ابْنُ كَثِيرٍ يَحْكِي لَكَ عَنِ " السِّرْدَابِ "
قال ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (1/177) :
وأما ما يعتقدونه بسرداب سامرا فذاك هوس في الرؤوس ، وهذيان في النفوس ، لا حقيقة له ، ولا عين ، ولا أثر .ا.هـ.
وقال أيضا (9/50) :
وقد ذهب طائفة من الرافضة إلى إمامته - يعني محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية - وأنه ينتظر خروجه في آخر الزمان ، كما ينتظر طائفة أخرى منهم الحسن بن محمد العسكري ، الذي يخرج في زعمهم من سرداب سامراً ، وهذا من خرافاتهم وهذيانهم وجهلهم وضلالهم وترهاتهم .ا.هـ.
وقال في ترجمة أبي السعادات الحلي (13/51-52) :
التاجر البغدادي الرافضي ، كان في كل جمعة يلبس لأمة الحرب ويقف خلف باب داره ، والباب مجاف عليه، والناس في صلاة الجمعة ، وهو ينتظر أن يخرج صاحب الزمان من سرداب سامرا - يعني محمد بن الحسن العسكري - ليميل بسيفه في الناس نصرة للمهدي .ا.هـ.
وقال أيضا (6/221) :
منهم أيضاً بالنص على كونه من أهل البيت واسمه محمد بن عبد الله وليس بالمنتظر في سرداب سامرا فإنَّ ذاك ليس بموجود بالكلِّية وإنما ينتظره الجهلة من الرَّوافض ا.هـ.
وقال أيضا (6/278) :
وآخرهم في زعمهم المهدي المنتظر في زعمهم بسرداب سامرا وليس له وجود ، ولا عين ، ولا أثر .ا.هـ.
وقال في تفسيره عند قوله تعالى : " وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا " [ المائدة : 12 ] :(1/1)
وَلَيْسَ هَذَا بِالْمُنْتَظَرِ الَّذِي تَتَوَهَّم الرَّافِضَةُ وُجُودَهُ ثُمَّ ظُهُورَهُ مِنْ سِرْدَاب سَامِرَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وَلَا وُجُود بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ هُوَ مِنْ هَوَس الْعُقُول السَّخِيفَة وَتَوَهُّم الْخَيَالَات الضَّعِيفَة وَلَيْسَ الْمُرَاد بِهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء الِاثْنَا عَشَر الْأَئِمَّة الِاثْنَا عَشَرَ الَّذِينَ يَعْتَقِد فِيهِمْ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ الرَّوَافِضِ لِجَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عَقْلهمْ .ا.هـ.
وقال شيخُ الإسلام في الفتاوي :
وَيَقُولُونَ : إنَّمَا كَانُوا عَلَى الْحَقِّ لِأَنَّ فِيهِمْ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ وَالْمَعْصُومُ عِنْدَ الرَّافِضَةِ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَا عَشْرِيَّةِ : هُوَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَخَلَ إلَى سِرْدَابِ سَامِرَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ .
وَهُوَ إلَى الْآنَ غَائِبٌ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ خَبَرٌ وَلَا وَقَعَ لَهُ أَحَدٌ عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَرٍ .
وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِأَنْسَابِ أَهْلِ الْبَيْتِ يَقُولُونَ : إنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعُقَلَاءَ كُلَّهُمْ يَعُدُّونَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَسْفَهِ السَّفَهِ وَاعْتِقَادُ الْإِمَامَةِ وَالْعِصْمَةِ فِي مِثْلِ هَذَا : مِمَّا لَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ إلَّا مَنْ هُوَ أَسْفَهُ النَّاسِ وَأَضَلُّهُمْ وَأَجْهَلُهُمْ . وَبَسْطُ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@214.Qng4c0t8SnG^2@.ef3adaa
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
البحر الميت هل هو مقر قوم لوط ؟؟
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل منطقة البحر الميت أو الغور في الأردن هي موقع قوم لوط وهل هناك دليل قطعي على ذلك؟
وهل يجوز أن نذهب ونجلس في مثل هذه المواقع وكذلك نستطيع أن نصلي فيها؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله كل خير ومع جزيل الشكر
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أرسل الله جل وعلا لوطاً عليه السلام إلى قومه، وكانوا يسكنون سدوم وعمورة. قال تعالى: (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الصافات:133-138] .
وقال تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) [الحجر:67] .
جاء في تفسير الجلالين ، وأهل مدينة سدوم هم قوم لوط. .
وقال ابن كثير : فبعثه الله إلى أهل سدوم ، وما حولها من القرى يدعوهم إلى الله عز وجل ، ويأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم ، والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم أحد من بني آدم ، ولا غيرهم. أ.هـ.
قال تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) [هود: 82] .
قال ابن كثير وغيره (جعلنا عاليها) وهي سدوم (سافلها) ، وقال في تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) [الحجر:76] .
أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري ، والمعنوي ، والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مَهْيَع مسالكه مستمرة إلى اليوم .(1/1)
ومن هنا قال من قال : إن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، وكما تواطأت كتب التفسير والتاريخ الإسلامي على أن البحر الميت هو مكان الخسف بقرى قوم لوط ، فقد نصت على ذلك الكتب التي بأيدي أهل الكتاب ، جاء في صحيفة الصنداي تايمز اللندنية في العدد الصادر في نوفمبر عام 1999: إن مدينة سدوم - أكثر المدن إثما في نظر الكتب المقدسة - على وشك أن تستقبل أول زائر لها منذ رحل عنها النبي لوط بسرعة قبل أن تدمر بنيران شديدة منذ 4 آلاف سنة ، سيقوم باحث بريطاني في غواصة صغيرة هذا الأسبوع بمغامرة في قاع البحر الميت حيث يعتقد أن بقايا مدينة سدوم ترقد هناك .
وهذه المنطقة ، كما هو معروف أكثر منطقة على وجه الأرض انخفاضاً ، بل ذكر بعض الباحثين أن الانخفاض فيها يزداد على مر السنين ، مما دعا بعض الخبراء إلى الدعوة لإنفاذ البحر الميت عن طريق ضخ مياه البحر الأحمر إليه عبر قناة تسمى بقناة البحرين .
يقول الباحث إلياس سلامة وهو : أستاذ للجيولوجيا بالجامعة الأردنية : إنه في بداية الستينات كان منسوب المياه في البحر الميت 392 متراً تحت سطح البحر ، واليوم يبلغ منسوبة 412 متراً تحت سطح البحر .
وبيئة البحر الميت بيئة فريدة تجعل من الصعب أن تعيش فيه كائنات حية إذ ترتفع فيه درجة الملوحة بشدة ، حتى إن اللتر الواحد يحتوي على 300 جرام من الملح مقابل 35 في المتوسط من البحار الأخرى .(1/2)
فإن ثبت قطعاً أن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على المعذبين ومساكنهم، فضلاً عن الجلوس والصلاة في تلك الأماكن ، إلا أن يكون الرجل باكياً، فإن لم يكن باكياً ، فلا يدخل عليهم ، ولا يمر بديارهم . وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم " وقد قال صلى الله عليه وسلم ذلك في ديار ثمود قوم صالح ، ويلحق بهم كل قوم أهلكوا بعذاب من عند الله ، ومنهم قوم لوط ، هذا إذا ثبت أن البحر الميت هو مكان عذاب قوم لوط ، ولكننا إلى الآن لم نجد ما يشهد لثبوت ذلك ، بل الغالب على الظن أن كل ما ورد مما يتصل بهذا الموضوع قد أخذ عن أهل الكتاب ، وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم فيما ليس في شريعتنا ما يشهد بصدقه أو كذبه .
وما دام الأمر كذلك ، فإن مثل ذلك لا يثبت به حكم شرعي ، بحيث يأخذ البحر الميت حكم ديار ثمود ، إلا أن الأورع للمرء أن يبتعد عن الانتفاع بمنتوجات هذا البحر ، وعن زيارته ، وذلك اتقاءً لمواطن الشبهات. والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
---
السؤال :
سمعت ان الرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان يمر بمنطقة البحر الميت كان يعرض عن رؤية ذلك المكان بسبب غضب الله على أهله....وأنا أريد الاستفسار عن سؤالين :-
1) سمعت من بعض رجال الدين في الأردن أنه اذا وجد ملح مستخرج من البحر الميت ولآخر مستخرج من هولندا...أن اشتري من ملح هولندا وذلك لأن منطقة البحر الميت ليست مباركه و اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام...ولكن اليس بذلك فائدة لدولة كافرة على مسلمه مثل الأردن .(1/3)
2) قال لي شخص أن بالقرآن وجدت آيه تقول المسجد الأقصى الذي باركنا حوله وقصد كل المنطقة بما فيها البحر الميت ولكن ذلك لم يقنعني...أرجو إفادتنا..وجزاكم الله خيرا
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن مرور النبي صلى الله عليه وسلم بمنطقة البحر الميت لم يثبت في السنة النبوية ولا في سيرته صلى الله عليه وسلم ، فهو كلام غير صحيح. ومنذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاته لم يخرج باتجاه الشام إلاّ مرتين :
المرة الأولى في الإسراء والمعراج ، وكان إسراؤه صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، ولم يرد - فيما نعلم - أنه مر في حادثة الإسراء بمنطقة البحر الميت .
