من الاتجاهات المنحرفة في التفسير
(في ظلال دلالات سورة الكهف)
عرض ونقد
إعداد :
دكتور جمال أبو حسان
... أستاذ مساعد بكلية الشريعة – جامعة الزرقاء الأهلية
ملخص
يعالج هذا البحث نمطاً من أنماط التفسير العصري غير المنضبط بالضوابط المنهجية العلمية الخاصة بالتفسير من خلال أحد المؤلفات الحديثة، والتي صدرت تحت عنوان ( في ظلال دلالات سورة الكهف ) حيث عرض الباحث هذا الكتاب وما فيه من قضايا، ثم قفّى بنقد الدعاوى الباطلة والاستنتاجات الخاطئة التي ملئ بها. وقد ثبت للباحث أن صاحب الكتاب ينتحل القاديانية ولكنه لم يفصح عن دعوته في كتابه وإنما ألمح إليها إلماحا .
وقد تمت معالجة ما في هذا الكتاب ضمن أحد عشر مبحثا ، كانت تمثل خلاصة الأفكار الخطيرة التي ظهر عليها الكتاب . وقد استند الباحث في رده إلى المنهجية العلمية المعروفة مستندا إلى المصادر المتنوعة قديمها وحديثها .
Abstract
...
This paper tackles one modern Quranic explanation model that does not follow scientific procedures. This explanation model appeared in a book entitled (Fi Dilal Surat Al-Kahf).
The researcher reviewed this book and pointed out the false conclusions and claims that this book was full of. The researcher made sure that the author of the book is Qadianist who did not state that clearly in his book preferring to employ that.
The claims of this book were dealt with in eleven topics each of which represented the dangerous ideas presented. The researcher followed scientific methodology depending on old as well as recent references.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى، وبعد:(1/1)
فإن الله تعالى أنزل هذا الكتاب العظيم ليهتدي به الناس من الظلمات إلى النور. فمن أخذ به فذلك حظه من الخير، ومن تنكبه نكب على وجهه عياذا بالله تعالى.
ولقد لقي القرآن على وضاءته صدوداً من كثير من الناس، وخصوصاً أصحاب الأهواء والنحل المنحرفة، ومنذ القديم والكتاب يكتبون، فمنهم المنصف، ومنهم غير ذلك، غير أنه والحق يقال إن أولئك الكاتبين غير المنصفين لديهم جملة من المعارف –والتي وظفت توظيفاً منحرفاً- تحس بها وأنت تقرأ، وإن كانوا سلكوا بها غير ما ينبغي من الصراط المستقيم. هذا وقد برزت طائفة من هؤلاء غير المنصفين الذين خلت أبحاثهم وكتاباتهم من مناهج العلماء وموضوعيتهم ، فامتلأت كتبهم وأبحاثهم بالتعدي أحيانا وبالتشفي أحيانا أخرى ، كل هذا نكاية منهم لهذا الدين وأهله أو الحصول على مآرب يبتغونها من وراء ذلك نسأل الله تعالى السلامة.
مشكلة البحث :
يعالج هذا البحث جملة من القضايا التي وردت في كتاب من الكتب الحديثة ، حاد صاحبه فيه عن الصواب ، وتنكب طرق الأئمة الأعلام ، وسار في كتابه سيرا غريبا زعم فيه أن هذا الذي فعله لم يسبق إليه جدة وقوة وتحريرا، ونعى على السابقين الذين لم يتوصلوا إلى ما توصل إليه ؛ لأنه ليس لديهم من المعطيات ما لديه- هكذا قال في مقدمة ذلك الكتاب الذي سماه (في ظلال دلالات سورة الكهف) والذي ملئ من هذه الأوهام جميعها .
طبع هذا الكتاب وذاع فرأيت من واجبي – إذ اطلعت عليه – أن أبين عواره ، وأحول بين الناس وبين فساده ، انتصارا مني لهذا الدين العظيم ، وحراسة مني لأفكار المسلمين ، لاسيما وقد ورد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنت على ثغرة من الإسلام فلا يؤتين من قبلك )(1) .
__________
(1) رواه المروزي في كتاب السنة بلفظ(كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك) ص:13 حديث رقم28(1/2)
وجعلت هذا البحث نقضا لما في ذلك الكتاب من الفساد ، وبينت تبييته الإعلان عن نحلة باطلة لم يستطع أن يصرح بها، وإنما حام حول الحمى، ظناً أن تنطلي مخادعه على عامة المسلمين، وكان الله له بالمرصاد.
الدراسات السابقة:
لقد كتبت أبحاث وكتب كثيرة في الدفاع عن القرآن الكريم وبيان أباطيل المفسدين سواء أكان ذلك في القديم أم الحديث ‘ أما بالنسبة للكتاب الذي أعالجه في هذا البحث فإني لا أعلم أحدا كتب عنه أو ألمح إليه في أي بحث أو كتاب على الرغم من خطورة ما فيه .
منهجية البحث :
لقد قمت أولا بقراءة الكتاب كلمة كلمة من أوله إلى آخره ، ثم وضعت الملحوظات العامة والخاصة على هوامش الكتاب ، وبعد ذلك قمت بتصنيفها حسب معطيات موضوعية رأيتها تتناسب مع الموضوع المدروس ، وابتدأت الحديث بالملحوظات العامة حول الكتاب .
خطة البحث:
قد قسمت هذا البحث إلى تمهيد تحدثت فيه عن الكتاب وجملة المآخذ عليه، ثم اتبعت هذا التمهيد بأحد عشر مبحثا رأيت أنها تتلاءم مع طبيعة تحريف الأفكار في هذا الكتاب، ثم ختمت البحث ببعض النتائج والاقتراحات. والله تعالى أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه دفاعاً عن كتابه وذبا عن حرمات دينه وحفظاً لكرامة علماء الأمة الأعلام. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين وآله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
تمهيد:
أولاً : هذا الكتاب
... عنوانه:" في ظلال دلالات سورة الكهف بمنظور جديد معاصر"
... المؤلف: سليم الجابي
... وقد كتب تحت اسمه العبارة التالية ( ماجستير في علم الأديان ) وأما لماذا كتب في العنوان بمنظور جديد فهذا ما يجيبنا عنه الكاتب نفسه حيث يقول:" لأوحي إلى القارئ الكريم بما احتواه هذا الكتاب من معلومات معاصرة لم يسبق لمفسر أن ذهب إليها لضآلة معطيات تلك الأزمان" (1) .
__________
(1) من تقديمه للكتاب ص:2(1/3)
وقد طبع هذا الكتاب طبعته الأولى في دمشق سنة 1996م بمطبعة نضر لفنون الطباعة الحديثة بدمشق ، ولا أدري هل طبع بعد ذلك أم لا ؟
ثانياً: جملة المآخذ على هذا الكتاب
... يقوم هذا الكتاب في أصل فكرته وبحوثه على ما يلي:
أولاً: ... من يقرأ هذا الكتاب يحس بسرعة أن المؤلف قد صاغ للإله تعالى شخصية بشرية ، وصار يخاطبه من خلال هذه الشخصية . ولقد ذكر الكاتب وهو يتحدث عن الله تعالى عبارات لا يقرها من له نصيب من العلم (1).
ثانياً: ... إن سورة الكهف ينبغي أن تفسّر تفسيرا مجازيا ، ولا يجوز أن تفسّر ألفاظها حسب المتبادر الظاهر . وهذا ما فعله في كتابه كاملا من أوله إلى آخره(2) .
ثالثاً: ... اضطراب المؤلف الشديد في فهم حقيقة المسيح الدجال .(3)
رابعاً: ... بناء المؤلف هذا الكتاب على حديث باطل ، ورده للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم . (4)
خامساً: ... لم يلتفت الكاتب إلى آراء علماء الإسلام بل نبذها وراءه ظهريا بدليل انه لم يرجع إلى التفاسير المنشورة في أرجاء العالم ، وهي في متناول يد كل باحث وما رجع الكاتب إلا إلى تفسيري ابن كثير والبيضاوي في مواضع يسيرة جدا , وما ذكرهما إلا ليشنع عليهما وعلى علماء الإسلام من خلالهما، وقد استخف الكاتب بعلماء الأمة الإسلامية استخفافا ليس له نظير وهجم عليهم هجوما شديدا لا يليق بحق أولئك الأعلام .(5)
سادساً: ... زعم الكاتب أن النبي صلى الله عليه وسلم تأثر بالأناجيل وسار على نفس منهاجها . (6)
سابعاً: ... اضطرب الكاتب في موضوع الملائكة والجن اضطرابا لم يسبقه إليه سابق . (7)
__________
(1) أنظر على سبيل المثال الصفحات التالية من الكتاب : (3، 10، 12، 20، 21، 34، 37، 43، 50، 68، 80، 98، وغيرها .
(2) أنظر تحديداً ص : 9، 46 .
(3) أنظر ذلك في ص 5، 6، 7
(4) أنظر مقدمة الكتاب
(5) أنظر ص : 2، 46، 58، 76، 100
(6) أنظر ص : 5
(7) أنظر ص : 91(1/4)
ثامناً: ... اضطرب المؤلف اضطرابا عجيبا في تفسير قصة موسى عليه السلام الواردة في سورة الكهف ، وكذلك أغرب في مجمل تفسير سورة اللهب .(1)
تاسعاً:
عاشرا:
حادي عشر: ... إن الكاتب يدعو الأمة الإسلامية للانهزام أمام القوى العادية والاكتفاء بالدعاء عليهم .(2)
الكاتب ومجدد هذا العصر .(3)
نماذج من هذا التفسير .
هذه مجمل الملحوظات على هذا الكتاب وهذا تفصيل نقده في المباحث التالية:
المبحث الأول: ما أورده الكاتب في كتابه من عبارات لا تليق بالله تعالى.
... قد أسلفتُ موجزاً أن الكاتب صاغ للإله شخصية مادية وصار يخاطبه أو يصفه من خلال تلك الشخصية وذلك بعبارات من يقرؤها لا يحسُّ إلا بهذا الإحساس الممثل، وهذا بيان لذلك:
قال في (ص3) (سطر4):" أسبق عملي المذكور بالسجود على أعتاب الله". ولستُ أدري ما هي أعتاب الله؟!
قال في (ص 8 سطر 16، 17): " أنهى الله تعالى سورة الإسراء ... وراح فاستهل سورة الكهف بنفس الألفاظ والدلالات".
قال في (ص 10 سطر 18):" لمح تعالى إلى زمن انحطاط المسلمين".
قال في (ص12 سطر4):" فهو تعالى نبه ذهن القارئ من خلال هذا التمهيد إلى الأمور التالية كمنطلقات لبحثه عز وجل".
قال في (ص19 سطر 1، 2):" أخذ انحراف هذه الأمة المسيحية ... بعين اعتباره".
قال في (ص20 سطر 20، 21):" وذلك ليضفي على بيانه الإلهي هالة من الاستطراف واستعظام ما يقرأ".
قال في (ص21 سطر 1):" فهو جل شأنه وقد اختار الوجه الآخر في بيانه فليوهم القاري لأول مرة".
قال في (ص22 سطر4):" إن الله تعالى رسم إطار قصة أهل الكهف".
قال في (ص31 سطر5): "هذا ما قصده تعالى بقوله".
قال في (ص 33 سطر16):"فلما انتهى جل شأنه من هذا الإجمال لقصة هؤلاء الفتية انطلق يفصل للقارئ ما أجمله ويقول.."
__________
(1) أنظر ص: 100، 103، 104، 107
(2) أنظر ص 61، 62، 97، 140
(3) أنظر ص 30،152(1/5)
قال في (ص34 سطر 16، 17):" والآن وعلى ضوء معاني الألفاظ التي بيناها يكون تعالى قد بدأ قصة هؤلاء الفتية من حواريي المسيح كما يلي: إننا نحدثكم وننبئكم مستعينين بعلمنا الغيبي".
