يلق كذب، وقرئ (إذ تلقونه بألسنتكم) أي تسرعون الكذب من قولهم جاءت الابل تلق، والاولق من فيه جنون وهوج
ورجل مالوق ومؤلق وناقة ولقى سريعة، والوليقة طعام يتخذ من السمن، والولق أخف الطعن.
وهب: الهبة أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض، يقال وهبته هبة وموهبة وموهبا، قال تعالى: (ووهبنا له إسحق - الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحاق - إنما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) فنسب الملك إلى نفسه الهبة لما كان سببا في إيصاله إليها، وقد قرئ (ليهب لك) فنسب إلى الله تعالى فهذا على الحقيقة والاول على التوسع.
وقال تعالى: (فوهب لى ربى حكما - ووهبنا لداود سليمان - ووهبنا له أهله - ووهبنا له من رحمتنا أخاه هرون نبيا - فهب لى من لدنك وليا يرثنى - ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين - هب لنا من لدنك رحمة - هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى) ويوصف الله تعالى بالواهب والوهاب بمعنى أنه يعطى كلا على استحقاقه، وقوله (إن وهبت نفسها) والاتهاب قبول الهبة، وفى الحديث " لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصارى أو ثقفي ".
وهج: الوهج حصول الضوء والحر من النار، والوهجان كذلك وقوله (وجعلنا سراجا وهاجا) أي مضيئا وقد وهجت النار توهج ووهج يهج، ويوهج وتوهج الجوهر تلالا.
ولى: الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولى الامر، وقيل الولاية والولاية.
نحو الدلالة والدلالة، وحقيقته تولى الامر.
والولى والمولى يستعملان في ذلك كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالى، وفى معنى المفعول أي الموالى، يقال للمؤمن هو ولى الله عز وجل ولم يرد مولاه، وقد يقال: الله تعالى ولى المؤمنين ومولاهم، فمن الاول قال الله تعالى: (الله ولى الذين آمنوا - إن وليى الله - والله ولى المؤمنين - ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا - نعم المولى ونعم النصير - واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى) قال عز وجل: (قل يا أيها الذين هادوا إن
زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس - وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه - ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) والوالى الذى في قوله (وما لهم من دونه من وال) بمعنى الولى ونفى الله تعالى الولاية بين المؤمنين والكافرين(1/533)
في غير آية، فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود - إلى قوله - ومن يتولهم منكم فإنه منهم - لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء - ولا تتبعوا من دونه أولياء - ما لكم من ولايتهم من شئ - يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء - ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا - إلى قوله - ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا ونفى بينهم الموالاة في الاخرة، قال الله تعالى في الموالاة بينهم في الدنيا (والمنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض) وقال (إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله - إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون - فقاتلوا أولياء الشيطان) فكما جعل بينهم
وبين الشيطان موالاة جعل للشيطان في الدنيا عليهم سلطانا فقال: (إنما سلطانه على الذين يتولونه) ونفى الموالاة بينهم في الاخرة فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضا: (يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا - ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض - قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا) الاية، وقولهم تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه يقال وليت سمعي كذا ووليت عينى كذا ووليت وجهى كذا أقبلت به عليه، قال الله عز وجل (فلنولينك قبلة ترضاها - فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) وإذا عدى بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك قربه، فمن الاول قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم - ومن يتول الله ورسوله) ومن الثاني قوله (فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين - إلا من تولى وكفر - فإن تولوا فقولوا اشهدوا - وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم - فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين - وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم - فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم
الفاسقون) والتولى قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الاصغاء والائتمار، قال الله عز وجل: (ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) أي لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله (واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) ولا ترتسموا قول من ذكر عنهم (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) ويقال ولاه دبره إذا انهزم.
وقال تعالى: (وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار - ومن يولهم يومئذ دبره) وقوله (هب لى من لدنك وليا) أي ابنا يكون من أوليائك، وقوله (خفت الموالى من ورائي) قيل ابن العم وقيل مواليه.
وقوله (ولم يكن له ولى من الذل) فيه نفى الولى بقوله عز جل (من الذل) إذ كان صالحو عباده هم أولياء الله كما(1/534)
تقدم لكن موالاتهم ليستولي هو تعالى بهم وقوله (ومن يضلل الله فلن تجد له وليا) والولى المطر الذى يلى الوسمى، والمولى يقال للمعتق والمعتق والحليف وابن العم والجار وكل من ولى أمر الاخر فهو وليه، ويقال فلان أولى بكذا أي أحرى، قال تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم - إن أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه - فالله أولى بهما - وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض) وقيل: (أولى لك فأولى) من هذا، معناه العقاب أولى لك وبك، وقيل هذا فعل المتعدى بمعنى القرب، وقيل معناه انزجر.
ويقال ولى الشئ الشئ وأوليت الشئ شيئا آخر أي جعلته يليه، والولاء في العتق هو ما يورث به ونهى عن بيع الولاء وعن هبته، والموالاة بين الشيئين المتابعة.
وهن: الوهن ضعف من حيث الخلق أو الخلق (قال رب إنى وهن العظم منى - فما وهنوا لما أصابهم - وهنا على وهن) أي كلما عظم في بطنها زادها ضعفا على ضعف: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم - ولا تهنوا ولا تحزنوا - ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين).
وهى: الوهى شق في الاديم والثوب ونحوهما ومنه يقال وهت عزالى السحاب بمائها، قال: (وانشقت السماء فهى يومئذ واهية) وكل شئ استرخى رباطه فقد وهى.
وى: وى كلمة تذكر للتحسر والتندم والتعجب، تقول وى لعبد الله، قال تعالى: (ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء -
ويكأنه لا يفلح الكافرون) وقيل وى لزيد، وقيل ويك كان ويلك فحذف منه اللام.
ويل: قال الاصمعي: ويل قبح، وقد يستعمل على التحسر، وويس استصغار، وويح ترحم.
ومن قال ويل واد في جهنم فإنه لم يرد أن ويلا في اللغة هو موضوع لهذا، وإنما أراد من قال الله تعالى ذلك فيه فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون - وويل للكافرين - ويل لكل أفاك أثيم - فويل للذين كفروا - فويل للذين ظلموا - ويل للمطففين - ويل لكل همزة - يا ويلنا من بعثنا - يا ويلنا إنا كنا ظالمين - يا ويلنا إنا كنا طاغين).(1/535)
كتاب الهاء هبط: الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر، والهبوط بالفتح المنحدر، يقال هبطت أنا وهبطت غيرى، يكون اللازم والمتعدي على لفظ واحد، قال: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) يقال هبطت وهبطته
هبطا، وإذا استعمل في الانسان الهبوط فعلى سبيل الاستخفاف بخلاف الانزال، فإن الانزال ذكره تعالى في الاشياء التى نبه على شرفها كإنزال الملائكة والقرآن والمطر وغير ذلك.