والثانية في غزوة تبوك - وتبوك تقع قبل منطقة البحر الميت ، وهي داخل حدود المملكة العربية السعودية الآن . أما قبل مبعثه ، فربما مر عليه الصلاة والسلام بتلك المنطقة عند ذهابه للتجارة بمال خديجة أو عندما سافر مع عمه أبي طالب للتجارة أيضاً .
وقد كان لقريش رحلتان : رحلة الشتاء والصيف ، إحداها للشام والأخرى لليمن كما ذكر المفسرون .
ومروره هذا - لو ثبت - لا يتعلق به شيء ، لأنه لم يكن قد أوحيَ إليه عليه الصلاة والسلام .
وأما الانتفاع من البحر الميت بالملح ونحوه ، فإن البحر الميت منطقة عذاب ، وعذب الله فيها قوم لوط عليه السلام ،على ما ذكره بعض أهل التفسير ، وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه أن ينتفعوا بآبار ثمود ، لأنها آبار قوم لحقهم عذاب دنيوي بسبب تكذيبهم لنبيهم ، فإذا ثبت كونه منطقة عذاب فيمكن أن يقاس هذا على هذا فيقال لا يحل الانتفاع بملح البحر الميت لهذه العلة وهي كونه منطقة عذاب ، وليس هذا حكماً قطعياً ، وإنما تنبيه إلى مستند من تكلم من أهل العلم في ذلك .(1/4)
أما كون الملح يأتي من دولة كافرة ويوجد ملح تصنعه الدولة المسلمة ، فلا حرج على الإنسان أن يشتري ملح الدولة الكافرة إذا كان أعلى جودة ونحو ذلك . وأما الآية التي استدل بها الشخص وهي قوله تعالى عن المسجد الأقصى ( الذي باركنا حوله) فهذا لا يعني عدم نزول العذاب على من عصى الله تعالى في تلك المنطقة ، والمفسرون ذكروا أن معنى (باركنا حوله) بالزروع والثمار والخيرات . والله أعلم .
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=3332&word=البحر الميت
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@112.uX0mbiVxxz7^1@.ef1801e/0
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
تفسير قوله تعالى ( لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ (
لقد اختلف اهل العلم في تفسير هذه الآية على قولين :
1 - أن المقصود الكتاب الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة .
2 - أن المقصود القرآن لا يمسه إلا الطاهر أما المحدث حدثا أكبر أو أصغر على خلاف بين أهل العلم فإنه لا يمسه .
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية في " شرح العمدة (1/384) القول الأول ، فقال :
والصحيح اللوح المحفوظ الذي في السماء مراد من هذه الآية وكذلك الملائكة مرادون من قوله المهطرون لوجوه :
أحدهما : إن هذا تفسير جماهير السلف من الصحابة ومن بعدهم حتى الفقهاء الذين قالوا : لا يمس القرآن إلا طاهر من أئمة المذاهب صرحوا بذلك وشبهوا هذه الآية بقوله : " كَلَّا إِنَّهَا . تَذْكِرَةٌ . فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ . مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ " [ عبس : 11 - 16] .
وثانيها : أنه أخبر أن القرآن جميعه في كتاب ، وحين نزلت هذه الآية لم يكن نزل إلا بعض المكي منه ، ولم يجمع جميعه في المصحف إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
وثالثها : أنه قال : " فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ " [ الواقعة : 78] ، والمكنون : المصون المحرر الذي لا تناله أيدي المضلين ؛ فهذه صفة اللوح المحفوظ .
ورابعها : أن قوله : " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة :79] ، صفة للكتاب ، ولو كان معناها الأمر ، لم يصح الوصف بها ، وإنما يوصف بالجملة الخبرية .
وخامسها : أنه لو كان معنى الكلام الأمر لقيل : فلا يمسه لتوسط الأمر بما قبله .(1/1)
وسادسها : أنه لو قال : " الْمُطَهَّرُونَ " وهذا يقتضي أن يكون تطهيرهم من غيرهم ، ولو أريد طهارة بني آدم فقط لقيل : المتطهرون ، كما قال تعالى : " فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ " [التوبة :108] ، وقال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ البقرة : 222] .
وسابعها : أن هذا مسوق لبيان شرف القرآن وعلوه وحفظه .
وقال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين (2/417) :
قلت : مثاله قوله تعالى : " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة :79] قال - يقصد الإمام ابن القيم شيخَ الإسلام - : والصحيح في الآية أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة :
- منها : أنه وصفه بأنه مكنون والمكنون المستور عن العيون وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة .
- ومنها : أنه قال : " لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة :79] ، وهم الملائكة ، ولو أراد المتوضئين لقال : لا يمسه إلا المتطهرون ، كما قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ البقرة : 222] . فالملائكة مطهرون ، والمؤمنون متطهرون .
- ومنها : أن هذا إخبار ، ولو كان نهيا لقال : لا يمسسه بالجزم ، والأصل في الخبر أن يكون خبرا صورة ومعنى .
- ومنها : أن هذا رد على من قال : إن الشيطان جاء بهذا القرآن ؛ فأخبر تعالى : أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ، ولا وصول لها إليه كما قال تعالى في آية الشعراء : " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ [ عراء : 210 - 211] وإنما تناله الأرواح المطهرة وهم الملائكة .(1/2)
- ومنها : أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس : " فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ . مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ " [ عبس : 12 - 16] ، قال مالك في موطئه : أحسن ما سمعت في تفسير : " لَا يَمَسُّهُ إالْمُطَهَّرُونَ " أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس :
- ومنها : أن الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد ، وإثبات الصانع ، والرد على الكفار ، وهذا المعني أليق بالمقصود من فرع عملي وهو حكم مس المحدث المصحف .
- ومنها : أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة إذ من المعلوم أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقا أو باطلا بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن العيون عند الله لا يصل إليه شيطان ، ولا ينال منه ، ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية ؛ فهذا المعنى أليق وأجل وأخلق بالآية وأولى بلا شك .ا.هـ.
والله أعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
تفسير معنى قوله تعالى : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم "
ما تفسير هذه الآية ؟
قال الله تعالى في سورة العنكبوت (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون. بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم...) الأيتان من سورة العنكبوت 48 و 49
قرأت تفسير معنى قوله تعالى (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم..) ولم أستطع فهم ما رجحه الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره..
هل المقصود بـ(أوتوا العلم) هم علماء المسلمين الذين وفقهم الله لحفظ كتابه العزيز في صدورهم أم علماء أهل الكتاب
الجواب :
الأخ عبدالله القرشي حفظه الله
بداية أقول جزاك الله خيرا على حسن ظنك بي وأسأل الله أن يجعلنا خيرا مما يظنون وليتك عممت ولم تخصص فإن في المنبر من طلبة العلم الذين تجد عندهم الجواب الشافي إن شاء الله تعالى .
أما جواب السؤال فأقول وبالله التوقيق :
قال القرطبي في تفسيره (13/354) :
قوله تعالى " بل هو آيات بينات " يعني القرآن قاله الحسن
وزعم الفراء في قراءة عبدالله بل هي آيات بينات المعنى بل آيات القرآن آيات بينات قال الحسن ومثله هذا بصائر ولو كانت هذه لجاز نظيره هذه رحمة من ربي
قال الحسن أعطيت هذه الأمة الحفظ وكان من قبلها لا يقرءون كتابهم إلا نظرا فإذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه إلا النبيون
فقال كعب في صفة هذه الأمة إنهم حكماء علماء وهم في الفقه أنبياء
" في صدور الذين أوتوا العلم " أي ليس هذا القرآن كما يقوله المبطلون من أنه سحر أو شعر ولكنه علامات ودلائل يعرف بها دين الله وأحكامه وهي كذلك
" في صدور الذين أوتوا العلم " وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون به يحفظونه ويقرءونه ووصفهم بالعلم لأنهم ميزوا بأفهامهم بين كلام الله وكلام البشر والشياطين(1/1)
وقال قتادة وابن عباس بل هو يعني محمدا صلى الله عليه وسلم آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب يجدونه مكتوبا عندهم في كتبهم بهذه الصفة أميا لا يقرأ ولا يكتب ولكنهم ظلموا أنفسهم وكتموا وهذا اختيار الطبري ودليل هذا القول قراءة ابن مسعود وابن السميقع بل هذا آيات بينات وكان عليه السلام آيات لا آية واحدة لأنه دل على أشياء كثيرة من أمر الدين فلهذا قال بل هو آيات بينات وقيل بل هو ذو آيات بينات فحذف المضاف وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون أي الكفار لأنهم جحدوا نبوته وما جاء به .
