...
الطبعة الأولى ( 1421 هـ – 2000 م )
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ، ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً ،
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
أما بعد :
فهذه المذكرة جَمَعَت بين قراءة عاصم بن أبي النَّجود الكوفي بروايتي شعبة بن عياش وحفص بن سليمان.. وقراءة عبد الله بن كثير المكي بروايتي البزي وقنبل ..
استخلصتُ أصولها من المذكرتين اللتين وضعهما الأخ الدكتور ( حسّان محمد سعيد مبيض )، وراجعتها على أمَّهات كتب القراءات . ورتبتها في جداول ليسهل الرجوع
إليها في كل آية من آيات القرآن الكريم ..بل في كل كلمة يظهر فيها خلاف .
وسبق الجداولَ مقدماتٌ في ترجمة الإمامين عاصم وابن كثير وترجمة راويي كل منهما ، ثم الأصول التي تخص كلاّ من القارئين وراوييهما .. ثم أتبعت ذلك بجداول حوت فرش الحروف وأدخلت فيها الأصول أيضاً ، كي يتسنى للراغبين في القراءة على إحدى القراءتين أو إحدى روايتي كل منهما ، أو الراغبين في الجمع بين القراءتين أن يجدوا بغيتهم وهدفهم ..
ويبقى أمر لابد من الإشارة إليه ، وهو أن كل علم يجب أخذه عن أهله ، وعلى الأخص علم التجويد والقراءات ، فلا بد من تلقي هذا العلم من الثقات البارعين في هذا الفن .
فقم ياأخي بعرض قراءتك على أهل الاختصاص حتى تكون مع السفرة الكرام البررة وحتى تنال الخيرية التي أخبر عنها الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم - : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
17 من رجب 1420 خادم القرآن الكريم
14 / 10 / 2000 فائز عبد القادر شيخ الزور
الإمام عاصم – رحمه الله تعالى –(1/1)
هو عاصم بن بهدلة أبي النجود أبو بكر الأسدي مولاهم ، الكوفي الحناط ، شيخ الإقراء بالكوفة وأحد القراء السبعة ، وهو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه ، جمع بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد ، وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن ، وكان ثقة ضابطاً صدوقاً ، وحديثه مخرجٌ في الكتب الستة ، وهو من التابعين .
أخذ القراءة عرضاً على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وغيرهما وروى عنه خلقٌ كثير .
توفي – رحمه الله تعالى – آخر سنة سبع وعشرين ومائة ، ودفن بالسماوة في اتجاه الشام .
الراوي الأول : شعبة – رحمه الله تعالى –
هو شعبة بن عيَّاش أبو بكر الحناط الأسدي النهشلي الكوفي ، ولد سنة خمس وتسعين ، وعرض القرآن على عاصم ثلاث مرات ، وروى عنه الحروف سماعاً خلق كثير، وكان من ائمة السنة ، وكان ثقة . ولما حضرته الوفاة بكت أخته ، فقال لها : ما يبكيك ؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشر ألف ختمة .
توفي – رحمه الله تعالى – في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة وقيل سنة أربع
وتسعين .
الراوي الثاني : حفص – رحمه الله تعالى –
هو حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري البزّاز ، ويعرف بحفيص ، أخذ القراءة عرضاً وتلقيناً عن عاصم ، وكان ربيبه ( ابن زوجته ) .نزل بغداد فأقرأ فيها وجاور مكة فأقرأ بها أيضاً ، وروى القراءة عنه خلق كثير
ولد – رحمه الله تعالى – سنة تسعين من الهجرة ، وتوفي سنة ثمان ومائة .
الإمام ابن كثير المكي – رحمه الله تعالى
هو عبد الله بن عمر بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز ، الإمام أبو معبد المكي الداري إمام أهل مكة في القراءة ، ولد بمكة سنة خمس وأربعين ولقي بها عبد الله بن الزبير ، ودرباس مولى عبد الله بن عباس وروى عنهم .(1/2)
أخذ القراءة عرضاً عن عبد الله بن السائب وعرض أيضاً على مجاهد بن جبر ودرباس مولى ابن عباس ، وروى القراءة عنه خلق كثير .
كان فصيحاً بليغاً مفَوَّهاً أبيض اللحية طويلاً جسيماً أشهل العينين يخضب بالحناء ، وعليه السكينة والوقار . توفي – رحمه الله تعالى – سنة عشرين ومائة للهجرة .
الراوي الأول : البزي – رحمه الله تعالى –
هو أبو بزَّة أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة ، ضابط متقن وإمام كبير . قرأ على كثيرين منهم عكرمة بن سليمان الذي أخذ عنه قراءة ابن كثير ، وروى عنه القراءة خلق كثيرون من أجلّهم الإمام قنبل ، وعن البزي روي حديث التكبير وأخرجه بسنده عنه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجه البخاري ولا مسلم . ولد سنة سبعين ومائة للهجرة ، وتوفي سنة خمسين ومائتين – رحمه الله تعالى وغفر له - .
