مولده :-
ولد الشيخ محمد المتولي – رحمه الله تعالى – سنة ( 1248 هـ – 1832 م ) ، و قيل : بعد ذلك بسنة أو سنتين
و كانت ولادته بخُط الدرب الأحمر بالقاهرة .
اسمه و نسبه :-
محمد بن أحمد بن الحسن بن سليمان
شهرته:-
اشتهر الشيخ بالمتولي أو بمتولي و قيل أنه اشتهر أيضا بالصدفجي و لم يعرف بهذا الاسم إلا من ورقة العنوان في إحدى نسخ فتح الكريم المخطوطة و الله أعلم بالصواب .
وفاته :-
توفي يوم الخميس الحادي عشر من ربيع الأول سنة ( 1313هـ - 1895م ) عن خمس و ستين سنة .
و مدفنه بالقرافة الكبرى ، بالقرب من باب الوداع رحمه الله رحمة واسعة آمين.
صفاته و أخلاقه :-
كان - رحمه الله – ضريرًا ( مكفوف البصر ) بصير القلب و قيل كان مبصرا في صغره فلعله أضر بسبب مرض نزل به .
كان - رحمه الله – قصيرًا ، ناتئ الصدر ، أحدب الظهر .
و كان من أبرز صفاته التواضع , و اتهام النفس بالعجز و التقصير ، مع عدم التعالي و حب الظهور ، و ضم إلى ذلك الخلق السامي العزة المحمودة ، و جمل ذلك كله بحسن الخلق السماحة و العفو ، و يروي الشيخ الزيات عن الشيخ الهنيدي تلميذ الشيخ المتولي : أنه نقطع عن القراءة عن الشيخ المتولي فترة بسبب وفاة والده ، فلما رجع سأله الشيخ المتولي عن عدم مجيئه فيما مضى ، فاعتذر الهنيدي بأن لا مال يعطيه للشيخ جزاء القراءة عليه ، فقال الشيخ المتولي : نحن كالملوك لا نطلب و لا نرد .
و اشْتُهِرَ عن الشيخ المتولي ما يدل على صلاحه و فراسته و جاءت الأخبار الكثيرة بذلك فمن ذلك ما قاله الشيخ الضباع : " كنت غلاما لا أزال أحفظ القرآن ، و كان الشيخ المتولي شيخا للمقارئ فكانت وصيته لابن أخته – الشيخ حسن الكتبي – أن اعتني بتحفيظ هذا الغلام القرآن ، و علمه القراءات ، و حَوِّل إليه كتبي بعد مماتي قال فكأن الشيخ كان يعلم أن سيتحمل هذا الغلام في مستقبل أيامه تبعات مشيخة المقارئ" .(1/1)
و كان الشيخ رجَّاعًا إلى الحق متى استبان له .
و من سماته الظاهرة قوة الحافظة و سعة الإطلاع و القدرة الفائقة على الإقراء و التأليف نثرًا و نظمًا ، يلمس ذلك من وقف على إنتاجه الغزير في التأليف لاسيما في فتح الكريم وشروحه، وعزو الطرق ، وقال الشيخ الهنيدي تلميذ الشيخ أنه كان يقرأ على الشيخ المتولي في دار الكتب في علم القراءات و المتولي يعد علي بسبحة في يده ، فإذا فرخ الهنيدي من القراءة نظم المتولي ما سمع في الحال .
و قال الهنيدي أنه كان الشيخ المتولي جالسًا في الأزهر يُقْرِئ القرآن فجاءه أحد العلماء ؛ كي يُعَجِّزَه ، فسأله عن عدة مسائل في العلوم الشرعية و العربية ، و المتولي يسمع ما يلقي عليه من الأسئلة ، فلما انتهى قال له المتولي : أجيبك نثرًا أو نظمًا ؟ فبهت السائل .
تلكم بعض الأخلاق و الشمائل الحميدة ، و المثل و القيم النبيلة ، التي تحلى بها ، و سعى إليها , و لقد أهلته لمكانة علمية عالية , و أكسبته ثناءاً حسنًا في الدنيا , أسأل الله أن يجعل كتابه في عليين آمين .
مكانته العلمية و ثناء العلماء عليه :-(1/2)
لما أتم المتولي حفظ القرآن الكريم التحق بالأزهر فتعلم العلوم الشرعية و العربية ، ثم اهتم بعلم القراءات خاصة اهتماما بالغا ، فحفظ المتون الأساسية فيه ، و هي المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه ، و تحفة الأطفال في التجويد ، و الشاطبية في القراءات السبع ، و الدرة في القراءات الثلاث المتمة للعشر ، و الطيبة في القراءات العشر ، و عقيلة أتراب القصائد في علم الرسم و النهاية في القراءات الشاذة , واشتغل بتلقي القراءات و تلقينها و التأليف فيها حتى فاق أقرانه . فلقب في زمانه ب ( ابن الجزري الصغير ) و نعت ب ( خاتمة المحققين ) ثم انتهت إليه مشيخة المقارئ و الإقراء بالديار المصرية سنة (1293هـ – 1876م) ، و مما يشهد على تفوقه على أقرانه ، وما اكتسبه من مكانة عالية أن الشيخ محمد نصر و الجريسي الكبير اللذين قرآ على الدري شيخ المتولي قرآ أيضا على المتولي نفسه وهما من كبار علماء القراءات آنذاك ، و ممن قرأ عليه أيضا و استفاد منه محمد البنا ورضوان المخللاتي و هما من لداته و من العلماء المبرزين في القراءات و غيرها .
و لأجل تلك المكانة العلمية للمتولي لقيت مؤلفاته عناية العلماء و طلاب العلم منذ وقته و حتى الآن ، فإن العمل في مصر و في غالب البلاد الإسلامية كمكة و المدينة على تحريراته على الطيبة في القراءات العشر ، و كان القراء في مصر يرون أن القارئ لا يعتبر محيطا بعلم القراءات و متصديا لها حتى يحفظ الشاطبية ، و الدرة ، و الطيبة ، و تحريرها و الفوائد المعتبرة في القراءات الأربع الزائدة على العشرة للمتولي هذا و لم يكن المتولي رحمة الله من كبار علماء القراءات فحسب ، بل كان أيضا مشاركا في العلوم الشرعية و العربية و له رسالة في التفسير كما سيأتي ذكرها في كتبه و له شعر جيد فالحاصل أن المتولي رحمه الله له مكانة علمية عَلِيَّة في عصره و بعد عصره ، وبخاصة في علم القراءات .
شيوخه :(1/3)
حَصَّل الشيخ كثيرًا من العلوم الشرعية و العربية , و ذلك بعد أن حفظ القرآن الكريم , درس على كثير من علماء الأزهر , و لكنه أخذ القراءات عن شيخين هما :
1- الشيخ يوسف البرموني :-
قرأ عليه المتولي القراءات من طريقي الشاطبية و الدرة من أول القرآن إلى آخر الحزب السابع من القرآن الكريم ، ثم أجازه بالقراءات العشر جميعها ، و الظاهر أن البرموني من علماء القرن الثالث عشر الهجري لأنه زميل الدري التهمامي .
2- الشيخ أحمد الدري التهامي :-
هو السيد أحمد بن محمد الدري ( بضم الدال ) الشهير بالتهامي ، أزهري ، مالكي المذهب ، و يعتبر من علماء القرن الثالث عشر الهجري , و كان حيا سنة 1269 هـ - 1852م , و في فتح الكريم للشيخ المتولي ما يدل على أن الشيخ الدري قد توفي قبل الفراغ منه حيث قال الشيخ المتولي في آخر الفتح :-
على شيخنا الدري التهامي أرسلا و أكبر رضوان و أوسع رحمة
إذ تعارف الناس على أن الميت إذا ذكر تُرُحِّمَ عليه , خاصة و قلما يذكر المتولي شيخه الدري بلا ثناء أو ترحم ، و لعل المتولي خصه بذلك دون غيره من شيوخه ، لطول ملازمته له و الإكثار من الأخذ عنه ، قرأ الدري القراءات العشر بمضمن الشاطبية و الدرة ثم الطيبة على الشيخ أحمد سلمونه ، و قرأ عليه أيضا القراءات الأربع الزائدة على القراءات العشر , و أخذ عنه عدة كتب في القراءات و التجويد و الرسم و عد الآي ، و هي إتحاف فضلاء البشر ، و الدرة ، و الشاطبية ، و الطيبة ، و العقيلة , و المقدمة الجزرية , و الناظمة , و النشر .
و أخذ الشيخ المتولي عن الشيخ الدري كل ما أخذه عن الشيخ سلمونه مما ذكر آنفا , و قرأ المتولي على الدري القراءات العشر بمضمن الطيبة ختمتين , و للدري تلاميذ غير المتولي منهم : محمد عبده السرسي , و محمد العقاد , و هما شيخا رضوان المخللاتي , و منهم عبد الله العايدي الكفراوي , و الجريسي الكبير , و محمد مكي نصر .
تلاميذه:(1/4)
ذاع صيت الشيخ المتولي في كل مكان حتى قصده طلبة العلم من كل مكان يقصدونه لينهلوا من علمه الغزير و ممن تلاميذ الشيخ و هم كثير :-
1- حسن بن خلف الحسيني ( كان حيا في 1303هـ - 885م ) ، أخذ القراءات العشر عن المتولي و يعتبر – رحمه الله - من أجِلَّة القراء بمصر إذ ذاك , و قد أخذ القراءات عنه جماعة ، منهم ابن أخيه محمد بن علي الحسيني المعروف بالحداد الذي قرأ عليه ثلاث ختمات ، الأولى بمضمن الشاطبية ، و الثانية بمضمن الشاطبية و الدرة معا , و الثالثة بمضمن منظومة المتولي في رواية حفص من طريق الطيبة المسماة بالنبذة المهذبة و له تصانيف مفيدة منها :-
أ ) اتحاف البرية بتحرير الشاطبية نظم من البحر الطويل و عليه شرح للشيخ الضباع و هما مطبوعان .
ب) الرحيق المختوم في نثر اللؤلؤ المنظوم للمتولي في الرسم و هو مطبوع أيضا .
2- حسن بن محمد بُدير الجُريسي ( كان حيا في 1305 هـ - 1888م ) , و اشتهر بالجريسي الكبير كي يميز عن ابنه حسن الملقب بالجريسي الصغير , و اشتهر كذلك بالديب , و هو مصري ، شافعي ، أزهري ، من مشاهير قراء مصر في المحافل في وقته ، قرأ القراءات على الدري و أجازه بها ، و أخذ القراءات عنه جمع منهم ابنه حسن الجريسي الصغير و علي سبيع و غنيم محمد غنيم و غيرهم .
3- حسين موسى شرف الدين ( ت : 1327هـ - 1909م ) مصري ، أزهري ، قرأ على المتولي القراءات العشر بمضمن الشاطبية و الدرة ، ثم نزل دمشق ، و درس بها و أخذ عنه القراءات عبد الله المنجد و توفي في بيروت رحمه الله تعالى .(1/5)
4- خليل محمد غنيم الجنايني ( ت : 1347هـ - 1928م )، مصري ، تلقى من المتولي علم القراءات بجميع طرقه ، أي بمضمن كل من الشاطبية و الدرة ، و الطيبة ، و الفوائد المعتبرة للمتولي ، و أخذ العلوم الشرعية و العربية من علماء عصره ، و تصدر لإقراء القراءات فأخذ عنه جماعة كثيرة منهم : حنفي السقا ، و سيد الغوري ، و عبد الله البطران ، و أحمد الزيات ، له ثلاثة كتب في الرد على من قال بمنع جمع القرآن في المحافل و هي : هداية القراء و المقرئين , و البرهان الوقاد , و القسطاس المستقيم , و جميعها مطبوع , و قد كان - رحمه الله – من مشاهير القراء في المحافل في وقته .
5- رضوان بن محمد بن سليمان المُخللاتي ( نحو 1250-1311هـ - 1834-1893م ) ، الشهير بأبي عيد ، مصري ، شافعي ، من قراء المحافل ، و يعتبر رحمه الله من كبار علماء القراءات و الرسم العثماني و غيرهما ، تلقى علومه بالجامع الأزهر على علماء عصره ، وتتلمذ في القراءات على محمد السرسي و محمد العقاد و المتولي ، و قرأ عليه القراءات السبع بمضمن الشاطبية محمد بن على الشهير بالبدوي ، و أخذ عنه العلوم العربية و الفنون الأدبية جماعة منهم أحمد تيمور ، و من أجل أعماله كتابة المصحف على قواعد الرسم العثماني ، صَدَّرَه بمقدمة مفيدة ، تتضمن تاريخ القرآن و بعض المواضيع القرآنية المهمة ، و على هذا المصحف عَوَّل العلماء في عصره و بعد عصره لجلالة قدره ، له مؤلفات في فنون شتى منها
1- أرجوزة في التوحيد .
2- إرشاد القراء و الكاتبين إلى معرفة رسم الكتاب المبين .
3- الإفاضة الربانية بشرح ألفاظ البردة المحمدية .
4- شفاء الصدور بذكر قراءات الأئمة السبعة البدور .
5- فتح المقفلات لما تضمنه نظم الحرز و الدرة من القراءات .
6- القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز .
7- الكوكب السائر فيما يتعلق بخطب المنابر .
8- اللؤلؤ المنظوم فيما يلزم من الشروط في حق الإمام و المأموم.(1/6)
و ما زالت هذه الكتب و غيرها من مؤلفاته مخطوطة .
6- عبد الفتاح هُنَيْدِي ( نحو سنة 1297-1369هـ - 1880- 1950م ) قرأ القراءات بمضمن الشاطبية و الدرة و الطيبة و الفوائد المعتبرة على المتولي عدة ختمات ، و تخرج بالأزهر ، و يحمل شهادة العالمية ، أثنى عليه الشيخ الزيات ثناء حسنًا فذكر أنه كان خطيبًا مصقعًا ، و شاعرًا مبدعًا ، سريع البديهة ، ا عقلية جبارة في أكثر العلوم النقلية و العقلية ، ناهيك بعلم القراءات ، و ذكر أنه لا يترك القيام ، و صيام يومي الاثنين و الخميس ؛ فلما أسن اقتصر على صيام الخميس ، و حَلَّى ذلك كله بخلق حسن و تواضع عظيم ، و يعتبر الهنيدي آخر من قرأ على المتولي القراءات ، و قرأ عليه القراءات أربعمائة طالب منهم من قرأ العشر الصغرى و منهم من قرأ بمضمن الطيبة آخرهم الشيخ الزيات .
7- محمد بن عبد الرحمن البنا الدمياطي ( ت 1292هـ - 1875م ) ، الشهير بالبنا ، قرأ على المتولي القراءات العشر بمضمن الطيبة ، و شيئا من القرآن بالقراءات الأربع فوق العشرة بمضمن منظومة المتولي الفوائد المعتبرة و أجازه بها , و البنا عالم مصري ، شافعي المذهب ، له مؤلفات في القراءات منها الكوكب الدري في القراءات العشر الزائدة على التيسير و الشاطبية , و منحة المعبود فيما يروى عن ورش , و منظومة في ياءات الإضافة , و له مؤلفات أخرى في الفقه و الصرف و مازالت جميعها مخطوطة و لما توفي – رحمه الله – جمعت مراثيه في كتاب واحد مخطوط .
8- محمد مكي نصر الجريسي ( كان حيا سنة 1307هـ - 1890م ) مصري ، شافعي المذهب ، أخذ القراءات عن الدري التهامي ، ثم عن المتولي ، و قرأ القراءات السبع بمضمن الشاطبية خلق كثير , له كتاب قيم في التجويد اسمه نهاية القول المفيد في علم التجويد و هو مطبوع .
و للشيخ المتولي تلاميذ آخرون منهم :(1/7)
أحمد شلبي ، و حسن عطية , و حسن الكتبي صهر المتولي وشيخ الضباع ، و حسين حنفي حسين ، خلف الحسيني ، و خليفة بن فتح الباب بن محمد بن علي الحناوي الشافعي ، و عبد الرحمن بن حسين الخطيب الشعار ، و هو من أجل شيوخ الشيخ الضباع و كان حيا سنة 1338هـ - 1923م ، محمد الحسيني , محمد الغزولي , ومحمد المغربي و مصطفى شلبي .
المتولي و حركة الحياة من حوله أثره و تأثيره فيها :
عاش المتولي في القاهرة ، و كان مستور الحال ، و كانت حياته في فترة ما بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر ، في هذه الفترة تدهورت الحياة الإجتماعية في مصر ، حيث تأثر أكثر المصريين بالأجانب و تابعوهم متابعة عمياء ، فانتشرت الميوعة و انتشر الربا و الحشيش و الميسر و فشا الاختلاط و تبرج الجاهلية الأولى و لولا ما قيضه الله لمصر من علماء صالحين مصلحين لذابت في بوتقة الفجور و الكفران لم يتأثر المتولي بموجة الانحلال ؛ لأنه كان مستمسكا بالقرآن العظيم و إقراء قراءته و التأليف فيها .
تأثر الشيخ المتولي بالطرق الصوفية و تابع أهلها في أقوالهم حيث غالبًا ما يقول عن نفسه في مقدمات كتبه الخلوتي طريقة حيث يذكر اعتقاده بأن ذات النبي من نور و غير ذلك من أقوالهم - غفر الله له – التي ذكرها في مقدمات كتبه كما سنرى في مقدمة الروض إن شاء الله تعالى .
و الشيخ المتولي كان دائم الترحال في بلاد مصر فقد ذهب إلى طنطا حيث مشايخ القراءات الكبار هناك و كان دائم المناظرة و الحديث معهم ، و ألف المؤلفات القيمة في الرد على بعض الآراء التي تحتاج إلى رد ، مثل ما ذكره الضباع أن أحد علماء الأزهر زعم أن الضاد كالظاء المعجمة في اللفظ و السمع ، و كان ذلك في سنة 1293هـ - 1876م ، فتصدى المتولي - رحمه الله – لهذا الأمر و رفع الأمر إلى شيخ الأزهر ، فاستحضر الزاعم و استتيب ، فلم يتب ، فحكم بنفيه .(1/8)
و من ذلك تأليفه لرسالة " العُجَالة البديعة الغُرَرْ في أسانيد الأئمة القراء الأربعة عشر " في الرد على من يقول أن القراءات لم تكن مروية عن رسول الله r حيث يقول في مقدمة الرسالة " هذا و إن الباعث على ذلك أنه قد بلغني عن بعض أهل عصرنا هذا أنه يزعم أن هذه القراءات لم تكن مروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و إنما هو اختراع من أئمة هذا الشأن ، و لم يكن لهم مسند في ذلك . و هذه فتنة عظيمة ، و جرأة جسيمة ، أعاذنا الله و إخواننا من مضلات الفتن ، و عافانا و إياهم من جميع المحن . و إني لأرجو أن تكون هذه العجالة سببا في إزالة شبهته ، و كشف غمته بتوفيق الله تبارك و تعالى " .
و من ذلك الدفاع بقوة عن القراءات في رسالته ( سفينة النجاة فيما يتعلق بقوله تعالى { حاشا لله } ) حيث يقول – رحمه الله – " أما بعد فقد حضر لي مكتوب من حضرة أستاذنا الأعظم شيخ الجامع الأزهر ، مضمونه أني أطلع على الكتابة التي كتبها الشيخ محمد سليمان السفطي في الرد على من وقف لأبي عمرو على { حاش } من قوله تعالى { حاش لله } بحذف الألف ووصل بإثباتها ، فاطلعت عليها فوجدتها مخالفة لما أجمعت عليه الأمة ، فكتبت بعض نصوص القراء و المفسرين المفيدة للمطلوب ".
و من ذلك موقفه من قراء طنطا الأحمديون حينما ألف الشيخ المتولي كتاب " البرهان الأصدق و الصراط المحقق في منع الغنة للأزرق " حيث وافقه أعيان القراء بالقاهرة و ارتضوا ما اشتمل عليه و انتهى إليه من التحقيق ، و خالفه البعض فلما قرئت الرسالة على أكابر القراء بالقاهرة و منهم المخالف بمحضر من شيخ الأزهر مصطفى العروسي ، فأجمع قراء القاهرة على ما حرره المتولي و لم يشذ منهم أحد بذلك .(1/9)
و لما سمع قراء طنطا بما قرره المتولي أعظموا القيل و القال ؛ لأنه خلاف ما درجوا عليه ، وبعثوا رسالة ضَمَّنوها محاولة التصحيح عليه ، و بعثوا بها إليه ، فرفع المتولي القضية إلى شيخ الأزهر ، فأمر بأن يرسل إليهم المتولي نسخة من الرسالة التي رد فيها على المخالف من أهل القاهرة بادئ الأمر ؛ ليجمع القراء الأحمديين فيكتبوا عليها بالإجازة أو يردوا بوجه صحيح ، و بعد سنتين جاء الجواب منهم ، فأثبته المتولي في رسالته للرد عليهم و سماها " الشهاب الثاقب للغاسق الواقب " ، ثم أتبعه بالرد عليهم و بيان الحق بمنع خلط الطرق و تلفيقها ، ومنع قراءة القرآن بالاحتمالات و الاجتهادات من غير نص وثيق يجب المصير إليه و التعويل عليه و الكتاب ماتع مفيد جدا تتجلى من خلاله قدرة المتولي على تحرير القراءات و عزو الروايات .
من خلال ما سبق نرى أن الشيخ المتولي كان مشاركا في قضايا مجتمعه عالما بها حريص على بذل الجهد في بيان الحق - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - .
مؤلفاته :
مؤلفاته في القراءات : خَلَّفَ الشيخ المتولي جملة وافرة من كتب القراءات دراية و رواية ، فكان له نصيب وافر من التأليف في القراءات السبع و العشر و الأربع التي بعد العشر منها :
أولا : مؤلفاته في القراءات السبع :
1- مواهب الرحمن على غاية البيان لخفي لفظتي الآن ( نظم مخطوط).
2- توضيح المقام في الوقف على الهمزة لحمزة وهشام ( نظم مخطوط).
3- إتحاف الأنام و إسعاف الأفهام في الوقف على الهمز لحمزة و هشام ( و هو شرح على نظمه السابق توضيح المقام ) مطبوع بالقاهرة.
4- البرهان الأصدق و الصراط المحقق في منع الغنة للأزرق ( مخطوط ).
5- الشهاب الثاقب و الثاقب للغاسق الواقب ( مخطوط ).
6- النبذة المهذبة فيما لحفص من طريق الطيبة ( نظم مخطوط ) .(1/10)
7- الفائدة السنية و الدرة البهية في تحرير وجه التقليل في الألفات التي قبل الراء للسوسي من طريق الطيبة النشرية ( الرسالة كاملة موجودة في الروض النضير و هي مخطوطة ).
8- رسالة أحكام الهمزتين للقراء السبعة ( مخطوطة ) .
9- منظومة الآن ( مطبوعة ضمن مجموع اتحاف البررة بالمتون العشرة) .
10- منظومة الآن ( المختصرة ) .
11- مقدمة في ياءات الإضافة و الزوائد ( مخطوطة ) .
12- منظومة التكبير ( مطبوعة ) .
13- مقدمة رواية ورش (نظم ، مطبوع ) .
14- فتح المعطي و غنية المقري في شرح مقدمة ورش المصري( مطبوعة في مصر ) .
15- المنظومة الأصبهانية ( مطبوعة مع شرح الشيخ الضباع عليها ) .
16- منظومة رواية قالون ( مطبوعة ) .
17- الكوكب الدري في قراءة أبي عمرو البصري ( نظم ، مخطوط ) .
18- فتح المجيد في قراءة حمزة من القصيد ( نظم ، مطبوع ) .
ثانيا : مؤلفاته في القراءات العشر :
1- فتح الكريم في تحرير القرآن العظيم ( نظم ، مطبوع ) .
2- الفوز العظيم على متن فتح الكريم ( شرح المتن السابق ، مخطوط ).
3- فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن الحكيم ( نظم ، مطبوع ) .
4- الفوز العظيم في شرح فتح الكريم ( شرح مختصر للنظم السابق ، مخطوط )
5- الروض النضير في أوجه الكتاب المنير ( و هو هذا الكتاب ، مخطوط ).
6- الوجوه المسفرة في القراءات الثلاث ( مطبوع ) .
7- تهذيب النشر و خزانة القراءات العشر ( مخطوط ) .
8- عزو الطرق ( نظم عظيم القدر ، مطبوع أخيرا ضمن متون كتاب فريدة الدهر)
9- جواهر القلائد في مذاهب العشرة في ياءات الإضافة و الزوائد ( مايزال مخطوط
10- رسالة أحكام الهمزتين للقراء العشرة ( مخطوطة ) .
11- رسالة في حكم الغنة في اللام و الراء على وجه الإدغام الكبير ( مخطوط ، و الرسالة بكاملها في الروض النضير ) .
ثالثا : مؤلفاته في القراءات الأربع بعد العشر :
1- الفوائد المعتبرة في الأحرف الأربعة الزائدة على العشرة ( نظم ، مطبوع ).(1/11)
2- موارد البررة على الفوائد المعتبرة ( شرح النظم السابق ، مخطوط ) .
رابعا : مؤلفات أخرى في القراءات :
1- إيضاح الدلالات في ضابط ما يجوز من القراءات و يسوغ من الروايات ( مخطوط
2- العجالة البديعة الغرر في أسانيد الأئمة القراء الأربعة عشر ( مطبوع ) .
3- التنبيهات في شرح أصول القراءات.
4- الدر الحسان في تحرير أوجه القرآن .
5- فتح الرحيم الرحمن .
6- الضوابط الكبرى في تحرير القراءات .
خامساً : مؤلفاته في علم التجويد :
1- رسالة الضاد ( نظم ، مخطوط ) .
2- رسالة في إدغامات الحروف الهجائية .
3- فتح الرحمن في تجويد القرآن ( مخطوط ) .
4- فتح الكريم في تجويد القرآن العظيم .
5- منظومة مراتب تفخيم حروف الاستعلاء ( مخطوطة ) .
6- الواضحة في تجويد الفاتحة .
7- شرح الواضحة في تجويد سورة الفاتحة .
سادساً : مؤلفاته في علم الرسم العثماني :
1- اللؤلؤ المنظوم في ذكر جملة المرسوم ( مطبوعة مع شرح تلميذ المتولي للمنظومة حسن الحسيني ) .
2- سفينة النجاة فيما يتعلق بقوله تعالى ( حاش لله ) ( مطبوعة ) .
سابعاً : مؤلفاته في علم عد الآي :
1- تحقيق البيان في عد آي القرآن ( مخطوطة ) .
2- تحقيق البيان في المختلف فيه من آي القرآن ( منظومة ، مطبوعة مع شرح الشيخ القاضي و الشيخ عبد الرازق على إبراهيم ) .
و بعد فمن خلال ما سبق نعلم أن الشيخ المتولي قد تولى الإقراء حتى أصبح سنده هو الملتقى لجل أسانيد القراء في هذا الزمان و لذا لقب بابن الجزري الصغير ، خاصة إذا علمنا أنه ليس بينه و بين الرسول بالتلاوة المتصلة بطريق الأداء إلا خمسة و عشرين رجلاً ، و أن مؤلفاته تسعة و أربعين مؤلفاً ، و أن التحريرات غلبت على مؤلفاته في القراءات و أنه كان مشاركا في أغلب القضايا الخاصة بالقراءات و كان عليه المعول في الرد على المخالفين رحمه الله رحمة واسعة على ما بذل من جهد جهيد في خدمة كتاب الله تعالى و على ما قدم لنصرة دين الله المجيد.(1/12)
أسأل الله أن أكون قد وفقت في ترجمة الشيخ و الله أعلم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الفهرس
مولده :- ... 1
اسمه و نسبه :- ... 1
شهرته:- ... 1
وفاته :- ... 1
صفاته و أخلاقه :- ... 1
مكانته العلمية و ثناء العلماء عليه :- ... 2
شيوخه : ... 3
تلاميذه: ... 5
المتولي و حركة الحياة من حوله أثره و تأثيره فيها : ... 8
مؤلفاته : ... 10(1/13)
أحمد خلوصي بن علي الإسلامبولي الشهير بحافظ باشا (ت1307ه)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...(2/1)
العلامّة محمد بن محمد الجزري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه المكرمين وبعد ... فإن أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله تعالى طلبُ العلم كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» والعلم ميراث النبوة كما جاء في الحديث «أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» فإليك أيها الزائر الكريم نبذة ميسرة عن العلامّة محمد بن محمد الجزري
ألقابه واسمه وكنيته
هو الحافظ الحجة الثبت المدقق، فريد العصر، ونادر الدهر، إمام الأئمة، قاضي القضاة، سند المقرئين، رأس المحققين الفضلاء، رئيس المدققين النبلاء، شيخ شيوخ الإقراء غير منازع، عمدة أهل الأداء، صاحب التصانيف التي لم يسبق مثلها، ولم ينسج على منوالها، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات، حتى صار فيها الإمام الذي لا يدرك شأوه، ولا يشق غباره . هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي العمري الشيرازي الشافعي، وكنيته أبو الخير ، وأطلق على نفسه لقب السلفي كما أتى في منظومته في علم الرواية في الحديث والمسمى بالهداية في علم الرواية :
يقول راجي عفو رب رؤف محمد بن الجزري السلفي .(3/1)
عُرِفَ بابن الجزري، ونسب إلى الجزري كما أتى في المنح الفكرية للشيخ ملا علي القاري، نسبة إلى جزيرة ابن عمر ببلاد الشرق [ بلدة في تركستان]، كذا ذكره ابن المصنف وتبعه من بعده في إجماله، وفي القاموس : بلد شمال الموصل [ تركيا ] تحيط به دجلة مثل الهلال، والله أعلم بالحال، والمراد بابن عمر الذي نُسب إليه هو ( عبدالعزيز بن عمر ) [1] وهو رجل من أهل برقعيد من عمل الموصل، بناها فنُسبت إليه، نص على ذلك العلامة أبو الوليد بن الشحنة الحنفي، في تاريخه ( روضة المناظر في علم الأوائل والأواخر ) فليس بصحابي كما توهمه بعضهم . اهـ . [2] . و ورد في كتاب الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية، نسبة إلى جزيرة ابن عمر بن الخطاب الثعلبي حوالي عام 961م، وكانت ميناء أرمينية [3] .
ولادته
ولد _ رحمه الله _ يوم الجمعة ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة هجرية، ( الموافق 30 من شهر نوفمبر 1350ميلادية ) داخل خط القصاعين بين السورين بدمشق الشام . وهو كردي الأصل [4] .
قصة ولادته : كان أبوه تاجراً ، ومكث أربعين سنة لم يرزق ولداً، فحج وشرب من ماء زمزم، وسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً عالماً [5] ، فولد له ابنه محمد هذا بعد صلاة التراويح .
نشأته
نشأ رحمه الله تعالى في دمشق الشام، وفيها حفظ القرآن وأكمله وهو ابن ثلاثة عشر عاماً، وصلى به وهو ابن أربعة عشر. كان رحمه الله صاحب ثراء ومال، وبياض وحمرة، فصيحاً بليغاً
تحصيله العلمي(3/2)
اتجهت نفسه الكبيرة إلى علوم القراءات فتلقاها عن جهابذة عصره، وأساطين وقته، من علماء الشام ومصر والحجاز إفراداً وجمعاً بمضمن كتب كثيرة، كالشاطبية والتيسير والكافي والعنوان والإعلان والمستنير والتذكرة والتجريد وغيرها من أمهات الكتب وأصول المراجع، ولم يكن الإمام ابن الجزري رحمه الله عالماً في التجويد والقراءات فحسب بل كان عالماً في شتى العلوم من تفسير وحديث وفقه وأصول وتوحيد وبلاغة ونحو وصرف ولغة وغيرها
شيوخه
ليس من السهل أن يستقصي المرء الشيوخ الذين أخذ عنهم الإمام ابن الجزري رحمه الله لأنهم كانوا عالماً يفوق الحصر، ولكنا نذكر منهم ما قدمته لنا كتب التراجم ومن كتب الشراح لمنظوماته . ممن تلقى عنهم علوم القراءات والتجويد :
- من علماء دمشق : العلامة أبو محمد عبدالوهاب بن السُّلاَر، والشيخ أحمد بن إبراهيم الطحان، والشيخ أبو المعالي محمد بن أحمد اللبان، والشيخ أحمد بن رجب، والقاضي أبو يوسف أحمد بن الحسين الكفري الحنفي . ( الزبيدي 31 )
- - من علماء مصر : الشيخ أبو بكر عبدالله بن الجندي، والعلامة أبو عبدالله محمد بن الصائغ، والشيخ أبو محمد عبدالرحمن بن البغدادي، والشيخ عبدالوهاب القروي . ( الزبيدي 31 )(3/3)
- - من علماء المدينة المنورة : لما رحل إلى مكة لأداء فريضة الحج سنة 768هـ ، قرأ بمضمن كتابي الكافي والتيسير على الشيخ أبي عبدالله محمد بن صالح الخطيب، الإمام بالمدينة المشرفة . ( غاية النهاية 247 ج2 ) وممن تلقى عنهم الحديث والفقه والأصول والمعاني والبيان : تلقى هذه العلوم رحمه الله من خلق كثير من شيوخ مصر منهم، الشيخ ضياء الدين سعد الله القزويني، وأذن له بالإفتاء سنة 778هـ، والشيخ صلاح الدين محمد بن إبراهيم بن عبدالله المقدسي الحنبلي، والإمام المفسر المحدث الحافظ المؤرخ أبي الفداء إسماعيل بن كثير صاحب التفسير المعروف، وهو أول من أجاز له بالإفتاء والتدريس سنة 774هـ، وكذلك شيخ الإسلام البلقيني سنة 785هـ
من مناصبه
جلس للإقراء تحت قبة النسر بالجامع الأموي للتعليم والإقراء سنين عديدة، وولي مشيخة الإقراء الكبرى بتربة أم الصالح بعد وفاة شيخه أبي محمد عبدالوهاب السلار، وولي قضاء دمشق عام 793هـ، وكذا ولي القضاء بشيراز، وبنى بكل منهما للقراء مدرسة ونشر علماً جماً، سماهما بدار القرآن [1] . ولي مشيخة الإقراء بالعادلية، ثم مشيخة دار الحديث الأشرفيَّة [2] . وولي مشيخة الصلاحية ببيت المقدس وقتاً
تلامذته(3/4)
أخذ عنه القراءات طوائف لا يحصون كثرة وعدداً، منهم من قرأ بمضمن كتاب واحد، ومنهم من قرأ بمضمن أكثر من كتاب، فممن كمل عليه القراءات العشر بالشام ومصر ابنه أبوبكر أحمد الذي شرح طيبة النشر، والشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي، والشيخ أبوبكر بن مصبح الحموي، والشيخ نجيب الدين عبدالله بن قطب بن الحسن البيهقي، والشيخ أحمد بن محمود بن أحمد الحجازي الضرير، والمحب محمد بن أحمد بن الهايم، والشيخ الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي، والشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي، والشيخ علي بن إبراهيم بن أحمد الصالحي، والشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي، والشيخ موسى الكردي، والشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس، والشيخ أحمد بن إبراهيم الرماني . ومن اليمن : الشيخ عثمان بن عمر بن أبي بكر بن علي الناشري الزبيدي العدناني من علماء زبيد اليمن عام 828هـ ،شارح الدرة المضية في القراءات الثلاث
فصل(3/5)
قال الحافظ ابن حجر : ( ثم جرت له كائنة مع قُطْلُبَك استادار أيْتَمُش، ففرَّ منه إلى بلاد الروم، فاتصل بالملك أبي يزيد بن عثمان، فأكرمه وعظمه، وأقام عنده بضع سنين، إلى أن وقعت الكائنة العظمى التي قتل فيها ابن عثمان، فاتصل ابن الجزري بالأمير تيمو، ودخل معه بلاد العجم ) اهـ . وبعد موت الأمير تيمور سنة 807هـ ، خرج من بلاد ما وراء النهر، فوصل إلى خراسان ودخل مدينة هراة، ثم وصل إلى يزد ثم إلى أصبهان فقرأ عليه للعشرة في هذه المدن جماعة منهم من أكمل ومنهم من لم يكملوا، وتوجه إلى شيراز سنة 808 هـ ، فأمسكه سلطانها، فقرأ عليه جماعة بها وانتفعوا به، وأُلزم بالقضاء كُرْهاً، فقام به مدَّةً طويلة [2] . ثم تمكن من الخروج منها إلى البصرة فقرأ عليه أبو الحسن الأصبهاني، ثم توجَّه للحج سنة 822هـ، هو مع المولى معين الدين بن عبدالله قاضي كازرون فوصلا إلى قرية عنيزة بنجد ثم توجها منها لأداء الفريضة فلم يتمكنا من الحج في هذه السنة، لاعتراض الأعراب ـ قطَّاع الطريق ـ لهما، ثم حجَّا في التي تليها، وجاور بمكة والمدينة، ثم رجع إلى شيراز . وفي سنة 827هـ قدم دمشق، ثم القاهرة وأقرأ وحدَّث، ثم رحل إلى مكة فاليمن تاجراً، وحدث بها، ووصله ملكُها، فعاد ببضائع كثيرةٍ، وحجَّ سنة 828 هـ، ثم دخل القاهرة في أول سنة 829 هـ فمكث بها مدة ثم توجه إلى الشام، ثم إلى شيراز عن طريق البصرة
مؤلفاته(3/6)
كان رحمه الله غزير الإنتاج في ميدان التأليف، في أكثر من علم من العلوم الإسلامية، وإن كان علم القراءات هو العلم الذي اشتهر به، وغلب عليه . ويعكس تنوع موضوعات مؤلفاته تنوع عناصر ثقافته، إلى جانب كتب القراءات وعلوم القرآن، كتباً في الحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله، والتأريخ والمناقب، وعلوم العربية، وغير ذلك [2]. ويقول الأستاذ علي بن محمد العمران محقق كتاب منجد المقرئين ومرشد الطالبين للإمام ابن الجزري : فقد تجاوز عدد مصنفاته التسعين كتاباً ... ... وأكبر قائمة رأيتها في تعداد مؤلفاته هي التي صنعها الأستاذ/ محمد مطيع الحافظ، ونشرها مركز جمعة الماجد عام (1414)، فقد ذكر فيها سبعة وثمانين عنواناً . أولاً :كتب القراءات والتجويد [1]: 1- تحبير التيسير في القراءات العشر ـ مطبوع . 2- تقريب النشر في القراءات العشر ـ مطبوع . 3- التمهيد في علم التجويد ـ مطبوع . 4- طيبة النشر في القراءات العشر ـ نظم ـ مطبوع . 5- المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه ـ المشهورة بالمقدمة الجزرية _ نظم ـ مطبوع . 6- منجد المقرئين ومرشد الطالبين ـ مطبوع . 7- النشر في القراءات العشر ـ مطبوع . 8- إتحاف المهرة في تتمة العشرة . 9- أصول القراءات . 01- إعانة المهرة في الزيادة على العشرة ـ نظم . 11- الإعلام في أحكام الإدغام ـ شرح في أرجوزة أحمد المقري . 21- الألغاز الجزرية، وهي أرجوزة ضمنها أربعين مسألة من المسائل المشكلة في القرآن . 31- الإهتداء إلى معرفة الوقف والابتدا . 41- تحفة الإخوان في الخلف بين الشاطبية والعنوان . 51- التذكار في رواية أبان بن يزيد العطار . 61- التقييد في الخلف بين الشاطبية والتجريد . 71- التوجيهات في أصول القراءات . 81- جامع الأسانيد في القراءات . 91- الدرة المعنية في قراءات الأئمة الثلاثة المرضية . 02- رسالة في الوقف على الهمز لحمزة وهشام .(3/7)
12- العقد الثمين في ألغاز القرآن المبين ـ شرح لقصيدته المسماة الألغاز الجزرية . 22- غاية المهرة في الزيادة على العشرة ـ نظم . 32- الفوائد المجمعة في زوائد الكتب الأربعة . 42- نهاية البررة فيما زاد على العشرة ـ نظم في قراءة ابن محيصن والأعمش والحسن البصري . 52- هداية البررة في تتمة العشرة ـ نظم . 62- هداية المهرة في ذكر الأءمة العشرة المشتهرة . 72- البيان في خط عثمان .
ثانياً كتب الحديث وعلومه : 1- الأربعون حديثاً . 2- الأولية في أحاديث الأولية . 3- البداية في علوم الرواية . 4- تذكرة العلماء في أصول الحديث ـ مختصر جعله بداية لمنظومته المسماة بالهداية إلى معالم الرواية . 5- التوضيح في شرح المصابيح ـ في ثلاث مجلدات، وهو شرح مصابيح السنة للبغوي . 6- جنو الحصن الحصين ـ مختصر كتابه الحصن الحصين الآتي . 7- الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين ـ في الأذكار والدعوات ـ مطبوع . 8- عدة الحصن الحصين ـ مختصر آخر للحصن الحصين . 9- عقد اللآلي في الأحاديث المسلسلة العوالي . 01- القصد الأحمد في رجال مسند أحمد . 11- المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد . 21- المصعد الأحمد في ختم مسند أحمد ـ مطبوع . 31- مفتاح الحصن الحصين ـ وهوشرح للحصن الحصين . 41- مقدمة علوم الحديث ـ نظم . 51- الهداية في علم الرواية ـ نظم . طبع مع شرحه في مجلدين تحت عنوان ( الغاية في شرح الهداية في علم الرواية ) الشارح الإمام محمد بن عبدالرحمن السخاوي ( 831 - 902هـ ) .(3/8)
ثالثاً كتب التاريخ والفضائل والمناقب : 1- الإجلاء والتعظيم في مقام إبراهيم . 2- أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ز 3- تاريخ ابن الجزري . 4- التعريف بالمولد الشريف . 5- ذات الشفا في سيرة المصطفى ومن بعد من الخلفا ـ منظومة . 6- ذيل طبقات القراء للذهبي . 7- الرسالة البيانية في حق أبوي النبي . 8- عرف التعريف بالمولد الشريف. وهو مختصر كتاب التعريف للمؤلف . 9- غاية النهاية في أسماء رجال القراءات ـ وهو مختصر من كتاب طبقات القراء الكبير للمؤلف ـ مطبوع . 01- فضل حراء . 11- مختصر تاريخ الإسلام للذهبي . 21- مشيخة الجنيد بن أحمد البلياني ـ من تخريج ابن الجزري . 31- نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات ـ وهو طبقات القراء الكبير .
رابعاً كتب أخرى : 1- الإبانة في العمرة من الجعرانة . 2- أحاسن المنن . 3- الإصابة في لوازم الكتابة . 4- الإعتراض المبدي لوهم التاج الندي . 5- التكريم في العمرة من التنعيم . 6- تكملة ذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والأسانيد . 7- الجوهرة في النحو ـ منظمومة . 8- حاشية على الإيضاح في المعاني والبيان لجلال الدين القزويني . 9- الذيل على مرآة الزمان للنوي . 01- الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ـ وهي رسالة في الحث على الفضيلة . 11- شرح منهاج الأصول . 21- عوالي القاضي أ[ي نصر . 31- غاية المنى في زيارة منى . 41- فضائل القرآن . 51- كفاية الألمعي في آية ] يا أرض ابلعي [ . 61- مختار النصيحة بالأدلة الصحيحة . 71- منظومة في الفلك . 81- منظومة في لغز . 91- المولد الكبير، وهو في سيرة النبي 02- وظيفة مسنونة .
هذه القائمة لمؤلفات ابن الجزري ليست نهائية، لأن عدداً من الكتب المذكورة لا يزال بحاجة إلى التحقق من نسبته إلى ابن الجزري، وعدداً آخر لا يزال بحاجة إلأى التأكد من عدم تكرره ووروده في أكثر من موضع باسمين أو أكثر
وفاته(3/9)
توفي رحمه الله تعالى، ضحوة يوم الجمعة لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بمنزله بسوق الإسكافيين بمدينة شيراز . ودفن بدار القرآن التي أنشأها بها عن اثنين وثمانين سنة رحمه الله تعالى، ورضي عنه، وجعل الجنة منزله ومثواه، وجزاه عن القرآن الكريم خير ما يجزي به الصالحين المخلصين
====================
ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني 765 أبو المحاسن ج: 1 ص: 376
ابن الجزري الحافظ المقرىء شيخ الأقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد ابن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الشافعي ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر بن البخاري وبرع في القراآت ودخل الروم فاتصل بملكها أبي يزيد بن عثمان فأكرمه وانتفع به أهل الروم فلما دخل تيمورلنك إلى الروم وقتل ملكها اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل معه بلاد العجم وولي قضاء شيراز وانتفع به أهلها في القراآت والحديث وكان إماما في القراآت لا نظير له في عصره في الدنيا حافظا للحديث وغيره أتقن منه ولم يكن له في الفقه معرفة ألف النشر في القراآت العشر لم يصنف مثله وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل جيد وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية طاش كبري زادة ت 968 , العقد المنظوم ج: 1 ص: 25 - 30(3/10)
ومنهم الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري يكنى بابي الخير ولد فيما حققه نفسه من لفظ والده في ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة احدى وخمسين وسبعمائة بدمشق وحفظ القرآن سنة أربع وستين وصلى به سنة خمس وستين وسمع الحديث من جماعة وافرد القراآت على بعض الشيوخ وجمع السبعة في سنة ثمان وستين وحج في هذه السنة ثم رحل الى الديار المصرية في سنة تسع وجمع القراآت العشر والاثنتي عشرة ثم الثلاث عشرة ثم رحل الى دمشق وسمع الحديث من اصحاب الدمياطي والابرقوهي وأخذ الفقه عن الاسنوي وغيره ثم رحل الى الديار المصرية وقرأ بها الاصول والمعاني والبيان ورحل الى اسكندرية وسمع من اصحاب ابن عبدالسلام وغيرهم وأذن له بالافتاء شيخ الاسلام ابو الفداء اسمعيل بن كثير سنة أربع وسبعين وسبعمائة وكذلك الشيخ ضياء الدين سنة ثمان وسبعين وكذلك شيخ الاسلام البلقيني سنة خمس وثمانين ثم جلس للاقراء وقرأ عليه القراآت جماعة كثيرون وولي قضاء الشام سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ثم دخل الروم لما ناله من الظلم من أخذ أمواله وغيره بالديار المصرية في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة فنزل بمدينة بروسا دار الملك الكامل المجاهد بايزيد بن عثمان فأكمل عليه القراآت العشر بها جماعة كثيرون من اهل تلك الديار وغيرهم ولما كانت الفتنة العظيمة المشهورة من قبل تيمور خان في أول سنة خمس وثمانمائة فأخذه الامير تيمور معه الى ما وراء النهر وأنزله بمدينة كش ثم الى سمرقند وقرا عليه في كل منها جماعة كثيرون ولما توفي الامير تيمور خان في شعبان سنة سبع وثمانمائة خرج من بلاد ما وراء النهر فوصل الى خراسان ودخل الى هراة ثم الى مدينة يزد ثم الى اصبهان ثم الى شيراز فقرا عيه في كل منها جماعة بعضهم السبعة وبعضهم العشرة وألزمه صاحب شيرازبير محمد قضاء شيراز ونواحيها فبقي فيها كرها حتى فتح الله عليه فخرج منها الى البصرة ثم فتح الله له المجاورة(3/11)
بمكة والمدينة سنة ثلاث وعشرين وحين اقامته بالمدينة قرأ عليه شيخ الحرم
وألف في القراآت كتاب النشر في القراآت العشر في مجلدين ومختصره التقريب وتحبير التيسير في القراآت العشرة وطبقات القراء وتاريخهم كبرى وصغرى التي نقلت هذه الترجمة من صغراها
ولما أخذه الامير تيمور خان الى ما وراء النهر ألف هناك شرح المصابيح في ثلاثة اسفار وألف في التفسير والحديث والفقه ونظم قديما غاية المهرة في الزيادة على العشرة ونظم طيبة النشر في القراآت العشر والجوهرة في النحو والمقدمة فيما على قارئ القرآن ان يعلمه وغير ذلك في فنون شتى هذا ما حكاه الجزري عن نفسه في طبقاته الصغرى نقلته عن خطه وقال بعض تلامذته بخطه قال الفقير المغترف من بحاره توفي شيخنا رحمه الله ضحوة الجمعة لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بمدينة شيراز ودفن بدار القراء الي انشأها وكانت جنازته مشهورة تبادر الاشراف والخواص الى حملها وتقبيلها ومسها تبركا بها ومن لم يمكنه الوصول الى ذلك كان يتبرك بمن يتبرك بها وقد اندرس بموته كثير من مهام الاسلام رضي الله عنه وعن اسلافه واخلافه ومن جملة تصانيف الشيخ المذكور كتاب الحصن الحصين في الدعوات الماثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو كتاب نفيس جدا ثم اختصره اختصارا غير مخل وكان للشيخ المذكور ابنان فاضلان
احدهما وهو الاكبر محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري ابو الفتح الشافعي(3/12)
قال الشيخ رحمه الله ولد هو في يوم الاربعاء ثاني شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق حفظ القرآن وله ثمان سنين واستظهر الشاطبية والرائية ومنظومتي الهداية وشرع في الجمع بالعشر علي ثم رحلت به الى الديار المصرية وقرا القراآت على شيوخها ثم اشتغل بالفقه وغيره فحفظ عدة كتب في علوم مختلفة كالتنبيه للامام ابي اسحق والفية ابن مالك ومنهاج البيضاوي وتلخيص المفتاح والمنهج في أصول الدين لشيخه شيخ الاسلام البلقيني وألفية شيخه العراقي في علوم الحديث وغير ذلك وقرأ محفوظاته مرات على شيوخ عصره واجازوه وأذن له بالافتاء والتدريس شيخه الامام برهان الدي الانباشي قال الشيخ لما دخلت الروم باشر وظائفي بدمشق ودرس وأقرا حتى اخترمته يد المنون فانا لله وانا اليه راجعون ومات بمرض الطاعون سنة اربع عشرة وثمانمائة وأنا بشيراز ولا حول ولا قوة الا بالله
وثانيهما وهو الاصغر محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري ابو الخير
قال الشيخ ولد هو في جمادي الاولى سنة تسع وثمانين وسبعمائة بعد عودنا من مصر واتمام اخيه القراآت وأجازه مشايخ العصر وحضر على أكثرهم ثم رحلت به وباخوته الى مصر فسمع الشاطبية وسائر كتب القراآت من مشايخ مصر بقراءة اخيه ابي بكر احمد ولما عدنا الى دمشق سمع البخاري ولما دخلت الروم حضر الي في سنة احدى وثمانمائة فصلى بالقرآن وحفظ المقدمة والجوهرة وأكمل على جميع القراآت العشر في ذي القعدة سنة ثلاث ثم اعادها في ختمة اخرى فختمها يوم الاثنين وهو يوم الوقفة تاسع ذي الحجة سنة اربع وثمانمائة ثم لحقنى إلى مدينة كش في أيام الأمير تيمور في اوائل سنة سبع وثمانمائة ثم كان في صحبتي الى شيراز وأكمل بها أيضا القراآت العشر سنة تسع وثمانمائة
وللشيخ ولد آخر اسمه احمد بن محمد بن محمد ابن محمد بن الجزري(3/13)
قال الشيخ ولد هو في ليلة الجمعة سابع عشر من شهر رمضان سنة ثمانين وسبعمائة بدمشق ختم القرآن سنة تسعين وصلى به سنة احدى وتسعين وحفظ الشاطبية والرائية وقصيدتي في العشرة ثم قرا بالقراآت الاثني عشر بقراءة أخيه ابي الفتح ثم قرأ ثانيا القراآت العشر واجازه المشايخ وقرا علي كتابي النشر والطيبة وسمعهما غير مرة وحفظ كتبا وكتب عن الشيخ الحافظ العراقي وغيره وسمع البخاري ولما دخلت الروم لحقني بكثير من كتبي فأقام عندي يفيد ويستفيد وانتفع به اولاد الملك الكامل بايزيد بن عثمان الكامل محمد والسعيد مصطفى والاشرف عيسى وصار متولي الجامع الاكبر البيزيدي بمدينة بروسا ونشأ مع دين وعفاف اسعده الله وبارك فيه ثم لما وقعت الفتنة التيمورية فأرسله تيمورلنك رسولا الى السلطان الناصر فرج ابن برقوق ففارقني نحو عشرين سنة هو بالروم وأنا بالعجم مع تيمور ولما يسر الله تعالى لي الحج في سنة سبع وعشرين وثمانمائة كتبت اليه فحضر عندي واجتمعنا بمصر نحو ستة عشر يوما وتوجهت الى الحج وجاورت واقام هو بمصر من شوال الى شوال سنة فحج معي سنة ثمان ورجعنا جميعا الى الديار المصرية وتوجه الى الروم ليحضر اهله ففارقته بدمشق في جمادي الاخرة سنة تسع ولما كان بمصر في غيبتي وانا مجاور بمكة شرح طيبة النشر فأحسن فيه مع انه لم يكن عنده نسخة بالحواشي التي كنت كتبت عليها ومن قبل ذلك شرح مقدمة التجويد ومقدمة علم الحديث من نظمي في غاية الحسن وولاه السلطان الاشرف برسباي وظائف أخيه ابي الفتح رحمه الله من المشيخة والاقراء والتدريس وتوجه لاحضار اهله من الروم وتوجهت انا لذلك الى العجم والله تعالى يجمع شملنا في خير وذلك سنة تسع وعشرين وثمانمائة
وللشيخ غير هؤلاء ابنان
ابو البقاء اسمعيل
وأبو الفضل اسحق(3/14)
وبنات فاطمة وعائشة وسلمى جميع هؤلاء من القراء المجودين والمرتلين ومن الحفاظ المحدثين رضي الله عنهم وأرضاهم ثم ان المولى خضر بك ابن جلال ارسل الى الشيخ الجزري نظما وهو هذا
لو كان في بابه للنظم مفرخة الفت في مدحه الفا من الكتب
لكنه البحر في كل الفنون فما اهداء در الى بحر من الادب
فأرسل اليه الشيخ جوابا لنظمه وهو هذا
في در نظمك بحر الفضل ذو لجب ودرنظمك عقد في طلي الادب
الدر في البحر معهود تكونه والبحر في الدر يبدي غاية العجب(3/15)
ثم ان الشيخ ابا الخير من ابناء الشيخ الجزري اتى بلاد الروم في أيام دولة السلطان محمد بن مرادخان وكان عالما فاضلا كما مر ذكره وكان بارعا في صنعه الانشاء حتى فاق الاقدمين ونصبه السلطان محمد خان موقعا بالديوان العالي وأكرمه غاية الاكرام لوفور فضله وحسن اخلاقه وشمائله الا انه كان مبتلي باستعمال بعض الترياقات واختل مزاجه لذلك وكان يقول السلطان محمد خان في حقه لو لم يكن معه هذا الابتلاء لقلدته الوزارة ثم انه مرض وكان له بنت سنها مقدار عشر سنين وكان عين لها ثلاثين الف دينار وكان له ابن صغير وعين له ايضا ثلاثين الف دينار وكان المولى علي بن يوسف ابن المولى شمس الدين الفناري ارتحل الى بلاد العجم لتحصيل العلم وسمع الشيخ ابو الخير المذكور في ايام مرضه ان المولى عليا الفناري توجه الى بلاد الروم فاوصى ان تزوج بنته منه فلما توفي الشيخ ابو الخير اتى هو بلاد الروم فزوجوا بنته منه وسلموها اليه مع ثلاثين الف دينار وحصل له منها ابنان فاضلان وسيجيء ترجمتهما بعد ترجمة ابيهما ان شاء الله تعالى ثم ان الشيخ الجزري رحمة الله عليه لما ذهب به الامير تيمور الى ما وراء النهر اتخذ الامير تيمور هناك وليمة عظيمة وكان السيد الشريف الجرجاني مدرسا في ذلك الوقت بسمرقند فعين الأمير تيمور جانب يساره للامراء وجانب يمينه للعلماء وقدم في ذلك المجلس الشيخ الجزري على السيد الشريف فقالوا له في ذلك فقال كيف لا أقدم رجلا عارفا بالكتاب والسنة ويشاور ما أشكل عليه منهما النبي صلى الله عليه وسلم بالذات فيحل له ونظير هذه الحكاية ما وقع بين العلامة التفتازاني و السيد الشريف الجرجاني حيث اجتمعا عندالامير تيمور خان فأمر بتقدم السيد الشريف علي العلامة التفتازاني وقال لو فرضنا انكما سيان في الفضل فله شرف النسب فاغتم لذلك العلامة التفتازاني وحزن حزنا شديدا فما لبث حتى مات رحمه الله وقد وقع ذلك بعد مباحثتهما عنده وكان الحكم بينهما(3/16)
نعمان الدين الخوارزمي المعتزلي فرجح هو كلام السيد الشريف على كلام العلامة التفتازاني وكان سبب ارتحال السيد الشريف من شيراز الى ما وراء النهران الامير تيمور لما قدم شيراز أمر بنهبها وأغار بها فسأل بعض من وزرائه الامان للسيد الشريف فاعطى الامان له وعلقوا على بابه سهما من سهام الامير تيمور خان وكان من عادتهم عند الامان ذلك فنجت بنات أهالي شيراز ونساؤهم في بيت السيد الشريف ثم ان الوزير المذكور لما اثبت حقا على السيد الشريف التمس منه ان يذهب معه الى ما وراء النهر فأجابه لذلك وهذا قوله في خطبة شرح المفتاح حتى ابتليت في آخر العمر بالارتحال الى ما وراء النهر
شذرات الذهب في أخبار من ذهب عبد الحي بن أحمد العكري ت 1032 ج: 4 ص: 204(3/17)
وفيها الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الجزري الشافعي مقرىء الممالك الإسلامية ولد بدمشق ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وتفقه بها ولهج بطلب الحديث والقراآت وبرزقيهما وعمر للقراء مدرسة سماها دار القرآن واقرأ الناس وعين لقضاء الشام مرة ولم يتم ذلك لعارض وقدم القاهرة مرارا وكان شكلا حسنا مثريا فصيحا بليغا وكان باشر عند قطلبك استادار ايتمش فاتفق أنه نقم عليه شيئا فتهدده ففر منه فنزل البحر إلى بلاد الروم في سنة ثمان وتسعين فاتصل بأبي يزيد بن عثمان فعظمه وأخذ أهل البلاد عنه علم القراآت وأكثروا عنه ثم كان فيمن حضر الوقعة مع ابن عثمان واللنكية فلما أسر ابن عثمان اتصل ابن الجزري باللنك فعظمه وفوض له قضاء شيراز فباشره مدة طويلة وكان كثير الإحسان لأهل الحجاز وأخذ عنه أهل تلك البلاد القراآت والحديث ثم اتفق أنه حج سنة اثنتين وعشرين فنهب ففاته الحج وأقام بينبع ثم بالمدينة المنورة ثم بمكة إلى أن حج ورجع إلى العراق ثم عاد سنة ست وعشرين وحج ودخل القاهرة سنة سبع فعظمه الملك الأشرف وأكرمه وحج في آخرها وأقام قليلا ودخل اليمن تاجرا فأسمع الحديث عند صاحبها ووصله ورجع ببضاعة كثيرة فدخل القاهرة في سنة سبع وأقام بها مدة إلى أن سافر على طريق الشام ثم على طريق البصرة إلى أن وصل شيراز(3/18)
قال ابن حجر: وقد انتهت إليه رياسة علم القراآت في الممالك وكان قديما صنف الحصن الحصين في الأدعية ولهج به أهل اليمن واستكثروا منه وسمعوه على قبل أن يدخل هو إليهم فأسمعهم وحدث بالقاهرة بمسند أحمد ومسند الشافعي وغير ذلك وسمع بدمشق وبمصر من ابن أميلة وابن الشيرجي ومحمود بن خليفة وعماد الدين بن كثير وابن أبي عمر وخلائق وبالأسكندرية من عبد الله بن الدماميني وببعلبك من أحمد بن عبد الكريم وطلب بنفسه وكتب الطباق وعنى بالنظم وكانت عنايته بالقراآت أكثر وذيل طبقات القراء للذهبي وأجاد فيه ونظم قصيدة في قراآت الثلاثة وجمع النشر في القراآت العشر وقد سمعت بعض العلماء يتهمه بالمجازفة في القول وأما الحديث فما أظن ذلك به إلا أنه كان إذا رأى للعصريين شيئا أغار عليه ونسبه لنفسه وهذا أمر قد أكثر المتأخرون منه ولم ينفرد به وكان يلقب في بلاده الإمام الأعظم ولم يكن محمود السيرة في القضاء وأوقفني بعض الطلبة من أهل تلك البلاد على جزء فيه أربعون حديثا عشاريات فتأملتها فوجدته خرجها بأسانيده من جزء الأنصاري وغيره وأخذ كلام شيخنا العراقي في أربعينه العشاريات انتهى باختصار
وبالجملة فإنه كان عديم النظير طائر الصيت انتفع الناس بكتبه وسارت في الآفاق مسير الشمس وتوفي بشيراز في ربيع الأول ودفن بمدرسته التي بناها بها رحمه الله تعالى
طبقات المفسرين للسيوطي ت 911 / 2 ج: 1 ص: 320
محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري يكنى بأبي الخير كان حافظا قارئا محدثا وماهرا في المعاني والبيان والتفسير ألف شرح المصابيح في ثلاثة أسفار وألف في التفسير والفقه وكتاب النشر في القراءات العشر في مجلدين 73أ ومختصره التقريب وتحبير التيسير في القراءات العشر وطبقات القراء وتاريخهم الكبرى والصغرى والجوهرة في النحو وكانت وفاته في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة
طبقات الحفاظ للسيوطي ج: 1 ص: 549(3/19)
ابن الجزري الحافظ المقرىء شيخ الإقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الشافعي ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر بن البخاري وبرع في القراءات ودخل الروم فاتصل بملكها أبي يزيد بن عثمان فأكرمه وانتفع به أهل الروم فلما دخل تيمورلنك إلى الروم وقتل ملكها اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل بلاد العجم وولي قضاء شيراز ونتفع به أهلها في القراءات والحديث وكان إمام في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا حافظا للحديث وغيره أتقن منه ولم يكن له في الفقه معرفة ألف النشر في القراءات العشر لم يصنف مثله وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل جيد وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة
وفي الضوء اللامع للسخاوي:
608 –(3/20)
محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشمس أبو الخير العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي المقرئ ويعرف بابن الجزري نسبة لجزيرة ابن عمر قريب الموصل. كان أبوه تاجراً فمكث أربعين سنة لا يولد له ثم حج فشرب ماء زمزم بنية ولد عالم فولد له هذا بعد صلاة التراويح من ليلة السبت خامس عشرى رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة داخل خط القصاعين بن السورين بدمشق ونشأ بها فحفظ القرآن وأكمله سنة أربع وستين وصلى به في التي بعدها وحفظ التنبيه وغيره وأخذ القراآت إفراداً عن عبد الوهاب بن السلار وجمعاً على أبي المعالي بن اللبان وحج في سنة ثمان فقرأها على أبي عبد الله محمد بن صلح خطيب طيبة وإمامها، ودخل في التي تليها القاهرة فأخذها عن أبي عبد الله بن الصائغ والتقى البغدادي في آخرين بهذه الأماكن وغيرها واشتد اعتناؤه بها وسمع على بقايا من أصحاب الفخر بن البخاري وجماعة من أصحاب الدمياطي والأبرقوهي في آخرين بدمشق والقاهرة وإسكندرية وغيرها ومن شيوخه ابن أميلة وابن الشيرجي وابن أبي عمر وإبراهيم بن أحمد بن فلاح والعماد بن كثير وأبو الثناء محمود المنيجي والكمال بن حبيب والتقي عبد الرحمن البغدادي المشار إليه ومن أهل إسكندرية البهاء عبد الله الدماميني وابن موسى ومن أهل بعلبك أحمد بن عبد الكريم، وطلب بنفسه وقتاً وكتب الطباق وأخذ الفقه عن الأسنوي والبلقيني والبهاء أبي البقاء السبكي والأصول والمعاني والبيان عن الضياء القرمي والحديث عن العماد بن كثير وابن المحب والعراقي، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس والإقراء بالعادلية ثم مشيخة دار الحديث الأشرفية ثم مشيخة تربة أم الصالح بعد شيخه ابن السلار وعمل فيه إجلاساً بحضور الأعلام كالشهاب بن حجي وقال كان درساً جليلاً، وباشر للأمير قطلوبك وسافر بسبب ذلك لمصر غير مرة، وولي من برقوق خطابة جامع التوتة عن الشهاب الحسباني وتنازعا ثم قسمت بينهما ثم ولي تدريس الصلاحية القدسية في(3/21)
سنة خمس وتسعين عوضاً عن المحب بن البرهان بن جماعة فدام فيها إلى ابتداء سنة سبع وتسعين ووقع بينه وبين قطلوبك المذكور وادعى عليه أنه صرف أموالاً في غير مستحقها وعقد له بسبب ذلك عدة مجالس وولي قبل ذلك توقيع الدست في سنة تسع وسبعين، وابتنى بدمشق للقرآن مدرسة بل ولي قضاءها بمال وعد به في شعبان سنة ثلاث وسبعين عوضاً عن الشرف مسعود وكتب توقيعه فيما قيل مما يحتاج لتحرير العماد بن كثير وعزل بعد أيام قبل دخولها ثم امتحن بسبب مباشرته تعلقات أيتمش على يد أستاداره قطلبك وسلم لوالي القاهرة ليعمل له الحساب فوقف عليه مال عجز عنه ففر في سنة ثمان وتسعين وركب البحر من إسكندرية ولحق ببلاد الروم فاتصل المؤيد أبي يزيد بن عثمان صاحب مدينة برصافأ كرمه وعظمه وأنزله عنده بضع سنين فنشر علم القراآت والحديث وانتفعوا به فلما دخل تمر الروم وقتل ابن عثمان توصل إليه ودخل معه سمرقند فأقام بها حتى مات فتحول لشيراز ونشر بها أيضاً القراآت والحديث وانتفعوا به وولي قضاءها وغيرها من البلاد من جهة أولاد تمر مدة طويلة، ثم قصد الحج في سنة اثنتين وعشرين فنهب في الطريق بحيث تعوق عن إدراك الحج وأقام بينبع ثم بالمدينة وكان دخوله لها في ربيع الأول من التي تليها ثم توجه منها إلى مكة فدخلها مستهل رجبها فجاور فيها بقيتها وحدث في كل منهما ثم سافر مع العقليين طالباً بلاد العجم ثم قدم دمشق في سنة سبع وعشرين فاستأذن منها في قدوم القاهرة فأذن له فقدمها واجتمع بالسلطان الأشرف فعظمه وأكرمه وتصدى للإقراء والتحديث وكان كاتب المؤيد قبل ذلك في دخولها فمات المؤيد في تلك السنة إلى أن كان دخوله الآن ثم توجه فيها لمكة مع الحاج ثم سافر في البحر لبلاد اليمن تاجراً فأسمع الحديث عند صاحبها ووصله بحيث رجع ببضائع كثيرة وعاد لمكة فحج سنة ثمان ثم رجع إلى القاهرة فدخلها من أول التي تليها ثم سافر منها على طريق الشام ثم على طريق البصرة إلى شيراز(3/22)
فكانت منيته بها قبل ظهر يوم الجمعة خامس ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين بمنزله من سوق الإسكافيين منها ودفن بمدرسته التي أنشأها هناك. وله تصانيف مفيدة كالنشر في القراآت العشر في مجلدين والتقريب مختصره وتحبير التيسير في القراآت العشر والتمهيد في التجويد وهما مما ألفه قديماً وله سبع عشرة سنة كذلك نظم الهداية في تتمة العشرة وسماه الدرة وله ثمان عشرة سنة وربما حفظها أو بعضها بعض شيوخه، وإتحاف المهرة في تتمة العشرة وإعانة المهرة في الزيادة على العشرة نظم وطيبة النشر في القراءات العشر في ألف بيت والمقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه في التجويد ومنجد المقرئين وطبقات القراء في مجلد ضخم وغايات النهايات في أسماء رجال القراآت والحصن الحصين من كلام سيد المرسلين في الأذكار والدعوات غاية في الاختصار والجمع وعدة الحصن الحصين وجنة الحصن الحصين والتعريف بالمولد الشريف وعرف التعريف مختصره والتوضيح في شرح المصابيح والبداية في علوم الرواية والهداية في فنون الحديث أيضاً نظم والأولوية في أحاديث الأولية وعقد اللآلئ في الأحاديث المسلسلة العوالي والمسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد والقصد الأحمد في رجال مسند أحمد والمصعد الأحمد في ختم مسند أحمد والإجلال والتعظيم في مقام إبرهيم والإبانة في العمرة من الجعرانة والتكريم في العمرة من التنعيم وغاية المنى في زيارة منى وفضل حراء وأحاسن المنن وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب والجوهرة في النحو غير ذلك، وقد ذكره الطاوسي في مشيخته وقال أنه تفرد بعلو الرواية وحفظ الأحاديث والجرح والتعديل ومعرفة الرواة المتقدمين والمتأخرين يعني بالنسبة لتلك النواحي وأورد أسانيده بالصحيحين وأبي داود والنسائي وابن ماجة وبمسانيد الدارمي والشافعي وأحمد وبموطأ ملك عن طريق يحيى بن يحيى وأبي مصعب والقعنبي وابن بكير وبمصنفات البغوي والنووي كما سقتها في التاريخ الكبير.(3/23)
وقال شيخنا في معجمه أنه حدث بسنن أبي داود والترمذي عن ابن أميلة سماعاً وبمسند أحمد عن الصلاح بن أبي عمر سماعاً وأن من أحسن ما عنده الكامل في القراآت لابن جبارة، وساق سنده وأنه سمع على ابن أميلة أمالي ابن سمعون
قال وخرج لنفسه أربعين عشارية لفظها من أربعي شيخنا العراقي وعير فيها أشياء ووهم فيها كثيراً وخرج جزءاً فيه مسلسلات بالمصافحة وغيرها جمع أوهامه فيه في جزء الحافظ ابن ناصر الدين وقفت عليه وهو مفيد
وكذا انتقد عليه شيخنا في مشيخة الجنيد البلياني من تخريجه
قال وقد أجاز لي ولولدي وكتب في الاستدعاء ما نصه ونقلته من خطه:
إني أجزت لهم رواية كل ما أرويه من سنن الحديث ومسند
وكذا الصحاح الخمس ثم معاجم والمشيخات وكل جزء مفرد
وجميع نظم لي ونثر والذي ألفت كالنشر الزكي ومنجد
فالله يحفظهم ويبسط في حيا_ة الحافظ الحبر المحقق أحمد
وأنا المقصر في الورى العبد الفقي_ر محمد بن محمد بن محمد(3/24)
قال وكنت لقيته في سنة سبع وتسعين وحرضني على الرحلة إلى دمشق وقد حدثت عنه في حياته بكتابه الحصن الحصين يعني بالوجادة فقال قال صاحبنا فلان لكونه لم تكن سبقت له منه إجازة وحصل له في البلاد اليمنية بسبب ذلك رواج عظيم وتنافسوا في تحصيله وروايته، ثم دخل بعد نيف وعشرين وقد مات كثير ممن سمعه فسمعه الباقون وأولادهم عليه قال ولما أقام بمكة نسخ بخطه من أول المقدمة التي جمعتها أول شرح البخاري واستعان بجماعة حتى أكملها تحصيلاً وكان أرسل إلى صاحبنا التقي الفاسي في مكة من شيراز يسأله عن تعليق التعليق الذي خرجته في وصل تعاليق البخاري فاتفق وصول كتابه وأنا بمكة ومعي نسخة من الكتاب فجهزتها إليه فجاء كتابه يذكر ابتهاجه وفرحه بها وأنه شهر الكتاب بتلك البلاد وأهدى إلى بعد ذلك كتابه النشر المذكور، قلت وهو في مجلدين وكتب على كل مجلد منهما بالإجازة لشيخنا قال والتمس أن ينشر في الديار المصرية وقدر مجيئه هو فنشره وعلماً كثيراً ثم أرسل إلي من شيراز بالمقدمة والتعليق فألحقت بهما ما كان تجدد لي بعد حصولهما له وكتب عني شيئاً من أول ما علقته متعقباً على جمع رجال مسند أحمد وبالغ في استحسان ما وقع لي من ذلك. قلت حسبما أوردته مع كتابته على مجلدي النشر في الجواهر، قال ولما قدم القاهرة انثال الناس للسماع عليه والقراءة وكان قد ثقل سمعه قليلاً ولكن بصره صحيح يكتب الخط الدقيق على عادته وليس له في الفقه يد بل فنه الذي مهر فيه القراآت وله عمل في الحديث ونظم وسط،
ووصفه في الإنباء بالحافظ الإمام المقرئ وقال أنه لهج بطلب الحديث والقراآت وبرز في القراآت وأنه كان مثرياً وشكلاً حسناً وفصيحاً بليغاً كثير الإحسان لأهل الحجاز انتهت إليه رياسة علم القراآت في الممالك،
وقال عن طبقات القراء أنه أجاد فيه وعن النشر أنه جوده وعن الحصن أنه لهج به أهل اليمن واستكثروا منه ثم قال وذكر أن ابن الخباز أجاز له واتهم في ذلك،(3/25)
وقرأت بخط العلاء بن خطيب الناصرية أنه سمع الحافظ أبا إسحق البرهابن سبط ابن العجمي يقول لما رحلت إلى دمشق قال لي الحافظ الصدر الياسوفي لا تسمع مع ابن الجزري شيئاً انتهى.
