فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي سَكَنْجَبِينًا فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رُمَّانًا وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ مَعَانِيَ لَا تُوجَدُ فِي الرُّمَّانِ لِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ فإن اثنين1 لَوْ ضَرَبَا أُمَّهُمَا فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا: لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ صَلُحَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبُهُ؟.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً لِئَلَّا يَعْتَدِي بِهَا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُعْطِيَهُ سِكِّينًا لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ وَفِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَدُلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قِسْ عَلَيْهِ كُلَّ مَا صَلَحَ لِلصَّفْرَاءِ جَازَ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَا أَعْتَقَهُ مَعَ أَنَّهُ أَسْوَدُ أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتَهُ وَيَقُولُ لَهُ لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ مِنْ السُّودِ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا إذَا قَالَ أَعْتَقْتُ فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَقِيسُوا عَلَيْهِ كُلَّ أَسْوَدَ فَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى الْعِتْقَ غَيْرُ مَنْ أَعْتَقَهُ مُلْزِمًا بِهِ لِلْمُخَالِفِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ خِلَافُهُ وَفِيهِ قَالَ الْقَاضِي فِي النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ: وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الاعتبار باللفظ دون
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ابنين".(11/14)
الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ وَكَذَا لَفْظُ الشَّرْعِ وَأَجَابَ بِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ وَبِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالْقِيَاسِ وَغَيْرُهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرِكَهُ فِيهِ كُلُّ حُلْوٍ، وَفِي الْإِيضَاحِ الطَّلَاقُ: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ فِي كَنَفِهِ.
وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارٍ يَنْوِي جَفَاهَا وَلَا سَبَبَ فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا حَنِثَ أَوْ لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ: لَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ مَعَ فُلَانٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَخَالَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فَقَالَ: جَامِعُهُ عَلَى كَذَا أَيْ اجْتَمَعَ مَعَهُ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ تَرَكْت هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَفْلَتَ فَخَرَجَ أَوْ قَامَتْ تُصَلِّ أَوْ لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى أَنْ تَمْنَعَهُ وَلَا تَدَعْهُ فَإِنَّهَا لَمْ تَتْرُكْهُ يَخْرُجُ فَلَا يَحْنَثُ نَقَلَهُ مُهَنَّا نَقَلَ حَرْبٌ: أَكْرَهُ إذَا حَلَفَ لَا يُلْبِسُ امْرَأَتَهُ مِنْ كَدِّهِ أَنْ يُعْطِيَ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ أَوْ الْقَصَّارِ أَوْ نَحْوِ هَذَا.
وَإِنْ حَلَفَ: لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل وَطَلَّقَ وَأَعْتَقَ أَوْ حَلَفَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
…………………………………………. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/15)
لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ روايتان ونصه: يحنث م 3.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ وعبده إلا بإذنه فعزل وطلق وأعتق أو حَلَفَ لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ. انْتَهَى.(11/16)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ تَنْزِعُ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ هَلْ يَخُصُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصَّ إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ أَوْ يُقْضَى بِعُمُومِ اللَّفْظِيَّةِ؟ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَتَابَعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ:
أَحَدُهُمَا: الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ: فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ أَعَمَّ مِنْ السَّبَبِ أُخِذَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وقيل: بل بخصوص السبب. انتهى.
قال النَّاظِمُ:
فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَعَمَّ فَخُذْ بِهِ ... وَخَلِّ خُصُوصَ اللَّفْظِ عِنْدَهُ تَسْدُدْهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو الخطاب وغيرهم قال فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَأَخَذُوهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ(11/17)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ مِنْ نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ الظُّلْمُ قَالَ أَحْمَدُ: النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ وَكَذَلِكَ أَخَذُوهُ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّعْيِينِ عَلَى الْوَصْفِ قَالُوا: وَالسَّبَبُ وَالْقَرِينَةُ عِنْدَنَا تُعِينُ الْخَاصَّ وَلَا تُخَصِّصُ الْعَامَّ. انْتَهَى.
قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَّى الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْخِلَافَ إلَيْهَا أَيْضًا. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عمد الأدلة وقال:(11/18)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَقَدْ يَكُونُ جَدُّهُ لَحَظَ هَذَا. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى لَفْظِ الْخِرَقِيِّ: إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غَيْرَ ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَكَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا مِنْ جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ مِنْ جِيرَانِهَا أَوْ مِنْهُ حَصَلَ عَلَيْهِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْظٍ مِنْ الْمَرْأَةِ يَقْتَضِي جَفَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فِيهِ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ دَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِالنَّصِّ وَمَا عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَا الَّتِي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ أَوْ:(11/19)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ.
وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كَمَا مَثَّلْنَا أَوَّلًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كَمَا مَثَّلْنَا ثَانِيًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِيمَا عَلِمْت فِي الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ فَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَفِي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خلافيهما: يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضي1 نص أحمد وذكره.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ عَلَى السَّبَبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ السَّبَبُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْعَامَّ أُرِيدَ بِهِ خاص.
__________
1 في "ط": "يقتضي".(11/20)
وإن انحلت بعزله على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَحْنَثُ إن أمكنه في ولايته م 4 – 6.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ: فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا إذَا دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَخَلَفَ لَا يَتَغَدَّى أَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي مَا دَامَا كَذَلِكَ. وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إلَى هَذَا فِي التَّعْلِيقِ. انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَادَ فِي النُّقُولِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ مَنْ اخْتَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالشَّارِحَ وَصَاحِبَ الْبُلْغَةِ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَالْقَاضِيَ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَبِعَهُ فَرَّقُوا وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَإِنْ كَانَ الْمَجْدُ لَحَظَ مَا قَالَهُ حَفِيدُهُ فَيَكُونُ قَدْ وَافَقَ الْمُوَفَّقَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 4 - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ انْحَلَّتْ بِعَزْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ: يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ فِي وِلَايَتِهِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:(11/21)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 4: هَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِعَزْلِ الْوَالِي أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: تَنْحَلُّ يَمِينُهُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا وَهُوَ الصَّوَابُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ السَّبَبُ أَوْ الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اخْتَصَّ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَرَابَتِهِ وَذَكَرَ الْوِلَايَةَ تَعْرِيفًا تَنَاوَلَ الْيَمِينَ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 5: إذَا قُلْنَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَرَأَى الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَوْ يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ؟ أَطْلَقَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: إذَا أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَفِيهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ وَهُوَ أَوْلَى:
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ.
والثانية- 6: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.
أحدهما: يحنث قدمه في المغني2 والشرح1.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/24.
2 13/546.(11/22)
وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حلفه ليقضينه وفيه وجهان م 7 – 9.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّرْغِيبِ.
مَسْأَلَةٌ 7 - 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ التَّرْغِيبِ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ حَلِفِهِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنُ؟ أَطْلَقَ الخلاف:
أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَيَّنُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ كُلَّ وَالٍ يُوَلَّى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَيَّنُ وَهُوَ مَنْ كَانَ الْيَمِينُ فِي زَمَنِهِ فَيَكُونُ لِلْعَهْدِ وَظَاهِرُ الْحَالِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَيْ بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَهُوَ وَاضِحٌ فَهَلْ فَاتَ الْبِرُّ؟ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَكَذَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَفْظُ صاحب الترغيب فنقلاه. قلت:(11/23)
وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت عَلَيَّ1: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ تَطْلُقُ عَلَى نَصِّهِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَخْذًا بِالْأَعَمِّ مِنْ لَفْظٍ وَسَبَبٍ: وَقَوْلُهُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنُهُ: إنْ خَرَجْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ قِيلَ لَهُ خَرَجَتْ امْرَأَتُك فَطَلِّقْهَا أَوْ قَالَ لَهُ عَبْدُهُ قَدِمَ أَبُوك أَوْ مَاتَ عَدُوُّك فَأَعْتِقْهُ وَلَمْ يُوَقِّعْهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِبُطْلَانِ الْخَبَرِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَرْطٍ أَوْ تَعْلِيلٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي قَوْلِهِ لِأَكْبَرَ مِنْهُ: هُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنِي عَتَقَ وَلَمْ يُقْبَلْ تَعْلِيلُهُ بِكَذِبٍ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّك قُمْت وَقَعَ إنْ كَانَتْ مَا قَامَتْ.
وَفِي الْفُنُونِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا سَرَقَ ذَهَبِي غَيْرُك وَعَلِمَ سَرِقَتَهَا وقع،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ2 رَفْعُهُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْحَالِفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ قَالَ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا مُحَرَّرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ3.
__________
1 ليست في "ر".
2 في "ح": "يكن".
3 ص 62.(11/24)
وَإِنْ حَلَفَ زَجْرًا لَمْ يَقَعْ بِالشَّكِّ. وَإِنْ حلف للص لا يخبر به فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ الْغَمْزِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ بَرَّ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَكَذَا قِيلَ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ كَحَلِفِهِ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَالْمَذْهَبُ: يَبَرُّ بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ تَغُمُّهَا وَتَتَأَذَّى بِهَا كَظَاهِرِ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَفِي الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ مُقَارَبَتِهَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا الْمَنْصُوصُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُمَاثَلَتُهَا وَاعْتُبِرَ فِي الرَّوْضَةِ: حَتَّى فِي الْجِهَازِ وَلَمْ يَذْكُرْ دُخُولًا وَإِنْ حلف ليطلقن ضرتها ففي بره برجعي خلاف م 10 وَإِنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا فَعَضَّهَا أَوْ خَنَقَهَا وَنَحْوَهُ وَقِيلَ: وَنَوَى بِيَمِينِهِ إيلَامَهَا حَنِثَ وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ إنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهَا فَخَنَقَهَا أو عضها لم يحنث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لِيُطَلِّقَن ضَرَّتَهَا فَفِي بَرِّهِ بِرَجْعِيٍّ خِلَافٌ. انْتَهَى. أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: يَبَرُّ بِهِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ رَجَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا بَرَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبَرَّ إلَّا بطلاق بائن.(11/25)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَدَخَلَهَا 1
وَهِيَ فَضَاءٌ أَوْ مَسْجِدٌ أَوْ حَمَّامٌ أَوْ بَاعَهَا أَوْ لَا لَبِسْت هَذَا القميص فصار رداء أو عمامة أو:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لِيُطَلِّقَن ضَرَّتَهَا فَفِي بَرِّهِ بِرَجْعِيٍّ خِلَافٌ. انْتَهَى. أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: يَبَرُّ بِهِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ رَجَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا بَرَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبَرَّ إلَّا بطلاق بائن.(11/25)
لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَوْ امْرَأَةَ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُ أَوْ لَا أَكَلْت لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا أَوْ هَذَا الرُّطَبُ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا نَصَّ عَلَيْهِ: أَوْ هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا وَنَحْوَهُ. وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ. كَقَوْلِهِ: دَارَ فلان فقط1 أو التمر الْحَدِيثَ فَعَتَقَ أَوْ الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ وَكَالسَّفِينَةِ تُنْقَضُ ثُمَّ تُعَادُ وَفِيهَا احْتِمَالٌ وَقِيلَ: لَا. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ فِي نَحْوِ بَيْضَةٍ صَارَتْ فَرْخًا فَلَوْ حَلَفَ لِيَأْكُلَن مِنْ هَذِهِ التُّفَّاحَةِ أَوْ الْبَيْضَةِ فَعَمِلَ مِنْهَا شَرَابًا أَوْ نَاطِفًا فالوجهان ومثلها بقية المسائل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أي: اكتفى بذلك ولم يزد عليه ما يعيّن الدار كالإشارة أليها.(11/26)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَنْكِحُ فَعَقَدَ فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ
وَعَنْهُ: بَلَى وَعَنْهُ: بَلَى فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَإِنْ2 قَيَّدَ بِيَمِينِهِ بِمُمْتَنِعِ الصِّحَّةِ كَخَمْرٍ حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي فِي: إنْ سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتِنِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ طَلُقَتْ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ وَالشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ وَخَالَفَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي إنْ سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتنِيهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَإِنْ حَلَفَ ليبيعنه فباعه بعرض3 بَرَّ وَكَذَا نَسِيئَةً وَقِيلَ: بِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِنْ حلف لا يبيع أو:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
2 في "ر": "فإن".
3 في "ط": "بعوض".(11/26)
لَا يُؤَجِّرُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ لِفُلَانٍ حَنِثَ بِقَبُولِهِ.
وَيَحْنَثُ فِي هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الموجز وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ فِي بَيْعٍ وَقَالَهُ الْقَاضِي في1: إن بعتك فأنت حر. وفي التَّرْغِيبِ: إنْ قَالَ الْآخَرُ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَأَشْتَرَاهُ عَتَقَ مِنْ بَائِعِهِ سَابِقًا لِلْقَبُولِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهَبَ لَهُ بَرَّ بِالْإِيجَابِ كَيَمِينِهِ وَقَدْ يُقَالُ: يُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِإِعَارَتِهِ وَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ كَحَلِفِهِ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيَهَبُهُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَقِيلَ: بالصدقة اختاره والقاضي وغيره م 11 و 12.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ فِي هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وصدقة وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ مِثْلُهُ فِي بَيْعٍ. انْتَهَى.
لَمْ نَرَ مَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ فَلَمْ يقبل المشتري لم يحنث وقطع به.
مَسْأَلَةٌ 11 و 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِإِعَارَتِهِ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَقِيلَ: بِالصَّدَقَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 11: إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَعَارَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ والحاوي الصغير وغيرهم:
__________
1 ليست في "ر".(11/27)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أحدهما: لم1 يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنَوَّرِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ4 فَإِنْ قُلْنَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أَنَّهَا إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقًا لِرُجُوعِ الْأَيْمَانِ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 12: إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أم لا؟ أطلق الْخِلَافِ5:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هَذَا الْمَذْهَبَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يحنث بالإعارة.
__________
1 في "ط": "لا".
2 6/43.
3 13/494.
4 المسألة الثالثة من العارية.
5 بعدها في "ط": "وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ المحرر إطلاق الخلاف".(11/28)
ويحنث بوقفه عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا كَوَصِيَّتِهِ لَهُ وَصَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَتَضْيِيفِهِ وَإِبْرَائِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَلْ يَسْقُطُ دَيْنٌ بِهِبَةٍ؟ وَفِي مُحَابَاةٍ بَيْعٌ وَجْهَانِ م 13 وَيَحْنَثُ بِالْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ فَأَطْعَمَ عِيَالَهُ لَمْ يَحْنَثْ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي شَمِلَ الْجِنَازَةَ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: وَالطَّوَافُ لَيْسَ صَلَاةً مُطْلَقَةً وَلَا مُضَافَةً فَلَا يُقَالُ صَلَاةُ الطَّوَافِ كَمَا لَا يُقَالُ صَلَاةُ التلاوة كذا قال1 وظاهر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
المذهبمحل الْخِلَافِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَمَّا الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَالنَّذْرُ وَالضِّيَافَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.
مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي مُحَابَاةِ بَيْعٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى.. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في المنور.
__________
1 بعدها في "ط": "كما لا يقال صلاة التلاوة".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/50.(11/29)
كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ. سَبَقَ أَنَّهُ هُوَ وَالْأَصْحَابُ قَالُوا إنَّهُ صَلَاةٌ وَأَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَقْتَ النَّهْيِ: الطَّوَافُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ أبيح فيه الكلام والأكل وهو مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ فَهُوَ كَالسَّعْيِ وَقِيلَ لَهُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: "إذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا" 1 إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ؟ فَقَالَ: التَّشَهُّدُ لَا يُسَمَّى صَلَاةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ صَلَّى التَّشَهُّدَ قَاعِدًا. وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ: الطَّوَافُ صَلَاةٌ وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ" 2 يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ وَهُوَ النُّطْقُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ3 حَنِثَ بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ وَقِيلَ: إنْ حَنِثَ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ وَقِيلَ: بِفَرَاغِهِ كَقَوْلِهِ: صَلَاةً أَوْ صَوْمًا وَكَحَلِفِهِ لَيَفْعَلَنهُ وَقِيلَ: بِرَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْرُجُ إذَا أَفْسَدَهُ.
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ: لَا يَحُجُّ بِإِحْرَامِهِ بِهِ وَقِيلَ: بِفَرَاغِ أَرْكَانِهِ وَيَحْنَثُ بِحَجٍّ فَاسِدٍ وَفِي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ م 14.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَفِي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ كَانَ حَالُ حَلِفِهِ صَائِمًا أَوْ حَاجًّا وَالثَّالِثَةُ الصَّلَاةُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرعاية الكبرى في الصوم
__________
1 يعني بـ: "قوله": قول النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث أخرجه البخاري 688، ومسلم 412، 82، عن عائشة.
2 أخرجه الترمذي 960، عن ابن عباس.
3 بعدها في "ر": "أولا".(11/30)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ بِمَرَقِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمُخٍّ وَكَبِدٍ وَكُلْيَةٍ وَكِرْشٍ وَكَارِعٍ وَشَحْمَةٍ وَأَلْيَةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا بِنِيَّةِ اجْتِنَابِ الدَّسَمِ وَفِي لَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَلَحْمٍ لا يؤكل وجهان م 15 – 17.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَجِّ وَفِي الصُّغْرَى فِي الصَّوْمِ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ1.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى لَكِنْ لَا تُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي التَّعْلِيقِ وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ حَلَفَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَقُلْنَا لَا يُبْطِلُ ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الثَّالِثَ الطَّوَافُ فَيَحْلِفُ وَهُوَ طائف ثم يستديمه2.
مَسْأَلَةٌ 15 - 17 قَوْلُهُ: وَفِي لَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَلَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ فَذَكَرَ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 15 إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ الرَّأْسِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخَدِّ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ هُوَ مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا. انْتَهَى. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَحْنَثُ بأكل لحم
__________
1 بعدها في "ط": "وَهُوَ قِيَاسُ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ ولا يلبس واستدامه".
2 بعدها في "ط": "وَيَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَحْكَامَ الطَّوَافِ ثُمَّ أَحْكَامَ الصَّوْمِ وَأَدْخَلَ مَسْأَلَةَ الصَّلَاةِ ضِمْنًا ثُمَّ الْحَجَّ وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا".(11/31)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الرَّأْسِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: حَنِثَ بِأَكْلِ الرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَنْوِيَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ رَأْسٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا قَالَ فِي الْمُغْنِي1: فَإِنْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ كَارِعًا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ لَا يَتَنَاوَلُ الرُّءُوسَ. انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 16: لَوْ أَكَلَ اللِّسَانَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْلَ اللِّسَانِ كَأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللِّسَانِ عَلَى أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 17: إذَا أَكَلَ لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ فَهَلْ يَحْنَثُ به أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْكَافِي3: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا تَنَاوَلَتْ يَمِينُهُ أَكْلَ اللَّحْمِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ أبو محمد. انتهى.
__________
1 13/600.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/56.
3 6/46.
4 13/602.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/58.(11/32)
ويحنث بسمك تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى: لَا وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ: إنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا فَاشْتَرَى رَأْسًا أَوْ كَارِعًا إنْ كَانَ لِشَيْءٍ تَأَذَّى بِهِ مِنْ اللَّحْمِ فَالرَّأْسُ مُفَارِقٌ لِلْبَدَنِ وَإِنْ كَانَ عَقَدَهُ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا لِجَمِيعِهِ فَلَا يُعْجِبُنِي يَشْتَرِي شَيْئًا مِنْ الشَّاةِ قَالَ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا فَلَا بَأْسَ إنْ كَانَ لِشَيْءٍ لَحِقَهُ مِنْ اللَّحْمِ وَإِلَّا فَلَا يَأْكُلُهُ وَهَلْ بَيَاضُ لَحْمٍ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 18 و 19.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أبي موسى وهو قوي.
مَسْأَلَةٌ 18 وَ 19: قَوْلُهُ: وَهَلْ بَيَاضُ لَحْمٍ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18: هَلْ بَيَاضُ اللَّحْمِ مِثْلُ سَمِينِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي النَّظْمِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ شَحْمٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ قَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/57.(11/33)
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا بِأَلْيَةٍ لَا بِلَحْمٍ أَحْمَرَ وَحْدَهُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا أَوْ بَيْضًا حَنِثَ برأس طير وسمك وبيض سمك وجراد عند الْقَاضِي وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ عَادَةً مُنْفَرِدٍ أَوْ بَيْضٍ يُفَارِقُ بَائِضُهُ حَيًّا م 20.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لَحْمٌ وَلَيْسَ بِشَحْمٍ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَقَالَ: الشَّحْمُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْجَوْفِ مِنْ شَحْمِ الْكُلَى أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ أَكَلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الشَّاةِ مِنْ لَحْمِهَا الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَلْيَةِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْقَلْبِ فَقَالَ شَيْخُنَا: يَعْنِي بِهِ ابْنَ حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الشَّحْمِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 19: هَلْ السَّنَامُ لَحْمٌ أَوْ شَحْمٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ شَحْمٌ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْأَلْيَةَ لَا تُسَمَّى لَحْمًا فَكَذَا السَّنَامُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لَحْمٌ قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ هُوَ قَوْلٌ ساقط وإطلاق المصنف فيه نظر ظاهر.
مَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا أو بيضا حنث برأس طير وسمك وبيض سَمَكٍ وَجَرَادٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ عَادَةً مُنْفَرِدٌ أَوْ بَيْضًا يُفَارِقُ بَائِضَهُ حَيًّا. انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي الْمُقْنِعِ1 كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءً إلَى تَقْدِيمِهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَنِثَ بِأَكْلِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ قَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي الْبَيْضِ.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/112.(11/34)
وَفِي الْوَاضِحِ: فِي الرُّءُوسِ هَلْ يَحْنَثُ؟ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ أَمْ بِرُءُوسِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَقَطْ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ بِإِمْكَانِ الْعَادَةِ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فِيهِ حَنِثَ فِيهِ وَفِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى أَصْلِ الْعَادَةِ أَوْ عَادَةِ الْحَالِفِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِكُلِّ خُبْزٍ وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ خُبْزُ بَلَدِهِ مِنْ الْأُرْزِ حَنِثَ بِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِخُبْزِ غَيْرِهِ الْوَجْهَانِ قَبْلَهَا نَظَرًا إلَى وَضْعِ الِاسْمِ أَوْ إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً هَلْ يَحْنَثُ بِمَاءٍ مِلْحٍ أَوْ نَجِسٍ؟ وَحِنْثُهُ فِي الْمُغْنِي1 لَا بِجَلَّابٍ2.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً حَنِثَ بِثَمَرِ الشَّجَرِ رَطْبًا وَالْأَصَحُّ3 وَيَابِسًا كَحَبِّ صَنَوْبَرٍ وَعُنَّابٍ لَا بِبُطْمٍ4 وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَلَا بِزَيْتُونٍ وَبَلُّوطٍ وَزُعْرُورٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ. وَيَحْنَثُ ببطيخ وقيل: لا كقثاء وخيار وَالثَّمَرَةِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ شَرْعًا وَلُغَةً هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي السَّرِقَةِ مِنْهَا وَغَيْرِهِ وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي السَّلَمِ: اسْمُ الثَّمَرَةِ إذَا أُطْلِقَ لِلرَّطْبَةِ. وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ ثَمَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَمَرَةً يَابِسَةً لَمْ تَلْزَمْهُ. وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: الثَّمَرُ اسْمٌ لِلرَّطْبِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَطْبًا أَوْ بُسْرًا حَنِثَ بِمُذَنَّبٍ وَقِيلَ: لَا كَأَحَدِهِمَا: عَنْ الْآخَرِ أَوْ هُمَا عَنْ تَمْرٍ أَوْ هُوَ عَنْهُمَا وفيه عن رطب رواية في المبهج.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 13/606- 607.
2 الجلاّب: ماء الورد. "القاموس": "جلب".
3 ليست في "ر".
4 البطم: قال الجوهري: الحبة الخضراء، وقال الخليل: شجر الحبة الخضراء، الواحد: بطمة. "المطلع" ص 131.(11/35)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ لَمْ يَعُمَّ وَلَدًا وَلَبَنًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَاسْتَفَّهُ أَوْ خَبَزَهُ حَنِثَ.
وَحَقِيقَةُ الْغَدَاءِ وَالْقَيْلُولَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ بَعْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ: الْغَدَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَدَاةِ وَالْعَشَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَشِيِّ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ سُمِّيَ عَشَاءً وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ مِنْ الْغُرُوبِ وَآخِرُهُ الْعِرْفُ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ يَتَوَجَّهُ خِلَافٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ السُّحُورَ مِنْهُ إلى الفجر وهـ أَوْ أَنَّهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ. وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِمَعْنَاهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ أَوَّلُ إدْبَارِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا نَامَ أَوْ لَيَنَامَنَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَحْنَثُ بِأَدْنَى نَوْمٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ لُغَةً وَعُرْفًا. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ" 1: الْمُرَادُ بِهِ نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ فُلَانٌ نَامَ يُعْقَلُ مِنْ إطْلَاقِهِ النَّوْمُ الْمُعْتَادُ وَهُوَ أَنْ يَنَامَ عَلَى جَنْبٍ. وَقَالَ لِمَنْ احْتَجَّ بِخَبَرِ صَفْوَانَ: أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ2 الْجَوَابُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَا وَهُوَ أَنَّ إطْلَاقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْمِ الْمُعْتَادِ أَوْ إلَى النَّوْمِ الْكَثِيرِ مما ذكرنا في المسألة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه أبو داود، 203، وابن ماجه، 477، عن علي بن أبي طالب.
2 أخرجه أبو داود 4023، والترمذي 96، والنسائي في "المجتبى" 1/83، وابن ماجه 478، وصفوان الراوي هو صفوان بن عسال الراوي.(11/36)
وَالْقُوتُ خُبْزٌ وَفَاكِهَةٌ يَابِسَةٌ وَلَبَنٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ: قُوتُ بَلَدِهِ وَيَحْنَثُ بِحَبٍّ يَقْتَاتُ فِي الْأَصَحِّ وَالْأُدْمُ شِوَاءٌ نَصَّ عَلَيْهِ وَجُبْنٌ وَبَيْضٌ وَزَيْتُونٌ وَمَا يَصْطَبِغُ بِهِ كَخَلٍّ وَلَبَنٍ وَالْأَشْهَرُ: وَمِلْحٌ وَفِي تَمْرٍ وَجْهَانِ م 21 وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَفِي الْمُغْنِي1: لَا يَحْنَثُ.
وَالطَّعَامُ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَفِي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهِمَا وَجْهَانِ م 22.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 21: قَوْلُهُ: وَفِي تَمْرٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يُسَمَّى أُدُمًا أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مِنْ الْأُدُمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ مِنْ الْأُدُمِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدُمًا وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ.
مَسْأَلَةٌ 22: قَوْلُهُ: وَفِي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شجر وتراب ونحوها وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وفي الماء والدواء وجهان. انتهى.
__________
1 13/592.
2 13/594.
3 6/45.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/68.
5 13/594- 595.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/71- 72.(11/37)
وَالْعَيْشُ يَتَوَجَّهُ فِيهِ عُرْفًا الْخُبْزُ وَفِي اللُّغَةِ الْعَيْشُ: الْحَيَاةُ فَيَتَوَجَّهُ مَا يَعِيشُ بِهِ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ. وَالْأَكْلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَرَّةُ وَلَوْ1 مَعَ تَقَارُبِ تَقْطِيعِ الْأَكْلِ وَبِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا فَلَبِسَ نَعْلًا أَوْ خُفًّا حَنِثَ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَ لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ وَلَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ أَوْ اتَّزَرَ بِقَمِيصٍ لَا بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ. وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ إنْ قُدِّمَتْ اللُّغَةُ وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ م 23 وَإِنْ قَالَ: قَمِيصًا فَاِتَّزَرَ لَمْ يحنث وإن ارتدى فوجهان م 24.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ طَعَامًا فِي الْعُرْفِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُسَمَّى ذَلِكَ طَعَامًا فِي الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
مَسْأَلَةٌ 23: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَتَدَثَّرَ بِهِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ.
مَسْأَلَةٌ 24: قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَى فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَمِيصًا يَعْنِي وَحَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ فَارْتَدَى بِهِ حَنِثَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ،
__________
1 في الأصل: "هو".
2 13/561.(11/38)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا فِي رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا حَنِثَ بِحُلِيِّ جَوْهَرٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ خَاتَمٍ فِي غَيْرِ خِنْصَرٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا يَأْتِي1 فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ النَّهْرِ فَكَرَعَ لَا بِعَقِيقٍ وَسَبَجٍ2 وَحَرِيرٍ. وَفِي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ م 25 و 26 وَفِي الْوَسِيلَةِ: تحنث المرأة بحرير.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَاوِي: وَإِنْ كَانَ قَمِيصًا فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ أَوْ رِدَاءً أَوْ عِمَامَةً حَنِثَ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا3 يَحْنَثُ.
مَسْأَلَةٌ 25 وَ 26: قَوْلُهُ: وَفِي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:25 لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي مُرْسَلَةٍ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 والهادي والبلغة والمحرر والشرح وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ:
__________
1 ص 50.
2 العقيق: ضرب من الخرز الأحمر معروف. والسّبج: الخرز الأسود، فارسي معرب، قاله الجوهري. "المطلع" ص 390.
3 ليست في "ح".
4 13/562.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/76.(11/39)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا جَعَلَهُ لِعَبْدِهِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ. وَعَنْهُ: "1أَوْ اسْتَعَارَهُ وَدَابَّةُ فُلَانٍ وَثَوْبُهُ كَدَارِهِ ولا يحنث فِيمَا اسْتَعَارَهُ. وَإِنْ قَالَ: مَسْكَنُهُ حَنِثَ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ يَسْكُنُهُ وَفِي مَغْصُوبٍ أَوْ لَا يَسْكُنُهُ من ملكه1" وجهان م 27، 28 وفي الترغيب: الأقوى إن كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وَهُمَا ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا يَحْنَثُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ بِلُبْسِهَا وَهُوَ مِنْ الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. قَالَ فِي الْإِرْشَادِ3: لَوْ لَبِسَ ذَهَبًا أَوْ لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ قُلْت: وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَالصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ فَإِنْ عُدِمَا حَنِثَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 26: لَوْ لَبِسَ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً فَهَلْ هِيَ مِنْ الْحُلِيِّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: أَحَدُهُمَا: هِيَ مِنْ الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَتْ مِنْ الْحُلِيِّ قُلْت الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلى العادة كالتي قبلها. والله أعلم.
مسألة 27 - 28: قَوْلُهُ: وَفِي مَغْصُوبٍ أَوْ لَا يَسْكُنُهُ مَنْ مَلَكَهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ فَدَخَلَ فِي مَسْكَنٍ غَصَبَهُ أَوْ فِي مَكَان لَهُ لَكِنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ فَذَكَرَ مسألتين:
__________
1 ليست في "ط".
2 6/49.
3 لم أجده في مظانه.
4 13/563.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/77- 78.(11/40)
سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ وَإِنْ قَالَ: مَلَكَهُ فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ 29 وَإِنْ قَالَ: دَابَّةُ عَبْدِ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا جَعَلَ بِرَسْمِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَجُلٌ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَلَا يَبِيعُهُ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أَوْ: لَا1 يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: إنْ رَقَى السَّطْحَ أَوْ نَزَلَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ دُخُولِهِ طَاقِ الْبَابِ م 30 و 31 وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ خَارِجَهُ إذْ أُغْلِقَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ- 27: الْمَغْصُوبُ.
مَسْأَلَةٌ- 28: مِلْكُهُ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ.
قَالَ فِي الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ: الْأَقْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ سَكَنَهُ مَرَّةً أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: وَإِنْ قَالَ لَا أَسْكُنُ مَسْكَنَهُ فَفِيمَا لَا يَسْكُنُهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ يَسْكُنُهُ بِغَصْبٍ وَجْهَانِ زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَيَحْنَثُ بِسُكْنَى مَا سَكَنَهُ مِنْهُ بِغَصْبٍ انْتَهَى.. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ وَبِهِ قَطَعَ النَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ.
مَسْأَلَةٌ 29 قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: مَلَكَهُ فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُ مَنَافِعِ الْمَأْجُورِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 30 و 31: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أَوْ لَا يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: إنْ رَقَى السَّطْحَ أَوْ نَزَلَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ دُخُولِهِ طاق الباب. انتهى. ذكر مسألتين:
__________
1 ليست في "ط".
2 13/554.(11/41)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى30: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَوَقَفَ عَلَى الْحَائِطِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 31: لَوْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ اللَّاتِي مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ فَفَعَلَ بَعْضَهُ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ فِي كِتَابِ الْإِنْصَافِ4. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ كَانَ خَارِجًا قُلْت وهو الصواب وصححه ابن منجا فِي شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَإِنْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. اخْتَارَ الْقَاضِي الحنث ذكره عنه في المستوعب
__________
1 13/553.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/85.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/82.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/589- 590.(11/42)
وقيل: لا يحنث بدخزله خارجه، إذا أغلق، وَإِنْ حَلَفَ: لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أَوْ: لَا أَرْكَبُ، حَنِثَ بِدُخُولِ مَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَبَيْتِ شَعْرٍ وَأَدَمٍ وَخَيْمَةٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ؛ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ، لَا بِدُخُولِ صُفَّةٍ وَدِهْلِيزٍ، وَإِنْ حلف: لا يطأ أو: لايضع قَدَمَهُ فِي دَارٍ، فَدَخَلَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا، حَنِثَ.
وَهَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ؟ يَتَوَجَّهُ: لَا، إنْ قُدِّمَ الْعُرْفُ، وَإِلَّا حَنِثَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ فِي1 قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ" 2 إنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الدَّارَ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الرَّبْعِ المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَ وَعَنْهُ: إنْ عَزَلَ لَمْ يَحْنَثْ وَعَنْهُ: فِي مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِهِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا وَنَحْوَهُ وَلَوْ يَابِسًا أَوْ لَا يَشُمُّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا فَشَمَّ دُهْنَهُمَا أَوْ مَاءَ وَرْدٍ أَوْ لَا يَشُمُّ طِيبًا فَشَمَّ نَبْتًا رِيحُهُ طَيِّبٌ حَنِثَ فِي الأصح لا فاكهة.
وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا "3فَوَجْهَانِ م 32 وَإِنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْته حَتَّى يُكَلِّمَنِي أَوْ يَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا3" حَنِثَ في الأصح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 32: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
__________
1 ليست في "ر".
2 أخرجه مسلم 974، 102، عن عائشة رضي الله عنها.
3 ليست في "ر".(11/43)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا وَلَا نِيَّةَ فَنَصُّهُ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَيَتَوَجَّهُ: أَقَلُّ زَمَنٍ. وَقِيلَ: إنْ عَرَّفَهُ فَلِلْأَبَدِ كَالدَّهْرِ وَالْعُمُرِ وَقِيلَ: الْعُمُرُ كَحِينٍ فَإِنْ نَكَّرَهُمَا أَوْ قَالَ: زَمَنًا فَلِأَقَلِّ زَمَنٍ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: كَحِينٍ وَكَذَا بَعِيدًا وَمَلِيًّا وَطَوِيلًا وَعِنْدَ الْقَاضِي لِفَوْقِ شَهْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي وَقْتٍ وَنَحْوِهِ: الْأَشْهَرُ بِمَذْهَبِنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ وَالزَّمَانِ كَحِينٍ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ. لِلْأَبَدِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ فِي زَمَنٍ وَحِقَبٍ أَقَلُّ زَمَنٍ وَقِيلَ: ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ: نصفها وَقِيلَ: لِلْأَبَدِ وَشُهُورٍ ثَلَاثَةٍ كَأَشْهُرٍ أَوْ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الْقَاضِي: اثْنَا عَشَرَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ: اسْمُ الْأَيَّامِ يَلْزَمُ الثَّلَاثَ إلَى الْعَشَرَةِ لِأَنَّك تَقُولُ: أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَقُلْ: أَيَّامًا. فَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمَ الْأَيَّامِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً لَمَا جَازَ1 نفيه. فقال: قد بينا أن2 اسْمَ الْأَيَّامِ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] ، وَقَوْلُهُ: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] ، وَقَوْلُهُ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184، 185] وقال زفر بن الحارث:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 والشرح3 وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم.
__________
1 في الأصل: "زاد".
2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/88.(11/44)
وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً ... لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامًا وَحِمْيَرَا1
قَالَ الْقَاضِي: فَدَلَّ أَنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَشَرَةِ. وَإِنْ قَالَ: إلَى الْحَصَادِ فَإِلَى2 أَوَّلِ مُدَّتِهِ وَعَنْهُ: آخِرُهَا. وَإِنْ قَالَ: الْحَوْلُ فَحَوْلٌ لَا تَتِمَّتُهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَسَبَقَتْ مَسَائِلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ3. وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زِنْدِيقًا بِقَائِلٍ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ قَالَهُ سَجَّادَةُ4 قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَبْعَدَ5.
مَا قَالَ وَالسَّفَلَةُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مَا قَالَ وَمَا قِيلَ فِيهِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: هُوَ مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا مِئْزَرٍ وَلَا يُبَالِي عَلَى أَيِّ مَعْصِيَةٍ رُئِيَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الرَّعَاعُ السَّفَلَةُ وَالْغَوْغَاءُ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَصْلُ الْغَوْغَاءِ صِغَارُ الْجَرَادِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمَنْ دق بابه: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجرات: 46] ، يقصد الالمذهب بِقُرْآنٍ. وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ حَنِثَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ مَا نُطِقَ بِهِ فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ في الانتصار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أو رده الميداني في "مجمع الأمثال" 2/236، وصدر البيت مأخوذ من مثل عامر بن ذهل: ما كل بيضاء شحمة، وما كل سوداء تمرة.
2 في "ر": "وقال".
3 9/81.
4 هو: أبو علي، الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي، البغدادي، كان من جلة العلماء وثقاتهم في زمانه. "ت241". "السير" 11/392. وأورد فيه الفتوى المذكور.
5 بعدها في "ط" و"ر": "ما قال".(11/45)
قَالَ شَيْخُنَا: الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ وَيَتَضَمَّنُ مَا يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي فَلِهَذَا نَجْعَلُ الْقَوْلَ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ وَقِسْمًا مِنْهُ أُخْرَى1 وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَقَالَ قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَحْنَثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِي الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "افْعَلْ ذَلِكَ" 2 يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ إذَا كَانَ لَهَا اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ مِنْ الْفِعْلِ يمتنع أن تسمى فعلا. قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ، فَسَمِعَ الْقُرْآنَ، حَنِثَ"ع".
وَإِنْ حلف: ليضربنه مئة سَوْطٍ، فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً مُؤْلِمَةً، لَمْ يَبَرَّ، وَعَنْهُ: يَبَرُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، كَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنهُ بمئة.
وَإِنْ حَلَفَ: لَا مَالَ لَهُ، حَنِثَ بِغَيْرِ زَكَوِيٍّ وَبِدَيْنٍ، لَا بِمُسْتَأْجَرٍ، وَفِي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عنه، وضائع آيسه وجهان م33، 34، وعنه: يحنث بنقد فَقَطْ.
قَالَ فِي الْوَاضِحِ: وَالْمَالُ: مَا تَنَاوَلَهُ النَّاسُ عَادَةً بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ لِطَلَبِ الرِّبْحِ، مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَيْلِ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ، وَجَانِبٍ إلَى جَانِبٍ. قَالَ: وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الْأَعْيَانَ مِنْ الأموال، ولا يعمّ الدّين، و3 في المغني4: إذا حلف: لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 33 و 34: وقوله: وفي مغصوب عاجز عنه5، وضائع آيسه "6وجهان. انتهى. يعني: إذا حلف: لا مال له، وله مال مغصوب منه وعاجز عَنْ أَخْذِهِ، أَوْ ضَائِعٍ آيَسَهُ6". فَذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
__________
1 جاءت هذه العبارة في الإنصاف 28/118، كما يلي: "فلهذا يجعل القول قسيما للفعل تارة، وقسما منه تارة أخرى ... "والمثبت من النسخ الخطية.
2 أخرجه البخاري 757، ومسلم 397، 45، عن أبي هريرة.
3 ليست في "ط".
4 13/596- 597.
5 في "ح" و"ط": "عن أخذه".
6 ليست في "ط".(11/46)
يَمْلِكُ مَالًا، وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ السَّابِقَةَ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي هَذَا الْعِيدِ1 حَنِثَ بِدُخُولِهِ. وَالْعِيدُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا بَعْدَهَا وَأَيَّامُ الْعِيدِ تُؤْخَذُ بِالْعُرْفِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَخَرَجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَأْوِي حَتَّى تَغِيبَ شَمْسُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَآخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إن لم أغمك حتى تقولي2 قَدْ غَمَمْتنِي: إنْ هُوَ وَقَعَ فِي أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَأَهْلِ بَيْتِهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ مِمَّا يغمها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 33: الْمَغْصُوبِ الْعَاجِزِ عَنْهُ.
مَسْأَلَةُ 34: الضَّائِعِ الْآيِسِ منه.
قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَغْصُوبٌ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضَائِعٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ فَإِنْ ضَاعَ عَلَى وَجْهٍ قَدْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ كَاَلَّذِي سَقَطَ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَحْنَثْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ كَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ وَاَلَّذِي عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَإِنْ يَئِسَ مِنْ عَوْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ مَالٌ5 غَيْرُ زَكَوِيٍّ أو دين على إنسان حنث. انتهى.
__________
1 ليست في الأصل، وفي "ر": "البيت".
2 في النسخ الخطية و"ط": "تقولين"، والمثبت من "الفروع".
3 13/598.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/104- 105.
5 بعدها في "ص" و"ط": "غيره".(11/47)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلِكًا كَحَلِفِهِ عَلَى لَبَنٍ يَحْنَثُ بِمُسَمَّاهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ
وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ فَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا أَوْ أَقِطًا أَوْ جُبْنًا أَوْ كِشْكًا أَوْ مَصْلًا أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/47)
أَوْ تَمْرًا فَأَكَلَ نَاطِفًا أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي خَبِيصٍ فَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ حنث وإلا فلا كحلفه لا يأكل1 شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتٌ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَفِيهِ2 وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ طَحَنَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْأُولَى فِي حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا حَنِثَ بِسَمْنٍ ظَهَرَ طَعْمُهُ. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ كَعَكْسِهِ فِي الْأَصَحِّ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ م 35 و 36 وَعَنْهُ: يَحْنَثُ فِي الصُّورَةِ الْأَوِّلَةِ لِتَعْيِينِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْخِلَافُ مَعَ ذِكْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِلَّا حَنِثَ وَفِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَذُوقُهُ فَازْدَرَدَهُ وَلَمْ يَذُقْهُ حَنِثَ. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي3: لَا وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 35 و 36: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 35: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ "4هَذَا الشَّيْءَ، أَوْ4": شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف. أطلقه فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا والحاوي:
__________
1 في "ط" و"ر": "أكلت".
2 ليست في الأصل.
3 13/608- 609.
4 ليست في "ح" و "ط".
5 6/55.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/126.(11/48)
حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَصِّهِ لا بذوقه وإن حلف لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ المقنع وغيره.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَثَرَدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: رَوَى مُهَنَّا: لَا يَحْنَثُ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يحنث قاله فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنَقَلَ فِي الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ مَعَ ذِكْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِلَّا حَنِثَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 36: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
إحْدَاهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَعَنْهُ: لَا يَحْنَثُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْنَثُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الخرقي في المسألة التي قبلها.(11/49)
يَأْكُلُ مَائِعًا حَنِثَ بِأَكْلِهِ بِخُبْزٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَ1 لَمْ يَحْنَثْ وَعَكْسُهُ إنْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ مِنْ النَّهْرِ أَوْ الْبِئْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ عَدَمَ حِنْثِهِ بِكَرْعِهِ مِنْ النَّهْرِ لعدم اعتياده حلفه لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَيَعْتَمَّ بِهِ. وَيَحْنَثُ بِشُرْبِهِ مِنْ نَهْرٍ2 يَأْخُذُ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ: مِنْ مَاءِ النَّهْرِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ بِالثَّمَرَةِ فَقَطْ ولو لقطه من تحتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ر": "منه".
2 في "ر": "بئر".(11/50)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا وَعَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ
نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يُسَافِرُ وَلَا يَسْكُنُ دَارًا وَلَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَاسْتَدَامَ3 حَنِثَ وَكَذَا لَا يَطَأُ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَلَا يَمْسِكُ ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ أَوْ لَا يُضَاجِعُهَا عَلَى فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فَدَامَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَكْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي اللُّبْسِ: إنْ4 اسْتَدَامَهُ حَنِثَ إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا: الْخُرُوجُ وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لُبْسًا وَلَا فِيهِ مَعْنَاهُ وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ لاشتماله على إيلاج وإخراج فهو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
3 بعدها في "ر": "ذلك".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/50)
شَطْرُهُ وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: لَا يَحْنَثُ الْمَجَامِعُ إنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ الْكَفَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِأَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ بَعْدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ يَمِينِهِ: لَا اسْتَدَمْت الْجِمَاعَ.
فَإِنْ أَقَامَ السَّاكِنُ أَوْ الْمُسَاكِنُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا لَيْلًا ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ بِنَفْسِهِ وَبِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الشَّيْخُ: لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَا يُرَادُ وَلَا تَقَعُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/51)
أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَنْوِ النَّقْلَةَ. وَإِنْ خَرَجَ بِدُونِهِمَا وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: أَوْ تَرَكَ لَهُ بِهَا شَيْئًا حَنِثَ. وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ. وَقِيلَ: أَوْ وَجَدَهُ بِمَا يَتَأَثَّثُ بِهِ فَلَا. وَإِنْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ أَبَتْ زَوْجَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ يُجْبِرُهَا فَخَرَجَ وَحْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ بَنَيَا بَيْنَهُمَا حَاجِزًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ وَقِيلَ: أَوْ لَا ثُمَّ سَاكَنَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: كَمَا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَتَانِ لِكُلِّ حُجْرَةٍ بَابٌ وَمَرَافِقُ مُخْتَصَّةٌ فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ. قَالَ فِي الْفُنُونِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْتِ عَلَيَّ الْبَيْتَ وَلَا كُنْت لِي زَوْجَةً إنْ لَمْ تَكْتُبِي لِي نِصْفَ مَالِك فَكَتَبَتْهُ لَهُ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا: يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَتَبَتْ لَهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِاسْتِدَامَةِ الْمُقَامِ فَكَذَا اسْتِدَامَةُ الزَّوْجِيَّةِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْ الدَّارِ أَوْ لَا يَأْوِي1 إلَيْهَا أَوْ يَنْزِلُ فِيهَا نَصَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "إليها".(11/52)
عَلَيْهِمَا أَوْ لَا يَسْكُنُ الْبَلَدَ أَوْ لَيَرْحَلَن مِنْهُ فَكَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ; وَكَذَا يَتَوَجَّهُ إنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْهُ وَالْأَشْهَرُ: يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: بِمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَرْحَلَن عَنْ الدَّارِ أَوْ الْبَلَدِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ عَلَى الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ إنْ خَرَجْت مِنْهَا فَلَكَ دِرْهَمٌ اسْتَحَقَّ بِخُرُوجٍ أَوَّلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا أَوْ كَانَ فِيهَا غير ساكن فدام جلوسه ففي حنثه وجهان م 37 و 38. وَقَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ لَمْ يَحْنَثَ قَالَ شَيْخُنَا: وَالزِّيَادَةُ لَيْسَ سُكْنَى اتفاقا: ولو طالت مدتها. وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ فَيَتَوَجَّهُ بَرَّ حَالِفٌ لَيُسَافِرَن به ولهذا1 نقل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 37 و 38: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدار فدخلها أو كان فيها غير ساكن فَدَامَ جُلُوسُهُ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 37: إذَا حَلَفَ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ فَدَخَلَهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ2 قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ3 وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يحنث.
__________
1 ليست في "ر".
2 بعدها في "ط": "قلت".
3 في "ح": "الصحيح".
4 13/547- 548.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/138.(11/53)
الْأَثْرَمُ: أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ يَكُونُ سَفَرًا إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَفِي الْإِشَارَةِ أَنَّ بَقِيَّةَ أَحْكَامِ السَّفَرِ غَيْرَ الْقَصْرِ تَجُوزُ فِيهِمَا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِبَلَدٍ بَاتَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَإِنْ أَكَلَ فِيهَا أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ حَدِّهَا حَنِثَ. قَالَ الْقَاضِي فِي إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقَرْيَةِ وَقِيلَ لَهُ يَحْتَمِلُ: أَنَّ جواثا كَانَتْ مِصْرًا وَسَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَرْيَةً1 لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي الْمِصْرَ قَرْيَةً وَذَكَرَ الْآيَاتِ2 فَقَالَ: الْمَشْهُورُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا أَنَّ الْقَرْيَةَ لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْمِصْرِ إلَّا مَجَازًا كَذَا قَالَ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْعُرْفُ. وَأَمَّا لُغَةُ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا فَكَمَا قَالَ الْخَصْمُ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَاسْتَدَامَ أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيْهِ فَأَقَامَ مَعَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ بَارِيَة وَفِيهِ قصب فنسجت فيه حنث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 38: لَوْ كَانَ فِيهَا وَهُوَ غَيْرُ سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ3 وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ.
__________
1 أخرج البخاري، 4371، عن ابن عباس قال: أول جمعة حمّعت بعد جمعة جمّعت فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مسجد عبد القيس بجواثي. يعني قرية من البحرين.
2 كقوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} الآية [الكهف:77] ، وقوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} الآية [الكهف: 82] .
3 في "ح": "الصحيح".
4 13/548.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/141.(11/54)
فِي الْأَصَحِّ وَنَصُّهُ فِي: الْأُولَى فَإِنْ أَدْخَلَهُ قصبا لذلك حنث وقيل: لا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/55)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا لَمْ يَبَرَّ إلا بفعل 1 كُلِّهِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ هُوَ أَوْ مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ وَعَنْهُ: بَلَى اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي غَيْرِ الدُّخُولِ2 وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ: وَلُبْسُ ثَوْبٍ كُلُّهُ مِنْ غَزْلِهَا3 نَحْوُ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَيُدْخِلُ بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَيَبِيعُ نِصْفَهُ وَيَهَبُ نِصْفَهُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ لَا مَاءَ النَّهْرِ فَيَشْرَبُ بَعْضَهُ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهِ فَلَيْسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشتراه هو أو وكيله وغيره،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "فعله".
2 في النسخ الخطية: "المدخول بها".
3 في الأصل: "غزله".(11/55)
حَنِثَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ: فِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ: لَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهِ1. وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ2: بِهِ وقيل: وبأقل وجهان م 39.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 39: قَوْلُهُ: وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ: بِهِ وَقِيلَ: وَبِأَقَلَّ وَجْهَانِ. يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشتراه هو أو وكيله فخلطه بما
__________
1 في "ر": "غزلها".
2 في النسخ الخطية: "فيه" والمثبت من "ط".(11/56)
وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أَوْ بَاعَهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ "1وَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ على مال شراء1".
وَإِنْ حَلَفَ لَا قُمْت وَقَعَدْت فَفَعَلَ وَاحِدًا فَالرِّوَايَتَانِ وَكَذَا وَلَا قَعَدْت. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. وَفِي الْمُغْنِي2: يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَحْنَثُ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَدَاءِ مِائَةٍ لَمْ يعتق بأداء بعضها نص
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ نِصْفِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ نِصْفَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحَيْهِ فِي آخِرِ باب تعليق الطلاق بالشروط.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَبِأَقَلَّ هَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْضًا أَعْنِي أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَمَّا علل ابن منجا الْوَجْهَيْنِ فِي شَرْحِهِ قَالَ: وَيَقْتَضِي هَذَا التَّعْلِيلُ خُرُوجَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَكَلَ دُونَ الَّذِي اشْتَرَاهُ شَرِيكُ زَيْدٍ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هنا.
__________
1 ليست في الأصل.
2 13/474.
3 13/564.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/595.(11/57)
عَلَيْهِ لِجَعْلِهَا عِوَضًا وَمَعَ عَدَمِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُعَوَّضَ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهُ فَمَكَثَ عِنْدَهُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ حَنِثَ وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/58)
فَالرِّوَايَتَانِ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا حِنْثَ لِعَدَمِ تَبَعُّضِ الْبَيْتُوتَةِ كَقَوْلِهِ: لَا أَقَمْت عِنْدَك كُلَّ الليل أو ينويه فيقيم بعضه.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَقَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْمَحْلُوفِ حَنِثَ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرُوهُ1 فِي الْمُذْهَبِ. وَعَنْهُ: فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وَعَنْهُ: لَا حِنْثَ وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ فِي الْإِرْشَادِ2 عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: رواتها بقدر رواة التفرقة و3إن هَذَا يَدُلُّ أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلِّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ الرِّوَايَاتِ نَحْوَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ لَا يُفَارِقُهُ إلَّا بِقَبْضِ حَقِّهِ فَقَبَضَهُ ففارقه فخرج رديئا أَوْ أَحَالَهُ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ بَرَّ أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَجَهِلَهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَحْنَثُ بِالْحَوَالَةِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الضَّمَانِ أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَضَاءِ. فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ وَجَهِلَهُ لَمْ يَحْنَثْ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ عَلِمَهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ قَصَدَهُ حَنِثَ وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: لَا. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِثْلَهَا الدُّخُولَ عَلَى فُلَانٍ. وَفِعْلُهُ فِي جُنُونِهِ كَنَائِمٍ فَلَا حِنْثَ4 حِينَئِذٍ وقيل: كناس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "في".
2 ص 415.
3 بعدها في "ط": "إن".
4 بعدها في "ط": "حينئذ".(11/59)
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ نَاسٍ. وَعَنْهُ: بَلَى وَقِيلَ: هُوَ كَنَاسٍ.
وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَهُوَ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ لَمْ يَحْنَثْ نَاسٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ لِيَفْعَلَنهُ فَخَالَفَهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرَامَهُ لَا إلْزَامَهُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ وَلَا يَجِبُ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِوُقُوفِهِ فِي الصَّفِّ وَلَمْ يَقِفْ1 وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيُخْبِرَنهُ بِالصَّوَابِ وَالْخَطَإِ لَمَّا فَسَّرَ الرُّؤْيَا فَقَالَ: لَا تُقْسِمْ2 لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِقْسَامَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَتْمِ. وَقَالَ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَكَنَاسٍ وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أظهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لعله أشار إلى حديث صلاة أبي بكر في الناس في مرض وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري في مواضع منها 664، ومسلم 418.
2 أخرجه البخاري 7046، ومسلم 2269، 17، عن ابن عباس.(11/60)
وَقَالَ: خَوْفُ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ إكْرَاهٌ عَلَى الْخُرُوجِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ حَنِثَ فِي الْمَنْصُوصِ. وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وابن عقيل وجماعة. وكذا ناسيا على كلام جماعة وكلام جماعة يقتضي حنثهما م 40.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 40: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وابن عقيل وجماعة وكذا ناسيا على كلام وَكَلَامِ جَمَاعَةٍ يَقْتَضِي حِنْثَهَا. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ فِيهَا وَهُوَ الصَّوَابُ خُصُوصًا لِلْكُرْهِ.
وَالْقَوْلُ الآخر يحنث1.
__________
1 بعدها في "ط": "وهو قوي في الناس".(11/61)
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا وَعَيَّنَ وَقْتًا أَوْ أَطْلَقَ فَتَلِفَ أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتٍ يَفْعَلُهُ فِيهِ حَنِثَ
نَصَّ عَلَيْهِ كَإِمْكَانِهِ. وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ فَتَلِفَ قَبْلَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ حَنِثَ إذَنْ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: فِي آخَرِ الْغَدِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَحْنَثُ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ إنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ. وَيَتَخَرَّجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ حِنْثِهِ لِعَجْزِهِ كَمُكْرَهٍ وَكَمَوْتِهِ فِي الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْغَدِ وَمِثْلُهُ لَوْ جُنَّ إلَى بَعْدِ الْغَدِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/61)
الْمُغْنِي1: إنْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ وَعَدَمِ نَفَقَةٍ وَهَرَبَ وَنَحْوُهُ حَنِثَ وَيَحْنَثُ بِتَلَفِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِي وَقْتِهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ قَالَ: الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ وَتَلِفَ عَقِبَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: فِي آخِرِهِ وَيَحْنَثُ بِمَوْتِهِ فِي الأصح بآخر حياته.
وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَدٍ فَأَبْرَأهُ اليوم وَقِيلَ: مُطْلَقًا فَقِيلَ: كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْأَصَحِّ م 41 وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُهُمَا إذا امنع2 مِنْ الْإِيفَاءِ فِي الْغَدِ كُرْهًا لَا يَحْنَثُ على الأصح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 41: قَوْلُهُ وَإِنْ وَقِيلَ: مُطْلَقًا - فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى.
الطَّرِيقَةُ الْأُولَى: طَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى مَا إذَا أُكْرِهَ وَمُنِعَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي غَدٍ هَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمقنع4 وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا5: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ.
وَالْوَجْهُ الثاني: يحنث.
__________
1 13/577.
2 في "ط": "امتنع".
3 13/575.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/155.
5 في "ح": "أحدها".(11/62)
وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقُضِيَ لِوَرَثَتِهِ م 42 وَإِنْ أَخَذَ عنه عرضا1 لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَالرِّوَايَتَانِ وَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ إنْ أُكْرِهَ.
وَإِنْ قَالَ: عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَعِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ كَيْلِهِ لِكَثْرَتِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَيَحْنَثُ بَعْدُ مَنْ أَمْكَنَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُعْتَبَرُ الْمُقَارَنَةُ فَتَكْفِي حَالَةُ الْغُرُوبِ وَإِنْ قَضَاهُ بَعْدَهُ حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا أَخَذْت حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهِ حَنِثَ وَإِنْ أُكْرِهَ قَابِضُهُ فَالْخِلَافُ. وَإِنْ وَضَعَهُ الْحَالِفُ بَيْنَ يديه أو في حِجْرِهِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يُضْمَنْ بِمِثْلِ هَذَا مَالٌ وَلَا صَيْدٌ.
وَيَحْنَثُ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُعْطِيكَهُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ عَطَاءً إذْ هُوَ تَمْكِينٌ وَتَسْلِيمٌ بِحَقٍّ فَهُوَ كَتَسْلِيمِ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَإِنْ أَخَذَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ فَأَخَذَهُ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَأْخُذْ حَقَّك عَلَيَّ وَعِنْدَ القاضي: لا كقوله: لا أعطيكه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 42: قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقُضِيَ لِوَرَثَتِهِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ القاضي.
__________
1 في "ر" و "ط": "عوضا".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/156.(11/63)
وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَهَرَبَ مِنْهُ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَإِذْنِهِ وَكَقَوْلِهِ: لَا افْتَرَقْنَا. وَعَنْهُ: لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَقِيلَ: إنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ لَمْ يُلَازِمْهُ وَأَمْكَنَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَمَعْنَاهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي2 وَجَعَلَهُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.
وَإِنْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ بِفِرَاقِهِ لِفَلَسِهِ. وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يُلْزِمْهُ فَكَمُكْرَهٍ وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عُدَّ فِرَاقًا3 عُرْفًا كَبَيْعٍ. وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَهُوَ نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ أَقْوَالَ الْوَكِيلِ وَأَفْعَالَهُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِي الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ تَزَوَّجَهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ شَيْئًا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِلَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ حَنِثَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ لَا يَحْنَثُ.
وَفِي الْمُفْرَدَاتِ إنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ صَوَابُهُ لَمْ يُبَرَّأْ4 وَلَا يقال حنث. قاله ابن نصر الله.
__________
1 6/58.
2 13/582.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في "ح": "يبرّ".(11/64)
يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ م 43.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا وَشَرْطَ الْبَرَاءَةِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ: أَوْ لَا لَمْ يَحْنَثْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 43: قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ لِعَدَمِ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ.
فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.(11/65)
باب النذر والوعد والعهد
مدخل
...
بَابُ النَّذْرِ وَالْوَعْدِ وَالْعَهْدِ
وَهُوَ الْتِزَامُهُ لِلَّهِ تَعَالَى شَيْئًا بِقَوْلِهِ لَا بِنِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ صِيغَةُ1 خَاصَّةً يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي2 فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَوْ الْأَكْثَرِ: تُعْتَبَرُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ كَذَا وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ: إلَّا مَعَ دَلَالَةِ حَالٍ3. وَفِي الْمُذْهَبِ: بِشَرْطِ إضَافَتِهِ فَيَقُولُ: لله علي.
وهو مكروه "4وفاقا، و"1"لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا مُحْدَثًا وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي تَحْرِيمِهِ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: نَهَى عنه رسول الله 5. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَذْهَبُ: مُبَاحٌ. وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يُصَلِّي النَّفَلَ كَمَا هُوَ لَا بِنَذْرِهِ ثُمَّ يُصَلِّيهِ خلافا للأرجح للحنفية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "صفة".
2 ص 67.
3 ص 69.
4 ليست في "ر" و"ط".
5 أخرج البخاري 6608، ومسلم 1639، 2، عن ابن عمر قال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النذر، قال: "إنه لا يردّ شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل".(11/66)
وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مِنْهُ بِغَيْرِهَا. مَأْخَذُهُ أَنَّ نَذْرَهُ لَهَا كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ.
وَالْمُنْعَقِدُ أَنْوَاعٌ:
أَحَدُهَا: عَلَى نَذْرٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ وَفَعَلَهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ. الثَّانِي نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْهُ أَوْ الْحَمْلَ عَلَيْهِ. نَحْوُ إنْ كَلَّمْتُك أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ. أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ. فَإِذَا وُجِدَ شرطه ففي الواضح: يلزمه. وعنه: تعيين كفارة يَمِينٍ. وَالْمَذْهَبُ: يُخَيِّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ م 1 نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ من يلزم بذلك،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ: وَإِذَا وجد شرطه ففي الواضح: يلزمه وعنه: تعيين كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَالْمَذْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ. انْتَهَى.
فَصَرَّحَ بِالْمَذْهَبِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَذْهَبِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ بَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَفِعْلِ مَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا تَعْيِينُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا.
__________
1 13/622.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/172.(11/67)
أَوْ لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَوْكِيدٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: كَانَتْ طَالِقٌ بَتَّةً قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَحْمَدَ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ1 فِيمَنْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ: إنْ أَرَادَ يَمِينًا كَفَّرَ يَمِينَهُ وَإِنْ أَرَادَ نَذْرًا فَعَلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ2.
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ أَنَا أُهْدِي جَارِيَتِي أَوْ دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ. وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ حَلَفَتْ إنْ لَبِسْت قَمِيصِي هَذَا فَهُوَ مُهْدًى: تُكَفِّرُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ قَالَ: غَنَمِي صَدَقَةٌ وَلَهُ غَنَمُ شَرِكَةٍ إنْ نَوَى يَمِينًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَإِنْ عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِبَيْعِهِ وَالْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ3 نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فَإِنَّ مَا لَمْ يَلْزَمْ بِنَذْرِهِ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إذَا حَلَفَ بِهِ فَمَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِالْأَوْلَى فَإِنَّ إيجَابَ النَّذْرِ أَقْوَى مِنْ إيجَابِ الْيَمِينِ. الثَّالِثُ: نَذَرَ مُسْتَحَبًّا يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ مُطْلَقًا أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "صالح".
2 أخرج مسلم 1645، 13، وأحمد 17319، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كفارة النذر كفارة يمين".
3 ليست في الأصل.(11/68)
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَوْ غَيْرِهِ: كَطُلُوعِ الشَّمْسِ نَحْوُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي أَوْ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَوْ فَعَلْت كَذَا لِدَلَالَةِ الْحَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَحْوُ تَصَدَّقْت بِكَذَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ تَصَدَّقْت بِكَذَا.
وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَصُومُ كَذَا: هَذَا نَذْرٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا وَمَنْ قَالَ لَيْسَ بِنَذْرٍ قَدْ أَخْطَأَ. وقال قول القائل: لئن ابتلاني الله1 لَأَصْبِرَن وَلَئِنْ لَقِيت عَدُوًّا لَأُجَاهِدَن وَلَوْ عَلِمْت أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْته نَذْرٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ كَقَوْلِ الْآخَرِ {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} لآية [التوبة: 75] ، ونظير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر" و "ط".(11/69)
ابْتِدَاءِ الْإِيجَابِ تَمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَيُشْبِهُهُ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ فَإِيجَابُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ إيجَابًا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِنَذْرٍ وَعَهْدٍ وَطَلَبٍ وَسُؤَالٍ جَهْلٌ مِنْهُ وَظُلْمٌ.
وَقَوْلُهُ لَئِنْ ابْتَلَانِي لَصَبَرْت وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ كَانَ وَعْدًا وَالْتِزَامًا فَنَذْرٌ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الْحَالِ فَفِيهِ تَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ وَجَهْلٌ بِحَقِيقَةِ حَالِهَا1 وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَئِنْ سَلِمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَن بِكَذَا ش فَوُجِدَ شَرْطُهُ لَزِمَهُ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْفُنُونِ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ أَيْضًا لِوُجُودِ أَحَدِ2 سَبَبَيْهِ وَالنَّذْرُ كَالْيَمِينِ. وَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ مَنْعُ كونه سببا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "حالتها".
