صَلَاتِهِ فعنه تَصِحُّ وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُ ( م 3 ) وَإِنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَوَّلَ الْوَقْتِ ولم يَتَوَفَّرْ الْجَمْعُ فَقِيلَ يَنْتَظِرُ أوميء ( ( ( أومى ) ) ) إلَيْهِ وَقِيلَ لَا ( م 4 ) وَلَا تَكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) مجمع البحرين
تنبيه قوله فيه روايات منصوصة وقيل أوجه
قلت ممن ذكر الروايات صاحب المغني والشرح ذكراه في هذا الباب وصاحب مجمع البحرين والحاوي الكبير وابن تميم وغيرهم وقدمه المصنف وممن ذكر الأوجه صاحب الكافي والمقنع والشرح الكبير في باب النية والمجد وابن منجا في شرحيهما وابن حمدان في الرعاية الصغرى وصاحب الحاوي الصغير وقدمه في الرعاية الكبرى
مسألة 3 وإن استخلف من سبقه الحدث ثم صار إماما وبنى على صلاته فعنه يصح وعنه لا وعنه يستأنف انتهى قال في الرعاية الكبرى ومن سبقه الحدث واستخلف غيره ثم يتطهر وجاء قبل سلام نائبه وبنى على ما مضى من صلاة نفسه ففيه ثلاث روايات الصحة والبطلان والثالثة الإستئناف لا البناء انتهى إحداهن يصح قلت وهو الصواب قياسا على ما إذا أحرم لغيبة إمام الحي ثم حضر وصار إماما وقد قال ابن تميم وإن تطهر يعني الإمام قريبا ثم عاد فأتم بهم جاز واقتصر عليه من غير حكاية خلاف وقال في الرعاية الكبرى أيضا وإن تطهر الإمام وائتم بهم قريبا صح في المذهب انتهى هذا والذي قبله فيمن لم يستخلف فليس من المسألة في شيء فيما يظهر والرواية الثانية لا يصح والرواية الثالثة يستأنف
تنبيه الظاهر أن هذه المسألة مبينة على جواز بناء من سبقه الحدث إذا تطهر وصحته وهو واضح جدا لكن يشكل كونه حكى رواية بالإسئناف وهو لا يكون إلا مع البطلان ولم أر المسألة إلا هنا وفي الرعاية ومسألة بطلان صلاة من سبقه الحدث وعدمه واستخلافه وعدمه وفروع ذلك ذكره المصنف في النية محررا
مسألة 4 قوله وإن حضر الإمام أول الوقت ولم يتوفر الجمع فقيل ينتظر أوميء إليه وقيل لا انتهى قد تقدم أن ابن تميم وابن حمدان وصاحب الحاوي الكبير والفائق قالوا وهل الأفضل الصلاة في أول الوقت مع قلة الجماعة أو انتظار كثرتها على وجهين وكلام المصنف في المسألة الأولى أعم من هذه المسألة إلا أن المصنف ذكرهما مسألتين والذي يظهر أن المسألة الأولى تشمل هذه فهذه فرد من أفراد المسألة الأولى وإن
____________________
1-
(1/520)
إمَامٌ رَاتِبٌ كَغَيْرِهِ ( و ) وَقِيلَ يُكْرَهُ ( وه م ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في غَيْرِ مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ ( وش ) قيل بِالْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ وَقِيلَ لَا تَجُوزُ وَيُكْرَهُ قَصْدُهَا لِلْإِعَادَةِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ كان صلى فَرْضَهُ وَحْدَهُ وَلِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِفَوْتِهَا له لَا لِقَصْدِ الْجَمَاعَةِ نَصَّ على الثَّلَاثِ وَيَتَوَجَّهُ صَلَاتُهُ فَذًّا في مَسْجِدٍ من الثَّلَاثَةِ إنْ لم يَجِدْ الْجَمَاعَةَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَصَاحِبُ مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْحَنَفِيُّ في الْمَسْجِدَيْنِ وَكَلَامُ الطَّحَاوِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَهُمْ يُخَالِفُ ما قَالَهُ مَالِكٌ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصَّلَاةُ في مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ أَفْضَلُ من الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ قَضَاءً لِحَقِّهِ وَلِهَذَا لو لم يَحْضُرْ جَمَاعَتَهُ يُصَلِّي الْمُؤَذِّنُ وَحْدَهُ فيه وَلَا يَذْهَبُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فيه جَمَاعَةٌ كَالْجَمَاعَةِ لو غَابَ الْمُؤَذِّنُ لَا يَذْهَبُونَ إلَى غَيْرِهِ بَلْ يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عِوَضَهُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا هل جَمَاعَةُ حَيِّهِ أَفْضَلُ أَمْ جَمَاعَةُ جَامِعِ مِصْرِهِ قال وَجَمَاعَةُ مَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ لِدَرْسِهِ أو لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا قال جَمَاعَةٌ وَفَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى لَا تَحْصُلُ إلَّا بِشُهُودِ تَحْرِيمِ الْإِمَامِ وَيُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ أَرْغَبُ في تَوَفُّرِ الْجَمَاعَةِ وَعَنْهُ وَالْأَقْصَى وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ في الْمُغْنِي وَعَنْهُ مع ثُلُثِهِ فَأَقَلَّ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ وَجَعْلُ الثَّانِيَةِ عن فَائِتَةٍ أو غَيْرِهَا وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ على أَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَإِنْ صلى ثُمَّ حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ أو جاء مَسْجِدًا غير وَقْتِ نَهْيٍ سُنَّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ ( وه م ) وَلَوْ كان صلى جَمَاعَةً ( خ ) وَعَنْهُ حتى الْمَغْرِبِ صَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ ( وش ) وَيَشْفَعُهَا في الْمَنْصُوصِ بِرَابِعَةٍ ( ش ) يَقْرَأُ فيها بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ كَالتَّطَوُّعِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَإِنْ لم يَشْفَعْهَا انْبَنَى على صِحَّةِ التَّطَوُّعِ بِوِتْرٍ وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ في تَحْرِيمِهِ وَتَحْرِيمِ نَفْلٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ قبل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَعِنْدَهُمْ إنْ سَلَّمَ على الثَّلَاثِ فَسَدَتْ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ أَرْبَعٍ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بالإقتداء ثَلَاثًا فَلَزِمَهُ أَرْبَعٌ كَنَذْرٍ وَهَكَذَا قالوا وَقَالُوا مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ حَرَامٌ لَكِنَّهُ أَخَفُّ من مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ وَلَوْ كان صلى وَحْدَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ لَا إعَادَةَ مع الْوَاحِدِ وَلَا الْعِشَاءُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَالْأُولَى فَرِيضَةٌ نَصَّ عليه ( وه م ر ق ) كَإِعَادَتِهَا مُنْفَرِدًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) جعلناها مسئلتين كما فعل المصنف فتكون المسألة الأولى مخصوصة بغير الإمام وهذه بالإمام وعلى كل تقدير فالخلاف في المسئلتين على حد سواء في الصحة والضعف والمذهب ولم أر أحدا من الأصحاب ذكرهما مسئلتين سوى المصنف وإنما ذكروا المسألة الأولى فدل أن هذه تلك داخلة في كلامهم والله أعلم
____________________
1-
(1/521)
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلِهَذَا يَنْوِي الْإِعَادَةَ نَفْلًا ( وه )
وفي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَقْوَالٌ هي يَنْوِي فَرْضًا أو نَفْلًا أو إكْمَالَ الفصيلة ( ( ( الفضيلة ) ) ) أو يُفَوِّضُ الْأَمْرَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَنْوِي الْفَرْضَ وَلَوْ كانت الْأُولَى فريضة ( ( ( فرضية ) ) ) وقال بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَنْوِي ظُهْرًا أو عَصْرًا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا قام بِهِ طَائِفَةٌ ثُمَّ فَعَلَهُ طَائِفَةٌ وَعَنْهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ مع إمَامِ الْحَيِّ وَدُخُولُهُ الْمَسْجِدَ وَقْتَ نَهْيِ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ تُبْنَى على فِعْلِ ما له سَبَبٌ وفي التَّلْخِيصِ لَا يُسْتَحَبُّ مع إمَامِ حَيٍّ وَيَحْرُمُ مع غَيْرِهِ وإنه في غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ يُخَيَّرُ مع إمَامِ حَيٍّ وَلَا تُسْتَحَبُّ مع غَيْرِهِ وَاسْتَحَبَّهَا الْقَاضِي مع إمَامِ حَيٍّ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مع غَيْرِهِ سِوَى الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فإنه يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بَعْدَهُمَا وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ إلَّا أَنَّهُ إذَا دخل وَحَضَرَ في الْجَمَاعَةِ فإنه يُصَلِّيهَا لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَأَنْتُمَا في الْمَسْجِدِ فَصَلِّيَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فَأَمَرَ الْحَاضِرَ وَلِأَنَّ الحاضران لم يُصَلِّ مُسْتَخِفٌّ لِحُرْمَتِهَا وَلِأَنَّ الْحَاضِرَ تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ في أَنَّهُ لَا يَرَى فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَلَّا يُعِيدَهَا من المسجد ( ( ( بالمسجد ) ) ) وَغَيْرِهِ بِلَا سَبَبٍ فَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ
وقال أَيْضًا فِيمَنْ نَذَرَ مَتَى حَفِظَ الْقُرْآنَ صلى مع كل فَرِيضَةٍ فَرِيضَةً أُخْرَى وَحَفِظَ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ فإنه مَنْهِيٌّ عنه وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ حَيْثُ تُشْرَعُ الْإِعَادَةُ كَمِثْلِ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ وهو في الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ وَإِنْ صلى وَيَتَطَوَّعُ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ ذلك
وفي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ في الْأَمْرِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ من الْأَوَامِرِ ما يَقْبُحُ تَكْرَارُهُ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ ظُهْرَيْنِ في يَوْمٍ وَلَا اسْتِدَامَةُ الصَّوْمِ جَمِيعَ الدَّهْرِ وَالْمَسْبُوقُ في ذلك يُتِمُّهُ بِرَكْعَتَيْنِ من الرُّبَاعِيَّةِ نَصَّ عليه لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ وما فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا قيل له أَنْ يُسَلِّمَ معه
____________________
(1/522)
فَصْلٌ من أَدْرَكَ إمَامًا رَاكِعًا فَرَكَعَ معه أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ ( وه ش ) وَقِيلَ إنْ أَدْرَكَ معه الطُّمَأْنِينَةَ ( وم ) وفي التَّلْخِيصِ وَجْهٌ يُدْرِكُهَا وَلَوْ شَكَّ في إدْرَاكِهِ رَاكِعًا ( خ ) وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رُكُوعِهِ وَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ قبل رُكُوعِهِ لم يُدْرِكْهُ وَلَوْ أَحْرَمَ قبل رَفْعِهِ ( ق ) وَلَوْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْمَأْمُومِينَ ( ق ) كَذَا ذَكَرُوهُ وَيَأْتِي حُكْمُ التَّخَلُّفِ عنه وَيَكْفِيهِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ ( ق ) لَا الْعَكْسُ ( ق )
قِيلَ لِلْقَاضِي لو كانت تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ وَاجِبَةً لم تَسْقُطْ فَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَ الْقِرَاءَةَ وَأَسْقَطَهَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا مع أَنَّ الْقَاضِيَ قال لو وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ لَمَا سَقَطَتْ إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا كَسَائِرِ فُرُوضِ الرَّكْعَةِ قِيلَ له إنَّمَا سَقَطَتْ لِلضَّرُورَةِ وهو أَنَّهُ لو اشْتَغَلَ بها فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَالْفُرُوضُ قد تَسْقُطُ لِلضَّرُورَةِ فقال لَا ضَرُورَةَ لِأَنَّهُ يَقْضِيهَا كما يَقْضِي سَائِرَ الرَّكَعَاتِ الْمَسْبُوقِ بها
وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ هذا لِلضَّرُورَةِ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ الْقِيَامُ في هذه الْحَالِ وَيُكَبِّرُ رَاكِعًا وَلَجَازَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ الرُّكُوعُ إذَا أَدْرَكَهُ سَاجِدًا لِلضَّرُورَةِ
فَقِيلَ إنَّمَا لم يَسْقُطْ فَرْضُ الرُّكُوعِ لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الرَّكْعَةِ فقال لو كَبَّرَ وَرَكَعَ لم يُجْزِهِ وَإِنْ كان قد أتى بِمُعْظَمِ الرَّكْعَةِ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ مَعَهَا تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لم تَنْعَقِدْ وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ( وه م ) وَإِنْ أَدْرَكَهُ غير رَاكِعٍ دخل معه نَدْبًا لِلْخَبَرِ فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وفي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ الإفتراش في التَّشَهُّدِ وَالتَّوَرُّكُ في الثَّانِي له فَائِدَةٌ وَهِيَ نَفْيُ السَّهْوِ وَحُصُولُ الْفَرْقِ لِلدَّاخِلِ هل الْإِمَامُ في أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَيَدْخُلُ معه أَمْ في آخِرِهَا فَيَقْصِدُ جَمَاعَةً أُخْرَى وَالْمَنْصُوصُ يَحُطُّ معه بِلَا تَكْبِيرٍ ( خ ) وَلَوْ أَدْرَكَهُ سَاجِدًا ( خ م ) وَمَنْ كَبَّرَ قبل سَلَامِ الْإِمَامِ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ ( وش ) وزاد بَعْضُهُمْ إنْ جَلَسَ وَقِيلَ أو قبل التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَعَنْهُ أو سُجُودِ سَهْوٍ بَعْد السَّلَامِ ( وه ) قال في الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ يَتْرُكُ سُنَّةَ الْفَجْرِ من أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ وفي الْمَرْغِينَانِيِّ يَشْتَغِلُ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ ( ه ) وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ كَإِدْرَاكِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدِ مُحَمَّدٍ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أبي مُوسَى يُدْرِكُهُ بِرَكْعَةٍ ( وم ) وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً اخْتَارَهَا وقال اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ وقال وَعَلَيْهَا إنْ تَسَاوَتْ الْجَمَاعَتَانِ فَالثَّانِيَةُ من أَوَّلِهَا أَفْضَلُ وَلَعَلَّ مُرَادَ شَيْخِنَا ما نَقَلَهُ صَالِحٌ وأبو
____________________
(1/523)
طَالِبٍ وابن هانيء في قَوْلِهِ الْحَجُّ عَرَفَةَ أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضْلَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ يُدْرِكُ الْحَجِّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَعْنَاهُ أَصْلُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا حُصُولُهَا فِيمَا سَبَقَ فإنه فيه مُنْفَرِدٌ بِهِ حِسًّا وَحُكْمًا ( ع ) وَيَقُومُ الْمَسْبُوقُ بِتَكْبِيرَةٍ ( وه ) وَلَوْ لم تَكُنْ ثَانِيَةً ( م خ ) وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً ( ش ) أو ثَلَاثًا ( ش ) وَالْمَنْصُوصُ أو التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ ( ش ) في الثَّلَاثَةِ لِقِيَامِهِ إلَى ما يُعْتَدُّ له بِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ معه وَإِنْ قام قبل سَلَامِ الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَجِبُ وَأَنْ لَا تَجُوزَ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ ولم يَرْجِعْ فَهَلْ تَصِيرُ نَفْلًا زَادَ بَعْضُهُمْ بِلَا إمَامٍ أَمْ يَبْطُلُ أئتمامه أَمْ صَلَاتُهُ فيه أَوْجُهٍ ( م 5 ) وما يُدْرِكُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ وما يَقْضِيهِ أَوَّلَهَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( و (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 5 وَإِنْ قام يَعْنِي الْمَسْبُوقَ قبل سَلَامِ الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَجِبُ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ ولم يَرْجِعْ فَهَلْ تَصِيرُ نَفْلًا زَادَ بَعْضُهُمْ بِلَا إمَامٍ أَمْ يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ أَمْ صَلَاتُهُ فيه أَوْجُهٌ انْتَهَى وأطلقهما ( ( ( وأطلقها ) ) ) في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ثُمَّ قال بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قُلْت إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَ ائْتِمَامُهُ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا يَخْرُجُ من الإئتمام وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ وَتَصِيرُ نَفْلًا قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ في حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وهو الصَّحِيحُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ فَقَطْ قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تقتضي ( ( ( تقضي ) ) ) أنها لَا تَبْطُلُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قالوا لو أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ في وَقْتِهَا ثُمَّ قَلَبَهَا نَفْلًا لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ إنَّهَا لَا تَبْطُلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَإِنْ كان الْمُصَنِّفُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ على ما تَقَدَّمَ وقال الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَإِنْ انْتَقَلَ من فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَ فَرْضُهُ وفي نَفْلِهِ الْخِلَافُ وَكَذَا حُكْمُ ما يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ إذَا وُجِدَ فيه كَتَرْكِ قِيَامٍ وَالصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ والإئتمام بِمُتَنَفِّلٍ وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا في الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ انْتَهَى
تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا صلى بِطَائِفَتَيْنِ صَلَاتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَشَكَّ هل صلى الْأُولَى في الْوَقْتِ أَمْ قَبْلَهُ فَفِي إعَادَتِهِمَا الْخِلَافُ أَيْ الْخِلَافُ في اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هو في إعَادَةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا بُدَّ من إعَادَتِهَا نَبَّهَ عليه شَيْخُنَا وَكَذَا قَوْلُهُ وَالرِّوَايَتَانِ بعد ذكر الروايتين في عَصْرٍ خَلْفَ ظُهْرٌ ونحوهما ظُهْرٍ خَلْفَ عَصْرٍ أو عِشَاءٍ قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَهَذِهِ فَرْعٌ على صِحَّةِ إمَامَةِ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وقد مَضَى ذِكْرُهَا انْتَهَى وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحَ في الْأَصْلِ فَكَذَا ما قِيسَ عليه الثَّانِي قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا مُفَارَقَتَهُ فَالرِّوَايَتَانِ أَيْ رِوَايَتَانِ في جَوَازِ الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ
____________________
1-
(1/524)
ه م ) فيستفتح فيه ويتعوذ ويقرأ سورة وعنه عكسه ( وش ) فيقوله فيما يدركه فقط فيستفتح وإن قعد ( ش ) وسلم الشافعية ما لو أحرم وسلم إمامه قبل قعوده أو أحرم وهو في آخر الفاتحة فأمن معه أو سها بين التحريمة والإستفتاح بذكر محل آخر أو بكلام وقلنا لا تبطل سلموا أنه يستفتح وقيل يقرأ السورة مطلقا ذكر الشيخ أنه لا يعلم فيها خلافا بين الأئمة الأربعة وذكره ابن أبي موسى المنصوص عليه وذكره الآجري عن أحمد وبنى قراءتها على الخلاف ذكره ابن هبيرة ( و ) وجزم به جماعة واختاره صاحب المحرر وذكر أن أصول الأئمة تقتضي ذلك وصرح به منهم جماعة وأنه ظاهر رواية الأثرم ويخرج على الروايتين الجهر والقنوت وتكبير العيد وصلاة الجنازة وعلى الأول إن أدرك من رباعية أو مغرب ركعة تشهد عقيب قضاء أخرى ( وه م ) كالرواية الثانية وعنه في المغرب وعنه اثنتين في الكل وعلى الأولى أيضا يتورك مع إمامه كما يقضيه في الأصح وعنه يفترش وعنه يخير ومقتضى قولهم أنه هل يتورك مع إمامه أم يفترش إن هذا التعوذ هل هو ركن في حقه على الخلاف وفي التعليق القعود الفرض ما يفعله آخر صلاته ويتعقبه السلام وهذا معدوم هنا فجرى مجرى التشهد الأول على أن القعود بعد سجدتي السهو من آخر صلاته وليس بفرض كذا هنا
وقال صاحب المحرر ولا يحتسب له بتشهد الإمام الأخير إجماعا لا من أول صلاته ولا من آخرها ويأتي فيه بالتشهد الأول فقط لوقوعه وسطا ويكرره حتى يسلم إمامه ويتوجه فيمن قنت مع إمامه لا يقنت ثانيا وكمن سجد معه السهو لا يعيده على الأصح ويلزمه القراءة فيما يقضيه مطلقا
قال صاحب المحرر لاأعلم فيه خلافا لو أدرك ركعة من رباعية فهل يلزمه القراءة في الثلاث التي يقضيها أو في ثنتين منهما فيه خلاف سبق في صفة الصلاة
____________________
(1/525)
فَصْلٌ وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مُؤَدٍّ صَلَاةً بِقَاضِيهَا وَعَكْسُهُ وَقَاضٍ ظُهْرَ يَوْمٍ بِقَاضٍ ظُهْرَ آخَرَ وَمُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ على الْأَصَحِّ فِيهِنَّ ( و ) وَقِيلَ تَصِحُّ في الثَّانِيَةِ وَجْهًا وَاحِدًا وفي الْمَذْهَبِ يَصِحُّ الْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ وفي الْعَكْسِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا في الْفُصُولِ وقال أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ في الْوَقْتِ فَقَطْ عَلَّلَ المسئلة الْأُولَى بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ كَنِيَّتِهِ فَرْضًا وَمَنْ خَلْفَهُ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَصِحُّ التَّرَاوِيحُ خَلْفَ مُصَلٍّ نَافِلَةً غَيْرَهَا أو مَكْتُوبَةً أو وِتْرًا وَلَا يَصِحُّ ائْتِمَامُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وه م ) وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ في النَّصِيحَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ وَشَيْخُنَا ( وش ) وَذَكَرَ وَجْهًا لِحَاجَةٍ نَحْوُ كَوْنِهِ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ وَإِنْ صلى إمَامٌ بِطَائِفَتَيْنِ صَلَاتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَشَكَّ هل صلى الْأُولًى في الْوَقْتِ أَمْ قَبْلَهُ فَفِي إعَادَتِهَا الْخِلَافُ وَالرِّوَايَتَانِ في ظُهْرٍ خَلْفَ عَصْرٍ ونحوهما عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَلِهَذَا في الْمُسْتَوْعِبِ لَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ أو فَجْرٌ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ قَامَتْ قَوْلًا وَاحِدًا وهو مَعْنَى الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ أو اخْتَلَفَا وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَكْثَرُ كَظُهْرٍ وَمَغْرِبٍ خَلْفَ فَجْرٍ وَعِشَاءٍ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ نص ( ( ( ونص ) ) ) عليه وَيُتِمُّ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ كَمَسْبُوقٍ وَمُقِيمٍ خَلْفَ قَاصِرٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَلَا يَجُوزُ الإستخلاف قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ في مُقِيمَيْنِ خَلْفَ قَاصِرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَأْتَمُّ بِالْمَسْبُوقِ فَكَذَا نَائِبُهُ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ اقْتَضَتْ انْفِرَادَهُ فِيمَا يَقْضِيهِ فإذا ائْتَمَّ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ كَمُنْفَرِدٍ صار مَأْمُومًا وَلِكَمَالِ هذه الصَّلَاةِ جَمَاعَةً بخلافه في سَبْقِ الْحَدَثِ وَقِيلَ أو كانت صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وقال على نَصِّ أَحْمَدَ ( وش ) وَقِيلَ إلَّا الْمَغْرِبَ خَلْفَ الْعِشَاءِ وَيُتِمُّ وَيُسَلِّمُ وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ لِيُسَلِّمَ معه وفي التَّرْغِيبِ يُتِمُّ وَقِيلَ أو يَنْتَظِرَهُ وَكَذَا على الصِّحَّةِ أن اسْتَخْلَفَ في الْجُمُعَةِ صَبِيًّا أو من أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ خُيِّرُوا بَيْنَهُمَا أو قَدَّمُوا من يُسَلِّمُ بِهِمْ حتى يُصَلِّيَ أَرْبَعًا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وفي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ إنْ اسْتَخْلَفَ في الْجُمُعَةِ من أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ إنْ دخل مَعَهُمْ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ على قَوْلِ أبي إِسْحَاقَ صَحَّ وَإِنْ دخل بِنِيَّةِ الظُّهْرِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ فَرْضِهَا وَلَا أَصْلًا فيها وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ على ظُهْرٍ مع عَصْرٍ وَأَوْلَى لِاتِّحَادِ وَقْتِهِمَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ لَا جُمُعَةَ خَلْفَ الظُّهْرِ لِكَوْنِ الْإِمَامِ شَرْطًا فيها مع قولها ( ( ( قولهم ) ) ) لو سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَأَتَمُّوا مُنْفَرِدِينَ صَحَتْ جُمُعَتُهُمْ
____________________
(1/526)
فَصْلٌ وَيَتْبَعُ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فَلَوْ سَبَقَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَرَكَعَ تَبِعَهُ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ فَيُتِمُّهُ إذَا سَلَّمَ وَمُرَادُهُمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وِفَاقًا نَقَلَ أبو دَاوُد إنْ سَلَّمَ إمَامٌ وَبَقِيَ على مَأْمُومٍ شَيْءٌ من الدُّعَاءِ يُسَلِّمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَاحْتَجَّ بِهِ في الْخِلَافِ في سُجُودِهِ لِسَهْوِ إمَامٍ لم يَسْجُدْ قال لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتْبَعُهُ في تَرْكِ الْمَسْنُونِ ما دَامَ مُؤْتَمًّا بِهِ متبعا ( ( ( ومتبعا ) ) ) له وَإِنْ كَبَّرَ للإحرم ( ( ( للإحرام ) ) ) معه ( وم ش ) وَعَنْهُ عَمْدًا لم يَنْعَقِدْ ( خ ه ) إن سَلَّمَ معه كُرِهَ وَيَصِحُّ
وَقِيلَ لَا ( وم ) كسلامة قَبْلَهُ بِلَا عُذْرٍ عَمْدًا ( خ ه ) وَسَهْوًا يُعِيدُهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ ( وش ) وَنَقَلَ أبو دَاوُد إنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ أَخَافُ أَنْ لَا تَجِبَ الْإِعَادَةُ وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا مُفَارَقَتَهُ الرِّوَايَتَانِ وَلَا يُكْرَهُ سَبْقُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا ( وق ) وَمَذْهَبُ ( ه ) الْأَفْضَلِ تَكْبِيرُهُ معه لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ في الصَّلَاةِ وَحَقِيقَةُ الْمُشَارَكَةِ في الْمُقَارَنَةِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ بَعْدَهُ
وفي التَّسْلِيمِ عِنْدَ ( ه ) رِوَايَتَانِ وَإِنْ سَاوَقَهُ الْفِعْلِ كُرِهَ ولم تَبْطُلْ وَقِيلَ بَلَى
وَقِيلَ بِالرُّكُوعِ وَإِنْ رَكَعَ أو سَجَدَ قَبْلَهُ حَرُمَ في الْأَصَحِّ وفي رِسَالَتِهِ في الصَّلَاةِ رِوَايَةُ مَهَنَّا تَبْطُلُ وفي الْفُصُولِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فيها رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ لَا تَبْطُلُ وَالْأَشْهَرُ لَا إنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ حتى أَدْرَكَهُ فيه فَإِنْ ركع ( ( ( أبى ) ) ) بَطَلَتْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ بِالرُّكُوعِ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا تَبْطُلُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَسْبِقُ الْإِمَامَ في الْقَدْرِ الْيَسِيرِ فعفى ( ( ( فعفا ) ) ) عنه كَفِعْلِهِ سَهْوًا أو جَهْلًا في الْأَصَحِّ فَلَوْ عَادَ بَطَلَتْ في وَجْهٍ ( خ ) وَأَطْلَقَ ابن عَقِيلٍ إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ وَأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ فَفِي بُطْلَانِهَا بِهِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا مِثْلُ أَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قبل رُكُوعِهِ فَنَصُّهُ تَبْطُلُ وَعَنْهُ لَا ذَكَرَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ أَشْهَرُ كَسَاهٍ وَجَاهِلٍ فَعَنْهُ تَلْغُو الرَّكْعَةُ لَا الْكُلُّ ( وه ) لِأَنَّهُ لم يَقْتَدِ بِهِ فيها وَعَنْهُ لَا ( وش ) كَرُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ ( م 6 ) وإن سبقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا مِثْلَ إنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قبل رُكُوعِهِ فَنَصُّهُ تَبْطُلُ وَعَنْهُ لَا ذَكَرَ في التَّلْخِيصُ أَنَّهُ أَشْهَرُ كَسَاهٍ وَجَاهِلٍ فَعَنْهُ تَلْغُو الرَّكْعَةُ لَا الْكُلُّ وَعَنْهُ لَا كَرُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مسئلتين
الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وَأَطْلَقَهُ في
____________________
1-
(1/527)
بِرَكْعَتَيْنِ عَمْدًا فَرَكَعَ وَرَفَعَ قبل رُكُوعِهِ وَهَوَى إلَى السُّجُودِ قبل رَفْعِهِ وَإِنْ لم يَسْجُدْ بَطَلَ وَنَاسِيًا وَجَاهِلًا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ ما لم يَأْتِ بِذَلِكَ مع إمَامِهِ وَالرُّكُوعُ كَرُكْنٍ ( وه ش ) وَعَنْهُ كَاثْنَيْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) البداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والشرح ومختصر ابن تميم وشرح ابن منجا إحداهما تبطل وهو الصحيح نص عليه وصححه في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم واختاره القاضي وغيره والرواية الثانية لا تبطل وذكر في التلخيص أنه أشهر
تنبيه حكى المصنف الخلاف روايتين وكذا الآمدي وابن الجوزي في المذهب والسامري في المستوعب والمجد في شرحه وغيرهم وحكى الخلاف وجهين صاحب الهداية والخلاصة والمقنع وابن تميم وغيرهم
المسألة الثانية 7 إذا قلنا لا تبطل الصلاة فهل تلغو تلك الركعة أم لا وكذا حكم الجاهل والناسي وأطلق الخلاف فيه وأطلقه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمقنع وغيرهم فذكر ثلاث مسائل العامد إذا قلنا لا تبطل صلاته والجاهل والناسي إحداهما تبطل تلك الركعة وهو الصحيح قال في المذهب لا يعتد بتلك الركعة في أصح الروايتين قال في الرعايتين والحاويين ويعيد الركعة على الأصح وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في المغني والمجتهد والشرح والفائق وغيرهم قال في الوجيز ومن سبق إمامه بركن عمدا أو سهوا ثم ذكروا ولم يرجع بطلت انتهى والرواية الثانية لا تبطل قدمه ابن تميم
تنبيهات
الأول قوله ولعذر يفعله ويلحقه وفي اعتداده بتلك الركعة الروايتان يعني اللتين في الجاهل والناس والصحيح البطلان كما تقدم قريبا لكن محل الخلاف إذا لم يأت بما فاته مع إمامه فإن أتى به صحت ركعته صرح به ابن تميم وابن حمدان وغيرهما
الثاني قوله وقيل لا يعتد بهذا السجود فيأتي بسجدتين أخريين ثم في إدراك الجمعة الخلاف مراده بالخلاف الذي ذكره الجمعة وصحح أنه يدركها فقال هناك كمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على الأصح وكذا قوله بعد ذلك فعلى الأولى إن أدركه في التشهد ففي إدراكه الجمعة الخلاف هو الخلاف الذي أشرنا إليه في الجمعة لأنه سجد سجودا معتدا به قبل سلام الإمام
الثالث قوله وإن أدركه بعد رفعه منه تبعه ومضى كمسبوق ويأتي بركعة فيتم له جمعة أو بثلاث يتم له رباعية أو يستأنفها على الروايات انتهى
الروايات في كتاب الجمعة والصحيح أنه يتم له جمعة ورباعية ولنا رواية لا تصح له
____________________
1-
(1/528)
فَصْلٌ وَإِنْ تَخَلَّفَ عنه بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَالسَّبْقِ بِهِ وَمَعَ الْعُذْرِ يَفْعَلُهُ وَيَلْحَقُهُ وفي اعْتِدَادِهِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ وَلِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أتى بِمَا تَرَكَهُ وَتَبِعَهُ وَصَحَّتْ رَكْعَتُهُ وَإِلَّا تَبِعَهُ وَلَغَتْ رَكْعَتُهُ وَاَلَّتِي تَلِيهَا عِوَضٌ ( وم ش ) لِتَكْمِيلِ رَكْعَةٍ مع إمامة على صِفَةِ ما صَلَّاهَا وَعَنْهُ يَحْتَسِبُ بِالْأُولَى
قال في مَزْحُومٍ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ لم يَسْجُدْ مع إمَامِهِ حتى فَرَغَ قال يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى وَيَقْضِي رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْأُولَى ابْتِدَاءً فَلَغَا الثَّانِي كَرُكُوعَيْنِ وَعَنْهُ يَتْبَعُهُ مُطْلَقًا وُجُوبًا وَتَلْغُو أُولَاهُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ ( وه ) فَيُكْمِلُ الْأُولَى وُجُوبًا ( خ ه ) وَيَقْضِي الثَّانِيَةَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَسْبُوقٍ لَا قَبْلَهُ ( ه ) وَعَنْهُ يَشْتَغِلُ بِمَا فَاتَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِمَامُ قَائِمًا في الثَّانِيَةِ فَتَلْغُوَ الْأُولَى على الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ
وَإِنْ زَالَ عُذْرُ من أَدْرَكَ رُكُوعَ الْأُولَى وقد رَفَعَ إمَامُهُ من رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ في السُّجُودِ فَيَتِمْ له رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ من رَكْعَتَيْ إمَامِهِ يُدْرِكُ بها الْجُمُعَةَ ولم يَقُلْ بِالتَّلْفِيقِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) جمعة ولا يتم له رباعية ورواية بالبطلان فيستأنفها
الرابع قوله وقيل ذا حرمة صوابه ذي حرمة
الخامس قوله في أحكام الجن لكن تزويج الجن بآدمية وتزويج آدمي بجنية يعني في الجنة فيه نظر ورأيت من يقول ظاهر الخبر النفي ورأيت من بعكس ذلك فإن ثبت هذا في الجنة فهل يلزم جوازه في الدنيا انتهى فيحرر ذلك
السادس قوله وإذا ثبت دخولهم في بعض العمومات فما الفرق وما وجه عدم التخصيص كذا في النسخ وصوابه وما وجه التخصيص بإسقاط لفظة عدم أو ما وجه عدم التعميم
السابع قوله لأنهم لا يدخلون تحت لفظة من كذا في النسخ وصوابه لأنهم يدخلون بإسقاط لفظة لا والله أعلم فهذه سبع مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(1/529)
فِيمَنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ من أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِتَحْصُلَ الْمُوَالَاةُ بين رُكُوعٍ وَسُجُودٍ مُعْتَبَرٍ
وَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ له بهذا السُّجُودِ فَيَأْتِيَ بِسَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَالْإِمَامُ في تَشَهُّدِهِ وَإِلَّا عِنْدَ سَلَامِهِ ثُمَّ في إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةِ الْخِلَافُ وَإِنْ ظَنَّ تَحْرِيمَ مُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَسَجَدَ جَهْلًا اعْتَدَّ بِهِ كَسُجُودِهِ بِظَنِّ إدْرَاكِ الْمُتَابَعَةِ فَفَاتَتْ
وَقِيلَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ فَرْضَهُ الرُّكُوعُ ولم تَبْطُلْ لِجَهْلِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ فَفِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ الْخِلَافُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ في رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَبِعَهُ فيه وَتَمَّتْ جُمُعَةٌ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ منه تَبِعَهُ وَقَضَى كَمَسْبُوقٍ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَيُتِمُّ جُمُعَةً أو بِثَلَاثٍ يُتِمُّ بها رُبَاعِيَّةً أو يَسْتَأْنِفُهَا على الرِّوَايَاتِ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِسُجُودِهِ إنْ أتى بِهِ ثُمَّ إنْ أَدْرَكَهُ الرُّكُوعِ تَبِعَهُ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أو لاه أَدْرَكَ بها جُمُعَةً وَإِنْ أَدْرَكَ بَعْدَ رَفْعِهِ تَبِعَهُ في السُّجُودِ فَيَحْصُلُ الْقَضَاءُ وَالْمُتَابَعَةُ مَعًا وَيَتِمُّ له رَكْعَةٌ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بها
وَقِيلَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ لِلْإِمَامِ من رَكْعَةٍ فَلَوْ اعْتَدَّ بِهِ لِلْمَأْمُومِ من غَيْرِهَا اخْتَلَّ مَعْنَى الْمُتَابَعَةِ فَيَأْتِي بِسُجُودٍ آخَرَ وَإِمَامُهُ في التَّشَهُّدِ وَإِلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ وَمَنْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ مع عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ تَابَعَهُ وَقَضَى كَمَسْبُوقٍ ( ه ) وَكَمَا في صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا صُلِّيَتْ كما اخْتَارَهُ ( ه ) فإنه سَوَّى فيها بين الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ
____________________
(1/530)
فَصْلٌ وَإِنْ عَلِمَ بِدَاخِلٍ في الرُّكُوعِ أو غَيْرِهِ وفي الْخِلَافِ لَا في السُّجُودِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْتَدُّ له بِهِ وَقِيلَ إذَا أَحْرَمَ وَقِيلَ من عَادَتِهِ يُصَلِّي معه سُنَّ انْتِظَارُهُ مالم يَشُقَّ نَصَّ عليه وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أو يَكْثُرُ الْجَمْعُ وَقِيلَ أو يُطَوِّلُ وَعَنْهُ يَجُوزُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( وه م قِ ) وَيَتَوَجَّهُ بُطْلَانُهَا تَخْرِيجٌ من تَشْرِيكِهِ في نِيَّةِ خُرُوجِهِ من الصَّلَاةِ وَتَخْرِيجٌ من الْكَرَاهَةِ هُنَا في تِلْكَ وَيُسَنُّ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مع إتْمَامِهَا ما لم يؤثر ( ( ( يوتر ) ) ) الْمَأْمُومُ وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَصَّ عليه ( ش ) لَا من الْفَجْرِ فَقَطْ ( ش ه ) لِعُذْرِهِمْ بِالنَّوْمِ فيها وَمِثْلُهُ في التَّعْلِيقِ في التَّثْوِيبِ لِلْفَجْرِ وَيَتَوَجَّهُ هل يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ بِالْآيَاتِ أَمْ بِالْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ كَعَاجِزٍ عن الْفَاتِحَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ وَلَوْ في تَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ على الْأُولَى لِأَنَّ الْغَاشِيَةَ أَطْوَلُ من سَبِّحْ وَسُورَةَ الناس أَطْوَلُ من الْفَلَقِ وَصَلَّى عليه السَّلَامُ بِذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ طَوَّلَ قِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ على الْأُولَى فقال أَحْمَدُ يَجْزِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ وَيُكْرَهُ سُرْعَةٌ تَمْنَعُ الْمَأْمُومَ مِمَّا يُسَنُّ وقال شَيْخُنَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أو آخِرَهُ وَنَحْوَهُ وقال ليس له أَنْ يَزِيدَ على الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ وأنه يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ غَالِبًا ما كان عليه السَّلَامُ يَفْعَلَهُ غَالِبًا وَيَزِيدَ وَيُنْقِصَ لِلْمَصْلَحَةِ بِمَا كان عليه السَّلَامُ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَحْيَانًا وَبَيْتُ الْمَرْأَةِ خَيْرٌ لها ( ق ) أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وهو مُرَادُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ في النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَسْجِدِهِ عليه السَّلَامُ وَأَطْلَقَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَبِالْأَقْصَى نِصْفِهِ لِخَبَرِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ صَلَاةُ الرَّجُلِ في بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ في مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَصَلَاتُهُ في الْمَسْجِدِ الذي يُجْمِعُ فيه بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ وَلَا يَصِحُّ مع أَنَّ فيه أَنَّ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ
____________________
(1/531)
مُرَادَهُمْ غَيْرُ صَلَاةِ النِّسَاءِ في الْبُيُوتِ فَلَا تَعَارُضَ وَكَذَا مُضَاعَفَةُ النَّفْلِ فيها على غَيْرِهَا كَذَا قالوا وقد تَقَدَّمَ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ أَنَّ النَّفَلَ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ لِلْأَخْبَارِ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مُرَادٌ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ التَّفْضِيلَ الْمَذْكُورَ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ أو إلَى غَيْرِ الْبُيُوتِ فلم تَدْخُلْ الْبُيُوتُ فَلَا تَعَارُضَ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ في أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ من مَسْجِدٍ غَيْرِهَا وَرَوَى أَحْمَدُ حدثنا هَارُونُ أخبرني عبدالله بن وَهْبٍ حدثنا دَاوُد بن قَيْسٍ عن عبدالله بن سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عن عَمَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أنها جَاءَتْ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَك قال قد عَلِمْت أَنَّك تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي وَصَلَاتُك في بَيْتِك خَيْرٌ من صَلَاتِك في حُجْرَتِك وَصَلَاتُك في حُجْرَتِك خَيْرٌ من صَلَاتِك في دَارِك وَصَلَاتُك في مَسْجِدِ قَوْمِك خَيْرٌ من صَلَاتِك في مَسْجِدِي قال فَأَمَرَتْ فبنى لها مَسْجِدٌ في أَقْصَى بَيْتٍ من بَيْتِهَا وَاَللَّهِ فَكَانَتْ تُصَلِّي فيه حتى لَقِيَتْ اللَّهَ عز وجل لم أَجِدْ في رِجَالِهِ طَعْنًا وَأَكْثَرُ ما فيه تَفَرَّدَ بِهِ دَاوُد عن عبدالله وَالْمُتَقَدِّمُونَ حَالُهُمْ حَسَنٌ وَأَطْلَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ وَأَطْلَقُوا التَّفْضِيلَ في الْمَسَاجِدِ وقال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ في الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَخَصَّهُ الْحَنَفِيَّةُ بِالْفَرْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا نَقَلَ أبو دَاوُد أنها بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَيَتَوَجَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أنها بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ من مِائَةِ أَلْفٍ إلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ منه بِأَكْثَرَ من مِائَةِ صَلَاةٍ وَبِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ من أَلْفٍ في غَيْرِهِ وَأَنَّهَا مُضَاعَفَةٌ في الْأَقْصَى بِلَا حَدٍّ وقد رَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ مَيْمُونَةَ أنها فيه كَأَلْفِ صَلَاةٍ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَالَهُ الصَّرْصَرِيُّ في نَظْمِهِ وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا صَلَاةٌ في مَسْجِدِي هذا خَيْرٌ من أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وزاد أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وابن ماجة وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ من حديث جَابِرٍ وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ
____________________
(1/532)
من مِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ وَلِأَحْمَدَ حدثنا يُونُسُ حدثنا حَمَّادٌ يَعْنِي بن زَيْدٍ حدثنا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عن عَطَاءٍ عن عبدالله بن الزُّبَيْرِ فذكر مِثْلَ خَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ وزاد وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ من مِائَةِ صَلَاةٍ في هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا صَلَاةٌ في مَسْجِدِي أَفْضَلُ من أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ من مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ رَوَاهُ ابن ماجة
وقال شَيْخُنَا فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَبِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِأَلْفٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ في الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ كَذَا قال وَقَالَهُ ابن الْبَنَّا في أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ وَمَعَ هذا فَالْحَرَمُ أَفْضَلُ من الْحِلِّ فَالصَّلَاةُ فيه أَفْضَلُ وَلِهَذَا ذَكَرَ في الْمُنْتَقَى قِصَّةَ الْحُدَيْبِيَةِ من رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةً انْفَرَدَ بها أَحْمَدُ قال وَفِيهِ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصَلِّي في الْحَرَمِ وهو مُضْطَرِبٌ في الْحِلِّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ من رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عن الزُّهْرِيِّ وابن إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كان من بَيْتِ أُمِّ هانيء عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ قال فَعَلَى هذا الْمَعْنَى بِالْمَسْجِدِ الحرم ( ( ( الحرام ) ) ) وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ ذَكَرَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وَغَيْرُهُ مُرَادُهُمْ في التَّسْمِيَةِ لَا في الْأَحْكَامِ وقد يَتَوَجَّهُ من هذا حُصُولُ الْمُضَاعَفَةِ بِالْحَرَمِ كَنَفْسِ الْمَسْجِدِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الهدى من أَصْحَابِنَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ من جَعَلَهُ كَالْمَسْجِدِ في الْمُرُورِ قُدَّامَ الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ أَمَّا فَضِيلَةُ الْحَرَمِ فَلَا شَكَّ فيها
روى في الْمُخْتَارَةِ من طَرِيقِ أبي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن مُوسَى بن مروديه ( ( ( مردويه ) ) ) حدثنا إبْرَاهِيمُ بن أَبَانَ حدثنا أبو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بن سُلَيْمَانَ ( ح ) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بن الْحُسَيْنِ بن حَمْزَةَ حدثنا الْحَسَنُ بن الْجَهْمِ قَالَا حدثنا سَهْلُ بن عُثْمَانَ حدثنا يحيى بن سُلَيْمٍ عن مُحَمَّدِ بن مُسْلِمٍ عن إبْرَاهِيمَ بن مَيْسَرَةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قال قال ابن عَبَّاسٍ لِبَنِيهِ يا بَنِيَّ اُخْرُجُوا من مَكَّةَ مُشَاةً حتى تَرْجِعُوا إلَى مَكَّةَ مُشَاةً فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إنَّ لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً وَلِلْمَاشِي سَبْعُونَ حَسَنَةً من حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ ما حَسَنَاتُ الْحَرَمِ قال الْحَسَنَةُ منها بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ
____________________
(1/533)
ثُمَّ رُوِيَ في الْمُخْتَارَةِ من طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ حدثنا محمد بن هِشَامِ بن أبي الدُّمَيْكِ حدثنا إبْرَاهِيمُ بن زِيَادٍ سَبَلَانُ حدثنا يحيى بن سُلَيْمٍ عن مُحَمَّدِ بن مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عن إسْمَاعِيلَ بن أُمَيَّةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قال لِبَنِيهِ يا بَنِيَّ اُخْرُجُوا من مَكَّةَ حَاجِّينَ مُشَاةً فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعُمِائَةِ حَسَنَةٍ ثُمَّ قال في الْمُخْتَارَةِ محمد بن مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ تَكَلَّمَ فيه بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وقد وَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ وَرَوَى له مُسْلِمٌ وَيَحْيَى بن سُلَيْمٍ قال أبو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ولم يُبَيِّنْ الْجُرْحَ وَوَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ وَرَوَى له الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ انْتَهَى كَلَامُهُ فَهَذَانِ طَرِيقَانِ صَحِيحَانِ وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا من الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا وفي الْمُغْنِي ظَاهِرُ الْخَبَرِ مَنْعُهُ من مَنْعِهَا
قال ابن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةً نُهِيَتْ عن الْخُرُوجِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ قال الْقَاضِي مِمَّا يُنْكَرُ خُرُوجُهُنَّ على وَجْهٍ يَخَافُ منه الْفِتْنَةُ وَذَكَرَ في خُرُوجِهِنَّ الْأَخْبَارَ بِالْوَعِيدِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أو ضَرَرًا منها لِخَبَرِ عَائِشَةَ وفي النَّصِيحَةِ يُمْنَعْنَ من الْعِيدِ أَشَدَّ الْمَنْعِ مع زِينَةٍ الطيب ( ( ( وطيب ) ) ) وَمُفَتِّنَاتٍ وقال مَنْعُهُنَّ في هذا الْوَقْتِ عن الْخُرُوجِ أَنْفَعُ لَهُنَّ وَلِلرِّجَالِ من جِهَاتٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ تَطَيُّبُهَا لِحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَتَحْرِيمُهُ أَظْهَرُ لِمَا تَقَدَّمَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قال أَحْمَدُ وَلَا تُبْدِي زِينَتَهَا إلَّا لِمَنْ في الْآيَةِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ظُفْرُهَا عَوْرَةٌ فإذا خَرَجَتْ فَلَا تُبَيِّنُ شيئا وَلَا خُفَّهَا فإنه يَصِفُ الْقَدَمَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَجْعَلَ لِكُمِّهَا زِرًّا عِنْدَ يَدِهَا اخْتَارَ الْقَاضِي قَوْلَ من قال الْمُرَادُ بِمَا ظَهَرَ من الزِّينَةِ الثِّيَابُ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لَا قَوْلَ من فَسَّرَهَا بِبَعْضِ الْحُلِيِّ أو بِبَعْضِهَا فَإِنَّهَا الْخَفِيَّةُ قال وقد نَصَّ عليه أَحْمَدُ فقال الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ منها عَوْرَةٌ حتى الظُّفْرَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ في تَحْرِيمِ إلْبَاسِ الصَّبِيِّ الْحَرِيرِ أَنَّ كَوْنَهُمْ مَحِلَّ الزِّينَةِ مع تَحْرِيمِ الإستمتاع أَبْلَغُ في التَّحْرِيمِ وَلِذَلِكَ حَرُمَ على النِّسَاءِ التَّبَرُّجُ بِالزِّينَةِ لِلْأَجَانِبِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { إلَّا ما ظَهَرَ منها } النور الآية 31 الْوَجْهُ وَبَاطِنُ الْكَفِّ وَالسَّيِّدُ كَالزَّوْجِ وَأَوْلَى فَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَإِنْ قلناه بِمَا جَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ من بَلَغَ رُشْدًا له أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا أو أُنْثَى لِأَنَّهُ قَيِّمٌ بِأُمُورِهِ فَلَا
____________________
(1/534)
وَجْهَ لِحَضَانَتِهِ فَوَاضِحٌ لَكِنْ إنْ وُجِدَ ما يَمْنَعُ الْخُرُوجَ شَرْعًا فَظَاهِرٌ أَيْضًا وَعَلَى الْمَذْهَبِ ليس لِلْأُنْثَى أَنْ تَنْفَرِدَ وَلِلْأَبِ مَنْعُهَا منه لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ من دُخُولِ من يُفْسِدُهَا وَيُلْحِقُ الْعَارَ بها وَبِأَهْلِهَا فَهَذَا ظَاهِرٌ في أَنَّ له مَنْعَهَا من الْخُرُوجِ
وَقَوْلُ أَحْمَدَ الزَّوْجُ أَمْلَكُ من الْأَبِ يَدُلُّ على أَنَّ الْأَبَ ليس كَغَيْرِهِ في هذا فَإِنْ لم يَكُنْ أَبٌ قام أَوْلِيَاؤُهَا مَقَامَهُ أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَالْمُرَادُ الْمَحَارِمُ اسْتِصْحَابًا لِلْحَضَانَةِ وَعَلَى هذا في رِجَالِ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَالْخَالِ وَالْحَاكِمِ الْخِلَافُ في الْحَضَانَةِ
____________________
(1/535)
فَصْلٌ الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ في الْجُمْلَةِ ( ع ) يَدْخُلُ كَافِرُهُمْ النَّارَ ( ع ) وَيَدْخُلُ مُؤْمِنُهُمْ الْجَنَّةَ ( وم ش ) لَا أَنَّهُ يَصِيرُ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ وَثَوَابُهُ النَّجَاةُ من النَّارِ ( ه ) وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ في الْجَنَّةِ كَغَيْرِهِمْ بِقَدْرِ ثَوَابِهِمْ خِلَافًا لِمَنْ قال لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ فيها أو لِأَنَّهُمْ في رَبَضِ الْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ وكان النبي يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً يَدُلُّ على أَنَّهُ لم يُبْعَثْ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ قبل نَبِيِّنَا صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَيْسَ منهم رَسُولٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَأَجَابُوا عن قَوْله تَعَالَى { يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ } الرحمن الْآيَةَ 33 أنها كَقَوْلِهِ { يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ } الرحمن الآية 22 وَإِنَّمَا يَخْرُجُ من إحداهما وَكَقَوْلِهِ { وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا } نوح الآية 16 وَإِنَّمَا هو في سَمَاءٍ وَاحِدَةٍ وَلِلْمُفَسِّرِينَ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ منهم رَسُولًا قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِ قال ابن الْجَوْزِيِّ وهو ظَاهِرُ الْكَلَامِ
قال ابن حَامِدٍ في كِتَابِهِ الْجِنُّ كَالْإِنْسِ في الْعِبَادَاتِ وَالتَّكْلِيفِ قال وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ إخْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ عن التَّكْلِيفِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ
وقال في النَّوَادِرِ وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ بِالْمَلَائِكَةِ وَبِمُسْلِمِي الْجِنِّ وهو مَوْجُودٌ زَمَنَ النُّبُوَّةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عن أبي الْبَقَاءِ من أَصْحَابِنَا كَذَا قَالَا وَالْمُرَادُ في الْجُمُعَةِ من لَزِمَتْهُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِآدَمِيٍّ لَا تَلْزَمُهُ كَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ فههنا ( ( ( فهاهنا ) ) ) أَوْلَى وَعَنْ سليمان ( ( ( سلمان ) ) ) الْفَارِسِيِّ يَرْفَعُهُ قال إذَا كان الرَّجُلُ بِأَرْضٍ فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنْ لم يَجِدْ فَلْيَتَيَمَّمْ فَإِنْ أَقَامَ صلى معه مَلَكَاهُ وَإِنْ أَذَّنَ أقام ( ( ( وأقام ) ) ) صلى خَلْفَهُ جُنُودُ اللَّهِ ما لَا يُرَى طَرَفَاهُ رَوَاهُ عبدالرزاق شَيْخُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في كِتَابِ الصَّلَاةِ له وَرَوَاهُ سَعِيدٌ وَفِيهِ فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صلى خَلْفَهُ من الْمَلَائِكَةِ ما لَا يُرَى طَرَفَاهُ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَيُؤَمِّنُونَ على دُعَائِهِ
وقال شَيْخُنَا ليس الْجِنُّ كَالْإِنْسِ في الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ فَلَا يَكُونُ ما أُمِرُوا بِهِ وما نُهُوا عنه مُسَاوِيًا لِمَا على الْإِنْسِ في الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ لَكِنَّهُمْ مُشَارِكُوهُمْ في جِنْسِ
____________________
(1/536)
التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ بين الْعُلَمَاءِ فَقَدْ يَدُلُّ ذلك على مُنَاكَحَتِهِمْ وَغَيْرِهَا وقد يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ أَصْحَابِنَا وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِجِنِّيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ كَالْهِبَةِ فَيَتَوَجَّهُ من انْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ مَنْعُ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ في مُقَابَلَةِ مَالٍ قال اللَّهُ تَعَالَى { وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ من أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } النحل الآية 72
وقال سُبْحَانَهُ { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ من أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا } الروم الآية 21 وقد ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هذا الْمَعْنَى في شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ فها هنا أَوْلَى وَمَنَعَ منه غَيْرُ وَاحِدٍ من مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَجَوَّزَهُ منهم ابن يُونُسَ في شَرْحِ الْوَجِيزِ وفي مَسَائِلِ حَرْبٍ بَابِ مُنَاكَحَةِ الْجِنِّ ثُمَّ رُوِيَ عن الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ كَرَاهَتُهَا وَرُوِيَ من رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ عن يُونُسَ عن الزُّهْرِيِّ نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن نِكَاحِ الْجِنِّ
وَعَنْ زَيْدٍ العمي ( ( ( العجمي ) ) ) اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جِنِّيَّةً أَتَزَوَّجُ بها تُصَاحِبُنِي حَيْثُمَا كُنْت ولم يذكر حَرْبٌ عن أَحْمَدَ شيئا وفي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ لِأَبِي عُمَرَ سَعِيدِ بن الْعَبَّاسِ الرَّازِيِّ عن مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِهِ في الدِّينِ ولكني ( ( ( ولكن ) ) ) أَكْرَهُ إذَا وَجَدْت امْرَأَةً حَامِلًا فَقِيلَ من زَوْجُك فقالت ( ( ( قالت ) ) ) فُلَانٌ من الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ على صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا على أضواء ( ( ( أضوإ ) ) ) كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّمَاءِ لِكُلِّ امريء ( ( ( امرئ ) ) ) منهم زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يَرَى مُخَّ سُوقِهِمَا من وَرَاءِ اللَّحْمِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وزاد وما في الْجَنَّةِ أَعْزَبُ
وَلِأَحْمَدَ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لِلرَّجُلِ من أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ من حُورِ الْعِينِ
وهو لِأَحْمَدَ أَيْضًا من حديث أبي سَعِيدٍ لَكِنَّهُ من رِوَايَةِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وهو ضَعِيفٌ وقد رُوِيَ من حديث عبدالله مَرْفُوعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم زَوْجَتَانِ من الْحُورِ
____________________
(1/537)
الْعِينِ قال الْحَافِظُ الضِّيَاءُ هذا عِنْدِي على شَرْطِ الصَّحِيحِ وقد روى من حديث أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا في حديث الصُّوَرِ وَفِيهِ فَيَدْخُلُ رَجُلٌ منهم على ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا ينشيء ( ( ( ينشئ ) ) ) اللَّهُ واثنتين ( ( ( وثنتين ) ) ) من وَلَدِ آدَمَ وهو حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فيه رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بن رَافِعٍ الْمَدَنِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَجَمَاعَةٌ وَتَرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ
قال ابن عَدِيٍّ أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا مِمَّا فيه نَظَرٌ وَلِلتِّرْمِذِيِّ من رِوَايَةِ دَرَّاجٍ أبي السَّمْحِ وهو ضَعِيفٌ عن أبي الْهَيْثَمِ عن أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً من له ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً ولم أَجِدْ في الْأَخْبَارِ ذِكْرَ الْمُؤْمِنِ من الْجِنِّ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وقد احْتَجَّ على دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } الرحمن الْآيَةَ 56 74 فَإِنْ دَخَلُوهَا فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ منهم يَتَزَوَّجُ كما يَتَزَوَّجُ الْآدَمِيُّ لَكِنَّ الْآدَمِيَّ كما يَتَزَوَّجُ من الْحُورِ الْعِينِ يَتَزَوَّجُ من جِنْسِهِ وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ من الْجِنِّ فَيَتَزَوَّجُ من الْحُورِ الْعِينِ وَيَتَزَوَّجُ من جِنْسِهِ على ظَاهِرِ الْخَبَرِ
لِأَنَّهُ ليس في الْجَنَّةِ أَعْزَبُ لَكِنْ تَزْوِيجُهُ بِآدَمِيَّةٍ وَتَزْوِيجُ الْآدَمِيِّ بِجِنِّيَّةٍ فيه نَظَرٌ وَرَأَيْت من يقول ظَاهِرُ الْخَبَرِ النَّفْيُ وَرَأَيْت من يَعْكِسُ ذلك فَإِنْ ثَبَتَ هذا في الْجَنَّةِ فَهَلْ يَلْزَمُ جَوَازُهُ في الدُّنْيَا فيه نَظَرٌ وَيَأْتِي في آخِرِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وفي حَدِّ اللُّوطِيِّ ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ فَيَتَوَجَّهُ أنها في حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ كَالْآدَمِيَّةِ لِظَوَاهِرِ الشَّرْعِ إلَّا ما خَصَّهُ الدَّلِيلُ وقد ظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ نِكَاحَ الْجِنِّيِّ لِلْآدَمِيَّةِ كَنِكَاحِ الْآدَمِيِّ لِلْجِنِّيَّةِ وقد يَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ هُنَا وَإِنْ جَازَ عَكْسُهُ لِشَرَفِ جِنْسِ الْآدَمِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَنْعِ كَوْنِ هذا الشَّرَفِ له تَأْثِيرٌ في مَنْعِ النِّكَاحِ وقد يُحْتَمَلُ عَكْسُ هذا الإحتمال لِأَنَّ الْجِنِّيَّ يُتَمَلَّكُ فَيَصِحُّ تَمْلِيكُهُ لِلْآدَمِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ من لم يذكر عَدَمَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِجِنِّيٍّ صِحَّةُ ذلك وَلَا يَضُرُّ نفسه ( ( ( نصه ) ) ) في الْهِبَةِ لِتُعْتَبَرَ الْوَصِيَّةُ بها وَلَعَلَّ هذا أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ تَمْلِيكُ الْمُسْلِمِ الْحَرْبِيِّ فَمُؤْمِنُ الْجِنِّ أَوْلَى وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ وَلَا دَلِيلَ على الْمَنْعِ وَيُبَايَعُ ويشاري إنْ مَلَكَ بِالتَّمْلِيكِ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(1/538)
فَأَمَّا تَمْلِيكُ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ فَمُتَوَجَّهٌ وَمَعْلُومٌ إنْ صَحَّ مُعَامَلَتُهُمْ وَمُنَاكَحَتُهُمْ فَلَا بُدَّ من شُرُوطِ صِحَّةِ ذلك بِطَرِيقٍ قَاطِعٍ شَرْعِيٍّ وَيَقْطَعُهُ قَاطِعٌ شَرْعِيٌّ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّ ما بِيَدِهِمْ مِلْكُهُمْ مع إسْلَامِهِمْ وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ التَّوَارُثُ الشَّرْعِيُّ وقد عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ من كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ وَأَبِي الْبَقَاءِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ ما يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْآدَمِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ في الزَّكَاةِ كَالْآدَمِيِّ وإذا ثَبَتَ دُخُولُهُمْ في بَعْضِ الْعُمُومَاتِ إجْمَاعًا كَآيَةِ الْوُضُوءِ وَآيَةِ الصَّلَاةِ فما الْفَرْقُ وما وَجْهُ عَدَمِ الْخُصُوصِ وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا سَأَلُوا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الزَّادَ قال لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه يَقَعُ في أَيْدِيكُمْ أَوْفَرُ ما يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهَا طَعَامُ إخْوَانِكُمْ وَأَنَّهُ في الصَّوْمِ كَالْآدَمِيِّ وَأَنَّهُ في الْحَجِّ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عليهم ظُلْمُ الْآدَمِيِّينَ وَظُلْم بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كما هو ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ
وفي حديث أبي ذَرٍّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِيمَا يروى عن رَبِّهِ عز وجل أَنَّهُ قال يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ من ظَلَمَ وَتَعَدَّى بِمُخَالَفَةِ ما أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فإنه يَجِبُ رَدْعُهُ وَزَجْرُهُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ إذْ الْأَمْرُ بالمروف ( ( ( بالمعروف ) ) ) وَالنَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ مُتَعَيَّنٌ وكان شَيْخُنَا إذَا أتى بِالْمَصْرُوعِ وَعَظَ من صَرَعَهُ وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَإِنْ انْتَهَى وَفَارَقَ الْمَصْرُوعَ أَخَذَ عليه الْعَهْدَ أَنْ لَا يَعُودَ وَإِنْ لم يَأْتَمِرْ ولم يَنْتَهِ ولم يُفَارِقْهُ ضَرَبَهُ حتى يُفَارِقَهُ وَالضَّرْبُ في الظَّاهِرِ على الْمَصْرُوعِ وَإِنَّمَا يَقَعُ في الْحَقِيقَةِ على من صَرَعَهُ وَلِهَذَا لم يَتَأَلَّمْ من صَرَعَهُ بِهِ وَيَصِيحُ وَيُخْبِرُ الْمَصْرُوعُ إذَا أَفَاقَ أَنَّهُ لم يَشْعُرْ بِشَيْءٍ من ذلك وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْت عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ نحو فِعْلِ شَيْخِنَا وَالْأَثْبَتُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى مَصْرُوعٍ فارقه ( ( ( ففارقه ) ) ) وَأَنَّهُ عَاوَدَ بَعْدَ مَوْتِ أَحْمَدَ فَذَهَبَ أبو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِنَعْلِ أَحْمَدَ وما قال له فلم يُفَارِقْهُ ولم يُنْقَلْ الْمَرُّوذِيَّ ضَرَبَهُ لِيَذْهَبَ فَامْتِنَاعُهُ لَا يَدُلُّ على عَدَمِ جَوَازِهِ فَلَعَلَّهُ لم يَرَى الْمَحَلَّ قَابِلًا أو لم يَتَمَكَّنْ من ذلك أو الْوَقْتُ ضَيِّقٌ أو لم يَعْرِفْ فيه سَلَفًا فَتَوَرَّعَ عنه وَهَابَهُ أو لم يَسْتَحْضِرْ مِثْلَ هذا الْفِعْلِ وَلَا تَنْبِيهَ عليه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وإذا شُرِعَ رَدْعُ الظَّالِمَ وَالْمُتَعَدِّيَ منهم عُمِلَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ اللَّهَ قد فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا
____________________
(1/539)
وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا
وَلَمَّا عَرَضَ ذلك الشَّيْطَانُ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالنَّارِ في صَلَاتِهِ قال أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَخَنَقَهُ وَالْخَبَرُ مَشْهُورٌ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ من دخل في عُمُومَاتِ الشَّرْعِ عَمَّهُ كَلَامُ الْمُكَلَّفِ الْعَامِّ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَعَلَ مُدَّعِيهِ الدَّلِيلَ وَهَذَا وَاضِحٌ وقد احْتَجَّ الْقَاضِي في الْعُدَّةِ على الْعُمُومِ بِأَنَّ لفظه ( من ) إذَا اُسْتُعْمِلَتْ في الإستفهام كَقَوْلِهِ من عِنْدَك وَمَنْ كَلَّمْت صَحَّ أَنْ يُجِيبَ بِذِكْرِ كل عَاقِلٍ فَثَبَتَ أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ ( من ) في الْمُجَازَاةِ كَقَوْلِهِ من دخل دَارِي أَكْرَمْته صَلَحَ أَنْ يُسْتَثْنَى أَيُّ عَاقِلٍ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ لَمَا صَلَحَ اسْتِثْنَاؤُهُمْ لِأَنَّ الإستثناء يُخْرِجُ من اللَّفْظِ ما لَوْلَاهُ لَكَانَ دَاخِلًا فيه أَلَا تَرَاهُ لَمَّا يَتَنَاوَلْ غير الْعُقَلَاءِ لم يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُمْ
فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ ( من ) لِكُلِّ من يَعْقِلُ لِأَنَّ من يَعْقِلُ من الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ لَا يَدْخُلُونَ فيه قِيلَ الصِّيغَةُ تَنَاوَلَتْ كُلَّ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا خَرَجَ ذلك بِدَلِيلٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَهُ عَمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عمن ( ( ( وعمن ) ) ) يَجُوزُ دُخُولُهُ كَذَا قال وَتَحْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْوَاحِدَ من هَؤُلَاءِ لَا يَخْطِرُ بِبَالِ السَّائِلِ وَالْمُتَكَلِّمِ وَلَا يَتَوَهَّمُهُ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ حتى لو كان من يَخْطِرُ بِبَالِهِ يُخَالِطْهُمْ أو كان الْقَائِلُ أَحَدَهُمْ جَازَ وَصَحَّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَمُرَادُ الْقَاضِي لَا يُخَالِفُ هذا وَكَذَا أبو الْخَطَّابِ لِمَا قِيلَ له لو كان الإستثناء لَا يُخْرِجُ إلَّا ما لَوْلَاهُ لَوَجَبَ دُخُولُهُ فيه لَحَسُنَ أَنْ يَقُولَ من دخل دَارِي ضَرَبْته إلَّا الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ لَفْظَةِ ( من )
قِيلَ قد ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ وإذا قُلْنَا فَالْمَنْعُ من دُخُولِهِمْ تَحْتَ اللَّفْظِ هو عَلِمْنَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قبل الإستثناء لم يُرِدْهُمْ وَلَا عَنَاهُمْ فلم يَكُنْ في الإستثناء فَائِدَةٌ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمُتَكَلِّمِ دَلِيلٌ على أَنَّهُ عَنَاهُمْ وَأَرَادَهُمْ لِئَلَّا يَقَعَ الْكَلَامُ غير مُفِيدٍ وَحَمْلُهُ على الصِّحَّةِ مُتَعَيَّنٌ
قال أبو الْخَطَّابِ جَوَابٌ آخَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ مِثْلُ هذا الإستثناء لو أَخْرَجَ ما لَوْلَاهُ
____________________
(1/540)
لَصَحَّ دُخُولُهُ لَوَجَبَ إذًا اسْتِثْنَاءُ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ في قَوْلِهِ من دخل دَارِي ضَرَبْته يَصِحُّ وَيَصْلُحُ فكلما يَلْزَمُنَا يَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ وَتَقَدَّمَ في الإستطابة كَلَامُ أبي الْمَعَالِي أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ خَالِيًا هِيَ مسئلة سَتْرِهَا عن الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجِبُ عن الْجِنِّ لِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ أَجَانِبُ وَكَذَا عن الْمَلَائِكَةِ مع عَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَلَّفٌ وقد أَمَرَ الشَّرْعُ في خَبَرِ بَهْزِ بن حَكِيمٍ يَحْفَظُهَا من كل أَحَدٍ إلَّا من زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَهَذَا مع الْعِلْمِ بحضورهن ( ( ( بحضورهم ) ) ) فَلَا يَرِدُ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا وَتَقَدَّمَ هل يَلْزَمُ الْغُسْلُ بِجِمَاعِ جِنِّيٍّ امْرَأَةٍ وَيَأْتِي هي يَسْقُطُ فَرْضُ غُسْلِ مَيِّتٍ بِغُسْلِهِمْ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَرْضُ كل كِفَايَةٍ إلَّا الْآذَانَ فَيَتَوَجَّهُ سُقُوطُهُ لِقَبُولِ خَبَرِ صَادِقٍ فيه وَلَا مَانِعَ لَا سِيَّمَا إذَا سَقَطَ بِصَبِيٍّ وَيَتَوَجَّهُ في حِلِّ ذَبِيحَتِهِ كَذَلِكَ بَلْ تَحِلُّ لِوُجُودِ المقتضى وَعَدَمِ الْمَانِعِ ولعد ( ( ( ولعدم ) ) ) اعْتِبَارِ التَّكْلِيفِ فيه وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَوْضُوعَاتِ الْخَبَرَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ نهى عن ذَبَائِحِ الْجِنِّ
فقال وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إذَا اشْتَرَوْا دَارًا أو اسْتَخْرَجُوا عَيْنًا ذَبَحُوا لها ذَبِيحَةً لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ أَذًى من الْجِنِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقال ابن مَسْعُودٍ وَذُكِرَ عِنْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حتى أَصْبَحَ قال ذلك رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنِهِ مُتَّفَقٌ عليه خَصَّ الْأُذُنَ لِأَنَّهَا حَاسَّةُ الإنتباه قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ ظَهَرَ عليه وَسَخِرَ منه وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُ على ظَاهِرِهِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلِهَذَا لَمَّا سمي ذلك الرَّجُلُ في أَثْنَاءِ طَعَامِهِ قَاءَ الشَّيْطَانُ كُلَّ شَيْءٍ أَكَلَهُ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَيَكُونُ بَوْلُهُ وقيئه ( ( ( وقيؤه ) ) ) طَاهِرًا وَهَذَا غَرِيبٌ قد يعابا ( ( ( يعايا ) ) ) بها وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(1/541)
بسم الله الرحمن الرحيم باب الإمامة
يُقَدَّمُ على الْأَفْقَهِ الْأَقْرَأُ جَوْدَةً وَقِيلَ كَثْرَةً الْعَارِفُ وَاجِبُ الصَّلَاةِ
____________________
(2/3)
وَقِيلَ وَسُجُودُ السَّهْوِ وَقِيلَ وَجَاهِلٌ يَأْتِي بها عَادَةً لِصِحَّةِ إمَامَتِهِ ( م ) وقال الْآجُرِّيُّ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الطَّهَارَةِ وَعِلْمَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَعَرَّضَ لِعَظِيمٍ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الأفقة ( وَ ) وَلَيْسَ الْأَوْرَعُ بَعْدَهُمَا ( خ ) ولابعد الْأَفْقَهِ ( م ) بَلْ بَعْدَهُمَا الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَشْرَفُ وهو الْقُرَشِيُّ
ثُمَّ الأقدام ( ( ( الأقدم ) ) ) هِجْرَةً قِيلَ بِنَفْسِهِ وَقِيلَ بِآبَائِهِ وَقِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( م 1 ) ( وش ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الْإِمَامَةِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ ثُمَّ الأقدام ( ( ( الأقدم ) ) ) هِجْرَةً قِيلَ بِنَفْسِهِ وَقِيلَ بِآبَائِهِ وَقِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا انتهى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ فقال الْهِجْرَةُ مُنْقَطِعَةٌ في وَقْتِنَا وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ بها من كان لِآبَائِهِ سَبْقٌ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قَطَعَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُصَنِّفُ في حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(2/4)
وظاهر كلام أحمد الأقدام ثم الأسن ثم الأشرف وقال ابن حامد الأشرف ثم الأقدم ثم الأسن وفي المقنع عكسه وسبق الإسلام كالهجرة
ثُمَّ الْأَتْقَى والأورع وَقِيلَ يُقَدَّمَانِ على الْأَشْرَفِ ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجَمَاعَةِ في رِوَايَةٍ وَعَنْهُ الْقُرْعَةُ ( م 2 ) وقيل يُقَدَّمُ عليهما ( ( ( اختيار ) ) ) القائم بعمارة المسجد ( ( ( القرعة ) ) ) وَجَزَمَ بِهِ في الفصول وزاد أو يفضل ( ( ( أكثرهم ) ) ) على الجماعة ( ( ( استووا ) ) ) المنعقدة ( ( ( فالقرعة ) ) ) فيه ولم يقدم شيخنا بالنسب وذكره عن أحمد ( ( ( الأتقى ) ) ) ( ه م ( ( ( يختاره ) ) ) ) وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَمَاعَةُ عُمِلَ بِالْأَكْثَرِ
فَإِنْ اسْتَوَوْا قِيلَ يُقْرَعُ وَقِيلَ يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله ثُمَّ الأتقى ثم الأورع وَقِيلَ يقدمان ( ( ( يقدم ) ) ) على ( ( ( بحسن ) ) ) الأشرف ( ( ( الخلق ) ) ) ثم أختيار الجماعة في رواية وعنه القرعة انتهى يعني هل يقدم اختيار الجماعة على القرعة أو تقدم القرعة بعد الأتقى على اختيار الجماعة وهو الصحيح نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك ( ( ( مستعير ) ) ) الذهب ( ( ( ومؤجر ) ) ) والخلاصة والكافي ( ( ( البيت ) ) ) والمقنع ( ( ( وإمام ) ) ) والمذهب ( ( ( المسجد ) ) ) الأحمد والتخليص والبلغة ( ( ( الكل ) ) ) والإفادات والوجيز والحاوي الكبير ومنتخب الآدمي وتجريد العناية وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والقواعد الفقهية والرواية الثانية يقدم من اختاره الجماعة على القرعة جزم به المبهج والإيضاح والنظم وقدمه ان تميم وصاحب الفائق وقال في المغني والشرح وشرح ابن رزين فإن استوا في التقوى قرع بينهم نص عليه فإن كان أحدهما يقوم بعمارة المسجد وتعاهده فهو أحق بذلك كذا إن رضى الجيران أحدهما دون الآخر وهذا مما يقوي الرواية الثانية هو الصواب وقال الزركشي فإن استووا في التقوى والورع قدم أعمرهم للمسجد وما رضي به الجيران أو أكثرهم فإن استووا فالقرعة انتهى وقال في مجمع البحرين ثم بعد الأتقى من يختاره الجيران أو أكثرهم لمعنى مقصود شرعا ككونه أعمر للمسجد أو أنفع لجيرانه ونحوه مما يعود بصلاح المسجد وأهله ثم القرعة انتهى والظاهر أنه تابع المجد في شرحه ( ( ( المنصوص ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا يَعْنِي الْجِيرَانَ في الإختيار قِيلَ يُقْرَعُ وَقِيلَ يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَقْرَعُ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى ( قُلْت ) وهو ضَعِيفٌ
____________________
1-
(2/5)
ثُمَّ هل اخْتِيَارُهُ مقصود ( ( ( مقصور ) ) ) على الْمُخْتَلَفِ فِيهِمْ ( وفيه ) احْتِمَالَانِ ( م 4 ) وقيل يقدم بحسن الخلق ( ( ( يختار ) ) ) ( وه ( ( ( السلطان ) ) ) م ) وقيل ( ( ( فهل ) ) ) والخلقة ( ( ( اختياره ) ) ) ( وم ( ( ( مقصور ) ) ) ) وزاد وبحسن ( ( ( المختلف ) ) ) اللباس ( ( ( فيهم ) ) ) ومعير ومستأجر أولى في الأصح من مستعير ومؤجر وصاحب البيت وإمام المسجد أولى من الكل ( و ) وقال ابن عقيل مع التساوي ويتوجه ويستحب تقديمهما لأفضل منهما ويقدم عليهما ذو سلطان في المنصوص فَصْلٌ لاتكره إمَامَةُ عَبْدٍ ( ه م ) وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ ( وَ ) وَعَنْهُ مع التَّسَاوِي وَلَا إمَامَةُ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ ( وَ ) وَيَجُوزُ خَارِجُ الْوَقْتِ ( ه ) وفي الْفُصُولِ إنْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يجزية وهو أَصَحُّ لِوُقُوعِ الْأُخْرَيَيْنِ منه بِلَا نِيَّةٍ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا لَزِمَهُ حُكْمُ الْمُتَابَعَةِ لَزِمَهُ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ كَنِيَّةِ الْجُمُعَةِ من لَا تَلْزَمُهُ خَلْفَ من يُصَلِّيهَا وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجْزِيَهُ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ حُكْمًا وَلَا تُكْرَهُ إمامه مُسَافِرٍ يَقْصُرُ بِمُقِيمٍ وَيُقَدَّمُ الْمُقِيمُ وقال الْقَاضِي إنْ كان إمَامًا وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ إنْ أَتَمَّ فَرِوَايَتَا مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ليس بِحَمِيدٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَيْسَ بِمُتَنَفِّلٍ وفي الِانْتِصَارِ يَجُوزُ في رِوَايَةٍ لِصِحَّةِ بِنَاءِ مُقِيمٍ على نِيَّةِ الْإِمَامِ وَلَا إمَامَةُ بَدْوِيٍّ بحصري ( ( ( بحضري ) ) ) على الْأَصَحِّ ( ه م ) وَيُقَدَّمُ الْحَضَرِيُّ وَلَا إمَامَةُ أَعْمَى ( و ( ( ( ه ) ) ) ) وَيُقَدَّمُ الْبَصِيرُ وَعَنْهُ الْأَعْمَى وَعَنْهُ التَّسَاوِي ( وش )
وَإِنْ كان الْأَعْمَى أَصَمَّ فَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) وَلَا إمَامَةُ وَلَدِ زِنًا ( ه ش ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قَوْلِهِ ثم ( ( ( إنه ) ) ) هل ( ( ( يستحب ) ) ) اختياره ( ( ( للإمام ) ) ) مقصودة على المختلف فيهم فيه احتمالان انتهى يعني إذَا قلنا ( ( ( استخلف ) ) ) يختار السلطان الأولى فهل اختاره مقصور على المختلف فيهم أم له أَنْ يختار ( ( ( يرتب ) ) ) منهم ومن ( ( ( يرتب ) ) ) غيرهم أطلق احتمالين أحدهما اختياره مقصور على المختلف فيهم قدمه في الرعاية ( ( ( أصل ) ) ) الكبرى ( قلت ) وهو ( ( ( نوع ) ) ) الصواب ( ( ( إمامة ) ) ) والاحتمال ( ( ( كالإمام ) ) ) الثاني له ( ( ( ويأتي ) ) ) أَنَّ يختار منهم ومن غيرهم ( ( ( يولي ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْأَعْمَى أَصَمَّ فَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَصَحَّحَهُ في الْكِتَابَيْنِ وَقَدَّمَهُ الشَّرْحُ وَشَرْحُ ابْنِ رَزِينٍ ( قُلْت ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
____________________
1-
(2/6)
وقيل غير راتب ( وم ) وما في السنن عنه عليه السلام أنه شر الثلاثة إن صح فقال صاحب المحرر وغيره أي إذا عمل بعمل أبويه كما جاء في رواية الإجماع أنه إذا كان تقيا فليس بشر الثلاثة قال وقيل ورد على سبب خاص للخبر وفي الخلاف في سجود التلاوة لا نقول ورد على سبب وإنما هو عام والمراد به شر الثلاثة نسبا فإنه لا نسب له والخبر المذكور رواه أحمد حدثنا خلف بن الوليد حدثنا خالد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة خالد هو الطحان من رجال الصحيحين
وقال ابن الجوزي لا يصح وخالد لا يعرف كذا قال ورواه أبو داود والنسائي والزيادة المذكورة رواها أحمد من حديث عائشة وفي إسناده من لا يعرف ولا إمامة الجندي وعنه أحب أن يصلي خلف غيره ولا على الأصح إمامة ابن بأبية
وفي الخلاف ظاهر رواية أبي داود لا يتقدمه في غير الفرض وإن أذن الأفضل للمفضول لم يكره في المنصوص وفي رسالة أحمد في الصلاة رواية مهنا لا يجوز أن يقدموا إلا أعلمهم وأخوفهم وإلا لم يزالوا في سفال وكذا في الغنية وقال شيخنا يجب تقديم من قدمه الله ورسوله ولو مع شرط واقف بخلافه فلا يلتفت إلى شرط يخالف ( شرط ) الله ورسوله وبدون إذنه يكره نص عليه وقيل الأخوف إذا أطلق بعضهم النص ولعل المراد سوى إمام المسجد وصاحب البيت فإنه يحرم كما سبق وذكر بعضهم يكره وقد احتج جماعة منهم القاضي وصاحب المحرر على منع إمامة الأمي بالأقرأ بأمر الشارع بتقديم الأقرأ فإذا قدم الأمي خولف الأمر ودخل تحت النهي وكذا احتج في الفصول مع قوله إنه يستحب للإمام إذا استخلف أن يرتب كما يرتب الإمام في أصل الصلاة لأنه نوع إمامة كالإمام الأول ويأتي أن الإمام يلزمه أن يولي القضاء أصلح من يجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ
____________________
1-
(2/7)
فَصْلٌ تُكْرَهُ إمَامَةُ من يُصْرَعُ نَصَّ عليه قال جَمَاعَةٌ وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ ( * ) أو رُؤْيَتُهُ وَقِيلَ وَالْأَمْرَدُ وفي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ وَإِمَامَةُ من اُخْتُلِفَ في صِحَّةِ إمَامَتِهِ فَقَدْ يُؤْخَذُ منه تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمُوَسْوَسِ وهو مُتَّجَهٌ لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ عَامِّيٌّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ
وَلَمَّا قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِعُثْمَانَ بن أبي العاصي ( ( ( العاص ) ) ) أُمَّ قَوْمَك قال يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ في نَفْسِي شيئا فَوَضَعَ كَفَّهُ في صَدْرِهِ ثُمَّ في ظَهْرِهِ بين كَتِفَيْهِ
قال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ خَوْفَ الْكِبْرِ وَالْعَجَبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَسْوَسَةَ في الصَّلَاةِ وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ الْمُوَسْوِسُ وَلِهَذَا قال يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الشَّيْطَانَ قد حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يُلْبِسُهَا عَلَيَّ فقال ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ له خَنْزَبٌ فإذا أَحْسَسْته فَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ وَاتْفُلْ عن يَسَارِك ثَلَاثًا فَفَعَلْت ذلك فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي رَوَى ذلك مُسْلِمٌ
وَتُكْرَهُ إمَامَةُ رَجُلٍ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَبِأَجْنَبِيَّاتٍ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ وَقِيلَ نَسِيبًا لِإِحْدَاهُنَّ جَزَمَ ( بِهِ ) في الْوَجِيزِ وَقِيلَ مُحَرَّمًا وَعَنْهُ يُكْرَهُ في الْجَهْرِ مُطْلَقًا كَذَا ذَكَرُوا هذه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) تنبيهان الأول قوله ومن تضحك صورته كذا في النسخ ولعله ومن يضحك صوته كما هو في الرعاية ومختصر ابن تميم
____________________
1-
(2/8)
الْمَسْأَلَةَ وظاهر ( ( ( وظاهره ) ) ) كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ فَيَكُونُ هذا في مَوْضِعٍ لَا خَلْوَةَ فيه فَلَا وَجْهَ إذَنْ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا وَمُحَرَّمًا مع أَنَّهُمْ احْتَجُّوا أو بَعْضُهُمْ بِالنَّهْيِ عن الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ فَيَلْزَمُ منه التَّحْرِيمُ وَالرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَمْنَعُ تَحْرِيمَهَا على خِلَافٍ يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ في إطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْجِنْسَ فَلَا تَلْزَمُ في جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَيُعَلَّلُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَعَلَى كل حَالٍ لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا
وفي الْفُصُولِ آخِرُ الْكُسُوفِ يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ وَذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الْخُرُوجُ وَيُصَلِّينَ في بُيُوتِهِنَّ فَإِنْ صلى بِهِنَّ رَجُلٌ مَحْرَمٌ جَازَ وَإِلَّا لم يَجُزْ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ له كَارِهُونَ وَقِيلَ دِيَانَةً وَقِيلَ أو اسْتَوَيَا ( * ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) الثَّانِي قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ ( له كَارِهُونَ ) قِيلَ دِيَانَةً وَقِيلَ أو اسْتَوَيَا انْتَهَى قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ له كَارِهُونَ قال في الْخُلَاصَةِ يَكْرَهُونَهُ لمعني في دِينِهِ وقال في الْكَافِي فَإِنْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ لِسُنَّةٍ دِينِيَّةٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَقَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ أَحَدٌ قَوْمًا يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ دِيَانَةً فَإِنْ اخْتَلَفُوا عليه اُعْتُبِرَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ وَقِيلَ دِيَانَةً نَصَّ عليه وقال الشَّارِحُ بعد ما اسْتَدَلَّ لِكَلَامِهِ في الْمُقْنِعِ فَإِنْ اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إزَالَةً لِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ انْتَهَى وقال في مَجْمَعِ البحري وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ في دِينِهِ أو فضلة أو لِشَحْنَاءَ بَيْنَهُمْ في أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَنَحْوِهِ فَأَمَّا إنْ كَرِهُوهُ لسنه أو دِينِهِ لِمِيلِهِمْ إلَى ضِدِّهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَصْبِرَ وَلَا يَلْتَفِتَ إلَى كَرَاهَتِهِمْ وَلَوْ جَهْرَةً انْتَهَى فَهَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا عُلِمَ ذلك فَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْكِتَابِ وَقِيلَ دِيَانَةً بِالْوَاوِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ على هذه النُّسْخَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ من الْأَكْثَرِ أو اسْتَوَوْا على الْقَوْلِ الْآخِرِ كُرِهَتْ إمَامَتُهُ سَوَاءٌ كَرِهُوهُ دِيَانَةً أولا وهو مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اخْتَلَفُوا عليه وَكَجَمَاعَةٍ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ لابد أَنْ يَكْرَهُوهُ بِحَقٍّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُ هذا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قال الْأَصْحَابُ يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ في دِينِهِ أو فَضْلِهِ وَوُجِدَ في بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ دِيَانَةً بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَكُونُ هذا الْقَوْلُ ليس في مُقَابَلَةِ قَوْلٍ آخَرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ أو اسْتَوَيَا عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ ليس في الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ في عِبَارَتِهِ نَوْعُ خَفَاءٍ وَبَعْضُ نَقْصٍ وهو قَوْلُهُ له كَارِهُونَ أو يَكْرَهُونَهُ وَيُحْتَمَلُ على التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لنا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ وهو الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وهو
____________________
1-
(2/9)
وأطلق ابن الجوزي وجهين إذا استويا وجزم بعضهم الأولى تكره قال الأصحاب يكره لخلل في دينة أو فضله اقتصر في الفصول والغنية وغيرهما وقال شيخنا إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء والمذاهب فلا ينبغي أن يؤمهم لأن المقصود بالصلاة جماعة إنما يتم بالائتلاف
ولهذا قال عليه السلام لا تختلفوا فتختلف قلوبكم وقال اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا وقال صاحب المحرر أو لدنيا وهو ظاهر كلام جماعة وقيل تفسد صلاته ( خ ) لخبر أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعا ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون أبو غالب ضعفه ابن سعيد والنسائي وغيرهما ووثقه الدارقطني وقال ابن عدي لا بأس به رواه الترمذي وقال حسن غريب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كما تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَسَقَطَ من الكتاب ( ( ( الكاتب ) ) ) فَيَكُونُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/10)
وسبق قبل آخر فصل في صفة الصلاة خبر أبي هريرة وروى ابن ماجة عن محمد بن عبدالرحمن بن هياج عن يحيى بن عبدالرحمن الأرحبي عن عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة إمام قوم وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان وأخوان متصارمان ورواه ابن حبان عن الحسن بن سفيان عن أبي كريب عن يحيى ورواه الطبراني من حديث يحيى ورواه أيضا وجعل الثالث وعبد آبق من مواليه ورواه الحافظ الضياء في المختارة من طريقه وهو حديث حسن ورواته ثقات وسبق في ستر العورة بعد الصلاة في دار غصب صلاة الآبق وفي اللباس هل يلزم من عدم القبول عدم الصحة نقل أبو طالب ينبغي أن يؤمهم
وقال شيخنا أتى بواجب ومحرم يقاوم صلاته فلم يقبل إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها قال في الفصول تكره له الإمامة ويكره الائتمام به
____________________
(2/11)
واستحب القاضي حيث لم يكره أن لا يؤمهم صيانة لنفسه وَتُكْرَهُ إمَامَةُ لَحَّانٍ وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بن إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ لَا يصلي خَلْفَهُ وَكَذَا الْفَأْفَاءُ من يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالتَّمْتَامُ من يُكَرِّرُ التَّاءَ وَمَنْ يَأْتِي بِحَرْفٍ وَلَا يُفْصِحُ بِهِ وَحَكَى قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ
وَتُكْرَهُ إمَامَةُ أَقْلَفَ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ كَبِمِثْلِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 6 ) وَكَذَا أَقْطَعُ يَدٍ أو رِجْلٍ أو هُمَا وقال ابن عَقِيلٍ وَكَذَا تُكْرَهُ من قُطِعَ أَنْفُهُ فَصْلٌ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ فَاسِقٍ مُطْلَقًا ( وم ) وَعَنْهُ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ ( وه ش ) كما تَصِحُّ مع فِسْقِ الْمَأْمُومِ وَعَنْهُ في نَفْلٍ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَعَنْهُ وَلَا خَلْفَ نَائِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ من لَا يُبَاشِرُ وَقِيلَ إنْ كان الْمُسْتَنِيبُ عَدْلًا وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ صَحَّحَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 6 ) قوله تكرهه إمامة أقلف وعنه لا تصح كبمثله في أحد الوجهين انتهى يعني أن أمامة الأقلف لا تصح بالمختون فهل تصح بمثله أم لا أطلق الخلاف فيه أحدهما تصح قدمه في الرعاية وحواشي المقنع للمصنف ( قلت ) وهو الصواب والوجه الثاني لاتصح مطلقا وقال ابن تميم تصح إمامته بمثله إن لم يجب الختان وقيل تصح في التراويح إذا لم يكن قارىء غيره وقال أيضا وتصح إمامة الأقلف وعنه لا تصح ثم اختلف الأصحاب في مأخذ المنع فقال بعضهم تركة الختان الواجب فعلى هذا إن قلنا بعدم الوجوب أو يسقط القول به لضرر صحة إمامته وقال جماعة آخرون هو عجزه عن شرط الصلاة وهو التطهير من النجاسة فعلى هذا لا تصح صلاته إلا بمثله إن لم يجب الختان انتهى قال الشارح وأما الأقلف ففيه روايتان إحداهما لاتصح لأن النجاسة في ذلك المحل لا يعفي عنها عندنا والثانية تصح لأنه إن أمكنه كشف القلفة وغسل النجاسة غسلها وإن كان مرتتقا لا يقدر على كشفها عفي عن إزالتها لعدم الإمكان وكل نجاسة معفو عنها لا تؤثر في بطلان الصلاة انتهى فظهر من هذا أن الأقوى صحة إمامته إذا فعل ذلك وعلل ابن منجا رواية عدم الصحة لكونه حامل نجاسة ظاهرة يمكنه إزالتها لإزالة المانع بالختان ورواية الصحة بتعذر زوال النجاسة في الحال والختان مختلف في وجوبه فلم تكن إزالتها واجبة لا محالة انتهى
____________________
1-
(2/12)
أَحْمَدُ وَخَالَفَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهَلْ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ يَأْتِي في الْوَقْفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَؤُمُّ فَاسِقٌ فَاسِقًا وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يمكن ( ( ( يمكنه ) ) ) رَفْعُ ما عليه من النَّقْصِ وإذا لم تَصِحَّ صلى معه خَوْفَ أَذًى وَيُعِيدُ وَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ وَوَافَقَهُ في أفعاله ( ( ( أفعالها ) ) ) لم يُعِدْ وَعَنْهُ بَلَى وَيُعِيدُ في الْمَنْصُوصِ إذَا عَلِمَ فِسْقَهُ وَقِيلَ مع ظُهُورِهِ وَيُصَلِّي خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ وَيُعِيدُ وَاحْتَجَّ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عن وَقْتِهَا
وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ أَنَّهُ كان يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَإِنْ كانت الصَّلَاةُ فَرْضًا فَلَا تَضُرُّ صَلَاتِي وَإِنْ لم يَكُنْ كانت تِلْكَ الصَّلَاةُ ظُهْرًا رابعا ( ( ( أربعا ) ) ) وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك أُصَلِّي قبل الصَّلَاةِ أو بَعْدَ الصَّلَاةِ قال بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا أُصَلِّي قَبْلُ قال في الْخِلَافِ يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ لِيَخْرُجَ من الْخِلَافِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِعَادَةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَغَيْرِهَا
وَصَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ من أَعَادَهَا فَمُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ ليس له من فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إذَا لم يَرَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ على أَنَّهُ تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ في الْجُمُعَةِ وَاحْتَجُّوا بِغَيْرِهَا من الرِّوَايَاتِ على أنها لَا تَنْعَقِدُ بَلْ يُتَّبَعُ فيها وَقَرَأَ الْمَرُّوذِيُّ على أَحْمَدَ أَنَّ أَنَسًا كان يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ في مَنْزِلِهِ ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَكَذَا جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا بِبُقْعَةِ غَصْبٍ ضَرُورَةً وَذَكَرَهَا ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ كَفَرَ بِاعْتِقَادِهِ وَيُعِيدُ
وَيُصَلِّي خَلْفَ من لايعرفه وَعَنْهُ لَا قال بَعْضُهُمْ وَتَصِحُّ وَتَصِحُّ خَلْفَ من خَالَفَ في فَرْعِ ( وَ ) لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مع شِدَّةِ الْخِلَافِ ما لم يَعْلَمْهُمْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا رُكْنًا أو شَرْطًا على ما يَأْتِي وَلَوْ لم يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أو الْحَرَامَ شيئا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَسَيَأْتِي في الشَّهَادَاتِ كَلَامٌ في فِسْقِهِ وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ ما لم يَفْسُقْ قال
____________________
(2/13)
جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّفْعَوِيَّةِ إذَا احْتَاطَ الْإِمَامُ في مَوْضِعِ الْخِلَافِ أَيْ ما لم يَتْرُكْ رُكْنًا أو شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ وقال جَمَاعَةٌ الشَّفْعَوِيَّةُ غَلَطٌ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى شَافِعٍ بِحَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ جَدُّ الْإِمَامِ كما نَسَبَ هو إلَيْهِ إذْ لَا يُجْمَعُ بين مَنْسُوبَيْنِ
قال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ ( السِّرِّ الْمَصُونِ ) رَأَيْت جَمَاعَةً من الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْعَوَامّ فإذا صلى الْحَنْبَلِيُّ في مَسْجِدِ شَافِعِيٍّ ولم يَجْهَرْ غَضِبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وإذا صلى شَافِعِيٌّ في مَسْجِدِ حَنْبَلِيٍّ وَجَهَرَ غَضِبَتْ الْحَنَابِلَةُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْعَصَبِيَّةُ فيها مُجَرَّدُ هَوًى يَمْنَعُ منه الْعِلْمِ ( * )
قال ابن عَقِيلٍ رَأَيْت الناس لَا يَعْصِمُهُمْ من الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ بَلْ الْعُلَمَاءُ كانت أَيْدِي الْحَنَابِلَةِ مَبْسُوطَةً في أَيَّامِ ابْنِ يُوسُفَ فَكَانُوا يَتَسَلَّطُونَ بِالْبَغْيِ على أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ في الْفُرُوعِ حتى لَا يُمَكِّنُوهُمْ من الْجَهْرِ وَالْقُنُوتِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ فلما جَاءَتْ أَيَّامُ النَّظَّامِ وَمَاتَ ابن يُوسُفَ وَزَالَتْ شَوْكَةُ الْحَنَابِلَةِ اسْتَطَالَ عليهم أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ اسْتِطَالَةَ السَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ فَاسْتَعْدَوْا بِالسِّجْنِ وَآذَوْا الْعَوَامَّ بِالسِّعَايَاتِ وَالْفُقَهَاءَ بِالنَّبْزِ بِالتَّجْسِيمِ قال فَتَدَبَّرْت أَمْرَ الْفَرِيقَيْنِ فإذا بِهِمْ لم تَعْمَلْ فِيهِمْ آدَابُ الْعِلْمِ وَهَلْ هذه ( الْأَفْعَالُ ) إلَّا أَفْعَالَ الْأَجْنَادِ يَصُولُونَ في دَوْلَتِهِمْ وَيَلْزَمُونَ الْمَسَاجِدَ في بَطَالَتِهِمْ انْتَهَى ما ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ
فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ على أَنَّ مَسَائِلَ الإجتهاد لَا إنْكَارَ فيها وَذَكَرَ الْقَاضِي فيه رِوَايَتَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وفي كَلَامِ أَحْمَدَ أو بَعْضِ الْأَصْحَابِ ما يَدُلُّ عليه إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ فيها أُنْكِرَ وَإِلَّا فَلَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا خِلَافٌ فَلَهُمْ وَجْهَانِ في الْإِنْكَارِ على من كَشَفَ فخذية فَحُمِلَ حَالُ من أَنْكَرَ على أَنَّهُ رَأَى هذا أَوْلَى ولم يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ أَنَّهُ يُفْضِي ذلك إلَى مَفْسَدَةٍ فَوْقَ مَفْسَدَةِ ما أَنْكَرَهُ وَإِلَّا لَسَقَطَ الْإِنْكَارُ أو لم يَجُزْ ( وَإِنَّمَا لامرىء ( ( ( لامرئ ) ) ) ما نَوَى ) وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ آخِرَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَنَقَلَ محمد بن سُلَيْمَانَ أبو جَعْفَرٍ الْمُنْقِرِيُّ كان الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خَلْفَ من يَقْنُتُ وَمَنْ لَا يَقْنُتُ فَإِنْ زَادَ فيه حَرْفًا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ أو جَهَرَ بِمِثْلِ ( إنَّا نَسْتَعِينُك ) أو ( عَذَابَك الْجَدَّ ) فَإِنْ كُنْت في صَلَاةٍ فَاقْطَعْهَا كَذَا قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) لعل ذلك في الجهر بالنية في الصلاة
____________________
1-
(2/14)
وَمَنْ زَوَّرَ وِلَايَةً لِنَفْسِهِ بِإِمَامَةٍ وَبَاشَرَ فَيَتَوَجَّهُ إنْ كانت وِلَايَتُهُ شَرْطًا لِاسْتِحْقَاقِهِ لم يَسْتَحِقَّ وَإِلَّا خَرَجَ على صِحَّةِ إمَامَتِهِ
وقال شَيْخُنَا له أَجْرُ مِثْلِهِ وَأَطْلَقَ كَمَنْ وِلَايَتُهُ فَاسِدَةٌ بِغَيْرِ كَذِبِهِ لاما يَسْتَحِقُّهُ عَدْلٌ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَتَصِحُّ إمَامَةُ صَبِيٍّ لِبَالِغٍ في نقل ( ( ( نفل ) ) ) على الْأَصَحِّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( ه م ) وَعَنْهُ وَفَرْضٌ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ( وش ) وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ قُلْنَا تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ وَصَرَّحَ بِهِ ابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وَبِنَاؤُهُمْ الْمَسْأَلَةَ على أَنَّ صَلَاتَهُ نَافِلَةٌ يَقْتَضِي صِحَّةَ إمَامَتِهِ إنْ لَزِمَتْهُ قال صَاحِبُ النَّظْمِ وهو مُتَّجِهٌ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجْهًا وَيَصِحُّ بمثله ( و ) وفي الْمُنْتَخَبِ لَا وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ نِسَاءٍ ( و ) وَبَنَى عليه في الْمُنْتَخَبِ لَا يَجُوزُ آذانها لهم وَعَنْهُ تَصِحُّ في نقل ( ( ( نفل ) ) ) وَعَنْهُ في التَّرَاوِيحِ وَقِيلَ إنْ كانت أَقْرَأَ وَقِيلَ قَارِئَةً دُونَهُمْ
وَقِيلَ ذَا رَحِمٍ وَقِيلَ أو عَجُوزًا وَتَقِفُ خَلْفَهُمْ لِأَنَّهُ أَسْتُرُ وَعَنْهُ تَقْتَدِي بِهِمْ في غَيْرِ الْقِرَاءَةِ فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ أَحَدُهُمْ وأختار الْأَكْثَرُ الصِّحَّةَ في الْجُمْلَةِ لِخَبَرِ أُمِّ وَرَقَةَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالْجَوَابُ عن الْخَاصِّ رَوَاهُ أبو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِإِسْنَادٍ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَجَّهُ حَمْلُهُ على النَّفْلِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْيِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في الْفَرْضِ وَالنَّهْيُ لايصح مع أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ وَكَذَا الْخُنْثَى وَقِيلَ تَصِحُّ بِخُنْثَى وَإِنْ قُلْنَا لَا يَؤُمُّ خُنْثَى نِسَاءً وَتَبْطُلُ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بِجَنْبِ رَجُلٍ لم يُصَلُّوا جَمَاعَةً فَصْلٌ ولاتصح إمَامَةُ مُحْدِثٍ أو نَجِسٍ وَلَوْ جهلة الْمَأْمُومُ فَقَطْ نَصَّ عليه خِلَافًا لِلْإِشَارَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَبَنَاهُ في الْخِلَافِ أَيْضًا على إمَامَةِ الْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ بِذَلِكَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي هو أَمِينٌ على طَهَارَتِهِ لايعرف إلَّا من جِهَتِهِ فإذا علمنا ( ( ( عملنا ) ) ) بِقَوْلِهِ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ كما لو أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَزُوِّجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فقال فَيَجِبُ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنْ لايقبل قَوْلَهُ قبل الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ
وَعَلَى أَنَّ دُخُولَهَا في عَقْدِ النِّكَاحِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ فلم تُصَدَّقْ وَهَذَا من أَمْرِ الدِّينِ فَقَبْلٌ كَقَبْلِ الصَّلَاةِ وَعَلَّلَهُ في الْفُصُولِ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَإِمَامَتُهُ لاتصح عِنْدَنَا وَلِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَالْمُتَلَاعِبُ ليس في صَلَاةٍ وَإِنْ عَلِمَ هو أو الْمَأْمُومُ فيها قال في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ أو بِسَبْقِ حَدَثِهِ اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ وَعَنْهُ يبني ( وم ش ) نَقَلَ بَكْرُ بن
____________________
(2/15)
مُحَمَّدٍ جَمَاعَةً أو فُرَادَى فَمَنْ صلى بَعْضَ الصَّلَاةِ وَشَكَّ في وُضُوئِهِ لم يُجْزِئُهُ حتى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ كان على وُضُوءٍ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ إنْ شَاءُوا قَدَّمُوا وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا فُرَادَى قال الْقَاضِي فَقَدْ نَصَّ على أَنَّ عِلْمَهُمْ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ لَا يُوجِبُ عليهم إعَادَةً وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ في غَيْرِ جُمُعَةٍ أو فيها ( ق ) أَعَادَ الْإِمَامُ وَعَنْهُ وَالْمَأْمُومُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ ( وه ) وهو الْقِيَاسُ لَوْلَا الْأَثَرُ عن عُمَرَ وَابْنِهِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَغَيْرِ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ نَصَّ عليه حتى في إمَامٍ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ في الْأُخْرَيَيْنِ وَإِنْ عَلِمَ معه وَاحِدٌ أَعَادَ الْكُلُّ نَصَّ عليه وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ يُعِيدُ الْعَالِمُ وَكَذَا نَقَلَ أبو طَالِبٍ إنْ عَلِمَهُ اثْنَانِ وَأَنْكَرَ هو أَعَادَ الْكُلُّ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ
وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ كَافِرٍ وقيلل بَلَى إنْ أَسَرَهُ وَإِنْ قال بَعْدَ سَلَامِهِ هو كَافِرٌ وَإِنَّمَا صلى تَهَزُّؤًا فَنَصُّهُ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ ( * ) كَمَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ أو حَدَثَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَقِيلَ لَا كَمَنْ جَهِلَ حاله
وَإِنْ عُلِمَ له حَالَانِ أو إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ لم يَدْرِ في أَيِّهِمَا ائْتَمَّ وَأَمَّ فِيهِمَا فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ
ثالثهما ( ( ( ثالثها ) ) ) إنْ عَلِمَ قبل الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ في رِدَّتِهِ لم يُعِدْ ( 7 م ) وَلَا إمَامَةُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) تنبيه ( ( ( أخرس ) ) ) قوله ( ( ( بناطق ) ) ) وإن قال بعد ( ( ( بمثله ) ) ) سلامه هو كافر وإنما ( ( ( ر ) ) ) صلى تهزؤا فنصه يعيد ( ( ( وسلم ) ) ) المأموم ( ( ( رواه ) ) ) وقيل لا انتهى المنصوص هو الصحيح من المذهب
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ له حَالَانِ يَعْنِي الْإِمَامَ وَالْحَالَانِ إسْلَامٌ وَكُفْرٌ أو إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ لم يَدْرِ في أَيِّهِمَا أَيْ الْحَالَيْنِ ائْتَمَّ وَأَمَّ فيها فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَ قبل الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ في رِدَّتِهِ لم يُعِدْ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ أَحَدُهَا يُعِيدُ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لايعيد ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ الْفَرْقُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ على ما اصْطَلَحْنَاهُ جَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم قال في الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ فَإِنْ كان الْإِمَامُ مِمَّنْ يُسْلِمُ تَارَةً وَيَرْتَدُّ أُخْرَى لم يُصَلِّ خَلْفَهُ حتى يَعْلَمَ على أَيِّ دَيْنٍ هو فَإِنْ صلى خَلْفَهُ ولم يَعْلَمْ ما هو نَظَرْنَا فَإِنْ كان قد عَلِمَ قبل الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ في رِدَّتِهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ عَلِمَ رِدَّتَهُ وَشَكَّ في إسْلَامِهِ لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ انْتَهَى ذَكَرَهُ في أَوَائِلِ بَابِ الْإِمَامَةِ
____________________
1-
(2/16)
أخرس بناطق ( و ) ولا بمثله نص عليه ( وم ر ) خلافا للأحكام السلطانية والكافي لأنه لم يأت بالأصل والبدل والأمي يأتي بالبدل وهو الذكر
وَلَا إمَامَةُ من به ( ( ( حدثه ) ) ) حدث مُسْتَمِرٌّ ( و ) وَفِيهِ بمثله وَجْهَانِ ( م 8 ) وَلَا على ( ( ( تصح ) ) ) الأصح ( ش ) إمَامَةُ عاجز عن رُكْنٍ أو شَرْطٍ واختار شيخنا ( ( ( تصح ) ) ) الصحة ( ( ( إمامته ) ) ) قاله ( ( ( بقادر ) ) ) في إمام عليه ( ( ( وأما ) ) ) نجاسة يعجز ( ( ( العصمة ) ) ) عنها وَلَا خلاف ( ( ( يقتدي ) ) ) أن ( ( ( بمن ) ) ) المصلي خلف ( ( ( سلس ) ) ) المضطجع ( ( ( البول ) ) ) لا يضطجع وتصح بمثله وإمامة متيمم بمتوضىء ( و ) ولاتكره ( م ) لأن عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل تيمم وهو جنب في ليلة ( ( ( النظم ) ) ) باردة وصلى بأصحابه وعلم النبي ( ( ( تصح ) ) ) صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وغيرهما من رواية عبدالرحمن بن جبير عن عمرو ولم يسمع منه بلا خلاف ورواه عبدالرحمن أيضا عن أبي قيس عن عمرو وفيه أنه غسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة وليس فيه التيمم
وأعل غير واحد الأول بالثاني ويتوجه احتمال وهو متوجه على أصلنا لأن التيمم طهارة ضروية ولهذا يقيد بالوقت ولاتصح إمَامَةُ أُمِّيٍّ ( و ) نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ وَقِيلَ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وهو من يُدْغِمُ في الْفَاتِحَةِ حَرْفًا لايدغم أو يُحِيلُ الْمَعْنَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله ولا إمامة من حدثه مستمر وفيه بمثله وجهان انتهى أحدهما يصح وهو الصحيح جزم به في الهداية والمذهب والكافي والعمدة والشرح والحاويين والوجيز وغيرهم وقدمه ابن تميم وغيره قال في المستوعب ولا تصح إمامه من به سلس البول بمن لا سلس به انتهى وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته فإنه قال ولا يؤم اخرس ولا دائم حدثه وعاجز عن ركن وأنثى بعكسهم وقال في المحرر ومن عجز والمنور عن ركن أو شرط لم تصح إمامته بقادر عليه انتهى وقال في التخليص وأما عدم العصمة في الطهارة كصاحب السلس ونحوه فلا يصح اقتداء المعصوم بهم والوجه الثاني لاتصح قال في الخلاصة ولايقتدي بمن به سلس البول وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين
____________________
1-
(2/17)
بِلَحْنِهِ وَعَنْهُ تَصِحُّ كَبِمِثْلِهِ في الْأَصَحِّ ( م ر ) وفي إعَادَةِ من عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أو شَكَّ فيه وَأَسَرَّ في صَلَاةِ جَهْرٍ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ قارىء ( ( ( قارئ ) ) ) خَلْفَ أُمِّيٍّ فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ ( م 10 ) وإن اقتدى قارىء وأمي بأمي فإن بطل فرض القارىء فهل يبقى نفلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ ولاتصح إمَامَةُ أُمِّيٍّ وَعَنْهُ تَصِحُّ كبمثله في الْأَصَحِّ وفي إعَادَةِ من عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أو شَكَّ فيه وَأَسَرَّ في صَلَاةِ جَهْرٍ وَجْهَانِ انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ على ثَلَاثِ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا قال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ شَكَّ القارىء هل إمامة أُمِّيٌّ أَمْ لَا في صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ فَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا فَوَجْهَانِ وَإِنْ كان في صَلَاةِ جَهْرٍ ولم يَجْهَرْ فَهَلْ يُعِيدُ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ صلى قارىء ( ( ( قارئ ) ) ) خَلْفَ من جَهِلَ كَوْنَهُ قَارِئًا أو شَكَّ فيه في صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ وَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا أو أَسَرَّ في صَلَاةِ جَهْرٍ وادعي أَنَّهُ قَرَأَ فَوَجْهَانِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَمَّا سَلَّمَ فَوَجْهَانِ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ صلى القارىء خَلْفَ من لايعلم حاله ( ( ( يعلم ) ) ) في صَلَاةِ الْإِسْرَارِ صَحَّتْ وَإِنْ كان يُسِرُّ في صَلَاةِ الْجَهْرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي زَادَ الشَّارِحُ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ أَيْضًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لو أَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ لَجَهَرَ وَالْوَجْه الثَّانِي تَصِحُّ انْتَهَى وقال ابن رَزِينٍ فَإِنْ أَسَرَّ في الْجَهْرِ لم يَصِحَّ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لو أَحْسَنَ لَجَهَرَ وَقِيلَ يَصِحُّ انْتَهَى وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَإِنْ شَكَّ القارىء في أُمِّيَّتِهِ في صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ كَوْنُ من يَتَقَدَّمُ إمام ( ( ( إماما ) ) ) قَارِئًا وَإِنْ كان في صَلَاةِ جَهْرٍ فَأَسَرَّ لم يَصِحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّ إمَامَهُ أُمِّيٌّ أَنَّهُ يُعِيدُ وَأَنَّهُ إذَا أَسَرَّ في صَلَاةِ جَهْرٍ ولم يَعْلَمْ هل هو أُمِّيٌّ أَمْ لَا أَنَّهُ لايعيد وَكَذَا لو شَكَّ فيه هل هو أُمِّيٌّ أَمْ لَا
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ القارىء خَلْفَ أُمِّيٍّ فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ فَلَوْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا فقط ( ( ( فقد ) ) ) بَطَلَتْ صَلَاةُ القارىء وفي الْإِمَامِ وَجْهَانِ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا وَحْدَهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ القارىء وَقِيلَ فَرْضًا وفي الْإِمَامِ وَجْهَانِ انْتَهَى قُلْت حَيْثُ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ القارىء بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَنَقْلُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ يُوَافِقُ ما قُلْنَا وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ وَابْنِ حَمْدَانَ الْآتِي يُوَافِقُ ما قُلْنَا في الْفَرْعِ الثَّانِي قُلْت وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ النِّيَّةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا فإنه قال وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ أو مَأْمُومُهُ لم يَصِحَّ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ نَوَى إمَامَةَ من لايصح أَنْ لايؤمه كَامْرَأَةٍ تَؤُمُّ رَجُلًا لاتصح صَلَاةُ الْإِمَامِ في الْأَشْهَرِ وَكَذَا أُمِّيٌّ قارئا ( ( ( قارئ ) ) ) انْتَهَى فَهَذِهِ
____________________
1-
(2/18)
فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ أَمْ لايبقى فَتَبْطُلُ أَمْ إلَّا الْإِمَامَ فيه أَوْجُهٌ ( م 11 ) وَجَوَّزَ الشَّيْخُ اقْتِدَاءَ من يُحْسِنُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ قُرْآنًا وَفَتَحَ هَمْزَةَ ( اهْدِنَا ) وَمُحِيلٌ في الْأَصَحِّ كَضَمِّ تَاءِ ( أَنْعَمْت ) وَكَسْرِ كَافِ ( إيَّاكَ ) وتصح إمامة إمام الحي وهو إما مسجد راتب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
المسألة الأخيرة هي مسألة المصنف التي أطلق الخلاف فيها هنا فيما يظهر والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَدَى قارىء ( ( ( قارئ ) ) ) وَأُمِّيٌّ بِأُمِّيٍّ فَإِنْ بَطَلَ فَرْضُ القارىء فَهَلْ تبقي نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ أَمْ لَا تَبْقَى فَتَبْطُلُ أَمْ إلَّا الْإِمَامَ فيه أَوْجُهٌ انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيّ فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ فإن صَلَاتَهُمَا تَفْسُدُ وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فيه احْتِمَالَانِ أَشْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ القارىء في الْأَصَحِّ وَبَقِيَ نَفْلًا وَقِيلَ لايبقى فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَقِيلَ إلَّا الْإِمَامَ انْتَهَى زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ في صَلَاةِ القارىء وَالْأُمِّيِّ خَلْفَ الْأُمِّيِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْبُطْلَانُ وَالصِّحَّةُ وَقِيلَ في رِوَايَةٍ وَالثَّالِثُ يَصِحُّ في النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ انْتَهَى وفي الرِّعَايَةِ طُرُقٌ غير ما تَقَدَّمَ وَحَكَى ابن الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا أَنَّ الْفَسَادَ يَخْتَصُّ بالقارىء ( ( ( بالقارئ ) ) ) ولاتبطل صَلَاةُ الْأُمِّيِّ قال وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بهذا الْوَجْهِ في تَعْلِيلِهِ فقال بَعْضُهُمْ لِأَنَّ القارىء تَكُونُ صَلَاتُهُ نَافِلَةً فما خَرَجَ من الصَّلَاةِ فلم يَصِرْ الْأُمِّيُّ بِذَلِكَ فَذًّا وقال بَعْضُهُمْ صَلَاةُ القارىء بَاطِلَةٌ على الْإِطْلَاقِ لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَعْرِفَةِ هذا على الناس أَمْرٌ بشق ( ( ( يشق ) ) ) ولايمكن الْوُقُوفُ عليه فَعُفِيَ عنه لِلْمَشَقَّةِ قال الزَّرْكَشِيّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ اخْتَارَ هذا الْوَجْهَ فَيَكُونُ كَلَامُهُ على إطْلَاقِهِ انْتَهَى وقال ابن تَمِيمٍ إنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ القارىء وفي بَقَائِهِ نَفْلًا وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ قُلْنَا لاتصح بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وفي صَلَاتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وقال قبل ذلك وفي صِحَّةِ صَلَاةِ القارىء خَلْفَ الْأُمِّيِّ نَافِلَةً وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لايصح انْتَهَى فيتخلص ( ( ( فتلخص ) ) ) أَنَّ الزَّرْكَشِيّ جَزَمَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ القارىء وَالْأُمِّيِّ وَأَنَّ أَشْهَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَأَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ قَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ القارىء تَبْقَى نَفْلًا قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ النِّيَّةِ في مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ أنها تَنْقَلِبُ نَفْلًا على الْمُقَدَّمِ عِنْدَهُ كما إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قبل وَقْتِهِ أو بَطَلَ الْفَرْضُ الذي انْتَقَلَ منه وَكَذَا لو فَعَلَ ما يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ كَتَرْكِ الْقِيَامِ وَالصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ إذَا قُلْنَا لايصح الْفَرْضُ وَالِائْتِمَامِ بِصَبِيٍّ إنْ لم يَعْتَقِدْ جَوَازَهُ فإن الْمُتَقَدِّمَ عِنْدَهُ وهو الْمَذْهَبُ انْقِلَابُهُ نَفْلًا فَلْتَكُنْ هذه الْمَسْأَلَةُ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/19)
الْعَاجِزِ عن الْقِيَامِ ( م ر ) لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ ( م ر ) وَيُصَلُّونَ جُلُوسًا
وقال في الْخِلَافِ هذا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ لَا تَصِحُّ وفي الْإِيضَاحِ رِوَايَةٌ قِيَامًا وَاخْتَارَهُ في النَّصِيحَةِ وَالتَّحْقِيقِ ( و ) وَعَنْهُ تَصِحُّ مع غَيْرِ إمَامِ الْحَيِّ وَإِنْ لم يُرْجَ زَوَالُهُ ( و ) وفي الْإِيضَاحِ وَالْمُنْتَخَبِ إنْ لم يُرْجَ صَحَّتْ مع إمَامِ الْحَيِّ قِيَامًا فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْأَوْلَى إنْ صَلَّوْا قِيَامًا صَحَّتْ على الإصح وَقِيلَ الْجَاهِلُ وُجُوبَ الْجُلُوسِ وَإِنْ ابْتَدَأَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ أَتَمُّوا قِيَامًا ولم يَجُزْ الْجُلُوسُ نَصَّ عليه وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَلَوْ لم يَكُنْ إمَامَ الْحَيِّ وَإِنْ ارتج على المصلي ( ( ( المصل ) ) ) في الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عن الْإِتْمَامِ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عن الْقِيَامِ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عليه ولايعيدها ذَكَرَهُ في الْفُصُولِ وَيُؤْخَذُ منه وَلَوْ كان إمَامًا وَسَبَقَ في آخِرِ النِّيَّةِ يَسْتَخْلِفُ فَصْلٌ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أو شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ ( ش ) لِأَنَّ الْقِيَاسَ إنَّمَا مَنَعَ انْعِقَادَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أو إمَامَتِهِ كَالْكُفْرِ وَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ منه ( ( ( منع ) ) ) ولمتعذر ( ( ( ولتعذر ) ) ) نِيَّةِ الإمام ( ( ( الإمامة ) ) ) من عَالِمٍ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ
وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ يُعِيدُ إنْ عَلِمَ في الصَّلَاةِ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في إمَامٍ يَعْلَمُ حَدَثَ نَفْسِهِ وَإِنْ كان رُكْنًا أو شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَعَنْهُ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وه ش ) لِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ كما لو اعْتَقَدَهُ مُجْمَعًا عليه فَبَانَ خِلَافُهُ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا ( وم ) كَالْإِمَامِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ في مَسَائِلِ الْخِلَافِ وهو الِاجْتِهَادُ أو التَّقْلِيدُ ( م 12 ) وَكَعِلْمِ الْمَأْمُومِ لَمَّا سَلَّمَ في الإصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أو شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ وَإِنْ كان رُكْنًا أو ( شَرْطًا ) عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَعَنْهُ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ لَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا كَالْإِمَامِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ في مَسَائِلِ الْخِلَافِ وهو الِاجْتِهَادُ أو التَّقْلِيدُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ أَحَدُهُمَا لايعيد وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وَمَالَ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ قاال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ ما هو مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَأْمُومِ دُونَهُ مِمَّا يَسُوغُ فيه الِاجْتِهَادُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ وهو الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وقال مَوْضِعٍ آخَرَ وَالرِّوَايَاتُ المنقوله عن أَحْمَدَ لاتوجب اخْتِلَافًا وَإِنَّمَا ظَاهِرُهَا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُقْطَعُ فيه بخطأ الْمُخَالِفِ تَجِبُ
____________________
1-
(2/20)
وفي المستوعب إن كان في وجوبه عند المأموم روايتان ففي صلاته خلفه روايتان كذا قال ومن ترك ركنا أو شرطا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاده ذكره الآجري ( ع ) لتركه فرضه ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي ترك الطمأنينة وصلى فذا بالإعادة وعنه لا لخفاء طرق علم هذه المسائل وعنه إن طال قال ابن عقيل وجماعة لايجوز أن يقدم على فعل لايعلم جوازه ويفسق أي إن كان مما يفسق به كما جزم في الفصول في عامي شرب نبيذا بلا تقليد وهو معنى كلام القاضي وغيره ولم يصرح القاضي بالفسق في موضع وصرح به في آخر وذكره شيخنا عنه ولم يخالفه ووجدت بعض المالكية ذكر عدم الجواز ( ع ) وهو معنى كلام الآجري السابق وغيره وذكر الأصحاب أن العامي إذا نزلت به حادثه يلزمه حكم وذكره في التمهيد ( ع ) وأنه التقليد وظاهر كلام جماعة أن المؤثر ( إنما ) هو اعتقاد التحريم وإذا لم يفسق من أتى مختلفا فيه معتقدا تحريمه ولم ترد شهادته لأن لفعله مساغا في الجملة فهذا أولى
وقيل للقاضي لو لزمت الجمعة أهل السواد لفسقوا بتركها فقال ما يفسقون لأنه مختلف في وجوبها عليهم ( بهم ) كما يقول أبو حنيفة لو كان في المصر أربعة أنفس لزمتهم الجمعة ولم يفسقوا بتركها للاختلاف في وجوبها ويأتي كلام ابن عقيل في أمهات الأولاد هل يأثم من وطيء أمته المزوجة وكلامه في الكافي أنه جمع بين الجاهل بالتحريم والناسي بعدم التأثيم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الْإِعَادَةُ وما لايقطع فيه بخطأ الْمُخَالِفِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ وهو الذي تَدُلُّ عليه السُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَقِيَاسُ الْأُصُولِ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُعِيدُ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
____________________
1-
(2/21)
@ 23 بَابُ مَوْقِفِ الْجَمَاعَةِ
يُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ( و ) ولايصح قُدَّامَهُ بِإِحْرَامٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ ليس مَوْقِفًا بِحَالٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا تُكْرَهُ وَتَصِحُّ ( وم ) وَالْمُرَادُ وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ وهو مُتَّجِهٌ وَقِيلَ تَصِحُّ جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا لِعُذْرٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال من تَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ فلما أَذِنَ جاء فَصَلَّى قُدَّامَهُ عُزِّرَ وَالِاعْتِبَارُ بِمُؤَخِّرِ الْقَدَمِ وَإِلَّا لم يَضُرَّ كَطُولِ الْمَأْمُومِ وَيُتَوَجَّهُ الْعُرْفُ وَإِنْ تَقَابَلَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ صَحَّتْ في الْأَصَحِّ ( و ) وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ إمَامِهِ فيها صَحَّ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ خَطَؤُهُ وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عليه وَإِنْ تَقَابَلَا حَوْلَهَا صَحَّتْ ( عِ ) وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ في جِهَتَيْنِ ( وَ )
قال في الْخِلَافِ وأمي ( ( ( وأومأ ) ) ) إلَيْهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَقِيلَ وَجِهَةٍ ( خ ) وقال أبو الْمَعَالِي إنْ كان خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ مَسَافَةٌ فَوْقَ بَقِيَّةِ جِهَاتِ الْمَأْمُومَيْنِ فَهَلْ يُمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عن يَمِينِهِ ( و ) فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لم يَصِحَّ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَنْ لم يَحْضُرْهُ أَحَدٌ فَيَجِيءُ الْوَجْهُ يَصِحُّ مُنْفَرِدًا وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ في صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ مَوْقِفِ الْجَمَاعَةِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عن يَمِينِهِ فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لم يَصِحَّ وَالْمُرَادُ كَمَنْ لم يَحْضُرْهُ أَحَدٌ فَيَجِيءُ الْوَجْهُ يَصِحُّ مُنْفَرِدًا وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ في ( صحه ) صَلَاتِهِ وَجْهَانِ يَعْنِي إذَا صَلَّوْا قُدَّامَ الْإِمَامِ وَقُلْنَا لاتصح صَلَاتُهُمْ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ أَحَدُهُمَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لاتصح قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وقال الْمُصَنِّفُ في نُكَتِ الْمُحَرَّرِ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِمَنْ يصلى قُدَّامَهُ مع عِلْمِهِ لم تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ كما لو نَوَتْ الْمَرْأَةُ الإمامية ( ( ( الإمامة ) ) ) بِالرَّجُلِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ بِمَنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَنًّا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ فَصَلَّوْا قُدَّامَهُ
____________________
1-
(2/23)
ونقل ( ( ( انعقدت ) ) ) أبو ( ( ( صلاته ) ) ) طالب ( ( ( عملا ) ) ) في ( ( ( بظاهر ) ) ) رجل ( ( ( الحال ) ) ) أم رجلا قام ( ( ( نوى ) ) ) عن يساره يعيد وإنما صلى الإمام وحده وظاهره تصح منفردا دون المأموم وإنما يستقيم على إلغاء نية الْإِمَامَةَ ذكره صاحب المحرر
ونقل جعفر في مسجد محرابه غصبت قدر ما يقوم الإمام فيه صلاة الإمام فاسدة وإذا فسدت صلاته فسدت صلاة المأمومين وإن وقف عن يساره أحرم أم لا أداره من ورائه ( ( ( عادته ) ) ) فإن ( ( ( حضور ) ) ) جاء آخر ( ( ( عنده ) ) ) وقف خلفه وإلا أدارهما فإن شق تقدم الإمام ولو تأخر الأيمن قبل إحرام الداخل ليصليا خلفه جاز وفي نهاية أبي المعالي والرعاية بل أولى لأنه لغرض صحيح وكتفاوت إحرام اثنين خلفه ثم إن بطلت صلاة أحدهما تقدم الآخر إلى الصف أو إلى يمين الإمام أو جاء آخر وإلا نوى المفارقة ولو أدركهما جالسين أحرم ولا تؤخر إذا للمشقة وقيل إن وقف إمام بينهما ففي الكراهة ( وه ) احتمالان
وفي الخلاف وغيره في الفذ قام مقاما لايجوز أن يقومه مع اختصاصه بالنهي لأجل صلاته ففسدت كقدام الإمام ووقوفه إلى جنب امرأة مشتركان في النهي ووقوف الإمام وسط الصف مشتركون في النهي ووقوف الإمام خلف المأموم نهي عنه لأجل فساد صلاة المأمومين بدليل جواز وقوف المنفرد حيث شاء ولا بأس بقطع الصف عن يمينه أو خلفه وكذا إن بعد الصف منه نص عليه ويستحب توسطه للصف للخبر فَصْلٌ وَمَنْ صلى عن يَسَارِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مع خُلُوِّ يَمِينِهِ لم يَصِحَّ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا وهو أَظْهَرُ ( و ) وَقِيلَ إنْ كان خَلْفَهُ صَفٌّ وَمَنْ صلى فَذًّا خَلْفَهُ رَكْعَةً وَقِيلَ أو أَحْرَمَ وَاخْتَارَهُ في الرَّوْضَةِ وذكر رِوَايَةً وَقِيلَ لِغَيْرِ غَرَضٍ لم يَصِحَّ وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ وفي النَّوَادِرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) انعقدت صلاته عملا بظاهر الحال كما لو نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده انتهى
____________________
1-
(2/24)
رِوَايَةٌ تَصِحُّ لِخَوْفِهِ تَضَيُّقًا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وهو مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِعُذْرٍ وَعَنْهُ مُطْلَقًا ( و ) وَعَنْهُ في النَّفْلِ بناه ( ( ( وبناه ) ) ) في الْفُصُولِ على من صلى بَعْضَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ وَحَيْثُ صَحَّتْ فَالْمُرَادُ مع الْكَرَاهَةِ وَيُتَوَجَّهُ إلَّا لِعُذْرٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ
وقال في التَّعْلِيقِ يَقِفُ فَذًّا في الْجِنَازَةِ رَوَاهُ ابن بَطَّةَ عن أبي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ أبو حَفْصٍ عن عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَلِأَحْمَدَ من رِوَايَةِ عبدالله الْعُمَرِيِّ وهو ضَعِيفٌ عن أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَلَهُ وَقَالَهُ أبو الْوَفَاءِ وأبو الْمَعَالِي وَأَنَّهُ أَفْضَلُ إنْ تَعَيَّنَ صَفًّا ثَالِثًا قال في الْفُصُولِ فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ مُعَايَاةٍ
وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دخل الصَّفَّ أو وَقَفَ معه غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ صَحَّتْ وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا ولم يَسْجُدْ وفي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ أو سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دخل الصَّفَّ أو وَقَفَ معه غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ صَحَّتْ ( وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ ) وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا ولم يَسْجُدْ وفي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ أو سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ الثلاثة ( ( ( الثلاث ) ) ) في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُنَّ يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ على الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لاتصح مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُذَهَّبِ بَطَلَتْ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ لم تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ وَنَصَّ عليها وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَشَرْحِ الطُّوفِيِّ على الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ وَحَمَلَ هو وَالشَّارِحُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عليه قال الزَّرْكَشِيّ صَرَفَ أبو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عن ظَاهِرِهِ وَحَمَلَهُ على ما بَعْدَ الرُّكُوعِ لِيُوَافِقَ النُّصُوصَ وَجُمْهُورَ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ في التخليص وَالْبُلْغَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(2/25)
وإن فعله لغير ( ( ( يظهر ) ) ) غرض لم تصح ( ( ( يدخلها ) ) ) في الأصح وأطلق في الفصول فيما إذا كان لغرض في إدراك الركعة لخبر أبي بكرة وجهين ولعل المراد قبل رفع الإمام وله أن ينبه من يقوم معه بنحنحة أو كلام ويتبعه ( م ) ويكره بجذبه في الْمَنْصُوصِ ( وم ( ( ( وكثرة ) ) ) ) وقيل يحرم ( ( ( ولدليل ) ) ) ( خ ( ( ( يساعدها ) ) ) ) اختاره ابن عقيل
قال ( ابن عقيل ) ولو كان عبده أو ابنه لم يجز لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ على ظَهْرِ غَيْرِهِ في زِحَامٍ ( وه ش ) نَصَّ عليه لِأَنَّ عُمَرَ قَالَهُ في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ ولم يُنْكَرْ وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ كَرِهَهُ كَمَنْ يَكْرَهُ التَّرَاصَّ في الصُّفُوفِ وَمَنَعَهُ ابن عَقِيلٍ فيومىء ( ( ( فيومئ ) ) ) ما أَمْكَنَهُ ( وم ) كَالْبَهِيمَةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَسْجُدُ إنْ كانت طَاهِرَةً وَكَغَيْرِ حَاجَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَعَنْهُ له أَنْ يَنْتَظِرَ زَوَالَهُ وَلَوْ احْتَاجَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ فَوَجْهَانِ ( م 3 )
قال أبو الْمَعَالِي وَإِنْ لم يُمْكِنُهُ سُجُودٌ إلَّا على مَتَاعِ غَيْرِهِ صَحَّتْ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلَ طَرَفَ الْمُصَلِّي وَذَيْلَ الثَّوْبِ أَصْلًا لِلْجَوَازِ نَقَلَ ابن هانىء يَقُومُ بين رَجُلَيْنِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ
وَلَا يَصِحُّ وُقُوفُ امْرَأَةٍ فَذًّا وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَإِنْ وَقَفَتْ مع رَجُلٍ فقال جَمَاعَةٌ فذ ( ( ( فذا ) ) ) وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لااختاره الْقَاضِي وأبو الْوَفَاءِ ( م 4 ) وَإِنْ وَقَفَتْ مع رِجَالٍ لم تَبْطُلْ صَلَاةُ من يَلِيهَا وَخَلْفَهَا ( ه ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تنبيه ) الذي يظهر أن الخلاف المطلق إنما هو في الروايتين الأوليين والرواية الثالثة أضعف منهما عند المصنف لكونه لم يدخلها في إطلاق الخلاف والذي يظهر أنها أقوى بالنسبة إلى المنصوص وكثرة الأصحاب ولدليل يساعدها والله أعلم
( مسألة 3 ) قوله ويلزمه أن يسجد على ظهر غيره في زحام نص عليه ولو احتاج أن يضع يديه أو رجليه فوجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في رعايته الكبرى أحدهما لايجوز قال المجد في شرحه هذا الأقوى عندي وهو قول إسحاق بن راهويه والوجه الثاني يجوز ويلزمه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقدمه في مجمع البحرين قال ابن تميم والتفريع على الجواز
( مسألة 4 ) وإن وقفت امرأة مع رجل فقال جماعة فذ يعني الرجل وذكره صاحب المحرر عن أكثر الأصحاب وعنه لا اختاره القاضي وأبو الوفاء انتهى
____________________
1-
(2/26)
فِيهِمَا ذَكَرَهُ ابن حَامِدٍ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ كَوُقُوفِهَا في غَيْرِ صَلَاةٍ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ فِيمَنْ يَلِيهَا رِوَايَةً تُبْطِلُ وفي الْفُصُولِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ وَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْمَنْصُوصِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقِيلَ وَمَنْ خَلْفَهَا وَقِيلَ وَأَمَامَهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا ( وَ ) خِلَافًا لِلشَّرِيفِ وَأَبِي الْوَفَاءِ لِلنَّهْيِ عن وُقُوفِهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا فَهُمَا سَوَاءٌ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا أُمِرَ الرَّجُلُ قَصْدًا بِتَأْخِيرِهَا فَتَرَكَ الْفَرْضَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمَّا أُمِرَتْ هِيَ ضِمْنًا أَثِمَتْ فَقَطْ فَزَادُوا على الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ فَيَلْزَمُهُمْ فَرْضِيَّةُ الْفَاتِحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةُ وَغَيْرِ ذلك
وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِلْمُحَاذَاةِ شُرُوطًا يَطُولُ ذِكْرُهَا وَالْتَزَمَ الْحَنَفِيَّةُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاعْتَذَرُوا بِالنَّهْيِ عن حُضُورِهَا فلم يُؤْخَذْ عليها تَرْتِيبٌ في الْمَقَامِ فيها وَالْتَزَمَ الْقَاضِي أنها مَنْهِيَّةٌ عن حُضُورِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَلَا فَرْقَ وَالْأَوْلَى ما سَبَقَ من عَدَمِ النَّهْيِ في الْكُلِّ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عليهم بِأَنَّهُ يَجِبُ عليها التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فَتَكُونُ مَأْمُورَةً ولم تَبْطُلْ صَلَاتُهَا
وَصَفٌّ تَامٌّ من النِّسَاءِ لايمنع اقْتِدَاءَ من خَلْفَهُنَّ من الرِّجَالِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ صَفٍّ لِتَأَكُّدِ إسَاءَتِهِمْ في الْمَوْقِفِ بِخِلَافِ امْرَأَةٍ في صَفِّ رِجَالٍ فإن أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا أَبْطَلَا صَلَاةَ اثْنَيْنِ عن جَنْبَيْهَا وَثَالِثٍ خَلْفَهَا يُحَاذِيهَا وَإِنْ أَمَّهَا رَجُلٌ وَقَفَتْ خَلْفَهُ وَإِنْ وَقَفَتْ عن يَسَارِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ لم تَبْطُلْ صَلَاتُهَا وَلَا من يَلِيهَا فَكَرَجُلٍ وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ إنْ وَقَفَتْ يَمِينَهُ وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ في تَقْدِيمِهَا أَمَامَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ
وفي التَّعْلِيقِ في الصَّلَاةِ قُدَّامَ الْإِمَامِ قال إذَا كان الْإِمَامُ رَجُلًا وهو عُرْيَانُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَأَطْلَقَهُمَا في الذهب وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا يَكُونُ فَذًّا وهو الصَّحِيحُ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ عن أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت منهم ابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيره وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لايكون فَذًّا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كما قال الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(2/27)
والمأموم امرأة فإنها تقف إلى جنبه وإن وقف الخناثي صفا ولم تبطل صلاة رجل بجنب امرأة ولا صلاتها ويخرج عن كونه فذا بوقوفه معها صح وإلا فلا
وقال صاحب المحرر والأبعد القول بصحتهم صفا ويمكن أن يوجه قولهم بأن الفساد يقع في غير معين كالمني والريح من غير معين فإن سلمنا بني على أصل الطهارة وإلا منعنا الحكم فيهما وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ خُنْثَى صَحَّ في الْأَصَحِّ فَقِيلَ يَقِفُ عن يَمِينِهِ وَقِيلَ خَلْفَهُ ( م 5 ) وَانْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالصَّبِيِّ وَمُصَافَّتِهِ كَإِمَامَتِهِ لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَفَرْضُهُ نَفْلٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ
وَقِيلَ يَصِحُّ فَيَقِفُ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ خَلْفَهُ وهو أَظْهَرُ ( و ) وَعَلَى الْأَوَّلِ عن يَمِينِهِ أو جَانِبَيْهِ نَصَّ عليه وفي الْخِلَافِ هذا وَرِوَايَةُ أبي طَالِبٍ عن جَانِبَيْهِ وَمَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّتْ مُصَافَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا من جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ وَجَهِلَ مصافه ( و ) قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَجَهْلِ مَأْمُومٍ حَدَثَ إمَامٍ على ما سَبَقَ وفي الْفُصُولِ إنْ بَانَ مُبْتَدِعًا أَعَادَ لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُؤَمُّ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ فإن الْمُتَيَمِّمَ يُؤَمُّ
وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ تَقِفُ في صَفِّهِنَّ وَسَطًا وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا وقد رَوَى أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ عن أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا تُصَلِّي مَعَهُنَّ في الصَّفِّ وَلَا تَقْدَمُهُنَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَّ رحل خنثي صَحَّ في الْأَصَحِّ فَقِيلَ يَقِفُ عن يَمِينِهِ وَقِيلَ خَلْفَهُ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَقِفُ عن يَمِينِهِ وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي على أَصْلِنَا أَنَّهُ يَقِفُ عن يَمِينِهِ لِأَنَّ وُقُوفَ الْمَرْأَةِ جَنْبَ الرَّجُلِ غَيْرُ مُبْطِلٍ وَوُقُوفَهُ خَلْفَهُ احتمال ( ( ( لاحتمال ) ) ) كَوْنِهِ رَجُلًا فَذًّا وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في الْبُطْلَانِ بِهِ قال وَمَنْ تَدَبَّرَ هذا بِفَهْمٍ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ سَهْوٌ على الْمَذْهَبِ انْتَهَى قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشارح الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ عن يَمِينِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقِفُ خَلْفَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
____________________
1-
(2/28)
فَصْلٌ وَمَنْ لم يَرَ الْإِمَامَ وَلَا من وَرَاءَهُ صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ إذَا سمع التَّكْبِيرَ وهو وَالْإِمَامُ في الْمَسْجِدِ ( وم ش ) وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ يَصِحُّ في النَّفْلِ وَعَنْهُ وَالْفَرْضِ مُطْلَقًا ( وَ ) كَظُلْمَةٍ وَضَرَرٍ وَعَنْهُ لايضر الْمِنْبَرُ وَعَنْهُ لِجُمُعَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ رَآهُ أو من وَرَاءَهُ في بَعْضِهَا في الْمَسْجِدِ صَحَّ وَكَذَا خَارِجَهُ مع إمْكَانِ الِاقْتِدَاءِ جَزَمَ بِهِ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في الْمَذْهَبِ ( وه ) وَلَوْ جَاوَزَ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ ( ش ) أو كانت جُمُعَةً في دَارٍ وَدُكَّانٍ ( م ) وَجَزَمَ في الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي وَغَيْرِهَا بِاعْتِبَارِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ ( خ ) عُرْفًا
وزاد في التخليص وَالرِّعَايَةِ أو ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ من الْإِمَامِ إلَّا ما خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَاعْتَبَرَ في الْمُغْنِي اتِّصَالَ الصُّفُوفِ وَفَسَّرَ ذلك بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ وَلَا يُمْنَعُ الِاقْتِدَاءُ وَاعْتَبَرَهُ في الشَّرْحِ وَفَسَّرَهُ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُ إمْكَانَ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فيه وَلَا إجْمَاعَ فَرَجَعَ إلَى الْعُرْفِ
وَقِيلَ يُمْنَعُ شُبَّاكٌ وَنَحْوُهُ وحكى رِوَايَةً وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا قال جَمَاعَةٌ مع الْقُرْبِ الْمُصَحَّحِ نَهْرٌ تَجْرِي فيه السُّفُنُ أو طَرِيقٌ ولم تَتَّصِلْ فيه الصُّفُوفُ إنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فيه زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنْ يَكُونَ بين الصفين ( ( ( صفين ) ) ) ما يَقُومُ فيه صَفٌّ آخَرُ وهو مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لم يَصِحَّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِلْآثَارِ ( وه ) وَعَنْهُ يصح اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ( وم ش )
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو الْقِيَاسُ تُرِكَ لِلْآثَارِ وَمِثْلُهُ إذَا كان بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ بِأُخْرَى لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ وَالْمُرَادُ في غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَلْحَقَ الْآمِدِيُّ بِالنَّهْرِ النَّارَ وَالْبِئْرَ وَقِيلَ وَالسَّبُعُ وَقَالَهُ أبو الْمَعَالِي في الشَّوْكِ وَالنَّارِ فَصْلٌ وَيُكْرَهُ على الْأَصَحِّ عُلُوُّ الْإِمَامِ كَثِيرًا ( وه م ) لِأَنَّ فِعْلَهُ في خَبَرٍ سَهْلٍ يَدُلُّ ( على ) أَنَّ النَّهْيَ ليس لِلتَّحْرِيمِ وَعَنْهُ إنْ لم يُرِدْ التَّعْلِيمَ ( وش ) وَقِيلَ إنْ فَعَلَ لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ ( وم ) وَإِنْ سَاوَاهُ بَعْضُهُمْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ في الإصح ( وم ) زَادَ
____________________
(2/29)
بَعْضُهُمْ بِلَا كَرَاهَةٍ ( وه ) وفي النَّازِلِينَ إذًا الْخِلَافُ وَالْكَثِيرُ ذِرَاعٌ عِنْدَ القاضيي وَقَدَّرَهُ أبو الْمَعَالِي بِقَامَةِ المأمو ( ( ( المأموم ) ) ) لِحَاجَتِهِ إلَى رَفْعِ رَأْسِهِ إليه
وفي الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَيْهِ وهو مَنْهِيٌّ عنه وَكَذَا عَلَّلَهُ في الْفُصُولِ إلَّا أَنَّهُ قال وهو مَكْرُوهٌ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَالْقَوْلَيْنِ وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ الْمَأْمُومِ نَصَّ عليه ( ش ) وَلَا يُعِيدُ الْجُمُعَةَ مُصَلِّيهَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ ( م ) وَيُكْرَهُ وُقُوفُ الْإِمَامِ في الْمِحْرَابِ بِلَا حَاجَةٍ ( وه ) كَضِيقِ الْمَسْجِدِ وَعَنْهُ لَا كسجود ( ( ( كسجوده ) ) ) فيه وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ
وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ نُصَّ عليه وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ في الطَّاقِ وقد كَرِهَهُ عَلِيٌّ وابن مَسْعُودٍ وابن عُمَرَ وأبو ذَرٍّ وقال الْحَسَنُ الطَّاقُ في الْمَسْجِدِ أَحْدَثَهُ الناس وكان يَكْرَهُ كُلَّ مُحْدَثٍ وَعَنْ سَالِمِ بن أبي الْجَعْدِ لَا تَزَالُ هذه الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ ما لم يَتَّخِذُوا في مَسَاجِدِهِمْ مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ النَّصَارَى وكان ابن عُمَرَ أَيْضًا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ في مَسْجِدٍ يُشْرِفُ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كان إذَا مَرَّ بِمَسْجِدٍ يُشْرِفُ قال هذه بِيعَةٌ فَهَذَا من أَحْمَدَ يَتَوَجَّهُ منه كَرَاهَةُ الْمِحْرَابِ وَاقْتَصَرَ ابن الْبَنَّاءِ عليه فَدَلَّ أَنَّهُ قال بِهِ وَفِيهِ أَيْضًا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ في الْمَسَاجِدِ الْمُشْرِفَةِ ولم أَجِدْهُ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَا في كَلَامِ أَحْمَدَ إلَّا هُنَا وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ وَكَالْمَسْجِدِ وَالْجَامِعِ وَفِيهِمَا في آخِرِ الرِّعَايَةِ أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْمُرَادُ وَلَا يبني مسجدا ( ( ( مسجد ) ) ) ضِرَارًا
وقال محمد بن مُوسَى يَبْنِي مَسْجِدًا إلَى جَنْبِ مَسْجِدٍ قال لَا تبنى ( ( ( يبني ) ) ) الْمَسَاجِدَ لِيُعَدِّيَ بَعْضُهَا بَعْضًا وقال صَالِحٌ قُلْت لِأَبِي كَمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بين الْمَسْجِدَيْنِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا إلَى جَانِبِهِ مَسْجِدًا قال لَا يبني مسجدا ( ( ( مسجد ) ) ) يُرَادُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدٍ إلَى جَنْبِهِ فَإِنْ كَثُرَ الناس حتى يَضِيقَ عليهم فَلَا بَأْسَ أَنْ يبني وَإِنْ قَرُبَ من ذلك
فَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لايبني لِقَصْدِ الضِّرَارِ وَإِنْ لم يُقْصَدْ وَلَا حَاجَةً فَرِوَايَتَانِ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بن مُوسَى لَا يبني وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُهَا وَقَالَهُ فِيمَا بني جِوَارَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ يبني ( م 6 ) نقل أبو داود في محراب يريد أن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَلَا يَبْنِي مَسْجِدًا ضِرَارًا يعين لِمَسْجِدٍ آخَرَ لِقُرْبِهِ وَإِنْ لم يَقْصِدْ الضِّرَارَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَرِوَايَتَانِ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بن مُوسَى لَا يَبْنِي وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ يَجِبُ
____________________
1-
(2/30)
يَنْحَرِفَ عنه الْإِمَامُ قال يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ وَيُحَرَّفَ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ وَفَوْقَ ذلك الْمَسْجِدِ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْجِدِ بَيْتُ غَلَّةٍ وَلَوْ جُعِلَ فَوْقَ الْحَوَانِيتِ مَسْجِدًا وَغَلَّتُهَا لِرَجُلٍ قال هذا لَا بَأْسَ بِهِ قِيلَ له فيختار ( ( ( فتختار ) ) ) الصَّلَاةَ في غَيْرِهِ قال لَا وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ مَوْضِعَ الْمَكْتُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ نَصَّ عليه ( وه م ) وَقِيلَ تَرْكُهُ أَوْلَى كَالْمَأْمُومِ
وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الْوُقُوفُ بين السَّوَارِي قال أَحْمَدُ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الصَّفَّ قال بَعْضُهُمْ فَتَكُونُ سَارِيَةً عَرْضُهَا مَقَامُ ثلاث بِلَا حَاجَةٍ وَيَتَوَجَّهُ أَكْثَرُ أو الْعُرْفُ وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ وَلِهَذَا لَمَّا جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَرْجِعُ في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ إلَى الْعُرْفِ وَبَحَثَ مع الشَّافِعِيَّةِ في تَقْدِيرِهِمْ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ قال الْقَدْرُ الذي يَخْرُجُ بِهِ من حَدِّ الْقِلَّةِ ما زَادَ على الثَّلَاثِ وَلِهَذَا جَعَلُوا خِيَارَ الشَّرْطِ ثَلَاثًا وَقَالُوا الثَّلَاثُ آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ وفي هذا الْمَوْضِعِ جَعَلُوا الثَّلَاثَ في حَدِّ الْكَثْرَةِ وما دُونَ الثَّلَاثِ في حَدِّ الْقِلَّةِ وَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ وَعَنْهُ ( لَا ) يُكْرَهُ ( وَ ) كَالْإِمَامِ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِالْمَسْجِدِ لَا يصلى فَرْضَهُ إلَّا بِهِ وَيُبَاحُ ذلك في النَّفْلِ جَمْعًا بين الْخَبَرَيْنِ
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ دَوَامُهُ بِمَوْضِعٍ منه وقال الْمَرُّوذِيُّ كان أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كانت فَاضِلَةً ( ش ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وهو ظَاهِرُ ما سَبَقَ من تَحَرِّي نَقْرَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّ عِتْبَانَ لَمَّا لم يَسْتَطِعْ الْمَسْجِدَ طَلَبَ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ في مَكَان في بَيْتِهِ لِيُصَلِّيَ فيه وَلِلْبُخَارِيِّ اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا
وَلِأَنَّ سَلَمَةَ كان يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ التي عِنْدَ الْمُصْحَفِ وقال إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا مُتَّفَقٌ عليه وَنَهْيُهُ عليه السَّلَامُ عن إيطَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) هدمها ( ( ( المكان ) ) ) وقاله ( ( ( كإيطان ) ) ) فيما ( ( ( البعير ) ) ) بني جوار جامع بني ( ( ( محمود ) ) ) أمية وظاهر ( ( ( مجهول ) ) ) رواية صالح ( ( ( البخاري ) ) ) يبني انتهى الصحيح ما اختاره الشيخ تقي الدين والله أعلم فهذه ست مسائل قد صححت ولله الحمد
( تبيه ) ليس في بَابُ الْعُذْرِ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَابِ صَلَاةِ المرضي شَيْءٌ من الْمَسَائِلِ التي فيها الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ
____________________
1-
(2/31)
المكان كإيطان البعير فيه تميم بن محمود وهو مجهول وقال البخاري في إسناد حديثه نظر ثم يحمل على مكان مفصول أو لخوف رياء ونحوه وظاهره أيضا ولو لحاجة كاستماع حديث وتدريس وإفتاء ونحوه ويتوجه لا وذكره بعضهم اتفاقا لأنه لقصد
____________________
(2/32)
باب العذر في ترك الجمعة والجماعة
يعذر فيهما بمرض وبخوف حدوثه وإن لم يتضرر بإتيانها راكبا أو محمولا أو تبرع أحد به أو بأن يقود أعمى لزمته الجمعة وقيل لا كالجماعة نقل المروذي في الجمعة يكتري ويركب وحمله القاضي على ضعف عقب المرض فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر
ونقل أبو داود فيمن يحضر الجمعة فيعجز عن الجماعة يومين من التعب قال لا أدري وبمدافعة أحد الأخبثين وبحضرة طعام محتاج إليه ويشبع لخبر أنس في الصحيحين ولا يعجلن حتى يفرغ منه وعنه ما يسكن نفسه وجزم به جماعة في الجمعة وذكر ابن حامد إن بدأبالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدر إلى الصلاة لحديث عمرو بن أمية إن النبي صلى الله عليه وسلم دعي إلى الصلاة وهو يحتز من كتف شاة يأكل منها فقام وصلى متفق عليه كذا قال ولعل مراده مع عدم الحاجة وبخوفه على نفسه أو ماله ولو تعمد سبب المال خلافا لابن عقيل في الجمعة قال كسائر الحيل لإسقاط العبادات كذا أطلق واستدل
وعنه إن خاف ظلما في ماله فليجعله وقاية لدينه ذكره الخلال أو ضائع يرجوه أو معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على حفظه وبخوف معسر حبسه أو لزه أو تطويل إمام أو موت قريبه نص عليه أو تمريضه ونقل ابن منصور فيه وليس له من يخدمه وأنه لا يترك الجمعة
وفي النصيحة وليس له أن يخدمه إلا أن يتضرر ولم يجد بدا من حضوره أو رفيقه أو فوت رفقته وبغلبة نعاس يخاف فوتها في الوقت وكذا مع الإمام وقيل في الجماعة لا الجمعة وقيل لا فيهما
وذكر ابن الجوزي يعذر فيهما بخوفه نقض وضوئه بانتظاره وبالتأذي
____________________
(2/33)
بمطر أو وحل ( و ) في الجمعة وعنه سفرا وبريح باردة في ليلة مظلمة ولم يذكر بعضهم مظلمة وقيل ريح شديدة وعنه سفرا
وعنه كلها عذر في سفر لاحضر وعن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير زاد مسلم في يوم جمعة إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم فكأن الناس استنكروا ذلك فقال فعله من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعن ابن عمر مرفوعا أنه كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقوم ألا صلوا في رحالكم ولم يقل ابن ماجة في السفر متفق عليهما فدل على العمل بأيهما شاء ويأتي كلام القاضي في الجمع وفي الفصول يعذر في الجمعة بمطر وبرد وخوف وفتنة كذا قال ونقل أبو طالب من قدر يذهب في المطر فهو له أفضل وذكره أبو المعالي ثم قال لو قلنا ينبغي مع هذه الأعذار لأذهبت الخشوع وجلبت السهو فتركه أفضل
وقال والزلزلة عذر لأنها نوع خوف وذكر صاحب المحرر وغيره أن التجلد على دفع النعاس ويصلي معهم أفضل وأن الأفضل ترك ما يرجوه لا ما يخاف تلفه وذكر بعضهم أن الرخص غير الجمع أفضل ويأتي كلام ابن عقيل في الجمعة وظاهر كلام أبي المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ولهذا جعله أصحابنا كالبرد المؤلم في منع الحكم والإفتاء
وَيُكْرَهُ حُضُورُ الْمَسْجِدِ من ( ( ( لمن ) ) ) أَكَلَ بَصَلًا أو فُجْلًا وَنَحْوَهُ حتى يَذْهَبَ رِيحُهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَلَا الْمَسْجِدُ من آدَمِيٍّ لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ وَالْمُرَادُ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ لم يَكُنْ بِمَسْجِدٍ وَلَوْ في غَيْرِ صَلَاةٍ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ قَوْلِهِ في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرٌ في الْفُصُولِ تُكْرَهُ صَلَاةُ من أَكَلَ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مع بَقَائِهَا أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أو لَا
وفي الْمُغْنِي في الْأَطْعِمَةِ ( يُكْرَهُ ) أَكْلُ ( كل ) ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لِأَجْلِ رَائِحَتِهِ ( منه ) أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أو لَا وقال ابن الْبَنَّا في أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ ( بَابُ ماتجنب
____________________
(2/34)
الْمَسَاجِدُ وَيُمْنَعُ منه فيها لِحُرْمَتِهَا )
وَمِمَّا ذُكِرَ خَبَرُ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ لِخَبَرِ أَنَسٍ من أَكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَلِمُسْلِمٍ من حديث جَابِرٍ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فإن الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى منه بَنُو آدَمَ
وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ الناس يوم الْجُمُعَةِ وقال عن الْبَصَلِ وَالثُّومِ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا من الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ الى الْبَقِيعِ وَتَرَكَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُغِيرَةَ في الْمَسْجِدِ وقد أَكَلَ ثُومًا وقال إنَّ لَك عُذْرًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ على أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَظَاهِرُهُ أن لايخرج وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ منه مُطْلَقًا وهو مَعْنَى كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ولكن إنْ حَرُمَ دُخُولُهُ وَجَبَ إخْرَاجُهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَسَأَلَهُ أبو طَالِبٍ إذَا شَمَّ الْإِمَامُ رِيحَ الثُّومِ يَنْهَاهُمْ قال نعم يقول لَا تُؤْذُوا أَهْلَ الْمَسْجِدِ بِرِيحِ الثُّومِ
وَنَقَلَ محمد بن يحيى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ بِإِخْرَاجِ رَجُلٍ من الْمَسْجِدِ شَمَّ منه رِيحَ الثُّومِ قال بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ من الْمَأْكُولِ مَضْغُ السَّذَابِ أو السُّعْدِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ من بِهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَلِهَذَا سَأَلَهُ جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ عن النَّفْطِ يُسْرَجُ بِهِ قال لم أَسْمَعْ فيه بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يُتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ ذَكَرَهُ ابن الْبَنَّا في أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ
وَيُعْذَرُ من عليه قَوَدٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ ولم يَذْكُرْهُ وَقِيلَ وَلَوْ رَجَاهُ على مَالٍ لَا من عليه حَدٌّ او ( حَدُّ ) قَذْفٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ وَلَا يُعْذَرُ بِمُنْكَرٍ في طَرِيقِهِ نَصَّ عليه لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِنَفْسِهِ لَا قَضَاءُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ قال في الْفُصُولِ كما لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ على الْجِنَازَةِ لِأَجْلِ ما يتبعهما ( ( ( يتبعها ) ) ) من نَوْحٍ وَتَعْدَادٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا هُنَا كَذَا قال وَلَا بِالْجَهْلِ بِالطَّرِيقِ إذَا وَجَدَ من يَهْدِيهِ وَكَذَا بِالْعَمَى
وقال في الْفُنُونِ الْإِسْقَاطُ بِهِ هو مُقْتَضَى النَّصِّ وفي الْفُصُولِ الْمَرَضُ
____________________
(2/35)
وَالْعَمَى مع عَدَمِ الْقَائِدِ لَا يَكُونُ عُذْرًا في حَقِّ الْمُجَاوِرِ في الْجَامِعِ ( وَالْمُجَاوِرِ ) له لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ قال في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ ما يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ قال في الْفُنُونِ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ وَيُصَلِّي جُمُعَةً فيها دُعَاءٌ لِبُغَاةٍ وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ
____________________
(2/36)
بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ
يُصَلِّي قَائِمًا ( ع ) وَلَوْ مُعْتَمِدًا بِشَيْءٍ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يَلْزَمُهُ اكْتِرَاءُ من يُقِيمُهُ وَيَعْتَمِدُ عليه وَإِنْ شَقَّ لِضَرَرٍ أو تَأَخُّرِ بُرْءٍ فَقَاعِدًا ( وَ ) وَيَتَرَبَّعُ ( وم ) نَدْبًا ( وَ ) وَقِيلَ وُجُوبًا وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ كَمُتَنَفِّلٍ
قال في نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لَزِمَهُ وَإِلَّا رَكَعَ قَاعِدًا وَعَنْهُ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ تَرَبَّعَ وَإِلَّا افْتَرَشَ وَلَا يَفْتَرِشُ مُطْلَقًا ( ه ر ق ) وَعَنْهُ لَا يَقْعُدُ إلَّا إنْ عَجَزَ عن قِيَامِهِ لِدُنْيَاهُ وَأَسْقَطَهُ الْقَاضِي في كِتَابِهِ ( الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ) بِضَرَرٍ مُتَوَهَّمٍ وَأَنَّهُ لو تَحَمَّلَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ حتى ازْدَادَ مَرَضُهُ أَثِمَ وَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُسْقِطُ فَرْضَهُ بِالتَّوَهُّمِ فَلَوْ قِيلَ له لَا تَأْمُرْ على فُلَانٍ بِالْمَعْرُوفِ فإنه يَقْتُلُك لم يَسْقُطْ عنه لِذَلِكَ يُؤَيِّدُ ما قَالَهُ إنَّ الْأَصْحَابَ بَلْ وَالْإِمَامَ أَحْمَدَ إنَّمَا اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ وهو ضِدُّ الْأَمْنِ وقد قالوا يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا لم يُؤَمَّنْ هُجُومَ الْعَدُوِّ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في الْإِرْشَادِ أن من شَرْطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ على نَفْسِهِ وَمَالِهِ خَوْفَ التَّلَفِ وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ وَالْمَسْأَلَةُ في الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ
وَنَقَلَ عبدالله إذَا كان قِيَامُهُ يُوهِنُهُ وَيُضْعِفُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وقال أبو العالي وَيُصَلِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَاعِدًا إنْ أَمْكَنَ معه الصَّوْمُ وَإِنْ شَقَّ قَاعِدًا وَالْمَذْهَبُ وَلَوْ بِتَعَدِّيهِ بِضَرْبِ سَاقِهِ كَتَعَدِّيهَا بِضَرْبِ بَطْنِهَا فَنَفَّسَتْ كما سَبَقَ فَعَلَى جَنْبِهِ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ قَادِرًا وَصَلَّى على ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ كُرِهَ وَيَصِحُّ وَعَنْهُ لَا ( وش )
وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ يُصَلِّي على ما قَدَرَ وَتَيَسَّرَ عليه وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ كَيْفَ شَاءَ كِلَاهُمَا جَائِزٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِلْقَاءُ أَوَّلًا ( ه ) وَيَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ ما أَمْكَنَهُ نَصَّ عليه ( وَ )
وقال أبو الْمَعَالِي وَأَقَلُّ رُكُوعِهِ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ ما وَرَاءَ رُكْبَتَيْهِ من الْأَرْضِ أَدْنَى
____________________
(2/37)
مُقَابَلَةٍ وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ وَجَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضُ وَإِنْ سَجَدَ ما أَمْكَنَهُ على شَيْءٍ رَفَعَهُ كُرِهَ وَصَحَّ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَعَنْهُ يُخَيَّرُ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً لَا يُجْزِئُهُ كَيَدِهِ وَلَا بَأْسَ بِسُجُودِهِ على وِسَادَةٍ ونحوه وَعَنْهُ هو أَوْلَى من الْإِيمَاءِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا
قال وَنَهَى عنه ابن مَسْعُودٍ وابن عُمَرَ وَإِنْ عَجَزَ أَدَّى بِطَرَفِهِ نَاوِيًا مُسْتَحْضِرًا الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ إنْ عَجَزَ عنه بِقَلْبِهِ كَأَسِيرٍ عَاجِزٍ عنه لِخَوْفِهِ
قال أَحْمَدُ لابد من شَيْءٍ مع عَقْلِهِ وفي التَّبْصِرَةِ صلى بِقَلْبِهِ أو طَرْفِهِ وفي الْخِلَافِ أَوْمَأَ بعينه ( ( ( بعينيه ) ) ) وَحَاجِبَيْهِ أو قَلْبِهِ وَقَاسَ على الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ عليه الْإِيمَاءُ بِيَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْزَمَهُ وقد قال أَحْمَدُ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا ويومىء ( ( ( ويومئ ) ) ) قال فَأَطْلَقَ وُجُوبَ الْإِيمَاءِ ولم يَخُصَّهُ بِبَعْضِ الأعمال ( ( ( الأعضاء ) ) ) وَعَلَى أَنَّ الطَّرْفَ من مَوْضِعِ الْإِيمَاءِ وَالْيَدَانِ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا في الْإِيمَاءِ بِحَالٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِطَرْفِهِ وهو مُتَّجِهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَإِنْ كان الْقَاضِي قد احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ بِإِسْنَادِهِ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن عَلِيِّ بن الْحُسَيْنِ ( عن الْحَسَنِ ) بن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَجَالِسًا فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ
____________________
(2/38)
مَرْفُوعًا وَلَيْسَ فيه وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَكَتَحْرِيكِ لِسَانٍ عَاجِزٍ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَأْمُورِ بِهِ قال في الْفُنُونِ الْأَحْدَبُ يُجَدِّدُ لِلرُّكُوعِ نِيَّةً لِكَوْنِهِ لَا يَقْدِرُ عليه كَمَرِيضٍ لَا يُطِيقُ الْحَرَكَةَ يحدد ( ( ( يجدد ) ) ) لِكُلِّ فِعْلٍ وَرُكْنٍ قصدت ( ( ( قصدا ) ) ) كَفُلْكٍ في الْعَرَبِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ بِالنِّيَّةِ وَعَنْهُ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( وه ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه السلام ( ( ( وسلم ) ) ) لِعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لم تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لم تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا وفي
____________________
(2/39)
لَفْظٍ فَإِنْ لم تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وراه ( ( ( رواه ) ) ) النَّسَائِيُّ كَذَا قال وَرَوَى الدَّارِمِيُّ وأبو بَكْرٍ النَّجَّادُ وأبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ من رِوَايَةِ يحيى الْحِمَّانِيِّ عن عبدالرحمن بن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيه عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَاعِدًا فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَمَنْ صلى فَذًّا أو غير قَائِمٍ لِعُذْرٍ فَهَلْ يَكْمُلُ ثَوَابُهُ سَبَقَتْ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَأَوَّلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ تَرَكَ الْعِبَادَةَ عَجْزًا فَهَلْ يَكْمُلُ ثَوَابُهُ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ على ذلك وقد قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في أَخْبَارِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ على الْفَذِّ لايصح حَمْلُهَا على الْمُنْفَرِدِ لِعُذْرٍ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قد دَلَّتْ على أَنَّ ما يَفْعَلُهُ لَوْلَا الْعُذْرِ ( يُكْتَبُ له ثَوَابُهُ ) ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ أبي مُوسَى إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أو سَافَرَ كُتِبَ له ما كان يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا وَحَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ من تَوَضَّأَ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ الناس قد صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ
____________________
(2/40)
مِثْلَ أَجْرِ من صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذلك من أُجُورِهِمْ شيئا رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِثْلَ أَجْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ صَلَّاهَا لِأَنَّ غَايَتَهُ كَأَحَدِهِمْ وَكَذَا اخْتَارَ ابن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ في حديث من سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ أَنَّ له أَجْرَ الشَّهِيدِ
