|
الشارح : الشيخ : عبدالكريم بن عبدالله الخضير
تم استيراده من نسخة : المكتبة الشاملة المكية
شَرْحُ مَنْظُومَةُ اْلتَفْسِير للشيخ الأديب المُفَسِّر عبد العزيز الزِّمْزِميّ - رحمه الله تعالى -
شرحها الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية
www.tafsir.net
بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله.....
أيّها الأحبةُ في الله يسر تسجيلات الراية الإسلامية بالرياض أن تقدم لكم دروس الدورة العلمية الصيفية الكبرى لفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، والتي ألقيت في الفترة من 18/من شهر جماد الأوّلى إلى 6/ من شهر جماد الثاني لعام 1426من الهجرة النبوية .
والآن نترككّم مع شرح (منظومة الزمزمي) في علوم القرآن.
مقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...
فقد أخبر الله جلّ وعلا عن هذه الأمة أنها خير أمة أخرجت للنّاس؛ لأوصاف ذكرها في كتابه جلّ وعلا، فالخيرية مربوطةٌ بهذه الأوصاف متى توافرت ووجِدَت، وجِد الوصف المرتب عليها، فهذه الأمة خير الأمم على الإطلاق، والله _جلّ وعلا_ فضَّل بني إسرائيل على العالمين والمراد بذلك: عالمُ زمانهم، وإلا فهذه الأمّة بنص القرآن {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(1) ، لجميع النّاس بناءً على مُقَوِمات ذكرها الله _جلّ وعلا_ في كتابه، وليس ذلك بالدعاوى، ولا لِنَسبهم، ولا لِألوانهم؛ وإنّما لأوصافٍ اتصفوا بها عُلقت على هذه الخيرية؛ فإذا وجدت هذه الخيرية للعمل بالأوصاف التي استحقت بها هذا الوصف، وهذا التكريم من الله _جلّ وعلا_، إذا وجدت هذه الخيرية فخير هذه الأمّة التي هي خيار النّاس، أو خير النّاس من تعلم القرآن وعَلَمَه، بالنص الصحيح الصريح، حيث يقول الرسول _عليه الصلاة والسلام_ :"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
__________
(1) سورة (آل عمران:110).
(1/1)
والقرآن -الذي هو موضوع البحث، والدرس في هذه الدورة-: كلام الله جلّ وعلا المُنزل على نبيه _عليه الصلاة والسلام_، الذي هو شَرف هذه الأمّة وذكرها: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ }(1) يعني: شرف لكَ ولقومك، والنبي _عليه الصلاة والسلام_ ترك فينا هذا الكتاب مع سنّة نبيه _عليه الصلاة والسلام_ فإذا تمسكنا بهما هُدينا وأَمِنَّا من الضلال، وإذا فرّطنا فيهما ضللنا.
والمقصود أن خيرُ هذه الأمّة التي هي خيار النّاس، وخير النّاس من يتصدى لكتاب الله _جلّ وعلا_ تعلمًا وتعليمًا؛ فيتعلم القرآن بحفظه على الوجه الذي أُنزل عليه، يتلقاه عن شيخه، عن شيخهِ، عن شيخهِ، إلى محمد _عليه الصلاة والسلام_ عن جبريل، عن الله _جلّ وعلا_ يتلقاه كما أُنزل، كثير من المسلمين يقرأ القرآن لكن لا على الوجه الذي يرضاه الله_جلّ وعلا_ فتجد في قرأته من الأخطاء والأوهام، والتحريف، والتصحيف، واللحن المُحيل للمعنى. هذا موجود وهو في السابق أكثر، في السابق من العصور المتأخرة، لا عن السابق في عهد السلف ومن تبعهم بإحسان، لا؛ لكن ظهرت العنايةُ بكتاب الله _جلّ وعلا_ منذُ ما يزيد على أربعين عامًا في هذه البلاد، وإن وجدَ قبل ذلك في غيرها من البلدان لكن صار فيه نُقله وعناية بحفظ كتاب الله _جلّ وعلا_ ووُجد الأثر من وجود هذه الحلْقات، وهذه الجماعات التي تُعنى بكتاب الله _جلّ وعلا_ وأثمرت الثمار الطيبة؛ لكن العناية بحفظ القرآن، والعناية بتجويد القرآن، وترتيل القرآن هذا أمر مطلوب لكنه لا يكفي، فلابد من العناية به بعد ذلك بقراءته على الوجه المأمور به، كثير من طلاب العلم يقرأ القرآن، بل يحفظ القرآن، ويُتقن القرآن، ويُجود القرآن فإذا ضمن بذلك أهمل القرآن ونام عنه فلا تجد في برنامجه اليومي جزء مُقتطع لقراءة القرآن على الوجه المأمور به، هذا قليل في طلاب العلم فضلاً عن كونه يُعنى بما يُعينه على فَهم القرآن، وتدبر
__________
(1) سورة(الزخرف:44).
(1/2)
القرآن من نظر في التفاسير المعتبرة المُتلقاة المؤلفة من قبل أهل العلم الموثوقين، فيندُر أن تجد، قليل، هو موجود، لكن قليل بالنسبة للعلوم الأخرى، العناية بكتاب الله من حيث فهم معانيه، وتدبر معانيه
فتدبر القرآن إن رمتَ الهدى ... فالعلم تحتَ تدبر القرآنِ
يكتفي بمجرد حفظ القرآن، وضبط القرآن، وتجويد القرآن، وبعضهم يزيد على ذلك فيقرأه على قراءات متنوعة ويضمن لنفسه أنّه أُجيز بالقرآن من عدّة شيوخ ثم بعد ذلك، نعم هو من أهل القرآن لعنايته بالقرآن؛ لكن كما قال ابن القيم _رحمه الله تعالى_:"أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته هم الذين لهم العناية بتَعَلُمِ القرآن، وتَعِليم القرآن، وتدبر القرآن، والعمل بالقرآن وإن لم يحفظوه" كما يقول ابن القيم _رحمه الله تعالى_؛ لكن حفظ القرآن خصيصة من خصائص هذه الأمّة، جاء في وصفها: أن أناجيلها في صدورها، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}(1) ، حفظ القرآن من خصائص هذه الأمة وإن زعم من زعم من المفتونين أن حفظ القرآن من سيما الخوارج. أقول: عدم حفظ القرآن من سيما المبتدعة، تجد آيات في بعض الطوائف علماء كبار يزعمون أنّهم آيات، ويصفونهم بالأوصاف، ويلقبونهم بالألقاب ومع ذلك لا يُعنون بالقرآن، ولا يحفظون القرآن؛ لتأويل باطل عندهم.
المقصود أن العناية بحفظ كتاب الله اتجهت إليها عناية طلاب العلم والعلماء في العصور المتأخرة بالنسبة للعصر الحديث، وإلا يندُر أن يوجد حافظ في بلد إلا عدد يسير في كل بلد من البلدان ثمّ بعد ذلك يسير الله-جل و علا- هذه الجماعات التي تُعنى بتحفيظ القرآن وحصل على يدها الخير الكثير.
__________
(1) سورة (العنكبوت:49).
(1/3)
إذا جئنا إلى ما يخدم القرآن من التفاسير، من تفسير القرآن،وسائر علوم القرآن، نجد أن نصيب هذه العلوم مع أنّها متعلقة بأشرف الكلام، بكلام الله_عز وجلّ_ نجد أن نصيبها في الدروس العامة والخاصة قليل بالنسبة للعلوم الأخرى، فالبلدان متفاوتة في هذا، بعض البلدان فيها ستمائة درس في الأسبوع من خلال الجدول، الجدول المُعد من قبل الجهات المعنية، وبعض البلدان فيها ثلاثمائة درس، ومائتين، ومائة درس وهكذا...، وأقل وأكثر لكن لو نَظرتَ ولاحظت في نصيب القرآن إذا استثنينا حلقات التحفيظ في دروس المشايخ وجدنا أن العناية بالقرآن أقل مما ينبغي و وجدنا النصيب الأوّفر للسنّة، والعقيدة، والفقه، وهي جديرة بالاهتمام والعناية؛ لكن كتاب الله _جلّ وعلا_ ينبغي أن تكون العناية به أكثر، وإذا نظرنا من زاوية أخرى وجدنا أن تعليم القرآن وتحفيظ القرآن لا أقول يَأنَف عنه الكبار من أهل العلم؛ لكنّه لا يوجد في دروسهم، هل تجد عالم من العلماء الكبار يُقرأ عليه القرآن ويُحَفِّظ القرآن؟ لا، بل ولا متوسط، ولا من أساتذة الجامعات، إلا ما ذُكر من أنه في الأحساء اثنين أو ثلاثة من أساتذة الجامعات يُدرسون تحفيظ القرآن، و إلَّا يوكل هذا التحفيظ إما من المسلمين الوافدين _جزاهم الله خيرًا_ ويقوموا بهذا خير قيام، أو من الشباب الذين حفظوا القرآن _جزاهم الله خيرًا ووفقهم_ وأسقطوا واجب عن الأمّة؛ لكن يبقى أن كون العالم الكبير يتصدّى لهذا الأمر يعطيه في نفوس الشباب قوة؛ لكن ما تجد عالم كبير يُقرأ النّاس القرآن، أو يُحفظ النّاس القرآن، أو حتى يُقرَأ عليه في كتب التفسير إلا ما نجد في الجداول من قراءة تفسير الحافظ ابن كثير أو تفسير الشيخ ابن سعدي أو غيرها.
(1/4)
يعني ما نجد من يتصدّى للقرآن فيفسر القرآن كما يُعنى بشرح السنّة مثلاً، أو بشرح كتب الفقه، أو بشرح كتب العقائد أقول: هذا تقصير وهذا خلل ينبغي أن يعاد النظر في الجداول وأن يُعنى النّاس كبارهُم وصغارهم بكتاب الله _جلّ وعلا_ وما يَخدم كتاب الله_جلّ وعلا_.
التأليف في علوم القرآن: يندر أن تجد متن يناسب شرحه في دورة مثلاً كما يوجد في العلوم الأخرى، في العلوم الأخر أُلف فيها للمبتدئين، كتب كثيرة للمبتدئين في الفقه، في العقائد، في الحديث و كذا...، كتب كثيرة تناسب المبتدئين، كتب أُلفت للمتوسطين، كتب أُلفت للمنتهين، تعالى يا أخي إلى علوم القرآن ما الذي يناسب المبتدئين من هذه العلوم، نجد في الدورات عناية بمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية "مقدمة التفسير"، شيخ الإسلام إمام من أئمة المسلمين يكفي أن هذا الكتاب لشيخ الإسلام؛ لكن هل هو على طريقة المتون التي تُعنى بالحدود والأمثلة والتعاريف، وضبط الفن، وضبط أنواع الفن كالعلوم الأخرى؟، يعني هل نجد متن في علوم القرآن مثل ما نجد النخبة مثلاً ؟ أو الكتب التي أُلفت للتدرج في تلقي العقيدة الصحيحة ؟ ما نجد ، يعني على سبيل الاستقلال للعلماء الذي يؤلفون على الجادة لطلاب العلم ما تجد إلا ما ندر .
(1/5)
كتاب للسيوطي اسمه:"النُقاية" هذا الكتاب ألفه السيوطي وجمع فيه أربعة عشر علمًا، ا، أربعة عشر علم بدأً من أصول الدين، ثمّ علوم القرآن، ثمّ علوم الحديث، علم أصول الدين، علم التفسير، وعلوم القرآن، علم الحديث، علم أصول الفقه، علم الفرائض، علم النحو، علم التصريف، علم الخط، علم المعاني، علم البيان، علم البديع، علم التشريح، علم الطب، علم التصوف، هذا كتاب اسمه: " النُقاية" بضم النون كالخلاصة، وزنًا ومعنًا، "النُقاية" هذا متن أو متون، أربعة عشر متن في أربعة عشر فنًا على ما سمعنا، وكلّ واحد من هذه المتون يصلح للمبتدئين تدريسه وإقراءه، علم أصول الدين في العقائد لكن مع الأسف أنّه جرى على عقيدته التي مشى عليها وهي عقيدة الأشعرية، ثمّ بعد ذلك بدأ بعلم التفسير وسبق لنا في دورة مَضت أن أخذنا من هذا الكتاب الذي هو النُقاية ما يتعلق بعلم التفسير وشرحناه في دورةٍ انتشرت أشرطتها وفُرِّغت على أوراق وانتفع بها من انتفع نرجو أن تكون خالصةً لله _ جلّ وعلا_ وهي على طريقة المتون، وفيها خمس وخمسين نوع من أنواع علوم القرآن.
أيضًا علم الحديث خلاصة في مصطلح الحديث تحاكي النخبة، بل جلّها مأخوذ من النخبة، علم أصول الفقه أيضًا هذا كتاب مختصر جميل يصلح أن يعتمد عليه المبتدئ، علم الفرائض، علم النحو، إلى آخر العلوم، وختمه بعلم التصوف؛ لأنّه سائد في وقته وله منه نصيب، وله منه نصيب في العلم والعمل، أن يُقَر لهذا العلم وإن كان فيه ما يلاحظ عليه وعلى غيره، المقصود أنّ هذا الكتاب الذي اسمّه النُقاية أَلفه السيوطي ليكون متون متون لأربعة عشر علمًا، ثمّ شرحه في شرح مختصر اسمه:"إتمام الدراية بشرح النُقاية".
"منظومة الزمزمي" التي معنا مأخوذة من النُقاية، يَقول-السيوطي-: (أفردتها نظمًا من النُقاية) من هذا الفن.
(1/6)
ما يتعلق بعلم التفسير وأصول التفسير من النُقاية أفردَهُ الشيخ: جمال الدين القاسمي، وطبعه مع كتابٍ في أصول الفقه لابن حزم مأخوذ أيضًا من مقدمة "المُحلى"، وكتاب في أصول الفقه لابن عبد الهادي أسماه "مجمع الأصول"، وهو الذي يُشرح في هذه الدورة، فهذه المتون مُستَلة من كتب :
- أصول الفقه مأخوذ من:"مقدمة المُحلى".
-أصول التفسير مأخوذ من:"النُقاية".
-"مجمع الأصول" سمّاه طابعهُ وإلا فالأصل هو مأخوذ من:"مقدمة مُغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام" لابن عبد الهادي.
هذه المُستلات استلها القاسمي_رحمه الله تعالى_ وطبعها ، وراجعها، وصححها، وعلق عليها.
التأليف في هذا الفن أعني: علوم القرآن تأخر جدًا، بعد التأليف في أصول الفقه، وعلوم الحديث، تأخر جدًا، تقدّمه تأليف في أصول الفقه بقرون، تقدّمه التأليف في علوم الحديث كذلك، لماذا؟
لأن القرآن مضبوط محفوظ، تكفل الله بحفظه من الزيادة والنقصان، ومادام مضبوط ومحفوظ ليسوا بحاجة إلى أن يُؤلف فيه ما يخدمه من حيث الثبوت وعدمه، بينما التأليف المتقدم في علوم الحديث من هذه الحيثية فيما يخدم السنّة من حيث الثبوت وعدمه، وهذه الحاجة ليست موجودة بالنسبة للقرآن لأنّه تكفل الله _جلّ وعلا_بحفظه أما ما يُحتاج إليه فيما يخدم القرآن وفهم القرآن، والاستنباط من القرآن فهو موجود أيضًا في كتب أصول الفقه؛ لأن أصول الفقه فيها مبحث يتعلق بعلوم القرآن وما يخدم القرآن من حيث العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ ....إلخ.
(1/7)
فالحاجة ليست داعية مثل الحاجة الداعية إلى التأليف في أصول الفقه، أو علوم الحديث؛ لأنّه مَصون بخلاف السنّة التي وقع فيها، أو وجد فيها الوضع، وفيها الدَس، منذ القرن الأوّل، فلم يروا الحاجة داعية إلى التأليف فتأخر التأليف جدًا؛لكن السيوطي يزعم أن أوّل من ألف فيه البُلقيني"جلال الدين البُلقيني" المتوفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة؛ لكن هل هذا الكلام صحيح؟، هل البُلقيني أقدم من ابن الجوزي المتوفى سنّة سبع وتسعين وخمسمائة ؟ لا، هل هو أقدم من الطُوفي؟ لا، الطوفي أَلف، هل هو أقدم من أبي شامة "المرشد الوجيز"؟ لا، فتقدمه ابن الجوزي، تقدمه أبو شامة، تقدمه الطُوفي، تقدمه الزَركَشي؛ لكن السيوطي في أوّل الأمر لم يطلع على هذه الكتب، فقرّر ما قرّر و إلا فكلّهم تقدموه، والزركشي قبل البُلقيني وأَلف كتاب يعد أجمع كتب علوم القرآن، "البرهان في علوم القرآن" يعدّ أكبر وأجمع كتب علوم القرآن، وإن كان في الأنواع أقلّ من الإتقان "للسيوطي"، السيوطي نظر في كتاب "البُلقيني" ونظر في كتب أصول الفقه، وعلوم الحديث وجَرّد ما يخص علوم القرآن فأَلف في ذلك، أوّلاً قبل ذلك المرشد الوجيز لأبي شام، و"الإكسير" للطُوفي، و"فنون الأفنان" وغيرها.المقصود أنَّها كتب كثيرة جدًا.
(1/8)
أَلف السيوطي كتابًا أسماه"التحبير في علم التفسير" ضمنه أكثر من مائة نوع، أكثر من مائة نوع من أنواع علوم القرآن، ثمّ بعد ذلك أَلف "الإتقان في علوم القرآن" جمع فيه الأنواع التي في التحبير وضم بعضها إلى بعض لأنّه يمكن ضمها، فوصلت عنده إلى الثمانين، إذا كان التحبير فيه أكثر من مائة نوع، واقتصرَ من هذه الأنواع في " النُقاية" على خمسة وخمسين نوعًا، اقتصر على خمس وخمسين نوع في "النُقاية"، والناظم تبعه في هذا، لماذا يقتصر على النصف؟، ما ذكر جميع الأنواع في "النُقاية"؟؛ لأن النّقاية إنّما أُلفت للمبتدئين، والمبتدئ تكثير الأنواع عليه لا شك أنّه يُحيره ويشوش عليه فيقتصر على أهم المهمات بالنسبة للمبتدئين، ولو قيل للطالب المبتدئ في أيّ علم من العلوم مثلاً في البداية يُطلع على عشرة أنواع فقط، بحيث إذا ضبطها وأتقنها يُطلع على عشرين نوع منها هذه العشرة التي هي أهم الأنواع ويُزاد عليها عشرة ثانية وهكذا، كما هو الشأن في التدرج والتأليف عند أهل العلم حسب طبقات المتعلمين، فاقتصر منها على النصف مراعاة لحال الطلاب المبتدئين.
الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليم كثيرًا إلى يوم الدين.
قال الشيخ الأديب المفسر(عبد العزيز الزمزمي) :
تَبارَكَ المُنْزِلُ للفُرقانِ ... على النَّبِيِّ عَطِرِ الأَرْدانِ
مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ ... معَ سَلامٍ دائماً يَغْشَاهُ
وآلِهِ وصَحْبِهِ ، وبَعْدُ ... فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ
ضَمَّنْتُها عِلماً هُوَ التَّفْسِيْرُ ... بِدايةً لِمَنْ بِهِ يَحِيْرُ
أَفْرَدْتُها نَظْمَاً مِن النُّقَايَةْ ... مُهَذِّباً نِظَامَها في غَايَةْ
واللهَ أَسْتَهدي وأَسْتَعِيْنُ ... لأنَّهُ الهادِي ومَنْ يُعِيْنُ
...........................................................................................................
(1/9)
يقول المؤلف_رحمه الله تعالى_:
يقول الناظم:
(تَبارَكَ): تعاظم ، وتعالى الله _جلّ وعلا_.
(المُنْزِلُ للفُرقانِ): المنزل للفرقان الذي هو: القرآن، كما قال _ جلّ وعلا_: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }.(1)
والفعل هذا (تبارك) بهذه الصيغة لا يجوز أن يصرف لغير الله _جل وعلا_ .
(المُنزل): لو أردنا أن نطبق ما جاء في سورة الفرقان {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ} لقلنا: المُنَزِلْ؛ لأن "المُنْزِلْ" اسم فاعل من أنّزَلَ، والمُنَزِّلْ: اسم فاعل من نَزَّلَ الوارد في سورة الفرقان، تبارك المُنْزِل، والأصل أن نقول:المُنَزِّل؛ لكن النظم يقتضي أن يكون من أنْزَلَ، المُنْزِلُ للفرقان هو: الله_جلّ وعلا_، والفرقان هو: القرآن.
(على النبيّ): محمد_عليه الصلاة والسلام_.
والنبيّ في قول الأكثر: إنسان ذكر أوحي إليه بشرع، ولم يُؤمر بتبليغه. والأكثر على النطق به بدون همز، وقد يهمز، وقرئ بالهمز.
(على النبي): إنسان ذكر ـــــــ الإنسان يُخرج غير الإنسان.
ذكر ـــــ يُخرج النساء، وإن زعم بعضهم أن من النساء من كلّفت بأعباء النبوة كمريم؛ لكن هذا قول مرجوح.
أوحي إليه بشرع ـــــ من قِبَلِ الله_جلّ وعلا_
ولم يُؤمر بتبليغه ــــ فإن أُمر بتبليغه فهو رسول.
النبي _عليه الصلاة والسلام_ أوحي إليه بالشرع من قِبَلِ الله_جلّ وعلا_ وأُمِرَ بالتبليغ، { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ}المائدة67،{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}(2) ، و{قُمْ فَأَنذِرْ } ، فأُمر بالتبليغ فهو رسول إجماعًا، وهو نبيّ أيضًا لأنّه النبوة تدخل في الرسالة.
كلّ رسول نبيّ ولا عكس، هذا على قول الأكثر.
__________
(1) سورة (الفرقان:1).
(2) سورة(الحجر:94)
(1/10)
لم يُؤمر بتبليغه ـــــ يَرِد على هذا أنّ الوحي إنّما يُنزله الله_جلّ وعلا_ على لسان الملك إلى النبيّ من أجل أن يعمل به بالدرجة الأوّلى ومن حوله، فعلى قول الجمهور: أُوحي إليه بشرع، ولم يُؤمر بتلبيغه من يَخرج ممن أُوحي إليه بشرع؟ما الذي يَرِد على هذا الحدّ ؟
آدم، آدم نبيّ وليس برسول.
فهل بلَّغ شرعه أم لم يُبَلغ؟، هل بَلَّغهُ أولاده حَكم فيهم بشرعه الذي أُوحي إليه أم لم يُبلغ ؟
بلَّغ وعَمِلَ بشرعه، لو لم يبلِّغ هذا الشرع يُؤَاخذ ولَدُه الذي قَتَل أخاه،{لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ }الأنعام19 المسألة مفترضة في آدم الذي لم يُبلغ وولده ما بُلغ شيء، يُؤَاخذ ولا ما يُؤَاخذ؟ إنما بُلغ هذا الولد بأنّ القتل جريمة ومحرّم.
آدم رسول ولا نبيّ؟
نبيّ، لماذا؟ لأن نوح هو أوّل الرسل، وقد جاء في حديث الشفاعة ما يدل على ذلك صراحة، وأنّ نوح أوّل المرسلين، ولذا يختار شيخ الإسلام _رحمه الله تعالى_ :"أن النبيّ من يأتي مُكمل لشريعة رسول قبله، لا يأتي بشرع مُستقل، إنما يأتي بشرع مُكمل لشرع رسول قبله.
والرسول هو: الذي يأتي بشرع جديد. لكن يَرد على هذا :
أن آدم ينبغي أن يكون، نعم رسولا؛ لأنّه لم يتقدمه أحد، فيَرد عليه أن عيسى_عليه السلام_ ينبغي أن يكون نبيّ على هذا الحدّ، عيسى، وإسماعيل، وغيرهم من الأنبياء الذين أتوا بمكملات.
عيسى، لا هو في الغالب شرعه مُكمل، وعلى حدّ شيخ الإسلام يكون نبيّ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}الحج52.
فالرسالة تشمل: الرسول والنبيّ، تشمل الرسول والنبيّ؛ فكلٌّ منهما مُرسل وكلٌّ منهما مُنَبأ، كلّهم مُوحى إليه، وكُلّهم مأمورٌ بالتبليغ.
على هذا ما الفرق المحرر بين النبيّ والرسول ؟
على قول الأكثر: _ الرسالة أفضل من النبوة.
_ وقال بعضهم: هما سِيّان.
_ وجَنَح العز بن عبد السلام: إلى تفضيل النبوة على الرسالة، إلى تفضيل النبوة على الرسالة.
(1/11)
وعلى كلّ حال إبدال اللفظ بلفظ آخر، لو قال مثلاً (على الرسول عطرِ الأردانِ) يجوز ولا ما يجوز؟
يجوز فالنبيّ محمد_عليه الصلاة والسلام_ "نبي نُبئ بإقرأ وأرسل بالمدثر"؛ فهو نبيّ رسول، ويجوز حينئذ أن نقول "على الرسولِ عطرِ الأردانِ" لأنّه لا يتغير المقصود بذلك : ذات النبي_ عليه الصلاة والسلام_ وهي لا تتغير بأحد الوصفين.
النبيُ _عليه الصلاة والسلام_ ردّ على البراء في حديث الذكر لمّا قال له:(آمنت بكتابك الذي أنزلت، ورسولك الذي أرسلت قال:((لا، ونبيّك الذي أرسلت)) ؟
لأنّ هذا ذكر مُتعبد بلفظه، وإلا فالأصل أن اللفظين إذا دّلا على ذات واحده لا فرق بينهما، المقصود الذات؛ لكن هنا في الذكر متعبد بتلاوته فلا يُغيَّر لفظ بلفظ، فلك أن تقول: قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم_، ولك أن تقول: قال نبيّ الله_صلى الله عليه وسلم_، وإن كان لفظ الرسالة يُوحي بالتعدي، بتعدي المقول إلى غيره؛ لكن في الجملة المقصود به: التعبير عن الذات، ذات النبي_عليه الصلاة والسلام_فسواء قلنا: نبيّ أو رسول؛ ولذا يُجيز أهل العلم إبدال الرسول بالنبيّ وعكسه في غير ما تُعبد بتلاوته .
(عطرِ الأردانِ): عطر: الرائحة الطيبة التي تفوح من أردانه_عليه الصلاة والسلام_.
(والأردانِ): الأكمام، وأكثر ما تُطلق على الأكمام الواسعة.
فالنبي_عيه الصلاة والسلام_ تفوح من أردانه، وأكمامه الرائحة العطرة الطيبة، وجاء في وصفه وفي شمائله ما يدّل على ذلك، فبدلاً من أن تفوح الروائح من الأردان والأكمام الروائح غير الطيبة من سائر البشر؛ لأن منتهى الأردان ينتهي بإيش؟ بالآباط، والآباط في الغالب روائحها ليست طيبة، والنبي _عليه الصلاة والسلام عطر الأردان، فكيف بغيرها، الذي هي مظنّة للروائح غير الطيبة فإذا كان عطرًا ورائحة العطر نفوح منه، من هذه الجهة من جسده الطاهر الشريف فكيف [بغيره] بغير هذا الموضع .
(1/12)
(مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ): (مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ): محمدٍ، على النبيّ محمد وهذا اسمه _ عليه الصلاة والسلام_ العَلم.
يقول: كيف يقال النبي من أُوحي إليه بشرع ولم يُؤمر بتبليغه، وأهل العلم وهم دونهم أمروا بالتبليغ كما قال_جلّ وعلا_ في شأن ميثاقه على أهل العلم:{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}آل عمران؟187
الأمر بالتبليغ بالنسبة لأهل العلم و علماء هذه الأمّة بمثابة أنبياء بني إسرائيل كما جاء في ذلك بعض الأحاديث، فالتبليغ على أهل العلم واجب، وأخذ الله الميثاق عليهم ، ومن باب أولى من كلّف مباشرة من الله_جلّ وعلا_؛ لكن هذا تنزل على حدّ قول الجمهور.
مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ: محمدٍ_عليه الصلاة والسلام_ وهذا أشهر أسمائه، ومن أسمائه أحمد_عليه الصلاة والسلام_، والماحي، والحاشر، والعاقب، نبيّ الرحمة، نبيّ الملحمة، نبيّ المرحمة المقصود له أسماء_عليه الصلاة والسلام_ كثيرة مجموعة في كتب السيرة والشمائل.
محمدِ عليه صلّى الله ... مع سلامِ.....
صلّى الله: الصلاة من الله_جلّ وعلا_ على نبيه يُراد بها:
_ الرحمة.
_ أو الثناء عليه في الملأ الأعلى.
_ أو البركة؛ كما في قول ابن عباس: "يصلّون يبركون".
صلّى الله (مع سلامٍ): لابد من الأمرين: الصلاة والسلام لكي يتم الامتثال الوارد في قوله_جلّ وعلا_ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56، والاقتصار على أحدهما لا يتم به الامتثال:
_ بل أطلق النووي_ رحمه الله تعالى_ الكراهة بالنسبة لمن خص الصلاة دون السلام، والعكس.
_ وابن حجر يخص الكراهة لمن كان ديدنه ذلك حيث يُصلي فقط، أو يسلم فقط.
أما من كان يصلي أحيانًا ويسلم أحيانًا ويجمع بينهما أحيانًا فالكراهة لا تتناوله وإن كان خلاف الأولى، ولا يتم الامتثال إلا بالجمع بينهما المأمور به في آية الأحزاب.
(1/13)
مع (سلامِ دائمًا): دائمًا حال، حال كونه دائم، ولو قال:دائمِ (مع سلامِ دائمِ)، الوصف للسلام جاز.
(يغشاه): يغشى النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ باستمرار لا ينقطع.
وإذا قيل دائمًا هل يغني عن تكرار الصلاة والسلام؟
لا يغني، وإن كان وجودها له أثر، لو قال: صلّى الله عليه وسلم مرّة واحدة لاشك أنّه ينال أجر هذه المرة؛ لكن من كرر"صلّى الله عليه وسلم"، "صلّى الله عليه وسلم"، صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشرًا، لو قال: صلّى الله عليه وسلم دائمًا، أو قال: صلّى الله عليه وسلم مائة ينال أجر ما لو كررها مائة مرّة ؟، أو لهج بها طول عمره؟ كما جاءت الوصية بذلك في حديث الترمذي:( أجعلُ لك صلاتي كلّها)، لا، لا ينال بذلك هذا الأجر، لمجرد ذكر العدد حتى يُعدد.
الامتثال يتمُ بتمام هذه الحروف، "صلّى الله عليه وسلم" تسمعون في بعض النّاس يأكل بعض الحروف ما يظهر جميع الحروف، يتم به الامتثال أو لا يتم، بعض النّاس يستعجل في الصلاة والسلام عليه_عليه الصلاة والسلام_ ومع ذلك لا يظهر بعض الحروف من لسانه، هل يتم بذلك الامتثال؟ وقل مثل هذا في الكتابة بعض النّاس يستعجل يكتب_صلى الله عليه وسلم_ ويترك أحيانًا يترك عليه، هل يتم الامتثال بعدم النطق بجميع الحروف، لابد أن ينطق بالصلاة والسلام واضحة وما نقص من الحروف ينقص بأجره، وقل مثل ذلك في الكتابة.
الرمز بصاد (ص) لا يؤدي الغرض، ولا يرتب عليه الأجر، ولا يرتب عليه أجر، والرمز لكل كلمة بحرف كم يكتبون (صلعم) يكتبونها، لا يفي بالغرض، ولا يرتب عليه الأجر، ولا يتم به الامتثال.
بل في كتب المصطلح أن أوّل من كتبها قُطعت يده، أوّل من كتب (صلعم) قُطعت يده ، والله أعلم بصحتها؛ لكن مثل هذا لا يتم به الامتثال، ولا يحوز الأجر المرتب على الصلاة والسلام عليه _ عليه الصلاة والسلام_.
(1/14)
(وآله وصحبه): الآل هم: أتباعه إلى يوم القيامة، أتباعه على دينه إلى يوم القيامة، أو أزواجه وذريته، أو كلّ مؤمن تقي كما جاء بذلك بعض الأحاديث .
آله: 1. أزواجه وذريته.
2. أتباعه على دينه.
3. كلّ مؤمن تقي.
4.من تحرّم عليهم الصدقة من بنو هاشم، وبن مطلب.
أربعة أقوال.
وفي التشهد:[صلّى الله عليه]، اللهمّ صلي على محمد وعلى آل محمد جاء في بعض الروايات "أزواجه وذريته" فدّل على أن أزواجه وذريته يدخلون دخولاً أوليًا في الآل، والصلاة والسلام على الآل تبعًا له_عليه الصلاة والسلام_ مطلوبة لأنّهم وصية النبي_عليه الصلاة والسلام_ أوصاني بآله، ولهم على الأمّة حقّ لاسيما [منهم] من منهم على الجادة، أما من خالف فهذا لا يدخل في هذا الباب، أما من كان على الجادة منهم فله حقّ على الأمّة، ((الله، الله في أهل بيتي))، ((وأوصيكم)) وأوصى بهم_ عليه الصلاة والسلام_ { لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(1) ، فالوصية بهم ظاهرة ولهم على الأمّة حقّ، ومن حقّه_عليه الصلاة والسلام_ على الأمّة أن يُعنى المسلم بآله، ويُحتفى بهم؛ ولذا كان الآل لهم من الحقّ ما ذُكر فالصحبُ ليسوا دونهم؛ فالدينُ بجملته ما وصلنا إلا عن طريقهم، عن طريق الصحابة_رضوان الله عليهم_ فلهم أيضًا من الحقّ مثل ما للآل، فإذا صلينا على النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ نعطف عليه الآل ونعطف علهم الصحب، ولكلٍ حقّ.
أما الاقتصار على الآل دون الصحب، أو العكس فهذا لا شك أن فيه تفريط في حقّ من لزم حقّه، وهؤلاء أولى النّاس، بأن يُصلى عليهم ويسلم تبعًا له_عليه الصلاة والسلام_، أما على سبيل الاستقلال، يصلى على الآل فقط، أو الصحب فقط، أو فلان من النّاس فقط، تقول أبو بكر"صلى الله عليه وسلم"، أو عمر"صلى الله عليه وسلم"، أو علي؟
__________
(1) سورة(الشورى:23).
(1/15)
لا، عامة أهل العلم على أن الصلاة والسلام خاصة بالنبيّ_عليه الصلاة والسلام_ هذا عُرف علمي عندهم، والترضي عن الصحابة، والترحم على من دونهم، فلا يقال: أبو بكر"صلى الله عليه وسلم"، كما أنّه لا يقال محمد "عز وجلّ"، وإن كان عزيزًا جليلاً، النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ عزيز جليل؛ لكن ما يقال:"عز وجلّ"؛ لأن العُرف العلمي عند أهل العلم الذي تواطؤا عليه من صدر الأمّة إلى آخرها، تخصيص"عزوجلّ" بالله _جلّ وعلا_ والصلاة على النبي_عليه الصلاة والسلام_كما أُمر بذلك، والصحابة الترضي كما جاءت النصوص التي تدل على أن الله _جلّ وعلا_ رضي عنهم، الترحم على من دونهم؛ يتجاوز بعض النّاس فيقول الإمام أحمد"رضي الله عنه"، الشافعي"رضي الله عنه"؛ لكن العُرف على ما ذكرنا.
تخصيص الآل كما شاع وانتشر في بعض الأقطار التي لها أثر بالتشيع:
_ الصنعاني شدد في هذه المسألة، وقال: بوجوب الصلاة على الآل:
تبعًا لوجوب الصلاة عليه_عليه الصلاة والسلام".
تبعًا لما جاء في الصلاة الإبراهيمية.
استدل بها على مُطلق الأحوال، أنّه يُصلى عليهم تبعًا له_عليه الصلاة والسلام_ ولا يصلون على الصحابة، وهذا إنما شاع في الأوساط التي فيها التشيع، فشدد فيها الصنعاني، والشوكاني، وتبعًا لهما صديق حسن خان.
(1/16)
وفي البلدان الأخرى من المسلمين على مرّ العصور بدأً من عصر التأليف ما تجد من يعطف الآل على النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ إلا ويتبعهم الصَحب، ويقولون: كيف يترك الآل وقد جاء الأمر بالصلاة عليهم الصلاة الإبراهيمية، الله_جلّ وعلا_ يقول:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }(1) ، ولا يتم امتثال الأمر إلا قولوا: اللهمّ صلّوا على محمد وعلى آل محمد، هذه الصفة مُفسرة لما جاء في (....) قل: نعم، هذه الصورة فرد من أفراد المأمور به، فرد من أفراد المأمور به، وإلا فماذا تفعلون بالصحابة كلّهم، هل أبو بكر يقول:صلى الله على محمد وآله؟، هل العلماء الذين تتابعوا في التأليف علماء الأمّة [من صدر الأمّة]، من صدر الإسلام تجدون في كتب السنّة البخاري، ومسلم، والمسند، والموطأ وغيره يقول: صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، نقول: لا، ما نجد ولكن وش الداعي ؟ لماذا حذفوا من يقول بهذا القول اتهم العلماء في جميع العصور بأنّهم يمالئون الحكام، حينما حذفوا الآل، يمالئون الحكام، طيب عصر التدوين في عصر الآل، في العهد العباسي؛ لأنّه كان التدوين في عصر بني أمية هم لا يخافون من بني أمية؛ لكن في عصر بني العباس وهم من الآل كيف لا يكتب البخاري وقد روى حديث الصلاة الإبراهيمية: صلّى الله عليه وآله وسلم ؟ نقول: هذا خاص بالصلاة الإبراهيمية، [وإذا زيد]، وهي فرد من أفراد العام، وذكر فرد من أفراد العام لا يعني قَصر العام عليه، ولو قلنا بهذا لَزمنا لوازم كثيرة، {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ }(2) ، ((ألا إن القوة الرمي))، يعني ما نستعد للعدو بغير الرمي؟،[{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ }، ((ألا إن القوة الرمي))، يعني ما نستعد للعدو بغير الرمي؟]، ألا نستعد للعدو بغير الرمي؟،[ألا نستعد للعدو بغير الرمي؟]، لا أهل العلم ينُصون على أن التنصيص على بعض
__________
(1) سورة (الأحزاب:56)
(2) سورة (الأنفال:60)
(1/17)
أفراد العام لا يقتضي القصر والحصر عليه، وعلى كلّ حال كلٌّ من الآل والصحب لهم حقٌ على الأمّة فنصلي عليهم تبعًا له_عليه الصلاة والسلام_ ، ونسلم عليهم ونترضى عنهم، ونتولاهم لاسيما من كان منهم على الجادة، وأما الصحب فكلّهم على الجادة، كلّهم عدول ثقات، والآل باعتبار أن منهم من تأخر عن الصحب، عن زمن الصحابة، مثلاً علي_ رضي الله تعالى عنه وأرضاه_من يُنكر فضل علي؟ ومن العشرة المشهود لهم بالجنّة، وزوج النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_، وصهره، وأخوه، وهو بالمنزلة منه بمنزلة هارون من موسى، فضائل لا تعدُّ ولا تحصى، أيضًا أبناءه الحسن والحسين من يُنكر فضلهم، علي بن الحسين، محمد بن علي الباقر، الجعفر، الصادق، أئمة أعلام هدى ، ولا يُضيرهم أن كُذب عليهم [أن كُذب عليهم] ووضع عليهم، وافتري عليهم، هذا لا يُضيرهم فالتبعة على غيرهم؛ ولذا أحاديثهم مُخرجة في كتب أهل السنّة بدأً من الصحيحين إلى آخر كتب السنّة.
(وبعدُ): وبعدُ فهذهِ ...... ... ...............
(الواو) هذه يقولون: إنّها قائمة مقام أما، قائمة مقام أما؛ لكن الاقتداء به_عليه الصلاة والسلام_ حينما يقولُها في خطبِه وفي رسائلهِ، لا يتم إلا باللفظ الذي قاله_عليه الصلاة والسلام_، النبيّ_عيه الصلاة والسلام_ في أكثر من ثلاثين رواية عنه يقول: أما بعدُ، وأما:حرف شرط، بعدُ: قائم مقام الشرط مبني على الضم؛ لأنّه حُذف المضاف إليه و نُوي معناه، وبعد، وقبل وبعد والجهات الست كلُّها على هذا إذا حُذف المضاف مع نيته يُبنى المضاف، إذا حذف المضاف إليه مع نيته يُبنى المضاف على الضم:{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ}(1)، وهنا يُبنى، لكن لو ذكر المضاف إليه:{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ}(2) يُعرب، وإذا حُذف المضاف إليه مع، مع عدم نيتهِ أُعربت مع التنوين:
فساغ لي الشراب وكنت قبلاً ... أكاد أغص بالماء الفراتِ
__________
(1) سورة (الروم:4)
(2) سورة (آل عمران:137)
(1/18)
(وبعدُ فهذه): الفاء واقعة في جواب الشرط، أما التي قامت الواو مقامها، ويختلفون في أوّل من قال:أما بعد على ثمانية أقوال:
جرى الخُلف أما بعد من كان بادئا بها ... عُدَّ أقوالٌ وداودُ أقرب
ويعقوبُ أيوبُ الصبورُ وآدمٌ ... وقسٌ وسحبانٌ وكعبٌ ويعرب
ثمانية؛ لكن المُرجح عند الجمهور: أنّه داود، وهي فصل الخطاب الذي أُوتيهُ.
(وبعدُ فهذهِ): الفاء واقعة في جواب الشرط، الذي قام مقامهُ الواو، فهذهِ إشارة إلى موجود إما في الأعيان إن كانت المقدمة كُتِبت بعد تمام التأليف، وإلا إلى ما هو موجدٌ في الأذهان إن كانت المقدمة كُتبت قبل تمام النظم. ويقال هذا في كلّ المقدمات، الإشارة لابد أن تكون إلى موجود؛ لكن إن كان الكتاب تمَ نظمه ويشير إليه المؤلف فهذه إشارة إلى موجودٍ في الأعيان محسوس، وإن كانت المقدمة كُتبت قبل تمام الكتاب فالإشارةُ إلى ما في الذهن الذي ينوي كتابته.
(فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ):
وآلِهِ وصَحْبِهِ ، وبَعْدُ ... فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ
مثل حبات الجمان واللؤلؤ النفيس، عقد نظمها كانت حبات متناثرة فنظمها مثل ما يُنظم العقد في سلك النظم، (عِقدُ): حتى صارت عقد زان [بها]، أو بهذا العقد جِيد التكوين أو التكون العلمي؛ لأنّها لا يُستغنى عنها، في هذا الباب لا سيما فيما يخدمُ القرآن.
(فهذهِ مثلُ الجمان عِقدُ) يمدحُها ليُغري طالب العلم بها؛ لا لِيَمُنَ بها، أو ليمدحها تبعًا لمدح نفسه؛ لأن مدح المفعول مدحٌ لفاعله، ومدح الأثر من مدح مُؤثرهِ؛ فإذا مدحت كتاب فأنت تمدحه وتمدحُ أيضًا مؤلفهُ، وهو يمدح هذا الكتاب؛فهل يقتضي ذلك أن يمدح نفسه ؟، هل سبب ذلك مدح نفسه ؟
(1/19)
ما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب، الله_جلّ وعلا_ يقول:{فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ}(1) ، تزكية الكتاب تزكية لصاحبهِ؛ لكن المظنون بأهل العلم وهذا يَستعمِلُهُ ابن القيم كثيرًا إذا بحث واستطرد في مسألة، وأفاض فيها وبينها، ووضحها، وأجاد فيها قال:"احرص على هذا البحث، علّك لا تجده في مصنف آخر البتة"، فهل يُزكي نفسه، ويزكي بحثه بهذا الكلام؟ ، أو من أجل أن يُغري طلاب العلم بهذا الكلام ليفيدوا منه ؟
المظنون بأهل العلم الثاني، وأما ما تنطوي عليه القلوب فالله أعلم به ؛ لكن هناك قرائن تدل على هذا، تدل على أنّه يمدح لِيُغري، طيب اترك الكتاب للنّاس هم الذين يقررون هل يَصلُح أو لا يَصلُح ؟، مدح لنفسه مُغلف؛ لكن يُظن بأهل العلم أن مرادهم بذلك إغراء طلاب العلم للإفادة من علمهم لكي تجرى عليهم الأجور؛ لأن من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله، "علم يُنتفع به" وهذا يبقى إلى قيام الساعة بالتسلسل كلّ من يستفيد منك لك أجره، والذي يستفيد منه له الأجر ولك مثله وهكذا وفضل الله_جلّ وعلا_ لا ينتهي فضل الله لا يحدُّ.
يقول:(ضمنتها علمًا): نعم .....نعم.... يا إخوان أمور، الأمور نسبية الأمور في هذا نسبية كنّا إلى وقت قريب إلى رُبع قرن مثلاُ، لا يطيق الواحد كلمة ثناء، كلمة ثناء عليه من قِبل غيره لا يطيق، وكنّا نلوم من يسمع الثناء ويسكت، فضلاً عن كونه يُثني على نفسه، ثمّ اختلطنا بغيرنا ممن اعتادوا هذا الأمر فتساهلنا فصرنا نسمع المدح ولا نعترض، والتجربة دلت أن الإنسان إذا مُدح بما ليس فيه وسكت وأقرّ، لابد أن يسمع من الذم ما ليس فيه، وإذا مُدح بما فيه لأنّه جاء التوجيه النبوي: ((إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب))، لاسيما في حقّ من يتأثر بالمدح؛ فإذا مُدح بما فيه سمع من الذم ما فيه ولا يظلمُ ربّك أحد.
__________
(1) سورة (النجم:32)
(1/20)
ثمّ سمعنا من يقبل المدح؛ بل سمعنا من يُثني على نفسه؛ بل سمعنا من يتحايل على غيره ليمدحه، ورأينا من يَغضب إذا لم يُمدح، وشخص جهة من جهات بلاد المسلمين جِيء به وهو عالم في فنه وإن كان في مسائل الاعتقاد عنده تفريط، جيء به لِيُعرّف به، الشيخ: الفاعل، التارك ، العالم، العلامّة، الذي لا يُضاهيه في الحديث إلا فلان.
قال: يا شيخ فلان لا يَعرف الحديث_ ما المقصود من هذا ... نعم، يعني ما أحد خلاص أسقطت الذي فوقك وما بقي إلا أنت_. وقد ألف في الحديث وعلومه أربعين كتابًا يقول المُعرّف.
قال: لا يا شيخ سبعين.
هذا أنا حضرتُه بنفسي، وكنّا نأنف أن نسمع مثل هذا الكلام إلى أن وُجِدَ فينا وبيننا من يغضب إذا لم يُمدح؛ بل الأمرُ أعظم من ذلك :شخص له محاضرة ومن الشباب، من أتى و هو كاتبٍ سيرته الذاتية ترجمة، وأعطاها المُقدم من تحت الطاولة، قرأها المُقدم ثمّ لما شَرع قال: هداك الله يا أخي قطعت عنق صاحبكم، لا يمكن أن يعني يجتمع مع الإخلاص، هناك علامات وبوادر تدل على الإخلاص وهناك علامات تنافي الإخلاص، والإنسان ابن بيئته يتأثر بها، يتأثر بها شاء أم أبى؛ فاختلطنا مع هؤلاء الذين يسمعون المدح ولا ينكرون، ثمّ أخذوا يمدحون أنفسهم، ثمّ بعد ذلك .... مُشكلة هذه، هذا خلل في الإخلاص هذا قادح، نعم الإنسان من كثر ما يسمع في أوّل الأمر إذا قيل له يا شيخ قال: ما أنا بشيخ ، مقبولة هذه يعني في أوّل الأمر، ثمّ إذا سمع ما هو أعظم من شيخ رضي بشيخ، ثمّ إذا سمع بلفظ آخر رضي بما دونه وهكذا....
الإنسان يعني يحتاج إلى تربية للنفس، والله المستعان.
نعُود للدرس يقول الناظم_رحمه الله تعالى_:
ضَمَّنْتُها عِلماً ........... ... ................
(ضمنتها):يعني جعلتُ في محتواها، وفي ضمنها جعلتها ظرفًا لعلمٍ فسره؛ لأن هو التفسير، فسر العلم بأنه هو التفسير
ضَمَّنْتُها عِلماً هُوَ التَّفْسِيْرُ ... ................
(1/21)
الأصل أن يقول: ضمنتها علم التفسير؛ لكن النظم يقتضيه مثل هذا.
(ضمنتها علمًا هو التفسيرُ): فهل ما تحتويه هذه المنظومة هو التفسير؟
نستطيع أن نقول: هذا علمُ التفسير، كما نقول لمصطلح الحديث: " علم الحديث"، أو "علوم الحديث"، أو "علوم القرآن"، أو"علوم التفسير"؛ لكن هل هي، هذا العلم هو التفسير؟
لا، يعني إذا قلنا: "علم التفسير"، ونظرناه بالعلوم الأخرى المماثلة فُهم، مثل ما نقول: "علوم الحديث"، نقول:"علوم القرآن"، أما
(ضمنتها علمًا هو التفسيرُ ): التفسير:الذي هو من الفَسر، والكشف، والتوضيح، والبيان، علم ما نحنُ بِصَدَدِه فإذا كان" جامع البيان للإمام الطبري" و"تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير"، و التفاسير الأخرى يقالُ لها: التفسير؛ فإنما يبحثُ في العلم على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل، يقالُ له: علوم التفسير أو علوم القرآن ، وليس هو التفسير.
يعني: فرق بين أن تقول هذا كتاب تفسير يُقبل ولا ما يُقبل؟
لا يُقبل، ما نقول هذا تفسير، إنما التفسير مثل الطبري، مثل ابن كثير، مثل التفاسير الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى، هذه تفاسير؛ لكن الذي معنا "عِلمُ التفسير"،" عِلمُ التفسير" وهو معرفةُ القواعدِ الإجمالية، علم بقواعد إجمالية، تُعين على معرفةِ ما يتعلقُ بالقرآن الكريم، ويأتي بحثُه.
والفرقُ بين التفسير، وعلوم التفسير كالفرق بين الفقه وأصول الفقه، والحديث وعلوم الحديث.
ضَمَّنْتُها عِلماً هُوَ التَّفْسِيْرُ ... بِدايةً................
(بدايةً): يعني بداية في هذا العلم _تصلحُ للطالب المبتديء_.
ضمنتها علمًا هو التفسيرُ ... بدايةً.................
يعني: متنًا يصلُح للمبتدئين بداية، لبنة أولى في هذا الفن.
ضَمَّنْتُها عِلماً هُوَ التَّفْسِيْرُ ... بِدايةً لِمَنْ بِهِ يَحِيْرُ
(1/22)
لمن بهذا العلم (يحير): يحتار لأنّه ما عنده شيء، إذا سمع شيء يسمعه لأوّل مرة، ولا يدرك أطرافه وأبعاده فيحتار في فهمه وتقريره، ويحير معناها: يحتار والأصل يحارُ، من حار يحارُ، وأما يحير فالإتيان به على هذه الصيغة من أجل الوزن، الوزن فقط، والفعل" حار يحارُ إذا اضطرب، وتحير، ولم يدري ماذا يصنع" .
(أفردتها): يعني أخذتها، وجعلتُها بعد أن كانت مضمومة إلى غيرها، أخذتُها وجعلتُها فردًا مستقلة عن غيرها .
(أفردتُها نظمًا): لا نثرًا كالأصل، أفردها نظم، أفردها من "النُقاية"، ثمّ نظمها، أخذ ما يتعلق بعلوم التفسير، وعلوم القرآن من " النُقاية" للسيوطي الكتاب الذي سبق وتحدثنا عنه مما يشتمل على أربعة عشر فنًا، أفرد هذا الفن ثمّ نظمه.
أَفْرَدْتُها نَظْمَاً مِن النُّقَايَةْ ... ......................
(أفردتُها نظمًا من النُقاية): وعرفنا أن " النقاية" متون، عبارة عن متون مجموعة لأربعة عشر فن من الفنون سردناها في أوّل الدرس و(النُقاية): بضم النون كالخلاصة وزنًا ومعنا.
....................... ... مُهَذِّباً نِظَامَها في غَايَةْ
نعم ألفاظ هذه المنظومة مهذبة، ونظمها سلس، سلس يعني لو يُحفظ الأطفال مثل هذا بدلاً أن يحفظوا أناشيد وأمور لا تهمُهم ولا تعنيهم، يعني يُحفظ مثل هذا، يُحفظ مثل سلم الوصول ويجعلهم يكررونها، ويتغنون بها، وإذا كبروا فهموها و ... أفضل لهم بكثير من بعض ما يحفظونه مما يُتلقى من وسائل الإعلام؛ بل حتى في دروس المدارس يحفظون وتحشر أذهانهم بمقاطيع لا تفيدهم فلو جُعل مثل هذه المناظيم تُحفظ في الصفوف الأوّلى استفاد منها طلاب العلم الشيء الكثير، وصار لديهم حصيلة علمية وإن لم يفهموها في أوّل الأمر يُخزنوها، ويحفظوها، ثمّ بعد ذلك يهيأ لهم من يُوضحُها لهم .
(1/23)
(مُهذبًا نظامها): نِظامها: مفعول لاسم الفاعل مُهذب، ولو قال مُهذبًا لقلنا "نِظامُها" ويكون حينئذ إعرابُها: نائب فاعل لاسم المفعول؛ لأن اسم الفاعل واسم المفعول يعملُ عمل فعله، يعمل عمل فعلِهِ؛ فاسم الفاعل يرفع فاعل، واسم المفعول يرفع نائب فاعل،[يرفع نائب فاعل]، فلو قال:"مُهذبًا" لقال:"نِظامُها" نائب فاعل.
(في غاية): في غاية من التحرير والتهذيب، والاتقان، وسلاسة النظم، والجمع لما أراده من الخمسةِ والخمسين نوعًا .
....................... ... مُهَذِّباً نِظَامَها في غَايَةْ
(واللهَ أَسْتَهدي وأَسْتَعِيْنُ)
واللهَ أَسْتَهدي وأَسْتَعِيْن ... لأنَّهُ الهادِي ومَنْ يُعِيْنُ
(والله): منصوب، إن شئت فقل:على التعظيم، وإن شئت فقل:عمل فيه ما بعدهُ، والذي بعدهُ "استهدي واستعينُ"، وهذا ما يُعرفُ بماذا؟
نعم، إذا كان المعمول واحد، والعامل أكثر من واحد:
نحو أظنُ ويظناني أخا ... زيدًا وعمرًا أخوين في الرخا
نعم، ماذا يصير؟
التنازع.
فما الذي نصب لفظ الجلالة، استهدي أو استعين أو كلاهما ؟
أو نقول: العطف على نية تكرار العامل:"والله استهدي، والله استعينُ" فلا يكون في تنازع، على خلافٍ بين أهل العلم في تقديم معمول فِعلي التنازع إذا كان منصوبًا، يختلفون في هذا، يمنعُهُ جمع من أهل العلم منهم: ابن مالك، ويُجيزهُ آخرون، فهو في هذه الحيثية لا يجوز أن يكون منصوبًا على التنازع.
(والله أستهدي واستعينُ): تقديم المعمول يدُلُ على الحصر،كما في قوله_جلّ وعلا_{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}(1) ،{وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ}(2) ، هذا يدلُ على الحصر؛ لأنّه قُدم فيه المعمول،" والله استهدي": ولا استهدي بغيره، "استعينُ": ولا استعينُ بغيره؛ لأنّه العلة ، السبب: لماذا تستهدي الله_جلّ وعلا_ وتستعينُ به، وتستعينهُ ؟
__________
(1) سورة (الفاتحة:5)
(2) سورة( المائدة:23)
(1/24)
لأنّه الهادي، لأنّه الهادي ومن يعينُ؛ لأنّه_جلّ وعلا_ هو الهادي وحدّه، تأكيد بـ(إنّ).
(أن): فُتحت همزتها لدخول حرف الجر، حرف الجر يدخل على المفرد، وهذا في تأويل في حكم المفرد.
(لأنّه الهادي): الها الضمير: معرفة، والهادي الخبر: معرفة، وتعريفُ جزئي الجملة يدلُ على: الاختصاص أيضًا؛ لأنّه الهادي لا هادي سواه مفاد الجملة؛ لكن لو قال: لأنّه هادٍ، ما تدل على الحصر، ولما عرّف جزئي الجملة دل ذلك على الحصر.
(ومن يُعينُ): لأنّه الهادي والذي يُعينُ، وهو_جلّ وعلا_ هو الذي يُعين.
(من): هذه موصولة؛ لأنّه الهادي وهو الذي يُعينُ، لأننا نستعين به لأنّه هو الذي يُعين، ومن يعينُ إذا أردنا أن نجعلها استفهام، ومن يعينُ؟ قدرنا: سواه.
(ومن يُعينُ):يعني سواه، ولسنا بحاجة إلى التقدير إذا صحَ المعنى دونَهُ؛ لأن ما لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يُحتاج إلى تقدير، فهو _جلّ وعلا_ الهادي وحدهُ، والهدايةُ بيدهِ، وقد نفى الهداية عن نبيهِ_عليه الصلاة والسلام_:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}(1) ،{إِنَّكَ لَا تَهْدِي} فنفاها عن أعظم الخلق، وأشرف الخلق، وأكمل الخلق فمن دونهم من باب أولى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} فضلاً عن أن تهدي من لا تُحب، وأثبتها له في موضع آخر فقال_جلّ وعلا_: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }(2) ، فالهداية المنفية غير الهداية المثبتة، الهداية المنفية غير الهداية المثبة:
__________
(1) سورة (القصص:56)
(2) سورة (الشورى:52)
(1/25)
_ فالهداية المنفية هي: هداية التوفيق والقبول، فالنبي_عليه الصلاة والسلام_ يهدي بمعنى يدل ويُرشد، أتباعه يهدون؛ لكن هل يوفقون للقبول؟ لا، بدليل النبي_ عليه الصلاة والسلام_ حرص على هداية عمه، ((ياعم قل:لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله))، ولم يقُل، ما استطاع_عليه الصلاة والسلام_ مع أن عمه خدم النبي_عليه الصلاة والسلام_ ودافع عن النبي_ عليه الصلاة والسلام_، وخدم دعوة النبيّ، ومع ذلك:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.