والهبط ذكر حيث نبه على الغض نحو (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو - فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها - اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) وليس في قوله (فإن لكم ما سألتم) تعظيم وتشريف، ألا ترى أنه تعالى قال (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله) وقال جل ذكره (قلنا اهبطوا منها جميعا) ويقال هبط المرض لحم العليل حطه عنه، والهبيط الضامر من النوق وغيرها إذا كان ضمره من سوء غذاء وقلة تفقد.
هبا: هبا الغبار يهبو ثار وسطع، والهبوة كالغبرة، والهباء دقاق التراب وما نبت في الهواء فلا يبدو إلا في أثناء ضوء الشمس في الكوة، قال تعالى: (فجعلناه هباء منثورا - فكانت هباءا منبثا).
هجد: الهجود النوم والهاجد النائم، وهجدته فتهجد أزلت هجوده نحو مرضته.
ومعناه أيقظته فتيقظ، وقوله (ومن الليل فتهجد به) أي تيقظ بالقرآن وذلك حث على إقامة الصلاة في الليل المذكور في قوله: (قم الليل إلا قليلا نصفه) والمتهجد المصلى ليلا، وأهجد البعير ألقى جرانه على الارض متحريا للهجود.
هجر: الهجر والهجران مفارقة الانسان غيره إما بالبدن أو باللسان أو بالقلب، قال تعالى (واهجروهن في المضاجع) كناية عن عدم قربهن، وقوله تعالى: (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) فهذا هجر بالقلب أو بالقلب واللسان.
وقوله: (واهجرهم هجرا جميلا) يحتمل الثلاثة ومدعو إلى أن يتحرى(1/536)
أي الثلاثة إن أمكنه مع تحرى المجاملة، وكذا قوله تعالى: (واهجرني مليا) وقوله تعالى: (والرجز فاهجر) فحث على المفارقة بالوجوه كلها.
والمهاجرة في الاصل مصارمة الغير ومتاركته، من قوله عز وجل: (والذين هاجروا وجاهدوا) وقوله: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم
وأموالهم) وقوله: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله - فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله) فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الايمان كمن هاجر من مكة إلى المدينة، وقيل مقتضى ذلك هجران الشهوات والاخلاق الذميمة والخطايا وتركها ورفضها، وقوله (إنى مهاجر إلى ربى) أي تارك لقومي وذاهب إليه.
وقوله (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) وكذا المجاهدة تقتضي مع العدى مجاهدة النفس كما روى في الخبر " رجعتم من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر "، وهو مجاهدة النفس.
وروى " هاجروا ولا تهجروا " أي كونوا من المهاجرين ولا تتشبهوا بهم في القول دون الفعل، والهجر الكلام القبيح المهجور لقبحه.
وفى الحديث " ولا تقولوا هجرا " وأهجر فلان إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد، وهجر المريض إذا أتى ذلك من غير قصد وقرئ (مستكبرين به سامرا تهجرون) وقد يشبه المبالغ في الهجر بالمهجر فيقال أهجر إذا قصد ذلك، قال الشاعر: كما جدة الاعراق قال ابن ضرة *
عليها كلاما جار فيه وأهجرا ورماه بها جرات كلامه أي فضائح كلامه، وقوله فلان هجيراه كذا إذا أولع بذكره وهذى به هذيان المريض المهجر، ولا يكاد يستعمل الهجير إلا في العادة الذميمة اللهم إلا أن يستعمله في ضده من لا يراعى مورد هذه الكلمة عن العرب.
والهجير والهاجرة الساعة التى يمتنع فيها من السير كالحر كأنها هجرت الناس وهجرت لذلك، والهجار حبل يشد به الفحل فيصير سببا لهجرانه الابل، وجعل على بناء العقال والزمام، وفحل مهجور أي مشدود به، وهجار القوس وترها وذلك تشبيه بهجار الفحل.
هجع: الهجوع: النوم ليلا، قال (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) وذلك يصح أن يكون معناه كان هجوعهم قليلا من أوقات الليل، ويجوز أن يكون معناه لم يكونوا يهجعون والقليل يعبر به عن النفى والمشارف لنفيه لقلته، ولقيته بعد هجعة أي بعد نومة وقولهم رجل هجع كقولك نوم للمستنيم إلى كل شئ.
هدد: الهد هدم له وقع وسقوط شئ
ثقيل، والهدة صوت وقعه، قال: (وتنشق(1/537)
الارض وتخر الجبال هدا) وهددت البقرة إذا أوقعتها للذبح، والهد المهدود كالذبح للمذبوح ويعبر به عن الضعيف والجبان، وقيل مررت برجل هدك من رجل كقولك حسبك وتحقيقه يهدك ويزعجك وجود مثله، وهددت فلانا وتهددته إذا زعزعته بالوعيد، والهدهدة تحريك الصبى لينام، والهدهد طائر معروف، قال تعالى: (ما لى لا أرى الهدهد) وجمعه هداهد، والهداهد بالضم واحد، قال الشاعر: كهداهد كسر الرماة جناحه * يدعو بقارعة الطريق هديلا هدم: الهدم إسقاط البناء، يقال هدمته هدما.
والهدم ما يهدم ومنه استعير دم هدم أي هدر، والهدم بالكسر كذلك لكن اختص بالثوب البالى وجمعه أهدام، وهدمت البناء على التكثير، قال تعالى: (لهدمت صوامع).