وَرَوَى مُسْلِمٌ من حديث أَنَسٍ من سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيهَا وَلَوْ لم تُصِبْهُ وَمِنْ حديث سَهْلِ بن حُنَيْفٍ من سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ على فِرَاشِهِ وَلَهُ أَيْضًا من حديث أبي هُرَيْرَةَ من دَعَا إلَى هُدًى كان له من الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ من تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذلك من أُجُورِهِمْ شيئا وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كان عليه من الْإِثْمِ مِثْلُ إثْمِ من تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ من آثَامِهِمْ شيئا
وَمِنْ حديث أبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ من دَلَّ على خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ وَعَنْ زَيْدِ ابن خَالِدٍ مَرْفُوعًا من فَطَّرَ صَائِمًا كان له مِثْلُ أَجْرِهِ غير أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ من
____________________
(2/41)
أَجْرِ الصَّائِمِ شيئا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
وَعَنْ أبي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ مَرْفُوعًا مَثَلُ هذه الْأُمَّةِ مِثْلُ أَرْبَعَةٍ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ في مَالِهِ بِعِلْمِهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فقال لو كان لي مِثْلُ مَالِ فُلَانٍ لَعَمِلْت فيه مِثْلَ عَمَلِهِ فَهُمَا في الْأَجْرِ سَوَاءٌ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا ولام يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَتَخَبَّطُ فيه لَا يَدْرِي ماله مِمَّا عليه وَرَجُلٌ لم يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فقال لو كان لي مِثْلُ مَالِ فُلَانٍ لَعَمِلْت فيه مِثْلَ عَمَلِ فُلَانٍ فَهُمَا في الْإِثْمِ سَوَاءٌ إسناد ( ( ( إسناده ) ) ) جَيِّدٌ رَوَاهُ ابن ماجة وَالْبَيْهَقِيُّ وَاخْتَارَهُ ابن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ في قَوْله تَعَالَى { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ } إلَى قَوْلِهِ { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } سورة التين 1 وَرَوَاهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ عنه
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَابْنِ قُتَيْبَةَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تُكْتَبُ له طَاعَاتُهُ التي كان يَعْمَلُهَا ولم يذكر في ذلك خِلَافًا إنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ في الْمُرَادِ بِالْآيَةِ وَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ في شَرْحِ مُسْلِمٍ وقال لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ في ذلك وقال في تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } سورة النساء 95 في الْمَعْذُورِ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ مُسَاوِيًا
وَقِيلَ يُعْطَى أَجْرُهُ بِلَا تَضْعِيفٍ فَيَفْضُلُهُ الْغَازِي بِالتَّضْعِيفِ لِلْمُبَاشَرَةِ قال وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ اُكْتُبُوا له ما كان يَعْمَلُ في الصِّحَّةِ وَبِحَدِيثِ أبي كَبْشَةَ وَبِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا ما سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ وفي رِوَايَةٍ إلَّا أشركوكم ( ( ( شركوكم ) ) ) في الْأَجْرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
____________________
(2/42)
من حديث جَابِرٍ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ من حديث أَنَسٍ إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قال طوهم ( ( ( وهم ) ) ) بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ولم يُجِبْ الْقُرْطُبِيُّ عن ظَاهِرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فيها إنَّهُ فَضَّلَهُمْ على الْقَاعِدِينَ من أولى الضَّرَرِ بِدَرَجَةٍ وَعَلَى غَيْرِهِمْ بِدَرَجَاتٍ وقال بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا هذا أَوْلَى من التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرَارِ وهو أَيْضًا قَوْلُ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٍ وَالسُّدِّيُّ وابن جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِمْ وقال قَوْمٌ التَّفْضِيلُ في الْمَوْضِعَيْنِ على الْقَاعِدِينَ من غَيْرِ ضَرَرٍ مُبَالَغَةً وَبَيَانًا وَتَأْكِيدًا وهو قَوْلُ أبي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَغَيْرِهِ من الشَّافِعِيَّةِ كَصَاحِبِ الْمَحْصُولِ في تَفْسِيرِهِ في الْآيَةِ وأختاره الْمَهْدَوِيُّ الْمَالِكِيُّ وَذَكَرَ في شَرْحِ مُسْلِمٍ في الْمُتَخَلِّفِ عن الْجِهَادِ لِعُذْرٍ له شَيْءٌ من الْأَجْرِ لاكله مع قَوْلِهِ من لم يُصَلِّ قَائِمًا لِعَجْزِهِ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا لَا يَنْقُصُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا فَفَرَّقَ بين من فَعَلَ الْعِبَادَةَ على قُصُورٍ وَبَيْنَ من لم يَفْعَلْ شيئا
وقال ابن حَزْمٍ إنَّ التَّفْضِيلَ في هذا وفي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ على الْفَذِّ وفي قَوْلِهِ { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } النساء 95 إنَّمَا هو على الْمَعْذُورِ قال وَحَدِيثُ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُبَيِّنُ أَنَّ من فَعَلَ الْخَيْرَ ليس كَمَنْ عَجَزَ عنه وَلَيْسَ من حَجَّ كَمَنْ عَجَزَ عن الْحَجِّ فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ من كان له حِزْبٌ من اللَّيْلِ فَنَامَ عنه أو مَرِضَ كُتِبَ له قُلْنَا لَا نُنْكِرُ تَخْصِيصَ ما شَاءَ اللَّهُ تَخْصِيصَهُ بِالنَّصِّ وَإِنَّمَا نُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَالرَّأْيِ كَذَا قال فَفَرَّقَ بين الْعِبَادَاتِ ومشي مع الظَّاهِرِ وَرَوَى أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من نَامَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَقُومَ فَنَامَ كُتِبَ له ما نَوَى ولم ( ( ( ولمن ) ) ) يقول بِعَدَمِ
____________________
(2/43)
الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ نِيَّةُ ما نَوَى لَا عَمَلُهُ من اللَّيْلِ على ظَاهِرِهِ يَدُلُّ عليه ما رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ عن عُمَرَ ( رضي اللَّهُ عنه ) مَرْفُوعًا من نَامَ عن حِزْبِهِ من اللَّيْلِ أو عن شَيْءٍ منه فَقَرَأَهُ ما بين صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ له كَأَنَّمَا قَرَأَهُ من اللَّيْلِ
وقال شَيْخُنَا من نَوَى الْخَيْرَ وَفَعَلَ ما يَقْدِرُ عليه منه كان له مِثْلُ أَجْرِ الْفَاعِلِ ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أبي كَبْشَةَ وَحَدِيثِ إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا وَحَدِيثِ إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ وَحَدِيثِ من دعي ( ( ( دعا ) ) ) إلَى هُدًى قال وَلَهُ نَظَائِرُ وَاحْتَجَّ بها في مَكَان آخَرَ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } وقال أَيْضًا عن حديث إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ هذا يَقْتَضِي أَنَّ من تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِمَرَضٍ أو سَفَرٍ وكان يَعْتَادُهَا كُتِبَ له أَجْرُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لم يَكُنْ يَعْتَادُهَا لم يُكْتَبْ له وَإِنْ كان في الْحَالَيْنِ إنَّمَا له بِنَفْسِ الْفِعْلِ صَلَاةُ مُنْفَرِدٍ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا صلى قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا
قال وَمَنْ قَصَدَ الْجَمَاعَةَ فلم يُدْرِكْهَا كان له أَجْرُ من صلى في جَمَاعَةٍ وقال ابن هُبَيْرَةَ في قَوْلِ مُعَاذٍ لِأَبِي مُوسَى أَمَّا أنا فَأَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ فَأَقْرَأُ فَأَحْتَسِبُ في نَوْمَتِي ما أَحْتَسِبُ في قَوْمَتِي مُتَّفَقٌ عليه
قال هذا يَدُلُّ على أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَوَى بِالنَّوْمِ الْقُوَّةَ على الْقِيَامِ وَإِرَاحَةَ بَدَنِهِ لِلْخِدْمَةِ فإنه يُكْتَبُ له من الثَّوَابِ ما يُكْتَبُ له في حاله ( ( ( حال ) ) ) قِيَامِهِ لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ لِيَدْأَبَ وَيَنَامُ لِيَقُومَ فَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ وقال وفي حديث ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ
____________________
(2/44)
بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا كان من حُسْنِ فِقْهِ الْفُقَرَاءِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لهم مِثْلَ تَسْبِيحِ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ منهم فَلَهُمْ ثَوَابُ من عَمِلَ بِهِ من الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فلما لم يَفْقَهُوا حتى جَاءُوا إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقَالُوا له فَأَجَابَهُمْ ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ من يَشَاءُ يُشِيرُ إلَى الْفِقْهِ فَالْفَضْلُ الذي ذَكَرَهُ هو فَضْلُ الْآدَمِيِّ في عِلْمِهِ وَفِقْهِهِ فَصْلٌ وَإِنْ عَجَزَ عن رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَأَمْكَنَهُ قِيَامٌ قام وَأَوْمَأَ بِرُكُوعِهِ قَائِمًا وَبِسُجُودِهِ جَالِسًا لَا جَالِسًا يومىء ( ( ( يومئ ) ) ) بِهِمَا ( ه ) وَبَنَاهُ على أَصْلِهِ في أَنَّ الْقِيَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ في نَفْسِهِ وَإِنْ قَدَرَ فيها على قِيَامٍ أو قُعُودٍ لَزِمَهُ وَأَتَمَّهَا فَإِنْ كان لم يَقْرَأْ قام فَقَرَأَ وَإِلَّا قام وَرَكَعَ بِلَا قِرَاءَةٍ وَإِنْ أَبْطَأَ مُتَثَاقِلًا من أَطَاقَ الْقِيَامَ فَعَادَ الْعَجْزُ فَإِنْ كان في قُعُودٍ من صَلَاتِهِ كَتَشَهُّدٍ صَحَّتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ من خَلْفَهُ وَلَوْ جَهِلُوا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ في الْمَأْمُومِ الْخِلَافُ وهو أَوْلَى ويبني على إيمَاءٍ ( ه ) وَيَبْنِي عَاجِزٌ فيها ( وَ ) وَلَوْ طَرَأَ عَجْزٌ فَأَتَمَّ الْفَاتِحَةَ في انْحِطَاطِهِ أَجْزَأَ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ من الْقُعُودِ لَا من صَحَّ فَأَتَمَّهَا في ارْتِفَاعِهِ وَيَتَوَجَّهُ من عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِالتَّحْرِيمَةِ مُنْحَطًّا لَا يُجْزِئُهُ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا تُجْزِئُهُ التَّحْرِيمَةُ مُنْحَطًّا كَقِرَاءَةِ الْمُتَنَفِّلِ في انْحِطَاطِهِ وَمَنْ قَدَرَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا وَجَالِسًا جَمَاعَةً خُيِّرَ ( وه ش ) وَقِيلَ جَمَاعَةً أَوْلَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قَائِمًا وَلِلْمَرِيضِ الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِيًا ( وه ) بِقَوْلِ مُسْلِمٍ ثقه طَبِيبٍ وَسُمِّيَ بِهِ لِحِذْقِهِ وَفِطْنَتِهِ وَقِيلَ بِثِقَتَيْنِ إنَّهُ يَنْفَعُهُ وَقِيلَ عن يَقِينٍ وَقَاسَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على الْفِطْرِ لِرَجَاءِ الصِّحَّةِ وَنَصَّ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ وَمَنْ أُكْرِهَ على الصَّلَاةِ قَاعِدًا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَسِيرَ الْخَائِفَ يومىء ( ( ( يومئ ) ) ) وَسَبَقَ آخِرُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَحُكْمُ من خَافَ إنْ انْتَصَبَ قَائِمًا
____________________
(2/45)
@ 47 بَابٌ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ
من ابْتَدَأَ سَفَرًا مُبَاحًا ( وم ش ) وَالْأَصَحُّ أو هو أَكْثَرُ قَصْدِهِ وَقِيلَ أو نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مُحَرَّمٍ كَالْعَكْسِ كَتَوْبَتِهِ وقد بَقِيَ مَسَافَةَ قَصْرٍ في الْأَصَحِّ وقال ابن الْجَوْزِيِّ أولا وَعَنْهُ مُبَاحًا غير نُزْهَةٍ وَلَا فُرْجَةٍ اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي لِأَنَّهُ لَهْوٌ بِلَا مَصْلَحَةٍ وَلَا حَاجَةٍ مع أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِإِبَاحَتِهِ وَسَبَقَ في الْمَسْحِ كَلَامُ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ
وَنَقَلَ محمد بن الْعَبَّاسِ سَفَرَ طَاعَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ نَاوِيًا ( و ) وَمَنْ له قَصْدٌ صَحِيحٌ وَإِنْ لم يَلْزَمْهُ صَلَاةٌ كَحَائِضٍ وَكَافِرٍ ثُمَّ تَطْهُرُ وَيُسْلِمُ وقد بقى دُونَ الْمَسَافَةِ قَصَرَ وَكَذَا من بَلَغَ ( ه ) خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا فِيمَنْ كَلَّفَ نَاوِيًا مَسَافَةَ يَوْمَيْنِ أَرْبَعَةَ بُرْدٍ قال أبو العالي تَحْدِيدًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَقْرِيبًا وهو أَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ( وم ش ) وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٍ وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ وَالْمِيلُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا ( * ) متعرضة ( ( ( ومتعرضة ) ) ) مُعْتَدِلَةٌ بِرًّا أو بَحْرًا ( وَ ) لَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ ( ه ) فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً ( ع ) رَكْعَتَيْنِ ( و ( ( ( ع ) ) ) ) لَا ثَلَاثًا فَلَوْ قام إلَيْهَا عَمْدًا أَتَمَّ أَرْبَعًا إذافارق خِيَامَ قَوْمِهِ ( و ) أو بُيُوتَ بَلَدِهِ ( و ) الْعَامِرَةَ وَقِيلَ وَالْخَرَابَ كما لو وَلِيَهُ عَامِرٌ وقال أبو الْمَعَالِي أو جَعَلَ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ وَلَوْ في فَصْلٍ لِلنُّزْهَةِ وَقِيلَ إذَا فَارَقَ سُورَ بَلَدِهِ وَظَاهِرُ ما تَقَدَّمَ وَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ بَلَدٌ وَاعْتَبَرَ أبو الْمَعَالِي انْفِصَالَهُ وَلَوْ بِذِرَاعٍ وَكَذَا في كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يَتَّصِلُ قال أبو الْمَعَالِي وَإِنْ بَرَزُوا بِمَكَانٍ لِقَصْدِ يُنْشِئُونَ السَّفَرَ منه فَلَا قَصْرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْصُرُ وهو مُتَّجِهٌ وَيُعْتَبَرُ في سُكَّانِ الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ ما نُسِبُوا إلَيْهِ عُرْفًا وَاعْتَبَرَ أبو الْوَفَاءِ وأبو الْمَعَالِي مُفَارَقَةَ من صَعِدَ جَبَلًا الْمَكَانَ الْمُحَاذِيَ لرؤوس ( ( ( لرءوس ) ) ) الْحِيطَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابٌ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ ( * ) ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ الْمِيلُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا لَعَلَّهُ وهو أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أو وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ
____________________
1-
(2/47)
ومفارقة من هبط لأساسها لأنه لما اعتبر مفارقة البيوت إذا كانت محاذية اعتبر هنا مفارقة سمتها وعنه يعيد من لم يبلغ المسافة خلافا للجميع واختار ابن أبي موسى وابن عقيل ببلوغ المسافة وإن لم ينوها خلافا للجميع كنية بلد بعينة يجهل مسافته ثم عملها يقصر بعد علمه كجاهل بجواز القصر ابتداء أو علمها ثم نوى إن وجد غريمه رجع أو نوى إقامة ببلد دون مقصده بينه وبين بلد نيته الأولى دون مسافة القصر قصر لأن سبب الرخصة انعقد فلا يعتبر بالنية المعلقة حتى يوجد الشرط المعتبر وقيل لا يقصر ولا يترخص في نفي وتغريب إلا محرم المرأة يترخص فَصْلٌ وَيَقْصُرُ وَيَتَرَخَّصُ مُسَافِرٌ مُكْرَهًا كَأَسِيرٍ على الْأَصَحِّ ( ش ) كَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ ( و ) تَبَعًا لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ في نِيَّتِهِ وَسَفَرِهِ وَفِيهِمَا وَجْهٌ في النَّوَادِرِ لَا قَصْرَ
وَذَكَرَ ابو الْمَعَالِي تُعْتَبَرُ نِيَّةُ من لها أَنْ تَمْتَنِعَ وقال وَالْجَيْشُ مع الْأَمِيرِ وَالْجُنْدِيُّ مع أَمِيرِهِ إنْ كان رِزْقُهُمْ في مَالِ أَنْفُسِهِمْ فَفِي أَيِّهِمَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فيه وَجْهَانِ وَإِلَّا فَكَالْأَجِيرِ وَالْعَبْدِ لِلشَّرِيكَيْنِ تُرَجَّحُ نِيَّةُ إقَامَةِ أَحَدِهِمَا وَمَتَى صَارَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِهِمْ أَتَمَّ في الْمَنْصُوصِ تَبَعًا لِإِقَامَتِهِمْ كَسَفَرِهِمْ وَيَقْصُرُ من حُبِسَ ظُلْمًا أوحبسه مَرَضٌ أو مَطَرٌ وَنَحْوُهُ ( و ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ حُكْمُ سَفَرِهِ لِوُجُودِ صُورَةِ الْإِقَامَةِ
قال أبو المعاي كَقَصْرِهِ لِوُجُودِ صُورَةِ السَّفَرِ في التي قَبْلَهَا وَيَقْصُرُ من سَلَكَ طَرِيقًا أَبْعَدَ لِيَقْصُرَ لِأَنَّهُ مظنه قَصْدٍ صَحِيحٍ كَخَوْفٍ وَمَشَقَّةٍ فَعَدَمُ الْحِكْمَةِ في بَعْضِ الصُّوَرِ لَا يَضُرُّ
وَقِيلَ لَا بَلْ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ خَرَّجَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ على سَفَرِ النُّزْهَةِ مع أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ في بَلَدٍ له طَرِيقَانِ كما قال غَيْرُهُ وَتَخْرِيجُهُ الْمَسْأَلَةَ على سَفَرِ النُّزْهَةِ يقتضى أَنَّهُ لو أَنْشَأَ السَّفَرَ لِقَصْدِ التَّرَخُّصِ فَقَطْ أَنَّهُ يَكُونُ كما لو أَنْشَأَهُ لِلنُّزْهَةِ على ماسبق وَهَذَا يُبَيِّنُ ضَعْفَ التَّخْرِيجِ ولم أَجِدْهُ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا تَكَلَّمُوا عليه وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ من قَصَدَ قَرْيَةً بَعِيدَةً لِحَاجَةٍ هِيَ في قَرْيَتِهِ وَجَعَلَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَصْلًا
____________________
(2/48)
لِلْجَوَازِ في التي قَبْلَهَا وَلَعَلَّ التَّسْوِيَةَ أَوْلَى وَلَوْ سَافَرَ لِيَتَرَخَّصَ فَقَدْ ذَكَرُوا لو سَافَرَ لِيُفْطِرَ حَرُمَ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُكْرَهُ قَصْدُ الْمَسَاجِدِ لِلْإِعَادَةِ كَالسَّفَرِ لِلتَّرَخُّصِ كَذَا قال وقال في مَسْأَلَةٍ هل الْمَسْحُ أَفْضَلُ أَمْ الْغَسْلُ أَفْضَلُ أَمَّا من لَا خُفَّ عليه وَأَرَادَ اللُّبْسَ لِغَرَضِ الْمَسْحِ خَاصَّةً فَلَا يُسْتَحَبُّ له كمالا يُسْتَحَبُّ إنْشَاءٌ السَّفَرِ لِغَرَضِ التَّرَخُّصِ كَذَا قال وَيَأْتِي في الإيمان من سَافَرَ بقصد ( ( ( يقصد ) ) ) حَلَّ يَمِينِهِ
وقال في الْمُغْنِي الْحُجَّةُ مع من أَبَاحَ الْقَصْرَ في كل سَفَرٍ لم يُخَالِفْ إجْمَاعًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال أَيْضًا إنْ حُدَّ فَتَحْدِيدُهُ بِبَرِيدٍ أَجْوَدُ وَقَالَهُ أَيْضًا في سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ رَجَّحَهُ فيه في بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ( م ش ) كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فيه في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا في التَّلْخِيصِ وَهِيَ أَظْهَرُ ( و ) وَكَعَاصٍ في سَفَرِهِ ( و ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ وَصَرَّحَ بِهِ أبو الْبَرَكَاتِ بن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عنه وَكَذَا قال ابن عَقِيلٍ في السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ لَا يَتَرَخَّصُ بِهِ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عنه أَشْبَهَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ
وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في الِاعْتِكَافِ وقد بَانَ بِمَا سَبَقَ في الْمَسْحِ على الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هل تَمْنَعُ الترخص ( ( ( الترخيص ) ) ) على وَجْهَيْنِ ( م 1 ) وَأَطْلَقَ أَصْحَابُنَا إبَاحَةَ السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وقد بَانَ بِمَا سَبَقَ في الْمَسْحِ على الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هل تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى مَنْع جَوَازِ الرُّخَصِ في السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ صَرَّحَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِ الْمُقْنِعِ وابن عَقِيلٍ في السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا إذَا سَافَرَ سَفَرًا في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ فَظَاهِرُ الْكَلَامِ جَوَازُ الْقَصْرِ في السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيُسَنُّ لِمُسَافِرٍ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ انْتَهَى وَصَحَّحَهُ ابن نصرالله في حَوَاشِيهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ يُقَوِّي هذا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا من الْمَسْحِ على الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْعَهُمْ من جَوَازِ الْمَسْحِ عليها لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَشَقَّةِ بِنَزْعِهَا لَا لِكَوْنِهَا مَكْرُوهَةً وَلَوْ عَلَّلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَكَانَ الصَّحِيحُ جَوَازَ الْمَسْحِ عليها وقد قال بِالْجَوَازِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ على ما تَقَدَّمَ
____________________
1-
(2/49)
ولعل المراد غير مكاثر في الدنيا وأنه يكره وحرمه في المبهج
قال ابن تميم وفيه نظر وللطبراني بإسناد حسن عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا ومن طلب الدنيا حلالا مكاثرا لقى الله وهو عليه غضبان مكحول لم يسمع من أبي هريرة وأما سورة { ألهاكم التكاثر } سورة التكاثر 1 فتدل على التحريم لمن شغله عن عبادة واجبة والتكاثر مظنة لذلك أو محتمل فيكره
وقد قال ابن حزم اتفقوا على أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله قبله مباح ثم اختلفوا فمن كاره ومن غير كاره
والقصر أفضل ( و ) والإتمام جائز ( ه ) في المنصوص فيهما وعنه لا يعجبني الإتمام وكرهه شيخنا وهو أظهر وَيُوتِرُ وَيَرْكَعُ سُنَّةَ الْفَجْرِ وَيُخَيَّرُ في غَيْرِهِمَا ( ش ) في فِعْلِهِ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا وَقَوْلِهِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا يُسَنُّ تَرْكُهُ غَيْرَهُمَا قِيلَ لِأَحْمَدَ التَّطَوُّعُ في السَّفَرِ قال أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ وَأَطْلَقَ أبو الْمَعَالِي التَّخْيِيرَ في النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ وَنَقَلَ ابن هانىء يَتَطَوَّعُ أَفْضَلُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا في غَيْرِ الرَّوَاتِبِ وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا فَصْلٌ تُشْتَرَطُ نِيَّةٌ ( وش ) وَالْعِلْمُ بها عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنَّ إمَامَهُ إذًا مُسَافِرٌ وَلَوْ بِأَمَارَةٍ وَعَلَامَةٍ كَهَيْئَةِ لِبَاسٍ لَا أَنَّ إمَامَهُ نَوَى الْقَصْرَ عَمَلًا بِالظَّنِّ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ وَلَوْ قال إنْ قَصَرَ قَصَرْت وَإِنْ أَتَمَّ أَتْمَمْت لم يَضُرَّ ثُمَّ في قَصْرِهِ إنْ سَبَقَ إمَامُهُ الْحَدَثُ قبل عمله ( ( ( علمه ) ) ) بِحَالِهِ وَجْهَانِ لِتَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ ( م 2 ) وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا أَتَمُّوا ( م 5 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ ولو قال إن قصر إمامي قصرت وإن أتم أتممت لم يَضُرَّ ثُمَّ في قَصْرِهِ إنْ سَبَقَ إمَامُهُ الْحَدَثَ قبل عِلْمِهِ بِحَالِهِ وَجْهَانِ لِتَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا له الْقَصْرُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَحْدَثَ إمَامُهُ الْمُقِيمُ قبل عِلْمِهِ بِحَالِهِ أو بَانَ الْإِمَامُ الْمُقِيمُ قبل السَّلَامِ مُحْدِثًا فَلَهُ الْقَصْرُ في الْأَصَحِّ انْتَهَى وَلَيْسَتْ عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُهَا وَقِيلَ قبل ذلك وفي وُجُوبِ إتْمَامِ من عَلِمَ حَدَثَ إمَامِهِ الْمُقِيمِ قبل سَلَامِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(2/50)
لأنهم باقتداء به التزموا حكم ( ( ( غلب ) ) ) تحريمته ولأن ( ( ( ظنه ) ) ) قدوم السفينة ( ( ( إمامه ) ) ) بلده ( ( ( مسافر ) ) ) يوجب ( ( ( بأمارة ) ) ) الإتمام وإن ( ( ( علمه ) ) ) لم يلتزمه وإن استخلف مقيم مُسَافِرًا لم ( ( ( فله ) ) ) يكن معه ( ( ( ينوي ) ) ) قصر وحده
واختار صاحب المحرر فيمن شك في نية الْقَصْرَ ثُمَّ عَلِمَ بها أَنَّهُ كمن شك ( ( ( يرد ) ) ) هل أحرم بفرض أو نفل واختار جماعة يصح القصر بلا نية ( وه م ) والأشهر ولو نوى الْإِتْمَامَ ابتداء ( ( ( فتبعه ) ) ) ( م ) لأنه ( ( ( الصحة ) ) ) رخصة فيخير مطلقا كالصوم وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ رَفَضَهُ وَنَوَى الْإِتْمَامَ جَازَ ( و ) وَأَتَمَّ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُطْلَقَةً وَلَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا مع بَقَاءِ نِيَّةِ قَصْرِهِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ ( م 3 ) وَمَنْ عَزَمَ في صَلَاتِهِ على قَطْعِ الطَّرِيقِ أو تَابَ منه في صَلَاةٍ أَتَمَّ وَلَوْ ذَكَرَ من قام إلَى ثَالِثَةٍ سَهْوًا قَطَعَ فَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ وأتى ( ( ( وأنى ) ) ) له بِرَكْعَتَيْنِ سِوَى ما سَهَا بِهِ فإنه يَلْغُو ( ه ) وَلَوْ كان من سَهَا إمَامًا بِمُسَافِرٍ تَابَعَهُ ( ه م ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِسَهْوِهِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُتَابَعَتِهِ كَقِيَامِ مُقِيمٍ إلَى خَامِسَةٍ وَيَتَخَرَّجُ منه لَا تَبْطُلُ
وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ سَهْوًا فَفَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ ( و ) وَالزِّيَادَةُ سَهْوٌ يَسْجُدُ لها وَقِيلَ لَا وَمَنْ أَوْقَعَ بَعْضَ صَلَاتِهِ مُقِيمًا كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ أَتَمَّ ( و ) وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لَمَّا ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ في حَضَرٍ وَقِيلَ إنْ نَوَى الْقَصْرَ مع عِلْمِهِ بِإِقَامَتِهِ في أَثْنَائِهَا صَحَّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لو كان مَسَحَ فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَطَلَتْ في الْأَشْهَرِ لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ بِبُطْلَانِ الْمَسْحِ وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ في سَفَرٍ ( و ) أو عَكْسَهُ ( وق ) أَتَمَّ نَصَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ابن تميم فإن غلب على ظنه أن إمامه مسافر بأمارة أو علمه مسافرا فله أن ينوي القصر ثم يلزمه متابعة إمامه في القصر والإتمام فإن سبق إمامه الحدث في هذه الحال فخرج ولم يعلم المأموم حاله فله القصر في وجه ويلزمها الإتمام في آخر انتهى وقال في الرعاية الصغرى فإن جهل المؤتم حال إمامه تبعه وإن علم أنه لم يرد الإتمام فتبعه ففي الصحة وجهان انتهى
( مسألة 3 ) قوله ولو نوى القصر ثم رفضه ونوى الإتمام جاز ولو فعله عمدا مع بقاء نية قصره ففي الصحة وجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان قلت الصواب جوازه وفعله عمدا دليل على بطلان نية القصر ثم وجدت ابن نصر الله في حواشيه قال وجه الصحة إلغاء نية القصر بفعل الإتمام لأصالته ووجه البطلان كون الثالثة والرابعة فعل عمدا ومقتضي ذلك البطلان انتهى والأول أقوى والله أعلم
____________________
1-
(2/51)
عَلَيْهِمَا وفي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وحكي في الْأُولَى اعْتِبَارًا بِحَالَةِ أَدَائِهَا كَصَلَاةِ صِحَّةٍ في مَرَضٍ
وَمَنْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ اعْتَقَدَهُ مُسَافِرًا أولا وَعَنْهُ في رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ ( وم ) أَتَمَّ فَيُتِمُّ من أَدْرَكَ تَشَهُّدَ الْجُمُعَةِ نَصَّ عليه وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَقْصُرُ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من صَلَاةِ الْخَوْفِ يَقْصُرُ مُطْلَقًا كما خَرَّجَ بَعْضُهُمْ إيقَاعَهَا مَرَّتَيْنِ على صِحَّةِ مُفْتَرِضٍ بمتنقل ( ( ( بمتنفل ) ) ) وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ الْقَصْرَ حَيْثُ يُحْرِمُ عَالِمًا كَمَنْ نَوَاهُ خَلْفَ مُقِيمٍ عَالِمًا لم تَنْعَقِدْ لِنِيَّةِ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ ابْتِدَاءً كَنِيَّةِ مُقِيمٍ الْقَصْرَ وَنِيَّةِ مُسَافِرٍ وَعَبْدٍ الظُّهْرَ خَلْفَ إمَامِ جُمُعَةٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْإِتْمَامِ تَعْيِينُهُ بِنِيَّةٍ فَيُتِمُّ تَبَعًا كَغَيْرِ الْعَالِمِ وَإِنْ صَحَّ الْقَصْرُ بِلَا نِيَّةٍ قَصَرَ وَتَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ في عَبْدٍ لم تَجِبْ عليه وَإِنْ نَوَاهَا الْمُسَافِرُ قَصْرًا أَتَمَّ
وقال أبو الْمَعَالِي يَتَّجِهُ أَنْ تُجْزِئَهُ إنْ قُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ قال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَإِنْ ائْتَمَّ من يَقْصُرُ الظُّهْرَ بِمُسَافِرٍ أو مُقِيمٍ يُصَلِّي الصُّبْحَ أَتَمَّ فَصْلٌ وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ من لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَلَوْ خَلْفَ مُقِيمٍ ( ه ) وَلَوْ فَسَدَتْ قبل رَكْعَةٍ ( و ) فَأَعَادَهَا أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ قبل السَّلَامِ فَوَجْهَانِ ( 4 م ) قال أبو الْمَعَالِي إنْ بَانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا مَعًا قَصَرَ وَكَذَا إنْ بَانَ حَدَثُهُ أَوَّلًا لَا عَكْسُهُ وَلَوْ ائْتَمَّ من جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ بِمُقِيمٍ ثُمَّ عَلِمَ قَصَرَ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ لاحكم له وَيُتِمُّ من سَافَرَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عليه وَعَنْهُ يَقْصُرُ ( وه ش ) كما يَقْضِي الْمَرِيضُ ما تَرَكَهُ في الصِّحَّةِ نَاقِصًا احْتَجَّ بِهِ ابن عَقِيلٍ وَكَمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ على عَبْدٍ عَتَقَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَالْمَسْحِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مُدَّتَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ فَلَا يَفْسُدُ الْمَسْحُ في أَوَّلِهَا بِفَسَادِهِ في آخِرِهَا فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ من لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ قبل السَّلَامِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يُتِمُّ قُلْت وهو الصَّوَابُ أَشْبَهَ مالو بَانَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْصُرُ قال في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَهُ الْقَصْرُ في الْأَصَحِّ
____________________
1-
(2/52)
وقيل إن ضاق الوقت لم يقصر وعنه إن فعلها في وقتها قصر اختاره ابن أبي موسى وإن نسي صلاة سفر فذكر فيه قصر ( و ) وقيل لا لأنه مختص بالأداء كالجمعة ونقل المروذي ما يدل عليه
قال صاحب المحرر وكذا في سفر آخر ( و ) وقيل يتم كذكره في إقامة متخلله وقيل فيه يقصر لأنه لم يوجد ابتداء وجوبها فيه وأخذ صاحب المحرر من تقييد هذه المسألة بناس
ومما ذكره ابن أبي موسى في التي قبلها يتم من تعمد تأخيرها لا عذر حتى ضاق وقتها عنها وقاسه على السفر المحرم وقاله الحلواني فإنه اعتبر أن تفعل في وقتها وقيل يقصر ( و ) لعدم تحريم السبب وذكر في المغني الأول عن بعض أصحابنا كالجمعة قال وهو فاسد لم يرد به شرع
وفي التعليق في وجوب الصلاة بأول الوقت إن سافر بعد خروج وقتها لم يقصره لأنه مفرط ولا تثبت الرخصة مع التفريط في المرخص فيه فَصْلٌ وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ إقَامَةً مُطْلَقَةً وَقِيلَ بِمَوْضِعٍ يُقَامُ فيه ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي ( وه ) أَتَمَّ وَكَذَا إنْ نَوَى مُدَّةً فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أو شَكَّ في نِيَّةِ الْمُدَّةِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ الْمُذْهَبُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ أو أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ( وم ش ) وَعَنْهُ اثنتين ( ( ( ثنتين ) ) ) وَعِشْرِينَ صَلَاةً اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ في الْكَافِي الْمُذْهَبُ وفي النَّصِيحَةِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( ه ) بَلْ في رُسْتَاقٍ يَنْتَقِلُ فيه نَصَّ عليه كَقَصْرِهِ عليه السَّلَامُ بِمَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ عَشْرًا وَقِيلَ لَا وَقَائِلٍ هذا يَمْنَعُ الْقَصْرَ بِوُصُولِهِ مُنْتَهَى قَصْدِهِ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ وَيَوْمُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ من الْمُدَّةِ
وَعَنْهُ لَا ( وم ش ) وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ وَأَنَّهُ مُسَافِرٌ ما لم يُجْمِعْ على إقَامَةٍ وَيَسْتَوْطِنُ كَإِقَامَتِهِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ لا نِيَّةِ إقَامَةٍ ( و ) لَا يَعْلَمُ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قبل الْمُدَّةِ وَقِيلَ وَلَا يَظُنُّ
قال ابن الْمُنْذِرِ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ ما لم يُجْمِعْ إقَامَةً وَإِنْ أتى عليه سُنُونَ ( ع ) وفي التَّلْخِيصِ إقَامَةُ الْجَيْشِ الطويل ( ( ( الطويلة ) ) ) لِلْغَزْوِ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ
____________________
(2/53)
( وم ق ) وَلَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ فَإِنْ لم يُوجَدْ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ وُجِدَ فَفَسَخَ بَعْدَهُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ فَعَنْهُ كَفَسْخِهِ معه إبْطَالًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ فَيَقْصُرُ من نِيَّتِهِ
وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ إذَا سَافَرَ كما لو تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ ( م 5 ) وَلَوْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ ( وه م ق ) وَعَنْهُ وَلَا حَاجَةَ وَإِلَّا قَصَرَ وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ له فيه امْرَأَةٌ أو تَزَوَّجَ وَعَنْهُ أو أَهْلٌ ( خ ) أو مَاشِيَةٌ ( خ ) لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أو هُمَا ( وم ) وَقِيلَ أو مَالٌ وفي ( عُمَدِ الْأَدِلَّةِ ) لَا مَنْقُولٌ وَقِيلَ إنْ كان بِهِ وَلَدٌ أو وَالِدٌ أو دَارٌ قَصَرَ
وفي أَهْلِ غَيْرِهِمَا وَمَالٍ وَجْهَانِ ( * ) وَمَنْ فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ لِحَاجَةٍ لم يَتَرَخَّصْ حتى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ ( و ) وَكَذَا إنْ رَجَعَ لِمُرُورِهِ بِهِ في طَرِيقِ مَقْصِدِهِ ( ق ) وَعَلَى الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ هو كَغَيْرِهِ وَلَوْ لم يَنْوِ الرُّجُوعَ بَلْ بَدَا له الحاجة ( ( ( لحاجة ) ) ) لم يَتَرَخَّصْ بَعْدَ نِيَّةِ عَوْدِهِ حتى يُفَارِقَهُ ثَانِيَةً ( و ) وَعَنْهُ يَتَرَخَّصُ في عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فيه كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ منه وَمَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدٍ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حتى فيه نَصَّ علي ( و ) لِزَوَالِ نِيَّةِ أقامته كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا وَقِيلَ كَوَطَنِهِ
وَيُعْتَبَرُ لِلسَّفَرِ الْمُبِيحِ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا فَإِنْ كان دَائِمًا كَمَلَّاحٍ بِأَهْلِهِ دَهْرَهُ لم يَتَرَخَّصْ ( خ ) لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ في السَّفَرِ وَكَمَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا ( و ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة ( ( ( كمقيم ) ) ) 5 ) قوله ولو ( ( ( مكار ) ) ) نوي ( ( ( وراع ) ) ) إقامة ( ( ( وساع ) ) ) بشرط ( ( ( وبريد ) ) ) فإن ( ( ( ونحوهم ) ) ) لم يوجد فَلَا كلام ( ( ( يترخص ) ) ) وإن ( ( ( وحده ) ) ) وجد ففسخ بعده بنية السفر كفسخه معه إبطالا للنية بالنية فيقصر من نيته واختار الأكثر يقصر إذا سافر كما تمت مدة الإقامة انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في رعايته الكبرى إحداهما يكون كفسخه معه إبطالا للنية بالنية كما قال المصنف وغيره فيقصر من نيته قلت وهو قوي والقول الثاني يقصر إذا سافر وهو الصحيح وعليه ( ( ( نصوصه ) ) ) جمهور الأصحاب قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين والمصنف هنا عليه أكثر الأصحاب
( * ) ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَلَوْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ له فيه إمرأة أو تَزَوَّجَ وَعَنْهُ أو أَهْلٌ أو مَاشِيَةٌ وَقِيلَ أو مَالٌ وفي ( عُمَدِ الْأَدِلَّةِ ) لَا مَنْقُولٌ وَقِيلَ إنْ كان بِهِ وَلَدٌ أو وَالِدٌ أو دَارٌ قَصَرَ وفي أَهْلِ غَيْرِهِمَا وَمَالٍ وَجْهَانِ انْتَهَى الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ من تَتِمَّةِ الطريق ( ( ( الطريقة ) ) ) وَهِيَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ لَا أَنَّهُمَا وَجْهَانِ مُسْتَأْنَفَانِ مُطْلَقَانِ فهذه خَمْسُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/54)
كمقيم ومثله مكار وراع وساع وبريد ونحوهم نص علي ( خ ) وقيل عنه يترخص اختاره الشيخ قال سواء كان معه أهله أو لا لأنه أشق ولم يعتبر القاضي في موضع في ملاح وغيره أهله معه فلا يترخص وحده وهو خلاف نصوصه
وَمَنْ له الْقَصْرُ فَلَهُ الْفِطْرُ وَلَا عَكْسَ لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عليه في الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وقد يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهَا من الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ وَإِنْ لم يَقْصُرْ أَشَارَ ابن عَقِيلٍ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لم يذكر الْفِطْرَ فَقَدْ يُعَايَا بها وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ماسبق أَنَّ من قَصَرَ جَمَعَ لِكَوْنِهِ في حُكْمِ الْمُسَافِرِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ في بَابِ الْجَمْعِ لَا وفي الْخِلَافِ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ له الْجَمْعُ لَا ما زَادَ وَقِيلَ له فِيمَا إذَا لم يُجْمِعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فقال لَا نُسَلِّمُ هذا بَلْ له الْجَمْعُ وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ من قَصَرَ قال الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ هو مُسَافِرٌ ما لم يَفْسَخْ أو يَنْوِ الْإِقَامَةَ أو يَتَزَوَّجْ أو يَقْدَمْ على أَهْلٍ
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي على أَنَّ الْجَيْشَ إذَا أَقَامَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُدَّةً تَزِيدُ على أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ بِنَصِّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ذلك وَبِقَوْلِهِ في رِوَايَةِ عبدالله الْمَسْحُ في دارالحرب وَغَيْرِهِ وَاحِدٌ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً
وقال الْأَصْحَابُ منهم ابن عَقِيلٍ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَالْمَسْحُ ثَلَاثًا وَالْفِطْرُ
قال ابن عَقِيلٍ وَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ على أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا وَخَرَجَ عن رُخْصَةِ السَّفَرِ وَيَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ عن حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى ما دُونَهَا وَإِنْ لم يَعْلَمْ مَتَى يَخْرُجُ قَصَرَ وَلَوْ كان شُهُورًا لِأَنَّهُ ليس بِمُسْتَوْطِنٍ بَلْ مُنْزَعِجٌ انْزِعَاجَ السَّائِرِينَ فَصَارَ بِمَثَابَةِ السَّائِرِ وَكَذَا ذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ يَسْتَبِيحُ بِهِ جَمِيعَ الرُّخْصِ إلَى أَنْ قال في الْمَلَّاحِ وَنَحْوِهِ لَا يَسْتَبِيحُ من رُخَصِ السَّفَرِ إلَّا التَّيَمُّمَ وَأَكْلَ الْمَيْتَةَ كَذَا قال قال وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ أَكْثَرَ من إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً لم يَتَرَخَّصْ وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَنْوِ إقَامَةَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ أَقَامَ لِحَاجَتِهِ تَرَخَّصَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ
سأل ( ( ( وسأل ) ) ) إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم لِأَحْمَدَ رَجُلٌ سَافَرَ في رَمَضَانَ إذَا دخل مِصْرًا يَأْكُلُ
____________________
(2/55)
قال يَجْتَنِبُ الْأَكْلَ أَحَبُّ إلى إلَّا أَنْ يُرِيدَ فيه إقَامَةً فإذا زَادَ على إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَزِيَادَةٍ صَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَدَلَّ على تَسَاوِيهِمَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِاجْتِنَابِ الْأَكْلِ ظَاهِرًا وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ نَوَى إقَامَةً طَوِيلَةً في رُسْتَاقٍ بِمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ أَنَّ مَوْرِقًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فقال إنِّي تَاجِرٌ أَتَنَقَّلُ في قُرَى الْأَهْوَازِ فَأُقِيمُ في الْقَرْيَةِ الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ قال تَنْوِي الْإِقَامَةَ قُلْت لَا وقال لَا أَرَاك إلَّا مُسَافِرًا صَلِّ صَلَاةَ مُسَافِرٍ وَكَذَا احْتَجَّ في الْمُغْنِي وقال لَا يَبْطُلُ حُكْمُ سَفَرِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْت هذا الأمر ( ( ( لأمر ) ) ) اقتضي ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/56)
بَابٌ الْجَمْعُ بين الصَّلَاتَيْنِ
تَرْكُهُ أَفْضَلُ وَعَنْهُ فِعْلُهُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدِ بن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ كَجَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ وَيَجُوزُ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في سفره ( ( ( سفر ) ) ) الْقَصْرِ ( ه ) وَقِيلَ وَالْقَصِيرِ ( وم ) وَقِيلَ لايجوز الْجَمْعُ إلَّا لِسَائِرٍ وَعَنْهُ لِسَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى فَيُؤَخِّرُ إلَى الثَّانِيَةِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ( وم ) وقال ابن أبي مُوسَى الْأَظْهَرُ من مَذْهَبِهِ أَنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ فِعْلُ الْأُولَى آخَرَ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَيَجُوزُ لِمُرْضِعٍ نَصَّ عليه لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ وفي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ لَا ( و ) وقال أبو الْمَعَالِي هِيَ كَمَرِيضٍ وَلِعَاجِزٍ عن الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَعَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ وَيَجُوزُ لِمَرِيضٍ على الْأَصَحِّ لِلْمَشَقَّةِ ( وم ) وزاد يُقَدِّمُ خَوْفَ الْإِغْمَاءِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ أَشَدُّ من السَّفَرِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ إنْ جَازَ له تَرْكُ الْقِيَامِ وَاحْتَجَمَ أَحْمَدُ بَعْدَ الْغُرُوبِ ثُمَّ تَعَشَّى ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في وَقْتِ إحْدَاهُمَا
قال في الْخِلَافِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كان مُسَافِرًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَافَ إنْ أَخَّرَ الْعِشَاءَ يَمْرَضُ لِأَجْلِ الْحِجَامَةِ السَّابِقَةِ وَيَجُوزُ لِمَطَرٍ وَثَلْجٍ في الْمَنْصُوصِ وحكي الْمَنْعَ رِوَايَةً ( وه ) يَشُقُّ ( وم ش ) وَقِيلَ وَلِطَلٍّ بين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ في وَقْتِ الْعِشَاءِ ( ش ) وَعَنْهُ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وش ) وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَيَجُوزُ لِلْوَحْلِ في الْأَصَحِّ ( ه ش ) وَقِيلَ على الْأَصَحِّ لَيْلًا وَأَطْلَقَ الجماعة وَقَاسَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على الْجَمْعِ لَهُمَا لِلْوَحْلِ مع أَنَّهُ قال بَعْدَ هذا الْوَحْلُ عُذْرٌ في الْجَمْعِ وَذَكَرَ رِوَايَةَ أبي طَالِبٍ المذكور ( ( ( المذكورة ) ) ) قال فَقَدْ جَعَلَهُ عُذْرًا في إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ في لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَنَادَى الصَّلَاةُ في الرِّحَالِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ
قال فإذا جَازَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لَأَجْلِ الْبَرْدِ كان فيه تَنْبِيهًا على الْوَحْلِ لِأَنَّهُ ليس مَشَقَّةُ الْبَرْدِ بِأَعْظَمَ من الْوَحْلِ وَيَدُلُّ عليه خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمَدِينَةِ من غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَلَا وَجْهَ له يُحْمَلُ عليه إلَّا الْوَحْلُ
____________________
(2/57)
قال وهو أَوْلَى من حَمْلِهِ على غَيْرِ الْعُذْرِ وَالنَّسْخِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ على فَائِدَةٍ وَقِيلَ لَيْلًا مع ظُلْمَةٍ ( وم ر ) وَمِثْلُهُ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ ( خ ) وَذَكَرَ أَحْمَدُ لِلْمَيْمُونِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان يَجْمَعُ في اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي في الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَكَلَامُهُمْ لَا يُخَالِفُ فِيمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّ مَشَقَّةَ بَعْضِ سَبَبَيْنِ فَأَكْثَرَ من ذلك كَمَشَقَّةِ سَبَبٍ منها أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَإِنْ لم يَنَلْهُ مَطَرٌ أو وَحْلٌ أو رِيحٌ أو نَالَهُ يَسِيرٌ جَمَعَ في الْأَصَحِّ وَلَوْ كان غير مُعْتَكِفٍ ( م )
وَقِيلَ من خَافَ فَوْتَ مَسْجِدٍ أو جَمَاعَةٍ جَمَعَ وَقَدَّمَ أبو الْمَعَالِي يَجْمَعُ الْإِمَامُ وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وقال بَعْضُهُمْ وَالْجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ وَقِيلَ في جَمْعِ السَّفَرِ ( وش ) وَقِيلَ التَّقْدِيمُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ في جَمْعِ الْمَطَرِ ( وم ) وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَإِنْ جَمَعَ في السَّفَرِ يُؤَخِّرُ وَقِيلَ الْأَرْفَقُ بِهِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصِ ( م 1 ) عنه وَإِنَّ في جَوَازِهِ لِلْمَطَرِ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب ( ( ( وجهين ) ) ) الْجَمْعَ بين ( ( ( واحتج ) ) ) الصلاتين
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ بعد ( ( ( بعدما ) ) ) ما ذكر يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَجْلِهِ قال بَعْضُهُمْ وَالْجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ وَقِيلَ التَّقْدِيمُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ في جَمْعِ الْمَطَرِ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَإِنْ جَمَعَ في السَّفَرِ يُؤَخِّرُ وَقِيلَ الْأَرْفَقُ بِهِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ عنه انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عِدَّةَ أَقْوَالٍ في مَحَلِّ الْأَفْضَلِيَّةِ حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْجَمْعِ فَنَقُولُ رُوِيَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ على الْمُقْنِعِ وقال ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قال الشَّارِحُ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَفِيهِ خُرُوجٌ من الْخِلَافِ وَعَمَلٌ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا قال الزَّرْكَشِيّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ يَعْنِي أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ لَكِنْ ذَكَرَهُ في جَمْعِ السَّفَرِ وقال في رَوْضَةِ الفقة الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ في جَمْعِ الْمَطَرِ وَقِيلَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ في السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ وَجَزَمَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ في حَقِّ الْمَرِيضِ فِعْلُ الْأَصْلَحِ له وَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْخِيرَ وَإِنْ كان في الْمَنْزِلِ فَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ وقال في الْمُذَهَّبِ الْأَفْضَلُ في حَقِّ من يُرِيدُ الِارْتِحَالَ في وَقْتِ الْأُولَى وَلَا يَغْلِبُ على ظَنِّهِ النُّزُولُ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ وفي غَيْرِ هذه الْحَالِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ انْتَهَى وَقِيلَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ في جَمْعِ الْمَطَرِ نَقَلَهُ
____________________
1-
(2/58)
وجهين لأنا لا نثق بدوامه ونقل ابن مشيش يجمع في حضر لضرورة مثل مرض أو شغل ( خ )
قال القاضي أو ما يبيح ترك الجمعة والجماعة قال صاحب المحرر هذا من القاضي يدل على أن أعذارهما كلها تبيح الجمع واحتج في الخلاف بأن الجماعة تسقط بالمطر للخبر وإذا سقطت الجماعة للمشقة جاز الجمع بينهما لهذا المعني ونقل أبو طالب في المطر يكون يوم الجمعة بالغداة فيصير طينا ثم ينقطع وقت الذهاب فقال من قدر أن يذهب فهو أفضل وإن لم يقدر لم يذهب قال فقد جعل ذلك عذرا في إسقاط الجمعة فعلى قياسه يكون عذرا في الجمع ويتوجه مراده غير غلبة نعاس
وقال صاحب المحرر أو صاحب النظم الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام أحمد كالمرض ونحوه وأولى لمفهوم قول ابن عباس من غير خوف ولا مطر وبه تمسك إمامنا في الجمع للمطر واختار شيخنا الجمع لتحصيل الجماعة وللصلاة في حمام مع جوازها فيه خوف فوت الوقت ولخوف تحرج في تركه أي مشقة وفي الصحيحين في خبر ابن عباس أنه سئل لم فعل ذلك قال أراد أن لا يحرج أحدا من أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره وحمل على آخر الوقت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الْأَثْرَمُ وَجَمْعُ التَّأْخِيرِ في غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ وَقِيلَ يَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَقِيلَ يَفْعَلُ الْمَرِيضُ الْأَرْفَقَ بِهِ من التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ كما تَقَدَّمَ وَقَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وزاد فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ وقال ابن رَزِينٍ وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ إلَّا في جَمْعِ الْمَطَرِ فإن التفضيل ( ( ( التقديم ) ) ) أَفْضَلُ انْتَهَى
( تَنْبِيهٌ ) إذَا قُلْنَا بأنه ( ( ( بأن ) ) ) يَفْعَلَ الْأَرْفَقَ وَاسْتَوَيَا عِنْدَهُ قال في الْكَافِي وابن منجا في شَرْحِهِ الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ في الْمَرَضِ وفي الْمَطَرِ التَّقْدِيمُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ في الْمَرِيضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(2/59)
وأوله وعلى المشتقة ومثل صاحب المحرر بالضعيف للكبر وأجاب القاضي وغيره بأنه يجوز أن يكون في ابتداء الأمر ثم نسخ
قال وقد أومأ أليه في رواية صالح وقد قيل له عنه فقال قد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت وسبق كلامه في الجمع للوحل فَصْلٌ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ في الْأَشْهَرِ ( وم ش ) قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هو الْمَذْهَبُ فَإِنْ جَمَعَ وَقْتَ الْأُولَى اُشْتُرِطَتْ عِنْدَ إحْرَامِهَا وَقِيلَ أو قبل فَرَاغِهَا وَقِيلَ أو إحْرَامِ الثَّانِيَةِ ( وم ر ) وَجَزَمَ في التَّرْغِيبِ وَإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ هو فَقَطْ وَتَقْدِيمُهَا على الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا ( ق ) وَالْمُوَالَاةُ إلَّا بِقَدْرِ إقَامَةٍ وَوُضُوءٍ ( وم ش ) قال جَمَاعَةٌ وَذِكْرٍ يَسِيرٍ كَتَكْبِيرِ عِيدٍ وَعَنْهُ أو سُنَّةٍ وفي الِانْتِصَارِ يَجُوزُ تَنَفُّلُهُ بَيْنَهُمَا نَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ الْعُرْفَ وفي الْخِلَافُ رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ تَدُلُّ على صِحَّةِ الْجَمْعِ وَإِنْ لم تَحْصُلْ الْمُوَالَاةُ وَاعْتَبَرَ في الْفُصُولِ الْمُوَالَاةَ قال وَمَعْنَاهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ وَلَا كَلَامٍ لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الِاسْمِ وهو الْجَمْعُ وقال إنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ في الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَبْطُلُ بِهِ فَتَوَضَّأَ أو اغْتَسَلَ ولم يُطِلْ فَفِي بُطْلَانِ جَمْعِهِ احْتِمَالَانِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا مُوَالَاةَ وَأَخَذَهُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيِّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قبل مَغِيبِ الشَّفَقِ وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بأه ( ( ( بأنه ) ) ) يَجُوزُ له الْجَمْعُ وَمِنْ نَصِّهِ في جَمْعِ الْمَطَرِ إذَا صلى إحْدَاهُمَا في بَيْتِهِ وَالْأُخْرَى في الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا وَالْأَشْهَرُ وَسَلَامِ الْأُولَى وَقِيلَ يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فيها وَإِنْ انْقَطَعَ السَّفَرُ في الْأُولَى فَلَا جَمْعَ وَتَصِحُّ وَيُتِمُّهَا وَكَذَا بَعْدَهَا وَكَذَا في الثَّانِيَةِ كَالْقَصْرِ فَيُتِمُّهَا نَفْلًا وَقِيلَ تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ كَانْقِطَاعِ مَطَرٍ في الْأَشْهَرِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ أَنَّ نَتِيجَتَهُ وَحْلٌ فَيَتْبَعُهُ وَهُمَا سَوَاءٌ في المعني بِخِلَافِ من جَمَعَ لِسَفَرٍ فَزَالَ وَثَمَّ مَطَرٌ أو مَرَضٌ يَبْطُلُ جَمْعُهُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي احْتِمَالًا يُبْطِلُ الْجَمْعَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَمَرِيضٌ كَمُسَافِرٍ
____________________
(2/60)
فَصْلٌ وَإِنْ جَمَعَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ قبل أَنْ يبقي من وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا لِفَوْتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ وَهِيَ التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ مالم يَضِقْ عن فِعْلِهَا لِتَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إذَنْ ( وش ) وَقِيلَ أو قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ أو رَكْعَةٍ وَوُجُودُ الْعُذْرِ إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَالتَّرْتِيبُ ( ش ) لِأَنَّ عَلَيْهِمَا أَمَارَةً وَهِيَ اجْتِمَاعُ الْجَمَاعَةِ وَلِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ لِلْأُولَى فما لم يُوجَدْ حُكْمُ الْمَتْبُوعِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّبَعِ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا يَجُوزُ فِعْلُهَا بِصَلَاةِ الْأُولَى فَقَدْ صَلَّاهَا قبل وَقْتِهَا فَلَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْفَوَائِتِ في ذلك ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ ( وه ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا كَالْفَوَائِتِ وَيَتَوَجَّهُ منها تَخْرِيجُ يَسْقُطُ مُطْلَقًا
وَقِيلَ ضيق ( ( ( وضيق ) ) ) وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَائِتَةٍ مع مُؤَدَّاةٍ وَإِنْ كان الْوَقْتُ لَهُمَا أَدَاءً وَقِيلَ وَالْمُوَالَاةُ فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ وَقَدَّمَ أبو الْمَعَالِي لَا وَلَا يَقْصُرُهَا لِأَنَّهَا قَضَاءٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ إمَامٌ أو مَأْمُومٌ أو نَوَاهُ الْمَعْذُورُ مِنْهُمَا أو صلى الْأُولَى وَحْدَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةَ إمَامًا أو مَأْمُومًا صَحَّ في الْأَشْهَرِ وَلَهُ الْوِتْرُ قبل مَغِيبِ الشَّفَقِ ( م ) وَصَلَاةُ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ كَغَيْرِهِمَا نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وش ) وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ في عِبَادَاتِهِ وَشَيْخُنَا الْجَمْعَ وَالْقَصْرَ مُطْلَقًا ( وم ) وَالْأَشْهَرُ عن أَحْمَدَ الْجَمْعُ فَقَطْ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ( وه ) وَلِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ لِلْمَكِّيِّ
قال أَحْمَدُ ليس يَنْبَغِي أَنْ يولي أَحَدٌ منهم الْمَوْسِمَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَقْدُمُ وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ من الْمَدِينَةِ وقال عَطَاءٌ من السُّنَّةِ أَنْ لَا يولي أَحَدٌ منهم
____________________
(2/61)
@ 63 بَابٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ
تَجُوزُ في قِتَالٍ مُبَاحٍ ( و ) وَلَوْ حَضَرًا ( و ) مع خَوْفِ هَجْمِ الْعَدُوِّ فَإِنْ كان في جِهَةِ الْقِبْلَةِ لم يَخَفْ بَعْضُهُمْ ولم يَخَافُوا كَمِينًا صلي بِهِمْ صَلَاةَ عُسْفَانَ فَيَصُفُّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ فَيُصَلِّي بِهِمْ جميعا حتى يَسْجُدَ فَيَسْجُدَ معه الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَيَحْرُسُ الثانية حتى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدُ وَيَلْحَقُهُ وفي الْخَبَرِ تَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمُ وَتَقَدَّمَ الْمُتَأَخِّرُ فَقِيلَ هو أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ في فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ وَلِقُرْبِ مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ وَقِيلَ يَجُوزُ ( م 1 ) وفي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَحْرُسُ السَّاجِدَ معه أَوَّلًا ثُمَّ يَلْحَقُهُ في التَّشَهُّدِ فَيُسَلِّمُ بِجَمِيعِهِمْ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَحْرُسُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَإِنْ حَرَسَ بَعْضُ الصَّفِّ أو جَعَلَهُمْ صَفًّا وَاحِدًا جَازَ لَا حِرَاسَةَ صَفٍّ وَاحِدٍ في الرَّكْعَتَيْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ فَإِنْ كان في جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيَصُفُّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ ويصلى بِهِمْ جميعا حتى يَسْجُدَ فَيَسْجُدَ معه الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَيَحْرُسُ الثَّانِي حتى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدَ وَيَلْحَقَهُ وفي الْخَبَرِ تَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمُ وَتَقَدَّمَ الْمُتَأَخِّرُ فَقِيلَ هو أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ في فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ وَلِقُرْبِ مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ وَقِيلَ يَجُوزُ انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْهَادِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصِّفَةَ التي في الحديث وَاقْتَصَرُوا عليها وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(2/63)
فَصْلٌ وَإِنْ كان الْعَدُوُّ في غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ صلي بِهِمْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَيَقْسِمُهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ وزاد أبو الْمَعَالِي بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ في ذلك أو فِيمَا فيه حَظٌّ لنا أَثِمَ وَيَكُونُ صَغِيرَةً وَهَلْ يَقْدَحُ في الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَ الصَّلَاةَ الْأَشْبَهُ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ يَفْسُقُ وَإِنْ لم تكرر ( ( ( يتكرر ) ) ) كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ في الْأَمَانَةِ ذَكَرَ ذلك ابن عَقِيلٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمْ هذا الْخِلَافُ
قال وَتَكُونُ الصَّلَاةُ معه مَبْنِيَّةً على إمَامَةِ الْفَاسِقِ ( م 2 ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُ كل طَائِفَةٍ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ وقيل يُكْرَهُ أَقَلُّ طَائِفَةٌ تَحْرُسُ وَطَائِفَةٌ يُصَلِّيَ بها رَكْعَةً ثُمَّ تُفَارِقُهُ في قِيَامِ الثَّانِيَةِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِلَا عُذْرٍ وَتُتِمُّهَا لِنَفْسِهَا وَتُسَلِّمُ وَتَنْوِي الْمُفَارِقَةَ لِأَنَّ من تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ ولم يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ وَتَسْجُدُ لِسَهْوِ إمَامِهَا قبل الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا وَهِيَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُنْفَرِدَةٌ
وَقِيلَ مُؤْتَمَّةٌ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مُؤْتَمَّةٌ في كل صَلَاتِهِ يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ لَا لِسَهْوِهِمْ وَمَنَعَ أبو الْمَعَالِي انْفِرَادَهُ فإن من فَارَقَ إمَامَهُ فَأَدْرَكَهُ مأموم ( ( ( مأموما ) ) ) بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله وإن كان العدو في غير جهة القبلة قسمهم طائفتين تكفي كل طائفة العدو فإن فرط الإمام في ذلك أو فيما فيه حظ لنا أثم ويكون صغيرة وهل يقدح في الصلاة إن قارن الصلاة الأشبه لايقدح لأن النهي لا يختص بشرط الصلاة وقيل يفسق وإن لم يتكرر كالمودع والأمين والوصي إذا فرط في الأمانة ذكر ابن عقيل وتكون الصلاة معه مبنية على إمامة الفاسق انتهى وأطلقهما ابن تميم فقال فإن ترك الأمير ما فيه حظ المسلمين أثم وهل يفسق بذلك قبل تكراره على وجهين انتهى قال ابن عقيل في الفصول وهذا لفظه إن فعل ذلك عمدا كان عاصيا ويحتمل أن يصير بذلك فاسقا كالمودع والأمين والوصي إذا فرط فتخرج صحة إماماته على الخلاف في صلاة الفاسق ويحتمل أن يكون ذلك صغيرة لا توجب بمجردها الفسق حتى يشفعها بأمثالها وهل يقدح ذلك في الصلاة لكونها معصية قارنت الصلاة الأشبه والله أعلم قلت الصواب أن يفسق وارتكاب ما فعله يدل على أمر عظيم والذي يظهر أن هذا ليس من الخلاف المطلق الذي اصطلح عليه المصنف والله أعلم
____________________
1-
(2/64)
وإذا أَتَمَّتْ وَسَلَّمَتْ مَضَتْ تَحْرُسُ وَيُطِيلُ قِرَاءَتَهُ حتى تَحْضُرَ الْأُخْرَى فَتُصَلِّيَ معه الثَّانِيَةَ يَقْرَأُ إذَا جَاءُوا بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ إنْ لم يَكُنْ قَرَأَ وَإِنْ كان قَرَأَ قَرَأَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَلَا يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيئِهَا ( ق ) وقال ابن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السُّكُوتُ وَلَا التَّسْبِيحُ وَلَا الدُّعَاءُ وَلَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ لم يَبْقَ إلَّا الْبُدَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ كَذَا قال لَا يَجُوزُ أَيْ يُكْرَهُ وَيَكْفِي إدْرَاكُهَا لِرُكُوعِهَا وَيَكُونُ تَرَكَ الْإِمَامُ الْمُسْتَحَبَّ وفي الْفُصُولِ ففعل ( ( ( فعل ) ) ) مَكْرُوهًا فإذا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ كَرَّرَهُ وَصَلَّتْ الثَّانِيَةُ وسلم بها
وَقِيلَ له أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا وَقِيلَ يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِهِ وهو رِوَايَةٌ عن مَالِكٍ وَتَسْجُدُ معه لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ لِأَنَّهَا لم تَنْفَرِدْ عنه وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ وَقِيلَ إنْ سَهَا في حَالِ انْتِظَارِهَا أو سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ وإذا لَحِقُوهُ في التَّشَهُّدِ هل يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فيه خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عن سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ أو سَهَا إمَامُهُ قبل لُحُوقِهِ أو سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دخل في جَمَاعَةٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَأَوْجَبَ أبو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ على الْمَزْحُومِ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ
وَقِيَاسُ قَوْلِهِ في الْبَاقِي كَذَلِكَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وانفراد ( ( ( وانفرد ) ) ) بِهِ عن أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَتَسْجُدُ معه لِسَهْوِهِ وَلَا تعيد ( ( ( تعيده ) ) ) لِأَنَّهَا لم تَنْفَرِدْ عنه وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ وَقِيلَ إنْ سَهَا في حَالِ انْتِظَارِهَا أو سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ وإذا لَحِقُوهُ في التَّشَهُّدِ هل يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فيه خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عن سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ أو سَهَا إمَامُهُ قبل لُحُوقِهِ أو سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دخل في جَمَاعَةٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَأَوْجَبَ أبو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ على الْمَزْحُومِ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ في الْبَاقِي كَذَلِكَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَانْفَرَدَ بِهِ عن أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إنَّ انْفِرَادَ الْمَأْمُومِ بِمَا لايقطع قُدْوَتَهُ مَتَى سَهَا فيه أو بِهِ حَمَلَ عنه الإمام وَنَصَّ عليه في مَوَاضِعَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَنَقْلُهُ وَمُلَخَّصُ ذلك أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ تَحَمُّلُ الْإِمَامِ عن الْمَأْمُومِ ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ من الصُّوَرِ التي انْفَرَدَ بها الْمَأْمُومُ وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ الذي ذَكَرَهُ إنَّمَا هو طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ وهو الْمَنْصُوصُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/65)
وعامة العلماء إن انفراد المأموم بما لا يقطع قدوته متى سها فيه أو به حمل عنه الإمام ونص عليه في مواضع لبقاء حكم القدوة وإن انتظرها جالسا بلا عذر وائتمت به مع العلم بطلت وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الطَّائِفَةِ التي تَحْرُسُ الْحِرَاسَةَ لِمَدَدٍ أَغْنَاهَا عنها بِلَا إذْنٍ وَتُصَلِّي لِحُصُولِ الْغَرَضِ أَمْ لَا لِأَنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِرَأْيِ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فيه بِدَلِيلِ الرُّمَاةِ يوم أُحُدٍ وقَوْله تَعَالَى { إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ } آل عمران 155 فيه وَجْهَانِ ( م 3 )
وَعَلَيْهِمَا تَصِحُّ لِأَنَّ النَّهْيَ لايختص بِشَرْطِ الصَّلَاةِ وقد قِيلَ لو خَاطَرَ أَقَلَّ مِمَّا شَرَطْنَا وَتَعَمَّدُوا الصَّلَاةَ على هذه الصِّفَةِ فَقِيلَ تَصِحُّ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لم يَعُدْ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ بَلْ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِهِمْ كَتَرْكِ حَمْلِ سِلَاحٍ مع حَاجَةٍ وَقِيلَ لَا وَهَذِهِ الصِّفَةُ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وأصابه ( ( ( وأصحابه ) ) ) ( وم ر ش ) وَنَصُّهُ تَفْعَلُ وَإِنْ كان الْعَدُوُّ في جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَخَالَفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَإِنْ كانت مَغْرِبًا صلي بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً ( و ) وَلَا تَفْسُدُ بِعَكْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لم يَزِدْ على انْتِظَارَيْنِ وَالِانْصِرَافُ في غَيْرِ مَحَلِّ الْفَضِيلَةِ بِهِ لَا الْجَوَازُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 3 ) قوله وهل يجوز ترك الطائفة التي تحرس الحراسة لمدد أغناها عنها بلا إذن وتصلي لحصول الغرض أم لا لأن رأي الإمام لا يجوز نقضه برأي آحاد المسلمين فيما ينفرد بالنظر فيه بدليل الرماة يوم أحد وقوله تعالى { إنما استزلهم الشيطان } فيه وجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم ( قلت ) إن تحققت الغناء والردء الذي جاء جاز لها ترك الحراسة والصلاة وإن غلب على ظنها الغناء أوشكت فيه لم يجز والله أعلم ولم أر هذه المسألة في غير كلام المصنف
تنبيهان التنبيه الأول قوله بعد إطلاق الوجهين المتقدمين وعليهما تصح يعني الصلاة لأن النهي لا يختص بشرط الصلاة وقد قيل لو خاطر أقل مما شرطنا وتعمدوا الصلاة على هذه الصفة فقيل تصح لأن التحريم لم يعد إلى شرط الصلاة بل إلى المخاطرة بهم كترك حمل سلاح مع حاجة وقيل لا انتهى فإطلاق القولين الأخيرين من تتمة الطريقة الثانية والمذهب صحة الصلاة وهو الذي قدمه المصنف
____________________
1-
(2/66)
وَيَتَخَرَّجُ تَفْسُدُ من فَسَادِهَا بِتَفْرِيقِهِمْ أَرْبَعَ طَوَائِفَ ( وه ) وَإِنْ كانت رُبَاعِيَّةً غير مَقْصُورَةٍ صلي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَتَصِحُّ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَبِأُخْرَى ثَلَاثًا وَتُفَارِقُهُ الْأُولَى في الْمَغْرِبِ وَالرَّبَاعِيَةِ عِنْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ جَالِسًا يُكَرِّرُهُ فإذا أَتَتْ الثَّانِيَةُ قام زَادَ أبو الْمَعَالِي تُحْرِمُ معه ثُمَّ يَنْهَضُ بِهِمْ وَقِيلَ الْمُفَارَقَةُ وَالِانْتِظَارُ في الثَّالِثَةِ ( وم ر ق ) فَيَقْرَأُ سُورَةً وَيُحْتَمَلُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ وَلَا تَتَشَهَّدُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ ليس مَحَلَّ تَشَهُّدِهَا وَقِيلَ تَتَشَهَّدُ معه إنْ قُلْنَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ لِئَلَّا تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِتَشَهُّدٍ وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْأَوَّلِيَّيْنِ فَقَطْ ( وق ) لِمُفَارِقَتِهِمَا قبل الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وهو الْمُبْطِلُ لِأَنَّهُ لم يَرِدْ ذَكَرَ ذلك ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا صَارَ إلَى فِعْلِهِ عليه السَّلَامُ
قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى هذا التَّفْرِيقِ أولا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الصَّحِيحُ عِنْدِي على أَصْلِنَا إنْ كان لِحَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ لِحَاجَتِهِمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَالْجَيْشُ أَرْبَعُمِائَةٍ لِجَوَازِ الِانْفِرَادِ لِعُذْرٍ وَالِانْتِظَارُ إنَّمَا هو تَطْوِيلُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَى لِجَوَازِ مُفَارَقَتِهَا بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاتِهِ بِالثَّانِيَةِ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ على ما سَبَقَ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةِ لِانْفِرَادِهِمَا بِلَا عُذْرٍ وهو مُبْطِلٌ على الْأَشْهَرِ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِدُخُولِهِمَا في صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُلِّ لِنِيَّتِهِ صَلَاةً محرمه ابْتِدَاءً وَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ في الْخِلَافِ قال لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ إنَّمَا فَسَدَتْ لِانْصِرَافِهِمْ في غَيْرِ وَقْتِ الِانْصِرَافِ بِلَا حَاجَةٍ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ( وه م ) لِانْصِرَافِهِمَا في غَيْرِ مَحِلِّهِ وَمَنْ جَهِلَ مِنْهُنَّ الْمُفْسِدَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ جَهِلَهُ الْإِمَامُ كَحَدَثِهِ وَقِيلَ أولا وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِهَذَا قِيلَ لَا تَصِحُّ كَحَدَثِهِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا لِلْعِلْمِ بِالْمُفْسِدِ وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ لَا تَأْثِيرَ له كَالْحَدَثِ
____________________
(2/67)
فَصْلٍ وَلَوْ صلي كَخَبَرِ ابْنِ عمر بطائفة ركعة ومضت ( * ) ثم بالثانية ركعة ومضت وسلم ثم أتت الأولى فأتمت الصلاة بقراءة وقيل أو لا لأنها مؤتمة به حكما فلا تقرأ فيما تقضيه كمن زحم أو نام حتى سلم إمامه ونصه خلافه ثم أتت الثانية فأتمت بقراءة أجزأ وهو أحد قولي الشافعي وليست المختارة ( ه ) وعنده يفعل ولو كان العدو بجهة القبلة ولوقضت الثانية ركعتها وقت فارقت إمامها وسلمت ثم مضت وأتت الأولى فأتمت كخبر ابن مسعود صح وهو أولى
قاله بعضهم ولو صلي كخبر أبي بكرة بكل طائفة صلاة وسلم بها صح وبناه القاضي وغيره على اقتداء المفترض بالمتنفل ونصه التفرقة ولما منه القاضي وغيره مفترضا خلف متنفل قال يحتمل أنه عليه السلام فعله في الوقت الذي كان يعاد فيه الفرض في اليوم مرتين فصلاته في حال اقتداء المفترض به مؤادة بنية الفرض وإنما كانت تصير نفلا بعد إعادتها وذلك لا يغير حكم صلاة المأموم كمغدور لا تلزمه الجمعة أم مثله في الظهر ثم شهد الإمام الجمعة
ولو صلي بهم الرباعية الجائز قصرها تامة بكل طائفة ركعتين بلا قضاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( * ) التنبيه الثاني قوله في فصل ولو صلى كخبر اب عُمَرَ فَلَا تَقْرَأُ فِيمَا تَقْضِيهِ من زُحِمَ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ لَعَلَّهُ كَمَنْ زُحِمَ وَأَجْرَاهُ شَيْخُنَا على ظَاهِرِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
____________________
1-
(2/68)
فتكون له تامة ولهم مقصورة فنصه تصح لخبر جابر ومنعه صاحب المحرر لاحتمال سلامه فتكون الصفة قبلها ولو قصرها وصلي بكل طائفة ركعة بلا قضاء كصلاته عليه السلام في خبر ابن عباس وحذيفة وزيد بن ثابت وغيرهم صح في ظاهر كلامه فإنه قال ما يروي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحاح ابن عباس يقول ركعة ركعة إلا أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان وللقوم ركعة ركعة ولم ينص على خلافه وللخوف والسفر ومنعه الأكثر ( و ) فَصْلٌ وَإِنْ صلي صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا خَوْفَ بَطَلَتْ وَقِيلَ لَا صَلَاةَ إمَامٍ وَالْمُرَادُ على خَبَرِ أبي بَكْرَةَ وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ في الْخَوْفِ حَضَرًا بِشَرْطِ كَوْنِ الطَّائِفَة أَرْبَعِينَ فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً بَعْدَ حُضُورِهَا الْخُطْبَةَ فَإِنْ أَحْرَمَ بِاَلَّتِي لم تَحْضُرْهَا لم تَصِحَّ وَتَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا جَهْرٍ وَيَتَوَجَّهُ تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ ذَهَابِ الطَّائِفَةِ كما لو نَقَصَ الْعَدَدُ قيل يَجُوزُ هُنَا لِلْعُذْرِ وَلِأَنَّهُ مُرْتَقِبٌ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ
قال أبو الْمَعَالِي وَإِنْ صَلَّاهَا كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ جَازَ قال ويصلي ( ( ( ويصل ) ) ) الِاسْتِسْقَاءَ ضَرُورَةً كَالْمَكْتُوبَةِ وَالْكُسُوفُ وَالْعِيدُ آكَدُ منه وَيُسْتَحَبُّ حَمْلُ سِلَاحٍ خَفِيفٍ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ يَجِبُ ( وم ش ) وَلَا يُشْتَرَطُ ( و ) وَيَتَوَجَّهُ فيه تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ
وفي الْمُنْتَخَبِ هل يُسْتَحَبُّ فيه رِوَايَتَانِ نَقَلَ ابن هانىء لَا بَأْسَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم ابن عَقِيلٍ أَنَّ حَمْلَهُ في غَيْرِ الْخَوْفِ مَحْظُورٌ فَهُوَ أَمْرٌ بَعْدَ حَظْرٍ وهو
____________________
(2/69)
لِلْإِبَاحَةِ كَذَا قالوا مع قوله ( ( ( قولهم ) ) ) يُسْتَحَبُّ وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وقال أَيْضًا عن رَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْهُمْ رَفْعُ الْكَرَاهَةِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ في غَيْرِ الْعُذْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ في غَيْرِ الْعُذْرِ وهو أَظْهَرُ وَيُكْرَهُ ما يُثْقِلُهُ أو يَمْنَعُ إكْمَالَهَا أو يَضُرُّ غَيْرَهُ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ يُكْرَهُ ما يَمْنَعُهُ اسْتِيفَاءَ الْأَرْكَانِ وَمُرَادُهُ على الْكَمَالِ قال إلَّا في حَرْبٍ مُبَاحٍ كَذَا قال ولم يَسْتَثْنِ في مَكَان آخَرَ وَيَحْمِلُ نَجَسًا لِحَاجَةٍ وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) فَصْلٌ يَجُوزُ فِعْلُ الصَّلَاةِ حَالَ السايفة ( ( ( المسايفة ) ) ) أو الْهَرَبِ الْمُبَاحِ كَظَنِّ سَبُعٍ ونحو أو غَرِيمٍ ظَالِمٍ أو خَوْفِهِ على نَفْسِهِ أو أَهْلِهِ أو مَالِهِ أو ذَبِّهِ عنه وَعَلَى الْأَصَحِّ أو عن غَيْرِهِ وَعَنْهُ أو عن مَالِ غَيْرِهِ رَاجِلًا وَرَاكِبًا إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا وَجَدَ ذلك قبل الصَّلَاةِ أو فيها وَلَوْ احْتَاجَ عَمَلًا كَثِيرًا وَعَنْهُ له التَّأْخِيرُ إذَنْ وَلَا يَجِبُ ( ه ) بِخِلَافِ من هُدِّدَ بِالْقَتْلِ وَمُنِعَ منها فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ وَهَذَا قَادِرٌ وَتَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ نَصَّ عليه لِلنُّصُوصِ فَدَلَّ أنها تَجِبُ وهو ظَاهِرُ ما احْتَجُّوا بِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالشَّيْخِ لَا تَنْعَقِدُ ( وه ) ويعفي عن تَقَدُّمِ الْإِمَامِ كَعَمَلٍ كَثِيرٍ وفي الْفُصُولِ يَحْتَمِلُ أَنْ يعفي ولم يذكره ( ( ( يذكر ) ) ) غَيْرَهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْمُتَابَعَةِ ويومىء ( ( ( ويومئ ) ) ) بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ وَلَا يَجِبُ سُجُودُهُ على دَابَّتِهِ وَلَهُ الْكَرُّ وَالْفَرُّ وَنَحْوُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ وَلَا تَبْطُلُ بِطُولِهِ ( ش ) وَيَتَوَجَّهُ من هذا لو أُكْرِهَ على زِيَادَةِ فِعْلٍ لم تَبْطُلْ بِهِ وَلِهَذَا جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّ له التَّأْخِيرَ لِدَفْعِ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ بِخِلَافِ الْخَوْفِ وَسَبَقَ من كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ في سُجُودِ السَّهْوِ خِلَافُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قوله ويحمل نجسا لحاجة وفي الإعادة روايتان انتهى قال في الرعاية الكبرى قلت يحتمل الإعادة وعدمها وجهين انتهى قلت الصواب عدم الإعادة وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى فإنه قال لا يضر تلويث سلاحه بدم وهي قريبة مما إذا تيمم في الحصر خوفا من البرد وصلى فإن الصحيح يعيد كما تقدم ولها نظائر كثيرة فهذه أربع مسائل في هذا الباب فيها الخلاف مطلق
____________________
1-
(2/70)
وَقِيلَ إنْ كَثُرَ دَفْعُ عَدُوٍّ من سَيْلٍ وَسَبُعٍ وَسُقُوطِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ أَبْطَلَ قال في الْخِلَافِ على أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْفِعْلُ وَإِنْ لم يَعْتَدَّ بِهِ كَالْمُضِيِّ في الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَالدُّخُولِ مع الْإِمَامِ في حَالِ السُّجُودِ كَذَا قال وَلَا يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ إلَى الْقِبْلَةِ وَعَنْهُ يَلْزَمُ قَادِرًا وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَعَاجِزًا وَلِطَالِبِ عَدُوٍّ يَخَافُ فَوْتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ وَعَنْهُ لَا صَحَّحَهُ ابن عَقِيلٍ ( و ) وَكَذَا التَّيَمُّمُ له
وَنَقَلَ أبو دَاوُد في الْقَوْمِ يَخَافُونَ فَوْتَ الْغَارَةِ فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أو يصلو ( ( ( يصلون ) ) ) على دَوَابِّهِمْ قال كُلٌّ أَرْجُو وَمَنْ أَمِنَ أو خَافَ في الصَّلَاةِ انْتَقَلَ وبني ( ش ) في الثَّانِيَةِ وَلَا تَبْطُلُ ( ه ) وَمَنْ صَلَّاهَا لِظَنِّ عَدُوٍّ فلم يَكُنْ أَعَادَ ( وه م ق ) لِعَدَمِ الْمُبِيحِ كما لو كان مُحْدِثًا وَقِيلَ لَا وَذَكَرَهُ ابن هُبَيْرَةَ رِوَايَةً وَكَذَا إنْ كان وَثَمَّ مَانِعٌ وَقِيلَ إنْ خَفِيَ الْمَانِعُ وَإِلَّا أَعَادَ وَإِنْ بَانَ يَقْصِدُ غَيْرَهُ لم يُعِدْ في الْأَصَحِّ لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هَجْمَهُ كما لَا يُعِيدُ من خَافَ عَدُوًّا في تَخَلُّفِهِ عن رُفْقَتِهِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ وَعَنْهُ من خَافَ كَمِينًا أو مَكْرُوهًا إنْ تَرَكَهَا صَلَّاهَا وَأَعَادَ وَإِنْ خَافَ هَدْمَ سُورٍ أو طَمَّ خَنْدَقٍ إنْ صَلَّاهَا آمِنًا فَصَلَاةُ خَائِفٍ ما لم يَعْلَمْ خِلَافَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وقال ابن عَقِيلٍ يُصَلِّي آمِنًا ما لم يَظُنَّ ذلك
____________________
(2/71)
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
قال في الْفُصُولِ سُمِّيَتْ جُمُعَةً لِجَمْعِهَا الْجَمَاعَاتِ وَقِيلَ لِجَمْعِ طِينِ آدَمَ فيها وَقِيلَ لِأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فيها خَلْقُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مَرْفُوعًا وَقَدَّمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِجَمْعِهَا الْخَلْقَ الْكَثِيرَ وَهِيَ أَفْضَلُ من الظُّهْرِ وَهِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِنِيَّةِ الظُّهْرِ ممن ( ( ( وممن ) ) ) لَا تَجِبُ عليه وَلِجَوَازِهَا قبل الزَّوَالِ لَا أَكْثَرَ من رَكْعَتَيْنِ قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَلَا تُجْمَعُ في مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ وَعَنْهُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وفي الإنتصار وَالْوَاضِحِ وَغَيْرِهِمَا هِيَ الْأَصْلُ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ زَادَ بَعْضُهُمْ رُخْصَةٌ في حَقِّ من فَاتَتْهُ وَذَكَرَ أبو إِسْحَاقَ وَجْهَيْنِ هل هِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ أو الظُّهْرِ ( و ) لِقُدْرَتِهِ على الظُّهْرِ بِنَفْسِهِ بِلَا شَرْطٍ
وَلِهَذَا يَقْضِي من فَاتَتْهُ ظُهْرًا وَجَزَمَ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ عن أَحْمَدَ لِأَنَّهَا الْمُخَاطَبُ بها وَالظُّهْرُ بَدَلٌ وَذَكَرَ كَلَامَ أبي إِسْحَاقَ وَيَبْدَأُ بِالْجُمُعَةِ خَوْفَ فَوْتِهَا وَيَتْرُكُ فَجْرًا فائته نَصَّ عليه ( ه ) وقال في الْقَصْرِ قد قِيلَ إنَّ الْجُمُعَةَ تقضي ظُهْرًا وَيَدُلُّ عليه أَنَّهُ قبل فَوَاتِهَا لَا تَجُوزُ الظُّهْرُ وإذا فَاتَتْ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْ الظُّهْرُ قال فَدَلَّ أنها قَضَاءٌ لِلْجُمُعَةِ
وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ ( و ) على الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ ( و ) الْمُكَلَّفِينَ ( و ) لَا الخناثي وَلَا تَصِحُّ من كَافِرٍ وَزَائِلِ الْعَقْلِ وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ رِوَايَةٌ تَلْزَمُ النِّسَاءَ وَإِنْ لزمن ( ( ( لزمت ) ) ) الْمَكْتُوبَةُ صَبِيًّا لَزِمَتْهُ وَقِيلَ عبد ( ( ( عبدا ) ) ) وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وقال وهو كَالْإِجْمَاعِ لِلْخَبَرِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْأَحْرَارَ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فما لَا يَجِبُ شَرْعًا لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إجْبَارَهُ عليه على وَجْهِ التَّعَبُّدِ كَالنَّوَافِلِ وَكَذَا قال أبو الْمَعَالِي ابن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) الْحُقُوقُ الشَّرْعِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِخِطَابِ الشَّارِعِ لَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا بِإِجْبَارِهِ كَالنَّوَافِلِ فَإِنْ خَالَفَ وَحَضَرَهَا سَقَطَ فَرْضُ الظُّهْرِ وآثم كَالْآبِقِ وَقِيلَ تَلْزَمُ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ في نَوْبَتِهِ وَعَنْهُ تَلْزَمُ الْعَبْدَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ خِلَافًا لهم فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ سَيِّدَهُ وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ
____________________
(2/72)
وَيُخَالِفُهُ وَعَنْهُ يَلْزَمُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ خِلَافًا لهم
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْمُسْتَوْطِنِينَ بُنْيَانًا مُعْتَادًا وَلَوْ كان فَرَاسِخَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ بِحَجَرٍ أو قَصَبٍ وَنَحْوِهِ مُتَّصِلًا أو مُتَفَرِّقًا يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ وَاعْتَبَرَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعَ الْمَنَازِلِ في الْقَرْيَةِ قَالَهُ الْقَاضِي وقال أَيْضًا مَعْنَاهُ مُتَقَارِبَةُ الِاجْتِمَاعِ وَقِيلَ له أَيْضًا لو كانت الْقَرْيَةُ مُتَفَرِّقَةَ الْأَبْنِيَةِ وَالْمَنَازِلِ لم تَقُمْ بها الْجُمُعَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لم يَجْمَعْهُمْ وَطَنٌ على أَنَّا لَا نَعْرِفُ عن أَصْحَابِنَا رِوَايَةً في التَّفْرِيقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أن كان التَّفْرِيقُ مُتَقَارِبًا جَازَ إقَامَتُهَا فيها
قال الْأَصْحَابُ لَا يَنْتَقِلُونَ عنه أو قَرْيَةً خَرَابًا عَزَمُوا على إصْلَاحِهَا وَالْإِقَامَةِ بها فَيَصِحُّ في غَيْرِ الْمِصْرِ ( ه ) وَرَبَضُهُ كَهُوَ وَلَوْ مع فُرْجَةٍ بَيْنَهُمَا ( ه ) وَلَا تَصِحُّ في غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِينَ ببناء ( ( ( بناء ) ) ) كَبُيُوتِ الشَّعْرِ وَالْخَرَاكِي ( و ) وَتَجُوزُ إقَامَتُهَا بِقُرْبِ بِنَاءٍ في صَحْرَاءَ بِلَا عُذْرٍ وَيَكُونُ حُكْمُهُ في هذا كَالْمِصْرِ وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ فيه ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ بَلَى في جَامِعٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ بَلْ في جَامِعٍ ( وم ش )
وفي الْخِلَافِ إنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَلَوْ بَعُدَ وَإِنَّ الْأَشْبَهَ بِتَأْوِيلِهِ الْمَنْعُ كَالْعِيدِ يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ لَا فِيمَا بَعُدَ قال ابن عَقِيلٍ وإذا أُقِيمَتْ في صَحْرَاءَ اسْتَخْلَفَ من يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ وَقَدَّمَ الْأَزَجِيُّ صِحَّتَهَا وَوُجُوبَهَا على الْمُسْتَوْطِنِينَ بِعَمُودٍ ( خ ) أو خِيَامٍ ( خ ) وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وهو مُتَّجِهٌ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ نَقَلَ أبو نَصْرٍ الْعِجْلِيُّ ليس على أَهْلِ الْبَادِيَةِ جُمُعَةٌ لِأَنَّهُمْ يَتَنَقَّلُونَ قال بَعْضُهُمْ فَأَسْقَطَهَا عَنْهُمْ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَوْطِنِينَ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ وَلَا يَتِمُّ عَدَدٌ من مَكَانَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ لِعَدَمِ اسْتِيطَانِ الْمُتَمِّمِ وَلَا يَجُوزُ تَجْمِيعُ أَهْلِ كَامِلٍ في نَاقِصٍ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا كَبَيْنِ الْبُنْيَانِ ومصلي الْعِيدِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِمْ عن حُكْمِ بُقْعَتِهِمْ والأولي مع تَتِمَّةِ الْعَدَدِ تَجْمِيعُ كل قَوْمٍ وَقِيلَ يَلْزَمُ الْقَرْيَةَ قَصْدُ مِصْرٍ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ فَأَقَلُّ وَحَكَى رِوَايَةً وَلَا جُمُعَةَ بمني ( ه ) معرفة ( ( ( كعرفة ) ) ) نَقَلَ يَعْقُوبُ ليس بها جُمُعَةٌ إنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ ويجهر وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد عن وَالِي مَكَّةَ يَرْكَبُ من مني فَيُجْمِعُ بِهِمْ
قال لَا إلَّا إذَا كان هو بِمَكَّةَ وَالْمُقِيمُ في قَرْيَةٍ لَا يَبْلُغُ عَدَدَ الْجُمُعَةِ أو في الْخِيَامِ وَنَحْوِهَا وَالْمُسَافِرُ غير سَفَرِ قَصْرٍ لَا تَلْزَمُهُمْ إلَّا إذَا كان فَرْسَخًا نَصَّ عليه
____________________
(2/73)
( وم ) قال جَمَاعَةٌ تَقْرِيبًا عن مَكَانِ الْجُمُعَةِ وَعَنْهُ عن أَطْرَافِ الْبَلَدِ ( وم ) فَتَلْزَمُهُمْ وَعَنْهُ الْمُعْتَبَرُ مَكَانُ سَمَاعِ النِّدَاءِ ( وش ) زَادَ بَعْضُهُمْ غَالِبًا أو مَكَانِهَا أو أَطْرَافِهِ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ أَيُّهُمَا وُجِدَ وَعَنْهُ بَلْ إنْ سَمِعُوهُ وَعَنْهُ إنْ فَعَلُوهَا ثُمَّ رَجَعُوا لِيَوْمِهِمْ لَزِمَهُمْ وَلَوْ سَمِعَتْهُ قَرْيَةٌ من فَوْقِ فَرْسَخٍ لِعُلُوِّ مَكَانِهَا أو لم يَسْمَعْهُ من دُونَهُ لِجَبَلٍ حَائِلٍ أو انْخِفَاضِهَا فَعَلَى الْخِلَافِ وَحَيْثُ لَزِمَهُمْ لم تَنْعَقِدْ بِهِمْ لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ أَصْلًا وفي إمَامَتِهِمْ فيها وَجْهَانِ لِوُجُوبِهَا عليهم وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِهِمْ ( م 1 ) وَكَذَا إنْ لَزِمَتْ مُسَافِرًا أَقَامَ ما يَمْنَعُ الْقَصْرَ ولم يَنْوِ اسْتِيطَانًا ( م 2 )
وَالْأَشْهَرُ تَلْزَمُهُ وَعَنْهُ لَا جَزْمَ بِهِ في التَّخْلِيصِ وَغَيْرِهِ ( خ ) وتجزيء امْرَأَةً حَضَرَتْهَا تَبَعًا ( و ) لِلْمُقِيمِينَ وَلَا تَنْعَقِدُ بها وَلَا تَؤُمُّ ( و ) فِيهِنَّ وَكَذَا مُسَافِرٌ له الْقَصْرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ تَبَعًا لِلْمُقِيمِينَ خِلَافًا لهم قَالَهُ شَيْخُنَا وهو مُتَّجِهٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهًا وحكي رِوَايَةً تَلْزَمُهُ بِحُضُورِهَا ( خ ) في وَقْتِهَا ما لم يَنْضَرَّ بِالِانْتِظَارِ وَتَنْعَقِدُ ( وه م ر ) وَيَؤُمُّ فيها ( ور ) كَمَنْ سَقَطَتْ عنه تَخْفِيفًا لِعُذْرِ مَرَضٍ وَخَوْفٍ وَنَحْوِهِمَا ( و ) لِزَوَالِ ضَرَرِهِ فَهُوَ كَمُسَافِرٍ يَقْدَمُ فَلَوْ دَامَ ضَرَرُهُ كَخَائِفٍ على (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب صلاة الجمعة
( مسألة 1 ) قوله وفي صحة إمامتهم فيها وجهان لوجوبها عليهم وعدم انعقادها بهم انتهى يعني من وجبت عليه الجمعة بغيره كمن هو مقيم بقرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة أو كان مقيما في الخيام ونحوها أو كان مسافرا دون مسافر قصر نحوهم وبقربهم في مسافة فرسخ فما دون من تجب عليه الجمعة فصلى معهم وأطلق الخلاف أيضا في المحرر والرعايتين وحواشي المصنف على المقنع والفائق وغيرهم وأطلقه أيضا في مجمع البحرين في المقيم غير المستوطن أحدهما لا تصح إمامتهم وهو الصحيح وهو ظاهر كلام القاضي والشيخ في الكافي وفي المقنع في المسافر وجزم به في الإفادات وصححه في النظم والوجه الثاني تصح إمامتهم فيها وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وأبي بكر لإنهما عللا منه إمامة المسافر بأنها لا تجب عليه قاله في مجمع البحرين
( مسألة 2 ) قوله وكذا إن لزمت مسافر أقام ما يمنع القصر ولم ينو استيطانا انتهى وذلك كمن أقام بمصر لعلم أو شغل ونحوه وقد علمت الصحيح في المسألة التي قبلها فكذا في هذه وأطلق الخلاف في المحرر ومختصر ابن تميم والرعاية والفائق وغيرهم
____________________
1-
(2/74)
مَالِهِ وَحَاقِنٍ جَازَ انْصِرَافُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ خَاصَّةً فَلَوْ صلي بَقِيَ الْوُجُوبُ لِعَدَمِ الْمُسْقِطِ وهو اشْتِغَالُهُ بِدَفْعِ ضَرَرِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لِبَقَاءِ سَفَرِهِ وهو الْمُسْقِطُ وَإِنْ لَزِمَتْ عَبْدًا انْعَقَدَتْ بِهِ وَأَمَّ وَإِلَّا فَلَا على الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَلَيْسَ كَمُسَافِرٍ ( و ( ( ( خ ) ) ) ) وَمُمَيِّزٌ كَعَبْدٍ ( و ( ( ( خ ) ) ) ) وَمَنْ لم تَجِبْ عليه لِمَرَضٍ أو سَفَرٍ وَاخْتُلِفَ في وُجُوبِهَا كَعَبْدٍ فَهِيَ أَفْضَلُ في حَقِّهِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قال وَكَرِهَ قَوْمٌ التَّجْمِيعَ لِلظُّهْرِ يوم الْجُمُعَةِ في حَقِّ أَهْلِ الْعُذْرِ لِئَلَّا يُضَاهِيَ بها جُمُعَةً أُخْرَى احْتِرَامًا لِلْجُمُعَةِ الْمَشْرُوعَةِ في يَوْمِهَا لَا كَامْرَأَةٍ ( و ( ( ( خ ) ) ) ) فَصْلٌ من لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ فصلي الظُّهْرَ شَاكًّا هل صلي الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ لم تَصِحَّ ( وش ( ( ( ر ) ) ) ) كَشَكِّهِ في دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ لِلْأَخْبَارِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عليه قَالَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَتَعَذَّرُ في حَقِّهِ إلَّا بِسَلَامِ الْإِمَامِ لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِهَا فَيَسْتَأْنِفُهَا فَتَقَعُ ظهر ( ( ( ظهرا ) ) ) هذا قَبْلَهُ وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا وَإِلَّا صَحَّتْ ( وم ) وَسَبَقَ وَجْهٌ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الظُّهْرُ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا ( وه ) وَقَدَّمَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلِهَذَا يُصَلِّي الْفَجْرَ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ من خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الظُّهْرُ ولم تَفُتْ لَكِنْ لَا تَبْطُلُ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ ( ه ) وَكَذَا لو صلي الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ مع بَقَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لم يَصِحَّ في الْأَشْهَرِ ( ه ) وَقِيلَ إنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ تَأْخِيرًا مُنْكَرًا فَلِلْغَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا وَيُجْزِئُهُ عن فَرْضِهِ
جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ ( وم ) لِخَبَرِ تَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ الصَّلَاةَ عن وَقْتِهَا وَسَبَقَ أَنَّ أَحْمَدَ احْتَجَّ بِهِ على أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ وَاحْتَجَّ في الْخِلَافِ بهذا الْخَبَرِ على صِحَّتِهَا بِغَيْرِ سُلْطَانٍ قال ولم يُفَرِّقْ بين الْجُمُعَةِ وغيرهم قال وَأَخَذَ أَحْمَدُ بِظَاهِرِهِ في الْجُمُعَةِ فسئل ( ( ( فسأل ) ) ) في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ إذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ يوم الْجُمُعَةِ فقال يُصَلِّيهَا لِوَقْتِهَا وَيُصَلِّيهَا مع الْإِمَامِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَ هُنَا لَا يُصَلِّيهَا غَيْرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا تَأَخَّرَ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ يُصَلِّي غَيْرُهُ وَيُوَافِقُهُ ما احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في صِحَّتِهَا بِلَا سُلْطَانٍ بِمَا روي ابن الْمُنْذِرِ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صلي بِالنَّاسِ لَمَّا أَبْطَأَ الْوَلِيدُ بن عُقْبَةَ بِالْخُرُوجِ وَصَلَّى أبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بِالنَّاسِ حِين أَخَّرَهَا سَعِيدُ بن الْعَاصِ
____________________
(2/75)
وَمَنْ لم تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ صَحَّتْ ظُهْرُهُ قَبْلَهُ على الْأَصَحِّ ( و ) وَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ وَقِيلَ لَا وهو رِوَايَةٌ في التَّرْغِيبِ ( وم ) كَصَبِيٍّ بَلَغَ في الْأَشْهَرِ وقال ابن عَقِيلٍ من لَزِمَتْهُ بِحُضُورِهِ لم تَصِحَّ وَالْأَصَحُّ فِيمَنْ دَامَ عُذْرُهُ كَامْرَأَةٍ تَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَقِيلَ الْأَفْضَلُ له التَّقْدِيمُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ وَلَا تَبْطُلُ بِالسَّعْيِ في الْأَشْهَرِ ( ه ) بِدَلِيلِ صَلَاةِ من صلي خَلْفَهُ مع مَنْعِ اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الِاقْتِدَاءِ
وتكره لِمَنْ فَاتَتْهُ ( م ) أو لِمَعْذُورٍ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً في الْمِصْرِ ( ه ) وفي مَكَانِهَا وَجْهَانِ ( م 3 ) ولم يَكْرَهْهُ أَحْمَدُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قال وما كان يَكْرَهُ إظْهَارَهَا قال وَعَلَى أَنَّهُ لو كَرِهَ إظْهَارَهَا وَكَثْرَةَ الْجَمْعِ فيها لم يَضُرَّ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اُتُّهِمُوا بِالرَّغْبَةِ عن الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيُعَاقِبُهُمْ الْإِمَامُ إذَا لم تَكُنْ أَعْذَارُهُمْ ظَاهِرَةً فَأَمَّا إنْ كانت ظَاهِرَةً لم تُكْرَهْ وَعَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَحَبَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِلظُّهْرِ يوم الْجُمُعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ لَا يُصَلِّي فَوْقَ ثَلَاثَةٍ جَمَاعَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَيَأْتِي قبل آخِرِ فَصْلٍ في الْبَابِ هل يُؤَذِّنُ لها
وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ فَتَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أو بِنِصْفِهِ لِلْخَبَرِ وَلَا يَجِبُ ( عِ ) وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ السَّفَرُ في يَوْمِهَا بَعْدَ اللُّزُومِ حتى يُصَلِّيَ بِنَاءً على اسْتِقْرَارِهَا بِأَوَّلِهِ فَلِهَذَا خَرَجَ الْجَوَازُ مع الْكَرَاهَةِ ما لم يحرمها بها لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ ( وه ) وَفِيهِ قبل اللُّزُومِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ رِوَايَتَانِ ( م ر ق ) وَثَالِثَةٌ يَجُوزُ لِلْجِهَادِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ وَقِيلَ الرِّوَايَاتُ إنْ دخل وَقْتُهَا وَإِلَّا جَازَ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 3 ) قوله ولا تكره لمن فاتته أو لمعذور الصلاة جماعة في المصر وفي مكانها وجهان انتهى قال ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى ولمن فاتته أو لم تلزمه أن يصلي الظهر جماعة بآذان وإقامة ما لم يخف فتنة وهل يكره في موضع صليت فيه الجمعة فيه وجهان انتهى أحدهما يكره وهو الصحيح قال في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم لا يستحب إعادتها في المسجد الذي أقيمت فيه الجمعة وعللوه بما يقتضي الكراهة والوجه الثاني لا يكره وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاوي وجماعة وجزم به في مجمع البحرين
( مسألة 4 ) قوله ولايجوز لمن تلزمه السفر في يومها بعد اللزوم حتى يصلي وفيه قبل اللزوم بعد طلوع الفجر روايتان وثالثة يجوز للجهاد وأنه أفضل نقلها أبو طالب
____________________
1-
(2/76)
وَلَهُ السَّفَرُ إنْ أتي بها في قَرْيَةٍ بطريقة وَإِلَّا كُرِهَ قال بَعْضُهُمْ رِوَايَةً وَاحِدَةً ( وم ) وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يُكْرَهُ قال أَحْمَدُ فِيمَنْ سَافَرَ يوم الْجُمُعَةِ قال ( ( ( قل ) ) ) من يَفْعَلُهُ إلَّا رأي ما يَكْرَهُ وقد قال ابن حَزْمٍ في بَابِ الصَّيْدِ اتَّفَقُوا أَنَّ سَفَرَ الرَّجُلِ مُبَاحٌ له ما لم تَزُلْ الشَّمْسُ من يَوْمِ الْخَمِيسِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ السَّفَرَ حَرَامٌ على من تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذَا نُودِيَ لها كَذَا قال فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ الِاسْتِيطَانُ وقد سَبَقَ وَالْوَقْتُ وَتَجِبُ بِالزَّوَالِ وَعَنْهُ وَقْتَ الْعِيدِ وَتَجُوزُ وَقْتَ الْعِيدِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ في السَّاعَةِ السَّادِسَةِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وابن شَاقِلَا وَالشَّيْخُ وَاخْتَارَ ابن أبي مُوسَى في الْخَامِسَةِ وَعَنْهُ بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ( و ) وهو الْأَفْضَلُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَمُفْرَدَاتِهِ عن قَوْمٍ من أَصْحَابِنَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ وَقْتُ الظُّهْرِ لَا الْغُرُوبُ ( م ر ) فَإِنْ خَرَجَ صَلَّوْا ظُهْرًا فَإِنْ كَانُوا فيها أَتَمُّوا جُمُعَةً قال بَعْضُهُمْ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ( وم )
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هو الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الْوَقْتَ إذَا فَاتَ لم يُمْكِنْ اسْتِدْرَاكُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وقيل الروايات إن دخل وقتها وإلا جاز انتهى وأطلقهن في الهداية والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتخليص والبلغة ومختصر ابن تميم والحاويين وشرح الخرقي للطوفي وأطق الروايتين في غير الجهاد في الكافي إحداهن يجوز مطلقا وهو الصحيح قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب قال في مجمع البحرين هذا أصح الروايات واختاره الشيخ الموفق وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المستوعب والمقنع والنظم والفائق والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والرعايتين وشرح ابن رزين وإدراك الغاية وغيرهم وصححه ابن عقيل وغيره والرواية الثالثة يجوز للجهاد خاصة جزم به في الكافي والإفادات وقدمه في الشرح قال هو والشيخ في المغني وهو الذي ذكره القاضي وقال الطوفي في شرح الخرقي قلت وينبغي أن يقال لا يجوز له السفر بعد الزوال أو حين يشرع في الأذان لها لجواز أن يشرع في ذلك في وقت صلاة العيد على الصحيح من المذهب ولا نزاع في تحريم السفر حينئذ لتعلق حق الله بالإقامة وليس ذلك بعد الزوال انتهى
____________________
1-
(2/77)
فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ في الِاسْتِدَامَةِ لِلْعُذْرِ وَمِثْلُهُ الْعَدَدُ وهو لِلْمَسْبُوقِ وَلِأَنَّ الْوَقْتَ حَصَلَ عنه بَدَلٌ وهو وَقْتُ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ بَعْضَهُ كَجَمِيعِهِ فِيمَنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ في آخِرِهِ بِخِلَافِ الْعَدَدِ فِيهِمَا وَعَنْهُ قبل رَكْعَةٍ لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ ثُمَّ هل يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا ( وش ) أو يَسْتَأْنِفُونَهَا ( وه ) فيه وَجْهَانِ ( م 5 )
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ فيهما إلَّا السَّلَامَ وَإِنْ غَرَبَتْ وهو فيها فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّ وَقْتَ الْغُرُوبِ ليس وَقْتًا لِلْجُمُعَةِ وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَقْتُ الظُّهْرِ التي الْجُمُعَةُ بَدَلُهَا ( م 6 ) فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بَقِيَ من الْوَقْتِ قَدْرُ الْخُطْبَةِ وَالتَّحْرِيمَةِ لَزِمَ فِعْلُهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَلَّوْا ظُهْرًا فَإِنْ كَانُوا فيها أتمو ( ( ( أتموا ) ) ) جُمُعَةً وَعَنْهُ قبل رَكْعَةٍ لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ ثُمَّ هل يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا أو يَسْتَأْنِفُونَ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْكَافِي وَالْمُقْنِعُ وَالْمُحَرَّرُ وَمُخْتَصَرُ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحُ ابْنِ منجا ومجمع الْبَحْرَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَحَدُهُمَا يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذَهَّبِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَسْتَأْنِفُونَهَا ظُهْرًا قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَدُلُّ على ذلك قَوْلُهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا الْآتِي وقال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَتَبِعْهُ الشَّارِحُ فَعَلَى هذا إنْ دخل وَقْتُ الْعَصْرِ قبل ركعة ( ( ( ركوعه ) ) ) فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ تَفْسُدُ وَيَسْتَأْنِفُهَا ظُهْرًا وَعَلَى قَوْلِ ابن إِسْحَاقَ وابن شَاقِلَا يُتِمُّهَا ظُهْرًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على قَوْلِ ابن إِسْحَاقَ وَالْخِرَقِيِّ الاتيان انْتَهَى فَعَلَى هذا يَكُونُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُتِمُّهَا ظُهْرًا إنْ كان قد نوي الظُّهْرَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَبْنِيَّيْنِ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ شَاقِلَا لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَدَّمَ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ وَهُنَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَإِنْ غَرَبَتْ وَهُمْ فيها فَقِيلَ كَذَلِكَ يَعْنِي يَكُونُ الْحُكْمُ كما لو خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَهُمْ فيها وَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ليس وَقْتًا لِلْجُمُعَةِ وَوَقْتَ الْعَصْرِ وَقْتُ الظُّهْرِ التي الْجُمُعَةُ بَدَلُهَا انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا هو كَدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقِيلَ بَلْ تَبْطُلُ انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا يُعْدَلُ عنه وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ
( تَنْبِيهٌ ) هذه الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا ابن تَمِيمٍ في مُخْتَصَرِهِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى
____________________
1-
(2/78)
وإلا ( ( ( والمصنف ) ) ) لم يجز ( ( ( نطلع ) ) ) وكذا يلزمهم إن شكوا ( ( ( العدد ) ) ) في خروجه ( ( ( الجواب ) ) ) عملا ( ( ( الثالث ) ) ) بالأصل ( ( ( فأما ) ) )
الشَّرْطُ الثَّالِثُ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( وش ) لَا بِمَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ عَادَةً ( م ) وَعَنْهُ بِخَمْسِينَ وَعَنْهُ بِسَبْعَةٍ وَعَنْهُ بِخَمْسَةٍ وَعَنْهُ بِأَرْبَعَةٍ ( وه ) وَعَنْهُ بِثَلَاثَةٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَعَنْهُ بِثَلَاثَةٍ في القري وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِمَامِ زَائِدًا ( خ ) فَعَلَيْهَا لو بَانَ مُحْدِثًا نَاسِيًا لم تُجْزِئْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا بِدُونِهِ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ وَيَتَخَرَّجُ لَا مُطْلَقًا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً على رِوَايَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْمُؤْتَمِّ بِنَاسٍ حدثه تَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرَأَ خَلْفَهُ تَقْدِيرًا لِصَلَاتِهِ صَلَاةَ انْفِرَادٍ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدَ فَنَقَصَ لم يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَلَزِمَهُ اسْتِخْلَافُ أَحَدِهِمْ وَبِالْعَكْسِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لم يَجُزْ بِأَقَلَّ وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والمصنف ولم أرها لغيرها وظاهرها مشكل فإن الإمام أحمد والأصحاب قالوا يخرج وقت الجمعة بدخول وقت العصر وإنما اختلفوا إذا دخل وقت العصر وهم فيها فكيف يصحح الجمعة بعد غروب الشمس فيحتمل أن يكون مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة والعصر وجمع جمع تأخير وتأخروا إلى آخر الوقت لكن لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب أنه قال ذلك أو حصل لهم إفاقة من جنون أو سلام أو بلوغ أو عذر من الأعذار إلى آخر وقت العصر وجوزنا الصلاة لهم ولم أرهم ذكروا ذلك والقول بأنهم دخلوا في الصلاة من قبل دخول وقت العصر واستمروا إلى الغروب بعيد جدا ثم وجدت القاضي في التعليقة الكبيرة وهو الخلاف الكبير قال إذا دخل وقت العصر وهم في الجمعة قال أبو حنيفة والشافعي يصلي ظهرا واحتجا بأن وقت الظهر غير وقت العصر فلم يجز فعلها في وقت العصر كما لا يجوز فعلها في وقت المغرب والجواب أنه يجوز فعلها في وقت المغرب كما يجوز في وقت العصر ولا فرق انتهى فقطع بهذا وقال بعد ذلك بأسطر لما قال المخالف الوقت شرط كما أن العدد شرط ثم ثبت أنه لو تفرق العدد قبل الفراغ منها استقبل الصلاة كذلك الوقت انتهى فقال القاضي في الجواب الثالث فأما إذا خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب فيحتمل أن نقول تبني ويحتمل أن نقول تبطل لأن وقت المغرب لم يجعل وقتا للجمعة ووقت العصر قد جعل وقتا للظهر التي الجمعة بدل عنها انتهى فالذي يظهر أنه جعل وقت العصر مع وقت الجمعة وقتا واحدا للعذر على أحد الاحتمالين كغيرها من الصلوات والله أعلم
____________________
1-
(2/79)
لِقِصَرِ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ وَبِالْعَكْسِ الْوِلَايَةُ بَاطِلَةٌ لِتَعَذُّرِهَا من جِهَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَحَدَهُمْ
وَلَوْ لم يَرَهَا قَوْمٌ بِوَطَنٍ مَسْكُونٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ لِلْمُحْتَسِبِ أَمْرُهُمْ بِرَأْيِهِ بها لِئَلَّا يَظُنَّ الصَّغِيرُ أنها تَسْقُطُ مع زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قال أَحْمَدُ يُصَلِّيهَا مع بَرٍّ وَفَاجِرٍ مع اعْتِبَارِ عَدَالَةِ الْإِمَامِ وَيَحْتَمِلُ لَا
قال أَحْمَدُ لَا تَحْمِلُ الناس على مَذْهَبِك وَلَيْسَ لِمَنْ قَلَّدَهَا أَنْ يَؤُمَّ في الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِنَاءً على أنها صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَلَيْسَ لِمَنْ قَلَّدَ أَحَدَهُمَا أَنْ يَؤُمَّ في عِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ ابْتَدَءُوا ظُهْرًا نَصَّ عليه ( وش ) وَقِيلَ يُتِمُّونَ ظُهْرًا ( وم ر ) وَقِيلَ جُمُعَةً ( وه ) وَلَوْ لم يَسْجُدْ في الْأُولَى ( ه ) وَقِيلَ إنْ بَقِيَ معه اثْنَا عَشَرَ لِأَنَّهُ الْعَدَدُ الْبَاقِي مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَانُوا في الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمُرَادُ في انْتِظَارِهَا كما رَوَى مُسْلِمٌ في الْخُطْبَةِ وَالدَّارَقُطْنِيّ بَقِيَ معه أَرْبَعُونَ رَجُلًا تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بن عَاصِمٍ وَإِنَّمَا انْفَضُّوا لِظَنِّهِمْ جَوَازَ الِانْصِرَافِ
وَلِأَبِي دَاوُد في مَرَاسِيلِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وعن مُقَاتِلِ بن حَيَّانَ أَنَّ خُطْبَتَهُ عليه السَّلَامُ هذه كانت بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَظَنُّوا لَا شَيْءَ عليهم في الِانْفِضَاضِ عن الْخُطْبَةِ وَأَنَّهُ قبل هذه الْقِصَّةِ إنَّمَا كان يُصَلِّي قبل الْخُطْبَةِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُمْ انْفَضُّوا لِقُدُومِ التِّجَارَةِ وَلِشِدَّةِ الْمَجَاعَةِ أو ظَنِّ وُجُوبِ خطبة ( ( ( الخطبة ) ) ) وَاحِدَةً وقد فَرَغَتْ وفي الْخِلَافِ في مَسْأَلَةِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ كان لِعُذْرٍ وهو الْحَاجَةُ إلَى شِرَاءِ الطَّعَامِ وَلِأَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ ليس بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ هو الصَّلَاةُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا رَجَعُوا لِلصَّلَاةِ كَذَا قال وَقِيلَ يُتِمُّونَ جُمُعَةً إنْ كان بَعْدَ رَكْعَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَذَكَرَهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ( وم ر ) كَمَسْبُوقٍ
وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا صَحَّتْ من الْمَسْبُوقِ تَبَعًا لِصِحَّتِهَا مِمَّنْ لم يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ تَبَعًا وَإِنْ بَقِيَ الْعَدَدُ أَتَمَّ الجمعة ( ( ( جمعة ) ) ) قال أبو الْمَعَالِي سَوَاءٌ كَانُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ أو لَحِقُوهُمْ قبل
____________________
(2/80)
تَقَضِّيهِمْ بِلَا خِلَافٍ كَبَقَائِهِ من السَّامِعِينَ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ
الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْخُطْبَةُ فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا إذْنُ الْإِمَامِ ( وم ش ) وَعَنْهُ بلي ( وه ) وَعَنْهُ إنْ لم يَتَعَذَّرْ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا لَا لِجَوَازِهَا وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ وَالشَّالَنْجِيُّ إذَا كان بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ قَدْرُ ما يَقْصُرُ فيه الصَّلَاةَ جَمَعُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لم يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاشْتَرَطَ إذْنَهُ فَعَنْهُ لَا إعَادَةَ لِلْمَشَقَّةِ وَعَنْهُ بَلَى لِبَيَانِ عَدَمِ الشَّرْطِ ( م 7 )
وَإِنْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ على بَلَدٍ فَأَقَامُوا فيه الْجُمُعَةَ فَنَصُّ أَحْمَدَ يَجُوزُ اتِّبَاعُهُمْ قَالَهُ ابن عَقِيلٍ قال الْقَاضِي ولوقلنا من شَرْطِهَا إمَامٌ إذَا كان خُرُوجُهُمْ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ
وَيَجِبُ السَّعْيُ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي ( و ) وَعَنْهُ بِالْأَوَّلِ قال بَعْضُهُمْ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ عُثْمَانَ سَنَّهُ وَعَمِلَتْ بِهِ الْأُمَّةُ وَتَتَخَرَّجُ رِوَايَةٌ بِالزَّوَالِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ وَعِنْدَ ابْنِ الْبَنَّاءِ لَا يُسْتَحَبُّ وقال ابن أبي مُوسَى يَجِبُ النِّدَاءُ الذي يُحَرِّمُ الْبَيْعَ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً وَمَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ سعي في وَقْتٍ يُدْرِكُهَا كُلَّهَا إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْعَدَدِ وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمُرَادُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا قَبْلَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 7 ) قوله إذا قلنا يشترط إذن الإمام وإن لم يعلم بموته إلا بعد الصلاة فعنه لا إعادة للمشقة وعنه بلى لبيان عدم الشرط انتهى الرواية الأولى هي الصحيحة قال ابن تميم في مختصره هذا أصح الروايتين وصححها الشيخ الموفق والشارح والمصنف في حواشي المقنع والرواية الثانية اختارها أبو بكر قال في التلخيص ومع اعتباره فلا تقام إذا مات حتى يبايع عوضه وقال في الرعاية الكبرى وإن علم موته بعد الصلاة ففي الإعادة روايتان وقيل مع اعتبار الإذن وقيل إن اعتبرنا الإذن أعادوا وإلا فلا وقيل إن اعتبرنا إذنه فيها فمات فلا تقاوم الجمع حتى يبايع عوضه انتهى وقال أبو بكر الروايتان بناء على اعتبار إذنه وعدمه فإن قلنا باعتباره وجبت الإعادة نقله ابن تميم
____________________
1-
(2/81)
ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ ليس بِوَقْتٍ لِلسَّعْيِ أَيْضًا فَصْلٌ وَتَجُوزُ في أَكْثَرَ من مَوْضِعٍ لِحَاجَةٍ كَخَوْفِ فِتْنَةٍ أو بُعْدٍ أو ضِيقٍ ( ش ه ر م ر ) لِئَلَّا تَفُوتَ حِكْمَةُ تَجْمِيعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ دَائِمًا وَلِجَوَازِهَا في الْخَوْفِ لِلْعُذْرِ وَإِنَّمَا افْتَتَحَتْهَا االطائفة ( ( ( الطائفة ) ) ) الثَّانِيَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْأُولَى لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ
وَقِيلَ في مَوْضِعَيْنِ وَذَكَرَ مثله الْقَاضِي في كِتَابِ التَّخْرِيجِ وَالْخِلَافِ في الْعِيدِ وَقَالَهُ ابن عَقِيلٍ وَذَكَرَ في الْجُمُعَةِ وَجْهَيْنِ
وَعَنْهُ لَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قال لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ وَفِعْلُ على إنَّمَا هو الْعِيدِ
وَعَنْهُ عَكْسُهُ ( خ ) لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْقَوْلَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَغَيْرِهِ وَسُئِلَ عن الْجُمُعَةِ في مَسْجِدَيْنِ فقال صَلِّ فَقِيلَ له إلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ قال إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ في الْعِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ الناس ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَحَمَلَهُ على الْحَاجَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ احْتَجَّ لِعَلِيٍّ في الْعِيدِ ولاحاجة فيه لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ بِالنَّاسِ في الْجَامِعِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَغَايَةُ ما تَرَكَهُ فَضِيلَةُ الصَّحْرَاءِ إنْ كان يَرَى أَفْضَلِيَّتَهَا فيها وَإِنْ صلى بِالنَّاسِ في الصَّحْرَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِخْلَافِ لِجَوَازِ التَّرْكِ وَلَيْسَ في الْحُضُورِ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ جِدًّا وَعَدَمِ تَكَرُّرِهِ لِأَنَّهُ في السَّنَةِ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي في اسْتِخْلَافِ على في الْعِيدِ
وفي الْفُصُولِ إنْ كان الْبَلَدُ قِسْمَيْنِ بَيْنَهُمَا نَائِرَةٌ كان عُذْرًا أَبْلَغَ من مَشَقَّةِ الِازْدِحَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعُوا على شهر ( ( ( ظهر ) ) ) لَا جُمُعَةٍ كَالْأَعْذَارِ سَوَاءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ لم يَجُزْ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ سُقُوطَ فَرْضٍ على وَجْهٍ لم يَرِدْ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ ما خَلَا عَصْرٌ عن نَفَرٍ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةُ ولم يُنْقَلْ تَجْمِيعٌ بَلْ صَلَّوْا ظُهْرًا ولم يُنْكَرْ وَلِهَذَا ذَكَرَ ابن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا تُجْمَعُ ( ع ) وَحَيْثُ مُنِعَتْ فَالْمَسْبُوقَةُ بِالْإِحْرَامِ ( وش ) وَقِيلَ بِشُرُوعِ الْخُطْبَةِ بَاطِلَةٌ ولوصح بِنَاءُ الظُّهْرِ على تَحْرِيمَةِ الْجُمُعَةَ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا لِفَوْتِهَا وَقِيلَ يُتِمُّونَ ظُهْرًا كَمُسَافِرٍ نَوَى الْقَصْرَ فَبَانَ إمَامُهُ مُقِيمًا وَإِنْ امْتَازَتْ الْمَسْبُوقَةُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقِيلَ أو الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ ( وه م ) وزاد أو الْعَتِيقِ صَحَّتْ وَقِيلَ السَّابِقَةُ وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا
____________________
(2/82)
صَلَّوْا جُمُعَةً ( و ) وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ أو جُهِلَتْ السَّابِقَةُ صَلَّوْا ظُهْرًا وَقِيلَ جُمُعَةً وَقِيلَ في الصُّورَةِ الأولي ( وش ) فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لها أَحْدَثَ بَعْدَهُ أو لَا وَلَوْ لم يَتَّصِلْ غسل ( ( ( غسله ) ) ) بِالرَّوَاحِ ( م ) وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ وَسَبْقِهِ بِجِمَاعٍ نَصَّ عليه وَالتَّطَيُّبُ ( و ) وفي خَبَرِ أبي سَعِيدٍ وَلَوْ من طِيبِ الْمَرْأَةِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي ما ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ لِتَأَكُّدِ الطِّيبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ خِلَافُهُ وَلُبْسُ أَفْضَلِ ثِيَابِهِ ( و ) وَالْبَيَاضُ والتكبير ( ( ( والتبكير ) ) ) وَلَوْ كان مُشْتَغِلًا بِالصَّلَاةِ في مَنْزِلِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ مَاشِيًا ( و ) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ( وش ) وَقِيلَ بَعْدَ صَلَاتِهِ لَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ( ه ) وَلَا بَعْدَ الزَّوَالِ ( م ) نَقَلَ حَنْبَلٌ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ فَرْضٌ وَالذَّهَابُ إلَى الْجُمُعَةِ تَطَوُّعٌ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ
قال الْقَاضِي لم يُرِدْ بِالذَّهَابِ إلَيْهَا الْقَصْدَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْبُكُورَ أو السَّعْيَ وهو سُرْعَةُ الْمَشْيِ قال وقد قال في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ { فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ } فَسَّرُوهُ على غَيْرِ وجهة قالوا وقد قال ابن مَسْعُودٍ لو قَرَأَتْهَا لَسَعَيْت حتى يَسْقُطَ رِدَائِي وَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرٍ أو لِلْعَوْدِ وَيُسَنُّ الدُّنُوُّ من الْإِمَامِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَكَذَا بِالصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في يَوْمِهَا لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ في أَخْبَارٍ وفي بَعْضِهَا وَلَيْلَتِهَا وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَكِنَّ الْخَبَرَ في اللَّيْلَةِ مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا أوى الناس بِي يوم الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ على صَلَاةً رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
قال الْأَصْحَابُ وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ في يَوْمِهَا زَادَ أبو الْمَعَالِي وَلَيْلَتِهَا لِلْخَبَرِ وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ قال أَحْمَدُ أَكْثَرُ الحديث في السَّاعَةِ
____________________
(2/83)
التي ترجي فيها الْإِجَابَةُ أنها بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وترجي بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ تَخَطِّي أَحَدٍ وَحَرَّمَهُ في النَّصِيحَةِ وَالْمُنْتَخَبِ وأبو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا
وَإِنْ رَأَى فُرْجَةً فَإِنْ وَصَلَهَا بِدُونِهِ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ لَا مُطْلَقًا وَعَنْهُ عَكْسُهُ وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ وَعَنْهُ بَلْ أَكْثَرُ وَقِيلَ إنْ كانت أَمَامَهُ لم يُكْرَهْ وَجَزَمَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَكَذَا أبو الْمَعَالِي وزاد وَأَنَّ تكبيره ( ( ( تبكيره ) ) ) لَا يُسْتَحَبُّ وَجَزَمَ في الْغُنْيَةِ يَتَخَطَّى إمَامٌ مؤذن ( ( ( ومؤذن ) ) ) وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا يُكْرَهُ لإمامه ( ( ( لإمام ) ) ) وَغَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ
وَتَخَطَّى أَحْمَدُ زَوَارِقَ عِدَّةً بِدِجْلَةَ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ حَرِيمُ دِجْلَةَ وهو لِلْمُسْلِمِينَ فلما ضَيَّقُوا الطَّرِيقَ جَازَ مَشْيُهُ عليها قَالَهُ الْخَلَّالُ وَيَحْرُمُ ( و ) وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ فَيَجْلِسَ مَكَانَهُ وَلَوْ كان الْغَيْرُ وَلَدَهُ أو عَبْدَهُ أو عَادَتُهُ يُصَلِّي فيه حتى الْمُعَلَّمُ وَنَحْوُهُ ( ش ) لأنه عِنْدَهُ إذَا حَضَرَ لم يَكُنْ لِغَيْرِهِ جُلُوسُهُ فيه قال أَصْحَابُنَا إلَّا من جَلَسَ لمكان ( ( ( بمكان ) ) ) يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أو دُونَهُ قِيلَ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ جَلَسَ لِحِفْظِهِ له وَلَا يَحْصُلُ ذلك إلَّا بِإِقَامَتِهِ ولم يذكر جَمَاعَةً أو دُونَهُ فقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ في اخْتِصَاصٍ بِمُبَاحٍ كَتَوْكِيلِهِ في تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ وَمَقَاعِدِ السُّوقِ ( م 8 )
قال أبو الْمَعَالِي فَإِنْ جَلَسَ في مُصَلَّى الْإِمَامِ أو طَرِيقِ الْمَارَّةِ أو اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّينَ في مَكَان ضَيِّقٍ أُقِيمَ وَإِنْ آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ أو سَبَقَ إلَيْهِ آخَرُ فَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُبَاحُ وفي الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ
وَقِيلَ يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ منه وفي الْفُنُونِ إنْ آثَرَ ذَا هَيْئَةٍ بِعِلْمٍ وَدِينٍ جَازَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله ويحرم وفي الرعاية يكره أن يقيم غيره فيجاس مكانه قال الأصحاب إلا من جلس بمكان يحفظه لغيره بإذنه أو دونه قيل لأنه يقوم باختياره وقيل لأنه جلس لحفظة له ولايحصل ذلك إلا بإقامته ولم يذكر جماعة أو دونه فقال صاحب المحرر لأنه توكيل في اختصاص بمباح كتوكيله في تملك المباح ومقاعد السوق انتهى القول الأول وهو القيام باختياره جزم به في التلخيص وغيره وبه علل الشيخ في المغني والشارح وابن رزين في شرحه وغيرهم والقول الثاني ظاهر ما قاله المجد في شرحه
____________________
1-
(2/84)
وَلَيْسَ إيثَارًا حَقِيقَةً بَلْ ابتاعا ( ( ( اتباعا ) ) ) لِلسُّنَّةِ ( م 9 م 10 ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ والنهي فإذا قام مَقَامَ ذلك فَقَدْ غَصَبَهُ عليه كَذَا قال وَيُؤْخَذُ من كَلَامِهِمْ تَخْرِيجُ سُؤَالِ ذلك عليها وهو مُتَّجِهٌ وَصَرَّحَ بِهِ في الْهَدْيِ فِيهِمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) وَإِنْ آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ أو سَبَقَ إلَيْهِ آخَرُ فَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُبَاحُ وفي الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ وَقِيلَ يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ منه وفي الْفُنُونِ إنْ آثَرَ ذَا هَيْئَةٍ بِعِلْمٍ وَدِينٍ جَازَ وَلَيْسَ إيثَارًا حَقِيقَةً بَلْ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لو آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ فَهَلْ يُكْرَهُ أو يُبَاحُ أو يَحْرُمُ أو يَجُوزُ إنْ كان أَفْضَلَ منه أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَحَدُهَا يُكْرَهُ الْإِيثَارُ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ومجمع الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ على الْمُقْنِعِ واالرعاية ( ( ( والرعاية ) ) ) الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ في النُّكَتِ هذا لمشهور ( ( ( المشهور ) ) ) انْتَهَى ولقول الثَّانِي يُبَاحُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ قَالَهُ في الْفُصُولِ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ منه وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ في الْفُنُونِ
( الْمَسْأَلَةُ 10 الثَّانِيَةُ ) لو آثَرَ شَخْصًا فَسَبَقَ إلَيْهِ غَيْرُهُ فَهَلْ يُكْرَهُ أو يُبَاحُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أو يَحْرُمُ فيه أَقْوَالٌ أَحَدُهَا يَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ وذلك يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وهو عَجِيبٌ منه وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُبَاحُ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهُ النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُكْرَهُ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ هُنَا إنْ قِيلَ الْإِيثَارُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وهو لِلْمَجْدِ وهو مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ
( تَنْبِيهٌ ) لم يذكر الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ مع أَنَّهُ هو الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَالصَّحِيحُ الْإِبَاحَةُ
____________________
1-
(2/85)
بالإباحة ولا يكره القبول وقيل بلى والطريق للمرور فلم يكره السبق وَمَنْ فرشه ( ( ( فرش ) ) ) مُصَلًّى فَفِي جَوَازِ رَفْعِهِ لِغَيْرِهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ إنْ تخطىء ( ( ( تخطى ) ) ) رَفَعَهُ ( م 11 ) وَلَا يُصَلِّي عليه وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ جُلُوسُهُ عليه وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِهِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ حَرُمَ رَفْعُهُ فَلَهُ وَإِلَّا كُرِهَ وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا ليس له فَرْشُهُ وَمَنْ قام لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ قال بَعْضُهُمْ قَرِيبًا وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ في الْأَصَحِّ فَإِنْ وَصَلَ بِالتَّخَطِّي فَكَمَا سَبَقَ وَجَوَّزَهُ أبو الْمَعَالِي فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَانِ ( وم ش ) وَهُمَا بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ في الْمَنْصُوصِ وعنه ( ( ( ومنه ) ) ) خُطْبَةٌ ( وه ) وَمَنْ شَرْطِهِمَا تَقْدِيمُهُمَا ( و ) ووقت ( ( ( وقت ) ) ) الْجُمُعَةِ ( و ) ولم يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُ الْحَمْدِ لِلَّهِ ( وم ر ش ) وَالصَّلَاةُ على رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( وم ر ش ) وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَوْجَبَهُ شَيْخُنَا فَقَطْ لِدَلَالَتِهِ عليه وَلِأَنَّهُ إيمَانٌ بِهِ وَالصَّلَاةُ عليه دُعَاءٌ له وَأَيْنَ هذا من هذا فَالصَّلَاةُ عليه مَشْرُوعَةٌ مع الدُّعَاءِ أَمَامَهُ كما قُدِّمَ السَّلَامُ عليه في التَّشَهُّدِ على غَيْرِهِ وَالتَّشَهُّدُ مَشْرُوعٌ في الْخِطَابِ وَالثَّنَاءِ وَأَوْجَبَ في مَكَان الشَّهَادَتَيْنِ وَأَوْجَبَ الصلا عليه مع الدُّعَاءِ وَتَقْدِيمُهَا عليه لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ على النَّفْسِ وَالسَّلَامُ عليه في التَّشَهُّدِ وَتَأْتِي رِوَايَةُ أبي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 11 ) قوله ومن فرش مصلى ففي جواز رفعه لغيره وجهان وقيل إن تخطي رفعه انتهى وأطلقهما في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجا ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين والنظم وشرح الخرقي للطوفي وتجريد العناية وغيرهم أحدهما ليس له رفعه وهو الصحيح صححه في التصريح وجزم به في المنور ومنتخب الادمي وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والفائق وإدراك الغاية وغيرهم والوجه الثاني له رفعه اختاره القاضي ذكره في الفصول وجزم به في الوجيز وقدمه ابن رزين في شرحه قال الشيخ تقي الدين لغيره رفعه في أظهر قولي العلماء وقال في الفائق قلت فلو حضرت الصلاة ولم يحضر رفع انتهى قلت وهو الصواب والظاهر أنه مراد من أطلق وأن محل الخلاف في غير هذه الصورة والله أعلم وقيل إن وصل إليه صاحبه من غير تخطي أحد فهو أحق وإلا جاز رفعه
____________________
1-
(2/86)
طَالِبٍ وَظَاهِرُهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَتُشْتَرَطُ الْمَوْعِظَةُ ( وم ر ش ) وَقِيلَ في الثَّانِيَةِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا لَا يَكْفِي ذَمُّ الدُّنْيَا وَذِكْرُ الْمَوْتِ زَادَ أبو الْمَعَالِي وَكَذَا الْحِكَمُ الْمَعْقُولَةُ التي لَا تَتَحَرَّكُ لها الْقُلُوبُ وَلَا تَنْبَعِثُ بها إلَى الْخَيْرِ فَلَوْ اقْتَصَرَ على أَطِيعُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ فَالْأَظْهَرُ لَا يَكْفِي وَإِنْ كان فيه تَوْصِيَةٌ لِأَنَّهُ لابد من اسْمِ الْخُطْبَةِ عُرْفًا وَلَا يَحْصُلُ بِاخْتِصَارٍ يَفُوتُ بِهِ الْمَقْصُودُ
وَقِرَاءَةُ آيَةٍ ( وم ر ش ) وَعَنْهُ بَعْضِهَا وَقِيلَ في الْأَوِّلَةِ وَقِيلَ في الثَّانِيَةِ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ قِرَاءَتُهَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ
وقال أبو الْمَعَالِي لو قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أو حُكْمٍ كَقَوْلِهِ { ثُمَّ نَظَرَ } المدثر 21 { مُدْهَامَّتَانِ } الرحمن 64 لم يَكْفِ ذلك ولم يَحْرُمْ على الْجُنُبِ وَهَذَا احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ في غَيْرِ الْجُنُبِ وَأَنَّهُ يَكْفِي بَعْضُ آيَةٍ تُفِيدُ مَقْصُودَ الْخُطْبَةِ وَإِنْ قَرَأَ ما يَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ وَالْمَوْعِظَةَ ثُمَّ صلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَفَى
قال أبو الْمَعَالِي وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ أَحْمَدَ لَا بُدَّ من خُطْبَةٍ وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ لَا تَكُونُ خُطْبَةً إلَّا كما خَطَبَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو خُطْبَةٌ تَامَّةٌ وَسُئِلَ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ تجزئة سُورَةٌ فقال عُمَرُ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ على الْمِنْبَرِ
قِيلَ فَتُجْزِئُهُ قال لَا لم يَزُلْ الناس يَخْطُبُونَ بِالثَّنَاءِ على اللَّهِ وَالصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيُسَلِّمُونَ على النبي عليه السَّلَامُ وفي الْفُصُولِ إنْ قَرَأَ سُورَةَ فَاطِرٍ أو الْأَنْعَامِ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ يجزيء عن الْأَذْكَارِ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ أبي طَالِبٍ ولم يَزِدْ وَقِيلَ يَجِبُ تَرْتِيبُ الْحَمْدِ وما بَعْدَهُ وَأَوْجَبَ الْخِرَقِيُّ وابن عَقِيلٍ الثَّنَاءَ على اللَّهِ وَلَا يَكْفِي ما يسمي خُطْبَةً ( م ر ) وَلَا تَحْمِيدَةٌ أو تَسْبِيحَةٌ ( ه م ر ) وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَدَدِ ( م ر ) وَسَائِرُ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ فَإِنْ لم يَسْمَعُوا الخفض ( ( ( لخفض ) ) ) صَوْتِهِ أو بُعْدٍ لم تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ وَإِنْ كَانُوا صُمًّا فذكر صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ تَصِحُّ وَذَكَرَ غَيْرُهُ لَا ( م 12 ) وَإِنْ قَرُبَ الْأَصَمُّ وَبَعُدَ من يَسْمَعُ فَقِيلَ لَا تَصِحُّ لِفَوَاتِ المقصودة ( ( ( المقصود ) ) ) وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا صُمًّا فذكر صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَصِحُّ وَذَكَرَ غَيْرُهُ لَا انْتَهَى ما قَالَهُ الْمَجْدُ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ أَيْضًا وما قَالَهُ غَيْرُ الْمَجْدِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(2/87)
يصح قال ابن عَقِيلٍ كما لو كان جَمِيعُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ طُرْشًا أو كَانُوا عُجْمًا وكان عَرَبِيًّا ( ( م 13 )
قال أبو المعالي وهذا كما يقوله في شاهد النكاح إذَا كان أصم ( ( ( الوقت ) ) ) لم ( ( ( متسعا ) ) ) يَصِحُّ وكذا ( ( ( البناء ) ) ) من حلف لايكلم فلانا فكلمه فلم يسمع لصممه وفيهما الخلاف فيتجه هنا مثله كذا قال وإن انفضوا وعادوا وكثر التفريق عرفا أو فات ركن منها ففي البناء وجهان
وفي الفصول إن انفضوا لفتنة أو عدو ابتديء كالصلاة ويحتمل أن لا تبطل كالوقت يخرج فها ويحتمل أن يفرق بينهما بأن الوقت يتقدم ويتأخر للعذر وهو الجمع ولأن الجمعة مشتقة من الجمع ( ( ( الخطبة ) ) ) وقد زال وسبق في الانفضاض في الصلاة وَيُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بين الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ في الْأَصَحِّ ( وش ) كَبَيْنَ أَجْزَاءِ الْخُطْبَةِ وَحَكَى فيه الْخِلَافَ وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَنَزَلَ فَسَجَدَ لم يُكْرَهْ ( م ) وَقِيلَ يَبْنِي وَلَوْ طَالَ كَسَائِرِ سُنَنِهَا
وقال ابن عَقِيلٍ يُسْتَحَبُّ قُرْبُ الْمِنْبَرِ من الْمِحْرَابِ لِئَلَّا يَطُولَ الْفَصْلُ بين الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَإِنْ لم يَتَهَيَّأْ جَازَ كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ ذكر في الْفُنُونِ وهو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 13 ) وإن قرب الأصم وبعد من يسمع فقيل لا تصح لفوات المقصودة وقيل تصح قال ابن عقيل كما لو كان جميع أهل القرية طرشا أو كانوا عجما وكان عربيا انتهى وهذه مسألة المصنف وأطلق الخلاف أيضا في التلخيص ومختصر ابن تميم والنكت للمصنف والزركشي وحكاهما ابن عقيل في فصوله احتمالين وأطلقهما أحدهما لا تصح قلت وهو الصواب وظاهر كلامه في الرعايتين والحاويين أحدهما يستأنفهما وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لاشتراطهم سماع العدد المعتبر للخطبة وقد انتفى قال في المذهب فإن انفضوا ثم عادوا قبل أن يتطاول الفصل صلاها جمعة انتهى فمفهومه أنه إذا تطاول الفصل لا يصلي جمعة ما لم يستأنف الخطبة وجزم به في النظم وكذا جزم به في المغني والشرح وشرح ابن رزين فقالوا فإن طال الفصل لزمه إعادة الخطبة إن كان الوقت متسعا وإن ضاق الوقت صلوا ظهرا والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة انتهى قال في التلخيص ومع طول الفصل فقد فاتت الموالاة وهي مشترطة على الأصل فيستأن انتهى والوجه الثاني يصح البناء على ما تقدم من الخطبة
____________________
1-
(2/88)
ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وفي بُطْلَانِهَا بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ كَأَذَانٍ وَأَوْلَى ( م 14 ) وَإِنْ حَرُمَ الْكَلَامُ في الْخُطْبَةِ لم تَبْطُلْ بِهِ وَقَوْلُهُ عليه السَّلَامُ لَا جُمُعَةَ له فيه نَظَرٌ وَضَعْفٌ وَلَا يَصِحُّ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ لَا جُمُعَةَ له كَامِلَةٌ
قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ كَقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا في الْمَسْجِدِ بِالْإِجْمَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ والخطبة بغير عربية كقراءة وقال القاضي وعلى أن لفظ القرآن دليل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وفي بُطْلَانِهَا بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ وَأَوْلَى انْتَهَى قُلْت قد تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْأَذَانِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ مُطْلَقًا فَكَذَا هُنَا يَبْطُلُ وَأَوْلَى وَالْمُصَنِّفُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ في بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ إذَا كان يَسِيرًا على ما تَقَدَّمَ فَلْيُرَاجِعْ وقد قال هُنَا إنَّهُ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ لم يَذْكُرُوهُ من شُرُوطِ صِحَّةِ الْخُطْبَةِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ فَهُوَ مَحَلُّ خلاف
____________________
1-
(2/89)
النُّبُوَّةِ وَعَلَامَةُ الرِّسَالَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَالْخُطْبَةُ المقصودة ( ( ( المقصود ) ) ) بها الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ وَحَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ على رَسُولِهِ ولأ ( ( ( ولأن ) ) ) الْقُرْآنَ الِاعْتِبَارُ فيه بِاللَّفْظِ وَالنَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى وَالْخُطْبَةُ يجزىء فيها بالمعنى ( ( ( المعنى ) ) ) وَهَلْ يَجِبُ إبْدَالُ عَاجِزٍ عن القراءة ( ( ( قراءة ) ) ) بِذِكْرٍ أَمْ لَا لِحُصُولِ مَعْنَاهَا من بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ فيه وَجْهَانِ ( م 16 ) فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَتَانِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وه م ر ) وَعَنْهُ بَلَى ( وش ) وَعَنْهُ الْكُبْرَى اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَنَصَّهُ تجزىء خُطْبَةُ الْجُنُبِ لِأَنَّ تَحْرِيمَ لَبْثِهِ لَا تَعَلُّقَ له بِوَاجِبِ الْعِبَادَةِ كَصَلَاةِ من معه دِرْهَمُ غَصْبٍ وَقِيلَ لَا لِتَحْرِيمِ لَبْثِهِ وَإِنْ عَصَى بِتَحْرِيمِ قِرَاءَةٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضٍ لها فَهُوَ كَصَلَاةٍ بِمَكَانِ غَصْبٍ وفي الْفُصُولِ نَصُّ أَحْمَدَ يُعْطِي أَنَّ الْآيَةَ لَا تَشْتَرِطُ وهو أَشْبَهُ أو جَوَازُ قِرَاءَةِ الْآيَةِ لِلْجُنُبِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ له وفي فُنُونِهِ أو عُمَدِ الْأَدِلَّةِ يُحْمَلُ على النَّاسِي إذَا ذُكِّرَ اُعْتُدَّ بِخُطْبَتِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَطَهَارَةٍ صُغْرَى وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ وَاحِدٌ ( وه ) وفي خُطْبَةِ مُمَيَّزٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ ( م 17 ) وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ ( وق ) لِغَيْرِ عُذْرٍ ( وم ) ذَكَرَ في الْفُصُولِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ عن أَحْمَدَ فِيمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ قبل الصَّلَاةِ وَالْخِلَافُ إنْ وَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ أو إحْدَاهُمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة ( ( ( اثنان ) ) ) 16 ) قوله والخطبة بغير ( ( ( جاز ) ) ) العربية كقراءة وهل ( ( ( فهنا ) ) ) يجب إبدال عاجز عن قراءة بذكر أم لا لحصول معناها من بقية الإذكار فيه وَجْهَانِ انتهى وأطلقهما ابن تميم فقال وهل يحتاج إلى إبدالها عند العجز عنها فيه وجهان وأطلقهما في الرعاية الكبرى وهما احتمالان مطلقا في شرح الزركشي أحدهما يجب قلت وهو الصواب كالقراءة في الصلاة فإنها أيضا مشتملة على ذكر والوجه الثاني لا يجب
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ وَاحِدٌ وفي خُطْبَةِ مُمَيِّزٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ قُلْنَا يُعْتَدُّ بأذان الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَفِي خُطْبَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وقال ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قُلْنَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ مُمَيِّزٍ فَفِي صِحَّةِ خُطْبَتِهِ وَجْهَانِ إنْ صَحَّ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرُ من خَطَبَ انْتَهَى أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَيْضًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ
____________________
1-
(2/90)
اثنان وقيل إن جاز في الأولى فهنا وجهان وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النَّائِبِ الْخُطْبَةَ ( وم ) كَالْمَأْمُومِ لِتَعَيُّنِهَا عليه وَعَنْهُ بَلَى ( وه ش ) لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ من لم يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ إلَّا تَبَعًا كَمُسَافِرٍ وَإِنْ أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ من لم يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ صَحَّ في الْأَشْهَرِ وَلَوْ لم يَكُنْ صلي معه على الْأَصَحِّ ( خ ) إنْ أَدْرَكَ معه ما تَتِمُّ بِهِ جُمُعَةٌ وَتَعْلِيلُهُمَا ما سَبَقَ وَإِنْ أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ فَسَبَقَ في ظُهْرٍ مع عَصْرٍ وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ أَتَمُّوا فُرَادَى قِيلَ ظُهْرًا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ كما لو اخْتَلَّ الْعَدَدُ وَقِيلَ جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ معه كَمَسْبُوقٍ وَقِيلَ جُمُعَةً مُطْلَقًا لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ ( م 18 ) وَإِنْ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ فَأَتَمُّوا فُرَادَى لم تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ ( و ) وَلَوْ كان في الثَّانِيَةِ ( ش ) كما ونقص الْعَدَدَ وَأَوْلَى وقد يَتَوَجَّهُ منه تَخْرِيجٌ وإذا جَازَ أَنْ يَتَوَلَّى الْخُطْبَةَ غَيْرُ الْإِمَامِ اُعْتُبِرَتْ عَدَالَتُهُ
وقال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ رِوَايَتَانِ قال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَمَنْ قَدَّمَهُ إمَامٌ أَوْلَى إنْ لم تَبْطُلْ بِحَدَثِهِ حتى لو تؤضأ وعادوا ( ( ( وعاد ) ) ) لِإِمَامَتِهِ وَإِلَّا من قَدَّمَهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ لا اسْتِخْلَافٍ فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ حتى اسْتَخْلَفَ فَإِنْ أَتَوْا فيه بِرُكْنٍ وَانْقَضَى فَلَا اسْتِخْلَافَ وَإِنْ لم يَنْقَضِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالثَّانِي فَإِنْ قَطَعُوا نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِالْأَوَّلِ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْجُمُعَةِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي
وقال وَإِنْ أَحْدَثَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لم يَجِبْ اسْتِخْلَافٌ وَلَا مُتَابَعَةٌ وَأَتَمُّوا جَمَاعَةً أو فُرَادَى أو بَعْضُهُمْ كَذَا قال وقد نَقَلَ صَالِحٌ إذْ قَدَّمَ رَجُلًا قبل أَنْ يُحْدِثَ أو بَعْدَمَا أَحْدَثَ او لم يُقَدِّمْ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ فَصَلَّى بِهِمْ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ ويصلي الخرس ظهرا لفوت الخطبة صورة ومعنى وقيل جمعة يخطب أحدهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ أَتَمُّوا فُرَادَى قِيلَ ظُهْرًا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ كما لو اخْتَلَّ الْعَدَدُ وَقِيلَ جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ معه كَمَسْبُوقٍ وَقِيلَ جُمُعَةً مُطْلَقًا لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ أَحَدُهَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ معه كَمَسْبُوقٍ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُتِمُّهَا جُمُعَةً مُطْلَقًا لِمَا عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُتِمُّهَا ظُهْرًا لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(2/91)
إشَارَةً كما تَصِحُّ جَمِيعُ عِبَادَاتِهِ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَظِهَارُهُ وَلِعَانُهُ وَيَمِينُهُ وَتَلْبِيَتُهُ وَشَهَادَتُهُ وَإِسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ وَالْقَصْدُ التَّفَهُّمُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فإن الْقَصْدَ النُّطْقُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلِهَذَا لو كَانُوا عُجْمًا فَخَطَبَ بِهِمْ بِالْعَجَمِيَّةِ صَحَّ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ ذكر ابن عَقِيلٍ وَلِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْخُطْبَةَ قِرَاءَتُهَا من صَحِيفَةٍ ذَكَرَهُ ابو الْمَعَالِي وابن عَقِيلٍ قال كَالْقِرَاءَةِ في الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ في الْمُصْحَفِ كَذَا قال وَسَبَقَ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ في الْمُصْحَفِ قال جَمَاعَةٌ كَالْقِرَاءَةِ من الْحِفْظِ فَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ كَالْقِرَاءَةِ وَذَكَرَ ابن عبدالبر عن جَمَاعَةٍ منهم عُثْمَانُ وعبدالرحمن بن خَالِدِ بن الْوَلِيدِ وعبدالملك بن مَرْوَانَ وَمَعْنُ بن زَائِدَةَ وَخَالِدٌ الْقَسْرِيُّ أَنَّهُمْ خَطَبُوا فَارْتُجَّ عليهم وَعَنْ بَعْضِهِمْ قال هَيْبَةُ الزَّلَلِ تُورِثُ حَصْرًا وَهَيْبَةُ الْعَافِيَةِ تُورِثُ جنبا ( ( ( جبنا ) ) ) وَذَكَرَ أبو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّهُ أرتج على يَزِيدَ ابن أبي سُفْيَانَ فَعَادَ إلَى الْحَمْدِ ثَلَاثًا فَارْتُجَّ عليه فقال يا أَهْلَ الشَّامِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا وَبَعْدَ عِيٍّ بَيَانًا وَأَنْتُمْ إلَى إمَامٍ عَادِلٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إلَى إمَامٍ قَائِلٍ ثُمَّ نَزَلَ فَبَلَغَ ذلك عَمْرَو بن الْعَاصِ فَاسْتَحْسَنَهُ
وَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بن مَرْوَانَ عَجِلَ عَلَيْك الشَّيْبُ فقال كَيْفَ لَا يجعل ( ( ( يعجل ) ) ) وأنا أَعْرِضُ عَقْلِي على الناس في كل جُمُعَةٍ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وَخَطَبَ عبدالله بن عَامِرٍ في يَوْمِ أَضْحَى فَارْتُجَّ عليه فقال لَا أَجْمَعُ عَلَيْكُمْ لَوْمًا وَعِيًّا من أَخَذَ شَاةً من السُّوقِ فَهِيَ له وَثَمَنُهَا عَلَيَّ وأرتج على مَعْنِ بن زَائِدَةَ فقال وَضَرَبَ برجلة الْمِنْبَرَ فَتَى حُرُوبٍ لَا فَتَى مَنَابِرَ قال الْجَوْهَرِيُّ رَجُلٌ لُومَةٌ يَلُومُهُ الناس وَلُوَمَةٌ للوم ( ( ( يلوم ) ) ) الناس مِثْلُ هُزْأَةٌ وَهُزَأَةٌ فَصْلٌ تُسَنُّ خُطْبَتُهُ على مِنْبَرٍ أو مَحَلٍّ عَالٍ ( و ) يَكُونُ عن يَمِينِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ كَذَا كان مِنْبَرُهُ عليه السَّلَامُ وَسُمِّيَ مِنْبَرًا لِارْتِفَاعِهِ من النَّبْرِ وهو الِارْتِفَاعُ وَذَكَرَ في شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ اتِّخَاذَ الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عليها وكان مِنْبَرُهُ عليه السَّلَامُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ يَقِفُ على الثَّالِثَةِ التي تَلِي مَكَانَ الِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ وَقَفَ أبو بَكْرٍ على الثَّانِيَةِ ثُمَّ عُمَرُ على الْأُولَى تَأَدُّبًا ثُمَّ وَقَفَ عُثْمَانُ مَكَانَ أبي بَكْرٍ ثُمَّ عَلِيٌّ مَوْقِفَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ قَلَعَهُ مَرْوَانُ زواد ( ( ( وزاد ) ) ) فيه سِتَّ دَرَجٍ فَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَرْتَقُونَ سِتًّا يَقِفُونَ مَكَانَ عُمَرَ
____________________
(2/92)
قال أبو الْمَعَالِي وَإِنْ وَقَفَ بِالْأَرْضِ وَقَفَ على يَسَارِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الْمِنْبَرِ وَيُسَنُّ سَلَامُهُ إذَا اسْتَقْبَلَهُمْ ( ه م ) كَسَلَامِهِ على من عِنْدَهُ في خُرُوجِهِ ( ق ) قال الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَلِأَنَّهُ اسْتِقْبَالٌ بَعْدَ اسْتِدْبَارٍ فَأَشْبَهَ من فَارَقَ قَوْمًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَعَكْسُهُ الْمُؤَذِّنُ إذَا صَعِدَ وَرَدُّ هذا السَّلَامِ وَكُلِّ سَلَامٍ مَشْرُوعٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ على الْجَمَاعَةِ الْمُسَلَّمِ عليهم لَا فَرْضُ عَيْنٍ ( ه ) وَقِيلَ سُنَّةٌ ( خ ) كَابْتِدَائِهِ ( و ) فيه وَجْهٌ غَرِيبٌ يَجِبُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَيُسَنُّ جُلُوسُهُ وَقْتَ التَّأْذِينِ ( و ) وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ عن ( ه ) وَمَالِكٍ في رِوَايَةٍ عنه لَا يُسْتَحَبُّ وَكَذَا بين الْخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَةٌ قال جَمَاعَةٌ بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَإِنْ أبي فضل ( ( ( فصل ) ) ) بِسَكْتَةٍ وَخُطْبَتُهُ قَائِمًا
وَعَنْهُ هُمَا شَرْطَانِ جَزَمَ في النَّصِيحَةِ ( وش م ر ) وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ في جَلْسَتِهِ بَيْنَهُمَا وَعَنْ ( م ) يَجِبُ وَتَصِحُّ بِدُونِهِ قال الطَّحَاوِيُّ عن قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لم يَقُلْهُ غَيْرُهُ وَاعْتِمَادُهُ على سَيْفٍ أو قَوْسٍ أو عَصًا ( و ) بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَيَتَوَجَّهُ بِالْيُسْرَى وَالْأُخْرَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ أو يُرْسِلُهَا وَإِنْ لم يَعْتَمِدْ أَمْسَكَ يَمِينَهُ بِشِمَالِهِ أو أَرْسَلَهُمَا وَقَصْدُهُ تِلْقَاءَهُ ( و ) وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ ( و ) وفي التَّعْلِيقِ وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ جَعَلَهُ أَصْلًا لِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ حَسَبَ طَاقَتِهِ وَالدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجِبُ في الثَّانِيَةِ ( ش ) وَقِيلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ( خ ) وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَاحْتَجَّ بِالْعُمُومِ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِدْعَةٌ وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَرَأَى عُمَارَةُ بن رُؤَيْبَةَ بِشْرَ بن مَرْوَانَ رَفَعَ يَدَيْهِ في الْخُطْبَةِ فقال قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لقد رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَزِيدُ على أَنْ يَقُولَ بِيَدَيْهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الْمُسَبِّحَةِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وفي لَفْظٍ لَعَنَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لِمُعَيَّنٍ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ في الْجُمْلَةِ حتى قال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ لو كان لنا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بها لِإِمَامٍ عَادِلٍ لِأَنَّ في صَلَاحِهِ صلاح ( ( ( صلاحا ) ) ) لِلْمُسْلِمِينَ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ في ظِلِّهِ يوم لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَذَكَرَ الحديث قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ عن الْقَاضِي
____________________
(2/93)
نَظَرَ في شَيْءٍ من أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ من الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ وقال ابن حَامِدٍ في أُصُولِهِ أَمَّا مَحَبَّتُهُ إذَا كان عَدْلًا فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا في وُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ النَّظَرُ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ عِبَادَةٌ وَقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فإن اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْحُقُوقَ
وقال أَحْمَدُ إنِّي لَأَدْعُو له بِالتَّسْدِيدِ وَالتَّوْفِيقِ وَأَرَى ذلك وَاجِبًا كَذَا ذَكَرَ ذلك ابن حَامِدٍ وهو غَرِيبٌ وَالْخَبَرَانِ لَا يُعْرَفَانِ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا لِلنَّاسِ في وُجُوبِ مَحَبَّةِ الْفَاسِقِ وَوُجُوبِ الْبَرَاءَةِ منه بِنَاءً على زَوَالِ إمَامَتِهِ بِذَلِكَ كراوية ( ( ( كرواية ) ) ) لنا الْمَذْهَبُ خِلَافُهَا قال وَالْمَأْخُوذُ بِهِ ما بَيَّنَ أَحْمَدُ من الصَّبْرِ عليه واعتقاده ( ( ( واعتقاد ) ) ) طَاعَتِهِ وَإِمَامَتِهِ فَأَمَّا الدُّعَاءُ عليهم فَلَا يَجُوزُ ثُمَّ ذَكَرَ ابن حَامِدٍ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قال بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أو الرَّفْضِ أو غَيْرِ ذلك يُخْرَجُ عن الْإِمَامَةِ وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ حَسَبَ الطَّاقَةِ وما قَالَهُ من الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ فَبِنَاءً على التَّكْفِيرِ بِهِ وما قَالَهُ من الْقَوْلِ بِالرَّفْضِ وَنَحْوِهِ فَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابِ في عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ وَإِنْ فَسَقَ وَجَارَ لَكِنَّ ابْنَ حَامِدٍ يُشِيرُ إلَى الْخُرُوجِ عليه بِالْبِدَعِ
فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَإِنْ اسْتَدْبَرَهُمْ في الْخُطْبَةِ صَحَّ في الْأَصَحِّ ( و ) وَيَنْحَرِفُونَ إلَيْهِ فيها ( و ) وفي التَّنْبِيهِ إذَا خَرَجَ وَيَتَرَبَّعُونَ فيها وَلَا تُكْرَهُ الْحَبْوَةُ نَصَّ عليه ( و ) وَكَرِهَهَا صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ لِنَهْيِهِ عليه السَّلَامُ في السُّنَنِ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْنِدَ الْإِنْسَانُ ظَهْرَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وقد يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِإِخْبَارِهِ عليه السَّلَامُ أَنَّهُ رَأَى إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وقال مُحَمَّدِ بن إبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ ما رَأَيْت أَحْمَدَ جَالِسًا إلَّا الْقُرْفُصَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ في الصَّلَاةِ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ هذه الْجِلْسَةُ التي تَحْكِيهَا قِيلَةُ إنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم =
____________________
(2/94)
جَالِسًا جِلْسَةَ الْمُتَخَشِّعِ الْقُرْفُصَاءَ وكان أَحْمَدُ يَقْصِدُ في جُلُوسِهِ هذه الْجِلْسَةَ وَهِيَ أَنْ يَجْلِسَ على أَلْيَتَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ مُفْضِيًا بِأَخْمَصِ قَدَمَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَرُبَّمَا احْتَبَى بِيَدَيْهِ وَلَا جِلْسَةَ أَخْشَعُ منها وقال أَيْضًا في آدَابِ الْقِرَاءَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَبَّعَ وَلَا يتكىء ( ( ( يتكئ ) ) ) وَخَبَرُ قِيلَةَ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلِلْبُخَارِيِّ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم متحبيا ( ( ( محتبيا ) ) ) بِيَدَيْهِ وهو الْقُرْفُصَاءُ وَلِمُسْلِمٍ عن جَابِرِ ابن سَمُرَةَ قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا صلي الْفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا
قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ من أَعْظَمِ مَنَافِعِ الْإِسْلَامِ وَآكَدِ قَوَاعِدِ الْأَدْيَانِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ وَالتَّنَاصُحُ فَهَذَا أَشَقُّ ما تَحَمَّلَهُ الْمُكَلَّفُ لِأَنَّهُ مَقَامُ الرُّسُلِ حَيْثُ يَثْقُلُ صَاحِبُهُ على الطِّبَاعِ وَتَنْفِرُ منه نُفُوسُ أَهْلِ اللَّذَّاتِ وَيَمْقُتُهُ أَهْلُ الْخَلَاعَةِ وهو إحْيَاءٌ لِلسُّنَنِ وَإِمَاتَةٌ لِلْبِدَعِ إلَى أَنْ قال لو سَكَتَ الْمُحِقُّونَ وَنَطَقَ الْمُبْطِلُونَ لَتَعَوَّدَ النَّشْءُ ما شَاهَدُوا وَأَنْكَرُوا ما لم يُشَاهِدُوا فَمَتَى رَامَ الْمُتَدَيِّنُ إحْيَاءَ سُنَّةٍ أَنْكَرَهَا الناس وَظَنُّوهَا بِدْعَةً وَلَقَدْ رَأَيْنَا ذلك فَالْقَائِمُ بها يُعَدُّ مُبْتَدَعًا كَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا سَاذَجًا أو كَتَبَ مُصْحَفًا بِلَا زُخْرُفٍ أو صَعِدَ مِنْبَرًا فلم يَتَسَوَّدْ ولم يَدُقَّ بِسَيْفٍ مَرَاقِيَ الْمِنْبَرِ ولم يَصْعَدْ على عَلَمٍ وَلَا مَنَارَةٍ وَلَا نَشَرَ عَلَمًا فَالْوَيْلُ له من مُبْتَدَعٍ عِنْدَهُمْ أو أَخْرَجَ مَيِّتًا له بِغَيْرِ صُرَاخٍ وَلَا تَخْرِيقٍ وَلَا قُرَّاءٍ وَلَا ذِكْرِ صَحَابَةٍ على النَّعْشِ وَلَا قَرَابَةٍ فَصْلٌ من دخل الْمَسْجِدَ في الْخُطْبَةِ لم يُمْنَعْ من التَّحِيَّةِ ( ه م ) وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا ( و ) بَلْ يَرْكَعُهُمَا وَيُوجِزُ أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ وقال صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ إنْ لم تَفُتْهُ معه تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَإِنْ جَلَسَ قام فَأَتَى بها أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا ( * ) وَيَتَوَجَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ في تَحِيَّةِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ جَلَسَ قام فَأَتَى بها أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا انْتَهَى قُلْت ذَكَرَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في سُجُودِ التِّلَاوَةِ في فَصْلٌ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ مُحْدِثًا أَنَّ التَّحِيَّةَ
____________________
1-
(2/95)
احتمال تَسْقُطُ من عالم ومن جاهل لم يعلم عن قرب وأطلق الشافعية سقوطها به وحمله بعضهم على العالم وعند الحنفية لا تسقط بالجلوس ( ( ( بطول ) ) ) وأن ( ( ( الفصل ) ) ) الجالس يخير بين صلاته أولا وعند انصرافه وتستحب التحية للإمام لأنه لم ينقل ذكره ابو المعالي وغيره ومن ذكر فائته أو قلنا لها سنة صلاها وكفت والمراد إن كانت الفائتة ركعتين فأكثر لأن تحية المسجد لا تحصل بغيرها ( و ) ولا بصلاة جنازة ( و ) ولو نوى التحية والفرض
فظاهر كلامهم حصولهما ( وش ) وقد ذكر جماعة لو نوى غسل الجنابة وغسل الجمعة أجزأ ( وم ش ) لقوله عليه السلام وإنما لامرىء ما نوى ولأنه لا تنافي كما لو أحرم بصلاة ينوي بها الفرض وتحية المسجد في الرعاية احتمال وجهين أحدهما هذا ولم يبين الثاني فيحتمل أن مراده لا تحصل واحدة منهما كما لو نوى بصلاته الفرض والسنة ويحتمل أن مراده لا يحصل غسل الجمعة خاصة لعدم صحته قبل غسل الجنابة في وجه
لأن القصد به حضور الجمعة والجنابة تمنعه والأشهر تجزىء نية غسل الجنابة عن الجمعة كالفرض عن تحية المسجد فظاهره حصول ثوابها وقيل لا تجزىء للخبر المذكور وكالفرض عن السنة ولا تجب تحية المسجد ( و ) خلافا لداود وأصحابه وظاهر ما ذكره تستحب التحية لكل داخل قصد الجلوس أو لا يؤيده ما يأتي في البداءة بالطواف وَيَجُوزُ الْكَلَامُ قبل الْخُطْبَةِ ( ه ) كَبَعْدِهَا ( ه ) نَصَّ عليه وَقِيلَ يُكْرَهُ وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ في الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ ( وه م ) أَوْجُهٌ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ أَصْلَ التَّحْرِيمِ سُكُوتَهُ لِتَنَفُّسٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه احْتِمَالُ ( م 19 ) وَيَحْرُمُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تسقط بطول الفصل
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْكَلَامُ قبل الْخُطْبَةِ كَبَعْدِهَا نَصَّ عليه وَقِيلَ يُكْرَهُ وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ في الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ أَوْجُهٌ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ أَصْلَ التَّحْرِيمِ سُكُوتَهُ لِتَنَفُّسٍ وَيَتَوَجَّهُ فيه احْتِمَالٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُنَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا في حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وفي كَرَاهَتِهِ بين الْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ وقال في الْحَاوِيَيْنِ في الْكَلَامِ بين الْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ وقال ابن تَمِيمٍ وفي إبَاحَتِهِ في الْجُلُوسِ بين الْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ
____________________
1-
(2/96)
فيهما ( وه م ) وَقِيلَ وفي حالة الدعاء وقيل المشروع وعنه يَحْرُمُ على السامع اختاره جماعة وعنه يكره مطلقا ( وش ) وعنه يجوز وله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( ه م ر ق ) وفي التخريج للقاضي في نفسه والسنة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سرا كالدعاء اتفاقا قاله شيخنا قال ورفع الصوت قدام بعض الخطباء مكروه أو محرم اتفاقا ودعاء الإمام بعد صعوده لا أصل له ويجوز تأمينه على الدعاء وحمده خفية إذا عطس ويجوز تشميت العاطس ورد السلام نطقا كإشارته به لأنه مأمور به لحق آدمي كتحذير الضرير فدل أنه يجب وأنهم عبروا بالجواز لاستثنائه من منع الكلام فدل أن ابتداء ذلك داخل في منع الكلام وأن الابتداء كالرد على الروايتين وعنه يجوز لمن لم يسلم ويتوجه يجوز إن سمع ولم يفهمه وعنه يجوز مطلقا ( وه م ) للأمر بالإنصات وقال ابن عقيل وكذا التعليم والمذاكره والأشهر المنع لنهيه عليه السلام عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة
ولأنه له سبب له ولا يفوت ويفضي إلى رفع الصوت واحتج الشيخ بالخبر على كراهة الحلق قبلها وَيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ نَافِلَةٍ ( و ) في كلامه بَعْضِهِمْ بِجُلُوسِهِ على الْمِنْبَرِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ بِخُرُوجِهِ ( وه ) وهو أَشْهَرُ في الْأَخْبَارِ ( م 20 ) وَلَوْ لم يَشْرَعْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَأَطْلَقَ في الفائق الوجهين في الكراهة والتحريم وأطلق في النظم وجهين وأطلق في المغني والشرح احتمالين في المنع والجواز احدها يباح وهو الصحيح قال المجد في شرحه هذا عندي أصح وأقيس قال ابن رزين في شرحه ويجوز الكلام في الجلسة ( ( ( مسجد ) ) ) لأنه غير خاطب وقيل ( ( ( الفصول ) ) ) لا ( ( ( ولعل ) ) ) يجوز ( ( ( المراد ) ) ) انتهى ( ( ( التصدق ) ) ) والوجه الثاني يُكْرَهْ ويحتمله كَلَامِ ابْنِ رزين ( ( ( بطة ) ) ) والوجه الثالث يَحْرُمُ وهو ظاهر ( ( ( يصلي ) ) ) كلام القاضي قاله ( ( ( علينا ) ) ) في مجمع ( ( ( الخطبة ) ) ) البحرين ( ( ( فأما ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ نَافِلَةٍ في كَلَامِ بَعْضِهِمْ بِجُلُوسِهِ على الْمِنْبَرِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ بِخُرُوجِهِ وهو أَشْهَرُ في الْأَخْبَارِ انْتَهَى الْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغني وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَالثَّانِي قَطَعَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وابن منجا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في أَصْلِهِ كَلَامَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وفي غَيْرِهِ
____________________
1-
(2/97)
الخطبة ( م ) وظاهر بعضهم لا وعند ابن عقيل وابن الجوزي لا يحرم على من لم يسمعها ( خ ) وقيل يكره وفي الخلاف وغيره يكره ابتداء التطوع بخروجه لاتصاله بحال الخطبة والكلام يمكن قطعه فلا يتصل وظاهر كلامهم لا تحريم إن لم يحرم الكلام فيها وهو متجه ( ش ) ويخففه من هو فيه
ومن نوى أربعا صلى ركعتين قال صاحب المحرر يتعين ذلك بخلاف السنة وعن أبي حنيفة وأبي يوسف في السنة يأتي بركعتين فلو قام إلى ثالثة ولم يقيدها بسجدة فقال بعض الحنفية يعود إلى القعدة ويسلم قال بعضهم يتمها أربعا ويخفف كما لو قيدها بالسجدة ولا يمنع من لم يسمع من ذكر الله خفية ( ه م ) بل هو افضل في المنصوص فيسجد لتلاوة
وفي الفصول إن بعدوا فلم يسمعوا همهمته جاز أن يتشاغلوا بالقراءة والمذاكرة في الفقه ويباح كلام الخاطب وله لمصلحة وأطلق جماعة وعنه يكرهان ولا منع ( ه م ر ) كأمر إمام بمعروف ( و ) وإشارة الأخرس المفهومة كلام ولغيره وفي كلام صاحب المحرر وله أن يسكت متكلما بإشارة وفي المستوعب وغيره يستحب ولا يتصدق على سائل وقت الخطبة ولا يناوله إذن للإعانة على محرم وإلا جاز نص عليه كسؤال الخطيب الصدقة على إنسان
وفي الرعاية الكراهة وقت الخطبة قيل يكره السؤال والتصديق في مسجد جزم به في الفصول ولعل المراد التصدق على من سأل وإلا لم يكره وظاهر كلام ابن بطة يحرم السؤال وقاله في إنشاد الضالة فهذا مثله وأولى قال في رواية حنبل لا تنشد الضالة في المسجد ويأتي كلام صاحب المحرر آخر الاعتكاف في البيع فيه فيجب الإنكار إن وجب الإنكار في المختلف فيه وفي شرح مسلم أن عقوبته لمخالفته وعصيانه