_ أما هداية الدلالة والإرشاد فهذه للأنبياء، وهي أيضًا لإتباعهم ممن يدعو على سبيلهم ممن اتبعهم:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}(1) ، فهم يهدون النّاس بمعنى يدلونهم، ويرشدونهم؛ لكن ليس بأيديهم أن [أن] يجعلوا هؤلاء النّاس المدعوين يقبلون ويهتدون، لا هذه بيد الله _جلّ وعلا_، والأجور إنما رُتِبت على مجرد بذل السبب؛ فالنتائج بيد الله_جلّ وعلا_، ومن نعم الله_جلّ وعلا_ إنّه علقَ الأجور ورتبها على مجرد بذل السبب.
قد يقول قائل: إنّه يدعو، يدعو النّاس ليل ونهار، سرّ و جهار، على كافة المستويات وبشتى الوسائل والطُرق ومع ذلك ما هدى أحد؟
نقول: ليس لك على هذا الأمر القلوب بيد الله_جلّ وعلا_ عليك أن تبذُل السبب وقد بذلت فأجرُك ثبت، وقل مثل هذا في الإنكار، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وما تغير شيء، يترك؟ ما يترك؛ لأن أجرهُ مُرتب على مُجردِ بذل السبب، كون المنكر يرتفع هذا مطلوب؛ لكن ليس بيدك النتائج بيد الله_جلّ وعلا_ والمُسَبَبات إليه_جلّ وعلا_. والله أعلم
وصلّى الله وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________
(1) سورة (يوسف:108)
(1/26)
الزمزمي: ليس بالعالم المشهور الذي دونت ترجمتهُ وفُصلتْ، إنّما يوجد كلام مختصر، يوجد كلام مختصرفي "النور السافر"، وفي "شذرات الذهب"، وفي "الأعلام للزركلي"، في "معجم المؤلفين" كلام مُقتضب، وتُرجم له في مُقدمة الشرح، وبالإمكان تعريفهُ بسطرين أو ثلاثة، مُجرد كشفٌ يسير عن حياتهِ، قالوا في ترجمته:" عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز الشيرازي الأصل المكي الشافعي، المعروف بـ:الزمزمي، لَقبُه: عزّ الدين، ولد سنة: تسعمائة، له مؤلفات مُختصره منها: هذه المنظومة الطيبة المباركة في علوم التفسير، ومنها أيضًا:فيض الجود على حديث شيبتني هود، ومنها: "الفتح المبين في مدح شفيع المذنبين"، [في مدح شفيع المذنبين]، اختلف في سنة وفاته: فالذي في شذرات الذهب، معجم المؤلفين: توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة، [ثلاث وستين وتسعمائة]، يعني عن: ثلاث وستين سنة، والذي في الأعلام للزركلي وبعض المصادر قالوا: توفي سنة ست وسبعين وتسعمائة،[ست وسبعين وتسعمائة]، وعلى كل حال وإن لم يُشهر ويُذكر ويُفصل في ترجمته إلا أن منظومته نافعةٌ جدًا، وإن لم تكن أُصولها منه؛ لكنه نظم ما في "النُقاية" مما يتعلق بعلوم القرآن، ونظمه جيد وجميل يُستفاد منه".
الشيخ: نعم.
الطالب:الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، اللهمّ اغفر لشيخنا، وللحاضرين، والمُستمعين.
قال الناظم: حدّ علمِ التفسير
عِلْمٌ بِهِ يُبْحَثُ عَنْ أَحوالِ ... كِتابِنا مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ
ونَحْوِهِ ، بالخَمْسِ والخَمْسِينا ... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... وبَعدَها خاتِمَةٌ تَعُودُ
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
...........................................................................................................
(1/27)
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..... أما بعد
فيقول المؤلف_رحمه الله تعالى_ في حدّ علم التفسير، و(الحدّ): هو التعريف، الحدّ هو التعريف، وجمعُه حدود، والتعاريف يُعنى بها أهل العلم عنايةً فائقة يُحررونها، ويُجودونها، ويذكرون القيود المدخلة والمُخرجة؛ ليكون التعريف جامعًا مانعًا، ويذكرون المُحترزات، فهم يضبطونها ويُتقنونها، والعنايةُ بالحدود والتعاريف وُجِدت في المُتأخرين أكثر، أما سلف هذه الأمّة فلا يذكرونها إلا نادرًا؛ لأن المصطلحات لا يختلفون فيها، فمن احتاج إلى تعريف الصلاة، عند المتقدمين لا يتعرضون لتعريف، لا يتعرضون لتعريف الزكاة، ولا الصوم لأنها أمور عملية معروفة، وتعريف وحدّ بعض الأمور مما يزيد في غموضه وخفائه، أمور قد تكون، بعض الأمور تكون معروفة بين النّاس فإذا عرّفت ضاعت، لو بحثت في مصنفات المتقدمين ما وجدت تعاريف إلا القليل النادر الذي تختلف حقيقته الشرعية عن حقيقته العُرفية، يحتاجون إلى بيان شيء من هذا، وأما المُتأخرون فجعلوا الحدّ ركن ركين وأساس في [التعريف] في التعليم، والتًعلُم والتأليف؛ فلا يتكلمون عن شيء إلا بعد تعريفه، ويقولون: أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور لا يكون إلا بالحدّ، لكن قد يكون الشيء مُتصور؛ فمن يحتاج لمعرفة الماء؟، عرّفوا الماء!، عرّفوه بأنّه: مركب من كذا وكذا وذكروا أشياء جُل النّاس لايعرفُها، وعرّفوا السماء، وعرّفوا الأرض، وعرّفوا الهواء، وعرّفوا....، كلّ هذه لا تحتاج إلى تعريف، ولهم تقسيمات للحدود والرسوم؛ لكن سلف هذه الأمّة لا يُعنون بها، وإذا قامت الحاجة إلى تعليم شيء فلا بد من تعريفه، وإذا كيف يُتكلم عنه ويُبحث عن حُكمهِ وهو لا يُعرف ؟
يقول في حدّ علم التفسير: علمٌ به يُبحث عن أحوال كتابنا من جهة الإنزالِ ونحوهِ.
(1/28)
(علمٌ به يُبحث عن أحوال): علم التفسير، وعلوم القرآن، وأصول التفسير تُطلق ويراد بها علم واحد على ماتقدم نظير إطلاقات علوم الحديث؛ فهذا العلم (يبحثُ عن أحوال كتابنا):ذكرنا بالأمس عند قوله:
(ضمنتُها علمًا هو التفسيرُ): أنّه لا يريد بذلك التفسير التفصيلي للآيات، وإنما يريد ما يتعلقُ بالقرآن إجمالاً، نظير ما يُبحث في أصول الفقه وعلوم الحديث من حيث الإجمال، فيُبحث به عن الأحوال، وإذا أردنا أن ننظر علوم التفسير، أو علوم القرآن، مع التفصيل بعلوم أُخرى قلنا: أن علوم القرآن بمنزلةِ علم النحو، الذي يُبحثُ فيه عن أحوال الكلمة وعوارضها، والتفسير نظير علم الصرف الذي يُبحثُ فيه عن أجزاء الكلمة وحروفها، ولو أبعدنا قليلاً لقلنا أن علم التفسير وعلوم القرآن نظير علم الطب، يُبحثُ فيه عن أحوال المرض، مسببات المرض وعلاج المرض.
والتفسير التفصيلي: نظير علم التشريح، هكذا قالوا، والتنظير شبه مُطابق.
قد يقول قائل: إن من التفسير ما هو إجمالي وليس بتفصيلي؛ فهل يدخل في علوم القرآن التفسير الموضوعي مثلاً، تجمع آيات تبحث في موضوعٍ واحد؛ فهل نقول:هذه تدخل في علوم القرآن أو في التفسير؟
ونقول: التفسير ينقسم إلى قسمين:
_تفسير موضوعي.
_وتفسير تحليلي.
أو نقول:
_تفسير إجمالي.
_وتفسير تفصيلي.
هذه مُدخلة في التفسير نفسه لا في علم التفسير، المقصود أن علم التفسير، وعلوم القرآن علم يُبحث به عن أحوال كتابنا الذي هو القرآن العزيز من جهة نزوله ونحوهِ مما يُذكر في العقود الستة:
العقد الأوّل: يقول: ما يرجع إلى النزول زمانًا ومكانًا.
والنزول، والإنزال، والتنزيل بمعنى واحد، من جهة إنزاله، هل هو:
_ مكي ولا مدني.
_ سفري ولا حضري.
_صيفي ولا شتائي.
_ ليلي ولا نهاري.
(1/29)
من جهة وقت إنزاله، ومن جهة مكان إنزاله، وكيفية النزول لأنواع الوحي مثلاً، وغير ذلك مما يتعلق بالقرآن من المسائل والأنواع التفصيلية التي يأتي ذكرها _إن شاء الله تعالى_؛ ولذا قال:
........................... ... ..... مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ
ونَحْوِهِ ، بالخَمْسِ والخَمْسِينا ... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
لكن هذا الحصر استقرائي شامل لا يقبلُ المزيد، ولا النقص أو هو قابل للمزيد والنقص ؟، يعني: هل القسمة حاصره إلى خمسةٍ وخمسين ؟ ، أو أنّه قابل للزيادة ؟
هو تبع في ذلك "النُقاية" و "النُقاية" أُلفت لمُبتدئين، واقتُصر فيها على الأنواع دون بعض، وإلا فمُؤلف "النُقاية" السيوطي ذكر في التحبير مائة ونوعين، قريب من الضعف مما ذكرهُ هنا، وفي "الإتقان" قلت الأنواع لكنها زادت على ما عندنا كثيرًا؛ لأنه ضم بعضُها إلى بعض، وفي بعضها من التشابه ما يمكن ضمه إلى الآخر.
........ بالخَمْسِ والخَمْسِينا ... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
لماذا ما قال بالخمسةِ والخمسينا، أو خمسةٍ وخمسين، هذا يُؤيد كونه إذا قلت:جاء خمسةٌ وخمسون رجُلاً، ولو كانت نساء نقول: جاء خمسٌ وخمسون امرأة، وهنا إذا كان التميز نوعًا بالخمسةِ والخمسين نوعًا لابد أن نأتي بالتاء، إذا حُذف التميز جاز التذكير والتأنيث ((من صام رمضان واتبعهُ ستًا من شوال))، لو ذُكر التميز فهي: أيام، فلابد أن يُقال: واتبعهُ ستةَ أيامٍ من شوال، مادام التميز غير مذكور يجوز التذكير والتأنيث .
ونَحْوِهِ ، بالخَمْسِ والخَمْسِينا ... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
(قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا): وعرفنا ما في هذا الحصر من إمكان الزيادة، وقد وجدت الزيادة.
(حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا): يعني أهم أنواعه مما يحتاجه الطالب المبتديء.
(وقَدْ حَوَتْهَا): أي حوت هذه الأنواع.
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... ......................
(1/30)
نظم هذه الأنواع كلّ مجموعة منها عشرة أو تزيد أو تنقص، كلّ مجموعة منها في عقد، مجموعة مُتشابهة جعلها في عقدٍ واحد؛ فصارت العقود ستة، وهي: الأبواب التي تتفرع عنها الفصول؛ فالعقود بمثابة الأبواب، والأنواع الداخلة في هذه العقود بمثابة الفصول
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... وبَعدَها ...........
بعد هذه العقود الستة خاتمة.
................. ... ...........خاتِمَةٌ تَعُودُ
ختم بها المنظومة، (وقبلها): يعني قبل العقود الستة، لابد من مُقدمة، هذه خِطتة المنظومة التي جرى عليها الناظم، كلّ إنسان يريد أن يؤلف لابد أن يضع بين يديه خِطة يسير عليها، والبحوث التي يُكلف بها الطلاب، يُكلف قبل ذلك بوضع خِطة، ويذكر في الخطة تمهيد أو مقدمة، وأبواب، وفصول، وخاتمة، والآن رسم الخِطة [رسم الخِطة].
يقول:
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... وبَعدَها خاتِمَةٌ تَعُودُ
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... .....................
فالمنظومة تشتمل على مقدمة، والأصل أن تكون المُقدمة في صدر الكلام، إذ كيف تكون مُقدمة وهي مُتأخرة عن بعضِهِ، وهذا كلام يُشكل أحيانًا يكتب الإنسان صفحتين يُبين فيه مزايا البحث وسبب الإختيار، ثمّ يقول: ويشتملُ هذه البحث على مقدمة، وثلاثة أبواب، وخمسة أبواب وخاتمة، طيب واللي تَقدم ويش يصير؟
مثل ما عندنا:(تَبارَكَ المُنْزِلُ للفُرقانِ .... إلخ)، في تسعة أبيات قبل المُقدمة [قبل المُقدمة] الأصل في المقدمة، وهي تُقال: بكسر الدال وفتحها، مُقدِمة، ومُقدَمة،[مُقدِمة، ومُقدَمة]، بفتح الدال وكسرها.
(1/31)
(ومُقدَمة): لأن المؤلف قدمهابين يدي كتابه، ومن لازم التقديم أن يكون في الصدر، يعني هل تستطيع إذا دخل خمسة، ستة، سبعة يوم دخل شخص اسمه زيد مثلاً، وقبله خمسة أشخاص ثمّ دخل بعدهُ مائة، أن تقول: مُقدمهم زيد، قبله ستة أو سبعة أو عشرة، لاتستطيع أن تقول: مُقدَمهم زيد ؛ إذاً كيف تكون مُقدَمة وهي قبلها تِسعة [أبواب]، تسعة أبيات؟
طيب لو قلنا حُكمًا لقلنا إن الأبيات التسعة السابقة داخلة في هذه المقدمة، وإن تقدمت عليها لفظًا وهي غير داخلة، نعم... تقديم نعم، (وهذه مُقدمة): تقديم مُقدمة ما زال الإشكال لأنّه لو قلنا: مُقدِمة أنّها تقدمت غيرها من الكلام.
وإذا قلنا أنّها مُقدَمة قلنا: أنّها قُدمت على غيرها من الكلام، نعم ، ولا يلزم عليه الدور، نعم.
المقدمات في الكتب ألا يكون من المُفترض أن تتقدم الكتاب، مثل ما نظرنا، لو افترضنا أنّه الآن دخل مائة شخص دخل الأوّل، والثاني، والثالث، والتاسع، والعاشر، ثمّ دخل زيد ثمّ دخل بعدهُ تُسعون تستتطيع أن تقول: دخل مائة شخص يتقدمهم زيد، أو مُقدمهم زيد؟ ما تستطيع نعم.
نعم، يعني تمهيد أو مدخل إلى المُقدمة، على كلّ حال هذا من التحايل وإلا لابد أن نُغير في لفظ المقدمة، إذا لاحظنا أن لفظها من التقديم، وهي مُقَدمة بين يدي الكتاب، أو البحث لابد من التَصرُف فيها.
... مُقدِمة للعلم، وما قبلها ؟ مُقدمة للمتن.
والمتن وشه؟ (...) وما تَقدمها علمٌ به يبحث عن أحوال كتابنا من جهة الإنزال، على كلّ حال هو لابد من التجوز في مثل هذا، لابد من التجوز في مثل هذا الكلام.
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... .....................
عرفنا أنّه تُقال بكسر الدال وفتحها.
........................ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
(1/32)
هذه المُقدمة (ببعض ما خُصص فيه مُعلمَه)، تُخبرُك هذه المُقدمة، أو يُخبرُك المؤلف من خلال هذه المُقدمة ببعض ما في الكتاب(1).
تخبرك هذه المقدمة أو يخبرك المؤلف من خلال هذه المقدمة ببعض ما في الكتاب. تكون ملخص أوفيها إشارة إلى موضوع الكتاب وأبواب الكتاب، ومسائل الكتاب على سبيل الإجمال.
الشيخ يحيب: مقدمة الفصل ما فيه بأس؟
طالب يسأل: وقبلها توجد مقدمة ..
الشيخ يجيب: وين؟
الشيخ: وقد حوتها الأنواع الخمسة والخمسين:
ونَحْوِهِ ، بالخَمْسِ والخَمْسِينا ... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... وبَعدَها خاتِمَةٌ تَعُودُ
وقَبْلَها ............ ... ....................
هو قوله: (قبلها): ترى فيه شيء من الحل للإشكال؛ يعني مثل ما قلنا في كلام الحافظ العراقي :
من بعد حمد الله بالآلاء ... .....................
قلنا: أنه المتقدم حكماً. وهنا قوله:
(وقبلها لابد): قلنا: أنه يمكن أن يقال: أنه المتقدم حكماً. لكن إذا انحل الإشكال فيما بين أيدينا ما ينحل في سائر البحوث التي على هذه الطريقة. يذكر لك صفحتين وثلاث في تمهيد يبين فيه سبب اختياره الموضوع ثم يقول: مقدمة. لكن نعود مرة ثانية إلى خطط البحوث، وإن كان هذا الجدوى منه قليلة ويعوقنا لكن نختصر.
إذا جئنا إلى البحوث وقال: مقدمة يُذكر فيها سبب اختيار الموضوع، وخطة البحث ثم يفصل الخطة ويقول: مقدمة. الخطة تشتمل على مقدمة. دار مرة ثانية فلابد من أن تُضبط الألفاظ، لابد من ضبط الألفاظ.
(ببعض ما خصص فيه..):
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
__________
(1) انتهت مادة الشريط الأوّل.
(1/33)
يعني: المقدمات ينبغي أن تشتمل على المصطلحات المستعملة في الكتاب؛ لأن كثير من المؤلفين لهم اصطلاحات في كتبهم ؛ [لهم اصطلاحات في كتبهم]؛ لابد من بيانها في المقدمات وإلا فالطالب يقرأ، فهم هذه الاصطلاحات له أثر في فهم الكتاب، وتمرّ والطالب ما يدري عن شيء.
يعني: الفقهاء حينما استعملوا بعض الحروف للخلاف، بعض الحروف استعملوها للخلاف قالوا:
_ (لولا): للخلاف القوي.
_ و(حتى): للخلاف المتوسط.
_ و(إن): للضعيف. وما تبين في مقدمات الكتب، استعملوها وما بيّنوها في مقدمات كل كتاب، الطالب يقرأ الكتاب وهو ما يدري.
فيه كتاب اسمه :"مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثير في الأحكام" هذا استعمل رموز في الكتاب لا تُحل إلا من خلال الإطلاع على المقدمة. إذا جاء صدر الحكم باسم فاعل فيريد فلان.خلاف فلان وفلان إذا صدره بالمضارع فيريد فلان. إذا صدره بكذا يريد فلان. وله رموز وحروف هذه لابد من معرفتها والإطلاع عليها.
الحافظ العراقي بيّن في مقدمة الألفية اصطلاحهُ:
فحيث جاء الفعل والضمير ... لواحدٍ ومن له مستور
كقال، أو أطلقت لفظ: الشيخ ... ما أريد إلا ابن الصلاح مطلق
وإن يكن لاثنين نحو التزما... ... ...........................
هذه اصطلاحات بيّنها المؤلف في مقدمة النظم. وهنا:
(ببعض ما خصص فيه معلمه) : هل يريد أن يبين اصطلاح، أو يريد أن يبحث في هذه المقدمة بعض ما خُصص بحثه في هذا العلم؟
(ببعض ما خصص فيه) : يعني في هذا العلم (معلمه):ومخبراً. ولذا عرف القرآن، وعرف السورة، وعرف الآية، وحكم ترجمة القرآن، وحكم روايته بالمعنى، وحكم تفسيره بالرأي، وبالأثر. هذه أمور متعلقة بالقرآن ، وهي تُبحَث في هذا العلم، واشتملت عليها المقدمة؛ولذا قال:
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
(1/34)
وإلا فالأصل أن هذه البحوث من أهم أنواع علوم القرآن، فقد يقول قائل: لماذا لا تكون المقدمة هي الباب الأول، أو العقد الأول؟
لأن فيها مباحث مهمة جداً. لكنه قال:
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
يعني لو استعمل المقدمة لمسائل من أهم مسائل هذا العلم المفترض أن تبحث في باب مستقل أو عقد مستقل ؛ لأنه من أهم ما يبحث في هذا العلم؛ لأن فيه تعريف للقرآن، إعجاز القرآن، تعريف السورة تعريف الآية، ترجمة القرآن، قراءة القرآن بغير العربية، رواية القرآن بالمعنى. هذه مسائل من أهم المهمات، من عضل المسائل. فهذه موضوع الباب الأول. وهذا هو الأصل؛ لأن الباب عندهم، الأبواب عندهم إنما تجعل للمسائل الكبرى، يليها ما تحويه الفصول. أما المقدمات في الغالب فلا يُدخَلُ فيها في صلب البحث أو صلب الكتاب. على كل حال على هذا رتبه.
قال-رحمه الله- مقدمة:
(فذاك): الإشارة تعود إلى كتابنا.
عِلْمٌ بِهِ يُبْحَثُ عَنْ أَحوالِ ... كِتابِنا .................
(فذاك): يعني كتابنا
فذاكَ مَا عَلى مُحَمَّدٍ نَزَلْ ... ........................
يعني المنزل على النبي-عليه الصلاة والسلام-القرآن هو-على ما تقدم أيضاً الفرقان-المنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم- لا على غيره من الأنبياء : فيخرج بذلك ما نزل على غير محمد-عليه الصلاة والسلام-كالتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف موسى، وصحف إبراهيم وغير ذلك من الكتب التي الإيمان بها ركن من أركان الإيمان؛ لكن البحث هذا خاص بالقرآن المنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم-ولا يشمل الكتب السماوية الأخرى.
.......................... ... ومِنْهُ الإعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ
(1/35)
(الإعجاز) يعني: اكتفى بتعريف القرآن أنه المنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم-الذي حصل به الإعجاز. نزل على النبي-عليه الصلاة والسلام-ليُبلغ به أمةً اشتهرت بالفصاحة والبلاغة، وحصل التحدي بالقرآن المعجز في ألفاظه ومعانيه وأحكامه وحكمه وأسراره فهو معجز من كل وجه.
الإعجاز: يعني الإعجاز يمكن به تمييز القرآن عن غيره. المنزل على محمد يخرج به الكتب السماوية المنزلة على غيره-عليه الصلاة والسلام-لكن هل يخرج السنة؟
لا يخرج السنة؛ لأنه-عليه الصلاة والسلام_ {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4}(1) وفي قضايا كثير يُسأل النبي-عليه الصلاة والسلام-عن شيء فينزل جبريل بالوحي مما ليس في القرآن بل من السنة.
فالقيد الأول: يخرج الكتب السابقة.
والثاني: (ومنه الإعجاز بسورة حصل): يخرج الحديث النبوي، والحديث القدسي. يخرج الحديث القدسي المضاف إلى الله-جل وعلا-المنزل على رسوله-عليه الصلاة والسلام- من غير قرآن. ومن باب أولى: يخرج الحديث النبوي.
.......................... ... ومِنْهُ الإعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ
(الإعجاز بسورة): الله-جل وعلا-تحدى المشركين أن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا، تحداهم أن يأتوا بعشر سور فلم يستطيعوا، تحداهم أن يأتوا بسورة ولو كانت أقصر السور. يعني عجزت العرب {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }(2) : عجزوا عن أن يأتوا بكلامٍ بماثل سورة الكوثر التي هي أقصر السور،[ أقصر السور].
فهل تحداهم بآية؟
نعم.... لا لم يتحداهم بآية؛ لماذا؟
__________
(1) سورة (النجم:3-4)
(2) سورة (الإسراء:88)
(1/36)
نعم.... لأن قد تكون الآية كلمة واحدة والعرب ينطقون بكلمة. نطقوا بكلمة واحدة وبجلة يوجد نظيرها في القرآن. يعني العرب لا يعجزون أن ينطقوا بكلمة مُعجزة؛ مثل: ( مدهامتان ) -مثلاً-ومثل قوله-جل وعلا-:( ثم نظر ). يعني هل العرب يعجزون أن يقولوا: ثم نظر. يعني ما قيلت هذه قبل القرآن. لكن ومع ذلك مع كونه ما تحداهم بآية هذه الآية في موضعها معجزة؛ لا يقوم مقامها غيرها. في مقامها وإن لم يحصل التحدي بها. وبإمكانك لو كان في غير كلام الله-جل وعلا- تِشيل:( مدهامتان ) تأتي بغيرها ما يمكن أن تؤدي المعنى الذي أدّته في هذا الموضع. وقل مثل هذا في :( ثم نظر ). فالإعجاز حاصل على كل حال. وعجزوا مع أنهم أرباب البلاغة، وأصحاب الفصاحة، يعني كلامهم أفصح الناس،[ أفصح الناس]. وعجزوا مع أن الله-جل وعلا-أقدرهم على هذه الفصاحة والبلاغة لكنهم أذعنوا وعجزوا وصرحوا بعجزهم. ولا يقال في مثل هذا مثل ما يقوله المعتزلة: أنهم قادرون على ذلك لكن الله_جلّ وعلا_ صرفهم عن ذلك، [صرفهم عن ذلك]، وإلا لو صُرفوا عن ذلك ما كان تحدي، لقلنا: إن بإمكانهم أن يأتوا بمثله؛ لكنهم عجزوا بالصرفة كما يقولون.
المعرّي له كتاب اسمه :"الفصول والغايات" كتاب مواعظ قالوا عنه: أنه في بداية الأمر قال في اسمه أنه :"الفصول والغايات في معارضة الآيات" وهو رمي بالزندقة الرجل، هو رمي بالزندقة، وعنده من عظائم الأمور ما عنده، ثم غُيّر اسم الكتاب إلى :"الفصول والغايات في المواعظ البريات"؛ لكن من قرأ هذا الكتاب عرف قيمة الكتاب ومؤلف الكتاب، وعرف حقيقة العجز البشري، لو اجتمع العرب كلهم على معارضته ما استطاعوا، ومسيلمة الكذاب ذُكر عنه شيئاً يعارض به القرآن فأتى بالمضحكات، أتى بالعجائب والمضحكات.
.......................... ... ومِنْهُ الإعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ
وأقل السور ثلاث آيات؛ سورة الكوثر. فيحصل التحدي بثلاث آيات أو بقدرها من الآيات الطويلة.
(1/37)
(والسُّورَةُ الطائِفَةُ المُتَرْجَمَةْ ) هذا تعريف للسورة، وهي مأخوذة من:
_ السور؛ سور البلد لإحاطتها بجميع الآيات المذكورة تحتها.
- أو من السؤر؛ وهو البقية فهذه السورة بقية من القرآن دون سائره.
وعلى كل حال: (والسورة: الطائفة المترجمة): مترجمة، وش مُترجمة؟
يعني لها ترجمة، لها عنوان. سورة الفاتحة، سورة البقرة. وبعضهم كالحجاج-مثلاً-والحجاج رغم ما أثر عنه من ظلم ومخالفات إلا له عناية فائقة بالقرآن. له عناية بالقرآن. يقول الحجاج-ويؤثر عن بعض السلف-:( أنه لا يجوز أن تقول: سورة البقرة، إنما تقول: السورة التي يذكر فيها البقرة ) لماذا؟
لكي تتم المطابقة بين الترجمة وما ترجم عليه. إذا قلت: سورة البقرة ما تشكل قصة البقرة من سورة البقرة؟ آيات. يعني واحد على خمسين من السورة، [ واحد على خمسين من السورة]، فكيف يترجم بهذه النسبة على السورة بكاملها؟ لابد أن نقول: التي تذكر فيها البقرة. هذا من ذهب إليه من قال بهذا القول.
لكن هذا القول مردود؛ لأن:
_التعبير بسورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة كذا، وسورة كذا جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي-عليه الصلاة والسلام-.
_والبخاري أورد من الردود على هذا القول ما أورد ومن ذلك حديث ابن مسعود حينما رمى الجمرة ووقف طويلاً وقال:"ههنا وقف من أنزلت عليه سورة البقرة"، "سورة البقرة" . والنصوص في هذا كثيرة جداً.
فالقول الأول لا اعتبار به. وعلى فهذا يجوز أن نقول: سورة البقرة.
والسور جاء في أسمائها أحاديث، فمن هذه الأسماء ما هو:
_ توقيفي.
- ومنها: ما هو اجتهادي؛ نظراً إلى محتوى السورة.
فمثلاً: سورة التوبة توقيفي، لكن سورة الفاضحة-مثلاً-توقيفي وإلا اجتهادي؟ اجتهادي ؛نظراً لأنها فضحت المنافقين؛ فسماها بعض السلف الفاضحة.
والسُّورَةُ الطائِفَةُ المُتَرْجَمَةْ ... ثَلاثُ آيٍ لأَقَلِّها سِمَةْ
(1/38)
ثلاثة آيات، سورة الكوثر ثلاثة آيات. {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ{1} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ{2} إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ{3}(1) ثلاث آيات، لكن هل التعداد وكونها ثلاث على اعتبار أن البسملة آية منها أو على غير ذلك؟
جواب الشيخ: على غير اعتبار أن البسملة آية منها.
- ومن أهل العلم من يرى أن البسملة آية من كل سورة من سور القرآن.
- ومنهم: من يرى أنها ليست بآية، ولا في سورة واحدة من سور القرآن .
- ومنهم: من يرى أنها آيةٌ واحدة ٌ نزلت للفصل بين السور.
فالشافعي يرى أن البسملة آية من سورة الفاتحة. ومنهم: من يرى أنها آية من كل سورة من سور القرآن؛ بما في ذلك الكوثر، فتكون أربع آيات على هذا.
لكنهم يُجمعون بأنها ليست آية في أول التوبة، وأنها بعض آية في سورة النمل،[ بعض آية في سورة النمل]. هذا محل إجماع، والخلاف فيما عدا ذلك. فهل هي مئة وثلاث عشرة آية، أو آية واحدة أو ليست بآيةٍ أصلاً ؟
والخلاف معروفٌ بين أهل العلم. ومن أقوى الأدلة الإجماع في الطرفين،[ ومن أقوى الأدلة الإجماع في الطرفين]، كل من الطرفين ينقل إجماع ويعتمد ويستند على إجماع.
فالذي يقول هي آية :بما يستدل؟
يقول: أجمع الصحابة على كتابتها في المصحف؛ولولا أنها آية ما جَرؤوا على أن يُدخِلوها في المصحف.
والذين يقولون أنها ليست بآية استدلوا:
بالإجماع على أنها لو كانت آية لما جاز الاختلاف فيها،[ لما جاز الاختلاف فيها]، لو خالف شخص في حرف من القرآن المجمع عليه إيش يصير مآله؟ يكفر عند أهل العلم؛ لأن القرآن مصون من الزيادة والنقصان.
والذي يقول أنها آية نزلت للفصل بين السور: وهذا المرجح عند شيخ الإسلام، وجمع من أهل العلم يخرج من الإجماع، وكأن هذا أقوى الأقوال.
والسُّورَةُ الطائِفَةُ المُتَرْجَمَةْ ... ثَلاثُ آيٍ لأَقَلِّها سِمَةْ
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... ...................
__________
(1) سورة (الكوثر)
(1/39)
(الآية): الأصل أنها العلامة. والآيات لبدايتها ونهايتها علامات. فلا تمتزج بغيرها.
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ ، والمَفْضُولَةْ
(مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ ): آية مفصولة عن غيرها؛ عما تقدمها وعما تأخر عنها. فهي مميزة الأول والآخر؛ لكن قد يكون التمييز ظاهر لكل أحد، وقد يخفى على بعض النّاس إذا تعلقت الآية الثانية بالأولى، تعلق الصفة بالموصوف، تعلق الجار والمجرور بمتعلقه :{ َلعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ - فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}(1)، نعم ، آية النور، وآخر النور :{ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ - رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ }(2)، قد يخفى انفصال الآية وانفكاكها عما قبلها على بعض الناس، ولا سيما أن الكتابة في السابق قد لا يتميز فيها. ووجد في بعض المصاحف مدرجة كذا بدون فواصل.
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ .......
(من كلمات): وقد تكون الآية من كلمةٍ واحدة؛ كما قالنا في ( مدهامتان )، أو من كلمتين( ثم نظر ). ومنها: ما هو أكثر من ذلك.
(والمفضولة منه) ...................
هذا سؤال هنا: يقول: التعريف المشتهر للحديث القدسي: هو كلامٌ معناه من الله-سبحانه وتعالى-ولفظه من النبي-صلى الله عليه وسلم-أليس في هذا مدخل للأشاعرة الذين يقولون: أن الكلام نفسي لله-سبحانه وتعالى-؟
أولاً: القرآن قبل ذلك كله:
- يطلق ويراد به: اسم المفعول: المقروء، المتلو.
- ويطلق ويراد به: القراءاة.
المقروء، والقراءاة. فالمقروء هو القرآن. والقراءة يقال لها: قرآن. كما قال الشاعر في عثمان-رضي الله عنه-:
ضحى بأشمط عنوان السجود به ... يقطع الليل تسبياحً وقرءاناً
يعني قراءاة . هذا القران المنزل على محمد-عليه الصلاة والسلام-المعجز الذي سبق الحديث عن إعجازه.
علاقته بالكلام النفسي-الذي يقوله الأشعرية-:
__________
(1) سورة (البقرة:219_220)
(2) سورة (النور37_36)
(1/40)
أولاً: الله-جل وعلا-كما هو معتقد أهل السنة والجماعة: يتكلم بحرف وصوت مسموع. جاءت النصوص على أن جبريل يسمع كلام الله ( مسموع ) .
الله-جل وعلا-يتكلم متى شاء إذا شاء؛ فكلامه وإن كان قديم النوع إلا إنّه مُتجدد الآحاد، أفراده متجددة يتكلم متى شاء إذا شاء.
وعند الأشاعرة الذين يقولون بالكلام النفسي يقولون: كلامه واحد، تكلم في الأزل ولا يتكلم بعد ذلك، ولم يتكلم بعد ذلك، وكلامه واحد.
رد الشيخ:هذا الكلام الواحد؛ إن عُبر عنه بالعربية صار قرآناً، وإن عبر بالعبرانية صار توراة، وبالسريانية يصير إنجيل!
إذاً الشرائع متطابقة؛ جميع الأحكام التي جاءت في التوراة-على هذا الكلام-هي جميع الأحكام من غير زيادة ولا نقصان جاءت في الإنجيل؛ إذن هي جميع الأحكام التي جاءت في القرآن، ولا فرق.
(1/41)
يعني في التوراة سورة "تبت" إلا أنها بالعبرانية!، وفي الإنجيل سورة "تبت" إلا أنها بالسريانية! يعني على كلامهم. والنبي-عليه الصلاة والسلام-لما نزلت عليه سورة اقرأ في الغار وذهب-عليه الصلاة والسلام-بها ترجف بوادره، أو يرجف فؤاده-عليه الصلاة والسلام-ثم التقى بورقة بن نوفل وقرأها عليه-ما أنزل عليه-وشهد له بالرسالة، وكان ورقة كما في الحديث الصحيح قد قرأ الكتب السابقة من التوراة والإنجيل. وكان يترجم هذه الكتب. يقرأ الكتاب العربي فيترجم هذه الكتب السابقة من العبرانية والسريانية إلى العربية. لما قرأ عليه سورة اقرأ النبي-عليه الصلاة والسلام-قرأها بالعربية، وهو يعرف العبرانية و السريانية، ويعرف التوراة والإنجيل، ويترجمها من لغةٍ إلى لغة. هل قال هذا موجود عند من تقدمت من الرسل؟ هل سورة اقرأ موجودة في التوراة وموجودة في الإنجيل باللغات الأخرى؟ قال:"هذا الناموس الذي أنزل على موسى": يعني جبريل،[ يعني جبريل]، فبداهة العقول لايمكن أن يقول قائل: أن الأحكام الموجودة في القرآن بما في ذلك ما اقتضته الحاجة المتأخرة؛ لأن من القرآن ما نزل بسبب واقعة؛ يعني قصة الظهار-مثلاً- في هلال بن أمية، أو قصة اللعان في عويمر العجلاني-مثلاً-هل يقال: إن هذه القصة حصلت لليهود والنصارى بلغاتهم؟ هل يمكن أن يقول هذا عاقل؟ يمكن أن يُقال هذا؟
فهذا قولٌ باطل،[ قولٌ باطل]، ففي التوراة ما يخصها من الأحكام، وفي الإنجيل ما يخصه، وفي كتابنا ما يخصه. ويستقل كتابنا بالإعجاز والحفظ؛ فكتابنا محفوظ تكفل الله بحفظه إلى قيام الساعة، إلى أن يرفع، وكتبهم استحفظوا عليها فلم يحفظوها.
(1/42)
وهناك قصة ليحيى بن أكثم القاضي مع يهودي دعاه إلى الإسلام-يحيى بن أكثم القاضي دعا اليهودي إلى الإسلام-فرفض، وغاب سنةً كاملةً ثم حضر على رأس الحول وأعلن إسلامه. فسأله يحيى بن أكثم عن السبب وقال: أنه في هذه المدة نَسخ نُسخ من التوراة وحرف وقدم وآخر وزاد ونقص وباعها على اليهود في سوق الوراقين عندهم فتخطفوها واعتمدوها، ثم بعد ذلك نَسخ نُسخ من الإنجيل وقدم فيها وأخر، وزاد فيها ونقص وعرضها على النصارى في سوق الوراقين وفعلوا بها مثل ما فعل اليهود، صارت عمد عندهم، ثم عمد إلى القرآن فنسخ منه نسخ وزاد شيئاً يسيراً ونقص شيئاً لا يدركه إلا النظر الثاقب فعرضه في سوق الوراقين فكل واحد يطلع على المصحف يرميه في وجهه. يقول: عرفت بهذا أن هذا الدين هو المحفوظ. هذا الدين لا يمكن أن يتلاعب به المرتزقة، مثل التوراة والإنجيل.
ل ما ذكر هذا ليحيى بن أكثم، ويحي بن أكثم حج في تلك السنة وذكر القصة لسفيان بن عيينة، قال: يا أخي هذا منصوص عليه في القرآن.
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }(1) ،تولى الله حفظه فلا سلطان لأحدٍ عليه. وفي الكتب الآخر بما استحفظوا ولم يحفظوا.
أقول: وجوه الرد عليهم كثير، ونكتفي بهذا.
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ ، والمَفْضُولَةْ
مِنْهُ على القَولِ لَهُ كَـ«تَبَّتِ» ... والفاضِلُ الَّذْ مِنْهُ فيهِ أَتَتِ
(كَـ«تَبَّتِ» ***والفاضِلُ الَّذْ مِنْهُ فيهِ أَتَتِ)
(ألذ): من إيش ؟ (من كلمات منه): يعني من القرآن، .
(والمفضولة): يعني منه الفاضلة والمفضولة.
(على القول به): يعني هل في القرآن فاضل ومفضول؟
__________
(1) سورة (الحجر:9)
(1/43)
قالوا: نعم في القرآن فاضل ومفضول. المتكلم هو الله-جل وعلا-بالجميع؛ لكن نظراً لموضوع الكلام يتفاضل. فالآيات أو السور التي تتكلم أو تتحدث عن الله-جل وعلا-أفضل من الآيات التي تتحدث بالأحكام. والآيات التي تتكلم في العقائد-مثلاً-أفضل من الأحكام وهكذا.
وفضلاً عن كونها تتحدث السورة-مثلاً-في قصة رجلٍ كافر كـ( تبت ) وجاء في فضل ( قل هو الله أحد ) سورة الإخلاص، وأنها تعدل ثلث القرآن. وجاء في فضل آية الكرسي وجاء في فضل الفاتحة، وغير ذلك من السور والآيات التي جاءت بها النصوص.
ولا يعني هذا تنقص بعض السور أو قلة الأجر في قراءتها. سورة تبت في كل حرف عشر حسنات كغيرها من السور؛ لكن هل تعدل ثلث القرآن مثل ( قل هو الله أحد )؟ لا، ويقال في مثل هذا الخلاف: مثل ما يقال في التفضيل بين الأنبياء.
الله-جل وعلا-يقول: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(1). والنبي-عليه الصلاة والسلام- يقول:(( لا تفضلوا بين الأنبياء، لا تفضلوني على موسى، لا تخيروا بين الأنبياء، لا تفضلوني على يونس بن متى )) متى يقال مثل هذا؟ متى يمنع التفضيل؟ سواء كان في الآيات أو بين الرسل؟
إذا أدى هذا التفضيل إلى التنقص، إلى تنقص المفضول يمنع. نقول: لا تفضل بين الآيات؛ لأن بعض الناس، لاسيما من بعض الفرق المبتدعة لا يقرأ سورة تبت، ما يقرؤونها، لماذا ؟
لأنها تتحدث في أبي لهب، وعم النبي-عليه الصلاة والسلام-من أهل بيته وعمه، عم الرجل يصير أبيه وهذه إهانة للنبي-عليه الصلاة والسلام-أن نتكلم في عمه.
هذا عندهم-نسأل الله السلامة والعافية-فإذا أدى هذا إلى التنقص فيمنع التفضيل.
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ .........
من القرآن.
.......................... ... .............. والمَفْضُولَةْ
مِنْهُ على القَولِ لَهُ كَـ«تَبَّتِ» ... ...................
__________
(1) سورة ( البقرة:253)
(1/44)
(والمفضولة منه على القول به ): على القول بأن فيه فاضل ومفضول انتهى، الواو استئنافية.
(والمفضولة منه): أي من القرآن.
(على القول به): جواز التفضيل (به كـ( تبت )).
......................... ... والفاضِلُ الَّذْ مِنْهُ فيهِ أَتَتِ
يقال فيه:( الذ) لا سيما في الشعر، يُقال: الذي الذ؛ تحذف الياء.
يقول ابن مالك في ألفيته:-من يستحضر بيتاً؟ -
صوغ من مصوغٍ منه للتعجب ... أفعل تفضيلٍ وأبى الذ منه في
فتحذف الياء للنظم.
......................... ... والفاضِلُ الَّذْ مِنْهُ فيهِ أَتَتِ
( منه): من القرآن. ( فيه): أي في الله-جل وعلا-.
......................... ... ................. أَتَتِ
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ
بغير اللفظ العربي، هل تجوز قراءة القرآن بغير العربية؟
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ .............
تحرم قراءة القرآن بغير العربية، لكن هل يمكن قراءة القرآن بغير العربية؟
عموم الترجمة لأي كلام، هل هناك ترجمة حرفية؟ ممكنة أو غير ممكنة؟
لا، دعنا من كونها ....لكن هل هي ممكنة أو غير متصورة؟ بمعنى: أنك لو أتيت بكلام عربي مقطوعة شعرية أو حديث أو قصة؛ وأعطيتها شخص يترجمها إلى الإنجليزية أو إلى الفرنسية، انتهت الترجمة وألغيت الكلام العربي الأول، لا تطلع عليه الطرف الثالث؛ فتقول للطرف الثالث: أعده إلى العربية، ترجمه إلى العربية. هل يتطابق الكلام الثالث مع الأول؟ إذن الترجمة الحرفية ممكنة أو مستحيلة؟
نعم؛ لأنه ينظر إلى معنى من المعاني يسبق ذهنه إليه وقد يحرف في العنى المترجم لعدم فهمه لمعاني العربية فإذا أريدت إعادته إلى الأصل ما استطاع؛ لأن اللفظة الواحدة في العربية لها عدة معاني.
في الترجمة يقول في قوله تعالى: { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }(1) كيف يترجم إلى غير العربية هذه؟
__________
(1) سورة (البقرة:187).
(1/45)
يمكن تترجم إلى غير العربية بحروفها؟ يعني هل معنى الترجمة أنك تأتي إلى ( هن ) : الهاء وتضع مكانها، ماذا؟ ثم بعد ذلك نفس الحروف حروف مقطعة بمقابل حروف مقطعة وإلا كلمة بكلمة؟
كلمة بكلمة، لا تترجم حرف بحرف. تترجم كلمة بكلمة، والكلمة تحتمل أكثر من معنى فهو يسبق ويهجم إلى ذهنه أول المعاني، فإذا أريد إعادة الكلام إلى العربية يسبق إلى ذهن المترجم كلمة قد لا تكون هي المرادة.
فقال المترجم في قوله-جل وعلا- : { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }؛ قال : أنت بنطلون لها وهي بنطول لك، يمكن هذا. نقول: الترجمة الحرفية مستحيلة، فلا يبقى إلا ترجمة المعاني، وترجمة المعاني لا سيما بالتعبد بالقراءاة، وترتيب الآثار عليها، وتصحيح العبادات بها لا تمكن؛ لأنه لا يمكن الترجمة إلا بتجاوز مرحلتين:
قراءة معنى.
بغير العربية.
ولذا يحرمون أيضاً قراءة القرآن بالمعنى. إذا أجازوا رواية السنة، رواية الحديث بالمعنى، إذا أجاز الجمهور ذلك، وتجويزه للحاجة؛ والحاجة والضرورة داعية إلى ذلك. وكتب السنة شاهدة بذلك؛ القصة الواحدة تذكر على أوجه على ألفاظ مختلفة لكن المعنى والمحتوى واحد، وجماهير أهل العلم على جواز الرواية بالمعنى.
لكن إذا قلنا مثل هذا في الحديث هل ممكن أن نقول مثل هذا الكلام في القرآن المنزل المتعبد بلفظه؟ لا يمكن. لذا يحرم ترجمته؛ لأنه نوعٌ أو فرعٌ عن قراءته بالمعنى فإذا كانت قراءته بالمعنى لا تجوز؛ فقراءته بغير العربية من باب أولى،[من باب أولى].
وما أدري أنا، المسألة مسألة استظهار: هل الترجمة الحرفية ممكنة أو غير ممكنة؟ نقول: الترجمة الحرفية حرام، وترجمة المعنى جائزة. وأجازوها بترجمة المعاني. أنا أقول: من الأصل الترجمة الحرفية مستحيلة؛ يعني الذي ليس له مرادف يمكن. لكن اللفاظ التي لها مرادف ما يمكن؛ لأن المترجم يسبق إلى ذهنه معنى قد يسبق إلى المترجم الثاني الذي يريد إعادته إلى العربية.
(1/46)
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ
يعني الأمور المتعبد بها لا يجوز القرءاة فيها بغير العربية؛ كالقراءة في الصلاة، أذكار الصلاة، التكبير، التسبيح، وغير ذلك مما يقال، التشهد في الصلاة لابد من أن يقال بالعربية، لابد أن يكون بالعربية.
ومنهم من يقول: إذا لم يستطع تعلم العربية فيأتي به بلغته أحسن من لا شيء. لكن هذه ألفاظ متعبد بها. خطبة الجمعة لا يجوز أن تكون بغير العربية؛ نعم للخطيب أن يترجم بعض الجمل، أو بعض الكلام وإن كان هذا بعد نهاية الصلاة كان أولى. المقصود أن العبادات توقيفية، وإذا قال:
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ
وهذه فتنة وقعت قبل سبعين،أو ثنانين سنة وأُلف فيها مصنفات كثيرة، وردود من أطراف متعددة حول ترجمة معاني القرآن الكريم، لكن الآن استقر على الجواز وترجم ونفع الله به نفعاً عظيماً.
(كذاكَ بالمَعْنى): يعني تحرم قراءته كذلك بالمعنى.
كذاكَ بالمَعْنَى ، وأَنْ يُفَسَّرا ... بالرأَيِ لا تَأْوِيْلَهُ فَحَرِّرَا
التفسير بالرأي حرام، والتأويل جائز.
الفرق بينهما: أنك إذا افترضت المسألة في شخصين؛ شخص لا علاقة له بالقرآن، ولا علاقة له بتفسير القرآن ولا قرأ عن أئمة سلف هذه الأمة، ولا عن أئمتها ...شخص خام، ما يعرف من القرآن شيء.
فتعطيه سورة أو آية وتقول: فسر، ما عنده شيء يعتمد عليه ولا يركن إليه؛ هذا تفسيره بالرأي.
(1/47)
لكن لو افترضت أن شخص له عناية بالقرآن وقرأ من التفاسير ما يؤهله لأن يرجح بين الأقوال وصار رأيه في فهم هذه الآية يختلف عن فهم ابن كثير، وابن جرير، والقرطبي وغيرهم من المفسرين، وجاء برأي تحتمله العربية والسياق يقتضيه أو يدل عليه ولو لم يوجد له سلفٌ بين، لكن هذا الشخص له عناية، له دراية ودربة في تفسير القرآن لأن فَهم النصوص يحتاج إلى دُربة؛ يعني الآن عندك أحاديث كثيرة إذا أردت شرحها وبيان معانيها يُعوِزُك إِعِواز شديد، يعني حديث في مسند أحمد ما شرح أبدًا أو في مُسند الطيالسي وما تحفظ له الشراح ، وإنت ما تدري وش معناه، أنت يخفى عليك ليش ؟
لأنّك مالك عناية بالسنّة ولا قرأت في كتب السنّة؛ لكن الذي لديه خِبرة ودِرَاية وعناية، ويَعرِف كيف يَتصرف أهل العلم في فهم السنّة تكون لديه الملكة في شرح السنّة وقل مثل هذا في القرآن، شخص له عناية بالقرآن ويلُوح له من معنى الآية مالم يَلُوح لأكثر المُفسرين قبله :((رُبّ مُبلَغٍ أوعى من سامع))، هذا ينطبق عليه ولا يقول مثل من يقول بعضُ الكتاب: القرآن بالعربية وهم رجال ونحن رجال نفهم مثل ما يفهمون، نقول: ليس بصحيح، كيف تفهم وهم يَفهمون، أنت لو أن وَلَدك أُصيب بمرض وإحتاج إلى عملية فاحضرت السكين قالوا: مجنون هذا، ويش علاقتك بالطب؟
ونحن نقول: أنت مجنون لا علاقة لك بالتفسير، أما الشخص الذي له خِبرة ودُربه، الطبيب لو جاءهُ حالة ما مرّت عليه قبل ذلك، نقول له: لا، لا تتصرف!؛ لكنّه طبيب مشهود له بالخبرة وعانى من الحالات التي هي نظائر هذه الحالة، أو قريب منها لابد أن يتصرف.
(1/48)
ففرق بين أن يأتي شخص لا علاقة له، ولاخبرة، ولا دُربة، ولا يعرف من القرآن شيء ويأتي يُفسر القرآن، ومع الأسف الشديد أنّه يوجد من يهجم على الآيات وعلى السنّة فيُفسر، جاء ذمُ التفسيرِ بالرأي، وإذا كان أهل العلم يحتاطون في تفسير السنّة وشرحها، فلا أن يحتاطوا في تفسير القرآن من باب أولى؛ لأن الذي يُفسر القرآن يدعي أن هذا مُرادُ الله من كلامه فأنت قولته وحملته من المعنى ما لم يحتمل، حملت هذا الكلام من المعنى مالا يحتمل؛ ولذا جاء الذّم الشديد لمن قال بالقرآن برأيه، وقد يتجه الذم على من قال بالقرآن برأيه ولو أصاب،كمن حكم بين إثنين بجهل فهو في النّار ولو أصاب الحكم، تفسير الآية من طالب علم له عناية لكن ماهي بعناية كافية تُؤهِلُه لأن يَجزِم، له عناية بالتفسير، أو مجموعة من طلاب العلم من متوسطي الطلاب معهم القرآن يتدارسونه، فما معنى هذه الآية؟
لو قال بعضهم: لعّل المُراد كذا، ولعلّ المُراد كذا ولم يقطعوا بشيء وراجعوا على ذلك الكتب، ووافق تفسيرُ أحدِهم إذا جيء بصيغة الترجي فالأمرُ فيه سَعة، من غير جزم وكذلك في السُنّة ولذلك في حديث: السبعين ألف الذين يدخلُون الجنّة من غير حساب ولا عذاب، قاله النبيّ _عليه الصلاة والسلام_ ودخل تركهم،((فباتوا يدوكون))، لعلّهم كذا... لعلّهم كذا؛ فلم خرج النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ أخبروهُ وما ثَرب عليهم ولا خطأهم، لماذا؟
لأنّهم لم يجزموا، فالإتيان بحرف الترجي ممن له شيء من الخبرة، وله شيء من المعرفة، ماهو إنسان خالي جاي من .. لا علاقة له يالقرآن أو بالسنّة ويقول لعلَّ!، فمثل هذا إذا ترجى، إذا جاء بحرف الترجي وقال: لعلّ المراد كذا... لعلّ المـ ....، يُحتمل منه ولا يُثرب عليه على ألا يجزم، ولايَقطع حتى يُراجع كلام أهل العلم وما قالهُ سلف هذه الأمّة عن كتاب الله.
.......................... ... ...... لا تَأْوِيْلَهُ فَحَرِّرَا
(1/49)
(لا تَأْوِيْلَهُ فَحَرِّرَا): التأويل هو:
أن يُفسر بالرأي يعتي: من غير اعتمادٍ على تفسير القرآن بالقرآن، ولا بالسنّة، ولا بأقوال الصحابة والتابعين، ولا بلغة العرب فمن التفسير ما يعرفه العرب من لُغتهم ومنه ما يُعرف بالقرآن في موضع آخر إذا ضمت آية إلى أخرى تبين المُراد منها، ومنها ما يُعرف معناه بالسنّة؛ لأن السنّة تُبين القرآن وتُفسره، ومنها ما يُعرف بما يُروى عن الصحابة الذين عاصروا التنزبل وعايشوا الرسول_عليه الصلاة والسلام_ إيه لكن هل اكتُشف قطعًا أو ظنًا؟
لأن هناك نظريات، وسارع بعض النّاس في تنزيل بعض الآيات عليها، ثمّ اكتُشف غيرُها، مثل هذا لا يجوز اقترانه بالقرآن؛ لأنّه يُعرضه للنفي والإثبات، يُعرضهُ للنفي والإثبات؛ لكن إذا وُجِدَ أمر قطعي، يعني أدركتهُ الحواس، فمثل هذا لاشك أنّه مما يُخبِرُ الله_جلّ وعلا_، أو مما أخبر الله _جلّ وعلا_ بكتابه عنه وحصل على أرض الواقع .
(لا تأويلهُ): التفسير من الفَسِر وهو الكشف والتوضيح والبيان.
والتأويل يُطلق ويُراد به:
_التفسير، وكثيرًا ما يقول ابن جرير الطبري:"القول في تأويل قول الله_جلّ وعلا_ كذا، ويريد بذلك التفسير.
_ويُطلق ويُراد به: ما يؤول إليه الكلام _ يعني حقيقة الكلام_ فالنبيّ_عليه الصلاة والسلام_ يُكثر من الاستغفار، والتسبيح، يتأول القرآن، يتأول سورة النصر، كما قالت عائشة_رضي الله عنها_.
(1/50)
ومنه: حملُ القرآن على المعنى المَرجوح، هذا تأويل الراجح ظاهر، والمرجوح مُؤول والذي لا يحتمل نص فالنص مافيه إشكال، الآية التي لا تحتمل لابد أن تُفسر نصًا، الآية المُحتملة لمعنى راجح ، ومعنى مرجوح، الراجح هو: الظاهر، وعليه المُعول عند أهل العلم؛ لكن قد يمنع من إرادة هذا الظاهر مانع فيُلجأ حينئذ إلى الإحتمال المَرجوح وهو: التأويل، والتأويل: مركب ارتَكَبَهُ المبتدعة؛ لإثبات ما أرادوا ونفي ما لم يُريدوا، لإثبات ما أرادوا إثباتهُ ونفي ما أرادوا نفيهُ من غير دليلٍ يقتضيه، أما إذا قام الدليل على منع إرادة الظاهر؛ فلابد من أن يُرتَكب التأويل.
.......................... ... ...... لا تَأْوِيْلَهُ فَحَرِّرَا
يعني: عند اقتضاء الحاجةِ إليه، لا متى نسلك هذا المسلك؟
إذا وُجد ما يمنع من إحتمال الراجح، إذا وجد ما يمنع من إحتمال المعنى الراجح مثلاً: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}(1) ، الإحتمال الراجح في استعمال العرب لهذا اللفظ: معهم بينهم مختلط بينهم، بذاته معهم مختلط بهم .
لكن الاحتمال المَرجوح: إنّه معهم بحفظه ورعايته وعنايتهِ المعية الخاصة، نعم... هذا احتمال مرجوح منع منه أدلةٌ تمنع من الحلول والمخالطة والممازجة.
لا، القول المرجوح لهم ولا في لغة العرب، [المعنى] في لغة العرب، اللفظ يحتمل المعنيين؛ لكن هذا راجح وهذا مرجوح، الأصل أن نعمل بالراجح باستمرار في كلّ شيء تعمل بالراجح؛ لكن لو كان هذا الراجح توجد نصوص تمنعُ من ارادته تلجأ إلى المعنى الثاني وهو مقبول في لغة العرب، ما تأتي بلفظ مُبتكر لا سلف لك به وتقول: احتمال مرجوح لا.
الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهمّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمُستمعين.
الطالب: قال الناظم_رحمه الله_:
العِقْدُ الأَولُ : ما يَرجعُ إلى النُّزُولِ زَماناً ومكاناً ، وهو اثنا عَشَرَ نوعاً
__________
(1) سورة (التوبة:40)
(1/51)
الأولُ والثاني : المكيُّ والمَدنيُّ
مَكِّيُّهُ ما قَبْلَ هِجْرَةٍ نَزَلْ ... والمَدَنِيْ مَا بعدها ، وإِنْ تَسَلْ
فَالمَدَنِيْ أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ ... أَخِيْرَتَيْهِ ، وكذا الحَجُّ تَبَعْ
مائِدَةٌ ، مَعْ مَا تَلَتْ ، أَنْفَالُ ... براءَةٌ ، والرَّعْدُ ، والقِتَالُ
وتَالِيَاها ، والحَدِيْدُ ، النَّصْرُ ... قِيامَةٌ ، زَلْزَلَةٌ ، والقَدْرُ
والنُّورُ ، والأَحْزَابُ ، والمُجَادِلَةْ ... وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ وَهْيَ داخِلَةْ
وما عَدا هَذا هُوَ المَكِيُّ ... على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ
...........................................................................................................
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين.
بعد أن انهى المؤلف الناظم_رحمه الله تعالى_ مُقدمتهُ شرع في بيان العُقود الستة التي رتب علبها منظومته فذكر العقد الأوّل وفيه ما يرجِعُ إلى النزول، نزول القرآن زمانًا ومكانًا؛ فبدأ بالمكان ثمّ ثَنّا بالزمان، وما يتعلق بالنزول إثنا عشر نوعًا من الخمسة والخمسين، الأوّل والثاني: المكي والمدني،[المكي والمدني]، واختُلف في المراد بالمكي والمدني فمنهم من يقول:
_ المكي ما نزل بمكة.