2 ليست في "ر".(11/70)
وَفِي الْخِلَافِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْوَاجِبِ ذَكَرَاهُ فِي جَوَازِ صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ1 السَّبْعَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ الْقُدُومُ وَمَا وُجِدَ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُخَالِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ احْتَجَّ بِأَنَّ النَّاذِرَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَصِيرُ كَالْمُتَكَلِّمِ بِالْجَوَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الثَّوْبَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كَذَا يَجِبُ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَ قُدُومِ فُلَانٍ كَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ وَقَدْ أَكَلَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُك أَنْ تَقُولَ مِثْلَ هَذَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَأَفْطَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَيَجْعَلُهُ كَالْمُتَكَلِّمِ بِالْجَوَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْيَوْمُ وَلَمَّا لَمْ نَقُلْ بِهَذَا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا. وَأَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ فَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ شَاءَ لَكِنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ: يُكَفِّرُ إذَا تَيَقَّنَ الْحِنْثَ.
وَإِنْ نَذَرَ مَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ يقصد القربة نص عليه أجزأه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "التمتع".(11/71)
ثُلُثُهُ وَعَنْهُ: كُلُّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَيْسَ لَنَا فِي نَذْرِ الطَّاعَةِ مَا يَفِي بِبَعْضِهِ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَعَلَّلَهُ1 غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّدَقَةُ بِكُلِّهِ وَاحْتَجُّوا لِلثَّانِيَةِ بِالْخَبَرِ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ" 2.
وَعَنْهُ: يَشْتَمِلُ النَّقْدَ فَقَطْ وَيَتَوَجَّهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ عَزْمِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ الصَّامِتِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ قَالَ: إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى قَدْرِ مَا نَوَى أَوْ عَلَى قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عِنْدَ النَّاسِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْإِبِلَ وَالنَّعَمَ الْأَمْوَالَ وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّي الصَّامِتَ وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّي الْأَرْضَ.
ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ أَلَيْسَ إنَّمَا كُنَّا نَأْخُذُهُ بِإِبِلِهِ أَوْ نَحْوِ هَذَا؟ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ3 فَإِنْ نَفِدَ4 هَذَا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يَوْمَ حِنْثِهِ5.
قَالَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ: يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ يَوْمَ نَذْرِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ قَالَ: فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا نَصُّهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يَوْمَ نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ قَدْرُ دينه وهذا على أصل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "وعلل".
2 أخرجه البخاري 6696، من حديث عائشة.
3 أخرجه أبو داود 3319، من حديث كعب بن مالك.
4 في "ط": "نفذ".
5 في "ر": "حنث".(11/72)
أَحْمَدَ صَحِيحٌ فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ يَكُونُ قَدْرُ الدَّيْنِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ مِنْ النَّذْرِ.
وَإِنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا فَقِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ كَمَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ1 لَهُ إلَّا مَا يَحْتَاجُهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ.
وَحَبَّةُ بُرٍّ لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ وَالْمَقَاصِدُ مُعْتَبَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ خُرُوجُهُ مِنْ نَذْرِهِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لِتَعْلِيقِ حُكْمِ الرِّبَا عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنْ حَنْبَلِيًّا آخَرَ قَالَ: إنْ لَمْ يَجِدْ وَعَدَ فَإِنَّ الرَّدَّ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْعِدَّةِ فَلَا يُقَالُ رَدُّ الْفَقِيرِ وَالسَّاعِي وَالْغَرِيمِ.
وَمَصْرِفُهُ كَالزَّكَاةِ2 ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُجْزِئُهُ إسْقَاطُ دَيْنٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِدِينَارٍ وَلَهُ عَلَى مُعْسِرٍ دِينَارٌ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَإِنْ نَوَى يَمِينًا أَوْ مَالًا دُونَ مَالٍ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ وَعَنْهُ: لَا وَإِنْ نَذَرَهَا بِبَعْضِهِ لَزِمَهُ وَعَنْهُ: ثُلُثُهُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ: إنْ جَاوَزَ مَا سَمَّاهُ ثُلُثَ الْكُلِّ صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ خَرَجَتْ فُلَانَةُ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ: إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَلَى وَجْهِ النَّذْرِ فَيُوَفِّي بِهِ.
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهِيَ صَدَقَةٌ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ3 الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ النَّذْرَ يجزئه الثلث. وإذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "يحصل".
2 في "ط": "كالزكاة".
3 في "ر": "جهة".(11/73)
حَلَفَ فَقَالَ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَحَنِثَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ لِوُجُودِ مُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ وَنِيَّتُهُ أَلْفٌ فَنَصُّهُ: يُخْرِجُ مَا شَاءَ.
وَنَصَّ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمًا وَصَلَاةً: يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَهَدْيٍ وَرِقَابٍ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ وَمَعَ فَقْدِهَا يَتَصَدَّقُ بِمُسَمَّى مَالٍ.
وَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ بِنِيَّتِهِ. وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَطَفَ نِيَّةَ النَّهَارِ عَلَى الْمَاضِي لِيَصُومَ جَمِيعَهُ وَيَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي فَرْضٍ وَعَنْهُ: تُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ بِنَاءً عَلَى التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ فَدَلَّ أَنَّ فِي لُزُومِهِ الصَّلَاةَ قَائِمًا الْخِلَافَ وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ أَيْضًا.
وَفِي الْخِلَافِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ: لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَجْزَأَهُ عَلَيْهَا وَلَوْ نَذَرَهُمَا مُطْلَقًا لَمْ يُجْزِئْ وَيَبَرُّ بِمَوْضِعِ غَصْبٍ مَعَ الصِّحَّةِ وَلَهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا مَنْ1 نَذَرَ جَالِسًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ; كَشَرْطِ تَفْرِيقِ صَوْمٍ فِي وَجْهٍ خ. وَفِي النَّوَادِرِ: لَوْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَجِبْ وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ إنْ عَيَّنَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَلِهَذَا في زيادات الزِّيَادَاتِ2 لِلْحَنَفِيَّةِ: مَنْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ تُجْزِئْهُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَبِالْعَكْسِ تُجْزِئُهُ وَفِي الْخِلَافِ: إنْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَمْ تُجْزِئْهُ بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ نَذَرَهَا بِتَسْلِيمَةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَجُوزَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ كَمَا إذَا نَذَرَ الْقِرَانَ جَازَ الْإِفْرَادُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست من "ط".
2 الزيادات: من الكتب الستة للإمام محمد بن الحسن الشيباني، و "زيادات الزيادات" للإمام السرخسي صاحب "المبسوط"، وشرحه أحمد بن محمد العتابي البخاري، وقد طبع بالهند بدار المعارف.(11/74)
وَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت "1مَالَ فُلَانٍ1" فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهِ فَمَلَكَهُ فَكَمَا لَهُ. وَإِنْ قَالَ عَبْدَ فُلَانٍ يَقْصِدُ الْقُرْبَةَ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فِي ذِمَّتِهِ بِدَلِيلِ إرْسَالِهِ نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ عتق: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} الآية [التوبة: 75] .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ما لفلان".(11/75)
فصل ومن نذر واجبا كرمضان فَحُكْمُهُ بَاقٍ وَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ
وَعَنْهُ: لَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهـ ش وَكَذَا نَذْرٌ مُبَاحٌ كَلُبْسِ ثَوْبِهِ مُنْجِزًا أَوْ مُعَلِّقًا وَمَكْرُوهٌ كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَمُحَرَّمٌ كَإِسْرَاجِ بِئْرٍ وشجرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/75)
مُجَاوِرٍ عِنْدَهُ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَجَرَةً أَوْ جَبَلًا أَوْ مَغَارَةً أَوْ قَبْرًا إذَا نَذَرَ لَهُ أَوْ لِسُكَّانِهِ أَوْ لِلْمُضَافَيْنِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا: كَقَبْرٍ وَكَصَدَقَتِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ حَيْضٍ وَفِيهِ وَجْهٌ كَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ خ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَالْمَذْهَبُ: يُكَفِّرُ فِي الثَّلَاثَةِ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ" حَدِيثُ الْمَرْأَةِ حِينَ نَذَرَتْ فِي النَّاقَةِ لَتَنْحَرَنهَا إنْ سَلِمَتْ1 لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ لا نذر فيما لا يملك وإذا2 كَانَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَكَذَا اُحْتُجَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ نَذَرَ يَهْدِمُ دَارَ فُلَانٍ: يُكَفِّرُ يَمِينَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ غُلَامُ فُلَانٍ حُرٌّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" فَهَذَا مِمَّا لَا يَمْلِكُ وَإِنْ كَفَّرَ فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: الْكَفَّارَةُ أَوْلَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ. وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَذَا قَالَ وَهَذَا الْخَبَرُ لَمْ أَجِدْهُ وَلَا يَصِحُّ3.
وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: إذَا نَذَرَ نَذْرًا يَجْمَعُ فِي يَمِينِهِ الْبِرَّ وَالْمَعْصِيَةَ يُنَفِّذُ فِي الْبِرِّ ويكفر في المعصية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه مسلم 1641، 8، عن عمران بن حصين.
2 في "ط": "وإن".
3 بل الحديث أخرجه الترمذي 1524 والنسائي في "المجتبى" 7/29، وابن ماجه 2124، 2125، وجاءت أحاديث في هذا الباب عن عائشة وابن عمر وجابر وعمران بن حصين.(11/76)
وَإِذَا نَذَرُوا نُذُورًا كَثِيرَةً لَا يُطِيقُهَا أَوْ مَا لَا يَمْلِكُ فَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفِي الْإِرْشَادِ1: فِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَصَحَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْعَقِدُ بِمَالِ غَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يُكْرَهُ إشْعَالُ الْقُبُورِ وَالتَّبْخِيرُ وَنَصَّ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أَوْ نَفْسِهِ ذَبَحَ كَبْشًا قِيلَ: مَكَانَهُ وَقِيلَ: كَهَدْيٍ م 2 وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَلْزَمَانِهِ وَعَنْهُ: إنْ قَالَ إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ كَذَا أَوْ نَحْوَهُ وَقَصَدَ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَنَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَيَذْبَحُ فِي مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ كَبْشًا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِهِ قَالَ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ على الفرق بين النذر واليمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"2مَسْأَلَةٌ -2: فِيمَنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَقُلْنَا يَذْبَحُ كَبْشًا فَقَالَ: قِيلَ: مَكَانَهُ وَقِيلَ: كَهَدْيٍ انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَذْبَحُهُ مَكَانَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ الْهَدْيِ2".
تَنْبِيهٌ3: لَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ وَنَحْوِهِ. قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَصْرِفُهُ كَزَكَاةٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا4 وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحَيْضِ5 لَمَّا ذَكَرَ كَفَّارَةَ الْوَطْءِ فِيهِ وَمَا يَجِبُ بِذَلِكَ قَالَ: وَهُوَ كَفَّارَةٌ قَالَ الْأَكْثَرُ: يَجُوزُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا وَمَنْ له أخذ الزكاة لحاجته. انتهى.
__________
1 ص 410.
2 ليست في "ح".
3 لم يرد هذا التنبيه في النسخ الخطية وقد أثبت من "ط".
4 تقدم ص 73.
5 1/360.(11/77)
وَلَوْ نَذَرَ طَاعَةً1 حَالِفًا بِهَا أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا خِلَافٍ عَنْ أَحْمَدَ فَكَيْفَ لَا يُجْزِئُهُ إذَا نَذَرَ مَعْصِيَةً حَالِفًا بِهَا فَعَلَى هَذَا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَلْزَمَانِ النَّاذِرَ وَالْحَالِفُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَتَصِيرُ سِتَّةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ: نَذَرَ شُرْبِ الْخَمْرِ لَغْوٌ فَلَا كَفَّارَةَ وَنَذْرُ ذَبْحِ وَلَدِهِ يُكَفَّرُ.
وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ: نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لَغْوٌ قَالَ: وَنَذْرُهُ لِغَيْرِ الله تعالى كَنَذْرِهِ لِشَيْخٍ مُعَيَّنٍ حَيٍّ2 لِلِاسْتِعَانَةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْهُ كَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَقَالَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا وَأَبُوهُ وَكُلُّ مَعْصُومٍ كَالْوَلَدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ مَا لَمْ نَقِسْ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْعَمُّ وَالْأَخُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وِلَايَةً. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ نَذَرَ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لِلنَّبِيِّ: يُصْرَفُ لِجِيرَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيمَتُهُ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَتْمَةِ وَيَتَوَجَّهُ كَمَنْ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ لَا يَصِحُّ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُكْسَرُ وَهُوَ لِمَصْلَحَتِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي النَّذْرِ لِلْقُبُورِ: هُوَ لِلْمَصَالِحِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ وَفِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ وَأَنَّ مِنْ الْحُسْنِ صَرْفُهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ المشروع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَجَعَلَ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَحُكِيَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَسَاكِينَ مَصْرِفُ الصَّدَقَاتِ وَحُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا وُجِدَتْ صَدَقَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةِ الصَّرْفِ انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً.
__________
1 في "ر": "طلقة".
2 ليست في الأصل.(11/78)
فَإِنْ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يُكَفِّرْ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي: بَلَى لِبُطْلَانِ1 الصَّلَاةِ بِدَارِ غَصْبٍ وَقِيلَ: حَتَّى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَفِي الْعُدَّةِ: قَاسَ أَحْمَدُ ذَبْحَ نَفْسِهِ عَلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيَاسِ ثَبَتَ بقول ابن عباس.
وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ قَالَ لِوَلَدِهِ وَاَللَّهِ لَأَذْبَحَنك فَهَلْ يَذْبَحُ كَبْشًا أَوْ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّذْرِ أَنَّ فِي نَذَرَ قَتْلِ نَفْسٍ مُحَرَّمَةِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّ فِي قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ: كَمَا تَقَدَّمَ لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ قَضَاهُ2 وهـ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا وم ش وَعَلَيْهِمَا: يُكَفِّرُ عَلَى الْأَصَحِّ خ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يَنْعَقِدُ وَلَا يَصُومُهُ وَيَقْضِي صَحَّ مِنْهُ الْقِرْبَةُ وَلَغَا تَعْيِينَهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ وَالطَّلَاقُ3 فِي زَمَنِ الْحَيْضِ صَادَفَ التَّحْرِيمَ يَنْعَقِدُ عَلَى قَوْلِهِمْ وَرِوَايَةٌ لَنَا كَذَا هُنَا.
وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنِ صَوْمٍ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ4 يَوْمِ الْحَيْضِ وَصَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وَقَدْ أَكَلَ كَذَا قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالصَّلَاةُ زَمَنَ الْحَيْضِ وَنَذْرَهُ صَوْمَ يوم تشريق كعيد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "كبطلان".
2 في الأصل: "قضى".
3 بعدها في "ط": "في".
4 في "ر": "صيام".(11/79)
وَفِي الْمُحَرَّرِ تَخْرِيجٌ وَلَوْ جَازَ كَنَذْرِ صَلَاةِ وَقْتٍ نُهِيَ وَنَذْرِ صَوْمِ اللَّيْلِ مُنْعَقِدٌ فِي النَّوَادِرِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ: لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنٍ لِلصَّوْمِ وَفِي الْخِلَافِ وَمُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يقدم فلان فقدم وهو مفطر قضى وش وعنه: لا وهـ م كَقُدُومِهِ لَيْلًا لَا يَصُومُ صَبِيحَتَهُ م.
وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُسْتَحَبُّ وَإِنْ قَدِمَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَنَوَى فَكَذَلِكَ وبِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ مِنْ قُدُومِهِ أَوْ كُلَّ الْيَوْمِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بعده فلغو وهـ فَعَلَى الْقَضَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: لَا وكَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ م 3 قَضَى في أحد الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: وَيُكَفِّرُ وَفِيهِ أَيْضًا: لَا يصح كحيض: وإن في إمساكه أوجها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ -3: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ وَهُوَ مُفْطِرٌ قَضَى وَعَنْهُ: لَا وَإِنْ قَدِمَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَنَوَى1 فَكَذَلِكَ.... وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ فَعَلَى "2الْقَضَاءِ فِي2" الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ ... وَعَنْهُ: لَا كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يوم أكل فيه، "3قضى في أحد الوجهين وفي الانتصار: ويكفر. انتهى. أطلق الوجهين فيمن نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ3". هَلْ يَقْضِي أم لا؟
الوجه الأول: الذي يظهر لِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ مَنْ نَذَرَتْ صَوْمَ حَيْضٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَنَّ النَّذْرَ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا تَقْضِي وَهُوَ الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْته فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَالَ: لَوْ قَالَتْ نَذَرْت صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ بِمُفْرَدِهِ أو نذر المكلف
__________
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".(11/80)
الثَّالِثُ: يَلْزَمُ فِي الثَّانِيَةِ. وَإِنْ قَدِمَ فِي رَمَضَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَقْضِي. وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ م 4. وَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ وَعَنْهُ: يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ وَفِي نِيَّةِ نَذْرِهِ وَجْهَانِ م 5.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ مَحَلَّ وِفَاقٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِيدِ وَذَكَرَ الْفَرْقَ وَحَكَى1 مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ كَحَيْضٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْضِي قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ.
مَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ فِي رَمَضَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَقْضِي وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَعَنْهُ يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ. وفي نية وجهان. انتهى.
__________
1 بعدها في "ط": "مسألة".
2 13/644.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/255.(11/81)
وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ. لَا1 لِأَنَّ صَوْمَهُ أَغْنَى عَنْهُمَا بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فِيهِ نَصَّ: عَلَيْهِ. وَذَكَرَ أَيْضًا إذَا نَوَى صَوْمَهُ عنهما فقيل: لغو وقيل: يجزئه عن رَمَضَانَ. وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ قُدُومِهِ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبَيْنَ نَذْرِهِ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ أَبَدًا فَقَدِمَ يَوْمَ اثْنَيْنِ فَإِنَّ أَثَانِينَ رَمَضَانَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ نَذْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّ2 رَمَضَانَ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَثَانِينَ3 فَلِهَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ وَهُنَا يَنْفَكُّ قُدُومُهُ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا يَنْفَكُّ يَوْمُ الْخَمِيسِ عَمَّنْ نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَهُ فَحَاضَتْ فِيهِ أَنَّهَا تَقْضِي وَافَقَ عَلَيْهَا أَبُو يُوسُفَ.
وَإِنْ قَدِمَ وَهُوَ صَائِمٌ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ فَعَنْهُ: يَكْفِيهِ لهما وهـ وَالْأَصَحُّ يُتِمُّهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ. بَلْ يَقْضِي نذر القدوم كصومه في قضاء رمضان وهـ ش أو كفارة وهـ ش أيضا4 أو نذر مطلق وهـ ش أيضا4 وَإِنْ قَدِمَ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ قَضَى وَكَفَّرَ خ وَعَنْهُ: لَا وَعَنْهُ فِي الْكَفَّارَةِ وقيل عكسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ لِفَرْضِهِ وَنَذْرِهِ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ. قَالَ الْمَجْدُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ. قال في القواعد: وفي تعليله بعد.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ الخطية: "بأن" والمثبت من "ط".
3 في "ط": "اثنين".
4 ليست في "ر" و"ط".
5 13/644.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/255.(11/82)
وَإِنْ سَمِعَ قُدُومَهُ فَبَيَّتَ لِصَوْمِ نَهَارِ قُدُومِهِ كَفَاهُ ووَنَذْرُ اعْتِكَافِهِ كَصَوْمِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا: يَقْضِي بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لِصِحَّتِهِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ1 إلَّا إذَا اشْتَرَطَ لِصَوْمٍ فَكَنَذْرِ صَوْمِهِ. وَفِي صِحَّةِ نَذْرِ الْيَوْمِ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ وَجْهَانِ م 6.
وَإِنْ نَذَرَ صوم بعض يوم لزمه يوم وهـ ويتوجه وجه2، وإن نذر عبادة وطاعة لزمه3 وذكر أبو يعلى الصغير عن بعض أَصْحَابِنَا إنْ وَجَبَ جِنْسُهَا بِالشَّرْعِ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: إنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا أَوْ الصَّلَاةَ بِالْبَقَرَةِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَشْهَدَ جِنَازَةً أَوْ يُسَلِّمَ عَلَى زَيْدٍ احْتَمَلَ اللُّزُومُ وَالتَّخْيِيرُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ نَذَرَ صِفَةً فِي الْوَاجِبِ كَحَجِّهِ مَاشِيًا وَالصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ كَثِيرَةٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فَيُكَفِّرُ.
قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ الْجِهَادَ فِي جِهَةٍ لَزِمَهُ فِيهَا وَمِثْلُهُ تَجْهِيزُ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا لَا مَالَ فِيهِ كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَالْأَمْرِ بِمَعْرُوفٍ فَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَإِنْ عَيَّنَ وَقْتًا تَعَيَّنَ وَلَا يُجْزِئُهُ قبله وهـ كيوم يقدم فلان و.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ نَذْرِ الْيَوْمِ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ.
والوجه الثاني: يصح
__________
1 في الأصل: "الأيام".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "لزمته".(11/83)
وله تقديم الصدقة ووعند شَيْخِنَا: الِانْتِقَالُ إلَى زَمَنٍ أَفْضَلَ وَأَنَّ مَنْ نذر "1صوم النذر أو1" صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَلَهُ صَوْمُ يَوْمٍ2 وَإِفْطَارُ يَوْمٍ كَالْمَكَانِ قَالَ: وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ لِمَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَنْ يَتَمَتَّعَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أصحابه بذلك في حجة الوداع3.
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَصُومَهُ بِعَيْنِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ: وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي يَوْمٍ قَبْلَهُ صَامَهُ وَإِنْ أَفْطَرَهُ أَوْ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ قَضَاهُ وَلَوْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرِ مَرَضٍ م أو حيض م كنذر اعتكافه ووابتدأه4 مُتَتَابِعًا مُوَاصِلًا لِتَتِمَّتِهِ. وَعَنْهُ: لَهُ تَفْرِيقُهُ وهـ م وَوَافَقَا فِي الِاعْتِكَافِ وَعَنْهُ: وَتَرْكُ مُوَاصَلَتِهِ5 ووينبني مَنْ لَا يُقْطَعُ عُذْرُهُ تَتَابُعُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ.
وَيُكَفِّرُ ش وَلَوْ لَمْ يَنْوِ يَمِينًا هـ وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَعَنْهُ فِيهِ: يَفْدِي فَقَطْ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَإِنْ جُنَّ الشَّهْرُ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْأَصَحِّ هـ وَصَوْمُهُ فِي ظِهَارٍ كَفِطْرِهِ وَقِيلَ: لَا يُكَفِّرُ وهـ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ يَوْمًا ابْتَدَأَ وَيُكَفِّرُ ش وَلَا يَقْضِيهِ وَحْدَهُ هـ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ: أَوْ أَيَّامًا غَيْرَ ثَلَاثِينَ وَعَنْهُ: أَوْ هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ خ وعنه:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 ليست في "ط".
3 تقدم تخريجه 5/331.
4 أي: القضاة.
5 في الأصل: "موافقته".(11/84)
بشرط أَوْ نِيَّةٌ ووَفِي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما روايتا حج قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ ووَمَعَ الْعُذْرِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بلا كفارة أو يبنى فهل يتم ثلاثين أَوْ الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 7 وَيُكَفِّرُ وفيها رواية وم ش كَشَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَفْطَرَهُ بلا عذر كفر. وهل ينقطع فيستأنفه أَمْ لَا فَيَقْضِي مَا تَرَكَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ: هَلْ يُتِمُّهُ أَوْ يَسْتَأْنِفُهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُكَفِّرُ ويستأنفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ: أَوْ أَيَّامًا غَيْرَ ثَلَاثِينَ وَعَنْهُ: أَوْ هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ.... وَفِي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما، "1روايتا حجّ1" قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ انْتَهَى.
قُلْت: قَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: لَوْ حَجَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَحَجٌّ مَنْذُورٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْمَنْذُورَةِ مَعَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي أَرَادَهَا فِي الْوَاضِحِ فِيمَا يَظْهَرُ فَعَلَى هَذَا لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا فِيهَا الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وَمَعَ عُذْرٍ يخير بينه بلا كفارة أو يبنى فهل يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أَوْ الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مِثْلُ مَا إذَا آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ هَلْ يَسْتَوْفِي بِالْعَدَدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَوْ يُكْمِلُ الشَّهْرَ؟ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: يُكْمِلُ الشَّهْرَ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا فَعَلَى الْأَوَّلِ: يُتِمُّ ثَلَاثِينَ.
__________
1 في "ط": "روايتان".(11/85)
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَعُمَّ رَمَضَانَ وَأَيَّامَ النَّهْيِ. وَعَنْهُ: بَلَى فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَفِيهَا وَجْهٌ وَعَنْهُ: يَعُمُّ أَيَّامَ النَّهْيِ خَاصَّةً كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ أَبَدًا فَيَقْدَمُ يَوْمَ اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَدَاخَلُ فِي أَثَانِينَ رَمَضَانَ وَإِنْ قَالَ: سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ مَا فِي شَهْرٍ.
وَيَصُومُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النَّهْيِ فَيَقْضِي قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَصُومُ مَعَ التَّفَرُّقِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ صِيَامَهَا مُتَتَابِعَةً وَهِيَ عَلَى مَا بِهَا مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ تَمَامٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَعُمُّ الْعِيدَ ورمضان وفي التشريق روايتان وعنه: يقضي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ مَا فِي شَهْرٍ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لُزُومُ التَّتَابُعِ فِي الشَّهْرِ كَمَا قَدَّمَهُ المصنف فكذا يكون في السنة.(11/86)
الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ إنْ أَفْطَرَهَا. وَفِي الْكَافِي1: إنْ لزم التتابع فكمعينة وإن قال سنة من2 الْآنَ أَوْ وَقْتَ كَذَا فَكَمُعَيَّنَةٍ وَقِيلَ كَمُطْلَقَةٍ.
ويلزمه3 صَوْمُ الدَّهْرِ بِنَذْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ اسْتَحَبَّ فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ م 8 ولا يدخل رمضان وقيل: بل قضاء4 فِطْرَهُ مِنْهُ لِعُذْرٍ وَيَوْمِ نَهْيٍ وَصَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهَا مَعَ صَوْمِ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمًا فَتَرَكَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يُطْعِمُ فَقَطْ وَقِيلَ: يُكَفِّرُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً كَغَيْرِ صَوْمٍ. وَفِي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ بِصِيَامٍ عَنْهُ وَسَبَقَ5 فِي فِعْلِ الْوَلِيِّ عَنْهُ أنه ذكره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ- 8: قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ الدَّهْرِ بِنَذْرِهِ فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ واجب بنذره قبل الكفارة.
والاحتمال الثاني يصح.
__________
1 6/78.
2 ليست في "ط".
3 في "ر" و "ط": "ويلزم".
4 في "ط": "قضى".
5 5/70.(11/87)
الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَكَذَا إنْ نَذَرَهُ عَاجِزًا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ مَا كَانَ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ1 وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَوْ نَذَرَ مَعْضُوبٌ أَوْ صَحِيحٌ أَلْفَ حَجَّةٍ لَزِمَهُ. وَيُحَجُّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ: لَا يُطِيقُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ مِنْهُ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا فَقَالَ: الْقَادِرُ عَلَى فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يكفر لقوله: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" 2 وَلِأَمْرِهِ لِأُخْتِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنْ تَمْشِيَ وَتُكَفِّرَ3 فَأَمَّا إنْ نَذَرَ مَنْ لَا يَجِدُ زَادًا وَلَا4 رَاحِلَةً الْحَجَّ فَإِنْ وَجَدَهُمَا لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ فِي فِعْلِ الْوَلِيِّ عَنْهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الدَّيْنِ مَا يَعْجَزُ عَنْ أَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ كما لو نذرا ألف حجة و5 الصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ بِرِضَاهُ وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَتْلَفَهُ كَفَّرَ كَتَلَفِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ فِي الْفَائِتِ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّ غَايَةَ الْعِتْقِ جِهَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَلَا غَايَةَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ أُضْحِيَّةٍ نَذَرَ لِبَقَاءِ جِهَةِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَقِيلَ: قِيمَتُهُ فِي رِقَابٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 76.
2 تقدم تخريجه ص 68.
3 أخرجه أبو داود 3295، وأحمد 2134، من حديث ابن عباس.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "أو".(11/88)
وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ موضع1 مِنْ الْحَرَمِ أَوْ مَكَّةَ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ. غَيْرَ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي أَحَدِهِمَا: لِأَنَّهُ مَشَى إلَى عِبَادَةٍ وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَنْوِ إتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ مَشْيٍ مِنْ مَكَانِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لَوْ نَذَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ لَمْ يَجُزْ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ مِنْ الْأَبْعَدِ مِنْ إحْرَامِهِ أَوْ مِيقَاتِهِ وَقِيلَ هُنَا: أَوْ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى أَمْنِهِ فَسَادَهُ بِوَطْئِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ تَرَكَهُ وَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ بِمَوْضِعٍ كَنَذْرِ التَّحَفِّي وَنَحْوِهِ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَادِرًا. وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً ثَالِثَةً: لَا كَفَّارَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: مَا قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ خَطِيبًا إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ قَالَ: وَقَالَ: "أَلَا وَإِنَّ مِنْ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرِمَ أَنْفَهُ أَلَا وَإِنَّ مِنْ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَإِذَا نَذَرَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَلْيُهْدِ هَدْيًا وَلْيَرْكَبْ".
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ صَالِحٍ وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ صَالِحٍ. وَقَالَ: "فَلْيُهْدِ بَدَنَةً وَلْيَرْكَبْ". وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ أَنَّ عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ وَابْنِ المديني وأبي حاتم والبيهقي وغيرهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر" و "ط": "مكان".
2 في "مسنده" 19857.
3 في "السنن الكبرى" 10/80.(11/89)
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ1: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ عَنْ الْحَسَنِ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا سَبَقَ فِي التَّدَاوِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ بِهِ فَإِنَّ مَنْ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ" 2 وَهَذَا إسْنَادٌ مَشْهُورٌ جَيِّدٌ وَشَرِيكٌ حَدِيثُهُ حَسَنٌ.
وَعَنْهُ: دَمٌ. وَفِي الْمُغْنِي3: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا.
وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَالرِّوَايَتَانِ لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ طَاعَةٍ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى لَزِمَهُ وَالصَّلَاةُ وَيَتَوَجَّهُ مُرَادُهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ لِأَفْضَلِيِّهِ بَيْتِهَا.
وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ ركعتين4 ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ وَمَذْهَبُ م عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلى المدينة أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَأْتِيهِمَا أَصْلًا إلَّا أن يريد الصلاة في مسجديهما فليأتهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَالرِّوَايَتَانِ يَعْنِي اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قَبْلُ فِي وُجُوبِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ دَمٍ وَقَدَّمَ وُجُوبَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
__________
1 برقم 20000.
2 مسند أحمد 19917.
3 أي "لزمه صلاة ركعتين".
4 ص 89.(11/90)
وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ"1 فَطَوَافَانِ نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رِجْلَيْهِ وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ م 9.
وَمِثْلُهُ نَذَرَ السَّعْيِ عَلَى أَرْبَعٍ1" ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أَوْ الْحَجَّ حَافِيًا حاسرا. أو المرأة الحج حاسرة وفي بالطاعة وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ م 10 و 11 وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ2 هَذَا الْعَامَ فَلَمْ يَحُجَّ ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى فِي الْعَامِ الثَّانِي فَيَتَوَجَّهُ: يَصِحُّ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِفَوْتِهَا وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الأولى. وفي المعذور الخلاف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ -9: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ فطوافان نص عليه قال شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رجليه وفي الكفارة وَجْهَانِ. انْتَهَى.
يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَا: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِإِخْلَالِهِ بِصِفَةِ نَذْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ 10 و 11: قَوْلُهُ: ومثله نذر السعي على أربع ذكره في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أَوْ حجا
__________
1 يعني- والله أعلم- أربع أرجل.
2 بعدها في "ط": "هذا".
3 13/658.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/249.(11/91)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
حافيا حاسرا أو المرأة الحج حاسرة وفي بِالطَّاعَةِ وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذكر مسألتين:
مسألة 10: السعي على أربع.
وَمَسْأَلَةُ 11: نَذْرُ الطَّاعَةِ عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ.
وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ أَيْضًا: فَإِنْ قال1: حَافِيًا حَاسِرًا كَفَّرَ وَلَمْ يَفْعَلْ الصِّفَةَ وَقِيلَ: يَمْشِي مُنْذُ أَحْرَمَ. انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هَذِهِ الْمَسَائِلَ وَعَدَدَهَا وَقَالَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَإِلْغَاءٌ لِتِلْكَ الصِّفَةِ وَيَخْرُجُ فِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ وَلَكِنْ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ: يُكَفِّرُ يَمِينَهُ وَلَا يَقْرَأُ. انْتَهَى. وَالصَّوَابُ الْإِتْيَانُ بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَاسَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَ مَا قَبْلَهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
__________
1 في "ط": "كان".(11/92)
فَصْلٌ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ
نَصَّ عَلَيْهِ وهـ ش لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23- 24] . وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: يَلْزَمُ وَاخْتَارَهُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عَنْ عِوَضِ الْمُتْلِفِ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ؟ قَالَ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ وَقَالَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ ابن شبرمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/92)
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: أَجَلْ مَنْ1 قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِقَوْلِهِ: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله} الآية [الصف:3] . وَلِخَبَرِ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ" 2 وَحَمْلًا عَلَى وَعْدٍ وَاجِبٍ وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ "الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ" وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ "الْعِدَةُ دَيْنٌ" وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى "وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ يُخْلِفُهُ" 3. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ "ثم لا يفي له"، "فإن الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ" وَفِيهِ "وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ" وَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " لَا تُمَارِ أَخَاك وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ ثُمَّ تُخْلِفْهُ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ5 وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ مِنْ الْكَذِبِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ كَقَوْلِهِ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: 69] . وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ6 عُوقِبُوا عَلَى تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْقَسَمِ قَالَ: لَا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَعَلَى أَنَّ الوعيد عليهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ما".
2 أخرجه البخاري 33، ومسلم 59، 107، من حديث أبي هريرة.
3 قال الإمام النووي في "شرح" 16/161، بعد أن ذكر الحديث: ذكر أبو مسعود أن مسلما روى هذه الزيادة في كتابه وذكرها أيضا أبو بكر البرقاني في هذا الحديث، وليست عندنا في كتاب مسلم. وهو عند الدارمي 2/388، 2715.
4 في "سننه" 46.
5 في "سننه" 1995.
6 إشارة إلى قوله تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17- 18] .(11/93)
وَمَذْهَبُ "م": يَلْزَمُ لِسَبَبٍ كَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ1 تَزَوَّجْ وَأُعْطِيك كَذَا وَاحْلِفْ لَا تَشْتُمْنِي وَلَك كَذَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ2 عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَا يُعْرَفَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا "إذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ وَلَمْ يَجِئْ لِلْمِيعَادِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ" وَتَقَدَّمَ آخِرَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ3 الْعَهْدُ وَأَنَّهُ غَيْرُ الْوَعْدِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَالْأَمَانِ وَالذِّمَّةِ وَالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ "وَإِنَّا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت" 4.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْعَهْدُ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ الَّذِي يَحْسُنُ فِعْلُهُ وَالْوَعْدُ مِنْ الْعَهْدِ. وَقَالَ فِي {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34] . عَامٌّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ فَهُوَ من العهد. "5والله سبحانه وتعالى أعلم5".
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 أبو داود 4495، والترمذي 2633.
3 10/453.
4 أخرجه البخاري 6306، من حديث شداد بن أبي أوس.
5 ليست في "ر" و"ط".(11/94)
كتاب القضاء
مدخل
*
...
كتاب القضاء
وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ أَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ في السفر1 وهوالمذهب عَلَى أَنْوَاعِ الِاحْتِمَالِ وَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُهَا دِينًا وَقُرْبَةً فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَإِنَّمَا فَسَدَ حَالُ الْأَكْثَرِ لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ بِهَا.
وَمَنْ فَعَلَ مَا يُمْكِنُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ2 عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ مَرْفُوعًا "مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ".
وَعَنْهُ: سُنَّةً نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا يُسَنُّ دُخُولُهُ فِيهِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُعْجِبُنِي هُوَ أَسْلَمُ وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "لَيَأْتِيَن عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ سَاعَةٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ" 3.
فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَصِّبَ بِكُلِّ إقْلِيمٍ قَاضِيًا أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَتَحَرِّي الْعَدْلَ وَأَنْ يَسْتَخْلِفَ بِكُلِّ صُقْعٍ أَصْلَحَ مَنْ يَجِدُ لَهُمْ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ مَنْ يَكْتَفِي بِهِ وَمَنْ طَلَبَ وَلَمْ يُوثَقْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ أَهَمَّ مِنْهُ تَعَيَّنَ وَقِيلَ: وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلٍ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ إزَالَتَهُ أُثِيبَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ لِيَخْتَصَّ بِالنَّظَرِ أبيح فإن ظن عدم تمكينه فاحتمالان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرج أبو داود 2608، عن أبي سعيد الخدري أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمروا أحدهم".
2 في صحيحه 142، 229.
3 أخرجه أحمد في "مسنده" 24464، وفيه "يوم القيامة ساعة..".(11/97)
وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِخَوْفِهِ مَيْلًا وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيَتَوَجَّهُ كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ م 1.
فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ وَعَنْهُ: لَا لِقَصْدِ الْحَقِّ وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: بَلْ يُسْتَحَبُّ إذَنْ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحْرُمُ بِدُونِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لِقَصْدِ الْمَنْزِلَةِ وَالْمُبَاهَاةِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ طَائِفَةٌ كَرِهَتْهُ إذَنْ وَطَائِقَةٌ لَا.
قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ" 1. وَالْمُرَادُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلٌ لَهُ وَإِلَّا حرم وقدح فيه وش وَغَيْرُهُمْ.
وَإِنْ طَلَبَ لَمْ يُجَبْ وَقِيلَ: الْإِجَابَةُ أَفْضَلُ إنْ أَمِنَ نَفْسَهُ وَقِيلَ: مَعَ خُمُولِهِ وَقِيلَ: أَوْ فَقْرِهِ وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: الرَّجُلُ فِي الْغَزْوِ يُرِيدُ الْوَالِي يَجْعَلُهُ عَلَى الثُّغَرِ2 أَوْ عَلَى ضُعَفَاءَ وَهُوَ لَا يُحِبُّ يَعْرِفُهُ الْوَالِي قَالَ: لَا بَأْسَ فَرَاجَعْته فَقَالَ: أَرَى إنْ كَانَ عِنْدَهُ نَجْدَةٌ يَرْجُو أَنْ يَنْجُوَا بِسَبَبِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ مَا أَحْسَنَهُ!
وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ وَأَخْذُهُ وَطَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ. وظاهر تخصيصهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيَتَوَجَّهُ كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ. انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ: التَّرْكُ وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه الآن.
__________
1 أخرجه أبو داود 3575.
2 في الأصل: "النفراء". وفي "ر": "النفر"، والمثبت من "ط".(11/98)
الْكَرَاهَةُ بِالطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَوْلِيَةُ الْحَرِيصِ ولا ينفي أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يُكْرَهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: "إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي هَذَا الْعَمَلَ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ" وَقَدْ قَالَ فِي الْغُنْيَةِ فِي إمَامِ الصَّلَاةِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إمَامًا مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ لِمَا رَآهُ مِنْ المصلحة لقومه لا لمصلحة نفسه2.
وتصح وِلَايَةُ مَفْضُولٍ وَقِيلَ: لِلْمَصْلَحَةِ.
وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ3 تَوْلِيَةُ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ وَأَنْ4 يُعْرَفَ الْمُوَلَّى صَالِحًا لِلْقَضَاءِ وَتَعْيِينُ مَا يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ وَبَلَدٍ وَعَنْهُ: وَعَدَالَةُ الْمُوَلَّى وَعَنْهُ: سوى الإمام.
وَصَرِيحُ التَّوْلِيَةِ: وَلَّيْتُك الْحُكْمَ أَوْ قَلَّدْتُكَهُ أَوْ فَوَّضْت أَوْ رَدَدْت أَوْ جَعَلْت إلَيْك الْحُكْمَ أَوْ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ اسْتَنَبْتُكَ فِي الْحُكْمِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُهَا وَقَبِلَ الْمُوَلَّى الْحَاضِرُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ الْغَائِبُ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَوْ شَرَعَ غَائِبٌ فِي الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: يَشْتَرِطُ فَوْرِيَّةَ الْقَبُولِ مَعَ الْحُضُورِ.
وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ: اعْتَمَدْت أو عولت عليك ووكلت أو أسندت-
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 البخاري 7149، مسلم 1733، 7.
2 أخرجه الدارقطني 2/137.
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات"، 1/326 والدارقطني 2/137 والطبراني في "الكبير" 5285.
4 بعدها في "ر": "لم".(11/99)
إلَيْك فَتَنْعَقِدُ بِقَرِينَةٍ نَحْوُ: فَاحْكُمْ.
وَالْأَوْلَى مُكَاتَبَتُهُ بِهَا إنْ كَانَ بِبَلَدٍ آخَرَ.
وَتَثْبُتُ بِشَاهِدِينَ وَالْأَصَحُّ: وَبِاسْتِفَاضَةٍ مَعَ قُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا كَخَمْسَةِ أيام وأطلق الآدمي: أو1 استفاضة وظاهره مع البعد وهو متجه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "و".(11/100)
فصل وتقيد ولاية الحكم العامة
وَيَلْزَمُ بِهَا فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَأَخْذُ الْحَقِّ وَدَفْعُهُ لِرَبِّهِ وَالْحَجْرُ لِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ وَالنَّظَرُ فِي مَالِ غَيْرِ رَشِيدٍ وَالنَّظَرُ فِي وُقُوفِ عَمَلِهِ لِيَعْمَلَ بِشَرْطِهَا وَفِي مَصَالِحِ طُرُقِ عَمَلِهِ وَأَفْنِيَتِهِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا وَتَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا وَتَصَفُّحُ حَالِ2 شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ مَا لَمْ يُخَصَّا بِإِمَامٍ وَكَذَا جِبَايَةُ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: فِي الْخَرَاجِ قَالَ التَّبْصِرَةُ: وَالِاحْتِسَابُ عَلَى الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامُهُمْ بِالشَّرْعِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: مَا يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى مِنْ اللَّفْظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَمِيرُ الْبَلَدِ إنَّمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْأَدَبِ وَلَيْسَ إلَيْهِ الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالْحُدُودُ وَالرَّجْمُ إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إلَى الْقَاضِي. وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ وَأَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا فِي أَحَدِهِمَا: أَوْ فِيهِمَا فَيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ أَوْ خَاصَّهُ بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي مُقِيمٍ بِهَا وَطَارِئٍ إلَيْهَا فَقَطْ وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ مَحَلُّ حكمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
2 ليست في الأصل.(11/100)
وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا كَتَعْدِيلِهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
وَلَهُ تَوْلِيَةُ حَاكِمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ قِيلَ: إنْ اتَّحَدَ عِلْمُهُمَا1 وَقِيلَ: أَوْ الزَّمَنُ أَوْ الْمَحَلُّ فَلَا ويقدم قول الطالب ولو عند نائب وفإن اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا.
"2قَالَ حَرْمَلَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْلَا شُعْبَةُ مَا عُرِفَ الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ كَانَ يَجِيءُ إلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَهُ لَا تُحَدِّثْ وَإِلَّا اسْتَعْدَيْت عليك السلطان2".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "علمهما".
2 ليست في الأصل.(11/101)
وَفِي الرِّعَايَةِ: يُقَدَّمُ مِنْهُمَا مَنْ طَلَبَ حُكْمَ الْمُسْتَنِيبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَنَازَعَا أَقَرَعَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَا فِي الْحَاجِزِ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ لَيْسَ الْحَاكِمُ فِي وِلَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَإِلَى الْوَالِي الْأَعْظَمُ. وَقَالَ شَافِعِيٌّ: أَيُّهُمَا سَبَقَ إلَيْهِ بِالدَّعْوَى تَعَيَّنَ حُكْمُهُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْمَكَانَ لَيْسَ تَحْتَ وِلَايَتِهِمَا فلا عدوى.
وَيُشْتَرَطُ كَوْنِ الْقَاضِي بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنْ فُسِّقَ بِشُبْهَةٍ فَوَجْهَانِ مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْفَرَجِ فِي كُتُبِهِ كَوْنَهُ بَالِغًا. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ: لَا نَعْرِفُ فِيهِ رِوَايَةً فَإِنْ سَلِمَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَإِنْ سَلِمَ بَصِيرًا حُرًّا وَفِيهِمَا وَجْهٌ وَقِيلَ بِهِ فِي عَبْدٍ قَالَهُ ابن عقيل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/102)
وَأَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَيْضًا فِيهِ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُجْتَهِدًا إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ. وَفِي الْإِفْصَاحِ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ1 لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَجَوَازُ الِانْتِقَالِ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ2 الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَا فَهِمَهُ هَذَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ" 3. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْوَصَايَا4 وروى البيهقي5 من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 345.
2 بعدها في الأصل: "الأئمة".
3 ينظر "كشف الخفاء" 1/66.
4 شرح مسلم لللإمام النووي 11/91.
5 في المدخل 152.(11/103)
رِوَايَةِ جُوَيْبِرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَلْقَهُ مَرْفُوعًا "مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَالْعَمَلُ بِهِ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَسُنَّةِ نَبِيٍّ مَاضِيَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةُ نَبِيٍّ فَمَا قَالَ أَصْحَابِي إنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ فَأَيُّهَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ" ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْبِرٍ أَيْضًا عَنْ جَوَابِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا بِنَحْوِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إسْنَادٌ. وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ صَحَّحَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أُبَيٌّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَصْحَابَ محمد لَمْ يَخْتَلِفُوا لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَمْ تَكُنْ رُخْصَةٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: اختلاف أصحاب محمد رَحْمَةٌ لِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَهْلُ الْعِلْمِ أَهْلُ تَوْسِعَةٍ1.
وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: وَمُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ وَاخْتِيَارٌ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُقَلِّدًا وَقِيلَ فِيهِ: يُفْتِي ضَرُورَةً. وَقَالَ ابْنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ينظر هذه الآثار في "كشف الخفاء" 1/66.(11/104)
بَشَّارٍ: مَا أَعِيبُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِأَحْمَدَ يُفْتِي بِهَا وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ: يُفْتِي غَيْرُ مُجْتَهِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى الْحَاجَةِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ كَتَبَ فِيهَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ وَقَضَاؤُهُ بِمَا يَشَاءُ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ مَا يُؤْخَذُ بِهِ فَعَلَى هَذَا يُرَاعِي أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرِهَا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وظاهره أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/105)
يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ فَيَتَوَجَّهُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ فِي مُجْتَهِدٍ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ: قَوْمٌ يُفْتُونَ هَكَذَا يَتَقَلَّدُونَ قَوْلَ الرَّجُلِ وَلَا يبالون بالحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/106)
وَقَالَ أَحْمَدُ لِأَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ: أَلَا تَعْجَبُ؟ يُقَالُ لِلرَّجُلِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَقْنَعُ وَقَالَ فُلَانٌ فَيَقْنَعُ. وَقَالَ لَهُ أَبُو دَاوُد: الرَّجُلُ يَسْأَلُ أَدِلَّةً عَلَى إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ قَالَ: إذَا كَانَ يُفْتِي بِالسُّنَّةِ لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ أَحَدٍ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: عَجَبًا لِقَوْمٍ عَرَفُوا الْإِسْنَادَ وَصِحَّتَهُ يَدَعُونَهُ ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] ، الفتنة الكفر.
وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْكِتَابَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ وَشَيْخُنَا: وَرِعًا وَقِيلَ: وَزَاهِدًا وَأَطْلَقَ فِيهِمَا فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا مُغَفَّلًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا بَلِيدًا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا نَافِيًا لِلْقِيَاسِ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ. وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ وَأَنَّ عَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ فَيُوَلِّي لِعَدَمٍ أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ وَأَقَلِّهِمَا شَرًّا وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأَعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ فِيمَنْ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ: يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى أَعْدِلَ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَاسِقٌ عَالِمٌ أَوْ جَاهِلُ دِينٍ قُدِّمَ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ إذَنْ وَقَدْ وَجَدْت بَعْضَ فُضَلَاءِ أَصْحَابِنَا فِي زَمَنِنَا كَتَبَ لِلْأُنْسِ بِهِ مَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/107)
يُوَافِقُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الخوارزمي: الولاية1 أُنْثَى تَكْبُرُ وَتَصْغُرُ بِوَالِيهَا وَمَطِيَّةٍ تَحْسُنُ وَتَقْبُحُ بِمُمْتَطِيهَا. فَالْأَعْمَالُ بِالْعُمَّالِ كَمَا أَنَّ النِّسَاءَ بِالرِّجَالِ والصدور مجالس2 ذَوِي الْكَمَالِ. وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ كَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْأَسَنَّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخَلْقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ أَكْمَلُ فِي الصِّفَاتِ.
وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مَعَ أَهْلِيَّتِهِ وَكَانَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الحارث الخزاعي3- وَهُوَ صَحَابِيٌّ خِلَافًا لِلْوَاقِدِيِّ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِعُسْفَانَ فَقَالَ لَهُ: مَنْ اسْتَعْمَلْت عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ يَعْنِي مَكَّةَ لِأَنَّ الْوَادِيَ مُنْفَرِجٌ مَا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَقَالَ: ابْنُ أَبْزَى يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى مَوْلَى نَافِعٍ هَذَا وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟ فَقَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا فَقَالَ: اسْتَخْلَفْت عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ فَقَالَ: إنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالَمٌ بِالْفَرَائِضِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا إنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ4 وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: عَالَمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَاضٍ.
وَلَا يَمْنَعُ ذَهَابُ عَيْنِ وِلَايَةِ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى ذكره أصحابنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "لولاية".
2 في "ر" و"ط": "مجلس".
3 ليست في "ط".
4 مسلم 817، 269، أحمد 232.(11/108)
فَصْلٌ وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْحَقِيقِيَّةَ وَالْمَجَازَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ
وَالْمُبَيَّنَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْعَامَّ وَالْخَاصَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَصَحِيحَ السُّنَّةِ وَسَقِيمَهَا وَتَوَاتُرَهَا وَآحَادَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَالْمُجْمَعَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ وَالْقِيَاسَ وَشُرُوطَهُ وَكَيْفَ يَسْتَنْبِطُ وَالْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ1 بِحِجَازٍ وَشَامٍ وَعِرَاقٍ. فَمَنْ عَرَفَ أَكْثَرَهُ صَلُحَ لَلْفَتَيَا وَالْقَضَاءِ وَقِيلَ: وَيَعْرِفُ أَكْثَرَ الْفِقْهِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: مَنْ حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا. وَعَنْهُ: يَجُوزُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَهُ لِخَوْفِهِ عَلَى خُصُومٍ مُسَافِرِينَ فَوْتُ رُفْقَتِهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَيَتَجَزَّأُ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي بَابٍ لَا مَسْأَلَةٍ.
وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَنْعُ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا قَالَ شَيْخُنَا: وَأَكْثَرُ مَنْ تَمَيَّزَ فِي الْعِلْمِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِينَ إذَا نَظَرَ وَتَأَمَّلَ أَدِلَّةَ الْفَرِيقَيْنِ بِقَصْدٍ حَسَنٍ وَنَظَرٍ تَامٍّ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا: لَكِنْ قَدْ لَا يَثِقُ بِنَظَرِهِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّ عِنْدَهُ مَا لَا يَعْرِفُ جَوَابَهُ وَالْوَاجِبُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مُوَافَقَتُهُ لِلْقَوْلِ الذي ترجح عنده بلا دعوى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/109)
مِنْهُ لِلِاجْتِهَادِ كَمُجْتَهِدٍ فِي أَعْيَانِ الْمُفْتِينَ وَالْأَئِمَّةِ إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا: قَلَّدَهُ.
وَالدَّلِيلُ الْخَاصُّ الَّذِي يُرَجِّحُ بِهِ قَوْلًا عَلَى قَوْلٍ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ دَلِيلٍ عَامٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا: أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ. وَعِلْمُ أَكْثَرِ النَّاسِ بِتَرْجِيحِ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ أَيْسَرُ مِنْ عِلْمِ أَحَدِهِمْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا: أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ.
وَيَجِبُ أَنْ يُنَصِّبَ1 عَلَى الْحُكْمِ دَلِيلًا وَأَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ والسنة والإجماع وتكلم فيها الصحابة وإلى اليوم2 بِقَصْدٍ حَسَنٍ بِخِلَافِ الْإِمَامَيْنِ3. وَقَالَ أَيْضًا: النَّبِيهُ الَّذِي سَمِعَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَأَدِلَّتَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَهُ مَا يَعْرِفُ بِهِ رُجْحَانَ الْقَوْلِ قَالَ: وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يَبْتَدِئَ النَّاسَ بِقَهْرِهِمْ عَلَى تَرْكِ مَا يُسَوِّغُ وَإِلْزَامِهِمْ بِرَأْيِهِ وَاعْتِقَادِهِ4 اتِّفَاقًا فَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ لِغَيْرِهِ مِثْلُهُ وَأَفْضَى إلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ. نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ5: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ الشيء بالشيء ويقيس إلا رجل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "الله". ينظر: "الاختيارات" ص 333.
2 في "ط": "الآن".
3 في النسخ الخطية و "ط": "الإمامين" والمثبت من "الاختيارات" 333.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 ليست في "ر" و"ط".(11/110)
عَالِمٌ كَبِيرٌ يَعْرِفُ كَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا يَجُوزُ الِاخْتِيَارُ إلَّا لِعَالِمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُمَيِّزٍ فَيَخْتَارُ الْأَقْرَبَ وَالْأَشْبَهَ بِهِمَا فَيَعْمَلُ بِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ حَاكِمًا وَلَا يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ1 وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وَفَرْضِهِ وَأَدَبِهِ عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَالِمًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ عَاقِلًا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُشْتَبِهِ; وَيَعْقِلُ الْقِيَاسَ عَدْلًا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَاشْتَرَطَ فِي الْقَدِيمِ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا كَيْفَ يَأْخُذُ الْأَحَادِيثَ فَلَا يَرُدُّ مِنْهَا ثَابِتًا وَلَا يُثْبِتُ مِنْهَا ضَعِيفًا وَسُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَتَى يُفْتِي الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَثَرِ بَصِيرًا بِالرَّأْيِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إمَامًا حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَصِحُّ مِمَّا لَا يَصِحُّ حَتَّى لَا يَحْتَجَّ بِكُلِّ شَيْءٍ وَحَتَّى يَعْلَمَ مَخَارِجَ الْعِلْمِ.
وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى أصوله وجهان م 2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى أُصُولِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَهُوَ أَوْلَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَقَدْ أَوْجَبَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى فُرُوعِهِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا فِي أَوَائِلِ كُتُبِهِمْ الْفُرُوعِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ: أَبْلَغُ مَا تَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَحْكَامِ الأحكام إتقان أصول
__________
1 في النسخ الخطية: "يقبل".(11/111)
وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ مَنْ ظَنَّهُ عَالِمًا. فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَوَجْهَانِ م 3 وَمَيِّتًا فِي الْأَصَحِّ وَالْعَامِّيُّ يُخْبِرُ فَقَطْ فَيَقُولُ: مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: النَّاظِرُ الْمُجَرِّدُ يَكُونُ حَاكِيًا "1لِمَا رَآهُ1" لَا مُفْتِيًا. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ كَانَ الْفَقِيهُ مُجْتَهِدًا يَعْرِفُ صِحَّةَ الدَّلِيلِ كَتَبَ الْجَوَابَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الدَّلِيلَ قال: مذهب أحمد كذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْفِقْهِ وَطَرَفٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ انْتَهَى. وَقَالَ القاضي شرف الدين بن2 قَاضِي الْجَبَلِ فِي أُصُولِهِ تَبَعًا لِمُسْوَدَّةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى: تَقْدِيمُ مَعْرِفَتِهَا عَلَى الْفُرُوعِ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ قُلْت: فِي غَيْرِ فَرْضِ الْعَيْنِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ عَكْسُهُ انْتَهَى.
فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ أَوْلَى كَلَامِ غَيْرِهِمْ فِي الْوُجُوبِ وينبغي أن يحمل على ما قلنا.
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ مَنْ ظَنَّهُ عَالِمًا فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدَّمَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْجَوَازُ قَدَّمَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي قُلْت: وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ هَلْ هُوَ الْعَدَالَةُ أَوْ الْفِسْقُ وَقَدْ نَقَلْت فِي ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْإِنْصَافِ3 فِي بَابِ طَرِيقِ الحكم وصفته فمن أراده فليطلبه هناك.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "من".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/480.(11/112)
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَذَا فَيَكُونُ مُخْبِرًا لَا مُفْتِيًا.
وَفِي الْمُغْنِي1 إنْ قِيلَ الْمُفْتِي يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا سَمِعَ قُلْنَا: لَيْسَ إذًا مُفْتِيًا بَلْ مُخْبِرٌ فَيَحْتَاجُ يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مُجْتَهِدٍ فَيَكُونُ مَعْمُولًا بِخَبَرِهِ لَا بِفُتْيَاهُ بَحَثَهُ لَمَّا اعْتَبَرَ الِاجْتِهَادَ.
وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ مَا قِيلَ: الشَّرْعُ. وَقِيلَ يُفْتِي مَسْتُورُ الْحَالِ وَيُفْتِي الْفَاسِقُ نَفْسَهُ وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وَتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: أَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَتَهَجَّمُ فِي المسائل والجوابات: وَقَالَ: لِيَتَّقِ اللَّهَ عَبْدٌ وَلْيَنْظُرْ مَا يَقُولُ فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ: وَقَالَ: يَتَقَلَّدُ أَمْرًا عَظِيمًا: وَقَالَ عَرَّضَهَا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَجِيءُ ضَرُورَةٌ قَالَ الْحَسَنُ: إنْ تَرَكْنَاهُمْ وَكَّلْنَاهُمْ إلَى غَيْرِ سَدِيدٍ2: وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءٌ إلَّا مِمَّنْ يُفْتِي بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ ما يستفتى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/15.
2 في الأصل: "شديد".(11/113)
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْهُ: لَسْت أُفْتِي فِي الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أبي حرب و1 سُئِلَ عَمَّنْ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ: يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى: يَمْرُقُ مِنْ دِينِهِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ ذَكَرَ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يُنْقِلُ عَنْ الْمِلَّةِ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إذَا هَابَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنْ يَقُولَ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي اللِّعَانِ فقال: سل2 رَحِمَك اللَّهُ عَمَّا تَنْتَفِعُ بِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: دَعْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ خُذْ فِيمَا فِيهِ حَدِيثٌ: وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيمَنْ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ وَقَفَهَا فِي حَيَاتِهِ هَلْ يَكُونُ وَقْفًا بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: السَّائِلُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الَّذِي يَزْجُرُهُ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْجُهَّالِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ. فَإِنَّ هَذَا السَّائِلَ إنَّمَا قَصَدَ التَّغْلِيطَ3 لَا الِاسْتِفْتَاءَ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ4. إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهَا أَمْ لَا؟ أَمَّا سُؤَالُهُ عَنْ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ مَعَ ظُهُورِ حُكْمِهِ فَتَلْبِيسٌ عَلَى الْمُفْتِي وَتَغْلِيطُ حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ وَقْفَهَا فِي الْحَيَاةِ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ قَوْلِ أَبِي مُوسَى: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عليه غضب. الحديث متفق عليه5.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "مثل".
3 في "ط": "التغليظ".
4 أخرجه أحمد في "مسنده" 23688، من حديث معاوية بن أبي سفيان عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نهى عن الغلوطات.
5 البخاري 92، مسلم 2360.(11/114)
قَالَ: يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ السُّؤَالِ قَالَ: وَلَا أَرَى ذَلِكَ مَكْرُوهًا إلَّا السُّؤَالَ عَمَّا لَا يَعْنِي أَوْ تَصْوِيرَ أَحْدَاثٍ لَمْ تَقَعْ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا إلَّا نَادِرًا فَلَا يُشْغَلُ بِهَا الْوَقْتُ الْعَزِيزُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِأَجْلِهَا عَنْ أَهَمَّ مِنْهَا. وَإِنْ اعْتَدَلَ عِنْدَهُ قَوْلَانِ وَقُلْنَا: يَجُوزُ أَفْتَى بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَحْوَطُ. وَلَهُ تَخْيِيرُ مَنْ أَفْتَاهُ بَيْنَ1 قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ أَرْجَحَ سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ أَدُلُّهُ عَلَى إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ؟ قَالَ: إذَا كان الذي أرشد إليه يتبع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "بنى".(11/115)
وَيُفْتِي بِالسُّنَّةِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ وَلَيْسَ كُلُّ قَوْلِهِ يُصِيبُ قَالَ: وَمَنْ يُصِيبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ قُلْت: يُفْتِي بِرَأْيِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يُتَقَلَّدْ مِنْ مِثْلِ هَذَا بِشَيْءٍ.
وَمُرَادُهُ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أحمد غاية ولهذا نقل أبو داود1 عنه: مَالِكٌ أَتْبَعُ مِنْ سُفْيَانَ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا: لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ مَالِكٍ وَلَا رَأْيُ أَحَدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَكْتُومُ: هَذِهِ الْفُصُولُ هِيَ أُصُولُ الْأُصُولِ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْبُرْهَانِ لَا يَهُولَنك مُخَالَفَتُهَا لِقَوْلٍ مُعَظَّمٍ فِي النَّفْسِ وَلِطَعَامٍ2 وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتَظُنُّ أَنَّا نَظُنُّ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ عَلَى الْخَطَإِ وَأَنْتَ عَلَى الصَّوَابِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ مَلْبُوسٌ عَلَيْك اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ3. وَقَالَ رَجُلٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ كَذَا فَقَالَ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مِنْ ضِيقٍ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَقَالَ أَيْضًا: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى أَقْوَمِ مِنْهَاجٍ وَأَحْسَنِ الْآدَابِ فَكَانَ أَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ ثُمَّ دَخَلَتْ آفَاتٌ وَبِدَعٌ فَأَكْثَرُ السَّلَاطِينِ يَعْمَلُونَ4 بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ لَا بِالْعِلْمِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ سِيَاسَةً وَالسِّيَاسَةُ هِيَ الشَّرِيعَةُ.
وَالتُّجَّارُ يَدْخُلُونَ فِي الرِّبَا وَلَا يَعْلَمُونَ وَقَدْ يعلمون ولا يبالون وصار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "و".
2 كذا، ولعلها: "لطغام".
3 أو رده القرطبي في "تفسيره" 1/340، والمناوي في "فيض القدير" 1/210.
4 في "ط": "يعلمون".(11/116)
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي تَخْلِيطٍ مِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى صُورَةِ الْعِلْمِ وَيَتْرُكُ الْعَمَلَ بِهِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُسَامَحُ لِكَوْنِهِ عَالِمًا وَقَدْ نَسِيَ أَنَّ الْعِلْمَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلرِّيَاسَةِ لَا لِلْعَمَلِ بِهِ فَيُنَاظِرُ وَمَقْصُودُهُ الْغَلَبَةُ لَا بَيَانُ الْحَقِّ فَيَنْصُرُ1 الْخَطَأَ وَمِنْهُمْ مِنْ يَجْتَرِئُ عَلَى الْفُتْيَا وَمَا حَصَّلَ شُرُوطَهَا وَمِنْهُمْ مِنْ يُدَاخِلُ2 السَّلَاطِينَ فَيَتَأَذَّى هُوَ مِمَّا يَرَى مِنْ الظُّلْمِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ وَيَتَأَذَّى السلطان3 فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنِّي عَلَى صَوَابٍ مَا جَالَسَنِي هَذَا وَيَتَأَذَّى الْعَوَامُّ بِذَلِكَ4 فَيَقُولُونَ: لَوْلَا أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ قَرِيبٌ مَا خَالَطَهُ هَذَا الْعَالِمُ.
وَرَأَيْت الْأَشْرَافَ يَثِقُونَ بِشَفَاعَةِ آبَائِهِمْ وَيَنْسَوْنَ أَنَّ الْيَهُودَ بَنُو إسْرَائِيلَ وَرَأَيْت الْقُصَّاصَ لَا يَنْظُرُونَ فِي الصَّحِيحِ وَيَبِيعُونَ بِسُوقِ الْوَقْتِ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الْعِبَادِ عَلَى غَيْرِ الْجَادَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّ قَصْدُهُ وَلَا يَنْظُرُونَ فِي سِيرَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ وَلَا فِي أَخْلَاقِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بَلْ قَدْ وَضَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ لَهُمْ كُتُبًا فِيهِ5 رَقَائِقُ قَبِيحَةٌ وَأَحَادِيثُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَوَاقِعَاتٌ تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ مِثْلُ كُتُبِ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فَيَسْمَعُ الْمُبْتَدِئُ ذَمَّ الدُّنْيَا وَلَا يَدْرِي مَا الْمَذْمُومُ فيتصور
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ينظر".