وبقية ما عند ابن خطيب الناصرية أنه كان يتهم في أول الأمر بالمجازفة وأن البرهان قال له أخبرني الجلال بن خطيب داريا أن ابن الجزري مدح أبا البقاء السبكي بقصيدة زعم أنها له بل وكتب خطه بذلك ثم بينت للممدوح أنها في ديوان ابن قلاقس؛
قال شيخنا وقد سمعت بعض العلماء يتهمه بالمجازفة في القول وأما الحديث فما أظن به ذلك إلا أنه كان إذا رأى للعصريين شيئاً أغار عليه ونسبه لنفسه وهذا أمر قد أكثر المتأخرون منه ولم ينفرد به،
قال وكان يلقب في بلاده الإمام الأعظم ولم يكن محمود السيرة في القضاء وأوقفني بعض الطلبة من أهل تلك البلاد على جزء فيه أربعون حديثاً عشاريات فتأملتها فوجدته خرجها بأسانيده من جزء الأنصاري وغيره وأخذ كلام شيخنا في أربعينه العشاريات بفصه فكأنه عمل عليها مستخرجاً بعضه بالسماع وأكثره بالإجازة ومنه ما خرجه شيخنا من جزء ابن عرفة فإنه رواه عن ابن الخباز بالقراءة فأخرجه ابن الجزري عن ابن الخباز بالإجازة.
قلت أما إجازة ابن الخباز له فمحتملة فقد كان خال جده فيما رأيته في مشيخة الطاوسي وأما سرقة النظم فلم يكن بمدفوع عن النظم فكم له من تصنيف نظماً وكذا أوردت من نظمه في ترجمة أبي الوليد محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن الشحنة من الذيل على القضاة شيئاً من لغز ومطارحات ومن رجزه في أحمد بن يوسف بن محمد السيرجي وكذا من نظمه في الاكتفاء مما سبق بمجرد الاكتفاء منه القيراطي:
شيطاننا المغوي عدو فاعتصم بالله منه والتجئ وتعوذ
وعدوك الأنسي دار وداده تملكه وادفع بالتي فإذا الذي
ونسب إليه أيضاً:
ألا قولوا لشخص قد تقوى على ضعفي ولم يخش رقيبه
خبأت له سهاماً في الليالي وأرجو أن تكون له مصيبه(3/26)
وكتب في إجازة للشهاب بن هاشم وولده من أبيات:
وذا عام تسع بعد عشرين قبلها ثمان مئين في ربيع لدى مصر
ومولدي المزبور إذن وقاله محمد المشهور بالجزري ادر
وله في ختم الشمائل النبوية:
أخلاي إن شط الحبيب وربعه وعز تلاقيه وناءت منازله
وفاتكم إن تبصروه بعينكم فما فاتكم بالسمع هذي شمائله
وكذا له جواب فيما التمسه منه ابن موسى المراكشي بالنظم أودعه الفاسي في ترجمة ابن موسى، وقد روى لنا عنه خلق منهم الزين رضوان والتقي بن فهد والأبي ومن لا يحصى كثرة وفي الأحياء سنة ست وتسعين بالقاهرة وكذا بمكة وغيرهما ممن أخذ عنه جماعة رحمه الله وإيانا. ومدحه النواحي بقوله:
أيا شمس علم بالقراآت أشرقت وحقك قد من الإله على مصر
وها هي بالتقريب منك تضوعت عبيراً وأضحت وهي طيبة النشر
وهو عند المقريزي في عقوده وقال كان شكلاً حسناً فصيحاً بليغاً له نظم ونثر وخطب
=====================
التعريف بالناظم
اسمه محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي و يعرف بابن الجزري نسبة إلى جزيرة ابن عمر شمس الدين أبو الخير
مقرئ مجود محدث حافظ مؤرخ مفسر فقيه نحوي بياني ناظم مشارك في بعض العلوم
مولده و رحلاته و نشأته
و لد بدمشق و تفقه بها ، وطلب الحديث و القراءات وعمل للقراءة مدرسة سماها دار القرآن و أقرأ الناس و قدم القاهرة مرارا له مصنفات كثيرة في فنون عده منها النشر في القراءات العشر و القصد الأحمد في رجال مسند أحمد و عقد الئالي في الأحاديث المسلسلة العوالي و ملخص تاريخ الإسلام و له نظم كثير أغلبه في القراءات
توفي بشيراز يوم الجمعة خامس ربيع الأول سنة 833هـ
و لنا معه ترجمه موسعة قريبا جدا
آداب طالب الحديث
الهداية في علم الرواية
للإمام العلامة شيخ الإسلام
محمد بن الجزري(3/27)
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته هذه منظومة الهداية في علم الرواية لشيخ العلماء في القراءات والحديث الإمام العلم محمد ابن الجزري الشافعي أرجو أن ينفع الله بها الأخوة في هذا المنتدى فهل من مرحب حتى نبدأ بالتعريف بالشيخ و المنظومة
مقدمة
1. يقول راجي عفو ربه رؤوف ** محمد ابن الجزري السلف
2. الحمد لله على هدايته ** إلى حديث المصطفى و سنته
3. صلى عليه ربنا و سلما ** و زاده هداية و سلما
4. و بعد أن خير شيء يقتفى ** بعد القران لحديث المصطفى
5. يحمله عدول كل خلف ** عمن مضى من خلف و سلف
6. هاك في علومه مقدمة ** يكون لاصطلاحهم مفهمة
7. رتبتها أحسن ما يرتب ** و زدتها فوائد تستعذب
8. نظمتها باسم الإمام العالمي ** أبي محمد المقر السالمي
9. تغدو إلى مصر من أرض برحة ** فهي إلى جنابه تحيتي
10. ممن يريد أن يرى محدثا *** فليعلمن من قبل أن يحثا
11. كيفية النقل مع السماع *** و ما لمتنه من الأنواع
12. فأولا بعد خلوص نيته *** أهم ما إليه صدق لهجته
13. ثم يبادر السماع العالي *** مقدم الأولى من العوالي(3/28)
عجائب الآثار ج: 1 ص: 479
ومات الامام الفاضل المسن الشيخ أحمد بن رجب بن محمد البقرى الشافعي المقرى حضر دروس كل من الشيخ المدابغي والحفني ولازم الاول كثيرا فسمع منه البخاري بطرفيه والسيرة الشامية كلها وكتب
عجائب الآثار ج: 1 ص: 480
بخطه الكثير من الكتب الكبار وكان سريع الفهم وافر العلم كثير التلاوة للقرآن مواظبا على قيام الليل سفرا وحضرا ويحفظ أورادا كثيرة واحزابا ويجيز بها وكان يحفظ غالب السيرة ويسردها من حفظه ونعم الرجل كان متانة ومهابة توفي وهو متوجه الى الحج في منزله النخل آخر يوم من شوال من السنة ودفن هناك
البقري: أحمد بن رجب بن محمد المصري البقري المتوفى حاجاً في سنة 1189 تسع وثمانين ومائة وألف
له در الكلم المنظوم بحل كتاب الشيخ ابن أجروم في النحو في مجلد.
هدية العارفين الباباني
الشيخ أحمد بن أسعد بن عبد القادر الحلبي الحنفي الشهير بالضحاك(4/1)
العالم الفقيه، والإمام النبيه، الدين التقي والصالح النقي، مولده أواخر رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف. قرأ القرآن العظيم وحفظه وقرأ القراءات وحفظ الشاطبية وانتفع بشيخ القراء أبي عبد اللطيف محمد ابن مصطفى البصيري التلحاصدي الحلبي ولازمه مدة أربعين سنة وجل أخذه عنه، وقرأ بعض العلوم على البدر حسن بن شعبان السرميني ولازمه وحضر دروسه وسمع عليه، وقرأ على أبي عبد الفتاح محمد بن الحسين الزخار وسمع عليه صحيح الإمام البخاري بطرفيه وأجاز له مروياته وكتب له بخطه على مشيخته بعد أن قرأها عليه، وسمع على أبي عبد الله محمد بن أحمد عقيلة المكي مع والده وحضره في مجالس تسميعه وإلقائه الحديث لما قدم حلب عام أربعة وأربعين ومائة وألف، وأخذ الفقه عن أبي العدل قاسم بن محمد النجار وسمع عليه صحيح البخاري بطرفيه، ولما قدم حلب أبو عبد الله محمد بن محمد الطيب الفاسي المغربي المالكي سمع عليه البخاري وغيره من الكتب الصحاح والآثار، ورافقه لما حج تلك السنة سنة سبع وستين ومائة وألف من حلب إلى مكة، ودخل دمشق واجتمع بعلمائها، وبالشيخ أبي سليمان صالح بن إبراهيم بن سليمان الجينيني الحنفي، والشيخ أبي إسحق إبراهيم بن عباس شيخ القراء، وبالشيخ أبي البركات ديب بن خليل بن المعلا المقري، وأبي العباس أحمد بن إبراهيم الحلبي المقري نزيل دمشق وآخرين.(4/2)
وأخذ عن البعض، ولما قدم حلب سنة أربع وثمانين ومائة وألف غرس الدين خليل بن عبد القادر الكدك المدني نزل داره وعقد بها مجلس التحديث والسماع، وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية جماعة من العلماء، وأقرأ صحيح الإمام البخاري بطرفيه، وحضروه من الابتداء إلى الانتهاء وأجاز لهم روايته، ورواية ما تجوز له روايته، وأحال أسانيده وذكر شيوخه وكان من جملتهم صاحب الدار المترجم السراج أحمد الضحاك فإنه شابكه وصافحه وأسمعه حديث المصافحة والمشابكة ومسلسل سورة الصف والمسلسل بسورة الفاتحة وغيرهما من المسلسلات وأجاز له الباقي، وكتب له إجازة بخطه حافلة أطنب عليه بها وأسهب، وذكر البعض من أسانيده بها منها سماعه للأولية وأنه سمعه من جمع وهم من أبي سالم عبد الله بن سالم البصري المكي، ومنها روايته للقراءات وغيرها عن أبي عبد الله شمس الدين المصري نزيل المدينة المنورة عن أبي السماح أحمد البقري وأبي عبد الله محمد بن قاسم البقري الكبير وعن أبي عبد الله محمد القلعي عن أحمد البنا الدمياطي وأحمد الإسقاطي والأول معلوم، والثاني عن أبي النور الدمياطي عن سيف الدين الدمياطي عن سلطان بن أحمد المزاحي المصري. وأكب المترجم على قراءة القرآن العظيم والإقراء والإفادة والاستفادة، وكان صالحاً ديناً تقياً نقياً متعبداً قليل الاختلاط بالناس. وقد أخذ عنه وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية خليل أفندي المرادي مفتي دمشق كما رأيته بخطه سنة خمس ومائتين وألف ومات في حدود الألف ومائتين وعشرة.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر عبد الرزاق البيطار(4/3)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك ترجمة خاطئة للأجهوري ص 122 من المقدمة، وقد اختلط على المؤلفة بآخر يشابههه في الاسم واللقب
وسأذكر الترجمة الصحيحة وأتبعها بالتي ذكرتها السيدة الفاضلة سمر العشّا، وإن شاء الله إن عرض لي خطأ أخر سأبعثه لكم ليتم تعديل ذلك في الطبعات القادمة إن شاء الله تعالى
==========
عبد الرحمن بن حسن بن عمر الأجهوري
الشيخ الفاضل العلامة أبو اللطيف عبد الرحمن بن حسن بن عمر الأجهوري الفقيه المالكي المقري سبط القطب الخضيرى
تلقيه العلم:
أخذ علم الاداء عن كل من:
الشيخ أبي السماح أحمد بن رجب البقرى
والشيخ محمد بن علي السراجي اجازة في سنة 1156
وعن الشيخ عبد ربه ابن محمد السُّجاعي اجازة في سنة أربع وخمسين (وهو المذكور في الإجازات بـ عبده السجاعي)
وعن شمس الدين السجاعي في سنة ثلاث وخمسين
وعن يوسف أفندي زادة (أي حفيد يوسف بالتركي) واسمه عبد الله بن محمد بن يوسف القسطنطيني جود عليه الى قوله المفلحون بطريقة الشاطبية والتيسير بقلعة الجبل حين ورد مصر حاجا في سنة ثلاث وخمسين
والشهاب أحمد الاسقاطي
وأخذ فن القراءات على الشيخ مصطفى الخليجي حين دخل الشام
ومحمد الأزبكاوي
ومحفوظ الشماظي
وعبد الله الشماظي
وآخرين
وأخذ العلوم عن:
الشبراوى
والعماوى
والسجيني
والشهاب النفراوى
وعبد الوهاب الطندتاوى
والشمس الحفني
وأخيه الشيخ يوسف
والشيخ الملوى
وسمع الحديث من:
الشيخ محمد الدفرى
والشيخ أحمد الاسكندراني
ومحمد بن محمد الدقاق
وسمع الاولية على الشيخ اسمعيل العجلوني وسمع عليه الحديث حين رحل إلى الشام
واجازه الجوهرى في الاحزاب الشاذلية
وكذا يوسف بن ناصر
واجازه السيد مصطفى البكرى في الخلوتية والاوراد السرية(5/1)
ودخل الشام وأخذ عن بعض علمائها كما سبقت الإشارة إلى ذلك ومكث هناك مدة ودخل حلب فسمع من جماعة ثم عاد الى مصر فحضر على السيد البليدى في تفسير البيضاوى بالازهر وبالاشرفية وكان السيد يعتني به ويعرف مقامه
وأشهر من أخذ عنه القراءات العشر الكبرى هو العلامة إبراهيم العُبيدي وهو الذي ذكر أن كنيته أبو عبد اللطيف
وله سليقة تامة في الشعر
وله مؤلفات منها:
الملتاذ في الاربعة الشواذ
ورسالة في وصف أعضاء المحجوب نظما ونثرا
وشرح تشنيف السمع ببعض لطائف الوضع للشيخ العيدروس شرحين كاملين قرظ عليهما علماء عصره
و مشارق الانوار في آل البيت الاخيار-مخطوط
ولا زال يملي ويفيد ويدرس ويجيد ودرس بالازهر مدة في أنواع الفنون واتقن العربية والاصول والقراءات وشارك في غيرها وعين للتدريس في السنانية ببولاق فكان يقرأ فيها الجامع الصغير ويكتب على أطراف النسخة من تقاريره المبتكرة ما لو جمع لكان شرحا حسنا
واستمر على التدريس إلى أن توفي رحمه الله تعالى في سابع عشرين رجب سنة 1198 هـ
المراجع:
ذكر الجبرتي ترجمته فيمن مات (سنة 1198 هـ) في عجائب الآثار في التراجم والأخبار لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي (1167-1237هـ) المعروف بتاريخ الجبرتي ج: 1 ص:585 إلى 586
اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة ص 198 لمحمد بشير ظافر الأزهري. مطبعة الملاحي بمصر عام 1324 هـ
إجازة المتولي للبنا بالقراءات العشر ص 3 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 297 نقلها بخطه الشيخ الدكتور أيمن سويد
الأعلام للزركلي 4 / 304
إجازة العلامة السمنودي للشيخ الدكتور أيمن سويد ص 5 – 7 مخطوط يخص الشيخ أيمن
كتاب الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات للدكتور إبراهيم الدوسري ص 108
كتاب التحارير المنتخبة على متن الطيبة لإبراهيم العبيدي بتحقيق أبي الجود.
========================(5/2)
وهو غير عبد الرحمن النحراوي الأجهوري الذي نقل ترجمته البيطار في حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر عن الجبرتي ولم يشر أي منهما أنه هو الذي نحن بصدده وقد ذكر الاثنين الجبرتي لكن الآتي متأخر قليلا
وقد ذكره في عجائب الآثار ج: 2 ص: 173
فيمن مات سنة 1210 هـ
قال: الامام العلامة المفيد الفهامة عمدة المحققين والمدققين الصالح الورع المهذب الشيخ عبد الرحمن النحراوي الأجهوري الشهير بمقرىء الشيخ عطية خدم العلم وحضر فضلاء الوقت ودرس وتمهر في المعقول والمنقول ولازم الشيخ عطية الأجهوري ملازمة كلية وأعاد الدروس بين ديه واشتهر بالمقرىء وبالأجهوري لشدة نسبته الى الشيخ المذكور ودرس بالجامع الازهر وأفاد الطلبة وأخذ طريق الخلوتية عن الشيخ الحفني ولقنه الاذكار وألبسه الخرقة والتاج وأجازه بالتلقين والتسليك وكان يجيد حفظ القرآن بالقراءات ويلازم المبيت في ضريح الامام الشافعي في كل ليلة سبت يقرأ مع الحفظة بطول الليل وكان انسانا حسنا متواضعا لا يرى لنفسه مقاما يحمل طبق الخبز على رأسه ويذهب به الى الفران ويعود به الى عياله فان اتفق ان احد رآه ممن يعرفه حمله عنه والا ذهب به
ووقف بين يدي الفران حتى يأتيه الدور ويخبزه له وكان كريم النفس جدا يجود وما لديه قليل ولم يزل مقبلا على شأنه وطريقته حتى نزلت به الباردة وبطل شقه واستمر على ذلك نحو السنة وتوفي الى رحمة الله تعالى غفر الله له
اهـ وبحرفه نقله البيطار، وعنه السيدة سمر العشا وفقها الله تعالى، فأرجو طبع هذه الرسالة وإطلاعها عليها للأهمية
وشكرا
أخوكم من كندا
د. أنمار ناصر
جراح مسالك وكلى(5/3)
الأميوطي
ابن أسد: أحمد بن أسد بن عبد الواحد. الشيخ الإمام المقرىء شهاب الدين أبو العباس القاهري الشافعي. ألف شرحاً على الشاطبية. وأرجوزة في التاريخ وغيرهما.
توفي سنة 872.
ديوان الإسلام لابن الغزي
الأميوطي، شهاب الدين أحمد بن أسد
أحمد بن أسد بن عبد الواحد الأميوطي الشيخ شهاب الدين المقرئ. ولد سنة ثمان وثمانمائة. وتلا على ابن الجزري وغيره، وبرع في فن القراآت، وأقرأ زمانا. مات راجعاً من الحج في أواخر سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة.
نظم العقيان في أعيان الأعيان السيوطي(6/1)
أحمد بن أسد بن عبد الواحد بن أحمد الشهاب أبو العباس بن أسد الدين أبي القوة الأميوطي الأصل السكندري المولد القاهري الشافعي المقرئ والد أبي الفضل محمد الآتي ويعرف بابن أسد. ولد في سنة ثمان وثمانمائة بالاسكندرية انتقل منها وهو مرضع صحبة أبويه إلى القاهرة فقطنها وحفظ القرآن عند الشمس النحريري السعودي والعمدة والشاطبيتين والدماثة في القراءات الثلاثة للجعبري والطيبة لابن الجزري والنخبة لشيخنا والألفيتين والمنهاجين والخزرجية في العروض والمقنع في الجبر والمقابلة لابن الهائم، وغير ذلك وعرض على خلق منهم الجلال البلقيني والولي العراقي وأخذ الفقه والعلوم عن شيوخ ذاك العصر وهلم جراً فقرأ المنهاج على البرهان البيجوري والشمس البوصيري وحضر دروسهما مع دروس المجد والشمس البرماويين بل قرأ عليه في شرح الألفية وقال أن معظم انتفاعه في الفقه بالبيجوري وكذا تفقه بالطنتدائي وأخذ عنه في شرحه لجامع المختصرات وبعض ما كتبه على الجعبرية والألفية وسمع في الحاوي الصغير على العلاء البخاري ثم تفقه بالبرهان الأبناسي الصغير وقرأ عليه في العلوم الأدبية وغيرها وكذا حضر عند الشرف السبكي دروسه في الفقه وقرأ عليه في المنهاج أيضاً وتفقه أيضاً بالقاياتي وقرأ على الونائي في المنهاج أو كله وحضر عنده ما أقرأه من الروضة وكذا أخذ عن البدر النسابة وقرا عليه شرح العقائد وغيره من تصانيفه ومن كتب الحديث البخاري وغيره وسمع عليه النسائي وأشياء وتفقه بابن خضر وبالعلم البلقيني والعلاء القلقشندي والمناوي وقرأ عليه في المنهاج وبالبوتيجي والمحلي وسمع عليه شروحه للمنهاج والورقات وجمع الجوامع والبردة وغيرها وقرأ على شيخنا العجالة وأذن له مع جماعة ممن تقدم كابن البلقيني في الإفتاء والتدريس وكان سمع قديماً عند الجلال البلقيني مجالس في الفقه والتفسير وعند الولي العراقي في الفقه وسمع عليه في ابن ماجه وبعضاً من أماليه وسمع عند البساطي(6/2)
دروساً في التفسير وغيره وعند السراج قارئ الهداية في تفسير البغوي وعند الشمس بن الديري وآخرين منهم ابن الحلواني شارح تصريف العزى وقرأ منهاج الأصول على الشمس الشطنوفي وفي شرحه للعبري على الشرواني وهذا أخذ الأصول أيضاً عن القاياتي وابن الهمام والمحلى وطائفة وأصول الدين عن النظام الصيرامي أخذ عنه قطعة من شرح المواقف والشرواني أخذ عنه شراح العقائد والعربية عن الشهاب الصنهاجي سمع عليه الحاجبية والشمسين الشطنوفي والبرماوي والزين عبادة قرأ عليه ابن المصنف والتوضيح والشهاب بن هشام صاحب حاشية التوضيح وغيرها والنور المقني قرأ عليهما ابن المصنف والحناوي قرأ عليه مقدمته وغيرها ولازمه وبه انتفع وابن المجد أخذ عنه الشذور وشرحه وأبي القسم النويري قرأ عليه الرضى والقاياتي والراعي والأبدي وأخذ المغني وحاشيته المصرية والهندية للدماميني عن العضد الصيرامي والحاشية الشمنية عن مؤلفها التقي والعربية أيضاً مع فصيح ثعلب بحثاً عن العز عبد السلام البغدادي وعنه أخذ المنطق أيضاً والعربية مع علوم الأدب عن الأبناسي وشرح الشواهد وغيره من تصانيف العيني عنه والمعاني والبيان عن الشمني والعضدي الصيرامي بل أخذ عنه وعن الكافياجي كثيراً من العلوم العقلية مع أشياء من تصانيف ثانيهما والعروض عن النواحي قرأ عليه شرح الخزرجية للسيد ولابن الدماميني عن مؤلفه بل قرأ عليه البديعية وغيرها من كتب الأدب ولازمه وانتفع به في ذلك والشهابين الإبشيطي أخذ عنه شرحه للخزرجية والخواص وعنهما وعن أبي الجود والبوتيجي أخذ الفرائض وهي والحساب والميقات عن ابن المجدي مع جملة من تصانيفه ومن ذلك شرحه للجعبرية والتصوف عن الشيخ مدين والخط تجويداً عن الزين بن الصائغ ولقراءات عن الشهاب بن هائم قرأ عليه للسبع مع الشاطبية وأصلها والعنوان والرائية وانتفع به وكذا تلا للسبع على الشهاب أحمد بن علي بن موسى الضرير إمام جامع ابن شرف الدين والبرهان الكركي(6/3)
والنور علي بن آدم البوصيري مع الشاطبيتين وغيرهما عليه ولقي الزين بن عياش بمكة في السنة التي ارتحل فيها مع ابن الجزري فتلا عليه بعضاً وقرأ على الشمس العفصي للست الزائدة على السبع بما في المصطلح وللثمان مع الشاطبية وأصلها والعنوان على الزراتيتي في آخرين أجلهم ابن الجزري وسافر معه في سنة سبع وعشرين(6/4)
إلى مكة وكان يقرأ عليه في المناهل وغيرها حتى أكمل عليه يوم الصعود بالمسجد الحرام وأذن له وسمع عليه ثلاثيات أحمد بعقبة ايلة وكثيراً من المسند الحنبلي وأحاديث من عشارياته ومللاته وغيرها بغيرها وأخذ عن ولده الشهاب شرحه لطيبة ولده وغيره وتلا عليه شيخنا للسبع إلى "المفلحون" وسمعت ذلك حينئذ بقراءته ولازم شيخنا في الحديث ملازمة تامة حتى سمع عليه أكثر ما قرئ عنده من مروياته وتآليفه وحضر مجالسه في التفسير وشبهه وكتب عنه قطعة من قتح الباري وأشياء من تصانيفه ووصفه بالشيخ الإمام العلامة البحر الفهامة إمام الإقراء فخر الفقهاء وفارس العربية والقائم بالقواعد الأصولية شرف العلماء أوحد الفضلاء مفتي المسلمين أقضى القضاة قال وأذنت له أن يدرس في الفقه والعربية وغيرهما مما حصله بجد واجتهاد وساوى به كثيراً ممن أكثر التطواف في البلاد إلى أن قال وقد أكثر حضور مجالسي في الإملاء ودروس الحديث والفقه وما زال يبدي في جميع ذلك الفوائد ويعيد فاستحق أن يدرج في سلك من يدرس ويفيد والله يمتع بحياته.(6/5)
وكذا سمع على غير واحد من شيوخ بلده والقادمين إليها سوى من تقدم فممن سمع عليه كما أخبر الشمس الشامي والعلاء بن المغلي والمحب بن نصر الله والزين الزركشي الحنبليون والعلاء بن بردس والزين بن الطحان والشهاب بن ناظر الصاحبة والشرف يونس الواحي والمقريزي وابن عمار وغيرهم بل قرأ على الكلوتاتي أشياء وسمع بقراءته على رقيه التغلبية وغيرها وأجاز له الشموس الحنني وابن المصري وابن قاسم السيوطي والبلالي والأمشاطي التقي بن حجة وشعبان الآثاري وآخرون وتكسب في أول أمره بتعليم الأطفال ورزق فيها حظاً وقبولاً ونبغ من عنده جماعة وكذا تكسب بالشهادة وأم بجامع الحكام زمناً وقرأ فيه الصحيح والترغيب وغيرهما على العامة ثم ترك ذلك حين استقراره في الإمامة بالزينية الاستادارية أول ما فتحت بعناية شيخنا له في ذلك وانتقل فسكنها وناب في القضاء عن السفطي فمن بعده وانتدب للقضاء وتهالك فيه وصرح شيخنا بأنه لو علم منه ومن غيره ممن أنكر السفطي ولا يتهم القبول لبادر لفعله، وبرع في الشروط وربما تدرب فيها بحارة النجم بن النبيه كل ذلك مع صرف الهمة في العلم والمداومة على المطالعة والمقابلة ونحوهما حتى تقدم في الفنون مع توقفه فهماً وحافظة لكن كثرة العمل قد مته وولي تدريس القراءات بالبرقوقية برغبة شيخه العفصي له عنه وبالمؤيدية برغبة البقاعي له حين كائنته الفظيعة مع صاحبه أبي العباس الواعظ والتصدير فيها بالسابقية برغبة الجمال بن القلقشندي وقراءة الحديث بالقلعة حين استقر الأسيوطي في القضاء بعناية الدوادار يشبك الفقيه فإنه اكن ممن يتردد إليه ليقر المير عليه وكذا صحب المير ازبك الظاهري وأم عنده نيابة عن إمامه وقتاً، ويقال أنه كان يترك القنوت في الصبح والجهر بالبسملة على مذهب الحنفية، وحج مراراًمنها في سنة ست وخمسين ولقيته بمكة ثم برابغ فقرأت عليها بها حديثاً وتلوت عليه قبل ذلك وأنا بمكتبه لأبي عمرو وابن كثير وغيرهما وحفظت(6/6)
عنده أكثر كتبي وتدربت به في المطالعة والقراءة وسمعت عليه دروساً كثيرة في الفقه والعربية وغيرهما وكان لكثرة أدبه يقول فرع فاق أصله، ويكثر من التردد إلى ومن المراجعة في كثير من الرجال والأسانيد وغير ذلك بلفظه وخطه وسمع مني كثيراً من الأجوبة الحديثية وكتب بخطه بعضها بل استكتب من تصانيفي القول البديع وشرع في مقابلته معي بقراءته وبلغه في حال توعكي تمني بعضهم موتى فقال والله إن جيء لي بهذا المتمني حكمت فيه بكذا فهذا رجل لا يكرهه إلا مبتدع غير راغب في السنة فجزاه الله خيراً وقد أقرأ الطلبة في الفقه والأصلين والعربية والصرف وغيرها وقصد في القراءات وصار المشار إليه فيها وحملها عنه إلا ماثل حسبما بينته في ترجمته من ذيل القراء وغيره ولو تفرغ للإقراء خصوصاً في القراءات لكان أولى به، ونظم رسالة ابن المجدي في الميقات أرجوزة سماها غنية الطالب في العمل بالكواكب وشرع في شرح على الشاطبية وفي ذيل على تاريخ العيني بل نظم في التاريخ أرجوزة سماها الذيل المترف من الأشرف إلى الأشرف واعتنى بكثير من كتبه فحشاها وقيد مشكلها لكني لم أقف على شيء من ذلك سوى الغنية وسمعت بعضها من لفظه ونظمها فيه يبس لتكلفه له، وكان قبيل موته، عديدة ضعف بحيث أشرف على الموت بل تحدث به الناس ثم تراجع وكذا اتفق قبيل سفره أنه في حال قراءته بالقلعة صرع وهو على الكرسي ونزل به ولده محمولاً مايوساً نمه ثم عوفي وصعد للقراءة في المجلس القابل حتى ختم وسافر إلى مكة بعد نحو شهر صحبة الركب قاضياً عليه وكان عين لذلك بسفارة الدوادار أيضاً فتوجه فحج ورجع وهو متوعك في رابغ واستمر حتى مات في يوم الاثنين لعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين بين الحرمين وهم سائرون في وادي الصفراء ودفن بالحديدة بالقرب من أحمد القروي المغربي وجاء بالخبر بذلك فاستقر ولده البدر أبو الفضل محمد في وظائفه ما عدا القراءة في القلعة فإنها استقرت للإمام الكركي الحنفي،(6/7)
وكان رحمه الله إماماً علامة متين الأسئلة بين الأجوبة مشاركاً في فنون متقدماً في القراءات محباً في العلم مثابراً على التحصيل حتى ممن هو دون طبقته راغباً في الفائدة ولو من آحاد الطلبة سريع التقييد لذلك للخوف من تفلته مبالغاً في لتوضع مستكثراً من تحصيل نفائس الكتب متمولاً كثير التحصل من الوظائف والأملاك وكذا المعلامات والقضاء قليل المصروف ولهذا كان ماله في نمو مع كونه أيضاً غير متأنق في مركبه وملبسه ولا أعلم فيه ما يعاب سوى المبالغة في الحرص وحب الدنيا وإلا فقد كان من محاسن مصر رحمه الله وإيانا.
تلاميذه:
صالح اليمني: صالح اليمني، الشيخ الإمام المقريء. قرأ القرآن على سبعين شيخاً في اليمن وغيرها عدة ختمات إفراداً وجمعاً بما تضمنه حرز الأماني، وأصله أعلاهم سنداً، وأقلهم عدداً، الشيخ سراج الدين عمر المشار إليه الأنصاري النشار، والشيخ شهاب الدين أحمد.... القسطلاني بحق قراءة الأول على الشيخ الإمام السيد الشريف إبراهيم بن أحمد الحسني الطباطي بمكة بحق قراته على الشمس العسقلاني، وبحق قراءة الثاني على الأول، وعلى الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الحمصاني، وشيخ القراء أحمد ابن الشيخ أسد الدين الأسيوطي، وإمام النحو زين الدين عبد الغني الهيتمي.
الكواكب السائرة للغزي(6/8)
محمد بن أحمد بن أسد بن عبد الواحد البدر أبو الفضل بن الشهاب الأميوطي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف كهو بابن أسد. ولد ظناً سنة أربع وثلاثين وثمانمائة بحارة بهاء الدين من القاهرة ونشأ بها في كنف أبويه فحفظ القرآن وكتباً جمة كالشاطبيتين والألفيتين والبهجة وجمع الجوامع والتلخيص؛ وعرض على من دب ودرج، وأجاز له في جملة بني أبيه من في استدعاء النجم بن فهد وهم خلق من جل الآفاق وسمع الكثير على شيخنا بل وفي الظن أن والده أسمعه على ابن بردس وابن الطحان وابن ناظر الصاحبة وغيرهم ولازم والده في الفقه وأصوله والعربية والقراءات وكذا حضر تقاسيم الشرف المناوي وربما حضر عند العلم البلقيني وربيبه ثم لازم الفخر المقسي في الفقه وفرائض الروضة والعربية وقرأ على الزين زكريا أشياء وأكثر عن ابن قاسم بل قرأ على التقي الحصني في فنون وعلى الزين الأبناسي في آداب البحث وعلى الكافياجي في مؤلفه في علوم الحديث وتردد للبدر أبي السعادات في العربية وغيرها وللجوجري والبقاعي وآخرين ولازم المجيء إلي والأخذ عني ومراجعاتي في كثير وما كنت أحمد كثيراً من أموره مع يبس وبلادة وإظهار لمحبة الفائدة والشح بالعارية وغيرها؛ وحج في سنة ست وخمسين وسمع معي بالمدينة النبوية على أبي الفرج المراغي وغيره وكذا سمع بمكة، وناب في القضاء عن المناوي فمن بعده وتنقل في مجالس بل لما مات والده صارت إليه جهاته وفيها تدريس القراءات بالبرقوقية وبالمؤيدية وما يفوق الوصف كالخطابة بالأهناسية والإمامة بالزينية فباشرها وربما أقرأ الطلبة وسمعت أنه كان يكتب على البهجة الفقهية وكذا على منظومة للسخاوي في علوم الحديث ولم يكن من أهل هذه الزمرة وقد أعرض عنه الولوي الأسيوطي في النيابة فتفوه بالسعي عليه بسبعة آلاف دينار وكثرت القالة بذلك ودفع للعلاء بن الصابوني خمسمائة دينار على يد يهودي عنده افترضها منه فيما أخبرني به وما نهض لترقيه لذلك ثم نزل(7/1)
حتى ولي قضاء قليوب في الأيام الزينية ملتزماً عن أوقاف الحرمين بزيادة على من قبله وصار يتوجه إليها في بعض أيام الأسبوع مع ثروته من الأملاك والوظائف واتهامه بمال كثير ولكنه كان ينكره بالحلف وغيره؛ ولم يلبث أن تعلل ولزم الفراش نحو سبعين يوماً بالإسهال والربو ونحوهما، ثم مات في ليلة الأحد ثالث عشري ذي القعدة سنة تسع وثمانين وصلي عليه من الغد ودفن عند أمه بالقرب من الأهناسية وخلف أولاداً ولم يوجد له من النقد فيما قيل شيء وخرج من وظائفه جملة رحمه الله وعفا عنه.
الضوء اللامع(7/2)
ترجمة الجمزورى
(ولد في حدود 1165 – وعاش إلى ما بعد 1209 هـ)
صاحب جامع المسرة
اسمه وبلده :
هو سليمان بن حسين بن محمد بن شلبي الجمزورى الشهير بالأفندىكان مولده بطنتدا (طنطا) فى ربيع الأول سنة بضع وستين بعد المائة والألف من الهجرة النبوية
والجمزورى نسبة إلى جمزور بالميم قريبة من طنطا على بعد 4 أميال وهى بلدة أبيه من إقليم المنوفية بجمهورية مصر العربية ولم نعثر على تاريخ وفاته .
لكنه عاش بعد شيخه الميهي (ت 1204 هـ) كما يفهم من دعائه له بالجنة في مقدمة الفتح الرحماني، وقد كتب هو نفسه نسخة منه عام 1209 هـ.
وكان معظما لشيخه، متواضعا في نفسه، لين الجانب مع قرنائه. وإليك بعض ذلك من عباراته:
قال في فتح الأقفال:
والمراد الأطفال مثلي في هذا الفن ناقلاً له عن شيخنا الإمام العلامة الحبر الفهامة سيدي وأستاذي الشيخ نور الدين علي بن عمر بن حمد بن عمر ناجي بن فُنيْش الميهي أدام الله النفع بعلومه (ذي الكمال) أي التمام في الذات والصفات وسائر الأحوال الظاهرة والباطنة فيما يرجع للخالق والمخلوق.
وقال عن شيخه وأستاذه في الفتح الرحماني:
فلما كان العام الأول والثاني بعد المائتين والألف من الله علي بقراءتي للعشرة من طريق الشاطبية والدرة على أستاذي العالم العلامة والحبر البحر الفهامة محرر القراءة والتجويد بنقله الجيد المفيد عن مشايخه أولى الرأي السديد ..
وقال عن محمد بن شيخه نور الدين علي الميهي:
وجعلت أصله شرح ولد شيخنا الشيخ محمد الميهي نظر الله إلينا وإليه واعتمدت فيما تركته من هذا الشرح عليه.
اهـ من شرح التحفة لناظمها بحاشية الشيخ الضباع ص 4
كذا في هداية القاري للمرصفي
شيوخه
كان الجمزورى شافعى المذهب تفقه على كثير من مشايخ كثيرين من طنطا، أحمدي الخرقة، شاذلي الطريقة (كذا ذكر الضباع والمرصفي).(8/1)
وأشهر شيوخه في القرآن نور الدين علي بن عمر بن حمد بن عمر ناجي بن فُنيْش الميهي (المتوفى سنة 1204هـ) وعنه تلقى التجويد وأخذ القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة
وكان تلميذا لسيدى مجاهد الأحمدى وهو شيخه الذى لقبه بالأفندى
وغيرهما من الشيوخ .
مؤلفاته
1-تحفة الأطفال في تجويد القرآن نظم(مطبوع). وعليه شروحات كثيرة جدا منها للناظم نفسه، ثم لمحمد الميهي ابن شيخه المذكور وللعلامة الضباع منحة ذي الجلال.
2-فتح الإقفال بشرح تحفة الأطفال (مطبوع).
3-نظم كنز المعانى بتحرير حرز الأمانى(مطبوع ببيت الحكمة )بتحقيق الشيخ عبد الرزاق بن علي موسى عضو لجنة مراجعة المصحف بالمدينة .
4-الفتح الرحمانى بشرح كنز المعانى فى القراءات السبع(مطبوع ببيت الحكمة )بتحقيق الشيخ عبد الرزاق بن علي موسى عضو لجنة مراجعة المصحف بالمد
5-جامع المسرة فى شواهد الشاطبية والدرة وهو الذى وعد الشيخ .. بنشره في منتدى أهل القرآن.
الجمزوري: سليمان بن...الجمزوري المتوفى سنة... هو من علماء القرن الثاني عشر له تحفة الأطفال في التجويد. فتح الأقفال في شرح تحفة الأطفال له.
هدية العارفين الباباني
الجمزوري: لجمزور قرية بناحية الغريبة من مصر
لب اللباب في تحرير الأنساب السيوطي
تحفة الاطفال في التجويد
لسليمان الجمزوري من علماء القرن الثاني عشر للهجرة و لمحمد الميهى الأحمدي من علماء القرن الثالث للهجرة شرح لها سماه فتح الملك المتعال شرح تحفة الاطفال طبع في 38ص في القاهرة سنة 1305ه.ولسليمان الجمزوري نفسه شرح على تحفته هذه سماه فتح الاقفال طبع في القاهرة سنة 1307ه في 31ص.
مجموع فيه سبع متون في قراءات القران و تجويده(8/2)
طبع على الحجر في 200ص في القاهرة سنة 1308ه و المتون السبعة هي 1-حرز الاماني المشهور بالشاطبية للشاطبي المتوفى سنة 590ه 2-الدرة البهيجة المضية لابن الجزري المتوفى سنة 833ه. 3-طيبة النشر في القراءات العشر لابن الجزري المتوفى سنة 833ه. 4-الوجوه المسفرة في اتمام القراءات العشرة للشيخ متولي 5-عقيلة اتراب القصائد الشهيرة بالرائية للشاطبي المذكور 6-الجزرية للجزري المذكور 7-تحفة الاطفال لسليمان الجمزوري
اكتفاء القنوع بما هو مالطبوع إدوارد فنديك
وقال هو في فتح الأقفال:
سليمان بن حسين بن محمد الجمزوري بالميم بعد الجيم كما ذكره الشعراني في طبقاته الشهير بالأفندي.
http://alummah.net/misshaf/kitab_alfath001.htm
والمراد الأطفال مثلي في هذا الفن ناقلاً له عن شيخنا الإمام العلامة الحبر الفهامة سيدي وأستاذي الشيخ نور الدين علي بن عمر بن حمد بن عمر ناجي بن فُنيْش الميهي أدام الله النفع بعلومه (ذي الكمال) أي التمام في الذات والصفات وسائر الأحوال الظاهرة والباطنة فيما يرجع للخالق والمخلوق.
وفي الفتح الرحماني شرح كنز المعاني بتحرير حرز الأماني
وكذا ذكر شيخه نور الدين علي بن عمر المههي الشافعي وأنه قرأ عليه العشر من طريق الشاطبية والدرة وأوقفه على الخلافات في الشاطبية التي لم يرجحها في النشر، وعرفه المرجح حسب النقول الشريفة فنظمه عام 1202 ثم شرحه عام 1208 هـ
وذكره عمر كحالة في معجم المؤلفين ج 4 ص 257 طبعة بيروت فليراجع هناك
والميهي كما ذكر الشيخ الضباع في منحة ذي الجلال:
نور الدين علي بن عمر بن حمد بن عمر ناجي بن فُنيْش الميهي نسبة لبلدة تسمى الميه بجوار شبين الكوم
ولد سنة 1139 هـ واشتغل بالعلم بالجامع الأزهر ثم رحل إلى طنطا وعلم بها القراءات والتجويد حتى انتقل إلى رحمة الله يوم الأربعاء 14 ربيع الأول 1204 هـ
وجمع ذلك كله في هداية القاري للمرصفي ص 648 طبعة مكتبة طيبة(8/3)
وعنه نقل إلياس البرماوي في إمتاع الفضلاء بتراجم القراء ج 2 ص ص 139 طبعة دار الندوة العالمية الطبعة الأولى 1421هـ(8/4)
العلامة المقرئ "أحمد عبد العزيز" الزيات
(1325-1424هـ /1907-2003م)
بقلم:إبراهيم بن عبد العزيز الجوريشي
فقد العالم الإسلامي فجر يوم الأحد السادس عشر من شهر شعبان عام 1424هـ الموافق الثاني عشر من شهر تشرين الأول عام 2003م عالما كبيرا من علماء المسلمين وعلما من أعلام علماء القراءات وهو من الثلاثة أصحاب الأسانيد العالية في القراءات العشر- من طريق طيبة النشر- في عصره ، أما الثاني فهو الشيخ العلامة عبد الباسط هاشم ، وثالثهم الشيخ العلامة محمد بن عبد الحميد بن عبد الله السكندري حفظهم الله تعالى ونفع بهم .
هذا العالم الكبير المحقق ، صاحب التحريرات المفيدة ، والتصانيف الفريدة فضيلة العلاّمة الشيخ المقرئ المعمر "أحمد عبد العزيز" بن أحمد بن محمد الزيات الأزهري المصري المدني الضرير ، ولد ـ رحمه الله ـ في القاهرة عام 1325هـ /1907م .
التحق بالأزهر الشريف بعد أن حفظ القرآن الكريم صغيرا، وتلقى كثيرا من العلوم الشرعية و العربية، ثم أخذ القراءات العشر الصغرى من طريقي الشاطبية والدرة، والعشر الكبرى من طريق طيبة النشر عن كل من الشيخين الكبيرين: الشيخ خليل الجنايني وفضيلة العلامة الشيخ عبد الفتاح هنيدي، وهما قد أخذا عن العلامة الكبير شيخ الديار المصرية في القراءة والإقراء في وقته الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالمتولي .
ثم جلس الشيخ للإقراء بمنزله بجوار الأزهر الشريف بالقاهرة وانقطع له مدة ثم اختير مدرساً للقراءات بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف وظل هكذا إلى أن أحيل للتقاعد.(9/1)
ثم عين بعد ذلك مدرسا للقراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1405هـ/1985م . ثم اختير عضوا في اللجنة العلمية للاستماع لمصاحف المدينة النبوية المرتلة والمسجلة بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف . ثم اختير عضوا للهيئة الاستشارية العليا بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف . وأقام الشيخ رحمه الله في المدينة المنورة ما يقارب الخمسة عشر عاما وأقرأ بها خلقا كثيرا .
قال عنه تلميذه العلامة الشيخ عبد الفتاح المرصفي – رحمه الله تعالى: " أحد شيوخنا في القراءات العشر الصغرى وشيخنا في القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر ، علامة كبير وإمام في القراءات بلا نظير ، آية الدهر ووحيد العصر في العلم والحياء والفضل والنبل ، زكي القلب يقظ الضمير نقي الخاطرة ، من أجلة علماء العلوم الشرعية والعربية وقد نفع الله به طويلا الأمة".
ومن أقرانه المبرزين في العلم وإخوانه المشهورين في أسانيد إجازات القراءات في مصر صاحب الفضيلة الشيخ محمد علي خلف الحسيني الحداد شيخ عموم المقارىء المصرية -في وقته- والعلامة الشيخ علي محمد الضباع الذي خلف الشيخ محمد على خلف الحسيني في رئاسة مشيخة المقارىء بالديار المصرية والمحقق الكبير الشيخ على بن عبد الرحمن سبيع ومن في طبقتهم. وذلك لأن أولهم قرأ على عمه العلامة الشيخ حسن خلف الحسيني. والثاني أخذ عن الأستاذين الشيخ حسن الكتبي والشيخ الخطيب الشعار وثالثهم قرأ على الشيخ حسن الجريسي الكبير و هم عن العلامة الكبير الشيخ محمد بن أحمد المعروف بالمتولي.