_ والمدني ما نزل بالمدينة.
وعلى هذا القول يثبُتُ من القرآن ما ليس بمكي ولا مدني، [ماليس بمكي ولا مدني] مما نزل خارج مكة والمدينة.
والقول الثاني:
_أن المكي ما نزل قبل الهجرة، ما نَزَل قبل الهجرة ولو نزل خارج مكة.
_والمدني ما نزل بعد الهجرة ولو نزل بمكة.
وهذا هو المُرجح عند أهل العلم؛ لأنّه هو الذي يُنظر إليه لأنّ العبرة بالزمان، العبرة بالزمان زمان النزول، وما قبل الهجرة يُسمّى مكي، وما بعدها يسمّى مدني.
(1/52)
لا فائدة كبيرة من معرفة مكان النزول إنّما الفائدة في معرفة زمانه الذي يَترتبُ عليه معرفةُ المُتقدم من المُتأخر وبه يُتوصلُ إلى القول بالنسخ عند التعارض وعدم إمكان الجمع.
يقول_رحمه الله تعالى_:
(مَكِّيُّهُ): يعني مكي القرآن الكتاب المُنزل، مَكِّيُّ كتابنا الذي تقدمت الإشارة إليه.
مَكِّيُّهُ ما قَبْلَ هِجْرَةٍ نَزَلْ ... والمَدَنِيْ مَا بعدها ، ...........
يعني: بعد الهجرة ، واعتمد القول الراجح واضرب عن ذكرِ ما سواه.
(وإِنْ تَسَلْ): تسأل، تُسهلَ بحذف الهمز وجاء بهِ النصوص من الكتاب والسنّة، ((سلّ عما بدى لك))، {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}(1).
...................... ... .............. وإِنْ تَسَلْ
َفالمَدَنِيْ ................ ... .......................
يعني: على سبيل التفصيل، التعريف الإجمالي انتهى منه، المكي: ما نزل قبل الهجرة، المدني: مانزل بعد الهجرة.
(وإِنْ تَسَلْ): عن التفصيل، عن سور القرآن تفصيلاً:
-فالمدني: تسعٌ وعشرون سورة، تِسعٌ وعشرون سورة.
-والمكي: خمس وثمانون سورة.
يذكر الأقل؛ لأن حصرهُ أيسر، ثمّ يُحيلُ بالباقي على النوع الثاني؛ فالمدني وعدّةُ سورهِ تسعٌ وعشرون.
(أَوَّلَتا القُرْآنِ):[أَوَّلَتا القُرْآنِ ] السورتان الواقعتان في أوّل القرآن، ومُقتضى الأوّلية المُطلقة أن يكون المُراد الفاتحة والبقرة، [الفاتحة والبقرة]؛ لكن هل هذا هو المقصود ؟
لا، يَقصدُ بذلك البقرة وآل عمران،[البقرة وآل عمران]، فهذه أوّليةٌ نسبية وليست مُطلقة، الأوّليةُ المُطلقة للفاتحة وقل مثل هذا في تقسيمهم وتحزيبهم للقرآن، وتقسيمه على الأيّام السبعة، يقرؤن القرآن في سبع؛ كانوا يحزبون القرآن ثلاث، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة ، ثم الثلاث عشرة، ثم حزب المفصل.
فالمراد بالثلاث الأول: البقرة وآل عمران والنساء. وليس المراد بها: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران.
__________
(1) سورة (البقرة:211)
(1/53)
فَالمَدَنِيْ أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ ... أَخِيْرَتَيْهِ
المعوذتين؛ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }(1) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }(2)فأولتاه وآخرتاه مدنيتان.
(وكذا الحَجُّ تَبَعْ): البقرة وآل عمران والمعوذتان؛ هذه أربع، والحج الخامسة تبع.
(مائِدَةٌ): هذه السادسة؛ يعني سورة المائدة.
(مَعْ مَا تَلَتْ): [مَعْ مَا تَلَتْ ]يعني النساء؛ مع السورة التي تلتها المائدة. والسورة التي تلتها المائدة النساء.
لو قال المؤلف: الأربع السور: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة؛ ألا يكون أخصر؟
يكون أخصر والآن فَرّقها:
.............أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ ... أَخِيْرَتَيْهِ ، وكذا الحَجُّ تَبَعْ
مائِدَةٌ ، مَعْ مَا تَلَتْ ....... ... .......................
المائدة والنساء هذا فيه تشويش في الترتيب؛ لكن لو ذكر الأربع السور:
(مَعْ مَا تَلَتْ ، أَنْفَالُ): معطوفة. الأنفال مع حذف حرف العطف. وحذف حرف العطف مع نية العطف معروف في اللغة، وجاء به الحديث: ( تصدق أحدكم بدينارهِ، بدرهمهِ، بصاعهِ، بمدهِ) نعم ، هذا مرادٌ به العطف مع حذف الحرف.
(مَعْ مَا تَلَتْ ، أَنْفَالُ): الأنفال السورة الثامنة من التسع والعشرين.
(براءَةٌ): معطوف أيضاً مع حذف حرف العطف.
(والرَّعْدُ ، والقِتَالُ): البراءة التاسعة، والرعد العاشرة، والقتال التي هي سورة محمد-صلى الله عليه وسلم-الحادية عشرة.
(وتَالِيَاها):تاليا القتال: الفتح والحجرات؛ الثانية عشرة والثالثة عشرة.
(والحَدِيْدُ ، النَّصْرُ): الحديد الرابعة عشرة، والنصر الخامسة عشرة.
(قِيامَةٌ): السادسة عشرة. (قيامة)كذا في النظم تبع لأصله والصواب: (قيّمة) وليست قيامة؛ لماذا؟
__________
(1) سورة (الفلق :1)
(2) سورة (الناس:1)
(1/54)
لأن القيامة مكية بالإجماع والقيمة مدنية عند الجمهور. {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا }(1): هذه مدنية عند الجمهور. أما سورة القيامة {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ }(2): هذه مكية. السادسة عشرة والسابعة عشرة:
(زَلْزَلَةٌ): {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ }(3) الزلزلة.
(والقَدْرُ): الثامنة عشرة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }(4).
(والنُّورُ):هي التاسعة عشرة.
(والأَحْزَابُ): العشرون.
(والمُجَادِلَةْ):الحادية والعشرون.
(وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ): سر من المجادلة إلى التحريم؛ يعني الجزء الثامن والعشرون كله، مدني وإلا مكي؟ مدني.
وَسِرْ من المجادلة إلى التَّحْرِيْمِ: وفيه الحشر، والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون والتغابن والطلاق والتحريم إلى التاسع والعشرون هي الأخيرة؛ هذا كله مدني
(وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ وَهْيَ داخِلَةْ):لماذا قال: هي داخلة؟
للخلاف في دخول الغاية ؛ لئلا يقول: أن التحريم ليست داخلة في المُغيا، ولذلك نص عليها وهي داخلة في المُغيا وهي التاسعة والعشرون.
ولا تخلو هذه السور من خلاف، لكن هذا هو المرجح وهو قول الجمهور؛ على أن في السور المكية آيات مدنية. وفي السور المدنية بعض الآيات المكية.
ويقول أهل العلم: أن الذي لا يعرف المكي من المدني، ولا يعرف الآيات المكية في السور المدنية، والعكس لا يجوز له أن يتعرض لتفسير القرآن. وهذا من الشرائط التي يشترطها أهل العلم فيمن يتصدى للتفسير.
......................... ... .............وهْيَ داخِلَة
وما عَدا هَذا هُو المكي ... .......................
سبق أن قلنا: أن عدد السور المكية خمس وثمانون سورة.
......................... ... على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ
__________
(1) سورة (البينة:1)
(2) سورة (القيامة:1)
(3) سورة (الزلزلة:1)
(4) سورة (القدر:1)
(1/55)
(على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ): وهناك خلاف في بعض السور التي ذكرت في المدني، عند بعض أهل العلم أنها مكية.
من أهل العلم من يقول: النساء، والرعد، والحديد، والحج، والصف، والتغابن، والقيامة-على حد قوله-والمعوذتان مكيات.
القيامة صوبنا أنها القيّمة، والأصح والأرجح أنها مدنيات. وبالمقابل من الخمس والثمانين المرجح أنها مكيات قِيلَ: في الرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة من المدني.
والخلاف في الفاتحة معروف عند أهل العلم :
- لكن المُرجح أنها مكية؛ لأنه جاءت الإشارة إليها في سورة الحجر وهي مكية: { آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }(1) وهي سورة الفاتحة.
- ومنهم من يقول: مدنية.
- ومنهم من يقول: نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة.
- ومنهم من يقول: نصفها مكي، ونصفها الثاني مدني.
لكن المُرجح عند أهل العلم أنها مكية.
الموضوعات التي تتعلق بالنزول: هي مُجرد تعداد ما فيها شيء يحتاج إلى تحليل أو تحرير، مُجرد عدد ولعلنا نمره لنوفر الوقت لما هو أهم منه؛ لأن الإنسان إذا حفظ هذه الأبيات، وعرف السور: المكي والمدني، والحضري والسفري ...إلخ سهل عليه الأمر-إن شاء الله تعالى-
طالب يقرأ: أثابكم الله:
النَّوعُ الثالثُ والرابعُ : الحَضَرِيُّ والسَّفَرِيُّ
والسَّفَرِيْ كَآَيَةِ التَّيَمُّمِ ... مَائِدَةٌ بذَاتِ جَيْشٍ فَاعْلَمِ
أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ ، ثُمَّ الفَتْحُ فيْ ... كُراعِ الغَمِيْمِ يا مَنْ يَقْتَفِيْ
وبِمِنَى ?? وبعدُ ?? ... و?? أَوْلِ هذا الخَتْمَا
ويومَ فَتْحٍ ? ? ... لآخرِ السُّورَةِ يا سَئُولُ
ويومَ بَدْرٍ سُورَةُ الأَنْفَالِ مَعْ ... ? ? ومَا بَعْدُ تَبَعْ
إِلى ?? ، ثُمَّ ?إِنْ عَاقَبْتُمُ ... فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمُ ?
بأُحُدٍ ، وعَرَفاتٍ رَسَمُوا ... ?اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمُ ?
__________
(1) سورة (الحجر:87)
(1/56)
وما ذَكَرْنَا هَا هُنَا اليَسِيْر ... والحَضَرِيْ وقُوعُهُ كَثِيْرُ
...........................................................................................................
بعد ذلك ذكر الناظم-رحمه الله تعالى-: النوع الثالث والرابع : وهذه الأنواع التي يذكرها متقابلة، أنواع متقابلة: مكي يقابله المدني.
الثالث يقابله الرابع: حضري وسفري. والخامس يقابله السادس. وكذا السابع والثامن.
يقول في (النوع الثالث والرابع: الحَضَرِيُّ والسَّفَرِيُّ ): من أي القرآن؛ يعني ما نزل في الحضر في حال الإقامة وما نزل في السفر؛ في أسفره-عليه الصلاة والسلام-للغزو أو للحج أو للعمرة، هذه أسفاره-عليه الصلاة والسلام-ما كان عنده أسفار نزهة. عنده أسفار عبادة. (والسفري): منسوب إلى السفر، من الإسفار؛ وهو البروز والوضوح. منه:
_ أسفر الصبح؛ إذا أظهر الأشياء.
_ ومنه: السفر لبروز المسافر عن بلده.
_ ومنه: السفور: لإبراز المرأة شيئاً مما يجب عليها تغطيته.
والسَّفَرِيْ كَآَيَةِ التَّيَمُّمِ ... مَائِدَةٌ بذَاتِ جَيْشٍ ......
آية التيمم التي في المائدة؛ لأن هناك آية للتيمم في سورة النساء. المقصود بالآية التي نزلت في السفر آية المائدة؛ نزلت بذات الجيش؛ وهو موضع وراء ذو لحليفة قرب المدينة.
......................... ... ...... بذَاتِ جَيْشٍ فَاعْلَمِ
أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ .......... ... .......................
في طرف ذو الحليفة. والتي قال عنها ابن عمر:" بيداؤكم التي تكذبون فيها على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"؛ لأنه جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي-عليه الصلاة والسلام-أَهَل لما علا على شرف البيداء، وهي من ذو الحليفة في طرفها.
والسَّفَرِيْ كَآَيَةِ التَّيَمُّمِ ... ................. مَائِدَةً
إعرابها: إعراب مائدةً؟منصوب بنزع الخافض؛ يعني بآية التيمم، كآية التيمم الواقعة في المائدة.
(1/57)
(مَائِدَةً بذَاتِ جَيْشٍ فَاعْلَمِ): آية التيمم نزلت أثناء قفوله-عليه الصلاة والسلام-من غزوة بني المصطلق. سنة أربع أو خمس أوست-على أقوال-. والقصة شهيرة في الصحيح وغيره.
(أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ ، ثُمَّ الفَتْحِ فيْ): يعني ثم سورة الفتح. مجرورة عطفاً على (آية) المجرورة بالكاف.
...................... فيْ ... كُراعِ الغَمِيْمِ ..........
(كراع الغميم): طرف الغميم؛ لأن كُراع الشيء طرفه. والغميم: قريب من مكة بينه وبين مكة: ثلاثين ميلاً، وبينه وبين المدينة مئة وسبعين أو أكثر من الأميال.
(كُراعِ الغَمِيْمِ): الآن قلنا: كَراع-أو كُراع-الغميم: كُراع: مضاف ، والغميم: مضافٌ إليه. وهنا نون المضاف؟ هل هذه إضافة؟ مع أن المضاف يجب حذف التنوين منه؟
نوناً تلي الإعراب أو تنوينا ... مما تضيف احذف: كطور سينا
يجب حذفه. وهنا قال:(كراعٍ الغميمِ)؟ أو يكون الغميم بدل من كراع؟
بدل، كراعٍ هو الغميم؟ لأنها مضبوطة بكسر الطرفين، كسر التنوين "كراعٍ "، ولابد من التنوين وإلا ينكسر البيت؟ والغميم: الأصل أنها مضاف إليه. طرف الغميم، كراع الغميم : مضاف ومضاف إليه. فلمَ لم يحذف التنوين؟
هذه ضرورة شعرية لكن ألا يمكن توجيهه؟ بأن الطرف يطلق عليه الكل؛ فنقول: كراعٍ، الغميم بدل منه-بدل كل من بعض-يجيء وإلا ما يجيء؟
ما فيه ضمير؛ لكن صيانة النظم من المخالفة الظاهرة، وحذف الضمير قد يرد به في مثل هذه الحالة. قد تحوج إليه الضرورة بخلاف التنوين. التنوين قبيح في المضاف.
(كراعٍ الغميم يا مَنْ يَقْتَفِيْ): يا من يتبع اعرف ما ذكر، والحاجة إليه ماسة.
(وبِمِنَى ??):وبمنى مع حذف التنوين للوزن: (وبِمِنَى (اتقوا))
وبِمِنَى ?? وبعدُ ?? ... و?? أَوْلِ هذا الخَتْمَا
(1/58)
يعني نزل بمنى قول الله-جل وعلا- {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ}(1)...إلخ إلى ختم الآية. تقول: {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } إلى ختم الآية.
ويومَ فَتْحٍ ? ? ... لآخرِ السُّورَةِ يا سَئُولُ
نزل يوم الفتح أواخر سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ }(2)إلخ السورة.
(يا سَئُولُ): يعني يا من يفترض فيه أنه طالب علم، وحريصٌ على مثل هذه العلوم. ومن شرطه أن يكون سئولاً لا خجولاً.
لكن السيوطي لم يقف لهذا على دليل؛ وإنما قلد فيه.
(ويومَ بَدْرٍ): يعني ونزل في يوم بدر.
(سُورَةُ الأَنْفَالِ): كلها.
...................... مَعْ ... ? ? ومَا بَعْدُ تَبَعْ
مع آية {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ }(3).
......................... ... ..............ومَا بَعْدُ تَبَعْ
إِلى ?? ... .......................
يعني إلى قوله-جل وعلا- :( الحميد) {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ }..إلخ إلى قوله-جل وعلا-{الحميد }.
( ثُمَّ ): آية:
.............. ?إِنْ عَاقَبْتُمُ ... فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمُ?
يعني إلى آخر سورة النحل {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }(4).
.......... ثُمَّ ?إِنْ عَاقَبْتُمُ ... فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمُ?
إلى آخر السورة؛ هذه نزلت متى؟
__________
(1) سورة (البقرة:281)
(2) سورة (البقرة:285)
(3) سورة (الحج:19)
(4) سورة (النحل:126)
(1/59)
بأحد، نزلت بأحد والقصة معروفة؛ لما مثل المشركون بحمزة عم النبي-عليه الصلاة والسلام-ذكر أنه-عليه الصلاة والسلام-سوف يمثل بسبعين منهم؛ فنزل قول الله-جل وعلا-: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }، يعني ما عاقبتم بالمثل:{لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }...إلخ السورة. هذه نزلت بأحد.
(وعَرَفاتٍ):يعني نزل بعرفات في حجة الوداع.
(وعَرَفاتٍ رَسَمُوا): يعني بعرفات في حجة الوداع كتبوا نزول قوله-تعالى: {اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمُ}(1). وفي الصحيح من حديث عمر أن اليهود قالوا للعمر-رضي الله تعالى عنه-:( لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذنا اليوم الذي نزلت فيه عيداً ) { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }فقال عمر:"لقد علمت اليوم والمكان الذي نزلت فيه هذه الآية؛ نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع"
.......... وعَرَفاتٍ رَسَمُوا ... ?اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمُ?
يعني كتبوا نزول هذه اللآية.
(وما ذَكَرْنَا هَا هُنَا اليَسِيْر): يعني مما نزل في السفر.
(وما ذَكَرْنَا هَا هُنَا اليَسِيْر): واستوفى السيوطي في التحبير جميع ما وقف عليه، في كتابه التحبير الذي أوصل فيه أنواع علوم القرآن إلى اثنين ومئة من الأنواع. استوفى الآيات التي نزلت في السفر.
وما ذَكَرْنَا هَا هُنَا اليَسِيْر ... والحَضَرِيْ وقُوعُهُ كَثِيْرُ
لأنه هو الأصل، لأن الأصل الإقامة لا السفر. السفر طارئ ، تقتضيه الحاجة، والحاجة تقدر بقدرها. وجاء في الحديث الصحيح:( السفر قطعة من العذاب ). ما مفاد هذا؟
( إذا قضى أحدكم نهمته فليعد ) فليرجع. فالأصل هو الحضر وعلى هذا أكثر القرآن نزوله في الحضر.
طالب يقرأ: الخامسُ والسادسُ : الليليُّ والنَّهاريُّ
__________
(1) سورة (المائدة:3)
(1/60)
وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ
وقَولُهُ :? ?
أَعْنِي الَّتِي فيها البَنَاتُ لا الَّتِيْ
وآَيةُ ? ?
فَهذِهِ بَعْضٌ لِلَيْلِيٍّ عَلى
... وآيةُ القِبْلَةِ أَيْ ??
بَعْدُ ?? والخَتْمُ سَهُلْ
خُصَّتْ بِها أَزْواجُهُ فَأَثْبِتِ
أَيْ ?? بِتَوبَةٍ يَقِينَا
أَنَّ الكَثِيْرَ بالنَّهارِ نَزَلا
..........................................................................................................
يقول الناظم-رحمه الله تعالى-: في النوع
(الخامسُ والسادسُ : الليليُّ والنَّهاريُّ): يعي مل نزل بالليل وما نزل بالنهار.
الأصل النهار؛ لأن الليل سكن، والنزول إنما يكون في حال اليقظة على الخلاف الذي سيأتي قي سورة الكوثر. وإذا كان التنزيل في اليقظة؛ فاليقظة إنما تكون بالنهار، والليل سكن .
نزل من القرآن آيات بالليل حال يقظته عليه الصلاة والسلام. وكانت حاله-عليه الصلاة والسلام-عكس ما عليه الناس اليوم. اليوم وهذه الأيام الليل هو وقت الاستيقاظ والنهار هو وقت النوم، وهذا قلب للسنن الإلهية.
النبي-عليه الصلاة والسلام-كان يكره الحديث بعده-بعد صلاة العشاء-كما أنه-عليه الصلاة والسلام-يكره النوم قبله. تبعاً لذلك يكون أكثر القرآن نزولاً إنما هو بالنهار كما أشار إليه الناظم في آخر الفصل.
وهذا التقسيم باعتبار الزمان. يقول-رحمه الله تعالى-:
(وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ):ومقتضى كلامه أن تكون سورة الفتح كلها نزلت بالليل، لكن الوارد إلى قوله-جل وعلا- { صراطاً مستقيماً} . وأنزلت سورة الفتح بعد منصرفه من الحديبية. وسميت الحديبية فتح ؛ لما ترتب عليها من خيرٍ عظيم للدعوة، فصارت هي الفتح الحقيقي {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }(1).
__________
(1) سورة (الفتح:1)
(1/61)
ومنهم من يقول: أن الفتح هو فتح مكة؛ وهو المراد بالآية. والتعبير عنه بالماضي لتَحَقُقِ وقوعه، كما في قوله-جل وعلا-: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ}(1) والفتح فتح مكة. والسورة نزلت قبل فتح مكة.
ومنهم من يقول: أن الحديبية مقدمة للفتح، ومقدمة الفتح فتحه.
على كل حال مطلع هذه السورة نزل بالليل:( لقد أنزل عليّ الليلة قرآناً ) ثم تلا إلى قوله-سبخانه وتعالى- {صراطاً مستقيماً }.
............. في الليل ... وآيةُ القِبْلَةِ أَيْ { فول }
على الخلاف بين العلماء تبعاً لما جاء في الأحاديث في أول صلاة صلاها النبي-صلى الله عليه وسلم-إلى مكة، إلى القبلة. آية القبلة: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }(2) حولت القبلة. وكان النبي-عليه الصلاة والسلام-يتشوف إلى هذا التحويل، فصلى بعد أن نزلت عليه هذه الآية إلى الكعبة، بدلاً من الصلاة إلى بيت المقدس. وكان النبي-عليه الصلاة والسلام-بعد هجرته يصلي إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، ثم حولت القبلة إلى الكعبة.
- فمنهم من رجح: أن أوّل صلاةٍ صلاها النبي-عليه الصلاة والسلام-هي صلاة الصبح؛ وعلى هذا يكون نزول الآية: بالليل ولا بالنهار؟ بالليل.
__________
(1) سورة (النحل:1)
(2) سورة (البقرة:144)
(1/62)
- ومنهم من يقول: أن أول صلاةٍ صلاها هي صلاة العصر. وأما صلاة الصبح فهي الصلاة في قباء؛ صلاة أهل قباء الذين مرّ بهم الصحابي الذي صلى مع النبي-عليه الصلاة والسلام-قبل ذلك ، وأخبرهم بأن القبلة حولت إلى الكعبة، فاستداروا كما هم. يكون بلوغهم الخبر في أثناء صلاة العصر، وإذا كان هذا بالنسبة لأهل قُباء فالنبي-عليه الصلاة والسلام-صلاها قبل ذلك؛ لأن هذا الصحابي صلاها مع النبي-عليه الصلاة والسلام-. إذا كان أهل قباء صلوها الصبح وجاءهم الجائي ممن صلى مع النبي- عليه الصلاة والسلام-وأخبرهم فيكون صلاها مع النبي-عليه الصلاة والسلام- العصر، وحينئذٍ تكون الآية نزلت ليلاً أو نهاراً؟ نهاراً لا يعقل أنها تنزل بالليل ولا يصلي النبي-عليه الصلاة والسلام-إلا صلاة العصر، لا يمكن أن يحصل هذا { فول وجهك } ثم يصلي إلى بيت المقدس، ما يمكن.
وقَولُهُ :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل }: هل قباء استداروا كما هم بخبر واحد؟ وكانوا على قبلةٍ مقطوعٍ بها إلى بيت المقدس. فتركوا المقطوع به لخبر الواحد. وهذا مما يستدل به على أن خبر الواحد يفيد القطع، ولولا أنه يفيد القطع لما تركوا ما يفيد القطع إلى المظنون.
لما تركوا المقطوع به إلى المظنون؛ لكن الحافظ ابن رجب-رحمه الله-يقول: أن خبر الواحد هذا احتفت به قرائن.كان الصحابة يتوقعون أن تحول القبلة، والنبي-عليه الصلاة والسلام-يقلب وجهه في السماء ويتشوق إلى تحويل القبلة. الصحابة يتوقعون فهذه قرينة على صدق هذا المخبر، وبهذه القرينة ارتفع إلى إفادة العلم، وارتفع عنه إفادة الظن.
وقَولُهُ :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل} ... بَعْدُ { لأزواجك }والخَتْمُ سَهُلْ
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزواجك }(1) آية واحدة في القرآن أو أكثر؟
__________
(1) سورة (الأحزاب:59)
(1/63)
أكثر، منها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ }الأحزاب آية التخيير. والثانية التي في أواخر سورة الأحزاب { قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ }ولما كان الأمر والاحتمال دائرٌ بين الآيتين قال الناظم-رحمه الله-:
أَعْنِي الَّتِي فيها البَنَاتُ لا الَّتِيْ ... خُصَّتْ بِها أَزْواجُهُ فَأَثْبِتِ(1)
حدد المراد، ووضح المقصود، وبيّن أن المراد آية الأحزاب التي في أواخرها
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} ما الدليل على أنها نزلت بالليل ؟ القصة، القصة.
نساء النبي _عليه الصلاة والسلام_ لا يخرجن لقضاء الحاجة إلا في بالليل، كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث عائشة :فخرجت سودة بنت زَمعة أم المؤمنين لقضاء حاجتها، وهي لا تخرج إلا بالليل، كغيرها من نساء النساء النبي_عليه الصلاة والسلام_وكان عمر _رضي الله تعالى عنه_ يريد منع نساء النبي_عليه الصلاة والسلام_ من الخروج ولا في الليل، لأن لا يتعرض لهنّ أحد ثم قال لها لما رآها : "قد عرفناك يا سوداء"
وسودة امرأة معروفة لتميزها في جسمها امرأة طوال، وثبطة ثقيلة،فعرفها عمر و يعرفها غير عمر، وهي متحجبة الحجب الكامل وتُعرف بجسمها، "قد عرفناك ياسودة"، تأذت من هذا الكلام فذكرت ذلك للنبيّ_ عليه الصلاة والسلام_فنزلت الآية.
أَعْنِي الَّتِي فيها البَنَاتُ لا الَّتِيْ ... خُصَّتْ بِها أَزْواجُهُ فَأَثْبِتِ
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط الثاني.
(1/64)
النساء لا يخرجن إلا بالليل؛ لأن الليل أستر لهن،[استر لهنّ]، والظلام يسترهن زيادةً على ما يرتدينهُ من ثياب، وجلابيب، وخمر وغير ذلك بخلاف النساء اليوم، وضع النساء مُؤذي مُقلق النساء لا يخرجنّ إلا للحاجة والبيوت ليس فيه كنف؛ فيضطرون للخروج لقضاء الحاجة،ومع ذلك امتثالا لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(1) ما في خروج إلا لحاجة أو ضرورة، وليس من عادتهنّ ولا من ديدنهنّ كنساء عصرنا التسكع في الشوارع، كان النساء كما جاء في الخبر لهنّ حافات الطرق وأدركنّ النساء والأمر على ذلك، قبل ثلاثين سنة كانت النساء على حافات الطُرُق، ولا يُرى منها شيء، ولا يُدرى عن حجمها أسمينةٌ هي أم نحيفة، أو نحيلة مما عليها من الثياب و العبايات السابغة المتينة، وقد تلصق عباءتها بالجدار وإذا وجدت منعطفا لاذت به حتى يمر الرجل، والآن الرجال هم الذين يخشون على أنفسهم لهم حافات الطريق خشية على أنفسهم.... فالله المستعان
وآَيةُ ? ?: الألف للإطلاق
وآَيةُ ? ? ... أَيْ ?? بِتَوبَةٍ يَقِينَا
(بِتَوبَةٍ):يعني بسورة التوبة.
( يقينا): {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}(2) إلى آخر الآية
وآَيةُ ? ? ... أَيْ ?? بِتَوبَةٍ يَقِينَا
وهم: كعب ابن مالك وهلال بن أمية ومرارة ابن ربيع، هؤلاء الذين خُلفوا، خُلفوا عن غزوة تبوك والأصل أنهم تَخلفوا من غير عذر، وصدقوا النبي _عليه الصلاة والسلام_ وأنه ليس لهم عذر، فتخلفت توبتهم وقبول عذرهم لمدة خمسين يوما، والقصة مشهورة في الصحاح وغيرها.
هذه الآية نزلت بالليل،[نزلت بالليل ] يقينًا لما في الصحيح من حديث كعب؟
قال :فأنزل الله توبتنا على رسوله_ صلى الله عليه وسلم_ حينما بقي الثلث الآخر من الليل، فنزول آية الثلاثة الذين خلفوا كان بالليل، فهذه المذكورات من الآيات.
__________
(1) سورة (الأحزاب:33)
(2) سورة (التوبة:118)
(1/65)
(بَعْضٌ لِلَيْلِيٍّ عَلى): هذه الآيات، بعض الآيات التي وردت الأخبار بأنها نزلت في الليل، فهذه الآيات المذكورات بعضٌ لليلي على أن الكثير من الآيات
نزل بالنّهار(على أن الكثير بالنّهار نزلَ).
وتقدم أن اليقظة في النهار، والنوم في الليل، والنزول في حال اليقظة.
يقول قول المؤلف: (مائدة مع تلت أنفال): أليس التالي هو الذي بعد المذكور فيكون المراد مع ما تلت الأنعام، والأنعام مكية ،فيكون الأولى ما قبلها مثلا ؟
(ما تلت): أي ما تلته وتبعته هذه السور ،اللفظ يحتمل لكن هذا توجيهُه .
يقول بعض المفسرين يقول عن بعض الآيات: هذه فيها إيقاعات موسيقية، ونغمة الآيات، وجرس الآيات،تكرر هذا في بعض تفاسير المفسرين؟
لكن يجب أن يُصان القرآن عن مثل هذه الألفاظ، ومن ذكر هذه الألفاظ لا شك أنّه مُتأثر إما بماضٍ وسابق له أو ببيئةٍ مُحيطةٍ له، وإلا من عاش في بيئةٍ مُحافظ ينفر من كل لفظٍ لا يليق بالقرآن ، لاسيما بعض المجتمعات يسمعون الأغاني، يسمعون الموسيقى ليل نهار هم يرون تحريمها لكن يسمعونها بكثرة من الفساق من غيرنكيروصار إنكارهم لها خفيف وتداولهم لألفاظها سهل لكن المجتمعات المحا فظة هذه إمكن لا ما يقول نغمة، ولا موسيقية، ولا في بيت شعر
جرس البيت، ولا نغمة البيت ولا...... أبدًا، لأنّه يَنفر من هذه اللفظة فكيف يُقال في كتاب الله جلّ وعلا ؟
و من أراد شاهد على ذلك يجد بعض الأخوة الذين ظاهرهمُ الصلاح تجد نغمة جواله موسيقية ،ومع ذلك لا ينفر، ولا يكترث... أو يسمع هذه النغمة ولا يرفع بذلك رأسًا ؛ لأنه جاء من بلاد يسمع ما هو أشد من هذا, وهذا شيء يسير عنده علمًا بأن بعضهم يُنازع بكون هذه مُوسيقى؛ لكن كثير من الناس ينفر، بطبعه ينفر من سماع هذه النغمات ؛ فكيف يقال مثل هذا بالنسبة لكتاب الله جل وعلا؟!
يقول: ما رأيكم في اختصار الشيخ الألباني لصحيح البخاري ؟ وهل هو أفضل أم كتاب الزبيدي؟
(1/66)
لا, اختصار الألباني أفضل من اختصار الزبيدي ؛ لعنايته بتراجم الإمام البخاري، وأيضا اختصار الشيخ سعد الشثري طيب لعنايته بهذه التراجم لكن يبقى أن الأصل لا يَعدِله شيء،[لا يَعدِله شيء]، والاقتصار على المختصرات من أمارات الحرمان .
يقول ما رأيك في طبعة البداية والنهاية التي اعتنى بها الشيخ طارق عوض الله هل تنصح......
الشيخ يسأل: الشيخ طبع البداية والنهاية، ما أدري والله ما سمعت،آخر ما رأينا طبعة الشيخ بن تركي وهي أفضل من الطبعات السابقة، الطبعات السابقة فيها إسقاط، وتحريف، وإدخال من بعض النُساخ.
يقول ما رأيكم في مقدمة تفسير عبد الرحمن بن قاسم مع شرحها ؟
مقدمة نافعة يُستفاد منها _إن شاء الله_.
يقول إذا أردت أن تعرف وتحفظ الثلاثة الذين خلفو فهم مجموعون في كلمة (مكة) فالميم مرارة، والكاف كعب، والهاء هلال.
أيضا أسماء آبائهم جُمعوا في كلمة ؟ الربيع اخذوه من العين، أمية أخذوا الهاء، ومالك أخذوا الكاف؛ فيجمعون في (مكة) و(عكة) أسماؤهم، وأسماء آبائهم، الطريقة معروفة عند أهل العلم يضبطون بها،[يضبطون بها] ما يريدون.
ما رأيكم في تحقيق الشيخ (.......) المرداوي ؟ فيه أغلاط كثيرة جدا .
يقول ما الفائدة من معرفة أنواع السور من حيث كونها سفري وحضري، وليلي ونهاري، وصيفي وشتوي ألا ترى أنها من فضول العلم؟
لكن على طالب العلم أن يُعنى بكتاب الله _جل وعلا_ وبجميع ما يتعلق به ، وإذا مابقي من تضيع الوقت إلا في هذه الأمور فنعم الضياع إذا كان هذا هو الضياع .
يقول هل أواخر سورة آل عمران نزل على الرسول _عليه الصلاة والسلام_ بالليل؟
جاء ما يدل على ذلك.
يقول ما أفضل تحقيق لكتاب تفسير ابن كثير؟
(1/67)
ذكرنا مرارا أن طبعة مكتبة أولاد الشيخ بمصر هي أصح الطبعات، وأكثرها خدمة، وإذا ضم إليها طالب العلم طبعة السلامة، طبعة مكتبة طيبة، وطبعة البنا ، لأنه كتاب جدير بالعناية، جدير بالعناية، وهذه طبعات ما تكلف شيء، مصورات ما تكلف شيء .
كنا نقول قبل ذلك لو اعتنى طالب العلم بطبعة الشعب، لأنّها طبعة مُحررة مُتقنة إلا أنها على العرضة الأولى من التفسير، الحافظ ابن كثير ألف الكتاب في أول الأمر، وكُتب عنه نسخة هي محفوظة بمكتبة الأزهر، أول عرضة ثم أضاف إليهِ: نُقول من تفسير القرطبي، والزمخشري، والرازي، نُقول أحيانا بصفحة وأحيانا أكثر وأحيانا أقل، هذه النقول لا توجد في النسخة الأزهرية التي طبعت عنها طبعة الشعب، فيُضم إلى طبعة الشعب نسخة أخرى توجد فيها هذه النقول وعلى كل حال الكتاب جدير بالعناية .
يقول ما رأيكم في سورة المجَادِلة و المجَادَلة ؟
إذا نظرنا إلى المرأة فهي مجَادِلة، وإذا نظرنا إلى القصة فهي مجادَلة وضبطت بهذا وبهذا
هل حصر الزمزمي بمنظومته جميع الآيات الليلية والنهارية أم لم يحصر؟
لا،لم يحصر .
ما كان اتجاه قبلة المسجد الأقصى وهل حولت إلى الكعبة ومتى ذلك ؟
الشيخ يقرأ السؤال: كيف ما كان الاتجاه أو متى ..... ما كان اتجاه قبلة المسجد الأقصى هي للمسجد الأقصى ...قبلته إلى أي جهة مو هذا هو المراد؟ نعم ؟ يعني يقصد استقبال الجهة إلى المسجد الأقصى إلى أين يعني قبل التحويل؟
لا, كيف يصلي المسلمين قبل تحويل القبلة هذا كلامه وهذا السؤال، والعهدة عليه .
وهل فيه مسلمون في ذلك الوقت، قبل تحويل القبلة، يعني القبلة حُولت في السنة الثانية، ستة عشر شهر أو سبعة عشر شهر، هل في بيت المقدس مسلمون؟ لِيُقال أين قبلة الـ....؟ النصارى يصلون إلى جهة المشرق.
تتمة السؤال:و[متى] وكيف حيث أني لم أجد إجابة لهذه الأسئلة، يقول أرجو أن تدلني على كتب أُحضِر منها درس الموطأ، والألفية، والمنظومة .. أيش أيسر الشروحات؟
(1/68)
الموطأ، كأن شرح الزرقاني، مختصر جدًا ومناسب للوقت المتلاحق بالنسبة لطالب العلم، وإلا فكتب ابن عبد البر لا يعدلها شيء لكن لضيق الوقت ووقت الطلاب، وتعدد الكتب، و تعدد الدروس يعني لو اقتصر على الزرقاني فيه خير _إن شاء الله تعالى_، والألفية شرح المؤلف مختصر واضح ونفيس أيضا وأصل في الباب وشرح الشيخ زكريا فتح الباقي، زكريا الأنصاري فيه تنبيهات ما تعرض لها لا المؤلف ولا السخاوي على طوله، _ومن أراد الاستيعاب فكل الصيد جوف الفراء_ في السخاوي.
المنظومة لها شروح لكنّها غير موجودة، غير موجودة منظومة الزمزمي لها شروح من قبل:
_محسن المساوي.
_وعلوي المالكي .
_وأيضا الفاداني.
وغيرهم لها شروح معروفة في الحجاز، ما هي معروفة عندنا في نجد، لكن هي معروفة في الحجاز؛ لأن أكثر من تصدى لشرحها من أهل مكة، مع الأسف أنّه ما أعيد تصويبها..
السابعُ والثامنُ : الصَّيفيُّ والشتائِيُّ
صَيْفِيَّةٌ كآَيِةِ الكَلالَةِ ... والشِّتَائِيْ كالعَشْرِ في عَائِشَةِ
التاسع : الفِراشيُّ
كآَيَةِ الثَّلاثةِ المُقَدَّمَةْ ... في نَوْمِهِ في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةْ
يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا ... لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا
..........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى في النوع السابع والثاني :
(الصيفي والشتائي): يعني ما نزل في الصيف في فصل الصيف، وما نزل في فصل الشتاء .
(1/69)
ومن المعلوم والمعروف أن السنة أربعة فصول، فهل معنى هذا أن القرآن ما ينزل إلا في الصيف والشتاء يعني ما نزل شيء في الخريف ولا في الربيع؟ ما نزل شيء في الربيع أبدا؟ الشتاء والصيف ذكر، ذكر ما نزل في الصيف وذكر ما نزل في الشتاء؛ لكن ما نزل شيء في الربيع والخريف؟ نعم الخريف يُلحق في الشتاء ، يُلحق كلّ فصل بالذي قبله، لشهرة الفصلين المذكورين ؛ ولذا لا تجد آية منصوص عليها أنها نزلت في الخريف ، وأهل العلم يتتبعون ذلك في الآثار .
(صيفية) : أي القرآن , كآية الكلالة ، كآية الكلالة .
(والكلالة) في الفرائض معروفة :من لا والد له ولا ولد, من لا والد له ولا ولد، وفي الكلالة آيتان ، وكلاهما في سورة النساء: الأولى في أوائلها والثانية في أواخرها؛ فالصيفية منهما الأخيرة التي في آخر سورة النساء . عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ أكثر وألح في السؤال عن الكلالة , وطعن بأصبعه في صدره وقال ألا تكفيك آية الصيف؟ يعني الآية التي في آخر سورة النساء، وأما الآية التي في أوائِلها فهي شتائية كما قال أهل العلم.
(والشتائي) من القرآن.
(كالعشر في عائشة): كالعشر الآيات من سورة النور التي نزلت في قصة عائشة، اتهامها وبراءتها في قصة الإفك {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ... }(1)
__________
(1) سورة (النور:11)
(1/70)
إلى آخر الآية، وحيث نزلت براءتها من السماء، فهذه الآيات العشر نزلت في الشتاء ،وجاء في قصة الإفك من حديث عائشة في الصحيح أن النبي _عليه الصلاة والسلام _كان يقرأ الأيات وإن العرق ليتحدر من جبينه في وقتٍ شاتٍ؛ فيدل هذا على أن هذه الآيات في قصتها نزلت في الشتاء , وإن نازع بعضهم في الدلالة على المراد من هذه الآيات على وجه الخصوص , وإن هذه كانت صفتهُ _عليه الصلاة والسلام_ عند نزول الوحي باستمرار في هذه الآيات وغيرها، إنّه إذا نزلت تحدر العرق منه سواء كان في الشتاء، أو في الصيف _عليه الصلاة والسلام_ لشدة ما يُلقى إليه، وثقل ما ينزل عليه .
والنوع التاسع ( الفراشي) : هذا له مقابل ولا ليس له مقابل ؟ له مقابل ولا ليس له مقابل ؟ فيه نوم غير فراشي ، ينام على غير فراش _عليه الصلاة والسلام_, لكن الفراش عموم ما يفترش، عموم ما يفترش، والمراد بذلك : ما نزل في النوم أو حال التهيؤ له, في النوم أو حال التهيؤ له، على الخلاف في سورة الكوثر .
الفراشي من الآيات :
كآَيَةِ الثَّلاثةِ المُقَدَّمَةْ ... .........................
(الثلاثة الذين خلفوا): نزلت في الثلث الأخير من الليل , فتكون في فراشه لأنه في الثلث الأخير، في فراشه أو حال قيامه للصلاة ؟
كآَيَةِ الثَّلاثةِ المُقَدَّمَةْ ... في نَوْمِهِ في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةْ
يعني هل هذا يقال: في نومه؟ أو الثلث الخير ما يلزم منه النوم ؟
نعم ، جاء ما يدّلُ على أنه في فراش أم سلمة ، وإن جاء ما يعارضه من قول عائشة أنه ما نزل عليه الوحي إلا وهو في فراشي" يعني ما نزل عليه الوحي في بيت امرأة من نسائه إلا عند عائشة _رضي الله عنها_ ، فهو يُعارض هذا. وإن كان الإجابة ممكنة أنه حال اجتماعها به, يعني ما نزل في بيت أحد من أمهات المؤمنين حال اجتماعها به. قد تكون ليست في البيت كما يقول بعضهم في الإجابة على هذا التعارض.
(1/71)
(يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا ): يعني حال النوم , يلحقه النازل مثل الرؤيا كصورة الكوثر , ففي صحيح مسلم أن النبي_عليه الصلاة والسلام_ لما أغفى إغفاءة في المسجد قال :(( لقد نزلت عليِّ آنفاً سورة )) ثم تلاها) ثم تلا سورة الكوثر .
يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا ... لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا
(لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا): فلا يقال : أن من القران ما نزل في حال النوم، والنوم مِظنة لعدم الضبط، فكيف يُتلقى القرآن في حال النوم؟
نقول : لا , الأنبياء وضعهم يختلف عن سائر النّاس، النبيّ ينام, تنام عيناه ولا ينام قلبه, ورؤيا الأنبياء وحي, ولا يتلبسهم الشيطان ولا يتمثل لهم .
بعض العلماء يذكر أن رأى النبي _صلى الله عليه وسلم_ في المنام وسأله عن أحاديث فصححها. نعم قال هذا ضعيف وهذا صحيح, فهل يثبت بمثل هذا تصحيح؟ ورؤيا الأنبياء حقّ، رؤيا النبي _صلى الله عليه وسلم _حق لا يتمثل به الشيطان لماذا؟
لأن الدين كمُل بوفاته _عليه الصلاة والسلام_ والرؤيا لا يثبت بها حُكم, لكن قد يقول قائل: صح الخبر في أن الشيطان لا يتمثل به :(( من رآني فقد رآني))، (( رآني رأى الحق ))، ((من رآني فسوف يراني )) هذه روايات؛ لكن الشيطان لا يتمثل به _عليه الصلاة والسلام_؛ فإذا رآه فسأله عن حديث أشكل عليه فقال: حديث صحيح يثبت التصحيح بهذا ؟
أثبته جمع من أهل العلم ، جمع من أهل العلم والسيوطي منهم، وبعضهم أبدا لا يشكل عليه شيء البتة، لا يشكل عليه شيء وهذا نوع من التخريف, على حدّ زعمه: الخط ساخن، إذا أشكل عليه شيء اضطجع في الفراش وسمع كل ما يريد، والشيطان يتلاعب بعقول أمثال هؤلاء، وإن لم يصح تمثله بالنبيّ _عليه الصلاة والسلام_؛ حتى لو افترضنا أنّ شخصًا سأل النبي_عليه الصلاة والسلام_ عن حديث وصحَحَهُ لا يُقبل مثل هذا التصحيح، لماذا؟
(1/72)
لأنّ حالة النوم من قِبل الرآئي ليست حالة ضبط، ليست حالة ضبط هو رأى النبي_عليه الصلاة والسلام_ وقال النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ كلام؛ لكن هل نضمن أن هذا نقلَ الكلام كما قِيل، النوم ليس بحال ضبط، وهذا جوابٌ سديد عن مِثلِ هذا التخليط.
يقول: كيف يُجمعُ بين ماذُكِرَ من نزول القرآن في النوم وبين ما ذُكِر في بداية الدرس من أن النّهار هو الأصل في النزول؟
نعم يبقى الأصل لكن ألا يأتي شيء في الليل ما ذكرنا الليلي، جاء الليلي ومنه هذا .
نقف على النوع العاشر من أسباب النزول، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الطالب: الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين، اللهمّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.قال الناظم:
العاشرُ : أَسبابُ النُّزُولِ
وصَنَّفَ الأَئِمَةُ الأَسْفَارا ... فِيهِ فَيَمِّمْ نَحْوَها اسْتِفْسَارَا
ما فِيهِ يُرْوَى عَنْ صَحابِيٍّ رُفِعْ ... وإِنْ بِغَيْرِ سَنَدٍ فَمُنْقَطِعْ
أَو تَابِعِيْ فَمُرْسَلٌ ، وصَحَّتِ ... أَشْيَا كَما لإِفْكِهِمْ مِنْ قِصَّةِ
والسَّعْيِ والحِجَابِ مِنْ آياتِ ... خَلْفَ المَقَامِ الأَمْرُ بالصَّلاةِ
..........................................................................................................
الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبِه أجمعين، أما بعد...
فيقول المؤلف_رحمه الله تعالى_ النوع العاشر: أسباب النزول،[أسباب النزول].
(الأسباب): جمعُ سبب،[الأسباب: جمعُ سبب]، والسبب: هو الباعث على الشيء، هو الباعث على الشيء.
وأسباب النزول بالنسبةِ للقرآن كأسباب وُرُودِ الحديث .
قد يقول قائل: ما الداعي لمعرفة السبب؟
(1/73)
الذي يهمُنا النازل هو الذي يُتعبد به، وكون الأية نزلت في قصة فلان أو فلان، وكون الحديث ورد في شأن فلان أو فلان، لا يهُمُنا العلماء عُنوا بذلك عناية فائقة وصنفوا فيه المؤلفات، أسباب النزول له فوائد كثيرة:
_أوّلاً: أن معرفة السبب مما يورث العلم بالمُسبَب، معرفة السبب تُورث العلم بالمُسبب. فكم من آية نقرَأُها ولا ندري ما مراد الله فيها ولا يتضح لنا وجه ارتباطها بما قبلها وما بعدها، ثمّ إذا أطاعنا على السبب، إذا اطلعنا على السبب زال الإشكال، والعرب يقولون:"إذا عرف السبب بطلَ العجب"، يعني تسمع كلام تتعجب منه!، كيف يُقال مثل هذا الكلام؟، لا تدري ماوَجههُ؛ لكن إذا عرفت سببهُ تبيّن لك معناه.
(1/74)
_السبب قد يُحتاج إليه في قصر الحُكم العام على مدلول السبب، قد يُحتاج إليه في قصر الحُكم العام على مدلُول السبب. الصحابة_ رضوان الله عليهم_ استشكلوا بعض الآيات فلما بيّن لهم النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ السبب زال عنهمُ الاشكال، اسشتكلوا ما جاء في آخر البقرة، استشكلوا ما جاء في سورة الأنعام {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }(1)....إلخ، قالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه، قال: فأنزل الله تعالى:{إن الشرك لظلمٌ عظيم}، في بعض الروايات ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح:((إن الشرك لظلم عظيم))، زال بهذا الإشكال، قد نحتاج إلى قصر الحُكم العام على سببهِ، معروف عند أهل العلم قاطبة، ونُقل فيه الإجماع أن العبرة:" بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"؛ لكن قد يُلجأ إلى خصوص السبب إذا كان العموم مُعارض، مُعارض بما هو أقوى منه، مثال ذلك {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}(2) ،[{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}]، العموم يدل على أن من صلى إلى أي جهةٍ صحت صلاتُه، والأدلة دلت على:أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة؛ فإذا عرفنا سبب النزول:وهو أنّهم اجتهدوا_اجتهد الصحابة في الصلاة_ فصلّوا إلى جهاتٍ متعددة فنزل قوله_جلّ وعلا_:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}فهذه الآية مقصورة على سببها يعني في من خفية عليه القبلة ثمّ بان له أنّه صلّى إلى غير القبلة.
مثال ذلك من الحديث:(( صلي قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جانبًا))، مع حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجرِ صلاة القائم)).
الحديث الأوّل يدل على: أن الصلاة لا تصحُ من القاعد المستطيع للقيام مُطلقًا.
والثاني يدلُ على: أن الصلاة تصح من القاعد المستطيع مُطلقًا.
__________
(1) سورة (الأنعام:82)
(2) سورة (البقرة:115)
(1/75)
هذا تعارض تام لكن، إذا نظرنا في سبب ورود الحديث الثاني: من أركان الصلاة القيام مع القدرة [القيام مع القدرة]، والعلماء يقولون: القيام في الفرض مع القدرة، لماذا؟
ما حملُوهُ على عمومه لوُجود المعرض، والحديث الثاني:((صلاة القاعد على النصف من أجرِ صلاة القائم)) له سبب: النبيّ_ عليه الصلاة والسلام _ دخل المسجد والمدينةُ مُحمة_يعني فيها حمة_لماذا دخل المسجد وجدهم يصلون من قعود؛ فقال النبيّ_ عليه الصلاة والسلام _:((صلاة القاعد على النصف من أجرِ صلاة القائم)) فتجشم النّاس الصلاة قيامًا، هذا سبب الوُرود أخذ منه أهل العلم: أن صلاة النافلة تصح من قعود ولو كان قادرًا مُستطيعًا، أخذًا من سبب الورود، كونهم يصلون قبل حضور النبيّ_ عليه الصلاة والسلام _دخل المسجد فوجدهم يصلون دّل على أنّها نافلة، لايصلون الفريضة حتى يأتي _عليه الصلاة والسلام_، كما دّل الخبر على أنّهم يستطيعون القيام، فمن صلّى قاعدًا وهو قادر على القيام في الفريضة صلاته باطلة ((صلي قائمًا فإن لم تستطيع فقاعدًا)) من صلى في الفريضة أو النافلة وهو عاجز صلاتُه صحيحة وأجرهُ كامل ((فإن لم تستطع فقاعدًا))، من صلى النافلة من قعود وهو قادر على القيام صلاتُه صحيحة لكن أجرهُ على النصف؛ فهذه من فوائد معرفة سبب النزول.
_ أيضًا معرفة الأسباب: إنّه لا يُشكك في دخول الصورة التي تضمنها السبب في العام، يقول أهل العلم:"دخول السبب في النص قطعي"، دخول السبب في النص قطعي، لو جاء طالب مثلاً إلى شيخ من الشيوخ وقال: إن الكتاب الفلاني المُقرر في الدرس الفلاني ما يوجد في المكتبات، والطلاب ظروفهم ما تُساعدهم على أن يبذلُوا الأسباب المُكلفة لإحضار الكتو تصوير الكتاب، ثمّ الشيخ بطريقته دَبرَ بعدد الطلاب، ثمّ أعطى جميع الطلاب إلا هذا الطالب الذي جاء إليه. هذا حسن ولا ما هو بحسن؟
(1/76)
لا، أولى النّاس بالكتاب هذا الطالب اللي هو سبب في إيجاد الكتاب، فأهل العلم يقولون:"دخول السبب قطعي"، دخول السبب قطعي.
فهذه من فوائد معرفة أسباب النزول بالنسبة للقرآن، وأسباب الورود بالنسبة للحديث.
وصَنَّفَ الأَئِمَةُ الأَسْفَارا ... ......................
صنف الأئمة في هذا النوع أسفار يعني:
كتب (أئمة): جمعُ إمام.
(والأسفار): جمعُ سفر وهو الكتاب، صنفوا في هذا النوع (فيه): يعني في هذا النوع كُتبًا مُتعددة، منها :
_ الواحدي مثلاً صنف في أسباب النزول.
_ والسيوطي صنف في أسباب النزول.
وغيرهما صُنف .يقول:
(فيمم): اقصد.
(نحوها استفسارا): اقصد نحو هذه الكتب الذي صنفها الأئمةُ في أسباب النزول، ويممها واقصدها، واقصد نحوها استفسارًا يعني: اطلب من خلال هذه الكتب أسباب نزول القرآن، واطلب أيضًا: من أسباب ورود الحديث أسباب ورود السنّة وهناك أسباب ورود الحديث للسيوطي، وفي "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف لابن حمزة الحسيني"، وهو أوسع من كتاب السيوطي.
........................... ... فِيهِ فَيَمِّمْ نَحْوَها اسْتِفْسَارَا
ما فِيهِ يُرْوَى عَنْ صَحابِيٍّ رُفِعْ ... وإِنْ بِغَيْرِ سَنَدٍ فَمُنْقَطِعْ
يعني: ما يروى عن الصحابي من أسباب النزول فهو مرفوع، ما يُروى عن الصحابي من أسباب النزول فهو مرفوع، كيف مرفوع والقائل ابن عباس ولو يقل قال: رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، أو القائل عمر، أو القائل أبو هريرة.قالوا: مرفوع لماذا؟
لأن الرسول_ عليه الصلاة والسلام _ طرف في التنزيل ذُكر أم لم يُذكر، النزول على من؟
التنزيل على محمد_ عليه الصلاة والسلام _ فهو طرفٌ في التنزيل سواء ذُكر أم لم يُذكر، وعليه حمل أهل العلم كلام الحاكم في قوله:"أن ما يضاف إلى الصحابي، أوتفسير الصحابي مرفوع"، حملهُ أهل العلم على أسباب النزول؛ ولذى يقول الحافظ العراقي:
وعدّوا ما فسره الصحابي رفعًا ... فمحمولٌ على الأسباب
(1/77)
(رفعًا فمحمولٌ على الأسباب): لماذا حوروا كلام الحاكم إلى أسباب النزول؟
لأن الصحابي قد يجتهد ويُفسر القرآن من غير رفع للنبي_ عليه الصلاة والسلام _ بل بما يعرفه من لغة العرب، أو بما استنبطه مما أتاه الله_جلّ وعلا_ منفهم كابن عباس الذي دعا له النبي_ عليه الصلاة والسلام _ أن يُعلمه الله التأويل، فالذي يُؤثر عن ابن عباس من التأويل من أثر هذه الدعوة من فهم ابن عباس، وليس بمرفوع وليس له حُكمُ الرفع، وأما الحاكم فكأنّه نظر إلى أن التفسير بالرأي جاء ذمه، والصحابة_رضوان الله عليهم_ من أشدّ النّاس تحري وتثبت في تفسير القرآن من غير مستند.
"أيّ سماءٍ تظلوني، وأيّ أرضٍ تُقلني؛ إذا قلت في كتاب الله مالم" إيش؟
نعم، هذا قاله أبو بكر وغيره [في] لما سئل في تفسير الأبّ {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً}(1) ، فالمقصود أنّهم يحتاطون فيتحرون، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم عمومًا وطالب العلم على وجعه الخصوص صاحب تحرّي وتثبث ما يقول في كتاب الله_جلّ وعلا_ برأيه ولا يُفسر السنّة ولا يشرح الحديث برأيه.
هذه وجهة نظر الحاكم حينما قال:" كلّ ما يروى عن الصحابة من التفسير له حكم الرفع" ؛لأنّه جاء ذم التفسير بالرأي إذاً لا يمكن أن يقول الصحابي إلا بتوقيف؛ لكن أهل العلم حملُوه على أسباب النزول لأن أسباب النزول النبيّ_ عليه الصلاة والسلام _ طرف ذُكر أو لم يُذكر.
ما فِيهِ يُرْوَى عَنْ صَحابِيٍّ رُفِعْ ... .................
يعني من أسباب النزول، وعرفنا وجه هذا الكلام (رفع):
إذا قُلنا أنّه مرفوع والنبيّ _ عليه الصلاة والسلام _ طرف فكيف يُروى عن جَمع من الصحابة أسباب مُختلفة لنازلٍ واحد.
يُذكر عن ابن عباس سبب نزول، يُذكر عن ابن عمر سبب نزول، يُذكر عن كذا .....، إذا كان مرفوع فمصدرهُ واحد لا يقع فيه الاختلاف، قد يتعدد ، إيش؟
__________
(1) سورة (عبس:31)
(1/78)
السبب لنازل واحد، قد يتعدد سبب النزول لنازل واحد، قد يتعدد النزول عند بعضهم تنزل الآية مرتين مثلاً في قصتين متوافقتين مما يشملها، يشملهما حكم الآية، وهذا يسلُكله بعض العلماء صيانةً للرواة الإثبات عن التوهيم، وإلا إذا قلنا: إن آيات اللعان نزلت في هلال ابن أمية، أو عويمر العجلاني- والخبر صحيح في الطرفين -جاء أن آيات اللعان نزلت في: عويمر العجلاني في الصحيح، وجاء أنّها نزلت في: هلال ابن أمية. كيف ينزل النازل الواحد في قصتين مختلفتين؟
- النازل نزل بسبب أحدهما، فلما حصلت القصة، نزل القرآن على النبي-عليه الصلاة والسلام-مبيّناً للحكم فتلاه على الصحابة؛ فسمعه من سمعه ونقل السبب والمسبب، ثم حصل قصة ثانية فتلا النبي-عليه الصلاة والسلام-الآية فسمعها من لم يسمع من قبل؛ فقال أنزل الله-جل وعلا-{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }(1) فيظن السامع الثاني أنها نزلت لأول مرة. هذا توجيه من بعض العلماء.