الراوي الثاني : قنبل – رحمه الله تعالى –
هو محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن محمد بن سعيد جرجة ، أبو عمر المخزومي مولاهم المكي الملقب بقنبل شيخ القراء بالحجاز .
ولد سنة خمس وتسعين ومائة ، وأخذ القراءة عرضاً على أحمد بن محمد بن عون النبال ، وهو الذي خلفه في القيام بها بمكة المشرفة وروى القراءة عن البزي ، وروى عنه القراءة كثيرون .وسبب تلقيبه بقنبل لأنه من بيت في مكة يقال لهم القنابلة ، وقد انتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز ، ورحل إليه الناس من كل الأقطار .
توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين عن ست وتسعين سنة - رحمه الله تعالى -
( هذه التراجم مقتبسة من كتاب هداية القاري للشيخ المرصفي ومن كتاب غاية النهاية للذهبي )
الجمع في الأصول بين قراءتي عاصم وابن كثير
كلمة " الأصول " تعني الأمور المطردة المتكررة ، وكلمة " الفرش " تعني الكلمات التي يظهر فيها الخلاف بين القراء . وقد حاولت في جداول هذه المذكرة أن أذكر كل خلاف في موضعه سواء كان من الأصول أم الفرش .
1- المدود :(1/3)
أ – هاء الضمير : وهي ضمير الغائب المضمومة أو المكسورة مثل : " له - منه – فيه رسله – اصطفاه " : فهذه الهاء إذا وقعت بين حرفين متحركين ، فإن عاصماً يصلها بواو إذا كانت مضمومة وبياء إذا كانت مكسورة مع المد القصير بمقدار حركتين إذا لم يكن الحرف الذي بعدها همزة ، مثل : " إنه , كان بعباده ي خبيراً بصيراً " ومع التوسط وفوق التوسط في المد
( 4 ـ 5 ) حركات إذا كان الحرف الذي يليها همزة مثل " إذ قال له , ربه ,~ أسلم " ، أما إذا سبقها حرف ساكن فإنه لايمدها عدا كلمة واحدة عند حفص وهي " ويخلد فيه ي مهانا " في سورة الفرقان .
أما ابن كثير فإنه يصل الهاء بواو إذا كانت مضمومة وبياء إذا كانت مكسورة مع المد القصير سواء سبقها ساكن أم متحرك ، أجاء بعدها همز أم غيره مثل : " عقلوه , - فيه ي " . ولا خلاف بين القراء بعدم الصلة إذا كان الحرف الذي يلي الهاء ساكناً مثل " له الحكم " .
وقد ذكرت في الجداول ما ورد من هاءات الضمير المسبوقة بساكن والتي يمدها ابن كثير من خلال الجزء الأول من القرآن الكريم ثم تركت الباقي للقارىء اللبيب .
ب – ميم الجمع : وصل ابن كثير ميم الجمع بواو مضمومة عند الوصل وأسكنها وقفاً إذا لم يكن بعدها ساكن مثل : " عليهم , - تنذرهم , " . وقد أدرجت في الجداول ما ورد من الميمات الموصولة خلال الربع الأول من القرآن الكريم وتركت الباقي لفطنة القارىء وتدريبه
جـ – المد الواجب المتصل : اتفق الإمامان عاصم وابن كثير على أن المد الواجب المتصل يمد أربع حركات ، ويمده عاصم خمس حركات ( وهو المذكور في التيسير ) وروي عن ابن كثير مده ثلاث حركات ، ولكن المختار عند كليهما مده أربع حركات .
د - المد الجائز المنفصل : يمده عاصم عن طريق الشاطبية أربع أو خمس حركات بينما يمده ابن كثير حركتين فقط .
2 – الإمالة :(1/4)
لايوجد عند ابن كثير أية كلمة ممالة ، وأمال حفص كلمة واحدة فقط وهي : " مجرٍاها " . أما شعبة فقد أمال عدداً من الكلمات مثل " رمٍى – هٍار – أدرٍاك - بل رٍان – أعمٍى – نأٍى " وأمال الراء والهمزة من " رٍ أٍ ى " وصلاً ووقفاً إذا جاء بعدها حرف متحرك مثل : " رٍ أٍ ى كوكباً – رٍءٍ اها " . وأمال الراء فقط وصلاً والراء والهمزة وقفاً إذا جاء بعدها ساكن مثل :" رٍأى الشمس – رٍأى القمر " . وأمال حروف " حي طهر " من فواتح السور مثل " طٍا – هٍا " . وستجد الإشارة إلى جميع الإمالات في مكانها من الجدول .