قال في (ص36 سطر 15، 16): "من هذا ندرك أن الله جل شأنه لا يزال يتكلم عن الفتية بلسان حالهم ليس إلا
قال في (ص 37 سطر 9): "المهم أنه تعالى وقد ثبت له أن هؤلاء الفتية".
قال في (ص 37 سطر 16، 17):"وإلى هنا يكون الله تعالى قد أتم لنا قصة هؤلاء الفتية، ولم يكتف جل شأنه بسرد قصتهم بل شاء أن يدلي لنا بدليل".
قال في (ص 39 سطر 4):" فإلى هنا يكون الله جل شأنه قد روى لنا قصة حواريي المسيح" .
قال في (ص 43 سطر 17):"وبدافع الإجابة على هذا السؤال أتى جل شأنه بالحرف لو واستعمله..".
قال في (ص 50 سطر 19):" لكنه تعالى نوّن لفظ قائل إشارة منه إلى ترجيح من كان من المتشاورين والمتآمرين".
قال في (ص 51 سطر 8):" وهو جل شأنه لجأ إلى هذه المحاورة الكلامية..."
قال في (ص 52 سطر 15):" وبعد أن استهل جل شأنه سورة طه بهذا الاستهلال استعرض تاريخ بني إسرائيل الطويل وعرج على الانحراف الذي أصابهم".
قال في (ص 56 سطر 1):" وراح تعالى يؤكد المعاني التي ذكرناها ويقول..."
قال في (ص 60 سطر 9، 10):" فهو جل شأنه حسم الموضوع".
قال في (ص 60 سطر 16):" لهذا السبب بعينه راح تعالى يأمر بعد ذلك".
قال في (ص 68 سطر 1، 2):" فلما انتهى جل شأنه من توضيح سبيل الخلاص... أضاف ينصح وروح الشفقة والتسامح يعتصران كلامه".
قال في (ص 70 سطر 4، 5):" وتروح تتساءل أيضاً أن يا ربنا هل تتواضع وتزيدنا علماً عن هذا الأجر الذي وعدتنا به".
قال في (ص 72 سطر 5، 7): "فما دام الله تعالى قد كنّى بالذهب عن الحكم والسلطان فلابد أنه أورد كلامه هذا بأسلوب الكناية".
قال في (ص 73 سطر 18):" وبعد أن فرغ الله عز وجل من ذلك راح يضرب".(1/6)
قال في (ص 80 سطر 1، 2):"وآمل أن يفي الله عز وجل بوعيده الذي توعدك به".
قال في (ص 82 سطر 5):" وما كانت إلا إلهاما خفيا من طرف الله " .
قال في (ص 83 سطر 14):" ويضيف جل شأنه ينبئ عما سيؤول حال أمم الدجال وبصيغة الماضي على عادته".
قال في (ص 84 سطر 4):" وأضاف تعالى مستعينا بفاء الاستئناف".
قال في (ص 85 سطر 20):" وأضاف الله عز وجل وبلسان المنتصر".
قال في (ص 90 سطر 4):" والله تعالى قال بلسان الكناية".
قال في (ص 95 سطر 7): "وهنا انبرى الله عز وجل يشرح.."
قال في (ص 96 سطر 12):" فلما يصل الله عز وجل إلى هذا المستوى من البيان..".
قال في (ص 97 سطر 12، 13):" وهذا هو السر الذي دعاه جل شأنه من قبل..."
قال في (ص 98 سطر 9):" على اعتباره ينبوع الرقة واللطافة والغفران والتعطف..."
قال في (ص 128 سطر 6): "والذي نلاحظه هو أن الله عز وجل لم يقتصر على ما ذكرناه بل أضاف.."
قال في (ص 150 سطر 11-14): "... وبعد أن فرغ من بيان الشروط..."(1/7)
هذا بعض ما في الكتاب من العبارات التي ملئ بمثلها . وأما وجه المخالفة في هذه العبارات فإن علماء الإسلام قد قعّدوا من القواعد العقائدية ما حاصله أنه لا يجوز أن يطلق على الله تعالى من الألفاظ والعبارات إلا ما أطلقه الله تعالى على نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم مما ثبت في حديثه عليه السلام . مضى على هذا غير واحد من أهل العلم :فهذا الإمام الأشعري أبو الحسن يقول فيما يتعلق بأن ما يطلق على الله تعالى هو توقيفي ما نصه :" واعلم أن كثيرا من ألفاظ الأوصاف مما يستعمل فيه لفظ فعل ويفعل ولا يستعمل لفظ فاعل لأجل أن التوقيف ورد بذلك فقط . فمن ذلك ما يقال إنه يستهزئ ويمكر ويخدع ويقص ، فلا يتجاوز من مطلق ذلك إلى ما لم يطلق . ألا ترى أن كثيرا منه مما اجمعوا عليه ، ودخل في هذا الإجماع عليه من أخذ الاسم عن التوقيف ومن لا يأخذه عن التوقيف .فعلم أن المر على ما قلنا في أنه لا يجب أن يجري كل ذلك على ألفاظ الأوصاف والأفعال قياسا وهذا أحد ما يدل على ما يذهب إليه أن طريقة أسمائه التوقيف "(1) وقال ابن فورك فيما نقله عن الأشعري أيضا ما نصه :" وكان يقول في جملة ما يشتق له من الأسماء والأوصاف بحدوث الأفعال إن ذلك لا يخلو أن يكون شاملا لجميع ما يفعله أو لا يسمى باسم ولا بوصف من شيء يفعله . فإن كان يسمى بالشيء ويوصف به من حيث فعله ويشتق له منه الاسم إذا كان منه اشتقاق فذلك خطا باتفاق . وذلك أنه لا يجب أن يوصف ولا أن يسمى بكل ما فعله من جميع ما تشتق منه الأسماء باتفاق من الأمة بأسرها ، فوجب أن يكون ذلك مخصوصا في بعض أوصاف أفعاله . وذلك لا يتميز عنده على اصله إلا بالتوقيف ، فما ورد التوقيف به منها جاز أن يطلق ، وما لم يرد به حظر "(2)
__________
(1) مجرد مقالات أبى الحسن الاشعري ص:57
(2) السابق ص:49، وانظر ما ذهب إليه الغزالي في كتاب إلجام العوام عن علم الكلام ص:306 ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي ؛ ففيه التفصيل لما ذكره الاشعري .(1/8)
. هذا وينبغي التنبيه إلى أن بعض هذه الألفاظ قد يرد في بعض كتب المفسرين فوقوعه هناك لا يعني جوازه، والأمر لا يعدو أن يكون تسامحا أو سهوا .
والذي يبدو لي أن هذا الأسلوب إنما هو أسلوب التوراة والإنجيل، والذي أستطيع استخلاصه الآن أن الكاتب كثير القراءة في التوراة والإنجيل بحيث تأثر بهما كثيراً في الحديث عن الله عز وجل لأن هذا الذي في الكتاب يشبه من حيث الأسلوب ما في ذينك الكتابين والله أعلم.وقد أشار الكاتب إلى انه قد تدبر التوراة (1) والتدبر لا بد أن يكون بعد طول القراءة
المبحث الثاني: مجازية سورة الكهف.
... لقد خطا الكاتب خطوة غير مسبوقة حين فسّر سورة الكهف كلها تفسيراً مجازياً ليس له ضابط ولا رابط، ذلك أنه قال : "إن سورة الكهف خصصت للكلام عن هؤلاء المسيحيين الذين أطلق عليهم محمد رسول الله صفة المسيح الدجال "(2) وقال أيضا : " من واجبي التنبيه إلى أن هذه النبوءات لا تأتي أصلاً بظاهر ألفاظها إنما بمعانيها المجازية وإشاراتها. وأنه لا ينبغي أن نقف عند دلالات ما يتبادر إلى أذهاننا من ألفاظ هذه الآيات" (3). ولذلك فسر الكاتب هذه السورة من خلال هذا المنطلق فأغفل كل ما جاء في تفسيرها وابتدع تفسيرا قائما على أن ألفاظ تلك السورة لم تقصد معانيها الظاهرة المتبادرة .
... غير أن المؤلف لم يتمالك نفسه، بل جاء بعد ذلك بصفحة واحدة ليهدم كل الذي ذكره فيما سبق وفيما لحق حينما قال:" ولا يأتي الله تعالى بكلمة ولا حرف إلا بدلالتها الحقيقية"(4) .
وإني لأتساءل كيف يمكن الجمع بين هذين القولين، وإذا كان القول الثاني بحكم تبعيته للأول يعد ناسخاً، فبماذا نحكم على التفسير المجازي لسورة الكهف الذي جاء به الكاتب وعده فتحاً جديداً لم يسبق إليه؟!
__________
(1) ص:101
(2) ص:9
(3) ص:46
(4) ص:47(1/9)
وهذا الذي جاء به الكاتب يحتاج إلى نقض من جهة أن الكلام منه ما يكون على سبيل الحقيقة ومنه ما يكون على سبيل المجاز ، وقد اتفق العلماء على أن الأصل في الكلام الحقيقة وانه لا يصار إلى المجاز الا إذا وجدت قرينة تصرف الكلام من حقيقته إلى مجازه، نص على هذا غير واحد من العلماء (1).
... وعلى هذا يمكن أن نفهم أن في القرآن الكريم مجازاً، لكن أن يكون كله مجازا فهذا غير مقبول؛ لأن هذا يخالف بداهة ما هو معلوم عن لغة العرب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلم يعقل عن أحد كائناً مَن كان أنه تكلم بكلام كثير ثم زعم أنه لا يريد من جملة واحدة فيه ظاهر معناها. وعلى هذا كيف يمكن أن يتخاطب الناس؟ وكيف يمكن الاتفاق على تفسير المجاز تفسيراً يوحّد فهم الكلام المصدر بينهم ؟ فلو سلمنا جدلاً بهذا لانبنى عليه أن تفسير القرآن الكريم لا يمكن أن يُتَّفق على أدنى شيء منه؛ لأن كل قارئ يمكنه أن يصوغ من المجاز ما يناسب أفكاره وتطلعاته. فكيف بعد ذلك يكون القرآن مرجعاً تشريعياً تنضبط تصرفات الأمة بناءً عليه. إن هذا لمن أعجب العجب.
المبحث الثالث:اضطراب الكاتب في فهم حقيقية المسيح الدجال وحقيقة الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام واضطرابه في تفسير الجدار الذي وقع الخبر عنه في قصة موسى والخضر عليهما السلام
عرض الكاتب للمسيح الدجال في مقدمة كتابه وهو يذكر عن ابن كثير إيراده للحديث المشهور" من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال"(2) .
__________
(1) أنظر على سبيل المثال : البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي 6/166، والمستصفى للغزالي 1/159، وارشاد الفحول للشوكاني، ص 24 .
(2) الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي رقم 809، انظر شرح النووي على شرح المسلم 6/192(1/10)
وبين الكاتب حسبما زعم أن ابن كثير عجز عن الربط بين هذه السورة الكريمة وبين المسيح الدجال، وبناءً عليه يرى أن المسيح الدجال هو الأمم الغربية المعاصرة، يقول بعد أن تحدث عن التوراة والإنجيل في وصفها لعيسى عليه السلام بالمسيح من السياحة في الأرض يقول:" وعليه فقد انتهج محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس نهج الأناجيل والقرآن (1). فأطلق هذا الوصف (المسيح) إضافة إلى وصفة (الدجال) على أقوام أوروبا وأمريكا الذين سينطلقون آخر الزمان بحثاً عن الذهب والفضة واستعمار شعوب الأرض لهذه الغاية"(2) .ثم يتابع قائلا ً: " ولا يغرنا أن الحديث الشريف استعمل صيغة الاسم المفرد للدجال بل هو شعب وأمة وليس فرداً من الأفراد. هذا الأمر نبهت إليه القرائن من أحاديث الدجال. فلو أن المسيح الدجال كان شخصاً بعينه، ويتصف بمثل الأوصاف المذكورة في الأحاديث على وجه الحقيقة، وليس على وجه المجاز، لاستحال على المرء أن يؤمن به. على حين ورد في الحديث (وإن منكم إلاّ ليتبعنّه)(3) وحمار الدجال الموصوف في الأحاديث أن طوله سبعون ذراعا ويخرج من إسته نار وصوته يدوي في الخافقين. يستحيل أن يتولد مثل هذا الحمار على وجه الحقيقة. وأي شارع سيتسع له؟ وكم سيكون حجم المسيح الدجال ليحتاج إلى مثل هذا الحمار بهذا الحجم وهذه المواصفات؟
__________
(1) هكذا في العبارة بتقديم الأناجيل على القرآن، وسيأتي الحديث عن هذه القضية في مبحث خاص .