- وبعضهم: يحكم بالترجيح؛ فيقول: الراجح هو المحفوظ وما عداه شاذ.
وإذا أمكن صيانة الرواة بقدر الإمكان، فلا يعدل إلى الترجيح.
ما فِيهِ يُرْوَى عَنْ صَحابِيٍّ رُفِعْ ... وإِنْ بِغَيْرِ سَنَدٍ فَمُنْقَطِعْ
تجدون في كتب التفسير: قال ابن عباس: نزلت الآية في كذا. بغير سند؛ هذا منقطع، والمنقطع ضعيف لابد من البحث عن إسناده والنظر في الإسناد من حيث الاتصال، وثقة الرواة، وهل يثبت أو لا يثبت؟
ويوجد في كتب أسباب النزول قدر كبير من الأخبار الضعيفة.
وهذا يسأل عن كتاب:( الصحيح المسند من أسباب النزول ) للشيخ مقبل بن هادي الوادعي؟
هذا من خير ما يقتنيه طالب العلم، ويستفيد منه.
(وإِنْ بِغَيْرِ سَنَدٍ فَمُنْقَطِعْ): الآن ما يروى عن الصحابي من غير سند منقطع.
__________
(1) سورة (النور:6)
(1/79)
(أَو تَابِعِيْ فَمُرْسَلٌ): الآن ما يروى عن الصحابي من غير سند منقطع، أي ما يروى عن التابعي فمرسل. ما له حكم الرفع؛ إن اتصل السند بالصحابي، برواة ثقات فالخبر صحيح. وإن روي عن الصحابي وله حكم الرفع فهو مرفوع لكنه ضعيف منقطع.
ما يروى عن التابعي مما له حكم الرفع، مما لا يدرك بالرأي هذا مرفوع؛ فإن اتصل السند إليه فمرسل؛ لأنه لابد من ذكر واسطة بينه وبين النبي-عليه الصلاة والسلام-. التابعي لا يمكن أن يقول شيء مما له حكم الرفع برأيه إلا إذا عرف بالفرية. لكن المسألة مفترضة بالتابعين الثقات الذين يضاف إليهم مما له حكم الرفع هذا مرسل لابد أن يكون بينه وبين النبي-عليه الصلاة والسلام- واسطة وهو الصحابي.
فما يرفعه التابعي مرسل؛ ولذا قال: (أَو تَابِعِيْ فَمُرْسَلٌ )]. فإن انضم إلى الإرسال حذف الإسناد إلى التابعي فهو منقطع كما يقال، كما قيل في سابقه وهو مرسل لعدم ذكر الصحابي. وكلاهما ضعيف.
أو صح في أشياء:
أَو تَابِعِيْ فَمُرْسَلٌ ، وصَحَّتِ ... أَشْيَا كَما لإِفْكِهِمْ مِنْ قِصَّةِ
سبب نزول قصة الإفك في القرآن في عشر آيات من سورة النور. ثبتت القصة في الصحيحين بطولها، بطولها ثبتت القصة، وهي سبب نزول الآيات في سورة النور التي جاءت لبراءة عائشة-رضي الله عنها-.
(1/80)
(والسَّعْيِ والحِجَابِ مِنْ آياتِ): السعي بين الصفا والمروة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}(1)هذه الآية جاءت على سبب، ولولا السبب الذي أجابت به عائشة-رضي الله تعالى عنها-عروة لقلنا أن الآية لا تدل على الوجوب. لكن لما عرفنا السبب بطل العجب. عروة استشكل وجوب السعي من مجرد رفع الجناح. {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }، هل يكفي في إثبات الوجوب رفع الجناح؟
يعني رفع الجناح غاية ما يدل عليه الإباحة؛ لكن سبب النزول: وهو أن الأنصار كانوا يهلون لصنمين، ويطوفون بين الصفا والمروة من أجلهما، فلما جاء الإسلام ودخلوا في الإسلام وكفروا بما عداه من الأصنام، وفرض الحج كان من واجباته وواجبات العمرة بل من أركانه: السعي بين الصفا والمروة. فاستصحبوا ما كانوا يفعلونه في الجاهلية فكرهوا الطواف بين الصفا والمروة، فنزلت الآية لبيان أن هذا الأمر لا جناح فيه ولا حرج فيه ولا شيئاً مما تأثمتم به. استصحبوا أنهم كانوا في هذا المكان يسعون من أجل هذين الصنمين.
__________
(1) سورة (البقرة:158)
(1/81)
ذكرنا مثال: لو أن إنساناً احتاج إلى كراتين لنقل مكتبته من مكانٍ إلى مكان، فما وجد إلا كراتين دخان. فقال: هذه كتب علم قال الله ، وقال رسوله، وهذه الكراتين كانت ظروف لمحرم فكيف أحمل الكتب من خلال هذه الكراتين التي استعملت في معصية. يقال له: لا حرج عليك ولا جناح؛ لأن هذه الكراتين طاهرة ونظيفة، ومناسبة للكتب، وقوية ومتينة. تحرج باعتبار ما كان. وأما الحكم الشرعي: كراتين طاهرة، واليابس لا ينجس اليابس، على القول: بأن المسكر والمفتر فيه ما فيه. ولا شك أن النفس تجد، أو الأنسان يجد في نفسه شيء من القلق في مثل هذه الأمور. يعني لو عندك أو معك مصحف وتقرأ وأردت أن تسجد فتقول: بدل من أن أضعه على الأرض-ويجوز وضعه على الأرض- بخلاف إلقائه. لكن ما معك إلا كرتون-مثلاً- أكرمكم الله حفائظ لكنه جديد، جيء به من المصنع. نعم؟ يتحرج الإنسان أن يضع هذا المصحف الجليل الشريف على هذا الكرتون، وهو نظيف ما فيه أدنى إشكال، لكن الإنسان يجد في نفسه حرج من بعض الأمور. صح أو لا؟ فهم وجدوا في أنفسهم مثل هذا الأمر. وإلا جاء الأمر به: ( إن الله كتب عليكم السعي ) وسعى النبي-عليه الصلاة والسلام-فما للحرج من موقع في مثل هذه الأمور. لكن النفس جبلت على هذا فنزل قول الله-جل وعلا-:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }ولو لم نعرف السبب لوقعنا في إشكال في دلالة الآية كما وقع عروة.
(والسَّعْيِ والحِجَابِ مِنْ آياتِ): عمر-رضي الله تعالى عنه-كان يغار على زوجات النبي-عليه الصلاة والسلام-ولا يوجد مخلوق أغير من النبي-عليه الصلاة والسلام-فعمر-رضي الله عنه-زائدة؛ لأن هناك من الصفات، وإن شئت فقل جميع الصفات المحمودة لابد من التوسط فيها، فصنيعه عليه الصلاة والسلام هو الوسط.
(1/82)
عمر-رضي الله عنه-قال:( إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن ) فنزل قول الله-جل وعلا-: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ }(1)ولذا يقول عمر-رضي الله تعالى عنه-:( وافقت ربي في ثلاث ) وذكر منها الحجاب، وذكر منها الصلاة خلف المقام، وذكر منها: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ }(2)ثلاث. وموافقات عمر الملهم تزيد على ذلك بكثير وجمع السيوطي منها ما يقرب من عشرين في رسالة.
ولذا يقول يقول عمر_ رضي الله تعالى عنه_ وافقت ربي في ثلاث وذكر منها الحجاب، وذكر منها الصلاة خلف المقام، وذكر منها:{عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ }، ثلاث وموافقات عمر المُلهم تزيد على ذلك بكثير، وجمع السيوطي منها ما يقربُ من عشرين في رسالة.
(والحجابِ من آياتِ):سببها قول عمر_ رضي الله تعالى عنه _.
.......................... ... خَلْفَ المَقَامِ الأَمْرُ بالصَّلاةِ
"لو اتخذت من مقام إبراهيم مُصلى": يقول عمر_ رضي الله تعالى عنه_ فنزل قوله_جلّ وعلا_{اتخذوا من مقام إبراهيم مُصلى}(3) فهذه من موافقاتهِ_ رضي الله تعالى عنه_ ونزلت آيات على هذه الأسباب، كلّ.....
هل يُعبر بعضُ الصحابة بالنزول وهم يقصدون تفسيرهم للآية، أو ذكر حُكمِها؟ مثل قول ابن عمر في قوله تعالى:{نساؤكم حرثٌ لكم}(4) أنّها نزلت في إتيان المرأة في دُبُرِها، فهل يَعُدون مثل هذا سبب نزول؟ وماهي العبارات الصحيحة في ذلك؟
غالبًا ما يأتي النازل بعد ذكر القصة، تُذكر القصة ثمّ يُقال:"فأنزل الله تعالى" يُرتب عليها يُفرع على القصة النزول، وقد يقال:" أنزل الله تعالى في كذا" يعني: في حكم كذا، في حُكم كذا وإن لم يكن سببًا.
الحادي عشر : أَولُ ما نَزَلَ
اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ ، فالمُدَّثِّرُ ... أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
__________
(1) سورة ( الأحزاب:53)
(2) سورة ( التحريم5:)
(3) سورة (البقرة:125)
(4) سورة (البقرة:223)
(1/83)
أَوَّلُهُ التَّطْفِيفُ ، ثُمَّ البَقَرَةْ ... وقِيْلَ بالعَكْسِ بِدَارِ الهِجْرَةْ
..........................................................................................................
يقول المؤلف_رحمه الله تعالى_: في النوع الحاد عشر:
( أوّل ما نزل): يعني من القرآن مطلقًا اقرأ في قصة بدأ الوحي الشهيرة المُخرجة في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة، والنبيّ_عليه الصلاة والسلام_ أوّل ما بُديء به من الوحي الرؤيا الصادقة أ و الصادقة ، وفي الحديث:((كان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد)) يعني: يتعبد، ((وبينما هو كذلك إذ نزل عليه الملك فجاءهُ الملك فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقاريء، ثمّ قال له: اقرأ، فقال:((ما أنا بقاريء))، ثمّ قال له:((اقرأ باسم ربك الذي خلق)). السورة المعروفة.
اقرأ على الأصح وخبرُها والدليل عليها، في الصحيحين وغيرهما، وهذا قول الأكثر وهو القول الصحيح، فالمدثر هذا القول الثاني، القول الثاني: أن أوّل ما نزل المُدثر..
.......................... ... أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
العكس القول بعكس ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، ذهب إليه قوم يكثرُ عددهم، ويصعُبُ حصرُّهم.
يقول المؤلف_رحمه الله تعالى_: النوع الحادي عشر: أوّل ما نزل:اقرأ على الأصح، وهو قول الأكثر، وقال به قومٌ يكثُرُ عددهم ويستعصي حَصرُهم والدليل فيه صحيحٌ صريح.
(فالمُدثرُ أوّلُه): العطف بالفاء للترتيب فهل هو لترتيب النزول أو لترتيب الأقوال ؟
نعم، ألا نستطيع أن نقول: يقول المؤلف: إن اقرأ أوّل ما نزل ثمّ التي تليها المُدثر ؟ بأن أقول اقرأ على الأصح فالمُدثر؛ لو وقفنا على هذا، نعم لفهمنا على الفهم؛ لكنه قال: فالمُدثر أوّله ..............
(1/84)
يعني: أوّل ما نزل من القرآن، وهذا ثبت في الصحيح من حديث جابر_ رضي الله تعالى عنه_:(أنّه سُئل عن أوّل ما نزل؟، فقال: المُدثر)، وجاء بالقصة التي تفيد أن اقرأ قبل المُدثر؛ لقوله في خبره:((فجائني الملك الذي جائني بحراء))، فدّل على أن قصة حراء التي فيها نزول "أقرأ" مُتقدمة على القصة التي فيها الأمر بالإنذار.
..................فالمُدَّثِّرُ ... أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
(أوّله): هذا بالنسبة للأوّلية المُطلقة، خلاف الأوّلية المُطلقة هل هي اقرأ أو المُدثر؟
الأكثر والأصح: أنّها اقرأ، أما الأوّلية النسبية بالنسبةِ للرسالة والتبليغ فأوّل ما نزل عليه المُدثر، وتكون حينئذٍ أوّلية نسبية، وهذا يُحمل حديث جابر، أما الأوّلية المُطلقة فهي: "اقرأ".
أَوَّلُهُ التَّطْفِيفُ ، ثُمَّ البَقَرَةْ ... وقِيْلَ بالعَكْسِ بِدَارِ الهِجْرَةْ
يعني:أوّل ما نزل بالمدينة "دار الهجرة" على النبي_ عليه الصلاة والسلام _ سورة التطفيف: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ }(1) ، وهذا مروي عن ابن عباس.
(ثمّ البقرة): من أوائل ما نَزَل بالمدينة بعد التطفيف، وقيل: بالعكس، وهذا مروي عن عكرمة : البقرة ثمّ التطفيف .
(وقيل بالعكس بدار الهجرة): دار الهجرة هي المدينة، وهي طَيبةَ، وهي طابة، وهي الدار، ولها أسماء مذكورة في تواريخ المدينة.
__________
(1) سورة (المطففين:1)
(1/85)
فالمذكور عن ابن عباس والمروي عنه:أن أوّل ما نزل المدينة سورة: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } التطفيف ثمّ البقرة، وقيل بالعكس، ومُقتضى تقديم الناظم، وجزمه بأنّ أوّل من نزل التطفيف ثمّ البقرة، (وقيل) سياق القول الثاني بصيغة التمريض، تدل على ترجيحهِ القول الأوّل، وهذا استعملهُ بخلاف استعمالهِ لما جاء في أوّل ما نزل مُطلقًا، اقرأ أو المُدثر؛ لأن حديث جابر في الصحيح، حديث جابر في الصحيح، فهل يمكن التعبير عن قول جابر المَذكور في الصحيح بقيل؟، كما عَبر بقوله:( وقيل بالعكس)، يمكن أن يُعبر عنه بقيل وهو في الصحيح؟، يعني يجوز أن نقول قيل أوّل ما نزل المُدثر؟، يجوز وقول جابر في الصحيح؟، هل يجوز أن نسوقهُ بصيغة التمريض كما قال: وقيل بالعكس؟
ثبوت، إيه يعني المسألة صحيح تحتاج إلى تفصيل:
_إن أريد بذلك تضعيف القول لمخالفة ما هو أصح منه، صح أن نقول قيل.
_ وإن أريد ثبوت القول لقائلهِ، فلا يجوز أن نقول قيل لأنّه ثابتٌ في الصحيح.
الشيخ:النوع الثاني عشر.
الطالب: الثاني عشر: آخرُ ما نَزَلَ
وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ ... قِيْلَ : الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ : غَيْرَهْ
..........................................................................................................
الشيخ: وهذا النوع الثاني عشر هو آخر ما نزل، وآخر الأنواع المُتعلقة بالعِقد الأوّل وهو: ما يتعلق بالنزول.
آخر ما نزل، أوّل ما نزل وآخر ما نزل، ويُستفاد من معرفة أوّل ما نزل وآخر ما نزل: معرفة الزمن الذي يترتب عليه القول بالنسخ والإحكام.
يقول الناظم_رحمه الله تعالى_:
(آخرُ ما نَزَلَ): الأخيرة.
(آية الكلالة الأخيرة): يعني الأخيرة بالنسبة للنزول أو الأخيرة بالنسبة لسورة النساء؟
(1/86)
لأنا عرفنا أن آية الكلالة، أو أن الكلالة فيها آيتان في أوائل السورة وفي آخر السورة،و(آية الكلالة الأخيرة): يعني الأخيرة في النزول على النبي_عليه الصلاة والسلام_ كما تقتضيهِ الترجمة، أو أن المُراد بآية الكلالة الواقعة في آخر سورة النساء، يعني افترض إنك حِفظت البيت من دون ترجمة حفظت البيت من غير ترجمة.
وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ ... قِيْلَ : الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ : غَيْرَهْ
وما الذي يدريك أن الناظم يريد آخر ما نزل؟ إذا قلنا: آية الكلالة الأخيرة بالنسبةِ لسورة النساء ما في ما يدل على الترجيح.
.................... ... قِيْلَ : الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ : غَيْرَهْ
كلّها ما فيها ما يدل على الترجمة، نحتاج إلى ما يدل على الترجمة معروف أن آية الكلالة معروفة؛ لكن الآية الأولى التي ذُكرت فيها الكلالة يمكن أن يُقال آية الكلالة {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ}(1)، على كلِّ حال الكلالة ذُكِرت في موضعين :
في أوائل السورة وفي آخرها، فهل قول........
نعم، الآن الإشكال الذي أوردتُهُ واضح ولا موا بواضح ؟
لأن الأخيرة، يحتملُ عودُها على أنّها آخر ما نزل من القرآن وهذا هو المُطابق للترجمة، (الأخيرة): يعني المُتأخرة في سورة النساء آخر آية في سورة النساء، وحينئذٍ البيت لا يكون فيه ارتباط بالترجمة، يعني لو نُزع البيت وحدهُ ما فهمنا ما يريد المؤلف، يعني لابد من قراءة الترجمة مع البيت.
يعني(وصنف الأئمة الأسفار فيه): يعني ما في ما يدل على أنّه يريد أسباب النزول إلا من خلال الترجمة، فإذا قلنا: أنّه لا يستقيمُ الكلام في المنظومةِ كلّها إلا بالتراجم قلنا: مُرادهُ (بالأخيرة ): بالنسبة للسورة، حنا ما ذكر مثل هذا في الأبيات السابقة لماذا؟
__________
(1) سورة (النساء:12)
(1/87)
لأن اللفظ مُحتمل هنا، اللفظ محتمل: آخر ما نزل آيةُ الكلالةِ الأخيرة، بالترجمة إذا قرأناهُ بالترجمة، والأخوان يقولون: إن أكثر الأبيات السابقة لا تُدرك إلا بالترجمة، شُفْ أسباب النزول في ما يدل عليه إلا بالترجمة، آخر آيةٍ نزلَ الأخيرة،آخر آية أخيرة مُتأخرة في النزول، أو أنّها مُتأخر ذكرُها في سورة النساء؟
هذا الاحتمال هذا هو الذي جعلنا نقف عندها، وإلا البيت كسوابقه، أوّل ما نزل "اقرأ"، ما قال في البيت اقرأ أوّل ما نزل، هي تحتمل معنيين لكن هل نقول المؤلف يريدُ المعنيين؟ أو يريدُ المعنى الأوّل أبان عنه في الترجمة ، ويريد المعنى الثاني ؟
إيه، هذا ينبني على إعرابها؛ لكنها الآن ساكنة، لو حُركت ما ذا نقول في الأخيرة ؟
هل نقول: الأخيرةُ، أو الأخيرةِ، إذا طردنا المنظومة وأنّه (لا يبدأ)، لا يُكرر ما ذكره في الترجمة، هو ما يكررّ ما ذكره في الترجمة، قلنا: مُرادهُ (بالأخيرة) يعني الأخيرة بالنسبة للسورة، وحينئذٍ نقول:
وآيةُ الكلالةِ الأخيرةُ ... ....................
وصف للآية، وإذا قلنا:
آيةُ الكلالةِ الأخيرةُ ... ....................
نعم، يعني المُتأخرة، المنظومة بين يديك بتراجمها، بألفاظها، وحروفها ما عندك إشكال؛ لكن لو قالك واحد: هذا البيت وش معناهُ، وافردهُ عن الترجمة وش تفهم؟
اتركنا من "اقرأ" ما جابلك إلا ها البيت، قالك:وش معناه؟ اشرح هذا البيت بدون ترجمة، هل نقول أنّه لابد من ذكر التراجم في هذه المنظومة، أو تستقل الأبيات؟
ثبت بالأنواع السابقة أنّه لا يُكرر ما يذكرهُ في التراجم، فمُراده بقوله:(الأخيرة): أي المُتأخرة بالنسبة للسورة، أما كونها آخر ما نزل نفهمهُ من الترجمة.
قد يقول قائل: لماذا لا نفهم الأمرين من قوله:(الأخيرة)؟ يأتينا ما جاء في الصباح من استعمال اللفظ في معنييه، وهذا ممنوع عند الجمهور.
الشيخ: في شيء.
حتى هذا ما يُميز اللي ماندري آيات الربا من آخر ما نزل، وش يدريه ؟
(1/88)
لو قالك قائل: الربا حربٌ لله ورسوله، كيف تصير آخر التشريع .
(وآية الكلالة الأخيرة):يعني في وَضعها في سورة النساء، وفي النزول ايضًا ليُطابق البيت الترجمة.
.......................... ... قِيْلَ : الرِّبا ...............
عطف مع حذف العاطف، (قيل الربا)يعني: وقيل الربا كما في البُخاري عن ابن عباس، والبيهقي عن عمر_رضي الله عنه_، (قيل الربا): ويُقصد بذلك آيات الربا التي في أواخر سورة البقرة {الذين يأكلون الربا.....}إلى آخر الآيات، [{الذين يأكلون الربا.....}إلى آخر الآيات]، وقيل غيره، قيل الربا أيضًا قول ثاني، وقيل غيره فروى النسائي عن ابن عباس _رضي الله عنهما_:( أن آخر ما نزل{فاتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله})، وقيل: آخر براءة آخر ما نزل{قد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم.....} إلى آخر السورة، وقيل: آخر ما نزل سورة النصر، وقيل أيضًا : سورة براءة آخر ما نزل، والتوفيق سهل بين هذه الأقوال: بالنسبة للنصر وبراءة لِكمالها، يقال: آخر السور، وأما بالنسبةِ لآخر الآيات، فالذي يقول:آيات الربا كلامه صحيح إلى آخر الوجه، إلى قوله{فاتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}، فتكون بمجموعها الآخر، وإذا نظنا إلى آخر آية اتفق معها قول من يقول: {واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}، على كل حال الأقوال كثيرة لكن هذه أشهرها.
نعم، تُحمل على آخر ما نزل في الأحكام، نعم .. أوّل ما نزل بالمدينة.
طالب:........
الشيخ: وش هو ؟
الشيخ: المدني؟ ، أوّل ما نزل في المدني، وش هو ماذا قال عن المدني؟
فالمدني أولت القرآن ..................
هذا اشكال، أو ليس بإشكال؟
كونه ما عدّها في المدني، أما القول فقيل به ، كونها أوّل ما نزل بالمدينة قيل به.
وأما استيعاب الأقوال في جميع السور، وجميع ما قيل فيها: هل هي نزلت كذا أو كذا ؟
فلم يستوعب، إنما مشى على الراجح عنده، ومشى على هذا باعتبار أنّه قيل:إن أوّل ما نزل وقيل العكس.
(1/89)
اللهمّ صلي وسلم وبارك على عبدك ، ورسولك مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الطالب:الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وصحبهِ أجمعين، اللهمّ اجعلنا وشيخنا والحاضرين والمستمعين من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، يا وهاب ياكريمُ ياذا الفضلِ العظيم.
قال الناظم: العَقدُ الثاني: ما يرجعُ إلى السندِ وهي ستة أنواع:النوع الأوّل، والثاني، والثالث المتواتر والآحاد والشاذ
....القراء ما قد نقلوا...........
.............. الفظ العربي والخطِ
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .... أما بعد
فيقول الناظم_رحمه الله تعالى_:
في العِقدِ الثاني وهو ما يرجعُ إلى السند، يقولُ وهي ستةُ أنواع:[ما يرجِعُ إلى السند وهي، وهي: ستةُ أنواع]، هي:يعود إلى ما؟ ، ما يرجع إلى السند وهي:يعني:ما يرجع إلى السند ستةُ أنواع .
الأنواع جمعُ نوع ، والنوع، والقسم، والصنف، والضرب ألفاظ مُتقاربة، والنوع مُذكر والإخبار بالمُذكر عن المؤنث وهي أنواع غير مرضي، إلا أنّه باعتبارِهِ جمع تكسير فيجوز تذكيرهُ وتأنيثهُ باعتبار الجمع والجماعة.
النوع الأوّل، والثاني،والثالث من الأنواع الستة:
_المُتواتر.
_والآحاد.
_والشاذ.
في تقسيم الأخبار عندهم يجعلونها قسمين:
متواتر.
وآحاد.
فالشاذ يدخلونه في الآحاد، فهو قِسمٌ من الآحاد، وليس بقَسيمٍ له في الأخبار؛ فالمُتواتر عندهم: ما يرويهِ عددٌ، أو جمعٌ يستحيل في العادةِ تواطئهم على الكذب،[يستحيل في العادةِ تواطئهم على الكذب]، عن مثلهم ويسندونهُ إلى شيء محسوس يكونُ مصدرهُ الحس لا العقل،[لا العقل]، شيء مُدرك بالحواس، إما بالسمع، أو البصر، المصدر الأصلي مُدرك بالحواس إما أن يكون مسموعًا، أو مُبصرًا، أو ملموسًا، أو مشمومًا، المهم مُدرك بالحواس لا بالعقل، هذا هو المُتواتر في حدّهم .
(1/90)
والبحث في القراءات، المُتواتر من القراءات عندهُ ما يرويهِ السبعة فقط، بحيث لو روى غيرهم بالجمع المذكور فإنّه لا ينطبق عليه الحدّ، عرّف المتواتر بأنّه قراءة السبعة فقط، والتعريف بمثل هذا، التعريف بالأقسام أو تعريف بلفظٍ كاشف.
(السبعةُ القراء ما قد نقلوا): يعني: قراءة السبعةِ المُتواتر، أو المُتواتر قراءة السبعة فقط، إذا قيل: عرّف المُتواتر؟
تقول: قراءة السبعة !، هو يحصُرُ المتواتر بقراءة السبعة، والحَصر، التعريف بالحَصر نوع معروف، أو قسم معروف في الحدّود عندهم، والنبيّ_ عليه الصلاة والسلام _لما سُئل عن الإسلام، وعن الإيمان، أجاب بالأركان المحصورة التي لا يُمكنُ الزيادةُ عليها، هذا المُتواتر لو بحثت عن أسانيد هؤلاء القراء السبعةَ، بحثتَ عنهم يعني في المدونات، وبحثتَ عن أسماء من قراء على هذا، ومن قراء عليه هذا، وأردت أن تجمع عدد يحصلُ به العلم الضروري القطعي، قد يُعوزُكَ مثل هذا؛ لكن هناك تواتر غير منقول، وهو تواتر الطبقة، يعني لايشك أحد أنّه قراء على ابن مسعود جمع غفير من النّاس، [وممن قراء على]ومن قراء على ابن مسعود قراء عليهم جمعٌ غفير، وهكذا يحصلُ العلم بقرائتهم ، ولو لم تذكر أسمائهم وتدون أسمائهم بحيث لو بحثنا عنهم وجدناهم، الأمّة بكاملها، ممن له نظر في العلم كلّهم يقرؤون القرآن على شيوخهم، وشيوخهم عن شيوخهم وهكذا، فمثل هذا يسمّى تواتر الطبقة ، كتواتر قراءة المسلمين للقرآن، جمعٌ غفير يرونه أو يقرؤونه على جمع غفير وهكذا، القُرّاء السبعة قراءتهم هي التي حصرها الناظم بالمتواتر.
الآحاد ما دون المتواتر، [الأحاد ما دون المتواتر]، وهذا الآحاد يقسمونه إلى أقسام:
(1/91)
مشهور، وعزيز، وغريب تبعًا لتَعدُدِ رواته، ومن هذه الأقسام ما هو محفوظ ومنها ما هو شاذ؛ فالشاذ من أقسام الآحادن وهنا جَعَلَ الشاذ قسيم للمتواتر والآحاد، يعني هل يوجد في القراءات قراءة ضعيفة، قراءة مُعلّة، قراءة مضطربة، يعني مثل مايرد في الحديث يوجد ولا ما يوجد؟، أو أما أن نقول قراءة (...) متواتر، أو غير قراءة السبعة، قراءة آحاد وهي قراءة الثلاثة، وماعدا العشرة شاذة، ماذا نقول؟
يعني هذا اصطلاح، يعني القراءات يمكن حصرها بالثلاث فقط دون سائر الأخبار،[دون سائر الأخبار]، على هذا جرى المؤلف ويأتي ما في كلامه.
والسبعةُ القراء هم:
نافع.
وابن كثير.
وأبو عمر.
وابن عامر.
وعاصم.
وحمزة.
والكسائي.
ولكلٍ من هؤلاء السبعة راويان فيروي:
عن نافع قارون وورش.
وعن ابن كثير البزي وقُنبل.
وأبو عمر البصري يروي عنه الدوري والسوسي.
وابن عامر يروي عنه هشام وابن دكوان.
وعاصم يروي عنه عروة وحفص.
وحمزة يروي عنه خلف وخلاد.
والكسائي يروي عنه الحارث وحفص الدوري.
الثلاثة الذين يرد، يأتي ذكرُهم من أهل العلم من يجعل قراءتهم مُتمة للسبعة فيَجعل العشرة كلُّهم من المتواتر،[كلهم من المتواتر].
وهم: أبو جعفر المدني، ويعقوب البصري، وخلف البزار.
وأبو جعفر يروي عنه ابن وردَان وابن جماز.
ويعقوب يروي عنه رُويس ورَوح.
وخلف يروي عنه إسحاق و[ابن ادريس] ، وادريس.
هؤلاء القرّاء الذين نُقلت قراءاتهم بالتواتر وتُلُقيت به، وتلَقوهَا كذلك.
والسبعةُ القراء ما قد نقلوا فمُتواتر ........
(1/92)
مُتواتر: أما بالنسبة لتلقي هذه القراءات عن الأعداد الغفيرة، والجموع المُتكاثرة هذا لا إشكال فيه، تلقي المقروء لكن كيفية الأداء، ما كان من قبيل الأداء هل يكون مُتواتر أو غير مُتواتر، كيفية الأداء هل هو من قبيل المُواتر، أم من قبيل المسكوت عنه الذي لا يُدرى؟، يعني الأداء كالمد والإمالة وغيرهما، وأن هذا يّمد ست حركات، وهذا أربع حركات، وهذا يُمد حركتين، هذا من المُتواتر أو غير مُتواتر؟
نعم..... نعم متواتر من أقوال الشيوخ ؛ لكن عندهم مسجلات بحيث كل واحد يسمع ما قرأهُ الأوّل والآخر، يعني لو قيل لواحد منا كيف ينطق الرسول_ عليه الصلاة والسلام_ "سمع الله لمن حمده"، يستطيع أعلم النّاس أن ينطقها كما نطقها الرسول في الأداء، لا أقول في الحروف، الحروف كل ينطقها، ترى المسألة مهمة جدًا، الجملة "قد سمع الله لمن حمده"، و{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}(1) ، لكن كيف نطقها وأداها الرسول _ عليه الصلاة والسلام_ هل تجزم بأن هذا أداء الرسول، نُقل إلينا القرآن بالتواتر، وما بين الدفتين اتفق عليه الصحابة وأجمعوا إجماعًا قطعيًا بحيث لو أنكر منه حرف واحد كفر، ولا عندنا تردد في هذا؛ لكن كيفية الأداء، بعض العلماء يستثنيه من التواتر بدليل الإختلاف فيه، حرف يختلف قاريء عن قاريء واحد يقول ست حركات واحد يقول أربع؛ يعني لو كان متواتر،ويستحيل التواتر في مثل هذا، (....) مسجلات يتداولها النّاس، نعم أنت تسمع صوت شيخ، وتؤدي مثل ما يؤدي شيخك؛ لكن هل تؤديه مائة بالمائة، كلنا سمعنا الشيوخ الكبار والصغار؛ لكن هل نحن في، في أدائنا من قرأتنا عليهم، هل نقلدهم في كيفية الأداء؟ عامة من يبحث في علوم القرآن ومن يُوجب التجويد، القراءة بالتجويد يقول: المُتواتر لفظهُ وأداءه ، وهكذا تُلقي كل يتلقاه عن شيخهِ وشيخهُ عن شيخِهِ، بل يتلقاه الطلاب الجموع الغفيرة من الطلاب عن الجموع
__________
(1) سورة(المجادلة:1)
(1/93)
الغفيرة من الشيوخ وهكذا إلى النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ إلى جبريل، إلى ربّ العزة، فما يرجعُ إلى الأداء، نحن نجزم بأن من كذب متواتر، أحد يشك في هذا؟ ما نشك في هذا؛ لكن كيف نطق به النبي_ عليه الصلاة والسلام_ الله أعلم، نطق بهذه الحروف حروف عربية، وكلّ إنسان يستطيع النطق بها؛ لكن يعني الرسول قراءها مرةٍ بأربع ومرةٍ قرأها بثلاثة، سندها صحيح إلى ابن مسعود على أساس أنّها القرآن رددناها، وهو يرفعها على أنّه وفي قراءة ابن مسعود كذا هذا الثابت عنه، رددناها باعتبار أنّها قراءة، نقبلها على أساس أنّها تفسيرخالف الحُكم الذي تضمنه هذا التفسير، تفسير مرفوع إلى النبي_عليه الصلاة والسلام_ حُكم يتضمن حُكمًا، حديث يتضمن حُكمًا مرفوع إلى النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ ماذا نُقدم؟
يقول: قَدم المرفوع ، لماذا؟
لأن المرفوع مقبول من غير تردد، وهذه مقبولة من وجه، مردودة من وجه؛ فما كان فيه القبول حتم يختلف عما كان فيه القبول من وجه دون وجه، ظاهر ولا موا بظاهر؟
يقول: (مالم يجري مجرى التفاسير) يعني: فيُقبل، ويُعمل به على أساس أنّه تفسير
(وإلا فادري قَوَلي إن عاضه المرفوعُ......) يعني: هل تُقدم هذه القراءة الحيحة الثابتة عن الصحابين الصحابي مو بجايب القراءة من عنده؟
وفي حرف ابن مسعود كذا، وقرأ على كذا، وابن عباس قال كذا، قراءات تشتمل على زيادات خارجة عن مُصحف عثمان، وهي ثابتة صحيحة إليهم، وتتضمن حُكم، ويثبت عن النبي_ عليه الصلاة والسلام_ بحديث منفصل عن القرآن، حديث نبوي، يتضمن حُكمًا يُخالف ما جاء في هذه القراءة، يُخالف ما جاء في هذه القراءة، يقول:
(قَدِمهُ): قدم المرفوع، لماذا؟
(1/94)
لأن قبوله مضطرد ما في أحد يرده، أما هذه القراءة فيُشوش على قَبولها باعتبارها تفسير ردّها باعتبارُها القرآن، وهي إنّما سيقت على أساس أنّها قراءة، فإذا رددناها من وجه، بقي الوجه الثاني فيه شيء من الضعف، وإحتمال الرد، ظاهر ولا موا بظاهر.
يعني المقبول باضطراد مثل اللي يُقبل من وجه دون وجه ؟
يعني من أين أتى الضعف لهذه القراءة الصحيحة بسند صحيح وقد يكون الاسناد هو ...هو، يعني خبر صحيح سندهُ كالشمس ما فيه إشكال؛ لكن متضمن جُملتين وكلّ جملة لها مدلول حُكمي، لها ما يُستنبطُ منها من حُكم فالجملة الأولى: لها ما يَشهَدُ لها من جملةٍ أخرى، الجملة الثانية لها ما يُخالفها مما هو أقوى منها، فنبل الجملة الأولى باعتبار ما يشهد لها، ونرد الجملة الثانية باعتبار انّها مُخالفة، لو جئنا إلى حديث متكون من جملتين: جملة لها مُعارض راجح، وجملة لا يوجد ما يشهد لها ولا ما يردُّها ويش يغلِب على الظن؟
الجملة الأولى مردودة بلا شك لوجود المُعارض الراجح، الثانية: الجملة الثانية نقبلها وقد رددنا بعض الخبر، أما إذا كان هناك جملة لها ما يشهدُ لها فنقول إن الراوي حفظ بعض ، ولم يحفظ البعض بدليل أن هذا وُفق عليه، وهذا لم يُوافق عليه؛ لكن إذا كان هناك شيء مُعارض من راجح وجُملة أخرى لم يُوافق عليها ولم يُعرض عليها، كوننا نرد بعض الحديث ونرد بعضه المسألة فيها ما فيها، وقل مثل هذا في القراءة المردودة مروية على أساس أنّها قراءة فهي مردودة لمُخالفة المُتواتر، هي أيضًا باعتبار سندها صحيح للصحابي، سندها صحيح للصحابي فنحملها على أنّه جاء بها من تلقاء نفسه تفسير؛ لكن إذا عُورضت هذه الجملة التي جاء بها من تلقاء نفسه على أنّها تفسير عورضت بحديثٍ نبوي مافيه شوب قراءة، صحيح ثابت عن النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ على أنّه حديث من قوله_ عليه الصلاة والسلام_ ولذا يقول:
قولي إن عارضه المرفوع قدمهُ ذا القولُ هو المسموعُ
(1/95)
والثاني من الأنواع: الآحاد كالثلاثة
(والثاني الآحاد كالثلاثة): أبو جعفر، ويعقوب، وخلف، هذه آحاد.
وبعضهم يقول: "هم تتمة السبعة" العشرة كلّها مُتواترة.
تتبعها قراءة الصحابة ..............
يعني: ماثبت عن الصحابة آحاد، ما ثبت عن الصحاية آحاد كالقراءة الثلاثة.
(تتبعها): وش معنى تتبعها؟
يعني: أنّها تتبعها في الحُكم، تكون آحاد، والتعبير بقوله:(تتبعها) على ترجيح قراءة الثلاثة على ما ثبت عن الصحابة مما لم يقرأ به العشرة؛ لأنّه قال تتبعها ظاهر من اللفظ ولا موا بظاهر؟
لأنّه يقول: (والثاني الآحاد كالثلاثة أبو جعفر ويعقوب وخلف)
على رأيه أن هذه آحاد ليست متواترة، ليست كالسبعة، ومن أهل العلم من يرى أنّها تتمة للسبعة فالقراءة متواترة عشر؛ لكن الذي معنا، يقول:
(الثاني الآحاد كالثلاثة): مشى على أن الثلاثة آحاد، وليست مُتواترة، مشى على هذا ثمّ قال:
(تتبعها قراءة الصحابة): قراءة الصحابة إذا صح عن ابن مسعود وعارضه أحد الثلاثة قدمنا الثلاثة؛ لأنّه يقول:(تتبعها)، وما دام قراءة الثلاثة آحاد، والمروي عن ابن مسعود آحاد، لماذا قُدمت قراءة الثلاثة على قراءة ابن مسعود؟(1)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهمّ اغفر لشيخنا وأجزه عنا خير الجزاء وأوفره وأغفر للحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين ..
قال الناظم _رحمه الله_:
العِقْدُ الثاني : مَا يَرجعُ إلى السَّنَدِ ، وهي ستة أنواع:
النوع الأول ، والثاني ، والثالث : المتواتر ، والآحاد ، والشاذّ
والثَّالِثُ : الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ ... مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ
ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ... وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ شَرْطٌ يَنْجَلِيْ
...........................................................................................................
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط الثالث.
(1/96)
ومادام قراءة الثلاثة آحاد، والمروي عن ابن مسعود آحاد لماذا قدمت قراءة الثلاثة على قراءة ابن مسعود مما ليس في العشرة؟ تقدم قراءة الثلاثة؛لأنها دائرة بين الآحاد والمتواتر. لأن من أهل العلم من يرى أنها متواتر.
فمادامت دائرة بين المتواتر والآحاد فهي مقدمة على ما أتفق على أنه من الآحاد. ظاهر وإلا ما هو ظاهر الآن؟
والثَّالِثُ : الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ ... ...............................
(الشاذ): في عرف أهل الحديث والآثار:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملأ والشافعي حققه
يعني: إذا تضمنت المخالفة القراءة أو الحديث مخالفة لمن هو أرجح، وأوثق حكمنا عليها بالشذوذ. وحكمنا على الراجح بأنه هو المحفوظ. وهو يقول:
والثَّالِثُ : الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ ... مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ
(لم يشتهر): إما لمخالفته، أو لضعف إسناده، وإما لغرابته وشذوذه ومخالفته. أو لطعنٍ في إسناده.
( استطر ): يعني كتب في كتب التفاسير وفي كتب القراءات. وهذا موجود وعند الحاكم أشياء من هذا.
( ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ): المتواتر، وهو قراءة السبعة :
ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ... وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ شَرْطٌ يَنْجَلِيْ
هذه الشروط التي تشترط لقبول الرواية. وهي قريبة من شروط ابن الجزري وسماها أركان. ابن الجزري سماها أركان وهنا شروط.
ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ... وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ شَرْطٌ يَنْجَلِيْ
لابد أن تكون القراءة صحيحة السند.
( لَهُ كَشُهْرَةِ الرِّجَالِ الضَّبْطِ ): ولو قلنا: أنها مجرورة على تقدير حرف الجر، مع أنه إذا نزع الخافض تنصب؟
( لَهُ كَشُهْرَةِ الرِّجَالِ ): يعني بالضبط؛ كاشتهار الرجال بالضبط. المقصود يقول:
( وِفَاقُ لَفْظِ العَرَبِيْ والخَطِّ ): هذه الشروط الثلاث:
صحة الإسناد.
وموافقة لفظ العربية
وموافقة الخط-موافقة الرسم-.
(1/97)
هذه شروط لقبول القراءاة. شروط لقبولها قراءة وإلا قرآن؟ لأن في القرآن يشترط أن يكون متواتر وهنا اكتفى بصحة السند، وصحيح السند يدخل فيه الآحاد؟
فإن قلنا: أنه يقبله على أساس أنها قرآن؛ قلنا: اختلف الكلام الثاني مع الأول. وأما ابن الجزري فهو يقبلها قرآن:
فكل ما وافق وجه النحو ... وكان للرسم احتمالاً يحوي
وصح إسناداً هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان
وهي شروط وليست بأركان، شروط لقبول القراءة:
وحيث يختل ركنٌ أثبت ... شذوذه لو أنه في السبعة
فـ(الشاذ): هو قال الشاذ قراءة التابعي مما دون. والشاذ عند ابن الجزري: ما اختل ركنٌ من أركانه الثلاثة.
طالب يقرأ: - أثابكم الله-:
[النوع الرابع : قِراءَاتُ النِّبيِّ الواردة عنه:
وعَقَدَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ ... بَابَاً لها ، حَيْثُ قَرَا بِمَلِكِ
كذَا الصِّراطُ ، رُهُنٌ ، نُنْشِزُ ... كذاكَ لا تَجْزِي بِتا يَا مُحْرِزُ
أَيْضاً بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلاَّ ... والعَيْنُ بِالعَيْنِ بِرَفْعِ الأُوْلَى
دَرَسْتَ ، تَسْتَطيعُ ، مِنْ أَنْفَسَكُمْ ... فَتْحِ فَا مَعنَاهُ مِنْ أَعْظَمِكُمْ
أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ ... بَعْدَ سَفينةٍ وهَذِيْ شَذَّتِ
سَكْرَى و مَا هُمُ بِسَكْرَى أَيْضا ... قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى
و اتَّبَعَتْهُمْ بَعْدَ ذُرِّيَتِهِمْ ... رَفارِفَاً عَبَاقِرِيَّ جَمْعُهُمْ
...........................................................................................................
نعم يقول المؤلف-رحمه الله تعالى-: ( النوع الرابع ): مما يرجع إلى السند القراءات التي تلقيت بالسند عن النبي-صلى الله عليه وسلم-ووردت عنه.
(1/98)
والحاكم في المستدرك عقد لها باباً، وذكر في الصحيحين، والسنن، وسائر كتب السنة قراءات نسبت إلى النبي-عليه الصلاة والسلام-متفاوتة الأسانيد ؛ولذا يقول: (وعَقَدَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ ): يعني أبا عبد الله محمد بن عبدالله بن ربيع الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك.
( بَابَاً لها ): يعني للقراءات الواردة عن النبي-عليه الصلاة والسلام- .
( حَيْثُ قَرَا بِمَلِكِ ): في سورة الفاتحة {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }(1) قرأ :( ملك يوم الدين ).
الآن نعود إلى كيفية الآداب، وأنا قرأت الثلاثة آيات من سورة الفاتحة هل أنا آثم بقراءة هذه أو لا؟
وهل جميع القراء الذين يرتلون، ويجودون، وبعضهم يتنطعون في الركعتين الأولتين من الصلاة يؤدون القراءة في الركعتين الأخيرتين كما قرؤوا في الركعتين الأوليين؟
خلهم..من أشد الناس تجويد، ولا يفوت شيء في القراءة الجهرية، لكن إذا قرأ في السرية يسوي مثل الركعتين؟ يأثم وإلا ما يأثم؟ على قوله. فالمسألة يا إخوان عظيمة السواد الأعظم من الأمة آثم على هذا.
( ملك ): ملك قراءة من؟ قراءة أبي عمرو، وابن عامر، وحمزة وابن كثير، ونافع. نعم؟ ماعدا عاصم والكسائي قرؤوا مالك. والفرق بين القرائتين:( ملك ) و( مالك ): لكل قراءة ما يرجحها من حيث المعنى.
لا نطيل بذكر الفروق والمرجحات في تفسير الفاتحة أو التعليق على تفسير الجلالين من سورة الفاتحة مفصل هذا؛ قرأ بملك يعني النبي-صلى الله عليه وسلم-
وكذا قرأ-صلى الله عليه وسلم-:( الصِّراطُ ): وهو قراءة الجمهور. وقريء أيضاً بالسين والزاي.
__________
(1) سورة ( الفاتحة : 1)
(1/99)
كذلك ( رُهُنٌ ): عندهم الشاطبية نصوص يستدل بها. ما علينا من الفداء العراقي... أنا ما أقول الدليل قول العراقي. ما يمكن أقول هذا الكلام :( والدليل على ذلك قول العراقي ) أبداً. لكن أهل التجويد يقولون هذا:( والدليل على ذلك قول الشاطبي ).
( نُنْشِزُها ): قرأت أيضاً: بالراء.
( كذاكَ لا تَجْزِي ): في قراءة ( تُجْزِي ):( بِتا يَا مُحْرِزُ ): المحرز: الذي يأخذ الشيء لنفسه، ويضمه إليه، فهو يتوسم في طالب العلم أنه يحرز العلم ويضمه إليه وهذا هو الأصل في طالب العلم.
( أَيْضاً بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلاَّ ): يَغُل، ويُغِل. فيه قراءة ثالثة؟ الإثنين. طيب وبالفك: ( يغلل )؟ لكن المقصود الآية المدغمة هنا، ليست الآية المفكوكة.
( ... أَنْ يَغُلاَّ والعَيْنُ بِالعَيْنِ ): {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ }(1)؛ لأن العين معطوفة على النفس، والنفس اسم أن فهي منصوب. هنا قريء:( العينُ بالعينِ ) متى يجوز العطف على اسم إن بالرفع؟ تقول :إن زيداً وعمراً قائمان. هل يجوز أن تقوم إن زيداً وعمرٌ قائمان؟ لا يجوز بحال. قائمان؟ لا لو قلت: إن زيداً قائمٌ، وعمرٌ أو وعمراً جاز بعد الاستكمال: وجائزٌ رفعك معطوفاً على منصوب إن بعد أن تستكمل يعني استكملت الخبر ما فيه إشكال، لكن الإشكال قبل أن تستكمل الخبر. هو الآن استكملت أو ما استكملت؟ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ }أين الخبر؟ يعني النفس كائنة بالنفس، أو مجازاة بالنفس، أو مقابلة بالنفس. والعين كذلك. وأما النصب فلا إشكال فيه.
__________
(1) سورة ( المائدة: 45)
(1/100)
وجاء في القرآن {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ }(1)وجاء في موضعٍ آخر: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى }(2)تخرجه على إيش؟ تخرج على إيش؟ إيه لابد من تقدير.
.......... ... والعَيْنُ بِالعَيْنِ بِرَفْعِ الأُوْلَى
دَرَسْتَ... ... ....................
طالب يسأل: ...الشيخ: قرأت إيش؟ ( دارست )-بالألف-
( تَسْتَطيعُ ): هل تستطيع ربك. الأصل في سورة المائدة {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}المائدة112 قُرأت :( تستطيع ربك ) فالأصل ومفاد القرآة ومعناها: أنك هل تستطيع يا عيسى أن تسأل ربك ينزل علينا مائدة من السماء؟
( مِنْ أَنْفَسِكمْ ): {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ }التوبة128 هذا الأصل هذه القراءة المعروفة. جاءت وقُرأت :[ .... مِنْ أَنْفَسِكمْ بِفَتْحِ فَا مَعنَاهُ مِنْ أَعْظَمِكُمْ ].
( أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ ): { وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }الكهف79 معناها:( أمامهم ) والوراء من الأضداد. ( قَبْلَ مَلِكْ ): { مَّلِكٌ يَأْخُذُ}الكهف79 يعني هل قريء:( أمامهم ) بدل ( وراءهم )؟ لا. لكن المراد صالحة، كل سفينة صالحة.
( بَعْدَ سَفينةٍ وهَذِيْ شَذَّتِ): لماذا حُكم عليها بالشذوذ؟ نعم خالفت الرسم. وتخلف فيها شرط. (صالحة) هي الشاذة.
( سَكْرَى ): كعَطْشَى ( ومَا هُمُ بِسَكْرَى أَيْضا ): يعني في مطلع سورة الحج {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى}الحج2 قُرأت:( سَكرى ).
__________
(1) سورة ( البقرة: 62 )
(2) سورة ( المائدة:69)
(1/101)
( أَيْضا قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى ): أي قرأها ممن مضى من المتقدمين بالجمع أي: (قُرَّاتُ أَعْيُنٍ ): في سورة السجدة {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ }السجدة17 قرأها بعضهم بالجمع ( قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى) قرأت بالألف، والألف يحتملها الرسم. لكن التاء { قُرَّةِ أَعْيُنٍ } هل كتبت بالتاء المفتوحة أو التاء المربوطة؟ في الأصل في الآية؟
جاءت بعض التاءات التي على صورة الهاء المضمومة هذه مربوطة؟ قرة أعين؟ إذن لا يحتملها الرسم؛ لأنها لو كانت التاء هذه غير مربوطة لاحتملها الرسم؛ لأن الألف هذه سهلة: المجلس والمجالس يحتملها الرسم عندهم ( تُمْضَى ).
( واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدَ ):التي في سورة الطور ( واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدَ ذُرِّيَتِهِمْ ) قرأها أبو عمرو :( واتبعناهم ذرياتهم ).
في سورة الرحمن:( رَفارِفَاً عَبَاقِرِيَّ جَمْعُهُمْ ): في سورة الرحمن {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ }الرحمن76 قرأه السبعة بالإفراد، وبالجمع رويت عن عثمان-رضي الله تعالى عنه-والجحدري وابن محيصن :( رفارف وعباقري ) الجمع ( جَمْعُهُمْ ):
والسبعة القرأ ما قد نقلوا ... متواتر بغيره لا يعمل
أعني بذا في الحكم ما لم يجر ... مجرى التفاسير و إلا فادرِ
يقول: ألا يحمل قول ابن الجزري:
والأخذ بالتجويد حتمٌ لازمٌ ... من لم يجود القرآن آثم
على اللحن الجلي الذي يحيل المعنى؟ لا هم يريدون غير هذا. والله إن كان التجويد من مقتضى القراءة المأمور بها يعني على الوجه المأمور به من الترتيل فالأصل في الأمر :( رتل) أنه للوجوب، ومع ذلك جاءت القراءات على وجوه مختلفة مها الحدر، وأهل العلم يجيزون الهذ أيضاً، وإن اختلفوا فيه لكن:( اقرأ ورتل كما كنت تقرأ هذاً كان أو ترتيلاً) هذه رواها الإمام أحمد والدارمي بإسنادٍ حسن.
(1/102)
القرآن رسمه يختلف أم ما اعتاده المفسر؟ وقراءة الشخص بمفرده قد يضل بسببها؟ لابد من التلقي.
طالب يقرأ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهمّ اجعلنا وشيخنا والحاضرين والمستمعين من أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته، يا وهاب يا كريم ، ياذا الفضل العظيم. قال الناظم:
النوع الخامس والسادس : الرواةُ والحُفَّاظُ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه
عَليُّ ، عُثْمانُ ، أُبِيٌّ ، زَيْدُ ... ولابنِ مَسعُودٍ بِهذا سَعْدُ
كذا أَبُو زَيْدٍ ، أَبو الدَّرْدا كَذَا ... مُعاذٌ بنُ جَبَلٍ ، وأَخَذَا
عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ مَعَ ابْنِ ... عَبَّاسٍ ، ابنُ سَائِبٍ ، و المَعْنِي
بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ ثُمَّ مَنْ شُهِرْ ... مِنْ تَابِعِيٍّ فالَّذِي مِنْهُمْ ذُكِرْ
يَزِيْدُ أَيْ مَنْ أَبُهُ القَعْقَاعُ ... والأَعْرَجُ بنُ هُرْمُزٍ قَدْ شَاعُوا
مُجَاهِدٌ ، عَطَا ، سَعِيْدٌ ، عِكْرِمَةْ ... والحَسَنُ ، الأَسْوَدُ ، زِرٌّ ، عَلْقَمَةْ
كذاكَ مَسْرُوقٌ ، كذا عَبِيْدَةْ ... رُجُوعُ سَبْعةٍ لَهُمْ لا بُدَّ هْ
...........................................................................................................
الشيخ-حفظه الله-:
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبدهِ ورسوله، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين ... أما بعد
فيقول المؤلف_رحمه الله تعالى_:
(1/103)
(النوع الخامس والسادس): يعني من العِقد الثاني، الرواةُ والحُفَّاظُ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه،( الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه )، لم يُذكر منهم أبو بكر ولا عمر، ( أبو بكر ولا عمر)؛ لأن القرآن نزل وقد طعنوا في السن، والحفظ كما تعلمون ولا يخفى عليكم يصعب على الكبير، عمر_ رضي الله تعالى عنه_ تعلم البقرة في ثماني سنوات أو اثني عشر سنة، ومِثلُه ابنهُ؛ لكن تعلمها لا كما يتعلمُها النّاس اليوم، وإلا فبالإمكان أن تُتَعَلم البقرة في شهر على طريقة النّاس اليوم يحفظُ ويعرض ويكون تعلم، لكن ما مُراد بتعلم؟ هل المُراد به قرأ؟، هل المُراد به حفظ ؟ لا، تعلّم ...أدرك علم هذه السورة.
(1/104)
أدرك ما فيها من علم، على طريقتهم_رضوان الله عليهم_ يقول أبو عبد الرحمن السُلمي: "حدثنا الذين كانوا يقرؤننا القرآن _وذكر من ذكر منهم_ أنّهم كانوا لايتجاوزون عشر الآيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل"، إضافة إلى حفظ الحروف حفظ الحدود والحقوق، من عني بهذا ولم يكتفي بحفظ الحروف، حفظ الحروف في غاية الأهمية، وهو مُعينٌ على فهم كلِّ علم وتيسير كلِّ فهم، لكن هل القرآن أنزل لمُجرد حفظهِ حفظ الحروف أو تلاوتهِ فضلاً عن اتخاذهِ مصدر رزقٍ وكسب في المأتم والأفراح وغيرها، مُجرد تلاوة القرآن تُعبد بها ورُتب على ذلك الأُجور العظيمة، كلّ حرف عشر حسنات، والله يُضاعف لمن يشاء،( والله يضاعف لمن يشاء)، فقراءة القرآن فقط دون قدر زائد الختمة الواحدة أكثر من ثلاثة ملايين حسنة على القول: بأن الحرف حرف المبنى، وأما على القول بأن الحرف حرف المعنى: فتزيد عن سبعمائة ألف حسنة، وعلى التقديرين فالأجرُ عظيم جداًا، والله يضاعف من يشاء، قد يصحب هذه التلاوة من تعظيم الله وتعظيم كلامه ما يجعل الحسنة الواحدة من هذه العشرات سبعمائة ضعف، وجاء في المُسند حديث ضعيف تكلم فيه أهل العلم :((أن الله لَيضاعف لِبعضِ عباده إلى ألفي ألفي حسنة))، (....)تتصور إنّها خزائن المخلوقين التي تنفذ بالعطاء إذا كان آخر من يدخل الجنّة يقال له: تمنى فتَقصُر به الأماني، فيُقال له: هل تريد ملك أعظم ملك من ملوك الدنيا، يقول: نعم ، يفرح بذلك، هذا آخر من يدخل الجنّة، آخر من يخرج من النّار ويدخل الجنّة، فيُقال: لك مِثله، لك هذا وعشرة أمثاله، ففضل الله عظيم ولا يُحدّ لكن أروا الله منكم خيرًا ،.
وجاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرٍ قال:سمعت النبيّ_ صلى الله عليه وسلم_ يقول:((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة، ومُعاذ، وأبي بن كعب)).
(1/105)
وجاء أيضًا عن أنس في الصحيح قال: "مات النبيّ_ صلى الله عليه وسلم_ ولم يجمع القرآن غيرُ أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي" أحد عمومة أنس بن مالك، فالمُعول على ما يَقِرُ في القلب ويُصدِّقهُ العمل، على ما وقرَّ في القلب وصدقه العمل، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ } إيش أكثر عملاً؟ ولا إيش؟
{أَحْسَنُ عَمَلاً}الملك2، فالعبرة بالكيف لا بالكم.
يقول الرواة والحُفاظ من الصحابة وعِدتهم أحد عشر صحابيًا:
عَليُّ ، عُثْمانُ ، أُبِيٌّ ، زَيْدُ ... ........................
علي بن أبي طالب وعثمان ، قدَّم علي لماذا؟ من أجل الوزن، أو أن علي أكثر اهتمام بالقرآن من عثمان؟
نعم، ماذا نقول؟ (.....) نعم للوزن، عثمان معروف بملازمة المصحف، والتلاوة .
