيها اخْتِيَارٌ
المسالة الْأُولَى 4 هل يمشى إلَى الْعَلَمِ ثُمَّ يَسْعَى أو يَسْعَى قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَاخْتَارَ الثَّانِيَ وهو الصَّحِيحُ وَقَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ سعى ( ( ( يسعى ) ) ) من الْعَلَمِ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
مسألة الثَّانِيَةُ 5 إذَا وَصَلَ إلَى الْعَلَمِ أو قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ فَهَلْ يَرْمُلُ أو يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَاخْتَارَ هو الثَّانِيَ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب قال الزَّرْكَشِيّ عليه الْأَصْحَابُ قُلْت جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وقد قال الْمُصَنِّفُ إنَّ جَمَاعَةً قَالُوهُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ كَذَا في النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ ثُمَّ يَمْشِي فإذا بَلَغَ الْعَلَمَ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَنَبَّهَ عليه ابن نضر اللَّهِ
____________________
1-
(3/373)
أبو الخطاب في الأخيرة وأنه لا يعرف منعه عن أحمد ثم إن كان حاجا بقي محرما والمعتمر تستحب مبادرته وتقصيره نص عليه ليحلق للحج وقال في المستوعب والترغيب حلقه ويحل المتمتع بلا هدي ومع هدي
وعنه أو تلبيد رأسه جزم به في الكافي يحل إذا حج فيحرم به بعد طوافه وسعيه لعمرته ويحل يوم النحر منهما نص عليه واحتج به القاضي وغيره على أنه لا يجوز نحره قبل يوم النحر وإلا لنحره وصار كمن لا هدي معه وقيل يحل كمن لم يهد وهو مقتضى ما نقله يوسف بن موسى قاله القاضي وعنه إن قدم قبل العشر فينحره قبله ونقل يوسف بن موسى وعليه هدي آخر ويستحب لمحل بمكة متمتع ومكي الإحرام يوم التروية نص عليهما وقيل له أيضا فالمكي يهل إذا رأى الهلال قال كذا روي عن عمر
قال القاضي فنص على أنه يهل قبل يوم التروية وفي الترغيب يحرم متمتع يوم التروية فلو جاوزه لزمه دم الإساءة مع دم تمتع على الأصح وفي الرعاية يحرم يوم تروية أو عرفة فإن عبره قدم ولا يطوف بعده قبل خروجه نقله الأثرم اختاره الأكثر ونقل ابن منصور وأبو داود لا يخرج حتى يودعه وطوافه بعد رجوعه من منى للحج جزم به في الواضح والكافي وأطلق جماعة روايتين فعلى الأول لو أتى به وسعى بعده لم يجزئه
ثم يخرج إلى منى قبل الزوال فيصلي بها الظهر مع الإمام ثم إلى الفجر نص عليه ويبيت بها فإذا طلعت الشمس سار إلى نمرة فأقام بها الى الزوال فيخطب الإمام يعلمهم المناسك ويقصر يفتتحها بالتكبير قاله في المستوعب والترغيب وغيرهما ولا خطبة في اليوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة واختار الآجري بلى يعلمهم ما يفعلونه يوم التروية ثم يجمع مع الإمام ولو منفردا نص عليه ويعجل ثم يأتي عرفة وكلها موقف إلا بطن عرفة ويستحب وقوفه عند الصخرات وجبل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَمَنْ شرطه النِّيَّةَ قَالَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ خِلَافُهُمَا انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ ما قَالَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَالَهُ أَيْضًا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ الفائق لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ قَطْعًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ لِذَلِكَ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لها في شُرُوطِ السَّعْيِ وقد يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لم يَذْكُرُوهَا اعْتِمَادًا على أنها عِبَادَةٌ وَكُلُّ عِبَادَةٍ لَا بُدَّ لها من نِيَّةٍ وَلَكِنْ يُعَكَّرُ على ذلك كَوْنُهُمْ ذَكَرُوا النِّيَّةَ في شُرُوطِ الطَّوَافِ ولم
____________________
1-
(3/374)
الرحمة ( ( ( يذكروها ) ) ) واسمه إلال بوزن ( ( ( السعي ) ) ) هلال ولا يشرع صعوده قاله شيخنا ويقف قبل القبلة راكبا وقيل راجلا واختاره ابن عقيل وغيره كجميع المناسك والعبادات قال والنبي صلى الله عليه وسلم ركب في المناسك ليعلمهم ويروه فرؤيته عبادة وقيل سواء ويتوجه تخريج الحج عليها وفي الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير أفضلية المشي وقاله عطاء وإسحاق وداود وهو ظاهر كلام ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن فإنه ذكر الأخبار في ذلك وعن جماعة من العباد وأن الحسن بن علي حج خمس عشرة حجة ماشيا وذكر غيره خمسا وعشرين والجنائب تقاد معه
وقال في أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ فَصْلٌ في فَضْلِ الْمَاشِي
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا من حَجَّ مَكَّةَ مَاشِيًا حتى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ كَتَبَ اللَّهُ له بِكُلِّ خَطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ من حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ له وما حَسَنَاتُ الْحَرَمِ قال بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ الف حَسَنَةٍ قال وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُصَافِحُ رُكْبَانَ الْحَجِّ وَتَعْتَنِقُ الْمُشَاةَ كَذَا ذكره هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وَسَبَقَ الْأَوَّلُ في آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ في مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَخْتَلِفُ ذلك بِحَسَبِ الناس وَنَصُّهُ في مُوصٍ بِحَجَّةٍ يَحُجُّ عنه رَاجِلًا أو رَاكِبًا
وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ نَصَّ عليه يكثر ( ( ( ويكثر ) ) ) قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وهو على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ لِلْخَبَرِ وَرُوِيَ أَيْضًا يحيى
____________________
(3/375)
وَيُمِيتُ وَرُوِيَ بيده الْخَيْرُ وروي ( ( ( ورويا ) ) ) من حديث عَلِيٍّ بِزِيَادَةِ وهو حَيٌّ لَا يَمُوتُ ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ فَمَنْ وَقَفَ أو مَرَّ لَحْظَةً من فَجْرِ عَرَفَةَ وقال ابن بَطَّةَ وأبو حَفْصٍ وَحَكَى رِوَايَةً من الزَّوَالِ إلَى فَجْرِ النَّحْرِ إهْلَالُهُ صَحَّ حَجُّهُ وَإِلَّا فَلَا
وَلَا يَصِحُّ مع سُكْرٍ وَإِغْمَاءٍ في الْمَنْصُوصِ بِخِلَافِ إحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَيَتَوَجَّهُ في سَعْيِ مِثْلِهِ وَجَعَلَهُ في الْمُنْتَخَبِ كَوُقُوفٍ وَيَصِحُّ مع نَوْمٍ وَجَهْلٍ بها في الْأَصَحِّ لَا مجنون ( ( ( جنون ) ) ) بِخِلَافِ رَمْيِ جِمَارٍ وَمَبِيتٍ وَمَنْ وَقَفَ بها نَهَارًا وَدَفَعَ قبل الْغُرُوبِ ولم يَعُدْ قَبْلَهُ وفي الْإِيضَاحِ قبل الْفَجْرِ وَقَالَهُ أبو الْوَفَاءِ في مُفْرَدَاتِهِ وَقِيلَ أو عَادَ مُطْلَقًا وفي الْوَاضِحِ وَلَا عُذْرَ لَزِمَهُ دَمٌ وَعَنْهُ لَا كَوَاقِفٍ لَيْلًا وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ فِيمَنْ نَسِيَ نَفَقَتَهُ بِمِنًى يُخْبِرُ الْإِمَامَ فإذا أَذِنَ له ذَهَبَ وَلَا يَرْجِعُ
قال الْقَاضِي فَرَخَّصَ له لِلْعُذْرِ وَعَنْهُ يَلْزَمُ من دَفَعَ قبل الْإِمَامِ دَمٌ وَهَلْ لِخَائِفِ فَوْتِهَا صَلَاةُ خَائِفٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا أو يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ أو يُؤَخِّرُهَا إلَى أَمْنِهِ فيه أَوْجُهٌ فصل ثُمَّ يَدْفَعُ قبل الْغُرُوبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَهِيَ ما بين الْجَبَلَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ بِسَكِينَةٍ وقال أبو حَكِيمٍ مُسْتَغْفِرًا وَيُسْرِعُ في الْفُرْجَةِ وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ العشائين ( ( ( العشاءين ) ) ) بها قبل حَطِّ رَحْلِهِ وَيَبِيتُ بها وَلَهُ الدَّفْعُ قبل الْإِمَامِ نَصَّ على التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَةَ وَذَكَرَ دَفْعَ ابْنِ عُمَرَ قبل ابْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَبْلُهُ فيه دَمٌ إنْ لم يَعُدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لَيْلًا وَيَتَخَرَّجُ لَا من لَيَالِيِ مِنًى قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
يذكروها في شروط السعي والله أعلم
مسألة 7 قوله وهل لخائف فوتها صلاة خائف واختاره شيخنا أو يقدم الصلاة أو يؤخرها إلى أمنه فيه أوجه انتهى
أحدها يصليها صلاة خائف اختاره الشيخ تقي الدين وهو الصواب والوجه الثاني يعيد
____________________
1-
(3/376)
يَجِبُ كَرُعَاةٍ وَسُقَاةٍ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَكَمَا لو أَتَاهَا بَعْدَهُ قبل الْفَجْرِ صلى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ رَقِيَ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ أو وَقَفَ عِنْدَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو وَيَقْرَأُ { فإذا أَفَضْتُمْ من عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ } الْآيَتَيْنِ فإذا أَسْفَرَ جِدًّا سَارَ بِسَكِينَةٍ فإذا بَلَغَ مُحَسِّرًا أَسْرَعَ راحلا ( ( ( راجلا ) ) ) أو رَاكِبًا رَمْيَةَ حَجَرٍ وَيَأْخُذُ حصي الْجِمَارِ سَبْعِينَ كحصي الْخَذْفِ من أَيْنَ شَاءَ قَالَهُ أَحْمَدُ وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ قبل وُصُولِهِ مِنًى وَيُكْرَهُ من الْحَرَمِ وَتَكْسِيرُهُ قال في الْفُصُولِ وَمِنْ الْحَشِّ وَقِيلَ يجزىء حَجَرٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ وفي نَجَسٍ وَخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةٌ وَجْهَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والوجه ( ( ( و 9 ) ) ) الثالث فيه قوة ( ( ( رمى ) ) ) وهو احتمال ( ( ( أظهر ) ) ) في مختصر ( ( ( الرمي ) ) ) ابن تميم والأولان احتمالان في الرعاية الكبرى وأطلقهما ابن تميم ( ( ( البناء ) ) ) وابن حمدان
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ من الْحَرَمِ يَعْنِي أَخْذَ حَصَى الْجِمَارِ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَهْوٌ وَإِنَّمَا هو وَيُكْرَهُ من مِنًى وَإِلَّا فَمُزْدَلِفَةُ من الْحَرَمِ وقد قال الْأَصْحَابُ يَأْخُذُهُ منها وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَيُكْرَهُ من الْحَرَمِ من تَتِمَّةِ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اسْتَحَبُّوا أَخْذَهُ قبل وُصُولِ مِنًى وَفِيهِ بُعْدٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حَرَمَ الْكَعْبَةِ وفي مَعْنَاهُ قُوَّةٌ
مسالة 8 9 قَوْلُهُ في الرَّمْيِ وفي نَجَسٍ وَخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةٌ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 إذَا رَمَى بِحَصًى نَجَسٍ فَهَلْ يجزىء أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الذهب وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ
أَحَدُهُمَا لَا يجزىء اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يجزىء بِنَجَسٍ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قال في الْفَائِقِ وفي الْإِجْزَاءِ بِنَجَسٍ وَجْهٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِئُهُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ اكثر الْأَصْحَابِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ له
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 إذَا رَمَى بِخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةً فَهَلْ يجزىء أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
____________________
1-
(3/377)
ولا ما رمي به في المنصوص ولا غير ذهب وفضة وعنه بلى وعنه بلا قصد لا هما وعنه لا يجزيء غير الحصي المعهود من رخام ومسن وبرام ونحوها اختاره جماعة
وفي الفصول إن رمى بحصى المسجد كره وأجزأ لأن الشرع نهى عن إخراج ترابه فدل أنه لو تيمم به أجزأ وأنه يلزم من منعه المنع هنا وفي النصيحة يكره من الجمار أو من مسجد أو مكان نجس وفي استحباب غسله روايتان فإذا وصل منى وهي ما بين وادي محسر وجمرة العقبة بدأ بها فرماها بسبع راكبا إن كان والأكثر ماشيا نص عليه
ولا يجزىء وضعها بل طرحها وظاهر الفصول لا لأنه لم يرم ونفضها من وقعت بثوبه نص عليه كتدحرجها وقيل لا وهو أظهر لأن فعل الأول انقطع وكتدحرج حصاة بسببها ويشترط رميه بواحدة بعد واحدة فلو رمى دفعة فواحدة ويؤدب نقله الأثرم وعلم حصولها في الرمي وقبل وقيل أو ظنه جزم به بعضهم وذكر ابن البنا رواية ولو شك ويكبر مع كل حصاة ونقل حرب يرمي ثم يكبر ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا
ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ويرمي على حاجبه الأيمن وذكر جماعة ويرفع يمناه حتى يرى بياض إبطه ولا يقف وله رميها من فوقها ويرمي بعد طلوع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أَحَدُهُمَا لَا يجزىء قُلْت وهو أَوْلَى من الْوَجْهِ الثَّانِي لِأَنَّ الْحَصَاةَ وَقَعَتْ تَبَعًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي يجزىء صَحَّحَهُ في الْفُصُولِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الرَّمْيَ بِالْحَصَاةِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ وفي اسْتِحْبَابِ غَسْلِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وأطلقها في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ صَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ والمحرر وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(3/378)
الشمس وذكر جماعة يسن بعد الزوال ويجزىء بعد نصف ليلة النحر وعنه بعد فجره فإن غربت فمن غد بعد الزوال وقال ابن عقيل نصه للرعاة خاصة الرمي ليلا نقله ابن منصور