وقال ابن كثير في تفسيره (6/286-287) :
وقال ههنا " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " أي هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا يحفظه العلماء يسره الله عليهم حفظا وتلاوة وتفسيرا كما قال تعالى : " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" (القمر : 17)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبى إلا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابع ( رواه البخاري 7274)
وفي حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم : يقول الله تعالى إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان ( مسلم 2865)
أي لو غسل الماء المحل المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحل لأنه قد جاء في الحديث الآخر : لو كان القرآن في إهاب ما أحرقته النار . ( رواه أحمد في مسنده 4/151) .
ولأنه محفوظ في الصدور ميسر على الألسنة مهيمن على القلوب معجز لفظا ومعنى ولهذا جاء في الكتب المتقدمة في صفة هذه الأمة أناجيلهم في صدورهم(1/2)
واختار ابن جرير أن المعنى في قوله تعالى : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " بل العلم بأنك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابا ولا تخطه بيمينك آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب ونقله عن قتادة وابن جريج وحكى الأول عن الحسن البصرى فقط
قلت ( ابن كثير ) : وهو الذى رواه العوفي عن ابن عباس وقاله الضحاك وهو الأظهر والله أعلم .ا.هـ.
فابن كثير يرجح القول الأول وهو أنه محفوظ في صدور المسلمين أي القرآن .
وقال الشوكاني في فتح القدير (4/207) :
( بل هو آيات بينات ) يعني القرآن ( في صدور الذين أوتوا العلم ) يعني المؤمنين الذين حفظوا القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم وحفظوه بعده ، وقال مقاتل وقتادة : إن الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم : أي بل محمد آيات بينات : أي ذو آيات .
وقرأ ابن مسعود " بل هي آيات بينات " قال الفراء : معنى هذه القراءة : بل آيات القرآن آيات بينات .... واختار ابن جرير ما قاله قتادة ومقاتل ، وقد استدل لما قالاه بقراءة ابن السميفع " بل آيات هذا آيات بينات " ولا دليل في هذه القراءة على ذلك ، لأن الإشارة يجوز أن تكون إلى القرآن كما جاز أن تكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل رجوعها إلى القرآن أظهر لعدم احتياج إلى هذا التأويل .ا.هـ.
والله تعالى أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
سؤال حول الأحرف المقطعة في القرآن ؟
عندي سؤال مهم جداً وأريد الإجابة عليه فورا لان بيني وبين رافضي مشادة حول ان (( طه )) و (( يس )) من أسماء النبي صلى عليه وسلم هل هذا الكلام صحيح وذكر في التفاسير وما يكون تفسير الكافي هذا ... وجزاكم الله خير
الجواب :
أخي
ما سألت عنه - أي " طه " و " يس " - هي أحرف مقطعة مثلها مثل " ألم " و " حم " وغيرها من الأحرف المقطعة التي ورد ذكرها في كتاب الله .
قال ابن كثير عند سرده للأقوال في معنى الحروف المقطعة : ... وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ إِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْحُرُوف فِي أَوَائِل السُّوَر الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآن وَأَنَّ الْخَلْق عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَته بِمِثْلِهِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ مُرَكَّب مِنْ هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا وَقَدْ حَكَى هَذَا الْمَذْهَب الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره عَنْ الْمُبَرِّد وَجَمْع مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ عَنْ الْفَرَّاء وَقُطْرُب نَحْو هَذَا وَقَرَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي كَشَّافه وَنَصَرَهُ أَتَمَّ نَصْر وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخ الْإِمَام الْعَلَّامَة أَبُو الْعَبَّاس اِبْن تَيْمِيَة وَشَيْخنَا الْحَافِظ الْمُجْتَهِد أَبُو الْحَجَّاج الْمِزِّيّ وَحَكَاهُ لِي عَنْ اِبْن تَيْمِيَة .(1/1)
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ : وَلَمْ تَرِد كُلّهَا مَجْمُوعَة فِي أَوَّل الْقُرْآن وَإِنَّمَا كُرِّرَتْ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّحَدِّي وَالتَّبْكِيت كَمَا كُرِّرَتْ قِصَص كَثِيرَة وَكُرِّرَ التَّحَدِّي بِالصَّرِيحِ فِي أَمَاكِن قَالَ وَجَاءَ مِنْهَا عَلَى حَرْف وَاحِد كَقَوْلِهِ - ص ن ق - وَحَرْفَيْنِ مِثْل" حم " وَثَلَاثَة مِثْل " الم " وَأَرْبَعَة مِثْل " المر " وَ " المص" وَخَمْسَة مِثْل " كهيعص - وَ - حم عسق " لِأَنَّ أَسَالِيب كَلَامهمْ عَلَى هَذَا مِنْ الْكَلِمَات مَا هُوَ عَلَى حَرْف وَعَلَى حَرْفَيْنِ وَعَلَى ثَلَاثَة وَعَلَى أَرْبَعَة وَعَلَى خَمْسَة لَا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ "
قُلْت : " وَلِهَذَا كُلّ سُورَة اُفْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ فَلَا بُدّ أَنْ يُذْكَر فِيهَا الِانْتِصَار لِلْقُرْآنِ وَبَيَان إِعْجَازه وَعَظَمَته وَهَذَا مَعْلُوم بِالِاسْتِقْرَاءِ وَهُوَ الْوَاقِع فِي تِسْع وَعِشْرِينَ سُورَة وَلِهَذَا يَقُول تَعَالَى " الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ " " الم اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم نَزَّلَ عَلَيْك الْكِتَاب بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ" " المص كِتَاب أُنْزِلَ إِلَيْك فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرك حَرَج مِنْهُ" " الر كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك لِتُخْرِج النَّاس مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِ رَبّهمْ " " الم تَنْزِيل الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ " " حم تَنْزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَن الرَّحِيم" " حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِك اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى صِحَّة مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ لِمَنْ أَمْعَنَ النَّظَر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .(1/2)
أما قول الرافضي أنها من أسماء النبي صلى الله عليه فقد قال به بعض أهل السنة ولكنه قول لا دليل عليه بل هو مردود فقد ذكر الله اسم النبي صلى الله عليه وسلم صريحا في القرآن فقال تعالى : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ " [ آل عمران : 144 ] فهل يعجز ربنا تبارك وتعالى عن التصريح بأنها أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
أما كتاب الكافي فأحيلك إلى الرابط لتعرف حقيقة الكتاب :
http://www.ansar.org/books/alkafi.htm
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@157.ap7dffwWi3y.23@.1dd392d9/0
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
سؤالٌ وجوابٌ عن تفسيرِ قولهِ تعالى :
" وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ "
السؤال :
قرأت في تفسير عماد الدين أبي الفداء الإمام إسماعيل بن عمر بن كثير عليه رحمات الله عند تفسير قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) في سورة الأنبياء الآية 107 قوله : (... فإن قيل : فأي رحمة حصلت لمن كفر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس في قوله : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. قال : من آمن بالله واليوم الآخر، كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله، عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف. الطبري 18/552 )
فما تعليقك على ذلك ؟
الجواب :
ما نقلتَه من كلام ابن كثير فالجواب عليه ما يلي :
أولاً : بعد الرجوع إلى سند الرواية عن ابن عباس في " تفسير ابن جرير " فهي كما يلي :
1 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه فِي كِتَابه : " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ " قَالَ : مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر كَتَبَ لَهُ الرَّحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله عُوفِيَ مِمَّا أَصَابَ الْأُمَم مِنْ الْخَسْف وَالْقَذْف .
2 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر به .
3 - وقال ابن كثير في " تفسيره " : وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث الْمَسْعُودِيّ عَنْ أَبِي سَعْد وَهُوَ سَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ .(1/1)
فكما ترى أن المسعودي - وهو متكلم فيه من جهة حفظه فقد اختلط - مرة يقول : عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ سَعِيد .
ومرة : عَنْ أَبِي سَعِيد .
ثم بين ابن كثير كما في رواية ابن أبي حاتم من هو هذا الرجل بقوله : عَنْ أَبِي سَعْد وَهُوَ سَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال .
وسَعِيد بْن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال ضعفه العقيلي ، وابن الجوزي ، والدارقطني ، والذهبي ، وابن حجر ، ولا عبرة بمن وثقه .
فالسند إلى ابن عباس معلول في هذه الروايةِ .
وقال ابن كثير أيضا : وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ عَنْ عَبْدَان بْن أَحْمَد عَنْ عِيسَى بْن يُونُس الرَّمْلِيّ عَنْ أَيُّوب بْن سُوَيْد عَنْ الْمَسْعُودِيّ عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ" قَالَ مَنْ تَبِعَهُ كَانَ لَهُ رَحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَنْ لَمْ يَتْبَعهُ عُوفِيَ مِمَّا كَانَ يُبْتَلَى بِهِ سَائِر الْأُمَم مِنْ الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف .
قال الهيثمي في " المجمع " (7/170) : رواه الطبراني وفيه أيوب بن سويد ، وهو ضعيف جداً ، وقد وثقه ابن حبان بشروط فيمن يروي عنه وقال : إنه كثير الخطأ . والمسعودي قد اختلط .ا.هـ.