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يُقطع الليل تسبيحًا وقرآنا
(1/106)
فعثمان هو المُتقدم في الفضل والرتبة، وهو أيضًا مُتقدم في هذا الباب وإن كان علي _رضي الله عنه_ لا يُجارى في هذا الباب ولا يُدان، ويُوجد مُصحف يُقال إنّه مُصحف علي بن أبي طالب، وكتب "علي بن أبو طالب" يعني في نهايته كتب"علي بن أبو طالب"؛ ولذا مما ضُعِفَ به إثبات نسبة هذا المُصحف لعلي_ رضي الله عنه_هذا اللحن الفاحش، هذا اللحن الفاحش، والحافظ بن كثير_ رحمه الله_ نبه على هذا، والغريب أن جميع من طَبَعُوا التفسير قالوا: وكتب علي بن أبي طالب، فبذلك يذهب موضعُ الرد، موضع الرد الذي من أجله أورده الحافظ بن كثير يذهب، ويش... كيف ترد عليه؟، الوثيقة التي... الوثيقة المزعومة التي أخرجها اليهود وقالوا: إنّهم تعاقدوا وتعاهدوا مع النبي_ عليه الصلاة والسلام_ فيها وكتب علي بن أبو طالب وكذّبها الحافظ بن كثير وغيرهُ بهذا... بهذا اللحن الفاحش، وإلا فعلي إمام في العربية حتى قيل: أنّه أوّل من وضع علم العربية، فمنزلة علي_ رضي الله عنه_ لا يُشك فيها، وهو من أهل الله وخاصته ومن أهل القرآن، وسابقتهُ في الإسلام معروفة، وأثره في الأمّة معروف؛ لكن عثمان مُقدمٌ عليه عند جمهور سلف هذه الأمّة.
علي وعثمان، عثمان_ رضي الله عنه_ حصل على يده هذا الخير العظيم بجمع ما تفرّق من القرآن في مُصحفٍ واحد، وإلا لولا هذا الجمع لصارت الفتنة التي لا تقومُ لها الدنيا؛ لأنّهم لو اختلفوا في كتاب ربهم صاروا كالأمم السابقة فتداركهم الله_جلّ وعلا_ على يدي هذا الخليفةِ الراشد_رضي الله تعالى عنه وأرضاه_.
عَليُّ ، عُثْمانُ ، أُبِيٌّ ، زَيْدُ ... ...........................
علي بن أبي طالب، عثمان بن عفان، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت.
...........................وزيدٌ ... ولابنِ مَسعُودٍ بِهذا سَعْدُ
(من أحب أن يقرأ القرآن عضًا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد) نعم، له بهذا سعد، ويش لون سعد؟
(1/107)
السعد ضد النحس، ومن كان طالعه السعد وتيسر له من الله_جلّ وعلا_ السعد لاشك أنّه علامةٌ على توفيقه، ومن توفيقه_رضي الله وأرضاه_عنايتهُ بهذا الكتاب العظيم.
(كذا أبو زيد):واسمه: قيس بن السكن على المَشهور، وهو أحد عمومة أنس بن مالك ، وجاء في حديثه في الصحيح .
كذا أبو زيد أبو الدرداء...........
عُويمر، ويقال عامر بن زيد، صحابي مشهور، عُرف بعلمه وروايته وزهده.
أبو الدرداء كذا مُعاذٌ........
يعني: ابن جبل، مُعاذٌ بن ،معاذٌ بن جبلٍ وأخذ
الآن هؤلاء كم؟ ثمانية:
1.علي.
2.وعثمان.
3.وأبي.
4.وزيد بن أبي ثابت.
5.وابن مسعود.
6.وأبو زيد.
7. وأبو الدرداء.
8.ومعاذ بن جبل.
هؤلاء ثمانية.
وأخذ عنهمُ أبو هريرةٍ........
هذا هو ( العاشر)، التاسع ،هذا هو التاسع، يعني: أخذ عن هؤلاء، بواسطةِ هؤلاء أخذ القرآن؛ لأنّه ما أدرك من وقت التنزيل إلا كم؟ ثلاث سنوات ، أسلم سنة سبع فما فاتَهُ خلال عشرين سنة أدركهُ عن هؤلاء.
وأخذ عنهمُ أبو هريرةٍ معَ ابن ..............
العاشر: ابن عباس الذي توفي النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ وهو قبل أن يبلغ الحُلم، فلابد أن يأخذَ بالواسطة، كما أخذَ جلّ روايتهِ من الحديث بالواسطة، جلّ رواية ابن عباس مراسيل لأنّه صغير، وفَاتهُ من السنة الشيء الكثير؛ لكنه أخذه بواسطة حتى قال بعضهم:أنّه لم يسمع من النبيّ_ صلى الله عليه وسلم_ مُباشرةً إلا أربعة أحاديث لكن الحافظ ابن حاجر قال: إنّه تتبع روايات ابن عباس فوجده صرّح فيها بالسماع من النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ في أربعين حديثًا كلّها حسنة أو صحيحة؛ لقربه من النبيّ_ عليه الصلاة والسلام_ وإلا فسنه صغير.
(1/108)
وأخذ عنهم أبو هريرة مع ابن عباس ابن سائب والمعني بذين عبد الله يعني عبد الله ابن عباس وعبد الله ابن السائب والمعني أي المقصود بهذين ابن عباس وابن السائب من اسمه عبد الله دون سائر أولاد العباس ودون سائر أولاد السائب؛ لأنه قد يقول قائل مع ابن عباس غير الفضل ابن عباس لكنه وضح المراد مع أنه كالواضح لأنه كالواضح ابن عباس إذا أطلق فالمراد به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله ابن عباس _ رضي الله عنه _ والمعني بذين عبد الله ثم من شهر ثم من شهر من تابعي فالذي منهم ذكر اللفظ السابق مع ابن عباس ابن سائب والمعني بذين عبد الله ألا يفهمه بعض الناس أن المعني المعتني المهتم بهذين الشخصين عبد لله يعني ابن مسعود يمكن يرد هذا ولا ما يرد و المعني بذين عبد الله إذا أطلق عبد الله في الجملة المراد به ابن مسعود لكن المقصود بقوله والمعني بذين عبد الله لأنه قد يوجد من يتبادر إلى فهمه مثل هذا وقد يوجد من يتبادر إلى فهمه أن المعني يعني المعتني والمهتم بهذين الشابين من الصحابة عبد الله ابن مسعود وليس الأمر كذلك لكن المعني المقصود بهذين الذين جاء بالكنية بالأب دون الاسم تسميتهما كل منهما عبد الله ثم من شهر ثم من شهر من تابعي فالذي منهم ذكر يعني ثم بعد من حفاظ و الرواة من الصحابة من اشتهر من التابعين فالذي منهم ذكر يزيد يزيد ابن قعقاع أبو جعفر يزيد أي من أبه القعقاع يزيد من يعني أي من أبه القعقاع زيد ابن القعقاع وأبه يعني أبوه على لغة النقص في الأسماء الخمسة كما هو معروف كما مر علينا وقيل زيد العابدين عن أبه في ألفية العراقي بأنه اقتدى عدي ابن كرم ومن يشابه أبه فما ظلم يقول يزيد أي من أبه القعقاع والأعرج ابن هرمز قد شاع الأعرج الذي يروي عن أبي هريرة ومن التابعين المشهورين بالقراءة والحفظ بأنه من القراء والحفاظ والأعرج ابن هرمز قد شاعوا مجاهد ابن جبر تابعي جليل الذي له عناية بالقرآن وبتفسيره وبقراءته
(1/109)
عطاء ابن يسار أو ابن أبي رباح ابن يسار عطا ابن يسار ولا بن أبي رباح أو كلاهما ؟ كلاهما عطا ابن يسار وعطا ابن رباح معاً وهو استعمال للفظ في معنييه وفيهما فيهما تقدم عطا سعيد ابن جبير رحمه الله وعكرمة مولى ابن عباس هؤلاء لهم عناية ولهم مزيد فضل عن سائر التابعين بقراءة القرآن والأسود الحسن هل نجد في هؤلاء الذين لهم عناية بالقرآن من التابعين سعيد ابن المسيب وقال سعيد لكن الذي يدور اسمه في كتب التفسير وكتب القراءات ابن جبير كما هو معلوم فهو أشهر من سعيد ابن المسيب في هذا الباب مع أن سعيد ابن المسيب في قول الأمام أحمد أفضل التابعين على الإطلاق والحديث الصحيح ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) لكن هذا الأصل هذا هو الأصل وقد يعرض للوفود في باب ما يجعله فائقاً (0000)فهو التفضيل في وصف لا يعني التفضيل المطلق يعني كون زيد من الناس من الموجودين الآن أو قبلهم له عناية بالقرآن له عناية فهو من خير بلا شك لكن يبقى أن لو كان غيره له نفع عام في الأمة وله أثر في حفظ الدين من جهة أخرى يقوم بما لا يقوم به غيره قد يفضل عليه فقد يعرض (0000) ما يجعله فائقاً وكون إبراهيم عليه السلام أول من يكسى يوم القيامة ما يدل أنه أفضل من محمد _ عليه الصلاة والسلام_ كون موسى في حديث أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فإذا قام _ عليه الصلاة والسلام _ من قبره يقول فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة العرش هل يعني هذا أنه أفضل من محمد ؟لا يعني هذا أنه أفضل من محمد لأن مثل هذه قد تشكل على بعض الناس لماذا لم يذكر أبو بكر وعمر ؟ لماذا لم يذكر سعيد ابن المسيب و أويس القرني وغيرهم ممن فضلوا على غيرهم من التابعين ؟ السبب هو ما ذكرت مجاهد عطا سعيد عكرمة ( 0000) القائل مثلا الآن ما يظهر في علماء العصر مثلا الذي تصدروا الناس وحملوا أعباء الأمة قد يقول قائل والله ما(00000) آية من القرآن لأني أشوفهم يقرون ولا يقرؤون لا يتعلمون ولا
(1/110)
يعلمون من أين يأتيهم الفضل والرسول _ عليه الصلاة والسلام _ يقول ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وهذا أشرت إليه في المقدمة وقلت أنه مع الأسف الكبار لا يتصدون لتحفيظ القرآن ولتعليمه ولتفسيره إلا نادراً يوجد ولله الحمد كثير ما تجد والاتكال على طلاب العلم المتوسطين ترك لهم هذا الشأن لأنهم عرفوا بحفظه وضبطه وإتقانه لكن ما يكفي هذا يعني كون الكبار يتصدون لمثل هذا لا شك أنه يولد في نفوس الناشئة تعظيم لهذا الكتاب يعني لو بحثنا في الطبقة المتوسطة من مدرسي الجامعات هل نجد من أساتذة الجامعات من يجلس في المسجد ليقرئ الناس القرآن ولو كان تخصصه في القرآن ما نجد إلا النادر إلا النادر ذكروا في الأحساء واحد أو اثنين لكن أين البقية ؟ وعهدنا الشيوخ الكبار أول ما يقرأ القرآن في حلقاته يقرأ القرآن ويعلق عليه بتعليق يسير وإن كان التفسير في جانبه تقصير كبير سعيد عكرمة مولاه ابن عباس وعكرمة مخرج له في صحيح البخاري ففي البخاري احتجاج عكرمة مع ابن مرزوق و(000) ترجمة لأن لا يقال مثلا كيف يذكر عكرمة هنا من أهل القرآن ومن أهل (00000) عناية بالقرآن وقد رمي برأي الخوارج وأجاب عنه الحافظ الذهبي في السير وأجاب عنه ابن حجر في حديث ساري بكلام يحسن الرجوع إليه عكرمة والأسود ابن يزيد النخعي والحسن ابن أبي الحسن يسار البصري إمام من أئمة التابعين وسيد من ساداتهم إيش معنى سيد عند أهل العلم ؟ هل لأنه من الذرية الطاهرة مولى لكن سيد بمسادهم بالعلم والعمل ولذا أخذ أهل العلم عن قوله _عليه الصلاة والسلام _( اتخذ الناس رؤوساً جهالاً أن السيادة لأهل العلم ) السيادة لأهل العلم والأسود الحسن زرٌ زر ابن حبيش علقمة ابن قيس النخعي كذاك مسروق ابن الأجدع كذا عبيدة عبيدة ابن عمر السلماني تابعي شهير رجوع سبعة أي رجوع القراء السبعة إليهم فهم مرجعهم يعني رجوع السبعة إلى هؤلاء التابعين وهؤلاء التابعين رجوعهم إلى من ذكر من الصحابة
(1/111)
طيب إذا قلنا الرجوع السبعة إلى هؤلاء المذكورين من التابعين كم عددهم ؟ الصحابة أحدى عشر صحابياً والتابعين ؟ يزيد والأعرج مجاهد عطاء سعيد عكرمة الأسود الحسن زر علقمة مسرور عبيدة 0 ثلاثة عشر يعني هؤلاء من مشاهير القراء وإلا فالقراء لا يحصى عددهم لا سيما من الصحابة والتابعين كلهم إلا من نذر أما من عاش في البادية أو شبيهها له عناية بكتاب الله لأنه قد يقال مثلا إذا كان المرجع مرجع التابعين على هؤلاء الصحابة الأحد عشر ومرجع القراء إلى هؤلاء التابعين الثلاثة عشر هل يحصل بهذا تواتر ؟ قد يقول قائل لا يحصل به تواتر نقول لا هؤلاء المشاهير وإلا فغيرهم كثير رجوع سبعة رجوع سبعة أي رجوع القراء السبعة إلى هؤلاء لا بد أي لابد منه يعني غن لم يأخذوا عنه هؤلاء الذين هم أشهر القراء فإلى من يرجعون لابد أن يرجعوا إلى هؤلاء ثم بعد هذا العقد الثالث وهو ما يرجع إلى الأذى وهو ستة أنواع الأذى وهو ستة أنواع ويقول المؤلف -رحمه الله تعالى- :( الأول والثاني : الوقفُ ، والابتداء ): وفيه مؤلفات. وهو في غاية الأهمية؛ الوقف والابتداء في غاية الأهمية فقد يتوقف عليه فهم المعنى. فقد يترك المتعلق، وقد يترك الوصف المؤثر، وقد يترك الشرط عند الوقف. المقصود أن معرفة الوقف والابتداء هذين النوعين اللذين ذكرهما المؤلف من أهم الأمور، وفيها المؤلفات؛ يعني من أجمعها: هناك مؤلفات المتقدمين في الوقف والابتداء لكن من أجمعها: منار الهدى في الوقف والابتداء، لمن؟ لاثنين من القراء. فيه مؤلفات لمن تقدم لكن هذا ممن جمع: ما يحتاج إليه من هذا.
( ما يرجعُ إلى الأَداءِ وهي ستة أنواع: النوع الأول والثاني : الوقفُ ، والابتداء
والابْتِدا بِهَمْزِ وَصْلٍ قَدْ فَشَا ): أي كثر.
همزة الوصل: إما أن تكون مكسورة كـ: ابن، وابنة، وامرؤ، وامريءٍ.
(1/112)
الأجر المرتب على إجابة المؤذن، وهو قول ما يقال بعد الفراغ من الأذان، هل يشمل ترديد الجمل وراءه، أو يشمل أيضاً: كيفية الأداء؟ بمعنى: أنه لو كان المؤذن يفصل ما بين التكبيرتين، ثم المجيب يقرن بينهما، أو العكس. ظاهر التشبيه كما يقول: أنه يصنع كما يصنع. بدليل: أنه جاء في الحديث الصحيح:( فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر ) يعني يؤدي مثل ما يؤدي المؤذن ليحصل له الأجر، أو المقصود أنه يأتي بجمل الأذان التي يأتي بها المؤذن على أي كيفية شاء؟ يعني هل نقول مثل ما يقول من الحروف فقط، ولو اختلف أداؤنا عن أدائه. يعني ما يحصل لنا أجر إلا بهذا؟
يعني الاستغفار الذي جاء الحث عليه: جاء الاستغفار ثلاثاً بعد الصلاة: قال الراوي:( يقول: استغفار الله، استغفر الله، استغفر الله ) .
وجاء في كيفية استغفاره-عليه الصلاة والسلام-في اليوم أو في المجلس، مما يخالف هذا: ما فيه طلب المغفرة. أما إذا جاء الطلب بلفظ الأمر غير مقترن بصيغة فيتأدى بما يتم الامتثال به:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56، سواء قلت: صلّى الله عليه وسلم أو قلت: اللهم صلي وسلم على مُحمد؛ يتأدى بهذا لكن إذا سيقت الصيغة في الخبر فالإتيان بها لابد منها.
يقول المؤلف-رحمه الله تعالى-في النوع الأول والثاني من أنواع ( العِقْدُ الثالثُ : ما يرجعُ إلى الأَداءِ وهي ستة أنواع:
النوع الأول والثاني : الوقفُ ، والابتداء)
( والابْتِدا بِهَمْزِ وَصْلٍ قَدْ فَشَا ): يعني كثر؛ كثر الابتداء بهمز وصل.
- الأصل أن همزة الوصل إذا كانت مسبوقة بكلام أنها، إيش؟ لاتثبت في النطق: عن ابن عمر. لا يا ابنة الصديق. ما تثبت في النطق.
- لكن إذا تصدرت وابتديء بها نطق به: { اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }الأنعام124. وهنا يقول:(والابْتِدا بِهَمْزِ وَصْلٍ قَدْ فَشَا)
(1/113)
1. وهمزة الوصل إما أن تكون مكسورة: كـ(اِبن)و (اِثنتين)و (اِثنين)و (اِسم) وغيرها من الأسمماء التي تقترن بها همزة الوصل.
واختبار الهمزة هل هي وصل أو قطع معروف، ويلقن الصبيان هذا: أدخل عليها حرف جر، أو حرف عطف وانطق بها.
2. أو مفتوحة: كالمصاحبة للام التي هي (أل) التعريف؛ الهمزة: {اَلْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2. فإذا قلنا: اَلحمد، أصلها وصل، فإذا ابتديء بها ينطق بها؛ فلذا في قوله:( العالمين) لو ابتدأنا بالعالمين قلنا: اَلعالمين، لكن إذا أدرجناها في الكلام قلنا: الحمد لله رب لعالمين. إذاً لو قعت أو جاءت في بيت شعر وكتب عروضياً ما تذكر.
3. أو تكون مضمومة: في فعلٍ ثالثه مضموم: ائتُمن، انظُر.
( والابْتِدا بِهَمْزِ وَصْلٍ قَدْ فَشَا وحُكْمُهُ عِنْدَهُمُ كَمَا تَشَا): حكمه: ضمير يعود على ماذا؟ على الابتداء بهمز وصل؟ أو الوقف؟
............................... ... وحُكْمُهُ عِنْدَهُمُ كَمَا تَشَا
مِنْ قُبْحٍ ، أَو مِنْ حُسْنٍ ، أوْ تَمَامِ ... أَوِ اكْتِفَا بِحَسَبِ المَقَامِ
هذا للابتداء أو الوقف؟ هذا للوقف وليس للابتداء؛ وإن كان الضمير في الظاهر يعود على ما تقدم. الضمير في الظاهر يعود على ما تقدم من الابتداء؛ هو بهذا يعيد الضمير على متأخر.
وعود الضمير على متأخر:
1. أما التأخر في اللفظ فقط دون الرتبة: فلا إشكال فيه: خاف ربه عمر.
2. لكن إن كان الذي يعود عليه الضمير المتأخر حقه التقديم في اللفظ والرتبة فهذا شاذ:
وشاع: خاف نحو ربه عمر وشاذ: نحو زانا نوراً الشجر
وهنا يعود على متأخر. ( وحكمه ): يعني حكم الوقف. ( عِنْدَهُمُ ): بالإشباع ( كَمَا تَشَا ): بالقصر.
( من ): بيانية هذه. ( مِنْ قُبْحٍ ): والوقف القبيح: ما يوهم الوقوع في المحظور، أو لا يحسن الوقوف عليه.
(1/114)
ما يوهم الوقوع في المحظور: مثل ماذا؟ {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ }الماعون4 ،نعم؟ رأس آية، والمعروف الذي قرره شيخ الإسلام: أن السنة الوقوف على رؤوس الآي، لكنه إذا قلت: (ويلٌ للمصلين): المعنى ما يتم إلا بذكر المتعلق: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ }الماعون5، فإذا قيل: ( ويل ٌ للمصلين ) أما كونه يعرض له عارض من انقطاع نفس: هذا لا إشكال فيه، ولا تثريب عليه. لكن في حال الاختيار: هذا الوقف قبيح.
( أَو مِنْ حُسْنٍ ): أ ي ما يحسن الوقف عليه: كـ{الْحَمْدُ للّهِ }الفاتحة2 مثلا: وتقف، تقف لكن إذا أردت أن تستأنف تبدأ بـ {رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة؟ أو تعيد {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2؟ نعم؟ تعيد، لماذا؟ لأن رب العالمين تابع للفظ الجلالة، وإلا إذا قلت: الحمد لله المعنى تام، تم المعنى، لكن باعتبار أن: ( رب العالمين ) لها تعلق بلفظ الجلالة قالوا: يبتدأ به من أول.
لكن بعض القراء يبالغ في مثل هذه الأمور فتجده في الصلاة يقرأ الآيات مرتين : يصير قصير النفس ثم يقرأ القدر الذي يراد قراءته مرتين ؛ يقسم الجمل مثلاً المترابطة إلى قسمين يقف في نصفها، ثم إذا أراد أن يبدأ رجع إلى الأول؛ ثم يأخذ مع الثاني شيء من الجملة الثانية، ثم يقف، ثم إذا أراد أن يبدأ أخذ من الجملة الأولى ربط بها الثانية...هذا يحصل بالنسبة للقراء الذين لا يسعفهم النفس.
( مِنْ قُبْحٍ ، أَو مِنْ حُسْنٍ ، أوْ تَمَامِ أَوِ اكْتِفَا ): عندنا الوقف القبيح، والوقف الحسن. وتقدم التمثيل لهما. وبقي الوقف التام والوقف الكافي.
قالوا عن الوقف التام: أنه هو الوقف على كلمة لم يتعلق ما بعدها بها ولا بما قبلها، لا لفظاً ولا معنىً. وهذا يوجد عند آخر الآي التي لا ارتباط بعضها ببعض، وآخر القصة مثلاً، وآخر السورة. هذا وقف تام ( أوْ تَمَامِ أَوِ اكْتِفَا )
(1/115)
الوقف الكافي: هو الوقف على كلمةٍ انقطعت عما قبلها لفظاً-أي إعراباً - لا معنى. كالوقف على { أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ }البقرة6 تقف عليها؛ لأن من الناحية الإعرابية انتهت، ومن الناحية اللفظية انتهت. {لاَ يُؤْمِنُونَ }البقرة6 لها تعلق من جهة المعنى، لكنها من جهة اللفظ جملة مستقلة.
( وبِالسُّكُونِ قِفْ عَلَى المُحَرَّكَةْ ): يعني مثل ما صنع في آخر شطر البيت، الأصل:المحركةِ: (وبِالسُّكُونِ قِفْ عَلَى المُحَرَّكَةْ ) : الوقف بالسكون، ويتعين متى؟ لأنه عند الوقف بالسكون :
( وزِيْدَ الاشْمَامُ لِضَمِّ الحَرَكَةْ والرَّوْمُ فيهِ مِثْلُ كَسْرٍ أُصِّلاَ ): متى يكون الوقف على السكون فقط؟ ومتى يكون الوقف بالسكون والروم دون الإشمام؟ ومتى يجتمع الثلاثة؟
وبِالسُّكُونِ قِفْ عَلَى المُحَرَّكَةْ ... وزِيْدَ الاشْمَامُ لِضَمِّ الحَرَكَةْ
والرَّوْمُ فيهِ مِثْلُ كَسْرٍ أُصِّلاَ ... ...............................
أولاً: الإشمام، السكون معروف عدم الحركة؛ السكون عدمي، هو عدم الحركة. أما بالنسبة للإشمام كما قالوا فيه: ضم الشفتين بلا صوت عقب حذف الحركة إشارة إلى أن الحركة المحذوفة ضمة هذا الإشمام.
أما الروم: فهو إضعاف الصوت حتى يذهب معظم صوتها فيسمع لها صوتٌ خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد. هذا الإشمام وهذا الروم. فمتى يكون هذا ويكون هذا؟ ومتى يجتمعان معاً؟ ومتى يجتمعان مع السكون؟ تجتمع الثلاثة فيما حرك بالضم. ويجتمع الروم والسكون فيما حرك بالكسر. وأما ما حرك بالفتح فلا يجوز فيه إلا السكون.
( وبِالسُّكُونِ قِفْ عَلَى المُحَرَّكَةْ ): يعني بالسكون فقط فيما حركته الفتح.
( وزِيْدَ الإشْمَامُ لِضَمِّ الحَرَكَةْ والرَّوْمُ فيهِ): الثلاثة كلها في المتحرك بالضم.
( مِثْلُ كَسْرٍ أُصِّلاَ ): يعني يزاد فيه إضافة على السكون الروم دون الإشمام.
(1/116)
( والفَتْحُ ): في آخر الكلمة ( ذَانِ ) : أي الإشمام والروم ( ذَانِ عَنْهُ حَتْماً) : وجوباً ( حُظِلاَ ): يعني منعا.
عرفنا ما للحركات الثلاث:
- أولاً: السكون ليس بحركة. من علامات الإعراب؛ الإعراب بالحركات . أما السكون إذا أدخلت على المضارع جازم.نعم؟ يصير معرب وإلا مبني؟ معرب: مجزوم وعلامة جزمه السكون؛ لكن السكون عدم الحركة؛ ولذا يلجأ إليه في الوقف. هذا الأصل فيه، لكن إن كان الموقوف عليه مضموم؛ متحرك بضم جاز فيه الأمور الثلاثة:
- الكسر: يجوز في الأمران
- وبالفتح: لا يجوز إلا السكون.
( أُصِّلاَ ): يعني مت يكون الثلاثة في المضموم والاثنان في المكسور؟ إذا كانت الضمة والكسرة أصلية، أما إذا كانت طارئة كالكسر لالتقاء الساكنين مثلاً. الكسر لالتقاء الساكنين يرد فيه الروم وإلا ما يرد؟ لا يرد .
طيب إذا كانت الضمة طارئة للإتباع مثلاً، نعم؟ لا يرد، لكن إذا كان الضمة والكسرة أصلية ورد فيها ماذكر.
( والفَتْحُ ذَانِ عَنْهُ حَتْماً حُظِلاَ ): حتماً يعني وجوباً، وحينما يقولون: يجب كذا هل يريدون به تأثيم المخالف؟ أو أن هذه القاعدة عندهم التي لا تتعدى؟ لكن هل يقصدون بذلك التأثيم؟ أو مثل ما يقال: الفاعل يجب رفعه؟ لكن لو فتحه إنسان قال: جاء زيداً. يأثم وإلا ما يأثم؟ يعني من حيث قواعد الفن هذا الوجوب؛ لأنه يقابله مالا حتم فيه. لكن وجوب التجويد عندهم:
- بعضهم من هذا النوع؛ يعني مما يقتضيه حتمية هذا الفن، وهذا العلم.
- وبعضهم: يريد بالوجوب الوجوب الشرعي؛ كما مال إليه ابن الجزري.
( في الها ):يعني في الوقف على الهاء ( الَّتِي بالتَّاءِ رَسْمَاً خُلْفُ ): في الوقف على الهاء التي رسمت تاء.
(خلف): يعني خلافٌ بين القراء، هل يوقف عليها بالهاء أو يوقف عليها بالتاء؟ هل يوقف عليها باعتبار أصلها وأنها هاء، أو يوقف عليها باعتبار رسمها؟ ( هيهات ) ( اللات ) يختلفون في هذا؟
(1/117)
( وَ وَيْكَأَنَّ لِلكِسَائِيْ وَقْفُ مِنْهَا عَلَى اليَا ): ( وي ) ثم ( كأن ) حرف مستقل. ( وي ) يقف عليها الكسائي بالسكون ويقطعها عن ( كأن ). ( ويكأن ).
و ( ويكأنه ):( عَلَى اليَا ، وأَبُو عَمْرٍو عَلَى كَافٍ لَهَا ): ( ويك ) ( أنه ).
(وغيرهم قَدْ حَمَلا): يعني وقف على آخر الكلمة ( ويكأنه ) جعلها كلمة واحدة ، وهؤلاء قسموها إلى قسمين. منهم: من يقف على (وي)، ومنهم: من يقف على الكاف (ويك)، ومنهم: من يجمعها. فالكسائي وقف على (وي)، وأبو عمرو وقف على الكاف (ويك)، وغيرهما؟ الآن ( وغيرهم ) وغير الذين تقدموا. نعم؟ اثنان: الكسائي وأبو عمرو قالوا:( وغيرهم ) فإما أن يكون جمع الضمير باعتبار الرواة عنهم. أو لأن الاثنين أقل الجمع، هذا أو هذا.
فإذا فهم المعنى لا إشكال.
( قد حملا ): نعم من السبعة، غيرهم من القراء سواء من السبعة أو من العشرة.وبعضهم إيش يبقى؟ بعضهم قد حملا. والقسم الثالث؟ لأنه سيكون فيه قسم ثالث إيش يصير؟ لأنه عندنا الكسائي له وقف، أبو عمرو له وقف، وبعضهم له وقف .البعض هذا ينبيء على أن من عدى أبي عمرو والكسائي فريقين، صح أو لا؟ لأنه ذكر بعضهم بقي بعضهم الثاني من البقية، لكن غيرهم يدل على أن جميع القراء غير هذين يقولون: ( ويكأنه ).
( وَوَقَفُوا بِلامِ نَحْوِ :( مَالِ هَذا الرَّسُولِ) ما عَدَا المَوَالِيْ ): مالِ.
( ووقفوا ): أي القراء بلامٍ نحو: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ }الفرقان7 {وَقَالُوا مَالِ هَؤلاءِ القَوْمِ } { فَمَال الذِّينَ كَفرُوا } يعني مكرر في القرآن هذا. نعم؟ الوقف على إيش؟ ( وَوَقَفُوا بِلامِ نَحْوِ :( مَالِ هَذا الرَّسُولِ) ما عَدَا المَوَالِيْ)
(1/118)
( السَّابِقِيْنَ ): من هما السابقان؟ أبو عمرو والكسائي الموالي، أما الكسائي فمعروف فارسي، وأما أبو عمرو فمازني عربي، وأطلق عليهما من الموالي للتغليب؛ غلب أحدهما على الآخر في الوصف، لكن لو جاء بوصفٍ غير هذا لكان أولى، بوصف يشمل الإثنين.
( السابقين فَعَلَى مَا وَقَفُوا ): فعلى ما ، فما ؛ ومقتضى هذا على القراءة الأولى أن تكتب :( فمال ) مستقلة ( وهذا الرسول ) مستقلة. ومقتضى القراءة الثانية أن تكتب ( فما ) مستقلة ( ولهذا الرسول ) يبدأ بها. إذا وقفنا:( فمال ) يبدأ ( بهذا الرسول ) وتفصل اللام عن الهاء. وإذا وقفنا على ( ما ) قلنا:
( فما ) وكتبنا اللام مقترنة باسم الإشارة.
َ( عَلَى مَا وَقَفُوا وَشِبْهِ ذَا المِثَالِ نَحْوَهُ قِفُوا ): شبه ذا المثال: يعني مما ورد في القرآن {فمَالِ هَذَا الرَّسُولِ }، { مَالِ هَؤلاءِ القَوْمِ }، { فَمَال الذِّينَ كَفرُوا } كل هذه على هذا النمط.
وما ذكره الناظم-رحمه الله تعالى-فيه ما فيه، فيه تقريب النفع، لمن هذا الكتاب تقريب النفع يكثرون في التقريب مثل تقريب التهذيب عند أهل الحديث. في تقريب النفع يقول: وقف أبو عمرٍو على (ما) والباقون على اللام، إلا الكسائي فله الوقف على كلٍ منهما. يعني المؤلف جمع بينهما؛ جمع بينهما المؤلف وفي التقريب وقف أبو عمرٍو على (ما) ، والباقون على اللام، إلا الكسائي فله الوقف عليهما. فهذا يدل على أن الكسائي له في هذا الوقف: يعني يجوز الأمرين، الكسائي يجوز الأمرين، وأبو عمرو يحتم الوقوف على (ما)، وما عداهما على الحرف الثاني. وفي النشر جواز الوقف على كلٍ منهما للجميع. جواز الوقف على كلٍ منهما للجميع.
ومال لذا الفرقان، والكهف والنساء ... وسال تخفيف على ماحج والخلف رتل
هذا شرح شعلة على الشاطبية: (مال):مبتدأ، (على ما)متعلق بمحذوف وهو مبتدأ ثان.
( مال ): مبتدأ خبره على الذي سيأتي، ( وما ) متعلق بمحذوف مبتدأ ثاني، و(حج): خبره.
(1/119)
(على ما حج خبره): أي في الوقف وفي السور الأربع. على لفظ (ما حج): أي غلب بالحجة. والجملة خبر المبتدأ الأول (الخلف). (رتل): مبتدأ، والجملة خبر المبتدأ الأول ( الخلف رتل ): مبتدأ وخبر.
يقول: أي وقف أبو عمرو بلا خلاف. والكسائي بخلافٍ على ( ما ) من قوله تعالى: ( مال ) في الفرقان:{مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} وفي سأل سائل:{ فَمَال الذِّينَ كَفرُوا } لأن اللام حرف جر فلا يفرق بينهما وبين المجرور بها {لهذا الرسول}، والباقون على اللام اتباعاً لخط المصحف؛ لكون اللام رسمت في المواضع الأربعة منفصلة.
والعلة أن أصل (مالِ): (مالي هؤلاء) حذفت الياء حذفت لكثرة مدارها في كلامهم فبقيت اللام منفصلة فكسروها لمشابهتها لام الجر. وإنما قال: والخلف؛ لأن وقف الكسائي جاء على (ما) وعلى اللام أيضاً. الخلف عنه يعني، الآن الذين وقفوا على ما قالوا-الذي يقف عليها بدون تردد عنده أبو عمرو؛ وحجته أم اللام حرف جر والأصل أن حرف الجر يقترن بما دخل عليه.
غيره : سواء الكسائي الذي أجاز الأمرين، أو البقية الذين لم يجيزوا إلا الوقف على اللام قالوا: هكذا رسمت في المصحف. وإتباع الرسم أولى مع أنهم خرجوا اللام أن أصلها (لي ) باللام والياء، وهذا اسمه شرح شعلة على الشاطبية من أسهل الشروح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طالب يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهمّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال الناظم-رحمه الله-:
النوع الثالث : الإمالة
حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ... مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْمَاً أَو أَفْعالا
أَنَّى بِمَعْنَى كيفَ مَا بِاليَا رُسِمْ ... حَتَّى إِلى لَدَى عَلَى زَكَى التُزِمْ
إِخْرَاجُها سِوَاهُما لَمْ يُمِلِ ... إِلاَّ بِبَعْضٍ لِمَحَلِّهَا اعْدِلِ
(1/120)
...........................................................................................................
الشيخ-حفظه الله-: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد ..فيقول المؤلف-رحمه الله تعالى-الناظم:( النوع الثالث ): من أنواع الوقف الثالث مما يرجع إلى الأداء: بعد أن تحدث عن النوعين الأول والثاني الوقف والابتداء شرع في الكلام على النوع الثالث وهو الإمالة.
وقوله:( ما يرجع إلى الأداء ): يفيدنا في معنى الأداء الذي وقع فيه الخلاف: الوقف والابتداء؛ يعني لو وقف إنسان على غير ما قرر الوقوف عليه يأثم أو لا يأثم؟ أو ابتداء من موضع لم يذكر عن القراء البدء به، أو أمال وعادة إمامه الذي تلقى عنه القرآن على طريقته لا يميل؟ قل مثل هذا في المد وتخفيف الهمز والإدغام على ما سيأتي.
هذه الأنواع الستة هي موضوعات الأداء. فالنوع الثالث هو: الإمالة. الإمالة وإن كانت في الأصوات معنوية إلا أن فيها شبه من الإمالة الحسية. فالمائل غير المعتدل. الأصل أن الألف إذا نطق بها على أنها ألف فهي معتدلة سواءً كانت ممدودة أو مقصورة؛ لأن الأصل في الألف أنها ممدوة. الأصل في الألف أنها ممدودة، والمقصورة ينازع فيها بعضهم-يعني في رسمها-.
بعضهم: يكتبها ممدودة بإضطراد (الضحا) يكتبها بالألف؛ لأن الأصل فيها أنها ممدودة؛ الألف في الأصل عصا ولذلك إذا تحدث عن الظاء المعجمة قالوا: المشالة؛ لأن عليها شولة تشبه العصا. فالألف الأصل فيها أنها معتدلة؛ كونها تكتب على صورةٍ تشبه الياء، أو على صورة الياء هذا على خلاف الأصل وهو مجرد اصطلاح، وإلا فبعضهم يطرد كتابتها بالألف لا بالياء.
إذا تقررت كتابة الألف على ما يشبه العصا من الشولة هذه معتدلة، لكن إذا نطق بها نطقاً بين الألف والياء صارت مائلة. فالإمالة المعنوية فيها شبه كبير من الإمالة الحسية. واللفظ مطابق.
(1/121)
( حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ): يعني إمالة كبرى؛ فالإمالة نوعان:صغرى وكبرى.
- الكبرى: تنطق الفتحة قريباً من الكسرة، تنطق الفتحة قريبة من الكسرة. والألف قريبة من الياء يعني في وضع متوسط بينهما.
- والصغرى: وهي أن تلفظ بالحرف بحالةٍ بين الفتح والإمالة.
الأولى الفتحة قريبة من الكسرة، والصغرى تكون متوسطة بين الفتح والإمالة السابقة.
والقراء بالنسبة للإمالة وعدمها: على قسمين:
- منهم: من أمال
- ومنهم: من لم يمل.
ابن كثير ما أمال-وانتهينا منه-، من أمال: منهم المقل ،ومنهم المكثر من الإمالة.
- المقل: قالوا: ابن عامر، وعاصم وقالون.
- والمكثر: حمزة، والكسائي-الذي يصدر الكلام عنهما-وإمالتهما كبرى، وأبو عمرو وورش: وإمالتهما صغرى.
يقول الناظم-رحمه الله تعالى-:( حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ): إمالةً كبرى.
( مَا الياءُ أَصْلُهُ ): أي الحرف الذي أصله الياء، ثم قلبت ألفاً.
( اسْمَاً أَو اَفْعالا ): همزة ( أفعال ) همزة وصل، ( أفعال ): أصلها لكنها تسهل للنظم، وإن قُرأت: فعالاً
فلا مانع.
اسماً: كموسى، وعيسى. أو فعال أو أفعال مثل: سعى ورمى ويخشى. هذا ما أصله الياء.
أما ما أصله الواو فلا يمال. إذا كان أصله الياء يمال، أما إذا كان أصله الواو، مثل ماذا؟ الربا وعصا ودعا هذه كلها لا تمال.
( أَنَّى ): أي أمالا أيضاً إضافةً إلى ما أصله الياء من الأسماء والأفعال ( أنى) بمعنى: كيف وبمعنى: متى :( أَنَّى بِمَعْنَى كيفَ مَا بِاليَا رُسِمْ ): يعني في المصحف العثماني: {يَا أَسَفَى }يوسف84 .
( حَتَّى إِلى لَدَى عَلَى زَكَى التُزِمْ إِخْرَاجُها ): من الذي يمال. لماذا؟ لأن الحروف لاحظ لها في الإمالة. الحروف لا حظ لها في الإمالة ( التُزِمْ إِخْرَاجُها).
(سِوَاهُما): أي سوى حمزة والكسائي ( لم يمل ): إمالة كبرى ( إِلاَّ بِبَعْضٍ ): يعني مواضع يسيرة.
(1/122)
( إِلاَّ بِبَعْضٍ لِمَحَلِّهَا اعْدِلِ ): أي الإمالة المناسبة لمحله: أي ذلك البعض.(اعْدِلِ ): يعني لا تمل، ولا تجر عن الطريق فتأتي بالإمالة في غير محلها؛ وذلكم لأن أبا عمرو وورشاً وأبا بكرٍ وحفصاً وهشاماً أمالوا في مواضع معدودة؛ يعني يسيرة لا تتعدى هذه المواضع. يعني ليست إمالتهم قاعدة مضطردة، إنما أملوا بعض الكلمات. بخلاف حمزة والكسائي القاعدة أن ما أصله ياء من الأفعال والأسماء يمال عندهما.
يوجد الأن من العرب من عندهم نوع إمالة حتى في كلامهم العادي، هم يجمعهم بلد ما يلزم أن تجمعهم قبيلة. لا، إمالة ليست على قاعدة، وإنما صارت لهجة عندهم. هذا مثل الطفل الذي رفض أن يقرأ: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ }القارعة6 قال: لا موازينِه؛ لأنه يظن إنها{مَوَازِينُهُ } لهجة أهل القصيم، وهو ما يبغى لهجة أهل القصيم. مثلها ...يوجد شواهد عربية كثيرة.
طالب يقرأ: أحسن الله إليكم.
النوع الرابع : المَدُّ
نَوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ ... وفِيْهِمَا حَمْزَةُ ، وَرْشٌ أَطْوَلُ
فَعَاصِمٌ ، فَبَعْدَهُ ابنُ عَامِرِ ... مَعَ الكِسَائِيْ ، فَأَبُو عَمْرٍو حَرِى
وحَرْفَ مَدٍّ مَكَّنُوا في المُتَّصِلْ ... طُرَّاً ، ولكِنْ خُلْفُهُمْ في المُنْفَصِلْ
...........................................................................................................
يقول الناظم-رحمه الله تعالى- في النوع الرابع من الأنواع المتعلقة بالأداء، من أنواع العقد الثالث: المد، والمد والمط بمعنى واحد. فإذا قيل لك: ما المد؟ تعرفه باللفظ الآخر. وإذا قيل لك: ما المط؟ تقول: هو المط.
والمراد بالمد: الزيادة فيه. الأصل أن المد العادي الطبيعي كم حركة؟ حركتين؛ ولذلك يقولون: المد الطبيعي أنه ألف واحدة. وفه: ألفين، وألف ونصف، وثلاث ألفات. إيش معنى هذا الكلام؟
(1/123)
حركتين وثلاث، نعم ست حركات يعني ثلاث ألفات، هذا أعلى المد. فالمراد بالمد هنا الزيادة على القدر الطبيعي من المد الذي هو ألف واحدة عندهم. لكن في النظم وله ظروفه؛ لأنه يتكلم بالكلام العادي، النظم له ظروفه..فالمد الطبيعي موجود في كلام العرب العادي. لكن قد يحتاج إلى المد إذا كان في النظم أن يقصر. يقصر عن الألف الواحدة، وقد يطوى حرف المد؛ للحاجة إلى وزن البيت.
وضد المد...المد أولاً لا يكون إلا في الحروف الثلاثة: حروف العلة: الألف والواو والياء.
وضده القصر: وهو ترك تلك الزيادة. يقول الناظم-رحمه الله تعالى-:
( نَوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ ): ما يوصل: يعني المتصل، وما يفصل: يعني المنفصل.
والمراد بالمتصل: ما يكون فيه حرف المد والهمزة في كلمةٍ واحدة. نحو: شاء، وسوء. في كلمةٍ واحدة.
وأما المنفصل: هو ما يكون فيه المد والهمزة في كلمتين:{ بِمَا أُنزِلَ الله }.
بالنسبة للحكم:
المتصل حكمه: الوجوب. والمنفصل حكمه: جائز. هذا واجب، وهذا جائز. يعني هل يجب على الإنسان أن يمد:(سوء) ست حركات؟ كم؟ أصل المد؟ أربع. لو مدها ثلاث؟ أصل واجب هذا. مد واجب. أنا أريد من تقرير الوجوب، هل هو الوجوب المعروف عند الفقهاء؟ هل الوجوب المعروف عند الفقهاء؟ بمعنى أنه يأثم تاركه؟ أو الوجوب المعروف عند النحاة؟ الفاعل يجب رفعه. يعني هل وجوب اصطلاحي؟ يعني هذا نوع من أنواع الأداء. نرجع إلى مسألتنا.
لا، لا من لم يجود القرآن آثم. هذا كلامهم نصاً. نعم. الذي هو الأداء الذي أطلنا الكلام فيه ولا نعيده إن شاء الله تعالى.
(1/124)
لكن أنا أريد أن أبين: هم قالوا: المتصل واجب، والمنفصل جائز. هم قابلوا الواجب بالجائز هل معنى الوجوب وجوب شرعي حكمي فقهي؟ كثير من القراء ومن يبحثون في هذه العلوم يقولون: وأما حكمه الفقهي فينظر فيه عند الفقهاء. ما يقولون مثل هذا؟ يقولون. إيش معنى هذا؟ معناه أنهم يجزمون بتأثيم من لم يجود؟ لا يجزمون. إيه، لكنه ما قال: حرام عليك أن تفعل؟ هم لو تمسكوا بقول الله-جل وعلا-:
{ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }المزمل4أمر بالترتيل ولا يتمكن الإنسان من الترتيل إلا على هذه الكيفية. هذه يمكن يستمسك بها. أما مسألة أداء هذا...ما أعرف أقوى من هذا الدليل إطلاقاً.
أما مسألة: أداء وكيفيات هذه تحتاج إلى مسجلات أيها الإخوان تحتاج إلى مسجلات. وأثر ابن مسعود مختلفٌ في صحته وضعفه.ونؤثم الأمة من أجله؟هذا شيء ثانِ يا أخي.
( نَوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ ):على كل حال من يريد أن يشارك، وعنده شيء هذا يشكر على هذا. ما هي مسألة كوني إني اختلف معه في الرأي أنه يصير مذموم أو..لا أبد.
بالعكس الذي له عناية في هذه الأمور ويهتم بها، هذا لا شك أن له عناية بكتاب الله،ولا يعني هذا أنه إذا عارض أو خالف...لا، المسألة مسألة بحث، ويمكن كثير منكم أفضل مني ألف مرة في هذه الأبواب المسألة مسألة علم ودين.
( نَوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ ): المتصل والمنفصل.
( وفِيْهِمَا حَمْزَةُ ، وَرْشٌ أَطْوَلُ ): يعني من غيرهما، ولهما ثلاث ألفات؛ يعني ست حركات.
طيب: ( الضالين ): كم تمد؟ ست . إيه، لكن ما يوجد الآن من المشائخ من يمدها أكثر من ذلك؟ كثير، يمدونها أكثر من هذا، إلى أن ينقطع النفس. أحياناً نفس المتابع ينقطع فضلاً عن القاريء.
فلاشك أن الالتزام بالقواعد المعروفة؛ المتعارف عليها عند أهل الفن هو الأصل، وهم يجعلون المدود يحكمها الوقف.
(1/125)
قلت بالأمس: أن أكثر القراء نسمعهم-لاسيما إذا كانوا في الصلاة، أو يريدون أن ينهون القراءة على أي حال-فقراءتهم للكلمة في درج الكلام، وهو سيقرأ بعدها أقصر من قراءته إذا أراد أن يقف.
والحكم التجويدي يختلف هذا عن هذا؟ الأصل ما يختلف. وقل مثل هذا في تكبيرات الصلاة؛ تختلف من انتقال إلى آخر، وتعود الناس على هذا ولو خولف هذا الأمر لاضطربت صلاة كثير من الناس. فلعل هذا من الأمور المتروكة التي لم يرد فيها شيء ولا تحديد بيّن.
حمزة وورش أطول من غيرهما ولهما ثلاث ألفات؛ أي ست حركات.
( فَعَاصِمٌ ): يليهما في الطول:( فَبَعْدَهُ ابنُ عَامِرِ مَعَ الكِسَائِيْ ): ولهما ألفان؛ قدر أربع حركات، الحركات يضبطونها بأي شيء؟ بالعد. نعم؟ هذا مأثور ومتواتر أو ليس مأثور؟ العد: الإنقباض والانبساط؟ إيه، نحن نريد أن نرجع إلى كيفية نختلف فيها ونعيدها إلى شيء لا نعرفه وكلها في إطار الجائز الذي يترتب عليه الأجر العشر حسنات، يعني الترتيل والحدر يضمن العشر الحسنات. يبقى أن الترتيل قدر زائد ، التدبر قدر أكبر، العمل والاستنباط أكبر أيضاً؛ فكل شيء له أجره.
( فأبو عمرو ): وله ألف ونصف يعني ثلاث حركات، :(حَرِى): أي حقيق وجدير.
( وحَرْفَ مَدٍّ ): حرف مفعول مقدر ( حَرْفَ مَدٍّ مَكَّنُوا في المُتَّصِلْ ): أي جعلوا له مكانة.
(طُرَّاً): أي جميعاً من غير استثناء إنما الخلاف في القدر؛ ( ولكِنْ خُلْفُهُمْ في المُنْفَصِلْ ): يعني إذا جاء المد في كلمة، والهمز في كلمة أخرى.
في المنفصل فمنهم: من لم يمد ولا يزيد على المد الطبيعي؛ كقالون والسوسي. لو ذهبنا نفصل وننقل كل ما قيل ما نحن منتهين أبد، وابن كثير أيضاً.
ومنهم من مد: وهم الباقون.
طالب يقرأ: النوع الخامس : تَخْفِيفُ الهَمْزِ
نَقْلٌ فَإِسْقَاطٌ وإِبْدالٌ بِمَدّْ ... مِنْ جِنْسِ مَا تَلَتْهُ كَيْفَمَا وَرَدْ
(1/126)
نَحْوُ أَئِنَّا فِيْهِ تَسْهِيْلٌ فَقَطْ ... وَرُبَّ هَمْزٍ في مَواضِعٍ سَقَطْ
وكُلُّ ذَا بِالرَّمْزِ والإِيْمَاءِ ... إِذْ بَسْطُها في كُتُبِ القُرَّاءِ
...........................................................................................................
يقول الناظم-رحمه الله تعالى-: في النوع الخامس من أنواع العقد الخامس مما يتعلق بالأداء: ( تَخْفِيفُ الهَمْزِ ): ما الفرق بين التخفيف والتسهيل؟ (1)
ما الفرق بين التخفيف والتسهيل ؟
التسهيل :نوع من أنواع التخفيف ،وذكرها الأنواع الربعة أنواع التخفيف ، التخفيف يكون بأربعة أشياء:
1- بالنقل 2- بالإسقاط 3- بالإبدال 4- وبالتسهيل
يقول رحمه الله تعالى :
نقل فإسقاط وإبدال بمد
النقل :هو نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها من ساكن ،مثاله : نقل حركتها إلى ما قبلها من ساكن {من ءامنوا}{قد أفلح }طيب هذا نقل.
فإسقاط :إسقاط الهمزة وذلك إذا كان أخر الكلمة ساكن .
النقل : إذا كان ما قبلها من ساكن حرف لين .
والإسقاط: إذا كان الساكن غير حرف مد ولا لين ،ولذلك مثلوا ب{قد أفلح}للإسقاط وفيه نقل لأن الدال أصلها ساكنه ونقلت حركة الهمزة إليها يعني إذا اجتمعت همزتين تسقط إحداهم الآن {قد ف }ما أسقطت الهمزة؟ نعم لكنها أسقطت نقل حركة لكن إسقاط الهمزة .
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط الرابع.
(1/127)
الكسائي وهذا في التسهيل :الذئب ينطقها الذيب بالياء ومن الطرائف انه سئل لما لا تهمز الذيب ؟ قال :أخاف ان يأكلني ،هذا يسمى تسهيل إبدال {يؤمنون}هذا ايش ؟ إبدال لكن هذه أمور متداخلة يعني إذا قلنا بالنقل {قد أفلح}وقلنا هو إسقاط لأن الهمزة سقطت نعم هي نقل ،والنقل إذا وقفنا على قد ما نقلناه ،يعني هل النقل يكون بالوصل فقط دون الإسقاط؟ الإبدال للهمزة بحرف من جنس ،نقل فإسقاط وإبدال بمد ،إبدال لهمزة بحرف من جنس ما تلته الهمزة على أي حالة تلته من فتح أو ضم أو كسر وذلك مثل {يؤمنون}ومثل :الذيب .
بمد من جنس ما تلته كيفما ورد :مثل {الموتفكة}الأمثلة كثيرة نحو{الآن} أي: آن فيه تسهيل فقط ، وماذا في {أأنذرتهم} كثير طيب ،من هذا الكثير في للإبدال نعم وإدخال الألف بينهم .
مثل هذه الأمور لا شك ان الاهتمام بها من الاهتمام بكتاب الله جل وعلا من الاهتمام بالقرآن ولا شك أن الذي يهتم بها أن هذا من علامة توفيقه لكن يبقى إن الاهتمام بها على حساب الثمرة العظمى هو الإستباط والعمل يكون مفضول .
ولذا الحافظ العراقي رحمه الله تعالى اتجه في أول أمره بكليته إلى علم القراءات فنهاه البدر بن جماعة ومجموعة من العلم قالوا:"إن هذا تعب وثمرتها أقل من التعب الذي يصرف إليه " فانصرف إلى علم الحديث لكن هذا الكلام لا يأخذ على إطلاقه وأننا نترك القرآن ونعمد إلى الأحاديث لا ، لا شك أن العناية بهذه الأمور من العناية بكتاب الله جلا وعلا .
(1/128)
ومعرفتها بالنسبة للأمة فرض كفاية كغيره من العلوم إن لم يكون أهم من غيره من العلوم لكن يبقى أن مثل هذه الأمور لا تكون على حساب الثمرة العظمى من معرفة النصوص والاستنباط ،وإن لا شك أن معرفة هذه الأمور والعناية بها من تحقيق حفظ الله جل وعلا لهذا الكتاب ،وما يستفيد طالب العلم إذا عرف الأوجه كلها التي في {أأنذرتهم}من الناحية العملية هو يقرأ على قراءة واحدة ثم بعد ذلك نقول وتعتني بهذه الأوجه الجائزة في {أأنذرتهم}لا شك أن الثمرة أقل من ثمرة فهم المعنى والعمل به فيما قرره أهل العلم .
واحد من الطلاب له عناية بالقرآن يقول هذا العلم قليل الثمرة ،وديدنه يقرأ الناس ويبين الأوجه على القراءات ويقول قليل الثمرة ،لكن مثل هذه الأمور مثل ما ذكرنا أن العناية بها من العناية بكتاب الله ومعرفتها من فروض الكفايات على هذه الأمة ويبقى أن الثمرة العظمى هي الفهم والاستنباط .
نحو إن فيه تسهيل فقط ورب همز متحرك كائن في مواضع سقط
بلا نقل ولا إسقاط مثاله : يعني ما هو إسقاط على القاعدة يسقط لا على القاعدة ،أقول الرسم توقيفي ولا يخضع لقاعدة أي علم من العلوم ولذلك هناك مطالبات كثيرة من أدباء وأشباههم أن يكتب القرآن بالكتابة الإملائية المعروفة المتداولة ،يقول ليسهل تعلمه من قبل الصبيان ،نقول لا يجوز تغير الرسم ولو خالف القواعد في العلوم الأخرى يعني ما يعدل على ضوء القواعد{ذلك ما كنا }بدون ياء وأما لو جرينا على القواعد العربية نبغي ما يوجد ما يقتضي الحذف.
وكل ذا : يعني كل هذا الكلام الذي تقدم ،بالرمز والإيماء:يعني بالإشارة يعني هذه إشارات وجيزة تناسب هذا المختصر .
يعني لا بالبسط والتفصيل وبسطها :بسط هذه الأمور موجود في كتب القراء كتب القراءات فيها التفصيل لهذه الأمور أما هنا فالقواعد وأمثلة يسيرة .
الطالب:أثابكم الله..
النوع السادس : الإِدْغامُ
(1/129)
في كِلْمَةٍ أَو كِلْمَتَيْنِ إِنْ دَخَلْ ... حَرْفٌ بِمِثْلٍ هُو الادْغَامُ يُقَلْ
لَكِنْ أَبُو عَمْرٍو بِهَا لَمْ يُدْغِمَا ... إِلاَّ بِمَوضِعَيْنِ نَصَّاً عُلِمَا
..........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى النوع السادس من أنواع العقد الثالث الإدغام :وهو الأصل فيه إدخال شيء في شيء يعني إدخال حرف في مثله ،وهنا شيء يقال له فيما يقابل الإدغام الفك والإدغام .
وعلماء البلاغة :إذا أمكن الإدغام فالفك عندهم مفضول لا فاضل ولذا قالوا : إن قول الحمد الله العلي الأجل لي بالفك هذا ليس بليغ لأنه يمكن الإدغام مع أنه جاء في بعض الكلمات في القرآن أحياناً بالإدغام وأحياناً بالفك مما يجوز الأمرين يرتد ويرتدد يعني جاءت بالفك وجاءت بالإدغام مع إمكان الأمرين فدل على جواز الأمرين على حد سواء لأنه جاء في أفصح الكلام .
لا ما يستطيع لكن هم قرروا في كتبهم أنه إذا أمكن الإدغام فالفك مفضول يعني منافي لقواعد البلاغة ،نقول جاء الفك مع إمكان الإدغام وليس في المفضول في أفصح الكلام بدليل أنه جاء مدغماً ،يعني دليلنا على إمكان الإدغام أنه جاء مدغم هو ذروة القرآن ينبغي أن تخضع جميع العلوم لما جاء في القرآن .
البلاغة تسخر لخدمة القرآن وتستنبط قواعدها من القرآن ،النحو كذلك تكون الأمثلة من القرآن وإذا اختلفت القاعدة مع ما في القرآن تغير القاعدة ،يعني في مثل قول {إذا السماء انشقت}نقول لا بد من تقدير لأن إذا لا يليها إلا الفعل فلا بد أن نقول إذا انشقت السماء انشقت ،لماذا نحتاج إلى هذا التقدير؟ لأنهم أخضعوا الآية لقواعدهم وأجابوا عن ما خالف القواعد بالتقدير وأحياناً بشيء من التكلف .
جاء الفك والإدغام في كلمة واحدة في أفصح الكلام لكن هم يطلقون يقولون إذا أمكن الإدغام فالفك مفضول ،نقول من هذه الحيثية يستدرك عليه .
كيف تعرب ؟
(1/130)
الواو في فعلوه ،يعني قليل مستثاة من الواو ،ما هي مستثاة من الواو؟ إذاً يكون مفرغ بهذه الصفة لكنه ليس بموجب ،يعني لو كان استثناء موجب لقلنا فعلوه إلا قليلاً لكنه ليس بموجب .