(2) ص: 5
(3) هذه اللفظة ليست موجودة في أحاديث الدجال، علماً أن الأحاديث الخاصة بالدجال تصرح بان هناك أمماً كثيرة ستكذب هذا الدجال، فكيف يتوافق هذا مع اللفظ المذكور ؟ انظر في هذا : الأحاديث التي ذكرها الإمام مسلم في الباب الخاص بالدجال ففيها ما ينفي ما ذكره الكاتب صراحة . شرح النووي على مسلم 18/58-84 .(1/11)
... إن جميع هذه القرائن تدل صراحة على أن ما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم كشف وقد عبر عنه بهذه الألفاظ وكان كشفاً روحياً ينبغي تأويل مضامينه وهو يشير إلى جماعة أمم وليس إلى شخص بمفرده" (1).
... ثم يختم الرجل كلامه في المقدمة قائلاً :" والذي يؤكد لنا إشارة اسم المسيح الدجال إلى هذه الشعوب المسيحية التي ذكرناها، هو ما ورد في الحديث الشريف من أن المسيح الدجال يأتي إلى بلاد المسلمين راكبا حماراً طوله سبعون ذراعاً ويخرج من إسته نار وصوته يدوي في الخافقين، وهذه الأوصاف، تنطبق على الأساطيل البخارية التي كانت في بدايات صنعها بهذا الطول وهذه الأوصاف. الأساطيل البخارية التي صنعت بعد اكتشاف الآلة البخارية، فهي التي تسير على البخار، ويخرج من مؤخرتها نار ولها صفارة بخارية تجعل صوتها يدوي في الخافقين. فالأسطول البخاري الذي اخترعته أوروبا هو الذي وصف في الأحاديث بالأوصاف المذكورة.ونعذر ابن كثير بالتالي خطأ اجتهاده فما كان يمتلك ما نمتلكه من معطيات"(2) .ثم نراه في نهاية الكتاب يفسر الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام وأنبأ عنه موسى عليه السلام في قوله تعالى (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين...) (80:الكهف) يقول بعد أن ذكر أن الغلام إن رؤى في المنام على هيئة إنسان فإنه يُؤَوَّل له على أنه فقد الاتزان الخلقي، واندفع وراء قضاء شهواته، وما عاد له من مقصد في حياته إلا اللهو واللعب وحياة المجون. نستمع إليه وهو يقول:" والآن ما دمنا بصدد ما أنبأ به إسراء موسى عن أمته(3) ومصيرها وخاصة منها الذين ينسبون أنفسهم لفتى موسى أي للمسيح زوراً وبهتاناً. فهذا كله يأخذ بأيدينا الغلام ويوجهنا لنؤول الوارد في هاتين الآيتين الكريمتين على أن المقصود به هو هذا المسيح الدجال الذي بلغت شعوبه رشدها الحضاري
__________
(1) ص: 6 .
(2) ص: 7
(3) هو يقصد أن ما حدث مع موسى والخضر عليهما السلام كان مناماً، وسيأتي الحديث عن هذا فيما بعد .(1/12)
والعلمي وانتهجت نهج النظام الرأسمالي المستغل وأخذت تفكر تفكيراً مادياً محضا لا تعلم من مقصد لوجودها إلا اللهو واللعب وقضاء الشهوات دون وازع من شرع ولا ضمير.(1) وقبل بيان ما في هذا الكلام الغريب والذي أحسّ معه صاحبه بالغرابة عندما وصل إلى قوله تعالى (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان أبوهما صالحاً) (82:الكهف) ففسر الغلام كما نقله عن تعطير الأنام بقوله : "هو في المنام بشارة لقوله تعالى: يا بشرى هذا غلام" وقد جنح قلم المؤلف هنا إلى تفسير هذه الآية بما يلي:" وكان أبوهما صالحاً: أي كان إبراهيم أبو موسى وعيسى الروحي صالحاً، وهل يعني ذلك المصير المشؤوم- تحدث عنه سابقاً- إلا أن يكون موسى وفتاه هما المقصودان من قوله تعالى (لغلامين يتيمين) ذلك أنه بهلاك اليهود والنصارى بالعذاب الواقع بهما في المستقبل يعود موسى وعيسى يتيمين لأب روحي صالح هو إبراهيم عليه السلام". انتهى كلامه.(2)
... ثم يشتط به القلم مرة أخرى ليفسر الجدار بأنه محمد عليه السلام والكنز الذي تحته هو القرآن.(3)
وعلى أية حال لا بد لنا من بعض الوقفات المهمات في رد هذه القوال الفاسدة
__________
(1) ص: 124 .
(2) ص: 129 .
(3) ص: 129(1/13)
أما الوقفة الأولى: فهي المتعلقة بأن المسيح الدجال هو أمة وليس فرداً، وهذا يخالف ما ثبت من صحاح الأحاديث المتعلقة بموضوع الدجال، والكلام الذي يقوله الكاتب هنا يخالف ما أجمعت عليه الأمة، تبعاً لتلك الأحاديث من أن المسيح الدجال هو شخص معين يجري الله تعالى على يديه بعض الخوارق الظاهرة والعجائب امتحاناً للناس في آخر الزمان. وما ذكره الإمام مسلم في صحيحه وبخاصة في قصة الجساسة مما لا يمتري فيه من له نصيب من العلم على أن الدجال شخص وليس أمة(1). وقد وقع في كتب الحديث وشروحها ذكر الدجال في أكثر من (2275) مرة بالإفراد(2) فليس يعقل بعد هذا أن يقال إن هناك صوارف تصرف هذه الأعداد عن الوحدة إلى الأمة. ولم يثبت لأحد على الإطلاق أن شهد في أحاديث الدجال ما يصرفها عن معين إلى أمة. فمن أين جاء هذا الكاتب بهذا الذي صرف به أحاديث الدجال إلى الأمم الغربية المسيحية؟
الوقفة الثانية: الحديث الذي ذكره عن الدجال وحماره
ذكر الكاتب حديثاً بلفظ:" إن المسيح الدجال يأتي إلى بلاد المسلمين راكباً حماراً طوله سبعون ذراعاً ويخرج من إسته نار وصوته يدوي في الخافقين" إن الذي يظهر لي من قراءة الكتاب أن هذا الحديث المزعوم هو الذي بنى الكاتب عليه كتابه، وجعله يفسر سورة الكهف تفسيراً لم يسبقه إليه أحد ، وقد ذكرت عدة روايات لهذا الحمار الذي يركبه الدجال. فمنها ما ذكره ابن كثير في مواضع متعددة من كتابه النهاية في الفتن والملاحم على النحو الآتي:
__________
(1) راجع ذكر الدجال وقصة الجسّاسة في صحيح مسلم بدءاً من حديث رقم 2933 –2942، وانظر النووي على مسلم 18/5/-84
(2) إحصاء عن طريق الحاسب(1/14)
له حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً (1) .
__________
(1) 1/119 طبعة دار الحديث بمصر ، وهذا الحديث رواه الإمام احمد في المسند 3/367 من طريق محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن جابر مرفوعا ،وابن سابق هذا ذكره في تهذيب الكمال وقال :سئل أحمد بن حنبل عن محمد بن سابق فقال : إذا أردت أبا نعيم فعليك بابن سابق ، وعن يحيى بن معين : ضعيف ، ووثقه العجلي ، وقال يعقوب بن شيبة كان شيخا صدوقا ثقة ، وليس ممن يوصف بالضبط للحديث ، وعن محمد بن صالح قال: كان خيارا لا باس به ، وقال النسائي: ليس به باس، ووثقه ابن حبان . انظر تهذيب الكمال 6/316 ترجمة رقم 5821 . وفي الحواشي : ذكره ابن الجوزي في الضعفاء ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وفي التقريب : صدوق . انظر حواشي بشار عواد على التهذيب 6/316.(1/15)
قال ابن كثير: وجاء أن ما بين أذني حماره أربعون ذراعاً كما تقدم ، ويروى في حديث آخر سبعون باعاً، ولا يصح وفي الأول نظر (1) وقال عبدان في كتاب معرفة الصحابة (2) روى سفيان الثوري عن عبد الله بن ميسرة عن خوط العبدي عن مسعود قال: أذن حمار الدجال يظل سبعون ألفاً (3) قال شيخنا الحافظ الذهبي خوط مجهول والخبر منكر أهـ. كلام ابن كثير(4) ذكر ابن كثير في حديث طويل عن نعيم بن حماد من رواية ابن لهيعة: بين أذني الدجال أربعون ذراعاً وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام (5)
وقد أورد بعض أهل العلم في ما يخص حمار الدجال بعض الروايات منها ما هو موقوف ومنها ما هو مرفوع، ومن هذه الروايات:
أولاً: ما ذكره الداني في السنن الواردة في الفتن وفيه: يخرج الدجال على حمار أبتر ما بين
__________
(1) يقصد الحديث المتقدم .
(2) - عبدان هو :أبو محمد عبد الله بن احمد بن موسى الأهوازي ت 306 هجرية وهو شيخ الطبراني وابن حبان وابن عدي ، انظر تذكرة الحفاظ 2/688، وسير أعلام النبلاء14/169طبعة د. بشار عواد.
(3) هكذا هي والصواب سبعين
(4) النهاية في الفتن والملاحم:1/175-176.
(5) النهاية في الفتن والملاحم 1/178 والحديث ذكره أبو نعيم في الفتن ص:372برقم 1325 وإسناد هذا الحديث ضعيف جدا وفيه أبو عمر البصري وهو مجهول ، وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف . وبالجملة هو حديث لا يصح لأنه من رواية الضعفاء .(1/16)
أذنيه أربعون ذراعاً (1)
ثانياً: ما ذكره ابن أبي شيبة في المصنف وقال: عن عبد الله: إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفاً (2) .
... هذه أهم روايات هذا الحديث الذي ذكره الكاتب وبهذا يتبين أن ما ذكره الكاتب بقوله: يخرج من إسته نار وصوته يدوي في الخافقين ليس من الحديث في شيء وإنما هو موجود في خيال الكاتب من أجل أن يصحح لنفسه ما بناه من هذا التفسير الواهم لسورة الكهف.هذا وقت أعياني البحث وراء هذه الجملة فلم أجد لها خبرا في كتب السنة المطبوعة ولا على أجهزة الحواسيب التي اطلعت عليها وفيها أقراص الحديث الشريف .
... وليس هناك أي قرينة صارفة في أحاديث الدجال تصرفه إلى هذا المنحى الذي ذكره الكاتب.
__________
(1) هذا الحديث أخرجه الداني برقم 664في كتاب السنن 3/1196-1198 وذكر محقق الكتاب أن السلمي في عقد الدرر ذكره ص:354 برقم 417 وقال السلمي :لا يصح لأنه من رواية إبراهيم بن موسى الرازي وجويبر وكلاهما متروك وقال المحقق أيضا : ذكره ابن كثير في النهاية 1/177 وقال رواه أبو عمرو الداني ولا يصح. وذكره في كنز العمال 14/613 وعزاه لابن المنادي وفي إسناده حماد بن عمرو وهو متروك والسري بن خالد وهو لا يعرف .انتهى كلام المحقق . وهذا الحديث سبق أن ذكرته عن ابن كثير ، ورواه الداني عن علي موقوفا في 6/1197.