وعلى الأول يستحب ويقول لمن نشد الضالة أي طلبا لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا فنظيره الدعاء على السائل كقول ابن عمر لرجل قال في جنازة استغفروا له لا غفر الله لك وسيأتي وصح عن ابن عمر وقد رواه أحمد أنه رأى مصليا لم يرفع يديه فحصبه وأمره برفعهما ولمسلم عن سلمة بن الأكوع أن رجلا أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك فقال لا
____________________
(2/98)
أستطيع فقال لااستطعت ما منعه إلا الكبر فما رفعهما إلى فيه
قال في شرح مسلم فيه جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر كذا قال وقد يكون هذا فيمن فعل محرما كمرور رجل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على حمار أو أتان وهو يصلي فقال قطع علينا صلاتنا قطع الله أثره فأقعد له طريق حسنة رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وسبق دعاء عمارة على الذي رفع يديه في الخطبة فأما إن حصل منه كذب أو شوش على مصل فواضح وعنه إن حصب سائلا وقت الخطبة فهو أعجب إلي فعله ابن عمر ويكره العبث ( و ) وكذا شرب ماء إن سمعها وإلا فلا نص عليه واختار صاحب المحرر ما لم يشتد عطشه وجزم ابو المعالي بأنه إذن أولى وفي النصيحة إن عطش فشرب فلا بأس ( وش )
قال في الفصول وكره جماعة من العلماء شربه بقطعة بعد الأذان لأنه بيع منهى عنه وأكل مال بالباطل قال وكذا شربه على أن يعطيه على الثمن بعد الصلاة لأنه بيع فأطلق ويتوجه للحاجة دفعا للضرر وتحصيلا لاستماع الخطبة وَهَلْ يَنْزِلُ عِنْدَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ أو إذَا فَرَغَ لِيَقِفَ بِمِحْرَابِهِ عِنْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 21 ) قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْزِلُ يَعْنِي الْخَطِيبَ عِنْدَ لَفْظَةِ الْإِقَامَةِ أو إذَا فَرَغَ لِيَقِفَ بمحرابة عِنْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى تَابَعَ الْمُصَنِّفُ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ في الْعِبَارَةِ وَتَابَعَهُ أَيْضًا ابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَحَدُهُمَا يَنْزِلُ عِنْدَ لَفْظَةِ الْإِقَامَةِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْزِلُ عِنْدَ فَرَاغِهِ من الْخُطْبَةِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ كَثِيرٍ من الْخُطَبَاءِ وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(2/99)
ابن عقيل وغيره يستحب أن يكون حال صعوده على تؤدة لأنه سعي إلى ذكر كالسعي إلى الصلاة وإذا نزل نزل مسرعا لا يتوقف كذا قالوا ولافرق ويستحب لمن نعس أن يتحول ما لم يتخط وسبق الأعذار وسبق حكم الصلاة في المقصورة آخر باب اجتناب النجاسة فَصْلٌ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ ( ع ) يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا ( و ) في الْأُولَى بِالْجُمُعَةِ وَالثَّانِيَةِ بِالْمُنَافِقِينَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ( وش ) وَعَنْهُ الثَّانِيَةُ بسبح لَا الْغَاشِيَةِ ( م ) وَقِيلَ الْأُولَى بسبح وَالثَّانِيَةُ بِالْغَاشِيَةِ وقال الْخِرَقِيُّ سُورَةُ ( وه ) وفي فَجْرِهَا آلم السَّجْدَةُ ( م ) وفي الثَّانِيَةِ هل أتى خِلَافًا له أَيْضًا قال شَيْخُنَا لِتَضَمُّنِهِمَا لِابْتِدَاءِ خَلْقِ السموات ( ( ( السماوات ) ) ) وَالْأَرْضِ وَخَلْقِ الْإِنْسَانِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أو النَّارَ وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا في الْمَنْصُوصِ قال أَحْمَدُ لِئَلَّا يُظَنَّ أنها مُفَضَّلَةٌ بِسَجْدَةٍ
وقال جَمَاعَةٌ لِئَلَّا يُظَنَّ الْوُجُوبُ وَقَرَأَهَا أَحْمَدُ فَسَهَا أَنْ يَسْجُدَ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قال الْقَاضِي كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ قال وَلَا يَلْزَمُ على هذا بَقِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ في غَيْرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فيه مِثْلُهُ هُنَا وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ لِلتَّرْغِيبِ في هذه السَّجْدَةِ قال شَيْخُنَا وَيُكْرَهُ تَحَرِّيهِ قِرَاءَةَ سَجْدَةٍ غَيْرِهَا وَالسُّنَّةُ إكْمَالُهَا وَيُكْرَهُ بِالْجُمُعَةِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْمُنَافِقِينَ في عِشَاءِ لَيْلَتِهَا وَعَنْهُ لَا وَلَا سُنَّةَ لها قَبْلَهَا نَصَّ عليه ( وم ) قال شَيْخُنَا وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كانت ظُهْرًا مَقْصُورَةً فَتُفَارِقُهَا في أَحْكَامٍ وَكَمَا أَنَّ تَرْكَ الْمُسَافِرِ السُّنَّةَ أَفْضَلُ لِكَوْنِ ظُهْرِهِ مَقْصُورَةً وَإِلَّا لَكَانَ التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ لَكِنْ لَا يُكْرَهُ وَأَنَّهُ لَا يُدَاوِمُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَأَنَّ عليه يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ
وَعَنْهُ بَلَى رَكْعَتَانِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَعَنْهُ أَرْبَعٌ ( وه ش ) قال شَيْخُنَا وهو قَوْلُ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِنَا قال عبدالله رَأَيْت أبي يُصَلِّي في الْمَسْجِدِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يوم الْجُمُعَةِ رَكَعَاتٍ وقال رَأَيْته يُصَلِّي رَكَعَاتٍ قبل الْخُطْبَةِ فإذا قَرُبَ الْأَذَانُ أو الْخُطْبَةُ تَرَبَّعَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وقال ابن هانىء رَأَيْته إذَا أَخَذَ في الْأَذَانِ قام فصلي رَكْعَتَيْنِ أو أَرْبَعًا قال وقال أختار قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا سِتًّا وَصَلَاةُ أَحْمَدَ قبل الْأَذَانِ تَدُلُّ
____________________
(2/100)
على الِاسْتِحْبَابِ ( وش ) وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ثُمَّ أتى الْجُمُعَةَ فصلي ما قُدِّرَ له الحديث وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ يَشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ وَأَكْثَرُهَا بَعْدَهَا سِتٌّ نَصَّ عليه وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَرْبَعًا ( وه ش ) وفي التَّبْصِرَةِ قال شَيْخُنَا أَدْنَى الْكَمَالِ سِتٌّ وَحُكِيَ عنه لَا سُنَّةَ لها وَإِنَّمَا قال لَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا فَعَلَهُ عِمْرَانُ وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ أَنْ يَدَعَ الْإِمَامُ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ تَأْلِيفًا لِلْمَأْمُومِ
وَقَالَهُ شَيْخُنَا قال وَلَوْ كان مُطَاعًا يَتَّبِعُهُ الْمَأْمُومُ فَالسُّنَّةُ أَوْلَى قال وقد يُرَجَّحُ الْمَفْضُولُ كَجَهْرِ عُمَرَ بِالِاسْتِفْتَاحِ لِتَعْلِيمِ السُّنَّةِ وابن عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ على الْجِنَازَةِ وَلِلْبُخَارِيِّ عن جَابِرٍ أَنَّهُ صلى في إزَارٍ وَثِيَابُهُ عِنْدَهُ فقال له قَائِلٌ تُصَلِّي في إزَارٍ وَاحِدٍ فقال إنَّمَا صَنَعْت ذلك لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُك وَأَيُّنَا كان له ثَوْبَانِ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلِمُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قِيلَ له ما هذا الْوُضُوءُ فقال يا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ ها هنا لو عَلِمْت أَنَّكُمْ ها هنا ما تَوَضَّأْت هذا الْوُضُوءَ سَمِعْت خَلِيلِي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ من الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ اراد أبو هُرَيْرَةَ الْمَوَالِيَ وكان خطابة لِأَبِي حَازِمٍ وفروح ( ( ( وفروخ ) ) ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ لَا يَنْصَرِفُ قال صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ بَلَغَنَا أَنَّهُ كان من وَلَدِ إبْرَاهِيمَ صلى اللَّهُ عليه وسلم من وَلَدٍ كان بَعْدَ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ كَثُرَ نَسْلُهُ ونمي ( ( ( ونما ) ) ) عَدَدُهُ فَوَلَدَ الْعَجَمِ الَّذِينَ هُمْ في وَسَطِ الْبِلَادِ وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ أَنَّ فَرُّوخَ ابْنٌ لِإِبْرَاهِيمَ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَنَّهُ أبو الْعَجَمِ
قال ابن عَقِيلٍ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عن عَادَاتِ الناس لِتَرْكِهِ عليه السَّلَامُ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ وَتَرْكِ أَحْمَدَ الرَّكْعَتَيْنِ قبل الغروب ( ( ( المغرب ) ) ) وقال رَأَيْت الناس لَا يَعْرِفُونَهُ فَصْلٌ
من أَدْرَكَ رَكْعَةً أَتَمَّ جُمُعَةً ( و ) وَكَذَا دُونَهَا في رِوَايَةٍ ( وه ) وَالْمَذْهَبُ لَا وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَا يَخْتَلِفُونَ فيه لِأَنَّ إدْرَاكَ الْمُسَافِرِ إدْرَاكُ إيجَابٍ وَهَذَا إدْرَاكُ
____________________
(2/101)
إسْقَاطٍ لِأَنَّهُ لو صلي مُنْفَرِدًا صلي أَرْبَعًا فَاعْتُبِرَ إدْرَاكٌ تَامٌّ وَلِأَنَّهُ لو أَدْرَكَ من صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ دُونَ رَكْعَةٍ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ الْجَمَاعَةُ ادرك فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ أَدْرَكَ ذلك من الْجُمُعَةِ لم يُدْرِكْهَا قال أَحْمَدُ لَوْلَا الْحَدِيثُ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وقال قَالَهُ ابن مَسْعُودٍ وَفَعَلَهُ أَصْحَابُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَلَى هذا إنَّمَا تَصِحُّ ظُهْرُهُ مَعَهُمْ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ وَتَحْرُمُ بَعْدَ الزَّوَالِ ( وم ش ) وَقِيلَ لَا تَصِحُّ لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وقال أبو إِسْحَاقَ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْمَذْهَبُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ ( خ ) تَبَعًا لإمامة ثُمَّ يُتِمُّ ظُهْرًا
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو ضَعِيفٌ فإنه فَرَّ من اخْتِلَافِ النِّيَّةِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ في الْبِنَاءِ وَالْوَاجِبُ الْعَكْسُ أو التَّسْوِيَةُ ولم يَقُلْ أَحَدٌ من الْعُلَمَاءِ بِالْبِنَاءِ مع اخْتِلَافٍ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ قَوْلَهُ وَالْقَوْلَ الْأَوَّلَ رِوَايَتَيْنِ وقال في فُنُونِهِ أو عُمَدِ الْأَدِلَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَلَا يَنْوِيَهَا ظُهْرًا لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ فَإِنْ دخل نَوَى جُمُعَةً وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَعْتَدُّ بها وَمَنْ أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ ما يَعْتَدُّ بِهِ فاحرم ثُمَّ زُحِمَ عن السُّجُودِ أو نَسِيَهُ أو أَدْرَكَ الْقِيَامَ وَزُحِمَ عن الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حتى سَلَّمَ أو تَوَضَّأَ لِحَدَثٍ وَقُلْنَا يَبْنِي وَنَحْوُ ذلك اسْتَأْنَفَ ظُهْرًا نَصَّ عليه ( وه ) لِاخْتِلَافِهِمَا في فَرْضٍ وَشَرْطٍ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ ولا فتقار كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ بِنَاءِ التَّامَّةِ على الْمَقْصُورَةِ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ لَا يَفْتَقِرُ وَعَنْهُ يُتِمُّهَا ظُهْرًا ( وش ) وَعَنْهُ جُمُعَةً ( وه ) كَمُدْرِكِ رَكْعَةٍ وَعَنْهُ يُتِمُّ جُمُعَةً من زُحِمَ عن سُجُودٍ أو نَسِيَهُ لِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ كَمَنْ أتى بِالسُّجُودِ قبل سَلَامِ إمَامِهِ على الْأَصَحِّ ( وم ) لِأَنَّهُ أتى بِهِ في جَمَاعَةٍ وَالْإِدْرَاكُ الْحُكْمِيُّ كَالْحَقِيقِيِّ لِحَمْلِ الْإِمَامِ السَّهْوَ عنه وَإِنْ أَحْرَمَ فَزُحِمَ وَصَلَّى فَذًّا لم يَصِحَّ وَإِنْ أُخْرِجَ في الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَوَى مُفَارِقَتَهُ أَتَمَّ جُمُعَةً وَإِلَّا فَعَنْهُ يُتِمُّ جُمُعَةً كَمَسْبُوقٍ وَعَنْهُ يُعِيدُ لِأَنَّهُ فَذٌّ في رَكْعَةٍ ( م 22 ) وَلَا أَذَانَ في الْأَمْصَارِ لم ( ( ( لمن ) ) ) فَاتَتْهُ قَالَهُ أَحْمَدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الْمُسَافِرِينَ إذَا أَدْرَكُوا يوم الْجُمُعَةِ وَصَلَّوْا صَلَاةَ الظُّهْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ إنَّمَا هِيَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ فَزُحِمَ وصلي فَذًّا لم يَصِحَّ وأن أُخْرِجَ في الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ أَتَمَّ جُمُعَةً وَإِلَّا فَعَنْهُ يُتِمُّ جُمُعَةً كَمَسْبُوقٍ وَعَنْهُ يُعِيدُ لِأَنَّهُ فَذٌّ في رَكْعَةٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ وَيُعِيدُهَا ظُهْرًا وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةٍ قد مَنَّ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا
____________________
1-
(2/102)
ظهر ويتوجه أن إظهاره كالجماعة كما سبق ويتوجه إخفاؤه فَصْلٌ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ إسْقَاطَ حُضُورٍ لَا وُجُوبٍ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ لَا كَمُسَافِرٍ وَنَحْوِهِ عَمَّنْ حَضَرَ الْعِيدَ مع الْإِمَامِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَذَكَرَ في الْخِلَافِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ من قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ كان خَارِجَ الْبَلَدِ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ كَصَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ ( و ) كَالْإِمَامِ وَعَنْهُ تَسْقُطُ عنه أَيْضًا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ عليه فَهُوَ أولي بِالرُّخْصَةِ وَجَزَمَ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ له الِاسْتِنَابَةَ وقال الْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِأَيْسَرِ عُذْرٍ كَمِنْ له عَرُوسٌ تُجَلَّى عليه فَكَذَا الْمَسَرَّةُ بِالْعِيدِ كَذَا قال في مُفْرَدَاتِهِ
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ سُقُوطِهَا مع إمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ عن الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَيَسْقُطُ في الْأَصَحِّ الْعِيدُ بِالْجُمُعَةِ ( خ ) كَالْعَكْسِ وَأَوْلَى فَيُعْتَبَرُ الْعَزْمُ على الْجُمُعَةِ وقال أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ يَسْقُطُ بِفِعْلِهَا وَقْتَ الْعِيدِ وفي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ احْتِمَالُ تَسْقُطُ الْجُمَعُ وتصلي فُرَادَى وفي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي وَيَجْلِسُ مَكَانَهُ لِيُصَلِّيَ الْعَصْرَ ولم يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ لِضَعْفِ الْخَبَرِ الْخَاصِّ فيه وَاحْتَجَّ ابن عَقِيلٍ أَيْضًا بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَنْ تَزَالُوا في صَلَاةٍ ما انْتَظَرْتُمُوهَا وَيُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَجُلُوسُهُ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ إلَى طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا لَا في بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ نَصَّ عليه وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ على الْفَجْرِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ كان لَا يَقُومُ من مُصَلَّاهُ الذي صلي فيه الصُّبْحَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عن جَابِرِ بن سَمُرَةَ أَيْ مُرْتَفِعَةً وَإِنْ قام وَجَلَسَ بِمَكَانٍ فيه فَلَا بَأْسَ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ من مُعْتَكَفِهِ وَصَرَّحُوا بِالْمَسْجِدِ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَأَوْلَى وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ فإذا صلي لم تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه ما دَامَ في مصلاة اللَّهُمَّ صلي ( ( ( صل ) ) ) عليه اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ وفي الصَّحِيحِ فإذا دخل الْمَسْجِدَ كان
____________________
(2/103)
في الصَّلَاةِ ما كانت تَحْبِسُهُ وزاد في دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ له اللَّهُمَّ تُبْ عليه ما لم يُؤْذِ فيه ما لم يُحْدِثْ فيه وفي الصَّحِيحِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي على أَحَدِكُمْ ما دَامَ في مصلاة ما لم يُحْدِثْ وفي الصَّحِيحِ أحدكم في صَلَاةٍ ما دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ ما لم يَقُمْ من مُصَلَّاهُ أو يُحْدِثْ وفي الصَّحِيحِ لَا يَزَالُ في الصَّلَاةِ ما كان في الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ما لم يُحْدِثْ
قال ابن هُبَيْرَةَ انْتِظَارُ الْعِبَادَةِ عِبَادَةٌ وإذا لم يُحْدِثْ فَهُوَ على هَيْئَةِ الِانْتِظَارِ فنافي بِحَدَثِهِ حَالَ الْمُتَأَهِّبِينَ لها فَلِذَلِكَ كان الدُّعَاءُ من الْمَلَائِكَةِ له وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا يَخْرُجُ حتى يَزُولَ النهار ( ( ( النهي ) ) ) وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلْخَبَرِ وَفِيهِ ضَعْفٌ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ وَأَفْضَلُهُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَعَنْ عطيه الْعَوْفِيِّ وهو ضَعِيفٌ عن أُبَيٍّ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا يقول اللَّهُ من شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عن دُعَائِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ ثَوَابِ الشَّاكِرِينَ وَإِنَّ فَضْلَ كَلَامِ اللَّهِ علي سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ على خَلْقِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا من شَغَلَهُ ذِكْرِي عن مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ ما أُعْطِي السَّائِلِينَ رَوَاهُ أبو حَفْصِ بن شَاهِينِ وَذَكَرَ أَنَّ خَبَرَ أبي سَعِيدٍ يُفَسِّرُهُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَهُ على ظَاهِرِهِ قال ابن حِبَّانَ هذا مَوْضُوعُ ما رَوَاهُ إلَّا صَفْوَانُ بن أبي الصَّهْبَاءِ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ الْخَبَرَيْنِ في الْمَوْضُوعَاتِ كَذَا قال وَلَيْسَ خَبَرُ أبي سَعِيدٍ بِمَوْضُوعٍ وفي حُسْنِهِ نَظَرٌ
____________________
(2/104)
وقال تَعَالَى { اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا من لم يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عليه
____________________
(2/105)
وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا ليس شَيْءٌ أَكْرَمَ على اللَّهِ من الدُّعَاءِ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وابن ماجة وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا أَعْجَزُ الناس من عَجَزَ بِالدُّعَاءِ وَأَبْخَلُ الناس من بَخِلَ بِالسَّلَامِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ
____________________
(2/106)
الْمَسْجِدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ ولم يَرَهُ شَيْخُنَا وَيَأْتِي آخِرَ الِاعْتِكَافِ
____________________
(2/107)
@ 109 بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ
وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيُقَاتِلُ الْإِمَامُ أَهْلَ بَلَدٍ تَرَكُوهَا وَعَنْهُ فَرْضُ عَيْنٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( وه ) وَعَنْهُ سُنَّةٌ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ ( وم ش ) فَلَا يُقَاتَلُ تَارِكُهَا كَالتَّرَاوِيحِ وَالْأَذَانِ خِلَافًا لنهاية ( ( ( النهاية ) ) ) أبي الْمَعَالِي وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ من حَضَرَهَا وَيَتْرُكَهَا وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا شُرُوطُ الْجُمُعَةِ ( و ) وَأَوْجَبَهَا في الْمُنْتَخَبِ بِدُونِ الْعَدَدِ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ في رِوَايَةِ ابْنِ هانىء على الْمَرْأَةِ صَلَاةُ عِيدٍ قال ما بَلَغَنَا في هذا شَيْءٌ وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُصَلِّيَ وَعَلَيْهَا ما على الرِّجَالِ يُصَلِّينَ في بُيُوتِهِنَّ
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا إذًا الِاسْتِيطَانُ وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ فَلَا تُقَامُ إلَّا حَيْثُ تُقَامُ الْجُمُعَةُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وه ) وَعَنْهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وم ش ) فَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُنْفَرِدُ وَعَلَى الْأُولَى يَفْعَلُونَهَا تَبَعًا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا من فَاتَتْهُ كما يَأْتِي وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا ( وه ) وَإِنَّ هذه الرِّوَايَةَ لِأَنَّهُ عليه السلام ( ( ( وسلم ) ) ) وخلفاءه ( ( ( وخلفاؤه ) ) ) لم يُصَلُّوهَا في سَفَرٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَيْسَتْ بِدُونِ اسْتِيطَانِ وَعَدَدٍ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً ( ع ) وَأَوْجَبَ ابن عَقِيلٍ السَّعْيَ من بُعْدٍ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ وَإِنَّا إذَا لم نَعْتَبِرْ الْعَدَدَ كفي اسْتِيطَانُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَاعْتُبِرَ الِاسْتِيطَانُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَذَكَرَ في الْعَدَدِ الرِّوَايَتَيْنِ وَلِلْمَرْأَةِ حُضُورُهَا ( وم ر ) وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( وش ) في غَيْرِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ ( وه ) وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي ( وم ر )
وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى لَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ ( وش م ر ) وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْأَضْحَى ( م ) بِحَيْثُ يُوَافِقُ من بِمِنًى في ذَبْحِهِمْ نَصَّ عليه وَالْإِمْسَاكُ حتى يَأْكُلَ من أُضْحِيَّتِهِ ( و ) وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ ( م ) وَالْأَكْلُ فيه قبل الْخُرُوجِ ( و ) وَالْأَفْضَلُ تَمَرَاتٍ وِتْرًا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو آكَدُ من إمْسَاكِهِ في الْأَضْحَى وَالتَّوْسِعَةُ على الْأَهْلِ وَالصَّدَقَةُ وَتَبْكِيرُ الْمَأْمُومِ مَاشِيًا قال جَمَاعَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ( وش ) لَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ( م ر ) وقال أبو الْمَعَالِي إنْ كان الْبَلَدُ ثَغْرًا اُسْتُحِبَّ الرُّكُوبُ وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ وَيَكُونُ مُظْهِرًا لِلتَّكْبِيرِ ( وم ش ) وعنه يُظْهِرُهُ في الْفِطْرِ فَقَطْ لَا عَكْسِهِ ( ه ) وَيُسَنُّ لُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ( و ) إلاالمعتكف في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ أو عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ من مُعْتَكَفِهِ إلَى المصلي في ثيابه ( ( ( ثياب ) ) ) اعْتِكَافِهِ ( وش ) نَصَّ على ذلك وقال جَمَاعَةٌ إلَّا الْإِمَامَ
____________________
(2/109)
وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ مُعْتَكِفٌ كَغَيْرِهِ في زِينَةٍ وَطِيبٍ وَنَحْوِهِمَا وعنه ثِيَابٌ جَيِّدَةٌ وَرَثَّةٌ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَيُسَنُّ تَأَخُّرُ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّحْرَاءُ أَفْضَلُ ( وه م ) نَقَلَ حَنْبَلٌ الْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى في الْعِيدِ أَفْضَلُ إلَّا ضَعِيفًا أو مَرِيضًا ولم يَزَلْ أبو عبد اللَّهِ يَأْتِي الْمُصَلَّى حتى ضَعُفَ وَكَرِهَ الْأَكْثَرُ الْجَامِعَ بِلَا عُذْرٍ وَلَيْسَ بِأَفْضَلَ إنْ وَسِعَهُمْ ( ش ) بَلْ لِأَهْلِ مَكَّةَ ( و ) لِمُعَايَنَةِ الْكَعْبَةِ وذهابة في طَرِيقٍ وَرُجُوعُهُ في آخَرَ ( و ) قِيلَ يَرْجِعُ في الْأَقْرَبِ وَالْجُمُعَةُ في هذه كَالْعِيدِ في الْمَنْصُوصِ فَصْلٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ( ع ) فَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ ( و ) ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ ( م ) ثُمَّ يُكَبِّرُ سِتًّا ( وم ) وَعَنْهُ سَبْعًا ( وش ) زَوَائِدَ ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ( م ) وَعَنْهُ يَسْتَفْتِحُ بَعْدَ الزَّوَائِدِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وصاحبة وَعَنْهُ يخبر ( ( ( يخير ) ) ) وَيُكَبِّرُ في الثَّانِيَةِ قبل قِرَاءَتِهَا وَعَنْهُ بَعْدَهَا ( وه ) خَمْسًا زَوَائِدَ ( وم ش ) لَا ثَلَاثًا زَوَائِدَ في كل رَكْعَةٍ ( ه ) وَعَنْهُ خَمْسًا في الْأُولَى وَأَرْبَعًا في الثَّانِيَةِ وَاحْتَجَّ بِأَنَسٍ قال أَحْمَدُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في التَّكْبِيرِ وَكُلُّهُ جَائِزٌ وَعَنْهُ يُصَلِّي أَهْلُ الْقُرَى بِلَا تَكْبِيرٍ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ يصلي ( ( ( يصل ) ) ) أَهْلُ الْقُرَى أَرْبَعًا إلَّا أَنْ يَخْطُبَ رَجُلٌ فَرَكْعَتَيْنِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مع كل تَكْبِيرَةٍ نَصَّ عليه لَا لِإِحْرَامِهِ فَقَطْ ( م ) وَلَا له وللزائد ( ( ( وللزوائد ) ) ) ( ه ) وَبَيْنَ كل تَكْبِيرَتَيْنِ ذكره ( ه م ) غَيْرُ مُؤَقَّتٍ نَقَلَهُ حَرْبٌ ( وش ) يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عنه يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ وَيُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَنْهُ وَيَدْعُو وَعَنْهُ وَيُسَبِّحُ وَيُهَلِّلُ وَعَنْهُ يَذْكُرُ وَيُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَنْهُ يَدْعُو وَيُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاحْتَجَّ في الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وهو مُخْتَلِفٌ وفي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ في الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ وَالذِّكْرُ بَيْنَهُمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وفي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ في الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ومجمع الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَأْتِي بِهِ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَأْتِي بِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَقُولُهُ في وَجْهٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَقُولُهُ قُلْت وهو ظهر كلام في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ لِأَنَّهُمْ قالوا يَأْتِي بهذا الذِّكْرِ بين كل تَكْبِيرَتَيْنِ
____________________
1-
(2/110)
سنة ( و ) وعنه شرط للصلاة وفي الروضة إن ترك التكبيرات الزوائد ثم ولم تبطل وساهيا لا يلزمه سجود لأنها هيئة كذا قال ويقرأ فيهما جهرا ( و ) وعنه أدناه بعد الفاتحة الأولى بسبح والثانية بالغاشية وعنه الأولى ق والثانية اقتربت اختاره الآجري وعنه لا توقيت اختاره الخرقي ( وه م ) ومن أدرك الإمام قائما بعد التكبيرات الزوائد أو بعضها أو ذكرها قبل الركوع لم يأت بها في الأصح ( وق ) نص عليه في المسبوق كما لو أدركه راكعا ( ه ) نص عليه قال جماعة كالقراءة وأولى لأنها ركن
قال الأصحاب أو ذكره فيه ( و ) وفي كلام الحنفية يقوم فيأتي به لأنه يؤتى به فيه كتكبير الركوع عند الانحطاط ولأن المقتدي المسبوق بها يأتي بها إذا خاف رفع الإمام من الركوع وعن ( ه ) في عود راكع إلى القيام للقنوت روايتان وأن أتى به الذاكر لم يعد القراءة ( م ) وإن كان فيها أتى به ثم يستأنفها وقيل لا يستأنف إن كان يسيرا وأطلقه القاضي وغيره فَصْلٌ ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ فَلَوْ خَطَبَ قبل الصَّلَاةِ لم يَعْتَدَّ بِالْخُطْبَةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ( ه ش ) وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ وَهُمَا كَالْجُمُعَةِ في أَحْكَامِهَا على الْأَصَحِّ ( وم ) إلَّا التَّكْبِيرَ مع الْخَاطِبِ ( م ر ) واستثني جَمَاعَةٌ الطَّهَارَةَ وَاتِّحَادَ الْإِمَامِ وَالْقِيَامَ وَالْجَلْسَةَ وَالْعَدَدَ لِكَوْنِهَا سُنَّةً ( و ) لَا شَرْطَ لِلصَّلَاةِ في الْأَصَحِّ فَأَشْبَهَا الْأَذَانَ وَالذِّكْرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وفي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ رِوَايَتَانِ إمَّا كَالْجُمُعَةِ أو لِأَنَّ خُطْبَتَهَا مَقَامُ رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ الْعِيدِ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وفي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ يَعْنِي حَالَ الْخُطْبَةِ رِوَايَتَانِ إمَّا كَالْجُمُعَةِ أو لِأَنَّ خُطْبَتَهَا مَكَانَ رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ الْعِيدِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ وَالشَّرْحْ وَالْحَاوِيَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ وهو الصَّحِيحُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ خُطْبَتَا الْعِيدَيْنِ في أَحْكَامِهِمَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ حتى في أَحْكَامِ الْكَلَامِ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال ابن تَمِيمٍ وَهِيَ في الْإِنْصَاتِ وَالْمَنْعِ من الْكَلَامِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ فيها بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا لم يَسْمَعْ الْخَطِيبَ في الْعِيدِ إنْ شَاءَ رَدَّ السَّلَامَ وَشَمَّتَ الْعَاطِسَ وَإِنْ شَاءَ لم يَفْعَلْ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ الْكَلَامُ
____________________
1-
(2/111)
وفي النصيحة إذا استقبلهم سلم وأومأ بيده ويسن أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات ( وم ) نسقا ( و ) وظاهر كلامه جالسا وقيل قائما ( وم ق ) فلا جلسة ليستريح إذا صعد لعدم الأذان هنا بخلاف الجمعة والثانية بسبع ( وش ) وعنه بعد فراغها اختاره القاضي قال أحمد قال عبيدالله بن عبدالله بن عتبة إنه من السنة وقيل التكبيرات شرط واختار شيخنا يفتتحها بالحمد لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن افتتح خطبة بغيره
وقال كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم ويذكر في خطبة الفطر حكم الفطرة وفي الأضحى الأضحية وفي نهاية أبي المعالي إذا فرغ فرأى قوما لم يسمعوها استحب إعادة مقاصدها لهم لأنه عليه السلام حيث رأى أنه لم يسمع النساء أتاهن فوعظهن وحث على الصدقة فدل على استحبابه في حق النساء لفعله عليه السلام المتفق عليه ولم يذكره الأصحاب والمراد مع عدم خوف فتنة وترك نفل الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها في مكانها قبل مفارقته أولى لأن في الصحيحين وغيرهما أنه عليه السلام لم يفعله وإنما نهيه عليه السلام عنه من حديث جرير رواه أبو بكر النجاد ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواه ابن بطة فلا تظهر صحتهما قال أحمد لا أري الصلاة قال في المستوعب وغيره لا يسن ذلك ونقل الجماعة لا يصلي وهو المذهب وأنه يكره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) حَالَةَ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فلم يَجِبْ الْإِنْصَاتُ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ
____________________
1-
(2/112)
( وم ه ) قبلها ووافقه الشافعي في الإمام وفي الموجز لا يجوز وفي المحرر لا سنة لها قبلها ولا بعدها
كذا قال وكذا حكاه أبو بكر الرازي مذهب أبي حنيفة وفي النصيحة لا ينبغي أن يصلي قبلها ولا بعدها حتى تزول الشمس لا في بيته ولا طريقه اتباعا للسنة ولجماعة صحابة وهو قول أحمد كذا قال
وقيل يصلي تحية المسجد واختاره أبو الفرج وجزم به في الغنية وهو أظهر ونصه لا وكره أحمد قضاء فائتة لئلا يقتدي به ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فات على صفته لا أربعا نص عليه ( و ) كسائر الصلوات وقال القاضي هو كمن فاتته الجمعة لا فرق في التحقيق وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ في الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ كَبَعْدِ الْفَرَاغِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي
وَعَنْهُ مذهب ( ( ( بمذهب ) ) ) إمَامِهِ ( وم ) كَمَأْمُومٍ ( م 3 ) ( و ) وَكَذَا إنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ أو اثْنَتَانِ بِنَوْمٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسالة 3 ) قَوْلُهُ وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ في الفضاء ( ( ( القضاء ) ) ) بِمَذْهَبِهِ كَبَعْدَ الْفَرَاغِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي وَعَنْهُ بِمَذْهَبِ إمَامِهِ كَمَأْمُومٍ انْتَهَى أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ في صِفَةِ تَكْبِيرِ الْمَأْمُومِ إذَا صلى بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَحَدُهُمَا يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِهِ ( قُلْت ) وَهَذَا الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكَبِّرُ بمذهبه ( ( ( بمذهب ) ) ) الْإِمَامِ وقد قال الْأَصْحَابُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ في التَّشَهُّدِ قام إذَا سَلَّمَ فَصَلَّى كَصَلَاتِهِ على الصَّحِيحِ وَإِنْ أَدْرَكَ معه رَكْعَةً قَضَى أُخْرَى وَكَبَّرَ فيها سِتًّا بِنَاءً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ما أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وما يَقْضِيهِ أَوَّلَهَا وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأخري يُكَبِّرُ خَمْسًا
( تَنْبِيهٌ ) صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُكَبِّرُ في الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ على الْمُقَدَّمِ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِ إمَامِهِ إذَا عَلِمَ ذلك فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا لم يُدْرِكْ شيئا من الصَّلَاةِ بَلْ صلى بَعْدَ الْفَرَاغِ منها أَنَّ في صِفَةِ صَلَاتِهِ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي أَحَدُهُمَا يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِهِ وَالثَّانِي بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الذي صلى وهو مُشْكِلٌ جِدًّا بَلْ الصَّوَابُ الذي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِ نَفْسِهِ إذْ لَا تَعَلُّقَ له بِالْإِمَامِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يُقَدِّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُكَبِّرُ في الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ إمَامِهِ وَيُطْلِقُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا صلي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَهَذَا لَا يُقَالُ وَلَا يَصِحُّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْفَرَاغِ الْفَرَاغَ من التَّكْبِيرِ لَا الْفَرَاغَ من الصَّلَاةِ وَأَرَادَ بِالْمَسْبُوقِ الْأَوَّلِ الْمَسْبُوقَ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ وهو بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ كان
____________________
1-
(2/113)
أو ( ( ( أراد ) ) ) غفله وعند ( ( ( فالصحيح ) ) ) ( ه ) بمذهب ( ( ( حكمه ) ) ) إمامه وفي ( ( ( المسبوق ) ) ) نهاية ( ( ( ببعض ) ) ) أبي ( ( ( التكبير ) ) ) الْمَعَالِي خلاف ( ( ( مسكوت ) ) ) في المأموم ( ( ( فيحتمل ) ) ) ومن فاتته حضر الخطبة ثم صلاها ( ه ) ندبا ( و ) على صفتها ( ( ( ظاهره ) ) ) ( م ( ( ( وأنه ) ) ) ش ) متى ( ( ( يدرك ) ) ) شاء وعند ابن ( ( ( شيئا ) ) ) عقيل قبل الزوال وإلا من الغد وعنه لَا يكبر ( ( ( إطلاقه ) ) ) المنفرد ( ( ( ولعل ) ) ) وقيل ( ( ( وجهه ) ) ) وغيره وعنه ( ( ( صلاة ) ) ) يصليها أربعا ( ( ( تبع ) ) ) بلا ( ( ( لصلاة ) ) ) تكبير بسلام ( ( ( فيصلي ) ) ) قال ( ( ( كصلاته ) ) ) بعضهم كالظهر ( ( ( بعيد ) ) ) وعنه ( ( ( جدا ) ) ) أو بسلامين وعنه يخير بين ركعتين وأربعا
وَإِنْ أخرج ( ( ( خرج ) ) ) وَقْتُهَا فَكَالسُّنَنِ في الْقَضَاءِ وقال في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ قَضَاهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَهُ وَيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فَعَلَهُ أَنَسٌ وَيَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ لِلضَّعَفَةِ ( م ) وفي صِفَةِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ الْخِلَافُ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ في صِفَةِ صَلَاةِ خَلِيفَةِ عَلِيٍّ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيّ رضي اللَّهُ عنهما وعنه يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إنْ خَطَبَ فَإِنَّهَا تُسْتَحَبُّ له وَلَهُ تَرْكُهَا وَإِلَّا أَرْبَعًا وَقِيلَ إنْ صلى أَرْبَعًا لم يُصَلِّهَا قبل الْإِمَامِ لِأَنَّ بِتَعْيِيدِهِ يَظْهَرُ شِعَارُ الْقَوْمِ وَأَيُّهُمَا سَبَقَ سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ وضحي وَيَنْوِيهِ الْمَسْبُوقُ نَفْلًا
قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ نَوَوْهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ أو عَيْنٍ أو جَهِلُوا السَّبْقَ فَنَوَوْهُ فَرْضًا أو سُنَّةً فَوَجْهَانِ وَيَأْتِي في صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَاحْتَجَّ في الْخِلَافِ بِصَلَاةِ خَلِيفَةِ عَلِيٍّ أَرْبَعًا على قَضَاءِ من فَاتَتْهُ أَرْبَعًا
قال وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لم يَسْتَخْلِفْ من يُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ أَدَاءً لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَكُونُ أَرْبَعًا وَإِنَّمَا يَكُونُ رَكْعَتَيْنِ عُلِمَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عليهم من يُصَلِّي بِهِمْ بَعْدَ فَوَاتِ الصَّلَاةِ معه كَذَا قال وإذا أَخَّرُوا الْعِيدَ لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ ( ه ) إلَى الزَّوَالِ صَلَّوْا ( م ) من الْغَدِ وَلَوْ أَمْكَنَ في يَوْمِهَا ( ش ) وَكَذَا لو مضي ايام صَلَّوْا خِلَافًا لِلْقَاضِي ( ه ) في الْفِطْرِ وفي الْأَضْحَى وَثَانِي التَّشْرِيقِ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي إنْ عَلِمُوا بَعْدَ الزَّوَالِ فلم يُصَلُّوا من الْغَدِ لم يُصَلُّوا وَهِيَ قَضَاءٌ وفي نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي أَدَاءٌ مع عَدَمِ الْعِلْمِ أو الْعُذْرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أراد هذا فالصحيح أن حكمه حكم المسبوق ببعض التكبير من أنه يكبر بمذهبه انتهى والوجه الثاني الذي ذكره أبو المعالي مسكوت عنه فيحتمل أن يكون كما قلنا ويحتمل أن يكون على ظاهره وأنه لم يدرك مع الإمام شيئا من الصلاة وهو أولى ولغرابته عزاه المصنف إليه إذ لم يذكره غيره وقصد حكاية الخلاف لا إطلاقه ولعل وجهه أن صلاة هذا تبع لصلاة الإمام فيصلي كصلاته وهو بعيد جدا
____________________
1-
(2/114)
فَصْلٌ يُسَنُّ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ ( ه م ) وَإِظْهَارُهُ نَصَّ عليه وَمِنْ الْخُرُوجِ ( و ) إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَعَنْهُ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ ( وق ) وَعَنْهُ إلَى وُصُولِهِ الْمُصَلَّى وَالتَّكْبِيرُ فيه آكَدُ من الْأَضْحَى نَصَّ عليه وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ في الْأَشْهَرِ ( و ) وَيُسَنُّ الْمُطْلَقُ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ( ه و ) وَلَوْ لم يَرَ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ ( ش ) وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِ قَالَهُ أَحْمَدُ وفي الْغُنْيَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا يُسَنُّ إلَى آخِرِ التَّشْرِيقِ أَيْضًا وَأَيَّامُ الْعَشْرِ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ ( وه ش ) وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ الْمَعْدُودَاتُ ( و ) وَعَنْهُ عَكْسُهُ وَعَنْهُ الْمَعْلُومَاتُ يوم النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ ( وم ) وَعَنْهُ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَيُكَبِّرُ في خُرُوجِهِ إلَى الْمُصَلَّى ( و ) وَيُسَنُّ فيه القيد ( ( ( المقيد ) ) ) وهو لِلْمَحَلِّ
وَعَنْهُ حتى الْمُنْفَرِدُ ( وم ش ) من مُصَلَّاهُ لَا من صَلَاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ ( ه ) وعنه هو كَالْمُحْرِمِ من صَلَاةِ الظُّهْرِ يوم النَّحْرِ ( وم ش ) لَا من فَجْرِ عرقه ( ( ( عرفة ) ) ) ( ه ) وَيَنْتَهِي تَكْبِيرُهُمَا عَقِبَ عَصْرِ أخر أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا عَصْرُ يَوْمِ النَّحْرِ ( ه ) وَلَا صَلَاةُ فَجْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ( م ش ) وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ مثله لِمُحْرِمٍ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَيُكَبِّرُ إمَامٌ إلَى الْقِبْلَةِ في ظَاهِرِ نَقْلِ ابن الْقَاسِمِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ وَالْأَشْهَرُ يَسْتَقْبِلُ الناس وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَإِنْ قضي فيها مَكْتُوبَةً من غَيْرِ أَيَّامِهَا كَبَّرَ في رِوَايَةٍ ( وه ش ) كَأَيَّامِهَا ( و ) في عَامِهَا قِيلَ في حُكْمِ الْمَقْضِيِّ كَالصَّلَاةِ
وَقِيلَ أَدَاءً لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ وَعَنْهُ لَا يُكَبِّرُ ( م 4 و 5 ) ( وق ) وَلَا يُكَبِّرُ بَعْدَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ قضي فيها مَكْتُوبَةً من غَيْرِ أيامها كَبَّرَ في رِوَايَةٍ كَأَيَّامِهَا في عَامِهَا قِيلَ في حُكْمِ الْمَقْضِيِّ كَالصَّلَاةِ وَقِيلَ أَدَاءً لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ وَعَنْهُ لَا يُكَبِّرُ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا قضي في أَيَّامِ التَّكْبِيرِ صَلَاةً مَكْتُوبَةً من غَيْرِ ايامها فذكر فيها رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا يُكَبِّرُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكَبِّرُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ( قُلْت ) وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5 ) إذَا قَضَى صَلَاةً من أَيَّامِ التَّكْبِيرِ في أَيَّامِ التَّكْبِيرِ في عَامِهَا فإنه يُكَبِّرُ
____________________
1-
(2/115)
أيامها لِأَنَّهُ سنة ( ( ( تعظيم ) ) ) فات ( ( ( للزمان ) ) ) وقتها قال ابن عقيل باطل ( ( ( وتبعه ) ) ) بالسنن الراتبة ( ( ( الشرح ) ) ) فإنها تقضي ( ( ( فاتته ) ) ) مع ( ( ( صلاة ) ) ) الفرائض أشبه ( ( ( أيام ) ) ) التلبية ( ( ( التشريق ) ) ) ولا ( ( ( فقضاها ) ) ) يكبر عقيب ( ( ( فحكمها ) ) ) نافلة خلافا ( ( ( المؤداة ) ) ) للآجري ( ق ( ( ( التكبير ) ) ) ) ولا ( ( ( لأنها ) ) ) عقيب ( ( ( صلاة ) ) ) الأضحى والفطر ( ( ( أيام ) ) ) إن ( ( ( التشريق ) ) ) قيل فيه مقيد ( ( ( كبر ) ) ) نقله الجماعة ( ق ) وعنه يكبر اختاره جماعة منهم أبو بكر وأبو الوفاء وقال هو الأشبه بالمذهب وأحق لأنه ليس لنا صلاة لا يتعقبها ذكر
ولا تجهر به امرأة وتأتي به كالذكر عقب الصلاة وعنه تكبر تبعا للرجال فقط ( وه ) وعنه لا تكبر كالأذان وقال القاضي هذا النهي يرجع إلى الجهر كما حملنا حذف السلام في الثانية على الجهر وفي الترغيب هل يُسَنُّ لها التَّكْبِيرُ فيه روايتان وَمُسَافِرٌ كَمُقِيمٍ وَلَوْ لم يَأْتَمَّ بِمُقِيمٍ ( ه ) وَمُمَيِّزٌ كَبَالِغٍ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ صَلَاةٌ مُعَادَةٌ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ قال في الْفُصُولِ في صَلَاةِ الصَّبِيِّ يُضْرَبُ عليها بِخِلَافِ نقل ( ( ( نفل ) ) ) الْبَالِغِ وَمَنْ نَسِيَهُ قَضَاهُ مَكَانَهُ وَيَعُودُ فَيَجْلِسُ من قام أو ذَهَبَ وَقِيلَ أو مَاشِيًا ( وش ) كَالذَّكَرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لم يَأْتِ بِهِ ( وم ش ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَإِنْ أَحْدَثَ وَلَوْ سَهْوًا ( ه ) أو خَرَجَ من الْمَسْجِدِ وَقِيلَ أو تَكَلَّمَ فَوَجْهَانِ ( م 6 ) وَيُكَبِّرُ مَأْمُومٌ نَسِيَهُ إمَامُهُ ( و ) وَمَسْبُوقٌ إذَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لها إذا علمت ( ( ( قضى ) ) ) ذلك فقال المصنف قِيلَ في حكم المقضي كالصلاة ( ( ( ترى ) ) ) وقيل أداء لأنه ( ( ( يبتدئ ) ) ) تعظيم للزمان هل يوصف ( ( ( علي ) ) ) التكبير بالقضاء ( ( ( سعيد ) ) ) كالصلاة أو لَا يوصف ( ( ( نزاع ) ) ) إن وصفت الصلاة ( ( ( العلماء ) ) ) به ( ( ( وأنه ) ) ) لِأَنَّهَا تعظيم للزمان قال في المغني وتبعه في الشرح وإذا فاتته صلاة من أيام التشريق فقضاها فيها فحكمها حكم المؤداة في التكبير لأنها صلاة ( ( ( راتبة ) ) ) في أيام التشريق ( ( ( يمنع ) ) ) انتهى ( ( ( منها ) ) ) قلت الصواب ( ( ( كسوف ) ) ) أنه ( ( ( واستسقاء ) ) ) تبع للصلاة فهو في حكم المقضي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقال في الرعاية الكبرى ومن قضى زمن التكبير صلاة فائته فيه كبر بلى وقيل هل يسن التكبير للقضاء في أيام التشريق مما تركه من غيرها فيه وجهان وقيل من فاتته صلاة من ايام التشريق فقضاها فيها فهي كالمؤداة في أيام التشريق في التكبير وعدمه انتهى
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْدَثَ وَلَوْ سَهْوًا أو خَرَجَ من الْمَسْجِدِ وَقِيلَ أو تَكَلَّمَ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ أَحَدُهُمَا لَا يُكَبِّرُ وهو الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ قضاه ( ( ( قضاء ) ) ) ما لم يُحْدِثْ أو يَخْرُجْ من الْمَسْجِدِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصُ وَالْمُحَرَّرُ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقُ وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ قال في الْكَافِي وَإِنْ
____________________
1-
(2/116)
قضي ( و ) ومن لم يرم جمرة العقبة كبر ثم لبى نص على الكل وصفته شفعا الله اكبر الله أكبرالله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ( وه ) واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير أولا ( وم ر ) وآخرا ( وش ) ولا بأس قوله لغيره تقبل الله منا ومنك نقله الجماعة كالجواب وقال لا أبتدىء به وعنه الكل حسن وعنه يكره قيل له في رواية حنبل ترى له أن يبتدىء قال لا ونقل علي بن سعيد ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة وفي النصيحة أنه فعل الصحابة وأنه قول العلماء
ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار نص عليه ( ه م ) وقال إنما هو دعاء وذكر قيل له تفعله أنت قال لا وأول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث وعنه يستحب ذكره شيخنا ( و ) نقل عبدالكريم بن الهيثم أن أحمد قيل له يكثر الناس قال وإن كثروا قلت ترى أن يذهب إلى المدينة يوم عرفة على فعل ابن عباس قال سبحان الله ورخص في الذهاب ولم ير شيخنا زيارة القدس ليقف به أو عيد النحر ولا التعريف بغير عرفة وأنه لا نزاع فيه بين العلماء وأنه منكر
وفاعله ضال ومن تولى العيد أقامها كل عام لأنها راتبة مالم يمنع منها بخلاف كسوف واستسقاء ذكره القاضي وغيره والله سبحانه أعلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أَحْدَثَ قبل التَّكْبِيرِ لم يُكَبِّرْ وَإِنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ ما لم يَخْرُجْ من الْمَسْجِدِ انْتَهَى وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَيْضًا قال أَصْحَابُنَا لَا يُكَبِّرُ إذَا أَحْدَثَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكَبِّرُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والأولي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَوْ أَحْدَثَ لِأَنَّ ذلك مُفْرَدٌ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يُشْتَرَطُ له الطَّهَارَةُ كَسَائِرِ الذِّكْرِ انْتَهَى وهو الصَّوَابُ وَهَذَا الْوَجْهُ اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ وَلَكِنْ يقوي الْمَذْهَبُ بِمَا قَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَقِيلَ أو تَكَلَّمَ هذا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَبَالَغَ ابن عَقِيلٍ فقال إنْ تَرَكَهُ حتى يَتَكَلَّمَ لم يُكَبِّرْ انْتَهَى فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ قد صححت ( ( ( صحت ) ) ) وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
____________________
1-
(2/117)
@ 119 بَابٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ
يُقَالُ كَسَفَتْ الشَّمْسُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَمِثْلُهُ خَسَفَتْ وَقِيلَ الْكُسُوفُ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ
تُسَنُّ ( و ) حَضَرًا ( و ) سفرا ( ( ( وسفرا ) ) ) ( و ) وَالْأَفْضَلُ جَمَاعَةً ( و ) في جَامِعٍ ( و ) وعنه في الْمُصَلَّى لَا أَنَّ خُسُوفَ الْقَمَرِ في الْبَيْتِ مُنْفَرِدًا ( ه م ) وَلِلصِّبْيَانِ حُضُورُهَا وَاسْتَحَبَّهُ ابن حَامِدٍ لهم وللعاجز ( ( ( وللعجائز ) ) ) كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَسَبْقُ حُضُورِ النِّسَاءِ جَمَاعَةَ الرِّجَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ لها إذْنُ الْإِمَامِ وَلَا لاستسقاء ( ( ( الاستسقاء ) ) ) ( و ) كَصَلَاتِهِمَا مُنْفَرِدًا وعنه بَلَى وَعَنْهُ لِاسْتِسْقَاءٍ وَعَنْهُ لها لِصَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ لَا لِلْخُرُوجِ وَالدُّعَاءِ وَلَا تُشْرَعُ خُطْبَةٌ ( وه م ) وَعَنْهُ بَلَى بعده ( ( ( بعدها ) ) ) خُطْبَتَانِ تجلي الْكُسُوفُ أو لَا اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ ( وش ) وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ في اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ رِوَايَتَيْنِ ولم يذكر الْقَاضِي وَغَيْرُهُ نَصًّا أَنَّهُ لَا يَخْطَبُ إنَّمَا أَخَذُوهُ من نَصِّهِ لَا خُطْبَةَ في الِاسْتِسْقَاءِ وقال أَيْضًا لم يذكر لها أَحْمَدُ خُطْبَةً وفي النَّصِيحَةِ أُحِبُّ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَهَا وَإِنْ تَجَلَّى لم يُصَلِّ ( و ) وَفِيهَا يُخَفِّفُ وَقِيلَ كَنَافِلَةٍ إنْ تَجَلَّى قبل الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أو فيه وَإِلَّا أَتَمَّهَا صَلَاةَ كُسُوفٍ لِتَأَكُّدِهَا بِخَصَائِصِهَا وقال أبو الْمَعَالِي من جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عِنْدَ حُدُوثِ الِامْتِدَادِ على الْقَدْرِ الْمَنْقُولِ جَوَّزَ النُّقْصَانَ عِنْدَ التَّجَلِّي وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَ النَّقْصَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ رُكْنًا بِالشُّرُوعِ فَيَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَقِيلَ لَا تُشْرَعُ الزِّيَادَةُ لِحَاجَةٍ زَالَتْ
كَذَا قال وَكَذَا إنْ غَرَبَ وَالْأَشْهَرُ يُصَلِّي إذَا غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا لَيْلًا وفي مَنْعِ الصَّلَاةِ له بِطُلُوعِ الْفَجْرِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ إنْ فُعِلَتْ وَقْتَ نَهْيٍ ( م 1 ) وَلَيْسَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ صَلَاةِ كسوف ( ( ( الكسوف ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَالْأَشْهَرُ يُصَلِّي إذَا غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا لَيْلًا وفي مَنْعِ الصَّلَاةِ له بِطُلُوعِ الْفَجْرِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ إنْ فُعِلَتْ وَقْتَ نَهْيٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قال الشَّارِحُ في احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي أَحَدُهُمَا لَا يُمْنَعُ من الصَّلَاةِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا تُفْعَلُ في وَقْتِ نَهْيٍ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال
____________________
1-
(2/119)
وقتها كالعيد ( م ) ولا تقضي كاستسقاء وتحية مسجد وسجود شكر ولا تعاد ( و ) وقيل بلى ركعتين وأطلق أبو المعالي في جوازه وجهين وعلى الأول يذكر ويدعو حتى تنجلي ويعمل بالأصل في بقائه ووجوده ولا عبرة ( ( ( يمنع ) ) ) بقول المنجمين ( ( ( أظهر ) ) ) ولا يجوز العمل به فَصْلٌ وَهِيَ رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ في الْأُولَى جَهْرًا على الْأَصَحِّ وَلَوْ في كُسُوفِ الشَّمْسِ ( خ ) بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ وقال جَمَاعَةٌ نحو مِائَةِ آيَةٍ ( وش ) وَقِيلَ مُعْظَمُ الْقِرَاءَةِ وَقِيلَ نِصْفُهَا ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَدُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى قِيلَ كَمُعْظَمِهَا ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ الْأَوَّلِ نِسْبَتُهُ إلَى الْقِرَاءَةِ كَنِسْبَةِ الْأَوَّلِ منها ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُطِيلُهُمَا في الْأَصَحِّ ( ش ) وَقِيلَ كَالرُّكُوعِ ( وم ) وَكَذَا الْجَلْسَةُ بَيْنَهُمَا ( خ ) وَلَا يُطِيلُ اعْتِدَالَ الرُّكُوعِ ( و ) وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( ع ) وَانْفَرَدَ أبو الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا بِإِطَالَتِهِ فَيَكُونُ فَعَلَهُ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ أو أَطَالَهُ قَلِيلًا لِيَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ فيه قال جَابِرٌ فَانْصَرَفَ حين انْصَرَفَ وقد آضَتْ الشَّمْسُ أَيْ رَجَعَتْ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ من آضَ يَئِيضُ إذَا رَجَعَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَيْضًا وهو مَصْدَرٌ منه وَوَصَفَتْ عَائِشَةُ بِأَنَّهُ أَطَالَهَا جِدًّا وهو بِكَسْرِ الْجِيمِ نُصِبَ على الْمَصْدَرِ أَيْ جَدَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في مجمع البحرين لم يمنع في أظهر الوجهين وهو ظاهر كلام أبي الخطاب والوجه الثاني اختاره الشيخ الموفق قال في مجمع البحرين قال الشارح عن احتمال القاضي أحدهما لا يصلي لأن القمر آية الليل وقد ذهب الليل أشبه ما إذا طلعت الشمس والثاني يصلي لأن الانتفاع بنوره باق فأشبه ما قبل الفجر انتهى
____________________
1-
(2/120)
جِدًّا وفي الْإِشَارَةِ بَعْدَ رَفْعِهِ من رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ يُسَبِّحُ قَدْرَ ما قَرَأَ وروى يَقْرَأُ وفي النَّصِيحَةِ إذَا رَفَعَ من رُكُوعِهِ الثَّانِي في الْأُولَى سَمَّعَ وَحَمَّدَ وَإِنْ ذَكَرَ فَحَسَنٌ ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ دُونَ الْأُولَى ( و ) وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الْقِرَاءَةُ في كل قِيَامٍ اقصر مِمَّا قَبْلَهُ وَكَذَا التَّسْبِيحُ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ قِرَاءَةَ الْقِيَامِ الثَّالِثِ أَطْوَلَ من الثَّانِيَ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسْلَمُ وَلَيْسَتْ كَهَيْئَةِ نَافِلَةٍ ( و ( ( ( ه ) ) ) ) وَوَافَقَهُ ( و ) في خُسُوفِ الْقَمَرِ وَتَجُوزُ بِكُلِّ صِفَةٍ رُوِيَتْ فَقَطْ فَمِنْهُ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ في كل رَكْعَةٍ وَأَرْبَعٌ في كل رَكْعَةٍ وَرَوَى أبو دَاوُد من حديث أُبَيِّ بن كَعْبٍ خَمْسٌ في كل رَكْعَةٍ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لم يَرَهُ وفي السُّنَنِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وعنه أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ في كل رَكْعَةٍ أَفْضَلُ وَالرُّكُوعُ الثَّانِي سُنَّةٌ وَتُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 2 ) ( وم ) وَاخْتَارَ أبو الْوَفَاءِ إنْ صَلَّاهَا الْإِمَامُ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ لِإِدْرَاكِهِ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ وَلَوْ زَادَ في السُّجُودِ كما زَادَ في الرُّكُوعِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ لم يَرِدْ وَالرُّكُوعُ مُتَّحِدٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَالرُّكُوعُ وَالثَّانِي سُنَّةٌ وَتُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ في حَوَاشِيهِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَحَدُهُمَا يُدْرَكُ بِهِ الرُّكُوعُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُدْرَكُ بِهِ الرُّكُوعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَ ابْنِ عَقِيلٍ
( مسالة ( ( ( فصل ) ) ) 3 ) قوله ( ( ( تقدم ) ) ) وفي تَقْدِيمِ الْوِتْرِ إنْ خِيفَ فَوْتُهُ وَالتَّرَاوِيحِ عليه وَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ وِتْرٌ وَكُسُوفٌ أو تَرَاوِيحُ وَكُسُوفٌ وَخِيفَ من فَوَاتِ الْوِتْرِ أو التَّرَاوِيحِ فَهَلْ يُقَدَّمَانِ على الْكُسُوفِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فذكر مَسْأَلَتَيْنِ
____________________
1-
(2/121)
فصل تقدم الجنازة على الكسوف ويقدم هو على الجمعة إن أمن فوتها ( و ) أو لم يشرع في خطبتها وكذا على العيد والمكتوبة في الأصح ( و ) وفي تقديم الوتر إن خيف فوته والتراويح عليه وجهان ( م 3 و 4 ) وقيل إن صليت التراويح جماعة قدمت لمشقة الانتظار وإن كسفت بعرفة صلى ثم دفع وإن منعت وقت نهي دعا وذكر ولا يصلي صلاة الكسوف لغيره ( وم ش ) إلا لزلزلة في المنصوص وعنه ولكل آية ( وه ) وذكر شيخنا أن هذا قول محققي أصحاب أحمد وغيرهم قال كما دل على ذلك السنن والآثار ولو لا أن ذلك قد يكون سببا لشر وعذاب لم يصح التخويف بذلك وهذه صلاة رهبة وخوف كما أن صلاة الاستسقاء صلاة رغبة ورجاء وقد أمر الله تعالى عباده أن يدعوه خوفا وطمعا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 ) إذَا اجْتَمَعَ الْوِتْرُ وَالْكُسُوفُ وَخِيفَ فَوَاتُ الْوِتْرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ قال في الْمَذْهَبِ بَدَأَ بِالْكُسُوفِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ والرعايتين وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابْن رَزِين وَغَيْرهمْ وَالْوَجْه الثَّانِي يُقَدَّمُ الْوِتْرُ وَاخْتَارَ في الْمُغْنِي أَنَّهُ إذَا خِيفَ فَوَاتُ الْوِتْرِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فَإِنْ لم يَبْقَ إلَّا قَدْرُ الْوِتْرِ فَالْأَوْلَى التَّلَبُّسُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ في وَقْتِ النَّهْيِ وحكى الْأَوَّلُ عن الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 ) إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَتَرَاوِيحُ وَخِيفَ من فوات ( ( ( فوت ) ) ) التَّرَاوِيحِ وَتَعَذُّرِ فِعْلُهَا في ذلك الْوَقْتِ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في تَقْدِيمِ التَّرَاوِيحِ أو الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ التَّرَاوِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ الْكُسُوفَ آكَدُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ قد صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى
____________________
1-
(2/122)
وفي النصيحة يصلون لكل آية ما أحبوا ركعتين أم أكثر كسائر الصلوات وأنه يخطب وقيل إنه لا يتصور كسوف إلا في ثامن وعشرين أو تاسع وعشرين ولا خسوف إلا في إبدار القمر واختاره شيخنا ورد بوقوعه في غيره فذكر أبو شامة الشافعي في تاريخه أن القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادي الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة وكسفت الشمس في غده والله على كل شيء قدير قال واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده اهل النجامة هذا كلامه وكسفت الشمس يوم موت إبراهيم عاشر شهر ربيع الأول قاله غير واحد وذكره بعض أصحابنا اتفاقا
قال في الفصول لا يختلف النقل في ذلك نقله الواقدي والزبيري وأن الفقهاء فرعوا وبنوا على ذلك إذا اتفق عيد وكسوف وقال غيره لا سيما إذا اقتربت الساعة فتطلع من مغربها قال ابن هبيرة ما يدعيه المنجمون من أنهم يعرفون ذلك قبل كونه من طريق فلا يختصر بهم دون غيرهم ممن يعرف الحساب بل هو مما إذا حسب الحاسب عرفة وليس مما يدل على أنهم يتخصصون فيه مما يجعلونه حجة في دعواهم على الغيب مما تفرد الله سبحانه بعلمه فإنه لا دلالة لهم على ذلك ولا فيما تعلقوا به من هذا الاحتجاج على ما أرهجوا به
ويستحب العتق في كسوفها نص عليه لأمره عليه السلام به في الصحيحين قال في المستوعب وغيره للقادر
____________________
(2/123)
@ 125 بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
تُسَنُّ ( ه ) حَضَرًا وَسَفَرًا عِنْدَ جَدْبِ الْأَرْضِ وَقِيلَ وَخَوْفِهِ وَاحْتِبَاسِ المطر ( ( ( القطر ) ) ) لِمُجْدِبٍ وفي مُخْصِبٍ لِمُجْدِبٍ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَلَا اسْتِسْقَاءَ لِانْقِطَاعِ مَطَرٍ عن أَرْضٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ وَلَا مَسْلُوكَةٍ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِنْ غَارَ مَاءُ عَيْنٍ أو نَهْرٍ أو نَقَصَ وَضَرَّ فَرِوَايَتَانِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ يستسقي وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا لَا
وَالْأَفْضَلُ جَمَاعَةً ( وم ش ) وَقْتَ الْعِيدِ ( وم ش ) وَقِيلَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَعِظُهُمْ الْإِمَامُ وَيَأْمُرُهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ قال جَمَاعَةٌ وَالصَّدَقَةُ وَالصِّيَامُ زَادَ جَمَاعَةٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ صَائِمًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ بِأَمْرِهِ مع أَنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَجِبُ طَاعَتُهُ في غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَذَكَرَهُ بعظهم ( ع ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ في السِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْأُمُورِ الْمُجْتَهَدِ فيها لامطلقا وَلِهَذَا جَزَمَ بَعْضُهُمْ تَجِبُ في الطَّاعَةِ وَتُسَنُّ في الْمَسْنُونِ وَتُكْرَهُ في الْمَكْرُوهِ وَذَكَرَ أبو الْوَفَاءِ وأبو الْمَعَالِي لو نَذَرَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب صلاة الاستسقاء
( مسألة 1 ) قوله وفي مخصب لمجدب وجهان يعني هل يصلي المخصب للمجدب أم تختص الصلاة بالمجدب أطلق الخلاف أحدهما يصلون لهم وهو الصحيح قطع به ابن عقيل وصاحب التلخيص والنظم ومجمع البحرين والإفادات والفائق وغيرهم قال ابن تميم لا يختص بأهل الجدب قال في الرعاية وإن استسقى مخصب لمجدب جاز وقيل يستحب انتهى قال في الرعاية وإن استسقى مخصب لمجدب جاز وقيل يستحب انتهى قال المجد في شرحه يستحب ذلك انتهى وأطلقهما في المذهب والتلخيص ومختصر ابن تميم ومجمع البحرين وهما وجهان في شرح المجد أحدهما يصلون وهو الصحيح جزم به في الفصول والمستوعب والإفادات والنظم والحاويين قال في الرعايتين استسقوا على الأقيس واختاره القاضي وابن عقيل وغيرهما والرواية الثانية لا يصلون قال ابن عقيل وتبعه الشارح قال أصحابنا لا يصلون ( قلت ) وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الفائق
____________________
1-
(2/125)
الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ زَمَنَ الْجَدْبِ وَحْدَهُ أو هو وَالنَّاسُ لَزِمَهُ في نَفْسِهِ وَلَيْسَ له أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِالْخُرُوجِ معه وَإِنْ نَذَرَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ انْعَقَدَ ايضا كَالصَّلَوَاتِ الْمَشْرُوعَةِ لِلْأَسْبَابِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فإنه لو قال لِلَّهِ على ان أَرْكَعَ لِلطَّوَافِ أو أَنْ أُحَيِّيَ الْمَسْجِدَ صَحَّ
وَيَعِدُهُمْ يوم خُرُوجِهِمْ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى ( و ) مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَنَظِّفًا وَقِيلَ فيه لَا كَالطِّيبِ ( وَ ) وَمَعَهُ الشُّيُوخُ وَأَهْلُ الدِّينِ وَيُسْتَحَبُّ خُرُوجُ الْمُمَيِّزِ ( وم ش ) وَقِيلَ يَجُوزُ كَالطِّفْلِ وَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ فيها يُكْرَهُ وفي الْفُصُولِ نَحْنُ لِخُرُوجِ الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا قال وَيُؤْمَرُ سَادَةُ الْعَبِيدِ بِإِخْرَاجِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَلَا يَجِبُ وَالْمُرَادُ مع عَدَمِ الْفِتْنَةِ وَيَجُوزُ خُرُوجُ الْعَجَائِزِ ( وم ) وَقِيلَ لَا وَجَعَلَهُ أبو الْوَفَاءِ ظَاهِرَ كَلَامِهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ( وه ش ) وَلَا تَخْرُجُ ذَاتَ هَيْئَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ وَضَرَرَهَا أَكْثَرُ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُكْرَهُ ( و ) وَيُكْرَهُ إخْرَاجُنَا لِأَهْلِ الذَّمَّةِ ( و ) وَقِيلَ لَا وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَا يُكْرَهُ خُرُوجُهُمْ ( ه ) وَإِنْ خَرَجُوا لم يُمْنَعُوا ولم يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا ( و ) وفيه وَجْهَانِ ( م 2 و 3 ) وفي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا لَا يقردون ( ( ( يفردون ) ) ) بِيَوْمٍ وهو الصَّحِيحُ نَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عبدالقوي في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُفْرَدُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِيَوْمٍ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لو قال قَائِلٌ إنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ في وَقْتٍ مُفْرَدٍ لم يَبْعُدْ لِأَنَّهُمْ قد يُسْقَوْنَ فَيُخْشَى الْفِتْنَةُ على ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْأَوْلَى خُرُوجُهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وفي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْخِلَافُ الذي في عَجَائِزِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُذْهَبِ الْجَوَازُ
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْفُنُونِ آخِرَ الْفَصْلِ الثَّانِي من بَابِ الدَّفْنِ صَوَابُهُ آخِرَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ
____________________
1-
(2/126)
خروج عجائزهم الخلاف ولا تخرج شابة منهم بلا خلاف في المذهب ذكره في الفصول وجعل كأهل الذمة من خالف دين الإسلام في الجملة وَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِصَالِحٍ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ قال أَحْمَدُ في مَنْسَكِهِ الذي كَتَبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ إنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم في دُعَائِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَجَعَلَهَا شَيْخُنَا كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ قال وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عليه صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هو من فِعْلِهِ وَأَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بها في حَقِّهِ مَشْرُوعٌ ( عِ ) وهو من الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بها في قَوْله تَعَالَى { اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } المائدة 35 وقال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ من شَرِّ ما خَلَقَ الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ وقال شَيْخُنَا قَصْدُهُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بِدْعَةٌ لَا قُرْبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وقال أَيْضًا يَحْرُمُ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَئِمَّةِ
وقد شَاعَ عِنْدَ الناس لَا سِيَّمَا أَهْلُ الحديث تَعْظِيمُ السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بن سُبُكْتِكِينَ قال ابو الْحَسَنِ عبدالغافر بن إسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ هو أبو الْقَاسِمِ بن نَاصِرِ الدِّينِ ابي مَنْصُورٍ وَلِيُّ خُرَاسَانَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ عَظَّمَهُ إلَى غَايَةٍ إلَى أَنْ قال وقد زُرْت مَشْهَدَهُ بِظَاهِرِ غَزْنَةَ وهو الذي يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ الناس وَيَرْجُونَ اسْتِجَابَةَ الدَّعَوَاتِ عِنْدَهُ تُوُفِّيَ في جمادي الْأُولَى سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْفُنُونِ آخَرَ الْفَصْلِ الثَّانِي من بَابِ الدَّفْنِ فَصْلٌ ويصلي بِهِمْ كَالْعِيدِ ( وش ) وَعَنْهُ بِلَا تَكْبِيرٍ زَائِدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ( وم ) وفي النَّصِيحَةِ يَقْرَأُ في الْأُولَى { إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا } نوح 1 وفي الثَّانِيَةِ ما أَحَبَّ ثُمَّ يَخْطُبُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وم ش ) وَعَنْهُ قيل الصَّلَاةِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَيَخْطُبُ على الْمِنْبَرِ ( م ) كَالْعِيدِ في الْأَحْكَامِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ ( و ) خُطْبَةً مُفْتَتَحَةً بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَعَنْهُ بِالْحَمْدِ ( وم ر ) وَقِيلَ بِالِاسْتِغْفَارِ ( وش م ر )
____________________
(2/127)
وَيُكْثِرُهُ فيها وكثر ( ( ( ويكثر ) ) ) الدُّعَاءَ وَالصَّلَاةَ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيُكَبِّرُ فيها كَالْعِيدِ ( م ش ) وَعَنْهُ خُطْبَتَيْنِ قال ابن هُبَيْرَةَ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وابو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ ( وم ش ) وَعَنْهُ يَدْعُو فَقَطْ ( وه ) نَصَرَهُ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُصُولِ وهو الظَّاهِرُ من مَذْهَبِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَقْتَ الدُّعَاءِ فَقَطْ وَظُهُورُهُمَا نحو السَّمَاءِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَسَبَقَ في صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيَرْفَعُونَ وَيَقُولُ ما وَرَدَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا نَافِعًا غير ضَارٍ عَاجِلًا غير آجِلٍ اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَك وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَك الْمَيِّتَ وَيُؤَمِّنُونَ
قال الْحَلْوَانِيُّ وقال الْخِرَقِيُّ يَدْعُونَ وَيَقْرَأُ { اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كان غَفَّارًا } نوح ( ( ( الآيات ) ) ) 10 وفي الصَّحِيحَيْنِ إنَّهُ عليه السَّلَامُ اسْتَسْقَى في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وهو نَوْعٌ مُسْتَحَبٌّ ( و ) فقال اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ثَلَاثًا فَفِيهِ تَكْرَارُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا وَالْأَشْهَرُ في اللُّغَةِ غِثْنَا بِلَا أَلِفٍ من غَاثَ يَغِيثُ أَيْ أَنْزَلَ الْمَطَرَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ما في الْخَبَرِ من الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْمَعُونَةِ لَا من طَلَبِ الْغَيْثِ وَلَا يُكْرَهُ قَوْلُ الْعَوَامّ أَمْطِرْنَا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي يُقَالُ مَطَرَتْ وَأَمْطَرَتْ وَذَكَرَ أبو عُبَيْدَةَ أَمْطَرَتْ في الْغَدَاةِ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ في أَثْنَاءِ كَلَامِهِ قِيلَ بَعْدَ خُطْبَتِهِ وَقِيلَ فيها ( م 4 ) فيدعوا ( ( ( فيدعو ) ) ) سِرًّا وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ ( ه ) بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ الْيَمِينَ يَسَارًا وَالْيَسَارَ يَمِينًا نَصَّ عليه لَا جَعْلَ أَعْلَى الْمُرَبَّعِ أَسْفَلَهُ ( ش ) وَالنَّاسُ كَذَلِكَ نَقَلَ أبو دَاوُد يَقْلِبُ الْإِزَارَ تَنْقَلِبُ السُّنَّةُ والدارقطني ( ( ( وللدارقطني ) ) ) وَغَيْرِهِ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قوله ويستحب استقبال القبلة في أثناء كلامه قيل بعد خطبته وقيل فيها انتهى أحدهما يستحب ذلك زصناء الخطبة وهو الصحيح وعليه الأكثر وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمقنع والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين والوجيز ومختصر ابن تميم والشرح وغيرهم والوجه الثاني يسن بعدها قال في المحرر والفائق وغيرهما ويستقبل القبلة في اثناء دعائه
____________________
1-
(2/128)
الْقَحْطُ وَلَا تَحْوِيلَ في كُسُوفٍ وَحَالِ الْإِمْطَارِ وَالزَّلْزَلَةِ وَيَتْرُكُونَهُ حتى يَنْزِعُوهُ مع ثِيَابِهِمْ وَوُقُوفُهُ أَوَّلَ الْمَطَرِ وَإِخْرَاجُ أَثَاثِهِ وَثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا وَتَطْهِيرُهُ منه وقال أبو الْمَعَالِي وَقِرَاءَتُهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ قد أحببت ( ( ( أجيبت ) ) ) دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَشِبْهَهَا تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ وَإِنْ سُقُوا وَإِلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَإِنْ سُقُوا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ صَلَّوْا لَا قبل التَّأَهُّبِ له وَبَعْدَ التَّأَهُّبِ يَخْرُجُونَ وَيُصَلُّونَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَ الْمَزِيدَ وَقِيلَ يَخْرُجُونَ وَلَا يُصَلُّونَ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ بِنَفْيِهِمَا فَصْلٌ وَإِنْ خلف ( ( ( خيف ) ) ) من زِيَادَةِ الْمَاءِ اُسْتُحِبَّ قَوْلُ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ على الظِّرَابِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ وَقِيلَ وَيُسْتَحَبُّ صَلَاةُ كُسُوفٍ أَيْضًا وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَحْرُمُ بِنَوْءِ كَذَا ( ش ) لِخَبَرِ زَيْدِ ابن خَالِدٍ في الصَّحِيحَيْنِ وَلِمُسْلِمٍ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَلَمْ تَرَوْا إلَى ما قال ما أَنْعَمْت على عِبَادِي من نِعْمَةٍ إلَّا أَصْبَحَ فريقا ( ( ( فريق ) ) ) منهم بها كَافِرِينَ يَقُولُونَ الكواكب ( ( ( الكوكب ) ) ) وَبِالْكَوْكَبِ وَلَهُ أَيْضًا عنه مَرْفُوعًا ما أُنْزِلَ من السَّمَاءِ من بَرَكَةٍ إلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ من الناس بها كَافِرِينَ يُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَيْثَ فَيَقُولُونَ الكواكب ( ( ( الكوكب ) ) ) كَذَا وَكَذَا وفي رِوَايَةٍ بِكَوْكَبِ كَذَا كَذَا فَهَذَا يَدُلُّ على ان الْمُرَادَ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَإِضَافَةُ الْمَطَرِ إلَى النَّوْءِ دُونِ اللَّهِ كُفْرٌ ( ع ) وَلَا يُكْرَهُ في نَوْءِ كَذَا خِلَافًا لِلْآمِدِيِّ وَإِنْ نَذَرَ الْمُطَاعُ في قَوْمِهِ زَمَنَ الْجَدْبِ أَنْ يستسقي وَحْدَهُ لَزِمَهُ وَحْدَهُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ بِلَا تَعْيِينِهَا فيه وَجْهَانِ ( م 5 ) وَلَوْ نَذَرَهَا زَمَنَ الْخِصْبِ فَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّهُ قرية ( ( ( قربة ) ) ) في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الْمُطَاعُ في قَوْمِهِ زَمَنَ الْجَدْبِ أَنْ يَسْتَسْقِيَ وَحْدَهُ لَزِمَهُ وَحْدَهُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ بِلَا تَعْيِينِهَا فيه وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ ( قُلْت )
____________________
1-
(2/129)
الْجُمْلَةِ فَيُصَلِّيهَا وَيَسْأَلُ دَوَامَ الْخِصْبِ وَشُمُولَهُ ( م 6 ) وَمَنْ رَأَى سَحَابًا أو هَبَّتْ الرِّيحُ سَأَلَ اللَّهَ خَيْرَهُ وَتَعَوَّذَ بِهِ من شَرِّهِ وما سَأَلَ سَائِلٌ وَلَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَوَرَدَ في الْأَثَرِ إنَّ قَوْسَ قُزَحٍ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ من الْغَرَقِ قال ابن حَامِدٍ في أُصُولِهِ هو من آيَاتِ اللَّهِ قال وَدَعْوَى الْعَامَّةِ إنْ غَلَبَتْ حُمْرَتُهُ كانت الْفِتَنُ وَالدِّمَاءُ وَإِنْ غَلَبَتْ خُضْرَتُهُ كان رَخَاءٌ وَسُرُورٌ هَذَيَانٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وهو الصواب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب والوجه الثاني لا تلزمه ( مسألة ) قوله وإن نذرها زمن الخصب فقيل لا ينعقد وقيل بلى لأنه قربة في الجملة فيصليها ويسأل دوام الخصب وشموله انتهى أحدهما ينعقد لما علله المصنف والقول الثاني لا ينعقد قلت وهو الصواب وليست هذه الصلاة استسقاء فهذه ست مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(2/130)
= كِتَابُ الْجَنَائِزِ
وهو بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ لِلْمَيِّتِ وَبِالْكَسْرِ لِلنَّعْشِ عليه مَيِّتٌ وَيُقَالُ عَكْسُهُ وَهِيَ مشقة ( ( ( مشتقة ) ) ) من جَنَزَ إذَا سَتَرَ يَجْنِزُ بِكَسْرِ النُّونِ بَابُ ما يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وما يُفْعَلُ عِنْدَ الْمَوْتِ
تَرْكُ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَ الْقَاضِي وأبو الْوَفَاءِ وابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ فِعْلَهُ وَقِيلَ يَجِبُ زَادَ بَعْضُهُمْ إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ وَلَيْسَا سَوَاءً ( م ) وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ ( وه م ش ) في الْمُسْكِرِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ من صَوْتِ مَلْهَاةٍ وَغَيْرِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ في أَلْبَانِ الْأُتُنِ وَاحْتَجَّ بِتَحْرِيمِهَا وفي التِّرْيَاقِ وَالْخَمْرِ وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ في مُدَاوَاةِ الدُّبُرِ بِالْخَمْرِ وَنَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ فيه وفي سَقْيِهِ الدَّوَابَّ ونقله عبدالله لَا يداوي بها جُرْحٌ وَلَا غَيْرُهُ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ وَلَوْ امره أَبُوهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ بِخَمْرٍ وقال أُمُّك طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم تَشْرَبْهُ حَرُمَ شُرْبُهُ نَقَلَهُ هَارُونُ الْحَمَّالُ وَيَتَوَجَّهُ في هذه تَخْرِيجٌ من رِوَايَةِ جَوَازِ التَّحَلُّلِ لِمَنْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَحَلَفَ زَوْجُهَا بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ لاتحج الْعَامَ لِعِظَمِ الضَّرَرِ مع أَنَّ في الْجَوَازِ خِلَافًا مُطْلَقًا
وَالْحَجُّ كما يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلْعُذْرِ كَذَا شُرْبُ الْمُسْكِرِ لِعُذْرِ غصبه ( ( ( غصة ) ) ) أو إكْرَاهٍ وَعَلَى هذا لَا يختض ( ( ( يختص ) ) ) بِمَسْأَلَةِ التَّدَاوِي وَسَأَلَهُ ابن إبْرَاهِيمَ عن عَبْدٍ قال إذَا دخل أَوَّلُ يَوْمٍ من رَمَضَانَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم يُحْرِمْ أَوَّلَ يَوْمٍ من رَمَضَانَ قال يُحْرِمُ وَلَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ إذَا عَلِمَ منه رُشْدًا فَجَوَّزَ أَحْمَدُ إسْقَاطَ حَقِّ السَّيِّدِ لِضَرَرِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مع تَأَكُّدِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ منها تَخْرِيجٌ بِمَنْعِ الْإِحْرَامِ وهو أَظْهَرُ وَأَقْيَسُ وقد نَقَلَ عبدالله في مَسْأَلَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ لَا يُعْجِبنِي أَنْ يَمْنَعَهُ قال في الِانْتِصَارِ فَاسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ وقال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ سُئِلَ أَحْمَدُ عن رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لابد ان يَطَأَ امْرَأَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا قال تَطْلُقُ منه امْرَأَتُهُ وَلَا يَطَؤُهَا قد أَبَاحَ اللَّهُ الطَّلَاقَ وَحَرَّمَ وَطْءَ الْحَائِضِ
____________________
(2/131)
وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا أفارقه ( ( ( يفارقه ) ) ) حتى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ ففلسفه ( ( ( ففلسه ) ) ) الْحَاكِمُ فَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ شَرْعًا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ على رِوَايَةِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً فِيمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ يوم فِطْرٍ أو أَضْحَى رِوَايَةٌ يَقْضِي وَلَا يُكَفِّرُ قال الشَّيْخُ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ من صَوْمِهِ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ فَيَتَوَجَّهُ في مَسْأَلَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ كَذَلِكَ وهو جَارٍ فيها
وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ إبِلٍ فَقَطْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ( ه ) وَقَوْلُ أبي يُوسُفَ كَقَوْلِنَا وَنَصَّ أَحْمَدُ على التَّدَاوِي بِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ حَرَّمَ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَاسْتِعْمَالَهُ إلَّا ضَرُورَةً كَعَطَشِ وطفى حَرِيقٍ قال وَكَذَا كُلُّ مَأْكُولٍ مُسْتَخْبَثٍ كَبَوْلِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَكُلِّ مَائِعٍ نَجِسٍ وَنَقَلَ أو طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيُّ وابن هانىء وَغَيْرُهُمْ وَيَجُوزُ بِبَوْلِ ما أُكِلَ لَحْمُهُ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ يَجُوزُ بِدِفْلَى وَنَحْوِهَا لَا يَضُرُّهُ نَقَلَ ابن هانىء وَالْفَضْلُ في حَشِيشَةٍ تُسْكِرُ تُسْحَقُ وَتُطْرَحُ مع دَوَاءٍ لَا بَأْسَ أَمَّا مع الْمَاءِ فَلَا وَشَدَّدَ فيه وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الدَّوَاءَ الْمَسْمُومَ إنْ غَلَبَ منه السَّلَامَةُ زَادَ بَعْضُهُمْ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَرُجِيَ نَفْعُهُ أُبِيحَ شُرْبُهُ لِدَفْعِ ما هو أَخْطَرُ منه كَغَيْرِهِ من الْأَدْوِيَةِ وَقِيلَ لالأن فيه تَعْرِيضًا لِلتَّلَفِ كما لو لم يُرِدْ التَّدَاوِيَ وفي الْبُلْغَةِ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِخَمْرٍ في مَرَضٍ
وَكَذَا بِنَجَاسَةٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَظَاهِرُهُ يَجُوزُ لِغَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِطَاهِرٍ وفي الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَشَيْءٍ نَجِسٍ وقد نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ لَا بَأْسَ بِجَعْلِ الْمُسْكِرِ في الدَّوَاءِ لها وَيُشْرَبُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي يَجُوزُ اكْتِحَالُهُ بِمَيْلِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا قال لِأَنَّهَا حَاجَةٌ وَيُبَاحَانِ لها وفي الْإِيضَاحِ يَجُوزُ بِتِرْيَاقٍ وَسَبَقَ في الْآنِيَةِ اسْتِعْمَالُ نَجِسٍ وَلَا بَأْسَ بِالْحِمْيَةِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَيَتَوَجَّهُ أنها مَسْأَلَةُ التَّدَاوِي وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْخَبَرِ يا عَلِيُّ لَا تَأْكُلْ من هذا كُلْ من هذا فإنه أَوْفَقُ لَك وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ ما يُظَنُّ ضَرَرُهُ وَلَا يَجِبُ التَّدَاوِي إذَا ظُنَّ نَفْعُهُ فَصْلٌ يُكْرَهُ الْأَنِينُ على الْأَصَحِّ وَكَذَا تَمَنِّي الْمَوْتَ عِنْدَ الضَّرَرِ كَذَا قَيَّدُوا وَكَذَا في
____________________
(2/132)
الْخَبَرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ خَرَجَ على الْغَالِبِ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلِهَذَا قال إمَّا مُحْسِنًا فَيَزْدَادُ وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يُسْتَعْتَبُ قال عليه السَّلَامُ فَإِنْ كان لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي ما كانت الْحَيَاةُ خَيْرًا لي وَتَوَفَّنِي ما كانت الْوَفَاةُ خَيْرًا لي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ من حديث أَنَسٍ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ هذا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مع عَدَمِ الضَّرَرِ جَمَعَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ عَمَّارٍ أَنَّهُ صلى صَلَاةً فَأَوْجَزَ فيها فَأَنْكَرُوا ذلك فقال أَلَمِ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قالوا بَلَى قال أَمَّا إنِّي قد دَعَوْت فيها بِدُعَاءٍ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَدْعُو بِهِ اللَّهُمَّ بِعِلْمِك الْغَيْبَ وَقُدْرَتِك على الْخَلْقِ أَحْيِنِي ما عَلِمْت الْحَيَاةَ خَيْرًا لي وَتَوَفَّنِي إذَا كانت الْوَفَاةُ خَيْرًا لي اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَشْيَتَك في الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ في الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَالْقَصْدَ في الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَلَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك وَالشَّوْقَ إلَى لِقَائِك وَأَعُوذُ بِك من ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَمِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عن يحيى ابن حَبِيبِ بن عَرَبِيٍّ عن حَمَّادِ بن زَيْدٍ عن عَطَاءِ بن السَّائِبِ عن أبيه قال صلى بِنَا عَمَّارٌ فَذَكَرَهُ سمع حماد من عطاء بن السائب عن أبيه قال صلى بنا عمار فذكره سمع حَمَّادٌ من عَطَاءٍ قبل أَنْ يَتَغَيَّرَ فَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ حدثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ عن شَرِيكٍ عن أبي هَاشِمٍ عن أبي مِجْلَزٍ قال صلى بِنَا عَمَّارٌ فَذَكَرَهُ
وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرٍ بِدِينِهِ وَيَتَوَجَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وإذا رأيت ( ( ( أردت ) ) ) بِعِبَادِك فِتْنَةً قاقبضني ( ( ( فاقبضني ) ) ) إلَيْك غير مَفْتُونٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ أنا أَتَمَنَّى الْمَوْتَ صَبَاحًا وَمَسَاءً أَخَاف أَنْ أُفْتَنَ في الدُّنْيَا
وقال في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن عَوْفٍ الْفِتْنَةُ إذَا لم يَكُنْ إمَامٌ يَقُومُ بِأَمْرِ الناس وَمُرَادُ
____________________
(2/133)
الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ غَيْرُ تمنى الشَّهَادَةِ على ما في الصَّحِيحِ من تَمَنَّى الشَّهَادَةَ خَالِصًا من قَلْبِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وفي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ وروى عن الصَّحَابَةِ في قِصَّةِ أُحُدٍ وَغَيْرِهَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ في كِتَابِهِ الْهَدْيِ
وفي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ قال عَالِمٌ يَوْمًا لِكَرْبٍ دخل علي لَيْتَنِي لم أَعِشْ لِهَذَا الزَّمَانِ فقال مُتَحَذْلِقٌ يَدَّعِي الزُّهْدَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ اعْتِرَاضَهُ على أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تَقُلْ هذا وَأَنْتَ إما ( ( ( إمام ) ) ) تَتَمَنَّى على اللَّهِ تَعَالَى ما أَرَادَهُ اللَّهُ بِك خَيْرٌ مِمَّا تَتَمَنَّاهُ لِنَفْسِك وَهَذَا اتِّهَامٌ لِلَّهِ فَأَجَابَهُ من أَيْنَ لَك لِسَانٌ تَنْطِقُ بِمَا لَا نَكِيرَ على الْعُلَمَاءِ كَأَنَّك تُعَلِّمُهُمْ ما لَا يَعْلَمُونَ وَتُوهِمُ أَنَّك تُدْرِكُ عليهم ما يَجْهَلُونَ أَلَيْسَ اللَّهُ قد حَكَى عن مَرْيَمَ { يا لَيْتَنِي مِتُّ قبل هذا } سورة مريم 23 وقال أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يا لَيْتَنِي كُنْت مِثْلَك يا طَائِرٌ
وفي كَرَاهَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَالْأَخْبَارُ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَا الرِّوَايَتَانِ في حقنه لِحَاجَةٍ وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَفَصْدِهَا ( م 24 ) وَوُصِفَتْ الْحُقْنَةُ لِرَجُلٍ كان إذَا دَنَا من أَهْلِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب الجنائز باب ما يتعلق بالمرض وما يفعل عند الموت
( مسألة 1 ) قوله وفي كراهة موت الفجأة روايتان انتهى وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفائق أحدهما يكره صححه القاضي ابو الحسين وقدمه ابن تميم والرواية الثانية لا يكره ( قلت ) الصواب أنه إن كان مقطوع العلائق من الناس مستعدا للقاء ربه لم يكره بل ربما ارتقي إلى الاستحباب وإلا كره والذي يظهر أن معناه أن صفة هذه الموتة هل مكروهة عند الله أم لا لأن الميت لا صنع له في ذلك فيقال هذه الموته مكروهة عند الله تعالى أو غير مكروهة كما أن الموت في سبيل الله محبوب عند الله وموت السكران مثلا مكروه عند الله والله أعلم
____________________
1-
(2/134)
أَنْزَلَ فقال له أَحْمَدُ احْتَقِنْ وكذا الخلاف في كي ورقية وتعويدة وتميمة وعنه يكره قبل الألم ( م 5 ) فقط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَكَذَا الرِّوَايَتَانِ في حقنه لِحَاجَةٍ وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَفَصْدِهَا انْتَهَى الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هل تُكْرَهُ الْحُقْنَةُ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ واطلقه الْقَاضِي فقال هل تُكْرَهُ الْحُقْنَةُ على رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَغَيْرِهَا نَقَلَهَا حَرْبٌ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ محمد بن الحسين ( ( ( الحسن ) ) ) بن هَارُونَ وَالْأَثْرَمُ وَإِبْرَاهِيمُ ابن الْحَارِثِ وأبو طَالِبٍ وَصَالِحٌ وَإِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بن بَشِيرٍ الْكِنْدِيُّ انْتَهَى إحْدَاهُمَا لَا تُكْرَهُ بَلْ تُبَاحُ لِلْحَاجَةِ وَتُكْرَهُ مع عَدَمِهَا وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الصُّغْرَى في آدَابِهَا قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا تُكْرَهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ وقال الْخَلَّالُ كَأَنَّ أَبَا عبدالله كَرِهَهَا في أَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَبَاحَهَا على مَعْنَى الْعِلَاجِ وقال الْمَرُّوذِيِّ وُصِفَ لِأَبِي عبدالله فَفَعَلَهُ يَعْنِي الْحُقْنَةَ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا ( قُلْت ) وهو ضَعِيفٌ
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) هل يُكْرَهُ قَطْعُ الْعُرُوقِ على وَجْهِ التَّدَاوِي أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ فقال يُكْرَهُ قَطْعُ الْعُرُوقِ على وَجْهِ التَّدَاوِي على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ انْتَهَى وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى تَقْدِيمِ الْكَرَاهَةِ وَاقْتَصَرَ على ما في الْمُسْتَوْعِبِ في الْآدَابِ إحْدَاهُمَا تُكْرَهُ وهو أَقْوَى من الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ قُلْت الصَّوَابُ في ذلك ان يَرْجِعَ إلَى حداق ( ( ( حذاق ) ) ) الْأَطِبَّاءِ إنْ قالوا في قَطْعِهَا نَفْعٌ وَإِزَالَةُ ضَرَرٍ لم يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَتْ
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) هل يُكْرَهُ فَصْدُ الْعُرُوقِ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ الْقَاضِي فقال هل يُكْرَهُ فَصْدُ الْعُرُوقِ أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ نَصَّ علي في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ منهم صَالِحٌ وَجَعْفَرٌ وَالثَّانِيَةُ يُكْرَهُ انْتَهَى احدهما لَا يُكْرَهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ كما قال الْقَاضِي وَكَذَا الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في كل عَصْرٍ وَمِصْرٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ قال في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ لَا يَتَعَوَّدُهُ وقال ما فَصَدْت عِرْقًا قَطُّ
____________________
1-
(2/135)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَكَذَا الْخِلَافُ في كَيٍّ وَرُقْيَةٍ وَتَعْوِيذَةٍ وَتَمِيمَةٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قبل الْأَلَمِ انْتَهَى ذِكْرُ مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) الْكَيُّ هل يُكْرَهُ أَمْ لَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ فقال يُكْرَهُ الْكَيُّ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إبَاحَتُهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْكَرَاهَةُ مع عَدَمِهَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْمُسْتَوْعِبِ في آدَابِهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْكَيُّ مُطْلَقًا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ ما يُعْجِبُنِي الْكَيُّ وَعَنْهُ يُبَاحُ بَعْدَ الْأَلَمِ لَا قَبْلَهُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ أَصَحُّ قال في اداب الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيُبَاحُ الْكَيُّ بَعْدَ الْأَلَمِ وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَعَنْهُ وَبَعْدَهُ انْتَهَى
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) الرقي والتعويذ ( ( ( والتعاويذ ) ) ) وَالتَّمَائِمُ فقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قال وَيُبَاحُ الْكَيُّ لِلضَّرُورَةِ وَيُكْرَهُ مع عَدَمِهَا وَعَنْهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يُبَاحُ بَعْدَ الْأَلَمِ لَا قَبْلَهُ وهو أَصَحُّ قال وَكَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ في الرقي وَالتَّعَاوِيذِ وَالتَّمَائِمِ وَنَحْوِهَا قبل الْأَلَمِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى وقال في آدَابِ الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ وَنَحْوِهَا وَيُبَاحُ تَعْلِيقُ قِلَادَةٍ فيها قُرْآنٌ أو ذِكْرٌ غَيْرُهُ نَصَّ عليه وَكَذَا التَّعَاوِيذُ وَيَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ الْقُرْآنُ أو ذِكْرٌ غَيْرُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيُعَلَّقُ على مَرِيضٍ ( وَحَامِلٍ ) وفي إنَاءٍ ثُمَّ يُسْقَيَانِ منه وَيُرْقَى من ذلك وَغَيْرِهِ بِمَا وَرَدَ من قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ انْتَهَى وقال في آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا بَأْسَ بِالْقِلَادَةِ يُعَلِّقُهَا فيها الْقُرْآنُ وَكَذَا التَّعَاوِيذُ وَلَا بَأْسَ بِالْكِتَابَةِ لِلْحُمَّى وَلَا بَأْسَ بالرقي من النَّمْلَةِ انْتَهَى وقال الْمُصَنِّفُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى يُكْرَهُ التَّمَائِمُ وَنَحْوُهَا كَذَا قِيلَ يُكْرَهُ وَالصَّوَابُ ما يَأْتِي من تَحْرِيمِهِ لِمَنْ لم يَرْقِ عليها قُرْآنٌ أو ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَيَأْتِي أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَنَّ الْمَنْعَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ وَتُبَاحُ قِلَادَةٌ فيها قُرْآنٌ أو ذِكْرٌ غَيْرُهُ وَتَعْلِيقُ ما هُمَا فيه نَصَّ عليه وَكَذَا التَّعَاوِيذُ وَيَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ لِلْحُمَّى وَالنَّمْلَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالصُّدَاعِ وَالْعَيْنِ ما يَجُوزُ وَيُرْقَى من ذلك بِقُرْآنٍ وما وَرَدَ فيه من دُعَاءٍ وَذِكْرٍ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَيَحْرُمُ الرَّقْيُ وَالتَّعَوُّذُ بِطَلْسَمٍ وَعَزِيمَةٍ قال في نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَكَذَا الطَّلْسَمُ وَقَطَعَ في مَوْضِعٍ آخَرَ بِالتَّحْرِيمِ وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُهُ وقال ابن مَنْصُورٍ لِأَبِي عبدالله هل يُعَلِّقُ شيئا من الْقُرْآنِ قال التَّعْلِيقُ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ وَكَذَا قال في رِوَايَةِ صَالِحٍ وقال الْمَيْمُونِيُّ سَمِعْت من سَأَلَ أَبَا عبدالله عن التَّمَائِمِ تُعَلَّقُ بَعْدَ نُزُولِ
____________________
1-
(2/136)
وفي كراهة التفل والنفخ في الرقية روايات الثالثة يكره التفل ( م 6 ) ويحرم ذلك بغير لسان عربي وقيل يكره وكذا الطلسم وأما التميمة وهي عوذة أو خرزة أو خيط ونحوه فنهى الشارع عنه ودعا على فاعله وقال لا تزيدك إلا وهنا أنبذها عنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا روى ذلك أحمد وغيره والإسناد حسن قال القاضي وغيره يحرم ذلك
وقال شبه النبي صلى الله عليه وسلم تعليق التميمة بمثابة أكل الترياق وقول الشعر وهما محرمان وقال أيضا يجوز حمل الأخبار على اختلاف حالين فمنهي إذا كان يعتقد أنها هي النافعة له والدافعة عنه وهذا لا يجوز لأن النافع هو الله والموضع الذي اجازه إذا اعتقد أن الله هو النافع الدافع ولعل هذا خرج على عادة الجاهلية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الْبَلَاءِ فقال أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ قال أبو دَاوُد وقد رَأَيْت على ابْنٍ لِأَبِي عبدالله وهو صَغِيرٌ تَمِيمَةً في رَقَبَتِهِ في ادم قال الْخَلَّالُ قد كَتَبَ هو من الحمي بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ وَالْكَرَاهَةُ من تَعْلِيقِ ذلك قبل نُزُولِ الْبَلَاءِ هو الذي عليه الْعَمَلُ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذلك في التَّمِيمَةِ التَّحْرِيمُ وقال ايضا لَا بَأْسَ بِكَتْبِ قُرْآنٍ أو ذِكْرٍ ويسقي منه مَرِيضٌ أو حَامِلٌ لِعُسْرِ الْوَلَدِ نَصَّ عليه فلم يَحْكِ فيه خِلَافًا
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وفي كَرَاهَةِ التُّفْلِ وَالنَّفْخِ في الرُّقْيَةِ رِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ يُكْرَهُ التُّفْلُ انْتَهَى قال في الرِّعَايَةُ وَتَبِعْهُ الْمُصَنِّفُ في الْآدَابِ وَيُكْرَهُ التُّفْلُ بِالرِّيقِ وَالنَّفْخُ بِلَا رِيقٍ وفي كَرَاهَةِ النَّفْثِ في الرُّقْيَةِ وَإِبَاحَتِهِ مع الرِّيقِ وَعَدَمِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وقال في آدَابِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُكْرَهُ التُّفْلُ بِالرِّيقِ في الرُّقْيَةِ وَالنَّفْخُ بِلَا رِيقٍ وَقِيلَ في كَرَاهَةِ النَّفْثِ فيها مع الرِّيقِ وَعَدَمِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى فَقَدَّمَ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَكُرِهَ النَّفْثُ في الرقي وَلَا بَأْسَ بِالنَّفْخِ وقال في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ بِاسْتِحْبَابِ النَّفْخِ وَالتُّفْلِ لِأَنَّهُ إذَا قَوِيَتْ كَيْفِيَّةُ نَفْسِ الرَّاقِي كانت الرُّقْيَةُ أَتَمَّ تَأْثِيرًا وَأَقْوَى فِعْلًا وَهَذَا تَسْتَعِينُ بِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ وَالْخَبِيثَةُ فَيَفْعَلُهُ الْمُؤْمِنُ وَالسَّاحِرُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ ابْنَ الْقَيِّمِ في الْهَدْيِ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(2/137)
كما كانت تعتقد أن الدهر يضرهم فكانوا يسبونه وقال إنما كره ذلك إذا لم ينزل به البلاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في ذلك عند الحاجة وكره أحمد قطع الباسور زاد ابن هانىء كراهية شديدة وإن خيف منه التلف حرم وإن خيف من تركه جازه وأطلق بعضهم الجواز كأكلة وبط نص عليهما زاد بعضهم فيهما مع ظن السلامة ونص أحمد على معناه ولا بأس بكتب قرآن أو ذكر ويسقي منه مريض وحامل لعسر الولد نص عليه لقول ابن عباس فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ له وَكَذَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ ( و ) وَقِيلَ بَعْدَ أَيَّامٍ لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ وَأَوْجَبَ أبو الْفَرَجِ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ عِيَادَتَهُ وَالْمُرَادُ مَرَّةً وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وفي أَوَاخِرِ الرِّعَايَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَوَجْهٍ في ابْتِدَاءِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ السُّنَّةُ مَرَّةٌ وما زَادَ نَافِلَةٌ وقال أبو الْمَعَالِي ثَلَاثَةٌ لَا يُعَادُ وَلَا يُسَمَّى صَاحِبُهَا مَرِيضًا الضِّرْسُ وَالرَّمَدُ وَالدُّمَّلُ وَاحْتَجَّ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ النِّجَادُ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وفي نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ نَقَلَ عن إمامنا رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قال له وَلَدُهُ يا أبة ( ( ( أبت ) ) ) إنَّ جَارَنَا فُلَانًا مَرِيضٌ فما نَعُودُهُ فقال يا بُنَيَّ ما عَادَنَا فَنَعُودُهُ وَيُشْبِهُ هذا ما نَقَلَهُ عنه ابْنَاهُ في السَّلَامِ على الْحُجَّاجِ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وفي كِتَابِ الْعُزْلَةِ لِلْخَطَّابِيِّ عن مَالِكٍ أَنَّهُ كان يَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ وَيُعْطِيَ الْإِخْوَانَ حُقُوقَهُمْ فَتَرَكَ وَاحِدًا حتى تَرَكَهَا كُلَّهَا وكان يقول لَا يَتَهَيَّأُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُخْبِرَ بِكُلِّ عُذْرٍ وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ قال لَا تَعُدْ إلَّا من يَعُودُك وَلَا تَشْهَدْ جِنَازَةَ من لَا يَشْهَدُ جِنَازَتَك وَلَا تُؤَدِّ حَقَّ من لَا يُؤَدِّي حَقَّك فَإِنْ عَدَلْت عن ذلك فَأَبْشِرْ بِالْجَوْرِ قال الْخَطَّابِيُّ يُرَادُ بِهِ التَّأْدِيبُ وَالتَّقْوِيمُ دُونَ الْمُكَافَأَةِ وَالْمُجَازَاةِ
وَبَعْضُ هذا مِمَّا يُرَاضِ بِهِ بَعْضُ الناس وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ على أَخِيهِ رَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وفي لَفْظٍ حَقُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ خَمْسٌ وفي لَفْظٍ حق
____________________
(2/138)
حَقُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ وما هُنَّ يا رَسُولَ اللَّهِ قال إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عليه وإذا دَعَاك فَأَجِبْهُ وإذا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ له وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ وإذا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ مُتَّفَقٌ عليه إلَّا الْبُخَارِيَّ لم يذكر لَفْظَ حديث السِّتِّ وَلَا ذَكَرَ فيه النيصحة ( ( ( النصيحة ) ) )
وَلَا يُطِيلُ عِنْدَهُ وَعَنْهُ كَبَيْنَ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ االناس ( ( ( الناس ) ) ) وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ في الْجُمْلَةِ وَيَأْخُذُ بيده وَيَقُولُ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ قال أَحْمَدُ يَعُودُهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وقال عن قُرْبِ وَسَطِ النَّهَارِ ليس هذا وَقْتَ عِيَادَةٍ وقال بَعْضُهُمْ يكرره إذًا نَصَّ عليه قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا بَأْسَ في آخِرِ النَّهَارِ لِلْخَبَرِ وَنَصَّ أَحْمَدُ الْعِيَادَةُ في رَمَضَانَ لَيْلًا قال جَمَاعَةٌ وَيَغِبُّ بها وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْجَمَاعَةِ خِلَافُهُ وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الناس وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ في الْجُمْلَةِ وَهِيَ تُشْبِهُ الزِّيَارَةَ وقد كَتَبْت ما تَيَسَّرَ فيها في أَوَاخِرِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ وقد ذَكَرَ ابن الصَّيْرَفِيِّ الْحَرَّانِيُّ من أَصْحَابِنَا في نَوَادِرِهِ الشِّعْرَ الْمَشْهُورَ % لاتضجرن عَلِيلًا في مُسَاءَلَةٍ % إنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بين يَوْمَيْنِ % % بَلْ سَلْهُ عن حَالِهِ وَادْعُ الْإِلَهَ له % وَاجْلِسْ بِقَدْرِ فُوَاقٍ بين حَلْبَيْنِ % % من زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ % وكان ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ %
وَيُخْبِرُ بِمَا يَجِدُهُ بِلَا شَكْوَى وكان أَحْمَدُ يَحْمَدُ اللَّهَ أَوَّلًا لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ إذَا كان الشُّكْرُ قبل الشَّكْوَى فَلَيْسَ بشاك ( ( ( شاك ) ) ) مُتَّفَقٌ عليه وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُخْبِرُ بِمَا
____________________
(2/139)
يَجِدُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَا لِقَصْدِ شَكْوَى وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِعَائِشَةَ لَمَّا قالت وارأساه قال بَلْ أنا وَارَأْسَاهُ وَاحْتَجَّ ابن الْمُبَارَكِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّك لَتُوعَكَ وَعْكًا شَدِيدًا قال أَجَلْ كما يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ مُتَّفَقٌ عليه
وفي الْفُنُونِ قَوْله تَعَالَى { لقد لَقِينَا من سَفَرِنَا هذا نَصَبًا } سورة ( ( ( يدل ) ) ) الكهف 160 على جَوَازِ الِاسْتِرَاحَةِ إلَى نَوْعٍ من الشَّكْوَى عِنْدَ إمْسَاسِ الْبَلْوَى قال وَنَظِيرُهُ { يا أَسَفَى على يوسف } سورة يُوسُفَ 84 و { مَسَّنِيَ الضُّرُّ } سورة الأنبياء ( 83 وما زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدنِي وفي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ في الْآيَةِ الْأُولَى هذا يَدُلُّ على إبَاحَةِ إظْهَارِ مِثْلِ هذا الْقَوْلِ عند ما يَلْحَقُ الْإِنْسَانُ من الْأَذَى وَالتَّعَبِ وَلَا يَكُونُ ذلك شَكْوَى
وقال ابن الْجَوْزِيِّ شَكْوَى الْمَرِيضِ مُخْرِجَةٌ من التَّوَكُّلِ وقد كَانُوا يَكْرَهُونَ
____________________
(2/140)
أَنِينَ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ يُتَرْجِمُ عن الشَّكْوَى ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِ رَجُلٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَيْفَ تجلدك ( ( ( تجدك ) ) ) يا أَبَا عبدالله قال بِخَيْرٍ في عَافِيَةٍ فقال له حُمِمْت الْبَارِحَةَ فقال إذَا قُلْت لَك أنا في عَافِيَةٍ فَحَسْبُك لاتخرجن إلَى ما أَكْرَهُ
وَوَصْفُ الْمَرِيضِ ما يَجِدُهُ لِلطَّبِيبِ لَا يَضُرُّهُ وَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ ولا حُجَّةَ له فيه إنَّمَا يَدُلُّ على ما قَالَهُ هو وَغَيْرُهُ إذَا كانت الْمُصِيبَةُ مِمَّا يُمْكِنُ كِتْمَانُهَا فَكِتْمَانُهَا من أَعْمَالِ اللَّهِ الْخَفِيَّةِ وَلِهَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ من التَّوَكُّلِ وَغَيْرِهِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّ الصَّبْرَ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ قال وَالصَّبْرُ لَا تُنَافِيه الشَّكْوَى قال والصبرو ( ( ( والصبر ) ) ) الْجَمِيلُ صَبْرٌ بِغَيْرِ شَكْوَى إلَى الْمَخْلُوقِ وَالشَّكْوَى إلَى الْخَالِقِ لَا تُنَافِيهِ وَمُرَادُهُ بَلْ شَكْوَاهُ إلَى الْخَالِقِ مَطْلُوبَةٌ كما ذَكَرَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ
وقد نَقَلَ عبدالله في أَنِينِ الْمَرِيضِ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ شَكْوَى وَلَكِنَّهُ اشْتَكَى إلَى اللَّهِ وَاقْتَصَرَ ابن الْجَوْزِيِّ على قَوْلِ الزَّجَّاجِ إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فيه وَلَا شَكْوَى إلَى الناس وَأَجَابَ عن قَوْلِهِ { يا أَسَفَى على يوسف } سورة يُوسُفَ 84 بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لامنه وَاخْتَارَهُ ابن الْأَنْبَارِيِّ وهو من أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي أَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاءَ فَالْمَعْنَى يا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي على يُوسُفَ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْله تَعَالَى { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } إنْ قِيلَ فَأَيْنَ الصَّبْرُ وَهَذَا لَفْظُ شكوى ( ( ( الشكوى ) ) ) فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ وَإِنَّمَا الْمَذْمُومُ الشَّكْوَى إلَى الْخَلْقِ أَلَمِ تَسْمَعْ قَوْلَ يَعْقُوبَ إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى اللَّهِ قال سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ وَكَذَلِكَ من شَكَا إلَى الناس وهو في شَكَوَاهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ لم يَكُنْ ذلك جَزَعًا أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِجِبْرِيلَ في مَرَضِهِ أَجِدُنِي مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي مَكْرُوبًا وَقَوْلُهُ بَلْ أنا وَارَأْسَاهُ هذا سِيَاقُ ما ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ
وقد رَوَى ابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عن خَبَّابٍ أَنَّهُ قال وقد اكْتَوَى في بَطْنِهِ سَبْعَ كَيَّاتٍ ما أَعْلَمُ أَحَدًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَقِيَ من الْبَلَاءِ ما لَقِيت
____________________
(2/141)
وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ خَبَّابٌ تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِ الْمُصَابِ لَا على وَجْهِ الشِّكَايَةِ كما قَالَهُ ابن هُبَيْرَةَ عن قَوْلِ أبي هُرَيْرَةَ عن جُوعِهِ وَرَبْطِ الْحَجَرِ تَسْلِيَةً لِلْفَقِيرِ
وَيُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ قال الْقَاضِي يَجِبُ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَنْبَغِي وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي زَادَ أَحْمَدُ إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا فَلَهُ وقال ابن هُبَيْرَةَ في حديث أبي مُوسَى من أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ مُتَّفَقٌ عليه
قال يَدُلُّ على اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الْعَبْدِ ظَنَّهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِ بِلِقَاءِ اللَّهِ لِئَلَّا يَكْرَهَ أَحَدٌ لِقَاءَ اللَّهِ يَوَدُّ أَنْ لو كان الْأَمْرُ على خِلَافِ ما يَكْرَهُهُ وَالرَّاجِي الْمَسْرُورُ يَوَدُّ زِيَادَةَ ثُبُوتِ ما يَرْجُو حُصُولَهُ وَتَغَلُّبَ رَجَائِهِ وفي النَّصِيحَةِ يَغْلِبُ الْخَوْفُ لِحَمْلِهِ على الْعَمَلِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وقال الْفُضَيْلُ بن عِيَاضٍ وَغَيْرُهُ وَنَصُّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ واحد ( ( ( واحدا ) ) ) وفي رِوَايَةٍ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ هَلَكَ قال شَيْخُنَا وَهَذَا هو الْعَدْلُ وَلِهَذَا من غَلَبَ عليه حَالُ الْخَوْفِ أَوْقَعَهُ في نَوْعٍ من الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ إنا ( ( ( إما ) ) ) في نَفْسِهِ وَإِمَّا في أُمُورِ الناس وَمَنْ غَلَبَ عليه حَالَ الرَّجَاءِ بِلَا خَوْفٍ أَوْقَعَهُ في نَوْعٍ من الْأَمْنِ لِمَكْرِ اللَّهِ إمَّا في نَفْسِهِ وَإِمَّا في أُمُورِ الناس وَالرَّجَاءُ بِحَسَبِ رَحْمَةِ اللَّهِ التي سَبَقَتْ غَضَبَهُ يَجِبُ تَرْجِيحُهُ كما قال تَعَالَى أنا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى تَفْرِيطِ الْعَبْدِ وَتَعَدِّيهِ فإن اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالذَّنْبِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُغَلِّبُ الشَّابُّ الرَّجَاءَ وَالشَّيْخُ الْخَوْفَ
وَيَذْكُرُهُ ( و ) زَادَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ الْمُخَوَّفُ عليه التَّوْبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَيَدْعُو بِالصَّلَاحِ وَالْعَافِيَةِ وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عليه قالت عَائِشَةُ كان عليه السَّلَامُ إذَا عَادَ
____________________
(2/142)
مَرِيضًا مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ وقال اذهب الْبَاسَ رَبَّ الناس وَاشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمَا عن ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعا ( ( ( مرفوع ) ) ) ما من مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لم يَحْضُرْ أَجَلُهُ فيقول سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك إلَّا عُوفِيَ وفي الْفُنُونِ إنْ سَأَلَكَ وَضْعَ يَدِك على رَأْسِهِ لِلتَّشَفِّي فَجَدِّدْ تَوْبَةً لَعَلَّهُ يَتَحَقَّقُ ظَنُّهُ فِيك وَقَبِيحٌ تَعَاطِيَك ما ليس لَك وَإِهْمَالُ هذا وَأَمْثَالِهِ يُعْمِي الْقُلُوبَ وَيُحَمِّرُ الْعُيُونَ وَيَعُودُ بِالرِّيَاءِ
قال وَحُكِيَ أَنَّ مَسْخَرَةً من مَسَاخِرِ الْمُلُوكِ رُئِيَ رَاكِبًا بِزِيٍّ حَسَنٍ فَلَقِيَهُ أبو بَكْرٍ الشلبي ( ( ( الشبلي ) ) ) فَخَدَمَهُ خِدْمَةَ من ظَنَّ أَنَّهُ من أَجِلَّاءِ الدَّوْلَةِ فَتَرَجَّلَ وقال أَيُّهَا الشَّيْخُ إنَّمَا أنا مَسْخَرَةُ الْمَلِكِ فقال أنت خَيْرٌ مِنِّي أنت تَأْكُلُ الدُّنْيَا بِمَا تُسَاوِي وأنا آكُلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ فَانْظُرْ إلَى هذا الْمَاجِنِ كَيْف لم يَرْضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُكْرَمَ إكْرَامًا يَخْرُجُ عن رُتْبَتِهِ حتى كَشَفَ عن حَالِهِ وَصِنَاعَتِهِ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ بَسْطَ الْكَفَّيْنِ بَلْ تَقَدُّمُ التَّوْبَةِ قبل السُّؤَالِ سَأَلَ مَرِيضٌ بَعْضَ الصُّلَحَاءِ مَسْحَ يَدِهِ مَوْضِعَ أَلَمِهِ فَوَقَفَ فَعَاوَدَهُ فقال اصْبِرْ حتى أُحَقِّقَ تَوْبَةً لَعَلَّك تَنْتَفِعُ بِإِمْرَارِهَا
وقال ابن هُبَيْرَةَ في قَوْلِ أبي جُحَيْفَةَ وَقَامَ الناس فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَهُ وَيَمْسَحُونَ بها وُجُوهَهُمْ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يَدُلُّ على جَوَازِ أَنْ يَمْسَحَ الْإِنْسَانُ وَجْهَهُ بِيَدِ الْعَالِمِ وَمَنْ ترجي بَرَكَتُهُ من الصَّالِحِينَ وَكَذَا قال غَيْرُهُ وَرَوَى الْخَلَّالُ في أَخْلَاقِ أَحْمَدَ عن عَلِيِّ بن عبد الصَّمَدِ أَنَّهُ مَسَحَ يَدَهُ على أَحْمَدَ ثُمَّ مَسَحَهَا على بَدَنِهِ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدُهُ وَجَعَلَ يقول عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هذا وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا وَيَأْتِي قبل بَابِ الدَّفْنِ مع أَنَّ أَحْمَدَ كان كَثِيرًا يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَيَدَهُ وَلَا يَمْتَنِعُ من ذلك نَقَلَ مُهَنَّا وَلَا يَكْرَهُهُ
وقال عبدالله لم أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ بِهِ ذلك وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ في الْآدَابِ
____________________
(2/143)
الشَّرْعِيَّةِ وفي مُسْلِمٍ عن جَابِرِ بن سَمُرَةَ أَنَّهُ صلى مع النَّبِيّ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةَ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ إلَى أَهْلَهُ وَخَرَجْتُ معه فَاسْتَقْبَلَهُ وَلَدَانِ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمَا وَاحِدًا وَاحِدًا وَمَسَحَ خَدِّي
قال ابن هُبَيْرَةَ يَدُلُّ على أَنَّهُ من السُّنَّةِ تَأْنِيسًا وَلِيُذَكِّرَهُ الطِّفْلُ بِذَلِكَ ما عَاشَ فيترجم ( ( ( فيترحم ) ) ) عليه وَخَصَّ الْخَدَّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ في حَقِّ الطِّفْلِ وفي خَبَرٍ ضَعِيفٍ إذَا دَخَلْتُمْ على الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا له في أَجَلِهِ
وفي آخَرَ من رِوَايَةِ مَيْمُونِ بن مِهْرَان عن عُمَرَ ولم يُدْرِكْهُ مَرْفُوعًا سَلُوهُ فإن دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ رَوَاهُ ابن ماجة وَغَيْرُهُ وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ سَنَدَهُ صَحِيحٌ وَتَقْلِيدُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ له وَاسْتَحَبَّهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وقال أَحْمَدُ الْأَمْرَاضُ تَمْحِيصُ الذُّنُوبِ وقال لِمَرِيضٍ تَمَاثَلَ يَهْنِيكَ الطَّهُورُ وَرَوَى جَمَاعَةٌ في تَرْجَمَةِ مُوسَى بن عُمَيْرٍ وهو كَذَّابٌ عن الْحَكَمِ عن إبْرَاهِيمَ عن الْأَسْوَدِ عن عبدالله مَرْفُوعًا دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وحصنوا أموالكم بالزكاة وأعدوا
____________________
(2/144)
الله مرفوعا داووا مرضاكم بالصدقة وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ يَفْعَلُونَ هذا وهو حَسَنٌ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ قال ابن الْجَوْزِيِّ يُكْرَهُ أَنْ يَعُودَ أَجْنَبِيٌّ امْرَأَةً غيره مُحَرَّمَةٍ أو تَعُودَهُ وَتَعُودُ امْرَأَةٌ امْرَأَةً من أَقَارِبِهَا وَإِنْ كانت أَجْنَبِيَّةً فَهَلْ يُكْرَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ عِيَادَتَهَا وَيَأْتِي قَوْلٌ في إذْنِ زَوْجٍ لِعِيَادَةِ نَسِيبٍ وَرُوِيَ ان امْرَأَةً من الرَّمْلَةِ عَادَتْ بِشْرًا بِبَغْدَادَ وَأَنَّ أَحْمَدَ رَآهَا عِنْدَهُ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وقال له قُلْ لها تَدْعُو لنا وَدَعَتْ وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عن أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قال لِعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما بَعْدَ وَفَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم انْطَلِقْ بِنَا إلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كما كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَزُورُهَا وَذَهَبَا إلَيْهَا فَفِيهِ زِيَارَةُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ وَسَمَاعُ كَلَامِهَا وقال ابن سَعْدٍ عن عُلَيَّةَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ بن عُلَيَّةَ كانت امْرَأَةً نَبِيلَةً عَاقِلَةً وكان صَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَغَيْرُهُ من وُجُوهِ الْبَصْرَةِ وَفُقَهَائِهَا يَدْخُلُونَ عليها فَتَبْرُزُ وَتُحَادِثُهُمْ وَتُسَائِلُهُمْ وَالْأَوْلَى حَمْلُ ذلك على من لَا يُخَافُ منها فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ على خَوْفِهَا جَمْعًا وَيَأْتِي حُكْمُ الْخَلْوَةِ في آخِرِ الْعَدَدِ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ سُنَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا قال وَسَوَاءٌ فيه من يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَالْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في الْأَوْكَدِ وَالْأَفْضَلِ مِنْهُمَا كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَرِيبَ أَوْلَى فَصْلٌ من جَهَرَ بِمَعْصِيَةٍ مُطْلَقًا مع بَقَاءِ إسْلَامِهِ فَهَلْ يُسَنُّ ( م 7 و 8 ) هَجْرُهُ أَمْ يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 7 و 8 ) قَوْلُهُ من جَهَرَ بِمَعْصِيَةٍ مُطْلَقًا مع بَقَاءِ إسْلَامِهِ فَهَلْ يُسَنُّ هَجْرُهُ أَمْ يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ أَمْ مُطْلَقًا إلَّا من السَّلَامِ أَمْ تَرْكُ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ يكره ( ( ( ويكره ) ) ) من بَقِيَّةِ الناس فيه أَوْجُهٌ انْتَهَى أَحَدُهَا يُسَنُّ هَجْرُهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وقال لَا يَأْثَمُ إنْ جَفَاهُ حتى يَرْجِعَ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وفي آدَابِ ابْنِ عبدالقوي فقال
____________________
1-
(2/145)
أم ( ( ( وهجران ) ) ) مُطْلَقًا إلا ( ( ( وظاهره ) ) ) من السَّلَامِ أن ترك السلام فَرْضُ كِفَايَةٍ ويكره ( ( ( مكروه ) ) ) لبقية ( ( ( لسائر ) ) ) الناس فيه أوجه ( م 7 و 8 ( ( ( الحسين ) ) ) ) وفي تَحْرِيمِ السَّلَامِ على مُبْتَدِعٍ غَيْرِ مُخَاصِمٍ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) وَتَرْكُ الْعِيَادَةِ من الْهَجْرِ وَنَصُّهُ لَا يُعَادُ الْمُبْتَدِعُ وَحَرَّمَهَا في النَّوَادِرِ وَعَنْهُ لَا يُعَادُ الدَّاعِيَةُ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الْمَصْلَحَةَ في ذلك وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين من جَهَرَ بِالْبِدْعَةِ دَعَا إلَيْهَا أَمْ لَا أو أَسَرَّهَا وَظَاهِرُ بَعْضِهَا وَالْمَعْصِيَةُ نَقَلَ أبو دَاوُد في الرَّجُلِ يَمْشِي مع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وهجران ( ( ( المبتدع ) ) ) من أبدى ( ( ( يكلمه ) ) ) المعاصي سنة وقال في ( ( ( سلم ) ) ) الآداب وظاهر ( ( ( المبتدع ) ) ) ما ( ( ( فهو ) ) ) نقل ( ( ( يحبه ) ) ) عن أحمد ( ( ( الفضل ) ) ) ترك الكلام والسلام مطلقا وظاهره الوجوب فإنه قال إذَا عَرَفْت من أَحَدٍ نِفَاقًا فَلَا تُكَلِّمُهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَافَ على الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا فَأَمَرَ الناس أَنْ لَا يُكَلِّمُوهُمْ وَظَاهِرُ رواية ( ( ( كلامهم ) ) ) مثني وغيره إباحة الهجر وترك الكلام والسلام لخوف المعصية ورواية الميموني تدل على وجوبه وكلام الأصحاب أو صَرِيحُهُ في النُّشُوزِ عل ( ( ( تحريم ) ) ) تحريمه ( ( ( الهجر ) ) ) وأطال ( ( ( بخوف ) ) ) في الآداب ( ( ( سقف ) ) ) الْكَلَامِ في هذا ( ( ( حنبلا ) ) ) وَغَيْرِهِ وذكر دليل كل قول من الأقوال ( ( ( أسر ) ) ) التي ( ( ( بمعصية ) ) ) ذكرها المصنف ( ( ( يهجر ) ) ) وقال في ( ( ( إطلاقهم ) ) ) مكان ( ( ( وإطلاق ) ) ) آخر قال أحمد في مكان آخر يجب هَجْرَ من كفر أو فسق ببدعة أو دعا إلى بدعة مضلة أو مفسقة وقيل يجب هجره مطلقا وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقطع به ابن عقيل في معتقده قال ليكون ذلك كشرا أو استصلاحا وقال ابن حامد يجب على العالم ومن لا يحتاج إلى خلطتهم لنفع المسلمين وقال ابن تميم وهجران أَهْلِ الْبِدَعِ كافرهم ( ( ( وإنه ) ) ) وفاسقهم ( ( ( إجماع ) ) ) والمتظاهرين بالمعاصي وترك السلام عليهم فرض ( ( ( رواه ) ) ) كفاية ( ( ( الخلال ) ) ) مكروه لسائر الناس ( ( ( مسعود ) ) ) وقال القاضي أبو الحسين في ( ( ( الذمي ) ) ) التمام ( ( ( تجوز ) ) ) لا ( ( ( إجابة ) ) ) تختلف ( ( ( دعوته ) ) ) الرواية ( ( ( وترد ) ) ) في ( ( ( التحية ) ) ) وجوب هجران أَهْلِ الْبِدَعِ وفساق ( ( ( لوجوب ) ) ) الملة ( ( ( هجره ) ) ) وقال في الآداب ( ( ( أصوله ) ) ) أطلق ( ( ( المبتدع ) ) ) كما ( ( ( المدعي ) ) ) ترى ( ( ( للسنة ) ) ) وظاهره أنه لَا فرق ( ( ( يعادون ) ) ) بين المجاهر وغيره ( ( ( تشهد ) ) ) في المبتدع والفاسق وقال القاضي في الأمر ( ( ( أهل ) ) ) بالمعروف ( ( ( البدع ) ) ) لا فرق بين ( ( ( داعية ) ) ) ذي ( ( ( مشتهرا ) ) ) الرحم والأجنبي وأرحامه ( ( ( يعاد ) ) ) لم يجز ( ( ( يسلم ) ) ) هجره وَإِنْ كان غيره ( ( ( يلزم ) ) ) فهل ( ( ( التقية ) ) ) يجوز هجره ( ( ( إظهار ) ) ) على روايتين ( ( ( جواز ) ) ) وقاله ( ( ( إمامته ) ) ) ولده أبو الحسين أيضا قال في ( ( ( بناء ) ) ) الآداب وكلام ( ( ( إمامته ) ) ) الأصحاب يقتضي أنه لا فرق وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في مواضع وهو أولى انتهى قلت وهو الصواب
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وفي تَحْرِيمِ السَّلَامِ على مُبْتَدِعٍ غَيْرِ مُخَاصِمٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قال ابن تَمِيمٍ تَرْكُ السَّلَامِ على أَهْلِ الْبِدَعِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَمَكْرُوهٌ لِسَائِرِ الناس وَقِيلَ لَا يُسَلِّمُ أَحَدٌ على فَاسِقٍ مُعْلِنٍ وَلَا مُبْتَدِعٍ مُعْلِنٍ وَلَا يَهْجُرُ مُسْلِمًا مَسْتُورًا غَيْرَهُمَا من السَّلَامِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَكَرَهُ في الْآدَابِ قُلْت وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الاداب عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَهَذِهِ مسألة شَبِيهَةٌ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في كِتَابِهِ كَلَامَ ابْنِ حَامِدٍ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(2/146)
المبتدع لا يكلمه ونقل غيره إذا سلم على المبتدع فهو يحبه ونقل الفضل إذا عرفت من أحد نفاقا فلا تكلمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس أن لا يكلموهم
ونقل الميموني نهى عليه السلام فكذا كل من خفنا عليه وعنه إنه اتهمهم بالنفاق فكذا من اتهم بالكفر لا بأس بترك كلام وعنه إنه أخذ بحديث عائشة في قصة الإفك وإنه عليه السلام ترك كلامها والسلام عليها حين ذكر ما ذكر وظاهر كلامهم أو صريحه في النشوز تحريم الهجر بخوف المعصية وتحريمه على رواية الميموني ضعيف ونقل حنبل إذا علم من الرجل أنه مقيم على معصية لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه ولا جفوه من صديق
ونقل المروذي يكون في سقف البيت الذهب يجانب صاحبه يجفي صاحبه ولعله أراد ترك اللطف لا ترك الكلام لأن حنبلا نقل ليس لمن فارق شيئا من الفواحش حرمة ولا وصلة إذا كان معلنا وهذا معنى كلام الخلال وغيره وقاله القاضي وغيره إن من أسر بمعصية لا يهجر مع إطلاقهم وإطلاق الشيخ وغيره هجر أهل البدع وإنه إجماع من أن القاضي ذكر ما رواه الخلال عن ابن مسعود أنه رأى رجلا ضحك في جنازة فقال لا أكلمك أبدا وعن أنس أنه كانت له امرأة سوء فكان يهجرها السنة والأشهر فما يكلمها وعن حذيفة أنه قال لرجل رأى في عضده خيطا من الحمي لو مت وهذا عليك لم أصل عليك وعن سمرة أنه قيل له أكل ابنك طعاما كاد يقتله قال لو مات ما صليت عليه
وظاهر كلام أحمد والأصحاب في البدعة سواء كفر بها أم لا وقال صاحب المحرر لأن الذمي تجوز إجابة دعوته وترد التحية عليه إذا سلم ويجوز قصده للبيع والشراء فجازت عيادته وتعزيته كالمسلم وعكسه من حكم بكفره من أهل البدع لوجوب هجره قال القاضي ولم نهجر أهل الذمة لأنا عقدناها معهم لمصلحتنا بأخذ الجزية ولا أهل الحرب للضرر بترك البيع والشراء وأما المرتدون فإن الصحابة باينوهم بالقتال وأي هجر أعظم من هذا وقال ابن حامد في أصوله المبتدع المدعي
____________________
(2/147)
للسنة هل يجب هجره ومباعدته نقل علي بن سعيد في المرجيء يدعو إلى طعامه أو أدعوه قالل تدعوه وتجيبه إلا أن يكون داعية أو رأسا فيهم نقل أبو الحارث أهل البدع لا يعادون ( وم ) ولا تشهد لهم جنازة ( وم ) ونقل حرب لا يعجبني أن يخالط أهل البدع ورد الخطاب أبو ثابت سلام جهمي فقال أحمد ترد على كافر فقلت أليس ترد على اليهودي والنصراني فقال اليهودي والنصراني قد تبين أمرهما قال ابن حامد فمذهبه في أهل البدع إن كان داعية مشتهرا به فلا يعاد ولا يسلم عليه ولا يرد عليه ولا يجاب إلى طعام ولا دعوة وإن كان يلزم التقية بلا إظهار فعلى وجهين الجواز والمنع أيضا بناء على جواز إمامته
كذا قال بناء على إمامته قال وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُمْ وَمُشَارَاتُهُمْ فَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ أَمُرُّ بِقَرْيَةٍ فيها الْجَهْمِيَّةُ لَا زَادَ مَعِي تَرَى أَنْ أَطْوِيَ قال نعم لَا تَشْتَرِ منها شيئا وَتَوَقَّ أَنْ تَبِيعَهُ قُلْت بَايَعْتُهُ وَلَا أَعْلَمُ قال إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْتَرِدَّ الْبَيْعَ فَافْعَلْ قُلْت فَإِنْ لم يُمْكِنْ أَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ قال أَكْرَهُ أَنْ أَحْمِلَ الناس على هذا فَتَذْهَبُ أَمْوَالُ الناس قُلْت وَكَيْف أَصْنَعُ قال لَا أَدْرِي أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فيها بِشَيْءٍ وَلَكِنَّ أَقَلَّ ما هُنَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وتتوفي ( ( ( وتتوقى ) ) ) مُبَايَعَتَهُمْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْمَنْعُ من ذلك وَإِبْطَالُهُ مُطْلَقًا فَمَنْ كان منهم دَاعِيَةً فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لَا يَمْلِكُ بِهِ شيئا كَالْمُرْتَدِّينَ سَوَاءً وَإِلَّا خَرَجَ على الْوَجْهَيْنِ في إمَامَتِهِ وَالسَّلَامِ عليه وَرَدِّ سَلَامِهِ كَذَا قال فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّ مُرَادَهُ الْبِدْعَةُ الْمُكَفِّرَةُ فَالدَّاعِيَةُ إلَيْهَا كَمُرْتَدٍّ وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ ولم يُبَيِّنْ حُكْمَ غَيْرِ الْمُكَفِّرَةِ وما ذَكَرَهُ من إطْلَاقِ وَجْهَيْنِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ يُكَفَّرُ وَالثَّانِيَةُ يُفَسَّقُ وَعَنْهُ لَا وَيَأْتِي ذلك وَأَيْنَ مَنَعْنَا
فَبَايَعَهُ وَلَا يَعْلَمُ فَظَهَرَ من كَلَامِهِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالرِّبْحِ لِأَنَّهُ لم يَقْدُمْ على مَحْظُورٍ يَعْلَمُهُ فَعَفِّي عنه كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ إنْ لم يَصِحَّ رَدَّ الرِّبْحَ إلَى الْمَالِكِ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ وُجُوبًا وَأَمَّا إذَا لم يُمْكِنْ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَيَتَوَجَّهُ فيه كَمَنْ بيده رَهْنٌ أَيِسَ من رَبِّهِ وقال الْخَطَّابُ أبو ثَابِتٍ لِأَحْمَدَ أَشْتَرِي دقيق ( ( ( دقيقا ) ) ) لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ قال ما يَحِلُّ لَك أَنْ تَشْتَرِيَ دَقِيقًا لِرَجُلٍ يَرُدُّ أَحَادِيثَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ الْخَلَّالُ في الْعِلْمِ قال ابن حَامِدٍ وَأَمَّا مُنَاكَحَتُهُمْ فَتَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَسْتَوِي أَهْلُ التَّقِيَّةِ وَالْمُجَادَلَةِ وَعِلْمُهُ بِهِ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى كَذَا قال وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مع تَخْرِيجِهِ على إمَامَتِهِ وَيَتَوَجَّهُ في بَيْعِ وَنِكَاحِ من
____________________
(2/148)
كَفَّرْنَاهُ كَمُرْتَدٍّ إنْ دَعَا إلَيْهَا أو مُطْلَقًا وَإِلَّا جَازَ وسيتأتي ( ( ( وسيأتي ) ) ) في إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ قِيلَ لِأَحْمَدَ آخُذُ علي ابْنِ الْجَهْمِيِّ قال كَمْ له قُلْت ابن سَبْعٍ أو ابن ثَمَانٍ قال لَا تَأْخُذْ عليه وَلَا تُلَقِّنْهُ لِتُذِلَّ الْأَبَ بِهِ وَيَتَوَجَّهُ يَأْخُذُ عليه وَيُلَقِّنُهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيه على يَدِهِ وَيُنْشِئُهُ على طَرِيقَتِهِ { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } سورة الأنعام 164 وقال الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ أبو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ من مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا في كتابة شَرْحِ السُّنَّةِ وإذا رَأَيْت الرَّجُلَ رَدِيءَ الطَّرِيقِ وَالْمَذْهَبِ فَاسِقًا فَاجِرًا صَاحِبَ مَعَاصٍ ظَالِمًا وهو من أَهْلِ السُّنَّةِ فَاصْحَبْهُ وَاجْلِسْ معه
فَإِنَّك ليس تَضُرُّك مَعْصِيَتُهُ وإذا رَأَيْت عَابِدًا مُجْتَهِدًا مُتَقَشِّفًا صَاحِبَ هَوًى فَلَا تَجْلِسْ معه وَلَا تَسْمَعْ كَلَامَهُ وَلَا تَمْشِ معه في طَرِيقٍ فإن ( ( ( فإني ) ) ) لَا آمَنَ أَنْ تَسْتَحْلِيَ طَرِيقَتَهُ فَتَهْلِكَ معه وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِسَالَتِهِ إلَى مُسَدَّدٍ وَلَا تُشَاوِرْ أَهْلَ الْبِدَعِ في دِينِك وَلَا تُرَافِقْهُ في سَفَرِك وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في كِتَابِهِ التَّبْصِرَةِ وقال أَحْمَدُ بن حَنْبَلٍ رضي اللَّهُ عنه إذَا رَأَيْت الشَّابَّ أَوَّلَ ما يَنْشَأُ مع أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْجُهُ وإذا رَأَيْته مع أَصْحَابِ الْبِدَعِ فايأس منه فإن الشَّابَّ على أَوَّلِ نُشُوئِهِ
وَرَوَى أبو الْحُسَيْنِ في الطَّبَقَاتِ من حديث الطَّبَرَانِيِّ حدثنا عبدالله بن أَحْمَدَ حدثنا أبي قال قُبُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ من أَهْلِ الْكَبَائِرِ رَوْضَةٌ وَقُبُورُ أَهْلِ الْبِدَعِ من الزُّهَّادِ حُفْرَةٌ فُسَّاقُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَزُهَّادُ أَهْلِ الْبِدَعِ أَعْدَاءُ اللَّهِ وقال أَحْمَدُ عن الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ ذلك جَالَسَهُ الْمَغَازِلِيُّ وَيَعْقُوبُ وَفُلَانٌ فَأَخْرَجَهُمْ إلَى رَأْيٍ جَهْمٍ هَلَكُوا بِسَبَبِهِ فَقِيلَ له يا أَبَا عبدالله يَرْوِي الحديث وهو سَاكِنٌ خَاشِعٌ من قِصَّتِهِ فَغَضِبَ أبو عبدالله وَجَعَلَ يَحْكِي وَلَا يَعْدِلُ خُشُوعُهُ وَلِينُهُ وَيَقُولُ لَا تَغْتَرُّوا بِنُكْسِ رَأْسِهِ فإنه رَجُلُ سُوءٍ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا من قد خَبِرَهُ لَا تُكَلِّمْهُ وَلَا كَرَامَةَ له فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَجَّهَ المحتصر ( ( ( المحتضر ) ) ) على جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ ( و ) وَعَنْهُ مُسْتَلْقِيًا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ سَوَاءٌ وزاد جَمَاعَةٌ على الثَّانِيَةِ يُرْفَعُ رَأْسُهُ قَلِيلًا لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ وَاسْتَحَبَّ الشَّيْخُ تَطْهِيرَ ثِيَابِهِ قبل مَوْتِهِ لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول الْمَيِّتُ يُبْعَثُ في
____________________
(2/149)
ثِيَابِهِ التي يَمُوتُ فيها رَوَاهُ أبو دَاوُد
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ ابن الْجَوْزِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قال الْمُرَادُ بِثِيَابِهِ عَمَلُهُ قال وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } سورة المدثر 4 يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لم يَفْعَلْهُ الْأَكْثَرُ واستدل ( ( ( وينبغي ) ) ) أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ وَيَعْتَمِدَ على اللَّهِ في من يُحِبُّهُ من وَلَدٍ وَغَيْرِهِ وَيُوصِي الْأَرْجَحَ في نَظَرِهِ بِهِمْ وقد قال في الْفُنُونِ إنْ حَدَّثَتْك نَفْسُك بِوَفَاءِ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ فَقَدْ كَذَبَتْك الحديث هذا سَيِّدُ الْبَشَرِ مَاتَ وَحُقُوقُهُ على الْخَلْقِ بِحُكْمِ الْبَلَاغِ وَالشَّفَاعَةِ في الْأُخْرَى وقد قال { لَا أَسْأَلُكُمْ عليه أَجْرًا إلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبَى } سورة الشورى 23 وقد شَبِعَ بِهِ الْجَائِعُ وَعَزَّ بِهِ الذَّلِيلُ فَقَطَعُوا رَحِمَهُ وَظَلَّ أَوْلَادُهُ بَيْنَهُمْ بين أسر ( ( ( أسير ) ) ) وَقَتِيلٍ وَأَصْحَابُهُ قَتْلَى عُمَرُ في الْمَسْجِدِ وَعُثْمَانُ في دَارِهِ وَهَذَا مع إسْدَاءِ الْفَضَائِلِ وَإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَالزُّهْدِ اُطْلُبْ لِخَلَفِك ما كان لِسَلَفِك
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُنَدَّى حَلْقَهُ وَأَنْ يُلَقَّنَ قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِأَنَّ إقْرَارُهُ بها إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كما ذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ في الْخَبَرِ على الْأُولَى وَيُلَقَّنُ مَرَّةً نَقَلَهُ مُهَنَّا وأبو طَالِبٍ ( و ) وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ ثَلَاثًا وَلَا زاد ( ( ( يزاد ) ) ) فَإِنْ تَكَلَّمَ أُعِيدَ بِرِفْقٍ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي يُكْرَهُ التَّلْقِينُ من الْوَرَثَةِ بِلَا عُذْرٍ وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ الْفَاتِحَةُ ويس ( ( ( ويسن ) ) ) نَصَّ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ وَتَبَارَكَ وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ وَكَرِهَهَا الْحَنَفِيَّةُ بَعْدَ مَوْتِهِ حتى يُغَسَّلَ وإذا مَاتَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُغْمِضَهُ ( و ) لِلْخَبَرِ لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ وَقَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى ملة ( ( ( وفاة ) ) ) رسول اللَّهِ نَصَّ عليه وَيُغْمِضُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَتُغْمِضُهُ قال أَحْمَدُ يُكْرَهُ أَنْ يُغْمِضَهُ جُنُبٌ أو حَائِضٌ أو يَقْرَبَاهُ وَيَشُدُّ لحيته ويلين مفاصله وينزع ثيابه
____________________
(2/150)
أن يغمضه جنب أو حائض أو يقرباه ويشد لحيته ( ( ( لحييه ) ) ) وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ وَيُسَجِّيه بِثَوْبٍ ( و ) وَيَجْعَلُ على بَطْنِهِ حَدِيدَةً أو طِينًا وَنَحْوَهُ قال ابن عَقِيلٍ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا وهو على ظَهْرِهِ قال فَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ شَيْءٌ علا ( ( ( عال ) ) ) لِيَحْصُلَ مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ قال الْأَصْحَابُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْرِعَ في تَجْهِيزِهِ مع أَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بين ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَسَبَقَ أَنْ لَا يَنْبَغِي لِلتَّحْرِيمِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ كَقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ في الْحَرِيرِ لَا يَنْبَغِي هذا لِلْمُتَّقِينَ وَيُسْرِعُ في قَضَاءِ دَيْنِهِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجِبُ وَوَصِيَّتُهُ وَيَنْتَظِرُ ما لم يُخَفْ عليه أو يَشُقُّ جَمْعٌ بِقُرْبٍ نَصَّ عليه ( ه ) وَأَطْلَقَ تَعْجِيلَهُ في رِوَايَةٍ وفي الِانْتِظَارِ لِوَلِيٍّ وَجْهَانِ ( م 10 ) وَيُنْتَظَرُ في مَوْتِ الْفَجْأَةِ حتى يُعْلَمَ مَوْتُهُ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ وَمَيْلِ أَنْفِهِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَانْفِصَالُ كَفَّيْهِ وَارْتِخَاءِ رِجْلَيْهِ وَعَنْهُ يَوْمٌ وَقِيلَ يَوْمَانِ ما لم يُخَفْ عليه قال الْآجُرِّيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَشِيَّةً وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ في بَيْتٍ وَحْدَهُ يَقُولُونَ يَتَلَاعَبُ بِهِ الشَّيْطَانُ قال أَحْمَدُ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ من حديث بُرَيْدَةَ ولا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ في سُرْعَةِ تَجْهِيزِهِ وَيُنْتَظَرُ ما لم يَخَفْ عليه حمع ( ( ( جمع ) ) ) بِقُرْبٍ نَصَّ عليه وفي الِانْتِظَارِ لِوَلِيٍّ وَجْهَانِ انْتَهَى أحدهما لَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ وَلِيَّهُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وابن عبد الْقَوِيِّ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ في شَرْحِهِ على ذلك قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَجُوزُ التَّأَنِّي قَدْرَ ما يَجْتَمِعُ له الناس من أَقَارِبِهِ وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ ما لم يَشُقَّ عليهم أو يَخَفْ عليه الْفَسَادَ انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْتَظِرُ فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ
____________________
1-
(2/151)
يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ وهو النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ ( م ) بَلْ يُكْرَهُ نَصَّ عليه ( ه ) لَا يُعْجِبنِي وَعَنْهُ يُكْرَهُ إعْلَامُ غَيْرِ قَرِيبٍ أو صَدِيقٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أو جَارٍ وَعَنْهُ أو أَهْلِ دَيْنٍ وَيَتَوَجَّهُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ لِإِعْلَامِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ وَقَوْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن الذي يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنُسُهُ أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُ قَرِيبٍ
وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ نَصَّ عليه وَلِأَحْمَدَ عن عَائِشَةَ قالت إنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرْته الْوَفَاةُ قال أَيُّ يَوْمٍ هذا قالوا يوم الإثنين قال فَإِنْ مِتُّ من لَيْلَتِي فَلَا تَنْتَظِرُوا بِي الْغَدَ فإن أَحَبَّ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي إلى أَقْرَبُهَا من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمَاتَ من لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ رضي اللَّهُ عنه وَأَرْضَاهُ
____________________
(2/152)
بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ
غُسْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ( و ) بِمَاءٍ طَهُورٍ ( م ر ) مَرَّةً وَاحِدَةً ( و ) وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغَاسِلِ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ ( ه م ق ) إنْ اُعْتُبِرَتْ له النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ ( * ) وَعَنْهُ وَلَا نَائِبًا لِمُسْلِمٍ نَوَاهُ الْمُسْتَنِيبُ وَالْمُرَادُ وَإِنْ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ لِأَنَّ ابْنَ الْيَهُودِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ عِنْدَ مَوْتِهِ قال عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لُوا أَخَاكُمْ وَيُعْتَبَرُ الْعَقْلُ ( و ) وَلَا يُكْرَهُ كَوْنُهُ جُنُبًا أو حَائِضًا ( وه ش ) وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ في الْحَائِضِ لَا يُعْجِبنِي وَالْجُنُبُ أَيْسَرُ لَا الْعَكْسُ ( م ) وَقِيلَ مِثْلُهُمَا الْمُحْدِثُ ( و ( ( ( خ ) ) ) ) وَيُغَسِّلُ حَلَالٌ مُحْرِمًا وَعَكْسُهُ ( و ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ الْأَفْضَلُ ثِقَةٌ عَارِفٌ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ وقال أبو الْمَعَالِي يَجِبُ نَقْلُ حَنْبَلٌ لَا يَنْبَغِي إلَّا ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ ( * ) ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغَاسِلِ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ إنْ اعتبرب ( ( ( اعتبرت ) ) ) له النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ انْتَهَى الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا فإن كلام ( ( ( الكلام ) ) ) الثَّانِيَ وهو قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ له النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ تَخْرِيجٌ لِلْمَجْدِ في شَرْحِهِ والْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُهُ مُطْلَقًا كما قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وابن عبدالقوي وَغَيْرُهُمْ وَبَعْضُهُمْ حَكَى وَجْهًا بِالصِّحَّةِ إذَا لم تُعْتَبَرْ النِّيَّةُ وَالْمَجْدِ تَخْرِيجًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَكِنْ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ كانت الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً فَلَيْسَ لها غُسْلُ زَوْجِهَا لِأَنَّ
____________________
1-
(2/153)
وقيل ( ( ( الكافر ) ) ) تعتبر المعرفة ( ( ( يغسل ) ) ) وقيل ( ( ( المسلم ) ) ) العدالة وفي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ ( م 1 ) فَدَلَّ أَنَّهُ لايكفي من الْمَلَائِكَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وفي الِانْتِصَارِ يَكْفِي إنْ عَلِمَ وَكَذَا في تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِغُسْلِهِمْ لِحَنْظَلَةَ وَبِغُسْلِهِمْ لِآدَمَ عليه السَّلَامُ ولم تَأْمُرْ الْمَلَائِكَةُ وَلَدَهُ بِإِعَادَةِ غُسْلِهِ وَبِأَنَّ سَعْدًا لَمَّا مَاتَ أَسْرَعَ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في الْمَشْيِ إلَيْهِ فَقِيلَ له فقال خَشِيت أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إلَى غُسْلِهِ كما سَبَقَتْنَا إلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ
قال فَيَدُلُّ أنها لو لم تُغَسِّلْ حَنْظَلَةَ لَغَسَّلَهُ وَلَكِنَّ غُسْلَهَا قام مَقَامَ غُسْلِهِ وَأَنَّهَا لو سَبَقَتْ إلَى سَعْدٍ سَقَطَ فَرْضُ الْغُسْلِ وَإِلَّا لم يُبَادِرْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ كان يُمْكِنُهُ غُسْلُهُ بَعْدَ غُسْلِهِمْ له وَكَذَا ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مع أَنَّهُ وَجَّهَ عَدَمَ صِحَّتِهِ من الْمُمَيِّزِ بِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ الْفَرْضِ مع أَنَّهُ يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ لِنَفْسِهِ فَكَذَا لِغَيْرِهِ وَذَكَرَ ابن شِهَابٍ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وقال قالوا هذا غُسْلُ الْمَلَائِكَةِ وَكَلَامُنَا في غُسْلِ الْآدَمِيِّينَ قِيلَ الْوَاجِبُ الْغُسْلُ فَأَمَّا الْغَاسِلُ فَلَا يُعْتَبَرُ على رِوَايَةٍ وَلِهَذَا نَقُولُ يَجُوزُ من غَيْرِ أَهْلِ النِّيَّةِ كَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ فَكَيْفَ بِغُسْلِ الْمَلَائِكَةِ وَكَذَا قال في الْحَنَفِيَّةُ الْوَاجِبُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الكافر ( ( ( الغسل ) ) ) لا ( ( ( فأما ) ) ) يغسل ( ( ( الغاسل ) ) ) المسلم ( ( ( فيجوز ) ) ) لأن النية واجبة ( ( ( قالوا ) ) ) في الغسل ( ( ( البعض ) ) ) والكافر ( ( ( إظهارا ) ) ) ليس ( ( ( للفضيلة ) ) ) من أهلها وقالا ( ( ( مسلمي ) ) ) بعد ( ( ( الجن ) ) ) ذلك لا يصح غسل الكافر المسلم لأنه عبادة وليس من أهلها ولأن الكافر نجس فلا يطهر غسله المسلم انتهى فأزالا الإبهام الذي في الكلام الأول ( ( ( صلاة ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وفي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ يَعْنِي هل يجزىء غُسْلُهُ لِلْمَيِّتِ أَمْ لَا أَحَدُهُمَا يَصِحُّ ويجزىء وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي فقال إذَا غَسَّلَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ الْمَيِّتَ صَحَّ غُسْلُهُ صَغِيرًا كان أن كَبِيرًا لِأَنَّ طَهَارَتَهُ تَصِحُّ فَصَحَّ أَنْ يُطَهِّرَ غَيْرَهُ كَالْكَبِيرِ انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَيَجُوزُ من مُمَيِّزٍ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالصَّحِيحُ السُّقُوطُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ مُمَيِّزًا وَاقْتَصَرَ عليه وقد ذَكَرْنَا في الآذان إجْزَاءَ آذانه على الصَّحِيحِ فَكَذَا هُنَا كما قال الْمُصَنِّفُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ وَلَا يجزىء وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ قال الْمَجْدُ وَيَتَخَرَّجُ لنا أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِغُسْلِهِ لم يُعْتَدَّ بِهِ كما لَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ لِأَنَّهُ ليس أَهْلًا لِأَدَاءِ الْفَرْضِ بَلْ يَقَعُ فِعْلُهُ نَفْلًا انْتَهَى وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ حكي بَعْضُهُمْ في جَوَازِ كَوْنِهِ غَاسِلًا لِلْمَيِّتِ وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ رِوَايَتَيْنِ وَطَائِفَةٌ وَجْهَيْنِ
____________________
1-
(2/154)
الغسل فأما الغاسل فيجوز من كان
قالوا وإنما وجب علينا لمخاطبتنا بحق الآدمي دون الملائكة وإنما أمروا في البعض إظهارا للفضيلة ويتوجه في مسلمي الجن كذلك وأولى لتكليفهم وسبق ذلك في آخر صلاة الجماعة فَصْلٌ يُقَدَّمُ بِهِ وصية الْعَدْلُ وَقِيلَ أو فَاسِقٌ ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ على الْجَدِّ ( وش ) لاعلى الْأَبِ ( م ) وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من نِكَاحٍ وَلِهَذَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مُحْتَجًّا لِلْمَذْهَبِ وَلِأَنَّ من أَصْلِنَا أَنَّ الْأَبَ مُقَدَّمٌ على الِابْنِ في وِلَايَةِ النِّكَاحِ كَذَلِكَ في الصَّلَاةِ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ أَقْرَبُ عُصْبَتِهِ نَسَبًا وَنِعْمَةً وَعَنْهُ يُقَدَّمُ أَخٌ وَابْنُهُ على جَدٍّ ( م ) وَعَنْهُ سَوَاءٌ ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ كَالْمِيرَاثِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ النَّظْمِ ثُمَّ صَدِيقُهُ فَيَتَوَجَّهُ منه تَقْدِيمُ الْجَارِ على أَجْنَبِيٍّ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ في الصَّلَاةِ وَلَا فَرْقَ وفي تَقْدِيمِهِ على صَدِيقٍ نَظَرٌ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ( و ) وَقِيلَ وَلَوْ صَحَّتْ بِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ إلَّا بِجَوْدَةِ الصَّنْعَةِ كَحَفْرِ الْقَبْرِ وَالْحَمْلِ وَطَرْحِ التُّرَابِ وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ على الْوَلِيِّ وَالْأَوْلَى تُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ وَصِيَّتَهَا على ما سَبَقَ ثُمَّ أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى كَالْمِيرَاثِ وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ لاستوائهما ( ( ( لاستوائها ) ) ) في الْقُرْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَكَذَا بِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا وفي الْهِدَايَةِ بِنْتُ الْأَخِ فَدَلَّ أَنَّ من كانت عُصْبَةً لو كانت ذَكَرًا فَهِيَ أَوْلَى لَكِنَّهُ سَوَّى بين الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ من يُقَدَّمُ من الرِّجَالِ
وقال ابن عَقِيلٍ في الصَّلَاةِ عليه حتى وَالِيه وَقَاضِيه وَيُغَسِّلُ أُمَّ وَلَدِهِ في الْأَصَحِّ ( ه ) وَأَمَتَهُ الْقِنَّ على الْأَصَحِّ ( ه ) لِبَقَاءِ الْمِلْكِ من وَجْهٍ لِلُزُومِهِ تجهيزه ( ( ( تجهيزها ) ) ) ( * ) ( و ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَيُغَسِّلُ أُمَّ وَلَدِهِ وَأَمَتَهُ الْقِنَّ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ من وَجْهٍ لِلُزُومِهِ تَجْهِيزَهَا كَذَا في النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ تَجْهِيزَهُمَا بِضَمِيرِ المثني وقد صَرَّحَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ بِلُزُومِ تَجْهِيزِ أُمِّ ولد ( ( ( الولد ) ) )
* ( الثاني ( ( ( وتغسل ) ) ) ) قوله ( ( ( المرأة ) ) ) وَيُغَسِّلُ امْرَأَتَهُ وَعَنْهُ لِعَدَمٍ وَعَنْهُ الْمَنْعُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ انْتَهَى إنَّمَا اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا الثَّالِثَةَ فإنه قال وَإِنْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى أَنْ يُغَسِّلَ
____________________
1-
(2/155)
وإن الشيء إذا انتهى تقرر حكمه وكذا تغسليهما له وقيل بالمنع هنا وقيل في أم الولد لبقاء الملك في الأمة من وجه لقضاء دين ووصية وتغسل المرأة زوجها ( و ) ذكره أحمد وجماعة ( ع ) ولو قبل الدخول ( ه ) أو ولدت عقب موته ( ه ) وفيهما وجه أو بعد طلاق رجعي ( ش م ر ) إن أبيحت الرجعية وحكى عنه تغسله لعدم فيحرم نظر عورة وحكى عنه المنع مطلقا كالمذهب فيمن أبانها في مرضه ( و ) ويغسل امرأته نقله الجامعة ( وم ش ) وعنه لعدم وعنه المنع اختاره الخرقي * ( وه ) ومتى جاز نظر كل واحد منهما غير العورة ذكره جماعة وفاقا لجمهور العلماء وجوزه في الانتصار وغيره بلا لذة واللمس والخلوة ويتوجه أنه ظاهر كلام أحمد وظاهر كلام ابن شهاب
واختلف كلام القاضي في نظر الفرج فتارة أجازه بلا لذة وتارة منع وقال المعين في الغسل والقائم عليه كالغاسل في الخلوة بها والنظر إليها قال أبو المعالي ولو وطئت بشبهة بعد موته أو قبلت ابنه لشهوة لم تغسله لرفع ذلك حل النظر واللمس بعد الموت ولو وطيء أختها بشبهة ثم مات في العدة لم تغسله إلا أن تضع عقب موته لزوال الحرمة ولا يغسل أمته المزوجة والمعتدة من زوج فإن كانت في استبراء فوجهان ( * ) ولا معتق بعضها ولا تغسل مكاتبة سيدا لم يشترط وطأها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَلَا بَأْسَ وَالْمُصَنِّفُ قد أَثْبَتَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ لَمَّا نفي رِوَايَةَ الجوز ( ( ( الجواز ) ) ) مع الضَّرُورَةِ جَعَلَ اخْتِيَارَ الْخِرَقِيِّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا فَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لم يَخْتَرْ الْخِرَقِيُّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا كما قال الْمُصَنِّفُ
* ( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ وَلَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ من زَوْجٍ فَإِنْ كانت في اسْتِبْرَاءٍ فَوَجْهَانِ انْتَهَى الذي قال يَظْهَرُ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ من تَتِمَّةِ كَلَامِ أبي الْمَعَالِي الذي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عنه قبل ذلك وَإِلَّا فَكَيْف يُقَالُ لَا يُغَسِّلُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ من زَوْجٍ ثُمَّ يحكي خِلَافًا في الْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ زَوْجٌ وَسَيِّدٌ كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك فإذا جَعَلْنَا هذه الْمَسْأَلَةَ من تَتِمَّةِ كَلَامِ أبي الْمَعَالِي زَالَ الْإِشْكَالُ وكان هذا قَوْلًا مُؤَخَّرًا وَطَرِيقَةً ضَعِيفَةً فَيُقَالُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ غُسْلِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وأبو الْمَعَالِي يقول لَا يُغَسِّلُهُمَا وحكي في الْمُسْتَبْرَأَةِ وَجْهَيْنِ هذا ما ظَهَرَ لي وَإِنْ نَحْمِلَهُ على هذا يَحْصُلُ التَّنَاقُضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/156)
ويغسلها وترك الغسيل من زوج وزوجة وسيد أولى والأشهر يقدم أجنبي عليها وأجنبية عليهما وفي تَقْدِيمِ زَوْجٍ على سَيِّدٍ وَعَكْسِهِ وَتَسَاوِيهِمَا أَوْجُهٌ وفي أُمِّ وَلَدٍ على زَوْجَةٍ وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) قال أبو الْمَعَالِي وَالْقَاتِلُ لَا حَقَّ له في الْمَقْتُولِ إنْ لم يَرِثْهُ لِمُبَالَغَتِهِ في قطعية ( ( ( قطيعة ) ) ) الرَّحِمِ ولم أَجِدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَتَّجِهُ في قَتْلٍ لَا يَأْثَمُ بِهِ فَصْلٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غُسْلُ من له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ( ه ) وَعَنْهُ وَسَبْعٌ إلَى عَشْرٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ ( وم ) أَمْكَنَ الْوَطْءُ أولا ( م ) فَلَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله وفي تقديم زوج على سيد وعكسه وتساويهما أوجه انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان والمصنف في حواشي المقنع أحدها الزوج أولى من السيد وهو الصحيح قال في مجمع البحرين الزوج أولى في أصح الاحتمالين قلت وهو الصواب والوجه الثاني السيد أولى والوجه الثالث التساوي قال في مجمع البحرين وهو ظاهر كلام ابن الخطاب
( مسألة 3 ) قوله وفي أم ولد على زوجة وعكسه وجهان انتهى يعني إذا كان للرجل الميت زوجة وأم ولد فهل الزوجة أولى بالغسل من أم الولد أم أم الولد من الزوجة هذا ظاهر عبارته وفيه نظر والذي رأيناه في كلام الأصحاب أن الخلاف إنما هو هل الزوجة أولى أم هما سواء كذا قال المجد في شرحه وابن تميم وابن حمدان وابن عبدالقوي في مجمع البحرين وغيرهم فلعل المصنف اطلع في ذلك على نقل خاص وهو الظن لكن كونه لم يحك ما قاله هو لا الجماعة دل على أنه أراد قولهم ولكن حصل ذهول والله أعلم إذا علم ذلك فالصحيح من المذهب أن الزوجة أولى من أم الولد في غسله اختاره المجد في شرحه وقدمه ابن تميم وابن حمدان ويؤيد ذلك ما اختاره ابن عقيل من أن أم الولد ليس لها غسل سيدها وإن جوزناه للزوجة والله أعلم والوجه الثاني هما سواء فيقرع بينهما مع المشاحة قاله ابن تميم وابن حمدان وابن عبد القوي وغيرهم وقول المصنف إن أم الولد أولى من الزوجة وجه ثالث إن وجد به نقل والله أعلم
____________________
1-
(2/157)
عَوْرَةَ لِقَوْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ وَابْنِ مَنْدَهْ الْأَمْرُ بِالتَّفْرِيقِ لِسَبْعٍ وَقِيلَ تُحَدُّ الْجَارِيَةُ بِتِسْعٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ الْقَاضِي بِإِسْنَادِهِ عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَحَكَى فِيهِمَا إلَى الْبُلُوغِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ كَقَبْلِ السَّبْعِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ في الرَّجُلِ لِلْجَارِيَةِ وَقِيلَ بِمَنْعِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ له غُسْلُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ دُونَ سَبْعٍ إلَى ثَلَاثٍ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُغَسِّلَانِ من لَا يشتهي
وَيُمْنَعُ الْمُسْلِمُ من غُسْلِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَتَكْفِينِهِ وَاتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ وَدَفْنِهِ ( وم ) وَعَنْهُ يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وأبو حَفْصٍ ( وه ش ) قال أبو حَفْصٍ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَعَلَّ ما رَوَاهُ ابن مُشَيْشٍ قَوْلٌ قَدِيمٌ أو تَكُونُ قَرَابَةً بَعِيدَةً وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ إذَا كانت قَرِيبَةً مِثْلَ ما رَوَى حَنْبَلٌ كَذَا قال قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ لَا يَجُوزُ على ما رَوَيْنَا عنه وما رَوَاهُ حَنْبَلٌ لَا يَدُلُّ على الْجَوَازِ لِأَنَّهُ قال يُحَضِّرُ وَلَا يُغَسِّلُ وَاحْتَجُّوا بِالنَّهْيِ عن الْمُوَالَاةِ وهو عَامٌّ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ وَتَطْهِيرٌ له فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ وَفَارَقَ غُسْلَهُ في حَيَاتِهِ فإنه لَا يَقْصِدُ ذلك وَعَنْهُ يَجُوزُ دُونَ غُسْلِهِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ في قِصَّةِ أبي طَالِبٍ وَعَنْهُ دَفْنُهُ خَاصَّةً كَالْعَدَمِ ( و ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غُسِّلَ
____________________
(2/158)
فَكَثَوْبٍ نَجِسٍ فَلَا وُضُوءَ وَلَا نِيَّةَ لِلْغُسْلِ وَيُلْقَى في حُفْرَةٍ قال ابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ وإذا أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ رَكِبَ وَسَارَ أَمَامَهُ وَذَكَرُوا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ إنَّهُ إذَا سَارَ أَمَامَهُ لَا يَكُونُ معه وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَإِنْ لم يَكُنْ له أَحَدٌ لَزِمَنَا دَفْنُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ لَا وقال من لَا أَمَانَ له كَمُرْتَدٍّ نَتْرُكُهُ طُعْمَةً لِكَلْبٍ وَإِنْ غَيَّبْنَاهُ فَكَجِيفَةٍ وَالزَّوْجَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَقِيلَ وَالْأَجْنَبِيُّ كَقَرِيبٍ فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ خاف ( ( ( يخاف ) ) ) عليه ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ ثُمَّ قِيلَ الْأَسَنُّ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ يُقَدَّمُ الْأَخْوَفُ ثُمَّ الْفَقِيرُ ثُمَّ من سَبَقَ ( م 4 )
وَيُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُهُ في كل أَحْوَالِهِ وَكَذَا على مُغْتَسَلِهِ ( و ) مُسْتَلْقِيًا وَنُصُوصُهُ كَوَقْتِ الِاحْتِضَارِ مُنْحَدِرًا نحو رِجْلَيْهِ تَحْتَ سِتْرٍ مُجَرَّدًا مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَإِنَّمَا غُسِّلَ عليه السَّلَامُ في قَمِيصٍ على ما رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّهُ طَيِّبٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَعَنْهُ غُسْلُهُ في قَمِيصٍ وَاسِعٍ أَفْضَلُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ ( وش ) وَيُكْرَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ إلَّا من يُعَيِّنُ غَاسِلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لِوَلِيِّهِ الدُّخُولُ عليه كَيْفَ شَاءَ وَلَا يُغَطِّي وَجْهَهُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و ) وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ يُسَنُّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَغَيَّرَ لِدَمٍ أو غَيْرِهِ فَيُظَنُّ السُّوءُ وَأَمَّا ما رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عنه عليه السَّلَامُ خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ فلم يَصِحَّ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ فِعْلَهُ أو تَرْكَهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُرْفَعُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قوله ويستحب أن يبدأ بمن يخاف عليه ثم الأقرب ثم قيل الأسن وقيل الأفضل وأطلق الآجري تقديم الأخوف ثم الفقير ثم من سبق انتهى أحدهما يقدم الأفضل على الأسن ( قلت ) وهو الصواب وقد قدم الأصحاب في الإمامة الأفضل على الأسن والوجه الثاني يقدم الأسن عليه
____________________
1-
(2/159)
رَأْسُهُ إلَى قَرِيبِ جُلُوسِهِ ولايشق عليه نَصَّ عليه فَيُعْصَرُ بَطْنُهُ بِرِفْقٍ وَيَكُونُ ثَمَّ بَخُورٍ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ لَا يُرْفَعُ رَأْسُهُ هُنَا بَلْ بَعْدَ غُسْلِهِ وَيَحْرُمُ مَسُّ عَوْرَتِهِ ( و ) وَنَظَرُهَا ( و ) وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أبي حَنِيفَةَ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْغَلِيظَةُ الْفَرْجَانِ لِئَلَّا يَشُقَّ الْغُسْلُ وَيُنَجِّيه بِخِرْقَةٍ ( و ) وَيُسْتَحَبُّ في بَقِيَّةِ بَدَنِهِ وقال ابن عَقِيلٍ بَدَنُهُ عَوْرَةٌ إكْرَامًا له من حَيْثُ وَجَبَ سَتْرُ جَمِيعِهِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ ولم يَجُزْ أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا من يُعَيِّنُ في أَمْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في الْغُنْيَةِ كَالْأَصْحَابِ مع أَنَّهُ قال إنَّهُ عَوْرَةٌ لِوُجُوبِ سَتْرِ جَمِيعِهِ
ثُمَّ نوى ( ( ( ينوي ) ) ) غُسْلَهُ وَهِيَ فَرْضٌ على الْأَصَحِّ ( ه م ر ق ) وفي وُجُوبِ الْفِعْلِ وَجْهَانِ ( م 5 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ وَهِيَ فَرْضٌ على الْأَصَحِّ وفي وُجُوبِ الْفِعْلِ وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ نَفْسُ الْفِعْلِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ في حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ الْفِعْلُ قال في التَّلْخِيصِ لَا بُدَّ من إعَادَةِ غُسْلِ الْغَرِيقِ على الْأَظْهَرِ فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْفِعْلِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في حَوَاشِيه ( قُلْت ) كَلَامُهُ في التَّلْخِيصِ يُحْتَمَلُ فإن من يقول لَا يَجِبُ نَفْسُ الْفِعْلِ يقول لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ من يَنْوِي الْغُسْلَ لِأَنَّهُمْ قالوا لو تُرِكَ الْمَيِّتُ تَحْتَ مِيزَابٍ أو أُنْبُوبَةٍ أو مَطَرٍ أو كان غَرِيقًا فَحَضَرَ من يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ وَنَوَى غُسْلَهُ إذَا اشْتَرَطْنَاهَا فيه ومضي زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فيه أَجْزَأَ ذلك على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ ما أَصَابَهُ من الْمَاءِ نَصَّ عليه قال الْمَجْدُ هذا إنْ اعْتَبِرْنَا الْفِعْلَ أو لم يَكُنْ ثَمَّ من نَوَى غُسْلَهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قال وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا حَاجَةَ
____________________
1-
(2/160)
فائدتهما في نية غُسْلُ غريق ( ( ( الغريق ) ) ) ونحوه وفي التَّسْمِيَةِ الرِّوَايَاتُ السَّابِقَةُ ( م 6 ) وَلَا بُدَّ من إزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَلَا يَكْفِي مَسْحُهَا وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ تنحي ( ه ) وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا ينحي لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ فَتَخْرُجُ نَجَاسَةٌ أُخْرَى وَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَمَنْخِرَيْهِ بِمَاءٍ ( ه ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا ثُمَّ يُتَمِّمُهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ ( و ) وَظَاهِرُهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ( ه ) وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ تَوْضِيئُهُ ( و ) لِقِيَامِ مُوجِبِهِ وهو زَوَالُ عَقْلِهِ وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى أَنَّهُ يَصُبُّ مَاءً على فيه وَأَنْفِهِ لِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ وَلَا يُدْخِلُهُ فِيهِمَا ( ش ) فَصْلٌ ثُمَّ يَغْسِلُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ رَأْسَهُ بِتَثْلِيثِ رَاءِ رَغْوَةٍ وَلِحْيَتَهُ قال جَمَاعَةٌ وَبَقِيَّةَ بَدَنِهِ وَنَصُّهُ لَا يُسَرَّحُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ وَاخْتَارَ ابن حَامِدٍ يُسَرَّحُ خَفِيفًا ( وش ) ثم يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ وَيَقْلِبُهُ على جَنْبِهِ مع غَسْلِ شِقَّيْهِ ( وه ) وَقِيلَ بَعْدَهُمَا ( وش ) يَفْعَلُ ذلك وَقِيلَ حتى الْوُضُوءَ حكى ( ( ( وحكى ) ) ) رِوَايَةً ثَلَاثًا وَلِلْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ في تَكْرِيرِ وُضُوئِهِ وَيُكْرَهُ مَرَّةً نَصَّ عليه ( و ) وَعَنْهُ لَا يُعْجِبنِي وَيُمِرُّ كُلَّ مرة ( ( ( مر ) ) ) يَدِهِ على بَطْنِهِ ( وش ) وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَقِبَ الثَّانِيَةِ ( وه ) لِأَنَّهُ يُلَيِّنُ فَهُوَ أَمْكَنُ
وَعَنْهُ وَعَقِبَ الثَّالِثَةِ وَإِنْ لم يُنَقِّ بِثَلَاثٍ زَادَ حتى يُنَقِّيَ ( و ) وَيَقْطَعُ على وِتْرٍ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا يُزَادُ على سَبْعٍ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَنَقَلَ ابن وَاصِلٍ يُزَادُ إلَى خَمْسٍ وَيُمْزَجُ بِسِدْرٍ مَضْرُوبٍ أَوَّلًا وَيَجُوزُ مَعْنَاهُ كَخِطْمِيٍّ وقل لِأَحْمَدَ إنْ لم يُوجَدْ يَسْتَعْمِلُ الْغُبَيْرَاءَ قال لَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ يُغَسِّلُ فَيَكُونُ غُسْلُهُ قال جَمَاعَةٌ بَعْدَ تَنْقِيَةِ بَدَنِهِ من السِّدْرِ بِخِرْقَةٍ وَقِيلَ يَذُرُّ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) إلى غسله إذا لم نعتبر الفعل ولا النية وقال في الفائق ويجب غسل الغريق على أصح الوجهين ومأخذهما وجوب الفعل
( مسألة 6 ) قوله وفي التسمية الروايات السابقة يعني في الوضوء والغسل والمصنف قد أطلق الخلاف هناك وصححنا المذهب من ذلك فليعاود فإنه الحكم واحد في المواضع الثلاث عند الأصحاب
____________________
1-
(2/161)