فالتقت أسانيدهم مع إسناد المترجَم له من هذا الوجه فصاروا أقرانه بذلك وإن تقدمه بعضهم في السن .
من مؤلفاته
صنف الشيخ رحمه الله عددا من الكتب منها:
1- تنقيح فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم من طريق طيبة النشر، نظم سلس وهو من أنفس كتب تحرير طيبة النشر.(9/2)
2- شرح تنقيح فتح الكريم، وهو مخطوط ينقله كل من أخذ عنه القراءات العشر من طريق طيبة النشر .
3- تحقيق عمدة العرفان للإمام الأزميري مع تلميذه العلامة المحقق فضيلة الشيخ محمد محمد جابر المصري .
شيوخه :
أما عن شيوخه الذين أخذ عنهم عرف منهم :
1-الشيخ المقرئ حنفي بن إبراهيم السقا وهو من تلاميذ الشيخ خليل الجنايني .
2-الشيخ المقرئ خليل بن محمد غنيم الجنايني ، قرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر الصغرى والكبرى من أول القرآن إلى قوله تعالى في الدخان : ( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) ، ولم يكمل لظروف أحالت دون ذلك .
3-الشيخ المقرئ العلامة عبد الفتاح هنيدي ، قرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر الصغرى والكبرى وأجازه بها .
4-الشيخ المقرئ علي بن محمد الضباع ، شيخ القراء في الديار المصرية في عصره ، قرأ عليه القراءات الشاذة في عام 1937م.
5-الشيخ محمد السمالوطي ، تلقى عنه الحديث الشريف ، ومن ضمن ما تلقى عنه جامع الترمذي وصحيح مسلم وبعضا من صحيح البخاري .
من تلامذته
ومن تلامذته الذين قرؤوا عليه القراءات العشر الكبرى بمضمن طيبة النشر للحافظ ابن الجزري:
1- الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي –رحمه الله تعالى.
2-الشيخ عبد المحسن شطا من علماء الأزهر وشيخ قسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر .
3-الشيخ حسن المرى من المتقنين والمدرسين بقسم تخصص القراءات المذكور .
4-الشيخ محمد إسماعيل الهمداني المدرس بتخصص القراءات.
5-الشيخ حسنين إبراهيم محمد عفيفي جبريل من علماء الأزهر ومدرسيه .
6-الشيخ علي المرازقي من أجلة علماء الأزهر.
7-الشيخ أحمد مصطفى من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه .
8-الشيخ أحمد الأشموني من علماء الأزهر ومدرسيه.
9-الشيخ أحمد إسماعيل عيطة .
10-الشيخ أمين الخطيب من علماء تخصص القراءات .
11-الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف الحنبلي المدرس بمعهد القراءات بالأزهر.(9/3)
12-الشيخ محمد محمد جابر المصري من أفاضل علماء الأزهر ومدرسيه .
13-الشيخ قاسم الدجوي من علماء الأزهر ومدرسيه بقسم تخصص القراءات
14-الشيخ عثمان خليفة من بلدة كرداسة بالجيزة بالقاهرة .
15-الشيخ مصطفى خضر من علماء الأزهر ومدرسيه بالمعهد الأزهري بأسوان .
16-الشيخ فرج ضبة من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه في المعهد الأزهري بطنطا شافعي المذهب.
17-الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمد بن سالم- صاحب كتاب فريدة الدهر في جمع وتأصيل القراءات العشر- من ناحية قويسنا بمحافظة المنوفية من القراء.
18-الشيخ محمد عبد القهار الحموي الحلبي طبيب من مدينة حلب بسوريا .
19-الشيخ أيمن بن رشدي سويد الدمشقي – صهر الشيخ عبد العزيز عيون السود.
20-الشيخة الصالحة نفيسة -من القاهرة.
21-الشيخ محمد تميم الزعبي من مدينة حمص بسوريا وشيخ القراء بها ، وهو من العلماء والمهندسين والمقرئين المجيدين .
22-الشيخ حامد فرغل مقرئ بالقاهرة.
23-فضيلة الدكتور عبد العزيز أحمد محمد إسماعيل الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية .
24-الشيخ محمود سيبويه بدوي –رحمه الله تعالى .
25- الشيخ محمد بن عبد الحميد أبورواش .
26-الشيخ محمود عبد الخالق جادو وقرأ عليه القراءات الثلاث المتممه للعشر من الدرة.
27-الشيخ عبد الرافع رضوان الشرقاوي وقرأ عليه القراءات الثلاث المتممه للعشر من الدرة
28-الشيخ عبد الرازق بن علي إبراهيم موسى.
29-الشيخ رشاد عبد التواب السيسي .
30-الشيخ عبد الرحيم النابلسي المراكشي من المغرب .
31-الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الحفيظ سليمان .
32-الشيخ أحمد بن أحمد سعيد ، قرأ عليه أيضا العشر الصغرى من الشاطبية والدرة .
33- الشيخ المقرئ احمد الطنب العكش من مشايخ الإقراء في الشرقية (ت1985م) ، قرأ عليه أيضا العشر الصغرى و الشواذ .(9/4)
وهذه المجموعة هم من تلقوا القراءات العشر الكبرى من طيبة النشر عن الشيخ الزيات رحمه الله تعالى .
أما من قرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة فقط عرفنا منهم:
34-الشيخ الدكتور حازم بن سعيد حيدر الكرمي ، كذلك قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم من طريق الطيبة وأجازه بها ، وقرأ كذلك من كتب الحديث الشريف ،وقرأ عليه كذلك اللغة العربية بشرح ابن عقيل على الألفية .
35-الشيخ غازي بن بنيدر الحربي ، وقرأ عليه كذلك ختمة أخرى برواية حفص عن عاصم بمضمن روضة المعدل والمصباح .
36-الشيخ عبد الحكيم بن عبد السلام خاطر ، وقرأ عليه كذلك ختمة برواية حفص عن عاصم بمضمن روضة المعدل .
وممن قرأ عليه القرآن الكريم ختمة كاملة بالقراءات السبع من طريق الشاطبية :
37-الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف .
38-الشيخ خالد محمد الحافظ موجه التربية الإ سلامية في المدينة المنورة .
39-الشيخ عبد الرحيم حافظ ، قرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات الثلاث المتممة للعشر من الدرة ،وقرأ أيضا رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية .
40-الشيخ إبراهيم الأخضر إمام المسجد النبوي ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق طيبة النشر .
41-الشيخ فتحي بن رمضان بن محمد ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم بمضمن روضة المعدل والمصباح .
42-الشيخ محمد أيوب محمد يوسف ، الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية .
43-الأستاذ بشير أحمد نور محمد الأستاذ بجمعية تحفيظ القران الكريم بالمدية المنورة ،قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية .
44-الأستاذ تامر محمد متولي ،قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية .(9/5)
45-الشيخ عبد الله بن علي المشعبي ،قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية وبمضمن روضة المعدل من الطيبة .
46-الشيخ حسان بن الشيخ محمد تميم الزعبي الحمصي ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق طيبة النشر .
47-الشيخ الطبيب إيهاب أحمد فكري ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم بمضمن المصباح .
48-الشيخ القارئ مشاري بن راشد العفاسي ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية .
49-الشيخ المقرئ أسامة بن عبد الوهاب المصري- صاحب كتاب بغية الكمال شرح تحفة الأطفال - أجيز من الشيخ الزيات في القراءات دون ان يحدد المصدر إنها القراءات العشر الصغرى أم الكبرى أم غير ذلك .
مصادر الترجمة:
· ملحق الأعلام من كتاب هداية القاري إلى تجويد كلام الباري ، للشيخ عبد الفتاح المرصفي .
· إمتاع الفضلاء بتراجم القراء ، للشيخ إلياس البرماوي
· البيان في زاد المقرئين ، للشيخ جمال القرش(9/6)
عبده السجاعي:
لم أعثر على ترجمة عبده أو عبد ربه محمد السجاعي الذي أخذ عنه الأجهوري سنة 1165 هـ عجائب الآثار 1/ 585
لكن هذه ترجمة لعلها لحفيده
هو أحمد بن شهاب الدّين أحمد بن محمّد السُّجَاعي البدراويّ الأزهريّ الشَّافعيّ .
ولد بمصر ونشأ بها وقرأ على والده وعلى كثير من علماء عصره ، وتصدَّر للتدريس والإقراء في حياة أبيه وبعد موته وصار من أعيان العلماء ، وهو عالم مشارك في كثير من العلوم إِلاَّ أنه تميَّز بعلوم العربيّة لازم الشَّيخ حسن الجبرتي وأخذ عنه علم الحكمة والهداية وغير ذلك .
له تآليف كثيرة كلّها شروح وحواش، ورسائل ومتون منظومة في علوم الدِّين، والأدب، والتصوف ، والمنطق ، والفلك منها :
- الدُّرر في إعراب أوائل السُّور .
- شرح معلّقة امرئ القيس .
- الجواهر المنتظمات في عقود المقولات ( ط ) .
- حاشية على شرح القطر لابن هشام ( ط ) .
- شرح لامية السَّموأل ( ط ) .
- فتح الجليل على شرح ابن عقيل ( حاشية السُّجاعي على شرح ابن عقيل )( ط ) .
- فتح المنَّان في بيان مشاهير الرّسل الّتي في القرآن ( ط ) .
- النُّور السَّاري على متن مختصر البخاريّ لابن أبي جمرة .
- الكافي بشرح متن الكافي في العروض والقوافي .
- منظومة في المجاز والاستعارة ( ط ) .
- رسالة في إثبات كرامات الأولياء ( ط ) .
- بدء الوسائل في ألفاظ الدّلائل .
- تحفة الأنام بتوريث ذوي الأرحام .
- تحفة ذوي الألباب فيما يتعلق بالآل والأصحاب .
- السَّهم القويّ في نحر كل غبيّ وعويّ .
- فتح الغفَّار بمختصر الأذكار للنَّوويّ .
- فتح الرَّحيم الغفَّار بشرح أسماء حبيبه المختار .
- فتح المنَّان بشرح ما يذكَّر ويؤنَّث من أعضاء الإنسان
- القول النَّفيس فيما يتعلق بالخلع على مذهب الشَّافعيّ بن إدريس .
- المقصد الأَسْنَى بشرح منظومة الأسماء الحسنى .
- مناسك الحج .(10/1)
وغيرها من المصنَّفات وأكثرها غير مطبوعة ، وهناك رسالة تشتمل على مؤلّفاته منها نسخة مخطوطة بالخزانة التيموريّة .
توفى السُّجاعيّ رحمه الله بالقاهرة في شهر صفر سنة 1197 هـ ، ودفن عند أبيه بالقرافة الكبرى بتربة المجاورين .
ينظر ترجمته في عجائب الآثار 2/ 75 ، وهدية العارفين 1/ 179 ، ومعجم المطبوعات 1005 ، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 282 ، والأعلام 1/ 89 ، ومعجم المؤلفين 1/ 154 .
===============
نقلا عن:
شرح العلاّمة الأمير على نظم العلاّمة السُّجاعيّ في " لاسيَّمَا " تحقيق ودراسة د. أحمد بن محمد بن أحمد القرشي
http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag19/MG-22.htm(10/2)
السمديسي:
محمد، الشيخ الإمام المحدث الفقيه القاضي شمس الدين القاهري الحنفي، ألف شرحاً على المختار سماه: فيض الغفار، وأخذ عنه العلاء بن غانم المقدسي. توفي سنة 932
ديوان الإسلام ابن الغزي
السمديسي
محمد السمديسي: محمد القاضي شمس الدين السمديسي الحنفي، أخذ عن رضوان العيني ، وعبد الدايم الأزهري، والشمسي محمد بن أسد، والقراءآت عن جعفر السمنودي ، وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين القليعي، وأخذ عنه الشيخ علاء الدين المقدسي، نزيل القاهرة الفقه والقراءآت، وسمع عنه كثيراً. توفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي
إبراهيم السمديسي: إبراهيم القاضي برهان الدين السمديسي المصري الحنفي ولي نيابة القضاء، والوظائف الدينية بالقاهرة، وناب عن عمه القاضي شمس الدين السمديسي في إمامة الغورية، وكانت وفاته يوم الإثنين سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأزهر - رحمه الله تعالى -.
الكواكب
السمديسي: محمد بن إبراهيم بن أحمد بن الإمام الحنفي الشهير بالسمديسي من علماء القرن التاسع. له من التصانيف فتح المدير للعاجز المقصر في الفروع. فيض الغفار في شرح المختار من فروع الحنفية "من كتب الخديوية".
هدية العارفين الباباني
محمد بن إبراهيم السمديسي. مضى فيمن جده أحمد بن مخلوف.
الضوء
"السمديسي" بفتحتين ثم مهملة مكسورة بعدها تحتانية ثم مهملة محمد بن إبرهيم بن أحمد بن مخلوف الحنفي شيخ الجانبكية والايتشمية.
الضوء(11/1)
محمد بن إبراهيم بن أحمد بن مخلوف بن غالي بن عبد الظاهر بن قانع بن عبد الحميد بن سالم بن عبد البارئ بن راضي بن حامد بن عطاء الشمس أو السعد أبو الفتح البرسيقي نسبة لبعض أعمال إسكندرية ثم القاهري الوزيري الحنفي ويعرف بالسمديسي وليس هو منها وإنما هو من أبي خراش فتحامى النسبة خراشياً وانتسب كذلك مع عدم تجاورهما فلو انتسب لما يجاورها كان أشبه. ولد في رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين (53 هـ) وحفظ القرآن وتلا به للسبع على جعفر السنهوري، ويقال أنه حكم الفن وحقق التجويد، وقرأ على الفخر الديمي متوناً وغيرها كشرح ألفية العراقي شبه رواية بحيث كتب إلى بعض من قرأ على أنه كان يسأله عن أماكن منها فيوضحها له وتفقه قليلاً بالأمين الأقصرائي ونظام وصلاح الدين الطرابلسي وكذا اشتغل في الأصول والعربية عند حمزة المغربي وغيره وقرأ على حمزة المطول وربما أخذ عن الخطيب الوزيري بلديه؛ وتميز قليلاً ووثب بعد الأمين فاستقر دفعة واحدة في مشيخة الحنفية بالجانبكية حين كان تنبك قرا دواداراً ثانياً بعناية مغلباي البهلوان الأشرف إينال وقام شيخه نظام و قعد سيما وهو شيخ المقرر أيضاً وهو والله معذور بل وأعطاه قبل ذلك مسجداً جدده بالقرب من الأيتمشية وأسكنه قاعدة به وحج صحبته حين كان يشبك جل أمير الحاج ثم استنزل الشمس الجلالي عن مشيخة الأيتمشية نفسها وهو أحد صوفية الأشرفية ويوصف بالدين والخير والعقل بل قرأت بخط من أشرت لأنه كان يسأله أنه جلس معه في ابتدائه فوجده مجموع فضائل غير أن في لسانه رخاوة، قال:(11/2)
ونعم الرجل صلاحاً وعملاً لولا تكبر زائد فيه أعاذه الله من شر نفسه انتهى. وقد قدم مكة بحراً سنة سبع وتسعين صحبة أميره بردبك الخازندار حين مجيئه لجدة على نيابتها وكان مقيماً تحت ظله بها لم يجئها إلا معه وفوت رمضان كله ثم لما قدم لقيني وصار يسألني عن أشياء فكتب له أجوبتها ورام نسخة من شرحي للألفية فما تهيأ له ذلك ورجع وعزمه مستقر على استكتابه فإنه التمس كتابي لولد أخي بعارية النسخة التي بخط والده لمقابلة الولد معي بعضها بحيث صارت آخر النسخ بالنسبة لما قوبل وكذا أخذ مؤلفي الخصال الموجبة للظلال وجود عليه بعض الطلبة القرآن.
الضوء
محمد بن عمر الشمس السمديسي ثم القاهري الحنفي نزيل باب الوزير صوابه محمد بن إبراهيم بن أحمد بن مخلوف مضى.
الضوء
تلاميذه ؟
علي بن أبي بكر بن علي نور الدين بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد المعروف بالجمال المصري بن أبي بكر بن علي بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن ضرغام بن طعان بن حميد الأنصاري الخزرجي المكي الشافعي الإمام الحجة المؤلف المصنف كان صدراً عالي القدر واسع المحفوظ محققاً تشد إليه الرحال للأخذ عنه ذكره الشلي وساق نسبه كما ذكرته ثم قال ولد بمكة سنة اثنتين بعد الألف ونشأ بها وحفظ القرآن ومات أبوه سنة ست بعد الألف كما تقدم في ترجمته فنشأ يتيماً فقيض الله تعالى له الشيخ الولي أبا الفرج المزين فاحتفل بتربيته
واشتغل أولاً بالقراآت على الشيخ عبد الرحمن أبي الحسن بن ناصر الأشعري فقرأ عليه إلى أن مات في سنة إحدى وثلاثين وألف
فأكمل القراءة على تلميذه الشيخ أحمد الحكمي
وقرأ على الشيخ محمد تقي الدين الزبيري
وسند الزبيري وسند الشيخ أبي الحسن من طريق أهل المدينة واحد
فإنهما قرآ جميعاً على المقري الشيخ محمد بن أبي الحرم المدني(11/3)
وهو عن جماعة أجلاء من أعلاهم سند الشيخ الإمام الشمس محمد بن إبراهيم السمديسي المصري الحنفي وهو عن شيخ القراء أحمد بن راشد الأسيوطي وهو عن إمام القراء أبي الخبير محمد بن محمد بن محمد الجزري وسنده مذكور في النشر وغيره ولم يأخذ الشيخ محمد تقي إلا عن شيخه المذكور وأما الشيخ أبو الحسن فله سنداً آخر من طريق أهل مكة فهو عن الإمام عمر الشعراني وهو عن أجلاء معتبرين من أهل اليمن منهم الشيخ عبد الله بن رعيل الحضرمي الضرير والشيخ علي الرمي القرشي وله أسانيد أخر وأخذ صاحب الترجمة النحو والأصول والعروض عن الشيخ عبد الملك العصامي والكلام عن البرهان اللقاني وأخذ عن السيد عمر بن عبد الرحيم البصري الفقه والأصول والعربية والحديث وأصوله والتفسير والمعاني والبيان وأجازه باللفظ في سنة أربع وثلاثين وألف وأخذ عن العارف بالله تعالى أحمد بن إبراهيم علان العقائد والحديث وعن الشهاب الخفاجي الحديث وعن العارف بالله تعالى عبد الرحمن باوزير التصوف وتصدر للإقراء والتدريس في المسجد الحرام وانتفع به جماعة من الأعلام منهم الشيخ عبد الله بن محمد طاهر عباسي والشيخ أحمد باقشير قلت وشيخنا الحسن العجيمي وشيخنا أحمد النخلي فسح الله تعالى في أجلهما قال وقرأت عليه الفقه والفرائض والحساب والأصلين والحديث وأصوله وكان له قوة إقدام على تفريق كتابة المشكلات وله مؤلفات عديدة منها المجموع الوضاح على مناسك الإيضاح وشرحان على أبيات ابن المقري كبير وصغير وله كافي المحتاج لفرائض المنهاج وفتح الفياض بعلم القراض وقرة عين الرائض في فنى الحساب والفرائض وله المذلل في الفرائض والنفحة المكية بشرح التحفة القدسية لابن الهائم والنقول الواضحة الصريحة في عدم كون العمرة قبل النفر صحيحة ورسالة في التقليد وشرح أبيات الجلال السيوطي التي أولها يتبع الفرع في انتساب أباه وفتح الوهاب بشرح نزهة الأحباب والتحفة الحجازية في الأعمال الحسابية وتحرير(11/4)
المقال في قول ابن المجدي في الشريك أشكال والدر النضيد في مأخذ القراآت من القصيد ولمواهب السنية في علم الجبر والمقابلة وشرح الياسمينية في الجبر والمقابلة ورسالةفي أحكام النون الساكنة والتنوين ووصلة المبتدى بشرح نظم در المهتدى وهو في الفرائض على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وله أبيات مسوغات الابتداء وشرحها وله مؤلف سماه الانتصار النفيس لجناب محمد بن إدريس رداً على بعض الحنفية في زمانه زعم أن حديث لا تسبواقر يشافان عالمها يملأ الأرض علماً منزل علي ابن عباس وزعم أن ما ورد في فضل قريش مخصوص بالقاطنين بأم القرى وله غير ذلك من تآليف وأشعار وآثار وانفرد في فقههم بمسائل لم يوافقه عليها أحد من فقهاء الشافعية منها أن المصلى في داخل المسجد بقبة مثلاً مبنية فيه إذا صك عليه بأبها مع علمه بانتقالات الإمام ولم يمكنه الوصول منها إليه كمقام إبراهيم عليه السلام بالمسجد الحرام فإن قدوته غير صحيحة وصلاته باطلة ومنها في الحج أن من وصل إلى جمرة العقبة يوم النفر الأول ناوياً النفر ورماها فهو عند وصوله إليها خارج مني فيجيب عليه بعد رميها الرجوع إلى حد مني ثم ينفر عقبه لأن الأول كان قبل استكمال الرمي وإن ما عليه عمل الناس اليوم من سيرهم من منى وإفاضتهم عقب رمي جمرة العقبة سيما النساء غير صحيح قال كما تقتضيه عباراتهم سيما عبارة التحفة هذا ما ظهر فإن ظهر نقل بخلافه فالمعول عليه وكانت وفاته يوم الاثنين لثمان بقين من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وسبعين وألف ودفن بمقبرة المعلاة.يح قال كما تقتضيه عباراتهم سيما عبارة التحفة هذا ما ظهر فإن ظهر نقل بخلافه فالمعول عليه وكانت وفاته يوم الاثنين لثمان بقين من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وسبعين وألف ودفن بمقبرة المعلاة.
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
إبراهيم بن محمد بن البيكار(11/5)
إبراهيم بن محمد بن علي الشيخ العلامة المقرىء المجود برهان الدين المقدسي الأصل الدمشقي البصير، المعروف بابن البيكار نزيل حلب. مولده بالقابون قرية من قرى دمشق، سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة وقرأ القرارات بدمشق على الشيخ شهاب الدين بن بدر الطيبي الآتي في الأحمدين، من هذه الطبقة، وعلى الشيخ الرحلة صالح اليمني، والشهاب أحمد الرملي إمام جامع الأموي، والشيخ أحمد البصير، ثم رحل إلى مصر سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فقرأ على الشيخ الشمس محمد السمديسي، والشيخ أبي النجاء محمد النحاس، والشيخ نور الدين أبي الفتح جعفر السمهودي قال ابن الحنبلي: ومما حكي عن الشيخ برهان الدين أنه كثيراً ما كان يمرض، فيرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فيشفى من مرضه، وكان مجتهداً في أن لا ينام إلا على طهارة، وكان كثيراً ما يدخل على الحجازية بالجامع الأعظم بحلب، حيث درس بها فأقوم إجلالاً له، فيأخذ في المنع من القيام، وهو لا يرى قيامي، وإنما يكشف له عنه من نوع ولاية توفي بحلب سنة سبع وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
الكواكب(11/6)
- حمزة بن محمد بن حسن بن علي بن عبد الحكيم البجائي المغربي المالكي نزيل الشيخونية. ولد تقريباً سنة تسع وثلاثين وثمانمائة ببجاية؛ وبها نشأ فقرأ القرآن وأخذ عن أبي القسم المشدالي وولده محمد الأصغر، وهو نمير أبي الفضل وغيرهما، وقد تونس في سنة ثمان وخمسين فأخذ بها عن جماعة منهم أبو اسحق إبراهيم الاخدري ولازمه وبه انتفع وتمهر في الأصلين والعربية والصرف والمعاني والبيان والمنطق والحكمة؛ وهو متفاوت فيها فأعلاها الأصلان والمنطق ويليها المعاني ثم ما ذكر. وقدم القاهرة في شعبان سنة سبع وسبعين؛ وحج منها ورجع فنزل في الخانقاه الشيخونية وقطنها ثم حج ثانياً رفيقاً للسيد عبيد الله بن السيد عفيفي الدين وجاور أيضاً وأقرأ بها يسيراً، ولازم وهو بالقاهرة درس التقي الحصني وبحث معه، وكان الشيخ حسبما بلغني يثنى عليه وكذا اجتمع بالكافياجي والسيف وتكلم معهما، وكان الكافياجي يجله كما سمعت أيضاً وأقام منجمعاً عن الناس متقنعاً منقبضاً وأقرأ الطلبة واجتمع به الفضلاء فكان من أعيان من اجتمع به المحيوي ابن تقي والخطيب الوزيري وقرأ عليه سعد الدين محمد السمديسي شيخ الجانبكية المطول في آخرين وطلبه السلطان بعد محنة إمامه الكركي فاجتمع به ومازحه وقرر له في الذخيرة كل سنة خمسين وفي الجوالي عوضاً عمن مات اثنين وسبعين وقبل شفاعته في بعض الأمور وفي عمر بن عبد العزيز حتى أخرجه من المقشرة وعينه لكشف الجاولية مساعدة لمباشرها ابن الطولوني السمين. كل ذلك مع تقلل وتعزز وانقباض وانفراد بحيث لم يتزوج، وربما وصل إليه بر بعض المغاربة ونحوهم قبل ذلك وبعده بل يعطي من يتجر له؛ وقد سلمت عليه بعد قدومه من الحج المرة الثانية فابتهج ومشى معي من خلوته لباب المدرسة. والبعاث بأرض مصر يستنسر.
الضوء(11/7)
أحمد بن عبد الحق السنباطي
السنباطي: عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام العالم المحدث المسند زين الدين القاهري الشافعي. توفي سنة 931
وابنه: أحمد بن عبد الحق بن محمد: الإمام العلامة الحبر شهاب الدين القاهري الشافعي الواعظ. توفي سنة 590 (هكذا هنا والصواب 950 هـ)
ديوان الإسلام ابن الغزي
أحمد بن عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام العالم العلامة،
الشيخ شهاب الدين ابن الشيخ عبد الحق السنباطي، المصري، الشافعي الواعظ بجامع الأزهر. أخذه عن والد وغيره، وكان معه بمكة في مجاورته بها سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ووعظ بالمسجد الحرام في حياة أبيه، وفتح عليه في الوعظ حينئذ، وهو الذي تقدم للصلاة على والده حين توفي بمكة المشرفة كما تقدم، وقال الشعراوي: لم نر أحداً من الوعاظ. أقبل عليه الخلائق مثله، وكان إذا نزل من فوق الكرسي يقتتل الناس عليه. قال: وكان مفنناً في العلوم الشرعية، وله الباع الطويل في الخلاف، ومعرفة مذاهب المجتهدين، وكان من رؤوس أهل السنة والجماعة، وكان قد اشتهر في أقطار الأرض كالشام، والحجاز، واليمن، والروم، وصاروا يضربون به المثل، وأذعنوا له علماء مصر الخاص منهم، والعام. وذكر ابن طولون أنه ولي تدريس الخشابية بمصر بعد الشيخ الضيروطي، وهي مشروطة لاعلم علماء الشافعية كالشامية البرانية بدمشق، وعمل له الحسد النكاية عند نواب مصر، ونجاه الله تعالى، وهدم كذا كذا كنيسة وبيعة.(12/1)
قلت: وكان- رحمه الله تعالى- يشدد في قهوة البن، ويقول بتحريمها، وتبعه جماعة من طلبة العلم بمصر كما كان والده شيخنا الشيخ يونس العيثاوي يشدد فيها بدمشق، وتبعه بعض جماعة من طلبة العلم بها حتى ضمنها بعض مؤلفاته، ثم انعقد الآن الاجماع على حلها في ذاتها، وأما في الإجتماع على إدارتها كالخمر، وضرب الآلات عليها، وتناولها من المرد الحسان مع النظر إليهم، وغمز بعض أعقابهم، فلا شبهة في تحريمه، وكانت وفاة الشيخ شهاب الدين ابن عبد الحق في أواخر صفر سنة خمسين وتسعمائة. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: ولما مات أظلمت مصر لموته، وانهدم ركن عظيم من الدين. قال: وما رأيت في عمري كله أكثر خلقاً من جنازته إلا جنازة الشيخ شهاب الدين الرملي لكونهم صلوا عليه في الجامع الأزهر يوم الجمعة، وصلي عليه غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة ثاني عشري ربيع الأول سنة خمسين المذكورة رحمه الله تعالى.
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي
والده:(12/2)
451- عبد الحق بن محمد السنباطي: عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام الحبر البحر، العلامة الفهامة السنباطي، القاهري، الشافعي خاتمة المسندين. ولد في أحد الجمادين سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة كما قرأت بخط ابن طولون نقلاً عن كتاب محدث مكة جار الله بن فهد، وقرأت أيضاً بخط الشيخ نجم الدين الغيطي، وقرأت بخط الوالد أن الشيخ عبد الحق نفسه ذكر له ذلك، وأخذ بالقراءات والسماع عن العلامة كمال الدين بن الهمام، والشيخ أمين الدين الأقصرائي، والشيخ محيي الدين الكافيجي، والشيخ تقي الدين الشمني، والشيخ تقي الدين الحصكفي، والشيخ شهاب الدين السكندري المقريء تلميذ العسقلاني، والشيخ المحقق جلال الدين المحلي، والشيخ العلامة علم الدين صالح البلقيني، والشمس الدواني وعن غيرهم، وسمع السنن لابن ماجة على المسندة الأصلية أم عبد الرحمن باي خاتون ابنة القاضي علاء الدين بن البهاء أبي البقاء محمد بن عبد البر السبكي، عن المسند أبي عبد الله محمد بن الفخر البعلي، عن الحجار، وأجازه ابن حجر، والبحر العيني. كان جلداً في تحصيله، مكباً على الإشتغال حتى برع، وانتهت إليه الرئاسة بمصر في الفقه والأصول والحديث، وكان عالماً عابداً متواضعاً طارحاً للتكليف. من رآه شهد فيه الولاية والصلاح قبل أن يخالطه، أخذ عنه شيخ الإسلام فيما بلغني، والعلامة بدر الدين العلائي، وولده الشيخ الفاضل العلامة شهاب الدين أحمد، والشيخ عبد الوهاب الشعراوي، والقطب المكي الحنفي وغيرهم، وجاور بمكة في سنة إحدى وثلانين وتسعمائة، وكان نازلاً في دار بني فهد، فتوعك في ثامن عشر شعبان، وبقي متوعكاً اثني عشر يوماً منها ثلاثة أيام كان في مصطلحاً لا يدخل جوفه فيها شيء، ولا يخرج منه شيء، ولا ينطق بشطر كلمة، ثم فتح عينيه في أثنائها، وقال: لا إله إلا الله إقض إمض إقض أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.(12/3)
ماداً السبابة والإبهام فما أتمها إلا مقبوضاً إلى رحمة الله تعالى، وكان ذلك في غرة رمضان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة كما ذكر ذلك العلائي في تاريخه، وقال محدث مكة جار الله بن فهد في كتابه إلى الشيخ شمس الدين بن طولون: فقدر الله تعالى وفاته في ليلة الجمعة غرة شهر رمضان عند إطفاء المصابيح أوان الفجر. قال: وكان ذلك مصداق منام رؤي له في أول السنة يؤمر فيه بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم. قال: إطفاء المصابيح. قال: وضمن ذلك بعض الشعراء في أبيات وهي:
بمكة بعد الصبح بدء صيامه ... توفي عبدالحق يوم غروبه
بتسع ميء واجعله عام حمامه ... وزد واحداً فوق الثلاثين مردفاً
سقى الله قبراً ضمه من غمامه ... قضى عالم الدنيا كأن لم يكن بها
قال الشيخ جار الله: وصلي عليه عقب صلاة الجمعة عند باب الكعبة، وشيعه خلق كثير إلى المعلا، ودفن بتربة سلفنا عند مصلب سيدنا عبد الله بن الزبير الصحابي - رضي الله تعالى عنه - بشعب النور، ورثاه جماعة من الشعراء، وحزن الناس عليه كثيراً، فإنه خاتمة المسندين والقراء أيضاً، وقد جاوز التسعين. انتهى.
وذكر العلائي في تاريخه أن الذي صلى عليه إماماً ولده العلامة شهاب الدين وأنه دفن في التربة المذكورة بين قبري محدثي الحجاز الشيخين الحافظين تقي الدين بن فهد، وولده نجم الدين بن فهد، وكان يوماً مشهوداً، وخلف ثلاثة بنين رجالاً متتابعة صلحاء عقلاء فضلاء غير أن أوسطهم الشيخ شهاب الدين أفضل بنيه، ودونه الشيخ محب الدين. انتهى - رحمه الله تعالى.
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي
أخوه بل أبوه:
سنة إحدى وثلاثين بعد التسعمائة(12/4)
وفي سنة إحدى وثلاثين عند طلوع فجر ليلة الجمعة مستهل شهر رمضان توفي الشيخ العلامة عبد الحق بن محمد بن عبد الحق السنباطي القاهري الشافعي ويعرف كأبيه بابن عبد الحق بمكة فجهز في يومه، وصلي عليه عند باب الكعبة عقيب صلوة الجمعة بعد النداء له على زمزم، وشيعه خلق بحمل جنازته على الرؤس وطابت برؤيتها النفوس ودفن بالمعلاه، ورثاه جماعة بمراثي مطولة منهم تلميذه الأديب الزيني عبد اللطيف الديري الأزهري وقال مضمنا لتاريخ وفاته في ثلاثة أبيات وهي:
بمكة عند الصبح بدء تمامه ... توفي عبد الحق يوم عروبة
سقى الله قبراً ضمه من غمامه ... قضى عالم الدنيا كأن لم يكن بها
بتسع مئين وأجعله عام حمامه ... وزد إحدى فوق الثلاثين مردفاً(12/5)
وفجع الخلق بموته وكثر الأسف عليه وبالجملة فانه كان بقية شيوخ الأسلام وصفوة العلماء الأعلام، وكان مولده في أحد الجمادين سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بسنباط، ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج الفرعي ثم أقدمه أبوه القاهرة في ذي القعدة سنة خمس وخمسين فحفظ بها العمدة والألفيتين والشاطبيتين والمنهاج الأصلي وتلخيص المفتاح والجعبرية في الفرائض والخزرجية وعرض على خلق كالجلال البلقيني والمحلي وابن الهمام والديري أبي الفضل المغربي والولي السنباطي والبدر البغدادي، وجد في الأشتغال فأخذ عن الأولين يسيراً والفقه عن المناوي ولازمه والعبادي. ومن قبلهما عن الجلال البكري والمحيوي الطوحي، وكذا أخذ فيه عن الفخر فلان والدين زكريا والجوجري. والأصلين عن التقي الشمني الحصني والأقصري والشرواني، وأصل الدين فقط عن زكريا وأصل الفقه فقط السنهوري، وكذا أخذ عنه وعن النفيس والنورالوراق والآمدي العربية، وعن الحصني والعز عبد السلام البغدادي الصرف، وعن الشرواني والسنهوري والنفيس المعاني والبيان، وعن الوراق والسيد علي الرضي الفرائض والحساب، واليسير من الفرائض فقط عن أبي الجود وعن الشرواني قطعة من الكشاف وحاشيته، وعن السيف الحنفي قطعة من أولهما وبعض البيضاوي عن الشمني، وشرح الفية العراقي بتمامه عن الزين قاسم الحنفي، والكثير منه عن المناوي والقرآات بقراءته أفراد الغالب السبع وجمعاً إلى أثناء الأطراف عن النور الإمام وجمعا، فأما عن ابن أسد بل قرأ على الشهاب السكندري يسير النافع إلى هؤلاء وبعضهم في الأخذ أكثر من بعض، وجل أنتفاعه بالتقي الحصني ثم الشمني، ومما أخذه عن حاشيته على المغني والشروان، وأجاز له شيخ الاسلام الن حجر العسقلاني والبدر العيني والعز بن فرآت وآخرون. فإذن له غير واحد بالتدريس والأفتاء، وولي المنصب الجليلة في أماكن متعددة.(12/6)
كتدريس الحديث في موضعين ومشيخة الصوفية، وغير ذلك وتصدى للقراء بالجامع الأزهر وغيره وكثر الآخذون عنه، وحج مع أبيه وسمع هناك يسيراً ثم حج بعده في سنة اثنين وثمانين وجارو بكة في السنة التي تليها ثم بالنبوية التي يليها ثم بمكة أيضاً، وأقرأ الطلبة بامسجدين متوناً كثيرة، بل أقرأ بجانب الحجرة النبوية غير واحد من الكتب، ثم رجع فاستمر على الأقراء والأفتاء هذا مخلص ما ذكره السخاوي قال: وهو على طريقة جميلة في التواضع والسكون والفعل وفي أزدياد من الخير بحيث أنه الآن أحسن مدرسي الجامع قال: الشيخ جار الله بعد فهد: وبعد وفاة المؤلف سنة ثلاث وتسعمائة عاد لمكة من الحاج وأقام بالقاهرة يدرس الفقه والحديث وكنت أحد القراءة عليه بل لا يخلو ساعة من النهار مع ضعفه بالمرض وكبر سنه وكثرة عائلته وقلة ما بيده. ثم توجه إلى المدينة في أثناء جمادى الأولى، وأقام بها إلى آخر رجب، ثم رجع لمكة وسافر مع الحاج قال: ثم ملك كتبه لاولاده ونزل لهم عن وظائه، وتخلى عن الدنيا وتكفل به أولاد الثلاية فانتفع به خلائق لا يحصون، ثم عاد لمكة في موسم سنة ثلاثين بأولاده وعائلته وأقاربه وأحفاده ليموت بأحد الحرمين فانتعشت به البلاد وأغتبط به العباد فأخذ الناس عنه طبقة أخرى والحق والأحفاد وبالأجداد. وأجتمع فيه كثير الخصالص الحميدة كالعباد والعلم والتواضع والحلم وصفاء الباطن الباطن والتقشف وطرح التكلف بحيث علم هذا من طبقه كل من اجتمع به ولا زال على جلالته وعظمته إلى أن توفي رحمه الله
النور السافر عن أخبار القرن العاشر العيدروس
ابنه:
السنباطي: أحمد بن أحمد بن عبد الحق شهاب الدين السنباطي المصري الشافعي توفي سنة 990 تسعين وتسعمائة له. روضة الفهوم بنظم نقابة العلوم للسيوطي. شرح القصيدة الهمزية للبوصيري في مجلد. فتح الحي القيوم بشرح روضة الفهوم المذكورة له. حاشية على شرح المحلي للورقات.
هدية العارفين(12/7)
رسالة الجيب للشيخ بدر الدين المارديني وهي على مقدمة وعشرين باباً شرحها أحمد بن عبد الحق السنباطي المتوفى سنة تسعين وتسعمائة أولها الحمد لله رب العالمين.
كشف الظنون
"فائدة" أعلم ان في قلبي حسرة عظيمة اذ لم يتيسر إلى الوقوف على تواريخ جماعة من الاعيان المشهورين كطائفة من الأولياء الكرام، وجملة من العلماء الاعلام: مثل الشيخ الإمام والحبر الهمام مجتهد زمانه وعارف اوانه الشيخ أبي الحسن البكري، والشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي المصري، والولي العارف سراج الدين الفقيه عمر بن عبد الله با محزمه الحضرمي، والشيخ الكبير والولي الشهير عمر بن أحمد العمودي والد الشيخ عبد الرحمن الآتي ذكره، والشيخ الإمام العلامة عبد القادر بن أحمد الحباني، والشيخ العلامة علي بن أحمد البسكري المالكي المغربي المكي والد صاحبنا الشيخ أحمد البسكري، والشيخ الفاضل محمد الحطاب سمي ابيه، والشيخ العلامة علي بن عراق. وأخوه الشيخ عبد النافع، والشيخ الكبير العلامة المفنن أحمد بن عبد الغفار المالكي، والولي الصالح الشيخ أحمد بن عبد القوي بافضل الحضرمي والشيخ الكبير الولي الشهير أحمد بن سهل باقشير، والولي الصالح المعلم با جابر صاحب عندل، والشيخ العلامة عبد الرؤف الواعظ تلميذ الشيخ ابن حجر الهيتمي والعلامة الشهير الشيخ محمد الرملي المصري، والعلامة الطبلاوي، وآخرين يطول ذكرهم ويتعذر حصرهم مع أني قد اذكر بعضهم في ترجمة غيره بطريق الأستطراد ولكني لم استوعب أخباره كما ينبغي ويراد، والمرجو أن يمن الله علي بذلك حتى أشفى العليل بشرح مناقبهم العديدة وسيرتهم الحميدة والله ولي التوفيق والمسؤل على هذا الكتاب من الأخوان الفضلاء وظفر بشيء من ذلك فليضفه إليه على هذا النمط والسياق، ويرجي لمن فعل ذلك إنشاء الله ببركتهم الاندراج في المسرعين إلى الخيرات السباق انتهي.
النور السافر عن أخبار القرن العاشر العيدروس(12/8)
تلاميذه:
سيف الدين أبو الفتوح ابن عطاء الله الوفائي الفضالي المقرى الشافعي البصير شيخ القراء بمصر في عصره قال بعض الفضلاء في حقه فاضل جنى فواكه جنية من علوم القرآن وتقدم في علومه على الأقران قرأ بالروايات على الشيخين الإمامين شحادة اليمني وأحمد بن عبد الحق وبهما تخرج وأخذ عنه جمع من أكابر الشيوخ منهم الشيخ سلطان المزاحي ومحمد بن علاء الدين البابلي وله مؤلفات مفيدة نافعة منها شرح بديع على الجزرية في التجويد ورسائل كثيرة في القراآت وكانت وفاته بمصر يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وألف رحمه الله تعالى
خلاصة(12/9)
عبد الرحمن بن شحاذة المعروف باليمنى الشافعي شيخ القراء وإمام المجودين في زمانه وفقيه عصره وشهرته تغنى عن الاطناب في وصفه ولد بمصر وبها نشأ وقرأ بالروايات السبع على والده من أول القرآن إلى قوله تعالى "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد" إلى آخر الآية ثم توفى والده فاستأنف القراءة جمعا للسبعة ثم للعشرة على تلميذ والده الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وحضر دروس الشمس الرملي في الفقه مدة ولازم بعده النور الزيادي وبه تخرج وأخذ علوم الأدب عن كثيرين حتى بلغ الغاية في العلوم وانتهت إليه رياسة علم القراآت وكان شيخا مهابا عظيم الهيئة حسن الوجه والحلية جليل المقدار عند عامة الناس وخاصتهم وكان يقرأ في كل سنة كتابا من كتب الفقه المعتبرة وكان النزر الشبراملسى من ملازمي دروسه الفقهية وغيرها وكان لا يفتر عن الثناء عليه في مجالسه وكان هو شديد المحبة للشبراملسى واتفق للشبراملسى أنه حضر بعض معاصريه في شرح التخليص للسعد فبلغه ذلك فقال له لما أتى إلى الدرس بلغني أنك تحضر فلانا وإنك والله أفضل منه وحلف عليه بالطلاق الثلاث أن لا يحضر دروسه فيما بعد فامتثل أمره وكان يتعاطى التجارة وله أموال كثيرة زائدة الوصف وكان كثير البر لطلبة العلم والفقراء وبالجملة فإنه كان من أهل الخير والدين وأكابر أولياء الله تعالى العارفين وممن قرأ عليه بالروايات الشبراملسى المذكور والشيخ عبد السلام بن إبراهيم اللقاني والشيخ عبد الباقي الحنبلي الدمشقي ومحمد البقري وشاهين الارمناوي وغالب قراء جهات الحجاز والشام ومصر أخذوا عنه هذا العلم وانتفعوا به وعم نفعهم ببركته وكانت ولادته في سنة خمس وسبعين وتسعمائة وتوفى فجاءة ليلة الاثنين خامس عشرى شوال سنة خمسين وألف عبد الرحمن بن شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن الشيخ علي بن أبي بكر بن السقاف الحضرمي مفتي الشافعية بديار حضرموت الشيخ العالم العلم قاضي القضاة ذكره الشلى وأثنى عليه وقال(12/10)
ولد بمدينة تريم في سنة خمس وأربعين وتسعمائة وحفظ القرآن والإرشاد والقطر والملحة وغيرها واشتغل بالتحصيل وأخذ العلوم الشهيرة عن مشايخ كثيرين من أجلهم المحدث محمد بن علي خردو القاضي محمد بن حسن بن الشيخ علي والشيخ حسين بن عبد الله بافضل وارتحل إلى الحرمين وأخذ بهما عن جماعة من المجاورين وبرع في التفسير والحديث والفقه والعربية وأجازه جماعة من مشايخه بالإفتاء والتدريس ولبس الخرقة من مشايخه المذكورين وحكمه غير واحد وأذنوا له في الإلباس والتحكيم وجلس للدروس وأقبل عليه الطلاب وانتفع به خلق كثير وتخرج به جماعة منهم أولاده والشلى الكبير والد المؤرخ وعبد الله بن عمر بن سالم بافضل ومحمد الخطيب القطب ثم ولى القضاء بتريم فسلك أحسن السلوك ولم يشغله القضاء عن التدريس والإفتاء وكان حسن العبارة وله فتاوى مفيدة قال الشلى وهو شيخ مشايخنا الذين عادت علينا بركات أنفاسهم واستضأنا من ضياء نبراسهم وكان محفوظ الأوقات مواظبا على قيام الليل والذكر والتلاوة وجمع من الكتب النفيسة ما لم يجمعه أحد من أهل عصره ووقفها على طلبة العلم الشريف بمدينة تريم وقال الشلى في تاريخه المرتب على السنين ترجمه تلميذه شيخ عبد الله في السلسلة قال وكان ذا سخاء ومروءة وعلم وفتوة ثم قرب انتقاله حصلت له جذبة من جذبات الحق اندهش بها عقله وأخذ عن نفسه فكان يقوم إلى الصلاة بطريق العادة وهو مأخوذ عن نفسه وربما صلى إلى غير القبلة وذلك لما استولى عليه من سلطان الحقيقة فتلاشت عنديته ونودى بفناء الفناء من عالم البقاء ورفعت عنه الجهات لما تحقق بحقيقة الأبصار وأشرق فيه نور حضرة البهاء وشاهد سره المعظم الأعلى حكم سر قوله تعالى "فأينما تولوا فثم وجه الله" وصارت له جميع الجهات مصلى ومكث كذلك أشهرا إلى أن مات قال الشلى وكانت وفاته نهار الاثنين رابع عشر شهر رمضان سنة أربع عشرة وألف بمدينة تريم ودفن بمقبرة زنبل وحضر الصلاة عليه جم غفير وصلى(12/11)
عليه إماما بالناس الشيخ عبد الله بن شيخ العيدروس بوصية منه بقوله السيد عبد الله أولى بي حيا وميتا
خلاصةخلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
عبد القادر بن محمد بن أحمد بن زين الفيومي المصري الشافعي الإمام الكبير المعروف وهو والد عبد البر صاحب المنتزه المقدم ذكره لزم الشمس الرملي مدة سنين وتفقه به وأخذ عن الشهاب أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي وعن شيخ القراء الشيخ شحاذه اليمني
خلاصة(12/12)
محمد حجازي بن محمد بن عبد الله الشهير بالواعظ القلقشندي بلد الشعراوي طريقة لوالده الخلوتي طريقة له الإكراوي مولد الشافعي الإمام المحدث المقرى خالتمة العلماء كان من الأكابر الراسخين في العلم واشتهر بالمعارف الإلهية وبلغ في العلوم الحرفية الغاية القصوى مع كونه كان يغلب عليه حب الخمول وكراهية الظهور نشأ بمصر وحفظ القرآن وعدة متون في النحو والقراآت والفقه وعرضها على علماء عصره وأخذ عن جماعة من العلماء منهم الحافظ النجم الغيطي والشيخ الجمال ابن القاضي زكريا والشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي والشيخ عبد الوهاب الشعراوي والشمس محمد الرملي والشيخ شحاذة اليمنى والسيد الأرميوني والشمس العلقمي والشيخ كريم الدين الخلوتي وأجازه المحدث المسند أحمد بن سند بثلاثيات البخاري في حدود السبعين وتسعمائة وأخذ عن عضد الدين محمد بن أركماس اليشبكي التركي الحنفي رفيق الشيخ عبد الحق الكافيجي قال المترجم كما رأيته بخط ابنه الشيخ عبد الرحمن ناقلاً من خط والده أسماء مشايخه حتى وصل إلى ابن أركماس وهو أعلى من لقيناه لسبقه بالسن انتهى وذكر الشيخ صاحب الترجمة في إجازة شيخ الحنابلة بالشام الشيخ عبد الباقي البعلي قال أروي بحق الإجازة عن الشيخ محمد بن اركماس الحنفي المعمر الساكن بغيط العدة بمصر إلى موته بحق إجازته عن شيخ الإسلام حافظ العصر أحمد بن حجر العسقلاني وبحق اجتماعه مع الحافظ الجلال السيوطي والشيخ عبد الحق السنباطي قال أحدهما عن الشيخ محي الدين الكافيجي فبفضل الله تعالى هذا الاسناد أنا منفرد به مشرقاً ومغرباً انتهى قلت وقد تكلم في لحوق ابن أركماس لابن حجر فاستبعد وأنا رأيت ترجمته في طبقات الحنفية التي ألفها القاضي تقي الدين اليمني فقال فيها محمد بن أركماس اليشبكي عضد الدين النظامي نسبة للنظام الحنفي لكونه ابن أخته ولد سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ومات والده وهو صغير فرباه خاله المذكور وحفظ القرآن(12/13)
والشاطبية والمنار والكنز والفية ابن مالك وغيرها وعرض على ابن حجر وغيره واشتغل على ابن الديري والزين قاسم وغيرهما
خلاصة
الشيخ الفاضل المجود عبد الخالق الدهلوي شيخ القراء في عصره، أخذ القراءة والتجويد عن الشيخ البقري والبصري عن الشيخ عبد الرحمن اليمني عن والده الشيخ سجادة اليمني وعن الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وأخذ الشيخ سجادة عن الشيخ أبي نصر الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا بسنده المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ عن الشيخ عبد الخالق المترجم له الشيخ محمد فاضل السندي وخلق آخرون.
نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر عبد الحي
الشيخ محمد البقري الأزهري
ومنهم الشيخ المعمر قطب الوجود، شيخ الإقراء في البلاد المصرية الشيخ الإمام محمد بن الشيخ قاسم بن إسماعيل البقري الأزهري. أخذ القراءات بسائر أنواعها عن الإمام العلامة الشيخ عبد الرحمن ركن الدين اليمني شيخ الإقراء في البلاد المصرية عن والده شحادة اليمني، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي. عن شحادة اليمني المزبور، وإنما أخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الحق لأنه مات والده وهو يقرأ عليه في سورة الأنعام فأكمله على ابن عبد الحق، وشحادة أخذه عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي، عن شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، عن الشيخ عثمان الزبيدي، عن الحافظ أبي الخير محمد شمس الدين بن الجزري إمام كل مقرئ.(12/14)
قال شيخنا المرحوم صاحب هذه المشيخة: قرأت على الشيخ محمد البقري حين توجهت إلى مصر سنة 1071 للهجرة إفراداً وجمعاً للعشرة من طريق الطيبة ختماً كاملاً، وأفرد لي للأربعة التي فوق العشرة. ويروي الشيخ محمد البقري الحديث وغيره من العلوم عن الجماعات منهم الشيخ شمس الدين الفيومي، عن الحافظ عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ومنهم العلامة برهان الدين إبراهيم اللاقاني المالكي عن سالم السنهوري، عن النجم الغيطي، عن الشيخ زكريا.
مشيخة أبي المواهب ابن عبد الباقي الحنبلي
اللؤلؤ المكنون في جمع الأوجه من سورة الكوثر إلى قوله سبحانه وتعالى وأولئك هم المفلحون للشيخ سيف الدين بن عطاء الله البصير مختصر أوله الحمد لله الذي جعل القرآن العظيم وقاية لحفظته من النار الخ ذكر فيه أن شيخه شهاب الدين أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي لما ختم الطيبة عليه بالقراءة وحصل له فوائد أشار إلى جمعه فجمعه.
كشف الظنون(12/15)
النقاية مختصر في أربعة عشر علماً مع زبدة مسائلها لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 إحدى عشرة وتسعمائة ثم شرحه وسماه إتمام الدراية فرغ من تأليفه ثالث ربيع الأول سنة 873 ثلاث وسبعين وثمانمائة وقد نظم الشيخ عبد الرؤوف الزمزمي المكي المتوفى سنة 963 ثلاث وستين وتسعمائة فن التفسير في بحر الرجز وعلى النظم شرح للمنصور سبط الطبلاوي سماه منهج التيسير إلى علم التفسير أوله الحمد لله الكريم المتعال مانح الإكرام والإجلال الخ أتمه في شوال سنة 989 تسع وثمانين وتسعمائة ونظمه شهاب الدين أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي المصري المتوفى سنة 990 تسعين وتسعمائة وزاد أربعة علوم فصار ثمانية عشر علماً أوله الحمد لله الكريم المحسن الواسع الفضل العظيم المنن الخ سماه روضة ألفه وم بنظم نقاية العلوم ثم شرحه متتبعاً لشرح الأصل وسماه فتح الحي القيوم بشرح روضة ألفه وم وزياداته هي الحساب والعروض والقوافي والمنطق في ألف وخمسمائة بيت تقريباً وقد فرغ من بياض الشرح في رجب سنة 982 اثنتين وثمانين وتسعمائة.
كشف(12/16)
عبد العزيز بن عمر بن فهد: عبد العزيز بن عمر بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن سعد بن هاشم بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن القاسم بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد الشهير بابن الحنفية، ابن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهما - الشيخ الإمام الحافظ، المتقن الرحال المفيد القدوة، عز الدين أبو الخير وأبو فارس ابن العمدة المؤرخ الرحال نجم الدين أبي القاسم، وأبي حفص ابن العلامة الرحلة الحافظ تقي الدين أبي الفضل، ابن أبي النصر ابن أبي الخير المعروف كسلفه بابن فهد، ولد في الثلث الأخير من ليلة السبت سادس عشري شوال سنة خمسين وثمانمائة بمكة المشرفة، وحفظ القرآن العظيم والأربعين النووية، والإرشاد لابن المقري، والألفية لابن مالك، والنخبة لابن حجر، والتحفة الوردية، والجرومية وعرضها جميعها على والده وجده، والثلاثة الأولى على جماعة غيرهما، واستجاز له والده جماعة منهم ابن حجر، وأسمعه على المراغي والزين الأسيوطي، والبرهان الزمزمي، وغيرهم ثم رحل بنفسه إلى المدينة المنورة، ثم إلى الديار المصرية، وسمع بالقدس، وغزة ونابلس ولدمشق وصالحيتها، وحماة وحلب، وغيرها من جماعة واجتهد، وتميز ثم عاد إلى بلده، ثم رجع إلى مصر، بعد نحو أربع سنوات، وذلك في سنة خمس وسبعين وثمانمائة، وقرأ على شيخ الإسلام زكريا والشرف عبد الحق السنباطي، في الإرشاد وعلى السخاوي ألفية الحديث وغيرها،
الكواكب(12/17)
الطبلاوي
الطبلاوي: محمد بن سالم. الإمام العلامة الحبر الشيخ ناصر الدين المصري الشافعي له مصنفات منها: شرحان على البهجة. مات سنة 966.
ديوان الإسلام
الطبلاوي: ناصر الدين محمد بن سالم بن علي المصري. الأزهري الشافعي المعروف بالطبلاوي وتوفي سنة 966 ست وستين وتسعمائة. صنف بداية القارئ في ختم صحيح البخاري. شرح حاوي الصغير للقزويني في الفروع. مرشدة لمشتغلين في أحكام النون الساكنة والتنوين.
هدية العارفين
الطَّبَلَاوي )00 - 966 ه 00 - 1559 م(
محمد بن سالم الطبلاوي، ناصر الدين: من علماء الشافعية بمصر. عاش نحو مئة سنة. وانفرد في كبره باقراء العلوم الشرعية والاتها كلها، حفظاً، ولم يكن في مصر احفظ لهذه العلوم منه. له )شرحان( على )البهجة الوردية( وهي خمسة الاف بيت، لعمر بن مظفر - خ( من محفوظات دار الكتب المصرية، لم يذكرها مترجموه )انظر خطة في آخر صفحاتها(. نسبته الى )طبلية( من قرى المنوفية
الأعلام
محمد بن سالم الطبلاوي
محمد بن سالم بن علي الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام، بقية السلف الكرام الشيخ ناصر الدين الطبلاوي الشافعي، أحد العلماء الأفراد بمصر أجاز شيخنا العلامة الشيخ محمود البيلوني الحلبي كتابة في مستهل جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة
قال: تلقيت العلم عن أجلة من المشايخ منهم قاضي القضاة زكريا، وحافظ عصرهم الفخر بن عثمان الديلمي ، والسيوطي، والبرهان القلقشندي بسندهم المعروف، وبالإجازة العالية مشافهة عن الشيخ شهاب الدين البيجوري، شارح جامع المختصرات، نزيل الثغر المحروس بدمياط بالإجازة العالية، عن شيخ القراء والمحدثين، محمد بن الجزري(13/1)
وقال الشعراوي: صحبته نحو خمسين سنة ما رأيت في أقرانه أكثر عبادة لدينه لا تكاد تراه إلا في عبادة، إما يقرأ القران، وإما يصلي، وإما يعلم الناس العلم، وانتهت إليه الرئاسة في سائر العلوم بعد موت أقرانه قال: ولما دخلت مصر في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وكان- رضي الله تعالى عنه- مشهوراً في مصر برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عليه الخلائق إقبالاً كثيراً بسبب ذلك، فأشار عليه بعض الأولياء بإخفاء ذلك، فأخفاه قال وليس في مصر أحد الآن يقرر في بيان العلوم الشرعية، وآلاتها إلا هو حفظاً، وقد عدوا ذلك من جملة كراماته، فإنه من المتبحرين في التفسير والقراءات والفقه والحديث والأصول والمعاني والبيان والطب والمنطق والكلام والتصوف، وله الباع الطويل في كل فن من العلوم، وما رأيت أحداً في مصر أحفظ لمنقولات هذه العلوم منه، وجمع على البهجة شرحين، جمع فيهما من شرح البهجة لشيخ الإسلام، وزاده فيها ما في شرح الروض، وغيره وولي تدريس الخشابية، وهي من أجل تدريس في مصر يجتمع في درسه غالب طلبة العلم بمصر، وشهد له الخلائق بأنه أعلم من جميع أقرانه، وأكثرهم تواضعاً، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم نفساً. لا يكاد أحد يغضبه لما هو درس التمكين إذا حضر ولده يجلس بجانب النعال، فيكون هو صدر المجلس، وله صدقة كثيرة لا يكاد يبيت على دينار ولا درهم مع كثرة دخله تبعاً لشيخه الشيخ زكريا قال: وقد عاشرته مدة سنين أطالع أنا وإياه لشيخ الإسلام المذكور، فكنت أطالع من طلوع الشمس إلى الظهر، ويطالع هو من الظهر إلى غروب الشمس، فما كنت أظن أحداً بمصر أكرم مني مجلساً، فكنت إن نظرت إلى وجه شيخ الإسلام سررت، وإن نظرت إلى وجه الشيخ ناصر الدين سررت، وكأنما النهار الطويل يمر كأنه لحظة من أدبه وأدب شيخه، من حلاوة منطقهما وكثرة فوائدهما، لا سيما في علم التأليف والوضع وضم الألفاظ انتهى.(13/2)
توفي كما بخط والد شيخنا نقلاً عن ثقات كانوا بمصر عاشر جمادى الآخرة سنة ست وستين وتسعمائة ودفن في حوش الإمام الشافعي، وكان له جنازة عظيمة، وصلي عليه غائبة بدمشق يوم الجمعة ثالث عشر شعبان قال والد شيخنا: وقيل لي أنه عمر نحو المائة وانتفع به خلق كثير رحمه الله تعالى.