(2) مصنف ابن أبى شيبة 7/500 حديث رقم 37535 . وهذا الأثر ذكره أبو نعيم في الفتن 2/548 موقوفا على عبد الله . وذكره الخطيب البغدادي عن أبي مسعود في موضح أوهام الجمع والتفريق 1/106 . وذكره الإمام احمد في العلل ومعرفة الرجال موقوفا 2/167 . وكل هذه الروايات ليس فيها شيء مرفوع فهي من قبيل الحديث الضعيف .(1/17)
ولا باس من ذكر بعض الأحاديث التي تقطع كل شبهة بهذا الخصوص ، فقد اخرج مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم يصف الدجال قائلا :" إنه شاب قطط عينه طافية كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن " الحديث(1) .
وفي كتاب الفتن من صحيح البخاري أورد فيه عدة أحاديث في وصف الدجال منها :" إنه اعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية " الحديث(2) هذا وقد ذكر الحافظ في الفتح أن الدجال يقتله عيسى بن مريم كما ثبت ذلك في الأحاديث (3) وإذا كان الأمر على ذلك فكيف يمكن تفسير الدجال بأنه أمة وليس فردا
...
المبحث الرابع: جناية المصنف على السنة الشريفة
... قد لا يستغرب ممن تطال جنايته القرآن العظيم أن يكون متجنياً على السنة الشريفة. غير أن ضرورة البحث ومحاولة بيان اتجاه هذا الاضطراب في التفسير تقتضي أن يشتمل النقد على هذا الجانب.
__________
(1) انظر صحيح مسلم 4/2252، وسنن الترمذي4/510، والمستدرك4/538.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الفتن حديث رقم 7123 انظر فتح الباري 13/90.
(3) فتح الباري 13/92.
ص:46(1/18)
... فمن ذلك ما ذكره عند خبطه في التفسير لقوله تعالى (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) (23-24:الكهف) يذكر الكاتب ما أورده ابن كثير من حديث سليمان عليه السلام حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: "قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة – وفي رواية تسعين امرأة – تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله . فقيل له – وفي رواية قال له الملك - : قل إن شاء الله . فلم يقل، فطاف بهن ، فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله يحنث وكان دركا لحاجته . وفي رواية : ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون " (1) قال الكاتب بعد أن أورد هذا الحديث ما نصه:" فهل يستسيغ عقل القارئ قبول هذه الروايات والأقوال إلا أن يكون خرافياً؟ " (2)
وهذا الحديث مما أجمع علماء أهل السنة على عده من أعلى درجات الحديث صحة لأنه مما اتفق عليه الشيخان، وما كان أمره على هذا النحو فهذه منزلته عند العلماء (3) وبهذا يكون الكاتب قد حكم على جمهرة الأمة الإسلامية بأنها ذات عقول خرافية. فهل هذا هو التجديد المطلوب في التفسير وفهم القرآن والحديث؟
__________
(1) متفق عليه ، فقد أخرجه البخاري في باب من طلب الولد للجهاد 3/1038 ،حديث رقم 2664، أخرجه مسلم وفيه (على سبعين امرأة ) في باب الاستثناء 3/1275، حديث رقم 1654 .
(2) انظر ص : 61
(3) انظر في هذا : توضيح الأفكار 1/86 .(1/19)
ثم إن المرء ليتساءل عن وجه المعارضة بين هذا الحديث والعقل أين هي ؟ وما هو الضابط عند الكاتب لرد الحديث لأنه يتعارض مع عقله ، وهب أنه تعارض مع عقل الكاتب ولم يتعارض مع عقول آخرين فما هو مصيره؟ لا بد من وضع الضوابط المعرفية لحل هذا الإشكال وإلا لا يسلم نص من النصوص من ادعاء معارضته للعقل أو لنص آخر والدعاوى كثيرة لا حصر لها . لكن المتتبع للنصوص الشرعية يدرك بعد البحث أنه لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين صريح المعقول وصحيح المنقول (1)
__________
(1) انظر : منهج نقد المتن عند علماء الحديث ص:16 .(1/20)
... وفي موضع آخر يذكر عن ابن كثير في تفسير قوله تعالى (وإذ قال موسى لفتاه...) (60:الكهف) الحديث المشهور في قصة موسى والخضر عليهما السلام يذكره على النحو التالي : يقول :" وعلى سبيل المثال ، فدونكم تفسير ابن كثير ، أورد عدة روايات ألخصها لكم بألفاظي وبعض ألفاظه خشية إدخال الملل على نفس القارئ فروايات ابن كثير صورت لنا أن فتى موسى هو يوشع بن نون ، وأن العبد الصالح هو الحضر الذي وجداه مسجى عند صخرة . ويعللون هذه القصة بأن إسرائيليا سال موسى الذي وقف في قومه يذكرهم بآلاء الله عليهم ، سأله : وهل على الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله ؟ أجاب موسى بلا ، فبعث الله جبرائيل إلى موسى عليه السلام فقال : إن الله يقول : وما يدريك أين أضع علمي ؟ بلى إن لي على شط البحر رجلا هو اعلم منك . قال ابن عباس : هو الخضر . فسأل موسى ربه أن يريه إياه . فأوحى إليه أن ائت البحر ، فانك تجد على شط البحر حوتا فخذه فادفعه إلى فتاك ، ثم الزم شاطئ البحر . فإذا نسيت الحوت وهلك منك، فثمّ تجد العبد الصالح الذي تطلب . فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه سال فتاه عن الحوت . فقال له فتاه وهو غلامه (أرأيت إذ أوينا إلي الصخرة) فإني نسيت الحوت ، وما أنسانيه الا الشيطان أن اذكره لك . فرجع موسى حتى أتى الصخرة . فوجد الحوت ، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر ، فلقي موسى الخضر فيها وجرى معهم ما جرى " وبعد أن يذكر هذا الحديث بالطريقة التي نقلتها عنه يقول: "ولا بد أن يشعر القارئ وهو يستمع إلى هذه القصة التي نقلتها عن ابن كثير، أنه يقرأ أسطورة أو قصة خرافية وهمية لا يجد لها أصلاً في تاريخ موسى جميعه كما أنه لا يلاحظ أية رابطة تربط هذه القصة بالآيات قبلها.. هذا وإني تدبرت التوراة المعاصرة، وجميع سور القرآن المجيد، فلم أعثر في أي منهما على ما يشابه هذه القصة المذكورة هنا وبمفهومها(1/21)
المتبادر لأذهاننا.. وبعد أن يحاول إثبات أن موسى عليه السلام لم يسافر هذا السفر الذي لم يقبله عقله كما يقول وأن موسى عليه السلام لم يسافر إلا إلى مدين كما جاء في القرآن بعد ذلك يقول :" ويتبين لنا من ذلك كله أن لا أساس لقصة موسى هذه مع فتاه على صعيد الواقع وبأي شكل من الأشكال (1)
... وهذه جناية أخرى على حديث صحيح بتهمة مجازفة لا يدري صاحبها أوزارها، والحديث لا شك في صحته التي تدل على وقوع تلك القصة بما لا ريب فيه، وأما كون هذه القصة ليست في كتب أهل الكتاب فليس يعني ذلك عدم صحتها. فكم أضاع أهل الكتاب من أخبار أنبيائهم،! ومن المفيد بيانه هنا أن قصة امرأة عمران وكفالة زكريا عليه السلام لمريم عليها السلام المذكورة في سورة آل عمران في القرآن الكريم لا وجود لها في التوراة ولا في الإنجيل فهل نرفض هذه القصة من القرآن لأنها غير موجودة عند اليهود والنصارى أم ماذا نفعل ؟
وثبوت قصة موسى عليه السلام في الحديث الصحيح يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يوحى إليه. ولم يكن متأثراً بالتوراة والإنجيل كما زعمه المؤلف وسيأتي بيانه في مبحث خاص إن شاء الله تعالى.
__________
(1) ص:100-101، وهذا الحديث أخرجه البخاري 1/41 في كتاب العلم باب الخروج في طلب العلم رقم 78.(1/22)
هذا وقد ذكر الألوسيفي التفسير قضايا كثيرة تخص هذا الجانب لا بأس من ذكرها حتى تزول مثل هذه الشبهة الخاصة بعدم ذكر هذه القصة في كتب أهل الكتاب قال رحمه الله :" ... وإنما أنكر أهل الكتاب هذه القصة التي كانت بين موسى والخضر عليهما السلام لإنكارهم تعلم النبي من غيره .وأجيب بالتزام أن التعلم من نبي ، ولا غضاضة في تعلم نبي من نبي . وتعقب بأنه ولو التزموا ذلك وسلموا نبوة الخضر لا يسلمون انه موسى بن عمران لأنهم لا تسمح أنفسهم بالقول بتعلم نبيهم الأفضل ممن ليس مثله في الفضل فإن الخضر عليه السلام على القول بنبوته بل القول برسالته لم يبلغ درجة موسى عليه السلام. وقال بعض المحققين : ليس إنكارهم لمجرد ذلك ، بل لذلك ولقولهم إن موسى عليه السلام بعد الخروج من مصر حصل هو وقومه في التيه وتوفي فيه ولم يخرج قومه منه الا بعد وفاته . والقصة تقتضي خروجه عليه السلام من التيه لأنها لم تكن وهو في مصر بالإجماع ، وتقتضي أيضا الغيبة أياما ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل الذين كانوا معه ولو علمت لنقلت لتضمنها أمرا غريبا تتوفر الدواعي على نقله ، فحيث لم يكن لم تكن . أجيب بان عدم سماح نفوسهم بالقول بتعلم نبيهم عليه السلام ممن ليس مثله في الفضل أمر لا يساعده العقل وليس هو الا كالحمية الجاهلية ، إذ لا يبعد عقلا تعلم الأفضل الأعلم شيئا ليس عنده ممن هو دونه في الفضل والعلم . ومن الأمثال المشهورة قد يوجد في الأسقاط ما لا يوجد في الأسفاط وقالوا قد يوجد في الفضول ما لا يوجد في الفاضل . وقال بعضهم لا مانع من أن يكون قد أخفى سبحانه وتعالى علم المسائل التي تضمنتها القصة عن موسى عليه السلام على مزيد علمه وفضله لحكمة ، ولا يقدح ذلك في كونه افضل وأعلم من الخضر عليه السلام ، وليس بشيء كما لا يخفى، وبأنه سيأتي إن شاء الله تعالى قريبا القول بان القصة كانت بعد أن ظهر موسى عليه السلام على مصر مع بني إسرائيل واستقر بعد(1/23)
هلاك القبط ، فلا إجماع على أنها لم تكن بمصر ، نعم اليهود لا يقولون باستقرارهم في مصر بعد هلاك القبط وعليه كثير منا ، وحينئذ يقال : إن عدم خروج موسى عليه السلام من التيه غير مسلم ، وكذلك اقتضاء ذلك الغيبة أياما لجواز أن يكون ذلك على وجه خارق للعادة كالتيه الذي وقعوا فيه وكنتق الجبل عليهم ، وغير ذلك من الخوارق التي وقعت فيهم ، وقد يقال : يجوز أن يكون عليه السلام خرج وغاب أياما لكن لم يعلموا أنه عليه السلام ذهب لهذا الأمر وظنوا أنه ذهب يناجي ويتعبد ولم يوقفهم على حقيقة غيبته بعد أن رجع لعلمه بقصور فهمهم فخاف من حط قدره عندهم فهم القائلون ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) و (أرنا الله جهرة )وأوصى فتاه بكتم ذلك عنهم أيضا ، ويجوز أن يكون غاب عليه السلام وعلموا حقيقة غيبته لكن لم يتناقلوها جيلا بعد جيل لتوهم أن فيها شيئا مما يحط من قدره الشريف عليه السلام فلا زالت نقلتها تقلّ حتى هلكوا في وقت بختنصر كما هلك اكثر حملة التوراة ، ويجوز أن يكون بقي منهم اقل قليل إلى زمن نبينا عليه الصلاة والسلام فتواصوا على كتمها وإنكارها ليوقعوا الشك في قلوب ضعفاء المسلمين ثم هلك ذلك القليل ولم تنقل عنه ، ولا يخفى أن باب الاحتمال واسع ، وبالجملة لا يبالى بإنكارهم بعد جواز الوقوع عقلا وإخبار الله تعالى به ورسوله عليه الصلاة والسلام فإن الآية ظاهرة في ذلك ، ويقرب من هذا الإنكار إنكار النصارى تكلم عيسى عليه السلام في المهد وقد قدمنا انه لا يلتفت إليه بعد إخبار الله تعالى به ، فعليك بكتاب الله تعالى ودع عنك الوساوس ." انتهى كلام الألوسي(1) وهو كلام نفيس جدا فرحمة الله تعالى عليه
...