مَاءٍ ( وه ) وَقِيلَ لَا يُغَيِّرُهُ وَإِلَّا لم يُعِدْ غُسْلَهُ في وَجْهٍ ( وش ) وَيَجْعَلُ كُلَّ مَرَّةٍ ( وم ) وَقِيلَ الأحمد ( ( ( لأحمد ) ) ) يَبْقَى السِّدْرُ عليه قال وَإِنْ بَقِيَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَجْعَلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وش ) وَعَنْهُ وَالثَّانِيَةُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَيْضًا ثَلَاثًا بِسِدْرٍ وَآخِرُهَا بِمَاءٍ وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ هل السِّدْرُ في الثَّانِيَةِ أَمْ في الثَّالِثَةِ وَيَجْعَلُ في الْأَخِيرَةِ كَافُورًا ( ه ) وفي مَذْهَبِهِ خِلَافٌ وَمِنْ الْعَجِيبِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ خَطَّأَ من نَقَلَ عنه لَا يُسْتَحَبُّ قِيلَ مع السِّدْرِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَذَكَرَهُ الْخَلَّالُ
وَقِيلَ وَحْدُهُ ( م 7 ) وَقِيلَ يُجْعَل في الْكُلِّ ( خ ) وَيُكْرَهُ على الْأَصَحِّ مَاءٌ حاء ( ( ( حار ) ) ) ( م ) بِلَا حَاجَةٍ كَخِلَالٍ وَأُشْنَانٍ وَاسْتَحَبَّهُ ابن حَامِدٍ ( وه ) وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ في حَمَّامٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَلَا يَغْتَسِلُ غَاسِلُهُ بِفَضْلِ مَاءٍ سُخِّنَ له فَإِنْ لم يَجِدْ غَيْرَهُ تَرَكَهُ حتى يَبْرُدَ قَالَهُ أَحْمَدُ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَيَجِزُّ شَارِبَهُ ( وق ) وَعَلَى الْأَصَحِّ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وهو قَوْلٌ له أَيْضًا وَيَأْخُذُ شَعْرَ إبْطِهِ في الْمَنْصُوصِ ( وق ) وَعَنْهُ وَعَانَتِهِ قِيلَ فيها بِنَوْرَةٍ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ
وفي الْفُصُولِ لأنه ( ( ( لأنها ) ) ) أَسْهَلُ من الْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ وَقِيلَ بِحَلْقٍ أو قَصٍّ ( م 8 ) وَعَنْهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 7 ) قوله ( ( ( الكل ) ) ) وَيَجْعَلُ في الأخيرة كافورا ( ( ( ويؤخذ ) ) ) قيل مع السدر ( ( ( تسقط ) ) ) ونقله ( ( ( ويحرم ) ) ) الجماعة ( ( ( ختنه ) ) ) وعليه العمل وذكره ( ( ( حلق ) ) ) الخلال ( ( ( رأسه ) ) ) وَقِيلَ وحده ( ( ( يحلق ) ) ) انتهى وأطلقهما ابن تميم القول الأول هو الصحيح وقد نقله الجماعة عن الإمام أحمد وقال الخلال عليه العمل واختاره المجد وغيره وهو ظاهر كلام الشارح والقول الثاني يجعل وحده في ماء قراح اختاره القاضي وغيره
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ شَعْرَ إبْطِهِ في الْمَنْصُوصِ وَعَنْهُ وَعَانَتِهِ قِيلَ فيها بِنُورَةٍ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ وفي الْفُصُولِ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ من الْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ وَقِيلَ بِحَلْقٍ أو قَصٍّ انْتَهَى وظاهره الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ أَخْذُهَا بِنُورَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ( قُلْت ) وهو أَوْلَى إنْ تَيَسَّرَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَكُونُ بِحَلْقٍ او قَصٍّ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ وَالْمُصَنِّفُ في حَوَاشِيه وقال نَصَّ عليه ( قُلْت ) نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَقِيلَ يُزَالُ بِأَحَدِهِمَا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَيُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ وَيُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ بِالنُّورَةِ أو بِالْحَلْقِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَيُنَوَّرُ أو يُحْلَقُ إبْطَاهُ وَعَانَتُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ
____________________
1-
(2/162)
في الكل إن فحش وقال ( ( ( جواز ) ) ) أبو المعالي ( ( ( شعر ) ) ) ويأخذ ( ( ( عانته ) ) ) ما ( ( ( بالحلق ) ) ) بين فخذيه ( ( ( بالنورة ) ) ) ويجعل ذلك معه كعضو ساقط ويعاد غسله نص عليه لأنه جزء منه كعضو والمراد يستحب ويبقى عظم نجس جبر به مع المثلة وَقِيلَ لا وقيل عكسه وفي الفصول إن آتخذ أذنا بدل أذنه وسقطت حين غسله دفنت منفردة وإن كانت قد بانت منه ثم ألصقت ثم بانت أعيدت إليه ويزال اللصوق للغسل الواجب وإن سقط منه شيء بقيت ومسح عليها ولا يبقى خاتم ونحوه ولو ببرده لأن بقاءه إتلاف لغير غرض صحيح قال أحمد تربط أسنانه بذهب إن خيف سقوطها
وقيل لا يجوز كما لو سقطت لم تربط فيه في الأصح ويؤخذ إن لم تسقط ويحرم ختنه ( و ) وكذا حلق رأسه وظاهر كلام جماعة يكره وهو أظهر نقل المروذي لا يقص وقيل يحلق وجزم ( ( ( بالنورة ) ) ) به ( ( ( فقط ) ) ) في التبصرة وَيُسْتَحَبُّ خِضَابُ الشَّعْرِ بِحِنَّاءٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ الشَّائِبُ وقال أبو الْمَعَالِي يُخَضَّبُ من عَادَتُهُ الْخِضَابُ ويصفر ( ( ( ويضفر ) ) ) شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَيُسْدَلُ خَلْفَهَا وقال أبو بَكْرٍ أَمَامَهَا لَا أَنَّهُ يُضَفَّرُ ضَفْرَتَيْنِ على صَدْرِهَا ( ه ) وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ من الْحَنَفِيَّةِ لَا يُضَفَّرُ قِيلَ لِأَحْمَدَ الْعَرُوسُ تَمُوتُ فَتُحَلَّى فَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا وَيُنَشَّفُ الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ ( و ) لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ وفي الْوَاضِحِ لِأَنَّهُ من كَمَالِ غُسْلِ الْحَيِّ
وَلَا يَتَنَجَّسُ ما نُشِّفَ بِهِ في الْمَنْصُوصِ ( و ) وَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ بَعْدَ غُسْلِهِ غُسِلَتْ النَّجَاسَةُ ( و ) ووضيء ( ( ( ووضئ ) ) ) ( ه ) فَقَطْ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَنَصَّهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَأُعِيدَ غُسْلُهُ ( ه م ق ) وفي الْفُصُولِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فيه لِأَنَّ هذا الْغُسْلَ وَجَبَ لِزَوَالِ الْعَقْلِ فَقَدْ وَجَبَ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّهُ ليس يَمْتَنِعُ أَنْ يَبْطُلَ الْغُسْلُ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَخَلْعِ الْخُفِّ لَا يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلِ وَيَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فيها وَإِنْ لَمَسَتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ وانتفض ( ( ( وانتقض ) ) ) طُهْرُ الْمَلْمُوسِ غُسِلَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُوَضَّأُ فَقَطْ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَإِنْ جَاوَزَ سَبْعًا يُعِدْ غُسْلُهُ وَيُوَضَّأُ
وَعَنْهُ لَا لِلْمَشَقَّةِ وَالْخَوْفِ عليه وَلَا يُكْرَهُ حَشْوُ الْمَحَلِّ إنْ لم يَسْتَمْسِكْ بِقُطْنٍ أو طِينٍ حُرٍّ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وِفَاقًا لِمَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ وَعِنْدَ ( ش ) لَا بَأْسَ وَرُوِيَ عن أبي حَنِيفَةَ وَيَجِبُ التَّلَجُّمُ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ جمل ( ( ( حمل ) ) ) ( و ) وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ وَيُطَهَّرُ كَفَنُهُ وَعَنْهُ قبل سَبْعٍ وَعَنْهُ يُعَادُ من الْكَثِيرِ قبل تَكْفِينِهِ وَبَعْدَهُ وَعَنْهُ
____________________
(2/163)
خُرُوجُ دَمٍ أَيْسَرُ وَإِنْ خَاطَبَهُ الْغَاسِلُ حَالَ غُسْلِهِ نَحْوُ انْقَلِبْ رَحِمَك اللَّهُ فَلَا بَأْسَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم طِبْت حَيًّا وَمَيِّتًا فَصْلٌ
وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بين نِسْوَةٍ أو عَكْسُهُ أو خنثي مُشْكِلٍ يُمِّمَ ( و ) بِحَائِلٍ وَقِيلَ أو بِدُونِهِ كَمُحْرِمٍ ( وه ) وَعَنْهُ يُغَسَّلُ في قَمِيصٍ بِلَا مَسٍّ وَقِيلَ بَلْ بِحَائِلٍ وَعَنْهُ التَّيَمُّمُ وَالْغُسْلُ سَوَاءٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَلِيَ الخنثي النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ وَهُمْ أَوْلَى وَقِيلَ النِّسَاءُ وَيَتَخَرَّجُ في الْكُلِّ كَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَحُكْمُهُ أَنْ يُيَمَّمَ وَعَنْهُ لَا ( خ ) لِتَعَذُّرِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْظِيفُ وَيُكَفَّنُ ويصلي عليه ( ه ) وَيُدْفَنُ وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى في الْمُحْتَرِقِ وَنَحْوِهِ يُصَبُّ عليه الْمَاءُ كَمَنْ خِيفَ عليه بِعَرَكِهِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَنْ خِيفَ تَلَاشِيه بِهِ يُغَسَّلُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي فِيمَنْ تَعَذَّرَ خُرُوجَهُ من هَدْمٍ لَا يصلي عليه لِتَعَذُّرِ الْغُسْلِ كَمُحْتَرِقٍ وَالْمُحْرِمُ كَغَيْرِهِ في ذلك
وَقِيلَ له نَظَرُ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَجُوزُ التَّغْسِيلُ ( وش ) وَعَنْهُ مع عَدَمِ غَاسِلٍ ( وم ) وَإِنْ كان ثَمَّ من لَا شَهْوَةَ له يُطِيقُ الْغُسْلَ عَلِمُوهُ وَبَاشَرَهُ نَصَّ عليه ( و ) ويصلي على كل طِفْلٍ ( و ) وَرُوِيَ عن غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ صلى على ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لم يُصَلِّ عليه رَوَاهُ أبو دَاوُد وَأَحْمَدُ وقال مُنْكَرٌ جِدًّا قال وهو من ابْنِ إِسْحَاقَ
وإذا كَمَّلَ السِّقْطُ بِتَثْلِيثِ السِّينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ أو بَانَ فيه خَلْقُ إنْسَانٍ غُسِّلَ وصلى عليه وَلَوْ لم يَسْتَهِلَّ ( وق ) وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الجماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأحدهما على الآخر فهو قول ثالث وقال في الرعاية الكبرى وفي جواز أخذ شعر عانته بالحلق أو بالنورة وجهان وقيل بل بالنورة فقط
____________________
1-
(2/164)
بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ لَا يُبْعَثُ قَبْلَهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ في الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُبْعَثُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ
قال شَيْخُنَا وهو قَوْلُ كَثِيرٍ من الْفُقَهَاءِ وفي نِهَايَةِ المبتدىء ( ( ( المبتدئ ) ) ) لَا يُقْطَعُ بِإِعَادَتِهِ وَعَدَمِهَا كَالْجَمَادِ وفي الْفُصُولِ أَنَّهُ لايجوز أَنْ يصلي عليه كَالْعَلَقَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يُعَادُ وَلَا يُحَاسَبُ وَذَكَرَ الْبَرْبَهَارِيُّ أَنَّهُ يَقْتَصُّ من الْحَجَرِ لِمَ نَكَبَ أُصْبُعَ الرَّجُلِ وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ في أُصُولِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ بين الشَّجَرِ وَالْعِيدَانِ جَائِزٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ مِثْلِ ما كان في الدُّنْيَا وفي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عن أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ أو إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ له يوم الْقِيَامَةِ وَلَا دَلِيلَ على تَأْوِيلِهِ وَأَمَّا الْبَهَائِمُ وَالْقِصَاصُ بَيْنَهَا فَهُوَ قَوْلُنَا وَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ لِخُرُوجِهَا عن التَّكْلِيفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ من لم يَسْتَهِلَّ ( ه ) وَإِنْ جَهِلَ أَذَكَرٌ أُمّ أُنْثَى سمي بِصَالِحٍ لَهُمَا كَطَلْحَةَ وَإِنْ كان من كَافِرَيْنِ فَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَكَمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يصلي على كل مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفِطْرَةِ وَيَأْتِي في مَجْهُولِ الْحَالِ وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ سدر ( ( ( وسدر ) ) ) كما سَبَقَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الْمَنْعَ من تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ جَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَالتَّلْخِيصِ وهو وَهْمٌ قَالَهُ الْخَلَّالُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ بَقِيَّةَ كَفَنِهِ كَحَلَالٍ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكَفَّنُ في ثَوْبَيْهِ ولا يُزَادُ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُسْتَحَبُّ ذلك فَيَكُونُ كما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ الْجَوَازَ وفي التَّبْصِرَةِ وَيَسْتُرُ على نَعْشِهِ بِشَيْءٍ وَيُجَنَّبُ ما يَجْتَنِبُ حَيًّا ( ه م ) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ وَقِيلَ يَفْدِي الْفَاعِلُ وَلَا يُوقَفُ بِعَرَفَةَ وَلَا يُطَافُ بِهِ بِدَلِيلِ الْمُحْرِمِ الذي مَاتَ مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِذَلِكَ كما لو جُنَّ وَيَنْقَطِعُ ثَوَابُهُ وَلَا يُمْنَعُ من السِّدْرِ ( ه م ) وَلَا تُمْنَعُ الْمُعْتَدَّةُ من الطِّيبِ في الْأَصَحِّ
____________________
(2/165)
فَصْلٌ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ وَلَوْ كان غير مُكَلَّفٍ ( ه ) لَا يُغَسَّلُ وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي بتحريمه ( ( ( تحريمه ) ) ) وَحَكَى رِوَايَةً ( وه ش ) لِأَنَّهُ أَثَرُ الشَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وهو حَيٌّ وفي التَّبْصِرَةِ لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ وفي الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ وَيُغَسَّلُ لِجَنَابَةٍ أو طُهْرٍ من حَيْضٍ أو نِفَاسٍ على الْأَصَحِّ ( م ش ) فَفِي تَوْضِئَةِ مُحْدِثٍ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ وَكَذَا كُلُّ غسيل ( ( ( غسل ) ) ) وَجَبَ قبل الْمَوْتِ كَالْكَافِرِ يُسْلِمُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقِيلَ فيه لَا غُسْلَ وَلَا فَرْقَ وَتُغْسَلُ نَجَاسَةٌ ( و ) وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا كَالدَّمِ ( و ) وَلَوْ لم تَزُلْ إلَّا بِالدَّمِ لم يَجُزْ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَجَزَمَ به غَيْرُهُ بِغُسْلِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في تَكْفِينِهِ في ثَوْبِهِ يَجِبُ بَقَاءُ الدَّمِ
وَذَكَرُوا رِوَايَةَ كَرَاهَةِ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ لِدَمِ الشَّهِيدِ وَمَنْ سَقَطَ في الْمَعْرَكَةِ من شَاهِقٍ أو دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ أو رَفَسَتْهُ فَمَاتَ أو وُجِدَ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ زَادَ أبو الْمَعَالِي لَا دَمَ من أَنْفِهِ أو دُبُرِهِ أو ذَكَرِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ اعْتَبِرْنَا الْأَثَرَ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْغُسْلِ ولم نَعْتَبِرْهُ في الْقَسَامَةِ احْتِيَاطًا لِوُجُوبِ الدَّمِ قال الْأَصْحَابُ أو مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ ( خ ) غُسِّلَ ( ش ) كَبَقِيَّةِ الشُّهَدَاءِ
وَقِيلَ لَا وَحَكَى رِوَايَةً وَكَذَا من عَادَ عليه سَهْمُهُ فيها في الْمَنْصُوصِ ( ش ) وَإِنْ خرج ( ( ( جرح ) ) ) فَأَكَلَ أو شَرِبَ أو نَامَ أو بَالَ أو تَكَلَّمَ زَادَ الْجَمَاعَةُ أو عَطَسَ غُسِّلَ نَصَّ عليه ( وه ) وَمَعْنَاهُ قَوْلُ ( م ) وَعَنْهُ إلَّا مع جِرَاحَةٍ كَثِيرَةٍ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ ( و ) وَالْمُرَادُ عُرْفًا لَا وَقْتَ صَلَاةٍ أو يَوْمًا أو لَيْلَةً وهو يَعْقِلُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو أَكَلَ غُسِّلَ وَقِيلَ لَا يُغَسَّلُ وَإِنْ مَاتَ حَالَ الْحَرْبِ ( وش ) نَقَلَ جَمَاعَةٌ إنَّمَا يُتْرَكُ غُسْلُ من قُتِلَ في الْمَعْرَكَةِ وَإِنَّ من حُمِلَ وَفِيهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مسألة 9 ) قوله مع الشهيد وفي توضئة محدث وجهان يعني إذا قلنا يغسل لجنابة أو طهر من حيض أو نفاس فهل يوضأ إذا كان محدثا حدثا أصغر فقط أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى والمصنف في حواشيه على المقنع أحدهما لا يوضأ لأنه تبع للغسل وهو ظاهر الأحاديث ولكن قول أكثر الأصحاب والشهيد لا يغسل يدل على أنه يوضأ وفيه ما فيه والوجه الثاني يوضأ وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب
____________________
1-
(2/166)
رُوحٌ غُسِّلَ وَلَا يُغَسَّلُ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ في مَعْرَكَةٍ ( وه ق ) أو قَتَلَهُ الْكُفَّارُ صَبْرًا ( و ) وَكُلُّ شَهِيدٍ غُسِّلَ صلي عليه ( * ) وُجُوبًا وَمَنْ لَا يُغَسَّلُ لَا يصلي عليه ( وم ) وَعَنْهُ تَجِبُ الصَّلَاةُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وه ) وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فَهِيَ أَفْضَلُ وَعَنْهُ تَرْكُهَا وَظَاهِرُ الْخِلَافِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُ قال وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ تَعَارُضُ الْأَخْبَارِ فَيُخَيَّرُ كما قُلْنَا في رَفْعِ الْيَدَيْنِ إنْ شَاءَ إلَى الْأُذُنَيْنِ أو إلَى الْمَنْكِبَيْنِ وحكى عنه التَّحْرِيمُ ( وش ) وَتُنْزَعُ عنه لأمة الْحَرْبِ ( ور ) وَنَحْوُ فَرْوَةٍ وَخُفٍّ نَصَّ عليه ( م ) وَيَجِبُ دَفْنُهُ في بَقِيَّةِ ثِيَابِهِ في الْمَنْصُوصِ ( ش ) فَلَا يُزَادُ ( ه م ) وَلَا يُنْقَصُ ( ه ) بِحَسْبِ الْمَسْنُونِ وَقِيلَ لَا بَأْسَ وَالْغَالُّ الْمَقْتُولُ في الْمَعْرَكَةِ شَهِيدٌ في أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَمَّا في أَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ عليه السَّلَامُ قِيلَ له إنَّهُ شَهِيدٌ وَقِيلَ له هَنِيئًا له الشَّهَادَةُ فقال كَلًّا وَأَخْبَرَ عن عَذَابِهِ بِمَا غَلَّهُ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ثَوَابَهُ نَقَصَ لِغُلُولِهِ وَلَهُ ثَوَابٌ
وَالشَّهِيدُ غَيْرُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ بِضْعَةَ عَشْرَ مُفَرَّقَةً في الْأَخْبَارِ وَمِنْ أَغْرَبَهَا ما رَوَاهُ ابن ماجة وَالْخَلَّالُ من رِوَايَةِ الْهُذَيْلِ بن الْحَكَمِ وهو ضَعِيفٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ وقال ابن مَعِينٍ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَأَغْرَبُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * ( تنبيه ) قوله وكل شهيد غسل وصلي عليه وجد في كثير من النسخ وصلي عليه بالواو وهو خطأ والصواب حذفها وهو في بعض النسخ كذلك فهذه تسع مسائل في هذا الباب
____________________
1-
(2/167)
منه ما ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي ابن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْعَاشِقَ منهم وَأَشَارُوا إلَى الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ من عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا وَهَذَا الْخَبَرُ المذكور ( ( ( مذكور ) ) ) في تَرْجَمَةِ سُوَيْد بن سَعِيدٍ فِيمَا أُنْكِرَ عليه قَالَهُ ابن عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وقال الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ أنا أَتَعَجَّبُ من هذا الحديث فإنه لم يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ سُوَيْدٍ وهو ثِقَةٌ كَذَا قال وقد كَذَّبَهُ ابن مَعِينٍ وقال الْبُخَارِيُّ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ
وقال أَيْضًا فيه نَظَرٌ وقال النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ صَدُوقٌ زَادَ أبو حَاتِمٍ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ وزاد غَيْرُهُ عَمِيَ فَكَانَ يُلَقَّنُ ما ليس من حَدِيثِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وقال ابن عَدِيٍّ هو إلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ هذا الْخَبَرَ في الْمَوْضُوعَاتِ وَرَوَاهُ سُوَيْد من حديث عَائِشَةَ وَمِنْ حديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ عن عبد الْمَلِكِ بن عبد الْعَزِيزِ بن الْمَاجِشُونِ عن عبد
____________________
(2/168)
الْعَزِيزِ بن أبي حَازِمٍ عن ابْنِ أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من عَشِقَ فَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ
قال أَحْمَدُ في عبد الْمَلِكِ هو كَذَا وَكَذَا وَمَنْ يَأْخُذُ عنه وقال أبو دَاوُد كان لَا يَعْقِلُ الحديث وقال ابن الشرفي ( ( ( الشرقي ) ) ) لَا يَدْرِي الحديث وَضَعَّفَهُ السَّاجِيُّ وَالْأَزْدِيُّ وقال ابن عبد الْبَرِّ دَارَتْ الْفُتْيَا عليه في زَمَانِهِ إلَى مَوْتِهِ وكان مُولَعًا بِسَمَاعِ الْغِنَاءِ وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقد قال بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ كَوْنُ الْعِشْقِ شَهَادَةً مُحَالٌ وَأَتَى بِمَا ليس بِدَلِيلٍ وما الْمَانِعُ منه وهو بَلْوَى من اللَّهِ وَمِحْنَةٌ وَفِتْنَةٌ صَبَرَ فيها وَعَفَّ وَاحْتَسَبَ
وقد قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ سُئِلَ حَنْبَلِيٌّ لِمَ كان جِهَادُ النَّفْسِ آكَدَ الْجَهَادَيْنِ قال لِأَنَّهَا مَحْبُوبَةٌ وَمُجَاهِدَةُ الْمَحْبُوبِ شَدِيدَةٌ بَلْ نَفْسُ مُخَالَفَتِهَا جِهَادٌ وَسَبَقَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ في أَوَّلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ قُبَيْلَ كِتَابِ آدَابِ السَّفَرِ وَكُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلَّهِ في جِهَادِ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ كما وَرَدَ عن بَعْضِ الصَّحَابَةِ رَجَعْنَا من الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ وَسُئِلَ شَيْخُنَا عن هذا الْخَبَرِ مَرْفُوعًا قال لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ من صَنَّفَ في الرَّقَائِقِ وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ مَرْفُوعًا في قَوْلِهِ { وَجَاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } سورة الحج 78 وَلِابْنِ ماجة من رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بن أبي يحيى وهو ضَعِيفٌ عن مُوسَى بن وَرْدَانَ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا من مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا
____________________
(2/169)
فَصْلٌ يُغَسَّلُ مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ بِعَلَامَتِهِ ويصلي عليه ( و ) وَلَوْ كان أَقْلَفَ أو كان بِدَارِنَا لَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا عَلَامَةَ نَصَّ على ذلك نقل عَلِيُّ بن سَعِيدٍ يُسْتَدَلُّ بِخِتَانٍ وَثِيَابٍ وَعَنْهُ إنْ لم يَدْرِ صلي عليه لَا يَضُرُّهُ وَدُفِنَ مَعَنَا وَجَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في كِتَابِهِ الْمَنْثُورِ فِيمَنْ مَاتَ بين دَارِنَا وَدَارِ الْحَرْبِ وَنَقَلَ ابن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ إذَا وُجِدَ الطِّفْلُ في بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَيِّتًا يَجِبُ غُسْلُهُ وَدَفْنُهُ في مَقَابِرِنَا قال وقد مَنَعُوا أَنْ يُدْفَنَ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ في مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا قال
وقد سَبَقَ وَمَنْ مَاتَ في سَفِينَةٍ غُسِّلَ وَصُلِّي عليه بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَأُلْقِيَ في الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ في الْقَبْرِ مع خَوْفِ فَسَادِهِ أو حَاجَةٍ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ يُثَقَّلُ بِشَيْءٍ وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَصْحَابِنَا قال وَلَا مَوْضِعَ لنا الْمَاءُ فيه بَدَلٌ من التُّرَابِ إلَّا هُنَا وَمَنْ مَاتَ بِبِئْرٍ أُخْرِجَ بِأُجْرَةٍ من مَالِهِ ثُمَّ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا طُمَّتْ وَجُعِلَتْ قَبْرَهُ وَمَعَ حَاجَةِ الْأَحْيَاءِ إلَيْهَا يُخْرَجُ وَقِيلَ لَا مع مُثْلَةٍ وفي الْفُصُولِ إنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ وَأَمِنَّا على النَّازِلِ فيها لَزِمَ ذلك وَإِلَّا طُمَّتْ وَمَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا تَبْقَى بِحَالِهَا
وَيَلْزَمُ الْغَاسِلَ سَتْرُ الشَّرِّ لَا إظْهَارُ الْخَيْرِ في الْأَشْهَرِ فِيهِمَا نَقَلَ ابن الْحَكَمِ لَا يحدث بِهِ أَحَدًا وَكَمَا يَحْرُمُ تَحَدُّثُهُ وَتَحَدُّثُ الطَّبِيبِ وَغَيْرُهُمَا بِعَيْبٍ وقال جَمَاعَةٌ إلَّا على مُشْتَهِرٍ بِفُجُورٍ أو بِدْعَةٍ فيستجب ( ( ( فيستحب ) ) ) ظهوره ( ( ( ظهور ) ) ) شَرِّهِ وَسَتْرُ خَيْرِهِ وَنَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَنَخَافُ على الْمُسِيءِ وَلَا نَشْهَدُ إلَّا لِمَنْ شَهِدَ له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وقال شَيْخُنَا أو اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ على الثَّنَاءِ أو الْإِسَاءَةِ عليه وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْأَكْثَرُ وَأَنَّهُ الْأَكْثَرُ دِيَانَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ لم تَكُنْ أَفْعَالُ الْمَيِّتِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا لم تَكُنْ عَلَامَةً مُسْتَقِلَّةً وَكَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ هُبَيْرَةَ الِاعْتِبَارُ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَسَأَلَهُ ابن هانىء عن الشَّهَادَةِ لِلْعَشْرَةِ بِالْجَنَّةِ فقال أَلَيْسَ أبو بَكْرٍ قاتل ( ( ( قاتلا ) ) ) لِأَهْلِ الرِّدَّةِ وقال لَا حتى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا في الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ في النَّارِ فَقَدْ كان أَصْحَابُ أبي بَكْرٍ أَكْثَرَ من عَشَرَةٍ
قُلْت فَحَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ لو شَهِدْت على أَحَدٍ حَيٍّ أَنَّهُ في الْجَنَّةِ لَشَهِدَتْ على ابْنِ عُمَرَ قال أبو عبدالله فما قال ابن الْمُسَيِّبِ أَحَدٌ حَيٌّ إلَّا وَيُعْلِمُك أَنَّ من مَاتَ قد شَهِدَ له بِالْجَنَّةِ وَعَنْ أبي الْأَسْوَدِ عن عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيُّمَا مُسْلِمٌ شَهِدَ له
____________________
(2/170)
أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قال فَقُلْنَا وَثَلَاثَةٌ قال وَثَلَاثَةٌ قُلْنَا وَاثْنَانِ قال وَاثْنَانِ ثُمَّ لم نَسْأَلْهُ عن الْوَاحِدِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وفي مَنْثُورِ ابن عَقِيلٍ عن أَحْمَدَ من مَاتَ بِبَغْدَادَ على السُّنَّةِ نُقِلَ من جَنَّةٍ إلَى جَنَّةٍ وروي الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ عن الْأَصْمَعِيِّ قال جَنَّاتُ الدُّنْيَا في ثَلَاثِ مَوَاضِعَ نَهْرِ مَعْقِلٍ بِالْبَصْرَةِ وَدِمَشْقُ بِالشَّامِ وَسَمَرْقَنْدُ بِخُرَاسَانَ
وَكَثُرَ تَفْضِيلُ بَغْدَادَ وَمَدْحُهَا من الْعُلَمَاءِ قال شُعْبَةُ لِأَبِي الْوَلِيدِ أَدَخَلْت بَغْدَادَ قال لَا قال فَكَأَنَّك لم تَرَ الدُّنْيَا وقال ابن عليه ما رَأَيْت قَوْمًا أَعْقَلَ في طَلَبِ الحديث من أَهْلِ بَغْدَادَ وقال الشَّافِعِيُّ لِيُونُسَ بن عبد الْأَعْلَى دَخَلْت بَغْدَادَ قال لَا قال ما رَأَيْت الناس وَلَا رَأَيْت الدُّنْيَا وقال ما دَخَلْت بَلَدًا قَطُّ إلَّا عَدَدْتُهُ سَفَرًا إلَّا بَغْدَادَ فَإِنِّي حين دَخَلْتهَا عَدَدْتهَا وَطَنًا وقال أبو بَكْرِ بن عَيَّاشٍ الْإِسْلَامُ بِبَغْدَادَ وَإِنَّهَا لَصَيَّادَةٌ تَصِيدُ الرِّجَالَ وَمَنْ لم يَرَهَا لم يَرَ الدُّنْيَا
وقال مُجَاهِدٌ رَأَيْت أَبَا عَمْرِو ابن الْعَلَاءِ في النَّوْمِ فَقُلْت ما فَعَلَ اللَّهُ بِك قال دَعْنِي مِمَّا فَعَلَ اللَّهُ بِي من أَقَامَ بِبَغْدَادَ على السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَاتَ نُقِلَ إلَى الْجَنَّةِ وقال أبو مُعَاوِيَةَ وَذَكَرَ بَغْدَادَ فقال هِيَ دَارُ دُنْيَا وآخره
وقال ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ من أَرَادَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمُرُوءَةَ وَالظُّرْفَ فَعَلَيْهِ بِسُقَاةِ الْمَاءِ بِبَغْدَادَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ إلَيْهَا رَأَى سِقَاءً فقال هذا سِقَاءُ السُّلْطَانِ فَقِيلَ سِقَاءُ الْعَامَّةِ فَشَرِبَ منه فَشَمَّ من الموز ( ( ( الكوز ) ) ) رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَقُلْت لِمَنْ مَعِي أَعْطِهِ دِينَارًا فَأَبَى أَخْذَهُ فَقُلْت له لِمَ قال أنت أَسِيرٌ وَلَيْسَ من الْمُرُوءَةِ آخُذُ مِنْك وقال سَعِيدُ ابن عبد الْعَزِيزِ عن سُلَيْمَانَ بن مُوسَى إذَا كان عِلْمُ الرَّجُلِ حِجَازِيًّا وَخُلُقُهُ عِرَاقِيًّا وَطَاعَتُهُ شَامِيَّةً فَقَدْ كَمُلَ
وقال الْحَسَنُ بن عَرَفَةَ في أَهْلِ بَغْدَادَ هُمْ جَهَابِذَةُ الْعِلْمِ وقال أبو الْقَاسِمِ الدَّيْلَمِيُّ وهو شَيْخٌ يَنْطِقُ بِعُلُومٍ دَخَلْتُ الْبُلْدَانَ من سَمَرْقَنْدَ إلَى الْقَيْرَوَانِ وَمِنْ سَرَنْدِيبَ إلَى بَلَدِ الرُّومِ فيما ( ( ( فما ) ) ) وَجَدْت بَلَدًا أَفْضَلَ وَلَا أَطْيَبَ من بَغْدَادَ وقال إذَا خَرَجْت من الْعِرَاقِ فَالدُّنْيَا كُلُّهَا رُسْتَاقٌ وقال ابن الْجَوْزِيِّ اعْتِدَالُ هَوَائِهَا وَطِيبُ مَائِهَا لَا يُشَكُّ فيه وَلَا يُخْتَلَفُ في أَنَّ فُطْنَ أَهْلِهَا وَعُلُومَهُمْ وَذَكَاءَهُمْ يَزِيدُ على
____________________
(2/171)
أَهْلِ كل بَلَدٍ وقد أَجْمَعَ على هذا جَمِيعُ فُطَنَاءِ الْغُرَبَاءِ وَإِنَّمَا يَعِيبُهَا الْجَامِدُ الذِّهْنِ وما زَالَتْ الشُّعَرَاءُ تَمْدَحُهَا كَذَا قال وَمِنْ العلوم ( ( ( المعلوم ) ) ) أَنَّ في فَضْلِ الشَّامِ من الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ما ليس في الْعِرَاقِ وَأَفْضَلُ الشَّامِ دِمَشْقُ بِلَا شَكٍّ فَهُوَ فَاضِلٌ في نَفْسِهِ وَأَقَامَ فيه كَثِيرٌ من الْعُلَمَاء وَالزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ من الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ من بَعْدِهِمْ أَكْثَرَ من غَيْرِهِ وما يَتَّفِقُ فيه قَلَّ أَنْ ينفق ( ( ( يتفق ) ) ) في غَيْرِهِ بَلْ لَا يُوجَدُ فَمَنْ تَأَمَّلَ ذلك وَأَنْصَفَ عَلِمَهُ وَمَعْلُومٌ ما في ذَمِّ الْمَشْرِقِ من الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْفِتَنِ
وَبَغْدَادُ منه وَفِيهَا من الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَكَثْرَةِ اسْتِيلَاءِ الْغَرَقِ عليها ما هو مَعْلُومٌ بالمشاهد ( ( ( بالمشاهدة ) ) ) وَالْأَخْبَارِ وَفَضْلُ بَغْدَادَ عَارِضٌ بِسَبَبِ الْخُلَفَاءِ بها وفي ذَمِّهَا خَبَرٌ خَاصٌّ عن جَرِيرٍ مَرْفُوعًا تُبْنَى مَدِينَةٌ بين قُطْرَبُّلَ وَالصَّرَاةِ وَدِجْلَةُ وَدُجَيْلٌ يَخْرُجُ منها جَبَّارُ أَهْلِ الْأَرْضِ يُجْبَى إلَيْهَا الْخَرَاجُ يَخْسِفُ اللَّهُ بها أَسْرَعُ في الْأَرْضِ من الْمِعْوَلِ في الْأَرْضِ الرَّخْوَةِ فَهَذَا خَبَرٌ مَعْرُوفٌ بِعَمَّارِ بن يوسف ( ( ( سيف ) ) ) وَضَعَّفَهُ أبو زُرْعَةَ وأبو حَاتِمٍ وقال ابن مَعِينٍ ليس بِشَيْءٍ وقال أَيْضًا ثِقَةٌ وقال الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مُتَعَبِّدٌ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَتَرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وقال الْخَطِيبُ لَا أَصْلَ له وقال ابن الْجَوْزِيِّ رُوِيَ من سِتَّةَ عَشَرَ طَرِيقًا كُلُّهَا وَاهِيَةٌ وَرُوِيَ نَحْوُهُ من حديث عَلِيٍّ من ثَلَاثَةِ طُرُقٍ وَمِنْ حديث أَنَسٍ من طَرِيقَيْنِ وَمِنْ حديث حُذَيْفَةَ وَلَا يَثْبُتُ وَذَكَرْتهَا في الْمَوْضُوعَاتِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ بن حَنْبَلٍ وَسُئِلَ عن هذا الحديث تبني مَدِينَةٌ فقال ليس له أَصْلٌ وما حَدَّثَ بِهِ إنْسَانٌ ثِقَةٌ قال الْخَطِيبُ كُلُّ هذه الْأَحَادِيثِ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ كَذَا قال مع أَنَّهُ احْتَجَّ في فَضْلِ الْعِرَاقِ بِأَشْيَاءَ من جِنْسِهَا وَتَابَعَهُ ابن الْجَوْزِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ عن جَمَاعَةٍ ذَمَّ بَغْدَادَ فَعَنْ الْفُضَيْلِ بن عِيَاضٍ هِيَ مَغْصُوبَةٌ وَقِيلَ من السَّوَادِ وهو وَقْفٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا وَقِيلَ لِمُجَاوَرَةِ السَّلَاطِينِ وَالْمُتْرَفِينَ وقال سُفْيَانُ الْمُتَعَبِّدُ بِبَغْدَادَ كَالْمُتَعَبِّدِ في الْكَنِيفِ قال عبد اللَّهِ بن دَاوُد الْحَرَمِيُّ كان سُفْيَانُ يَكْرَهُ جواز ( ( ( جوار ) ) ) الْقَوْمِ وَقُرْبَهُمْ وقال ابن الْمُبَارَكِ ليس بَغْدَادُ مَسْكَنَ
____________________
(2/172)
الزُّهَّادِ ثُمَّ أَجَابَ ابن الْجَوْزِيِّ بِمَا لَا يَنْفَعُ وقد كان أَحْمَدُ يَزْرَعُ دَارِهِ وَيَخْرُجُ عنها قال أَصْحَابُهُ لِأَنَّ بَغْدَادَ كانت مَزَارِعَ وَقْتَ فُتِحَتْ
قال شَيْخُنَا وَتَوَاطُؤُ الرُّؤْيَا كَتَوَاطُؤِ الشَّهَادَاتِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ سُوءَ الظَّنِّ بِمُسْلِمٍ طاهر الْعَدَالَةِ وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِالْأَخِ الْمُسْلِمِ قال وَلَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ ظَنِّهِ في رِيبَةٍ وفي نِهَايَةِ المبتدىء ( ( ( المبتدئ ) ) ) حُسْنُ الظَّنِّ بِأَهْلِ الدِّينِ حَسَنٌ وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيَّانِ عن أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ ظَنُّ الشَّرِّ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ بِظَنِّهِ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الشَّرُّ
وفي الْبُخَارِيِّ ما يَكُونُ من الظَّنِّ ثُمَّ رُوِيَ عن عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السَّلَامُ قال ما أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ من دِينِنَا شيئا وفي لَفْظِ دِينِنَا الذي نَحْنُ عليه وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فإن الظَّنَّ أَكْذَبُ الحديث وَبَعَثَ عليه السَّلَامُ عَمْرًا الْخُزَاعِيَّ إلَى مَكَّةَ فَجَاءَ عَمْرُو ابن أُمَيَّةَ يَصْحَبُهُ فقال له إذَا هَبَطْت بِلَادَ قَوْمِهِ فَاحْذَرْهُ فإنه قد قال الْقَائِلُ أَخُوك الْبَكْرِيُّ لَا تَأْمَنُهُ
____________________
(2/173)
وَذَكَرَ الحديث وَفِيهِ ضَعْفٌ رَوَى ذلك أَحْمَدُ
____________________
(2/174)
بَابُ الْكَفَنِ
وهو وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ ( و ) وَقِيلَ وَحَنُوطُهُ وَطِيبِهِ ( وم ق ) وَلَا بَأْسَ بِالْمِسْكِ فيه نَصَّ عليه ( و ) وَاجِبٌ من رَأْسِ مَالِهِ المعروف ( ( ( بالمعروف ) ) ) لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَحْسِينِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ فَيَجِبُ مَلْبُوسُ مِثْلِهِ ذَكَرَهُ غَيْرٍ وَاحِد وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( وه ) ما لم يُوصِ بِدُونِهِ
وفي الْفُصُولِ إنَّ ذلك بِحَسَبِ حَالِهِ كَنَفَقَتِهِ في حَيَاتِهِ فإن الْحَاكِمَ إذَا حَجَرَ عليه لِسَفَهٍ أو فَلْسٍ أَنْفَقَ عليه بِقَدْرِ حَالِهِ كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ
قال وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ الْعَادَةِ فَأَكْثَرَ الطِّيبَ وَالْحَوَائِجَ وأعطي الْمُقْرِئِينَ بين يَدَيْ الْجِنَازَةِ وأعطي الْحَمَّالِينَ وَالْحَفَّارَ زِيَادَةً على الْعَادَةِ على طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ لَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فَمُتَبَرِّعٌ فَإِنْ كان من التَّرِكَةِ فَمِنْ نَصِيبِهِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ لِمَا رَوَاهُ أبو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن عَلِيٍّ مَرْفُوعًا لَا تُغَالُوا في الْكَفَنِ فإنه يُسْلَبُهُ سَلْبًا سَرِيعًا ولبس الْكَفَنُ سُنَّةً خِلَافًا لِلتُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا من كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ في الْمَنْصُوصِ ( ش ) وَلَيْسَا سَوَاءً ( ه ) وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يُصَلِّي أو يُحْرِمُ فيه ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَيَضَعُهُ لِكَفَنِهِ فَرَآهُ حَسَنًا وَعَنْهُ يُعْجِبنِي جَدِيدٌ أو غَسِيلٌ وكزه ( ( ( وكره ) ) ) لُبْسُهُ حتى يُدَنِّسَهُ قِيلَ له بَيْعُهُ من أَجْلِ أَنَّهُ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ فلم يربه بَأْسًا
وفي الْمُغْنِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَحْسِينِهِ وَلَا تَجِبُ وَكَذَا في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحَيِّ وَيُقَدِّمُهُ على دَيْنِ الرَّهْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهِمَا في الْأَصَحِّ ( ه ش ) وَلَا يُسْتَرُ بِحَشِيشٍ ويقضي دَيْنُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ في الْفُنُونِ وَيُدْفَنُ في مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ وَعَكْسُهُ الْكَفَنُ وَالْمُؤْنَةُ نَصَّ عليه وَظَاهِرُهُ لهم أَخْذُهُ من السَّبِيلِ وَالْمَذْهَبُ بَلْ من تَرِكَتِهِ وَلَوْ
____________________
(2/175)
بَذَلَهُ بَعْضُهُمْ من نَفْسِهِ لم يَلْزَمْ بقبة ( ( ( بقية ) ) ) الْوَرَثَةِ قَبُولُهُ لَكِنْ ليس لِلْبَقِيَّةِ نَقْلُهُ وَسَلْبُهُ من كَفَنِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ بِخِلَافِ مُبَادَرَتِهِ إلَى دَفْنِهِ في مِلْكِ الْمَيِّتِ لِانْتِقَالِهِ إلَيْهِمْ لَكِنْ يُكْرَهُ لهم وَإِنْ لم يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ فَعَلَى من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ( م ر ) ثُمَّ في بَيْتِ الْمَالِ ( و ) ثُمَّ على مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُنُونِ قال حنبلي بِثَمَنِهِ كَالْمُضْطَرِّ وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ قال شَيْخُنَا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ بِهِ تَعَيَّنَ عليه قَالَهُ أبو الْمَعَالِي إذَا ذَهَبَتْ رِفْقَتُهُ وَتَرَكُوهُ بِطَرِيقٍ سَابِلَةٍ أو قُرْبِ الْعَامِرِ اساءوا وَإِلَّا أَثِمُوا وَإِنْ وَجَدُوهُ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْحَنُوطِ وَالْكَفَنِ لم تَلْزَمْهُمْ الصَّلَاةُ عليه عَمَلًا بِالظَّاهِرِ كَذَا قال وَيُتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ نَصَّ عليه ( وم ر ) وَقِيلَ بَلَى وحكي رِوَايَةً ( وه ش م ر ) وَقِيلَ مع عَدَمِ تركه وَلَا يُكَفَّنُ ذِمِّيٌّ من بَيْتِ الْمَالِ لِعَدَمٍ كَمُرْتَدٍّ وَقِيلَ يَجِبُ كَالْمَخْمَصَةِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُنْفِقُ عليه منه لَكِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَجَزَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ زَادَ بَعْضُهُمْ لِمَصْلَحَتِنَا فَصْلٌ يَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ ثَوْبٌ لَا سَتْرَ الْعَوْرَةِ ( ق ) وَكَذَا الحق ( ( ( لحق ) ) ) الْمَيِّتِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( وم ق ) وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ وَحَكَى رِوَايَةً وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهَا لو لم تَجِبْ لم تَجُزْ مع وَارِثٍ صَغِيرٍ وَأَبْطَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالْكَفَنِ الْحَسَنِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الثَّلَاثَةُ على الْإِرْثِ ولوصية ( ( ( والوصية ) ) ) لَا على الدَّيْنِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وقال فَإِنْ كُفِّنَ من بَيْتِ الْمَالِ فَثَوْبٌ وفي الزَّائِدِ لِلْكَمَالِ وَجْهَانِ وَلَيْسَ الْوَاجِبُ ثَوْبَيْنِ ( ه ) وَيُقَدَّمُ على تَكْفِينِ جَمَاعَةٍ في ثَوْبٍ لِعَدَمٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْأَشْهَرُ يُجْمَعُونَ في الثَّوْبِ لِخَبَرِ أَنَسٍ في قَتْلَى أُحُدٍ وَهَلْ يُقَدَّمُ سَتْرُ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ من بَاقِيه بِحَشِيشٍ أو كَحَالِ الْحَيَاةِ فيه وَجْهَانِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يُقَدَّمُ سِتْرَ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ من بَاقِيه وَبَاقِيه بِحَشِيشٍ أو كَحَالِ الْحَيَاةِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُ رَأْسُهُ على سَائِرِ جَسَدِهِ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ فقال فَإِنْ كان الْكَفَنُ يَعُوزُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ سُتِرَ منه ما اسْتَتَرَ لَكِنْ يُقَدَّمُ جَانِبُ الرَّأْسِ وَيُسْتَرُ ما بَقِيَ بِالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا فقال فَإِنْ لم يَكْفِ لِسِتْرِ جَمِيعِ الْمَيِّتِ سُتِرَ بِهِ ما يَلِي رَأْسَهُ وَبَاقِي جَسَدِهِ بِالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ في
____________________
1-
(2/176)
وإن أوصى بتكفينه في ثوب أو دون ملبوس مثله جاز ذكره صاحب المحرر ( ع )
قال أبو المعالي أو في كسوة لا تليق به وذكر جماعة إن وجب أكثر من ثوب ففي صحته وجهان قال في الرعاية إن وصي في أثواب ثمينة لا تليق به لم يصح وسبقت الكراهة ولا تمنع الصحة فإن صح فمن ثلاث ( وه ) ويعتبر أن لا يصف الكفن البشرة ( و ) وتكره رقة تحكي هيئة البدن نص عليه وبشعر وصوف ويحرم بجلود وكذا تكفين المرأة بحرير نص عليه ( وم ر ) كصبي ولم يذكره صاحب المحرر إلا احتمالا لابن عقيل
وعنه يكره ( وم ش ) وقيل لا ( وه ) ومثله المذهب ويكره تكفينها بمزعفر ومعصفر ( ه ) فيهما لأمره عليه السلام بالبياض وكالرجل ويتوجه كما سبق في ستر العورة فيجيء الخلاف فلا يكره لها لكن البياض أولى وزاد في المستوعب يكره بما فيه من النقوش وهو معني الفصول ويجوز لعدم تكفينه في ثوب واحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا فقال فَإِنْ لم يَكْفِهِ سُتِرَ من قِبَلِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَسُتِرَ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ بِوَرَقٍ أو حَشِيشٍ انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُسْتَرُ عَوْرَتُهُ وما فَضَلَ يُسْتَرُ بِهِ رَأْسُهُ وما يَلِيه وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ في حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فَإِنْ لم يَجِدْ الرجل ( ( ( للرجل ) ) ) ثَوْبًا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ سَتَرَ رَأْسَهُ وَجَعَلَ على رِجْلَيْهِ حَشِيشًا أو وَرَقًا كما فُعِلَ بِخَبَّابٍ فَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا ما يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ سَتَرَهَا انْتَهَى فَجَزَمُوا بِتَقْدِيمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ على سَتْرِ الرَّأْسِ وهو الذي جَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ والْمُصَنِّفُ في حَوَاشِيهِ وَقَالُوا لو فَضَلَ عن سَتْرِ الْعَوْرَةِ شَيْءٌ سُتِرَ بِهِ الرَّأْسُ وَهَذَا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ على هذا الْقَوْلِ وَغَيْرِهِ ( قُلْت ) الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَسْتُرُ الرَّأْسَ وما يَلِيه وَلَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا وما اسْتَدَلُّوا بِهِ إنَّمَا يَدُلُّ على تَقْدِيمِ الرَّأْسِ وما يَلِيه على الرِّجْلَيْنِ وما يَلِيهِمَا لَا على الْعَوْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/177)
حرير للضرورة لا مطلقا ( م ر ) وَلَا يُكْرَهُ في خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ( و ) وَلَا تَعْمِيمُهُ ( و ) في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا ( م 2 و 3 ) بَلْ في سَبْعَةِ أَثْوَابٍ ( م ) وَيَحْرُمُ دَفْنُ ثَوْبٍ وَحُلِيٍّ غَيْرِ الْكَفَنِ وَكَرِهَهُ أبو حَفْصٍ وقد ذَكَرُوا تَحْرِيمَهُ أَصْلًا لِرِوَايَةِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ بِلَا حَاجَةٍ وَيَأْتِي في الْغَصْبِ تَأْثِيمُ مُتْلِفِهِ وَلَوْ أَذِنَ مَالِكُهُ فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْأَثْوَابِ ثَلَاثَ لَفَائِفَ بِيضٍ لَا وَاحِدٌ منها حَبِرَةٌ يُخَمَّرُ وَحْدَهُ ( ه ) وَيُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُهَا زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لِلْخَبَرِ وَالْمُرَادُ وِتْرًا بَعْدَ رَشِّهَا بِمَاءِ وَرْدٍ أو غَيْرِهِ لِيُعَلَّقَ وَيُبْسَطُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَأَحْسَنُهَا أَعْلَاهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( مسألة ( ( ( ليظهر ) ) ) 2 و 3 ( ( ( للناس ) ) ) ) قوله ( ( ( عادة ) ) ) ولا ( ( ( الحي ) ) ) يكره ( ( ( ويذر ) ) ) في ( ( ( بينها ) ) ) خمسة ( ( ( حنوط ) ) ) أثواب ولا ( ( ( أخلاط ) ) ) تعميمه في ( ( ( طيب ) ) ) أحد الوجهين فيهما انتهى ذكر مسألتين
( المسألة الأولى ) إذا كفن الرجل في خمسة أثواب هل يكره أم لَا أطلق الخلاف أحدهما يكره وهو الصحيح جزم به في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم والوجه الثاني لا يكره قدمه في الرعاية الكبرى وابن تميم وصححه أيضا
( المسألة الثانية 3 ) هل يكره تعميمه أم لا أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية الكبرى أحدهما لا يكره قدمه ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الصغرى وصاحب الحاويين والوجه الثاني يكره اختاره بعض الأصحاب قال في الفصول لا يكون في الكفن قميص ولا عمامة واستدل بحديث عائشة وقال الشيخ في المغني وتبعه الشارح وغيره الأفضل عند إمامنا أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ليس فيها قميص ولا عمامة فظاهره الكراهة وهو الصواب فهذه ثلاث مسائل قد فتح الله بتصحيحها
____________________
1-
(2/178)
الْعُلْيَا ( و ) وَلَا على الثَّوْبِ الذي على النَّعْشِ ( و ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ وَعَنْهُ وَلَا كُلَّ الْعُلْيَا ( خ ) ثُمَّ يُوضَعُ عليها مُسْتَلْقِيًا وَيُحَنَّطُ قُطْنٌ يُجْعَلُ منه بين أَلْيَتَيْهِ وَيُشَدُّ فَوْقَهُ خِرْقَةٌ تَجْمَعُ أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي على مَنَافِذِ وَجْهِهِ قال ابن شِهَابٍ يُجَنَّبُ الْقُطْنَ إلَّا لِمَا لابد منه كَمَنَافِذِهِ
وفي الْغُنْيَةِ إنْ خَافَ حَشَاهُ بِقُطْنٍ وَكَافُورٍ وفي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ خَافَ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَصَّ عليه وَيُطَيَّبُ مَوَاضِعُ سُجُودِهِ وَمَغَابِنُهُ نَصَّ عليه ويطيب ( ( ( وتطييب ) ) ) كُلِّهِ حَسَنٌ وَعَنْهُ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَالْمَنْصُوصُ يُكْرَهُ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ ( و ) وَيُكْرَهُ وَرْسٌ وَزَعْفَرَانٌ في حَنُوطٍ
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَجْلِ لَوْنِهِ فَرُبَّمَا ظَهَرَ على الْكَفَنِ وقال أبو الْمَعَالِي لاستعمال ( ( ( لاستعماله ) ) ) غِذَاءً وَزِينَةً وَلَا يُعْتَادُ التَّطَيُّبُ بِهِ قال وَيُكْرَهُ طَلْيُهُ بِصَبْرٍ لِيَمْسِكَهُ وَيُغَيِّرَهُ ما لم يُنْقَلْ ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفَ اللِّفَافَةِ الْعُلْيَا من الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بذلك ( ( ( كذلك ) ) ) جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْفُصُولِ والمستوعب وَالْمُحَرَّرِ وقال لِأَنَّهُ عَادَةُ لُبْسِ الْحَيِّ في قُبَاءَ وَرِدَاءَ وَنَحْوِهِمَا وَجَزَمَ به الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالْعَكْسِ لِئَلَّا يَسْقُطَ عنه الطَّرَفُ الْأَيْمَنُ إذَا وُضِعَ على يَمِينِهِ في الْقَبْرِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيُجْعَلُ ما عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ من رِجْلَيْهِ لِشَرَفِهِ والفاضل ( ( ( والفاصل ) ) ) عن وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ عَلَيْهِمَا وَيَعْقِدُهَا إنْ خَافَ انْتِشَارَهَا فَلِذَا تُحَلُّ الْعُقَدُ في الْقَبْرِ زَادَ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ نَسِيَ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ علييه قَرِيبًا لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَيُكْرَهُ تَخْرِيقُهُ وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ قال فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فيها وقال أبو الْمَعَالِي إلَّا لِخَوْفِ نَبْشِهِ
قال أبو الْوَفَاءِ وَلَوْ خِيفَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَا يُحَلُّ الْإِزَارُ نَصَّ عليه وَيَجُوزُ وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يُكْرَهُ في مِئْزَرٍ ثُمَّ قَمِيصٍ وَالْمَنْصُوصُ بِكُمَّيْنِ وَدَخَارِيصَ لَا يُزَرُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِلْحَيِّ زَرُّهُ فَوْقَ إزَارٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ كان قَمِيصُهُ مُطْلَقَ الْأَزْرَارِ كَذَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ لِلْحَيِّ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ وَالْأَصْلُ التَّقْرِيرُ وَعَدَمُ التَّغْيِيرِ وَيَأْتِي كَلَامُ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ تُحَلُّ أَزْرَارُهُ قال لَا وَظَاهِرُهُ الِاسْتِحْبَابُ وَأَنَّهَا لَا تُحَلُّ لِذَلِكَ وفي اللِّبَاسِ لِلْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ النَّظْمِ لَا يُكْرَهُ حَلُّ الْأَزْرَارِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ قره الْمَذْكُورِ وَبِقَوْلِ ثَابِتِ بن عُبَيْدٍ ما رَأَيْت ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ زَارَّيْنِ قَمِيصًا قَطُّ وَإِنَّمَا أَشَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَى خَبَرِ
____________________
(2/179)
قره وَلَيْسَ في الْخَبَرِ إلَّا أَنَّ قره الْمُزَنِيَّ رَأَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَذَلِكَ لَكِنْ كان قُرَّةُ لَا يَزِرُّ قَمِيصَهُ وَكَذَلِكَ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ وابن مُعَاوِيَةَ إيَاسٌ لَا في شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَقِيلَ يَزُرُّهُ وهو في رِوَايَةٍ في الْوَاضِحِ ثُمَّ لِفَافَةٌ فَوْقَهُمَا وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ذلك وَلَيْسَ الْمُسْتَحَبُّ قَمِيصًا ثُمَّ إزَارًا يَسْتُرُهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِفَافَةً كَذَلِكَ فَصْلٌ وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ مِئْزَرٌ ثُمَّ قَمِيصٌ وهو الدِّرْعُ وهو مُذَكَّرٌ وَدِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ وحكى تَذْكِيرُهُ ثُمَّ خِمَارٌ ثُمَّ لِفَافَتَانِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَصُّهُ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ خِرْقَةٌ تَشُدُّ فَخْذَاهَا ثُمَّ مِئْزَرٌ ثُمَّ قَمِيصٌ وَخِمَارٌ ثُمَّ لِفَافَةٌ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ تُشَدُّ فَخْذَاهَا بِمِئْزَرٍ تَحْتَ دِرْعٍ وَيُلَفُّ فَوْقَ الدِّرْعِ الْخِمَارُ بِاللِّفَافَتَيْنِ جَمْعًا بين الْأَخْبَارِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَبَ وَلَيْسَتْ كَرَجُلٍ مع خِمَارٍ وَخِرْقَةٌ خَامِسَةٌ تُشَدُّ بها بَقِيَّةُ الْأَكْفَانِ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا ( ه ) لِيَجْمَعَهَا وَقَالَهُ ( ش ) وزاد ثَوْبَيْنِ وَأَسْقَطَ الْقَمِيصَ وَيُكَفَّنُ الصَّغِيرُ في ثَوْبٍ ( و ) وَيَجُوزُ في ثَلَاثَةٍ نَصَّ عليه
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ وَرِثَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لم تَجُزْ الزِّيَادَةُ على ثَوْبٍ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَالصَّغِيرَةُ في قَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ وَكَذَا بِنْتُ تِسْعٍ إلَى الْبُلُوغِ كما لَا يَجِبُ خِمَارٌ صلاتها ( ( ( لصلاتها ) ) ) وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ كَالْبَالِغَةِ ( وه ) وَكَذَا الْمُرَاهِقُ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَيُقَدَّمُ في الْأَصَحِّ من احْتَاجَ كَفَنَ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ خُشِيَ التَّلَفُ
وقال ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ يُصَلِّي عليه عَادِمٌ في إحْدَى لِفَافَتَيْهِ وَالْأَشْهَرُ عُرْيَانًا كَلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ بها وَإِنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ كُفِّنَ في الْمَنْصُوصِ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَلَوْ قُسِّمَتْ ما لم تُصْرَفْ في دَيْنٍ أو وَصِيَّةٍ وَمَنْ جُبِيَ كَفَنُهُ فما فصل ( ( ( فضل ) ) ) فَلِرَبِّهِ فَإِنْ جَهِلَ فَفِي كَفَنٍ آخَرَ نَصَّ عليه فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ
____________________
(2/180)
أَنَّهُ يُصْرَفُ في التَّكْفِينِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وفي الْمُنْتَخَبِ كَزَكَاةٍ في رِقَابٍ أو غُرْمٍ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ اخْتِلَاطَهُ كَجَهْلِ رَبِّهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ وَلَا يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ وَقِيلَ بَلَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَرَثَةُ رَبِّهِ فَهُوَ إذَنْ وَاضِحٌ مُتَعَيِّنٌ وَإِلَّا فَضَعِيفٌ وَلَا يجبي كَفَنٌ لِعَدَمٍ إنْ سُتِرَ بِحَشِيشٍ وذكره في الْفُنُونِ ( ه )
____________________
(2/181)
@ 183 بَابُ الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ
وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ( و ) تُسَنُّ لها الْجَمَاعَةُ ولم يُصَلُّوهَا على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِإِمَامٍ ( ع ) ذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ احْتِرَامًا له وَتَعْظِيمًا وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ أوصي بِذَلِكَ مع أَنَّ في الصَّلَاةِ عليه وَالْإِمَامَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَتَسْقُطُ بِرَجُلٍ أو امْرَأَةٍ ( وه م قِ ) كَغُسْلِهِ وَقِيلَ بثلاث ( ( ( بثلاثة ) ) ) ( وق ) وَقِيلَ بِجَمَاعَةٍ وَقِيلَ بِنِسَاءٍ وخناثي عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ وَيُسَنُّ لَهُنَّ جَمَاعَةٌ نَصَّ عليه ( م ش ) كَالْمَكْتُوبَةِ وَقِيلَ لَا كَصَلَاتِهِنَّ بَعْدَ رِجَالٍ في وَجْهٍ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ من قُدِّمَ على الرِّجَالِ وفي الْفُصُولِ حتى قَاضِيهِ وَوَالِيهِ لَسَوْغَانِ الِاجْتِهَادِ وقل لِلْقَاضِي يَسْقُطُ في حَقِّهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا ثَانِيًا بِدَلِيلِ أَنَّ النِّسَاءَ ليس عليهم ( ( ( عليهن ) ) ) فَرْضُ الصَّلَاةِ وَمَعَ هذا فإنه تَصِحُّ صَلَاتُهُنَّ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِنَّ
ولهذا ( ( ( لهذا ) ) ) احْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ على أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْغُسْلُ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ الْفَرْضِ وَقَدَّمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِفِعْلِ الْمُمَيِّزِ كَغُسْلِهِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ نَفْلٌ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وَالْأَوْلَى بها الْوَصِيُّ إنْ صَحَّتْ ( وم ) إنْ قَصَدَ خَيْرًا وَصِحَّتُهَا عِنْدَنَا كَوِلَايَةِ نِكَاحٍ وَإِبْخَاسُ الْأَبِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةُ ثُمَّ وِلَايَةُ النِّكَاحِ حَقٌّ لِلْمُوَلَّى عليه لَا له ثُمَّ السُّلْطَانُ يُقَدَّمُ هُنَا على الْعَصَبَةِ وَوَصِيَّتُهُ إلَى اثْنَيْنِ قِيلَ يُصَلِّيَانِ مَعًا وَقِيلَ مُنْفَرِدَيْنِ ( م 1 ) وَقِيلَ تَبْطُلُ وَوَصِيَّتُهُ إلَى فَاسِقٍ مَبْنِيٌّ على صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَوَصِيَّتُهُ إلَى اثْنَيْنِ قِيلَ يُصَلِّيَانِ مَعًا وَقِيلَ مُنْفَرِدَيْنِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُصَلِّيَانِ مَعًا صَلَاةً وَاحِدَةً قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ قال وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُصَلِّيَانِ مُنْفَرِدَيْنِ ( قُلْت ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا إنْ أوصي إلَيْهِمَا مَعًا وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَى الثَّانِي عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ إذَا أوصي إلَيْهِمَا مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/183)
قال في الفصول لأن الميت إذا جهل أمر الشرع لم تنفذ وصيته ولا يصح تعيين مأموم لعدم الفائدة ثم السلطان ( وه م ) وهو الإمام الأعظم وإن لم يحضر فأمير البلد فإن لم يحضر فالحاكم ذكره في الفصول وذكر غيره إن لم يكن الأمير فالنائب من قبله في الإمامة فإن لم يكن فالحاكم لأنه لم ينقل استئذان الوالي ولأن في تقديمه عليه رفضا لحرمته بخلاف غسله ودفنه وبخلاف النكاح وكبقية الصلوات وليس تقديم الخلافة والسلطان وجوبا ( ه ) ووافقوا على إمام الحي ثم أقرب العصبة ثم ذوو أرحامه كما تقدم في غسله والمراد ثم الزوج إن لم يقدم على عصبة ( وه ) ونص عليه أحمد فنقل عنه إذا حضر الأب والأخ والزوج فالأب والأخ أولى فإذا لم يكن إلا الزوج فهو أولى وأطلق في المحرر ثم أقرب العصبة وإنما قدم أخ وعم وابنهما لأبوين لأن للنساء مدخلا مأمومة ومنفردة وجعلهما القاضي في التسوية كنكاح
وفي الفصول في تقديم أخ لأبوين على أخ الأب روايتان إحداهما سواء قال وهي أشبه لأن ولاية بخلاف الإرث وذكر أبو المعالي أنه قيل في الترجيح بالأمومة وجهان كنكاح وتحمل عقل لأنه لا مدخل لها في ولاية الصلاة وقيل يقدم سلطان على وصي وعنه يقدم ولي على سلطان
ونقل ابن الحكم يقدم زوج على عصبة اختاره جماعة ( خ ) كغسلها ( وم ش ) وذكر الشريف يقدم زوج على ابنه وأبطله أبو المعالي بتقديم أب على جد ويتوجه مما ذكره الشريف التعميم ( وه ) على ما سبق في كراهة إمامته بأبيه ( وه ) وفي بعض نسخ الخلاف الزوج أولى من ابن الميتة منه لأنه يلزمه طاعة أبيه فيلزمه تقديمه كما قلنا يلزمه تقديمه في صدور المجالس وسروات الطريق فقيل له يلزم عليه الصلوات الفرض يقدم الابن إذا كان أقرأ وإن كان يلزمه طاعته فقال إنما قدم عليه هناك لأنه لا ولاية عليه في ذلك وله ولاية في هذه الصلاة
وفي بعض نسخ الخلاف الزوج أولى من سائر العصبات في إحدى الروايتين وقاس عليه ابنه منها فقيل له إنما لم يتقدم عليه لأنه يلزمه طاعة أبية فقال فيجب أن يتقدم عليه في سائر الصلوات المفروضات ويجب أن يتقدم عليه في الغسل والدفن ثم ذكر رواية أبي داود السابقة في الإمامة وقال فقد أجاز تقدمه عليه
____________________
(2/184)
ويتخرج من تقديم الزوج تقديم المرأة على ذوات قرابته
وعند الآجري يقدم السلطان ثم وصي ثم زوج ثم عصبة والسيد أولى برفيقه من سلطان على الأصح ( و ) كغسله وَإِنْ قَدَّمَ الْوَصِيُّ غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ ( م 2 ) وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ
قال أبو الْمَعَالِي فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ بِمَكَانٍ تَفُوتُ الصَّلَاةُ بِحُضُورِهِ تَحَوَّلَتْ لِلْأَبْعَدِ فَلَهُ مَنْعُ من قُدِّمَ بِوَكَالَةٍ وَرِسَالَةٍ كَذَا قال وَقَالَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ وَيَتَوَجَّهُ لَا كَنِكَاحٍ ويتوجه ( ( ( وبتوجيه ) ) ) فيه تَخْرِيجٌ من هُنَا وَيُقَدَّمُ مع التَّسَاوِي الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَقِيلَ الْأَسَنُّ ( وه ش ) لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إجَابَةٍ وهو أَكْبَرُ الْمَقْصُودِ فَلَوْ قَدَّمَ غَيْرَهُ فَقِيلَ لَا يَمْلِكُ ذلك ( م 3 ) ( وه ) وَحُرٌّ بَعِيدٌ مُقَدَّمٌ على عَبْدٍ قَرِيبٍ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ له وَيَتَوَجَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة ( ( ( احتمال ) ) ) 2 ) قوله ( ( ( والرجال ) ) ) وَإِنْ قدم ( ( ( بدر ) ) ) الوصي ( ( ( أجنبي ) ) ) غيره ( ( ( وصلى ) ) ) فوجهان انتهى وأطلقهما ( ( ( الولي ) ) ) في الرعاية ( ( ( بيته ) ) ) الكبرى أحدهما ( ( ( حضر ) ) ) ليس ( ( ( لصلاة ) ) ) له ( ( ( الجمعة ) ) ) ذلك ( ( ( انتقض ) ) ) ( قلت ( ( ( ظهره ) ) ) ) وهو الصواب ( ( ( حق ) ) ) والوجه ( ( ( التقديم ) ) ) الثاني له ( ( ( للولي ) ) ) ذلك ( ( ( يسقط ) ) ) ( قلت ( ( ( بسقوط ) ) ) ) وهو ( ( ( فرض ) ) ) ضعيف جدا لِأَنَّ الوصي ( ( ( الولي ) ) ) له غرض صحيح في تخصيص الموصي إليه بالصلاة لخاصة فيه لا توجد في غيره عنده ولها نظائر بل يقال إن لم يُصَلِّ بطلت الوصية ( ( ( لكان ) ) ) ورجعت ( ( ( فرض ) ) ) الأحقية إلَى أربابها ( ( ( الخير ) ) ) والله ( ( ( والأشفق ) ) ) أعلم ( ( ( والمراد ) ) )
( مَسْأَلَةُ 3 ) قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مع التَّسَاوِي الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَقِيلَ الْأَسَنُّ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إجَابَةً وهو أَكْثَرُ الْمَقْصُودِ فَلَوْ قَدَّمَ غَيْرَهُ فَقِيلَ لَا يَمْلِكُ ذلك انْتَهَى ( قُلْت ) هذا الْقَوْلُ هو الصَّوَابُ كَالْوَصِيِّ على ما تَقَدَّمَ وَالْحَقُّ ليس مَخْصُوصًا بِهِ بَلْ هُمْ مُتَسَاوُونَ فيه وَلَهُ نَوْعُ مَزِيَّةٍ فَقُدِّمَ بها وَيُحْتَمَلُ قَوْلٌ آخَرُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ ذلك كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَالْوَصِيِّ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُمْ قالوا وَمَنْ قَدَّمَ الْوَلِيُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تَثْبُتُ له فَكَانَتْ له الِاسْتِنَابَةُ فيها كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ انْتَهَى وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ قبل ذلك أَيْضًا فقال وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ انْتَهَى لَكِنَّ مُرَادَ هَؤُلَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا اخْتَصَّ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ ليس في دَرَجَتِهِ من يُسَاوِيه لِقُرْبِهِ وفي هذه الْمَسْأَلَةِ حَصَلَ التَّسَاوِي لَكِنْ له نَوْعُ مَزِيَّةٍ وهو الْكِبَرُ إذَا عُلِمَ ذلك فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ وهو الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ في عَدَمِ تَقْدِيمِ غَيْرِهِ هُنَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ في جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ هُنَاكَ جَوَازُ تَقْدِيمِ الْوَلِيِّ غَيْرَهُ وفي هذه الْمَسْأَلَةِ إمَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ على هذا الْقَوْلِ وَيَكُونُ طَرِيقَةٌ
____________________
1-
(2/185)
احتمال ( ( ( لبعض ) ) ) والرجال الأجانب أولى ( ( ( الظاهر ) ) ) بالصلاة على المرأة من نساء أقاربها د
وإن بدر أجنبي وصلى فإن صلى الولي خلفه صار إذنا ويشبه تصرف الفضولي إذا أجيز وإلا فله أن يعيد الصلاة لأنها حقه ذكره أبو المعالي وظاهره ولا يعيد غير الولي وقاله الحنفية على اصلهم ولا يجيء هذا على ( ( ( وشبهه ) ) ) أصلنا وتشبيه المسألة بتصرف الفضولي يقتضي منع التقديم بلا إذن ويتوجه أنه يحتمل أنه كتقديم غير صاحب البيت وإمام المسجد بلا إذن ويحتمل المنع هنا كمنع الصلاة ثانيا وكونها نفلا عند كثير من العلماء وقيل للقاضي وغيره الولي له حق التقديم فليس لغيره أن يبطل حقه إلا أن يسقطه الولي فإذا لم يسقط حقه وصلى عليه جاز وانتقضت الصلاة الأولى
كما لوصلى في بيته ( ( ( المقدمة ) ) ) ثم حضر لصلاة الجمعة انتقض ظهره فقال حق التقديم الذي للولي يسقط بسقوط فرض الصلاة وقد سقط فرض الصلاة بفعل الجماعة بالإجماع لأن الولي لو لم يصل عليه لكان فرض الصلاة على الميت ساقطا وصلاتهما محتسبا بها وإذا سقط فرضها سقط التقديم الذي هو حكم من أحكامها ومن مات بأرض فلاة ففي الفصول يقدم أقرب أهل القافلة إلى الخير والأشفق والمراد كالإمامة فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْإِمَامِ الْأَفْضَلُ ( و ) وَقِيلَ الْأَكْبَرُ وَقِيلَ الْأَدْيَنُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ السَّابِقُ ( وش ) إلَّا الْمَرْأَةَ ( و ) جَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي كما لَا يُؤَخَّرُ الْمَفْضُولُ في صَفِّ الْمَكْتُوبَةِ في الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَقُرْبِ الْإِمَامِ وقال لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ على الرِّجَالِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَمَعَ التَّسَاوِي يُقَدَّمُ من اتَّفَقَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْحُرُّ ثُمَّ الْعَبْدُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كَالْمَكْتُوبَةِ وَعَنْهُ الصَّبِيُّ على الْعَبْدِ ( وم ش ) وَعَنْهُ عَبْدٌ على حُرٍّ دُونَهُ ( وه ) وَعَنْهُ الْمَرْأَةُ على الصَّبِيِّ ( خ ) كما قَدَّمَهَا الصَّحَابَةُ في الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْفَرْقُ أَنَّهُنَّ من أَهْلِ فَرْضِهَا اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو الْوَفَاءِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو رِوَايَةٌ في مَكْتُوبَةٍ ذَكَرَهَا ابن الْجَوْزِيِّ وَقِيلَ وَعَلَى عَبْدٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لبعض الأصحاب وهو الظاهر أو حصل في الكلام سقط والله أعلم وتقدم الكلام على هذا وشبهه في المقدمة
____________________
1-
(2/186)
وهو خِلَافُ ما ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ( ع ) وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ أَمَامَهَا في الْمَسِيرِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَمْعُ الْمَوْتَى في الصَّلَاةِ أَفْضَلُ نَصَّ عليه ( وم ) كما لو تَغَيَّرَ أو شَقَّ وَقِيلَ عَكْسُهُ ( وش ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالتَّسْوِيَةِ ( وه ) وَيُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الْإِمَامِ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وش ) وَالْخُنْثَى بَيْنَهُمَا وَعَنْهُ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَنْهُ عِنْدَ صَدْرَيْهِمَا ( وه ) لَا عِنْدَ وَسَطِهِ وَمَنْكِبِهَا ( م ) وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ يسوي بين رُءُوسِهِمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ من الرِّجَالِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ في رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَلَعَلَّهُ أو نِسَاءٍ يُجْعَلُونَ دَرَجًا رَأْسَ هذا عِنْدَ رِجْلِ هذا وَأَنَّ هذا وَالتَّسْوِيَةَ سَوَاءٌ
قال الْخَلَّالُ على هذا أثبت ( ( ( ثبت ) ) ) قَوْلُهُ وَكَذَا قَالَهُ ( ه م ) في رِجَالٍ أو نِسَاءٍ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ جَعَلَ رَأْسَ كل وَاحِدٍ عِنْدَ مَنْكِبِ الْآخَرِ وَمَذْهَبُنَا يسوي بين رُءُوسِهِمْ وَكَذَا جَمَاعَةٌ خناثي لَا أَنَّ رَأْسَ كل وَاحِدٍ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ ( ش ) وَيُقَدَّمُ من أَوْلِيَاءِ الْمَوْتَى الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَقِيلَ وُلِّيَ أَسْبَقُهُمَا حُضُورًا وَقِيلَ مَوْتًا وَقِيلَ تَطْهِيرًا ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَلِوَلِيِّ كل مَيِّتٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَلَاتِهِ على وَلِيِّهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُفَّهُمْ ولاينقصهم عن ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ نَصَّ على ذلك لِلْأَخْبَارِ وَسَبَقَ الحكم الْفَذِّ في بَابِ مَوْقِفِ الْجَمَاعَةِ فَصْلٌ ثُمَّ يَحْرُمُ كما سَبَقَ في صِفَةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَتَعَوَّذُ وَعَنْهُ لَا ( و ) وَعَنْهُ يَسْتَفْتِحُ ( وه ) قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَيَضَعُ يَمِينَهُ على شِمَالِهِ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ أَنَّ أَحْمَدُ كان يَفْعَلُهُ وَنَقَلَ الْفَضْلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمَا ( وه ر ) قال أَحْمَدُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ سِرًّا وَلَوْ لَيْلًا ( و ) في التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وفي التَّبْصِرَةِ وَسُورَةً وفي الْفُصُولِ لَا يقرأها ( ( ( يقرؤها ) ) ) بِلَا خِلَافٍ على مَذْهَبِنَا ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كما في التَّشَهُّدِ نَصَّ عليه وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي بَعْدَهَا اللَّهُمَّ صَلِّ على مَلَائِكَتِك الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِك الْمُرْسَلِينَ وَأَهْلِ طَاعَتِك أَجْمَعِينَ لِأَنَّ عبدالله نَقَلَ يُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَدْعُو سِرًّا ( و ) قال أَحْمَدُ لَا تَوْقِيتَ اُدْعُ له بِأَحْسَنِ ما يَحْضُرُك أنت شَفِيعٌ يُصَلِّي على الْمَرْءِ عَمَلُهُ وَيُسْتَحَبُّ ما رَوَى مُسْلِمٌ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ
____________________
(2/187)
من احييته مِنَّا فَأَحْيِهِ على الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ على الْإِيمَانِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عنه وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا من دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا من أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا من زَوْجِهِ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ إنَّ فُلَانَ بن فُلَانٍ في ذِمَّتِك وَحَبْلِ جِوَارِك فَقِه من فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلَ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ له وَارْحَمْهُ إنَّك أنت الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
وَإِنْ كان صَغِيرًا زَادَ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْخَبَرِ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ على الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْخَبَرِ لَكِنْ زَادَ وَالدُّعَاءُ له وزاد جَمَاعَةٌ سُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ له وفي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ في الصَّبِيِّ الشَّهِيدِ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ في الدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عليه وَكَذَا في الْفُصُولِ أَنَّهُ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ له فَالْعُدُولُ إلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ هو السُّنَّةُ ولم يذكر أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ بَلْ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لنا ذُخْرًا وَفَرَطًا وشفعة فِينَا وَنَحْوَهُ وَعِنْدَنَا إنْ لم يَعْرِفْ إسْلَامَ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ وَمُرَادُهُمْ فِيمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَمَاتَ كَصَغِيرٍ نَقَلَ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ وَيُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ في الدُّعَاءِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِذَلِكَ على أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ في الثَّالِثَةِ بَلْ يَجُوزُ في الرَّابِعَةِ ولم يذكر خِلَافًا
ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَقِفُ قَلِيلًا ( وه م ق ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ لِيُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ ولم يذكر بَعْضُهُمْ الْوُقُوفَ وَصَرَّحَ بِعَدَمِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ وَيَدْعُو ( وق ) اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ والْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ ابْنَ أبي أَوْفَى فَعَلَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَفْعَلُهُ وفي إبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ ضَعِيفٌ قال أَحْمَدُ هو من أَصْلَحِ ما
____________________
(2/188)
رَوَى وقال لَا أَعْلَمُ شيئا يُخَالِفُهُ فيقول اللَّهُمَّ رَبّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَقِيلَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَفَتْحُ التَّاءِ أَفْصَحُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ وَاغْفِرْ لنا وَلَهُ وفي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ أَيُّهُمَا شَاءَ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَا يُسَبِّحُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه ( و ) وَاخْتَارَ حَرْبٌ يقول وَالسَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النبي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ عَطَاءٍ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً ( وم ) عن يَمِينِهِ وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ نَصَّ على ذلك
وَيَجُوزُ ثَانِيَةً وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لم يَعْرِفْهُ وزاد الْحَاكِمُ في رِوَايَةٍ في خَبَرِ ابْنِ أبي اوفى الْمَذْكُورِ تَسْلِيمَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي ثَانِيَةً وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً ( وه ش ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجْهَرُ إمَامٌ بها وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يُسِرُّ ( وه ش م ر ) قِيلَ له في رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَعْرِفُ عن أَحَدٍ من الصَّحَابَةِ أَنَّهُ كان يُسَلِّمُ عليها تَسْلِيمَتَيْنِ قال لَا وَلَكِنْ يروي عن سِتَّةٍ من الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ وَاحِدَةً خَفِيَّةً عن يَمِينِهِ ابن عُمَرَ وابن عَبَّاسٍ وأبو هُرَيْرَةَ وَوَاثِلَةُ وَزَيْدُ بن ثَابِتٍ وَهَلْ يُتَابَعُ الْإِمَامُ في التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ يَتَوَجَّهُ كَالْقُنُوتِ في الْفَجْرِ وفي الْفُصُولِ يَتْبَعُهُ في الْقُنُوتِ قال وَكَذَا
____________________
(2/189)
في كل شَيْءٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عن أَقَاوِيلِ السَّلَفِ ( م 4 ) وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مع كل تَكْبِيرَةٍ نَصَّ عليه ( م ر ) وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ فَعَلَهُ أَنَسٌ وابن عُمَرَ وروى عنه مَرْفُوعًا لَا الْأُولَى فَقَطْ ( ه ) وهو أَشْهَرُ عن ( م ) وَصِفَةُ الرَّفْعِ وَانْتِهَاؤُهُ كما سَبَقَ في صِفَةِ الصَّلَاةِ وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ وُقُوفَهُ مَكَانَهُ حتى تَرْفَعَ وَعَنْهُ إنْ لم يَقِفْ قِيلَ له يَسْتَأْذِنُ من انْصَرَفَ من الْمَقْبَرَةِ قال لَا قِيلَ فيقول انْصَرِفُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ قال بِدْعَةٌ وَكَرِهَهُ أبو حَفْصٍ وَأَنْ يَنْصَرِفُوا قبل أَنْ يُؤَذِّنُوا وهو رِوَايَةٌ عن ( م ) وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ( و ) فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لها كَمَكْتُوبَةٍ ( و ) قال صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةٌ وَحُضُورُ الْمَيِّتِ بين يَدَيْهِ فَلَا تَصِحُّ على جِنَازَةٍ مَجْهُولَةٍ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الْمَسْبُوقِ ( و ) لِأَنَّهَا كَإِمَامٍ وَلِهَذَا لَا صَلَاةَ بِدُونِ الْمَيِّتِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَقُرْبُهَا من الْإِمَامِ مَقْصُودٌ كَقُرْبِ الْمَأْمُومِ من الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الدُّنُوُّ منها وَلَوْ صلى وَهِيَ من وَرَاءِ جِدَارٍ لم يَصِحَّ وفي الْخِلَافِ صَلَاةُ الصَّفِّ الأخيرة ( ( ( الأخير ) ) ) جَائِزَةٌ ولوحصل بين الْجِنَازَةِ وَبَيْنَهُ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ وَلَوْ وَقَفَ في مَوْضِعِ الصَّفِّ الأخيرة ( ( ( الأخير ) ) ) بِلَا حَاجَةٍ لم يَجُزْ وَإِسْلَامُ الْمَيِّتِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَيْنِ الْمَيِّتِ فَيَنْوِي الصَّلَاةَ على الْحَاضِرِ وَقِيلَ إنْ جَهِلَهُ نَوَى من يُصَلِّي عليه الْإِمَامَ
وَقِيلَ لَا وَالْأَوْلَى مَعْرِفَةُ ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ وَاسْمِهِ وَتَسْمِيَتُهُ في دُعَائِهِ وَإِنْ نَوَى أَحَدَ الْمَوْتَى اُعْتُبِرَ تَعْيِينُهُ كَتَزْوِيجِهِ أَحَدَ مَوْلِيَّتَيْهِ فَإِنْ بَانَ غَيْرَهُ فَسَبَقَتْ في بَابِ النِّيَّةِ وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي لايصح قال وَسَبَقَ نَظِيرُهُ في نِيَّةِ التَّيَمُّمِ قال فَإِنْ نَوَى على هذا الرَّجُلِ فَبَانَ امْرَأَةً أو عَكْسَهُ فَالْقِيَاسُ تُجْزِئُهُ لِقُوَّةِ التعين ( ( ( التعيين ) ) ) على الصِّفَةِ في الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَالْفَرْضُ الْقِيَامُ في مرضها ( ( ( فرضها ) ) ) ( و ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ إنْ قِيلَ الثَّانِيَةُ فَرْضٌ ( وش ) وَالتَّكْبِيرُ ( و ) فَلَوْ نَقَصَ تكبيره عَمْدًا بَطَلَتْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قوله وهل يتابع الإمام في التسليمة الثانية يتوجه كالقنوت في الفجر وفي الفصول يتبعه في القنوت قال وكذا في كل شيء لا يخرج به عن أقاويل السلف انتهى ( قلت ) الصواب هنا المتابعة وإن قلنا يتابعه في القنوت لأن صلاته هنا قد فرغت بالتسليمة الأولى
____________________
1-
(2/190)
وَسَهْوًا يُكَبِّرُهَا ما لم يَطُلْ الْفَصْلُ وَقِيلَ يُعِيدُهَا وَالْفَاتِحَةُ على الْأَصَحِّ فيها ( وش ) وَعَنْهُ لَا يَقْرَؤُهَا في مَقْبَرَةٍ ولم يُوجِبْ شَيْخُنَا قِرَاءَةً بَلْ اسْتَحَبَّهَا ( ه م ) وهو ظَاهِرُ نَقْلِ أبي طَالِبٍ وَنَقَلَ ابن وَاصِلٍ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ وَالصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ( وش ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ وَجَبَتْ في الصَّلَاةِ وَأَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ ( و ) وَتَسْلِيمَةٌ ( ه ) وَعَنْهُ ثِنْتَانِ ( خ ) خَرَّجَهَا أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ذلك لَا تَتَعَيَّنُ الْقِرَاءَةُ في الْأُولَى وَالصَّلَاةُ في الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءُ في الثَّالِثَةِ خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي ولم يَسْتَدِلَّ له وَقَالَهُ في الْوَاضِحِ في الْقِرَاءَةِ في الْأُولَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَيُشْتَرَطُ لها تَطْهِيرُ الْمَيِّتِ بِمَاءٍ أو تَيَمُّمٍ لِعُذْرٍ ( و ) فَإِنْ تعذرصلى عليه وقد سَبَقَ فَصْلٌ وَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ سَبْعًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وابن بَطَّةَ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ قال وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْمَأْمُومَ يُتَابِعُ الْإِمَامَ في تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ كَذَا تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ وَعَنْهُ يُتَابِعُهُ إلَى خَمْسٍ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ يُتَابِعُهُ إلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ ( و ) وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قال كما لو عَلِمَ وقال أَيْضًا أو ظَنَّ بِدْعَتَهُ أو رَفْضَهُ لِإِظْهَارِ شِعَارِهِمْ وَهَلْ يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَارَةِ يَخْرُجُ على الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقِيلَ لايدعو هُنَا لِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ لَا يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَدْعُو هُنَا وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ بِثَانِيَةٍ أو أَكْثَرَ فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا وقد بَقِيَ من تَكْبِيرِهِ أَرْبَعٌ جَازَ على غَيْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ ( * ) نَصَّ عليه ثُمَّ هل يُكَبِّرُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ مُتَتَابِعًا كَمَسْبُوقِ أَمْ يَقْرَأُ في الْخَامِسَةِ وَيُصَلِّي في السَّادِسَةِ وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ في السَّابِعَةِ أو يَدْعُو فَقَطْ فيه أَوْجُهٌ وفي إعادة القراءة أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَادَةِ يُخَرَّجُ على الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقِيلَ لَا يَدْعُو هُنَا لِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ لَا يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَدْعُو هُنَا انْتَهَى قد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَضَى أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقَدَّمَهُ وقال هُنَا يَخْرُجُ على الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ أَيْضًا في هذه الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ خَرَّجَهَا على تِلْكَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا ( قُلْت ) الصَّوَابُ أَيْضًا أَنَّهُ يَدْعُو هُنَا فِيمَا قبل الْأَخِيرِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ وهو احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/191)
الصَّلَاةِ لِلَّتِي حَضَرَتْ بَعْدَهُمَا الْوَجْهَانِ ( م 5 و 6 ) وَقِيلَ لِلْقَاضِي إنْ لم يَزِدْ في التَّكْبِيرِ أَدَّى إلَى النُّقْصَانِ في حَقِّ الْجِنَازَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ كما قُلْنَا في الْقَارِنِ تَسْقُطُ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ وإذا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مسألة 5 و 6 ) قوله ولو كبر فجىء بثانية أو أكثر فكبر ونواها لهما وقد بقي من تكبيرة أربع جاز على غير الرواية الثالثة نص عليه ثم هل يكبر بعد التكبيرة الرابعة متتابعا كمسبوق أم يقرأ في الخامسة ويصلي في السادسة ويدعو للميت في السابعة أو يدعو فقط فيه أوجه وفي إعادة القراءة أو الصلاة للتي حضرت بعدهما الوجهان انتهى ذكر المصنف مسألتين
( المسألة الأولى ) إذا كبر وجيء بثانية أو أكثر فكبر ونواها لهما وقد بقي من تكبيره أربع فإنه يجوز على غير الرواية الثالثة التي ذكرها قبل ذلك نص عليه فعلى المنصوص هل يكبر بعد الرابعة شائعا أم يقرأ ويصلي ويدعو أم يدعو فقط أطلق الخلاف أحدها أنه يقرأ في الخامسة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السادسة ويدعو في السابعة وهو الصحيح جزم به في الكافي وغيره وقدمه في المغني والشرح وصححاه وشرح ابن رزين والرعايتين والحاويين وغيرهم والوجه الثاني يدعو عقيب كل تكبيرة واختاره القاضي في الخلاف قال في مجمع البحرين وهو أصح وأطلقهما في المذهب والتلخيص ومختصر ابن تميم والوجه الثالث يكبر متتابعا وهو احتمال لابن عقيل وقال في الرعاية الكبرى وقيل بل يقرأ الحمد في الرابعة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة ويدعو في السادسة ليحصل للرابع أربع تكبيرات انتهى
( المسألة 6 الثانية ) قول المصنف وفي إعادة القراءة أو الصلاة للتي حضرت بعدهما الوجهان قال ابن حمدان في الرعاية الكبرى وهل يعيد القراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية للتي حضرت فيه وجهان انتهى وقال ابن تميم وهل يعيد القراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية للتي حضرت على وجهين انتهى فإن كان ما ذكره ابن تميم وابن حمدان مراد المصنف وهو الصواب فالألف في قوله أو الصلاة وقعت زائدة سهوا ويكون مراده بالقراءة الفاتحة وبالصلاة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويكون الضمير في قوله بعدهما عائدا إلى التكبيرتين الأولتين المشتملتين على القراءة والصلاة ولكن لم يتقدم لهما ذكر في كلامه إلا أن في قوله وفي إعادة القراءة أو الصلاة إشعارا بأنهما قد فعلا
____________________
1-
(2/192)
وَلَا تَبْطُلُ في الْمَنْصُوصِ بمجاورة ( ( ( بمجاوزة ) ) ) سَبْعٍ عَمْدًا ( و ) قال أَحْمَدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ وَقَبْلَهَا لَا يُسَبِّحُ بِهِ وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَجْهًا تَبْطُلُ بمجاورة ( ( ( بمجاوزة ) ) ) أَرْبَعٍ عَمْدًا وَبِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ لَا يُتَابِعُ فيها وفي الْخِلَافِ قَوْلُ أَحْمَدَ في رِسَالَةِ مُسَدَّدٍ خَالَفَنِي الشَّافِعِيُّ في هذا فقال إذَا زَادَ على أَرْبَعٍ تُعَادُ الصَّلَاةُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّجَاشِيِّ قال أَحْمَدُ وَالْحُجَّةُ له وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهُ نَصَّ عليه ( ه ر م ر ق ) لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فيها وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَجْهًا يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ وَيُسَلِّمُ وَالْمُنْفَرِدُ كَالْإِمَامِ في الزِّيَادَةِ وَإِنْ شَاءَ مَسْبُوقٌ قَضَاهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ معه قال بَعْضُهُمْ هو أَوْلَى وفي الْفُصُولِ إنْ دخل معه في الرَّابِعَةِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ على الْجِنَازَةِ الرَّابِعَةَ ثَلَاثًا تَمَّتْ لِلْمَسْبُوقِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ وَهِيَ الرَّابِعَةُ فَإِنْ أَحَبَّ سَلَّمَ معه
وَإِنْ أَحَبَّ قَضَى ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ على الْجَمِيعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَتِمُّ صَلَاتُهُ على الْجَمِيعِ وَإِنْ سَلَّمَ معه لِتَمَامِ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ لِلْجَمِيعِ وَالْمَحْذُورُ النَّقْصُ من ( * ) ثَلَاثٍ وَمُجَاوَزَةُ سَبْعٍ وَلِهَذَا لو جِيءَ بِجِنَازَةٍ خَامِسَةٍ لم يُكَبِّرْ عليها الْخَامِسَةَ وَيَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَدْخُلَ بين التَّكْبِيرَتَيْنِ كَالْحَاضِرِ ( ع ) وَكَغَيْرِهَا وَعَنْهُ يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةً ( وه م ر قِ ) لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ فَلَا يَشْتَغِلُ بِقَضَائِهَا لخلاف الْحَاضِرِ فإنه مُدْرِكٌ لِلتَّكْبِيرَةِ فَيَأْتِي بها وَقْتَ حُضُورِ نِيَّتِهِ وفي الْفُصُولِ رِوَايَةٌ إنْ شَاءَ كَبَّرَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى من الْآخَرِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَذَا قال وَيَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ لِلتَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ وَيَتْبَعُهُ كَمَسْبُوقٍ يَرْكَعُ إمَامُهُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُتِمُّهَا ما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في محلهما وهما التكبيرة ( ( ( الرابعة ) ) ) الأولى والثانية فعلى هذا ( ( ( بعدها ) ) ) يكون من الوجهين أَنَّهُ يعيد ( ( ( يصلي ) ) ) القراءة والصلاة ( ( ( دعاء ) ) ) على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو الصواب
( تنبيهان ) الأول قوله والمحذور ( ( ( إذن ) ) ) والنقص ( ( ( وال ) ) ) من ثلاث كَذَا في النسخ وصوابه النقص من ( ( ( بعض ) ) ) أربع ( ( ( أصحابنا ) ) ) لأن الواجب ( ( ( وجها ) ) ) أربع ( ( ( أنها ) ) ) لَا ثلاث والله أعلم
* ( الثاني ) قوله في الصلاة على الجنازة وفي فِعْلِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْبَعْضِ وَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي هل تَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَمْ لَا وَهَذَا من تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمَذْهَبُ أنها لَا تَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ سُنَّةً وقد قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا فُعِلَ مَرَّةً يَكُونُ الْفِعْلُ الثَّانِي سُنَّةً وَأَنْكَرَ على من قال فَرْضَ كِفَايَةٍ ذَكَرَهُ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ
____________________
1-
(2/193)
لم يخف فوت الثانية لأنه لم يترك متابعة واجبة فيتوجه مثله من ركع إمامه ولا فرق ودل كلامهم أن القراءة لو وجبت أتمها وهو واضح وإذا كبر الإمام قبل فراغه أدرك التكبيرة كالحاضرة وكإدراكه راكعا وذكر أبو المعالي وجها لا ويدخل مسبوق في الأصح بعد الرابعة وقيل إن قلنا بعدها ذكر ويقضي ثلاثا وقيل أربعا ويقضي ما فاته على صفته فإن خشي رفعها تابع رفعت أم لا نص عليه ( وم ق ) وعنه متتابعا فإن رفعت قطعه ( وه ) وقيل يتمه وقال بعض الحنفية ما لم توضع على الأكتاف وقاله بعضهم ما لم تتباعد وقيل على صفته ( وق ) والأصح إلا أن ترفع فيتابع وإن سلم ولم تقضه صح اختاره الأكثر وعنه لا ( و ) اختاره أبو بكر والآجري والحلواني وابن عقيل وقال اختاره شيخنا وقال ويقضيه بعد سلامه لايأتي به ثم يتبع الإمام في أصح الروايتين فصل ومن صلى لم يصل ثانيا ( و ) كما لا يستحب رده سلاما ثانيا ذكره صاحب المحرر وكذا في المغني لا يستحب هنا ونص أحمد هنا يكره على ما ذكره جماعة وإنما احتجوا بقول أحمد في رواية أحمد بن نصر إذا صلى مرة يكفيه ولكن من لم يصل فإذا وضعت فإن شاء صلى على القبر وقيل يحرم وذكره في المنتخب نصا كالغسل والتكفين والدفن وفي كلام القاضي الكراهة وعدم الجواز واحتج بمسألة السلام السابقة أن من رد بعد الأول صح الرد ولو رد الأول مرة ثانية لم يعتد بالثاني
وقال أيضا معلوم أن تكرر السلام من شخص واحد لا يصح وفي الفصول لا يصليها مرتين كالعيد وقيل يصلي اختاره في الفنون وشيخنا وأطلق في الوسيلة والفروع عن ابن حامد أنه يصلي لأنه دعاء واختار ابن حامد وصاحب المحرر يصلي تبعا وإلا فلا إجماعا قال كبقية الصلوات تستحب إعادتها تبعا مع الغير ولا تستحب ابتداء
ومن لم يصل جاز أن يصلي ( ه م ) بل يستحب ( وش ) لصلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم كما لو صلى عليه بلا إذن ولا حاضر أو ولي بعده حاضر فإنها تعاد تبعا ( و ) لا إلى ثلاثة أيام ( ه م ) وقيل يصلي من لم يصل إلى شهر وقيده ابن شهاب به
____________________
(2/194)
والأول جزم به صاحب المغني والتلخيص وغيرهما وقيل لا تجزئه بنية السنة جزم به أبو المعالي لأنها لا يتنفل بها لتعيينها بدخوله فيها كذا قال وذكر شيخنا أن بعض أصحابنا ذكر وجها أنها فرض كفاية ( وش ) مع سقوط الإثم بالأولى ( ع ) ولعل وجهه بأنها شرعت لمصلحة وهي الشفاعة ولم تعلم ويجاب بأنه يكفي الظن
وقال أيضا فروض الكفايات إذا قام بها رجل سقط ثم إذا فعل الكل ذلك كان كله فرضا ذكره ابن عقيل محل وفاق لكن لعله إذا فعلوه جميعا فإنه لا خلاف فيه وفي فعل البعض بعد البعض وجهان وسبق في صلاة التطوع ومتى رفعت لم توضع لأحد فظاهره يكره وقيل لا وقال أحمد إن شاء قال لهم ضعوها حتى يصلوا عليها فيضعونها فيصلي وإن دفن صلى عليه إلى شهر قيل من دفنه وقيل من موته ( م 7 ) ويحرم بعده نص عليه قال في الخلاف أجاب أبو بكر فيما سألة أبو إسحاق عن قول الراوي بعد شهر يريد شهرا كقوله تعالى { ولتعلمن نبأه بعد حين } سورة ص 88 يريد الحين وذكر جماعة وزيادة يسيرة ولعله مراد أحمد فإنه أحذ بفعله عليه السلام وكان بعد شهر قال القاضي كاليومين وقيل إلى سنة وقيل ما لم يبل فإن شك في بقائه فوجهان ( م 8 ) وقيل أبدا ( وش ) ولو لم يكن من أهل فرضها يوم موته ( ش ) وعند ( ه م ) هو كما قبل الدفن وروى أحمد والبخاري أنه عليه الصلاة والسلام صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَإِنْ دُفِنَ صلى عليه إلَى شَهْرٍ قِيلَ من دَفْنِهِ وَقِيلَ من مَوْتِهِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ من حِينِ دَفْنِهِ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ومجمع الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال هذا الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ فَعَلَى هذا لو لم يُدْفَنْ مُدَّةً تَزِيدُ على شَهْرٍ جَازَ أَنْ يصلي عليه إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مُنْذُ دُفِنَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَوَّلُ الْمُدَّةِ من حِينِ الْمَوْتِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ بَعْدَ شَهْرٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ تَجُوزُ ما لم يَبْلَ فَإِنْ شَكَّ في بَقَائِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ما لم يَغْلِبْ علي ظَنِّهِ أَنَّهُ بلى ولم أَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في غَيْرِ هذا الْمَكَانِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عَدَمُ الْجَوَازِ
____________________
1-
(2/195)
للأحياء والأموات وكان قد صلي عليهم فلذلك كان خاصا وَإِنَّمَا يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ على قَبْرِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( ع ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَالْمَسْجِدُ ما اُتُّخِذَ لِلصَّلَاةِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وقال صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ إنَّمَا لَا يصلي عليه الْآنَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا وقد نهى عنه أو لِلْمَنْعِ من الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ بَعْدَ شَهْرٍ وَمَنْ شَكَّ في الْمُدَّةِ صلى حتى يَعْلَمَ فَرَاغَهَا وَيَتَّجِهُ الْوَجْهُ في الشَّكِّ في بَقَائِهِ ( وه ) هذا هو الْأَشْهَرُ في مَذْهَبِهِ إذَا شَكَّ في تَفَسُّخِهِ وَتَفَرُّقِهِ لَا يصلي عليه وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَذَا حُكْمُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ إذَا تَفَسَّخَ الْمَيِّتُ فَلَا صَلَاةَ
وَلَا تَصِحُّ من وَرَاءِ حَائِلٍ قبل الدَّفْنِ نَصَّ عليه ( و ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَسَبَقَ أَنَّهُ كَإِمَامٍ فَيَجِيءُ الْخِلَافُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ كَالْمُكِبَّةِ وَيُصَلِّي الْإِمَامُ وَالْآحَادُ نَصَّ عليه على الْغَائِبِ عن الْبَلَدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَدُونَهَا في قِبْلَتِهِ أو وَرَاءَهُ بِالنِّيَّةِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ( وه م ) وَقِيلَ إنْ كان صلى عليه وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قال شَيْخُنَا وَلَا يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ على كل غَائِبٍ لِأَنَّهُ لم يُنْقَلْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ إنْ مَاتَ رَجُلٌ صَالِحٌ صلى عليه وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ النَّجَاشِيِّ وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يُخَالِفُهُ قال ومقتضي اللَّفْظِ أَنَّ من كان خَارِجَ السُّوَرِ أو ما يُقَدَّرُ سُوَرًا يصلي عليه لَكِنَّ هذا لَا أَصْلَ له فَلَا بُدَّ من انْفِصَالِهِ عن الْبَلَدِ بِمَا يُعَدُّ الذَّهَابُ نَوْعَ سَفَرٍ وقد قال الْقَاضِي يَكْفِي خَمْسُونَ خُطْوَةً قال شَيْخُنَا وَأَقْرَبُ الْحُدُودِ ما تَجِبُ فيه الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ إذْنٌ من أَهْلِ الصَّلَاةِ في الْبَلَدِ فَلَا يَعُدُّ غَائِبًا عنها وَمُدَّتُهُ كَمُدَّةِ الصَّلَاةِ على الْقَبْرِ وفي الْخِلَافِ يُصَلِّي وَإِنْ كان في أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ ولم يُقَيِّدْهُ بَعْضُهُمْ لم يُصَلِّ عليه وَقِيلَ بَلَى لِلْمَشَقَّةِ وَأَبْطَلَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِمَشَقَّةِ مَرَضٍ وَمَطَرٍ وَيَتَوَجَّهُ فيها تَخْرِيجٌ وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يصلي عليه ثَانِيًا جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ فيعايا ( ( ( فيعابا ) ) ) بها وفي الصَّلَاةِ على مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وأكيل ( ( ( وأكل ) ) ) سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وفي الصَّلَاةِ على مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وأكيل ( ( ( وأكل ) ) ) سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يصلي عليه وهو الصَّحِيحُ قال في التَّلْخِيصِ لايصلي عليه على الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُصُولِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ على الْغَائِبِ فَإِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ أو أُحْرِقَ بِالنَّارِ احْتَمَلَ أَنْ لَا يصلي عليه بِخِلَافِ الْغَرِيقِ وَالضَّائِعِ
____________________
1-
(2/196)
في الفصول فأما ( ( ( بقي ) ) ) إن حصل في ( ( ( يصلى ) ) ) بطن سبع لم يصل عليه مع مشاهدة ( ( ( فاقتصر ) ) ) السبع فَصْلٌ وَلَا يُصَلِّي إمَامُ قَرْيَةٍ وهو وَالِيهَا في الْقَضَاءِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ نَقَلَ حَرْبٌ إمَامُ كل قَرْيَةٍ وَالِيهَا وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالصَّوَابُ تَصْوِيبُهُ فإن أَعْظَمَ مُتَوَلٍّ لِلْإِمَامِ في كل بَلْدَةٍ يَحْصُلُ بِامْتِنَاعِهِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَقِيلَ أو نَائِبُهُ على غَالٍّ من غَنِيمَةٍ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا وَقِيلَ وَيَحْرُمُ عليه وحكي رِوَايَةً
قال ابن عَقِيلٍ هو من هَجَرَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالْفُسَّاقِ فَيَجِيءُ الْخِلَافُ فَلَا يُصَلِّي أَهْلُ الْفَضْلِ على الْفُسَّاقِ ( وم ر ) وَلِهَذَا في الْخِلَافِ لِأَنَّ في امْتِنَاعِ الْإِمَامِ رَدْعًا وَزَجْرًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ شَرَفٌ لِلْمَيِّتِ وَرَغْبَةٌ في دُعَائِهِ له وَعَنْهُ وَلَا يصلي ( ( ( يصل ) ) ) على أَهْلِ الْكَبَائِرِ ( خ ) جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في كل من مَاتَ على مَعْصِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بِلَا تَوْبَةٍ وهو مُتَّجِهٌ
وَعَنْهُ وَلَا على من قُتِلَ في أحد ( ( ( حد ) ) ) ( وم ) وَعَنْهُ وَلَا على مَدِينٍ ( خ ) وَعَنْهُ يُصَلِّي على كل واحد اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ ( و ) كما يُصَلِّي غَيْرُهُ حتى على بَاغٍ ( ه ) وَمُحَارِبٍ ( ه ) وَهَلْ يُغَسَّلُ ويصلي عليه قبل صَلْبِهِ أو بَعْدَهُ فيه وَجْهَانِ ( م 10 ) وَمَقْتُولٍ بِالْعَصَبِيَّةِ ( ه ) وَمَنْ قَتَلَ أَبَوَيْهِ ( ه ) وَلِأَصْحَابِهِ خِلَافٌ فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا وَعَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ في رِوَايَةٍ ( وه ش م ر ) وَيَأْتِي في إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ وإن وجد بعض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) لأنه قد بقي منه ما يصلي عليه انتهى فاقتصر على هذا الاحتمال وتابعه الشارح والوجه الثاني يصلي عليه قلت وليس ببعيد بل هو الصواب لأن الصلاة لأجل الخير الذي يحصل بسببها من الثواب والشفاعة وهم أهل لذلك ومحتاجون إليها والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ في الْمُحَارِبِ وَهَلْ يُغَسَّلُ ويصلي عليه قبل صَلْبِهِ أو بَعْدَهُ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُغَسَّلُ ويصلي عليه قبل صَلْبِهِ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَفْعَلُ ذلك بِهِ بَعْدَ صَلْبِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْمُحَارِبِينَ وقال في هذا الْبَابِ وَإِنْ غُسِّلَ قَاطِعُ طَرِيقٍ قبل صَلْبِهِ وَبَعْدَهُ على الْخِلَافِ فيه صلى عليه انْتَهَى
____________________
1-
(2/197)
الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ غَيْرُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَالْمُرَادُ وَسِنٍّ وَقِيلَ وَغَيْرُ عُضْوِ قَاتِلٍ كَيَدٍ وَرِجْلٍ صلى عليه ( وش ) وُجُوبًا إنْ لم يَكُنْ صلى عليه وَقِيلَ مُطْلَقًا كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ في الْأَصَحِّ ( و ) وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وقل يَنْوِي الْجُمْلَةَ وإذا صلى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ جَعْلًا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ ( م 11 )
وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي على الْأَقَلِّ ( وه م ) لِئَلَّا تَتَكَرَّرَ الصَّلَاةُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ نَحْنُ نُجِيزُهُ إذَا لم يَكُنْ الْمَيِّتُ حَاضِرًا ابْتِدَاءً كَمَنْ صلى على غَائِبٍ ثُمَّ حَضَرَ فَقَدَّرْنَا غَيْبَةَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ وَذُكِرَ هذا في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وَبَعْدَهُ وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ معه أَمْ بِجَنْبِهِ فيه وَجْهَانِ ( م 12 )
وما بَانَ من حَيٍّ كَيَدِ سَارِقٍ انْفَصَلَ في وَقْتٍ لو وُجِدَتْ فيه الْجُمْلَةُ لم تُغَسَّلْ ولم يُصَلِّ عليها وَقِيلَ يصلي عليها إنْ اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ وَإِنْ اشْتَبَهَ من يُصَلِّي عليه بِغَيْرِهِ كَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ نَوَى بِالصَّلَاةِ من يُصَلِّي عليه وهو الْمُسْلِمُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ ( ه ) وَغَسَّلُوا وَكَفَّنُوا لِيُعْلَمَ شَرْطُ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَمْكَنَ عَزْلَهُمْ وَإِلَّا دُفِنُوا مَعَنَا نَصَّ عليه وَعَنْهُ إنْ اخْتَلَطُوا بِنَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا صَلَاةَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُغَسَّلُونَ إنْ تَسَاوَوْا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا صلى عليه وإذا صلى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ جُعِلَا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ انْتَهَى تَبِعَ الْمُصَنِّفُ في هذه الْعِبَارَةِ الْمَجْدَ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ أَيْضًا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ أَيْضًا على الْأَكْثَرِ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ ثَانِيًا بَلْ يكتفي بِالصَّلَاةِ التي فُعِلَتْ على الْبَعْضِ الْأَوَّلِ
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ معه أن بِجَنْبِهِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَحَكَاهُمَا احْتِمَالَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يُدْفَنُ بِجَنْبِهِ وهو الصَّحِيحُ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ دُفِنَ بِجَنْبِهِ ولم يُنْبَشْ لِأَنَّهُ مثله قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشارح وَإِنْ وُجِدَ الْجُزْءُ بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ غُسِّلَ وصلى عليه وَدُفِنَ إلَى جَانِبِ الْقَبْرِ أو نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فيه وَلَا حَاجَةَ إلَى كَشْفِ الْمَيِّتِ لأنه ضَرَرَ نَبْشِ الْمَيِّتِ وَكَشْفِهِ أَعْظَمُ من الضَّرَرِ بِتَفَرُّقِ أَجْزَائِهِ انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُنْبَشُ وَيُدْفَنُ معه
____________________
1-
(2/198)
واختلفوا في الصلاة إذن
وَسَبَقَ أَنَّ الْجِنَازَةَ تُقَدَّمُ على صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَدَلَّ أنها تُقَدَّمُ على ما قُدِّمَ الْكُسُوفُ عليه وَصَرَّحُوا منه بِالْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ وَصَرَّحَ ابن الْجَوْزِيِّ أَيْضًا بِالْمَكْتُوبَاتِ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ ( و ) على فَجْرٍ وَعَصْرٍ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم ابن عَقِيلٍ وفي الْمُسْتَوْعِبِ يُقَدَّمُ الْمَغْرِبُ عليها لَا الْفَجْرُ
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ تَقْدِيمَ الْمَغْرِبِ وَالْعِيدِ عليها وَيُقَدِّمُ الْوَلِيمَةَ من دُعِيَ إلَيْهَا لِتَعْيِينِهَا بِالدِّعَايَةِ ذَكَرَهُ ابن شِهَابٍ وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ في الْمَسْجِدِ ( ه م ر ) وَقِيلَ هو أَفْضَلُ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَخَيَّرَهُ أَحْمَدُ * وقال الْآجُرِّيُّ السُّنَّةُ أَنْ يصلي عليها فيه وَإِنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
وَإِنْ لم يُؤْمَنْ من تَلْوِيثُهُ لم يَجُزْ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ عن قَوْلِ الْمُخَالِفِ يُحْتَمَلُ انْفِجَارُهُ بِأَنَّهُ نَادِرٌ ثُمَّ هو عَادَةً بِعَلَامَةٍ فَمَتَى ظَهَرَتْ كُرِهَ إدْخَالُهُ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا فَلَا كما تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْمَسْجِدَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَطْرُقَهَا الْحَيْضُ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ثُمَّ لو صلى الْإِمَامُ فيه وَالْجِنَازَةُ خَارِجُهُ كُرِهَتْ عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْهُمْ حتى كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لِكُلِّ مُصَلٍّ في الْمَسْجِدِ بِنَاءً على أَنَّ الْمَسْجِدَ لِلْمَكْتُوبَاتِ إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ وللحنفيه خِلَافٌ هل الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ أو للتنزيه وَلَا تُحْمَلُ الْجِنَازَةُ إلَى مَكَان وَمَحَلَّةٍ ليصلي عليها فَهِيَ كَالْإِمَامِ تُقْصَدُ وَلَا تَقْصِدُهُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ وهو أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ أَنَّهُ قِيرَاطٌ نِسْبَتُهُ من أَجْرِ صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَجْهًا أَنَّ الثَّانِيَ بِوَضْعِهِ في قَبْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إذَا سُتِرَ باللين ( ( ( باللبن ) ) ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ لِلثَّانِي أَنْ لَا يُفَارِقَهَا من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تنبيه ) قوله ولا تكره صلاة الجنازة في المسجد وقيل هو أفضل وقيل عكسه وخيره أحمد انتهى كلام المصنف أن الذي قدمه أن صلاة الجنازة في المسجد مباحة وهو كذلك فقد قال أكثر الأصحاب لا بأس بها فيه فيكون المصنف قد قدم حكما وهو الإباحة فليس الخلاف بمطلق لكن على غير المقدم هل فعلها فيه أفضل أم فعلها خارجه أفضل حكى قولين قلت الصواب عدم الأفضلية في المسجد والله أعلم
____________________
1-
(2/199)
الصَّلَاةِ حتى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورَ دَفْنِهَا يتوجه وَجْهَانِ ( م 13 ) قال الْآجُرِّيُّ وَأَسْمَعُ الناس إذَا سَلَّمُوا من الْجِنَازَةِ يقول بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ آجَرَكَ اللَّهُ وَلَا نَعْرِفُهُ من أَهْلِ الْعِلْمِ سُئِلَ عنه بِشْرُ بن الْحَارِثِ فقال من قال هذا قِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد عن قَوْلِ الناس إذَا تَنَاوَلَهُ من صَاحِبِهِ سَلِّمْ رَحِمَك اللَّهُ فلم يَعْرِفْهُ قِيلَ له من يَذْهَبُ إلَى مَسْجِدِ الْجَنَائِزِ فَيَجْلِسُ يُصَلِّي على الْجَنَائِزِ إذَا جَاءَتْ قال لَا بَأْسَ وَكَأَنَّهُ رَأَى إذَا تَبِعَهَا من أَهْلِهَا هو أَفْضَلُ قال في حديث يحيى بن حمدة ( ( ( جعدة ) ) ) وَتَبِعَهَا من أَهْلِهَا يَعْنِي من صلى على جِنَازَةٍ فَتَبِعَهَا من أهله ( ( ( أهلها ) ) ) فَلَهُ قِيرَاطٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الثاني ( ( ( للثاني ) ) ) أَنْ لَا يُفَارِقَهَا من الصَّلَاةِ حتى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا من الصَّلَاةِ حتى تُدْفَنَ فَلَا بُدَّ من اتِّبَاعِهَا وَحُضُورِ دَفْنِهَا قُلْت وهو الصَّوَابُ فإن في اتِّبَاعِهَا أَجْرًا كَبِيرًا له وَلِلْمَيِّتِ وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَتْبَعُهَا من بَيْتِهَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا وهو ظَاهِرُ الحديث أَيْضًا فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(2/200)
بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ
وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ ( ع ) لَا يَخْتَصُّ كَوْنُ فَاعِلِهِ من أَهْلِ الْقُرْبَةِ فَلِهَذَا يَسْقُطُ بِكَافِرٍ وَغَيْرِهِ ( و ) وَلَا تُكْرَهُ الْأُجْرَةُ في رِوَايَةٍ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ بِلَا حَاجَةٍ وَقِيلَ تَحْرُمُ وقال الْآمِدِيُّ ( خ ) وَكَذَا تَكْفِينُهُ ( و ) وَدَفْنُهُ ( و ) لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ ( م 1 ) وَيَأْتِي أَخْذُ الرِّزْقِ وما اخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ الْقُرْبَةِ في الْإِجَارَةِ
يُسَنُّ أَنْ يَحْمِلَهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّرْبِيعُ في حَمْلِهِ ( وه ش ) وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ وهو أَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ النَّعْشِ الْيُسْرَى الْمُقَدَّمَةَ على كَتِفِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ ثُمَّ يُمْنَى النَّعْشِ على كَتِفِهِ الْيُسْرَى يَبْدَأُ بِمُقَدِّمَتِهَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( وه ش ) وَعَنْهُ بِالْمُؤَخِّرَةِ وَلَا يُكْرَهُ حَمْلُهُ بين الْعَمُودَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ على عَاتِقِهِ على الْأَصَحِّ ( ه ) وَلَيْسَ بِأَفْضَلَ من التَّرْبِيعِ ( ش ) وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ ( وم ) وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وزاد في الرِّعَايَةِ إنْ حُمِلَ بين الْعَمُودَيْنِ فَمِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ من عِنْدِ رِجْلَيْهِ وفي الْمُذْهَبِ من نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ لَا يَصْلُحُ إلَّا التَّرْبِيعُ قال أبو حَفْصٍ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ الِازْدِحَامُ عليه أَيُّهُمْ يَحْمِلُهُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّرْبِيعُ إذَنْ وَكَذَا كَرِهَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ التَّرْبِيعَ إنْ ازْدَحَمُوا وَإِنَّ قَوْلَ أبي دَاوُد رَأَيْت أَحْمَدَ ما لَا أُحْصِي يَتْبَعُهَا وَلَا يَحْمِلُهَا يَحْتَمِلُ الزِّحَامَ وَإِلَّا فَالتَّرْبِيعُ أَفْضَلُ عِنْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ سَتْرُ نَعْشِ الْمَرْأَةِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قال في الْمُسْتَوْعِبِ يُسْتَرُ بِالْمِكَبَّةِ وَمَعْنَاهُ في الْفُصُولِ قال بَعْضُهُمْ أَوَّلُ من اُتُّخِذَ ذلك له زَيْنَبُ أُمُّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ ولاتكره الْأُجْرَةُ في رِوَايَةٍ وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ بِلَا حَاجَةٍ وَقِيلَ تَحْرُمُ وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ وَكَذَا تَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ انْتَهَى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ أُجْرَةُ حَمْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في ذلك إحْدَاهَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا يُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وهو قَوِيٌّ بَلْ هو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلًا بِالتَّحْرِيمِ وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ
____________________
1-
(2/201)
المؤمنين ماتت سنة عشرين وفي التلخيص لا بأس يجعل المكبة عليها وفوقها ثوب قال ابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما لا بأس بحملها في تابوت وكذا من لا يمكن تركه على نعش إلا بمثله كحدب ونحوه قال في الفصول المقطع تلفق أعضاؤه بطين حر ويغطى حتى لا يتبين تشويهه فإن ضاعت لم يعمل شكلها من طين وقال أيضا الواجب جمع أعضائه في كفن واحد وقبر واحد وقال أبو حفص وغيره يستحب شد النعش بعمامة ولا بأس بحمل طفل على يديه ولا بأس بحمل الميت بأعمدة للحاجة كجنازة ابن عمر وعلى دابة لغرض صحيح ويجوز لبعد قبره وعنه يكره وظاهر كلامهم لا يحرم حملها على هيئة مزرية أو هيئة يخاف معها سقوطها ويتوجه احتمال ( وش )
وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بها دُونَ الْخَبَبِ ( و ) نَصَّ عليه زَادَ ابن الْجَوْزِيِّ وَفَوْقَ السَّعْيِ وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا يَخْرُجُ عن الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وتراعي الْحَاجَةُ نَصَّ عليه ( و ) وَاتِّبَاعُهَا سُنَّةٌ ( و ) وَسَأَلَهُ مُثَنَّى الْجِنَازَةُ تَكُونُ في جِوَارِ رَجُلٍ وَقْتَ صَلَاةٍ أَيَتْبَعُهَا وَيُعَطِّلُ الْمَسْجِدَ فلم أَرَهُ يُعْجِبُهُ تَرْكُهَا ولوتعطل وَسَبَقَتْ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ من صَلَاةِ النَّافِلَةِ وفي آخِرِ الرِّعَايَةِ ابتاعها ( ( ( اتباعها ) ) ) فَرْضُ كِفَايَةٍ لأمر الشارع به في آخر الرعاية ابتاعها فرض كفاية لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث الْبَرَاءِ وَلَيْسَتْ النَّوَافِلُ أَفْضَلَ إلَّا لِجِوَارٍ أو قَرَابَةٍ أو صَلَاحٍ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمَالِكِيِّ إنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ قال بَلْ قال مَالِكٌ هِيَ أَخْفَضُ من السُّنَّةِ وَالْجُلُوسُ في الْمَسْجِدِ وَالنَّافِلَةُ أَفْضَلُ منها إلَّا جِنَازَةَ من ترجي بَرَكَتُهُ أو له حَقُّ قَرَابَةٍ أو غَيْرِهَا وهو حَقٌّ له وَلِأَهْلِهِ
قال شَيْخُنَا لو قَدَرَ لو انْفَرَدَ لم يَسْتَحِقَّ هذا الْحَقَّ لِمُزَاحِمٍ أو لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ تَبِعَهُ لِأَجْلِ أَهْلِهِ إحْسَانًا إلَيْهِمْ لِتَأَلُّفٍ أو مُكَافَأَةٍ أو غَيْرِهِ وَذَكَرَ فِعْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مع عبدالله بن أُبَيٍّ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ من الْخَيْرِ أَنْ يَتْبَعَهَا لِقَضَاءِ حَقِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ اتِّبَاعُهَا ( وه ش وم ) في الْعَجُوزِ وَحَرَّمَهُ الْآجُرِّيُّ ( وم ر ) في الشَّابَّةِ وقال جَمِيعُ ما تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مع الْجَنَائِزِ مَحْظُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قال أبو الْمَعَالِي يُمْنَعْنَ من
____________________
(2/202)
اتِّبَاعِهَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ لِقَرَابَةٍ وقال أبو حَفْصٍ هو بِدْعَةٌ وَيَجِبُ طَرْدُهُنَّ فَإِنْ رَجَعْنَ وَإِلَّا رَجَعَ الرِّجَالُ بَعْدَ أَنْ يَحْثُوَا في وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ قال وَرَخَّصَ أَحْمَدُ في اتِّبَاعِ جِنَازَةٍ تَبِعَهَا النِّسَاءُ قال أبو
____________________
(2/203)
حَفْصٍ وَيَحْرُمُ بُلُوغُهَا الْمَقْبَرَةَ لِلْخَبَرِ في ذلك وهو ضَعِيفٌ ثُمَّ يُحْمَلُ على وَقْتِ تَحْرِيمِ زِيَارَتِهِنَّ
وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْمَاشِي أَمَامَهَا نَصَّ عليه ( وم ش ) لَا خَلْفَهَا ( ه ) وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ حَيْثُ شَاءَ وفي الْكَافِي حَيْثُ مَشَى فَحَسَنٌ وَقِيلَ لِلْقَاضِي لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ هذا بِالشَّفِيعِ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفِيعِ وَتَأَخُّرَهُ على وَجْهٍ وَاحِدٍ ليس بَعْضُهُ بِأَفْضَلَ من بَعْضٍ وَلَا كَذَلِكَ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَخَلْفَهَا لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ من الْآخَرِ
فقال لَا نُسَلِّمُ هذا بَلْ التَّقَدُّمُ بِالْخِطَابِ في الشَّفَاعَةِ وَإِظْهَارِ نَفْسِهِ وَالْمُبَالَغَةِ في ذلك أَفْضَلُ من التَّأَخُّرِ فيها فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قال وَالْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ مَعْنَاهُ مَقْصُودَةٌ فإن الناس يَمْشُونَ لِأَجْلِهَا وقد يَكُونُ الشَّيْءُ مَقْصُودًا ثُمَّ يَتَأَخَّرُ عن تَابِعِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الناس إذَا شَفَعُوا لِرَجُلٍ تَقَدَّمُوا عليه وَكَذَلِكَ جُنْدُ السُّلْطَانِ يَتَقَدَّمُونَهُ وَهُمْ تَبَعٌ وَكَذَلِكَ قَاسَ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ على أَنَّ الشَّفِيعَ يَتَقَدَّمُ الْمَشْفُوعَ فيه وَالرَّاكِبُ خَلْفَهَا ( و ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَكُرِهَ أَمَامَهَا وقال النَّخَعِيُّ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ رَوَاهُ سَعِيدٌ وفي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) قال بَعْضُهُمْ بِنَاءً على أَنَّ حُكْمَهُ كَرَاكِبٍ أو مَاشٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وفي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي إذَا تَبِعَهَا وهو رَاكِبُ سَفِينَةٍ هل يَكُونُ أَمَامَهَا كَالْمَاشِي أو خَلْفَهَا كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ قال بَعْضُهُمْ بِنَاءً على أَنَّ حُكْمَهُ كَرَاكِبٍ أو كَمَاشٍ وَأَنَّ عليها يَنْبَنِي دَوَرَانُهُ في الصَّلَاةِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ على مقنع ( ( ( المقنع ) ) ) أَحَدُهُمَا يَكُونُ خَلْفَهَا قُلْت قد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ لو حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَنِثَ بِرُكُوبِ سَفِينَةٍ في الْمَنْصُوصِ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ واللغة ( ( ( وللغة ) ) ) فَعَلَى هذا يَكُونُ رَاكِبُهَا خَلْفَهَا وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ ليس بِمَاشٍ وهو إلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ أَمَامَهَا كَالْمَاشِي قُلْت فيه ضعيف ( ( ( ضعف ) ) )
____________________
1-
(2/204)
وأن عليهما ينبغي دروانه في الصلاة ويكره لمن تبعها الركوب ( وم ش ) وقيل لا ( وه ) كركوبة في عوده ( و ) والقرب منها أفضل ويكره تقدمها إلى موضع الصلاة لا إلى المقبرة ويكره جلوس من تبعها قبل وضعها بالأرض للدفن نقله الجماعة ( وه ) وعنه للصلاة وعنه في اللحد وعنه لا يكره ( وم ش ) كمن بعد ويكره قيامه وقيام من مرت به لها ( و ) وعنه القيام وتركه سواء وعنه يستحب اختاره ابن عقيل وشيخنا وعنه حتى تغيب أو توضع وقال ابن أبي موسى ولعل المراد على هذا يقوم حين يراها قبل وصولها إليه للخبر لأنه عليه السلام أمر به حين رآها
وظاهره ولو كانت جنازة كافر لفعله عليه السلام متفق على ذلك قال المروذي رأيت أبا عبدالله إذا صلى على جنازة هو وليها لم يجلس حتى تدفن ووقف علي على قبر فقيل ألا تجلس يا أمير المؤمنين فقال قليل لأخينا قيامنا على قبره ذكره أحمد محتجا به ونقل حنبل لا بأس بقيامه على القبر حتى يدفن خيرا وإكراما قال صاحب المحرر ذلك حسن لا بأس به نص عليه
وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ النَّعْشِ بِغَيْرِ الْبَيَاضِ وسن ( ( ( ويسن ) ) ) بِهِ وَيُكْرَهُ مرقعة قال الْآجُرِّيُّ كَرِهَهَا الْعُلَمَاءُ وَاتِّبَاعُهَا بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَنَارٍ ( و ) إلَّا لِحَاجَةٍ نَصَّ عليه وَمِثْلُهُ التَّبْخِيرُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ يُكْرَهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَيُسَنُّ الذِّكْرُ وَالْقِرَاءَةُ سِرًّا وَإِلَّا الصَّمْتُ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَلَوْ بِالْقِرَاءَةِ اتِّفَاقًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وما يُعْطَوْنَهُ الْأُجْرَةِ سَبَقَ أَوَّلَ بَابِ الْكَفَنِ وَيَتَوَجَّهُ منه إبَاحَةُ الْقِرَاءَةِ وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ تَحْرِيمُهُ وَكَرَاهَتُهُ على الْخِلَافِ وَتُكْرَهُ الْمُحَادَثَةُ في الدُّنْيَا وَالتَّبَسُّمُ وَالضَّحِكُ أَشَدُّ وَكَذَا مَسْحُهُ بيده أو بِشَيْءٍ عليها تَبَرُّكًا وَقِيلَ بِمَنْعِهِ كَالْقَبْرِ وَأَوْلَى
قال أبو الْمَعَالِي هو بِدْعَةٌ يُخَافُ منه على الْمَيِّتِ قال وهو قَبِيحٌ في الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وفي الْفُصُولِ يُكْرَهُ قال وَلِهَذَا مَنَعَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ من مَسِّ الْقَبْرِ فَكَيْفَ بِالْجَسَدِ وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْحَيَاةِ ثُمَّ حَالَ الْحَيَاةِ يُكْرَهُ أَنْ يُمَسَّ بَدَنُ الْإِنْسَانِ
____________________
(2/205)
لِلِاحْتِرَامِ وَغَيْرِهِ سِوَى الْمُصَافَحَةِ فَأَمَّا غَيْرُهَا فَسُوءُ أَدَبٍ كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ بَلْ بَعْدَ الْمَوْتِ انْقَطَعَتْ الْمُوَاصَلَةُ بِالْبَدَنِ سِوَى الْقُبْلَةِ لِلسُّنَّةِ وَلِأَنَّ ضَرْبَهُ بِمِنْدِيلٍ وَكُمٍّ حَدٌّ لِلْمَرِيضِ فَلَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ وَرَوَى الْخَلَّالُ في أَخْلَاقِ أَحْمَدَ أَنَّ عَلِيَّ بن عبد الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيَّ مَسَحَ يَدَهُ على أَحْمَدَ ثُمَّ مَسَحَهَا على بَدَنِهِ وهو يَنْظُرُ فَغَضِبَ أَحْمَدُ شَدِيدًا وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَهُ وَيَقُولُ عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هذا وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا وَسَبَقَ في فَصْلِ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَنَقَلَ المروذي ( ( ( المروزي ) ) ) في الْوَرَعِ أَنَّ يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِيَّ أَوْصَى لِأَحْمَدَ بِجُبَّتِهِ فقال رَجُلٌ صَالِحٌ قد أَطَاعَ اللَّهَ فيها أَتَبَرَّكُ بها فَجَاءَهُ ابن يحيى بِمِنْدِيلِ ثِيَابٍ فَرَدَّهَا مَعَهَا
وَقَوْلُ الْقَائِلِ مع الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا له وَنَحْوَهُ بِدْعَةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَكَرِهَهُ وَحَرَّمَهُ أبو حَفْصٍ نَقَلَ ابن مَنْصُورٍ ما يُعْجِبُنِي وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بن جُبَيْرٍ قَالَا لِقَائِلِ ذلك لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك كما سَبَقَ في آخِرِ الْجُمُعَةِ الدُّعَاءُ على من نَشَدَ ضَالَّةً لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ولم يُنْقَلْ عن صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ خِلَافُهُ إلَّا ما رَوَى أَحْمَدُ عن أَنَسٍ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ أَنْصَارِيٍّ فَأَظْهَرُوا له الِاسْتِغْفَارَ فلم يُنْكِرْهُ وَلَا يُعَارِضُ صَرِيحَ الْقَوْلِ قال أَحْمَدُ لَا يقول في حَمْلِ الْجِنَازَةِ سَلِمَ يَرْحَمُك اللَّهُ فإنه بِدْعَةٌ وَلَكِنْ يقول بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رسول اللَّهِ وَيَذْكُرُ اللَّهَ إذَا تَنَاوَلَ السَّرِيرَ وَيَحْرُمُ أَنْ يَتْبَعَهَا مع مُنْكَرٍ هو عَاجِزٌ عنه نَصَّ عليه لِلنَّهْيِ نَحْوِ طُبُولٍ أو نِيَاحَةٍ أو لَطْمِ نِسْوَةٍ وَتَصْفِيقٍ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِنَّ وَعَنْهُ يَتْبَعُهَا وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ ( وه ) وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ تَبِعَهَا أُزِيلَ الْمُنْكَرُ لَزِمَهُ على الرِّوَايَتَيْنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودَيْنِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَيُعَايَا بها وَقِيلَ الْعَاجِزُ كَمَنْ دُعِيَ لِغُسْلِ مَيِّتٍ فَسَمِعَ طَبْلًا أو نَوْحًا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في طَبْلٍ لَا وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ وأبو دَاوُد في نَوْحٍ يُغَسِّلُهُ وَيَنْهَاهُمْ ( م 3 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَتْبَعَهَا مع مُنْكَرٍ هو عَاجِزٌ عنه نَصَّ عليه وَعَنْهُ يَتْبَعُهَا وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ اتَّبَعَهَا يُزِيلُ الْمُنْكَرَ لَزِمَهُ على الرِّوَايَتَيْنِ وَقِيلَ الْعَاجِزُ كَمَنْ دُعِيَ لِغَسْلِ مَيِّتٍ فَسَمِعَ طَبْلًا أو نَوْحًا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في طَبْلٍ لَا وَنَقَلَ ابو الْحَارِثِ وأبو دَاوُد في نَوْحٍ يُغَسِّلُهُ ويناهم ( ( ( وينهاهم ) ) ) انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ إنْ غَلَبَ على ظَنِّهِ زَوَالُ الطَّبْلِ وَالنَّوْحِ بِذَهَابِهِ ذَهَبَ وَغَسَّلَهُ وَإِلَّا فَلَا وَاَللَّهُ
____________________
1-
(2/206)
وضرب النساء بالدف منكر منهي عنه اتفاقا قاله شيخنا رحمه الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أَعْلَمُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(2/207)
@ 209 بَابُ الدَّفْنِ
الأولي بِهِ وَبِالتَّكْفِينِ والأولى بِالْغُسْلِ ثُمَّ بِالدَّفْنِ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ ثُمَّ مَحَارِمُهُ من النِّسَاءِ ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ وَمَحَارِمُهَا الرِّجَالُ أَوْلَى من الزجانب ( ( ( الأجانب ) ) ) وَمِنْ مَحَارِمِهَا النِّسَاءِ بِدَفْنِهَا وَهَلْ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ على مَحَارِمِهَا الرِّجَالِ ( وم ش ) أَمْ لَا ( وه ) فيه رِوَايَتَانِ ( م 1 ) فَإِنْ عدمها ( ( ( عدما ) ) ) فَهَلْ الْأَجَانِبُ أَوْلَى ( وه ش ) أَمْ نِسَاءُ مَحَارِمِهَا مع عَدَمِ مَحْذُورٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِ ذلك من تَكَشُّفِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ أو غَيْرِهِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو اتِّبَاعِهِنَّ الْجِنَازَةَ فيه رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَيُقَدَّمُ من الرِّجَالِ خَصِيٌّ ثُمَّ شَيْخٌ ثُمَّ الْأَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ الدَّفْنِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ على مَحَارِمِهَا الرِّجَالِ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ في نُكَتِ الْمُحَرَّرِ إحْدَاهُمَا يُقَدَّمُ الزَّوْجُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أبو الْمَعَالِي وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْمَحْرَمُ أَوْلَى من الزَّوْجِ وهو الصَّحِيحُ قال الْخَلَّالُ اسْتَقَامَتْ الرِّوَايَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يُقَدَّمُونَ على الزَّوْجِ انْتَهَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ فَإِنَّهُمْ قالوا وَيُدْخِلُهَا مَحْرَمُهَا وَإِلَّا امْرَأَةً وَالْأَصَحُّ وَإِلَّا شَابٌّ ثِقَةٌ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الصَّلَاةِ عليها فَعَلَى هذا أَيْضًا الْمَحَارِمُ أَوْلَى على الصَّحِيحِ
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَا يَعْنِي الزَّوْجُ وَمَحَارِمُهُمَا فَهَلْ الْأَجَانِبُ أَوْلَى أَمْ نِسَاءُ مَحَارِمِهَا مع عَدَمِ مَحْذُورٍ من تَكَشُّفِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ أو غَيْرِهِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو اتِّبَاعِهِنَّ الْجِنَازَةَ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ في نُكَتِ الْمُحَرَّرِ إحْدَاهُمَا الْأَجَانِبُ أَوْلَى قال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هذا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَقَدَّمَهُ النَّظْمِ وقال هذا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ ( قُلْت ) وَهَذَا الصَّحِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ نِسَاءُ مَحَارِمِهَا أَوْلَى جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وأبو الْمَعَالِي وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال نَصَّ عليه قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذه الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدِي على ما إذَا لم يَكُنْ في دَفْنِهِنَّ مَحْذُورٌ من اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ او التَّكَشُّفِ بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ أو غَيْرِهِ كما تَقَدَّمَ ( قُلْت ) لَا يَسْلَمْنَ من ذلك في الْغَالِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/209)
ومن بعد عهده بجماع أولى ممن قرب وَلَا يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ دَفْنُ امْرَأَةٍ مع وُجُودِ مَحْرَمِهَا نَصَّ عليه وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَحْمِلُهَا من الْمُغْتَسِلِ إلَى النَّعْشِ وَيُسَلِّمُهَا إلَى من في الْقَبْرِ وَتُحَلُّ عُقَدُ الْكَفَنِ وَقَالَهُ ( ش ) في الْأُمِّ وَبَعْضُ أصحابه ( ( ( الصحابة ) ) ) وَمَتَى كان الْأَوْلَى بِغُسْلِهِ الْأَوْلَى بِدَفْنِهِ تَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِنَائِبِهِ إنْ شَاءَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَائِبَهُ أَوْلَى حَضَرَ أَمْ غَابَ خِلَافُ كَلَامٍ لِأَبِي الْمَعَالِي في الصَّلَاةِ
وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيقُ الْقَبْرِ وَتَوْسِيعُهُ بِلَا حَدٍّ نَصَّ عليه وقال ايضا إلَى الصَّدْرِ وقال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَامَةٌ وَبَسْطَةٌ ( وش ) وَذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ نَصًّا وَالْبَسْطَةُ الْبَاعُ وَيَكْفِي ما يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسِّبَاعَ قال ابن عَقِيلٍ وَلَا يَجُوزُ بَدَلَ الْقَبْرِ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ وَيَضَعُ أَجْبَالًا من تُرَابٍ لِأَنَّهُ ليس بِسُنَّةٍ كما لَا يَجُوزُ سَتْرُهُ إلَّا بِالثِّيَابِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يسجي قَبْرُ امْرَأَةٍ لَا قَبْرُ رَجُلٍ ( ش ) بَلْ يُكْرَهُ نَصَّ عليه إلَّا لِعُذْرِ مضظر ( ( ( مطر ) ) ) أو غَيْرِهِ وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ من الشَّقِّ على الْأَصَحِّ ( و ) بَلْ يُكْرَهُ الشَّقُّ بِلَا عُذْرٍ وهو حُفْرَةٌ في أَرْضِ الْقَبْرِ بِقَدْرِهِ وَيُسْقَفُ عليه حتى لو تَعَذَّرَ اللَّحْدُ لِكَوْنِ التُّرَابِ يَنْهَارُ سَنَمُهُ بِلَبِنٍ وَحِجَارَةٍ إنْ أَمْكَنَ نَصَّ عليه وَلَا يَشُقُّ إذًا ( ش ) وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ في أَرْضٍ رَخْوَةٍ أو نَدِيَّةٍ وَيُلْحَدُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَلَا يُعَمَّقُ اللَّحْدُ تَعْمِيقًا يَنْزِلُ فيه جَسَدُ الْمَيِّتِ كَثِيرًا بَلْ يقدر ( ( ( بقدر ) ) ) ما يَكُونُ الْجَسَدُ غير مُلَاصِقٍ لِلَّبِنِ
وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ من عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ ( وش ) لِأَنَّهُ ليس مَوْضِعَ تَوَجُّهٍ بَلْ دُخُولٍ فَدُخُولُ الرَّأْسِ أَوْلَى كَعَادَةِ الْحَيِّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ إنَّهُ يُبْدَأُ في حَمْلِ الْمَيِّتِ من الرَّأْسِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ وَلِهَذَا قُلْنَا في الصَّلَاةِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَهَذَا مع الذي قَبْلَهُ يَدُلُّ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالرَّأْسِ في اللِّبَاسِ
وَلَا يُدْخَلُ الْمَيِّتُ مُعْتَرِضًا ( ه ) من قِبْلَتِهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْأَسْهَلُ ثُمَّ سَوَاءٌ ( وم ) وَقِيلَ يُبْدَأُ بِإِدْخَالِ رِجْلَيْهِ ذَكَرَهُ ابن الزَّاغُونِيِّ قال أَحْمَدُ فِيمَنْ دخل الْقَبْرَ وَعَلَيْهِ خُفٌّ لَا يُعْجِبُنِي وَقِيلَ يَحِلُّ إزَارَهُ قال لَا
وَلَا تَوْقِيتَ فِيمَنْ يُدْخِلُهُ بَلْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ نَصَّ عليه ( وه م ) كَسَائِرِ أُمُورِهِ ( و ) وَقِيلَ الْوِتْرُ أَفْضَلُ ( وش ) وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ وَاضِعِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ
____________________
(2/210)
رسول اللَّهِ لِلْخَبَرِ وَعَنْهُ يقول اللَّهُمَّ بَارِكْ في الْقَبْرِ وَصَاحِبِهِ وَإِنْ قَرَأَ { منها خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } سورة طه 55 الْآيَةُ أو أتى بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ يَلِيقُ عِنْدَ وَضْعِهِ وَإِلْحَادِهِ فَلَا بَأْسَ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ فَصْلٌ يَجِبُ دَفْنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخِ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ يُسْتَحَبُّ كَجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَيُسْتَحَبُّ تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةٌ كَالْمِخَدَّةِ لِلْحَيِّ وهو مُشَبَّهٌ بِهِ ولم يَذْكُرْهُ الْحَنَفِيَّةُ وَيُكْرَهُ قَطِيفَةٌ تَحْتَهُ لِكَرَاهَةِ الصَّحَابَةِ وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بها من عِلَّةٍ وَعَنْهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِأَنَّ شُقْرَانَ وَضَعَهَا تَحْتَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَكِنْ من غَيْرِ اتِّفَاقٍ منهم
وَيُكْرَهُ مِخَدَّةٌ ( و ) وَالْمَنْصُوصُ مُضَرَّبَةٌ ( و ) قال أَحْمَدُ ما أُحِبُّهُمَا ويدينه ( ( ( ويدنيه ) ) ) من قبله اللَّحْدِ وَيُسْنَدُ من خَلْفِهِ وَيُنْصَبُ عليه لَبِنٌ ( و ) وَعَنْهُ قَصَبٌ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وابن عَقِيلٍ وَيَسُدُّ الْفُرْجَةَ بِحَجَرٍ قَالَهُ أَحْمَدُ وَلَيْسَ هذا بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْحَيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا ثُمَّ يُطَيِّنُ فَوْقَهُ
وَدَلَّ سَدُّ الْفُرْجَةِ بِحَجَرٍ على ان الْبَلَاطَ كَاللَّبِنِ وَإِنْ كان اللَّبِنُ أَفْضَلَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ اللَّبِنَ من جِنْسِ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ من أَبْنِيَةِ الدُّنْيَا بِخِلَافِ الْقَصَبِ وَلِأَحْمَدَ عن عَمْرِو بن الْعَاصِ لَا تَجْعَلُوا في قَبْرِي خَشَبًا وَلَا حَجَرًا وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ في الْحَجَرِ نَظَرًا إلَى كَرَاهَةَ الْآجُرِّ لِأَثَرِ النَّارِ أَمْ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ وَالزِّينَةِ
وَالْمَعْنَيَانِ لنا فَيَتَوَجَّهُ لنا كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ فيه خَشَبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ وما مَسَّتْهُ نار ( ( ( النار ) ) ) وَدَفْنُهُ في تَابُوتٍ ( و ) وَلَوْ كان الْمَيِّتُ امْرَأَةً خِلَافًا لِمَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ نَصَّ على الْكُلِّ زَادَ بَعْضُهُمْ أو في حَجَرٍ مَنْقُوشٍ وقال بَعْضُهُمْ أو يُجْعَلُ فيه حَدِيدَةٌ وَلَوْ كانت الْأَرْضُ رَخْوَةً أو نَدِيَّةً وجوزة الْحَنَفِيَّةُ وإنه من رَأْسِ الْمَالِ وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُ التُّرَابِ عليه ثَلَاثًا ( وش ) بِالْيَدِ وَقِيلَ من قِبَلِ رَأْسِهِ وَقِيلَ من دَنَا منه وَعَنْهُ لَا بَأْسَ
____________________
(2/211)
بِذَلِكَ ثُمَّ يُهَالُ عليه التُّرَابُ وَيُكْرَهُ زِيَادَةُ تُرَابِهِ نَصَّ عليه لِلنَّهْيِ ( وه ش ) قال في الْفُصُولِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ نَقَلَ أبو دَاوُد إلَّا أَنْ يُسَوَّى بِالْأَرْضِ وَلَا يُعْرَفُ وَالْمُرَادُ مع أَنَّ تُرَابَ قَبْرٍ لَا يُنْقَلُ إلَى آخَرَ وَقَالَهُ الحنفيه وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أو خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا نَصَّ عليه ( ه ) وَنَصَّ أَيْضًا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ( وش ) وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ عَلَّمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بن مَظْعُونٍ بِصَخْرَةٍ عِنْدَ رَأْسِهِ رَوَاهُ أبو دَاوُد
وَلَا بَأْسَ بِلَوْحٍ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ ما سَمِعْت فيه بِشَيْءٍ وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على اللَّوْحِ الْمُعْتَادِ وهو ما فيه كِتَابَةٌ أو نُقُوشٌ أو على اللَّوْحِ في جَوْفِ الْقَبْرِ لِتَرْكِ سُنَّةِ اللَّبِنِ وَالْقَصَبِ قال له مُهَنَّا يُكْرَهُ في الْقَبْرِ خَشَبٌ قال نعم قُلْت وَالْأَلْوَاحُ فيه قال نعم وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُهُ بِشِبْرٍ ( و ) وَتَسْنِيمُهُ أَفْضَلُ نَصَّ عليه ( ش ) وَخَالَفَهُ كثيرا ( ( ( كثير ) ) ) من أَصْحَابِهِ زَادَ الشَّيْخُ التَّسْطِيحُ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ فَيُكْرَهُ وَحُمِلَ في الْخِلَافِ بَعْضُ ما روى في التَّسْطِيحِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قد سَطَّحَ جَوَانِبَهَا وَسَنَّمَ وَسَطَهَا وَيُكْرَهُ فَوْقَ شِبْرٍ قال عَلِيٌّ لِأَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ أَبْعَثُك على ما بَعَثَنِي عليه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَدَعُ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ ومسلم وأبو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ
قال في الْخِلَافِ هذا مَحْمُولٌ على الْقُبُورِ التي عليها الْبِنَاءُ وَالْجِصُّ وَنَحْوُهُ وَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرٍ فَسُوِّيَ وقال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وأبو دَاوُد قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُحْمَلُ على تَقْرِيبِهِ من الْأَرْضِ وَالْمَنْعُ على عُلُوِّهَا الْفَاحِشِ وَتُرَشُّ بِمَاءٍ ( و ) وَعَنْهُ لَا بَأْسَ وَيُوضَعُ عليه حصي صِغَارٌ لِيَحْفَظَ تُرَابَهُ
____________________
(2/212)
وفي التَّلْخِيصِ لَا بَأْسَ وَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَكَرِهَهُ أبو حَفْصٍ ( وه ) وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ( خ ) وَحُمِلَ في الْخِلَافِ النَّهْيُ الذي رَوَاهُ النِّجَادُ على طِينٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وهو الطِّينُ الذي فيه تَحْسِينُ الْقَبْرِ وَزِينَتُهُ فَيَجْرِي مَجْرَى التَّجْصِيصِ
وَيُكْرَهُ الْكِتَابَةُ عليه ( وش ) وَتَجْصِيصُهُ ( و ) وَتَزْوِيقُهُ وَتَخْلِيقُهُ وَنَحْوُهُ وهو بِدْعَةٌ وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عليه ( و ) وأطلقه ( ( ( أطلقه ) ) ) أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ لَاصَقَهُ أو لَا وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ لَا بَأْسَ بقية ( ( ( بقبة ) ) ) وَبَيْتٍ وَحَصِيرَةٍ في مِلْكِهِ لِأَنَّ الدَّفْنَ فيه مع كَوْنِهِ كَذَلِكَ مَأْذُونٌ فيه قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَيُكْرَهُ في صَحْرَاءَ لِلتَّضْيِيقِ وَالتَّشْبِيهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَيُكْرَهُ إنْ كانت مُسَبَّلَةً وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الصَّحْرَاءُ
وفي الْوَسِيلَةِ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ الْفَاخِرُ كَالْقُبَّةِ فَظَاهِرُهُ لَا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلَاصِقٍ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وحفطه ( ( ( وحفظه ) ) ) دَائِمًا فَهُوَ كالحصي ولم يَدْخُلْ في النَّهْيِ لِأَنَّهُ خَرَجَ على الْمُعْتَادِ أو يُخَصُّ منه وَهَذَا مُتَّجِهٌ لَكِنْ إنْ فَحُشَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَحَرَّمَ أبو حَفْصٍ الْحُجْرَةَ قال بَلْ تُهْدَمُ وَحَرَّمَ الْفُسْطَاطَ وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ وَأَمَرَ ابن عُمَرَ بِإِزَالَةِ الْفُسْطَاطِ وقال إنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَحْرُمُ الْبِنَاءُ مُبَاهَاةً وَلَا لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ خِلَافًا لِرِوَايَةٍ عن مَالِكٍ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ في الْمُبَاهَاةِ فإنه تَحْرُمُ الْمُفَاخَرَةُ وَالرِّيَاءُ وَقَالَهُ هُنَا الْمَالِكِيَّةُ وَذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ يُمْنَعُ الْبِنَاءُ في وَقْفٍ عَامٍّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ
وقال رَأَيْت الْأَئِمَّةَ في مَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ ما يُبْنَى فَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يُمْنَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فإن الْمَنْقُولَ في هذا ما سَأَلَهُ أبو طَالِبٍ عَمَّنْ اتَّخَذَ حُجْرَةً في الْمَقْبَرَةِ لِغَيْرِهِ قال لَا يُدْفَنُ فيها وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بها وهو كَغَيْرِهِ وَجَزَمَ ابن الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَفْرُ قَبْرٍ في مُسَبَّلَةٍ قبل الْحَاجَةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى وقال شَيْخُنَا من بَنَى ما يَخْتَصُّ بِهِ فيها فَهُوَ غَاصِبٌ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْمَعَالِي فيه تَضْيِيقٌ على الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ في مِلْكِهِ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ وَكُلٌّ مَنْهِيٌّ عنه وقال في الْفُصُولِ الْقُبَّةُ وَالْحَظِيرَةُ وَالتُّرْبَةُ إنْ كان في مِلْكِهِ فَعَلَ ما شَاءَ وَإِنْ كان في مُسَبَّلَةٍ كُرِهَ لِلتَّضْيِيقِ بِلَا فَائِدَةٍ وَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لم تُوضَعْ له وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا وَاِتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ عليها وَبَنْيُهَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( و ) قال شَيْخُنَا يَتَعَيَّنُ إزَالَتُهَا لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا بين الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ قال وَلَا تَصِحُّ
____________________
(2/213)
الصَّلَاةُ فيها على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِلنَّهْيِ وَاللَّعْنِ وَلَيْسَ فيها خِلَافٌ لِكَوْنِ الْمَدْفُونِ فيها وَاحِدًا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في الْمَقْبَرَةِ الْمُجَرَّدَةِ عن مَسْجِدٍ هل حَدُّهَا ثَلَاثَةُ أَقْبُرٍ أو ينهي عن الصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَبْرِ الْفَذِّ على وَجْهَيْنِ
وفي كِتَابِ الْهَدْيِ لو وُضِعَ الْمَسْجِدُ وَالْقَبْرُ مَعًا لم يَجُزْ ولم يَصِحُّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ وَسَبَقَ كَلَامُهُ في الْفُصُولِ في الصَّلَاةِ فيها وَظَاهِرُهُ خِلَافُهُ وقال ابن هُبَيْرَةَ في حديث جُنْدَبٍ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إنِّي أَنْهَاكُمْ عن ذلك قال نَهْيُهُ عن ذلك لو اتَّخَذَ مَسْجِدًا إلَى جَانِبِ قَبْرٍ كُرِهَ ذلك وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هو حَرَامٌ كَذَا قال وفي الْوَسِيلَةِ يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ عِنْدَهَا ( وش ) وفي الْفُنُونِ لَا يُخَلَّقُ الْقُبُورُ بِالْخَلُوقِ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّقْبِيلِ لها وَالطَّوَافِ بها وَالتَّوَسُّلِ بِهِمْ إلَى اللَّهِ قال وَلَا يَكْفِيهِمْ ذلك حتى يَقُولُوا بِالسِّرِّ الذي بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ
وَأَيُّ شَيْءٍ من اللَّهِ يُسَمَّى سِرًّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ قال وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ النِّيرَانِ وَالتَّبْخِيرِ بِالْعُودِ وَالْأَبْنِيَةِ الشَّاهِقَةِ الْبَابِ سَمَّوْا ذلك مَشْهَدًا وَاسْتَشْفَوْا بِالتُّرْبَةِ من الْأَسْقَامِ وَكَتَبُوا إلَى التُّرْبَةِ الرِّقَاعَ وَدَسُّوهَا في الْأَثْقَابِ فَهَذَا يقول جِمَالِي قد جَرِبَتْ وَهَذَا يقول أَرْضِي قد أَجْدَبَتْ كَأَنَّهُمْ يُخَاطِبُونَ حَيًّا وَيَدْعُونَ إلَهًا فصف ( ( ( فصل ) ) )
يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ نَصَّ عليه فَعَلَهُ أَحْمَدُ جَالِسًا قال أَصْحَابُنَا وَشَيْخُنَا يُسْتَحَبُّ وُقُوفُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَيْضًا لَا بَأْسَ بِهِ قد فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَالْأَحْنَفُ وَلِأَبِي دَاوُد عن عُثْمَانَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقَفَ وقال اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا له التَّثْبِيتَ فإنه الْآنَ يُسْأَلُ وَرَوَى سَعِيدٌ عن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَقِفُ فَيَدْعُو وقال أبو حَفْصٍ الْوُقُوفُ بِدْعَةٌ كَذَا قال وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى في الْمُنَافِقِينَ { وَلَا تَقُمْ على قَبْرِهِ } سورة التوبة 84 وَهَذَا هو الْمُرَادُ على
____________________
(2/214)
ما ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وقال ابن جَرِيرٍ مَعْنَاهُ وَلَا تَتَوَلَّ دَفْنَهُ كَذَا قال ولم يذكر أَحْمَدُ والأكثر ( ( ( الأكثر ) ) ) قِرَاءَةً وقال بَعْضُهُمْ يَقْرَأُ أو يَدْعُو نَصَّ عليه وَأَمَّا تَلْقِينُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ فَاسْتَحَبَّهُ الْأَكْثَرُونَ ( وم ش ) لِقَوْلِ رَاشِدِ بن سَعْدٍ وَضَمْرَةَ بن حَبِيبٍ وَحَكِيمِ بن عُمَيْرٍ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ قَبْرِهِ يا فُلَانُ قل لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أشهد أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يا فُلَانُ قُلْ رَبِّي اللَّهُ وَدِينِي الْإِسْلَامُ وَنَبِيِّ مُحَمَّدٌ رَوَاهُ عَنْهُمْ أبو بَكْرِ بن أبي مَرْيَمَ وهو ضَعِيفٌ رَوَاهُ سَعِيدٌ
وَعَنْ أبي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا لِيَقُمْ أحدكم على رَأْسِ قَبْرِهِ وَلْيَقُلْ يا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ فإنه يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ ثُمَّ لِيَقُلْ يا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ فإنه يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ لِيَقُلْ يا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ فإنه يقول أَرْشِدْنَا يَرْحَمُك اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ فيقول اُذْكُرْ ما خَرَجْت عليه من الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا
فإن مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَقُولَانِ ما يُقْعِدُنَا عِنْدَ هذا وقد لُقِّنَ حُجَّتَهُ وَيَكُونُ اللَّهُ حجيجيه ( ( ( حجيجه ) ) ) دُونَهُمَا فقال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لم يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ قال فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّى رَوَاهُ أبو بَكْرٍ في الشافعي ( ( ( الشافي ) ) ) وَالطَّبَرَانِيُّ وابن شَاهِينَ وَغَيْرُهُمْ وهو ضَعِيفٌ
وَلِلطَّبَرَانِيِّ أو لِغَيْرِهِ فيه وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ من في الْقُبُورِ وَفِيهِ وَأَنَّك رَضِيت بِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا فَظَاهِرُ اسْتِدْلَالِ الْأَصْحَابِ بهذا الْخَبَرِ يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِهِ فَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَكَذَا قال الشَّافِعِيَّةُ وَيَقْتَضِي أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى حَوَّى إلَّا إذَا لم يُعْرَفْ اسْمُ أُمِّهِ وهو خِلَافُ الْمُعْتَادِ
قال أَحْمَدُ ما رَأَيْت أَحَدًا فَعَلَ هذا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ وَفِيهِ تَثْبِيتٌ عَذَابِ الْقَبْرِ وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عن أبي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هُنَا وَهَذَا وَإِنْ شَمِلَهُ اللَّفْظُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِلَّا لَنَقَلَهُ الْخَلَفُ
____________________
(2/215)
عن السَّلَفِ وَشَاعَ وقال شَيْخُنَا تَلْقِينُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ مُبَاحٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُكْرَهُ ( ه ) قال أبو الْمَعَالِي لو انْصَرَفُوا قَبْلَهُ لم يَعُودُوا لِأَنَّ الْخَبَرَ يُلَقِّنُونَهُ قبل انْصِرَافِهِمْ لِيَتَذَكَّرَ حُجَّتَهُ وفي تَلْقِينِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَجْهَانِ بِنَاءً على نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ وَسُؤَالِهِ وَامْتِحَانِهِ النَّفْيُ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ ( وش ) وَالْإِثْبَاتُ قَوْلُ أبي حَكِيمٍ وَغَيْرِهِ وَحَكَاهُ ابن عَبْدُوسٍ عن الْأَصْحَابِ ( م 3 )
قال شَيْخُنَا وهو أَصَحُّ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عن أبي هُرَيْرَةَ وروى مَرْفُوعًا أَنَّهُ صلي على طِفْلٍ لم يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ فقال اللَّهُمَّ قِه عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ وَلَا حُجَّةَ فيه لِلْجَزْمِ بِنَفْيِ التَّعْذِيبِ فَقَدْ يَكُونُ أبو هُرَيْرَةَ يَرَى الْوَقْفَ فِيهِمْ قال ابن عبد الْبَرِّ ذَهَبَ إلَى هذه جَمَاعَةٌ من أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ منهم حَمَّادُ بن زَيْدٍ وَحَمَّادُ ابن سَلَمَةَ وابن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ قال وهو يُشْبِهُ ما رَسَمَ مَالِكٌ في مُوَطَّئِهِ وما أَوْرَدَهُ من الْأَحَادِيثِ فَصْلٌ وَيَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ في قَبْرٍ نَصَّ عليه وَعَنْهُ ويكره اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمَا وهو أَظْهَرُ ( وه ش ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في نَبْشِهِ لِغَرَضٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 3 ) قوله وفي تلقين غير مكلف وجهان بناء على نزول الملكين وسؤاله وامتحانه النفي قول القاضي وابن عقيل وهو ظاهر ما قدمه في المستوعب ( قلت ) وهو الصحيح وعليه العمل في الأمصار والإثبات قول أبي حكيم وغيره وحكاه ابن عبدوس عن الأصحاب وقدمه الشيخ عبدالله كله في كتابه العدة قال الشيخ تقي الدين وهو أصح قال في المستوعب قال شيخنا يلقن وقدمه في الرعايتين قال في مجمع البحرين وهو ظاهر كلام أبي الخطاب وقال ابن حمدان في نهاية المبتدئين قال أبو الحسن بن عبدوس يسأل الأطفال عن الإقرار الأول حين الدراية والكبار يسألون عن معتقدهم في الدنيا وإقرارهم الأول انتهى وأطلقهما ابن تميم وصاحب الحاويين ومجمع البحرين
____________________
1-
(2/216)
صَحِيحٍ ولم يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ فَدَلَّ أَنَّ عِنْدَهُ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَحْرُمُ وَعَنْهُ يَجُوزُ نَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ وَقِيلَ يَجُوزُ في الْمَحَارِمِ وَقِيلَ فِيمَنْ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِ وَيَجُوزُ لِحَاجَةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ من يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ وَأَنْ يُحْجَزَ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ نَصَّ عليه وقال الْآجُرِّيُّ إنْ كان فِيهِمْ نِسَاءٌ كَذَا قال وَكَرِهَ أَحْمَدُ الدَّفْنَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ( وم ) وَغُرُوبِهَا ( وم ) له أَيْضًا وَقِيَامِهَا ( خ ) قال في الْمُغْنِي لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُكْرَهُ نَهَارًا أَوْلَى ( * ) وَيَجُوزُ لَيْلًا ( و ) وَذَكَرَهُ في شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ ذَكَرَهُ ابن هُبَيْرَةَ اتِّفَاقَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَعَنْهُ لايفعله إلَّا ضَرُورَةً وَالدَّفْنُ في الصَّحْرَاءِ أَفْضَلُ وَكَرِهَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ في الْبُنْيَانِ وَتَأْتِي خَصَائِصُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في النِّكَاحِ وَإِنَّمَا اخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا بِهِ ولم يَزِدْ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْخَرْقَ يَتَّسِعُ وَالْمَكَانَ ضَيِّقٌ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ على دَفْنِهِمْ كما وَقَعَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ وصي بِدَفْنِهِ في مِلْكِهِ دُفِنَ مع الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ يَضُرُّ الْوَرَثَةَ قَالَهُ أَحْمَدُ وقال لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَوْضِعِ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فيه فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ فَلِهَذَا حَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلَ على أَنَّهُ لم يَخْرُجْ من ثُلُثِهِ وما قَالَهُ مُتَّجِهٌ وَبَعَّدَهُ بَعْضُهُمْ
وفي الْوَسِيلَةِ فَإِنْ أَذِنُوا كُرِهَ دَفْنُهُ نَصَّ عليه وَيَصِحُّ بَيْعُ ما دُفِنَ فيه من مِلْكِهِ ما لم يُجْعَلْ أو يَصِرْ مَقْبَرَةً نَصَّ عليه وَمَنَعَ ابن عَقِيلٍ بَيْعَ مَوْضِعِ الْقَبْرِ مع بَقَاءِ رِمَّتِهِ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ لِأَنَّهَا ما لم تَسْتَحِلْ تُرَابًا فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ قال وَإِنْ نُقِلَتْ الْعِظَامُ وَجَبَ الرَّدُّ لِتَعْيِينِهِ لها قال جَمَاعَةٌ وَلَهُ حَرْثُهَا إذَا بَلِيَ الْعَظْمُ وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ وَالْبِقَاعُ الشَّرِيفَةُ وما كَثُرَ فيه الصَّالِحُونَ وقد سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ من الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ
وقال عُمَرُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً في سَبِيلِك وَاجْعَلْ مَوْتِي في بَلَدِ رَسُولِك وَهُمَا في الصَّحِيحِ وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ قُدِّمَ ثُمَّ يُقْرَعُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( تنبيه ) قوله نهارا أولى كذا في النسخ وصوابه ونهارا بزيادة واو وتقديره والدفن نهارا أولى والله أعلم
____________________
1-
(2/217)
وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِمَزِيَّةٍ نَحْوُ كَوْنِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَمَتَى عُلِمَ أَنَّهُ صَارَ تُرَابًا وَمُرَادُهُمْ ظَنٌّ وَلِهَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ يُعْمَلُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ في الْأَصَحِّ وَإِلَّا لم يَجُزْ نَصَّ عليه وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ تَبْقَى عِظَامُهُ مَكَانَهُ وَيُدْفَنُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي في مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ إذَا صَارَ تُرَابًا جَازَ الدَّفْنُ وَالزِّرَاعَةُ وَغَيْرُ ذلك ( و ) كَذَا أَطْلَقَ وَالْمُرَادُ ما لم يُخَالِفْ شَرْطَ وَاقِفِهِ كَتَعْيِينِهِ الْجِهَةَ
وقال بَعْضُهُمْ وَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ على أَرْضِ الْحَرْبِ لم تُنْبَشْ قُبُورُهُمْ نَصَّ عليه وَلَا تُنْبَشُ مَقْبَرَةٌ عَتِيقَةٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ مع بَقَاءِ رِمَّتِهِ وقد كان مَوْضِعُ مَسْجِدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَ بِنَبْشِهَا وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ أَوْصَى بِبِنَاءِ دَارِهِ مَسْجِدًا فَخَرَجَتْ مَقْبَرَةً فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لم يَخْرُجُوا وَإِلَّا أُخْرِجَتْ عِظَامُهُمْ وَيَتَوَجَّهُ يجوز ( ( ( ويجوز ) ) ) نَبْشُ قَبْرِ الْحَرْبِيِّ لِمَالٍ فيه وَلَا تَصْرِيحَ بِخِلَافِهِ بَلْ هو ظَاهِرُ كَلَامِ من جَوَّزَهُ لِمَصْلَحَةٍ
وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَاحْتَجَّتْ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ نَبَشَتْ قَبْرَ أبي رِغَالٍ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَيَحْرُمُ حفرة في مُسَبَّلَةٍ قبل الْحَاجَةِ ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ وَإِنْ ثَبَتَ قَوْلٌ بِجَوَازِ بِنَاءِ بَيْتٍ وَنَحْوِهِ فها هنا كَذَلِكَ وَأَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ هُنَا ما سَبَقَ في الْمُصَلَّى الْمَفْرُوشِ وَيَحْرُمُ الدَّفْنُ في مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْبَشُ نَصَّ عليه وفي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلِلْمَالِكِ نَقْلُهُ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَكَرِهَهُ أبو الْمَعَالِي لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ فَصْلٌ من أَمْكَنَ غُسْلُهُ فَدُفِنَ قَبْلَهُ لَزِمَ نَبْشُهُ نَصَّ عليه ( وم ش ) أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ آخَرُونَ إنْ خُشِيَ تَفَسُّخُهُ تُرِكَ ( وم ش ) زَادَ بَعْضُهُمْ أو تَغَيُّرُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ نَبْشُهُ مُطْلَقًا ( وه ) إنْ أُهِيلَ التُّرَابُ فيصلي عليه كَعَدَمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ ( ه ) وَكَذَا من دُفِنَ غير مُوَجَّهٍ ( و ) وَقِيلَ يَحْرُمُ وَقَدَّمَ ابن تَمِيمٍ يُسْتَحَبُّ نَبْشُهُ وَإِنْ دُفِنَ قبل تَكْفِينِهِ فَقِيلَ كَقَبْلِ غُسْلِهِ قال في الْوَسِيلَةِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا لِسَتْرِهِ بِالتُّرَابِ ( م 4 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ دُفِنَ قبل تَكْفِينِهِ فَقِيلَ كَقَبْلِ غُسْلِهِ قال في الْوَسِيلَةِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا لِسَتْرِهِ بِالتُّرَابِ انْتَهَى وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا حُكْمُهُ حُكْمُ دَفْنِهِ قبل غُسْلِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
____________________
1-
(2/218)
وفي المنتخب روايتان وفي الرعاية وقيل ولو بلي كذا قال فمع تفسخه في الكل أولى وإن دفن قبل الصلاة فكالغسل نص عليه ليوجد شرط الصلاة وهو عدم الحائل وقال ابن شهاب والقاضي لَا يُنْبَشُ ويصلي ( ( ( لستره ) ) ) على ( ( ( بالتراب ) ) ) القبر لإمكانها عليه وعنه يخير قال بعضهم فكذا غيرها قال ابن عقيل في مفرداته الأمر آكد من النهي لأن منه ما يكفر به ولا يسقط بالندم
ونص أحمد عكسه وقال في فنونه رجل دفن بنتا له ثم رأى في منامه وهي تقول دفنت حية هل تنبش لذلك يحتمل أن يجوز ويحتمل أن لا يجوز فإن نبشت ووجدت جالسة قد مزقت كفنها فيحتمل أن لا يجب الغسل ثانيا وهل يلزم من دفنها الدية يحتمل يلزم من طرح عليها التراب ويحتمل لا
ويجوز في المنصوص نبشه لغرض صحيح ( خ ) كتحسين كفنه وخير من بقعته ودفنه لعذر بلا غسل ولا حنوط وكإفراده لإفراد جابر لأبيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج عبدالله بن أبي بعد ما دفن فوضعه على ركبتيه ونفث فيه من ريقه وألبسه قميصه وكان كسا عباسا قميصا وذلك مكافأة بسبب عمه وإما لإكرام ولده عبدالله وعشيرته قال أحمد قد حول طلحة وحولت عائشة ونبش معاذ امرأته وكانت في خلقات ( ( ( الحاوي ) ) ) كفنها ( ( ( الكبير ) ) )
وَدَفْنُ الشَّهِيدِ بِمَصْرَعِهِ سُنَّةٌ نَصَّ عليه حتى لو نُقِلَ رُدَّ إلَيْهِ وَيَجُوزُ نَقْلُ غَيْرِهِ ( وم ) أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْمُرَادُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ لم يُظَنَّ تَغَيُّرُهُ وَلَا يُنْقَلُ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ ( وش ) كَبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ كما نَقَلَ سَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَأُسَامَةُ إلَى الْمَدِينَةِ لِئَلَّا تَفُوتَ سُنَّةُ تَعْجِيلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ وصي بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ أبو الْمَعَالِي
وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ من الشَّافِعِيَّةِ نَقْلَ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا وَحَرَّمَهُ آخَرُونَ منهم وَجَوَّزَ الْحَنَفِيَّةُ نَقْلَهُ مِيلَيْنِ وَقِيلَ وَدُونَ السَّفَرِ وَقِيلَ عِنْدَهُمْ لَا يُكْرَهُ السَّفَرُ قال أبو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الكبرى ( قلت ) وهو الصواب والقول الثاني لا ينبش لستره بالتراب صححه في الحاوي الكبير والنظم
____________________
1-
(2/219)
الْمَعَالِي وَيَجِبُ لِضَرُورَةٍ نَحْوُ كَوْنِهِ بِدَارِ حَرْبٍ أو مَكَان يُخَافُ نَبْشُهُ وَتَحْرِيقُهُ أو الْمُثْلَةُ بِهِ قال وَإِنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ بِدَارِ حَرْبٍ فَالْأَوْلَى تَسْوِيَتُهُ بِالْأَرْضِ وَإِخْفَاؤُهُ مَخَافَةَ الْعَدُوِّ وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ فَيُعَايَا بها فَصْلٌ وَإِنْ وَقَعَ في الْقَبْرِ ما له قِيمَةٌ عَادَةً وَعُرْفًا وَإِنْ قَلَّ خَطَرُهُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي قال وَيَحْتَمِلُ ما يَجِبُ تَعْرِيفُهُ أو رَمَاهُ رَبُّهُ فيه نُبِشَ وَأُخِذَ نَصَّ عليه في مِسْحَاةِ الْحَفَّارِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ ( و ) وَعَنْهُ الْمَنْعُ إنْ بَذَلَ له عِوَضَهُ فَدَلَّ على رِوَايَةٍ يمنع ( ( ( ونبشه ) ) ) نبشه بِلَا ضَرُورَةٍ وَإِنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ لم يُنْبَشْ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ
وَضَرَرُ الْأَرْضِ يَتَأَبَّدُ فَيَغْرَمُ من تَرِكَتِهِ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ يَضْمَنُهُ من كَفَّنَهُ بِهِ لِمُبَاشَرَتِهِ الْإِتْلَافَ عَالِمًا فَإِنْ جَهِلَهُ فَالْقَرَارُ على الْغَاصِبِ وَلَوْ أَنَّهُ الْمَيِّتُ وَإِنْ تَعَذَّرَ به الْغُرْمُ نُبِشَ وَقِيلَ يُنْبَشُ مُطْلَقًا وَإِنْ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ فذكر ابن الْجَوْزِيِّ في نَبْشِهِ وَجْهَيْنِ وَإِنْ بلغ ( ( ( بلع ) ) ) ما تبقي مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ وَطَلَبَهُ رَبُّهُ لم يُنْبَشْ وَغَرِمَ من تَرِكَتِهِ كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ تَجِبُ قِيمَتُهُ لِأَجْلِ الْحَيْلُولَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ قال بَعْضُهُمْ ولم تُبْذَلْ قِيمَتُهُ وقال بَعْضُهُمْ لم يَبْذُلْهَا وَارِثٌ شُقَّ جَوْفُهُ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ يُشَقُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُؤْخَذُ فَلَوْ كان ظَنُّهُ مِلْكَهُ فَوَجْهَانِ ( م 5 )
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَغْرَمُ الْيَسِيرَ من تَرِكَتِهِ وَجْهًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ وَإِنْ بلغه ( ( ( بلعه ) ) ) بِإِذْنِ رَبِّهِ أُخِذَ إذَا بَلِيَ وَلَا يُعْرَضُ له قَبْلَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ وَقِيلَ هو كَمَالِهِ وفي الْفُصُولِ إنْ بَلَعَهُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ الْمُتْلِفُ لما له كَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك في الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ قال وَكَذَا لو رَآهُ مُحْتَاجًا إلَى رَبْطِ أَسْنَانِهِ بِذَهَبٍ فَأَعْطَاهُ خَيْطًا من ذَهَبٍ أو أَنْفًا من ذَهَبٍ فَأَعْطَاهُ فَرَبَطَ بِهِ وَمَاتَ لم يَجِبْ قَلْعُهُ وَرَدُّهُ لِأَنَّ فيه مُثْلَةً كَذَا قال قال وَبِلَا إذْنٍ يَغْرَمُ من تَرِكَتِهِ وَإِنْ بَلِيَ وَأَرَادَ الْوَرَثَةُ إخْرَاجَهُ من الْقَبْرِ جَازَ إذَا ظَنَّ انْفِصَالَهُ عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَعَ ما تَبْقَى مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ وَطَلَبَهُ رَبُّهُ لم يُنْبَشْ وَغَرِمَ من تَرِكَتِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ شَقُّ جَوْفِهِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ يُشَقُّ مُطْلَقًا وَيُؤْخَذُ فَلَوْ ظَنَّهُ مِلْكَهُ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يُنْبَشُ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جماعة من الْأَصْحَابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْبَشُ
____________________
1-
(2/220)
ولم يتشعث منه شيء والله أعلم وأن بَلَعَ مَالِ نَفْسِهِ لم يُنْبَشْ إلَّا إذَا بَلِيَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ حَيًّا فَلَوْ كان عليه دَيْنٌ فَوَجْهَانِ ( م 6 )
وقيل يشق ( ( ( ينبش ) ) ) ويؤخذ وفي المبهج يحتسب من ثلثه ولا يقلع أنف ذهب ويأخذ بائعه ثمنه من تركته ومع عدمها يأخذه إذا بلي وقيل يؤخذ في الحال فدل أنه لَا يعتبر ( ( ( ينبش ) ) ) للرجوع حياة المفلس في قول مع أن فيه هنا مثله ( ( ( ضعيف ) ) ) وَإِنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ جَوْفِهَا نَصَّ عليه فَإِنْ اُحْتُمِلَتْ حَيَاتُهُ أَدْخَلَ النِّسَاءُ أَيْدِيَهُنَّ في فَرْجِهَا فَأَخْرَجْنَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَاخْتَارَ ابن هُبَيْرَةَ يُشَقُّ وَيُخْرَجُ وَالْمَذْهَبُ لَا فَعَنْهُ يَفْعَلُ ذلك الرِّجَالُ وَالْمَحَارِمُ أَوْلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَمُدَاوَاةِ الْحَيِّ وَالْأَشْهَرُ ( م 7 ) وَلَا تُدْفَنُ حتى يَمُوتَ وَلَا يُوضَعُ عليه ما يُمَوِّتُهُ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ
وفي الْخِلَافِ إنْ لم تُوجَدْ أَمَارَاتُ الظُّهُورِ بِانْتِفَاخِ الْمَخَارِجِ وَقُوَّةِ الْحَرَكَةِ فَلَا تَسْطُو الْقَوَابِلُ وَقِيلَ يُشَقُّ مُطْلَقًا إنْ ظَنَّ خُرُوجَهُ حَيًّا ( وه م ش ر ) كَمَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 6 ) قوله وإن بلع مال نفسه لم ينبش إلا إذا بلى لأنه أتلف ملكه حَيًّا فَلَوْ كان ( ( ( مات ) ) ) عليه دين فوجهان انتهى أحدهما ( ( ( جائز ) ) ) ينبش ( ( ( ودفن ) ) ) وهو ( ( ( الميت ) ) ) الصحيح جزم بِهِ في مجمع البحرين ( قلت ) وهو الصواب والوجه الثاني لا ينبش وهو ظاهر كلامه في المغني ( ( ( بطنها ) ) ) والشرخ ( ( ( ويصلى ) ) ) وغيرهما ( قلت ( ( ( مسلمة ) ) ) ) وهو ( ( ( حامل ) ) ) ضعيف ( ( ( وحملها ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ جَوْفِهَا نَصَّ عليه فَإِنْ اُحْتُمِلَتْ حَيَاتُهُ أَدْخَلَ النِّسَاءُ أَيْدِيَهُنَّ في فَرْجِهَا فأخرجنه ( ( ( فأخرجته ) ) ) فَإِنْ تَعَذَّرَ فَاخْتَارَ ابن هُبَيْرَةَ يُشَقُّ وَيُخْرَجُ وَالْمَذْهَبُ لَا فَعَنْهُ يَفْعَلُ ذلك الرِّجَالُ وَالْمَحَارِمُ أَوْلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَمُدَاوَاةِ الْحَيِّ وَالْأَشْهَرُ لَا انْتَهَى الْأَشْهَرُ هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَعْنِي إنما يَفْعَلُ ذلك النِّسَاءُ لَا غير اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ في هذا الْبَابِ
فَاتَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرُ مَسْأَلَةِ ما إذَا كُفِّنَ بِحَرِيرٍ هل يُنْبَشُ أو لَا نَقَلَ في الْفُرُوعِ عن ابْنِ الْجَوْزِيِّ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا وَرَجَّحَ له نَصْرُ اللَّهِ في حَوَاشِي الْكَافِي عَدَمَ النَّبْشِ
____________________
1-