الخلاصة : أن الأثر لا يثبت عن ابن عباس رضي الله عنه .
ثانيا : وأما ما قاله أهل العلم في تفسير هذه الآية : " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ " [ الأنبياء : 107 ] ، فقد بينوا أن الآيات الأخرى بينت المقصود من الرحمة بالنسبة للكافر ، وكذلك سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
فالأمم السابقة كان يحل بها العذاب بمجرد التكذيب والآيات في ذلك كثيرة منها :(1/2)
قال تعالى في شأن نوح : " فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ " [ الأعراف : 64 ] .
وقال تعالى في شأن هو : " فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ " [ الأعراف : 72 ] . والآيات كثيرة .
وأما من السنة : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، قَالَ : إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً . رواه مسلم .
وهذه الرحمة هي للمؤمن ، والمنافق ، والكافر .
قال القاضي عياض في " الشفا " (1/91) : " للمؤمن رحمة بالهداية ، وللمنافق رحمة بالأمان من القتل ، ورحمة للكافرين بتأخير العذاب " .ا.هـ.
وقال أبو نعيم في " دلائل النبوة " : فأمن أعداؤه من العذاب مدة حياته عليه السلام فيهم ، وذلك قوله تعالى : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " [ الأنفال : 33 ] ، قلم يعذبهم مع استعجالهم إياه تحقيقا لما نعته به .ا.هـ.
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@51.ZWWAeYqteIn.0@.1dd32ca2
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
فائدة : لِم قُدم المغضوب عليهم على الضالين ؟
قال الإمام ابن القيم في " بدائع الفوائد " (2/47) :
وأما المسألة الثالثة عشرة :
وهو تقديم المغضوب عليهم على الضالين فلوجوه :
أحدها : أنهم متقدمون عليهم بالزمان .
الثاني : أنهم كانوا هم الذين يلون النبي من أهل الكتابين فإنهم كانوا جيرانه في المدينة ، والنصارى كانت ديارهم نائية عنه ، ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام معهم في القرآن الكريم أكثر من خطاب النصارى ، كما في سورة البقرة والمائدة وآل عمران وغيرها من السور .
الثالث : أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى ، ولهذا كان الغضب أخص بهم واللعنة والعقوبة ، فإن كفرهم عن عناد وبغي كما تقدم ، فالتحذير من سبيلهم والبعد منها أحق وأهم بالتقديم ، وليس عقوبة من جهل كعقوبة من علم .
الرابع : وهو أحسنها أنه تقدم ذكر المنعم عليهم والغضب ضد الإنعام ، والسورة هي السبع المثاني التي يذكر فيها الشيء ومقابله ، فذكر المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الإزدواج والمقابلة ما ليس في تقديم الضالين ، فقولك : " الناس منعَمٌ عليه ومغضوب عليه فكن من المنعم عليهم " ، أحسن من قولك : مُنْعَمٌ عليه وضالٌّ .ا.هـ.
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
فقال موسى: أيكم يدري أين قبر يوسف ؟ !!!
قال احمد الخزاعي
الحمدلله والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبلينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد:
قال الحاكم: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري حدثنا أبو نعيم حدثنا يونس بن أبي إسحاق أنه أصحهما قول الله عز وجل وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون الآيات فقال أبو بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال :
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعرابي فأكرمه
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعهدنا ائتنا . فأتاه الأعرابي
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حاجتك فقال ناقة برحلها وبحر لبنها أهلي – هكذا في المستدرك وفي ابن حبان ناقة نركبها وأعنز يحلبها أهلي –
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :عجز هذا أن يكون كعجوز بني إسرائيل
فقال له أصحابه : ما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله
فقال: إن موسى حين أراد أن يسير ببني إسرائيل ضل عنه الطريق
فقال لبني إسرائيل: ما هذا؟
قال فقال له علماء بني إسرائيل: إن يوسف عليه السلام حين حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى تنقل عظامه معنا
فقال موسى: أيكم يدري أين قبر يوسف ؟
فقال علماء بني إسرائيل ما يعلم أحد مكان قبره إلا عجوز لبني إسرائيل .
فأرسل إليها موسى فقال: دلينا على قبر يوسف
قالت: لا والله حتى تعطيني حكمي
فقال لها: ما حكمك
قالت : حكمي أن أكون معك في الجنة . فكأنه كره ذلك
قال فقيل له: أعطها حكمها فأعطاها حكمها- في رواية ابن حبان فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها - فانطلقت بهم إلى بحيرة مستنقعة ماء فقالت : لهم انضبوا هذا الماء فلما أنضبوا
قالت : لهم احفروا فحفروا فاستخرجوا عظام يوسف فلما أن أقلوه من الأرض إذ الطريق مثل ضوء النهار }
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي
ورواه ابن حبان
فوائد من القصة(1/1)
1- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث انه كان ينزل بمن لا يعرف ولا يذكر فهذا الأعرابي لو كان من رجالات العرب لذكر اسمه ومن أمثلة تواضعه صلى الله عليه وسلم
أن أنس رضي الله عنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال :"كان صلى الله عليه وسلم يفعله "
وكان صلى الله عليه وسلم يقول:" آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد "
وكان صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى أغبر بطنه صلوات ربي وسلامه عليه والأمثلة كثيرة
2- رد الجميل لأهله حيث أن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه عندما أكرمه هذا الأعرابي أراد أن يرد له الجميل وذلك بأمرين الأول دعوته لزيارته حيث قال له : " أتنا تعاهدنا " والثاني إكرامه بقوله :" سل حاجتك "
وقد حثنا الرسول الكريم على رد الجميل والمعروف لأهله في أحاديث وبين لنا ماذا نصنع إذا لم نكن نملك الرد المادي فقال صلى الله عليه وسلم :" ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه ...فإن لم تجدوا فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه " أبو داود
وفي الطبراني الكبير :" ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى يرى أن قد كافأتموه "
فهذا الحديث يحثنا على رد المعروف وإذا لم نستطع فيكون الرد عن طريق الدعاء لمن أسدى لنا المعروف
وفي الحديث الأخر قال صلى الله عليه وسلم :" من أولي معروفا فليذكره فمن ذكره فقد شكره ومن كتمه فقد كفره "
3 - خطورة التفريط بالأوامر الشرعية التي كلف الله بها عبادة وخطورتها راجعة إلى الأمة اجمع فأنظر إلى الأثر الذي ترتب على بني إسرائيل لتركهم العهد الذي عليهم تجاه نبي الله يوسف انه بقاء الأمة في العذاب وعدم الهداية إلى طريق الخلاص من عذاب فرعون وتأمل أن هذا كان مع وجود القائد المصلح نبي الله موسى فالخلل قد لا يكون من عدم وجود القائد بل من عدم استجابة الأمة(1/2)
فكم من عهد وعهد نقضته الأمة الإسلامية اليوم وبعد هذا تريد الخروج من هذا التيه قبل إصلاح علاقتها مع ربها هيهات هيهات " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
4- استغلال الفرص للتوجيه والتربية والنصح فرسول الله صلى الله عليه وسلم استغل حدث طلب الأعرابي للأعنز والبعير وقدم توجيها لهذا الأعرابي ولمن كان موجودا من الصحابة وهكذا الداعية المشفق النصوح لمن حوله يتحين الفرص لنصحهم وتوجيههم
5- استخدام أسلوب التشويق في النصيحة حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكر قصة العجوز بشكل مباشر بل قد لها بمقدمة " عجز هذا أن يكون كعجوز بني إسرائيل " ففي هذه الحالة النفس تتشوق إلى معرفة ما قصة هذه العجوز وما وجه المقارنة بينها وبين الأعرابي
6- استثمار أبواب الخير إذا فتحت فقد يفتح الله لك بابا من أبواب الخير في لحظة فالعاقل يستغلها بأكبر قدر ممكن فهذه العجوز أتيح لها فرصة وهي حاجة موسى وبني إسرائيل لمعلومة عندها فاستغلت الفرصة
فقد يفتح الله للمسلم مجالا بقربه من عالم فيستغله في التزود بالعلم وقد يفتح الله على شخص بباب من أبواب الدعوة يكون قريب منه في متناول يديه فليبادر إليه وقد يحين له وقت يتفرغ فيه من أعباء و أعمال الحياة فليستغله غي أبواب الخير الكثيرة
7- عدم الأنفة من الاستفادة ممن هم أقل منك علما ومكانة وعقلا فهذا نبي الله وكليمه موسى عليه السلام استفاد من هذه العجوز التي لم تكن من علماء بني إسرائيل
بل نبي الله سليمان خاطبه الهدد وقال له: " أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ " بهذا طير وذلك نبي ولكن قد يكون عند الأقل مالا يكون عند الأعلى
8- وجود النساء الصالحات الخيرات التي قد تعلوا هممهن على همم الكثير من الرجال
وقد قيل :
ولو كن النساء كمن ذكرن **** لفضلت النساء على الرجال(1/3)
9- واعظم درس في هذه القصة هو الحث على علو الهمة و أن على المسلم طلب معالي الأمور فهذا الأعرابي لم يطلب محرما ولا تافها بل طلب شيء من ضرورات الحياة ومع هذا وجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى مقام ارفع ومبتغى أعلى ومنزلة أسمى
وقد قال صلى الله عليه وسلم حاثا أمته على علو الهمة
فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ...فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فهو أوسط الجنة وهو أعلى الجنة وفوقه العرش ومنه تفجر انهار الجنة" ابن حبان
وانظر إلى همّة الصديق رضي الله عنه لم تقنع نفسه بدخول الجنة فقط بل علت حتى بلغت لم يرض إلا بأن يدخل من أبوابها الثمانية فلله دره
فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان قال أبو بكر الصديق يا رسول الله ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة
فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأرجو أن تكون منهم
وهذا صحابي آخر ممن تربى على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم تسمو همته كهذه العجوز
فعن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي يقول ثم كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آتيه بوضوئه وبحاجته فقال سلني فقلت: مرافقتك في الجنة قال : أو غير ذلك ؟ قلت :هو ذاك . قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود " أبو داود
10 – وهو تنبيه أن المراد بعظام يوسف عليه السلام هو جسده حيث أن الله حرم على الأرض أكل أجساد الأنبياء عليهم السلام وقد جاء تسميت الجسد بالعظام في حديث صنع المنبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم(1/4)
ففي أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك قال : بلى فاتخذ له منبرا مرقاتين" قال ابن حجر إسناده جيد
والله اعلم
---
تعليق
احمد الخزاعي
جزاك الله خيرا أخي على هذا الجهد ولكن أخي إليك هذا التعليق على الحديث :
قال الشيخ مقبل الوادعي في تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عليها الذهبي (2/477) :
قال الحافظ ابن كثير (6/452) بعد هذا الحديث : هذا حديث غريب جدا ، والأقرب أنه موقوف .