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي
شيوخه:
محمد بن أحمد بن حمزة الملقب شمس الدين بن شهاب الدين الرملي المنوفي المصري الأنصاري الشهير بالشافعي الصغير وذهب جماعة من العلماء إلى أنه مجدد القرن العاشر ووقع الاتفاق على المغالاة بمدحه وهو أستاذ الأستاذين وأحد أساطين العلماء وأعلام نحارير هم محيي السنة وعمدة الفقهاء في الآفاق وفيه يقول الشهاب الخفاجي وهو أحد من أخذ عنه:
ليحوى معشار الذي فيه من فضل ... فضائله عد الرحال فمن يطق
تربت استرح من جهد عدك للرمل ... فقل لغبي رام إحصاء فضله(13/3)
اشتغل على أبيه في الفقه والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والتاريخ وبه استغنى عن التردد إلى غيره وحكى عن والده إنه قال تركت محمداً بحمد الله تعالى لا يحتاج إلى أحد من علماء عصره إلا في النادر وكانت بدايته بنهاية والده وحفظ القرآن والبهجة وغيرهما وأخذ عن شيخ الإسلام القاضي زكريا والشيخ الإمام برهان الدين بن أبي شريف رحمه الله تعالى قال رأيت الشيخ زكريا كالألف في الانتصاب ورأيت برهان الدين وهو قاعد إلى هيئة السجود أقرب من الهرم فقلت لوالدي ما بال الشيخ زكريا مع كونه أسسن من الشيخ برهان الدين أصح جسما ومنتصب القامة فقال كان الشيخ برهان الدين يكثر الجماع جداً فأسرع إليه الهرم وأما الشيخ زكريا فكان معرضاً عن ذلك جداً انتهى وذكر النجم الغزي في ترجمته أن له رواية عن شيخ الإسلام أحمد بن النجار الحنبلي وشيخ الإسلام يحيى الدميري المالكي وشيخ الإسلام الطرابلسي الحنفي والشيخ سعد الدين الذهبي الشافعي وكان عجبب الفهم جميع الله تعالى له بين الحفظ والغهم والعلم والعمل وكان موصوفاً بمحاسن الأوصاف وذكره الشيخ عبد الوهاب الشعراني في طبقاته الوسطى فقال صحبته من حين كنت أحمله على كتفي إلى وقتنا هذا فما رأيت عليه ما يشينه في دينه ولا كان يلعب في صغره مع الأطفال بل نشأ على الدين والتقوى والصبانة وحفظ الجوارح ونقاء العرض رباه والده فأحسن تربيته ولما كنت أحمله وأنا أقرأ على والده في المدرسة الناصرية كنت أرى عليه لوائح الصلاح والتوفيق فحقق الله رجائي فيه وأقر عين المحبين به فإنه الآن مرجع أهل مصر في تحرير الفتاوي وأجمعوا على دينه وورعه وحسن خلقه وكرم نفسه ولم يزل بحمد الله في زيادة من ذلك انتهى وجلس بعد وفاة والده للتدريس فأقرأ التفسير والحديث والأصول والفروع والنحو والمعاني والبيان وبرع في العلوم النقلية والعقلية وحضر درسه أكثر تلامذة والده وممن حضره الشيخ ناصر الدين الطبلاوي الذي كان من(13/4)
مفردات العالم مع أنه في مقام أبنائه فليم على ذلك وسئل عن الداعي إلى ملازمته فقال لا داعي لها إلا أني أستفيد منه مالم يكن لي به علم
تلاميذه
يقول أبو المواهب الحنبلي:
هذا وقد التمس بعض المحبين الموفقين من هذا المذنب الحقير الفقير الكسير المسرف على نفسه الراجي رحمة ربه ولطفه به في الدنيا والآخرة وما بينهما وحين يوضع في رمسه، أن أذكر له تراجم مشايخي وما قرأته عليهم وما أخذته عنهم، دراية ورواية بأي نوع من أنواع الإجازة فأجبته لذلك سائلاً من الله التوفيق والرحمة، لأنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فأقول:
تقي الدين عبد الباقي بن عبد الباقي
الحنبلي البعلي
أول مشايخي، والدي نسباً، عبد الباقي تقي الدين بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد الحنبلي، البعلي الأزهري الدمشقي، المحدث المقرئ الأثري، الشهير بابن بدر، ثم بابن فقيه فصة، وهي بفاء مكسورة ومهملة: قرية ببعلبك من جهة دمشق نحو فرسخ، وكان أحد أجداده يتوجه ويخطب بها فلذلك اشتهر بها، وأجداده كلهم حنابلة.
وقد ولد ببعلبك قال والدي: رأيت على هوامش بعض الكتب للجد الشيخ إبراهيم: ملكه الفقير إبراهيم بن تيمية. ولم أدر غير ذلك، ولم يعهد لنا جدّ إلا وهو حنبلي. وقال في الثبت الذي جمعه وتعب عليه كثيراً: وجدت بخط والداي رحمة الله على ظهر كتاب الإقناع: )ولد الولد المبارك عبد الباقي ابن كاتبه الفقير عبد الباقي بن عبد القادر ابن فقيه فصة الحنبلي ليلة السبت 18 ربيع الثاني من شهور سنة 1005 للهجرة جعله الله من العلماء العاملين(.
(. وحفظت
القرآن على والداي، تولى قراءتي بنفسه اعتناءً بي، وعمري إذ ذاك عشر سنين،
انتهى كلام الوالد رحمه الله(13/5)
وأخذ عنه (أي عن والده) خلق كثير أجلهم: الأستاذ الكبير واحد الدنيا في المعارف إبراهيم الكوراني نزيل المدينة المنورة والسيد العالم محمد بن عبد الرسول البرزنجي وغيرهم من العلماء الأجلاء والطلبة والمنتهون منهم المرحوم الشيخ مصطفى شيخ المحيا ابن سوار، ومنهم الشيخ محمد البطنيني، ومنهم الشيخ محمد الداراني، ومنهم الشيخ عبد الحق الصفوري، ومنهم الشيخ رمضان بن موسى العطيفي وأخوه الشيخ حسن. ومن أهل البلدة والمصريين والحلبيين والنجديين والأغراب والمترددين والآفاقيين خلائق كثيرون.
وله من المؤلفات والتحريرات والمسودات أشياء كثيرة بخطه وغير خطه. وعلى هوامش الكتب، من ذلك قطعة مسودة على البخاري.
وكان مدرس العادلية الصغرى، وكان خطيباً بجامع منجك الذي بمسجد الأقصاب خارج دمشق. وكان شيخ القراء بدمشق.
توفي ليلة الثلاثاء 27 ذي الحجة سنة 1071 ودفن بتربة الغرباء في مقبرة باب الفراديس.
هذا وكان معظم انتفاعي منه وتخرجي عليه من قراءة الرسائل والمؤلفات والمقدمات في غالب العلوم مثل: الجزرية والآجرومية وشروحهما المشهورة كالقاضي زكريا وغيره والشاطبية، والألفية لابن مالك وجميع ما يوجد من شروحها، وما يوجد من شروح الشاطبية كالجعبري وأبي شامة والهمداني والفاسي والأندلسي وشعلة وابن القاصح وغيرها من الشروح مما يوجد. وأيضا قرأت عليه لطائف الإشارات للقسطلاني في الأربعة عشر، وأجازني بما فيه.
وقرأت عليه إفراداً وجمعاً، وقرأت عليه عرضا ختمين كاملين أحدهما للسبعة من طريق الشاطبي، وللثلاثة من طريق الدرة. وأجازني بجميع كتب خاتمة المتأخرين الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الجزري ورسائله كالنشر وطيبته والتقريب وباقي تآليفه، وبالقراءة والإقراء من هذه الطرق أيضا
ثم ذكر من شيوخه:
الشيخ محمد البقري الأزهري(13/6)
ومنهم الشيخ المعمر قطب الوجود، شيخ الإقراء في البلاد المصرية الشيخ الإمام محمد بن الشيخ قاسم بن إسماعيل البقري الأزهري. أخذ القراءات بسائر أنواعها عن الإمام العلامة الشيخ عبد الرحمن ركن الدين اليمني شيخ الإقراء في البلاد المصرية عن والده شحادة اليمني، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي. عن شحادة اليمني المزبور، وإنما أخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الحق لأنه مات والده وهو يقرأ عليه في سورة الأنعام فأكمله على ابن عبد الحق، وشحادة أخذه عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي، عن شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، عن الشيخ عثمان الزبيدي، عن الحافظ أبي الخير محمد شمس الدين بن الجزري إمام كل مقرئ.
قال شيخنا المرحوم صاحب هذه المشيخة: قرأت على الشيخ محمد البقري حين توجهت إلى مصر سنة 1071 للهجرة إفراداً وجمعاً للعشرة من طريق الطيبة ختماً كاملاً، وأفرد لي للأربعة التي فوق العشرة.
ويروي الشيخ محمد البقري الحديث وغيره من العلوم عن الجماعات منهم الشيخ شمس الدين الفيومي، عن الحافظ عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ومنهم العلامة برهان الدين إبراهيم اللاقاني المالكي عن سالم السنهوري، عن النجم الغيطي، عن الشيخ زكريا.
مشيخة أبي المواهب الحنبلي ابن عبد الباقي الحنبلي
عبد الله الهندي
عبد الله بن منلا صدر الدين بن منلا كالي الهندي، الحنفي. اشتغل بحلب في كبره بالعلم، واعتنى بالقراءات، وجمع للسبعة، ثم للعشرة، وأخذ بها عن الشيخ إبراهيم اليشبكي، والشيخ إبراهيم الصيرفي، والأريحاوي، والشيخ أحمد بن قيما، ثم دخل إلى القاهرة، وأخذ عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي وغيره، ثم رجع إلى حلب، ولزمه الطلبة في القراءات، وحج سنة سبع وخمسين وتسعمائة، فتوفى وهو راجع في طريق الحج
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي
محمد الخطيب الشربيني(13/7)
محمد الشيخ الإمام العالم العلامة الهمام الخطيب شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي. أخذ عن الشيخ أحمد البرلسي. الملقب عميرة، والشيخ نور الدين المحلي، والشيخ نور الدين الطهواني، والشمس محمد بن عبد الرحمن بن خليل النشلي الكردي، والبدر المشهدي، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي، وغيرهم، وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، فدرس، وأفتى في حياة أشياخه، وانتفع به خلائق لا يحصون، وأجمع أهل مصر صلاحه ووصفوه بالعلم والعمل، والزهد والورع، وكثرة النسك والعبادة، وشرح كتاب المنهاج والتنبيه شرحين عظيمين جمع فيهما تحريرات أشياخه بعد القاضي زكريا، وأقبل الناس على قراءتهما، وكتابتهما في حياته وله على الغاية شرح مطول حافل، وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد، وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تعب شديد يمشي كثيراً عن الدابة، وكان إذا خرج من بركة الحاج لم يزل يعلم الناس المناسك، وآداب السفر، ويحثهم على الصلاة، ويعلمهم كيف القصر والجمع، وكان يكثر من تلاوة القرآن في الطريق، وغيره، وإذا كان بمكة أكثر من الطواف ومع ذلك كان يصوم بمكة والسفر أكثر أيامه، ويؤثر على نفسه كان يؤثر الخمول، ولا يكترث بأشغال الدنيا وبالجملة كان آية من آيات الله تعالى، وحجة من حججه على خلقه اثنى عليه الشعراوي كثيراً، ولم يؤرخ وفاته، وقرأت بخط الشيخ شمس الدين بن داود نزيل دمشق نقلاً عن بعض الثقات أنه توفي بعد العصر يوم الخميس ثامن شعبان سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى.
الكواكب السائرة
أبو بكر الأربلي(13/8)
أبو بكر بن أحمد القاضي تقي الدين الأربلي، ثم الحموي الشهير بابن البقا بالموحدة والقاف المشددة، خليفة الشيخ محمد ابن الشيخ علوان، أخذ عن شيخ الإسلام العلامة أحمد بن عميس الحموي، بحق إجازته عن ابن حجر العسقلاني، وأخذ عن البازلي بحماة، وعن الشيخ شمس الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين بن محمد بن السقاء الحموي الشافعي، الإسلام شمس الدين محمد الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي، والأستاذ سيدي محمد البكري، وقرأ عليه شيخنا القاضي محب الدين من أول البخاري إلى باب القراءة في المقبرة في أواخر رمضان سنة إحدى، وستين وتسعمائة وأجازه بباقيه، ثم قرأ عليه في أواخر رجب سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وتوفي في حدود السبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
الكواكب(13/9)
أحمد بن علي، الشيخ العلامة شهاب الدين الفلوجي الحموي، الشافعي، المقرىء، المجود، الواعظ المذكر أحد المفتين بدمشق ولد سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وأخذ عن الجد رضي الدين الغزي، وولده الوالد، وعن السيد كمال الدين: والتقوى البلاطنسي، والشمس الكفرسوسي، والميلي الدمشقيين، وجمال الدين عبد الله بن رسلان البويضي خطيب البويضاء، وعن ابن النجار، والبحيري، والنسائي، والسعد الذهبي، وناصر الدين محمد بن سالم الطبلاوي، وابن عبد الحق، والضيروطي المصريين، ومما قرأه على الوالد المنهاج، وعرض عليه الجزرية، والشاطبية، والرائية، والألفية، وحضر عنده دروساً كثيرة بقراءة أخيه الشيخ محمد المتقدم في الطبقة الثانية، ورحل إلى مصر غير مرة، وفي آخرها وعظ على كرسي بالأزهر فأزري بأهل مصر، فرمي عن الكرسي، وكان له تبجح ودعوى إلا أنه كان سليم الفطرة لا يخلو من تغفل، وكان يحط في وعظه على الولاة والحكام، وبلغ بعضهم عند ذلك، فسخط منه، وكتب مكتوباً إلى الروم يشكو من القضاء، ويرميه بالجهل، وكان في تفسير غير جاهل، فوصل المكتوب إليه، فجزع الشيخ منه، واستغاث بوالد شيخنا، وذهب معه إليه حتى استرضاه، وكان يدعي أنه أعلم من بالشام ومصر. قيل: وهذه الدعوى كانت بسبب رميه من كرسي الوعظ بمصر، ودرس بالشامية البرانية، وكان يقول: هي مشروطة لأعلم علماء الشافعية، وأنا مدرسها، فأنا أعلمهم. قيل: وكان مسرحاً. وكان يحلف بالطلاق كثيراً، ويخالف إلى ما يحلف عنه.(13/10)
وحدثني غير واحد أنه كان يقول: عليّ التلاق بالتاء وهذا وإن كان صحيح التأويل إلا أنه لا يليق بمثله، فإنه يتابعه العوام، ويترتب عليه عبثهم بحلف الطلاق، وعلم اعتباره، وكن شريكاً للشيخ شهاب الدين الذيبي في إمامة المقصورة بالأموي، وكان يصلي في رمضان العشاء والتراويح بالمقصورة الشافعي ليلة، والحنفي ليلة، وكان الفلوجي يطيل في نوبته، فتضجر منه بعض الحكام، ومنع الشافعية من صلاة التراويح بالمقصورة، ثم عزل عن الإمامة بسبب طعنه في بعض القضاة، ووجهت للشيخ شهاب الدين الأيدوني، ثم استكتب جماعة من العلماء محضراً بأنه أحق من الأيدوني، فأعيدت إليه إمامة المقصورة بعد أن أعطي إمامة الأولى، وجمع له بينهما، وكان والده سمساراً في القماش، وفتح عليه وعلى أخيه بالعلم، وأعقب ولدين ذكرين لم يشتغلا في العلم، بل كانا من السباهية مكبين على الجهل، وعدم الاستقامة، وكانت وفاته يوم الخميس رابع صفر سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، ودفن من الغد بعد صلاة الجمعة بباب الصغير، وأوصى أن تحمل جنازته إلى زاوية الشيخ الوالد بالأموي ليصلي عليه، فحملت وخرج الشيخ ليدركه، فتلاقى والجنازة في صحن الجامع، فصلى عليه، واقتدى الناس به، وأنا مدرك ذلك إدراكاً واضحاً، وأنا ابن أربع سنوات. وحدثني خالي الزيني عمر بن سبت. قال: سمعت الشيخ بدر الدين يقول حين بلغه موت المذكور: لا إله إلا الله. لقد انطوى بموت الشيخ أحمد الفلوجي علوم كثيرة رحمه الله.
الكواكب
محمد بن داود المنعوت شمس الدين بن صلاح الدين الداودي القدسي الدمشقي الشافعي المحدث الفقيه علم العلماء الأعلام والمفتي المدرس الهمام قرأ بالقدس على العلامة محمد بن محمد بن أبي اللطف المقدسي وغيره ثم رحل إلى مصر وأخذ عن جماعة من المصريين منهم النجم الغيطي والناصر الطبلاوي والجمال يوسف ابن القاضي زكرياء والخطيب الشربيني والشمس الرملي(13/11)
قال النجم مولده كما سمعته من لفظه ثم قرأته من خطه في أحد الربيعين سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وتوفي يوم الأربعاء ثالث شعبان سنة ست بعد الألف
خلاصة الأثر
منصور سبط شيخ الإسلام ناصر الدين الطبلاوي نسبة لبلدة بالمتوفية من أقاليم مصر الشافعي الشيخ العالم المحقق خاتمة الفقهاء ورحلة الطلاب وبقية السلف برع في التفسير والفقه والحديث والنحو والتصريف والمعاني والبيان والكلام والمنطق والأصول وغيرها من العلوم فلا يدانيه فيها مدان بحيث أنه تفرد في اتقان كل منها وقلما يوجد فن من الفنون العلمية إلا وله فيها الملكة القوية ولد بمصر وبها نشأ وحفظ القرآن بالروايات واشتغل بعلوم الشرع والمعقولات وأخذ الفقه عن الشمس الرملي والعربية عن أبي النصر بن ناصر الدين الطبلاوي ولازم في العلوم النظرية المحقق الشهاب أحمد بن قاسم العبادي وبه تخرج وببركته انتفع وحصل وجمع وأفتى ودرس ولازمه بعده جل تلامذته ممن لازمه وأخذ عنه علوماً عديدة الشمس محمد الشوبري وألف المؤلفات السنية ورزق السعادة فيها فانتشرت واجتهد الناس في تحصيلها وسارت بها الركبان ومن مؤلفاته شرح على الأزهرية في مجلد حافل وشرح على شرح تصريف العزي للتفتازاني ونظم الاستعارات وشرحها ونظم عقيدة النسفي وله مؤلف في ليلة النصف من شعبان وغير ذلك من كتب ورسائل وجرد حاشية شيخه ابن قاسم المذكور على التحفة لابن حجر ولم يزل مشتغلاً بالعبادة والإفادة حتى توفي وكانت وفاته بمصر يوم الثلاثاء رابع عشر ذي الحجة سنة أربع عشرة بعد الألف منصور الشهير بالفرضي الشافعي المصري نزيل الصالحية بدمشق الفقيه الفرضي الحيسوب فرد وقته أخذ بمصر عن علماء أجلاء ثم ورد صالحية دمشق فنزل بالمدرسة العمرية وقطن بها مدة حياته ودرس بها وأفاد واشتغل عليه جماعة من فضلاء دمشق وانتفعوا به من أجلهم بقية البيت الغزي الشيخ العالم عبد الكريم ابن الشيخ سعودي مفتي الشافعية بدمشق الآن وغيره وكان(13/12)
صالحاً ناسكاً حسن السمت والنزاهة وللناس فيه اعتقاد وكانت وفاته يوم السبت عاشر ذي القعدة سنة سبعين وألف
خلاصة الأثر
علي بن محمد بن علي بن خليل بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن غانم بن علي بن حسن بن إبراهيم بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة سيد الخزرج الخزرجي السعدي العبادي المقدسي الأصل القاهري المولد والسكن الملقب نور الدين الحنفي العالم الكبير الحجة الرحلة القدوة رأس الحنفية في عصره وإمام أئمة الدهر على الإطلاق وأحد أفراد العلم المجمع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من الفنون وبالجملة والتفصيل فهو أعلم علماء هذا التاريخ وأكثرهم تبحراً وأجمعهم للفنون مع الولاية والورع والزهد والشهرة الطنانة التي سلم لها أهل عصره وأذعنوا لها مع أن العصريين يجحدون فضل بعضهم بعضاً ولا يذعنون كل الإذعان وقد وقفت على أخباره كثيراً من التواريخ وكتب الآداب المؤلفة فانتقيت ما يحصل المراد من ترجمته فأقول أنه نشأ بمصر وحفظ القرآن وتلاه بالسبع على الشيخ الفقيه الورع الزاهد شهاب الدين أحمد بن الفقيه علي بن حسن المقدسي الحنبلي وأخذ عن قاضي القضاة محب الدين أبي الجود محمد بن إبراهيم السديسي الحنفي قرأ عليه القراآت والفقه وسمع عليه كثيراً وعن قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز علي الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار وقرأ عليه الصحيحين وبعض كل من السنن الأربعة وسمع عليه بعض معاني الآثار للطحاوي وغير ذلك من كتب الحديث وغيرها ومن مشايخه المحقق شهاب الدين أحمد بن يونس الحلبي الشهير بابن الشلي صاحب الفتاوى قرأ عليه الفقه وسمع عليه الحديث وغيره
ومنهم خاتمة المحققين الشيخ ناصر الدين الطبلاوي
والشيخ الإمام ناصر الدين اللقاني المالكي
والأستاذ العارف الكبير أبو الحسن البكري
والشيخ الشهاب الرملي(13/13)
والعلامة الشهير بعالم الربع العامر الإمام المفنن شمس الدين محمد الشهير بمفوش المغربي التونسي قرأ عليه بعض مسلم وأجازه بسائره وقرأ عليه وسمع عنده كثيراً من العلوم
ومنهم الشيخ المسند شمس الدين محمد بن شرف الدين السكندري يروى عنه الحديث المسلسل بالأولية والكتب الستة والقراآت
ومنهم السيد قطب الدين عيسى بن صفي الدين الشيرازي ثم المكي الشهير بالصفوي يروي عنه البخاري والشفاء سماعاً لبعضهما وأجازه لسائرهما وشاركه في الأخذ عن شيخه السيد أبي الفضل الأسترابادي تلميذ شيخ الإسلام أحمد بن يحيى الهروي حفيد السعد التفتازاني سمع عليه التلويح للتفتازاني وسمع على السيد الشريف مير عليم البخاري شارح الفوائد الغياثية والمولى محمد بن عبد القادر الشهير بمعلول أمير وقاضي القضاة عبد الله بن عبد العزيز الشهير ببروير قاضي العسكر بمصر وكلاهما يروى عن العلامة أحمد بن سليمان الشهير بابن الكمال المفتي والمولى سعدي المحشي المفتي وتفوق على أهل عصره في كل علم وكان إليه الرحلة من الآفاق وأفتى مدة حياته وانتفع به الجسم الغفير من كبار أهل زمانه منهم الشهابان الغنيمي والخفاجي وأبو المعالي الطالوي الدمشقي وغيرهم ممن لا يحصى وولي المناصب الجليلة كإمامة الأشرفية ومشيختها ومشيخة مدرسة الوزير سليمان باشا ومشيخة الإقراء بمدرسة السلطان حسن وتدريس الصرغتمشية وغير ذلك وحج مرتين ورحل إلى القدس ثلاث مرات وألف التآليف النافعة في الفقه وغيره منها شرح نظم الكنز سماه الرمز وشرح الأشباه والنظائر وله الشمعة في أحكام الجمعة التي قال في مدحها المولى علي بن أمر الله الحنائي
توقد من مشكاة علم وإيقان ... لقد أنست عيناي لمحة شمعة
غياهب شك كان في ليل نقصان ... جلا نورها الوضاح أفق كماله
وكتب عليها شاه محمد الغناري
توقد في مشكاة علم وإتقان ... أضاءت خفيات العلوم بشمعة
غياهب شك كان في ليل نقصان ... جلا نورها البادي بصبح كمالها(13/14)
وله غير ذلك وذكره الخفاجي وقال في وصفه إمام اقتدت به علماء الأمصار وتنزهت من فضائله في حدائق ذات بهجة وأنوار أثمرت أغصان الأقلام في حدائق فضائله وسالت في بطاح المكارم بحار فواضله
يتلو الثناء عليه والدنيا فم ... فالناس كلهم لسان واحد
فالعلم مدينة وعلي بابها وكعبة تحج لها آمال الفضلاء وألبابها لو مست راحته هذا السحاب أمطر كرماً ومجداً أو النجوم جرين في التربيع سعداً ولو رآه النعمان لقال هذا أخي وشقيقي أو الصاحب لقال أنت في طرق البلاغة رفيقي
لكننا لذة ذكرناها ... صفاته لم تزد معرفة
وله في كل فن كعب علي وفكر بنقد جواهر ملي مع نباهة تحلت بها الأشعار وطارت بأجنحة الثناء في الأقطار كأنه بكر معنى سار في مثل كما قال في قصيدة له
قلائد لنحور الغيد تدخر ... لله درك يا من نظمه درر
في دوحه ثمر ما مثله ثمر ... أو روض فضل نضير لا نظير له
واللؤلؤ الرطب من معناه منتثر ... مسك الفصاحة من فحواه منتشق
دخلت ناديه والكون متعطر بنشره متبسم الأيام بثغر سروره وبشره وقرأت عليه طرفاً من العلوم ومن حديث الرسول وأمدني بدعاء لا أشك في أنه على أكف القبول محمول وكان ينوه باسمي ويتوج رأس الدهر برسمي وكنت وأنا أجتني باكورة التحصيل كتبت عند ورود البشائر بوفاء النيل له بيتين وهما
قسماً ليس نيل كفك كالنيل إذا راية المكارم تنشر
وأرى النيل في الوفا يتكدر ... أنت عند الوفاء طلق المحيا(13/15)
فنثر عليهما من نثار الاستحسان ما يهزأ بانتظام عقود الجمان قال قلت ولم أورد غير هذا من شعره لما قاله ابن بسام في الذخيرة أشعار العلماء على قديم الدهر وحديه بينة التكليف وشعرهم الذي روى لهم ضعيف مشا طائفة منهم خلف الأحمر فإن له ما يستندر هذا ما أورده وأنت إذا أنصفت لم تقدم على هذه المقالة في حق ما أورده من هذه الأبيات فإنها متنزهة عن التكلف والاعتساف وترجمه عبد الكريم بن سنان المنشي فأحسن في ترجمته كل الإحسان حيث قال علي الذات قدسي الصفات العقل الحادي عشر روح القدس في صورة البشر درة مقدسية الصدف من فاق شمس الإشراق في الشرف صاحب أنفاس قدسية وفصاحة قسية نخبة عصره وعزيز مصره له أخلاق أرق من نسمات السحر وألطف من نغمات الوتر تحلى جيده بقلائد الفتوى وعقدت له بالقاهرة عروس الفتوى وكنت في شرح الشباب ركبت غارب الاغتراب فلما أنخت مطية السفر بالقاهرة المعزية أشرفت على شمس ذاته العلية فتقرطقت أذني بلآلئ كلامه واكتحلت عيني بمواقع أقلامه وذلك التاريخ في حدود التسعين والشيخ قد رقي شرف الثمانين وهواي إذ ذاك مع الركب اليمانين قرأت عليه مقدمة الإعراب الحاجبية وسرحت طرف الطرف في رياض فضائله الجنية وكان مع غزارة فضله جامعاً بين النظم ولنثر وناظماً لهما في سلك السحر وله آثار يحق أن تكتب بالنور على صفحات وجنات الحور وكان له من الزهد حظ وافر وقد رزق من العمر ما ألحق الأصاغر بالأكابر ولم يزل بنان قلمه يحل عقد المسائل ومورد فضله لكل سائل سائل إلى أن ختمت صفحات حسناته وجف من منهل العمر ماء حياته وله أبيات يقرظ بها كتاباً حازت من نقد البلاغة نصاباً ويعجبني منها في الاعتذار عن التقريظ بيت ولعمري إنه بيت لا يقال فيه لو ولا يا ليت وهو
تقيه من شر أذى العين ... جعلت تقريظي له عوذة(13/16)
انتهى وذكره ابن نوعي في ذيل الشقائق واستوعب ذكر علومه وأحواله ثم قال وكان مع علمه الزاخر عالماً بغرائب الفنون وله أفاعيل عجيبة في باب السيميا منها ما حكى أن أحمد باشا الحافظ لما كان والياً بمصر في حدود سنة ألف غضب على بعض الجناة فأمر به إلى مركب الحجر وكان له والد ووالدة فتوسلا بالشيخ فشفع عنده فيه فلم يقبل شفاعته فأراه في الحال من ضروب السيميا أنه جاءه من طرف الدولة بريد وأنه خرج إلى استقباله في مركب فصادف مراكب الفرنج فأسروه هو وجماعته وربطوهم للجدف بالمجاديف فبينما هو كذلك إذ رأى الشيخ المترجم واقفاً على ساحل البحر وهو يخاطبه كيف رأيت جدف المجاديف هل هو سهل وهل تريد الخلاص فاستغاث به فمسك بيد الحافظ وحركه فتنبه ونظر إلى حالته فرأى نفسه في مقامه الأول والمجلس لم يتغير وكأن غيبته كانت لحظة فهوى على يد الشيخ يقبلها وأمر بإطلاق ذلك الرجل واتفق له بعدها مع الحافظ المذكور أنه صحبه للتنزه في المكان المعروف بالسبيكة فطلب منه أن يريه شيئاً من الأعمال الغريبة في السيميا فطلب الشيخ منه خاتمه الذي في يده فلما أعطاه إياه ألقاه في النيل فبعد حصة من النهار جيء إلى المجلس ببطيخ فأشار إلى الحافظ بأن الهواء حار جداً فلا بأس بأن تقطعوا البطيخة أنتم ليحصل لكم رطوبة فامتثل أمره فلما فلقها خرج الخاتم في وسطها قال وحكي أنه نشأ له ولد وكان يميل إليه ميلاً زائداً فعلمه العلوم الغريبة بأسرها ثم أنه تغلغل في الهوى والفسق والفجور وتعرض لبعض حرم المسلمين فأفتى الشيخ بقتله آخراً وذهب إلى الحافظ وأمره بقتله فسجل عليه وقتل ومن فوائده المنظومة نظم من حفظ القرآن في زمنه صلى الله عليه وسلم
زيد أبو زيد أبو أيوب ... وحافظ القرآن بالغيوب
عبادة معاذ الأنصاري ... عثمان منهم وتميم الداري
ونظمهم أيضاً وهم ثمانية
زيد وثابت معاذ وأبي ... وجامع القرآن في عصر النبي
عبادة بن الصامت الأنصاري ... عثمان منهم وتميم الداري(13/17)
وله نظم من أفتى في عصره صلى الله عليه وسلم على ما في شرح المشارق للأربلي
فمعاذ مع أربع الخلفاء ... فاز جمع في الصحب بالإفتاء
وابن عوف كذا أبو الدرداء ... وأبي ونجل مسعود زيد
ثم سلمان مع حذيفة عمار مع الأشعري رب الثناء
وذكره المناوي في طبقات الأولياء وعدد العلوم التي ينسب إليه معرفتها وإتقانها ثم قال وصار في آخر أمره حفيظاً على المراقبة يقوم الليل في عبادة رب العالمين وينام النهار بعد التوقيع على أسئلة المسلمين ويبر الفقراء ويتحيل على كتمان أمره ويفرق الذهب ويحافظ على ستره وكان يجتمع بالفقراء ويحبهم ويحبونه ويعرفهم ويعرفونه ويكرمه الحاضر والبادي وكم له على أهل مصر من الأيادي يعظم الصوفية ويحسن فيهم الاعتقاد ويقول طريق الصوفية إذا صحت طريق الرشاد ورأى المصطفى صلى الله عليه وسلم مراراً عديدة وأخبر شيخه الشيخ كريم الدين الخلوتي أنه شهد الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة وأنه وصل إلى مقام استحق أن يأخذ العهد ويربى وأجازه بذلك ولم يزل على هذا حتى حل بحماه الحمام قال النجم الغزي وقرأت بخطه أن مولده في أوائل ذي القعدة الحرام عام عشرين وتسعمائة ثم رأيت بخط الشيخ عبد الغفار العجمي القدسي أن ولادته كانت في سادس ذي القعدة من السنة المذكورة فهو بيان للأوائل وتوفي ليلة السبت ثامن عشرى جمادى الآخرة سنة أربع بعد الألف وصلي عليه بجامع الأزهر في محفل حافل ودفن بين القصرين من يوم السبت بتربة المجاورين قبلي مدفن السراج الهندي وكان قبل وفاته بخمسة وأربعين يوماً توفي في شيخ الشافعية في وقته الإمام الكبير الشمس الرملي فقال بعض الأدباء بالقاهرة في تاريخ وفاتهما
من كان يملي مذهب الشافعي ... لما قضى الرملي شيخ الورى
حاز علوم الصحب والتابعي ... ثم تلاه المقدسي الذي
مات أبو يوسف والرافعي ... فقلت في موتهما أرخا(13/18)
قلت وسيأتي في ترجمة الرملي المذكور أنه ذهب كثير إلى أنه المجدد على رأس المائة وأن المجدد لا يستقل بمذهب دون مذهب بل ولا منصب دون منصب فلعل صاحب الترجمة يكون المجدد من الحنفية والرملي من الشافعية والله أعلم.
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
"فائدة" أعلم ان في قلبي حسرة عظيمة اذ لم يتيسر إلى الوقوف على تواريخ جماعة من الاعيان المشهورين كطائفة من الأولياء الكرام، وجملة من العلماء الاعلام: مثل الشيخ الإمام والحبر الهمام مجتهد زمانه وعارف اوانه الشيخ أبي الحسن البكري، والشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي المصري، والولي العارف سراج الدين الفقيه عمر بن عبد الله با محزمه الحضرمي، والشيخ الكبير والولي الشهير عمر بن أحمد العمودي والد الشيخ عبد الرحمن الآتي ذكره، والشيخ الإمام العلامة عبد القادر بن أحمد الحباني، والشيخ العلامة علي بن أحمد البسكري المالكي المغربي المكي والد صاحبنا الشيخ أحمد البسكري، والشيخ الفاضل محمد الحطاب سمي ابيه، والشيخ العلامة علي بن عراق.(13/19)
وأخوه الشيخ عبد النافع، والشيخ الكبير العلامة المفنن أحمد بن عبد الغفار المالكي، والولي الصالح الشيخ أحمد بن عبد القوي بافضل الحضرمي والشيخ الكبير الولي الشهير أحمد بن سهل باقشير، والولي الصالح المعلم با جابر صاحب عندل، والشيخ العلامة عبد الرؤف الواعظ تلميذ الشيخ ابن حجر الهيتمي والعلامة الشهير الشيخ محمد الرملي المصري، والعلامة الطبلاوي، وآخرين يطول ذكرهم ويتعذر حصرهم مع أني قد اذكر بعضهم في ترجمة غيره بطريق الأستطراد ولكني لم استوعب أخباره كما ينبغي ويراد، والمرجو أن يمن الله علي بذلك حتى أشفى العليل بشرح مناقبهم العديدة وسيرتهم الحميدة والله ولي التوفيق والمسؤل على هذا الكتاب من الأخوان الفضلاء وظفر بشيء من ذلك فليضفه إليه على هذا النمط والسياق، ويرجي لمن فعل ذلك إنشاء الله ببركتهم الاندراج في المسرعين إلى الخيرات السباق انتهي
النور السافر عن أخبار القرن العاشر العيدروس(13/20)
وفي ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين: توفي الأستاذ الأعظم قطب العارفين الشيخ محمد ابن الشيخ أبي الحسن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم بن يحيى بن يعقوب بن نجم الدين بن عيسى بن داود بن نوح بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه البكري الصديقي الشافعي الأشعري المصري، وأم جده الأعلى أحمد بن محمد بن أحمد فاطمة بنت الشريف تاج الدين القرشي ابن محمد بن عبد الملك بن يرحم بن حسان بن سليمان بن محمد بن علي بن الحسين بن الحسن المثنى بن حسن السبط، وروي أن الشيخ كان يفتخر بهذه النسبة النبوية ويقول: ما أحب أن لي بها كذا ... وكذا...، وكان هذا الشيخ من آيات الله في الدرس والإملاء فكان إذا تكلم فيه تكلم بما يحير العقول ويذهل الأفكار بحيث لا يرتاب سامعه في أن ما يتكلم به ليس من جنس ما ينال بالكسب، وربما كان يتكلم فيه بكلام لا يفهمه أحد من أهل مجلسه مع كون كثير منهم أو أكثرهم على الغاية من التمكن في سائر مراتب العلوم الإسلامية والإحاطة بفنونها فيذكر له ذلك بعد القيام من المجلس فيقول: ليس بأعجب من حال المتكلم به فاني فيه مثلهم، وكان إليه النهاية في العلم حتى كان بعض أئمة العلوم والمعارف هناك ممن أفنى عمره في كسب العلوم الدينية والمعارف الربانية يقول: والله لا ندري من أين هذا الكلام الذي نسمعه من هذا الأستاذ? ولا نعلم له أصلاً يؤخذ منه؛ ولولا العلم بسد باب النبوة لا ستدلينا بما نسمعه منه على نبوته.(13/21)
وأما مجالسه في التفسير وما يقرره فيها من المعاني الدقيقة والأبحاث الغامضة مع استيعاب أقول أئمة التفسير من السلف والخلف، وبيان أولاها بالاعتماد عنده، وذكر المناسبات بين السور والآيآت وبين أسمآء الذات المقدسة والصفات ومواضعها وما قاله أئمة الطريق في كل آية من علوم الإشارة فإن القرآن نزل بها أيضاً، فذاك مما يحير العقول ويدهش الخواطر مع كون ما يلقيه من ذلك كله في ألفاظ مخترعة بالغة في الفصاحة والبلاغة والجزالة والإيضاح إلى الغاية التي ليس ورآها غاية. مع كون أكثرها أو جميعها مسجعاً مقفاً معرباً موضوعاً في محله الذي لا أولى منه به، ولم يحفظ له أحد هفوة في لفظ من الفاضة من جهة اعراب أو تصريف أو تقديم أو تأخير أو غير ذلك من هفوات الألسنة في تقرير العلوم، وما من درس من دروسه إلا وهو مفتتح بخطبة بديهية أو غير بدبهية مشتملة على الإشارة إلى كل ما اشتمل عليه ذلك الدرس على طريق براعة الاستهلال.(13/22)
وهكذا كانت مجالسه في الحديث والفقه، وكل علم يتصدى لتقريره لا يظن سامعه المتمكن في ذلك العلم الحافظ لأصوله وفروعه أنه ترك في كل بحث كلمة لأحد من المتكلمين فيه مع ما يبديه هو من اختياراته الشريفه، وكان الشعراء من فضلاء مصر المتمكنين في علوم اللغة وقواعد الشعر ومذاهب الانشاء يقصدون يوم ختمه فيكتبون القصائد البديعة في مدحه، وبيان ما من الله به عليه من سائر النعم الظاهرة والباطنة فتتلى، أو المهم منها على رؤوس الاشهاد في مجلسه الشريف وفيه خلائق من الخاصة والعامة، ويجلس هو نفعنا الله ببركاته لاستماع ما يتلى منها بين يديه، ويجيز على كل منها ويظهر السرور بها لطفاً منه بأصحابها وجبراً لخواطرهم ومقابلة لحسن ظنهم وعقائدهم نفعنا الله ببركاته، وكان إذا قام من كل مجلس جلس فيه للتدريس في الجامع الأزهر أو غيره يتقدم إليه الناس لتقبيل يده والتبرك بدعائه إذ ذاك والقرب من موضعه الشريف الذي هو موضع الرحمة، ويقع بينهم ازدحام عظيم، وربما سقط بعضهم تحت أقدام الناس وحوله إذ ذاك جماعة من جند سلطان الروم وغيرهم قد حلقوا على حضرته بأيديهم خشية عليه من الايذاء بالازدحام، وربما أخذ واحد منهم بيده الشريفة وهي ممدودة لتقبيل الناس لطول زمن مدها لهم إذ كان يقف لهم بعد درسه نحواً من ساعة زمانية، ثم يسير إلى جهة دابته والناس على الغاية في الازدحام عليه إلى أن يصل إليها، ومما يشهد بكونه بالمقام الأعلى من الإحاطة بأنواع العلوم وأصناف المعارف ما كان يتكلم به في مجالسه الخاصة والعامة من منظوم الكلام ومنثوره، ولما مرض والده شيخ الإسلام وفارس ميدان العلوم والمعارف أبو الحسن البكري نفعنا الله ببركاته مرضه الذي مات فيه اختلى بولده المذكور وخصه(13/23)
من مواهب الله بما خصه الله به، ثم استدعى بتلامذته ومريديه من شيوخ الإسلام وكبراء الإعلام ممن أفنوا أعمارهم في الاستفادة منه والأخذ منه والأخذ عنه وأمرهم بالاستفادة منه والأخذ عنه والدخول تحت حكمه، ثم لما انتقل والده إلى دار الكرامة هم بعض من عظماء تلامذته بالجلوس في مجلس والده بالجامع الأزهر ظناً منه أن والده المذكور لم يبلغ رتبة الجلوس في مجلس والده لصغر سنه إذ ذاك.(13/24)
فإن عمره إذ ذاك كان نحواً من إحدى وعشرين سنة مع أنه لم يسبق له قبل ذلك اشتغال بالعلم يترتب عليه التأهل للجلوس في مجلس والده الذي هو بالمقام الأعلى من كل علم ومعرفة وإلا لم يستبعدوا ذلك منه، وقد ذكر اليافعي في تاريخه أن ابن سينا فرغ من العلوم العقلية والنفلية وعمره ثمان عشرة سنة مع ما قيل في ابن سينا من القدح والمدح، فتقرر الأمر على أن يعقدوا للمذكور مجلساً يكون فيه أكثر علماء مصر من سائر المذاهب أو كلهم فحضروا، وشرع المذكور في تقرير العلوم عن ظهر قلب، وفي ظني أن كلامه كان شروعاً في تفسير القرآن، فقرر في ذلك المجلس من أنواع العلوم وأصناف المعارف ما بهر عقولهم وحير البابهم في ألفاظ لم يسمع السامعون في زمانهم أفصح ولا أبلغ ولا أمتن ولا أجزل ولا أجمع منها، فاذعنوا له من ذلك الآن وعرفوا أنه أحق منهم ومن غيرهم من علماء مصر وغيرها بمجلس أبيه، ولم يزل من ذلك الآن الصدر المقدم في كل مجلس جلس فيه من مجالس علماء الإسلام، وعلماء أركان الدولة الإعلام إلى أن توفاه الله تعالى إلى ما منحه الله تعالى، فضاهى أباه في حاله ومقاله وحذا حذوه في العلوم ونسج على منواله وتابعه في أخلاقه الحميدة وآثاره الصالحة حتى قيل "ما أشبه الليلة بالبارحة" وقد أشار رحمه الله إلى ما منحه الله من مراتب الكمال في هذا السن فقال:ن مواهب الله بما خصه الله به، ثم استدعى بتلامذته ومريديه من شيوخ الإسلام وكبراء الإعلام ممن أفنوا أعمارهم في الاستفادة منه والأخذ منه والأخذ عنه وأمرهم بالاستفادة منه والأخذ عنه والدخول تحت حكمه، ثم لما انتقل والده إلى دار الكرامة هم بعض من عظماء تلامذته بالجلوس في مجلس والده بالجامع الأزهر ظناً منه أن والده المذكور لم يبلغ رتبة الجلوس في مجلس والده لصغر سنه إذ ذاك.(13/25)
فإن عمره إذ ذاك كان نحواً من إحدى وعشرين سنة مع أنه لم يسبق له قبل ذلك اشتغال بالعلم يترتب عليه التأهل للجلوس في مجلس والده الذي هو بالمقام الأعلى من كل علم ومعرفة وإلا لم يستبعدوا ذلك منه، وقد ذكر اليافعي في تاريخه أن ابن سينا فرغ من العلوم العقلية والنفلية وعمره ثمان عشرة سنة مع ما قيل في ابن سينا من القدح والمدح، فتقرر الأمر على أن يعقدوا للمذكور مجلساً يكون فيه أكثر علماء مصر من سائر المذاهب أو كلهم فحضروا، وشرع المذكور في تقرير العلوم عن ظهر قلب، وفي ظني أن كلامه كان شروعاً في تفسير القرآن، فقرر في ذلك المجلس من أنواع العلوم وأصناف المعارف ما بهر عقولهم وحير البابهم في ألفاظ لم يسمع السامعون في زمانهم أفصح ولا أبلغ ولا أمتن ولا أجزل ولا أجمع منها، فاذعنوا له من ذلك الآن وعرفوا أنه أحق منهم ومن غيرهم من علماء مصر وغيرها بمجلس أبيه، ولم يزل من ذلك الآن الصدر المقدم في كل مجلس جلس فيه من مجالس علماء الإسلام، وعلماء أركان الدولة الإعلام إلى أن توفاه الله تعالى إلى ما منحه الله تعالى، فضاهى أباه في حاله ومقاله وحذا حذوه في العلوم ونسج على منواله وتابعه في أخلاقه الحميدة وآثاره الصالحة حتى قيل "ما أشبه الليلة بالبارحة" وقد أشار رحمه الله إلى ما منحه الله من مراتب الكمال في هذا السن فقال:
تقاصر عنه فحول الرجال ... وصلت وسني عشرون ما
ومجدي يزيد بقومي وآلي ... فما ابن ثمانين إلا الوليد(13/26)
وله جملة تصانيف. منها: شرح على مختصر أبي شجاع في الفقه، وكتب أيضاً على أوائل منهج شيخ الإسلام زكريا شرحاً ولم نساعد القدرة على اتمامه وله رسائل في أنواع من العلوم والمعارف والآداب كرسالة في الاسم الأعظم، ورسالة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورسالته في آداب الشيخ والمريد ورسالته في الزيارة، وغيرها من الرسائل الجامعية النافعة الدالة على كمال تمكنه في سائر العلوم الإسلامية والمعارف الربانية، وديوان شعر، كبير وكان على ما قيل يقول وقت الوارد، وربما كان بين الناس بمنزله الشريف، أو بين أهله أو وحده فورد عليه الوارد فاستدعى بالدواة والقرطاس وكتبه إذ ذاك، وما من معنى أشار إليه أئمة الطريق مما يتعلق بالذات المقدسة أو الصفات المنزهة أو بالذات المحمدية والصفات النبوية إلا وله فيه القول إلا بلغ واللفظ لافصح، ومن كلامه أقل واجب على الفقير أن يتطهر من نجاسة الذنوب بالتوبة وهي الاقلاع عن المعصية والندم على فعلها، والعزم على تركها، ورد الظلامة إن كانت وقدر، وعليه أن يتدارك فوائت صلوات تركها، وأن يبادر بالنظر والالتفات لاستاذ يخدمه ويمتثل أمره ويؤمره على نفسه ليخرج له خبائها وينقب له عن دسائسها، ويستعين بالله ثم به على طهارته من ذلك فإذا صح ذلك للفقير فهو الغنيمة الكبرى والاكسير الأكبر والكبريت الأحمر، وله بعد استنشاق روائح الوصول آداب منها: أن لا يقف عند مرتبة بل يتخطاها بصدق اليقين، ومنها: أن لا يشهد أنه وصل فذلك حجاب عظيم بل يغيب في شهوده وذلك هو المقام الكريم، ومنها أن لا ينفذ سهم نقمة عن قوس لحد من الخلق ولو بالغ في أذيته، بل يبالغ في معاملته بالرحمة حتى يبلغ الامهال أجله ويفعل الله ما يشاء والسلام. وسئل رضي الله عنه: لم كان في أهل مكة قسوة القلب، وفي أهل المدينة لينها? فقال: لأن أهل مكة جاوروا الحجر، وأهل المدينة جاوروا البشر. وأنشد بعضهم بحضور الأستاذ المذكور قول الشاعر:(13/27)
اغنى الورى عن كل معنى أزهر ... لله قاموس يطيب وروده
عاداته يلقى صحاح الجوهري ... نبذ الصحاح بلفظه والبحر من
فكسر الصاد من صحاح فقال الأستاذ الصحاح لا تكسر. فتعجب كل من كان في المجلس من هذا الجواب مه سهولة اللفظ والتورية، ويروى عن شيخ الإسلام الطبلاوي أنه قال: الصحاح بالفتح أفصح وأكثر استعمالاً، وما ألطف قوله قدس الله روحه إذ يقول:
وبهيج مشعشع الأنوار ... ما اريض مفتح الأزهار
لغوان عرائس ابكار ... ولآل منظمات عقوداً
د زها ضوءها على الأقمار ... وشموس تضيء في أفق السع
رق فتنسى ترنم الأوتار ... وغصون بايكها تسجع
"ثاني اثنين إذ هما في الغار?" ... مثل قول الآله في حق جدي
ومن نظمه هذه الوسيلة العظيمة، وهي:
من رحمة تصعد أو تنزل ... ما أرسل الرحمن أو يرسل
من كل ما يختص أو يشمل ... في ملكوت الله أو ملكه
نبيه مختاره المرسل ... إلا وطه المصطفى عبده
يعلم هذا كل من يعقل ... واسطة فيها واصل لها
فهو شفيع دائماً يقبل ... فلذ به في كل ما ترتجي
فإنه المأمن والمعقل ... وعذبه من كل ما تختشي
فإنه المرجع والموئل ... وحط احمال الرجا عنده
أظفارها واستحكم المعضل ... وناده إن أزمة انشبت
يا خير من فيهم به يسأل ... يا أكرم الخلق على ربه
فرجت كرباً بعضه يذهل ... قد مسني الكرب وكم مرة
لشدة أقوى ولا أحمل ... ولن يرى أعجز مني فما
برتبة عنها العلى ينزل ... فبالذي خصك بين الورى
فإن توقفت فمن أسأل ... عجل باذهاب الذي اشتكي
ولست أدري ما الذي أفعل ... فحيلتي ضاقت وصبري انقضى
أتاه من غيرك لا يدخل ... فأنت باب الله أي امرء
زهر الروابي نسمة شمأل ... صلى الله عليك ما صافحت
النور السافر
((13/28)
الطَّبَلاوي )00-1014ه 00-1606م( منصور الطبلاوي، سبط ناصر الدين محمد بن سالم: فقيه شافعي مصري، غزير العلم بالعربية والبلاغة. اصله من احدى قرى المنوفية، ومولده ووفاته بالقاهرة. من كتبه )منظومة-ط( في البلاغة، مجازاً واستعارة، و )شرحها -خ( و )شرح( على تصريف العزي للتفتازاني، و )نظم عقيدة السلفي-خ( و )السر القدسي في تفسير آية الكرسي -خ( و )السترضى في الكلام على تفسير قوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى-خ( و )العقود الجوهرية في حل الازهرية -خ( نحو، و )حسن الوفا بزيارة المصطفى-خ( و )تحفة اليقظان في ليلة النصف من شعبان -خ( و )منهج التيسير إلى علم التفسير -خ( و )حاشية على شرح المنهاج -خ( خادِم الشيخ رِسْلان )00-967ه 00-1560م(
177- أحمد بن حسن بن عبد المحسن الرومي
المدرس بإحدى المدارس السليمانية.
كان والده قاضياً بالعسكر المنصور، بولاية أناطولي.
وكان من عتقاء الوزير الأعظم رستم باشا، وقد جرى الاصطلاح عند الكتاب أن من تجري عليه الرق، وكان مسلماً، يكتبون في تعريفه فلانا ابن عبد الله، وكان والد صاحب الترجمة يكتب حسن بن عبد المحسن، وهو بمعنى المصطلح عليه مع زيادة الإحسان، وعد ذلك من حسن ذوقه.
وكان قد ولي قبل قضاء العسكر، وقضاء الشام مرتين، وقضاء مصر، وقضاء مكة، وقضاء قسطنطينية، وحاز من الجاه والتقدم والمروءة والكرم، ما فاق بسببه أبناء جنسه، وكان فيه يومه أحسن من أمسه، وقد مدحه شعراء الديار الشامية، والمصرية، والرومية، بقصائد طنانة، وبالغوا في مدحه وشكره؛ فإنه كان -رحمه الله تعالى- ملجأ لكل قاصد، ومقصداً لكل وارد.
ولد صاحب الترجمة في حدود الستين من المائة العاشرة.
واشتغل من صغره، ودأب، وحصل.
وأخذ الفقه وغيره، عن الإمام العلامة بقية السلف، وبركة الخلف أبي السعود العمادي، مفتي الديار الرومية، وكان معيداً عنده بمدرسة السلطان بايزيد خان، عليه الرحمة والرضوان.(13/29)
وأخذ عن الفاضل العلامة قاضي العساكر المنصورة بولاية أناطولي محمد بن عبد الكريم.
وأجاز له حين دخل مع والده الديار الشامية والمصرية، جماعة من العلماء الأجلة، منهم: الإمام العلامة محمد البرهمتوشي الحنفي، والشيخ الإمام المحدث شمس الدين العلقمي الشافعي، والشيخ البارع بقية الأفاضل، ومجمع الفضائل، ناصر الدين الطبلاوي، والإمام الجامع بين علمي الشريعة والحقيقة، الولي العابد الزاهد العالم الرباني الشيخ عبد الوهاب الشعراوي الشافعي، والشيخ العلامة أمين الدين بن عبد العال الحنفي، مُفتي الديار المصرية، وحافظ العصر ومحدث الديار المصرية الإمام الجليل البارع الشيخ نجم الدين الغيطي، والإمام الكبير المحدث الحافظ المفنن المتقن مفتي الديار الشامية الشيخ بدر الدين ابن الشيخ رضي الدين الغزي العمري الشافعي، رحمه الله تعالى، وغيرهم.
وهو الآن مكب على المطالعة، والمراجعة، والإشغال، وله الذهن الوقاد، والفكر التقاد، وعنده من الكتب النفيسة مالا يتيسر لغيره جمعه في العمر الطويل، ولا بالمال الجزيل، هذا مع ما حواه من حسن الخلق والخلق، وكرم النفس، وطرح التكلف، وغير ذلك من الأوصاف الجميلة، وأحسن معلوماته العلوم العربية، وهو من المكثرين لحفظ اللغة العربية، والاطلاع على الكتب الأدبية.
الطبقات السنية في التراجم الحنفية التميمي(13/30)
الإمام إبراهيم العبيدي
العُبيدي بضم العين وفتحها
وهو إبراهيم بن بدوي العُبيدي بن أحمد الحسني المقرئ المالكي الأزهري الأحمدي الأشعري
سيد شريف حسني من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فهو بهذا جمع شرف الاتصال النسبي والمعنوي بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فهو شيخ القراء بالديار المصرية في زمانه.
ومن ذرية السيد الشريف عبد السلام بن مشيش المغربي موطنا والمتقدم في الأجيال السابقة ومن العلماء العارفين بالله في القرن السابع الهجري*
والشيخ العبيدي من أهل مصر مولدا وموطنا، ومن علماء القرن الثاني عشر.
كان حيا عام 1237 هـ حين لقيه الشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب مجموعة الرسائل النجدية (ت 1285هـ عن عمر يناهز الـ 90) بعد أن نقله إبراهيم باشا فيمن نقل من آل الشيخ إلى مصر بعد استيلائه على الدرعية وفي مصر رتبت لهم رواتب وأكرموا حتى تقلدوا رئاسة رواق الحنابلة في الأزهر ( وانظر مجموعة الرسائل والأعلام للزركلي).
وللعبيدي تنتهي غالب أسانيد قراء مصر والشام المتأخرين، وجميع الأسانيد التي تتميز بالعلو، في هذا العصر من طريقه. أما أسانيد ليبيا والسودان والباكستان وتركيا، فمنهم من رحل لمصر والشام لأخذ العلو ومنهم من لديه أسانيد من غير طريق العبيدي.
واشتهر المترجم رحمه الله تعالى بمحرر الطيبة
من شيوخه:
الشيخ محمد بن حسن بن محمد المنير السمنودي (وعنه أخذ القراءات)
والشيخ علي بن حسن البدري (وعنه أخذ القراءات كذلك)
والشيخ عبد الرحمن الأجهوري (وعنه أخذ القراءات كذلك)
والشيخ مصطفى العزيزي
تلاميذه
كان الشيخ مقصودا من طلبة العلم ومحط أنظار من حوله، ولا غرو فهو سليل بيت النبوة وشيخ القراء في زمنه، واشتهر بمحرر الطيبة كما سيأتي.
أخذ عنه القراءات العشر الشيخ أحمد بن رمضان المرزوقي الحسني شيخ قراء مصر ثم مكة، وهو مستند أهل الشام في القراءة(14/1)
والشيخ أحمد المعروف بسلمونة وهو مستند أهل مصر في القراءة
والشيخ علي الحداد
وقرأ عليه عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب سنة 1233 و بعدها.
وذكره ضمن شيوخه من أهل مصر ممن قرأ عليهم القرآن.
مؤلفاته:
التحارير المنتخبة على متن الطيبة وهو مخطوط يعمل الشيخ أبو الجود على تحقيقه، يسر الله إتمامه
وعنوانه ينم عن علو كعبه في العلم، فهو لم يكتف بمجرد النقل للقراءات العشر الكبرى وهو عمل جليل، بل عمل على التأليف في تحريراتها ولا يجرؤ على ذلك إلا الراسخون في العلم.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى آمين
=============
*
( وابن مشيش هو صاحب الصيغة المشهورة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. استشهد سنة 622 هـ بأيدي مدعي النبوة ابن أبي الطواجين الكتامي بسبب ما أوتي ابن مشيش من شرف التقوى والاستقامة المؤيد بشرف النسب الصميم والعنصر الكريم والتفاف الناس حوله مطيعين متبعين شريعة الله عز وجل فقتله غلية بعد خروجه من خلوته وصلاته عند جبل العلم من جبال غمارة ليخلو الجو له لينشر باطله بين الناس فأنزل الله على قاتليه ضباب شتتهم فسقطوا من شاهق الجبل وتمزقت أشلاؤهم
ونسبه هو: عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمة بن عيسى بن سلام بتشديد اللام بن مزوار بفتح الميم وبالراء المهملة أخيرا ابن حيدرة واسمه علي بن محمد بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نقلا من كتاب الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ج: 1 ص: 263)
المراجع:
إمتاع الفضلاء بتراجم القراء تأليف : إلياس بن محمد بن أحمد حسين سليمان البرماوي ج 2 ص 72 طبعة دار الندوة العالمية الطبعة الأولى 1421هـ
ص 122 المقدمة للبسط في القراءات العشر
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 2/ 23
وإجازة المتولي للبنا بالقراءات العشر ص 3 مخطوط
وفهرس المكتبة الأزهرية 1/65(14/2)
وإجازة الشيخ السمنودي للشيخ أيمن سويد ص 5 مخطوط
ص 108 الإمام المتولي للدكتور الدوسري وذكر أن اسمه هو إبراهيم بن عامر بن علي العبيدي
ولو كان بيننا من الطلبة الأزهريين أحد لكان لزاما عليه أداء لحق هذا العالم أن يذهب إلى مستندات مشيخة القراء هناك ويستخرج لنا أسماء من تولى المشيخة وتواريخهم لو وجدت.