(2/221)
حيا فلو مات إذا أخرج فإن تعذر غسل ما أخرج منه وقيل ييمم لما بقي وإن ماتت ذمية حامل بمسلم دفنت مفردة نص عليه ( وش ) لأنهه جائز ودفن الميت بين من يباينه في دينه منهي عنه وللحنفية أقوال ثلاثة والمراد إن أمكن وإلا معناه كما سبق فيما إذا اشتبه مسلم بكافر
ويجعل ظهرها إلى القبلة على جنبها الأيسر ليكون وجه الجنين إلى القبلة على جنبه الأيمن ولم يذكره الحنفية ولا يصل عليه ( و ) لأنه ليس بمولود ولا سقط وذكر بعضهم يصلي عليه إن مضي زمن تصويره ولعل مراده إذا انفصل لكن علل في الفصول عدم الصلاة عليه بأنا لا نتحقق حملا في بطنها والصلاة لا يدخل فيها مع الشك في سببها واختار الآجري تدفن بجنب قبور المسلمين وأن المروذي قال كلام أحمد يدل لا بأس به معنا لما في بطنها ويصلي على مسلمة حامل وحملها بعد مضي زمن تصويره وإلا عليها دونه
____________________
(2/222)
بَابُ ما يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ وما يُفْعَلُ معه لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ
يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَابِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ ( و ) فَيَقُولَ إنَّا لِلَّهِ أَيْ نَحْنُ عَبِيدُهُ يَفْعَلُ بِنَا ما يَشَاءُ { وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ } سورة البقرة 156 أَيْ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ على أَعْمَالِنَا اللَّهُمَّ أَجِرْنِي في مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها أَجِرْنِي مَقْصُورٌ وقيل مَمْدُودٌ وَأَخْلِفْ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ منه ما يُتَوَقَّعُ مثله أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ رَدَّ عَلَيْك مثله وَمَنْ ذَهَبَ منه ما لَا يُتَوَقَّعُ مثله خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ كان اللَّهُ خَلِيفَةً منه عَلَيْك قال الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وهو مُتَّجِهٌ فَعَلَهُ ابن عَبَّاسٍ وَقَرَأَ { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } سورة البقرة 45 ولم يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ
وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد عن حُذَيْفَةَ كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صلى وَلِمُسْلِمٍ عن أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا إذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أو الْمَيِّت فَقُولُوا خَيْرًا فإن الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ فلما مَاتَ أبو سَلَمَةَ قال قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلَهُ وأعقبني منه حَسَنَةً وَيَصْبِرُ وَالصَّبْرُ الْحَبْسُ وَيَجِبُ منه ما يَمْنَعُهُ عن مُحَرَّمٍ وقد سَبَقَ في الْفَصْلِ الثَّالِثِ من كِتَابِ الْجَنَائِزِ قال شَيْخُنَا عَمَلُ الْقَلْبِ كَالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وما يَتْبَعُ ذلك وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ قال ولم يَأْمُرْ الشَّرْعُ بِالْحُزْنِ بَلْ نهي عنه في مَوَاضِعَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ لَكِنْ لَا يُذَمُّ وَلَا يُحْمَدُ عليه لِمُجَرَّدِهِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَاءُ بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وَيَحْرُمُ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ من كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ إجْمَاعًا وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا لَا يَرْضَى بِذَلِكَ لِأَنَّهَا من الْمَقْضِيِّ قال وَقِيلَ يَرْضَى بها من جِهَةِ كَوْنِهَا
____________________
(2/223)
خَلْقًا لِلَّهِ لَا من جِهَةِ كَوْنِهَا فِعْلًا لِلْعَبْدِ قال وَكَثِيرٌ من النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَمِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَيْثُ رَأَوْا أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كل شَيْءٍ وَرَبُّهُ اعْتَقَدُوا أَنَّ ذلك يُوجِبُ الرِّضَا وَالْمَحَبَّةَ لِكُلِّ ذلك حتى وَقَعُوا في قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ { لو شَاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنَا } سورة ( ( ( الآية ) ) ) الأنعام 148 وَغَفَلُوا عن كَوْنِ الْخَالِقِ نهى عن ذلك وَأَبْغَضَهُ وَسَبَبُ اشْتِبَاهُ مَسْأَلَةِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ وَيَتَمَسَّكُونَ بِالْإِجْمَاعِ على الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَتَمَسَّكُ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ الْمُشْرِكِيَّةُ
وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ فَنَفَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَإِلَّا لَلَزِمَ الرِّضَاءُ بِكُلِّ مقضي ( ( ( مقتضى ) ) ) بِهِ وَالرِّضَاءُ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ قال وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ ليس في الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَصٌّ يَأْمُرُ فيه بِالرِّضَاءِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ من السَّلَفِ وَأَمَّا ما في كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَالْآثَارِ من الرضي بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا أَرَادُوا ما ليس من فِعْلِ الْعِبَادِ وَلِأَنَّهُ إذَا لم يَجِبْ الصَّبْرُ على ذلك بَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَالرِّضَاء أَوْلَى
ثُمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ لِلْحِكْمَةِ التي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا رضي لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مخلوفا ( ( ( مخلوقا ) ) ) لِلَّهِ وَيُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَهَذَا كما نَقُولُ فِيمَا خَلَقَهُ من الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ قال فَمَنْ فَهِمَ هذا الْمَوْضِعَ انْكَشَفَ له حَقِيقَةُ هذا الْأَمْرِ الذي حَارَتْ فيه الْعُقُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال ابن الْجَوْزِيِّ وَالصَّبْرُ على الْعَافِيَةِ أَشَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِيَامِ بِحَقِّ الشُّكْرِ
قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَتَهُونُ الْمُصِيبَةُ بِالنَّظَرِ إلَى جَلَالِ من صَدَرَتْ عنه وَحِكْمَتِهِ وَمُلْكِهِ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في قَوْله تَعَالَى { ما أَصَابَ من مُصِيبَةٍ في الْأَرْضِ } سورة الحديد 22 أعلم أَنَّ من عَلِمَ أَنَّ ما قُضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ قَلَّ حُزْنُهُ وَفَرَحُهُ قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ من كل أُمَّةٍ أَنَّ من لم يَمْشِ مع الْقَدَرِ لم يَتَهَنَّ بِعَيْشٍ وَلْيَعْلَمْ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ وَقَوْلَهُ عليه السَّلَامُ الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ فَمَنْ اُبْتُلِيَ فَلْيَصْبِرْ وَمَنْ عُوفِيَ فَلْيَشْكُرْ وَقَوْلَهُ أَشَدُّ الناس بَلَاءً
____________________
(2/224)
الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ وَمَنْ نَظَرَ في سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ وِسَادَاتِ أَتْبَاعِهِمْ وَجَدَ منهم من كَابَدَ النَّارَ وَذَبَحَ الْوَلَدَ كَإِبْرَاهِيمَ وَمِنْهُمْ من صَبَرَ على الْفَقْرِ وقاسي من قَوْمِهِ الْمِحَنَ وَمِنْهُمْ من بَكَى الزَّمَنَ الطَّوِيلَ من نَظَرَ في ذلك وفي كَوْنِ مُصِيبَتِهِ لم تَكُنْ في دِينِهِ هَانَتْ عليه مُصِيبَتُهُ بِلَا شَكٍّ وَتَسَلَّى بِهِمْ وَتَأَسَّى وَلْيَعْلَمْ الْإِنْسَانُ قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَك تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفْك في الشِّدَّةِ إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ وإذا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وقَوْله تعالي عن يُونُسَ { فَلَوْلَا أَنَّهُ كان من الْمُسَبِّحِينَ } سورة الصافات 143 وَعَنْ فِرْعَوْنَ { آلْآنَ وقد عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ } سورة يونس 91 وَمِنْ قَصِيدَةِ التِّهَامِيِّ التي رَثَى بها وَلَدَهُ % طُبِعَتْ على كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا % صَفْوًا من الأقذار ( ( ( الأقذاء ) ) ) وَالْأَكْدَارِ % % وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا % مُتَطَلِّبٌ في الْمَاءِ جذورة ( ( ( جذوة ) ) ) نَارِ %
وكان شَيْخُنَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ كَثِيرًا فَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدُهُ في سَلَّةِ الْأَفَاعِي كَيْفَ يُنْكِرُ اللَّسْعَ وَأَعْجَبُ منه من يَطْلُبُ من الْمَطْبُوعِ على الضُّرِّ النَّفْعَ وقد قِيلَ % وما اسْتَغْرَبَتْ عَيْنِي فِرَاقًا رَأَيْته % وَلَا عَلَّمَتْنِي غير ما الْقَلْبُ عَالِمُهُ %
قال ابن الْجَوْزِيِّ من تَأَمَّلَ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ رَأَى الِابْتِلَاءَ عَامًّا وَالْأَغْرَاضَ مُنْعَكِسَةً وَعَلَى هذا وَضْعُ هذه الدَّارِ فَمَنْ طَلَبَ نَيْلَ غَرَضِهِ من هذه الدَّارِ فَقَدْ رَامَ ما لم تُوضَعْ
____________________
(2/225)
له بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ على المكروه ( ( ( المكروهات ) ) ) فَإِنْ جَاءَتْ رَاحَةٌ عَدَّهَا عَجَبًا
وَلَا يُكْرَهُ الْبُكَاءُ عليه وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ( م ش ) لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ وَأَخْبَارُ النَّهْيِ مَحْمُولَةٌ على بُكَاءٍ معه نَدْبٌ أو نِيَاحَةٌ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَإِنَّهُ كُرِهَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ وَالدَّوَامُ عليه أَيَّامًا وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُحْمَلُ النَّهْيُ بَعْدَ الْمَوْتِ على تَرْكِ الْأَوْلَى وقد قِيلَ
% عَجِبْت لِمَنْ يَبْكِي على فقده ( ( ( فقد ) ) ) غَيْرِهِ % دُمُوعًا وَلَا يَبْكِي على فَقْدِهِ دَمًا % % وَأَعْجَبُ من ذَا أَنْ يَرَى عَيْبَ غَيْرِهِ % عَظِيمًا وفي عَيْنَيْهِ عن عَيْبِهِ عَمًى %
قال جَمَاعَةٌ وَالصَّبْرُ عنه أَجْمَلُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ أَكْمَلُ من الْفَرَحِ كَفَرَحِ الْفُضَيْلِ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ عَلِيٌّ وفي الصَّحِيحَيْنِ لَمَّا فَاضَتْ عَيْنَاهُ عليه السَّلَامُ لَمَّا رُفِعَ إلَيْهِ ابن بِنْتِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا في شَنَّةٍ أَيْ لها صَوْتٌ وَحَشْرَجَةٌ كَصَوْتِ مَاءٍ أُلْقِيَ في قِرْبَةٍ بَالِيَةٍ قال له سَعْدٌ ما هذا يا رَسُولَ اللَّهِ قال هذه رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ من عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ
وَيَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنِّيَاحَةُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَالصُّرَاخُ وَخَمْشُ الْوَجْهِ وَنَتْفُ الشَّعْرِ وَنَشْرُهُ وَشَقُّ الثَّوْبِ وَلَطْمُ الْخُدُودِ وَنَحْوُهُ ( و ) زَادَ جَمَاعَةٌ وَالتَّحَفِّي قال في الْفُصُولِ يَحْرُمُ النَّحِيبُ وَالتَّعْدَادُ وَالنِّيَاحَةُ وَإِظْهَارُ الْجَزَعِ وَذَكَرَهُ ابن عبد الْبَرِّ في النِّيَاحَةِ ( ع ) وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ نهى عن النِّيَاحَةِ فقالت أُمُّ عَطِيَّةَ إلَّا آل فُلَانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي في الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا بُدَّ لي من أَنْ أُسْعِدَهُمْ فقال إلَّا آلَ فُلَانٍ مُتَّفَقٌ عليه
وهو خَاصٌّ بها لِخَبَرِ أَنَسٍ لَا إسْعَادَ في الْإِسْلَامِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فيه ما يَحْرُمُ ولم يَنْهَهَا مع حَدَاثَتِهَا بِالْإِسْلَامِ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عن وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ الذي ليس فيه إلَّا تَعْدَادُ الْمَحَاسِنِ بِصِدْقٍ وَذَكَرَ
____________________
(2/226)
الشَّيْخُ أَنَّ عن أَحْمَدَ ما يَدُلُّ على إبَاحَتِهِمَا وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِيَسِيرِ النَّدْبِ إذَا كان صِدْقًا ولم يَخْرُجْ مَخْرَجَ النَّوْحِ وَلَا قُصِدَ نَظْمُهُ نَصَّ عليه كَفِعْلِ أبي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ رضي اللَّهُ عنهما
وَجَاءَتْ الْأَخْبَارُ الْمُتَّفَقُ على صِحَّتِهَا بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ عليه فَحَمَلَهُ ابن حَامِدٍ على ما إذَا أوصي له لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِفِعْلِهِ فَخَرَجَ على عَادَتِهِمْ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ هو قَوْلُ الْجُمْهُورِ وهو ضَعِيفٌ فإن سِيَاقَ الْخَبَرِ يُخَالِفُهُ وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ وَحَمَلَهُ الْأَثْرَمُ على من كَذَّبَ بِهِ حتى يَمُوتَ وَقِيلَ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا
وَقِيلَ يُعَذَّبُ وقال في التَّلْخِيصِ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ إنْ لم يُوصِ بِتَرْكِهِ كما كان السَّلَفُ يُوصُونَ ولم يُعْتَبَرْ كَوْنُ النِّيَاحَةِ عَادَةَ أَهْلِهِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ من هو عَادَةُ أَهْلِهِ ولم يُوصِ بِتَرْكِهِ عُذِّبَ لِأَنَّهُ مَتَى ظَنَّ وُقُوعَهُ ولم يُوصِ فَقَدْ رضي ولم يَنْهَ مع قُدْرَتِهِ وما هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ من وَعْظٍ وانشاد شِعْرٍ فَمِنْ النِّيَاحَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَعْنَاهُ لِابْنِ عَقِيلٍ في الْفُنُونِ فإنه لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُهُ عَقِيلٌ قَرَأَ قارىء ( ( ( قارئ ) ) ) { يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إنَّ له أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إنَّا نَرَاك من الْمُحْسِنِينَ } سورة يوسف 78 فَبَكَى ابن عَقِيلٍ وَبَكَى الناس فقال للقارىء ( ( ( للقارئ ) ) ) يا هذا إنْ كُنْت تُهَيِّجُ الْحُزْنَ فَهُوَ نِيَاحَةٌ بِالْقُرْآنِ ولم يُنَزَّلْ لِلنَّوْحِ بَلْ لِتَسْكِينِ الْأَحْزَانِ
وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ على رَأْسِهِ ثَوْبًا وَالْمُرَادُ عَلَامَةٌ لِيُعْرَفَ بها فَيُعَزَّى وقال ابن الْجَوْزِيِّ يُكْرَهُ لُبْسُهُ خلافا زِيِّهِ الْمُعْتَادِ وَقِيلَ يُكْرَهُ له تَغْيِيرُ حَالِهِ من خَلْعِ رِدَائِهِ وَنَعْلِهِ وَتَغْلِيقِ حَانُوتِهِ وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ وَقِيلَ لَا وَسُئِلَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يوم مَاتَ بِشْرٌ عن مَسْأَلَةٍ فقال ليس هذا يوم جَوَابٍ هذا يَوْمُ حُزْنٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا بَأْسَ بِهَجْرِ الْمُصَابِ لِلزِّينَةِ وَحُسْنِ الثِّيَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
____________________
(2/227)
فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ حتى الصَّغِيرِ وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ ( ه ) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةُ مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَمَذْهَبُهُ كما يَأْتِي وفي الْخِلَافِ بَعْدَهُ أَوْلَى لِلْإِيَاسِ التَّامِّ منه وَيُكْرَهُ لا مرأة شَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِلْفِتْنَةِ وَيَتَوَجَّهُ فيه ما في تَشْمِيتِهَا إذَا عَطَسَتْ وَيُعَزَّى من شَقَّ ثَوْبَهُ نَصَّ عليه لِزَوَالِ الْمُحَرَّمِ وهو الشَّقُّ وَيُكْرَهُ استدامه لُبْسِهِ ولم يَحُدَّ جَمَاعَةٌ آخِرَ وَقْتِ التَّعْزِيَةِ منهم الشَّيْخُ فَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَلِأَحْمَدَ عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّةَ عن أبيه كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إلَيْهِ نَفَرٌ من أَصْحَابِهِ فِيهِمْ رَجُلٌ له ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ من خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بين يَدَيْهِ
فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ فَفَقَدَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال ما لي لَا أَرَى فُلَانًا قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ بُنَيُّهُ الذي رَأَيْته هَلَكَ فَلَقِيَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَأَلَهُ النبي عليه السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ فَعَزَّاهُ عليه وَذَكَرَ تَمَامَ الحديث وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ ابن شِهَابٍ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُمْ يُكْرَهُ بَعْدَهَا ( وه ش ) لِتَهْيِيجِ الْحُزْنِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ في الْإِحْدَادِ فيها وقال لم أَجِدْ في آخِرِهَا كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا وقال أبو الْمَعَالِي اتَّفَقُوا على كَرَاهَتِهِ بَعْدَهَا وَلَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُهَا بِالْإِحْدَادِ على الْمَيِّتِ وقال إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ وزاد ما لم تُنْسَ الْمُصِيبَةُ وَقِيلَ آخِرُهَا يوم الدَّفْنِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ ما يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ ولم يَحُدَّ جَمَاعَةٌ آخِرَ وَقْتِ التَّعْزِيَةِ منهم الشَّيْخُ فَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ إلَى ثلاثة أَيَّامٍ وَذَكَرَ ابن شِهَابٍ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُمْ يُكْرَهُ بَعْدَهَا وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ
____________________
1-
(2/228)
وهي التسلية والحث على الصبر ( ( ( كراهته ) ) ) بوعد ( ( ( بعدها ) ) ) الأجر والدعاء للميت والمصاب ولا تعيين في ذلك وإن شاء قال أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وعزى أحمد رجلا فقال آجرنا الله وإياك في هذا الرجل وعزي أبا طالب فقال أعظم الله أجركم وأحسن عزاءكم
وفي تعزية أهل الذمة خلاف يأتي في أحكامهم ويدعو له بما يرجع إلى طول الحياة وكثرة المال والولد وفي التبصرة ويقول وأحسن عزاءك وقيل لا يعزى مسلم عن كافر وهو رواية في الرعاية ولا يدعو لكافر حي بالأجر ولا لكافر ميت بالمغفرة وروى أنه مات لعمر بن عبد العزيز أخت فأتوه للتعزية فلم يقبلها منهم وقال كانوا لا يعزون لامرأة إلَّا أَنْ تكون أما ومثله عن مالك ولم يذكر الأصحاب هل يرد المعزي شيئا ورد أحمد استجاب الله دعائك ورحمنا وإياك
ومن قال لآخر عز عني فلانا توجه أن يقول له فلان يعزيك كما يقول فلان يسلم عليك أو فلان يقول لك كذا ويدعو وقال أحمد للمروذي عز عني فلانا قال فعزيته فقلت له أعظم ( ( ( حسن ) ) ) الله ( ( ( صحيح ) ) ) أجرك ( ( ( وكذلك ) ) ) ولا ( ( ( الخبر ) ) ) يكره أخذه بيد من ( ( ( محتمل ) ) ) عزاه ( ( ( لهذا ) ) ) نص عليه ( ( ( وكلام ) ) ) وعنه الوقف ( ( ( وجماعة ) ) ) وكرهه عبدالوهاب ( ( ( بنص ) ) ) الوراق وقال الخلال أحب أن لا يفعله وكرهه أبو حفص عند القبر ولم ير أحمد لمن جاءته التعزية في كتاب ردها كتابة بل يردها على الرسول لفظا
ويكره تكرار التعزية نص عليه فلا يعزى عند القبر من عزى وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لها نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وم ش ) وَعَنْهُ ما يَنْبَغِي وَعَنْهُ ما يُعْجِبُنِي وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ قال الْخَلَّالُ سَهَّلَ أَحْمَدُ في الْجُلُوسِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المحرر وقال لم أجد في آخرها كلاما لأصحابنا وقال أبو المعالي اتفقوا على كراهته بعدها إلا أن يكون غائبا فلا بأس بتعزيته إذا حضر واختاره صاحب النظم وزاد لم تنس المصيبة وقيل آخرها يوم الدفن انتهى ( قلت ) الصواب ما قاله في المستوعب فإنه قطع به هو وابن تميم وصاحب الفائق والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعايتين وكلام ابن شهاب والأمدي وأبي الفرج والمجد وأبي المعالي لا ينافيه وتقييد أبي المعالي ومتابعة الناظم له حسن صحيح وكذلك الخبر الذي ذكره المصنف محتمل لهذا أيضا وكلام الشيخ وجماعة ليس بنص في ذلك
____________________
1-
(2/229)
إلَيْهِمْ في غَيْرِ مَوْضِعٍ وَنُقِلَ عنه الْمَنْعُ وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ أبي حَفْصٍ وَعَنْهُ وَلِغَيْرِهِمْ خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ وقال أَمَّا الْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ فَأَكْرَهُهُ وقال الْآجُرِّيُّ يَأْثَمُ إنْ لم يَمْنَعْ أَهْلَهُ وفي الْفُصُولِ يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ لأنه فيه تهييجا ( ( ( تهيجا ) ) ) لِلْحُزْنِ
وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتْبَعَ الْجِنَازَةَ أو يَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ فَعَلَهُ السَّلَفُ وفي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ جاء يَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ ابْنِ عُثْمَانَ وابن أبي مُلَيْكَةَ إلَى جَانِبِهِ فَجَاءَ ابن عَبَّاسٍ وَقَائِدٌ يَقُودُهُ فَجَلَسَ إلَى جَانِبِ ابْنِ أبي مُلَيْكَةَ قال ابن أبي مُلَيْكَةَ فَكُنْت بَيْنَهُمَا فَفِيهِ مَفْضُولٌ بين فَاضِلَيْنِ لَكِنْ قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ يَحْتَمِلُ الْعُذْرَ وَغَيْرَهُ قال ابن أبي مُلَيْكَةَ فإذا صَوْتٌ من الدَّارِ فقال ابن عُمَرَ كَأَنَّهُ يَعْرِضُ على عَمْرِو بن عُثْمَانَ أَنْ يَقُومَ فَيَنْهَاهُمْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ
فقال ابن عَبَّاسٍ كنا مع أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَذَكَرَ الحديث إلَى أَنْ قال عُمَرُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهل ( ( ( أهله ) ) ) قَالَهُ مُحْتَجًّا على صُهَيْبٍ فإن عُمَرَ لَمَّا أُصِيبَ جاء صُهَيْبٌ فقال واأخاه ( ( ( وا ) ) ) واصاحباه ( ( ( أخاه ) ) ) وفي تَتِمَّتِهِ أَنَّ عَائِشَةَ قالت وَاَللَّهِ ما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ وَلَكِنْ قال إنَّ الْكَافِرَ يَزِيدُهُ اللَّهُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَابًا وَقَالَتْ عن عُمَرَ وَابْنِهِ إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عن غَيْرِ كَاذِبِينَ وَلَا مُكَذَّبِينَ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يخطىء ( ( ( يخطئ ) ) )
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ لَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِمْ في الْبَيْتِ أو مسجد ( ( ( المسجد ) ) ) وَالنَّاسُ يَأْتُونَهُمْ لِلتَّعْزِيَةِ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ على بَابِ الدَّارِ وَأَنَّ ما يُصْنَعُ في بِلَادِ الْعَجَمِ من فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْقِيَامِ على الطُّرُقِ من أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ وَكَرِهَهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ في الْمَسْجِدِ لَا في غَيْرِهِ مع أَنَّ تَرْكَهُ أَحْسَنُ وَأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ القراءة ( ( ( القراء ) ) ) وَلَا يُعْطُونَهُمْ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ لَا يُكْرَهُ جُلُوسُهُمْ لها وَيُسْتَحَبُّ صُنْعُ طَعَامٍ يُبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مُدَّةَ الثَّلَاثِ لِلنَّهْيِ عن الْإِحْدَادِ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا قُصِدَ بِهِ أَهْلُهُ فَأَمَّا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فَيُكْرَهُ لِلْمُسَاعَدَةِ على الْمَكْرُوهِ يكره ( ( ( ويكره ) ) ) صَنِيعُ أَهْلِ الْمَيِّتِ
____________________
(2/230)
الطَّعَامَ ( وش ) زاذ ( ( ( زاد ) ) ) الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ وقل يَحْرُمُ ( وه ) وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وقال ما يُعْجِبُنِي وَنَقَلَ جَعْفَرٌ لم يُرَخِّصْ لهم وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وهو من أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عن جَرِيرٍ رضي اللَّهُ عنه قال كنا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ من النِّيَاحَةِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ الذَّبْحَ عِنْدَ الْقَبْرِ وَأَكْلَ ذلك لِخَبَرِ أَنَسٍ لَا عَقْرَ في الْإِسْلَامِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وقال عبدالرزاق كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أو شَاةً
وقال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ كَانُوا إذَا مَاتَ لهم الْمَيِّتُ نَحَرُوا جَزُورًا فَنَهَى عليه السَّلَامُ عن ذلك وَفَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بَعْدَ ذلك بِمُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ يَتَبَارَى رَجُلَانِ في الْكَرَمِ فَيَعْقِرُ هذا وَيَعْقِرُ هذا حتى يَغْلِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيَكُونُ مِمَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ كَذَا قال ابن مَعِينٍ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا غَيْرُ هذا جَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَتَبِعَهُمْ أَهْلُ غَرِيبِ الحديث
وَحَدِيثُ النَّهْيِ عن مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ رَوَاهُ أبو دَاوُد ثَنَا هَارُونُ بن عبدالله ثَنَا حَمَّادُ بن مَسْعَدَةَ عن عَوْفٍ عن أبي رَيْحَانَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ
حَدِيثٌ حَسَنٌ وَذَكَرَهُ في الْمُخْتَارَةِ قال أبو دَاوُد وَقَفَهُ غُنْدَرٌ علي ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَبِي دَاوُد عن هَارُونَ بن زَيْدِ ابن أبي الزَّرْقَاءِ عن أبيه عن جَرِيرِ بن حَازِمٍ عن الزُّبَيْرِ بن الْحَارِثِ عن عِكْرِمَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن طَعَامِ المتبارين ( ( ( المتباريين ) ) )
____________________
(2/231)
إسْنَادُهُ جَيِّدٌ قال أبو دَاوُد أَكْثَرُ من رَوَاهُ عن جَرِيرٍ لَا يَذْكُرُ ابن عَبَّاسٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ثَنَا عبدالله بن أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ حدثني نَصْرُ ابن عَلِيٍّ ثَنَا أبي عن هَارُونَ بن مُوسَى عن الزُّبَيْرِ عن عِكْرِمَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال نهي عن طَعَامِ المتبارين ( ( ( المتباريين ) ) ) وَرَوَاهُ في الْمُخْتَارَةِ وهو إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَيَأْتِي الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ في آخِرِ الذَّكَاةِ قال جَمَاعَةٌ وفي مَعْنَى الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ فإنه مُحْدَثٌ وَفِيهِ رِيَاءٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ فيها لم أَسْمَعْ فيه بِشَيْءٍ وَأَكْرَهُ أَنْ أَنْهَى عن الصَّدَقَةِ وَحَرَّمَ شَيْخُنَا الذَّبْحَ وَالتَّضْحِيَةَ عِنْدَهُ قِيلَ لِأَحْمَدَ عَمَّا تُفَرِّقُهُ الْمَجُوسُ على الْجِيرَانِ مِمَّا يَصْنَعُونَهُ من أَجْلِ مَيِّتِهِمْ فقال لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا
____________________
(2/232)
بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ الْقُرَبِ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
يُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقُبُورِ نَصَّ عليه ( و ) وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( ع ) لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ وَإِنْ كان بَعْدَ حَظْرٍ لِأَنَّهُ عليه السَّلَامُ عَلَّلَهُ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْآخِرَةِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ان رَجُلًا سَأَلَ أَحْمَدَ كَيْفَ يَرِقُّ قَلْبِي قال اُدْخُلْ الْمَقْبَرَةَ وامسح ( ( ( امسح ) ) ) رَأْسَ يَتِيمٍ
وَعَنْهُ لَا بَأْسَ وَمِثْلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ غير ( ( ( وغير ) ) ) وَاحِدٍ وَأَخَذَ غَيْرُ وَاحِدٍ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ الْإِبَاحَةَ وَسَأَلَهُ أبو دَاوُد عن زِيَارَتِهَا لِلنِّسَاءِ قال لَا قُلْت فَالرَّجُلُ أَيْسَرُ قال نعم وفي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ وَعَنْهُ لَا لِأَنَّ عَائِشَةَ زَارَتْ وَقَالَتْ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن زِيَارَتِهَا ثُمَّ أَمَرَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ
وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ كما لو عَلِمْت أَنَّهُ يَقَعُ منها مُحَرَّمٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مع تَأْثِيمِهِ بِظَنِّ وُقُوعِ النَّوْحِ وَلَا فَرْقَ ولم يُحَرِّمْ هو وَغَيْرُهُ دُخُولَ الْحَمَّامِ إلَّا مع الْعِلْمِ بِالْمُحَرَّمِ وَأَمَّا الْجُمُوعُ لِلزِّيَارَةِ كما هِيَ مُعْتَادَةٌ فَبِدْعَةٌ وقال ابن عَقِيلٍ أَبْرَأُ إلَى اللَّهِ منه
وَكَلَامُهُ في آدَابِ الْقِرَاءَةِ من الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ تَجُوزُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْمُشْرِكِ وَالْوُقُوفُ لِزِيَارَتِهِ عليه السَّلَامُ قَبْرَ أُمِّهِ وكان بَعْدَ الْفَتْحِ وَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَقُمْ على قَبْرِهِ } بِسَبَبِ عبدالله بن أُبَيٍّ في آخِرِ التَّاسِعَةِ لَكِنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ الْقِيَامُ لِلدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وقال شَيْخُنَا تَجُوزُ زِيَارَتُهُ لِلِاعْتِبَارِ وقال وَلَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ زِيَارَةَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَيَقِفُ الزَّائِرُ أَمَامَ الْقَبْرِ وَعَنْهُ حَيْثُ شَاءَ وَعَنْهُ قُعُودُهُ كَقِيَامِهِ وَذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَ منه كَزِيَارَتِهِ حَيًّا ذَكَرَهُ في الْوَسِيلَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَيَجُوزُ لَمْسُ الْقَبْرِ بِالْيَدِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ الْقُرْبَ
____________________
(2/233)
يتلقي من التَّوْقِيفِ ولم يَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ وَلِأَنَّهُ عَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَهَذَا وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِثْلُهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ صَحَّحَهَا أبو الْحُسَيْنِ في التَّمَامِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ مُصَافَحَةَ الْحَيِّ لَا سِيَّمَا مِمَّنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ
وفي الْوَسِيلَةِ هل يُسْتَحَبُّ عِنْدَ فَرَاغِ دَفْنِهِ وَضْعُ يَدِهِ عليه وَجُلُوسُهُ على جَانِبَيْهِ فيه رِوَايَتَانِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا زَارَهَا أو مَرَّ بها أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أو أَهْلَ الدِّيَارِ من الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ نَسْأَلُ اللَّهَ لنا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لنا وَلَهُمْ وفي ذلك أَنَّ اسْمَ الدَّارِ على الْمَقَابِرِ وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ على سَاكِنِي الْمَكَانِ من حَيٍّ وَمَيِّتٍ
وَدَعَا عليه السَّلَامُ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فقال اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ سُمِّيَ بِهِ الغرقد ( ( ( لغرقد ) ) ) كان فيه وهو ما عَظُمَ من الْعَوْسَجِ وَقِيلَ كُلُّ شَجَرٍ له شَوْكٌ قال جَمَاعَةٌ السَّلَامُ هُنَا معروف ( ( ( معرف ) ) ) وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ لِأَنَّهُ اشتهر ( ( ( أشهر ) ) ) في الأخبار وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ من رِوَايَةِ أبي هُرَيْرَةَ وَبُرَيْدَةَ وَالتَّنْكِيرُ في طُرُقٍ لِأَحْمَدَ من رِوَايَةِ أبي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَنْكِيرَهُ وَنَصَّ عليه وَخَيَّرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ نَصًّا وَكَذَا السَّلَامُ على الْأَحْيَاءِ على ما ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَعَنْهُ تَعْرِيفُهُ أَفْضَلُ قال صَاحِبُ النَّظْمِ كَالرَّدِّ وَقِيلَ تَنْكِيرُهُ قَالَهُ ابن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ روى عن عَائِشَةَ وقال ابن الْبَنَّا سَلَامُ التَّحِيَّةِ مُنَكَّرٌ وَسَلَامُ الْوَدَاعِ مُعَرَّفٌ وَإِنَّمَا قال عليه السَّلَامُ عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى على عَادَاتِهِمْ في تَحِيَّةِ الْأَمْوَاتِ يُقَدِّمُونَ اسْمَ الْمَيِّتِ على الدُّعَاءِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وَفَعَلُوا ذلك لِأَنَّ الْمُسَلِّمَ على قَوْمٍ يَتَوَقَّعُ جَوَابًا وَالْمَيِّتُ لايتوقع منه فَجَعَلُوا السَّلَامَ عليه كَالْجَوَابِ وَهَذَا في الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَالْمَدْحِ وَيُقَدَّمُ الضَّمِيرُ في الشَّرِّ وَالذَّمِّ
____________________
(2/234)
كَقَوْلِهِ تَعَالَى { عليهم دَائِرَةُ السَّوْءِ } سورة الفتح 6 { وَإِنَّ عَلَيْك لَعْنَتِي } سورة ص 78 وفي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وهو مَقْتُولٌ فقال السَّلَامُ عَلَيْك أَبَا خُبَيْبٍ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا فَدَلَّ أَنَّهُ كَالسَّلَامِ على الْحَيِّ وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ وَفِيهِ السَّلَامُ على من لم يُدْفَنْ وَوَرَدَ تَكْرَارُهُ في الْحَيِّ في المهاجرين ( ( ( المتهاجرين ) ) ) وفي سَلَامِ جَابِرٍ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يُصَلِّي
وَيَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ وَلِأَحْمَدَ من حديث سُفْيَانَ عَمَّنْ سمع أَنَسًا عنه مَرْفُوعًا إنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ على أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ من الْأَمْوَاتِ فَإِنْ كان خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا وَإِنْ كان غير ذلك قالوا اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ حتى تَهْدِيَهُمْ كما هَدَيْتنَا وروا ( ( ( ورواه ) ) ) أبو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ في مُسْنَدِهِ عن جَابِرٍ مَرْفُوعًا وهو ضَعِيفٌ قال أَحْمَدُ يَعْرِفُ زَائِرَهُ يوم الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وفي الْغُنْيَةِ يَعْرِفُهُ كُلَّ وَقْتٍ وَهَذَا الْوَقْتُ آكَدُ وَأَطْلَقَ أبو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ من مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَعْرِفُهُ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ الذي يُوجِبُهُ الْقُرْآنُ وَالنَّظَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُحِسُّ قال تَعَالَى { وما أنت بِمُسْمِعٍ من في الْقُبُورِ } سورة فاطر 22 وَمَعْلُومٌ أَنَّ آلَاتِ الْحِسِّ قد فُقِدَتْ وَأَجَابَ عن خِلَافِ هذا بِرَدِّ الْأَرْوَاحِ وَالتَّعْذِيبُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ على الرُّوحِ فَقَطْ وَعِنْدَ الْقَاضِي يُعَذَّبُ الْبَدَنُ أَيْضًا وَأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فيه إدْرَاكًا وقال ابن الْجَوْزِيِّ أَيْضًا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُجْعَلَ الْبَدَنُ مُعَلَّقًا بِالرُّوحِ فَيُعَذَّبُ في الْقَبْرِ وفي الْإِفْصَاحِ في حديث بُرَيْدَةَ في السَّلَامِ على أَهْلِ الْمَقَابِرِ قال فيه وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ سَلَامَ الْمُسَلِّمِ عليهم وَأَنَّهُ لم يَكُنْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِيَأْمُرَ بِالسَّلَامِ على قَوْمٍ لَا يَسْمَعُونَ
قال شَيْخُنَا اسْتَفَاضَتْ الْآثَارُ بِمَعْرِفَتِهِ بِأَحْوَالِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ في الدُّنْيَا وَأَنَّ ذلك يُعْرَضُ عليه وَجَاءَتْ الْآثَارُ بِأَنَّهُ يَرَى أَيْضًا وَبِأَنَّهُ يَدْرِي بِمَا يُفْعَلُ عِنْدَهُ وَيُسَرُّ بِمَا كان حَسَنًا وَيَتَأَلَّمُ بِمَا كان قَبِيحًا وكان أبو الدَّرْدَاءِ يقول اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنْ
____________________
(2/235)
أَعْمَلَ عَمَلًا أُخْزَى بِهِ عِنْدَ عبدالله بن رَوَاحَةَ وهو ابن عَمِّهِ وَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ عِنْدَ عَائِشَةَ كانت تَسْتَتِرُ منه وَتَقُولُ إنَّمَا كان أبي وَزَوْجِي وَأَمَّا عُمَرُ فَأَجْنَبِيٌّ تَعْنِي أَنَّهُ يَرَاهَا وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ عِنْدَ الْقُبُورِ وَالْمَشْيُ بِالنَّعْلِ وَيُسْتَحَبُّ خَلْعُهُ إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أو شَوْكٍ وَنَحْوِهِ نَصَّ على ذلك وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ بَشِيرٍ ابن الْخَصَاصِيَةِ وفي التَّمَشُّكِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالْقَصْرُ على النَّصِّ ( م 1 ) وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ خَلْعُ النَّعْلِ كَالْخُفِّ
وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ ولا ( ( ( والوطء ) ) ) وطء عليه لِلْأَخْبَارِ وَيُرْوَى عن ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرَةَ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ كَالتَّخَلِّي عليه وَفِيهِ وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ يُكْرَهُ
وَيُكْرَهُ التَّخَلِّي بَيْنَهُمَا وكراهة ( ( ( وكرهه ) ) ) أَحْمَدُ زَادَ حَرْبٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وفي الْفُصُولِ حُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ وَلِهَذَا يُمْنَعُ من جَمِيعِ ما يُؤْذِي الْحَيَّ أَنْ يناله ( ( ( ينال ) ) ) بِهِ كَتَقْرِيبِ النَّجَاسَةِ منه وفي الْكَافِي وَغَيْرِهِ له الْمَشْيُ عليه لِيَصِلَ إلَى من يَزُورُهُ لِلْحَاجَةِ وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ وَسَأَلَهُ عبدالله يُكْرَهُ دَوْسُهُ وَتَخَطِّيهِ فقال نعم يُكْرَهُ دَوْسُهُ ولم يَكْرَهْ الْآجُرِّيُّ تَوَسُّدَهُ لِفِعْلِ على رَوَاهُ مَالِكٌ بَلَاغًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وفي التَّمَشُّك ( * ) وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالْقَصْرُ على النَّصِّ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنُّكَتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلْأَصْفَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ ( قُلْت ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ كَغَيْرِهِ من النِّعَالِ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال عن الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ ليس بِشَيْءٍ
( * ) ( تَنْبِيهٌ ) التَّمَشُّكْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ من فَوْقٍ وَضَمِّ الْمِيمِ أَيْضًا وَسُكُونِ الْكَافِ نَوْعٌ من النِّعَالِ مَشْهُورُ لاسم ( ( ( الاسم ) ) ) عِنْدَ أَهْلِ بَغْدَادَ قَالَهُ ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ
____________________
1-
(2/236)
وفيه أنه كان يضطجع عليها فيتوجه مثله الجلوس وللبخاري أن ابن عمر كان يجلس عليها وأن زيد بن ثابت قال إنما كره ذلك لمن أحدث عليه وهو محمول على التحريم جمعا فَصْلٌ لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ على الْقَبْرِ وفي الْمَقْبَرَةِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وهو الْمَذْهَبُ ( وش ) وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فَقِيلَ تُبَاحُ وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ قال ابن تَمِيمٍ نَصَّ عليه ( م 2 ) كَالسَّلَامِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَعَنْهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ على الْقَبْرِ وفي الْمَقْبَرَةِ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ فَقِيلَ تُبَاحُ وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ قال ابن تَمِيمٍ نَصَّ عليه انْتَهَى أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ قال في الْفَائِقِ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ على الْقَبْرِ نَصَّ عليه أَخِيرًا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ في نَقْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُبَاحُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتُبَاحُ الْقِرَاءَةُ على الْقَبْرِ نَصَّ عليه قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَقَدَّمَ الْإِبَاحَةَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ
____________________
1-
(2/237)
لا تكره وقت دفنه وعنه تكره اختاره عبدالوهاب الوراق وأبو حفص ( وه م ) قال شيخنا نقلها الجماعة وهو قول جمهور السلف وعليها قدماء أصحابه وسمي المروذي وعلله أبو الوفاء وأبو المعالي بأنها المدفن النجاسة كالحش قال ابن عقيل أبو حفص يغلب الحظر
كذا قال وصح عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها فلهذا رجع عن الكراهة وقال الخلال وصاحبه المذهب رواية واحدة لا يكره وقال صاحب المحرر على رواية الكراهة شدد أحمد حتى قال لا يقرأ فيها في صلاة جنازة ونقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه يكفر عن يمينه ولا يقرأ ويتوجه يقرأعند القبر وله نظائر في المذهب كنذر الطواف على أربع وذكر غير واحد فيمن نذر طاعة على صفة لا تتعين يأتي بالطاعة وفي الكفارة لترك الصفة وجهان فتشمل هذه المسألة ودلت رواية المروذي على إلغاء الموصوف لإلغاء صفته في النذر وهو غريب
وعنه بدعة لأنه ليس من فعله عليه السلام وفعل أصحابه فعلم أنه محدث وسأله عبدالله يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ فيه عليه قال بدعة قال شيخنا ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين أن القراءة عند القبر أفضل ولا رخص في اتخاذه عيدا كاعتياد القراءة عنده في وقت معلوم أو الذكر أو الصيام
قال واتخاذ المصاحف عندها ولو للقراءة فيها بدعة ولو نفع الميت لفعله السلف بل هو كالقراءة في المساجد عند السلف ولا أجر للميت بالقراءة عنده كمستمع وقال أيضا من قال إنه ينتفع بسماعها دون ما إذا بعد القارىء فقوله باطل مخالف للإجماع كذا قال ويتأذى الميت بالمنكر عنده نص عليه وذكره أبو المعالي واحتج أبو المعالي بخبر ابن عباس جنبوه جار السوء وبخبر عائشة الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته ولا يصحان ولكن قد سبق يستحب الدفن عند الصالح لتناله بركته ويسن يخفف ( * ) عنه وإذا تأذى بالمنكر انتفع بالخير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) * ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ يُسَنُّ يُخَفَّفُ كَذَا في النُّسَخِ قال شَيْخُنَا لَعَلَّهُ يُسَنُّ ما يُخَفِّفُ عنه فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ في هذا الْبَابِ
____________________
1-
(2/238)
وصرح به جماعة وظاهره ولو بجعل جريدة رطبة في القبر للخبر وأوصى به بريدة ذكره البخاري وفي معناه غرس غيرها وأنكر ذلك جماعة من العلماء وكره الحنفية قلع الحشيش الرطب منها قالوا لأنه يسبح فربما يأنس الميت بتسبيحه وفي شرح مسلم أن العلماء استحبوا القراءة عند القبر لخبر الجريدة لأنه إذا رجا التخفيف لتسبيحهما بالقراءة أولى وعن جابر مرفوعا إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجد فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاة خيرا وعن أبي موسى مرفوعا مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت رواهما مسلم وقال البراء كان رجل يقرأسورة الكهف وعنده فرس مربوط فغشيته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال تلك السكينة تنزلت للقرآن أو تنزلت عند القرآن متفق عليه فَصْلٌ كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذلك وَحَصَلَ له الثَّوَابُ كَالدُّعَاءِ ( ع ) وَالِاسْتِغْفَارِ ( ع ) وَوَاجِبٍ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ ( ع ) وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ ( ع ) وَكَذَا الْعِتْقِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ أَصْلًا وَذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا ( ع ) وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( و ) وَكَذَا حَجِّ التَّطَوُّع ( م ر ) وفي الْمُجَرَّدِ من حَجَّ نَفْلًا عن غَيْرِهِ وَقَعَ عَمَّنْ حَجَّ لِعَدَمِ إذْنِهِ وَكَذَا الْقِرَاءَةُ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ نَقَلَ الْكَحَّالُ في الرَّجُلِ يَعْمَلُ شيئا من الْخَيْرِ من صَلَاةٍ أو صَدَقَةٍ أو غَيْرِ ذلك وَيَجْعَلُ نِصْفَهُ لِأَبِيهِ أو لأمه ( ( ( أمه ) ) ) أَرْجُو
وقال الْمَيِّتُ يَصِلُ إلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ من الْخَيْرِ من صَدَقَةٍ أو صَلَاةٍ أو غَيْرِهِ ( م ش ه ر ) وَفَرَّقُوا بِأَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فيها فَلِهَذَا لم يَقَعْ ثَوَابُهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ عن نَفْسِهِ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَهْدَى ثَوَابَهُ لم يَصِحَّ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بأنه ( ( ( بأن ) ) ) عِتْقَهُ عن ميت ( ( ( الميت ) ) ) بِلَا وَصِيَّةٍ يَقَعُ عن الْمُعْتِقِ بِدَلِيلِ الْوَلَاءُ له وَلِعَصَبَتِهِ وَمَعَ هذا فَقَدْ صُرِفَ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في الْعِتْقِ قد صَحَّ إهْدَاؤُهُ وَإِنْ وَقَعَ عن فَاعِلِهِ فَإِنْ
____________________
(2/239)
أَرَادَ الْقَاضِي ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من نَقْلِ ثَوَابٍ وَقَعَ لِفَاعِلِهِ لم يُسَلِّمْهُ الْمُخَالِفُ وهو مَحَلُّ النِّزَاع وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَالثَّوَابَ لِلْمُعْتَقِ عنه بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ فَلَيْسَ بِجَوَابٍ وَالثَّانِي ظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ من الْأَثَرِ فَكَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يُعْتِقَانِ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ رَوَاهُ أبو حَفْصٍ وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ عن أَخِيهَا عبدالرحمن بَعْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهُ ابن الْمُنْذِرِ ولم يُنْقَلْ غَيْرُ الْعِتْقِ وَنُصُوصُ أَحْمَدُ على هذا كما يَأْتِي في الْفَرَائِضِ مع أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا هُنَاكَ بِأَنَّ الثَّوَابَ لِلْمُعْتِقِ وكان وَجْهُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْوَلَاءَ ولم يذكر في التَّبْصِرَةِ خِلَافَهُ إلَّا احْتِمَالًا قال لأنه الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ والآذان لَا يَصِحُّ إهْدَاؤُهُ
مع دُخُولِ النِّيَابَةِ في بَعْضِهَا قال الْقَاضِي وَلِأَنَّ الثَّوَابَ تَبَعٌ لِلْفِعْلِ فإذا جَازَ أَنْ يَقَعَ الْمَتْبُوعُ لِغَيْرِهِ جَازَ أَنْ يَقَعَ التَّبَعُ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَهْدَى ما لَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُهُ لِأَنَّهُ يَظُنُّهُ ثِقَةً بِالْوَعْدِ وَحُسْنًا لِلظَّنِّ فَلَا يَسْتَعْمِلُ الشَّكَّ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ { قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ } سورة الإخلاص 1 ثُمَّ قُولُوا اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ يَعْنِي ثَوَابَهُ وقال الْقَاضِي لَا بُدَّ من قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَثَبْتنِي على هذا فَقَدْ جَعَلْت ثَوَابَهُ أو ما شَاءَ منه لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ قد يَتَخَلَّفُ فَلَا يَتَحَكَّمُ على اللَّهِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَثِبْنِي على عَمَلِي هذا أَحْسَنَ الثَّوَابِ وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كان أَحْسَنَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا في أَنْ يُهْدِيَ شيئا من مَالِهِ يَعْرِفُهُ الْوَكِيلُ فَقَطْ صَحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ وَقْتَ فِعْلِ الْقُرْبَةِ وفي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ قَبْلَهُ
وفي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ يُشْتَرَطُ أَنْ تَتَقَدَّمَ نِيَّةُ ذلك أو تُقَارِنُهُ فَإِنْ أَرَادُوا أن يُشْتَرَطُ لِلْإِهْدَاءِ وَنَقْلِ الثَّوَابِ أَنْ يَنْوِيَ الْمَيِّتُ بِهِ ابْتِدَاءً كما فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَعَّدَهُ فَهُوَ مع مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ لَا وَجْهَ له في أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَإِنْ أَرَادُوا أن يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ الْقُرْبَةُ عن الْمَيِّتِ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ له فَهَذَا مُتَّجِهٌ وَلِهَذَا قال ابن الْجَوْزِيِّ ثَوَابُ الْقُرْآنِ يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا نَوَاهُ قبل الْفِعْلِ ولم يُعْتَبَرْ إلَّا هذا فَظَاهِرُهُ عدمه ( ( ( عدمها ) ) ) وهو ظَاهِرُ ما سَبَقَ في التَّبْصِرَةِ
____________________
(2/240)
وفي الْفُنُونِ عن حَنْبَلِيٍّ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ لِأَنَّ ما تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ من الْأَعْمَالِ لَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَنِيبِ إلَّا بِالنِّيَّةِ من النَّائِبِ قبل الْفَرَاغِ وفي الْفُصُولِ كما سَبَقَ في الْمُجَرَّدِ أَنَّ من أَحْرَمَ عن غَيْرِهِ حَيٍّ أو مَيِّتٍ لم يَنْعَقِدْ عن الْغَيْرِ فَلَوْ نَابَ عن حَيٍّ في حَجٍّ فَاعْتَمَرَ وَقَعَ عن الْحَاجِّ وَلَا نَفَقَةَ له وَلَوْ كان مَيِّتًا وَقَعَ عن الْمَيِّتِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ لِقُدْرَةِ الْحَيِّ على التَّكَسُّبِ وَالْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُهْدٍ لِلْمَيِّتِ ثَوَابَهَا فَقَدْ جَعَلَ نِيَّةَ الْمَيِّتِ بالقرابة ( ( ( بالقربة ) ) ) ابْتِدَاءً يَقَعُ عنه كَمُهْدٍ إلَيْهِ ثَوَابَهَا وَلَعَلَّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِقِيَاسِهِمْ على الصَّدَقَةِ
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ اقْرَءُوا ياسين ( ( ( يس ) ) ) على مَوْتَاكُمْ وَبِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَى من الْمُحْتَضَرِ وَبِأَنَّهُ أَذِنَ في الْحَجِّ ولم يَسْتَفْصِلْ وَبِقَوْلِهِ لِعَمْرِو بن العاصي ( ( ( العاص ) ) ) لو أَقَرَّ أَبُوك بِالتَّوْحِيدِ فَصُمْت عنه أو تَصَدَّقْت عنه نَفَعَهُ ذلك رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَأْتِي كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ بَعْدَهُ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي الثَّوَابُ يَقَعُ وقال أَيْضًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْعَلَهُ عن غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ ثَوَابُهُ عن غَيْرِهِ
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَرُّوذِيِّ السَّابِقَةَ ولم يَسْتَدِلَّ له كَذَا قال قال وَعَلَى هذا يقول لو صلى فَرْضًا وَأَهْدَى ثَوَابَهُ صَحَّتْ الْهَدِيَّةُ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَرَّى عَمَلُهُ عن ثَوَابٍ كَالصَّلَاةِ في مَكَان غَصْبٍ ثُمَّ له مِثْلُ أَجْرِهِ لِخَبَرِ عمر ( ( ( عمرو ) ) ) وابن
____________________
(2/241)
شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ مَرْفُوعًا رَوَاهُ حَرْبٌ وقال شَيْخُنَا أو أَكْثَرَ وَالْأَشْهَرُ خِلَافُ قَوْلِ الْقَاضِي في ثَوَابِ الْفَرْضِ وَبَعَّدَهُ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَحَبُّ إهْدَاءُ الْقُرَبِ قِيلَ لِلْقَاضِي فَقَدْ قال أَحْمَدُ ما يُعْجِبُنِي أَنْ يَخْرُجَ من الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَيُقَدِّمُ أَبَاهُ وهو يَقْدِرُ أَنْ يَبَرَّهُ بِغَيْرِ هذا فقال وقد نُقِلَ ما يَدُلُّ على نَفْيِ الْكَرَاهَةِ فَنَقَلَ أبو بَكْرِ بن حَمَّادٍ فِيمَنْ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ قال يُؤَخِّرُهَا وَالْوَجْهُ فيه أَنَّهُ نَدْبٌ إلَى طَاعَةِ أبيه في تَرْكِ صَوْمِ النَّفْلِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ وقد نَقَلَ هَارُونُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَصُومَ إذَا نَهَاهُ كَذَا قال نَدْبٌ
وقال أبو الْمَعَالِي فَإِنْ قِيلَ الْإِيثَارُ بِالْفَضَائِلِ وَالدِّينِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَكُمْ ثُمَّ ذَكَرَ نحو كَلَامِ الْقَاضِي وَهَذَا منها تَسْوِيَةٌ بين نَقْلِ الثَّوَابِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ له وَبَيْنَ نَقْلِ سَبَبِ الثَّوَابِ قبل فِعْلِهِ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ في آخِرِ الْجُمُعَةِ وقال في كِتَابِ الْهَدْيِ في غَزْوَةِ الطَّائِفِ أَيْ فَرَّقَ بين أَنْ يُؤْثِرَهُ بِفِعْلِهَا لِيُحْرِزَ ثَوَابَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ ثُمَّ يُؤْثِرَهُ بِثَوَابِهَا قال في الْفُنُونِ يُسْتَحَبُّ إهْدَاؤُهَا حتى لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَذَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ
وقال شَيْخُنَا لم يَكُنْ من عَادَةِ السَّلَفِ إهْدَاءُ ذلك إلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ كَانُوا يَدْعُونَ لهم فَلَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهُمْ وَلِهَذَا لم يَرَهُ شَيْخُنَا لِمَنْ له كَأَجْرِ الْعَامِلِ كَالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُعَلِّمِ الْخَيْرِ بِخِلَافِ الْوَالِدِ لِأَنَّ له أَجْرًا كَأَجْرِ الْوَلَدِ لأن ( ( ( ولأن ) ) ) الْعَامِلَ يُثَابُ على إهْدَائِهِ فَيَكُونُ له أَيْضًا مِثْلُهُ فَإِنْ جَازَ إهْدَاؤُهُ فَهَلُمَّ جَرًّا وَيَتَسَلْسَلُ ثَوَابُ الْعَمَلِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لم يَجُزْ فما الْفَرْقُ بين عَمَلٍ وَعَمَلٍ وَإِنْ قِيلَ يَحْصُلُ ثَوَابُهُ مَرَّتَيْنِ للمهدي إلَيْهِ وَلَا يَبْقَى لِلْعَامِلِ ثَوَابٌ فلم يَشْرَعْ اللَّهُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ في الْآخِرَةِ وَلَا مَنْفَعَةَ له في الدَّارَيْنِ فَيَتَضَرَّرُ وَلَا يَلْزَمُ دُعَاؤُهُ له ونحوه لأنه مكافأة له ولا منفعة له في الدارين فيتضرر ولا يلزم دعاؤه له وَنَحْوُهُ لِأَنَّهُ مُكَافَأَةٌ له كَمُكَافَأَتِهِ لِغَيْرِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَدْعُوُّ له وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمُكَافَأَةِ وَلِلْمَدْعُوِّ له مِثْلُهُ فلم يَتَضَرَّرْ ولم يَتَسَلْسَلْ وَلَا يَقْصِدُ أَجْرَهُ إلَّا من اللَّهِ
وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ يقدم ( ( ( أقدم ) ) ) من بَلَغَهُ أن أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَلِيَّ بن الْمُوَفَّقِ أَحَدُ الشُّيُوخِ الْمَشْهُورِينَ من طَبَقَةِ أَحْمَدَ وَشُيُوخَ الْجُنَيْدِ وقال الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ محمد بن إِسْحَاقَ ابن إبْرَاهِيمَ أبو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ مُحَدِّثُ عَصْرِهِ وهو إمَامُ الحديث بَعْدَ الْبُخَارِيِّ ببخاري سَمِعْت إبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدِ بن يحيى سَمِعْت السَّرَّاجَ يقول خَتَمْت الْقُرْآنَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
____________________
1-
(2/242)
عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ خَتْمَةٍ وَضَحَّيْت عنه اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ أُضْحِيَّةٍ فصل وَالْحَيُّ كَالْمَيِّتِ في نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ فَكَذَا الْقِرَاءَةُ وَنَحْوُهَا ( و ) لِلْحَنَفِيَّةِ قال الْقَاضِي لَا تُعْرَفُ رِوَايَةٌ بِالْفَرْقِ بَلْ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْكَحَّالِ يَعْنِي السَّابِقَةَ قال وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ لِأَنَّ الْعَجْزَ صَحَّ في الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَانْتِفَاعُهُ بِالدُّعَاءِ بِإِجَابَتِهِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ في الْمَدْعُوِّ وهو أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ الثَّوَابِ على نَفْسِ الدُّعَاءِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ في حَجِّ النَّفْلِ عن الْحَيِّ ولم يَسْتَدِلَّ له وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ نَفْعَ الْإِجَابَةِ وَقَبُولَ الشَّفَاعَةِ في الْمَدْعُوِّ إنَّمَا حَصَلَ حَيْثُ قَصَدَهُ الدَّاعِي لِلْمَدْعُوِّ له وَأَرَادَهُ مُتَقَرِّبًا بِسُؤَالِهِ وَخُضُوعِهِ وَتَضَرُّعِهِ فَكَذَلِكَ ثَوَابُ سَائِرِ الْقُرَبِ الذي قَصَدَهُ بِفِعْلِهَا وَصَحَّ عنه عليه السَّلَامُ أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ الْحَدِيثُ قال وهو يَدُلُّ على أنه أُمَّتَهُ أَمْوَاتَهُمْ وَأَحْيَاءَهُمْ قد نَالَهُمْ النَّفْعُ وَالْأَجْرُ بِتَضْحِيَتِهِ
وَإِلَّا كان عَبَثًا فظاهره ( ( ( فظاهر ) ) ) قَوْلِهِ هذا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ وَإِهْدَاءُ الثَّوَابِ عن الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلِهَذَا احْتَجَّ من احْتَجَّ على أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَجِبُ وَاقْتَصَرَ في هِدَايَةِ الْحَنَفِيَّةِ على الِاسْتِدْلَالِ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَسَبْقِ الْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ وصنعه الطَّعَامِ وهو صَادِقٌ على ما قَالَهُ شَيْخُنَا جَمْعُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ الناس على طَعَامٍ لِيَقْرَءُوا وَيُهْدُوا له ليس مَعْرُوفًا في السَّلَفِ وَالصَّدَقَةُ أَوْلَى منه لَا سِيَّمَا على من يَنْتَفِعُ بِهِ في مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كالقراءة ( ( ( كالقراء ) ) ) وَنَحْوِهِمْ فإنه قد كَرِهَهُ طَوَائِفُ من الْعُلَمَاءِ من غَيْرِ وَجْهٍ وَقُرْبُ دَفْنِهِ مَنْهِيٌّ عنه عَدَّهُ السَّلَفُ من النِّيَاحَةِ وَذَكَرَ خَبَرَ جَرِيرٍ السَّابِقَ وَهَذَا في الْمُحْتَسِبِ فَكَيْفَ من يَقْرَأُ بِالْكِرَاءِ
وَاكْتِرَاءُ من يَقْرَأُ وَيُهْدِي لِلْمَيِّتِ بِدْعَةٌ لم يَفْعَلْهَا السَّلَفُ وَلَا اسْتَحَبَّهَا الْأَئِمَّةُ وَالْفُقَهَاءُ تَنَازَعُوا في جَوَازِ الِاكْتِرَاءِ على تَعْلِيمِهِ فَأَمَّا اكْتِرَاءُ من يَقْرَأُ وَيُهْدِيهِ فما عَلِمْت أَحَدًا ذَكَرَهُ وَلَا ثَوَابَ له فَلَا شَيْءَ لِلْمَيِّتِ قَالَهُ الْعُلَمَاءُ قال وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ
____________________
(2/243)
بِذَلِكَ وَالْوَقْفُ على الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ أَفْضَلُ من الْوَقْفِ عليه اتِّفَاقًا وَلِلْوَاقِفِ كَأَجْرِ الْعَامِلِ وهو دَاخِلٌ في قَوْلِهِ عليه السَّلَامُ من أَحْيَا سُنَّةً من سُنَنِي قد أُمِيتَتْ بَعْدِي كان له أَجْرُهَا وَأَجْرُ من عَمِلَ بها إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ من غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ من أُجُورِهِمْ شيئا لِأَنَّ ذلك سَعْيٌ في سُنَّتِهِ وقال أَيْضًا الْوَقْفُ على التُّرَبِ بِدْعَةٌ وقال أَيْضًا فيها مَصْلَحَةُ الْحَضِّ على بَقَاءِ حِفْظِهِ وَتِلَاوَتِهِ وَفِيهَا مَفَاسِدُ من الْقِرَاءَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عن الْقِرَاءَةِ الْمَشْرُوعَةِ وَالتَّأَكُّلِ بِهِ فَمَتَى أَمْكَنَ تَحْصِيلُ هذه الْمَصْلَحَةِ بِدُونِهِ فَالْوَاجِبُ الْمَنْعُ منه وَإِبْطَالُهُ
وَشَرْطُ إهْدَاءِ الْقِرَاءَةِ يَنْبَنِي على إهْدَاءِ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ فَمَنْ لم يُجَوِّزْهُ أَبْطَلَهُ وَمَنْ جَوَّزَهُ فإنه إذَا كان عِبَادَةً وَهِيَ ما قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَأَمَّا بِإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ فَلَا تَكُونُ قُرْبَةً وَإِنْ جاز أَخَذَ الأجر ( ( ( الأجرة ) ) ) وَالْجَعْلَ عليه ثُمَّ جُعِلَ الْخِلَافُ في أُجْرَةِ تَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ فَقَدْ حُكِمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِمَا قال لَا يَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فيه وَإِنَّ الْوَقْفَ عليه بِدْعَةٌ وفي كَلَامِهِ الْأَخِيرِ إنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ لم يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَلَا إهْدَاءَ لِعَدَمِ الثَّوَابِ
فَعَلَى هذا يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يُهْدِي شيئا وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ في مَسْأَلَةِ الْحَجِّ بِأُجْرَةٍ أن لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاكُ في الْعِبَادَةِ فَمَنْ فَعَلَهُ من أَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ خَرَجَ عن كَوْنِهِ عِبَادَةً فلم يَصِحَّ مع أَنَّهُ يَصِحُّ في رِوَايَةٍ أُخْرَى كَأَخْذِ النَّفَقَةِ لِأَجْلِهِ وكذ الْوَصِيَّةُ بِزَائِدٍ عليها خِلَافًا لِلْفُصُولِ قال لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ فَلَا يَجُوزُ قال غَيْرُ وَاحِدٍ في مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ الْجَعَالَةُ أَوْسَعُ لِجَوَازِهَا مع جَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ وَدَلَّ ذلك منهم على أَنَّ الْعَمَلَ لِأَجْلِ الْعِوَضِ لَا يُخْرِجُهُ عن كَوْنِهِ قُرْبَةً في الْجُمْلَةِ
وَهَذَا أَوْلَى من قَوْلِ شَيْخِنَا لِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ رِزْقٌ وَمَعُونَةٌ لَا إجازة ( ( ( إجارة ) ) ) وَلَا جَعَالَةٌ
____________________
(2/244)
وهو مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ فإنه ذَكَرَ ما ذَكَرُوا من أَخْذِ الرِّزْقِ من بَيْتِ الْمَالِ على النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَقْفِ على من يَقُومُ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ على من يَحُجُّ عنه مع أَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا يُعْرَفُ في السَّلَفِ لَكِنْ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْمَدَارِسِ وَالصُّوفِيَّةِ فَكَذَا من يَقْرَأُ له على نَحْوِ مَسَائِلِ الْحَجِّ وقد وَجَّهَ ابن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا لَا تَصِلُ إلَى الْحَيِّ بِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَفْسَدَةً عَظِيمَةً فإن الْأَغْنِيَاءَ يَتَّكِلُونَ عن الْأَعْمَالِ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ التي تُسَهِّلُ لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُمْ في فِعْلِ الْخَيْرِ وفيفوتهم ( ( ( فيفوتهم ) ) ) أَسْبَابُ الثَّوَابِ بِالِاتِّكَالِ على الثَّوَابِ
وَتَخْرُجُ أَعْمَالُ الطَّاعَاتِ عن بلبها ( ( ( لبها ) ) ) إلَى الْمُعَاوَضَاتِ وَيَصِيرُ ما يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مُعَامَلَاتٍ لِلنَّاسِ بَعْضِهِمْ مع بَعْضٍ وَيَخْرُجُ عن الْإِخْلَاصِ وَنَحْنُ على أَصْلٍ يُخَالِفُ هذا وهو مَنْعُ الِاسْتِئْجَارِ وَأَخْذِ الْأَعْوَاضِ وَالْهَدَايَا على الطَّاعَاتِ كَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَالْحَجِّ وَفَارَقَ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَضَمَانَهُ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَحَقُّ اللَّهِ فيه تَابِعٌ فَدَلَّ كَلَامُهُ على التَّسْوِيَةِ وَأَنَّهُ لو جَازَ هُنَاكَ جَازَ هُنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
وَمَتَى لم يَصِحَّ الْوَقْفُ على ذلك وَالْوَصِيَّةُ بَقِيَ على مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي وقال شَيْخُنَا لو وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عنه نَافِلَةً بِأُجْرَةٍ لم يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ عنه الْأَئِمَّةِ
وكذا قال وَهِيَ كَالْقِرَاءَةِ كما سَبَقَ قال وَيَتَصَدَّقُ بها على أَهْلِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ له أَجْرُ كل صَلَاةٍ اسْتَعَانُوا عليها بها من غَيْرِ نَقْصِ أَجْرِ الْمُصَلِّي وَلَعَلَّ مُرَادَهُ إذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ ذلك وقال فِيمَنْ وَصَّى بِشِرَاءِ وَقْفٍ على من يَقْرَأُ عليه يُصْرَفُ في جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ كَإِعْطَاءِ الْفُقَرَاءِ وَالْقُرَّاءِ أو في غَيْرِ ذلك من الْمَصَالِحِ فَفِي التي قَبْلَهَا اعْتَبَرَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ وَهُنَا جَوَّزَهُ في الْمَصَالِحِ فَهُوَ كَاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ في الصَّدَقَةِ بِفَاضِلِ رِيعِ الْوَقْفِ هل يُعْتَبَرُ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ أو يَجُوزُ في الْمَصَالِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/245)
@ 247 = كِتَابُ الزَّكَاةِ وَبَيَانُ من تَجِبُ عليه وَسَبَبِهَا وَشُرُوطِهَا وَمُسْقِطِهَا وما تَجِبُ فيه من الْأَمْوَالِ
وَهِيَ لُغَةً النَّمَاءُ وَقِيلَ وَالتَّطْهِيرُ لِأَنَّهَا تُنَمِّي الْأَمْوَالَ وَتُطَهِّرُ مُؤَدِّيهَا وَقِيلَ تُنَمِّي أَجْرَهَا وقال الْأَزْهَرِيُّ تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ وَسُمِّيَتْ شَرْعًا زَكَاةً لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهِيَ شَرْعًا حَقٌّ يَجِبُ في مَالٍ خَاصٍّ وَسُمِّيَتْ صَدَقَةً لِأَنَّهَا دَلِيلٌ لِصِحَّةِ إيمَانِ مُؤَدِّيهَا وَتَصْدِيقِهِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هل فُرِضَتْ بِمَكَّةَ أو بِالْمَدِينَةِ وفي ذلك آيَاتٌ وَاخْتَلَفُوا في آيَةِ الذَّارِيَاتِ { وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ } سورة الذاريات 19 هل الْمُرَادُ بِهِ الزَّكَاةُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الزَّكَاةُ لِقَوْلِهِ في آيَةِ سَأَلَ { وَاَلَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } سورة المعارج 24 وَالْمَعْلُومُ إنَّمَا هو الزَّكَاةُ لَا التَّطَوُّعُ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَشَيْخُنَا أنها مَدَنِيَّةٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ طَلَبُهَا وَبَعْثُ السعادة ( ( ( السعاة ) ) ) لِقَبْضِهَا فَهَذَا بِالْمَدِينَةِ وَلِهَذَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنَّ الظَّوَاهِرَ في إسْقَاطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ مُعَارَضَةٌ بِظَوَاهِرَ تَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ في كل مَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } سورة المعارج 24 وَاحْتَجَّ على أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَجِبُ على كَافِرٍ فِعْلُهَا وَيُعَاقَبُ بها بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } سورة فصلت 6 7 وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ مع أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ فَسَّرَ الزَّكَاةَ فيها بِالتَّوْحِيدِ
وَاحْتَجَّ في خِلَافِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } سورة المعارج 24 وَالْحَقُّ هو الزَّكَاةُ وقد أَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ فَدَلَّ على أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ جَمِيعِهِ إلَيْهِمَا وَكَذَا يُحْمَلُ ما رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وابن ماجة وَغَيْرُهُمْ عن أبي عَمَّارٍ وَاسْمُهُ عُرَيْبٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عن قَيْسِ بن سَعْدٍ قال أَمَرَنَا رسول اللَّهِ
____________________
(2/247)
ص = بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قبل أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فلما نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لم يَأْمُرْنَا ولم يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ إسناده ( ( ( وإسناده ) ) ) جَيِّدٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مع رَمَضَانَ وهو في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وفي هذا الْخَبَرِ أَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَهَا وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ في قَوْله تَعَالَى { قد أَفْلَحَ من تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } سورة الأعلى 14 وَذَكَرَ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ تَطَهَّرَ من الشِّرْكِ
وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَاخْتَارَهُ ابن الْجَوْزِيِّ وقال لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ ولم يَكُنْ بِمَكَّةَ زَكَاةٌ وَلَا عِيدٌ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ في قَوْله تَعَالَى { هو الذي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ } سورة الفتح 4 قال الرَّحْمَةَ إنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فلما صَدَّقُوا بها زَادَهُمْ الصَّلَاةَ فلما صَدَّقُوا بها زَادَهُمْ الصِّيَامَ فلما صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الزَّكَاةَ فلما صَدَّقُوا بها زَادَهُمْ الْحَجَّ فلما صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الْجِهَادَ ثُمَّ أَكْمَلَ لهم دِينَهُمْ فقال { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا } سورة المائدة 3
قال ابن عَبَّاسٍ فَأَوْثَقُ إيمَانِ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَصْدَقُهُ وَأَكْمَلُهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكَذَا ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ في مَسْأَلَةِ النَّسْخِ أَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَ الصَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَهِيَ فَرْضٌ على كل مُسْلِمٍ حُرٍّ ( ع ) وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ ( ه م ) بِقَدْرِهِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ( ه ) لِلْعُمُومِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَهُمَا من أَهْلِهَا كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ وَدَمُهُمَا مَحْقُونٌ وَالْعَقْلُ لِلنُّصْرَةِ وَلَيْسَا من أَهْلِهَا وَسَبَقَ حُكْمُ الْكَافِرِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُ قِنًّا وَمُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ ( و ) فَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ ( وه ش ) زكاة السَّيِّدُ ( وه ش ) وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ ( وم ) فَلَا زَكَاةَ فيه ( وم ) فِيهِمَا فَلَا فِطْرَةَ إذًا في الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يُزَكِّيهِ الْعَبْدُ وَعَنْهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُزَكِّيَهُ السَّيِّدُ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ
وَلَا يَلْزَمُ مُكَاتَبًا ( و ) لِنَقْصِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَعَنْهُ هو كَالْقِنِّ وَعَنْهُ يُزَكِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا عُشْرَ في زَرْعهِ ( ه ) وَإِنْ عَتَقَ أو عَجَزَ أو قَبَضَ قِسْطًا من
____________________
(2/248)
نُجُومِ كِتَابَتِهِ وفي يَدِهِ نِصَابٌ اسْتَقْبَلَ الْمَالِكُ بِهِ حَوْلًا وما دُونَ نِصَابٍ كَمُسْتَفَادٍ وَهَلْ تَجِبُ في الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا كما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ لِحُكْمِنَا له بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا حتى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ منه أَمْ لَا كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ له بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ليس حَمْلًا أو أَنَّهُ ليس حَيًّا فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي ( م 1 ) وقال الشَّيْخُ في فِطْرَةِ الْجَنِينِ لم تَثْبُتْ له أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا في الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا مع أَنَّهُ احْتَجَّ هو وَغَيْرُهُ لِلْوُجُوبِ هُنَاكَ بِالْعُمُومِ وَيَأْتِي قَوْلُ أَحْمَدَ صَارَ وَلَدًا وَعَدَمُ الْوُجُوبِ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَصْلٌ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ من مَلَكَ نصاب ( ( ( نصابا ) ) ) ( و ) فَإِنْ نَقَصَ عنه فَعَنْهُ لَا زَكَاةَ ( وه ش ) وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وَحَبَّتَانِ ( م 2 ) وَعَنْهُ وَلَا أَكْثَرُ وَعَنْهُ حتى ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) = كتاب ( ( ( مثقال ) ) ) الزكاة
( مسألة 1 ) قوله ( ( ( جازت ) ) ) وهل ( ( ( جوازا ) ) ) تجب ( ( ( لوزانه ) ) ) في ( ( ( وجبت ) ) ) المال المنسوب ( ( ( ولعل ) ) ) إلى ( ( ( المراد ) ) ) الجنين ( ( ( المضروبة ) ) ) إذا انفصل ( ( ( الظاهر ) ) ) حيا كما اختاره صاحب الرعاية لحكمنا له بالملك ظاهرا حتى منعنا باقي الورثة أم لا كما هو ظاهر ( ( ( مذهب ) ) ) كلام الأكثر وجزم ( ( ( مالك ) ) ) بِهِ صَاحِبُ المحرر ( ( ( المجرد ) ) ) في مسألة زكاة ( ( ( فائدة ) ) ) مال الصبي معللا بأنه ( ( ( بالتقريب ) ) ) لا مال ( ( ( اعتبار ) ) ) له ( ( ( بنقص ) ) ) بدليل ( ( ( داخل ) ) ) سقوطه ميتا ( ( ( الكيل ) ) ) لاحتمال أنه ليس حملا أو ( ( ( الأئمة ) ) ) أنه ليس حيا فيه وجهان ذكرهما ( ( ( نقص ) ) ) أبو المعالي انتهى ( قلت ) الصواب ما قاله المجد ( ( ( وزع ) ) ) وهو عدم الوجوب كما هو ظاهر كلام الأصحاب وقال في القاعدة الرابعة والثمانين والذي يقتضيه نص أحمد في الاتفاق على أنه من نصيبه أنه يثبت له الملك بالإرث من حين موت أبيه وصرح بذلك ابن عقيل وغيره من الأصحاب ونقل عن أحمد ما يدل على خلافه ( ( ( الخمسة ) ) ) وذكر ( ( ( أوسق ) ) ) نصين ( ( ( ظهر ) ) ) صريحين في ( ( ( سقطت ) ) ) ذلك ( ( ( الزكاة ) ) ) وتأتي هذه المسألة بعينها في باب ميراث الحمل وزيادة
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ من مَلَكَ نِصَابًا فَإِنْ نَقَصَ عنه فَعَنْهُ لَا زَكَاةَ وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وَحَبَّتَانِ انْتَهَى وأطقهما في الْكَافِي وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ إحْدَاهُمَا لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وحبتان وهو من الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَتَبِعَهُ ابن عبد الْقَوِيِّ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَهُ غَيْرُ الْخِرَقِيِّ قال الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ في حَوَاشِيهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيّ هذا
____________________
1-
(2/249)
مثقال ( ( ( الأشهر ) ) ) وعنه إن جازت جوازا ( ( ( المجد ) ) ) لوازنه وَجَبَتْ ( وم ) ولعل المراد المضروبة وهو الظاهر كما ( ( ( ومختصر ) ) ) هو مذهب ( م ) قال مالك وإن لم تجز ولم تكن مضروبة ( ( ( والخلاصة ) ) ) أثر درهم وفي ( ( ( والنظم ) ) ) المذهب ثلث مثقال وقيل ( ( ( النصاب ) ) ) تسقط بنقصه يسيرا أول الحول ووسطه فقط وهل نصاب الثمر والزرع تَحْدِيدٌ جزم به ( ( ( زكاة ) ) ) جماعة منهم صاحب المجرد والمغني والمحرر لتحديد الشلوع بالأوسق كما سيأتي أو تقريب فيه روايتان ( م 3 )
وللشافعية وجهان فيؤثر نحو رطلين ومدين على التحديد لا على التقريب وجعله في الرعاية فائدة الخلاف وقدم القول بالتقريب ولا اعتبار بنقص داخل في الكيل في الأصح جزم به الأئمة ( و ) وقال صاحب التلخيص إذَا نَقَصَ ما لو ( ( ( اصطلحناه ) ) ) وزع على الخمسة أوسق ظهر ( ( ( المجرد ) ) ) فيها ( ( ( والشيخ ) ) ) سقطت الزكاة وإلا ( ( ( والمجد ) ) ) فلا ويجب الزَّكَاةُ فِيمَا زَادَ على النِّصَابِ بِالْحِسَابِ ( و ) وقال أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَلَوْ لم يَبْلُغْ نَقْدًا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أو أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ ( ه ) إلَّا السَّائِمَةَ فَلَا زَكَاةَ في وَقْصِهَا
وَقِيلَ بَلَى اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ ( وَ ) لِرِوَايَةٍ عن ( م ) وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الأشهر عند الأصحاب قال المجد في شرحه هذا الصحيح قال في الفائق وجبت في أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين ومختصر ابن تميم والحاويين وغيرهم وجزم به في الهداية والمذهب والمستعوب والخلاصة والمقنع والتلخيص والنظم وغيرهم والرواية الثانية النصاب تحديد فلا زكاة فيه إذا نقص عن النصاب ولو كان نقصا يسيرا قال في المبهج هذا أظهر وأصح قال الشارح هو ظاهر الأخبار فينبغي أن لا يعدل عنه وهو ظاهر كلام الخرقي وهو قول القاضي إلا أنه قال إلا أن يكون نقصا يدخل في المكاييل كالأوقية ونحوها فلا يؤثر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني وشرح ابن رزين وغيرهما
( مسألة 3 ) قوله وهل نصاب الزرع والثمر تحديد جزم به جماعة منهم صاحب المجرد والمغني والمحرر لتحديد الشارع بالأوسق أو تقريب فيه روايتان انتهى وأطلقهما ابن تميم وصاحب الفائق إحداهما تحديد وهو الصحيح على ما اصطلحناه جزم به القاضي في المجرد والشيخ في المغني والمجد والشارح وصاحب المستوعب وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي والرواية الثانية هو تقريب ( قلت ) وهو الصواب وجزم به في الوجيز والنظم وغيرهما وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم
____________________
1-
(2/250)
وَزُفَرَ فَعَلَى هذا لو تَلِفَ بَعِيرٌ من تِسْعٍ أو مَلَكَهُ قبل التَّمَكُّنِ إنْ اعْتَبَرْنَا التَّمَكُّنَ سَقَطَ تُسْعُ شَاةٍ وَلَوْ تَلِفَ منها سِتَّةٌ زكي الْبَاقِيَ ثُلُثَ شَاةٍ وَلَوْ كانت مَغْصُوبَةً فَأَخَذَ منها بَعِيرًا بَعْدَ الْحَوْلِ زكي تُسْعَ شَاةٍ وَلَوْ كان بَعْضُهَا رَدِيئًا أو صِغَارًا كان الْوَاجِبُ وَسَطًا وَيُخْرِجُ من الْأَعْلَى بِالْقِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ في الصُّورَةِ الْأُولَى شَاةً وفي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا
وفي الثَّالِثَةِ خُمُسَهَا وفي الرَّابِعِ يَتَعَلَّقُ الْوَاجِبُ بِالْخِيَارِ وَالرَّدِيءُ بِالْوَقْصِ لِأَنَّهُ أَحَطُّ وَاخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ أَيْضًا وَلَوْ تَلِفَ عِشْرُونَ من أَرْبَعِينَ بَعِيرًا قبل التَّمَكُّنِ فَنِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةُ أَتْسَاعهَا وَلَيْسَ الْوَاجِبُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ جَعْلًا للتألف مَعْدُومًا ( ه ) لِأَنَّهُ لو نَقَصَ بِالتَّلَفِ عن نِصَابٍ زكي الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ ( و ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لو كان عليه دَيْنٌ بِقَدْرِ وَقْصٍ لَا يُؤَثِّرُ بِالشَّاةِ الْمُعَلَّقَةِ بِالنِّصَابِ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وفي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالزَّائِدِ على نِصَابِ السَّرِقَةِ احْتِمَالَانِ ( م 4 ) وَلَا عُشْرَ في أَرْضٍ لَا مَالِكَ لها كَالْأَرْضِ الْوَقْفِ على الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ تَمَامُ مِلْكِ النِّصَابِ في الْجُمْلَةِ ( و ) فَلَا زَكَاةَ في دَيْنِ الْكِتَابَةِ ( و ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا وَفِيهِ رِوَايَةٌ فَدَلَّ على الْخِلَافِ هُنَا وَلَا في دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أو مُعْسِرٍ أو مُمَاطِلٍ أو جَاحِدِ قَبْضِهِ وَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ ومعرف ( ( ( ومعروف ) ) ) وَضَالٍّ رَجَعَ وما دَفَنَهُ وَنَسِيَهُ وَمَوْرُوثٍ أو غَيْرِهِ وَجَهِلَهُ أو جعل ( ( ( جهل ) ) ) عِنْدَ من هو في رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهَا ابن شِهَابٍ وَشَيْخُنَا ( وه ) وفي رِوَايَةٍ تَجِبُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 4 ) قوله وفي تعلق الوجوب بالزائد على نصاب السرقة احتمالان انتهى يعني أن القطع هل تعلق بجميع المسروق والنصاب والزائد عليه أو بالنصاب منه فقط أطلق احتمالين وظاهر ما قطع به المجد في شرحه أنه يتعلق بالجميع فإنه علل عدم الوجوب في الوقص من السائمة بأنه مال ناقص عن نصاب يتعلق به قرض مبتدأ فلم يتعلق به وجوب أهل ما نقص عن النصاب الأول وعكسه زيادة نصاب السرقة انتهى وهذه المسألة نظيرة المسألة التي ذكرها المصنف قبلها في تعلق الوجوب بالوقص وعدمه فلذلك ذكرها المصنف هنا تبعا للمجد في شرحه ولم نرها في غيره ففي إطلاق المصنف شيء والله أعلم
____________________
1-
(2/251)
ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ ( وم ش ) وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الْمُؤَجَّلِ ( م 5 )
( وه ) لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَالْإِبْرَاءِ فَيُزَكِّي ذلك إذَا قَبَضَهُ لِمَا مضي من السِّنِينَ خِلَافًا لِرِوَايَةٍ عن مَالِكٍ وقال أبو الْفَرَجِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ في الدَّيْنِ وَقَبْضِهِ فَهَلْ يُزَكِّيهِ لِمَا مضي عليه رِوَايَتَيْنِ وَيَتَوَجَّهُ ذلك في بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَقَيَّدَ في الْمُسْتَوْعِبِ الْمَجْحُودَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وقال أبو الْمَعَالِي ظَاهِرًا وقال غَيْرُهُمَا ظَاهِرًا أو بَاطِنًا أو فِيهِمَا وَإِنْ كان بِهِ بَيِّنَةٌ فَوَجْهَانِ ( م 6 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في مُؤَجَّلٍ أو على مُعْسِرٍ أو مُمَاطِلٍ أو جَاحِدِ قبضة وَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ وَمُعَرَّفٍ وَضَالٍّ رَجَعَ وما دَفَنَهُ وَنَسِيَهُ وَمَوْرُوثٍ أو غَيْرِهِ وَجَهِلَهُ أو جَهِلَ عِنْدَ من هو في رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهَا ابن شِهَابٍ وَشَيْخُنَا وفي رِوَايَةٍ تَجِبُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الْمُؤَجَّلِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ في الْمَذْهَبِ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وأبو الْمَعَالِي في الْخُلَاصَةِ وَنَصَرَهَا في شَرْحِهِ وقال اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الْمُؤَجَّلِ منهم الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَيَشْمَلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى جَزَمَ بها في الْعُمْدَةِ في غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ وَقَدَّمَهَا ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهَا من قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَإِنْ كان بِهِ بَيِّنَةٌ فَوَجْهَانِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا تَجِبُ في الْمَجْحُودِ الذي لَا بينه بِهِ فَهَلْ تَجِبُ فِيمَا بينه أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ قال ابن تَمِيمٍ فَإِنْ كان بِالْمَجْحُودِ بينه فوجهان ذكرهما الْقَاضِي انْتَهَى أَحَدُهُمَا تَجِبُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال الشَّارِحُ وفي الْمَجْحُودِ وَاَلَّذِي لَا بَيِّنَةَ بِهِ رِوَايَتَانِ فَظَاهِرُ وُجُوبِهَا إذَا كان بِهِ بينة والوجه الثاني لا بينة به روايتان فظاهر وجوبها إذا كان به بَيِّنَةٌ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجِبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لِإِطْلَاقِهِمْ فَعَلَى هذا الْوَجْهِ هو كما لَا بَيِّنَةَ بِهِ
____________________
1-
(2/252)
وقيل تجب في مدفون بداره ودين على معسر ومماطل وَالرِّوَايَتَانِ في وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا الْمُودَعُ وَجَزَمَ به الْكَافِي بِوُجُوبِهَا في وَدِيعَةٍ جَهِلَ عِنْدَ من هِيَ ( م 7 ) ولا ( ( ( والصحيح ) ) ) يخرج المودع ( ( ( الوجوب ) ) ) إلا ( ( ( كالمسائل ) ) ) بإذن ربها ( ( ( قبلها ) ) ) نص عليه وقيد الحنفية المدفون بمغارة وعكسه المدفون في البيت وفي المدفون في كرم أو أرض اختلاف المشايخ وتجب عندهم في دين على معسر أو جاحد عليه بينة أو علم به القاضي
وعلى مقر مفلس عند أبي حنيفة لأن التفليس لايصح عنده وعند محمد لا تجب لتحقق الإفلاس بالتفليس عنده وقاله أبو يوسف وقال في حكم الزكاة كقول أبي حنيفة رعاية للفقراء وَلَوْ وَجَبَتْ في نِصَابٍ بَعْضُهُ دَيْنٌ على مُعْسِرٍ أو غَصْبٌ أو ضَالٌّ فَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ ما بيده قبل قَبْضِ الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ ( م 8 و 9 )
فَإِنْ قُلْنَا لَا وكان الدَّيْنُ على ملىء ( ( ( مليء ) ) ) فَوَجْهَانِ وَمَتَى قَبَضَ شيئا من الدَّيْنِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ وَلَوْ لم يَبْلُغْ نِصَابًا نَصَّ عليه ( وش ) خِلَافًا لِلْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَمَالِكٍ وَخِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ إنْ كان الدَّيْنُ بَدَلًا عن مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ ولم يَقْبِضْ منه أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 7 ) قوله ( ( ( أربعة ) ) ) والروايتان ( ( ( دنانير ) ) ) في وديعة جحدها المودع وجزم به في الكافي بوجوبها في وديعة جهل عند ( ( ( تسقط ) ) ) من هي ( ( ( الزكاة ) ) ) انتهى والصحيح عدم الْوُجُوبِ كالمسائل التي قبلها ( ( ( تجب ) ) ) والله ( ( ( رخصة ) ) ) أعلم
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَبَتْ في نِصَابٍ بَعْضُهُ دَيْنٌ على مُعْسِرٍ أو غَصْبٌ أو ضَالٌّ فَفِي وُجُوبِ إخْرَاج زَكَاةِ ما بيده قبل قَبْضِ الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ ما بيده وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فَلَوْ كانت إبِلُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ منها خَمْسٌ مَغْصُوبَةٌ أو ضَالَّةٌ أَخْرَجَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ عليه شَيْءٌ حتى يَقْبِضَ ذلك فَعَلَى هذا الوجة قال الْمُصَنِّفُ لو كان الدَّيْنُ على ملىء ( ( ( مليء ) ) ) فَوَجْهَانِ وَهَذِهِ
( مَسْأَلَةٌ 9 ) أُخْرَى أَطْلَقَ فيها الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ فِيهِمَا أَحَدُهُمَا يَجِبُ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجِبُ حتى يَقْبِضَ كَغَيْرِ الملىء ( ( ( المليء ) ) )
____________________
1-
(2/253)
أو أربعة دنانير ويرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده كتلفه وإن غصب رب المال بأسر أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته في الأصح لنفوذ تصرفه ولو حمل إلى دار الحري لأن عصمته بالإسلام لقوله عليه السلام فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وعند أبي حنفية تسقط لأن العاصم دار الإسلام فلا يضمن بإتلاف ويملك باستيلاء ومن دينه حال على مليء باذل زكاه على الأصح وفاقا إذا قبضه
وعنه أو قبله ( وم ش ) ويزكيه لما مضى قصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة ( م ) أم لا ( م ) وعنه لسنة واحدة بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء ولم يوجد فيما مضى ويجزئه إخراج الزكاة قبل قبضه ( م ) لزكاة سنين ولو منع التعجيل لأكثر من سنة لقيام الوجوب وإنما لم تجب رخصة ولو ملك مائة نقدا ومائة مؤجلة زكي النقد لتمام حوله والمؤجل إذا قبضه
وإذا ملك الملتقط اللقطة استقبل بها حولا وزكى نص عليه لأنه لا شيء في ذمته
وقيل لا يلزمه لأنه مدين بها فإن ملك ما يقابل قدر عوضها زكى وقيل لا ( وم ) لعدم استقرار ملكه وإذا ملكها الملتقط وزكى فلا زكاة إذا على ربها على الأصح وهل يزكيها ربها حول التعريف كبعده إذا لم يملكها الملتقط فيه روايتان في المال الضال فإن لم يملك اللقطة وقلنا يتصدق بها لم يضمن حتى يختار ربه الضمان فيثبت حينئذ في ذمته كدين مجدد وإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج
وقيل لا إن قلنا لا تلزم ربها زكاتها قال بعضهم لوجوبها على الملتقط إذا وَيَسْتَقْبِلُ بِالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ حَوْلًا عَيْنًا كان ذلك أو دَيْنًا مُسْتَقِرًّا أو لَا نَصَّ عليه ( وش ) وَكَذَلِكَ مَالِكٌ في غَيْرِ نَقْدٍ لِلْعُمُومِ وَلِأَنَّهُ ظَاهِرُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَعَنْهُ حتى يَقْبِضَ ذلك ( وه ) وَعَنْهُ لَا زَكَاةَ في صَدَاقٍ قبل الدُّخُولِ حتى يَقْبِضَ فَيَثْبُتَ الِانْعِقَادُ وَالْوُجُوبُ قبل الدُّخُولِ قال صحاب الْمُحَرَّرِ بِالْإِجْمَاعِ مع احْتِمَالِ الِانْفِسَاخِ وَعَنْهُ تَمْلِكُ قبل الدُّخُولِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَكَذَا
____________________
(2/254)
في الْخِلَافِ في اعْتِبَارِ الْقَبْضِ في كل دَيْنٍ لَا في مُقَابَلَةِ مَالٍ أو مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ عِنْدَ الْكُلِّ كَمُوصًى بِهِ وَمَوْرُوثٍ وَثَمَنِ مَسْكَنٍ وَعَنْهُ لَا حَوْلَ لِأُجْرَةٍ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( خ ) وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِأُجْرَةِ الْعَقَارِ ( خ ) نَظَرًا إلَى كَوْنِهَا غَلَّةَ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ وَعَنْهُ وَمُسْتَفَادٌ وَذَكَرَهَا أبو الْمَعَالِي فِيمَنْ بَاعَ سَمَكًا صَادَهُ بِنِصَابِ زَكَاةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ قبل الْقَبْضِ وَإِنْ كان دَيْنًا من بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا زَكَاةَ ( و ) لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ فيها بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا وَكَذَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تُزَكَّى ( و ) لِأَنَّهَا لم تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا لِأَنَّ الْإِبِلَ في الدِّيَةِ فيها أَصْلٌ أو أَحَدُهَا وَتَجِبُ في قَرْضٍ وَدَيْنٍ وَعُرُوضِ تِجَارَةٍ ( و )
وَكَذَا في مَبِيعٍ قبل الْقَبْضِ خِلَافًا لِرِوَايَةٍ عن أبي حَنِيفَةَ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَهُ عنه أو زَالَ أو انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِ مَطْعُومٍ قبل قَبْضِهِ وَيُزَكِّي الْمَبِيعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أو في خِيَارِ الْمَجْلِسِ من حُكِمَ له بِمِلْكِهِ وَلَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ وَدَيْنُ السَّلَمِ إنْ كان لِلتِّجَارَةِ ولم يَكُنْ أَثْمَانًا وَثَمَنُ الْمَبِيع وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ قبل قَبْضِ عِوَضِهِمَا وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ جَزَمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ الطارىء ( ( ( الطارئ ) ) ) لَا يُضْعِفُ مِلْكًا تَامًّا كَمَالِ الِابْنِ معرض ( ( ( معرضا ) ) ) لِرُجُوعِ أبيه وَتَمَلُّكِهِ
وفي الرِّعَايَةِ إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في مِلْكٍ تَامٍّ مَقْبُوضٍ وَعَنْهُ أو مُمَيَّزٍ لم يَقْبِضْ قال وَفِيمَا صَحَّ تَصَرُّفُ رَبِّهِ فيه قبل قَبْضِهِ أو ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ وفي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ قبل قَبْضِ عِوَضِهِمَا وَدَيْنِ السَّلَمِ إنْ كان لِلتِّجَارَةِ ولم يَكُنْ أَثْمَانًا وَالْمَبِيعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ قبل الْقَبْضِ رِوَايَتَانِ ( * ) وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فيه خِيَارٌ منه فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ في قَدْرِهِ وفي بَقِيَّتِهِ روايتا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وفي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في قِيمَةِ الْمُخْرَجِ وَجْهَانِ ( م 10 ) وقال ابن حَامِدٍ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ فَرُدَّ عليه فَزَكَاتُهُ عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيه ( ( ( فأما ) ) ) ) قوله ( ( ( مبيع ) ) ) وفي ثمن ( ( ( الإبراء ) ) ) المبيع ( ( ( يزكيه ) ) ) ورأس ( ( ( ربه ) ) ) مال السلم قبل قبض ( ( ( المدين ) ) ) عوضهما ( ( ( والصداق ) ) ) ودين ( ( ( كالدين ) ) ) السلم إنْ كان للتجارة ( ( ( مليئا ) ) ) ولم يكن ( ( ( فبقيمة ) ) ) أثمانا ( ( ( حقه ) ) ) والمبيع في مدة الخيار قبل القبض روايتان انتهى ليس هذا من الخلاف المطلق إنما هو من تتمة كلام صاحب الرِّعَايَةِ فليعلم ذلك والمصنف قد قدم في هذا حكما وإنما حكي كلام صاحب الرعاية طريقة
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فيه خِيَارٌ منه فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ في قَدْرِهِ وفي بَقِيَّتِهِ روايتا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وفي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في قِيمَةِ الْمُخْرَجِ وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
1-
(2/255)
فأما مبيع غير متعين ولامتميز فيزكيه البائع ( ( ( المخرج ) ) ) وكل دين سقط قبل قبضه لم يتعوض عنه ( ( ( المشتري ) ) ) سقطت زكاته ( و ) وقيل هل يزكيه من سقط عنه يخرج على روايتين وإن أسقطه زكاه نص عليه ( م ) لأنه أتلف ما فيه الزكاة فقير كان المدين أو غنيا وعنه يزكيه المدين المبرأ لأنه ملك ما عليه وحملها صاحب المحرر على أن بيد المدين نصابا منع الدين زكاته ( وم ) وإلا فلا شيء عليه
وقيل لا زكاة عليهما ( خ ) وإن أخذ ربه به عوضا أو أحال أو احتال زاد بعضهم وقلنا الحوالة وفاء زكاة كعين وهبها وعنه زكاة التعويض على المدين وقيل في ذلك وفي الإبراء يزكيه ربه إن قدر وإلا المدين والصداق كالدين ( و ) وقيل سقوطه كله لانفساخ النكاح من جهتها كإسقاطها وإن زكت صداقها كله ثم تنصف بطلاقها رجع فيما بقي بكل حقه وقيل إن كان مثريا وإلا فبقيمة حقه وقيل يرجع بنصف ما بقي ونصف بدل ما أخرجت
وقيل يخير بين ذلك ونصف قيمة ما أصدقها يوم العقد أو مثله ولا تجزئها زكاتها منه بعد طلاقها لأنه مشترك وقيل بلى عن حقها وتغرم له نصف ما أخرجت ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا وتزكيه هي فإن تعذر فيتوجه لا يلزم الزوج وفيها في الرعاية بلى ويرجع عليها إن تعلقت بالعين وقيل أو بالذمة ويزكي الْمَرْهُونُ على الْأَصَحِّ ( و ) وَيُخْرِجُهَا الرَّاهِنُ منه بِلَا إذْنٍ إنْ عَدِمَ كَجِنَايَةِ رَهْنٍ على دَيْنِهِ وَقِيلَ منه مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ وَقِيلَ يُزَكِّي رَاهِنٌ مُوسِرٌ وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ جَعَلَ بَدَلَهُ رَهْنًا وَقِيلَ لَا وفي مَالِ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عليه رِوَايَتَا مُدَّيْنِ عِنْدَ أبي الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيِّ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ كَمَغْصُوبٍ ( م 11 ) وَقِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما ( ( ( يزكي ) ) ) ابن تميم أحدهما ( ( ( موسى ) ) ) القول قول المخرج ( قلت ( ( ( مذهب ) ) ) ) وهو الصواب والوجه الثاني القول ( ( ( ومذهب ) ) ) قول المشتري ( ( ( عباس ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وفي مَالِ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عليه رِوَايَتَا مُدَّيْنِ عِنْدَ أبي الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيِّ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ كَمَغْصُوبٍ انْتَهَى الْقَوْلُ الثَّانِي هو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وقال عن الْقَوْلِ الذي قَبْلَهُ هذا بَعِيدٌ بَلْ إلْحَاقُهُ بِمَالِ الدَّيْنِ أَقْرَبُ
____________________
1-
(2/256)
يزكي سائمة لنمائها بلا تصرف قال أبو المعالي إن عين حاكم لكل غريم شيئا فلا زكاة لضعف ملكه إذا وإن حجر عليه بعد وجوبها لم تسقط وقيل بلى إن كان قبل تمكنه من الإخراج وهل له أخراجها منه فيه وجهان ( م 12 )
ولا يقبل إقراره بها جزم به بعضهم وعنه يقبل كما لو صدقه الغريم فأما قبل الحجر فإن الدين وإن لم يكن من جنس المال يمنع وجوب الزكاة في قدره في الأموال الباطنة ( و ) قال أبو الفرج وهي الذهب والفضة وقال غيره وقيمة عروض التجارة وفي المعدن وجهان ( م 13 ) وعنه لا يمنع الدين الزكاة ( وش ) وعنه يمنعها الدين الحال خاصة جزم به في الإرشاد وغيره ويمنعها في الأموال الظاهرة كماشية وحب وثمرة ايضا نص عليه واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه والحلواني وابن الجوزي وغيرهم قال ابن أبي موسى هذا الصحيح من مذهب أحمد
وعنه لا يمنع ( وم ش ) وعنه يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك أو كان من ثمنه وعنه خلا الماشية وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب ابن عباس لتأثير ثقل المؤنة في المعشرات وعند ( ه ) كل دين مطالب به يمنع إلا في المعشرات لأن الواجب فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 12 ) وَهَلْ له إخْرَاجُهَا منه فيه وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهَا من الْمَالِ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْلِكُ ذلك قال ابن تَمِيمٍ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ كَالرَّاهِنِ
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ وفي الْمَعْدِنِ وَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي هل هو من الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أو الْبَاطِنَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ فِيهِمَا وَغَيْرُهُمْ أَحَدُهُمَا هو من الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ قال الشِّيرَازِيُّ الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَقَطْ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْدِنَ من الظَّاهِرَةِ وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا في بَابِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو من الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ من غَيْرِهَا قال في الْفَائِقِ وَيُمْنَعُ في الْمَعْدِنِ وَقِيلَ لَا انْتَهَى وَكَلَامُهُ في التَّعْلِيقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُمْ قالوا الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ الْأَثْمَانُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَقَالُوا الْأَمْوَالُ الظَّاهِرَةُ الْمَوَاشِي وَالْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/257)
ليس بزكاة عنده ومتى أبرأ المدين أو قضي من مال مستحدث ابتدأ حولا لأن ما منع وجوب الزكاة منع انعقاد الحول وقطعه وعنه يزكيه ( وم ) فيبني إن كان في أثناء الحول وبعده يزكيه في الحال
ولا يمنع الدين خمس الركاز ويمنع أرض جناية عبد التجارة زكاة قيمته لأنه وجب جبرا لا مواساة بخلاف الزكاة وجعله بعضهم كالدين وَمَنْ له عَرْضُ قِنْيَةٍ يُبَاعُ لو أَفْلَسَ يَفِي بِدَيْنِهِ فَعَنْهُ يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ ما عليه وَيُزَكِّي ما معه من الْمَالِ الزَّكَوِيِّ ( وم ) جَمْعًا بين الْحَقَّيْنِ وهو أَحَظُّ وَعَنْهُ يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ ما معه وَلَا يُزَكِّيهِ ( وه ) لِئَلَّا تَحْتَمِلَ الْمُوَاسَاةُ ( م 14 )
وَلِأَنَّ عَرَضَ الْقِنْيَةِ كمبلوسه ( ( ( كملبوسه ) ) ) في أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا فَكَذَا فِيمَا يَمْنَعُهَا وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ بيده أَلْفٌ دَيْنًا وَالْمُرَادُ على ملىء ( ( ( مليء ) ) ) وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا يُزَكِّي ما معه على الْأُولَى ( و ) لَا الثَّانِيَةِ ( م 15 ) ( و ) فَإِنْ كان الْعَرَضُ لِلتِّجَارَةِ فَنَصَّ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ المروذي ( ( ( المروزي ) ) ) يزكي ما معه يُزَكِّي ما معه بِخِلَافِ ما لو كان لِلْقِنْيَةِ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على أَنَّ الذي عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ فَوْقَ حَاجَتِهِ وَقِيلَ إنْ كان فِيمَا معه من الْمَالِ الزَّكَوِيِّ جِنْسُ الدَّيْنِ جَعَلَ في مُقَابَلَتِهِ وَحَكَى رِوَايَةً وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْأَحَظُّ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ مُطْلَقًا فَمَنْ له مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ جَعَلَ الدَّنَانِيرَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَمَنْ له عَرَضُ قِنْيَةٍ يُبَاعُ لو أَفْلَسَ يَفِي بِدَيْنِهِ فَعَنْهُ يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ ما عليه وَيُزَكِّي ما معه من الْمَالِ الزَّكَوِيِّ جَمْعًا بين الْحَقَّيْنِ وهو أَحَظُّ وَعَنْهُ يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ ما معه وَلَا يُزَكِّيهِ لِئَلَّا تُحْتَمَلَ الْمُوَاسَاةُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى اخْتَارَهَا أبو الْمَعَالِي اعْتِبَارًا بِمَا فيه الْأَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ قال الْقَاضِي هِيَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ صَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ على الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ بيده أَلْفٌ وَلَهُ أَلْفٌ دَيْنًا وَالْمُرَادُ على ملىء ( ( ( مليء ) ) ) وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا يُزَكِّي ما معه على الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ انْتَهَى ( قُلْت ) قَدَّمَ هُنَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ جَعْلَ الدَّيْنِ مُقَابِلًا لِمَا في يَدِهِ وَقَالُوا نَصَّ عليه ثُمَّ قالوا وَقِيلَ مُقَابِلًا لِلدَّيْنِ انْتَهَى ( قُلْت ) الصَّوَابُ هُنَا إخْرَاجُ زَكَاةِ ما في يَدِهِ
____________________
1-
(2/258)
قبالة دينه وزكى ما معه ومن له أربعون شاة وعشرة أبعرة ودينه قيمة أحدهما جعل قبالة الغنم وزكى بشاتين
ونقد البلد أحظ للفقراء وفوق نفعه زيادة المالية ودين المضمون عنه يمنع الزكاة بقدره في ماله دون الضامن خلافا لما ذكره أبو المعالي كنصاب غصب من غاصبه وأتلف فإن المنع يختص بالثاني مع أن للمالك طلب كل منهما ( و ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لرعى غَنَمِهِ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ صَحَّ وَهِيَ كَالدَّيْنِ في مَنْعهَا لِلزَّكَاةِ وَحَيْثُ مَنَعَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ فَعَنْهُ دَيْنُ اللَّهِ من كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَدَيْنِ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ ( وم ) وَجَزَمَ بِهِ ابن الْبَنَّا في خِلَافِهِ في الْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وقال نَصَّ عليه وهو الذي احْتَجَّ له الْقَاضِي في الْكَفَّارَةِ وَعَنْهُ لَا يَمْنَعُ ( م 16 ) وفي الْمُحَرَّرِ الْخَرَاجُ من دَيْنِ اللَّهِ وَقَدَّمَ أَحْمَدُ الْخَرَاجَ على الزَّكَاةِ وَيَأْتِي من اجْتِمَاع الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ في أَرْضِ الْعَنْوَةِ وعند ( ه ) لَا يَمْنَعُ إلَّا دَيْنَ زَكَاةٍ وَخَرَاجٍ لِأَنَّ لَهُمَا مُطَالِبًا بِهِمَا وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَنَا على الْفَوْرِ فَإِنْ مَنَعَهَا وَعَلِمَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ طَالَبَهُ بِإِخْرَاجِهَا كَالزَّكَاةِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بن هانىء يُجْبَرُ الْمُظَاهِرُ على الْكَفَّارَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ وَحَيْثُ مُنِعَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ فَعَنْهُ دَيْنُ اللَّهِ من كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَدَيْنُ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْبَنَّاءِ في خِلَافِهِ في الْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وقال نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يُمْنَعُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا هو كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في شَرْحِهِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ كما قال الْمُصَنِّفُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَتْبَاعِهِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ آكَدُ منه وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهَلْ تَمْنَعُ الْكَفَّارَةُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ على وَجْهَيْنِ مُسْتَنْبَطَيْنِ من مَنْعِ الدَّيْنِ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وفي ذلك رِوَايَتَانِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ مَنَعَتْ الْكَفَّارَةُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى من الدَّيْنِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لم تَمْنَعْ الْكَفَّارَةُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لِضَعْفِهَا عن الدَّيْنِ انْتَهَى وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(2/259)
على أن هذا لا يؤثر في الحج كذا الكفارة ولأن الإمام لا يطالب بزكاة مال باطن والدين يمنع منه ويأتي في من منع الزكاة وإن نذر الصدقة بمعين قال الله علي أن أتصدق بهذا أو هو صدقة فحال الحول فلا زكاة ( ه ) لزوال ملكه أو نقصه وعند ابن حامد تجب فقال في قوله إن شفي الله مريضي تصدقت من هاتين المائتين بمائة فشفي ثم حال الحول قبل الصدقة وجبت الزكاة وفي الرعاية إن نذر التضحية بنصاب معين وقيل أو قال جعلته ضحايا فلا زكاة ويحتمل وجوبها إذا تم حوله قبلها وَإِنْ قال لِلَّهِ على الصَّدَقَةُ بهذا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فَقِيلَ لَا زَكَاةَ وَقِيلَ بَلَى ( م 17 )
فتجزئة الزَّكَاةُ منه في الْأَصَحِّ وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا من الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا لِكَوْنِ الزَّكَاةِ صَدَقَةً وَكَذَا لو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ هل يُخْرِجُهَا أو يُدْخِلُ النَّذْرَ في الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فَقِيلَ لَا زَكَاةَ وَقِيلَ بَلَى فيجزىء ( ( ( فيجزئ ) ) ) إخراجهما ( ( ( إخراجها ) ) ) منه وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا من الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يجزىء إخْرَاجُهَا منه وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمَا مَعًا
وَقِيلَ يَدْخُلُ في النَّذْرُ في الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا مَعًا وَلَا زَكَاةَ في الْفَيْءِ ( و ) وَالْخُمُسِ ( و ) وَكَذَا الْغَنِيمَةُ الْمَمْلُوكَةُ إذَا كانت أَجْنَاسًا ( و ) لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ تَحْكِيمٍ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ منهم من أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ فما تَمَّ مِلْكُهُ على مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ وَإِنْ كانت صِنْفًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَشْهَرُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عليها إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كل وَاحِدٍ نِصَابًا وَإِلَّا اُبْتُنِيَ على الْخُلْطَةِ وَلَا يُخْرِجُ قبل الْقَبْضِ كَالدَّيْنِ وَلَا زَكَاةَ في وَقْفٍ على غَيْرِ مُعَيَّنٍ أو على الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا ( ه م ) قال أَحْمَدُ في أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ على الْمَسَاكِينِ لَا عُشْرَ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَصِيرُ إلَيْهِمْ وَسَبَقَ في الْفَصْلِ الثَّانِي خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ في الْعُشْرِ ولم يُصَرِّحُوا في الْوَقْفِ على فُقَهَاءِ مَدْرَسَةٍ أو نَحْوِهَا وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَإِنْ وَقَفَ سَائِمَةً أو أَسَامَهَا الْمَوْقُوفُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 17 ) قوله وإن قال لله على الصدقة بهذا النصاب إذا حال الحول فقيل لا زكاة وقيل بلى انتهى القول الثاني هو الصحيح اختاره المجد وهو الصواب والقول الأول اختاره ابن عقيل
____________________
1-
(2/260)
عليه على مُعَيَّنِينَ كَأَقَارِبِهِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا لِنَقْصِ مِلْكِهِ وَكَمَا لو قُلْنَا الْمُلْكُ لِلَّهِ ولا يخرج وَلَا يَخْرُجُ منها لِمَنْعِ نَقْلِ الْمِلْكِ في الْوَقْفِ وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا أو شَجَرًا عليه وَجَبَتْ الْغَلَّةِ نَصَّ عليه لِجَوَازِ بَيْعِهَا
وَقِيلَ تَجِبُ مع غِنَى الْمَوْقُوفِ عليه جَزَمَ بِهِ أبو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ ابن سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ وَمَنْ وَصَّى بدارهم ( ( ( بدراهم ) ) ) في وُجُوهِ الْبِرِّ أو لِيَشْتَرِيَ بها ما يُوقَفُ فَاتَّجَرَ بها الْوَصِيُّ فَرِبْحُهُ مع الْمَالِ فِيمَا وَصَّى وَلَا زَكَاةَ فِيهِمَا وَيَضْمَنُ إنْ خَسِرَ نَقَلَ ذلك الْجَمَاعَةُ وَقِيلَ رِبْحُهُ إرْثٌ وَيَأْتِي كَلَامُ صَاحِبِ الْمُوجَزِ وَشَيْخِنَا في آخِرِ الشَّرِكَةِ وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ يُزَكِّيهِ من حَالَ الْحَوْلُ على مِلْكِهِ وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ وَيَحْتَمِلُ لَا زَكَاةَ إنْ وَصَّى بِهِ أَبَدًا وَلَا زَكَاةَ في حِصَّةِ الْمُضَارِبِ وَلَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ قيل اسْتِقْرَارِهِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُ
وَذَكَرَهُ في الْوَسِيلَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أو لِضَعْفِهِ لِأَنَّهُ وِقَايَةُ رَأْسِ الْمَالِ واختار أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ بِمِلْكِهِ بِظُهُورِ الرِّبْحِ ( وه ش ) أو بِغَيْرِهِ على خِلَافٍ يَأْتِي كَمَغْصُوبٍ وَدَيْنٍ على مُفْلِسٍ وَأَوْلَى لِيَدِهِ وَتَنْمِيَتِهِ فَعَلَى هذا يُعْتَبَرُ بُلُوغُ حِصَّتِهِ نِصَابًا وَدُونَهُ يَنْبَنِي على الْخُلْطَةِ وَمَذْهَبُ ( م ) يُزَكِّيهَا إن قَلَّتْ بِحَوْلِ الْمَالِكِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَنَا إخْرَاجُهَا قبل الْقَبْضِ كَالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ له إخْرَاجُهَا من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنٍ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ
وَقِيلَ يَجُوزُ لِدُخُولِهِمَا على حُكْمِ الْإِسْلَامِ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يُزَكِّيهَا رَبُّ الْمَالِ ( ه ) بِحَوْلِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُ وَالْعَامِلُ لَا يَمْلِكُهُ على هذا وَأَوْجَبَ أبو حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدَيْنِ فَصَارَ يُسَاوِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفًا زَكَاةُ قِيمَتِهِمَا على الْمَالِكِ لِشَغْلِ رَأْسِ مَالِهِ كُلًّا مِنْهُمَا كَشَغْلِ الدَّيْنِ ذِمَّةَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ فلم يَفْضُلْ ما يَمْلِكُهُ الْمُضَارِبُ وَلِهَذَا لو أَعْتَقَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا عَتَقَ كُلُّهُ وَاسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِهِ وَعِنْدَنَا أَنَّ ذلك مَمْنُوعٌ وَالْحُكْمُ كَعَبْدٍ وَاحِدٍ مُطْلَقًا ( وش ) وَيُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ نَصَّ عليه ( و ) كَالْأَصْلِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِظُهُورِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وهو سَهْوٌ قبل قَبْضِهَا
____________________
(2/261)
وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَيَحْتَمِلُ سُقُوطَهَا قَبْلَهُ لِتَزَلْزُلِهِ وإذا أَدَّاهَا من غَيْرِهِ فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ وَإِنْ أَدَّى منه حُسِبَ من الْمَالِ وَالرِّبْحِ ذكر الْقَاضِي وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا
وفي الْمُغْنِي تُحْتَسَبُ من الرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ وَلَا يُقَالُ مُؤْنَةٌ كَسَائِرِ الْمُؤَنِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُحْسَبَ عليهما ( ( ( عليها ) ) ) وفي الْكَافِي هِيَ من رَأْسِ الْمَالِ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عليه كَدَيْنِهِ وَلَيْسَ لِعَامِلٍ إخْرَاجُ زَكَاةٍ تَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ إلَّا بِإِذْنِهِ نَصَّ عليه وَمَنْ شَرَطَ مِنْهُمَا زَكَاةَ حِصَّتِهِ على الْآخَرِ جَازَ لِأَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَثَمَنَ عُشْرِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاةَ رَأْسِ الْمَالِ أو بَعْضِهِ من الرِّبْحِ لِأَنَّهُ قد يُحِيطُ بِالرِّبْحِ فَهُوَ كَشَرْطِ فَضْلِ دَرَاهِمَ سَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ يَشْتَرِطُ الْمُضَارِبُ على رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الزَّكَاةَ من الرِّبْحِ قال لَا الزَّكَاةُ على رَبِّ الْمَالِ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا كما يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ في الْمُسَاقَاةِ إذَا لم يُثْمِرْ الشَّجَرُ وَرُكُوبِ الْفَرَسِ في الْجِهَادِ إذَا لم يَغْنَمُوا
كَذَا قال قال الشَّيْخُ في فَتَاوِيهِ وَيَصِحُّ شَرْطُهَا في الْمُسَاقَاةِ على الْعَامِلِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ من النَّمَاءِ الْمُشْتَرَكِ فَمَعْنَاهُ الْقَدْرُ الْمُسَمَّى لك مِمَّا يَفْضُلُ عنها وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هل يُوجَدُ من الثَّمَرَةِ ما فيه الْعُشْرُ أو لَا فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ مَجْهُولًا وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يشح له الْقَلِيلُ إذَا كَثُرَتْ الثَّمَرَةُ وَالْكَثِيرُ إذَا قَلَّتْ وَلَا نَظِيرَ له فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ الْحَوْلُ لِلْمَاشِيَةِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ خَاصَّةً ( و ) وَمُضِيُّهُ على نِصَابٍ تَامٍّ ( و ) رِفْقًا بِالْمَالِكِ وَلِيَتَكَامَلَ النَّمَاءُ فَيُوَاسِيَ منه ويعفي عن سَاعَتَيْنِ في الْأَشْهَرِ وفي نِصْفِ يَوْمٍ وَجْهَانِ ( م 18 ) وَقَدَّمَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ يُؤَثِّرُ مُعْظَمُ الْيَوْمِ وقال أبو بَكْرٍ وَعَنْ يَوْمٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا ( * ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ ويعفي عن سَاعَتَيْنِ في الْأَشْهَرِ وفي نِصْفِ يَوْمٍ وَجْهَانِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يعفي عنه وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عنه
( * ) ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وقال أبو بَكْرٍ وَعَنْ يَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
____________________
1-
(2/262)
وصححه ابن تميم وقيل ويومين وقيل الخمسة والسبعة يحتمل وجهين وفي الروضة وأيام فإما أن مراده ثلاثة أيام لقلتها واعتبارها في مواضع أو ما لم يعد كثيرا عرفا وَلَا يعتبر طرفا الحول خاصة ( ه ) ولنا وجه كقوله في العروض ولا يعتبر آخره في العروض خاصة فلا يُؤَثِّرُ نقص ( ( ( نقصه ) ) ) النصاب في ( ( ( يوم ) ) ) غيره خاصة ( ش ( ( ( المجرد ) ) ) م ( ( ( للقاضي ) ) ) ) ونص ( ( ( لقوله ) ) ) أحمد ( ( ( بعده ) ) ) في مواضع على العروض كالأول وهو المذهب ويتبع نتاج نصاب السائمة وربح التجارة للأصل في حوله إن كان الأصل نصابا لتبعها في الملك حتى ملكت بملك الأصل وإلا فحول الجميع من حين كمل نصابا
ولو نض الربح قبل الحول ثم يستأنف له حولا ( ش ) في أصح قوليه هل يبتدئه من النضوض أو الظهور لأصحابه وجهان وتأتي في السائمة رواية حول الجميع من حين ملك الأمات كذا يقال أمات وإنما يقال أمهات في بنات آدم فقط واستعمل الفقهاء الأمهات في المواشي أَيْضًا وهو غلط والله أعلم كذا ذكره بعضهم وقول الفقهاء لغة أيضا ويقال في بني آدم أمهات
وفيه لغة أمات ولا يتبع المستفاد في أثناء الحول بجنسه ( ه ) ولو كان سائمة ( م ) أفضى إلى التشقيص أم لا ولا عشر في ذلك وحكى في الأجرة رواية كقول أبي حنيفة ولا يبني الوارث على حول الموروث ذكره أحمد في رواية الميموني وابن عبدالبر ( ع ) وللشافعي قول يبني ويأتي قول ابن عقيل في الفصل الثالث من الخلطة ويضم المستفاد إلى مال إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكي كل واحد إذا تم حوله وقيل يعتبر النصاب في مستفاد وينقطع الحول بنقص النصاب في أثنائه أو بيعه بغير جنسه ( م ر ) وَإِنْ اخْتَلَطَ مالا زَكَاةَ فيه بِمَا فيه زَكَاةٌ ثُمَّ تَلِفَ الْبَعْضُ قبل الْحَوْلِ ولم يُعْلَمْ لم يَجِبْ شَيْءٌ وَلَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِ الْأُمَّاتِ وَالنِّصَابُ تَامٌّ بِالنِّتَاجِ ( و ) وَلَا يَتْبَعُ فَاسِدٌ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ
وفي رِوَايَةٍ وَلَا بِإِبْدَالِ نِصَابِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أو بِالْعَكْسِ ( ش ) وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ من عَدَمِ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَإِخْرَاجِهِ عنه فَإِنْ لم يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ أَخْرَجَ مِمَّا معه عِنْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ قال ابن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
وقاله القاضي أيضا انتهى ليس كما قال عن المحرر فإنه قال ولا يؤثر نقصه دون يوم وليس هو المجرد للقاضي لقوله بعده وقاله القاضي أيضا
____________________
1-
(2/263)
تَمِيمٍ وَنَصَّ أَحْمَدُ على مِثْلِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ في أَمْوَالِ الصَّيَارِفَةِ ( و ) لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِهَا فِيمَا يَنْمُو وَوُجُوبُهَا في غَيْرِهِ وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ وَلَا في نِصَابٍ يَجِبُ في عَيْنِهِ أَبْدَلَهُ بِجِنْسِهِ نَصَّ عليه ( وم ) وَلِأَنَّهُ بِسَبَبِ الْأَوَّلِ من جِنْسِهِ كَنِتَاجٍ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ تَخْرِيجًا يَنْقَطِعُ ( وش ) كَغَيْرِ الْجِنْسِ ( ه ) وَكَرُجُوعِهِ إلَيْهِ بِعَيْبٍ أو فَسْخٍ وَإِقَالَةٍ ( ه ) في الْمَاشِيَةِ لِنُمُوِّهَا من عَيْنِهَا وقد زَالَتْ بِخِلَافِ النَّقْدِ وَقَاسَ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ على عَرَضِ تِجَارَةٍ يَبِيعُهُ بِنَقْدٍ أو يَشْتَرِيهِ بِهِ يَبْنِي
( و ) حَكَى الْخِلَافَ ثُمَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَبَّرَ عن الْخِلَافِ بِالْإِبْدَالِ وَبَعْضُهُمْ بِالْبَيْعِ وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَعَبَّرَ الْقَاضِي بِالْإِبْدَالِ ثُمَّ قال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ ابن سَعِيدٍ في الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ فَيَبِيعُهَا بِضِعْفِهَا من الْغَنَمِ هل يُزَكِّيهَا أَمْ يُزَكِّي الْأَصْلَ قال بَلْ يُعْطِي زكاته ( ( ( زكاتها ) ) ) على حديث عُمَرَ في السَّخْلَةِ يَرُوحُ بها الرَّاعِي لِأَنَّ نَمَاءَهَا منها
وقال أبو الْمَعَالِي الْمُبَادَلَةُ هل هِيَ بَيْعٌ فيه رِوَايَتَانِ ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُصْحَفِ لَا بَيْعُهُ وقال أَحْمَدُ الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ وَالْمُبَادَلَةُ مُعَاطَاةٌ وَإِنْ هذا أَشْبَهُ قال فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْقَطَعَ كَلَفْظِ الْبَيْع لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ نعم الْمُبَادَلَةُ تَدُلُّ على وَضْع شَيْءٍ بِمَكَانِ شَيْءٍ مُمَاثِلٍ له كَالتَّيَمُّمِ عن الْوُضُوءِ فَكُلُّ بَيْعٍ مُبَادَلَةٌ لاالعكس وَإِنْ زَادَ بِالِاسْتِبْدَالِ تَبِعَ الْأَصْلَ في الْحَوْلِ أَيْضًا نَصَّ عليه ( وم ) كَنِتَاجٍ فَلَوْ أَبْدَلَ مِائَةَ شَاةٍ بِمِائَتَيْنِ لَزِمَهُ شَاتَانِ إذَا دخل حَالَ حَوْلُ الْمِائَةِ
وقال أبو الْمَعَالِي يُفْرِدُ الزَّائِدَ حَوْلًا وفي الِانْتِصَارِ إنْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بَنَى أَوْمَأَ إلَيْهِ ثُمَّ سَلَّمَهُ وَفَرَّقَ فيها وفي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ لَا يَبْنِي على الْأَصَحِّ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ فِيمَا إذَا أَبْدَلَ نِصَابًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ رُدَّ عليه بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ يَبْنِي على الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا لم يَحُلْ وفي نُسْخَةٍ نَقْلُ الْمُبَادَلَةِ بَيْعٌ
وَمَنْ قَصَدَ بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو إتْلَافٍ وَنَحْوِهِ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ حَرُمَ ولم تَسْقُطْ ( وم ) أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ فَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا لَا أولى ( ( ( أول ) ) ) الْحَوْلِ لِنُدْرَتِهِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يُعْتَبَرُ قُرْبُ وُجُوبِهَا وفي الرِّعَايَةِ قبل الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ وَقِيلَ بِشَهْرَيْنِ
____________________
(2/264)
لَا أَزْيَدَ وفي كَلَامِ الْقَاضِي قبل الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ وفي زول ( ( ( أول ) ) ) الْحَوْلِ نَظَرٌ وقال أَيْضًا في أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ لم يُوجَدْ لِرَبِّ الْمَالِ الْغَرَضُ وهو التَّرَفُّهُ بِأَكْثَرِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابُ وَحُصُولُ النَّمَاءِ فيه وَيُزَكِّي من جِنْسِ الْمَبِيع لِذَلِكَ الْحَوْلِ فَقَطْ ( وم ) وَقِيلَ إنْ أَبْدَلَهُ بِعَقَارٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ زَكَاةُ كل حَوْلٍ وَسَأَلَهُ ابن هانىء مَلَكَ نِصَابَ غَنَمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَاعَهَا فَمَكَثَ ثَمَنُهَا عِنْدَهُ سَنَةً قال إذَا أَقَرَّ بها من الزَّكَاةِ زكي ثَمَنَهَا إذَا حَالَ الْحَوْلُ عليه وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ قال لم أَقْصِدْ بِذَلِكَ الْفِرَارَ فَفِي قَبُولِهِ في الْحُكْمِ وَجْهَانِ ( م 19 )
وفي مُفْرَدَاتِ أبي يَعْلَى الصَّغِيرِ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَسْقُطُ بِالتَّحَيُّلِ ( و ) كما بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ( و ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّحَيُّلِ فيه وَيَأْتِي آخِرَ زَكَاةِ الْعُرُوضِ من أَكْثَرَ شِرَاءِ عقارا ( ( ( عقار ) ) ) فَارًّا من الزَّكَاةِ فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ في عَيْنِ الْمَالِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ قال الْجُمْهُورُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ حَكَاهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ( وه م ق ) وَعَنْهُ تَجِبُ في الذِّمَّةِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ قال ابن عَقِيلٍ هو الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا ( وه ق ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لو لم يُزَكِّ نِصَابًا حَوْلَيْنِ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ ( وه ق ) وَلَوْ تَعَدَّى بِالتَّأْخِيرِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُزَكِّي لِكُلِّ حَوْلٍ أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لم تَسْقُطْ هُنَا لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْقِطُ نَفْسَهُ وقد يُسْقِطُ غَيْرَهُ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ سوي النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ لِلْحَوْلِ الثَّانِي لِأَجْلِ الدَّيْنِ لَا لِلتَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ زَادَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى قُلْنَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ فَلَا زَكَاةَ لِلْعَامِ الثَّانِي تَعَلَّقَتْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 19 ) ومن قصد ببيع أو هبة أو إتلاف نحوه الفرار من الزكاة حرم ولم تسقط وإن قال لم أقصد بذلك الفرار ففي قبوله في الحكم وجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم أحدهما يقبل ( قلت ) وهو أولى من الوجه الثاني والوجه الثاني لا يقبل ( قلت ) الصواب في ذلك أن يرجع إلى القرائن فإن دلت على الفرار لم تقبل وإلا قبل والله أعلم
____________________
1-
(2/265)
بِالْعَيْنِ أو بِالذِّمَّةِ وَإِنَّ أَحْمَدَ حَيْثُ لم يُوجِبْ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي فإنه بَنَى على رِوَايَةِ مَنْعِ الدين ( ( ( العين ) ) ) لِأَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْأَوَّلِ صَارَتْ دَيْنًا على رَبِّ الْمَالِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَجَعَلَ فَوَائِدَ الرِّوَايَتَيْنِ إخْرَاجَ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ من الرَّهْنِ بِلَا إذْنٍ إنْ عُلِّقَتْ بِالْعَيْنِ وَاخْتَارَهُ في سُقُوطِهَا بِالتَّلَفِ وَتَقْدِيمِهَا على الدَّيْنِ
وقال غَيْرُهُ خِلَافَهُ وَإِنَّهُ إنْ كان فَوْقَ نِصَابٍ فَإِنْ وَجَبَتْ في الْعَيْنِ نَقَصَ من زَكَاتِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ نَقْصِهِ بها فإذا نَقَصَ بِذَلِكَ عن نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ لِمَا بَعْدَ ذلك وَإِنْ وَجَبَتْ في الذِّمَّةِ زكاة جَمِيعَهُ لِكُلِّ حَوْلٍ ما لم تُفْنِ الزَّكَاةُ الْمَالَ وقال ابن تَمِيم إنْ قُلْنَا تَجِبُ في الْعَيْنِ فَهَلْ تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ بِتَكَرُّرِ الْأَحْوَالِ فيه وَجْهَانِ وَالشَّاةُ في الْإِبِلِ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْأَحْوَالِ إنْ قُلْنَا دَيْنُ الزَّكَاةِ لَا يَمْنَعُ
كَذَا قال وَكَذَا عِنْدَ زُفَرَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وتتكر ( ( ( وتتكرر ) ) ) كما لو كانت دَيْنًا فَأَتْلَفَ نِصَابًا وَجَبَتْ فيه ثُمَّ حَالَ عِنْدَهُ حَوْلٌ على نِصَابٍ آخَرَ فَالْمَنْعُ وَرَدَ على رِوَايَةٍ ثُمَّ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ أَقْوَى وَلِهَذَا يُمْنَعُ النَّذْرُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ وَلَا يُمْنَعُ إذَا كان في الذِّمَّةِ على رِوَايَةٍ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ من الْغَنَمِ خَمْسٌ ثَلَاثٌ لِلْأَوَّلِ وَاثْنَتَانِ لِلثَّانِي ( وق ) وَعَلَى الثَّانِي سِتٌّ لِحَوْلَيْنِ وَلَوْ لم يُزَكِّ خَمْسِينَ من الْغَنَمِ اثنى عَشَرَ حَوْلًا زكي أَحَدَ عَشْرَ شَاةً وفي الثَّانِيَةَ عَشْرَةً الْخِلَافُ أَمَّا لو كان الْوَاجِبُ من غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْإِبِلِ الْمُزَكَّاةِ بِالْغَنَمِ فَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ الْوَاجِبَ فيه في الذِّمَّةِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ من الْجِنْسِ ( وم ش ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فيه في الذمة هُنَا ليس بِجُزْءٍ من النِّصَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ من الْجِنْسِ ( وه ش ) على ما سَبَقَ من الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ لأنه تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَتَعَلُّقِ الأرض ( ( ( الأرش ) ) ) بِالْجَانِي وَالدَّيْنِ بِالرَّهْنِ فَلَا فَرْقَ إذًا
فَعَلَى النَّصِّ لو لم يَكُنْ له سِوَى خَمْسٍ من الْإِبِلِ فَفِي امْتِنَاعِ زَكَاةِ الْحَوْلِ الثَّانِي لِكَوْنِهَا دَيْنًا الْخِلَافُ قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ هذه الْمَسْأَلَةُ لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَ في الْمَالِ بِمَا إذَا أَدَّى منه نَقَصَ فأقتضي ذلك إذَا أَدَّى من الْغَنَمِ ما يَحْصُلُ عليه بِهِ دَيْنٌ لم يَلْزَمْهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ على أَنَّهُ عِنْدَهُ من الْغَنَمِ ما يُقَابِلُ الْحَوْلَيْنِ فَعَلَى النَّصِّ في خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا في ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ حَوْلٌ بِنْتُ مَخَاضٍ ثُمَّ ثَمَانِ شِيَاهٍ لِكُلِّ حَوْلٍ وَعَلَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ أنها تَجِبُ في الْعَيْنِ مُطْلَقًا كَذَلِكَ لِأَوَّلِ حَوْلٍ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ إنْ نَقَصَ النِّصَابُ بِذَلِكَ عن عِشْرِينَ بَعِيرًا إذَا
____________________
(2/266)
قَوَّمْنَاهَا فَلِلثَّالِثِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَإِلَّا أَرْبَعٌ وَهَلْ يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قبل الْإِخْرَاجِ يَأْتِي في الْفَصْلِ الثَّالِثِ من الْخُلْطَةِ ( * ) فَصْلٌ يَجُوزُ لِمَالِكٍ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ من غَيْرِ النِّصَابِ بِلَا رضي السَّاعِي ( و ) وَإِنَّمَا النِّصَابُ بَعْدَ وُجُوبِهَا كُلُّهُ له ( و ) وَلَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَزِمَهُ ما وَجَبَ فيه من الْحَيَوَانِ لَا قِيمَةُ الْحَيَوَانِ ( و ) وَلَهُ إتْلَافُهُ ( و ) ووطء ( ( ( ووطئ ) ) ) أَمَةً لِلتِّجَارَةِ وَكَذَا له بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ من التَّصَرُّفَاتِ وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلِمَفْهُومِ النَّهْيِ عن بَيْع الثِّمَارِ حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَكَأَرْشِ الْجِنَايَةِ
وفي هذا الْأَصْلِ خِلَافٌ وَمَسْأَلَتُنَا مِثْلُهُ فَدَلَّ على الْخِلَافِ فيها ( وش ) وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْع في قَدْرِهَا وَيُكَلَّفُ إخْرَاجُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَخْنَاهُ في قَدْرِهَا وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وقال ابن تَمِيمٍ لِلسَّاعِي فَسْخُ الْبَيْعِ في قَدْرِهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَصْلُهُمَا مَحَلُّ الزَّكَاةِ وفي غَيْرِهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ذَكَرَهُ في الشَّافِي وقال ابن عَقِيلٍ رَهْنُ ما وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ إذَا لم يَكُنْ له ما يُخْرِجُ منه غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ وقال في الْفُنُونِ يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ كُلِّهِ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْبَيْعَ في الْمَنْع كَالرَّهْنِ وفي الرِّعَايَةِ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ في قَدْرِهَا وَقِيلَ يَبْطُلُ في الْكُلِّ كَذَا قال وَقِيلَ يَبْقَى في ذِمَّتِهِ وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَصْلٌ الْمَذْهَبُ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فَلَا يُعْتَبَرُ في وُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ ( وش ) وَلِخَبَرِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ وَلِانْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي عَقِبَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ( ع ) وَاحْتَجَّ الْقَاضِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيه ) قوله في فوائد وجوب الزكاة في العين أو في الذمة إذا كان الواجب من غير الجنس كالإبل المزكاة بالغنم فنصه أن الواجب فيه في الذمة وظاهر كلام أبي الخطاب وغيره أنه كالواجب من الجنس فعلى النص في خمس وعشرين بعيرا في ثلاثة أحوال حول بنت مخاض ثم ثمان شياه لكل حول انتهى في كلام المصنف سقط وصوابه أن يقال بعد ثمان شياه لكل حول أربع فسقط لفظ أربع بعد قوله لكل حول وهو واضح والله أعلم
____________________
1-
(2/267)
وَغَيْرُهُ بِأَنَّ لِلسَّاعِي الْمُطَالَبَةَ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِحَقٍّ سَبَقَ وُجُوبُهُ وَكَالصَّوْمِ فإنه يَقْضِيهِ الْمَرِيضُ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ عنه على الْأَصَحِّ لِأَنَّ في الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ فَيُعْتَبَرُ التَّمَكُّنُ من الْأَدَاءِ ( وم ش ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لو تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ قبل التَّمَكُّنِ من الْأَدَاءِ ضَمِنَهَا وَعَلَى الثَّانِي لَا وَجَزَمَ في الْكَافِي وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي بِالضَّمَانِ وَاحْتَجَّا بِهِ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا لو لم تَجِبْ لم يَضْمَنْهَا وَقَاسَهُ أبو الْمَعَالِي على تَفْوِيتِهِ الْعَبْدَ الْجَانِي وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ من أبي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ
وَكَذَا لو أَتْلَفَ ضَمِنَهَا على الْأَوْلَى لِأَنَّهَا عَيْنٌ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَسْلِيمِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا تَلِفَتْ في يَدِهِ كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ وَمَقْبُوضٍ بِسَوْمٍ وَعَكْسُهُ زَكَاةُ الدَّيْنِ لِعَدَمِ تَلَفِهِ بيده وَسُقُوطُ الْعُشْرِ بِآفَةٍ قبل الْإِحْرَازِ لِأَنَّهَا من ضَمَانِ الْبَائِع بِدَلِيلِ الْجَائِحَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بَدَلَ قبل الْإِحْرَازِ قبل أَخْذِهِ وَاحْتَجَّ بِالْجَائِحَةِ
وفي الرِّعَايَةِ قبل قَطْعهِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهِ وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ مُطْلَقًا ( و ) وَاخْتَارَهُ في النَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَيْخُنَا وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً مع اقْتِصَارِهِمْ على وُجُوبِهَا بِالْحَوْلِ لِوُجُوبِهَا مع مُوَاسَاةٍ فَلَا تَجِبُ مع فَقْرِهِ وَعَدَمِ مَالِهِ وَكَوَدِيعَةٍ وَلُقَطَةٍ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إنْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ لم تَسْقُطْ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَسْقُطُ في الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْبَاطِنَةِ نَصَّ عليه ( وم ) في رِوَايَةِ أبي عبدالله النَّيْسَابُورِيِّ وَغَيْرِهِ قال
وقال أبو جعفر ( ( ( حفص ) ) ) الْعُكْبَرِيُّ رَوَى أبو عبدالله النَّيْسَابُورِيُّ الْفَرْقَ بين الْمَاشِيَةِ وَالْمَالِ وَالْعَمَلُ على ما رَوَى الْجَمَاعَةُ أنها كَالْمَالِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ رِوَايَةً يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْأَدَاءِ في غَيْرِ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً لَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ النِّصَابِ غَيْرُ الْمَاشِيَةِ كما لَا تُضَمُّ مَاشِيَتُهُ في بَلَدَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ وَتُضَمُّ بَقِيَّةُ الْأَمْوَالِ
وكذا قال أَمَّا لو أَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ فلم يُزَكِّ لم تَسْقُطْ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وفي الْعَبْدِ الْجَانِي مُعَيَّنٌ رضي بِالتَّرْكِ أو الْمُسْتَحِقُّ هُنَا هو اللَّهُ وقد أَمَرَ بِالدَّفْعِ قال الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْدَ طَلَبِ السَّاعِي قِيلَ يَضْمَنُ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ وفي الِاسْتِهْلَاكِ وُجِدَ التَّعَدِّي وَعِنْدَهُمْ في هَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ ولم يَعْتَبِرْ في الْمُسْتَوْعِبِ السُّقُوطَ بِالتَّلَفِ إلَّا بِالْعَبْدِ الْجَانِي فَيَلْزَمُهُ وَلَوْ تَمَكَّنَ وَصَرَّحَ بِخِلَافِهِ
____________________
(2/268)
وَمَنْ أَمْكَنَهُ لَكِنْ خَافَ رُجُوعَ السَّاعِي فَكَمَنْ لم يُمْكِنْهُ ( ش ) وَلَوْ نَتَجَتْ السَّائِمَةُ لم يَضُمَّ في حُكْمِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ على الْمَذْهَبِ وَيَضُمَّ على الثَّانِي كَقَبْلِ الْحَوْلِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لو تَلِفَ بَعْضُهُ زكي الْبَاقِيَ على الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَسْقَطْنَا زَكَاةَ التَّالِفِ لَا على الثَّانِي وكذا قال مع أَنَّهُ احْتَجَّ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِنَصِّهَا في هذه الْمَسْأَلَةِ لَا زَكَاةَ لِمَا تَلِفَ وَظَاهِرُهُ يُزَكِّي بَقِيَّتَهُ على هذه الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ أَيْضًا الرِّوَايَتَيْنِ في الزَّرْع وَالثَّمَرِ ثُمَّ قال إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ وَبَقِيَ دُونَ نِصَابٍ فَفِيهِ بِقِسْطِهِ على الرِّوَايَةِ الْمَنْصُوصَةِ كَبَقِيَّةِ الزَّكَوَاتِ
وَذَكَرَ في الْكَافِي الرِّوَايَةَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قال وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ النِّصَابِ قبل التَّمَكُّنِ سَقَطَ من الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ وَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً او الصَّدَقَةَ بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فَتَلِفَتْ فَرِوَايَتَانِ وقال جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَلَوْ تَمَكَّنَ نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحِقٍّ كَزَكَاةٍ وَإِلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ كَعَبْدٍ جَانٍ وَأَمَّا أبو الْمَعَالِي فقال إنْ تَلِفَتْ قبل التَّمَكُّنِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ شَرْعًا ضَمِنَ وَمَسْلَكَ التَّبَرُّعِ لم يَضْمَنْ ( م 20 ) فَصْلٌ وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةٌ بِالْمَوْتِ عن مَفْقُودٍ وَغَيْرِهِ وَتُؤْخَذُ من التَّرِكَةِ نَصَّ عليه ( و ) وَلَوْ لم يُوصِ ( ه م ) بها كَالْعُشْرِ ( و ) فَإِنْ أَوْصَى بها فَمِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَكَذَا قال في الْحَجِّ وَقَدَّمَهَا مَالِكٌ على بَقِيَّةِ الْوَصَايَا إنْ فَرَّطَ وَبِدُونِهِ تَكُونُ من رَأْسِ مَالِهِ وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن هانىء في حَجٍّ لم يُوصِ بِهِ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ من الثُّلُثِ وَنُقِلَ عنه أَيْضًا من رَأْسِ الْمَالِ مع عِلْمِ وَرَثَتِهِ وَنُقِلَ عنه أَيْضًا في زَكَاةِ من رَأْسِ مَالِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 20 ) قوله ومن نذر أضحية أو الصدقة بدراهم معينة فتلفت فروايتان وقال جماعة منهم القاضي وأبو الخطاب ولو تمكن نظرا إلى عدم تعيين مستحق كزكاة
وأبو المعالي فقال إن تلفت قبل التمكن فلا ضمان وإلا فوجهان إن قلنا يسلك بالنذر مسلك الواجب شرعا ضمن ومسلك التبرع لم يضمن انتهى ذكر المصنف في هذه المسألة ثلاث طرق وقدم أن فيها روايتين إذا لم يتمكن من الإخراج وأطلقهما إحداهما لا يضمن ( قلت ) وهو الصواب والرواية الثانية يضمن فهذه عشرون مسألة في هذا الباب أطلق الخلاف فيها وصحح أكثرها ولله الحمد
____________________
1-
(2/269)
مع صَدَقَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ في الْمَسْأَلَةِ وَلَفْظُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُحْتَمَلُ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ الْوَصِيَّةِ كما قَيَّدَ الْحَجَّ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مِثْلُهُ وَآكَدُ على ما يَأْتِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ على إطللاقه ( ( ( إطلاقه ) ) ) ولم أَجِدْ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ سِوَى النَّصِّ السَّابِقِ
وَيَتَحَاصُّ دَيْنَ لله وَدَيْنَ الْآدَمِيِّ نَصَّ عليه ( وَقِ ) وَنَقَلَهُ عبدالله وَنَقَلَ أَيْضًا يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ ( وَقِ ) وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وَاحِدًا لِتَقْدِيمِهِ بِالرَّهْنِيَّةِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ إنْ عُلِّقَتْ ( وق ) بِالْعَيْنِ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَبَقَاءِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَجَعَلَهُ أَصْلًا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ من تَتِمَّةِ الْقَوْلِ وزاد صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتُقَدَّمُ وَلَوْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ قال لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ قَهْرِيٌّ فَتُقَدَّمُ على مُرْتَهِنٍ وَغَرِيمٍ وَمُفْلِسٍ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَهَذَا التَّعَلُّقُ بِسَبَبِ الْمَالِ فَيَزْدَادُ وَيَنْقُصُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ وهو من حُقُوقِ الْمَالِ وَنَوَائِبِهِ
فَأُلْحِقَ بها في التَّقْدِيمِ على سَائِرِ الدُّيُونِ وما زَادَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وَجْهًا وَأَنَّهُ أَوْلَى وقال مَعْنَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ كتلعق ( ( ( كتعلق ) ) ) أَرْشِ الجانية ( ( ( الجناية ) ) ) وَفِيهِ وَجْهٌ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ قال شَيْخُنَا وَلَوْ كان له دُيُونٌ لم تَقُمْ يوم الْقِيَامَةِ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّ عُقُوبَتَهَا أَعْظَمُ ثُمَّ ذَكَرَ ما ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ وهو ما دَلَّ عليه حَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول أَوَّلُ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ اُنْظُرُوا هل له من تَطَوُّعٍ فَإِنْ كان له تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ الْفَرِيضَةُ من تَطَوُّعِهِ ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذلك حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَهُ أَيْضًا مَعْنَاهُ من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ
وَدُيُونُ اللَّهِ سَوَاءٌ نَصَّ عليه فَدَلَّ أَنَّ الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةَ في كل دَيْنٍ الله ( ( ( لله ) ) ) وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ على الْحَجِّ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ منها مُسْتَقِرٌّ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وَيُقَدَّمُ النَّذْرُ بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الدَّيْنِ كما يَأْتِي في الْأُضْحِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ مع بَقَاءِ مِلْكِهِ وَجَوَازِ بَيْعِهِ وَإِبْدَالِهِ
____________________
(2/270)
فَصْلٌ النِّصَابُ الزَّكَوِيُّ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَكَمَا يدخل ( ( ( ويدخل ) ) ) فيه تَمَامُ الْمِلْكِ يَدْخُلُ فيه من تَجِبُ عليه أو يُقَالُ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلسَّبَبِ فَعَدَمُهُمَا مَانِعٌ من صِحَّةِ السَّبَبِ وَانْعِقَادِهِ وذكره غَيْرُ وَاحِدٍ هذه الْأَرْبَعَةَ شُرُوطًا لِلْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ فإنه شَرْطُ للوجوب ( ( ( الوجوب ) ) ) بِلَا خِلَافٍ لَا أَثَرَ له في السَّبَبِ وَأَمَّا إمْكَانُ فَشَرْطٌ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ وَعَنْهُ لِلْوُجُوبِ كما سَبَقَ فَصْلٌ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وفي حُكْمِهِ الْعَسَلُ وَنَحْوُهُ وَالْأَثْمَانُ وَقِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَيَأْتِي ذلك مُبَيَّنًا في أَبْوَابِهِ وَلَا زَكَاةَ في غَيْرِ ذلك وَيَأْتِي في آخِرِ بَابٍ بَعْدَهُ حُكْمُ الْمُتَوَلِّدِ بين الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ وَالْخَيْلِ
____________________
(2/271)
بَاب زَكَاةُ السَّائِمَةِ
تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْإِبِلِ ( ع ) وَالْبَقَرِ ( عِ ) وَالْغَنَمِ ( ع ) السَّائِمَةِ ( وه ش ) لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَالتَّسْمِينِ وَقِيلَ وَالْعَمَلِ كَالْإِبِلِ التي تكري وهو أَظْهَرُ وَنَصَّ أَحْمَدُ لَا ( وه ش ) وَقِيلَ تَجِبُ في الْمَعْلُوفَةِ ( وم ) كَمُتَوَلِّدٍ بين سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ ( وَ ) وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا كانت نِتَاجُ النِّصَابِ رَضِيعًا سَائِمًا وَجْهَيْنِ ( * ) وَبَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ وَسَيَأْتِي وَيُعْتَبَرُ السَّوْمُ بِأَنْ ترعي الْمُبَاحَ فَلَوْ اشْتَرَى لها ما تَرْعَاهُ وَجَمَعَ لها تَأْكُلُ فَلَا زَكَاةَ وَلَا زَكَاةَ في مَاشِيَةٍ في الذِّمَّةِ كما سَبَقَ ولِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ هل السَّوْمُ شَرْطٌ أو عَدَمُهُ مَانِعٌ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قبل الشُّرُوعِ فيه على الْأَوَّلِ وَيَصِحُّ على الثَّانِي ( م 1 )
وَيُعْتَبَرُ السَّوْمُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وفي الْخِلَافِ في مَسْأَلَةِ نَقْصِ النِّصَابِ في بَعْضِ الْحَوْلِ نَصَّ عليه في مَوَاضِعَ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِيمَنْ بَعْدَهُ ( وه ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ كُلُّهُ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَا أَثَرَ لِعَلَفِ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ ( وش ) وَلَا يُعْتَبَرُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب زكاة السائمة
( * ) ( تنبيه ) قوله وأطلق بعضهم فيما إذا كان نتاج السائمة رضيعا سائمة وجهين انتهى لعله رضيعا غير سائم كما في الرعاية وغيرها وهو الصواب
( مسألة 1 ) قوله وللأصحاب وجهان هل السوم شرط أو عدمه مانع فلا يصح التعجيل قبل الشروع فيه على الأول ويصح على الثاني انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى وصاحب الفائق وبنوا هذا الفرع على هذا الخلاف كما فعل المصنف أحدهما عدم السوء مانع ( قلت ) في كلام الشيخ والشارح وغيرهما لقطع بأن عدم السوم مانع والوجه الثاني السوم شرط
( تنبيه ) قال القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشي هذا الكتاب في تحقق هذا الخلاف نظر لأن كل ما كان وجوده شرطا كان عدمه مانعا كما أن كل مانع فعدمه شرط ولم يفرق أحد بينهما بل نصوا على أن المانع عكس الشرط فوجود المانع كعدم الشرط فلزم من كل منهما انتفاء الحكم ووجود الشرط كعدم المانع لأنه يلزم من كل منهما وجود
____________________
1-
(2/273)
لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفُ نِيَّةٌ في وَجْهٍ فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أو أَسَامَهَا غَاصِبٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الحكم وحينئذ لا فرق بين العبارتين وإذا كان كذلك لم يظهر وجه الاختلاف في الفرع المذكور فإن معنى كون عدم السوء مانعا أنه يمنع انعقاد الحول ومعنى كونه شرطا أنه شرط لانعقاده فإن كان انعقاد الحول شرطا في صحة التعجيل لم يصح مع عدم السوم لعدم انعقاده وصح مع وجوده وإن لم يكن انعقاد الحول شرطا في صحة التعجيل صح مع عدم السوم ولكن هذا لا يعرف أعني كون انعقاد الحول ليس شرطا في صحة التعجيل وعلى مقتضى ما ذكره المصنف من أن وجود مانع انعقاد الحول لا يمنع صحة تعجيل الزكاة لو كان معه نصاب وعليه دين مثله صح تعجيله لأن الدين مانع فلينظر في ذلك قال وقد تقدم قبل هذه الورقة بخمس ورقات في أول الصفحة اليمنى متى أبرىء المدين أو قضي من مال مستحدث ابتدأ حولا لأن ما منع وجوب الزكاة منع انعقاد الحول وقطعه وهذا يحقق أنه لافرق بين وجود المانع وعدم الشرط في الحكم انتهى والجواب عما قال وبالله التوفيق أن الخلاف الذي ذكره المصنف ليس مختصا به بل نقله عن الأصحاب وهو ثقة فيما ينقل وصرح به ابن تميم وابن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم وكذلك الفرع المبنى عليه لم يختص به المصنف بل قد سبقه إليه ابن تميم وابن حمدان وغيرهما وهم من أئمة المذهب وقد تابعهم المصنف ولم يتعقبهم كما هو عادته وملخص الجواب أن التعجيل يصح إذا وجد السبب وهو النصاب مع وجود المانع وهو عدم حولان الحول ألا ترى أن الأصحاب قالوا يجوز التعجيل قبل الحول ونص عليه في رواية جماعة وهو مانع من وجوبها بل التعجيل لا يكون إلا كذلك ولا يصح مع وجود الشرط كاملا كمضي الحول فإنه شرط بلا نزاع ولا يصح التعجيل بعد وجوده لوجوبها إذن فهذا شرط لا يصح التعجيل بعد وجوده وما قلناه أولا مانع يصح التعجيل مع وجوده وهذه شبيهة بمسألة المحشي يصح التعجيل مع وجود المانع وهو عدم حولان الحول ولا يصح مع حصول الشرط وهو مضي الحول فإن عجل لحول مستقبل فالشرط لم يوجد والمانع موجود والله أعلم وقول المحشي لأن كل ما كان وجوده شرطا كان عدمه مانعا كما أن كل مانع فعدمه شرط ولم يفرق أحد بينهما بل نصوا على أن المانع عكس الشرط انتهى هذا صحيح قد نص عليه الأصوليون لكن لم يمنعوا من ترتيب حكم على وجود المانع وانتفائه قبل وجود الشرط أو بعضه وقوله فإن معنى تكون عدم السوم مانعا أنه يمنع انعقاد الحول غير مسلم بل ينعقد الحول ويكون مراعي ألا ترى أن الإبل مثلا إذا لم ترع في أول الحول كالشهر الأول والثاني والثالث والرابع مثلا ثم رعت بعد ذلك أكثر من نصف الحول نتبين
____________________
1-
(2/274)
كَغَصْبِهِ حَبًّا وَزَرْعًا في أَرْضِ رَبِّهِ فيه الْعُشْرُ على مَالِكِهِ
كَنَبَاتِهِ بِلَا زَرْعٍ وَإِنْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أو عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ وَالْمُحَرَّمُ الْغَصْبُ لَا الْعَلَفُ وَيُعْتَبَرُ لَهُمَا النِّيَّةُ في وَجْهٍ آخَرَ فَلَا زَكَاةَ إذَا سَامَتْ بِنَفْسِهَا أو أسأمها غَاصِبٌ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أَنْ الحول ( ( ( يسيمها ) ) ) انعقد ( ( ( فجعلاه ) ) ) عن أوله ( ( ( ربها ) ) ) وإن لم تكن ( ( ( تجب ) ) ) رعت فيه ( ( ( أسامها ) ) ) فليس ( ( ( لتحقق ) ) ) عدم السوء مانعا من انعقاد الحول مطلقا بل من الوجوب وقوله أيضا معنى كون وجوده شرطا أنه شرط لانعقاده غير مسلم أيضا بل قد ينعقد الحول قبل وجود الشَّرْطِ كما مثلنا قبل ( ( ( كمل ) ) ) وقد ( ( ( النصاب ) ) ) لا ( ( ( بيد ) ) ) ينعقد ( ( ( الغاصب ) ) ) إلا بعد ( ( ( خمسة ) ) ) وجوده ( ( ( أوجه ) ) ) كالإسلام والحرية وقوله فإن كان انعقاد الحول شرطا في صحة التعجيل لم يصح مع عدم السَّوْمِ لعدم انعقاده وصح مع وجوده فنقول ليس بين انعقاد الحول وعدم السوم ملازمة لصحة التعجيل بل قد ينفك عنه وهو وجود الحول مع عدم السوم كما مثلنا به قبل وقوله وإن لم يكن انعقاد الحول شرطا في صحة التعجيل صح مع عدم السوم فنقول هذا صحيح فإن عدم انعقاد الحول ليس بشرط في صحة التعجيل بل يصح التعجيل قبل انعقاد الحول إذا وجد السبب ألا ترى أن الأصحاب جوزوا التعجيل عن الحول الثاني قبل دخوله على الصحيح من المذهب وقدمه المصنف وكذلك عن الحول الثالث على رأي وقد صح انعقاد الحول مع عدم السوم وقوله ( ( ( الخمسة ) ) ) ولكن هذا لا يعرف أعني كون انعقاد الحول ليس شرطا في صحة التعجيل غير مسلم بل هو معروف وقد قاله الأصحاب كما قلنا إذا عجله لأكثر من حول إذا وجد السبب وهو النصاب على كل تقدير يجوز التعجيل إذا وجد السبب وهو النصاب مع وجود المانع وهو عدم حولان الحول وأما وجود بعض الشروط كاملا فلا يتصور معه تعجيل الزكاة كحولان الحول مثلا وقد يتصور إذا وجد بعض الشرط كالسوم إذا قلنا إنه شرط وشرع فيه وكذا الشروع في الحول في زكاة النقدين ونحوهما وقوله وعلى مقتضى ما ذكره المصنف من أن وجود مانع انعقاد الحول لا يمنع صحة تعجيل الزكاة لو كان معه نصاب وعليه مثله صح تعجيله لأن الدين مانع فلينظر غير مسلم لأن المصنف لم يلتزم أن كل مانع يجوز التعجيل معه بل قال وذلك إذا وجد السبب وهنا لم يوجد السبب لوجود الدين والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ في وَجْهٍ فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أو أَسَامَهَا غَاصِبٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِنْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أو عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ وَالْمُحَرَّمُ الْغَصْبُ لَا الْعَلَفُ وَيُعْتَبَرُ لها النِّيَّةُ في وَجْهٍ آخَرَ فَلَا زَكَاةَ إذَا سَامَتْ بِنَفْسِهَا أو
____________________
1-
(2/275)
لأن ( ( ( أسامها ) ) ) ربها ( ( ( غاصب ) ) ) لم يرض بإسامتها ففقد قصد الإسامة ( ( ( والزركشي ) ) ) المشترطة زاد صاحب الْمُغْنِي والمحرر كما لو ساما من غير أن يسيمها ( ( ( معلوفة ) ) ) فجعلاه أصلا ( ( ( المالك ) ) ) قطع ( ( ( سائمة ) ) ) به أبو الْمَعَالِي وتجب إذا اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب لأن فعله محرم كما لو غصب أثمانا وصاغها حليا ولعدم المؤنة كما لو ضلت فأكلت من المباح قال صاحب المحرر وطرده ما لو ( ( ( والمصنف ) ) ) سلمها إلى ( ( ( حواشي ) ) ) راع ( ( ( المقنع ) ) ) ليسيمها فعلفها وعكسه ما لو تبرع حاكم ووصي بعلف ماشية يتيم وصديق بذلك بإذن صديقه لفقد قصد الإسامة ممن يُعْتَبَرُ وجوده منه ( ( ( السوم ) ) ) وَقِيلَ تَجِبُ إذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَقِيلَ لِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ وَقِيلَ لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عن رَبِّهَا ( م 3 )
وقيل تَجِبُ إن ( ( ( لتحريم ) ) ) أسامها ( ( ( فعله ) ) ) لتحقق الشرط كما لو كمل النصاب بيد الْغَاصِبُ فهذه خمسة أوجه في مسائل السوم الخمسة وَإِنْ لم يُعْتَدَّ بِسَوْمِ الْغَاصِبِ فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهَانِ ( م 4 ) قال الأصحاب يستوي غصب النصاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) أسامها غاصب انتهى وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والزركشي وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين فيما إذا كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب وقدموا عكسها عدم الزكاة ونصره في المغني والشرح أحدهما لا يعتبر لهما النية وحجه أبو المعالي قال ابن تميم وصاحب الفائق والمصنف في حواشي المقنع لا يعتبر في السوم والعلف نية في أصح الوجهين انتى ( قلت ) وهو الصواب والوجه الثاني يعتبر لها النية قال المجد في شرحه وهو أصح وصححه في مجمع البحرين وهو ظاهر كلام الخرقي
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قوله وقيل تجب إذا علفها غاصب اختاره غير واحد فقيل لتحريم فعله وقيل لانتفاء المؤنة عن ربها انتهى وأطلقهما في الرعاية الكبرى ومختصر ابن تميم أحدهما إنما تجب لتحريم فعله واختاره القاضي وجزم به ابن رزين في شرحه والقول الثاني لانتفاء المؤنة اختاره الآمدي ( قلت ) وهو الصواب وأبطل الشيخ والشارح التعليلين بناء منهما على عدم وجوب الزكاة إذا علفها الغاصب والله أعلم
( مسألة 4 ) قَوْلُهُ فَإِنْ لم يعتد يسوم الغاصب فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ ذلك وهو ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فَإِنَّهُمْ قالوا لو كانت سَائِمَةً عِنْدَ الْمَالِكِ
____________________
1-
(2/276)
وَضَيَاعُهُ كُلَّ الْحَوْلِ أو بَعْضَهُ وَقِيلَ إنْ كان السَّوْمُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَكْثَرَ فَالرِّوَايَتَانِ وَإِنْ كان عِنْدَ رَبِّهَا أَكْثَرُ وَجَبَتْ وَإِنْ كانت سَائِمَةً عِنْدَهُمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ غَصَبَ رَبُّ السَّائِمَةِ عَلَفَهَا فَعَلَفَهَا وَقَطَعَ السَّوْمَ فَفِي اعْتِبَارِ انْقِطَاعِهِ شَرْعًا وَجْهَانِ ( م 5 )
وَكَذَا لو قَطَعَ مَاشِيَتَهُ عن السَّوْمِ لِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بها وَنَحْوِهِ أو نَوَى قِنْيَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ كَذَلِكَ أو نَوَى بِثِيَابِ الْحَرِيرِ لِلتِّجَارَةِ لُبْسَهَا ( م 6 ) وفي الرَّوْضَةِ إنْ أَسَامَهَا بَعْضَ الْحَوْلِ ثُمَّ نَوَاهَا لِعَمَلٍ أو حَمْلٍ فَلَا زَكَاةَ كَسُقُوطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ كَذَا قال وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ من نَوَى بِسَائِمَةٍ عَمَلًا لم تَصِرْ له بِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ أو ضَرَبَهُ نَقْدًا وَجَبَتْ في الْأَصَحِّ لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ لها وَإِنْ غَصَبَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَاتَّجَرَ فيه لم تَجِبْ لِأَنَّ بَقَاءَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ شَرْطٌ فَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ بها عمد الْغَاصِبِ فَوَجْهَانِ ( م 7 ) فَصْلٌ أَقَلُّ نِصَابِ الْإِبِلِ خَمْسٌ ( ع ) فَتَجِبُ فيها شَاةٌ ( ع ) وقال أبو بَكْرٍ تُجْزِئُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا بَدَلُ شَاةِ الْجُبْرَانِ كَذَا أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَا تُجْزِئُهُ مع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
والغاصب وجبت الزكاة والوجه الثاني يعتبر وهو ظاهر كلام جماعة وهو قوي
( مسألة 5 ) قوله وإن غصب رب السائمة علفا فعلفها وقطع السوم ففي انقطاعه شرعا وجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان أحدهما ينقطع وتسقط الزكاة وهو الصحيح قطع به في المغني والشرح في بحثهما وهذا ظاهر كلام كثير من الأصحاب والوجه الثاني لا ينقطع السوم ولا تسقط الزكاة
( مسألة 6 ) قوله وكذا لو قطع ماشيته عن السوم لقصد قطع الطريق بها ونحوه أو نوى قنية عبيد التجارة كذلك أو نوى بثياب الحرير للتجارة لبسها انتهى وقد تقدم حكم المقيس عليه فكذا المقيس وهذا هو الصحيح أعني أن الصحيح سقط الزكاة
( مسألة 7 ) قوله وإن غصب عرضا للتجارة فاتجر فيه لم تجب لأن بقاء نية التجارة شرط فإن نوى التجارة بها عند الغاصب فوجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم أحدهما لا تجب الزكاة ( قلت ) وهو الصواب والوجه الثاني تجب الزكاة وتؤثر النية
____________________
1-
(2/277)
وُجُودِ الشَّاةِ في مِلْكِهِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَلَا تُعْتَبَرُ الشَّاةُ بِغَالِبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ( م ) وَتُعْتَبَرُ الشَّاةُ بِصِفَةِ الْإِبِلِ فَفِي كِرَامٍ سِمَانٍ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَإِنْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً فَقِيلَ الشَّاةُ شاة ( ( ( كشاة ) ) ) الصِّحَاحِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ من غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَقِيلَ بَلْ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ الْإِبِلِ كَشَاةِ الْغَنَمِ وَقِيلَ شَاةٌ تجزىء في الْأُضْحِيَّةِ ( م 8 )
وَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَلَا تجزىء بَعِيرٌ نَصَّ عليه ( وم ) كَبَقَرَةٍ وَكَنِصْفَيْ شَاتَيْنِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ بَلَى إنْ كانت قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ بِنَاءً على إخْرَاجِ الْقِيمَةِ ( وه ) وَقِيلَ تجزىء إنْ أَجْزَأَ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ( وش )
وفي عَشْرٍ شَاتَانِ ( ع ) وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ ( عِ ) وفي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ( عِ ) وفي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ ( ع ) وَلَهَا سَنَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا قد حَمَلَتْ غَالِبًا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ والمخاض ( ( ( والماخض ) ) ) الْحَامِلُ فَإِنْ عَدِمَهَا في مَالِهِ أو كانت مَعِيبَةً فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَالْأَشْهَرُ وَلَهُ سَنَتَانِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عنها ( ه ) أو حِقٌ أو جَذَعٌ أو ثَنِيٌّ وَأَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّنِّ وفي بِنْتِ لَبُونٍ وَلَهُ جُبْرَانُ وَجْهَانِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ اللَّبُونِ عن الْجُبْرَانِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ ( م 9 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً فَقِيلَ الشَّاةُ كَشَاةِ الصِّحَاحِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ من غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَقِيلَ بَلْ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ كَشَاةِ الْغَنَمِ وَقِيلَ شَاةٌ تجزىء في الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَشَاةِ الصِّحَاحِ لِمَا عَلَّلَهُ الصنف ( قُلْت ) وهو أَضْعَفُهَا وما قِيسَ عليه غَيْرُ مُسَلَّمٍ ولقول الثَّانِي وهو لُزُومُ شَاةٍ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ هو الْعَدْلُ وَالصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَفِيهِ ما فيه
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَهَا يَعْنِي بِنْتَ الْمَخَاضِ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٍ أو حِقٌّ أو جَذَعٌ أو ثَنِيٌّ وَأَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّنِّ وفي بِنْتِ لَبُونٍ وَجْهَانِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ لَبُونٍ عن الْجُبْرَانِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَابْنِ تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّ الشَّارِعَ يَشْتَرِطْ لِأَحَدِهِمَا عَدَمَ الْآخَرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَلَا يجزىء
____________________
1-
(2/278)
لأن الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الآخر وفي جبران الأنوثة بزيادة سن في غيرها وجهان ( م 10 ) وإن كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزه ابن لبون ( ش ) والأشهر ولا يلزمه إخراجها بل يخير بينها وبين شراء بنت مخاض بصفة الواجب وإن عدم ابن لبون لزمه شراء بنت مخاض ولا يجزئه هو ( ش ) لقوله في خبر أبي بكر الصحيح فلم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه كذا ذكره ابن حامد وتبعه الأصحاب ويأتي قول أبي المعالي فيمن عدم الواجب
وفي ست وثلاثين بنت لبون ( ع ) سميت به لأن أمها وضعت فهي ذات لبن وقيل ويجزىء ابن لبون بجبران لعدم وفي ست وأربعين حقة ( ع ) ولها ثلاث سنين سميت بذلك لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وفي إحدى وستين جذعة ( ع ) ولها أربع سنين لأنها تجذع إذا سقطت سنها وتجزىء ثنية بلا جبران سميت بذلك لأنها ألقت ثنيتها وللشافعية في الجبران وجهان قال أبو المعالي ولا يجزىء فوقها وأطلق الشيخ وغيره في مسألة الجبران الإجزاء وهو أظهر وقيل تجزىء حقتان أو ابنتا لبون ( وش ) وابنتا لبون عن الحقة جزم به الشيخ قال بعضهم وينتقض ببنت مخاض عن عشرين وبثلاث بنات مخاض عن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وفي جُبْرَانِ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ في غَيْرِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي هل يُجْبَرُ فَقْدُ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ في غَيْرِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ وَلَا يجزىء وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرُوهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من الْفُصُولِ جَوَازَ الْجَذَعِ عن الْحِقَّةِ وَعَنْ بِنْتِ لَبُونٍ لِجَوَازِ الْحِقِّ عن بِنْتِ الْمَخَاضِ وَعَلَّلَهُ قال الْمَجْدُ وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ من أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْحُقِّ عن بِنْتِ لَبُونٍ وهو مع ذلك سَهْوٌ وَبَيَّنَ وَجْهَ السَّهْوِ وقال في الْفَائِقِ وَلَا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْبَرُ وقد تَقَدَّمَ ما قَالَهُ ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من الْفُصُولِ وما رَدَّهُ بِهِ الْمَجْدُ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي والشارح عن هذا الْوَجْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمَا اخْتِيَارَيْنِ فإن الْأَوَّلَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ عنهما وَالثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عنهما أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/279)
الجذعة والأسنان المذكورة للإبل قول أهل اللغة ( و ) وذكر ابن أبي موسى لبنت مخاض سنتان ولبنت لبون ثلاث ولحقه أربع ولجذعة خمس كاملة فكيف يحمله صاحب المحرر على بعض السنة مع قوله كاملة وقيل لبنت مخاض نصف سنة ولبنت لبون سنة ولحقة سنتان ولجذعة ثلاث وقيل بل ست
وفي ست وسبعين ابنتا لبون ( ع ) وفي إحدى وتسعين حقتان ( ع ) وفي إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون وهل الواحدة عفو وإن تغير بها الفرض أو يتعلق بها الوجوب فيه وجهان ( م 11 ) ثم تستقر الفريضة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة هذا المذهب للأخبار منها خبر أنس في البخاري وحديث أبي بكر ( وش م ر ) وعنه الحقتان إلى مائة وثلاثين فتستقر الفريضة كما سبق ففي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون اختاره أبو بكر في كتاب الخلاف وأبو بكر الآجري ( وم ر ) لخبر عمرو بن حزم
وفيه ضعيف فإن صح عورض بروايته الأخرى وبما هو أكثر منه وأصح ولا أثر لزيادة بعض بعير وبقرة وشاة ومذهب ( ه ) تستأنف الفريضة بعد العشرين ومائة ففي كل خمس شاة مع الحقتين إلى خمس وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض ثم في مائة وخمسين ثلاث حقاق ثم تستأنف الفريضة فإذا زادت ففي كل خمس من الزيادة شاة إلى خمس وعشرين ففيها بنت مخاض مع ثلاث الحقائق وفي ست وثلاثين بنت لبون مع ثلاث الحقائق وفي ست وأربعين حقة مع ثلاث الحقاق فيصير أربعا إلى مائتين فإذا زادت استؤنفت الفريضة كما بعد المائة والخمسين إلى المائتين هكذا أبدا لرواية مرسلة من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وفي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَلْ الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بها الْفَرْضُ أن يَتَعَلَّقُ بها الْوُجُوبُ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَهُمَا لِابْنِ عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّقُ بها الْوُجُوبُ وَكَذَا بِغَيْرِهَا وهو ظاهر كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي هِيَ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بها الْفَرْضُ