وقول الحاكم : على شرط الشيخين ليس بصحيح ، بل لو سلم متنه من النكارة لكان على شرط مسلم ؛ لأن البخاري لم يخرج ليونس بن أبي إسحاق السبيعي في الصحيح ، كما في التقريب .ا.هـ.
وقال أيضا (2/672) : قد تقدم ، وهو معل ، ألحقته بـ " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " .ا.هـ.
وقد رجعت إلى كتاب الشيخ المذكور " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " ولم أجد هذا الحديث في مسند أبي موسى الأشعري .
وقد سألت الشيخ عن الكتاب المذكور عن طريق أحد الشباب عندما كان الشيخ يتعالج في إمريكا ، فقال : إن الكتاب له طبعة أخرى .
وعندي تسجيل السؤال والجواب في شريط .
وأما نكارة المتن فهو واضح جدا .
وقال العراقي في تخريج الإحياء : وفيه "لصاحبه موسى التي دلته على عظام يوسف كانت أحزم منك... الحديث" أخرجه ابن حبان والحاكم في المستدرك من حديث أبي موسى مع اختلاف قال الحاكم صحيح الإسناد وفيه نظر .
وأورده الطبري في تفسيره موقوفا على مجاهد فقال :(1/5)
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فأتبعوهم مشرقين " قال: خرج موسى ليلا ، فكسف القمر وأظلمت الأرض ، وقال أصحابه : إن يوسف أخبرنا أنا سننجى من فرعون ، وأخذ علينا العهد لنخرجن بعظامه معنا ، فخرج موسى ليلته يسأل عن قبره، فوجد عجوزا بيتها على قبره، فأخرجته له بحكمها ، وكان حكمها أو كلمة تشبه هذا ، أن قالت: احملني فأخرجني معك ، فجعل عظام يوسف في كسائه ، ثم حمل العجوز على كسائه ، فجعله على رقبته ، وخيل فرعون هي ملء أعنتها حضرا في أعينهم ، ولا تبرح ، حبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا .
والنكارة في هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرر خصوصية للأنبياء فقال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " .
قال الشيخ الألباني في الضعيفة (1/237) :
وهو حديث صحيح ... فإنه صريح في أن من خصوصيات الأنبياء أن الأرض لا تبلي أجساد الأنبياء ...ا.هـ.
وجاءت العبارة : " فلما احتفروا أخرجوا عظام يوسف " .
ونود المشاركة في هذا البحث من الجميع .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3352
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا
الحمد لله وبعد ؛
قصتنا عن نبي من الأنبياء وهو موسى عليه السلام قص الله علينا من خبره في سورة القصص فقال تعالى : " وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ . فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ . قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ . قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ . [ القصص : 23 - 28] .
عند كثير من الناس أن الرجل الذي أراد أن يزوج موسى إحدى ابنتيه هو شعيب ، فهل هذا صحيح ؟
نقل ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره (10/60) الأقوال في من هو الرجل الذي عمل عنده موسى فقال :
... وأما أبوهما ففي اسمه اختلاف فقال بعضهم : كان اسمه يثرون ...
وقال آخرون : بل اسمه يثرى .
وقال آخرون بل اسمه شعيب وقالوا : هو شعيب النبي عليه السلام .(1/1)
قال أبو جعفر : وهذا مما لا يدرك علمه إلا بخبر ، ولا خبر بذلك تجب حجته .ا.هـ.
وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره (6/228) : وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل من هو ؟
على أقوال :
أحدهما : أنه شعيب النبي الذي أرسل إلى أهل مدين . وهذا هو المشهور عند كثيرين ، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد .
وقال آخرون : بل كان ابن أخي شعيب .
وقيل : رجل مؤمن من قوم شعيب .
وقال آخرون : كان شعيب قبل زمان موسى بمدة طويلة لأنه قال لقومه : " وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ " (هود : 89) .
وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل بنص القرآن وقد علم أنه كان بين موسى والخليل مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة كما ذكره غير واحد . وما قيل : إن شعيبا عاش مدة طويلة إنما هو – والله أعلم - احتراز من هذا الإشكال ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن هاهنا . وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده ... .ا.هـ.
وقد رد هذا القول أيضا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي من عدة وجوه ، فقال في تيسير الكريم المنان (4/16) :
وهذا الرجل أبو المرأتين ، صاحب مدين ، ليس بشعيب النبي المعروف ، كما اشتهر عند كثير من الناس ، فإن هذا قول لم يدل عليه دليل . وغاية ما يكون أن شعيبا عليه السلام قد كانت بلده مدين ، وهذه القضية جرت في مدين فأين الملازمة بين الأمرين ؟
وأيضا فإنه غير معلوم أن موسى أدرك زمان شعيب فكيف بشخصه ؟!! ولو كان ذلك الرجل شعيبا لذكره الله تعالى ولسمته المرأتان .
وأيضا فإن شعيبا عليه الصلاة والسلام قد أهلك الله قومه بتكذيبهم إياه . ولم يبق إلا من آمن به . وقد أعاذ الله المؤمنين به أن يرضوا لبنتي نبيهم بمنعهما عن الماء وصد ماشيتهما حتى يأتيهما رجل غريب فيحسن إليهما ويسقي ماشيتهما .(1/2)
وما كان شعيب ليرضى أن يرعى موسى عنده ويكون خادما له وهو أفضل منه وأعلى درجة إلا أن يقال : هذا قبل نبوة موسى فلا منافاة .
وعلى كل حال لا يعتمد على أنه شعيب النبي بغير نقل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم .ا.هـ.
وهذه الوجوه التي ذكرها الشيخ قوية في عدم صحة أن الرجل هو شعيب .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
لماذا نسمع بعض القراء يكبرون عقب سورة الأضحى ؟
الحمد لله وبعد ؛
كثيرا ما نسمعُ من بعضِ القراءِ في بعضِ إذاعاتِ القرآنِ الكريِم وغيرِها ترديدهم للتكبير والتهليل عقب سورة الأضحى .
فما هو الأصل في هذا الترديد ؟
1 – الأصل الذي بناه القراء لهذا الترديد :
لقد بنى القراء هذا الترديد على حديث رواه الحاكم في المستدرك (3/304) فقال :
حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري الإمام بمكة في المسجد الحرام ، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ ، ثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت " وَالضُّحَى " قال لي : كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، واخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك ، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك ، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وتعقبه الذهبي بقوله : البزي قد تكلم فيه .
وأورده الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الضحى (8/423) فقال :
روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال : قرأت على عكرمة بن سليمان ، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين ، وشبل بن عباد فلما بلغت " وَالضُّحَى " قالا لي : كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة فإنا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك ، وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك ، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك ، وأخبره أبي أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك .
2 - بيان علة الحديث :
وهذا الحديث في إسناده أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ ، وهذه أقوال علماء الجرح والتعديل في الرجل :(1/1)
ذكره الذهبي في الميزان (1/144 – 145) وقال : قال العقيلي : منكر الحديث .
وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، لا أُحَدِّث عنه .
وأورد له الذهبي هذا الحديث وقال : هذا حديث غريب ، وهو مما أنكر على البزي . قال أبو حاتم : هذا حديث منكر .
وقال أيضا في السير (12/51) : وصحح له الحاكم حديث التكبير ، وهو منكر .
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (1/310) : وقال ابن أبي حاتم : قلت لأبي : ابن أبي بزة ضعيف الحديث ؟ قال : نعم ، ولست أحدث عنه .
وقال العقيلي : يوصل الأحاديث .
وقال ابن كثير في التفسير (8/423) : فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي ، من ولد القاسم بن أبي بزة .ا.هـ.
وبعد هذه النقولات يتبين أن ابن أبي بزة ضعيف في الحديث ، وأن الحديث قد تفرد به ، وأنكر حديثه الأئمة .
3 - كلام العلماء على التكبير :
تكلم العلماء على هذا التكبير الذي أحدثه القراء بناء على الحديث الضعيف الذي بينا ضعفه آنفا ، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقد سئل كما في الفتاوى (13/417 – 419) : وسئل رحمه الله عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرؤون لعاصم وأبى عمرو ، فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا ؟ وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله . نعم إذا قرؤوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل ؛ بل المشروع المسنون ، فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ولا في أواخرها .(1/2)
فإن جاز لقائل أن يقول : إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول الله جاز لغيره أن يقول : إن هؤلاء نقلوا تركه عن رسول الله ، إذ من الممتنع أن تكون قراءة الجمهور التي نقلها أكثر من قراءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله ، فمن جوز على جماهير القراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأهم بتكبير زائد فعصوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتركوا ما أمرهم به استحق العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك .
وأبلغ من ذلك البسملة ؛ فإن من القراء من يفصل بها ، ومنهم من لا يفصل بها وهى مكتوبة في المصاحف ، ثم الذين يقرؤون بحرف من لا يبسمل لا يبسملون ، ولهذا لا ينكر عليهم ترك البسملة إخوانهم من القراء الذين يبسملون ، فكيف ينكر ترك التكبير على من يقرأ قراءة الجمهور ؟ وليس التكبير مكتوبا في المصاحف وليس هو في القرآن باتفاق المسلمين . ومن ظن أن التكبير من القرآن فإنه يستتاب فان تاب وإلا قتل .
بخلاف البسملة فإنها من القرآن حيث كُتبت في مذهب الشافعي ، وهو مذهب أحمد المنصوص عنه في غير موضع ، وهو مذهب أبي حنيفة عند المحققين من أصحابه وغيرهم من الأئمة ؛ لكن مذهب أبى حنيفة وأحمد وغيرهما أنها من القرآن ، حيث كتبت البسملة ، وليست من السورة . ومذهب مالك ليست من القرآن إلا في سورة النمل ، وهو قول في مذهب أبي حنيفة وأحمد .
ومع هذا فالنزاع فيها من مسائل الاجتهاد فمن قال : هي من القرآن حيث كتبت ، أو قال : ليست هي من القرآن إلا في سورة النمل كان قوله من الأقوال التي ساغ فيها الاجتهاد(1/3)
وأما التكبير : فمن قال أنه من القرآن فإنه ضال باتفاق الأئمة ، والواجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، فكيف مع هذا ينكر على من تركه ؟! ومن جعل تارك التكبير مبتدعا أو مخالفا للسنة أو عاصيا فانه إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام ، والواجب عقوبته ؛ بل إن أصر على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله .
ولو قدر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكبير لبعض من أقرأه كان غاية ذلك يدل على جوازه ، أو استحبابه ، فإنه لو كان واجبا لما أهمله جمهور القراء ، ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه ، ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب ، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب ، وهذا خلاف البسملة ، فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها ، فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلا في قراءته ؟
وأما ما يدعيه بعض القراء من التواتر في جزئيات الأمور فليس هذا موضع تفصيله .ا.هـ.
وقال أيضا في الفتاوى (17/130) :
والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسندا عن النبي صلى الله عليه و سلم ، ولم يسنده أحد إلى ا لنبي صلى الله عليه و سلم إلا البزي ، و خالف بذلك سائر من نقله فإنهم إنما نقلوه اختيارا ممن هو دون ا لنبي صلى الله عليه و سلم ، وانفرد هو برفعه ، وضعفه نقلة أهل العلم بالحديث و الرجال من علماء القراءة ، و علماء الحديث كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء .ا.هـ.
وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/295) الخلاف في المسألة فقال :(1/4)
واستحب أحمد التكبير من أول سورة الضحى إلى أن يختم . ذكره ابن تميم وغيره ، وهو قراءة أهل مكة أخذها البزي عن ابن كثير ، وأخذها ابن كثير عن مجاهد ، وأخذها مجاهد عن ابن عباس ، وأخذها ابن عباس عن أبيِّ بن كعب ، وأخذها أبيٌّ عن النبي صلى الله عليه وسلم . روى ذلك جماعة منهم البغويُّ في تفسيره ... وهذا حديث غريب من رواية أحمد بن محمد بن عبد الله البزي ، وهو ثبت في القراءة ، ضعيف في الحديث . وقال أبو حاتم الرازي : هذا حديث منكر .
وقال في " الشرح " : استحسن أبو عبد الله التكبير عند آخر كل سورة من الضحى إلى أن يختم ، لأنه روي عن أبيِّ بن كعب " أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك " رواه القاضي . وعن البزي أيضا مثل هذا ، وعن قُنبل هكذا والذي قبله . وعنه أيضا : لا تكبير ، كما هو قول سائر القُراء ... وقال الآمدي : يُهللُ ويكبر ، وهو قول عن البزي ، وسائر القراء على خلافه .ا.هـ.
وقال الشيخ بكر أبو زيد في مرويات دعاء ختم القرآن ( ص 5 – 6) :
وأما وقت الختم : بمعنى ختمه في مساء الشتاء ، وصباح الصيف ووصل ختمة بأخرى ؛ بقراءة الفاتحة وخمس آيات من سورة البقرة قبل الشروع في دعاء الختم ، وتكرار سورة الإخلاص ثلاثا ، والتكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس داخل الصلاة أو خارجها ، وصيام يوم الختم .
فهذه الأبحاث الستة لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضي الله عنهم ، وعامة ما يروى فيها مما لا تقوم به الحجة .
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : تكلم شديدا في التكبير المذكور وأنه لم يرد إلا في رواية البزي عن ابن كثير .ا.هـ.
وذكر أيضا في " بدع القراء " ( ص 27) سبعة أمور تتعلق بالختم منها :
هـ – التكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس داخل الصلاة أو خارجها .
ثم قال :(1/5)
فهذه الأمور السبعة ، لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته ، رضي الله عنهم ، وعامة ما يُروى في بعضها مما لا تقوم به الحجة فالصحيح عدم شرعية شيء منها .ا.هـ.
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في " فتاوى إسلامية " (4/48) سؤالا نصه :
بعض قراء القرآن يفصلون بين السورة والأخرى بقول " الله أكبر " دون بسملة ، هل يجوز ذلك ، وهل له دليل ؟
جواب : هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سور القرآن . غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين . والصواب أنه ليس بسنة : لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة " بسم الله الرحمن الرحيم " إلا في سورة " براءة " فإنه ليس بينا وبين الأنفال بسملة .ا.هـ.
4 - تقرير غريب من الحافظ ابن كثير في المسألة :
ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره (8/423) كلام أبي حاتم ، والعقيلي في البزي وقال :
لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة ، فقال له : أحسنت وأصبت السنة . وهذا يقتضي صحة هذا الحديث .ا.هـ.
وهذا كلام غريب من ابن كثير – رحمه الله – فقد ذكر تفرد ابن أبي بزة بهذه السنة ، ونقل كلام العلماء في الرجل ، ثم يأتي على إقرار الشافعي لذلك الرجل الذي كبر في الصلاة ، ويبني على كلام الشافعي تصحيح الحديث !!
5 - موضع وكيفية التكبير :
قال ابن كثير في تفسيره (8/423) :(1/6)
ثم اختلف القراء في موضع هذا التكبير وكيفيته ، فقال بعضهم : يكبر من آخر " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى " . وقال آخرون : من آخر " وَالضُّحَى " . وكيفية التكبير عند بعضهم أن يقول : الله أكبر ويقتصر ، ومنهم من يقول : الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر .
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/296) :
وقال أبو البركات : يُستحبُّ ذلك من سورة ألم نشرح .ا.هـ.
6 - سببُ التكبير :
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/296) في سبب التكبير :
والسبب في ذلك انقطاع الوحي .
وقال ابن كثير في التفسير (8/423) :
وذكر الفراء في مناسبة التكبير من أول سورة الضحى : أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة ثم جاءه الملك فأوحى إليه : وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى " السورة بتمامها ، كبر فرحا وسرورا . ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة أو ضعف ، فالله أعلم . ا.هـ.