2 في "ط": "يدخل".
3 ليست في "ط".
4 ليست في النسخ الخطية.
5 هكذا في النسخ الخطية و "ط"، ولعل الصواب: "فيها".(11/117)
ذَمَّ ذَاتِ الدُّنْيَا فَيَنْقَطِعُ فِي الْجَبَلِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْبَلُّوطِ وَالْكُمَّثْرَى أَوْ اللَّبَنِ أَوْ الْعَدَسِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يُرْفِقَ بِالنَّاقَةِ لِيَصِلَ.
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَا نَنْقُلُ عَنْ أَبِي يَزِيدَ وَدَاوُد الطَّائِيِّ وَبِشْرٌ وَغَيْرُهُمْ فَحَلَفَ أَبُو يَزِيدَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ سَنَةً. وَكَانَ دَاوُد يَشْرَبُ الْمَاءَ الْحَارَّ مِنْ دَنٍّ وَيَقُولُ بِشْرٌ: أَشْتَهِي مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً الشِّوَاءَ فَمَا صَفَا لِي دِرْهَمَهُ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ وَقَالَ: التَّقْلِيدُ لِلْأَكَابِرِ أَفْسَدَ الْعَقَائِدَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاظَرَ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّبِعَ الدَّلِيلَ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَخَذَ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَخَالَفَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ1.
وَقَدْ ذَكَرَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَلِمَاتٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فَقَالَ: وَقَفْنَا2 فِي ثَنِيَّاتِ3 الطَّرِيقِ عَلَيْك مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَتَكَلَّمَ أَحْمَدُ فِي الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَبَلَغَهُ عَنْ سَرِيٍّ السَّقَطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُرُوفَ وَقَفَ الْأَلِفُ وَسَجَدَتْ الْبَاءُ. فَقَالَ: نُفِّرُوا النَّاسَ عَنْهُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّ عَلَى مَالِكٍ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَزَهِّدِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ وَلَا سَلَكُوا مَا رَتَّبَهُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ فِي الرياضة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 تقدم ص 116.
2 في النسخ الخطية: "وقعنا".
3 في "ر": "بنيات".(11/118)
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَزَهِّدِينَ إنْ رَأَوْا عَالِمًا لَبِسَ ثَوْبًا جَمِيلًا أَوْ تَزَوَّجَ مُسْتَحْسَنَةً أَوْ ضَحِكَ عَابُوهُ وَهَذَا فِي أَوَائِلِ الصُّوفِيَّةِ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَعْرِفُونَ التَّعَبُّدَ وَلَا التَّقَلُّلَ وَقَنَعُوا فِي إظْهَارِ الزُّهْدِ بِالْقَمِيصِ الْمُرَقَّعِ فَمَا الْعَجَبُ فِي نِفَاقِهِمْ إنَّمَا الْعَجَبُ نِفَاقُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] . وَكَيْفَ لَا يُوصَفُ بِالِاسْتِدْرَاجِ مَنْ يَعْمَلُ لِثُبُوتِ الْجَاهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَيُمْضِي عُمُرَهُ فِي تَرْبِيَةِ رِيَاسَتِهِ لِيُقَالَ هَذَا فُلَانٌ أَوْ فِي تَحْصِيلِ شَهَوَاتِهِ الْفَانِيَةِ مَعَ سُوءِ الْقَصْدِ وَقَالَ: طَلَبُ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ1 مَهْلَكَةٌ2 لِطَالِبِي ذَلِكَ فَتَرَى أَكْثَرَ الْمُتَفَقِّهِينَ يَتَشَاغَلُونَ بِالْجَدَلِ وَيَكْثُرُ مِنْهُمْ رَفْعُ الْأَصْوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْغَلَبَةُ وَالرِّفْعَةُ فَهُمْ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وَجْهَ النَّاسِ إلَيْهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ" 3. وَمِنْهُمْ من يفتي ولم4 يَبْلُغُ دَرَجَةَ الْفَتْوَى وَيُرِي النَّاسَ صُورَةَ تَقَدُّمِهِ فَيَسْتَفْتُونَهُ وَلَوْ نَظَرَ حَقَّ النَّظَرِ وَخَافَ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ.
وَإِنْ حَدَثَ مَا لَا قَوْلَ فِيهِ تَكَلَّمَ فِيهِ حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمَضَتْ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَقِيلَ: فِي الْأُصُولِ وَلَهُ رَدُّ الْفُتْيَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَإِلَّا لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "على العلم".
2 في الأصل: "ملكي".
3 أخرجه بنحوه الترمذي 2654، من حديث كعب بن مالك عن أبيه.
4 في "ط": "ولا".(11/119)
تَجُزْ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْفُتْيَا1 وَهُوَ جَاهِلٌ تَعَيَّنَ الْجَوَابُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْأَظْهَرُ: لَا يَجِبُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَسُؤَالِ عَامِّيٍّ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَإِلَّا لَزِمَهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ: الْحُكْمُ يَتَعَيَّنُ بِوِلَايَتِهِ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ رَدُّ مُحْتَكِمِينَ إلَيْهِ وَيُمْكِنُهُ رَدُّ مَنْ يَسْتَشْهِدُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا لِشَهَادَةٍ فَنَادِرٌ أَنْ لَا يَكُونَ سِوَاهُ وَفِي الْحُكْمِ لَا يَنُوبُ الْبَعْضُ عَنْ الْبَعْضِ وَلَا يَقُولُ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ: امْضِ إلَى غَيْرِي مِنْ الْحُكَّامِ.
وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ تَخْرِيجٌ مِنْ الْوَجْهِ فِي إثْمِ مَنْ دُعِيَ إلَى شَهَادَةٍ قَالُوا: لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِدُعَائِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْمُ كُلِّ مَنْ عَيَّنَ في كل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية: "بفتيا".(11/120)
فَرْضِ كِفَايَةٍ فَامْتَنَعَ وَكَلَامُهُمْ فِي الْحَاكِمِ وَدَعْوَةُ الْوَلِيمَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ خِلَافُهُ وَإِنْ تَوَجَّهَ تَخْرِيجٌ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا قِيلَ: الْأَصْلُ عَدَمُ التَّعْيِينِ بِالتَّعْيِينِ وَفِي الْكُلِّ خُولِفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] ، فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ كَسُؤَالٍ عَمَّا لَمْ يَقَعْ.
وَمِنْ قَوِيٍّ عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ إمَامِهِ أَفْتَى بِهِ وَأَعْلَمَ السَّائِلَ.
وَمَنْ أَرَادَ كِتَابَةً فِي فُتْيَا أَوْ شَهَادَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَبِّرَ خَطَّهُ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا حَاجَةَ كَمَا لَوْ أَبَاحَهُ قَمِيصَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ بِلَا حَاجَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَنْثُورِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَكْتُبَ شَهَادَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ الْأَسْطُرَ وَلَا يُكْثِرَ إذَا أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ1 الْفُتْيَا فِي اسْمٍ مُشْتَرَكٍ إجْمَاعًا بَلْ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ فَلَوْ سُئِلَ هَلْ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَأَرْسَلَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَبِي يُوسُفَ سَأَلَهُ عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ فَقَصَرَهُ وَجَحَدَهُ هَلْ لَهُ الْأُجْرَةُ مَعَ جَحْدِهِ إنْ عَادَ وَسَلَّمَهُ إلَى رَبِّهِ وَقَالَ: إنْ قَالَ نَعَمْ أَوْ لَا أَخْطَأَ فَفَطِنَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: إنْ قَصَرَهُ قبل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "طلاق".(11/121)
جُحُودِهِ فَلَهُ وَبَعْدَهُ لَا لِأَنَّهُ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ وَسَأَلَ أَبُو الطَّيِّبِ1 قَوْمًا عَنْ بَيْعِ رِطْلِ تَمْرٍ بِرِطْلِ تَمْرٍ فَقَالُوا: يَجُوزُ فَخَطَّأَهُمْ فَقَالُوا: لَا فَخَطَّأَهُمْ فَقَالَ: إنْ تُسَاوَيَا كَيْلًا جَازَ فَهَذَا يُوَضِّحُ خَطَأَ مُطْلَقِ الْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةٍ احْتَمَلَتْ التَّفْصِيلَ ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنَّ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ أَوْجَبَا التَّحَرُّزَ مِنْ الْعَوَامّ بِالتَّقِيَّةِ وَأَنَّهُ لَا إقَالَةَ لَعَالِمٍ زَلَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُونَهُ وَقَالَ لَهُ قَائِلُ: يَنْبَغِي أَنْ تُفْتِيَ بِظَاهِرِ الَّذِي تَسْمَعُ فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنِّي لَوْ سُئِلْت عَمَّنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا عَالِمُ يَا فَاضِلُ يَا كَرِيمُ هَلْ هُوَ مَدْحٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّا لَا نُفْتِي حَتَّى نَعْلَمَ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَعَانٍ تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَوْصَافُ وَإِلَّا فَهِيَ مَجَانَةٌ وَاسْتِهْزَاءٌ وَقِيلَ لَهُ فِي مُفْرَدَاتِهِ عَنْ جِمَاعِ الْأَعْرَابِيِّ فِي نهار رمضان لم يستفصله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا2 فَقَالَ: شَاهِدُهُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَاضِرٌ فَعَلَامَةُ ذَلِكَ3 وَدَلَالَتُهُ أَغْنَتْهُ.
وَمَا مَنَعَ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ مَنَعَ دَوَامَهَا فَيَنْعَزِلُ بِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ: فَقَدْ سَمِعَ أَوْ بَصَرَ بَعْدَ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ لَهُ الْحُكْمُ فِيهِ. وَقَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي فَقْدِ بَصَرٍ وَقِيلَ: إنْ تَابَ فَاسِقٌ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جِنٍّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وقلنا ينعزل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لعله: عثمان بن عمرو بن المنتاب، أبو الطيب، إمام جامع المدينة ببغداد، حدث عن البغوي وابن الصاعد وغيرهما، وكان رجلا صالحا. تـ 389هـ. "الطبقات" 2/166، "المنهج الأحمد" 2/311.
2 تقدم تخريجه 5/55.
3 في "ط": "ذل".(11/122)
بِالْإِغْمَاءِ فَوِلَايَتُهُ بَاقِيَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ جُنَّ ثم أفاق احتمل وجهين. و1في الْمُعْتَمَدِ: إنْ طَرَأَ جُنُونٌ فَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا لَمْ يَنْعَزِلْ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ أَطْبَقَ بِهِ وَجَبَ عَزْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الشَّافِعِيَّةُ فَقِيلَ: بِمُدَّةِ سَنَةٍ لِتَكْمِيلِ إيجَابِ الْعِبَادَاتِ وَقِيلَ: شَهْرٌ لِإِيجَابِ رَمَضَانَ مَعَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: يَوْمًا وَلَيْلَةً لِإِيجَابِ الصَّلَاةِ وَالْأَشْبَهُ بِقَوْلِنَا الشَّهْرُ لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ شَهَادَةَ مَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا2 وَقَالَ: فِي الشَّهْرِ مَرَّةً كَذَا قَالَ.
وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ القضاء تعين عزله و1"فِي الْمُغْنِي3: يُعْزَلُ. وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمَوْلَى أَوْ عُزِلَ مَنْ وَلَّاهُ أَوْ غَيْرُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَشْهَرُ: بَلْ الصَّالِحُ لَهَا لَمْ يَنْعَزِلْ الحاكم لأنه عقد لمصلحة المسلمين،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 في النسخ الخطية: "في الأحيان"، والمثبت من "ط".
3 14/88.(11/123)
كَعَقْدِهِ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ لَمْ يَفْسَخْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ: بَلَى كَنَائِبِهِ بِزَوَالِ وِلَايَةِ مُسْتَنِيبِهِ وَفِيهِ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قَوْلٌ: لَا. وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ فِي أَمْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِحْضَارِ مُسْتَعْدًى عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ عَزَلَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَقِيلَ: لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِعَزْلِهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْمُغْنِي1: كَالْوَالِي قَالَ شَيْخُنَا: كَعَقْدِ وَصِيٍّ وَنَاظِرٍ عَقْدًا جَائِزًا كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَمِثْلِهِ كُلُّ عَقْدٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوَالٍ وَمَنْ يُنَصِّبُهُ لِجِبَايَةِ مَالٍ وَصَرْفِهِ وَأَمْرِ الْجِهَادِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُحْتَسِبِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكُلِّ: لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حَتَّى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي نَائِبِهِ فِي الْحُكْمِ وَقَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ مَنْ وَلَّاهُ وَقِيلَ: وَقَالَ اسْتَخْلِفْ عَنْك انْعَزَلُوا وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وفيه احتمال.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/87- 88.(11/124)
وَفِي عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَجْهَانِ م 4.
وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: إن لم يلزمه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَفِي عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
اعْلَمْ: أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَبَنَاهُمَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 والمحرر والشرح"1" وابن منجا وَغَيْرِهِمْ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَزْلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ2 وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا وَذَكَرَهُمَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمْ مَحْمُولًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أُولَئِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ.
إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَنْعَزِلُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا ينعزل قبل العلم بالعزل3 بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ انْعَزِلْ الْوَكِيلُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: لِأَنَّ فِي وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وإن قيل إنه4 وكيل فهو شبيه5 بِنَسْخِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ قَبْلَ بُلُوغِ النَّاسِخِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ الْمَحْضَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي الْعُقُودُ وَالْفُسُوخُ فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بابطالها قبل العلم بخلاف الوكالة انتهى.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/293.
2 7/41.
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "هو".
5 في "ط": "تبعية".(11/125)
قَبُولُهُ وَفِيهَا لَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِأَفْضَلَ وَقِيلَ بِمِثْلِهِ وَقِيلَ بِدُونِهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ. وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَاحْتُجَّ لِلْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ عَزْلُ نَفْسِهِ عَنْ الرِّسَالَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِلَى إسْقَاطِ الْحُدُودِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ فِي دَارٍ خَلَتْ مِنْ إمَامٍ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَوْ مَلَكَ عَزْلَ نَفْسِهِ لِمَا سَأَلَهُمْ ذَلِكَ وَاحْتُجَّ لِلْجَوَازِ بِقَوْلِهِمْ لِعُثْمَانَ اخْلَعْ نَفْسَك1 فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمْ يَمْتَنِعْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي هَلْ لِمَنْ ولاه عزله الخلاف السابق2 وَاحْتَجُّوا لِلْجَوَازِ بِوُقُوعِهِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَأَعْزِلَن أَبَا مَرْيَمَ وَأُوَلِّيَن رَجُلًا إذَا رَآهُ الْفَاجِرُ فَرَقَ فَعَزَلَهُ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَوَلَّى 3كَعْبَ بْنَ سور3 مكانه4.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وإن قلنا على عاقلته فلا انتهى.
وقد قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَكَذَا ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ5 وَخَطَإِ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فِي حُكْمٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
__________
1 ينظر: ططبقات ابن سعد" 3/66.
2 ليست في "ط".
3 في "ط: "كب بن سور".
4 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي 10/108، والإرواء 8/234.
5 10/7.(11/126)
وَعَزَلَ عَلِيٌّ أَبَا الْأَسْوَدِ فَقَالَ: لِمَ عَزَلْتنِي وَمَا جَنَيْت؟ قَالَ: رَأَيْت كَلَامَك يَعْلُو عَلَى الْخَصْمَيْنِ1.
وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ عَامِلِهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْمَرِيضَ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ عَزَلَهُ2 فَأَمَّا إنْ خَافَ مَفْسَدَةً بِاسْتِمْرَارِهِ وَوُقُوعِ فِتْنَةٍ فَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَعْزِلْهُ كَغَيْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ: لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّ عُمَرَ عَزَلَ سَعْدًا عَنْ الْكُوفَةِ وَقَالَ: لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ3.
وَمَنْ أَخْبَرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ وَوَلِيَ غَيْرُهُ فَبَانَ حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ وَقِيلَ: بَلَى.
وَإِنْ قَالَ: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَدْ وَلَّيْته فَلَا وِلَايَةَ لِمَنْ نَظَرَ لِجَهَالَةِ الْمُوَلِّي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا بِأَنَّهُ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا لِلْخَبَرِ: أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ4. وَالْمَعْرُوفُ صِحَّتُهَا بِشَرْطٍ وإن وجد5 بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَبَقَ فِي الْمُوصَى إلَيْهِ6 وَإِنْ قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نقف عليه ينظر "الإرواء" 8/234.
2 لم أقف عليه.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" 1/144.
4 تقدم تخريجه 7/490.
5 ليست في "ط".
6 7/490.(11/127)
وَلَّيْتهمَا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي فَقَدْ ولاهما ثم عين من سبق فتعين.
وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ وَعَنْهُ: بِقَدْرِ عَمَلِهِ مَعَ الْحَاجَةِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ وَبِدُونِهَا وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ مِنْ الخصمين وجهان م 5. وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ فَوَجْهَانِ م 6.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ قَالَ فِي الْكَافِي1: وَإِذَا قُلْنَا: يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ فَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا بِجُعْلٍ جَازَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي جُعْلًا جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والنظم وهو الصواب.
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كفاية فوجهان. انتهى. وأطلقهما في
__________
1 6/86.
2 14/101.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/281.(11/128)
وَمَنْ أَخَذَ لَمْ يَأْخُذْ أُجْرَةً وَفِي أُجْرَةِ خَطِّهِ وَجْهَانِ م 7. وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَسْأَلُ عَنْ الْعِلْمِ فَرُبَّمَا أُهْدِيَ لَهُ: لَا يَقْبَلُ إلَّا أَنْ يُكَافِئَ وَإِنْ حَكَّمَا بَيْنَهُمَا مَنْ يَصْلُحُ لَهُ نَفَذَ حُكْمُهُ وَهُوَ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ. وَعَنْهُ: لَا يَنْفُذُ فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَلِعَانٍ وَنِكَاحٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَنْفُذُ فِي غَيْرِ فَرْجٍ كَتَصَرُّفِهِ ضَرُورَةً فِي تَرِكَةِ1 مَيِّتٍ فِي غَيْرِ فَرْجٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عمد الأدلة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَآدَابِ الْمُفْتِي وَأُصُولِ الْمُصَنِّفِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ.
مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَخَذَ لَمْ يَأْخُذْ أُجْرَةً وَفِي أُجْرَةِ خَطِّهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أحدهما: لا يجوز "2قدمه المصنف في أصوله و2"اخْتَارَهُ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ3. فهذه سبع مسائل في هذا الباب.
__________
1 في الأصل: "تركه".
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "قدمه المصنف في أصوله".(11/129)
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا نُفُوذَ حُكْمِهِ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ لَا إمَامٍ وَأَنَّهُ إنْ حَكَّمَ أَحَدُهُمَا: خَصْمَهُ أَوْ حَكَّمَا مُفْتِيًا فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ جَازَ وَأَنَّهُ يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ لَهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أبي طالب: نازعني ابن عمي الأذان تحاكمنا إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اقْتَرِعَا.
قَالَ شَيْخُنَا: خَصُّوا اللِّعَانَ لِأَنَّهُ فِيهِ دَعْوَى وَإِنْكَارٌ1 وبقية الفسوخ كإعسار قد يتصادقان فَيَكُونُ الْحُكْمُ إنْشَاءً لَا إبْدَاءً وَنَظِيرُهُ لَوْ حَكَّمَاهُ فِي التَّدَاعِي بِدَيْنٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ وَفِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّحْكِيمِ: وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى مُتَقَدِّمُو الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ الْوَسَاطَاتِ وَالصُّلْحَ عِنْدَ الْفَوْزَةِ2 وَالْمُخَاصَمَةَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَتَفْوِيضَ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَوْصِيَاءِ وَتَفْرِقَةَ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَى رَقِيقِهِ وَخُرُوجَ طَائِفَةٍ إلَى الْجِهَادِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "إنكار".
2 في "ر": "القودة".(11/130)
تَلَصُّصًا وَبَيَاتًا وَعِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عن المنكر والتعزير لعبيد1 وإماء وأشباه ذلك. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل و "ط": "لعبد".(11/131)
باب أدب القاضي
مدخل
...
بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ: يَجِبُ ذلك حليما1 مُتَأَنِّيًا فَطِنًا وَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ فَفِي الْمُغْنِي2: لَهُ تَأْدِيبُهُ وَالْعَفْوُ. وَفِي الْفُصُولِ: يَزْبُرُهُ3 فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِدَفْعِ الصَّائِلِ وَالنُّشُوزِ وَفِي الرِّعَايَةِ: يَنْتَهِرُهُ وَيَصِيحُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ لَكِنْ هَلْ ظَاهِرُهُ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ كَالْإِقْرَارِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ أَوْ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمُتَظَلِّمِينَ عَلَى الْحُكَّامِ وَأَعْدَائِهِمْ فَجَازَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَلِهَذَا شَقَّ رَفْعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَدَّبَهُ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّ مَا يَشُقُّ رفعه إلى الحاكم لا يرفع.
وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وَسُؤَالُهُ إنْ وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَإِعْلَامِهِمْ بِيَوْمِ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَأْمُرُهُمْ بِتَلَقِّيه.
وَدُخُولُهُ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ سَبْتٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَوْمَ اثْنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَخَمِيسٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ سَبْتٍ لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ جَمِيعَهَا سُودٌ وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ ضَحْوَةً لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ وَلَا يَتَطَيَّرُ بِشَيْءٍ وإن تفاءل فحسن فيأتي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "حكيما".
2 14/18.
3 أي: يزجره وينهره. "المصباح". "زبر".(11/132)
الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إلَّا ضُحًى وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ جَابِرٌ: لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: "ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ2 وَكَانَ اسْتِقْبَالُ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا كَأَوَّلِ النَّهَارِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا الْأَصْحَابُ. وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأَ عَلَى النَّاسِ وَمَنْ يُنَادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيُقْلِلْ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لحاجة ثم يروح إلى منزله وينفذ فيتسلم3 دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ قَبْلَهُ.
قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيَأْمُرْ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ وَلَوْ صِبْيَانًا ثُمَّ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي تَحِيَّتَهُ مَسْجِدٍ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالْأَشْهَرُ: وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فَسِيحًا وَسَطَ الْبَلَدِ كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَتَّخِذُ فِيهِ عَلَى بابه حاجبا ولا بوابا بلا عذر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 الأول عند البخاري 4677، ومسلم 2769، 53، والثاني: عند البخاري 2604، ومسلم 715، 72.
2 من ذلك ما أخرجه أبو داود 3878، والترمذي 994، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم".
3 في "ط": "فيسلم".(11/133)
"1وَفِي الْمُذْهَبِ: يَتْرُكُهُ نَدْبًا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْحُضُورِ إذَا تَنَازَعُوا إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ1" وَلَا لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَنْبَغِي عَلَى رَأْسِهِ مَنْ يُرَتِّبُ النَّاسَ وَلَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. وَفِي الْكَافِي2: عَارِفًا يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ وَالْقِمْطَرُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَخْتُومًا وَيَكُونُ الْأَعْوَانُ أَهْلَ دِينٍ وَيُوصِيهِمْ وَيُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ وش كَسَبْقِهِ إلَى مُبَاحٍ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يُقَدِّمُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضَجَّرَ الْبَيِّنَةُ وهـ وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُقَدِّمُ الْمُسَافِرَ الْمُرْتَحِلَ. وَفِي الْكَافِي3: مَعَ قِلَّتِهِمْ.
وَيَلْزَمُ فِي الْأَصَحِّ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ وَالْأَشْهَرُ: يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ دُخُولًا وَجُلُوسًا وَقِيلَ: دُخُولًا فَقَطْ فَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا: أَوْ يُلَقِّنَهُ حُجَّتَهُ أَوْ يُضَيِّفَهُ أَوْ يُعْلِمَهُ الدَّعْوَى وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا جَازَ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُسَوِّي بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ ذِمِّيٌّ فِي وَجْهٍ.
وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا: رَدَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصْبِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا وَقِيلَ: يُكْرَهُ قِيَامُهُ لَهُمَا نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: سُنَّةُ الْقَاضِي أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 6/87.
3 6/116.(11/134)
يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِهِ1.
وَلِلْحَاكِمِ السُّؤَالُ عَنْ شَرْطِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ تُرِكَ لِيُتَحَرَّزَ وَأَنْ يَزِنَ عَنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَسُؤَالُ خَصْمِهِ الْوَضْعَ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَسُؤَالِهِ إنْظَارَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ "دَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِك" قَالَ: قَدْ فَعَلْت قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ فَأَعْطِهِ" 2. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَعَلَهُ قَاضٍ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ والنظر لهما.
وَيُسَنُّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ وَيُشَاوِرَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاوِرُونَ وَيَنْتَظِرُونَ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ قَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَ. وَلَوْ كَانَ حَكَمَ بِحُكْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ هَذَا.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَأَجَازَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ كَانَتْ الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرج أبو داود 3588، عن عبد الله بن الزبير قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم.
2 أخرجه البخاري 457، ومسلم 557، 20، بلفظ مقارب.(11/135)
عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ وَلِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُهُ وَهُوَ التَّقْلِيدُ بِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ.
وَمِنْ الْعَجَبِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ إلَى السُّنَنِ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا سُئِلْت عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أَعْرِفُ فِيهَا خَبَرًا قُلْت فِيهَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إمَامٌ عَالِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا" 1.
وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ: "أَنَّ اللَّهَ يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلًا يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ" فَكَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ فِي إسْنَادِهَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ كَذَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ الْإِدْرِيسِيُّ2: سَمِعْت أَهْلَ بَلَدِهِ يَطْعَنُونَ فِيهِ وَلَا يَرْضَوْنَهُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا3 وَفِي إسْنَادِهَا ضَعْفٌ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَرَوَى أَبُو دَاوُد4 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ داود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نقف عليه في "المدخل"، وقد ـ خرجه الطيالسي في "مسنده" 3090، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/60، وانظر "كشف الخفاء" 2/68- 69.
2 هو: أبو سعد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي، الاسترباذي الحافظ، المصنف، محدث سمرقند، ألف "تاريخها"، و "تاريخ استراباذ". تـ 405هـ. "السير" 17/226.
3 ينظر: "كشف الخفاء" 2/68.
4 في سننه 4291.(11/136)
الْمَهْرِيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإسكندراني لَمْ يُخْبِرْ بِهِ شَرَاحِيلُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الشَّرْعِ لِقَوْلِ أَحَدٍ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ بِالْمُتْعَةِ زَادَ مُسْلِمٌ: فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي مُوسَى: رُوَيْدُك بَعْضَ فُتْيَاك فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَك فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فِيهِ2 فَأَتِمُّوا: قَالَ فَقَدِمَ عُمَرُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَنْ تَأْخُذَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وَإِنْ تَأْخُذْ بِسَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحل حتى نحر الهدي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 البخاري 1559، مسلم 1221، 154.
2 ليست في الأصل، وفي "ط": "فيه".(11/137)
وَلِمُسْلِمٍ1 أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ2 بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ3 ثُمَّ يَرُوحُونَ فِي الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَالِمِ إذَا كَانَ يُفْتِي بِمَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ الْمَوْطِنِ أَنْ يَتْرُكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَصِيرَ إلَى مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ قَالَ: وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِحْسَانِ.
وَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِالْحَقِّ لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْقَصْرِ مِنْ الْفُصُولِ.
وَلَا يَحْكُمُ مَعَ مَا يَشْغَلُ فَهْمَهُ كَغَضَبٍ كَثِيرٍ وَجُوعٍ وَأَلَمٍ وَصَرَّحَ فِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ فَإِنْ حَكَمَ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: إنْ عرض بعد فهم الحكم.
وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةً بِخِلَافِ مُفْتٍ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ الْهَدِيَّةُ فِيمَا مَضَى هَدِيَّةً وَأَمَّا الْيَوْمَ فَهِيَ رِشْوَةٌ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: قَرَأْت فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ: الْهَدِيَّةُ تَفْقَأُ عَيْنَ الْحُكْمِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا أَتَتْ الْهَدِيَّةُ دَارَ قَوْمٍ ... تَطَايَرَتْ الْأَمَانَةُ مِنْ كُوَاهَا
وَقَالَ منصور الفقيه:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في صحيحه 1222، 157.
2 معرسين: أي ملمّين بنسائهم. "النهاية" لابن الأثير: "عرس".
3 موضع بعرفة بعضه من جهة الشام. "معجم البلدان" 1/135.(11/138)
إذَا رِشْوَةٌ مِنْ بَابِ بَيْتٍ تَقَحَّمَتْ ... لِتَدْخُلَ فِيهِ وَالْأَمَانَةُ فِيهِ
سَعَتْ هَرَبًا مِنْهُ وَوَلَّتْ كَأَنَّهَا ... حَلِيمٌ تَنَحَّى عَنْ جِوَارِ سَفِيهِ
فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ1 فَقِيلَ: تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ2 وَقِيلَ: تُرَدُّ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَقِيلَ: تَمَلَّكَ بِتَعْجِيلِهِ الْمُكَافَأَةَ م 1 فَعَلَى الْأَوَّلِ: هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ م 2 وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الساعي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنْ قَبِلَ فَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ: تُرَدُّ. وَقِيلَ: تُمْلَكُ بِتَعْجِيلِ الْمُكَافَأَةِ انْتَهَى:
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الِانْتِقَالِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْتَقِلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الحديث.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 تقدم تخريجه 4/64.
3 14/60.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/357- 358.(11/139)
يعتد1 لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا أَهْدَاهُ إلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا مَأْخَذُهُ ذَلِكَ وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلٍ فَوَهَبَهُ شَيْئًا أَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ يَدُلُّ لِكَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ الْخِلَافُ وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِرِشْوَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَخَذَهَا الْإِمَامُ "2لَا أَرْبَابُ2" الْأَمْوَالِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت إنْ عَرَفُوا رُدَّ إلَيْهِمْ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ وُلِّيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا يَرْوِي: هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ3. وَالْحَاكِمُ خَاصَّةً لَا أُحِبُّهُ لَهُ إلَّا مِمَّنْ كَانَ لَهُ بِهِ خُلْطَةٌ وَوَصْلَةٌ وَمُكَافَأَةٌ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ كَسَبَ مَالًا مُحَرَّمًا بِرِضَا الدَّافِعِ ثُمَّ تَابَ كَثَمَنِ خَمْرٍ وَمَهْرِ بِغَيٍّ وَحُلْوَانُ كَاهِنٍ أَنَّ لَهُ مَا سلف للآية4 وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: فَمَنْ أَسْلَمَ وَلَا مَنْ تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيمُ قَالَ أَيْضًا: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ لِقَبْضِهِ عِوَضَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي حَامِلِ الْخَمْرِ وَقَالَ فِي مَالٍ مُكْتَسَبٍ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهِ فَلِلْفَقِيرِ أَكْلُهُ وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْوَانَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَنْ تَابَ إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وإلا صرفه في مصالح المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر" و "ط": "يعيد".
2 في "ط": "الأرباب".
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/138، من حديث أبي حميد الساعدي، وأخرجه أحمد 23601، بلفظ: "هدايا العمال".
4 هي قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] .(11/140)
وَلَهُ مَعَ حَاجَتِهِ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَفِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ1 فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ كَذَا قَالَ وَقَوْلُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى فَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ. وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الطَّيِّبَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا".
قَالَ أَحْمَدُ4: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أن اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بينكم أرزاقكم وإن الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 يعني بذلك كتاب "منهاج السنة النبوية".
2 البخاري 1410، ومسلم 1014، 63.
3 في صحيحه 1015، 65.
4 في مسنده 3672.(11/141)
تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" قَالَ: قُلْت: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "غِشُّهُ وَظُلْمُهُ وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ".
أَبَانُ قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَزْدِيِّ إنَّهُ مَتْرُوكٌ وَالصَّبَّاحُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِجُرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ كَذَا قَالَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ1 عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا "لَا يُعْجِبَنك رَحْبُ الذِّرَاعَيْنِ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَاتِلًا أَوْ قَتِيلًا لَا يَمُوتُ وَلَا يُعْجِبَنك امْرُؤٌ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَإِنَّهُ إنْ أَنْفَقَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ إسْنَادٌ مَتْرُوكٌ وَقَالَ أَحْمَدُ3: حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بن ميمون عن أبيه قال: لما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في مسنده 40.
2 في الكبير 10/107.
3 في الزهد ص 238.(11/142)
مَرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَرْسَلَ إلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ وَلَا أَرَانِي إلَّا لِمَا بِي فَمَا ظَنُّكُمْ بِي؟ فَقَالُوا: قَدْ كُنْت تُعْطِي الْفَقِيرَ وَالسَّائِلَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَحَفَرْت الْآبَارَ بِالْفَلَوَاتِ لِابْنِ السَّبِيلِ وَبَنَيْت الْحَوْضَ بِعَرَفَةَ يَشْرَعُ فِيهِ حَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ فَمَا نَشُكُّ لَك فِي النَّجَاةِ. وَعَيْنُهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَالَك لَا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إذَا طَابَ الْمَكْسَبُ زَكَتْ النَّفَقَةُ وَسَتُرَدُّ فَتَعْلَمُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُصِيبُ الْمَالَ فَيَصِلُ مِنْهُ الرَّحِمَ وَيَفْعَلُ مِنْهُ وَيَفْعَلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنَّك مَا عَلِمْت لَمَنْ أَجْدَرُهُمْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ اُنْظُرْ مَا أَوَّلُهُ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ خَبِيثًا فَإِنَّ الْخَبِيثَ كُلَّهُ خَبِيثٌ.
وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ مُعْتَادَةٍ قَبْلَ وِلَايَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّهَا أَوْلَى وَالْمَذْهَبُ: إنْ لَمْ يَكُنْ حُكُومَةً. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ أَحَسَّ بِهَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُحَرَّمُ كَالْعَادَةِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ كَالْعَادَةِ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَمَجْلِسِ حُكْمِهِ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَجَعَلَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/143)
الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ كَهَدِيَّةٍ كَالْوَالِي1 سَأَلَهُ حَرْبٌ: هَلْ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ فِي الْوَالِي.
وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ وَهُوَ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ2 مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَيَجُوزُ: وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَقَدَّمَ: لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ: إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ وَتَرَكَهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ وَيَتَوَجَّهُ: كَالْمُقْرِضِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى.
وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا كَنَفْسِهِ فَيَحْكُمُ نَائِبُهُ. وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ: بَلَى اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: بَيْنَ وَالِدَيْهِ أَوْ وَلَدَيْهِ وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمَا كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَأَبُو الْوَفَا وَزَادَ: إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةً لَمْ تَثْبُتْ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ وَقِيلَ: لَا وَلَا يَحْكُمُ وَقِيلَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أي: جعلها صاحب "الرعاية: كالوالي. ينظر: "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/361- 362.
2 بعدها في "ط": "له".(11/144)
وَلَا يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ حُكْمَهُ عَلَى عَدُوِّهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ ظَاهِرَةٌ وَأَسْبَابَ الشَّهَادَةِ خَافِيَةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ: لَا يَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ كَالشَّهَادَةِ وَلَا نَقُلْ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَالشَّهَادَةِ: وَيَحْكُمُ لِيَتِيمِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وقيل: وغيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/145)
فَصْلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ
فَيُنْفِذُ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ وَمَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذَلِكَ ثُمَّ يُنَادِي بِالْبَلَدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِذَا حَضَرَ فَمَنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا: فَإِنْ حَبَسَ لِتَعْدِلَ الْبَيِّنَةُ فَإِعَادَتُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى حَبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيَتَوَجَّهُ إعَادَتُهُ: وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَكَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَحْبُوسِ حُكْمٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَفِعْلِهِ وَأَنَّ مِثْلَهُ تَقْدِيرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ وَنَحْوِهِ وم.
وَالْمُرَادُ إذًا لَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَأْذَنْ بِحَبْسِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ وَإِذْنُهُ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا يَأْتِي1: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: لَمَّا حُبِسَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ السَّجَّانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى فِي الظَّلَمَةِ وَأَعْوَانِهِمْ صَحِيحٌ2؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: فأنا منهم؟ قال أحمد: أعوانهم من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 147.
2 أخرج أحمد 18126، عن كعب بن عجرة قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أو دخل، ونحن تسعة، وبيننا وسادة من أدم، فقال: "إنها ستكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم، فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بوارد عليّ الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وهو وارد عليّ الحوض".(11/145)
يَأْخُذُ شَعْرَك وَيَغْسِلُ ثَوْبَك وَيُصْلِحُ طَعَامَك وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِنْك فَأَمَّا أَنْتَ فَمِنْ أَنْفُسِهِمْ.
وَيَقْبَلُ قَوْلَ خَصْمِهِ فِي أَنَّهُ حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وَتَعْدِيلِهَا: وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ م 3 وَقِيلَ: يَقِفُهُ وَإِنْ بَانَ حَبْسُهُ فِي تُهْمَةٍ أَوْ تَعْزِيرًا عَمِلَ بِرَأْيِهِ فِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ خَصْمَهُ وَأَنْكَرَهُ نُودِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ وَمَعَ غِيبَةِ خَصْمِهِ يَبْعَثُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يُخَلِّيهِ كَجَهْلِهِ مَكَانَهُ أَوْ تَأَخُّرِهِ بِلَا عُذْرٍ وَالْأَوْلَى بِكَفِيلٍ.
وَإِطْلَاقُهُ حُكْمٌ وَكَذَا أَمْرُهُ بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ ذَكَرَهَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْمُحْتَسِبِ وَتَقَدَّمَ1 أَنَّ إذْنَهُ فِي ميزاب وبناء وغيره. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: يُخَلَّى قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ: إنْ صَدَقَهُ غَرِيمُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2 وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَبْقَى فِي الْحَبْسِ وَقِيلَ يَقِفُ لِيَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ الْجَدِيدِ.
"4فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الباب4".
__________
1 6/442.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/373.
3 14/23.
4 ليست في "ط".(11/146)
يَمْنَعُ الضَّمَانَ/ لِأَنَّهُ كَإِذْنِ الْجَمِيعِ وَمَنْ مَنَعَ فلأنه ليس له عِنْدَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَا لِأَنَّ إذْنَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِإِذْنِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ بِإِذْنِهِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى لَقِيطٍ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ ضَمِنَ لِعَدَمِهَا. وَلِهَذَا إذْنُ الْإِمَامِ فِي أَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَافٍ بِلَا خِلَافٍ وَسَبَقَ1 قَوْلُ شَيْخِنَا: الْحَاكِمُ لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ أَوْ يَحْكُمُ بِهِ فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ فَعَقَدَ أَوْ فَسَخَ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ; فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ هَذَا كَلَامُهُ.
وَكَذَا فِعْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي حِمَى الْأَئِمَّةِ أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 8/292.(11/147)
يَجُوزُ نَقْضُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ وَذَكَرُوا خَلَا الشَّيْخِ أَنَّ الْمِيزَابَ وَنَحْوَهُ يَجُوزُ بِإِذْنٍ وَاحْتَجُّوا بِنَصِّهِ1 عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ميزاب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل و "ط": "بنصه".(11/148)
الْعَبَّاسِ1. وَفِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ فِي بَيْعِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً: إنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا صَحَّ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَفِيهِ أَيْضًا: لَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ أَوْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ تَرْكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ وَقْفٌ لَهَا وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ قَالَ: وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِمَامِ تَجْرِي مَجْرَى الْحُكْمِ وَفِعْلُهُ حُكْمٌ كَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ذكره الشيخ في عقد النكاح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/66.
2 4/195.(11/149)
بِلَا وَلِيٍّ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَقُلْنَا يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمُقِرُّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ قَبْضَ الْحَاكِمِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْمُطَلَّقَةِ الْمَنْسِيَّةِ أَنَّ قُرْعَةَ الْحَاكِمِ كَحُكْمِهِ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُحَرَّرِ: فِعْلُهُ حُكْمٌ إنْ حَكَمَ بِهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وكفتياه فَإِذَا قَالَ حَكَمْت بِصِحَّتِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/150)
الْمُسْتَوْعِبِ: حُكْمُهُ يَلْزَمُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: أَلْزَمْتُك أَوْ قَضَيْت لَهُ بِهِ عَلَيْك أَوْ أَخْرَجَ إلَيْهِ مِنْهُ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ كَحُكْمِهِ.
ثُمَّ بِالْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ وَالْوَصَايَا فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّتَهُ "1لم يعزله1" لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَةُ أَهْلِيَّتِهِ لَكِنْ نُرَاعِيهِ. فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجَرْحٍ وَأَهْلِيَّةِ وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا حُكْمٌ خِلَافًا لِمَالِكٍ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَإِنَّ لَهُ إثْبَاتَ خِلَافِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا إذَا بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ وَسَيَأْتِي2 يُعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِ أَوْ بِحُكْمٍ.
وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أَوْ الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيَّ لَهَا وَنَحْوِهِ بِحَالِهِ أَقَرَّهُ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَّاهُ وَمَنْ فَسَقَ عَزَلَهُ وَيَضُمُّ إلَى الضَّعِيفِ أَمِينًا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ النَّائِبِ3 وَجَعَلَ فِي التَّرْغِيبِ أُمَنَاءَ الْأَطْفَالِ كَنَائِبِهِ فِيهِ الْخِلَافُ وَأَنَّهُ يَضُمُّ إلَى وَصِيٍّ فَاسِقٍ أَوْ ضعيف أمينا وله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية، و "ط": "لم يعد له"، والمثبت من "المقنع والشرح الكبير والإنصاف 28/378.
2 ص 220.
3 ليست في "ط".(11/151)
إبْدَالُهُ. وَلَهُ فِي الْأَصَحِّ النَّظَرُ فِي حَالِ من قبله. وقيل: يجب.
لا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمٍ إلَّا إذَا خَالَفَ نَصًّا كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ: مُتَوَاتِرًا أَوْ إجْمَاعًا وَقِيلَ: وَلَوْ ظَنِّيًّا. وَقِيلَ: وَقِيَاسًا جَلِيًّا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَوِفَاقًا لِمَالِكٍ وَزَادَ: وَخِلَافُ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ. وَلَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُنْقَضْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا: قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْضِي بِالْقَضَاءِ وَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِغَيْرِ مَا قَضَى فَيَسْتَقْبِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَلَا يَرُدُّ قَضَاءَهُ الْأَوَّلَ1. مُرْسَلٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نقف عليه.(11/152)
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ1 عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الرَّأْيَ إنْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصِيبًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ2 يُرِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ; مُنْقَطِعٌ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} الآية [النساء: 105] نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ بَنِي الْأُبَيْرِقِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 وَغَيْرُهُ وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ وِفَاقًا وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا وَفِي الْإِرْشَادِ4: وَهَلْ يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ قَوْلِ صَحَابِيٍّ5; يَتَوَجَّهُ نَقْضُهُ إنْ جُعِلَ حُجَّةً كَالنَّصِّ وَإِلَّا فَلَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الْحَكَمِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ وَآخَرُ بِقَوْلِ تَابِعِيٍّ فَهَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ حَكَمَ بجوز6 وتأول
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "السنن الكبرى" 10/117.
2 ليست في "ط".
3 في سننه 3036، وأخرجه الحاكم في "مستدركه" 4/385.
4 ص 490.
5 في الأصل: "صاحب".
6 في "ط": "يجوز".(11/153)
الْخَطَأَ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" 1. لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْمَدْلُولِ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: فَأَمَّا إذَا أَخْطَأَ بِلَا تَأْوِيلٍ فَلْيَرُدَّهُ وَيَطْلُبْ صَاحِبَهُ حَتَّى يَرُدَّهُ فَيَقْضِي بِحَقٍّ وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي بِالْقَضَاءِ فَيَنْزِلُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَتْرُكُ قَضَاءَهُ وَيَسْتَعْمِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ2.
وَمَنْ لَمْ يُصْلَحْ نُقِضَ حُكْمُهُ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ وَقِيلَ: غَيْرُ الصَّوَابِ قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه البخاري 2697، ومسلم 1718، 170.
2 لم نقف عليه.(11/154)
لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهَلْ يَثْبُتُ سَبَبُ نَقْضِهِ وَيَنْقُضُهُ غَيْرُ مَنْ حَكَمَ وُجُودَهُ؟ تَقَدَّمَ فِي التَّفْلِيسِ1.
وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ وَذَكَرُوهُ فِي الْمَفْقُودِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي لِعَانِ عَبْدٍ: فِي إعَادَةِ فَاسِقٍ شَهَادَتَهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ رَدَّهُ لَهَا حُكْمٌ بِالرَّدِّ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ رَدِّ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ لِإِلْغَاءِ قَوْلِهِمَا وَفِيهِ فِي شَهَادَتِهِ فِي نِكَاحٍ لَوْ قُبِلَتْ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّ سَبَبَ الْأَوَّلِ الْفِسْقُ وَزَالَ ظَاهِرًا لِقَبُولِ سَائِرِ شَهَادَاتِهِ. وَإِذَا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْوَاقِعَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 6/449- 450.(11/155)
فَتَغَيَّرَ الْقَضَاءُ بِهَا لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْقَضَاءِ الْأَوَّلِ بَلْ رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِيهَا فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ وَفِي الْمُغْنِي1: رُدَّتْ بِاجْتِهَادٍ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ لَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَدِّ عَبْدٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى وَالْمُخَالَفَةُ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ نَقْضٌ مَعَ الْعِلْمِ.
وَإِنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةٍ خَارِجٌ وَجَهْلُ عِلْمِهِ بِبَيِّنَةٍ دَاخِلٌ لَمْ يَنْقُضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَرْيُهُ عَلَى الْعَدَالَةِ وَالصِّحَّةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي آخَرِ فُصُولِ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/196.(11/156)
غيره ويتوجه وجه. وثبوت شيء عنده1 لَيْسَ حُكْمًا بِهِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ السِّجِلِّ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْقَاضِي هُنَاكَ يُخَالِفُهُ.
وَمَنْ اسْتَعْدَاهُ عَلَى خَصْمٍ بِالْبَلَدِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَقِيلَ: إنْ حَرَّرَ دَعْوَاهُ.
"2وَمَتَى لَمْ يَحْضُرْ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي تَخَلُّفِهِ وَإِلَّا أَعْلَمَ الْوَالِيَ بِهِ وَمَتَى حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ2". وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا فِي حَاكِمٍ مَعْزُولٍ وَيُرَاسِلُهُ قَبْلَ إحْضَارِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ قَالَ حَكَمَ عَلَيَّ3 بِفَاسِقَيْنِ عَمْدًا قَبْلَ قَوْلِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ: بِيَمِينِهِ. وَعَنْهُ: مَتَى بَعُدَتْ الدَّعْوَى عُرْفًا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَخَشَى بِإِحْضَارِهِ ابْتِذَالَهُ لَمْ يُحْضِرْهُ حَتَّى يُحَرَّرَ وَيُتَبَيَّنَ أَصْلُهَا وَعَنْهُ: مَتَى. تَبَيَّنَ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا يُعْتَبَرُ لِامْرَأَةٍ بَرْزَةٌ تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا غَيْرَ مُخَدَّرَةٍ4 مُحَرَّمٌ نَصَّ عَلَيْهِ. وَغَيْرِهَا تُوَكِّلُ كَمَرِيضٍ وَأَطْلَقَ فِي الِانْتِصَارِ النَّصَّ فِي الْمَرْأَةِ وَاخْتَارَهُ5 إنْ تَعَذَّرَ الْحَقُّ بِدُونِ حُضُورِهَا وَإِلَّا لَمْ يُحْضِرْهَا وَأَطْلَقَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ إحْضَارَهَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنَاهُ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَلِأَنَّ مَعَهَا أَمِينَ الْحَاكِمِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ خِيفَةُ الْفُجُورِ وَالْمُدَّةُ يَسِيرَةٌ كَسَفَرِهَا مِنْ مُحَلَّةٍ إلَى مُحَلَّةٍ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُنْشِئْ هِيَ إنَّمَا أُنْشِئَ بِهَا. وَفِي الترغيب: إن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "عنه".
2 ليست في الأصل.
3 بعدها في "ر": "بشهادة".
4 في الأصل: "محررة".
5 في "ر": "اختاره".(11/157)
خَرَجَتْ لِلْعَزَايَا أَوْ الزِّيَارَاتِ وَلَمْ تُكْثِرْ فَهِيَ1 مُخَدَّرَةٌ فَيُنْفِذُ مَنْ يُحَلِّفُهَا.
وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِمَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ بِهِ بَعَثَ إلَى مَنْ يُتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ حَرَّرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ يُحْضِرُهُ وَقِيلَ: لِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ: لِدُونِ يَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَزَادَ: بِلَا مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُحْضِرْهُ مَعَ الْبُعْدِ حَتَّى تَتَحَرَّرَ دَعْوَاهُ وَفِيهِ: يَتَوَقَّفُ إحْضَارُهُ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُحْضِرْهُ مَعَ2 الْبُعْدِ حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُ مَا ادَّعَاهُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ ادَّعَى قَبْلَهُ شَهَادَةً لَمْ تُسْمَعْ وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ خِلَافًا لِشَيْخِنَا فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ قَالَ: وَلَوْ قَالَ أَنَا أَعْلَمُهَا وَلَا أُؤَدِّيهَا فَظَاهِرٌ.
وَلَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى بِهِ إنْ قِيلَ كِتْمَانُهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِ مَا تَلِفَ وَلَا يُبْعَدُ كَمَا يَضْمَنُ مَنْ تَرَكَ الْإِطْعَامَ الْوَاجِبَ وَكَوْنُهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ لِفِسْقِهِ بِكِتْمَانِهِ لَا ينفي ضمانه في نفس الأمر واحتج
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "فيه".
2 في النسخ الخطية: "من"، والمثبت من "ط".(11/158)
الْقَاضِي بِالْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ حَقًّا عَلَى الشَّاهِدِ.
وَمَنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ أَوْ حَاكِمٌ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْحَاكِمُ إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/159)
باب طريق الحكم وصفته
مدخل
...
بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
إذَا جَاءَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ وَالْأَشْهَرُ: أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى قُدِّمَ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ وَقِيلَ: مَنْ شَاءَ حَاكَمَ فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الْآخَرُ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ هَكَذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
وَالْمُدَّعِي مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَقِيلَ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ فَلَوْ قَالَ أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ التَّعَاقُبَ فَلَا نِكَاحَ فَالْمُدَّعِي هِيَ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَتَصِحُّ عَلَى السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ إذْنٌ وَبَعْدَ فك حجره ويحلف إذا أنكر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَعَكْسُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ لِيَعُمَّ مَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا إذَا سَكَتَ فإنه
__________
1 تقدم ص 153.(11/160)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إذَا سَكَتَ وَلَمْ يُنْكِرْ لَمْ يُتْرَكْ أَيْضًا وَلَيْسَ مُنْكِرًا انْتَهَى. قُلْت: لَعَلَّ الْمُنْكِرَ مَنْ لم يقر فيشمل الساكت.(11/161)
وَلَا تَصِحُّ دَعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِ مَعْلُومَةً إلَّا مَا يَصِحُّ مَجْهُولًا كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَعَبْدٍ مُطَلِّقٍ فِي مَهْرٍ وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِمَجْهُولٍ لِئَلَّا يَسْقُطَ حَقُّ الْمَقَرِّ لَهُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لأنها1 حق له فإذا ردت عليه2 عَدْلٍ إلَى مَعْلُومٍ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْحَقِّ وَلَا مُوجِبِهِ فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ وَفِيهِ: لَوْ ادعى درهما وشهد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في الأصل: "لا".
2 في الأصل: "إليه".(11/162)
الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ قُبِلَ وَلَا يَدَّعِي الْإِقْرَارَ لِمُوَافَقَةِ لَفْظِ الشُّهُودِ بَلْ لَوْ ادَّعَى لَمْ تُسْمَعْ وَفِيهِ: فِي اللُّقَطَةِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُعَدِّي حَاكِمٌ فِي مِثْلِ مَا لَا تَتْبَعهُ الْهِمَّةُ.
وَقِيلَ: تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ تُسْمَعُ فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُّزُومِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي قَتْلِ أَبِي أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ أَنَّهُ يُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ لَا إقْرَارٍ وَبَيْعٍ إذَا قَالَ نَسِيت لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ.
وَيُعْتَبَرُ انْفِكَاكُ الدَّعْوَى عَمَّا يُكَذِّبُهَا فَلَوْ ادَّعَى1 أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْمُشَارَكَةَ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ غَلِطْت أَوْ كَذَبْت فِي الْأُولَى فَالْأَظْهَرُ: يُقْبَلُ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِإِمْكَانِهِ وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَذَكَرَ تَلَقِّيه منه سمع وإلا فلا.
وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يلزم ذكر تلقيه منه؟ يحتمل وجهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيه مِنْهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى.
هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الرعاية.
__________
1 بعدها في "ر": "عليه".
2 سبق التنبيه الأول ص 160.(11/163)
وَيُعْتَبَرُ التَّصْرِيحُ بِهَا فَلَا يَكْفِي: لِي عِنْدَ فلان كذا حَتَّى يَقُولَ وَأَنَا الْآنَ مُطَالَبٌ بِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يَكْفِي الظَّاهِرُ1 وَإِنْ قَالَ غَصَبْت ثَوْبِي فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَلِي رَدُّهُ وَإِلَّا قِيمَتُهُ صَحَّ اصْطِلَاحًا وَقِيلَ: يَدَّعِيه فَإِنْ حَلَفَ ادَّعَى قِيمَتَهُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ أَعْطَى دَلَّالًا ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ فَجَحَدَهُ فَقَالَ أَدَّعِي ثَوْبًا إنْ كَانَ بَاعَهُ فَلِي عِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَلِي عَيْنُهُ وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَلِي عَشْرَةٌ فَقَدْ اصطلح القضاة2 عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمُرَدَّدَةِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ3 ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ الْآنَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ أَوْ فِي يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ4 الثَّانِي نَحْوَ غَاصِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدْت أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْيَدِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ إنْ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا قُبِلَ كَعِلْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَلْبَسُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَقَوْلُهُ5: وَلَوْ قَالَ بَيْعًا لَازِمًا أَوْ هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ. انْتَهَى. هَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ وقدم في الرعاية الاكتفاء بذلك.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "القضاة".
3 بعدها في "ط": "ما".
4 في "ط": "يده".
5 الآتي ص 166.(11/164)
أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الشَّاهِدِ وَهُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنِ.
وَقَالَ فيمن بيده عقار فادعى رجل بمثبوت عند1 الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَانَ لِجَدِّهِ إلَى يَوْمِ2 مَوْتِهِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مُخْلَفٌ عَنْ مَوْرُوثِهِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَيْنِ تَعَارَضَا وَأَسْبَابُ انْتِقَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِرْثِ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكُوتِهِمْ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَلَوْ فُتِحَ هَذَا لَانْتُزِعَ3 كَثِيرٌ مِنْ عَقَارِ النَّاسِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ.
وَقَالَ فِيمَنْ بِيَدِهِ عَقَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِأَبِيهِ فَهَلْ يُسْمَعُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَوْ تَحْتَ حُكْمِهِ.
وَقَالَ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ بِمِلْكِهِ إلَى حِينِ وَقْفِهِ وَأَقَامَ وَارِثٌ بَيِّنَةً بِأَنَّ مَوْرُوثَهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ كَتَقْدِيمِ4 مَنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ وَإِنْ قَالَ كَانَ بِيَدِك أَوْ لَك أَمْسِ لَزِمَهُ سَبَبُ زَوَالِ يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا: لَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا هَلْ يُقْبَلُ؟ وَيَكْفِي شُهْرَتُهُ عِنْدَهُمَا5 وَعِنْدَ حَاكِمٍ عن تحديده6 لحديث الحضرمي والكندي7.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "على".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "الانتزع".
4 في الأصل: "لتقديم".
5 في الأصل: "عنده".
6 في "ط": "تجديده"، والضمير في قوله: "شهرته" و "تحديد" عائد على السبب.
7 الذي أخرجه مسلم 139، 223، وسيذكره المحشي ص 167.(11/165)
وَظَاهِرُهُ عَمَلُهُ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَوْرُوثَهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى فِي وَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فِيهَا.
وَتُسْمَعُ دَعْوَى اسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَقِيلَ: إنْ جَعَلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ. وَفِي الْفُصُولِ دَعْوَاهُ سَبَبًا قَدْ تُوجِبُ مَالًا كَضَرْبِ عَبْدِهِ ظُلْمًا يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُسْمَعَ حَتَّى يَجِبَ الْمَالُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُسْمَعُ إلَّا دَعْوَى مُسْتَلْزِمَةٌ لَا كَبَيْعِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى بَيْعًا أَوْ هِبَةً لَمْ تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَيَّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَبِلَ اللُّزُومَ وَلَوْ قَالَ بَيْعًا لَازِمًا أَوْ هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/166)
لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ مَسْأَلَةَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَفُرُوعِهَا ضَعِيفَةٌ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَّ الثُّبُوتَ الْمَحْضَ يَصِحُّ بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ.
وَقَالَ: إذَا قِيلَ1 لَا تُسْمَعُ إلَّا مُحَرَّرَةً فَالْوَاجِبُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى مُجْمَلًا اسْتَفْصَلَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ بِأَنَّ2 الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ مُبْهَمًا كَدَعْوَى الأنصار قتل1 صاحبهم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "قبل".
2 ليست في الأصل.(11/167)
وَدَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَى بَنِي الْأُبَيْرِقِ ثُمَّ الْمَجْهُولُ قَدْ يَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ يَنْحَصِرُ فِي قَوْمٍ كَقَوْلِهَا نَكَحَنِي أَحَدُهُمَا: وَقَوْلِهِ زَوْجَتِي إحْدَاهُمَا:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/168)
وَقَالَ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ أَنَّ بِيَدِهِ عَقَارًا اسْتَغَلَّهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَعَيْنُهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَأَنْكَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِاسْتِيلَائِهِ لَا بِاسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الْحَاكِمَ إثْبَاتُهُ وَالْإِشْهَادُ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ الْبَيِّنَةَ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ لِأَنَّهُ كَفَرْعٍ مَعَ أَصْلٍ. وَمَا لَزِمَ أَصْلَا الشَّهَادَةِ بِهِ لَزِمَ فَرْعُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ إعَانَةُ مُدَّعٍ بِشَهَادَةٍ وَإِثْبَاتٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الدُّورُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِإِعْطَائِهِ مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَالٍ مَجْهُولٍ يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ.
ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا حَاضِرَةً لَكِنْ لَمْ تَحْضُرْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ اُعْتُبِرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/169)
إحْضَارُهُ لِلتَّعْيِينِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلَهُ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولٍ حُبِسَ أَبَدًا حَتَّى يُحْضِرَهُ أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهُ فَيُصَدَّقَ لِلضَّرُورَةِ وَتَكْفِي الْقِيمَةُ. وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ صفة سلمه1 وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهِ أَيْضًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي ذِكْرُ قِيمَةٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَيَذْكُرُ قِيمَةَ2 جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وَيَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيلَ: وَيَصِفُهُ وَيُقَوَّمُ مُحَلًّى بِغَيْرِ جِنْسِ حِلْيَتِهِ وَمُحَلًّى بِالنَّقْدَيْنِ بِأَيِّهَا شَاءَ لِلْحَاجَةِ.
وَمَنْ ادَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا لَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِكَثْرَةِ سَبَبِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ذَكَرَ مَوْتَ أَبِيهِ وَحَرَّرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ3 الشَّيْخُ أَوْ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ مَا يَفِي4 بِدَيْنِهِ. وَإِنْ ادَّعَى عَقْدًا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي النِّكَاحِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ وَمِلْكُ الْإِمَاءِ وَفِي استدامة الزوجية وجهان م 1.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِدَامَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
يَعْنِي: أَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ الْعَقْدَ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ استدامته وأطلقهما في المغني5 والكافي6 والشرح7.
__________
1 في "ط": "مسلمة"، والمثبت من النسخ الخطية. ومعناه: أنه يذكر الصفات التي يجب ذكرها في عقد السلم.
2 بعدها في "ر": "غير".
3 في الأصل: "اختار".
4 في "ر": "بقي".
5 14/277.
6 6/152.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/470.(11/170)
وَفِي التَّرْغِيبِ: يُعْتَبَرُ فِي النِّكَاحِ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالْبَيْعُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ الْمُفْسِدِ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً وَلَا مُرْتَدَّةً.
وَدَعْوَى امْرَأَةٍ نِكَاحَ رَجُلٍ لِطَلَبِ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَقَطْ فَوَجْهَانِ م 2 فَإِنْ سَمِعَتْ فكزوج وليس "1جحوده بَيِّنَةِ1" طَلَاقٍ طَلَاقًا خِلَافًا لِلْمُغْنِي2 وَاخْتَارَهُ فِي الترغيب وأن المسألة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ دَعْوَاهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ حَتَّى تَذْكُرَ شُرُوطَ النِّكَاحِ.
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَدَعْوَى امْرَأَةٍ نِكَاحَ رَجُلٍ لِطَلَبِ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَقَطْ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا تُسْمَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ.
وَالْوَجْهُ الثاني: تسمع اختاره القاضي.
__________
1 في"ط": "جحود بينة".
2 14/278.
3 14/277.
4 6/153.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/472.(11/171)
مبنية على رواية1 صحة إقرارها به2 إذَا ادَّعَاهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا ظَاهِرًا؟ فيه وجهان م 3.
وَإِنْ ادَّعَى إرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإِنْ ادَّعَى قَتْلَ مَوْرُوثِهِ ذَكَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ أَوْ خَطَأً وَيَصِفُهُ وَأَنَّهُ انْفَرَدَ أَوْ لَا، ولو قال: قده نصفين وكان حيا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ 3: قَوْلِهِ: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا ظَاهِرًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
أَحَدُهُمَا: لَا يُمْكِنُ. قُلْت وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ وَكَيْفَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَتَحَقَّقُ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ مِائَةً وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُ لا يحل حراما والأولى له طلاقها5 ظاهرا فهو كما لو قال هي أختي من الرضاعة.
__________
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ط".
3 14/278.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/474.
5 في "ط": "إطلاقها".(11/172)
أَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يذكر الحياة فوجهان م 4.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمَكَّنُ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ حكم بالزوجية وهو بعيد جدا.
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ حَيًّا أَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيَاةَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى:
أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْحَيَاةِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ2 هُوَ الظَّاهِرُ.
وَالْوَجْهُ الثاني: يشترط ذكرها وهو الأحوط.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".(11/173)
فصل فإذا حرر دعواه فللحاكم1 سؤال خصمه عَنْهَا وَقِيلَ إنْ سَأَلَ سُؤَالَهُ.
وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجْهَانِ كَمَا لَا يَحْكُمُ لَهُ إلَّا بِسُؤَالِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي وَالِي الْمَظَالِمِ يَرُدُّ الْغُصُوبَ السُّلْطَانِيَّةَ قَبْلَ تَظَلُّمِ أَرْبَابِهَا إلَيْهِ وَيَكْفِيه الْعَمَلُ بِمَا فِي الدِّيوَانِ فَإِنْ أَقَرَّ حَكَمَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَقَرَّ فَقَدْ ثَبَتَ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَوْلِهِ قَضَيْتُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِهِ وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ: يَسْتَحِقُّ عَلَيْك فَقَالَ: نَعَمْ لَزِمَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "للحاكم".
2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".(11/173)
قَالَ الْمُدَّعِي قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا: مَا أَقْرَضَنِي أَوْ بَاعَنِي أَوْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَنَحْوُهُ صَحَّ الْجَوَابُ. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ1 مَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ فَلَوْ ادَّعَتْ مَنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ فَقَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شيئا لم يصح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.(11/174)
الْجَوَابُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِسْقَاطِهِ كَجَوَابِهِ فِي دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ بِهِ لا يستحق علي شَيْئًا وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَالْمُرَادُ: أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ فِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي دِينَارًا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً فَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِجَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي دَفْعِ الدَّعْوَى إلَّا بِنَصٍّ لَا بِظَاهِرٍ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ وَاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْته عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ الْمُنْكِرُ إنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا1 ادَّعَاهُ عَلَيَّ لَمْ يُقْبَلْ وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَعُمُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً م 5.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ وَجْهَانِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ2، وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك عَلَيَّ مِائَةٌ اُعْتُبِرَ فِي الْأَصَحِّ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَالْيَمِينِ وَإِنْ نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ بمئة "3إلا جزءا3" وإن قلنا ترد4 الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى مَا دُونَ الْمِائَةِ إذَا لَمْ يُسْنِدْ الْمِائَةَ إلَى عَقْدٍ لِكَوْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 5: قوله: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي5 دِينَارًا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ6 حَبَّةً فَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِجَوَابٍ..... وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَعُمُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً. انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
__________
1 بعدها في الأصل: "إذا".
2 9/213.
3 في الأصل: "الآخر".
4 في "ط": "برد".
5 في "ص" و "ط": "لمدعي".