____________________
1-
(2/280)
فَصْلٌ فإذا بَلَغَتْ الْمِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ لِلْأَخْبَارِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ قال ابن تَمِيمٍ وَالْأَكْثَرُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وقد نَصَّ أَحْمَدُ على نَظِيرِهِ في زَكَاةِ الْبَقَرِ وَنَصَّ أَحْمَدُ تَجِبُ الْحِقَاقُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الشَّرْحِ وهو قَوْلُ ( ه ) على أَصْلِهِ كما سَبَقَ وَأَوَّلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ على صِفَةِ التَّخْيِيرِ وَقَدَّمَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهُمَا ( وم ش ) وَعَيَّنَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا ما وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّاعِيَ ليس له تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ ( وَ ) وفي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ما يَدُلُّ على هذا ولم أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِهِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَا وَجْهَ له وَلَوْ أَخْرَجَ من النَّوْعَيْنِ كَأَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ عن أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ
هذا هو الْمَعْرُوفُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ أَمَّا مع الْكَسْرِ فَلَا كَحِقَّتَيْنِ بنتي ( ( ( وبنتي ) ) ) لَبُونٍ وَنِصْفًا عن مِائَتَيْنِ وَفِيهِ تَخْرِيجُ من أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ في الْكَفَّارَةِ وهو ضَعِيفٌ وَإِنْ وُجِدَ الْفَرْضَيْنِ كَامِلًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا لَا بُدَّ له من جُبْرَانٍ تَعَيَّنَ الْكَامِلُ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ فَعَلَى هذا مع نَقْصِهَا أَقَلَّ عَدَدٍ من الْجُبْرَانِ لَا تَجُوزُ مُجَاوَزَتُهُ
وَقِيلَ تَجُوزُ لِكَوْنِهِ لَا بُدَّ من الْجُبْرَانِ وَمَعَ عَدَمِ الْفَرْضَيْنِ أن عَيَّنَهُمَا له الْعُدُولُ عنهما مع الْجُبْرَانِ فَيُخْرِجُ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَخَمْسَ جُبْرَانَاتٍ عَشْرُ شِيَاهٍ أو مِائَةُ دِرْهَمٍ أو يُخْرِجُ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ وَيَأْخُذُ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ ثَمَانِ شِيَاهٍ أو ثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ بَنَاتِ الْمَخَاضِ عن الْحِقَاقِ وَيَضْعُفُ الْجُبْرَانُ وَلَا الْجَذَعَاتِ عن بَنَاتِ اللَّبُونِ وَيَأْخُذُ الْجُبْرَانَ مُضَاعَفًا لِمَا سَبَقَ ( وش ) فَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ الضَّعِيفُ وَاحْتَجَّ بِالْمَنْعِ هُنَا على الْمَنْعِ في سِنٍّ لَا تَلِي الْوَاجِبَ وَلَا يُخْرِجُ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ مع جُبْرَانٍ وَلَا خَمْسَ حِقَاقٍ وَيَأْخُذُ الْجُبْرَانَ فَصْلٌ من عَدِمَ سِنًّا وَاجِبًا لم يُكَلَّفْ تَحْصِيلُهُ ( م ) وَيُخْرِجُ دُونَهُ سِنًّا يَلِيهِ وَمَعَهُ شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا أو يُخْرِجُ فَوْقَهُ سِنًّا يَلِيهِ وَيَأْخُذُ مِثْلَ ذلك من السَّاعِي ( وش ) وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ما عَدَلَ إلَيْهِ في مِلْكِهِ فَإِنْ عَدِمَهَا حَصَلَ الْأَصْلُ كما سَبَقَ فِيمَنْ عَدِمَ ابْنَ لَبُونٍ
____________________
(2/281)
يُحَصِّلُ بِنْتَ مَخَاضٍ لَا هو وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي لَا يُعْتَبَرُ وَمَذْهَبُ ( ه ) له دَفْعُ سِنٍّ فَوْقَ الْوَاجِبِ أو دُونَهُ فَيَدْفَعُ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْمُقَوِّمِينَ كان السِّنُّ الْوَاجِبُ عِنْدَهُ أولا بِنَاءً على الْقِيمَةِ وفي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ من لَزِمَهُ سِنٌّ فلم يُوجَدْ أَخَذَ الْمُصَّدِّقُ الْأَعْلَى منها وَرَدَّ الْفَضْلَ أو أَخَذَ دُونَهَا وَأَخَذَ الْفَضْلَ بِنَاءً على أَخْذِ الْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ في الْوَجْهِ الْأَوَّلِ له أَنْ لايأخذ وَيُطَالِبَ بِعَيْنِ الْوَاجِبِ أو بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ وفي الْوَجْهِ الثَّانِي يُخَيَّرُ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ فيه بَلْ هو إعْطَاءٌ بِالْقِيمَةِ وَمَنْ جَبَرَ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أو أَخْرَجَ سِنًّا لَا تَلِي الْوَاجِبَ لِعَدَمٍ على ما سَبَقَ وَأَخَذَ الْجُبْرَانَ أو أَعْطَاهُ فَفِي الْجَوَازِ وَجْهَانِ ( م 12 و 13 ) وَقِيلَ يَجُوزُ في الْأَوَّلِ لَا عَكْسُهُ ( ش ) وَحَيْثُ تَعَذَّرَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسالة 12 ) قَوْلُهُ وَمَنْ جَبَرَ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أو أَخْرَجَ سِنًّا لَا تلى الْوَاجِبَ لِعَدَمِ على ما سَبَقَ وَأَخَذَ الْجُبْرَانَ أو أَعْطَاهُ فَفِي الْجَوَازِ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هل يَصِحُّ الْجُبْرَانُ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَيُجْزِئُهُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ قال ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ أَجْزَأَهُ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي والغني ( ( ( والمغني ) ) ) وَالشَّرْحِ وَمَالَا إلَيْهِ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ ( قُلْت ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
( الْمَسْأَلَةُ 13 الثَّانِيَةُ ) هل يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى سِنٍّ لَا تَلِي الْوَاجِبَ من فَوْقٍ أو أَسْفَلَ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَالْإِجْزَاءُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال النَّاظِمُ هذا الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَمَالَ إلَيْهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ قال في الْهِدَايَةِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(2/282)
الجبران جاز جبران غنما وجبران دراهم وقيل لا يجوز والمسألة كالكفارات وفي الجبران الواحد الخلاف ويخير المالك في الصعود والنزول وكذا في الشاة والدراهم وقال صاحب المجرد والمحرر يخير معطي الجبران ( وش ) ويتوجه تخريج في التي قبلها يخير الساعي ( وش ) وَإِنْ عُدِمَتْ الْفَرِيضَةُ وَالنِّصَابُ مَعِيبٌ فَلَهُ دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلِيِّ مع الْجُبْرَانِ وَلَيْسَ له دَفْعُ ما فوقهما ( ( ( فوقها ) ) ) مع أَخْذِ الْجُبْرَانِ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَفْقَ ما بين الصَّحِيحَيْنِ وما بين الْمَعِيبَيْنِ أَقَلَّ منه فإذا دَفَعَهُ الْمَالِكُ جَازَ لِتَطَوُّعِهِ بِالزَّائِدِ بِخِلَافِ السَّاعِي وَبِخِلَافِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ فإنه لَا يَجُوزُ له إلَّا إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ وهو أَقَلُّ الْوَاجِبِ كما لَا يَتَبَرَّعُ
وَلَا جُبْرَانَ في غَيْرِ الْإِبِلِ ( وَ ) وَلِأَنَّ النَّصَّ فيها لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وَإِنْ جَبَرَ صِفَةَ الْوَاجِبِ بِشَيْءٍ من جنسة فَأَخْرَجَ الرَّدِيءَ عن الْجَيِّدِ وزاد قَدْرَ ما بَيْنَهُمَا من الْفَضْلِ لم يَجُزْ لِأَنَّ الْقَصْدَ من غَيْرِ الْأَثْمَانِ النَّفْعُ بِعَيْنِهَا فَيَفُوتُ بَعْضُ الْمَقْصُودِ وَمِنْ الْأَثْمَانِ الْقِيمَةُ وقال في الِانْتِصَارِ يُحْتَمَلُ في الْمَاشِيَةِ كَمَسْأَلَةِ الْأَثْمَانِ على ما يَأْتِي وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ في الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا على ما يَأْتِي في الْمَكْسُورَةِ عن الصِّحَاحِ وفي مَسْأَلَةِ الْمُكَسَّرَةِ عن الصِّحَاحِ قال في الْخِلَافِ لَا يَلْزَمُ عليه نِصَابُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ فيه مِثْلَ ذلك ولم يَجِبْ بِغَيْرِ هذا فَصْلٌ أَقَلُّ نِصَابِ الْبَقَرِ ثَلَاثُونَ ( وَ ) فَيَجِبُ فيها تَبِيعٌ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ حَكَاهُ أبو عُبَيْدٍ عن أَهْلِ اللُّغَةِ وهو جَذَعُ البقر ( ( ( البقرة ) ) ) الذي اسْتَوَى قَرْنَاهُ وحاذي قَرْنُهُ أُذُنَهُ غَالِبًا أو تَبِيعَةٌ ( و ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَنَةٌ ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ ( وه ش ) وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ نِصْفُ سَنَةٍ وقال ابن أبي مُوسَى سَنَتَانِ ( وم ) ويجزىء مُسِنٌّ وفي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْجَذَعَ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ
وفي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ( وَ ) أَلْقَتْ سِنًّا غَالِبًا وَهِيَ الثَّنِيَّةُ وَلَهَا سَنَتَانِ ( وه ش ) وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ سَنَتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ ( وم ) وَقِيلَ أَرْبَعٌ وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) أَعْلَى منها سِنًّا وَلَا يجزىء مُسِنٌّ ( ه ) وَقِيلَ يجزىء عنها تَبِيعَانِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ فيجزىء ( ( ( فيجزئ ) ) ) ثَلَاثَةٌ عن مُسِنَّتَيْنِ ( وش ) وفي سنتين ( ( ( ستين ) ) ) تَبِيعَانِ ( م ) ثُمَّ في كل ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وفي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ( وَ ) وَإِنْ اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَكَالْإِبِلِ ( وَ ) وَنَصَّ أَحْمَدُ هُنَا
____________________
(2/283)
التَّخْيِيرَ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا وَعَنْ ( ه ) أَيْضًا فِيمَا زَادَ على الْأَرْبَعِينَ بِحِسَابِهَا في كل وَاحِدَةٍ رُبْعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ وَعَنْ ( ه ) أَيْضًا لَا شَيْءَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَتَجِبَ فيها مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ مُسِنَّةٍ فَصْلٌ
أَقَلُّ نِصَابِ الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ ( ع ) فَتَجِبُ فيها شَاةٌ ( ع ) وفي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ ( ع ) وفي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ ( وَ ) إلَى إربعمائة فَتَجِبُ فيها أَرْبَعُ شِيَاهٍ ( وَ ) ثُمَّ في كل مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ ( وَ ) وَعَنْهُ في ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ في كل مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ فَعَلَيْهِمَا في خَمْسِمِائَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْمِائَةَ زَائِدَةٌ فَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ وفي خَمْسِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ سِتُّ شِيَاهٍ وَعَلَى هذا أَبَدًا فَمِنْ الْأَصْحَابِ من ذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ وقال اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وأن التي قَبْلَهَا سَهْوٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَةَ وقد اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ ولم يذكر الثَّالِثَةَ وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَى كل حَالٍ فَالْمَذْهَبُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى نَصَّ عليها أَحْمَدُ وَسَبَقَ حُكْمُ الْأَوْقَاصِ وَهِيَ ما بين الْفَرَائِضِ في الْفَصْلِ الثَّانِي من كِتَابِ الزَّكَاةِ فَصْلٌ وَحَيْثُ وَجَبَتْ الشَّاةُ في إبِلٍ أو غَنَمٍ فَلَا يجزىء إلَّا الْجَذَعُ من الضَّأْنِ ( وش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَرِوَايَةً عن ( ه ) وَلَهُ نِصْفُ سَنَةٍ ( وه ش ) وقيلل ثُلُثَاهَا لَا سَنَةٌ وَالثَّنِيُّ من الْمَعْزِ ( وش ) وَلَهُ سَنَةٌ ( وه ش ) لَا سَنَتَانِ ( م ) وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّنِيُّ مِنْهُمَا ( ه ) وَلَا يَكْفِي الْجَذَعُ مِنْهُمَا ( م ) وَقَدَّمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ الْجَذَعَ لِوَلَدِ الشَّاةِ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يجزىء في مَاشِيَةِ إنَاثٍ إخْرَاجُ ذَكَرٍ إلَّا ما تَقَدَّمَ من ابْنِ لَبُونٍ وَتَبِيعٍ
وَقِيلَ يجزىء ذَكَرُ الْغَنَمِ عن الْإِبِلِ ( وه ) وَقِيلَ وَعَنْ الْغَنَمِ ( وه ) وَإِنْ كانت كُلُّهَا ذُكُورًا أَجْزَأَ الذَّكَرُ ( وم ش ) وَقِيلَ فَيُخْرِجُ أُنْثَى بِقِيمَةِ الذَّكَرِ فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ من الْإِنَاثِ وَيُقَوَّمُ نِصَابُ الذُّكُورِ فَيُؤْخَذُ أُنْثَى بِقِسْطِهِ وَقِيلَ يجزىء عن الْغَنَمِ لَا عن الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَقِيلَ يجزىء عن الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ لِئَلَّا يُخْرِجَ ابْنَ لَبُونٍ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَعَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَيَتَسَاوَى الْفَرْضَانِ وَمَنْ قال بِالْأَوَّلِ قال الْفَرْضُ نِصْفُهُ الْمَالِ وَقِيمَتُهُ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دُونَ قِيمَتِهِ من سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بَيَّنَهُمَا في الْقِيمَةِ
____________________
(2/284)
كما بَيَّنَهُمَا في الْعَدَدِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى التَّسْوِيَةِ كَالْغَنَمِ وَقِيلَ يُخْرِجُ ابْنَ مَخَاضٍ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَيَقُومُ الذَّكَرُ مَقَامَ الْأُنْثَى التي في سنة كَسَائِرِ النُّصُبِ وَحَكَاهُ ابن تَمِيمٍ عن الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَصَحُّ وقال قال الْقَاضِي يُخْرِجُ عن سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنَ لَبُونٍ زَائِدَ الْقِيمَةِ على ابْنِ مَخَاضٍ بِقَدْرِ ما بين النِّصَابَيْنِ وَلَا تُؤْخَذُ الرُّبَّى وَهِيَ التي لها وَلَدٌ تربية ( وَ ) وَلَا الْحَامِلُ وَلَا طَرُوقَةُ الْفَحْلِ ( وَ ) لِأَنَّهَا تَحْبَلُ غَالِبًا إلَّا برضى رَبِّ الْمَالِ ( وَ ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كان الْمَالُ كَذَلِكَ لِمَا فيه من مُجَاوَزَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْدُودَةِ وَكَذَا خِيَارُ الْمَالِ وَالْأَكُولَةُ وَهِيَ السَّمِينَةُ ( وَ ) مع أَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُ الْفَرِيضَةِ على صِفَتِهِ مع الِاكْتِفَاءِ بِالسِّنِّ الْمَنْصُوصَةِ عليه
وَكَذَا لَا تُؤْخَذُ سِنٌّ من جِنْسِ الْوَاجِبِ أَعْلَى منه إلَّا بِرِضَى رَبِّهِ ( وَ ) كَبِنْتِ لَبُونٍ عن بِنْتِ مَخَاضٍ ونقل حَنْبَلٌ إنْ أَخْرَجَ أَجْوَدَ ما يَقْدِرُ عليه فَذَلِكَ فَضْلٌ له ولم يُجَوِّزْهُ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَجْهًا وقد قال الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخْرَجَ الْأَكُولَةَ وَهِيَ السَّمِينَةُ فَلِلسَّاعِي قَبُولُهَا وَعَنْهُ لَا لِأَنَّهَا قِيمَةٌ كَذَا قال وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ
وَفَحْلُ الضَّرْبِ لَا يُؤْخَذُ لِجَبْرِهِ ( وَ ) قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَكَذَا ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فَلَوْ بَذَلَهُ الْمَالِكُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ وَقِيلَ لَا لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ كَتَيْسٍ لَا يَضْرِبُ وَلَا تجزىء مَعِيبَةٌ لَا يضحي بها نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الشَّيْخُ يُرَدُّ بِهِ في الْبَيْعِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا تُؤْخَذُ عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا نَاقِصَةُ الْخَلْقِ
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ جَوَازَهُ إنْ رَآهُ السَّاعِي أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ لِزِيَادَةِ صِفَةٍ فيه ( وم ش ) وَأَنَّهُ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ من أَصْلِنَا إخْرَاجَ الْمُكَسَّرَةِ عن الصِّحَاحِ وَرَدِيءَ الْحَبِّ عن جيدة إذَا زَادَ قَدْرُ ما بَيْنَهُمَا من الْفَضْلِ على ما يَأْتِي وَسَبَقَ آخِرَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ قَبْلَهُ وَلَا تُؤْخَذُ صغيره ( وَ ) وَإِنْ كان النِّصَابُ مَعِيبًا بِمَرَضٍ أو غَيْرِهِ أو صِغَارًا جَازَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في الصَّغِيرَةِ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ لَا يجزىء إلَّا سَلِيمَةٌ كَبِيرَةٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالِ ( وم ) وَحَكَاهُ عن أَحْمَدَ قال لِقَوْلِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ لَا يَأْخُذُ إلَّا ما يَجُوزُ في الضَّحَايَا قال الْقَاضِي وأومىء ( ( ( وأومأ ) ) ) إلَيْهِ في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً
____________________
(2/285)
قال الْحَلْوَانِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَشَاةِ الْإِبِلِ لَكِنَّ الْفَرْقَ أنها لَيْسَتْ من جِنْسِ الْمَالِ فَلَا يَرْتَفِقُ الْمَالِكُ وَهُنَا من جِنْسِهِ فَهُوَ كَالْحُبُوبِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَصَوَّرُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ إذَا بَدَّلَ الْكِبَارَ بِالصِّغَارِ أو مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَتْ الصِّغَارُ وَذَلِكَ على الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ على الصِّغَارِ مُفْرَدَةً كما يَأْتِي وَإِلَّا انْقَطَعَ وَالْفُصْلَانُ وَالْعَجَاجِيلُ كَالسِّخَالِ في وَجْهٍ فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَيُؤْخَذُ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدَةٌ منها ثُمَّ في سِتٍّ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَكَذَا في إحْدَى وَتِسْعِينَ وفي ثَلَاثِينَ عِجْلًا إلَى تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَاحِدٌ وفي سِتِّينَ إلَى تِسْعٍ وثَمَانِينَ اثْنَانِ وفي التِّسْعِينَ ثَلَاثٌ منها وَالتَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ مَكَانُ زِيَادَةِ السِّنِّ كما سَبَقَ في إخْرَاجِ الذَّكَرِ من الذُّكُورِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ التي غَايَرَ الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ فيها بِاخْتِلَافِهَا
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أخراج فُصْلَانٍ وَعَجَاجِيلَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ من الْكِبَارِ وَيُقَوَّمُ فَرْضُهُ ثُمَّ يُقَوَّمُ الصِّغَارُ وَتُؤْخَذُ عنها كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ ( وش ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ في سِنِّ الْمُخْرَجِ وَقِيلَ تُضَاعَفُ زِيَادَةُ السِّنِّ لِكُلِّ رُتْبَةٍ من الْإِبِل وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ زاد ( ( ( وزاد ) ) ) في الِانْتِصَارِ وفي الْبَقَرِ كَمُضَاعَفَةِ السِّنِّ في الْفَرْضِ الْمَنْصُوصِ عليه وَقِيلَ بِالْجُبْرَانِ الشَّرْعِيِّ في الْإِبِلِ وَيُضَاعَفُ لِكُلِّ رُتْبَةٍ ( م 14 ) لِأَنَّ زِيَادَةَ الْفَرِيضَةِ بزيادة ( ( ( زيادة ) ) ) الْمَالِ بِالسِّنِّ أو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَالْفُصْلَانُ وَالْعَجَاجِيلُ كَالسِّخَالِ في وَجْهٍ فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ فُصْلَانٍ وَعَجَاجِيلَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ تَضَاعُفُ زِيَادَةِ السِّنِّ لِكُلِّ رُتْبَةٍ في الْإِبِلِ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وزاد في الِانْتِصَارِ وفي الْبَقَرِ كَمُضَاعَفَةِ السِّنِّ في الْفَرْضِ الْمَنْصُوصِ عليه وَقِيلَ بِالْجُبْرَانِ الشَّرْعِيِّ في الْإِبِلِ وَيُضَاعَفُ لِكُلِّ رُتْبَةٍ انْتَهَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وقدمه في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فقال هذا الْوَجْهُ أَقْوَى عِنْدِي وَعَلَّلَهُ وهو الصَّحِيحُ على ما أصطلحناه ( ( ( أصلحناه ) ) ) في الْخُطْبَةِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَأَطْلَقَهُنَّ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقوي الْوَجْهَ الثَّانِي وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ لِصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ
____________________
1-
(2/286)
بالعدد ولم يمكن اعتبارهما فاعتبرناهما بجبران اعتبره الشرع ونص على أنه قدر الواجب الذي يوجب الزيادة بالسن ولا يقال هذا الجبران إذا كان المزكي كبارا لأنه متى كانت الزكاة من غير الجنس فلا فرق بدليل أن فيما دون خمس وعشرين صغارا من الإبل في كل خمس شاة كالكبار جزم بهذا في المستوعب وزاد ولم يعتبر الشرع بالجبران في البقر ولا يؤخذ واحد منها كما يجزئه من ثلاثين فيؤخذ معه ثلث قيمة واحد منها للضرورة قال وهو ظاهر كلام أحمد ففي رواية إبراهيم ابن حرب إذا وجب على صاحب ماشية سن فلم يكن عنده يعطيه ما عنده وزيادة ولا يشتري له على حديث علي رضي الله عنه
كذا قال إن قوله ظاهر كلام أحمد هذا وَإِنْ اجْتَمَعَ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَمَعِيبَاتٌ وَصِحَاحٌ وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ ( وَ ) فإذا كان قِيمَةُ الْمَالِ الْمُخْرَجِ إذَا كان المزكي كُلُّهُ كِبَارًا صِحَاحًا عِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ بِالْعَكْسِ عَشَرَةٌ وَجَبَ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ هذا مع تَسَاوِي الْعَدَدَيْنِ وَلَوْ كان الثُّلُثُ أَعْلَى وَالثُّلُثَانِ أَدْنَى فَشَاةٌ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَبِالْعَكْسِ قِيمَتُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ لِلنَّهْيِ عن الصَّغِيرِ وَالْمَعِيبِ وَكَرَائِمِ الْمَالِ وَرَوَى أبو دَاوُد قَوْلَهُ عليه السَّلَامُ وَلَكِنْ من وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ من لَزِمَهُ رَأْسَانِ فِيمَا نِصْفُهُ صَحِيحٌ وَمَعِيبٌ إخْرَاجُ صَحِيحَةٍ وَمَعِيبَةٍ ( خ ) كَنِصَابِ مَعِيبٍ مُفْرَدٍ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ بِدَلِيلِ الْخُلْطَةِ وَلِأَنَّ في مَالِهِ صَحِيحًا يَفِي بِفَرْضِهِ بِخِلَافِ ما لو لَزِمَا من مَالُهُ مَعِيبٌ إلَّا وَاحِدَةٌ فإنه تُجْزِئُهُ صَحِيحَةٌ وَمَعِيبَةٌ ( وَ )
وَكَذَا في مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَخْلَةٍ وَشَاةٍ كَبِيرَةٍ شَاةٌ كَبِيرَةٌ وَسَخْلَةٌ إنْ وَجَبَتْ في سِخَالٍ مُفْرَدَةٍ وَإِلَّا كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ وهو مَعْنَى قَوْلِهِمْ فَإِنْ كان الصَّحِيحُ غير الْوَاجِبِ لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ صَحِيحًا بِقَدْرِ الْمَالِ فَيَجِبُ من كِرَامٍ وَلِئَامٍ وَسِمَانٍ وَمَهَازِيلَ وَسَطٍ نَصَّ عليه بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ كما سَبَقَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ من أَحَدِهِمَا بِقَدْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مع اتِّحَادِ الْجِنْسِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في هَزِيلَةٍ بِقِيمَةِ سَمِينَةٍ
____________________
(2/287)
وَكَذَا إنْ كان نَوْعَيْنِ كَبَخَاتِيٍّ وَعِرَابٍ وَبَقَرٍ وَجَوَامِيسَ وَضَأْنٍ وَمَعْزٍ أَخْرَجَ من أَيُّهَا شَاءَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا كما سَبَقَ وَيَتَوَجَّهُ في حِنْثِ من حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِجَامُوسٍ الْخِلَافُ لنا في تَعَارُضِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ وفي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّ أَفْهَامَ الناس لَا تَسْبِقُ إلَيْهِ في دِيَارِنَا لِقِلَّتِهِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ السَّاعِي
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في ضَأْنٍ وَمَعْزٍ يُخَيَّرُ السَّاعِي لِاتِّحَادِ الْوَاجِبِ ولم يَعْتَبِرْ أبو بَكْرٍ الْقِيمَةَ في النَّوْعَيْنِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٌ ( وم ) وَلَا يَلْزَمُهُ من أَكْثَرِهِمَا عَدَدًا ( م ) وَإِنْ أَخْرَجَ عن النِّصَابِ من غَيْرِ نَوْعِهِ مِمَّا ليس في مَالِهِ منه جَازَ إنْ لم يَنْقُصْ قِيمَةُ الْمُخْرَجِ عن النَّوْعِ الْوَاجِبِ وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَلَوْ نَقَصَتْ وَقِيلَ لَا تجزىء هُنَا مُطْلَقًا كَغَيْرِ الْجِنْسِ وَجَازَ من أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ لِتَشْقِيصِ الْفَرْضِ وَقِيلَ تجزىء ثَنِيَّةٌ من الضَّأْنِ عن الْمَعْزِ وَجْهًا وَاحِدًا فَصْلٌ الْمَذْهَبُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ على صِغَارِ مَاشِيَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنْذُ مِلْكِهِ ( وم ش ) فَلَوْ تَغَذَّتْ بِاللَّبَنِ فَقَطْ فَقِيلَ يَجِبُ لِوُجُوبِهَا فيها تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ كما تَتْبَعُهَا في الْحَوْلِ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَهُمَا ابن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ ( م 15 )
وقد سبقنا ( ( ( سبقا ) ) ) وَعَنْهُ لاينعقد حتى تَبْلُغَ سِنًّا يجزىء مِثْلُهُ في الزَّكَاةِ ( وه ) وَحَكَى ابن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قال في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْحِقَاقِ وفي بَنَاتِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ الْمَذْهَبُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ على صِغَارِ مَاشِيَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنْذُ مِلْكِهِ فَلَوْ تَغَذَّتْ بِاللَّبَنِ فَقَطْ تَجِبُ لِوُجُوبِهَا فيها تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ كما تَتْبَعُهَا في الْحَوْلِ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَهُمَا ابن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا لَا زَكَاةَ فيها لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ آخَرَ ( قُلْت ) وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في أَوَّلِ الْبَابِ حَيْثُ قال تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا كان نِتَاجُ النِّصَابِ رَضِيعًا غير سَائِمٍ وَجْهَيْنِ وَبَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ وَسَتَأْتِي فَجَعَلَ ما أَطْلَقَهُ هُنَا طَرِيقَةً مُؤَخَّرَةً في أَوَّلِ الْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَجِبُ فيها تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ
____________________
1-
(2/288)
المخاض واللبون وجهان بناء على السخال ونقل حرب لا زكاة في بنات المخاض حتى يكون فيها كبير كذا قال فعلى الرواية الثانية ينقطع الحول مالم تبق واحدة من الأمات نص عليه وقيل ما لم يبق نصاب من الأمات وعلى المذهب لا ينقطع كما سبق ويتبع النتاج الأمات في الحول إذا كانت الأمات نصابا ( و ) فلو ماتت واحدة من الأمات فنتجت سخلة انقطع
ولو نتجت ثم ماتت الأم لم ينقطع ولو ماتت قبل أن ينفصل جميعها انقطع لأنه لم يثبت لها حكم الوجود في الزكاة وقد يتوجه تخريج واحتمال وَلَوْ لم يَكُنْ نِصَابًا فَكَمُلَتْ بِنِتَاجِهَا فَحَوْلُ الْكُلِّ من الْكَمَالِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( وه ش ) كغير النتاج ( و ) وكربح التجارة ( م ) وَنَقَلَ حَنْبَلٌ حَوْلُ الْكُلِّ منذ ملكت ( ( ( ملك ) ) ) الْأُمَّاتِ ( وم ) كنماء النصاب ورد إنما ضم إليه لانعقاد الحول عليه بنفسه فصلح لاستتباع غيره ولهذا ضم إليه المستفاد من الجنس بسبب متنقل ولا إلى ما دون النصاب ( و ) وكذلك قلنا في ربح التجارة فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لو أَبْدَلَ بَعْضَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ من جِنْسِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً بِأَرْبَعِينَ احْتَمَلَ أَنْ يبنى على حَوْلِ الْأُولَى ( وم ) وَاحْتَمَلَ أَنْ يبتدىء ( ( ( يبتدئ ) ) ) الْحَوْلُ من كَمَالِ النِّصَابِ لِأَنَّهُ ليس بِنَمَاءٍ من عَيْنِهِ كَرِبْحِ التِّجَارَةِ ( م 16 ) ويتوجه ( ( ( وهما ) ) ) من الاحتمال ( ( ( كمال ) ) ) الأول ( ( ( النصاب ) ) ) تخريج في رِبْحَ التِّجَارَةِ وسبق نظير المسألة في اشتراط الحول ( ( ( ست ) ) ) فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْمُتَوَلِّدِ بين الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ لم أَجِدْ بِهِ نَصًّا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 16 ) قوله ولو لم يكن نصابا فكملت بنتاجها فحول الكل من الكمال نقله الجماعة ونقل حنبل حول الكل من ملك الأمات فعلى هذه الرواية لو أبدل بعض نصاب بنصاب من جنسه كعشرين شاة بأربعين احتمل أن يبني على حول الأولى واحتمل أن يبتدىء الحول من كمال النصاب لأنه ليس بنماء من عينه كربح التجارة انتهى وهما وجهان مطلقان في مختصر ابن تميم وروايتان مطلقتان في الرعاية الكبرى أحدهما يبني على حول الأولى فأشبه النتاج والقول الثاني يبتدىء الحول من كمال النصاب ( قلت ) وهو قوي لأن الكمال في المسألة الأولى حصل من نفس العين وحصل الكمال هنا بسبب العين وهو البدل فأشبه ربح التجارة وهذا ظاهر كلام جماعة فهذه ست عشرة مسألة فتح الله بتصحيحها
____________________
1-
(2/289)
تَغْلِيبًا وَاحْتِيَاطًا كَتَحْرِيمِ قَتْلِهِ وَإِيجَابِهِ الْجَزَاءَ وَالنُّصُوصُ تَتَنَاوَلُهُ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِلَا شَكٍّ وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا تَجِبُ ( وش ) وهو مُتَّجَهٌ قال وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَثْبُتُ احْتِيَاطًا بِالشَّكِّ فَيَلْزَمُ صَوْمُ لَيْلَةِ الْغَيْمِ وَمَغْشُوشٌ شُكَّ في بُلُوغِهِ نِصَابًا قال وَلِأَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ وَجِنْسِهِ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ النُّصُوصُ وَلِأَنَّهُ لَا يجزىء في هَدْيٍ وَلَا أُضْحِيَّةٍ وَدِيَةٍ وَلَا يَدْخُلُ في وَكَالَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا نَسْلَ له وَمَذْهَبُ ( ه م ) إنْ كانت الْأُمَّاتُ أَهْلِيَّةً وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا
وَكَذَا تَجِبُ في نِصَابٍ كُلِّهِ أو بَعْضِهِ بَقَرُ وَحْشٍ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُسَمَّى بَقَرًا حَقِيقَةً فَدَخَلَ تَحْتَ الظَّاهِرِ قال بَعْضُهُمْ وَاخْتِصَاصُهَا بِتَقْيِيدٍ وَاسْمٍ لَا يَمْنَعُ دُخُولَهَا كَالْجَوَامِيسِ وَالْبَخَاتِيِّ وَإِنَّمَا لم يَجُزْ في هدى وَأُضْحِيَّةٍ في أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّحْمُ فَنُقْصَانُ لَحْمِهَا كَالْعَيْبِ ثُمَّ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَصَغِيرٍ وَمَعِيبٍ
وَكَذَا هل يَفْدِي في حَرَمٍ وَإِحْرَامٍ وَقِيلَ نفدي ( ( ( يفدي ) ) ) لِتَأْثِيرِ الْحَرَمِ في عِصْمَةِ كل دَمٍ مُبَاحٍ كالملتجىء ( ( ( كالملتجئ ) ) ) وَلَا يُفَادِي بها وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَعَنْهُ لَا زَكَاةَ فيها اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ( وَ ) وَكَذَا الْغَنَمُ الْوَحْشِيَّةُ ( وَ ) وَلَا زَكَاةَ في الظِّبَاءِ نَصَّ عليه ( وَ ) كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ تَجِبُ وَحَكَى رِوَايَةً لأنه ( ( ( لأنها ) ) ) تُشْبِهُ الْغَنَمَ وَالظَّبْيَةُ تُسَمَّى عَنْزًا وَلَا زَكَاةَ في الْخَيْلِ ( وم ش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَمَذْهَبُ ( ه ) تَجِبُ إذَا كانت سَائِمَةً إنَاثًا على الْأَصَحِّ عنه أو بَعْضُهَا إنَاثًا عن كل فَرَسٍ دِينَارٌ أو عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أو يُقَوِّمُهُ بِدَرَاهِمَ وَيُخْرِجُ من كل مِائَتَيْنِ خَمْسَةً وَلَا نِصَابَ لها عن ( ه ) أَيْضًا رِوَايَةٌ تَجِبُ في ذُكُورِهَا الْمُفْرَدَةِ وفي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا عن أبي هُرَيْرَةَ ليس على الْمُسْلِمِ في عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَلِأَبِي دَاوُد ليس في الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ
____________________
(2/290)
زَكَاةٌ إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ في الرَّقِيقِ وَلِأَحْمَدَ حدثنا عبدالرحمن بن مَهْدِي عن سُفْيَانَ عن أبي إِسْحَاقَ عن حَارِثَةَ بن مُضَرِّبٍ قال جاء نَاسٌ من أَهْلِ الشَّامِ إلَى عُمَرَ فَقَالُوا إنَّا أَصَبْنَا أَمْوَالًا وَرَقِيقًا تحب ( ( ( نحب ) ) ) أَنْ يَكُونَ لنا فيه زَكَاةٌ وَطَهُورٌ قال
____________________
(2/291)
ما فَعَلَهُ صَاحِبَايَ فأفعله فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَفِيهِمْ عَلِيٌّ فقال عَلِيٌّ هو حَسَنٌ إنْ لم تَكُنْ جِزْيَةٌ رَاتِبَةٌ فيؤخذون ( ( ( يؤخذون ) ) ) بها من بَعْدِك حَدِيثٌ صَحِيحٌ وفي الصَّحِيحَيْنِ فِيمَنْ له الْخَيْلُ سَتْرٌ ثُمَّ لم يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ في ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا وَفِيهِمَا أَيْضًا في ظُهُورِهَا وَبُطُونِهَا في عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ بها إذَا تَعَيَّنَ وَقِيلَ الْحَقُّ في رِقَابِهَا الْإِحْسَانُ إلَيْهَا وَالْقِيَامُ بها
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِحَقِّ اللَّهِ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْحَقَّ على الْجِهَادِ بها أَحْيَانَا وَالْإِرْفَاقَ بها فيه وَإِعَارَتَهَا أو يُحْمَلُ عليها الْمُنْقَطِعُ أو يَتَطَوَّعُ عنها بِالصَّدَقَةِ فإن إطْلَاقَ الْحَقِّ على مِثْلِ هذه الْمَنْدُوبَاتِ جَائِزٌ مِثْلُ حديث جَابِرٍ مت من صَاحِبِ إبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلَّا أُقْعِدَ لها يوم الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ الحديث وَفِيهِ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ وما حَقُّهَا قال إطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا وَمَنِيحَتُهَا وَحَلَبُهَا على الْمَاءِ وَحَمْلٌ عليها في سَبِيلِ اللَّهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ كَذَا قال وَيَأْتِي أَوَّلَ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِالْجِهَادِ بها وَبِإِعَارَتِهَا وَحَمْلِ الْمُنْقَطِعِ وَالصَّدَقَةِ بِأَنَّ إخْبَارَنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ قَصَدَ بها بَيَانَ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فيه
____________________
(2/292)
بَابُ حُكْمِ الْخُلْطَةِ
الْخُلْطَةُ مُؤَثِّرَةٌ في الزَّكَاةِ ( ه ) وَلَوْ لم يَبْلُغْ مَالُ كل خَلِيطٍ بِمُفْرَدِهِ نِصَابًا ( و ) وَلَا أَثَرَ خُلْطَةٍ لِمَنْ ليس من أَهْلِ الزَّكَاةِ ( وَ ) وَلَا في دُونِ نِصَابٍ ( وَ ) وَلَا خُلْطَةَ لِغَاصِبٍ بِمَغْصُوبٍ فإذا خللط ( ( ( خلط ) ) ) نَفْسَانِ فَأَكْثَرُ من أَهْلِ الزَّكَاةِ مَاشِيَةً لهم جَمِيعَ الْحَوْلِ فَبَلَغَتْ نِصَابًا فَأَكْثَرَ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ بِأَنْ يَمْلِكَا مَالًا مُشَاعًا بِإِرْثٍ أو بِشِرَاءٍ أو غَيْرِهِ أو خُلْطَةَ أو صاف بِأَنْ يَتَمَيَّزَ مَالُ كل وَاحِدٍ عن الْآخَرِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ بِشَاةٍ منها فَحَالَ ولم يُفْرِدْهَا فَهُمَا خَلِيطَانِ وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَنَقَصَ النِّصَابُ فَلَا زَكَاةَ لَكِنْ يُعْتَبَرُ في خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ في المرعي وَالْمَسْرَحِ وَالْمَبِيتِ وهو الْمُرَاحُ وَالْمَحْلَبُ وهو الْمَوْضِعُ الذي تُحْلَبُ فيه
وَقِيلَ وَآنِيَتُهُ وَالْفَحْلُ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَ في الْمُسْتَوْعِبِ إسْقَاطَ الْمَحْلَبِ وزاد الرَّاعِي وَفَسَّرَ الْمَسْرَحَ بِمَوْضِعِ رَعْيِهَا وَشُرْبِهَا وَأَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ على ما ذَكَرُوهُ وَفَسَّرَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ والمسرح ( ( ( المسرح ) ) ) بِمَوْضِعِ الرَّعْيِ مع أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في الْمُحَرَّرِ مُتَابَعَةً الخرقي ( ( ( للخرقي ) ) )
وقال إنَّ الْخِرَقِيَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّعْيَ الذي هو الْمَصْدَرُ لَا الْمَكَانَ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْرَحِ الْمَصْدَرَ الذي هو السُّرُوحُ لَا الْمَكَانَ لِأَنَّا قد بَيَّنَّا أَنَّهُمَا وَاحِدٌ بِمَعْنَى الْمَكَانِ فإذا حَمَلْنَا أَحَدَهُمَا على الْمَصْدَرِ زَالَ التَّكْرَارُ وَحَصَلَ بِهِ اتِّحَادُ الرَّاعِي وَالْمَشْرَبِ أَيْضًا كَذَا قال ابن حَامِدٍ الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ الْمَسْرَحَ لِيَكُونَ فيه رَاعٍ وَاحِدٌ وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي بِمَا سَبَقَ في الْخِرَقِيِّ وَالْمُسْتَوْعِبِ ( وش ) وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْمَسْرَحُ وهو مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهَا لِتَذْهَبَ لِلرَّعْيِ وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ اعْتِبَارَهُ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ في الْمَشْرَبِ الْآنِيَةُ أَيْضًا وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ الْحَوْضُ وَالرَّاعِي وَالْمُرَاحُ فَقَطْ وَاعْتَبَرَ في الْوَاضِحِ الْفَحْلَ وَالرَّاعِيَ وَالْمَحْلَبَ وَاعْتَبَرَ في الْإِيضَاحِ الْفَحْلَ وَالْمُرَاحَ وَالْمَسْرَحَ وَالْمَبِيتَ وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ الْمُرَاحَ وَالْمَسْرَحَ وَالْفَحْلَ وَالْمَرْعَى وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الرَّاعِي فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عن بَعْضِهِمْ وَذَكَرَ رِوَايَةً يُعْتَبَرُ الرَّاعِي وَالْمَبِيتَ فَقَطْ وَقِيلَ يَلْزَمُ خَلْطُ اللَّبَنِ ( وش ) وَهَذَا فيه مَشَقَّةٌ لِلْحَاجَةِ إلَى قِسْمَتِهِ بَلْ قد
____________________
(2/293)
يَحْصُلُ لِوَاحِدٍ أَكْثَرُ من لَبَنِهِ فَيُفْضِي إلَى الرِّبَا فَلِهَذَا اعْتَبَرَ جَمَاعَةٌ تَمْيِيزَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ ثَلَاثَةٌ من رَاعٍ وَفَحْلٍ وَدَلْوٍ وَمُرَاحٍ وَمَبِيتٍ مع السِّنِّ وَالنَّوْعِ ( م ) وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ لِاعْتِبَارِ ذلك بِحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ الْخَلِيطَانِ ما اجْتَمَعَا على الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا وَرَوَاهُ أبو عُبَيْدٍ وَجَعَلَ بَدَلَ الرَّاعِي الْمَرْعَى وَهَذَا الْخَبَرُ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ولم يَرَهُ حَدِيثًا وهو من رِوَايَةِ عبدالله بن لَهِيعَةَ فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ في ذلك وقد يَحْتَمِلُ أَنَّ خُلْطَةَ الْأَوْصَافِ لَا أَثَرَ لها كما يُرْوَى عن طاووس ( ( ( طاوس ) ) ) وَعَطَاءٍ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الْمَالِ بِنَفْسِهِ
فإذا خَلَطَا الْمَالَ كما سَبَقَ فَحُكْمُهُمَا في الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ أَثَّرَتْ في إيجَابِ الزَّكَاةِ أو إسْقَاطِهَا أو في تَغْيِيرِ الْفَرْضِ فَلَوْ كان لَأَرْبَعِينَ من أَهْلِ الزَّكَاةِ أَرْبَعُونَ شَاةً لَزِمَهُمْ شَاةٌ وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَلَوْ كان لِثَلَاثَةِ مِائَةٍ وَعِشْرُونَ لَزِمَهُمْ شَاةٌ وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ على قَدْرِ الْمَالِ مع الْوَقْصِ فَسِتَّةُ أَبْعِرَةٍ مع تِسْعَةٍ يَلْزَمُ رَبَّ السِّتِّ شَاةٌ وَخُمُسُ شَاةٍ وَيَلْزَمُ الآجر ( ( ( الآخر ) ) ) شَاةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ في خُلْطَةِ الْأَعْيَانِ ( ع ) وَكَذَا في خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ
____________________
(2/294)
وَالشَّيْخِ وَاحْتَجَّ بِنِيَّةِ السَّوْمِ في السَّائِمَةِ وَكَنِيَّةِ السَّقْيِ في الْمُعَشَّرَاتِ وَيُعْتَبَرُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْمُجَرَّدِ وَاحْتَجَّ أَنَّ الْقَصْدَ في الْإِسَامَةِ شَرْطٌ وَجَزَمَ أبو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالثَّانِي ( م 1 ) ويبني على الْخِلَافِ خَلْطٌ وَقَعَ اتِّفَاقًا أو فَعَلَهُ رَاعٍ وَتَأَخُّرُ النِّيَّةِ عن الْمِلْكِ
وَقِيلَ لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُهَا عنه بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَتَقْدِيمِهَا على الْمِلْكِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ وَإِنْ بَطَلَتْ الْخُلْطَةُ بِفَوَاتِ شَرْطٍ مِمَّا سَبَقَ ضَمَّ من كان من أَهْلِ الزَّكَاةِ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ وَزَكَّاهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا وقال في الِانْتِصَارِ إنْ تَصَوَّرَ بِضَمِّ حَوْلٍ إلَى آخَرَ نَوْعَ نَفْعٍ فَكَمَسْأَلَتِنَا يَعْنِي كَمَسْأَلَةِ الْخُلْطَةِ كَذَا قال وَمَتَى لم يَثْبُتْ لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ بِحَالٍ بِأَنْ يَمْلِكَا الْمَالَ مَعًا بِشِرَاءٍ أو إرْثٍ أو غَيْرِهِ فَزَكَاتُهُمَا زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ في بَعْضِ الْحَوْلِ
بِأَنْ خَلَطَا في أَثْنَائِهِ نِصَابَيْنِ ثَمَانِينَ شَاةً زَكَّى كُلُّ وَاحِدٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ ( وش ) لِلِانْفِرَادِ في بَعْضِ الْحَوْلِ كَخُلْطَةٍ قبل آخِرِهِ بِيَوْمَيْنِ فإنه لَا أَثَرَ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ الْخُلْطَةَ يَتَعَلَّقُ إيجَابُ الزَّكَاةِ بها فَاعْتَبَرَتْ جَمِيعَ الْحَوْلِ كَالنِّصَابِ لَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ خِلَافًا لِقَدِيمِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ خَلَطَا قبل آخِرِ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ فَأَكْثَرَ ( م ) وَفِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ وَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أخرجاه ( ( ( أخرجا ) ) ) شَاةً عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ على كل وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ
فَإِنْ أَخْرَجَهَا من غَيْرِ الْمَالِ فَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ شَاةٍ أَيْضًا إذَا تَمَّ حَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا من الْمَالِ فَقَدْ تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي على تِسْعٍ وَسَبْعِينَ شَاةً وَنِصْفِ شَاةٍ له منها أَرْبَعُونَ شَاةً (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب الخلطة
( مسألة 1 ) قوله ولا تعتبر نية الخلطة في خلطة الأعيان إجماعا وكذا في خلطة الأوصاف عند أبي الخطاب والشيخ ويعتبر عند صاحب المجرد والمحرر وجزم أبو الفرج والحلواني وغيرهما بالثاني انتهى القول الأول هو الصحيح صححه في الكافي والخلاصة والنظم وشرح المحرر وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والمغني والشرح ونصراه والحاويين وشرح ابن رزين وإدراك الغاية وغيرهم والقول الثاني اختاره من ذكره المصنف لكن قال ابن رزين في شرحه وليس بشيء وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر مختصر ابن تميم والرعايتين والفائق وغيرهم
____________________
1-
(2/295)
فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعُونَ جُزْءًا من تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا وَنِصْفِ جُزْءٍ من شَاةٍ فَيُضَعِّفُهَا فَتَكُونُ ثَمَانِينَ جُزْءًا من مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا من شَاةٍ ثُمَّ كُلُّ ما تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ من زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ ما له فيه وَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ بِأَنْ يَمْلِكَا نِصَابَيْنِ فَيَخْلِطَاهُمَا ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي أَرْبَعِينَ لم يَثْبُتْ لها حُكْمُ الِانْفِرَادِ
فإذا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادٍ شَاةٌ وإذا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ إنْ كان الْأَوَّلُ أَخْرَجَ شَاةً من غَيْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كان أَخْرَجَ منه لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْبَعُونَ جُزْءًا من تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا من شَاةٍ ثُمَّ يُزَكِّيَانِ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا زَكَّى بِقَدْرِ مِلْكِهِ فيه وَقِيلَ يُزَكِّي الثَّانِي عن حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ لِأَنَّ خَلِيطَهُ لم يَنْتَفِعْ فيه بِالْخُلْطَةِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا حُكْمُ الِانْفِرَادِ لِأَحَدِهِمَا بِخُلْطَةِ من له دُونَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ لِآخَرَ في بَعْضِ الْحَوْلِ وَمَنْ أَبْدَلَ نِصَابًا مُنْفَرِدًا بِنِصَابٍ مُخْتَلَطٍ من جِنْسِهِ
وَقُلْنَا لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِذَلِكَ زَكَّيَا زَكَاةَ انْفِرَادٍ كَمَالٍ وَاحِدٍ حَصَلَ الِانْفِرَادُ في أَحَدِ طَرَفَيْ حَوْلِهِ وَكَذَا لو اشْتَرَى أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ بِأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً مُنْفَرِدَةً وَخَلَطَهَا في الْحَوْلِ لِوُجُودِ الِانْفِرَادِ في بَعْضِ الْحَوْلِ وَقِيلَ يُزَكِّي زَكَاةَ خُلْطَةٍ لِأَنَّهُ يَبْنِي على حَوْلِ خُلْطَةٍ وَزَمَنُ الِانْفِرَادِ يَسِيرٌ فَصْلٌ وَمَنْ كان بَيْنَهُمَا نِصَابَانِ خُلْطَتُهُ ثَمَانُونَ شَاةً فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ لم يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا ولم تَزُلْ خُلْطَتُهُمَا على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ في أَنَّ إبْدَالَ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَكَذَا لو تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ قَلَّ أو كَثُرَ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ تَبْقَى الْخُلْطَةُ فيه إنْ كان نِصَابًا فَيُزَكِّي بِشَاةٍ زَكَاةَ انْفِرَادٍ عَلَيْهِمَا لِتَمَامِ حَوْلِهِ وإذا حَالَ حَوْلُ الْمَبِيعِ وهو أَرْبَعُونَ فَهَلْ في زَكَاةٌ فيه وَجْهَانِ ( م 2 و 3 ) فَأَمَّا إنْ أفرادها ( ( ( أفرداها ) ) ) ثُمَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَمَنْ كان بَيْنَهُمَا نِصَابَانِ خُلْطَتُهُ ثَمَانُونَ شَاةً فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ لم يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا ولم تَزُلْ خُلْطَتُهُمَا على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَذَا لو تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ قَلَّ أو كَثُرَ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ تَبْقَى الْخُلْطَةُ فيه إنْ كان نِصَابًا فَيُزْكِي بِشَاةٍ زَكَاةَ انْفِرَادٍ عَلَيْهِمَا لِتَمَامِ حَوْلِهِ وإذا تَمَّ حَوْلُ الْمَبِيعِ وهو أَرْبَعُونَ فَهَلْ فيه
____________________
1-
(2/296)
تَبَايَعَاهَا ثُمَّ خَلَطَاهَا فَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِانْفِرَادِ بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 4 ) وَإِنْ أَفْرَدَا بَعْضَ النِّصَابِ وَتَبَايَعَاهُ وكان الْبَاقِي على الْخُلْطَةِ نِصَابًا بَقِيَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فيه لِأَنَّهُ نِصَابٌ وَهَلْ يَنْقَطِعُ في الْمَبِيعِ فيه الْخِلَافُ في ضَمِّ مَالِ الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ إلَى مَالِهِ الْمُخْتَلِطِ وَإِنْ بَقِيَ دُونَ نِصَابٍ بَطَلَتْ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ تَبْطُلُ الْخُلْطَةُ في هذه الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً على انْقِطَاعِ الْحَوْلِ بِبَيْعِ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَرَدَّ في الْكَافِي هذا الْقَوْلَ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ في الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ في الْخُلْطَةِ فَصْلٌ وَمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا مُعَيَّنًا مُخْتَلَطًا أو مُشَاعًا انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَاسْتَأْنَفَ حَوْلًا من حِينِ الْبَيْعِ عِنْدَ أبي بَكْرٍ لِأَنَّهُ قد انْقَطَعَ في النِّصْفِ الْمَبِيعِ وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا لم يَبِعْ ( م 5 ) ( وش ) لِأَنَّهُ لم يَزَلْ مُخَالِطًا لِمَالِ جَارٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) زكاة فيه وجهان انتهى أحدهما فيه الزكاة وهو الصحيح قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ومختصر ابن تميم وصححه والوجه الثاني لا زكاة فيه اختاره القاضي في المحرر وقدمه في الرعاية فعلى الأول قال المصنف وهل هي زكاة خلطة فيلزمها نصف شاة أو زكاة انفراد فيلزمها شاة فيه وجهان انتهى وهي
( مسألة 3 ) أخرى إحداهما هي زكاة خلطة وهو الصحيح قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ومختصر ابن تميم وصححه وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى والوجه الثاني زكاة انفراد فتجب شاة
( مسألة 4 ) قوله فأما إن أفرداها ثم تبايعا ثم خلطاها فإن طال زمن الانفراد بطل حكم الخلطة وإلا فوجهان انتهى وأطلقهما المجد في شرحه وابن تميم وابن حمدان في رعايته الكبرى وجهان أحدهما يبطل قال المجد في شرحه بعد أن أطلق الوجهين وقد سبق توجيههما أنه يبطل فقال الصحيح البطلان ( قلت ) وهو الصواب وقدمه أيضا في الرعايتين والحاويين فقالا لو باع بعض نصابه في حوله مشاعا أو معينا بوصف أو بعد إفراده ثم خلطه سريعا انقطع وقيل لا انتهى والوجه الثاني لا تبطل
( مسألة 5 ) قوله ومن ملك أربعين شاة ثم باع نصفها معينا مختلطا أو مشاعا انقطع
____________________
1-
(2/297)
في الْحَوْلِ فَعَلَى هذا يُزَكِّي نِصْفَ شَاةٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهَا من غَيْرِ النِّصَابِ زكي الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ شَاةٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ منهم أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ بِاتِّفَاقِنَا بِدَلِيلِ من لَزِمَتْهُ زَكَاةُ نِصَابٍ فَأَخْرَجَهَا من غَيْرِهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ الثَّانِي
فإنه يُزَكِّي ثَانِيَةً وَيَحْتَسِبُ الْحَوْلَ الثَّانِيَ من عَقِبِ الْأَوَّلِ لَا من الْإِخْرَاجِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَ الشَّيْخِ في كُتُبِهِ وأبو الْمَعَالِي أَنَّهُ لاشيء على الْمُشْتَرِي إنْ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ لِنَقْصِهِ بِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عن أبي الْخَطَّابِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هذا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ في كِتَابِهِ وَلَا يُعْرَفُ له مَوْضِعٌ يُخَالِفُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْبَائِعُ من النِّصَابِ بَطَلَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي ( و ) وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( ع ) لِنَقْصِ النِّصَابِ إلَّا أَنْ يَسْتَدِيمَ الْفَقِيرُ الْخُلْطَةَ بِنَصِيبِهِ
وَقِيلَ إنْ زكي الْبَائِعُ منه إلَى فَقِيرٍ زكي الْمُشْتَرِي وَقِيلَ يَسْقُطُ كَأَخْذِ السَّاعِي منه وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وإذا لم يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ فَإِنْ كان له غَنَمٌ سَائِمَةٌ ضَمَّهَا إلَى حِصَّتِهِ في الْخُلْطَةِ وزكي الْجَمِيعَ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه وَكَذَا حُكْمُ الْبَائِعِ بَعْدَ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ ما دَامَ نِصَابُ الْخُلْطَةِ نَاقِصًا وَإِنْ كان الْبَائِعٌ اسْتَدَانَ ما أَخْرَجَهُ وَلَا مَالَ له يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ إلَّا مَالَ الْخُلْطَةِ أو لم يُخْرِجْ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ حتى تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي
فَإِنْ قُلْنَا الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ أو قُلْنَا يَمْنَعُ لَكِنْ لِلْبَائِعِ مَالٌ يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ زَكَّى الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ نِصْفَ شَاةٍ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الحول واستأنف حولا من حين البيع عند أبي بكر وعند ابن حامد لا ينقطع حول البايع فيما لم يبع انتهى وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والمستوعب والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والبلغة والشرح ومختصر ابن تميم والمحرر وشرح الهداية والفائق والحاوي الكبير وشرح ابن منجا ومصنف ابن أبي المجد وغيرهم أحدهما ينقطع الحول ويستأنف حولا من حين البيع وهو الصحيح قطع به في الإفادات والوجيز وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم وصححه في تصحيح المحرر والقول الثاني لا ينقطع حول البائع فيما لم يبع اختاره ابن حامد وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الخلاصة
____________________
1-
(2/298)
وقال ابن تَمِيمٍ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا أَخْرَجَ من غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا زَكَاةَ عليه وَيَسْتَأْنِفَانِ الْحَوْلَ من حِينِ الْإِخْرَاجِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ بِنَاءً على تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ وَالثَّانِي وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عليه زكاة ( ( ( الزكاة ) ) ) وَلَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ وُجُوبَهَا ما لم يُجْعَلْ حَوْلُهُ قبل أخراجها وَلَا انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي في حَقِّ الْبَائِعِ حتى يمضى قبل الْإِخْرَاجِ فَلَا تَجِبَ الزَّكَاةُ له وَإِنْ لم يَكُنْ أَخْرَجَ حتى تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي فَهِيَ من صُوَرِ تَكَرُّرِ الْحَوْلِ قبل إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَاقْتَصَرَ في مَسْأَلَةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قبل الْإِخْرَاجِ قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَمِنْ التَّفْرِيعِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَالْمَالُ ثَمَانِينَ شَاةً فإن على قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ يُزَكِّي الْبَائِعُ نِصْفَ شَاةٍ عن الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا وَلَوْ كان الْمَالُ سِتِّينَ وَالْمَبِيعُ ثُلُثَهَا زكي ثُلُثَيْ شَاةٍ عن الْأَرْبَعِينَ * الْبَاقِيَةِ وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ يُزَكِّي في الصُّورَتَيْنِ شَاةً شَاةً وقال ابن تَمِيمٍ إنَّ الشَّيْخَ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ على وَجْهَيْنِ وأن الْأَوْلَى وُجُوبُ شَاةٍ كَذَا قال وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَخْتَصُّ بِالشَّيْخِ فَأَمَّا إنْ أَفْرَدَ بَعْضَ النِّصَابِ وَبَاعَهُ ثُمَّ خَلَطَاهُ انْقَطَعَ حَوْلُهَا لِوُجُودِ التَّفْرِقَةِ كَحُدُوثِ بَعْضِ مَبِيعٍ بَعْدَ سَاعَةٍ وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنَّ حُكْمَ ذلك كَبَيْعِهَا مُخْتَلِطَةً لِأَنَّ هذا زَمَنٌ يَسِيرٌ
وَلَوْ كان النِّصَابُ لِرَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا فإن الْخَلِيطَ الذي لم يَبِعْ كَبَائِعٍ نِصْفَ الْأَرْبَعِينَ التي له فِيمَا لم يَبِعْهُ وَالْمُشْتَرِي هُنَا كَالْمُشْتَرِي هُنَاكَ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ في نِصَابٍ فَأَكْثَرَ حِصَّةَ الْآخَرِ منه بِشِرَاءٍ أو إرْثٍ أو غَيْرِهِ فَاسْتَدَامَ الْخُلْطَةَ فَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ أبي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ في المعني لَا في الصُّورَةِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ كان خَلِيطَ نَفْسِهِ فَصَارَ خَلِيطَ أَجْنَبِيٍّ وها ( ( ( وهنا ) ) ) بِالْعَكْسِ فَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ لَا زَكَاةَ حتى يَتِمَّ حَوْلُ الْمَالَيْنِ من كَمَالِ مِلْكِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا فَيُزَكِّيَهُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ يُزَكِّي مِلْكَهُ الْأَوَّلَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ فِيمَا إذَا كان بين رَجُلٍ وَابْنِهِ عَشْرٌ من الْإِبِلِ فَمَاتَ الْأَبُ في بَعْضِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( * ) ( تنبيه ) قوله ولو كان المال ستين والمبيع ثلثها زكى ثلث شاة عن الأربعين صوابه ثلثي شاة بالياء وتقدم ذكر الفاعل في التي قبلها
____________________
1-
(2/299)
الْحَوْلِ وَوَرِثَهُ الِابْنُ أَنَّهُ يَبْنِي على حَوْلِ الْأَبِ فِيمَا وَرِثَهُ وَيُزَكِّيهِ فَصْلٌ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ بِأَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً في الْمُحَرَّمِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ ثُمَّ أَرْبَعِينَ في صَفَرٍ فَفِي الْأُولَى لِتَمَامِ حَوْلِهَا شَاةٌ في الْمُحَرَّمِ لِانْفِرَادِهَا في بَعْضِ الْحَوْلِ وَلَا شَيْءَ في الثَّانِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا في وَجْهٍ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِلْعُمُومِ في الْأَوْقَاصِ كَمَمْلُوكٍ دَفَعَهُ وَقِيلَ شَاةٌ كَالْأُولَى كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ وَقِيلَ زَكَاةُ خُلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ كَأَجْنَبِيٍّ ( م 6 )
وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ يُزَكِّيهَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا قِسْطَهَا نِصْفَ شَاةٍ وَلَوْ مَلَكَ أَيْضًا أَرْبَعِينَ في بيع ( ( ( ربيع ) ) ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ سِوَى الشَّاةِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي شَاةٌ وَعَلَى الثَّالِثِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لَا ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ في كل ثَلَاثِ شاة ( ( ( شياه ) ) ) لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَإِنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ خمس ( ( ( خمسة ) ) ) وَعِشْرِينَ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ سِوَى بِنْتِ مَخَاضٍ لِلْأُولَى وَعَلَى الثانية شَاةٌ وَعَلَى الثَّالِثُ سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ في الْأُولَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَسُدُسُهَا في الْخَمْسِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَإِنْ مَلَكَ مع ذلك سِتًّا في رَبِيعٍ فَعَلَى الْأُولَى بِنْتُ مَخَاضٍ وفي الْإِحْدَى عَشْرَةَ لِتَمَامِ حَوْلِهَا رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَنِصْفُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لايغير الْفَرْضَ بِأَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً في الْمُحَرَّمِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ ثُمَّ أَرْبَعِينَ شَاةً في صَفَرٍ فَفِي الْأُولَى لِتَمَامِ حَوْلِهَا شَاةً في الْمُحَرَّمِ لِانْفِرَادِهَا في بَعْضِ الْحَوْلِ وَلَا شَيْءَ في الثَّانِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا في وَجْهٍ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ شَاةٌ كَالْأُولَى كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ وَقِيلَ زَكَاةُ خُلْطَةِ نصبق ( ( ( نصف ) ) ) شَاةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَحَدُهَا لَا شَيْءَ عليه في الثَّانِي وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا وَجْهُ الضَّمِّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عليه لِلثَّانِي زَكَاةُ خُلْطَةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ قال الْمَجْدُ وَهَذَا أَصَحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَهَذَا وَجْهُ الِانْفِرَادِ وَتَفْرِيعُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي على هذه الْأَوْجُهِ وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ منها وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/300)
تسعها وعلى الثاني لكل من الخمس والست شاة لتمام حولها وعلى الثالث في الخمس لتمام حولها سدس بنت مخاض وفي الست لتمام حولها سدس بنت لبون وإن نقص الثاني عن نصاب ولم يغير الفرض فلا زكاة لأنه وقص وقيل بل زكاة خلطة كأجنبي ففي عشرين بعد أربعين ثلث شاة وفي عشر من البقر بعد أربعين خمس مسنة
وفي خمس بعد ثلاثين سبع تبيع وإن غير الفرض ولم يبلغ نصابا كعشر من البقر بعد ثلاثين ففي الأول لتمام حولها تبيع وفي العشر زكاة خلطة ربع مسنة لأنه تم نصاب المسنة فأخرج بقسطها وقيل على الوجه الثاني لا شيء وإن غير الفرض وبلغ نصابا وجبت زكاته وقدرها يبنى على الوجوه فيما إذا لم يغير الفرض فعلى الأول هناك ينظر هنا إلى زكاة الجميع فيسقط منها ما وجب في الأولى ويجب الباقي في الثاني (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهٌ ) قال الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ في الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةِ الْمُسْتَفَادُ بَعْدَ النِّصَابِ في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هل يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ أو يُفْرَدُ عنه فإذا اسْتَفَادَ مَالًا زَكَوِيًّا من جِنْسِ النِّصَابِ في أَثْنَاءِ حَوْلِهِ فإنه يُفْرَدُ بِحَوْلٍ عِنْدَنَا لَكِنْ هل يَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ في الْعَدَدِ أو يُخْلَطُ بِهِ وَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ أو يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كما أَفْرَدَهُ بِالْحَوْلِ فيه ثلاث ( ( ( ثلاثه ) ) ) أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ وَهَذَا الْوَجْهُ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كان الْمُسْتَفَادُ نِصَابًا أو دُونَ نِصَابٍ وَلَا يُغَيِّرُ فَرْضَ النِّصَابِ أَمَّا إنْ كان دُونَ نِصَابٍ وَيُغَيِّرُ فَرْضَ النِّصَابِ لم يَتَأَتَّ فيه هذا الْوَجْهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَيَخْتَصُّ هذا الْوَجْهُ أَيْضًا بِالْحَوْلِ الْأَوَّلِ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ بشعر ( ( ( يشعر ) ) ) بِاطِّرَادِهِ في كل الْأَحْوَالِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ بِحِكَايَةِ ذلك وَجْهَانِ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يُزَكِّي ذلك زَكَاةَ خُلْطَةٍ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَزَعَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي ضَعَّفَهُ فيه وَإِنَّمَا ضَعَّفَ الْأَوَّلَ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُضَمُّ النِّصَابُ فَيُزَكِّي زَكَاةَ ضَمٍّ وَعَلَى هذا فَهَلْ الزِّيَادَةُ كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ أو الْكُلُّ نِصَابٌ وَاحِدٌ على وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أنها كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ وَلَوْ كان ذلك لزكي النِّصَابَ عَقِيبَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِحِصَّتِهِ من فَرْضِ الْمَجْمُوعِ ولم يُزَكِّ زَكَاةَ واحد ( ( ( انفراد ) ) ) وَهَذَا قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ نِصَابٌ وَاحِدٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وهو الْأَظْهَرُ وَاسْتَطْرَدَ في ذلك وَأَطَالَ وَأَجَادَ وَذَكَرَ فَوَائِدَ الِاخْتِلَافِ في مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ فَرَحِمَهُ اللَّهُ ما أَكْثَرَ تَحْقِيقَهُ وَأَغْزَرَ عِلْمَهُ فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ قد صُحِّحَتْ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى
____________________
1-
(2/301)
وعلى الوجه الثاني هناك يعتبر مستقلا بنفسه فكذا هنا وعلى الثالث تجب زكاة خلطة فكذا هنا ففي مائة شاة بعد أربعين شاة شاة وعلى الوجه الثالث شاة وثلاثة أسباع شاة لأن في الكل شاتين والمائة خمسة أسباع الكل فحصتها من فرضه خمسة أسباعه وإن ملك مائة آخرى في ربيع ففيها شاة وعلى الوجه الثالث فرضه خمسة أسباعه وإن ملك مائة أخرى في ربيع ففيها شاة وعلى الوجه الثالث شاة وربع لأن في الكل ثلاث شياه والمائة ربع الكل وسدسه فحصتها من فرضه ربعه وسدسه وفي إحدى وثمانين شاة بعد أربعين شاة شاة وعلى الثالث شاة وإحدى وأربعون جزءا من مائة وإحدى وعشرين جزءا من شاة كخليط
وفي مائة وعشرين بعد مائة وعشرين شاتان أوشاة ونصف وفي خمسة إبعرة بعد عشرين بعيرا شاة على الثاني زاد الشيخ والأول وعلى الثالث خمس بنت مخاض زاد ابن تميم والأول وفي ثلاثين من البقر بعد خمسين تبيع على الثاني وثلاثة أرباع مسنة على الثالث وعند صاحب المحرر لا يجىء الوجه الأول في هاتين المسألتين لأنه يفضي في الأول إلى إيجاب ما يبقى من بنت مخاض بعد إسقاط أربع شياه وهي من غير الجنس وفي الثالثة إلى إيجاب فرض نصاب عما دونه
فلهذا قال الوجه الثالث أصح لعدم اطراد الأول وضعف الثاني لأنه لا يفرد الأجنبي المخالط بالإيجاب عن مال خليطه فمال الواحد أولى لأن ضم ملكه بعضه إلى بعض أولى من خليط إلى خليط ولهذا ضعف في المغني الوجه الثاني وقال ابن تَمِيمٍ فِيمَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ ولم يَبْلُغْ نِصَابًا عليه زَكَاةُ خُلْطَةٍ قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قال وقال إنْ كان يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَ فيه زَكَاةُ انْفِرَادٍ في وَجْهٍ وَخُلْطَةٍ في آخَرَ وَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَوَّلِ فِيمَا بِهِ فِيهِمَا وَجْهًا وَاحِدًا إذَا كان الضَّمُّ يُوجِبُ تَغْيِيرَ جِنْسِ الزَّكَاةِ أو نَوْعِهَا كَثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ يجب ( ( ( فيجب ) ) ) إمَّا تَبِيعٌ أو ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ وَلَا تَجِبُ الْمُسِنَّةُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ التي قَبْلَهَا يَجِبُ ضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ وَيُخْرِجُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي ما بَقِيَ من زَكَاةِ الْجَمِيعِ فَيَجِبُ ها هنا الْمُسِنَّةُ قال وهو أَحْسَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ من له أَرْبَعُونَ شَاةً في بَلَدٍ وَأَرْبَعُونَ في بَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ لَزِمَهُ
____________________
(2/302)
شَاتَانِ وَإِنْ كان في كل بَلَدٍ عِشْرُونَ فَلَا زَكَاةَ هذا هو الْمَشْهُورُ عند أَحْمَدَ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ فَجَعَلَ التَّفْرِقَةَ في الْبَلَدَيْنِ كَالتَّفْرِقَةِ في الْمِلْكَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ اجْتِمَاعُ مَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ كَمَالِ واحد ( ( ( الواحد ) ) ) كَذَا في الِافْتِرَاقِ الْفَاحِشِ في مَالِ الْوَاحِدِ يَجْعَلُهُ كَالْمَالَيْنِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لَا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَنَا من جَمَعَ أو فَرَّقَ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ لم يُؤَثِّرْ ذلك وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ يَنْبَغِي تَفْرِقَتُهُ بِبَلَدِهِ فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِهِ
وَعَنْهُ الْكُلُّ كَسَائِمَةٍ مُجْتَمِعَةٍ في الْمَسْأَلَتَيْنِ ( و ) لِلْعُمُومِ كما لو كان بَيْنَهُمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ( ع ) وَكَغَيْرِ السَّائِمَةِ ( ع ) اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَحَمَلَ كَلَامَ أَحْمَدَ على أَنَّ السَّاعِيَ لَا يَأْخُذُهَا فَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَيُخْرِجُ إذَا بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَيْمُونِيِّ وَحَنْبَلٍ لَا يَأْخُذُ الْمُصَّدِّقُ منها شيئا وهو إذَا عَرَفَ ذلك وَضَبَطَهُ أَخْرَجَ كَذَا قال وقال أبو بَكْرٍ ما روي الْأَثْرَمُ أَقُولُ وَلَوْ جَازَ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ إذَا ضَبَطَهُ وَعَرَفَهُ الجاز ( ( ( لجاز ) ) ) أَنْ لايعطي عن ثَمَانِينَ شَاتَيْنِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عليه شَاةٌ فلما أَخَذَ منه شَاتَيْنِ وَجَبَ أَنْ يُعْطِيَ شَاةً كَذَا قال وَجَعَلَ أبو بَكْرٍ في سَائِرِ الْأَمْوَالِ رِوَايَتَيْنِ كَالْمَاشِيَةِ قَالَهُ ابن تَمِيمٍ وَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ تَكْفِي شَاةٌ بِبَلَدِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ حَاجَةٌ وَقِيلَ بِالْقِسْطِ
وَمَنْ له سِتُّونَ شَاةً في كل بَلَدٍ عِشْرُونَ خُلْطَةٍ بِعِشْرِينَ لِآخَرَ فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَعَلَى الْأَشْهَرِ تَجِبُ ثَلَاثُ شِيَاهٍ على رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ وَإِنْ لم يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ أو كان وَقُلْنَا بِرِوَايَةِ اخْتِيَارِ أبي الْخَطَّابِ فَفِي الْجَمِيعِ شَاةٌ نِصْفُهَا على رَبِّ السِّتِّينَ وَعَلَى كل خَلِيطٍ سُدُسُ شَاةٍ هذا قَوْلُ الْأَصْحَابِ ضَمًّا للمال ( ( ( لمال ) ) ) كل خَلِيطٍ إلَى مَالِ الْكُلِّ فَيَصِيرُ كَمَالٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ في الْجَمِيعِ شَاتَانِ وَرُبْعٌ على رَبِّ السِّتِّينَ ثلاثة أَرْبَاعِ شياه ( ( ( شاة ) ) ) لِأَنَّهَا مُخَالِطَةٌ لِعِشْرِينَ خَلْطَةٍ وَنِصْفٍ وَلِأَرْبَعِينَ بِجِهَةِ الْمِلْكِ وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ من زَكَاةِ الثَّمَانِينَ رُبْعُ شَاةٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نصفة ( ( ( نصف ) ) ) شَاةٍ لِأَنَّهُ مُخَالِطُ الْعِشْرِينَ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَاحْتَجَّ هو وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ مَالُ كل خُلْطَةٍ نِصَابًا فَلَوْ كانت كُلُّ عِشْرِينَ من السِّتِّينَ خُلْطَةً بِعَشْرٍ لِآخَرَ لَزِمَهُ شَاةٌ وَلَا يَلْزَمُ الْخُلَطَاءَ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ لم يَخْتَلِطُوا في نِصَابٍ
____________________
(2/303)
وَلَوْ ضُمَّ مَالُ الْخَلِيطِ إلَى مَالٍ مُنْفَرِدٍ لِخَلِيطِهِ أو إلَى مَالِ خَلِيطِهِ لم يُعْتَبَرْ ذلك وَلَصَحَّتْ الْخُلْطَةُ اعْتِبَارًا بِالْمَجْمُوعِ وقال الْآمِدِيُّ بهذا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ خَلِيطٍ رُبْعُ شَاةٍ لِمَا سَبَقَ لِأَنَّ مَالَ الْوَاحِدِ يُضَمُّ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ في الْجَمِيعِ ثلاثة ( ( ( ثلاث ) ) ) شِيَاهٍ على رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ جَعْلًا لِلْخُلْطَةِ قَاطِعَةً بَعْضَ مِلْكِهِ عن بَعْضٍ بِحَيْثُ لو كان له مَالٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ اُعْتُبِرَ في تَزْكِيَتِهِ وَحْدَهُ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّهُ لم يُخَالِطْهُ سِوَى عِشْرِينَ
قال ابن عَقِيلٍ تَفْرِيقُ مِلْكِ الْوَاحِدِ لَا يَمْتَنِعُ على أَصْلِنَا بِدَلِيلِ تَفْرِقَتِهِمَا في الْبُلْدَانِ وَلَوْ لم يُخَالِطْ رَبُّ السِّتِّينَ منها إلَّا بِعِشْرِينَ لِعِشْرِينَ لِآخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ في الْجَمِيعِ شَاةٌ على رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ رُبْعُهَا وَعَلَى الثَّانِي على رَبِّ السِّتِّينَ في الْأَرْبَعِينَ الْمُفْرَدَةِ ثُلُثَا شَاةٍ ضَمًّا إلَى بَقِيَّةِ مِلْكِهِ وفي الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ وَذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَيَتَوَجَّهُ على الثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ هُنَا وَعَلَى الرَّابِعِ في الْأَرْبَعِينَ الْمُخْتَلِطَةِ شَاةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وفي الْأَرْبَعِينَ الْمُفْرَدَةِ شَاةٌ على رَبِّهَا وَمَنْ له خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا كُلُّ خَمْسِ خُلْطَةٍ بِخَمْسٍ لِآخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ عليه نِصْفُ حِقَّةٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ عُشْرُهَا وَعَلَى الثَّانِي عليه خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ سُدُسٌ وَعَلَى الرَّابِعِ عليه خَمْسُ شِيَاهٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ شَاةٌ وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الضَّمُّ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ فَصْلٌ وَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ في غَيْرِ السَّائِمَةِ نَصَّ عليه وهو الْمَشْهُورُ ( وم ) في غَيْرِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ إلَّا ضَرَرًا بِرَبِّ الْمَالِ لِعَدَمِ الْوَقْصِ فيها بِخِلَافِ السَّائِمَةِ وَعَنْهُ تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ في السَّائِمَةِ ( وش ) وَقِيلَ وَخُلْطَةُ الْأَوْصَافِ قال في الْخِلَافِ نَقَلَ حَنْبَلٌ تُضَمُّ كَالْمَوَاشِي فقال إذَا كَانَا رَجُلَيْنِ لَهُمَا من الْمَالِ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِالْحِصَصِ فَيُعْتَبَرُ على هذا الْوَجْهِ اتِّحَادُ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقُ الْمِلْكِ وَاخْتَارَ هذه الرِّوَايَةَ الْآجُرِّيُّ وَصَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ وَخَصَّهَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَصْلٌ وَلِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ من مَالِ أَيْ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ مع الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا نَصَّ
____________________
(2/304)
عليه ( و ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ قسمة في خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مع بَقَاءِ النَّصِيبَيْنِ وقد وَجَبَتْ الزَّكَاةُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وفي الْمُجَرَّدِ لَا وَلَا وَجْهَ له إلَّا عَدَمَ الْحَاجَةِ فَيَتَوَجَّهُ منه اعْتِبَارُ لِأَخْذِ السَّاعِي وَمَنْ لَا زَكَاةَ عليه كَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ لَا أَثَرَ لِخُلْطَتِهِ في جَوَازِ الْأَخْذِ ( و ) لِأَنَّ الْخَبَرَ في خَلِيطَيْنِ يُمْكِنُ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا على الْآخَرِ وَلَا مَشَقَّةَ لِنُدْرَتِهَا وَحَيْثُ جَازَ الْأَخْذُ فإن الْمَأْخُوذَ منه يَرْجِعُ على خليطين ( ( ( خليطه ) ) ) بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ ( و ) ويوم ( ( ( يوم ) ) ) أُخِذَتْ منه لِزَوَالِ مِلْكِهِ إذًا فَيَرْجِعُ بِالْقِسْطِ الذي قَابَلَ مَالَهُ من الْمُخْرَجِ
فإذا أَخَذَ الْفَرْضَ من مَالِ رَبِّ الثُّلُثِ رَجَعَ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْ الْمُخْرَجِ على شَرِيكِهِ وَإِنْ أَخَذَهُ من الْآخَرِ رَجَعَ بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ فَيَرْجِعُ رَبُّ عَشْرَةِ أَبْعِرَةٍ أُخِذَتْ منه بِنْتُ مَخَاضٍ على رَبِّ الْعِشْرِينَ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا وَبِالْعَكْسِ بِقِيمَةِ ثُلُثِهَا وَبِثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ على رَبِّ أَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ تَبِيعٍ وَمُسِنَّةٍ وَبِالْعَكْسِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا وقيل ( ( ( ويقبل ) ) ) قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عليه في الْقِيمَةِ مع يَمِينِهِ وَعَدَمِ بَيِّنَةٍ إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ غَارِمٌ وقد ثَبَتَ التَّرَاجُعُ في شَرِكَةِ الْأَعْيَانِ فِيمَا إذَا كانت الزَّكَاةُ من غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَشَاةٍ عن خَمْسٍ من الْإِبِلِ وَكَذَا من بَيْنِهِمَا ثَمَانُونَ شَاةً نِصْفَيْنِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ بِقِيمَةِ عِشْرِينَ منها فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ على الدين ( ( ( المدين ) ) ) ثُلُثُهَا وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثَاهَا فَصْلٌ وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ من الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ كَأَخْذِهِ عن أَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةٍ شَاتَيْنِ من مَالِ أَحَدِهِمَا وَعَنْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا لجذعة ( ( ( الجذعة ) ) ) رَجَعَ على خليطة في الْأُولَى بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وفي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ ظُلْمٌ فَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ على غَيْرِ ظَالِمِهِ ( و ) وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا في رُجُوعِهِ على شَرِيكِهِ قَوْلَيْنِ وَمُرَادُهُ لِلْعُلَمَاءِ قال أَظْهَرُهُمَا يَرْجِعُ وقال في الْمَظَالِمِ الْمُشْتَرَكَةِ تُطْلَبُ من الشُّرَكَاءِ يَطْلُبُهَا الْوُلَاةُ وَالظَّلَمَةُ من الْبُلْدَانِ أو التُّجَّارِ أو الْحَجِيجِ أو غَيْرِهِمْ وَالْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرِ ذلك على الْأَنْفُسِ أو الْأَمْوَالِ أو الدَّوَابِّ يَلْزَمُهُمْ الْتِزَامُ الْعَدْلِ في ذلك كما يَلْزَمُ فِيمَا يُؤْخَذُ منهم بِحَقٍّ
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَنِعَ أخذ من أَدَاءِ قِسْطِهِ من ذلك بِحَيْثُ يُؤْخَذُ قِسْطُهُ من الشركاة ( ( ( الشركاء ) ) ) لِأَنَّهُ لم يَدْفَعْ الظُّلْمَ عنه إلَّا بِظُلْمِ شُرَكَائِهِ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ ما يَعْلَمُ أَنَّهُ يُظْلَمُ فيه غَيْرُهُ
____________________
(2/305)
كَمَنْ يولى أو يُوَكِّلُ من يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُ وَيَأْمُرُهُ بِعَدَمِ الظُّلْمِ ليس له أَنْ يُوَلِّيَهُ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَدْلَ في هذا الظُّلْمِ لأن ( ( ( ولأن ) ) ) النُّفُوسَ لاترضى بِالتَّخْصِيصِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَخْذِ الْجَمِيعِ من الضُّعَفَاءِ وَلِأَنَّهُ لو احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى جَمْعِ مَالٍ لِدَفْعِ عَدُوٍّ كَافِرٍ لَزِمَ الْقَادِرَ الِاشْتِرَاكُ فها هنا أَوْلَى فَمَنْ تَغَيَّبَ أو امْتَنَعَ وَأَخَذَ من غَيْرِهِ حِصَّتَهُ رَجَعَ على من أَدَّى عنه في الْأَظْهَرِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَبَرُّعًا وَلَا شُبْهَةَ على الْآخِذِ في الْأَخْذِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ كَعَامِلِ الزَّكَاةِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ وَالْوَكِيلِ وَسَائِرِ من تَصَرَّفَ تغيره ( ( ( لغيره ) ) ) بِوِلَايَةٍ أو وَكَالَةٍ إذَا طَلَبَ منه حِصَّةَ ما يَنُوبُ ذلك الْمَالُ من الْكُلَفِ فإن لهم أَنْ يُؤَدُّوا ذلك من الْمَالِ بَلْ إنْ كان لم يُؤَدُّوهُ أَخَذَ الظَّلَمَةُ أَكْثَرَ وَجَبَ لِأَنَّهُ من حِفْظِ الْمَالِ وَلَوْ قُدِّرَ غَيْبَةُ الْمَالِ فَاقْتَرَضُوا عليه وَأَدَّوْا من مَالِهِمْ رَجَعُوا بِهِ وَعَلَى هذا الْعَمَلِ
وَمَنْ لم يَقُلْ بِهِ لَزِمَ من الْفَسَادِ ما لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ قال وَغَايَةُ هذا أَنْ يُشَبَّهَ بِغَصْبِ الْمُشَاعِ فَالْغَاصِبُ إذَا قَبَضَ من الْمُشْتَرَكِ نَصِيبَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كان ذلك من مَالِ ذلك الشَّرِيكِ في الْأَظْهَرِ وهو ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ لَزِمَ الْمُقِرَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ ما فَضَلَ عن حَقِّهِ وهو السُّدُسُ في مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ جَعَلُوا ما غَصَبَهُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ من مَالِ الْمُقَرِّ بِهِ خَاصَّةً لِأَجْلِ النِّيَّةِ وَكَذَا ها هنا إنَّمَا قَبَضَ الظَّالِمُ عن ذلك الْمَطْلُوبِ لم يَقْصِدْ أَخْذَ مَالِ الدَّافِعِ لَكِنْ قال أبو حَنِيفَةَ في غَصْبِ الْمُشَاعِ ما قَبَضَهُ الْغَاصِبُ يَكُونُ مِنْهُمَا اعْتِبَارًا بِصُورَةِ الْقَبْضِ وَيَكُونُ النِّصْفُ الذي غَصَبَهُ الاخ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا وهو قَوْلٌ في مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
قال وَمِنْ صُودِرَ على مَالٍ فَأُكْرِهَ أَقَارِبُهُ أو أَصْدِقَاؤُهُ أو جِيرَانُهُ أو شُرَكَاؤُهُ على أَنْ يُؤَدُّوا عنه فَلَهُمْ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا لِأَجْلِهِ وَلِأَجْلِ مَالِهِ وَالطَّالِبُ مَقْصُودُهُ مَالُهُ لَا مَالُهُمْ وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ وقال فلما كَانُوا إنَّمَا أَعْطَوْهُ وَأَهْدَوْا إلَيْهِ لِأَجْلِ وِلَايَتِهِ جَعَلَ ذلك من جُمْلَةِ الْمَالِ الْمُسْتَحَقِّ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ أَمْوَالِهِمْ قَبَضَ ولم يُخَصَّ بِهِ الْعَامِلُ فَكَذَا ما قُبِضَ بِسَبَبِ مَالِ بَعْضِ الناس فَعَنْهَا بِحَسَبٍ فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ لِأَجْلِهَا فَهُوَ مَغْنَمٌ وَنَمَاءٌ لها لَا لِمَنْ أَخَذَهُ فما أَخَذَ لِأَجْلِهَا فَهُوَ مَغْرَمٌ منها لَا على من أَعْطَاهُ وَكَذَا من لم يُخَلِّصْ مَالَ غَيْرِهِ من التَّلَفِ إلَّا بِمَا أَدَّى عنه رَجَعَ بِهِ في أَظْهَرْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ وهو حَسَنٌ وَتَأْتِي هذه الْمَسَائِلُ في مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
____________________
(2/306)
فَصْلٌ وَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأْوِيلٍ كَأَخْذِهِ صَحِيحَةً عن مِرَاضٍ أو كَبِيرَةً عن صِغَارٍ أو قِيمَةَ الْوَاجِبِ رَجَعَ عليه ( و ) لِأَنَّ السَّاعِيَ نَائِبُ الْإِمَامِ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَلَا يُنْقَضُ كما في الْحَاكِمِ قال الشَّيْخُ ما أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ وَاقْتَصَرَ غَيْرُهُ على أنه فِعْلَهُ في مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ سَائِغٌ نَافِذٌ فَتَرَتَّبَ عليه الرُّجُوعُ لِسَوَغَانِهِ وفي الْخِلَافِ فِيمَا زَادَ على النِّصَابِ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَالِفَ له في تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَافَقُوا عليه فإذا أَخَذَ الْقِيمَةَ رَجَعَ عليه بِالْحِصَّةِ منها وقال أبو الْمَعَالِي إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَجَازَ أَخْذُهَا رَجَعَ بِنِصْفِهَا إنْ قُلْنَا الْقِيمَةُ أَصْلٌ وَإِنْ قُلْنَا بَدَلٌ فَبِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَإِنْ لم تجزىء الْقِيمَةُ فَلَا رُجُوعَ كَذَا قال
وقال ابن تَمِيمٍ إنْ أَخَذَ السَّاعِي فَوْقَ الْوَاجِبِ بِتَأْوِيلٍ أو أَخَذَ الْقِيمَةَ أَجْزَأَتْ في الْأَظْهَرِ وَرَجَعَ عليه بِذَلِكَ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ منه عَدَمَهُ وَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ وَصَوَّبَ شَيْخُنَا الْإِجْزَاءَ وَجَعَلَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ خَلْفَ تَارِكِ رُكْنٍ عِنْدَ الْمَأْمُومِ قال شَيْخُنَا وَإِنْ طَلَبَهَا منه فَكَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَهُ وَسَبَقَ كَلَامُ الشَّيْخِ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في آخِرِ طَرِيقِ الْحُكْمِ خِلَافٌ فِيمَنْ حُكِمَ له أو عليه بِخِلَافِ اعْتِقَادِهِ
وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي فَرْضًا مُجْمَعًا عليه لَكِنَّهُ مُخْتَلِفٌ هل هو عن الْخَلِيطَيْنِ أو عن أَحَدِهِمَا عَمِلَ كُلٌّ في التَّرَاجُعِ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ لَا نَقْضَ فيه لِفِعْلِ السَّاعِي فَعِشْرُونَ خُلْطَةٍ لِسِتَّيْنِ فيها رُبْعُ شَاةٍ فإذا أَخَذَ الشَّاةَ من السِّتِّينَ رَجَعَ بها ( ( ( ربها ) ) ) بِرُبْعِ الشَّاةِ ( ه م ) وَإِنْ أَخَذَهَا من الْعِشْرِينَ رَجَعَ بها ( ( ( ربها ) ) ) بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا لَا بِقِيمَتِهَا كُلِّهَا ( ه م ) وَهَذِهِ الصُّورَةُ إنْ وَقَعَتْ فَنَادِرَةٌ لِأَنَّ ما يَأْخُذُهُ بِاجْتِهَادٍ أو تَقْلِيدٍ عنهما أو عن أَحَدِهِمَا فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ وَلِهَذَا لم يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ
وَلَا تَسْقُطُ زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فيها بِأَخْذِ السَّاعِي مُجْمَعًا عليه كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ خُلْطَةٍ بَيْنَهُمَا تَلِفَ سِتُّونَ عَقِبَ الْحَوْلِ يَأْخُذُ نِصْفَ شَاةٍ بِنَاءً على تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ
____________________
(2/307)
والعفر ( ( ( والعفو ) ) ) وَجَعْلًا لِلْخُلْطَةِ وَالتَّلَفِ تَأْثِيرًا لَزِمَهُمَا إ خراج نِصْفِ شَاةٍ وَمَذْهَبُ ( ه ) يُلْزِمُهُمَا إخْرَاجَ شَاةٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَهُ شَاتَانِ سَقَطَ بِالتَّلَفِ نِصْفُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِالنِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ كَذَا ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَمُقْتَضَى ما ذَكَرَهُ في الثَّانِيَةِ وَلَوْ كان ما أَخَذَهُ في الْأُولَى يَرَاهُ عنهما أو عن أَحَدِهِمَا وَهَذَا خِلَافُ ما ذَكَرَهُ هو وَغَيْرُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالسَّاعِي في هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ يقول أنا أَعْلَمُ الْخِلَافَ في هذا وأنا أَجْتَهِدُ فيه وَالْوَاجِبُ في هذا الْمَالِ دُونَ هذا وَالْوَاجِبُ كَذَا لَا أَكْثَرَ فَآخُذُهُ لِلْفَرْضِ فَفِعْلُهُ وَقَوْلُهُ اجْتِهَادٌ في مُخْتَلَفٍ فيه فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَالَفَ وَلَا يُنْقَضَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَبَقِيَّةِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ لَا سِيَّمَا قَوْلُ الشَّيْخِ ما أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فَيَتَعَيَّنُ فَوُجُوبُ دَفْعِ ما طَلَبَهُ بمنع ( ( ( يمنع ) ) ) وُجُوبَ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَوْ بَقِيَ غَيْرُهُ وَاجِبًا لم يَتَعَيَّنْ لِأَنَّ بَاذِلَهُ يَكُونُ بَاذِلًا لِلْوَاجِبِ وَمَنْ بَذَلَ الْوَاجِبَ لَزِمَ قَبُولُهُ وَلَا تَبَعَةَ عليه
ثُمَّ على ما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ وُلَاةُ الأمرة ( ( ( الأمر ) ) ) الزَّكَاةَ من إنْسَانٍ طُولَ عُمْرِهِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بَعْدَ ذلك بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عن جَمِيعِ ما مَضَى بَلْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى اسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ وَهَذَا لَا نَظِيرَ له وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ الْجِزْيَةُ فَيَأْخُذُ وُلَاةُ الْأَمْرِ الْجِزْيَةَ من إنْسَانٍ طُولَ عُمْرِهِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عن جَمِيعِ ما مَضَى بَلْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ وَالْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا
وَهَذَا ظَاهِرُ الْفَسَادِ ويَأْتِي في النِّصْفِ الثَّالِثِ من الزَّكَاةِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَسْقَطَ أو أَخَذَ دُونَ ما يَعْتَقِدُ الْمَالِكُ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ زَادَ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ على ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَلَا يُنْتَقَضُ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ ظَاهِرًا وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِ الْقَاضِي يَلْزَمُ مُطْلَقًا وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا في هذا الْفَصْلِ وَيَأْتِي هُنَاكَ إذَا اجْتَهَدَ رَبُّ الْمَالِ وَأَخْرَجَ ولم يَكُنْ قد فَاتَ مَجِيءُ السَّاعِي لَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اجْتِهَادُ السَّاعِي هُنَا وَلِهَذَا السَّبَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لم يذكر الْأَصْحَابُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا أَشْبَهَ إذَا رأي الْإِمَامُ تعزيز ( ( ( تعزير ) ) ) وَاحِدٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا فِعْلَهُ أَوْلَى هل لِغَيْرِهِ الزِّيَادَةُ عليه وَسَيَأْتِي في التعزيز ( ( ( التعزير ) ) ) إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُمَا فَوْقَ الْوَاجِبِ لم يَرْجِعْ بِزِيَادَةٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَقْدُ الْخُلْطَةِ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْإِذْنِ لِخَلِيطِهِ في الْإِخْرَاجِ عنه وَكَذَا ذَكَرَ ابن تَمِيمٍ عن
____________________
(2/308)
ابْنِ حَامِدٍ يجزىء إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ حَضَرَ أو غَابَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ لَا يجزىء وَسَبَقَ في الْمُضَارَبَةِ لَا زَكَاةَ في الْمَنْصُوصِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَوْلَا الْمَانِعُ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ في إذْنِ كل شَرِيكٍ لِلْآخَرِ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ يُوَافِقُ ما اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَيُشْبِهُ هذا أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ على الْأَصَحِّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
____________________
(2/309)
بَابُ زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَحُكْمِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ وَإِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ من الذِّمِّيِّ الْعَقَارَ وَغَيْرَهُ وَزَكَاةِ الْعَسَلِ وَنَحْوِ ذلك وَتَضْمِينِ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ
تَجِبُ الزَّكَاةُ في كل مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ وعبدالله ما كان يُكَالُ وَيُدَّخَرُ وَيَقَعُ في الْقَفِيزُ فَفِيهِ الْعُشْرُ ومَا كان مِثْلَ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْبَصَلِ فَلَيْسَ فيه زَكَاةٌ إلَّا أَنْ يُبَاعَ وَيَحُولَ على ثَمَنِهِ الْحَوْلُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ من حَبٍّ وَثَمَرٍ كَالْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَالسُّمَّاقِ وَالْبُزُورِ وَنَصَّ أَحْمَدُ على الزَّكَاةِ في اللَّوْزِ وَعَلَّلَ أَنَّهُ مَكِيلٌ
وقال ابن حَامِدٍ لَا تَجِبُ في حَبِّ الْبُقُولِ كَحَبِّ الرَّشَادِ وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ والأباريم ( ( ( والأبازير ) ) ) كَالْكُسْفُرَةِ وَالْكَمُّونِ وَالْبُزُورِ كبزر ( ( ( وكبذر ) ) ) الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالرَّيَاحِينِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُوتٍ وَلَا أُدْمٍ وَيَدْخُلُ في هذا بِزْرُ الْيَقْطِينِ وَذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ من الْمُقْتَاتِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيُخْرِجُ الصَّعْتَرَ وَالْأُشْنَانَ وَنَحْوَهُمَا وَحَبَّ ذلك على الْأَقْوَالِ الثالثة ( ( ( الثلاثة ) ) ) وَكَذَا كُلُّ وَرَقٍ مَقْصُودٍ كَوَرَقِ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَالْآسِ وَلَا زَكَاةَ في الْأَشْهَرِ في الْجَوْزِ نَصَّ عليه وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ مَعْدُودٌ وَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ وَالتُّوتِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَكَذَا الْعُنَّابُ وَجَزَمَ به في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي بِالزَّكَاةِ فيه وَهَذَا أَظْهَرُ فَالتِّينُ وَالْمِشْمِشُ وَالتُّوتُ مِثْلُهُ اختاره شَيْخُنَا في التِّينِ لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ وَهَلْ تَجِبُ في الزَّيْتُونِ ( وه م ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا أَمْ لَا ( وش ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ فيه رِوَايَتَانِ ( م 1 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ تَجِبُ في الزَّيْتُونِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا أَمْ لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي والتلخيص ( ( ( والتخليص ) ) ) وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
1-
(2/311)
وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ ( م 2 ) فَإِنْ لم تَجِبْ فيه ( وم ش ) وَجَبَتْ في حَبِّهِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَ ابن تَمِيمٍ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَالْكَتَّانُ مِثْلُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَذَا الْقِنَّبُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ وَجَبَتْ فيه فَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ ( م 3 ) وَالرِّوَايَتَانِ في الزَّعْفَرَانِ ( م 4 ) وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لَا تَجِبُ ( و ) وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والزركشي ( ( ( الأكثر ) ) ) وتجريد ( ( ( ويخرج ) ) ) العناية وغيرهم ( ( ( العصفر ) ) ) إحداهما ( ( ( والورس ) ) ) لا ( ( ( والنيل ) ) ) زكاة فيه وهو الصحيح اختاره الخرقي وأبو بكر والشيخ الموفق والشارح والقاضي في التعليق قاله الزركشي قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وقدمه في الكافي والمقنع والهادي والرواية الثانية تجب فيه صححها ابن عقيل في الفصول والشيرازي في المبهج وأبو المعالي في الخلاصة واختاره القاضي والمجد في شرحه وجزم به ابن عقيل في التذكره والشيرازي في الإيضاح وقدمه ابن تميم في مختصره ( قلت ) وهو الصواب
( مسألة 2 ) قوله وكذلك القطن يعني أنه الزيتون فيه الروايتان المطلقتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية وغيرهم وحكاهما في الإيضاح وجهين أحدهما لا تجب فيه وهو الصحيح اختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره الشيخ والشارح قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وقدمه في المغني والكافي والمقنع والهادي والشرح وغيرهم والرواية الثانية تجب فيه اختارها ابن عقيل وصححها في المبهج والخلاصة وجزم بها في الإفادات وقدمها ابن تميم وابن رزين في شرحه وهي الصواب
( مسألة 3 ) قوله والكتان مثله ذكره القاضي وكذا القنب وذكر بعضهم إن وجبت فيه ففيهما احتمالان انتهى قال في الرعاية الصغرى والحاويين وفي الكتان والقنب وجهان وأطلقهما في الرعاية الكبرى في الكتان أحدهما يجب فيهما قدمه في الرعاية الكبرى في النقب قال الشارح ( ( ( الحلواني ) ) ) وإذا ( ( ( والفوة ) ) ) قلنا بوجوب الزكاة في القطن احتمل أن تجب في الكتان والقنب واقتصر عليه وهو الصواب والرواية الثانية لا تجب
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَالرِّوَايَتَانِ في الزَّعْفَرَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ فيه وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في
____________________
1-
(2/312)
الْأَكْثَرِ ويخرج عليه العصفر والورس ( ( ( والكافي ) ) ) والنيل قال ( ( ( والهادي ) ) ) الحلواني والفوة وفي الْحِنَّاءِ الْخِلَافُ ( م 5 )
وَلَا زَكَاةَ في غَيْرِ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ كَبَقِيَّةِ الْفَوَاكِهِ ( ه ) وَالْخُضَرِ ( ه ) وَالْبُقُولِ ( ه ) كَالزَّهْرِ وَالْوَرَقِ ( و ) وَطَلْعِ الْفُحَّالِ ( و ) وَالسَّعَفِ وَالْخُوصِ وَقُشُورِ الْحَبِّ ( و ) وَالتِّبْنِ ( و ) وَالْحَطَبِ ( و ) وَالْخَشَبِ ( و ) وَأَغْصَانِ الْخِلَافِ ( و ) وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فيه وفي وَرَقِ التُّوتِ ( ع ) وَالْحَشِيشِ ( و ) وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ ( و ) وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ ( عِ ) وَصُوفِهَا ( ع ) وَنَحْوِ ذلك وَكَذَا الْحَرِيرُ وَدُودُ الْقَزِّ
وَحَكَى ابن الْمُنْذِرِ عن أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى لَا زَكَاةَ إلَّا في التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ ويروي عن ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ من التَّابِعِينَ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْمُقْتَاتِ الْمُدَّخَرِ ( ش م ) وزاد مَالِكٌ في إحْدَى رِوَايَتَيْهِ السِّمْسِمُ وَالتُّرْمُسُ وَنَقَضَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِهِمَا فَإِنَّهَا مُقْتَاتٌ يُدَّخَرُ وَمَاشٌ وَلُوبِيَا وَكَذَا ذكره غَيْرُهُ أَنَّهُمَا مُقْتَاتَانِ وَتَجِبُ عِنْدَ أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ في كل ما يَبِسَ وَبَقِيَ من زَرْعٍ وَثَمَرَةٍ وَإِنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا كَالتِّينِ وَنَحْوِهِ لَا في الخضروات ( ( ( الخضراوات ) ) ) وَبِزْرِهَا فَصْلٌ وما نَبَتَ من الْمُبَاحِ في أَرْضِهِ وَقُلْنَا على الْأَشْهَرِ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ بَلْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) شرحه والشارح وغيرهم قال ابن منجا في شرحه وهو أصح قال الزركشي اختاره أبو بكر والقاضي في التعليق قال المصنف ولعله اختيار الأكثر وقدمه في المغني والكافي والمقنع والهادي والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم والرواية الثانية تجب فيه اختاره ابن عقيل وصححه في المبهج والخلاصة وجزم به في الإفادات وقدمه ابن تميم وهو الصواب
( مسألة 5 ) قوله وفي الحناء الخلاف انتهى وأطلقه في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وحكوه وجهين أحدهما لا يجب وهو الصحيح جزم به في المستوعب وغيره واختار الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وغيرهم والقول الثاني تجب فيه أيضا وهو ظاهر كلام الأكثر وهو الصواب
____________________
1-
(2/313)
بِأَخْذِهِ أو في مَوَاتٍ كَالْبُطْمِ وَالْعَفْصِ وَالزَّعْبَلِ وهو شَعِيرُ الْجَبَلِ وَبِذَرِّ قَطُونَا وَغَيْرِ ذلك فَلَا زَكَاةَ فيه في اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَغَيْرِهِمْ ( م ش ) لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ وهو بُدُوُّ الصَّلَاحِ لَا يُمْلَكُ فَأَشْبَهَ ما يَلْتَقِطُهُ اللَّقَّاطُ من السُّنْبُلِ نَصَّ عليه أو يَأْخُذُهُ أُجْرَةً لِحَصَادِهِ وما يَمْلِكُهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشِرَاءٍ أو إرْثٍ أو غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ في الْعَسَلِ لِلْأَثَرِ
وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ تَجِبُ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ ( وه ) قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا في الْعَسَلِ فَيَكْفِي تَمَلُّكُهُ وَقْتَ الْأَخْذِ كَالْعَسَلِ وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ ما يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّ كَمَنْ سَقَطَ له حَبُّ حِنْطَةٍ في أَرْضِهِ أو في أَرْضٍ مُبَاحَةٍ زَكَّاهُ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ في ذلك كُلِّهِ حتى يَبْلُغَ نِصَابًا قَدْرُهُ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ في الْحُبُوبِ وَالْجَفَافِ في الثِّمَارِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ( وم ش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَلَا تَجِبُ في أَقَلَّ من ذلك ( ه ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ مُتَّفَقٌ عليه وَلِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ وَلُزُومِ الْإِخْرَاجِ ولم يُعْتَبَرْ له الْحَوْلُ ( عِ ) لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ عِنْدَ الْوُجُوبِ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ نِصَابُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ رُطَبًا وَعِنَبًا ( خ ) اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ مع أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَيُؤْخَذُ عُشْرُ ما يجىء ( ( ( يجيء ) ) ) منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 6 ) قوله وما نبت من المباح في أرضه وقلنا على الأشهر لا يملك بملك الأرض بل بأخذه أو في موات كالبطم والعفص والزعبل وبذر قطونا وغير ذلك فلا زكاة فيه في اختيار ابن حامد وصاحب المغني والمحرر وذكر أنه المشهور وغيرهم وقال ابن الجوزي في المذهب يجب وجزم به أبو الخطاب وجماعة قال القاضي وهو قياس قول أحمد انتهى وأطلقهما في الرعايتين والحاويين ومختصر ابن تميم وغيرهم القول الأول هو الصحيح وهو القول بعدم الوجوب اختاره ابن حامد والشيخ في المغني وقدمه في الكافي والمقنع واختاره المجد في شرحه وقال هذا الصحيح واختاره أيضا الشارح وابن رزين في شرحه وجزم به في الإفادات فيما يجتنبه من المباح والقول الثاني اختاره في
____________________
1-
(2/314)
وَعَنْهُ عشرة يَابِسًا وَالْوَسْقُ وهو بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا سِتُّونَ صَاعًا ( ع ) لِنَصِّ الْخَبَرِ فَيَكُونُ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ رِطْلٌ وَسُبْعٌ دِمَشْقِيٌّ فَزِدْ على الثَّلَاثِمِائَةِ سُبْعَهَا يَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا وَسِتَّةَ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا لُغَةٌ وَسَبَقَ قَدْرُ الرِّطْلِ الْعِرَاقِيِّ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقَدْرُ الصَّاعِ في آخِرِ الْغُسْلِ وَالْوَسْقُ وَالصَّاعُ كَيْلَانِ لَا صَنْجَتَانِ نُقِلَ إلَى الْوَزْنِ لِيُحْفَظَ وَيُنْقَلَ
وَالْمَكِيلُ يَخْتَلِفُ في الْوَزْنِ فَمِنْهُ الثَّقِيلُ كَالْأُرْزِ وَالتَّمْرِ وَالْمُتَوَسِّطُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ وَالْخَفِيفُ كَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَأَكْثَرُ التَّمْرِ أَخَفُّ من الْحِنْطَةِ على الْوَجْهِ الذي يُكَالُ شَرْعًا لِأَنَّ ذلك على هَيْئَتِهِ غَيْرُ مَكْبُوسٍ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ من الْأَئِمَّةِ على أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْحِنْطَةِ أَيْ بِالرَّزِينِ من الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ الذي يُسَاوِي الْعَدَسَ في وَزْنِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ في الْخَفِيفِ إذَا قَارَبَ هذا الْوَزْنَ وَإِنْ لم يَبْلُغْهُ لِأَنَّهُ في الْكَيْلِ كَالرَّزِينِ وَمَنْ اتَّخَذَ مَكِيلًا يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا من جَيِّدِ الْحِنْطَةِ كما سَبَقَ ثُمَّ كَالَ بِهِ ما شَاءَ عَرَفَ ما بَلَغَ حَدَّ الْوُجُوبِ من غَيْرِهِ نَصَّ أَحْمَدَ على ذلك وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَحَكَى الْقَاضِي عن ابْنِ حَامِدٍ يُعْتَبَرُ أَبْعَدُ الْأَمْرَيْنِ من الْكَيْلِ أو الْوَزْنِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ قال الْأَئِمَّةُ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَمَتَى شَكَّ في بُلُوغِ قَدْرِ النِّصَابِ احْتَاطَ وَأَخْرَجَ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ
وَسَبَقَ هل النِّصَابُ تَحْدِيدٌ في الْفَصْلِ الثَّانِي من كِتَابِ الزَّكَاةِ وَإِنْ كان الْحَبُّ يُدَّخَرُ في قشرة عَادَةً لَحَفِظَهُ وهو الْأُرْزُ وَالْعَلْسُ فَقَطْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَمَثَّلَ بَعْضُهُمْ بِهِمَا فَنِصَابُهُمَا في قِشْرِهِمَا عَشْرَةُ أَوْسُقٍ وَإِنْ صُفِّيَا فَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَيَخْتَلِفُ ذلك في ثِقَلٍ وَخِفَّةٍ وَمَتَى شَكَّ في بُلُوغِ النِّصَابِ خُيِّرَ بين أَنْ يُحْتَاطَ وَيُخْرِجَ عَشْرَةً قبل قِشْرِهِ وَبَيْنَ قِشْرِهِ وَاعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ كَمَغْشُوشِ الْأَثْمَانِ على ما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) المذهب فقال فيه المذهب تجب في ذلك وجزم به في الهداية ومسبوك الذهب والخلاصة والهادي وغيرهم قال في الرعاية أشهر الوجهين الوجوب وقدمه في المستوعب والتلخيص والفائق والزركشي وغيرهم وجزم به في الإفادات فيما ينبت في أرضه واختاره القاضي في هذه المسألة صريحا قاله المجد وقال القاضي أيضا في الخلاف والأحكام السلطانية قياس قول أحمد وجوب الزكاة فيه لأنه أوجبها في العسل فيكتفي بملكه وقت الأخذ كالعسل وهو ظاهر كلام الخرقي
____________________
1-
(2/315)
يَأْتِي وَقِيلَ يُرْجَعُ في نِصَابِ الْأُرْزِ إلَى زهل ( ( ( أهل ) ) ) الْخِبْرَةِ وَالْعَلْسُ نَوْعٌ من الْحِنْطَةِ ( و ) مَنْقُولٌ عن أَئِمَّةِ اللُّغَةِ والفقة
وَالذُّرَةُ بِقِشْرِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ونصاب الزيتون خمسة أوسق وَنِصَابُ الزَّيْتُونِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ كَيْلًا نَقَلَهُ صَالِحٌ ( وش ) وأبو ( ( ( وأبي ) ) ) يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وقال ابن الزَّاغُونِيِّ نِصَابُهُ سِتُّونَ صَاعًا قال ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ وفي الْهِدَايَةِ لَا نَصَّ فيه ثُمَّ ذكره عن الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْقُطْنِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ وقال في الْإِيضَاحِ هل يُعْتَبَرُ بِالزَّيْتِ أو الزيتون ( ( ( بالزيتون ) ) ) فيه رِوَايَتَانِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ بِالزَّيْتِ فَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ كَذَا قال وهو غَرِيبٌ وَيُخْرِجُ منه وَإِخْرَاجُ زَيْتِهِ أَفْضَلُ ( وه ش ) هذا الْمَشْهُورُ وَلَا يَتَعَيَّنُ ( م ) لِاعْتِبَارِهِ الْأَوْسَاقَ بِالزَّيْتِ فِيمَا له زَيْتٌ وَقِيلَ يُخْرِجُ زَيْتُونًا كما لَا زَيْتَ فيه لِوُجُوبِهَا فيه ( م ر ) وَكَدُبْسٍ عن تَمْرٍ
قال أبو الْمَعَالِي على الْأَوَّلِ وَيُخْرِجُ عُشْرَ كُسْبِهِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ منه بِخِلَافِ التِّينِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ هل يُخْرِجُ من الزَّيْتُونِ أو من دُهْنِهِ فيه وَجْهَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْخِلَافَ في الْوُجُوبِ وَيَدُلُّ عليه سِيَاقُ كَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ الْأَفْضَلِيَّةَ وَظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُ إخْرَاجُ غَيْرِ الدُّهْنِ وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَهُ وَالْكُسْبَ لم يَكُنْ لِلْوَجْهِ الْآخَرِ وَجْهٌ وَلِأَنَّ الْكُسْبَ يَصِيرُ وَقُودًا كَالتِّبْنِ وقد يُنْبَذُ ويرمي رَغْبَةً عنه وقال بَعْضُهُمْ لَا يجزىء شَيْرَجٌ عن سِمْسِمٍ وَظَاهِرُهُ كما سَبَقَ من قَوْلِ أبي الْمَعَالِي وأَنَّهُ لو أَخْرَجَ الشَّيْرَجَ وَالْكُسْبَ أَجْزَأَ
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ زَكَاةَ السِّمْسِمِ منه كَغَيْرِهِ فَظَاهِرُهُ لَا يُخْرَجُ شَيْرَجٌ وَكُسْبٌ بِعَيْنِهِمَا لِفَسَادِهِمَا بِالِادِّخَارِ كَإِخْرَاجِ الدَّقِيقِ وَالنُّخَالَةِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَكُسْبِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وقال ابن تَمِيمٍ إنْ كان الزَّيْتُونُ لَا زَيْتَ فيه أخرجه ( ( ( أخرج ) ) ) حَبُّهُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَفِيهِ وَجْهٌ يُخْرَجُ من دُهْنِهِ قال وَلَا يُخْرَجُ من دُهْنِ السِّمْسِمِ وَجْهًا وَاحِدًا
وَنِصَابُ ما لَا يُكَالُ كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ في اخْتِيَارِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَاخْتَارَ في الْخِلَافِ وَالْهِدَايَةِ ( م 7 ) وَمُنْتَهَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَنِصَابُ مالا يُكَالُ كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ في اخْتِيَارِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَاخْتَارَ في الْخِلَافِ وَالْهِدَايَةِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ بُلُوغُ قِيمَتِهِ أدنى نبات يزكى زاد في الخلاف إلا العصفر فإنه تبع للقرطم انتهى
____________________
1-
(2/316)
الغاية بلوغ قيمته أَدْنَى نَبَاتٍ يزكي زَادَ في الْخِلَافِ إلَّا الْعُصْفُرُ فإنه تَبَعٌ لِلْقُرْطُمِ لأنه أصله فاعتبر بِهِ فإن بلغ ( ( ( الإفادات ) ) ) القرطم خمسة أوسق ( ( ( احتمال ) ) ) زكى وتبعه العصفر ( ( ( التعليق ) ) ) وإلا فلا وقيل يزكي قليل ما ( ( ( والمجد ) ) ) لا يكال وكثيره ( ( ( والقاضي ) ) ) ( وش ) ومنهم من خصبه بالزعفران ولا ( ( ( الخلاصة ) ) ) فرق وقيل نصاب ( ( ( الحاويين ) ) ) زعفران وورس وعصفر خمسة أمناء جمع منا وهو رطلان وهو المن وجمعه أمنان فَصْلٌ وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ ( و ) فَالسُّلْتُ نَوْعٌ من الشَّعِيرِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُبُوبَ في صُورَتِهِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَوْنُهُ لَوْنُ الْحِنْطَةِ وَطَبْعُهُ طَبْعُ الشَّعِيرِ في الْبُرُودَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ أو هل يُعْمَلُ بِلَوْنِهِ أو طَبْعِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وفي التَّرْغِيبِ أَنَّ السُّلْتَ يَكْمُلُ بِالشَّعِيرِ وَقِيلَ لَا يَعْنِي أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ وَسَبَقَ في الْفَصْلِ قَبْلَهُ أَنَّ الْعَلْسَ نَوْعٌ من الْحِنْطَةِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ وَجْهَيْنِ في ضَمِّ الْعَلْسِ إلَى الْحِنْطَةِ وَيُضَمُّ زَرْعُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ اتَّفَقَ وَقْتُ إطْلَاعِهِ وَإِدْرَاكِهِ أو اخْتَلَفَ ( وم ق ) كما لو تَفَاوَتَ وَتُضَمُّ ذُرَةٌ حُصِدَتْ ثُمَّ نَبَتَتْ وَلَا يَخْتَصُّ الضَّمُّ بِمَا اتَّفَقَ زَرْعُهُ في فَصْلٍ وَاحِدٍ من الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ ( ق ) وَالْحَنَفِيَّةُ وَلَا بِمَا اتَّفَقَ حَصَادُهُ في فَصْلٍ منها ( ق ) وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ ( و ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَكَمَا لو بَدَا صَلَاحُ إحْدَاهُمَا قبل الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ تَعَدَّدَ الْبَلَدُ أو لَا نَصَّ عليه ( و ) وَلِعَامِلِ الْبَلَدِ الْأَخْذُ من مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حِصَّتَهُ من الْوَاجِبِ ( وم ش ) وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لِنَقْصِ ما في وِلَايَتِهِ عن نِصَابٍ
فَيُخْرِجُ الْمَالِكُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ( وه ) وَكَذَا الْمَاشِيَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِزَكَاتِهَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ النَّخْلُ التِّهَامِيُّ يَتَقَدَّمُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ فَلَوْ أَطْلَعَ وَجُذَّ ثُمَّ أَطْلَعَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما في المذهب القول الأول وهو الصحيح اختاره من ذكره المصنف وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين ومختصر ابن تميم والرعايتين والفائق وغيرهم واختاره ابن منجا في شرحه وجزم به في الإفادات والقول الثاني احتمال للقاضي في التعليق واختاره أبو الخطاب في الهداية والمجد في شرحه والقاضي في الخلاف وجزم به في الخلاصة وقدمه في الحاويين
____________________
1-
(2/317)
النَّجْدِيُّ ثُمَّ لم يُجَذَّ حتى أَطْلَعَ التِّهَامِيُّ ضُمَّ النَّجْدِيُّ إلَى التِّهَامِيِّ الْأَوَّلِ لَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّ عَادَةَ النَّخْلِ يَحْمِلُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فَيَكُونُ التِّهَامِيُّ الثَّانِي ثَمَرَةَ عَامٍ ثَانٍ قال وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَامِ هُنَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بَلْ وَقْتُ اسْتِغْلَالِ الْمُغَلِّ من الْعَامِ عُرْفًا وَأَكْثَرُ عَادَةً نَحْوُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِقَدْرِ فَصْلَيْنِ وَلِهَذَا أَجْمَعْنَا أَنَّ من اسْتَغَلَّ حِنْطَةً أو رُطَبًا آخِرَ تَمُوزَ من عَامٍ ثُمَّ عَادَ اسْتَغَلَّ مثله في الْعَامِ الْمُقْبِلِ آخِرَ تَمُوزَ أو حُزَيْرَانَ لم يُضَمَّا مع أَنَّ بَيْنَهُمَا دُونَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وهو مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ وَحَكَى عن ابن حَامِدٍ لَا يُضَمُّ صَيْفِيٌّ إلَى شَتْوِيٍّ إذَا زُرِعَ مَرَّتَيْنِ في عَامٍ قال الْأَصْحَابُ وَإِنْ كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ في السَّنَةِ حِمْلَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ كَزَرْعِ الْعَامِ الْوَاحِدِ
وقال الْقَاضِي لَا يُضَمُّ لِنُدْرَتِهِ مع تَنَافِي أَصْلِهِ فَهُوَ كَثَمَرَةِ عَامٍ آخَرَ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَعَلَى هذا لو كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ بَعْضُهُ في السَّنَةِ حِمْلًا وَبَعْضُهُ في السَّنَة حِمْلَيْنِ ضُمَّ ما يَحْمِلُ حِمْلًا إلَى أَيِّهِمَا بَلَغَ معه فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا فَإِلَى أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ ( وش ) وفي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ وفي ضَمِّ حِمْلِ نَخْلٍ إلَى حِمْلِ نَخْلٍ آخَرَ في عَامٍ وَاحِدٍ وَجْهَانِ كَذَا قال وَلَا تُضَمُّ ثَمَرَةُ عَامٍ أو زَرْعُهُ إلَى آخَرَ فَصْلٌ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى جِنْسٍ آخَرَ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ( وش ه ) وَالْحَنَفِيَّةُ كَأَجْنَاسِ الثِّمَارِ ( عِ ) وَأَجْنَاسِ الْمَاشِيَةِ ( ع ) وَعَنْهُ تُضَمُّ الْحُبُوبُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ رَوَاهَا صَالِحٌ وأبو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَوْمَأَ في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ ابن هانىء إلَى الْأَوَّلِ وقال أَيْضًا رَجَعَ أبو عبدالله وقال يُضَمُّ وهو أَحْفَظُ
قال الْقَاضِي فَظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ عن مَنْعِ الضَّمِّ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ اخْتِيَارُ أبو بَكْرٍ لِاتِّفَاقِهِمَا في قَدْرِ النِّصَابِ وَالْمُخْرَجِ كَضَمِّ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ وَعَنْهُ تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ وَالْقَطَانِيُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِ الْقَاضِي ( وم ) فَعَلَيْهَا تُضَمُّ الْأَبَازِيرُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَحَبُّ الْبُقُولِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ فَكَذَا يُضَمُّ كُلُّ ما تَقَارَبَ وَمَعَ الشَّكِّ فيه لَا ضَمَّ
وَحَكَى ابن تَمِيمٍ رِوَايَةً تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ وَلَعَلَّهُ على رِوَايَةِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ
____________________
(2/318)
قال وَعَنْهُ يُضَمُّ ما تَقَارَبَ في الْمَنْبَتِ وَالْمَحْصَدِ ( م 8 ) وَخَرَّجَ ابن عَقِيلٍ ضَمَّ التَّمْرِ إلَى الزَّبِيبِ على الْخِلَافِ في الْحُبُوبِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَلَا يَصِحُّ لِتَصْرِيحِ أَحْمَدَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُبُوبِ على قَوْلِهِ بِالضَّمِّ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ وهو خِلَافُ الْمَحْفُوظِ عن سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وقال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَتَوَقَّفَ عنه في رِوَايَةِ صَالِحٍ فَصْلٌ وَيُؤْخَذُ الْوَاجِبُ من الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ بِحَسَبِهِ جَيِّدًا أو رَدِيئًا منه أو من غَيْرِهِ ( و ) وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الردىء ( ( ( الرديء ) ) ) عن الْجَيِّدِ ( و ) وَلَا إلْزَامُهُ بِإِخْرَاجِ الْجَيِّدِ عن الرَّدِيءِ ( و ) وَيُؤْخَذُ من كل نَوْعٍ حِصَّتُهُ ( وه ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ عن أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّشْقِيصِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ من أَحَدِهِمَا بِالْقِيمَةِ كَالضَّأْنِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب في رواية اختارها الشيخ وغيره وعنه تضم الحبوب بعضها إلى بعض نقلها صالح وأبو الحارث الميموني وصححها القاضي وغيره وأومأ في رواية إسحاق بن هانىء إلى الأول وقال أيضا رجع أبو عبدالله وقال يضم وهو أحوط قال القاضي فظاهره الرجوع عن منع الضم قدمه في المحرر وغيره وحكاه الشيخ اختيار أبي بكر وعنه تضم الحنطة إلى الشعير والقطاني بعضها إلى بعض اختاره الخرقي وأبو بكر وجماعة من أصحاب القاضي وعنه يضم ما تقارب في المنبت والمحصد انتهى وأطلق الروايات الثلاث الأول في الهداية والمستوعب والمجد في شرحه وتجريد العناية والمذهب ومسبوك الذهب والزركشي الرواية الأولى هي الصحيحة والمذهب على ما اصطلحناه اختارها الشيخ الموفق والشارح وصاحب الفائق وصححها في إدرك الغاية وقدمها في المقنع والكافي والهادي وابن تميم والناظم والرواية الثانية صححها القاضي وغيره كما قال المصنف ورأيته صححها في التعليق وجزم به في المنور وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين ونهايته والرواية الثالثة اختارها الخرقي وأبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما قال في المبهج يضم ذلك في أصح الروايتين قال القاضي وهو الأظهر نقله عنه ابن رزين في شرحه قال المجد في شرحه قال القاضي في المجد هذا الصحيح وجزم به في الإيضاح والإفادات والوجيز وغيرهم والرواية الرابعة لم أطلع على من اختارها والله أعلم
____________________
1-
(2/319)
وَالْمَعْزِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ إنْ شَقَّ من كل نَوْعٍ حِصَّتُهُ لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَاخْتِلَافِهَا أَخَذَ الْوَسَطَ ( م 9 ) ( وم ش ) وَقِيلَ من الْأَكْثَرِ وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَسَطَ عن جَيِّدٍ وردىء ( ( ( ورديء ) ) ) بِقَدْرِ قِيمَتَيْ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا أو أَخْرَجَ عن الْجَيِّدِ بِالْقِيمَةِ فَقَدْ سَبَقَ في آخِرِ فَصْلِ زَكَاةِ الْإِبِلِ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ جِنْسٍ عن الْآخَرِ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ وَلَا مَشَقَّةَ وَلَوْ قُلْنَا بِالضَّمِّ ( وم ) لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْفُقَرَاءِ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَجَوَّزَهُ ابن عَقِيلٍ إنْ قُلْنَا بِالضَّمِّ فَصْلٌ وَيَجِبُ الْعُشْرُ ( ع ) في وَاحِدٍ من عَشْرَةٍ ( ع ) فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ كَالسُّيُوحِ وما يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ كَالْبَعْلِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ ( و ( ( ( ع ) ) ) ) كَدَالِيَةٍ وهو الدَّلْوُ الصَّغِيرُ وَدُولَابٍ وَنَاعُورَةٍ وَسَانِيَةٍ وَنَاضِحٍ وَهُمَا الْبَعِيرُ الذي سُقِيَ عليه وما يَحْتَاجُ في تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ إلَى آلَةٍ من غَرَّافَةٍ أو غَيْرِهِ قال جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَلَا تُؤَثِّرُ مُؤْنَةُ حَفْرِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ لِأَنَّهُ من جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ وَكَذَا من يُحَوِّلُ الْمَاءَ في السَّوَاقِي لِأَنَّهُ كَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِنْ اشْتَرَى مَاءَ بِرْكَةٍ أو حَفِيرٍ وسقي سَيْحًا فَالْعُشْرُ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِنُدْرَةِ هذه الْمُؤْنَةِ وَهِيَ في مِلْكِ الْمَاءِ لَا في السَّقْيِ بِهِ قال وَيُحْتَمَلُ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ وَإِنْ جَمَعَهُ وسقي بِهِ فَالْعُشْرُ وقد يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ منه في الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِطْلَاقُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ يَقْتَضِيهِ كَعَمَلِ الْعَيْنِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وذكر ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وإن كانت الْعَيْنُ أو الْقَنَاةُ يَكْثُرُ نُضُوبُ مَائِهَا وَيُحْتَاجُ إلَى حَفْرٍ مُتَوَالٍ فلذلك ( ( ( فذلك ) ) ) مُؤْنَةٌ وَإِنْ سُقِيَتْ أَرْضَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 9 ) قوله ويؤخذ من كل نوع حصته اختاره الشيخ وغيره وعند ابن عقيل من أحدهما بالقيمة كالضأن والمعز واختار الأكثر إن شق من كل نوع حصته لكثرة الأنواع واختلافهما أخذ الوسط انتهى ما اختاره الشيخ قدمه في المغني والكافي وصححه فيهما وصححه الشارح وغيره وجزم به ابن رزين في شرحه وغيره وهو ظاهر ما قدمه المصنف والقول الثالث هو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب كما قال المصنف وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والهادي والتلخيص والمحرر وشرح المجد ونصره والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين ومختصر ابن تميم وغيرهم
____________________
1-
(2/320)
الْعُشْرِ بِمَاءِ الْخَرَاجِ لم يُؤْخَذْ منهم وَإِنْ سُقِيَتْ أَرْضَ الْخَرَاجِ بِمَاءِ الْعُشْرِ ثم يَسْقُطْ خَرَاجُهَا وَلَا يَمْنَعُ من سَقْيِ كل وَاحِدَةٍ بِمَاءِ الْأُخْرَى نَصَّ على ذلك كُلِّهِ وَإِنْ سقي السَّنَةِ بِكُلْفَةٍ وَنِصْفَهَا بِغَيْرِهَا وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ عُشْرِهِ فَإِنْ كان أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَالْحُكْمُ له ( وه م ش ) فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ ذلك وَجَبَ الْعُشْرُ نَصَّ على ذلك وقال ابن حَامِدٍ إنْ سقي بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَجَبَ الْقِسْطُ ( وق ) فَإِنْ جَهِلَ الْقَدْرَ جُعِلَ بِكُلْفَةِ الْمُتَيَقَّنِ وَالْبَاقِي سَيْحًا وَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ وهو مَعْنَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ وَكَذَا كَلَامُ من أَطْلَقَ وُجُوبَ الْعُشْرِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ على الْمَذْهَبِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في جَهْلِ الْقَدْرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لِتَقَابُلِ الْأَمْرَيْنِ ( وش ) وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَكْثَرِ فِيمَا يُغَذِّيهِ نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْقَاضِي وقال أَيْضًا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ
وَمَنْ له حائط ( ( ( حائطان ) ) ) ضُمَّا في النِّصَابِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُ نَفْسِهِ في سقية بِمُؤْنَةٍ أو بِغَيْرِهَا وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا سقي بِهِ وَقِيلَ يُحَلَّفُ لَكِنْ إنْ نَكَلَ يَلْزَمُهُ ما اعْتَرَفَ بِهِ فَقَطْ قال بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ فِيمَا يَظْهَرُ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ فِيمَا يَأْتِي وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ هذا وَجْهًا كَذَا قال فَصْلٌ وإذا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ( وم ش ) لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِلْأَكْلِ كَالْيَابِسِ لِأَنَّهُ وَقْتُ خَرْصِ الثَّمَرَةِ لِحِفْظِ الزَّكَاةِ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِهَا وَيُسْتَدَلُّ عليه لو أَتْلَفَهُ لَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ وَلَوْ بَاعَهُ أو وَهَبَهُ قبل الْخَرْصِ وَبَعْدَهُ فَزَكَاتُهُ عليه لَا على الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ له وَلَوْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ لم تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ منهم نِصَابًا لم يُؤَثِّرْ ذلك وَلَوْ وَرِثَ من لَا دَيْنَ عليه مَدْيُونٌ لم يَمْتَنِعْ بِذَلِكَ الدَّيْنِ ( و ) وَلَوْ كان ذلك قبل صَلَاحِ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ وهو مُرَادُهُ في الْخِلَافِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَانْعِقَادُ الْحَبِّ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ وَلَا زَكَاةَ ( و ) إلَّا أَنْ يُقْصَدَ الْفِرَارُ منها فَلَا تَسْقُطُ على ما سَبَقَ في آخِرِ فَصْلِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ في كِتَابِ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ وَقْتُ الْوُجُوبِ ظُهُورَ الثَّمَرَةِ وَنَبَاتَ الزَّرْعِ ( ه ) فَلَوْ أَتْلَفَهُ إذَنْ ضَمِنَ زَكَاتَهُ عِنْدَهُ لأنه في الخضروات ( ( ( الخضراوات ) ) ) الزَّكَاةَ عِنْدَهُ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ لو بَاعَهُ أو وَرِثَ عنه زَكَّاهُ الثَّانِي وَأَوْجَبَ ابن أبي مُوسَى الزَّكَاةَ يوم الْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ لِلْآيَةِ
____________________
(2/321)
فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ في مِلْكِهِ وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ على الْمُشْتَرِي فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِمْ لَا سِيَّمَا الشَّيْخُ لَا يَصِحُّ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( وم ) وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ لِلْعِلْمِ بها فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى قَدْرَهَا وَوَكَّلَهُ في إخْرَاجِهَا حتى لو لم يُخْرِجْهَا الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عليه أَلْزَمَ بها الْبَائِعَ وَتُفَارِقُ إذَا اسْتَثْنَى زَكَاةَ نِصَابِ مَاشِيَةٍ لِلْجَهَالَةِ أو اشْتَرَى ما لم يَبْدُ صَلَاحُهُ بِأَصْلِهِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْمُشْتَرِي زَكَاتَهُ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لها بِالْعِوَضِ الذي يَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِجَعْلِهِ في الْجَرِينِ وَالْبَيْدَرِ
وَعَنْهُ بِتَمَكُّنِهِ من الْأَدَاءِ كما سَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ لِلُزُومِ والإخراج ( ( ( الإخراج ) ) ) إذَنْ ( ق ) فإنه يَلْزَمُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَبِّ مُصَفًّى وَالتَّمْرِ يَابِسًا ( و ) وفي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يجزىء رُطَبُهُ وَقِيلَ فِيمَا لَا يُتَمَّرُ وَلَا يُزَبَّبُ كَذَا قال وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا بِمَا انْفَرَدَ بِهِ التصريح ( ( ( بالتصريح ) ) ) وَكَذَا يُقَيِّدُ في مَوْضِعِ الْإِطْلَاقِ وَيُطْلِقُ في موضعع ( ( ( موضع ) ) ) التَّقْيِيدِ وَيُسَوِّي بين شَيْئَيْنِ الْمَعْرُوفُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا وَعَكْسُهُ فَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ حَصَلَ الْخَوْفُ وَعَدَمُ الِاعْتِمَادِ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ عن ابْنِ بَطَّةَ له أَنْ يُخْرِجَ رُطَبًا وَعِنَبًا وَسِيَاقُ كَلَامِهِ إذَا اعْتَبَرْنَا نِصَابِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ قبل ذلك من غَيْرِهِ لو أَمْكَنَهُ وَإِنْ أَخْرَجَ سُنْبُلًا وَعِنَبًا لم يُجْزِهِ وَوَقَعَ نَفْلًا وَإِنْ كان أَخَذَهُ السَّاعِي فَجَفَّفَهُ وَصَفَّاهُ وكان قَدْرُ الزَّكَاةِ فَقَدْ اسْتَوْفَى الْوَاجِبَ وَإِلَّا أَخَذَ الْبَاقِيَ وَرَدَّ الْفَضْلَ وَإِنْ كان رُطَبًا بِحَالِهِ رَدَّهُ وَإِنْ تَلِفَ رَدَّ مثله عِنْدَ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قال وَعِنْدِي إنْ أَخَذَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ منه لم يَضْمَنْهُ وَاخْتَارَهُ ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ وَفِيهِ وَجْهٌ بمثله
كَذَا قال وَلَوْ مَلَكَ ثَمَرَةً قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا ثُمَّ صَلُحَتْ بيده بِوَجْهٍ صَحِيحٍ كَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَشَرَطَ الثَّمَرَةَ أو قَبِلَهَا الْمُوصَى له بها قال الشَّيْخُ أو ذَهَبَتْ له ثَمَرَةٌ بيده لَزِمَهُ زكاته ( ( ( زكاتها ) ) ) لِوُجُودِ سَبَبِهِ في مِلْكِهِ وَلَوْ صَلُحَتْ في مُدَّةِ خِيَارٍ زَكَّاهَا من قُلْنَا الْمِلْكُ له وَمَتَى صَلُحَتْ بِيَدِ من لَا زَكَاةَ فيها إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ قَصَدَ الْفِرَارَ على ما سَبَقَ وَإِنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً قبل صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ تَرَكَهَا حتى صَلُحَتْ بيده فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَحُكْمِ زَكَاتِهِ كَلَامٌ يَأْتِي في بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أو صَرِيحُ عِبَارَتِهِ أَنَّ صَلَاحَ الثَّمَرِ كما يَأْتِي في الْبَيْعِ قال جَمَاعَةٌ صَلَاحُ اللَّوْزِ وَنَحْوِهِ إذَا انْعَقَدَ وَالزَّيْتُونُ جريانا ( ( ( جريان ) ) ) الزَّيْتِ فيه فَإِنْ لم
____________________
(2/322)
يَكُنْ له زَيْتٌ فَبِأَنْ يَصْلُحَ لِلْكَبْسِ وَمَنْ له شَجَرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ ثُمَّ أَثْمَرَتْ فَالثَّمَرَةُ لِلْوَارِثِ وَفِيهَا زكاة ( ( ( الزكاة ) ) ) وَإِنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مع الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِالثَّمَرِ وَلَا زَكَاةَ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَثْمَرَتْ تَعَلَّقَ بها الدَّيْنُ ثُمَّ إنْ كان بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِي الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا إنْ كان قَبْلَهُ وَقُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مع الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ ( م 10 ) فَصْلٌ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ ذلك بَعْدَ صَلَاحِهِ قبل كما له لِخَوْفِ عَطَشٍ أن لِضَعْفِ أَصْلٍ أو لِتَحْسِينِ بَقِيَّتِهِ جَازَ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَلِأَنَّ حِفْظَ الْأَصْلِ أَحَظُّ لِتَكَرُّرِ الْحَقِّ قال الشَّيْخُ وَإِنْ كفي التَّخْفِيفُ لم يَجُزْ قَطْعُ الْكُلِّ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إطْلَاقٌ وَكَذَا إنْ كان رُطَبًا لَا يَجِيءُ منه تَمْرٌ أو عِنَبًا لَا يَجِيءُ منه زَبِيبٌ زَادَ في الْكَافِي أو زَبِيبُهُ رَدِيءٌ جَازَ قَطْعُهُ وَإِنَّمَا قال جَازَ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ من عَدَمِ الْجَوَازِ وَمُرَادُهُ يَجِبُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ إلَّا بِإِذْنِ السَّاعِي إنْ كان وَتَجِبُ زَكَاةُ ذلك عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُعْتَبَرُ نفسه ( ( ( بنفسه ) ) ) لِأَنَّهُ من الْخُضَرِ وهو قَوْلُ مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ وَاحْتِمَالٌ فِيمَا لَا يُثْمِرُ وَلَا يَصِيرُ زَبِيبًا وهو رِوَايَةٌ عِنْدَ ( م ) ثُمَّ هل يُعْتَبَرُ نِصَابًا يَابِسًا منه تَمْرًا أو زَبِيبًا كما اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَغَيْرِهِ أَمْ يُعْتَبَرُ رُطَبًا وَعِنَبًا اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ نِهَايَتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فيه وَجْهَانِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَاجِبَ منه مُشَاعًا أو مَقْسُومًا بَعْدَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 10 ) قوله وإن مات بعد أن أثمرت تعلق بها الدين ثم إن كان بعد وقت الوجوب ففي الزكاة روايتان وكذا إن كان قبله وقلنا تنتقل التركة مع الدين وإلا فلا زكاة انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى وقال على روايتين سبقتا إحداهما تجب إذا مات بعد وقت الوجوب وهو الصحيح قال ابن رجب في فوائد قواعده في الفائدة الثانية لو كان له شجر وعليه دين فمات بعد ما أثمرت تعلق الدين بالثمرة ثم إن كان موته بعد وقت الوجوب فقد وجبت عليه الزكاة إلا أن نقول إن الدين يمنع الزكاة في المال الظاهر وإن كان قبل وقت الوجوب فإن قلنا تنتقل التركة إلى الورثة مع الدين فالحكم كذلك وإن قلنا تنتقل التركة إليهم فلا زكاة عليهم انتهى فقطع بوجوب الزكاة إذا كان موته بعد وقت الوجوب والرواية الثانية لا تجب
( مسألة 11 ) قوله وإن احتيج إلى قطع ذلك بعد صلاحه قبل كماله لخوف عطش
____________________
1-
(2/323)
الْجُذَاذِ أو قَبْلَهُ بِالْخَرْصِ ( وم ش ) لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ فَيَتَخَيَّرُ السَّاعِي بين مُقَاسَمَةِ رَبِّ الْمَالِ الثَّمَرَةَ قبل الْجُذَاذِ بِالْخَرْصِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ شَجَرَاتٍ مُفْرَدَةً وَبَيْنَ مُقَاسَمَتِهِ الثَّمَرَةَ بَعْدَ جَذِّهَا بِالْكَيْلِ اخْتَارَ ذلك الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ يَابِسًا ( م 12 )
( خ ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ يُخْرَصُ الْعِنَبُ فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا فَلَوْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ هذه الثَّمَرَةَ ضَمِنَ الْوَاجِبَ في ذِمَّتِهِ تَمْرًا أو زَبِيبًا كَغَيْرِهَا فَإِنْ لم يَجِدْهُ فَهَلْ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ أو يَبْقَى في ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ إذَا قَدَرَ فيه رِوَايَتَانِ في الْإِرْشَادِ وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ ( م 13 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ونحوه جاز ولا يجوز ( ( ( أتلفها ) ) ) القطع إلا بإذن الساعي ثم هل يعتبر نصابا يابسا منه تمرا أو زبيبا كما اختاره ابن عقيل وغيره وجزم به الشيخ وغيره وكغيره أم يعتبر رطبا وعنبا اختاره غير واحد لأنه نهايته بخلاف غيره فيه وجهان وفي المستوعب روايتان انتهى القول الذي اختاره ابن عقيل والشيخ وغيرهما هو الصحيح وصححه المجد في شرحه وجزم به الشارح وابن رزين في شرحه وغيرهما وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين والحاويين والقول الثاني اختاره غير واحد كما قال المصنف وهو أقوى في النظر وأطلقهما في المستوعب وغيره وهما في شرح المجد وغيره وجهان
( مسألة 12 ) قوله فيتخير الساعي بين مقاسمة رَبُّ الْمَالِ الثمرة ( ( ( ضمن ) ) ) قبل ( ( ( القيمة ) ) ) الجذاذ ( ( ( كأجنبي ) ) ) بالخرص ويأخذ نصيبه شجرات مفردة وبين مقاسمة الثمرة بعد جذها بالكيل اختاره الْقَاضِي وجماعة ( ( ( والشيخ ) ) ) ونص أحمد واختاره أبو بكر يلزمه أن يخرج يابسا انتهى المنصوص هو الصحيح وعليه الأكثر وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص ومختصر ( ( ( أخرج ) ) ) ابن تَمِيمٍ والرعايتين والحاويين وغيرهم والقول الأول اختاره الْقَاضِي وصححه ( ( ( السابق ) ) ) ابن تميم ( ( ( يصير ) ) ) وابن ( ( ( تمرا ) ) ) حمدان ( ( ( وزبيبا ) ) ) وغيرهما ( ( ( ويأتي ) ) ) وقدمه في المحرر والنظم والفائق ( ( ( أهل ) ) ) وتجريد ( ( ( الزكاة ) ) ) العناية وغيرهم ( ( ( صدقة ) ) ) وهو ( ( ( التطوع ) ) ) ظاهر ما ( ( ( رجوع ) ) ) قدمه ( ( ( زكاته ) ) ) المصنف ( ( ( إليه ) ) )
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ فَلَوْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ هذه الثَّمَرَةَ ضَمِنَ الْوَاجِبَ في ذِمَّتِهِ تَمْرًا أو زَبِيبًا كَغَيْرِهَا فَإِنْ لم يَجِدْهُ فَهَلْ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ أو يبقى في ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ إذَا قَدَرَ فيه رِوَايَتَانِ
____________________
1-
(2/324)
وعلى الأول إذا أتلفها رب المال ضمن القيمة كأجنبي ذكره القاضي والشيخ في الكافي ( وم ش ) وإن أخرج قيمة الواجب هنا ومنعنا إخراج القيمة فعنه لايجوز كغيره وعنه يجوز لمشقة إخراجه رطبا لئلا يفسد بالتأخير لعدم الساعي أو الفقير ( م 14 ) وصحح ابن تميم وغيره قول القاضي السابق فيما يصير تمرا وزبيبا ويأتي في آخر ذكر أهل الزكاة قبل صدقة التطوع حكم رجوع زكاته إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) في الْإِرْشَادِ وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ انْتَهَى وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُسْتَوْعِبِ وحكاهما ( ( ( وحكاها ) ) ) عن ابْنِ أبي مُوسَى كما قال الْمُصَنِّفُ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فَإِنْ لم يَجِدْ التَّمْرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ منه قِيمَتُهُ وَالثَّانِي يَبْقَى في ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عليه فَيَأْتِي بِهِ وَأَصْلُهُمَا هل يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ عِنْدَ إعْوَازِ الْفَرْضِ على رِوَايَتَيْنِ وقد سَبَقَتْ انْتَهَى فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ يصيغة ( ( ( بصيغة ) ) ) قِيلَ وقال الْمَجْدُ أَيْضًا في شَرْحِهِ قبل الْخُطْبَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تجزىء فَلَوْ لم يُوجَدْ الْفَرْضُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَبْقَى في ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عليه وَالثَّانِيَةُ يُؤْخَذُ منه قِيمَتُهُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ وَدَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَالِكِ وَالْفَقِيرِ انْتَهَى فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمَقِيسِ عليه أَيْضًا قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في هذه الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ الْجَوَازِ وقد قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ فَعَلَى هذا لَا يجزىء إخْرَاجُ الْقِيمَةِ عِنْدَ من يقول إنَّهَا مِثْلُهَا كَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ على الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ يَجِبُ أين يُخْرَجَ يَابِسًا لو عَجَزَ عن تَمْرٍ وَجَبَ عن رُطَبٍ أَخْرَجَ عن قِيمَةِ الرُّطَبِ وَعَنْهُ مَتَى وُجِدَ التَّمْرُ لَزِمَهُ انْتَهَى وَهِيَ كَمَسْأَلَتِنَا وقال أَيْضًا في الْكُبْرَى في مَكَان آخَرَ وَهَلْ الْخَرْصُ لِلِاعْتِبَارِ أو التَّضْمِينِ قُلْت يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا لِلتَّضْمِينِ وَجَبَ من جِنْسِ ما أُتْلِفَ وَإِلَّا وَجَبَ قِيمَةُ الْوَاجِبِ يوم أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ قبل الْخَرْصِ وَقُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَإِنْ كان قد بَدَا الصَّلَاحُ وَجَبَ قِيمَةُ الْوَاجِبِ رُطَبًا يوم أَتْلَفَهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَهَلْ تَجِبُ في قِيمَتِهِ أو جِنْسِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ إخْرَاجِ قِيمَتِهِ هُنَا أَيْضًا وَتَبْقَى في ذِمَّتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ هُنَا وَمَنَعْنَا إخْرَاجَ الْقِيمَةِ فَعَنْهُ لَا يَجُوزُ كَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَجُوزُ لِمَشَقَّةِ إخْرَاجِهِ رُطَبًا لِئَلَّا يَفْسُدَ بِالتَّأْخِيرِ لِعَدَمِ السَّاعِي أو الْفَقِيرِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَلِرِوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَجُوزُ
____________________
1-
(2/325)
فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ خَارِصًا إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ ( وم ش ) لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ في ذلك وَلِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ في مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِالظَّنِّ لِلْحَاجَةِ كَغَيْرِهِ وَأَنْكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَتَخْمِينٌ وَإِنَّمَا كان تَخْوِيفًا لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ لِئَلَّا يَخُونُوا وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي ابن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) ان نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يخرس ( ( ( يخرص ) ) ) وَأَنَّهُ أَجْمَعَ عليه الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَعُلِّلَ بِالْمَشَقَّةِ وَبِغَيْرِهَا كَذَا قال وَيَكْفِي خَارِصٌ ( ق ) لِأَنَّهُ يُنَفِّذُ ما يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَحَاكِمٍ وَقَائِفٍ فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من قَائِفٍ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَمِينًا لَا يُتَّهَمُ خَبِيرًا
وَقِيلَ حُرًّا ولم يذكر غير وَاحِدٍ لَا يُتَّهَمُ وَلَهُ خَرْصُ كل شَجَرَةٍ مُنْفَرِدَةً وَالْكُلُّ دَفْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَلْزَمُ خَرْصُ كل نَوْعٍ وَحْدَهُ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقْتَ الْجَفَافِ ثُمَّ يُعَرَّفُ الْمَالِكُ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَيُخَيَّرُ بين أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا يَشَاءُ وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا وَبَيْنَ حِفْظِهَا إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ فَإِنْ لم يَضْمَنْ الزَّكَاةَ وَتَصَرَّفَ صَحَّ تَصَرُّفُهُ قال في الرِّعَايَةِ وَكُرِهَ وَقِيلَ يُبَاحُ وَحَكَى ابن تَمِيمٍ عن الْقَاضِي لَا يُبَاحُ التَّصَرُّفُ كَتَصَرُّفِهِ قبل الْخَرْصِ وَأَنَّهُ قال في مَوْضِعٍ آخَرَ له ذلك كما لو ضَمِنَهَا وَعَلَيْهِمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ ذلك أو أُتْلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ زَكَاتَهَا بِخَرْصِهَا ثمرا ( ( ( تمرا ) ) ) ( وم ش ه ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْفِيفُ هذا الرُّطَبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَنْهُ رُطَبًا فَقَطْ ( وق ) لِقَوْلِهِ في رِوَايَةِ صَالِحٍ إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا ضَمِنَ عُشْرَ قِيمَتِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ فإنه يَضْمَنُهُ بمثله رُطَبًا يوم التَّلَفِ
وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ رُطَبًا قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَوْ حَفِظَهَا إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أو لَا سَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ أو أَمَانَةً لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مع عَدَمِ تَبْيِينِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ وَعَنْهُ يَلْزَمُ ما قَالَهُ الْخَارِصُ مع تَفَاوُتِ قَدْرٍ يَسِيرٍ يخطىء ( ( ( يخطئ ) ) ) في مِثْلِهِ ( وم ) لِانْتِقَالِ الْحُكْمِ إلَى قَوْلِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ عِنْدَ التَّلَفِ
وفي الرِّعَايَةِ لَا يَغْرَمُ ما لم يَفْرُطْ وَلَوْ خُرِصَتْ وَعَنْهُ بَلَى وَلَا زَكَاةَ لِمَا تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ قبل الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ نَصَّ عليه ( و ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ ابن الْمُنْذِرِ ( ع ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ قبل أَنْ يَصِيرَ في الْجَرِينِ وَالْبَيْدَرِ لِأَنَّهُ قد ثَبَتَتْ الْيَدُ عليه بِدَلِيلِ
____________________
(2/326)
الرُّجُوعِ على الْبَائِعِ بِالْجَائِحَةِ فَاسْتُصْحِبَ حُكْمُ الْعَدَمِ فيه ثُمَّ إنْ بَقِيَ نِصَابٌ زكاة وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ إنْ لم يبقى ( ( ( يبق ) ) ) نِصَابٌ اخْتَارَ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا بَقِيَ بِقِسْطِهِ قال هو أَصَحُّ كَتَلَفِ بَعْضِ نِصَابٍ غَيْرِ زَرْعٍ وَثَمَرٍ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قبل تَمَكُّنِهِ من الْإِخْرَاجِ لِمَا سَبَقَ من سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِالتَّلَفِ قبل الِاسْتِقْرَارِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْيَدِ على نِصَابٍ وُجِدَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَصَادَفَهُ الْوُجُوبُ ثُمَّ تَلِفَ بَعْضُهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ
قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وهو في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ رِوَايَةً وَأَظُنُّ في الْمُغْنِي أَنَّهُ قال قِيَاسُ من جَعَلَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادَ الْحَبِّ أَنَّهُ كَنَقْصِ نِصَابٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ قبل التَّمَكُّنِ على ما سَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ ( وم ش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَيُصَدَّقُ في ذلك ( و ) بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ اُتُّهِمَ ( م ش ) نَصَّ عليه وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ بِيَمِينِهِ وفي دَعْوَى غَلَطٍ مُمْكِنٍ من الْخَارِصِ فَإِنْ فَحَشَ فَقِيلَ يُرَدُّ قَوْلُهُ وَقِيلَ ضَمَانًا كانت أو أَمَانَةً ( * ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ ضَمَانًا كانت أو أَمَانَةً الضَّمَانُ أَنْ يَخْتَارَ التَّصَرُّفَ وَيَضْمَنَ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَالْأَمَانَةُ أَنْ يَخْتَارَ حِفْظَهُمَا إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ من غَيْرِ تَصَرُّفٍ وَيَخْرُجُ عن الْمُتَحَصِّلِ إذَا عَلِمَ ذلك فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ضَمَانًا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ منه أن يُرَدُّ قَوْلُهُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا عِنْدَهُ أَمَانَةٌ إذَا فَحَشَ على الْقَوْلَيْنِ وَلَا يُرَدُّ إذَا كانت ضَمَانًا على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وهو بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ على الثَّانِي أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُ إذَا كانت ضَمَانًا على الْقَوْلَيْنِ وَلَا يُرَدُّ إذَا كانت أَمَانَةً على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وهو أَوْلَى لِأَنَّ الْأَمِيرَ يَقْبَلُ قَوْلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ لي أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا ادعي غَلَطًا فَاحِشًا يَرُدُّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا بِحَيْثُ إنَّهُ يُؤْخَذُ منه زَكَاةُ ما قَالَهُ الْخَارِصُ بِأَجْمَعِهِ وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ يَرُدُّ قَوْلَهُ في الْفَاحِشِ مِمَّا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه إذَا ادَّعَاهُ وَيُؤْخَذُ منه الزَّائِدُ على ذلك وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هو الصَّوَابُ وفي كَلَامِهِ ما يَدُلُّ على ذلك فإنه قال في الْقَوْلِ الثَّانِي تُرَدُّ في الْفَاحِشِ فَقَطْ فَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ وفي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قال يُرَدُّ قَوْلُهُ من غَيْرِ تَقْيِيدٍ أَيْ مُطْلَقًا يَعْنِي في الْفَاحِشِ وَغَيْرِهِ وَيَقْرَبُ من ذلك ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ في بَيْعٍ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنْ كان مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ الناس بمثله فَهُوَ مَعْفُوٌّ عنه وَإِنْ كان مِمَّا يَتَغَابَنُ الناس بمثله صَحَّ وَضَمِنَ وفي قَدْرِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا هو بين ما بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ وَالثَّانِي هو بين ما يَتَغَابَنُ بِهِ الناس وما لَا يَتَغَابَنُونَ وما قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ في خِيَارِ الْعَيْبِ فِيمَا إذَا
____________________
1-
(2/327)
يُرَدُّ في الْفَاحِشِ فَقَطْ ( م 15 ) وظاهر كلامهم كما لو ادعي كذبه عمدا لم يقبل ( ( ( يظهر ) ) ) وجزم ( ( ( لي ) ) ) به ( ( ( الآن ) ) ) غير ( ( ( تحرير ) ) ) واحد ( ( ( محل ) ) ) وإن قلنا إنما حصل بيدي كذا قبل منه ويكلف بينه في دعواه جائحة ظاهرة تظهر عادة ( و ) ثم يصدق في التلف ( و ) وأطلق بعضهم وجزم به في الرعاية أنه يصدق في جائحة وقدمه ابن تَمِيمٍ ثم حكى الأول عن ابن عقيل وأنه إن ادعي ما يخالف ( ( ( الخرص ) ) ) العادة ( ( ( غلطا ) ) ) لم يُقْبَلْ
وَالظَّاهِرُ أن هذا ( ( ( مراد ) ) ) من تتمة ( ( ( بقوله ) ) ) قول ابن ( ( ( فحش ) ) ) عقيل ( ( ( وقوله ) ) ) وسبق ( ( ( يرد ) ) ) قريبا بما ( ( ( الفاحش ) ) ) يستقر الوجوب وَيَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ في الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَال الثُّلُثُ أو الرُّبْعُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ السَّاعِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كسره كسرا يمكنه الاستعلام بدونه فالقول الأول في مسألة المصنف موافق للوجه الأول في مسألة الوكالة والصحيح الوجه الأول على ما يأتي في كلام المصنف في الوكالة فإنه أطلق الخلاف فيها فكذا يكون في هذه وهو الصواب وعموم كلام الأصحاب المتقدم يدل عليه والله أعلم
( مسألة 15 ) قوله ويصدق في دعوى غلط ممكن من الخارص فإن فحش فقيل يرد قوله وقيل ضمانا كانت أو أمانة يرد في الفاحش فقط انتهى لم يظهر لي الآن تحرير محل الخلاف في هذه المسألة وسيأتي ما فيه في التنبيه الآتي بعد هذا قال ابن تميم وإن ادعي في الخرص غلطا يقع مثله عادة كالسدس ونحوه قبل منه وإن كثر كالثلث ونحوه لم يقبل لكن إن قال ما حصا في يدي غير كذا قبل انتهى وقال في الرعاية الكبرى فإن ادعى ربه غلطة ولم يبينه ببينة لم يسمع قوله وإن قال غلط بالسدس ونحوه صدق فإن ادعى أكثر منه كنصف وثلث فلا وقيل إن ادعى غلطا محتملا قبل قوله بلا يمين وإلا فلا انتهى وقال في الحاوي الكبير فإن ادعى غلطا في السدس ونحوه صدق وقيل إن ادعي محتملا قبل بلا يمين وقاله أيضا في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم وقال في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وإن ادعى رب المال غلط الخارص وكان ما ادعى محتملا قبل قوله بغير يمين وإن لم يكن محتملا مثل ادعي غلط النصف ونحوه لم يقبل منه وإن قال لم يحصل في يدي غير كذا قبل منه بغير يمين انتهى فهؤلاء الجماعة قالوا حيث ادعي غلطا كثيرا لم يقبل منه وأطلقوا والظاهر أنه مراد المصنف بقوله فإن فحش وقوله يرد في الفاحش ( قلت ) وهذا الصحيح ولا نعلم ما ينافيه وظاهر كلامهم أنه سواء كان أمانة أو ضمانا والله أعلم
____________________
1-
(2/328)
بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وقال في شَرْحِ الْمَذْهَبِ الثُّلُثُ كَثِيرٌ لَا يَتْرُكُهُ وقال ابن عَقِيلٍ وَالْآمِدِيُّ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ يُتْرَكُ قد أَكْلِهِمْ وَهَدِيَّتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ بِلَا تَحْدِيدٍ لِلْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ وَلِلْحَاجَةِ إلَى أكل ( ( ( الأكل ) ) ) وَالْإِطْعَامِ وَأَكْلِ الْمَارَّةِ وَالطَّيْرِ وَتَنَاثُرِ الثِّمَارِ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وقال ابن حَامِدٍ إنَّمَا يُتْرَكُ في الْخَرْصِ إذَا زَادَتْ الثَّمَرَةُ عن النِّصَابِ فَإِنْ كانت نِصَابًا فَلَا وَمَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَمَالِكٍ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالشَّافِعِيِّ يُحْتَسَبُ على رَبِّ الْمَالِ ما أَكَلَ وَأَطْعَمَ لِلْعُمُومِ وَكَمَا لو أَتْلَفَهُ عَيْثًا وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هو كَالتَّلَفِ بِجَائِحَةٍ وَهَذَا الْقَدْرُ الْمَتْرُوكُ لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ نَصَّ عليه فَدَلَّ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لو لم يَأْكُلْ شيئا لم يَتْرُكْهُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَأَظُنُّ بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِهِ وَقَدَّمَهُ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا له وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أن يُحْتَسَبُ من النِّصَابِ فَيَكْمُلُ بِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ زَكَاةُ الْبَاقِي سِوَاهُ بِالْقِسْطِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّا قُلْنَا لو بَقَّوْهُ لَأَخَذْنَا زَكَاتَهُ لِأَنَّهُ كَالسَّالِمِ من شَيْءٍ أَشْرَفَ على التَّلَفِ
وَكَذَا ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ غَيْرُهُ وَإِنْ لم يَتْرُكْ الْخَارِصُ شيئا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ بِقَدْرِ ذلك وَلَا يُحْسَبُ عليه نَصَّ عليه وَإِنْ لم يَبْعَثْ الْإِمَامُ خَارِصًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ من الْخَرْصِ ما يَفْعَلُهُ السَّاعِي لِيُعْرَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ قبل التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلَفٌ فيه
ولايخرص من ( ( ( يخرص ) ) ) غَيْرُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ ( وم ر ش ) لِأَنَّ النَّصَّ فِيهِمَا وَلَا يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ ( خ ) وقال ابن الْجَوْزِيِّ يُخْرَصُ كَغَيْرِهِ كَذَا قال
وَلَا يُخْرَصُ الْحُبُوبُ ( ع ) وقد ذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في مُنَاظَرَاتِهِ خَبَرَ الْخَرْصِ في مَسْأَلَةِ العرابا ( ( ( العرايا ) ) ) وَإِنْ خَرَصَ الْخَارِصُ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ وَالْإِدْمَانِ كَالْمِكْيَالِ وَهَذَا يَعْرِفُهُ من لَابَسَ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ كَقَطْعِ الْخَبَّازِينَ الْكُبَّةَ الْعَجِينَ لَا تُرَجَّحُ هذه على هذه فَتَصِيرُ يَدُهُ كَالْمِيزَانِ كَذَا تَصِيرُ عَيْنُ الْخَارِصِ مع قَلْبِهِ وَفَهْمِهِ كَالْمِكْيَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلِلْمَالِكِ الْأَكْلُ منها هو وَعِيَالُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ كَالْفَرِيكِ وما يجتاجه ( ( ( يحتاجه ) ) ) وَلَا بحسب ( ( ( يحسب ) ) ) عليه وَلَا يُهْدِي نَصَّ على ذلك قال في الْخِلَافِ أَسْقَطَ أَحْمَدُ عن أَرْبَابِ الزَّرْعِ الزَّكَاةَ في مِقْدَارِ ما يَأْكُلُونَ كما أَسْقَطَ في الثِّمَارِ قال وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِيهِمَا سَوَاءً في الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهِمَا تُحْسَبُ عليه وَلَا يُتْرَكُ له منه شَيْءٌ ( وم ) وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ ظَاهِرُهُ كَلَامُهُ في الْمُشْتَرَكِ من الزَّرْعِ نَصَّ
____________________
(2/329)
عليه لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَالْحَبُّ ليس في مَعْنَى الثَّمَرَةِ وَحَكَى رِوَايَةً لَا يُزَكِّي ما يُهْدِيهِ أَيْضًا وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُزَكِّي ما يُهْدِيهِ من الثَّمَرَةِ وَجَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ وَحَكَى ابن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قال في تَعْلِيقِهِ ما يَأْكُلُهُ من الثَّمَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُحْسَبُ عليه وما يُطْعِمُهُ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ يُحْسَبُ نَصَّ عليه وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَأْكُلُهُ من زَرْعٍ وَثَمَرٍ وَفِيمَا يُطْعِمُهُ رِوَايَتَانِ وَحَكَى الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ في جَوَازِ أَكْلِهِ من زَرْعِهِ وَجْهَيْنِ وَالْخَرْصُ عليه وَيَتَوَجَّهُ فيه ما يَأْتِي في حَصَادِهِ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أُحْمَدُ الْحَصَادَ وَالْجُذَاذَ لَيْلًا وَإِنْ تَرَكَ السَّاعِي شيئا من الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ نَصَّ عليه فَصْلٌ وَيَجِبُ الْعُشْرُ على الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ مَالِكِ الْأَرْضِ ( وم ش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِلْعُمُومِ وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلزَّرْعِ كَالْمُسْتَعِيرِ ( و ) دُونَ العير ( ( ( المعير ) ) ) وَكَتَاجِرٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَلِأَنَّ في إيجَابِهِ على الْمَالِكِ إجْحَافًا يُنَافِي الْمُوَاسَاةَ وَهَذَا من حُقُوقِ الزَّرْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لايجب إذَا لم يَزْرَعْ وَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ من الْخَرَاجِ فإنه من حُقُوقِ الْأَرْضِ فَلِهَذَا كان خَرَاجُ الْعَنْوَةِ على رَبِّهَا ( و ) وَعَنْهُ الْخَرَاجُ على الْمُسْتَأْجِرِ ( خ ) أَيْضًا وَقِيلَ وَعَنْهُ وَمُسْتَعِيرِهَا وَقِيلَ على الْمُسْتَعِيرِ دُونَهُ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ في رِوَايَةِ حَرْبٍ أَرْضُ الْعُشْرِ تُؤْجَرُ على من يَأْخُذُ السُّلْطَانُ قال على الرَّقَبَةِ وَنَقَلَ صَالِحٌ في الْحَبِّ وَالثَّمَرِ إذَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ الْعُشْرُ وَبِكُلْفَةٍ نِصْفُهُ إذَا كان الرَّجُلُ يَمْلِكُ رَقَبَةَ الْأَرْضِ
وقال أبو حَفْصٍ بَابٌ إنَّ من اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا إنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ عليه دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَسَاقَ قَوْلَ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ أبي الصَّقْرِ في أَرْضِ السَّوَادِ يَتَقَبَّلُهَا الرَّجُلُ يُؤَدِّي وَظِيفَةَ عُمَرَ وَيُؤَدِّي الْعُشْرَ بَعْدَ وَظِيفَةِ عُمَرَ وقال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَرَاجَ على الْمُسْتَأْجِرِ قال وقد جُعِلَ في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن أبي حَرْبٍ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُؤَجِّرِ قال وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَا يَقْتَضِي ما قَالَهُ أبو حَفْصٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ على رَجُلٍ تَقَبَّلَ أَرْضًا من السُّلْطَانِ بِأُجْرَةٍ بَلْ كانت لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمَسْأَلَةُ التي ذَكَرْنَا إذَا كانت بِيَدِ مُسْلِمٍ بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ فَأَجَّرَهَا فإن الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ الْخَرَاجُ بَلْ على الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا بيده بِأُجْرَةٍ هِيَ الْخَرَاجُ وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ في
____________________
(2/330)
الْمُزَارَعَةِ من يُحْكَمُ بِالزَّرْعِ له إن صَحَّتْ فَبَلَغَ نَصِيبُ أحدها نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا الْخُلْطَةِ في غَيْرِ السَّائِمَةِ وَمَذْهَبُ ( ه ) رَبُّ الْأَرْضِ كَمُؤَجِّرٍ لِثُبُوتِ الْأُجْرَةِ له فَالْعُشْرُ عليه
وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ على ما يَأْتِي في الْغَصْبِ وَزَكَّاهُ وَإِنْ تَمَلَّكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قبل اشْتِدَادِ الْحَبِّ وزكاه ( ( ( زكاه ) ) ) وَكَذَا قِيلَ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ إذَنْ
وَقِيلَ يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيَأْتِي قَوْلٌ إنَّ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ فَيُزَكِّيهِ ( وش ) وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وهو مَذْهَبُ ( ه ) إلَّا أَنْ تَنْقُصَ الْأَرْضُ بِالزَّرْعِ فَيَكُونُ له أُجْرَة النَّقْصِ وَيَصِيرُ كَالْمُؤَجِّرِ على أَصْلِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أو اسْتَعَارَ ذِمِّيٌّ أَرْضَ مُسْلِمٍ فَزَرَعَهَا فَلَا زَكَاةَ ( وم ش ) وَمَذْهَبُ ( ه ) الْعُشْرُ على الْمُؤَجِّرِ وَعَلَى الْمُعِيرِ هُنَا لِتَعَذُّرِهِ على الْمُسْتَعِيرِ بِفِعْلِهِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ الْحَقُّ على الذِّمِّيِّ ( خ ) فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عُشْرٌ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ عُشْرَانِ كَقَوْلِهِمَا في الشِّرَاءِ وفي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ احْتِمَالٌ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالشِّرَاءِ وَفَرَّقَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ بين هذه وَمَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ على ما يَأْتِي بِأَنَّ مَضَرَّةَ الْإِسْقَاطِ تَتَأَبَّدُ غَالِبًا هُنَاكَ أَمَّا هُنَا فَكَشِرَائِهِمْ مَنْقُولَ زَكَوِيٍّ ولم يَتَعَرَّضْ لِلْكَرَاهَةِ وَمَعْنَى كَلَامِ الْأَكْثَرِ كَقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ لَا كَرَاهَةَ كَمَنْقُولٍ زَكَوِيٍّ وَسَوَّى الشَّيْخِ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا في الْكَرَاهَةِ وَأَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عليه وقال لَا تُؤَجَّرُ منه وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِالضَّرَرِ وَأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ ثُمَّ خَصَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ الْمَنْعِ بِالشِّرَاءِ قال شَيْخُنَا وَتَعْطِيلُ الْعُشْرِ بِاسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ الْأَرْضَ أو مُزَارَعَتِهِ فيها كَتَعْطِيلِهِ بالاتباع ( ( ( بالابتياع ) ) ) وما سَبَقَ من كَلَامِ أَحْمَدَ يُوَافِقُ قَوْلَهُ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ وَمَنْ بِدَارِهِ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ زَكَّاهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ كَغَيْرِهَا وَكَوْنُهَا غير متخذه لِلِاسْتِنْمَاءِ بِالزِّرَاعَةِ مَنَعَ أَخْذَ الْخَرَاجِ منها وَمَذْهَبُ ( ه ) لَا زَكَاةَ فيها كَالْخَرَاجِ فَصْلٌ وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَكُلُّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ نَصَّ عليه فَالْخَرَاجُ في رَقَبَتِهَا وَالْعُشْرُ في غَلَّتِهَا ( وم ش ) لِلْعُمُومِ لِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ التَّمْكِينُ من النَّفْعِ لِوُجُوبِهِ وَإِنْ لم يُزْرَعْ وَسَبَبُ الْعُشْرِ الزَّرْعُ كَأُجْرَةِ الْمَتْجَرِ مع زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِوُجُوبِهِمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِمُسْتَحِقَّيْنِ فَاجْتَمَعَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ في الصَّيْدِ
____________________
(2/331)
الْمَمْلُوكِ وَمَذْهَبُ ( ه ) لَا عُشْرَ في الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَلَا زَكَاةَ في قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لم يَكُنْ له مَالٌ آخَرُ يُقَابِلُهُ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ على الصَّحِيحِ في الْمَذْهَبِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لِأَنَّهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ من مُؤْنَةِ الْأَرْضِ كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ وَسَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ الرِّوَايَاتُ وَمَتَى لم يَكُنْ له سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ وَفِيهَا ما لَا زَكَاةَ فيه كَالْخُضَرِ جَعَلَ الْخَرَاجَ في مُقَابَلَتِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ حَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَغَيْرِهِمَا منه لِسَبْقِ الْوُجُوبِ وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ كَالْخَرَاجِ وَيَأْتِي في مُؤْنَةِ الْمَعْدِنِ فَصْلٌ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ في رِوَايَةٍ ( وش م ر ) ثُمَّ من الْأَصْحَابِ من اقْتَصَرَ على الْجَوَازِ وَمِنْهُمْ من قال وَيُكْرَهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَمْنَعُونَ من شِرَائِهَا اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ ( م 16 و 17 ) فَعَلَيْهَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1617 ) قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ في رِوَايَةٍ ثُمَّ من الْأَصْحَابِ من اقْتَصَرَ على الْجَوَازِ وَمِنْهُمْ من قال وَيُكْرَهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَمْنَعُونَ من شِرَائِهَا اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ انْتَهَى دخل في ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هل يَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَمْ لَا يَجُوزُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الهداية وأطلقه في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُقْنِعِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ منجا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَقَدَّمَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ
( الْمَسْأَلَةُ 17 الثَّانِيَةُ ) إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَهَلْ هو مع الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا قال الْمُصَنِّفُ منهم من اقْتَصَرَ على الْجَوَازِ وَمِنْهُمْ من قال وَيُكْرَهُ نَصَّ عليه انْتَهَى قال في الْكَافِي وَيَجُوزُ وَيُكْرَهُ بَيْعُهَا لهم وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ شرح ابْنِ رَزِينٍ وَيُكْرَهُ بَيْعُهَا لهم وَاقْتَصَرَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ
____________________
1-
(2/332)
الأصحاب رحمهم الله وحكى أحمد رحمه الله عن الحسن وعمر بن عبدالعزيز يمنعون من الشراء فإن اشتروا لم يصح وكلام شيخنا في اقتضاء الصراط المستقيم يعطي أن على المنع لا يصح ( و ) فعلى عدم المنع لا عشر عليهم ( و ) لأنه زكاة فلا منع ولا زكاة السائمة وغيرها
وذكر القاضي في شرحه الصغير أن إحدى الروايتين أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به من ماله وثمره وماشيته ويأتي في أحكام الذمة وذكر شيخنا في اقتضاء الصراط المستقيم على هذا هل عليهم عشران أم لا شيء عليهم على روايتين وهذا غريب ولعله أخذه من لفظ ( المقنع ) وعلى المنع عليهم عشران لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه وكان ضعف ما على المسلم كما يجب في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ضعف الزكاة
وعنه لا شيء عليهم قدمه بعضهم وعنه عشر واحد ذكرها في الخلاف كما كان لتعلقه بالأرض كبقاء الخراج إذا اشترى مسلم أرضا خراجية من ذمي فلا وجه لتقديم هذا في الرعاية ولا تصير هذه الأرض خراجية لأنها أرض عشر كما لو كان مشتريها مسلما ومذهب ( ه ) تصير خراجية أبدا ولو أسلم ربها أو ملكها مسلم لأن الاسلام لا ينافي الخراج فأما إن كان المشتري من بني تغلب جاز نقله ابن القاسم خراجية كانت أو عشرية ولزمه العشران ( و ) كالماشية وإن أسلم المشتري أو باعها مسلما سقط عشر وبقي عشر الزكاة للمستقبل لعموم الأخبار ولأنه أخذ بحكم الكفر لحقن الدم فأشبه الجزية ولأنه من حق الزرع فأشبه بقية أموالهم ومذهب ( ه ) الحكم كما كان كالخراج الذي ضربه عمر رضي الله عنه وكذا مذهبه إن باعها من ذمي
وعندنا لا شيء فيها كما لو باعه ماشية ولنا وجه في الخارج منها عشران ثم إن كان في الحاضر في هذه الأرض ثمر صلاحه باد أو زرع مشتد بقي العشران على بائعه ويسقطان بالإسلام ( ه ش ) لسقوط جزية الرءوس ( ش ) وجزية الأرض وهو (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يَجُوزُ وَعَنْهُ وَيُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ فذكر رِوَايَةً بِالْجَوَازِ وَرِوَايَةً بِالْكَرَاهَةِ
____________________
1-
(2/333)
خراجها بالإسلام ( ه ) ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة وذكر ابن عقيل رواية لا يسقط أحدهما بالإسلام ( وه ش ) وإن استأجر الذمي هذه الأرض فقد سبق في الفصل الذي قبله وظاهر كلامهم لا يكره بيعه منقولا زكويا ومقتضى ما سبق في الإجارة لا سيما الكراهة أن يكون مثلها لأنه يشبهها ويأتي في الفصل الثالث بيعه وإيجاره عقارا ومنقولا وفيما ملكه الذمي بالإحياء الروايتان في أول الفصل ومصرف ذلك كما يؤخذ من نصارى بني تغلب ولا شيء على ذمي فيما اشتراه من أرض خراجية وألحقه ابن البنا في شرحه بالأرض العشرية فَصْلٌ وَالْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ ما فُتِحَتْ عَنْوَةً ولم تُقْسَمْ وما جَلَا عنها أَهْلُهَا خَوْفًا وما صُولِحُوا عليها على أنها لنا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّ غير السَّوَادِ لَا خَرَاجَ فيه ( ش ) وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ما أَسْلَمَ عليها أَهْلُهَا نَقَلَهُ حَرْبٌ كَالْمَدِينَةِ وَنَحْوِهَا وما أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ نَقَلَهُ أبو الصَّقْرِ كَالْبَصْرَةِ وما صُولِحَ أَهْلُهُ على أَنَّهُ لهم بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عليه نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ كَأَرْضِ الْيَمَنِ وما فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِمَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ قَسَمَهَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَذَا ما أَقْطَعَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ من السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ على الرِّوَايَتَيْنِ ( وم ش ) وَيَدُلُّ عليه حَدِيثُ الْعَلَاءِ بن الْحَضْرَمِيِّ قَالَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ قال في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَالْأَرْضُونَ التي يَمْلِكُهَا أَرْبَابُهَا ليس فيها خَرَاجٌ مِثْلُ هذه الْقَطَائِعِ التي أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ رضي اللَّهُ عنه في السَّوَادِ لِسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابٍ قال الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لم يُوجِبْ في قَطَائِعِ السَّوَادِ خَرَاجًا وهو مَحْمُولٌ على أَنَّهُ أَقْطَعَهُمْ مَنَافِعَهَا وَخَرَاجَهَا
وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُسْقِطَ الْخَرَاجَ وعلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي هذا أَنَّهُمْ لم يَمْلِكُوا الْأَرْضَ بَلْ أُقْطِعُوا الْمَنْفَعَةَ وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ لِلْمَصْلَحَةِ ولم يذكر جَمَاعَةٌ هذا الْقِسْمَ من أَرْضِ الْعُشْرِ منهم الشَّيْخُ وقد قال ما فَعَلَهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من وَقْفٍ أو قِسْمَةٍ أو الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ وقال أَيْضًا في الْبَيْعِ إنَّ حُكْمَ إقْطَاعِهِ حُكْمُ الْبَيْعِ فَيَجُوزُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أو بِفِعْلِ الْإِمَامِ
____________________
(2/334)
لِمَصْلَحَةٍ أو بِإِذْنِهِ وَسَيَأْتِي ذلك وما سَبَقَ من أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي ليس فيه نَقْضٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ نَصِّ أَحْمَدَ وَيَأْتِي ذلك وَحُكْمُ مَكَّةَ في حُكْمِ الْأَرْضِ الْمَغْنُومَةِ من الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَانُ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ
وَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ عليها خَرَاجٌ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ في رِوَايَةِ أبي الصَّقْرِ من أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا في غَيْرِ السَّوَادِ فَلِلسُّلْطَانِ عليه فيها الْعُشْرُ ليس عليه غَيْرُ ذلك وَإِنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ يَجْتَمِعَانِ في الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ كما سَبَقَ فَلِهَذَا لَا تَنَافِيَ بين قَوْلِهِ في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ هِيَ التي لَا خَرَاجَ عليها وَقَوْلُ غَيْرِهِ ما يَجِبُ فيها الْعُشْرُ خَرَاجِيَّةً أو غير خَرَاجِيَّةٍ وَجَعَلَهَا أبو الْبَرَكَاتِ بن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) قَوْلَيْنِ وَإِنَّ قَوْلَ غَيْرِ الشَّيْخِ ظَاهِرٌ في هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ ولاخلاف في وُجُوبِ الْعُشْرِ في أَرْضِ الصُّلْحِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجُوزُ بَقَاءُ أَرْضٍ بِلَا عُشْرٍ ولاخراج بِالِاتِّفَاقِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فَيُخْرِجُ من أَقْطَعَ أَرْضًا بِأَرْضِ مِصْرَ أو غَيْرِهَا الْعُشْرَ وَالْمُرَادُ إلَّا أَرْضَ الذِّمِّيِّ فإنه لو جَعَلَ دَارِهِ بُسْتَانًا أو مَزْرَعَةً او رَضَخَ الْإِمَامُ له أَرْضًا من الْغَنِيمَةِ أو أَحْيَا مَوَاتًا وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فإنه لَا شَيْءَ فيها نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ فيها الْعُشْرُ وَلَا خَرَاجَ عليها لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ عن أَرْضِ مُسْلِمٍ كَخَرَاجِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه أو لِكُفْرِهِ لِحَقْنِ دَمِهِ كَجِزْيَةِ الرُّءُوسِ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَالِالْتِزَامُ وَمَذْهَبُ ( ه ) عليها الْخَرَاجُ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ وَمَتَى أَسْلَمَ أو مَلَكَهَا مُسْلِمٌ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ وعنده ( ( ( عندنا ) ) ) وَعِنْدَهُ الْخَرَاجُ بِحَالِهِ كَخَرَاجِ الْعَنْوَةِ فَصْلٌ وَإِنْ بَاعَ أو آجَرَ مُسْلِمٌ دَارِهِ من كَافِرٍ فَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا تُبَاعُ يُضْرَبُ فيها بِالنَّاقُوسِ وَيُنْصَبُ فيها الصُّلْبَانُ وَاسْتَعْظَمَ ذلك وَشَدَّدَ فيه وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا أَرَى ذلك يَبِيعُهَا من مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلى وَقِيلَ له في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ عن إجَارَتِهَا من ذِمِّيٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْرَبُ فيها الْخَمْرَ وَيُشْرِكُ فيها فقال كان ابن عَوْنٍ لَا يُكْرِي إلَّا من أَهْلِ الذِّمَّةِ يقول نُرَغِّبُهُمْ قِيلَ له كَأَنَّهُ أَرَادَ إذْلَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بهذا قال لَا وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُرَغِّبَ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ يَعْجَبُ من ابْنِ عَوْنٍ وَكَذَا
____________________
(2/335)
نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَسَأَلَهُ مُهَنَّا يُكْرِي الْمَجُوسِيَّ دَارِهِ أو دُكَّانَهُ وهو يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَزْنُونَ فقال كان ابن عَوْنٍ لَا يَرَى أَنْ يُكْرِيَ الْمُسْلِمَ يقول أُرَغِّبُهُمْ بِأَخْذِ الْغَلَّةِ وَيُكْرِي غيرالمسلمين قال الْخَلَّالُ كُلُّ من حَكَى عنه في الْكِرَاءِ فَإِنَّمَا أَجَابَ على قَوْلِ ابْنِ عَوْنٍ ولم يُنْقَلْ له فيه قَوْلٌ وقد رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ مُعْجَبًا بِقَوْلِ ابْنِ عَوْنٍ والَّذِي رَوَوْهُ عنه في الْبَيْعِ أَنَّهُ كَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فَلَوْ نُقِلَ لِأَبِي عبدالله قَوْلٌ في السُّكْنَى كان السُّكْنَى وَالْبَيْعُ عِنْدِي وَاحِدًا
وَالْأَمْرُ في ظَاهِرِ قَوْلِ أبي عبدالله لَا تُبَاعُ منه وَالْأَمْرُ عِنْدِي لَا تُبَاعُ منه وَلَا تكري لِأَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ ثُمَّ رَوَى الْخَلَّالُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قال لِأَحْمَدَ حدثني أبو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ سَمِعْت أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ يقول حَفْصٌ بَاعَ دَارَ حُصَيْنِ بن عبدالرحمن عَابِدِ أَهْلِ الْكُوفَةِ من عَوْنٍ الْبَصْرِيِّ فقال له أَحْمَدُ حَفْصٌ فقال نعم فَعَجِبَ أَحْمَدُ يَعْنِي من حَفْصِ بن غَيَّاثٍ قال الْخَلَّالُ وَهَذَا تَقْوِيَةٌ لِمَذْهَبِ أبي عبدالله فإذا كان يكر بَيْعَهَا من فَاسِقٍ فَكَذَلِكَ من كَافِرٍ فإن الذِّمِّيَّ يُقَرُّ وَالْفَاسِقُ لَا يُقَرُّ وَلَكِنْ ما يَفْعَلُهُ الذِّمِّيُّ فيها أَعْظَمَ وقال أبو بَكْرٍ عبدالعزيز لَا فَرْقَ بين الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ عِنْدَهُ فإذا أَجَازَ الْبَيْعَ أَجَازَ الْإِجَارَةَ وإذا مَنَعَ الْبَيْعَ مَنَعَ الْإِجَارَةَ قال شَيْخُنَا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ على ذلك قال ابن أبي مُوسَى كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ من ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فيها وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ فَإِنْ فَعَلَ لم يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَذَا قال الْآمِدِيُّ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عليها وَمُقْتَضَى ما سَبَقَ من كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ تَحْرِيمُ ذلك قَالَهُ شَيْخُنَا
وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ أو بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ بَيْتَ نَارٍ أو كَنِيسَةً أو يَبِيعُ فيه الْخَمْرَ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَ فيه الْخَمْرَ أو لم يَشْتَرِطْ لَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فيه الْخَمْرَ وقد قال أَحْمَدُ لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ من كَافِرٍ يَكْفُرُ فيها يَبِيعُهَا من مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلى وقال أَيْضًا في نَصَارَى وَقَفُوا ضَيْعَةً لهم لِلْبِيعَةِ لَا يَسْتَأْجِرُهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ منهم يُعِينُهُمْ على ما هُمْ فيه
قال شَيْخُنَا فَقَدْ حَرَّمَ الْقَاضِي إجَارَتَهَا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ فيها الْخَمْرَ مُسْتَشْهِدًا على ذلك بِنَصِّ أَحْمَدَ على أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا لِكَافِرٍ وَلَا يَكْتَرِي وَقْفَ الْكَنِيسَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ في هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَنْعُ تَحْرِيمٍ قال الْقَاضِي في اثناء الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ قد أَجَازَ أَحْمَدُ إجَارَتَهَا من أَهْلِ الذِّمَّةِ مع عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذلك فيها قِيلَ الْمَنْقُولُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ حَكَى قَوْلَ ابْنِ عَوْنٍ وَعَجِبَ منه وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا
____________________
(2/336)
يُجَوِّزُ إجَارَتَهَا من ذِمِّيٍّ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ جَوَازُ ذلك فإن إعْجَابَهُ بِالْفِعْلِ دَلِيلٌ على جَوَازِهِ عِنْدَهُ وَاقْتِصَارُهُ على الْجَوَابِ بِفِعْلِ رَجُلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَذْهَبُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وقال الْفَرْقُ بين الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّ ما في الْإِجَارَةِ من مَفْسَدَةِ الْإِعَانَةِ عَارَضَتْ مَصْلَحَةً وَهِيَ صَرْفُ إرْغَابِ الْمُطَالَبَةِ بِالْكِرَاءِ عن الْمُسْلِمِ وَإِنْزَالُهُ بالكافر ( ( ( بالكفار ) ) ) كَإِقْرَارِهِ بِالْجِزْيَةِ فإنه إقْرَارٌ لِكَافِرٍ لَكِنْ جَازَ لِمَا تَضَمَّنَهُ من الْمَصْلَحَةِ وَلِذَلِكَ جَازَتْ مُهَادَنَةُ الْكُفَّارِ في الْجُمْلَةِ وَهَذِهِ الْمَصْلَحَةُ مُنْتَفِيَةٌ في الْبَيْعِ قال فَيَصِيرُ في الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ من لم يَخُصَّ هذه الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ الْجَوَازُ ( م 18 )
كما أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَكْثَرِ فِيمَا إذَا مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً من مُسْلِمٍ لم تُنْقَضْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ كما أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ في تَخْصِيصِ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ بِالذِّكْرِ جَوَازُ غَيْرِهَا وَيَدُلُّ عليه أَنَّ الْمَلْبُوسَ يَكْفُرُ فيه الذِّمِّيُّ وَيَعْصِي فَمُقْتَضَى ما سَبَقَ الْمَنْعُ تَحْرِيمًا أو كَرَاهَةً وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ من زَمَنِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِلَى الْيَوْمِ يُبَاعُ لهم من غَيْرِ نَكِيرٍ شَائِعًا لم يَتَوَرَّعْ منه أَحَدٌ وَكَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَإِنْ قِيلَ هذا مَحَلُّ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ قِيلَ الْغَرَضُ في غَيْرِهَا مع أَنَّ الْمَلْبُوسَ لَا بُدَّ منه وَكَذَا الْإِيوَاءُ وَالسَّكَنُ وَإِنْ قِيلَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ أو آجَرَ مُسْلِمٌ دَارِهِ من كَافِرٍ فَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا تُبَاعُ يُضْرَبُ فيها بِالنَّاقُوسِ وَيُنْصَبُ الصُّلْبَانُ وَاسْتَعْظَمَ ذلك وَشَدَّدَ فيه وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا أَرَى ذلك يَبِيعُهَا من مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلى قال الْخَلَّالُ الْأَمْرُ عِنْدِي لَا تُبَاعُ منه وَلَا تكري لِأَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ وقال أبو بَكْرٍ عبدالعزيز لَا فَرْقَ بين الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وإذا مَنَعَ الْبَيْعَ مَنَعَ الْإِجَارَةَ قال شَيْخُنَا يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ على ذلك قال ابن أبي مُوسَى كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ من ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فيها وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ فَإِنْ فَعَلَ لم يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَذَا قال الْآمِدِيُّ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عليها وَمُقْتَضَى ما سَبَقَ من كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ تَحْرِيمُ ذلك قَالَهُ شَيْخُنَا وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ أو بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ بَيْتَ نَارٍ أوكنيسة أو يَبِيعُ فيه الْخَمْرَ قال شَيْخُنَا فَقَدْ حَرَّمَ الْقَاضِي إجَارَتَهَا لِمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فيها الْخَمْرَ مُسْتَشْهِدًا على ذلك بِنَصِّ أَحْمَدَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ في هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَنْعُ تَحْرِيمٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ من لم يَخُصَّ هذه الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ الْجَوَازُ انْتَهَى قُلْت هذا هو الصَّوَابُ مع الْكَرَاهَةِ وقد اسْتَشْهَدَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِمَسَائِلَ وَمَالَ إلَيْهِ والله أعلم
____________________
1-
(2/337)
هو كمسألتنا قيل هذا مع العلم ببطلانه لا نعلم به قائلا والله أعلم وقد قال أحمد رحمه الله في المجوس لا تبن لهم وقال له ابن منصور سئل الأوزاعي عن الرجل يؤاجر نفسه لنظارة كرم النصاري فكره ذلك فقال أحمد ماأحسن ما قاله لأن أصل ذلك يرجع إلى الخمر إلا أن يعلم أنه يباع لغير الخمر فلا بأس ويتوجه في هاتين المسألتين ما سبق من الخلاف ويدل عليه نصه في استئجار وقف الكنيسة وقوله إلا أن يعلم أنه يباع لغير الخمر ليس هذا على ظاهره وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَصْلٌ وَيَجِبُ في الْعَسَلِ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ من مَوَاتٍ أَمْ من مِلْكِهِ قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أو مَلَكَ غَيْرَهُ قال في رِوَايَةِ صَالِحٍ الْعَسَلُ في أَرْضِ الْخَرَاجِ أو الْعُشْرِ حَيْثُ كان فيه الْعُشْرُ وَبِهِ قال أبو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ في الْقَدِيمِ وَلَوْ من أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ ( ه ) لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عِنْدَهُ وَمَذْهَبُ ( م ه ش ) لَا شَيْءَ فيه احْتَجَّ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِخَبَرِ أبي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجة رَوَاهُ عنه سُلَيْمَانُ بن مُوسَى الْأَشْدَقُ ولم يُدْرِكْهُ مع أَنَّهُ وَإِنْ كان ثِقَةً عِنْدَ أَهْلِ الحديث كما قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فإن عِنْدَهُ مَنَاكِيرَ كما قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِخَبَرِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال جاء هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعُشُورِ نحله ( ( ( نخله ) ) ) وكان سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ له وَادِيًا يُقَالُ له سَلَبَةُ فحمي له ذلك الْوَادِيَ فلما ولى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه كَتَبَ إلَيْهِ سُفْيَانُ بن وَهْبٍ يَسْأَلُهُ عن ذلك فَكَتَبَ إلَيْهِ إنْ أرى ( ( ( أدى ) ) ) إلَيْك ما كان يُؤَدِّي إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من عُشُورِ نحله ( ( ( نخله ) ) ) فَاحْمِ له سلبة وَإِلَّا فَإِنَّمَا هو ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ من يَشَاءُ رَوَاهُ دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَعَمْرٌو عن أبيه عن جَدِّهِ فيه كَلَامٌ كَثِيرٌ لِلْمُحَدِّثِينَ وقال أَحْمَدُ رُبَّمَا احْتَجَجْنَا بِهِ وقال أَيْضًا له مَنَاكِيرُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ يُعْتَبَرُ بِهِ وأما ( ( ( أما ) ) ) أَنْ يَكُونَ حُجَّةً فَلَا وَرَوَاهُ عنه عَمْرُو بن الْحَارِثِ
____________________
(2/338)
الْمِصْرِيُّ وهو إمَامٌ وقال أَحْمَدُ رَأَيْت له مَنَاكِيرَ وَلِأَبِي دَاوُد هذا الْمَعْنَى بِإِسْنَادَيْنِ آخَرَيْنِ إلَى عَمْرٍو وَفِيهِمَا مَقَالٌ وَفِيهِمَا من كل عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ منه عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْأَدَاءَ لِأَجْلِ الحمي إنْ أَدَّى الْعُشْرَ ولم يَأْمُرْ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مُطْلَقًا وَلَوْ أَخَذَ الْعُشْرَ مُطْلَقًا لَكَانَ دَفْعُهُ مع الحمي أصلها ( ( ( أصلح ) ) ) لِهِلَالٍ ولم يَمْتَنِعْ منه وَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ منه لِأَجْلِ الحمي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَمَّا أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه فَإِنَّمَا احْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه قِيلَ لِأَحْمَدَ إنَّهُمْ تَطَوَّعُوا بِهِ قال لَا بَلْ أَخَذَ منهم وَهَذَا منه يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا حُجَّةَ عِنْدَهُ في خَبَرٍ مَرْفُوعٍ في ذلك لِضَعْفِ إسْنَادِهِ أو دَلَالَتِهِ أولهما
وَكَذَا قال الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ إنَّهُ لَا يَصِحُّ في ذلك شَيْءٌ وَقَوْلُ عُمَرَ في هذا لابد من بَيَانِ صِحَّتِهِ وَصِحَّةِ دَلَالَتِهِ ثُمَّ قد بَيَّنَّا أَنَّهُ لم يَأْمُرْ أخذ ( ( ( بأخذ ) ) ) الْعُشْرِ مُطْلَقًا فَيَتَعَارَضُ قَوْلَاهُ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ ليس ( ( ( ليست ) ) ) إجْمَاعًا في الصَّحَابَةِ وَلَا حُجَّةَ مع اخْتِلَافِهِمْ ثُمَّ في الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا يَحْتَجُّ بِهِ وَمَنْ تَأَمَّلَ هذا وَغَيْرَهُ ظَهَرَ له ضَعْفُ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا زَكَاةَ فيه بِنَاءً على قَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَسَبَقَ قَوْلُ الْقَاضِي في التَّمْرِ يَأْخُذُهُ من الْمُبَاحِ يُزَكِّيهِ في قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ في الْعَسَلِ فَقَدْ سوى بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ فَدَلَّ أَنَّ على الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا زَكَاةَ في الْعَسَلِ من الْمُبَاحِ عِنْدَ أَحْمَدَ كَرِوَايَةٍ عن أبي يُوسُفَ وقداعترف صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كما سَبَقَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَوْلَا الْأَثَرُ فَيُقَالُ قد تَبَيَّنَ الْكَلَامُ في الْأَثَرِ ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا في الْمَعْنَى تَسَاوَيَا في الْحُكْمِ وَتَرْكِ الْقِيَاسِ كما تعدي في الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذلك على الْخِلَافِ فيه وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فما يَنْزِلُ من المساء ( ( ( السماء ) ) ) على الشَّجَرِ كَالْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك وَشَبَهِهَا وَمِنْهُ اللَّاذَنُ وهو طَلٌّ وندي يَنْزِلُ على نَبْتٍ تَأْكُلُهُ الْمِعْزَى فَتَتَعَلَّقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ به فَيُؤْخَذُ فيه الْعُشْرُ كَالْعَسَلِ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَا عُشْرَ فيه لهدم ( ( ( لعدم ) ) ) النَّصِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ ( م 19 ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ على حُكْمِ الْعَسَلِ وَأَنَّهُ هل تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَمْ لَا وَمَالَ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فيه قال وقد اعْتَرَفَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَوْلَا أثر ( ( ( الأثر ) ) )
____________________
1-
(2/339)
صاحب المحرر إن قصة هلال المذكورة ترد هذالأنه عليه السلام أخذه من عسل في واد مباح لأن الإقطاع إنما يكون في المباح فيقال الفرق إنما هو في العسل بين أخذه من أرض مملوكة أو مباحة وإمأ إن كان النحل مملوكا كقصة هلال فالعسل نماؤه تابع له فلا فرق بين أن يجني من أرض مملوكة أو مباحة أو من شيء يوضع عنده ولا زكاة في قليله ( ه ) ويعتبر فيه نصاب قدره عشرة أفراق نص عليه رواه الجوزجاني عن عمر وسبق قول في نصاب الزيت خمسة أفراق فيتوجه منه تخريج لأنه أعلى ما يقدر به فيه فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق والفرق بفتح الراء وقيل وبسكونها ستة عشر رطلا عراقية وهو مكيال معروف بالمدينة ذكره ابن قتيبة وثعلب والجوهري وغيرهم ويدل على ذلك خبر كعب بن عجرة في الفدية وحمل كلام عمر في المتعارف ببلده أولى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) فَيُقَالُ قد تَبَيَّنَ الْكَلَامُ في الْأَثَرِ ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا في الْمَعْنَى تَسَاوَيَا في الْحُكْمِ وَتَرْكِ الْقِيَاسِ يَعْنِي بِكَلَامِهِ هذا لِأَجْلِ تَخْرِيجِ قَوْلٍ آخَرَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ في الْعَسَلِ قال كما تعدي في الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذلك على الْخِلَافِ فيه وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فيما ( ( ( فما ) ) ) يَنْزِلُ من السَّمَاءِ على الشَّجَرِ كَالْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك وَشَبَهِهَا وَمِنْهُ اللَّاذَنُ وهو طَلٌّ وندي يَنْزِلُ على نَبْتٍ تَأْكُلُهُ المعزي فَتَتَعَلَّقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ بها فَيُؤْخَذُ منه الْعُشْرُ كَالْعَسَلِ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَا عُشْرَ فيه لِعَدَمِ النَّصِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ليس في كَلَامِهِ على الْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك تَقْدِيمُ حُكْمٍ على آخَرَ مع حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فَهُوَ في حُكْمِ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ في مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ وهو ظَاهِرُ ما مَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ في الْعَسَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ تَجِبُ فيه كَالْعَسَلِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَاقْتَصَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ على كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فيه وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا الْوُجُوبُ وَقِيلَ عَدَمُهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَهَذِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد صح ( ( ( صحح ) ) ) مُعْظَمُهَا فَلِلَّهِ الْحَمْدُ
____________________
1-
(2/340)
قال أحمد في رواية أبي داود قال الزهري في عشرة أفراق فرق والفرق ستة عشرة رطلا وهذا ظاهر الأحكام السلطانية واختاره صاحب المحرر وغيره وفي الخلاف الفرق ستة وثلاثون رطلا عراقية وقال ابن حامد هو ستون رطلا عراقية وأما الفرق بسكون الراء فمكيال ضخم من مكاييل أهل العراق قاله الخليل قال ابن قتيبة غيره يسع مائة وعشرون رطلا قال صاحب المحرر لا قائل به هنا وذكره بعضهم قولا وحكى قول مائة قال ابن تميم وعن أحمد نحوه وقيل نصابه ألف رطلا عراقية وقدمه في الكافي نقل أبو داود من عشر قرب قربة فَصْلٌ وَمَنْ زكي ما سَبَقَ في هذا الْبَابِ من الْمُعَشَّرَاتِ مَرَّةً فَلَا زَكَاةَ فيه بَعْدَ ذلك ( وَ ) خِلَافًا لِلْحَسَنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ فَهُوَ كَالْقِنْيَةِ بَلْ أَوْلَى لِنَقْصِهِ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ لم يَنْعَقِدْ حَوْلُ التِّجَارَةِ من وَقْتِ وُجُوبِ إخْرَاجِ عُشْرِهِ ( م ) لِأَنَّ نِيَّتَهُ كَالْمَعْدُومَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لم يَعْتَبِرْهَا وَأَوْجَبَ الْعُشْرَ وإذا انْتَهَى وُجُوبُ الْعُشْرِ فَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَالرِّوَايَتَانِ في عَرْضِ قِنْيَةٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَصْلٌ وَتَضْمِينُ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بَاطِلٌ نَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على مَعْنَى ذلك وَعَلَّلَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا بأنه ( ( ( بأن ) ) ) ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عليه في تَمَلُّكِ زَادَ وَغُرْمِ ما نَقَصَ وَهَذَا مُنَافٍ لِمَعْلُومِ الْعِمَالَةِ وَحُكْمِ الْأَمَانَةِ سُئِلَ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ عن تَفْسِيرِ حديث ابْنِ عُمَرَ الْقَبَالَاتُ رِبًا قال هو أَنْ يَتَقَبَّلَ بِالْقَرْيَةِ وَفِيهَا الْعُلُوجُ وَالنَّخْلُ فَسَمَّاهُ رِبًا أَيْ في حُكْمِهِ في الْبُطْلَانِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إيَّاكُمْ وَالرِّبَا أَلَا وَهِيَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ قال أَهْلُ اللُّغَةِ الْقَبِيلُ الْكَفِيلُ وَالْعَرِيفُ وقد قَبَلَ بِهِ يَقْبِلُ وَيَقْبُلُ قَبَالَةً وَنَحْنُ في قَبَالَتِهِ أَيْ في عِرَافَتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/341)
@ 343 بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَبَيَانِ حُكْمِ الْمَصُوغِ وَالتَّحَلِّي بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
تَجِبُ زَكَاةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( ع ) وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ ( ع ) فَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا ( وَ ) وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَنِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ( ع ) وَفِيهِمَا رُبْعُ الْعُشْرِ ( ع ) وَسَبَقَ في الْفَصْلِ الثَّانِي من كِتَابِ الزَّكَاةِ حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَالِاعْتِبَارُ بِالدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ الذي وَزْنُهُ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَالْعَشَرَةُ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ( وَ ) وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ في صَدْرِ الْإِسْلَامِ صِنْفَيْنِ سُودًا الدِّرْهَمُ منها ثَمَانِيَةُ دَوَانِيقَ وَطَبَرِيَّةٌ الدِّرْهَمُ منها أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ فَجَمَعَهَا بَنُو أُمَيَّةَ وَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِيقَ قال في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَذَكَرَ دَرَاهِمَ بِالْيَمَنِ صِغَارًا الدِّرْهَمُ منها دَانَقَانِ وَنِصْفٌ فقال تُرَدُّ إلَى الْمَثَاقِيلِ
وقال في رِوَايَةِ اليموني ( ( ( الميموني ) ) ) وقد سَأَلَهُ عَمَّنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَزْنُهُ دِرْهَمٌ سَوَاءٌ وَشَيْءٌ وَزْنُهُ دَانَقَانِ وَهِيَ تُخَرَّجُ في مَوَاضِعَ ذَا مع وَزْنِهِ وَذَا مع نُقْصَانِهِ على الْوَزْنِ سَوَاءٌ فقال يَجْمَعُهَا جميعا ثُمَّ يُخْرِجُهَا على سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ قد اصْطَلَحَ الناس على دَرَاهِمِنَا وَدَنَانِيرِنَا هذه وَالدَّنَانِيرُ لَا اخْتِلَافَ فيها فَيُزَكِّي الرَّجُلُ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ من دَرَاهِمِنَا هذه فَيُعْطِي منها خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسَأَلَهُ محمد بن الْحَكَمِ عن الدَّرَاهِمِ السُّودِ فقال إذَا حَلَّتْ الزَّكَاةُ في مِائَتَيْنِ من دَرَاهِمِنَا هذه وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ فَأَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ فَأَمَّا الدِّيَةُ فَأَخَافُ عليه وَأَعْجَبَهُ في الزَّكَاةِ أَنْ يُؤَدِّيَ من مِائَتَيْنِ من هذه الدَّرَاهِمِ
وَإِنْ كان على رَجُلٍ دِيَةٌ أَنْ يُعْطِيَ السُّودَ الْوَافِيَةَ وقال هذا كَلَامٌ لَا تَحْتَمِلُهُ الْعَامَّةُ قال الْقَاضِي وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ وَزْنَهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ في الزَّكَاةِ وَالْخَرَاجُ مَحْمُولٌ عليه وَاعْتُبِرَ في الدِّيَةِ أَوْفَى من ذلك وقد قال صَاحِبُ الشِّفَاءِ الْمَالِكِيُّ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً زَمَنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يُوجِبُ الزَّكَاةَ في أَعْدَادٍ منها وَتَقَعُ بها الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ كما في الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وهو يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ من يَزْعُمُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لم تَكُنْ مَعْلُومَةً إلَى زَمَنِ عبدالملك وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ وَجَعَلَ وَزْنَ الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا مَعْنَى ما نُقِلَ من ذلك أَنَّهُ لم يَكُنْ
____________________
(2/343)
منها شَيْءٌ من ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ فَرَأَوْا صَرْفَهَا إلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ على وَزْنِهِمْ وفي شَرْحِ مُسْلِمٍ قال أَصْحَابُنَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ على هذا التَّقْدِيرِ أَنَّ الدِّرْهَمَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ ولم تَتَغَيَّرْ الْمَثَاقِيلُ في الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَوَّلَ الْحَيْضِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْعَ وَالْخُلَفَاءَ الراشدون ( ( ( الراشدين ) ) ) رَتَّبُوا على الدراهم ( ( ( الدرهم ) ) ) أَحْكَامًا فَمُحَالٌ أَنْ يَنْصَرِفَ كَلَامُهُمْ إلَى غَيْرِ الْمَوْجُودِ بِبَلَدِهِمْ أو زَمَنِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ الْمُخَاطَبُ فَلَا يُقْصَدُ وَلَا يُرَادُ وَلَا يُفْهَمُ وعايته ( ( ( وغايته ) ) ) الْعُمُومُ فَيَعُمُّ كُلَّ بَلَدٍ وَزَمَنٍ بِحَسَبِهِ وَعَادَتِهِ وَعُرْفِهِ أَمَّا تَقْيِيدُ كَلَامِهِمْ وَاعْتِبَارُهُ بِأَمْرٍ حَادِثٍ خَاصَّةً غَيْرِ مَوْجُودٍ بِبَلَدِهِمْ وَزَمَنِهِمْ من غَيْرِ دَلِيلٍ عَنْهُمْ كَيْفَ يُمْكِنُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
وَلَا زَكَاةَ من مَغْشُوشِهِمَا حتى يَبْلُغَ النَّقْدُ الْخَالِصُ فيه نِصَابًا ( وم ش ) نَقَلَ حَنْبَلٌ في دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ له خَلَصَتْ نَقَصَتْ الثُّلُثُ أو الرُّبْعُ لَا زَكَاةَ فيها لِأَنَّ هذه لَيْسَتْ بِمِائَتَيْنِ مِمَّا فَرَضَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإذا تَمَّتْ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَحَكَى ابن حَامِدٍ وَجْهًا إنْ بَلَغَ مَضْرُوبُهُ نِصَابًا زكاة ( وه ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كان الْغِشُّ أَكْثَرَ ( و ( ( ( ه ) ) ) ) وقال أبو الْفَرَجِ يُقَوَّمُ مضروبة كَعَرْضٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَكَّ فيه خُيِّرَ بين سَبْكِهِ فَإِنْ بَلَغَ قَدْرُ النَّقْدِ نِصَابًا زَكَّاهُ وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَظْهِرَ وَيُخْرِجَ ما يُجْزِئُهُ بِيَقِينٍ وَقِيلَ لَا زَكَاةَ
وَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَشَكَّ في زِيَادَةٍ اسْتَظْهَرَ فَأَلْفُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ سِتُّمِائَةٍ من أَحَدِهِمَا يُزَكِّي سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً وَإِنْ لم يجزىء ذَهَبٌ عن فِضَّةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً وَمَتَى أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَغْشُوشَةَ منها وَعَلِمَ قَدْرَ الْغِشِّ في كل دِينَارٍ جَازَ وَإِلَّا لم يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَظْهِرَ فَيُخْرِجَ قَدْرَ الزَّكَاةِ بِيَقِينٍ وَإِنْ أَخْرَجَ ما لَا غِشَّ فيه فَهُوَ أَفْضَلُ
وَإِنْ أَسْقَطَ الْغِشَّ وَزَكَّى على قَدْرِ الذَّهَبِ كَمَنْ معه أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا سُدُسُهَا غِشٌّ فَأَسْقَطَهُ وَأَخْرَجَ نِصْفَ دِينَارٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ في غِشِّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ غِشُّهَا فيه الزَّكَاةُ بِأَنْ يَكُونَ فِضَّةً وَلَهُ من الْفِضَّةِ ما يَتِمُّ بِهِ نِصَابًا أو نَقُولُ بِرِوَايَةِ ضَمِّهِ إلَى الذَّهَبِ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو يَكُونُ غِشُّهَا لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكِّي الْغِشَّ حِينَئِذٍ قال فَثَلَاثُونَ مِثْقَالًا منها اثْنَا عَشَرَ نُحَاسٌ وَالْبَاقِي ذَهَبٌ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ بِغَيْرِ غِشٍّ إنْ كانت زِيَادَةُ الدِّينَارَيْنِ كَزِيَادَةِ قِيمَةِ النُّحَاسِ دُونَ الذَّهَبِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ كَسَائِرِ عَرْضِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّقْدِ بِالصِّنَاعَةِ وَالضَّرْبُ لَا يَكْمُلُ بَعْضُ
____________________
(2/344)
نِصَابِهِ في الْقَدْرِ وقال في الرِّعَايَةِ من ضَمَّ بِالْأَجْزَاءِ لم يُحْتَسَبْ بِقِيمَةِ الْغِشِّ قال الْأَصْحَابُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشِ بِصَنْعَةِ الْغِشِّ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ بِالْأَجْزَاءِ كَحُلِيِّ الْكِرَاءِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ بِصِنَاعَتِهِ وَيُعْرَفُ غِشُّهُ بِوَضْعِ ذَهَبٍ وَزْنُهُ في مَاءٍ ثُمَّ فِضَّةٍ كَذَلِكَ وَهِيَ أَضْخَمُ ثُمَّ الْمَغْشُوشُ وَيُعْلَمُ عُلُوُّ الْمَاءِ وَيُمْسَحُ بين كل عَلَامَتَيْنِ فَمَعَ اسْتِوَاءِ الْمَمْسُوحَيْنِ نِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَمَعَ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ بِحِسَابِهِ وَيُكْرَهُ ضَرْبُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَاِتِّخَاذُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ قال في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن عبدالله الْمُنَادِي ليس لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَضْرِبُوا إلَّا جَيِّدًا وَذَلِكَ أَنَّهُ كان أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَتَعَامَلُونَ بِدَرَاهِمِ الْعَجَمِ فَكَانَتْ إذَا زَافَتْ عليهم أَتَوْا بها السُّوقَ فَقَالُوا من يَبِيعُنَا بِهَذِهِ وذلك ( ( ( وذاك ) ) ) أَنَّهُ لم يَضْرِبْهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا أبو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ وَلَا عَلِيٌّ وَلَا مُعَاوِيَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَعَلَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَيَأْتِي حُكْمُ إنْفَاقِهِ آخِرَ بَابِ الرِّبَا قال ابن تَمِيمٍ وَيُكْرَهُ الضَّرْبُ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ
كَذَا قال وقال في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ لَا يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إلَّا في دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ الناس إنْ رُخِّصَ لهم رَكِبُوا الْعَظَائِمَ قال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَقَدْ مُنِعَ من الضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فيه من الِافْتِيَاتِ عليه فَصْلٌ وَيُخْرِجُ عن جَيِّدٍ صَحِيحٍ رديء ( ( ( ورديء ) ) ) من جِنْسِهِ وَمِنْ كل نَوْعٍ بِحِصَّتِهِ وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ إنْ شَقَّ لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ فَمِنْ الْوَسَطِ كَالْمَاشِيَةِ وَإِنْ أَخْرَجَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ من الْأَعْلَى كان أَفْضَلَ وَإِنْ أَخْرَجَ عن الْأَعْلَى من الْأَدْنَى أو الْوَسَطِ زاد ( ( ( وزاد ) ) ) قَدْرَ الْقِيمَةِ جَازَ نَصَّ عليه وَإِلَّا فَلَا ( ه ) جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَتَعْلِيلُهُمْ أنها كَمَغْشُوشٍ عن جَيِّدٍ وَإِنْ أَخْرَجَ من الْأَعْلَى بِقَدْرِ الْقِيمَةِ دُونَ الْوَزْنِ لم يُجْزِئْهُ ( وَ ) ويجزىء قَلِيلُ الْقِيمَةِ عن كَثِيرِهَا مع الْوَزْنِ وَقِيلَ وَزِيَادَةُ قَدْرِ الْقِيمَةِ ويجزىء مَغْشُوشٌ قِيلَ وَلَوْ من غَيْرِ جِنْسِهِ عن جَيِّدٍ وَمُكَسَّرٌ عن صَحِيحٍ وَسُودٌ عن بِيضٍ مع الفضل ( ( ( الفصل ) ) ) بَيْنَهُمَا نَصَّ عليه لَا مُطْلَقًا ( ه ) وَقِيلَ يَجِبُ الْمِثْلُ اخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ ( وم ش ) وَاخْتَارَهُ في الْمُجَرَّدِ في غَيْرِ مُكَسَّرٍ عن صَحِيحٍ قال ابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ قال أَصْحَابُنَا وَلَا رِبَا بين الْعَبْدِ وَرَبِّهِ كَعَبْدٍ وَسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَالِكُهُمَا
____________________
(2/345)
حقيقة والربا حَقِيقَةً وَالرِّبَا في الْمُعَاوَضَاتِ وَلَا حَقِيقَةَ معارضة ( ( ( معاوضة ) ) ) فَلَا رِبَا وقال ابن عَقِيلٍ لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ هذا إذَا لم يَمْلِكْهُ وَإِلَّا جَرَى بَيْنَهُمَا كَمُكَاتَبٍ وَسَيِّدِهِ وَلِأَنَّهُ يُزَكِّي ما يُقَابِلُ الصَّنْعَةَ وهو تَقْوِيمٌ يُمْنَعُ منه في الرِّبَا وَلِأَنَّهُ لَا بَيْعَ بَلْ مُوَاسَاةٌ كَجَبْرِ نفقه الْأَقَارِبِ بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ الرَّدَاءَةِ في الْأَقْوَاتِ
وَكَذَا قال في الْخِلَافِ الرِّبَا فِيمَا طَرِيقَتُهُ الْمُعَاوَضَاتُ وَلَا مُعَاوَضَةَ هُنَا فَجَرَتْ الزِّيَادَةُ مَجْرَى زِيَادَةٍ على نَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَمَجْرَى الْهِبَةِ وَلِأَنَّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَّقَ تَحْرِيمَ الرِّبَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ فقال لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ قال وَأَجَابَ أبو إِسْحَاقَ بِأَنَّ هذا ليس بِرِبًا لِأَنَّ الرِّبَا هو الزِّيَادَةُ وَلَيْسَ هُنَا زِيَادَةٌ في الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا ذلك في مُقَابَلَةِ النَّقْصِ قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ رَدِيءٍ عن جَيِّدٍ في عَقْدٍ وَغَيْرِهِ ( وَ ) يثبت ( ( ( ويثبت ) ) ) الْفَسْخُ ( وَ ) قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا يَلْزَمُ أَخْذُ الْمَكْسُورِ لِالْتِبَاسِهِ وَجَوَازِ اخْتِلَاطِهِ
وَكَذَلِكَ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا عن الْمَضْرُوبِ الصَّحِيحِ وقد قال في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَذَكَرَ له قَوْلَ سُفْيَانَ إذَا شَهِدَ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِمِائَةِ دِينَارٍ فَلَهُ دَرَاهِمُ ذلك الْبَلَدِ وَدَنَانِيرُ ذلك الْبَلَدِ قال أَحْمَدُ جَيِّدٌ قال الْقَاضِي فَقَدْ اُعْتُبِرَ نَقْدُ الْبَلَدِ ولم يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الصِّحَاحِ وَيَأْتِي في الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا يُرْجَعُ فِيمَا أَخْرَجَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن أَصْحَابِنَا وَيَأْتِي في مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ وَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ خِلَافٌ وَلَا فَرْقَ فَصْلٌ وَيَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي واصحابه وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ ( وه م ) حَاضِرًا أو دَيْنًا فيه زَكَاةٌ لِأَنَّ مَقَاصِدَهُمَا وَزَكَاتَهُمَا مُتَّفِقَةٌ فَهُمَا كَنَوْعَيْ الْجِنْسِ وَعَنْهُ لَا يَكْمُلُ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُرْوَى أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إليهما ( ( ( إليها ) ) ) أَخِيرًا وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهَا في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ ( م 1 ) ( وش ) لِلْعُمُومِ فَعَلَى الْأُولَى يَكْمُلُ بِالْأَجْزَاءِ ( وم ) وَأَبِي يُوسُفَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَيَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ الْخَلَّالُ
____________________
1-
(2/346)
ومحمد ( ( ( والخرقي ) ) ) ورواية ( ( ( والقاضي ) ) ) عن ( ( ( وأصحابه ) ) ) ( و ) وأطلق في الْهِدَايَةِ عنه القيمة ( ( ( ومسبوك ) ) ) وعن ( ( ( الذهب ) ) ) أحمد بالقيمة ذكرها أبو الْحُسَيْنِ والرعاية إلَى وزن الآخر فيقوم الأعلى بالأدنى وعنه يضم الأقل منهما إلى الأكثر ذكرها في منتهى الغاية فيقوم بقيمة الأكثر نقلها أبو عبدالله النيسابوري وعنه يكمل أحدهما بالآخر بالأحظ للفقراء من الأجزاء أو القيمة ذكرها القاضي وغيره ( وه ) فعليها لو بلغ أحدهما نصابا يضم إليه ما نقص عنه من الْآخَرِ في أَصَحِّ الوجهين ( ( ( الروايتين ) ) ) فمائة درهم ( ( ( المختار ) ) ) وعشرة دنانير قيمتها مائة درهم يضمان وإن كانت قيمتها دون مائة ضما ( ( ( نصره ) ) ) على غير رواية الضم بالقيمة ولو ( ( ( الآدمي ) ) ) كانت الدنانير ( ( ( منتخبه ) ) ) ثمانية قيمتها مائة درهم ضما على ( ( ( والرعايتين ) ) ) غير رواية الضم بالأجزاء
وإن لم تبلغ قيمتها مائة درهم فلا ضم ويضم جيد كل جنس ومضروبه إلى رديئه وتبره ( و ) وَتُضَمُّ قِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ إلَى كل وَاحِدٍ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَزَمَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) والخرقي والقاضي وأصحابه وصاحب المحرر وغيرهم وعنه لا يكمل قال صاحب المحرر يروي أنه رجع إليها أخيرا واختارها أبو بكر وقدمها في الكافي والرعاية وابن تميم انتهى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمقنع والتلخيص والبلاغة والنظم والزركشي وشرح الأصفهاني على الخرقي وغيرهم إحداهما يضم وهو الصحيح من المذهب وعليها الأكثر كما قال المصنف منهم الخلال والخرقي والقاضي وأصحابه الشريف وأبو الخطاب في خلافهما والشيرازي وابن عقيل في التذكرة وابن البنا والقاضي أبو الحسين وغيرهم ونصره ابن عقيل في الفصول أيضا وجزم به في الإيضاح والإفادات ونهاية ابن رزين والوجيز والمنور وغيرهم وصححه في التصحيح وقدمه في الخلاصة والهادي والمحرر والحاويين وغيرهم واختاره المجد في شرحه وابن رزين فقال هذا أظهر وهو الصواب ولا يسع الناس غيره
والرواية الثانية لا يكمل قال المجد في شرحه يروى أن أحمد رجع عنها أخيرا ورأيت في نسخة رجع إليها أخيرا واختارها أبو بكر في التنبيه مع اختياره في الحبوب الضم قال في الفائق ولا يضم أحد النقدين إلى الآخر في أصح الروايتين وهو المختار انتهى قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وهو ظاهر ما نصره الشيخ في المغني وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الكافي وابن تميم والرعايتين
____________________
1-
(2/347)
بِهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وقال لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا قال وَلَوْ كان ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ ضُمَّ الْجَمِيعُ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَكَذَا في الْكَافِي يَكْمُلُ نِصَابُ التِّجَارَةِ بِالْأَثْمَانِ لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَجَعَلَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَصْلًا لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى فقال وَلِأَنَّهُمَا يُضَمَّانِ إلَى ما يُضَمُّ إلَى كل وَاحِدٍ منها فَضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَأَنْوَاعِ الْجِنْسِ وَأَجَابَ عن الْعُمُومِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ فَنَقِيسُ عليه مَسْأَلَتَنَا وَهَذَا اعْتِرَافٌ من بِالتَّسْوِيَةِ
فَيُقَالُ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ التَّخْرِيجُ لأنه التَّسْوِيَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ الْفَرْقِ وَيُقَالُ كَيْفَ يَعْتَرِفُ بِالتَّسْوِيَةِ من يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في الْحُكْمِ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ فَلَيْسَ هذا فَرْقًا مُؤَثِّرًا وَإِنْ كان فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ أَظُنُّهُ أَبَا الْمَعَالِي بن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) بِأَنَّ ما قُوِّمَ بِهِ الْعَرْضُ كَنَاضٍّ عِنْدَهُ فَفِي ضَمِّهِ إلَى غَيْرِ ما قُوِّمَ بِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَقَدَّمَ في كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ الرعاية ( ( ( والرعاية ) ) ) هذا فَقَالَا فِيمَنْ معه ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ ضُمَّ الْجَمِيعُ وَإِنْ لم يَكُنْ النَّقْدُ لِلتِّجَارَةِ ضُمَّ الْعَرْضُ إلَى أَحَدِهِمَا وَقِيلَ إلَيْهِمَا زَادَ في الرِّعَايَةِ إنْ قُلْنَا بِضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ كَذَا قال قَالَا وَيُضَمُّ الْعَرْضُ إلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصَابًا أو لَا فَصْلٌ لَا زَكَاةَ في حلى مُبَاحٍ قال جَمَاعَةٌ مُعْتَادٍ ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ لِرَجُلٍ أو امْرَأَةٍ إنْ أُعِدَّ لِلُبْسٍ مُبَاحٍ أو إعَارَةٍ ( وم ش ) وَلَوْ من يَحْرُمُ عليه كَرَجُلٍ يَتَّخِذُ حلى النِّسَاءِ لِإِعَارَتِهِنَّ أو امْرَأَةٍ تَتَّخِذُ حلى الرِّجَالِ لِإِعَارَتِهِمْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ( م ) مع أَنَّ عِنْدَهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ قال بَعْضُهُمْ لَا فَارًّا من زَكَاتِهِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وقد يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعَنْهُ تَجِبُ زَكَاتُهُ وَعَنْهُ إذَا لم يُعَرْ ولم يُلْبَسْ وَقَالَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ نَقَلَ ابن هانىء زَكَاتُهُ عَارِيَّتُهُ وقال هو قَوْلُ خَمْسَةٍ من الصَّحَابَةِ وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ عن خَمْسَةٍ من التَّابِعِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَسِيلَةِ وَذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ جَوَابًا وَكَذَا في الْخِلَافِ لَكِنْ قال لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مُبَاحَةً وَيَتَوَعَّدُ على مَنْعِهَا لِقَوْلِهِ { وَيَمْنَعُونَ الماعون } الْمَاعُونَ 7 وَحَدِيثُ ما حَقُّهَا قال
____________________
(2/348)
إعَارَةُ دَلْوِهَا وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا فَتَوَعَّدَ على تَرْكِ هذه الْأَشْيَاءِ وَهِيَ مُبَاحَةٌ كَذَا قال وَأَجَابَ أَيْضًا هو وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُحْمَلُ ذلك على وَقْتٍ كان الذَّهَبُ فيه مُحَرَّمًا على النِّسَاءِ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذلك بِإِبَاحَتِهِ
وَإِنْ كان الْحُلِيُّ لِيَتِيمٍ لَا يَلْبَسُهُ فَلِوَلِيِّهِ إعَارَتُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ لم يُعِرْهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ نَصَّ أَحْمَدُ على ذلك ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَيَأْتِي في الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَهَذَانِ قَوْلَانِ أو أَنَّ هذا لِمَصْلَحَةِ مَالِهِ وَيُقَالُ قد يَكُونُ هُنَاكَ كَذَلِكَ فَإِنْ كان لِمَصْلَحَةِ الثَّوَابِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ كَالْفَرْضِ
وَتَجِبُ فِيمَا أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ ( وَ ) كَحُلِيِّ الصَّيَارِفِ أو قِنْيَةٍ وَادِّخَارٍ ( وَ ) ونفقه إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ أو لم يَقْصِدْ رَبُّهُ شيئا وَكَذَا ما أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ نَصَّ عليه ( و ) حَلَّ له لُبْسُهُ أو لَا ( و ) لِأَنَّ الْأَصْلَ في جِنْسِهِ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَالْعَقَارِ يُقْصَدُ نَمَاؤُهَا بِالْكِرَاءِ وَقِيلَ ما اتَّخَذَ من ذلك لِسَرَفٍ أو مُبَاهَاةٍ كَرِهَ وزكى وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي الْآتِي فِيمَنْ اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ وَمُرَادُهُ مع نِيَّةِ لُبْسٍ أو إعَارَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا زَكَاةَ وَإِنْ كان مُرَادُهُ اتَّخَذَهُ لِسَرَفٍ وَمُبَاهَاةٍ فَقَطْ فَالْمَذْهَبُ قَوْلًا وَاحِدًا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ زَكَاةً فِيمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ وقال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ لَا زَكَاةَ في حُلِيٍّ مُبَاحٍ لم يُعَدَّ لِلتَّكَسُّبِ بِهِ وَتَجِبُ في الحلى الْمُحَرَّمِ وَآنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( وَ ) حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا أو اتِّخَاذُهَا أو هُمَا لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ لَمَّا كانت لِمُحَرَّمٍ جُعِلَتْ كَالْعَدَمِ
وَلَا يَلْزَمُ من جَوَازِ الِاتِّخَاذِ جَوَازُ الصَّنْعَةِ كَتَحْرِيمِ تَصْوِيرِ ما يُدَاسُ مع جَوَازِ اتِّخَاذِهِ وَحَكَى ابن تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ التَّمِيمِيَّ قال إنْ اتَّخَذَ رَجُلٌ حُلِيَّ امْرَأَةٍ فَفِي زَكَاتِهِ رِوَايَتَانِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ السَّابِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ وَأَمْكَنَ لُبْسُهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ ( وَ ) وَإِنْ لم يكن ( ( ( يمكن ) ) ) لُبْسُهُ فَإِنْ لم يَحْتَجَّ في إصْلَاحِهِ إلَى سَبْكٍ
____________________
(2/349)
وَتَجْدِيدِ صَنْعَةٍ فقال إنْ نَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ فيه كَالصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ ولم يذكر نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا ( ق ) لِأَنَّهُ إلَى حَالَةِ لُبْسِهِ وَإِصْلَاحِهِ أَقْرَبُ فَأُلْحِقَ بها لِأَنَّهُ أَصْلُهُ وَذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وَجْهًا وقال ما لم يَنْوِ كَسْرَهُ فَيُزَكِّيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ يُزَكِّيهِ وَلَوْ نَوَى إصْلَاحَهُ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ ولم يذكر نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَنِيَّةِ صِيَاغَةِ ما لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا بِسَبْكٍ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ صُنْعِهِ زَكَّاهُ ( وَ ) وَقِيلَ لَا إنْ نَوَى ذلك
وقال أبو الْفَرَجِ إنْ لم يَمْنَعْ الْكَسْرُ اللُّبْسَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَذَا حَكَاهُ ابن تَمِيمٍ وَإِنَّمَا هو قَوْلُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ وَلَا زَائِدَةَ غَلَطٌ ( * ) وَإِنْ وُجِدَ الْكَسْرُ الْمُسْقِطُ من غَاصِبٍ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ أو بِأَمْرٍ لم يَعْلَمْهُ الْمَالِكُ حتى حَالَ الْحَوْلُ وَجَبَتْ في الْأَصَحِّ كما سَبَقَ فِيمَنْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً وَسَامَهَا وما سَقَطَتْ زَكَاتُهُ فَنَوَى ما يُوجِبُهَا وَجَبَتْ فَإِنْ عَادَ وَنَوَى ما يُسْقِطُهَا سَقَطَتْ وَيُعْتَبَرُ نِصَابُ الْكُلِّ بِوَزْنِهِ هذا الْمَذْهَبُ ( وَ ) وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ وَحَكَى رِوَايَةً بِنَاءً على أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ وَيَضْمَنُ صَنْعَتَهُ بِالْكَسْرِ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الْمُبَاحِ وَبِوَزْنِ الْمُحَرَّمِ فَعَلَى هذا لو تَحَلَّى الرَّجُلُ بحلى الْمَرْأَةِ أو بِالْعَكْسِ أو اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا حلى الْآخَرِ قَاصِدًا لُبْسَهُ أواتخذ أَحَدُهُمَا ما يُبَاحُ له لِمَا يَحْرُمُ عليه أو لِمَنْ يَحْرُمُ عليه فإنه يَحْرُمُ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ لِإِبَاحَةِ الصَّنْعَةِ في الْجُمْلَةِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ في حلى الْكِرَاءِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ
وَأَمَّا الحلى الْمُبَاحُ لِلتِّجَارَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ نَصَّ عليه فَلَوْ كان معه نَقْدٌ مُعَدٌّ لِلتِّجَارَةِ فإنه عَرْضٌ يُقَوَّمُ بِالْآخَرِ إنْ كان أحط ( ( ( أحظ ) ) ) لِلْفُقَرَاءِ أو نَقَصَ عن نِصَابِهِ وقال بَعْضُهُمْ هو ظَاهِرُ نَقْلِ إبْرَاهِيمُ بن الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَنَصَّ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ على خِلَافِ ذلك قال فَصَارَ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَأَظُنُّ هذا من كَلَامِ وَلَدِهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي بَعْضَ الْمَرْوِيِّ عن أَحْمَدَ على الِاسْتِحْبَابِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ أطنه ( ( ( أظنه ) ) ) في الْمُغْنِي مع جَزْمِهِ بِالْأَوَّلِ في زَكَاةِ الْعُرُوضِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ في الْإِخْرَاجِ إنْ اُعْتُبِرَتْ في النِّصَابِ وَإِنْ لم تُعْتَبَرْ في النِّصَابِ لم تُعْتَبَرْ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيهان الأول ) قوله عن كلام أبي الفرج ولا زائدة غلط كذا في النسخ وصوابه ولم زائده غلطا لأنها في كلام أبي الفرج
____________________
1-
(2/350)
في الْإِخْرَاجِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ( وَ ) لِمَا فيه من سُوءِ الْمُشَارَكَةِ أو تَكْلِيفِهِ أَجْوَدَ لِيُقَابَلَ الصَّنْعَةَ فَجَعَلَ الْوَاجِبَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُفْرَدًا مُمَيَّزًا من الْمَضْرُوبِ الرَّابِحِ وَالْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا يُعْتَبَرُ في الْمُبَاحِ خَاصَّةً ( وم ر ) وقال الْقَاضِي هو قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ إذَا أُخْرِجَ عن صِحَاحٍ مُكَسَّرَةٍ يعطى ما بَيْنَهُمَا فَاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الْوَزْنِ كَزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِنَفَاسَةِ جَوْهَرِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا أو مثله وَزْنًا مِمَّا يُقَابِلُ جَوْدَتُهُ زِيَادَةَ الصَّنْعَةِ جَازَ وَإِنْ جَبَرَ زِيَادَةَ الصَّنْعَةِ بِزِيَادَةٍ في الْمُخْرَجِ فَكَمُكَسَّرَةٍ عن صِحَاحٍ على ما سَبَقَ ( وَ ) وَإِنْ أَرَادَ كَسْرَهُ مُنِعَ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ وقال ابن تَمِيمٍ إنْ أَخْرَجَ من غَيْرِهِ بِقَدْرِهِ جَازَ وَلَوْ من غَيْرِ جِنْسِهِ وَإِنْ لم تُعْتَبَرْ الْقِيمَةُ لم يُمْنَعْ من الْكَسْرِ ولم يُخْرِجْ من غَيْرِ الْجِنْسِ وَكَذَا حُكْمُ السَّبَائِكِ فَصْلٌ يَحْرُمُ على الرَّجُلِ لُبْسُ الذَّهَبِ ( وَ ) وَالْفِضَّةِ ( وَ ) كما سَبَقَ في اللِّبَاسِ من سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَسَبَقَ فيه حُكْمُ المنسوج ( ( ( المنسوخ ) ) ) بِذَلِكَ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَسِيرُ ذلك تَبَعًا كَزِرِّ الذَّهَبِ والطراز ( ( ( والطرز ) ) ) وَمِسْمَارِ خَاتَمٍ وَفَصِّهِ وَنَحْوِ ذلك وَيَسِيرُهُ في الْآنِيَةِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ ذلك وَالْخِرَقِيُّ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَمُرَادُهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَجَزَمَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فيه بين أَصْحَابِنَا
وفي جَامِعِ الْقَاضِي وَالْوَسِيلَةِ ظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَتَحْرِيمُ الْآنِيَةِ أَشَدُّ من اللِّبَاسِ لِتَحْرِيمِهَا على الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ولم أَجِدْهُمْ احْتَجُّوا على تَحْرِيمِ لِبَاسِ الْفِضَّةِ على الرِّجَالِ وَلَا أَعْرِفُ التَّحْرِيمَ نَصًّا عن أَحْمَدَ وَكَلَامُ شَيْخِنَا يَدُلُّ على إبَاحَةِ لُبْسِهَا لِلرِّجَالِ إلَّا ما دَلَّ الشَّرْعُ على تَحْرِيمِهِ وقال أَيْضًا لُبْسُ الْفِضَّةِ إذَا لم يَكُنْ فيه لَفْظٌ عَامٌّ بِالتَّحْرِيمِ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ منه إلَّا ما قام الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ على تَحْرِيمِهِ
فإذا أَبَاحَتْ السُّنَّةُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ دَلَّ على إبَاحَةِ ما في مَعْنَاهُ وما هو أَوْلَى منه بِالْإِبَاحَةِ وما لم يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ في تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى { خَلَقَ لَكُمْ ما في الْأَرْضِ جميعا } البقرة 29 وَالتَّحْرِيمُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ نَقَلُوا عنه عليه الصَّلَاةُ
____________________
(2/351)
وَالسَّلَامُ اسْتِعْمَالَ يَسِيرِ الْفِضَّةِ في أَخْبَارٍ مَشْهُورَةٍ لِيَكُونَ ذلك حُجَّةً في اخْتِصَاصِهِ بِالْإِبَاحَةِ وَلَوْ كانت الْفِضَّةُ مُبَاحَةً لم يَكُنْ في نَقْلِهِمْ اسْتِعْمَالَ الْيَسِيرِ من ذلك كَبِيرَ فَائِدَةٍ وَيُقَالُ قَوْلُكُمْ كَبِيرَ فَائِدَةٍ دَلِيلٌ على أنه فيه فَائِدَةً سِوَى الْمَطْلُوبِ فَنَقَلُوهُ لِأَجْلِهَا وَلَا يُقَالُ لِلْأَمْرَيْنِ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذلك وَلَا دَلِيلَ عليه هذا كما نَقَلُوا أَجْنَاسَ آنِيَتِهِ وَمَلَابِسِهِ وَغَيْرِ ذلك وَإِنَّمَا كان قَوْلُ أَنَسٍ انْكَسَرَ قَدَحُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً من فِضَّةٍ حُجَّةً في إبَاحَةِ الْيَسِيرِ في الْآنِيَةِ لِعُمُومِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ
وَلِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم سُئِلَ عن الْخَاتَمِ من أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ قال من وَرِقٍ وَلَا تُتِمُّهُ مِثْقَالًا إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ من حديث بُرَيْدَةَ قال أَحْمَدُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ثُمَّ أَيْنَ التَّحْرِيمُ فيه
وَلِأَنَّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ في الْفِضَّةِ وَنَهَاهُنَّ عن الذَّهَبِ في أَخْبَارٍ رَوَاهَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَبَعْضُهَا إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَوْ كانت إبَاحَتُهَا عَامَّةً لِمَا خَصَّهُنَّ بِالذِّكْرِ وَلَعَمَّ لِعُمُومِ الْفَائِدَةِ بَلْ وَلَصَرَّحَ بِذِكْرِ الرِّجَالِ لِإِزَالَةِ اللَّبْسِ وَإِيضَاحِ الْحَقِّ وَيُقَالُ إنَّمَا خَصَّهُنَّ لِأَنَّهُنَّ السَّبَبُ لِأَنَّهُ نَهَاهُنَّ عن الذَّهَبِ وَأَبَاحَ لَهُنَّ
____________________
(2/352)
الْفِضَّةَ فَلَا حُجَّةَ إذًا بَلْ يُقَالُ إبَاحَتُهَا لَهُنَّ إبَاحَةٌ لِلرِّجَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّسَاوِي في الْأَحْكَامِ إلَّا ما خَصَّهُ الدَّلِيلُ
وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ منها فَحَرُمَ لُبْسُهَا كَالذَّهَبِ وَهَذَا لِأَنَّ تَسْوِيَةَ الشَّارِعِ بَيْنَهُمَا في تَحْرِيمِ الْإِنَاءِ دَلِيلٌ على التَّسْوِيَةِ في غَيْرِهِ وَيُقَالُ تَحْرِيمُ الذَّهَبِ آكَدُ بِلَا شَكٍّ فَيَمْتَنِعُ الْإِلْحَاقُ وَتَسْوِيَةُ الشَّارِعِ بَيْنَهُمَا في التَّحْرِيمِ الْمُؤَكَّدِ وهو الْآنِيَةُ لَا يَدُلُّ على التَّسْوِيَةِ في غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ ليس بِهِ بَأْسٌ ( وَ ) وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان له خَاتَمٌ وَهَذَا رَوَاهُ أبو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ كان في يَدِهِ الْيُسْرَى وَرَوَاهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ إنَّمَا هو شَيْءٌ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الشَّامِ وحديث ( ( ( وحدث ) ) ) بِحَدِيثِ أبي ريحانه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كَرِهَ عَشْرَ خِصَالٍ وَفِيهَا الْخَاتَمَ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ فلما بَلَغَ هذا الْمَوْضِعَ تَبَسَّمَ كَالْمُتَعَجِّبِ وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ في الْمُسْنَدِ حدثنا يحيى ابن غَيْلَانَ حدثنا الْمُفَضَّلُ بن فَضَالَةَ حدثنا عَيَّاشُ بن عَبَّاسٍ عن أبي الْحُصَيْنِ الْهَيْثَمِ بن شُفَيٍّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يقول خَرَجْت أنا وَصَاحِبٌ لي يُسَمَّى أَبَا عَامِرٍ رَجُلٌ من الْمَعَافِرِ لِنُصَلِّيَ بِإِيلْيَاءَ وكان قَاضِيهِمْ رجل ( ( ( رجلا ) ) ) من الْأَزْدِ يُقَالُ له أبو رَيْحَانَةَ من الصَّحَابَةِ قال أبو الْحُصَيْنِ فَسَبَقَنِي صَاحِبِي إلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَدْرَكْته فَجَلَسْت إلَى جَنْبِهِ فَسَأَلَنِي هل أَدْرَكْت قَصَصَ أبي رَيْحَانَةَ فَقُلْت لَا فقال سَمِعْته يقول نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن عَشْرَةٍ عن الْوَشْرِ وَالْوَشْمِ وَالنَّتْفِ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَمُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ في أَسْفَلِ ثَوْبِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ وَأَنْ يَجْعَلَ على مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ وَعَنْ النهبي وَعَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ إلَّا الذي ( ( ( لذي ) ) ) سُلْطَانٍ
وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ من حديث الْمُفَضَّلِ أبو عَامِرٍ روي عنه الْهَيْثَمُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيُّ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ في تَارِيخِهِ ولم أَجِدْ فيه كَلَامًا وَبَاقِي إسْنَادِهِ
____________________
(2/353)
جَيِّدٌ فَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ولم يُضَعِّفْهُ ابن الْجَوْزِيِّ في جَامِعِ الْمَسَانِيدِ وقال النَّهْيُ عن الْخَاتَمِ لِيَتَمَيَّزَ السُّلْطَانُ بِمَا تَخَتَّمَ بِهِ وَسَبَقَتْ رِوَايَةُ الْأَثْرَمِ وقال بَعْضُهُمْ عن النَّصِّ الْأَوَّلِ فَظَاهِرُهُ لَا فَضْلَ فيه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ ابن تَمِيمٍ يُكْرَهُ لِقَصْدِ الزِّينَةِ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ فَصِّهِ يَلِي كَفَّهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَفْعَلُ ذلك وكان ابن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ يَلِي ظَهْرَ كَفِّهِ وَلَهُ جَعْلُ فَصِّهِ منه وَمِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ في الْبُخَارِيِّ من حديث أَنَسٍ كان فَصُّهُ منه وَلِمُسْلِمٍ كان فَصُّهُ حَبَشِيًّا وَلُبْسُهُ في خِنْصَرِ يَدٍ مِنْهُمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ لِأَنَّ في الصَّحِيحَيْنِ من حديث أَنَسٍ أَنَّ النبي لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ في يَمِينِهِ وَلِمُسْلِمٍ في يَسَارِهِ وَلِمُسْلِمٍ من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا لَبِسَ خَاتَمَ الذَّهَبِ جَعَلَهُ في يَمِينِهِ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ في يَسَارِهِ ( وم ) وَهَذَا نَصُّ أَحْمَدَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْفَضْلُ وَأَنَّهُ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَضَعَّفَ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( التَّنْبِيهُ الثَّانِي ) قَوْلُهُ في الْخَاتَمِ وَلَهُ لُبْسُهُ في خِنْصَرِ يَدٍ مِنْهُمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ به في الْمُسْتَوْعِبِ والتخليص في يَسَارِهِ وَهَذَا نَصُّ أَحْمَدَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْفَضْلُ وَأَنَّهُ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَقِيلَ في الْيُمْنَى أَفْضَلُ انْتَهَى فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ في لُبْسِهِ في خِنْصَرِ أَحَدِهِمَا وهو الذي قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لُبْسَهُ في يَسَارِهِ أَفْضَلُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْفَضْلِ بن زِيَادٍ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ وهو أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَأَحَبُّ إلَيَّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن عبد الْقَوِيِّ في آدَابِهِ الْمَنْظُومَةِ وَيَحْسُنُ في الْيُسْرَى كَأَحْمَدَ وَصَحْبِهِ قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِ الْخَوَاتِمِ وقد أَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ في الْيُمْنَى مَنْسُوخٌ وَأَنَّ التَّخَتُّمَ في الْيَسَارِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ انْتَهَى قال في التَّلْخِيصِ ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ في الْيَمِينِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
1-
(2/354)
رحمه ( ( ( ضعف ) ) ) الله في السبابة والوسطى للرجل وللنهي الصحيح عن ذلك وجزم به في المستوعب وَغَيْرِهِ ولم ( ( ( حديث ) ) ) يقيده ( ( ( التختم ) ) ) في الترغيب وغيره وظاهر ذلك لا يكره في غيرهما ( ( ( اليمنى ) ) ) وإن ( ( ( وهذه ) ) ) كان الخنصر ( ( ( قدم ) ) ) أَفْضَلُ اقتصارا ( ( ( قدم ) ) ) على النص
وقال أبو المعالي والإبهام مثلهما ( ( ( فلصاحب ) ) ) فالبنصر مثله ولا فرق قال في الرِّعَايَةِ وَيُسَنُّ دُونَ مِثْقَالٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَصْحَابِ لَا بَأْسَ بِأَكْثَرَ من ذلك لِضَعْفِ خَبَرِ بُرَيْدَةَ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ ما لم يَخْرُجْ عن الْعَادَةِ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ خَرَجَ الْمُعْتَادُ لِفِعْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ لم يَخْرُجْ بِصِيغَةِ لَفْظٍ لِيَعُمَّ ثُمَّ لو كان فَهُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ
وَلِهَذَا جَزَمَ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ بِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لو اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ أو مَنَاطِقَ لم تَسْقُطْ الزَّكَاةُ فِيمَا خَرَجَ عن الْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَتَّخِذَ ذلك لِوَلَدِهِ أو عَبْدِهِ مع أَنَّ الْخَاتَمَ الْخَارِجَ عن الْعَادَةِ أَوْلَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من عِدَّةِ خَوَاتِيمَ مُعْتَادٌ لُبْسُهُ كحلى الْمَرْأَةِ الْكَثِيرِ وَلِهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا زَكَاةَ في ذلك وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لَا زَكَاةَ في كل حلى أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ قَلَّ أو أكثر ( ( ( كثر ) ) ) لِرَجُلٍ كان أو لِامْرَأَةٍ وَكَذَا قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لَا فَرْقَ بين قَلِيلِ الْحُلِيِّ وكثيرة ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْآتِيَ في حلى الْمَرْأَةِ وَلِهَذَا لو كان له أَوَانِي أَلْفُ إنَاءٍ فَأَكْثَرُ في كل إنَاءٍ ضَبَّةٌ مُبَاحَةٌ فَلَا زَكَاةَ جَزَمُوا له لَكِنْ إنْ قِيلَ ظَاهِرُ هذا لَا فَرْقَ بين الْكِبَرِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ كحلى الْمَرْأَةِ قِيلَ يُحْتَمَلُ ذلك وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادِهِ لِمَا سَبَقَ وحلى الْمَرْأَةِ أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِلَفْظِهِ لم يُحَرِّمْ عليها شيئا منه وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُخَرَّجُ جَوَازُ لُبْسِ خَاتَمَيْنِ فَأَكْثَرَ جميعا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ على الْخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ قُرْآنٌ أو غَيْرُهُ نَقَلَ إِسْحَاقُ أَظُنُّهُ ابْنَ مَنْصُورٍ لَا يُكْتَبُ فيه ذِكْرُ اللَّهِ قال إِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ لِمَا يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فيه وَلَعَلَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَهُ لِذَلِكَ وَعَنْهُ لايكره دُخُولُ الْخَلَاءِ بِذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ هُنَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ضعف في رواية الأثرم وغيره حديث التختم في اليمنى وهذه المسألة قدم فيها المصنف خلاف المنصوص والصحيح من المذهب فيما يظهر والله أعلم وقوله وقيل في اليمنى أفضل قدم هذا القول في الرعاية الصغرى والحاويين فلصاحب الرعاية في هذه المسألة ثلاث اختيارات والله أعلم
____________________
1-
(2/355)
ولم أَجِدْ لِلْكَرَاهَةِ دَلِيلًا سِوَى هذا وَهِيَ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَظَاهِرُ ذلك لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ أو ذِكْرُ رَسُولِهِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُكْرَهُ ذلك ( وم ش ) وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ في الصَّحِيحَيْنِ عن أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ فَقِيلَ له إنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إلَّا بِخَاتَمٍ فَصَاغَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاتَمًا حَلْقَةً فِضَّةً وَنَقَشَ فيه مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ وقال لِلنَّاسِ إن ( ( ( إني ) ) ) اتَّخَذْت خَاتَمًا من فِضَّةٍ وَنَقَشْت فيه مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ فَلَا يَنْقُشُ أحدكم على نَقْشِهِ وَلِلْبُخَارِيِّ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ ورسول سطر والله سَطْرٌ وَيَأْتِي كَلَامُ أبي الْمَعَالِي في آخِرِ الرِّبَا أَنَّهُ يُكْرَهُ على الدَّرَاهِمِ عِنْدَ الضَّرْبِ
وَتُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ ( و ) لِلْخَبَرِ وَكَذَا حِلْيَةُ الْمِنْطَقَةِ على الْأَصَحِّ ( وَ ) لِأَنَّهَا مُعْتَادَةٌ له بِخِلَافِ الطَّوْقِ وَغَيْرِهِ من حُلِيِّهَا وَعَلَى قِيَاسِهِ حليه الْجَوْشَنِ وَالْخُوذَةِ وَالْخُفِّ وَالرَّانِّ وَالْحَمَائِلِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَسِيرُ فِضَّةٍ في لِبَاسِهِ كَالْمِنْطَقَةِ وَجَزَمَ في الْكَافِي بِإِبَاحَةِ الْكُلِّ وَنَصَّ أَحْمَدُ في الخمائل ( ( ( الحمائل ) ) ) التَّحْرِيمَ وَظَاهِرُ ذلك الِاقْتِصَارُ على هذه الْأَشْيَاءِ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ وَنَحْوُ ذلك فَيُؤْخَذُ منه ما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْخِلَافَ في الْمِغْفَرِ وَالنَّعْلِ وَرَأْسِ الرُّمْحِ وَشَعِيرَةِ السِّكِّينِ وَنَحْوِ ذلك وَهَذَا أَظْهَرُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ جَزَمَ ابن تَمِيمٍ بِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بِالْفِضَّةِ وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِالْعَكْسِ وَيَدْخُلُ في الْخِلَافِ تركاش النُّشَّابِ وَقَالَهُ شَيْخُنَا
قال وَالْكَلَالِيبُ لِأَنَّهَا يَسِيرُ تَابِعٍ وَوَاحِدُ الْكَلَالِيبِ كَلُّوبٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَيُقَالُ أَيْضًا كِلَابٌ وَلَا يُبَاحُ غَيْرُ ذلك كَتَحْلِيَةِ الْمَرَاكِبِ وَلِبَاسِ الْخَيْلِ كَاللُّجُمِ وَقَلَائِدِ الْكِلَابِ وَنَحْوِ ذلك نَصَّ أَحْمَدُ على تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الرِّكَابِ وَاللِّجَامِ وقال ما كان على سَرْجٍ وَلِجَامٍ زُكِّيَ وَكَذَا تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالْكِمْرَانِ وَالْمِرْآةِ وَالْمُشْطِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمِيلِ المروحة ( ( ( والمروحة ) ) ) وَالشَّرْبَةِ وَالْمُدْهَنُ وَكَذَلِكَ الْمِسْعَطُ وَالْمِجْمَرُ وَالْقِنْدِيلُ وَقِيلَ يُكْرَهُ كَذَا قِيلَ وَلَا فَرْقَ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَكْرَهُ رَأْسَ الْمُكْحُلَةِ وَحِلْيَةَ الْمِرْآةِ فِضَّةً ثُمَّ قال هذا شَيْءٌ تَافِهٌ فَأَمَّا الْآنِيَةُ فَلَيْسَ فيها تَحْرِيمٌ قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ في حُكْمِ الْمُضَبَّبِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ في حِلْيَةِ جَمِيعِ الْأَوَانِي
____________________
(2/356)
كَذَلِكَ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبُ وَسَبَقَ حُكْمُ الْآنِيَةِ وَسَأَلَهُ محمد بن الْحَكَمِ عن الرَّجُلِ يُوصِي بِفَرَسٍ وَلِجَامٍ مُفَضَّضٍ يُوقِفُهُ في سَبِيلِ اللَّهِ قال هو وَقْفٌ على ما أوصي بِهِ وَإِنْ بِيعَ الْفِضَّةُ من السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَجُعِلَ في وَقْفٍ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يُنْتَفَعُ بها وَلَعَلَّهُ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْفِضَّةِ سَرْجًا وَلِجَامًا فَيَكُونُ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ قِيلَ له تُبَاعُ الْفِضَّةُ وَتُجْعَلُ نَفَقَةَ الْفَرَسِ قال لَا الْفَرَسُ وَإِنْ لم تَكُنْ له نَفَقَةٌ فَهُوَ على ما أوصي بِهِ صَاحِبُهُ
قال الْقَاضِي لم يُحْكَمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ في السرح ( ( ( السرج ) ) ) وَاللِّجَامِ وَصَحَّحَهُ الْآمِدِيُّ مع الْفَرَسِ لَا مُفْرَدًا وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ الصِّحَّةَ رِوَايَةً ثُمَّ قال وَعَنْهُ تُبَاعُ الْفِضَّةُ وَتُصْرَفُ في وَقْفٍ مِثْلِهِ وَعَنْهُ أو ينفق ( ( ( تنفق ) ) ) عليه وَأَخَذَ جَمَاعَةٌ من الصِّحَّةِ إبَاحَةَ تَحْلِيَتِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ أبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ وَنَقَلَ أبو دَاوُد أَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ السَّرْجُ من الحلى قال أبو دَاوُد كَأَنَّهُ أَرَادَ يُكْرَهُ
وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ مَسْجِدٍ وَمِحْرَابٍ وَكَذَا إنْ وَقَفَ على مَسْجِدٍ أو نَحْوِهِ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لم يَصِحَّ وقال الشَّيْخُ ذلك بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ فَيُكْسَرُ وَيُصْرَفُ في مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك فِيمَنْ وَقَفَ سُتُورًا على غَيْرِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ قال الشَّيْخُ وَكَذَلِكَ إنْ حَبَسَ فَرَسًا له لِجَامٌ مُفَضَّضٌ وقد قال أَحْمَدُ فذكر رِوَايَةَ ابْنِ الْحَكَمِ ثُمَّ قال ظَاهِرُ قَوْلِهِ إبَاحَةُ تَحْلِيَةِ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ بِالْفِضَّةِ لَوْلَا ذلك لَمَا قال هو على ما وَقَفَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ كَحِلْيَةِ الْمِنْطَقَةِ وَيَحْرُمُ تَمْوِيهُ سَقْفٍ وَحَائِطٍ بِنَقْدٍ لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ كَالْآنِيَةِ فَدَلَّ على الْخِلَافِ السَّابِقِ في إبَاحَتِهِ تَبَعًا من غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَكَأَنَّ الْأَصْحَابَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ في هذا الْبَابِ ذَكَرُوا الرَّاجِحَ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ وَزَكَاتُهُ وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ وَعَدَّهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا فلم يَجْتَمِعْ منه شَيْءٌ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ وَلَا زَكَاةَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَذَهَابِ الْمَالِيَّةِ
وَيَحْرُمُ على الرَّجُلِ يَسِيرُ الذَّهَبِ مُفْرَدًا كَالْخَاتَمِ ( وَ ) وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ( ع ) وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتُهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ إبَاحَتُهُ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءِ وَلِمُسْلِمٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَأَى خَاتَمَ ذَهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ وقال يَعْمِدُ أحدكم إلَى جَمْرَةٍ من نَارِ جَهَنَّمَ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خُذْ خَاتَمَك انْتَفِعْ بِهِ فقال لَا وَاَللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا
____________________
(2/357)
وقد طَرَحَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يُبَاحُ له شَيْءٌ من الذَّهَبِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ( وَ ) كَجَعْلِهِ أَنْفًا وَشَدِّ السِّنِّ وَالْأَسْنَانِ وَهَلْ يُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ أَمْ لَا ( وم ر ) فيه رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ ( م 2 ) وَقَيَّدَهَا بِالْيَسِيرَةِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان وَزْنُهَا ثَمَانِيَةَ مَثَاقِيلَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ في إبَاحَتِهِ في السَّيْفِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ سَيْفَ عُمَرَ كان فيه سَبَائِكُ من ذَهَبَ وَأَنَّ سَيْفَ عُثْمَانَ بن حُنَيْفٍ كان فيه مِسْمَارٌ من ذَهَبٍ وَقِيلَ يُبَاحُ في سِلَاحٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ كُلُّ ما أُبِيحَ بِفِضَّةٍ أُبِيحَ بِذَهَبٍ وَكَذَا تَحْلِيَتُهُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ بِهِ وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ما جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالطَّوْقِ وَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ وَالدُّمْلُوجِ وَالْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَظَاهِرُهُ من ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ خِلَافًا لِلْخَطَّابِيِّ الشَّافِعِيِّ فيه من فِضَّةٍ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلرَّجُلِ كَذَا قال قال الْأَصْحَابُ وما في الْمَخَانِقِ وَالْمَقَالِدِ من حَرَائِزَ وَتَعَاوِيذَ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالتَّاجُ وما أَشْبَهَ ذلك قَلَّ أو كَثُرَ ( وَ ) وقل في التَّلْخِيصِ إنْ بَلَغَ أَلْفًا فَهُوَ كَثِيرٌ فَيَحْرُمُ لِلسَّرَفِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ من الذَّهَبِ كما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَعَنْهُ أَيْضًا أَلْفُ مثال ( ( ( مثقال ) ) ) كَثِيرٌ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عن جَابِرٍ وَلِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ في الِاسْتِعْمَالِ وَعَنْهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَثِيرٌ وَأَبَاحَ والقاضي أَلْفَ مِثْقَالٍ فما دُونَ وقال ابن عَقِيلٍ يُبَاحُ الْمُعْتَادُ وَلَكِنْ إنْ بَلَغَ الْخَلْخَالُ وَنَحْوُهُ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ خَرَجَ عن الْعَادَةِ وَسَبَقَ قَوْلٌ أَوَّلَ الْفَصْلِ قَبْلَهُ ما كان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله وهل تباح قبيعة السيف أم لا يعني من الذهب فيه روايتان وذكر في الفصول أن أصحابنا جعلوا الجواز مذهب أحمد انتهى وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم إحداهما يباح وهو الصحيح وقال الزركشي هذا المشهور وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمقنع والنظم وشرح ابن منجا والمنور ومنتحب الآدمي وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر ومختصر ابن تميم والفائق وغيرهم قال في تجريد العناية يباح في الأظهر والرواية الثانية لا يباح وهي احتمال في الهداية والخلاصة والمحرر وهو ظاهر ما جزم به في التخليص والبلغة لعدم ذكره له في المباح وقدمه في المستوعب ( قلت ) وهو ظاهر كلام جماعة أيضا
____________________
1-
(2/358)
لِسَرَفٍ كُرِهَ وزكى وفي جَوَازِ تَحْلِيَةِ الْمَرْأَةِ بِدَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ مُعْرَاةٍ أو في مُرْسَلَةٍ وَجْهَانِ فَإِنْ جَازَ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا ( م 3 ) فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ في الْجَوْهَرِ واللؤلؤة ( ( ( واللؤلؤ ) ) ) لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلِاسْتِعْمَالِ كَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَلَوْ كان في حلى إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَسَرَفٍ وَإِنْ كان لِلْكِرَاءِ فَوَجْهَانِ ( م 4 5 ) والفلوس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 3 ) قوله وفي جواز تحلية المرأة بدراهم أو دنانير معراة أو في مرسلة وجهان فإن جاز سقطت الزكاة وإلا فلا انتهى وأطلقهما في الرعايتين ومختصر ابن تميم والحاويين والفائق وغيرهم ( قلت ) ذكر المصنف وغيره في جامع الأيمان إذا حلف لا يلبس حليا فلبس دراهم أو دنانير مرسلة في حنثه وجهان جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي بعدم الحنث وصححه في التصحيح وجزم به في المنور بحنثه واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقال في الإرشاد لو لبس ذهبا أو لؤلؤا وحده حنث انتهى وظاهر كلام الأصحاب هناك الجواز ثم اختلفوا هل يسمي حليا عرفا وعاد أم لا والصواب في ذلك أن يرجع إلى العرف والعادة فإن كان ثم عادة وعرف بلبس ذلك لبسا معتادا جاز ولا زكاة فيه وقد جرت عادة كثير من النساء بالتحلي بذلك فهو من جملة الحلى لهن بلا شك ومن لا عادة له بذلك ولا عرف فعليه الزكاة والذي يظهر لي أن عدم جواز التحلية للنساء بذلك ضعيف جدا وما المانع من الجواز والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في الجوهر واللؤلؤ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَسَرَفٍ وَإِنْ كان لِلْكِرَاءِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ على مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هل يُشْتَرَطُ في عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْجَوَاهِرِ واللؤلؤة ( ( ( واللؤلؤ ) ) ) أَنْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَقَطْ أو لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ وَالسَّرَفِ فيه قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَقَطْ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَلَا سَرَفٍ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَا زَكَاةَ في حُلِيِّ جَوْهَرٍ وَعَنْهُ وَلُؤْلُؤٍ انْتَهَى
____________________
1-
(2/359)
كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فيها زَكَاةُ الْقِيمَةِ وقال جَمَاعَةٌ منهم الْحَلْوَانِيُّ لَا زَكَاةَ فيها وَقِيلَ تَجِبُ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا زَادَ ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَكَانَتْ رَائِجَةً وقال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ فيها الزَّكَاةُ إذَا كانت أَثْمَانًا رَائِجَةً أو لِلتِّجَارَةِ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ( وه ) وقال أَيْضًا لَا زَكَاةَ إنْ كانت لِلنَّفَقَةِ فَإِنْ كانت لِلتِّجَارَةِ قُوِّمَتْ كَعُرُوضٍ فَصْلٌ وَلِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ التَّحَلِّي بِالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ التَّشَبُّهُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ غَيْرُ تَخَتُّمِهِ بِذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ في اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ قال الْمَرُّوذِيُّ كنت عِنْدَ أبي عبدالله فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ عليها قَبَاءٌ فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ فَقُلْت تَكْرَهُهُ قال كَيْفَ لَا أَكْرَهُهُ جِدًّا لَعَنَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُتَشَبِّهَاتِ من النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ
قال وَكَرِهَ يَعْنِي أَحْمَدَ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجَالِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ في لُبْسِ المرزة ( ( ( المرأة ) ) ) الْعِمَامَةَ وَكَذَا قال الْقَاضِي يَجِبُ إنْكَارُ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسُهُ وَاحْتَجَّ بِمَا نَقَلَهُ أبو دَاوُد لَا يُلْبِسُ خَادِمَتَهُ شيئا من زِيِّ الرِّجَالِ لَا يُشَبِّهُهَا بِهِمْ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يُخَاطُ لها ما كان لِلرَّجُلِ وَعَكْسُهُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَابْنِ تَمِيمٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( المسألة الثانية 5 ) ما أعد للكراء من ذلك أطلق في وجوب الزكاة فيه وجهين وأطلقهما في الرعايتين ومختصر ابن تميم والحاويين وغيرهم أحدهما لا زكاة فيه وهو الصحيح وهو ظاهر كلامه في المستوعب فقال ولا زكاة في شيء من اللآلىء والجواهر وإن كثرت قيمتها إلا أن تكون للتجارة انتهى وقال في المذهب لا تجب الزكاة في الحلية من اللؤلؤ والمرجان ونحو ذلك وقال في المغني والشرح فإن كان الحلى لؤلؤا وجواهر وكان للتجارة قوم جميعه وإن كان لغيرها فلا زكاة فيها منفردة فكذا مع غيرها انتهى وقد اختار ابن عقيل في مفرداته وعمد الأدلة أنه لا زكاة فيما أعد للكراء من الحلي والوجه الثاني فيه الزكاة وهو قوي لأنه شبيه بالتجارة قال في التبصرة لا زكاة في حلى مباح لم يعد للتكسب فهذه خمس مسائل قد فتح الله علينا بتصحيحها
____________________
1-
(2/360)
يُكْرَهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ ( وه ) مع جَزْمِهِمْ بِتَحْرِيمِ اتِّخَاذِ أَحَدِهِمَا حلى الْآخَرِ لِيَلْبَسَهُ مع أَنَّهُ دَاخِلٌ في الْمَسْأَلَةِ وَلَعَلَّهُ الذي عَنَاهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ في الْفَصْلِ قَبْلِهِ وفي الْفُصُولِ يُكْرَهُ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا بِلِبَاسِ الْآخَرِ لِلتَّشَبُّهِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ لَعْنِهِ عليه السَّلَامُ وقد قال ابن حَزْمٍ اتَّفَقُوا على إبَاحَةِ تحلى النِّسَاءِ بِالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ وَاخْتَلَفُوا في ذلك للرجل ( ( ( للرجال ) ) ) إلَّا في الْخَاتَمِ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا على أَنَّ التَّخَتُّمَ لهم بِجَمِيعِ الْأَحْجَارِ مُبَاحٌ من الْيَاقُوتِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال قال عليه السَّلَامُ تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فإنه مُبَارَكٌ
____________________
(2/361)
كَذَا ذُكِرَ قال الْعُقَيْلِيُّ لَا يَثْبُتُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في هذا شَيْءٌ وَذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في الموضات ( ( ( الموضوعات ) ) ) فَلَا يُسْتَحَبُّ هذا عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ولم يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ فَظَاهِرُهُ لايستحب وَهَذَا الْخَبَرُ في إسْنَادِهِ يَعْقُوبُ بن إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ قال ابن عَدِيٍّ ليس بِالْمَعْرُوفِ وباقية جَيِّدٌ وَمِثْلُ هذا لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ من الْمَوْضُوعِ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خَاتَمُ حَدِيدٍ وَصُفْرٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَ مُهَنَّا أَكْرَهُ خَاتَمَ الْحَدِيدِ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ كان لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاتَمُ حَدِيدٍ عليه فِضَّةٌ
فرمي بِهِ فَلَا يُصَلِّي في الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَهَذَا الْخَبَرُ لم يَرْوِهِ في مُسْنَدِهِ وَعَنْ إيَاسِ بن الْحَارِثِ بن الْمُعَيْقِيبِ عن جَدِّهِ قال كان خَاتَمُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عليه فِضَّةٌ قال فَرُبَّمَا كان في يَدَيَّ قال وكان الْمُعَيْقِيبُ على خَاتَمِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إسْنَادُهُ جَيِّدٌ إلَى إيَاسٍ وَإِيَاسٌ تَفَرَّدَ عنه نُوحُ بن رَبِيعَةَ ولم أَجِدْ فيه كَلَامًا رَوَاهُ أبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ عن خَاتَمِ الْحَدِيدِ فذكر خَبَرَ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِرَجُلٍ هذه حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ وابن مَسْعُودٍ قال لُبْسَةُ أَهْلِ النَّارِ وابن عُمَرَ قال ما طَهُرَتْ كَفٌّ فيها خَاتَمُ حَدِيدٍ وقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في حديث بُرَيْدَةَ لِرَجُلٍ لَبِسَ خَاتَمًا من صُفْرٍ ما لى أَجِدُ مِنْك رِيحَ الْأَصْنَامِ فَقَدْ احْتَجَّ بِخَبَرِ بُرَيْدَةَ وقال
____________________
(2/362)
في مُسْنَدِهِ حدثنا يحيى عن ابْنِ عَجْلَانَ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَأَى على بَعْضِ أَصْحَابِهِ خَاتَمًا من ذَهَبٍ فَأَعْرَضَ عنه فَأَلْقَاهُ وَاِتَّخَذَ خَاتَمًا من حَدِيدٍ فقال هذا شَرٌّ هذه حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ فَأَلْقَاهُ وَاِتَّخَذَ خَاتَمًا من وَرِقٍ فَسَكَتَ عنه حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أَيْضًا حدثنا عَفَّانَ حدثنا حَمَّادٌ أَنْبَأَنَا عَمَّارُ بن أبي عَمَّارٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَذَكَرَهُ وَفِيهِ عن خَاتَمِ الذَّهَبِ أَلْقِ ذَا فَأَلْقَاهُ
وقال عن خَاتَمِ الْحَدِيدِ هذا شَرٌّ لم يَقُلْ هذا حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ عَمَّارٌ لم يُدْرِكْ عُمَرَ فَهَذَا يَدُلُّ على التَّحْرِيمِ كَرِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وفي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ الدُّمْلُوجُ الْحَدِيدُ وَالْخَاتَمُ الْحَدِيدُ نهى الشَّارِعُ عنهما فيروي عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من عَلَّقَ عليه حَدِيدَةً أو تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ كَذَا قال وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ يَجُوزُ دُمْلُوجٌ من حَدِيدٍ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ ( وش ) وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الرَّصَاصُ لَا أَعْلَمُ فيه شيئا وَلَهُ رَائِحَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/363)
@ 365 بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ
من أَخْرَجَ من أَهْلِ الزَّكَاةِ ( ه م ر ) من مَعْدِنٍ في أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أو مُبَاحَةٍ وَلَوْ من دَارِهِ نَصَّ عليه ( ه ) أو مَوَاتِ حَرْبٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ إنْ أَخْرَجَهُ من أَرْضِهِ التي لِلزِّرَاعَةِ وَبُسْتَانِهِ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَنَا إنْ أَخْرَجَهُ من أَرْضِ غَيْرِهِ فَإِنْ كان جَارِيًا فَكَأَرْضِهِ إنْ قُلْنَا على الْإِبَاحَةِ وَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ وإن ( ( ( وإنه ) ) ) يَمْلِكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ أو كان جَامِدًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ حتى يَصِلَ إلَى يَدِهِ كَمَغْصُوبٍ وَمَذْهَبُ ( م ) أَنَّ الْمَعْدِنَ لِلْإِمَامِ في أَرْضٍ غَيْرِ مملوكه وَأَنَّهُ له في مَمْلُوكَةٍ كَغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا لِلْمَصَالِحِ
قال الْأَصْحَابُ من أَخْرَجَ نِصَابَ نَقْدٍ ( وم ش ) وَعَنْهُ أو دُونَهُ ( وه ) أو أَخْرَجَ من مَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ ما قِيمَتُهُ نِصَابٌ خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ وَخِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِنْ لم يَنْطَبِعْ ( ه ) من غَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ كَجَوْهَرٍ وَبَلُّورٍ وَقَارٍ وَكُحْلٍ وَنَوْرَةٍ وَمَغْرَةٍ وَعَقِيقٍ وَكِبْرِيتٍ وَزِفْتٍ وَزُجَاجٍ وهو مُثَلَّثُ الزَّايِ بِخِلَافِ زِجَاجٍ جَمْعُ زُجٍّ وهو الرُّمْحُ فإنه بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَمِلْحٍ وذكره الْأَصْحَابُ وَالْقَارُ وَالنَّفْطُ في الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ وسلم الْحَنَفِيَّةُ الزِّجَاجَ فإنه يَنْطَبِعُ بِالنَّارِ وَلَا حَقَّ فيه عِنْدَهُمْ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وقال عَمَّا يروي مَرْفُوعًا لَا زَكَاةَ في حَجَرٍ إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ على الْأَحْجَارِ التي لَا يَرْغَبُ فيها عَادَةً فَدَلَّ على أَنَّ الرُّخَامَ وَالْبِرَامَ وَنَحْوَهُمَا مَعْدِنٌ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وهو مَعْنَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ في الزِّئْبَقِ الْوُجُوبُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ مَاءُ الْفِضَّةِ وَعَدَمُهُ قَوْلُ أبي يُوسُفَ قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ ما وَقَعَ عليه اسْمُ الْمَعْدِنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ حَيْثُ كان في مِلْكِهِ أو في الْبَرَارِيِّ
قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَالْمَاءُ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فيه فَلَا حَقَّ فيه وَلِأَنَّ الطِّينَ تُرَابٌ وَنَقَلَ مُهَنَّا عنه لم أَسْمَعْ في مَعْدِنِ الْقَارِ والنفظ ( ( ( والنفط ) ) ) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ
____________________
(2/365)
الْفَاءِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ شيئا قال بَعْضُهُمْ فَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عن غَيْرِ الْمُنْطَبِعِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَهْلِهَا رُبْعُ الْعُشْرِ ( وم ق ) في الْحَالِ ( وَ ) بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ ( وَ ) فإن وَقْتَ الْإِخْرَاجِ بَعْدَهُمَا كَالْحَبِّ وَوَقْتُ وُجُوبِهَا إذَا أُحْرِزَ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ في الْكَافِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ
بِظُهُورِهِ كَالثَّمَرَةِ بِصَلَاحِهَا وَلَعَلَّ مُرَادَ الْأَوَّلَيْنِ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ وَلَا يُحْتَسَبُ بِمُؤْنَتِهَا في الْأَصَحِّ ( ه ) كَمُؤْنَةِ اسْتِخْرَاجِهِ ( ه ) لِأَنَّهُ رِكَازٌ عِنْدَهُ كَالْغَنِيمَةِ وَإِنْ كان ذلك دَيْنًا عليه اُحْتُسِبَ بِهِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كما سَبَقَ في النَّفَقَةِ على الزَّرْعِ كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَظُنُّهُ في الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَأَطْلَقَ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ لَا يُحْتَسَبُ كَمُؤَنِ الْحَصَادِ وَالزِّرَاعَةِ وفي الْإِفْصَاحِ لِابْنِ هُبَيْرَةَ في الْمَعْدِنِ الْخُمُسُ ( وه ق ) صُرِفَ في مَصْرِفِ الْفَيْءِ ( وه ق ) فَهُوَ فَيْءٌ من الْكُفَّارِ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ كَالرِّكَازِ وَالْغَنِيمَةِ مع أَنَّ الشَّارِعَ غَايَرَ بَيْنَهُمَا في قَوْلِهِ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ إذَا وَقَعَ على الْأَجِيرِ شَيْءٌ وهو يَعْمَلُ في الْمَعْدِنِ فَقَتَلَهُ ولم يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ شَيْءٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ زَكَاةُ وَاخْتُلِفَ عنه في مِقْدَارِهِ وَيَعْمَلُ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِاجْتِهَادِهِ إنْ كان مُجْتَهِدًا في الْجِنْسِ الذي تَجِبُ فيه وفي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ منه قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَإِنْ كان من سَبَقَ من الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ قد اجْتَهَدَ رَأْيَهُ في الْجِنْسِ الذي تَجِبُ فيه وفي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ منه وَحَكَمَ فيها حُكْمًا أَنْفَذَهُ وَأَمْضَاهُ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ في الْأَجْنَاسِ التي يَجِبُ فيها حَقُّ الْمَعْدِنِ ولم يَسْتَقِرَّ حُكْمُهُ في الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّ حُكْمَهُ في الْجِنْسِ مُعْتَبَرٌ بِالْمَعْدِنِ الْمَوْجُودِ وَحُكْمُهُ في الْقَدْرِ مُعْتَبَرٌ بِالْعَامِلِ الْمَفْقُودِ كَذَا قال وَهَذَا يُشْبِهُ تَغْيِيرَ ما فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ في أَرْضِ الْعَنْوَةِ من وَقْفِهِ وَقَسْمِهِ
وفي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ هل يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ وَيَأْتِي ذلك وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ في دَفْعَةٍ أو دَفَعَاتٍ لم يَتْرُكْ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إهْمَالٍ فَلَا أَثَرَ لِتَرْكِهِ لِمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا أو نَهَارًا أو اشْتِغَالِهِ بِتُرَابٍ خَرَجَ بين السَّبْكَيْنِ أو هَرَبَ عيبده ( ( ( عبيده ) ) ) لَا أَنَّ كُلَّ عِرْقٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ ( م ق ) قال أَصْحَابُنَا إنْ أَهْمَلَهُ وَتَرَكَهُ فَلِكُلِّ مَرَّةٍ حُكْمٌ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَقِيلَ بَلَى وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ مع تَقَارُبِهِمَا كَقَارٍ وَنَفْطٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وقال الشَّيْخُ تُضَمُّ الْأَجْنَاسُ من مَعْدِنٍ وَاحِدٍ لِتَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ كَالْعُرُوضِ وَمَنْ أَخْرَجَ
____________________
(2/366)
نِصَابًا من جِنْسٍ من مَعَادِنَ ضُمَّ كَالزَّرْعِ في مَكَانَيْنِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وفي ضَمِّ نَقْدٍ إلَى آخَرَ الرِّوَايَتَانِ ( * ) وَإِنْ أَخْرَجَ اثْنَانِ نِصَابًا فَالرِّوَايَتَانِ وَيَخْرُجُ من النَّقْدِ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ وقال أبو الْفَرَجِ من عَيْنِهِ وَلَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ غَيْرِ النَّقْدِ إلَّا أَنْ يقصده ( ( ( يقصد ) ) ) التِّجَارَةَ فَالرِّوَايَتَانِ وَإِنْ أَخْرَجَ تِبْرًا وَاسْتَظْهَرَ بِزِيَادَةٍ جَازَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ أو بَدَلَهُ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا ضَمَانَ بِلَا تَعَدٍّ كَدَافِعٍ مُخْتَارٍ لِأَنَّهُ قَبَضَ صَحِيحَهُ لَا يَضْمَنُ فَكَذَا فَاسِدُهُ وَإِنْ صَفَّاهُ الْآخِذُ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَجْزَأَ وَإِلَّا زَادَ أو اسْتَرَدَّ وَلَا يَرْجِعُ بِتَصْفِيَتِهِ وَمَنْ أَخْرَجَ دُونَ نِصَابٍ فَكَمُسْتَفَادٍ
وقد سَبَقَ في اعبتار ( ( ( اعتبار ) ) ) الْحَوْلِ وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ قال هذا قِيَاسُ قَوْلِهِمْ وَقَدَّمَ ابن تَمِيمٍ لَا زَكَاةَ فيه كَذَا قال مع أَنَّهُ كَغَيْرِهِ فِيمَا زَادَ على النِّصَابِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ منه وَمَنْ لم يَقْدِرْ على إخْرَاجِهِ بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا بِقَوْمٍ لهم منعه فَغَنِيمَةٌ فَيُخَمَّسُ أَيْضًا بَعْدَ رُبْعِ الْعُشْرِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا أَخْرَجَهُ من ليس من أَهْلِ الزَّكَاةِ كَالْمُكَاتَبِ وَالذِّمِّيِّ ( ه م ر ) وَقِيلَ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ من مَعْدِنٍ بِدَارِنَا وَيَمْلِكُ ما أَخَذَهُ قبل مَنْعِهِ مَجَّانًا وقال في التَّلْخِيصِ حَفْرُ ذلك كَإِحْيَائِهِ الْمَوَاتَ وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَذَلِكَ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ قِيَاسُ مَذْهَبِنَا له كُلُّهُ كَبَقِيَّةِ الْمُبَاحَاتِ وَمَذْهَبُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب زكاة المعدن
* ( تنبيه ) قوله وفي ضم نقد إلى آخر الروايتان انتهى يعني إذا استخرج ذهبا وفضة من معدن هل يضم أحدهما إلى الآخر أم لا قال المصنف فيه الروايتان يعني بهما اللتين في تكميل إحداهما بالأخرى اللتين ذكرهما في الباب الذي قبل هذا وقد أطلق الخلاف فيهما وذكرنا الصحيح من المذهب في ذلك فإن قلنا يكمل ضم وإن قلنا لا يكمل أحدهما من الآخر لم يجز الضم والله أعلم
قوله بعد ذلك وإن أخره اثنان نصابا فالروايتان انتهى يعني بهما اللتين في الخلطة والصحيح من المذهب أنه لا تأثير للخلطة في غير السائمة وقد قدمه المصنف هناك وقوله بعد ذلك ولا تكرر زكاة غير النقد إلا أن يقصد التجارة فالروايتان انتهى يعني بهما اللتين في عروض التجارة فيما إذا نوى التجارة بها والصحيح من المذهب أنها لا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة والرواية الأخرى تصير للتجارة بمجرد النية وهذا المسألة كذلك
____________________
1-
(2/367)
( ه ) يُؤْخَذُ منه إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ الْخُمُسُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ زَكَّاهُ مَوْلَاهُ وَإِنْ كان لِنَفْسِهِ انبني على مِلْكِ الْعَبْدِ وَيَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنٍ وَصَاغَةٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ نَصَّ عليه كَعُرُوضٍ ( و ) لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِمَا هو من أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَهُوَ كَالْبَاقِلَّاءِ في قِشْرَيْهِ وَالْجَوْزِ وَكَاللَّبَنِ في الضَّرْعِ تَبَعًا لِلشَّاةِ لَا مُنْفَرِدًا كَبَيْعِ التِّبْرِ مُنْفَرِدًا عن التُّرَابِ وَلِأَنَّ تُرَابَ الصَّاغَةِ لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ إلَّا في ثَانِي الْحَالِ بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ وَعَنْهُ لَا نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ ( وش ) كَجِنْسِهِ
وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا في تُرَابِ صَاغَةٍ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهْوَنُ ( م ) وَزَكَاتُهُ على الْبَائِعِ لِوُجُوبِهَا عليه كَبَيْعِ حَبٍّ بَعْدَ صَلَاحِهِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ من لُؤْلُؤٍ وَعَنْبَرٍ وَغَيْرِهِمَا نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ ( وَ ) وَعَنْهُ فيه الزَّكَاةُ كَالْمَعْدِنِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقِيلَ غَيْرُ حَيَوَانٍ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَصَيْدِ الْبَرِّ وَنَصَّ أَحْمَدُ التَّسْوِيَةَ مثله في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمِسْكِ وَالسَّمَكِ فَيَكُونُ الْمِسْكُ من الْبَحْرِيِّ وَذَكَرَ أبو المعالي ( ( ( يعلى ) ) ) الصَّغِيرُ أَنَّهُ يَرَى فيه الزَّكَاةَ كَذَا قال وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ على هذا وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ يُؤَيِّدُهُ من كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ في الْخِلَافِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ قال وَكَذَلِكَ السَّمَكُ وَالْمِسْكُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وقال كان الْحَسَنُ يقول في الْمِسْكِ إذَا أَصَابَهُ صَاحِبُهُ الزَّكَاةُ شَبَّهَهُ بِالسَّمَكِ إذَا صَادَهُ وَصَارَ في يَدِهِ منه مِائَتَا دِرْهَمٍ وما أَشْبَهَهُ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ على هذا لَا زَكَاةَ فيه وَلَعَلَّهُ أَوْلَى وَسَبَقَ في الْفَصْلِ في إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ كان ما يخرج ( ( ( خرج ) ) ) من لُؤْلُؤٍ وَعَنْبَرٍ وَنَحْوِهِ مَمْلُوكًا فَيَتَوَجَّهُ كَمَنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَضْيَعَةٍ عَجْزًا ( و ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/368)
بَابُ حُكْمِ الرِّكَازِ
في الرِّكَازِ وهو الْكَنْزُ الْخُمُسُ ( و ) وَلَوْ كان غير نَقْدٍ ( م ش ) في الْحَالِ ( و ) وَلَوْ قَلَّ ( ش ) وَيَتَوَجَّهُ فيه تَخْرِيجٌ على أَنَّهُ زَكَاةٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فيه حَوْلٌ وَلَا نِصَابٌ وَلَا كَوْنُهُ ثَمَنًا وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُخْرِجَ منه فَعَلَى هذا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قبل إخْرَاجِ خُمُسِهِ وَهَلْ هو زَكَاةٌ يَخْرُجُ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ ( وش ) لِقَوْلِ على وَكَالْمَعْدِنِ أو فَيْءٍ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ ( وه م ) لِفِعْلِ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ فيه رِوَايَتَانِ ( م 1 )
وَلَا يَخْتَصُّ بِمَصْرِفِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ بَلْ الْفَيْءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَصَالِحِ ( * ) فَإِنْ قُلْنَا هو زَكَاةٌ لم تَجِبْ على من لبس من أَهْلِهَا ( وش ) لَكِنْ إنْ وَجَدَهُ عَبْدٌ فليسده ( ( ( فلسيده ) ) ) كَكَسْبِهِ وَيَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ وَيَمْلِكُهُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَيُخْرِجُهُ عنهما الْوَلِيُّ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ على أَنَّهُ زَكَاةٌ
وُجُوبُهُ على كل وَاجِدٍ وَإِنْ قُلْنَا هو فَيْءٌ وَجَبَ على كل وَاجِدٍ ( وه م ) وَعَلَى هذا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَدَهُ تَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ كما أَنَّهُ لو قُلْنَا زَكَاةٌ نَصَّ عليه ( وه م ) وَاحْتَجَّ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب حكم الركاز
( مسألة 1 ) قوله وهل هي زكاة تخريج لأهل الزكاة أو فيء يصرف لأهل الفيء فيه روايتان انتهى وأطلقهما في الإيضاح والمذهب والمستوعب التلخيص والزركشي وغيرهم إحداهما هو زكاة جزم به الخرقي وصاحب المنور وغيرهما وقدمه في مسبوك الذهب والبلغة والمحرر ومختصر ابن تميم والفائق وشرح ابن رزين وغيرهم والراوية الثانية هو فيء وهو الصحيح اختاره ابن أبي موسى والقاضي في التعليق والجامع وابن عقيل والشيرازي والشيخ الموفق والشارح وابن منجا في شرحه وقال هذا المذهب وصححه المجد في شرحه وجزم به ابن عبدوس في تذكرته والآدمي في منتخبه وقدمه في الهداية والخلاصة والكافي والمقنع والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم وقال في الإفادات لأهل الزكاة أو الفيء
____________________
1-
(2/369)
بِقَوْلِ على وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ كَالزَّكَاةِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِدِ إذَا غَنِمَ شيئا فإن تَمْيِيزَ الْخُمُسِ إلَيْهِ قال وَكَذَلِكَ يَجُوزُ دَفْعُ الْخُمُسِ من غَيْرِهِ كما يَجُوزُ في غَنِيمَةِ الْوَاجِدِ
كَذَا قال وَيَأْتِي في غَنِيمَةِ الْوَاجِدِ أَنَّ الْإِمَامَ يُخَمِّسُهُ فَدَلَّ على التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا في دَفْعِ الْخُمُسِ من غَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ قَدَّمَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وغيرهما كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ فَعَلَى هذا هل يَضْمَنُ ذَكَرَ في الْمُغْنِي عن أبي ثَوْرٍ يَضْمَنُ وَظَاهِرُهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ في أَجْنَبِيٍّ فَرَّقَ وَصِيَّةً لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ في جِهَتِهِ وَعَلَى الْجَوَازِ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فيه جَعَلَهُ الْقَاضِي كَغَنِيمَةِ الْوَاجِدِ ولم يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ وقد يَتَوَجَّهُ فيه تَخْرِيجٌ من الْخَرَاجِ
وَاخْتَارَ ابن حَامِدٍ يُؤْخَذُ الرِّكَازُ من الذِّمِّيِّ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا خُمُسَ فيه وَهَلْ يَجُوزُ رَدُّ الزَّكَاةِ على من أُخِذَتْ منه إنْ كان من أَهْلِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ كَإِرْثِهَا أو قَبْضِهَا من دَيْنٍ بِخِلَافِ ما لو تَرَكَهَا له لِأَنَّهُ لم يَبْرَأْ منها نَصَّ عليه أَمْ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ فيه رِوَايَتَانِ ( م 2 ) وَكَذَا صَرْفُ الْخُمُسِ إلَى وَاجِدِهِ فَيَقْبِضُهُ منه ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَقِيلَ يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ فَقَطْ ( م 3 ) وإن قلنا خمس الركاز فيء جاز تركه قبل قبضه منه كالخراج على ما يأتي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ هل يَجُوزُ رَدُّ الزَّكَاةِ على من أُخِذَتْ منه إنْ كان من أَهْلِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَمْ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وغيرهما وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ في الرِّكَازِ وَالْعُشْرِ نَقَلَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَيَأْتِي قَرِيبٌ من هذا في آخَرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقَبِيلِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَيْضًا
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَكَذَا صَرْفُ الْخُمُسِ إلَى وَاجِدِهِ فَيَقْبِضُهُ منه ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ فيه الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَقِيلَ يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ فَقَطْ انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ في مُخْتَصَرِهِ وفي جَوَازِ دَفْعِ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ إلَى من أُخِذَ منه وَجْهَانِ وَفِيهِ وَجْهٌ يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ دُونَ غَيْرِهِ من الزَّكَاةِ انْتَهَى وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال قبل ذلك
____________________
1-
(2/370)
وللإمام رد ( ( ( يخمس ) ) ) خمس فيء ( ( ( وجده ) ) ) وغنيمة ( ( ( حر ) ) ) في الْأَصَحِّ وذكر بعضهم ( ( ( قبضه ) ) ) الْغَنِيمَةِ أصلا للمنع في الفيء وذكر الخراج أصلا للجواز فيه ويأتي في آخر ذكر أهل الزكاة ولا يجوز لواجد الركاز والمعدن أن يمسك الخمس لنفسه لحاجة ( ه ) والباقي بعد الخمس لواجده ولو كان مستأمنا بدارنا ( ه ) لا أنه في عنوة أو صلح لهم ( م ) وقولنا باقية لواجده إن لم يكن أجيرا لطالبه ( و ) وهذا إذا وجده في موات أو ( ( ( والبلغة ) ) ) أرض لا ( ( ( المجد ) ) ) يعلم لها مالك ( ( ( ونصره ) ) )
وَإِنْ وَجَدَهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ عن غَيْرِهِ فَلِوَاجِدِهِ في رِوَايَةٍ وَهِيَ أَشْهَرُ سَوَاءٌ ادَّعَاهُ أو لَا وَعَنْهُ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَلِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ كَذَلِكَ ( م 4 ) إلَى أَوَّلِ مَالِكٍ فَيَكُونُ له وَإِنْ لم يَعْتَرِفْ بِهِ ( وه ش م ) كما لو ادَّعَاهُ بِصِفَةٍ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وَلَا يخمس ( ( ( وصف ) ) ) ما ( ( ( فهو ) ) ) وجده حر مسلم ( ( ( يمينه ) ) ) مكلف إنْ جاز دفع ( ( ( أخرج ) ) ) خمسه ( ( ( باختياره ) ) ) إليه في الأصح بعد ( ( ( أخذه ) ) ) قبضه منه إن ( ( ( قهرا ) ) ) قلنا ( ( ( غرمه ) ) ) هو زكاة وإن قلنا هو فيء خمس ويجوز تركه له قبل قبضه من على الأقيس إن قلنا ( ( ( بيت ) ) ) هو ( ( ( المال ) ) ) فيء وإلا فلا وقال في الرعاية الصغرى على القول بأنه فيء وما وجده مسلم جاز دفع خمسه إليه في الأصح ويجوز تركه له قبل قبضه منه على الأقيس وقال في الحاويين وما وجده مسلم جاز دفع خمسه إليه في أصح الوجهين ويجوز تركه له قبل قبضه منه وجزم به فيهما وقد قال المصنف وإن قلنا خمس الركاز في جاز تركه قبل قبضه منه كالخراج وقال في المغني والشرح قال القاضي وليس للإمام رد خمس الركاز على واجده كالزكاة وخمس الغنيمة وقال ابن عقيل يجوز انتهى وقدم ابن رزين قول القاضي انتهى إذا علم ذلك فالصحيح والصواب الجواز كالزكاة وجزم به في التلخيص والبلغة وقدمه المجد في شرحه ونصره
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ عن غَيْرِهِ فَلِوَاجِدِهِ في رِوَايَةٍ وَهِيَ أَشْهَرُ وَعَنْهُ لِمَالِكٍ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَلِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ كَذَلِكَ انْتَهَى الرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ التي قال عنها هِيَ أَشْهَرُ قال الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَنَصُّهُمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لم أَرَ من اخْتَارَهَا فَعَلَيْهَا إنْ ادَّعَاهُ وَاجِدُهُ فَهُوَ له على الصَّحِيحِ وَعَلَى الْأُولَى إذا دعاء ( ( ( ادعاه ) ) ) الْمَالِكُ قَبْلَهُ بِلَا نية ( ( ( بينة ) ) ) وَلَا وَصْفٍ فَلَهُ مع يَمِينِهِ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ من قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بَلْ لِوَاجِدِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَدَّمَ فيهما حُكْمًا
____________________
1-
(2/371)
لا لأول مالك فقط ( ه ) ثم لورثته ثم لبيت المال فعلى هذه إن ادعاه واجده فهو له جزم به بعضهم وظاهر كلام جماعة لا وعلى الأول إن ادعاه المالك قبله بلا بينة ولا وصف فهو له مع يمينه جزم به أبو الخطاب والشيخ وغيرهما
وعنه بلى لواجده وأطلق بعضهم وجهين ومتى دفع إلى مدعيه بعد إخراج خمسه غرم واجده بدله إن كان أخرج باختياره فَإِنْ كان الْإِمَامُ أَخَذَهُ منه قَهْرًا غَرِمَهُ لَكِنْ هل هو من مَالِهِ أو من بَيْتِ الْمَالِ فيه الْخِلَافُ ( * ) وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي أَنَّهُ إذَا خَمَّسَ رِكَازًا فادعي بِبَيِّنَةٍ هل لِوَاجِدِهِ الرُّجُوعُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَكُونُ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ فَإِنْ لم يَعْتَرِفْ بِهِ أو لم يُعْرَفْ الْأَوَّلُ فَلِوَاجِدِهِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ إنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ إرْثًا فَهُوَ مِيرَاثٌ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لِمُورِثِهِمْ فَلِمَنْ قَبْلَهُ كما سَبَقَ وَإِنْ أَنْكَرَ وَاجِدُهُ سَقَطَ حَقُّهُ فَقَطْ وَكَذَا الْكَلَامُ إنْ وَجَدَ الرِّكَازَ في مِلْكِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَلِوَاجِدِهِ فَلَوْ ادَّعَاهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ فَفِي دَفْعِهِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ وَعَنْهُ هو لِصَاحِبِ الْمِلْكِ وَعَنْهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَعَلَى ما سَبَقَ
وَإِنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَرِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَالشَّيْخُ ( م 5 ) إحْدَاهُمَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيه ) قوله ( ( ( لصاحب ) ) ) فإن ( ( ( الملك ) ) ) كان ( ( ( بدعواه ) ) ) الإمام أخذه ( ( ( صفة ) ) ) منه ( ( ( لأنها ) ) ) قهرا ( ( ( تبع ) ) ) غرمه ( ( ( للملك ) ) ) لكن ( ( ( والثانية ) ) ) هل ( ( ( لواجدها ) ) ) هو ( ( ( قدمها ) ) ) من ماله أو من بيت المال فيه الخلاف انتهى الظَّاهِرَ أنه ( ( ( معرفته ) ) ) أراد ( ( ( بماله ) ) ) بالخلاف الخلاف الذي في خطئه وفيه روايتان والمذهب أنه في بيت المال
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَرِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَالشَّيْخُ انْتَهَى يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا في مِلْكِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ إحْدَاهُمَا هِيَ لِوَاجِدِهَا قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُ بمال ( ( ( بماله ) ) ) وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وقال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وهو الذي نَصَرَهُ الْقَاضِي في خلافة وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ في اللُّقَطَةِ ولم يذكر فيه خِلَافًا انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ بِدَعْوَاهُ بِلَا صِفَةٍ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ للملك ( ( ( الملك ) ) ) قَدَّمَهَا ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُجَرَّدِ وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ وقال في الْكَافِي وَإِنْ وَجَدَ ما عليه عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ فَادَّعَاهُ من انْتَقَلَ عنه فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَدْفَعُ إلَيْهِ من غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَا صِفَةٍ لِأَنَّهُ كان تَحْتَ يَدِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ كما لو لم يَنْتَقِلْ عنه وَالثَّانِيَةُ لَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ إلَّا بِصِفَتِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لو كان له لَعَرَفَهُ انْتَهَى
____________________
1-
(2/372)
هِيَ لصاحب ( ( ( لواجدها ) ) ) الْمِلْكِ بدعواه بلا صفة لأنه تبع للملك والثانية لواجدها قَدَّمَهَا بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُ بِمَالِهِ وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِدُ في الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ رِكَازًا أو لُقَطَةً ( م 6 )
وَعَنْهُ صَاحِبُ الْكِرَاءِ أَحَقُّ بِاللُّقَطَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ من اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ شَيْءٍ أو هَدْمِهِ فَقِيلَ هو على ما سَبَقَ من الْخِلَافِ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَقِيلَ هو لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ قال لِأَنَّ عَمَلَهُ لِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ كَالْمَعْدِنِ فإنه لِصَاحِبِ الدَّارِ فَكَذَا الرِّكَازُ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ( م 7 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( تنبيه ) ظهر ( ( ( يوهم ) ) ) لي من ( ( ( الركاز ) ) ) تعليل ( ( ( المدفون ) ) ) الشيخ ( ( ( يدخل ) ) ) في الكافي للرواية الثانية أن في كلام المصنف في تعليله للرواية الثانية التي جعلها هنا أولى نقصا وتقديره إحداهما هي لواجدها إن لم يصفها صاحب الملك قدمها بعضهم لأن الظاهر معرفته بماله فالنقص هو إن لم يصفها صاحب الملك حتى يوافق ما علل المصنف الرواية به والله أعلم
( مسألة 6 ) قوله وكذا حكم المستأجر يجد في الدار المؤجرة ركازا أو لقطة يعني أن حكم هذه المسألة حكم المسائل التي قبلها وقد علمت الصحيح من المذهب من ذلك من كلام المصنف ومن كلامنا على القطة وصحح القاضي أيضا هنا أنه لواجده وأطلقهما في المغني والشرح أيضا في الركاز وقال بناء على الروايتين فيمن وجد ركازا في ملك ( ( ( البيع ) ) ) انتقل ( ( ( كالمعدن ) ) ) إليه
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ من اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ شَيْءٍ أو هَدْمِهِ فَقِيلَ هو على ما سَبَقَ من الْخِلَافِ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَقِيلَ هو لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ قال لِأَنَّ عَمَلَهُ لِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ كَالْمَعْدِنِ فإنه لِصَاحِبِ الدَّارِ فَكَذَا الرِّكَازُ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في كَلَامِ الْقَاضِي نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الرِّكَازَ الْمَدْفُونَ يَدْخُلُ في الْبَيْعِ كَالْمَعْدِنِ انْتَهَى إذَا عُلِمَ ذلك فَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَجَزَمَ به الشَّارِحُ أَيْضًا وقال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هو لِلْأَجِيرِ نَصَّ عليه قال ابن تَمِيمٍ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ أو غَيْرِهَا فَوَجَدَ كَنْزًا أو لُقَطَةً فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لِمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِطَلَبِ كَنْزٍ وَالثَّانِي هو على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ وَجَدَهُ من اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ أو غَيْرِهَا أو هَدْمِ مَكَان فَهُوَ لُقَطَةٌ وَعَنْهُ بَلْ هو رِكَازٌ فَيَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ إنْ كان فيه عَلَامَةُ
____________________
1-
(2/373)
لأنه ( ( ( كفر ) ) ) يوهم أن الركاز المدفون ( ( ( لرب ) ) ) يدخل ( ( ( الأرض ) ) ) في البيع كالمعدن وَلَوْ ادعي كُلُّ وَاحِدٍ من مُكْرِي الدَّارِ وَمُكْتَرِيهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ أَوَّلًا أو أَنَّهُ دَفَنَهُ فَوَجْهَانِ ( م 8 ) وَمَنْ وَصَفَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ نَقَلَهُ الْفَضْلُ لَا أَنَّهُ يُصَدِّقُ السَّاكِنَ مُطْلَقًا ( ش ) وَإِنْ كانت الدَّارُ عَادَتْ إلَى الْمُكْرِي فقال دَفَنْته قبل الْإِجَارَةِ وقال الْمُكْتَرِي أنا وَجَدْته وَدَفَنْته فَالْوَجْهَانِ في التَّلْخِيصِ ( م 9 ) وَمَنْ دخل دَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ فقال في الْخِلَافِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ له كَالطَّائِرِ وَالظَّبْيِ م 10 ) وَمُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ كَمُكْرٍ وَمُكْتِرٍ ( م 11 ) وَجَزَمَ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) كفر وعنه بل هو لرب الأرض انتهى وكذا قال في الرِّعَايَةُ الصغرى ( ( ( بأنهما ) ) ) والحاويين ( ( ( كبائع ) ) ) وقدم المجد ( ( ( مشتر ) ) ) في شرحه أنه للمستأجر
( مسألة 8 ) قوله وإن ادعي كل واحد من مكري الدار ومكتريها أنه وجده أولا أو أنه دفنه فوجهان انتهى وأطلقهما في المغني والتلخيص والمجد في شرحه والشرح ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين أحدهما القول قول المكري قدمه ابن رزين وقال لأن الدفن تابع للأرض والوجه الثاني القول قول المكتري ( قلت ) وهو الصواب لزيادة اليد عليه
( مسألة 9 ) قوله فإن كانت الدار عادت إلى المكري فقال دفنته قبل الإجارة وقال المكتري أنا وجدته ودفنته فالوجهان في التلخيص انتهى وتبعه ابن تميم وأطلقهما في الرعاية الكبرى إحداهما القول قول المكري والوجه الثاني القول قول المكتري ( قلت ) الصواب أن القول قول من في يده منهما ( ( ( ونصره ) ) )
( مسألة 10 ) قوله ومن دخل داره غيره بلا إذنه فحفر لنفسه فقال في الْخِلَافِ لا يمتنع أن يكون له كالطائر والظبي انتهى ( قلت ) ويحتمل أن يكون لرب الدار بل هو أولى من الذي قبله وقد حكي المصنف الخلاف فيمن وجد ركازا ( ( ( لسبق ) ) ) في ( ( ( يده ) ) ) مأجور له أو استؤجر لحفر شيء كما تقدم فها هنا أولى لأنه دخل بغير إذا شرعي ولعل القاضي أراد أنه لا يمتنع القول بأنه لواجده مقابلة لمن قال إنه ( ( ( وبهذا ) ) ) لرب ( ( ( قالت ) ) ) الدار وإن معناه منه في المسائل التي قبلها وهو ظاهر والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَمُسْتَعِيرٌ كَمُكْرٍ وَمُكْتِرٍ انْتَهَى وَكَذَا قال ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك خِلَافًا لَكِنَّ الذي قَدَّمَهُ هذا فَيَأْتِي الْخِلَافُ الذي في الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من ذلك هُنَاكَ فَكَذَا يَكُونُ هُنَا
____________________
1-
(2/374)
الرعاية بأنهما ( ( ( إحدى ) ) ) كبائع مع مشتر يقدم قول صاحب اليد كذا قال وذكر القاضي إن كان لقطة الروايتين السابقتين نقل الأثرم لا يدفع إلى البائع بلا صفة وجزم به في المحرر ونصره في الخلاف وعنه بلى لسبق يده قال وبهذا قالت الجماعة
وَالرِّكَازُ ما وُجِدَ من دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ أو من تَقَدَّمَ من الْكُفَّارِ في الْجُمْلَةِ في دَارِ إسْلَامٍ أو عَهْدٍ عليه أو على بَعْضِهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ فَقَطْ نَصَّ عليه وِفَاقًا فَإِنْ كان عليه أو على بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ ( عِ ) أو لَا عَلَامَةَ عليه كالحلى وَالسَّبَائِكِ وَالْآنِيَةِ فَلُقَطَةٌ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في إنَاءِ نَقْدٍ إنْ كان يُشْبِهُ مَتَاعَ الْعَجَمِ فَهُوَ كَنْزٌ وما كان مِثْلَ الْعِرْقِ فَمَعْدِنٌ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ وَكَذَا حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ إنْ قَدْر عليه بِلَا مَنَعَةٍ وَكَذَا ما أُخِذَ من دَارِ الْحَرْبِ بِلَا مَنَعَةٍ فَهُوَ كَالرِّكَازِ نَصَّ عليه وَقِيلَ غَنِيمَةٌ ( وه ش ) خَرَّجَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ في قَوْلِهِ الرِّكَازُ في دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْمَالِكِ كما لو قَدَرَ عليه بِمَنَعَةٍ ( و ) قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا الْمَدْفُونُ في دَارِ الْحَرْبِ كَسَائِرِ مَالِهِمْ الْمَأْخُوذِ منهم وَإِنْ كانت عليه عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ
قال في الْمُغْنِي إنْ وَجَدَ بِدَارِهِمْ لُقَطَةً من مَتَاعِنَا فَكَدَارِنَا وَمِنْ مَتَاعِهِمْ غَنِيمَةً وَمَعَ الِاحْتِمَالِ تُعَرَّفُ حَوْلًا بِدَارِنَا ثُمَّ تُجْعَلُ في الْغَنِيمَةِ نَصَّ عليه احْتِيَاطًا وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ في اللُّقَطَةِ في دَفْنِ مَوَاتٍ عليه عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لُقَطَةٌ وَإِلَّا رِكَازٌ ( وه ق ) ولم يُفَرَّقْ بين دَارٍ وَدَارٍ وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن إبْرَاهِيم إذَا لم يَكُنْ سِكَّةً لِلْمُسْلِمِينَ فَالْخُمُسُ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ما لَا عَلَامَةَ عليه رِكَازٌ وَأَلْحَقَ شَيْخُنَا بِالْمَدْفُونِ حُكْمًا الْمَوْجُودَ ظَاهِرًا بِخَرَابٍ جَاهِلِيٍّ أو طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَمْرِو ابن شُعَيْبٍ
رَوَاهُ أبو دَاوُد حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا اللَّيْثُ عن ابْنِ عَجْلَانَ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ عبدالله بن عَمْرِو بن الْعَاصِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عن الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فقال من أَصَابَ بِفِيهِ من ذِي حَاجَةٍ غير مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عليه وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ منه فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مثلية وَالْعُقُوبَةُ وَمَنْ سَرَقَ منه شيئا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ قال وَسُئِلَ عن اللُّقَطَةِ فقال ما كان منها في الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ وَالْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ فَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جاء طَالِبُهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ وَإِنْ لم يَأْتِ
____________________
(2/375)
فَهِيَ لَك وما كان من الْخَرَابِ يَعْنِي فَفِيهَا وفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ
وَرَوَاهُ أبو دَاوُد أَيْضًا عن أبي كُرَيْبٍ عن أبي أُسَامَةَ عن الْوَلِيدِ بن كَثِيرٍ عن عَمْرٍو بهذا
وَعَنْ مُسَدَّدٍ عن أبي عَوَانَةَ عن عبيدالله بن الْأَخْنَسِ عن عَمْرٍو بهذا وَعَنْ مُوسَى عن حَمَّادٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بن الْعَلَاءِ عن ابْنِ إدْرِيسَ جميعا عن مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ عن عَمْرٍو بهذا وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَوَّلَهُ وقال حَسَنٌ
وفي رِوَايَةٍ قال سَمِعْت رَجُلًا من مُزَيْنَةَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الْحَرِيسَةِ التي تُؤْخَذُ من مَرَاتِعِهَا فقال فيها ( ( ( وفيها ) ) ) ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ وما أُخِذَ من عَطَنِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ ما يُؤْخَذُ من ذلك ثَمَنَ الْمِجَنِّ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ فَالثِّمَارُ وما أُخِذَ منها من أَكْمَامِهَا فقال من أَخَذَ بِفِيهِ ولم يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلَيْسَ عليه شَيْءٌ وَمَنْ احْتَمَلَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ وما أُخِذَ من أَجْرَانِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ ما يُؤْخَذُ من ذلك ثَمَنَ الْمِجَنِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ ثَنَا يَعْلَى ثَنَا محمد بن إِسْحَاقَ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ
وَلِابْنِ ماجة مَعْنَاهُ ثَنَا عَلِيُّ بن مُحَمَّدٍ حدثنا أبو أُسَامَةَ عن الْوَلِيدِ بن كَثِيرٍ عن عَمْرٍو للنسائي ( ( ( وللنسائي ) ) ) مَعْنَاهُ وزاد في آخِرِهِ ما لم يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ عن الْحَارِثِ بن مِسْكِينٍ عن ابْنِ وَهْبٍ عن عَمْرِو بن الْحَارِثِ وَهِشَامِ بن ابن سَعِيدٍ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عن أبي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ عن يُونُسَ عن ابْنِ عبدالأعلى عن ابْنِ وَهْبٍ وَهَذَا الْخَبَرُ ثَابِتٌ إلَى عَمْرِو بن شُعَيْبٍ وَعَمْرٌو مُخْتَلَفٌ فيه وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ فيه في زَكَاةِ الْعَسَلِ وَأَخَذَ بِخَبَرِهِ هذا في غَيْرِ اللُّقَطَةِ وَاحْتَجَّ غَيْرُ شَيْخِنَا بِهِ كَصَاحِبِ الْمُغْنِي على أَنَّهُ في الْخَرَابِ الْجَاهِلِيِّ وَالطَّرِيقِ غَيْرِ الْمَسْلُوكِ كَالْمَدْفُونِ لَكِنْ بِالْعَلَامَةِ
____________________
(2/376)
وهو مَذْهَبٌ ( ش ) لَكِنْ قال إنْ كان ظُهُورُهُ لِسَبَبٍ كَسَيْلٍ وَإِلَّا فَلَا وقال في الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا الْمُرَادُ بالوجوب ( ( ( بالوجود ) ) ) بِخَرِبٍ عَادِيٍّ في خَبَرِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ ما تَرَكَهُ الْكُفَّارُ وَهَرَبُوا وهو ظَاهِرٌ فإنه فَيْءٌ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ من أَوْجَبَ الْخُمُسَ في الْمَعْدِنِ لِأَنَّهُ فَرَّقَ فيه بين الْمَدْفُونِ في الْعَادِيِّ وَبَيْنَ الرِّكَازِ
قال فَدَلَّ على أَنَّهُ أَرَادَ بِالرِّكَازِ الْمَعْدِنَ ثُمَّ أَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِمَا سَبَقَ في الِانْتِصَارِ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ قال الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ مُسْلِمٌ صَاحِبُ الصَّحِيحِ هذا الْخَبَرَ في الْأَخْبَارِ التي اسْتَنْكَرَهَا أَهْل الْعِلْمِ على عَمْرِو بن شُعَيْبٍ وقال الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَوْجَبَ الْخُمُسَ في الرِّكَازِ فَقَطْ وَلَا عَلِمْنَا أَحَدًا من عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ صَارَ إلَى الْقَوْلِ في اللُّقَطَةِ عن حديث عَمْرِو ابن شُعَيْبٍ أنها على ضَرْبَيْنِ وقال غَرَامَةُ الْمِثْلَيْنِ لم تُنْقَلْ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في خَبَرِ أَحَدٍ عَلِمْنَاهُ غير عَمْرِو بن شُعَيْبٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وقال ليس بِالْقَوِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
____________________
(2/377)
@ 379 بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ
وَهِيَ وَاجِبَةٌ ( و ) وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِمَا روى عن جَعْفَرِ بن سَعْدِ ابن سَمُرَةَ بن جُنْدَبٍ حدثني حَبِيبُ بن سُلَيْمَانَ بن سَمُرَةَ عن أبيه سُلَيْمَانَ بن سَمُرَةَ قال أَمَّا بَعْدُ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ من الذي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ رَوَاهُ أبو دَاوُد وروى أَيْضًا بهذا السَّنَدِ نَحْوُ سِتَّةِ أَخْبَارٍ منها من جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ معه فَهُوَ مِثْلُهُ
____________________
(2/379)
وَمِنْهَا من كَتَمَ غَالًّا فإنه مِثْلُهُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَا يَنْهَضُ مِثْلُهُ لِشُغْلِ الذِّمَّةِ لِعَدَمِ شُهْرَةِ رِجَالِهِ وَمَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمْ وَحَبِيبٌ تَفَرَّدَ عنه جَعْفَرٌ وَوَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ
وقال ابن حَزْمٍ جَعْفَرٌ وَحَبِيبٌ مَجْهُولَانِ وقال الْحَافِظُ عبدالحق حَبِيبٌ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ جَعْفَرٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عليه وقال ابن الْقَطَّانِ ما من هَؤُلَاءِ من يُعْرَفُ حَالُهُ وقد جَهَدَ الْمُحَدِّثُونَ فِيهِمْ جُهْدَهُمْ وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ عبدالغني الْمَقْدِسِيُّ بِقَوْلِهِ إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ عن أبي ذَرٍّ مَرْفُوعًا وفي الْبَزِّ صَدَقَةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عن طَرِيقَيْنِ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَأَنَّهُ على شَرْطِهِمَا وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعِنْدَهُ قَالَهُ بِالزَّايِ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ جَمِيعَ الرُّوَاةِ رَوَوْهُ بِالزَّايِ وفي صِحَّةِ هذا الْخَبَرِ نَظَرٌ وَيَدُلُّ على ضَعْفِهِمَا أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا احْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه لِحِمَاسٍ أَدِّ زَكَاةَ مَالِكِ فقال مالي إلَّا جِعَابٌ وَأُدُمٌ فقال قَوِّمْهَا ثُمَّ أَدِّ زَكَاتَهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ ثَنَا يحيى بن سَعِيدٍ ثَنَا عبدالله بن أبي سَلَمَةَ عن أبي عمر ( ( ( عمرو ) ) ) بن حِمَاسٍ عن أبيه وَرَوَاهُ سَعِيدٌ ثَنَا
____________________
(2/380)
عبدالرحمن ابن ( ( ( الرحمن ) ) ) أبي الزِّنَادِ عن أبيه أخبرني أبو عَمْرِو بن حِمَاسٍ أَنَّ أَبَاهُ أخبره وَرَوَاهُ أبو عُبَيْدٍ وأبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا وهو مَشْهُورٌ وَسَأَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَبَا عبدالله عن قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ في الذي يُحَوِّلُ عِنْدَهُ الْمَتَاعَ لِلتِّجَارَةِ قال يُزَكِّيهِ بِالثَّمَنِ الذي اشْتَرَاهُ فَقُلْت ما أَحْسَنَهُ فقال أَحْسَنُ منه حَدِيثُ قَوِّمْهُ وَرَوَى ابن أبي شَيْبَةَ ثَنَا أبو أُسَامَةَ ثَنَا عبيدالله عن نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قال ليس في الْعُرُوضِ زَكَاةٌ إلَّا عَرْضًا في تِجَارَةٍ وَرَوَاهُ سَعِيدٌ بِمَعْنَاهُ في طَرِيقٍ آخَرَ
وَهَذَا صَحِيحٌ عن ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا أبو عَمْرٍو عن أبيه فَحِمَاسٌ لَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مُتَقَدَّمٌ وَاعْتَمَدَ على قَوْلِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَإِنَّمَا قال أَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ على أَنَّ في الْعُرُوضِ التي تُرَادُ لِلتِّجَارَةِ الزَّكَاةَ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ في الْقَدِيمِ أَنَّ الناس اخْتَلَفُوا في ذلك فقال بَعْضُهُمْ لَا زَكَاةَ وقال بَعْضُهُمْ تَجِبُ قال وهو أَحَبُّ إلَيْنَا وَمِنْ أَصْحَابِهِ من أَثْبَتَ له قَوْلًا في الْقَدِيمِ لَا تَجِبُ وَحَكَى أَحْمَدُ هذا عن مَالِكٍ وهو قَوْلُ دَاوُد وَاحْتَجَّ بِظَوَاهِرِ الْعَفْوِ عن صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَالْحُمُرِ
وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيَتَوَجَّهُ هُنَا ما سَبَقَ في زَكَاةِ الْعَسَلِ وقد يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ مع الشِّرَاءِ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً فلم تُؤَثِّرْ النِّيَّةُ مع الْفِعْلِ في نَقْلِ حُكْمِ الْأَصْلِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي من وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بها أُضْحِيَّةً بَعْدَ حُصُولِ الْمِلْكِ فَلِهَذَا لم يَصِحَّ مع الْمِلْكِ وَهُنَا لَا تَصِحُّ نِيَّةُ التِّجَارَةُ بَعْدَ حُصُولِ الْمِلْكِ فَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يَنْوِيَ مع الْمِلْكِ وَالثَّانِي أَنَّ الشِّرَاءَ يُمْلَكُ بِهِ وَنِيَّةُ الْأُضْحِيَّةِ سَبَبٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ فلم يَقَعْ الْمِلْكُ وَسَبَبُ زَوَالِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالزَّكَاةُ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا هِيَ سَبَبٌ في إزَالَتِهِ وَالشِّرَاءُ يُمْلَكُ بِهِ فَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يَنْوِيَ بها الزَّكَاةَ حين الشِّرَاءِ كَذَا قال وفيها ( ( ( وفيهما ) ) ) نَظَرٌ فَصْلٌ وَإِنَّمَا تَجِبُ في قِيمَةِ الْعُرُوضِ ( وم ش ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْوُجُوبِ كَالدَّيْنِ لَا في نَفْسِ الْعَرْضِ بِشَرْطِ أَنْ تَبْلُغَ نِصَابَ الْقِيمَةِ ( ه ) فَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ النِّصَابِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَكَالتَّلَفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ وَيُؤْخَذُ منها رُبُعَ الْعُشْرِ لِأَنَّهَا كَالْأَثْمَانِ
____________________
(2/381)
لِتَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ لَا من الْعَرْضِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ نَقُولَ بِإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِهَا وَقْتَ الْإِخْرَاجِ وَعِنْدَهُ يُخَيَّرُ بين رُبُعِ عُشْرِ الْقِيمَةِ أو رُبُعِ عُشْرِ الْعُرُوضِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ وَالشَّافِعِيِّ في الْقَدِيمِ رُبُعُ الْعُشْرِ من الْعَرْضِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ويجزىء نَقْدٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ وَتَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ كُلَّ حَوْلٍ نَصَّ عليه وَمَذْهَبُ ( م ) يُزَكِّي من تَرَبَّصَ نِفَاقًا وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ سِنِينَ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَهَلْ يُقَوَّمُ وَيُزَكِّي أَمْ لَا يَلْزَمُهُ حتى يَنِضَّ له وَلَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فيه عن ( م ) رِوَايَتَانِ وَلَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ بِفِعْلِهِ
وَيَنْوِي أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَلُّكِهِ فَإِنْ مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ ولم يَنْوِ التِّجَارَةَ أو مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أو كان عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلْقُنْيَةِ فَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ( و ) لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَنْقُلُ عن الْأَصْلِ كَنِيَّةِ إسَامَةِ الْمَعْلُوفَةِ وَنِيَّةِ الْحَاضِرِ لِلسَّفَرِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن إبْرَاهِيمَ وابن مَنْصُورٍ أَنَّ الْعَرْضَ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالرَّوْضَةِ لِخَبَرِ سَمُرَةَ وَلَا يَعْتَبِرُ فِيمَا مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ الْمُعَاوَضَةَ هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ في الْخِلَافِ لِخَبَرِ سَمُرَةَ وَلِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ كَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ في الْمُجَرَّدِ يَعْتَبِرُ الْمُعَاوَضَةَ ( وش ) تَمَحَّضَتْ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أو لَا كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عن دَمٍ عَمْدٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو نَصُّهُ في رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ وَالِاحْتِشَاشَ وَالْهِبَةَ ليس من جِهَاتِ التِّجَارَةِ كَالْمَوْرُوثِ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَعَنْهُ يَعْتَبِرُ كَوْنَ الْعَرْضِ نَقْدًا ( وم ) ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي لِاعْتِبَارِ النِّصَابِ بِهِمَا فَيَعْتَبِرُ أَصْلُ وُجُودِهِمَا وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَا إذَا مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ لَا زَكَاةَ فيه فَهِيَ كَهَذِهِ الرِّوَايَةِ وقال بَعْضُهُمْ يُخْرِجُ منها اعْتِبَارَ كَوْنِ بَدَلُهُ نَقْدًا أو عَرْضَ تِجَارَةٍ وفي الرِّعَايَةِ إنْ مَلَكَهُ بِلَا عِوَضٍ كَوَصِيَّةٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحْتِطَابٍ فَوَجْهَانِ
وَإِنْ لم يَكُنْ ما مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ عَيْنَ مَالٍ بَلْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَقِيلَ لَا كما لو نَوَاهَا بِدَيْنِ حَالٍ وَإِنْ بَاعَ عَرْضَ قُنْيَةٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ اسْتَرَدَّهُ لِعَيْبِ ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ ما لو رَدَّهُ عليه لِعَيْبٍ فيه وَمِثْلُهُ عَرْضُ تِجَارَةٍ بَاعَهُ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ ثُمَّ رَدَّهُ عليه لِعَيْبٍ فيه لِأَنَّهُ كَمَوْرُوثٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ خِلَافًا أَظُنُّهُ أبو الْمَعَالِي فِيمَا مَلَكَهُ بِفَسْخٍ هل يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ
____________________
(2/382)
فإن الْفَسْخَ في عَرْضِ تِجَارَةٍ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ وقال إنَّ الْمُضَارِبَ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا لِعَبِيدِ التِّجَارَةِ وَلَا نِيَّةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ للقرنية ( ( ( للقرينة ) ) ) لَا رب ( ( ( لرب ) ) ) الْمَالِ كَذَا قال قال وَإِنْ مَلَكَ بِفِعْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ بِعَرْضِ تِجَارَةٍ عَرْضًا صَارَ لِلتِّجَارَةِ وَقِيلَ ليس قُنْيَةً عِنْدَ بَائِعِهِ وَالْقَوْلُ الذي قبل هذا أَظْهَرُ وَأَظُنُّهُ الْمَذْهَبَ لِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ لم يَقْطَعْهَا وَسَبَقَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَكِنْ لو قبل ( ( ( قتل ) ) ) عبد تِجَارَةٍ خَطَأً فَصَالَحَ على مَالٍ صَارَ لِلتِّجَارَةِ
وَكَذَا لو كان عَمْدًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَإِلَّا لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَلَوْ تَخَمَّرَ عَصِيرُ للتجارة ( ( ( التجارة ) ) ) ثُمَّ تَخَلَّلَ عَادَ حُكْمُ التِّجَارَةِ وَلَوْ مَاتَتْ مَاشِيَةُ التِّجَارَةِ فَدُبِغَ جُلُودُهَا وَقُلْنَا تَطْهُرُ فَهِيَ عَرْضُ تِجَارَةٍ وَتُقْطَعُ نِيَّةُ الْقُنْيَةِ وَقِيلَ الْمُمَيَّزَةُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَصِيرُ لِلْقُنْيَةِ ( و ) خِلَافًا لِمَالِكٍ في رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَالْإِقَامَةِ مع السَّفَرِ وحلى اسْتِعْمَالٍ نَوَى بِهِ الْقُنْيَةَ أو التِّجَارَةَ يَنْعَقِدُ عليه الْحَوْلُ ( و ) وَقِيلَ لَا نِيَّةَ محرمه كَنَاوٍ مَعْصِيَةً فلم يَفْعَلْهَا في بُطْلَانِ أَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَلَنَا خِلَافٌ هل يَأْثَمُ على قَصْدِ الْمَعْصِيَةِ بِدُونِ فِعْلِ ما يَقْدِرُ عليه مَذْكُورٌ في فُصُولِ التَّوْبَةِ من الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ فَصْلٌ قد سَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْحَوْلَ وَالنِّصَابَ في قِيمَةِ الْعَرْضِ في جَمِيعِ الْحَوْلِ وَحُكْمِ الْمُسْتَفَادِ وَالرِّبْحِ وَإِنْ اشْتَرَى أو بَاعَ عَرْضَ تِجَارَةٍ بِنِصَابِ نَقْدٍ أو بِعَرْضِ تِجَارَةٍ بني على حَوْلِ الْأَوَّلِ ( و ) وَيَبْنِي حَوْلَ التَّقْدِيرِ على حَوْلِ الْعَرْضِ من قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ لأنه وَضْعَ التِّجَارَةِ على التَّقَلُّبِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِثَمَنٍ وَعَرْضٍ فَلَوْ لم يَبْنِ بَطَلَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ وَالْقِيمَةُ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ انْتَقَلَتْ من عَرْضٍ إلَى عَرْضٍ فَهُوَ كَنَقْدٍ نُقِلَ من بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ وَالْقِيمَةُ هِيَ النَّقْدُ اسْتَقَرَّ في الْعَرْضِ
وَإِنْ لم يَكُنْ النَّقْدُ نِصَابًا فَحَوْلُهُ مُنْذُ كَمُلَ قِيمَتُهُ نِصَابًا لَا من شِرَائِهِ ( وه ) وَإِنْ اشْتَرَاهُ أو بَاعَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ لم يَبْنِ ( و ) لِاخْتِلَافِهِمَا في النِّصَابِ وَالْوَاجِبُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ بمثله لِلْقُنْيَةِ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ السَّوْمَ سَبَبُ للزكاة ( ( ( الزكاة ) ) ) قَدَّمَ عليه زَكَاةَ التِّجَارَةِ لِقُوتِهِ فَبِزَوَالِ الْمُعَارِضِ ثَبَتَ حُكْمُ السَّوْمِ لِظُهُورِهِ وَتَقُومُ الْعُرُوض عِنْدَ الْحَوْلِ بِمَا هو أَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ من ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ ( وه ) لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ فَيَقُومُ بِالْأَحَظِّ لهم كما لو اشْتَرَاهُ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ وفي الْبَلَدِ نَقْدَانِ
____________________
(2/383)
تَسَاوَيَا في الْغَلَّةِ يَبْلُغُ أَحَدُهُمَا نِصَابًا بِخِلَافِ الْمُتْلَفَاتِ وَخَيَّرَهُ أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَةِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الثَّمَنَيْنِ سَوَاءٌ في قِيمَةِ الْأَشْيَاءِ وَذَكَرَ ابن عبدالبر بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ وَقَالَهُ محمد بن الْحَسَنِ كَالْمُتْلِفِ
وَكَذَا ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَالْأَحَظُّ وَكَذَا مَذْهَبُ ( ش ) وَأَبِي يُوسُفَ يَقُومُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ إنْ كان اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ وَإِنْ كان اشْتَرَاهُ بِنَقْدِ قَوْمٍ بِجِنْسِ كَالْمَاشِيَةِ وَلِأَنَّ أَصْلَهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَقُومُ نَقْدٌ بِآخَرَ بِنَاءً على قَوْلِنَا لَا يبني حَوْلِ نَقْدٍ آخَرَ فَيُقَوِّمُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ وما قَوَّمَ بِهِ لَا عِبْرَةَ بِتَلِفِهِ إلَّا قبل التَّمَكُّنِ فَعَلَى ما سَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ وَلَا بِنَقْصِهِ بَعْدَ ذلك وَلَا زِيَادَتِهِ إلَّا قبل التَّمَكُّنِ فإنه كَتَلَفِهِ وِفَاقًا وَإِنَّمَا لم تُؤَثِّرْ الزِّيَادَةُ كَنِتَاجِ مَاشِيَةٍ وَلِلشَّافِعِيَّةُ وَجْهَانِ كَسَمْنِ مَاشِيَتِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ
وَعِنْدَنَا تُجْزِئُهُ صِفَةُ الْوَاجِبِ قبل السَّمْنِ وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ بِكُلِّ نَقْدٍ نِصَابًا خُيِّرَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ( وه ) وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ كَأَصْلِ الْوُجُوبِ وَقِيلَ بِفِضَّةٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ كَهَذِهِ الْوُجُوهِ وَتُقَوَّمُ الْمُغَنِّيَةَ سَاذَجَةً وَيُقَوَّمُ الْمَخْصِيُّ بِصِفَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقِيمَةِ آنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَسَبَقَ في ضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ حُكْمُ ضَمّ الْعَرْضِ إلَى أَحَدِهِمَا وَإِلَيْهِمَا وَسَبَقَ في الحلى النَّقْدُ الْمُعَدُّ لِلتِّجَارَةِ وَيُضَمُّ بَعْضُ الْعُرُوضِ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةً وَمُشْتَرًى وَسَبَقَ حُكْمُ الْمُسْتَفَادِ فَصْلٌ من مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ ( وه ) لِأَنَّ وَضْعَهَا على التَّقَلُّبِ فَهِيَ تُزِيلُ سَبَبَ زَكَاةِ السَّوْمِ وهو الِاقْتِنَاءُ لِطَلَبِ النَّمَاءِ معه وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ على التَّعْلِيلِ بِالْأَحَظِّ وَقِيلَ زَكَاةُ السَّوْمِ ( وم ش ) لِأَنَّهَا أَقْوَى لِلِاجْتِمَاعِ وَتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ وَقِيلَ الْأَحَظُّ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَفِي أَرْبَعِينَ أو خَمْسِينَ حِقَّةٌ أو جَذَعَةٌ أو ثَنِيَّةٌ أو إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٍ أو ثَنِيَّةٍ أو مِائَةٍ من الْغَنَمِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ أَحَظُّ لِزِيَادَتِهَا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ من غَيْرِ وَقْصٍ وفي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ أو بِنْتُ لَبُونٍ أو خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتِ مَخَاضٍ أو ثَلَاثِينَ تَبِيعًا زَكَاةُ السَّوْمِ أَحَظُّ وفي إحْدَى وَسِتِّينَ دُونَ الْجَذَعَةِ أو خَمْسِينَ بِنْتِ مَخَاضِ أو بِنْتِ لَبُونٍ أو
____________________
(2/384)
خَمْسٍ وَعِشْرِينَ حِقَّةٌ أو خَمْسٍ من الْإِبِلِ يَجِبُ الْأَحَظُّ من زَكَاةِ التِّجَارَةِ أو السَّوْمِ وفي الرَّوْضَةِ يُزَكِّي النِّصَابُ لِلْعَيْنِ وَالْوَقْصُ لِلْقِيمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أو لَا في وَجْهٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ لِمَا سَبَقَ وَقِيلَ يُقَدَّمُ السَّابِقُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( م 1 )
لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ زَكَاتِهِ بِلَا معاوض ( ( ( معارض ) ) ) وَإِنْ وُجِدَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا كَثَلَاثِينَ شَاةً قسمتها ( ( ( قيمتها ) ) ) مِائَتَا دِرْهَمٍ أو أَرْبَعِينَ قِيمَتُهَا دُونَهَا قُدِمَ ما وُجِدَ نِصَابُهُ ولم يَعْتَبِرْهُ غَيْرُهُ ( و ) قال الشَّيْخُ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِوُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ فيه بِلَا مُعَارِضٍ وَقِيلَ يُغَلِّبُ ما يَغْلِبُ إذَا اجْتَمَعَ النِّصَابَانِ وَلَوْ سَقَطَتْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو قَوْلُ لِلشَّافِعِيِّ وَجَزَمَ به غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ إنْ نَقَصَ نِصَابُ السَّوْمِ وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ أَمَّا إنْ سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ بِأَنْ كانت قِيمَتُهُ دُونَ نِصَابِ في بَعْضِ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ حتى يُتِمَّ الْحَوْلُ من بُلُوغِ النِّصَابِ في وَجْهٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَتَأَخَّرُ وفي وَجْهٍ تَجِبُ زَكَاةُ السَّوْمِ عِنْدَ حَوْلِهِ ( م 2 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) باب زكاة ( ( ( حال ) ) ) التِّجَارَةِ
( مسألة ( ( ( زكى ) ) ) 1 ) قوله ( ( ( الزائد ) ) ) من ملك ( ( ( النصاب ) ) ) نِصَابِ سائمة ( ( ( جميع ) ) ) للتجارة ( ( ( الحول ) ) ) فعليه ( ( ( وجبت ) ) ) زكاة التجارة وقيل زَكَاةُ السَّوْمِ وقيل الأحظ منهما للفقراء وهذا كله سواء اتفق حولاهما أو لا في وجه وهو ظاهر كلام أحمد وجزم به الشيخ لما سبق وقيل يقدم السابق واختاره صاحب المحرر انتهى ( قلت ) الصواب ما قطع به الشيخ وتابعه الشارح وابن رزين في شرحه وغيرهم ( ( ( لئلا ) ) ) وهو ( ( ( تسقط ) ) ) ظاهر ( ( ( بالكلية ) ) ) كلام الإمام أحمد قلت بل هو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ بِأَنْ كانت قِيمَتُهُ دُونَ نِصَابٍ في بَعْضِ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ حتى يُتِمَّ الْحَوْلُ من بُلُوغِ النِّصَابِ في وَجْهٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وفي وَجْهٍ تَجِبُ زَكَاةُ السَّوْمِ عِنْدَ حَوْلِهِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال عن أَحْمَدَ ما يَدُلُّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاقْتَصَرَ عليه الْمَجْدُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَالَا إلَيْهِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ مُرَاعَاةً لِلْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فَإِنَّهُمَا قَالَا فقال الْقَاضِي كَذَا وَيَحْتَمِلُ كَذَا
____________________
1-
(2/385)
وإذا حال حول التجارة زكى الزائد على النصاب وكذا حكى الشيخ إذا سبق حول السوم وإن نقص عن نصاب جميع الحول وجبت زكاة السوم في الأصح لئلا تسقط بالكلية وَمَنْ مَلَكَ سَائِمَةً لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ حَوْلٍ ثُمَّ قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ اسْتَأْنَفَ للسوم ( ( ( السوم ) ) ) حَوْلًا لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي حَوْلَهُ على حَوْلِ التِّجَارَةِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ يَبْنِي لِوُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ بِلَا مُعَارِضٍ كما لو لم يَنْوِ التِّجَارَةَ أو لم تَبْلُغْ نِصَابَ الْقِيمَةِ وَبَنَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على تَقْدِيمِ ما وُجِدَ نِصَابُهُ في الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ قال جَعَلَا لِانْقِطَاعِ حُكْمِ التِّجَارَةِ بِقَطْعِ النِّيَّةِ كَانْقِطَاعِهِ بِنَقْصِ قِيمَةِ النِّصَابِ وَأَطْلَقَ ابن تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا أو زَرَعَهَا بِبَذْرٍ لِلتِّجَارَةِ أو نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ زَكَّى قِيمَةَ الْكُلِّ نَصَّ عليه ( وق ) وَقِيلَ يزكى الْأَصْلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ لِلْعُشْرِ ( وه م ق ) إلَّا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ في الْأَرْضِ لِأَنَّ الْعُشْرَ حَقُّ الشَّجَرِ مغرسه ( ( ( ومغرسه ) ) ) فَهُوَ تَابِعٌ لِلثَّمَرَةِ وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَسْأَلَةِ السَّائِمَةِ لِلتِّجَارَةِ التي قَبْلَهَا
وَقِيلَ بِزَكَاةِ الْعُشْرِ ( وه ) هُنَا لِكَثْرَةِ الْوَاجِبِ لِعَدَمِ الْوَقْصِ وَالْخَلْفُ في اعْتِبَارِ النِّصَابِ وَيَسْتَأْنِفُ حَوْلَ التِّجَارَةِ على زَرْعٍ وَثَمَرَةٍ من حَصَادٍ وَجُذَاذٍ ( وش ) لِأَنَّ بِهِ يَنْتَهِي وُجُوبُ الْعُشْرِ الذي لَوْلَاهُ لَجَرَيَا في حَوْلِ التِّجَارَةِ وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُهُ إلَّا بثمنها ( ( ( بثمنهما ) ) ) إنْ بَيْعًا ( وه م ) لِكَمَالِ الْقُنْيَةِ وَجَزَمَ ابن تَمِيمٍ بِأَنَّهُ يُخْرِجُ على مَالِ الْقُنْيَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتَ الْوُجُوبِ أو وَجَدَ نِصَابَ أَحَدِهِمَا فَكَمَسْأَلَةِ سَائِمَةِ التِّجَارَةِ التي قَبْلَهَا في تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ وَتَقْدِيمِ ما تَمَّ نِصَابُهُ وَإِنْ زَرَعَ بَذْرَ تِجَارَةٍ في أَرْضِ قُنْيَةٍ فَهَلْ يُزَكِّي الزَّرْعَ زَكَاةَ عُشْرٍ ( وه م ق ) أو قِيمَةً فيه الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ ( * ) وفي بَذْرِ قُنْيَةٍ الْعُشْرُ ( و ) وفي أَرْضِهِ لِلتِّجَارَةِ الْقِيمَةُ ( ه ) وَإِنْ كان الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ لَا زَكَاةَ فيه أو كان لِعَقَارِ لتجارة ( ( ( التجارة ) ) ) وَعَبِيدِهَا أُجْرَةٌ ضَمَّ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ وَالْأُجْرَةِ إلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ في الْحَوْلِ كَرِبْحٍ وَنِتَاجٍ وَقِيلَ لَا ( وم ) وَكَذَا عِنْدَ ( م ) ثَمَنِ صُوفِ وَلَبَنٍ غَنَمٍ رِقَابُهَا لِلتِّجَارَةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَإِنْ زَرَعَ بَذْرَ تِجَارَةٍ في أَرْضِ قنية ( ( ( قينة ) ) ) فَهَلْ يُزَكِّي الزَّرْعِ زَكَاةَ عُشْرٍ أو قِيمَةً فيه الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ في أَوَّلِ الْفَصْلِ وَالْمَذْهَبُ يُزَكِّي قِيمَةَ الْكُلِّ نَصَّ عليه
____________________
1-
(2/386)
فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى صَبَّاغٌ ما يَصْبُغُ بِهِ وَيَبْقَى كَزَعْفَرَانٍ وَنِيلٍ وَعُصْفُرٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ عَرْضُ تِجَارَةٍ يَقُومُ عِنْدَ حَوْلِهِ ( وه ش ) لِاعْتِيَاضِهِ عن صَبْغٍ قَائِمٍ بِالثَّوْبِ فَفِيهِ مَعْنَى التِّجَارَةِ وَكَذَا ما يَشْتَرِيهِ دباغا ( ( ( دباغ ) ) ) لِيَدْبُغَ بِهِ كَعَفْصٍ وقرض ( ( ( وقرظ ) ) ) وما يَدْهُنُ بِهِ كَسَمْنٍ وَمِلْحٍ ذَكَرَهُ ابن الْبَنَّا وَجَزَمَ به في مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فيه وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى له أَثَرٌ كما يَشْتَرِيهِ قَصَّارٌ من قُلًى وَنَوْرَةٍ وَصَابُونٍ وَأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَلَا شَيْءَ في آلَاتِ الصُّنَّاعِ وَأَمْتِعَةِ التِّجَارَةِ وَقَوَارِيرِ عَطَّارٍ وَسِمَانٍ وَنَحْوِهِمْ ( و ) إلَّا أن يريد بَيْعُهَا مع ما فيها وَكَذَلِكَ آلَاتُ الدَّوَابِّ إنْ كانت لِحِفْظِهَا
وَإِنْ كان يَبِيعُهَا مَعَهَا فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ وَلَا زَكَاةَ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ في عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ وَشَجَرٍ وَنَبَاتٍ ( و ) سِوَى ما سَبَقَ وَلَا في قِيمَةِ ما أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ من عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا ( و ) وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ اتَّخَذَ سَفِينَةً أو أَرْحِيَةً لِلْغَلَّةِ فَلَا زَكَاةَ يُرْوَى عن عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذٍ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ ليس في الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ
وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في ذلك تَخْرِيجًا من الحلى الْمُعَدِّ لِلْكِرَاءِ وَهَذَا هو الذي حَمَلَ ابْنَ عَقِيلٍ على أَنَّهُ لَا زَكَاةَ في حلى الْكِرَاءِ قال لِأَنَّ الشَّارِعَ لم يَجْعَلْ لِلْكِرَاءِ حُكْمًا فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهِ في النَّقْدِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ زَكَاةُ الحلى فَلَا يَخْرُجُ عنه إلَّا بِمَعْنًى يُخْرِجُهُ عن طَلَبِ النَّمَاءِ وَيُقْصَدُ بِهِ الِابْتِذَالُ الْمَخْصُوصُ وَهُنَا الْأَصْلُ عَدَمُهَا فَلَا يَخْرُجُ عنه إلَّا بِالنَّمَاءِ الْمَقْصُودِ وهو نِيَّةُ التِّجَارَةِ
وَمَنْ أَكْثَرَ من شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا من الزَّكَاةِ فَقِيلَ يزكى قِيمَتَهُ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أو صَرِيحُهُ ( م 3 ) وقد سَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ حُكْمُ الْفَارِّ ومن اشترى شقصا للتجارة بألف فصار عند الحول بألفين زكاهما وأخذه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَمَنْ أَكْثَرَ من شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا من الزَّكَاةِ فَقِيلَ يُزَكِّي له قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أو صريحة انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ أَحَدَهُمَا يُزَكِّي قِيمَتَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ مُعَامَلَةً له بِضِدِّ مقصود ( ( ( مقصوده ) ) ) كَالْفَارِّ من الزَّكَاةِ يبيع ( ( ( ببيع ) ) ) أو غَيْرِهِ وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ لَا زَكَاةَ فيه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أو صَرِيحُهُ كما قال الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(2/387)
الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَصَارَ عِنْدَ حَوْلِهِ بِأَلْفِ زَكَّى أَلْفًا وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمَا وَقَعَ عليه الْعَقْدُ وَكَذَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَيُزَكِّيهِ لِوُجُوبِهَا في مِلْكِهِ وَإِنْ أَذِنَ كُلُّ شَرِيكٍ لِصَاحِبِهِ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَأَخْرَجَاهَا مَعًا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّ الْآخَرِ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ حُكْمًا لِأَنَّهُ لم يَبْقَ على الْمُوَكِّلِ زَكَاةٌ كما لو عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ وَالْعَزْلُ حُكْمًا الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ فيه سَوَاءٌ بِدَلِيلِ ما لو وَكَّلَهُ في بَيْعِ عبد فَبَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أو أَعْتَقَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ حَقَّ الْأَوَّلِ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ من لم يَعْلَمْ بِإِخْرَاجِ صَاحِبِهِ بِنَاءً على أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قبل الْعِلْمِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ لِأَنَّهُ غَيْرُهُ كما لو وَكَّلَهُ في قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْمُوَكِّلِ ولم يَعْلَمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا في مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ لم يُفَوِّتْ حَقُّ الْمَالِكِ بِدَفْعِهِ إذْ له الرُّجُوعُ على الْقَابِضِ فَنَظِيرُهُ لو كان الْقَابِضُ مِنْهُمَا السَّاعِي ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ لم يَضْمَنْ الْمَخْرَجَ لِلْمَخْرَجِ عنه شيئا لَمَّا كان له الرُّجُوعُ على السَّاعِي بِهِ وَمُرَادُهُ ما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من بَقَائِهَا بِيَدِ السَّاعِي