هدى: الهداية دلالة بلطف ومنه الهدية وهوادى الوحش أي متقدماتها الهادية لغيرها،
وخص ما كان دلالة بهديت وما كان إعطاء بأهديت نحو أهديت الهدية وهديت إلى البيت إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال الله تعالى: (فاهدوهم إلى صراط الجحيم - ويهديه إلى عذاب السعير) قيل ذلك استعمل فيه استعمال اللفظ على التهكم مبالغة في المعنى كقوله: (فبشرهم بعذاب أليم) وقول الشاعر: * تحية بينهم ضرب وجيع * وهداية الله تعالى للانسان على أربعة أوجه، الاول: الهداية التى عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنة والمعارف الضرورية التى أعم منها كل شئ بقدر فيه حسب احتماله كما قال: (ربنا الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)، الثاني: الهداية التى جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الانبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا)، الثالث: التوفيق الذى يختص به من اهتدى وهو المعنى بقوله تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقوله: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) وقوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم
ربهم بإيمانهم) وقوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا - ويزيد الله الذين اهتدوا هدى - فهدى الله الذين آمنوا - والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم)، الرابع: الهداية في الاخرة إلى الجنة المعنى بقوله: (سيهديهم ويصلح بالهم - ونزعنا ما في صدورهم من غل) إلى قوله: (الحمد لله الذى هدانا لهذا) وهذه الهدايات الاربع مترتبة فإن من لم تحصل له الاولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه، ومن لم تحصل له الثانية(1/538)
لا تحصل له الثالثة والرابعة، ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التى قبلها، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله.
ثم ينعكس فقد تحصل الاولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث، والانسان لا يقدر أن يهدى أحدا إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات وإلى الاول أشار بقوله: (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم - يهدون بأمرنا - ولكل قوم هاد) أي داع، وإلى سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: (إنك لا تهدى من أحببت) وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع الظالمين
والكافرين فهى الهداية الثالثة وهى التوفيق الذى يختص به المهتدون، والرابعة التى هي الثواب في الاخرة وإدخال الجنة نحو قوله عز وجل: (كيف يهدى الله قوما) إلى قوله (والله لا يهدى القوم الظالمين) وكقوله (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين) وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر، وذكر أنهم غير قادرين عليها فهى ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة، كقوله عز ذكره: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء - ولو شاء الله لجمعهم على الهدى - وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم - إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل - ومن يظلل الله فما له من هاد - ومن يهد الله فما له من مضل - إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وقوله: (من يهد الله فهو المهتد) أي طالب الهدى ومتحريه هو الذى يوفقه ويهديه إلى طريق الجنة لا من
ضاده فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله: (والله لا يهدى القوم الكافرين) وفى أخرى (الظالمين) وقوله (إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار) الكاذب الكفار هو الذى لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك من لم يقبل هديتي لم أهد له ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عنى لم أرغب فيه، وعلى هذا النحو (والله لا يهدى القوم الظالمين) وفى أخرى (الفاسقين) وقوله: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى) وقد قرئ " يهدى إلا أن يهدى " أي لا يهدى غيره ولكن يهدى أي لا يعلم شيئا ولا يعرف أي لا هداية له ولو هدى أيضا لم يهتد لانها موات من حجارة ونحوها، وظاهر اللفظ أنه إذا هدى اهتدى لاخراج الكلام أنها أمثالكم كما قال تعالى (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) وإنما هي أموات.
وقال في موضع آخر: (ويعبدون من(1/539)
دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والارض شيئا ولا يستطيعون) وقوله عزوجل
(إنا هديناه السبيل - وهديناه النجدين - وهديناهما الصراط المستقيم) فذلك إشارة إلى ما عرف من طريق الخير والشر وطريق الثواب والعقاب بالعقل والشرع وكذا قوله: (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة - إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء - ومن يؤمن بالله يهد قلبه) فهو إشارة إلى التوفيق الملقى في الروع فيما يتحراه الانسان وإياه عنى بقوله عزوجل: (والذين اهتدوا زادهم هدى) وعدى الهداية في مواضع بنفسه وفى مواضع باللام وفى مواضع بإلى، قال تعالى: (ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم - واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط المستقيم) وقال: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع) وقال: (هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى) وما عدى بنفسه نحو: (ولهديناهم صراطا مستقيما - وهديناهما الصراط المستقيم - اهدنا الصراط المستقيم - أتريدون أن تهدوا من أضل الله - ولا ليهديهم طريقا - أفأنت تهدى العمى - ويهديهم إليه صراطا مستقيما).
ولما كانت الهداية والتعليم يقتضى
شيئين: تعريفا من المعرف، وتعرفا من المعرف، وبهما تم الهداية والتعليم فإنه متى حصل البذل من الهادى والمعلم ولم يحصل القبول صح أن يقال لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القبول وصح أن يقال هدى وعلم اعتبارا ببذله، فإذا كان كذلك صح أن يقال إن الله تعالى لم يهد الكافرين والفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذى هو تمام الهداية والتعليم، وصح أن يقال هداهم وعلمهم من حيث إنه حصل البذل الذى هو مبدأ الهداية.
فعلى الاعتبار بالاول يصح أن يحمل قوله تعالى: (والله لا يهدى القوم الظالمين - والكافرين) وعلى الثاني قوله عزوجل: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) والاولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال، هداه الله فلم يهتد كقوله: (وأما ثمود) الاية، وقوله: (لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء) إلى قوله: (وإنها لكبيرة إلا على الذين هدى الله) فهم الذين قبلوا هداه، واهتدوا به، وقوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم - ولهديناهم صراطا مستقيما) فقد قيل عنى به الهداية العامة التى هي العقل وسنة الانبياء وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا
وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد وإن كان قد صلى عليه بقوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) وقيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة واستهواء الشهوات، وقيل هو سؤال للتوفيق الموعود به في قوله: (والذين اهتدوا زادهم(1/540)
هدى) وقيل سؤال للهداية إلى الجنة في الاخرة وقوله عزوجل: (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) فإنه يعنى به من هداه بالتوفيق المذكور في قوله عزوجل (والذين اهتدوا زادهم هدى).
والهدى والهداية في موضوع اللغة واحد لكن قد خص الله عزوجل لفظة الهدى بما تولاه وأعطاه واختص هو به دون ما هو إلى الانسان نحو (هدى للمتقين - أولئك على هدى من ربهم - وهدى للناس - فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى - قل إن هدى الله هو الهدى - وهدى وموعظة للمتقين - ولو شاء الله لجمعهم على الهدى - إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل - أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى).
والاهتداء يختص بما يتحراه الانسان على طريق الاختيار إما في الامور الدنيوية أو الاخروية قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها) وقال (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) ويقال ذلك لطلب الهداية نحو (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) وقال: (فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون - فإن أسلموا فقد اهتدوا - فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا).
ويقال المهتدى لمن يقتدى بعالم نحو (أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم وقوله (فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) فإن الاهتداء ههنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية ومن الاقتداء ومن تحريها، وكذا قوله (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) وقوله (وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) فمعناه ثم أدام طلب الهداية ولم يفتر عن تحريه ولم يرجع إلى
المعصية.