علوم العربية ينبغي أن تخضع للقرآن ومن أنفع ما يعين طالب العلم على فهم قواعد العربية التطبيق على القرآن ،كيف ؟
درست كتاب في النحو ولتكن الأجرومية مثلاً ورجعت شروحها وحضرت درس وصارت عندك أهلية وأرضية لفهم مبادئ هذا العلم إذا انتهيت من ذلك أعرب الفاتحة بكاملها ثم بعد ذلك طابق إعرابك بكتب إعراب القرآن إذا تطابق هذا مع هذا فتكون حينئذ ضمنت أنك أتقنت ثم بعد ذلك إذا قرأت كتاب أخر أكثر من أوغل في إعراب القرآن وطابق ما تصنعه من إعراب على كتب إعراب القرآن ،ولذا الذي يميز شرح الأزهرية ولا الشذور الذي أعرب قصار السور في أخر الكتاب ، المقصود أن مثل هذا يعين طالب العلم على تقرير ما درسه من العلم النظري .
الأصل في الإدغام :أنه إدخال حرف في مثله .
يقول الناظم رحمه الله تعالى:"يعني ويكون هذا الحرف مثل المدغم فيه أو مقارب له ويكون في كلمة أو كلمتين "
يقول في كلمة على وزن سدرة أو كلمتين إن دخل كلمة كلمة يقال لها أيضاً كِلمة وكِلمة بها كلام قد يؤم .
في كلمة أو كلمتين إن دخل حرف بمثل هو:بمثل إن دخل حرف بمثل : يعني بمثله ،هو الإدغام يقل : يعني يقال له إدغام أو يسمى الإدغام .
لكن أبو عمر : لكن هذه المخففة من الثقيلة ولو كانت غير مخففة لنصب ما بعدها لكن أبا عمر وخففت قل عملها وخففت إن فقل العمل {إن هذان لساحران} خففت إن فقل العمل ولكن مثلها من أخواتها .
لكن أبو عمر بها لم يدغما :لم : حرف جزم وأيضاً نفي من حيث المعنى وقلب .
من يعرب يدغما ؟ والألف كيف تكون إطلاق بعد فعل مجزوم ؟
ألف الإطلاق والإشباع كله يأتي بمجانس بعد فتح ألف يعني منقلبة أصلها نون التوكيد الخفيفة قلبت ألف مثل {لنسفعا}.
(1/131)
بعضهم يقول :لو قال لن كان أصح "لن يدغما" لكن من حيث المعنى ؟المسألة مسألة مضي ولن يدغم في المستقبل ،وعلى هذا إما أن تبدل أو تقرض لم معنى أو عمل لن فتتقارض الحروف أو يقال أن الألف منقرضة عن النون نون التوكيد الخفيفة إلا في موضعين نصاً يعني بالنص عنه علما يعني النصين وهما متقاربان في النطق والصورة {مناسككم }و{سلككم}أبو عمر لا بعرف عنه الإدغام إلا في هذين الموضعين أدغم فيهما فقط .
الطالب:أثابكم الله.........
العِقْدُ الرَّابعُ
ما يرجعُ إلى الألفاظِ ، وهي سبعةٌ :
الأول والثاني : الغَريبُ والمُعَرَّبُ
يُرْجَعُ لِلنَّقْلِ لَدى الغَرِيْبِ ... مَا جَاءَ كِالمِشْكاةِ في التَّعْرِيْبِ
أَوَّاهُ ، والسِّجِلُّ ، ثُمَّ الكِفْلُ ... كذلكَ القِسْطاسُ وهوَ العَدْلُ
وهَذهِ ونَحوَهَا قَدْ أَنْكَرَا ... جُمْهُورُهُمْ بالوِفْقِ قالوا : إِحْذَرا
..........................................................................................................
لما انهي الناظم رحمه الله تعالى ما يتعلق بالعقد الثالث مما له صلة بالأداء انتقل إلى العقد الرابع وهو ما يرجع إلى الألفاظ يعني ألفاظ القرآن وهو سبعة أنواع :
النوع الأول والثاني: الغريب والمعرب . الثالث:المجاز والرابع : المشترك والخامس : المترادف إلى أخره
الغريب ك: الكلمات الغامضة التي تحتاج إلى بيان وتفسير .
والمعرب: ما جاء من لغات أخرى فلاكته ألسنة العرب وعربوه فصار من استعمالهم .
الغريب: يعني غريب القرآن وقل مثل هذا في غريب الحديث فن ونوع من أهم المهمات لأنه الوسيلة لفهم النصوص ،يعني معرفة الغريب هو الوسيلة لفهم النصوص ،وهذا النوع وكما قال أهل العلم في غريب الحديث وغريب القرآن أهم قالوا:"هذا الفن جدير بالتحري حري بالتوقي " ايش معنى هذا الكلام؟
(1/132)
يعني أن طالب العلم عليه أن يهتم به من جهة وأن يحتاط لنفسه من جهة أخرى فلا يهجم على كلمة يفسرها من كلام الله جل وعلا أو من كلام نبيه عليه الصلاة والسلام وليس عنده بها أصل يرجع إليه .
الإمام أحمد يسأل عن معنى حديث أو معنى كلمة فيقول:"سلوا أهل الغريب" والإمام أحمد الذي يروي سبعمائة ألف حديث ومعلوم أنه إذا جاء لفظ من هذه الألفاظ التي يرويها عنده من طرقه العشرات بل المئات التي يوضح بعضها بعضاً .
والأصمعي وهو يحفظ ستة عشر ألف قصيدة لما سئل عن السقب في حديث ((الجار أحق بسقبه))قال:"أنا لا أفسر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن العرب تزعم أن السقب هو : اللزيق " يعني الجار الملاصق فهم يحتاطون لأنفسهم وإذا كان هذا في الحديث ففي القرآن من باب أولى ،وليحذر طالب العلم كل الحذر أن يهجم على كتاب الله فيفسر غريبة دون أن يرجع فإنه حينئذ يتقول على الله جل وعلا أن معنى هذا اللفظ كذا .
وألف في الغريب الكتب الكثيرة منها: غريب القرآن لابن قتيبة ، ومنها :غريب القرآن للهروي ،ومنها: المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ،ومنها :غريب القرآن وهو مختصر جداً لابن عزيز السجستاني وهذا أطراه العلماء بالمدح وهو كتاب مختصر صغير جداً أثنوا عليه ثناء كبير على اختصاره .
كتب غريب الحديث أيضاً يعتني بها طالب العلم من أفضلها : كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم ابن سلام،وغريب الحديث للخطابي ،غريب الحديث للهروي ،النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، الفائق في غريب الحديث للزمخشري كتب كثيرة في الغريب فليس لأحد حجة تقل ما وجدت فجد ابحث .
(1/133)
الصحابة لما قال النبي عليه الصلاة والسلام :((إن من أمته سبعين ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ))تباحثوا في المراد بالسبعين من غير مرجع ولا مصدر يرجعون إليه ولغتهم لا تسعفهم في هذا تسعفهم اللغة في تفسير هذا لا تسعفهم لكنهم أهل تحري وتوقي وتثبت يعني لو أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم لأنه قال الحديث ودخل إلى منزلهم فبات الناس يدكون يعني يتداولون الآراء قالوا :لعلهم كذا لعلهم كذا لعلهم كذا فخرج النبي عليه الصلاة والسلام ولم يثرب عليهم لأنهم لم يجزموا بشيء فإذا أتى الإنسان بحرف الترجي وقلنا في مناسبات أنه إذا وجد مجموعة من طلبة العلم في مجلس مثلاً وعرض لهم آية ولا حديث في معناها أو في لفظها إشكال وتداولوا فيما بينهم لعل كذا وليس بينهم كتب يرجعون إليها لعل المراد كذا لعل المراد كذا ثم بعد ذلك يصححون فالنبي عليه الصلاة والسلام صحح لهم ولم يثرب عليهم فإذا جيء بحرف الترجي من غير جزم فالأمر فيه شيء من السعة لأن السامع ما يجزم بأن هذا المراد من كلام الله أو من كلام نبيه عليه الصلاة والسلام ،لا فيه اجتهاد أنت افترض ان ما عندك شيء من كتب غريب القرآن عندك لسان العرب وتبي آية ولا حديث ايش معنى هذه الكلمة من آية أو من حديث ترجع إلى لسان العرب يذكر لك عشرين معنى فهذا اجتهاد كونك تحدد المعنى المراد .
ولذا يقولون لا يتكلم في غريب الحديث إلا من له معرفة باللغة والحديث ، ما يكفي المعرفة باللغة فقط لماذا؟لأن بعض الكلمات يختلف معناها باختلاف السياق والذي ما يعرف إلا اللغة ما يعرف لكن إذا كان عنده معرفة بحديث النبي عليه الصلاة والسلام تبين له المعنى المراد وقل مثل هذا في القرآن لا بد أن تكون له عناية بالقرآن وله اطلاع على كتب الأئمة الموثقين في تفسير القرآن .
(1/134)
المعرب :كلمات غير عربية استعملها العرب ولاكتها ألسنتهم وعربوها وقد يكونوا غيروا في بعض حروفها ،وفيه المعرب للجواليقي من أنفس ما كتب في هذا الباب .
في معرفة الغريب يرجع للنقل لدى الغريب ما جاء يرجع للنقل لدى الغريب يعني يرجع إلى الكتب التي تعتمد على النقل عن العلماء الراسخين أهل التحري والتثبت الذين يجمعون بين علمهم بالقرآن إلى علمهم بلغة العرب ومن علمهم بالسنة إلى معرفة اللغة العربية .
ما جاء كالمشكاة في التعريب
المشكاة: لفظة حبشية عند من يقول بأن في القرآن ألفاظ غير عربية تعريبها أو معناها بلغة العرب :الكوة يعني الفتحة تكون في الجدار ،وجود كلمات غير عربية في القرآن {بلسان عربي مبين }فإذا قلنا أن فيه كلمات غير عربية ترد علينا الآية ولا لا ترد ؟ كيف نجيب هذه مسألة ثانية .
مفهوم الآية أن القرآن كله {بلسان عربي مبين} ليس فيه من غير لغة العرب شيء وأهل العلم يجمعون على أن القرآن ليس فيه جمل ولا تراكيب أعجمية هذا محل إجماع ،كما أنهم يجمعون على وجود الأعلام الأعجمية إجماع ،لكن ألفاظ ليست بتراكيب ولا أعلام هذه محل خلاف ،فمنهم من نفي لأن هذا ينافي كون القرآن عربي إذا وجد فيه شيء من لغة غيرهم ما استطعنا أن نقول إن القرآن والمراد جميعه بلغة العرب يكون فيه وفيه ،والذين يقولون بوجود مثل هذه الألفاظ ألفاظ يسيرة جداً يعني جمع منها أو نقول حصرت في ستين لفظ يعني بمعدل كل عشر صفحات لفظة كلمة واحدة هل وجود مثل هذا الشيء اليسير يخرج القرآن عن كونه عربي ؟
لا لا يخرج عن كونه عربي فالمشكاة بلغة الحبشة هي الكوة .
عند العرب في التعريب أواه بلغة الحبشة أيضاً :الموقن أو الرحيم . والسجل : الرجل بلسان الحبشة ،{يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب}يعني طي الرجل بلسان الحبشة .
(1/135)
من المفسرين من قال أن السجل اسم لكاتب من كتاب الوحي عند النبي عليه الصلاة والسلام لكن لا يوجد من اسمه السجل في كتابه عليه الصلاة والسلام ولا من الصحابة عموماً .
أواه:هذه بلغة الحبشة لكن ألا يمكن أن تخرج على معنى عربي صحيح ؟
هو صيغة مبالغة من التأوه الدال على التحزن لا سيما إذا قرأ القرآن أو مثل بين يدي ربه يناجيه يمكن تخريجها على وجه عربي صحيح ولا ما يمكن؟
ما في ما يمنع ،السجل: قالوا الرجل بلسان الحبشة .
ثم الكفل:{يؤتكم كفلين}الكفل : الضعف بلسان الحبشة والكفلين أربعة أضعاف ،وماذا عن آية النساء {من يشفع}معنى واحد في التفسير الكفل والنصيب بمعنى واحد ،وهنا يقول الضعف بلسان الحبشة .
كذلك القسطاس :وهو العدل القسطاس عند الروم العدل أو الميزان وهذه ونحوها كالسندس والإستبرق .
قد أنكر جمهورهم :أنكر وجود ألفاظ غير عربية في القرآن جمهور العلماء ،طيب وجود مثل هذه الكلمات المعروفة عند غير العرب قالوا إن هذه مما توافقت فيه اللغات جمهور كالشافعي وابن جرير وغيرهم من جمع وفير من أهل العلم .
بالوفق قالوا احذرَ: احذر أن تقول في القرآن كلام لا تتحقق منه تلزم بلوازمه فتضل وتضل لأن أحياناً قد يجزم الإنسان بشيء لا يدري ما الآثار المترتبة عليه لا سيما فيما يتعلق بالله جل وعلا أو ما جاء عن الله جل وعلا فمثل هذا يحذر الإنسان أن يقول شيئاً يلزمه عليه لوازم .
الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الطالب : الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم أغفر لشيخنا وارفعه وانفعه بالقرآن العظيم وإيانا والحاضرين والمستمعين يا غفور يا رحيم .
قال الناظم رحمه الله تعالى :
النوع الثالث : المَجازُ
مِنْها اختصارُ الحَذْفِ ، تَرْكُ الخَبَرِ ... والفَرْدُ جَمْعٌ إِنْ يُجَزْ عَنْ آَخَرِ
واحدُها مِنَ المُثَنَّى والَّذِيْ ... عَقَلَ عَنْ ضِدٍّ لَهُ أَوْ عَكْسُ ذِيْ
(1/136)
سَبَبٌ التِفَاتٌ التَّكْرِيْرُ ... زِيادَةٌ ، تَقْدِيْمٌ ، أَوْ تَأْخِيْرُ
..........................................................................................................
الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ..
فيقول الناظم رحمه الله تعالى :النوع الثالث :المجاز النوع الثالث من أنواع العقد الرابع بعد أن أنهى الكلام عن الغريب والمعرب ذكر النوع الثالث ولم يذكر مقابله ذكر المجاز ولم يذكر الحقيقة لم يذكر المتقابلات وهنا ذكر المجاز ولم يذكر الحقيقة لماذا؟
هي الأصل كل الكلام على أصله حقيقة لكن ذكر ما يخرج عن هذا الأصل .
المجاز :يعرفه من يقول به استعمال اللفظ في غير ما وضع له إما من الجواز وهو العبور والانتقال من استعمال الحقيقة إليه أو من التجوز ،وإذا بحثنا في كتب اللغة هل نجد ما يدل على المعنى الذي يريدونه من هذه المادة ؟ يعني المسألة لغوية فلو كان المسألة اصطلاح شرعي وعرف شرعي وحقيقة شرعية لا يلزم أن نجد ما يدل عليها في كتب اللغة إلا أنه يوجد من بعد ما يدل على أصلها لكن المجاز هل نجد تعريفه في كتب اللغة من العرب الأقحاح مما يستمسك به لمن يثبت المجاز ؟
يعني حينما قال والإيجاز نوع من أنواع التحمل .
الإيجازة :مأخوذة من ايش؟
قالوا من الجواز وهو العبور لا بأس لكن هذه حقيقة عرفية شرعية عرف خاص عند أهل العلم اصطلاح خاص ولا يلزم أن يوجد لها ما يدل عليها بالمطابقة في لغة العرب وكثير من الاصطلاحات الشرعية يوجد ما يدل لأصلها لكن ما يدل عليها بالمطابقة لا يوجد لا يلزم ،مثلاً الصلاة في الأصل الدعاء الصلاة الشرعية على الكيفية والهيئة المعروفة تختلف عن هذا إلا أن الدعاء جزء من أجزائها .
(1/137)
فالحقائق الشرعية تشتمل على الحقائق اللغوية وتزيد عليها كما قرر ذلك شيخ الإسلام في حقيقة الإيمان لغة وشرعاً في كتاب الإيمان فهل في لغة العرب ما يدل على أن استعمال اللفظ في غير ما وضع له يسمى مجاز؟وهل يستعملون اللفظ في غير ما وضع له ؟أو نقول أنهم إذا استعملوه في غير ما وضع له من وجهة نظرنا صار استعمالهم له فيما وضعوه له ،يعني حين يضعون الأسد يريدون به الرجل الشجاع الأسد حقيقته الحيوان المفترس فإذا أطلقوه على الرجل الشجاع هل نقول أن هذا استعمال في غير ما وضع له؟من الذي وضع الأول هو الذي وضع الثاني فهم الذين وضعوه .
على كل حال الخلاف على استعمال المجاز ووجوده في لغة العرب وفي النصوص مسألة خلافية فيها المؤلفات وفيها الأقاويل والمقاولات بين أهل العلم من الأخذ والرد والتأيد والمعارضة .
ابن القيم رحمه الله تعالى عقد فصلاً في الصواعق فصلاً مطولاً سمى فيه المجاز طاغوت لماذا؟ لأنه بواسطته توصل المبتدعة إلى نفي ما نفاه عن الله جل وعلا وأطال في هدم هذا الطاغوت .
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : له رسالة في منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ،والمسألة معروفة عند أهل العلم لكن لا مانع من أن نقرأ من كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله ما يفيدنا إن شاء الله تعالى .
هذه رسالة طبعت مستقلة ثم طبعت في أخر جزء في أخر التفسير سمى هذه الرسالة منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ،في أولها يقول رحمه الله تعالى :
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،الحمد الله الذي صان هذا الكتاب العزيز الجليل عن أن يقع فيه ما وقع في التوراة والإنجيل من أنواع التحريف والتغير والتبديل ،وقال {إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون}وقال{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }أما بعد..
(1/138)
فإنا لما رأينا جل أهل هذا الزمان يقولون بجواز المجاز في القرآن ولم ينتبهوا أن هذا المنزل للتعبد والإعجاز كله حقائق وليس فيه مجاز وأن القول فيه بالمجاز ذريعة لنفي كثير من صفات الكمال والجلال .
وأن نفي ما ثبت في كتاب أو سنة لا شك في أنه محال أردنا أن نبين في هذه الرسالة ما يفهم منه الحاذق الذائق أن القرآن كله حقائق وكيف يمكن أن يكون شيء منه غير حقيقة وكل كلمة منه بغاية الكمال جديرة حقيقة {إنه لقول فصل وما هو بالهزل }أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل ,
يقول :ومقصده من هذه الرسالة نصيحة المسلمين وتحذيرهم من نفي صفات الكمال والجلال التي أثبتها الله لنفسه في كتابه العزيز بإدعاء أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه ".
هذه من أقوى ما يبطل بها المجاز ،المجاز يجوز نفيه إذا قلت رأيت أسد بالإمكان أن يقول قائل كذبت ما رأيت أسد وكلامه صحيح ولا باطل؟
كلامه صحيح أنت ما رأيت أسد . "وان المجاز يجوز نفيه لن ذلك من أعظم وسائل التعطيل ومعلوم أنه لا يصف الله أعلم بالله من الله {ومن أصدق من الله قيلاً} وهذا أظن الشروع في المقصود سميته منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ورتبته على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة .
المقدمة في ذكر الخلال في وقوع المجاز في أصل اللغة وأنه لا يجوز في القرآن على كلا القولين .
الفصل الأول: في بيان أنه لا يلزم من جواز الشيء في اللغة جوازه في القرآن وذكر أمثلة لذلك .
الفصل الثاني : في الجواب عن آيات زعموا أنها من المجاز نحو {جدار يريد أن ينقض }.
الفصل الثالث : الأجوبة عن إشكالات تتعلق بنفي المجاز ونفي بعض الحقائق ويشتمل على أمور لها تعلق بالموضوع .
الفصل الرابع: في تحقيق المقام في آيات الصفات مع نفي المجاز عنها .
الخاتمة: في وجه مناظرة نفي لبعض الصفات في الطرق الجدلية .
(1/139)
المقدمة : اعلم أولاً أن المجاز اختلف في أصل وقوعه فقال أبو إسحاق الأسفرايني وأبو علي الفارسي أنه لا مجاز في اللغة أصلاً كما عزاه لهما ابن السبكي في جمع الجوامع .
يعني أو من عرف في هذه التسمية والتصنيف في المجاز أبو عبيدة ألف في مجاز القرآن ولم يعرف له سلف وإن نقل عن الفارسي تلميذه أبو الفتح ان المجاز غالباً على اللغات كما ذكره عنه صاحب الضياء اللامع وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو عند من يقول بنفي المجاز أسلوب من أساليب اللغة العربية ،وإذا كان أسلوب مطروق في لغة العرب فهو حقيقة وليس بمجاز .
فمن أساليبها إطلاق الأسد على الحيوان المفترس المعروف وأنه ينصرف إذاً عند الإطلاق مما يدل على أن المراد غيره ومنة أساليبها إطلاقه على الرجل الشجاع إذا اقترن بما يدل على ذلك ولا مانع من كون أحد الإطلاقين لا يحتاج إلى قيد والثاني يحتاج إليه لأن بعض الأساليب يتضح فيها المقصود فهو يحتاج إلى قيد وبعضهم لا يتعين المراد فيه إلا بقيد يدل عليه ،يعني مثله المشترك الذي يحتمل أكثر من معنى على ما سيأتي الذي يعين المعنى المراد إما قرينة تدل عليه نعم هو تصريح من المتكلم وكل منهما حقيقة في محله وقس على هذا جميع أنواع المجازات وعلى هذا فلا يمكن إثبات مجاز في اللغة العربية أصلاً كما حققه العلامة ابن القيم رحمه الله في الصواعق ،وإنما هي أساليب متنوعة بعضها لا يحتاج إلى دليل وبعضها يحتاج إلى دليل يدل عليه .
ومع الاقتران بالدليل يقوم مقام الظاهر المستغني عن الدليل فقولك رأيت أسد يرمي يدل على الرجل الشجاع كما يدل لفظ الأسد عند الإطلاق على الحيوان المفترس ،ولو قلت أيضاً رأيت أسد يقرأ فتلثمت يدل على أنك تريد أبخر ولكنه رجل وليس بأسد لأن الأسد أبخر أيضاً ،هو أبخر إذا كانت رائحته التي تنبعث من فمه قبيحة يسمونه أبخر .
(1/140)
ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية ما يمنع أن يطلق حقيقة عندما يدل على ذلك مثل ما أطلقوه على الشجاع لوجود وجه الشبه بينه وبين الأسد في الشجاعة يطلقونه على الأبخر لوجود وجه الشبه بينه وبين الأسد في الرائحة .
ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية اختلفوا في جواز إطلاقه في القرآن فقال قوم : لا يجوز أن يقال في القرآن مجاز ومنهم ابنخزيم من المالكية وابن القاس من الشافعية والظاهرية وبالغ في إيضاح منع المجاز في القرآن الشيخ أبو العباس ابن تيمبة وتلميذه ابن القيم رحمهم الله تعالى بل أوضح منعه في اللغة أصلاً والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقاً على كلا القولين ،أما على القول فإنه لا مجاز في اللغة أصلاً وهو الحق فعدم المجاز في القرآن واضح وأما على القول بوقوع المجاز على اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن وأوضح دليل على منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه ويكون نفي صادق في نفس الأمر فتقول لمن قال رأيت أسد يرمي ليس هو بأسد وإنما هو رجل شجاع فيلزم على هذا بأن في القرآن مجاز وأن في القرآن ما يجوز نفيه .
ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن وهذا اللزوم اليقيني الواقع بين القول بالمجاز في القرآن وبين جواز نفي بعض القرآن قد شوهدت في الخارج صحته وأنه كان ذريعة إلى نفي كثير من صفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن العظيم .
(1/141)
وعن طريق المجاز توصل المعطلون إلى نفي ذلك فقالوا: لا يد ولا استواء ولا نزول ولمحوا ذلك في كثير من هذه الصفات ،لأن هذه الصفات لم ترد حقائقها بل هي عندهم مجازات فاليد مستعملة عندهم في النعمة أو القدرة والإستواء في الإستيلاء والنزول نزول أمره ونحو ذلك فنفو هذه الصفات الثابتة للوحي عن طريق القول بالمجاز مع أن الحق الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة إثبات هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه والإيمان بها من غير تكليف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل وطريق مناظرة القائل بالمجاز في القرآن ه أن يقال لا شيء في القرآن يجوز نفيه وكل مجاز يجوز نفيه ينتج من الشكل الثاني لا شيء من القرآن بمجاز وهذه النتيجة كلية ومقدمتا القياس الإقتراني الذي أنتجها لا شك في صحة الإحتجاج بهما لأن الصغرى منهما وهو قولنا لا شيء من القرأن يجوز نفيه مقدم وصادق يقيناً لكذب نقيضها يقيناً لأن نقيدها هو قولك بعض القرآن يجوز نفيه وهذا ضروري البطلان ،والكبرى منهما هو قولنا :هو كل مجاز يجوز نفيه صادقة بإجماع القائلين بالمجاز ويكفينا إعترافهم بصدقها لأن المقدمات الجدلية يكفي في قبول إعتراض القسم بصدقها وإذا صح تسليم المقدمتين صحت النتيجة التي هي قولنا أن لا شيء من القرآن بمجاز وهو المطلوب .
فإن قيل كل ما جاز في اللغة العربية جاز في القرآن لأنه بلسان عربي مبين ،فالجواب :أن هذه كلية لا تصدق إلا جزئية وقد أجمع النظار وإضاح هذا على طريق المناظرة وأن القائل به يقول أن المجاز جائز في اللغة العربية وكل ما جاز في اللغة العربية فهو جائز في القرآن ينتج من الشكل الأول المجاز جائز في القرآن فنقول سلمنا المقدمة الصغرى تسليماً جدلياً لأن الكلام على غر صدقها وهي قول أن المجاز جائز في اللغة العربية ولكن لا نسلم الكبرى التي هي قوله وكل جاز في اللغة العربية جائز في القرآن بل نقول بنقيضها .
(1/142)
وقد تكرر عند عامة النظار أن نقيض الكلية الموجبة جزئية سالبة فهذه المقدمة التي فيها النزاع وهو قوله كل جائز في اللغة جائز في القرآن كلية موجبة منتقضة بصدق نقيضها الذي هو جزئية سالبة وهي قولنا بعض ما يجوز في اللغة ليس بجائز في القرآن فإذا تحقق صدق هذه الجزئية السالبة تحقق نفي الكلية الموجبة التي هي قوله كل جائز في اللغة جائز في القرآن والدليل على صدق الجزئية السالبة التي نقضنا بها كليته الموجبة كثرة وقوع الأشياء المستحسنة في اللغة عند البيانين كإستحسان المجاز وهي ممنوعة في القرآن بلا نزاع ، فمن ذلك ما يسميه علماء البلاغة الرجوع وهو نوع من أنواع البديع المعنوي وحده الناظم بقوله :
وسمي نقض سابق بلاحق لسر الرجوع دون ماحق
فإنه بديع المعنى في اللغة عندهم وهو ممنوع في القرآن العظيم لأن نقض السابق فيه بالاحق إنما هو لإظهار المتكلم الوله والحيره من أمر كالحب مثلاً فإنه يظهر إنه ثاب له عقله ورجع له رشده فينقض كلامه الأول الذي قاله في وقت حيرته غير مطابق للحق كقول زهير:قف بالديار التي لم يعفها القدم بلا وغيرها الأرواح والديم
فقوله بلا وغيرها إلى أخره:عندهم ينقض به قوله لم يعفهاالقدم إظهار لأنه قال الكلام الأول من غير شعور ثم ثاب إليه عقله فرجع إلى الحق وهذا بليغ جداً في إظهار الحب والتأثر عند رأية دار الحبيب ولا شك أن مثل هذا لا يجوز في القرآن ضرورة ومن الرجوع إلى أخره .
يريد أن يثبت أن هناك من الأساليب ما يستساغ في لغة العرب ولا يجوز نظيره في القرآن فليكن المجاز من هذا النوع وذكر لهذا أمثلة كثيرة رحمه الله وإذا ذكر شيء استطرد فيه ثم ذكر أشياء ذكروها أمثلة للمجاز .
(1/143)
فصل في الإجابة عن ما ادعي فيه المجاز :فإن قيل ما تقول أيها النافي للمجاز في القرآن في قوله تعالى {جدار يريد أن ينقض}وقوله{وسأل القرية}وقوله {ليس كمثله شيء}الآية وقوله {وأخفض لهم جناح الذل من الرحمة}الآية ،فالجواب أن قوله {يريد أن ينقض}لا منع من حمله على حقيقة الإرادة المعروفة في اللغة لأن الله يعلم للجمادات ما لا نعلمه لها كما قال تعالى{وما من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم }وقد ثبت في صحيح البخاري حنين الجزع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم وثبت في صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال:((إني أعرف حجر كان يسلم علي في مكة ))وأمثال ذلك كثيرة جداً فلا مانع أن يعلم الله جل وعلا من ذلك الجدار إرادة الإنتظار ويجاب عن هذه الآية أيضاً بما قدمنا من أنه لا مانع من كون العرب تستعمل الإرادة عند الإطلاق في معناها المشهور وتستعملها في الميل عند دلالة القرينة على ذلك وكلا الإستعمالين حقيقة في محله وكثيراً ما تستعمل العرب الإرادة في مشارفة الأمر أي قرب وقوعه أي قرب الجدار من الإنقضاض سمي أيضاً إرادة إلى أن قال في قوله والجواب عن قوله {وسأل القرية} من وجهين أيضاً الأول أن إطلاق القرية وإرادة أهلها من أساليب اللغة العربية أيضاً كما قدمنا ، والثاني أن المضاف المحذوف كأنه مذكور لأنه مدلول عليه بالإقتضاء وتغير الإعراب عند الحذف من أساليب اللغة أيضاً كما أخذه في الخلاصة ،وما يأتي المضاف يأتي خلف عنه في الإعراب إذا ما حذف مع أن كثير من علماء الأصول يسمون الدلالة على المحذوف نحو قوله {واسأل القرية} دلالة الإقتضاء .
(1/144)
واختلف هل هي من المنطوق إلى الصريح أو من المفهوم إلى أن قال فظهر أن مثل {واسأل القرية} من المدلول عليه بالإقتضاء وأنه ليس من المجاز عند جمهور الأصولين القائلين بالمجاز في القرآن وأحرى غيرهم مع أن حد المجاز لا يشمل مثل {وسأل القرية } لأن القرية فيه عند القائل بها بأنه من مجاز النقص مستعملة في معناها الحقيقي وإنما جاءها المجاز عندهم من قبل النقص المؤدي لتغير الإعراب وقد قدمنا أن المحذوف مقتضى وأن إعراب المضاف إليه إعراب إذا حذف من أساليب اللغة العربية سيأتي تمثيلهم بالنقص والزيادة .
والجواب عن قوله {ليس كمثله شيء}أنه لا مجاز زيادة فيه لأن العرب تطلق المثل وتريد به الذات وهو أيضاً أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله كقول العرب مثلك لا يفعل هذا يعني لا ينبغي لك أن تفعل هذا ودليل هذا وجوده في القرآن الكريم كقوله تعالى {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله }شهد أن القرآن أنه حق وقوله تعالى {ومن كان ميتاً فأحيينه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات } يعنى كمن هو في الظلمات{ فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به}أي بما أمنتم به على أرض هذه الأقوال وتدل عليه قراءة ابن عباس {فإن امنوا بما أمنتم به}.
(1/145)
والجواب عن قوله تعالى روأ خفض لهم جناح الذل }أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته لأن الجناح يطلق حقيقة على يد الإنسان وعضده وإبطه قال تعالى { واضمم إليك جناحك من الرهبة والخوف} مستعملة في معناه الحقيقي الذي هو ضد الرفع لأن مريد البطش يرفع جناحيه ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما والتواضع لهما كما قال للنبيه صلى الله عليه وسلم :((وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ))وإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع للأجانب اسلوب معروف واما إضافة الجناح إلى الذل فلا تستلزم المجاز كما يظنه كثير لأن الأضافة فيه كالإضافة في قولك حاتم الجود فيكون المعنى وأخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة أو الذلول على قراءة الذل بالكسر ثم ذكر مناقشة الدليل دليل المانع ونقل ابن القيم مطولاً كلام طويل أظن المواريث يدل على أن الموضوع لم ينحسم .
(1/146)
ولكن هذا كلام الشيخ وكلام جيد ورصين ومتين كعادته رحمه الله الحق ما ينفى لإستغلال من استغله من غير وجوه فإستدلال المرجئة بأحاديث الوعد ونصوص الوعد لا يجعلنا ننكرها وننفيها إستغلال الخوارج لنصوص الواعيد لا يجعلنا ننكرها وننفيها الحق هو الحق سواء استعمل على وجهه أو على غير وجه يبقى هو الحق أما غيره فلا صار حقيقة في مكان ،إذا نفى الحقيقة لما اقترن بها نعم هو نفى حقيقة لما اقترن بهالو قال ما رأيت أسد يكتب قلنا لا رأيت أسد يكتب لأن الأسد إطلاقه على الرجل الشجاع حقيقي وكونك تنفي لأنك تخيلت الأسد لأنك لما نفيت ايش تصورت ؟ أنه الأسد المفترس فنقول أن تصورك هذا خطأ فنفيك المبني على هذا التصور خطأ ليش تصورك خطأ؟ لأن الأسد الحقيقي لا يكتب ،لا ما هو بلفظي صار له حقيقة وواقع وصار له أثار سيئة مثل قول المثل الذي يقول بأن العمل غير داخل في الإيمان مثل ما يقول صاحب شرح الطحاوية يقول:"الخلاف لفظي بين المرجئة وبين غيرهم" ايش معنى لفظي ؟ يعني ما يترتب عليه أثار يعني إذا ترتبت عليه أثار فهو خلاف معنوي .
يقول النوع الثالث :المجاز
نشرح كلامه على أساس أنه يثبت المجاز وأما نفيه الذي نعتقده نشرحه على رأيه هو .
النوع الثالث :المجاز :هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له منها اختصار الحذف هذا يكثر في القصص في قصص القرآن {فأرسلون يوسف أيها الصديق }كم بين الآية والآية من كلام محذوف فأرسلون فأرسلوه فوصل إلى يوسف وقال له يا يوسف أيها الصديق ففيه حذف ، وفي آية الفطر {فعدة من أيام أخر}فأفطر فالواجب عليه عدة هذا يسمونه مجاز حذف ترك الخبر أن يؤتى بمبتدأ ويترك خبره أو العكس {فصبر جميل} تقدير إن أردنا حذف الخبر فصبر جميل صبري أو العكس فصبري صبر جميل والفرد جمع إن يُجز أن يستعمل مجازاً أن يستعمل الفرد على الجماعة إن يجز عن أخره .
(1/147)
مثال الجمع عن الفرد :{ربي ارجعون}هو واحد يعني أرجعني والعكس {إن الإنسان لفي خسر}والمراد جميع الناس مع إن إطلاق الإنسان على الجمع على الجنس كونه مجاز فيه نظر لأن أل الجنسية فلا يسمى مجاز استعمال حقيقي هذا واحدها من المثنى والله ورسوله أحق أن يرضوه الضمير واحد وهو لمثنى الأصل أن يرضوهما والذي عقل عن ضد له يعني إطلاق العاقل على غير العاقل إطلاق ما يستعمل في العقلاء على غير العاقل وعكسه ،{قالتا أتينا طائعين} جمع المذكر السالم إنما يكون للعقلاء هو أنه جاء بإزاء
{ قالتا أتينا طائعين }ايش ؟ السموات والأرض ولفظه {فأنكحوا ما طاب} ما هذه لغير العاقل وجاءت بإزاء النساء وهن عقلاء عن ضد له أو عكس ذي سبب يعني من أنواع المجاز السبب إطلاق المباشرة وإرادة السبب {يذبحوا أبنائه}هل هو يذبحوهم بيده يباشر الذبح أو يأمر به فهنا أطلق المباشرة وأريد السبب .
الإلتفات {مالك يوم الدين إياك نعبد}وإلا فالأصل أن يقول إياه مالك يوم الدين ويخبر عنه إياه نعبد فالتفت هنا ،ويقول أهل العلم:"أن في عد هذا من المجاز نظر لأنه حقيقة" الإلتقات حقيقة ولو خلا عن التجريد أما إذا وجد معه التجريد مثل حديث سعد يقول سعد "أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رهط وسعد جالس " ما قال وأنا جالس هذا فيه تجريد يعني جرد من نفسه شخص أخر تحدث عنه وإلا فالأصل أن يقول وأنا جالس .
وفي هذا عد من المجاز ما فيه التكرير {كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون}تكرير هذا يقولون مجاز بالتكرير لكن هل هذا بالفعل مجازأو استعمال حقيقي لتعظيم الأمر وتهويله؟ وإلا فكل التكرير اللفظي يصير مجاز .
زيادة تقديم أو تأخير: زيادة{ليس كمثله شيء}يمثلون بها وسمعنا جواب الشيخ رحمه الله تعالى وأنه يطلق المثل ويراد الشيء نفسه .
(1/148)
تقديم أو تأخير:الأو يعني هذه بمعنى الواو وتأتي بمعنى الواو عند أمن اللبس يقول ابن مالك :"وربما عاقبت الواو إذا لم يلفي إلى أخر البيت " ويمثلون للتقديم والتأخير {فضحكت فبشرناها} الأصل أن الضحك مرتب على البشارة أنها بشرت أولاً ثم ضحكت هذا إذا حملنا الضحك على حقيقته المتبادرة بالضحك وإذا قلنا أن ضحكت معناها :حاضت كما يقول بعضهم أنها حاضت فبشرت فلا يكون في تقديم ولا تأخير ،ومن أسماء الحيض الضحك .
هناك من يقول أنه يمنع في الغيبيات ويجاز في المحسوسات لأن المحسوس يدركه الإنسان ويحس به فيستطيع أن يعبر عنه أما الأمر الغيبي فلا يستطيع إدراكه ومن ثم لا يستطيع التعبير عنه هذا قول وكما ترون وجه ويبقى أن ما دام العرب لا يعرفون لهذا الإستعمال فلماذا نلزمهم بها ؟
النوع الرابع : المشترك
قُرْءٌ وَوَيْلٌ نِدُّ والمَوْلَى جَرَى ... تَوَّابٌ الْغَيُّ مُضَارِعٌ وَرَا
..........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى في النوع الرابع من أنواع العقد الرابع مما يرجع إلى الألفاظ : المشترك
اللفظ الذي يحتمل أكثر من معنى ،فإذا قلت رأيت عيناً هل يستطيع الإنسان أن يقول كذبت وأنت رأيت ذهب مثلاً أو عين جارية أو عين باصرة رأيت واحد من هذه الأمور التي يشملها اللفظ المشترك لا يستطيع حتى يجزم بأنك لم ترى جميع ما يطلق عليه المشترك ،يعني ما رأيت ولا فرد من أفراد المشترك يستطيع أن يقول كذبت ،لكن هل يستطيع أن يقول كذبت في مواجهتك يعني إذا كنت وجهاً لوجه معه يقول رأيت عيناً تقول له كذبت ما عندك ذهب ولا عين جارية هذا اللفظ المشترك والمراد به المشترك اللفظي.
(1/149)
يقول قُرئن :هو واحد القروء القرء يطلق ويراد به :الحيض ،ويطلق ويراد به :الطهر وجاء ما يدل على هذا وما يدل على هذامن لغة العرب ومن النصوص أيضاً ،وبكل من اللفظين أخذ بعض العلماء وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى مثل بالقرء في لقولهم الذي يكادون يتفقون عليه :"أن حكم الحاكم يرفع الخلاف " .
يقول شيخ الإسلام :"أن حكم الحاكم : المراد بالحاكم : الذي حكمه يرفع الخلاف من يعرف الخلاف ويستطيع أن يرجح نعم فإذا رجح أحد المحتملين إرتفع الخلاف ،أما شخص لا يدري ما الطهر من الحيض مثل بهذا ،يقول الحاكم الذي هو شبه عامي هل يستطيع أن يرفع الخلاف في الطهر والحيض ؟ ما له علاقة في هذا لأن رفعه للخلاف حينئذ تحكم إذا كان من غير سابق معرفة .
قرء وويل :قرء:ويطلق على الطهر والحيض ،وويل:تطلق ويراد بها كلمة عذاب أو واد في جهنم كما رواه الترمذي عن أبي سعيد .
ند: يطلق ويراد به الشبيه والمثيل والنظير ويطلق ويراد به الضد .
والمولى : يطلق ويراد به الأعلى المعتق ،ويطلق ويراد به الأسفل المعتق .
والمولى جرى تواب :{إن الله يحب التوابين} والله جل وعلا تواب فيطلق على الله جل وعلا ،ويطلق أيضاً على العبد الذي يكثر من التوبة .
الغي : يطلق على ما يقابل الرشد ويراد به ما يقابل الرشد ، ويطلق أيضاً على واد في جهنم {فسوف يلقون غيا}نسأل الله العافية .
المضارع: يطلق ويراد به الحال ،ويطلق ويراد به الإستقبال ،الماضي :يطلق ويراد به إرادة الفعل ،يطلق ويراد به الفراغ من الفعل ،يطلق ويراد به الشروع في الفعل الماضي {فإذا قرأت القرآن} يعني إذا أردت ((إذغ كبر فكبروا)) يعني فرغ من التكبير ((إذا ركع فأركعوا)) يعني شرع في الركوع فأركعوا .
ورى: يطلق ورى ويراد به الخلف ،وقد يراد به الأمام {وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} يعني أمامهم الترجيع بين الألفاظ القرائن السياق والقرائن يستدل بها على المراد .
الطالب: أحسن الله إليك....
(1/150)
النوع الخامس: المترادف
مِنْ ذَاكَ مَا قَدْ جَاءَ كالإِنْسَانِ ... وبَشَرٍ في مُحْكَمِ القُرآنِ
والبَحْرِ واليَمِّ ، كذا العَذابُ ... رِجْسٌ ورِجْزٌ جَاءَ يَا أَوَّابُ
..........................................................................................................
يقول المؤلف رحمه الله تعالى أنه الخامس من أنواع العقد الرابع : المترادف
المترادف : لفظان أو أكثر بإزاء معنى واحد عكس المشترك : اللفظ واحد بإزاء معني متعددة ،وهنا ألفاظ متعددة بإزاء معنى واحد .
يقول من ذاك: يعني من المترادف .
ما قد جاء : من الألفاظ بمعنى واحد كالإنسان والبشر ، الإنسان والبشر واحد جاء ذلك في محكم القرآن من إضافة الصفة إلى الموصوف يعني في القرآن المحكم .
واليم والبحر: معناهما واحد فهما من المترادف .
كذا العذاب والرجس والرجز :معناها واحد وكلها جاءت في القرآن .
جاء هذا في القرآن يا أواب :يا كثير الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله جل وعلا ،على أن من أهل العلم من يمنع المترادف ويقول لا يوجد في لغة العرب كلمتان متطابقتان من كل وجه والإنسان له دلالته والبشر له دلالته يدلان على حقيقة واحدة لكن دلالة الإنسان على بني آدم غير دلالة البشر على بني آدم وإن دلتا على بني آدم .
الإنسان يلاحظ فيه سبب التسمية وهو النسيان ،والبشر يلاحظ فيه ظهور بشرته بخلاف سائر الحيوان بشرته غير ظاهرة مغطاة بالصوف ،نقصد أن هناك من الألفاظ ما تظن أنها متطابقة وبعض العلماء ينفي الترادف الذي هو التطابق من كل وجه .
(1/151)
وكتاب الفروق اللغوية -لأبي هلال العسكري يبين ما بين الألفاظ من فروق دقيقة بتصرفات قد لا تخطر على البال ، يعني الجلوس والقعود مثلاً قالوا في القعود أنه من القيام والجلوس من الإضجاع مثلاً ونص على هذا في القاموس مو هو مسألة منع يقول دلالة على مسألة واحدة واردة لكن يبقى أن كيفية الدلالة على هذه الذات في فرق ، قالوا القعود من قيام والجلوس من إضجاع ،لو أردنا أن نطبق مثل هذا الكلام القاموس قال القعود هو الجلوس يعني مترادفان وقيل القعود من قيام والجلوس من أضجاع ونحوه ،إذا أردنا أن نقول بهذا الكلام وأردنا أن نطبق على الحديث ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ))هو الأن إذا دخل يكون مضجع ولا قائم؟ قائم إذاً يحتاج إلى قعود ولا جلوس على تفريقهم؟
يحتاج إلى قعود إذاً لا يلزمه ركعتين لأنما إن كان مضجعاً ثم جلس يلزمه على تفريقهم مو هذا اللازم على تفريقهم ؟ هذا اللازم على تفريقهم .
على كل حال دلالة الأكثر من لفظ على شيء واحد موجود في اللغة وفي النصوص ،لكن كيفية الدلالة على هذا الشيء مع ملاحظة الأصل أصل الكلمة ومأخذ الكلمة لا بد فيه من فرق .
الطالب : أحسن الله إليكم .......
النوع السادس : الاستعارة
وَهِيَ تَشْبِيْهٌ بِلا أَدَاةِ ... وذَاكَ كالمَوْتِ و كالحَيَاةِ
فِيْ مُهْتَدٍ وضَدِّهِ كَمِثْلِ ... هَذَيْنِ مَا جَاءَ كَسَلْخِ اللَّيْلِ
..........................................................................................................
النوع السادس : الإستعارة . والسابع : التشبيه .
(1/152)
قالوا إذا قدم التشبيه على الإستعارة لكان أنسب لماذا؟ لأن الإستعارة تشبيه إلا إنها بغير الأداة ،فكيف نعرف الاستعارة التي أحيل في تعريفها على التشبيه والتشبيه لاحق ؟ يعني إذا رأيت شخص اسمه عمر وأردت أن تقربه لشخص معك قال لك هذا الشخص له شبه أنا أعرف شخص يشبه هذا فتقول يشبه زيد هو ما رأى زيد البته فلا بد أن تأتي بزيد فيراه ثم قل يشبه زيد فهم يقولون الإستعارة تشبيه فكونك تحيل على مجهول ما بعد عرفه السامع أو القاريء للتشبيه ،فالأصل أن يقدم التشبيه على الإستعارة لأن الإستعارة عبارة عن تشبيه ،لكن التشبيه بالأدات وهذه بغير أدات فالأنسب تقديم التشبيه على الإستعارة .
لكن الإستعارة قالوا أن لها إرتباط وثيق بالمجاز إذ هي نوع من أنواعه ومتولدة منه متولدة بين المجاز والتشبيه :فهي مجاز علاقته التشبيه فلصلتها بالمجاز قدموها لكن بإعتبار أن لها صلة بالمجاز ولها أيضاً صلة بالتشبيه ينبغي أن تكون الإستعارة بعد المجاز وبعد التشبيه والأمر سهل يعني التقديم عندهم له وجه عندهم لأنها أبلغ من التشبيه فإستحقت التقديم من هذه الحيثية .
قال وهي تشبيه لشيء بشيء بلا أدات : يعني مع حذف الأدات ،هذا التشبيه على ما سيأتي وحذف وجه الشبه وحذف المشبه في الإستعارة التصريحية وحذف المشبه به في الإستعارة المكنية هذه أمور تعرف تفاصيلها من التلخيص وشروحه .
بلا أدات وذاك التشبيه كالموت وكالحياة: كالموت {ومن كان ميتاً فأحييناه}كالموت وكالحياة ، الموت مستعار للضلال يعني كان ضالاً فهديناه ،والحياة مستعارة للهداية ،كالموت والحياة في كل منهما إستعارة .
في مهتدٍ وضده : المهتد : هو الحي ،وضده: هو الميت في قوله جل وعلا {أو من كان ميتاً فأحييناه} أي كان ضالاً فهديناه ،وهذا ظاهر.
(1/153)
في مهتد وضده كمثل هذين : التشبيهين ،ما جاء :أي التشبيه الذي جاء ،كسلخ الليل :{وآية لهم الليل نسلخ منه النهار}الأصل أن السلخ يكون للجلد جلد الدابة إذا سلخ وبين منها ظهرت كانت الدابة هذه أو الشاه أو الخروف أو ما أشبه ذلم مغطاة بالجلد الذي فوقه الشعر فإذا شلخ هذا الجلد ظهرت كظهور النهار ،فسلخ الليل إستعارة من سلخ جلد الدابة مع حذف الأداة وحذف المشبه .
الطالب: أحسن الله إليك ......
النوع السابع : التشبيه
وَما عَلَى اشتِرَاكِ أَمْرٍ دَلاَّ ... مَعْ غَيْرِهِ التَّشْبِيهُ حيثُ حَلاَّ
والشَّرْطُ هَهُنا اقْتِرانُهُ مَعَ ... أَدَاتِهِ وهُوَ كَثِيْرٌ وَقَعَا
..........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى في النوع السابع : التسبيه وما على اشتراك أمر دل مع غيره التشبيه حيث حل
ما : هذه خبر مقدم ، وعلى إشتراك: جر ومجرور متعلق بدل ،إشتراك أمر مضاف إليه ،دل:الألف ألف إطلاق ،مع غيره التشبيه :مبتدأ مؤخر فعلى هذا يكون التشبيه ما على إشتراك أمر مع غيره يشتركان في شيء يسمى وجه الشبه ويكون هذا الإشتراك إشتراك المشبه بالمشبه به بواسطة الأداة حيث حل .
فالتشبه: هو الكلام الدال على إشتراك أمر مع غيره في معناً يجمع بينهما هو وجه الشبه .
والشرط ها هنا في التشبيه :إقترانه مع أداته ،التشبيه الشرط أن يقترن بالأداة مع هذه الألف للإطلاق مع أداته إقترانه مع أداته إذ لو لم تقترن به الأداة لصار إستعارة .
والشرط ها هنا إقترانه مع أداته وهو كثيراً وقع :كثيراً :صفة مقدمة لمفعول مطلق فيكون المعنى وقع وقوعاً كثيراً ,
أركان التشبيه أربعة :
1- المشبه
2- المشبه به
3- والأداة
4- ووجه الشبه
ويقول أهل البيان :" ما فقد الأداة لفظاً إن قدرت الأداة فهو تشبيه وإلا فإستعارة " .
وأدوات التشبيه :
الكاف ومثل ومَثَل وكأن
(1/154)
وتدخل الأداة على المشبه به إذا قلت زيد كالأسد ،المشبه به : الأشد والمشبه :زيد فدخلت الأداة على المشبه به إلا إذا اريد المبالغة فيقلب التشبيه فتدخل الأداة على المشبه وذلك في قولهم:إنما البيع مثل الربا فكأنهم جعلوا الربا هو الأصل فالحل والبيع جوز قياساً على الربا وهل هذا مراد ؟
ليس هذا مراد لكنهم من باب المعاندة والمكابرة جعلوا الربا هو الأصل والبيع مقيس عليه وإلا لا يتفقون أن البيع هو الأصل .
الطالب: أحسن الله إليك ........
العِقْدُ الخامس
ما يرجعُ إلى مباحثِ المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشر نوعاً
النوع الأول : العامُّ الباقي على عُمومِه
وَعَزَّ إِلاَّ قَولَهُ : ?واللهٌ
وقَولَهُ :?خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ ... بِكُلِّ شَيءٍ? أَيْ عَلِيْمٌ ذَا هُوْ
واحِدَةٍ? فَخُذْهُ دُونَ لَبْسِ
..........................................................................................................
العقد الخامس :ما يرجع إلى مباحث المعاني المتعلقة بالأحكام وهي أربعة عشر نوعاً
النوع الأول : العام الباقي على عمومه
وعز إلا قوله والله بكل شيء أي عليم ذاه
وقوله خلقكم من نفس واحدة فخذه دون نفس
العقد الخامس فيما يرجع إلى مباحث المعاني ومعرفته من أهم المهمات ،نعم الألفاظ معرفتها مهمة وهي ظروف المعاني فالمعاني لا تقوم إلا بألفاظ فمعرفة الألفاظ مهمة .
لكن معرفة المعاني أمر لا بد منه كيف يفهم الإنسان القرآن كيف يعمل بالقرآن أو السنة ؟ إلا إذا عرف المعاني .
العقد الخامس :ما يرجع إلى مباحث المعاني المتعلقة بالأحكام عن المعاني التي لها أثر كبير في الأحكام وهي أربعة عشر نوعاً
1- العام الباقي على عمومه
العام خاص ومطلق ومقيد وعندنا ناسخ ومنسوخ وعندنا أشياء كثيرة تتعلق بها ،من أهم ما يبحث في علوم القرآن .
فالعام:ما يشمل شيئين فصاعداً من غير حصر ،وضده الخاص :هو ما لا يتناول شيئين فصاعداً .
(1/155)
النوع الأول : العام الباقي على عمومه
أي عندنا عام باقي على عمومه ،وعام مخصوص،وعام يراد به الخصوص .
العام الباقي على عمومه :ذهول محفوظ الذي لم يدخل فيه تخصيص باقي على عمومه ، والعام الذي أريد به الخصوص من الأصل لا يتناول أفراد المتكلم حينما تكلم بهذا اللفظ العام لا يريد منه جنس أفراد هذا اللفظ إنما يريد منه بعض الأفراد فهو عام يراد به الخصوص من قبل المتكلم ولكن لو كان المتكلم حينما تكلم بهذا اللفظ العام يريد جميع الفراد ثم بعد ذلك أورد ما يخرج بعض هذه الأفراد صار من العام المخصوص .
النوع الأول: العام الباقي على عمومه وعز : يعني قل وندر أن يوجد عام محفوظ باقي على عمومه ،وعز إلا قوله تعالى {والله بكل شيء عليم }هذا محفوظ عام محفوظ هل يمكن أن يخرج فرد من أفراد ما يعلم عن هذه الآية ؟ لا يمكن والله جل وعلا عالم بكل شيء وعليم بكل شيء عليم بالكليات عليم بالجزئيات خلافاً لمن ينفي صفة العلم من طوائف المبتدعة أو يفرق بين الكليات والجزئيات ،فكل يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات كالفلاسفة الله جل وعلا لا تخفى عليه خافية فهذا العموم محفزظ .
وعز إلا قوله والله بكل شيء أي عليم ذاه :فهذا باقي على عمومه .
وقوله:يعني بالنصب على قوله مستثنى المنصوب على استثناء ،وقوله خلقكم من نفس واحدة :يعني هل يخرج من الإنس أحد ؟خلقكم من نفس واحدة هل يخرج من البشر فرد من الأفراد ما ترجع إلى هذه النفس الواحدة ؟
لا فهو محفوظ وباقي على عمومه .
فخذه دون لبس :هذا جاء عام لجميع البشر فكلهم من ذرية آدم ((كلكم لآدم)) ،وكأن المؤلف ويتبع في هذا السيوطي في النقاية :"إنه لا يوجد عام محفوظ إلا هاتين الآيتين وما عدا ذلك كل عموم مخصوص لا يوجد عموم محفوظ في القرأن إلا هاتين الآيتين "، وهذا الكلام ليس بصحيح هذا الكلام غير صحيح {إن الله لا يظلم الناس شيئاً }مخصوص هذا ولا على عمومه ؟
على عمومه ،{ولا يظلم ربك أحد}على عمومه .
(1/156)
شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ويرد عليهم يرد على من يقول بهذا القول :"إستعرض العمومات في الفاتحة وفي الورقة الأولى من البقرة فأوجد من ذلك عدد كبير جداً من العمومات المحفوظة في ورقة فكيف في القرآن كله ؟هذا موجود في الفتاوى لشيخ الإسلام رحمه الله تعالى .
الطالب: أثابكم الله ......
النوع الثاني والثالث : العامُّ المخصوص ، والعامُّ الذي أُرِيدَ به الخُصوصُ
وَأَوَّلٌ شَاعَ لِمَنْ أَقَاسَا
وَأَوَّلٌ حَقِيْقَةٌ ، والثَّانِيْ
قَرِيْنَةُ الثَّانِيْ تُرَى عَقْلِيَّةْ
والثَّانِ جَازَ أَنْ يُرَادَ الوَاحِدُ ... والثَّانِ نَحْوُ يَحْسُدُونَ النَّاسَا
مَجَازٌ الفَرْقُ لِمَنْ يُعَانِيْ
وَأَوَّلٌ قَطْعاً تُرَى لَفْظِيَّةْ
فِيْهِ وَأَوَّلٌ لِهذَا فَاقِدُ
..........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى النوع الثاني والثالث من العقد الخامس التي ترجع إلى مباحث المعاني المتعلقة بالأحكام
النوع الثاني والثالث : لما ذكر العام الباقي على عمومه يقابله العام المخصوص - والعام الذي يراد به الخصوص ، وعرفنا الفرق بينهما .
العام المخصوص : في المتكلم حينما تكلم باللفظ العام يريد جميع الأفراد ثم بعد ذلك تكلم بكلام يخرج بعض هذه الأفراد ،والعام الذي أريد به الخصوص من الأصل تكلم باللفظ العام وهو لا يريد جميع الأفراد إنما يريد بعضهم .
وأول :العام المخصوص ، شاع: أي كثر ،لمن أقاس: أي تتبع والألف للإطلاق العام المخصوص كثير جداً يأتي نص يتناول أفراد ثم يخرج بعض هذه الأفراد بمخصص هذا كثير وشائع في النصوص .
والثاني : العام الذي أريد به الخصوص إذا كان الأول شائع فالثاني أقل منه .
والثاني : والمراد به العموم العام الذي أريد منه الخصوص ،نحو يحسدون الناس :والناس المراد بهم: النبي صلى الله عليه وسلم فهو من العام الذي أريد به الخصوص .
(1/157)
{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم }هل معنى هذا أن جميع الناس جاءوا وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن جميع الناس بما فيهم هذا القائل وبما فيهم المقول له قد جمعوا لكم ؟
يعني إن الناس : يشملالذي جاء ويشمل الذين جمعوا ويشمل الذين جمع لهم لأن اللفظ عام لكن هل هذا مراد ؟ هذا غير مراد فهو من العام الذي يراد به الخصوص ،فالذي جاء شخص واحد نعيم ابن مسعود ،{ إن الناس قد جمعوا لكم } أبو سفيان ومن معه فهذا من العام الذي أريد به الخصوص .
وأول حقيقة: الأول حقيقة العام المخصوص حقيقة استعمال في ما وضع له ،الإنسان جنس الإنسان {إن الإنسان لفي خسر} هذا حقيقة استعمل في كل الناس إلا من استثني فهو استعمال حقيقي لكن الذين قال لهم الناس هل هذا استعمال فيما وضع له ؟
خلنا نمشي على ما يريد وعلى تقرير مذهبه في جواز المجاز يقول الناس ليس بحقيقة لأنه استعمل اللفظ في غير ما وضع له ،الأصل أن الناس أمر عام يشمل الجميع فاستعمل بإزاء شخص واحد فهو استعمال للفظ في غير ما وضع له فهو مجاز .