ثُمَّ يَنْحَرُ هَدَايَا إنْ كان معه ثُمَّ يلحق ( ( ( يحلق ) ) ) يَبْدَأُ بِأَيْمَنِهِ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَيَدْعُو وَذَكَرَ الشَّيْخُ يُكَبِّرُ وَلَا يُشَارِطُهُ على أُجْرَةٍ لِأَنَّهُ نُسُكٌ قَالَهُ أبو حَكِيمٍ وقال ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ ابن شِهَابٍ عن أَحْمَدَ عن وَكِيعٍ أَنَّ ابا حَنِيفَةَ قال له إنَّهُ تَعَلُّمُ الْآدَابِ الْخَمْسَةِ الْخَامِسُ التَّكْبِيرُ من حَجَّامٍ وَإِنَّ الْحَجَّامَ نَقَلَهَا عن عَطَاءٍ
وَإِنْ قَصَّرَ فَمِنْ جَمِيعِهِ نَصَّ عليه قال شَيْخُنَا لَا من كل شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا وَعَنْهُ أو بَعْضِهِ فيجزىء ( ( ( فيجزئ ) ) ) ما نَزَلَ عن رَأْسِهِ لِأَنَّهُ من شَعْرِهِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ لِأَنَّهُ ليس رَأْسًا ذَكَرَهُ في الْفُصُولِ وَالْخِلَافِ قال وَلَا يجزىء شَعْرُ الْأُذُنِ على أَنَّهُ إنَّمَا لم يجزىء لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ وَمَنْ لَبَّدَ أو ضَفَّرَ أو عَقَصَ كَغَيْرِهِ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ فَلْيَحْلِقْ قال يَعْنِي وَجَبَ عليه قال في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنُهُ التَّقْصِيرُ من كُلِّهِ لِاجْتِمَاعِهِ
وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ كَذَلِكَ أُنْمُلَةً فَأَقَلَّ وفي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ تَجِبُ أُنْمُلَةٌ قال جَمَاعَةٌ السُّنَّةُ لها أُنْمُلَةٌ وَيَجُوزُ أَقَلُّ وَيُسَنُّ أَخْذُ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَلِحْيَتِهِ
وَمَنْ عَدِمَهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمِرَّ الموسي وقال أبو اسحاق في خِتَانٍ وَكَلَامُ أَحْمَدَ في الْمُحْرِمِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَمْرِ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على النَّدْبِ قَالَهُ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وفي الْخِرَقِيِّ في الْعَبْدِ يُقَصِّرُ قال جَمَاعَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ يَزِيدُ في قِيمَتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ 1 قَوْلُهُ وفي الْخِرَقِيِّ في الْعَبْدِ يُقَصِّرُ قال جَمَاعَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ يَزِيدُ في قِيمَتِهِ انْتَهَى لم يذكر الْخِرَقِيُّ في مُخْتَصَرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ في مُفْرَدٍ في غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ كما نُقِلَ عنه مَسَائِلُ من غَيْرِ مُخْتَصَرِهِ وقد الْمُوَفَّقُ في الْمُقْنِعِ عنه مسالة كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَبْقَةَ قَلَمٍ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وفي الْوَجِيزِ فَسَبَقَ القلب ( ( ( القلم ) ) ) إلَى الْخِرَقِيِّ وَهَذَا يَقَعُ كثير ( ( ( كثيرا ) ) ) من الْمُصَنِّفِينَ ولم نَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً إلَّا في الْوَجِيزِ لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ على أنها مَنْقُولَةٌ عن مُصَنِّفٍ وَتَوَارَدَ عليها جَمَاعَةٌ وَفَسَّرُوا كَلَامَهُ
____________________
1-
(3/379)
ثُمَّ حَلَّ له كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ قال الْقَاضِي وَابْنُهُ وابن الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ وَالْعَقْدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ حِلُّهُ وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ عن أَحْمَدَ وعنه إلا الوطء في الفرج والحلق والتقصير نسك فيه دم وعنه إطلاق من محظور لا شيء في تركه ونقل مهنا في معتمر ( ( ( حواشيه ) ) ) تركه ثم أحرم بعمرة الدم كثير عليه أقل من الدم فإن حلق قبل نحره ( ( ( أكثر ) ) ) أو رميه أو نحر أو زار قبل رميه فلا دم نص عليه ونقل أبو طالب وغيره يلزم عامدا عالما اختاره أبو بكر وغيره وأطلقها ابن عقيل وظاهر نقل المروذي يلزمه صدقة
قال شيخنا وللمخطىء فيما فهمه من قول المفتي يشبه خطأ المجتهد فيما يفهمه من النص ومما احتج بهذه المسألة وَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وقال الشَّيْخُ النَّحْرُ فَرِوَايَتَانِ
وَهَلْ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ من رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَطَوَافٍ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
بما ( ( ( بواحد ) ) ) قال المصنف والله أعلم
مسألة 11 قوله ثم حل له كل شىء إلا النساء قال الْقَاضِي وابنه ( ( ( وأصحابه ) ) ) وابن الزاغوني والشيخ وجماعة والعقد وظاهر كلام أبي الخطاب وابن شهاب وابن الجوزي حله وقاله شيخنا وذكره عن أحمد انتهى
القول الأول وهو المنع أيضا من عقد النكاح اختاره من ذكره المصنف واختاره ابن نصر الله في حواشيه وابن منجا في شرحه وجزم به في الرعاية الكبرى
والقول الثاني ظاهر كلام اكثرالأصحاب وهو الصواب
مَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وقال الشَّيْخُ النَّحْرُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ المغني ( ( ( والمغني ) ) ) وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا دَمَ عليه وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وهو أَوْلَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عليه دَمٌ بِالتَّأْخِيرِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ
____________________
1-
(3/380)
بواحد من رمي وطواف الثاني بالباقي فيه روايتان فعلى الثانية الحلق إطلاق من محظور وفي التعليق نسك كالمبيت بمزدلفة ورمي يوم الثاني والثالث واختار الشيخ أنه نسك ويحل قبله
وذكر جماعة على أنه نسك في حله قبله ( ( ( وهل ) ) ) روايتين ( ( ( يحصل ) ) ) وذكر في الكافي الأول عن الأصحاب وفي منسك ابن الزاغوني إن كان ساق هدايا واجبا لم يحل هذا التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ إلا ( ( ( باثنين ) ) ) بعد رَمْيٍ وَحَلْقٍ ونحر وَطَوَافٍ فيحل الكل ( ( ( الأكثر ) ) ) وهو التَّحَلُّلُ الثاني ( ( ( بواحد ) ) )
ثم يخطب ( ( ( رمي ) ) ) الإمام ( ( ( وطواف ) ) ) بها يوم النحر نص عليه قال جماعة بعد صلاة الظهر وعنه لا يخطب نصره القاضي وأصحابه ثُمَّ يَأْتِي مَكَّةَ فَيَطُوفُ الْمُتَمَتِّعُ في الْمَنْصُوصِ لِلْقُدُومِ كَعُمْرَتِهِ ثُمَّ يَسْعَى نَصَّ عليه وَعَنْهُ يجزىء سَعْيُ عُمْرَتِهِ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ يَطُوفُ الْفَرْضَ وهو الْإِفَاضَةُ وَالزِّيَارَةُ يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ بِالنِّيَّةِ نَصَّ عليه بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ
وَعَنْهُ فَجْرُهُ ولادم بِتَأْخِيرِهِ عن يَوْمِ النَّحْرِ بِلَا عُذْرٍ خِلَافًا لِلْوَاضِحِ وَلَا عن أَيَّامِ مِنًى كَالسَّعْيِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَةً في الْحَلْقِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في سَعْيٍ وَيَطُوفُهُ مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ وَقَبْلَهُ لِلْقُدُومِ في الْمَنْصُوصِ مالم يَكُونَا دَخَلَا مَكَّةَ قال أَحْمَدُ من أَهَلَّ مَكَّةَ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إذَا رَجَعَ من مِنًى
وفي الْوَاضِحِ هو سُنَّةٌ لِمَنْ خَرَجَ منها إلَى عَرَفَةَ فَإِنْ كان سعي لِلْقُدُومِ وَإِلَّا سعي ثُمَّ يَحِلُّ مُطْلَقًا وَإِنْ قِيلَ السَّعْيُ ليس رُكْنًا قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ وَاجِبٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
مسألة 13 قوله وهل يحصل التحلل الأول باثنين من رمي وحلق وطواف واختاره الأكثر أو بواحد من رمي وطواف والثاني بالباقي فيه روايتان انتهى وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم
إحداهما يحصل التحلل الأول باثنين من رمي وحلق وطواف وهو الصحيح قال المصنف اختاره الأكثر قال في الكافي قاله أصحابنا وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم وجزم به به في التلخيص وغيره وقدمه في الهداية والرعايتين والحاويين وغيرهم
والرواية الثانية يحصل التحلل بواحد من رمي وطواف
____________________
1-
(3/381)
فَفِي حِلِّهِ قَبْلَهُ وَجْهَانِ ثُمَّ يَشْرَبُ من زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ ويضلع ( ( ( ويتضلع ) ) ) وفي التَّبْصِرَةِ وَيَرُشُّ على بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وفي الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ أَيْ تُشْبِعُ شَارِبَهَا كَالطَّعَامِ وَيَقُولُ ما وَرَدَ فَصْلِ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ لِلْخَبَرِ فَيَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ وَيَرْمِي في غَدٍ بَعْدَ الزَّوَالِ نَصَّ عليه وَيُسْتَحَبُّ قبل الصَّلَاةِ وَجَوَّزَهُ ابن الْجَوْزِيِّ قبل الزَّوَالِ وفي الْوَاضِحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا ثَالِثَ يَوْمٍ وَأَطْلَقَ أَيْضًا في مَنْسَكِهِ أَنَّ له الرَّمْيَ من أَوَّلِ وَأَنَّهُ يَرْمِي في الثَّالِثِ كَالْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ ثُمَّ يَنْفِرُ وَيَرْمِي إلَى الْمَغْرِبِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ
ثُمَّ الواسطي ( ( ( الوسطى ) ) ) وَيَدْعُو عِنْدَهُمَا طَوِيلًا قال بَعْضُهُمْ رَافِعًا يَدَيْهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الْجِمَارِ ثُمَّ الْعَقَبَةِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ فَإِنْ نَكَسَهُنَّ أو أَخَلَّ بِحَصَاةٍ من السَّابِقَةِ لم يُجْزِئْهُ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِرَمْيِهِ نَصَّ عليه وَيَجْعَلُ الْأُولَى يَسَارَهُ وَالْأُخْرَيَيْنِ يَمِينَهُ كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ وَعَنْهُ سِتٍّ وَعَنْهُ خَمْسٍ ثُمَّ الْيَوْمُ الثَّانِي كَذَلِكَ
وَعَنْهُ يَجُوزُ رَمْيٌ مُتَعَجَّلٌ قبل الزَّوَالِ وَيَنْفِرُ بَعْدَهُ وَنَقَلَ ابن مَنْصُورٍ إنْ رَمَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 14 و 15 قوله بعد طواف الإفاضة ثم يحل مطلقا وإن قيل السعي ليس ركنا قيل سنة وقيل واجب ففي حله قبله وجهان انتهى ذكر مسألتين
المسألة الأولى إذا قلنا إن السعي ليس بركن فهل هو سنة أو واجب أطلق فيه الخلاف بقيل وقيل وقد قدم المصنف في فصل الأركان أن السعي ركن ثم قال وعنه يجبره بدم وعنه سنة فحكى الخلاف روايتين وحكاهما هنا قولين وظاهر كلامه هناك إذا لم نقل إنه ركن أن المقدم أنه يجبره بدم فيكون واجبا وهنا أطلق الخلاف أو يقال لم يقدم هناك حكما وهنا حرر وأطلق الخلاف وهو الظاهر فإن كلامه هناك محتمل ثم ظهر لي أن هذين القولين ليسا بالروايتين اللتين ذكرهما الأصحاب وإنما هذان القولان فيها إذا لم يقل إنه ركن فهل يكون واجبا أو سنة اختلف الأصحاب في الراجح والمقدم منهما والصحيح ولم يذكر الروايتين هنا اعتمادا على ما قاله أولا وذكر هناك من
____________________
1-
(3/382)
عِنْدَ طُلُوعِهَا مُتَعَجِّلٌ ثُمَّ نَفَرَ كَأَنَّهُ لم يَرَ عليه دَمًا وَإِنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَى الْغَدِ رمي رَمِيَّيْنِ نَصَّ عليه وَإِنْ رَمَى الْكُلَّ وَيَوْمُ النَّحْرِ آخَرُ ايام مِنًى أَجْزَأَ وَقِيلَ قَضَاءً
وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ أَخَّرَهُ عنها لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا يَأْتِي بِهِ كَالْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى وَتَرْكُ حَصَاةٍ كَشَعْرَةٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَنْهُ دَمٌ قَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وهو خِلَافُ نَقْلِ الْجَمَاعَةِ وَالْأَصْحَابِ قال ابن عَقِيلٍ ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَعَنْهُ في اثنتين ( ( ( ثنتين ) ) ) كَثَلَاثٍ في الْمَنْصُوصِ وَكَجَمْرَةٍ وَجِمَارٍ نَصَّ عليه وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ هَدَرٌ وَعَنْهُ واثنتان ( ( ( وثنتان ) ) ) وَنَقَلَ حَرْبٌ إذَا لم يَقُمْ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ أو إحْدَاهُمَا أَطْعَمَ شيئا وَدَمٌ أَحَبُّ إلَيَّ وَإِنْ لم يُطْعِمْ فَلَا شَيْءَ عليه وفي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِيِ مِنًى دَمٌ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَنْهُ لَا شَيْءَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَلَيْلَةً كَذَلِكَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ كَشَعْرَةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نُسُكًا بِمُفْرَدِهَا بِخِلَافِ مُزْدَلِفَةَ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَالُوا لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَمٌ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ في الْيَوْمِ الثَّانِي وهو النَّفْرُ الْأَوَّلُ ثُمَّ لَا يَضُرُّ رُجُوعُهُ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ
وَلَيْسَ عليه رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَيَدْفِنُ بَقِيَّةَ الْحَصَى في الْأَشْهَرِ زَادَ بَعْضُهُمْ في الْمَرْمَى وفي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ أو يَرْمِي بِهِنَّ كَفِعْلِهِ في اللَّوَاتِي قَبْلَهُنَّ فَإِنْ غَرَبَتْ شَمْسُهُ بَاتَ وَرَمَى بَعْدَ الزَّوَالِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ أو قَبْلَهُ وهو النَّفْرُ الثَّانِي وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْمُقِيمِ لِلْمَنَاسِكِ التَّعْجِيلُ لِأَجَلِ من يَتَأَخَّرُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
اختار كل رواية منهما وأما هنا فبعض الأصحاب رجح أنه واجب وبعضهم رجح أنه سنة إذا لم نقل إنه ركن وهذا هو الصواب والله أعلم والصواب أنه واجب
مسألة الثانية 15 إذا قلنا إن السعي واجب وطاف طواف الإفاضة فهل يحل قبل السعي أم لا أطلق الخلاف فيه
أحدهما يحل قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لأنهم أطلقوا الإحلال بعد طواف الإفاضة ولم يستثنوا وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى
والوجه الثاني لا يحل حتى يسعى
____________________
1-
(3/383)
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ شَيْخُنَا وَلَا مَبِيتَ بِمِنًى على سُقَاةِ الْحَاجِّ وَالرُّعَاةِ وَلَهُمْ الرَّمَلُ بِلَيْلٍ وَنَهَارٍ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُمْ بها لَزِمَ الرِّعَاءُ قال الشَّيْخُ وَكَذَا عُذْرُ خَوْفٍ وَمَرَضٍ قال في الْفُصُولِ أو خَوْفِ فَوْتِ مَالِهِ أو مَوْتِ مَرِيضٍ
وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ ثَانِيَ أَيَّامِ مِنًى نَقَلَ الْأَثْرَمُ من الناس من يقول ( ( ( يقل ) ) ) يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ يَوْمٍ من أَيَّامِ مِنًى وَمِنْهُمْ من يَخْتَارُ الْإِقَامَةَ بِمِنًى قال وَاحْتَجَّ أبو عبد اللَّهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ من شَاءَ طَافَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَطُوفُ لِلْوَدَاعِ إنْ لم يُقِمْ قال الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عليه عِنْدَ الْعَزْمِ على الْخُرُوجِ
وَاحْتَجَّ بِهِ شَيْخُنَا على أَنَّهُ ليس من الْحَجِّ كذا في التَّعْلِيقِ أَنَّهُ ليس منه وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِيمَنْ وطىء بَعْدَ التَّحَلُّلِ ثُمَّ يصلى رَكْعَتَيْنِ وَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ كُلَّمَا دخل الْمَسْجِدَ دخل كما وَصَفْنَا فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ الْوَدَاعِ لِغَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ نَصَّ عليه وقال ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ أو شِرَاءِ حَاجَةٍ بِطَرِيقِهِ وقال الشَّيْخُ وقضى بها حَاجَةً أَعَادَ وَسَأَلَهُ صَالِحٌ إنْ وَقَفَ وَقْفَةً أو رَجَعَ جَاهِلًا أو نَاسِيًا قَدْرَ غَلْوَةٍ قال أَرْجُو وَنَصُّهُ فِيمَنْ وَدَّعَ وَخَرَجَ ثُمَّ دخل لِحَاجَةٍ يُحْرِمُ وإذا خَرَجَ وَدَّعَ كَمَنْ دخل مُقِيمًا وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَدَّعَ ثُمَّ نَفَرَ يَشْتَرِي طَعَامًا يَأْكُلُهُ قال لَا يَقُولُونَ حتى يَجْعَلَ الرَّدْمَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ
وَإِنْ تركه ( ( ( تركته ) ) ) غَيْرُ حَائِضٍ لم تَطْهُرْ قبل مُفَارِقَةِ الْبُنْيَانِ وقال الشَّيْخُ وَأَهْلُ الْحَرَمِ رَجَعَ فَإِنْ شَقَّ وَالْمَنْصُوصُ أو بَعْدَ مَسَافَةِ قَصْرٍ لَزِمَهُ دَمٌ وَمَتَى رَجَعَ الْقَرِيبُ لم يَلْزَمْهُ إحْرَامٌ قال الشَّيْخُ كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَالْبَعِيدُ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَيَأْتِي بها وَيَطُوفُ لِوَدَاعِهِ وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ أو لِلْقُدُومِ كَفَاهُ عنهما وَعَنْهُ يُوَدِّعُ وَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ أَقَامَ بِمِنًى ولم يَدْخُلْ مَكَّةَ فَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ وَإِنْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ أو لِلْقُدُومِ كَفَاهُ عنهما وَعَنْهُ يُوَدِّعُ انْتَهَى
تَأْخِيرُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَفِعْلُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ كَافٍ عنه وَعَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَ أَنَّ تَأْخِيرَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِعْلَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ لَا
____________________
1-
(3/384)
خرج ( ( ( يكفي ) ) ) غير حاج ( ( ( طواف ) ) ) فظاهر ( ( ( الوداع ) ) ) كَلَامِ شيخنا ( ( ( كثير ) ) ) لا يودع
ويستحب ( ( ( لاقتصارهم ) ) ) دخول البيت والحجر منه بلا خف ونعل وسلاح ( ( ( ومسبوك ) ) ) نَصَّ على ذلك وتعظيم ( ( ( قبلهما ) ) ) دخوله ( ( ( كصاحب ) ) ) فوق الطَّوَافُ يدل ( ( ( يكفيه ) ) ) على قلة ( ( ( طواف ) ) ) العلم ( ( ( الوداع ) ) ) قاله في القنوت والنظر إليه عبادة قاله أحمد وفي الفصول ورؤيته لمقام الأنبياء ومواضع الأنساك قال الأصحاب ووقوفه بين الحجر الأسود والباب ويلتزمه ملصقا به جميعه ويدعو
والحائض تقف بباب المسجد وذكر أحمد أنه يأتي الحطيم وهو تحت الميزاب فيدعو وذكر شيخنا ثم يشرب من زمزم ويستلم الحجر الأسود وَنَقَلَ حَرْبٌ إذَا قَدِمَ مُعْتَمِرًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَخْرُجُ فَإِنْ الْتَفَتَ وَدَّعَ نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ على النَّدْبِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ وابن الزَّاغُونِيِّ لَا يُوَلِّي ظَهْرَهُ حتى يَغِيبَ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ هذا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ ثُمَّ يَأْتِي الْأَبْطَحَ الْمُحَصَّبَ فَيُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَهْجَعُ بِهِ
وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ وَقَبْرِ صاحبه ( ( ( صاحبيه ) ) ) رضي اللَّهُ عنهما فَيُسَلِّمُ عليه مُسْتَقْبِلًا له لَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهَا وَيَجْعَلُ الْحُجْرَةَ عن يَسَارِهِ وَيَدْعُو ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَرُبَ من الْحُجْرَةِ أو بَعُدَ وفي الْفُصُولِ نَقَلَ صَالِحٌ وأبو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) يكفي عن طواف الوداع وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لاقتصارهم على المسألة الأولى وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والترغيب والرعايتين والحاويين وغيرهم يجزئه كطواف الزيارة وقطعوا به وقالوا نص عليه زاد في الهداية من رواية ابن القاسم إذا علم ذلك ففي كلام المصنف نظر من وجوه منها حيث اقتصر على صاحب المستوعب والترغيب ومنها أن الأولى أنه كان يذكر من قال ذلك قبلهما كصاحب الهداية ومنها أن كلامه أوهم أنه ليس بهذا القول نص عن أحمد والحاصل أن أحمد نص عليه ومنها أني لم أر من صرح بموافقته على ما قدمه فيتقوى القول الثاني بقطع هؤلاء الجماعة بالنص عن أحمد والله أعلم
لكن تصوير المسألة فيه عسر ويمكن تصوير إجزاء طواف القدوم عن طواف الوداع أنه لم يكن قدم مكة لضيق الوقوف بل قصد عرفة فلما رجع وأراد العود طاف للزيارة ثم للقدوم إما نسيانا أو غيره فهذا الطواف يكفيه عن طواف الوداع والله أعلم
____________________
1-
(3/385)
طَالِبٍ إذَا حَجَّ لِلْفَرْضِ لم يَمُرَّ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ كان في سَبِيلِ الْحَجِّ وَإِنْ كان تَطَوُّعًا بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَدْعُو قال ابو عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ يُكْرَهُ قَصْدُ الْقُبُورِ لِلدُّعَاءِ قال شَيْخُنَا وَوُقُوفُهُ عِنْدَهَا له وَلَا يُسْتَحَبُّ تَمَسُّحُهُ بِهِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ بَلْ يُكْرَهُ قال أَحْمَدُ أَهْلُ الْعِلْمِ كَانُوا لَا يَمَسُّونَهُ نَقَلَ أبو الْحَارِثِ يَدْنُو منه وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ يَقُومُ حِذَاءَهُ فَيُسَلِّمُ كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْهُ بَلَى وَرَخَّصَ في الْمِنْبَرِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَضَعَ يَدَهُ على مَقْعَدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ وَضَعَهَا على وَجْهِهِ قال ابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ وَلْيَأْتِ الْمِنْبَرَ فليترك ( ( ( فليتبرك ) ) ) بِهِ تَبَرُّكًا بِمَنْ كان يَرْتَقِي عليه قال شَيْخُنَا يَحْرُمُ طَوَافُهُ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ اتِّفَاقًا قال وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُقَبِّلُهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ فإنه من الشِّرْكِ وقال وَالشِّرْكُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَلَوْ كان أَصْغَرَ
قال بَعْضُهُمْ وَلَا تُرْفَعُ عند الاصوات عِنْدَ حُجْرَتِهِ عليه السَّلَامُ كما لَا تُرْفَعُ فَوْقَ صَوْتِهِ لِأَنَّهُ في التَّوْقِيرِ وَالْحُرْمَةِ كَحَيَاتِهِ رَأَيْته في مَسَائِلَ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وفي الْفُنُونِ قَدِمَ الشَّيْخُ أبو عِمْرَانَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى ابْنَ الْجَوْهَرِيِّ الْوَاعِظَ الْمِصْرِيَّ يَعِظُ فَعَلَا صَوْتُهُ فَصَاحَ عليه الشَّيْخُ ابو عِمْرَانَ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالنَّبِيُّ في الْحُرْمَةِ وَالتَّوْقِيرِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَحَالِ حَيَاتِهِ فَكَمَا لَا تُرْفَعُ الْأَصْوَاتُ بِحَضْرَتِهِ حَيًّا وَلَا من وَرَاءِ حُجْرَتِهِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ انْزِلْ فَنَزَلَ ابن الْجَوْهَرِيِّ وَفَزِعَ الناس لِكَلَامِ الشَّيْخِ أبي عِمْرَانَ قال ابن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ كَلَامُ صِدْقٍ وَحَقٍّ وَجَاءَ على لِسَانِ مُحِقٍّ فتحكم ( ( ( فنحكم ) ) ) على سَامِعِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ هذا أَدَبٌ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لِلْإِنْصَاتِ لِكَلَامِهِ إذَا قَرَأَ بَلْ قد صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ القراءة ( ( ( للقراءة ) ) ) بَلْ يُسْتَحَبُّ فَهُنَا أَوْلَى وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وفي مَبَاحِثِ اصحاب الحديث لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ما قد يُؤْخَذُ منه وُجُوبُهُ فإنه ذَكَرَ عن حَمَّادِ ابن زَيْدٍ قال كنا عِنْدَ أَيُّوبَ فَسَمِعَ لَغَطًا فقال ما هذا اللغظ ( ( ( اللغط ) ) ) أَمَا بَلَغَهُمْ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الحديث عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كَرَفْعِ الصَّوْتِ عليه في حَيَاتِهِ وَعَنْ السَّرِيِّ بن عَاصِمٍ أَنَّهُ كان يحدث فَسَمِعَ كَلَامًا فقال ما هذا كنا عِنْدَ حَمَّادِ بن زَيْدٍ وهو يحدث فَسَمِعَ كَلَامًا فقال ما هذا كَانُوا يَعُدُّونَ الْكَلَامَ عِنْدَ حديث رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كَرَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ
وإذا تَوَجَّهَ هَلَّلَ ثُمَّ قال آيبون ( ( ( آئبون ) ) ) تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ
____________________
(3/386)
وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الاحزاب وَحْدَهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَكَانُوا يَغْتَنِمُونَ أَدْعِيَةَ الحج ( ( ( الحاج ) ) ) قبل أَنْ يَتَلَطَّخُوا بِالذُّنُوبِ فصل أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ وَلَوْ تَرَكَهُ رَجَعَ مُعْتَمِرًا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ طَافَ في الْحِجْرِ وَرَجَعَ بَغْدَادَ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ على بَقِيَّةِ إحْرَامِهِ فَإِنْ وطىء أَحْرَمَ من التَّنْعِيمِ على حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَنَقَلَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ
وَكَذَا السَّعْيُ وَعَنْهُ يَجْبُرُهُ دَمٌ وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَهَلْ الْإِحْرَامُ لِلنِّيَّةِ رُكْنٌ أو شَرْطٌ فيه رِوَايَتَانِ وفي كَلَامِ جَمَاعَةٍ ما ظَاهِرُهُ رِوَايَةٌ بِجَوَازِ تَرْكِهِ وقال في الْإِرْشَادِ سُنَّةٌ وقال الْإِهْلَالُ فَرِيضَةٌ وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ في نِيَّةِ الصَّوْمِ
وواجباته الاحرام من ميقاته والوقوف إلى الغروب والمبيت بمزدلفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 16 قَوْلُهُ وَهَلْ الْإِحْرَامُ لِلنِّيَّةِ رُكْنٌ أَمْ شَرْطٌ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
احداهما رُكْنٌ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال ابن منجا في شَرْحِ الْمُقْنِعِ هذا اصح في ظَاهِرِ قَوْلِ اصحابنا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةِ هو شَرْطٌ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ عنه إنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هُنَا ولم أَجِدْ ذَكَرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَبِهِ قال أبو حَنِيفَةَ وَذَلِكَ أَنَّ من قال بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى قَاسَ الْإِحْرَامَ على نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ شَرْطٌ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ يَجُوزُ فِعْلُهُ قبل دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا كَالطَّهَارَةِ مع الصَّلَاةِ وقال أَيْضًا في بَابِ الْإِحْرَامِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ شَرْطٌ كما ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ انْتَهَى