وقوله (الذين إذا أصابتهم مصيبة) إلى قوله (وأولئك هم المهتدون) أي الذين تحروا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم (وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون).
والهدى مختص بما يهدى إلى البيت.
قال الاخفش والواحدة هدية، قال: ويقال للانثى هدى كأنه مصدر وصف به، قال الله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى - هديا بالغ الكعبة - والهدى والقلائد - والهدى معكوفا).
والهدية مختصة باللطف الذى يهدى بعضنا إلى بعض، قال تعالى: (وإنى مرسلة إليهم بهدية - بل أنتم بهديتكم تفرحون) والمهدى الطبق الذى يهدى عليه، والمهداء(1/541)
من يكثر إهداء الهدية، قال الشاعر: * وإنك مهداء الخنا نطف الحشا * والهدى يقال في الهدى، وفى العروس يقال هديت العروس إلى زوجها، وما أحسن هدية فلان وهديه أي طريقته، وفلان يهادى بين اثنين إذا مشى بينهما معتمدا عليهما،
وتهادت المرأة إذا مشت مشى الهدى.
هرع: يقال هرع وأهرع ساقه سوقا بعنف وتخويف، قال الله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه) وهرع برمحه فتهرع إذا أشرعه سريعا، والهرع السريع المشى والبكاء، قيل والهريع والهرعة القملة الصغيرة.
هرت: قال تعالى: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قيل هما الملكان.
وقال بعض المفسرين هما اسما شيطانين من الانس أو الجن وجعلهما نصبا بدلا من قوله تعالى (ولكن الشياطين) بدل البعض من الكل كقولك القوم قالوا إن كذا زيد وعمرو.
والهرت سعة الشدق، يقال فرس هريت الشدق وأصله من هرت ثوبه إذا مزقه ويقال الهريت المرأة المفضاة.
هرن: هرون اسم أعجمى ولم يرد في شئ من كلام العرب.
هزز: الهز التحريك الشديد، يقال هززت الرمح فاهتز وهززت فلانا للعطاء، قال تعالى: (وهزى إليك بجذع النخلة - فلما رآها تهتز) واهتز النبات إذا تحرك لنضارته، قال تعالى: (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت
وربت) واهتز الكوكب في انقضاضه وسيف هزهاز وماء هزهز ورجل هزهز: خفيف.
هزل: قال (إنه لقول فصل وما هو بالهزل) الهزل كل كلام لا تحصيل له ولا ربع تشبيها بالهزال.
هزؤ: الهزء مزح في خفية وقد يقال لما هو كالمزح، فمما قصد به المزح قوله (اتخذوها هزوا ولعبا - وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا - وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا - وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا - أتتخذنا هزوا - ولا تتخذوا آيات الله هزوا)، فقد عظم تبكيتهم ونبه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، والوقوف على صحتها بأنهم يهزءون بها، يقال هزئت به واستهزأت، والاستهزاء ارتياد الهزؤ وإن كان قد يعبر به عن تعاطى الهزؤ، كالاستجابة في كونها ارتيادا للاجابة، وإن كان قد يجرى مجرى الاجابة.
قال (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون - وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون - ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون - إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها - ولقد استهزئ برسل من قبلك) والاستهزاء من الله في
الحقيقة لا يصح كما لا يصح من الله اللهو واللعب،(1/542)
تعالى الله عنه.
وقوله: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) أي يجازيهم جزاء الهزؤ.
ومعناه أنه أمهلهم مدة ثم أخذهم مغافصة فسمى إمهاله إياهم استهزاء من حيث إنهم اغتروا به اغترارهم بالهزؤ، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لانهم استهزءوا فعرف ذلك منهم فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل من خدعك وفطنت له ولم تعرفه فاحترزت منه فقد خدعته.
وقد روى: أن المستهزئين في الدنيا يفتح لهم باب من الجنة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سد عليهم فذلك قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون) وعلى هذه الوجوه قوله عزوجل (سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
هزم: أصل الهزم غمز الشئ اليابس حتى ينحطم كهزم الشن، وهزم القثاء والبطيخ ومنه الهزيمة لانه كما يعبر عنه بذلك يعبر عنه بالحطم والكسر، قال تعالى (فهزموهم بإذن الله - جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب) وأصابته هازمة الدهر أي كاسرة كقولهم:
فاقرة، وهزم الرعد تكسر صوته، والمهزام عود يجعل الصبيان في رأسه نارا فيلعبون به كأنهم يهزمون به الصبيان.
ويقولون للرجل الطبع هزم واهتزم.
هشش: الهش يقارب الهز في التحريك ويقع على الشئ اللين كهش الورق أي خبطه بالعصا.
قال تعالى: (وأهش بها على غنمي) وهش الرغيف في التنور يهش وناقة هشوش لينة غزيرة اللبن، وفرس هشوش ضد الصلود، والصلود الذى لا يكاد يعرق.
ورجل هش الوجه طلق المحيا، وقد هششت، وهش للمعروف يهش وفلان ذوهشاش.
هشم: الهشم كسر الشئ الرخو كالنبات قال تعالى: (فأصبح هشيما تذروه الرياح - فكانوا كهشيم المحتظر) يقال هشم عظمه ومنه هشمت الخبز، قال الشاعر: عمرو العلا هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف والهاشمة الشجة تهشم عظم الرأس، واهتشم كل ما في ضرع الناقة إذا احتلبه ويقال تهشم فلان على فلان تعطف هضم: الهضم شدخ ما فيه رخاوة، يقال
هضمته فانهضم وذلك كالقصبة المهضومة التى يزمر بها ومزمار مهضم، قال: (ونخل طلعها هضيم) أي داخل بعضه في بعض كأنما شدخ، والهاضوم ما يهضم الطعام وبطن هضوم وكشح مهضم وامرأة هضيمة الكشحين واستعير الهضم للظلم، قال تعالى: (فلا يخاف ظلما ولا هضما).
هطع: هطع الرجل ببصره إذا صوبه، وبعير مهطع إذا صوب عنقه، قال: (مهطعين(1/543)
مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم - مهطعين إلى الداع) هلل: الهلال القمر في أول ليلة والثانية، ثم يقال له القمر ولا يقال له هلال وجمعه أهلة، قال الله تعالى: (يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج) وقد كانوا سألوه عن علة تهلله وتغيره.