وأول حقيقة والثاني مجاز لمن يعاني : عرفنا المثال للعام الذي يراد به الخصوص ، العام المخصوص {المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}مثلاً أخرج منهم الحامل والصغيرة والئيسة وقبل الدخول مثلاً ليس عليها تربص أصلاً الأمة قرآن وليست ثلاثة المهم أنه دخلت مخصصات فإطلاق العام في العام المخصوص حقيقي ،وإطلاق العام في العام الذي يراد به الخصوص على كلامه مجاز .
والفرق لمن يعاني : الفرق ظاهر لمن تأمله .
وقرينة الثاني ترى عقلية : الفروق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص :
الفرق الأول:أن العام المخصوص حقيقة والعام الذي أريد به الخصوص مجاز عنده.
(1/158)
والفرق الثاني: أن الثاني الذي يراد به الخصوص قرينته عقلية يعني العقل يدرك أن الناس كلهم جميع ما على وجه الأرض من الناس جاءوا للنبي عليه الصلاة والسلام بما فيهم النبي عليه الصلاة والسلام وبما فيهم من جاء وبما فيهم من يُعد له العدة قرينة على العقل يأبى هذا .
فالثاني قرينته عقلية يعني العام الذي أريد به الخصوص قرينته عقلية عن إرادة المعنى العام .
وأول قطعاً:العام المخصوص تُرى لفظية : كالإستثناء مثلاً، والشرط، والصفة وغير ذلك من المخصصات ،مخصصات لفظية .
قرينة الثاني تُرى عقلية وأول قطعاً ترى لفظية
والثاني يعني فرق الثالث بين العام المخصوص، والعام الذي اريد به الخصوص، والثاني جاز أن يُراد الواحدُ فيه وأوّلٌ لهذا فاقدُ.
العام الذي أريد به الخصوص يجوز أن يُراد به واحد، والمثال ظاهر في هذا {الذين قال لهم النّاس} شخص واحد، العام الذي يُراد به الخصوص يجوز أن يُراد به واحد؛ لكن العام المخصوص يجوز أن يُراد به به واحد ؟
{إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا}، هل يجوز أن يكون المُستثنى أكثر من المُستثنى منه، يجوز أن يكون أكثر من المُستثنى منه، خلاف لكن هل يجوز أن يُستثنى جميع الأفراد ما يبقى إلا واحد؟
قالوا: لا بد أن يبقى من العام أقل الجمع؛ ولذا يقول:
(والثاني جاز أن يُراد الواحدُ): يُراد المفرد بلا خلاف، والآية دليلٌ على ذلك فيه مُتعلق يُراد.
(وأوّلٌ): العام المخصوص (لهذا فاقد): لجواز المذكور (فاقد): أي فلا يُستثنى أكثر من النصف عند بعض أهل العلم.
لو قال عندي لك عشرة دراهم إلا سبعة، قالوا: الاستثناء باطل؛ لأنه أستثناء أكثر من النصف.
لو لم يبقى إلا واحد أإيضًا باطل، عندي لك عشرة إلا تسعة، يبحثوه في باب الإقرار لكن يُستثنى أقل من النصف جائز، وأكثر جائز إذا بقي أقل الجمع عند بعضهم.
صلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين(1).
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط الخامس.
(1/159)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهمّ اغفر لشيخنا وأجزه عنا خير الجزاء وأوفره وأغفر للحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين ..
قال الناظم _رحمه الله_:
النو ع الرابع :ما خُصَّ مِنهُ بالسنَّةِ
تَخْصِيْصُهُ بِسُنَّةٍ قَدْ وَقَعَا ... فلا تَمِلْ لِقَولِ مَنْ قَدْ مَنَعَا
آحَادُهَا وغَيْرُها سَواءُ ... فَبِالْعَرَايَا خُصَّتِ الرِّبَاءُ
........................................................................................................... الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد:
فيقول الناظم رحمه الله تعالى: النوع الرابع من أنواع العقد الخامس مما يرجع إلى مباحث المعاني:
( ما خص منه): أي من الكتاب بالسنة ،مسألة تخصيص الكتاب بالسنة، التخصيص رفع جزئي للحكم:
_ فجمهور أهل العلم يرون عدم نسخ الكتاب بالسنة لأنه رفع كلي وأما التخصيص الذي هو رفع جزئي لا يرون به بأساً، وأن السنة تخُصص الكتاب، بخلاف النسخ فالجمهور على أن السنة لا تنسخ الكتاب.
_ وإن قال بعض أهل التحقيق بجواز ذلك لأن الكل وحي،الكل وحي.
فيقول الناظم رحمه الله تعالى:
( تخصيصه) :يعني الكتاب بسنة صحيحة أو حسنة ( قد وقعا): وقعا، فالألف هذه للإطلاق، ووقوع هذا النوع كثير:
*ففي قوله _جل وعلا_: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}(1)، "الميتة" من ألفاظ العموم لأن (أل) جنسية خُص منه بالسنة السمك والجراد ، ميتتان ودمان، السمك والجراد ميتة لكنها مخصوصة بالسنة من عموم قوله _جل وعلا_:{حرمت عليكم الميتة} فهذا مثال.
يقول:
تَخْصِيْصُهُ بِسُنَّةٍ قَدْ وَقَعَا ... فلا تَمِلْ لِقَولِ مَنْ قَدْ مَنَعَا
__________
(1) سورة (المائدة:3)
(1/160)
(المنع):يُذكر عن أبي حنيفة _رحمه الله_ وأن في التخصيص وإن كان رفعاً جزئياً إلا أنه إلغاء لبعض الأفراد التي يتناولها العامة فهي مُشبهه للنصف من وجه وإن لم يكن رفع كلي إلا أنه رفع جزئي؛ فلا يكون ذلك إلا بما يقاوم المرفوع في القوة والسنة لا تقوم الكتاب في قوته، فالنسخ والتخصيص عنده هو من باب واحد.
(آحادها): يعني آحاد السنة هو ما لم يبلغ حد التواتر
(وغيرها ):أي غير الآحاد من المتواتر سواء يعني يخصص الكتاب بما ثبت في السنة سواء بلغ حد التوتر أو لم يبلغ .
(فبالعرايا): جمع عرية كعطية وضحية وعطايا وضحايا.
(خُصت الرباء):استثنية العرايا، والعرايا من المزابنة التي جاء تحريمها والمزابنة مُفظية إلى الربا؛ لأنه لا يتحقق فيها المماثلة ،بيع التمر رطباً على رؤوس النخل بتمرٍ جاف بكيله من الجاف أو بما يؤول إليه من الجاف هذه مزابنة ولعدم تحقق المماثلة أوجد الربا في هذه الصورة استثني من هذه الصورة العرايا في خمسة أوسق أو مادون خمسة أوسق ، العرايا نوع من المزابنة ينطبق عليها تعريفها إلا أنها خُصت بقوله_عليه الصلاة والسلام_ ((إلا العرايا))، والعرايا كما هو معلوم أن يحتاج إلى تمر رطب يأكله مع أولاده وأسرته مع الناس ولا يكون عنده مايشتري به إلا التمر الباقي من تمر العام الماضي الجاف، فلو باعه ما حصلت له القيمة التي يريد ويشتري بها ما يكفيه ويكفي أولاده، فيقال له: رفقاً به "لك أن تشتري به رطباَ،" وهذا مخصوص من المزابنة .
(1/161)
الربا ثبت تحريمه بالكتاب { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(1) حرم بالكتاب وبالنصوص القطعية في أكثر من آية محرمة خُص بالعرايا، وإن كان فيها ربا إلا أنها مخصصة والحاجة التي يحتاجها من يريد التمر الرطب لولا النص ما أبيح الربا القطعي لمجرد الحاجة لكن النص أجاز العرايا، ولذا لا يقال:" أن كل حاجة تبيح المحرم" وقد تكون بعض الحاجات أشد من حاجة مُريد العرية؛ لكن لا يجوز له أن يتجاوز ما حرم الله عليه إلا بنص، أو ضرورة إذا كان التحريم بنص من الكتاب ومن السنة فلا يبيحه إلا الضرورة على ما ذكرناه مراراً أما ما مُنع باعتباره فرد من أفراد قاعدة عامة مثلا ،أو قاعدة أغلبية ، أو حرم بعمومات لم يُنص عليه بذاته، فمثل هذا من أهل العلم من يرى أن الحاجة تُبيحه ، المزابنة ربا والعرايا ربا ،ربا لعدم التماثل فاستثنائها تخصيص لتحريم الربا، لا هي ربا إذا لم تتحقق المماثلة عدم العلم بالتساوي كالعلم بالتفاضل ، ولم تتحقق في المزابنة ولا في العرايا ،المزابنة باقية على النهي والعرايا مستثناة ، فهي مُخرجة من تحريم الربا.. نعم.
الطالب: " أثابكم الله "قال رحمه الله:
النوعُ الخامسُ: ما خُصَّ به مِن السنَّةِ
وعَزَّ لَمْ يُوْجَدْ سِوَى أَرْبَعَةِ ... كآَيَةِ الأَصْوَافِ أَوْ كَالجِزْيَةِ
والصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا ... والعَامِلِيْنَ ضُمَّهَا إِلَيْهَا
حَدِيثُ مَا أُبِيْنَ في أُولاهَا ... خُصَّ وأَيْضاً خَصَّ ما تَلاهَا
لِقَولِهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلا ... مَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا أَرَدْتُ قَابِلا
وخَصَّتِ البَاقِيَةُ النَّهْيَ عَنِ ... حِلِّ الصَّلاةِ ، والزَّكاةِ لِلْغَنِيْ
...........................................................................................................
__________
(1) سورة (البقرة:275)
(1/162)
النوع الخامس ما خُص به من السنة عكس النوع السابق، النوع السابق الكتاب يأتي عام والسنة مخصصة، النوع الخامس السنة عامة والكتاب مُخصص يقول:
(عزَّ): يعني قَلَّ؛ فلم يُوجد تخصيص السنة في الكتاب.
(سوى أربعة): مواضع فقط، والحصر هذا يحتاج إلى استقراء تام .
وهذه المواضع الأربعة التي زعم الناظم تبعًا لصاحب "النقاية" أنه لايوجد غيرها:
(كآية الأصواف): { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً}(1) تدل: على طهارة هذه الأصواف، وطهارة هذه الأوبار، والأشعار؛ إذ لو لم تكن طاهرة لما أمتن الله_جلّ وعلا_ بها وهذه الآية مُخصصة لعموم حديث ((ما أُبِينَ من حي فهو كميتتهِ))، ما أُبِينَ من حي فهو كميتتهِ، والحديث عند الترمذي وأحمد والحاكم، من طرق كلها ضعيفة حَسَنَهُ بعضهم كالترمذي بمجموع طُرُقِهِ، وله طرق متباينة تدل على أن له أصل ليس بضعيف ضعفا شديد:
_فمنهم من حسنه.
_ومنهم من قال الصواب إرساله كالدارا القرطبي.
المقصود أن هذا الحديث عام مُخصص بالآية { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا}، ومعلوم أن الأصواف تُجزّ والبهيمة حية، وكذلك الأوبار، والأشعار غالبًا كما أنها إذا ذبحت يُجز شعرها أو يبقى على الجلد، المقصود: أنه طاهر بالآية سواء أُخذ منها في حال الحياة، أو بعد مفارقتها للحياة بذبح أو موت، وهذا على أن الصوف حكمه حكم المتصل.
أما إذا قلنا: أن الصوف والظفر أحكامها أحكام المنفصل فلا إشكال، ولا نحتاج إلى مثل هذا؛ لإنها ما أبينت هي في الأصل حكمها حكم المبان المنفصل.
وهذه المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم، و من أراد القاعدة والتمثيل عليها فعليه بقواعد ابن رجب، ذكر هذه القاعد هل الصوف والظفر(الشعر والظفر في حكم المتصل أو في حكم المنفصل) وما يتفرع على ذلك من أحكام ؟ هذا موجود في القواعد لابن رجب.
__________
(1) سورة (النحل:80)
(1/163)
كأنهم يميلون إلى أنها في حكم المنفصل، وأنها لا يتأثر الحيوان بجزّها ولا يشعر بذلك فهي في حكم المنفصل.
أما ما يدخل في الأيمان والنذور من ذلك: فلو حلف ألا يضع يده على بهيمة ووضع يده على شعرها؟ يكون حينئذٍ قد وضع يده على البهيمة.أو حلف لا يمس بهيمة فمس شعرها؟
وقلنا إن الشعر في حكم المنفصل، نقول: ما مس البهيمة؛ لكن مثل هذا المثال يَخرج بكون الأيمان والنذور مَرَدُها إلى الأعراف؛ والعرف: لا شك أنه جارٍ على أن من وضع يده على بهيمة فقد مسها وضع يده عليها، والإمام مالك يرجعه إلى نيته.
......................... ... كآَيَةِ الأَصْوَافِ أَوْ كَالجِزْيَةِ
قال فيما بعد:
حَدِيثُ مَا أُبِيْنَ في أُولاهَا ... ....................
(ماأبين ):خص في أولى هذه الآيات التي هي آية الأصواف.
(أو كالجزية) :
....................... ... .... وأَيْضاً خَصَّ ما تَلاهَا
لِقَولِهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلا ... مَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا أَرَدْتُ قَابِلا
في الحديث عام :((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله))، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله))، خُص من ذلك أهل الكتاب إذا دفعوا الجزية فالحديث عام والآية خاصة{حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }(1) ؛فإذا أعطوا الجزية خرجوا من عموم الحديث، هذا الخلاف بين أهل العلم في كون الجزية خاصة باليهود والنصارى أو هي لهم ولمن لهُ شبهة كتاب كالمجوس أولجميع طوائف الكفر من المشركين وغيرهم على كل حال هذا جارٍ على أن الجزية خاصة بأهل الكتاب .
........................ ... ..................كَالجِزْيَةِ
والصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا ... .......................
__________
(1) سورة(التوبة:29)
(1/164)
في آية البقرة {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}(1) ، {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}، مع ما جاء في النهي عن الصلاة في الأوقات المعروفة الخمسة، فالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى، يُرادُ بالصلوات هنا: الفرائض {صلوات} في الآية: الفرائض ، وأحاديث النهي عامة شاملة للفرائض وغيرها؛ فتخص أحاديث النهي بالفرائض.
(والصلوات حافظوا عليها)، يقول:
(وخصت الباقية): من الآيتين
(النهي عن حلّ الصلاة): فالنهي عن حل الصلاة في أوقات النهي الخمسة مخصوص بالفرائض لقوله _جلّ وعلا_{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ }؛ فتُؤدى في أوقاتها، وإذا نام عن صلاة، أو نسيها فليصليها إذا ذكرها، وهذا من المحافظة عليها ولو كان في وقت نهي.
هذا بالنسبة للفرائض ظاهر (الفرائض ظاهر )، ولم يقل بأن النّهي يتناول الفرائض إلا أبو حنيفة في "إذا انتبه لصلاة الصبح مع بزوغ الشمس" يَقُول: "يُؤخرها حتى ترتفع الشمس، وينتهي وقت النهي" هذا مذهبه؛ لأن النبيّ_عليه الصلاة والسلام_ لما ناموا عن صلاة الصبح أمرهم بالانتقال من المكان _الوادي_ الذي ناموا فيه، يقول الحنفية: من أجل أن يرتفع وقت النهي ترتفع الشمس، ويزول وقت النّهي. والصواب: أن الشمس قد ارتفعت قبل أن يستيقظوا، وزال وقت النّهي قبل استيقاظهم؛ لأنه لم يوقظهم إلا حرّ الشمس، والشمس لا يصير لها حرّ إلا إذا ارتفعت كما هو معلوم.
المقصود: أن الفرائض مستثناة من النهي عن الصلاة في الأوقات، أما ما عدا الفرائض فالنهي يتناوله على خلاف بين أهل العلم في ذوات الأسباب: هل تُفعل في أوقات النّهي أو لا تفعل؟
الذي يهمنا من الأمثلة: تخصيص أحاديث النّهي بقوله _جلّ وعلا{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}؛ لأن هذا من مباحث الكتاب.
من باب الاستطراد أن نعرض غير هذه الآية فجاء في الباب أحاديث النّهي:
__________
(1) سورة (البقرة:238)
(1/165)
_ النّهي عن الصلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس.
_ والنهي عن الصلاة بعد العصر بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
_ وحديث عقبة بن عامر:" ثلاث ساعات كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ينهانا أن نصلي فيهنّ، وأن نقبر فيهنّ موتانا".
_ مع ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)).
_ ومع الصلاة بعد الوضوء في حديث بلال .
_ وأدلةٌ أخرى كلها ((يابني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف وصلّى بهذا البيت في أية ساعة شاء من ليلٍ أو نهار)).
والمقصود: أن هناك صلوات لها أسباب تَتَعارض أحاديثها مع أحاديث النهي فالجمهور: "الحنفية، والمالكية، والحنابلة":
على أن أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النّهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مُقدم على العام ""فلا يُفعل في الأوقات الخمسة شيء من النوافل ولو كان له سبب""؛ لأن الخاص مقدم على العام.
الشافعية: يعكسون، يعكسون فيقولون: أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات التي جاء ذكرها، والخاص مُقدم على العام.
وليس قول أحدى الطائفتين بأوّلى بالقبول من قول الطائفة الأخرى؛ فهما مستويان، وبين هذه النصوص العموم والخصوص الوجهي، وليس العموم والخصوص المطلق كما يدّعيه كل فريق، كل فريق يرى أن أحادِيثه خاصة، وأحاديث خصمه عامة، والخاص مقدم على العام؛ لكن من خلال النظر في نصوص الفريقين كَلامُهم كله صحيح فأحاديث النّهي عامة في جميع الصلوات خاصة في هذه الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات خاصة بهذه الصلوات، فالعموم والخصوص وجهين ونحتاج إلى مُرجح خارجي، والمسألة يطول شرحها؛ لكن المرجح عندي:
_ أن الوقتين الموسعين لا مانع من الصلاة فيهما لذوات الأسباب؛ لأن النّهي عن الصلاة في هذين الوقتين من باب نهي الوسائل لإن لا يَستمر يصلي حتى يأتي الوقت المضيق.
(1/166)
_ أما الوقت المضيق فالنهي فيها أشد ولا يقتصر النهي على الصلاة، بل يتناول ذلك إلى دفن الأموات لأن لا يُحتاج إلى الصلاة فالمسألة فيها أشد، وسبب النهي: تَعلق الكفار بطلوع الشمس وغروبها، ولا يمكن أن يُتَعلق بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر لإن الطلوع والغروب بقي عليه وقت طويل، ويبقى أنه نهي نهي وسيلة لأن لا يستمر الإنسان يصلي إلى أن يضيق الوقت كما قال "ابن عبد البر، وابن رجب وغيرهما".
والمسألة طويلة الذيول وبُحثت مناسبات كثيرة .
والصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا ... والعَامِلِيْنَ ضُمَّهَا إِلَيْهَا
لأن في حديث:((إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها))، مع حديث:((لاتحل الصدقة لغني ))، ((لاتحل الصدقة لغني ))، غني: نكرة في سياق النفي؛ فتشمل كلّ غني ، والعامل عليها يستحق الزكاة يستحق شيئا من الزكاة بالنص بالآية { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ }(1)، فهو مخصوص من عموم الحديث، هذا ما يُرِيُده المؤلف من هذه الأمثلة يقول:
وعَزَّ لَمْ يُوْجَدْ سِوَى أَرْبَعَةِ ... كآَيَةِ الأَصْوَافِ أَوْ كَالجِزْيَةِ
آية الأصواف: خصةَ حديث ((ما أبين من حي فهو كميتته)).
أو كالجزيةِ: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } خصت حديث: ((أمرت أن أقتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)).
والصلوات حافظوا عليها: خصت أحاديث النّهي عن الصلوات في الأوقات الخمسة.
_والصلوات حافظوا عليها_ والعاملين ضمها إليها: خصت حديث:(( لا تحلوا الصدقة لغني)).
حديث (ما أبين في أوّلاها) :يعني آية الأصواف خُص، وأيضاً خَص ما تلاها لقوله "أمرت أن أقاتل "للإطلاق" من لم يكن لما أردت من النطق بالشهادتين قابلا، وخصت الباقية من الآيتين النهي عنِ (حل الصلاة والزكاة للغني ) الأمثلة ظاهرة إن شاء الله تعالى.
نعم ( أثابكم الله) قال رحمه الله:
النوع السادس :المُجْمَلُ
__________
(1) سورة (النساء:6)
(1/167)
مَا لَمْ يَكُنْ بِوَاضحِ الدَّلالَةِ ... كالقُرْءِ إِذْ بَيَانُهُ بالسنّة(1)
...........................................................................................................
يقول الناظم _رحمه الله تعالى_ في النوع السادس المجمل:
(المجمل): الذي لم تتضح دلالته على معناه بمفرده؛ فمثلا الأمر في قوله _جل وعلا{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ}، لو لم يَرد في الصلاة إلا هذا النص كيف نصلي ؟
اللفظ مُجمل بُيِّن بفعله _صلى الله عليه وسلم_ وبقوله ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وبقوله في جميع أجزاء الصلاة جاءت فيها النصوص بقوله وفعله. فتم بيانه،ومن ذلك الحج ولله على الناس حج البيت، طيب كيف يحج الناس؟ لولا لم يكن إلا هذه الآية لما استطاع الناس التطبيق لكنّه بُين بفعله_عليه الصلاة والسلام_ بقوله في أحكام المناسك، وبقوله أيضاً ((خذوا عني مناسككم)).
اختلف في وقوع المجمل في القرآن:
_ فالجمهور على أنه واقع، خلافا لداوود الظاهري، والواقع يَرُد قول داوود؛ فالآيات والنصوص المُجملة جاء بيانها، وقد يتأخر بيانها، يأتي النص المجمل ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، أما تأخير البيان عن وقت الحاجة فهذا لا يجوز هند أهل العلم، ولا يُظن أنما يتأخر البيان إلى وقت الحاجة.
(ما لم يكن بواضح الدلالة): أن لا تتضح الدلالة على معناه، يعني لفظٌ لم يكن واضح الدلالة لسبب من الأسباب؛ كالاشتراك مثلا ،الإشتراك الذي تقدم القُرّء مُجمل لأنه: يحتمل أكثر من وجه، ودلالتهُ على الحيض ليست بأوضح _يعني دلالتة على الحيض ليست بأوضح من دلالته على الطهر_.
فمن الأسباب التي تسبب الإجمال:
_الاشتراك في اللفظ مثلا.
__________
(1) في المتن الذي اعتنى به الشيخ الشهري(كالقُرْءِ إِذْ بَيَانُهُ بالآية).
(1/168)
_ومن أسبابه الحذف: { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ }(1)، { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ }، أن وما دخلت عليه تؤول بمصدر "ترغبون نكاحهن"؛ لكن ترغبون فيه أو عنه ؟
حُذف الحرف فاحتمل الأمرين،
_ومنها احتمال العطف والاستئناف:{ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ }(2)، فالواو هذه مُحتمله لأن :
*تكون عاطفة :{ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ }، وحينئذٍِ يكون { وَالرَّاسِخُونَ } عالمين بتأويل المتشابه.
*وإذا قلنا أنها استئنافية والوقف على لفظ الجلالة قلنا: أنه علم متشابه خاص بالله تعالى ولا يعلمه أحد، وأما وظيفة الراسخين هي قول {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا}.
هذا محتمل للعطف، والاستئناف؛ فوقع بسببه الإجمال .
مَا لَمْ يَكُنْ بِوَاضحِ الدَّلالَةِ ... كالقُرْءِ ..............
لفظ مشترك بين الحيض والطهر،[بين الحيض والطهر]:
# أحمد وأبو حنيفة يقولون المراد به الحيض .
#الحنابلة والحنفية يقولون المراد الحيض.
# والمالكية والشافعية يقولون المراد الطهر .
دليل الحنابلة والحنفية في الحديث الصحيح ((دعي الصلاة أيام أقراءكِ ))، يعني أيام طهرك دعي الصلاة ولا أيام حيضكِ؟ أيام حيضك، وهذا من أصرح الأدلة.
دليل المالكية والشافعية على أن المراد بالحيض الطهر: أن ابن عمر طلق زوجته وهي حائض فجاء في الحديث ((مُرّهُ فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم ليطلقها)) وش وجه الدلالة ؟
__________
(1) سورة (النساء:127)
(2) سورة (آل عمران:7)
(1/169)
فتلك العدة التي أمر الله أن تُطلق لها النساء، وجه الدلالة: { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }(1)، { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }، وش وجه الدلالة ؟ مازالت الدلالة فيها غموض، نعم ... أنّها طاهرة، نعم....يعني عدتها قبل الطلاق وإلا بعدَ ؟ نعم.. مستقبلاً، يعني لا نفهم مثل ما فهم بعض من علّق على بعض الكتب وقال النص_ يعني حديث ابن عمر_ لما كانت العدةُ قبل الطلاق، وابتداء العدّة يبدأ من الطُهر،طيب وش أثره على القروء؟ {لعدتهنّ} يعني: طاهرات، {لعدتهن} :والعدة :ثلاثة قروء،العدة: ثلاثة قروء، ثلاثة قروء؛ {ولعدتهن} :يعني طاهرات، {فعدتهنّ} هي:الأطهار؛ لكن هل هذا من الوضوح والبيان مثل وضوح ((دع الصلاة أيام أقراءك))، لا ليس مثله، ويتعذر الجمع بين حديث ابن عمر وحديث ((دع الصلاة ))، قال بعضهم إذا جُمع على "أقراء": فهو الحيض، وإذا جمع على "قرووء": فهي الأطهار.
نعم..قروء إذا الأطهار ، و((دعي الصلاة أيام أقراءكِ)): الحيض،[ الحيض نعم]؛ لكن هل لتأثير الجمع أو لختلاف الجمع تأثير على الحكم ؟
نعم قد يكون تأثير من حيث القلة، والكثرة؛ لأن هناك جموع قلة وجموع كثرة؛ لكن القرّء هو القرّء ، يعني كيف نحكم على لفظٍ واحد أنه إذ جُمع جَمعه على كذا يُفيد كذا، وجمعه على كذا يفيد كذا!
طالب يسأل:..........
الشيخ: حتى تطهر، هي حائض الآن، ثم تحيض ثم تطهر، لا ما في تحيض؛ لأنّه لو بخليها تحيض كان الطلاق الأوّل صحيح، في خفاء يعني فيه خفاء، الاستدلال فيه خفاء.
الشيخ: لا، هو أحدهما هو لفظ مُشترك بينهما، ما فيه اشكال.
الشيخ يجيب على طالب: لا، هو ضُّعف بالنسبة لحديث ابن عمر، يعني أضعف منه، ولا كِلاهُما صحيح، لا كِلاهُما ما فيه إشكال_إن شاء الله_.
لو طلقت في حيض؟
نعم طلاق ليس عليه الأمر، ليس عليه أمرًا فهو ردّ _يعني مردود_ الطلاق في الحيض، ليس عليه الأمر الشرعي وحينئذٍ يكون مردوداً.
__________
(1) سورة (الطلاق:1)
(1/170)
الذي يوقع الطلاق في الحيض من جماهير أهل العلم: نعم، يقول عاصم والطلاق واقع، نعم بدليل: ما جاء عن ابن عمر أنها حُسبت عليه ((يطلقها بطهر لم يجامعها فيه))؛ حتى في اللغة، في اللغة ما يدل على إطلاقه: على الطهر وعلى الحيض، وأحدهما أرجح لشافعي والمالكي،لا... هو على الطهر أظهر وبه أرجح.
هذا إجمال القرّء إجمال سببه الاشتراك ويُبَيّن في النصوص وكلٌ على مذهبه:
* منهم من قال بَيّنه حديث ابن عمر فالمراد به الطهر.
* ومنهم من قال ما بينه حديث " دع الصلاة ".
........................ ... ..........إِذْ بَيَانُهُ بالسنّة
والسنة مبينة للقرآن وظيفة النبي_عليه الصلاة والسلام_ { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }(1) تبين القرآن، فالسنة مبينة للقرآن، وشارحه له مفسرة له .
النوعُ السابعُ : المُؤَوَّلُ
عَنْ ظَاهِرٍ مَا بِالدَّلِيلِ نُزِلا ... كاليَدِ للهِ هُوَ الَّلذْ أُوِّلا
...........................................................................................................
النوع السابع المؤول.
عندنا نص وظاهر و مؤول، [نص وظاهر و مؤول]:
_ النص الذي لا يحتمل، فالنص الذي لايحتمل يسميه أهل العلم: نص لظهوره أخذًا من منصة العروس لظهورها.
_ والذي يحتمل أمرين أحدهما أرجح من الآخر:
*فالراجح هو الظاهر.
*والمرجوح هو المؤول .
والأصل العمل بالراجح إلا إذا وجد ما يمنع من العمل به، إذا وجد ما يمنع من العمل بالظاهر يُرجع إلى المؤول .
(عن ظاهر): جار ومجرور متعلق بـ(نُزِلَ).
(عن ظاهر ما ) :يعني لفظ بالدليل القطعي.
(نُزِلَ): إطلاق أي تُرك .
عَنْ ظَاهِرٍ مَا بِالدَّلِيلِ نُزِلا ... ......................
__________
(1) سورة (النحل:44)
(1/171)
يعني تُرك، يُترك الظاهر المنصوص عليه بالدليل القطعي، والنزول والتنازل: هو الترك، تقول :"نزلت عن حقي" إذا تركتَهُ، تقول "نزلتُ عن حقي" إذا تركتَهُ ، "نزلتُ عن دينِ على فلان" إذا تركتهُ وعفيتهُ منهُ، فأن تترك الظاهر إلى المؤول تترك الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لوجود قرينة تمنع من إرادة الاحتمال الراجح، وهم على مذهبهم في نفي الصفات لأنّهم جَروا على مذهب الأشعرية ناظم ينظم النُّقاية، والنُّقاية للسيوطي وهو أشعري
......................... ... كاليَدِ للهِ هُوَ الَّلذْ أُوِّلا
اليد الوردة في النصوص الكتاب والسنة الظاهر منها أنها اليد الحقيقة، وتأويل اليد بالنعمة أو بالقدرة هذا غير الظاهر؛ لكن هم يقولون منعَ من إرادة الظاهر "خشية التشبيه"، فهم من باب تنزيههم لله _جل وعلا_ ينفون عنه الظاهر، ويثبتون المؤول، ينفون الراجح ويثبتون المرجوح، تمسكاً بالتنزيه؛ لكن هم قبل أن عطَلُوا، وقبل أن أوّلُو، مَرُوا بمرحلة قبل هذه وهي إِش؟
التشبة شبهُوا أولاً، ثم عطلوا لما تبدارت أذهانهم إلى التشبة عطَلُوها بعد هذا، وإلا لوقالوا سمعنا وأطعنا الله _جل وعلا_ يثبت لنفسهِ يد، يثبت لنفسهِ سمع وبصر، فنثبتهُ على مايليق بجلاله وعظمته لانحتاج إلى أكثر من هذا، والمعاني معروفه والكيفيات مجهولة، كماجاء عن أم سلمة و عن مالك "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنهُ بدعة".
فالذي منعهم من إرادة... حمل اللفظ على ظاهرهِ توهم التشبه فمنعهم من إرادة الظاهر ولا تشبية فلكلٍ ما يليق به فإذا أثبتنا لله _جل وعلا_ وجه فإننا نثبتهُ على ما يلق بجلالة وعظمته، وإذا نظرنا إلى المخلوقات ولها وجوه هل يستطع شخص أن ينفي أن للإنسان وجهًا؟
(1/172)
لا هل يستطيع الإنسان أن ينفي أن للجمل وجه، أو للحمار وجه، أو للقرد وجه، أو للذئب وجه، أو للخنزير وجه، هذه مخلوقات ولها وجوه حقيقة؛ ولكن هل وجه الإنسان مثل وجه الذئب أو مثل وجه القرد أو مثل وجه الحمار؟ أبداً، وإذا كان هذا التفاوت موجود بين المخلوقات المشتركة بالضعف فكيف بالخالق؟ فكيف ما بين بالنسبه بين للمخلوق والخالق؟
لا نسبه ولامشابه فلكلٍ ما يليق به .
......................... ... كاليَدِ للهِ هُوَ الَّلذْ أُوِّلا
لُغة في الذي تعرضنا لها سابقاً، مرة بنا وقلنا ان ابن مالك استعملها :
صوغ من مصوغِ منهُ للتعجبِ ... أفعلَ تفضيللٍ وأبى الذ ابُي
طيب، ماجاء من النصوص في ما يتعلق بالله _جل وعلا_ النصوص الصحيحه، واعتمدهُ سلف هذه الأمة، لا محيد عن إثباتهِ فكل خير في إتباع ماسلف؛ لكن النصوص المُحتَمِله والتي لم يتفق على معناها سلف الأمة، هذه للخلف منُدوحَه؛ لأنهم:
_وإن قالوا بالقول فقد سُبقوا.
_وإن قالوا بضده فقد سُوقُوا.
لكن لما يتفق عليه سلف هذه الأمة نحن مطالبون بفهم النصوص على فَهمِهم.
قد يقول قائل أنتم أَوَّلتُم المعيه بالعلم، نقول كذلك؛ لإن السلف أوَّلو المعيه بالعلم اللازم الذي من أجلهِ أوَّلُوها بالعلم، ثم يقول كمبتدع اللازم الذي يَلزم على المعيه قد يلزم نظرهُ في إثبات اليد؟
نقول:
1. لايلزم نظرهُ لأن اللازم منفي بنصوص، فلا تلازم بينهما.
2.والأمر الثاني أننا ننتبع من عاصر التنزيل وخالطَ النبى _عليه الصلاة والسلام_ وفهم مقاصد الشريعة.
نعم.... أمثلة على المؤول، عندنا ظاهر وعندنا مؤول، من يذكر لنا مثال؟
(1/173)
{ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ }(1)، {إذا قمتم} ظاهرهُ أننا إذا أردنا أن نُكبر تكبرة الأحرام، وقمنا إلى الصلاة، ومثلنا بين يدي الله في الصف، قبل تكبيرة الإحرام نتوضأ هذا الأصل في الفعل، نعم .... لِيكون القيام _لأنه فعل ماضي_ قبل القيام الذي هو للصلاة قبل وجود الوضوء، ثم بعد ذلك نتوضأ.
ومثلها {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ}(2)، ظاهر اللفظ والفعل ماضي أن القراءة مُتقدمة على الاستعاذة، ويقول بهذا بعض أهل الظاهر لكن هذا الظاهر دلت الأدلة على أنه غير مُراد؛ فالماضي يُطلق ويراد به حقيقته فالفعل في الزمان الماضي _وهذا هو الغالب_، ويطلق ويُراد به الشروع "يعني يطلق ويراد به الفراغ من الفعل" جاء زيد _جاء وانتهى_
*يطلق ويراد به الشروع.
*ويطلق ويراد به الإرادة.
"إذا قرأت القرآن"، "إذا كبر فكبروا" يعني إذا فرغ من التكبير.
"إذا ركع فاركعوا" يعني إذا شرع في الركوع فاركعوا، اللفظ حقيقة لكنها حقيقة شرعية من غير التزام باللازم، والمسألة خلافية بين سلف هذه الأمة وكثير منهم أوَّلها بالعلم .
الذي فيه خلاف بين سلف هذه الأمة للمخالف مَندُوح الإشكال فيما يتفقون عليه مثل مثلا: "الاستهزاء، المكر، الخديعة، نسوا الله فنسيهم، الهرولة كلّها مختلف فيما بينهم، الساق؛ فالذي فيه خلاف بينهم يكون فيه سعة أما الذي يتفقون عليه ما فيه إشكال،لا يجوز بحال أن يُخالف.
النوع الثامن : المفهوم
مُوافِقٌ مَنْطُوقَهُ كأُفِّ ... ومِنْهُ ذُو تَخَالُفٍ في الوَصْفِ
ومِثْلُ ذَا شَرْطٌ وغَايَةٌ عَدَدْ ... وَنَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
والشَّرْطُ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلِ ... وغَايَةٌ جَاءَتْ بِنَفْيِ حِلِّ
لِزَوْجِهَا قَبْلَ نِكَاحِ غَيْرِهِ ... وَكالثَّمَانِينَ لِعَدٍّ أَجْرِهِ
__________
(1) سورة (المائدة:6)
(2) سورة (النحل:98)
(1/174)
...........................................................................................................
نعم، ( أثابكم الله قال رحمه الله : النوع الثامن المفهوم، موافق منطوقه كأفِ، ومنه ذو تخالف في الوصف ، ومثل ذا شرط و غاية عدد، ونبأ الفاسق للوصف ورد ، والشرط أن كن أولات حملِ، وغاية جاءت بنفي حلِ، لزوجها غير نكاح غيره، وكالثامنين لعد أجره )
يقول المؤلف _رحمه الله تعالى_ في النوع الثامن المفهوم.
(المفهوم): يقال له المنطوق ، والمنطوق لم يذكره الناظم نظرا لأنه هو الأصل ودلالة اللفظ محل نطقه وأما المفهوم فدلالة اللفظ لا في محل نطقه فيُحتاج إلى ذكره لأنه خلاف الأصل، الأصل دلالة الحروف على معانيها.
يقول الناظم _رحمه الله تعالى_ :
مُوافِقٌ مَنْطُوقَهُ ...... ... ......................
(موافقٌ منطوقة):موافقٌ _بالتنوين_منطوقة، أي: ما يوافق حكمه حكم المنطوق .
يعني عندنا منطوق، وعندنا له مفهوم موافقة، وعندنا له مفهوم مخالفة .
"مفهوم موافقة": إذا كان حكم المفهوم موافق لحكم المنطوق.
"ومفهوم المخالفة": إذا كان حكم المفهوم مخالف لحكم المنطوق.
فمثلا :المثال الذي ذكره موافق منطوقة ؟ هذا مفهوم الموافقة (كأفِ ) ،يعني لو وجد شيء أقل من التأفيف أقل أدنى من التأفيف لقلنا التأفيف حرام فما دونه مفهومه أنه حلال ما دونه لو تصور أن هناك شيء أقلّ من التأفيف مع أنه لا يتصور؛ لأنه لا يسمع من التأفيف إلا حرف الفاء مع الهمزة والهمزة قد.. ؛لكن الذي يسمع في الغالب الفاء، والذي دونه لايسمع منه شيء ، الذي لا يسمع منه شيء هذا حديث نفس _ما في شيء_ معفو عنه، فليس له مفهوم مخالفة، له مفهوم موافقة الذي أعلى منه كالكلام الذي هو أشدّ من التأفيف فضلا عن الفعل "الضرب، والقتل" وما أشبه ذلك فهذا له مفهوم موافقة وليس له مفهوم مخالفة.
(موافق منطوقة) يعني في الحكم كأفِ.
(ومنه): أي المفهوم.
(1/175)
(ذو تخالفٍ): يعني مخالف لحكم المنطوق، مخالف له في أمور:
1.في الوصف
2.والشرط
3.والغاية
4.والعدد
فهناك مفهوم المخالفة وتكون هذه المخالفة في الشرط ويسمى "مفهوم الشرط" و"مفهوم الوصف" و"مفهوم الغاية" و"مفهوم العدد"
.................... ... ومِنْهُ ذُو تَخَالُفٍ في الوَصْفِ
(ومنه ذا شرط): يعني "مفهوم الشرط ".
(وغاية) يعني "مفهوم الغاية".
(وعدد): "مفهوم العدد".
الأمثلة على ذلك:
_ مفهوم الوصف
................... ... وَنَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
{إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، هذا وصف، الوصف بالفسق له مفهوم، مفهومه أنه إذا كان عدل فإننا لا نحتاج إلى التبين والتثبت، إذا كان عدلاً ليس بفاسق {اشهدوا ذوي عدل منكم ممن ترضون من الشهداء}، المقصود إنّه إذا انتفى الوصف الذي هو الفسق انتفى حكمهُ من باب الاستدلال بالمفهوم.
ومِثْلُ ذَا شَرْطٌ وغَايَةٌ عَدَدْ ... وَنَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
يعني ورد مثالاً للوصف.
(والشرط): يعني "مفهوم الشرط" الذي تقدم ذكره {فإن كن أولات حملٍ}، فاتفقوا على أن ذات الحمل ينفق عليها هذا شرط، {فإن كن أولات حملٍ فأنفقوا عليهن}، {فإن كن أولات حمل} هذا شرط فالنفقة مشروطة بوجود الحمل، مفهومه أنه إذ لم تكن ذات حمل فلا نفقة لها لأنّ النفقة مشروطة بوجود الحمل، {فإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}، وهذا يصلح لمفهوم الشرط ومفهوم الغاية نعم...... على ماسيأتي، ولذا يقول أهل العلم:" أن النفقة للحمل نفسه لا لها من أجله"، فالنفقة مرتبطة بالحمل.
.............................. ... وغَايَةٌ جَاءَتْ بِنَفْيِ حِلِّ
(و غاية): يعني "مفهوم الغاية"
(1/176)
(جاءت بنفي حلِ): لزوجها أي المطلق ثلاثا قبل نكاح غيره لها فتحرم على مطلقها ثلاثا إلى غاية هذه الغاية: "حتى تنكح زوجا غيره " هذه الغاية، وأيضا من مفهوم الغاية {حتى يضعن حملهنّ}، فهذا مفهوم الغاية، هناك غاية لا يدركها جميع الناس فعندنا الجزية حكم شرعي لكنها مُغياة بغاية؛ وهي نزول المسيح حيث يضع الجزية فالحكم ساري إلى نزول المسيح، المقصود أن مفهوم الغاية معروف عند أهل العلم وهذه من أمثلته .
"مفهوم العدد" الذي هو تمام الأقسام كالثامنين {فأجلدوه ثمانين جلده} في حدّ الفرية، وفي حدّ الخمر، ومائة جلدة في حدّ الزنا بالنسبة للبكر، هذه أعداد لها مفهوم، وش معنى مفهوم؟
(1/177)
أنه لايزاد منها ولا ينقص، أعداد لها مفهوم بمعنى: أنه لا يزاد عليها ولا ينقص، {فاجلدوه ثمانين جلده} فلا يجوز واحد وثمانين، ولايجوز تسعة وسبعون، فالعدد له مفهوم، كثيرا ما نسمع في توجيه بعض الأحاديث أوبعض الآيات: أن العدد لا مفهوم له؛ لكن ليس على إطلاقه، العدد في ما الحديث بصدده لا مفهوم له، فلو جاءنا من يقول: "أنه يستغفر للمشرك واحد وسبعين مرّة لإن الله جل _وعلا_ يقول{استغفر لهم أولا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} يقول لو استغفرت واحد وسبعين العدد له مفهوم فلو زدت على ذلك خرجت من الحكم، نقول لا العدد لا مفهوم له، المسألة تحكم ولا بأدلة ؟ بأدلة متى يُلغى المفهوم وهذا ليس خاص بمفهوم العدد كل المفهومات هذه إذا عُورِضت بمنطوقات أقوى منها تُلغى المفاهيم، فهذا مُعارض بنص منطوق مُعارض لهذا العدد؛ لأن من مُقتضى الاستغفار طلب المغفرة والله _جل وعلا_ {لا يغفر أن يشرك به} فلا يغفر له ولو استغفر له ملايين المرات؛ لأن هذا المفهوم مُعارض، قد يُلغى المفهوم وهو غير عدد؛ لأنه يسهل على من ينتسب إلى العلم من طلاب العلم أن يقول:عدد لا مفهوم له لأنه يسمع هذه الكلمة، لكنه لا مفهوم له في المسألة التي تبحث لِوجود ما يعارض المفهوم من منطوق، _مفهوم المخالفة لو عورض بمنطوق في غير العدد أُلغي المفهوم_ ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) منطوقهُ هكذا ((إذا بلغ الماء القلتين فإنه لا يحمل الخبث)) معناه: أنه يدفع الخبث عن نفسه، مفهوم الموافقة: إذا بلغ ثلاث قلال أربع قلال فإنه لا يحمل الخبث، ولأنه يدفع من باب أولى، مفهوم المخالفة: إذا كان قلة واحدة أو دون القلتين فإنه يعجز عن حمل الخبث، فيتنجس هذا مفهومه؛ لكن هذا المفهوم معارض بمنطوق ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء))، مع الاستثناء إلا ما غلب على لونه أو طعمه وريحه مع ماقيل فيه من ضعف؛ لكن الحكم متفق عليه .
(1/178)
"العدد" العدد مُعتبر فمثلا ما جاء في الأعداد في الحدود يمكن أن يزاد فيها أو ينقص ؟ لا يمكن أن يُزاد لكن إذا عورض هذا العدد مفهومة بمنطوق أقوى منه عرف ان لا مفهوم له، أو وجد من أجل التوفيق بين النصوص قلنا هذا العدد لا مفهوم له، مثل ما جاء في صلاة الفذ ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين)) وفي رواية حديث ابن عمر ((بسبع وعشرين))، قالوا: العدد لا مفهوم له، إنما يراد بذلك الترغيب في صلاة الجماعة، مع أنه حُمل على أوجه صحيحه، ويقال السبع والعشرين لمن صلى بالمسجد ولكن من صلى في غيره الخمس والعشرين أو السبع والعشرين لمدرك الصلاة من أولها والخمس والعشرين لمدرك بعضها أو السبع والعشرين للبعيد عن المسجد والخمس والعشرين للقريب أقوال كثيرة لأهل العلم.
والمقصود أن العدد له مفهوم هذا الأصل لأنه كلام يُعقل معناه وله مايزيد عليه وما ينقص عنه، وليس بالمراد للمتكلم، نعم...
الطالب:أثابكم الله، قال _رحمه الله_:
التاسع والعاشر: المُطْلَقُ والمُقَيَّدُ
وَحَمْلُ مُطْلَقٍ على الضِدِّ إِذا ... أَمْكَنَ فَالحُكْمُ لَهُ قَدْ أُخِذَا
كالقَتْلِ ، والظِّهَارِ حَيْثُ قَيَّدَتْ ... أُولاهُمَا مُؤْمِنَةٌ إِذْ وَرَدَتْ
وحَيْثُ لا يُمْكِنُ كالقَضاءِ في ... شَهْرِ الصِّيَامِ حُكْمَهُ لا تَقْتَفِي
...........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى: في النوع التاسع والعاشر: المطلق والمقيد
وذكر الأمرين للحاجة إلى بيانهما، ولم يذكر المنطوق؛ لأنه لا يحتاج إلى بيان، فالمطلق يحتاج إلى بيان، والمقيد يحتاج إلى بيان.
(والمطلق): هو اللفظ الدّال على الماهية بلا قيد، اللفظ الدّال على الماهية بلا قيد.
(والمقيد): ضدّه و هو ما دّل على جزء من أجزاء الماهية. يقول:
وحمل مطلق على الضدِّ
(الضد): هو إيش؟
(1/179)
المقيد، حملُ مطلق على الضدِّ، يعني على المقيد إذا أمكن ذلك الحمل.
(والحكم): حينئذٍ يكون الحكم له أي للمقيد، يعني مثل إذا وُجد التعارض بين العموم والخصوص الحكم للخاص، وهنا إذا أمكن حمل المطلق على المقيد صار الحكم للمقيد.
(قد أخذا): الألف هنا للإطلاق، (قد أخذا): مبني للمجهول.
فلا يبقى المطلق على إطلاقه، بل يبقى الحكم للمقيد، ثم مَثل:
(كالقتل): يعني ككفارة القتل، وكفارة الظهار ،كفارة القتل مقيدة بكونها مؤمنة، كفارة القتل مقيدة بكونها مؤمنة، وكفارة الظهار مطلقة، فقالوا: يُحمل المطلق على المقيد في جميع الكفارات؛ لأنه جاء تقييدها في كفارة القتل وحينئذٍ يُحمل المطلق على المقيد للاتفاق في الحكم ووجوب العتاق وإن اختلف السبب؛ فالسبب قتل، والسبب للكفارة الثانية ظهار، والسبب للكفارة الثالثة جماع، والسبب في الكفارة الرابعة يمين وهكذا، الاسباب مختلفة والحكم واحد
كالقَتْلِ ، والظِّهَارِ .......... ... .....................
(قَيدت): بنائب الفاعل.
(أوّلاهما):كفارة القتل .
(مؤمنة إذ وردت): مؤمنةٌ برفع فاعل، قَيدت إذ وردت {تحرير رقبة مؤمنة}، وفي الحديث لما سأل الجارية واختبرها ((من أنا؟) قالت: رسول الله، (أين الله؟)، قالت: في السماء (قال أعتقها فإنها مؤمنة)) ، يدّل على أن غير المؤمنة لا تُجزيء في عتق الرقبة، وعلى هذا الجمهور، والحنفية يقولون: لا يلزم حمل المطلق على المقيد هنا، وإذا أردنا أن نفصل ونُبين وجهة نظر الحنفية، يعني في جميع الكفارات ما ذكر القيد و في كفارة القتل فقط كرر كم مرة؟
(1/180)
في رواية واحدة {فتحرير رقبة مؤمنة}، يدّل على أن القتل له شأن،نعم... وتَسبب في اعدام نفس مؤمنة تعبد الله_جلّ وعلا_ فيُعتق فكأنّه أوجد مكان النفس المؤمنة التي قتلها نفس مؤمنة تعبد الله _جلّ وعلا_ بحرّية يعني هذا مما يُلمح من مذهب الحنفية، وإن كان بعضهم يرى أن الآية تشمل: قتل المسلم والكافر على أن الذي يظهر من آيتي النساء، أن الأولى... أن كِلاهما في قتل المسلم، الأولى في قتل الخطأ، والثانية في قتل العمد.
كالقَتْلِ ، والظِّهَارِ حَيْثُ قَيَّدَتْ ... أُولاهُمَا مُؤْمِنَةٌ إِذْ وَرَدَتْ
وحَيْثُ لا يُمْكِنُ كالقَضاءِ في ... شَهْرِ الصِّيَامِ ..........
نأتي إلى المطلق والمقيد وصور الحمل، وما يحمل فيه المطلق على المقيد ، المطلق مع المقيد لا يخلو من أربع صور:
1.الاتحاد في الحكم والسبب: وهنا يحمل المطلق والمقيد بالاتفاق.
2.الاختلاف في الحكم والسبب: وهنا لا يحمل المطلق على المقيد.
3. اتفاق في الحكم دون السبب: والحمل فيه عند الجمهور.
4. والاتفاق في السبب دون الحكم.
وعدم الحمل هو قول الجمهور وذكرنا أن الصور أربعة . مايتفق فيه الحكم مع السبب ،ما يتفقان فيه في الحكم والسبب، وما يختلفان فيه حكما وسببا، وما يتفقان في الحكم دون السبب، والعكس.
(1/181)
فإذا اتفقا في الحكم والسبب يعني :المطلق والمقيد فالحمل في هذه الصورة شبة اتفاق شبه إجماع، وذلكم كالدم في قول الله _جلّ وعلا_ {حرمت عليكم الميتة والدم} ،هذا مطلق، وفي قوله _جلّ وعلا_{لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا} هذا مقيد لكونه مسفوح ،فيحمل المطلق على المقيد فالذي يَحرم الدم المسفوح أما ما يبقى في ثنايا اللحم أو في العروق أوما أشبه ذلك فلا، هذا مايتفقان فيه في الحكم والسبب، وأما ما يخلتفان فيه في الحكم والسبب فلا حمل للمطلق على المقيد اتفاقا، فاليد في آية الوضوء مقيدة {وأيديكم إلى المرافق}، وفي آية السرقة مطلقة {فاقطعوا أيديهما} مطلقة، والحكم مختلف هذا قطع وهذا غسل، والسبب مختلف: هذا حدث، وهذا سرقة؛ فلا يحمل المطلق على المقيد فيقال تقطع اليدّ من المرفق .
الصورة الثالثة: اتفاقهما في الحكم دون السبب: مثل الكفارة، كفارة القتل، كفارة الظهار الحكم واحد كله في وجوب العتق في الأمرين والسبب مختلف هذا قتل، وهذا ظهار؛ فيحمل المطلق على المقيد عند الجمهور والحنفية لم يحملوا المطلق في كفارة الظهار على المقيد في كفارة القتل.
العكس إذا اتفقا في السبب دون الحكم: لا يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور وذلكم كاليد في آية الوضوء مقيدة بالمرافق وفي آية التيمم مطلقة، السبب واحد حدث لكن الحكم مختلف هذا غسل وهذا مسح ولذا الأكثر على أنه لا يحمل المطلق على المقيد.
بعد هذا يقول الناظم_رحمه الله_:
(وحيث لا يمكن): يعني حمل المطلق على المقيد.
(1/182)
(كالقضاء فيه شهر الصيام): يعني من أفطر {من كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}، يعني فأفطر فالواجب عليه عدّة لم يذكر فيها ولا يفهم من الآية أن هذه العدة تُقضى على الترتيبن وعلى التوالي تكون متوالية و متتالية، وليس فيها ما يمنع من ذلك والحمل هنا الإطلاق واحد، والتقييد في الصيام مختلف جاء تقييد الصيام بالتتابع {فصيام شهرين متتابعين}، وجاء تقييد الصيام بالتفريق فالتقييد بالتفريق في صوم التمتع: ماذا قال؟ {ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} هذا تفريق وهناك تتابع فعلى أيهما يحمل الحمل على أحدهما تحكم يحتاج إلى مرجح ، هذا على سبيل الالزام وأما القول باستحباب التتابع والمبادرة بالقضاء والمسارعة بإبراء الذمة هذا شيء آخر.
(وحيث لا يمكن حمل): المطلق على المقيد
(كالقضاء في شهر الصيام): لقوله {فعدة من أيام أخر}حكمه (لا تقتفي) يعني لا تتبع من اقتفاء الأثر، وهو التبعية يعني لا تتبع قول من يقول بالتقييد بالتتابع، ولا قول من يقول التقييد بالتفريق لما عرفناه أنه جاء مقيدًا بالتتابع وجاء مقيدًا بالتفريق. نعم......
النوع الحادي عشر والثاني عشر: النَّاسِخُ والمنسوخُ
كَمْ صَنَّفُوا في ذَيْنِ مِنْ أَسْفَارِ ... واشْتَهَرَتْ في الضَّخْمِ والإِكْثَارِ
ونَاسِخٌ مِنْ بَعْدِ مَنْسُوخٍ أَتَى ... تَرْتِيْبُهُ إِلاَّ الذي قَدْ ثَبَتَا
مِنْ آَيَةِ العِدَّةِ لا يَحِلُّ ... لكَ النِّساءُ صَحَّ فيهِ النَّقْلُ
والنَّسْخُ لِلْحُكْمِ أو لِلتِّلاوَةِ ... أَوْ بِهِما ، كَآَيَةِ الرِّضَاعَةِ
...........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى في النوع الحادي عشر والثاني عشر الناسخ والمنسوخ
(1/183)
(والنسخ): عرّفوه في اللغة بالإزالة نسخت الشمس الظل والريح الأثر إذا أزالته، وعلى ما يشبه النقل منه:نسختُ ما في الكتاب، بعضهم يقول النقل ،وهو ليس بنقل حقيقي، بمعنى أن المادة تنتقل من هذا إلى هذا ، إذ لو انتقلت لصار إزالة ، النسخ من كتاب إلى آخر هل معنى هذا أن الكتاب المَنسوخ منه يصير مثل الدفتر مافيه كلام ؟
لا الكلام باقي، إذاً ليس بنقل.
وعرفوه في الاصطلاح: أنه رفع الحكم الثابت بدليل شرعي، رفع الحكم الثابت بالدليل، بدليل آخر بخطاب آخر متراخٍ عنه، يعني لولا الناسخ لثبت حكم المنسوخ.
والنسخ من أهم ما يُعنى به طالب العلم، ولا يجوز لأحد أن يتصدى للتفسير، أو للإفتاء، أو للقضاء وهو لا يعرف الناسخ والمنسوخ، وقد ذكر عن علي_رضي الله تعالى عنه_ أنه سمع قاصاً فقال له:" أتعرف الناسخ والمنسوخ"، قال: لا، قال :"هلكت وأهلكت"، فمعرفة الناسخ والمنسوخ الحكم الثابت المتأخر من المتقدم، متأخر ليعمل به والمتأخر ليكون منسوخا.
والنسخ واقع في النصوص، ومنصوص عليه في قول الله _جل وعلا_{ما ننسخ من آية أو ننسها}، وثابت في السنة أيضا والأدلة عليه أكثر من أن تذكر ،أو أن تحصر فيه المصنفات الكبيرة؛ ولذا يقول الناظم _رحمه الله تعالى_ :
كَمْ صَنَّفُوا .................. ... ........................
(كم): هذه للتكثير.
(صنفوا): يعني العلماء.
(في ذينِ): يعني الناسخ والمنسوخ.
(من أسفارِ): أي كتب.
(واشتهرت): تلك الكتب.
(في الضخم): يعني في الحجم الكبير.
(والإكثار): يعني منها المطولات.