6 ليست في "ط".(11/175)
الْيَمِينِ لَا تَقَعُ إلَّا مَعَ ذِكْرِ النِّسْبَةِ لِتَطَابُقِ الدَّعْوَى ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
وَإِنْ أَجَابَ مُشْتَرٍ لِمَنْ1 يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ م 6، وَإِنْ انْتَزَعَ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ مشتر ببينة ملك مطلق رجع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إذَا بَانَ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا وَالْإِضَافَةُ إلَى مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بالملك وهو بعيد.
__________
1 في الأصل: "لم".(11/176)
عَلَى الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ كَمَا يَرْجِعُ فِي بَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي الزَّوَالَ مِنْ وَقْتِهِ1 لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ غَيْرُ مَشْهُودٍ بِهِ
قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ فَقَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ وإنما لي2 عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ الشَّيْءِ
وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَقَالَ لَيْسَ لِي3 عَلَيْك دِرْهَمٌ وَلَا دَانِقٌ وَإِنَّمَا لِي عَلَيْك أَلْفٌ قُبِلَ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ4 لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ لَيْسَ حَقِّي هَذَا الْقَدْرَ. قَالَ: وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا دِرْهَمٌ صَحَّ ذلك"2".
وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ"4" عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَبُّطِ اللَّفْظِ وَالصَّحِيحُ: يَلْزَمُهُ مَا أَثْبَتَهُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ لَكِنْ خَمْسَةٌ ولأنه استثناء من النفي فيكون إثباتا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "قوته".
2 ليست في "ط".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 ليست في الأصل.(11/177)
وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ فَأَحْضِرْهَا وَمَعْنَاهُ: إنْ شِئْت. وَفِي الْمُحَرَّرِ: إنْ جَهِلَ أَنَّهُ مَوْضِعُهَا1، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2: لَا يَقُولُ: فَأَحْضِرْهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا لَمْ يُسْأَلْهَا وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَلَا يَقُولُ: اشْهَدَا وَلَا يُلَقِّنُهُمَا وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَنْبَغِي وَفِي الْمُوجَزِ: يُكْرَهُ كَتَعَنُّتِهَا وَانْتِهَارِهِمَا وَفِيهِمَا فِي ظَاهِرِ الْكَافِي3. يَحْرُمُ.
وَإِنْ شَهِدَا واتضح الحكم لزمه4 وَلَمْ يَجُزْ تَرْدِيدُهُمَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ ظَنَّ الصُّلْحَ أَخَّرَهُ وَفِي الْفُصُولِ: وَأَحْبَبْنَا لَهُ أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَيُؤَخِّرُهُ فَإِنْ أَبَيَا حُكِمَ. وَفِي الْمُغْنِي"2": وَيَقُولُ قَدْ شَهِدَا عَلَيْك فَإِنْ كَانَ قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ عِنْدِي يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا فَدَلَّ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ مَعَ الرِّيبَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِضِدِّ مَا يعلمه بل يتوقف ومع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "بوضعها".
2 14/70.
3 6/115.
4 ليست في "ط".(11/178)
اللَّبْسِ يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ عَجَّلَ فَحَكَمَ قَبْلَ الْبَيَانِ حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ وَلَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَبِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا يُحْكَمُ بِإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مَعَهُ عَدْلَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُذْهَبِ: لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَعَنْهُ: فِي غَيْرِ الْحَدِّ نَقُلْ حَنْبَلٌ: إذَا رَآهُ عَلَى حَدٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ إلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ1 لِأَنَّ شَهَادَتَهُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ: فَيَذْهَبَانِ إلَى حَاكِمٍ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ نَفْسِهِ فَلَا.
وَيَعْمَلُ بِعِلْمِهِ وَفِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ: وَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَجُرْحِهِ لِلتَّسَلْسُلِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَلَا تُهْمَةَ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا: هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ لِأَنَّهُ يَعْدِلُ هُوَ وَيُجَرِّحُ غَيْرَهُ وَيُجَرَّحُ هُوَ وَيُعَدَّلُ غيره ولو كان حكما لم يكن2 لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنَّمَا الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ لَا بِهِمَا وَقِيلَ: يَعْمَلُ فِي جُرْحِهِ وَعَنْهُ: لَا فِيهِمَا بِعِلْمِهِ كَشَاهِدٍ فِي الْأَصَحِّ ولا يجوز الاعتراض
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "يجز".(11/179)
عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْسَلِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ لَهُ طَلَبَ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَدْحِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ: حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنِدَهُ.
وَمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الحاكم وقال له1: زدني شهودا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.(11/180)
فَصْلٌ الْمَذْهَبُ: تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ.
وَفِي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ: كَبَيِّنَةِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحُجَّةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ2، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: إنْ مَنَعُوا عدالة العبد فتدلّ3 عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَحْمِلُ هذا العلم من كل خلف عدوله" 4. "5والعبيد مِنْ حُمَّالِ5" الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى فَهُمْ عُدُولٌ بِشَهَادَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ منه ريبة اختاره أبو بكر وصاحب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
2 يعني- والله أعلم- تعتبر العدالة في غير الحدّ والقود بالقياس عليهما. وهذا رد على أبي حنيفة في تفريقه بين الحدّ والقود فاشترطها فيهما، ولم يشترطها في غيرهما.
3 في "ط": "فندل".
4 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/9، وابن عدي في "الكامل" 1/152، عن أبي هريرة.
5 في "ط": "والعبد من حمل".(11/180)
الرَّوْضَةِ فَعَلَيْهَا إنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ، وَفِي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ م 7.
وَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ إلَّا أن يجرحه الْخَصْمُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: "1يُقْبَلُ مِنْ الْغَرِيبِ1": أَنَا حُرٌّ عَدْلٌ لِلْحَاجَةِ كَمَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ: لَيْسَتْ مُزَوَّجَةً2 وَلَا مُعْتَدَّةً وَيَكْفِي فِي تَزْكِيَتِهِ أن يشهد عدلان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَفِي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ:
أَحَدُهُمَا: لا يرجع "3إلى قوله3" فِي كَوْنِهِ حُرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَأَوْرَدَهُ فِي النَّظْمِ مَذْهَبًا. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثاني: يرجع إليه.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "زوجة".
3 ليست في "ط".
4 14/44.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/476.(11/181)
يُعْلَمُ خِبْرَتُهُمَا الْبَاطِنَةُ بِصُحْبَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا1 وَقِيلَ: أَوْ يَجْهَلُهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَلَا يُتَّهَمُ بِعَصَبِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّهُ عَدْلٌ رَضِيٌّ أَوْ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ وَيَكْفِي: عَدْلٌ وَفِي التَّرْغِيبِ وجهان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "ونحوها".(11/182)
وَلَا تَجُوزُ التَّزْكِيَةُ إلَّا لِمَنْ لَهُ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَمَعْرِفَةُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فيه وجهان م 8 – 10.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبنِي أَنْ يَعْدِلَ إنَّ النَّاسَ يَتَغَيَّرُونَ وَقَالَ: قِيلَ لِشُرَيْحٍ: قَدْ أَحْدَثْت فِي قَضَائِك1! قَالَ: إنَّهُمْ أَحْدَثُوا فَأَحْدَثْنَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَلْزَمُ الْمُزَكَّى الْحُضُورُ لِلتَّزْكِيَةِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ. وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ. وَإِنْ سأل حبس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 8 - 1 0: قَوْلُهُ: وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ2 تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: هَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ "3أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمَا3":
"3أَحَدُهُمَا: هُوَ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ3" وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ فَقَالَ هُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَلَيَّ أَوْ صَادِقَانِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِلَا تَزْكِيَةٍ وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يُحْكَمُ انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: هَلْ تَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ أَمْ لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في
__________
1 في الأصل: "قضاك".
2 بعدها في "ح": "و".
3 ليست في "ص".
4 14/46.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/484.(11/183)
خَصْمُهُ أَوْ كَفِيلًا بِهِ أَوْ تَعْدِيلَ عَيْنٍ مُدَّعَاةٍ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَوْ سَأَلَهُ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَقِيلَ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يُقِيمَ آخَرُ أُجِيبُ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ: حَتَّى يُعَدَّلَ أَوْ يُجَرَّحَ وَقِيلَ بِهِ وَبِحَبْسِهِ مع كمالها، وقطع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَهَلْ تَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ؟ لَهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ تَعْدِيلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ أَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 10: هَلْ تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَفِي صِحَّةِ التَّزْكِيَةِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ الْوَجْهَانِ وَقِيلَ: إنْ تَبَعَّضَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا تَزْكِيَةَ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الأكثر.
والوجه الثاني: يصح.(11/184)
جَمَاعَةٌ: يُحَالُ فِي قِنٍّ أَوْ امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بِوَاحِدٍ فِي قِنٍّ وَجْهَانِ.
وَإِنْ جَرَحَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ كُلِّفَ بِهِ بَيِّنَةً وَيُنْظَرُ لَهُ وَلِجُرْحِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِهَا حُكِمَ بِهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَسَقَةٍ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخِلَافِ فِيمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً: وَقَدْ احْتَجَّ بِخَبَرِ سَلْمَانَ1 فَضَعَّفَهُ خَصْمُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ وَقَالَ: يَجِبُ التَّوَقُّفُ حتى يبين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تنبيه: قوله: وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ يُحَالُ2 فِي قِنٍّ أَوْ امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بواحد في قن وجهان. انتهى.
من الجماعة3 الَّذِينَ4 ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَاَلَّذِي قدمه المصنف بخلاف ذلك.
__________
1 أخرج الدارقطني في "سننه" 1/37، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/253، عن سلمان أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: "يا سلمان أيّما طعام أو شراب ماتت فيه دابّة، ليس لها نفس سائلة، فهو الحلال أكله وشربه ووضوؤه".
2 في "ط": "بحال".
3 ليست في "ط".
4 في النسخ الخطية: "الذي"، والمثبت من "ط".(11/185)
"1سَبَبَهُ كَالْبَيِّنَةِ إذَا طَعَنَ فِيهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ التَّوَقُّفُ حَتَّى يُبَيِّنَ1" وَجْهَ الطعن فأجاب القاضي2: بِأَنَّ حُكْمَ الْخَبَرِ أَوْسَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ لِسَمَاعِهِ3 وقبوله ممن ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ بِخِلَافِهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ ادَّعَى جُرْحَ الْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فِي الأصح.
والمذهب: لا يسمع جرح3 لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ بِذِكْرِ قَادِحٍ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ وَفِيهَا وَجْهٌ: كَتَزْكِيَةٍ: وَفِيهَا وَجْهٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: إنَّ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُونَ فِي مِثْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ4 إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي الْجُرْحِ بِالِاسْتِفَاضَةِ نِزَاعًا بَيْنَ النَّاسِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ فِسْقُهُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ مِنْهُ اُكْتُفِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اعْتَبَرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ5. وَبَلَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ6 وَقَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ بِدْعَةِ الْمُبْتَدِعِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَعَنْهُ: يَكْفِي الْمُطْلَقُ نَحْوُ هُوَ فَاسِقٌ أَوْ7 لَيْسَ بعدل كتعديل في الأصح ويعرض الجارح بالزنى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "وقبوله".
4 في الأصل: "يعلمون" وفي "ر": "يعلموه".
5 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/589، ولفظه: "بإخوانهم" والطبراني في "الكبير"، 8919.
6 لم نقف عليه.
7 في الأصل: "و".(11/186)
فَإِنَّ جَرَحَ وَلَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ1 أَرْبَعَةٍ حُدَّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَجُوزُ الْجُرْحُ بِالتَّسَامُعِ نَعَمْ لَوْ زَكَّى جَازَ2 التَّوَقُّفُ بِتَسَامُعِ الْفِسْقِ.
وَمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يُسْأَلُ سِرًّا عَنْ الشهود لتزكية أو جرح فقيل: تعتبر شروط الشَّهَادَةِ فِيهِمْ وَقِيلَ فِي الْمَسْئُولِينَ م 11 وَفِي الترغيب: وعلى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 11: قوله: وَمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يُسْأَلُ3 سِرًّا عَنْ الشُّهُودِ لتزكية أو جرح فقيل: تعتبر شروط الشهادة فيهم وقيل: في المسئولين انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: تُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فَقَالَا: وَيُقْبَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ الْمَسْئُولِينَ. وَقَالَ فِي الْكَافِي6: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عدولا ولا يسألوا7 عَدُوًّا وَلَا صَدِيقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ في المسئولين لا فيمن رتبهم الحاكم.
__________
1 ليست في "ر".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "ليسأل".
4 14/45- 46.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/482.
6 6/100.
7 في "ط": "يسألون".(11/187)
قَوْلِنَا التَّزْكِيَةُ لَيْسَتْ شَهَادَةً لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدِ فِي الْجَمِيعِ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ1 أَخْبَرَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَإِنْ قَبِلَ جُرْحَ وَاحِدٍ فَتَزْكِيَةُ اثْنَيْنِ مُقَدَّمَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَيُقَدَّمُ جُرْحُ2 اثْنَيْنِ وَإِنْ ارْتَابَ حَاكِمٌ "3مِنْ بَيِّنَةٍ3" لَزِمَهُ الْبَحْثُ. وَفِي الْكَافِي4 وَالْمُحَرَّرِ: يُسْتَحَبُّ تَفْرِيقُهُمْ وَيُسْأَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ كَيْفِيَّةِ التَّحَمُّلِ هَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ؟ وَأَيْنَ وَمَتَى؟ فَإِنْ اتَّفَقُوا وَعَظَ وَخَوَّفَ فَإِنْ ثَبَتُوا حَكَمَ وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهَا وَإِنْ حَاكَمَ مَنْ لَا يُعْرَفُ لِسَانُهُ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَالْمَذْهَبُ: يُقْبَلُ فِي تَرْجَمَةٍ وَتَزْكِيَةٍ وجرح وتعريف ورسالة عدلان بشروط الشهادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ر".
3 في النسخ الخطية: "ببينة"، والمثبت من "ط".
4 6/106.(11/188)
وَفِي مَالٍ رَجُلٍ وَامْرَأَتَانِ وَالْأَصَحُّ: فِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَعَنْهُ: وَاحِدٌ فِي الْكُلِّ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ أَعْمَى لِمَنْ1 خَبَّرَهُ بَعْدَ عَمَاهُ وَيَكْتَفِي بِالرُّقْعَةِ مَعَ الرَّسُولِ وَعَلَى الْأَوَّلِ: تَجِبُ الْمُشَافَهَةُ.
وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ بِجُرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وحده2 إذا قامت البينة عنده
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "كمن".
2 ليست في الأصل.(11/189)
فَصْلٌ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي مَالِي بَيِّنَةٌ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ لَهُ تحليفه مع علمه و3قُدْرَتَهُ عَلَى حَقِّهِ
نَصَّ عَلَيْهِ نَقَلَ ابْنُ هانئ: إن علم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
3 ليست في الأصل و "ط".(11/189)
عِنْدَهُ مَالًا لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ حَقَّهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: يُكْرَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ مِنْ حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيفِ الْبَرِيءِ دُونَ الظَّالِمِ. وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي رَوَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/190)
أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ أَخَاهُ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَأَجَلَّ اللَّهَ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" 1. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا "مَنْ قَدَّمَ غَرِيمًا إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيُحَلِّفَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ كاذبا لم يرض الله له2 تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْزِلَهُ3 إلَّا مَعَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ" 4. عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: بِصِفَةِ الدَّعْوَى وَعَنْهُ: يَكْفِي تَحْلِيفُهُ: لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَإِنْ سَأَلَهُ تَحْلِيفَهُ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ فَيَحْرُمُ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفُهُ ثَانِيًا أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ5. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: لَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ حَلِفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَمْسَكَ عَنْ تَحْلِيفِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بدعواه المتقدمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 وأورده الهندي في "كنز العمال" 46447، والعجلوني في "كشف الخفاء" 2/225.
2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "منزلة".
4 لم نقف عليه.
5 تقدم تخريجه ص 165.(11/191)
وَإِنْ أَبْرَأهُ مِنْ يَمِينِهِ فَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَطَلَبُهَا. وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِهِ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي طَوْعًا وَعَنْهُ: يَبْرَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي وَعَنْهُ: وَيُحَلِّفُهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُحَلِّفْهُ ذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا مِنْ رِوَايَةٍ مُهَنَّا أَنَّ رَجُلًا اتَّهَمَ رَجُلًا1 بِشَيْءٍ فَحَلَفَ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تَحْلِفَ لِي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَلَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا قَدْ ظَلَمَهُ وَتَعَنَّتَهُ وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ تَحْلِيفَهُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا وَلَمْ يَصِلْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ. وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ بِمَا لا يفهم لأن الاستثناء يزيل3 حُكْمَ الْيَمِينِ. وَفِي التَّرْغِيبِ هِيَ يَمِينٌ كَاذِبَةٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ الْحَاكِمُ الْمُحَلِّفُ لَهُ.
وَلَا يَجُوزُ التَّأْوِيلُ وَالتَّوْرِيَةُ فِي الْيَمِينِ إلَّا لِمَظْلُومٍ وَقَالَ فِي الترغيب كل ما ليس بجار4 فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَالنِّيَّةُ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ الْمُحَلِّفِ وَاعْتِقَادِهِ فَالتَّأْوِيلُ عَلَى خِلَافِهِ لَا يَنْفَعُ وقد سبقت المسألة في الشفعة5.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ مُعْسِرٌ خَافَ حَبْسًا أم لا6: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَلَوْ تَوَى السَّاعَةَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَلَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غَرِيمُهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَالَ: إنْ حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر".
2 14/236.
3 في "ط": "يذيل".
4 في "ط": "بجاز".
5 7/271.
6 في "ر" و "ط": "أنه".(11/192)
وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا وَفِي الرِّعَايَةِ: يَقُولُهُ مَرَّةً وَقِيلَ: ثَلَاثًا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الْحَقُّ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ مَرِيضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَيَتَخَرَّجُ حَبْسُهُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي رَدُّ الْيَمِينِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ كَأَنِّي أَكْرَهُ هَذَا وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ1.
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ يُقَالُ لَهُ احْلِفْ وَخُذْ فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ رَدُّهَا وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: وَعَنْهُ: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَعَلَّ ظَاهِرُهُ: يَجِبُ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: وَاخْتَارَ أَبُو الْخِطَابِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ وَقَالَ: قَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةُ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ الرَّدِّ وَاخْتَارَ فِي الْعُمْدَةِ رَدَّهَا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَزَادَ: بِإِذْنِ النَّاكِلِ فِيهِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا مَعَ عِلْمِ مُدَّعٍ وَحْدَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَهُمْ رَدُّهَا وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ2 كَالدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ3 مَيِّتٍ حَقًّا عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِتِرْكَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْعَالِمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ دُونَ الْمُدَّعِي مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى غَرِيمِ الميت فينكر فلا يحلف المدعي لأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أنظر: "الموطأ" 2/613.
2 في "ط": "أخذ".
3 في "ط": "ورثه".(11/193)
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَضْطَرُّوا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ إلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ" 1. قَالَ: وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْعِلْمَ وَالْمُنْكِرَ يَدَّعِي الْعِلْمَ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ الْقَوْلَانِ يَعْنِي الرِّوَايَتَيْنِ.
فَإِنْ حَلَفَ حَكَمَ لَهُ وَإِنْ نَكَلَ صَرَفَهُمَا ثُمَّ إنْ بَذَلَ أَحَدُهُمَا: الْيَمِينَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَالْأَشْهَرُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ.
وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يقضى بنكوله أو يحلف ولي أو إن باشر ما ادعاه أو لا يحلف حاكم؟ فِيهِ أَوْجُهٌ وَقَطَعَ الشَّيْخُ: يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ م 12 وبلغ ويكتب الحاكم محضرا بنكوله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يَقْضِي بِنُكُولِهِ أَوْ يَحْلِفُ وَلِيٌّ أَوْ إنْ بَاشَرَ ما ادعاه أو لا يحلف حاكم؟ فيه أَوْجُهٌ وَقَطَعَ الشَّيْخُ: يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ وَتَعَذُّرِ رَدِّهَا قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 بِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ وأمين الحاكم لا يحلفون وتوقف4 الْيَمِينُ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ مَحْضَرًا بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَكُلُّ مَالٍ لَا تُرَدُّ فِيهِ الْيَمِينُ يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ كَالْإِمَامِ إذَا ادَّعَى لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ وَكِيلِ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قَالَ: وَكَذَا الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَأَمِينُ الْحَاكِمِ إذَا ادَّعَوْا حَقًّا لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَقَيِّمُ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: قَضَى بِالنُّكُولِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَقِيلَ: بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمْ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ قَدْ بَاشَرَ مَا ادَّعَاهُ حَلَفَ وَإِلَّا
__________
1 أخرجه الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 2/216، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/313، من حديث ابن مسعود.
2 14/233.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/438.
4 في "ح" و"ط": "تقف".(11/194)
فَإِنْ قُلْنَا: يَحْلِفُ حَلَفَ لِنَفْيِهِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِهِ مِنْ مُوَلِّيه فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ إنْ جَعَلَ النُّكُولَ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي كَبَيِّنَتِهِ لَا كَإِقْرَارِ خَصْمِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا خِلَافَ بَيْنَنَا أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا فِيهِ يَقْضِي بِنُكُولِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبُ1 الدَّعْوَى غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ يَكُونَ الْإِمَامُ بِأَنْ يَدَّعِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ دَيْنًا وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَفِي الرِّعَايَةِ فِي صُورَةِ الْحَاكِمِ: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ2 أَوْ يَحْلِفَ وَقِيلَ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يُحَلِّفُ الْحَاكِمُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: نَزَّلَ أَصْحَابُنَا نُكُولَهُ مَنْزِلَةً بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ فَقَالُوا: لَا يُقْضَى بِهِ فِي قَوَدٍ وَحَدٍّ وَحَكَمُوا بِهِ فِي حَقِّ مَرِيضٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ مَأْذُونٍ لَهُمَا.
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْقَسَامَةِ: مَنْ قَضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ بالدية ففي ماله لأنه كإقرار3 وفيها: قال أبو بكر: لأن النكول إقرار واختار شيخنا: أن4 الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ ابْتِدَاءً مَعَ اللَّوْثِ وَأَنَّ الدَّعْوَى فِي التُّهْمَةِ كَسَرِقَةٍ يُعَاقَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَاجِرُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ.
وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيَبِينَ5 أَمْرُهُ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى وَجْهَيْنِ نَقَلَ حَنْبَلٌ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَلَا قُلْت: لَا يَحْلِفُ إمَامٌ وَلَا حَاكِمٌ. انْتَهَى. وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ أو بلغ وتابعه الشارح.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيُبَيِّنَ أَمْرَهُ وَلَوْ ثَلَاثًا عَلَى وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ المطلق.
__________
1 في "ط":"صاب".
2 في "ط": "يقرأ".
3 في "ط": "كإقراره".
4 ليست في "ط".
5 في الأصل: "حتى يتبين".(11/195)
حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَمُحَقِّقُو أَصْحَابِهِ عَلَى حَبْسِهِ.
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ1. بِخِلَافِ دَعْوَى بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ كِتَابَتِهِ وَالْإِشْهَادِ وَأَنَّ تَحْلِيفَ كُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِرْسَالَهُ مَجَّانًا لَيْسَ مَذْهَبًا لِإِمَامٍ وَاحْتَجَّ فِي مَكَان آخَرَ بِأَنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا أُنَاسًا بِسَرِقَةٍ فَرَفَعُوهُمْ2 إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَقَالُوا لَهُ: خَلَّيْت سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ فَقَالَ لَهُمْ3: إنْ شِئْتُمْ ضَرَبْتهمْ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَكُمْ وَإِلَّا ضَرَبْتُكُمْ مِثْلَ مَا ضَرَبْتهمْ فَقَالُوا هَذَا حُكْمُك؟ فَقَالَ: حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد4 وَتُرْجِمَ عَلَيْهِ: بَابٌ فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ قَالَ بِهِ وَقَالَ بِهِ شَيْخُنَا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَحْبِسُهُ وَالٍ قَالَ: فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: وَقَاضٍ وَأَنَّهُ لِيَشْهَدَ له {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآية [النور: 8] حَمَلْنَا عَلَى الْحَبْسِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا: الْأَوَّلُ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَ تَعْزِيرَ5 مُدَّعٍ بسرقة وَنَحْوِهَا عَلَى مَنْ تُعْلَمُ بَرَاءَتُهُ وَاخْتَارَ أَنَّ خَبَرَ مَنْ لَهُ رَائِي جِنِّيٌّ بِأَنَّ فُلَانًا سَرَقَ كَذَا كَخَبَرِ إنْسِيٍّ مَجْهُولٍ فَيُفِيدُ تُهْمَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. يَضْرِبُهُ الْوَالِي مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ تَعْزِيرًا فَإِنْ ضَرَبَ لِيُقِرَّ لم يصح وإن ضرب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه أبو داود 3630، والترمذي 1417، والنسائي في "المجتبى" 8/67، من حديث بهز عن أبيه عن جده.
2 في الأصل: "فعرفوهم".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 النسائي في "المجتبى" 8/66، وأبو داود 4382.
5 في "ط": "تعذير".(11/196)
لِيُصَدَّقَ عَنْ حَالِهِ فَأَقَرَّ تَحْتَ الضَّرْبِ قَطَعَ ضَرْبَهُ وَأُعِيدَ إقْرَارُهُ لِيُؤْخَذَ بِهِ وَيُكْرَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ كَذَا قَالَ قَالَ شَيْخُنَا: إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ الْمُنَاسِبِ لِلتُّهْمَةِ قَالَ طَائِفَةٌ: يَضْرِبُهُ الْوَالِي1 وَالْقَاضِي "2وَقَالَ طَائِفَةٌ: الْوَالِي دُونَ3 الْقَاصِي2" وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الزُّبَيْرَ أَنْ يَمَسَّ بَعْضَ الْمُعَاهَدِينَ بِالْعَذَابِ لَمَّا كَتَمَ إخْبَارَهُ بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: "أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ"؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَذْهَبَتْهُ4 النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ فَقَالَ: "الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْعَهْدُ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا". وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: "دُونَك هَذَا" فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ5.
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ مَا هُوَ نَفْسُ كَلَامِ6 شَيْخِنَا أَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْقَرَائِنِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَفَسَادِهَا وَكَذَلِكَ فَعَلَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِالْقَرِينَةِ عَلَى تَعَيُّنِ أُمِّ الطِّفْلِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ الذِّئْبُ وَادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ أَنَّهُ ابنها واختصمتا7 إليه8 في الآخر،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في الأصل: "دون".
2 ليست في الأصل.
3 ليست في "ط".
4 في الأصل: "أذهبه".
5 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى 9/137، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ 5199، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عمر وأصل الحديث عند البخاري 2328، ومسلم 1551، 1.
6 ليست في الأصل.
7 في النسخ الخطية،: "واختصما"، والمثبت من "ط".
8 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/197)
فَقَضَى بِهِ دَاوُد لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ فَقَالَ: بِمَ قَضَى بَيْنَكُمَا نَبِيُّ اللَّهِ؟ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ رَحِمَك اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لَهَا1.
فَلَوْ اتَّفَقَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي شَرِيعَتِنَا عُمِلَ بِالْقَافَةِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ وَلَدُ مُسْلِمَةٍ وَكَافِرَةٍ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ فَقِيلَ لَهُ: تَرَى الْقَافَةَ؟ فَقَالَ: مَا أُحْسِنُهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا حَاكِمٌ بِمِثْلِ حُكْمِ سُلَيْمَانَ كَانَ صَوَابًا وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مَعَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ فَلَوْ تَرَجَّحَ بِيَدٍ أَوْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ لَوْثٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ مُوَافَقَةِ شَاهِدِ الْحَالِ لِصِدْقِهِ كَدَعْوَى حَاسِرِ الرَّأْسِ عَنْ الْعِمَامَةِ عِمَامَةَ مَنْ بِيَدِهِ عِمَامَةٌ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَدْوًا وَعَلَى رَأْسِهِ أُخْرَى وَنَظَائِرُ ذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى الْقُرْعَةِ كَدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قُمَاشَ الْبَيْتِ و2 آلاته وَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّانِعِينَ آلَاتِ صَنْعَتِهِ وَالْحُكْمُ بِالْقَسَامَةِ هُوَ مِنْ هَذَا وَلَمْ يَقُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَّةَ سُلَيْمَانَ إلَّا لِيُعْتَبَرَ3 بِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهَا النَّسَائِيُّ4: بَابٌ فِي الْحَاكِمِ يُوهِمُ خِلَافَ الْحَقِّ لِيَسْتَعْلِمَ بِهِ الْحَقَّ.
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ أَنَّهُ قَالَ قَوْلَ عُمَرَ لَيْسَ الرَّجُلُ بِأَمِينٍ عَلَى نَفْسِهِ إذَا أَجَعْته أَوْ ضَرَبْته أَوْ حَبَسْته5 فَإِذَا أَقَرَّ عَلَى هَذَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ وَلَا تَمْتَحِنُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه البخاري 3427، وَمُسْلِمٍ 1720، 20، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
2 ليست في "ط".
3 في الأصل: "لنعبر"، وفي "ط": "ليعتبر".
4 في "المجتبى" 8/236.
5 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 11424، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/360.(11/198)
بِقَوْلِ زَنَيْت: سَرَقْت حَتَّى يَجِيءَ هُوَ يُقِرَّ أَمَّا مَنْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ بِشَيْءٍ وَيَحْلِفُ وَيُتْرَكُ إجْمَاعًا.
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَا لِي بَيِّنَةٌ ثُمَّ أَتَى بِهَا فَنَصُّهُ: لَا تُسْمَعُ وَقِيلَ: بَلَى وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَلَّفَهُ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ: لَا أَعْلَمُهُ1 لِي وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيب بِالْأَوَّلِ قَالَ: وَكَذَا قَوْلُهُ: كَذَبَ شُهُودِي وَأَوْلَى وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبٍ ذَكَرَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فشهدت به وبسببه2 وقلنا يرجح بذكر3 السَّبَبِ لَمْ يَفْدِهِ إلَّا أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا فَشَهِدُوا لَهُ بِغَيْرِهِ فهو مكذب لهم قاله4 أحمد وأبو بكر واختار5 فِي الْمُسْتَوْعِبِ تُقْبَلُ فَيَدَّعِيه ثُمَّ يُقِيمُهَا وَفِيهِ وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ قَالَ اسْتَحَقَّهُ وَمَا شَهِدُوا بِهِ أَيْضًا وَإِنَّمَا ادَّعَيْت بِأَحَدِهِمَا: لِأَدَّعِيَ الْآخَرَ وَقْتًا ثُمَّ ادَّعَاهُ ثُمَّ شَهِدُوا بِهِ قُبِلَتْ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا فَأَقَرَّ لَهُ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حَتَّى يُقِيمَهَا أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا فيه صرفه وقيل ينظر ثلاثة أيام6، وذكر الشيخ وغيره:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية: "لاأعلم"، والمثبت من "ط".
2 في الأصل: "ونسيته".
3 في "ط": "ذكر".
4 في "ط": "قال".
5 في "ط": "واختاره".
6 ليست في "ر" و "ط".(11/199)
وَيُجَابُ مَعَ قُرْبِهَا وَعَنْهُ: وَبَعْدَهَا كَكَفِيلٍ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْإِرْشَادِ1 وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَأَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلًا مَتَى مَضَى فَلَا كَفَالَةَ وَنَصُّهُ: لَا يُجَابُ إلَى كَفِيلٍ كَحَبْسِهِ، وَفِي مُلَازَمَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ2 بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ م 13.
قَالَ الميموني: لم أره يذهب في الملازمة إلى أن يعطله من3 عَمَلِهِ وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِنْ عَنَتِ خَصْمِهِ.
وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ ثُمَّ يُقِيمُهَا مَلَكَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَقِيلَ: أَوْ قَرِيبُهُ4 مَلَكَ أَيَّهمَا شَاءَ. وَقِيلَ: هُمَا. وَقِيلَ: إقَامَتُهَا فَقَطْ فِي الْكُلِّ قَطَعُوا بِهِ فِي الْخِلَافِ، وَإِنْ سأل تحليفه ولا يقيمها فحلف ففي جواز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي مُلَازَمَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ لَهُ5 الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: لَهُ مُلَازَمَتُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
وَالْوَجْهُ الثاني: ليس له ذلك.
__________
1 ص 485.
2 في الأصل: "غيبته".
3 في "ط": "عن".
4 في "ط": "قريبه".
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/200)
إقامتها وجهان م 14.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ وَلَا يُقَيِّمُهَا فَحَلَفَ فَفِي جَوَازِ إقَامَتِهَا وَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهَانِ لِلْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 شَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ إقَامَتُهَا صَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ إقَامَتُهَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
3 14/221.
4 6/122.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/429.(11/201)
فصل وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَوْ قَالَ1 لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ
ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَعْرِفُ قَدْرَ حَقِّهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِهِ. قَالَ الْحَاكِمُ: إنْ أَجَبْت وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْت عَلَيْك وَقِيلَ: يُحْبَسُ حَتَّى يُجِيبَ ذَكَرَهُ في الترغيب عن أَصْحَابِنَا فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا وَقَوْلُهُ لِي2 مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ لَيْسَ جَوَابًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "إلى"(11/201)
وَإِنْ قَالَ: لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ1 أَنْظُرَ فِيهِ لَزِمَ إنْظَارُهُ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ قَالَ: إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بَرْهَنَ كَذَا لي بيدك أجبت و2 ادَّعَيْت هَذَا ثَمَنَ كَذَا بِعْتنِيهِ وَلَمْ تُقْبِضنِيهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَجَوَابٌ وَإِنْ ادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً وَجَعَلَ مُقِرًّا أَوْ بَعْدَ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أُنْظِرَ لِلْبَيِّنَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَقِيلَ: لَا يُنْظَرُ كقوله3: لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى بَقَائِهِ وَأَخَذَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَالَهُ فِي بَيْعٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّعْوَى فَفِي التَّرْغِيبِ انْبَنَى عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ لَمْ تُسْمَعْ وَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ سَبَبَ الْحَقِّ ابْتِدَاءً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً مُتَقَدِّمًا لِإِنْكَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ منصور وقيل: بلى ببينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في الأصل: "أو"
3 في "ط": "لقوله".(11/202)
فَصْلٌ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ
وَقِيلَ وَيَوْم أَوْ مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِهَا وَلَيْسَ تَقَدُّمُ الْإِنْكَارِ هُنَا شَرْطًا وَلَوْ فَرَضَ إقْرَارَهُ فَهُوَ تَقْوِيَةٌ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ لِخَصْمِهِ أَلَا جَعَلْت لِلْقَاضِي هُنَا أَنْ يَنْصِبَ عَنْ الْغَائِبِ مَنْ يُنْكِرُ عَنْهُ كَمَا فَعَلْت فِي إقَامَةِ الْمُدِيرِ لِتُثْبِتَ الْكُتُبَ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا تَفْتَقِرُ الْبَيِّنَةُ إلَى جُحُودٍ إذْ الْغَيْبَةُ كَالسُّكُوتِ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ وَكَذَا جُعِلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا عَلَى الْخَصْمِ.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَالَ هُوَ مُعْتَرِفٌ وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا لَمْ تُسْمَعْ وَقَالَهُ الْآدَمِيُّ فِي كِتَابِهِ إنَّهُ1 إذَا اعْتَرَفَ بِإِقْرَارِ غَرِيمِهِ لَغَتْ مُطْلَقًا، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَسْرُوقَةٌ فَادَّعَى أَنَّهَا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ: مَنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً أَخَذَهَا حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ فَيُثْبِتَ. وَقِيلَ: يُقِيمُ كَفِيلًا وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى بَقَاءِ حَقِّهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: يُحَلِّفُهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ. وَفِي الترغيب: لكمالها فيجب تعرضه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.(11/203)
إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ وَلَا يَمِينَ مَعَ بَيِّنَةٍ كَمُقَرٍّ لَهُ إلَّا هُنَا وَعَنْهُ: بَلَى فَعَلَهُ عَلِيٌّ1 وَعَنْهُ: نَعَمْ مَعَ رِيبَةٍ ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَرَشَدَ فَعَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ قَدِمَ فَجَرَحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ2 بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهِ وَإِلَّا قُبِلَ وَعَنْهُ: لا يحكم على غائب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/261.
2 ليست في "ر".(11/204)
كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْضِي فِي السَّرِقَةِ بِالْغُرْمِ فَقَطْ وَعَنْهُ: بَلَى1 تَبَعًا كَشَرِيكٍ حَاضِرٍ، وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِ غَائِبٍ احْلِفْ أَنَّ لَك مُطَالَبَتِي أَوْ قَالَ قَدْ عَزَلَك فَاحْلِفْ أَنَّهُ مَا عَزَلَك لَمْ يُسْمَعْ وَيُسْمَعُ إنْ قَالَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَزَلَك لِأَنَّهَا دَعْوَى عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا عَزَلَهُ أَوْ مَاتَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَزَلَهُ قُبِلَتْ وَلَوْ كَانَا ابْنَيْ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَادَرَتْ الْبَيِّنَةُ فَشَهِدَتْ بِعَزْلِهِ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ ثم حضر موكله وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ لِإِثْبَاتِهِمَا حَقًّا لِأَبِيهِمَا وَالْغَيْبَةُ دُونَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ لِسَمَاعِهِمَا حُضُورُهُ كَحَاضِرِ الْمَجْلِسِ وَقِيلَ: يسمعان ويحكم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا ابْنًا لِلْمُوَكِّلِ صوابه ابني للموكل.
__________
1 ليست في الأصل.(11/205)
عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ فَقَطْ فَإِنْ أَبَى الْحُضُورَ حُكِمَ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ1 الْحَاكِمُ بِمَا يَرَاهُ فَيُحَتِّمُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُدْخَلَ عَلَيْهِ بَيْتُهُ فَإِنْ أَصَرَّ حُكِمَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي: إنْ عَرَفْت لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك مِنْهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ صَحَّ2 عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجِهِ وَنَصُّهُ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ إذا خرج قال: لأنه قد3 صَارَ فِي حُرْمَةٍ4 كَمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ.
وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَهُ وَالْكِتَابَةُ لَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ بِكِتَابِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "وثبت".
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "حرمة".(11/206)
الْقِسْمَةِ وَالدَّعْوَى1 وَيَصِحُّ تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أَبِيهِ عَنْهُ2 وَعَنْ أَخٍ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ وَالْحَاكِمُ نَصِيبَ الْآخَرِ وَقِيلَ: يَتْرُكُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ غَرِيمِهِ حَتَّى يَقْدَمَ وَيَرْشُدَ وَتُعَادُ الْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَزَادَ: وَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ غَيْرُ رَشِيدٍ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُمَا بِخِلَافِ الْغَائِبِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْآخَرُ: يُنْتَزَعُ. وَفِي الْمُغْنِي3: إن أدعى4 أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَة وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُمَا فَإِنْ حَضَرَ لَمْ تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ كَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ ثَبَتَ لِمَنْ لَمْ يَخْلُقْ تَبَعًا لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ.
وَتَقَدَّمَ5 أَنَّ سُؤَالَ غَرِيمِ الْحَجْرِ كَالْكُلِّ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ الْقَضِيَّةَ الْوَاحِدَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى عَدَدٍ أَوْ أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشْرِكَةِ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ لَهُ يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمَسْأَلَةَ وَأَخَذَهَا مِنْ دَعْوَى مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ هَذَا أَوْ الْآنَ مِنْ وَقْفٍ بِشَرْطٍ شَامِلٍ يَعُمُّ وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ والشرط واحد؟ ردد النظر على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 236- 260.
2 ليست في الأصل.
3 7/260.
4 في "ط": "أدى".
5 6/465.(11/207)
وَجْهَيْنِ ثُمَّ مَنْ أَبْدَى مَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ1 وَلَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ2 الدَّفْعُ بِهِ وَهَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ كحكم مغيّا بغاية "3أو هو نسخ3".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ وَالشَّرْطُ وَاحِدٌ؟ رَدَّدَ النَّظَرَ عَلَى وَجْهَيْنِ ثُمَّ من أبدى ما يجوز أن يمنع الأول مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ الدَّفْعُ بِهِ وَهَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ كَحُكْمٍ مُغَيًّا بغاية "4أو هُوَ فَسْخٌ4" انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمُصَنَّفُ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَصِحُّ تَبَعًا وَقَدْ اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ أَنَّ حُكْمَهُ لِطَبَقَةٍ لَيْسَ حُكْمًا لِطَبَقَةٍ أُخْرَى.
__________
1 بعدها في "ط": "و".
2 في "ط": "فالثاني".
3 في الأصل، و "ط": "هل هو نسخ".
4 في النسخ الخطية: طهل هو نسخ"، والمثبت من "ط".(11/208)
فصل من ادعى أن الحاكم حكم له فَلَمْ يَذْكُرْهُ فَشَهِدَ بِهِ اثْنَانِ
قَبِلَهُمَا وَأَمْضَاهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إمْضَائِهِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ شَهَادَتَهُ فَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهَا وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَقْبَلُهُمَا وَمُرَادُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صواب نفسه فإن تَيَقَّنَهُ لَمْ يَقْبَلْهُمَا لِأَنَّهُمْ احْتَجُّوا فِيهِ بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ4 وَذَكَرُوا هُنَاكَ صَوَابَهُ "5لَوْ تَيَقَّنَ صوابه5" لَمْ يَقْبَلْهُمَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ الْأَصْلِ الْمُحْدَثِ للراوي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
4 تقدم تخريجه 2/269.
5 في "ط": "صوابه لو تتقن".(11/208)
عَنْهُ: لَا أَدْرِي وَذَكَرُوا هُنَاكَ لَوْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِمَا وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ ودل أن قول ابن عقيل هنا أن1 قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الدَّلِيلَيْنِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَك بِكَذَا أَمْضَاهُ فَإِنْ وَجَدَ حُكْمَهُ أَوْ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ وَتَيَقَّنَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ2 فِي الْمُذْهَبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ هُوَ الْأَشْهَرُ كَخَطِّ أَبِيهِ3 بِحُكْمٍ أَوْ شَهَادَةٍ لَمْ يَشْهَدْ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا إجْمَاعًا وَلَمْ يُنَفِّذْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: بَلَى اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَعَنْهُ: إنْ كان في حرزه كقمطره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر" و "ط".
2 بعدها في "ط": "في".
3 لست في الأصل.(11/209)
وَمَنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ يَعْتَمِدَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ شهادته ولهما حكم مغفل أو مخرق1 وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقَالَ أَبُو2 الْخَطَّابِ: لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ سُؤَالُهُمَا عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُمَا جَوَابُهُ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: إذَا عَلِمَ تَجَوَّزَهُمَا فَهُمَا كَمُغَفَّلٍ وَلَمْ يَجُزْ قَبُولُهُمَا وَإِنْ قَالَ وَهُوَ عَدْلٌ: حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَلَيْسَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْمَنْصُوصِ سَوَاءٌ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ أَوْ لَا. وَقَالَ3 شَيْخُنَا: قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إخْبَارُهُ بِمَا ثَبَتَ بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ يُوجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ إذْ لَوْ قُبِلَ خَبَرُهُ لَقُبِلَ كِتَابُهُ وَأَوْلَى قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي فَهُوَ كَقَوْلِهِ حَكَمْت فِي الْأَخْبَارِ وَالْكِتَابِ وَإِنْ قَالَ شَهِدَا أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي فُلَانٌ فَكَالشَّاهِدَيْنِ سَوَاءٌ وَكَذَا لَوْ قَالَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَقِيلَ: لَا فَهُوَ كشاهد وقيل:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "محرق".
2 في الأصل: "وذكر"، وبعدها في "ط": "أبو".
3 ليست في "ط".(11/210)
لَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ أَمِيرُ الْجِهَادِ وَأَمِيرُ الصَّدَقَةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: كُلُّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ إنْشَاءُ أَمْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ.
وَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ آخَرُ بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتِ عَمَلٍ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُخْبَرِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَنْ الْمَجْلِسِ وَيُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا وَفِي عَمَلِ أَحَدِهِمَا: وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ إلَّا أن يجبره1 فِي عَمَلِهِ حَاكِمًا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلُهُ وَجَازَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَا فِي وِلَايَةِ الْمُخْبِرِ فَوَجْهَانِ وَفِيهِ: إذَا قَالَ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ فَأَحْكُمُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ2 حَيَاةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر"، و "ط": "يخبر".
2 ليست في "ط".(11/211)
فَصْل وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا
وَعَنْهُ: بَلَى فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ قبل الحكم قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار فوجهان م 15.
وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ أَوْ عَلَيْهِ بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ بِاجْتِهَادِهِ. وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فحكم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا وَعَنْهُ: بَلَى فِي مُخْتَلَفٍ فيه قبل الحكم قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: الْإِحَالَةُ1 فِي الْبَاطِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِشُمُولِ الرِّوَايَةِ لَهَا. وَاَللَّهُ أعلم.
__________
1 في النسخ الخطية: "الإزالة"، والمثبت من "ط".(11/211)
بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ.
وَحَكَى عَنْهُ: نُحِيلُهُ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهَا فِي الْوَسِيلَةِ قَالَ أَحْمَدُ: الْأَهْلُ أَكْبَرُ مِنْ الْمَالِ. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا وَاعْتَبَرَهَا بِاللِّعَانِ وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا أَجَابَ بِأَنَّ اللِّعَانَ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِسَتْرِ الزَّانِيَةِ وَصِيَانَةِ النَّسَبِ فَتَعَقَّبَ الْفَسْخُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ إلَّا بِهِ وَمَا وَضَعَهُ الشَّرْعُ لِلْفَسْخِ بِهِ زَالَ1 الْمِلْكُ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَتِنَا سِوَى جَهْلِ الْحَاكِمِ بِبَاطِنِ الْأَمْرِ وَعِلْمُهُمَا وَعِلْمُ الشُّهُودِ أَكْثَرُ مِنْ النَّصِّ فِي الدَّلَالَةِ لِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُومٌ وَهَذَا مَحْسُوسٌ لِأَنَّ التَّزْوِيرَ مِنْ فِعْلِهِمَا2. وَإِذَا فَسَخْنَا الْأَحْكَامَ بِالْمَنْصُوصَاتِ مِنْ الْأَدِلَّةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَلَأَنْ تَبْطُلَ الْأَحْكَامُ بِالْحِسِّ بَاطِنًا أَوْلَى فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا كُلُّهُ لَا يَدْفَعُ أشكال اللعان وذلك أن الحاكم لا يلزمه في إنفاذ الأحكام "3التنقب عن3" بواطن الأحوال4 وإنما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "أزال".
2 في الأصل: "فعلها".
3 ليست في الأصل، و "ط".
4 في "ر": "الأحكام". وفي هامشها: "الأموال".(11/212)
يَلْزَمُهُ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرْته فِي اللِّعَانِ فَهُوَ الْحُجَّةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ صِحَّةَ الْفَسْخِ عَلَى قَوْلٍ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْكَذِبُ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ فِيكُمَا مِنْ تَائِبٍ" 1.
وَانْبَنَى إبَاحَةُ الزَّوْجِ الثَّانِي عَلَى فَسْخٍ بُنِيَ عَلَى كَذِبٍ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: حُكْمُهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ وَإِنَّمَا يَقُولُ أَمْضَيْت مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ أَوْ حَكَمْت بِمَا شَهِدُوا بِهِ2 وَأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ بَاطِلٍ فَلَا يُمْكِنُ نُفُوذُهُ وَمَتَى عَلِمَهَا كَاذِبَةً لَمْ يُنَفِّذْ.
وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ بِبَيِّنَةِ زُورٍ فَفِي نُفُوذِهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هَلْ يُبَاحُ لَهُ بِالْحُكْمِ مَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي حِلِّ مَا أَخَذَهُ وَغَيْرِهِ بِتَأْوِيلٍ أَوْ مَعَ جَهْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُتَأَوِّلُ فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ رِوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخِطَابِ قال: أصحهما حله3 كَالْحَرْبِيِّ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَوْلَى وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَضْعَ طَاهِرٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِي مَائِعٍ لِغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ أَسْلَمَ بِدَارِ حَرْبٍ وَعَامَلَ بِرِبًا جَاهِلًا رَدَّهُ وَفِي الِانْتِصَارِ: ويحد لزنى.
وَمَنْ حُكِمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ حَلَّتْ لَهُ حُكْمًا فَإِنْ وَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ فَكَزِنًا وَقِيلَ: لَا حَدَّ وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرُهُ خلافا للشيخ. وإن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 يعني: في قصة المتلاعنين. أخرجها البخاري 5311، ومسلم 1493، 6، عن ابن عمر.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "حكمه".(11/213)
حَكَمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِزُورٍ فَزَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ له1 اجتماعه بها ظاهرا2 بزور خَوْفًا مِنْ مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يُعْلَمُ الْحَالُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ فِي الْمُغْنِي3: إنْ انْفَسَخَ بَاطِنًا جَازَ وَكَذَا قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَتَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ بِهَذَا الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى فَلَا يُقَالُ حُكِمَ بِكَذِبِهِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يره ولو سلم أن له مدخلا4 فَهُوَ مَحْكُومٌ بِهِ فِي حَقِّهِ مِنْ رَمَضَانَ فلم يغيره حكم ولم يؤثر5 شُبْهَةً وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُغَيِّرُ إذَا اعْتَقَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حُكْمٌ وَهَذَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ كَمُنْكِرَةِ نِكَاحِ مُدَّعٍ يَتَيَقَّنُهُ فَشَهِدَ لَهُ فَاسِقَانِ فَرَدَّا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الْمُغْنِي6: إنْ رَدَّهُ ليس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 ليست في "ر"، و "ط".
3 لم نقف عليها.
4 في "ط": "دخلا".
5 في "ر"، و "ط": "يورث".
6 14/258.(11/214)
بِحُكْمٍ هُنَا لِتَوَقُّفِهِ فِي الْعَدَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ ثبتت1 حُكْمٌ قَالَ شَيْخُنَا: أُمُورُ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ إجْمَاعًا وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ سَبَبِ الْحُكْمِ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ لَيْسَ بِحُكْمٍ فَمَنْ لَمْ يَرَهُ سَبَبًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
وَعَلَى مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَنَّهُ حَكَمَ وَفِي الْخِلَافِ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ الْوَاحِدُ بِرُؤْيَةٍ كَالْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَزِمَ النَّاسَ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْحَاكِمِ مَرْدُودًا وَيَكُونُ2 خَطَؤُهُ مَقْطُوعًا بِهِ وَقَالَ لَهُمْ لَمَّا قَالُوا3 لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَالْحُدُودِ فَقَالَ: يُنْتَقَضُ بِالْغَزْوِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُهُ الِاجْتِهَادُ فِي وُجُوبِهِ وَوَقْتِ إقَامَتِهِ وَالْآلَةِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْجُمُعَةُ لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ فِي وُجُوبِهَا وَأَفْعَالِهَا فَهِيَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَقِيلَ لَهُ: فَالْجُمُعَةُ مُخْتَلَفٌ فِي مَوْضِعٍ إقَامَتِهَا وَفِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ فَقَالَ: إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَالْحَدُّ يَفْتَقِرُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا كَذَا قَالَ.
وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ: يَحْرُمُ إنْ يَرَهُ. وَكَذَا إنْ كان نفس الحكم مختلفا فيه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ثبتت".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في الأصل.(11/215)
كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَفِي الْمُحَرَّرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ قَبْلَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ1: قَوْلُهُ: وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ: يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا إنْ كَانَ نَفْسُ2 الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: الْحُكْمُ بِالنُّكُولِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَكَيْفَ لَا يَلْزَمُهُ تَنْفِيذُهُ عَلَى قَوْلِ2 الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَدَمُ لُزُومِ التَّنْفِيذِ لِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي رُفِعَ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَا يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ كَالْحُكْمِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ وَإِذَا كَانَ لَا يَرَى صحته لم يلزمه الحكم بصحته. انتهى. مثله3 في الرعاية بالفلس والشاهد
__________
1 هذا التنبيه جاء في النسخ الخطية في آخر الباب بعد قوله: الوجه الثاني لا ينقض وهو بعيد.
2 ليست في "ح".
3 في "ط": "ونقله".(11/216)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْيَمِينِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ بِالْحُكْمِ عَلَى الْغَائِب وَنَحْوِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ فِي النَّفْسِ مِمَّا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الْمِثَالِ لِلْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الصَّادِرُ مِنْ الْحَاكِمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَمْ لَا كَفِعْلِهِ فِي تَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ فَإِنَّ تَزْوِيجَهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ حُكْمٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ وَإِنَّمَا وقع الخلاف هل يحكم بالعلم1 أَمْ لَا؟ فَإِذَا حَكَمَ2 بِهِ مَنْ يَرَاهُ صَارَ لَازِمًا ثُمَّ رَدَّدَ الْقَوْلَ فِيمَا مِثْلُهُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَ: هَذَا3 قَوِيٌّ جِدًّا فِي كُلِّ حُكْمٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ بَعْدَ4 وُقُوعِهِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ لَكِنْ تَحْتَاجُ الْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ إلَى ثبوت الْخِلَافِ فِيهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي حَوَاشِي المحرر ببيع الصفة وإجارة5 الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ6 فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ "7وَقَالَ: لَا7" نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِيمَا حَكَمَ بِهِ لينفذه.
__________
1 في "ط": "بالعدل".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ح": "هو".
4 في النسخ الخطية: "جحد"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "أجازة".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/12.
7 في "ق": "يتعين".(11/217)
وَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ1 حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا بِذَلِكَ وَرَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَبَيِّنَةٍ إنْ عَيَّنَا الْحَاكِمَ وَمَنْ قَلَّدَ فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ وَقِيلَ: بَلَى كَمُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُهُ بِتَغَيُّرِهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ فِي إتلاف بمخالفة قاطع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 يعني حاكما نافذا حكمه، وذلك فيما عيّن له الحكم فيه كالفروج أو الأموال أو غير ذلك.(11/218)
ضَمِنَ لَا مُسْتَفْتِيَهُ، وَفِي تَضْمِينِ مُفْتٍ لَيْسَ أهلا وجهان م 16.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَفِي تَضْمِينِ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا وَجْهَانِ. انْتَهَى. "1وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ أَيْضًا1": أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّل وَلَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ قَبْلَ ابْنِ حَمْدَان ثُمَّ قَالَ: قُلْت: خَطَأُ الْمُفْتِي كَخَطَإِ الْحَاكِمِ أَوْ الشَّاهِدِ. انْتَهَى هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِخَطَإِ الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ أَهْلٌ لِلْإِفْتَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَيْسَ أَهْلًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ الضَّمَانَ. والله أعلم.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/219)
وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ نَقْضُهُ وَيَرْجِعُ1 بِالْمَالِ وَبَدَلِهِ وَبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ وَإِنْ كَانَ الحكم لله تعالى بإتلاف حسي أَوْ بِمَا سَرَى إلَيْهِ ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالْمُسْتَوْعِبُ: حَاكِمٌ2 كَعَدَمِ مُزَكٍّ وَفَسَّقَهُ وَقِيلَ: قَرَارُهُ عَلَى مُزَكٍّ وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ. وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمٌ3 بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "ويرجح"
2 أي: ضمنه حاكم. حذف الفعل لدلالة ما قبله عليه.
3 في "ط": "حكمه".(11/220)
أَوْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَيَمْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ فِي الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ م 17.
فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ عَلَى مَا ذَكَرَ رَدَّ مَا1 أَخَذَهُ وَنَقَضَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فيه غرم الحاكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمٌ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا أَوْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَيَمْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ في الثانية احتمل وجهين. انتهى.
"2الوجه الأول2" أما الحكم3 بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ4 وَذَكَرَ الْمَذْهَبَ فِيهِمَا وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ5 الْحُكْمِ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّوَابُ النَّقْضُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ6: وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ7 نَقْضُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْقَضُ وَهُوَ بَعِيدٌ.
فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي شيء من الخلاف المطلق. والله أعلم.
__________
1 في النسخ الخطية: "مالا"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "حكمه".
4 ص 179.
5 في "ط": "يجوز".
6 ص 220.
7 في النسخ الخطية: "لزم"، والمثبت من "ط".(11/221)
وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: إذَا بَانَ لَهُ فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ نَقَضَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَنْفِيذُهُ وَأَجَابَ أبو الوفاء: لا يقبل قَوْلُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ لِفِسْقِهِمْ ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَا ضَمَانَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَيَضْمَنُ الشُّهُودَ.
وَإِنْ بَانُوا عَبِيدًا أَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ عَدُوًّا فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ وَلَمْ يُنَفِّذْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: مَنْ حَكَمَ بِقَوَدٍ أَوْ حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/222)
نقضه إذا كان لا يرى قبولهم1 فِيهِ قَالَ: وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ صَادَفَ مَا حَكَمَ فِيهِ وَجَهِلَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْإِرْشَادِ2 أَنَّهُ إذَا حَكَمَ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِمَا لَا يَرَاهُ مَعَ عِلْمِهِ لَا يُنْقَضُ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَكَّ فِي رَأْيِ الْحَاكِمِ تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ هَلْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْمُعَارِضِ؟ كَمَنْ حكم ببينة خارج وجهل علمه ببينة داخل لَمْ يُنْقَضْ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِمَّا ذَكَرُوا فِي نَقْضِ3 حُكْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ النَّقْضِ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت وَقْتَ الْحُكْمِ أَنَّهُمَا فَسَقَةٌ أَوْ زُورٌ وَأَكْرَهَنِي السُّلْطَانُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِمَا فَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ أَضَافَ فِسْقَهُمَا إلَى عِلْمِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ نَقْضُهُ مَعَ إكْرَاهِهِ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ له نقض تعديل البينة4 بالتزكية لعلمه وإن أضافه إلى غير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "قولهم".
2 ص 486.
3 ليست في "ر".
4 في "ط": "مبينة".(11/223)
عِلْمِهِ افْتَقَرَ إلَى بَيِّنَةٍ بِالْإِكْرَاهِ وَيُحْتَمَلُ: لَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: إنْ قَالَ كُنْت عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا1 فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا وَجَدْته.
وَمَنْ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ وتعذر أخذه بحاكم وعنه في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "فإنه".(11/224)
الضَّيْفِ: أَوْ قَدَرَ وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا خَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالرَّهْنِ مَرْكُوبٍ وَمَجْلُوبٍ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الثَّابِتِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَقَدَّرَ لَهُ عَلَى مَالٍ حَرُمَ أَخْذُهُ بَاطِنًا قَدْرَ حَقِّهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَدِّ إلَيْهِ مَالَهُ الَّذِي ائْتَمَنَك عَلَيْهِ وَنَقَلَ حَرْبٌ: فِي غَيْرِهَا خِلَافًا وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: خِصَالُ الْمُنَافِقِ مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي امْرَأَةٍ لَهَا1 مَهْرٌ فَمَاتَ ابْنُهَا أَتَأْخُذُ مَهْرَهَا مِنْ مِيرَاثه مِنْ نَصِيبِ زَوْجِهَا مِنْ تَحْتَ يَدِهَا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهَا لَمْ تَحْبِسِي شيئا وسأله مهنا: يطمعه2 أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "يطعمه".(11/225)
يُعْطِيَهُ شَيْئًا وَيَنْوِيَ أَنْ لَا يَفْعَلَ؟ قَالَ: لَا.
أَمَّا مِنْ غُصِبَ مَالًا جَهْرًا فَأَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ جَهْرًا فَجَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ. وَفِي الْفُنُونِ: مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَالٍ لَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَخَذَهُ وَقِيلَ: لَا كَقَوَدٍ فِي الْأَصَحِّ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَلَعَلَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ: أَذَهَبُ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: لَا. وَمَنْ قَدَرَ عَلَى عَيْنِ مَالِهِ أَخَذَهُ قَهْرًا زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: مَا لَمْ يُفْضِ إلَى فِتْنَةٍ قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا: فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ رضيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/226)
باب كتاب القاضي إلى القاضي
مدخل
...
بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
يُقْبَلُ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ حَتَّى فِي قَوَدٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى "1الشَّهَادَةِ1" لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَذَكَرُوا فِيمَا إذْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ فلا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنْكَارُهُ الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ الْحُكْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ2 فَرْعٌ لِمَنْ شهد عنده وهو"2"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 الضمير يعود إلى القاضي الكاتب.(11/227)
أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي1 فَرْعِ الْفَرْعِ.
وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنَفِّذَهُ وَإِنْ كَانَا2 بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا: وَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُقْبَلُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ: فَوْقَ يَوْمٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَقَالَ خَرَّجْته فِي الْمَذْهَبِ وَأَقَلُّ كَخَبَرٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي: وَيَكُونُ فِي كِتَابِهِ: شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَلَا يَكْتُبُ: ثَبَتَ عِنْدِي لِأَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ أَنَّهُ3 خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ يَتَضَمَّنُ إلْزَامًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَتَوَجَّهُ لَوْ أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَإِنْ حَكَمَ لِلْخِلَافِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قَالَ ثَبَتَ كَذَلِكَ4 فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثبوت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "شهود".
2 في "ر": "كان".
3 في "ر": "لأنه".
4 في "ط": "كذلك".(11/228)
حُكْمًا نَفَّذَهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلُزُومُ1 الْحَنْبَلِيِّ تَنْفِيذَهُ يَنْبَنِي عَلَى لُزُومِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ2 وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ "3فِي الْخَطِّ3" لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلِهَذَا لَا يُنَفِّذُهُ الْحَنَفِيَّةُ حَتَّى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ وَلِلْحَنْبَلِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ.
وَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُعَدِّلْهَا وَجَعَلَهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
وَلَهُ الْكِتَابَةُ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ شَيْخُنَا: وتعيين القاضي الكاتب كشهود الأصل وقد يخبر4 الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ.
وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى عَدْلَيْنِ فَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِذَا وَصَلَا قَالَا5 نَشْهَدُ "6أَنَّ هَذَا6" كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك كتبه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "لزم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في الأصل: "بالخط".
4 في "ط": "يجبر".
5 في "ر": "قالوا".
6 في النسخ الخطية: "أنه"، والمثبت من "ط".(11/229)
بِعِلْمِهِ1 وَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ "2قَوْلَهُمَا لَهُ2": وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَقَوْلُ الْكَاتِبِ: اشْهَدَا عَلَيَّ3 وَقَوْلُهُمَا: وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: كَتَبَهُ بِحَضْرَتِنَا وَقَالَ لَنَا اشْهَدَا عَلَى أَنِّي كَتَبْته فِي عَمَلِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي وَحَكَمْت بِهِ مِنْ كَذَا وَكَذَا فَيَشْهَدَانِ بِذَلِكَ.
وَلَا يُعْتَبَرُ خَتْمُهُ وَإِنْ كَتَبَهُ وَخَتْمَهُ وَأَشْهَدَهُمَا4 لَمْ يَصِحَّ وَعَنْهُ: بَلَى فَيَقْبَلُهُ إنْ عَرَّفَهُ خَطَّ الْقَاضِي وَخَتَمَهُ بِمُجَرَّدِهِ وَقِيلَ: لَا وَعِنْدَ شَيْخِنَا: مَنْ عَرَفَ خَطَّهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْشَاءٌ أَوْ عَقْدٍ أَوْ شَهَادَةِ عَمَلٍ بِهِ كَمَيِّتٍ فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونَهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وَإِنْكَارِ مَضْمُونِهِ وَذَكَرَ قَوْلًا في المذهب أنه يحكم بخط5 شَاهِدٌ مَيِّتٌ وَقَالَ: الْخَطُّ كَاللَّفْظِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ كَمَا يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا صَوْتُهُ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى الشَّخْصِ إذَا عَرَفَ صَوْتَهُ مَعَ إمْكَانِ الِاشْتِبَاهِ وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ الشَّهَادَةَ عَلَى الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ أَضْعَفُ لَكِنْ جَوَازُهُ قَوِيٌّ أَقْوَى مِنْ مَنْعِهِ، قَالَ: وَكِتَابُهُ فِي غَيْرِ6 عَمَلِهِ أَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ كَتَبَ شَاهِدَانِ إلَى شَاهِدَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بإقامة الشهادة عنده
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "بعلمه".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 بعدها في الأصل: "كتبته في عملي".
4 ليست في "ر".
5 ليست في "ط".
6 ليست في الأصل.(11/230)
عَنْهُمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى غَيْرِهِ إذَا سَمِعَ مِنْهُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ اشْهَدْ عَلَيَّ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ فَلَا لِأَنَّ الْخُطُوط يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْعِلَلُ فَإِنْ قَامَ بِخَطِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ شَاهِدَانِ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ.
وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ فَقَالَ مَا أَنَا الْمَذْكُورُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِالنُّكُولِ أَوْ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِي قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ بِالْبَلَدِ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَيِّتًا يَقَعُ بِهِ إشْكَالٌ فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلِمَ الْخَصْمَ.
وَيَقْبَلُ كِتَابَهُ فِي حَيَوَانٍ فِي الْأَصَحِّ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بِهَا كَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ لَا لَهُ فإن لم يثبت مشاركة في1 صفته أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ بِكَفِيلٍ مَضْمُونًا2 مَخْتُومًا عُنُقُهُ فَيَأْتِي بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَيَقْضِيَ لَهُ بِهِ وَيَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا لِيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ مَا ادَّعَاهُ فَكَمَغْصُوبٍ لأنه أخذه بلا حق. وفي الرعاية: لا نفعه3 وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْلَى وَقِيلَ: يَحْكُمُ بِهِ الْكَاتِبُ وَيُسَلِّمُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ4 لِمُدَّعِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا صِفَتُهُ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا قلنا في المدعى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "و".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 أي: لا يرد نفعه.