وشبه به في الهيئة السنان الذى يصاد به وله شعبتان كرمى الهلال، وضرب من الحيات والماء المستدير القليل في أسفل الركى وطرف الرحا، فيقال لكل واحد منهما هلال، وأهل الهلال رؤى، واستهل طلب رؤيته.
ثم قد يعبر عن الاهلال بالاستهلال نحو
الاجابة والاستجابة، والاهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم استعمل لكل صوت وبه شبه إهلال الصبى، وقوله: (وما أهل به لغير الله) أي ما ذكر عليه غير اسم الله وهو ما كان يذبح لاجل الاصنام، وقيل الاهلال والتهلل أن يقول لا إله إلا الله، ومن هذه الجملة ركبت هذه اللفظة كقولهم التبسمل والبسملة، والتحولق والحوقلة إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنه الاهلال بالحج، وتهلل السحاب ببرقه تلالا ويشبه في ذلك بالهلال، وثوب مهلل سخيف النسج ومنه شعر مهلهل.
هل: هل حرف استخبار، إما على سبيل الاستفهام وذلك لا يكون من الله عزوجل قال تعالى: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) وإما على التقرير تنبيها أو تبكيتا أو نفيا نحو (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا).
وقوله (هل تعلم له سميا - فارجع البصر هل ترى من فطور) كل ذلك تنبيه على النفى.
وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة - هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة - هل
ينظرون إلا الساعة - هل يجزون إلا ما كانوا يعملون - هل هذا إلا بشر مثلكم) قيل ذلك تنبيه على قدرة الله، وتخويف من سطوته.
هلك: الهلاك على ثلاثة أوجه: افتقاد الشئ عنك وهو عند غيرك موجود كقوله تعالى: (هلك عنى سلطانيه) وهلاك الشئ باستحالة وفساد كقوله: (ويهلك الحرث والنسل) ويقال هلك الطعام.
والثالث: الموت كقوله (إن امرؤ هلك) وقال تعالى مخبرا عن الكفار (وما يهلكنا إلا الدهر) ولم يذكر الله الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذم إلا في هذا الموضع وفى قوله: (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا) وذلك لفائدة يختص ذكرها بما بعد هذا الكتاب.
والرابع: بطلان الشئ من العالم وعدمه رأسا وذلك المسمى فناء المشار إليه بقوله(1/544)
(كل شئ هالك إلا وجهه) ويقال للعذاب والخوف والفقر الهلاك وعلى هذا قوله (وما يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون - وكم أهلكنا قبلهم
من قرن - وكم من قرية أهلكناها - وكأين من قرية أهلكناها - أفتهلكنا بما فعل المبطلون - أتهلكنا بما فعل السفهاء منا).
وقوله: (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) هو الهلاك الاكبر الذى دل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا شر كشر بعده النار "، وقوله تعالى: (ما شهدنا مهلك أهله) والهلك بالضم الاهلاك، والتهلكة ما يؤدى إلى الهلاك، قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وامرأة هلو ك كأنها تتهالك في مشيها كما قال الشاعر: مريضات أو بات التهادى كأنما * تخاف على أحشائها أن تقطعا وكنى بالهلوك عن الفاجرة لتمايلها، والهالكي كان حدادا من قبيلة هالك فسمى كل حداد هالكيا، والهلك الشئ الهالك.
هلم: هلم دعاء إلى الشئ وفيه قولان: أحدهما أن أصله هالم من قولهم لممت الشئ أي أصلحته فحذف ألفها فقيل هلم، وقيل أصله هل أم كأنه قيل هل لك في كذا أمه أي قصده فركبا، قال عز وجل: (والقائلين لاخوانهم هلم إلينا) فمنهم من تركه على
حالته في التثنية والجمع وبه ورد القرآن، ومنهم من قال هلما وهلموا وهلمي وهلممن.
همم: الهم الحزن الذى يذيب الانسان، يقال هممت الشحم فانهم والهم ما هممت به في نفسك وهو الاصل ولذا قال الشاعر: * وهمك ما لم تمضه لك منصب * قال الله تعالى: (إذ هم قوم أن يبسطوا - ولقد همت به وهم بها - إذ همت طائفتان منكم - لهمت طائفة منهم - وهموا بما لم ينالوا - وهموا بإخراج الرسول - وهمت كل أمة برسولهم) وأهمني كذا أي حملني على أن أهم به، قال الله تعالى: (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ويقال هذا رجل همك من رجل، وهمتك من رجل كما تقول ناهيك من رجل.
والهوام حشرات الارض، ورجل هم وامرأة همة أي كبير، قد همه العمر أي أذابه.
همد: يقال همدت النار طفئت ومنه أرض هامدة لا نبات فيها ونبات هامد يابس، قال تعالى: (وترى الارض هامدة) والاهماد الاقامة بالمكان كأنه صار ذا همد، وقيل الاهماد السرعة فإن يكن ذلك صحيحا فهو كالاشكاء في كونه تارة لازالة الشكوى وتارة لاثبات
الشكوى.
همر: الهمر صب الدمع والماء، يقال همره فانهمر قال تعالى: (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) وهمر ما في الضرع حلبه كله،(1/545)
وهمر الرجل في الكلام، وفلان يهامر الشئ أي يجرفه، ومنه همر له من ماله أعطاه، والهميرة العجوز.
همز: الهمز كالعصر، يقال همزت الشئ في كفى ومنه الهمز في الحرف وهمز الانسان اغتيابه، قال تعالى: (هماز مشاء بنميم) يقال رجل هامز وهماز وهمزة، قال تعالى (ويل لكل همزة لمزة) وقال الشاعر: * وإن اغتيب فأنت الهامز اللمزه * وقال تعالى: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين).
همس: الهمس الصوت الخفى وهمس الاقدام أخفى ما يكون من صوتها، قال تعالى: (فلا تسمع إلا همسا).
هنا: هنا يقع إشارة إلى الزمان والمكان القريب، والمكان أملك به، يقال هنا وهناك وهنالك كقولك ذا وذاك وذلك، قال الله تعالى:
(جند ما هنالك - إنا ههنا قاعدون - هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت - هنالك ابتلى المؤمنون - هنالك الولاية لله الحق - فغلبوا هنالك).
هن: هن كناية عن الفرج وغيره مما يستقبح ذكره وفى فلان هنات أي خصال سوء وعلى هذا ما روى " سيكون هنات "، قال تعالى: (إنا ههنا قاعدون).