المبحث الخامس: تعدي الكاتب على علماء الأمة
__________
(1) روح المعاني 15/310-311(1/24)
... لقد ضرب الكاتب بآراء علماء الإسلام عامة والمفسرين خاصة عرض الحائط؛ حين لم يرجع في تفسيره إلى آراء هؤلاء وهؤلاء، وإنما جعل همه أن يشنع على هؤلاء العلماء زاعماً أنهم ليسوا على المستوى المطلوب. وكان الذي نقله الكاتب من بعض الآراء من تلك الكتب ما هو إلا من قبيل ذر الرماد في العيون؛ ليوهمنا أنه رجع إلى المصادر وهو في الحقيقة لم يرجع إليها إلا ليشنع على أصحابها، بل وتعدى الكاتب طوره حين هجم على علماء الإسلام بما لا يليق واليك شيئاً مما قاله:
أولاً: قال الكاتب ما نصه:" ولا أشك للحظة واحدة أن ما ذهب إليه المفسرون والمستشرقون لا يمت إلى الحقائق التي تضمنتها سورة الكهف بصلة من الصلات" (1)
... تأمل في هذا القول العجيب وتأمل كذلك في جمعه بين المفسرين والمستشرقين في باب واحد.
... ولا عجب في أن هذا الذي يحكيه مع أنه قصد به الشتيمة إلا أنه صحيح باعتبار آخر؛ ذلك أن الكاتب إذا كان يقصد بالحقائق ما أورده في كتابه من العجائب والغرائب، فإن ما عند المفسرين والمستشرقين لا يمت له بصله لأن ذاك الذي عند المفسرين علم. وما أدراك ما هذا الذي عند الكاتب.
ثانياً: قال عند حديثه عن قوله تعالى (كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم) (33:الكهف) قال:" لم يقل: ولم تظلما، والحكمة أن يشعر الله تعالى القارئ بأن الجنتين لرجل واحد وطرف واحد وهم المسيحيون أولا وآخراً. وأغض الطرف هنا عن الجدل الذي دخله تفسير البيضاوي الذي لم يفهم من الآيات الكريمة ما فهمناه، ويكفي أن أقول إنني ذهبت في تعليل ذلك على مذهب الإمام البغدادي" (2)
... وتأمل معي كيف جعل فهمه حكماً على فهم الإمام البيضاوي ، والبغدادي هذا الذي ذكره لم يعرف به من هو ، فإن كان يقصد الإمام الألوسي فليس في تفسيره ما ذكره.
__________
(1) ص: 2
(2) ص: 76(1/25)
وهذا التفسير الذي ذكره لم يسبقه إليه سابق فيما أعلم ، وهو جواب خاطئ على أي حال ، والذي عليه جمهور المفسرين والنحاة في تفسير هذا الموضع هو ما لخّصه الألوسي في التفسير إذ قال :" و(كلتا) اسم مفرد اللفظ مثنى المعنى عند البصريين وهو المذهب المشهور ، ومثنى لفظا ومعنى عند البغداديين ،.. وعلى المشهور يجوز في ضميره مراعاة لفظه ومراعاة معناه ، وقد روعي الأول هنا " (1)
وأما ما أشار إليه الكاتب من جدل في تفسير البيضاوي عند هذا المحل فكلام غير صحيح والذي في التفسير انه قال :" وإفراد الضمير لإفراد كلتا " (2) فأين هو الجدل الذي ذكره؟.
ثالثا ً: قال عند حديثه عن قوله تعالى (كذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم ..) (19:الكهف):" وأنا ألزم نفسي عند شرح هذه الآيات التي تتكلم عن تاريخ المسيحيين بمعطيات تاريخ المسيحيين أنفسهم، خاصة منه ما أعقب العصور المسيحية الوسطى المظلمة وإن كل من يتصدى لتفسير هذه الآيات من غير منطلقي هذا لا بد أن يزيغ نظره عن الحقيقة التي أشارت إليها هذه الآيات القرآنية؛ لمخالفته لأصول تفسير القرآن، وهو الأمر الذي وقع فيه المفسرون الأقدمون". (3)
... إذن وبناءً على هذا الكلام يكون المفسرون الأقدمون كلهم قد خالفوا هذه المنطلقات التي وضعها الكاتب ، والتزم بها وحده. ثم أين هي معطيات تاريخ المسيحيين التي استخدمها الكاتب في تفسيره فإني لم أر منها شيئا!!
ثم كيف يجوز في منطق العلم والبحث أن يضع الإنسان لنفسه قواعد ويحاكم به جهود المتقدمين من العلماء وهي في الأصل لا يعلم بها أحد إلا صاحبها . إن هذا لمن العجب!
__________
(1) روح المعاني 15/274.
(2) تفسير البيضاوي 3/224 بحاشية الكازروني
(3) ص: 46(1/26)
ولننظر إلى ملخص ما قاله في تفسير هذه الآية:" وكذلك أي أوردها الله لينبه ذهن القارئ انه لا يزال يتكلم عن المسيحيين الذين انحرفوا عقائديا زمن العصور الوسطى ...بعثناهم يعني بدأنا دورهم المستقبلي.. ليتساءلوا معناها إشعارا منه جل شانه للقارئ أن الله قرر أن يبدأ دور المسيحيين المستقبلي وليس أنهم كانوا أمواتا فأحييناهم فالألفاظ بدلالتها المجازية وإضافة بينهم إلى هذه الكلمة من أجل أن يصبح المعنى أن مشيئة الله عز وجل تجلت في أن ضرورة أن ينهض المسيحيون من تخلفهم ، فيتدارسوا أحوال أمتهم وأسباب تخلفها وليصححوا مسارها (1)
وواضح من هذا الكلام أن الرغبة جامحة لدى الكاتب لمخالفة العلماء وإلا فما هو الصارف الذي يصرف هذه الألفاظ من الدلالة الحقيقية إلى المجاز. ولا أظن أحدا يمتري في تفسير هذه الآية وأنها من توابع قصة أصحاب الكهف ولم أجد أحدا حوّل ألفاظها من الحقيقة إلى المجاز إلا الكاتب ، وجميع المفسرين على أن معناها انهم كانوا نياما فأيقظهم الله وأحياهم فلما أحياهم ظهر منهم هذا التساؤل (2).
رابعاً: قال في بعض مواضع من كتابه:" فقد ذهب ذهن مفسريهم إلى أن فتية الكهف كانوا إحدى الأعاجيب، ولم يقفوا عند هذا الحد من الزيغ عن حقائق القصة بل سيغوصون في مستنقع جدال لا طائل تحته" (3). هكذا هو التفسير عنده مستنقع من الجدال. فتأمل هذه الألفاظ المشينة التي يعبر بها الكاتب عن آراء المفسرين!
__________
(1) ص: 47-48
(2) روح المعاني 15/229 وتفسير البيضاوي 3/219
(3) . ص: 58(1/27)
خامساً: عند الحديث عن قوله تعالى (وإذ قال موسى لفتاه) (60:الكهف) ذكر مجموعة من الأسئلة ثم قال:" إن هذه الأسئلة لا بد لنا من الإجابة عنها إجابة مقنعة، حتى لا نقع فيما وقع فيه المفسرون الأقدمون الذين فهموا قصة أهل الكهف فهما أسطورياً، وفهموا قصة موسى هذه فهما أسطورياً أيضاً، دون تحقيق ولا محاكمة وبدون دلالات الآيات لغويا"ً (1).والذي أحسبه بعد قراءتي لهذا الكتاب أن أحسن رد عليه هو ما جاء في قولهم رمتني بدائها وانسلت.
... هذا بعض ما في هذا الكتاب من سلاطة وقسوة على علماء الإسلام، والمرء حين يسمع هذه القسوة يحسب أن صاحبها قد ملأ الأرض علماً، ولكن المؤسف أن الكاتب قد هجم على سورة الكهف هجوماً في غفلة عن أعين رقابة أهل العلم، وبلا زاد فلنستمع إليه في بداية كتابه وهو يقول:" أنا لا أليق أصلاً لتفسير القرآن" (2).
... والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا:إذا كان هو لا يليق أن يفسر القرآن فلماذا أخذ في التفسير إذن؟ ثم تأمل بعد ما قاله أيضاً في بداية كتابه حينما تحدث عن سبب إضافة (وبمنظور جديد معاصر) إلى عنوان الكتاب يقول:" لأوحي إلى القارئ الكريم بما احتواه هذا الكتاب من معلومات معاصرة لم يسبق لمفسر أن ذهب ذهنه إليها لضآلة معطيات تلك الأزمان"(3). لنتأمل جميعاً هذا القول مع سابقه ليظهر لنا أي رجل هذا؟
__________
(1) ص: 100
(2) ص: 3
(3) ص: 2(1/28)
... وأنا أكتفي هنا برد المؤلف نفسه على نفسه حين هاجم الدكتور شحرور في كتابه (الكتاب والقرآن) ونعى عليه تهجمه على من سبقه لنستمع إليه وهو يقول:" وحين فات صاحبنا الحجة والبرهان لجأ كعادته إلى تسفيه آراء جميع المفسرين كما جاء في الصفحة 194، إذ قال (إن النتيجة المباشرة لما قلنا، هي أن كل التفاسير الموجودة بين أيدينا، ليس أكثر من تفاسير تاريخية مرحلية للقرآن. أي لها قيمة تاريخية لأنها نتاج أشخاص عاشوا من قرون)(1) . فهو قد استهان بمكانة مفسري الأمة الإسلامية. متناسياً أن كل نتاج فكري قد بني على حقائق عقلية ثابتة، فهو مقبول في كل زمان ومكان. وأن كل نتاج فكري قد أتي، ولم يبن على أسس معقولة ودعائم محكمة، من العلم والمنطق، فهو مرفوض في كل زمان ومكان ... ولا يدعم الفكر أن يكون صاحبه قد ولد في القرن العشرين كما لا يعيب النتاج العلمي أن يكون قد وجد في عصور سابقة، إذ لا يصح أن يسخّف كل باحث الإنتاج الفكري لما قبله من الباحثين لمجرد أن زمانهم قد مضى وولّى. فلو صح لآل نتاج الفكر في العالم إلى مصير لا تحسد عليه.
... وزبدة الكلام هو أن الله تعالى لم يجز لأحد من خلقه، تأويل كتابه. بطريق الظن والتنجيم، وعلى صورة يتنافى مع الأصول والقواعد التي تضمنها كتاب الله تعالى نفسه وهي ما نسميه بأصول التفسير"(2). هذا هو الرد المناسب على ما كتبه الكاتب، وقديما قيل من فمك أدينك. على أنني أسأل هذا الكاتب أين هي أصول التفسير المرعية في هذا الكتاب وإذا كان العلماء قد وضعوا للتفسير بالرأي أصولا لا بد من مراعاتها في التفسير وخلاصتها على ما في البرهان :
النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع التحرز عن الضعيف والموضوع .
الأخذ بقول الصحابي .
__________
(1) سؤالي هنا هو : ما الفرق بين الذي قاله شحرور في كتابه والذي فعله المؤلف هنا ؟ .
(2) حقيقة القراءة المعاصرة 2/193(1/29)
الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى ما لا يدل عليه الكثير من كلام العرب .