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
ما المراد ب"التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" ؟
أخي أخ مسلم .
قال الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع في كتابه " المقدمات الأساسية في علوم القرآن " ( ص 389 - 390 ) :
1 - التفسير الموضوعي للقرآن :
وهو الاعتناء بدراسة الموضوعات القرآنية على غير الصورة التقليدية في التفسير ، وإنما بالنظر إلى الأبواب ، كدراسة : الإيمان والكفر والنفاق في القرآن ، الأخلاق في القرآن ، الربا في القرآن ، وهكذا .
وهذا أسلوب عصري ، لم يكن شائعا في تصانيف السابقين على سبيل الإفراد بالتأليف ، إنما كانوا يراعون تتبع المصطلح القرآني من حيث الجملة .
وهو مع حداثته ، فإنه لا مانع منه ولا حرج فيه ، بشرط التزام المنهج المعتبر في التفسير .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^28@.ef12b3d/0
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
من المقصود بقوله تعالى : " فَلَمَّآ ءَاتَاهُمَا صَالِحاً ...الآية " ؟؟
الحمد لله وبعد ؛
قال تعالى : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ . فَلَمَّآ ءَاتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَآ ءَاتَاهُمَا فَتَعَالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ . (الأعراف : 189-190) .
لقد وردت قصة تبين أن المراد بالآيات الآنفة الذكر آدم وحواء وأنهما وقعا في الشرك .
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كانت حواء تلد لآدم عليه السلام أولادا فيعبدهم لله ويسميه : عبدالله وعبيدالله ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم فقال : إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش قال : فولدت له رجلا فسماه " عبد الحارث ففيه أنزل الله ، يقول الله : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " إلى قوله : " جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَآ ءَاتَاهُمَا ... إلى آخر الآية .
وهذا الأثر ورد بعدة ألفاظ وجميع هذه الآثار في أسانيدها مقال ، إلى جانب أنه مأخوذ من أهل الكتاب ، وابن عباس يروي عن أهل الكتاب كما هو معلوم .
قال ابن كثير في تفسيره (3/636) : وكأنه – والله أعلم – مأخوذ من أهل الكتاب ، فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب كما رواه ابن أبي حاتم .ا.هـ.
وقال أيضا : وهذه الآثار يظهر عليها – والله أعلم – أنها من لآثار أهل الكتاب ... ا.هـ.
وورد حديث عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبدالحارث فعاش . وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره .(1/1)
رواه أحمد (5/11) والترمذي (5/250ح3077) والحاكم (2/545) ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة . ورواه بعضهم عن عبدالصمد ولم يرفعه عمر بن إبراهيم شيخ بصري .
وقد أعل ابن كثير في تفسيره (3/635) هذا الحديث بثلاث علل فقال :
أحدها : أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري ، وقد وثقه ابن معين ولكن قال أبو حاتم الرازي : لا يحتج به . ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا ، فالله أعلم
الثاني : أنه قد روي من قول سمرة نفسه ، ليس مرفوعا ... .
الثالث : أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا ، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه . ا.هـ. إلى جانب ما ذكر الحافظ ابن كثير فإن عمر بن إبراهيم يرويه عن قتادة وروايته عن قتادة منكرة ، قال الإمام أحمد : وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير يخالف .
وقال ابن عدي : يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها وحديث خاصة عن قتادة مضطرب .
وقد حكم الحافظ الذهبي على هذا الحديث بالنكارة كما في ترجمة عمر في الميزان (3/179) فقال : وهو حديث منكر كما ترى .
والحسن البصري قد جاء عنه بأسانيد صحيحة خلاف ما نقله عن سمرة كما ذكر ذلك ابن كثير عقب الآثار التي رواها عنه فقال : ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ولاسيما مع تقواه وورعه ، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب ، من آمن منهم مثل : كعب أو وهب بن منبه وغيرهما ... إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع .ا.هـ.
وممن أبطل القصة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في القول المفيد شرح كتاب التوحيد (3/67) فقال – حفظه الله ونفع بعلمه - :
وهذه القصة باطلة من وجوه :(1/2)
الوجه الأول : أنه ليس في ذلك خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الأخبار التي لا تتلقى إلا بالوحي ، وقد قال ابن حزم عن هذه القصة : إنها رواية خرافة مكذوبة موضوعة .
الوجه الثاني : أنه لو كانت القصة في آدم وحواء لكان حالهما إما أن يتوبا من الشرك أو يموتا عليه ، فإن قلنا ماتا عليه كان ذلك أعظم من قول الزنادقة :
إذا ما ذكرنا آدما وفعاله **** وتزويجه بنتيه بابنيه بالخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر **** وأن جميع الناس من عنصر الزنا
فمن جوز موت أحد من الأنبياء على الشرك فقد أعظم الفرية ، وإن كان تابا من الشرك فلا يليق بحكمة الله وعدله ورحمته أن يذكر خطأهما ، ولا يذكر توبتهما منه ، فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء وقد تابا ولم يذكر توبتهما ، والله تعالى إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه ورسله ذكر توبتهم منها .
الوجه الثالث : أن الأنبياء معصومون من الشرك باتفاق العلماء .
الوجه الرابع : أنه ثبت من حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم يطلبون منه الشفاعة فيعتذر بأكله الشجرة وهو معصية ، ولو وقع منه الشرك لكان اعتذاره به أعظم وأولى وأحرى .
الوجه الخامس : أن في هذه القصة أن الشيطان جاء إليهما وقال : أنا صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة . وهذا لا يقوله من يريد الإغواء ، بل هذا وسيلة إلى رد كلامه ، فيأتي بشيء يقرب من قبول قوله ، فإذا قال : أنا صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة . سيعلمان علم اليقين أنه عذر لهما فلا يتقبلان منه صرفا ولا عدلا .
الوجه السادس : أن في قوله في هذه القصة : لأجعلن له قرني إيل . إما أن يصدقا أن ذلك ممكن في حقه وهذ شرك في الربوبية لأنه لا خالق إلا الله أو لا يصدقا فلا يمكن أن يقبلا قوله وهما يعلمان أن ذلك غير ممكن في حقه .
الوجه السابع : قوله تعالى : " فَتَعَالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ " بضمير الجمع ولو كان آدم وحواء لقال : عما يشركان .(1/3)
فهذه الوجوه تدل على أن هذه القصة باطلة من أساسها ، وأنه لا يجوز أن يعتقد في آدم وحواء أن يقع منهما شرك بأي حال من الأحوال ، والأنبياء منزهون عن الشرك مبرؤن منه باتفاق أهل الهلم ، وعلى هذا يكون تفسير الآية كما أسلفنا أنها عائدة إلى بني آدم الذين أشركوا شركا حقيقيا فإن منهم مشركا ومنهم موحدا.ا.هـ.
فالخلاصة أن التفسير الصحيح لهذه الآية هو ما ذكره الحسن البصري والذي قال عنه ابن كثير : وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية .
وقال الشيخ محمد العثيمين : لكن الصحيح أن الحسن يرحمه الله قال : إن المراد بالآية غير آدم وحواء ، وأن المراد بها المشركون من بني آدم .ا.هـ.
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
هل " السجلُ " أحدُ كتَّابِ النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
الحمد لله وبعد ؛
هذا بحث عن اسم ورد في كتاب الله جل وعلا وهو " السجل " اختلف أئمة التفسير والعلماء في معناه على أقوال ، وأحدُ هذه الأقوال انتصر له بعض العلماء على أنه اسم لكاتب النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا البحث سنقف مع هذا القول ، ونبين مدى صحته .
وقد قسمت البحث إلى مقدمة ، وفصلين .
المقدمة تشتمل على :
نص الآية وأقوال المفسرين مجملة .
الفصل الأول يشتمل على :
- أدلة القائلين بأن " السجل " كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم .
الفصل الثاني يشتمل على :
- أدلة القائلين بأنه لا يوجد كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم اسمه " السجل " .
- الترجيح بين هذه الأقوال .
- فوائد خلال البحث .
أسأل الله أن ينفع بهذا البحث .
المقدمة :
نص الآية :
قال تعالى : " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " [ الأنبياء : 104] .
أقوال المفسرين مجملة :
نقل الإمام ابن الجوزي الأقوال في معنى " السجل " في زاد المسير (5/395) فقال :
وفي " السجل " أربعة أقوال :
أحدها : انه ملك قاله علي بن طالب وابن عمر والسدي .
والثاني : أنه كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس .
والثالث : أن " السجل " بمعنى الرجل ، روى أبو الجوزاء عن ابن عباس قال : السجل : هو الرجل . قال شيخنا أبو منصور اللغوي : وقد قيل : السجل بلغة الحبشة الرجل .
والرابع : أنه الصحيفة . رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس وبه قال مجاهد ، والفراء ، وابن قتيبة .ا.هـ.
والذي يهمنا في مسألتنا هو القول الثاني ، فهل يثبت هذا القول من جهة الدليل .