هنأ: الهنئ كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة وأصله في الطعام يقال هنئ الطعام فهو هنئ، قال عز وجل (فكلوه هنيئا مريئا - كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم - كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون)، والهناء ضرب من القطران، يقال هنأت الابل فهى مهنوءة.
هود: الهود الرجوع برفق ومنه التهويد وهو مشى كالدبيب وصار الهود في التعارف التوبة، قال تعالى: (إنا هدنا إليك) أي تبنا، قال بعضهم: يهود في الاصل من قولهم هدنا إليك، وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم وإن لم يكن فيه معنى المدح كما أن النصارى في الاصل من قوله (من أنصارى
إلى الله) ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم.
ويقال هاد فلان إذا تحرى طريقة اليهود في الدين، قال الله عز وجل: (إن الذين آمنوا والذين هادوا) والاسم العلم قد يتصور منه معنى ما يتعاطاه المسمى به أي المنسوب إليه ثم يشتق منه نحو قولهم تفرعن فلان وتطفل إذا فعل فعل فرعون في الجور، وفعل طفيل في إتيان الدعوات من غير استدعاء، وتهود في مشيه إذا مشى مشيا رفيقا تشبيها باليهود في حركتهم عند القراءة، وكذا هود الرائض الدابة سيرها برفق، وهود في الاصل جمع هائد أي تائب وهو اسم نبى عليه السلام.
هار: يقال هار البناء وتهور إذا سقط نحو(1/546)
انهار، قال (على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) وقرئ " هار " يقال بئر هائر وهار وهار ومهار، ويقال انهار فلان إذا سقط من مكان عال، ورجل هار وهائر ضعيف في أمره تشبيها بالبئر الهائر، وتهور الليل اشتد ظلامه، وتهور الشتاء ذهب أكثره، وقيل تهير، وقيل تهيره فهذا من الياء، ولو كان من الواو لقيل تهوره.
هيت: هيت قريب من هلم وقرئ " هيت لك ": أي تهيأت لك، ويقال هيت به وتهيت إذا قالت هيت لك، قال الله تعالى: (وقالت هيت لك) هات: يقال هات وهاتيا وهاتوا، قال تعالى (قل هاتوا برهانكم) قال الفراء: ليس في كلامهم هاتيت وإنما ذلك في ألسن الخبرة، قال ولا يقال لا تهات.
وقال الخليل المهاتاة والهتاء مصدر هات.
هيهات: هيهات كلمة تستعمل لتبعيد الشئ، يقال هيهات هيهات وهيهاتا ومنه قوله عز وجل: (هيهات هيهات لما توعدون).
قال الزجاج: البعد لما توعدون، وقال غيره غلط الزجاج واستهواه اللام فإن تقديره بعد الامر والوعد لما توعدون أي لاجله، وفى ذلك لغات: هيهات وهيهات وهيهاتا وهيها، وقال الفسوى: هيهات بالكسر، جمع هيهات بالفتح.
هاج: يقال هاج البقل يهيج اصفر وطاب، قال عز وجل: (ثم يهيج فتراه مصفرا) وأهيجت الارض صار فيها كذلك، وهاج الدم والفحل هيجا وهياجا وهيجت الشر والحرب والهيجاء الحرب وقد يقصر، وهيجت البعير:
أثرته.
هيم: يقال رجل هيمان وهائم شديد العطش، وهام على وجهه ذهب وجمعه هيم، قال (فشاربون شرب الهيم) والهيام داء يأخذ الابل من العطش ويضرب به المثل فيمن اشتد به العشق، قال (ألم ترأنهم في كل واد يهيمون) أي في كل نوع من الكلام يغلون في المدح والذم وسائر الانواع المختلفات، ومنه الهائم على وجهه المخالف للقصد الذاهب على وجهه، وهام ذهب في الارض واشتد عشقه وعطش، والهيم الابل العطاش وكذلك الرمال تبتلع الماء، والهيام من الرمل اليابس، كأن به عطشا.
هان: الهوان على وجهين، أحدهما تذلل الانسان في نفسه لما لا يلحق به غضاضة فيمدح به نحو قوله: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا) ونحو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " المؤمن هين لين " الثاني: أن يكون من جهة متسلط مستخف به فيذم به.
وعلى الثاني قوله تعالى: (فاليوم تجزون عذاب الهون - فأخذتهم صاعقة العذاب الهون -(1/547)
وللكافرين عذاب مهين - ولهم عذاب مهين - فأولئك لهم عذاب مهين - ومن يهن الله فما له من مكرم) ويقال هان الامر على فلان سهل.
قال الله تعالى: (هو على هين - وهو أهون عليه - وتحسبونه هينا) والهاوون فاعول من الهون ولا يقال هاون لانه ليس في كلامهم فاعل.
هوى: الهوى ميل النفس إلى الشهوة.
ويقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة، وقيل سمى بذلك لانه يهوى بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفى الاخرة إلى الهاوية، والهوى سقوط من علو إلى سفل، وقوله عز وجل: (فأمه هاوية) قيل هو مثل قولهم هوت أمه أي ثكلت وقيل معناه مقره النار، والهاوية هي النار، وقيل (وأفئدتهم هواء) أي خالية كقوله (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) وقد عظم الله تعالى ذم اتباع الهوى فقال تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه - ولا تتبع الهوى - واتبع هواه) وقوله (ولئن اتبعت أهواءهم) فإنما قاله بلفظ الجمع تنبيها على أن لكل واحد هوى غير هوى الاخر، ثم هوى كل واحد لا يتناهى، فإذا اتباع أهوائهم نهاية الضلال
والحيرة، وقال عزوجل: (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون - كالذى استهوته الشياطين) أي حملته على اتباع الهوى (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا - قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت - ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله - ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) والهوى ذهاب في انحدار، والهوى ذهاب في ارتفاع، قال الشاعر: * يهوى محارمها هوى الاجدل * والهواء ما بين الارض والسماء، وقد حمل على ذلك قوله: (وأفئدتهم هواء) إذ هي بمنزلة الهواء في الخلاء.
ورأيتهم يتهاوون في المهواة أي يتساقطون بعضهم في أثر بعض، وأهواه أي رفعه في الهواء وأسقطه، قال تعالى: (والمؤتفكة أهوى).