أشرت عاليا أن الدكتور الدوسري قد رجح أن اسم العبيدي إبراهيم بن عامر بن علي العبيدي وهذا بخلاف ما عند غيره،(14/3)
أبو بكر بن مصبح الحموي
أبو بكر بن أحمد بن مصبح بكسر الموحدة وتشديدها الحموي صاحبنا مقري متصدر، قرأ على صاحبنا محمد بن محمد بن ميمون السبعة ثم قدم دمشق فقرأ بها عليّ للعشرة، ورجع إلى بلدة فتصدر بها وأقرأ جماعة السبع والعشر، ولم يزل حتى توفي سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ولم يترك بحماة مثله.
غاية(15/1)
عبد الرحيم بن أبي بكر بن محمود بن علي بن أبي الفتح بن الموفق الزين الحموي ثم القاهري القادري الشافعي الواعظ ويعرف كما قاله شيخنا بالادمي وسمى والده علياً وصار يعرف بالحموي، ولد في سنة اثنتين وستين وسبعمائة بحماة ونشأ بها وقرأ المنهاج على ابن خطيب الدهشة وتلا بالسبع على أبي بكر بن أحمد بن مصبح وسمع بدمشق على الكمال بن النحاس والشمس بن عوض والمحيوي الرحبي والعز الاياسي والعلاء سبط ابن صومع في آخرين، ثم تحول إلى القاهرة في سنة اللنك وقرأ الصحيح على العراقي ولازم الشيوخ وعقد مجلس الوعظ فبرع وراج أمره فيه وصار له صيت وجلالة؛ وأثرى وولي خطابة الأشرفية برسباي من واقفتها وقبل ذلك ببيت المقدس وظائف منها خطابة المسجد الأقصى ثم صرف عنها، ولا زال على طريقته في الوعظ بالازهر وفي المجالس المعدة لذلك إلى أن اشتهر اسمه وطار صيته مع كونه كان غالباً لا يقرأ إلا من كتاب لكن بنغمة طيبة وأداء صحيح وفي رمضان يقرأ البخاري في عدة أماكن، أثنى عليه شيخنا. ومات فجأة بعد أن عمل في يوم موته الميعاد في موضعين وذلك في يوم الثلاثاء غرة ذي القعدة سنة ثمان وأربعين، ودفن من الغد بمدرسة سودون العجمي من الحبانية وصلى عليه أمير المؤمنين المستكفي بالله، قال شيخنا وقد جاز الثمانين رحمه الله وإيانا. وكان آخر قوله في الميعاد يوم موته من ذكر الله بلسانه وعرف الله بجناته وعبد الله بجوارحه وأركانه لم يبرح من مكانه حتى يخرج من عصيانه دعواهم فيها الآية ثم حمل إلى منزله ولم يتكلم بعدها حتى مات، وسماه بعضهم عبد الرحمن وبعضهم محمداً والصواب ما هنا.
الضوء اللامع(15/2)
محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري
وحفظ القرآن سنة أربع وستين وصلى به سنة خمس وأجازه خال جده محمد بن إسماعيل الخباز
وأفرد القراءات على الشيخ أبي محمد عبد الوهاب بن السلار
والشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان
والشيخ أحمد بن رجب في سنة ست وسبع
وجمع للسبعة على الشيخ المجود إبراهيم الحموي
ثم جمع القراءات بمضمن كتب على الشيخ أبي المعالي بن اللبان في سنة ثمان وستين
وحج في هذه السنة فقرأ بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية على العلامة أبي عبد الله محمد بن الصائغ
والشيخ أبي محمد بن عبد الرحمن بن البغدادي فتوفي ابن الجندي وهو قد وصل إلى قوله تعالى "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" في النحل فاستجازه فأجازه وأشهد عليه
ثم توفي فأكمل على الشيخين المذكورين
فجمع ثانياً على ابن الصائغ للعشرة بمضمن الكتب الثلاثة المذكورة وبمضمن المستنير والتذكرة والإرشادين والتجريد
وعلى ابن البغدادي للأئمة الثلاثة عشر وهم العشرة المشهورة وابن محيصن والأعمش والحسن البصري بمضمن الكتب التي تلا بها المذكور على شيخه الصائغ وغيره
فجمع القراءات السبع في ختمة على القاضي أبي يوسف أحمد ابن الحسين الكفري الحنفي
وقرأ بمضمن الإعلان وغيره على الشيخ عبد الوهاب القروي
وسمع من هؤلاء الشيوخ وغيرهم كثيراً من كتب القراءات بالسماع والإجازة وقرأ على غير هؤلاء القراءات ولم يكمل
وقرأ عليه القراءات جماعة كثيرون فممن كمل عليه القراءات العشر بالشام ومصر
ابنه أبو بكر أحمد
والشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي
والشيخ أبو بكر بن مصبح الحموي
والشيخ نجيب الدين عبد الله بن قطب بن الحسن البيهقي
والشيخ أحمد بن محمود ابن أحمد الحجازي
والمحب محمد بن أحمد بن الهايم
والشيخ الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي
والشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي
والشيخ علي بن إبراهيم بن أحمد الصالحي
والشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي
والشيخ موسى بن الكردي(16/1)
والشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس
وأحمد بن علي بن إبراهيم الرماني،
فنزل بمدينة برصة .. فأكمل عليه القراءات العشر بها
الشيخ عوض بن
والشيخ سليمان بن
والشيخ أحمد بن الشيخ رجب
والولد الفاضل علي باشا
والإمام صفر شاه
والولدان الصالحان محمد ومحمود ابنا الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله
والشيخ أبو سعيد بن بشلمش بن منتشا شيخ مدينة العلايا،
وممن قرأ عليه جمعاً للعشرة ولم يكمل
ولده أبو الفتح محمد
وأبو القاسم علي بن محمد بن حمزة الحسيني
والشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون البلوي الأندلسي وصل إلى آخر الأحزاب
والشيخ صدقة بن حسين بن سلامة الضرير وصل إلى آخر التوبة
والشيخ أحمد بن حسين السيواسي وصل إلى آخر سبأ
والخطيب يعقوب ابن عبد الله الخطيب بمدينة العلايا إلى آخر آل عمران
والشيخ أمين الدين محمد ابن التبريزي شيخ مدينة لارندة
والشيخ عبد المحسن بن التبريزي شيخ تبريز
والشيخ عبد الحميد بن أحمد بن محمد التبريزي
والشيخ علي بن قنان الرسعتي
والشيخ أحمد البرمي الضرير
والشيخ موسى بن أحمد بن إسحاق الشهبي
والشيخ علي بن المهتار
وحافظ الدين
بمدينة كش 805 هـ فقرأ عليه بها وبسمرقند جماعة منهم
عبد القادر بن طلة الرومي
والحافظ بايزيد بن الكشي
والحافظ المقرئ محمود بن شيخ القراءات بها وجماعة لم يكملوا، (؟؟)
ودخل مدينة هراة 807 هـ فقرأ عليه للعشرة جماعة أكمل منهم
الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار الهروي
مدينة يزد فقرأ عليه للعشرة جماعة منهم
المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي وجماعة لم يكملوا
ثم دخل أصبهان فقرأ عليه بها جماعة أيضاً ولم يكملوا
شيراز 808 هـ فقرأ عليه بها جماعة كثيرون للعشرة في جمع منهم
السيد محمد بن حيدر المسبحي
وإمام الدين عبد الرحيم بن الأصبهاني
ونجم الدين الخلال
وأبو بكر بن الجنحي،(16/2)
فخرج منها متوجهاً إلى البصرة وكان قد رحل إليه المقرئ الفاضل المبرز أبو الحسن طاهر بن عزيز الأصبهاني فجمع عليه ختمة بالعشر بمضمن الطيبة والنشر ثم شرع في ختمة لقتيبة ونصير عن الكسائي وفارقه بالبصرة
وتوجه معه المولى معين الدين بن عبد الله ابن قاضي كازرون فوصلا إلى قرية عنيزة
وعرض المولى معين الدين ختمة بقراءة أبي جعفر ختمها بالمدينة ثم ختمة لابن كثير ختمها بمكة وكان يقرأ عليه في أثناء الطريق قراءة عاصم فأتمها وحفظ أكثر الطيبة،
وفي إقامته بالمدينة قرأ عليه شيخ الحرمة الطواشي(16/3)
عبد الله بن قطب الخراساني البيهقي
عبد الله بن قطب بن الحسن بن الحسن بن سليمان الخراساني البيهقي ينعت بنجيب الدين أمام صالح مقرىء كامل بارع ناقل، قرأ على محمد بن محمد بن ميمون صاحبي وبدمشق عليّ بالعشر وعلى أبي العباس أحمد بن ربيعة ثم أدرك أبا الفتح محمد بن أحمد العسقلاني صاحب الصايغ فقرأ عليه، وتصدر بالقدرس يقرىء بالحرم قرأ عليه محمد بن أحمد بن الهايم، ثم تجرد وأقبل على الله وانقطع بدمشق.
غاية(17/1)
محمود الشيرازي
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن يحيى بن أحمد ابن يحيى بن طاهر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن إسحاق بن أحمد بن أبي بكر بن عبد القاهر بن طاهر بن عمر بن تميم الشمس أبو عبد الله بن العفيف بن الكمال التميمي الداري الدار كاني الفركي الشافعي. ولد في صفر سنة تسع وعشرين وسبعمائة وأخذ العلم عن القوام أبي المحاسن عبد الله ابن النجم أبي الثناء محمود بن الحسين القرشي العثماني الأموي الشافعي الشيرازي عرف بابن الفقيه نجم وقرأ عليه القراءات السبع وكان ماهراً بها والحاوي والمصابيح والشاطبية وكذا قرأ على حمزة بن محمد بن أحمد بن ككوك التبريزي، وحج مراراً وجاور بمكة وأقام ببغداد مدة؛ وحدث بالإجازة العامة عن الحجار والمزي ولقيه الطاوسي فاستجازه ووصفه بالمحدث العلامة الورع الجليل الزاهد.مات في يوم سبت ثامن عشر المحرم سنة سبع برستاق فرك. ذكره الطاوسي باختصار والجرهي بأطول منه في مشيخته.
الضوء اللامع السخاوي
محمود بن الحسين الكمال بن النظام الخوارزمي ثم النيسابوري الحنفي قاضي قضاة فارس. قال الطاووسي كان جامعاً بين المنقول والمعقول قرأت عليه القطب على الشمسية في المنطق وأجاز لي وذلك في شهور سنة اثنتي عشرة.(18/1)
شيخ قراء مكة السيد الشريف الشيخ أحمد بن محمد بن السيد رمضان منصور بن السيد محمد المرزوقي الحسني المالكي الأشعري
المصري ثم المكي أبو الفوز1205 -1262
يتصل نسبه بالعارف بالله مرزوق الكفافيّ وهو من نسل سيدنا الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ولد بسنباط في مصر عام 1205 هـ
قرأ القرآن وحفظه كعادة أبناء زمانه ثم قرأ القراءات العشر على كبار شيوخ وقته وتلقى علوما شتى
عين مفتيا للمالكية بمكة المكرمة بعد وفاة أخيه السيد محمد عام 1261 (وانظر ترجمته ومؤلفاته في الأعلام)
قام بتدريس القرآن الكريم والتفسير والعلوم الشرعية في المسجد الحرام بجوار مقام المالكية وكان يقرأ في تفسير البيضاوي في أواخر أيام حياته.
ومن شيوخه:
الشيخ الكبير السيد إبراهيم العبيدي قرأ عليه القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة ومن طريق طيبة النشر في القراءات العشر الكبرى
وتلاميذه
الشيخ أحمد دهمان
السيد أحمد دحلان
الشيخ طاهر التكروني
الشيخ أحمد الحلواني الكبير الشهير بالرفاعي شيخ قراء بلاد الشام
مؤلفاته:
عقيدة العوام – منظومة في العقيدة ورأيت كثيرا من السادة آل باعلوي يحفظونها لأبنائهم.
يقول في أولها
أبدأ بسم الله والرحمن ... وبالرحيم دائم الإحسان
فالحمد لله القديم الأول ... الآخر الباقي بلا تحول
ثم الصلاة والسلام سرمدا ... على النبي خير من قد وجدا
وآله وصحبه ومن تبع ... سبيل دين الحق غير مبتدع
ثم قال:
وهذه عقيدة مختصرة ... وللعوام سهلة ميسرة
ناظم تلك أحمد المرزوقي ... من ينتمي للصادق المصدوق
وأشار هنا إلى شرف نسبه الذي يرتفع لآل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
ثم ختمها بـ:
وأسأل الكريم إخلاص العمل ... ونفع كل من بها قد اشتغل
أبياتها (ميز) بعد الجمل ... تاريخها (لي حي غر) جمل
سميتها عقيدة العوام ... من واجب في الدين بالتمام
أي عام 1258 هـ
وأبياتها (ميز) = 57 بيت
ثم شرحها في : تحصيل نيل المرام لبيان منظومة عقيدة العوام.(19/1)
وعليها شروح عديدة منها للشيخ الفقيه المفسر محمد بن عمر نَوَوي الجاوي الشافعي الذي جاور بمكة ومات بها (ت 1316هـ)
بلوغ المرام لبيان ألفاظ مولد سيد الأنام في شرح مولد أحمد البخاري. وفي هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي أنه فرغ منها سنة 1281.
بيان الأصل في لفظ بافضل
تسهيل الأذهان على متن تقويم اللسان في النحو للخوارزمي البقالي
الفوائد المرزوقية شرح الآجرومية
منظومة في قواعد الصرف والنحو
متن نظم في علم الفلك
تلاميذه:
كثير وأجلهم الشيخ السيد أحمد بن السيد علي بن السيد محمد الشهير بالحلواني (1228 – 1307 هـ) وترجمته حافلة في حلية البشر للبيطار وفيها أن الحلواني : " ذهب إلى مكة سنة 1235 هـ فأخذ عن شيخ القراء بها الشيخ أحمد المصري المرزوقي البصير المكي الدار والوفاة، فقرأ عليه ختمة مجودة من طريق حفص، ثم حفظ عليه الشاطبية، وقرأ القراءات السبع من طريقها، ثم حفظ الدرة، وأتم القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ثم حفظ الطيبة لشيخ هذا الفن الشيخ محمد بن الجزري، وقرأ عليه ختمة من طريقها للقراء العشرة، ثم أجازه الشيخ بالقراءات العشر وما تجوز له روايته، وأقام هناك 4 سنوات، ثم رجع إلى وطنه دمشق الشام سنة 1357 هـ
وفاة الشيخ المرزوقي:
توفي بمكة سنة 1262 هـ ودفن بمقبرة المعلاة
(هكذا في معظم المراجع لكن سبقت الإشارة أنه فرغ من شرح المولد عام 1281 هـ لذا قال في معجم المؤلفين : كان حيا عام 1281 هـ فالله أعلم
=============
نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر لعبد الله مرداد ص 113
إمتاع الفضلاء بتراجم القراء لإلياس البرماوي ج 2 ص 24 طبعة دار الندوة العالمية الطبعة الأولى 1421هـ
معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ج 1 ص 264 طبعة مؤسسة الرسالة
مقدمة البسط ص 122 لسمر العشا
هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي ترجم للشيخ المرزوقي 1: 188(19/2)
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر عبد الرزاق البيطار، في ترجمة الحلواني
الأعلام للزركلي ترجم لأخيه وسبقت الإشارة لذلك
وفي معجم المؤلفين أحال على:
سركيس معجم المطبوعات 1732
فهرست الخديوية 1 / 277، 2 / 8، 52. 7/ 1، 294
والبغدادي : إيضاح المكنون 1/ 197، 236. 2/ 116
فهرس التيمورية 4/ 97
الأعلام 1/150 ؟؟؟؟
المَرْزُوقي )00- 1261 ه 00- 1845 م( محمد بن رمضان بن منصور المرزوقي المالكي: فاضل، من المشتغلين بعلم الفلك. من أهل مكة. ولى بها اٍفتاء المالكية. له "نتيجة الميقات" في الفلك، ومنظومة في "الصرف"
الأعلام للزركلي
وفي البسط قالت أن نسبه يرجع إلى مرزوق الكفافي وكأن هذا خلطا بـ عبد الوهاب المرزوقي، وهو غيره وترجمه الجبرتي فقال:
ومات الشيخ الإمام المعمر القطب أحد مشايخ الطريق صاحب الكرامات الظاهرة والأنوار الساطعة الباهرة(19/3)
عبد الوهاب بن عبد السلام بن أحمد ابن حجازي بن عبد القادر بن أبي العباس بن مدين بن أبي العباس بن عبد القادر بن أبي العباس بن شعيب بن محمد بن القطب سيدي عمر الرزوقي العفيفي المالكي البرهاني، يتصل نسبه إلى القطب الكبير سيدي مرزوق الكفافي المشهور، ولد المترجم بمنية عفيف إحدى قرى مصر ونشأ بها على صلاح وعفة، ولما ترعرع قدم إلى مصر، فحضر على شيخ المالكية في عصره الشيخ سالم النفراوي أياما في مختصر الشيخ خليل، وأقبل على العبادة وقطن بالقاعة بالقرب من الأزهر بجوار مدرسة السنانية، وحج فلقي بمكة الشيخ أدريس اليماني فأجازه وعاد إلى مصر، وحضر دروس الحديث على الإمام المحدث الشيخ أحمد بن مصطفى الإسكندري الشهير بالصباغ، ولازمه كثيرا حتى عرف به. وأجازه مولاي أحمد التهامي حين ورد إلى مصر بطريقة الأقطاب والأحزاب الشاذلية والسيد مصطفى البكري بالخلوتية. ولما توفي شيخه الصباغ لازم السيد محمد البليدي في دروسه من ذلك تفسير البيضاوي بتمامه. وروى عنه جملة من أفاضل عصره كالشيخ محمد الصبان والسيد محمد مرتضى والشيخ محمد بن اسمعيل النفراوي،وسمعوا عليه صحيح مسلم بالاشرفية وكان كثير الزيارة لمشاهد الأولياء متواضعاً لا يرى لنفسه مقاما متحرزاً في مأكله وملبسه، لا يأكل إلا ما يؤتى إليه من زرعه من بلده من العيش اليابس مع الدقة، وكانت الأمراء تأتي لزيارته ويشمئز منهم ويفر منهم في بعض الأحيان. وكل من دخل عنده يقدم له ما تيسر من الزاد من خبزه الذي كان يأكل منه. وأنتفع به المريدون وكثروا في البلاد ونجبوا ولم يزل يترقى في مدارج الوصول إلى الحق، حتى تعلل أياما بمنزله الذي بقصر الشوك.(19/4)
توفي في ثاني عشر صفر سنة 1172، ودفن بجوار سيدي عبد الله المنوفي، ونزل سيل عظيم، وذلك في سنة 1178، فهدم القبور وعامت الأموات فانهدم قبره وامتلأ بالماء، فاجتمع أولاده ومريدوه وبنوا له قبراً في العلوة على يمين تربة الشيخ المنوفي، ونقلوه إليه قريبا من عمارة السلطان قايتباي، وبنوا على قبره قبة معقودة وعملوا له مقصورة ومقاما من داخلها، وعليه عمامة كبيرة وصيروه مزارا عظيماً يقصد للزيارة ويختلط به الرجال والنساء. ثم أنيشأوا بجانبه قصراً عالياً عمره محمد كتخدا اباظة وسوروا له رحبة متسعة مثل الحوش لموقف الدواب من الخيل والحمير دثروا بها قبورا كثيرة، بها كثير من أكابر الأولياء والعلماء والمحدثين غيرهم من المسلمين والمسلمات. ثم أنهم أبتدعوا له موسماً وعيداً في كل سنة يدعون إليه الناس من البلاد القبلية والبحرية، فينصبون خياماً كثيرة وصواوين ومطابخ وقهاوي ويجتمع العالم الأكبر من أخلاط الناس وخواصهم وعوامهم وفلاحي الأرياف وأرباب الملاهي والملاعب والغوازي والبغايا والقرادين والحواة، فيملأون الصحراء والبستان فيطأون القبور يوقدون عليها النيران ويصبون عليها القاذورات ويبوبون ويتغوطون ويزنون ويلوطون ويلعبون ويرقصون ويضربون بالطبول والزمور ليلاً ونهاراً، ويستمر ذلك نحو عشرة أيام أو أكثر، ويجتمع لذلك أيضاً الفقهاء والعلماء وينصبون لهم خياماً أيضاً، ويقتدي بهم الأكابر من الأمراء والتجار والعامة من غير إنكار، بل ويعتقدون ذلك قربة وعبادة. ولو لم يكن كذلك لأنكره العلماء فضلاً عن كونهم يفعلونه، فالله يتولى هدانا أجمعين.
=========
عبد الوهاب العفيفي(19/5)
عبد الوهاب بن عبد السلام بن أحمد بن حجازي بن عبد القادر بن أبي العباس ابن مدين ابن أبي العباس بن عبد القادر بن مدين بن محمد بن عمر المرزوقي المصري الشافعي الشهير بالعفيفي الشيخ القطب الكامل الولي الصوفي المحقق العارف أخذ عن أحمد بن مصطفى الأسكندري الشهير بالصباغ وسالم بن أحمد النفراوي وأخذ الطريقة الشاذلية عن سيدي محمد التهامي رآه العلامة عيسى البراوي في عرفات حين حج مع أنه لم يخرج من مصر وله غير ذلك من الكرامات التي لا تعدو كانت وفاته سنة اثنين وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة المجاورين وقبره يقصد للزيارات لقضاء الحاجات رحمه الله تعالى.
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر المرادي
أبو الأنوار شمس الدين محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن عارفين سبط بني الوفا، وخليفة السادات الحنفا، وشيخ سجادتها ومحط رحال سيادتها
الأستاذ الشهير، والجهبذ النحرير، والرئيس المفضل، والفريد المبجل، نادرة عصره، ووحيد دهره، من شهرته غنية عن مزيد الإفصاح، ومناقبه أظهر من أن يتعلق بها البيان والإيضاح، وأمه السيدة صفية بنت الأستاذ جمال الدين يوسف أبي الإرشاد بن وفاء.(19/6)
ولد المترجم وتربى في حجر السيادة والصيانة، والحشمة والديانة، وقرأ القرآن، والتفت بجده واجتهاده لطلب العلم على ذوي الشان، وتلقى طريقة أسلافه وأورادهم وأحزابهم عن خاله الأستاذ شمس الدين محمد أبي الإشراق بن وفا، عن عمه الشيخ عبد الخالق، عن أبيه الشيخ يوسف أبي الإرشاد، عن والده أبي التخصيص عبد الوهاب، إلى آخر السند المنتهي إلى الأستاذ أبي الحسن الشاذلي، ولازم العلامة القدوة الشيخ موسى البجيرمي فحضر عليه عدة من الكتب في فنون متعددة، وهو أول أشياخه، ثم لازم الشيخ خليل المغربي، والشيخ أحمد الميجري الملوي شيخ الشيوخ في وقته، وأجازه بمروياته ومؤلفاته الإجازة العامة، وكذلك الشيخ أحمد الجوهري الشافعي إجازة عامة، وإجازة خاصة بطريقة المولى عبد الله الشريف، وحضر دروس الأستاذ الحفني، والشيخ عمر الطحلاوي المالكي، والشيخ مصطفى السندوبي الشافعي، والشيخ محمد الناري، والشيخ أحمد القوصي، وسمع المسلسل بالأولية من عالم أهل المغرب الشيخ محمد بن سودة التاودي الفاسي المالكي عند وروده مصر في سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف بقصد الحج، وكتب له إجازة بخطه مع سنده أيضاً، وإجازة بدلائل الخيرات وأحزاب الشاذلي، وكذلك تلقى الإجازة من الأستاذ المسلك عبد الوهاب بن عبد السلام العفيفي المرزوقي، وكذلك من إمام الحرم المكي الشيخ إبراهيم بن الرئيس محمد الزمزمي، وإجازة بالمسبعات وبما لأسلافه من الأحزاب، وكناه بأبي الفوز، وذلك في سنة تسع وسبعين ومائة وألف بمكة سنة حجة المترجم.
وتوفي يوم الأحد ثامن عشر ربيع الأول سنة ثمان وعشرين ومائتين وألف وصلي عليه في الأزهر، ودفن بالقرافة في مشهد أسلافه في التربة التي أعدها لنفسه.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر عبد الرزاق البيطار
.
الشيخ السيد محمد أبو العرفان بن علي الصبان الشافعي الأشعري المصري(19/7)
الإمام الذي لمعت في أفق الفضل بوارقه، وروى أفئدة الواردين عذب شراب عرفانه ورائقه، لا يدرك بحر وصفه الإغراق، ولا تلحقه حركات الأفكار ولو كان لها في مضمار الفضل السباق، العالم النحرير واللوذعي الشهير.
ولد بمصر وحفظ القرآن والمتون، واجتهد في طلب العلم وحضر أشياخ عصره وجهابذة مصره، فحضر على الشيخ الملوي شرحه الصغير على السلم، وشرح الشيخ عبد السلام على جوهرة التوحيد، وشرح المكودي على الألفية، وشرح الشيخ خالد على قواعد الإعراب، وحضر على الشيخ حسن المدابغي صحيح البخاري بقراءته لكثير منه، وعلى الشيخ محمد العشماوي الشفا للقاضي عياض وجامع الترمذي وسنن بن داوود، وعلى الشيخ أحمد الجوهري شرح أم البراهين لمصنفها بقراءته لكثير منها، وعلى الشيخ السيد البليدي صحيح مسلم وشرح العقائد النسفية للسعد التفتازاني وتفسير البيضاوي وشرح رسالة الوضع للسمرقندي، وعلى الشيخ عبد الله الشبراوي تفسير البيضاوي وتفسير الجلالين وشرح الجوهرة للشيخ عبد السلام، وعلى الشيخ محمد الحفناوي صحيح البخاري والجامع الصغير وشرح المنهج والشنشوري على الرحبية ومعراج النجم الغيطي وشرح الخزرجية لشيخ الإسلام، وعلى الشيخ حسن الجبرتي التصريح على التوضيح والمطول ومتن الجغميني في علم الهيئة وشرح الشريف الحسيني على هداية الحكمة قال: وقد أخذت عنه في الميقات وما يتعلق به، وقرأت فيه رسائل عديدة، وحضرت عليه في كتب مذهب الحنفية كالدر المختار على تنوير الأبصار وشرح ملا مسكين على الكنز، وعلى الشيخ عطية الأجهوري شرح المنهج مرتين بقراءته لأكثره، وشرج جمع الجوامع للمحلى، وشرح التلخيص الصغير للسعد، وشرح الأشموني على الألفية وشرح السلم للشيخ الملوي وشرح الجزرية لشيخ الإسلام والعصام على السمرقندية وشرح أم البراهين للحفصي وشرح الأجرومية لريحان آغا، وعلى الشيخ علي العدوي مختصر السعد على التلخيص وشرح القطب على الشمسية وشرح شيخ الإسلام على ألفية(19/8)
مصطلح الحديث بقراءته لأكثره وشرح ابن عبد الحق على البسملة لشيخ الإسلام ومتن الحكم لابن عطاء الله، رحمهم الله تعالى أجمعين.
قال: وتلقيت طريق القوم وتلقين الذكر على منهج السادة الشاذلية الأستاذ عبد الوهاب العفيفي المرزوقي وقد لازمته المدة الطويلة وانتفعت بمدده ظاهراً وباطناً، قال: وتلقيت طريق ساداتنا آل وفا، سقانا الله من رحيق شرابهم كؤوس الصفا، عن ثمرة رياض خلفهم ونتيجة أنوار شرفهم، مربح الأكابر والأصاغر ومطمح أنظار أولي الأبصار والبصائر، أبي الأنوار محمد السادات بن وفاء، نفحنا الله وإياه بنفحات جده المصطفى، وهو الذي كناني على طريقة أسلافه بأبي العرفان، وكتب لي سنده عن خاله السيد شمس الدين أبي الإشراق، عن عمه السيد أبي الخير عبد الخالق، عن أخيه السيد أبي الإرشاد يوسف، عن والده الشيخ أبي التخصيص عبد الوهاب، عن ولد عمه السيد يحيى أبي اللطف، إلى آخر السند هكذا نقلته من خط المترجم رحمه الله تعالى.
ولم يزل المترجم يخدم العلم ويدأب في تحصيله حتى تمهر في العلوم العقلية والنقلية، وقرأ الكتب المعتبرة في حياة أشياخه، وربى التلاميذ، واشتهر بالتحقيق والتدقيق والمناظرة والجدل، وشاع ذكره وفضله بين العلماء بمصر والشام، وكان خصيصاً بالمرحوم الشيخ حسن الجبرتي والد صاحب التاريخ، اجتمع به من سنة سبعين ومائة وألف، ولم يزل ملازماً له مع الجماعة ليلاً ونهاراً. واكتسب من أخلافه ولطائفه، وكذلك بعد وفاته لم يزل على حبه ومودته مع ولده الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، وانضوى إلى أستاذنا السيد أبي الأنوار بن وفا ولازمه ملازمة كلية، وأشرقت عليه أنواره ولاحت عليه مكارمه وأسراره.(19/9)
ومن تآليفه حاشيه على الاشموني التي سارت بها الركبان، يشهد بدقتها أهل الفضائل والعرفان، وحاشية على شرح العصام على السمرقندية، وحاشية على شرح الملوي على السلم، ورسالة في علم البيان، ورسالة عظيمة في آل البيت ومنظومة في علم العروض وشرحها، ونظم أسماء أهل بدر، وحاشية على آداب البحث، ومنظومة في مصطلح الحديث ستمائة بيت، ومثلثات في اللغة، ورسالة في الهيئة، وحاشية على السعد في المعاني والبيان، ورسالتان على البسملة صغرى وكبرى، ورسالة في مفعل، ومنظومة في ضبط رواة البخاري ومسلم وله في النثر كعب على، وفي الشعر كأس ملي، فمن نظمه في مدح الأستاذ أبي الأنوار بن وفا، ويستعطف خاطره عليه بتقصير وانقطاع وقعا منه قوله:
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر
المرزوقي: أحمد بن محمد بن الحسن الإمام العلامة النحوي الشيخ أبو علي الأصفهاني مؤلف شرح الحماسة في عشرة مجلدات، وشرح الفصيح وشرح الموجز في النحو وغير ذلك.
توفي سنة421.
ديوان الإسلام ابن الغزي(19/10)
ذيل مولد العلماء ج: 1 ص: 166 لعبد العزيز بن أحمد الكتاني ت 466
توفي شيخنا القاضي أبو الحسن مبارك بن سعيد بن إبراهيم النصيبي الخطيب آخر يوم من رجب يوم الجمعة سنة اثنتين وعشرين وأربعمئة حدث عن ابن أبي الشيخ النصيبي وغيره وحدث بكتاب شرح الأبهري عنه وبكتاب القراءات عن ابن خالويه كان يخطب بدمشق للمغاربة ويقضي لهم
لسان الميزان ج: 2 ص: 267
الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي الهمداني الأصل نزيل حلب أخذ ببغداد عن أبي بكر بن دريد وأبي بكر بن مجاهد وأبي عمر الزاهد وابن الأنباري وسمع علي أبي العباس بن عقدة وغيره قال بن أبي طي كان اماميا عالما بالمذهب قلت وقد ذكر في كتاب ليس ما يدل على ذلك وقال الذهبي في تاريخه كان صاحب سنة قلت يظهر ذلك تقربا لسيف الدولة صاحب حلب فإنه كان يعتقد ذلك وقد قرأ أبو الحسين النصيبي وهو من الإمامية عليه كتابه في الإمامة وله تصنيف في اللغة والفراسة وغيرهما وكان يقال له ذو النونين لأنه كان يكتب في آخر كتبه الحسين بن خالويه فيعرف بالنونين أخذ عنه عبد المنعم بن علبون والحسن بن سليمان وغيرهما ونفق سوقه بحلب ووقع بينه وبين المتنبي منازعات عند سيف الدولة مات بحلب سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة وقيل في التي قبلها
لسان الميزان ج: 4 ص: 88
عبد الوهاب بن عبد الله أبو القاسم البغدادي كان من اجلاء المعتزلة انتهى ذكر بن النجار عبد الوهاب بن عبد الله البغدادي وكناه أبا القاسم وساق له قصة مع بن خالويه النحوي في مجلس سيف الدولة بحلب قال بن خالويه ناظرته فأخذ يحتج بان القرآن مخلوق فلم أزل احتج عليه من القرآن والحديث ومن لغة العرب حتى استظهرت عليه وذكر بقية القصة ورأيته بخط الحافظ بن الطاهري بن عبيد الله بالتصغير
غاية النهاية في طبقات القراء(20/1)
الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدون أبو عبد الله النحوي اللغوي نزيل حلب الإمام المشهور، أخذ القراآت عرضاً عن أبي بكر بن مجاهد وابن النباري والنحو واللغة عن ابن دريد ونفطويه، أخذ القراءة عنه عرضاً أبو علي الحسين بن علي الرهاوي، وله تصانيف كثيرة منها البديع في القرآن الكريم وحواشي البديع في القراآت وكتاب مجدول في القراآت ألفه لعضد الدولة، ودخل اليمن وأقام بذمار ومات بحلب سنة سبعين وثلاثمائة
كشف الظنون ج: 2 ص: 1449
كتاب القراءات لابن خالويه حسين بن عبد الله النحوي المتوفى سنة 37 سبعين وثلثمائة
طبقات المفسرين 1 ج: 1 ص: 82
حسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه أبو عبد الله الهمداني الشافعي إمام في اللغة والعربية وغيرهما من العلوم الأدبية قدم بغداد وأخذ عن أبي بكر الأنباري وغيره وصحب سيف الدولة ابن حمدان وصنف في اللغة وكتاب البديع في القراءات وكتاب غريب القرآن قال ابن الصلاح حكى في كتابه إعراب ثلاثين سورة توفي سنة سبعين وثلاثمائة من طبقات السبكي وفي أسامي الكتب وفسر من سورة الطارق إلى آخر القرآن العظيم وسورة الفاتحة وشرح أصول الأحرف وفروعه وتلخيصه
ابن خالَوَيْه (00-370هـ، 00-980م)
الحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله: لغوىّ، من كبار النحاة. أصله من همذان. زار اليمن وأقام بذمار، مدة، وانتقل إى الشام فاستوطن حلب. وعظمت بها شهرته، فأحله بنو حمدان منزلة رفعية. وكانت له مع المتنبيى مجالس ومباحث عند سيف الدولة. وعهد إليه سيف الدولة بتأديب أولاده. وتوفى في حلب. من كتبه (شرح مقصورة ابن دريد-خ) و(مختصر فى شواذ القرآن-ط) و(إعراب ثلاثين سورة من القرآن العزيز-ط) و(ليس فى كلام العرب-ط) و(الشجر-ط) ويقال إنه لأبى زيد، و(الآل) و(الاشتقاق) و(الجمل) فى النحو، و(المقصور والممدود)
وافي الوفيات
ابن خالويه النحوي
الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان، أبو عبد الله الهمذاني النحوي.(20/2)
دخل بغداد، وطلب العلم سنة أربع عشرة وثلاثمائة. وقرأ القرآن على أبي بكر ابن مجاهد، والأدب على أبوي بكر: محمد بن بشار الأنباري، ومحمد بن الحسن بن دريد، وإبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه، وأبي عمر الزاهد. وسمع الحديث من محمد بن مخلد العطار الدوري وغيره.
ثم دخلها بعد علو سنه، وأملى بها في جامع المدينة.
روى عنه من أهلها: عثمان بن أحمد بن الفلو، والقاضي المعافى بن زكريا النهرواني.
وسافر إلى الشام، وسكن حلب، واختص بسيف الدولة بن حمدان وبأولاده. وانتشر ذكره في الآفاق. وتوفي سنة سبعين وثلاثمائة بحلب.
وأورد له الثعالبي قوله: من الطويل
إذا لم يكن صدر المجالس فاضلا فلا خير فيمن صدرته المجالس
وكم قائلٍ مالي رأيتك راجلاً فقلت له من أجل أنك فارس
وكانت له مع أبي الطيب مجالس ومباحث بحضرة سيف الدولة.
ومن تصانيفه: كتاب الاشتقاق، الجمل في النحو، اطرغش لغةً، القراءات، إعراب ثلاثين سورة، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث، الألفات. وله كتاب: ( )ليس كتابٌ كبير، ولم أر مثله، يدل على إطلاع عظيم، واستحضار كثير، بناه على أن يقول: ليس في كلام العرب كذا إلا كذا وكذا، كقوله: "ليس في كلام العرب ما مفرده ممدود وجمعه ممدود إلا داء وأدوات". وعمل بعضهم كتاباً سماه: كتاب ( )بل استدرك عليه أشياء(20/3)
تلاميذه
علي بن محمد بن علي بن خليل بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن غانم بن علي بن حسن بن إبراهيم بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة سيد الخزرج الخزرجي السعدي العبادي المقدسي الأصل القاهري المولد والسكن الملقب نور الدين الحنفي العالم الكبير الحجة الرحلة القدوة رأس الحنفية في عصره وإمام أئمة الدهر على الإطلاق وأحد أفراد العلم المجمع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من الفنون وبالجملة والتفصيل فهو أعلم علماء هذا التاريخ وأكثرهم تبحراً وأجمعهم للفنون مع الولاية والورع والزهد والشهرة الطنانة التي سلم لها أهل عصره وأذعنوا لها مع أن العصريين يجحدون فضل بعضهم بعضاً ولا يذعنون كل الإذعان وقد وقفت على أخباره كثيراً من التواريخ وكتب الآداب المؤلفة فانتقيت ما يحصل المراد من ترجمته فأقول أنه نشأ بمصر وحفظ القرآن وتلاه بالسبع على الشيخ الفقيه الورع الزاهد شهاب الدين أحمد بن الفقيه علي بن حسن المقدسي الحنبلي وأخذ عن قاضي القضاة محب الدين أبي الجود محمد بن إبراهيم السديسي الحنفي قرأ عليه القراآت والفقه وسمع عليه كثيراً وعن قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز علي الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار وقرأ عليه الصحيحين وبعض كل من السنن الأربعة وسمع عليه بعض معاني الآثار للطحاوي وغير ذلك من كتب الحديث وغيرها ومن مشايخه المحقق شهاب الدين أحمد بن يونس الحلبي الشهير بابن الشلي صاحب الفتاوى قرأ عليه الفقه وسمع عليه الحديث وغيره ومنهم خاتمة المحققين الشيخ ناصر الدين الطبلاوي والشيخ الإمام ناصر الدين اللقاني المالكي والأستاذ العارف الكبير أبو الحسن البكري والشيخ الشهاب الرملي والعلامة الشهير بعالم الربع العامر الإمام المفنن شمس الدين محمد الشهير بمفوش المغربي التونسي قرأ عليه بعض مسلم وأجازه بسائره وقرأ عليه وسمع عنده كثيراً من العلوم ومنهم الشيخ المسند شمس الدين محمد بن شرف الدين(21/1)
السكندري يروى عنه الحديث المسلسل بالأولية والكتب الستة والقراآت ومنهم السيد قطب الدين عيسى بن صفي الدين الشيرازي ثم المكي الشهير بالصفوي يروي عنه البخاري والشفاء سماعاً لبعضهما وأجازه لسائرهما وشاركه في الأخذ عن شيخه السيد أبي الفضل الأسترابادي تلميذ شيخ الإسلام أحمد بن يحيى الهروي حفيد السعد التفتازاني سمع عليه التلويح للتفتازاني وسمع على السيد الشريف مير عليم البخاري شارح الفوائد الغياثية والمولى محمد بن عبد القادر الشهير بمعلول أمير وقاضي القضاة عبد الله بن عبد العزيز الشهير ببروير قاضي العسكر بمصر وكلاهما يروى عن العلامة أحمد بن سليمان الشهير بابن الكمال المفتي والمولى سعدي المحشي المفتي وتفوق على أهل عصره في كل علم وكان إليه الرحلة من الآفاق وأفتى مدة حياته وانتفع به الجسم الغفير من كبار أهل زمانه منهم الشهابان الغنيمي والخفاجي وأبو المعالي الطالوي الدمشقي وغيرهم ممن لا يحصى وولي المناصب الجليلة كإمامة الأشرفية ومشيختها ومشيخة مدرسة الوزير سليمان باشا ومشيخة الإقراء بمدرسة السلطان حسن وتدريس الصرغتمشية وغير ذلك وحج مرتين ورحل إلى القدس ثلاث مرات وألف التآليف النافعة في الفقه وغيره منها شرح نظم الكنز سماه الرمز وشرح الأشباه والنظائر وله الشمعة في أحكام الجمعة التي قال في مدحها المولى علي بن أمر الله الحنائي
توقد من مشكاة علم وإيقان ... لقد أنست عيناي لمحة شمعة
غياهب شك كان في ليل نقصان ... جلا نورها الوضاح أفق كماله
وكتب عليها شاه محمد الغناري
توقد في مشكاة علم وإتقان ... أضاءت خفيات العلوم بشمعة
غياهب شك كان في ليل نقصان ... جلا نورها البادي بصبح كمالها
وله غير ذلك وذكره الخفاجي وقال في وصفه إمام اقتدت به علماء الأمصار وتنزهت من فضائله في حدائق ذات بهجة وأنوار أثمرت أغصان الأقلام في حدائق فضائله وسالت في بطاح المكارم بحار فواضله
يتلو الثناء عليه والدنيا فم ... فالناس كلهم لسان واحد(21/2)
فالعلم مدينة وعلي بابها وكعبة تحج لها آمال الفضلاء وألبابها لو مست راحته هذا السحاب أمطر كرماً ومجداً أو النجوم جرين في التربيع سعداً ولو رآه النعمان لقال هذا أخي وشقيقي أو الصاحب لقال أنت في طرق البلاغة رفيقي
لكننا لذة ذكرناها ... صفاته لم تزد معرفة
وله في كل فن كعب علي وفكر بنقد جواهر ملي مع نباهة تحلت بها الأشعار وطارت بأجنحة الثناء في الأقطار كأنه بكر معنى سار في مثل كما قال في قصيدة له
قلائد لنحور الغيد تدخر ... لله درك يا من نظمه درر
في دوحه ثمر ما مثله ثمر ... أو روض فضل نضير لا نظير له
واللؤلؤ الرطب من معناه منتثر ... مسك الفصاحة من فحواه منتشق
دخلت ناديه والكون متعطر بنشره متبسم الأيام بثغر سروره وبشره وقرأت عليه طرفاً من العلوم ومن حديث الرسول وأمدني بدعاء لا أشك في أنه على أكف القبول محمول وكان ينوه باسمي ويتوج رأس الدهر برسمي وكنت وأنا أجتني باكورة التحصيل كتبت عند ورود البشائر بوفاء النيل له بيتين وهما
قسماً ليس نيل كفك كالنيل إذا راية المكارم تنشر
وأرى النيل في الوفا يتكدر ... أنت عند الوفاء طلق المحيا(21/3)
فنثر عليهما من نثار الاستحسان ما يهزأ بانتظام عقود الجمان قال قلت ولم أورد غير هذا من شعره لما قاله ابن بسام في الذخيرة أشعار العلماء على قديم الدهر وحديه بينة التكليف وشعرهم الذي روى لهم ضعيف مشا طائفة منهم خلف الأحمر فإن له ما يستندر هذا ما أورده وأنت إذا أنصفت لم تقدم على هذه المقالة في حق ما أورده من هذه الأبيات فإنها متنزهة عن التكلف والاعتساف وترجمه عبد الكريم بن سنان المنشي فأحسن في ترجمته كل الإحسان حيث قال علي الذات قدسي الصفات العقل الحادي عشر روح القدس في صورة البشر درة مقدسية الصدف من فاق شمس الإشراق في الشرف صاحب أنفاس قدسية وفصاحة قسية نخبة عصره وعزيز مصره له أخلاق أرق من نسمات السحر وألطف من نغمات الوتر تحلى جيده بقلائد الفتوى وعقدت له بالقاهرة عروس الفتوى وكنت في شرح الشباب ركبت غارب الاغتراب فلما أنخت مطية السفر بالقاهرة المعزية أشرفت على شمس ذاته العلية فتقرطقت أذني بلآلئ كلامه واكتحلت عيني بمواقع أقلامه وذلك التاريخ في حدود التسعين والشيخ قد رقي شرف الثمانين وهواي إذ ذاك مع الركب اليمانين قرأت عليه مقدمة الإعراب الحاجبية وسرحت طرف الطرف في رياض فضائله الجنية وكان مع غزارة فضله جامعاً بين النظم ولنثر وناظماً لهما في سلك السحر وله آثار يحق أن تكتب بالنور على صفحات وجنات الحور وكان له من الزهد حظ وافر وقد رزق من العمر ما ألحق الأصاغر بالأكابر ولم يزل بنان قلمه يحل عقد المسائل ومورد فضله لكل سائل سائل إلى أن ختمت صفحات حسناته وجف من منهل العمر ماء حياته وله أبيات يقرظ بها كتاباً حازت من نقد البلاغة نصاباً ويعجبني منها في الاعتذار عن التقريظ بيت ولعمري إنه بيت لا يقال فيه لو ولا يا ليت وهو
تقيه من شر أذى العين ... جعلت تقريظي له عوذة(21/4)
انتهى وذكره ابن نوعي في ذيل الشقائق واستوعب ذكر علومه وأحواله ثم قال وكان مع علمه الزاخر عالماً بغرائب الفنون وله أفاعيل عجيبة في باب السيميا منها ما حكى أن أحمد باشا الحافظ لما كان والياً بمصر في حدود سنة ألف غضب على بعض الجناة فأمر به إلى مركب الحجر وكان له والد ووالدة فتوسلا بالشيخ فشفع عنده فيه فلم يقبل شفاعته فأراه في الحال من ضروب السيميا أنه جاءه من طرف الدولة بريد وأنه خرج إلى استقباله في مركب فصادف مراكب الفرنج فأسروه هو وجماعته وربطوهم للجدف بالمجاديف فبينما هو كذلك إذ رأى الشيخ المترجم واقفاً على ساحل البحر وهو يخاطبه كيف رأيت جدف المجاديف هل هو سهل وهل تريد الخلاص فاستغاث به فمسك بيد الحافظ وحركه فتنبه ونظر إلى حالته فرأى نفسه في مقامه الأول والمجلس لم يتغير وكأن غيبته كانت لحظة فهوى على يد الشيخ يقبلها وأمر بإطلاق ذلك الرجل واتفق له بعدها مع الحافظ المذكور أنه صحبه للتنزه في المكان المعروف بالسبيكة فطلب منه أن يريه شيئاً من الأعمال الغريبة في السيميا فطلب الشيخ منه خاتمه الذي في يده فلما أعطاه إياه ألقاه في النيل فبعد حصة من النهار جيء إلى المجلس ببطيخ فأشار إلى الحافظ بأن الهواء حار جداً فلا بأس بأن تقطعوا البطيخة أنتم ليحصل لكم رطوبة فامتثل أمره فلما فلقها خرج الخاتم في وسطها قال وحكي أنه نشأ له ولد وكان يميل إليه ميلاً زائداً فعلمه العلوم الغريبة بأسرها ثم أنه تغلغل في الهوى والفسق والفجور وتعرض لبعض حرم المسلمين فأفتى الشيخ بقتله آخراً وذهب إلى الحافظ وأمره بقتله فسجل عليه وقتل ومن فوائده المنظومة نظم من حفظ القرآن في زمنه صلى الله عليه وسلم
زيد أبو زيد أبو أيوب ... وحافظ القرآن بالغيوب
عبادة معاذ الأنصاري ... عثمان منهم وتميم الداري
ونظمهم أيضاً وهم ثمانية
زيد وثابت معاذ وأبي ... وجامع القرآن في عصر النبي
عبادة بن الصامت الأنصاري ... عثمان منهم وتميم الداري(21/5)
وله نظم من أفتى في عصره صلى الله عليه وسلم على ما في شرح المشارق للأربلي
فمعاذ مع أربع الخلفاء ... فاز جمع في الصحب بالإفتاء
وابن عوف كذا أبو الدرداء ... وأبي ونجل مسعود زيد
ثم سلمان مع حذيفة عمار مع الأشعري رب الثناء
وذكره المناوي في طبقات الأولياء وعدد العلوم التي ينسب إليه معرفتها وإتقانها ثم قال وصار في آخر أمره حفيظاً على المراقبة يقوم الليل في عبادة رب العالمين وينام النهار بعد التوقيع على أسئلة المسلمين ويبر الفقراء ويتحيل على كتمان أمره ويفرق الذهب ويحافظ على ستره وكان يجتمع بالفقراء ويحبهم ويحبونه ويعرفهم ويعرفونه ويكرمه الحاضر والبادي وكم له على أهل مصر من الأيادي يعظم الصوفية ويحسن فيهم الاعتقاد ويقول طريق الصوفية إذا صحت طريق الرشاد ورأى المصطفى صلى الله عليه وسلم مراراً عديدة وأخبر شيخه الشيخ كريم الدين الخلوتي أنه شهد الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة وأنه وصل إلى مقام استحق أن يأخذ العهد ويربى وأجازه بذلك ولم يزل على هذا حتى حل بحماه الحمام قال النجم الغزي وقرأت بخطه أن مولده في أوائل ذي القعدة الحرام عام عشرين وتسعمائة ثم رأيت بخط الشيخ عبد الغفار العجمي القدسي أن ولادته كانت في سادس ذي القعدة من السنة المذكورة فهو بيان للأوائل وتوفي ليلة السبت ثامن عشرى جمادى الآخرة سنة أربع بعد الألف وصلي عليه بجامع الأزهر في محفل حافل ودفن بين القصرين من يوم السبت بتربة المجاورين قبلي مدفن السراج الهندي وكان قبل وفاته بخمسة وأربعين يوماً توفي في شيخ الشافعية في وقته الإمام الكبير الشمس الرملي فقال بعض الأدباء بالقاهرة في تاريخ وفاتهما
من كان يملي مذهب الشافعي ... لما قضى الرملي شيخ الورى
حاز علوم الصحب والتابعي ... ثم تلاه المقدسي الذي
مات أبو يوسف والرافعي ... فقلت في موتهما أرخا(21/6)
قلت وسيأتي في ترجمة الرملي المذكور أنه ذهب كثير إلى أنه المجدد على رأس المائة وأن المجدد لا يستقل بمذهب دون مذهب بل ولا منصب دون منصب فلعل صاحب الترجمة يكون المجدد من الحنفية والرملي من الشافعية والله أعلم.
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي(21/7)
تقريظ لكتاب صريح النص من الكلمات المختلف فيها عن حفص للشيخ الضباغ
أعجبت كل العجب بالشيخ الضباع رحمه الله وهذا تقريظ وجدته في مؤخرة كتاب صريح النص
إن كان لديك ترجمة للشيخ وما قدمه للإسلام والمسلمين فأفيدونا نفع الله بكم آآآمين
وهذا نص ما وجدت
تقريظ
وقد قرظه كثير من أفاضل العلماء وأجلاء القراء منهم حضرة الأستاذ العالم العلامة الحبر البحر الفهامة صاحب الفضيلة الشيخ محمد على خلف الحسيني شيخ القراء المقارئ بالديار المصرية رحمه الله فقد كتب ما صورته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب وتكفل بحفظه ويسر طرقه لمن اصطفى من عباده فكان أوفى حظه والصلاة والسلام على المبعوث به في الناس ليتلو عليهم آياته وبالتحدي به على ممر الزمان كان أعظم معجزاته وعلى آله وأصحابه الأئمة الأخيار مصادر الهدى ومشارق الأنوار وبعد فإنى اطلعت على الكتاب المسمى بصريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص لمؤلفه الأستاذ الفاضل نخبة الأماجد وصفوة الأكابر الأماثل من فضله عم وشاع حجة الثبت الشيخ علي محمد الضباع فإذا هو كتاب قد اشتمل على ما لم يوجد في الكتب المطولات وجمع ما تفرق من المسائل المعضلات نفع الله به العباد ووفق مؤلفه إلى طرق الرشاد آمين
ختم شيخ المقارئ المصرية في 9 صفر الخير سنة 1346 هجرية
وقرظه حضرة الأستاذ صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن خليفه شيخ قراء مقرأتي السيدة فاطمة النبوية رضي الله عنها بما صورته
نسقت عن بحث وعن فحص كلم الخلاف روين عن حفص
فنظمتها عقدا تفصله من جوهر غال ومن فحص
وعرضت للقراء صورتها من غير ما عيب ولا نقص
أحصيت عن حفص مذاهبه فيها وليس سواك بالمحص
وجمعت ما اختلفت روايته بجليل بحث منك مستقص
كيلا يلفق في روايتها قار وأمر إلهه يعصي
فأتى مصنفك البديع بما يعيا على القرا ويستعصي
وفقت للمعنى الشريد فما تألوه من صيد ولا قنص
لم تخل من طرس ومحبرة يوما ومن زاج ومن عفص(22/1)
ويراعة تمشي منكسة بالطرس في زجل وفي رقص
كم شدت للقراء من أثر باق وكنت عليه ذا حرص
كتب تؤلفها مضمنة بحث امرئ بالفن مختص
لعلي الضباع- منزلة تعلو مناط الشمس والقرص
والفضل يعرفه ذووه وان أخفاه غمص الأعين الرمص
لله ما جمعت من كلم فيها الخلاف وما حررت من نص
لا زلت للقرآن تحفظه من قول ذي زيغ وذي خرص عبد الرحمن خليفة
وقرظه حضرة الأستاذ صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن أحمد أبو العلياء شيخ جامع السلطان حسن بما صورته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لك منك يا من وفقت من اصطفيته لم اصطفيته والصلاة والسلام على من أنزلت عليه كتابك الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه واجتبيته وعلى آله وصحبه حماة الحق من اعتداء جيوش الباطل اما بعد فقد متعت نظري بالنظر في يانع رياض كتاب صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص لمؤلفه إمام فن القراءات في عصره والتقي النقي في سره وجهره كعبة الطلاب وقبلة الرغاب بطل الأبطال بلا نزاع الأستاذ الفاضل الشيخ علي محمد الضباع فإذا هو آية الآيات في بابه وغاية الغايات لرغابه كيف لا وقد أزال سحب الغموض عن مشكلات فنه فتجلت لهم بذلك شمس الحق رافعة لواءه مرشدة قراءه إلى حظر التلفيق في القراءة بتركيب الطرق فلله دره من مرشد ماهر بارع قادر أيده الله بجند عنايته وجيش رعايته وأمد في أجله وألبسه أسنى حلله ونفع به العباد في كل ناد وواد وأماط ببديع بيانه عن المشكلات اللثام وأحسن لي وله ولسائر المخلوقات الختام عبد الرحمن أحمد أبو العلياء
وقرظه حضرة الأستاذ الجليل الشيخ محمد سعودي ابراهيم شيخ قراء مقرأة الأستاذ الحفني بما صورته
بسم الله الرحمن الرحيم(22/2)
الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدى وذكرى لأولى الألباب والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان القائل أشراف أمتي حملة القرآن وآله وأصحابه وأتباعه والمقتدين بسنته في جميع الحالات من أشياعه صلاة وسلاما دائمين ما هبت نسمات الأسحار وما تعاقب الليل والنهار وبعد فقد اطلعت على هذا السفر الموسوم بصريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص فألفيته في التحرير غاية وفي البدائع نهاية مشتملا على المباحث المفيدة والفوائد الجليلة العديدة لم يسبق مؤلفه بمثال ولم ينسج أحد على منواله وبالجملة فكل من رشف من كؤوسه أو اجتلى وجه عروسه أو ذاق رقيق معانيه أو مطربات دوانيه يقول
من كل معنى رقيق احتسى قدحا وكل ساجعة في الحي تطربني
كيف لا ومؤلفه بحر علم يغترف منه العلماء والمتعلمون وفي ذلك فليتنافس المتنافسون فهو محقق العصر بلا نزاع العلامة البحاثة الشيخ علي محمد الضباع سبحان ربي العظيم يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا جزاه الله عن القراء خيرا ولا أراه في الدارين ضيما ولا ضيرا كتبه الفقير محمد سعودي ابرهيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(22/3)
"ع" حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري البزاز ويعرف بحفيص، أخذ القراءة عرضاً وتلقينا عن "ع" عاصم وكان ربيبه ابن زوجته، ولد سنة تسعين،
قال الداني وهو الذي أخذ قراءة عاصم عن الناس تلاوة، ونزل بغداد فاقرأ بها وجاور بمكة فأقرأ أيضاً بها، وقال يحيى بن معين الرواية الصحيحة التي رويت عن قراءة عاصم رواية أبي عمر حفص بن سليمان وقال أبو هاشم الرفاعي كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم
وقال الذهبي أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها بخلاف حاله في الحديث
قلت يشير إلى أنه تكلم فيه من جهة الحديث،
قال ابن المنادى قرأ على عاصم مراراً وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم، وأقرأ الناس دهراً وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي رضي الله عنه،
قلت يشير إلى ما روينا عن حفص أنه قال قلت لعاصم أبو بكر يخالفني فقال أقرأتك بما أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب وأقرأته بما أقرأني زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود
وروينا عن حمزة بن القاسم الأحول ذلك بمعناه
قال ابن مجاهد بينه وبين أبي بكر عن حمزة بن القاسم الأحول ذلك بمعناه
قال ابن مجاهد بينه وبين أبي بكر من الخلف في الحروف خمسمائة وعشرين حرفاً في المشهور عنهما وذكر حفص أنه لم يخالف عاصماً في شيء من قراءته إلا في حرف الروم "س30 آ54" الله الذي خلقكم من ضعف قرأه بالضم وقرأه عاصم بالفتح،
روى القراءة عنه عرضاً وسماعاً
"ج" حسين بن محمد المروذي
و"ج ك" حمزة بن القاسم الأحول
و"ج" سليمان بن داود الزهراني
و"س ك" حمد ابن أبي عثمان الدقاق
و"س ك" العباس بن الفضل الصفار
و"ك" عبد الرحمن ابن محمد بن واقد
و"س" محمد بن الفضل زرقان
وخلف بياض الحداد
و"س ج ف ك" عمرو بن الصباح
و"ت س ف ك" عبيد بن الصباح
و"س ج ف ك" هبيرة بن محمد التمار
و"س ج ف ك" أبو شعيب القواس(23/1)
و"س ج ف ك" الفضل بن يحيى بن شاهي بن فراس الأنباري
وحسين بن علي الجعفي
وأحمد بن جبير الأنطاكي
وسليمان الفقيمي،
توفي سنة ثمانين ومائة على الصحيح وقيل بن الثمانين والتسعين
فأما ما ذكره أبو طاهر بن أبي هاشم وغيره من أنه توفي قبل الطاعون بقليل وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة فذاك حفص ابن سليمان المنقري بصرى من أقران أيوب السختياني قديم الوفاة فكأنه تصحيف عليهم والله أعلم.