الأخذ بما يقتضيه الكلام ، ويدل عليه قانون الشرع (1).
هذه هي خلاصة القوانين التي لا بد من مراعاتها في التفسير بالرأي . فهل يوجد شيء منها في هذا الكتاب من أوله إلى آخره ؟ الجواب عندي وبعد قراءتي لهذا الكتاب كلمة كلمة انه لم يلتزم بأي من هذه الشروط ولا غيرها بل أطلق لنفسه ولقلمه أن يقول ويكتب ما شاء . والله تعالى المستعان .
المبحث السادس: زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم تأثر بالإنجيل
قال:" قد انتهج محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس نهج الأناجيل والقرآن فأطلق هذا الوصف (المسيح) إضافة إلى وصفة (الدجال) على أقوام أوروبا وأمريكا الذين سينطلقون آخر الزمان بحثاً عن الذهب والفضة واستعمار شعوب الأرض لهذه الغاية"(2) ...
__________
(1) . البرهان في علوم القران 2/156 وما بعدها
(2) ص: 5(1/30)
هذا القول الذي قاله الكاتب هنا لم يقله أحد من أهل الإسلام فيما أعلم وإنما هو من افتراءات المستشرقين الذين حاولوا جاهدين أن يردوا معطيات السيرة النبوية إلى أصول نصرانية أو يهودية ، أو إثبات أن هناك تأثيرا ما من التوراة أو الإنجيل على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وفي هذا الجانب يقول الدكتور عماد الدين خليل ما نصه:" إن هذا التصور المسبق يكاد يأخذ برقاب المستشرقين ، ويضع بصماته العميقة على مناهجهم في التعامل مع وقائع السيرة وظاهرة النبوة ...ويحاول الدكتور جواد علي أن يبين الأسباب قائلا: إن معظم المستشرقين النصارى هم من طبقة رجال الدين ، أو من المتخرجين من كليات اللاهوت ، وهم عندما يتطرقون إلى الموضوعات الحساسة من الإسلام يحاولون جهد إمكانهم ردها إلى أصل نصراني. وطائفة المستشرقين من يهود ، وخاصة بعد تأسيس (إسرائيل) وتحكم الصهيونية في غالبيتهم ، يجهدون أنفسهم لرد كل ما هو إسلامي وعربي لأصل يهودي ، وكلتا الطائفتين في هذا الباب تبع لسلطان العواطف والأهواء ".(1)
"وهذا الافتراء الذي تبع فيه الكاتب المستشرقين يكذبه التاريخ فلم يثبت أنه كان لأي من الديانتين مركز في مكة حيث نشأ عيه السلام وأعلن دعوته .. هذا في مكة وأما الدعوى القائمة بأنه استفاد من حاشيته اليهودية والمسيحية الذين أسلموا وكانوا في صحبته فما هو إلا محض افتراء لأن إسلامهم حجة قائمة على صدق ما جاء به من الوحي الإلهي ولو تبين لهم أنه كان يتتلمذ لهم في خفاء ليتلقى عنهم ما كان يدعو إليه لانفضوا من حوله ولعادوا إلى دينهم ولم تكن لهم تلك المنزلة الرفيعة في الدعوة إلى الإسلام "(2)
__________
(1) مناهج المستشرقين 1/136 .
(2) الأدلة على صدق النبوة المحمدية ص:424 وما بعدها . بتصرف .(1/31)
ومما ينبغي إضافته هنا أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لم يكن يقرأ أو يكتب بشهادة القرآن الكريم نفسه تلك الشهادة التي صدقها التاريخ ولم يظهر لها أي مخالفة عبر العصور المتلاحقة فمن أين ورد للكاتب أن النبي عليه السلام قد تأثر بالإنجيل وعلى أي صورة كان هذا التأثر ؟
لا يحتمل الجواب على هذا التساؤل إلا أحد أمرين :
الأول : أن يكون النبي عليه السلام هو المطلع بنفسه على الإنجيل . وهذا يكذبه انه عليه السلام كان أميا لا يقرأ و لا يكتب .
الثاني : أن بعض أصحابه عليه السلام هو من كان ينقل إليه من الإنجيل . وهذا يكذبه أن النبي عليه السلام قد رأى يوما عمر بن الخطاب يحمل صحيفة من التوراة فغضب وقال له: " أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب.. والذي نفسي بيده لوكان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني"(1) فثبت مما قلته أن هذه الدعوى من أبطل الباطل . وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المبحث السابع: إغراب الكاتب في تفسير الملائكة والجن
... الكتاب كله غرائب وعجائب وفي بحث كهذا لا يمكن ملاحقة الكاتب على كل كلمة قالها، ولكني أهتم بإبراز أشياء واضحة لا تخفى على الناس حتى يتبين مدى ما وصل إليه هذا الكاتب من الجناية على تفسير كتاب الله تعالى.
__________
(1) رواه ابن أبى شيبة في المصنف 5/312 حديث رقم26421 ، وابن أبى عاصم في السنة 1/27 رقم50 ، وهو حديث حسن .
للكاتب كتاب آخر ينحو فيه هذا النحو اسماه (في ظلال دلالات سورة الإسراء).(1/32)
... يقول هذا الكاتب عند قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة) (50:الكهف):" هذا حجاج من الله تعالى مع هؤلاء المسيحيين فيما يعتقدونه من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، والمعنى أن عقيدة كفارة المسيح التي تعتقدونها إنما تستند أصلاً إلى قصة خطيئة آدم وحواء، وبدل أن تتطهروا بهذه الكفارة، تفعلون فعل إبليس الذي فسق عن أمر ربه فأنتم لا تتولون هذا المسيح الناصري وتعملون على تعاليمه ووصاياه وهو الذي فداكم على حسب ما تزعمون بل تتخذون إبليس قدوة لكم وولياً لأمركم..."(1)
وهذا التأويل على هذا النحو غير مستساغ أبدا إذ كيف يكون الحوار بين الله والملائكة أو مخاطبة الله تعالى للملائكة على هذا النحو من التأويل ، ثم ما هو الصارف الذي يصرف الملائكة إلى المسيحيين ؟ إن هذا التأويل بعيد كل البعد عن التفسير والتأويل كلاهما معا .
__________
(1) . ص91، وهو يشير بهذا إلى أن الملائكة والجن جيء بهما تعبيراً مجازياً عن المسيحيين .(1/33)
وعند قوله تعالى: (كان من الجن) (50:الكهف) قال:" إشارة منه تعالى إلى أنه حينما بعث أول نبي في هذا المنطقة وهو آدم عليه السلام بعثه في زمن كان البشر لا يزالون أشبه شيء بالحيوانات من حيث معاشهم، فقد كانوا يقطنون الكهوف عموما ويتغذون بما يصطادونه خارج كهوفهم، وكالحيوانات يحيون على شريعة الغاب، فقد كان يتزعمهم من كان أقواهم جسماً وبطشاً، وهذا ما يفعله هؤلاء- يقصد أوروبا وأمريكا- حيث يفرضون على الشعوب شريعة الغاب. وهذه الحقيقة التاريخية عبر جل شأنه عنها بلفظ (الجن)"(1). وهذا الكلام الذي ذكره من أعجب العجب إذ كيف يتصور وجود الناس على هذه الكيفية أشبه بالحيوانات ثم بعث إليهم آدم وهم أصلا نسله ، هل سبق وجودهم وجود آدم عليه السلام ؟ وما هي العلاقة بين هذا الذي سماه تفسيرا وبين الجن , على اعتبار أن هذا من قبيل التفسير المجازي فما هي مسوغا ته؟
المبحث الثامن: خبطه في قصة موسى عليه السلام
... وقعت هذه القصة في سورة الكهف في القسم الأخير منها بدءاً من قوله تعالى (وإذ قال موسى لفتاه) (60:الكهف) .
__________
(1) ص: 91، ويلاحظ أن هنا تشابهاً كبيراً في التفسير ما بين هذا وما نقله الندوي في كتابه القادياني ص159 عن كتاب بيان القرآن 3/1893 للقاديانية .(1/34)
... وعامة المفسرين يفسرون هذه الآية بما أورده البخاري في صحيحه في قصة موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام. (1) والكاتب يرى أن هذا الفهم ما هو إلا فهم أسطوري خرافي.(2) وأن عقله لا يستسيغ هذه الخرافات التي ذكرها المفسرون، وأن العقل الذي يقبل ذلك ما هو إلا عقل تقليدي أسطوري (3). ... إذن المفسرون يقولون إن هذه قصة واقعية حقيقية حدثت مع موسى عليه السلام والكاتب ينفي ذلك؛ لأنه لم يجد لها أثراً في التوراة. وكأن التوراة لم تبق من تاريخ موسى عليه السلام ولم تذر، وكأننا نحن المسلمين نتسول على أبواب التوراة المحرفة لتصحح لنا ما روي لنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنبياء الله تعالى السابقين. وقد تقدم شيء من الحديث عن هذه الآية في المبحث المتعلق بجناية المؤلف على السنة
... وبعد ذلك يرى الكاتب أن ما ذكره الله تعالى في هذا القصة لا يعدو أن يكون حلماً منامياً رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس كما في صحيح
البخاري فهو عنده إذن إسراء منامي روحاني ليس إلا.(4) وهذا خلا ف ما عليه جميع المفسرين . ثم يفسر بعد ذلك قوله تعالى (أبلغ مجمع البحرين) (60:الكهف) على أنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا النهر العظيم الذي تستمد منه الأنهار مياهها.(5) وهذا التفسير من الغرابة أن لم يقل به أحد حتى المتصوفة الذين اغرقوا في التأويل لم يقولوا بذلك وإنما نقل الألوسي عنهم في التفسير ما نصه :"وقيل هما مجاز عن موسى والخضر عليهما السلام لأنهما بحرا علم ، والمراد بملتقاهما مكان يتفق فيه اجتماعهما ، وهو تأويل صوفي والسياق ينبو عنه وكذا قوله (حتى ابلغ) إذ الظاهر عليه أن يقال حتى يجتمع البحران مثلا ." (6)
__________
(1) قد تقدم هذا الحديث
(2) . ص:100
(3) ص:103
(4) ص: 103
(5) ص: 103
(6) روح المعاني 15/312(1/35)
ثم يفسر بعد ذلك قوله تعالى (إذ قال موسى لفتاه) يعني قال موسى لعيسى عليه السلام فالفتى هو المسيح عيسى ابن مريم.(1)
و يفسر (الحوت) (63:الكهف) بقوله: أي بعد أن امتد زمان أمتي موسى وعيسى إلى زمن بعثة محمد خاتم النبيين، ونهر توحيده العظيم فقدت هاتان الأمتان بعد ذلك كل تقوى وكل عبادة خالصة لله..(2) ...
ثم يخبط الكاتب يميناً وشمالاً في تفسير السورة بما سنذكر له بعض الأمثلة في نهاية هذا البحث إن شاء الله
... هكذا يفسر هذه القصة على نحو مجازي لا علاقة له بالمجاز الذي يعرف في الكتب، وإنما هو مجاز خاص ينطلق منه الكاتب ليصور أن القرآن الكريم ليس له هم ولا هدف إلا الأمم المسيحية الغربية.(3)
ولم يقتصر الكاتب على ذلك بل ويؤوّل ما وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره جميع الرواة على أنه قد وقع حقيقة وشاهده الناس بأم أعينهم يؤوّله على هذه الشاكلة فيصرفه إلى الأمم الغربية، لنستمع إليه وهو يقول في خلاصة موجزة لتفسيره لسورة اللهب ... فالغرب هم مخترعو الصواريخ ذات اللهب سموا في سورة تبت بأبي لهب واستعمل لعملائهم وامرأته حمالة الحطب.. (4)
وكيف يجوز في أي منطق مهما كان منحرفا أن يقبل مثل هذا التفسير الذي يكاد ينكر ما علمه الناس من التاريخ بالضرورة , وماذا نصنع بعبد العزى بن عبد المطلب المسمى بابي لهب وهو عم الرسول عليه السلام وامرأته أم جميل وما نقل عنهما من أحداث في السيرة النبوية ؟
باختصار هذا التفسير الذي يريده الكاتب ينحو بنا إلى الانسلاخ من التاريخ وإنكار الحقائق حتى لا يبقى لنا ميزان . ولكن الله تعالى يحفظ هذه الأمة ، وهو سبحانه وحده المستعان .