هيأ: الهيئة الحالة التى يكون عليها الشئ محسوسة كانت أو معقولة لكن في المحسوس أكثر، قال تعالى: (أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير بإذنى) والمهايأة ما يتهيأ القوم له فيتراضون عليه على وجه التخمين، قال تعالى: (وهيئ لنا من أمرنا رشدا - ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) وقيل هياك أن تفعل كذا بمعنى
إياك، قال الشاعر: * هياك هياك وحنواء العنق * ها: ها للتنبيه في قولهم هذا وهذه وقد ركب مع ذا وذه وأولاء حتى صار معها بمنزلة حرف منها، وها في قوله تعالى: (ها أنتم) استفهام، قال تعالى: (ها أنتم هؤلاء حاججتم - ها أنتم أولاء تحبونهم - هؤلاء جادلتم - ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم - لا إلى(1/548)
هؤلاء ولا إلى هؤلاء) وها كلمة في معنى الاخذ وهو نقيض هات أي أعط، يقال هاؤم وهاؤما وهاؤموا وفيه لغة أخرى: هاء، وهاآ، وهاؤا، وهائى، وهأن، نحو خفن وقيل هاك، ثم يثنى الكاف ويجمع ويؤنث قال تعالى: (هاؤم اقرءوا كتابيه) وقيل هذه أسماء الافعال، يقال هاء يهاء نحو خاف يخاف، وقيل هاني يهانى مثل نادى ينادى، وقيل إهاء نحو إخال.(1/549)
كتاب الياء يبس: يبس الشئ ييبس، واليبس يابس النبات وهو ما كان فيه رطوبة فذهبت، واليبس المكان يكون فيه ماء فيذهب، قال
تعالى: (فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا) والايبسان ما لا لحم عليه من الساقين إلى الكعبين.
يتم: اليتم انقطاع الصبى عن أبيه قبل بلوغه وفى سائر الحيوانات من قبل أمه، قال تعالى: (ألم يجدك يتيما فآوى - ويتيما وأسيرا) وجمعه يتامى (وآتوا اليتامى أموالهم - إن الذين يأكلون أموال اليتامى - ويسئلونك عن اليتامى) وكل منفرد يتيم، يقال درة يتيمة تنبيها على أنه انقطع مادتها التى خرجت منها وقيل بيت يتيم تشبيها بالدرة اليتيمة.
يد: اليد الجارحة، أصله يدى لقولهم في جمعه أيد ويدى.
وأفعل في جمع فعل أكثر نحو أفلس وأكلب، وقيل يدى نحو عبد وعبيد، وقد جاء في جمع فعل نحو أزمن وأجبل، قال تعالى (إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم - أم لهم أيد يبطشون بها) وقولهم يديان على أن أصله يدى على وزن فعل، ويديته ضربت يده، واستعير اليد للنعمة فقيل يديت إليه أي أسديت إليه، وتجمع على أياد، وقيل يدى.
قال الشاعر: * فإن له عندي يديا وأنعما *
وللحوز والملك مرة يقال هذا في يد فلان أي في حوزه وملكه، قال: (إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح) وقولهم وقع في يدى عدل.
وللقوة مرة، يقال لفلان يد على كذا وما لى بكذا يد وما لى به يدان.
قال الشاعر: فاعمد لما تعلو فما لك بالذى * لا تستصيع من الامور يدان وشبه الدهر فجعل له يد في قولهم يد الدهر ويد المسند وكذلك الريح في قول الشاعر: * بيد الشمال زمامها * لما له من القوة، ومنه قيل أنا يدك ويقال وضع يده في كذا إذا شرع فيه.
ويده مطلقة عبارة عن إيتاء النعيم، ويد مغلولة عبارة عن إمساكها.
وعلى ذلك قيل (وقالت اليهود يد الله مغلولة(1/550)
غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) ويقال نفضت يدى عن كذا أي خليت، وقوله عزوجل (إذ أيدتك بروح القدس) أي قويت يدك، وقوله (فويل لهم مما كتبت أيديهم) فنسبته إلى أيديهم تنبيه على أنهم اختلقوه وذلك كنسبة القول إلى
أفواههم في قوله عزوجل: (ذلك قولهم بأفواههم) تنبيها على اختلافهم.
وقوله: (أم لهم أيد يبطشون بها) وقوله: (أولى الايدى والابصار) إشارة إلى القوة الموجودة لهم.
وقوله (واذكر عبدنا داود ذا الايد) أي القوة.
وقوله (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) أي يعطون ما يعطون عن مقابلة نعمة عليهم في مقارتهم.
وموضع قوله (عن يد) في الاعراب حال وقيل بل اعتراف بأن أيديكم فوق أيديهم أي يلتزمون الذل.
وخذ كذا أثر ذى يدين، ويقال فلان يد فلان أي وليه وناصره، ويقال لاولياء الله هم أيدى الله وعلى هذا الوجه قال عز وجل: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) فإذا يده عليه الصلاة والسلام يد الله وإذا كان يده فوق أيديهم فيد الله فوق أيديهم، ويؤيد ذلك ما روى " لا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها " وقوله تعالى (مما عملت أيدينا) وقوله (لما خلقت بيدى) فعبارة عن توليه لخلقه باختراعه الذى
ليس إلا له عز وجل.
وخص لفظ اليد ليتصور لنا المعنى إذ هو أجل الجوارح التى يتولى بها الفعل فيما بيننا ليتصور لنا اختصاص المعنى لا لنتصور منه تشبيها، وقيل معناه بنعمتي التى رشحتها لهم، والباء فيه ليس كالباء في قولهم قطعته بالسكين بل هو كقولهم خرج بسيفه أي معه سيفه، معناه خلقته ومعه نعمتاي الدنيوية والاخروية اللتان إذا رعاهما بلغ بهما السعادة الكبرى.
وقوله (يد الله فوق أيديهم) أي نصرته ونعمته وقوته، ويقال رجل يدى وامرأة يدية أي صناع وأما قوله تعالى: (ولما سقط في أيديهم) أي ندموا، يقال سقط في يده وأسقط عبارة عن المتحسر أو عمن يقلب كفيه كما قال عز وجل (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها) وقوله (فردوا أيديهم في أفواههم) أي كفوا عما أمروا بقبوله من الحق، يقال رد يده في فمه أي أمسك ولم يجب، وقيل ردوا أيدى الانبياء في أفواههم أي قالوا ضعوا أناملكم على أفواهكم واسكتوا، وقيل ردوا نعم الله بأفواههم بتكذيبهم.