غاية النهاية ص 111
حفص هو حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري البزاز ويعرف بحفيص أخذ القراءة عرضا وتلقينا عن عاصم وكان ربيبه ابن زوجته
ولد سنة تسعين قال الداني وهو الذي أخذ قراءة عاصم على الناس تلاوة ونزل بغداد فأقرأ بها وجاور بمكة فأقرأ بها أيضا وقال يحيى ابن معين الرواية الصحيحة التي رويت عن قراءة عاصم رواية أبي عمر حفص بن سليمان وقال أبو هشام الرفاعي كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم وقال الذهبي أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها بخلاف حاله في الحديث قال ابن المنادي قرأ على عاصم مرارا وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم وأقرأ الناس دهرا وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد روي عن حفص أنه قال قلت لعاصم أبو بكر شعبة يخالفني في القراءة فقال أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب وأقرأته بما أقرأني به زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال ابن مجاهد بينه وبين أبي بكر من الخلف في الحروف خمسمائة وعشرون حرفا في المشهور عنهما وذكر حفص أنه لم يخالف عاصما في شيء من قراءته إلا في حرف الروم (^ الله الذي خلقكم من ضعف ) قرأه بالضم وقرأه عاصم بالفتح(23/2)
وروى القراءة عنه عرضا وسماعا أناس كثيرين منهم حسين بن محمد المروزي وحمزة بن القاسم الأحول وسليمان بن داود الزهراني وحمدان ابن أبي عثمان الدقاق والعباس بن الفضل الصفار وعبد الرحمن بن محمد ابن واقد ومحمد بن الفضل زرقان وخلف الحداد وعمرو بن الصباح وعبيد بن الصباح وهبيرة بن محمد التمار وأبو شعيب القواس والفضل بن يحيى بن شاهي بن فراس الأنباري وحسين بن علي الجعفي وأحمد بن جبير الأنطاكي وسليمان الفقيمي توفي سنة ثمانين ومائة على الصحيح
http://www.shaikhfayez.net/tarajem.htm(23/3)
شيخ الإسلام زكريا الأنصاري
من الضوء اللامع للسخاوي
زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الزين الأنصاري السنبكي القاهري الأزهري الشافعي القاضي. ولد في سنة ست وعشرين وثمانمائة بسنيكة من الشرقية، ونشأ بها فحفظ القرآن عند الفقيهين محمد بن ربيع والبرهان الفاقوسي البلبيسي أحد من كتبت عنه وعمدة الاحكام وبعض مختصر التبريزي في الفقه ثم تحول إلى القاهرة في سنة إحدى وأربعين فقطن الأزهر وأكمل حفظ المختصر المذكور بل حفظ أيضاً المنهاج الفرعي وألفية النحو والشاطبيتين وبعض المنهاج الأصلي ونحو النصف من ألفية الحديث ومن التسهيل إلى كاد وبعض ذلك بعد هذا الأوان، وأقام بعد مجيئه القاهرة بها يسيراً ثم عاد إلى بلده ثم رجع فداوم الاشتغال وجد فيه وكان ممن أخذ عنهم الفقه القاياتي والعلم البلقيني فقرأ عليهما شرح البهجة ملفقاً بل وأخذ عنهما في الفقه غير ذلك وعن الشرف السبكي والشموس الونائي والحجازي والبدرشي والشهاب بن المجدي والبدر النسابة والزين البوتيجي بل وعن شيخنا والزين رضوان في آخرين، وحضر دروس الشرف المناوي وغيره بل قرأ في التنبيه على الشمس البامي كما كان يخبر به وأصول الفقه القاياتي والكافياجي قرأ عليهما العضد ملفقاً والعز عبد السلام البغدادي وابن الهمام والشرواني والشمني وجماعة وأصول الدين على العز المذكور أخذ عنه شرح العقائد بكماله ما بين سماع وقراءة والشرواني قرأ عليه شرح المواقف والشمس محمد بن محمد بن محمود المدعو بالشيخ البخاري نزيل زاوية الشيخ نصر الله قرأ عليه العبري شرح الطوالع والأبدي وغيرهم وعن كل مشايخه في أصل الدين أخذ النحو بل وأخذه أيضاً عن ابن المجدي وابن الهمام والشمني والصرف عن العز والشرواني؛ وكذا عن محمد بن أحمد الكيلاني قرأ عليه شرح تصريف العزي للتفتازاني وطائفة والمعاني والبيان والبديع عن القاياتي أخذ عنه المطول ما بين قراءة وسماع والشمس البخاري المذكور قرأ عليه المختصر(24/1)
والكافياجي والشرواني وعن من عداه من شيوخ الصرف أخذ المنطق وكذا عن ابن الهمام والأبدي والزين جعفر العجمي الحنفي نزيل المؤيدية قرأ عليه الشمسية وغالب حاشيتها للسيد والتقي الحصني أخذ عنه ظناً في القطب وحاشيته، وأخذ عن القاياتي في اللغة وكذا أخذ عنه وعن الكافياجي وشيخنا في التفسير وأخذ علم الهيئة والهندسة والميقات والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغيرها عن ابن المجدي وقرأ عليه من تصانيفه أشياء والفرائض والحساب أيضاً عن الشمس الحجازي والبوتيجي؛ وكذا عن أبي الجود البنبي قرأ عليه المجموع والفصول والحكمة عن الشرواني وجعفر المذكور والطب عن الشرف بن الخشاب والعروض عن الوروري وعلم الحرف عن ابن قرقماس الحنفي والتصوف عن أبي عبد الله الغمري والشهاب أحمد الادكاوي ومحمد الفوي وكلاهما من أصحاب ابراهيم الادكاوي وعن السراج عمر النبتيتي والزين عبد الرحمن الخليلي شقير، وتلقن منهم ومن أحمد بن الفقيه علي بن محمد بن تميم الدمياطي ويعرف بالزلباني الذكر
وتلا بالسبع على كل من
النور البلبيسي إمام الأزهر
والزين رضوان
والشهاب القلقيلي السكندري
بعد تدربه في ذلك ببعض طلبتهم كـ
الزين جعفر
وبالثلاث الزائدة عليها بما تضمنته مصنفات ابن الجزري النشر والتقريب والطيبة على الزين طاهر المالكي
وبالعشر لكن إلى المفلحون فقط على الزين بن عياش المكي بها؛
وأخذ مرسوم الخط عن الزين رضوان بل وسمع عليه في البحث من شرح الشاطبية للجعبري وحمل عنه كتباً جمة في القراءات والحديث وغيرهما كجملة من شرح ألفية الحديث للعراقي؛(24/2)
وعن ابن الهمام أخذ هذا الشرح بتمامه سماعاً وبعضه قراءة وعن القاياتي بعضه؛ بل وأخذ عن شيخنا الكثير منه ومن ابن الصلاح وجميع شرح النخبة له؛ وقرأ عليه بلوغ المرام من تأليفه أيضاً والسيرة النبوية لابن سيد الناس ومعظم السنن لابن ماجه وأشياء غيرها، وسمع في صحيح مسلم على الزين الزركشي وكذا سمع على العز بن الفرات أشياء وعلى سارة ابنة ابن جماعة في المعجم الكبير للطبراني بقراءتي وعلى البرهان الصالحي والرشيدي وكثير ممن تقدم كالزين رضوان واشتدت عنايته بملازمته له في ذلك حتى قرأ عليه مسلماً والنسائي والبوتيجي والبلقيني وبمكة في سنة خمسين حين حج على الشرف أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد والقاضيين أبي اليمن النويري وأبي السعادات بن ظهيرة في آخرين بالقاهرة وغيرها وبعض من بالبشر والطي للنشر إلى أن استقر به الأشرف قايتباي في مشيخة الدرس المجاور للشافعي والنظر عليه عقب موت التقي الحصني بعد سعي جل الجماعة فيه بدون مسألة منه وألبسه لذلك جندة خضراء وتوجه إلى المقام ومعه القضاة الأربعة ما عدا الحنفي لتوعكه وقاضي الشام القطب الخيضري ومن شاء الله وبعض الأمراء. ثم رجع إلى منزله وباشر الدرس والتكلم على أوقافه واجتهد في عمارتها واستخلص منه ما كان منفصلاً عنه من مدة بعد خطوب وحروب في استخلاصها يطول شرحها ثم أضاف إليه بعد ذلك نظر القرافة بأسرها إلى غير ذلك مما يؤذن بمزيد خصوصيته عنده ولذا كثر توسل الناس به إليه وإلى غيره من أمرائه فمن دونهم في كثير من المآرب وانفرد عن غيره من المتطوعة بالمزيد من ذلك.(24/3)
ودخل في وصايا ونحوها والسلطان في غضون ذلك يلهج بالتحدث بولايته القضاء مع علمه بعدم قبوله عن الظاهر خشقدم بعد تصميمه عليه لذلك إلى أن أذعن بعد مجيء الزمام وناظر الخاص ونائب كاتب السر وناظر الدولة وغيرهم إليه وطلبه له فطلع معهم وما وجد بداً من القبول وذلك وقت الزوال من يوم الثلاثاء ثالث رجب سنة ست وثمانين وقد صرف الولولي الأسيوطي في أول يوم منه حين التهنئة ورجع ومن شاء الله معه من الأمراء والقضاة والمباشرين والنواب والطلبة إلى الصالحية على العادة ثم إلى منزله فباشر بعفة ونزاهة واستقر في أمانة الحكم بأحد فضلاء جماعته الجمال الصاني الأزهري وفي النقابة بأحد الفضلاء أيضاً العلاء المحلي الحنفي أحد جماعة قاضي المحلة أوحد الدين العجيمي مع تدبير الشهاب الأبشيهي لهما ومراجعتهما له، وامتنع من ولاية أبي الفتح السوهاي مع توسله عنده بكل طريق واجتهد في عمارة الأوقاف لاستيلاء الخراب على أكثرها ولم يظهر أثر ذلك إلا لمباشريها وجباتها لكون الناصح له في العمارة وغيرها عديم والمكافح في الدفع عنه غير مستقيم واستمر القطع لجل مستحقيها إلى أن أمسك السلطان الأمين والنقيب وغيرهما من جماعته ورسم عليهم ولم يلتفت لمن يعذله عن ذلك مع قلتهم بل عدمهم وصرفه في أثناء ذلك عن نظر القرافتين ويقال كانت ولايته على المستحقين نقمه وجهالته في تصرفاته على المستحقين المسلمين غمه بحيث عادت محبة الناس فيه عداوة وزادت الرغبة إلى الله بزواله عقب الصلاة والتلاوة واشتد بغضه فيه ولم يعتد بغالب ما يبديه وصرح بتمقته مرة بعد أخرى وطرح جانبه سراً وجهراً ولو التفت لجهة المستحقين لانكب عنه بيقين، ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة وعلى كل حال فهو نهاية العنقود وحامل الراية التي إلى الخير فيما نرجو تعود ولم تزل الأكابر تمتحن والصابر عليها يرتقي لكل أمر حسن رفع الله به وعنه كل مكروه ودفع عنه من يخفضه بفوه وختم له بخير.(24/4)
والطي للنشر إلى أن استقر به الأشرف قايتباي في مشيخة الدرس المجاور للشافعي والنظر عليه عقب موت التقي الحصني بعد سعي جل الجماعة فيه بدون مسألة منه وألبسه لذلك جندة خضراء وتوجه إلى المقام ومعه القضاة الأربعة ما عدا الحنفي لتوعكه وقاضي الشام القطب الخيضري ومن شاء الله وبعض الأمراء. ثم رجع إلى منزله وباشر الدرس والتكلم على أوقافه واجتهد في عمارتها واستخلص منه ما كان منفصلاً عنه من مدة بعد خطوب وحروب في استخلاصها يطول شرحها ثم أضاف إليه بعد ذلك نظر القرافة بأسرها إلى غير ذلك مما يؤذن بمزيد خصوصيته عنده ولذا كثر توسل الناس به إليه وإلى غيره من أمرائه فمن دونهم في كثير من المآرب وانفرد عن غيره من المتطوعة بالمزيد من ذلك.(24/5)
ودخل في وصايا ونحوها والسلطان في غضون ذلك يلهج بالتحدث بولايته القضاء مع علمه بعدم قبوله عن الظاهر خشقدم بعد تصميمه عليه لذلك إلى أن أذعن بعد مجيء الزمام وناظر الخاص ونائب كاتب السر وناظر الدولة وغيرهم إليه وطلبه له فطلع معهم وما وجد بداً من القبول وذلك وقت الزوال من يوم الثلاثاء ثالث رجب سنة ست وثمانين وقد صرف الولولي الأسيوطي في أول يوم منه حين التهنئة ورجع ومن شاء الله معه من الأمراء والقضاة والمباشرين والنواب والطلبة إلى الصالحية على العادة ثم إلى منزله فباشر بعفة ونزاهة واستقر في أمانة الحكم بأحد فضلاء جماعته الجمال الصاني الأزهري وفي النقابة بأحد الفضلاء أيضاً العلاء المحلي الحنفي أحد جماعة قاضي المحلة أوحد الدين العجيمي مع تدبير الشهاب الأبشيهي لهما ومراجعتهما له، وامتنع من ولاية أبي الفتح السوهاي مع توسله عنده بكل طريق واجتهد في عمارة الأوقاف لاستيلاء الخراب على أكثرها ولم يظهر أثر ذلك إلا لمباشريها وجباتها لكون الناصح له في العمارة وغيرها عديم والمكافح في الدفع عنه غير مستقيم واستمر القطع لجل مستحقيها إلى أن أمسك السلطان الأمين والنقيب وغيرهما من جماعته ورسم عليهم ولم يلتفت لمن يعذله عن ذلك مع قلتهم بل عدمهم وصرفه في أثناء ذلك عن نظر القرافتين ويقال كانت ولايته على المستحقين نقمه وجهالته في تصرفاته على المستحقين المسلمين غمه بحيث عادت محبة الناس فيه عداوة وزادت الرغبة إلى الله بزواله عقب الصلاة والتلاوة واشتد بغضه فيه ولم يعتد بغالب ما يبديه وصرح بتمقته مرة بعد أخرى وطرح جانبه سراً وجهراً ولو التفت لجهة المستحقين لانكب عنه بيقين، ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة وعلى كل حال فهو نهاية العنقود وحامل الراية التي إلى الخير فيما نرجو تعود ولم تزل الأكابر تمتحن والصابر عليها يرتقي لكل أمر حسن رفع الله به وعنه كل مكروه ودفع عنه من يخفضه بفوه وختم له بخير.(24/6)
ذكر من جميع شيوخه في أخذه عنه أكثر من بعض، كما أن عمله في هذه العلوم أيضاً يتفاوت، ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التواضع وحسن العشرة والأدب والعفة والانجماع عن بني الدنيا مع التقلل وشرف النفس ومزيد العقل وسعة الباطن والاحتمال والمداراة إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الافتاء والاقراء وممن كتب له شيخنا ونص كتابته في شهادته على بعض الآذنين له:
وأذنت له أن يقرىء القرآن على الوجه الذي تلقاه ويقرر الفقه على النمط الذي نص عليه الإمام وارتضاه قال والله المسؤل أن يجعلني وإياه ممن يرجوه ويخشاه إلى أن نلقاه.
وكذا أذن له في اقراء شرح النخبة وغيرها؛ وتصدى للتدريس في حياة غير واحد من شيوخه وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد طبقة مع إعلام متفننيهم بحقيقة شأنه ولكن الحظ أغلب، وشرح عدة كتب منها آداب البحث وسماه فتح الوهاب بشر الآداب وفصول ابن الهائم في الفرائض سماه غاية الوصول إلى علم الفصول مزج المتن فيه وآخر غير ممزوج سماه منهج الوصول إلى تخريج الفصول هو أبسطهما والتحفة القدسية في الفرائض لابن الهائم أيضاَ وسماه التفة الأنسية لغلق التحفة القدسية وألفية ابن الهائم أيضاً المسماة بالكفاية وسماه نهاية الهداية في تحرير الكفاية وبهجة الحاوي وسماه الغرر البهية في شرح البهجة الوردية وتنقيح اللباب للولي بن العراقي ومختصر الروضة لابن المقري المسمى بالروض وحاشية على شرح البهجة للولي العراقي وشرح في النحو شذور الذهب بل كتب على ألفية النحو يسيراً؛
وفيما يتعلق بالقراءات
شرح مقدمة التجويد لابن الجزري
ومختصر قرة العين في الفتح والامالة وبين اللفظين لابن القاصح
وأحكام النون الساكنة والتنوين والمد والقصر(24/7)
وفي المنطق شرح ايساغوجي وشرح المنفرجة في مطول ومختصر وأقرأ معظم ذلك وطار منه شرح البهجة في كثير من الاقطار؛ وكنت أتوهم أن كتابته أمتن من عباريه إلى أن اتضح لي أمره حين شرع في غيبتي بشرح ألفية الحديث مستمداً من شرحي بحيث عجب الفضلاء من ذلك وقلت لهم من ادعى ما لم يعلم كذب فيما علم، وخطر لي لقصور الطلبة المرور على شرحه للبهجة وابراز ما فيه سيما في كثير مما يزعم المزج فيه. وقصد بالفتاوي وزاحم كثيراً من شيوخه فيها، وكان أحد من كتب في كائنة ابن الفارض بل هو أحد من عظم ابن عربي واعتقده وسماه ولياً، وعذلته عن ذلك مرة بعد أخرى فما كف بل تزايد فصاحة بذلك بأخرة وأودعه في شرحه للروض من مخالفته الماتن في ذلك. وله تهجد وتوجد وصبر واحتمال وترك للقيل والقال وأوراد واعتقاد وتواضع وعدم تنازع بل عمله في التودد يزيد عن الحد ورويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عبارته وعدم مسارعته إلى الفتاوي قيل مما يعد في حسناته، وبيننا أنسة زائدة ومحبة من الجانبين تامة ولا زالت المسرات واصلة إلى من قبل بالدعاء والثناء وإن كان ذلك دأبه مع عموم الناس فحظي منه أوفر ولفضي فيه كذلك أغزر وقد عرض عليه إمامة المدرسة الزينية الاستادار أول ما فتحت، ويكون ساكناً بها فتوقف واستشار القاياتي فحسنه له ولم يلبث أن جاءه صاحبه الشهاب الزواوي وسأله أن يتكلم له مع القاياتي في اشارته إلى الواقف بتقريره فيها فبادر من غير اعلامه بأنه سئل فيها وتوجه معه إلى القاياتي فكلمه فوعده بالاجابة بعد أن علم الشهاب منه بتعيينها له وتمادي الحال، ومع ذلك فاستقر فيها الشهاب بن أسد، وكذا سأل في خزن كتب المحمودية بعد شيخنا فبادر النحاس وأخذها للتريكي بل تكلم في أخذ ما كان في تركة ابن البلقيني من كتب الأوقاف حرصاً منه في ذلك؛ وفي الخزن على الاستمداد من الكتب وعمل الميعاد بجامع الظاهر نيابة ثم وثب البقاعي على الأصيل فانقطع.(24/8)
واستمر به العلم بن الجيعان في مشيخة التصوف بالجامع الذي أنشأه ببركة الرطلي أول ما فتح، وكذا استقر في مشيخة التصوف بمسجد الطواشي علم دار بدرب ابن سنقر بالقرب من باب البرقية عوضاً عن زينب ابنة شيخه أبي الجود ثم رغب عنه وقرره الظاهر خشقدم في التدريس بتربته التي أنشأها بالصحراء أول ما فتحت. وفي تدريس الفقه بالمدرسة السابقية بعد موت ابن الملقن وقدمه على غيره ممن نازع مع سبق كتابة الناظر الخاص له. وتحول من ثم للسكن في قاعتها؛ وزاد في الترقي وحسن الطلاقة والتلقي مع كثرة حاسديه والمتعرضين لجانبه وواديه، وهو لا يلقاهم إلا(24/9)
بالبشر والطي للنشر إلى أن استقر به الأشرف قايتباي في مشيخة الدرس المجاور للشافعي والنظر عليه عقب موت التقي الحصني بعد سعي جل الجماعة فيه بدون مسألة منه وألبسه لذلك جندة خضراء وتوجه إلى المقام ومعه القضاة الأربعة ما عدا الحنفي لتوعكه وقاضي الشام القطب الخيضري ومن شاء الله وبعض الأمراء. ثم رجع إلى منزله وباشر الدرس والتكلم على أوقافه واجتهد في عمارتها واستخلص منه ما كان منفصلاً عنه من مدة بعد خطوب وحروب في استخلاصها يطول شرحها ثم أضاف إليه بعد ذلك نظر القرافة بأسرها إلى غير ذلك مما يؤذن بمزيد خصوصيته عنده ولذا كثر توسل الناس به إليه وإلى غيره من أمرائه فمن دونهم في كثير من المآرب وانفرد عن غيره من المتطوعة بالمزيد من ذلك.(24/10)
ودخل في وصايا ونحوها والسلطان في غضون ذلك يلهج بالتحدث بولايته القضاء مع علمه بعدم قبوله عن الظاهر خشقدم بعد تصميمه عليه لذلك إلى أن أذعن بعد مجيء الزمام وناظر الخاص ونائب كاتب السر وناظر الدولة وغيرهم إليه وطلبه له فطلع معهم وما وجد بداً من القبول وذلك وقت الزوال من يوم الثلاثاء ثالث رجب سنة ست وثمانين وقد صرف الولولي الأسيوطي في أول يوم منه حين التهنئة ورجع ومن شاء الله معه من الأمراء والقضاة والمباشرين والنواب والطلبة إلى الصالحية على العادة ثم إلى منزله فباشر بعفة ونزاهة واستقر في أمانة الحكم بأحد فضلاء جماعته الجمال الصاني الأزهري وفي النقابة بأحد الفضلاء أيضاً العلاء المحلي الحنفي أحد جماعة قاضي المحلة أوحد الدين العجيمي مع تدبير الشهاب الأبشيهي لهما ومراجعتهما له، وامتنع من ولاية أبي الفتح السوهاي مع توسله عنده بكل طريق واجتهد في عمارة الأوقاف لاستيلاء الخراب على أكثرها ولم يظهر أثر ذلك إلا لمباشريها وجباتها لكون الناصح له في العمارة وغيرها عديم والمكافح في الدفع عنه غير مستقيم واستمر القطع لجل مستحقيها إلى أن أمسك السلطان الأمين والنقيب وغيرهما من جماعته ورسم عليهم ولم يلتفت لمن يعذله عن ذلك مع قلتهم بل عدمهم وصرفه في أثناء ذلك عن نظر القرافتين ويقال كانت ولايته على المستحقين نقمه وجهالته في تصرفاته على المستحقين المسلمين غمه بحيث عادت محبة الناس فيه عداوة وزادت الرغبة إلى الله بزواله عقب الصلاة والتلاوة واشتد بغضه فيه ولم يعتد بغالب ما يبديه وصرح بتمقته مرة بعد أخرى وطرح جانبه سراً وجهراً ولو التفت لجهة المستحقين لانكب عنه بيقين، ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة وعلى كل حال فهو نهاية العنقود وحامل الراية التي إلى الخير فيما نرجو تعود ولم تزل الأكابر تمتحن والصابر عليها يرتقي لكل أمر حسن رفع الله به وعنه كل مكروه ودفع عنه من يخفضه بفوه وختم له بخير.(24/11)
والطي للنشر إلى أن استقر به الأشرف قايتباي في مشيخة الدرس المجاور للشافعي والنظر عليه عقب موت التقي الحصني بعد سعي جل الجماعة فيه بدون مسألة منه وألبسه لذلك جندة خضراء وتوجه إلى المقام ومعه القضاة الأربعة ما عدا الحنفي لتوعكه وقاضي الشام القطب الخيضري ومن شاء الله وبعض الأمراء. ثم رجع إلى منزله وباشر الدرس والتكلم على أوقافه واجتهد في عمارتها واستخلص منه ما كان منفصلاً عنه من مدة بعد خطوب وحروب في استخلاصها يطول شرحها ثم أضاف إليه بعد ذلك نظر القرافة بأسرها إلى غير ذلك مما يؤذن بمزيد خصوصيته عنده ولذا كثر توسل الناس به إليه وإلى غيره من أمرائه فمن دونهم في كثير من المآرب وانفرد عن غيره من المتطوعة بالمزيد من ذلك.(24/12)
ودخل في وصايا ونحوها والسلطان في غضون ذلك يلهج بالتحدث بولايته القضاء مع علمه بعدم قبوله عن الظاهر خشقدم بعد تصميمه عليه لذلك إلى أن أذعن بعد مجيء الزمام وناظر الخاص ونائب كاتب السر وناظر الدولة وغيرهم إليه وطلبه له فطلع معهم وما وجد بداً من القبول وذلك وقت الزوال من يوم الثلاثاء ثالث رجب سنة ست وثمانين وقد صرف الولولي الأسيوطي في أول يوم منه حين التهنئة ورجع ومن شاء الله معه من الأمراء والقضاة والمباشرين والنواب والطلبة إلى الصالحية على العادة ثم إلى منزله فباشر بعفة ونزاهة واستقر في أمانة الحكم بأحد فضلاء جماعته الجمال الصاني الأزهري وفي النقابة بأحد الفضلاء أيضاً العلاء المحلي الحنفي أحد جماعة قاضي المحلة أوحد الدين العجيمي مع تدبير الشهاب الأبشيهي لهما ومراجعتهما له، وامتنع من ولاية أبي الفتح السوهاي مع توسله عنده بكل طريق واجتهد في عمارة الأوقاف لاستيلاء الخراب على أكثرها ولم يظهر أثر ذلك إلا لمباشريها وجباتها لكون الناصح له في العمارة وغيرها عديم والمكافح في الدفع عنه غير مستقيم واستمر القطع لجل مستحقيها إلى أن أمسك السلطان الأمين والنقيب وغيرهما من جماعته ورسم عليهم ولم يلتفت لمن يعذله عن ذلك مع قلتهم بل عدمهم وصرفه في أثناء ذلك عن نظر القرافتين ويقال كانت ولايته على المستحقين نقمه وجهالته في تصرفاته على المستحقين المسلمين غمه بحيث عادت محبة الناس فيه عداوة وزادت الرغبة إلى الله بزواله عقب الصلاة والتلاوة واشتد بغضه فيه ولم يعتد بغالب ما يبديه وصرح بتمقته مرة بعد أخرى وطرح جانبه سراً وجهراً ولو التفت لجهة المستحقين لانكب عنه بيقين، ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة وعلى كل حال فهو نهاية العنقود وحامل الراية التي إلى الخير فيما نرجو تعود ولم تزل الأكابر تمتحن والصابر عليها يرتقي لكل أمر حسن رفع الله به وعنه كل مكروه ودفع عنه من يخفضه بفوه وختم له بخير.(24/13)
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة الغزي الصفحة : 122
421- زكريا ابن القاضي زين الدين الأنصاري: زكريا بن محمد بن زكريا الشيخ الإمام، شيخ مشايخ الإسلام، علامة المحققين، وفهامة المدققين، ولسان المتكلمين، وسيد الفقهاء والمحدثين، الحافظ المخصوص بعلو الأسناد، والملحق للأحفاد بالأجداد، العالم، العامل، والولي الكامل، الجامع بين الشريعة والحقيقة، والسالك إلى الله تعالى أقوم مسالك الطريقة، مولانا وسيدنا قاضي القضاة، أحد سيوف الحق المنتضاة، زين الدين أبو يحيى الأنصاري السنيكي، المصري، الأزهري، الشافعي، وسنيكة المنسوب إليها - بضم السين وفتح النون وإسكان الياء المثناة تحت وآخر الحروف تاء التأنيث - بليدة من شرقية مصر. قرأت بخط شيخ الإسلام الوالد أنه ولد ببلده في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وقال الحمصي: في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وحكى العلائي. عن الشيخ الصالح المعتقد ربيع ابن الشيخ المصطلم عبد الله السلمي الشنباري أنه يوماً بسنيكة مسقط رأس الشيخ زكريا، وإذا بامرأة تستجير به وتستغيث أن ولدها مات أبوه، وعامل البلد النصراني قبض عليه يروم أن يكتبه موضع أبيه في صيد الصقور، فخلصه الشيخ منه، وقال لها: إن أردت خلاصه فافرغي عنه يشتغل ويقرأ بجامع الأزهر، وعلي كلفته، فسلمت إليه الشيخ زكريا على ذلك ليتنصل من الفلاحة، وكان عليه يومئذ خلق ثوب وزمط مقور، فلا زال يشتغل الشيخ زكريا حتى صار إلى ما صار إليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. قال العلائي: وكان إذا ورد عليه الشيخ ربيع أو زوجته أو أحد من أقاربه يجله في زمن صمدته ومنصبه، وكان يقضي حوائجهم، ويعترف بالفضل لهم، وربما مازحته زوجة الشيخ ربيع التي ربته، وحكى الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، عن الشيخ زكريا - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: جئت من البلاد وأنا شاب، فلم أعكف على الاشتغال بشيء من أمور الدنيا، ولم أعلق قلبي بأحد من الخلق.(24/14)
قال: وكنت أجوع في الجامع كثيراً. فأخرج في الليل إلى الميضأة وغيرها، فأغسل ما أجده من قشيرات البطيخ حوالي الميضأة وآكلها، وأقنع بها عن الخبز، فأقمت على ذلك الحال سنين، ثم إن الله تعالى قيض لي شخصاً من أولياء الله تعالى كان يعمل في الطواحين في غربلة القمح، فكان يتفقدني ويشتري لي ما أحتاج إليه من الأكل والشرب والكسوة والكتب، ويقول لي: يا زكريا لا تخف عني عن أحوالك شيئاً، فلم يزل معي كذلك عدة سنين، فلما كان ليلة من الليالي أخذ بيدي والناس نائمون. وقال لي: قم معي، فقمت معه فأوقفني على سلم الوقادة الطويل بالجامع، وقال: إصعد هذا الكرسي، فلم يزل يقول لي اصعد إلى آخر درجة. ثم قال: إنزل، فنزلت، فقال لي: يا زكريا إنك تعيش حتى تموت أقرانك، ويرتفع شأنك، وتتولى مشيخة الإسلام - يعني قضاء القضاة مدة طويلة - وترتفع على أقرانك، وتصير طلبتك مشايخ الإسلام في حياتك حتى يكف بصرك قلت: ولا بد لي من العمى. فقالا: لا بد، ثم انقطع عني فلم أره من ذلك. انتهى
واشتغل - رضي الله تعالى عنه- في سائر العلوم المتداولة، وبرع فيها، فقرأ القرآن العظيم على جماعة منهم الإمام الرحلة زين الدين أبو النعيم رضوان بن محمد العقبي، والإمام المقريء نور الدين علي بن محمد ابن الإمام فخر الدين المخزومي البلبيسي الشافعي إمام الأزهر قراءة عليهما جميعاً للأئمة السبعة، ومنهم الإمام العلامة زين الدين ظاهر بن محمد بن علي النويري المالكي جميعاً للأئمة الثلاثة زيادة على السبع، وقرأ على العقبي الشاطبية، والرائية، وسمع عليه من التيسير للداني يسيراً،(24/15)
وتفقه بجماعة منهم شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، وفقيه الوقت الشرف موسى بن أحمد السبكي، ثم القاهري، والشيخ شمس الدين محمد بن علي البدشيني نزيل تربة الجبرتي بالقرافة، والعلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن رجب القاهري عرف بالمجدي، والعلامة شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد الحجازي مختصر الروضة، والشيخ العلامة شمس الدين محمد بن إساعيل الوفائي، وقرأ على شيخ الإسلام شمس الدين محمد بن على القاياتي أول شرح البهجة للعراقي إلى الأمان، ومن الأمان إلى آخره، وعلى العلامة علم الدين صالح ابن شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، وأذن له جماعة من هؤلاء وغيرهم بالتدريس والإفتاء، وقرأ كتاب "التبيان، في آداب حملة القران"، للنووي على الشيخ أبي إسحاق الصالحي، وأخذ العربية، والأدب، والأصول، والمعقولات عن شيخ الإسلام ابن حجر، وعن المحيوي الكافيجي، والتقي الحصكفي وعن غيرهم، وكان رفيقاً للجمال يوسف الكوراني، والعماد إسماعيل الكردي، على الشمس الشرواني في هذه، وسمع عليه هو والعماد المذكور بقراءة الكوراني شرح المواقف.(24/16)
لكن نقل العلائي أن الشمس الشرواني لما سئل عن هؤلاء في فهم الكتاب المذكور قدم الكوراني عليهما، وأخذ القاضي زكريا - رحمه الله تعالى - الحديث عن جماعة منهم ابن حجر قرأ عليه السيرة النبوية لابن سيد الناس، والسنن لابن ماجة لما عدا من قوله في آخر الدعوات ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته إلى آخر الكتاب، فمات ابن حجر قبل إكماله، وسمع عليه أشياء كثيرة، وقرأ على أبي النعيم رضوان العقبي مسند الإمام الشافعي، وصحيح مسلم، والسنن الصغرى للنسائي، وسمع عليه شرح معاني الآثار للطحاوي وغير ذلك كثيراً، وقرأ صحيح البخاري على أبي إسحاق إبراهيم بن صدقة الحنبلي، وسمع جميعه على الشمس القاياتي، وأكثره على ابن حجر، وأجازه خلائق يزيدون على مائة وخمسين نفساً ذكرهم في ثبته، ولبس الخرقة الصوفية من الشيخ أبي العباس أحمد بن علي الأتكاوي، والشيخ أبي الفتح محمد بن أبي أحمد الغزي، والشيخ أبي حفص عمر بن علي النبتيتي، والشيخ أحمد ابن الفقيه علي الدمياطي. الشهير بابن الزلباني، والشيخ زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي التميمي الخليلي، وكلهم شافعيون، وتلقن منهم الذكر، وأذنوا له بالتلقين والإلباس، وكنلك أخذ الطريق عن أوحد الجماعة القائم في النصيحة بين العباد بما استطاعه سيدي محمد بن عمر الواسطي، الغمري، الشافعي بحق أخذه عن سيدي الشيخ أحمد الزاهد صاحب الستين مسألة في الفقه - رضي الله تعالى عنه - وسافر شيخ الإسلام زكريا وهو بالمحلة الكبرى من مصر، وأقام عنده أربعين يوماً، وقرأ عليه كتاب "قواعد الصوفية" له كاملاً، ثم رجع إلى مصر. قال الشعراوي: وأخبرني - رضي الله تعالى عنه - أنه دخل مرة على سيدي محمد الغمري الخلوة على غفلة، فرأى له سبع عيون قال: لما بهت فيه. قال لي: يا زكريا إن الرجل إذا كمل صار له عيون بعدد أقاليم الدنيا. قال: ودخلت عليه مرة أخرى، فرأيته متربعاً في الهواء قريباً من سقف الخلوة.(24/17)
قال الشعراوي: وأخبرني أنه من حين كان شاباً يحب طريق الصوفية، ويحضر مجالس ذكرهم حتى كان أقرانه يقولون: زكريا لا يجيء منه شيء في طريق الفقهاء لكوني كنت مكباً على مطالعة رسائل القوم، مواظباً على مجالس الذكر، قال: ولما اشتغلت بالعلم، وبرعت فيه - بحمد الله تعالى - شرحت البهجة. قال: فلما أتممت شرحها غار بعض الأقران، فكتب على بعض نسخ الشرح كتاب الأعمى والبصير تعريضاً بأني لا أقدر أشرح البهجة وحدي، وإنما ساعدني فيه رفيق أعمى كنت أطالع أنا وإياه. قال: فاحتسبت بالله تعالى، ولم ألتفت إلى مثل ذلك. قال: وكان تأليفي لشرح البهجة في يوم الاثنين، والخميس لكونها ترفع فيها الأعمال. كما ورد في الحديث. انتهى.ع فيها الأعمال. كما ورد في الحديث. انتهى.(24/18)
ثم وكان - رضي الله تعالى عنه - بارعاً في سائر العلوم الشرعية وآلاتها حديثاً، وتفسيراً، وفقهاً، وأصولاً، وعربية، وأدباً، ومعقولاً، ومنقولاً. فأقبلت عليه الطلبة للإشتغال عليه، وعمر حتى رأى تلاميذه وتلاميذ تلاميذه شيوخ الإسلام، وقرت عينه بهم في محافل العلم، ومجالس الأحكام قصد بالرحلة إليه من الحجاز والشام ومن أعيان من أخذ عنه الشيخ الإمام العلامة جمال الدين عبد الله الصافي، والشيخ الإمام نور الدين المحلي، والشيخ الإمام مجلي، والشيخ الفقيه عميرة البرلسي، والشيخ العلامة السيد كمال الدين بن حمزة الدمشقي، والشيخ بهاء الدين المفصي، وشيخ الإسلام الجد، وشيخ الإسلام الوالد. قرأ عليه المنهاج والألفية، وسمع عليه أشياء كثيرة، والشيخ العلامة مفتي البلاد الحلبية البدر بن السيوفي، والشيخ العلامة شهاب الدين الحمصي، والشيخ العلامة بدر الدين العلائي الحنفي، والشيخ العلامة شمس الدين الشبلي، والشيخ الصالح الولي عبد الوهاب الشعراوي، والشيخ العلامة فقيه مصر شهاب الدين الرملي القاهري، وولده شيخنا العلامة شمس الدين الرملي، والشيخ العلامة مفتي الحجاز، وعالمها شهاب الدين بن حجر الهيتمي. شارح المنهاج، وولد الشيخ زكريا الشيخ العلامة الصالح العلامة نور الدين النسفي المصري، ثم الدمشقي وغيرهم. وولي الجهات والمناصب، وولاه السلطان قايتباي قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة كلية، ثم عزل عن القضاء بسبب خطه على السلطان بالظلم، وزجره عنه تصريحاً وتعريضاً. قال العلائي: وعاش عزيزاً مكرماً محظوظاً في جميع أموره ديناً ودنيا بحيث قيل: إنه حصل له من الجهات والتداريس والمرتبات والأملاك قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، وجمع من الأموال، والكتب النفيسة ما لم يتفق لمثله. قال: ومتع بالقول على ملازمة العلم والعمل ليلاً ونهاراً مع مقارنة مئة سنة من عمره من غير كلل ولا ملل مع عروض الإنكفاف له.(24/19)
بحيث شرح البخاري جامعاً فيه ملخص عشرة شروح، وحشى تفسير البيضاوي في هذه الحالة، وكان يبر من الطلبة من يسوق له عبارات الكتب، فيأمره بكتابة ما يراه منها، "ويحرر من غير ضجر، وكان يقرأ عليه الدروس ومروياته في الحديث، ويراجع مصنفاته فيصلحها" ويحررها المرة بعد الأخرى إلى آخر وقت قال: وكان رجاعاً إلى الخير. منقاداً للمعروف، ولو من الأداني، منصفاً لمن أوله ولو صغيراً غير متكثر بالعلوم والمشيخة، ضابطاً لأوقاته غير مضيع لعمره، سليماً من العوارض والعواطل غير أنه تحمل في منصب القضاء لمراعاة مصالح دنياه وحفدته أموراً تخشى عاقبتها، حتى أنشد فيه الشيخ تاج الدين بن شريف.
لكنه لكنه لكنه ... قاضي سنيكة عالم متبحر
ثم انتقد عليه أموراً ظاهرها التعصب، ومنها حادثة وقعت للعلائي نفسه، مع رأس نوبة النواب الأمير أزبك اليوسفي، بسبب المدرسة العلائية الديلمية، زعم العلائي أن صاحب الترجمة راعى جانب الأمير أزبك فيها، ثم قال العلائي. معتذراً: لعمري أني رقمت هذه الأمور، وإني في تأثر وحيرة، فإنه من شيوخنا في الجملة دراية، وروايةً وإن شاركناه في كثير من شيوخه، وقد جمع من أنواع العلوم، والمعارف، والمؤلفات المقبولة، ومكارم الأخلاق، وحسن السمت، والتؤدة، والأخذ عن الأكابر، ما لم يجمعه غيره، فإنه آخر من روى عن الضابط الصين المسند أبي النعيم رضوان العقبي، وعن القاياتي إلى أن قال: وكان قلمه أجود من تقريره، لكنه رزق حظاً وافراً وتكاثرت عليه صغار الطلبة، والمشايخ الكمل، ووسع الناس، واستجلبهم بقبول ما يأتون، والتوجه إلى ما يبدون. قال: وسبب ذلك في الحقيقة كثرة اطلاعه، وتحصيل الكتب الواسعة، ولفظ نكت المتأخرين، ونوابغهم، وغفلة غالب الناس عن ما أخذه لقصور هممهم، وعدم اطلاعهم انتهى.(24/20)
وإنما ذكرت كلام العلائي هذا لاشتماله على تقرير حال الشيخ - رضي الله تعالى عنه وإن اشتمل على غض قليل من مقامه لأن الفاضل لا يخلو من حاسد مناكد، ولا بد لكل من تولى القضاء من راض منه وساخط، وكذلك تباعد أكثر السلف عن تولية القضاء كأبي حنيفة، وسفيان الثوري، ويحيى بن يحيى النيسابوري وأمثالهم، فمثل ذلك لا يكون جرحاً في مثل صاحب الترجمة مع إطباق الناس على تعديله، واعتقاد تقديمه وتفضيله، وقد كان - رضي الله تعالى عنه - يتأسف على تولية القضاء. قال الشعراوي: قال في مرة إنها كانت غلطة. فقلت له: ما هي? فقال: لي توليتي للقضاء صيرتني وراء الناس مع أني كنت مستوراً قال: فقلت له: يا سيدي إني سمعت بعض الأولياء يقول: كانت ولاية الشيخ للقضاء ستراً لحاله لما شاع عند الناس من صلاحه وزهده وورعه ومكاشفاته. قال: فقال: الحمد لله الذي خففت عني يا ولدي. قال الشعراوي: وكانت أول شهرة يعني بالصلاح والولاية في أيام السلطان خشقدم، وذلك أنه كان في باب النصر رجل مشهور بالصلاح، فمر عليه السلطان خشقدم، فوقف عليه يزوره، فقال للسلطان: إذا كان لك حاجة. فاسأل فيها الشيخ زكريا، فركب السلطان فزاره، فأسرعت الناس إليه، فمن ذلك اليوم اشتهر بالصلاح. وقال الشعراوي أيضاً: أخبرني يوماً أن الخضر عليه السلام كان يجتمع بسيدي علي الضرير النبتيتي، فسأله يوماً عن أحوال علماء العصر، فصار يقول: ونعم منهم، فسأله عني فقال: ونعم منه إلا أن عنده نفيسة، فقلت: يتوب منها، ولم يبين له الخضر ذلك. قال: فتنكرت على أفعالي، وصار عندي تطير من جميع أفعالي، فأرسلت أقول لسيدي علي: إذا رأيته مرة أخرى، فاسأله يبين النفيسة لأتوب عنها، فأتاه فأخبره. وقال: إنه إذا كاتب الأمراء في حاجة يقول لقاصده: قل هذا الكتاب من الشيخ زكريا، فيسمي نفسه شيخاً.(24/21)
قال: فمن ذلك اليوم ما تلفظت بهنه الكلمة، وكان الشيخ بعد ذلك يقول لقاصده، إذا أرسله إلى أحد من الأمراء: يقول لك زكريا خادم الفقراء.
وذكر الشعراوي في طبقاته الكبرى والوسطى وغيرهما جملة من كراماته. منها أنه دعا لأعمى مرة، فأبصر. قلت: وحدثت عن والدي - رضي الله تعالى عنه - أن الشيخ دخل إلى الغوري في حادثة تعصب الغوري فيها، فعلم الغوري بان الشيخ جاء في ذلك، فأمر البوابين، فوضعوا السلسلة على بابه، فجاء الشيخ وهو راكب على بغلته، فقطع السلسلة بكراسة كانت في يده من غير اكتراث ثم دخل ودخل الناس معه وبالجملة فقد صار أمثل أهل زمانه وأرأس العلماء من أقرانه، ورزق البركة في عمره، وعلمه وعمله، وأعطي الحظ في مصنفاته وتلاميذه حتى لم يبق بمصر إلا طلبته وطلبة طلبته، وقرئ عليه شرحه على البهجة سبعاً وخمسين مرة حتى حرره أتم تحرير، ولم ينقل ذلك عن غيره من المؤلفين، وكانت مؤلفاته "شرح الروض" و "شرح البهجة" و "المنهج" وشرحه يدرسها الناس، ويرجع إليها مدرس كل كتاب منها في حل مشكلاته، وأقرأ شيخ الإسلام الجد في شرحه على الروض وغيره، وراجعه في مواضع منه، فأصلحها، ومؤلفاته كلها حافلة، جليلة، معتبرة، مقبولة فما يتعلق بالفقه منها "المنهج وشرحه" وشرحا البهجة الكبير والصغير، وسماه بالخلاصة، وشرح الروض، وشرح التنقيح ومختصره، وشرحه مختصر أدب القضاء للغزي، والفتاوي وما يتعلق بعلم الفرائض شرحان على الفصول، وشرح الكفاية لابن الهائم، وشرح النفحة القدسية لابن الهائم أيضاً، وما يتعلق بالأول مختصر جمع الجوامع، وشرح المختصر المذكور، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي، وقطعة على مختصر ابن الحاجب، وشرح الطوالع في أصول الدين، وما يتعلق بالتفسير حاشية على البيضاوي، ومقدمة في البسملة والحمدلة، وما يتعلق بالقراءات، والتجويد مختصر المرشد للعمادي، وشرح الجزرية، ومختصر قرة العين في الفتح، والإمالة، ومقدمة في أحكام النون الساكنة(24/22)
والتنوين، وما يتعلق بالحديث شرح البخاري والإعلام بأحاديث الأحكام، ومختصر الآداب للبيهقي وشرح الفية العراقي، ومما يتعلق بالتصوف شرح رسالة القشيري، وشرح رسالة الشيخ أرسلان، وما يتعلق بالنحو والتصريف حاشية على ابن المصنف، وشرح الشافية لابن الحاجب، وشرح الشذور لابن هشام، وما يتعلق بالمنطق شرح إيساغوجي، وما يتعلق بالجدل شرح آداب البحث، وما يتعلق بغير ذلك مختصر بنل الماعون، وشرحا المنفرجة كبير وصغير، وديوان خطب، والثبت الذي أثبت فيه مروياته ومجيزيه، فجملة مؤلفاته أحد وأربعون مؤلفاً، وكلها نرويها بالإجازة الخاصة من شيخ الإسلام الوالد بحق أخذها عنه حين كان في طلب العلم بالقاهرة.(24/23)
وكان صاحب الترجمة معما كان عليه من الاجتهاد في العلم اشتغالاً، واستعمالاً وإفتاءً، وتصنيفاً، ومعما كان عليه من مباشرة القضاء، ومهمات الأمور، وكثرة إقبال الدنيا لا يكاد يفتر عن الطاعة ليلاً ونهاراً، ولا يشتغل بما لا يعنيه، وقوراً، مهيباًَ، مؤانساً، ملاطفاً يصلي النوافل من قيام مع كبر سنه وبلوغه مائة سنة وأكثر، ويقول: لا أعود نفسي الكسل حتى في حال مرضه كان يصلي النوافل قائماً، وهو يميل يميناً وشمالاً لا يتمالك أن يقف بغير ميل للكبر والمرض، فقيل له في ذلك. فقال: يا ولدي النفس من شأنها الكسل، وأخاف أن تغلبني، وأختم عمري بذلك، وكان إذا أطال عليه أحد في الكلام يقول له: عجل قد ضيعت علينا الزمان، وكان إذا أصلح القاريء بين يديه كلمة في الكتاب الذي يقرأه ونحوه يشتغل بالذكر بصوت خفي قائلاً. الله الله لا يفتر عن ذلك حتى يفرغ، وكان قليل الأكل لا يزيد على ثلث رغيف، ولا يأكل إلا من خبز خانقاه سعيد السعداء، ويقول؛ إنما أخص خبزها بالأكل لأن صاحبها كان من الملوك الصالحين، وذكر أنه عمرها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان - رضي الله تعالى عنه - كثير الصدقة مع إخفائها، وكان له جماعة يرتب لهم من صدقته ما يكفيهم إلى يوم، وإلى جمعة، وإلى شهر، وكان يبالغ في إخفاء ذلك حتى كان غالب الناس يعتقدون في الشيخ قلة الصدقة، وكان إذا جاءه سائل بعد أن كف بصره يقول لمن عنده من جماعته: هل هذا أحد? فإن قال له: لا أعطاه، وإن قال له: نعم قال، له: قل، له: يأتينا في غير هذا الوقت، قال الشعراوي: وقد جاء مرة رجل شريف أسود من صوفية تربة قايتباي. فقال: يا سيدي خطفت عمامتي في هذه الليلة، وكان حاضراً الشيخ جمال الدين الصافي، والشيخ أبو بكر الظاهري جابي الحرمين، فأعطاه الشيخ جديداً، فرماه في وجه الشيخ، وخرج غضبان، فأعلمت الشيخ بذلك. فقال: هو أعمى القلب الذي جاء هؤلاء الجماعة انتهى.(24/24)
وكان - رضي الله تعالى عنه- يعتقد ابن العربي، وابن الفارض، وأنظارهما من كبار الصوفية، ويتأول كلامهم بتآويل جلية حتى ضمن ذلك كتابه شرح الروض ورد فيه على ابن المقري قال المسند زين الدين بن الشماع. محدث جلبي: وكان قد رحل إلى مصر، وأخذ عن صاحب الترجمة وغيره قال: أول ما اجتمعت به قال لي: ما اسمك? قلت: عمر، فترنم لهذا الاسم، ثم قال: والله يا سيدي أنا أحب عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وأحب من اسمه عمر لأجل سيدي عمر. قال ابن الشماع: ثم ذكر لي مناماً رآه حاصله أنه رأى سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في منامه وهو طوال قال: فقلت له: اجعلني في صدرك أو في قلبك. فقال له سيدنا عمر - رضي الله تعالى عنه - يا زكريا أنت عين الوجود، ثم ذكر لي أنه استيقظ، وهو يجد لذة هذه الكلمة. قال ابن الشماع: ثم ذكر لي أنه اختصم شخصان من أمراء الدولة في الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض - رحمه الله تعالى - فقال أحدهما: هذا ولي الله، وقال الآخر: هو كافر، وإن القائل بكفره كتب صورة سؤال في كفره، وطلب منه الكتابة قال شيخ الإسلام زكريا: فامتنعت من ذلك، واعتذرت بأن القول بكفر مسلم هي خطر قال: فلما سمع القائل بولايته لذلك طمع في الكتابة بولايته، فكتب صورة سؤال، وطلب الكتابة بولايته، فامتنعت أيضاً، واعتذرت بأن الجزم بولاية من لم نتحقق ولايته فيه خطر أيضاً، فلم يقنع بل طلب الكتابة، وترك السؤال عندي، فذهبت بعد صلاة الجمعة إلى جامع الأزهر لزيارة شخص كنت أعتقده لاستشيره في الكتابة في الولاية، فلما رآني ابتدرني قبل أن أكلمه بقول: نحن مسلمون أولا? قلت له: بل أنتم من خيار المسلمين قال: فما الذي يوقفك عن الكتابة. فقلت له: كنت أنتظر الأذن قال: ثم فتح علي بكتابة عظيمة في القول بولايته، قال ابن الشماع: هذا ملخص ما سمعته من لفظه انتهى.(24/25)
ذكره ابن الحنبلي في ترجمة ابن الشماع، وقال الشعراوي لما وقعت فتنة الشيخ برهان الدين البقاعي في شأن سيدي عمر بن الفارض: أرسل السلطان إلى العلماء، فكتبوا بحسب ما ظهر، وامتنع الشيخ زكريا، ثم اجتمع بالشيخ محمد الإصطنبولي، فقال له: اكتب، وانصر القوم، وبين في الجواب أنه لا يجوز لمن لم يعرف مصطلح القوم ذوقاً أن يتكلم في حقهم بشيء آخر لأن دائرة الولاية من وراء طور العقل لبنائها على الكشف. انتهى. وقال الشيخ شمس الدين محمد بن عمر بن أحمد الحلبي الشافعي في مختصر كتاب الدرر في ترجمة بن حجر للشمس السخاوي. قال لي الشيخ جمال الدين الصافي. لما قدم مع الغوري إلى حلب مع قضاة مصر لما سألته عن ابن الفارض، وعن ابن العربي، فقال لي: هذا السؤال سألته لشيخنا القاضي زكريا، فقال لي: أعتقد أن ابن الفارض ولي الله، وأعتقد أن ابن العربي ولي الله، ولكنه دون ابن الفارض. قلت: وهنا خلاف ما عليه معتقدوهما، فإنهم يقدمون ابن العربي على ابن الفارض - رضي الله تعالى عنهما - وقد كان الأول قاطناً بدمشق، وهي مسكن الإبدال غالباً، والثاني بمصر، وهي مسكن الأوتاد والإبدال من الصديقين، والأوتاد من الأبرار، وسمعت بعض إخواننا يحكي أنه روي أن الشيخ محيي الدين بن العربي كان يعرض عليه كلام سيدي عمر بن الفارض - رضي الله تعالى عنه - فيقول: هو كلامنا لكنه أبرزه في قالب آخر. وكان يقول: هو ماشطة كلامنا، والذي يظهر لي من كلامهما أن ابن العربي أوسع في المعرفة، وأن ابن الفارض أوغل في المحبة، والله سبحانه وتعالى هو الموفق، وكان لشيخ الإسلام زكريا ذوق في فهم كلام القوم يشرح كلام أهل الطريق على أتم وجه، ويجيب عنه الأجوبة الحسنة إذا أشكل على الناس شيء منه، وكان يقول الفقيه: إذا لم يكن له معرفة بمصطلح ألفاظ القوم: فهو كالخبز الحاف بغير أدم، ورفع إليه سؤال عن بيت من كلام بعض العارفين صورته:(24/26)
ومن حوله أحداق راجيه محدقه ... أمولانا شيخ العلم والفضل والحجى
بصير نصير سحب جدواه مغدقه ... ومن هو في التوحيد حقاً، وأهله
فأولاهم كنز العلوم وأنفقه ... ومن لاذ وفد السائلين ببابه
عليه مدارالعلم حين تحققه ... ومن هو قطب حل دائرة النهى
يليه بمدحي من معانيه مشرقه ... ابن موضحاً معنى لبيت يلي الذي
على فضله كل البرايا مصدقه ... محمد المختار أزكى الورى، ومن
لها حرف جمع أعجمت منه تفرقه ... هو السر في الدارين، والنقطة التي
ولم يدر معناه البديع ورونقه ... فذا مدح بعض العارفين لوصفه
سلام متى ناحت بأيك مطوقه ... عليه مع الآل الكرام وصحبه
فأجاب - رضي الله تعالى عنه -: بأن السر هو الأكمل، والنقطة القطب، والحرف الطرف، والجمع هذا الأنبياء، وهمزة أعجمت للسلب، ويقال: أعجمت الكتاب أزلت عجمته، وتفرقة مفعول له، ويحتمل أن يراد بالنقطة نقطة حرف الهجاء، وبالجمع الكلمات على إرادة التشبيه البليغ أي هو كالنقطة التي بها أزيلت عجمة حروف الكتابة، فإنه صلى الله عليه وسلم أزيلت أيضاً به العجمة من ريب وغيره من الكتاب المنزل عليه، والمعنى على الأول أنه صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق، وقطبهم الذي به أي بكونه قطباً صار طرف الأنبياء. وخاتمهم، وأزبلت به العجمة عن الكتاب المنزل تفرقة بين الحق والباطل قال: وحاصله نظماً:
تعالى، وقطب الأنبياء مصدقه ... محمد في الدارين أكمل خلقه
أزيلت جميع المعجمات الموثقه ... وخاتم رسل الله، وهو الذي به
وكان شعر الشيخ - رضي الله تعالى عنه - متوسطاً، ومنه ما رواه عنه شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - في المواضع التي تباح فيها الغيبة:
رام إغاثة لدفع منكر ... وتباح غيبة لمستفت ومن
في معلن فسقاً مع المحذر ... ومعرف متظلم متكلم
وقال - رضي الله تعالى عنه - متوسلاً:
وليس على غير المسامح متكل ... إلهي ذنوبي قد تعاظم خطرها
سواك، ولا علم لدي ولا عمل ... إلهي أنا العبد المسيء، وليس لي(24/27)
لأني يا مولاي في غاية الخجل ... إلهي أقلني عثرتي وخطيئتي
ولكنها في جنب عفوك كالبلل ... إلهي ذنوبي مثل سبعة أبحر
وأنت كريم ما صبرت على زلل ... ولولا رجائي إن عفوك واسع
أجرني من النيران إني في وجل ... إلهي بحق الهاشمي محمد
وبالخير، فامنن عند خاتمة الأجل ... وباللطف والعفو الجميل تولني
ومدحه القاضي بهاء الدين محمد بن يوسف بن أحمد:
قمر قد أباحني الرشف ريا ... جاء فيه العذول شيئاً فريا
حسنات الخدود: نحن الثريا ... قيل: هذا بدر التمام، فقالت:
واتهام السلو رحت بريا ... بهواه من عاذلي. وسقامي
وصراط الغرام فيه سويا ... وقضيب القوام راح وجسمي
ولهذا هجرت نومي مليا ... بت في الوصل في هواه غنياً
وهو أمسى بكل حسن غنيا ... ومن الصبر عنه رحت فقيراً
فعذولي عليه راح غويا ... كل من هام في هواه رشيد
فضعيفان يغلبان قويا ... ليس قلبي بسقم جفنيه يقوي
وسلوي خلصت منه نجيا ... فخلاصي من الغرام عزيز
لي في حب عبده زكريا ... فعسى ذكر رحمة من إلهي
قد تلقى الحكم العزيز وليا ... شافعي الزمان قاضي القضاة
كان يقتدى به مهديا ... هو شيخ الإسلام، وهو إمام
كل من كان ظالماً مقضيا ... قمع الله حين آتاه حكماً
وعيون الورى جمالاً مليا ... ملأ القلب هيبةً وجلالاً
ولهذا في المجد أضحى سنيا ... وله العلم حلة وشعار
خاشعاً ناسكاً عزيزاً أبيا ... عالماً عاملاً جليلاً جميلاً
محسناً مخلصاً كريماً سريا ... عابداً زاهداً إماماً كبيراً
خاضعاً مخبتاً وفياً صفيا ... أمة قانتاً حنيفاً منيباً
سار عنه معنعناً مرويا ... ملا الخافقين في العلم حتى
فيخرون سجداً وبكيا ... هو ممن يتلى الكتاب عليهم
ومقام سام مكاناً عليا ... ولهذا قد حل من كل حال(24/28)
وكانت وفاته - رضي الله تعالى عنه - يوم الأربعاء ثالث شهر في القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن مائة وثلاث سنوات، وغسل في صبيحة يوم الخميس، وكفن وحمل ضحوة النهار ليصلى عليه بجامع الأزهر في محفل من قضاة الإسلام، والعلماء، والفضلاء، وخلائق لا يحصون، واجتمع بالجامع المذكور ونواحيه أمثالهم اغتناماً للصلاة عليه، وقاربوا أن يدخلوا به وإذا بقصاد ملك الأمراء يحمله إلى سبيل أمير المؤمنين ليظفر بالصلاة عليه، وكان الشيخ عبد الوهاب الشعراوي قد رأى قبل موته مناماً وقصه عليه، وكاشفه به قبل أن يخبر به وقال له يوماً، وهو بين يديه يطالع له في شرح البخاري: قف واذكر لي ما رأيت في هذه الليلة، فقال له: رأيت أني معكم في مركب، وأنت جالس عن يسار الإمام الشافعي، فقلت لي: سلم على الإمام، فسلمت عليه، ودعا لي والمركب مقلعة في بحر مئل عباب النيل، ورأيت المركب كلها مفروشة بالسندس الأخضر وكذلك القلع والحبال كلها حرير أخضر ومتكآت خضر، فلا زلنا مقلعين حتى انتهينا إلى جنينة عظيمة أصولها في ساحل البحر، وثمارها مدلاة من شراريف الحائط. قال: وطلعت أنا من المركب إلى البستان، فرأيت حوراً حساناً يجنين من الزعفران في قفاف بيض على رؤوسهن كل قمعة من الزعفران قدرها في الجرم إسباطة البلح. قال: فأستيقظت. فقال له شيخ الإسلام زكريا. إن صح منامك، فإني سوف أدفن بالقرب من الإمام الشافعي، وكان حاضراً بالمجلس حينئذ الشيخ جمال الدين الصافي، والشيخ أبو بكر الظاهري، فلما توفي شيخ الإسلام زكريا فتحوا له فسقية في باب النصر، فقال الشيخ جمال الدين الصافي للشعراوي: أين رؤياك? قال: فقلت له: إن الشيخ قال: إن صحت رؤياك.(24/29)
قال: فبينما نحن كذلك، وقد كفن الشيخ، وما بقي إلا حمله جاء قاصد ملك الأمراء خاير بيك فقال: إن ملك الأمراء ضعيف، ولا يستطيع أن يأتي إلى باب النصر، ومقصوده أن تحملوه إلى سبيل المؤمنين ليصلى عليه، فحمل إلى الرميلة، وصلي عليه هناك، فلما صلوا عليه قال ملك الأمراء: ادفنوه عند الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - ثم حمل نعشه مالك الأمراء وغيره، ومشى أمامه الأمير جانم الحمزاوي، والقضاة، والعلماء، والأمراء، والخاص، والعام. قال الشعراوي: وكانت جنازته مشهورة ما رأيت أكثر خلقاً منها، قال العلائي: ودفن بالقرافة الصغرى بتربة الشيخ نجم الدين الخويشاتي بقرب قبر الإمام الشافعي في فسقية جديدة أنشأها القاضي شرف الدين قريب بن أبي المنصور لنفسه - رحمه الله تعالى - وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة بعد صلاتها رابع أو خامس جمادىالآخرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة قال ابن طولون: وأخرت الصلاة عليه لاشتغال الناس بالفتنة الغزالية - رحمه الله تعالى -.(24/30)
ترجمة شيخ القراء أحمد سلمونة الذي عليه تدور أسانيد مصر اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبعد فالباعث على اختيار هذه الشخصيات بالذات هو قلة ما نعرفه اليوم عنهم، مع اعتماد أسانيدنا القرآنية والتي هي من أعز ما نملك، وما هي إلا محاولة لإحياء ذكراهم، وتشجيعا لغيري من الإخوة أن يشاركوا معي بإضافة ما عندهم للتكامل لدينا صورتهم المشرقة في سماء دنيانا اليوم.