المبحث التاسع: دعوة الكاتب للانهزام أمام الأعداء
__________
(1) ص: 104
(2) ص: 107
(3) للكاتب كتاب آخر ينحو فيه هذا النحو أسماه (في ظلال دلالات سورة الإسراء ) .
(4) ص: 85(1/36)
... لم يكتف الكاتب بما أغرب فيه وأعجب بل راح يستنهض همم المسلمين إلى القعود تاركين أعداء الأمة والدين يسرحون في بلاد المسلمين كما يشاءون فلا مناص من قدر الله تعالى.
يقول عند قوله تعالى (فلن يهتدوا إذا أبداً) (57:الكهف):" وهذا هو السر الذي دعاه جل شأنه من قبل، وفي سياق هذا الكلام أن ينصح المسلمين أن لا يفكروا في التصدي لهؤلاء بالقوة ولا أن يعمدوا إلى تهديدهم، فسيبلغ هؤلاء حدا من الظلم والفظاعة ضد الإسلام بحيث لا يعود يجدي معهم إلا تنفيذ الله تعالى لوعيده."(1). وفي موضع سابق وعند قوله تعالى (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا) (23:الكهف) يقول بعد أن أنكر الحديث الذي يذكره المفسرون عند هذه الآية والخاص بسيدنا سليمان حينما أراد الطواف على نسائه(2) مع العلم أن المفسرين لم يذكروا هذا الحديث تفسيراً لهذه الآية وإنما أوردوه على جهة التمثيل وحسب، بعد هذا يقول: " وتبعاً لمعاني الألفاظ فالآية تحذر المسلمين وتنهاهم عن أن يتصدوا بالقوة إذا تهددهم هذا الخطر من قبل المسيحيين الأوروبيين في المستقبل، فلا ينبغي في الزمن البعيد المترقب أن يقوم أحد المسلمين مهدداً ومتوعداً إني فاعل غدا كذا وكذا، بل إن طريق خلاص المسلمين من فرعنة هؤلاء المذكورين الذين اتخذوا لله ولداً عبّر عنه تعالى بقوله (إلا أن يشاء الله) (24:الكهف) . أي أن يترك المسلمون أمرهم يومئذ لمشيئة الله ربهم. أي إن من واجبهم يومئذ الاعتماد على الدعاء من الله تعالى لينزل عذابه بهم... منوها بذلك إلى أنه لن يكون للمسلمين يومئذ حول ولا قوة للتصدي لهؤلاء الغربيين المستعمرين"(3) ولمَ لا يكون الأمر عنده كذلك وهو يرى أن الأمة الإسلامية أمة متخلفة جاهلة، يقول عند قوله تعالى (حتى إذا بلغ بين السدين) (93:الكهف):" والمقصود مجازاً بالسدين هنا وضع الأمم الغربية كسد مخيف على طريق المؤمن، ووضع الأمة العربية
__________
(1) ص: 97
(2) تقدم هذا من قبل
(3) ص: 61-62(1/37)
والإسلامية المتخلف الجاهل بحقائق القرآن الكريم(1) "
إذن أمة وادعة مستسلمة جاهلة متخلفة يجب أن ترفع أيديها بالدعاء ليصرف الله عنها كيد الأعداء، أما أن تجاهد وتقاتل وتذود عن حمى أوطانها ودينها فلا، هذا هو اجتهاد هذا الكاتب الذي لا يرى فيما قدمه المفسرون فائدة، ويرى أن الزبد الذي سال من مداد قلمه هو الخير الذي ليس بعده ولا قبله مثله.
المبحث العاشر: الكاتب ومجدد هذا العصر
... كنت أظن أن الكاتب بما أسبغ على نفسه من هالة في هذا الكتاب كنت أظنه يدّعي لنفسه أنه هو المجدد والمخلص، غير أني بدّلت رأيي هذا بعد أن قرأت في بعض الكتب ما يمكن أن تكون له صلة بهذا الذي قرأته في هذا الكتاب، ولكن دعني أقف الآن مع ما ذكره عن هذا المجدد لنتعرف إليه عن قرب.
أولاً: قال الكاتب متحدثاً عن نفسه، وأنا لا أليق أصلاً لتفسير هذا القرآن المجيد بل أستقي المعلومات بصورة عامة مما فتحه الله عز وجل على مجدد هذا الزمن الأخير.(2) .
ثانياً: تحدث الكاتب عن ذي القرنين حديثاً عجيباً غريباً حاصله أنه هو المسيح المثيل لابن مريم الموعود ظهوره آخر الزمان وبعد أخذ ورد طويلين قال:... قامت هناك كتلتان شرقية وغربية وتطاحنتا وخاضتا غمار حربين عالميتين فيما بينهما. وهذا الأمر ساعد كثيراً على تأخير تكتل هؤلاء ضد الإسلام خاصة حتى الآن، وهذه العلامة إن دل تحققها على شيء فإنما يدل بشكل يقيني على أن زماننا هذا هو زمان ظهور ذي القرنين المجدد والمثيل لابن مريم.(3)
__________
(1) ص: 140.
(2) ص: 3
(3) ص: 152(1/38)
ثالثاً: لم يقتصر حديث الكاتب عن هذا المجدد في هذا الكتاب ولكنه ذكره في كتب أخرى له فها هو في كتابه في ظلال دلالات سورة الإسراء يكتب مقدمة شبيهةً جداً بما كتبه في مقدمة كتابه في ظلال دلالات سورة الكهف، وقد أضاف إلى الكتابين جملة (وبمنظور جديد معاصر) وعلل هذه الإضافة في كتابه عن سورة الإسراء قائلاً: "لأوحي إلى القارئ الكريم بوجود ما لم يوجد في التفاسير القديمة في هذا التفسير(1) علماً بأنني لا أعتمد في تفسيري على ما لدي من علم متواضع . بل أستمد عون الله وعلمه اللدني عن كل آية من آيات كتابه العزيز ومستفيضاً من علوم مجدد هذا الزمان الأخير الذي أفاض الله تعالى عن طريقه نهراً عظيماً من العلوم والنكات المعرفية ."(2) وفي كتاب آخر له بعنوان :( هل مات المسيح على الصليب) يقول في ختام مقدمته ما نصه:" ولا يستغربن قارئ ما أوردته في كتابي هذا من حقائق جديدة. ولا ينبغي له أن يتساءل في نفسه: كيف لم يفطن اليهود والنصارى والمسلمون إلى ذلك من قبل وطوال هذه الآلاف من الأعوام؟ فالجميع يقولون: إنا وجدنا آباءنا على ملة وإنا على آثارهم لمقتدون. ولولا أن أيقظنا إمام زماننا من غفلتنا لسرنا على نفس الخطوات."(3) والآن من هو هذا الإمام المجدد الذي استقى منه السيد سليم الجابي ما يمكنه من تفسير سورة الكهف تفسيراً عجيبا ، ولماذا؟
... إن الإجابة عن هذا السؤال تبدو محرجة قليلاً، ولكن الحق لا بد أن يظهر مهما حاول محاول طمسه وإليك بيان هذا الحق الذي لا بد منه في الإجابة عن هذين السؤالين.
الأول: من أين استقى هذا الكاتب هذا التفسير العجيب الغريب؟
__________
(1) يقصد كتابه عن سورة الإسراء
(2) في ظلال دلالات سورة الإسراء ص :5 ، وقال كلاما يشبه هذا في كتابه فن الاختزال في القران ص:173
(3) . ص: 17(1/39)
... إن هذا الكاتب قد سرق أفكار هذا الكتاب برمتها من كتاب تفسير سورة الكهف والذي نشرته الجماعة الإسلامية الأحمدية ونشره فضل إلهي بشير سنة 1979م. إذ المطالع لهذين الكتابين يجد الأفكار هي الأفكار والجمل متقاربة في كثير منها إلى حد التماثل، لكنه والحق يقال إن الكاتب قد زاد في كتابه أشياء جعلته أكثر إغراقاً في الغرابة من الكتاب الآخر. (1)
الثاني: من هو هذا الإمام المجدد؟
... إنه هو ميرزا غلام أحمد القادياني ذلك أن أحد مرتكزات هذه الفرقة التي أسسها هذا الرجل، وأصل من أصولها أنهم يعتقدون أن المسيح عليه السلام مدفون بمكان قرب كشمير من أرض الباكستان. وهذا ما حاول الكاتب أن يثبته في كتابه:( هل مات المسيح على الصليب) إذ إنه لم يؤلفه إلا لهذا الغرض ثم إن القادياني هذا هو الذي ادعى لنفسه أنه مجدد الزمن الأخير والذي ظل الكاتب يدندن حول هذه الفكرة لمرات عديدة (2) وبعد فإني قد قرأت الكتاب وليس في ذهني شيء من هذا الأمر حتى يسر الله تعالى الاطلاع على بعض كتب هذه الطائفة الزائفة لتظهر منها حقيقة هذا المتستر بخدمة الإسلام ونصرة المسلمين والخلاصة: إن هذا الكاتب قادياني متستر بالإسلام لبث تلك الأفكار الشائنة الغريبة.
__________
(1) ينظر على سبيل المثال لا الحصر في كتاب تفسير سورة الكهف المذكور ص: 7،8،9،21 ،21، 23، 45، 32، 38، 40 ، 41 ، 43 ، 46 ، 48 ، 52 ، 54 ، 63 ، 64 ، 67 ، 68 ، 82 ، ليجد القارئ بعد ذلك أن الأفكار هي الأفكار وأن النبع واحد علما أن صاحب هذا الكتاب لم يشر إلى الكتاب الذي سرق منه أفكاره ولو مرة واحدة .
(2) ينظر في هذا إلى كتاب ماذا تنقمون منا لهاني طاهر، النبأ العظيم لمحمد منير ادلبي، وهذان الكتابان مكرسان لنصرة هذه النحلة الباطلة، وليوازن القارئ الكريم بين ما يكتبه سليم الجابي وهؤلاء ليرى إلى أي حد يتماثل الكلام .(1/40)
وبما أنه قد بان لي بأن الرجل قادياني فلا بأس أن أورد جملة في التعريف لهذه الفرقة وأهم أفكارها :
القاديانية : حركة نشأت سنة 1900 بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام ومؤسسها يدعي غلام أحمد القادياني .(1)
... وقد عملت هذه الحركة على إضعاف شأن المسلمين وإثارة الشكوك حول عقيدتهم وبث بذور الفرقة والشقاق فيما بينهم، وتجمع هذه الحركة فيما جمعته خليطاً متناقضا من الأفكار والمعتقدات التي تدل دلالة واضحة على انسلاخ أهلها من الإسلام وان حاولوا جاهدين لصق أنفيهم به ظلماً وعلوا . ومن معتقدات هذه الطائفة وأفكارها :
يعتقدون بضرورة محالفة الإنجليز والانحياز لهم وكذا التبعية والولاء (2)
دعوى النبوة بمؤسسها .(3)
دعوى المسيح الموعود لمؤسسها . (4)
يتصورون أن الإله يصوم ويصلي وينام ويخطئ ويصيب . (5)
إلغاء الجهاد وانه أصبح بوسائل السلم والإقناع . (6)
أن عيسى عليه السلام مدفون في كشمير وان قبره يزار هناك . (7)
__________
(1) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ص 389 : القاديانية لاحسان الهي ظهر ص 19، 94 وما بعدها
(2) أنظر، المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها ص 275-285 في القادياني ص95 وما بعدها و104 وما بعدها والموسوعة الميسرة 390
(3) انظر المذاهب المعاصرة وموقف ص 290، القاديانية ص 108 وما بعدها . القادياني ص 76 وما بعدها .