يسر: اليسر ضد العسر، قال تعالى:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر - سيجعل الله بعد عسر يسرا - وسنقول له من أمرنا(1/551)
يسرا - فالجاريات يسرا) وتيسر كذا واستيسر أي تسهل، قال (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى - فاقرءوا ما تيسر منه) أي تسهل وتهيأ، ومنه أيسرت المرأة وتيسرت في كذا أي سهلته وهيأته، قال تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر - فإنما يسرناه بلسانك) واليسرى السهل، وقوله (فسنيسره لليسرى - فسنيسره للعسرى) فهذا وإن كان قد أعاره لفظ التيسير فهو على حسب ما قال عز وجل (فبشرهم بعذاب أليم) واليسير والميسور: السهل، قال تعالى: (فقل لهم قولا ميسورا) واليسير يقال في الشئ القليل، فعلى الاول يحمل قوله (يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا) وقوله (إن ذلك على الله يسير) وعلى الثاني يحمل قوله (وما تلبثوا بها إلا يسيرا) والميسرة واليسار عبارة عن الغنى.
قال تعالى: (فنظرة إلى ميسرة) واليسار أخت اليمين، وقيل اليسار بالكسر، واليسرات القوائم الخفاف، ومن اليسر الميسر.
يأس: اليأس انتفاء الطمع، يقال يئس واستيأس مثل عجب واستعجب وسخر واستسخر، قال تعالى: (فما استيأسوا منه خلصوا نجيا - حتى إذا استيأس الرسل - قد يئسوا من الاخرة كما يئس الكفار - إنه ليؤوس كفور) وقوله (أفلم ييأس الذين آمنوا) قيل معناه أفلم يعلموا ولم يرد أن اليأس موضوع في كلامهم للعلم وإنما قصد أن يأس الذين آمنوا من ذلك يقتضى أن يحصل بعد العلم بانتفاء ذلك فإذا ثبوت يأسهم يقتضى ثبوت حصول علمهم.
يقين: اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وأخواتها، ويقال علم يقين ولا يقال معرفة يقين، وهو سكون الفهم مع ثبات الحكم، وقال علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين وبينها فروق مذكورة في غير هذا الكتاب، يقال استيقن وأيقن، قال تعالى: (إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين - وفى الارض آيات للموقنين - لقوم يوقنون) وقوله عز وجل (وما قتلوه يقينا) أي ما قتلوه قتلا تيقنوه بل إنما حكموا تخمينا ووهما.
اليم: اليم البحر، قال تعالى: (فألقيه في اليم)
ويممت كذا وتيممته قصدته، قال تعالى: (فتيمموا صعيدا طيبا) وتيممته برمحى قصدته دون غيره.
واليمام طير أصغر من الورشان، ويمامة اسم امرأة وبها سميت مدينة اليمامة.
يمن: اليمين أصله الجارحة واستعماله في وصف الله تعالى في قوله (والسموات مطويات بيمينه) على حد استعمال اليد فيه وتخصيص اليمين في هذا المكان والارض بالقبضة حيث قال جل ذكره: (والارض جميعا قبضته يوم القيامة) يختص بما بعد هذا الكتاب.
وقوله (إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين)(1/552)
أي عن الناحية التى كان منها الحق فتصرفوننا عنها، وقوله (لاخذنا منه باليمين) أي منعناه ودفعناه.
فعبر عن ذلك الاخذ باليمين كقولك خذ بيمين فلان عن تعاطى الهجاء، وقيل معناه بأشرف جوارحه وأشرف أحواله، وقوله جل ذكره (وأصحاب اليمين) أي أصحاب السعادات والميامن وذلك على حسب تعارف الناس في العبارة عن الميامن باليمين وعن المشائم بالشمال.
واستعير اليمين للتيمن والسعادة، وعلى ذلك (فأما إن كان من أصحاب اليمين -
فسلام لك من أصحاب اليمين)، وعلى هذا حمل: إذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين واليمين في الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المعاهد والمحالف وغيره.
قال تعالى: (أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة - وأقسموا بالله جهد أيمانهم - لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم - وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم - إنهم لا أيمان لهم) وقولهم يمين الله فإضافته إليه عزوجل هو إذا كان الحلف به.
ومولى اليمين هو من بينك وبينه معاهدة، وقولهم ملك يمينى أنفذ وأبلغ من قولهم في يدى، ولهذا قال تعالى: (مما ملكت أيمانكم) وقوله صلى الله عليه وسلم: " الحجر الاسود يمين الله " أي به يتوصل إلى السعادة المقربة إليه.
ومن اليمين تنوول اليمن، يقال هو ميمون النقيبة أي مبارك، والميمنة: ناحية اليمين.
ينع: ينعت الثمرة تينع ينعا وينعا وأينعت إيناعا وهى يانعة ومونعة، قال (انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه) وقرأ ابن أبى إسحق
(وينعه)، وهو جمع يانع، وهو المدرك البالغ.
يوم: اليوم يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها.
وقد يعبر به عن مدة من الزمان أي مدة كانت، قال تعالى: (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان - وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقوله عز وجل: (وذكرهم بأيام الله) فإضافة الايام إلى الله تعالى تشريف لامرها لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها.
وقوله عزوجل: (قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الارض في يومين) الاية، فالكلام في تحقيقه يختص بغير هذا الكتاب.
ويركب يوم مع إذ فيقال يومئذ نحو قوله عز وجل (فذلك يومئذ يوم عسير) وربما يعرب ويبنى، وإذا بنى فللاضافة إلى إذ.(1/553)
يس: يس قيل معناه يا إنسان، والصحيح أن يس هو من حروف التهجى كسائر أوائل السور: ياء: يا حرف النداء، ويستعمل في البعيد وإذا استعمل في الله نحو يا رب فتنبيه للداعى أنه بعيد من عون الله وتوفيقه.
البالغ.
يوم: اليوم يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها.
وقد يعبر به عن مدة من الزمان أي مدة كانت، قال تعالى: (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان - وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقوله عز وجل: (وذكرهم بأيام الله) فإضافة الايام إلى الله تعالى تشريف لامرها لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها.
وقوله عزوجل: (قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الارض في يومين) الاية، فالكلام في تحقيقه يختص بغير هذا الكتاب.
ويركب يوم مع إذ فيقال يومئذ نحو قوله عز وجل (فذلك يومئذ يوم عسير) وربما يعرب ويبنى، وإذا بنى فللاضافة إلى إذ.(1/554)
يس: يس قيل معناه يا إنسان، والصحيح أن يس هو من حروف التهجى كسائر أوائل السور: ياء: يا حرف النداء، ويستعمل في البعيد وإذا استعمل في الله نحو يا رب فتنبيه للداعى أنه بعيد من عون الله وتوفيقه.
(تم)(1/554)