فَلَعَلَّ قَوْلَهُ هُنَا ولم أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ أَنَّهُ شَرْطٌ يَعْنِي عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أو لَعَلَّهُ لم يَسْتَحْضِرْ حَالَ شَرْحِ هذا الْمَكَانِ من قال بِذَلِكَ وَاسْتَحْضَرَهُ في بَابِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا أَوْلَى وَإِلَّا كان كَلَامُهُ مُتَنَاقِضًا وهو قد شَرَحَ بَابَ الْإِحْرَامِ قبل هذا الْمَكَانِ وَاَللَّهُ وأعلم
____________________
1-
(3/387)
على الاصح وَلَوْ غَلَبَهُ نَوْمٌ بِعَرَفَةَ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وفي الْوَاضِحِ فيه وفي مَبِيتِ مِنًى لا وعذر ( ( ( عذر ) ) ) إلَى بَعْدِ النِّصْفِ وَالرَّمْيُ وَكَذَا تَرْتِيبُهُ على الْأَصَحِّ
وَطَوَافُ الْوَدَاعِ في الْأَصَحِّ وهو الصَّدْرُ وَقِيلَ الصَّدْرُ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ وَلَوْ لم يَكُنْ بِمَكَّةَ قال الْآجُرِّيُّ يَطُوفُهُ مَتَى أَرَادَ الْخُرُوجَ من مَكَّةَ أو مِنًى أو من نَفْرٍ آخَرَ قال في التَّرْغِيبِ لَا يَجِبُ على غَيْرِ الْحَاجِّ وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ بن أبي حَرْبٍ وَالْقُدُومُ
وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى على الْأَصَحِّ فِيهِمَا وفي الدَّفْعِ مع الإمام رِوَايَتَانِ
وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ سُنَّةٌ قَطَعَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْخِلَافِ وَالْفُصُولِ وَالْمَذْهَبِ وَالْكَافِي لِأَنَّهَا اسْتِرَاحَةٌ وفي الرِّعَايَةِ وَاجِبٌ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا نَسِيَ الرَّمَلَ فَلَا شَيْءَ عليه إذَا نَسِيَ وَكَذَا قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ الطَّوَافُ وفي إحْرَامِهَا من مِيقَاتِهَا وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ الْخِلَافُ في الْحَجِّ وفي الْفُصُولِ السَّعْيُ فيها رُكْنٌ بِخِلَافِ الحح ( ( ( الحج ) ) ) لِأَنَّهَا أَحَدُ النِّسْكَيْنِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِرُكْنَيْنِ كَالْحَجِّ
وَلَا يُكْرَهُ الِاعْتِمَار في السَّنَةِ أَكْثَرُ من مَرَّةٍ وَيُكْرَهُ الْإِكْثَارُ وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهَا بِاتِّفَاقِ السَّلَفِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قال أَحْمَدُ إنْ شَاءَ كُلَّ شَهْرٍ وقال لَا بُدَّ يَحْلِقُ أو يُقَصِّرُ وفي عَشْرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ وَمَنْ كَرِهَ أَطْلَقَ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ إذَا عُوِّضَ بِالطَّوَافِ وَإِلَّا لم يُكْرَهُ خِلَافًا لِشَيْخِنَا وفي الْفُصُولِ له أَنْ يَعْتَمِرَ في السَّنَةِ ما شَاءَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 17 قبوله وفي الدفع مع الإمام روايتان يعني من عرفة وأطلقهما في الرعايتين والحاويين يعني هل هو واجب أو سنة
إحداهما هو سنة وهو الصحيح قاله الشيخ الموفق والشارح قال الزركشي هو اختيار جمهور الأصحاب وقدمه في المحرر والفائق
والرواية الثانية أن الدفع معه واجب وقد قطع الخرقي أن عليه دما بتركه فهذه سبع عشرة مسألة قد فتح الله علينا بتصحيحها فله الحمد والمنة
____________________
1-
(3/388)
وَيُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهَا في رَمَضَانَ لِأَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً لِلْخَبَرِ وَكَرِهَ شَيْخُنَا الْخُرُوجَ من مَكَّةَ لِعُمْرَةِ تَطَوُّعٍ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لم يَفْعَلْهُ عليه السَّلَامُ هو وَلَا صَحَابِيٌّ على عَهْدِهِ إلَّا عَائِشَةُ لَا في رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ اتِّفَاقًا ولم يَأْمُرْ عَائِشَةَ بَلْ أَذِنَ لها بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ لِتَطْيِيبِ قَلْبِهَا قال وَطَوَافُهُ لولا يَخْرُجُ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا وَخُرُوجُهُ عِنْدَ من لم يَكْرَهْهُ على سَبِيلِ الْجَوَازِ كَذَا قال
وَذَكَرَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّ من الناس من يَخْتَارُهَا على الطَّوَافِ وَيَحْتَجُّ بِاعْتِمَارِ عَائِشَةَ وَمِنْهُمْ من يَخْتَارُ الطَّوَافَ وَهِيَ أَفْضَلُ من رَمَضَانَ قال أَحْمَدُ هِيَ فيه تَعْدِلُ حَجَّةً قال وَهِيَ حَجٌّ أَصْغَرُ قال شَيْخُنَا قَوْلُهُ عليه السَّلَامُ من حَجَّ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ خَرَجَ من ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ يَدْخُلُ فيه بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَحْمَدُ على من قال إنَّ حَجَّةَ التَّمَتُّعِ حَجَّةٌ مَكِّيَّةٌ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ بَعْضُ حَجَّةِ الْكَامِلِ بِدَلِيلِ صَوْمِهَا
فَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أو النِّيَّةَ لم يَصِحَّ نُسُكُهُ وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا وَلَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ فَإِنْ عَدِمَهُ فَكَصَوْمِ الْمُتْعَةِ وَالْإِطْعَامُ عنه وفي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ لَا يَنُوبُ عنه وَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِهِ على الْأَصَحِّ وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً فَهَدَرٌ قال في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ ولم يُشْرَعْ الدَّمُ عنها لِأَنَّ جُبْرَانَ الصَّلَاةِ أَدْخَلُ فَيَتَعَدَّى إلَى صَلَاتِهِ من صَلَاةِ غَيْرِهِ
وَتُكْرَهُ تَسْمِيَةُ من لم يَحُجَّ صَرُورَةً لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا صصرورة ( ( ( ضرورة ) ) ) في الْإِسْلَامِ ولأنه اسْمٌ جَاهِلِيٌّ وَأَنْ يُقَالَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ اسْمٌ على أَنْ لَا يَعُودَ قال وَأَنْ يُقَالَ شَوْطٌ بَلْ طَوْفَةٌ وَطَوْفَتَانِ وقال في فُنُونِهِ إنَّهُ لَمَّا حَجَّ صلى بين عَمُودَيْ الْبَيْتِ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ لِتَكُونَ الْمُوَافَقَةُ دَاخِلَةً
وسلم على قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ كَآدَمَ وَغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ إنَّ بِمَكَّةَ أُلُوفًا من الْأَنْبِيَاءِ ولم يَرْجُمْ قَبْرَ أبي لَهَبٍ لِمَا عَلِمَ من كَرَاهَةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ذلك في حَقِّ أَهْلِهِ وَنَزَلَ عن الظَّهْرِ مُنْذُ لَاحَتْ مَكَّةُ احْتِرَامًا وَإِعْظَامًا لها وَاخْتَفَى في الطَّوَافِ عن الناس وَأَبْعَدَ عَنْهُمْ ولم يَمْلَأْ عَيْنَيْهِ منها ولم يَشْتَغِلْ بِذَاتِهَا بَلْ بِاسْتِحْضَارِ الشَّرَفِ وَلَمَّا تَعَلَّقَ بِسُتُورِهَا تَعَلَّقَ بِالْعَتِيقِ لِطُولِ مُلَامَسَتِهِ لها وَأَذَّنَ في الْحَرَمِ مَدَى صَوْتِهِ وَأَكْثَرَ الْمَشْيَ فيه وَالصَّلَاةَ لِيُصَادِفَ بُقْعَةً فيها أَثَرَ الصَّالِحِينَ ولم يَدْعُ بِسَعَةِ الرِّزْقِ بَلْ بِالصَّلَاحِ
____________________
(3/389)
وسلم على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الْأَصْحَابِ وَاعْتَذَرَ لهم بِالْعَجْزِ عن النَّهْضَةِ وَنَزَلَ في الرَّوْضَةِ وَصَلَّى في مَوْضِعِ الْمِحْرَابِ الْأَوَّلِ وَتَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الدُّعَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَبْرِهِ حِينَئِذٍ ولم يَعِظْ في الْحَرَمِ لِاغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ
وَلَيْسَ من تَمَامِ الْحَجِّ ضَرْبُ الْجَمَّالِينَ خِلَافًا لِلْأَعْمَشِ وحل ( ( ( وحمل ) ) ) ابن حَزْمٍ قَوْلَهُ على الْفَسَقَةِ منهم وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَمْشِيَ نَاوِيًا بِذَلِكَ الْإِحْسَانَ إلَى الدَّابَّةِ وَصَاحِبِهَا وَأَنَّهُ في سَبِيلِ اللَّهِ وقد كان ابن الْمُبَارَكِ يَمْشِي كَثِيرًا فَسَأَلَهُ رَجُلٌ لِمَ تَمْشِي فلم يُرِدْ أَنْ يُخْبِرَهُ فَقَبَضَ على كُمِّهِ وقال لَا أَدَعُك حتى تُخْبِرَنِي قال فَدَعْنِي حتى أُخْبِرَكَ فقال أَلَيْسَ يُقَالُ في حُسْنِ الصُّحْبَةِ قُلْت بَلَى قال فإن هذا من حُسْنِ الصُّحْبَةِ مع الْجَمَّالِ أَلَيْسَ يُقَالُ من اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ في سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ على النَّارِ قُلْت بَلَى قال هذا في سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْنُ نَمْشِي فيه أَلَيْسَ يُقَالُ إدْخَالُ السُّرُورِ على الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ قُلْت بَلَى قال فإن هذا الْجَمَّالَ كُلَّمَا مَشَيْنَا سَرَّهُ قُلْت بَلَى قال السَّائِلُ هذا أَحَبُّ إلَيَّ من أَلْفِ دِرْهَمٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ
وَيُعْتَبَرُ في وِلَايَةِ تَسْيِيرِ الْحَجِيجِ كَوْنُهُ مُطَاعًا ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَهِدَايَةٍ وَعَلَيْهِ جَمْعُهُمْ وَتَرْتِيبُهُمْ وَحِرَاسَتُهُمْ في الْمَسِيرِ وَالنُّزُولِ وَالرِّفْقُ بِهِمْ وَالنُّصْحُ وَيَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ في ذلك وَيُصْلِحُ بين الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ من أَهْلِهِ وقال الْآجُرِّيُّ يَلْزَمُهُ عِلْمُ خُطَبِ الْحَجِّ وَالْعَمَلُ بها قال شَيْخُنَا من جَرَّدَ مَعَهُمْ وَجَمَعَ له من الْجُنْدِ الْمُقَطَّعِينَ ما بعينه ( ( ( يعينه ) ) ) على كُلْفَةِ الطَّرِيقِ أُبِيحَ له وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ وَلَهُ أَجْرُ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَهَذَا كَأَخْذِ بَعْضِ الْأَقْطَاعِ لِيَصْرِفَهُ في الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ في هذا خِلَافٌ وَيَلْزَمُ الْمُعْطِيَ بَذْلُ ما أُمِرَ بِهِ
وَشَهْرُ السِّلَاحِ عِنْدَ قُدُومِ تَبُوكَ بِدْعَةٌ زَادَ شَيْخُنَا مُحَرَّمَةٌ قال وما يَذْكُرُهُ الْجُهَّالُ من حِصَارِ تَبُوكَ كَذِبٌ فلم يَكُنْ بها حِصْنٌ وَلَا مُقَاتِلَةٌ وَإِنَّ مَغَازِيَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كانت بِضْعًا وَعِشْرِينَ لم يُقَاتِلْ فيها إلَّا في تِسْعٍ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ وَالْغَابَةِ وَفَتْحِ خَيْبَرَ وَفَتْحِ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ
____________________
(3/390)
بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ
من فَاتَهُ الْوُقُوفُ لِعُذْرِ حَصْرٍ أو غَيْرِهِ أولا انْقَلَبَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَارِنًا وَغَيْرَهُ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ من عُمْرَةٍ على عُمْرَةٍ إذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ في كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تُجْزِئُهُ عن عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ في الْمَنْصُوصِ لِوُجُوبِهَا كَمَنْذُورَةٍ وَعَنْهُ لَا يَنْقَلِبُ وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَيَدْخُلُ إحْرَامُ الْحَجِّ على الْأَوِّلَةِ فَقَطْ وقال أبو الْخَطَّابِ وعلي الثَّانِيَةِ يَدْخُلُ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ قَارِنًا احْتَجَّ الْقَاضِي بِعَدَمِ الصِّحَّةِ على أَنَّهُ لم يَبْقَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَإِلَّا لَصَحَّ وَصَارَ قَارِنًا وَاحْتَجَّ بِهِ ابن عَقِيلٍ وَبِأَنَّهُ لو جَازَ بقائها ( ( ( بقاؤها ) ) ) لَجَازَ أَدَاءُ أَفْعَالِ الْحَجِّ بِهِ في السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَبِأَنَّ الْإِحْرَامَ إمَّا أَنْ يؤدي بِهِ حَجَّةٌ أو عُمْرَةٌ فَأَمَّا عَمَلُ عُمْرَةٍ فَلَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ عن ابْنِ حَامِدٍ يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَلَيْسَ عُمْرَةً وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ قَضَاءِ النَّفْلِ كَالْإِفْسَادِ
وفي الْفُصُولِ لَا يَلْزَمُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لو كان مُحْرِمًا بِحَجَّةِ نَفْلٍ فَفَسَخَهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْحَجِّ وَعَنْهُ لَا قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا وَيَلْزَمُهُ إنْ لم يَشْتَرِطْ أَوَّلًا هَدْيٌ على الصَّحِيحِ الْأَصَحِّ قِيلَ مع الْقَضَاءِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ في عَامِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مع الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ منه كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَإِلَّا في عَامِهِ وَسَوَاءٌ كان سَاقَ هدايا ( ( ( هديا ) ) ) أَمْ لَا نَصَّ عليه وفي الْمُوجَزِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ
مَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ على الْأَصَحِّ يَعْنِي من فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مُطْلَقًا قِيلَ مع الْقَضَاءِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ في عَامِهِ دَمٌ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مع الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ منه كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَإِلَّا في عَامِهِ انْتَهَى هذه الْعِبَارَةُ فيها نَوْعُ خَفَاءٍ في إطْلَاقِ الْخِلَافِ وَحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ وقد قال في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ من عَامِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ في عَامِ الْقَضَاءِ وَقَطَعُوا بِذَلِكَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هذا الْهَدْيَ الذي يُخْرِجُهُ قد وَجَبَ عليه في حِينِ الْفَوَاتِ وقال في
____________________
1-
(3/391)
وهو بدنة فإن عدمه زمن الوجوب صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
الْمُسْتَوْعِبِ يَجِبُ عليه هَدْيٌ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ يُخْرِجُهُ في سَنَتِهِ إنْ قُلْنَا لَا قَضَاءَ عليه وَإِنْ قُلْنَا عليه الْقَضَاءُ أَخْرَجَهُ في سَنَةِ الْقَضَاءِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ من سَنَتِهِ لم يُجْزِئْهُ فَعَلَى هذا مَتَى يَكُونُ قد وَجَبَ عليه فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا وَجَبَ في سننه ( ( ( سنته ) ) ) وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهُ إلَى قَابِلٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لم يَجِبْ إلَّا في سَنَةِ الْقَضَاءِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُخْرِجُهُ في سَنَةِ الْفَوَاتِ فَقَطْ إنْ سَقَطَ الْقَضَاءُ وَإِنْ وَجَبَ فَمَعَهُ لَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ وَجَبَ الْهَدْيُ سَنَةَ الْفَوَاتِ في وَجْهٍ أو سَنَةَ الْقَضَاءِ انْتَهَى وَتَابَعَ في ذلك صَاحِبَ الْمُسْتَوْعِبِ وما قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ هو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ قِيلَ لُزُومُهُ مع الْقَضَاءِ أو في عَامِ الْقَضَاءِ وَيَدُلُّ على هذا التَّقْدِيرِ أَيْضًا قَوْلُهُ في الْقَوْلُ الْآخَرُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ في عَامِهِ دَمٌ وَقَوْلُهُ دَمٌ هُنَا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ قَطْعًا لِأَنَّ الْكَلَامَ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هو في الْهَدْيِ الذي لَزِمَهُ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ وقد ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ على الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مع الْقَضَاءِ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذلك إنْ وَجَبَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ في أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ قِيلَ مع الْقَضَاءِ أَيْ قِيلَ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ مع الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مع الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ منه يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُهُ وَتَقْدِيرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مع الْقَضَاءِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ منه وَقَوْلُهُ وَإِلَّا في عَامِهِ أَيْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي لَزِمَهُ في عَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
إذَا عُلِمَ ذلك فَقَدْ رَأَيْت على بَعْضِ النُّسَخِ في حَاشِيَتِهَا مَكْتُوبٌ هُنَا بَيَاضٌ وَحَزَرَ بِذَلِكَ الْمَكْتُوبِ وَأَكْثَرُ النُّسَخِ ليس فيها ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
عُدْنَا إلَى تَصْحِيحِ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فَالْمُصَنِّفُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ في وَقْتِ وُجُوبِ دَمِ الْفَوَاتِ هل وَجَبَ في عَامِ الْفَوَاتِ وَيُؤَخِّرُ ذَبْحَهُ إلَى عَامِ الْقَضَاءِ أو وَجَبَ في عَامِ الْقَضَاءِ وَيَذْبَحُ فيه بَعْدَ تَحَلُّلِهِ منه وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَيَظْهَرُ لي أَنَّ في كَلَامِ الرِّعَايَةِ نَقْصًا أَيْضًا وَتَقْدِيرُهُ أو سَنَةَ الْقَضَاءِ في آخَرَ أَيْ في وَجْهٍ آخَرَ فَيَكُونُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا أَحَدُهُمَا وُجُوبُهُ من حِينِ الْفَوَاتِ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إلَى الْقَضَاءِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
____________________
1-
(3/392)
إلى أهله وقال الخرقي يصوم عن كل مد من قيمته يوما وعنه يمضي في حج فاسد ويقضيه
وإن وقف الناس الثامن أو العاشر خطأ أجزأ نص عليهما قال شيخنا وهل هو يوم عرفة باطنا فيه خلاف في مذهب أحمد بناء على أن الهلال اسم لما يطلع في السماء أو لما يراه الناس ويعلمونه وفيه خلاف مشهور في مذهب أحمد وغيره
وذكر في موضع آخر أن عن أحمد فيه روايتين قال والثاني الصواب ويدل عليه لو أخطئوا الغلط في العدد أو في الطريق ونحوه فوقفوا العاشر لم يجزئهم فلو اغتفر الخطأ للجميع لاغتفر لهم في غير هذه الصورة بتقدير وقوعها فعلم أنه يوم عرفة باطنا وظاهرا يوضحه أنه لو كان هنا خطأ وصواب لا يستحب الوقوف مرتين وهو بدعة لم يفعله السلف فعلم أنه لا خطأ ومن اعتبر كون الرائي من مكة دون مسافة القصر أو بمكان لا تخلف فيه المطالع فقول لم يقله أحد من السلف في الحج فلو رآه طائفة قليلة لم ينفردوا بالوقوف بل الوقوف مع الجمهور ويتوجه وقوف مرتين إن وقف بعضهم لا سيما من رآه
وصرح جماعة إن أخطئوا لغلط في العدد أو في الرؤية أو الاجتهاد مع الإغماء أجزأ وهو ظاهر كلام الإمام وغيره وإن أخطأ بعضهم وفي الانتصار عدد يسير وفي التعليق فيما إذا أخطئوا القبلة قال العدد الواحد والاثنان وفي الكافي والمحرر نفر قال ابن قتيبة يقال إن النفر ما بين الثلاثة إلى العشرة وقيل في قوله تعالى { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن } قيل سبعة وقيل تسعة وقيل اثنا عشر ألفا قال ابن الجوزي ولا يصح لأن النفر لا يطلق على الكثير فاته وقيل كحصر عدو ونقل عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم عرفة اليوم الذي يعرف الناس فيه فإذا شك الناس في عرفة فقال قوم يوم النحر فوقف الإمام بالناس يوم عرفة ثم علم أنه يوم النحر أجزأهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ من سَمَّيْنَا من الْأَصْحَابِ قبل ذلك
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ في عَامِ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ ولم اطلع على من ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ سِوَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(3/393)
وَمَنْ مَنَعَ الْبَيْتَ وَاحِدًا أو الْكُلَّ بِالْبَلَدِ أو الطَّرِيقِ ظُلْمًا وفي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالْفُصُولِ في غيره عُمْرَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ وَلَوْ خَافَ في ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ وَفِيهِ في الْخِلَافِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ قال في الِانْتِصَارِ وَأَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ إلَى جِهَةٍ قبل الْوُقُوفِ أو بَعْدَهُ نَصَّ عليه وذكره الشَّيْخُ بَلْ قبل تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ ولم يَجِدْ طَرِيقًا آمِنَةً وَلَوْ بَعُدَتْ وَفَاتَ الْحَجُّ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِأَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهِ وُجُوبًا مَكَانَهُ كَالْحَلْقِ يَجُوزُ له فَقَطْ في الْحِلِّ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ يَجُوزُ له وَلِغَيْرِهِ في الْحِلِّ وَعَنْهُ يَنْحَرُهُ في الْحَرَمِ وَعَنْهُ مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ يوم النَّحْرِ وفي الْكَافِي وَكَذَا من معه هَدْيٌ وَيَحِلُّ
وَالْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَهَدْيَانِ لِتَحَلُّلِهِ وَفَوَاتِهِ وَمَنْ حُصِرَ عن وَاجِبٍ لم يَتَحَلَّلْ بَلْ عليه دَمٌ له وقال الْقَاضِي يَتَوَجَّهُ فِيمَنْ حُصِرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الثَّانِي يَتَحَلَّلُ وأومىء ( ( ( وأومئ ) ) ) إلَيْهِ وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ في الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أو بَذْلِ مَالٍ فَإِنْ كان يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ وَمَعَ كُفْرِ الْعَدُوِّ يُسْتَحَبُّ قِتَالُهُ إنْ قَوِيَ الْمُسْلِمُونَ وَإِلَّا فترك ( ( ( فتركه ) ) ) أَوْلَى وَإِنْ عَدِمَ الْهَدْيَ صَامَ عَشْرَةً بِالنِّيَّةِ كَمُبْدَلِهِ ثُمَّ حَلَّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا اطعام فيه
وَعَنْهُ بَلَى وقال الْآجُرِّيُّ إنْ عَدِمَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ قَوَّمَهُ طَعَامًا وَصَامَ عن كل مُدٍّ يَوْمًا وَحَلَّ وأوجب ( ( ( وأحب ) ) ) أَنْ لَا يَحِلَّ حتى يَصُومَ إنْ قَدَرَ فَإِنْ صَعُبَ عليه حَلَّ ثُمَّ صَامَ وفي وُجُوبِ حَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ قل مَبْنِيٌّ على أَنَّهُ نُسُكٌ أولا وَقِيلَ لَا يَجِبُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ في الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أو بَذْلِ مَالٍ فَإِنْ كان يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَجِبُ بَذْلُهُ وهو الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ بَذْلِهِ كَالزِّيَادَةِ في ثَمَنِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ انْتَهَى قُلْت بَلْ هُنَا أَوْلَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ بَذْلُ خَفَارَةٍ بِحَالٍ وَلَهُ التَّحَلُّلُ كما في ابْتِدَاءِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لم يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا من غَيْرِ خَفَارَةٍ نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ قال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ حَصَرَهُ عَدُوٌّ مُسْلِمٌ أو كَافِرٌ عن الْبَيْتِ وَاحْتَاجَ في دَفْعِهِ إلَى قِتَالٍ أو بَذْلِ مَالٍ كَثِيرٍ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ لِدَفْعٍ عن نَفْسِهِ أو يَسِيرٍ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ دَفْعُهُ في الْأَصَحِّ وَلَا طَرِيقَ له إلَى الْبَيْتِ تَرَكَ قِتَالَهُ مع جَوَازِهِ انْتَهَى فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ
____________________
1-
(3/394)
هنا لعدم ذكره في الآية ولأنه مباح ليس بنسك خارج الحرم لأنه من توابع الإحرام كرمي وطواف ولو نوى التحلل قبل هدي وصوم لم يحل ولزمه دم لتحلله وذكر الشيخ لا ولا يلزمه قضاء نفل الجماعة ونقل أبو الحارث وأبو طالب بلى ومثله من جن أو أغمي عليه قاله في الانتصار وخرج منها في الواضح مثله في منذورة وذكر بعض أصحابنا في كتابه الهدي لا يلزم المحصر هدي ولا قضاء لعدم أمر الشارع بهما كذا قال واستحسن ابن هبيرة ولا فرض بعد إحرامه وإن منع في حج عرفة تحلل بعمرة مجانا وعنه كمن منع البيت وعنه كحصر مرض وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة بقي محرما حتى يقدر على البيت فإنه فاته الحج تحلل بعمرة نقله الجماعة ولا ينحر هديا معه إلا بالحرم نص على التفرقة وفي لزوم القضاء والهدي الخلاف وأوجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ وفي وُجُوبِ حَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ قِيلَ مَبْنِيٌّ على أَنَّهُ نُسُكٌ أو لَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ هُنَا انْتَهَى اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِلْمُحْصَرِ فَقِيلَ الْكَافِي وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوُجُوبَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وقال الشَّيْخُ في المعنى وَالشَّارِحُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ مع ذَبْحِ الْهَدْيِ أو الصِّيَامِ فيه رِوَايَتَانِ وَلَعَلَّ هذا يَنْبَنِي على الْخِلَافِ في الْحَلْقِ هل هو نُسُكٌ أو إطْلَاقٌ من مَحْظُورٍ انْتَهَى
فَعَلَى هذه الطَّرِيقَةِ يَجِبُ عليه الْحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ على الصَّحِيحِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نُسُكٌ فَكَذَا يَكُونُ هُنَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ هُنَا حَلْقٌ وَلَا تَقْصِيرٌ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ في حلق ( ( ( حق ) ) ) غَيْرِ الْمُحْصَرِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ في الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ ليس بِنُسُكٍ خَارِجَ الْحَرَمِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ وقدم في الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَكَذَا ابن رَزِينٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
تَنْبِيهٌ في قَوْلِهِ وفي وُجُوبِ حَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ قِيلَ مَبْنِيٌّ على أَنَّهُ نُسُكٌ أولا وَقِيلَ لَا يَجِبُ هُنَا إيهَامٌ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَوَّلًا الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ نَفَاهُمَا في الْقَوْلِ الثَّانِي وكان الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ قِيلَ في حَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ على كَوْنِهِ نُسُكًا أَمْ لَا أَعْلَمُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قد صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