(4) انظر المذاهب المعاصرة ص 286، القاديانية ص 199. القادياني ص 76 وما بعدها .
(5) انظر الموسوعة الميسرة من 390، المذاهب والأفكار المعاصرة ص312
(6) المذاهب والأفكار المعاصرة ص 312، الموسوعة الميسرة 390، القاديانية من 119-122، القادياني ص 97، 104
(7) المذاهب والأفكار المعاصرة ص 313، القادياني ص 67-69(1/41)
هذه بعض أفكار ومعتقدات وهي كلها يناقض الإسلام جملة وتفصيلاً . ونلاحظ في هذا الكتاب الذي بين أيدينا تشابها في الأفكار من مثل إلغاء الجهاد وموت المسيح، والتلاعب في التفسير على نحو لم يسبق له مثيل . (1)
المبحث الحادي عشر: نماذج من هذا التفسير الشائن
... هذا الكتاب من أوله إلى آخره غير مبني على أي من أسس العلم، وليس من غاية له سوى الانتصار لنحلة منحرفة وطائفة ضالة ترى في تخطئة المفسرين وسيلة من وسائل ذيوع آرائها وانتشارها، وقد مضى بنا في هذا البحث بعض النماذج من هذا التفسير، ولكن لا بأس أن نسوق أمثلة أخرى لتتضح الصورة بجلاء:
"إن سورة الكهف خصصت للكلام عن هؤلاء المسيحيين الذين أطلق عليهم محمد رسول الله صفة المسيح الدجال."
"فهو جل شأنه وقد اختار الوجه الآخر في بيانه (يعني أم بمعنى بل) فليوهم القارئ لأول مرة أن المسيحيين الأوائل وكأنهم كانوا إحدى عجائب الله التي تخالف نواميس الطبيعة، لكنه بأسلوب بلاغي من خلال (حسبت –عجبا) (9:الكهف) أن قصة هؤلاء ليست كذلك بل كانت حقيقية وفق سنن الله وقوانينه الطبيعية المسنونة، وعلى هذه الصورة يكون جل شأنه قد أتى بإعجاز آخر في بيانه، تاه في خضمه المفسرون الأولون الذين ذهب ذهنهم إلى أن القصة وردت بدلالتها الحقيقية المتبادرة لأذهانهم وأنها كانت قصة عجيبة من عجائب القدرة الإلهية ومخالفة كذلك للنواميس الطبيعية."(2)
__________
(1) انظر ما ذكره الندوي في كتاب عن القادياني من نماذج تفسيرية تتشابه إلى حد كبير في الأسلوب مع هذا الكتاب ص 150
(2) ص: 9(1/42)
(وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) (18:الكهف)" إشارة إلى أن المسيحيين رغم انحراف عقائدهم ظلوا يقلدون أصحاب الكهف والرقيم ويقتفون آثارهم في تربية الكلاب فقط، ففي كل دار من دورهم في القرون الوسطى كان يبدو كلب صاحب الدار باسطا ذراعيه، ولم يتخلوا في دورهم الجديد عن عادة تربية الكلاب هذه ... والعجيب هو أن الإنسان الذي يسافر إلى بلاد المسيحيين في زمننا الحاضر يلحظ من فوره اعتناء مسيحيي الغرب بتربية الكلاب، فكل بيت من بيوتهم يربي كلباً باسطاً ذراعيه بفناء الدار..."(1)
يقول:" إن الله عز وجل فسّر قوله (ليتساءلوا بينهم) (19:الكهف) بقوله (يتخافتون بينهم) (103:طه)، معناها يتهامسون ويخططون للقيام بخطوات إجرامية."(2)
"المقصود من القيامة في قوله تعالى (فإنه يحمل يوم القيامة وزراً) (100:طه) إنه اصطلاح اصطلحه القرآن الكريم لدور البعثة الثانية للإسلام ... وشاء الله أن يأتي بعلامة فارقة تفرق هذه الأقوام المسيحية عن غيرها، وقال (يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا) (102:طه) إشارة منه تعالى إلى الأمم الغربية المعاصرة زرق العيون."(3)
(إن لبثتم إلا عشرا) (103:طه)" دلالة على عشرة قرون بعد ظهور الإسلام إشارة إلى قرون العصور الوسطى المظلمة، وأكد تعالى هذه الحقيقة حين أضاف قوله (نحن أعلم بما يقولون، إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) (104:طه) أي ألف سنة مما تعدون."(4)
وهذه الآيات من سورة طه ولكنه جاء بها ليرفد تفسيره الغريب لسورة الكهف بهذه الطريقة.
"(فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً) (22:الكهف) معناها إياك أيها المسلم أن تجادل في عدد هؤلاء إلا مراءً ظاهراً أي إلا أن تحفظ هذه الآيات عن ظهر قلب معتقداً أنها تحتمل التأويل والتخصيص."(5)
__________
(1) ص: 21
(2) ص: 43
(3) ص53، علماً أن سورة طه نزلت قبل سورة الكهف بزمان في تفسير ابن عاشور في مفتتح السورتين
(4) ص: 53
(5) ص: 61(1/43)
"(ويلبسون ثياباً خضراً) (31:الكهف) المعلوم أن الثياب تلبس لستر العورات ويكون الله عز وجل كنّى بهذه الألفاظ وأشار إلى النظام
الاجتماعي الذي يستر العورات ونقائص الأفراد."(1)
"(من سندس وإستبرق) (31:الكهف) قوانين وسط بين القوانين الرأسمالية التي نسيها الذين من قبلهم وما بين القوانين الاشتراكية التي كانت تنافسهم."(2)
"(أو يصبح ماؤها غوراً) (41:الكهف) وليتذكر القارئ أن ماءَ النهر لا يغور بل يظل دفاقاً مستمر الجريان لذلك لا بد لقوله (أو يصبح ماؤها غورا) من معنى غير المعنى المتبادر للأذهان والحقيقة هي أن النهر كنّي به عن الإسلام ومعارفة المستمرة العطاء."
وبعد فهذه عشرة نماذج من هذا التفسير لهذه السورة الكريمة، وبقيته كلها من أوله إلى آخره على هذه الشاكلة.
الخاتمة
وفي الختام لابد من الإشارة إلى أهم النتائج والتوصيات التي توصلت اليها هذه الدراسة وهي :
أن هذا الكاتب قادياني متستر بالإسلام.
أن هذا الذي سماه تفسيراً ما هو إلا عبث بمعاني السورة الكريمة.
أنه وبناء على هذا فإنه لابد للهيئات الرسمية والشعبية على حد سواء أن تقف بحزم مع مثل هذه الأعمال الشائنة.
لا بد أن ينشأ في الجامعات الحكومية والأهلية مراكز أبحاث لخدمة كتاب الله تعالى يكون من ضمن عنايتها أن تجمع كل هذه الأبحاث التي على هذه الشاكلة فتبين عوارها وتكشف زيفها وتحول بينها وبين التأثير في المثقفين وأنصاف المتعلمين.
والحمد لله رب العالمين
مراجع البحث
الأدلبي ، د. صلاح الدين بن أحمد، منهج نقد المتن عند علماء الحديث ، طبع دار الآفاق الجديدة –بيروت سنة 1983 .
الألوسي، السيد محمود، روح المعاني ، طبع دار إحياء التراث – بيروت.
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري،ط1، دار ابن كثير بيروت، بتحقيق د. مصطفى ديب البغا.
بشير، فضل إلهي، تفسير سورة الكهف، نشر الجماعة الإسلامية الاحمدية، 1979.
__________
(1) ص: 72
(2) ص: 81(1/44)
البيضاوي ، عبد الله بن عمر ، أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، طبع مؤسسة شعبان- بيروت بحاشية الكازروني .
البغدادي، الخطيب، موضح أوهام الجمع والتفريق، ط1، دار المعرفة، بيروت، بتحقيق د. عبد المعطي قلعجي.
الجابي، سليم، في ظلال دلالات سورة الكهف، ط1، دمشق، 1996.
الجابي، سليم، حقيقة القراءة المعاصرة، ط1، مطبعة نضر، دمشق، 1992.
الجابي، سليم، في ظلال دلالات سورة الإسراء،ط1، مطبعة نضر، دمشق، 1997.
الجابي، سليم، هل مات المسيح على الصليب، ط1، مطبعة نضر، دمشق، 1995.
الجابي، سليم، فن الاختزال في القرآن، ط1، مطبعة نضر، دمشق، 1994.
الحسن، محمد، المذاهب والأفكار المعاصرة في التصور الإسلامي، ط1، مطبعة دار الثقافة، الدوحة، 1986 .
ابن حماد، نعيم، الفتن، ط1، مكتبة التوحيد، القاهرة، 1412هـ، بتحقيق سمير الزهيري.
ابن حماد، نعيم، الفتن، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997، بتحقيق مجدي الشوري.
الداني، أبو عمرو، السنن الواردة في الفتن، ط1، دار العاصمة، الرياض، 1995 بتحقيق رضاء الله إدريس.
الذهبي، شمس الدين، تذكرة الحفاظ، طبعة مصورة عن التي راجعها عبد الرحمن اليماني، دار الكتب العلمية- بيروت 1374
الذهبي ، شمس الدين، سير أعلام النبلاء، ط9، مؤسسة الرسالة-بيروت، 1413هـ بتحقيق شعيب الارناؤوط ونعيم العرقسوسي
الزركشي محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن ،طبع عيسى البابي الحلبي وشركاه-مصر بتحقيق محمد ابي الفضل إبراهيم .
الزركشي ، البحر المحيط في أصول الفقه، طبع وزارة الأوقاف –الكويت سنة 1992بتحقيق عبد القادر العاني .
الشوكاني ،محمد بن علي ، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ،طبع دار الفكر –بيروت.
الشيباني، أحمد بن حنبل، المسند. ط1، دار الفكر- بيروت.
الشيباني، أحمد بن حنبل، العلل ومعرفة الرجال، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1988 بتحقيق وحي الله محمد عباس.(1/45)
ابن أبي شيبة، المصنف، ط1، الرياض 1409هـ تحقيق كمال الحوت.
الصنعاني، محمد بن إسماعيل الأمير، توضيح الأفكار، طبع المكتبة السلفية-المدينة المنورة، بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.
ظهير، إحسان الهي، القاديانية، دراسات وتحليل، ط15، إدارة ترجمان السنة، باكستان، 1981 .
ابن عاشور، محمد الطاهر، تفسير التحرير والتنوير، طبعة الدار التونسية-تونس، 1984.
عبد الكريم،هدى ،الأدلة على صدق النبوة المحمدية،رسالة دكتوراه في جامعة أم القرى سنة 1986 ،غير منشورة.
عميرة، د. عبد الرحمن، المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها، ط5، دار اللواء، السعودية، 1984 .
الغزالي، أبو حامد، مجموعة رسائل الإمام الغزالي ،طبع دار الفكر –بيروت سنة1996بتحقيق مكتب البحوث والدراسات.
الغزالي ،المستصفى في علم الأصول طبع دار الكتب العلمية –بيروت سنة1983،عن طبعة بولاق.
ابن فورك، محمد بن الحسن،مجرد مقالات الشيخ أبى الحسن الاشعري،طبع دار المشرق – بيروت سنة1987،بتحقيق دانيال جيماريه.
ابن كثير، إسماعيل بن كثير، النهاية في الفتن والملاحم، طبع دار الحديث-القاهرة بتحقيق محمد أحمد عبد العزيز.
المروزي، محمد بن نصر ،السنة ،طبع مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت،سنة1988،تحقيق سالم أحمد السلفي.
المزي، جمال الدين يوسف، تهذيب الكمال، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، تحقيق د. بشار عواد.
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية ،طبع مكتب التربية العربي لدول الخليج-الرياض سنة 1985
الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ط2، السعودية، 1989 .
النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، ط1، المطبعة المصرية-مصر، بهامش شرح النووي.
النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت تحقيق محمد نزار عبد الباقي.
الهوامش:(1/46)