4 ليست في "ر".(11/231)
بِهِ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنه وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا هَلْ يَحْضُرُ لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ؟ وَيَأْتِي فِي شَهَادَةِ الْأَعْمَى1. قَالَ فِي الْمُغْنِي2: إنْ كَتَبَ بِثُبُوتِ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بِدَيْنٍ جَازَ وَحَكَمَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَكَذَا عَيْنًا كَعَقَارٍ مَحْدُودٍ أَوْ عَيْنًا مَشْهُورَةً لَا تشتبه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 358.
2 14/76.(11/232)
وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْجَدِّ فِي النَّسَبِ بِلَا حَاجَةٍ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: فِيهِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا عُرِفَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَكَذَا ذَكَرُهُ غَيْرُهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/233)
فَصْلٌ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ لَمْ يَضُرَّ كَبَيِّنَةِ أَصْلٍ
وَقِيلَ: كَمَا لَوْ فَسَقَ فَيُقْدَحُ خَاصَّةً فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ تَغَيُّرُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ضَاعَ أَوْ انْمَحَى وَكَمَا لو شهدا1 بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ إنْفَاذُهُ قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا خِلَافَ مَا فِيهِ قُبِلَ اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ2 وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: وَإِنْ قَالَا هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِمَا.
وَإِنْ قَدِمَ غَائِبٌ فَلِلْكَاتِبِ3 الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا جَرَى لئلا يحكم عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "شهد".
2 يعني: ابن الزاغوني صاحب كتاب"الواضح"، فإن له أجوبة عن مسائل وردت من الرحبة تسمى "الرحبيات" فأجاب عنها هو وأبو الخطاب وابن عقيل.
3 في "ر": "فللغائب".(11/233)
الْكَاتِبُ أَوْ1 سَأَلَهُ مَنْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ مِثْلَ أَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أَوْ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا جَرَى مِنْ بَرَاءَةٍ أَوْ ثُبُوتِ مُجَرَّدٍ أَوْ مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ أَوْ2 تَنْفِيذٍ أَوْ الْحُكْمُ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ: إنْ ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ سَأَلَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابَتَهُ وَأَتَاهُ بِوَرَقَةٍ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخَذَ السَّاعِي زَكَاتَهُ كَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَلْزَمُهُ إنْ تَضَرَّرَ بِتَرْكِهِ.
وَمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةِ سِجِلٍّ وَغَيْرِهِ مَحْضَرٌ. وَفِي الْمُغْنِي3 وَالتَّرْغِيبِ: الْمَحْضَرُ: شَرْحُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ لَا الْحُكْمُ بِثُبُوتِهِ وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلَّ نُسْخَتَيْنِ: نُسْخَةً يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَنُسْخَةً عِنْدَهُ.
وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامِ عَلَى كَذَا وَإِنْ كَانَ نَائِبًا كَتَبَ: خَلِيفَةُ الْقَاضِي فُلَانٍ قَاضِي عَبْدِ اللَّه الْإِمَامِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَحْضَرَ مَعَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا إنْ جَهِلَهُمَا فَادَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا فَأَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ قَالَ نَعَمْ فَأَحْضَرَهَا وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ أَوْ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ.
وَإِنْ نَكَلَ ذَكَّرَهُ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَسَأَلَهُ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ فَأَجَابَهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَيَعْلَمُ فِي الْإِقْرَارِ والإحلاف: جرى الأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "وإن".
2 في الأصل: "و".
3 14/55- 56.(11/234)
عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْبَيِّنَةِ: شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ. وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارٍ لَمْ يَحْتَجْ: فِي مجلس حكمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/235)
فَصْل وَأَمَّا السِّجِلُّ فَلِإِنْفَاذِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ والحكم به وَصِفَتُهُ.
هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ كَمَا تَقَدَّمَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِمَحْضَرٍ مِنْ خَصْمَيْنِ وَيَذْكُرُهُمَا إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ وَإِلَّا قَالَ: مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ جَازَ حُضُورُهُمَا وَسَمَاعُ الدَّعْوَى مِنْ أَحَدِهِمَا: عَلَى الْآخَرِ مُعَرِّفُهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَيَذْكُرُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَإِقْرَارَهُ طَوْعًا فِي صِحَّةٍ مِنْهُ وَجَوَازِ أَمْرٍ بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي كِتَابٍ نُسْخَتُهُ كَذَا.
وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ الْمُثْبَتَ أَوْ الْمَحْضَرَ جَمِيعَهُ حَرْفًا حَرْفًا1.
فَإِذَا فَرَغَهُ قَالَ: وَإِنَّ الْقَاضِيَ أَمْضَاهُ2 وَحَكَمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ بِهِ الْخَصْمَ الْمُدَّعِي وَيَنْسُبُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ خَصْمُهُ بِحُجَّةٍ وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَأَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى إنْفَاذِهِ3 وَحُكْمِهِ وَإِمْضَائِهِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فِي الْيَوْمِ الْمُؤَرَّخِ فِي أَعْلَاهُ وَأَمَرَ بِكَتْبِ هَذَا السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نُسْخَةً بِدِيوَانِ الْحُكْمِ وَنُسْخَةً يَأْخُذُهَا مَنْ كَتَبَهَا لَهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بِمَحْضَرٍ من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "بحرف".
2 في الأصل: "وأمضاه".
3 في "ر": "إمضائه".(11/235)
خَصْمَيْنِ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهِمَا بَلْ إلَى دَعْوَاهُمَا لَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْبَاءُ بَاءَ السَّبَبِ لَا الظَّرْفِ كَالْأُولَى وَهَذَا يُبْنَى عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ هَلْ تَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ؟ فَأَمَّا التَّزْكِيَةُ فَلَا. وَقَالَ: ظَاهِرُهُ أَنْ لَا حُكْمَ فِيهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا نُكُولٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَيَضُمُّ مَا اُجْتُمِعَ مِنْ مَحْضَرٍ وَسِجِلٍّ وَيَكْتُبُ: مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتُ كَذَا مِنْ وقت كذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/236)
باب القسمة
مدخل
...
بَابُ الْقِسْمَةِ
يَحْرُمُ قِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تُقْسَمُ إلَّا بِضَرَرٍ أَوْ رَدِّ عِوَضٍ إلَّا بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ وَأَرْضٍ بِبَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ1 بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ لَا يَتَعَدَّلُ2 بِأَجْزَاءٍ وَلَا قِيمَةٍ.
وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ يَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِيهِ خَاصَّةً لِمَالِكٍ وَوَلِيٍّ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا آخُذُ الْأَدْنَى وَيَبْقَى لِي فِي الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِي فَلَا إجْبَارَ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا حَقَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ جُمِعَ لَهُ حَقُّهُ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِمْ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ كَذَا قَالَ وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ وَالْكَافِي3: الْبَيْعُ مَا فِيهِ رَدٌّ فَقَطْ و4اختاره شيخنا.
وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ فِيهَا أُجْبِرَ فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ وَالْإِفْصَاحِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَكَلَامُ الشَّيْخِ وَالْمُحَرَّرِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَلَوْ فِي وقف ذكره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "و".
2 في "ر": "تتعدل".
3 6/139.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/237)
شَيْخُنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ أَبُو1 عَمْرُو بْنُ الصَّلَاحِ: وَدِدْت لَوْ مُحِيَ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ: وَقَدْ عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا2 أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَمَالِيكِهِ بَاعَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ3 فَإِذَا صِرْنَا إلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَمِلْكٌ فَلِمَ لَا يَصِيرُ إلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا مِلْكَ؟ قَالَ: وَالْإِجْبَارُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ ضَعِيفٌ.
وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِهَا. وَعَنْهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِهِ مَقْسُومًا مَنْفَعَتُهُ الَّتِي كَانَتْ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا: بِالضَّرَرِ كَرَبِّ ثُلُثٍ مَعَ رَبِّ ثُلُثَيْنِ فَلَا إجْبَارَ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ إنْ طَلَبَهَا الْمُتَضَرِّرُ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ.
وَيُعْتَبَرُ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ فِي دُورٍ مُتَلَاصِقَةٍ وَنَحْوِهَا فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحْدَهَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ موضع حقه إذا كان خيرا له.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "أصله".
3 ليست في "ر".(11/238)
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ أَوْ بَهَائِمُ أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا مِنْ جِنْسٍ وَفِي الْمُغْنِي1: مِنْ نَوْعٍ فَطَلَبَهَا2 أَحَدُهُمَا: أَعْيَانَا بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ فِي الْمَنْصُوصِ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ وَقِيلَ: أَوْ لَا.
وَالْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ مِنْ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمُتَفَاوِتُ مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أَوْ حَائِطٌ فَقِيلَ: لَا إجْبَارَ وَقِيلَ: إلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ "3عَرْضِهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي: يُجْبَرُ إنْ طَلَبَ قِسْمَةَ طُولِهِمَا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أَوْ قسمة العرصة3" عرضا وهي تسع حائطين واختاره أبو الخطاب في العرصة م 1،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أَوْ حَائِطٌ فَقِيلَ: لَا إجْبَارَ وَقِيلَ: إلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ عَرْضِهَا وعند القاضي يجبر 1 إن طلب
__________
1 14/99.
2 في الأصل: "وطلبها".
3 ليست في الأصل.(11/239)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قِسْمَةَ طُولِهِمَا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أَوْ قِسْمَةَ الْعَرْصَةِ عَرْضًا وَهِيَ تَسَعُ حَائِطَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعَرْصَةِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وغيره.
و1القول الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ عَرْضِهَا لِمَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي نَسَبَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ3 إلَى الْأَصْحَابِ فَقَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ عَرْضًا وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَفِي نِسْبَتِهِ إلَى الأصحاب نظر وجزم به [في] الْوَجِيزِ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فَقَالَ فِي الْحَائِطِ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِهَا بِحَالٍ وَقَالَ فِي الْعَرْصَةِ كَقَوْلِ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ فِي المذهب وغيره.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/58.
3 ليست في "د".(11/240)
وَمَعَ الْقِسْمَةِ فَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ م 2.
وَلَا إجْبَارَ فِي دَارٍ لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا: جَعْلَ السُّفْلِ لِوَاحِدٍ وَالْعُلُوِّ لِآخَرَ أَوْ قِسْمَةَ سُفْلٍ لَا عُلُوٍّ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وحده ولو طلب أحدهما: قسمتهما معا وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعَدَلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعَ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلُوٍّ وَلَا ذِرَاعَ بِذِرَاعٍ.
وَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَعَنْهُ: بَلَى وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ وَلَا ضَرَرَ وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِزَمَنٍ أَوْ مَكَان صَحَّ جَائِزًا وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ لَازِمًا إنْ تَعَاقَدَا مُدَّةً معلومة وقيل لازما بالمكان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَمَعَ الْقِسْمَةِ فَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ. انْتَهَى.
الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَا يُمَكِّنُ بِنَاءَ حَائِطٍ فِيهِ أُجْبِرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلِي مِلْك الْآخَرِ انتهى. قلت: والقول الثاني: هو الصواب.
__________
1 7/54.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/60.(11/241)
مُطْلَقًا، فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أَوْ لَا; فِيهِ نَظَرٌ م 3.
فَإِنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ وَالْمُشْتَرِيَ قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَيْضًا: مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ فَقَدْ يُقَالُ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ وَالْهَدْيِ. وَقَالَ أَيْضًا: صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كَانَ عَلَى جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ "1الْمُنَاقَلَةِ بِالْمَنَافِعِ1" وَبَيْنَ تَرْكِهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ بِلَا مُنَاقَلَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَ شَيْخُنَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَجْهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَفِي الْمُبْهِجِ لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تنتقل مقسومة أو2 لا؟ فيه نظر. انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أنها تنتقل مقسومة.
__________
1 في الأصل: "مناقلة البيع".
2 في "ح": "أم".(11/242)
بِأَنْفُسِهِمْ قَالَ: وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا. وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ كَيْفَ يَبِيعُ؟ قَالَ: يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ شَاءُوا بَاعُوا أَوْ تركوا. وَنَفَقَةُ الْحَيَوَانِ مُدَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عَنْ الْعَادَةِ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ.
وَإِنْ كان بينهما أرض1 مزروعة لهما2، قُسِّمَتْ دُونَ الزَّرْعِ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا: وَاخْتَارَ فِي الْكَافِي3: لَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الزَّرْعِ وَحْدَهُ وَكَذَا قِسْمَتُهُمَا. وَفِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 يُجْبَرُ فِي قَصِيلٍ6 وَمُشْتَدٍّ حَبُّهُ وَتَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا فِي قَصِيلٍ أَوْ قُطْنٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي: وَفِي مُشْتَدٍّ مَعَ الْأَرْضِ وَقِيلَ: وَبَذْرٍ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا هَلْ هِيَ إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ؟
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فِي بَعْضِهَا نَخْلٌ وَبَعْضُهَا شَجَرٌ أَوْ يَشْرَبُ سَيْحًا وَبَعْضُهَا بَعْلًا قُدِّمَ مَنْ يَطْلُبُ قِسْمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ لَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أَوْ قَنَاةٌ أَوْ عَيْنٌ مَا فَالنَّفَقَةُ لِحَاجَةٍ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَالْمَاءُ عَلَى مَا شَرَطَا عِنْدَ الِاسْتِخْرَاجِ وَلَهُمَا قِسْمَتُهُ مُهَايَأَةً بِزَمَنٍ أَوْ بنصب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "فيها".
2 ليست في "ط".
3 6/144.
4 14/109.
5 6/145.
6 القصيل: ما اقتطع من الزرع أخضر. "القاموس": "قصل".(11/243)
حَجَرٍ مُسْتَوٍ فِي مَصْدَمِ الْمَاءِ1 فِيهِ ثُقْبَانِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا: فِي الْأَصَحِّ سَقْيُ أَرْضِ لَا شُرْبَ لَهَا مِنْهُ بِنَصِيبِهِ. وَقِيلَ: إذَا قُلْنَا لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِمِلْكِ أَرْضِهِ فَلِكُلٍّ منهما أن ينتفع بقدر حاجته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 مصدم مصدر ميمي من صدم. وعلى هذا التقدير يكون المعنى: مكان صدم الماء، فحذف المضاف. ويجوز أن يكون مصدم من صيغ اسم المكان.(11/244)
فَصْلٌ وَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا رَدَّ عِوَضٍ
كَقَرْيَةٍ وَبُسْتَانٍ وَدَارٍ كَبِيرَةٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ مِنْ جِنْسٍ كَدِبْسٍ وَخَلٍّ وَدُهْنٍ وَلَبَنٍ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ أُجْبِرَ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هَلْ يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عليه؟ فيه وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 4.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هَلْ يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُقَسِّمُهُ حَاكِمٌ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَكَذَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ عَامٌّ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ. وَقَالَ في الرعاية أيضا: وولي المولى عليه في2 قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ كَهُوَ انْتَهَى.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَسِّمُ مَعَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ قُلْت: بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ نَوْعَ كَلَامٍ عَلَى الْمُولَى عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ3 الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَهَلْ يَجُوزُ للشريك أخذ قدر حقه إذا
__________
1 مصدم مصدر ميمي من صدم. وعلى هذا التقدير يكون المعنى: مكان صدم الماء، فحذف المضاف. ويجوز أن يكون مصدم من صيغ اسم المكان. وينظر "المطلع" ص 402.
2 ليست في "ط".
3 ليست في "ص".(11/244)
قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا م 5 كَبَيْعٍ مَرْهُونٍ وَجَانٍ وَإِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا وَمَا لَمْ يَثْبُتْ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاعُ وَأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَوْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا هَلْ يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ؟ وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ مِنْ ضَيْعَةٍ بِيَدِ قوم فهربوا منه يقسم عليهم ويدفع إليه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
امتنع الآخر أو1غاب؟ عَلَى وَجْهَيْنِ انْتَهَى2:
أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقِسْمَةَ يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا وَإِذْنُ الحاكم برفع النزاع.
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى. مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا ثُبُوتَ مِلْكِهِمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةِ الْخِرَقِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي الْمُغْنِي3 عَلَيْهِ وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مُلْحَقًا بِخَطِّهِ وَمِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ4 وَالْخُلَاصَةِ والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
__________
1 في "ط": "و".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 14/98.
4 في النسخ الخطية: "الهداية"، والمثبت من "ط".(11/245)
حَقَّهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ وَأَنَّهُ أَوْلَى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى1 قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: يَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: بَلْ مَعَ وَكِيلِهِ فِيهَا الْحَاضِرُ وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ قَسَّمَهَا فَلَّاحُوهَا: هَلْ يَصِحُّ؟ قَالَ: إذَا تَهَايُؤُهَا وزرع2 كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ لَهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبُهُ إلَّا أَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنْ نَصِيبِ مَالِكِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أَوْ مُقَاسَمَتِهَا.
وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ بِلَا رَدٍّ. وَقِسْمَةُ مَا بَعْضُهُ وَقْفٌ بِلَا رَدٍّ مِنْ رَبِّ الطَّلْقِ3 وَلَحْمٍ رَطْبٍ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ. وَقَسْمُ4 ثَمَرٍ يَخْرَصُ خَرْصًا وَمَا يُكَالُ وَزْنًا وَعَكْسُهُ زَادَ فِيهِمَا فِي التَّرْغِيبِ: فِي الْأَصَحِّ وَتَفَرُّقُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَقِيلَ بَيْعٌ فَيَنْعَكِسُ الْكُلُّ فَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ مَا كله وقف أو بعضه. وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 265.
2 في "ط": "وزع".
3 الطّلق، بكسر الطاء، الحلال، وسمي المملوك طلقا؛ لأن جميع التصرفات فيه حلال، من البيع، والهبة، والرهن، وغير ذلك. والموقوف ليس كذلك. "المطلع" ص402.
4 في النسخ الخطية: "قسمته"، والمثبت من "ط".(11/246)
الْمُحَرَّرِ عَلَيْهِمَا: إنْ كَانَ الرَّدُّ مِنْ رَبِّ وَقْفٍ لِرَبِّ طَلْقٍ جَازَتْ قِسْمَتُهُ بِالرِّضَا فِي الْأَصَحِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: عَلَيْهِمَا1 مَا كُلُّهُ وَقْفٌ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ فِي الْأَصَحُّ وَلَا شُفْعَةَ مُطْلَقًا لِجَهَالَةِ2 ثَمَنٍ وَيُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَقِيلَ: تَبْطُلُ لِفَوَاتِ التَّعْدِيلِ وَإِنْ بَانَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَمْ تَصِحَّ وَعَلَى الثَّانِي كَبَيْعٍ.
وَتَصِحُّ بِقَوْلِهِ: رَضِيت دُونَ لَفْظِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي. فِي الترغيب وجهان م 6.
وَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَاسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَهُمْ نَصْبُ3 قَاسِمٍ وَسُؤَالُ حَاكِمٍ نَصَبَهُ.
وَشَرْطُ الْمَنْصُوبِ إسْلَامُهُ وَعَدَالَتُهُ ومعرفته بها. قال في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فِي فَوَائِدِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ وَتَصِحُّ يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ بِقَوْلِهِ رَضِيت بِدُونِ لَفْظِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. انتهى.
قُلْت: الصَّوَابُ الصِّحَّةُ قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ4: وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتَهَى وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فَيَصِحُّ بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أعلم.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "بجهالة".
3 في "ر": "نصيبه"، وفي الأصل: "نصيب".
4 أي: الفوائد التي ألحقها ابن رجب في كتابه "القواعد". وذكر ذلك في فروع الفائدة 19.(11/247)
الْمُغْنِي"1: فَيُعْرَفُ الْحِسَابُ لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ وَفِي الْكَافِي2 وَالتَّرْغِيبِ: تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ لِلُّزُومِ. وَفِي الْمُغْنِي1": وَكَذَا مَعْرِفَتُهُ.
وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَقِيلَ: وَلَوْ مَعَ تَقْوِيمٍ وَتُبَاحُ أُجْرَتُهُ "3وَعَنْهُ3": هِيَ كَقِرْبَةٍ نَقَلَ صَالِحٌ: أَكْرَهُهُ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: أَتَوَقَّاهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَا تَأْخُذُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ أَجْرًا. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "إيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةَ". قَالُوا: وَمَا الْقُسَامَةُ؟ قَالَ: "الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَيُنْتَقَصُ مِنْهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَتَفَرَّدَ عَنْهُ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ وَمُوسَى وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: صَالِحٌ وَلَهُ مَشَايِخُ مَجْهُولُونَ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْقُسَامَةُ بِضَمِّ الْقَافِ اسْمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ الْقَسَّامُ لِنَفْسِهِ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِيمَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ وَكَانَ عَرِيفًا لَهُمْ أَوْ نَقِيبًا فَإِذْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ سِهَامَهُمْ أَمْسَكَ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ يَسْتَأْثِرُ بِهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا نَحْوُهُ قَالَ فِيهِ: "الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الْفِئَامِ مِنْ النَّاسِ "6فيأخذ من حظ هذا6" ومن7 حظ هذا". الفئام: الجماعات.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/114.
2 6/137.
3 ليست في الأصل.
4 في سننه 2783.
5 في سننه 2784.
6 ليست في "ط".
7 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/248)
وَهِيَ1 بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ نَصَّ عَلَيْهِ زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: إذَا أَطْلَقَ الشُّرَكَاءُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ وَاحِدٌ بِالِاسْتِئْجَارِ بِلَا إذْنٍ وَقِيلَ بِعَدَدِ الْمُلَّاكِ. وَفِي الْكَافِي2: عَلَى مَا شَرَطَا فَعَلَى النَّصِّ أُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقَسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ عَلَى مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ كَأَمْلَاكٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا قَالَ: فَإِذَا مَا نَهِمَ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ ما عليه و3يستحقه الضَّيْفُ حَلَّ لَهُمْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالزِّيَادَةِ يَأْخُذُهَا الْمُقْطِعُ فَالْمُقْطِعُ هُوَ الَّذِي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقْطِعَ مِنْ الضَّرِيبَةِ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أُجْرَةِ الْقَسَّامِ فَقَالَ قَوْمٌ: عَلَى الْمُزَارِعِ وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَيْهِمَا.
وَتُعَدَّلُ السِّهَامُ بِالْأَجْزَاءِ إنْ تَسَاوَتْ وَبِالْقِيمَةِ إنْ اخْتَلَفَتْ وَبِالرَّدِّ إنْ اقْتَضَتْهُ وَيَقْرَعُ كَيْفَ شَاءَ وَالْأَحْوَطُ كِتَابَةُ اسْمِ كُلِّ شَرِيكٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ تُدَرَّجٌ فِي بَنَادِقَ4 مِنْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةٍ: وَيُقَالُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ لَهُ ثُمَّ كذلك الثاني والباقي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 يعني أجرة القاسم.
2 6/138.
3 في النسخ الخطية: "أو"، والمثبت من "ط".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من"ط".(11/249)
لِلثَّالِثِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ قَالَ: أُخْرِجُ بُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ جَازَ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ سِهَامُ الثَّلَاثَةِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جَزَّأَ الْمَقْسُومُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِحَسَبِ الْأَقَلِّ مِنْهَا وَلَزِمَ إخْرَاجُ الْأَسْمَاءِ عَلَى السِّهَامِ لِئَلَّا يَحْصُلَ تَفَرُّقٌ وَاخْتِلَافٌ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ وَلِلثُّلُثِ ثِنْتَيْنِ وَلِلسُّدُسِ رُقْعَةً بِحَسَبِ التَّجْزِئَةِ1 وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي2: بِاسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ رُقْعَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ثُمَّ يُخْرِجُ بُنْدُقَةً عَلَى أَوَّلِ سَهْمٍ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ النِّصْفِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ وَثَالِثٍ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْرِقَتِهِ وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ ثُمَّ يَقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ كَذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا قُرْعَةَ فِي مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ إلَّا لِلِابْتِدَاءِ فَإِنْ خَرَجَتْ لِرَبِّ الْأَكْثَرِ أَخَذَ كُلٌّ حَقَّهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ. انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ الْقُرْعَةَ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: وَهُنَا احْتِمَالَانِ3: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ وَالثَّانِي: الْفَرْقُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: إلْحَاقُ مَا كَانَ مِنْ الْقِسْمَةِ "4بيعا لِلْبَيْعِ4" وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ حُكْمًا غَيْرَ ذَلِكَ.
"5فهذه ست مسائل5".
__________
1 في "ر": "التجربة".
2 14/112.
3 في "ط": "احتمالان".
4 في النسخ الخطية و"ط": "تبعا للشيخ"، والمثبت من "الفروع".
5 ليست في "ط".(11/250)
فَصْلٌ وَيَلْزَمُ نَصَّ عَلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: بِالرِّضَا بَعْدَهَا وَقِيلَ: فِيمَا فِيهِ رَدٌّ وَقِيلَ: أَوْ ضَرَرٌ.
وَفِي الْمُغْنِي1: بِالرِّضَا بَعْدَهَا إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا: الْآخَرَ فَبِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا ذكره جماعة.
ومتى طلبا قِسْمَةً وَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُهُمَا فَلَهُ الْقِسْمَةُ قَالَ الْقَاضِي: وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَيَذْكُرُ فِي الْقَضِيَّةِ قِسْمَتَهُ بِدَعْوَاهُمَا لَا بِبَيِّنَةٍ.
وَمِنْ ادَّعَى غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَأَشْهَدَا عَلَى رِضَاهُمَا لَمْ يُقْبَلْ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ بِبَيِّنَةٍ كَقِسْمَةِ قَاسِمٍ حَاكِمٍ وَكَقَاسِمٍ نَصَبَاهُ فِيمَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ رِضًا بَعْدَ قُرْعَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا فَكَبَيْعٍ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْحِصَّتَيْنِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ: بَلَى كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ2 فِي إحْدَاهُمَا: وَإِنْ كَانَ شَائِعًا بِطَلَبٍ. وَقِيلَ: فِي الْمُسْتَحَقِّ وَقِيلَ: بِالْإِشَاعَةِ فِي إحْدَاهُمَا. وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهَا أَنَّ هَذَا مِنْ سَهْمِي تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ. "2"
وَمَنْ كَانَ بَنَى أَوْ غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا فَقَلَعَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ إنْ قُلْنَا3 بِيعَ كقسمة تراض وإلا فلا وأطلق في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/114.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في الأصل: "قيل".(11/251)
التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ قَالَ شَيْخُنَا: إذَا لَمْ يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فِي الْغُرُورِ1 إذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِيَ أَعْيَانًا وَعَلَى هَذَا فَاَلَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ شَيْءٌ مِنْ نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا فَوَّتَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَهُنَا احْتِمَالَاتٌ:
أَحَدُهَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ.
الثَّانِي: الْفَرْقُ مُطْلَقًا.
الثَّالِثُ: إلْحَاقُ مَا كَانَ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْعًا بِالْبَيْعِ.
وَلَا يُمْنَعُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ نَقَلَ تَرِكَتَهُ فَظُهُورُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُبْطِلُهَا فَإِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ فَكَبَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَائِهِ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَضَى فَالنَّمَاءُ لِوَارِثٍ كَنَمَاءِ جَانٍ لَا كَمَرْهُونٍ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: هُوَ الْمَشْهُورُ و2قيل: تَرِكَةٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ أَدَّى نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ3 انْفَكَّ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَجَانٍ. وَعَنْهُ يَمْنَعُ بِقَدْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَرِثُونَ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدُّوهُ وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ. وَالرِّوَايَتَانِ فِي وَصِيَّةٍ بِمُعَيَّنٍ وَنَصَرَ فِي الِانْتِصَارِ الْمَنْعَ وَذَكَرَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ مُنِعَا4 ثُمَّ سَلَّمَ لِتَعَلُّقِ الْإِرْثِ بِكُلِّ التَّرِكَةِ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مُزَاحَمَةَ وَذَكَرَ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا هَلْ لِلْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ الْإِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهَا؟ وَفِي الرَّوْضَةِ: الدَّيْنُ عَلَى مَيِّتٍ لَا يَتَعَلَّقُ بتركته في الصحيح من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "المغرور".
2 ليست في الأصل في "ط".
3 في الأصل: "الورثة".
4 مفعول لـ "ذكر".(11/252)
الْمَذْهَبِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لَهُمْ أَدَاءَهُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ قَالَ: وَكَذَا حُكْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ.
وَإِنْ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ فِي حِصَّةِ وَاحِدٍ وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ التَّعْدِيلِ وَالنَّفْعِ قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا طَرِيقُ مَاءٍ وَنَصُّهُ: هُوَ لَهُمَا مَا لَمْ يَشْتَرِطَا رَدَّهُ قَالَ الشَّيْخُ: قِيَاسُهُ جَعْلُ الطَّرِيقِ مِثْلَهُ يَبْقَى فِي نَصِيبِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ صَرْفَهَا عَنْهُ.
وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: يُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَسَدُّ الْمَنْفَذِ عَيْبٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي مَجْرَى الْمَاءِ: لَا يُغَيِّرُ مَجْرَى الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بِهَذَا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ لَهُ النَّفَقَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/253)
حَتَّى يُصْلِحَ مَسِيلَهُ وَمَنْ وَقَعَتْ ظُلَّةٌ فِي حَقِّهِ فَلَهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/254)
باب الدعاوى
مدخل
...
بَابُ الدَّعَاوَى
إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا، حَلَفَ وَهِيَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي1 لِلْحُكْمِ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا: إنَّمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَفِي التَّمْهِيدِ2: يَدُهُ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَلِيلُ الْعَقْلِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ أَنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ لَهُ دُونَ الْمُدَّعِي وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَذَا قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَحْكِيَ فِي الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي قِسْمَةِ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ. وَعَلَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: يُصَرِّحُ فِي الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا حُكْمَ وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى أَجَابَهُ وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْحَاكِم بَقَّى الْعَيْنَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ مَا يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا.
وَإِنْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا كَعِمَامَةٍ بِيَدِ وَاحِدٍ شَيْءٌ مِنْهَا وَبَقِيَّتُهَا بِيَدِ الْآخَرِ تَحَالَفَا وَهِيَ بَيْنَهُمَا فَيَمِينُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَعَنْهُ: يَقْرَعُ فَمَنْ قَرَعَ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ وَفِي البخاري3 عن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "الباقي".
2 يعني: "التمهيد في أصول الفقه" لأبي الخطاب.
3 برقم 2674.(11/255)
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا فِيمَنْ تُسَاوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِ مُدَّعِيهِ وَيُرِيدُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدٌ نِصْفَهَا فَأَقَلَّ وَالْآخَرُ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فَيُصَدَّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْفَرَجِ: يَتَحَالَفَانِ.
فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا، كَحَيَوَانِ وَاحِدٍ سَائِقُهُ أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَقِيلَ: غَيْرُ مُكَارٍ وَالْآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ عَلَيْهِ حِمْلُهُ أَوْ قَمِيصٌ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَالْآخَرُ لَابِسُهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُقَدَّمُ رَاكِبٌ إلَّا فِي رَجْلِ حَيَوَانِ.
وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِمَا1 مُشَاهَدَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ بِيَدِ وَاحِدٍ مُشَاهَدَةً وَالْآخَرِ حُكْمًا عُمِلَ بِالظَّاهِرِ فَلَوْ نَازَعَ رَبُّ الدَّارِ2 خَيَّاطًا فِيهَا فِي إبْرَةٍ أَوْ مِقَصٍّ أَوْ قَرَّابًا فِي قِرْبَةٍ فَهِيَ لِلثَّانِي وَعَكْسُهُ الثَّوْبُ والحب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "بيدهما".
2 في النسخ الخطية: "دار"، والمثبت من "ط".(11/256)
وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ، فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ، أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فِي الدَّارِ، فَلِرَبِّهَا، وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا، وَنَصُّهُ: لِرَبِّهَا مُطْلَقًا، كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعٍ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، وَكَذَا مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ "1وما لم تجر به عادة فلمكتر1".
وَإِنْ تَنَازَعَ زَوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا: وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا: مَمْلُوكٌ نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي قُمَاشِ2 الْبَيْتِ فَمَا صَلُحَ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لَهُ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ: وَلَا عَادَةَ نَقَلَ الْأَثْرَمُ الْمُصْحَفَ لَهُمَا فَإِنْ كانت لا تقرأ أو3لا تُعْرَفُ بِذَلِكَ4 فَلَهُ.
وَكَذَا صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانِهِمَا فَآلَةُ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: إنْ كَانَ بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةُ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ5 بِيَدِ أَحَدِهِمَا: الْمُشَاهَدَةُ فَلَهُ وَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَتَى كَانَ بيديهما وإن لم يكونا بدكان كالزوجين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 القماش، بضم القاف: متاع البيت. "المطلع" ص 281.
3 في "ط": "و".
4 في الأصل: "بذاك".
5 ليست في الأصل.(11/257)
فَصْلٌ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَالِثٍ فَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَاهَا منه وبدلها واقترعا عليهما1
وقيل يقتسما2 كَنَاكِلٍ مُقِرٍّ لَهُمَا وَقِيلَ: مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا وَحَلَفَ فَلَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: "3قَدْ يُقَالُ3" تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَيُقَالُ: إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا وَيُقَالُ: إذَا اقْتَرَعَا عَلَى الْعَيْنِ فَمِنْ قُرِعَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا وَيُقَالُ: إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَدَلٌ وَالْمَطْلُوبُ لَيْسَ لَهُ هُنَا بَدَلُ الْعَيْنِ فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ فَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ لَهُ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَهِيَ لَهُ وَالْأَصَحُّ: وَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ لِلْآخَرِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِذَا أَخَذَهَا الْمَقَرُّ لَهُ فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلِلْمَقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ.
وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَهِيَ لَهُ نَصٌّ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ بينه قبل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية: "عليها"، وكذا في الإنصاف"، وما أثبتناه هو الصواب، من جهة ما يقتضيه المعنى؛ لعود الضمير على العين وبدلها، وهو ما تفيده "حاشية ابن قندس"، و"المحرر"، و"المبدع"، والله أعلم.
2 في النسخ الخطية: "يقتسمانها".
3 ليست في الأصل.(11/258)
كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ أَبَى الْيَمِينَ مَنْ قَرَعَ أَخَذَهَا أَيْضًا وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ فَقَالُوا: الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ. وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ وَيَحْلِف لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا.
وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا الثَّالِثُ وَلَمْ يُنَازِعْ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ: يَقْرَعُ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَفِي الْوَاضِحِ: وَحَكَى أَصْحَابُنَا لَا يَقْرَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بها1 لِغَيْرِهِمَا وَتُقِرُّ بِيَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ رَبُّهَا وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ مَنَعَا أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ ثُمَّ تَسْلِيمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَخَذَهَا مَنْ قَرَعَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الَّتِي2 بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرُ مُنَازَعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا إذْ الْيَدُ الْمُسْتَحَقَّةُ الْوَضْعِ كَمَوْضُوعَةٍ وَفِيهِ: لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا فَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا وكذب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "بهما".
2 في الأصل: "الذي".(11/259)
الْآخَرَ وَلَمْ يُنَازِعْ فَقِيلَ: يُسَلِّمُ إلَيْهِ وَقِيلَ1: يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ: يَبْقَى بِحَالِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ فِي الَّتِي قَبِلَهَا: لِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا وَمَنْ قَرَعَ فِي النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ: هِيَ لِأَحَدِهِمَا: بِقُرْعَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَإِنْ كان ثم2 ظَاهِرٌ عُمِلَ بِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا: وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فَهِيَ لَهُ.
وَإِنْ تَنَازَعَا مُسْنَاةً بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا: وَأَرْضِ آخَرَ فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ: لِرَبِّ النَّهْرِ3 وَقِيلَ: عَكْسُهُ.
وَإِنْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَبَيْنَهُمَا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي4: وَيَجُوزُ: أَنَّ كُلَّهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا: أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً "5وَقِيلَ5": أَوْ أَمْكَنَ أَوْ لَهُ سُتْرَةٌ أَوْ أَزَجٌّ6 وَقِيلَ: أَوْ جُذُوعٌ فَهُوَ لَهُ بِيَمِينِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ ويحكم لصاحب الأزج لأنه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "قد".
2 ليست في الأصل و "ط".
3 في "ر": "الأرض".
4 7/40.
5 ليست في "ر".
6 الأزج، بوزن فرس: ضرب من الأبنية، ويقال له: طاق. "المطلع" ص 404 و"الإنصاف" 29/128.(11/260)
لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّا قُلْنَا: لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ1 عَلَى حَائِطِ جَارِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ دَلَالَةٌ عَلَى الْيَدِ بِخِلَافِ الْأَزَجِ فَإِنَّهُ2 لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ.
وَإِنْ تَنَازَعَ رَبُّ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ سَقْفًا بَيْنَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لِرَبِّ الْعُلُوِّ وَإِنْ تَنَازَعَا سُلَّمًا مَنْصُوبًا أَوْ دَرَجَةً فَلِرَبِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ تحت الدرجة مسكن، وقيل3: أَوْ فِيهَا طَاقَةٌ وَنَحْوُهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ فِي الصَّدْرِ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَسَطِ "4فَمَا إلَيْهَا4" بَيْنَهُمَا وَمَا وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا وَالْوَجْهَانِ إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ وَرَبُّ بَابٍ بوسطه في صدر الدرب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "خشبة".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".
4 في الأصل: "فإنها".(11/261)
فَصْل وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عَيْنٌ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ بها لحاضر مكلف فَصَدَّقَهُ فَكَأَحَدِ مُدَّعِيَيْنِ عَلَى ثَالِثٍ أَقَرَّ لَهُ الثَّالِثُ
زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا: كَقَوْلِهِ هُنَاكَ1 وَإِنْ كَذَّبَهُ بِهِ وَجَهِلَ لِمَنْ هِيَ أَوْ جهله رب اليد ابتداء أخذها2 مُدَّعٍ وَاحِدٌ بِيَمِينِهِ؛ بِنَاءً عَلَى رَدِّ الْيَمِينِ وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فَيَأْخُذُهَا حَاكِمٌ وَقِيلَ: تُقَرُّ بِيَدِ رب اليد وذكره في المحرر3 المذهب وَضَعَّفَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَعَلَيْهِمَا: يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ الثَّالِثُ لَمْ يُقْبَلْ فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: يقبل على الرابع خاصة م 1.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِثَالِثٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي"4" وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: يُقْبَلُ عَلَى الرَّابِعِ خَاصَّةً. انتهى. قطع بما5 فِي الْمُحَرَّرِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي الشَّارِحُ وَابْنُ رزين.
__________
1 يعني قوله في الفصل الذي قبله: وللمقر له قيمتها على المقرّ ص 258.
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "و".
4 14/295.
5 في "ط": "بها".(11/262)
ثُمَّ إنْ عَادَ1 الْمَقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ2 مِنْهُ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ ذلك فوجهان م 2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَادَ الْمَقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَكَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَا ادَّعَاهَا فَتَارَةً يَدَّعِيهَا قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَهَا الْمُقِرُّ وَتَارَةً يَدَّعِيهَا بَعْدَ أَنْ يَدَّعِيَهَا فَإِنْ ادَّعَاهَا بَعْدَ أَنْ ادَّعَاهَا الْمُقِرُّ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَاهَا قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرَحَهُ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ذَكَرُوهُ فِي الْإِقْرَارِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ وَبِهِ قَطَعَ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوِّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كلامه في الوجيز.
والوجه الثاني: يقبل.
__________
1 بعدها في "ر": "له".
2 بعدها في "ط": "منه".(11/263)
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِرِقِّهَا لِشَخْصٍ أَوْ كَانَ الْمَقَرُّ بِهِ عَبْدًا فَكَمَالِ غَيْرِهِ وَعَلَى الَّذِي قَبْلَهُ يُعْتِقَانِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ فَيَصِيرُ وَجْهًا خَامِسًا.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قِيلَ: عرفه وإلا جعلتك ناكلا فإن عاد ادعاها فَقِيلَ تُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا1 لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا م 3.
وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ أَصَرَّ حَكَمَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ لِي لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ قَالَ: وَكَذَا يَخْرُجُ إذَا كَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَقَالَ: غَلِطْت وَيَدُهُ بَاقِيَةٌ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَهِيَ لَهُ زَادَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَحْلِفُ مَعَهَا عَلَى رَأْيٍ وَإِلَّا أَقَرَّتْ بِيَدِهِ وَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ دَفْعُهَا إلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بَدَلَهَا فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي اثْنَيْنِ فَبَدَلَانِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّاهُ سَمِعْت لِفَائِدَةِ زَوَالِ التُّهْمَةِ وَسُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ.
وَيَقْضِي بِالْمِلْكِ إنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ وكان للمودع والمستأجر والمستعير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قِيلَ عرفه وإلا جعلتك ناكلا فإن عاد ادعاها فَقِيلَ: يُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: تُسْمَعُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الْأَشْهَرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُسْمَعُ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وصفته وأطلقهما في هذا الباب.
__________
1 ليست في "ر".
2 6/160.(11/264)
الْمُحَاكَمَةُ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ: لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَمْ يَدَعْهَا الْغَائِبُ وَلَا وَكِيلُهُ وَتَقَدَّمَ1 أَنَّ الدَّعْوَى لَهُ لَا تَصِحُّ إلَّا تَبَعًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَنْهُ وَيَبِيعُ مَالَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لِلْغَائِبِ وَأَعْلَى طَرِيقِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَكُونُ مِنْ الدَّعْوَى لِلْغَائِبِ تَبَعًا أَوْ مُطْلَقًا لِلْحَاجَةِ إلَى إيفَاءِ الْحَاضِرِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْغَائِبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 207.(11/265)
فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا تُسْمَعُ وَلَا يستحلف في حق لله كَعِبَادَةٍ وَحَدٍّ وَصَدَقَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ.
وَفِي التَّعْلِيقِ: شَهَادَةُ الشُّهُودِ دَعْوَى. وَتُقْبَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/265)
بَيِّنَةُ عِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْعَبْدُ ذَكَرَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: تَصِحُّ دَعْوَى حِسْبَةٍ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي بَيِّنَةِ الزِّنَا تَحْتَاجُ إلَى مُدَّعٍ فَذَكَرَ خَبَرَ أَبِي بَكْرَةَ1 وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ.
وَتَصِحُّ قَبْلَهَا الشَّهَادَةُ بِهِ وَبِحَقِّ آدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَعُقُوبَةُ كَذَّابٍ2 مُفْتَرٍ عَلَى النَّاسِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهِمْ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْزِيرِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ عن خصم مقدر: تسمع الدعوى والشهادة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 وهو ما أخرجه الحاكم 3/448، والبيهقي 8/235 من وجه آخر، في قصة رمي أبي بكرة المغيرة بن شعبة بالزنى، وإقامة عمر رضي الله عنه عليه بالحد في اثنين آخرين؛ لعدم ثبوت ذلك بأربعة شهود.
2 بعدها في الأصل: "و".(11/266)
فِيهِ1 بِلَا خَصْمٍ وَهَذَا قَدْ يَدْخُلُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ كَفَائِدَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وهو مثل كتاب القاضي إذا2 كَانَ فِيهِ ثُبُوتٌ مَحْضٌ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَكُونُ مُدَّعٍ فَقَطْ بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ حَاضِرٍ لَكِنَّ هُنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَخَوِّفٌ. وَإِنَّمَا الْمُدَّعِي يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارَ كَمَا يَسْمَعُ ذَلِكَ شُهُودُ الْفَرْعِ فَيَقُولُ الْقَاضِي ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدِي بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَلَمْ يَسْمَعْهَا طَوَائِفُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحُكْمِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ3. وَمِنْ قَالَ بِالْخَصْمِ الْمُسَخَّرِ نَصَبَ الشَّرَّ ثُمَّ قَطَعَهُ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ احْتِيَالِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ وُجُود مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَقَرَّ لَهُ بِالْبَيْعِ قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ فَهُوَ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ تَثْبِيتُ الْإِقْرَارِ أَوْ الْعَقْدِ وَالْمَقْصُودُ سَمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَحُكْمُهُ بِمُوجِبِهَا مِنْ غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ عَلَى أَحَدٍ لَكِنْ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ فَيَكُونُ هَذَا الثُّبُوتُ حُجَّةً بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِلَا هَذِهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا امْتَنَعَ مِنْ سَمَاعِهَا مُطْلَقًا وَعَطَّلَ هَذَا الْمَقْصُودَ الَّذِي احْتَالُوا4. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الِاحْتِيَالِ وَأَظُنُّ الشَّافِعِيَّةَ مُوَافِقِيهِ فِي إنْكَارِ هَذَا عَلَى الحنفية مع أن جماعات من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "إذ".
3 في "ر"" "الحكومة".
4 كذا في جميع النسخ الخطية و"ط" وفي "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 28/421: "احتالوا له".(11/267)
الْقُضَاةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ1 الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ2 دَخَلُوا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَسَمَّوْهُ الْخَصْمَ الْمُسَخَّرَ. وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا الصَّحِيحِ وَأَصْلِ مَالِكٍ فَإِمَّا أَنْ نَمْنَعَ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازَعٍ فَتَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَاتِ عَلَى الشَّهَادَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِنَا فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَكَذَا الْحَاضِرُ فِي الْبَلَدِ فِي الْمَنْصُوصِ فَمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى وَإِنَّمَا قال بمحضر من خصمين جاز استماع الدعوى3 وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا: عَلَى الْآخَرِ مَنْ اشْتَرَطَ حُضُورَ الْخَصْمِ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ احْتَالَ لِعَمَلِ ذَلِكَ صُورَةً بِلَا حَقِيقَةٍ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ لِيَكْتُبَ بِهِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ.
قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: كِتَابُ الْحَاكِمِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ قَالُوا لأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "الحنفية".
3 ليست في الأصل في "ط"، و"ر".(11/268)
الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِمَا قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ لِأَنَّ إعْلَامَ الْقَاضِي لِلْقَاضِي قَائِمٌ مَقَامَ إعْلَامِ الشَّاهِدَيْنِ فَجَعَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ كِتَابِ الْحَاكِمِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ قَائِمًا مَقَامَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ شُهُودِ الْأَصْلِ وَجَعَلُوا كِتَابَ الْقَاضِي كَخِطَابِهِ وَإِنَّمَا خَصُّوهُ بِالْكِتَابِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُبَاعِدُ الْحَاكِمَيْنِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَانَ مُخَاطَبَةُ أَحَدِهِمَا: لِلْآخَرِ أَبْلَغَ مِنْ الْكِتَابِ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَأَنَّهُ يُعْلِمُ بِهِ حَاكِمًا آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ الْفُرُوعُ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يُثْبِتُهُ الْقَاضِي بِكِتَابِهِ وَلِأَنَّ النَّاسَ بِهِمْ حَاجَةٌ إلَى إثْبَاتِ حُقُوقِهِمْ بِإِثْبَاتِ الْقُضَاةِ كَإِثْبَاتِهَا بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِثْبَاتُ الْقُضَاةِ أَنْفَعُ لِأَنَّهُ كَفَى مُؤْنَةَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ وَبِهِمْ حَاجَةٌ إلَى الْحُكْمِ فِيمَا فِيهِ1 شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لدفع2 وَإِنَّمَا يَخَافُونَ مِنْ خَصْمٍ حَادِثٍ.
وَذَكَرَ أَبُو المعالي: لنائب الإمام مطالبة رب مال باطن بِزَكَاةٍ إذَا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ: هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة. وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي لِنَائِبِ الإمام مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حَجْرِهِ عَلَى مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة انتهى.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "يرفع". وفي "ط": "يدفع".(11/269)
وَفِي التَّرْغِيبِ مَا شَمِلَهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآدَمِيِّ كَسَرِقَةٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْمَالِ وَيَحْلِفُ مُنْكِرٌ وَلَوْ عَادَ إلَى مَالِكِهِ أَوْ مَلَكَهُ سَارِقُهُ لَمْ تُسْمَعْ لِتَمَحُّضِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ فِي السَّرِقَةِ: إنْ شَهِدْت بِسَرِقَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا تُسْمَعُ وَتُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَبَاعَهُ1 فُلَانًا. وَفِي الْمُغْنِي2 كَسَرِقَتِهِ وَزِنَاهُ بِأَمَتِهِ لِمَهْرِهَا تُسْمَعُ وَيَقْضِي عَلَى نَاكِلٍ بِمَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.
وَلَا تُقْبَلُ يَمِينٌ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَالتَّزْكِيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَتَهُ الْيَمِينُ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى وَقَبِلَهَا في التعليق والانتصار والمغني3 إن لم يعلم بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ غَرِيبٌ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ: تُسْمَعُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْوَصِيَّةُ مِثْلُهَا قَالَ شَيْخُنَا: الْوَكَالَةُ إنَّمَا تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ إبْقَاءَهُ بِحَالِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا حق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هَذِهِ الْأَقْوَالُ طُرُقٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ ولا يستحلف في حق الله تعالى.
__________
1 قال في "القاموس": أبعته: عرضته للبيع.
2 لم نعثر على ذلك مصرحا به، ولعله المشار إليه في 14/210 كما تفيده "حاشية ابن قندس".
3 14/210.(11/270)
للمدعي عليه فِيهِ فَإِنَّ دَفْعَهُ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ وَإِلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رِضَاهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ فِيهَا1 حَقًّا ولهذا لا تجوز في2 الْخُصُومَةُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ لَكِنْ طَرْدُ الْعِلَّةِ ثُبُوتُ الْحَوَالَةِ بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهُ وَالْوَفَاةُ وَعَدَدُ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ الْمَدِينِ وَالْمُودِعِ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ دَارَ زَيْدٍ الْغَائِبِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ مَنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ عَيْنٌ فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ فِي إقْبَاضِهَا أَوْ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فِي ثُبُوتِهَا وَعَلَى هذا فيجوز أن تثبت الوكالة بعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "فيه".
2 ليست في "ط".(11/271)
الْقَاضِي كَمَا تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ وَتَوَكُّلُ1 عَلِيٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ2 كَالدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَعْلَمَ الْخُلَفَاءَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَثْبَتَهَا فِي وَجْهِ خَصْمٍ إلَى أَنْ قَالَ: فَالتَّوْكِيلُ مِثْلُ الْوِلَايَةِ وَتَثْبُتُ الْوِلَايَةُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْلَى مَعَ حُضُورِهِ فِي الْبَلَدِ وَمِنْ هَذَا كِتَابُ الْحَاكِمِ إلَى الْحَاكِمِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ وَفِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا3 ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِ نَفْسِهِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ وَلَا بِبَيِّنَةٍ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ وَوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ وَجَعَلُوهُ وِفَاقًا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَالْخَارِجُ تُسْمَعُ بِبَيِّنَتِهِ ابْتِدَاءً لَا عَلَى خَصْمٍ وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي4. إنْ ادَّعَى شَيْئًا فَشَهِدَتْ بِأَكْثَرَ فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي الِانْتِصَارِ: تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّفْلِيسِ5 مَا ظَاهِرُهُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى لِمَدِينٍ منكر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْغِيبِ تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ6 احْتِمَالَانِ انْتَهَى. قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَالْمُغْنِي إنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي إنْ ادَّعَى شَيْئًا فشهدت بأكثر.
__________
1 كذا في جميع النسخ والصواب- والله أعلم-: توكيل؛ لأن عبد الله هو الذي كان وكيلا لعلي، لا العكس.
2 إشارة إلى الأثر الذي أخرجه البيهقي 6/81، عن علي رضي الله عنه أنه وكل عبد الله بن جعفر عند عثمان. وقال: إن للخصومة قحما، وإن الشيطان يحضرها، وإني لأكره أن أحضرها. والقحم: المهالك.
3 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".
4 6/157.
5 6/463.
6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/272)
ويستحلف في كل حق لآدمي في رواية لِلْخَبَرِ1 وَلِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ2 أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَقَالَ: الْغَالِبُ فِي قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِمَا وَلَا فِي حَدِّ قَذْفٍ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَقَذْفٍ وَطَلَاقٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا. وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا لَا يَجُوزُ بَدَلُهُ وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فَتُنْكِرَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ م 4 وعنه تستحلف فيما يقضي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قال المصنف: فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي3 الِانْتِصَارِ تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ طَرِيقَةٌ وَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ.
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ استيلاد أمة فتنكره. وقال شيخنا بل هي الْمُدَّعِيَةُ انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِيلَادِ فَالْقَاضِي يَقُولُ إنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ السَّيِّدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُ هِيَ المدعية وهو الصواب.
__________
1 وهو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه". أخرجه البخاري 4552، ومسلم 1711، وما ذكره ابن قندس في "الحاشية" هو رواية البيهقي.
2 بعدها في "ر"، و"ط": "به".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/273)
فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ م 5. وَيَقْضِي بِهِ فِي مَالٍ أَوْ مَا مَقْصُودُهُ مَالٌ هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيِّ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَقَذْفٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَفِي الْجَامِعِ الصغير ما لا يجوز بذله1 وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَعَنْهُ: يُسْتَحْلَفُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ انْتَهَى.
الرِّوَايَةُ الْأُولَى: قَدَّمَهَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَتُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُشْرَعُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ انْتَهَى وَهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْعِتْقَ وَبَقَاءَ الرَّجْعَةِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ "3وَهُوَ الصَّحِيحُ3". وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلَا تُشْرَعُ فِي مُتَعَذَّرٍ بَدَلِهِ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَبَقَائِهَا وَنَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ وَوَلَاءٍ وَقَوَدٍ إلَّا فِي قَسَامَةٍ وَلَا فِي تَوْكِيلٍ وَإِيصَاءٍ إلَيْهِ وَعِتْقٍ مَعَ اعْتِبَارِ شَاهِدَيْنِ فِيهَا بَلْ فِيمَا يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
__________
1 في "ط": "بدله".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/103.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/274)
الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ إلَّا قَوَدَ نَفْسٍ وَعَنْهُ: وَطَرَفٌ وَقِيلَ: فِي كَفَالَةٍ وَجْهَانِ. وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ م 6 و 7.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ1: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْيَمِينِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ2 أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا فَقَالَ وَمَتَى فُقِدَ اللَّوْثُ حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينًا وَعَنْهُ: لَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ فَقُدِّمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَهَذَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنِّهَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَصَحُّ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ: وَهِيَ أَشْهَرُ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا فِي الْحَلِفِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي القسامة في اليمين حكما. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ انْتَهَى. فِيهِ مسألتان: المقيس والمقيس عليه:
__________
1 هذا التنبيه بتمامه لا يوجد في النسخ الخطية، وهو مثبت من "ط".
2 10/18.
3 12/190.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 26/127.(11/275)
ومتى لم يقض به1 ففي تخليته وحبسه ليقر أو يحلف وجهان،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِالنُّكُولِ فَهَلْ تَثْبُت بِذَلِكَ الدِّيَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ غَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: لَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا فِي رِوَايَةٍ فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يَلْزَمُهُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَثْبُتُ بِهِ وَتَلْزَمُهُ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَسَامَةِ وَقَدْ صَحَّحْنَا لُزُومَ الدِّيَةِ فِي الْقَسَامَةِ فَكَذَا هُنَا وَهَذَا الصَّحِيحُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27: قَوْلُهُ: كَقَسَامَةٍ يَعْنِي لَوْ طَلَبَ أَيْمَانَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِمْ فِي الْقَسَامَةِ فَنَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ فَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ أَمْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا هُنَاكَ3 وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ لزوم الدية. والله أعلم.
__________
1الضمير عائد على النكول.
2 في "ط": "والرواية الثانية".
3 10/23.(11/276)
كلعان م 8 و 9. وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى1 الْمُوصِي وَمُنْكِرُ وَكَالَةِ وَكِيلٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَحْلِفُ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ فَقَالَ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي فِي الْأَصَحِّ: وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حُبِسُوا وَقِيلَ: يَحْكُمُ بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 8 و 9: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يُقْضَ بِهِ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَحَبْسِهِ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَجْهَانِ كَلِعَانٍ انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: إذَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَهَلْ يُخَلَّى أَوْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: يُخَلَّى سَبِيلُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى الْقَسَامَةِ إذَا نَكَلُوا عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي بِحَبْسٍ حَتَّى يَقْرَأَ أَوْ يَحْلِفَ قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ قِيَاسًا عَلَى اللِّعَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ هُنَا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: مَسْأَلَةُ اللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا2 وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا وَصَحَّحْنَا أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ وَنَكَلَتْ يُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أو تلاعن وتقدم نظير ذلك "3في باب: طريق الحكم وصفته4، و3"في القسامة5.
__________
1 في الأصل: "عن".
2 9/212.
3 ليست في الأصل و"ط".
4 ص 170.
5 10/23.(11/277)
وَيَحْلِفُ فِي نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ عَلَى الْبَتِّ إلَّا لِنَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ وَفِي غَيْرِ الْمُنْتَخَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ نَفْيِ دَعْوَى عَلَى غَيْرِهِ فَيَكْفِيه نَفْيُ الْعِلْمِ وَعَنْهُ: يَمِينُ نَفْيٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا عَلَى الْعِلْمِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ الذي ذكره الإمام أحمد وغيره: ولا تضطروا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ1. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَمِينُهُ بَتٌّ عَلَى فِعْلِهِ وَنَفْيٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ. وَعَبْدُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا بَهِيمَتُهُ فَمَا يُنْسَبُ إلَى تَقْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَعَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا فَعَلَى الْعِلْمِ.
وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَلِفٌ لِجَمَاعَةٍ حَلَفَ لِكُلِّ واحد يمينا وقيل ولو رضوا بواحدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: كَانَ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَسَامَة أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى اللِّعَانِ مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا أشبه بها من اللعان. "2وهذه تسع مسائل في هذا الباب2".
__________
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله" 359. وعبد الرزاق في "المصنف" 16030، مرسلا من حديث القاسم بن عبد الرحمن المسعودي الكوفي. وأسند أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/216، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/313، من حديث ابن مسعود.
2 ليست في "ط".(11/278)
وَتُجْزِئُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ وَلِلْحَاكِمِ تَغْلِيظُهَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ كَجِنَايَةٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنِصَابِ زَكَاةٍ وَقِيلَ: نِصَابُ سَرِقَةٍ بِزَمَنٍ1 أَوْ مَكَان أَوْ لَفْظٍ وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَنَصْرُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَا2 تَغْلُظُ لِأَنَّهَا حُجَّةُ أَحَدِهِمَا، فَوَجَبَتْ مَوْضِعَ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ.
فَالزَّمَنُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ.
وَالْمَكَانُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْقُدْسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَبَقِيَّةِ الْبِلَادِ. وَفِي الْوَاضِحِ: هَلْ يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ؟ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَقِيلَ: إنْ قَلَّ النَّاسُ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَرْقَيَانِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يُشْتَرَطُ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ بِمَوْضِعٍ يُعَظِّمُهُ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي لِعَانٍ وَزَمَانٍ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ. وَاللَّفْظُ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَالْيَهُودِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَالنَّصْرَانِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى. وَالْمَجُوسِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي خلقه وصوره ورزقه ونحو ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 الجار والمجرور متعلق بالمصدر "تغليظ".
2 ليست في "ر"، وتنظر حاشية ابن قندس.(11/279)
وَمَنْ أَبَى التَّغْلِيظَ لَمْ يَكُنْ نَاكِلًا.
وَلَا يَحْلِفُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لِلْوَالِي إحلاف المتهم1؛ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا فِي الْكَشْفِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفِهِ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَا إحْلَافُ أَحَدٍ إلَّا بالله ولا على غير حق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية: "المتهوم"، والمثبت من "ط".(11/280)
باب تعارض البينتين
مدخل
...
بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حُكِمَ لَهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَإِذَا جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَالَهُ غَيْرُهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ مُدَّعٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ مُدَّعٍ بِاتِّفَاقِنَا وَفِيهِ: وَقَدْ تَثْبُتُ فِي جَنَبَةِ مُنْكِرٍ وَهُوَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا بِيَدِهِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقِيمَهَا فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ إحَاطَتِهَا بِهِ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِيهِ بِالْكُوفَةِ صَحَّ "1وَبَرِئَ مِنْهُ1".
وَفِي الْمُغْنِي2: إنْ كَانَ لِمُنْكِرٍ وَحْدَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُسْمَعُ مَعَ عَدَمِ بَيِّنَةِ مُدَّعٍ لِلتَّسْجِيلِ وَلَا لِدَفْعِ الْيَمِينِ وَكَذَا إنْ أَقَامَهَا مُدَّعٍ وَلَمْ تَعْدِلْ وَفِيهِ احْتِمَالٌ. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُنْكِرِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَرَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَبَيِّنَةُ خَارِجٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى قَبْلِ رَفْعِ يَدِهِ فَبَيِّنَةُ دَاخِلٍ وَالْمُرَادُ: فَمَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ يقدمها وينقض الحكم ببينة3 الخارج والمراد إن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في الأصل.
2 14/282.
3 في "ط": "بينة".(11/281)
كَانَ يَرَى تَقْدِيمَهَا عِنْدَ التَّعَارُضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ بَيِّنَةِ دَاخِلٍ فَقَدْ تبين استناد ما يمنع الحكم إلى إحالة1 الْحُكْمِ وَهَذَا الْأَشْهَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَيَأْتِي قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ يَرَى تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَسَبَقَ نَظِيرُهَا فِي بيع الولي مال موليه2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط"، و"ر": "حالة".
2 7/ بعد المسألة 11.(11/282)
وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهِيَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، أُقِيمَتْ بينة منكر بعد زوال يده أو لا فَالْمَذْهَبُ يَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي قَالَ أَحْمَدُ: الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَةٌ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ أَوَّلًا وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ عَكْسُهُ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ: إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ أَوْ سَبْقِهِ وَعَنْهُ: يُحْكَمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ أَوْ سَبَقَ وَعَلَيْهِمَا: يَكْفِي سَبَبٌ مُطْلَقٌ وَعَنْهُ: تُعْتَبَرُ إفَادَتُهُ لِلسَّبْقِ.
وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ تَعَارَضَتَا وَقَدَّمَ فِي الْإِرْشَادِ1 بَيِّنَةَ مُدَّعٍ. وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْآخَرِ فَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ خَارِجٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَكْسَهُ وقيل بتعارضهما م1.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا2 بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْآخَرِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَكْسَهُ وَقِيلَ بِتَعَارُضِهِمَا انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ:
أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عَكْسُ الَّذِي قبله اختاره القاضي وقاله الشيخ
__________
1 ص 488.
2 في النسخ الخطية: "واحد"، والمثبت من "ط".(11/283)
وإن أقام بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ وَلَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ.
أَمَّا لَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا تَعَارَضَتَا وَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَنَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَسْتَهِمَانِ عَلَى مَنْ يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَعَنْهُ: يستعملان فتقسم1 بينهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ منجا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَسْهِيلِ الْحَلْوَانِيِّ قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَالْقَوْلُ الثالث: يتعارضان.
__________
1 بعدها في "ر": "العين".(11/284)
وَذَكَرَهُمَا فِي الْوَسِيلَةِ فِي الْعَيْنِ يَبْدُ أَحَدُهُمَا: وَعَنْهُ يَسْتَعْمِلَانِ فَيَقْرَعُ فَمَنْ قُرِعَ أَخَذَهَا فَعَلَيْهَا وعلى التي قبلها هل يحلف كل منهما للآخر؟ فيه روايتان م 2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ التَّعَارُضِ فَعَلَيْهَا وَعَلَى التي قبلها هل يحلف كل منهما للآخر؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ فَلَا يَظْهَر حَلِفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ فَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهْمًا انْتَهَى وَمَا قَالَ ظَاهِرٌ "3وَيَظْهَرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا وَتَقْدِيرُهُ فَعَلَيْهَا لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ3" وَعَلَى الَّتِي قَبْلَهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَالنَّقْصُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ إذَا عُلِمَ هذا فيبقى محل الخلاف المطلق على4 كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى رِوَايَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ قَسْمِهَا بَيْنَهُمَا لَا غَيْرُ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَمْ لَا؟ أطلق الخلاف:
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/190.
2 6/157.
3 ليست في "ح".
4 في "ط": "في".(11/285)
وَلَا يُرَجَّحُ أَكْثَرُهُمَا عَدَدًا وَفِيهِ تَخْرِيجٌ كَالرِّوَايَةِ وَلَا رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ1 شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَفِيهِمَا وَجْهٌ وَلَا أَعْدَلُهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَالَ: يَتَخَرَّجُ مِنْهُ التَّرْجِيحُ2 بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ.
وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَبَيِّنَةٌ بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْمِلْكِ مُنْذُ سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ مُنْذُ شَهْرٍ وَلَمْ تَقُلْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَسَوَاءٌ وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ بِسَبَبٍ وَسَبْقٍ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي السَّبْقِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَوَجْهٌ فِي الْمُغْنِي3: تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ النَّتَاجِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَعَنْهُ: بِسَبَبٍ مُفِيدٍ لِلسَّبَقِ كَالنَّتَاجِ فَعَلَيْهِمَا الْمُؤَقَّتَةُ وَالْمُطْلَقَةُ سَوَاءٌ وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: تُقَدَّمُ ذَاتُ السَّبَبَيْنِ وَشُهُودُ الْعَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ.
وَلَوْ كَانَتْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَبَيِّنَةٌ باليد قدمت بينة الملك بلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: لَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثانية: يحلف اختاره الخرقي.
__________
1 في "ر": "و".
2 بعدها في "ط": "بكثرة".
3 14/287.
4 14/286.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/125.(11/286)
خِلَافٍ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ مِنْ سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَمَسْأَلَةِ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَائِهِ مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِشِرَائِهِ مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَلَمْ يُؤَرِّخَا تَعَارَضَتَا. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَالْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ مُقِرٍّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَكَاذَبَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَلَا كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِقَتْلٍ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَأُخْرَى بِالْحَيَاةِ فِيهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْقُرْعَةَ هُنَا وَالْقِسْمَةَ فيما بيديهما واختاره جماعة. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ سَقَطَتَا وَاسْتَهَمَا عَلَى مَنْ يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ.
وَالثَّانِيَةُ: يَقِفُ الْحُكْمُ حَتَّى يَأْتِيَا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ قَالَ: لِأَنَّ إحْدَاهُمَا: كَاذِبَةٌ فَسَقَطَتَا كَمَا لَوْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا: فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ كَذَا هُنَا قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَا الرِّوَايَاتُ إنْ أَنْكَرَهُمَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: بِعَيْنِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا فَهُوَ كَدَاخِلٍ وَالْآخَرُ كَخَارِجٍ وَكَذَا بَعْدَ إقَامَتِهِمَا وَعَلَى رِوَايَتِي اسْتِعْمَالُهُمَا إقْرَارٌ بَاطِلٌ فَإِنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا: وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ وَالْآخَرُ لِلثَّالِثِ بِيَمِينِهِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ أَوْ يَقْتَرِعَانِ فَلَوْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا فَهِيَ لِمُدَّعِي كُلِّهَا إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ خَارِجٍ وَإِلَّا بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا وَقِيلَ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَهِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/287)
مِلْكُهُ بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا فَعَلَى الْقِسْمَةِ: يَتَحَالَفَانِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى زَيْدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَهُ الْفَسْخُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/288)
فَإِنْ فَسَخَ فَبِكُلِّهِ وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا: فَلِلْآخَرِ أَخْذُ كُلِّهَا. وَفِي الْمُغْنِي1; إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ لَهُ بِنِصْفِهَا وَنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَقْرَعِنَا فَهِيَ لِمَنْ قَرَعَ وَإِنْ سَقَطَتَا فَكَمَا سَبَقَ وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا: فَهِيَ لَهُ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ وَإِنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا فِي الْمِلْكِ إذَنْ لَا فِي الشِّرَاءِ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ ادَّعَاهَا زَيْدٌ لِنَفْسِهِ إذَنْ قُبِلَ إنْ سَقَطَتَا فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَقِيلَ يَمِينَيْنِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهِمَا بِقُرْعَةٍ أَوْ يَقْسِمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا وَنِصْفَ الثَّمَنِ.
وَإِنْ ادَّعَيَا ثَمَنَ عَيْنٍ بِيَدِ ثَالِثٍ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَمَنْ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا.
وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِيهَا وَقَالَ الْآخَرُ مَلَّكَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ الثَّالِثُ لِلْآخَرِ شَيْئًا.
وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ2 بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ كُلَّ الدَّارِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُسْتَأْجِرٍ لِلزِّيَادَةِ وَقِيلَ: تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا م 3.
وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ عَبْدَهُ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَهُ أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَعَلِمَ الْأَسْبَقُ صَحَّ وإلا فروايات التعارض وعنه: تقدم بَيِّنَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ آجَرَهُ الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: كُلُّ الدَّارِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُسْتَأْجِرٍ لِلزِّيَادَةِ وَقِيلَ: تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ للزيادة قلت: وهو قوي.
__________
1 14/298.
2 في هامش "ر":بيتا من الدار".(11/289)
عِتْقِهِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ أَوْ يَدِ أَحَدِهِمَا: فَعَنْهُ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِ الْيَدِ وَعَنْهُ: يَنْبَنِي عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ م 4.
وإن أقام واحد بينة أَنَّهُ مِلْكُهُ وَآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ.
وَمَنْ ادَّعَى دَارًا بِيَدِهِ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو حِينَ كَانَتْ مِلْكَهُ وسلمها إليه فهي لزيد وإلا فلا ومثلها1 دَعْوَى وَقْفِهَا عَلَيْهِ مِنْ عَمْرٍو وَهِبَتِهَا لَهُ مِنْهُ.
وَإِنْ ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَصَدَّقَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا: فَهُوَ لَهُ كَمُدَّعٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ جَحَدَ قُبِلَ قَوْلُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَقْوَى مِنْ هَذَا.
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَبِيدُ بِيَدِ نَفْسِهِ أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا: فَعَنْهُ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِ الْيَدِ وَعَنْهُ: يَنْبَنِي عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ انْتَهَى:
الرِّوَايَةُ الْأُولَى: هِيَ الصَّحِيحَةُ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اختارها.
__________
1 في "ط": "مثله".
2 14/329.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/203.(11/290)
وَحَكَى: لَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا.
ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ يُرَجَّحْ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ: مُطْلَقًا "1لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَلَا يَدَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ1" وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قَتَلْت2 فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ3 الْعَبْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَامَا بينتين فنصه: تقدم ببينة4 العبد وقيل بتعارضهما
م 5
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قَتَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ الْعَبْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَنَصُّهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَقِيلَ بِتَعَارُضِهِمَا. انْتَهَى.
الْمَنْصُوصُ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَوَجْهَانِ فِي غَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمقنع5 والشرح6 وشرح ابن منجا وغيرهم.
__________
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "قبلت".
3 في الأصل: "فادعا".
4 في "ط": "بينة العبد".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/205.
6 في "ق": "عليه".(11/291)
وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ مِتّ فِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ وَجُهِلَ وقته رقا وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِهِمَا: أُقْرِعَ وَقِيلَ: يُعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ مت من مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مم مات فقيل1: بِرِقِّهِمَا وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: يُعْتَقُ2 سَالِمٌ وَقِيلَ غَانِمٌ م 6.
وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلُهُ: مِنْ مَرَضِي بِقَوْلِهِ: فِي مَرَضِي أَقْرَعَ وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: iإنْ مِتّ مِنْ مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مِمَّ مَاتَ فَقِيلَ يُحْكَمُ بِرِقِّهِمَا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وقيل: يعتق3 سَالِمٍ وَقِيلَ: غَانِمٍ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يَرِقَّانِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي الْمَرَضِ بِحَادِثٍ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقْتَرِعَانِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ قُلْت وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهَا فِي الْقَوَاعِدِ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: يُعْتَقُ غَانِمٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هذا القول أضعفها. والله أعلم.
__________
1 بعدها في "ط": "يحكم".
2 في "ر": "بعتق".
3 في النسخ الخطية: "يعتق"، والمثبت من عبارة "الفروع".
4 14/303.(11/292)
وَقِيلَ: غَانِمٌ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِهِ عَتَقَهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَكَذَلِكَ لِلتَّعَارُضِ وَالتَّقْدِيمِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي رَقَّا وَجْهًا وَاحِدًا يَعْنِي لِتَكَاذُبِهِمَا عَلَى كَلَامِهِ1 الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى مَيِّتٍ بَيِّنَةٌ لَا تَرِثُهُ: بِعِتْقِ سَالِمٍ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَيِّنَةٌ وَارِثِهِ بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأُجِيزَ الثُّلُثُ فَكَأَجْنَبِيَّتَيْنِ يُعْتَقُ أَسْبِقُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ سَبَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ أَوْ سَبَقَتْهَا الْوَارِثَةُ وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَا وَإِنْ جُهِلَ أسبقهما عتق واحد بقرعة وقيل: يعتق نِصْفُهُمَا كَدَلَالَةِ كَلَامِهِ عَلَى تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا نَحْوُ: أُعْتِقُوا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا مَا عَتَقَ.
وَتَدْبِيرٌ مَعَ تَنْجِيزٍ كَآخَرِ تَنْجِيزَيْنِ مَعَ أَسْبَقِهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ عَبْدٍ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ وُرِّخَتْ أَوْ لَا فَكَمَا لَوْ جُهِلَ أَسْبَقُ تَنْجِيزَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً عَتَقَ سَالِمٌ وَيُعْتَقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ أَوْ نِصْفُهُ على الوجه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فهذه ست مسائل.
__________
1 ليست في الأصل.(11/293)
الْمَذْكُورِ وَإِنْ كُذِّبَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً مُكَذَّبَةً أَوْ فَاسِقَةً وَشَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا وَلَوْ شَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ وَلَا فِسْقَ وَلَا تَكْذِيبَ عَتَقَ غَانِمٌ فَقَطْ كَأَجْنَبِيَّةٍ فَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَانِمٌ سُدُسَ مَالِهِ عَتَقَا وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ بِالْعِتْقِ لَا الرُّجُوعِ فَيُعْتَقُ نِصْفُ سَالِمٍ وَيَقْرَعُ بَيْنَ بَقِيَّتِهِ وَالْآخَرِ وَخَبَرُ وَارِثَةٍ عَادِلَةٍ كَفَاسِقَةٍ.
وَمَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُهُ1 قُبِلَ قَوْلُ مُدَّعِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَمِيرَاثُهُ لِلْكَافِرِ إنْ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ بِأُخُوَّتِهِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَعَنْهُ: بَيْنَهُمَا اعْتَرَفَ أَوْ لَا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَلِلْمُسْلِمِ وَبِالْوَقْفِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ بِيَدَيْهِمَا تَحَالَفَا وَقُسِّمَتْ بينهما وهو سهو لاعترافهما أنه وارث2. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إنْ عُرِفَ وَلَا بَيِّنَةَ فَقَوْلُ مُدَّعٍ وَقِيلَ: يُقْرَعُ أَوْ يُوقَفُ.
وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا وَبَيِّنَةٌ عَكْسَهَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا الْمَعْرِفَةَ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ وَإِلَّا فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَلَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ وَاخْتَارَهُ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي4 فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ التَّعَارُضُ وقيل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "أصل".
2 في "ط" و"ر": "إرث".
3 14/324.
4 6/168.(11/294)
بِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ عَكْسَهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لَهُ مَعَ الِاشْتِبَاهِ قَالَ الْقَاضِي: وَيُدْفَنُ مَعَنَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَدَلَ الِابْنِ الْكَافِرِ أَبَوَانِ كَافِرَانِ أَوْ بَدَلَ الْمُسْلِمِ أَخٌ وَزَوْجَةٌ مُسْلِمَانِ كَانَا كَهُوَ مَعَ الْآخَرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ كَمَعْرِفَةِ أَصْلِ دِينِهِ وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ عَلَى أَرْبَعَةٍ.
وَمَنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ أَوْ قَسْمَ تَرِكَتِهِ وَقُلْنَا يَرِثُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ وَارِثٍ.
وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْت فِي مُحَرَّمٍ وَمَاتَ فِي صَفَرٍ وَقَالَ الْوَارِثُ: مَاتَ قَبْلَ مُحَرَّمٍ وَرِثَ.
وَإِنْ شَهِدَا عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ فَشَهِدَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهِ فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ1 الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ حَكَمَ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ.
وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ أَنَّهُ أَتْلَفَ ثَوْبًا قَالَتْ بَيِّنَةٌ: قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَبَيِّنَةٌ عِشْرُونَ ثَبَتَ عَشَرَةٌ وَعَنْهُ: يَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا وَقِيلَ: يقرع وقيل:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "الوالي".(11/295)
عِشْرُونَ وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي نَظِيرِهَا فِيمَنْ آجَرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ قَالَتْ بَيِّنَةٌ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/296)
بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَبَيِّنَةٌ: بِنِصْفِهَا وَإِنْ كَانَ بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ ثَبَتَ عَشَرَةٌ فِيهِمَا عَلَى الْأَوِّلَةِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ، يَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا: وَلَا تَعَارُضَ.
وَإِنْ شَهِدَا بِفِعْلٍ مُتَّحِدٍ فِي نَفْسِهِ كَإِتْلَافِ ثَوْبٍ وَقَتْلِ زَيْدٍ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا كَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَاخْتَلَفَا فِي زَمَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ صِفَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ كَلَوْنِهِ وَآلَةِ قَتْلٍ فَالْمَذْهَبُ: لَا تُجْمَعُ شَهَادَتُهُمَا وَجَمَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ بِقَوَدٍ وَقَطْعٍ.
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي نَصًّا فِي الْقَتْلِ وَاخْتَارَهُ هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا فِي لَوْنِ سَرِقَةٍ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا، هَرَوِيًّا وَقَالَ الْآخَرُ مَرْوِيًّا وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ وَلَمْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ مُتَّحِدٌ فَبِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَلَا تَنَافِي وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّاهِدِ بَيِّنَةً ثَبَتَا هُنَا إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا مَا ادَّعَاهُ وَتَعَارَضَتَا فِي الْأُولَى عَلَى1 غَيْرِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا قَطَعَ يَدَهُ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَطَعَهُ لَهُ الدِّيَةُ مِنْهُمَا؟ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا أَرَأَيْت إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي هَذَا سَوَاءٌ قَالَ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ لِأَنَّ أَمْرَهُمَا أَشْكَلُ فَالْقَوَدُ مُرْتَفِعٌ وَالدِّيَةُ وَاجِبَةٌ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي السَّرِقَةِ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا وَلَمْ يَثْبُتْ قَطْعٌ وَلَا مَالٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ سَرِقَةُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَلِهَذَا تَعَارَضَتَا وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَمْ يَقَعْ التَّعَارُضُ وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَتْلًا. وَقَالَ الشَّيْخُ: الصَّحِيحُ: لَا تَعَارُضَ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِمَا بِأَنْ يَسْرِقَهُ بُكْرَةً ثُمَّ يَعُودَ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ غيره،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ر" و"ط": "غيره".(11/297)
فيسرقه عشيا فيثبت له اللبس1 الْمَشْهُودَ بِهِ فَحَسْبُ فَإِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِعْلَيْنِ لَكِنَّهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ضَمَانِهِ.
وَكَذَا إنْ شَهِدَ أَنَّهُ سَرَقَ "2مَعَ الزَّوَالِ3" كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مَعَ الزَّوَالِ كِيسًا أَسْوَدَ لَكِنْ يُثْبِتَانِ عَلَى قَوْل الشَّيْخِ إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتْلِهِ عَمْدًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَسَكَتَ ثَبَتَ الْقَتْلُ وَصُدِّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي صِفَتِهِ.
وَالشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلٍ إنْ كَانَ نِكَاحًا فَكَفِعْلٍ وَكَذَا الْقَذْفُ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَمَا عَدَاهُمَا كَشَهَادَةِ وَاحِدٍ أَنَّهُ بَاعَ زَيْدًا كَذَا أَمْسِ وَآخَرُ الْيَوْمَ أَوْ وَاحِدٌ أَنَّهُ بَاعَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَاخْتَلَفَا زَمَنًا أَوْ مَكَانًا جُمِعَتْ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا. وَفِي الْكَافِي3 احْتِمَالٌ: لَا تُجْمَعُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: كُلُّ عَقْدٍ كَنِكَاحٍ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ وَآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَنَصُّهُ يُجْمَعُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَكْثَرِ وَإِنْ شَهِدَ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلِ خطإ وآخر على إقراره لم تجمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر" و"ط": "الكيس".
2 ليست في "ر".
3 6/241.
4 14/242.(11/298)
وَلِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ وَمَتَى جُمِعَتَا مَعَ اخْتِلَافِ زَمَنٍ فِي قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ فَالْعِدَّةُ وَالْإِرْثُ يَلِي آخَرَ الْمُدَّتَيْنِ.
وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ صَبِيٍّ مِائَةً وَاثْنَانِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الصَّبِيّ مِائَةً فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى مِائَةٍ بِعَيْنِهَا أَخَذَهَا وَلِيُّهُ مِمَّنْ شَاءَ وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُمَا مِائَتَيْنِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَةٍ مِنْ قَرْضٍ جُمِعَتْ وَلَا تُجْمَعُ إنْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ قَرْضٍ وَآخَرُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَقِيلَ: بَلَى إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ. وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ أَوْ بِخَمْسِينَ أَضَافَا أَوْ وَاحِدٌ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا الْأَقَلُّ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ لِتَتِمَّةِ الْأَكْثَرِ مَعَ شَاهِدِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ مَعَ أَحَدِ شُهُودِهِ وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُضِيفَا إلَى إقْرَارٍ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَقِيلَ: وَفِي الْإِقْرَارِ أَيْضًا.
وَإِنْ شَهِدَا بِمِائَةٍ وَآخَرَانِ بِخَمْسِينَ دَخَلَتْ فِيهَا إلَّا مَعَ مَا يَقْتَضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/299)
التَّعَدُّدَ فَيَلْزَمَانِهِ1 وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَزَجِيِّ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ2 وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا شَهِدَا عَلَى أَقَلَّ وَأَكْثَرَ أُخِذَ فِي الْمَهْرِ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ أَجْوَدُ لَهُ وَفِي الدَّيْنِ وَالطَّلَاقِ بِالْأَقَلِّ.
وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّ سَيِّدَهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ وَآخَرُ لِلسَّيِّدِ بِأَلْفَيْنِ عَتَقَ وَلَا يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ وَيَحْلِفُ لِسَيِّدِهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَإِنَّمَا قُدِّمَ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ بِالْمَالِ وَإِنْ شَهِدَا لَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا، قَضَاهُ مِنْهَا3 خَمْسِينَ فَنَصُّهُ: تَفْسُدُ شَهَادَتُهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: تَفْسُدُ فِي الْخَمْسِينَ كَرُجُوعِهِ.
وَيَتَخَرَّجُ صِحَّتُهَا بِالْمِائَةِ فَيَفْتَقِرُ قَضَاءُ الْخَمْسِينَ إلَى شَاهِدٍ أَوْ يَمِينٍ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا، قَضَاهُ خَمْسِينَ نَصٌّ عَلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا كَرِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَلِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ شُهُودَ قَرْضٍ بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِقَضَاءٍ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ أَنَّهُ اقْتَضَاهُ ذلك الحق أو قد باع ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "فيلزمه".
2 ص 443.
3 ليست في "ر".(11/300)
اشْتَرَاهُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: لَوْ قَضَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ بَقِيَّتَهُ أَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ كُلَّهُ أَوْ بَقِيَّتَهُ فَقَطْ؟ قَالَ: يَدَّعِيه كُلَّهُ وَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَتَشْهَدُ عَلَى حَقِّهِ كُلِّهِ ثُمَّ يَقُولُ لِلْحَاكِمِ قضاني نصفه.
وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا إنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَشَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ لَمْ يَحْنَثْ بَلْ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ فَحَكَمَ بِهِمَا وَمُرَادُهُمْ فِي صَادِقٍ ظَاهِرًا وَلِهَذَا فِي الرِّعَايَةِ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا حَقَّ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ تَامَّةٌ بِحَقٍّ لِزَيْدٍ حَنِثَ حُكْمًا. وَمَنْ قَالَ لِبَيِّنَةٍ بِمِائَةٍ اشْهَدَا لِي بِخَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُوَلِّ الْحُكْمَ فوقها. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/301)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/302)
نص عليه واختاره1 أبو الخطاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "أجازه".(11/303)
كتاب الشهادات
مدخل
...
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
تَحَمُّلُهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي"1: فِي إثْمِهِ بِامْتِنَاعِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَجْهَانِ قَالَ جَمَاعَةٌ: فِي التَّرْغِيبِ هُوَ أَشْهُرُ وَكَذَا أَدَاؤُهَا وَنَصُّهُ: فَرْضُ عَيْنٍ إنْ دُعِيَ وَقَدَرَ بِلَا ضَرَرٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي1": وَلَا تُبْذَلُ فِي التَّزْكِيَةِ وَلَوْ أَدَّى شاهد2 وَأَبَى الْآخَرُ وَقَالَ احْلِفْ أَنْتَ بَدَلِي أَثِمَ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا إنْ قُلْنَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَإِذَا وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ م 1. وَإِنْ دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى شَهَادَةٍ فَلَهُ الْحُضُورُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَمُرَادُهُ: لِتَحَمُّلِهَا. وَفِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: أَنَّ التَّحَمُّلَ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ لِلِاحْتِيَاطِ ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَدَّمَهُ فِي أَوَائِلِ بَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يَكْتُبُهَا إذَا كَانَ رَدِيءَ الْحِفْظِ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ معروفا بكثرة النسيان.
__________
1 14/123.
2 في "ط": "واحد".
3 14/197.(11/307)
تُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَالَةُ فَظَاهِرُهُ: مُطْلَقًا وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ وَلَمْ يَذْكُرُوا تَوْبَةً لِتَحَمُّلِهَا وَلَمْ يُعَلِّلُوا رَدَّ مَنْ أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ رَدَّ إلَّا بِالتُّهْمَةِ وَذَكَرُوا إنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ تُعْرَفُ حَالُهُ قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا لِئَلَّا يَفْضَحَهُ.
وَفِي الْمُغْنِي1: إنَّ مَنْ شَهِدَ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ لَمْ يعزر لأنه لا يمنع صِدْقُهُ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَدَاءُ فَاسِقٍ وَإِلَّا لَعُزِّرَ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَشْهَرَ: لَا يَضْمَنُ مَنْ بَانَ فِسْقُهُ وَإِلَّا لَضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِشَهَادَتِهِ وَظَاهِرُهُ: لَا يَحْرُمُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ فِسْقِهِ وَيُتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ مَنْ ضَمَّنَهُ وَيَكُونُ عِلَّةً لِتَضْمِينِهِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالتَّحْرِيمِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي شَهَادَتِهِ فِي نِكَاحٍ: لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لِشُهْرَةِ الْحَالِ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ الْفِسْقِ لِأَنَّهُ يُخْفِيه فَيَسْمَعُهَا لِيَبْحَثَ عَنْ عَدَالَتِهِمَا قَالَ: فَيَجِيءُ مِنْ هَذَا: لَا يَسْمَعُهَا مَعَ فِسْقٍ ظَاهِرٍ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ بِالزِّنَا لَا يُضْرَبُونَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ.
وَيَجِبُ فِي مَسَافَةِ كِتَابِ الْقَاضِي عِنْدَ سُلْطَانٍ لَا يَخَافُ تَعَدِّيهِ نَقَلَهُ مَثْنَى أَوْ حَاكِمٌ عَدْلٌ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: كَيْفَ أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلًا؟ لَا تَشْهَدْ2 عِنْدَهُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: أَخَاف أَنْ يَسْعَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابن المسيب عن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/263.
2 بعدها في "ط": "عنده".(11/308)
أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أُمَرَاءُ ظَلَمَةٌ وَوُزَرَاءُ فَسَقَةٌ وَقُضَاةٌ خَوَنَةٌ وَفُقَهَاءُ كَذَبَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلَا يَكُونَنَّ لَهُمْ كَاتِبًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًّا". واه الطَّبَرَانِيُّ1 وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ قَتَادَةَ إلَّا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَلَا عَنْهُ إلَّا ابْنُ الْمُبَارَكِ تَفَرَّدَ بِهِ دَاوُد بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ شَيْخٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ: أَوَّلًا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ وَقِيلَ: لَا أَمِيرَ الْبَلَدِ وَوَزِيرَهُ.
وَلَا يُقِيمُهَا عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ وَكِتَابَةٍ كَشَهَادَةٍ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ وَشَيْخِنَا قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَتَى يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يُحْسِنُ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ وَيُحْسِنُ أن يؤديها.
وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ وَقِيلَ: إنْ تَعَيَّنَتْ وَقِيلَ: وَلَا حَاجَةَ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا يَجُوزُ لِحَاجَةٍ تَعَيَّنَتْ أَوْ لَا وَاخْتَارَهُ وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ التَّحَمُّلِ وَقِيلَ: أُجْرَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ، مَنْ عَجَزَ أَوْ تَأَذَّى بِالْمَشْيِ فَأُجْرَةُ مَرْكُوبٍ عَلَى رَبِّهَا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَكَذَا مُزَكٍّ وَمُعَرِّفٍ وَمُتَرْجِمٍ وَمُفْتٍ وَمُقِيمِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَحَافِظِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ وَالْخَلِيفَةِ.
وَلِمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ بِحَدٍّ لِلَّهِ إقَامَتُهَا وَتَرْكُهَا. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ وَالتَّرْغِيبُ تَرْكُهُ لِلتَّرْغِيبِ فِي السِّتْرِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي آخِرِ الرِّعَايَةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِغْضَاءِ عَنْ من ستر المعصية فإنهم لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "المعجم الصغير": 1/340(11/309)
يُفَرِّقُوا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَيُتَوَجَّهُ فِيمَنْ عُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ أَنْ لَا يُسْتَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ.
وَسَبَقَ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ وَلِلْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالتَّوَقُّفِ عَنْهَا كَتَعْرِيضِهِ لِمُقِرٍّ لِيَرْجِعَ. وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ تَلْقِينُهُ الرُّجُوعَ مَشْرُوعٌ وَإِنْ دَعَا زَوْجٌ أَرْبَعَةً لِتَحَمُّلِهَا بِزِنَا امْرَأَتِهِ جَازَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآية [النساء: 15] وَقِيلَ: لَا كَغَيْرِهِ أَوْ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ.
وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ ظَنَّ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ اسْتِسْرَارَ قَوْمٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي انْتِهَاك حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا فَلَهُمْ الْكَشْفُ وَالْإِنْكَارُ كَاَلَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمُغِيرَةِ وَشُهُودِهِ1 وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ هُجُومَهُمْ وَإِنْ حَدَّهُمْ لِقُصُورِ الشَّهَادَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَالَ اُحْضُرَا لِتَسْمَعَا قَذْفَ زَيْدٍ لِي لَزِمَهُمَا وَيُتَوَجَّهُ إنْ لَزِمَ إقَامَةُ الشَّهَادَةِ.
وَلَا يُقِيمُ شَهَادَةً لِآدَمِيٍّ حَتَّى يَسْأَلَهُ وَلَا يَقْدَحْ فِيهِ كَشَهَادَةٍ حِسْبَةً وَيُقِيمُهَا بِطَلَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ وَيَحْرُمُ كَتْمُهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَيَقْدَحُ فِيهِ وَقَالَ: إنْ كَانَ بِيَدِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَصِلُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَانَةُ أَحَدِهِمَا، وَيُعَيِّنُ مُتَأَوِّلًا مُجْتَهِدًا عَلَى غَيْرِهِ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي خَبَرِ وَاحِدٍ: يَحْرُمُ كَتْمُهَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ عَمِلَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ أَوْ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ فِيمَا يُعْتَبَرُ الْبَحْثُ عَنْهُ.
وَيُسْتَحَبُّ إعْلَامُهُ قبل إقامتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 15550، والطبراني في "الكبير"، 7227؛ والبيهقي 10/152، وعلقه =
= البخاري مختصرا في كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف، وينظر "فتح الباري" 5/256.(11/310)
وَقَالَ شَيْخُنَا: الطَّلَبُ الْعُرْفِيُّ أَوْ الْحَالِيُّ كَاللَّفْظِيِّ عَلِمَهَا الْآدَمِيُّ أَوْ لَا وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِنَّ خَبَرَ: يَشْهَدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ عَلَى الزُّورِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِأَحَدٍ وإلَّا لَتَعَيَّنَ إعْلَامُهُ وَلَمَا تَحَمَّلَهَا بِلَا إذْنِهِ وَقَالَ فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ: إذَا أَدَّاهَا قَبْلَ طَلَبِهِ قَامَ بِالْوَاجِبِ وَكَانَ أَفْضَلَ كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَأَدَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ الطَّلَبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/311)
وَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ وَهُوَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ غَالِبًا قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ يَجْحَدُهُ وَقَوْمٌ هُوَ عِنْدَهُمْ عَدْلٌ يَشْهَدُونَ بِهِ لَهُ؟ قَالَ: هُوَ قَوْلٌ سُوءٌ قَوْلُ الرَّافِضَةِ. فَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ الْفِعْلَ كَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَرِضَاعٍ وَالسَّمَاعُ ضَرْبَانِ: سَمَاعٌ مِنْ الشُّهُودِ عَلَيْهِ كَعِتْقِ وَطَلَاقٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/312)
وَعَقْدٍ وَإِقْرَارٍ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَتَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَ لَا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ مُسْتَخْفِيًا أَوْ لَا.
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ فَيُخَيَّرُ وَعَنْهُ: يَحْرُمُ إنْ قَالَ الْمُتَحَاسِبَانِ لَا تَشْهَدُوا بِمَا جَرَى بَيْنَنَا وَعَنْهُ: يَحْرُمُ فِي إقْرَارٍ وَحُكْمٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرِهِمَا حَتَّى يَشْهَدَهُ وَعَنْهُ: إنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ سَابِقٍ نحو كان له عليّ1، فحتى يشهده2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر"، و"ط".
2 في "ط": "يشهد".(11/313)
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدَ سَوَاءٌ وَقْتَ الْحُكْمِ أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي1.
وَقِيلَ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إذَا قَالَ الْقَاضِي لِلشَّاهِدَيْنِ أُعْلِمْكُمَا أَنِّي حَكَمْت بِكَذَا هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَا أَشْهَدَنَا عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا؟ فَقَالَ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْحُكْمِ تَكُونُ فِي وَقْتِ حُكْمِهِ فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ لَهُمَا بِحُكْمِهِ فَيَقُولُ الشَّاهِدُ أَخْبَرَنِي أَوْ أَعْلَمَنِي أَنَّهُ حُكْمٌ بِكَذَا فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا أَشَهِدْنَا وَإِنَّمَا يُخْبَرَانِ بِقَوْلِهِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ أَوْ يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قُرِئَ عَلَيَّ أَوْ فَهِمْتُ جَمِيعَ مَا فِيهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ شَهِدُوا عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: مَا عَلِمْت مَا فِيهِ فِي الظَّاهِرِ. وَمَنْ جَهِلَ رَجُلًا حَاضِرًا شَهِدَ فِي حَضَرْته لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَعَرِفَهُ بِهِ مَنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ وَعَنْهُ: اثْنَانِ وَعَنْهُ: جَمَاعَةٌ شَهِدَ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ وَعَنْهُ: إنْ عَرَفَهَا كَنَفْسِهِ وَعَنْهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهَا شَهِدَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: بِإِذْنِ زَوْجٍ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِعِصْمَتِهَا وَقَطَعَ بِهِ في المبهج؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 231.(11/314)
لِلْخَبَرِ1 وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّظَرَ حَقُّهُ وَهُوَ سهو وإلا فلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 الآتي في كلام ابن قندس.(11/315)
وَسَمَاعٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِدُونِهَا كَنَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: دَوَامُهُ لَا عَقْدُهُ وَوَقْفٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ وَمَصْرِفُهُ وَخُلْعٍ وَطَلَاقٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَفِي الْعُمْدَةِ: لَا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ وَظَاهِرُهُ فَقَطْ وَهُوَ أَظْهَرُ وَسَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عَنْ شَهَادَةِ الْأَعْمَى،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/316)
فَقَالَ: يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا ظَنَّهُ مِثْلُ النَّسَبِ وَلَا تَجُوزُ فِي الْحَدِّ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا: وَفِيهِمَا لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ بِهَا بِمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: تُسْمَعُ فِيمَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّسَامُعِ لَا فِي عَقْدٍ وَقَصَرَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ وَلَعَلَّهُ أَشْهُرُ وَأَسْقَطَ1 جَمَاعَةٌ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ وَبَعْضُهُمْ: وَالْوَلَاءَ. وَفِي الرِّعَايَةِ خِلَافٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَمَصْرِفِ وَقْفٍ وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: تَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ جِهَاتِ الْمِلْكِ تَخْتَلِفُ تَعْلِيلٌ يُوجَدُ فِي الدِّينِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِالِاسْتِفَاضَةِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي نَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَوَقْفٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ.
وَيَشْهَدُ بِاسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِمْ الْعِلْمُ وَقِيلَ: عَدْلَانِ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدِهِ: أَوْ وَاحِدٍ يَسْكُنُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَعْلَمْ تَلَقِّيهَا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ.
وَمَنْ قَالَ شَهِدَتْ بِهَا فَفَرْعٌ. وَفِي الْمُغْنِي2: شَهَادَةُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ لَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فَيَكْتَفِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِهَا كَبَقِيَّةِ شَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَيْسَ فِيهَا فَرْعٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وَأَنَّهَا تَحْصُلُ بالنساء والعبيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل و"ط": "وأسقطه".
2 14/143.(11/317)
وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ نَظِيرُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَنْ الشُّهُودِ عَلَى الْخِلَافِ وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ شَهِدَ أَنَّ جَمَاعَةً يَثِقُ بِهِمْ أَخْبَرُوهُ بِمَوْتِ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةٌ فَهِيَ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا أَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ.
وَأَجَابَ أَبُو الْوَفَاءِ: إنْ صَرَّحَا بِالِاسْتِفَاضَةِ أَوْ اسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ قُبِلَتْ فِي الْوَفَاةِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا وَنَقَلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا يَشْهَدُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَنَقَلَ مَعْنَاهُ جَعْفَرٌ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَإِذَا شَهِدَ بِالْأَمْلَاكِ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ فَعَمَلُ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ بِذَلِكَ أَحَقُّ ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِالتَّوَاتُرِ.
وَمَنْ رَأَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَاضِحِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَقَالُوا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: وَقَصِيرَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَالِكٍ مِنْ نَقْضٍ وَبِنَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ كَمُعَايَنَةِ السَّبَبِ كَبَيْعٍ وَإِرْثٍ.
وَفِي الْمُغْنِي2: لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ هُنَا فَجَازَتْ بِالظَّنِّ ويسمى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 6/226.
2 14/144.(11/318)
عِلْمًا وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعِي وَقْتَ تَصَرُّفِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ قَرَابَتَهُ وَلَا يَخَافُ مِنْ سُلْطَانٍ إنْ عَارَضَهُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَقِيلَ يَشْهَدُ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَاخْتَارَهُ السَّامِرِيُّ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يَشْهَدُ بِمِلْكٍ بِتَصَرُّفِهِ وَعَنْهُ: مَعَ يَدِهِ.
وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: إنْ رَأَى مُتَصَرِّفًا فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ مَالِكٍ شَهِدَ لَهُ بِمِلْكِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/319)
وَمَنْ شَهِدَ بِنِكَاحٍ اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ فَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ إذَا اتَّحَدَ مَذْهَبُ الشَّاهِدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/320)
وَالْحَاكِمِ لَا يَجِبُ التَّبْيِينُ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْمَيِّتَةَ امْرَأَتُهُ وَهَذَا ابْنَهُ مِنْهَا فَإِنْ أَقَامَهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَيَصْلُحُ ابْنُهُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ وَالْفِرَاشُ ثَابِتٌ يَلْحَقُهُ.
وَإِنْ ادَّعَتْ أَنْ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَتُعْطَى الْمِيرَاثَ وَالْبَيِّنَةُ أَنَّهُ زَوْجُهَا بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَيَأْتِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ1 لَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَمُرَادُهُ هُنَا إمَّا لِأَنَّ الْمَهْرَ فَوْقَ مَهْرِ2 الْمِثْلِ أَوْ رِوَايَةٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ أَوْ احْتِيَاطًا لِنَفْيِ الِاحْتِمَالِ.
وَفِي بَيْعٍ ونحوه خلاف كدعواه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَفِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ خِلَافٌ كَدَعْوَاهُ انْتَهَى.
يَعْنِي هَلْ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ ذِكْرُ شُرُوطٍ وَطَعَامٍ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ3: اعْتَبَرَ ذِكْرَ شُرُوطِهِ فِي الْأَصَحِّ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا ذِكْرُ الشُّرُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. فَفِي هَذَا الْبَابِ مسألة واحدة.
__________
1 ص 380.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ص 170.(11/321)
فَإِنَّ مَا1 صَحَّتْ الدَّعْوَى بِهِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وَبِالْعَكْسِ نَقَلَ مُثَنَّى فِيمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِأَخٍ لَهُ بِسَهْمَيْنِ مِنْ هَذَا الدَّارِ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا وَلَمْ يحدها فيشهد2 كَمَا سَمِعَ أَوْ يَتَعَرَّفُ حَدَّهَا؟ فَرَأَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حُدُودِهَا فَيَتَعَرَّفَهَا وَقَالَ شَيْخُنَا: الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَعْيِينِ مَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ قُبِلَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَأَنَّ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا الْمُعَيَّنَ هُوَ الْمُسَمَّى وَالْمَوْصُوفُ أَوْ الْمَحْدُودُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَيُذْكَرُ لِرِضَاعٍ وَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَقَذْفٍ وَنَجَاسَةِ مَاءٍ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: وَإِكْرَاهُ مَا يُعْتَبَرُ وَيَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ وَكَذَا الزِّنَا وَقِيلَ: لَا زَمَانُهُ وَمَكَانُهُ وَالْمَزْنِيُّ بِهَا وَتُقْبَلُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ وَقِيلَ: لَا.
وَإِنْ قَالَ شَاهِدُ قَتْلٍ: جَرَحَهُ فَمَاتَ فَلَغْوٌ وَعَكْسُهُ: فَقَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مِنْهُ وَنَحْوُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْجُرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِنَجَاسَةِ مَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُبَيِّنَا السَّبَبَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا يُنَجِّسُهُ كَذَا قَالَ: فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَقَدْ يُتَوَجَّهُ أَيْضًا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعُقُودِ احْتَجَّ فِي الواضح بشهادتهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر" وفي "ر": "أما".
2 في "ط": "يشهد".(11/322)
بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ عَلَى اعْتِبَارِ التَّفْسِيرِ لِلْجُرْحِ وَمَنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ غَيْرِهِ بِحَقٍّ فَقِيلَ: يُعْتَبَرُ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَالْأَصَحُّ: لَا كَاسْتِحْقَاقِ مَالٍ وَإِنْ شَهِدَ بِسَبَبٍ يُوجِبُهُ أَوْ اسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ شَهِدَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيمَنْ ادَّعَى إرْثًا لَا يُحْوِجُ فِي دَعْوَاهُ إلَى بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي يَرِثُ بِهِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي الْإِرْثَ مُطْلَقًا لِأَنَّ أَدْنَى حَالَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/323)
أَنْ يَرِثَهُ بِالرَّحِمِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِنَا فَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدَتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا حَكَمَ لَهُ.
وَإِنْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ أَوْ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ وَقِيلَ: أَوْ الْبَيْضَةَ مِنْ طَيْرِهِ حَكَمَ لَهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ غَيْرَهُ حَكَمَ لَهُ وَقِيلَ: يَجِبُ الِاسْتِكْشَافُ مَعَ فَقْدِ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ فَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي بِمَوْتِهِ وَلْيَحْضُرْ وَارِثُهُ فَإِذَا ظَنَّ لَا وَارِثَ لَهُ سَلَّمَهُ وَقِيلَ: بِكَفِيلٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ يُكْمِلُ لِذِي الْفَرْضِ فَرْضَهُ وَعَلَى الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ يَأْخُذُ الْيَقِينَ وَهُوَ رُبُعُ ثُمُنٍ لِلزَّوْجَةِ عَائِلًا وَسُدُسٌ لِلْأُمِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/324)
عَائِلًا مِنْ كُلِّ ذِي فَرْضٍ لَا حَجْبَ فِيهِ وَلَا يَقِينَ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَالَا1 لَا نَعْلَمُ غَيْرَهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَكَذَلِكَ ثُمَّ إنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي الْوَفَاءِ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
وَقِيلَ: إنْ كَانَ سَافَرَ كَشَفَ خَبَرَهُ وَمَكَانَ سَفَرِهِ وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ شَهِدَا بِإِرْثِهِ فَقَطْ أَخَذَهَا بِكَفِيلٍ وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي2 فِي كَفِيلٍ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَجْهَانِ وَاسْتِكْشَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَبَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا تَنَافِي ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي3 قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إثْبَاتٍ لَا وَارِثَ سِوَاهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ ظَاهِرًا فَإِنَّ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْلَمُهُ جَارُهُ وَمَنْ يَعْرِفُ بَاطِنَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِوَاهُ لِخَفَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعَ عَلَى يَقِينِ انْتِفَائِهَا، وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِعْسَارُ وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ تثبت ما يظهر ويشاهد بخلاف شهادتهما4 لا حق له عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "قال".
2 14/315.
3 14/300- 301.
4 في "ر" و"ط": "شهادتها".(11/325)
وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا إذَا كَانَ النَّفْيُ مَحْصُورًا كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ1 وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَخْبَارُ الصَّلَاةِ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ مُثْبَتَةٌ وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَأَخْبَارُكُمْ نَافِيَةٌ وَفِيهَا نقصان والمثبت أولى فقال: الزيادة هنا2 مَعَ النَّافِي لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَوْتَى الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَلِهَذَا نَقُولُ: إنَّ مَنْ قَالَ صَحِبْت فُلَانًا فِي يَوْمِ كَذَا فَلَمْ يَقْذِفْ فُلَانًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ فِي الْإِثْبَاتِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِيَدِهِ كَمَا لَا تُسْمَعُ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ يُنْكِرُهُ فَقِيلَ لَهُ: لَا سَبِيلَ لِلشَّاهِدِ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ: لَهُمَا سَبِيلٌ وَهُوَ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ فَأَنْكَرَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ سَبِيلًا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِأَنْ يُشَاهِدَهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ: لَا سَبِيلَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنْ يُلَازِمَهُ الشَّاهِدُ مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى فَيُعْلَمُ انْتِفَاءُ سَبَبِ اللُّزُومِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَهُوَ مُحَالٌ.
وَفِي الْوَاضِحِ: الْعَدَالَةُ بِجَمْعِ كُلِّ فَرْضٍ وَتَرْكِ كُلِّ مَحْظُورٍ وَمَنْ يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا والترك نفي والشهادة بالنفي لا تصح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه البخاري 675، ومسلم 355، 93.
2 بعدها في "ر" و"ط": "هاهنا".(11/326)
وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَبْطَلَ مِنْ وَصَايَاهُ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا لَمْ تُقْبَلْ وَقِيلَ: بَلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ. وَفِيهَا فِي التَّرْغِيبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُقْرَعُ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَهَلْ يَشْهَدُ عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَيَشْهَدُ بِهِ؟ يُتَوَجَّهُ دُخُولُهَا فِيمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَفِي التَّعْلِيقِ: يَشْهَدُ وَفِي الْمُغْنِي1: لَوْ رَهَنَ الرَّهْنَ بِحَقٍّ ثَانٍ كَانَ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ. فَإِنْ اعْتَقَدَ إفْسَادَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَا بِكَيْفِيَّةِ الْحَالِ فَقَطْ وَمَنَعَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا عَلِمَهُ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ أَوْ تَفْضِيلِهِ وَذَكَرَهُ فِيهِ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ لَمْ يَشْهَدُوا لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. قِيلَ: فَإِنْ شَهِدُوا; عَلَيْهِمْ شَيْءٌ؟ قَالَ: أَعْفِنِي وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَهُ أَنْ لَا يَشْهَدُ إذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا وَعَرَفَ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ بَشِيرٍ2 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ وَهُوَ الْقَاضِي وَالْحُكْمُ إلَيْهِ. وَفِيهِ أن الحاكم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 6/467.
2 يعني: حديث النعمان بن بشير حين نحل ابنه نحلا، وأشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، أخرجه البخاري 2586، ومسلم 1623، 9.(11/327)
إذَا جَاءَهُ مِثْلُ هَذَا رَدَّهُ وَيُتَوَجَّهُ: يُكْرَهُ مَا ظَنَّ فَسَادَهُ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحْرُمُ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي مَحْفِلٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ قُبِلَ وَلَوْ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَشَهِدَا عَلَى الْخَطِيبِ أَنَّهُ قَالَ أَوْ فَعَلَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ شَيْئًا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا قُبِلَ مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي سَمْعٍ وَبَصَرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ مَعَ مُشَارَكَةِ خَلْقٍ رد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 4/418.(11/328)
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا يَمْنَعُ قبولها
مدخل
...
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا
الْمَذْهَبُ أَنَّهَا سِتَّةٌ: الْعَقْلُ وَالْحِفْظُ وَالْعَدَالَةُ وَالْإِسْلَامُ وَالنُّطْقُ وَالْبُلُوغُ.
فَلَا شَهَادَةَ لِمَجْنُونِ وَمَعْتُوهٍ وَمُغَفَّلٍ وَمَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وَسَهْوٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَنِسْيَانٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ إلَّا فِي أَمْرٍ جَلِيٍّ يَكْشِفُهُ الْحَاكِمُ وَيُرَاجِعُهُ فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ تَثَبُّتَهُ وَأَنَّهُ لَا سَهْوَ وَلَا غَلَطَ فِيهِ وَغَيْرُ عَدْلٍ وَلَوْ ضَرُورَةً فِي سَفَرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ حَفِيدُهُ: وَلَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِي شَهَادَةِ1 فَاسِقٍ بَلْ كَافِرٍ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا عَلَى ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَلِهَذَا لَا وِلَايَةَ لَهُ كَالْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ. وَتُقْبَلُ فِي إفَاقَةٍ مِمَّنْ يخنق أحيانا نص عليه.
وَيُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ أَمْرَانِ: صَلَاحُ دِينِهِ بِأَدَاءِ الْفَرِيضَةِ زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: بِسُنَنِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّبْصِرَةُ وَالتَّرْغِيبُ: وَالسُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ رَجُلٌ سُوءٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْوَتْرُ سُنَّةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِهِ فَهُوَ رَجُلُ سَوْءٍ وَأَثَّمَهُ الْقَاضِي وَمُرَادُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ تَرْكِ فَرْضٍ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِسَنَةٍ كَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَكِنْ ذَكَرَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ أَثِمَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيمَنْ تَرَكَ الوتر: رجل سوء،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "شاهد".(11/329)
مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ سُنَّةٌ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَحْتَجَّ لَهُ وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ "مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/330)
انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا" 1. مَعْنَاهُ مَنْ انْتَقَصَ مِنْ مَسْنُونَاتِهَا الرَّاتِبَةِ مَعَهَا لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَيْهَا وَتَبَعًا لَهَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَالَ فِي مَسْأَلَةَ الْوَتْرِ عَنْ قَوْلِ أَحْمَدَ فِيمَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا: رَجُلُ سَوْءٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ لَا شَهَادَةَ لَهُ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَنْ تَرَكَهُ طُولَ عُمْرِهِ أَوْ أَكْثَرَهُ فَإِنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذَا دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا لِأَنَّهُ بِالْمُدَاوَمَةِ يَحْصُلُ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" 2. وَلِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 جزء من حديث رواه أبو داود 1420، والنسائي في "المجتبى" 1/230، عن عبادة بن الصامت بمعناه.
2 هذا جزء من حديث رواه البخاري 5063، ومسلم 1401، 5، عن أنس.(11/331)
بِالْمُدَاوَمَةِ تَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سَنَةً وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُشْرِكِينَ لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا" 1. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ2 فِي أَنَّهُ يُكَثِّرُ جَمْعَهُمْ وَيَقْصِدُ نَصْرَهُمْ وَيَرْغَبُ فِي دِينِهِمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ خَرَجَ عَلَى هَذَا وَكَذَا فِي الْفُصُولِ: الْإِدْمَانُ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ. وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَكَمَ بِفِسْقِهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: مَنْ تَرَكَ الْوَتْرَ لَيْسَ عَدْلًا وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا عَمِلْتَ الْخَيْرَ زَادَ وَإِذَا ضَيَّعْتَ3 نَقَصَ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَنْ تَرَكَ النَّوَافِلَ الَّتِي لَيْسَتْ رَاتِبَةً مَعَ الْفَرَائِضِ لَا تَصِفُهُ بِنُقْصَانِ الْإِيمَانِ.
وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْتِ بِهَا إلَّا إذَا صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ وَبِدُونِهَا لَا تَكُونُ سُنَّةً وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِحَالٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كالواجبة كذا قالوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 رواه أبو داود 2645، والترمذي 1604، عن جرير بن عبد الله وجاء في الأصل: "نارها"، وفي "ر"، "نارهم"، والتصويب من مصادر التخريج.
2 في الأصل: "منهم".
3 في النسخ الخطية: "نارهما"، والتصويب من مصادر التخريج.(11/332)
وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً قِيلَ: وَلَا يُدْمِنُ وَقِيلَ: وَلَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ: ثَلَاثًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: بِأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْهَا وَلَا يُصِرَّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا م 1.
وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ1.
وَعَنْهُ: تُرَدُّ بِكَذَبَةٍ2 وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي3 وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وَقَاسَ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ وَهُوَ الْخَبَرُ أَخَذَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنْهَا أَنَّهُ كَبِيرَةٌ كَشَهَادَتِهِ بِالزُّورِ أَوْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً قِيلَ: وَلَا يُدْمِنُ وَقِيلَ: وَلَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ: ثَلَاثًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: بِأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْهَا وَلَا يُصِرَّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا. انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنْ لَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ مِنْهُ صَغِيرَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ لَا يتكرر منه صغيرة ثلاثا قطع به في5 آداب المفتي.
__________
1 لم نجد عند الترمذي، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" 7267، عن ابن عباس موقوفا، وأورده العجلوني في "كشف الخفاء" 2/490، وعزاه إلى أبي الشيخ والديلمي. اهـ.
2 في "ر": "بكذبه".
3 14/152.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/336.
5 ليست في "ط".(11/333)
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَيُعْرَفُ الْكَذَّابُ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ نقله عبد الله.
وَيَجِبُ الْكَذِبُ إنْ تَخَلَّصَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ الْقَتْلِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا.
وَيُبَاحُ لِإِصْلَاحٍ وَحَرْبٍ وَزَوْجَةٍ لِلْخَبَرِ1. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ وَهُوَ التَّوْرِيَةُ فِي ظَاهِرِ نقل حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مُطْلَقًا م 2.
وَمَنْ جَاءَهُ طَعَامٌ فَقَالَ لَا آكُلُهُ ثُمَّ أَكَلَ فَكَذِبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يفعل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّوْرِيَةُ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقا انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُبَاحُ الْكَذِبُ فِي مَوَاضِعِهِ فَهَلْ هُوَ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ مَهْمَا أَمْكَنَ الْمَعَارِيضُ حَرُمَ الْكَذِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ بِهِ آخَرُونَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إذَنْ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ الْجَوَازُ وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَعَارِيضُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادٌ انْتَهَى.
"2وَنَصَرَ فِي مَوْضِعٍ آخر ظاهر كلام الأصحاب والأحاديث2".
__________
1 سيأتي تخريجه في الحاشية.
2 ليست في "ح".(11/334)
نَقَلَهُ الْمَرْوَزِيُّ.
وَمَنْ كَتَبَ لِغَيْرِهِ كِتَابًا فَأَمْلَى عَلَيْهِ كَذِبًا لَمْ يَكْتُبْهُ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَقَدْ يَقَعُ الْفِسْقُ بِكُلِّ مَا فِيهِ ارْتِكَابٌ لِنَهْيٍ وَإِنْ خَلَا عَنْ حَدٍّ أَوْ وَعِيدٍ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُفَسِّقْهُ بِشُرْبِ مُسْكِرٍ لِلْخِلَافِ وَلَا بِكَذِبَةٍ أَوْ تَدْلِيسٍ فِي بَيْعٍ وَغِشٍّ فِي تِجَارَةٍ. وَظَاهِرُ الْكَافِي1: الْعَدْلُ مَنْ رَجَحَ خَيْرُهُ وَلَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً لِأَنَّ الصَّغَائِرَ تَقَعُ مُكَفِّرَةً أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا تَجْتَمِعُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَقُلْنَا بِهِ وَظَاهِرُ الْعُدَّةِ لِلْقَاضِي: وَلَوْ أتى كبيرة قال شيخنا: صرح2 به في قياس الشبه واحتج فِي الْكَافِي3 وَالْعُدَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} الآية [الأعراف: 8] .
وَعَنْهُ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا: إنْ أَكْثَرَ لَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ وَفِي الْمُغْنِي4: إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ رُدَّتْ. وَعَنْهُ فِيمَنْ وَرِثَ مَا أَخَذَهُ مَوْرُوثُهُ مِنْ الطَّرِيقِ: هَذَا أَهْوَنُ لَيْسَ هُوَ أَخْرَجَهُ وَأَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا: لَا يَكُونُ عَدْلًا حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 6/195- 196.
2 في "ط": "خرج".
3 6/196.
4 14/151.(11/335)
وَهِيَ مَا فِيهِ حَدٌّ أَوْ وَعِيدٌ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعِنْدَ شَيْخِنَا: أَوْ غَضَبٌ أَوْ لَعْنَةٌ أَوْ نَفْيُ الْإِيمَانِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ نَفْيُ الْإِيمَانِ لِأَمْرٍ1 مُسْتَحَبٍّ بَلْ لِكَمَالٍ وَاجِبٍ. قَالَ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ كَلَامَ أَحْمَدَ إلَّا عَلَى مَعْنًى يُبَيِّنُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ لَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فِي كَلَامِهِ كُلُّ أَحَدٍ.
قَالَ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا" 2، "وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا " 3. وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْت: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد4.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: إنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ مُخْرِجٌ إلَى الْفِسْقِ قَالَ: وَمُرَادُهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ مَا أُمِرْنَا بِهِ أَوْ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِنَا أَوْ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِنَا: وَذُكِرَ أَيْضًا مَا مَعْنَاهُ: مُرَادُهُ أَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ لَفْظُ الْكُفْرِ أَوْ الشِّرْكِ لِلتَّغْلِيظِ وَأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَعَنْهُ الْوَقْفُ فَلَا نَقُولُ بِكُفْرٍ نَاقِلٍ عَنْ الْمِلَّةِ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ أَخْبَارٌ بِلَفْظٍ آخَرَ كَقَوْلِ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بالأمانة" 5. وسأله علي بن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "لأمن".
2 رواه مسلم 101، 164، عن أبي هريرة.
3 رواه البخاري 6874، ومسلم 98، 161، عن ابن عمر.
4 "المسند" 13340، وأبو داود 4878.
5 رواه أبو داود 3252، عن بريدة.(11/336)
سَعِيدٍ1 عَنْ قَوْلِهِ: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا". قَالَ: لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَا أُكَفِّرُ أَحَدًا إلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ.
قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارٍ كَذِبٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ أَوْ تَكَرَّرَ نَظَرُهُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْقُعُودِ لَهُ بِلَا حَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ قَدْحٌ فِي عَدَالَتِهِ قَالَ: وَلَا يَسْتَرِيبُ أَحَدٌ فِيمَنْ صَلَّى مُحْدِثًا أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ بِلَا قِرَاءَةٍ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ.
وَفِي الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ مِنْ الصَّغَائِرِ. وَفِي مُعْتَمَدِ الْقَاضِي: مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةِ أَقَلُّ وَلَا يُعْلَمَانِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ تَكَرَّرَتْ الصَّغَائِرُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: تَجْتَمِعُ وَتَكُونُ كَبِيرَةً. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا تَجْتَمِعُ وَهُوَ يُشْبِهُ مَقَالَةَ الْمُعْتَزِلَةِ إذْ قَوْلُهُمْ لَا يَجْتَمِعُ مَا لَيْسَ بِكَبِيرٍ فَيَكُونُ كَبِيرًا كَمَا لَمْ يَجْتَمِعْ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَيَكُونُ كُفْرًا.
وَعَنْهُ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ.
وَمَنْ قَلَّدَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَفْيِ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهِمَا فُسِّقَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الواضح ويتخرج من2 شَهَادَةِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ مَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِهَا لِمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ وَعَنْهُ: يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدٍ وَعَنْهُ فِيهِ: لَا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي رِسَالَتِهِ إلى صاحب التخليص؛. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 هو علي بن سعيد بن جرير النسوي، صاحب حديث، روى عن أحمد مسائل، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان متقنا من جلساء أحمد بن حنبل، تـ 257هـ "تسهيل السابلة" 1/283.
2 بعدها في "ط": "قبول".(11/337)
لِقَوْلِ أَحْمَدَ لِلْمُعْتَصَمِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فِيمَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كُنْت لَا أُكَفِّرُهُ حَتَّى قَرَأَتْ قَوْله تَعَالَى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَغَيْرَهَا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَمْ لَا كَفَرَ.
وَفِي الْفُصُولِ فِي الْكَفَاءَةِ فِي جَهْمِيَّةٍ وَوَاقِفِيَّةٍ وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضَةٍ: إنْ نَاظَرَ وَدَعَا كَفَرَ وَإِلَّا لَمْ يَفْسُقْ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ: يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدَعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مَعَ جَهْلِهِمْ قَالَ: وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ أَحْمَدَ تَرَامَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ فِي الْأُصُولِ كَالْمِعْرَاجِ يَقَظَةً أَمْ مَنَامًا وَهَلْ الْأَعْمَالُ مِنْ الْإِيمَانِ؟ وَالْأَخْبَارُ هَلْ تَتَأَوَّلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوْلَى إنْ كَانَتْ بَاطِلَةً لَمْ يَسْلَمْ وَلَمْ يَعْدِلْ بِالثَّانِيَةِ.
وَلَا يُفَسَّقُ الْأَصْحَابُ وَلَيْسَ فِي الدِّينِ مُحَابَاةٌ وَإِنْ كَفَّرْتُمْ السَّلَفَ بِالِاخْتِلَافِ تَأَسَّيْنَا بِهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّ قَدَرِيَّةَ أَهْلِ الْأَثَرِ كَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَالْأَصَمِّ مُبْتَدِعَةٌ وَفِي شَهَادَتِهِمْ وَجْهَانِ وَأَنَّ الْأَوْلَى لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا فِيهِ الْفِسْقُ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ أَقْدَمُوا عَلَى تَكْفِيرِ الْمُتَأَوِّلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِالْكُفْرِ عَلَى مَنْ خَالَفَ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ حَالُهُ تَأْوِيلًا وَأَقْبَحُ حَالًا مِنْ هؤلاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/338)
الْمُكَفِّرِينَ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ كَفَّرُوا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَقِيدَةَ بِأَدِلَّتِهَا الْمُحَرَّرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ فَإِنَّهَا حَكَمَتْ بِإِسْلَامِ أَجْلَافِ الْعَرَبِ وَالْجُهَّالِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَجَزَمَ فِي الْفُنُونِ فِي مَكَان بِأَنَّ الْإِسْرَاءَ يَقَظَةً كَقَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ نَفْسَهُ إلَّا عِنْدَ كَبِيرَةٍ وَالْعَبْدُ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْمَسَافَةِ فِي الْمَنَامِ وَلِأَنَّ الْمَنَامَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلَوْ كَانَ مَنَامًا لَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي خَبَرِ غَيْرِ1 الدَّاعِيَةِ رِوَايَاتٍ: الثَّالِثَةُ إنْ كَانَتْ مُفَسِّقَةً قُبِلَ. وَإِنْ كَانَتْ مُكَفِّرَةً رُدَّ وسبقت المسألة في البغاة2 واختار شيخنا:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر".
2 10/170.(11/339)
لَا يُفَسَّقُ أَحَدٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ فِي الْمُقَلِّدِ كَالْفُرُوعِ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا تَصِحُّ وَإِنْ نَهَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ لِعِلَّةِ الْهَجْرِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ الْخَلَّالُ عَنْ قَوْمٍ لِنَهْيِ الْمَرُّوذِيِّ ثُمَّ رَوَى عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ: وَجَعَلَ الْقَاضِي الدُّعَاءَ إلَى الْبِدْعَةِ قِسْمًا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي مُطْلَقِ الْعَدَالَةِ وَالْبِدْعَةِ الْمُفَسِّقَةِ وَعَنْهُ: الدَّاعِيَةُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدِهِمْ أَوْ لَمْ يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أَوْ غَسْلَ الرِّجْلِ وَعَنْهُ: لَا يَفْسُقُ مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَفِيمَنْ رَأَى الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ التَّسْوِيَةُ نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا لَا عِلْمَ لَهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يَفْسُقُ الْمُقَلِّدُ فِيهَا لِخِفَّتِهَا مِثْلُ مَنْ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَيَقِفُ عَنْ تَكْفِيرِ مَنْ كَفَّرْنَاهُ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ هَانِئٍ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلَ الْمَرُّوذِيِّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ قَوْمًا يُكَفِّرُونَ مَنْ لَا يُكَفِّرُ فَأَنْكَرَهُ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: مَنْ يَجْتَرِئُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ كَافِرٌ؟ يَعْنِي مَنْ لَا يَكْفُرُ وَهُوَ يَقُولُ: الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ أو يسب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/340)
الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ قَالَ: وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ بِنَفْيِ خَلْقِ الْمَعَاصِي عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَهُ فِي الْخَوَارِجِ كَلَامٌ يَقْتَضِي فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَيْنِ.
نَقَلَ حَرْبٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَلَا شَهَادَةُ قَاذِفِ حَدٍّ أَوْ لَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرَةَ: إنْ تُبْت قُبِلَتْ شَهَادَتُك. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ1 وَاحْتَجُّوا بِهِ مَعَ اتِّفَاقٍ لِلنَّاسِ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَعَ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ لِعَدَمِ تَوْبَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْآيَةَ إنْ تَنَاوَلَتْهُ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِفِسْقِهِ وَإِلَّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَرِوَايَتِهِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَيُتَوَجَّهُ تَخَرُّجُ رِوَايَةِ: بَقَاءِ عَدَالَتِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ.
وَفِي الْعُدَّةِ لِلْقَاضِي: فَأَمَّا أَبُو بَكْرَةَ وَمَنْ جُلِدَ مَعَهُ فَلَا يُرَدُّ خَبَرُهُمْ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا مَجِيءَ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْقَذْفِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ وَيُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَتَوْبَتُهُ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِكَذِبِهِ حُكْمًا.
وَقَالَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ: إنْ كان شهادة قال: القذف حرام باطل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نجد عند أحمد وقد أورده البخاري تعليقا قبل حديث 2648.(11/341)
"1ندمت عليه1" وَلَنْ أَعُودَ إلَى مَا قُلْت وَجَزَمَ فِي الْكَافِي2 أَنَّ الصَّادِقَ يَقُولُ قَذْفِي لِفُلَانٍ بَاطِلٌ نَدِمْتُ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ بِتَوْبَتِهِ لِحُصُولِ الْمَغْفِرَةِ بِهَا وَهِيَ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ أَنْ لَا يَعُودَ وَقِيلَ: مَعَ قَوْلِ إنِّي تَائِبٌ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ: مُجَانَبَةُ قَرِينَةٍ فِيهِ وَعَنْهُ: مَعَ صَلَاحِ الْعَمَلِ سَنَةً وَقِيلَ فِيمَنْ فِسْقُهُ بِفِعْلٍ وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً وَعَنْهُ فِي مُبْتَدِعٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ لِتَأْجِيلِ عُمَرَ صَبِيغًا سنة3، وَقِيلَ فِي فَاسِقٍ وَقَاذِفٍ مُدَّةً يُعْلَمُ حَالُهُمَا.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: يَجِيءُ عَلَى مَقَالَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صالحة لظاهر الآية {إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: 60] ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ" 4.
قَالَ: وَإِنْ عَلَّقَ تَوْبَتَهُ بِشَرْطٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ تَائِبٍ حَالًا وَلَا عِنْدَ وُجُودِهِ وَيُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلِمَةِ وَأَنْ يَسْتَحِلَّهُ أَوْ يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ وَمُبَادَرَتُهُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلِمَةِ أَوْ بَدَلِهَا أَوْ نِيَّةُ الرَّدِّ مَتَى قَدَرَ وَعَنْهُ: لا تقبل توبة مبتدع اختاره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر" و"ط".
2 6/212.
3 أخرجه الدارمي في "سننه" في المقدمة 1/51.
4 أخرجه البخاري 6921، ومسلم 190، 120، عن ابن مسعود.(11/342)
أَبُو إِسْحَاقَ.
وَمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا كَمُتَأَوِّلٍ وَفِيهِ فِي الْإِرْشَادِ1: إلَّا أَنْ يُجِيزَ رِبَا الْفَضْلِ أَوْ يَرَى الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ لِتَحْرِيمِهَا الْآنَ وَذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا مِمَّا خَالَفَ النَّصَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَنْقُضُ فِيهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَقَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دُخُولِ الْفُقَهَاءِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ. فَأَدْخَلَهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَخْرَجَهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَهُ مِنْ الزِّنَا أَوْ أُمَّ مَنْ زَنَى بِهَا احْتِمَالٌ: تُرَدُّ وَعَنْهُ: يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ لَمْ يَسْكَرْ مِنْ نَبِيذٍ اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْمُبْهِجِ كَحَدِّهِ لِأَنَّهُ3 يَدْعُو إلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ بِأَنَّهُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى فَاعِلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ كَذِمِّيٍّ شَرِبَ خَمْرًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوجَزِ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ شَيْخِنَا. نَقَلَ مُهَنَّا: مَنْ أَرَادَ شُرْبَهُ يَتَّبِعُ فِيهِ مَنْ شَرِبَهُ فَلْيُشْرِبْهُ وَحَدَّهُ. وَعَنْهُ: أُجِيزَ شَهَادَتُهُ وَلَا أَصْلِي خَلْفَهُ "4وَأَحَده4" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمُسْتَحِلُّ لِشُرْبِ الْخَمْرِ بِعَيْنِهَا مُقِيمًا عَلَى ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالٍ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ لَهُ وَلَا نَازِعًا عَنْهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَالْقَتْلُ مِثْلُ الْخَمْرَةِ بِعَيْنِهَا وَمَا أَشْبَهَهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نجده في مظانّه.
2 ص 476.
3 في "ر": "لا".
4 ليست في "ر".(11/343)
وَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ بِلَا اسْتِحْلَالٍ وَلَا رَدٍّ لِكِتَابِ اللَّهِ حُدَّ فَلَوْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ فَيُتَوَجَّهُ فِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه واحتج الشَّيْخُ بِهَذَا عَلَى حَدِّ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَأَنَّ بِهَذَا فَارَقَ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ وَهِيَ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمُسْكِرُ خَمْرٌ وَلَيْسَ يَقُومُ مَقَامَ الْخَمْرَةِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلًّا قُتِلَ. وَإِنْ لَمْ يُجَاهِرْ وَلَمْ يُعْلِنْ وَلَمْ يَسْتَحِلَّهَا حُدَّ وَيُضَعَّفُ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَشْهَرِ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ وَبَقَاءِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ أَضْيَقَ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ أَوْسَعُ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحَدِّ التَّحْرِيمُ فَيَفْسُقُ بِهِ أَوْ إنْ تَكَرَّرَ وَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَعَدَمُ الْحَدِّ أَوْلَى.
وَعَنْهُ: مَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا كَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْمَرُّوذِيُّ وَقِيَاسُ الْأَوِّلَةِ مَنْ لَعِبَ بِشِطْرَنْجٍ وَيَسْمَعُ غِنَاءً بِلَا آلَةٍ قَالَهُ فِي الْوَسِيلَةِ لَا بِاعْتِقَادِ إبَاحَتِهِ.
وَمَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ فَنَصُّهُ: يَفْسُقُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ بِلَا اسْتِحْلَالٍ وَلَا رَدٍّ لِكِتَابِ اللَّهِ حُدَّ فَلَوْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ فَيُتَوَجَّهُ فِي حَدِّ رِوَايَتَا مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ انْتَهَى.
قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَكَذَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ على هذا التوجيه.(11/344)
وَقَالَ شَيْخُنَا: كَرِهَهُ الْعُلَمَاءُ وَذَكَرَ الْقَاضِي غَيْرَ متأول أو مقلد ويتوجه أيضا تخريج ممن تَرَكَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يُعِيدُ فِي رِوَايَةٍ وَيُتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يُنْقَضْ فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَقِيلَ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرَاوِيَتَانِ م3.
وَأَمَّا لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ والشافعي وعدمه أشهر م4.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ فَنَصَّهُ: يَفْسُقُ وَذَكَرَ الْقَاضِي: غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ أَوْ مقلد ويتوجه أيضا تخريج ممن ترك شرطا أَوْ رُكْنًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يُعِيدُ فِي رِوَايَةٍ وَيُتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يَنْقُصْ فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَقِيلَ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى.
الْمَنْصُوصُ وَهُوَ كَوْنُهُ يَفْسُقُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَلِقُوَّةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا يَفْسُقُ الْجَاهِلُ وَلَا الْعَالِمُ مَعَ قُوَّةِ الدَّلِيلِ وَمَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فِي فِسْقِهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي فِسْقِ مَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ قَوِيَ دَلِيلٌ أَوْ كَانَ عَامِّيًّا فَلَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَذَا قَالَ: فَرَدَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي أُصُولِهِ.
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَأَمَّا لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ..... وَعَدَمُهُ أَشْهُرُ. انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يُوجِبُونَ ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي(11/345)
وفي لزوم طَاعَةُ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: جَوَازُهُ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ: وَمَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا قَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمُ وَأَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: فِي هَذِهِ الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ أَيْضًا: بَلْ يَجِبُ وَأَنَّ أَحْمَدَ نص عليه.
الثَّانِي: الْمُرُوءَةُ بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكِ ما يدنسه ويشينه عادة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى يَلْزَمُ كُلَّ مُقَلِّدٍ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ: فِي الْأَشْهَرِ فَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَ أَهْلِهِ وَقِيلَ: بَلَى وَقِيلَ: ضَرُورَةٌ فَإِنْ الْتَزَمَ بِمَا يُفْتَى بِهِ أَوْ عَمِلَ أَوْ ظَنَّهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَجِدْ مُفْتِيًا آخَرَ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ: وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعُ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَقَالَ: عَدَمُ اللُّزُومِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَيُخَيَّرُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عَدَمُ اللُّزُومِ انْتَهَى. وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ مَنْعَ الِانْتِقَالِ فِيمَا عَمِلَ بِهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: يَجْتَهِدُ فِي أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ فَيَتَّبِعُهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَهُوَ الصَّوَابُ.(11/346)
فَلَا شَهَادَةَ لِمُصَافَعٍ1 وَمُتَمَسْخِرٍ وَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ وَمُغَنٍّ وَرَقَّاصٍ وَمُشَعْبِذٍ وَلَاعِبٍ بِشِطْرَنْجِ وَذَكَرَ فِيهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَلَوْ مُقَلِّدًا أَوْ نَرْدٍ وَحَمَامٍ أَوْ يَسْتَرْعِيه مِنْ الْمَزَارِعِ نَقَلَهُ بَكْرٌ.
وَكُلُّ لَعِبٍ فِيهِ دَنَاءَةٌ وَأُرْجُوحَةٌ وَأَحْجَارٌ ثَقِيلَةٌ وَأَكْلٍ فِي سُوقٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ وَدَاخِلَ حَمَّامٍ بِلَا مِئْزَرٍ وَمَادٍّ رِجْلَيْهِ بِمَجْمَعِ النَّاسِ وَكَشْفِهِ مِنْ بَدَنِهِ مَا الْعَادَةُ تَغْطِيَتُهُ وَنَوْمِهِ بَيْنَ جُلُوسٍ وَخُرُوجِهِ عَنْ مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ وَمُتَحَدِّثٍ بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ وَمُخَاطَبَتِهَا بِخِطَابٍ فَاحِشٍ بَيْنَ النَّاسِ وَحَاكِي الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ; وَالْقَهْقَهَةُ وَأَنَّ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَالنَّزَاهَةِ عَدَمَ2 الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فَإِنْ جَلَسَ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ حَقِّهِ: غض البصر3 وَإِرْشَادُ الضَّالِّ وَرَدُّ السَّلَامِ وَجَمْعُ اللُّقَطَةِ لِلتَّعْرِيفِ وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكِرٍ.
قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِضَحِكٍ وَقَهْقَهَةٍ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ وَقَالَ: وَمَضْغُ الْعَلْكِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَإِزَالَةُ دَرَنِهِ بِحَضْرَةِ نَاسٍ وَكَلَامُهُ بِمَوْضِعٍ قَذِرٍ كَحَمَّامٍ وَخَلَاءٍ وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّهُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَالْمُصَارِعُ وَبَوْلُهُ فِي شَارِعٍ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: وَمَنْ بَنَى حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ "4بِمَا يحرم4".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 هو الذي يصفع الناس ويمكنهم من صفعه، انظر: "لسان العرب": "صفع".
2 ليست في الأصل.
3 في "ر"، و"ط": "الطرف".
4 ليست في الأصل.(11/347)
وَفِي الرِّعَايَةِ: وَدَوَامُ اللَّعِبِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ أَوْ اخْتَفَى بِمَا يَحْرُمُ مِنْهُ قُبِلَتْ وَيَحْرُمُ شِطْرَنْجٌ فِي الْمَنْصُوصِ كَمَعَ عِوَضٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا1 وَكَنَرْدٍ وِفَاقًا لِلَّائِمَةِ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا هُوَ شَرٌّ مِنْ نَرْدٍ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى لَاعِبٍ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَرِهَ أَحْمَدُ اللَّعِبَ بِحَمَامٍ وَيَحْرُمُ لِيَصِيدَ بِهِ حَمَامَ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ باستدامته وجهان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ يَعْنِي إذَا مَلَكَ الْحَمَامَ لِلْأُنْسِ بِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ وَالصَّوَابُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُرَدُّ بِاِتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وغيره وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ فِي قِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ إطْلَاقُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ أَحْمَد كَرِهَ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَبْعًا: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحِ إنْ لَمْ
__________
1 قوله: "إجماعا" عائد إلى ما دخل تحت الكاف وما عطف عليه؛ لأن الشرنج على حياله مختلف فيه.
2 14/494.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/359.
4 14/167.(11/348)
وَكَرِهَ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ: بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَبْعَ الرَّجُلِ كَأَبِي مُوسَى1 وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَوْ يُحَسِّنُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يَحْرُمُ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يُكْرَهُ وَقِيلَ: لَا وَلَمْ يُفَرِّقْ.
وَيُكْرَهُ غِنَاءٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَحْرُمُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ فِي الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةً لِلصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تقرأ بالألحان وذكر القاضي عياض الْإِجْمَاعَ عَلَى كُفْرِ مَنْ اسْتَحَلَّهُ وَقِيلَ: يُبَاحُ وَكَذَا اسْتِمَاعُهُ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: يَحْرُمُ مَعَ آلَةِ لَهْوٍ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَكَذَا قَالُوا هُمْ وَابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ الْمُغَنِّي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ: أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ بِلَا غِنَاءٍ فَلَمْ يَكْرَهْهُ. وَيُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ "2وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ2".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يُفْرِطْ فِي التَّمْطِيطِ وَالْمَدِّ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُكْرَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَدَّاهُ وَإِنْ أَسْرَفَ فِي الْمَدِّ وَالتَّمْطِيطِ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ كُرِهَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ كان يحرمه. انتهى.
__________
1 أخرجه البخاري 5048، ومسلم 793، 235، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي موسى: "يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود".
2 ليست في الأصل.(11/349)
وَالشِّعْرُ كَالْكَلَامِ سَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَمَّا يَكْرَهُ مِنْهُ قَالَ: الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ وَأَمَّا الْكَلَامُ الْجَاهِلِيُّ فَمَا أَنْفَعُهُ. وَسَأَلَهُ عَنْ الْخَبَرِ: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا" 1. فَتَلَكَّأَ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ النَّضْرِ: لَمْ تَمْتَلِئْ أَجْوَافُنَا لِأَنَّ فِيهَا الْقُرْآنَ وَغَيْرَهُ وَهَكَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَلَا فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَإِنْ فَرَّطَ شَاعِرٌ بِالْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسِهِ بِعَكْسِهِ أَوْ شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ2 مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ: تُرَدُّ كَدَيُّوثٍ وَلَا تَحْرُمُ رِوَايَتُهُ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْوِيَ الهجاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 رواه البخاري 6155، ومسلم 2257، 7، عن أبي هريرة.
2 في الأصل: "مغنية".
3 1/270.(11/350)
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَلِيمَةِ: تَحْرِيمُ الْغَزَلِ بِصِفَةِ الْمُرْدِ وَالنِّسَاءِ الْمُهَيِّجَةِ لِلطَّبَّاعِ إلَى الْفَسَادِ.
وَيُكْرَهُ حَبْسُ الطَّيْرِ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ م 5 وَقِيلَ: يَحْرُمُ كَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فِي رَفْعِ الْأَعْمِدَةِ وَالْأَحْجَارِ الثَّقِيلَةِ وَالثَّقَافَةِ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرُمُ مُحَاكَاةُ النَّاسِ لِلضَّحِكِ وَيُعَزَّرُ هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَذًى قَالَ: وَمَنْ دَخَلَ قَاعَاتِ الْعِلَاجِ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الشَّرِّ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ عِنْدَ النَّاسِ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ عَمَّنْ اعتاد دخولها وقوعه في مقدمات الجماع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْوَاسِطِيُّ وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: فَأَمَّا حَبْسُ الْمُتَرَنِّمَاتِ مِنْ الْأَطْيَارِ كَالْقَمَارِيِّ وَالْبَلَابِلِ لِتَرَنُّمِهَا فِي الْأَقْفَاصِ فَقَدْ كَرِهَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاجَاتِ إلَيْهِ لَكِنَّهُ مِنْ الْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَرَقِيقِ الْعَيْشِ وَحَبْسُهَا تَعْذِيبٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَدَّ الشَّهَادَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا تُرَدُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وَعَمَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُرَدُّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ أَيْضًا: وَقَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا أَصْحَابُنَا وَسَمَّوْهُ فِسْقًا انْتَهَى وَقَالَ فِي بَابِ الصَّيْدِ: نَحْنُ نَكْرَهُ حَبْسَهُ لِلتَّرْبِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّفَهِ لِأَنَّهُ يَطْرَبُ بِصَوْتِ حَيَوَانٍ صَوْتُهُ حُنَيْنٌ إلَى الطَّيَرَانِ وَتَأَسُّفٌ عَلَى التخلي في الفضاء. انتهى.
__________
1 أي: السلاح، والثقافة- بكسر الثاء- والثّقاف: العمل بالسيف، ومنه قول الشاعر: وكأن لمع بروقها في الجوّ أسياف المثاقب. "لسان العرب"، "ثقف".
2 14/157.(11/351)
أَوْ فِيهِ وَالْعِشْرَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَالنَّفَقَةُ فِي غَيْرِ الطَّاعَةِ وَعَلَى كَافِلِ الْأَمْرَدِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَمِنْ عِشْرَةِ أَهْلِهَا وَلَوْ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ فَقَدْ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا تَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ الِاجْتِمَاعِ بِهِ لِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ1. وَمِنْ صِنَاعَةٍ دَنِيَّةٍ عُرْفًا كَحَجَّامٍ وَحَدَّادٍ وَزَبَّالٍ وَقَمَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَكَبَّاشٍ وَقَرَّادٍ وَدَبَّابٍ وَنَخَّالٍ وَنَفَّاطٍ وصباغ. وفي الرعاية: وصائغ ومكار وَحَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَمُصَارِعٍ وَمَنْ لَبِسَ غَيْرَ زِيِّ بَلَدٍ يَسْكُنُهُ أَوْ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ بِلَا عُذْرٍ والقيم قال غيره: وجزاز2 تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ حُسْنِ طَرِيقَتِهِ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَا مَسْتُورَ الْحَالِ مِنْهُمْ وَكَذَا حَاتِكٌ وَحَارِسٌ وَدَبَّاغٌ "3وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تُقْبَلُ3" وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ: أَوْ تَقُولُ تُرَدُّ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى فِيهِ بِهِمْ. وَفِي الْفُنُونِ: وَكَذَا خَيَّاطٌ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ إنْ لَمْ يَتَّقِ الرِّبَا رُدَّتْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَكْرَهُ الصَّرْفَ قَالَ الْقَاضِي: يُكْرَهُ.
وَيُكْرَهُ كَسْبٌ مِنْ صَنْعَةٍ دَنِيئَةٍ وَالْمُرَادُ مَعَ إمكان أصلح منها وقاله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 لم نقف عليه.
2 في "ط": "جزار".
3 ليست في الأصل.(11/352)
ابْنُ عَقِيلٍ. وَمَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَجَزَّارٍ ذَكَرَهُ فِيهِ الْقَاضِي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ وَنَحْوِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَيْطَارٍ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ. وَفِي النِّهَايَةِ: الظَّاهِرُ يُكْرَهُ قَالَ: وَكَذَا الْخَتَّانُ بَلْ أَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا تُكْرَهُ فِي الرَّقِيقِ وَكَرِهَهُ الْقَاضِي لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2 وَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ: كَانُوا يَكْرَهُونَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْقَصُهَا الصَّرْفُ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّائِغِ وَالصَّبَّاغُ: إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا مَطْعَنَ عليه قال بعضهم: وأفضل المعايش3 التِّجَارَةُ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الْأَشْبَهُ الزِّرَاعَةُ وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ: الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ.
قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْته وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يفضل عمل اليد. وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 14/153.
2 أخرج الطحاوي في "مشكل اآثار" 622، والبيهقي 8/8 عن أبي هريرة قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كسب الأمة إلا أن يكون لها عمل واصب أو كسب يعرف وجهه.
3 في "ط": "المكاسب".(11/353)
الرِّعَايَةِ: أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا وَعَنْ عَمَلِ الْخُوصِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَا نَصَحَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ وَالْقَاضِي.
وَقَالَ: اتِّخَاذُ الْغَنَمِ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: حَثَّنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى لُزُومِ الصَّنْعَةِ لِلْخَبَرِ1 قال: ويعارضه: "لا تتخذوا الصيعة2 فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا". الْخَبَرُ3 وَكَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4.
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الرِّيبَةِ وَانْتِفَاءُ التُّهْمَةِ وَزَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِعْلُ مَا يُسْتَحَبُّ وَتَرْكُ مَا يُكْرَهُ.
وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ إلَّا عِنْدَ الْعَدَمِ بِوَصِيَّةِ مَيِّتٍ فِي سَفَرِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي5 وَالرَّوْضَةِ وَشَيْخُنَا أَنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ6. وَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ: لَا تُقْبَلُ وفي اعتبار كونه كتابيا7 روايتان م6،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ كِتَابِيًّا رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
يَعْنِي إذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ في السفر وأطلقهما في المحرر:
__________
1 لعله يريد الحديث الذي رواه المقدام بن معد يكرب عَنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده......". رواه البخاري 2072.
2 في الأصل و"ر": "الضعة".
3 رواه الترمذي 2328 عن عبد الله بن مسعود.
4 مسلم 2379، 169، عن أبي هريرة، ولم نقف عليه عند البخاري.
5 13/170.
6 يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ......} الآية [المائدة: 106] .
7 في الأصل: "كاتبا".(11/354)
بَلْ رَجُلًا وَقِيلَ: وَذِمِّيًّا وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ قِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا م 7 وَفِي الْوَاضِحِ: مَعَ رَيْبٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَ وَلَا حَرَّفَ وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَعَنْهُ: وَتُقْبَلُ لِلْحَمِيلِ1 وَعَنْهُ: وموضع ضرورة وعنه: سفرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ"3" وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ لِانْتِصَارِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ وَقِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يُحَلِّفُهُ وُجُوبًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
والوجه الثاني: يستحب ذلك.
__________
1 في الأصل: "للتحميل". والحميل: ذكر ابن مفلح في "نكته على المحرر" 2/275: أنه المحمول في النسب على غيره. وقال في "لسان العرب"، "حمل": الحميل: الدّعي: وسمي حميلا، لأنه محمول النسب، وذلك بخلاف ما ذكر ابن قندس في "حاشيته".
2 6/194.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/327.(11/355)
ذكرهما شَيْخُنَا قَالَ: كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ إذَا اجْتَمَعْنَ فِي الْعُرْسِ أَوْ الْحَمَّامِ وَعَنْهُ: وَبَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ نَصَرَهُ شَيْخُنَا وَابْنُ رَزِينٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى وَنَصَرَهُ أَيْضًا فِي الِانْتِصَارِ وَفِيهِ: لَا مِنْ حَرْبِيٍّ. وَفِيهِ أَيْضًا: بَلْ عَلَى مِثْلِهِ وَقَالَ: هُوَ وَغَيْرُهُ لَا مُرْتَدٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِوِلَايَةٍ وَلَا يُقِرُّ وَلَا فَاسِقٍ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ م 8.
وَلَا شَهَادَةَ لِأَخْرَسَ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ بَلَى بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ فِيمَا يَرَاهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ1 فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ م 9. وَلَا لِصَبِيٍّ وَعَنْهُ: بَلَى مِنْ مُمَيِّزٍ وَنَقَلَ ابن هانئ: ابن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ.
أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ "2وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ2".
مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ انْتَهَى.
قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ احْتِمَالٌ للقاضي أيضا قال في
__________
1 أي: الإمام أحمد.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/356)
عَشْرٍ وَعَنْهُ فِي الْجِرَاحِ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ: وَالْقَتْلِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: إنْ أدوها أو أشهدوا1 على شهادتهم قبل تفرقهم ثم لَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُمْ وَقِيلَ: يُقْبَلُ عَلَى مِثْلِهِ وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَلَا يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: بَلَى ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ وَنَقَلَ أَيْضًا: يُقْتَلُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَهَادَةِ نِكَاحٍ فِي عَبْدٍ خِلَافٌ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالرَّوْضَةُ: تُعْتَبَرُ فِي حَدٍّ وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَعَنْهُ: وَقَوَدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ: لَا مُرُوءَةَ لِعَبْدٍ مُبْتَذَلٍ2 فِي كُلِّ صِنَاعَةٍ زَرِيَّةٍ وَفِعَالٍ تَمْنَعُ شَهَادَةَ الحر فقال: لو خالف سيده فيه3، فَسَقَ وَمَا يَفْسُقُ بِتَرْكِهِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ فِعْلُهُ وَصَارَ مِنْهُ كَالتَّجَرُّدِ لِلْإِحْرَامِ لَا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كانوا أرباب مهن وأعمال مسترذلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
النُّكَتِ: وَكَانَ وَجْهُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ هَلْ هِيَ صَرِيحٌ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ من المذهب أنها صريح.
__________
1 في "ط": "شهدوا".
2 في "ط": "مبتذل".
3 ليست في "ط".(11/357)
وَمَتَى تَعَيَّنَتْ حَرُمَ مَنْعُهُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: مَنْ أَجَازَ شَهَادَتَهُ لَمْ يُجِزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْ قِيَامِهَا فَلَوْ عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حَرُمَ رَدُّهُ قَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ: فَلَوْ رَدَّهُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ قَالَ فِي الْجَامِعِ فِي عَوْرَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا عَلَى أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ: وَلَا تَلْزَمُ الشَّهَادَةُ أَنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الرِّقُّ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهَا الْعَدَالَةَ.
وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ فِيمَا سَمِعَهُ وَكَذَا مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ وَعَرَّفَ فَاعِلَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ وَإِنْ عَرَّفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ فَوَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يُقْبَلُ م 10. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهَا أَوْ عليها أو بها لموت أو غيبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ عَنْ الْأَعْمَى: وَإِنْ عَرَفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ1 فَقَطْ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يُقْبَلُ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُقَنَّعِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَعَلَّ لَهَا الْتِفَاتًا إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ من المذهب صحة
__________
1 في النسخ الخطية: "صورته" والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/404.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/401.(11/358)
وَالْأَصَمُّ كَسَمِيعٍ فِيمَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ قَبْلَ صَمَمِهِ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا نَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ فُتْيَاهُ كَزَوْجٍ فِي زِنًا بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ وَكَشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ.
وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ م 11 ولا من يَجُرُّ إلَيْهِ بِهَا نَفْعًا قَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ كَسَيِّدٍ لِمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَعَكْسِهِ فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُعْتِقَ1 غَصَبَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كان غير بالغ أو بجرح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
السَّلَمِ فِيهِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا صِحَّةُ الشَّهَادَةِ به على هذا.
مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ انْتَهَى.
يَعْنِي: فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أَوْ بَعِيدًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي الْحَالِ الرَّاهِنَةِ انْتَهَى. قُلْت: الصواب عدم قبول شهادتهما4 وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
__________
1 في الأصل: "المدعي".
2 14/177.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/431.
4 في "ط": "شهادتها".(11/359)
الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ لَمْ يُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ وَلَا يَجُوزُ وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ وَغَرِمَا لِمُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِمَالٍ وَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ أَوْ شَرِيكٌ فِيهِ وَوَصِيٍّ لِمَيِّتٍ وَحَاكِمٍ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ قَالَهُ فِي الْإِشَارَةِ وَالرَّوْضَةِ.
وَتُقْبَلُ عَلَيْهِمَا. وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَمَنْ لَهُ الْكَلَامُ فِي شَيْءٍ أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ نَحْوَ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي قَوْمٍ فِي دِيوَانٍ آجَرُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى مُسْتَأْجَرٍ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أَوْ وُلَاةٌ قَالَ: وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ عَلَى الْخُصُومِ وَتُرَدُّ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ وَكَانَ خَاصَمَ فِيهِ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: تُقْبَلُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تقبل2 وأجير لمستأجر نص عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 7/258.
2 بعدها في الأصل: "شهادته".(11/360)
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ وَفِي التَّرْغِيبِ قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِهِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْته يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ جَوَازُهُ وَمِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً.
وَتُقْبَلُ إنْ شَهِدَ لَهُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ وَقِيلَ: لَا وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي قِسْمِ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ: وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُهُ. وَلَا يُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَنْ قَطَعَ عَلَيْهِ طَرِيقًا أَوْ قَذَفَهُ فَلَا تُقْبَلُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أَوْ عَلَى الْقَافِلَةِ بَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ للحاكم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
1 تَنْبِيهٌ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ2 مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً انْتَهَى.
يَعْنِي: لِوُجُوبِهَا لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحَ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ4 فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مِنْ وارث بجرح موروثه قبل برئه والتعليل على المذهب غير مستقيم وكذلك أكثر من ذكر المسألة لم يتعرض للتعليل وقد تقدم في استيفاء القود أن المصنف أطلق الروايات5 هل يستحق الوارث القود ابتداء أو ينتقل عن الميت إليه وصححنا أنه ينتقل عن الميت. والله أعلم.
__________
1 هذا التنبيه من أوله إلى لآخره سقط من "ح".
2 في "ح" و"ط": "يجرح".
3 14/176.
4 4/472.
5 في "ص": "الروايتين".(11/361)
أَنْ يَسْأَلَ هَلْ قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمْ عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ: تُقْبَلُ قَالَ: وَعِنْدِي: لَا م 12. وعنه: وَلَا لَهُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسِبَةً. وَفِي التَّرْغِيبِ: ظَاهِرُهُ1 بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمُسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَغْتَمُّ بِفَرَحِهِ وَيَطْلُبُ لَهُ الشَّرَّ.
قَالَ فِي الْفُنُونِ: اُعْتُبِرَتْ الْأَخْلَاقُ فَإِذَا أَشَدُّهَا وَبَالًا الْحَسَدُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْإِنْسَانُ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى جِنْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ الذَّمُّ إلَى مَنْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى التَّسَخُّطِ عَلَى الْقَدْرِ أَوْ يَنْتَصِبُ لِذَمِّ الْمَحْسُودِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُ التَّقْوَى وَالصَّبْرَ فَيَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَسْتَعْمِلَ مَعَهُ الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَسَنِ: لَا يَضُرُّك مَا لَمْ تَعْدُ بِهِ يدا ولسانا قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 12: قوله: وَإِنْ "2شَهِدَتْ بِأَنَّهُمْ2" عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ: تُقْبَلُ قَالَ: وَعِنْدِي: لَا. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: الْقَبُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ عَدَمَ الْقَبُولِ وَقَالَ: لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْعَدَاوَةَ وَقَدَّمَ الْقَبُولَ وَقَالَ: لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ إنَّمَا ظَهَرَتْ بِالتَّعَرُّضِ لَهُمْ انْتَهَى.
__________
1 في النسخ الخطية، و"ط": "ظاهره". والتصويب من "الإنصاف" 29/433.
2 ليست في "ط".(11/362)
وَكَثِيرٌ مِمَّنْ عِنْدَهُ دِينٌ لَا يُعِينُ مَنْ ظَلَمَهُ وَلَا يَقُومُ بِمَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ بَلْ إذَا ذَمُّهُ أَحَدٌ لَمْ يُوَافِقْهُ وَلَا يَذْكُرُ مَحَامِدَهُ وَكَذَا لَوْ مَدَحَهُ أَحَدٌ لَسَكَتَ وَهَذَا مُذْنِبٌ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ لَا مُعْتَدٍ.
وَأَمَّا مَنْ اعْتَدَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَذَاكَ يُعَاقَبُ وَمَنْ اتَّقَى وَصَبَرَ نَفَعَهُ اللَّهُ بِتَقْوَاهُ كَمَا جَرَى لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَفِي الْحَدِيثِ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الْحَسَدُ وَالظَّنُّ وَالطِّيَرَةُ وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِالْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ إذَا حَسَدْت فَلَا تَبْغِ وَإِذَا ظَنَنْت فَلَا تُحَقِّقْ وَإِذَا تَطَيَّرْت فَامْضِ" 2.
وَلَا لِعَمُودِي نَسَبِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَالتَّرْغِيبُ: إلَّا مِنْ زِنًا وَرِضَاعٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةٌ تُقْبَلُ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَعَنْهُ: مَا لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَنِيٌّ. وَعَنْهُ: لِوَالِدِهِ لَا لِوَلَدِهِ. وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وهي تحته أو طلاقها فاحتمالان في المنتخب. وَفِي الْمُغْنِي3 فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ بناء على أن جر النفع للأم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 وذلك بأن الله عصمها بورعها من النيل من عائشة في قصة الإفك. ينظر: "أسد الغاية" 7/69- 71.
2 أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 3227، من حديث حارثة بن النعمان.
3 بل هي في كتاب اللعان 11/143، ولعله سهو من ابن مفلح حيث ذكرها في القذف.(11/363)
مَانِعٌ م 13.
وَلَا أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: بَلَى كَأَخٍ لِأَخِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَصَدِيقٍ لِصَدِيقِهِ وَمَوْلَى لِعَتِيقِهِ وَوَلَدِ زِنًا وَرَدَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ لِأَنَّ الْعِشْقَ يَطِيشُ وَشَهَادَتِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ كَمُرْضِعَةٍ وَكَذَا قَاسِمٌ عَلَى قِسْمَتِهِ أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَالْمُحَرَّرِ وَمَنَعَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالتَّبْصِرَةُ وَالتَّرْغِيبُ فِي غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ لِلتُّهْمَةِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي مرضعة. وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ. وَنَصُّهُ لَا يقبل م 14 واحتج بالخبر1.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضرة أمهما وهي تحته أو طلاقها2 فاحتمالان فِي الْمُنْتَخَبِ. وَفِي الْمُغْنِي3 فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَرَّ النَّفْعِ لِلْأُمِّ مَانِعٌ. انْتَهَى.
قَطَعَ الشَّارِحُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِالْقَبُولِ فِي الثَّانِيَةِ.
قُلْت: وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 بِالْقَبُولِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا. وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ وَلَمْ يذكره المصنف.
مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ ونصه: لا تقبل. انتهى.
__________
1 أخرج أبو داود 3602، وابن ماجه 2367، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: "لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية".
2 في النسخ الخطية: "طلاقهما" والمثبت من "ط".
3 لم نقف عليه.
4 14/182.(11/364)
وَفِي التَّرْغِيبِ: مِنْ مَوَانِعِهَا الْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا فَتُرَدُّ. وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قَالَ: وَمِنْ مَوَانِعِهَا الْعَصَبِيَّةُ فَلَا شَهَادَةَ لمن عرف بها وبالإفراط في الحمية كتعصب قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ. وَهُوَ فِي بَعْضِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ لَكِنَّهُ قَالَ فِي خَبَرِ الْعَدَاوَةِ وَمَنْ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُرَدَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ مَعَ النَّهْي عَنْهُ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ أَوْ وَجْهٌ. وَيُقْبَلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بعض نقله الجماعة وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَصَاحِبِ التَّصْحِيحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْأَصْحَابِ قُلْت مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صاحبه لنصه عليه.(11/365)
عَمُودِي نَسَبِهِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ فِي الزَّوْجَيْنِ. وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ حَتَّى صَارَ أَهْلًا قُبِلَتْ وَمَنْ رَدَّهُ حَاكِمٌ لِفِسْقِهِ فَأَعَادَهَا لَمَّا زَالَ الْمَانِعُ رُدَّتْ. وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ كَرَدِّهِ لِجُنُونِهِ أَوْ كُفْرِهِ أَوْ صِغَرِهِ أَوْ خَرَسِهِ أَوْ رِقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ م 15 وَقِيلَ: إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ ردت وإلا فلا ويقبل غيرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 15: قوله: وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ1جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الْكَافِي2: هَذَا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ قَالَ فِي الْمُغْنِي3 الْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ4.
__________
1 في النسخ الخطية و "ط"، و "و"، والتصحيح من "الفروع".
2 6/209.
3 14/197.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/439.(11/366)
وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ إلَّا فِسْقٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ تُهْمَةٌ إلَّا عَدَاوَةٌ ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ وَكَذَا مُقَاوَلَةٌ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عداوة ظاهرة سابقة. قال في الترغيب: مَا لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْفِسْقِ وَحُدُوثُ مَانِعٍ فِي شَاهِدِ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِي مَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ حُكْمٍ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ م 16.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَلَوْ شَهِدَ وَهُوَ عَدْلٌ فَلَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى حَدَثَ مِنْهُ مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مَعَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا:
أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَوْفَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الْقِصَاصِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَوْفِيَانِ. "3فَهَذِهِ سِتَّ عشرة مسألة3".
__________
1 14/197.
2 14/198.
3 ليست في "ط".(11/367)
ومن شهد بحق مشترك لمن1 تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُ وَأَجْنَبِيٌّ رُدَّتْ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي نَفْسِهَا وَقِيلَ: تَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ. 2وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَصِحُّ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ قطعوا الطريق على القافلة لا علينا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط": "لم".
2 ليست في الأصل.(11/368)
باب ذكر المشهود به وأداء الشهادة
مدخل
...
بَابُ ذِكْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ
لَا يُقْبَلُ فِي زِنًا وَمُوجِبِ حَدِّهِ إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ وَعَنْهُ: رَجُلَانِ.
وَمَنْ عُزِّرَ بِوَطْءِ فَرْجٍ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ. وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ بِرَجُلَيْنِ وَكَذَا الْقَوَدُ. وَعَنْهُ: أربعة. ويثبت بإقرارة1 مَرَّةً وَعَنْهُ: أَرْبَعٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: يُرَدِّدُهُ وَيُسْأَلُ عَنْهُ لَعَلَّ بِهِ جُنُونًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا رَدَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم2 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَإِيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي غَيْرِ مَالٍ رَجُلَانِ وَعَنْهُ: وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَعَنْهُ: أَوْ يَمِينٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَلَمْ أَجِدْ مُسْتَنَدَهَا عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: هُمَا فِي غَيْرِ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِي النِّكَاحِ لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاحْتَجَّ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وَالْعَدْلُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ كَذَا قَالَ وَلَا يَلْزَمُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَا نُسَلِّمُهُ وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ إسْقَاطُ السُّكْنَى والنفقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ط" و "ر": "بإقرار".
2 أخرج البخاري في "صحيحه" 6825، ومسلم 1691، 16، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة أنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس وهو في المسجد فناداه: يا رسول الله، إني زنيت- يريد نفسه- فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فجاء لشقّ وجه النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أبك جنون"؟ قال: لا يا رسول الله. فقال: "أحصنت؟ " قال: نعم يا رسول الله قال: "اذهبوا فارجموه".(11/369)
وَفِي الِانْتِصَارِ: يَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَعَنْهُ: فِي الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ وَيُقْبَلُ طَبِيبٌ وَبَيْطَارٌ وَاحِدٌ لِعَدَمٍ فِي مَعْرِفَةِ دَاءِ دَابَّةٍ وَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ قَبُولَ الْوَاحِدِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدَّمَ الْمُثْبِتَ.
وَيُقْبَلُ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ كَبَيْعٍ أَجَّلَهُ وَخِيَارِهِ وَرَهْنٍ وَتَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَرِقٍّ مَجْهُولٍ وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنْ مَلَكَهُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي ابْنِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ: إنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ حُضُورُ النِّسَاءِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي قَالَ أَحْمَدُ: قَضَى بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقِيلَ: وَامْرَأَتَانِ وَيَمِينٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَوْ قِيلَ امْرَأَةٌ وَيَمِينٌ تَوَجَّهَ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي التَّحَمُّلِ وكخبر الديانة2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه أبو داود في "سننه" 3608.
2 أي: كخبر تبليغ أمور الديانات. ينظر: "المغني" 14/136.(11/370)
وَقَالَ أَبُو دَاوُد1: بَابُ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ ثُمَّ رَوَى شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْخَبَرِ2 الثَّابِتِ3 مِنْ إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ خَبَرِ خُزَيْمَةَ: وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ. وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ: و4يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِيهَا وَشَاهِدِي صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: تُرَدُّ عَلَى رِوَايَةِ الرَّدِّ لِأَنَّ سَبَبَهَا5 نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ حَلَفَ مِنْ الْجَمَاعَةِ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ نَاكِلٌ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ نُكُولِهِ.
وَعَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ: يَكْفِي وَاحِدٌ وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا نِسَاءٌ فَامْرَأَةٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِالذِّمَّةِ فِي السَّفَرِ وَسَأَلَهُ ابْنُ صَدَقَةَ: الرَّجُلُ يُوصِي وَيُعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي الْحُقُوقِ. وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ في الحقوق فأما المواريث فيقرع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "سننه" في الترجمة للحديث 3607.
2 في الأصل: "الجزء".
3 في الأصل و "ر": "الثالث".
4 بعدها في "ط": "وط".
5 في "ط": "سبب".(11/371)
وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كافر لأخذ سلبه وعتق وتدبير و1كتابة روايتان م 1 – 5.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1 – 5: قَوْلُهُ: وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1: هَلْ يُقْبَلُ فِي الْإِيصَاءِ بِالْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي المقنع2 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَالشَّرْحِ"2".
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: الْوَكَالَةُ بِالْمَالِ هَلْ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ أَوْ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ؟ أَطْلَقَ الخلاف وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وَالزَّرْكَشِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي بَابِ الْوَكَالَةِ:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ فِي الْوَكَالَةِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه.
__________
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/23.
3 6/219.
4 14/127.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/21.(11/372)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: الْمُعَوِّلُ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا شَاهِدَانِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3: لَوْ ادَّعَى الْأَسِيرُ تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ لِمَنْعِ رِقِّهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي1 فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَيُنْفَلُ الْإِمَامُ وَمَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ في شرحه و"2به قطع2" الناظم وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ.
وَقَالَ3:
بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ
وَهَذَا الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّبَعَةُ 4: لَوْ ادَّعَى قَتْلَ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 5: لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَوْ الكتابة فهل يقبل فيه ما ذكر أم4 لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الرعايتين
__________
1 13/52.
2 ليست في "ط".
3 يعني "ناظم المفردات".
4 في "ط": "أو".(11/373)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَاوِي وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيهِنَّ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَأَطْلَقَهُ فِي التَّدْبِيرِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 فِي الْعِتْقِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ "3وَعَلَى قِيَاسِهِ الْكِتَابَةُ وَالْوَلَاءُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الثَّلَاثَةِ3" وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ بَكْرُوسٍ ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ صِحَّةَ التَّدْبِيرِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ وَالْحُكْمُ فِي الْكِتَابَةِ كَذَلِكَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 فِي مَوْضِعٍ أَيْضًا وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ منجا فِي مَوْضِعٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا بُدَّ مِنْ رجلين وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ"4" فِي الْعِتْقِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا فَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ عبارات في المقنع وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ في التصحيح وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَتَارَةً اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَتَارَةً اخْتَارَ الثَّانِيَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافُ مَالٍ
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/179.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/113.
3 ليست في "ح".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19404.(11/374)
وذكر جماعة يُقْبَلُ فِي كِتَابَةٍ وَالنَّجْمُ الْأَخِيرُ كَعِتْقٍ وَقِيلَ: يقبل وكذا جناية عمد لَا قَوَدَ فِيهَا م 6.
فَإِنْ قَبِلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِي الْحَقِيقَةِ قَالَ بِالْقَبُولِ كَبَقِيَّةِ الْإِتْلَافَاتِ وَمَنْ نظر إلى أن"1 الْعِتْقِ نَفْسِهِ1" لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ قَالَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْقَبُولِ وَصَارَ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا. انْتَهَى.
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَكَذَا جِنَايَةُ عَمْدٍ لَا قَوَدَ فِيهَا.
يَعْنِي أَنَّ فِيهَا الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي الْكَافِي3 وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا هذا ظاهر المذهب قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي4. انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى; وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وصححه الناظم.
__________
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/107.
3 6/218.
4 14/128.(11/375)
بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ م 7.
وَيُقْبَلُ فِي جِنَايَةٍ خَطَأً وَعَنْهُ: لَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ في مسألة الأسير تقبل امرأة و1يمينه اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ: لا ولاء عبد مسلم. و"1"في الْمُغْنِي2 قَوْلٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ: يَكْفِي وَاحِدٌ. 3وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"3".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ فإن قبل وهو ظاهر المذهب قاله في التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَقَالَ أَيْضًا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةِ مَسْبُوقَةٍ بِمُوضِحَةٍ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَشِمِ فِي الْأَقْيَسِ ولا الإيضاح. انتهى.
__________
1 ليست في "ط".
2 13/74.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 6/218.(11/376)
فصل وَمَنْ أَتَى فِي قَوَدٍ بِدُونِ بَيِّنَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ
وَعَنْهُ: يَثْبُتُ الْمَالُ إنْ كَانَ المجني عليه عبدا. وإن أَتَى بِهِ سَرِقَةً قُبِلَتْ فِيهِمَا لَكِنْ ثَبَتَ الْمَالُ لِكَمَالِ بَيِّنَتِهِ وَاخْتَارَ فِي الْإِرْشَادِ1، وَالْمُبْهِجِ: لَا كَالْقَطْعِ وَبَنَى فِي التَّرْغِيبِ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ بِالْغُرْمِ عَلَى نَاكِلٍ وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ فِي خُلْعٍ ثَبَتَ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِدَعْوَاهُ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْهُ لَمْ يَثْبُتْ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لَهُ وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً بِيَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا وَلَدُهُ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَفِي ثُبُوتِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ م 8.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَفِي حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ والنكت وغيرهم:
__________
1 ص 490.
2 6/221.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/106.(11/377)
وَقِيلَ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ بِدَعْوَاهُ وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَحَيْضٍ وَرِضَاعٍ وَعَنْهُ: وَتَحْلِفُ فِيهِ وَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةِ امْرَأَةٍ لَا ذِمِّيَّةٍ نَقَلَهُ الشالنجي وغيره. وفي الانتصار: فيجب أن لا1 يَلْتَفِتَ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَكَالْخَبَرِ وَلَا أَعْرِفُ عَنْ إمَامِنَا مَا يَرُدُّهُ. وَهُنَا ذَكَرَ الْخَلَّالُ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَسَأَلَهُ حَرْبٌ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ؟ قَالَ: يَجُوزُ وَعَنْهُ: يُقْبَلُ امْرَأَتَانِ وَالرَّجُلُ فيه كالمرأة وَكَذَا الْجِرَاحَةُ وَغَيْرُهَا فِي حَمَّامٍ وَعُرْسٍ وَمَا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ2 نَصَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عقيل وغيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: لَا يَثْبُتَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَثْبُتَانِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وغيرهم.
__________
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "رجل".(11/378)
وَلَوْ ادَّعَتْ إقْرَارَ زَوْجِهَا بِأُخُوَّةِ رَضَاعَةٍ فَأَنْكَرَ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَقُلْنَا: تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ نِسَاءٌ فَقَطْ وَتَرْكُ الْقَابِلَةِ وَنَحْوِهَا الْأُجْرَةَ لِحَاجَةِ الْمَقْبُولَةِ أَفْضَلُ وَإِلَّا دَفَعَتْهَا لِمُحْتَاجٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.
وَلَا يَصِحُّ أَدَاءُ شَهَادَةٍ إلَّا بِلَفْظِهَا فَلَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ أَعْلَمُ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ تَصِحُّ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَشَيْخُنَا وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَأَخَذَهَا مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: أَقُولُ إنْ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ فَقَالَ أَحْمَدُ: مَتَى قُلْت فَقَدْ شَهِدْت.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ هَانِئٍ: تُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالشَّهَادَةِ فِي أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: لَا. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ؟ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْعِلْمُ شَهَادَةٌ زَادَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ: قَالَ أَبُو عبد الله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزحرف: 86] ، وَقَالَ: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81] .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: هَذَا جَهْلٌ "1عَنْ قَوْلِ مَنْ1" يَقُولُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ. وَقَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: حُجَّتُنَا فِي الشَّهَادَةِ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ يَعْنِي قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ في النار2.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 رواه البيهقي في "السنن الكبيرى" 8/335.(11/379)
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: فَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إلَّا بِالشَّهَادَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا نَعْرِفُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إطْلَاقُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ لَفْظِهِ أَشْهَدُ.
وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ لِسُرْعَةِ فَصْلِ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعْتَبَرُ: وَأَنَّ الدِّينَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبَبُ الْحَقِّ إجْمَاعًا.
وَإِنْ عُقِدَ نِكَاحٌ بِلَفْظٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ قَالَ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ وَيَصِحُّ: وَشَهِدْت بِهِ وَقِيلَ: لَا كَأَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/380)
وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي أَوْ بِذَلِكَ أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ فَفِي الرِّعَايَةِ: يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي: وَبِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ أَشْهَرُ م 9.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَة 9: قَوْلُهُ: وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي أَوْ بِذَلِكَ أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ. فَفِي الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي: وَبِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ أَشْهَرُ. انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالثَّالِثُ: الصِّحَّةُ فِي قَوْلِهِ: وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ وَكَذَلِكَ أَشْهَدُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ. وَقَالَ فِي النُّكَتِ: وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ أَوْلَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ.(11/381)
باب الشهادة والرجوع عن الشهادة
مدخل
...
باب الشهادة والرجوع عن الشهادة
تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي إنْ تَعَذَّرَ شُهُودُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَقِيلَ: فَوْقَ يَوْمٍ وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِوَايَةَ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَتَغَيَّرَ حَالُهُ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَوَادِثِ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا وَهَذَا دَأْبُهُ فِي كَثِيرٍ من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/382)
الْمَسَائِلِ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ كَكَلَامِ الشَّارِحِ إنْ وَجَدَ مَا يَصْرِفُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَإِلَّا لَمْ يُصْرَفْ وَإِنْ حَضَرُوا أَوْ صَحَوْا قَبْلَ الْحُكْمِ وَقَفَ عَلَيْهِمْ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فَرْعٌ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ1 الْأَصْلُ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً: أَوَّلَا قَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ م 1.
فَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا وَالْأَشْبَهُ: أَوْ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا فَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ يَعْزُوهَا إلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ جَازَ وَعَنْهُ: إنْ اسْتَرْعَاهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ.
قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ: وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا: وَفِي التَّرْغِيبِ: ينبغي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي"2" وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم.
__________
1 في "ر": "يستدعيه".
2 14/203.
3 6/235.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/48.(11/383)
ذلك. وَفِي الرِّعَايَةِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي الْعَارِفَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ كَذَا.
وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى هَذَا وَعَنْهُ: عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَلَى شَاهِدِ شَاهِدٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: بِأَرْبَعَةٍ عَلَى كُلِّ1 أَصْلٍ فَرْعَانِ وَعَنْهُ: تَكْفِي شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَحَمَّلُ فَرْعٌ مَعَ أَصْلٍ وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كتاب القاضي "2إلى القاضي2"3
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. انْتَهَى.
قَالَ هُنَاكَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ. وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ فَلَا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ الْحُكْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَهُوَ أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي فَرْعِ الْفَرْعِ. انْتَهَى. فَجَوَّزَ أَنْ يَتَحَمَّلَ فَرْعٌ على فرع فلذلك أحال هنا عليه.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثت من "ط".
3 ص 228.(11/384)
وَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا فِي الْفَرْعِ صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ لَا فِي الْأَصْلِ وَفِي الْفَرْعِ رِوَايَتَانِ فَيُقْبَلُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا على الثانية ويقبل رجل وامرأتان على مِثْلِهِمْ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ عَلَى الْأُولَى فَقَطْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الشَّهَادَةُ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِتَعَدُّدِهِمْ.
وَيُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ عَدَالَةُ الْكُلِّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْفُرُوعِ تَعْدِيلُ أُصُولِهِمْ وَيُقْبَلُ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لَهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: حَتَّى لَوْ قَالَ تَابِعِيَّانِ أَشْهَدَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/385)
صَحَابِيَّانِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا; وَلَا يُزَكِّي أَصْلٌ رَفِيقَهُ1 وَإِنْ رَجَعَ الْأُصُولُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنُوا وَقِيلَ: بَلَى كَمَا لَوْ رَجَعَ الفروع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "رفقيقه".(11/386)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/387)
وَلَمْ يَقُولُوا بَانَ كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطُهُمْ وَإِنْ قَالُوا بَعْدَ الْحُكْمِ: مَا أَشْهَدْنَاهُمْ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ.
وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ: كَذَبْنَا أَوْ غَلَطِنَا فَفِي الْمُحَرَّرِ: ضَمِنُوا وَقِيلَ: لَا م 2
وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ وَتَعَذَّرَ الْآخَرُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يعمل بها لتأكد الشهادة بخلاف الرواية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة 2 قوله: وَإِنْ1 قَالَ الْأُصُولُ: كَذَبْنَا أَوْ غَلَطِنَا فَفِي الْمُحَرَّرِ: ضَمِنُوا وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى.
مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يضمنون.
__________
1 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".(11/388)
فصل وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ أَدَّى بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ نَصَّ عَلَيْهِمَا
كَقَوْلِهِ: لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ وَقِيلَ: لَا كبعد الحكم وقيل:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".(11/388)
يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حكم ولم يضمن وتقدم هل يحد فِي قَذْفٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحَدُّ فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا أَتَى بِحَدٍّ فِي صُورَةِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يُكْمِلْ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُحَدُّ فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ م 3.
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَيَضْمَنُونَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ مَشْهُودٌ لَهُ لَا مَنْ زَكَّاهُمْ.
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ وَشُهُودُ الشِّرَاءِ غَرِمَ شُهُودُ القرابة وخرج
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُهَا بَلْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ إعادتها.(11/389)
في الانتصار كشهود زنى وَإِحْصَانٍ. وَفِيهِ لَوْ رَجَعَ شُهُودُ يَمِينٍ بِعِتْقِهِ وَشُهُودٌ بِحِنْثِهِ فَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ يَغْرَمُهُ شُهُودُ الْيَمِينِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَصْحَابِنَا: بَيْنَهُمَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ بَدَلُهُ وَعَنْهُ: وَبَعْدَهُ كُلُّهُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ لَمْ يُسْتَوْفَ فَتَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا وَقِيلَ بِالِاسْتِيفَاءِ إنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا غَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ أَوْ أَرْشَ الضَّرْبِ. نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ غَرِمَ بِقِسْطِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: الْكُلُّ. وَإِنْ رَجَعَ الزَّائِدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتَوْفَى وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ لِقَذْفِهِ. مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُ شَيْئًا قِيلَ: هُوَ أَقْيَسُ فَلَوْ رَجَعَ مِنْ خَمْسَةٍ فِي1 زِنَا اثْنَانِ فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَانِ أَوْ رُبُعٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ في قتل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/390)
فَالثُّلُثَانِ أَوْ النِّصْفُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ.
وَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فِي مَالٍ غَرِمَ سُدُسًا وَقِيلَ: نِصْفًا وَقِيلَ: هُوَ كَأُنْثَى وَهُنَّ الْبَقِيَّةُ وَكَذَا رِضَاعٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إلَّا أَنَّهُ لَا تَشْطِيرَ وَإِنَّا إنْ قُلْنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ فَالْغُرْمُ بِالتَّسْدِيسِ.
وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوهُ أَسْدَاسًا وَعَنْهُ شُهُودُ الزِّنَا نِصْفٌ وَكَذَا الْإِحْصَانُ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنَانِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالشَّرْطِ لَا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْجِهَتَيْنِ غُرِّمُوا دِيَةً وَقِيلَ: نِصْفَهَا وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ وَشَاهِدُ الْإِحْصَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ الزِّنَا غَرِمَا ثُلُثَا دِيَةٍ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ.
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَعْلِيقِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَشُهُودُ شَرْطِهِ غَرِمُوا بِعَدَدِهِمْ وَقِيلَ: كُلُّ جِهَةٍ نِصْفَهُ وَقِيلَ: كُلُّهُ شهود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/391)
التَّعْلِيقِ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودٌ بِكِتَابَةٍ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُكَاتَبًا فَإِنْ عَتَقَ فَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وَقِيلَ: كُلَّ قِيمَتِهِ وَكَذَا شُهُودٌ بِاسْتِيلَادٍ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ فِي بَيْعِ وَكِيلٍ بِدُونِ ثَمَنٍ مِثْلُ لَوْ شَهِدَا بِتَأْجِيلٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا تَفَاوَتَ مَا بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ.
وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ: يَغْرَمُ الْكُلَّ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَكَيَمِينِهِ مَعَ بينة على غائب وقيل: النصف م 4.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ: يَغْرَمُ الْكُلَّ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَكَيَمِينِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ1 عَلَى غَائِبٍ وَقِيلَ. النِّصْفَ انْتَهَى.
الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يَغْرَمُ النِّصْفَ فَقَطْ وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ خَرَّجَهُ مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلِقُوَّةِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أن يفصح بتقديم المنصوص.
__________
1 في "ط": "بينته".
2 14/255.
3 6/249
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/84.(11/392)
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: وَيَجُوزُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنْ تُسْمَعَ يَمِينُ الْمُدَّعَى قَبْلَ الشَّاهِدِ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَزْكِيَةٍ فَكَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عَنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ1 مِنْهَا أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا. وَفِي الْمُبْهِجِ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُهُ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ بِهِ مَالٌ.
وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلْأَوَّلَةِ فَكَرُجُوعِهِ وَأَوْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ فِي شَاهِدٍ قَاسَ بِكَذَا2 وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ قَالَ: يَضْمَنُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ.
وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ علم كذبه وتعمده عزره كما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "أبرأه".
2 في النسخ الخطية: "بلدا"، والمثبت من "ط".(11/393)
تَقَدَّمَ فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي م 5 و 6 فيتوجهان فِي كُلِّ1 تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَأَنَّهُمَا على الروايتين في الحد.
وَلَهُ فِعْلُ مَا رَآهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا. وَفِي الْمُغْنِي2 أَوْ مَعْنَى نَصٍّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عُقُوبَاتٍ إنْ لَمْ يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ وَنَقَلَ مُهَنَّا كَرَاهَةَ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ.
وَلَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُغَلِّطُهُ فِي شَهَادَتِهِ3 أَوْ رُجُوعِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ ادَّعَى شُهُودَ الْقَوَدِ الْخَطَأَ عُزِّرُوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5 6: قَوْلُهُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ: فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي. انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ: عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَيُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ فِي كُلِّ تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَأَنَّهُمَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَدِّ. انْتَهَى.
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ 6 أُخْرَى وَالصَّوَابُ أَيْضًا عَدَمُ السُّقُوطِ.
فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
__________
1 ليست في "ط".
2 14/262.
3 في الأصل: "الشهادة".(11/394)
كتاب الإقرار
مدخل
*
...
كتاب الإقرار
يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْتِزَامُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ لَا مَعْلُومًا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ1 أَوْ مَوْرُوثِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَقٍّ فِي مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّ الْأَبَ لَوْ أَقَرَّ عَلَى ابْنِهِ إذَا كَانَ وَصِيَّهُ صَحَّ وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ2 وَقَدْ ذَكَرُوا: إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فادعي عليه الشفعة فقال اشتريته لابني أو لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ: لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ وَقِيلَ: بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ كَعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ وَذَكَرُوا: لَوْ ادعى الشريك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَاتٌ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: فِيمَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَقَدْ ذكروا إذا اشترى شقصا فادعي عليه الشفعة فَقَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي أَوْ لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ: لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ وَقِيلَ: بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ كَعَيْبٍ في مبيعه3 انْتَهَى. أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ لِأَجْلِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ6 فَقَالَ: وَلَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ
__________
1 4/260.
2 7/276.
3 في "ط": "بيع".
4 7/491.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/498.
6 7/273- 274.(11/397)
عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشتراه منه وأنه يستحقه بالشفعة فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُصَدَّقُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيمَا بِيَدِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَصْلِ مِلْكِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّك بِعْت نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فأنكر صدق بيمينه و1يستقر الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: لَيْسَ إقْرَارُهُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ إقْرَارًا بَلْ دَعْوَى أَوْ شَهَادَةً يُؤَاخَذُ بِهَا إنْ ارْتَبَطَ الْحُكْمُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكٍ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ فِيهِ: لَا لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يصطلحا واحتمل أن يأخذه من هو بيده بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ: يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ بِيَدِهِ وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي: لِلْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أَحَدَهُمَا، وَذَكَرْنَا مَنْ أَطْلَقَ وَقَدَّمَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عليه مطلقا وذكر هذا طريقة.
__________
1 ليست في "ط".(11/398)
الْأَقَلُّ مِنْ1 ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مَعَ صِدْقِهِمَا التَّرِكَةُ لِلسَّيِّدِ وَثَمَنُهُ ظُلْمٌ فَيَتَقَاصَّانِ وَمَعَ كذبهما هي لهما.
وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَرُدَّتْ فَبَذَلَا مَالًا لِيَخْلَعَهَا صَحَّ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ إنْشَاءً كَقَوْلِهِ: {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81] فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَرَادَ: أَنْشَأَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ كَذَا قَالَ. وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: إقْرَارُهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلْجِئَةً فَيُرَدَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ شَهَادَةٌ فَإِذَا صَارَ بِيَدِهِ وتصرفه شرعا لزمه حكم إقراره شرعا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي: قَوْلُهُ: أَيْضًا فِي شَرْطِ مَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَزَجِيُّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ فِيهِ: لَا لِأَنَّهُ بيع من الطرف الآخر ولو ملكاه بإرث أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يوقف حتى يصطلحا واحتمل أن يأخذه من هُوَ بِيَدِهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسْأَلَتَيْنِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ حِكَايَةً عَنْ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَتَى بِهَا اسْتِشْهَادًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا وَمَاتَ اسْتَحَقَّا إرْثَهُ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَاحِدٌ وَرِثَهُ فَكَذَا إذَا رَجَعَا وَرِثَاهُ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ إذَا لَمْ يَرْجِعَا يَكُونُ إرْثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ حُرٌّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمَا أَعْتَقَهُ وَرِثَاهُ بالولاء إن كانا أهلا له.
__________
1 ليست في "ط".(11/399)
وَيَصِحُّ مَعَ إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ مِنْ سَفِيهٍ بِمَالٍ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا وَيُتْبَعُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَمِثْلُهُ نَذْرٌ صَدَّقَتْهُ بِهِ فَيُكَفِّرُ بِصَوْمٍ إنْ لَمْ يَصِحَّ وَيُتْبَعُ بِغَيْرِ مَالٍ فِي الْحَالِ وَبِطَلَاقٍ. وَيُتَوَجَّهُ: بِنِكَاحٍ إنْ صَحَّ مِنْهُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ كَإِنْشَائِهِ قَالَ: وَيَصِحُّ من السفيهة إلا أن فيه احتمالا لضعف1 قَوْلَهَا وَلِلتُّهْمَةِ وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ2 قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَإِلَّا فَلَيْسَ مَحَلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا الْمَكَانَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَوَدِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَكَانَا مُحْتَاجَيْنِ هَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ رِوَايَتَيْنِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ3 أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ. والله أعلم.
__________
1 في "ط": "يضعف".
2 بعدها في الأصل: "و".
3 9/348.(11/400)
وَإِنْ صَحَّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ بِإِذْنٍ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي قَدْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ قَبْلَ حَجْرِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: وَبَعْدَهُ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَأَقَرَّ جَازَ وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِهِ صَحَّ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَالتَّرْغِيبُ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ: فِي صَبِيٍّ فِي الْيَسِيرِ وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ عَدَمَ صِحَّتِهِ ثُمَّ سَلَّمَ لِعَدَمِ مَصْلَحَتِهِ فِيهِ.
وَكَذَا الدَّعْوَى وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفُ وَنَحْوُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي طَلَاقِهِ بِأَنَّهُ ليس بأهل ليمين1 بِمَجْلِسِ حُكْمٍ لِدَفْعِ دَعْوَى وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ مُمَيِّزٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي إقْرَارِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا: يَصِحُّ نَصَّ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ فِي قَدْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: هُوَ حَمْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا. وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أو قود أو نسب أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وهذه المسألة إنما عفا عنها2 وَلِيُّ الْقَوَدِ وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خلافا فلعله
__________
1 في "ط": "اليمين".
2 في "ط": "فيها".(11/401)
طَلَاقٍ لَزِمَ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِذَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ م1.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
حصل بعض سقط. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ إنَّهُ1 لَمْ يَكُنْ بَالِغًا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْكَافِي4: فَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت قَبْلَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا حِينَ الْبَيْعِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ أو غير5 ذلك وأنكر
__________
1 في "ص": "إن".
2 7/263.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/147.
4 6/256.
5 في "ط": "غنى".(11/402)
وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ صدق بلا يمين قاله في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في صورة دعوى الصغير1 فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعُقُودِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ قَالَ: وَقَدْ ذكر الأصحاب وجها آخر في دعوى الصغير"1" أَنَّهُ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَكْلِيفُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ انْتَهَى.
وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى عَبْدٍ عُدِمَ الْإِذْنُ ودعوى الصغير2 وَفِيهِ وَجْهٌ. انْتَهَى.
وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِثْلُ ذَلِكَ بَلْ هِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن رجب وغيرهما.
__________
1 في "ط": "الصغر".
2 في "ط" و "ص": "الصغر".(11/403)
الْمُغْنِي1 وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُحَرَّرِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ2 بِيَمِينِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَنْ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ زِيَادَةُ بِيَمِينِهِ أَيْ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِ الْبُلُوغِ وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَا يُحَلَّفُ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ويؤيده كلامه في المغني"1".
__________
1 7/263.
2 جاء في هامش "ر": "صوابه": "وإن كان الإنكار بعد بلوغه صدق".(11/404)
وَلَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ لَمْ يُحَلَّفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَنْكَرَهُ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَمْكَنَّا حُلِّفَ إذَا بَلَغَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يُصَدَّقُ فِي سِنٍّ يُبْلَغُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا الْبُلُوغِ مَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ وَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ.
و1تَقَدَّمَ فِي الدَّعَاوَى2 تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ قَالَ الْأَزَجِيُّ: الْمَرَاتِبُ ثَلَاثٌ: الْعُقُودُ فَإِنْ صَحَّتْ بِالْمُعَاطَاةِ لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ بَلْ الْقَبْضُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ.
الثَّانِي الْوَكَالَةُ فَإِنْ افْتَقَرَتْ إلَى الْقَبُولِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ عَدَمُ الرَّدِّ فَلَوْ رُدَّ اُعْتُبِرَ تَجْدِيدُهَا وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُهُ. وَمَنْ أُكْرِهَ ليقر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 ص 259 – 260.(11/405)
بدرهم فَأَقَرَّ بِدِينَارٍ أَوْ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ لِعَمْرٍو صَحَّ وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ كَتَوْكِيلٍ بِهِ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ تَهْدِيدِ قَادِرٍ قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بِهَا أَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ فَيُحَلَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا قَالَ وَيُتَوَجَّهُ: لَا يُحَلَّفُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يُقْضَى بِهَا وَلَوْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُهُ الْإِكْرَاهُ: عَلِمْت لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا: أُطْلِقْت فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْهُ فَلَا يُعَارِضُ يَقِينَ الْإِكْرَاهِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ طَوْعًا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ يَقْدَمُ إلَى السُّلْطَانِ فَيُهَدِّدُهُ فَيَدْهَشُ فَيُقِرُّ يُؤْخَذُ بِهِ فَيَرْجِعُ وَيَقُولُ هَدَّدَنِي وَدَهِشْت: يُؤْخَذُ وَمَا عَلِمَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْجَزَعِ وَالْفَزَعِ؟ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ عِنْدَ الْجَزَعِ.
وإن ادَّعَى جُنُونًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يُقْبَلُ أَيْضًا إنْ عُهِدَ مِنْهُ جُنُونٌ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَيُتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/406)
وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِوَارِثٍ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ إجَازَةٍ وَظَاهِرُ نَصِّهِ: لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ فِيهِ: يَصِحُّ مَا لَمْ يُتَّهَمْ وم وَأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَصِيَّتُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِوَارِثٍ وَفِي الصِّحَّةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَالْأُولَى أَصَحُّ كَذَا قَالَ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ حَنْبَلِيًّا اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ فَقَالَ لَهُ حَنْبَلِيٌّ: لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ صَحَّ وَلَوْ نِحْلَةً لَمْ يَصِحَّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/407)
وَالنِّحْلَةُ تَبَرُّعٌ كَالْوَصِيَّةِ فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُ لِلتُّهْمَةِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَرَضِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وَقَدْ افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ وَالْإِقْرَارُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَذَا يَفْتَرِقَانِ فِي الثُّلُثِ لِلْوَارِثِ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِالْمَهْرِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا نَصَّ عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مِنْ الثُّلُثِ وَنَقَلَ أَيْضًا: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةَ بِالزَّائِدِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ فِي صِحَّتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا روايتين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/408)
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُغْنِي1، وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا: وَيَصِحُّ بِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّتْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِحَّ.
وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنٍ2 فِي صِحَّةٍ وَمَرَضٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَصِحُّ بِقَبْضِ مَهْرٍ وعوض
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 7/333.
2 بعدها في "ط": "في".(11/409)
خُلْعٍ بَلْ حَوَالَةٍ وَمَبِيعٍ وَقَرْضٍ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ صَحَّ لَا أَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ1 أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ كَإِنْشَائِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ كَالْإِنْشَاءِ وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ لَوْ صُدِّقَ فِيهِ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْوَارِثِ لَهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ. وَفِي النِّهَايَةِ: يُقْبَلُ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ2 وَجْهَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيًّا أَوْ عَكْسَهُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ: لَا يَلْزَمُ لَا بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَسَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ3 وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الْوَجِيزِ الصِّحَّةَ فِيهِمَا وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: لَا إن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ط": "أنه".
2 في "ط": "الوارث".
3 ص 407.(11/410)
عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ م 2 وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ وَعَنْهُ: إنْ جَازَ الثُّلُثُ فَلَا مُحَاصَّةَ. وَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ بدين أَوْ عَكْسُهُ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ وَفِي الثَّانِيَةِ احْتِمَالٌ فِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ. كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ. وَإِنْ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَصَدَّقُوهُ أَوْ لَا تَصَدَّقُوا بِهِ وَعَنْهُ: بِثُلُثِهِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ ملكت لقطة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ وَلَا يُحَاصُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الشَّرِيفُ وأبو الخطاب والشيرازي في موضع واختاره
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/162 – 163.(11/411)
فصل وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ لَا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ وَأُخِذَ بِهِ إذَنْ كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ
وَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِقَوَدِ النفس بعد عتقه فطلب1 جواب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل: "وطلب".(11/411)
الدَّعْوَى مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ جَمِيعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ الْعَفْوُ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ مَالٍ وَقِيلَ فِي إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ رِوَايَتَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يَصِحُّ فِي غَيْرِ قَتْلٍ. وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ فِي الْمَنْصُوصِ إذَنْ وَقِيلَ: بَعْدَ عِتْقِهِ كَالْمَالِ.
وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ م 3.
وَيُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدٍ عَلَى عَبْدِهِ بما يوجب مالا فقط لأنه إيجاب حق في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
ابْنُ أَبِي مُوسَى وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الأصحاب.
مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِهِ بِعَبْدٍ عَتَقَهُ وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ. انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ والمحرر والوجيز والمنور وغيرهم قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 والشرح وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَلَا وَجْهَ لَهَا عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْمَقْطَعِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ لَكِنْ يُتْبَعُ به لبعد العتق. انتهى.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/171.(11/412)
مَالِهِ. وَفِي الْكَافِي1: إنْ أَقَرَّ بِقَوَدٍ وَجَبَ الْمَالُ وَيَفْدِي السَّيِّدُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وصت بكذا لم يلزم ولده ويتوجه في جَوَازِهِ بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ. وَيُتَوَجَّهُ لُزُومُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمَا صَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيِّدُهُ.
وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِالْجِنَايَةِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فِي الْأَصَحِّ وَبِرَقَبَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ لِسَيِّدِهِ أَوْ سَيِّدُهُ لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ: بَلَى إنْ مَلَكَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ عَتَقَ فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا حُلِّفَ وَقِيلَ: لَا وَالْإِقْرَارُ لِعَبْدِ غيره إقرار لسيده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَصَّتْ بكذا لم يلزم ولده ويتوجه في جوازه بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ.
مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ2 فِيمَا إذَا وَصَّاهُ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ ذَلِكَ أَوْ جَحَدُوا مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي جَوَازِ قَضَائِهِ بَاطِنًا مَعَ عِلْمِهِ وَتَكْمِيلِ ثُلُثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدْ صَحَّحْنَا المسألة هناك وبينا المذهب منهما فليراجع.
__________
1 6/258.
2 7/492.(11/413)
وَلَا يَصِحُّ لِبَهِيمَةٍ وَقِيلَ: يَصِحُّ كَقَوْلِهِ: بِسَبَبِهَا زاد في المغني1: لِمَالِكِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ لِدَارٍ إلَّا مَعَ السَّبَبِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ الْبَهِيمَةُ مِثْلُهَا لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَوْ قَالَ: لِمَالِكِهَا عَلَى سَبَبِ حَمْلِهَا فَإِنْ انْفَصَلَ وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ وَقْفِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ م 4. وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بِمَالٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَهُوَ لِلْحَيِّ وَحَيَّيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقِيلَ: أَثْلَاثًا وَإِنْ عَزَاهُ إلَى مَا يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ عَمِلَ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ أَطْلَقَ كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ وَيَبْطُلُ مَا يَبْطُلُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُفَسِّرَ بَطَلَ قَالَ الْأَزَجِيُّ: كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ فَرَدَّهُ وَمَاتَ الْمُقِرُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ: كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ كَذَا قَالَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ2 وَقْفِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ وقدمه ابن رزين في شرحه.
__________
1 7/266.
2 في "ط": "كعلة".
3 7/266.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/177.(11/414)
وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ؟ فيه الخلاف وصحح التَّمِيمِيُّ الْإِقْرَارَ لِحَمْلٍ إنْ ذَكَرَ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِغَيْرِهِمَا وَيَعْمَلُ بِحَسَبِهِ1.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتهَا له أو نحوه فوعد ويتوجه: يلزمه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. انْتَهَى.
يَعْنِي بِهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَالِ الضَّائِعِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ2: هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ الْمَالِ الضَّائِعِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ اللزوم فكذا هنا على هذا التوجيه.
__________
1 في "ط": "بحسبه".
2 7/213.(11/415)
كقوله: له1 عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ عِنْدَ غَيْرِ التَّمِيمِيِّ وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ: لَا يَصِحُّ كَأَقْرَضَنِي أَلْفًا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: وَيَصِحُّ بِمَالٍ لِحَمْلٍ يَعْزُوهُ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ من حينه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".(11/416)
فَصْلٌ وَإِنَّ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا
فَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا وَعَنْهُ: لَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تُنْكَرُ عَلَيْهِمَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ2 يَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبَةٍ وَلَا تَمْلِكُ عَقْدَهُ وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اختاره القاضي وأصحابه م 5.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا فَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا وَعَنْهُ: لَا وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْقَبُولَ وَعَدَمَهُ في المقنع"3 والشرح3" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
إحْدَاهُنَّ: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 فِي النِّكَاحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي النظم وغيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 بعدها في "ط": "لا".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/191.
4 9/435.(11/416)
وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: يَصِحُّ إقْرَارُ بِكْرٍ بَالِغٍ به وإن جبرها الْأَبُ1 قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِمَا لَا إذْنَ لَهُ فِيهِ كَصَبِيٍّ أَقَرَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ أَبَاهُ آجَرَهُ فِي صِغَرِهِ وَمَعَ بَيِّنَتِهِمَا يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا فَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُبْهِجِ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: الْمُجْبَرُ وَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَفِي الْمُغْنِي2: يَسْقُطَانِ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا3 وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلِيَّ وَلَا تَرْجِيحَ بِالْيَدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهَا "4مَتَى كَانَتْ4" بِيَدِ أَحَدِهِمَا، مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَسَبَقَتْ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا بِهِ قُبِلَ فِي الْمَنْصُوصِ وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً لَهُ بِالْإِذْنِ كَالْمُجْبَرَةِ وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَلَى الْأَظْهَرِ فَدَلَّ أن من ادعت أن فلانا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ الدَّعَاوَى.
__________
1 بعدها في "ط": "قال".
2 14/302.
3 ليست في "ط".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 9/435.(11/417)
زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَسُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ فَلَمْ يُجِبْ.
وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: تَحِلُّ لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ صَحَّ وَوَرِثَهُ.
وَيُتَخَرَّجُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ بَعْدَهَا: لَا إرْثَ فَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ م 6 فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى يَعْنِي وَصَدَّقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَلَا يَرِثُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَقْوَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ وَيَرِثُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ"2" قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بِهِ أَبُو الخطاب والشريف في رءوس المسائل.
__________
1 9/435.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/193.(11/418)
فِيمَنْ أَنْكَرَ الزَّوْجِيَّةَ فَأَبْرَأَتْهُ فَأَقَرَّ بِهَا: لَهَا طَلَبُهُ بِحَقِّهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجٍ أَوْ مَوْلًى أَعْتَقَهُ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ نَسَبَ غَيْرِهِ قُبِلَ وَلَوْ أَسْقَطَ وَارِثَهُ وَكَذَا بِوَلَدٍ وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ مَعَ صِغَرٍ وَجُنُونٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ وَقِيلَ: لَا يَرِثُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا لِلتُّهْمَةِ وَقِيلَ: وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا عَاقِلًا مَيِّتًا. وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا1 م 7.
وَإِنْ أَقَرَّ بِأَبٍ فَكَوَلَدٍ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: إنْ قَالَ عَنْ بَالِغٍ هُوَ ابْنِي أَوْ أَبِي فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا: بِالْآخَرِ تَكْرَارُهُ فِي الْمَنْصُوصِ فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِدُونِهِ نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: النَّسَبُ بِالْوَلَدِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الرَّجُلِ بِهِ أنه ابنه فلا ينكر أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ. إحْدَاهُمَا: يَلْحَقُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا كَغَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا. انْتَهَى. وَقَدَّمَ مَا قَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْحَقُهَا.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: تَقَدَّمَتَا يَعْنِي فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي: وَمَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نَسَبُهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَأَمْكَنَ لَحِقَهُ وَقِيلَ: لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَةٍ وَعَنْهُ: "2مُزَوِّجَةٍ، وَعَنْهُ2": لا يلحق بمن لها نسب معروف وأيهما لحقه
__________
1 9/228 – 229.
2 ليست في "ط".(11/419)
بِوَلَدٍ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ وولده وحرمه.
وَمَنْ ثَبَتَ نِسْبَةً فَادَّعَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ زَوْجِيَّتَهُ لَمْ يَثْبُتْ وَكَذَا دَعْوَى أُخْتِهِ الْبُنُوَّةَ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ بِغَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ كَابْنِ ابْنٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرَائِضِ1، وَإِنْ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ وارث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
لَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ. انْتَهَى. فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ صِحَّةُ إقْرَارِهَا بِوَلَدٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُ أَحَالَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ.
"2فهذه سبع مسائل2".
__________
1 8/87- 88.
2 ليست في "ط".(11/420)
حَتَّى بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ قُبِلَ وَمَعَ الْوَلَاءِ يُقْبَلُ إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ نَصَّ عليه ويتخرج أولا واختاره شيخنا وهـ و1تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ2: مَنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَكَانَ تَصَرَّفَ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ عِنْدَهُ أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَى الْأَمَةِ لَا عَلَى الْأَوْلَادِ نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا تَبَعًا وَاحْتِمَالٌ: يُقْبَلُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ وَطِئَ يَعْتَقِدُهَا مِلْكَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَةٌ بِدَيْنٍ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ قَضَوْهُ مِنْ التَّرِكَةِ وإن أقر بعضهم بلا شهادة فبقدر3 إرْثُهُ إنْ وَرِثَ النِّصْفَ فَنِصْفُ الدَّيْنِ كَإِقْرَارِهِ بِوَصِيَّةٍ لَا كُلُّ إرْثِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَيَمِينٌ ثَبَتَ وَمُرَادُهُ: وَشَهِدَ الْعَدْلُ وَهُوَ مَعْنَى الرَّوْضَةِ وَفِيهَا: إن خلف وارثا واحدا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ط".
2 7/328.
3 في "ط": "فيقدر".(11/421)
لَا يَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ فَأَقَرَّ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ كُلَّ مَا بِيَدِهَا.
وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ مَيِّتٍ وَقِيلَ: مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَجْهًا وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ نص عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/422)
بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَمَا يُغَيِّرُهُ
إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَجَلْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ بِدَعْوَاك فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ وَعَكْسُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا أَوْ عَسَى أَوْ لَعَلَّ أَوْ أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أُقَدِّرُ أَوْ خُذْ أَوْ اتَّزِنْ أَوْ اُحْرُزْ أَوْ افْتَحْ كُمَّك وَكَذَا "1فِي الْأَصَحِّ1" أَنَا أُقِرُّ أَوْ لَا أُنْكِرُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ زَادَ: بِدَعْوَاك لَمْ يُؤَثِّرْ فِي: أَنَا أُقِرُّ وَيَكُونُ مُقِرًّا فِي: لَا أُنْكِرُ وَفِي: أَنَا مُقِرٌّ أَوْ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ اُحْرُزْهُ أَوْ اقْبِضْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ وَجْهَانِ م 1 قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حقك أقوى في الإقرار من خذه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي أَنَا مُقِرٌّ أَوْ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ اُحْرُزْهُ أَوْ اقْبِضْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ عِنْدَهُ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ.
وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي2 وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي"2" فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ.
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي النظم في قوله أنا مقر.
__________
1 في الأصل: "في الواضح".
2 6/263.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/205.(11/423)
وَإِنْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ فَقَالَ: بَلَى فَقَدْ أَقَرَّ لَا نَعَمْ وَيُتَوَجَّهُ: بَلَى مِنْ عَامِّيٍّ1، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ بِضَمِّ الرَّاءِ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَيُتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ احْتِمَالٌ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إذَا قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَمُقِرٌّ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَفْظُ الْإِقْرَارِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَجَوَابُهُ نَعَمْ وَكَانَ إقْرَارًا وَإِنْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا؟ كَانَ الْإِقْرَارُ بِبَلَى وَفِي قِصَّةِ إسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْت عَلَيْهِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: "نَعَمْ أَنْتَ الَّذِي لَقِيتنِي بِمَكَّةَ"؟ قَالَ: فَقُلْت: بَلَى2. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا.
وَإِنْ قَالَ: أَعْطِنِي أَوْ اشْتَرِ ثَوْبِي هَذَا أَوْ أَلْفًا مِنْ الَّذِي لِي عَلَيْك أَوْ إلَيَّ أَوْ هَلْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ أَقُومَ أَوْ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَوْ عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ لَا فِيمَا أَظُنُّ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَصَّ عَلَيْهَا أَوْ لَا تَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ فَقَدْ أقر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مُقِرًّا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ فِي غَيْرِ قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مقرا وجزم به في المستوعب.
__________
1 يعني: إذا قال العامي في جوابه: نعم، فقد أقر.
2 أخرجه مسلم 832.
3 6/264.(11/424)
وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ كَالْإِقْرَارِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ ويكون ذلك تأكيدا: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23،24] وَمَعْنَاهُ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا قَالَ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ إيجَابِهَا قَبْلَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: فِي بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ بِعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ: قَبِلْت أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ.
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ قَدَّمَهُ نَحْوَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ: فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ إنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْته لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا فَعَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ بِكَذَا فَهُوَ صَادِقٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إلَّا مَعَ ثُبُوتِهِ فَيَصِحُّ1 إذَنْ. وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَوَجْهَانِ م 2 – 4.
وَيَصِحُّ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إن جاء وقت كذا لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْمَحَلِّ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ عَكْسِهَا وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أَوْ وَصِيَّةٍ قُبِلَ.
وَمَنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ لِسَانِهِ كَعَرَبِيٍّ بِعَجَمِيَّةٍ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ2 مَا قلته قبل بيمينه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2 - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فهل يكون مقرا أم لا؟
__________
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "أراد".(11/425)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ"1" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَنَصَرَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا هُنَا أَيْضًا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ والرعايتين وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ"3" وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَنَصَرَهُ.
وَالْوَجْهُ الثاني: يكون مقرا اختاره القاضي
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/213.
2 7/337.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/215.
4 7/338.(11/426)
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ
أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ(11/426)
مَعَ فَسَادِهِ1 أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ كَعَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مِائَةٌ وَقِيلَ بَلَى م 5 - 7 كَمِنْ مُضَارَبَةٍ أَوْ مِنْ وديعة لحمله على التعدي2 فيهما وك: عليّ مئة لَا تَلْزَمُنِي وَحُكِيَ فِيهَا احْتِمَالٌ.
وَإِنْ قَالَ: كان له علي كذا و3قضيته أَوْ بَعْضَهُ قُبِلَ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا قَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَعَنْهُ: فِي بَعْضِهِ وَعَنْهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ فَيُطَالَبُ بِرَدِّ: جواب4. وفي الترغيب والرعاية هي أشهر،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 5 - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً مَعَ فَسَادِهِ أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ وَقِيلَ: بَلَى انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: وَالْأَظْهَرُ يَلْزَمُهُ مَعَ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ في منتخبه ومنوره وغيرهم.
__________
1 في الأصل: "إفساده".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".
4 في الأصل: "الجواب".
5 7/278.
6 6/273.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/219.(11/427)
وَعَنْهُ: مُقِرٌّ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ أَوْ يُحَلِّفُ خَصْمَهُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَغَيْرُهُمَا كَسُكُوتِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَبَنَى عَلَيْهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ كَذَا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ قَالَ بَعْدَهُ: وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا تُسْمَعُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِلَا خِلَافٍ.
وَإِنْ قَالَ: بَرِئَتْ مِنِّي أو أبرأتني1 فالروايات وقيل: مقر وإن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هو قياس المذهب وقياس قول أحمد: 2في قوله2 كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 وَالثَّالِثَةُ 7: بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 في النسخ الخطية: "أبرأني"، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ط".(11/428)
قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ: كَانَ فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ وَحَكَيْت وَجْهًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُقْبَلُ وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا تسمع بينته"*".
وَمَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ فِي الْمَنْصُوصِ فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ فِي الضَّمَانِ وفي غيره وجهان م 8.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"*" تنبيه: وَإِنْ قَالَ: بَرِئَتْ مِنِّي أَوْ أَبْرَأَتْنِي1 فَالرِّوَايَاتُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ: كَانَ فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ وَحَكَيْت وَجْهًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُقْبَلُ وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَاتَيْنِ وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ فَكَذَا فِي هاتين. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ فِي الْمَنْصُوصِ فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ فِي الضَّمَانِ. وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وغيرهم.
__________
1 في النسخ الخطية: "أبرأني"، والمثبت من"ط".(11/429)
وَإِنْ سَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ ثُمَّ قَالَ: زُيُوفٌ أَوْ صِغَارٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ لَزِمَهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ حَالَّةٌ كَاسْتِثْنَاءٍ.
فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كبيع؟ فيه وجهان م 9.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَجَلِ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ أَيْضًا قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: فَإِنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلِ أَجَّلَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَمَنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ صُدِّقَ وَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ يَقْبَلُهُ وَالْحُلُولِ وَلِمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُهُ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ قَبُولُ دَعْوَاهُ.
مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كَبَيْعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا أَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَهُوَ الصَّوَابُ.
__________
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/260.
2 6/273.(11/430)
وَالشَّهَادَةُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ1 أَوْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ كَمُطْلَقِ عَقْدٍ. وفي المغني2: إن فسر إقراره بِسِكَّةٍ دُونَ سِكَّةِ الْبَلَدِ وَتَسَاوَيَا وَزْنًا فَاحْتِمَالَانِ. وَنَقَلَ يَزِيدُ بْنُ الْهَيْثَمِ3 فِيمَنْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقُلْ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً قَالَ: صِحَاحٌ قَالَ: شَيْخُنَا: وَمُطْلَقُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَطَّابِيُّ وَعَادَةِ الْعَمَلِ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَغْشُوشَةٍ لَا بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ وَإِنْ قَالَ: صِغَارٌ قُبِلَ بِنَاقِصِهِ4 فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ، وَإِنْ قَالَ: وَازِنٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَقِيلَ: أَوْ وَازِنَةٌ م 10 وإن قال: عددا لزماه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ وَازِنٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَقِيلَ: أَوْ وَازِنَةٌ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَازِنٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَوْ وَازِنَةٌ قَالَ شَيْخُنَا: صَوَابُهُ وَقِيلَ وَازِنُهُ بِإِسْقَاطِ أَوْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ وأقل ما يلزمه الوزن.
__________
1 بعدها في "ط": "أو".
2 7/284.
3 لعله: يزيد بن الهيثم بن طهمان، أبو خالد الدقاق، سمع من عاصم بن علي ويحيى ين معين، روى عنه ابن صاعد، وكان ثقة، تـ 284هـ. "المنتظم لابن الجوزي" 5/175.
4 في "ط": "بناقصه".(11/431)
فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ م11.
وَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ أَوْ دُرَيْهِمٌ فَدِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ وَيُتَوَجَّهُ فِي دُرَيْهِمٍ: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ وَدِيعَةً قَبَضَهُ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَصُّهُ: يُقْبَلُ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ1 اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَكَذَا: ظَنَنْته بَاقِيًا ثُمَّ عَلِمْت تَلَفَهُ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الظَّاهِرُ: لَا يُقْبَلُ هُنَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2: أَوَّلُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ كَالْقَطْعِيِّ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ وَازِنَةٌ.
__________
1 بعدها في النسخ الخطية: "و".
2 7/284.(11/432)
فَصْلٌ تَقَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ 1
وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَسْكُتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ2 كَاسْتِثْنَاءٍ فِي يَمِينٍ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا: وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ صِلَةِ كَلَامٍ مُغَيِّرَةٍ لَهُ وَاخْتَارَ أَنَّ الْمُتَقَارِبَ مُتَوَاصِلٌ فَإِنْ قَالَ: لَهُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ تِسْعَةٌ فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا فَقَالَ: هُوَ الْمُسْتَثْنَى قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ كَقَتْلِهِمْ إلَّا وَاحِدًا وَإِنْ قَالَ: لَهُ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ أَوْ الدَّارُ لَهُ وَالْبَيْتُ لِي صَحَّ وَلَوْ3 كَانَ أَكْثَرَهَا وَإِنْ قَالَ: إلَّا ثُلُثَيْهَا وَنَحْوَهُ. أَوْ الدَّارُ لَهُ وَلِي نِصْفُهَا فَاسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ.
وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا هَلْ هُمَا4 جِنْسٌ وَاحِدٌ أو جنسان؟ وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 9/72.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ر": "إن".
4 ليست في الأصل.(11/433)
الْمُغْنِي1: يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ يُعْلَمُ قَدْرُهُ مِنْهُ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْعَكْسِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: بَلْ نَوْعٌ مِنْ آخَرَ فَإِنْ صَحَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا رَجَعَ إلَى سِعْرِهِ بِالْبَلَدِ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ وَقِيلَ: يُقْبَلُ مِنْهُ قِيمَتُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ الْمِائَةِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَفِي الْمُذْهَبِ: يُقْبَلُ فِي النِّصْفِ فَأَقَلَّ وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ2 دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْأَصَحِّ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ م 12.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ3: قَوْلُهُ: أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ. انْتَهَى. صَوَابُهُ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ مَرَّتَيْنِ لَا ثَلَاثَةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ لَكِنَّ الْحُكْمَ صَحِيحٌ إذْ لَا فَرَّقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ لِرَفْعِ إحْدَى الْجَمَلِ.
مسألة 12: قوله: وَإِنْ قَالَ4: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ انْتَهَى. وأطلقهما في المقنع5 والشرح"5" وشرح ابن منجا:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ
__________
1 7/270.
2 ليست في "ر".
3 هذا التنبيه ليس في "ح".
4 بعدها في "ط": "له".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/242.(11/434)
وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ كَسَبْعَةٍ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا فَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ وَمِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عَشَرَةٌ إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ1 بَاطِلٌ بِعَوْدِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ لِبُعْدِهِ كَسُكُوتِهِ وَإِلَّا سِتَّةٌ وَإِنْ بَطَلَ النِّصْفُ خَاصَّةً فَثَمَانِيَةٌ وَإِنْ صَحَّ فَقَطْ فَخَمْسَةٌ وَإِنْ عُمِلَ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ2 فسبعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ قَالَ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا وَجَبَ خَمْسَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَإِلَّا ثَلَاثَةٌ. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يلزمه ثلاثة.
__________
1 في "ر": "الاستثناء.
2 في الأصل: "الاستثناءات".(11/435)
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي رَهْنٌ قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ إنَّهُ وَدِيعَةٌ
نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: إذَا قَالَ: لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ قَالَ: هِيَ رَهْنٌ عَلَى كَذَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا رَهْنٌ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ تَخْرِيجًا: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ.
وَإِنْ قَالَ1: عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ2 لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِوَدِيعَةٍ وَقِيلَ: بَلَى كَمُتَّصِلٍ فَإِنْ زَادَ الْمُتَّصِلَ وَقَدْ تَلِفَتْ لَمْ يُقْبَلْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ وَلَا مانع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 بعدها في "ر": "له".
2 ليست في "ر".(11/436)
وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ: هُوَ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِ1 الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ م 13 وَعَدَمُ الْقَبُولِ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ وَدِيعَةً بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَغَا وَصْفُهُ لَهَا بِالضَّمَانِ وَبَقِيَتْ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا أَوْ فِي هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ فَقَدْ أَقَرَّ فَإِنْ فَسَّرَ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ لَمْ يُقْبَلْ وَمِثْلُهُ: لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَوْ فِي2 هذه التركة ألف صح وفسرها قَالَ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَقَرَّ وَكَانَ مِلْكَهُ إلَى أَنْ أَقَرَّ أَوْ قَالَ: هَذَا مِلْكِي إلَى الْآنَ وَهُوَ لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ وَمَازَالَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَزَجِيُّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: دَارِي لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ أَوْ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ نِصْفُهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ فِيهَا نِصْفُهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ: لَا لِلتَّنَاقُضِ فَلَوْ زَادَ: بِحَقٍّ لَزِمَنِي وَنَحْوُهُ صَحَّ عَلَيْهِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَلَى الأصح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ: هُوَ هَذَا هُوَ وَدِيعَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِ"1" الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أيضا.
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ر".
3 7/300.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/274.(11/437)
فَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى إنْ فَسَّرَ بِهِبَةٍ قُبِلَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ أَوْ لَهُ نِصْفُ مَالِي إنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَلَا شَيْءَ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَفِي الْمَذْهَبِ: فِي نِصْفِ دَارِي هِبَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَصَايَا: هَذَا مِنْ مَالِي لَهُ وَصِيَّةٌ وَهَذَا لَهُ إقْرَارٌ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ وَمِنْ مَالِي وَعْدٌ قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَالْفَاءِ فِي أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَلَا يَكُونُ إقرارا إذا أضافه إلى نفسه ثم أخبر1 لغيره بشيء منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قال الشيخ: وهو مقتضى كلام الخرقي.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ لَفْظَةُ أَلْفٍ الْأُولَى زَائِدَةٌ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عليه نبه عليه شيخنا.
__________
1 في "ط": "أخبره".
2 6/276.(11/438)
وَإِنْ قَالَ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فالخلاف وإن قال: لَهُ الدَّارُ هِبَةً أَوْ عَارِيَّةً عُمِلَ بِالْبَدَلِ واعتبر شرط هبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تنبيه: وقوله: وإن قال ديني "1على زيد لعمرو، فالخلاف يعني به1": الَّذِي فِي قَوْلِهِ لَهُ دَارِي هَذِهِ أَوْ مِنْ مَالِي أَوْ فِي مَالِي وَنَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ صَحَّحَ الصِّحَّةَ.
__________
1 ليست في "ط".(11/439)
وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعُ: لَهُ هَذِهِ1 الدَّارُ ثُلُثَاهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّتَهُ وَإِنْ قَالَ: هِبَةَ سُكْنَى أو هبة عارية عمل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في الأصل و "ط": "هذا".(11/440)
بِالْبَدَلِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ بطلان الاستثناء هنا لأنه استثنى1 الرقبة وبقى2 المنفعة وهو3بَاطِلٌ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ.
وَإِنْ قَالَ غَصَبْتَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو أَوْ هَذَا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو وَدَفَعَهُ لِزَيْدٍ وَالْأَصَحُّ: وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِيَدِهِ وَقِيلَ: لَا إقْرَارَ مَعَ اسْتِدْرَاكٍ مُتَّصِلٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا.
وَإِنْ قَالَ: مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَقِيلَ: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو وَفِيهِ وَجْهٌ وَقِيلَ: هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ م14.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَقِيلَ: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو وَفِيهِ وَجْهٌ وَقِيلَ: هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِزَيْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ"4" وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ: هَذَا الْأَشْهَرُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى عَمْرٍو وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: وَلَا يَغْرَمُهُ لعمرو وفيه وجه: القول بعدم
__________
1 في "ط": "استثناء".
2 في "ط": "بقاء".
3 في "ط": "هذا".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/292.
5 7/279.(11/441)
وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو فِي: غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَجْهَانِ م15.
وَإِنْ قَالَ: أَخَذْته مِنْ زَيْدٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِالْيَدِ. وَإِنْ قَالَ: مَلَكْته أَوْ قَبَضْته أَوْ وَصَلَ إلَيَّ عَلَى يَدِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُ زَيْدٍ وَإِنْكَارُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ بَلْ كَانَ سَفِيرًا: وَإِنْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو أَوْ لِزَيْدٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو مِائَةُ دِينَارٍ فَهِيَ لِزَيْدٍ وَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو كَقَوْلِهِ: بِعْهُ لِزَيْدٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو. وَقِيلَ: لَهَا الْمِقْدَارَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَقَرَّ لأحدهما: أو بأحدهما، لزمه وعينه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْغَرَامَةِ لِعَمْرٍو وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْوَجْهُ بِأَنَّهُ يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو أَيْضًا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 والوجيز وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَخَذَهُ زَيْدٌ وَأَخَذَ عَمْرٌو قِيمَتَهُ فِي الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنْ يطلق الخلاف. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو وَفِي: غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَخَذَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا فِي الْأَشْهَرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: ضَمِنَ قِيمَتَهُ لعمرو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 7/279.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/292.
4 7/279.(11/442)
فَصْلٌ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالتَّرِكَةِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُهَا لِعَمْرٍو
وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَسْتَغْرِقُهَا لَهُ ثُمَّ بِمِثْلِهِ لِعَمْرٍو بِمَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ تَشَارَكَا قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اشْتِرَاكُهُمَا إن تواصل كلامه بإقرار به1 وقيل: يقدم زيد وأطلق الأزجي احتمالا:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "بإقراره به"، وفي "ط": "بإقراريه".(11/442)
يَشْتَرِكَانِ كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا. قَالَ: وَلَوْ خَلَّفَ أَلْفًا فَادَّعَى إنْسَانٌ الْوَصِيَّةَ لَهُ1 بِثُلُثِهَا فَأَقَرَّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى "2آخَرُ عَلَيْهِ2" أَلْفًا دَيْنًا فأقر له فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَبَقِيَّتُهَا لِلثَّانِي وَقِيلَ: كُلُّهَا لِلثَّانِي وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا اُحْتُمِلَ أَنَّ رُبُعَهَا لِلْأَوَّلِ وَبَقِيَّتَهَا لِلثَّانِي وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ كَسَبَبَيْنِ أَوْ أَجَلَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَإِلَّا أَلْفٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْإِشْهَادُ وَلَوْ قَيَّدَ إحْدَاهُمَا: حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ
قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ فِي شَعْبَانَ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي رَمَضَانَ بِقَبْضِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي شَوَّالٍ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا قَبْضُ خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي تَكْرَارٌ وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقَبْضِ فِي شَعْبَانَ وَفِي شَوَّالٍ ثَبَتَ الْكُلُّ لِأَنَّ هَذَا تَوَارِيخُ الْقَبْضِ وَالْأَوَّلَ تَوَارِيخُ الْإِقْرَارِ: قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَقَرَّ"1" بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَاهُ لِنَقْصِ الْوَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي: عِنْدَنَا لَوْ شَهِدَ فِي كِتَابٍ بِدَيْنٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ ثُمَّ نَقَلَ شَهَادَتَهُ إلَى كِتَابٍ آخَرَ"1" شَهِدَ مِثْلَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى"1" قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي أَقَرَّ عِنْدِي بِمَا فِي كِتَابِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ نُسْخَتُهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: الِاحْتِيَاطُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَى أَنَّهُمَا إقراران فوجب رفع الاحتمال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في الأصل.(11/443)
وَإِنْ ادَّعَيَا1 شَيْئًا بِيَدِ ثَالِثٍ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ بِنِصْفِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ: إنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءِ وَارِثٍ زَادَ فِي الْمُجَرَّدِ2 وَالْفُصُولِ: "3وَلَمْ3" يَكُونَا قَبَضَاهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لَهُ شَارَكَهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِنَصِيبِ الْآخَرِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ طَعَامًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ غُصِبَ كَانَ الذَّاهِبُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا "3فَكَذَا إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا الذَّاهِبُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا3" وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَيَغْرَمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته بَعْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ قَالَ: قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي وَنَحْوَهُ.
وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ فَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيفُهُ4 اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: لَا نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ م 16 قال الشريف وأبو الخطاب: ولا يشبه من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ فَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيفُهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: لَا. نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الهداية والخلاصة والمقنع5 والشرح"5" وغيرهم.
__________
1 في الأصل: "ادعى".
2 في النسخ الخطية: "المحرر"، والمثت من "ط".
3 ليست في "ر".
4 في الأصل: "تحليف".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/282.(11/444)
أَقَرَّ بِبَيْعٍ وَادَّعَى تَلْجِئَةً إنْ قُلْنَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لَمْ يَنْفِ مَا أَقَرَّ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: فِيمَنْ أَقَرَّ بِمِلْكٍ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُ إقْرَارَهُ إلَّا مَعَ شُبْهَةٍ مُعْتَادَةٍ قَالَ: وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَأَقَرَّ وَارِثٌ شَافِعِيٌّ أَنَّهَا وَارِثَةٌ وَأَقْبَضَهَا وَأَبْرَأَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَعْوَى مَا يُنَاقِضُهُ1 وَلَا يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَوْ الْوَصِيُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ وَأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَمْ يُعْطَ الْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى يُصَدِّقَ الْمُقِرُّ وَفِي يمينه الخلاف قال: لو أقر بدين2 فقيل: للمقر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إحْدَاهُمَا: لَهُ تَحْلِيفُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُغْنِي3 وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ "3وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ: هَذَا أَوْلَى3".
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
"4فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مسألة4".
__________
1 في الأصل: "ناقض".
2 ليست في "ط"..
3 6/454.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".(11/445)
لَهُ: هَلْ سَلَّمْته إلَيْهِ؟ قَالَ: لَا بَلْ إلَى وَكِيلِهِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ1: لَمْ أتسلمه منه2.لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ وَيُحَلَّفُ الْمُقَرُّ لَهُ. وَمَنْ قَالَ: قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ: ثَمَنُ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَيَضْمَنُ إنْ قَالَ: غَصْبًا وَعَكْسُهُ وَأَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ: غَصْبًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِفِعْلِ الدَّافِعِ. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ليست في "ر".
2 ليست في "ط".(11/446)
باب الإقرار بالمجمل
مدخل
...
باب الإقرار بالمجمل
إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا أَوْ كَرَّرَ بِوَاوٍ أَوْ1 لَا وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ كَرَّرَ ذَلِكَ بِوَاوٍ فَلِلتَّأْسِيسِ لَا التَّأْكِيدِ وَهُوَ أَظْهَرُ. قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحُكِمَ عَلَيْهِ وَالْأَشْهَرُ إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ م 1، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ2 أَوْ أَقَلِّ مَالٍ لَا بِمَيْتَةٍ وخمر وغير متمول كقشر جوزة وعلله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ: بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحُكِمَ عَلَيْهِ وَالْأَشْهَرُ: إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ انْتَهَى.
الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ"3" وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْعَلُ نَاكِلًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: يُجْعَلُ نَاكِلًا وَيُؤْمَرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيَانِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ لِقَوْلِهِ: وَالْأَشْهَرُ كَذَا وَلَكِنْ أَتَى بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لِتَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ أحدهما، والله أعلم.
__________
1 بعدها في الأصل: "و".
2 في "ر": "شفعته".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/310.
4 7/303.
5 6/285.(11/447)
فِي الْمُغْنِي1 بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ: وَكَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ وَقِيلَ: يُقْبَلُ.
وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَزَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ. وَأَنَّ قِلَّتَهُ لَا تَمْنَعُ طلبه والإقرار به والأشهر: لا يقبل2 بِرَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رده نحو كلب مباح نفعه وَجْهَانِ م 2 و3. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2 و 3: قَوْلُهُ: وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رَدُّهُ نَحْوُ كَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا فَسَّرَهُ بِحَدِّ قَذْفٍ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيرهم.
__________
1 7/303.
2 في "ط": "يقتل".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/312.(11/448)
وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ م 4 وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وفي ميتة وأطلق في التبصرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي1 وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ فِي الْوَارِثِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْقَبُولِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: إذَا فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي"1" وَالْمُقْنِعِ"3" والهادي والتلخيص والمحرر والشرح"3" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ وَالْعَوَائِدِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ مثل أن يكون له4 عَادَةً بِصَيْدٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ. انتهى. وكذا قال غيره وقد علمت
__________
1 6/285.
2 7/304.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/312.
4 ليست في "ط".(11/449)
الْخِلَافَ فِي كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْ فَوَارِثُهُ كَهُوَ1 وَإِنْ تَرَكَ تَرِكَةً وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ. وَعَنْهُ: إنْ صَدَّقَ مَوْرُوثَهُ أَخَذَ بِهِ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنْ حَلَفَ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ لَزِمَهُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ وَيُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي مَوْرُوثِهِ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَوْ غَصَبْته شَيْئًا قَبْلُ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ2 لَا بِنَفْسِهِ وَفِي الْمُغْنِي3: بِمَا يُبَاحُ نَفْعُهُ. وَفِي الْكَافِي4 كَاَلَّتِي قَبْلَهَا قَالَ الْأَزَجِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا لَزِمَ إرَاقَةُ الْخَمْرِ وَقَتْلُ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُك قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ.
وَفِي الْكَافِي"4": لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ قَالَ غَصَبْتُك وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُقْبَلُ بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عِنْدَ الْقَاضِي قَالَ: وَعِنْدِي: لَا لِأَنَّ الْغَصْبَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِمَا هُوَ مُلْتَزَمٌ شَرْعًا وَذَكَرَهُ فِي مَكَان آخَرَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ.
وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَالْأَشْبَهُ: وَبِأُمِّ وَلَدٍ وَكَذَا: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ وَنَحْوُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ شَيْئًا أَوْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الكثرة ويتوجه العرف وإن لم ينضبط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَبْلَ دَبْغِهِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ وَقُلْنَا لَا يَظْهَرُ5 وَقَالَ فِي الصُّغْرَى قَبْلَ الدَّبْغِ وبعده وقلنا لا يظهر6 من غير حكاية خلاف. والله أعلم.
__________
1 بعدها في الأصل: "و".
2 في "ر": "وعنه".
3 7/305.
4 6/286.
5 في "ط": "يظهر".
6 في "ط": "يظهره".(11/450)
كَيَسِيرِ اللُّقَطَةِ وَالدَّمِ الْفَاحِشِ.
قَالَ شَيْخُنَا: عُرْفُ1 الْمُتَكَلِّمِ فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى أَقَلِّ مُحْتَمَلَاتِهِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي مَالٍ عَظِيمٍ نِصَابَ السَّرِقَةِ. وَقَالَ فِي خَطِيرٍ وَنَفِيسٍ صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا كَسَلِيمٍ وَقَالَ فِي عَزِيزٍ: يُقْبَلُ بِالْأَثْمَانِ الثِّقَالِ أَوْ الْمُتَعَذَّرِ وُجُودُهُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ.
وَلِهَذَا اعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا الْمَقَاصِدَ وَالْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا فَرْقَ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ قُبِلَ بِالْقَلِيلِ وَإِنْ قَالَ: عَظِيمٌ عِنْدِي اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ وَاحْتُمِلَ: يُعْتَبَرُ حَالُهُ وَإِنْ قَالَ: دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُبِلَ بِثَلَاثَةٍ كَدَرَاهِمَ نَصَّ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ: فَوْقَ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ اللُّغَةُ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا بُدَّ لِلْكَثْرَةِ مِنْ زِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمًا إذْ لَا حَدَّ لِلْوَضْعِ كَذَا قَالَ.
وَفِي الْمُذَهَّبِ احْتِمَالٌ: تِسْعَةٌ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْقَلِيلِ وَيُتَوَجَّهُ فِي دَرَاهِمَ وَجْهٌ: فَوْقَ عَشَرَةٍ.
وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وزعفران ففي قبوله احتمالان2 م 5.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ عَظِيمٌ عِنْدِي اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ. وَاحْتُمِلَ: يُعْتَبَرُ حَالُهُ. انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَزَعْفَرَانٍ فَفِي قَبُولِهِ احْتِمَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّوَابُ.
__________
1 في "ر": "أعرف".
2 بعدها في "ط": "فصل".(11/451)
وَلَوْ أَقَرَّ بِجَوْزَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَدْرِهَا مِنْ الْخَمِيرِ لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحَبَّةٍ انْصَرَفَ إلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ عَادَةً وَيُسَفِّهُ النَّاسُ مَنْ بَاعَ صُبْرَةً فَتَخَلَّفَ مِنْهَا حَبَّةٌ فَرَدَّهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَيَعُدُّونَهُ خَارِجًا عَنْ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لمن استأذنه في الكتبة1 مِنْ دَوَاتِهِ: هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَهُوَ يُنَاقِضُ كَلَامَهُ السَّابِقَ فَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا الْخِلَافُ. وَلَوْ قَالَ: حَبَّةُ بُرٍّ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى قليل من الطعام يفسره قال الْأَزَجِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ: وَلَوْ فَسَّرَ قَلِيلَ الطَّعَامِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَادَةً. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ كَحَذْفِ الْوَاوِ كَرَّرَ كَذَا أَوْ لَا وَقِيلَ: وَبَعْضٌ آخَرُ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ وَقِيلَ: مَعَ النَّصْبِ وَمَعَ الرَّفْعِ دِرْهَمٌ وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ بِالْجَرِّ2 قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقِيلَ: إنْ كَرَّرَ الْوَاوَ فَبَعْضٌ آخَرُ وَإِنْ وَقَفَ فَكَالْجَرِّ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَ الْعَرَبِيَّةَ فَدِرْهَمٌ فِي الْكُلِّ وَيُتَوَجَّهُ فِي عَرَبِيٍّ فِي كَذَا دِرْهَمًا أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيِّزُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِي جاهل العرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الاحتمال الثاني: يقبل.
__________
1 في "ط": "الكتابة".
2 في "ط": "بأجر".(11/452)
فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَفَسَّرَهُ بِحَبْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ قُبِلَ
وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وجهان م6.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الاحتمال الثاني: يقبل.
مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى.(11/452)
وَإِنْ قَالَ: لَهُ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَدِينَارٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ أَوْ آخِرُ الْأَلْفِ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَالْأَلْفُ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَقِيلَ: يُفَسِّرُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ وَقِيلَ: يُفَسِّرُهُ مَعَ الْعَطْفِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ بِلَا عَطْفٍ لَا يُفَسِّرُهُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ مَعَ الْعَطْفِ: لَا بُدَّ أَنْ يفسر الألف بقيمة شيء إذا خَرَجَ مِنْهَا الدِّرْهَمُ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ كَذَا قَالَ وَالْخِلَافُ إنْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ أَوْ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ فَإِنْ رفع الدينار فواحد و1اثنا عشر درهما"1" وإن نصبه2 نَحْوِيٌّ فَمَعْنَاهُ الِاثْنَا عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِجَوْزٍ أَوْ بَيْضٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِقِيمَةِ الدِّرْهَمِ3 فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا النِّصْفُ فَاحْتِمَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمٌ.
وَالثَّانِي: يُطَالِبُ بِتَفْسِيرٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَخْرُجُ قِيمَةُ الدِّرْهَمِ وَيَبْقَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ النصف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ المال.
والوجه الثاني: يقبل وهو ظاهر كلام الأصحاب.
__________
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "رضيه".
3 في "ر": "الدراهم".(11/453)
قال: و1كذا دِرْهَمٌ إلَّا أَلْفٌ نَقُولُ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الدِّرْهَمِ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَذَا أَلْفٌ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ يُفَسِّرُ الألف والخمسمائة على ما مر.
و"1" إن قَالَ لَهُ فِي هَذَا شِرْكٌ أَوْ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ أَوْ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا أَوْ لِي وَلَهُ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ سَهْمَ الشَّرِيكِ وَكَذَا لَهُ فِيهِ سَهْمٌ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي سُدُسًا كَوَصِيَّةٍ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ2 فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ به فقيل: يقبل كجنايته و3كَقَوْلِهِ نَقَدَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ اشْتَرَى رُبُعَهُ بِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ وَقِيلَ: لَا م 7 لأن حقه في الذمة. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ4 ففسره بدونه لكثرة نفعه لحله5 وَنَحْوِهِ قُبِلَ.
وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ قَدْرًا وَلَوْ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَقِيلَ: مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَلَوْ قَالَ: مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ وَيُفَسِّرُهُ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ أَظْهَرُ م8.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ: فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ فَقِيلَ: يُقْبَلُ وَقِيلَ: لَا انتهى.
قلت: الصواب: القول الثاني.
مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ وَيُفَسِّرُهُ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ أَظْهَرُ انْتَهَى.
الصَّوَابُ: ما قاله الشيخ تابعه جماعة عليه.
__________
1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "لي".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في الأصل: "لفلان".
5 في "ر" و "ط": "كحله".(11/454)
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغًا فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك عَلَيَّ وَقَالَ: أَرَدْت التَّهَزِّيَ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يُفَسِّرُهُ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٌ جَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا بَعْدَ الْوَاحِدِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: كَالْبَيْعِ وَكَمَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ وَعَنْهُ: عَشَرَةٌ وَكَذَا مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى1 عَشَرَةٍ وَيُتَوَجَّهُ هُنَا ثَمَانِيَةٌ وَإِنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ لِزِيَادَةِ أَوَّلِ الْعَدَدِ وَهُوَ وَاحِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ وَضَرْبُهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى القول الثاني2: أحد عشر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "و".
2 في "ر" و "ط": "الثالث".(11/455)
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ
كُلُّهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ.
فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى3 بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ4 بلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "ونوى طلق".(11/455)
عطف. وفي الترغيب وجه: ومعه لأنه اليقين بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وَفِيهِ أَيْضًا فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فثلاثة وجهان م 9 - 11
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 9 - 1 1: قَوْلُهُ: وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ بلا عطف. وفي الترغيب وجه: ومعه لأنه الْيَقِينُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وَفِيهِ أَيْضًا فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فَثَلَاثَةٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9: إذَا قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ وَنَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ هَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ3 أَوْ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ عَطَفَ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: فَفِي قَبُولِهِ فيلزمه
__________
1 7/285.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/351.
3 في "ح": "درهما".(11/456)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
دِرْهَمَانِ أَوْ لَا، فَثَلَاثَةٌ. وَهُوَ سَهْوٌ؛ إذْ لا قلئل بلزوم الثلاثة فيها، وإنما الخلاف في لزومه دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ، وَلَعَلَّ هُنَا سَقْطًا. وَإِنْ قُلْنَا: الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْمُصَنِّفُ قَدْ عَطَفَ عَلَيْهَا، وَأَجْرَى الْحُكْمَ فِي1 الْكُلِّ، وَهُوَ لُزُومُ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ2 الثَّلَاثَةِ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فِي الْحُكْمِ، أَوْ "3يُقَالُ: دَلَائِلُ الحال تدل على أنه لم يرد الأول بِالْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، فَيُقَالُ: تَبْقَى بِلَا ذِكْرِ حُكْمٍ لَهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ3"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 10: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ، أَوْ: دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ، وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي؛ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ دِرْهَمَانِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الجامع الكبير.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَالَ فِي الْمُغْنِي"4" وَمَنْ تَابَعَهُ: وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ أَرَدْت بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَبَيَانَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَبِهِ قَطَعَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 11: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْ وَالْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ قَابِلٌ لِلتَّأْكِيدِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا.
__________
1 ليست في "ط".
2 في النسخ الخطية: "و"، والمثبت من "ط".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 7/286.
5 6/289.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/352.(11/457)
وَإِنْ غَايَرَ أَوْ أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالثَّالِثِ لَمْ يقبل لِلْمُغَايَرَةِ وَلِلْفَاصِلِ1.
وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالَيْنِ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ وَالطَّلَاقُ إنشاء قال: والمذهب أنهما سواء2 إن صَحَّ3 ذَلِكَ صَحَّ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ قَوْلًا فِي دِرْهَمٍ فَقَفِيزِ بُرٍّ4 أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فَقَفِيزٌ خَيْرٌ مِنْهُ كَذَا قَالَ فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْوَاوِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ فِي: لَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ احْتِمَالَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي: دِرْهَمٌ لا بل درهم روايتان5 ويلزمه دِرْهَمَانِ فِي: دِرْهَمٌ بَلْ اثْنَانِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ.
وَإِنْ قَالَ هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا أَوْ بَلْ هَذَانِ لَزِمَهُ الْكُلُّ لِلتَّعْيِينِ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أنت طالق: يقع بواحدة واحتج
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ.
تَنْبِيهٌ6: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي إطْلَاقِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرًا بَلْ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ صِحَّةُ التَّأْكِيدِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يُقَالُ: التأكيد في الطلاق أقوى وليس بواضح.
__________
1 في الأصل: "للفاضل".
2 بعدها في "ط": "و".
3 بعدها في "ط": "ذلك".
4 ليست في "ط".
5 بعدها في "ط": "قيل".
6 هذا التنبيه ليس في النسخ الخطية، وأثبت من "ط".(11/458)
بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي دِرْهَمٍ بَلْ دِرْهَمٍ. وَإِنْ قَالَ: قَفِيزُ بُرٍّ بَلْ شَعِيرٍ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ وَقِيلَ: الشَّعِيرُ وَالدِّينَارُ وإن قال: درهم في دِينَارٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ1 فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالسَّلَمِ فَصَدَّقَهُ2، بَطَلَ إنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ.
وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ رَهَنْت بِهِ الدِّينَارَ عِنْدَهُ فَالْخِلَافُ السَّابِقُ وَإِنْ قَالَ ثَوْبٌ قَبَضْته فِي دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَالثَّوْبُ مَالُ السَّلَمِ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَيَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَفِي لُزُومِهِ3 مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ ومن حاسب وفيه4 احتمالان م 12 و 13.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 12 و 13: قَوْلُهُ: وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ فَإِنْ خَالَفَهُ الْعُرْفُ فَفِي لُزُومِهِ مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12: إذَا قَالَ: لَهُ دِرْهَمُ فِي عَشَرَةٍ وَأَطْلَقَ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفٌ فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي لُزُومِ مُقْتَضَاهُ الْخِلَافَ.
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ مُقْتَضَى الْعُرْفِ. وَهُوَ الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ فِي الْعُرْفِ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13: يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْحِسَابِ وَبِنِيَّةِ الْجَمْعِ فَفِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَهَلْ يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ حَاسِبٍ؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فيه احتمالان.
__________
1 في الأصل: "درهمان".
2 في الأصل: "وصدقه".
3 في "ر" و "ط": "لزامه".
4 في الأصل: "ففيه".(11/459)
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَقِيلَ: مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَكَسَيْفٍ بِقِرَابٍ و1ثوب مُطَرَّزٍ2 وَنَحْوِهِ وَقِيلَ: لَا م 14 - 24 كَجَنِينٍ فِي جارية أَوْ فِي دَابَّةٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي بَيْتٍ. وَكَالْمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ3 وَيَلْزَمَانِهِ4 إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ5 وَقِيلَ: لَا وَكَذَا تتمتها أصلهما هل يحنث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ. قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا أَوْ خَطَأٌ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ الْحَاسِبُ أَنَا أَرَدْت الْجَمْعَ بِقَوْلِي ذَلِكَ وَلَا نَقْبَلَهُ وَنَقُولَ لَا يَلْزَمُك إلَّا مُقْتَضَى اللَّفْظِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْحِسَابِ وَهُوَ عَشَرَةٌ هَذَا خُلْفٌ. وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى تَقْدِيمِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ: وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالَانِ أَوْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِمَا قَالَ غَيْرَ هذه المسألة. والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ 14 - 24: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي 1 تَمْرٌ فِي جِرَابٍ 2 أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ 3 أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ 4 أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ 5 أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ 6 أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ 7 أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ 8 أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ 9 أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ 10 أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ 11 أَوْ بِالْعَكْسِ 12 فَقِيلَ: مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ وقيل: لا انتهى.
__________
1 في الأصل: "أو".
2 في "ط": "مطرد".
3 ليست في الأصل.
4 في الأصل: "ويلزمه".
55 في "ط": "فهي".(11/460)
مَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ1. وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
ذَكَرَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ قَالَ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ3 ثَوْبٌ أَوْ كِيسٌ فِيهِ دَرَاهِمُ أَوْ جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ مُسَرَّجَةٌ أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ. وَقِيلَ: إنْ قَدَّمَ الْمَظْرُوفَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالظَّرْفِ وَحْدَهُ قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ فِي الْكُلِّ خِلَافٌ انْتَهَى.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ: أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَظْرُوفِ4 دُونَ ظَرْفِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى وَقَالَهُ أَيْضًا فِي النُّكَتِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي أَيْضًا قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَّا إنْ حَلَفَ مَا قَصَدْته انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي قِرَابٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْقِرَابِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَإِنْ قَالَ: سَيْفٌ بِقِرَابٍ كَانَ مُقِرًّا بِهِمَا وَمِثْلُهُ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ5 أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ ذَكَرَهُ ابْنُ حامد ويحتمل أن يكون إقرارا بهما.
__________
1 ليست في الأصل.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/359.
3 في الأصل: "ففيه".
4 في "ط": "بالظروف".
5 في "ط": "قرابه".(11/461)
المئة1 لزمته وفي تتمتها احتمالان م 25.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ دابة عليها سرج احتمل أن لَا تَلْزَمَهُ الْعِمَامَةُ وَالسَّرْجُ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَالِاحْتِمَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ وَرَأَيْت مَسْأَلَةَ الْعِمَامَةِ فِي الْمُغْنِي2. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَحَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ3 عَادَةً أو خلقة4 فَيَكُونُ إقْرَارُهُ بِهِ دُونَ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ عَادَةً قَالَ: وَيَحْتَمِلُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَابِعًا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونَ إقْرَارًا بِهِ؟ كَتَمْرٍ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٍ فِي قِرَابٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا فَلَا يَكُونَ إقْرَارًا بِهِ كَنَوًى فِي تَمْرٍ وَرَأْسٍ فِي شَاةٍ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ5 لَمْ يَظْهَرْ الْعَكْسُ سِوَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَعَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ فَإِنْ عَكْسَهُمَا سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ وَمَا عَدَاهُمَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى فِي عِبَارَتِهِ وَمَسْأَلَةُ الْخَاتَمِ تَأْتِي6 وَمَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ الْمُسَرَّجَةِ لَيْسَ لَهَا عَكْسٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ مَسْأَلَتَيْ سَرْجٍ عَلَى دَابَّةٍ وَعِمَامَةٍ عَلَى عَبْدٍ مَسْطُورَةً إلَّا هُنَا وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 25: قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةَ لَزِمَتْهُ وَفِي تَتِمَّتِهَا احْتِمَالَانِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ الَّذِي فِي هذا الكيس فهو مقرّ
__________
1 في "ط": "الماء".
2 7/291.
3 في "ح": "بطرفه".
4 في "ط": "خلفة".
5 تقدم متنه ص 460.
6 ص 463.(11/462)
وفي دار مفروشة الوجهان م 26 وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: لَا يَلْزَمُهُ فَرْشٌ. وَإِنْ قَالَ: خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ فَقِيلَ: الْوَجْهَانِ وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا لأنه جزؤه م 27 فلو أطلق لزماه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
بِهِ دُونَ الْكِيسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ1 فِيهِ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي الْأَقْيَسِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُهُ لَزِمَهُ تَمَامُهُ وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. قلت ما صححه في2 الرعاية وَهُوَ لُزُومُ التَّتِمَّةِ هُوَ الصَّوَابُ.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا تَلْزَمُهُ التَّتِمَّةُ.
مَسْأَلَةٌ 26: قَوْلُهُ: وَفِي دَارٍ مَفْرُوشَةٍ الْوَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْفَرْشِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ أَيْضًا.
مَسْأَلَةٌ 27: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ فَقِيلَ: الْوَجْهَانِ وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ. انْتَهَى.
الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: فِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وحكى5 فِي الْكَافِي6 وَالرِّعَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَ الطريقتين في القواعد الفقهية وقال: ومسألة:
__________
1 في "ط": "يمكن".
2 في "ط": "و".
3 7/291.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/363.
5 في "ط": "حكم".
6 6/272.(11/463)
وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ م 28. وَمَنْ أَقَرَّ بِنَخْلَةٍ لَمْ يُقِرَّ بِأَرْضِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قلعها وثمرتها للمقر له.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
جِرَابٍ فِيهِ تَمْرٌ وَقِرَابٍ فِيهِ سَيْفٌ.
مَسْأَلَةٌ 28: قَوْلُهُ: وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا مَضَى. وَقَالَ فِي النُّكَتِ: وَمِنْ الْعَجَبِ حِكَايَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمَا يَلْزَمَانِهِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ: فُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ غَصَبْته أَوْ أَخَذْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا بِكَوْنِهِ فِي الْمِنْدِيلِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا وَكِلَاهُمَا مَغْصُوبٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ عِنْدِي فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ لَهُ. انْتَهَى.
فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الباب.
ومن كتاب الطلاق إلى هنا مسائله1 ست مئة وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً.
وَمِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا أَلْفَا مَسْأَلَةٍ وَمِائَتَانِ وَعِشْرُونَ تَقْرِيبًا.
وَبِتَعْدَادِ الصُّوَرِ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِكَثِيرٍ وَقَدْ عَلَّمْت عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَى آخِرِهِ وَذَكَرْت الْعِدَّةَ فِي آخِرِ كُلِّ بَابٍ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنِّي ذُهُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخِلَافَ لَمْ أَذْكُرْهَا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فليلحقه في موضعه وليصححه إن وجد
__________
1 ليست في "ط".(11/464)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
نَقْلًا فِي ذَلِكَ وَلْيَسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِكِتَابِنَا الْإِنْصَافِ إنْ كَانَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ نَقْلًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرْته فَلْيُلْحِقْهُ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْخَيْرِ والإحسان: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" 1.
وَقَدْ ذَكَرْت فِي هَذَا التَّصْنِيفِ مِنْ التَّنَابِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ تَنْبِيهًا، مَا فِيهَا تَنْبِيهٌ إلَّا وَفِيهِ فَائِدَةٌ. إمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ التَّقْدِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ وَغَالِبُهَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِهَا مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ فَلَهُ الْحَمْدُ وَلَهُ الْمِنَّةُ وَبَعْضُهَا تَبِعْت فِيهَا مَنْ ذَكَرَهَا وَقَدْ أُحَرِّرُ بَعْضَهَا وَأُبَيِّنُ الصَّوَابَ فِيهِ.
وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لوجهه الكريم إنه أرحم الراحمين و2ربّ الْعَالَمِينَ.
وَالْمَسْئُولُ مِمَّنْ طَالَعَهُ أَوْ كَشَفَ مِنْهُ مَسْأَلَةً أَنْ يَدْعُوَ لِجَامِعِهِ بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ وَالْمُسَامَحَةِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ فَإِنَّهُ قَدْ كَفَاهُ الْمُؤْنَةَ والتعب في النقل والتصحيح والتحرير3.
__________
1 أخرجه مسلم 2699، 38 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
2 بعدها في "ص": "الحمد لله".
3 بعدها في "ح": "نجز الكتاب بحمد الله تعالى وحسن توفيقه نهار الخميس المبارك بعد ظهره لأربع بقين من شهر شعبان المبارك من شهور سنة إحدى وسبعين وثمان مئة، أحسن الله تقضيها في خير وعافية، من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وذلط على يد أفقر عباد الله تعالى وأحوجهم إلى عفوه وغفرانه ورحمته، كثير الذنوب والخطايا والأوزار والزلل، قليل الخير والإحسان، يرجو العفو من الله تعالى الكريم الحليم الرحيم الغفار، محمد بن عمر بن محمد علي بن العطى البعلي الحنبلي، عامله الله تعالى بلطفه الخفي وعفا عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنه قريب مجيب الدعوات وغافر الزلات ومقيل العثرات ومفرج الكربات، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وسرا وعلانية، حمدا يوافي نعمه ويدفع نقمه ويكافئ مزيده، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغطبه فيه الأولون والآخرون يا رب العالمين، وهو حسبي ونعم الوكيل".
* هكذا رسمت في النسخة الخطية، ولم نهتد لقراءتها، ولعلها: "العطيبي" كما ذكر ذلك محقق "شرح الزركشي" الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين في مقدمة تحقيقه للكتاب 1/103، لأن ناسخ مخطوط "شرح الزركشي" هو نفسه نا سخ مخطوط "تصحيح الفروع".(11/465)
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: كَالْبَيْعِ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِهَا: هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَرْضَهَا وَيَحْتَمِلُ: لَا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُخَرَّجُ هَلْ لَهُ إعَادَةُ غَيْرِهَا؟
وَالثَّانِي: اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ كَذَا قال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين1
__________
1 بعدها في "ط": "وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم". تمّ.
جَاءَ فِي آخِرِ النُّسْخَةِ الَّتِي طَبَعْنَا عَنْهَا هَذَا الْكِتَابَ مَا نَصُّهُ: "وَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْ نَسْخِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْمُوَافِقِ لِسَابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ الْحَرَامِ سنة تسع مئة مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، خَتَمَهَا اللَّهُ بِخَيْرٍ، آمِينَ، على يد كاتبه على ابن حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبُشْتِيِّ وَاَلَّذِي وحده المعروف بالسروي الأزهري الشافعي الخطيب بالمدرسة الحجازية الكائنة برحبة العبيد من القاهرة المحروسة، حماها الله وسائر بلاد المسلمين، غفر الله له ولوالديه ولمؤلفه ومالكه ولكل المسلمين أجمعين آمين.
وكتب ذلك من نسخة مولانا قاضي القضاة الحنبلي، أدام الله أيامه الزاهرة، وختم بالصالحات أعماله، وهي صحيحة مقابلة، وفي آخرها: ووافق الفراغ من نسختها نهارا الاثنين سلخ شهر ربيع الأول من شهور سنة إحدى وسبعين وثمان مئة، على يد أفقر عباد ربه وأحوجهم إلى ستر عيوبه وغفر ذنوبه أحمد بن عبد الله القدسي الحنبلي،. غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، إنه سميع قريب مجيب الدعوات. تم بحمد الله.(11/466)
وَرِوَايَةُ مُهَنَّا: هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا فَإِنْ مَاتَتْ أو سقطت لم يكن له موضعها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"1وكان الفراغ منه نهار الخميس مستهل شهر الله رجب الأصم2 سنة إحدى وتسعين وثمان مئة، أحسن الله تقضيّها في خير وعافية، إنه على ما يشاء قدير، والحمد لله رب العالمين. طالعه كاتبا فيه أفقر الخلق إلى الله تعالى، يرجوا رحمة ربه داعيا لمصنفه بالعفو والغفران والمسامحة عن الذنوب العظام، ولمالكه عامله الله بلطفه الخفي، ولجميع المسلمين. آمين.
وكتبت بتاريخ خامس عشر من شهر شعبان المبارك من شهور سنة ثلاث عشرة ومئتين والف من هجرته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا1".
__________
1 ليست في "ط" و "ح" والمثبت من "ص".
2 في "ص": "الأصب".(11/467)
وسبق مَنْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ فِي عِتْقِ حَامِلٍ1. وَاَللَّهُ أعلم2، 3.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 8/103.
2 جاء بعدها في الأصل ما نصه: "فرغ من نسخة هذه الورقة وأوراق غيرها الفقير إبراهيم بن سليمان".
3 في "ر": "تمّ الكتاب بحمد الله تعالى فرغ من هذا السقط من هذا الكتاب المنسوب إلى شيخنا القاضي شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح قدس الله روحه ونور ضريحه قي اليوم الخامس من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1319 من هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام على يد كاتبه الفقير إلى الله تعالى صالح بن يوسف العتيقي الحنبلي، وقد أو قف أول هذا الجزء وآخره لوجه الله تعالى تبعا لمل أوقفه الأخ محمد بن عبد الرحمن الحصيني، فصار كله وقفا على طلبة العلم الحنابلة، والحمد لله".
وفي "ط": "جاء في آخر الطبعة الأولى ما يأتي: "والحمد لله وحده" وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، كان الفراغ منها في سلخ شهر شوال سنة خمس وثمان مئة على يد عباد الله وأحوجهم لرحمة ربه العلي، على ابن سليمان بن أحمد المرداوي الحنبلي".(11/468)