____________________
1-
(3/395)
الآجري القضاء هنا وعنه يتحلل كمحصر بعد واختاره شيخنا وأن مثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة أو لعجزها عنه ولو لذهاب الرفقة وكذا من ضل الطريق ذكره في المستوعب
وفي التعليق لا يتحلل واحتج شيخنا لاختياره بأن الله لم يوجب على المحصر أن يبقى محرما حولا بغير اختياره بخلاف بعيد أحرم من بلده ولا يصل إلا في عام بدليل تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما حصروا عن إتمام العمرة مع إمكان رجوعهم محرمين إلى العام القابل واتفقوا أن من فاته الحج لا يبقى محرما إلى العام القابل
ويقضي عبد كحر وفيه في رقه الوجهان وصغير كبالغ ويقضي من حل في حجة فاسدة في سننه إن أمكنه قال جماعة ولا يتصور في غيرها وقيل للقاضي لو جاز طوافه في النصف الأخير لصح أداء حجتين في عام ولا يجوز لأنه يرمي ويطوف ويسعى فيه ثم يحرم بحجة أخرى ويقف بعرفة قبل الفجر ويمضي فيها ويلزمكم أن تقولوا به لأنه إذا تحلل من إحرامه فلا معنى لمنعه منه فقال القاضي لا يجوز
وقد نقل أبو طالب فيمن لبى بحجتين لا يكون إهلالا بشيئين لأن الرمي عمل واجب بالإحرام السابق فلا يجوز مع بقائه أن يحرم بغيره وقيل يجوز في مسألة المحصر هذه
____________________
(3/396)
باب الهدي والأضحية
تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ من الْغَنَمِ وَمِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ لَا من غَيْرِهِنَّ من طَائِرٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الْهَدْيُ وَأَفْضَلُهَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ وَالْأَسْمَنُ وَالْأَمْلَحُ أَفْضَلُ قال أَحْمَدُ يُعْجِبُنِي الْبَيَاضُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَكْرَهُ السَّوَادَ رَوَى أَحْمَدُ حدثنا شُرَيْحٌ وَيُونُسُ حدثنا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عن أبي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ وعن أبي الطُّفَيْلِ قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ فذكر حَدِيثًا مَوْقُوفًا فيه فَالْتَفَتَ إبْرَاهِيمُ فإذا هو بِكَبْشٍ أَبْيَضَ أَقْرَنَ أَعْيَنَ قال ابن عَبَّاسٍ لقد رايتنا نَتَّبِعُ ذلك الضَّرْبَ من الْكِبَاشِ وَرَوَاهُ في الْمُخْتَارَةِ من طَرِيقَةِ أبي عَاصِمٍ تَفَرَّدَ بِهِ عنه حَمَّادٌ وَوَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ
وَالذَّكَرُ كَأُنْثَى وَقِيلَ هو أَفْضَلُ وَقَدَّمَ في الْفُصُولِ هِيَ وَلَا يجزىء إلَّا جَذَعُ ضَأْنٍ وَثَنِيٌّ من غَيْرِهِ فإبل ( ( ( فالإبل ) ) ) خَمْسٌ وَالْبَقَرُ سَنَتَانِ وَالْمَعْزُ سَنَةٌ وفي الْإِرْشَادِ لِلْجَذَعِ ثُلُثَا سَنَةٍ وَلِثَنِيِّ بَقَرٍ ثَلَاثٌ وَلِإِبِلٍ سِتٌّ كَامِلَةٌ ويجزىء أَعْلَى سِنًّا وفي التَّنْبِيهِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ عن وَاحِدٍ وحكي رِوَايَةً وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ جَذَعُ إبِلٍ وَبَقَرٍ عن وَاحِدٍ اخْتَارَهُ الخلاف ( ( ( الخلال ) ) ) وَسَأَلَهُ حَرْبٌ أيجزىء ( ( ( أيجزئ ) ) ) عن ثَلَاثَةٍ قال يروي عن السحن ( ( ( الحسن ) ) ) وَكَأَنَّهُ سَهَّلَ فيه وَجَذَعٌ أَفْضَلُ من ثَنِيِّ مَعْزٍ قال أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالضَّأْنِ وَقِيلَ الثَّنِيُّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَفْضَلُ من سَبْعٍ
وَعِنْدَ شَيْخِنَا الآجر على قَدْرِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا شَاةٌ عن وَاحِدٍ وَالْمَنْصُوصُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ وَبَدَنَةٌ وَبَقَرَةٌ عن سَبْعَةٍ وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا عَنْهُمْ نَصَّ عليه وسواء أرادوا قرية أو بعضهم وبعضهم لحما نص عليه لأن القسمة إفراز نص وَسَوَاءٌ أَرَادُوا قُرْبَةً أو بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ لَحْمًا نَصَّ عليه لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ نَصَّ عليه وَلَوْ كان بَعْضُهُمْ ذِمِّيًّا في قِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ لِلْقَاضِي الشَّرِكَةُ له في الثَّمَنِ تُوجِبُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِسْطًا في اللَّحْمِ وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ
فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ فَدَلَّ على الْمَنْعِ إنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ وَلَوْ بَانُوا بَعْدَ الذَّبْحِ ثَمَانِيَةً ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَهُمْ نَقَلَهُ ابن الْقَاسِمِ وَنَقَلَ مهنا ( ( ( منها ) ) ) يجزىء سَبْعَةً وَيُرْضُونَ الثَّامِنَ وَيُضَحِّي وَسَبْعُ شِيَاهٍ افضل وَهَلْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ افضل كَالْعِتْقِ أَمْ الْمُغَالَاةُ في
____________________
(3/397)
الثَّمَنِ أَمْ سَوَاءٌ يَتَوَجَّهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَسَأَلَهُ ابن مَنْصُورٍ بَدَنَتَانِ سَمِينَتَانِ بِتِسْعَةٍ وَبَدَنَةٌ بِعَشْرَةٍ قال بَدَنَتَانِ أَعْجَبُ إلَيَّ
وَلَا تجزىء عَوْرَاءُ انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا وَعَمْيَاءُ وَهَزِيلَةٌ وَعَرْجَاءُ لَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ إلَى الْمَرْعَى وَقِيلَ إلَى الْمَنْحَرِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ لَا تَصْحَبُ جِنْسَهَا فَدَلَّ أَنَّ الْكَسِيرَةَ لَا تجزىء وَذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وَجَافَّةِ الضَّرْعِ وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِنَقْصِ الْخَلْقِ وما بِهِ مَرَضٌ مُفْسِدٌ لِلَّحْمِ كَجَرْبَاءَ وما ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهِ أو قَرْنِهِ ونقله حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ
وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ نِصْفَهُ أو أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ ثُلُثُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقِيلَ فَوْقَهُ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يَجُوزُ أَعْضَبُ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ في صِحَّةِ الْخَبَرِ نَظَرًا ثُمَّ في الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ في الْأَضَاحِيِّ يَقْتَضِي جَوَازَ الْأَعْضَبِ فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذلك لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يُؤْكَلُ وَالْأُذُنَ لَا يُقْصَدُ أَكْلُهَا غَالِبًا ثُمَّ هِيَ كَقَطْعِ الذَّنَبِ وَأَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَهَتْمَاءُ وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ التي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا من أَصْلِهَا وقال شَيْخُنَا الْهَتْمَاءُ التي سَقَطَ بَعْضُ أَسْنَانِهَا تجزىء في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَعَصْمَاءُ التي انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا وَنَقَلَ جَعْفَرٌ في التي يُقْطَعُ من أَلْيَتِهَا دُونَ الثُّلُثِ لَا بَأْسَ وَنَقَلَ هَارُونُ كُلُّ ما في الْأُذُنِ وَغَيْرِهِ من الشَّاةِ دُونَ النِّصْفِ لَا بَأْسَ بِهِ قال الْخَلَّالُ رَوَى هَارُونُ وَحَنْبَلٌ في الْأَلْيَةِ ما كان دُونَ النِّصْفِ أَيْضًا فَهَذِهِ رُخْصَةٌ في الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَاخْتِيَارُ أبي عبد اللَّهِ لَا بَأْسَ بِكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ وَعَلَيْهِ اعتمد قال وَرَوَى جَمَاعَةٌ التَّشْدِيدَ في الْعَيْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب الهدي والأضحية
مسألة 1 قوله وهل زيادة العدد أفضل كالعتق أم المغالاة في الثمن أم سواء يتوجه ثلاثة أوجه انتهى قال في تجريد العناية وتعدد أفضل نصا وسأله ابن منصور بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة قال ثنتان أعجب إلي ورجح الشيخ تقي الدين البدنة السمينة قال في القاعدة السابعة عشرة وفي سنن أبي داود حديث يدل عليه انتهى قلت الصواب الأفضل الأنفع للفقراء والله أعلم
____________________
1-
(3/398)
وَأَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً وَيُكْرَهُ دُونَ الثلث ( ( ( ثلث ) ) ) قَرْنِهِ وَأُذُنِهِ وَخَرْقٍ وَشَقٍّ ويجزىء نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ خِلَافًا لِلْإِرْشَادِ وفي جَمَّاءَ لم يُخْلَقْ لها قَرْنٌ وَبَتْرَاءَ لَا ذَنَبَ لها وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَلَوْ قُطِعَ وَجْهَانِ وجهان وَكَذَا خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ وَنَصُّهُ لَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُضَحِّي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ وفي جَمَّاءَ لم يُخْلَقْ لها قَرْنٌ وَبَتْرَاءَ لَا ذَنَبَ لها وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَلَوْ قُطِعَ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ
مسالة الْأُولَى هل تجزىء الْجَمَّاءُ أو لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يجزىء وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن الْبَنَّا في خصاله وجزم به في خِصَالِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ ابن منجا أو صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يجزىء اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 الْبَتْرَاءُ وَهِيَ التي لَا ذَنَبَ لها هل تجزىء أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا تجزىء وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي والكافي الشرح وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تجزىء نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُضَحِّي بِأَبْتَرَ وَلَا بِنَاقِصَةِ الْخَلْقِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ وَكَذَا خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ وَنَصُّهُ لَا انْتَهَى يَعْنِي أَنَّ فيه الْخِلَافَ الذي أَطْلَقَهُ قبل ذلك أو أَنَّهُ لَا يجزىء وهو الْمَنْصُوصُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ عَدَمُ الاجزاء نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْمُسْتَوْعِبِ والرعاية الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ويجزىء الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا كان مَجْبُوبًا أَيْضًا وَقِيلَ فيه الْخِلَافُ الذي في الْجَمَّاءِ وَالْبَتْرَاءِ وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَيَكُونُ فيه الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ الذي فِيهِمَا وَالصَّحِيحُ على هذه الطَّرِيقَةِ الْإِجْزَاءُ كَالْجَمَّاءِ وَالْبَتْرَاءِ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْبَنَّا في الْخِصَالِ وَفَسَّرَ الْخَصِيَّ بِمَقْطُوعِ الذَّكَرِ
____________________
1-
(3/399)
بأبتر ولا ناقصة الخلق ولا ذات عيب من مرض إذا لم تبلغ المنسك قال في الروضة ولو خلقت بلا أذن فكالجماء وفي قَائِمَةِ الْعَيْنِ رِوَايَتَانِ في الخلاف وَقِيلَ وَجْهَانِ ويجزىء خصي بلا جب
وظاهر كلام ( ( ( والرعاية ) ) ) الإمام والأصحاب أن الحمل لَا يمنع الإجزاء وقيل له في الخلاف الحامل ( ( ( والمنور ) ) ) لَا تجزىء في ( ( ( عندي ) ) ) الأضحية كذلك في الزكاة فقال القصد من الأضحية اللحم والحمل ينقص اللحم والقصد من الزكاة الدر والنسل والحامل أقرب إلى ذلك من الحائل فأجزأت وَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُ غَيْرِ الْإِبِلِ وَنَحْرُهَا قَائِمَةً مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى وَنَقَلَ حَنْبَلٌ كَيْفَ جاء بَارِكَةً وَقَائِمَةً في الْوَهْدَةِ بين أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ
قال أَحْمَدُ حين يُحَرِّكُ يَدَهُ بِالذَّبْحِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ من فُلَانٍ نَصَّ عليه وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ يقول اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي كما تَقَبَّلْت من ابراهيم خَلِيلِك وَقَالَهُ شَيْخُنَا وأنه إذَا ذَبَحَ قال { وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } إلَى قَوْلِهِ { وأنا من الْمُسْلِمِينَ } وَيَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ وَيَحْضُرُ إنْ وَكَّلَ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ إذًا إلَّا مع التَّعْيِينِ لَا تَسْمِيَةَ الْمُضَحِّي عنه وفي الْمُفْرَدَاتِ في أُصُولِ الدِّيَةِ يُعْتَبَرُ فيها النِّيَّةُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يلبها ( ( ( يليها ) ) ) كِتَابِيٌّ وَعَنْهُ الْإِبِلُ
وَوَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَسْبَقُهَا بِالْبَلَدِ وَعَنْهُ وَالْخُطْبَةِ وقال الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وقدرهما ( ( ( قدرهما ) ) ) وهو رِوَايَةٌ في الرَّوْضَةِ وَعَنْهُ لَا يجزىء قبل الأمام قِيلَ لِمَنْ بِبَلَدِهِ وجرم بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ فَاتَ الْعِيدُ بِالزَّوَالِ ضحي إذًا وقال ابن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة 5 قوله وفي قائمة العين روايتان وقيل وجهان انتهى وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والرعاية وغيرهم إحداهما تجزىء وهو الصحيح قال الزركشي أشهر الوجهين الإجزاء قال في الرعاية الكبرى ونص أحمد يجزىء ما بعينها بياض وهو ظاهر كلامه في المقنع وغيره وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح فإنه قال فإن كان على عينها بياض ولن تذهب جازت التضحية بها لأن عورها ليس يبين ولا ينقص ذلك لحمها انتهى