3 – ياء المتكلم :
فتح شعبة وابن كثير عدداً من الياءات التي يسكنها حفص ، وأسكنا عدداً آخر يفتحها حفص ، وستجد ذلك في مكانه من الجدول .
4 – ياءات الزوائد :
أثبت ابن كثير عددا من الياءات وصلاً ووقفاً أو وقفاً فقط هي عند حفص محذوفة مثل : " يأتي – تؤتوني – المتعالي " وستجدها في أماكنها أيضاً إن شاء الله .
5 – الوقف على تاء التأنيث :
وقف عاصم على تاء التأنيث في آخر الأسماء على حسب مرسوم الخط : بالتاء إذا رسمت مفتوحة ، وبالهاء إذا رسمت مربوطة . أما ابن كثير فقد وقف بالهاء على كل تاء تأنيث في آخر الاسم سواء رسمت تاء أم هاءً . مثل : " رحمت : رحمة – امرأت : امرأة " .
6 – الهمزات :
أ – إذا كانت الهمزتان في كلمة واحدة : فإن ابن كثير يسهل الثانية منهما بين الهمزة وحرف المد مثل : " أَ اَ نذرتهم – أَ اِ نَّ – أَ اُ نزل " وافقه حفص في كلمة : " أَ اَ عجمي " .
ب – إذا كانت الهمزتان في كلمتين وكانتا متفقتين في الحركة فلها عند ابن كثير الأحكام التالية :
1 – إذا كانتا مفتوحتين مثل " جاءَ أَمرنا – جاءَ أَحدٌ " فإن البزي قرأ بإسقاط الأولى قصراً ومدّا ، والقصر أرجح ، وقرأ قنبل بتسهيل الثانية وله إبدالها ألفاً مع المد الطويل المشبع إذا كان ما بعدها ساكناً ومع المد القصير إذاكان متحركاً .(1/5)
2 – إذا كانتا مضمومتين أو مكسورتين مثل : " هؤلاءِ إِلاّ – أولياءُ أُولئك " فإن البزي قرأ بتسهيل الأولى مداً وقصراً ، والمد أرجح ، وقرأ قنبل بتسهيل الثانية وله إبدالها حرف مد مع الإشباع إذا كان ما بعدها ساكناً ، ومع القصر إذاكان ما بعدها متحركاً
3 – إذا كانت الهمزتان في كلمتين وحركتاهما مختلفتين فلها عند ابن كثير خمس صور:
الأولى : أولاهما مفتوحة والثانية مضمومة : سهل ابن كثير الثانية منهما " جاءَ اُ مَّة "
الثانية : الأولى مفتوحة والثانية مكسورة : سهل ابن كثير الثانية منهما " تفيءَ اِ لى "
الثالثة : الهمزة الأولى مضمومة والثانية مفتوحة : أبدل ابن كثير الثانية واواً مثل : " نشاءُ ,َ صبناهم "
الرابعة : الأولى مكسورة والثانية مفتوحة : أبدل ابن كثير الثانية ياءً " السماءِ يَ و " .
الخامسة : الهمزة الأولى مضمومة والثانية مكسورة : أبدل ابن كثير الثانية واواً وله تسهيلها مثل : " يشاءُ اِ لى – يشاءُ ,ِ لى " . ومن خلال الجداول ستتعرف على هذه الصور بالتفصيل
ملاحظات :
1 - عندما ينتفي الخلاف بين الراويين نقول : قرأ عاصم أو قرأ ابن كثير ( أو قرأ المكي )، ويقدم في القراءة شعبة على حفص ، كما يقدم البزي على قنبل . وإن كان لراوٍ واحد وجهان أحدهما يوافق قراءة الثاني نقرأ أولاً بالوجه المتفق عليه ثم نأتي بالوجه الآخر .
2 – يرجى الانتباه إلى الرموز التالية :
( ـٍ ) : الحركتان تحت الحرف في غير موضع التنوين تدلان على الحرف الممال .
( ا ) : وفوقها إحدى الحركات تدل على تسهيل الهمزة بين بين .
( , ) : تدل على إبدال الهمزة واواً ، كما تدل على صلة ميم الجمع أو هاء الضمير واواُ .
( ي ) : تدل على صلة الهاء ياء عند الوصل .(1/6)
3 0 كان الاعتماد في الشرح على رواية حفص ، لأنها المعروفة في معظم العالم الإسلامي ، كما كان هناك تساهل في الرسم ، حيث كتبت الكلمات كما تلفظ ، وذلك لغرض تعليمي ، أما كتابة القرآن الكريم على الرسم العثماني فهو الأصل الأصيل الذي نص عليه العلماء حيث لم يجيزوا مخالفته .(1/7)