هو الشيخ العلامة أحمد ين محمد المعروف بـ سَلَمُونة من علماء القرن الثالث عشر الهجري
مالكي المذهب
قرأ القراءات على:
سليمان البيباني المالكي الخلوتي
وإبراهيم العبيدي (وعليه تمر معظم إجازات مصر والشام بخلاف ليبيا والسودان والهند وتركيا)
وأخذ عنه القراءات:
علي الشبراوي
وأحمد الدري
وعلي الحلو المقرئ بمكة
ويوسف البرموني
وكان سلمونة شيخ القراء في مصر ومقارئها في وقته
وكان من أكابر القراء والعلماء، وله شهرة عظيمة في القراءة في المحافل، وذلك لحسن صوته وأدائه، وكان متواضعا حسن الخلق.
وفاته:
بعد 1254هـ
================
المرجع:
البرهان الوقاد للجنايني ص 43
برهان التصديق للبيومي ق 4 مخطوط
فهرس المكتبة الأزهرية 1/ 57 ، 65
سند الضباع في إتحاف فضلاء البشر ص 3
إجازة المتولي للبنا بالقراءات العشر ص 3 مخطوط
إجازة الحسيني لأحمد عبد الرحيم مخطوط
إجازة الجحاوي للشيخ حسن حماد مخطوط
إجازة الأخضر للتويجري مخطوط
مجموعة الرسائل النجدية 2/ 1/ 23
ص 108 الإمام المتولي للدكتور الدوسري
سلسة أسانيد القرآن لياسر إبراهيم المزروعي.(25/1)
شحاذة اليمني:
تلاميذه
محمد حجازي بن محمد بن عبد الله الشهير بالواعظ القلقشندي بلد الشعراوي طريقة لوالده الخلوتي طريقة له الإكراوي مولد الشافعي الإمام المحدث المقرى خالتمة العلماء كان من الأكابر الراسخين في العلم واشتهر بالمعارف الإلهية وبلغ في العلوم الحرفية الغاية القصوى مع كونه كان يغلب عليه حب الخمول وكراهية الظهور نشأ بمصر وحفظ القرآن وعدة متون في النحو والقراآت والفقه وعرضها على علماء عصره وأخذ عن جماعة من العلماء منهم الحافظ النجم الغيطي والشيخ الجمال ابن القاضي زكريا والشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي والشيخ عبد الوهاب الشعراوي والشمس محمد الرملي والشيخ شحاذة اليمنى والسيد الأرميوني والشمس العلقمي والشيخ كريم الدين الخلوتي وأجازه المحدث المسند أحمد بن سند بثلاثيات البخاري في حدود السبعين وتسعمائة وأخذ عن عضد الدين محمد بن أركماس اليشبكي التركي الحنفي رفيق الشيخ عبد الحق الكافيجي قال المترجم كما رأيته بخط ابنه الشيخ عبد الرحمن ناقلاً من خط والده أسماء مشايخه حتى وصل إلى ابن أركماس وهو أعلى من لقيناه لسبقه بالسن انتهى وذكر الشيخ صاحب الترجمة في إجازة شيخ الحنابلة بالشام الشيخ عبد الباقي البعلي قال أروي بحق الإجازة عن الشيخ محمد بن اركماس الحنفي المعمر الساكن بغيط العدة بمصر إلى موته بحق إجازته عن شيخ الإسلام حافظ العصر أحمد بن حجر العسقلاني وبحق اجتماعه مع الحافظ الجلال السيوطي والشيخ عبد الحق السنباطي قال أحدهما عن الشيخ محي الدين الكافيجي فبفضل الله تعالى هذا الاسناد أنا منفرد به مشرقاً ومغرباً انتهى قلت وقد تكلم في لحوق ابن أركماس لابن حجر فاستبعد وأنا رأيت ترجمته في طبقات الحنفية التي ألفها القاضي تقي الدين اليمني فقال فيها محمد بن أركماس اليشبكي عضد الدين النظامي نسبة للنظام الحنفي لكونه ابن أخته ولد سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ومات والده وهو صغير فرباه(26/1)
خاله المذكور وحفظ القرآن والشاطبية والمنار والكنز والفية ابن مالك وغيرها وعرض على ابن حجر وغيره واشتغل على ابن الديري والزين قاسم وغيرهما وحج غير مرة وكنت بخطه الكثير وجمع تذكرة في مجلدات وكان لطيف الذات حسن الصفات غزير الأدب انتهى وأنت إذا عرفت مولده لم تستبعد أنه أخذ عن ابن حجر فإن وفاة ابن حجر في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة فقد ثبت بهذا الوجه لحوقه لابن حجر وأما لحوق صاحب الترجمة فمسلم لا مطعن فيه وبالجملة فقد نال صاحب الترجمة بهذا السند شأنا عظيماً وله مشايخ كثيرون يبلغون ثلثمائة شيخ وعنه أخذ الشمس البابلي وعامة الشيوخ المتأخرين بمصر ومن الدمشقيين الشيخ عبد الباقي المذكور آنفاً وكل من لقيه مثن عليه وألف كتباً كثيرة نافعة منها شرح الجامع الصغير للسيوطي وهو شرح جامع مفيد سماه فتح المولى النصير بشرح الجامع الصغير وقد وصل حجمه إلى اثني عشر مجلداً كل مجلد خمسون كراساً وله شرح على ألفية الحديث التي للسيوطي أيضاً وله سواء الصراط في بيان الإشراط وهو كتاب جليل في اشراط الساعة أوصلها فيه إلى ثلثمائة وله القول الشفيع في الصلاة على الحبيب الشفيع وشرح على الطيبة الجزرية ونظم طيبة على روى الشاطبية وشرحها وله ثلاثة شروح على المقدمة الجزرية وشرح على الأربعين المضاهية للأربعين النووية للحافظ السيوطي وشرح على القواعد والضوابط النووية وقطعة على تلخيص ابن أبي جمرة لصحيح البخاري وقطعة على نظم الشيخ العمريطي للتحرير ورسالة سماها القول المشروح في النفس والروح وله كشف اللثام عن آية أحل لكم ليلة الصيام والقول المقبول في كفارة ذنب المقتول ووثوق اليدين بما يجاب عن حديث ذي اليدين والرقيم المسطور في علم الموتى بمن يزور القبور ومعترك الخلاص في تكرير سورة الإخلاص والجواب الشفيع عن الجناب الرفيع والقول العلي في رؤية الملك العلي والسراج الوهاج في إيضاح رأيت ربي وعليه التاج والجلالة بمد الألف قبل هاء(26/2)
الجلاله والموارد المستعذبه بمصادر العمامة والعذبه والبرهان في أوقاف السلطان والاستعلام عن رؤية النبي في المنام والجواب المصون في آية أنكم وما تعبدون واتحاف السائل بما لفاطمة من الفضائل واطلاق العنان في رؤية الله تعالى في العيان وتنبيه اليقظان في قول سبحان والقول المثبوت في قصة هاروت وكشف النقاب في حياة الأنبياء إذا تواروا
خلاصة(26/3)
سنان باشا ابن محمود نزيل دمشق ومتولى الجامع الأموي بها أمير الأمراء وصدر أعيان الشام في وقته أصله من قرية دورلي بكسر الدال المهملة وبعدها واو مكسورة وراء ساكنة ولام مكسورة من ضواحي قرمان ورد إلى دمشق في خدمة الوزير مصطفى باشا الخناق نائب الشام في سنة ثلاث وثلاثين وألف وبعدما عزل مخدومه أقام هو بدمشق وصار من جندها وصار زعيم دمشق مرات وسردارا بخدمة المحكمة وصار محتسبا مدة طويلة وأحدث بها ثمان عشرة باقية إلى يومنا ثم ترقى حتى صار شاويش وحج سنتين وعمر دارا قبالة البيمارستان النوري تعرف قديما بدار الصابوني والصابوني هذا هو صاحب جامع الصابونية وبعد مدة صار كتخدا الجند وسلك سلوكا غريبا حتى فاق من قبله وأتعب من بعده وكان سخيا إلى الغاية وله بذل وعطايا وقرى ثم صار أمير الحاج وأعطى حكومة نابلس فحج بالناس سنتين وذلك سنة تسع وخمسين وسنة ستين ثم عزل ورق حاله ولم يتغير عن كرمه ثم سعى له بعض الأعيان وصيره أمير الأمراء بالقدس وبعدما عزل عنها عاد مديونا وتضعضع حاله وكثر عليه الدين حتى باع أملاكه وسافر إلى الروم فلم يحصل له منصب بل صارت له علوفة في خزينة دمشق على سبيل التقاعد وذلك في سنة تسع وستين ثم صار متولى أوقاف الجامع الأموي ولما قدم الوزير أحمد باشا الفاضل جعله كتخدا الدفتر بدمشق وهذه الخدمة تتعلق بأرباب التيمار وأهل الزعامات ومن يتولاها يكون ضابطا لهم فانتظم حاله وتنبه من رقدة الخمول قال والدي رحمه الله تعالى في ترجمته وبعدما ناهز الثمانين ابتلى بمحبة غلام كان عنده من الخدام ولم يكن عهد في طبعه الرقه ولا عرف للغرام حقه وبعدما تحكم عشقه فيه نفر عنه وقصد تجافيه وخدم عند الوزير قبلان نائب الشام وعسر عليه خلاصه من يده واجتهد في تحصيله غاية الاجتهاد فلم يظفر منه بمراد ولم يزل يعاني فيه الغصص ويتوقع مواقع الفرص إلى أن مات وما مات حسرته وخلفت أمنيته منيته وكانت وفاته نهار الاثنين ثاني شهر(26/4)
رمضان سنة ست وسبعين وألف ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من مزار بلال الحبشي رضي الله تعالى عنه سيف الدين أبو الفتوح ابن عطاء الله الوفائي الفضالي المقرى الشافعي البصير شيخ القراء بمصر في عصره قال بعض الفضلاء في حقه فاضل جنى فواكه جنية من علوم القرآن وتقدم في علومه على الأقران قرأ بالروايات على الشيخين الإمامين شحادة اليمني وأحمد بن عبد الحق وبهما تخرج وأخذ عنه جمع من أكابر الشيوخ منهم الشيخ سلطان المزاحي ومحمد بن علاء الدين البابلي وله مؤلفات مفيدة نافعة منها شرح بديع على الجزرية في التجويد ورسائل كثيرة في القراآت وكانت وفاته بمصر يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وألف رحمه الله تعالى
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر(26/5)
محمد بن عبد الرحمن بن محمد الملقب شمس الدين الحموي اشتهر والده بالمكي الحنفي نزيل مصر كان إماماً عالماً بالفقه والتفسير والحديث والقراآت والأصول والنحو كثير الاستحضار للأحاديث النبوية خصوصاً المتعلقة بالأوراد والفضائل أديباً ذكياً فصيحاً صالحاً ورعا متواضعاً طارحا للتكلف متصوفاً كثير المروءة عظيم البر خصوصاً لأقاربه كثير الزيارة والموافاة لأصحابه حسن الصوت بالقراءة صادق اللهجة والمحبة والنصح وكان مع ذلك كثير الأنبساط حلو النادرة وفيه دعابة زائدة وبالجملة فهو من كملة الرجال أخذ عن النور الزيادي والشمس محمد الخفاجي والشيخ محمد الوسيمي والصفي العزي والشيخ طه المالكي والشمس محمد الدمراوي والسراج ابن الجائي وأبي النجا السنهوري والشهاب أحمد بن خليل السبكي وقرأ بالروايات على شحادة اليمني المقري وأخذ علوم العربية عن أبي بكر الشنواني واشتغل بالفقه على علامة عصره علي بن غانم المقدسي وغيرهم وفاق أهل زمانه في الفضل وذكره عبد البر الفيومي في المنتزه فقال في وصفه عالم نشر ألوية فضله الزهية فتلقاها باليمين كل فاضل رام دقائق العربية رقيق الطباع دقيق الفكر بلا دفاع علمه متين وعقله رصين وأدبه باهر وشعره زاهر لزمت درسه وشهدت فضله وأنسه وألف وصنف وزين الأوراق ورصف فحشي المغني بحاشية لكل طالب تغني وله كتابات آخر منها حاشية على المسرح القواعد الهشامية للشيخ خالد اختصرها من حاشية شيخه الشنواني وله بديعية مطلعها: أوجوه غيد أم حسان ربوع عيون آرام تزيد ولوعي
أو نشر زهر ضاع فامتلأ الربى عطراً عبيراً أم رياض ربيع
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
الشيخ محمد البقري الأزهري(26/6)
ومنهم الشيخ المعمر قطب الوجود، شيخ الإقراء في البلاد المصرية الشيخ الإمام محمد بن الشيخ قاسم بن إسماعيل البقري الأزهري. أخذ القراءات بسائر أنواعها عن الإمام العلامة الشيخ عبد الرحمن ركن الدين اليمني شيخ الإقراء في البلاد المصرية عن والده شحادة اليمني، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي. عن شحادة اليمني المزبور، وإنما أخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الحق لأنه مات والده وهو يقرأ عليه في سورة الأنعام فأكمله على ابن عبد الحق، وشحادة أخذه عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي، عن شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، عن الشيخ عثمان الزبيدي، عن الحافظ أبي الخير محمد شمس الدين بن الجزري إمام كل مقرئ.
قال شيخنا المرحوم صاحب هذه المشيخة: قرأت على الشيخ محمد البقري حين توجهت إلى مصر سنة 1071 للهجرة إفراداً وجمعاً للعشرة من طريق الطيبة ختماً كاملاً، وأفرد لي للأربعة التي فوق العشرة. ويروي الشيخ محمد البقري الحديث وغيره من العلوم عن الجماعات منهم الشيخ شمس الدين الفيومي، عن الحافظ عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ومنهم العلامة برهان الدين إبراهيم اللاقاني المالكي عن سالم السنهوري، عن النجم الغيطي، عن الشيخ زكريا.
مشيخة أبي المواهب الحنبلي ابن عبد الباقي الحنبلي(26/7)
عبد القادر بن محمد بن أحمد بن زين الفيومي المصري الشافعي الإمام الكبير المعروف وهو والد عبد البر صاحب المنتزه المقدم ذكره لزم الشمس الرملي مدة سنين وتفقه به وأخذ عن الشهاب أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي وعن شيخ القراء الشيخ شحاذه اليمني وأبي النجا سالم السنهوري والشمس محمد البنوفري والشيخ صالح البلقيني ومن مشايخه أيضا النور الزيادي وتلقى الرياضيات عن السيد الشريف الطحان وفاق في الفنون فجمع بين المعقول والمنقول وكان فقيها محدثا فرضيا صوفيا ويعرف الحساب والهيئة والميقات والموسيقى وغيرها وتصدر للإفتاء والتدريس وانتفع به كثير من الطلبة واشتهر فضله وألف تآليف كثيرة منها شرحه الكبير لمنهاج النووي جمع فيه بين شرحي شيخه الرملي وشرحي الخطيب وابن حجر وهو عمدة في مذهبهم وله شرح عليه مختصر من هذا سماه الروض المهذب في تحرير ما لخصته من فروع المذهب وكتب على شرح المنهج وشرح البهجة وشرح النزهة في الحساب ومتن اللمع وشرح متن المقنع في الجبر والمقابلة وشرح المنظومة الشهيرة بالرحبية في الفرائض وله نظم يتعلق بالتصوف والعقائد ومن شعره ما رثى به شيخه الشمس الرملي المذكور
لو كان يفدى فدته العين بالبصر ... واحر قلبي على حبر قضى ومضى
بجمرة أوقدت باللهب والشرر ... فالعين تدمع والقلب الحزين غدا
ومن هدى الناس من بدو ومن حضر ... لفقد شمس لدين الله سيدنا
به الفضائل في العلياء كالقمر ... محمد العالم المفضال من سطعت(26/8)
وكان له رتبة علية بين الأولياء وكان يصدر عنه كرامات وأحوال باهرة منها أنه مرض له ولد فزار الإمام الشافعي فاجتمع بزين العابدين المناوي فقال له مصلحتك عند ذاك الرجل وأشار به إلى رجل جالس في طاق من بيت فذهب إليه فوجده بعض أصحابه من العلماء فذكر له فدعا لولده فعوفي ومنها أنه رأى مناما عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام في طريق مطهرة الجامع الأزهر فسأله الدعاء فقال له بقي من عمرك ثلاثة أيام فذهب إلى العارف بالله تعالى محمد البنوفري فقص عليه المنام فقال له من عمرك الذي مع المشقة والكدر فكان كذلك فعاش بعد ذلك ما ينوف على ثلاثين سنة وسئل العارف بالله تعالى صالح البلقيني عن القطب فقال من أراد أن يرى القطب فلينظر إلى عبد القادر إلى غير ذلك من كراماته المشهورة بين علماء جامع الأزهر وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين وألف وكان هيأ قبره قبل موته بمدة جوار العارف بالله تعالى محمد بن الترجمان المشهور تجاه مقام السلطان قايتباي بصحراء مصر
خلاصة
الشيخ الفاضل المجود عبد الخالق الدهلوي شيخ القراء في عصره، أخذ القراءة والتجويد عن الشيخ البقري والبصري عن الشيخ عبد الرحمن اليمني عن والده الشيخ سجادة اليمني وعن الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وأخذ الشيخ سجادة عن الشيخ أبي نصر الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا بسنده المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ عن الشيخ عبد الخالق المترجم له الشيخ محمد فاضل السندي وخلق آخرون.
نزهة الخواطر لعبد الحي(26/9)
سيف الدين أبو الفتوح ابن عطاء الله الوفائي الفضالي المقرى الشافعي البصير شيخ القراء بمصر في عصره قال بعض الفضلاء في حقه فاضل جنى فواكه جنية من علوم القرآن وتقدم في علومه على الأقران قرأ بالروايات على الشيخين الإمامين شحادة اليمني وأحمد بن عبد الحق وبهما تخرج وأخذ عنه جمع من أكابر الشيوخ منهم الشيخ سلطان المزاحي ومحمد بن علاء الدين البابلي وله مؤلفات مفيدة نافعة منها شرح بديع على الجزرية في التجويد ورسائل كثيرة في القراآت وكانت وفاته بمصر يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وألف رحمه الله تعالى
خلاصة
شخص آخر:(26/10)
شحادة بن إبراهيم الحلبي الشافعي نزيل القاهرة قال بعض الأفاضل في وصفه علامة المعقول والمنقول وشيخ أهل الفروع والأصول ووحيد عصره وعميد مصره وشيخ الجامع الأزهر ومشكاة مصباحه الأنور وليث العلم الذي لا يجارى وغيث الفضل الذي لا يبارى ولد بمصر وبها نشأ وجد في الاشتغال بالعلم حتى بلغ الغاية القصوى وشدت إليه الرحال وأخذ عنه أكابر الرجال وأدار عليه من أبحاثه بسلاف لفظه الرقيق ما يقوم مقام الرحيق ومن شيوخه خاتمة الفقهاء الشهاب أحمد الرملي وخاتمة المحدثين النجم محمد الغيطي وخاتمة المحققين الشهاب أحمد بن قاسم العبادي وغيرهم وعنه أخذ كثير كالشيخ العلامة إبراهيم المأموني والشهاب القليوبي والأديب الفاضل درويش محمد أبو المعالي الطالوي وذكره في سانحاته وأثنى عليه وقدره بين علماء القاهرة ممتاز مسلم ولم يشتهر له تأليف سوى رسالة لطيفة قرظ بها على رسالة في نسب بني طالو لتلميذه أبي المعالي وكانت وفاته يوم الاثنين حادي عشرى جمادى الآخرة سنة عشرة وألف بالقاهرة وقد جاوز الثمانين الأمير شديد بن أحمد الأمير حاكم العرب وهو من آل جبار حكام العرب أبا عن جد يقال إنهم من ذرية جعفر البرمكي ومقام هؤلاء في بلاد سلمية وعانا والحديثة ومن عادتهم أن من استولى منهم على خيمة المال والسلاح يكون حاكما على العرب جميعهم ذلك أن لهم خيمة من الشعر كبيرة جداولها نواطير وحرس بالنوبة في اليوم والليلة وكلها صناديق مقفلة بالأقفال الحديد المحكمة والصناديق مملوءة من الذهب والفضة والجوهر والسلاح وغير ذلك من نفائس الأشياء النفيسة وكان شديد استولى عليها بعد أبيه أحمد وكان ظالما جبارا عنيدا متكبرا خسيسا قبيح المنظر والفعل والوصف غير محسن في شيء من الأشياء ولم يزل حاكما إلى أن مات في سنة ثمان عشرة بعد الألف واتفق في هلكه عجيبة أنه كان في خيمة في بعض صحاري حلب وكان ابن عمه مدلج بن ظاهر معه في الخيمة وكان شديد يلعب بالشطرنج مع بعض(26/11)
أقاربه ولم يكن عنده من إخوته أحد فاختلس مدلج الفرصة في خلو الأمير فناداه وهو يلعب يا شديد يا شديد فقال نعم فما أتم قوله نعم إلا ومدلج قد ضربه بخنجر في بطنه خرج من ظهره ولم يحتج في إخراج روحه إلى ضربة أخرى ولقد أرسل الأمير فخر الدين بن معن مكتوبا يخبر فيه عن قتل شديد وقال في مكتوبه إن تاريخ قتله قد اتفق في هذه الكلمات وهي قوله "مدلج قتل شديد ولد أحمد" ومن العجب أن والد شديد أحمد كان قتل ظاهرا والد مدلج في بيته وهو ضيف عنده فقدر الله أن ولد المقتول قتل ولد القاتل قلت وهذا ظاهر هو ابن مدلج المترجم في الكواكب السائرة وهو ظاهر بن عساف بن عجل بن مظين بن قدموس كان أمير عرب الشام وله قوة وبطش بحيث يمسك الدرهم من الفضة بأصبعيه ويفركه فيذهب نقشه ويفتت الحنطة بين أصبعيه ومن عجيب أمره أنه دخل عليه ولده قرموش وهو مريض ليقتله فضربه بسيف فقتله وشرب شخص لبنا حليبا وكان بيد امرأة فشكته إليه فاستخبره فأنكر وحلف بحياته أنه لم يشربه فطعنه برمح كان بيده فإذا اللبن خارج من جوفه فأمر المرأة بأخذ بعير من بعرانه عوض لبنها ومات على فراشه وذلك في سنة خمس وأربعين وتسعمائة انتهى
خلاصة(26/12)
أبو الجود
مشرف القراءات والقرّاء والتجويد
المدينة :
بورسعيد - مصر تاريخ التسجيل :
ذو الحجة 1423 هـ المشاركات :
215 رقم العضو :
9
السلام عليكم
جزاك الله خيرا و أحسن لك في الدنيا و الآخرة
أخي الحبيب هذه ترجمة للشيخ من لسان العلامة بحق الدكتور عبد الباسط هاشم
الذي إن جلست إليه لا تملك إلا أن تحبه و تعجب لما في جعبته من علم غزير جم:
شمروخ محمد شمروخ
لا يعرف له تاريخ ميلاد و إن عمر طويلا جدا و توفي عام 1958 ميلادية
ولد بسمالوط بمحافظة قنا بصعيد مصر حفظ القرآن صغيرا و أخذ عن علماء بلده القراءات حتى سمع بالشيخ المتولي و سنه قد جاوز الخمسين و قرأ على الشيخ المتولي العشر الصغرى ثم العشر الكبرى و كان يذهب إلى الشيخ مرتين كل أسبوع حتى مات الشيخ المتولي و كان حسن الخط جدا فكان إذا وجد كتب للشيخ المتولي و كان رضي الأخلاق حفظ الله صغيرا فحفظه كبيرا و كان و هو فوق المائة لا يفتر عن قيام الليل .
و عدم معرفة الناس به لأنه من أهل الصعيد و أهل القراءات هناك نادرا ما يعرفهم الناس و شهرة الثلاثه الآخذين عن المتولي غلبت ما عداهم و لا يخفى على أحد أن المتولي أقرأ كثيرا من الناس لم يشتهروا بين العباد و الله الموفق
و قد تأكدت من وجود الشيخ شمروخ من أناس من بلده فالحمد لله رب العالمين .(27/1)
عبد الرحمن بن شحاذة المعروف باليمنى الشافعي
(975 - 1050 هـ)
شيخ القراء وإمام المجودين في زمانه وفقيه عصره وشهرته تغنى عن الاطناب في وصفه ولد بمصر وبها نشأ وقرأ بالروايات السبع على والده من أول القرآن إلى قوله تعالى "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد" إلى آخر الآية ثم توفى والده فاستأنف القراءة جمعا للسبعة ثم للعشرة على تلميذ والده الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وحضر دروس الشمس الرملي في الفقه مدة ولازم بعده النور الزيادي وبه تخرج وأخذ علوم الأدب عن كثيرين حتى بلغ الغاية في العلوم وانتهت إليه رياسة علم القراآت وكان شيخا مهابا عظيم الهيئة حسن الوجه والحلية جليل المقدار عند عامة الناس وخاصتهم وكان يقرأ في كل سنة كتابا من كتب الفقه المعتبرة وكان النزر الشبراملسى من ملازمي دروسه الفقهية وغيرها وكان لا يفتر عن الثناء عليه في مجالسه وكان هو شديد المحبة للشبراملسى واتفق للشبراملسى أنه حضر بعض معاصريه في شرح التخليص للسعد فبلغه ذلك فقال له لما أتى إلى الدرس بلغني أنك تحضر فلانا وإنك والله أفضل منه وحلف عليه بالطلاق الثلاث أن لا يحضر دروسه فيما بعد فامتثل أمره وكان يتعاطى التجارة وله أموال كثيرة زائدة الوصف وكان كثير البر لطلبة العلم والفقراء وبالجملة فإنه كان من أهل الخير والدين وأكابر أولياء الله تعالى العارفين وممن قرأ عليه بالروايات الشبراملسى المذكور والشيخ عبد السلام بن إبراهيم اللقاني والشيخ عبد الباقي الحنبلي الدمشقي ومحمد البقري وشاهين الارمناوي وغالب قراء جهات الحجاز والشام ومصر أخذوا عنه هذا العلم وانتفعوا به وعم نفعهم ببركته وكانت ولادته في سنة خمس وسبعين وتسعمائة وتوفى فجاءة ليلة الاثنين خامس عشرى شوال سنة خمسين وألف
اهـ
من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي
تلاميذه
حرف الشين المعجمة(28/1)
شاهين بن منصور بن عامر الارمناوي الحنفي أفقه الحنفية في عصرنا الأخير بالقاهرة اشتهر صيته وسارت فتاواه في البلاد ولد ببلده وحفظ القرآن والكنز والألفية والشاطبية والرحبية وغيرها ورحل إلى الأزهر فقرأ بالروايات على الشيخ العلامة المقرى عبد الرحمن اليمني ولازم في الفقه الإمام الشهاب الشوبري وأحمد المنشاوي وأحمد الرفاعي وحسن الشرنبلالي وفي العلوم العقلية شيخ الإسلام محمد الأحمدي الشهير بسييويه تلميذ العلامة ابن قاسم العبادي ولازمه كثيرا وبشره بأشياء حصلت له وأخذ عن العلامة سرى الدين الدروري والنور الشبراملسى وسلطان المزاحي والشمس البابلي ويس الحمصي ومحمد المنزلاوي وعمر الدفري والشهاب القليوبي وعبد السلام اللقاني وإبراهيم المأموني وأجازه جل شيوخه وتصدر للإقراء في الأزهر في فنون عديدة كالفقه والفرائض والحساب والنحو وغيرها وعنه أخذ جمع من أعيان الأفاضل وكانت ولادته في سنة ثلاثين بعد الألف وتوفى بمصر في سنة مائة وألف رحمه الله تعالى
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد الحنبلي البعلي الأزهري الدمشقي المحدث المقرى الأثرى الشهير بابن البدر ثم بابن فقيه فصه وهي بفاء(28/2)
مكسورة ومهملة قرية ببعلبك من جهة دمشق نحو فرسخ وكان أحد أجداده يتوجه ويخطب فيها فلذلك اشتهر بها وأجداده كلهم حنابلة وقد ولد هو ببعلبك وقرأ أولا على والده القرآن العظيم ثم ارتحل إلى دمشق وأخذ بها الفقه عن القاضي محمود بن عبد الحميد الحنبلي خليفة الحكم العزيز بدمشق حفيد الشيخ موسى الحجاوي صاحب الاقناع وعن الشيخ العالم المحدث أحمد بن أبي الوفا المفلحي المقدم ذكره وأخذ طريق الصوفية عن ابن عمه الشيخ نور الدين البعلي خليفة الشيخ محمد العلمي القدسي ولقنه الذكر وأجازه الشيخ العلمي المذكور في القدس بالبداءة في الأوراد والأذكار والمحيا ورحل إلى مصر في سنة تسع وعشرين وألف وأخذ الفقه عن الشيخ منصور والشيخ مرعى البهوتيين والشيخ عبد القادر الدنوشري والشيخ يوسف الفتوحي سبط ابن النجار وأخذ القراآت عن الشيخ عبد الرحمن اليمني والحديث عن البرهان اللقاني وأبي العباس المقرى والفرائض عن الشيخ محمد الشمريسى والشيخ زين العابدين أبي درى المالكي والشيخ عبد الجواد الجنبلاطي والعروض عن الشيخ محمد الحموي وحصة من المنطق والعربية عن الشيخ محمد البابلي وحضر دروسه ثم عاد إلى دمشق وقرأ على العلامة عمر القارئ في النحو والمعاني والحديث والأصول وحج في سنة ست وثلاثين وألف وأجازه علماء مكة كالشيخ محمد علي بن علان الديقي والشيخ عبد الرحمن المرشدي الحنفي مفتي مكة وأخذ عن أهل المدينة كالشيخ عبد الرحمن الخياري وكذلك عن علماء بيت المقدس وأعلى سند له في الحديث مرويات الحافظ ابن حجر العسقلاني في جميع كتب الحديث عن الشيخ حجازي الواعظ عن ابن أركماس من أهل غيط العدة بمصر عن الحافظ ابن حجر وحضر دروس الحديث بالجامع الأموي عند الشمس الميداني والنجم الغزي ودروس التفسير عند العمادي المفتي وتصدر للإقراء بالجامع المذكور في سنة إحدى وأربعين وألف بكرة النهار وبين العشاءين فقرأ الجامع الصغير في الحديث مرتين وتفسير الجلالين مرتين(28/3)
وقرأ صحيح البخاري بتمامه ومسلم والشفا والمواهب والترغيب والترهيب والتذكرة للقرطبي وشرح البرءة والمنفرجة والشمايل والاحياء جميع ذلك نظر فيه ولازم ذلك ملازمة كلية بمحراب الحنابلة أولا ثم بمحراب الشافعية ولم ينفصل عن ذلك شتاء ولا صيفا ولا ليلة عيد حتى أنه لما زوج ولديه حضر تلك الليلة وكان فيه نفع عظيم وأخذ عنه خلق كثير أجلهم الأستاذ الكبير واحد الدنيا في المعارف إبراهيم الكوراني نزيل المدينة والسيد العالم محمد بن عبد الرسول البرزنجي ومنهم ولده العالم العلم الدين الخير أبو المواهب مفتي الحنابلة الآن أبقى الله وجوده ونفع به وشيخنا المرحوم عبد الحي العكري الآتي ذكره وغيرهم وله مؤلفات منها شرح على البخاري لم يكمله ودرس بالمدرسة العادلية الصغرى وصار خطيبا بجامع منجك الذي يعرف بمسجد الأقصاب خارج دمشق وكان شيخ القراء بدمشق ونظم الشعر إلا أن شعره شعر العلماء ولقد رأيت من شعره الكثير فلم أر فيه ما يصلح للإيراد وبالجملة ففي ذكر ما اشتمل عليه من العلوم والأوصاف الفائقة ما يغنى عن الشعر وأشباهه وكانت ولادته ليلة السبت ثامن شهر ربيع الثاني سنة خمس بعد الألف وتوفى ليلة الثلاثا سابع عشرى ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وألف ودفن بتربة الغربا من مقبرة الفراديس رحمه الله تعالى
خلاصة(28/4)
عبد القادر بن محمد بن أحمد بن زين الفيومي المصري الشافعي الإمام الكبير المعروف وهو والد عبد البر صاحب المنتزه المقدم ذكره لزم الشمس الرملي مدة سنين وتفقه به وأخذ عن الشهاب أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي وعن شيخ القراء الشيخ شحاذه اليمني وأبي النجا سالم السنهوري والشمس محمد البنوفري والشيخ صالح البلقيني ومن مشايخه أيضا النور الزيادي وتلقى الرياضيات عن السيد الشريف الطحان وفاق في الفنون فجمع بين المعقول والمنقول وكان فقيها محدثا فرضيا صوفيا ويعرف الحساب والهيئة والميقات والموسيقى وغيرها وتصدر للإفتاء والتدريس وانتفع به كثير من الطلبة واشتهر فضله وألف تآليف كثيرة منها شرحه الكبير لمنهاج النووي جمع فيه بين شرحي شيخه الرملي وشرحي الخطيب وابن حجر وهو عمدة في مذهبهم وله شرح عليه مختصر من هذا سماه الروض المهذب في تحرير ما لخصته من فروع المذهب وكتب على شرح المنهج وشرح البهجة وشرح النزهة في الحساب ومتن اللمع وشرح متن المقنع في الجبر والمقابلة وشرح المنظومة الشهيرة بالرحبية في الفرائض وله نظم يتعلق بالتصوف والعقائد ومن شعره ما رثى به شيخه الشمس الرملي المذكور
لو كان يفدى فدته العين بالبصر ... واحر قلبي على حبر قضى ومضى
بجمرة أوقدت باللهب والشرر ... فالعين تدمع والقلب الحزين غدا
ومن هدى الناس من بدو ومن حضر ... لفقد شمس لدين الله سيدنا
به الفضائل في العلياء كالقمر ... محمد العالم المفضال من سطعت(28/5)
وكان له رتبة علية بين الأولياء وكان يصدر عنه كرامات وأحوال باهرة منها أنه مرض له ولد فزار الإمام الشافعي فاجتمع بزين العابدين المناوي فقال له مصلحتك عند ذاك الرجل وأشار به إلى رجل جالس في طاق من بيت فذهب إليه فوجده بعض أصحابه من العلماء فذكر له فدعا لولده فعوفي ومنها أنه رأى مناما عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام في طريق مطهرة الجامع الأزهر فسأله الدعاء فقال له بقي من عمرك ثلاثة أيام فذهب إلى العارف بالله تعالى محمد البنوفري فقص عليه المنام فقال له من عمرك الذي مع المشقة والكدر فكان كذلك فعاش بعد ذلك ما ينوف على ثلاثين سنة وسئل العارف بالله تعالى صالح البلقيني عن القطب فقال من أراد أن يرى القطب فلينظر إلى عبد القادر إلى غير ذلك من كراماته المشهورة بين علماء جامع الأزهر وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين وألف وكان هيأ قبره قبل موته بمدة جوار العارف بالله تعالى محمد بن الترجمان المشهور تجاه مقام السلطان قايتباي بصحراء مصر
خلاصة(28/6)
علي بن علي أبو الضياء نور الدين الشبراملسي الشافعي القاهري خاتمة المحققين وولي الله تعالى فحرر العلوم النقلية وأعلم أهل زمانه لم يأت مثله في دقة النظر وجودة الفهم وسرعة استخراج الأحكام من عبارات العلماء وقوة التأني في البحث والطف والحلم والإنصاف بحيث أنه لم يعهد منه أنه أساء إلى أحد من الطلبة بكلمة حصل له منها تعب بل كان غاية ما يقول إذا تغير من أحد من تلامذته الله يصلح حالك يا فلان وكان شيخاً جليلاً عالماً عاملاً له قوة إقدام على تفريق كتائب المشكلات ورسوخ قدم في حل أقفال المقفلات مهاباً موقراً في النفوس بحيث أن الإنسان إذا تأمل وجهه النوراني ولحيته البيضاء الطاهرة وهيئته الحسنة يخشع لرؤيته ولا يريد مفارقته وكان حسن المنادمة لطيف المداعبة لا يتكلم إلا في ما يعنيه وكان مجلسه مصوناً عن الغيبة وذكر الناس بسوء وجميع أوقاته مصروفة في المطالعة وقراءة القرآن والصلاة والعبادة وكان زاهداً في الدنيا لا يعرف أحوال أهلها ولا يتردد إلى أحد منهم إلا في شفاعة خير وكان إذا مر في السوق تزاحم الناس مسلمها وكافرها على تقبيل يده ولم ينكر أحد من علماء عصره وأقرانه فضله بل جميع العلماء إذا أشكلت عليهم مسئلة يراجعونه فيها فسينها لهم على أحسن وجه وأتمه وقال فيه العلامة سري الدين الدروري لا يكلمه أحد إلا علاه في كل فن وكان يقول ما في الجامع إلا الأعمى ويشير إليه وكان سري الدين هذا فريد عصره في العلوم النظرية وسئل البشبيشي عن سري الدين وعن المترجم فقال أن سري الدين كان إذا طالع الدرس لا يقدر عليه أحد فيه وإذا نقل إلى غيره وقف يشير إلى قلة استحضاره وأما الشبراملسي فكان إذا نقل إلى أي فن كان لا يختل ولا يتوقف لقوة فهمه وسرعة استحضاره للقواعد من العلوم وكان جبلاً من جبال العلم لا يضجر من البحث في الدرس ويتعب إن لم يبحث معه الطلبة ويقول لهم ما لنا اليوم هكذا وإذا بحث مع أحد من المتقدمين يبحث بغاية(28/7)
الأدب ومن مقولاته قيراط من الأدب خير من أربعة وعشرين قيراطاً من العلم ولد ببلده شبراملس وحفظ بها القرآن وكان أصابه الجدري وهو ابن ثلاث ستين فكف بصره وكان يقول لا أعرف من الألوان إلا الأحمر لأنه كان يومئذ لابسه ثم قدم مصر صحبة والده في سنة ثمان بعد الألف وحفظ الشاطبية والخلاصة والبهجة الوردية والمنهاج ونظم التحرير للعمر يطي والغاية والجزرية والكفاية والرحبية وغير ذلك وتلا جميع القرآن للسبعة من طريقي التيسير والشاطبية وختمه في سنة ست عشرة وألف ثم قرأه كله للعشرة من طريق الشاطبية وختمه في سنة خمس وعشرين وألف على شيخ القراء في زمانه الشيخ عبد الرحمن اليمني وحضر دروس الشيخ عبد الرؤوف المناوي في مختصر المزني في المدرسة الصلاحية جوار الإمام الشافعي وأخذ الفقه والحديث عن النور الزيادي وسالم الشبشيري وانتفع به كثيراً وكان يحكي عنه كرامة وقعت له معه تقدم ذكرها في ترجمة الشبشيري ولازم النور الحلبي صاحب السيرة الملازمة الكلية والشمس الشوبري وعبد الرحمن الخياري ومحيي الدين بن شيخ الإسلام وفخر الدين وسراج الدين الشنوانيين وسليمان البابلي ولزم في العقليات الشهاب الغنيمي وكان لا يفتر عن ذكره وسمع الصحيحين والشفاء على المحدث الكبير الشهاب أحمد السبكي شارح الشفاء وسمع أيضاً صحيح البخاري والشمايل والمواهب وشرح عقائد النسفي وشرح جمع الجوامع ومغني اللبيل وشرح ابن ناظم الخلاصة وشرح جوهرة التوحيد كل ذلك على البرهان اللقاني وحضر الأجهوري في شرح نخبة الأثر وشرح ألفية السيرة والجامع الصغير وشرح الشمسية وشرح التهذيب والحفيد وحضر عبد الله الدنوشري في جميع شرح ابن عقيل وشرح البهجة للولي العراقي في مقدمتين في العروض وتصدر للإقراء بجامع الأزهر فانفرد في عصره بجميع العلوم وانتهت إليه الرياسة وكان آخر أقرانه موتاً ولازمه لأخذ العلم عنه أكابر علماء عصره كالشيخ شرف الدين بن شيخ الإسلام والشيخ زين العابدين(28/8)
ومحمد البهوتي الخسلي ويس الحمصي ومنصور الطوخي وعبد الرحمن المحلي والشهاب البشبيشي والسيد أحمد الحموي وعبد الباقي الزرقاني وغيرهم ممن لا يحصى وكان يكتب على جميع ما يقرؤه من الكتب ولو جمع ما كتبه لجاوز الحد ولكنه تبدد بين يدي طلبته فمنهم من نسب ما بيده له ومنهم من مات وذهب ما كتبه ولم يشتهر من مؤلفاته(28/9)
إلا حاشيته على المواهب اللدنية في خمس مجلدات ضخام وحاشية على شرح الشمايل لابن حجروحاشية على شرح الورقات الضغير لابن قاسم وحاشية على شرح أبي شجاع لابن قاسم الغزي وحاشية على شرح الجزرية للقاضي زكريا وحاشية على شرح المنهاج النهاية للشمس الرملي وسبب كتابته عليه أنه كان يطالع التحفة لابن حجر فأتاه الشمس الرملي في المنام وقال له يا شيخ علي أحي كتابي النهاية يحيى الله قلبك فاشتغل بمطالعتها من ذلك الحين وتقيد به وكتب عليه هذه الحاشية في ست مجلدات ضخام وكان إذا أتى إلى الدرس في آخر عمره يجلس وهو في غاية التعب من الكبر بحيث أنه لا يستطيع النطق إلا بصوت خفي ثم يقوى في الدرس شيئاً فشيئاً حتى يصير كالشاب ويتجلد للبحث وكان كثير المطالعة وإذا تركها أياماً تأتيه الحمى والحاصل أنه مستحسن الخصال كلها وكانت ولادته في سنة سبع أو ثامن وتسعين وتسعمائة وتوفي ليلة الخميس ثامن عشر شوال سنة سبع وثمانين وألف وتولى عسله بيده تلميذه الفاضل أحمد البناء الدمياطي فإنه أتاه في المنام قبل موته بأيام وأمره أن يتولى غسله فتوجه من دمياط إلى مصر فأصبح بها يوم وفاته وباشر غسله وتكفينه بيده وحكي أنه لما وضأه ظهر منه نور ملأ البيت بحيث أنه لم يستطع بعد النظر إليه وصلى عليه بجامع الأزهر يوم الخميس إماماً بالناس الشيخ شرف الدين بن شيخ الإسلام زكريا وكان له مشهد عظيم وحصل للناس عليه من الجزع ما لم يعهد لمثله والشبراملسي بشين معجمة فموحدة فألف مقصورة على وزن سكرى كما في القاموس مضافة إلى ملس بفتح الميم وكسر اللام المشددة وبالسين المهملة أو مركبة تركيب مزج وهي قرية بمصر.(28/10)
ا حاشيته على المواهب اللدنية في خمس مجلدات ضخام وحاشية على شرح الشمايل لابن حجروحاشية على شرح الورقات الضغير لابن قاسم وحاشية على شرح أبي شجاع لابن قاسم الغزي وحاشية على شرح الجزرية للقاضي زكريا وحاشية على شرح المنهاج النهاية للشمس الرملي وسبب كتابته عليه أنه كان يطالع التحفة لابن حجر فأتاه الشمس الرملي في المنام وقال له يا شيخ علي أحي كتابي النهاية يحيى الله قلبك فاشتغل بمطالعتها من ذلك الحين وتقيد به وكتب عليه هذه الحاشية في ست مجلدات ضخام وكان إذا أتى إلى الدرس في آخر عمره يجلس وهو في غاية التعب من الكبر بحيث أنه لا يستطيع النطق إلا بصوت خفي ثم يقوى في الدرس شيئاً فشيئاً حتى يصير كالشاب ويتجلد للبحث وكان كثير المطالعة وإذا تركها أياماً تأتيه الحمى والحاصل أنه مستحسن الخصال كلها وكانت ولادته في سنة سبع أو ثامن وتسعين وتسعمائة وتوفي ليلة الخميس ثامن عشر شوال سنة سبع وثمانين وألف وتولى عسله بيده تلميذه الفاضل أحمد البناء الدمياطي فإنه أتاه في المنام قبل موته بأيام وأمره أن يتولى غسله فتوجه من دمياط إلى مصر فأصبح بها يوم وفاته وباشر غسله وتكفينه بيده وحكي أنه لما وضأه ظهر منه نور ملأ البيت بحيث أنه لم يستطع بعد النظر إليه وصلى عليه بجامع الأزهر يوم الخميس إماماً بالناس الشيخ شرف الدين بن شيخ الإسلام زكريا وكان له مشهد عظيم وحصل للناس عليه من الجزع ما لم يعهد لمثله والشبراملسي بشين معجمة فموحدة فألف مقصورة على وزن سكرى كما في القاموس مضافة إلى ملس بفتح الميم وكسر اللام المشددة وبالسين المهملة أو مركبة تركيب مزج وهي قرية بمصر(28/11)
السيد محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي النقيب بن خليل ابن عماد بن زهيف بن عثمان بن قيس بن علي الرئيس ابن منصور بن طاهر النقيب ابن المحسن بن علي بن الحسين بن حمزة بن محمد بن علي بن الحسين بن الحسين بن أحمد بن اسحق بن إبراهيم المرتضى ابن موسى الثاني الأصغر ابن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي بن الإمام أبي عبد الله الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه المعروف بالسيد القدسي وبابن خصيب الدمشقي الشافعي من فضلا الدهر المعروفين ونبلائه المشهورين وكان مع كرم حسبه وتكامل شرفه يرجع إلى علم طائل وأدب باهر إلا أنه كان مستخفا بنفسه وعنده طيش وكان ممسكا محباً للدنيا فلهذا انخفض قدره بين الناس وسقط من مرتبة الفضل مع أنه كان في مرتبة من العلم يقصر عنها أضرابه قرأ بدمشق على الشمس الميداني وغيره ورحل إلى القاهرة فقرا بها القرآن للسبع على شيخ القراء الشيخ عبد الرحمن اليمني وحضر اللقاني في مغنى اللبيب والجاربردي وجوهرة التوحيد ولزم الشهاب الغنيمي والبرهان الميموني وأخذ عنهما فنون الأدب وأخذ التفسير عن الشهاب أحمد بن عبد الوارث البكري والحديث عن الحافظ أبي العباس المقرىء وكلهم أجازوه بالإفتاء والتدريس ثم قدم إلى دمشق فدرس بها مدة وانتفع به جماعة ثم رحل إلى الروم وسلك طريق علمائهم فلازم من شيخ الإسلام يحيى بن زكريا وكان لزمه مدة مستطيلة حتى نال منه ذلك ورأيت بخطه قطعة إنشاء كتبها إليه أيام ملازمته وفي صدرها هذان البيتان:
أسعى لقوت مني يفوت ... يقول لي الناس مذ رأوني
أيام يحيى مثلي يموت ... قدمت سعياً فقلت حاشا(28/12)
ثم أعقبهما بالنثر وهو مدين المآرب ومنتهي المطالب قصدت التمسك بثرى أعتابك والتشرف بملازمة بابك وجنابك ليرى موصول ضميري بالخير عائداً واسناد خبري في رياض بيانك رائدا زائداً ولم يبعثني لناديك سوى فضلك وجود أياديك والعبودية التي ورثها البعد من الوالد عن الجد فبالفعل أنت مصدر الكمال فلا تتركني بعد نحوك ملغي من الأعمال فقد أصبحت بحماك نزيلا وفي ذمامك دخيلا ولقد لقيت ظامياً بحراً طامياً ومن قصد البحر استقل السواقيا لا زال رأيك الفصل جامعاً لوصل مثلي ومقدمات افضالك محققة لإنتاج شكلي ثم درس بالمدرسة اليونسية برتبة الداخل وأخذ وظائف كثيرة عن أهلها وهم في الأحياء وحكى أنه أتى بصندوقين من البراآت السلطانية وآل أمره فيها إلى المشقة والنصب ولم يتصرف منها إلا بالقليل وكانت هذه الفعلة منه أحد أسباب بغض الناس له ولزم العزلة مدة وحفظ وكتب وكان له في فن التاريخ والسير والوقائع جمعية عظيمة وله شعر وقفت على كثير منه فمنه قوله من قصيدة طويلة حسنة الديباجة مطلعها:
وغير مديحك لم يحل لي ... سواك بقلبي لم يحلل
إذا اشتدت الحال لم يحلل ... وغيرك عند انعقاد الأمور
حكاني نحولا ولم ينحل ... قصدتك سعيا على ضامر
ولولا وجودك لم يعجل ... يكاد يسابق برق السما
لشكوى الزمان وما تم لي ... وجردت من خاطري صاحبا
شكاة فألقاه لم يم لي ... أعاطيه كأس الهوى مترعا
سواهم بقلبي لم ينزل ... وصحب بجلق خلفتهم
وبالصد منزل قلبي بلي ... وخضت بدمعي مذ فارقوا
لذكرى الحبيب مع المنزل ... فقلت لجاري عيوني قفا
فأصمت بمنظرها مقتلي ... وفتانة سمتها وصلها
وخديه الورد لم يذبل ... بقد ترنحه ذابلا
رحيق الحياة مع السلسل ... مهاة من الحور في ثغرها
تهيج البلابل كالبلبل ... لختم الجمال به شامة
وكان عن العشق في معزل ... تحرش طرفي بلحظ لها
أسير ظبا طرفها الأكحل ... فآبت بمهجته للحمى
فصادت لطائر دمعي ولي ... ومدت شراك دجا شعرها
وقوله من أخرى مستهلها:
ويورق من غصن الأحبة عوده ... أما آن أن تقضي لقلبي وعوده(28/13)
ولي له غير السقام يعوده ... فقد شفه داء من الصد متلف
وأحبابه مضنى الفؤاد عميده ... وما حال مشتاق تناءت دياره
فإن جاءه يذكي الجوي ويزيده ... يراقب من زور النسيم زيارة
إذا سال أجفانا وثار وقوده ... حكى النجم بين السحب يبدو ويختفي
لسار ولكن أثقلته قيوده ... ولو كان يسعى للزيارة ممكنا
ومن مقاطيعه قوله:
فصار لجفني ناظرا وعلاجا ... جذبت بمغناطيس لحظي خاله
دموع زفيري للجفون سياجا ... ومذ خاف من عين المراقب أنبتت
وقرأت بخطه أنشدني الأمير المنجكي بداره بدمشق في سنة خمس وأربعين وألف
وغربا ثم لم أرلي مغيثا ... ولما طارت الآمال شرقا
وقفت بباب عزك مستغيثا ... بسطت جناح ذلي ثم إني
قال ثم بعد مدة تأملتهما ومعناهما وقلت ما أحق مثلي بهما وما أحلاهما وجعلت إذ ذاك بيتين من الوزن دون القافية وهما:
بأحوالي ولم أر لي نصيرا ... ولما ضاقت الأيام ذرعا
وقت بباب عزته فقيرا ... شرحت فؤاد آمالي يذل
وكانت ولادته في سنة اثنتي عشرة بعد الألف وتوفي في سابع عشر شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وثمانين وألف ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من بلال الحبشي رضي الله عنه.
خلاصة(28/14)
محمد بن محمد بن موسى بن علاء الدين أبو اليسر الملقب كمال الدين العسيلي القدسي ينتهي نسبه إلى الشيخ عبد الرحمن الصنابحي ذكره ابن قيم الجوزية في صفة الصفوة كان عالماً محدثاً حافظاً لكتاب الله تعالى محباً للفقراء والصالحين محسناً إليهم أجازه جده الشيخ ابن قاضي الصلت الإمام بالمسجد الأقصى بحديث الأولية وكان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة ورحل إلى مصر في سنة خمس وخمسين وألف هو وأخوه يوسف وأخذ بها الحديث عن المعمر الشيخ إسماعيل بن ماضي بن يونس بن إسماعيل ابن خطاب السنجيدي الشافعي خطيب جامع الحاكم وله إجازات جمة من علماء الأزهر منهم الشيخ عبد الرحمن اليمني أجازه في القراآت السبع ومنهم البرهان اللقاني والشيخ إبراهيم البيجوري شيخ القراء بمقام الإمام الشافعي وكان مواظباً لزيارته في كل ليلة سبت والقراءة معه في المقرأ الكبير وولي الإمامة بالمسجد الأقصى وحج ثلاث مرات وأخذ بمكة عن ابن علان الصديقي واجتمع القطب الغوث بمكة في المرة الثالثة ودعا له بحسن الخاتمة فجاء من الحج في تلك السنة وهي سنة سبع وثمانين وألف متوعكاً وتوفي في شهر ربيع الأول من تلك السنة.
خلاصة(28/15)
قال ابن حجر:
عقبة بن عامر بن عبس ..الجهني الصحابي المشهور روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم بن عباس وأبو أمامة وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني وأبو إدريس الخولاني وخلق من أهل مصر قال أبو سعيد (الحافظ الامام الثبت صاحت تاريخ مصر 281 – 347 هـ تذكرة الحفاظ ج 3 /ص 898) [عبد الرحمن] بن يونس: "كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا وهو أحد من جمع القرآن". قال: "ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره كتبه عقبة بن عامر بيده".