والرواية الثانية لا يجزىء جزم به في المحور والمنور قال في المستوعب أصحهما الا يجزىء عندي
مسألة 6 قوله وفي وقت ذبح الأضحية وعنه لا يجزىء قبل الإمام قيل لمن
____________________
1-
(3/400)
عَقِيلٍ يَتَّبِعُ الصَّلَاةَ قَضَاءً كما يَتَّبِعُ إذَا ما لم يُؤَخِّرْ عن أَيَّامِ الذَّبْحِ فَيَتَّبِعُ الْوَقْتَ ضرورة ( ( ( صرورة ) ) ) وَالْمُقِيمُ بِمَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ ذلك على الْخِلَافِ وفي التَّرْغِيبِ هو كَغَيْرِهِ في الْأَصَحِّ وَأَفْضَلُهُ أَوَّلُ يَوْمٍ ثُمَّ ما يَلِيهِ وَمَنْ ذَبَحَ قبل وَقْتِهِ صَنَعَ بِهِ ما شَاءَ وَقِيلَ كَأُضْحِيَّةٍ وَعَلَيْهِ بَدَلُ الْوَاجِبِ وَآخِرُهُ آخِرُ ثَانِي التَّشْرِيقِ وفي الْإِيضَاحِ آخِرُ يَوْمٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ويجزىء لَيْلًا نَصَّ عليه وَعَنْهُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَأَنَّهُ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ فَاتَ قَضَى الْوَاجِبَ كَالْأَدَاءِ وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ وفي التَّبْصِرَةِ وَيَكُونُ لَحْمًا تَصَدَّقَ لَا أُضْحِيَّةً في الْأَصَحِّ فصل من نَذَرَ هَدْيًا فَكَأُضْحِيَّةٍ وهو لِلْحَرَمِ وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إلَى مَكَّةَ أو لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بها وَإِنْ جَعَلَ دَرَاهِمَ هَدْيًا فَلِلْحَرَمِ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وابن هانىء وَإِنْ عَيَّنَ شيئا لِغَيْرِ الْحَرَمِ وَلَا مَعْصِيَةَ فيه تَعَيَّنَ بِهِ ذَبْحًا وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ وَيَبْعَثُ ثم ( ( ( ثمن ) ) ) غَيْرِ الْمَنْقُولِ قال أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يُلْقِيَ فِضَّةً في مَقَامِ ابراهيم يُلْقِيهِ لِمَكَانِ نَذْرِهِ وَاسْتَحَبَّهُ ابن عَقِيلٍ فَيُكَفِّرُ إنْ لم يُلْقِهِ وهو لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وفي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَظَاهِرُ الرياعة له أَنْ يَبْعَثَ ثَمَنَ الْمَنْقُولِ
وقال ابن عَقِيلٍ أو يُقَوِّمَهُ وَيَبْعَثَ الْقِيمَةَ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ إنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَلِلْحَرَمِ لَا جَزُورًا وَإِنْ نَذَرَ جَذَعَةً كَفَتْ نِيَّتُهُ وَأَحْسَنَ وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ جَعَلَ على نَفْسِهِ أَنْ يُضَحِّيَ كُلَّ عَامٍ بِشَاتَيْنِ فَأَرَادَ عَامًا أَنْ يُضَحِّي بِوَاحِدَةٍ إنْ كان نَذْرًا فَيُوَفِّي بِهِ وَإِلَّا كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَإِنْ قال إنْ لَبِسْتُ ثَوْبًا من غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَلَبِسَهُ أَهْدَاهُ أو ثَمَنَهُ على الْخِلَافِ
وَيُسَنُّ سَوْقُ الْهَدْيِ من الْحِلِّ وَوُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ وَتَقْلِيدُهُ بِنَعْلٍ أو عُرْوَةٍ وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ معه نَصَّ عليه ذلك بِشَقِّ صَفْحَةِ سَنَامِهَا أو مَحَلِّهِ الْيُمْنَى وَعَنْهُ الْيُسْرَى وَعَنْهُ يُخَيِّرُ حتى يَسِيلَ الدَّمُ وفي الْمُنْتَخَبِ تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَقَطْ وهو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
ببلده وجزم به في عيون المسائل انتهى قلت وهذا هو الصواب وجزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام الأصحاب ولم يذكر المصنف ما يقابل هذا القول وقد وقع له مثل ذلك في أواخر حكم الركاز وباب الصلاة على الميت وتقدم الجواب عن ذلك في المقدمة قلت ويحتمل الأطلاق وهو ظاهر الرواية لكنه بعيد جدا والله أعلم
____________________
1-
(3/401)
ظَاهِرُ الْكَافِي وَأَنَّهُ يَجُوزُ إشْعَارُ غَيْرِ السَّنَامِ وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَحْمَدَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ تَقْلِيدُ الْبُدْنِ جَائِزٌ وقال أَحْمَدُ الْبُدْنُ تُشْعَرُ وَالْغَنَمُ تُقَلَّدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُوقَهُ حتى يُشْعِرَهُ وَيُجَلِّلُهُ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ وَيُقَلِّدُهُ نَعْلًا أو عَلَاقَةَ قِرْبَةٍ سُنَّةَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْبَقَرُ فَقَطْ مِثْلُهَا وَيَتَعَيَّنُ بِقَوْلِ هذا هَدْيٌ أو أُضْحِيَّةٌ أو لِلَّهِ وَنَحْوُهُ وَبِالنِّيَّةِ مع تَقْلِيدٍ أو إشْعَارٍ وَعَنْهُ أو شِرَاءٍ كَشِرَاءِ عَرَضٍ لِلتِّجَارَةِ وَفَرَّقَ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هُنَا يَزُولُ الملك ( ( ( المالك ) ) ) وَلَا يَزُولُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَذَا قال
وفي الْكَافِي إنْ قَلَّدَهُ أو أَشْعَرَهُ وَجَبَ كما لو بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فيه ولم يذكر النِّيَّةَ وهو أَظْهَرُ وَمَنْ ذَكَرَهَا قَاسَ على هذه الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا فَدَلَّ على اعْتِبَارِهَا في الْوَقْفِ عِنْدَهُ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ في أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ هُنَا وَلَا يَجِبُ بِسَوْقِهِ مع نِيَّتِهِ كَإِخْرَاجِهِ مَالًا لِلصَّدَقَةِ بِهِ للخير ( ( ( للخبر ) ) ) فيه وَقَدَّمَ في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَوْلٍ وَكَذَا في الرِّعَايَةِ وقال وَقِيلَ أو بِالنِّيَّةِ فَقَطْ وَقِيلَ مع تَقْلِيدٍ أو إشْعَارٍ هو سَهْوٌ وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ إنْ أَوْجَبَهَا بِلَفْظِ الذَّبْحِ نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُهَا لَزِمَهُ وَتَفْرِيقُهُ على الْفُقَرَاءِ وهو مَعْنَى قَوْلِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ قال لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هذه الشَّاةِ ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لها وَإِنْ قال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هذا الْعَبْدَ ثُمَّ أَتْلَفَهُ لم يَضْمَنْهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ من الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ وهو حَقٌّ لِلْعَبْدِ وقد هَلَكَ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في النَّذْرِ وَمَتَى تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْمِلْكِ فيه وَشِرَاءُ خَيْرٍ منه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَجُوزُ لو عَطِبَ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ فَسْخُ التَّعْيِينِ وَعَنْهُ يَجُوزُ لِمَنْ يُضَحِّي وَقِيلَ مثله قال أَحْمَدُ مال لم يَكُنْ أَهْزَلَ وَاخْتَارَ في الْمُنْتَخَبِ وَالْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ إبْدَالَهُ فَقَطْ وَعَنْهُ يَزُولُ مِلْكُهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قال كما لو نَحَرَهُ وَقَبَضَهُ فَعَلَى هذا لو عَيَّنَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لم يَمْلِكْ الرَّدَّ وَيَمْلِكُهُ على الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِمَا إنْ أَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ هو له أو كَزَائِدٍ عن الْقِيمَةِ على ما يَأْتِي وفيه وَجْهَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَيَّنَ احدهما فَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فيه وَشِرَاءُ خَيْرٍ منه وَعَنْهُ يَجُوزُ لِمَنْ يُضَحِّي وَقِيلَ مثله اخْتَارَ في الْمُنْتَخَبِ وَالْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ إبْدَالَهُ فَقَطْ وَعَنْهُ يَزُولُ مِلْكُهُ فَعَلَى هذا لو عَيَّنَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لم يَمْلِكْ الرَّدَّ وَيَمْلِكُهُ على الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِمَا إنْ أَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ هو له أو كَزَائِدٍ على الْقِيمَةِ على ما يَأْتِي فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(3/402)
وذكر في الرعاية التصرف في أضحية معينة كهدي وجهان وهو سهو ولو بان مستحقا بعد تعيينه لزمه بدله نقله علي بن سعيد ويتوجه فيه كأرش ويذبح الولد معه عينها حاملا أو حدث بعده وإن تعذر حمله وسوقه فكهدي عطب وله شرب فاضل لبنه والإحرام وله ركوبه لحاجة وعنه مطلقا قطع به في المستوعب والترغيب وغيرهما بلا ضرر ويضمن نقصه وظاهر الفصول وغيره إن ركبه بعد الضرورة ونقص وله جز الصوف لمصلحة ويتصدق به زاد في المستوعب ندبا
وفي الروضة يتصدق به إن كانت نذرا وإن ذبحه ذابح بلا إذن ونوى عن الناذر وفي الترغيب وغيره أو أطلق وجزم به في عيون المسائل أجزأ ولا ضمان لإذنه عرفا أو إذن الشرع وإلا فروايتان في الجزاء فإن لم يجزىء ضمن ما بين كونها حية إلى مذبوحة
ذكره في عيون المسائل بخلاف من نذر في ذمته فذبح عنه من غنمه لا يجزىء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
أَحَدُهُمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّائِدِ على قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْأَرْشُ له قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ بَلْ يَشْتَرِي لهم بِهِ شَاةً فَإِنْ عَجَزَ فَسَهْمًا من بَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ فَلَحْمًا
مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهُ ذَابِحٌ بِلَا إذْنٍ وَنَوَى عن النَّاذِرِ وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أو أُطْلِقَ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أجزأه ( ( ( أجزأ ) ) ) وَلَا ضَمَانَ لِإِذْنِهِ عُرْفًا وَإِذْنِ الشَّارِعِ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ في الْإِجْزَاءِ انْتَهَى يَعْنِي إذَا لم يَنْوِ إحْدَاهُمَا يجزىء مُطْلَقًا وَلَا ضَمَانَ عليه صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ فُضُولِيٍّ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ على هذه الرِّوَايَةِ أَنْ يَلِيَ رَبُّهَا تَفْرِيقَهَا وقال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ وَالسَّبْعِينَ وَأَمَّا إذَا فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ اللَّحْمَ فقال الْأَصْحَابُ لَا يجزىء وَأَبْدَى ابن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ وَمَالَ إلَيْهِ ابن رَجَبٍ وَقَوَّاهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يجزىء اخْتَارَهُ ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَأَنْزَلَهُمَا على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ والرعاية الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(3/403)
ويضمن لعدم التعيين وقيل يعتبر على رواية الإجزاء أن يلي ربها تفرقتها وإلا ضمن الأجنبي قيمة لحم وإن على عدم الإجزاء تعود ملكا
وقد ذكروا في كل تصرف غاصب حكمي عبادة وعقد الروايات ولا ضمان على ربه قبل ذبحه وبعده مالم يفرط نص عليه ولو فقأ عينه تصدق بأرشه لو مرض فخاف عليه فذبحه فعليه ولو تركه فمات فلا قاله احمد وإن فرط ضمن القيمة يوم التلف بصرف في مثله كأجنبي وقيل أكثر القيمتين من الإيجاب إلى التلف وفي التبصرة منه إلى النحر وقبل من التلف إلى وجوب النحر وجزم به الحلواني فإن بقي من القيمة شيء صرف أيضا فإن لم يكن تصدق به وقيل يلزمه شراء لحم يتصدق به
وإن ضحى كل منهما عن نفسه بأضحية الآخر غلطا كفتهما ولا ضمان استحسانا والقياس ضدهما ذكره القاضي وغيره ونقل الأثرم وغيره في اثنين ضحى هذا بأضحية هذا يترادان اللحم ويجزىء وأخذ منه في الانتصار رواية الإجزاء السابقة وإن عطب قال جماعة أو خاف ذلك لزمه ذبحه مكانه وأجزأه ويحرم عليه وعلى رفقته زاد في الروضة ولا يدل عليه وأباحه في الخلاف والانتصار له مع فقره واختار في التبصرة إباحته لرفيقه الفقير
ويستحب غمس نعله في دمه وضرب صفحته بها ليأخذه الفقراء وكذا هدي التطوع العاطب إن دامت نيته فيه قبل ذبحه وإن تعيب المعين بغير فعله ذبحه وأجزأه نص عليه فمن جر بقرنها إلى المنحر فانقلع كتعيينه معيبا فبرأ وعند القاضي القياس لا وإن كان المعين عن واجب في الذمة فتعيب أو تلف أو ضل أو عطب لزمه بدله ويلزمه أفضل مما في الذمة إن كان تلفه بتفريطه قال أحمد من ساق هديا واجبا فعطب أو مات فعليه بدله وان شاء باعه وإن نحره يأكل منه ويطعم لأن عليه البدل وكذا أطلقه في الروضة أن الواجب يصنع به ما شاء وعليه بدل وفي بطلان تعيين الولد وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَفْضَلُ مِمَّا في الذِّمَّةِ إنْ كان تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ ظَاهِرُهُ مُشْكَلٌ وَمَعْنَاهُ إذَا عَيَّنَ عَمَّا في الذِّمَّةِ أَزْيَدَ مِمَّا في الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ فإنه يَلْزَمُهُ مِثْلُ الذي تَلِفَ وَإِنْ كان أَفْضَلَ مِمَّا كان في الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِمَا عَيَّنَهُ في الذِّمَّةِ وهو أَزْيَدَ فَلَزِمَهُ مِثْلُهُ وهو أَزْيَدُ مِمَّا في الذِّمَّةِ صَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وغيرها