(1/184)
هناك مؤلفات في الناسخ والمنسوخ في الكتاب والسنة كتب كثيرة جدًا، فألفوا في هذا، وردّوا على من أنكر النسخ، وبعض المعاصرين كتب تفسير أشبه ما يكون بالخواطر لا يستند فيه إلى أثر ولا يأوي فيه إلى علم متين مُحقق، وكتب عنوان "النسخ ولا نسخ في القرآن"، يعني على الآية كَتب_آية البقرة_، وأنكر النسخ طائفة من المبتدعة يقول:" أنه يستلزم البدا"؛ لأن الله _جل وعلا_ لما ذكر الحكم الأوّل كان لا يعرف ما يؤول إليه الأمر بل بدا له أن ينسخ ومدام هذا اللازم فالملزوم باطل، فالنسخ لا يجوز وقال بذلك اليهود قبل هذه الطائفة لما يلزم عليه من البدا، والنصوص القطعية ترد هذا القول، ولا يلزم بدا ولا شيء؛ لأن الحكم المنسوخ هو عين المصلحة في وقته بالنسبة للمكلفين، ثم تتغير هذه المصلحة لتغير الزمان أو أهل الزمان، فيكون من المناسب أن يخفف عنهم أو يشدد عليهم أو يبدل الحكم بحكم آخر أو إلى غير بدل، المقصود أن المقاصد كثيرة ومنها امتحان المكلفين،امتحان المكلفين، المكلف حينما يؤمر بأمر واحد ويضطرد فيه ويمشي عليه، سهل أن ينقاد له؛ لكن إذا أمر بأمر وتأقلم عليه ومشى عليه ثم نهي عنه هذا يحتاج إلى احتمال وصبر وانقياد وإذعان هذا من باب الامتحان للمكلفين، وأيضا ظروف النّاس تختلف من وقت إلى وقت فيحتاجون إلى تغيير الحكم، وإلا فالله _جل وعلا_ يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن، ولن يكون، يعلم كل هذا لو كان كيف يكون؛ ولذا قال عن الكفار، قال _جل وعلا_{ولو ردوا لعادّوا} هل هم يردون ولا ما يردون ؟
لن يردو والله _جل وعلا_ أخبر عنهم أنهم يعودون لو ردّوا، فالله يعلم ما لم يكن لو كان على تقدير كونه، وفي حديث الثلاثة في الصحيح: ((الأعمى، والأقرع، والأبرص))، ((ثم بدا لله أن يختبرهم ))، تُفسِرُها الرواية الأخرى ((ثم أراد الله _جل وعلا_ أن يختبرهم)) فهذه تفسر تلك، فالخير ما يُفسر به النص الصحيح الثابت.
(1/185)
وناسخ من الآيات.. ، من أفضل الكتب في الناسخ والنسوخ بالنسبة للقرآن "النحاس"، وبالنسبة للسنة "الحازمي"؛ لأن هذا يسأل عن أفضل الكتب في الناسخ والمنسوخ.
ونَاسِخٌ مِنْ بَعْدِ مَنْسُوخٍ أَتَى ... .............................
(الناسخ ): يأتي بعد المنسوخ، ولابد من حيث الوقت والزمان لابد من هذا؛ لأن:
_ الناسخ هو المتأخرن.
_ والمنسوخ هو المتقدم.
ويأتي أيضا ترتيبه كذلك في المصحف، الواقع هكذا.
ونَاسِخٌ مِنْ بَعْدِ مَنْسُوخٍ أَتَى ... تَرْتِيْبُهُ إِلاَّ الذي قَدْ ثَبَتَا
مِنْ آَيَةِ العِدَّةِ لا يَحِلُّ ... لكَ النِّساءُ .............
عندنا {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعًا إلى الحول غير إخراج}، الحول منسوخ {تربصن بأنفسهن أربعة أشهرٍ وعشرا}:
_المنسوخ الحول.
_والناسخ أربعة أشهر أيضا متقدمة .
فالناسخ هو المتقدم يعني في ترتيب المصحف وإلا في النزول المنسوخ هو المتقدم والناسخ هو المتأخر.
يقول.. ذكر مثال:
من آية العدة لا يحل لك النساء
لك النساء صح فيه النقل
(لا يحل لك النساء): يعني في آية الأحزاب رقم (52) نسختها الآية التي قبلها الآية رقم (50) { إنا أحللنا لك ..} هذه ناسخة لها وهي متقدمة عليها في الترتيب فالآية(50) ناسخة للآية رقم (52).
تفسير ابن كثير _رحمه الله_ ذكر هذا أنها نسخت الآية {إنا أحللنا لك أزواجك} في السورة نفسها، ومتقدمة عليها وهي التي أشار إليها المؤلف، وصح فيها النقل.
مِنْ آَيَةِ العِدَّةِ لا يَحِلُّ ... لكَ النِّساءُ صَحَّ فيهِ النَّقْلُ
والنَّسْخُ لِلْحُكْمِ أو لِلتِّلاوَةِ ... أَوْ بِهِما ، كَآَيَةِ الرِّضَاعَةِ
النسخ للحكم دون التلاوة، النسخ للحكم دون التلاوة، مثل آية العدة "حول" التي سبقت منسخ حكمها لكن تلاوتها باقية؛ والسبب ليُثاب القاريء على قراءتها.
(1/186)
(أو التلاوة) يعني فقط دون الحكم كآية الرجم، الرجم باقي حكمه متفق عليه، مجمع عليه، والآية التي ذكرت في الحديث الصحيح منسوخة، رُفع لفظها وبقي حكمها "والشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتة".
(أو لهما كآية الرضاعة): لهما للحكم والتلاوة كآية الرضاعة ((عشر رضعات معلومات يُحرمنّ)) نُسخنَ بالخمس، فهذه مما نسخ حكمها، ولفظها، وتلاوتها، وناسختها_نُسخ لفظها وبقي حكمها وسياقهما واحد_.
إذا تأخر العام على الخاص أو المطلق على المقيد: مسألة خلافية بين أهل العلم، هل يقال بالنسخ أو يقال ببقاء العام والمنسوخ ، مثل ما قيل في حديث ((كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)) مع حديث (( أن نتوضأ من لحم الأبل قال نعم))، قوله :(( في آخر الأمرين)) يدل على أن الوضوء من لحم الأبل مُتقدم؛ لأن عدم الوضوء مُتأخر، والذي يقول يُحمل العام على الخاص ما عنده مُشكلة، ومثل هذا الأمر بالقطع ،بقطع الخف هذا متقدم بلا شك، لكن الإطلاق متأخر، الأمر بالمدينة والإطلاق جاء بعرفة، فيقولون: لو أن الخاص باقي والمقيد باقي لما سِيقَ اللفظ عاما بعد ذلك والمسألة خلافية عند أهل العلم معروفة .
النوع الثالث عشر والرابع عشر: المعمولُ بهِ مُدةً معينةً ، وما عَملَ به واحدٌ
كآَيَةِ النَّجْوَى الذي لَمْ يَعْمَلِ ... مِنهُمْ بِها مُذْ نَزَلَتْ إِلاَّ عَليْ
وسَاعَةً قَدْ بَقِيَتْ تَماما ... وقِيْلَ : لا ، بَلْ عَشْرَةٌ أَيَّامَا
...........................................................................................................
يقول الناظم رحمه الله تعالى في النوع الثالث عشر، والنوع الرابع عشر: المعمول به مدة معينة_ مدة محددة_، وما عمل به واحد، والمثال واحد للنوعين، المثال واحد، يقول:
(كآية النجوى): هذا المثال، وذلك كآية النجوى {ياأيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة}.
(1/187)
(التي لم يعمل منهم بها): عن الصحابة، هذه الآية.
(مذ نزلت إلا علي): ابن أبي طالب، قدم تصدق بدينار، ثمّ ناجى النبي_عليه الصلاة والسلام_ وما عمل بها أحد منهم حتى نسخت؛ لكن كم بقيت هذه الآية إلى أن نسخت؟ خلاف
(وساعة قد بقيت): يعني بقي الوجوب ساعة بقي مفادُها ومدلولها ساعة ثم نُسخت؛ لأنه يشق على جميع الصحابة أن كلّ من أراد أن يناجي النبي _عليه الصلاة والسلام_ وحاجتهم تشتد إلى ذلك، حاجتهم تشتد إلى النجوى ، وكل من يحتاج إلى النجوى يقدم صدقة هذا يصعب عليهم، وساعة قد بقيت: يعني إلى أن نسخت تماما لا زيادة ولا نقص، هل يمكن أن يُقال في الساعة على اصطلاحهم لا زيادة ولا نقص؟ أو أن الساعة مقدار من الزمان ليس المراد به الساعة الفلكية التي هي عبارة عن 60دقيقة؟
ولذلك قد تكون الساعة ساعتين أو ثلاث، وقد تكون ربع ساعة _فتحدثا ساعة_ يعني مقدار من الزمان.
وقيل لا أي ليس بقاؤها ساعة، بل بقيت أكثر من ذلك بقيت إلى أن نُسخت عشرةً أيامًا.
يقولون والأوّل أظهر أنّها ساعة لماذا؟
نعم، إذ يُبعد أن تستمر عشرة أيام مع مسيس الحاجة إلى مناجاة النبي _عليه الصلاة والسلام_ ولم يعمل بها إلا علين فإما أن نقول قد عمل بها غير علي، أو نقول أنها لم تبقى إلا مدة يسيرة لا يشق عليهم انتظارها أو مرة من غير احتياج إلى مناجاته _صلى الله عليه وسلم_.
في كتب الشيعة يذكرون في آية المائدة "وهم راكعون " يقولون: هذه الآية ما عمل بها إلا علي، راكع وجاء سائل فأبرز له إصبعه التي فيها الخاتم ليأخذه؛ لكن هل مُفاد الآية أن الصدقة، وإيتاء الزكاة، حال الصلاة أو هذا مما ينافي مُقتضى لب الصلاة الذي هو الخشوع، هل يمدح بهذا أو يذم ؟
يذم، لأنه غفل عن صلاته وغفل عن مناجاة ربه وتحرك في صلاة من غير حاجة، كل هذا مما يذم ويصان علي_رضي الله تعالى عنه_ ذلك مع أن ظاهر اللفظ لا يدل عليه.
(1/188)
في المسألة حديث أبي هريرة ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ولَيضع يديه قبل ركبتيه))، وفيها أيضا حديث وائل "كان النبي _عليه الصلاة والسلام_ إذا سجد وضع يديه قبل ركبتيه"، الحديث الأوّل هو الأرجح ونص على هذا ابن حجر في البلوغ وغيره ؛فإذا كان أرجح لأن له شاهد من فعل ابن عمر، أو من حديث ابن عمر، إذا كان أرجح فما المانع من العمل به ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) ؟
المانع تأثر كثير من طلاب العلم بقول ابن القيم:" أن الحديث مقلوب"، كيف مقلوب يا ابن القيم؟
" قال: إذا نزل على يديه قبل ركبتيه أشبه البعير"، نقول: يا رحمك الله مامعنى بروك البعير؟ متى يُقال برك البعير؟
(1/189)
أهل اللغة يقولون برك البعير وحصحص البعير إذا نزل على الأرض بقوة فأثار الغبار و فرق الحصى فمن نزل بيديه بقوة وأثار الغبار وخَلَلَ البلاط قلنا برك مثل ما يبرك البعير، وإذا نزل على ركبتيه بقوة وفعل مثل ما صنع قلنا برك مثل مايبرك الحمار، وكل هذا ممنوع فالممنوع أن ينزل على الأرض بقوة، وجاء البروك على الركبتين أيضا، عمر _رضي الله عنه_ في الحديث الصحيح في البخاري:(( فبرك على ركبتيه))، إذا البروك ماهو خاص باليدين أو بالركبتين؟ فإذا فهمنا معنى البروك زال عنا الإشكال لا نبرك مثل ما يبرك البعير ننزل بقوة، ولنمتثل الأمر ولَيضع يديه قبل ركبتيه إذا وضعهما مجرد وضع، ما يقال برك مثل ما هو ، نقول وضع يديه قبل ركبتيه امتثل الأمر وفرق بين أن ترمي المصحف على الأرض هذا حرام عظيمة من عظائم الأمور، وبين أن تضعه على الأرض ما في أدنى إشكال يجوز، فرق بين هذا وهذا فإذا نزلت المسألة مسألة قيام بين يدي الله _جلّ وعلا_ عليك بالرفق والطمأنينة تؤدي الصلاة، أنت ماثل بين يدي خالقك، فإذا نزلت برفق ولين سواء نزلت على يديك أو رجحت الركبتين المقصود أنك لا تنزل بقوة، ولذا وشيخ الإسلام يرى التخيير بينهما، وكثير من الناس ابن القيم رحمه الله لما هجم عليه هذا الفهم أجلب عليه صار يؤثر على كل من قرأ كلامه ؛ لكن لا بد من تحرير المسائل لابد إلى النظر في المسائل بدقة .اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد.
الطالب: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،اللهم اغفر لشيخنا وانفعه بكل حرف علمه وأحسن خاتمته وإيّانا والحاضرين والسامعين ياأرحم الراحمين.
العِقْدُ السادسُ
ما يرجعُ إلى المعاني المُتعَلِّقَةِ بالألفاظِ ، وهيَ سِتَّةٌ
النوعُ الأولُ والثاني : الفَصلُ والوَصْلُ
الفَصْلُ والوَصْلُ وفي المَعَانِيْ ... بَحْثُهُما ومِنْهُ يُطْلَبانِ
(1/190)
مِثَالُ أَوَّلٍ إِذا خَلَوا إِلى ... آَخِرِها وذَاكَ حَيْثُ فُصِلا
مَا بَعْدَها عَنْهَا وتِلكَ اللهُ ... إِذْ فُصِلَتْ عَنهَا كَمَا تَرَاهُ
وإِنَّ الابْرَارَ لَفِي نَعِيمِ ... في الوَصْلِ والفُجَّارَ في جَحِيْمِ
...........................................................................................................
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد...
فيقول الناظم رحمه الله تعالى: في العقد السادس وهو مايرجع إلى المعاني المتعلقة بالألفاظ، والذي قبله متعلقة بالأحكام وهذا متعلق بالألفاظ يقول :
وهي ستة الأول والثاني: الفصل والوصل، وهمامن مباحث علم المعني قسيم البيان والبديع، ومن الثلاثة يتألف علم البلاغة، ومن علم البلاغة بأقسامه الثلاثة إضافة إلى النحو والصرف والاشتقاق والوضع وفقة اللغة ومتن اللغة تكون علوم اللغة ، وكل علوم اللغة العشرة طالب العلم بأمس الحاجة إليها فليَهتم بهذا، فالفصل والوصل.
(الوصل): عطف جملة على أخرى للربط بينهما ووصل أحداهما بالأخرى بحرف العطف.
وأما بالنسبة (للفصل) فهو ترك ما ذكر من العطف.
الوصل الربط بين الجملتين بالعاطف، وأما الفصل فهو ترك هذا الوصل.
(الفصل والفصل وفي المعاني): وفي يعني فن المعاني من فنون علم البلاغة (بحثهما): مُبتدأ مُؤخر،(وفي المعاني): خبرمُقدم.
(بحثهما) يعني يوجد في علم المعاني، من أراد استيفاء هذا الموضوع فليرجع إلى علم المعاني.
(ومنه ) : أي فن المعاني، (يُطلبان): إذ محل بحثهما هناك، واستيفاء ما يتعلق بهما هناك، أما هنا مُجرد مثال يَذكر للفصل والوصل.
(مثال أولِ): الذي هو الفصل، الأوّل الفصل مثاله في قول الله_ جلّ وعلا_:{إذا خلوا إلى شياطينهم}
مثال أوّلٍ إذا خلوا إلى آخرها.
إلى آخر الآية.
وذاك حيث فُصلا
الألف هذه للاطلاق.
(1/191)
في قول الله _جلّ وعلا_:{إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم} {الله يستهزأ بهم}، هذه الجملة مفصولة، لأنّها لم تُعطف بالواو، لماذا فُصلت هذه الجملة عن التي قبلها، لأن لا يُظن أنّها من قول المُنافقين؛ لأنّهم قالوا: {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم}، فلو عُطفت لقيل: إنّها من مَقول المنافقين، ولكنها من مَقول الله_جلّ وعلا_ ردًا عليهم، قد يقول قائل: إن المنافقين ذكروا جملتين، وفُصلت الثانية عن الأولى :{قالوا إنّا معكم}،{إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ } ما وصلت بها، وكلاهما من مَقولهم:{خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم} هذه جملة، {إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ } جُملةٌ أخرى، هذه مفصولة ولا موصولة ؟ مفصولة ولا موصولة الجملة الثانية عن الأوّلى؟
نعم، موصولة بالواوّ ؟، يعني باعتبار أن الجملة لا إرتباط للثانية بالأوّلى ففصلها متجه، هل هذا ممكن أن يُقال : إن الجملة الأولى إنمّا تُقال للمؤمنين، يتجه هذا مثل ما قال الشيخ ؟
{إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم} فالحال واحدة، هم يقولون لشياطينهم الجملتين، فهتان الجملتان مفصولتان أو موصولتان، يعني على حدّ ما ذكروا وإلا فالقرآن ما في أحد بيستدرك عليه أو يقول هذا أفصح وهذا....، لا أبدًا كلام الله أفصح الكلام، والقواعد مثل ما ذكرنا ينبغي أن تُخضع للقرآن، ما يُتأول القرآن من أجل القواعد، ويُتكلف في تأويله من أجل القواعد ، لاقواعد العربية ولا غير العربية، بل القواعد المُرتبطة بعلوم الدين كلّها تُخضع للقرآن لأنّه أساس العلوم كلها، هذا عندهم يذكرونه، الفصل والوصل يقولون: إن العطف يدل على الوصل، وترك العطف يدل على الوصل.
الوصل: عطف الجملة بأي حرف من حروف العطف، والفصل: ترك العطف.
(1/192)
الوصل: عطف جملة على أخرى، والفصل: ترك هذا العطف.
يعني ما ذكره العلماء المُتخصصون بالقرآن من الوقف اللازم(1)....
يعني ما يذكره العلماء المتخصصون بالقرآن من الوقف اللازم يغني عن الوصل ولا ما يغني؟؟ الحين عندك{افلا يحزنك قولهم}بعدها{إن العزة}،قولهم وقف لازم هنا وقف لازم يلزم الوقوف لئلا يظن أن العزة لجميعهم من قولهم فالوقف اللازم يحل الإشكال الوارد في مثل هذا .
أهل البلاغة يقولون : أن الواو يلزم ذكرها إذا أوقع الكلام بدونها في لبس كما إذ قيل لك تزورنا غداً تقول لا ويرحمك الله عندهم هذي الواو لازمة لأنك لو قلت لا يرحمك الله لكانت هذه نافية للرحمة وهذا الكلام ملبس وهذه له قيمتها عندهم في علم البلاغة لكن الوقف اللازم يكفي عنها لو وقف على لا ثم استأنف قال يرحمك الله ما في أدنى إشكال .
وفي حديث بيع الشحم في الصحيح النبي _عليه الصلاة والسلام_ نهى عن بيع الخمر والميتة والأصنام فقيل له :أرأيت شحوم الميتة فإنها تدهن بها الجلود وتطلى بها السفن وستصبح بها الناس فقال:((لا هو حرام)) ما جاء بواو مع إن الكلام قد يوقع في لبس ،لا هو حرام يعني ليس هو حرام مع إنك إذا وقفت وقفاً لازماً كما وقفت في قول الله عز وجل{لا يحزنك قولهم}انتهى الإشكال .
والنصوص ما فيها هذه الواو التي يشيرون إليها وأنه لا بد منها لئلا يقع الكلام فيه لبس يحلها الوقف اللازم لئلا يظن أنه وصف له يلزم الوقف مثل هذا ،كل كلام يوهم ويوقع في خلاف المراد يوقف عليه ولا يوصف هذا يدرك بالسياق وأيضاً {الله يستهزئ بهم }يدرك بالسياق بعد ،فلماذا ينص على مثل هذا وكلامه يدرك بالسياق ؟ على كل حال هم يذكرون مثل هذا والأمور الاستنباطية يعني وجود الواو في بعض النصوص وتعليله بما ذكر وحذفه وتعليله بما ذكر هذا ما في شك مرده إلى الاستنباط وهذه وإن كانت قواعد عندهم إلا إنها قواعد أغلبية وليست كلية .
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط السادس.
(1/193)
وذاك حيث فصل ما بعدها :أي بعد آية {وإذا خلو}من قوله جل وعللا {الله يستهزئ بهم}ما بعدها عنها {وتلك الله}أي وما بعدها أي ما بعدها تلك التي بعدها {الله يستهزئ بهم}إذ فصلت عنها فصلت الآية الثانية {الله يستهزئ بهم}أي عن {وإذا خلو} إلى أخره كما تراه في القرآن الكريم .
مثال للنوع الثاني الوصل في قول الله جل وعلا {إن الأبرار لفي نعيم }مع الآية التي بعدها {وإن الفجار لفي جحيم}هذا وصل هذا في مثال الوصل ،قال {وإن الأبرار لفي نعيم}في الوصل {والفجار لفي جحيم}إذ وصلت الثانية بالأولى بالواو لما بينهما من الشبه بالتضاد اللفظي المقتدي للوصل،لأن الأشياء بضدها تتبين وتتميز .
ومن أسباب تسمية القرآن مثاني أنه يذكر الشيء ويذكر ضده فيذكر حال الأبرار ويذكر حال الفجار يذكر حال السعداء ويعطف عليه حال الأشقياء أو العكس المقصود أن مثل هذا موجود في القرآن كثير وهو موصول .
الطالب :أحسن الله إليك ...
النوع الثالث والرابع والخامس: الإيجازُ والإطنابُ والمُساواةُ
وَلَكُمُ الحَيَاةُ في القِصَاصِ قُلْ ... مِثالُ الايْجَازِ ولا تَخْفَى المُثُلْ
لِمَا بَقِي كـ?لا يَحِيْقُ المَكْرُ? ... ولكَ فيْ إِكْمَالِ هَذي أَجْرُ
نَحْوُ ?أَلَمْ أَقُلْ لَكَ? الإِطْنَابُ ... وهيَ لَهَا لَدَى المَعَانِيْ بَابُ
...........................................................................................................
بعد هذا ذكر المؤلف رحمه الله تعالى "ثلاثة أنواع متعلقة بالألفاظ وهي الإيجاز والإطناب والمساواة"
تتنوع الأساليب بالنسبة للمتكلم حسب نوعية السامع فمن السامعين :
1- من يفهم بسرعة ومثل هذا يناسبه الإيجاز .
2- ومنهم من هو متوسط الذي يفهم بسرعة لو أطنب له مل الكلام وانصرف عنه
3- وضده الذي لا يفهم مثل هذا يطنب له ويبسط الكلام إذ لو أوجز له لأحتاج إلى إعادة وتكرار كثير حتى يفهم وبينهما المتوسط الذي يحتاج إلى المساواة .
(1/194)
فالإيجاز في قلة الألفاظ مع كثرة المعاني يقابله الإطناب العكس كثرة الألفاظ مع قلة المعاني ويتوسطهما المساواة بمعنى أن تكون الألفاظ بقدر المعاني ،ثم ذكر على الأنواع الثلاثة أمثلة :
{ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب} قل هي مثال الإيجاز لن معناها كثير ولفظها قليل لفظها يسير ولكم في القصاص حياة كم كلمة ؟أربع كلمات لكن تتضمن معنى عظيماً لكم في القصاص حياة ،قد يقول قائل القصاص موت القصاص الذي هو قتل الجاني موت فكيف يكون لنا حياة؟؟
نتصور الإنسان الحكم المترتبة على إقامة الحدود من ردع للجاني واعتبار لغيره به أدرك مثل هذا ،فإذا قتل القاتل الجاني قتل غيره وترك ما قتل ما الذي يترتب على هذا ؟؟
يترتب عليه أنه قد يقتل مرة ثانية وثالثة ورابعة إذا لم يجد من يردعه وقد يترتب عليه أن أهل المجني عليه يأتون ليقتلوه وقد يستنجد بقومه فيقتل منهم ويقتل من الطرف الثاني ثم يؤخذ بالثأر ثم تقوم الحروب التي هي ضد الحياة ،فإذا قتل الجاني وحده واحد فقط انتهى الإشكال بينما إذا ترك بدون قصاص وبدون قتل لترتب عليه ما سمعنا من الثأر الانتصار للنفس والقريب هذا غريزي لن يترك فاتل ولدك قاتل أخيك قاتل أبيك هذا لن يترك لا بد أن تتسبب في قتله وهذا جرى ويجري ،إذا ترك تهاونوا في أمره لا شك أن المجني عليهم أولياء المجني عليه يأخذون بثأره فيجهدون في قتله ثم بدوره ينتصر بقومه وهؤلاء أيضاً ينتصرون بقومهم فتقوم الحروب ويحصل القتل الذر يع بدل أن يقتل واحد ،والقصاص قتل موت للجاني .
العرب يقولون القتل أنفع للقتل والآية أبلغ منها من وجوه متعددة ذكرها أهل العلم في كتب البلاغة ،ولكم الحياة في القصاص يعني في آية القصاص هي مثال الإيجاز ولا تخفى المثل جمع مثال الأمثلة على هذا كثيرة ، والنبي عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً .
(1/195)
ويلاحظ على كثير من الناس ومن كانوا من المؤلفين كتبهم مختصرة جداً وعلمهم كثير ومبارك ومنهم من يأتي بالكلام الكثير جداً في بحث مسألة ممكن اختصارها في صفحة هذا إطناب في الغالب كلام مكرر لا داعي له .
الخطباء أحيانا يأتي الخطيب بكلام يردده على مدى ساعة لو أختصره بخمس دقائق لأمكن ،والإطناب قد يمدح إذا احتيج إليه لكن إذا كان مسار للملالة والسآمة من السامع أو لنسيان بعضه بسبب طوله بعضه ينسخ بعضاً مثل هذا مذموم فالإيجاز هو المحمود .
والمساواة بينهما لما بقي من النوعين الآخرين مثال:
{ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله }هذه معناها مطابق للفظها من حيث طول الكلام وقصره وكثرة المعاني وقلتها متساوية ،كلا يحق المكر يعني المكر السيئ إلى بأهله بقدر المعنى ،لكن من يحدد أن هذه الآية بحروفه المعدودة بقدر المعنى ؟
لماذا لا يقول قائل أن دلالة {لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}على ما تحتمله من معاني مثل{ لكم في القصاص حياة }تحتاج إلى الثقة وتحتاج إلى فهم لمعناها من جميع الوجوه وتحتاج إلى قراءة ما قاله أهل العلم في معانيها وما تحتمله ،لننظر ما تحتها من علوم وفوائد أمور قد لا يتم حصرها بسهولة .
ولك في أكمل هذي اجر :كلا يحيق المكر إن وقفت عليها يعني في نظمه تأجر بقدر ما قرأت من حروف لكن أكملت الآية لك الجر في كل حرف عشر حسنات وهذا تكملة للبيت وإلا فهو من المعلوم.
نحو ألم أقل لك الإطناب :{ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبر}في الكهف وهذه الآية جاءت مرة دون لك وأخرى بلك ،ما دام جاءت بدون هذا الحرف بدون الجر والمجرور واستقام معناها فوجود الجر والمجرور زائد ما دام المعنى يستقيم بدون الحرف أو الحرفين المذكورين فهو زائد فوجوده إطناب .
(1/196)
لكن ايش معنى زائد يعني خلا من الفائدة ؟إذا لم يخلو من الفائدة فليس بزائد لأنهم ينظرون إلى هذه الفائدة إنها من المعاني التي تحتملها الكلمة فإذا كان لها معنى في موضعها وأنها لو حذفت وإن تؤدى المعنى في الموضع السابق فإنه لن يتأدى المعنى المطلوب في المعنى اللاحق الذي ذكرت فيه .
على كل حال هم نظروا إليها باعتبار أنها وجدت الآية بدونها ووجدت بها واستقام الكلام بدونها في الآية الأولى فليستقم الكلام بدونها في الآية الثانية ويكون هذا من باب القدر الزائد في الكلام على المعنى الذي يحتمله هذا الكلام فيسمونه إطناب .
ولا شك أن الزيادة الجر والمجرور لتأكيد الكلام لتكرر القول الصادر بين الطرفين يعني في الأمر الأول قد لا يحتاج إليها لأن الكلام لم يتكرر فإذا إحتيج إلى التأكيد لتكرر الكلام عندها وقع من ابنك مخالفة فتبين له بأسلوب مناسب وكلام مختصر .
لكن إذا وقعت منه مخالفة ثانية تحتاج أن تزيد في الكلام من أجل أن يرتدع ،وقل مثل هذا في مخاطبة خالي الذهن يرقى إليه الكلام من دون تأكيد ثم إن تردد بعد ذلك يؤكد له الكلام ثم إن تردد بعد ذلك يزاد في التأكيدات .
نحو ألم أقل لك الإطناب وهي لها :أي هذه الثلاثة لدى المعاني باب يعني لدي فن المعاني باب مستقل وباب ما ذكر من الإيجاز والإطناب والمساواة .
وكل في مناسبته أبلغ من غيره فقد يكون الإيجاز أبلغ من الإطناب وقد يكون الإطناب في بعض المناسبات وبعض الظروف أبلغ من الإيجاز والمساواة هي الأصل لا يزاد في الكلام ولا ينقص منه .
الطالب: أثابكم الله
النوع السادس: القَصْرُ
وذاكَ في المَعانِ بَحْثُهُ كـ?مَا ... مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسولٌ? عُلِمَا
...........................................................................................................
(1/197)
المساواة هي الأصل ،الأصل أنه كلام يكون بقدر معانيه ،أن الألفاظ تكون بقدر المعاني فإن احتيج إلى الإطناب زاد وإن اجتيح إلى الإيجاز نقص .
النوع السادس من أنواع العقد :القصر
والقصر والحصر متقاربان ،وتخصيص أمر بأخر بطريق مخصوص كالاستثناء مثلاً والحصر بإنما وما وإلا والوصف المخرج وتعريف الجزئين وغير ذلك من الأساليب التي تدل على قصر الحكم على بعض ما يتناوله اللفظ.
وهو قسمان : 1- قصر حقيقي 2- وقصر إضافي
إذا قلت لا إله إلا الله هذا قصر حقيقي بمعنى أنه لا معبود بحق إلا الله جل وعلا وهو الذي يستحق أن يكون إله ومن عداه وإن عبد من دون الله فهو لا يستحق الإلوهية فهو قصر حقيقي .
وما محمد إلا رسول :يعني فقط ما له أوصاف غير الرسالة ؟
وما الشاعر إلا حسان :قصر حقيقي ولا إضافي ؟إضافي لأن هناك شعراء غيره ،لكن قصر الشعر إليه يدل على تميزه في ذاك الباب .
(وذاك) :أي القصر
في فن المعاني بحثه:وذلك كقوله تعالى { وما محمد إلا رسول } علم تكملة هذه فإنه قصر محمد صلى الله عليه وسلم على الرسالة ،فلا يتعدى الرسالة التي من مقتضاها أنه بشر ومن مقتضى بشريته عليه الصلاة والسلام أنه يموت كغيره غلا يتعدى الرسالة إلى الخلود التي هي من خصائص الرب جل وعلا ،وإذا جاء في تكملة الآية {محمد لرسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم}يعني كونه رسول يقتضي أنه لا يخلد .
الطالب : أثابكم الله ..
الخَاتِمَةُ اشتملت على أربعة أنواعٍ: الأسماءُ ، والكُنَى ، والأَلقابُ ، والمُبْهَماتُ
أَسْماءُ الأنبياءِ
إِسْحاقُ ، يُوسفُ ، ولُوطٌ ، عِيْسَى ... هُوْدٌ ، وصَالِحٌ ، شُعَيْبٌ ، مُوسَى
هَارُونُ ، دَاودُ ، ابْنُهُ ، أَيَّوبُ ... ذُو الكِفْلِ ، يُونُسُ ، كَذَا يَعْقُوبُ
آَدَمُ ، إِدْرِيتسُ ، ونُوحٌ ، يَحْيَى ... واليَسْعُ ، إِبْراهيمُ أَيضاً إِلْيَا
وزَكَرِيَّا أَيضاً اسْمَاعِيلُ ... وجاءَ في مُحَمَّدٍ تَكْمِيلُ
(1/198)
أَسْماءُ الملائكةِ
هَارُوتُ ، مَارُوتُ وجِبْرَائِيْلُ ... قَعِيْدٌ ، السِّجِلُّ ، مِيْكَائِيْلُ
أَسْماءُ غَيْرِهِمْ ، والكُنَى ، والأَلقابُ
لُقْمَانُ ، تُبَّعٌ ، كَذَا طَالُوتُ
ومَرْيَمٌ ، عِمْرَانُ أَيْ أَبُوهَا
مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ مِنْ صِحَابٍ عَزَّا
كَنَّى أَبَا لَهَبٍ ، الأَلْقَابُ
وإِسْمُهُ إِسْكَنْدَرُ ، المَسِيْحُ
فِرْعَونُ ذَا الوَلِيْدُ ، ثُمَّ المُبْهَمُ
إِيْمَانَهُ وإِسْمُهُ حِزْقِيْلُ
أَعْنِيْ الذي يَسْعَى اسْمُهُ حَبِيْبُ
وهُوَ فَتَى مُوسى لَدَى السَّفِيْنَةْ
كالبُ مَعْ يُوشَعَ أُمُّ مُوسَى
ومَنْ هُوَ العَبْدُ لَدى الكَهْفِ الخَضِرْ
أَعْنِي الغُلامَ وهُوَ حَيْسُورُ المَلِكْ
هُدَدُ ، والصَّاحِبُ لِلرَّسُولِ في
إِطْفِيْرٌ العَزِيْزُ ، أَو قِطْفِيْرُ
وكادَ أَنْ يَسْتَوعِبَ التَّحْبِيْرُ
فَهاكَها مِنِّي لَدى قُصُورِيْ
إِلاَّ إِذا بِخَلَلٍ ظَفِرْتَا
وَوَجَبَتْ مِنْ بَعْدِ ذا صَلاتِيْ
وصَحْبِهِ مُعَمِّماً أَتْبَاعَهْ ... إِبْلِيسُ قَارُونُ كَذا جَالُوتُ
أَيضاً كَذَا هَارونُ أَيْ أَخُوهَا
ثُمَّ الكُنَى فِيهِ كَعَبْدِ العُزَّى
قَدْ جَاءَ ذُو القَرْنَيْنِ يا أَوَّابُ
عِيْسَى ، وذَا مِنْ أَجْلِ مَا يَسِيْحُ
مِنْ آَلِ فِرْعَونَ الذي قَدْ يَكْتُمُ
ومَنْ عَلى يَاسِيْنَ قَدْ يُحِيْلُ
ويَوشَعُ بنُ نُونَ يَا لَبِيْبُ
ومَنْ هُمَا في سُورَةِ المَائِدَةِ
يِوْحَانِذُ اسْمُها كُفِيْتَ البُوسَا
ومَنْ لَهُ الدَّمُ لَدَيْها قَدْ هُدِرْ
في قَولِهِ: ?كانَ وَراءَهُمْ مَلِكْ?
غَارٍ هُوَ الصِّدِّيقُ أَعْنِي المُقْتَفِي
ومُبْهَمٌ وُرُودُهُ كَثِيْرُ
جَمِيعَهَا فَاقْصِدْهُ يَا نِحْرِيْرُ
ولا تَكُنْ بِحَاسِدٍ مَغْرُورِ
فَأَصْلِحِ الفَاسِدَ إِنْ قَدِرْتَا
عَلى النَّبِيْ وآَلِهِ الهُدَاةِ
على الهُدَى إِلى قِيامِ السَّاعَةْ
(1/199)
...........................................................................................................
الشيخ: لما انتهى الناظم رحمه الله تعالى العقود التي هي من أهم ما ينبغي أن يعنى به طاب العلم مما يتعلق بالقرآن ختم منظومته بأشياء أقرب ما تكون إلى الملح ملح العلم وليست من متينه إذ معرفتها لا يتوقف عليها فهم القرآن ،تسمية المبهم مثلاً أو نسبة المهمل وتميزه من غيره وتعينه هذه لا يترتب عليها ولا يتوقف عليها فهم المعنى من جهة ولا معرفة الحكم المستنبط أو العبرة أو الفائدة منها من الآية.
فذكر الخاتمة أنها اشتملت على أربعة أنواع:
1- الأسماء
2_والكنى
3- والألقاب
4- والمبهمات
والأسماء : الأعلام التي يسمى بها المولود .
والكنى :ما صدر بأب أو أم .
واللقب :ما أشعر بمدح أو ذم .
والمبهم: الذي لم يعين اسمه في الكلام .
فبدأ بالأسماء :وذكر منهم أسماء الأنبياء المذكورين في القرآن وعدتهم خمس وعشرون وإلا فالأنبياء جمع غفير ،فنؤمن بهؤلاء على التفصيل ونؤمن بما عاداهم على سبيل الإجمال ،هؤلاء نؤمن به بأسمائهم وأما من عداهم مما دل عليه الأحاديث الأخرى التي دلت على أن الأنبياء عددهم كثير إن كان في حديث أبي ذر ضعف لكن غيره يدل على أن هناك أنبياء غير هؤلاء ،وهناك رسل وهم أقل من الأنبياء.
فذكر منهم إسحاق وترتيبه لهؤلاء مبني على ايش على الحروف؟؟ لا الأول إسحاق يوسف أول حرف وأخر حرف نعم ،على ترتيبهم في الوجود الأول فالأول لا أدم رقم ستة عشر نعم ،ليس له ملحظ في الترتيب إلا أن النظم تأتى له على هذه الكيفية .
(1/200)
إسحاق يوسف :إسحاق بن إبراهيم ويوسف بن يعقوب ، ولوط بن هاران مع إن التسميات الموجودة في كتب التاريخ لإبائهم فيها اختلاف كبير ويقع فيها تصحيف كثير لأنها لم ترد بها سنة صحيحة ملزمة وإنما هي متلقاة عن المؤرخين ولذا في تسمية والد إبراهيم عليه السلام إسمه أزر هذا منصوص عليه في القرآن لكن ومع ذلك يختلف المؤرخون في اسم أبيه اختلافاً كبيراً يعني هل مثل هذا ينبغي أن يختلف فيه .
قالوا هذا اختلفوا في اسمه اختلافاً كبيراً ، نعم هم اعتمدوا على ما عند المؤرخين ووجهوا ما جاء في القرآن مع أن الأصل أن القرآن هو المرجع هو المحفوظ أما كتب التاريخ يعتريها ما يعتريها .
إسحاق بن إبراهيم ويوسف بن يعقوب ولوط ابن هاران كما قالوا وعيسى ابن مريم وهود ابن عبد الله هكذا في كتب التواريخ وصالح بن عبيد وشعيب ابن ميكائيل وموسى ابن عمران وهارون ابن عمران وداود ابن ايشع وابنه سليمان ابن داود وأيوب بن أبيض هذه أسماء يمكن أن توجد في كتب التاريخ على غير هذه الصيغة ولكنها موجودة على هذا اللفظ عند مؤرخين آخرين .
بعد هذا في البيت الثاني ذكر الناظم رحمه الله تعالى هارون ابن عمران وداود قالوا ابن ايشع وابنه سليمان ابن داود ويحيى ابن ذكريا واليسع ابن جبير وإبراهيم ابن أزر .
أيوب ذوا الكفل :ذوا الكفل قالوا في اسمه بشر ابن أيوب يونس ابن متى ،ذوا الكفل إذا قالوا أن اسمه أيوب لماذا ذكره الناظم مع الأسماء ما ذكره مع الألقاب ؟؟ لأن عندك أسماء وكنى وألقاب مبهمة ،ومن الأنبياء من سمي ومنهم من لقب ، ذكر في القرآن لكن الخاتمة فصلت إلى أسماء وكنى وألقاب ،وذوا الكفل لقب وليس باسم واسمه بشر ،ما ورد ولكن يمكن أن يذكر في الألقاب لا في الأسماء ثم الكنى بعدها ثم بعد ذلك ذكر اللألقاب ثم المبهم .
(1/201)
وذكر في الألقاب ذا القرنين اسمه اسكند وسماه يعني ذكره في الألقاب وذكر المسيح في الألقاب مع إنه جاء أن هذا اسمه في القرآن اسمه المسيح ماهي مسألة أنه نبي المسألة في التقسيم إلى أربعة أقسام أسماء وكنى وألقاب فهل ذوا الكفل اسم ولا لقب؟ مقتضى جعله مع الأسماء أن هذا اسمه وما نقول صفته ،ولا ذكر أن هذا لقب لقبه المسيح واسمه عيسى نعم هو ما صح عنده افترض أنه حقق في المسألة وما ثبت عنده التسمية التي يذكرها المؤلفون ، وكثيراً ما يختلف في اسم من عرف بكنيته أو لقبه يعني من اشتهر بكنيته أو لقبه يضيع اسمه، حتى يقول بعض أهل العلم أن اسمه كنيته .
ذو الكفل يونس ابن متى جاءت تسمية والده في الأحاديث الصحيح ((لا تفضلوني على يونس ابن متى))كذا يعقوب ابن إسحاق .
أدم أبو البشر إدريس ابن ايش؟ شوف مثل هذه الأمور لعدم أو لقلة فائدتها مانقول ما فيها فائدة تجد مافي من أهل العلم من يهتم بتحقيقها وتحريرها لكن لو ترتب عليها فائدة جاء مبهم في سند حديث لا بد أن يوقف عليه لأن ثبوت الحديث متوقف على معرفته لكن هذه الأسماء التي جاءت في القرآن يكفي أن نعرف الاسم أما أن نتتبع كتب التاريخ نعم إذا ورد فيها نصوص صحيحة صريحة يعني حفظها والعناية بها من الاهتمام بالقرآن ،لكن باعتبار أنه لم يرد فيها شيء إلا عن طريق المؤرخين والمؤرخون يختلفون فلا تجد العناية من أهل العلم لو تسأل أعلم الناس بالنسبة للعلم الشرعي وأكثرهم اهتمام بالقرآن وتقول له ايش اسم والد مثلاً إدريس أو مثلاً ذو الكفل اسمه معروف المقصود أن هذه الأمور يعتني بألفاظها في القرآن ومع ذلك إن وجد شيء يثبت بطريق صحيح مثل من ذكرت أسماء أبائهم في القرآن أوالسنة مثل هؤلاء يعتنى بهم ،لكن شجرتهم لآبائهم وأنسابهم من ضمن مايذكر مثل التواريخ مثل ما يذكره ابن جرير ومثل ما يذكر ابن كثير وغيره من المؤرخين .
(1/202)
لكن الذي يلاحظ على بعض طلاب العلم ليس هذا هذا لا يلاحظ كونهم ما يعرفوا اسم أبو إدريس أو أبو نوح ما اسمه ليس مشكلة ولكن ما يعرف من قصة نوح هذا الإشكال أو قصة واحد من الأنبياء المذكورة في القرآن تفصيلاً أو كون فلان قبل فلان يعني غفلة تامة عن قصص الأنبياء وهي موجودة في القرآن قصصهم الفائدة فيها مجرد التسلية ؟لا الاعتبار {لقد كان في قصصهم عبرة}وإذا كانوا بما قص الله عنهم سبحانه وتعالى من أخبار وما ألت إليه حال أممهم إذا كنا نقرأها على أنها تاريخ مثل ما نقرأ في تواريخ البشر فهذه مشكلة،نعم فيها متعة وفيها إطلاع واستجمام للذهن لكن فيها العبرة كي نعتبر ونتعظ كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((مضى القوم ولم يرد به سوانا لئلا نرتكب ما ارتكبوا فنقع بما وقعوا فيه ويحل علينا ما حل بهم))يعني ما هي مجرد سواليف وقصص تملى به المجالس وقصص القرآن من أهم ما يعنى بها طالب العلم {لقد كان في قصصهم عبرة}ولو الإنسان اعتنى بما ذكره المفسرون الإثبات المحققون ورجع إلى بعض التواريخ الموثوقة مثل البداية والنهاية أو تاريخ الطبري استفاد فائدة كبيرة .
وبمعرفة هذه القصص يتجلى له كثير من معاني القرآن لأن القصص هذه قصص الأنبياء ما أقوامهم وما حل بهم تشغل حيز كبير من القرآن وبعض القصص كرر مراراً وكل مرة يذكر فيها فوائد وأشياء لا توجد في المرة التي قبلها فعلى طالب العلم أن يعنى بها .
ونوح وقال ابن لمك ويحيى ابن زكريا واليسع ابن جبير وإبراهيم ابن أزر وأيضاً إلياء من هو إلياء هذا؟؟
إلياس :ترخيم والأصل أن الترخيم إنما يكون في حال النداء ترخيم بأن نحذف أخر المنادى كيا سعى لمن دعا سعاد هنا بدون نداء لكن الحاجة حاجة الشعر قد تقتضيه فالشعر له ضروراته .
قالوا إلياس ابن الياسين لكن الياسين ما جاء في القرآن الياسين وما ذكر هنا فهل هو إلياس أو ألياسين فهذه القراءات تفسرها القراءات الأخرى.
(1/203)
وذكريا أيضا إسماعيل ابن إبراهيم ،وجاء في محمد تكميل :هو الخامس والعشرون هو الخاتم عليه الصلاة والسلام وهؤلاء الخمسة والعشرون كلهم ممنوعون من الصرف للعلمية والعجمى إلا ستة صالح ونوح وشعيب ومحمد ولوط وهود هؤلاء الستة يصرفون وأما البقية فهم ممنوعون من الصرف .
وشعيب الذي تقدم في البيت الأول في الشطر الثاني ورقمه سبعة ،شعيب واحد أو أكثر من واحد ؟شعيب بعث إلى من ؟ {وإلى مدين أخاهم شعيب}وأيضاً بعث إذاً أصحاب الأيكة فهل بعث إل هؤلاء وإلى هؤلاء ؟أو هم أصحاب الأيكة هم مدين ؟
وموسى لما ورد مدين وحصل مع صاحب مدين هل هو شعيب أو غير شعيب؟مسألة خلفية بين أهل العلم يعنى بها طالب العلم ويرجع عليها التفاسير .
انتهى من الأنبياء الخمسة والعشرين بعد ذلك ذكر الملائكة هاروت وماروت وجبرائيل قعيد السجل ميكائيل
هاروت وماروت جاءت في أية السحر حاء اسمهما في آية السحر في سورة البقرة ،وجبرائيل تكرر ذكره وكذلك ميكائيل والقعيد {ما يلفظ من قول عن اليمين وعن الشمال قعيد}لكن هل هو واحد أو اثنين؟ اثنين ،والسجل يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب أثبته في الملائكة ،أن كان مقصود به الملك الموكل بكتابة الحسنات والثاني الموكل بكتابة السيئات يلي عن اليمين وعن الشمال ولكن ما جاءت تسميتهم ،فقعيد وصف وينطبق هذه الصيغة فعيل على المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث إن رحمة الله قريب وقعيد ينطبق على اثنين .
ثم بعد ذلك ذكر ثلاثة من المسلمين وثلاثة من الكفار
لقمان تبع كذا طالوت: هؤلاء الثلاثة كلهم مسلمون ،إبليس قارون كذا جالوت :هؤلاء الثلاثة ممن سمي من الكفار في القرآن.
ومريم أم عيس عمران أي أبوها :مريم ابنة عمران وليس المراد بعمران أبو موسى وهارون .
(1/204)
أيضاً كذا هارون أي أخوها : {مريم ابنة عمران } {ويا أخت هارون}كل هذا قد يقول قائل لماذا لا تكون مريم ابنة عمران أخت موسى ابن عمران وأخت هارون ابن عمران؟نعم المسافة بعيده جداً المسافة بعيدة بينهم وإن كان بعضهم يقول الأعمار في الأمم الماضية قد تطول إلى هذا الحد لكن الأكثر على أنها ليست بأخت لهم ،فأخوها هارون ليس هو أخو موسى وأبوها عمران ليس هو أبو موسى .
من غير زيد ابن حارثة من صحاب عز :أي لم يذكر باسمه من الصحابة إلا زيد ابن حارث ،(فلما قضى زيد منها وطرزوجناكها) ثم لما نهى الكلام عن الأسماء بدأ بالكنى .
ثم الكنى فيه كعبد العزى :لم يذكر عزير ما ذكر عزير وينبغي أن يذكر مع من ؟ مع مريم وعمران وهارون أخوها ينبغي أن يذكر عزير وهو مذكور في الأصل في النقاية .
م الكنى في القرآن كعبد العزى جاء بالتكنية جاء ذكر أبو لهب بكنيته واسمه عبد العزى "ويقول أهل العلم أن الحكمة في تكنيته وإن كانت تكنية في الأصل تكريم وتشريف ،يعني هل يستوي أن تقول يا قلان أو يا أبا فلان الكنية ما في شك أنها تشريف "وذكر أبو لهب بكنيته لأن اسمه معبد لغير الله جل وعلا فالنطق به حرام ينطق بعبد العزى .
النص القرآني لا شك أنه يترفع عن هذه التسمية،وأيضاً ذكره بالكنية إشارة إلى مآله نسأل الله السلامة والعافية .
الألقاب الثالث الألقاب :قد جاء ذو القرنين يا أواب :يا كثير الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله جل وعلا ،واسمه على الأشهر اسكندر ذو القرنين اسمه على الأشهر اسكندر وتلقيبه بذي القرنين أنه بلغ ملكه قرن الشيطان المشرق وقرنه المغرب الذي عند طلوع الشمس وعند غروبها هذا قول .
أو لأن له قرنين إما من الشعر أو من شيء نبت في رأسه كما يقول بعضهم المقصود أنه هكذا جاء في القرآن واسمه عند أكثر المؤرخين في الأشهر عندهم الإسكندر .
(1/205)
المسيح: هذا لقب مع أنه جاء في القرآن ما يدل على أنه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ،وقد تشدد السين فيقال المسيح للمبالغة وسبب تلقيبه بهذا سياحته في الأرض يعني مسح الأرض كلها بالسياحة أو لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا بري أو لأنه ممسوح القدمين لا أخمص له ،المسيح عيسى وذا اللقب من أجل ما يسيح في الأرض من السياحة فمن أجل سياحته في الأرض أو لكونه لا يمسح ذا عاهة إلا بريء أو لأنه مسيح القدمين أي لا أخمص له ،الأخمص إيش؟ التجويف الذي في أسفل القدم فهو ممسوح وهذه صفة مدح ولا ذم ؟ يعني في العسكرية يقبل مسيح ولا ما يقبل؟ كونه له أخمص أسهل في المشي ،على كل حال الأمر سهل ، وقد تكون تسمية عيسى بهذا ليس لهذا لا لأنه ممسوح القدم ما يلزم فالأقرب كونه ما يمسح ذا عاهة إلا بريء هذا واضح لأنه ببريء الأكمة والأبرص بإذن الله ، من اجل ما يسح الخلاف في بعض المذكورين على إنهم أنبياء مثل الخضر مثل لقمان مثل تبع ومثل مريم رجح جمع من العلم أن مريم نبيه وأنها يوحى إليها والمعتمد أنه ليس في الأنبياء من النسوة أحد ،وأوحي إلى النحل بعد ،واستدلوا على نبوة الخضر بقول الله عز وجل {ما فعلته عن أمري} استدلوا بهذا ،فرعون ذا : اسمه الوليد.
ثم القسم الرابع والمبهم:من أل فرعون الذي قد يكتموا إيمانه يعني الذي جاء ذكره في سورة غافر .
واسمه حزقيل :ومن على ياسين قد يحيل :أعني الذي يسعى اسمه حبيب ،الذي جاء يسعى في سورة يس اسمه حبيب النجار ،لكن الذي جاء يسعى في سورة القصص يوشع ابن نون يا لبيب ،لأنه الذي يسعى اثنين واحد في سورة يس وهذا نص عليه أن اسمه حبيب النجار وهذا معروف عند المفسرين ،وأما الذي جاء يسعى في سورة القصص يوشع ابن نون يا لبيب هذا الذي يظهر في كلامه ‘وهو فتى موسى لدى السفينة يعني في سورة الكهف {إذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين }إلى أن قال {فلما جاوزا قال لفتاه }هو يوشع ابن نون .
(1/206)
ومن هما في سورة المائدة؟ قال :رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما أدخلوا عليهم الباب اسم الاثنين قال رجلان اسمهما كالب ابن يوقنا مع يوشع ابن نون ،يوشع جاء ذكره مبهماً في أكثر من موضع يعني فسر أكثر من مبهم بيوشع ابن نون .
أم موسى في سورة القصص {فأصبح فؤاد أم موسى فارغاً}اسمها يوحنا بنت يصهر تحتاج إلى ضبط والجهل بها لا يضر يكفينا أن نقول أم موسى ،ولو كان في تسميتها ونسبتها شيء مما يتوقف عليه فهم القرآن أو العمل بالقرآن لسميت يوحنن اسمها كفيت البؤسَ ،جملة دعائية أي كفاك الله جل وعلا وحفظك من البؤس والشدة .
ومن هو العبد لدى الكهف : أي لدى سورة الكهف في قوله{فوجد عبد من عبادنا }الخضر والخضر لقب اسمه بيليا لو ترجعون إلى كتب التواريخ وكتب التفسير تجدون مثل هذا الكلام مصحف على أوجه كثيرة ،كل هذا يدلنا على أنه لو كان مما يتوقف عليه فهم القرآن لحفظه الله جل وعلا من التصحيف والتحريف .
الخضر ومن له الدم لديها قد هدر :لديها يعني في سورة الكهف ويختلفون في الخضر من وجوه :
هل هو نبي أو ولي ؟ وهل هو مات أو بقي إلى زماننا أو إلى ما بعده؟ مسألة خلافية بين أهل العلم والجمهور على أنه باقي والذي حققه شيخ الإسلام وغيره من أئمة التحقيق أنه قد مات .
ومن له الدم لديها قد هدر:بلا قصاص أعني الغلام {حتى إذا لقي غلام فقتله }الذي قتله الخضر وهو اسمه حيسور ،والملك في قوله تعالى{كان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}هدد ابن بدد وكلاهما كما قالوا على وزن سورد .
والصاحب للرسول :وصاحب للرسول عليه الصلاة والسلام في الغار {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} هو الصديق الكبر أعني المقتفي لأثر النبي عليه الصلاة والسلام .
أضفير العزيز أو قضفير :العزيز عزيز مصر أضفير اسمه أو قضفير قولان .
(1/207)
ومبهم في القرآن وروده كثير :وروده كثير ومرجع تعين هذا المبهم أو تميزه إلى النقل المحض ولا مجال للرأي فيه كذلك الأسماء لا يدخلها الاجتهاد ولا يستدل عليها من خلال السياق بما قبلها وما بعدها ولذا يوصي أهل العلم بتحفظ الأسماء وتلقيها عن أهل العلم والخبرة لأن الإنسان قد يقرأ اسم راوي من الرواة وتصحيفه يسير ويمشي عليه يعني نعيم بن سالم لو بحثت في كتب الدنيا ما وجدت شخص اسمه نعيم وهذا يدور اسمه في كتب الحديث كثيرة واسمه يغنم بن سالم والمسألة زيادة نقطة ونقص في نقطة .
فلو بحثت عن ترجمة لهذا الراوي لن تجدمع التصحيف اليسير فعلى هذا الأسماء لا بد من تلقيها عن أهل الخبرة والمعرفة الذي ينطقونها كما هي والعناية بكتب الضبط فإذا ضبط كلمة وحررها وتلقاها وراجع عليها الكتب كما يقول أهل العلم فليودعها سويداء قلبه .
ومبهم وروده في القرآن كثير:ومن المبهم ما استأثر الله بعلمه يعني لا تبحث عنه ،من المبهم لا تتعب نفسك في البحث عنه ،وآخرين منهم لا تعلمونهم الله يعلمهم مثل هؤلاء المبحث عنهم ما يمكن .
وعلى كل حال المبهمات فيها مصنفات من أشهرها:
مصنف للسهيلي في مبهمات القرآن للسهيلي ،وابن جماعة ،وأيضاً للبلقيني والسيوطي مبهمات في القرآن .
وهناك مصنفات في مبهمات رجال الحديث سواء كانت في المتون أو الأحاديث ومن أجمعها: المستفاد من مبهمات المتن والإسناد - للحافظ ولي الدين أبي زرع ابن حافظ العراقي ، وللخطيب البغدادي ،وللنووي ،وجمع من أهل العلم ألفوا في المبهمات .
ومبهمات ما ورد في الأسانيد هذه من أهم المهمات معرفته إذ يتوقف عليها معرفة حال هذا المبهم ،لا نستطيع أن نعرف هذا المبهم إلا إذا عرفنا اسمه ثم بعد ذلك نعرف حاله .
وكاد أن يستوعب التحبير:السيوطي التحبير كتاب في علوم القرآن للسيوطي كاد أن يستوعب هذا النوع المبهمات .
(1/208)
وكاد أن يستوعب التحبير جميعها: جميع المبهمات ، فأقصده يا نحرير: أقصد هذا الكتاب ومطلع عليه وانظر ما فيه .
فهاك : انتهى من الكلام النظم ،فهاك: يعني خذ هذه المنظومة .
فهاكها مني لدى قصوري : يعني في العلم والمعرفة وضبط الشعر على قصوري .
فهاكها مني لدى قصوري ولا تكن بحاسد مغرور :
لا تكن بحاسد لي على هذه المنظومة التي استحسنتها فتحسدني عليها وتغتر بنفسك ، إلا إذا وجدت خلالاً.
إلا إذا بخل ظفرت :يعني لا تنتقد ولا تعترض لمجرد الغرور في نفسك أو حسد لي ،إنما أعترض إذا وجدت خلل.
فأصلح الفساد إن قدرت:فأصلح الفساد الحاصل بذلك الخلل إن قدرت على الإصلاح ومع ذلك لا تصلح في أثناء الكلام أو في الأبيات تبدل كلمة بكلمة وتعدل بيت في أثناء الكلام ويبقى الكلام على ما هو عليه ويعلق عليه ويعدل ويصحح في الحاشية لماذا؟
لأنك افترض أنك صححت هجمت على كلمة فرأيت أن غيرها أصوب منها صححتها ثم جاء شخص وقال ايش جاب هالكلمة ورجع إلى الأصل ومسح وأثبت الأصل ،أو أنت صححت وأثبت الأصل جاء ونقل الأصل إلى مكان وكلامك صار مرجوح عنده ،يثبت في الكتب ما يستظهره المحقق ويقول الذي في الأصل كذا وصوابه ما أثبت ،ثم يأتي من يأتي ويقول لا الصواب ما في الأصل وإذا عدل من غير إشارة فالأمر اسواء لأنه قد يأتي من يعدل بغير إشارة أخرى فينتهي فيكون في النهاية نسخ للكتاب .
ووجبت من بعد ذا : الكلام كله الذي فات .
صلاتي على النبي :محمد عليه الصلاة والسلام .
وآله الهداة:أزواجه وذريته وأتباعه على دينه وأقاربه على من بني هاشم ومن بني المطلب ليشمل جميع الأقوال .
وعلى صحبه جميعاً:حال كوني معم أتباعه صلى الله عليه وسلم على الهدى جيل بعد جيل إلى قيام الساعة .
والله أعلم وصلى الله وسلم ومبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين(1)
__________
(1) هنا انتهت مادة الشريط السابع من هذا المتن والشرح المبارك.
(1/209)