وَهَذَا بِنَاءٌ على ما ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ على الْفَقِيرِ بِشَيْءٍ وَيَقَعُ تَطَوُّعًا كَمَنْ دَفَعَ زَكَاةً يَعْتَقِدُهَا عليه فلم يكن ( ( ( تكن ) ) ) كَذَا قال وَفِيهِ خِلَافٌ وَيَأْتِي الْأَصْلُ في تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وفي الرِّعَايَةِ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّ الْآخَرِ وَقِيلَ لَا كَالْجَاهِلِ مِنْهُمَا وَالْفَقِيرِ الذي أَخَذَهَا مِنْهُمَا في الْأَقْيَسِ فِيهِمَا
كَذَا قال وَإِنْ أَذِنَ غَيْرُ شَرِيكَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَلْآخَرِ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَعَلَى ما سَبَقَ وَهَلْ يَبْدَأُ بِزَكَاتِهِ فيه رِوَايَتَانِ وَجَزَمَ الْقَاضِي بِجَوَازِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ قبل زَكَاتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَجِّ ( م 4 ) بِأَنَّهُ تَخْتَصُّ النِّيَابَةُ فيه بِالْعَجْزِ عنه فلما اخْتَصَّ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ لِمَنْ وَجَبَ عليه جَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِحَالِ النَّائِبِ دُونَ حَالٍ وَلِأَنَّهُ لو أَحْرَمَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ غَيْرُ شَرِيكَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا للأخر في إخْرَاجِ زكاتع ( ( ( زكاته ) ) ) فَعَلَى ما سَبَقَ وَهَلْ يَبْدَأُ بِزَكَاتِهِ فيه رِوَايَتَانِ وَجَزَمَ الْقَاضِي بِجَوَازِ إخْرَاجِ زَكَاةِ غَيْرِهِ قبل زَكَاتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَجِّ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ أَحَدَهُمَا يَجُوزُ وهو الذي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ في مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ وَالْوَقْتُ الْيَسِيرُ يعفي عنه على الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا يَجُوزُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ
____________________
1-
(2/388)
مطلقا من عليه فرضه انصرف إليه بخلاف من تصدق مطلقا ولأن بقاء بعض الحج يمنع أداءه عن غيره كذلك بقاء جميعه بخلاف الزكاة واقتصر الشيخ وغيره على الفرق الأخير ومن لزمه نذر وزكاة قدم الزكاة فإن قدم النذر لم يصرف إلى الزكاة وعنه يبدأ بما شاء ويأتي مثله في قضاء رمضان قبل صوم النذر وقد دلت هذه المسألة والتي قبلها على أن نفل الصدقة قبل أداء الزكاة في جوازه وصحته ما في نقل العبادات قبل أدائها
ومن وكل في إخراج زكاته ثم أخرجها هو ثم وكيله قبل علمه فيتوجه أن في ضمانه الخلاف السابق ولهذا لم يذكرها الأكثر اكتفاء بما سبق وأطلق بعضهم أوجها ثالثها لا يضمن إن قلنا لا ينعزل وإلا ضمن وصححه في الرعاية ويقبل قول الموكل إنه أخرج قبل دفع وكيله إلى الساعي وقول من دفع زكاة ماله إليه ثم ادعي أنه كان أخرجها ويؤخذ من الساعي إن كان بيده فإن تلف أو كان دفعه إلى الفقراء أو كانا دفعا إليه فلا وسبق حكم رب المال والمضارب في الفصل الرابع من كتاب الزكاة
____________________
(2/389)
@ 391 بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ
وَهِيَ وَاجِبَةٌ ( و ) خِلَافًا لِلْأَصَمِّ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَدَاوُد وَلَا حُجَّةَ لهم في خَبَرِ قَيْسٍ السَّابِقِ في أو ( ( ( أول ) ) ) كِتَابِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ اسْتِصْحَابُ الْأَمْرِ السَّابِقِ مع عَدَمِ الْمُعَارِضِ ثُمَّ قد فَرَضَهَا الشَّارِعُ وَأَمَرَ بها في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا كَقَوْلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَمْ لَا ( وه ) فيه رِوَايَتَا الْمَضْمَضَةِ ( م 1 )
وَتَجِبُ على كل مُسْلِمٍ حُرٍّ وَمُكَاتَبٍ ( خ ) لَا على سَيِّدِهِ ( م ر ) وَذَكَرٍ أو أُنْثَى كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ ( و ) وَلَوْ في مَالِ صَغِيرٍ نَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على ذلك كُلِّهِ ( و ) وحكى وَجْهٌ وَقِيلَ لَا تَجِبُ غَيْرِ مُخَاطَبٍ بِالصَّوْمِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ على مُرْتَدٍّ وَعَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ لَا تَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَهَلْ تسمي فَرْضًا كَقَوْلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ صَاحِبُ المحرم أَمْ لَا فيه رِوَايَتَا المضمضمة ( ( ( المضمضة ) ) ) انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أنها واجبه مَفْرُوضَةٌ وقال وحكي ابن عَقِيلٍ عن إمَامِنَا في تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا مع كَوْنِهَا وَاجِبَةً رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تسمي فَرْضًا وهو قَوْلُ الْجُمْهُورِ من الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْأُخْرَى لَا تسمي فَرْضًا انْتَهَى وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا هل تسمي فَرْضًا مع الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا على رِوَايَتَيْنِ قَالَا وَالصَّحِيحُ أنها فَرْضٌ وَاسْتَدَلَّا لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ قد جَعَلَهَا كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ في بَابِ الْوُضُوءِ فإن الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا وَذَكَرْنَا فَائِدَةَ الْخِلَافِ فَلْيُعَاوَدْ
____________________
1-
(2/391)
وَلَا فِطْرَةَ على من لم يَفْضُلْ عن قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يوم الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ ( و ) وفي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ ( م 2 ) وَلِلشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ وَكَبَعْضِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَلَا فِطْرَةَ على من لم يَفْضُلْ عن قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يوم الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ وفي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي والتخليص وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ وهو الصَّحِيحُ كَبَعْضِ نَفَقَةِ الْغَرِيبِ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ أَخْرَجَهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ الْكَفَّارَةَ وَجَزَمَ بِهِ ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَابْنِ عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وقال في الْفُصُولِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ في الْخُطْبَةِ إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عن ذلك في الْمُقَدِّمَةِ وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْإِحْرَامِ فإنه وَقَعَ له هَذَانِ الْمَكَانَانِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَا غَيْرُ
____________________
1-
(2/392)
وعدم الوجوب كالكفارة وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك بعد ما يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أو لِمَنْ تَلْزَمُهُ
____________________
(2/393)
مُؤْنَتُهُ من مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابِ بِذْلَةٍ وَنَحْوِ ذلك ( و ) وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هذا قَوْلًا كَذَا قال وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أوله كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ أو لِلْمَرْأَةِ حلى لِلُّبْسِ أو لِلْكِرَاءِ تَحْتَاجُ إلَيْهِ ولم أَجِدْ هذا في كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ ولم يُسْتَدَلَّ عليه وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذلك كَغَيْرِهِ كما سَبَقَ
وَذَكَرَهُ في الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ في كُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ من الْوُجُوبِ وَاقْتِصَارِهِمْ على ماسبق من الْمَانِعِ أَنَّ هذا لَا يَمْنَعُ وَلِهَذَا لم أَجِدْ أَحَدًا استثني ذلك في حَقِّ الْمُفْلِسِ مع أَنَّ الْأَصْحَابَ أَحَالُوا الِاسْتِطَاعَةَ في الْحَجِّ على الْمُفْلِسِ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ في الْفَلَسِ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ في الْحَجِّ نَظِيرُهُ فَهَذَانِ قَوْلَانِ على
____________________
(2/394)
هذا وَوَجْهُهُ التَّسْوِيَةُ بين حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الادمي وَأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ آكَدُ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ بِخِلَافِ الحلى لِلُّبْسِ للحاجة ( ( ( الحاجة ) ) ) إلَى الْعِلْمِ وَتَحْصِيلِهِ وَلِهَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ في الْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ ولم يذكر الحلى فَعَلَى الْأُولَى هل يَمْنَعُ ذلك من أَخْذِ الزَّكَاةِ ويتوجه ( ( ( يتوجه ) ) ) احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا يَمْنَعُ وهو الذي نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَالْقَاضِي في الحلى كما سَبَقَ لَكِنْ قد يُقَالُ لم يُصَرِّحْ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي بِأَنَّهُ لِلُّبْسِ فَلَا تَعَارُضَ وقد يُقَالُ الظَّاهِرُ من اتِّخَاذِهِ اللُّبْسُ فَيُحْمَلُ على الظَّاهِرِ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ ذلك مِمَّا منه بُدٌّ فَمَنَعَ كَغَيْرِهِ وَأَخْذُ الزَّكَاةِ أَضْيَقُ وَلِهَذَا تُمْنَعُ الْقُدْرَةُ على الْكَسْبِ فيه وَلَا تُؤْخَذُ في غيرة وَالثَّانِي لَا يُمْنَعُ لِحَاجَةٍ إلَيْهِ كما لَا بُدَّ منه وَلِهَذَا سَوَّى الشَّيْخُ هُنَا في الحلى بين اللُّبْسِ وَالْحَاجَةِ إلى ( ( ( أي ) ) ) كِرَائِهِ ( م 3 )
لَكِنْ يَلْزَمُ من هُنَا جَوَازُ أَخْذِ الْفَقِيرَةِ ما تَشْتَرِي بِهِ حُلِيًّا كما تَأْخُذُ لِمَا لَا بُدَّ منه وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَخْذُ الْفَقِيرِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحْتَاجُهَا ( * )
ولم أَجِدْ ذلك في كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الذي هو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ يَمْنَعُ ذلك أَخْذَ الزَّكَاةِ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الذي يُوَافِقُهُ نَصُّ أَحْمَدَ في الحلى هل يَلْزَمُ من كَوْنِ ذلك يَمْنَعُ من أَخْذِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ في بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا أَمْ لَا لِمَا سَبَقَ من أَنَّ الزَّكَاةَ أَضْيَقُ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَعَلَى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أو لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ من مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابِ بِذْلَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَجَزَمَ الشَّيْخُ أو له كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ أو لِلْمَرْأَةِ حلى لِلُّبْسِ أو لِلْكِرَاءِ تَحْتَاجُ إلَيْهِ ولم أَجِدْ هذا في كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَذَكَرَ بَعْدَ هذا أَقْوَالًا ثُمَّ قال فَعَلَى الْأَوَّلِ هل يَمْنَعُ ذلك من أَخْذَ الزَّكَاةِ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ إحْدَاهُمَا يَمْنَعُ وهو الذي نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَالْقَاضِي في الحلى كما سَبَقَ لَكِنْ قد يُقَالُ لم يُصَرِّحْ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي بِأَنَّهُ لِلُّبْسِ فَلَا تَعَارُضَ وَالثَّانِي لَا يَمْنَعُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كما لَا بُدَّ منه وَلِهَذَا سَوَّى الشَّيْخِ هُنَا في الحلى بين اللُّبْسِ وَالْحَاجَةِ إلَى كِرَائِهِ انْتَهَى ( قُلْت ) الصَّوَابُ أَنَّ ذلك لَا يَمْنَعُ من أَخْذِ الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَخْذُ الْفَقِيرِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحْتَاجُهَا لم يَسْبِقْ هذا وَإِنَّمَا يَأْتِي في أَوَّلِ بَابٍ ذَكَرَ أَصْنَافَ الزَّكَاةِ
____________________
1-
(2/395)
الاحتمال الثاني هو كسائر ما لا بد منه والله أعلم
وَتَلَفُ الصَّاعِ قبل التَّمَكُّنِ من إخْرَاجِهِ كَتَلَفِ مَالِ الزَّكَاةِ وما فَضُلَ عنه لَزِمَهُ بَيْعُهُ أو رَهْنُهُ أو كِرَاهُ في الْفِطْرَةِ إذَا لم يَكُنْ له غَيْرُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابَ نَقْدٍ أو قِيمَتَهُ فَاضِلًا عَمَّا لَا بُدَّ منه ( ه ) وَيَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا إنْ كان مُطَالَبًا وَإِلَّا فَلَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وم ر ) لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ عِنْدَهُ وَعَنْهُ يَمْنَعُ مُطْلَقًا وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ ( وم ر ) كَزَكَاةِ الْمَالِ وقال ابن عَقِيلٍ عَكْسَهُ ( وش ه ر ) لِتَأَكُّدِهَا كَالنَّفَقَةِ وَكَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ
وَلَا تَجِبُ إلَّا بِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أو تَزَوَّجَ أو وُلِدَ له وَلَدٌ أو مَلَكَ عَبْدًا فَلَا فِطْرَةَ عليه نَقَلَ ذلك الْجَمَاعَةُ هو الْمَذْهَبُ ( وش م ر ) وَعَنْهُ يَمْتَدُّ وَقْتُ الْوُجُوبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي من يَوْمِ الْفِطْرِ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ مَعْنَاهُ وَعَنْهُ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ منه ( وه م ر ق ) وَعَنْهُ وَيَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ ذَكَرَهَا في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَيْسَرَ وَإِنْ كان مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَا فِطْرَةَ ( و ) وَعَنْهُ يُخْرِجُ مَتَى قَدَرَ وَعَنْهُ إنْ أَيْسَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى وُجِدَ قبل الْوُجُوبِ مَوْتٌ وَنَحْوُهُ فَلَا فِطْرَةَ ( و ) وَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمَوْتٍ وَلَا غَيْرِهِ ( و ) ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( ع ) في عِتْقِ عَبْدٍ
وَالْفِطْرَةُ في عَبْدٍ مَوْهُوبٍ وموصي ( ( ( وموص ) ) ) بِهِ على الْمَالِكِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَكَذَا الْمَبِيعُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ كَمَقْبُوضٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ ولم يُفْسَخْ فيه الْعَقْدُ ( و ) وَكَمَا لو رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِهِ ( و ) وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا دُونَ نَفْعِهِ فَهَلْ عليه فِطْرَتُهُ أو على مَالِكِ نَفْعِهِ أو في كَسْبِهِ فيه الْأَوْجُهُ في نَفَقَتِهِ ( م 4 ) وَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ أنها على مَالِكِ الرَّقَبَةِ لِوُجُوبِهَا على من لَا نَفْعَ فيه وَقِيلَ هِيَ كَنَفَقَتِهِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا دُونَ نَفْعِهِ فَهَلْ فِطْرَتُهُ عليه أو على مَالِكِ نَفْعَهُ أو في كَسْبِهِ فيه خلاف ( ( ( الأوجه ) ) ) في نَفَقَتِهِ انْتَهَى وقد أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا الْخِلَافَ في نَفَقَتِهِ في بَابِ الموصي بِهِ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهَا على مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ على ما يَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا وُجُوبُهَا على مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ أَعْنِي أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ على وُجُوبِ النَّفَقَةِ
____________________
1-
(2/396)
فَصْلٌ من لَزِمَهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ لَزِمَهُ فِطْرَةُ من تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ إنْ قَدَرَ ( و ) فَيُؤَدِّي عن عَبْدِهِ لِلْأَخْبَارِ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَحَكَاهُ ابن عبد الْبَرِّ عن عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ حتى الْمَرْهُونُ وَعَنْ دَاوُد أَيْضًا تَلْزَمُهُ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ تَمْكِينُهُ من كَسْبِهَا وَإِنْ كان بِيَدِ الْمُضَارِبِ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ نَصَّ عليه ( ه ) كَزَكَاةِ التِّجَارَة وَهِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَنَفَقَتِهِ لَا على رَبِّ الْمَالِ ( م ش ) لِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعٌ منها بِقَدْرِ الْفِطْرَةِ كما سَبَقَ وَيُؤَدِّي عن زَوْجَتِهِ نَصَّ عليه ( ه ) وَعَنْ خَادِمِهَا إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ ( ه )
وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ وَيُؤَدِّي عن عَبْدِهِ إنْ لم يُمْلَكْ بِالتَّمْلِيكِ وَإِنْ مُلِكَ فَلَا فِطْرَةَ له ( وم ق ) لِعَدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَنَقَصَ مِلْكُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ عن نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَقِيلَ يَلْزَمُ السَّيِّدُ الْحُرُّ كنفقة ( ( ( كنفقته ) ) ) وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَحَكَى عن أَحْمَدَ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أو ظئر ( ( ( ظئرا ) ) ) بِطَعَامِهِ لم تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ نَصَّ عليه ( و ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةٌ بِالشَّرْطِ كَالْأَثْمَانِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ كَنَفَقَتِهِ وَكَذَا الضَّيْفُ ( و ) وَنَقَلَ عبدالله تَجِبُ عليه عَمَّنْ تَجِبُ عليه نَفَقَتُهُ وَكُلُّ من تَجْرِي عليه نَفَقَتُهُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد كُلُّ من في عِيَالِهِ يُؤَدِّي عنه
وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ أَبَوَيْهِ ( ه ) وَإِنْ عَلَوَا ( م ) وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ ( ه ) كَالصَّغِيرِ ( و ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ كَافِرٍ وَلَوْ كان عَبْدَهُ ( ه ) نَصَّ عليه وَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ عن عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ ( و ) لظاهره ( ( ( لظاهر ) ) ) قَوْلِهِ في الْخَبَرِ من الْمُسْلِمِينَ مُتَّفَقٌ عليه وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ في الْمُجَرَّدِ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَكُلُّ كَافِرٍ لَزِمَهُ نَفَقَةُ مُسْلِمٍ فَفِي فِطْرَتِهِ الْخِلَافُ
وَالتَّرْتِيبُ في الْفِطْرَةِ كَالنَّفَقَةِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ بِرَقِيقِهِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ عليها لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَخْرُجُ مع الْقُدْرَةِ ثُمَّ بِأُمِّهِ ثُمَّ بِأَبِيهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَحَكَاهُ ابن أبي مُوسَى وَقِيل بِتَسَاوِيهِمَا ثُمَّ بِوَلَدِهِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ آخَرُونَ وَذَكَرَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) قدمه المصنف وغيره وقدم جماعة من الأصحاب أن الفطرة تجب على مالك الرقبة لوجوبها على من لا نفع فيه وحكوا الأول قولا منهم الشيخ الموفق وابن تميم وابن حمدان وغيرهم
____________________
1-
(2/397)
وَقِيلَ مع صِغَرِهِ جَزَمَ بِهِ ابن شِهَابٍ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْوَلَدُ على الزَّوْجَةِ وَقِيلَ الصَّغِيرُ عليها وَعَلَى عَبْدٍ ثُمَّ على تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ الْأَقْرَبُ بالأقرب ( ( ( فالأقرب ) ) ) وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ تُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ
وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَمَنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ شَهْرَ رَمَضَانَ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ نَصَّ عليه لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ عَمَّنْ تَمُونُونَ رَوَاهُ أبو بَكْرٍ في الشافعي ( ( ( الشافي ) ) ) من حديث أبي هُرَيْرَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ من حديث ابْنِ عُمَرَ إسنادهما ( ( ( وإسنادهما ) ) ) ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا من حديث عَلِيِّ بن مُوسَى الرِّضَا عن أبيه عن جَدِّهِ عن آبَائِهِ مَرْفُوعًا وَكَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَاعْتُبِرَ جَمِيعُ الشَّهْرِ تَقْوِيَةً لِنَفَقَةِ التَّبَرُّعِ
وقال ابن عَقِيلٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَلْزَمُهُ إذَا مَانَهُ آخِرَ لَيْلَةٍ من الشَّهْرِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا أو زَوْجَةً قبل الْغُرُوبِ وَمَعْنَاهُ في الِانْتِصَارِ وَالرَّوْضَةِ وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ ( و ) اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وقال يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ على الِاسْتِحْبَابِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا لِمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وقد تَعَذَّرَتْ بِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ
وَعَلَى الْأَوَّلِ لو مَانَهُ جَمَاعَةٌ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ لِعَدَمِ مُؤْنَةِ الشَّهْرِ من وَاحِدٍ
____________________
(2/398)
وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ فِطْرَتُهُ بِالْحِصَصِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَك ( م 5 ) وَمَنْ عَجَزَ عن فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ أَخْرَجَتْ الْحُرَّةُ عن نَفْسِهَا وَسَيِّدُ الْأَمَةِ عنها لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ وَقِيلَ لَا تَجِبُ كَالنَّفَقَةِ فَعَلَى هذا هل تَبْقَى في ذِمَّتِهِ كَالنَّفَقَةِ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ ( م 6 )
وَعَلَى الْأَوَّلِ هل تَرْجِعُ الْحُرَّةُ والسيدة ( ( ( والسيد ) ) ) على الزَّوْجِ كَالنَّفَقَةِ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ الْقَرِيبِ فيه وَجْهَانِ ( م 7 )
وَفِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ قِيلَ عليها إنْ كانت حُرَّةً وَعَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ لِأَنَّ من لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَقِيلَ تَجِبُ على سَيِّدِ الْعَبْدِ كَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ قال الشَّيْخُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالنَّفَقَةِ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ على تعلق ( ( ( تعليق ) ) ) نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أو أَنَّ سَيِّدَهُ مُعْسِرٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) ( مسألة 5 ) قوله ومن تبرع بمؤنة شخص شهر رمضان لزمه فطرته نص عليه فعلى هذا لو مانه جماعة احتمل أن لا تجب لعدم مؤنة الشهر من واحد واحتمل أن تجب فطرته بالحصص كعبد مشترك انتهى وأطلقهما في المغني والشرح ومختصر ابن تميم والزركشي وغيرهم وحكاهما ابن تميم وجهين أحدهما لا تجب ( قلت ) وهو الصواب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في الفائق وقدمه في الرعاية الكبرى والقول الثاني تجب عليهم بالحصص
( مسألة 6 ) قوله ومن عجز عن فطرة زوجته أخرجت الحرة عن نفسها وسيد الأمة عنها لأنه كالمعدوم وقيل لا تجب كالنفقة فعلى هذا هل تبقى في ذمته كالنفقة أم لا كفطرة نفسه يتوجه احتمالان انتهى ( قلت ) الصواب السقوط وهو كالصريح في كلامه في المغني والشرح وشرح ابن رزين لأن فطرة نفسه آكد وقد سقطت والله أعلم
( مسألة 7 ) قوله وعلى الأول هل ترجع الحرة والسيد على الزوج كالنفقة أم لا كفطرة القريب فيه وجهان انتهى وأطلقهما المجد في شرحه وابن تميم وصاحب الحاويين أحدهما يرجعان عليه قال في الرعايتين ترجع عليه الحرة في الأقيس إن أيسر بالنفقة وقال في مسألة السيد يرجع على الزوج الحر في وجه انتهى والوجه الثاني لا يرجعان عليه إذا أيسر وهو ظاهر بحثه في المغني والشرح ( قلت ) وهو الصواب
____________________
1-
(2/399)
فَإِنْ كان مُوسِرًا وَقُلْنَا نَفَقَةُ زَوْجَةِ عَبْدِهِ عليه فَفِطْرَتُهَا عليه ( م 8 ) وَمَنْ تُسْلِمُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ لَيْلًا فَقَطْ فَقِيلَ فِطْرَتُهَا على سَيِّدِهَا لِقُوَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ في تَحَمُّلِ الْفِطْرَةِ لِلْإِجْمَاعِ عليه وَقِيلَ بَيْنَهُمَا كَالنَّفَقَةِ ( م 9 ) وَمَنْ زَوَّجَ قَرِيبَهُ وَلَزِمَهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ عن الْجَنِينِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( و ) ولأن ظَاهِرَ الْخَبَرِ أَنَّ الصَّاعَ يجزىء عن الْأُنْثَى مُطْلَقًا وَكَأَجِنَّةِ السَّائِمَةِ وَنَقَلَ يَعْقُوبُ تَجِبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ لِفِعْلِ عُثْمَانَ قال أَحْمَدُ ما أَحْسَنَهُ صَارَ وَلَدًا وَلِلْعُمُومِ
وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لها وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ لم تَجِبْ على الْأَصَحِّ بِنَاءً على وُجُوبِهَا عن الْجَنِينِ وفي الرِّعَايَةِ إنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ وفي أمة وَجْهَانِ كَذَا قال وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ ( ه ) أو عَبْدَيْنِ ( ه ) وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ ( ه ) وَمَنْ وَرِثَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ وَنَحْوَ ذلك فَيَجِبُ صَاعٌ بدر ( ( ( بقدر ) ) ) النَّفَقَةِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ ( وم ش ) لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ على الْوَاحِدِ صَاعًا فَأَجْزَأَهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ كَغَيْرِهِ وَكَمَاءِ طَهَارَتِهِ
وَعَنْهُ على كل وَاحِدِ مِنْهُمَا صَاعٌ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله وفطرة زوجة العبد قيل عليها إن كانت حرة وعلى سيد الأمة وقيل تجب على سيد العبد كمن زوج عبده بأمته قال الشيخ هذا قياس المذهب كالنفقة قال صاحب المحرر وغيره الأول مبني على تعلق نفقة الزوجة برقبة العبد أو أن السيد معسر فإن كان موسرا وقلنا نفقة زوجة عبده عليه ففطرتها عليه انتهى وتبعه ابن تميم الأول قدمه ابن تميم وابن رزين في شرحه قال في المغني والشارح قاله أصحابنا المتأخرون قال في الحاويين ويزكي السيد عن أمته تحت أحدهما في أصح الوجهين قال في الرعاية الصغرى ويخرج السيد عن أمته تحت أحدهما يعني العبد والمعسر في الأشهر والقول الثاني هو الصحيح قال الشيخ في المغني ومن تبعه هذا قياس المذهب قال ابن تميم هذا أصح وقدمه في الرعاية الكبرى
( مسألة 9 ) قوله ومن تسلم زوجته الأمة ليلا فقط فقيل فطرتها على سيدها لقوة ملك اليمين في تحمل الفطرة للإجماع عليه وقيل بينهما كالنفقة انتهى وأطلقهما المجد في شرحه القول الأول مال إليه في شرحه وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين والحاويين والقول الثاني لم أر من اختاره
____________________
1-
(2/400)
طُهْرَةٌ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَعَنْ أَحْمَدَ إنَّهُ رَجَعَ عنها وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فيه وَلَا شَيْءَ على الْعَبْدِ وَعَنْ مَالِكٍ كَهَذَا وَعَنْهُ أَيْضًا كُلُّهَا على مَالِكٍ باقية لِأَنَّ مِيرَاثَهُ عِنْدَهُ له فَهُوَ كَمُكَاتَبٍ وَلَا تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ في المهاياة ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ
لأنه ( ( ( لأنها ) ) ) حَقٌّ الله ( ( ( لله ) ) ) كَالصَّلَاةِ وَمَنْ عَجَزَ عَمَّا عليه لم يَلْزَمْ الْآخَرَ قِسْطُهُ كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قِسْطُهُ فَإِنْ كان يوم الْعِيدِ نَوْبَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ مَثَلًا اُعْتُبِرَ أَنْ يَفْضُلَ عن قُوتِهِ نِصْفُ صَاعٍ وَإِنْ كان نَوْبَةُ سَيِّدِهِ لَزِمَ الْعَبْدَ نِصْفُ صَاعٍ وَلَوْ لم يَمْلِكْ غَيْرَهُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ على غَيْرِهِ وَقِيلَ تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ في المهاياة بِنَاءً على دُخُولِ كَسْبٍ نَادِرٍ فيها كَالنَّفَقَةِ فَلَوْ كان يوم الْعِيدِ نَوْبَةُ الْعَبْدِ وَعَجَزَ عنها لم يَلْزَمْ السَّيِّدَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَمُكَاتَبٍ عَجَزَ عنها
وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ تَلْزَمُهُ إنْ وَجَبَتْ بِالْغُرُوبِ في نَوْبَتِهِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَإِنْ كان نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَعَجَزَ عنها أدي الْعَبْدُ قِسْطَ حُرِّيَّتِهِ في الْأَصَحِّ بِنَاءً على أنها عليه بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ كَمُوسِرَةٍ تَحْتَ مُعْسِرٍ وَإِنْ أَلْحَقَتْ الفاقة ( ( ( القافة ) ) ) وَلَدًا بِاثْنَيْنِ فَكَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَتَبِعَ ابن تَمِيمٍ قَوْلَ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ صَاعٌ وَجْهًا وَاحِدًا وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ ثُمَّ خَرَجَ خِلَافُهُ من عِنْدِهِ وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ وَلَا نَصَّ فيها لِأَبِي حَنِيفَةَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَمَنْ قال النَّسَبُ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَصِيرُ ابْنًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ولهذا يرث كلا منهما وَلِهَذَا يَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا قال افْتِرَاقُ النَّسَبِ وَالْمِلْكِ في هذا لَا يُوجِبُ فَرْقًا بَيْنَهُمَا في مَسْأَلَتِنَا كما لم يُوجِبْهُ في النَّفَقَةِ ثُمَّ إنْ لم يَتَبَعَّضْ النَّسَبُ تَبَعَّضَتْ أَحْكَامُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ وَلَوْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُمَا أَخْرَجَ عن كل وَاحِدٍ صَاعًا وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عن نَفْسِهِ بِإِذْنٍ من لَزِمَتْهُ جَازَ
وَإِنْ كان بِلَا إذْنِهِ زَادَ في الِانْتِصَارِ وَنِيَّتُهُ فَوَجْهَانِ بِنَاءً على أَنَّ من لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ هل يَكُونُ محتملا ( ( ( متحملا ) ) ) عن الْغَيْرِ لِكَوْنِهَا طُهْرَةً له أو أَصِيلًا لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بها فيه وَجْهَانِ ( م 10 ) ولو لم يخرج مع قدرته لم يلزم الغير شيئا وله مطالبته بالإخراج جزم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَمَنْ لزمه ( ( ( لزم ) ) ) غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عن نَفْسِهِ بِإِذْنِ من لَزِمَتْهُ جَازَ وَإِنْ كان
____________________
1-
(2/401)
بِهِ الْأَصْحَابُ منهم أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ كَنَفَقَتِهِ وَهَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فيه وَجْهَانِ ( م 11 ) وقال أبو الْمَعَالِي ليس له مُطَالَبَتُهُ بها وَلَا اقْتِرَاضُهُ عليه كَذَا قال وَلَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ لم يُجْزِئْهُ
وَقِيلَ إنْ مَلَكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فَفِطْرَتُهُ عليه مِمَّا في يَدِهِ فَيُخْرِجُ الْعَبْدُ عن عَبْدِهِ منه وَمَنْ أَخْرَجَ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا قال أبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ هذا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ شَكَّ في حَيَاةِ من لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ لم يَلْزَمْهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بلا إذنه زاد في الإنتصار ونيته فوجهان بناء على أن من لزمته فطرة غيره هل يكون متحملا عن الغير لكونها طهرة له أو أصيلا لأنه المخاطب بها فيه وجهان انتهى وأطلق الوجهين في المسألة الأولى في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والشرح ومختصر ابن تميم والحاويين والفائق وإدراك الغاية وغيرهم أحدهما يجزئه وهو الصحيح جزم به في الإفادات والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم قال في تجريد العناية أجزأه في الأظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في المحرر والرعايتين فعلى هذا يكون متحملا لا أصيلا قال ابن منجا في شرحه هذا ظاهر المذهب والوجه الثاني لا يجزئه قدمه ابن رزين في شرحه فعلى هذا يكون أصيلا لا متحملا
( تنبيه ) قوله بناء على أن من لزمته فطرة غيره هل يكون متحملا عن الغير لكونها طهرة له أو أصيلا لأنه المخاطب بها فيه وجهان وكذا قال في التلخيص والمجد في شرحه وابن تميم وابن منجا في شرحه وغيرهم وهو الصواب وذكر ابن حمدان المسألة فقال إن أخرج عن نفسه جاز وقيل لا وقيل إن قلنا القريب والزوج متحملا جاز وإن قلنا هما أصيلان فلا انتهى فظاهره أن المقدم عنده عدم البناء ( قلت ) وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لعدم بنائهم
( مسألة 11 ) قوله ولو لم يخرج مع قدرته لم يلزم الغير شيئا وله مطالبته بالإخراج جزم به الأصحاب وهل تعتبر نيته فيه وجهان انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان أحدهما لا تعتبر نيته أن نية الذي لزمته ( قلت ) وهو الصواب وظاهر كلام أكثر الأصحاب والوجه الثاني تعتبر نيته ( قلت ) يحتمل أن الخلاف هنا مبني على أنه هل هو أصيل أو محتمل فإن قلنا هو أصيل لم تعتبر نيته وإلا اعتبرت والله أعلم
____________________
1-
(2/402)
إخْرَاجُهَا نَصَّ عليه لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ وَكَالنَّفَقَةِ وَذَكَرَ ابن شِهَابٍ تَلْزَمُهُ ( وش ) لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالشَّكِّ وَالْكَفَّارَةُ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فَلَا تَسْقُطُ مع الشَّكِّ في حَيَاتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ أَخْرَجَ لِمَا مضي كَمَالِ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ وَقِيلَ لَا
وَقِيلَ عن الْقَرِيبِ كَالنَّفَقَةِ وَرَدَ بِوُجُوبِهَا وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ إيصَالُهَا كَتَعَذُّرِهِ بِحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَسَقَطَتْ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا في الذِّمَّةِ وَتَجِبُ فِطْرَةُ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ لِلْعُمُومِ وَلِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِدَلِيلِ رُجُوعِ من رَدَّ الْآبِقَ بِنَفَقَتِهِ عليه بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ لِأَنَّ النَّمَاءَ يَحْتَمِلُ وهو سَبَبُ الْوُجُوبِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ من زَكَاةِ الْمَالِ لَا تَجِبُ ( وه م ) وَلَوْ ارتجي عَوْدَ الْآبِقِ ( م ) وَإِنَّهَا إنْ وَجَبَتْ لم يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا حتى يَعُودَ إلَيْهِ زَادَ بَعْضُهُمْ أو يَعْلَمَ مَكَانَ الْآبِقِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ من لَا نَفَقَةَ لها كَنُشُوزٍ وَصِغَرٍ وَغَيْرِهِ ( وم ش ) خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاحْتَجَّ عليه صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُمْتَنِعَةِ من تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ابْتِدَاءً
وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مرية ( ( ( مريضة ) ) ) ونحرها لَا تَحْتَاجُ نَفَقَةً وَمَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ حُرٍّ أو عَبْدٍ فَقِيلَ يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَحَكَى عن أبي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُمَا كَمَالٍ مزكي في غَيْرِ بَلَدِ مَالِكِهِ وَقِيلَ مَكَانَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ نَصَّ عليه ( م 12 ) ( وه م ) كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ ( و ) لِأَنَّهُ السَّبَبُ لِتَعَدُّدِ الْوَاجِبِ بِتَعَدُّدِهِ وَاعْتُبِرَ لها الْمَالُ كَشَرْطِ الْقُدْرَةِ وَلِهَذَا لَا تَزْدَادُ بِزِيَادَتِهِ وَلَا تَلْزَمُ الْفِطْرَةُ من نَفَقَتِهِ في بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ ذلك ليس بِإِنْفَاقٍ وَإِنَّمَا هو إيصَالُ الْمَالِ في حَقِّهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أو لَا مَالِكَ له وَالْمُرَادُ مُعَيَّنٌ كَعَبِيدِ الْغَنِيمَةِ قبل الْقِسْمَةِ وَالْفَيْءِ وَنَحْوِ ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَمَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ حُرٍّ أو عَبْدٍ فَقِيلَ يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ مَكَانَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ نَصَّ عليه انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا يُخْرِجُهَا مَكَانَهُ أَعْنِي مَكَانَ الْمُخْرِجِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَام كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو الصَّوَابُ وقد عَزَاهُ الْمَجْدُ إلَى النَّصِّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا ( قُلْت ) وَفِيهِ عُسْرٌ وَمَشَقَّةٌ في بَعْضِ الصُّوَرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
1-
(2/403)
فَصْلٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُخْرِجَهَا قبل صَلَاةِ الْعِيدِ أو قَدْرَهَا ( و ) قال أَحْمَد يُخْرِجُ قَبْلَهَا وقال غَيْرُ وَاحِدٍ الْأَفْضَلُ أَنْ يخرج ( ( ( تخرج ) ) ) إذَا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى وفي الْكَرَاهَةِ بَعْدَهَا وَجْهَانِ وَالْقَوْلُ بها أَظْهَرُ لِمُخَالِفَةِ الْأَمْرِ ( م 13 ) وقد رَوَى سَعِيدٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَةِ أبي مَعْشَرٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ لَا سِيَّمَا عن نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَغْنُوهُمْ عن الطَّلَبِ هذا الْيَوْمَ
وَقِيلَ تَحْرُمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ وَيَكُونُ قَضَاءٌ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ ( خ ) قال الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَهِيَ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ من اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَذَكَرُوا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَضَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ من اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ من أَدَّاهَا قبل الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ إذَا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى وفي الْكَرَاهَةِ بَعْدَهَا وَجْهَانِ وَالْقَوْلُ بها أَظْهَرُ لِمُخَالِفَةِ الْأَمْرِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ أَحَدَهُمَا يُكْرَهُ وهو الصَّحِيحُ قال الْمُصَنِّفُ وهو أَظْهَرُ قال الشَّيْخُ في الْكَافِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ كان تَارِكًا لِلِاخْتِيَارِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
____________________
1-
(2/404)
الصدقات حديث حسن رواه أبو داود وابن ماجة والدارقطني
ويجوز تقديمها قبل العيد بيومين فقط نص عليه لقول ابن عمر كانوا يعطون قبل الفطرة بيوم أو بيومين رواه البخاري والظاهر بقاؤها أو بقاء بعضها إليه وإنما لم تجز بأكثر لفوات الإغناء المأمور به في اليوم بخلاف الزكاة ولأن الفطرة سببها وأقوى جزاي سببها كمنع التقديم على النصاب كذا ذكروا والأولى الاقتصار على الأمر بالإخراج في الوقت الخاص خرج منه التقديم باليومين لفعلهم وإلا فالمعروف منع التقديم على السبب الواحد وجوازه على أحد السببين
وهذا مذهب مالك على ما جزم به في التهذيب وقول الكرخي الحنفي ومذهب مالك المنع قبل وجوبها إلا إلى نائب الإمام ليقسمها في وقتها بغير مشقة وعن أحمد يجوز تقديمها بثلاثة أيام جزم به في المستوعب وتجوز بأيام وقيل بخمسة عشر يوما وحكى رواية جعلا للأكثر كالكل وقيل بشهر ( وش ) لا أكثره ( ه ) لأن سببها الصوم والفطر منه كزكاة المال وَإِنْ أَخَّرَهَا عن يَوْمِ الْعِيدِ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِمَا سَبَقَ ( و ) وَعَنْهُ لَا يَأْثَمُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ الْكَحَّالِ فَإِنْ أَخَّرَهَا قال إذَا أَعَدَّهَا لِقَوْمٍ فَصْلٌ يَجِبُ صَاعٌ عِرَاقِيٌّ من بُرٍّ وَمِثْلُهُ مَكِيلُ ذلك من غَيْرِهِ وهو التَّمْرُ ( ع ) وَالزَّبِيبُ ( و ) وَالشَّعِيرُ ( ع ) وَالْأَقِطُ نَصَّ على ذلك كما سَبَقَ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وفي آخَرِ
____________________
(2/405)
الْغُسْلِ وفي زَكَاةِ الْمُعْشِرَاتِ وَلَا عِبْرَةَ بِوَزْنِ التَّمْرِ وَيُحْتَاطُ في الثَّقِيلِ لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ وَلَا يجزىء نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ نَصَّ عليه ( وم ش ) لِخَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ أو صَاعٌ من قَمْحٍ وهو من رِوَايَةِ سُفْيَانَ بن حُسَيْنٍ عن الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ لَا سِيَّمَا في الزُّهْرِيِّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ
وروى أَيْضًا من رِوَايَةِ النُّعْمَانِ بن رَاشِدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن ابْنِ صَغِيرٍ عن أبيه مَرْفُوعًا أَدُّوا صَاعًا من بُرٍّ عن كل إنْسَانٍ صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ حُرٍّ أو مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ أو فَقِيرٍ ذَكَرٍ أو أُنْثَى وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَقَالَا صَاعًا من بُرٍّ عن كل اثْنَيْنِ وَالنُّعْمَانُ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ قال أَحْمَدُ ليس بِصَحِيحٍ إنَّمَا هو مُرْسَلٌ يَرْوِيهِ مَعْمَرُ بن جُرَيْجٍ عن الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا مع أَنَّهُ رَوَاهُ في مُسْنَدِهِ أَيْضًا عن عبد الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عن ابْنِ شِهَابٍ عن عبدالله بن ثَعْلَبَةَ وهو ابن صغير ( ( ( صعير ) ) ) مَرْفُوعًا وهذ إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا يجزىء نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ
____________________
(2/406)
وقال وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ في الْكَفَّارَةِ وَإِنَّهُ يَقْتَضِيهِ ما نقله ( ( ( نفله ) ) ) الْأَثْرَمُ ( وه ) كَذَا قال مع أَنَّ الْقَاضِيَ قال عن الصَّاعِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فقال صَاعٌ من كل شَيْءٍ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ من حديث الْحَسَنِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ ولم يَسْمَعْ الْحَسَنُ منه قال ابن مَعِينٍ وابن الْمَدِينِيِّ لَكِنْ عِنْدَهُ مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ التي رَوَاهَا عنه الثِّقَاتُ صِحَاحٌ وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ إلَيْهِ وَكَذَا نَقَلَ مُهَنَّا هِيَ صَحِيحَةٌ ما نَكَادُ نَجِدُهَا إلَّا صَحِيحَةً وَالْأَشْهَرُ لَا يَحْتَجُّ بها وَذَكَرَهُ ابن سَعْدٍ عن الْعُلَمَاءِ وهو الذي رَأَيْته في كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ صَاعٌ وَلِأَحْمَدَ من حديث أَسْمَاءَ مُدَّيْنِ من قَمْحٍ
وَفِيهِ ابن لَهِيعَةَ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ من حديث عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ مُدَّانِ من قَمْحٍ أو سِوَاهُ صَاعٌ من طَعَامٍ وَفِيهِ سَالِمُ بن نُوحٍ ضَعَّفَهُ ابن مَعِينٍ وأبو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا وَوَثَّقَهُ أبو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ وقال أَحْمَدُ ما بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ وَرَوَى له مُسْلِمٌ وَلِأَبِي دَاوُد في الْمَرَاسِيلِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ قال فَرَضَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ من حِنْطَةٍ وهو مَذْهَبُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وقد ذَكَرَ الْجُوزَجَانِيُّ وابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ أَخْبَارَ نِصْفِ صَاعٍ لم تَثْبُتْ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَذَا ذَكَرُوا وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أبي سَعِيدٍ قال كنا نُخْرِجُ إذا كان فِينَا
____________________
(2/407)
رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ حتى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فقال إنِّي لَأَرَى مُدَّيْنِ من سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا من تَمْرٍ فَأَخَذَ الناس بِذَلِكَ وَلِلنَّسَائِيِّ عنه فَرَضَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ
وَلِأَبِي دَاوُد من حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً مَكَانَ صَاعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَنْ ( ه ) رِوَايَةٍ يجزىء نِصْفُ صَاعِ زَبِيبٍ وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ صَاعٍ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ وَحَكَى لِأَحْمَدَ عن خَالِدِ بن خِدَاشٍ سَمِعَتْ مَالِكًا يقول لَا يَزِيدُ فيه لِأَنَّهُ ليس له أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ خَمْسًا فَغَضِبَ أَحْمَدُ وَاسْتَبْعَدَ ذلك ويجزىء أَحَدُ هذه الْأَجْنَاسِ وَإِنْ لم تَكُنْ قُوتُهُ خِلَافًا لِأَحَدِ قولى الشَّافِعِيِّ
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ثَالِثٌ يجزىء من قُوتُهُ الشَّعِيرُ إخْرَاجُ الْبُرِّ لَا الْعَكْسُ وَمَذْهَبُ ( م ) يُعْتَبَرُ الْإِخْرَاجُ من جُلِّ قُوتِ الْبَلَدِ ويجزىء دَقِيقُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُمَا نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِزِيَادَةٍ انْفَرَدَ بها ابن عُيَيْنَةَ من حديث أبي سَعِيدٍ أو صَاعًا من دقيق قيل لابن عيينة من حديث أبي سعيد أو صاعا من دَقِيقٍ قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ إنَّ أَحَدًا لَا يَذْكُرُهُ فيه قال بَلَى هو فيه رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد قال قال ابن حَامِدٍ أَنْكَرُوهُ على سُفْيَانَ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ قال أبو دَاوُد وَهِيَ وَهْمٌ من ابْنِ عُيَيْنَةَ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَلْ أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ كفي مُؤْنَتَهُ كتمر ( ( ( كثمر ) ) ) نُزِعَ حَبُّهُ
وقال غَيْرُهُ يجزىء كما يجزىء تَمْرٌ وَزَبِيبٌ نُزِعَ حَبُّهُ وَعَنْهُ لَا يجزىء ذلك ( وم ش ) وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُحَرَّرِ في السَّوِيقِ وَصَاعُهُ بِوَزْنِ حَبِّهِ نَصَّ عليه لِتَفَرُّقِ الْأَجْزَاءِ بِالطَّحْنِ وَيُجْزِئُ بِلَا نَخْلٍ وَقِيلَ لَا كما لَا يُكَمَّلُ تَمْرٌ بِنَوَاهُ الْمَنْزُوعِ ويجزىء أَقِطٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وهو الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَعَنْهُ يجزىء لِمَنْ
____________________
(2/408)
يَقْتَاتُهُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ( وم ش ) وَعَنْهُ لَا يجزىء اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ ( وق ) فَعَلَى الأولى في اللَّبَنِ غبر الْمَخِيضِ وَالْجُبْنِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يجزىء اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَاَلَّذِي وَجَدَتْهُ عنه يروي عن الْحَسَنِ صَاعُ لَبَنٍ لِأَنَّ الْأَقِطَ رُبَّمَا ضَاقَ فلم يَتَعَرَّضْ لِلْجُبْنِ وَالرَّابِعُ يجزىء ذلك عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يجزىء الْجُبْنُ لَا اللَّبَنُ ( م 14 ) وَلَا يجزىء غَيْرُ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ مع قُدْرَتِهِ على تَحْصِيلِهَا كَالدِّبْسِ ( و ) وَالْمَصْلِ ( و ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ ويجزىء أَقِطٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فَعَلَيْهِ في اللَّبَنِ غَيْرُ الْمَخِيضِ وَالْجُبْنِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يجزىء اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالرَّابِعُ يجزىء ذلك عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يجزىء الْجُبْنُ لَا اللَّبَنُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنِ تَمِيمٍ وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأَوَّلَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاويين ( ( ( الحاويين ) ) ) وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَانِ في الزَّرْكَشِيّ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَجْزَأَ اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ أَحَدُهُمَا لَا يجزىء ذلك مُطْلَقًا اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي ( قُلْت ) وهو الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يجزىء مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يجزىء اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَجْزَأَ إخْرَاجُ اللَّبَنِ دُونَ الْجُبْنِ كما تَقَدَّمَ وَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ يجزىء ذلك عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ وهو قَوِيٌّ قال في الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إذَا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ مُطْلَقًا فإذا عَدِمَهُ أَخْرَجَ عنه اللين ( ( ( اللبن ) ) ) قال الْقَاضِي إذَا عَدِمَ الْأَقِطَ وَقُلْنَا له إخْرَاجُهُ جَازَ له إخْرَاجُ اللَّبَنِ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إذَا لم يَجِدْ الْأَقِطَ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ يجزىء وَأَخْرَجَ عنه اللَّبَنَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَقِطَ من اللَّبَنِ لِأَنَّهُ مُجَمَّدٌ مُجَفَّفٌ بِالْمَصْلِ وَجَزَمَ بِهِ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال إنه أَكْمَلُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَرَدَّ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ قَوْلَ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ فَقَالَا وما ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لو كان أَكْمَلَ من الْأَقِطِ لَجَازَ إخْرَاجُهُ مع وُجُودِهِ وَلِأَنَّ الْأَقِطَ أَكْمَلُ من اللَّبَنِ من وَجْهٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ حَالَةِ الادخار لَكِنْ يَكُونُ حُكْمُ اللَّبَنِ وَالْجُبْنِ حُكْمَ اللَّحْمِ يجزىء إخْرَاجُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عليها على قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ الْقَوْلُ الْخَامِسُ إجْزَاءُ إخْرَاجِ الْجُبْنِ لَا اللَّبَنِ وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ ( قُلْت ) وهو أَقْوَى من عَكْسِهِ وَأَقْرَبُ إلَى الْأَقِطِ من اللَّبَنِ
____________________
1-
(2/409)
وكذا الخبز نص عليه ( و ) وقال أكرهه وعند ابن عقيل يجزىء وقاله الشافعية إن جاز الأقط وإلا القيمة نص عليه وعنه رواية مخرجة ( وه ) وقيل يجزىء كل مكيل مطعوم قال بعضهم وقد أومىء إليه لقوله عليه السلام صاعا من طعام وقوت بلده وغيره سواء في المنع واختار شيخنا يجزىء قوت بلده مثل الأرز وغيره
وذكره رواية وأنه قول أكثر العلماء واحتج بقوله { من أوسط ما تطعمون أهليكم } وجزم به ابن رزين وقاله ( م ش ) في كل حب يجب فيه العشر وَيُخْرِجُ مع عَدَمِ الْأَصْنَافِ صَاعُ حَبٍّ أو ثَمَرٍ يُقْتَاتُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ وهو الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ نَقَلَ حَنْبَلٌ ما يَقُومُ مَقَامَهُمَا صَاعٌ
وَكَذَا قال الشَّيْخُ عن قَوْلِ أبي بَكْرٍ إنَّهُ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ بِالْبَلَدِ غَالِبًا وَقِيلَ يجزىء ما يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَإِنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يُخْرِجُ ما يَقْتَاتُهُ كَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَقِيلَ لَا يَعْدِلُ عنهما بِحَالٍ ( م 15 ) وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى أَعْلَى منه ولا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ مع عَدَمِ الْأَصْنَافِ صَاعَ حَبٍّ أو ثمر ( ( ( تمر ) ) ) يُقْتَاتُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ وهو أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَكَذَا قال الشَّيْخُ من كَلَامِ أبي بَكْرٍ إنَّهُ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ بِالْبَلَدِ غَالِبًا وَقِيلَ يجزىء ما يَقُومُ مَقَامُهُمَا وَإِنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يُخْرِجُ ما يَقْتَاتُهُ كَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَقِيلَ لَا يَعْدِلُ عنهما بِحَالٍ انْتَهَى قَوْلُ الْخِرَقِيِّ هو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وهو أَقْيَسُ وفي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى ذلك زَادَ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ما يَقْتَاتُ غَالِبًا وهو مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ زَادَ بَعْضُهُمْ بِالْبَلَدِ غالب ( ( ( غالبا ) ) ) وَقَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ قال في التَّلْخِيصِ هذا الْمَذْهَبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
1-
(2/410)
يجزىء مَعِيبٌ كَحَبٍّ مُسَوِّسٍ وَمَبْلُولٍ وَقَدِيمٍ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ لِلْآيَةِ ( و ) فَإِنْ خَالَطَهُ ما لَا يجزىء فَإِنْ كَثُرَ لم يُجْزِئْهُ وَإِنْ قَلَّ زَادَ بِقَدْرِ ما يَكُونُ المصفي صَاعًا لِأَنَّهُ ليس عَيْبًا لِقِلَّةِ مَشَقَّةِ تَنْقِيَتِهِ قال أَحْمَدُ وَاجِبٌ تَنْقِيَةُ الطَّعَامِ ويجزىء صَاعٌ من الْأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ نَصَّ عليه لِتَقَارُبِ مَقْصُودِهَا أو اتِّحَادِهِ وَقَاسَ الشَّيْخُ على فِطْرَةِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وقال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فيها يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وتخريج ( ( ( وتخرج ) ) ) من الْكَفَّارَةِ لَا يجزىء لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ ( و ) إلَّا أَنْ نَقُولَ بِالْقِيمَةِ ( وه ) وَالتَّمْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه ( وم ) لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وقال له أبو مِجْلَزٍ إنَّ اللَّهَ قد أَوْسَعَ وَالْبُرُّ أَفْضَلُ فقال إنَّ أَصْحَابِي سَلَكُوا طَرِيقًا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْلُكَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ وَلِأَنَّهُ قُوتٌ وَحَلَاوَةٌ وَأَقْرَبُ تَنَاوُلًا وَأَقَلُّ كُلْفَةً ثُمَّ قِيلَ الزَّبِيبُ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الْبُرُّ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي ( وم ) لَا مُطْلَقًا ( ش ) وَقِيلَ الْأَنْفَعُ لَا مُطْلَقًا ( ه ) وَعَنْهُ الْأَقِطُ أَفْضَلُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إنْ كان قُوتَهُمْ وَقِيلَ قُوتُ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ( م 16 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ وَالتَّمْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه ثُمَّ قِيلَ الزَّبِيبُ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الْبُرُّ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقِيلَ الْأَنْفَعُ وَعَنْهُ الْأَقِطُ أَفْضَلُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إنْ كان قُوتَهُمْ وَقِيلَ قُوتُ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الوجوب الْوُجُوبِ انْتَهَى الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الزَّبِيبِ على غَيْرِهِ بَعْدَ التَّمْرِ في الْأَفْضَلِيَّةِ هو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال ابن منجا في شَرْحِ الْمُقْنِعِ وَالْأَفْضَلُ بَعْدَ التَّمْرِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الزَّبِيبُ قال الزَّرْكَشِيّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ انْتَهَى ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ قد شَابَهُ التَّمْرُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُسَاوِيهِ في جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَمَنَافِعِهِ بَلْ رُبَّمَا زَادَ عليه وَقِيلَ الْبُرُّ أَفْضَلُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَحَمَلَ ابن منجا كَلَامَهُ في الْمُقْنِعِ عليه وهو خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَقِيلَ الْأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ ( قُلْت ) لو قِيلَ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلُ في بَلَدِهِ وَمَحَلَّتِهِ لَكَانَ له وَجْهٌ كما قالوا في الْمُفَاضِلِ بين تَمْرِ النَّخِيلِ وَالْعِنَبِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَطْلَقَ الثَّالِثَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
____________________
1-
(2/411)
وَتُصْرَفُ في أَصْنَافِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُمْ وفي الْفُنُونِ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا يُدْفَعُ إلَى من لَا يحد ( ( ( يجد ) ) ) ما يَلْزَمُهُ وقال شَيْخُنَا لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ وهو من يَأْخُذُ لِحَاجَةٍ لَا في الْمُؤَلَّفَةِ وَالرِّقَابِ وَغَيْرِ ذلك على ما يَأْتِي وَيَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى جَمَاعَةٍ وَآصُعٍ إلَى وَاحِدٍ نَصَّ على ذلك على ما يَأْتِي في اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدُ عن مُدَبِّرٍ أو نِصْفَ صَاعٍ من غَيْرِهِ
وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ تَفْرِقَةُ الصَّاعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدَ عن صَاعٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لِلْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ نَقْلِهِ وَعَمَلِهِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لو فَرَّقَ فِطْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ على جَمَاعَةٍ لم تُجْزِئْهُ كَذَا قال وَيَأْتِي هل إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ أَفْضَلُ أَمْ دَفْعُهَا إلَى الْإِمَامِ وَمَنْ أَعْطَاهَا فَقِيرًا فَرَدَّهَا إلَيْهِ عن نَفْسِهِ أو حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا فَعَادَتْ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي
وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا كَشِرَائِهَا ( م 17 ) وَسَبَقَتْ في الزَّكَاةِ قال أَحْمَدُ وَرِوَايَةُ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ ما أَحْسَنَ ما كان عَطَاءٌ يَفْعَلُ يُعْطِي عن أَبَوَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ حتى مَاتَ وَهَذَا تَبَرُّعٌ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْطَى فَقِيرًا فَرَدَّهَا إلَيْهِ عن نَفْسِهِ أو حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا فَعَادَ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا كَشِرَائِهَا انْتَهَى الصَّحِيحُ قَوْلُ الْقَاضِي قال في التَّلْخِيصِ من رَدَّ الْفَقِيرُ إلَيْهِ فِطْرَتَهُ جَازَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ إنْ لم يَكُنْ حِيلَةٌ وَصَحَّحَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ مع تَقْدِيمِهِ له جَوَازَ إعْطَاءِ الْإِمَامِ الْفَقِيرَ زَكَاتَهُ التي دَفَعَهَا إلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ذَكَرُوهُ في بَابِ زَكَاةِ الرِّكَازِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على هذه هُنَاكَ على كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَيَأْتِي أَيْضًا هذا قُبَيْلَ بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْضُ تَكْرَارٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْأَخِيرَةِ في الْفَائِقِ أَيْضًا قال في الرِّعَايَتَيْنِ الْخِلَافُ في الأجزاء وَقِيلَ في التَّحْرِيمِ انْتَهَى فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا
____________________
1-
(2/412)
بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ
لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَتْهُ تَأْخِيرُ إخْرَاجِهَا عنه مع الْقُدْرَةِ نَصَّ عليه ( وم ش ) بِنَاءً على أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لِلْفَوْرِ وَلِأَنَّهَا لِلْفَوْرِ بِطَلَبِ السَّاعِي ( و ) فَكَذَا بِطَلَبِ اللَّهِ تَعَالَى كَعَيْنٍ مَغْصُوبَةٍ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَلْ أَوْلَى وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ الْمَقْصُودُ من شَرْعِ الزَّكَاةِ وَلِهَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ مع أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ ليس على الْفَوْرِ وَكَذَا قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لو لم يَكُنْ الْأَمْرُ لِلْفَوْرِ قُلْنَا بِهِ هُنَا
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ على الْفَوْرِ ( وه ) لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ كَالْمَكَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إذَا خشي ضَرَرًا من عَوْدِ السَّاعِي وَكَذَا إنْ خَافَ على نَفْسِهِ أو مَالِهِ ونحره كما يَجُوزُ لِدَيْنِ الْآدَمِيِّ وَلِلْإِمَامِ وَالسَّاعِي التَّأْخِيرُ لِعُذْرِ قَحْطٍ وَنَحْوِهِ احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الْعَبَّاسِ فَهِيَ عليه وَمِثْلُهَا مَعَهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَكَذَا أَوَّلَهُ أبو عُبَيْدٍ وَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا نَصَّ عليه وَكَذَا لِتَعَذُّرِ إخْرَاجِهَا من النِّصَابِ لِغِيبَةٍ وَغَيْرِهَا إلَى الْقُدْرَةِ قَدَّمَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَيَحْتَمِلُ لَا إنْ وَجَبَتْ في الذِّمَّةِ ولم تَسْقُطْ بِالتَّلَفِ وَيَجُوزُ لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ نَقَلَ يَعْقُوبُ لَا أُحِبُّ تَأْخِيرَهَا إلَّا أَنْ لايجد قَوْمًا مِثْلَهُمْ في الْحَاجَةِ فَيُؤَخِّرَهَا لهم وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وقال جَمَاعَةٌ يَجُوزُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ وَإِلَّا لم يَجُزْ تَرْكُ وَاجِبٍ لِمَنْدُوبٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْمَنْعُ وَكَذَا قَرِيبٌ
جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ وجار ( ( ( وجاز ) ) ) مِثْلُهُ ولم يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ له أَنْ يُعْطِيَ قَرِيبَهُ كُلَّ شَهْرٍ شيئا وَعَنْهُ لَا وَحَمَلَ أبو بَكْرٍ الْأَوْلَى على تَعْجِيلِهَا قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو خِلَافُ الظَّاهِرِ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ وَيَلْزَمُ الولى إخْرَاجُ زَكَاةٍ عن صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ( وش ) كَنَفَقَةٍ وَغَرَامَةٍ وَعَنْهُ إنْ خَافَ أَنْ يُطَالَبَ بِذَلِكَ فَلَا كَمَنْ يَخْشَى رُجُوعَ السَّاعِي لَكِنْ يُعْلِمُهُ إذَا بَلَغَ
____________________
(2/413)
فَصْلٌ وَمَنْ مَنَعَهَا جَحْدًا لِوُجُوبِهَا فَإِنْ كان جَاهِلًا وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ والناشيء ( ( ( والناشئ ) ) ) بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عليه ذلك عُرِّفَ فَإِنْ أَصَرَّ أو كان عَالِمًا بِهِ كَفَرَ ( ع ) وَلَوْ أَخْرَجَهَا ( ع ) وَقُتِلَ مُرْتَدًّا ( ع ) وَأُخِذَتْ منه إنْ كان وَجَبَتْ وَإِنْ مَنَعَهَا بُخْلًا أو تَهَاوُنًا أُخِذَتْ منه ( وم ش ) كما يُؤْخَذُ الْعُشْرُ ( و ) وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ طَلَبَهُ بِهِ فَهُوَ كَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ الِاسْتِنَابَةِ في الْحَجِّ وَالتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ وَسَبَقَ في مَنْعِ دَيْنِ اللَّهِ الزَّكَاةَ وَلَا يُحْبَسُ ليؤدى ( ه ) لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَالْعِبَادَةِ من الْمُمْتَنِعِ
وَيُعَزَّرُ من عَلِمَ تَحْرِيمَ ذلك إمَامٌ أو عَامِلُ زَكَاةٍ وَقِيلَ إنْ كان مَالُهُ بَاطِنًا عَزَّرَهُ إمَامٌ أو مُحْتَسِبٌ فَقَطْ كَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ التَّعْزِيرَ وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ إنْ فَعَلَهُ لِفِسْقِ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا لم يُعَزِّرْهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ( وش ) وَإِنْ كَتَمَ مَالَهُ أُمِرَ بِإِخْرَاجِهَا وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لم يُخْرِجْ قُتِلَ أحدا ( ( ( حدا ) ) ) على الْأَصَحِّ فِيهِمَا ( خ ) لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ أَخْذِهَا منه في حَيَاتِهِ أَظْهَرَ لِإِظْهَارِ الْمَالِ وَتُؤْخَذُ من تَرِكَتِهِ وَإِنْ لم يُمْكِنْ أَخْذُهَا إلَّا بِالْقِتَالِ وَجَبَ على الْإِمَامِ قِتَالُهُ إنْ وَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا نَصَّ عليه
وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى رِوَايَةً لَا يَجِبُ إلَّا من جَحَدَ وُجُوبَهَا وَلَا يَكْفُرُ بِمُقَاتِلَةِ الْإِمَامِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى بِخِلَافِ ما إذَا لم يُقَاتِلْهُ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَأَطْلَقَ آخَرُونَ الرِّوَايَتَيْنِ وَسَبَقَ ذلك وَحُكْمُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ في آخَرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَا تُؤْخَذُ من الْمُمْتَنِعِ مُطْلَقًا زِيَادَةً على الزَّكَاةِ ( و ) لِأَنَّ الصِّدِّيقَ مع الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ لم يَنْقُلْ عَنْهُمْ ذلك وَلِأَنَّهُ لَا يُزَادُ على أَخْذِ الْحَقِّ من الظَّالِمِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا الْمُعْتَدِي في الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا فيه سَعْدُ بن سِنَانٍ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ وَرَوَاهُ أبو دَاوُد وابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ غَرِيبٌ وَعَنْ جَرِيرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ
____________________
(2/414)
وَعَنْهُ تُؤْخَذُ منه وَمِثْلُهَا ذَكَرَهَا ابن عَقِيلٍ وَقَالَهُ في زَادِ الْمُسَافِرِ وقال ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ إذَا مَنَعَ الزَّكَاةَ فَرَأَى الْإِمَامُ التَّغْلِيظَ عليه بِأَخْذِ زِيَادَةٍ عليها اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في ذلك وَقَدَّمَ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ يُؤْخَذُ مَعَهَا شَطْرُ مَالِهِ وقال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُؤْخَذُ من خِيَارِ مَالِهِ زِيَادَةً وَقَالَهُ في زَادِ المسافرأيضا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ في الْقَدِيمِ وَعَنْ إِسْحَاقَ كَهَذَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا وقال أبو بَكْرٍ أَيْضًا شَطْرُ مَالِهِ الزَّكَوِيِّ
وقال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُؤْخَذُ من خِيَارِ مَالِهِ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بِشَطْرِهَا من غَيْرِ زِيَادَةِ عَدَدٍ وَلَا سِنٍّ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهَذَا تَكْلِيفٌ ضَعِيفٌ وَجْهُ ذلك ما رَوَى بَهْزُ بن حَكِيمٍ عن أبيه عن جَدِّهِ مَرْفُوعًا في كل إبِلٍ سَائِمَةٍ في كل أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ لَا تُفَرَّقُ الْإِبِلُ عن حِسَابِهَا من أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا بها فَلَهُ أجره ( ( ( أجرها ) ) ) وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبِلِهِ عَزْمَةً من عَزَمَاتِ رَبِّنَا لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ منها شَيْءٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وأبو دَاوُد وقال شَطْرُ مَالِهِ وَهَذَا ثَابِتٌ من طُرُقٍ إلَى بَهْزٍ وَبَهْزٌ وَثَّقَهُ ابن مَعِينٍ وابن الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وقال أبو زُرْعَةَ صَالِحٌ وقال أبو دَاوُد هو حُجَّةٌ
وقال الْبُخَارِيُّ مُخْتَلِفُونَ فيه وقال أبو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وقال صَالِحٌ جَزَرَةُ إسْنَادُ إعْرَابِيٍّ وقال ابن عَدِيٍّ لم أَرَ له حَدِيثًا مُنْكَرًا ولم أَرَ أَحَدًا من الثِّقَاتِ يَخْتَلِفُ في الرِّوَايَةِ عنه وقال ابن حِبَّانَ يخطىء ( ( ( يخطئ ) ) ) كَثِيرًا فَأَمَّا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَاحْتَجَّا بِهِ وَتَرَكَهُ جَمَاعَةٌ من أَئِمَّتِنَا وَلَوْلَا حَدِيثُهُ إنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ لَأَدْخَلْنَاهُ في
____________________
(2/415)
الثِّقَاتِ قال أَحْمَدُ هو عِنْدِي صَالِحُ الْإِسْنَادِ وَلَا أَدْرِي ما وَجْهُهُ وَقِيلَ هو مَنْسُوخٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ إيجَابُ بِنْتِ لَبُونٍ في كل أَرْبَعِينَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ في النُّصُبِ وَالْأَسْنَانِ على حديث الصِّدِّيقِ وَفِيهِ من سُئِلَ فَوْقَ ذلك فَلَا يُعْطِهِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لم يُعْمَل بِهِ في الْمَانِعِ غَيْرُ الْغَالِّ ( ع ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ قال جَمَاعَةٌ وَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُ عَدْلٍ فيها لم يَأْخُذْ من الْمُمْتَنِعِ زِيَادَةً وَأَطْلَقَ آخَرُونَ كَمَسْأَلَةِ التَّعْزِيرِ السَّابِقَةِ فَصْلٌ وَمَنْ طُولِبَ بِالزَّكَاةِ فَادَّعَى أَدَاءَهَا أو بَقَاءَ الْحَوْلِ أو نَقْصَ النِّصَابِ أو زَوَالَ مِلْكِهِ أو تَجَدُّدَهُ قَرِيبًا أو أَنَّ ما بيده لِغَيْرِهِ أو أَنَّهُ منفردا ( ( ( منفرد ) ) ) أو مُخْتَلَطٌ أو نَحْوُ ذلك قُبِلَ قَوْلُهُ ( و ) بِلَا يَمِينٍ نَصَّ عليه قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يَشْرَعُ نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ ( * ) عن شَيْءٍ وَلَا يُبْحَثُ إنَّمَا يَأْخُذُ ما أَصَابَهُ مُجْتَمَعًا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يستخلف ( ( ( يستحلف ) ) ) الناس عللى صَدَقَاتِهِمْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لأنه ( ( ( لأنها ) ) ) عِبَادَةٌ مُؤْتَمَنٌ عليها كَالصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ بِمَالٍ وَيَأْتِي ما يَتَعَلَّقُ بهذا في آخِرِ بَابِ الدَّعَاوَى
وقال ابن حَامِدٍ يستخلف ( ( ( يستحلف ) ) ) في الزَّكَاةِ في ذلك كُلِّهِ ( وم ش ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إنْ اتَّهَمَ ( وم ) وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ رَأَى الْعَامِلُ أَنْ يستخلفه ( ( ( يستحلفه ) ) ) فَعَلَ وَإِنْ نَكَلَ لم يَقْضِ عليه بِنُكُولِهِ وَقِيلَ بَلَى وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ مَرَّ بِعَاشِرٍ وَادَّعَى أَنَّهُ عَشَرَهُ آخَرُ قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا أَخَذَ منه الْمُصَدِّقُ كَتَبَ له بَرَاءَةً فإذا جاء آخَرُ أَخْرَجَ إلَيْهِ بَرَاءَتَهُ قال الْقَاضِي وَإِنَّمَا قال ذلك لِنَفْيِ التُّهْمَةِ عنه وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْكِتَابَةُ يَأْتِي في من سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يَكْتُبَ له ما ثَبَتَ عِنْدَهُ وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بِجَائِحَةٍ فَسَبَقَ في زَكَاةِ الثَّمَرِ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَدْرِ زَكَاتِهِ ولم يذكر قَدْرَ مَالِهِ صُدِّقَ وَالْمُرَادُ في الْيَمِينِ الْخِلَافُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ صَوَابُهُ الْمُصَدِّقُ بِحَذْفِ التَّاءِ وهو السَّاعِي وقد كَشَطَهَا بَعْضُهُمْ
____________________
1-
(2/416)
فَصْلٌ وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ ( و ) فَيَنْوِي الزَّكَاةَ أو الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ أو صَدَقَةَ الْمَالِ أو الْفِطْرِ وَلَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً لم يُجْزِئْهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ من جِنْسِهِ ( و ) لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ له جِهَاتٌ فَلَا تَتَعَيَّنُ الزَّكَاةُ إلَّا بِتَعْيِينٍ وَظَاهِرُهُ لَا تَكْفِي نِيَّةُ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ أو صَدَقَةِ الْمَالِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من أَنَّهُ ينوى الزَّكَاةَ وَهَذَا مُتَّجَهٌ وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي إنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ الْمُعَيَّنِ أَجْزَأَهُ
وَكَذَا مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ بِإِحْسَانِهِ ضَمَانٌ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ أَجْزَأَهُ عن زَكَاةِ ذلك الْبَعْضِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِإِشَاعَةِ المؤدي في الْجَمِيعِ لَا عِنْدَ أبي يُوسُفَ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مَحَلٌّ لِلْوُجُوبِ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ وَلَا تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى عنه وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ إذا اخْتَلَفَ الْمَالُ مِثْلُ شَاةٍ عن خَمْسٍ من الْإِبِلِ وَأُخْرَى عن أَرْبَعِينَ من الْغَنَمِ وَدِينَارٌ عن نِصَابٍ تَالِفٍ وَآخَرُ عن نِصَابٍ قَائِمٍ وَصَاعٌ عن فِطْرَةٍ وَآخَرُ عن عُشْرٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كان تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ أَجْزَأَ عنه إنْ كان الْغَائِبُ تَالِفًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فيها
وَإِنْ أَدَّى زَكَاةِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهَا لِأَيِّهِمَا شَاءَ كتعيينه ( ( ( كتعينه ) ) ) ابْتِدَاءً وَإِنْ لم يُعَيِّنْهُ أَجْزَأَ عن أَحَدِهِمَا وَلَوْ نَوَى عن الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لم يَكُنْ له صَرْفُهُ إذًا إلَى غَيْرِهِ ( و ) كَعِتْقٍ في كَفَّارَةٍ مُعَيَّنَةٍ فلم تَكُنْ لِأَنَّ النِّيَّةَ لم تَتَنَاوَلْهُ وَإِنْ نَوَى عن الْغَائِبِ إنْ كان سَالِمًا أو نَوَى وَإِلَّا فَنَفْلٌ أَجْزَأَ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ فلم يَضُرَّ تَقْيِيدُهُ بِهِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لم يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ كَمَنْ قال هذه زَكَاةُ مَالِي أو نَفْلٌ أو إنْ كان مَاتَ مُوَرِّثِي فَهَذِهِ زَكَاةُ إرْثِي منه لِأَنَّهُ لم يَبْنِ على أَصْلٍ قال الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَقَوْلِهِ لَيْلَةَ الشَّكِّ إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِيٌّ وَإِلَّا فَنَفْلٌ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَقَوْلِهِ إنْ كان وَقْتُ الظُّهْرِ دخل فَصَلَاتِي هذه عنها وقال غَيْرُ وَاحِدٍ لو قال في الصَّلَاةِ إنْ كان الْوَقْتُ دخل فَفَرْضٌ وَإِلَّا فَنَفْلٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ وقال أبو الْبَقَاءِ فِيمَنْ بَلَغَ في الْوَقْتِ التَّرَدُّدُ في الْعِبَادَةِ بفسدها ( ( ( يفسدها ) ) ) وَلِهَذَا لو صلى وَنَوَى
____________________
(2/417)
إنْ كان الْوَقْتُ قد دخل فَهِيَ فَرِيضَةٌ وَإِنْ لم يَكُنْ قد دخل فَهِيَ نَافِلَةٌ لم يَصِحَّ له فَرْضًا وَلَا نَفْلًا
وَإِنْ نَوَى عن الْغَائِبِ إنْ كان سَالِمًا وَإِلَّا فأرجه ( ( ( فارجع ) ) ) بِهِ فذكر أبو الْمَعَالِي له الرُّجُوعُ على قَوْلِ الرُّجُوعِ في التَّلَفِ قال ولوأعتق عَبْدَهُ عن كَفَّارَتِهِ فلم يُجْزِئْهُ لِعَيْبِهِ عَتَقَ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ فَإِنْ قال أعتقه ( ( ( أعتقته ) ) ) عن كَفَّارَتِي وَإِلَّا ردته ( ( ( رددته ) ) ) إلَى الرِّقِّ إنْ لم يَكُنْ مُجْزِئًا فَلَهُ رَدُّهُ إلَى الرِّقِّ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ الْمَذْكُورَةِ على الْأَصَحِّ فيها بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ وَقْتِ الصَّوْمِ وَهُنَا الْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَالِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَمَنْ شَكَّ في بَقَاءِ مَالِهِ الْغَائِبِ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ عنه
وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا في الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ وَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في فَائِدَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ أو الذِّمَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ( م 1 ) وَالْأَوْلَى مقارنه النِّيَّةِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَمَنْ شَكَّ في بَقَاءِ مَالِهِ الْغَائِبِ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ عنه وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا في الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ وَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في فَائِدَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ أو الذِّمَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَابْنِ تَمِيمٍ قال ابن رَجَبٍ في الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ لو كان النِّصَابُ غَائِبًا لم يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حتى يَتَمَكَّنَ من الْأَدَاءِ منه نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ مُهَنَّا وَصَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في مَوْضِعٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَلَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا قبل التَّمَكُّنِ من الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ وَنَصَّ في رِوَايَةِ ابْنِ نُوَابٍ فِيمَنْ وَجَبَ عليه زَكَاةُ مَالٍ فَأَقْرَضَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاتِهِ حتى يَقْبِضَهُ وَهَذَا لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ على الْفَوْرِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاتِهِ قبل قَبْضِهِ لِأَنَّهُ في يَدِهِ حُكْمًا وَكَذَا ذَكَرَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَشَارَ في مَوْضِعٍ إلَى بِنَاءِ ذلك على مَحَلِّ الزَّكَاةِ فَإِنْ قُلْنَا في الذِّمَّةِ لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عنه من غَيْرِهِ وَإِنْ قُلْنَا في الْعَيْنِ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ حتى يَتَمَكَّنَ من قَبْضِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رَجَبٍ وَنَقْلُهُ وما قَدَّمَهُ من عَدَمِ لُزُومِ إخْرَاجِهِ عنه هو الصَّحِيحُ وَنَصَّ عليه وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ عنه اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ في مَوْضِعٍ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلَيْنِ وما قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ مُخَالِفٌ أَيْضًا لِلْوَجْهَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ فَتُلَخِّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ أو أَرْبَعَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/418)
للدفع ويجوز تقديمها عليه بزمن يسير كالصلاة وسبق فيها خلاف ما يأتي آخر الباب اعتباره في الروضة النية عند الدفع ( وم ش ) ولو عزل الزكاة لم تكف النية عنده حالة الدفع مع طول الزمن ( ه ) وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ ( و ) وَلَا بُدَّ من كَوْنِ الْوَكِيلِ ثِقَةً نصعليه
وقال في التَّعْلِيقِ في الِاسْتِئْجَارِ على الْحَجِّ لو اسْتَنَابَ كَافِرًا بفرق ( ( ( يفرق ) ) ) زَكَاةَ مَالِهِ على الْفُقَرَاءِ أَجْزَأَ على اخْتِلَافٍ في الْمَذْهَبِ كما إذَا اسْتَنَابَ الذِّمِّيَّ في ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِجَوَازِهِ كَالْمُسْلِمِ وفي صِحَّةِ تَوْكِيلِ مُمَيَّزٍ فيها وَجْهَانِ ( م 2 ) ذَكَرَهُ ابن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ جَازَ فَإِنْ بَعْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ عن نِيَّةِ الْمَالِكِ فَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لابد من نِيَّةٍ لِوَكِيلٍ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ تجزىء بِدُونِهَا ( م 3 ) ( و ) وَلَا تجزىء نِيَّةُ الْوَكِيلِ وَحْدَهُ ( و ) لِأَنَّ نِيَّتَهُ لم يُؤْذَنْ له فيها فَتَقَعُ نَفْلًا وَلَوْ أَجَازَهَا
وَكَذَا من أَخْرَجَ من مَالِهِ زَكَاةً عن حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ لم تُجْزِئْهُ وَلَوْ أَجَازَهَا لِأَنَّهَا مِلْكَ الْمُتَصَدِّقِ فَوَقَعَتْ عنه بِخِلَافِ من أَخْرَجَهَا من مَالِ الْمُخْرَجِ عنه بِلَا إذْنِهِ وَأَجَازَهَا رَبُّ النِّصَابِ وَصَحَّ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا فَإِنَّهَا تجزىء لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ عن الْمُخْرِجِ
وَإِنْ وَكَّلَهُ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وقال تَصَدَّقْ بِهِ ولم يَنْوِ الزَّكَاةَ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 2 ) قوله وفي صحة توكيل مميز وجهان يعني في إخراج الزكاة ذكره ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب أحدهما لا تصح ( قلت ) وهو الصواب لأنه ليس أهلا لأداء العبادة الواجبة ثم وجدت المجد في شرحه علل بهذا لكن في غير هذه المسألة والوجه الثاني يصح
( مسألة 3 ) قوله فإن نوى الموكل وحده جاز فإن بعد دفع الوكيل عن نية الملك فعند القاضي وغيره لا بد من نية الوكيل وعند أبي الخطاب وغيره تجزىء بدونها انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الكبرى أحدهما لا بد من نية الوكيل والحالة ما ذكر وهو الصحيح جزم به المستوعب والمغني والتلخيص وشرح ابن رزين وغيرهم وصححه الشارح وغيره وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين واختاره القاضي وغيره والقول الثاني تكفي نية الموكل اختاره أبو الخطاب والمجد في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة والمقنع وقدمه في المذهب والمحرر والنظم والفائق وغيرهم
____________________
1-
(2/419)
فَنَوَاهَا الْوَكِيلُ فَقِيلَ لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا يَقْتَضِي النَّفَلَ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَدَقَةٌ ( م 4 ) كَقَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ نَفْلًا أو عن كَفَّارَتِي ثُمَّ نَوَى الزَّكَاةَ بِهِ قبل أَنْ يَتَصَدَّقَ أَجْزَأَ عنها لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ فَكَأَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ ثُمَّ دَفَعَ بِنَفْسِهِ كَذَا عَلَّلَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ ( وه ) وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا يجزىء لِاعْتِبَارِهِمْ النِّيَّةَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ وَمَنْ قال لِآخَرَ أَخْرِجْ عَنِّي زَكَاتِي من مَالِكِ فَفَعَلَ أَجْزَأَ عن الأمر نَصَّ عليه في الْكَفَّارَةِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ في الزَّكَاةِ وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ من مَالِ غَصْبٍ لم تُجْزِئْهُ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي في تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ وَمَنْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ وَنَوَاهَا دُونَ الْإِمَامِ جَازَ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّ فَكَذَا نَائِبُهُ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَخْذَهُ كَالْقِسْمِ بين الشُّرَكَاءِ وَلِأَنَّ له وِلَايَةَ أَخْذِهَا وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الزَّكَاةَ فَكَفَى الظَّاهِرُ عن النِّيَّةِ في الطَّائِعِ
وَالْإِمَامُ يَنُوبُ عن الْمُمْتَنِعِ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ لَا تجزىء لِأَنَّ الْإِمَامَ إمَّا وَكِيلُهُ أو وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أو وَكِيلُهُمَا فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ وَكَالصَّلَاةِ فَعَلَى هذا تَقَعُ نَفْلًا من الطَّائِعِ وَيُطَالَبُ بها وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) من الْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا كَالْمُصَلِّي كَرْهًا وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ لَا تجزىء الطَّائِعَ كَدَفْعِهِ إلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ ( م 5 ) وَلَا وِلَايَةَ عليه بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ كَبَيْعِهِ مَالَهُ في دَيْنِهِ وَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة ( ( ( ولأن ) ) ) 4 ) قوله ( ( ( الممتنع ) ) ) وإن وكله في إخراج ( ( ( منتهى ) ) ) زكاته ( ( ( الغاية ) ) ) ودفع إليه مالا وقال تصدق به ولم ( ( ( موضع ) ) ) ينو الزكاة فنواها الوكيل فقيل لَا تجزئه لأنه خصه بما يقتضي النفل وقيل تجزئه لأن الزكاة صدقة انتهى وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان أحدهما لا تجزئه ( ( ( يحتاج ) ) ) ( قلت ) وهو الصواب ( ( ( نية ) ) ) لأنه الظاهر من لفظ الصدقة وأيضا الزكاة واجبة عليه يقينا فلا تسقط بمحتمل وأيضا لا بد من نية ( ( ( رب ) ) ) الموكل وهنا لم ينو الزكاة في هذا الْمَالِ وقد ذكر المصنف وغيره من الأصحاب أن الموكل إذا لم ينو ونوي الوكيل أنها لا تجزئه فكذا هنا والله أعلم والوجه الثاني تجزىء لما علله المصنف وهو ضعيف لاشتراط نية الموكل في الإخراج وهنا لم توجد وما علل به المصنف بعد ذلك فيه نظر
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَمَنْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ وَنَوَاهَا دُونَ الْإِمَامِ جَازَ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ لَا تجزىء لِأَنَّ الْإِمَامَ إمَّا وَكِيلُهُ أو وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أو وَكِيلُهُمَا فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ فَعَلَى هذا تَقَعُ نَفْلًا عن الطَّائِعِ وَيُطَالَبُ بها وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) لِلْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا كَالْمُصَلِّي كَرْهًا وَعِنْدَ
____________________
1-
(2/420)
ولأن الممتنع ( ( ( والشيخ ) ) ) لو لم تجزئه ( ( ( الطائع ) ) ) لم ( ( ( كدفعه ) ) ) يجز الأخذ ( ( ( الفقير ) ) ) منه وذكر ( ( ( نية ) ) ) في منتهى الغاية أن هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وقال ( ( ( والخرقي ) ) ) الْقَاضِي في موضع ( ( ( المجرد ) ) ) لَا يحتاج ( ( ( تجزئه ) ) ) الْإِمَامُ إلى نية ( ( ( ربها ) ) ) منه ولا ( ( ( يجزئه ) ) ) من رب المال وَلَوْ غَابَ الْمَالِكُ أو تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ فَأَخَذَ السَّاعِي من مَالِهِ أَجْزَأَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّ له وِلَايَةَ أَخْذِهَا إذَنْ وَنِيَّةُ الْمَالِكِ مُتَعَذِّرَةٌ بِمَا يُعْذِرُ فيه كَصَرْفِ الْوَلِيِّ زَكَاةَ مَالِ مُوَلِّيهِ فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دَفْعِهَا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا لِخَبَرِ أبي هُرَيْرَةَ إذا أَعْطَيْتُمْ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا ذلك رَوَاهُ ابن ماجة من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) الخرقي والشيخ لا تجزىء الطائع كدفعه إلى الفقير بلا نية انتهى إذا أخذ الإمام الزكاة من ربها فلا يخلو إما أن يأخذها كرها أو طوعا فإن أخذها كرها وأخرجها ناويا للزكاة ولم ينوها ربها أجزأت عن ربها على الصحيح قال المجد في شرحه هذا ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب قال في القواعد هذا أصح الوحهين وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والمقنع والتلخيص والشرح والحاويين والرعايتين وصححه وشرح ابن رزين وغيرهم واختاره القاضي في المجرد وغيره من الأصحاب وقال أبو الخطاب وابن عقيل لا تجزئه من غير نية واختاره صاحب المستوعب والشيخ تقي الدين في فتاويه قاله الزركشي قال في القواعد الأصولية وهذا أصوب وصححه في تصحيح المحرر وأطلقهما المجد في شرحه ومحرره وابن تميم والزركشي وصاحب الفائق وغيرهم فعلى الصحيح تجزىء ظلهرا لا باطنا وإن أخذها منه طوعا ونواها الإمام دون ربها لم يجزئه على الصحيح من المذهب قال هو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله قال المصنف هنا هو قول الخرقي والشيخ واختاره أيضا أبو الخطاب وابن عقيل وابن البنا والشارح والشيخ تقي الدين في فتاويه وقدمه ابن تميم وابن رزين في شرحه وصاحب الفائق وغيرهم والقول الثاني تجزئه اختاره ابن حامد والقاضي وغيرهما قال في المستوعب هو ظاهر كلام الخرقي
____________________
1-
(2/421)
رِوَايَةِ الْبَخْتَرِيِّ بن عُبَيْدٍ وهو ضَعِيفٌ قال بَعْضُهُمْ وَيَحْمَدُ اللَّهَ على تَوْفِيقِهِ لِأَدَائِهَا
وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْآخِذِ أَجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا ولم يَأْمُرْ عليه السَّلَامُ سُعَاتِهِ بِالدُّعَاءِ وَالْأَمْرُ في الْآيَةِ لِلنَّدْبِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ دُعَاءَهُ عليه السَّلَامُ سَكَنٌ لهم بِخِلَافِ غَيْرِهِ وفي أَحْكَامِ الْقَاضِي على الْعَامِلِ إذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ أَنْ يَدْعُوَ لأهله ( ( ( لأهلها ) ) ) وَعَلَى ظَاهِرَةٌ في الْوُجُوبِ وَأَوْجَبَهُ الظَّاهِرِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وقد ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ في قَوْلِهِ وَعَلَى الْغَاسِلِ سِتْرُ ما رَآهُ وفي بَابِ الْحُرُوفِ من الْعُدَّةِ وَالتَّمْهِيدِ أَنَّ على لِلْإِيجَابِ وفي الصَّحِيحَيْنِ من حديث أبي مُوسَى على كل مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ وَفِيهِمَا من حديث أبي هُرَيْرَةَ كُلُّ سلامي من الناس عليه صَدَقَةٌ قال في شَرْحِ مُسْلِمٍ قال الْعُلَمَاءُ صَدَقَةُ نَدْبٍ لَا إيجَابٍ
وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ إخْرَاجِهَا في الْأَصَحِّ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إنْ مَنَعَهَا أَهْلَ بَلَدِهِ اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ كَرِهَ إعلام ( ( ( إعلامه ) ) ) بها نَصَّ عليه قال أَحْمَدُ لم يُبَكِّتْهُ يُعْطِيهِ وَيَسْكُتُ ما حَاجَتُهُ إلَى أَنْ يُقَرِّعَهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ وقال بَعْضُهُمْ لَا يُسْتَحَبُّ نَصَّ عليه وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وفي الرَّوْضَةِ لَا بُدَّ من إعْلَامِهِ وقال بَعْضُهُمْ وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ
وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا وَيَعْلَمُ من عَادَتِهِ لَا يَأْخُذُ زَكَاةً فَأَعْطَاهُ ولم يُعْلِمْهُ لم تُجْزِئْهُ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لم يَقْبَلْ زَكَاةً ظَاهِرًا وَلِهَذَا لو دَفَعَ الْمَغْصُوبُ لِمَالِكِهِ ولم يُعْلِمْهُ أَنَّهُ له لم يَبْرَأْ ذَكَرَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ كَذَا قال ومقتضي هذا الِاعْتِبَارِ يَجِبُ إعْلَامُهُ مُطْلَقًا وَلِهَذَا قال ابن تَمِيمٍ وَفِيهِ بُعْدٌ وَاخْتَارَ صَاحِب الرِّعَايَةِ يُجْزِئُهُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَهِلَ أَنَّهُ يَأْخُذُ وَيَأْتِي في الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ خِلَافٌ مُتَقَارِبٌ وقد اعْتَبَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِهِ
____________________
(2/422)
فَصْلٌ يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عليه الزَّكَاةُ تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ ( وش ) لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ } الْآيَةَ وَكَالدَّيْنِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ رَشِيدٌ قَبَضَ ما يَسْتَحِقُّهُ وَالْإِمَامُ وَكِيلُهُ وَنَائِبُهُ فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَالْمُوَكَّلِ وَيُحْمَلُ ما خَالَفَ ذلك على الْجَوَازِ أو أَنَّ الْإِمَامَ أَخَذَهَا أو على من لَا يَعْرِفُ مَصَارِفَهَا أو على من تَرَكَهَا جُحُودًا أو بُخْلًا وَقِيلَ يحب دَفْعُ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يجزىء دُونَهُ ( وه م ) وزاد وَزَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ قال أبو حَنِيفَةَ وَأَمْوَالِ التُّجَّارِ التي تُسَافِرُ بها كَالظَّاهِرَةِ فَيَأْخُذُ الْعَاشِرُ زَكَاتَهَا إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا لِلْحَاجَةِ إلَى حِمَايَتِهَا من قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْفَاكِهَةِ فَلَا تُعْشَرُ لِأَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ لَا يَقْصِدُونَهُ غَالِبًا إلَّا الْيَسِيرَ منه لِلْأَكْلِ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُعْشَرُ أَيْضًا
وَلَهُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى إمَامٍ فَاسِقٍ ( وه ) قال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الصَّحَابَةُ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ يَأْمُرُونَ بِدَفْعِهَا وقد عَلِمُوا فِيمَا يُنْفِقُونَهَا وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يَحْرُمُ إنْ وَضَعَهَا في غَيْرِ أَهْلِهَا وَيَجِبُ كَتْمُهَا عنه إذَنْ ( وم ش ) وتجزىء ( ( ( وتجزئ ) ) ) مُطْلَقًا ( م ش ) لِمَا رَوَاهُ ابن ماجة وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِكِ فَقَدْ قَضَيْت ما عَلَيْك وَلِأَحْمَدَ عن أَنَسٍ مَرْفُوعًا إذَا أَدَّيْتهَا إلَى رسولى فَقَدْ بَرِئْت منها إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَكَ أَجْرُهَا وَإِثْمُهَا على من بَدَّلَهَا وَلِلْإِمَامِ طَلَبُ الزَّكَاةِ من الْمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إنْ وَضَعَهَا في أَهْلِهَا ( و ) وَلَوْ من بَلَدٍ غَلَبَ عليه الْخَوَارِجُ فلم يُؤَدِّ أَهْلُهُ الزَّكَاةَ ثُمَّ غَلَبَ عليهم الْإِمَامُ ( ه ) لِأَنَّهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَيْسُوا تَحْتَ حِمَايَتِهِ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا نَظَرَ له في زَكَاةِ الْبَاطِنِ إلَّا أَنْ تَبْذُلَ وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ فِيمَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ قال الْقَاضِي إذَا مَرَّ الْمُضَارِبُ أو الْمَأْذُونُ له بِالْمَالِ على عَاشِرِ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَ منه الزَّكَاةَ قال وَقِيلَ لَا تُؤْخَذُ منه حتى يَحْضُرَ الْمَالِكُ وإذا طَلَبَ
____________________
(2/423)
الزَّكَاةَ لم يَجِبْ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ له أَنْ يُقَاتِلَ على ذلك إذَا لم يَمْنَعْ إخْرَاجُهَا بِالْكُلِّيَّةِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ قال في الْخِلَافِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ في صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ إذَا أَبَى الناس أَنْ يُعْطُوهَا الْإِمَامَ قَاتَلَهُمْ عليها إلَّا أَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نُخْرِجُهَا
وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُهَا إلَيْهِ إذَا طَلَبَهَا ( وَ ) وَلَا يُقَاتِلُ لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فيه جَزَمَ بِهِ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَجَمَعَ بِهِ بين الْأَدِلَّةِ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ قال في الْخِلَافِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فيه الِاجْتِهَادُ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ على من لَا يَرَاهَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ دَفْعُ الْبَاطِنِ بِطَلَبِهِ وقال بَعْضُهُمْ وَجْهًا وَاحِدًا وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ من أَدَّاهَا لم تَجُزْ مُقَاتَلَتُهُ لِلْخُلْفِ في إجْزَائِهَا ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ في من قال أنا أُؤَدِّيهَا وَلَا أُعْطِيهَا لِلْإِمَامِ لم يَكُنْ له قِتَالُهُ ثُمَّ قال من جَوَّزَ الْقِتَالَ على تَرْكِ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جَوَّزَهُ وَمَنْ لم يُجَوِّزْهُ إلَّا على تَرْكِ طَاعَةِ لله وَرَسُولِهِ لم يُجَوِّزْهُ
وَيُسْتَحَبُّ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ قال بَعْضُهُمْ مع أَمَانَتِهِ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ أَيْ من حَيْثُ الْجُمْلَةِ نَصَّ عليه وقال أَيْضًا أَحَبُّ إلى أَنْ يُقَسِّمَهَا هو وَقِيلَ دَفْعُهَا إلَى إمَامٍ عَادِلٍ أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَزَوَالِ التُّهْمَةِ اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ ( وش ) وَقَالَهُ ( ه م ) حَيْثُ جَازَ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ وَعَنْهُ دَفْعُ الظَّاهِرِ أَفْضَلُ وَعَنْهُ يختض ( ( ( يختص ) ) ) بِالْعُشْرِ وَعَنْهُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ نَصَّ عليه في الْخَوَارِجِ إذَا غَلَبُوا على بَلَدٍ وَأَخَذُوا منه الْعُشْرَ وَقَعَ مَوْقِعَهُ وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ هذا مَحْمُولٌ على أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّمَا يجزىء أَخْذُهُمْ إذَا نَصَّبُوا لهم إمَامًا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في مَوْضِعٍ من الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا تجزىء الدَّفْعُ إلَيْهِمْ اخْتِيَارًا وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ من الزَّكَاةِ وقال الْقَاضِي وقد قِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الْفُسَّاقِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ عُشْرٍ وَصَدَقَةٍ إلَيْهِمْ وَلَا إقَامَةِ حَدٍّ وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوَازِ الدَّفْعِ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ في الْمَنْصُوصِ وَإِنْ أَجْزَأَ في الْمَنْصُوصِ وَهَلْ لِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ على وَجْهَيْنِ ( م 6 ) أَحَدِهِمَا له ذلك نَصَّ عليه في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 6 ) قوله وهل للإمام طلب النذر والكفارة على وجهين انتهى
____________________
1-
(2/424)
وقال الْحَنَفِيَّةُ إذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ زَكَاةَ السَّائِمَةِ فَقِيلَ تجزىء لِأَنَّ الْإِمَامَ لم يَحْمِهِمْ وَالْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ مَصْرِفَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَصْرِفُونَهَا إلَيْهِمْ وَلَهُمْ قَوْلٌ ثَالِثٌ إنْ نَوَى التَّصَدُّقَ عليهم أجزأوكذلك الدَّفْعُ إلَى كل جَائِرٍ لِأَنَّهُمْ بِمَا عليهم من التَّبَعَاتِ فُقَرَاءُ فَصْلٌ يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مَسَافَةَ قَصْرٍ لِسَاعٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كان لِرَحِمٍ وَشِدَّةِ حَاجَةٍ أو لَا نَصَّ على ذلك ( وش ) وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَابْنِ الْبَنَّا يُكْرَهُ وَنَقَلَ بَكْرُ بن مُحَمَّدٍ لَا يُعْجِبُنِي فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الْإِجْزَاءِ رِوَايَتَانِ ( م 7 ) وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لَا تجزىء ( وه م ق ) كَصَرْفِهَا في غَيْرِ الْأَصْنَافِ وَالْعُمُومَاتُ لَا تَتَنَاوَلُهُ لِتَحْرِيمِهِ
وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا تجزىء وَعَنْهُ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى الثَّغْرِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ مُرَابَطَةَ الْغَازِي بِهِ قد تَطُولُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) وأطلقهما ابن ( ( ( يمكنه ) ) ) تميم ( ( ( المفارقة ) ) ) وابن حمدان في ( ( ( حاجة ) ) ) الرعايتين ( ( ( الأخذ ) ) ) وصاحب الحاويين إحداهما ( ( ( تعتبر ) ) ) له ( ( ( فكذا ) ) ) ذلك ( ( ( المكان ) ) ) نَصَّ عليه في الكفارة والطهار قاله المصنف ( قلت ) وهو الصواب قال ابن تميم وهو المنصوص في كفارة الظهار قال في الرعاية الكبرى ( ( ( بلد ) ) ) وله طلب ( ( ( بدليل ) ) ) كفارة ( ( ( أحكام ) ) ) الظهار ( ( ( رخص ) ) ) نص ( ( ( السفر ) ) ) عليه ( ( ( وللشافعية ) ) ) وفي النذر وبقية الكفارات وقيل مطلقا وَجْهَانِ انتهى والوجه ( ( ( احتمال ) ) ) الثاني ليس ( ( ( علل ) ) ) له ذلك
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الْإِجْزَاءِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وابن منجا وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا تُجْزِئُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي ذلك ولم أَجِدْ فيه نَصًّا في هذه الْمَسْأَلَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا تُجْزِئُهُ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وهو ظَاهِرُ ما في الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على عَدَمِ الْجَوَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/425)
ولا يمكنه المفارقة ثم إن حاجة الأخذ فيه لا تعتبر فكذا المكان وعنه يجوز إلى غير الثغر أيضا ( وم ) مع رجحان الحاجة وكرهه ( ه ) إلا لقرابة أو رجحان حاجة واختار الآجري جوازه لقرابة ويجوز النقل دون مسافة قصر نص عليه لأنه في حكم بلد واحد بدليل أحكام رخص السفر وللشافعية وجهان ويتوجه احتمال وقد علل صاحب المحرر عدم النقل في الجملة بأن فقراء كل مكان لا يعلم بهم غالبا إلا أهله
وَكَذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْفَقِيرِ على من عَلِمَ بِحَالِهِ وَبَذْلُ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ عنه إلَى مُضْطَرٍّ أو مُحْتَاجٍ في مَكَان آخَرَ قال وَيُؤَيِّدُ ذلك ما رَوَى أَحْمَدُ عن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيُّمَا أَهْلِ عرضة ( ( ( عرصة ) ) ) أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ عَنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَإِنْ كان بِبَادِيَةٍ أو خَلَا بَلَدُهُ من مُسْتَحِقٍّ لها فَرَّقَهَا في أَقْرَبِ الْبِلَادِ منه عِنْدَ كل من لم يَرَ نَقْلَهَا لِأَنَّهُ كَمَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ وَنَقْلُهَا عليه ( م ر ) كَوَزْنِ وَكِيلٍ
وَالسِّفَارُ بِالْمَالِ يزكى في مَوْضِعٍ أَكْثَرَ إقَامَةِ الْمَالِ فيه نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ لِتَعَلُّقِ الْأَطْمَاعِ بِهِ غَالِبًا وَظَاهِرُ نَقْلِ مُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ يُفَرِّقُهُ في الْبَلَدَانِ التي كان بها في الْحَوْلِ وَعِنْدَ الْقَاضِي هو كَغَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِمَكَانِ الْوُجُوبِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الزَّكَاةِ لِاسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ إنْ تَعَذَّرَ بِدُونِهِ وَوَجَبَ ذَكَرَهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ
____________________
(2/426)
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَمَنْ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْمَالِ في بَلَدٍ وَمَالُهُ في بَلَدٍ آخَرَ فَرَّقَهَا في بَلَدِ الْمَالِ نَصَّ عليه ( و ) فَإِنْ كان مُتَفَرِّقًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هو فَإِنْ كان النِّصَابُ من السَّائِمَةِ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ في كل بَلَدٍ بِقَدْرِ ما فيه من الْمَالِ لِئَلَّا يَنْقُلَ الزَّكَاةَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ في بَعْضِهَا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَشْقِيصِ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وفي مُنْتَهَى الْغَايَةِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ( م 8 ) وَسَبَقَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ في بَابِهَا في آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي وَأَنَّهَا تَجِبُ في بَلَدِ الْبُدْنِ وَيَجُوزُ نَقْلُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْوَصِيَّةِ في الْأَصَحِّ ( و ) وإذا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ اُسْتُحِبَّ له ( ه ) أَنْ يَسِمَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ في أَفْخَاذِهَا وَالْغَنَمَ في آذَانِهَا لِلْأَخْبَارِ في الوشم ( ( ( الوسم ) ) ) وَلِخِفَّةِ الشَّعْرِ في ذلك فَيَظْهَرَ وَلِأَنَّهُ يَتَمَيَّزُ فَإِنْ كانت زَكَاةٌ كَتَبَ لِلَّهِ أو زَكَاةٌ وَإِنْ كانت جِزْيَةٌ كَتَبَ صَغَارٌ أو جِزْيَةٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ ما يَتَمَيَّزُ بِهِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي أَنَّ الْوَسْمَ بِحِنَّاءٍ أو بِقِيرٍ أَفْضَلُ فَصْلٌ لَا يجزىء إخْرَاجُ قِيمَةِ الزَّكَاةِ طَائِعًا ( و ) أو مُكْرَهًا ( و ) لِقَوْلِهِ عليه السَّلَامُ لِمُعَاذٍ خُذْ الْحَبَّ من الْحَبِّ وَالشَّاةَ من الْغَنَمِ وَالْبَعِيرَ من الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ من الْبَقَرِ رَوَاهُ أبو دَاوُد وابن ماجة وَفِيهِ انْقِطَاعٌ وَالْجُبْرَانَاتُ الْمُقَدَّرَةُ في خَبَرِ الصِّدِّيقِ رضي اللَّهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 8 ) قوله ومن ( ( ( رواه ) ) ) لزمته ( ( ( البخاري ) ) ) زكاة المال ( ( ( تدل ) ) ) في بلد وماله في بلد آخر فرقها في بلد المال نص عليه فإن كان متفرقا زكي كل مال حيث هو فإن كان نصابا من السائمة فقيل يلزمه في كل ( ( ( القيمة ) ) ) بلد بقدر ما ( ( ( تجويز ) ) ) فيه ( ( ( المخالف ) ) ) من ( ( ( ثوبا ) ) ) المال لئلا ( ( ( الإطعام ) ) ) ينقل الزكاة ( ( ( الكفارة ) ) ) إلَى غير بلده وقيل يجوز الإخراج في بعضها لئلا يفضي إلى تشقيص ( ( ( وضع ) ) ) زكاة ( ( ( الخد ) ) ) الحيوان وفي منتهى الغاية هو ظاهر كلام أحمد انتهى وأطلقهما المجد في شرحه والشيخ في الكافي القول الأول ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية الكبرى والقول الثاني هو الصواب لما علله به المصنف ويغتفر مثل ذلك لأجل التشقيص
____________________
1-
(2/427)
الرُّكُوعِ إلَيْهِ وَإِنْ كان أَبْلَغَ في الْخُضُوعِ أو عن الْأُضْحِيَّةِ إلَى أَضْعَافِ قِيمَتِهَا وَعَنْهُ تجزىء الْقِيمَةُ ( وه ) وَعَنْهُ في غَيْرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَعَنْهُ تجزىء لِلْحَاجَةِ من تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ نَقَلَهَا وَصَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ
وَقِيلَ وَلِمُصْلِحَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً تجزىء لِلْحَاجَةِ إلَى الْبَيْعِ قال ابن الْبَنَّا في شَرْحِ الْمُجَرَّدِ إذَا كانت الزَّكَاةُ جزأ ( ( ( جزءا ) ) ) لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ جَازَ صَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ قال وَكَذَا كُلُّ ما يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرًا لَا يَقْدِرُ على الْمَشْيِ وَهَلْ يجزىء نَقْدٌ عن آخَرَ ( وم ) أَمْ لَا فيه الرِّوَايَتَانِ وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لايجزىء مُطْلَقًا وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ يُخْرِجُ ما فيه حَظٌّ لِلْفُقَرَاءِ ( م 9 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يجزىء نَقْدٌ عن آخَرَ فيه الرِّوَايَتَانِ وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يجزىء مُطْلَقًا وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ ما فيه حَظٌّ لِلْفُقَرَاءِ انْتَهَى الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قبل ذلك في جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فَإِنْ كان أَرَادَ ذلك فَقَدْ قَدِمَ أَنَّهُ لايجزىء إخْرَاجُهَا فَلَا تجزىء إخْرَاجُ نَقْدٍ عن آخَرَ على الصَّحِيحِ بِنَاءً على هذا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ رِوَايَتَيْ تَكْمِيلِ أَحَدِهِمَا من الْآخَرِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا في بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وهو الصَّوَابُ إذَا عَلِمْت ذلك فَالْمُصَنِّفُ قد أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ في التَّكْمِيلِ وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ من الرِّوَايَتَيْنِ وقد أَطْلَقَ الْخِلَافَ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي إجْزَاءَ إخْرَاجِ نَقْدٍ عن آخَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمَا إحْدَاهُمَا يَجُوزُ ويجزىء وهو الصَّحِيحُ قال في الْفَائِقِ وَيَجُوزُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَهِيَ أَصَحُّ وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في رُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بها في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهَا ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُهُ جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وَهِيَ أَصَحُّ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ كما اخْتَارَ عَدَمَ الضَّمِّ وَوَافَقَهُ أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ هُنَا وَخَالَفَاهُ في الضَّمِّ فَاخْتَارَا جَوَازَهُ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ ولم يُصَحِّحَا شيئا في الضَّمِّ وَصَحَّحَ في الفائق عدم الضم وصحح في الْفَائِقِ عَدَمَ الضَّمِّ وَصَحَّحَ إخْرَاجَ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ كما تَقَدَّمَ قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفَ اصحابنا في ذلك فَمِنْهُمْ من بَنَاهُ على الضَّمِّ وَمِنْهُمْ من أَطْلَقَ انْتَهَى ( قُلْت ) بَنَاهُمَا على الضَّمِّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي قال في الْحَاوِيَيْنِ وَهَلْ يجزىء مُطْلَقًا إخْرَاجُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عن الْآخَرِ إذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ على وَجْهَيْنِ
____________________
1-
(2/428)
وَإِنْ أَجْزَأَ فَفِي فلوس ( ( ( الفلوس ) ) ) عنه وَجْهَانِ ( م 10 )
وَعَنْهُ يجزىء عما يضم إليه وعنه تجزىء القيمة ( ( ( إخراج ) ) ) وهي الثمن لمشتري ( ( ( الآخر ) ) ) ثمرته ( ( ( بالحساب ) ) ) التي لا ( ( ( الضم ) ) ) تصير تمرا ( ( ( وعدمه ) ) ) وزبيبا من الساعي ( ( ( إجزاء ) ) ) قبل ( ( ( الفلوس ) ) ) جذاذه ( ( ( عنها ) ) ) ( وم ش ( ( ( الإخراج ) ) ) ) والأشهر ( ( ( المذكور ) ) ) أنه لا يصح شراؤه فلا تجزىء ( ( ( أكثر ) ) ) القيمة حينئذ وَإِنْ بَاعَ النِّصَابَ قبل إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَصَحَّ في الْمَنْصُوصِ ( و ) فَعَنْهُ له أَنْ يُخْرِجَ من ثَمَنِهِ وَأَنْ يُخْرِجَ من جِنْسِ النِّصَابِ وَنَقَلَ عنه صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ إذَا بَاعَ ثَمَرَهُ أو زَرْعَهُ وقد بَلَغَ فَفِي ثَمَنِهِ الْعُشْرُ أو نِصْفُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَتَصَدَّقُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ قال الْقَاضِي أَطْلَقَ الْقَوْلَ هُنَا أَنَّ الزَّكَاةَ في الثَّمَنِ وَخَيَّرَ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ من الثَّمَنِ
قال الْقَاضِي الرِّوَايَتَانِ هُنَا بِنَاءً على رِوَايَتَيْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ وقال هذا الْمَعْنَى قَبْلَهُ أبو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ بَعْدَهُ آخَرُونَ وقال أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ إذاباع فَالزَّكَاةُ في الثَّمَنِ وَإِنْ لم يَبِعْ فَالزَّكَاةُ فيه وقال الْقَاضِي أَيْضًا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذلك وقال كَالْمَهْرِ إذَا طَلَّقَهَا فإنه يَرْجِعُ فيه مع بَقَائِهِ وَإِلَّا إلَى قِيمَتِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ ولم تُكَلَّفْ الْمَرْأَةُ الدَّفْعَ إلَيْهِ من جِنْسِ مَالِهِ وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ في إخْرَاجِ ثَمَنِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ الْمِثْلِ
وَعَنْ أبي بَكْرٍ إذَا لم يَقْدِرْ على تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَوَجَدَ رُطَبًا وَعِنَبًا أَخْرَجَهُ وزاد بِقَدْرِ ما بَيْنَهُمَا ( م 11 ) وقد سَبَقَ مَعْنَاهُ وَسَبَقَ شَرْطُ زَكَاتِهِ على الْمُشْتَرِي في الْفَصْلِ السَّابِعِ في (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 10 ) قوله وإن أجزأ ففي الفلوس عنه وجهان انتهى وأطلقهما المجد في شرحه وابن تميم وصاحب الفائق والحاويين والرعايتين وقال قلت إن جعلت ثمنا جاز وإلا فلا وقد قدم هنا أنها أثمان وقال في الحاويين بعد أن حكى الخلاف في إجزاء إخراج أحد النقدين عن الآخر إما مطلقا أو إذا قلنا بالضم وعليهما يخرج إجزاء الفلوس وقال في الرعايتين ( ( ( زكاة ) ) ) وعنه ( ( ( الثمر ) ) ) يجوز إخراج أحدهما عن الآخر بالحساب مع الضم وقيل وعدمه مطلقا وفي إجزاء الفلوس عنها مع الإخراج المذكور وجهان انتهى ( قلت ) ظاهر كلام أكثر الأصحاب عدم الإجزاء والصواب الإجزاء إذا كانت نافعة والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَ النِّصَابَ قبل إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَصَحَّ في الْمَنْصُوصِ فَعَنْهُ له أَنْ يُخْرِجَ من جِنْسِ النِّصَابِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ إنْ بَاعَ ثَمَرَهُ أو زَرْعَهُ وقد بَلَغَ فَفِي ثَمَنِهِ الْعُشْرُ أو نِصْفُهُ وَنَقُلْ أبو طَالِبٍ يَتَصَدَّقُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ
____________________
1-
(2/429)
زكاة الثمر ( ( ( الثمن ) ) ) فَصْلٌ وَيَجِبُ على الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ لِقَبْضِ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَمِنْ الناس من لايزكي وَلَا يَعْلَمُ ما عليه فَفِي إهْمَالِ ذلك تَرْكٌ لِلزَّكَاةِ ولم يذكر جَمَاعَةٌ هذه الْمَسْأَلَةَ فَيُؤْخَذُ منه لَا يَجِبُ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ وَيَجْعَلُ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ في ذلك وَمِيلُهُ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُدَّ الْمَاشِيَةَ على أَهْلِهَا على الْمَاءِ أو في أَفْنِيَتِهِمْ لِلْخَبَرِ وَإِنْ أخبره صَاحِبُ الْمَالِ بِعَدَدِهِ قِبَلَ منه وَلَا يُحَلِّفُهُ كما سَبَقَ
وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لم يَحُلْ حَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ رَبُّهُ زَكَاتَهُ وَإِلَّا وَكَّلَ ثِقَةً يَقْبِضُهَا ثُمَّ يُصَرِّفُهَا في مَصْرِفِهَا وَلَهُ جَعْلُ ذلك إلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كان ثِقَةً وَإِنْ لم يَجِدْ ثِقَةً فقال الْقَاضِي يُؤَخِّرُهَا إلَى الْعَامِ الثَّانِي وقال الْآمِدِيُّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهَا وقال في الْكَافِي إنْ لم يجعلها ( ( ( يعجلها ) ) ) فَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ من يَقْبِضُهَا منه عِنْدَ حَوْلِهَا وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي ( م 12 ) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) من الثمن قال القاضي الروايتان هنا بناء على روايتي إخراج القيمة وقال هذا المعنى قبله أبو إسحاق وقاله بعده آخرون قال أبو حفص البرمكي إذا باع فالزكاة في الثمن وإن لم يبع فالزكاة فيه وقال القاضي أيضا يمكن أن يقال ذلك وذكر ابن أبي موسى الروايتين في إخراج ثمن الزكاة بعد البيع إذا تعذر إخراج المثل وعن أبي بكر إن لم يقدر على تمر وزبيب ووجد رطبا وعنبا أخرجه وزاد بقدر ما بينهما انتهى وأطلق الإجزاء وعدمه ابن تميم وابن حمدان في الكبرى إحداهما لا يجزي الإخراج من ثمنه ( قلت ) وهو الصواب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وبناء القاضي وأبي إسحاق ومن بعدهما يدل على ذلك وقد قال المجد في شرحه وإذا تصرف في الثمرة أو الزرع وقد بدا الصلاح واشتد الحب ببيع أو هبة أو غيرهما صح تصرفه قبل الخرص وبعده وتبقى الزكاة على البائع والواهب تمرا وعنه يجزئه عشر الثمن والأول أصح لعموم الخبر بإيجاب التمر والزبيب انتهى وصحح ما قلنا والله أعلم والرواية الثانية يجوز ويجزىء عشر ثمنه
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لم يَجِدْ السَّاعِي ثِقَةً يُوَكِّلُهُ في قَبْضِ ما تَأَخَّرَ وُجُوبُهُ فقال
____________________
1-
(2/430)
وإذا قَبَضَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَرَّقَهَا في مكانها ( ( ( مكانه ) ) ) وما قَارَبَهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَلَا كما سَبَقَ وَلِلسَّاعِي بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ من مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا لِحَاجَةٍ أو مَصْلَحَةٍ وَصَرْفُهُ في الْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ أو حَاجَتِهِمْ حتى في إجَارَةِ مَسْكَنٍ وَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ فذكر الْقَاضِي لايصح لِأَنَّهُ لم يُؤْذَنْ له فَيَضْمَنَ قِيمَةَ ما تَعَذَّرَ رَدُّهُ وَقِيلَ يَصِحُّ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ ( م 13 )
لِمَا رَوَى أبو عُبَيْدٍ في الْأَمْوَالِ عن قَيْسِ بن أبي حَازِمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَأَى في إبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً كَوْمَاءَ فَسَأَلَ عنها الْمُصَدِّقَ فقال إنِّي ارْتَجَعْتهَا بِإِبِلٍ فَسَكَتَ وَمَعْنَى الرَّجْعَةِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا غَيْرَهَا وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ على الْبَيْعِ إذَا خَافَ تَلَفَهُ قال لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ في غَيْرِ ذلك وَمَالَ إلَى الصِّحَّةِ
وَكَذَا جَزَمَ ابن تَمِيمٍ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ حَاجَةٍ كَخَوْفِ تَلَفٍ وَمُؤْنَةِ نَقْلٍ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ فَإِنْ أَخَّرَ السَّاعِي قِسْمَةَ زَكَاةٍ عِنْدَهُ بِلَا عُذْرٍ كَاجْتِمَاعِ الْفُقَرَاءِ أو الزَّكَوَاتِ لم يَجُزْ وَيَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ وَكَذَا إنْ طَالِبَ أَهْلُ الْغَنِيمَةِ بِقِسْمَتِهَا فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ وَإِنَّمَا لم يَضْمَنْ الْوَكِيلُ مَالَ مُوَكِّلِهِ الذي تَلِفَ بيده قبل طَلَبِهِ لِأَنَّ لِلْمُوَكَّلِ طَلَبَهُ فَتَرَكَهُ رِضًا بِبَقَائِهِ بيده وَلَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ طَلَبُ السَّاعِي بِمَا بيده لِيَكُونَ تَرْكُ الطَّلَبِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) القاضي ( ( ( دليل ) ) ) يؤخرها ( ( ( الرضا ) ) ) إلى العام الثاني وقال الآمدي لرب المال أن يخرجها وقال في الكافي إن لم يعجلها فإما أن يوكل من يقبضه منه عند حولها وإما أن يؤخرها إلى الحول الثاني انتهى وأطلقهما ابن تَمِيمٍ قول القاضي هو ( ( ( تلفت ) ) ) الصحيح ( ( ( بيد ) ) ) حيث ( ( ( إمام ) ) ) وجدت تهمة ( ( ( ساع ) ) ) وهو ( ( ( بتفريط ) ) ) ظاهر ( ( ( ضمنها ) ) ) كلامه ( ( ( وتأخيرها ) ) ) في الكافي وقطع به في الرعاية الكبرى ( ( ( الوديعة ) ) ) وقول الآمدي ( ( ( يضمن ) ) ) لم أر من ( ( ( خلافا ) ) ) اختاره ( ( ( للشافعية ) ) ) وهو قوي إن طلع على إخراج رب ( ( ( قالوا ) ) ) المال
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ يَعْنِي السَّاعِيَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ فذكر الْقَاضِي لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ( قُلْت ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَيَّدُوا الْجَوَازَ بِمَا إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً قال في الْمُغْنِي له بَيْعُهَا لِمَصْلَحَةٍ وَكُلْفَةٍ في نَقْلِهَا أو مَرَضِهَا أو غَيْرِهَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ فقال في آخَرِ الْبَابِ وَإِنْ بَاعَ شيئا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ صَحَّ وَقِيلَ لَا فَيَضْمَنُ قِيمَةَ ما تَعَذَّرَ رَدُّهُ انْتَهَى وَمَالَ في الْكَافِي إلَى الصِّحَّةِ وهو احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ في الْمُغْنِي وَمَالَ إلَيْهِ
____________________
1-
(2/431)
وكذا جزم ابن تميم أنه لا يبيع حاجة كخوف تلف ومؤنة نقل فإن فعل ففي الصحة وجهان فإن أخر الساعي قسمة زكاة عنده بلا عذر كاجتماع الفقراء أو الزكوات لم يجز ويضمن لتفريطه وكذا إن طالب أهل الغنيمة بقسمتها فأخر بلا عذر وإنما لم يضمن الوكيل مال موكله الذي تلف بيده قبل طلبه لأن للموكل طلبه فتركه رضا ببقائه بيده وليس للفقراء طلب الساعي بما بيده ليكون ترك الطلب دليل الرضا به ذكر ذلك أبو المعالي وذكر ابن تميم وغيره إن تلفت بيد إمام أو ساع بتفريط ضمنها وتأخيرها المستحق ويعرف قدر حاجته ليس بتفريط وإن أخر الوكيل لا يلزمه مال فيأتي في آخر الوديعة أنه يضمن في الأصح خلافا للشافعية لأنه لا يلزمه بخلاف الإمام كذا قالوا فَصْلٌ وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةً فَتَلِفَتْ قبل أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ بَدَلُهَا ( ه ) كما قبل الْعَزْلِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا بِهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَوْدِ فيها إلَى غَيْرِهَا ولم يَمْلِكْهَا الْمُسْتَحِقُّ كَمَالٍ مَعْزُولٍ لو قَارَبَ الدَّيْنُ بِخِلَافِ الْأَمَانَةِ وَلَوْ كان تَعْيِينُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ ثُمَّ الْمُخْرِجِ وَالْمَعْزُولِ إنْ كان من مَالِ الزَّكَاةِ سَقَطَ قَدْرُ زَكَاتِهِ إنْ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ بِالتَّلَفِ وفي سُقُوطِهَا عن الْبَاقِي إنْ نَقَصَ عن نِصَابٍ الْخِلَافُ وَيُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الْفَقِيرِ وَإِجْزَائِهَا قَبْضُهُ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ نَصَّ عليه
____________________
(2/432)
الْمَالِ اشْتَرِ لي بها ثَوْبًا ولم يَقْبِضْهُ منه لم يُجْزِئْهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ كان له وَإِنْ تَلِفَ فَمِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من إذْنِهِ لِغَرِيمِهِ في الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عنه أو صَرْفِهِ أو الْمُضَارَبَةِ فَصْلٌ يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قبل الْحَوْلِ إذَا تَمَّ النِّصَابُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ ( م ) لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ وَلِأَنَّهُ حَقُّ مَالٍ أُجِّلَ لِلرِّفْقِ فَجَازَ تَعْجِيلُهُ قبل أَجَلِهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَدِيَةِ الْخَطَأِ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا بَأْسَ بِهِ زَادَ الْأَثْرَمُ هو مِثْلُ الْكَفَّارَةِ قبل الْحِنْثِ وَالظِّهَارُ أَصْلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا على حَدٍّ وَاحِدٍ فِيهِمَا الْخِلَافُ في الْجَوَازِ وَالْفَضِيلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَرْكَ التَّعْجِيلِ أَفْضَلُ
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ وَنَصَّ في الْمُغْنِي أَنَّ تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحِنْثِ ليس بِأَفْضَلَ قال كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمُخَالِفَ لَا يُوجِبُ تَفْضِيلَ الْمُجْمَعِ عليه كَتَرْكِ الْجَمْعِ بين الصَّلَاتَيْنِ مع أَنَّهُ حَكَى رِوَايَتَيْنِ هل الْجَمْعُ أَفْضَلُ وفي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُمَا سَبَبَانِ فَقَدَمَ على أَحَدِهِمَا وفي كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ شَرْطَانِ
وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ سَبَبٌ وَشَرْطٌ وَجَوَّزَهُ أَصْحَابٌ ( م ) سِوَى أَشْهَبَ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَنَقَلَهُ ابن الْقَاسِمِ عن مَالِكٍ وَكَذَا ابن عبد الْحَكَمِ وقال كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَهَلْ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ فيه وَجْهَانِ ( م 14 ) وَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قبل تَمَامِ النِّصَابِ ( و ) بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وزاد فَيَسْتَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَ الْفَقِيرَ بِالتَّعْجِيلِ وَإِلَّا كانت تَطَوُّعًا ولم يَسْتَرِدَّ منه وَسَوَاءٌ عَجَّلَ زَكَاتَهُ أو زَكَاةَ نِصَابٍ وَيَجُوزُ لِعَامَيْنِ لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ وَلِأَنَّهُ عَجَّلَهَا بَعْدَ سَبَبِهَا وَعَنْهُ لَا لِأَنَّ حَوْلَهَا لم يَنْعَقِدْ كَتَعْجِيلِهَا قبل تَمَامِ نِصَابِهَا وَالنِّصَابُ سَبَبٌ لِزَكَاةٍ وَاحِدَةٍ لَا لِزَكَوَاتٍ لِلْإِجْحَافِ بِرَبِّ الْمَالِ فَعَلَى الْأُولَى لَا يَجُوزُ لِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ قال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ وَهَلْ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ أَحَدَهُمَا يَجُوزُ قَدَّمَهُ في
____________________
1-
(2/433)
ابن عقيل لا تختلف الرواية فيه اقتصارا على ما ورد
وعنه يجوز ( وه ق ) لما سبق وكتقديم الكفارة قبل مدة الحنث بأعوام وإذا قلنا تعجل لعامين فعجل عن أربعين شاة شاتين من غيرها جاز ومنها لا يجوز عنهما وينقطع الحول وكذا لو كان التعجيل لشاة واحدة عن الحول الثاني وحده لأن ما عجله منه للحول الثاني زال ملكه عنه فنقص به ولو قلنا يرتجع ما عجله لأنه تجديد ملك فإن ملك شيئا استأنف الحول من الكمال
وقيل إن عجل شاتين من الأربعين أجزأ عن الحول الأول إن قلنا يرجع وإن عجل واحدة منها وأخرى من غيرها جاز جزم به في منتهى الغاية لأن نقص النصاب بتعجيل قدر ما يجب عند الحول لا يمنع وقال الشيخ تجزىء واحدة عن الحول الأول فقط وإن ملك نصابا فعجل زكاة نصابين من جنسه أو أكثر من نصاب أجزأ عن النصاب دون الزيادة نص عليه ( وش ) لأنه عجل زكاة مال لم يملكه فلم يوجد السبب كما في النصاب الأول أو من غير جنسه
وعنه يجزىء عن الزيادة أيضا لوجود سبب الزكاة في الجملة ويتوجه منها احتمال تخريج يضمه إلى الأصل في حول الوجوب فكذا في التعجيل ( وه ) وصاحبيه ولهذا اختار في الانتصار يجزىء عن المستفاد من النصاب فقط وقيل به إن لم يبلغ المستفاد نصابا لأنه يتبعه في الوجوب والحول كموجود وإذا بلغه استقل بالوجوب في الجملة لو لم يوجد الأصل ولو عجل عن خمس عشرة وعن نتاجها بنت مخاض فنتجت مثلها فالأشهر لا تجزئه ويلزمه بنت مخاض وهل له أن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ هُنَا قال ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ في بَابِ الْحَجْرِ حَيْثُ قالوا يَجِبُ عليه أَنْ يُعْمِلَ ما فيه الْأَحَظُّ في مَالِهِ ( قُلْت ) وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ ثَالِثُ وهو ما إذَا حَصَلَ فَائِدَةٌ أو قَحْطٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فإنه يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وهو أَقْوَى من الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1-
(2/434)
يرتجع المعجلة على وجهين ( م 15 ) فإن جاز فأخذها ثم دفعها إلى الفقير جاز وإن اعتد بها قبل أخذها فلا لأنها على ملك الفقير ولو عجل مسنة عن ثلاثين بقرة ونتاجها فلا أشهر لا تجزئه عن الجميع بل عن ثلاثين وليس له ارتجاعها ويخرج للعشر ربع مسنة
وعلى قول ابن حامد يخير بين ذلك وبين ارتجاع المسنة ويخرجها أو غيرها من الجميع ولو عجل عن أربعين شاة شاة ثم أبدلها بمثلها أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت الأمات أجزأ المعجل عن البدل والسخال لأنها تجزىء مع بقاء الأمات عن الكل فعن أحدهما أولى وذكر أبو الفرج وجها لا تجزىء لأن التعجيل كان لغيرها فعلى الأول لو عجل شاة عن مائة شاة أو تبيعا عن ثلاثين بقرة ثم نتجت الأمات مثلها وماتت أجزأ المعجل عن النتاج لأنه يتبع في الحول
وقيل لا لأنه لا يجزىء بقاء الأمات فعلى الأول لو نتجت نصف الشاة مثلها ثم ماتت أمات الأولاد أجزأ المعجل عنها وعلى الثاني تجب شاة جزم به الشيخ لأنه نصاب لم يزكه وجزم في منتهى الغاية بنصف شاة لأنه قسط السخال من واجب المجموع ولم يصح التعجيل عنها
وقال أبو الفرج لا يجب شيء قال ابن تميم وهو أشبه بالمذهب ولو نتجت نصف البقرة مثلها ثم ماتت الأمات أجزأ التعجيل جزم به الشيخ لأن الزكاة وجبت في العجول تبعا لأماتها وجزم في منتهى الغاية على الثاني نصف تبيع بقدر قيمتها قسطها من الواجب ولو عجل عن أحد نصابيه وتلف لم يصرفه إلى الآخر ( و ) كما لو عجل شاة عن خمس من الإبل فتلفت وله أربعون شاة لم يجزئه عنها
وفي تخريج القاضي من له ذهب وفضة وعروض فعجل عن جنس منها ثم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ وَلَوْ عَجَّلَ عن خَمْسَ عَشْرَةَ وَعَنْ نِتَاجِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَجَتْ مِثْلُهَا فَالْأَشْهَرُ لَا تُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهَلْ له أَنْ يَرْتَجِعَ الْمُعَجَّلَةَ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إحْدَاهُمَا له أَنْ يَرْتَجِعَهَا ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك
____________________
1-
(2/435)
تلف صرفه إلى الأخر ومن له ألف درهم وقلنا يجوز التعجيل لعامين وعن الزيادة قبل حصولها فعجل خمسين وقال إن ربحت ألفا قبل الحول فهي عنها وإلا كانت للحول الثاني جاز كإخراجه عن مال غائب إن كان سالما وإلا فعن الحاضر لأنه لا يشترط تعيين المخرج عنه ومن عجل عن ألف يظنها له فبانت خمسمائة أجزأ عن عامين فَصْلٌ فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِيَ فَوْقَ حَقِّهِ اعْتَدَّ بِالزِّيَادَةِ من سَنَةٍ ثَانِيَةٍ نَصَّ عليه وقال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْتَسِبُ ما أَهْدَاهُ لِلْعَامِلِ من الزَّكَاةِ أَيْضًا وَعَنْهُ لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ قَدَّمَ هذا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَمَعَ الشَّيْخُ بين الرِّوَايَتَيْنِ فقال إنْ كان نَوَى الْمَالِكُ التَّعْجِيلَ اعْتَدَّ وَإِلَّا فَلَا وَحَمَلَهَا على ذلك وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةَ الْجَوَازِ على أَنَّ السَّاعِيَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى التَّعْجِيلَ وَإِنْ عَلِمَ أنها لَيْسَتْ عليه وَأَخَذَهَا لم يَعْتَدَّ بها على الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا قال وَلَنَا رِوَايَةٌ إنَّ من ظُلِمَ في خَرَاجِهِ يَحْتَسِبُهُ من الْعُشْرِ أو من خَرَاجٍ آخَرَ فَهَذَا أَوْلَى
وَنَقَلَ عنه حَرْبٌ في أَرْضِ صُلْحٍ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ منها نِصْفَ الْغَلَّةِ ليس له ذلك قِيلَ له فيزكى الْمَالِكُ عَمَّا بَقِيَ في يَدِهِ قال يجزىء ما أَخَذَهُ السُّلْطَانُ عن الزَّكَاةِ يَعْنِي إذَا نَوَى بِهِ الْمَالِكُ وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ إنْ زَادَ في الْخَرْصِ هل يَحْتَسِبُ بِالزِّيَادَةِ من الزَّكَاةِ فيه رِوَايَتَانِ قال وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ أَنَّهُ يَحْتَسِبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَإِلَّا لم يُجْزِئْهُ وقال شَيْخُنَا ما أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ اعْتَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وفي الرِّعَايَةِ يَعْتَدُّ بِمَا أَخَذَ وَعَنْهُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ وَعَنْهُ لَا وَكَذَا ذَكَرَ ابن تَمِيمٍ في آخَرِ فَصْلِ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ لِأَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ وَقَدَّمَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ فَصْلٌ وإذا تَمَّ الْحَوْلُ وَنِصَابُهُ نَاقِصٌ قَدْرَ ما عَجَّلَهُ أَجْزَأَهُ وكان حُكْمُ ما عَجَّلَهُ كَالْمَوْجُودِ في مِلْكِهِ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ في مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَوْلِ في إجْزَائِهِ عن مَالِهِ كما لو عَجَّلَهُ إلَى السَّاعِي وَحَالَ الْحَوْلُ وهو بيده مع زَوَالِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ارْتِجَاعَهُ
____________________
(2/436)
وَلِلسَّاعِي صَرْفُهُ بِلَا ضَمَانٍ بِخِلَافِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ وقال أبو حَكِيمٍ لَا يجزىء وَيَكُونُ نَفْلًا وَيَكُونُ كَتَالِفٍ ( وه ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لو مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً ثُمَّ نَتَجَتْ قبل الْحَوْلِ وَاحِدَةً فلزمه ( ( ( لزمه ) ) ) شَاةٌ ثَانِيَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَوْ عَجَّلَ عن ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُ زَكَاةُ مِائَةٍ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ زَكَاةُ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفِ دِرْهَمٍ ( * ) وَلَوْ عَجَّلَ عن أَلْفٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ منها ثُمَّ رَبِحَتْ خَمْسَةً عشرين ( ( ( وعشرين ) ) ) لَزِمَهُ زَكَاتُهَا وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَوْ تَغَيَّرَ بِالْمُعَجَّلِ قَدْرُ الْفَرْضِ قُدِّرَ كَذَلِكَ وَعَلَى الثَّانِي لَا وَإِنْ نَتَجَ الْمَالُ ما يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كتبيع ( ( ( كتعجيل ) ) ) عن ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَنَتَجَتْ عَشْرًا فَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عن شَيْءٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ وَهَلْ له ارْتِجَاعُهُ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ عنه وَيَلْزَمُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
* ( تنبيه ( ( ( للنتاج ) ) ) ) قوله ( ( ( ربع ) ) ) وإذا ( ( ( مسنة ) ) ) تم ( ( ( لئلا ) ) ) الحول ( ( ( يمتنع ) ) ) ونصابه ( ( ( المالك ) ) ) ناقص قدر ( ( ( التعجيل ) ) ) ما ( ( ( غالبا ) ) ) عجله أَجْزَأَهُ وكان حكم ما عجله كالموجود في ملكه يتم به النصاب وقال ( ( ( كالنصاب ) ) ) أبو ( ( ( والإدراك ) ) ) الحكيم ( ( ( كالحول ) ) ) لَا يجزىء ويكون نفلا ( ( ( يشتد ) ) ) ويكون ( ( ( الحب ) ) ) كتالف ( ( ( ويبدو ) ) ) فعلى ( ( ( صلاح ) ) ) الأول ( ( ( الثمرة ) ) ) لو عجل ( ( ( السبب ) ) ) عن ثلاثمائة درهم خمسة دراهم ثم حال الحول لزمه زكاة مائة درهمان ونصف ونقله مهنا وعلى الثاني لزمه زكاة اثنين وتسعين درهما ونصف درهم انتهى تابع المصنف المجد في هذا البناء ( ( ( ومنتهى ) ) ) على ( ( ( الغاية ) ) ) القول الثاني وهو خطأ وإنما يلزمه ( ( ( سبب ) ) ) زكاة ( ( ( الوجوب ) ) ) خمسة ( ( ( بظهور ) ) ) وتسعين درهما لا زكاة اثنين وتسعين درهما ونصف كما قالا لأن التعجيل إنما هو خمسة لا غير فالباقي من غير تعجيل خمسة وتسعون فيلزمه زكاتها وهو واضح جدا فالظاهر أنه سبقه قلم فلذلك حصل الخلل والله أعلم
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ وَإِنْ نَتَجَ الْمَالُ ما يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَتَبِيعٍ عن ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَنَتَجَتْ عَشْرًا فَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عن شَيْءٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ وَهَلْ له اسْتِرْجَاعُهُ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ منه وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْمَالِكُ من التَّعْجِيلِ غَالِبًا انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ على مَسْأَلَتَيْنِ
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا نَتَجَ الْمَالُ ما يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَتَعْجِيلِ تَبِيعٍ عن ثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ فَنَتَجَتْ عَشْرًا فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَمَّا عَجَّلَهُ وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ أم لَا يُجْزِئَهُ عن شَيْءٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ عن شَيْءٍ لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَهُ ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ وهو أَوْلَى لِتَحْصُلَ فَائِدَةُ التَّعْجِيلِ
____________________
1-
(2/437)
للنتاج ربع مسنة لئلا يمتنع المالك من التعجيل غالبا ( م 16 و 17 )
وَإِنْ عجل ( ( ( نتج ) ) ) عشر ( ( ( المال ) ) ) الزرع والثمرة ( ( ( يغير ) ) ) بعد ( ( ( الفرض ) ) ) ظهوره أجزأه ذكره في الهداية وغيرها لأن ذلك كالنصاب والإدراك كالحول ( وه ) وقيل يجوز بعد ملك الشجر ووضع البذر في الأرض لأنه لم يبق للوجوب إلا مضي القوت عادة كالنصاب الحولي وقد نقل صالح وابن منصور للمالك أن يحتسب في العشر مما زاد عليه الساعي لسنة أخرى وقيل لا يجوز حتى يشتد الحب ويبدو صلاح الثمرة لأنه السبب اختاره في الانتصار ومنتهى ( ( ( بزيادة ) ) ) الغاية ( ( ( لفظة ) ) ) ( وش ( ( ( صفة ) ) ) ) وجزم ( ( ( لكان ) ) ) به ابن تميم أن سبب الوجوب بظهور ذلك فَصْلٌ وَإِنْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَمَاتَ قَابِضُهَا أو ارْتَدَّ أو اسْتَغْنَى من غَيْرِهَا قبل الْحَوْلِ أَجْزَأَتْ في الْأَصَحِّ ( ش ) كما لو اسْتَغْنَى منها أو عُدِمَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْقَبْضِ ( و ) وَلِهَذَا لو عَجَّلَهَا إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ وَجَبَتْ وقد اسْتَحَقَّهَا أو صَرَفَهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُدَّةٍ إلَى مُسْتَحِقٍّ كان عِنْدَ وُجُوبِهَا غير مُسْتَحِقٍّ أَجْزَأَتْهُ وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ التَّعْجِيلُ وَكَمَا لو عَجَّلَ الْكَفَّارَةَ بِعِتْقِ ما يجزىء فَصَارَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَا يجزىء وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ أو ارْتَدَّ أو تَلِفَ النِّصَابُ أو نَقَصَ فَقَدْ بَانَ أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاةٍ ( و ) لِانْقِطَاعِ الْوُجُوبِ بِذَلِكَ
وَقِيلَ إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ عَجَّلَ وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَأَجْزَأَتْ عن الْوَارِثِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ لِأَنَّ غَايَتَهُ وُقُوعُ التَّعْجِيلِ قبل الْحَوْلِ الْمُزَكَّى عنه فَهُوَ كَتَعْجِيلِهَا لِحَوْلَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْجِيلَ وُجِدَ منه من نَفْسِهِ مع حَوْلِ مِلْكِهِ لَكِنْ إنْ قُلْنَا له ارْتِجَاعُهَا فَلَهُ فِعْلُهُ لِيَنْقَطِعَ مِلْكُ الْفَقِيرِ عنها ثُمَّ يُعِيدَهَا إلَيْهِ مُعَجَّلَةً إنْ شَاءَ كَدَيْنٍ على فَقِيرٍ لَا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( المسألة 17 الثانية ) إذا قلنا لايجزئه ما عجله فهل له استرجاع المعجل أم لا أطلق الخلاف وأطلقه المجد في شرحه وابن تميم وابن حمدان أحدهما له استرجاعه ( قلت ) وهو الصواب والوجه الثاني ليس له ذلك
( تنبيه ) قوله وإن نتج المال ما يغير الفرض قال شيخنا لو قال المصنف ما يغير صفة الفرض كما قال المجد في شرحه بزيادة لفظه صفة لكان أولى
____________________
1-
(2/438)
يَحْتَسِبْهُ من الزَّكَاةِ فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ منه جَازَ صَرْفُهَا إلَيْهِ وإذا بَانَ الْمُعَجَّلُ غير زَكَاةٍ فَوَجْهَانِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْن رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فيه مُطْلَقًا ( وه ) اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو الْمَذْهَبُ لِوُقُوعِهِ نَفْلًا بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لها وَكَصَلَاةٍ يَظُنُّ دُخُولَ وَقْتِهَا فَبَانَ لم يَدْخُلْ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال كما لو أَدَّاهَا يَظُنُّهَا عليه فلم تَكُنْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فيها يَرْجِعُ في الْأَصَحِّ كَعِتْقِهِ عن كَفَّارَةٍ لم تَجِبْ فلم تَجِبْ
وَالثَّانِيَةَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فيه ( وش ) وَذَكَرَهَا في الْوَسِيلَةِ أَيْضًا وفي الْخِلَافِ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ مُهَنَّا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ من زَكَاةِ مَالِهِ ثُمَّ عَلِمَ غِنَاهُ يَأْخُذُهَا منه اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن شِهَابٍ وأبو الْخَطَّابِ ( م 18 )
وَاحْتَجَّ في الِانْتِصَارِ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا الْمَذْكُورَةِ كما لو عَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَأْجُورُ وَالْفَرْقُ وُقُوعُهَا نَفْلًا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ وَكَمَا لو كانت بِيَدِ السَّاعِي عِنْدَ التَّلَفِ فإن له ارْتِجَاعَهَا بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَكَذَا في مُنْتَهَى الْغَايَةِ قال لِأَنَّ قَبْضَهُ لِلْفُقَرَاءِ إنَّمَا هو في الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ فَأَمَّا النَّافِلَةُ فَلِرَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ وإذا بَانَ الْمُعَجَّلُ غير زَكَاةِ فَوَجْهَانِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعُ فيه مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو الْمَذْهَبُ لِوُقُوعِهِ نَفْلًا قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِيَةُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فيه وَذَكَرَهَا في الْوَسِيلَةِ أَيْضًا وفي الْخِلَافِ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ مُهَنَّا اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن شِهَابٍ وأبو الْخَطَّابِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ أَحَدَهُمَا لَا يَرْجِعُ وهو الصَّحِيحُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ لم يَرْجِعْ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن شِهَابٍ وأبو الْخَطَّابِ كما قال الْمُصَنِّفُ
____________________
1-
(2/439)
وكيله في إخراجها لأنه ليس له ولاية أخذها وقبضه للمعجلة موقوف إن بان الوجوب فيده للفقراء وإلا فيده للمالك
وذكر ابن تميم أن بعض الأصحاب قطع به وقال غير واحد على هذه الرواية إن كان الدافع ولي رب المال رجع مطلقا وإن كان رب المال ودفع إلى الساعي مطلقا رجع فيها ما لم يدفعها إلى الفقير وإن دفعها إليه فهو كما لو دفعها إليه رب المال وجزم غير واحد عن ابن حامد إن كان الدافع لها الساعي رجع مطلقا وإن أعلم رب المال للساعي بالتعجيل ودفع إلى الفقير رجع عليه أعلمه الساعي به أم لا وقيل لا يرجع عليه ما لم يعلم به وإن دفع إلى الفقير وأعلمه بأنها زكاة معجلة رجع عليه وقيل يرجع وإن لم يعلمه
وقيل إن علم أنها زكاة رجع عليه وإلا فلا وقيل في الولي أوجه الثالث يرجع إن أعلمه وكذا من دفع إلى الساعي وقيل يرجع إن أعلمه وكانت بيده ومتى كان رب المال صادقا فله الرجوع باطنا أعلمه بالتعجيل أولا لا ظاهر مع الإطلاق لأنه خلاف الظاهر وَإِنْ اخْتَلَفَا في ذِكْرِ التَّعْجِيلِ صَدَّقَ الْآخِذَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَيَحْلِفُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ
وَلَوْ مَاتَ وَادَّعَى عِلْمَ وَارِثِهِ فَفِي يَمِينِهِ على نَفْيِ الْعِلْمِ هذا الْخِلَافُ وَقِيلَ يُصَدِّقُ الْمَالِكَ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ له فَهُوَ كَقَوْلِهِ دَفَعْته قَرْضًا وقال الْآخَرُ هِبَةً وَمَتَى رَجَعَ فَإِنْ كانت الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ لِحُدُوثِهَا في مِلْكِ الْفَقِيرِ كَنَظَائِرِهِ وَأَشَارَ أبو الْمَعَالِي إلَى تَرَدُّدِ الْأَمْرِ بين الزَّكَاةِ والفرض ( ( ( والقرض ) ) ) فإذا تَبَيَّنَّا أنها لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ بَقِيَ كَوْنُهَا فرضا ( ( ( قرضا ) ) )
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالْمُنْفَصِلَةِ كَرُجُوعِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ الْمُسْتَرَدِّ عَيْنِ مَالِهِ بها وَإِنْ نَقَصَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ نَقْصَهَا كَجُمْلَتِهَا وَأَبْعَاضِهَا كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كانت تَالِفَةً ضَمِنَ مِثْلَهَا أو قِيمَتَهَا يوم التَّعْجِيلِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَوْمُ التَّلَفِ على صِفَتِهَا يَوْمُ التَّعْجِيلِ لِأَنَّ ما زَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَدَثَ في مِلْكِ الْفَقِيرِ فَلَا يَضْمَنُهُ وما نَقَصَ يَضْمَنُهُ وَإِنْ اسْتَسْلَفَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَتَلِفَتْ بيده لم يَضْمَنْهَا وَكَانَتْ من ضَمَانِ الْفُقَرَاءِ
سَوَاءٌ سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ ذلك أو سَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أو لم يَسْأَلْهُ أَحَدٌ لِأَنَّ له قَبْضُهَا
____________________
(2/440)
كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ الْعَوْدَ فيها وَإِنَّهَا بيده لِلْفُقَرَاءِ أَمَانَةٌ وَلَهُ الْوِلَايَةُ عليهم لِعَدَمِ حَصْرِهِمْ وَكَمَا لو سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ قَبْضَهَا أو قَبَضَهَا لِحَاجَةِ صِغَارِهِمْ وَكَمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلُ قَبْضٍ مُؤَجَّلًا قبل أَجَلِهِ لِتَعَدِّيهِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ وَقَدَّمَ ابن تَمِيمٍ إنْ تَلِفَتْ بِيَدِ السَّاعِي ضُمِنَتْ من مَالِ الزَّكَاةِ وَقِيلَ لَا وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْفَعُ إلَى الْفَقِيرِ عِوَضَهَا من مَالِ الصَّدَقَاتِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إنْ قَبَضَهَا لِنَفْعِ الْفُقَرَاءِ لَا بِسُؤَالِهِمْ ضَمِنَهَا لِأَنَّهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ وَإِنْ كان بِسُؤَالِ الْمَالِكِ فَمِنْ ضَمَانِهِ كَوَكِيلِهِ وَإِنْ كان بِسُؤَالِ الْفَرِيقَيْنِ فَلِأَصْحَابِهِ وَجْهَانِ هل هِيَ من ضَمَانِ الْمَالِكِ أو الْفُقَرَاءِ
وَإِنْ لم يَتِمَّ شَرْطُ الْوُجُوبِ في الْمُعَجَّلَةِ كَنَقْصِ النِّصَابِ أو غَيْرِهِ فَمِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ لِأَنَّ أَمَانَتَهُ لِلْفُقَرَاءِ تَخْتَصُّ الْوَاجِبَ وَتَعَمُّدُ الْمَالِكِ إتْلَافَ النِّصَابِ أو بَعْضِهِ بَعْدَ التَّعْجِيلِ لَا فَارًّا من الركاة ( ( ( الزكاة ) ) ) كَتَلَفِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ في الرُّجُوعِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ فِيمَا إذَا تَلِفَ دُونَ الزَّكَاةِ لِلتُّهْمَةِ فَصْلٌ وَإِنْ أَعْطَى من ظَنَّهُ مُسْتَحِقًّا فَبَانَ كَافِرًا أو عَبْدًا أو شَرِيفًا لم يَجُزْ في الْأَشْهَرِ ( ه ) وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ في الْكُفْرِ لِتَقْصِيرِهِ وَلِظُهُورِهِ غَالِبًا فَيَسْتَرِدُّ في ذلك بِزِيَادَةٍ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي
وَكَذَا ذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا وَكَذَا إنْ بَانَ قَرِيبًا لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وسوي في الرِّعَايَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الغني وَأَطْلَقَ رِوَايَتَيْنِ وَنَصَّ أَحْمَدُ يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قال لِخُرُوجِهَا عن مِلْكِهِ بِخِلَافِ ما إذَا صَرَفَهَا وَكِيلُ الْمَالِكِ إلَيْهِ وهو فَقِيرٌ فلم يَعْلَمْهَا لَا تجزىء لِعَدَمِ خُرُوجِهَا عن مِلْكِهِ وَإِنْ بَانَ الْآخِذُ غَنِيًّا أَجْزَأَتْهُ نَصَّ عليه
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا لِلْمَشَقَّةِ لِخَفَاءِ ذلك عَادَةً فَلَا يَمْلِكُهَا الْآخِذُ لِتَحْرِيمِ الْأَخْذِ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا ( وم ش ) كما لو بَانَ عَبْدُهُ وَكَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ لِتَحْرِيمِ الْأَخْذِ وَيَرْجِعُ على الْغَنِيِّ بها وَبِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ يوم تَلَفِهَا إذَا عَلِمَ أنها زَكَاةٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
____________________
(2/441)
قال ابن شِهَابٍ وَلَا يَلْزَمُ إذَا دَفَعَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ إلَى فَقِيرٍ فَبَانَ غَنِيًّا لِأَنَّ مَقْصِدَهُ في الزَّكَاةِ إبْرَاءُ الذِّمَّةِ وقد بَطَلَ ذلك فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ وَالسَّبَبُ الذي أَخْرَجَ لِأَجْلِهِ في التَّطَوُّعِ الثَّوَابُ ولم يُفْتِ فلم يَمْلِكْ الرُّجُوعَ وَسَبَقَ رِوَايَةُ مُهَنَّا في الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ وَكَلَامُ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ ابن تَمِيمٍ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَ أَيْضًا ما ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ كُلَّ زَكَاةٍ لَا تجزىء أو إنْ بَانَ الْآخِذُ غَنِيًّا فَالْحُكْمُ في الرُّجُوعِ كَالْمُعَجَّلَةِ وَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ أو السَّاعِي الزَّكَاةَ إلَى من ظَنَّهُ أَهْلًا فلم يَكُنْ فَرِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا وَيَضْمَنُ في غَيْرِهِ وهو أَشْهَرُ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ مع الغني وفي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الضَّمَانَ ولم يذكر التَّفْرِقَةَ كَذَا قال ( م 19 ) وَكَذَا الْكَفَّارَةُ وَمَنْ مَلَكَ الرُّجُوعَ مَلَكَهُ وَارِثُهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ أو السَّاعِي الزَّكَاةَ إلَى من ظَنَّهُ أَهْلًا فلم يَكُنْ فَرِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا وَيَضْمَنُ في غَيْرِهِ وهو أَشْهَرُ وَجَزَمَ به صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ مع الغني وَأَطْلَقَ في غَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الضَّمَانَ ولم يذكر التَّفْرِقَةَ كَذَا قال انْتَهَى وَتَبِعَ صَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في ذلك وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ ابن تَمِيمٍ إحْدَاهُنَّ رِوَايَةُ التَّفْرِقَةِ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا وَيَضْمَنُ في غَيْرِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ هذا أَشْهَرُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا يَضْمَنُ مع الْغَنِيِّ وَجَزَمَ بِهِ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ إذَا بَانَ غَنِيًّا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَصَحَّحَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال وَإِنْ ظَنَّهُ السَّاعِي أو الْإِمَامُ أَهْلًا فلم يَكُنْ ضَمِنَهَا وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ وَعَنْهُ إنْ بَانَ من أَخَذَهَا غَنِيًّا وَإِلَّا ضَمِنَ وَقِيلَ إنْ بَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَتْ ولم يَمْلِكْهَا وَعَنْهُ لَا تجزىء وَيَرْجِعُ بها على الْغَنِيِّ إذَا عَلِمَ أنها زَكَاةٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقِيلَ إنْ ظَنَّهُ الْإِمَامُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا لم يَضْمَنْ وَإِنْ ظَنَّهُ حُرًّا مُسْلِمًا فَبَانَ عَبْدًا أو كَافِرًا ضَمِنَ انْتَهَى وَذِكْرُهُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآخِرَةِ ليس فيه كَبِيرُ فَائِدَةٍ فإن قَوْلَهُ في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا ولم يَمْلِكْهَا الذي يَظْهَرُ ان هذا ليس فيه نِزَاعٌ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا البتة وَقَوْلُهُ في الْقَوْلِ الثَّانِي وَيَرْجِعُ بها على الْغَنِيِّ إذَا عُلِمَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين الْإِمَامِ وَالسَّاعِي وَالْمَسْأَلَةُ فِيهِمَا فَحِكَايَتُهُ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ دَلِيلٌ على أنها غَيْرُ الرِّوَايَاتِ الأولى وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَاتُ عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا
____________________
1-
(2/442)
ولا يدفع الزكاة إلا إلى من يظنه من أهلها فلو لم يظنه من أهلها ثم بان منهم لم تجزئه خلافا للأصح للحنفية ويتوجه تخريج من الصلاة إذا أصاب القبلة ويأتي في الغارمين أن يشترط في الزكاة تمليك المعطي وسبق نحوه قبل فصول التعجيل والله أعلم
____________________
(2/443)
@ 445 بَابُ ذِكْرِ أَصْنَافِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ ( ع ) في قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ } سورة ( ( ( الآية ) ) ) التوبة 60 قال أَحْمَدُ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى قال الْأَصْحَابُ إنَّمَا تُفِيدُ الْحَصْرَ قال في مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَكَذَلِكَ تَعْرِيفُ الصَّدَقَاتِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَسْتَغْرِقُهَا كُلُّهَا فَلَوْ جَازَ صَرْفُ شَيْءٍ منها إلَى غَيْرِ الثَّمَانِيَةِ لَكَانَ لهم بَعْضُهَا لَا كُلُّهَا وَسَبَقَ حُكْمُ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ في كَفَّارَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّنْ ليس معه ما يَشْتَرِي كُتُبًا يَشْتَغِلُ فيها فقال يَجُوزُ أَخْذُهُ منها ما يَشْتَرِي له بِهِ منها ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ من كُتُبِ الْعِلْمِ التي لَا بُدَّ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَسَبَقَ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ
وَصَحَّ عن أَنَسٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا ما أَعْطَيْت من الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ فَهِيَ صَدَقَةٌ قَاضِيَةٌ أَيْ مُجْزِئَةٌ وَمَعْنَاهُ لِمَنْ بِالْجُسُورِ وَالطُّرُقِ من العشائر ( ( ( العشارين ) ) ) وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُقِيمُهُ السُّلْطَانُ لِأَخْذِ ذلك كَذَا ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ وَذُكِرَ عن مَيْمُونِ بن مِهْرَان لَا يُعْتَدُّ بنا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ ( خ ) وَعَنْ رِبْعِيِّ بن خراش ( ( ( حراش ) ) ) أَنَّهُ مَرَّ بِالْعَاشِرِ فَأَخْفَى كِيسًا معه حتى جَاوَزَهُ وَكَذَلِكَ في كِتَابِ أبي عبيدة ( ( ( عبيد ) ) ) وَكِتَابِ صَاحِبِ الْوَهْمِ من الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ ولم يَقُولَا في الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ وفي الْمُغْنِي وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمَا بِالْآيَةِ كَذَا قال وَرَدَّهُ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ
فَالْفَقِيرُ من وَجَدَ يَسِيرًا من كِفَايَتِهِ أو لا ( وش ) وَالْمِسْكِينُ من وَجَدَ أَكْثَرَهَا أو نِصْفَهَا وَعَنْهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَالْأَوَّلُ مِسْكِينٌ وَأَنَّ الْمِسْكِينَ اشد حَاجَةً اخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ ( وه م ) وهو من أَصْحَابِنَا وليس ( ( ( وليسا ) ) ) سواء ( ( ( سواه ) ) ) ( ق ) وابن الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ منهم
وَمَنْ مَلَكَ من غَيْرِ نَقْدٍ ما لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ وَلَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ قال أَحْمَدُ إذَا كان له عَقَارٌ أو صيغة ( ( ( ضيعة ) ) ) يَسْتَغِلُّهَا عَشَرَةُ الآف أو أَكْثَرُ لَا يُقِيمُهُ يعنى لَا يَكْفِيهِ يَأْخُذُ من الزَّكَاةِ وقال فِيمَنْ له أُخْتٌ لَا يُنْفِقُ عليها زَوْجُهَا يُعْطِيهَا فَإِنْ كان عِنْدَهَا حلى قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَلَا قِيلَ له الرَّجُلُ يَكُونُ له الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ما يَحْصُدُهُ بِهِ أَيَأْخُذُ من الزَّكَاةِ قال نعم يَأْخُذُ قال شَيْخُنَا وفي مَعْنَاهُ ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ مُؤْنَتِهِ وَإِنْ لم يُنْفِقْهُ بِعَيْنِهِ في الْمُؤْنَةِ
____________________
(2/445)
قال في الْخِلَافِ نَصَّ على أَنَّ الحلى كَالدَّرَاهِمِ في الْمَنْعِ وَسَبَقَ ذلك وَمَنْ له كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلْحِفْظِ وَالْمُطَالَعَةِ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وقال عِيسَى بن جَعْفَرٍ لِأَبِي عبدالله الرَّجُلُ له الصَّنْعَةُ بغل ( ( ( يغل ) ) ) منها ما يَقُوتُهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ من أَوَّلِ السَّنَةِ يَأْخُذُ من الصَّدَقَةِ قال إذَا نفذت ( ( ( نفدت ) ) ) وَيَأْخُذُ من الزَّكَاةِ تَمَامَ كِفَايَتِهِ سَنَةً
وَعَنْهُ يَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ دَائِمًا بِمَتْجَرٍ أو آلَةِ صَنْعَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَلَا يَأْخُذُ ما يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا وَإِنْ كَثُرَ ( خ ) لِلْآجُرِّيِّ وَشَيْخِنَا لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ كَزِيَادَةِ الْمَدِينِ وَالْمُكَاتَبِ على قَضَاءِ دِينِهِمَا وَإِنْ مَلَكَ من النَّقْدِ ما لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ فَكَغَيْرِهِ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ ابن شِهَابٍ وأبو الْخَطَّابِ وَقَالَا يَأْخُذُ كِفَايَتَهُ دَائِمًا وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا يَأْخُذُ من مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أو قِيمَتَهَا ذَهَبًا وَإِنْ كان مُحْتَاجًا وَيَأْخُذُ من لم يَمْلِكْهَا وَإِنْ لم يَكُنْ مُحْتَاجًا ( * ) وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( خ )
قال ابن شاب ( ( ( شهاب ) ) ) اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا وَلَا وَجْهَ له في الْمُغْنِي وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه وَلَعَلَّهُ لَمَّا بَانَ له ضَعْفُهُ رَجَعَ عنه أو قال لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ كَانُوا يَتْجُرُونَ بِالْخَمْسِينَ فَتَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ وَأَجَابَ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ بِضَعْفِ الْخَبَرِ ثُمَّ حَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ على الْمَسْأَلَةِ فَتَحْرُمُ الْمَسْأَلَةُ وَلَا يَحْرُمُ الْأَخْذُ وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على أَنَّهُ عليه السَّلَامُ قَالَهُ في وَقْتٍ كانت الْكِفَايَةُ الْغَالِبَةُ فيه بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَلِذَلِكَ جاء التَّقْدِيرُ بِأَرْبَعِينَ وَبِخَمْسِ أَوَاقٍ وَهِيَ مِائَتَانِ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) بَابُ ذِكْرِ أَصْنَافِ أَهْلِ الزَّكَاةِ
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِيمَنْ مَلَكَ مَالًا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا يَأْخُذُ من مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أو قِيمَتَهَا ذَهَبًا وَإِنْ كان مُحْتَاجًا وَيَأْخُذُ من لم يَمْلِكْهَا وَإِنْ لم يَكُنْ مُحْتَاجًا انْتَهَى فَقَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ وَيَأْخُذُ من لم يَمْلِكْهَا وَإِنْ لم يَكُنْ مُحْتَاجًا فيه شَيْءٌ إذْ قد قال الْأَصْحَابُ لَا يَأْخُذُ مع عَدَمِ الْحَاجَةِ بِلَا خِلَافٍ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا قال الزَّرْكَشِيّ وقد يُقَالُ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّ من له حِرْفَةٌ وَلَا يَمْلِكُ خَمْسِينَ أو من مَلَكَ دُونَهَا وَلَا حِرْفَةَ له أَنَّ له أَخْذُ الزَّكَاةِ وَإِنْ كان ذلك يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ من حَصَلَتْ له الْكِفَايَةُ بِصِنَاعَةٍ وَغَيْرِهَا ليس له أَخْذُهَا وَإِنْ لم يَمْلِكْ شيئا وفي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ إيمَاءً إلَيْهِ إذْ لَفْظُ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ وَمَنْ له كِفَايَةٌ ليس بِمُحْتَاجٍ انْتَهَى ( قُلْت ) وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ في حَدِّ الْمِسْكَيْنِ يَدُلُّ عليه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نَبَّهَ على ذلك شَيْخُنَا في حَوَاشِيه
____________________
1-
(2/446)
ووجه الجمع بين الكل ما ذكرنا ( ( ( يأخذ ) ) ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ الذَّهَبُ بِقِيمَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لم يَحُدَّهُ أو يُقَدَّرُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالزَّكَاةِ فيه وَجْهَانِ ( م 1 ) وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ معه خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ لَا يَأْخُذُ وَحُمِلَ على أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ أو على ما نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَلَيْسَ الْمَانِعُ من أَخْذِهِ الزَّكَاةَ مِلْكُهُ نِصَابًا أو قِيمَتَهُ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ فَقَطْ ( ه ) أو مِلْكُهُ كِفَايَتُهُ ( م ش ) وَعِيَالُهُ مِثْلُهُ فَيَأْخُذُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم خمسين خَمْسِينَ أو قَدْرَ كِفَايَتِهِ على الْخِلَافِ وَإِنْ ادَّعَاهُمْ قَلَّدَ وَأَعْطَى
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ غَالِبًا وَتَشُقُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لَا سِيَّمَا على الْغَرِيبِ وَاعْتَبَرَ ابن عَقِيلٍ الْبَيِّنَةَ ( وش ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ من عُرِفَ لم غِنَاهُ لم يُقْبَلْ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُهُودٍ نَصَّ عليه لِخَبَرِ قَبِيصَةَ وَقِيلَ يُقْبَلُ بِاثْنَيْنِ ( وَ ) كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ خَبَرَ قَبِيصَةَ في حَلِّ الْمَسْأَلَةِ فَيُقْتَصَرُ عليه أَجَابَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الشَّيْخُ
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ في الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ آكَدُ وَلِخَفَائِهِ فَاسْتَظْهَرَ بِالثَّالِثِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَلَا يَكْفِي في الْإِعْسَارِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وقال شَيْخُنَا فيه نَظَرٌ وَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ وقال لَا كَسْبَ ليي ( ( ( لي ) ) ) وَلَوْ كان جِلْدًا يُخْبِرُهُ أنها لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ( ه م ) وَيُعْطِيه بِلَا يَمِينٍ ( وَ ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَإِخْبَارِهِ بِذَلِكَ يُتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَعْطَاهُ بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ وَقَوْلُهُمْ أخبره وَأَعْطَاهُ لِفِعْلِهِ عليه السَّلَامُ وَاحْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعِلْمِ وفي السُّؤَالِ الْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرْجِيحِ فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالشَّكِّ وَعَنْ الْحُسَيْنِ ابن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنهما مَرْفُوعًا لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جاء على فَرَسٍ رَوَاهُ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1)
( مسألة 1 ) قوله ونقل جماعة لا ( ( ( أصل ) ) ) يأخذ من ملك خمسين ( ( ( يعلى ) ) ) درهما أو قيمتها ( ( ( يحيى ) ) ) ذهبا وَهَلْ يُعْتَبَرُ الذَّهَبُ بِقِيمَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لم يجده ( ( ( يحده ) ) ) أو يُقَدَّرُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ لِتَعَلُّقِهَا بِالزَّكَاةِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِيمَا وَجَدْته بِخَطِّهِ على تَعْلِيقِهِ وَاخْتَارَ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ الْوَجْهَ الثَّانِي انْتَهَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ ( قُلْت ) وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ كما قال الْمَجْدُ
____________________
1-
(2/447)