____________________
1-
(3/404)
وفي الْفُصُولِ في تَعْيِينِهِ هُنَا احْتِمَالَانِ وليس له استرجاع ( ( ( الزركشي ) ) ) المعيب والعاطب والضال الموجود على الأصح وإن ذبحه عما في ذمته فسرق سقط الواجب نقله ابن منصور لأن التفرقة لا تلزمه بدليل تخليته بينه وبين الفقراء قال في الخلاف والفصول لِأَنَّهُ تعينت ( ( ( تبعها ) ) ) صدقته به كنذر الصدقة بهذا الشيء وقبل ذبحه لم يتعين بدليل أن له بيعه عندنا وتقدم قول أبي الخطاب كما لو نحره وقبضه وإن عين معيبا تعين وكذا عما في ذمته ( ( ( الوجوب ) ) ) ولا ( ( ( حال ) ) ) يجزئه ( ( ( اتصاله ) ) ) ويقدم ذبح واجب ( ( ( يتبعها ) ) ) على نفل ( ( ( زواله ) ) ) فصل الْمُضَحِّي مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ وفي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وَجْهَانِ
وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن أبي بَكْرٍ وَخَرَّجَهَا أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ من التَّضْحِيَةِ عن الْيَتِيمِ وَعَنْهُ على حَاضِرٍ وَهِيَ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ من الصَّدَقَةِ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَيَتَوَجَّهُ تَعْيِينُ ما تَقَدَّمَ في صَدَقَةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مسألة قوله ( ( ( غزو ) ) ) وفي ( ( ( وحج ) ) ) بطلان تعيين الولد وجهان وفي الفصول في تعيينه هنا احتمالان انتهى وأطلقهما الزركشي قال في المغني والشرح إذا قلنا يبطل تعيينهما وتعود إلى مالكها احتمل أن يبطل التعيين في ولدها تبعا كما ثبت تبعا قياسا على نمائها ولم يتبعها في زواله لأنه صار منفصلا عنها فهو كولد المبيع المعيب إذا ولد عند المشتري ثم رده لا يبطل المبيع في ولدها والمدبرة إذا قتلت سيدها فبطل تدبيرها في ولدها انتهى
وقدم ابن رزين أنه يتبعها قلت الصواب أنه لا يبطل تعيينه لأنه بوجوده قد صار حكمه حكم امه لكن تعذر في الأم فبقي حكم الولد باقيا والله أعلم
مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ في الْأُضْحِيَّةِ وفي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يُضَحِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيَجُوزُ كَالرَّقِيقِ وهو الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَتَبَرَّعُ منها بِشَيْءٍ
الوجه الثَّانِي لَا يُضَحِّي مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ قُلْت وهو قَوِيٌّ
____________________
1-
(3/405)
مع غزو وحج قال شَيْخُنَا وَالتَّضْحِيَةُ عن الْمَيِّتِ أَفْضَلُ وَيُعْمَلُ بها كَأُضْحِيَّةِ الْحَيِّ على ما يَأْتِي وقال كُلُّ ما ذُبِحَ بِمَكَّةَ يُسَمَّى هَدْيًا ليس فيه ما يُقَالُ له أُضْحِيَّةٌ وَلَا يُقَالُ هَدْيٌ وقال ما ذُبِحَ بِمِنًى وقد يبق ( ( ( سيق ) ) ) من الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ هَدْيٌ وَيُسَمَّى أَيْضًا أُضْحِيَّةً فما اشْتَرَاهُ من عَرَفَاتٍ وَسَاقَهُ إلَى مِنًى فَهُوَ هَدْيٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ اشْتَرَاهُ من الْحَرَمِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى التَّنْعِيمِ
وَإِنْ اشْتَرَاهُ من مِنًى وَذَبَحَهُ بها فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ ليس بِهَدْيٍ وَعَنْ عَائِشَةَ هَدْيٌ وَأَحْمَدَ وما ذُبِحَ يوم النَّحْرِ بِالْحِلِّ اضحية لَا هَدْيٌ وقال هِيَ من النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ فَتُضَحِّي امْرَأَةٌ من مَالِ زَوْجٍ عن أَهْل الْبَيْتِ بِلَا إذْنِهِ وَمَدِينٍ لم يُطَالَبْ
وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا نَصَّ عليه وقال أبو بَكْرٍ يَجِبُ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ ما يَقَعُ عليه الِاسْمُ بمثله لَحْمًا وَقِيلَ الْعَادَةُ وَقِيلَ الثُّلُثُ وَكَذَا الْهَدْيُ الْمُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَأْكُلُ منه الْيَسِيرَ وَمَنْ فَرَّقَ نَذْرًا بِلَا أَمْرٍ لم يَضْمَنْ وفي الثُّلُثِ خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ في الذَّبْحِ عنه بِلَا إذْنٍ وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ الْفَقِيرِ فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ وَلَا يُعْطِي الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ منها وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا أو يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهُمَا كَلَحْمٍ
وَعَنْهُ يَجُوزُ وَيَشْتَرِي بِهِ آله الْبَيْتِ لَا مَأْكُولًا وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ يَبِيعُهُمَا بِهِ فَيَكُونُ إبدالات ( ( ( إبدالا ) ) ) وَعَنْهُ يَجُوزُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَعَنْهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ أُضْحِيَّةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ بَيْعُ جِلْدِ شَاةٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا يَنْتَفِعُ بِمَا كان وَاجِبًا وَيَتَوَجَّهُ أن الْمَذْهَبُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا بِثَمَنِهِ وَجَزَمَ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمَا بِصَدَقَتِهِ بِكُلِّهِ لَا بِجُلِّهِ وَسَأَلَهُ مُهَنَّا يُعْجِبُك يَشْتَرِيهَا وَيُسَمِّنُهَا قال لَا وَعَنْهُ لَا بَأْسَ وَعَنْهُ لَا أَدْرِي وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ ويحرم على من يُضَحِّي أو يضحي عنه في ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ أَخْذُ شَيْءٍ من شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَبَشَرَتِهِ في الْعُشْرِ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ النَّهْيَ وَيُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ بَعْدَ الذَّبْحِ قال أَحْمَدُ على ما فَعَلَ ابن عُمَرَ تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَنْهُ لَا اختار شَيْخُنَا
وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا أو تَعْيِينِهَا قام وَارِثُهُ مُقَامَهُ ولم تُبَعْ في دَيْنِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَكْلُهُ من هدية التَّبَرُّعِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَمِمَّا عَيَّنَهُ لَا عَمَّا في ذِمَّتِهِ وَلَا يَأْكُلُ من وَاجِبٍ إلَّا
____________________
(3/406)
هَدْيُ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لَا من قِرَانٍ وقال الْآجُرِّيُّ وَلَا من دَمِ مُتْعَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرَّوْضَةِ وَعَنْهُ يَأْكُلُ إلَّا من نَذْرٍ أو جَزَاءِ صَيْدٍ وزاد ابن أبي مُوسَى وَكَفَّارَةٍ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْأَكْلَ من أُضْحِيَّةِ النَّذْرِ كَالْأُضْحِيَّةِ على رِوَايَةِ وُجُوبِهَا في الْأَصَحِّ وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي الْأَكْلَ من مُتْعَةٍ
وما مَلَكَ أَكْلَهُ فَلَهُ هَدِيَّتُهُ والا ضَمِنَهُ بمثله كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ وفي النصحية ( ( ( النصيحة ) ) ) وَكَذَا هو وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ منه حتى أَنْتَنَ فَيَتَوَجَّهُ يَضْمَنُ وفي الْفُصُولِ عليه قِيمَتُهُ كَإِتْلَافِهِ وَنُسِخَ تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ نَصَّ عليه وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا في مَجَاعَةٍ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ الِادِّخَارِ فصل وَالْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ على الْأَبِ غَنِيًّا كان الْوَالِدُ أولا وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ اخْتَارَهُ ابو بَكْرٍ وأبو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ وأبو الْوَفَاءِ عن الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ في السِّنِّ وَالشَّبَهِ نَصَّ عليه فَإِنْ عَدِمَ فَوَاحِدَةٌ وَالْجَارِيَةُ شَاةٌ تُذْبَحُ يوم السَّابِعِ قال في الرَّوْضَةِ من مِيلَادِ الْوَلَدِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ ضَحْوَةً وَيَنْوِيهَا عَقِيقَةً وَيُسَمِّي فيه وَقِيلَ أو قَبْلَهُ وَذَكَرَ ابن حَزْمٍ أَنَّ الْمَوْلُودَ إذَا مَضَتْ له سَبْعُ لَيَالٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ التَّسْمِيَةَ فَقَوْمٌ قالوا حِينَئِذٍ وَقَوْمٌ قالوا حَالَ وِلَادَتِهِ
وَأَحَبُّ الاسماء عبد اللَّهِ وَعَبْدُ الرحمن قَالَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَبِي دَاوُد عنه عليه السَّلَامُ إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يوم الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ قال ابن عبد الْبَرِّ قال ابن الْقَاسِمِ قال مَالِكٌ سَمِعْت أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ ما من أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِمْ اسْمُ مُحَمَّدٍ إلَّا رُزِقُوا وَرُزِقَ خَيْرًا
وَيُكْرَهُ حَرْبٌ وَمُرَّةُ وَبُرَّةُ وَنَافِعٌ وَيَسَارٌ وَأَفْلَحُ وَنَجِيحٌ وَبَرَكَةُ وَيَعْلَى وَمُقْبِلُ وَرَافِعٌ وَرَبَاحٌ قال الْقَاضِي وَكُلُّ اسْمٍ فيه تَفْخِيمٌ أو تَعْظِيمٌ وَاحْتَجَّ بهذا على مَنْعِ التَّسَمِّي بِالْمَلِكِ لِقَوْلِهِ له الْمُلْكُ وَأَجَابَ بِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا ذَكَرَهُ إخْبَارًا عن الْغَيْرِ
____________________
(3/407)
وَلِلتَّعْرِيفِ فإنه كان مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَلِكَ من أَسْمَاءِ اللَّهِ الْمُخْتَصَّةِ بِخِلَافِ حَاكِمِ الْحُكَّامِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ وَبِخِلَافِ الْأَوْحَدِ لِأَنَّهُ يَكُونُ في الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلِأَنَّ الْمَلِكَ هو الْمُسْتَحَقُّ لِلْمِلْكِ وَحَقِيقَتُهُ إمَّا التَّصَرُّفُ التَّامُّ أو التَّصَرُّفُ الدَّائِمُ وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا لِلَّهِ وفي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِهِ أو دَلَالَةِ حَالٍ وَأَبِي دَاوُد أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ يوم الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهَا رَجُلٌ كان يسمي مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَالِكَ إلَّا اللَّهُ وَلِأَحْمَدَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ على رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَلِكَ إلَّا اللَّهُ وَأَفْتَى أبو عبد اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْحَنَفِيُّ وأبو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالتَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ بِالْجَوَازِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِهِ وَجَزَمَ بِهِ في شَرْحِ مُسْلِمٍ قال ابن الْجَوْزِيِّ في تَارِيخِهِ قَوْلُ الْأَكْثَرِ والقياس ( ( ( القياس ) ) ) إذَا أُرِيدَ مُلُوكُ الدُّنْيَا
وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْلَى لِلْخَبَرِ وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ على بَعْضِهِمْ الدُّعَاءَ في الْخُطْبَةِ وَقَوْلُهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ بن أَيُّوبَ وَاعْتَذَرَ الْحَنْبَلِيُّ بِقَوْلِهِ وُلِدْت في زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ وقد قال الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ الْحَدِيثُ الذي رَوَتْهُ الْعَامَّةُ وُلِدْت في زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ بَاطِلٌ وَلَيْسَ له أَصْلٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا سَقِيمٍ ولم يَمْنَعْ جَمَاعَةٌ التَّسْمِيَةَ بِالْمَلِكِ وفي الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ ما يُوَازِي أَسْمَاءَ اللَّهِ كَمَلِكِ الْمُلُوكِ وَشَاهٍ شَاهٍ لِأَنَّهُ عَادَةُ الْفُرْسِ وما لَا يَلِيقُ إلَّا بِاَللَّهِ كَقُدُّوسٍ وَالْبَرِّ وَخَالِقٍ وَرَحْمَنَ وَحَرَّمَهُ غَيْرُهُ وَلَا تُكْرَهُ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يُكْرَهُ بِجِبْرِيلَ وَيَس وَسَأَلَهُ حَرْبٌ إنَّ لِلْفُرْسِ أَيَّامًا وَشُهُورًا يُسَمُّونَهَا بِأَسْمَاءٍ لَا تُعْرَفُ فَكَرِهَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ قُلْت فَإِنْ كان اسْمُ رَجُلٍ أُسَمِّيه بِهِ فَكَرِهَهُ وَاحْتَجَّ بِنَهْيِ عُمَرَ عن الرَّطَانَةِ وَكَرِهَ لِمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ أَنْ يسمي بِغَيْرِهَا وَلَمَّا أَخَذَ الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ تَمْرَةً من تَمْرِ الصَّدَقَةِ قال له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كِخْ كِخْ قال الدراوردي ( ( ( الداودي ) ) ) هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ بِمَعْنَى بِئْسَ وَتَرْجَمَ عليه الْبُخَارِيُّ بَابُ من تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ
وَيُغَيَّرُ الِاسْمُ الْقَبِيحُ لِلْأَخْبَارِ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ وَرُوِيَ مُرْسَلًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَلِأَبِي دَاوُد من رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عن
____________________
(3/408)