وقال أبو عمر الكندي: جمع له معاوية في إمرة مصر بين الخراج والصلاة فلما أراد عزله كتب إليه أن يغزو رودس فلما توجه سائرا استولى مسلمة فبلغ عقبة فقال أغربة وعزلا وذلك في سنة سبع وأربعين ومات في خلافة معاوية على الصحيح
الإصابة ج: 4 ص: 520
===========
تذكرة الحفاظ ج 3 /ص 898(29/1)
أبو سعيد بن يونس الحافظ الامام الثبت عبد الرحمن بن احمد بن الامام يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري صاحب تاريخ مصر ولد سنة 281 سمع أباه وأحمد بن حماد زغبة وعلي بن سعيد الرازي وعبد الملك بن يحيى بن بكير وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعقوب المنجنيقي وعبد السلام بن سهل البغدادي وطبقتهم ولم يرحل ولا سمع بغير مصر لكنه امام في هذا الشأن متيقظ روى عنه أبو عبد الله بن منده وأبو محمد بن النحاس وعبد الواحد بن محمد البلخي وآخرون اختصرت تاريخه وعلقت منه أحاديث توفي في جمادي الآخرة سنة 347 مائة وله 66 سنة وفيها مات مفتي دمشق ومسندها أبو الحسن احمد بن سليمان بن أيوب بن حاتم الأسدي الدمشقي وكان يدر من مذهب الأوزاعي وببغداد أبو علي احمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة وبنيسابور أبو الفضل إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني وببغداد أبو احمد حمزة بن محمد بن العباس العقبي الدهقاني ونحوي العراق أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي النحوي روى مشيخة الفسوي وتاريخه عنه ومحدث دمشق أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد البجلي ومسند الكوفة أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي الزبيدي مولاهم أنبأنا احمد بن أبي الخير عن يحيى بن يونس عن احمد بن عبد الجبار الصيرفي عن محمد بن علي الحافظ انا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن أبي يزيد الأزدي انا عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي انا أبو سعيد عبد الرحمن بن احمد الحافظ نا عبد الكريم بن إبراهيم المرادي نا حرملة نا بن وهب أخبرني أبو هانئ عن العباس بن جليد الحجري عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله e قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى كاد يورثه أخبرنا سليمان بن أبي عمر أنبأنا محمود بن إبراهيم انا أبو الخير محمد بن احمد انا عبد الوهاب بن محمد انا أبي انا أبو سعيد عبد الرحمن بن احمد نا إسحاق بن إبراهيم البغدادي نا محمد بن المثنى نا عبد(29/2)
الصمد نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن اسلم قال رأيت شيخا يقال له سرق فقلت ما هذا الاسم قال سمانيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
سير أعلام النبلاء ج: 5 ص: 323
عبادة بن نسي الإمام الكبير قاضي طبرية أبو عمر الكندي الأردني حدث عن شداد بن أوس ومعاوية وأبي بن عمارة بكر العين وأبي سعيد الخدري وطائفة حدث عنه برد بن سنان وعلي بن أبي حملة وهشام بن الغاز وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعبد الله بن عثمان وخلق وكان سيدا شريفا وافر الجلالة ذا فضل وصلاح وعلم وثقه يحيى بن معين وغيره ولي قضاء الأردن من قبل عبد الملك بن مروان ثم ولي الأردن نائبا لعمر بن عبد العزيز قال أبو مسهر حدثنا كامل بن سلمة الكندي قال سألهم هشام بن عبد الملك من سيد أهل فلسطين قالوا رجاء بن حيوة قال فمن سيد أهل الأردن قالوا عبادة بن نسي قال فمن سيد دمشق قالوا يحيى بن يحيى الغساني قال فمن سيد أهل حمص قالوا عمرو بن قيس السكوني قال فمن سيد أهل الجزيرة قالوا عدي بن عدي الكندي وعن مسلمة بن عبد الملك قال في كندة ثلاثة إن الله بهم ينزل الغيث وينصرنا رجاء بن حيوة وعبادة بن نسي وعدي بن عدي وقيل أهدى رجل قلة عسل لعبادة فقبله وقضى عليه ثم قال له ذهبت القلة يا فلان قالوا مات سنة ثمان عشرة ومئة
تهذيب التهذيب ج: 7 ص: 216(29/3)
ع الستة عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودعة بن عدي بن غنم بن ربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني أبو حماد ويقال أبو سعاد ويقال أبو عامر ويقال أبو عمرو ويقال أبو عبس ويقال أبو أسد ويقال أبو الأسود روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر روى عنه أبو إمامة وابن عباس وقيس بن أبي حازم وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني ودخين بن عامر وربعي بن حراش وأبو علي ثمامة بن شفى وعبد الرحمن بن شماسه وعلي بن رباح وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني ومشرح بن عاهان وأبو إدريس الخولاني وأبو عشانة المعافري وكثير بن مرة الحضرمي وخلق ولي إمرة مصر من قبل معاوية سنة قال الواقدي توفي في آخر خلافة معاوية ودفن بالمقطم وقال خليفة مات سنة ثمان وخمسين قلت قال أبو سعيد بن يونس كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا وكانت له السابقة والهجرة وهو أحد من جمع القرآن ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه على غير التأليف الذي في مصحف عثمان وفي آخره بخطه وكتب عقبة بن عامر بيده وفي صحيح مسلم عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر وكان من رفقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقال الكندي في أمراء مصر جمع له معاوية الصلاة والخراج وكان قارئا فقيها مفرضا شاعرا قديم الهجرة والسابقة والصحبة قال ولما أراد عزله كتب إليه أن يغزو رودس وأرسل له مسلمة بن مخلد أميرا فخرج مع عقبة إلى إسكندرية فلما توجه عقبة سائرا استولى مسلمة على الامارة فبلغ ذلك عقبة فقال سبحان الله أعزلا وغربة وذلك في ربيع الأول سنة وقال بن حبان في الصحابة كان من الرماة كان يصبغ بالسواد ويقول نسود أعلاها ونأبى أصولها وروى أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن عبادة بن نسي قال رأيت جماعة على رجل في خلافة عبد الملك بن مروان وهو يحدثهم فقلت من هذا فقالوا عقبة بن عامر الجهني قال أبو زرعة فذكر ذلك عند أحمد بن صالح فأنكر وقال مات عقبة في خلافة(29/4)
معاوية وقال خليفة بن خياط في تاريخه وقتل في سنة في النهروان من أصحاب علي أبو عامر عقبة بن عامر الجهني قلت كذا ذكر في تاريخه وهو نقل غريب جدا أن صح فهو رجل آخر غير عقبة بن عامر الصحابي لاتفاقهم على أن الصحابي ولي أمرة مصر لمعاوية وذلك بعد سنة قطعا والله أعلم
الكاشف ج 2 /ص 29
عقبة بن عامر الجهني صحابي كبير أمير شريف فصيح مقريء فرضي شاعر ولي غزو البحر روى عنه علي بن رباح وأبو عشانة وخلق مات بمصر 58 ع
تذكرة الحفاظ ج 1 /ص 42
ع عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله e كان فقيها علامة قارئا لكتاب الله بصيرا بالفرائض فصيحا مفوها شاعرا كبير القدر قال بن يونس مصحفه بخطه وهو الآن موجود ولي إمرة مصر لمعاوية ثم عزله وأغزاه البحر سنة سبع وأربعين وقيل كان يخضب بالسواد قلت وفي حديثه كثرة وحدث عنه جبير بن نفير وأبو عشانة حي بن يؤمن وأبو قبيل حي بن هانئ المعافريان وبعجة بن عبد الله الجهني وسعيد المقبري وأبو الخير مرثد اليزني وعلي بن رباح وآخرون أرخ بن يونس موته في سنة ثمان وخمسين رضي الله عنه
مجمع الزوائد ج: 1 ص: 140
عن عقبة بن عامر أنه لما حضرته الوفاة قال يا بني إني أنهاكم عن ثلاث فاحتفظوا بها لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة ولا تدينوا ولو لبستم العباء ولا تكتبوا شعرا تشغلوا به قلوبكم عن القرآن رواه الطبراني في الكبير وفي إسناده ابن لهيعة ويحتمل في هذا على ضعفه
مصنف ابن أبي شيبة ج 1 ص 379
[4360] حدثنا زيد بن حباب عن عبد الرحمن بن شريح قال حدثني واهب المعافري عن أوس بن بشر قال رأيت عقبة بن عامر قرأ على المنبر السجدة فنزل
مصنف ابن أبي شيبة ج 2 ص 241 ج 6 ص 123
[8572] حدثنا زيد بن الحباب عن موسى بن علي قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله e يقول تعلموا القرآن واتلوه فوالذي نفسي بيده لهو أسرع تفصيا من قلوب الرجال من النعم من عقلها(29/5)
مجمع الزوائد ج: 1 ص: 187
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني أخاف على أمتي اثنتين القرآن واللبن أمااللبن فيتبعون الريف ويتبعون الشهوات ويتركون الصلاة وأما القرآن فيتعلمه المنافقون فيجادلون به الذين آمنوا رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه دراج أبو السمح وهو ثقة مختلف في الإحتجاج به
مجمع الزوائد ج: 6 ص: 229
وعن عقبة ابن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج ناس من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن رواه الطبراني ورجاله ثقات
وعن عقبة ابن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي قراؤها رواه احمد والطبراني وأحد أسانيد احمد ثقات اثبات
مجمع الزوائد ج: 6 ص: 231
وعن عبد الملك بن مليل السليحي قال كنت جالسا قريبا من المنبر يوم الجمعة فخرج محمد ابن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب ثم قرأ عليهم سورة من القرآن وكان من أقرأ الناس فقال عقبة ابن عامر صدق الله ورسوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليقرآن القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية رواه احمد والطبراني باختصار ورجالهما ثقات
مجمع الزوائد ج: 7 ص: 158
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه خلاف وفسره بعض رواة أبي يعلى بأن من جمع القرآن ثم دخل النار فهو شر من الخنزير
مجمع الزوائد ج: 7 ص: 169
عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وتغنوا به فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من النعم في العقل رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال لهو أشد تفصيا من المخاض في العقل ورجال أحمد رجال الصحيح
مجمع الزوائد ج: 9 ص: 369(29/6)
عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين إنه أواه وذلك إنه كثير الذكر لله عز وجل في القرآن وكان يرفع صوته في الدعاء رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 133
[30074] حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا موسى بن علي قال سمعت أبي يحدث عن عقبة بن عامر قال خرج إلينا رسول الله e ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم قلنا بلى يا رسول الله كلنا نحب ذلك قال أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل
تفسير القرطبي ج: 1 ص: 7
وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم فقلنا يا رسول الله كلنا نحب ذلك قال أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل
خلق أفعال العباد ج 1 ص 111
[400] حدثنا عبد الله حدثني معاوية عن يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي e قال المسر بالقرآن كالمسر بالصدقة والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة حدثنا يوسف بن يعقوب ثنا معن عن معاوية مثله
تفسير القرطبي ج: 1 ص: 8
وروى أبو داود والنسائي والدارمي والترمذي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة قال الترمذي حديث حسن غريب
صحيح ابن حبان ج 5 ص 267
[(29/7)
1940] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة قال صلى بنا عقبة بن عامر فقام وعليه جلوس فقال الناس وراءه سبحان الله فلم يجلس فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين وهو جالس فقال إني سمعتكم تقولون سبحان الله كيما أجلس وليس تلك سنة إنما السنة التي صنعته
صحيح ابن خزيمة ج 1 ص 268
[535] أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا عبد الله بن هاشم حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي ح ونا عبدة بن عبد الله الخزاعي أخبرنا زيد يعني بن الحباب كلاهما عن معاوية وهو بن صالح قال عبدة قال حدثني العلاء بن الحارث الحضرمي وقال بن هاشم عن العلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر قال كنت أقود برسول الله e راحلته في السفر فقال يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا قلت بلى قال قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلما نزل صلى بهما صلاة الغداة قال كيف رأيت يا عقبة هذا لفظ حديث عبد الرحمن ولم يقل عبده في السفر وقال فلم يرني أعجبت بهما فصلى بالناس الصبح فقرأ بهما ثم قال لي يا عقبة كيف رأيت
سنن ابن ماجه ج 1 ص 314
[983] حدثنا محرز بن سلمة العدني ثنا بن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي على الهمداني أنه خرج في سفينة فيها عقبة بن عامر الجهني فحانت صلاة من الصلوات فأمرناه أن يؤمنا وقلنا له إنك أحقنا بذلك أنت صاحب رسول الله e فأبى فقال إني سمعت رسول الله e يقول من أم الناس فأصاب فالصلاة له ولهم ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم
صحيح ابن خزيمة ج 1 ص 334
[(29/8)
670] أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا أبو موسى نا عبد الله بن زيد نا موسى بن أيوب قال سمعت عمي إياس بن عامر يقول سمعت عقبة بن عامر يقول لما نزلت ] سبح اسم ربك الأعلى [ قال لنا النبي e اجعلوها في سجودكم أنا أبو طاهر نا أبو بكر ناه محمد بن عيسى عن بن المبارك عن موسى أيوب عن عمه عن عقبة بن عامر بمثله ولم يقل لنا
صحيح ابن حبان ج 5 ص 150
[1842] أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث وذكر بن سلم آخر معه عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم بن عمران أنه سمع عقبة بن عامر يقول تبعت رسول الله e وهو راكب فجعلت يدي على قدمه فقلت يا رسول الله أقرئني إما من سورة هود وإما من سورة يوسف فقال رسول الله e يا عقبة بن عامر إنك لن تقرأ سورة أحب إلى الله ولا أبلغ عنده من أن تقرأ قل أعوذ برب الفلق فإن استطعت أن لا تفوتك في صلاة فافعل قال أبو حاتم رضي الله عنه أسلم بن عمران كنيته أبو عمران من أهل مصر من جملة تابعيها
المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 589
[3988] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران التجيبي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اقرأ من سورة يوسف وسورة هود قال يا عقبة اقرأ بأعوذ برب الفلق فإنك لن تقرأ بسورة أحب إلى الله وأبلغ عنده منها فإن استطعت أن لا تفوتك فافعل هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
السنن الكبرى ج 4 ص 438
[(29/9)
7842] أخبرني عمرو بن عثمان قال حدثنا بقية قال حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال أهديت للنبي e بغلة شهباء فركبها وأخذ عقبة يقودها به فقال رسول الله e لعقبة اقرأ قال وما أقرأ يا رسول الله قال اقرأ ] قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق [ فأعادها علي حتى قرأتها فعرف أني لم أفرح بها جدا قال لعلك تهاونت بها فما قمت تصلي بمثلها
مصنف عبد الرزاق ج 3 ص 384
[6039] عبد الرزاق عن الثوري عن سعد بن إبراهيم عن رجل من جهينة عن عقبة بن عامر الجهني قال بينا أسير مع رسول الله e أنزل عليه آيات لم أسمع مثلهن ولم أر مثلهن المعوذتين
المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 406
[3417] أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالري حدثنا أبو حاتم الرازي حدثني أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثني عبد الله بن وهب حدثنا مالك بن خير الزيادي عن أبي قبيل عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله e يقول سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن قال عقبة ما أهل الكتاب يا رسول الله قال قوم يتعلمون كتاب الله يجادلون به الذين آمنوا قال فقلت ما أهل اللبن يا رسول الله قال قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 423
[(29/10)
3470] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني بن لهيعة وأخبرني عبد الله بن الحسين القاضي حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا بن لهيعة حدثني مشرح بن هاعان قال سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج بسجدتين قال نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأها هذا حديث لم نكتبه مسندا إلا من هذا الوجه وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره وقد صحت الرواية فيه من قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وأبي موسى وأبي الدرداء وعمار رضي الله عنهم أما حديث عمر بن الخطاب
سنن الترمذي ج 5 ص 270
[3083] حدثنا أحمد بن منيع حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن صالح بن كيسان عن رجل لم يسمه عن عقبة بن عامر أن رسول الله e قرأ هذه الآية على المنبر ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ قال ألا إن القوة الرمي ثلاث مرات ألا إن الله سيفتح لكم الأرض وستكفون المؤنة فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه قال أبو عيسى وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أسامة بن زيد عن صالح بن كيسان رواه أبو أسامة وغير واحد عن عقبة بن عامر وحديث وكيع أصح وصالح بن كيسان لم يدرك عقبة بن عامر وقد أدرك بن عمر
سنن النسائي (المجتبى) ج 8 ص 253
[(29/11)
5437] أخبرني محمود بن خالد قال حدثنا الوليد قال حدثني بن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال بينا أقود برسول الله e في نقب من تلك النقاب إذ قال ألا تركب يا عقبة فأجللت رسول الله e أن أركب مركب رسول الله e ثم قال ألا تركب يا عقبة فأشفقت أن يكون معصية فنزل وركبت هنيهة ونزلت وركب رسول الله e ثم قال ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس فأقرأني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فأقيمت الصلاة فتقدم فقرأ بهما ثم مر بي فقال كيف رأيت يا عقبة بن عامر اقرأ بهما كلما نمت وقمت(29/12)
البقري: محمد بن قاسم بن إسماعيل. الشيخ الإمام المقرىء شمس الدين الضرير القاهري الشافعي. مؤلف القواعد المقررة في القراءات وغيرها.
توفي سنة 1109.
ديوان الإسلام ابن الغزي
البَقَري 1018-1111هـ 1609-1699م
محمد بن قاسم بن اسماعيل البقري الشناوي: مقريء من فقهاء الشافعية. من اهل القاهرة. نسبته الى نزلة البقر او دار البقر من قرى مصر. من كتبه غنية الطالبين -خ في التجويد، يعرف بمقدمة البقري،
وفتح الكبير المتعال -خ في حل بعض مشكلا الايات،
والقواعد المقررة -خ في قواعد القراء السبعة،
والعمدة السينية -خ في التجويد
الأعلام للزركلي
عجائب الآثار ج: 1 ص: 116
ومات الامام العلامة شمس الدين محمد بن قاسم بن اسمعيل البقري المقرىء الشافعي الصوفي الشناوي اخذ علم القراآت عن الشيخ عبدالرحمن اليمني والحديث عن البابلي والفقه عن المزاحي والزيادي والشوبري ومحمد المنياوي والحديث ايضا عن النور الحلبي والبرهان اللقاني والطريقة عن عمه الشيخ موسى بن اسمعيل البقري والشيخ عبدالرحمن الحلبي الاحمدي
وغالب علماء مصر اما تلميذه او تلميذ تلميذه
وألف واجاد وانفرد ومولده سنة ثماني عشرة والف وتوفي في رابع عشرى جمادى الثانية سنة احدى عشرة ومائة والف عن ثلاث وتسعين سنة
الشيخ محمد البقري الأزهري(30/1)
ومنهم الشيخ المعمر قطب الوجود، شيخ الإقراء في البلاد المصرية الشيخ الإمام محمد بن الشيخ قاسم بن إسماعيل البقري الأزهري. أخذ القراءات بسائر أنواعها عن الإمام العلامة الشيخ عبد الرحمن ركن الدين اليمني شيخ الإقراء في البلاد المصرية عن والده شحادة اليمني، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي. عن شحادة اليمني المزبور، وإنما أخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الحق لأنه مات والده وهو يقرأ عليه في سورة الأنعام فأكمله على ابن عبد الحق، وشحادة أخذه عن الشيخ ناصر الدين الطبلاوي، عن شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، عن الشيخ عثمان الزبيدي، عن الحافظ أبي الخير محمد شمس الدين بن الجزري إمام كل مقرئ.
قال شيخنا المرحوم صاحب هذه المشيخة: قرأت على الشيخ محمد البقري حين توجهت إلى مصر سنة 1071 للهجرة إفراداً وجمعاً للعشرة من طريق الطيبة ختماً كاملاً، وأفرد لي للأربعة التي فوق العشرة. ويروي الشيخ محمد البقري الحديث وغيره من العلوم عن الجماعات منهم الشيخ شمس الدين الفيومي، عن الحافظ عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ومنهم العلامة برهان الدين إبراهيم اللاقاني المالكي عن سالم السنهوري، عن النجم الغيطي، عن الشيخ زكريا.
مشيخة أبي المواهب الحنبلي ابن عبد الباقي الحنبلي
محمد الشافعي
ابن إسمعيل الملقب بشمس الدين الضرير الأزهري البقري المصري الشافعي شيخ القراء بالجامع الأزهر الامام العلامة الفقيه المقرئ قرأ عليه القرآن بالروايات من لا يحصى عددهم منهم المرحوم شيخ الاسلام أبو المواهب الدمشقي مفتي الحنابلة بها (وسيأتي تأكيد ذلك عند الجبرتي) وغيره وعمر كثيراً واشتهر إنه جاوز مائة عام وكان ملازماً للأقراء والتدريس بالجامع الأزهر وألف مؤلفات جمة كان يمليها على الطلبة ومات بمصر سنة سبع ومائة وألف وصلى عليه بدمشق صلاة الغائب رحمه الله تعالى.(30/2)
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر المرادي
عجائب الآثار ج: 1 ص: 428
ومات سنة 1187 هـ البارع المقرىء المجود المحدث الشيخ عبد القادر بن خليل بن عبد الله الرومي المدني المعروف بكدك زاده ولد بالمدينة سنة 1140 وبها نشأ وحفظ القرآن وجوده على شيخ القراء شمس الدين محمد السجاعي نزيل المدينة تلميذ البقرى الكبير وحفظ الشاطبية واشتغل بالعلم على علماء بلده والواردين عليه سمع اكثر كتب الحديث على الشيخين ابن الطيب ومحمد حياة بقراءته عليهما في الاكثر ولازم الشيخ ابن الطيب ملازمة كلية حتى صار معيدا لدروسه وكان حسن النغمة طيب الاداء ولي الخطابة والامامة بالروضة المطهرة وكان اذا تقدم الى المحراب في الصلوات الجهرية تزدحم عليه الخلق لسماع القرآن منه ثم ورد الى مصر فأدرك الشيخ المعمر داود بن سلمان الخربتاى فتلقى منه أشياء واجازه وذلك في سنة 1168 وحضر الشيخ الملوى والجوهرى والحفني والبليدى وحمل عنهم الكثير وتزوج ثم توجه الى الروم ثم عاد الى المدينة فلم يقر له بها قرار ثم أتى الى مصر ودار على الشيوخ البقية ثانيا وأخذ عنهم وأحبه السيد اسمعل بن مصطفى الكماخي وصار يجلس عنده أياما في منزله الملاصق لجامع قوصون فشرع في أخذ خطابته له فاشترى له الوظيفة فخطب به على طريقة المدينة وازدحمت عليه الناس وراج أمره وتزوج ثم توجه الى الروم وباع الوظيفة وانخلع عما كان عليه وجلس هناك مدة وسمع السلطان قراءته في بعض المواضع في حالة التبديل فأحب أن يكون اماما لديه وكاد أن يتم فاحس امام السلطان بذلك فدعاه الى منزله وسقاه شيئا مما يفسد الصوت حسدا عليه فلما أحس بذلك خرج فارا فعاد الى مصر واشتغل بالحديث وشرع في عمل المعجم لشيوخه الذين أدركهم في بلده وفي رحلاته الى البلاد ودخل حلب فاجتمع بالشيخ أبي المواهب القادرى وقرأ عليه شيئا من الصحيح وأجازه واخذ عن السيد المعمر ابراهيم بن محمد الطرابلسي النقيب ومن
تلاميذه:(30/3)
عجائب الآثار ج: 1 ص: 324
مات الشيخ الامام الفقيه المحدث الشريف السيد محمد بن محمد البليدي المالكي الاشعري الاندلسي حضر دروس الشيخ شمس الدين محمد بن قاسم البقري المقري الشافعي في سنة 1110 ثم على اشياخ الوقت كالشيخ العزيزي والملوي والنفراوي وتمهر ثم لازم الفقه
عجائب الآثار ج: 1 ص: 239
ومات الشيخ الامام العالم العلامة صاحب التآليف العديدة والتقريرات المفيدة ابو العباس احمد بن عمر الديربي الشافعي الازهري اخذ عن عمه الشيخ
عجائب الآثار ج: 1 ص: 234
ومات الاستاذ العلامة شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي الضرير أخذ عن الشيخ الشرنبالي ولازمه ملازمة كلية وأخذ ايضا عن الشيخ عبد ربه الديوي واهل طبقته مثل الشيخ مطاوع السجيني وغيره وكان اماما عظيما فقيها نحويا أصوليا منطقيا أخذ عنه كثير من فضلاء الوقت وعلمائهم توفي سنة 1158 ومات الامام العلامة والبحر الفهامة امام المحققين شيخ الشيوخ عبد الرؤوف بن محمد بن عبد اللطيف بن احمد بن علي البشبيشي الشافعي خاتمة محققي العلماء وواسطة عقد نظام الاولياء العظماء ولد ببشبيش من اعمال المحلة الكبرى واشتغل علي علمائها بعد ان حفظ القرآن ولازم ولي الله تعالى العارف بالله الشيخ علي المحلي الشهير بالاقرع في فنون من العلم واجتهد وحصل واتقن وتفنن وتفرد وتردد على الشيخ العارف حسن البدوي وغيره من صوفية عصره وتأدب بهم واكتسى من أنوارهم ثم ارتحل الى القاهرة سنة 1081 وأخذ عن الشيخ محمد ابن منصور الاطفيحي والشيخ خليل اللقاني والزرقاني وشمس الدين محمد بن قاسم البقري وغيرهم
عجائب الآثار ج: 1 ص: 138(30/4)
فكان كما قال وكان جاعلا لعبد الله مرتبا في كل يوم الف نصف فضة برسم الشبرقة خلاف المصروف والكساوي له ولاولاده ولعياله الى ان مات يوم السبت سادس عشر رجب سنة سبع وثلاثين ومائة والف وحضر جنازته جميع الامراء والعلماء وارباب السجاجيد والوجاقات السبعة والتجار واولاد البلد وكان مشهده عظيما حافلا بحيث ان اول المشهد داخل الى الجامع ونعشه عند العتبة الزرقاء وكان ذكيا فهيما دراكا سعيد الحركات وعلى قدر سعة حاله وكثرة ايراده ومصرفه لم يتخذ كاتبا ويكتب ويحسب لنفسه
عجائب الآثار ج: 1 ص: 139(30/5)
ومات الشيخ الامام العالم العلامة مفرد الزمان ووحيد الاوان محمد ابن محمد بن محمد الولي شهاب الدين احمد بن العلامة حسن بن العارف بالله تعالى علي بن الولي الصالح سلامة بن اولي الصالح العارف بدير بن محمد بن يوسف شمس الدين ابو حامد البديري الحسيني الشافعي الدمياطي مات جده بدير بن محمد سنة ستمائة وخمسين في وادي النسور وحفيده حسن ممن اخذ عن شيخ الاسلام زكريا الانصاري اخذ ابو حامد المترجم عن الشيخ الفقيه العلامة زين الدين السلسلي امام جامع البدري بالثغر وهو اول شيوخه قبل المجاورة ثم رحل الى الازهر فاخذ عن النور ابي الضياء علي بن محمد الشبراملسي الشافعي والشمس محمد بن داود العناني الشافعي قراءة على الثاني بالجنبلاطية خارج مصر القاهرة وامام شرف الدين بن زين العابدين بن محي الدين بن ولي الدين بن يوسف جمال الدين بن شيخ الاسلام زكريا الانصاري والمحدث المقري شمس الدين محمد بن قاسم البقري شيخ القراء والحديث بصحن الجامع الازهر والشيخ عبد المعطي الضرير المالكي وشمس الدين محمد الخرشي والشيخ عطية القهوقي المالكي والشيخ المحدث منصور بن عبد الرزاق الطوخي الشافعي امام الجامع الازهر والشيخ المحدث العلامة شهاب الدين ابي العباس احمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي النقشبندي والمحقق شهاب الدين احمد بن عبد اللطيف البشبيشي الشافعي وحيسوب زمانه محمود بن عبد الجواد بن العلامة الشيخ عبد القادر المحلي والعلامة الشيخ سلامة الشربيني والعلامة المهندس الحيسوب الفلكي رضوان افندي ابن عبد الله نزيل بولاق ثم رحل الى الحرمين فاخذ بهما عن الامام ابي العرفان ابراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني في سنة احدى وتسعين والف والسيدة قريش واختها بنت الامام عبد القادر الطبري في سنة اثنتين وتسعين والف روى وحدث وافاد واجاد اخذ عنه الشيخ
عجائب الآثار ج: 1 ص: 127(30/6)
ومات الشيخ الامام والعمدة الهمام عبد الباقي القليوبي سنة ثلاث وعشرين ومائة والف ومات الشيخ العلامة ابو المواهب محمد بن الشيخ تقي الدين عبد الباقي ابن عبد القادر الحنبلي البعلي الدمشقي مفتي السادة الحنابلة بدمشق ولد بها واخذ عن والده وعمن شاركه ثم رحل الى مصر وقرأ بالروايات على مقرئها الشيخ البقري والفقه على الشيخ محمد البهوتي الخلوتي والحديث على الشمس البابلي والفنون على المزاحي والشبراملسي والعناني توفي في شوال سنة ست وعشرين ومائة والف عن ثلاث وثمانين سنة حدث عنه الشيخ ابو العباس احمد بن علي بن عمر الدمشقي كتابه وهو عال والشيخ محمد ابن احمد الحنبلي والسيد مصطفى بن كمال الدين الصديقي وغيرهم
عجائب الآثار ج: 1 ص: 124
ومات الامام العلامة المفيد الشيخ احمد بن محمد المنفلوطي الاصل القاهري الازهري المعروف بابن الفقي الشافعي ولد سنة اربع وستين والف واخذ القراءات عن الشمس البقري والعربية عن الشهاب السندوبي وبه تفقه والشهاب البشبيشي ولازمه السنين العديدة في علوم شتى وكذا اخذ عن النور الشبراملسي وحضر دروس الشهاب المرحومي وكان اماما عالما بارعا ذكيا حلو التقرير رقيق العبارة جيد الحافظة يقرر العلوم الدقيقة بدون مطالعة مع طلاقة الوجه والبشاشة وطرح التكلف ومن تآليفه حاشية علي الاشموني لم تكمل واخرى على شرح ابي شجاع للخطيب ورسالة في بيان السنن والهيئات هل هي داخلة في الماهية او خارجة عنها واخرى في اشراط الساعة وشرح البدور السافرة ومات قبل تبييضه فاختلسه بعض الناس وبيضة ونسبه لنفسه وكتمه توفي فجأة قيل مسموما صبيحة يوم الاثنين سابع عشري شوال سنة ثمان عشرة ومائة والف
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر المرادي
عيد النمرسي(30/7)
عيد بن علي القاهري الشافعي الشهير بالنمرسي الشيخ العالم العلامة الحبر البحر النحرير المحقق الفهامة الفقيه الأثري الأوحد المفنن أخذ عن جماعة من الأئمة منهم الجمال عبد الله بن سالم البصري والشهاب أحمد بن محمد النخلي وشمس الدين محمد الشرنبابلي ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني ومحمد بن قاسم البقري الشافعيون
علي بن أحمد بن علي الشهير بابن كزبر الشافعي الدمشقي الامام الهمام الحجة الرحلة البركة العالم العلامة المقري كان من علماء دمشق المشهورين وفقهائها المتفوقين اماماً بارعاً في فنون كثيرة متقناً فهامة صالحاً عابداً تقياً تاركاً للدنيا مقبلاً على الطاعة والديانة له اليد الطولى في القراآت وغيرها وبالجملة فقد كان واحد الدهر علماً وعملاً ولد في أواخر المائة بعد الألف وقرأ على جماعة وتفقه منهم الشيخ الياس الكردي نزيل دمشق والأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي والشيخ عثمان القطان والشيخ عثمان بن حموده والشيخ محمد الكاملي وأضرابهم وارتحل إلى مصر إلى الجامع الأزهر وجاور به مدة وأخذ وقرأ على جماعة منهم الشيخ منصور المنوفي والشيخ محمد بن عبد الله المغربي الفاسي والشيخ أحمد الملوي والشيخ عبد الجواد الميداني المصري والشيخ عبد ربه الديري والشيخ عبد الرؤف البشبيشي وأخذ القراآت عن البقري وغيره وعاد إلى دمشق واستقام على إقراء الدروس والافادة في الجامع السنانية ولازم جماعة وأخذ عنه أناس كثيرون وألحق الأحفاد بالأجداد واشتهر وشاع فضله ولما قدم دمشق المحدث الشيخ محمد عقيلة المكي أخذ عنه طريق القوم واستخلفه بدمشق ولم يزل مفيد الطالبين مرشد الكاملين ناهجاً منهج الأتقياء والصالحين والعلماء العاملين إلى أن مات وكانت وفاته في سابع عشر ربيع الأول سنة خمس وستين ومائة وألف ودفن بتربة باب الصغير رحمه الله تعالى.(30/8)
عبد الله بن الحسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي الشافعي الشهير بالسويدي الشيخ الامام العالم العلامة الحبر البحر المدقق الأديب الشاعر المفنن أبو البركات جمال الدين ولد بمحلة الكرخ في الجانب الغربي من بغداد سنة أربع ومائة وألف وتوفي والده وعمره ست سنوات فكفله عمه لأمه الشيخ أحمد سويد وأقرأه القرآن وعلمه صنعة الكتابة وشيئاً من الفقه والنحو والتصوف وأجازه بما يجوز له وهو أخذ عن مشايخ عدة كالشيخ محمد ابن إسمعيل البقري القاهري
عبد الرحمن المقري
عبد الرحمن بن إبراهيم الشريف المقري الفاضل العالم الكامل الشافعي مولده برأس الخليج بليدة بالقرب من دمياط وحفظ القرآن العظيم للعشرة من طريق الحرز والنشر والدرة على الشيخ أحمد الشهير بأبي قتب تلميذ البقري المقري المشهور
عامر المصري(30/9)
عامر الشافعي المصري الضرير نزيل حلب الشيخ المقري الفاضل الماهر المتقن الاستاذ ولد في حدود الثلاثين وألف وأخذ بمصر وجوه القراآت عن شيوخ الحافظ البقري المشهور وعنه وقدم حلب قبل المائة وألف من السنين ونزل بالمدرسة الحلاوية وأخذ عنه قراء وقته كالشيخ يوسف الشراباتي والشيخ إبراهيم السبعي المحبي وخلائق وانتفع به الناس وكان دمث الأخلاق أخبر تلميذه الفاضل المتقن الشيخ عمر امام جامع الرضائية إنه قرأ عليه القرآن قبل وفاته بشهور قلائل قال كان لي اخوان يقرآن عليه فأخذني أحدهما يوماً معه وكنت في سن الثمان سنين فرأيت شيخاً كبير السن فلما قبلت يده قال لأخي هذا صغيركم سنه فقال له ثمان سنين فضجر وقال لأخي خذه إلى المكتب فقال له أخي إنه ختم القرآن ونريد أن تشرفه تبركاً بالقراآت فقرأت حصة من سورة البقرة فأعجبته قرآءتي وقال لأخي دعه عندي يخدمني إن شاء الله تعالى ينتفع بالقرآن فأقمت عنده غالب الأوقات إلى أن مرض وكنت وصلت إلى سورة إبراهيم عليه السلام فأتيت يوماً وطرقت باب الحجرة عليه فقال من هذا فقلت عمر فقال رح عني أنا غداً أموت فذهبت فلما كان ثاني يوم أتيت فرأيته توفي وأخرجه ضابط بيت المال من الحجرة وختمها وظهر عنده دراهم وحوايج انتهى وكانت وفاته في سنة ست عشرة ومائة وألف ودفن بمقبرة العبارة خارج باب الفرج رحمه الله تعالى.(30/10)
السيد سعيد بن السيد عبد الرحمن بن السيد محمد الحسيني الحنفي الدمشقي المعروف كأسلافه بابن حمزة السيد الشريف الحسيب النسيب العالم المحدث الفاضل الفرضي الحيسوب كان ماهراً بالفرائض له خبرة ومعرفة بالهندسة والمساحة ولد بدمشق في الساعة الرابعة من يوم الأربعاء عاشر شوال سنة خمس وسبعين بعد الألف ونشأ بها وشغله والده وجده في طلب العلم والجلوس بدروس العلماء وأخذ عن جده ووالده الأديب الذي هو أوحد من تفرد بالمعاني الأنيقة والبدائع الشعرية وعن عمه السيد إبراهيم المقدم ذكره وأخذ عن الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي وعن الشيخ محمد بن سليمان المغربي وعن الشيخ محمد الكاملي الدمشقي وأبي المواهب الحنبلي وأبي الفضل عبد الحي بن أحمد وأبي الفلاح ابن العماد العكري وأحمد بن محمد الصفدي نزيل دمشق والياس الكردي وأبي بكر بن علي السليمي الدمشقي وغيرهم من علماء دمشق وأخذ عن علماء غيرها كالشيخ إبراهيم ابن عبد الرحمن المدني الخياري حين قدم إلى دمشق وحين رحل إلى مصر أخذ بها عن جماعة منهم الشيخ محمد بن داود العناني والشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني والشيخ عبد الباقي بن يوسف الزرقاني والشيخ أدهم البصير وشاهين بن منصور الأمناوي والشيخ محمد بن قاسم البقري وغيرهم ورحل إلى الحجاز وجاور مدة وأخذ عن جماعة منهم السيد محمد البرزنجي نزيل المدينة المنورة والشيخ حسن العجيمي المكي والشيخ أحمد بن محمد النخلي المكي والشيخ عبد الله بن سالم البصري والشيخ إبراهيم بن أحمد البري المدني والشيخ عبد الرؤف بن محمد الواعظ المكي وغيرهم ودرس بدمشق بالماردانية بالجسر الأبيض بصالحية دمشق وبالمدرسة الجوزية داخل دمشق ورأى والده له مناماً يعلن له بالخير وهو في سنة احدى وثمانين بعد الألف وكان في صغره انه واقف في داره وولده المترجم بين يديه وعن يمينه وشماله جماعة مستكثرة فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل من جهة يمينه وأخذ يعوذ ولده(30/11)
المترجم ويقول ما شاء الله لا قوة الا بالله فأفاق والده وهو يردد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واتفق انه بعد مضي جمعة طعن وقاسى خطراً من ذلك وعوفي ورأيت بخطه أبياتاً من نظمه كتبها إلى عمه المولى السيد عبد الكريم النقيب وذلك في عيد الأضحى في سنة ثلاث ومائة وألف مخاطباً له بذلك بقوله
والواحد المعدود بالآلاف ... يا سيد السادات والأشراف
بعداك فيه بصارم الأسياف ... بشراك بالعيد السعيد مضحياً
وسلامة وبرغد عيش صافي ... في كل عيد دمتم بمسرة
تهوى من الاسعاد والاسعاف ... كن في أمان الله محفوفاً بما
وسماح أخلاق وعهد واف ... وأسلم ودم في عزة ومسرة
وكتب إليه أيضاً بقوله
إلى ذروة العلياء بالفضل والمجد ... أمولاي يا قس البلاغة من رقى
وحيد ذوي الآداب واسطة العقد ... كريم وعبد للكريم ومن غدا
بأوراق منظوم يتم بها قصدي ... ونأمل منكم أن تمنوا بفضلكم
وخير واقبال يدوم بلا حد ... ودمتم بعز ثم مجد وسؤدد
وكانت وفاته في سادس عشر شعبان سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف ودفن بتربة بني عجلان خلف قناة الذبان في سوق الغنم بالقرب من الجباوي رحمه الله تعالى.
أحمد الصيدأوي
أحمد بن عبد الله الصيدأوي المعروف بالبزري الحنفي الشيخ الفاضل الصالح كان أديباً متكلماً فصيحاً له يد في علم السير مستقيماً على وتيرة الصلاح والتقوى والديانة ولد بصيدا في سنة خمس ومائة وألف وحفظ القرآن واشتغل بالعلوم على مفتيها العلامة الشيخ عبد الغني الآتي ذكره في محله وحصل سيما في علم السير وقرأ القرآن وختم واحدة من طريق السبع وواحدة من طريق العشرة على الفاضل الأديب الشاعر الوزير عبد الله باشا كوبرلي في مصر القاهرة وقرأ أيضاً على الشيخ أحمد الأسقاطي وعلى الشيخ البقري في القراآت ثم عاد إلى صيدا بعدما ذهب إلى الحج من طريق مصر ومن شعر هذه الأبيات يمدح فيها والي صيدا في سنة احدى وستين ومائة وألف ومنها يخرج ما ينوف على العشرين تاريخاً وهي قوله(30/12)
اهديك بحر أو ماء برقبها وقدراً أتى لقاكااعطاء حي بسر قسم
فاعجب بمن جابر روى علاكاآيات مهد بكل مدصواف عقد أصل سناكا
رفقاً بمولا يحدو حماكا ... بصهر أحمد عالي السجايا
ولم يزل مستقيماً على حالته إلى أن مات وكأنت وفاته بصيدا في سنة خمس وستين ومائة وألف رحمه الله تعالى وأموات المسلمين
أبو المواهب بن عبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد الحنبلي البعلي الدمشقي الشهير جده بابن البدر ثم بابن فقيه فصه مفتي الحنابلة بدمشق القطب الرباني الهيكل الصمداني الولي الخاشع التقي النوراني شيخ القرآ والمحدثين فريد العصر وواحد الدهر كان إماماً عاملاً ملا حجة خبراً قطباً خاشعاً محدثاً ناسكاً تقياً فاضلاً علامة فقيهاً محرراً ورعاً زاهداً آية من آيات الله سبحانه وتعالى صالحاً عابداً غواصا في العلوم بحراً لا يدرك غوره وكوكب بَهَا على فلك التقى دوره(30/13)
ولد بدمشق في رجب سنة أربع وأربعين وألف ونشأ بها في صيانة ورفاهية وطواعية في كنف والده وقرأ القرآن العظيم وحفظه وجود على والده ختمة للسبع من طريق الشاطبية وختمه للعشر من طريق الطيبه والدرة وقرأ عليه الشاطبية مع مطالعة شروحها وأخذ العلم عن جماعة كثيرين من دمشق ومصر والحرمين وأفرد لهم ثبتاً ذكر تراجمهم فيه فمن علماء دمشق النجم الغزي العامري حضر دروسه في صحيح البخاري في بقعة الحديث في الأشهر الثلاثة مدة مديدة وقرأ عليه الفية المصطلح وأجازه إجازة خاصة وحضر دروسه في المدرسة الشامية في شرح جمع الجوامع في الاصول ومنهم الشيخ محمد الخباز المعروف بالبطنيني والشيخ إبراهيم الفتال والشيخ إسماعيل النابلسي والد الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي والشيخ زين العابدين الغزي العامري قرأ عليه في الفرائض والحساب والمنلا محمود الكردي نزيل دمشق والعارف الشيخ أيوب الخلوتي والشيخ رمضان العكاري محمد بن كما الدين الحسني المعروف بابن حمزة والشيخ محمد المحاسني ومحمد بن أحمد بن عبد الهادي ورمضان بن موسى العطفي ورجب بن حسين الحموي الميداني وعلى بن إبراهيم القبردي وأجازه الشيخ محمد بن سليمان المغربي والشيخ يحيى الشأوي الجزائري المالكي المغربي وأخذ عن الشيخ عيسى الجعفري نزيل المدينة المنورة والشيخ أحمد القشاشي المدني والشيخ محمد بن علان البكري والشيخ غرس الدين الخليلي وإبراهيم بن حسن الكوراني وغيرهم وارتحل إلى مصر في سنة اثنين وسبعين وألف وأخذ فيها عن جماعة منهم الشيخ الشمس محمد البابلي والشيخ علي الشبراملسي والشيخ سلطان المزاحي والشيخ عبد السلام اللاقاني وعبد الباقي بن محمد الزرقاني ومحمد بن قاسم البقري ومحمد بن أحمد البهوتي وغيرهم ومات أبوه في غيبته بمصر ثم عاد إلى دمشق وجلس للتدريس مكان والده في محراب الشافعية بين العشائين وبكرة النهار لاقراء الدروس الخاصة فقرأ بين العشائين الصحيحين والجامعين الكبير(30/14)
والصغير للسيوطي والشفا ورياض الصالحين للنووي وتهذيب الاخلاق لابن مسكويه واتحاف البرره بمنقب العشرة للمحب الطبري وغيرهما من كتب الحديث والوعظ وأخذ عنه الحديث والقرآت والفرائض والفقه ومصطلح الحديث والنحو والمعاني والبياني أمم لا يحصون عدداً وأنتفع الناس به طبقة بعد طبقة وألحق الأحفاد بالأجداد ولم ير مثله جلداً على الطاعة مثابراً عليها وله من التآليف رسالة تتعلق بقوله تعالى مالك لا تأمنا على يوسف ورسالة في قوله تعالى فبدت لهما ورسالة في تعملون في جميع القرآن بالخطاب والغيبة ورسالة في فواعد القراءة من طريق الطيبة وله بعض كتابة على صحيح البخاري بنى بها على كتابة لوالده عليه لم نكمل وغير ذلك من التحريرات المفيدة وكان يسقي به الغيث حتى استقى به في سنة ثمان ومائة وألف فكان الناس قد قحطوا من المطر فصاموا ثلاثة أيام وخرجوا في اليوم الرابع إلى المصلى صاما فتقدم صاحب الترجمة وصلى بالناس اماماً بعد طلوع الشمس ثم نصب له كرسي في وسط المصلى فرقى عليه وخطب خطبة الاستسقام وشرع في الدعاء وارتفع الضجيج والابتهال إلى الله تعالى وكثر بكاء الخلق وكان الفلاحون قد أحضروا جانباً كثيراً من البقر والمعز والغنم وأمسك المترجم بلحيته وبكى وقال إلهي لا تفضح هذه الشيبة بين عبادك فخرج في الحال من جهة المغرب سحاب أسود بعد أن كأنت الشمس نقية من أول الشتاء لم ير في السماء غيم ولم ينزل إلى الأرض قطرة ماء ثم تفرق الناس ورجعوا فلما أذن المغرب تلك الليلة انفتحت أبواب السماء بماء منهمر ودام المطر ثلاثة أيام بلياليها غزيراً كثيراً وفرج الله الكربة بفضله عن عباده وله كرامات كثيرة وصدقات سرية على طلبة العلم والصالحين وكسبه من الحلال(30/15)
السيد إبراهيم بن محمد بن محمد كمال الدين بن محمد بن حسين بن محمد بن حمزة وينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم المعروف كأسلافه بابن حمزة العالم الإمام المشهور المحدث النحو العلامة كان وافر الحرمة مشهوراً بالفضل الوافر أحد الأعلام المحدثين والعلماء الجهابذة الحنفي الحراني الأصل الدمشقي السيد الشريف الحسيب النسيب ولد في دمشق ليلة الثلاثاء خامس ذي القعدة بين العشائين سنة أربع وخمسين بعد الألف وبها نشاء في كنف والده واشتغل بطب العلم عليه وعلى شقيقه السيد عبد الرحمن وتخرج عليهما وقرأ على جماعة من العلماء والشيوخ وأخذ عنهم منهم الشيخ محمد البطنيني الدمشقي والشيخ محمد بن سليمان المغربي والشيخ يحيى الشأوي المغربي الجزايري والشيخ إبراهيم الفتال الدمشقي وقرأ الفقه والأصول على العلامة الحصكفي المفتي الدمشقي وعلى الشيخ محمد المحاسني الدمشقي وأخيه الشيخ إسماعيل المحاسني وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الباقي الحنبلي وولده الشيخ محمد أبي المواهب الحنبل وأخذ النحو عن النجم الفرضي ولازم الشيخ أحمد القلعي والشيخ محمد بن بلبان الصالحي وأخذ عن الشيخ سعودي الدمشقي الغزي والشيخ عبد القادر الصفوري والشيخ رمضان العطيفي والشيخ أبي بكر السليمي والشيخ أحمد الخياط والقاضي كمال الدين المالكي وغيرهم وسمع الصحيحين على والدة بقرآءته وقرآءة أخويه وإجازة جماعة من الأعلام من دمشق وغيرها وسافر إلى الروم وقرأ بها على جماعة منهم المولى عبد الوهاب خواجه السلطان سليمان الثاني والمولى موسى القسطموني قاضي المدينة المنورة والشيخ عبد القادر المقدسي خطيب جامع اسكدار والمولى الفاضل السيد عبد الله الحجازي الحلبي وغيرهم وسافر إلى مصر متولياً نقابة الأشراف فيها في سنة ثلاث وتسعين بعد الألف وأخذ عن علمائها وتولى نيابة محكمة الباب الكبرى بدمشق والقسمة العسكرية والنقابة مرات ودرس بالماردانية في صالحية دمشق في الهداية بالفقه ودرس(30/16)
بالمدرسة الأمجدية والمدرسة الجوزية وقرأ الجامع الصحيح للإمام البخاري في داره في محلة النحاسين في الأشهر الثلاث وحضره جم غفير وكان صدراً من صدور دمشق ذا أبهة ووقار وسكينة وعبادة وأوراد قال العالم الشمس محمد الغزي العامري مفتي الشافعية بدمشق في ثبته حضرت دروسه في بيته وشملتني إجازته ورأيت بخطه في إجازته أن مشايخه يبلغون ثمانين شيخاً منهم الشيخ محمد العناني والسيد أحمد الحموي الحنفي والشيخ خليل ابن البرهان اللقاني والشيخ شاهين الأرمنازي والشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ إبراهيم البرمأوي والشيخ محمد الشوبري والشيخ محمد الخراشي المالكي والشيخ المقري محمد البقري والشيخ محمد مرداش الخلوتي وغيرهم ومن الحرمين أخذ عن الشيخ أحمد النخلي المكي وعبد الله بن سالم البصري المدني والشيخ حسين بن عبد الرحيم نزيل مكة والشيخ عبد الله اللاهوري ثم المدني والشيخ إبراهيم البري المدني وأخذ عن الفقيه الكبير العلامة خير الدين ابن أحمد الرملي والشيخ محمد بن تاج الدين الرملي والشيخ المحقق عبد القادر البغدادي والشيخ محمد بن عبد الرسول البرزنجي ثم المدني وكذلك عن الحسن بن علي العجيمي المكي والاستاذ النحرير إبراهيم بن حسن الكوراني نزيل المدينة وغير ما ذكر من الأجلاء وله مؤلفات منها أسباب الحديث مؤلف حافل لخص فيه مصنف أبي البقاء العكبري وزاد عليه زيادات حسنه ومنها حاشية على شرح الألفية لابن المصنف لم تكمل وترجمه الأمين المحبي في نفحته وقال في حقه صغيرهم الذي هو فذلكة حسابهم والجامع الكبير لما تشعب من بحر أنسابهم وله الاطلاع الذي يخفى عنده صميت بن السمعاني ويعدم ابن العديم والرواية التي يشفع حديثها قديم الفضل فالحديث يشهد بفضله القديم وقد طلع من هذا الفلك بدر تستمد منه البدور وحل من المجد صدر تنشرح برؤيته الصدر وعنى بالرحلة من عهد ريعانه فسطع نور فضله بين إشراق الأمل ولمعانه وهو اينما حل حلا وحيثما جل جلا(30/17)
والقلوب على حبه متوافقه وأخبار فضله مع نسمات القبول مترافقه وكنت لقيته بالروم أول ما حليتها فسربت كربتي في تلك الغربة بلقائه وجليتها
ودهر به القاه ليس له ذنب ... وانسيت ذنب الدهر لما رأيته
ومن مشايخي الإمامان الفقيهان محمد بن عيسى بن يوسف الدنجاوي ومصطفى بن عبد السلام المنزلي أخذت عنهما بثغر دمياط وهما يرويان عن الإمام أبي حامد محمد بن محمد البديري عن الشيخ إبراهيم الكوراني وقريش بنت عبد القادر الطبري ومحمد بن عمر الشوبري ومحمد بن داود العناني والمقرئ محمد بن قاسم البقري وأحمد بن عبد اللطيف البشيشي بأسانيدهم.
نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر عبد الحي
الشيخ الفاضل المجود عبد الخالق الدهلوي شيخ القراء في عصره، أخذ القراءة والتجويد عن الشيخ البقري والبصري عن الشيخ عبد الرحمن اليمني عن والده الشيخ سجادة اليمني وعن الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وأخذ الشيخ سجادة عن الشيخ أبي نصر الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا بسنده المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ عن الشيخ عبد الخالق المترجم له الشيخ محمد فاضل السندي وخلق آخرون.
نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر عبد الحي
الشيخ أحمد بن أسعد بن عبد القادر الحلبي الحنفي الشهير بالضحاك(30/18)
العالم الفقيه، والإمام النبيه، الدين التقي والصالح النقي، مولده أواخر رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف. قرأ القرآن العظيم وحفظه وقرأ القراءات وحفظ الشاطبية وانتفع بشيخ القراء أبي عبد اللطيف محمد ابن مصطفى البصيري التلحاصدي الحلبي ولازمه مدة أربعين سنة وجل أخذه عنه، وقرأ بعض العلوم على البدر حسن بن شعبان السرميني ولازمه وحضر دروسه وسمع عليه، وقرأ على أبي عبد الفتاح محمد بن الحسين الزخار وسمع عليه صحيح الإمام البخاري بطرفيه وأجاز له مروياته وكتب له بخطه على مشيخته بعد أن قرأها عليه، وسمع على أبي عبد الله محمد بن أحمد عقيلة المكي مع والده وحضره في مجالس تسميعه وإلقائه الحديث لما قدم حلب عام أربعة وأربعين ومائة وألف، وأخذ الفقه عن أبي العدل قاسم بن محمد النجار وسمع عليه صحيح البخاري بطرفيه، ولما قدم حلب أبو عبد الله محمد بن محمد الطيب الفاسي المغربي المالكي سمع عليه البخاري وغيره من الكتب الصحاح والآثار، ورافقه لما حج تلك السنة سنة سبع وستين ومائة وألف من حلب إلى مكة، ودخل دمشق واجتمع بعلمائها، وبالشيخ أبي سليمان صالح بن إبراهيم بن سليمان الجينيني الحنفي، والشيخ أبي إسحق إبراهيم بن عباس شيخ القراء، وبالشيخ أبي البركات ديب بن خليل بن المعلا المقري، وأبي العباس أحمد بن إبراهيم الحلبي المقري نزيل دمشق وآخرين.(30/19)
وأخذ عن البعض، ولما قدم حلب سنة أربع وثمانين ومائة وألف غرس الدين خليل بن عبد القادر الكدك المدني نزل داره وعقد بها مجلس التحديث والسماع، وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية جماعة من العلماء، وأقرأ صحيح الإمام البخاري بطرفيه، وحضروه من الابتداء إلى الانتهاء وأجاز لهم روايته، ورواية ما تجوز له روايته، وأحال أسانيده وذكر شيوخه وكان من جملتهم صاحب الدار المترجم السراج أحمد الضحاك فإنه شابكه وصافحه وأسمعه حديث المصافحة والمشابكة ومسلسل سورة الصف والمسلسل بسورة الفاتحة وغيرهما من المسلسلات وأجاز له الباقي، وكتب له إجازة بخطه حافلة أطنب عليه بها وأسهب، وذكر البعض من أسانيده بها منها سماعه للأولية وأنه سمعه من جمع وهم من أبي سالم عبد الله بن سالم البصري المكي، ومنها روايته للقراءات وغيرها عن أبي عبد الله شمس الدين المصري نزيل المدينة المنورة عن أبي السماح أحمد البقري وأبي عبد الله محمد بن قاسم البقري الكبير وعن أبي عبد الله محمد القلعي عن أحمد البنا الدمياطي وأحمد الإسقاطي والأول معلوم، والثاني عن أبي النور الدمياطي عن سيف الدين الدمياطي عن سلطان بن أحمد المزاحي المصري. وأكب المترجم على قراءة القرآن العظيم والإقراء والإفادة والاستفادة، وكان صالحاً ديناً تقياً نقياً متعبداً قليل الاختلاط بالناس. وقد أخذ عنه وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية خليل أفندي المرادي مفتي دمشق كما رأيته بخطه سنة خمس ومائتين وألف ومات في حدود الألف ومائتين وعشرة.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر عبد الرزاق البيطار
ومن شيوخه:(30/20)
سقر بن عمر اليفاوي المصري الولي الصالح المجذوب ذكره الإمام عبد الرؤف المناوى في طبقات الأولياء وقال كان له القدم الراسخة في الولاية والكرامات الخارقة التي لا يشك فيها ومما ذكر عنه أطواره أنه كان إذا قرئ بحضرته القرآن خشع وإذا تلى عليه كلام القوم هام وخرج قال ووقع لي معه أمور غريبة وسمعته يقرأ القرآن بقراءة مرتلة عظيمة مع أنه لم يكن قاريا ولا ممن حضر حافظا وكانت وفاته في أواسط سنة ست وعشرين وألف غريقا بالخليج سقط بنفسه ودفن بالقرب من عبد القادر الدشطوطي بخط باب الشعرية قال ورأيته بعد موته حيا وهو يقول ستري يا فلان فيمن فعلوا بنا رحمه الله تعالى سلطان بن أحمد بن سلامة بن إسماعيل أبو العزائم المزاحي المصري الأزهري الشافعي إمام الأئمة وبحر العلوم وسيد الفقهاء وخاتمة الحفاظ والقراء فريد العصر وقدوة الأنام وعلامة الزمان الورع العابد الزاهد الناسك الصوام القوام قرأ بالروايات على الشيخ الإمام المقرى سيف الدين بن عطاء الله الفضالي بفتح الفاء البصير وأخذ العلوم الدينية عن النور الزيادي وسالم الشبشيري وأحمد بن خليل السبكي وحجازي الواعظ ومحمد القصري تلميذ الشمس محمد الشربيني الخطيب واشتغل بالعلوم العقلية على شيوخ كثيرين ينيفون على ثلاثين وأجيز بالإفتاء والتدريس سنة ثمان بعد الألف وتصدر بالأزهر للتدريس فكان يجلس في كل يوم مجلسا يقرى فيه الفقه إلى قبيل الظهر وبقية أوقاته موزعة لقراءة غيره من العلوم وانتفع الناس بمجلسه وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنه وموافقة قوله لعمله وأخذ عنه جميع كثير من العلماء المحققين منهم الشمس البابلي والعلامة الشبراملسى وعبد القادر الصفوري ومحمد الخباز البطنيني الدمشقيان ومنصور الكرخي ومحمد البقري ومحمد بن خليفة الشوبري وإبراهيم المرحومي والسيد أحمد الحموي وعثمان النحراوي وشاهين الارمناوي ومحمد البهوتي الحنبلي وعبد الباقي الزرقاني المالكي(30/21)
ومنهم أحمد البشبيشي وغيرهم ممن لا يحصى كثرة وجميع فقهاء الشافعية بمصر في عصرنا لم يأخذوا الفقه إلا عنه وكان يقول من أراد أن يصير عالما فليحضر درسي لأنه كان في كل سنة يختم نحو عشرة كتب في علوم عديدة يقرؤها قراءة مفيدة وكان بيته بعيدا من الجامع الأزهر بقرب باب زويلة ومع ذلك يأتي إلى الأزهر من أول ثلث الليل الأخير فيستمر يصلي إلى طلوع الفجر ثم يصلي الصبح إماما بالناس ويجلس بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس لإقراء القرآن من طريق الشاطبية والطيبة والدرة ثم يذهب إلى فسقية الجامع فيتوضأ ويصلي ويجلس للتدريس إلى قرب الظهر هذا دأبه كل يوم ولم يره أحد يصلي قاعدا مع كبر سنه وضعفه وألف تآليف نافعة منها حاشيته على شرح المنهج للقاضي زكريا في فقه الشافعي كانت بقيت في نسخته فجردها تلميذه الشيخ مطاوع وله مؤلف في القراآت الأربع الزائدة على العشر من طريق القباقبي وذكره العلامة أحمد العجمي المقدم ذكره في مشايخه الذين أخذ عنهم وأطال في ترجمته وذكره الوالد رحمه الله تعالى في رحلته فقال في وصفه شيخ القراء بالقاهرة على الإطلاق ومرجع الفقهاء بالاتفاق رافع لواء مذهب الإمام محمد بن إدريس الهمام من حظه في العلوم موفور وسعيه فيها مشكور ومعول عليه في منقولها ومطلع على فروعها وأصولها منهج الطلاب وقدوة أرباب الفرائض والحساب لم يغادر من قواعد كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها ولم يدع من مسائله جليلة ولا حقيرة إلا استولى عليها وحواها قد رجع علماء العصر إلى مقاله وعالهم بموائد فوائده فأصبحوا في هذا الفن من عياله ولا غرو فإنه الآن لعلماء الأزهر سلطان وكانت ولادته في سنة خمس وثمانين وتسعمائة وتوفى ليلة الأربعاء سابع عشرى جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وألف وتقدم للصلاة عليه الشمس البابلي ودفن بتربة المجاورين وقيل في تاريخ وفاته
وله في مصر سلطان ... شافعي العصر ولى
في نعيم الخلد سلطان ... في جمادى أرخوه(30/22)
والمزاحي بفتح الميم وتشديد الزاي وبعدها ألف وحاء مهملة نسبة إلى منية مزاج قرية بمصر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر المحبي
الشيخ سلطان بن أحمد بن سلامة بن إسماعيل، أبو العزائم المزاحي الأزهري، المصري، الشافعي، بحر العلوم، خاتمة الحفاظ والقراء، العابد الزاهد الناسك الصوّام القوام، قرأ بالروايات على الشيخ المقرئ سيف الدين بن عطاء الله الفضالي، بفتح الفاء البصير، وأخذ عن النور الزيادي وسالم الشبشيري وأحمد بن خليل السبكي، وحجازي الواعظ ومحمد القصري تلميذ محمد الشربيني، واشتغل بالعلوم العقلية على شيوخ كثيرين ينوفون عن ثلاثين وأجيز بالإفتاء والتدريس سنة ثمان وألف، وتصدر بالأزهر للتدريس، يجلس كل يوم للفقه إلى قريب الظهر، موزعا أوقاته من نهاره على انتفاع الناس منه وعلى عباداته النهارية والليلية، وأخذ عنه الشمس البابلي والعلا والشبراملسي وعبد القادر الصفوري ومحمد الخباز البطنيني الدمشقيان ومنصور الطوخي، ومحمد البقري،
مشيخة أبي المواهب الحنبلي ابن عبد الباقي الحنبلي(30/23)