الفصل الأول :
- أدلة القائلين بأن " السجل " كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم :
دليل القائل بهذا القول :(1/1)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : السِّجِلُّ كَاتِبٌ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه أبو داود (2935) ، والنسائي في الكبرى (6/408 ح 11335) من طريق نوح بن قيس ، عن يزيد بن كعب ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس به .
رجال الإسناد :
- نوح بن قيس :
قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق رمي بالتشيع .
- يزيد بن كعب العَوْذي :
قال عنه الذهبي في الميزان (4/438) : راوي حديث : إن السجل كتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه النسائي ، وأبو داود لا يُدْرَى مَنْ ذا أصلا . رواه عن عمرو بن مالك النُّكري . انفرد عنه نوح بن قيس الحُدَّاني .
وقال عنه الحافظ في التقريب : مجهول .
وذكره ابن حبان في الثقات .
- عمرو بن مالك النُّكري :
قال بشار عواد في تحقيقه لكتاب تهذيب الكمال (22/212) عند قول الحافظ المزي : ذكره ابن حبان في الثقات . وبقية كلام ابن حبان : ويعتبر حديث من غير رواية ابنه عنه ... وقال ابن حجر في التهذيب : وقال ابن حبان : يخطىء ويغرب ، ولم نجد هذا القول في المطبوع من ابن حبان فلعله سقط .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق له أوهام .
- أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الرَّبَعي :
قال أبو زرعة ، وأبو حاتم : ثقة . وقال الحافظ في التقريب : يرسل كثيرا ، ثقة .
فإسناد الحديث ضعيف وذلك لجهالة يزيد بن كعب العَوْذي .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (5/301 – 302) :
ومنهم السجل – أي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم – كما ورد به الحديث المروي في ذلك عن ابن عباس – إن صح – وفيه نظر ... وقد عرضت هذا الحديث على شيخنا الحافظ الكبير أبي الحجاج المزي فأنكره جدا ، وأخبرته أن شيخنا العلامة أبا العباس ابن تيمية كان يقول : هو حديث موضوع ، وإن كان في سنن أبي داود . فقال شيخنا المزي : وأنا أقوله .ا.هـ.
وقال الألباني في ضعيف سنن أبي داود (630) : ضعيف .(1/2)
والحديث رواه أيضا الطبراني في الكبير (12/170 ح 12790) من طريق يحيى بن عمرو بن مالك عن أبيه به .
وفي إسناده يحيى بن عمرو بن مالك النُّكري وقد ضعفه يحيى بن معين ، وأبو زُرعة ، وأبو داود ، والنسائي . وقال ابن الجنيد عن يحيى : ليس بشيء . وقال أبو زرعة في موضع آخر : واهي الحديث .
وقال الحافظ الذهبي (4/399) : ورماه حماد بن زيد بالكذب . وذكر الحافظ الذهبي هذا الحديث من مناكيره فقال :
وبه : كان للنبي صلى الله عليه وسلم كاتب يسمى السجل . تابعه فيه يزيد بن كعب العوذي عن عمرو بن مالك ، ويزيد – مجهول .
وقال الحافظ ابن حجر : ضعيف ، ويقال : إن حماد بن زيد كذبه .
قال ابن كثير في البداية والنهاية (5/302) : ويحيى هذا ضعيف جدا فلا يصلح للمتابعة والله أعلم .ا.هـ.
وقد جاء الحديث من رواية ابن عمر - رضي الله عنهما - رواه الخطيب البغدادي قي تاريخ بغداد (8/175) من طريق حمدان بن سعيد عن عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وفي إسناد الحديث حمدان بن سعيد .
قال عنه الذهبي في الميزان (1/602) : حمدان بن سعيد . عن عبد الله بن نُمير . أتى بخبر كذب عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم اسمه سِجل .
وتعقبه الحافظ ابن حجر في اللسان (2/433) بقوله : وهذا المتن لا يجوز أن يطلق عليه الكذب ، فقد رواه النسائي في التفسير ، وأبو داود في السنن من طريق أخرى عن ابن عباس . وأما هذه الطريق فتفرد بها حمدان ، لكن لم أر من ضعفه قبل المؤلف .ا.هـ.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (5/302) : وأغرب من ذلك أيضا ما رواه الحافظ أبو بكر الخطيب وابن مندة ... قال ابن مندة : غريب تفرد به حمدان . وقال البرقاني : قال أبو الفتح الأزدي : نفرد به ابن نمير – إن صح - . قلت – ابن كثير - : وهذا أيضا منكر عن ابن عمر كما هو منكر عن ابن عباس .ا.هـ.(1/3)
وممن ذكر السجل من أسماء الصحابة : ابن مندة ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وابن الأثير في أسد الغابة . وزاد الحافظ في الفتح (8/437) ابن مردويه أيضا ممن عده في الصحابة .
وذكره الحافظ ابن حجر أيضا في الإصابة (3/33) ورد قول من قال أن الحديث موضوع ، بل إنه ذهب إلى تصحيح الحديث فقال :
فهذا الحديث صحيح بهذه الطرق ، وغفل من زعم أنه موضوع .
الفصل الثاني :
- أدلة القائلين بأنه لا يوجد كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم اسمه " السجل " :
ذهب أكثر العلماء إلى رد قول من قال أن السجل كاتبٌ للنبي صلى الله ، ومن أدلتهم التي استدلوا بها على رده ما يلي :
الأول : عدم صحة الأحاديث الواردة في الباب :
نقلت في ثنايا تخريج الحديث في الفصل الأول رد أهل العلم على الأحاديث التي استدل بها القائلون بأن هناك كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم اسمه السجل ، بل ذهب بعضهم إلى نكارة الأحاديث .
قال ابن كثير في التفسير (5/383) : وقد تصدى الإمام أبو جعفر بن جرير للإنكار على هذا الحديث ورده أتم رد .ا.هـ.
وقال محمد صديق حسن خان في فتح البيان (8/377) بعد أن نقل كلام ابن كثير في نكارة الحديث : وصدق – رحمه الله – في ذلك ، وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث .ا.هـ
وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث بالوضع ، ووافقه على ذلك الحافظ المزي – رحم الله الجميع - كما نقل ابنُ كثير في البداية والنهاية (5/301 – 302) فقال :
وقد عرضت هذا الحديث على شيخنا الحافظ الكبير أبي الحجاج المزي فأنكره جدا ، وأخبرته أن شيخنا العلامة أبا العباس ابن تيمية كان يقول : هو حديث موضوع ، وإن كان في سنن أبي داود . فقال شيخنا المزي : وأنا أقوله .ا.هـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (5/383) :(1/4)
وكذلك ما تقدم عن ابن عباس من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضا ، وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه ، وإن كان في سنن أبي داود منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي فسح الله في عمره ، ونسأ في أجله ، وختم له بصالح عمله .ا.هـ.
ونقل الإمام ابن القيم أيضا في حاشية سنن أبي داود (8/110) حكم شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث بالوضع فقال : سمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول هذا الحديث موضوع .ا.هـ.
الثاني : لا يعرف في الصحابة صحابي اسمه " السجل " :
وهذا ما جزم به غالب أهل العلم ، وإليك النقول عنهم .
قال الفخر الرازي في تفسيره (11/228) :
وهذا بعيد لأن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا معروفين ، وليس فيهم من سمي بهذا .ا.هـ.
وقال الألوسي في روح المعاني (17/100) :
وضعف ذلك ، بل قيل : إنه واه جدا . لأنه لم يعرف أحد من الصحابة رضي الله عنهم اسمه السجل ، ولا حسن للتشبيه عليه .ا.هـ.
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (11/230) :
وعن ابن عباس أيضا اسم كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي ، لأن كُتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفون ليس هذا منهم ، ولا في أصحابه من اسمه السِّجل .ا.هـ.
وقال ابن جزي الكلبي في التسهيل لعلوم التنزيل ( ص423) :
وقيل : السجل رجل كاتب وهذا ضعيف .ا.هـ.
وقال الإمام ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (8/110) :
ولا يعرف لرسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب اسمه السجل قط ، وليس في الصحابة من اسمه السجل ، وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم معروفون ،لم يكن فيهم من يقال له : السجل .ا.هـ.
وصرح الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (4/757) بسقوط هذا القول فقال :
وقول من قال : إن السجل صحابي ، كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم – ظاهر السقوط كما ترى .ا.هـ.
الثالث : أن السورة مكية :(1/5)
كما هو معلوم أن سورة الأنبياء مكية ، قال الفيروزابادي في " بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز " (1/317) : السورة مكية بالاتفاق .ا.هـ.
وهذا الإيراد ذكره الإمام ابن القيم – رحمه الله – نقلا عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في حاشيته على سنن أبي داود (8/110) :
قال ( أي : شيخ الإسلام ابن تيمية ) : والآية مكية ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب بمكة .ا.هـ.
الترجيح :
وبعد هذه النقولات لأهل العلم يتبين أنه ليس في الصحابة من يسمى بـ " السجل " ، وهذا هو الراجح ، والله أعلم .
فوائد خلال البحث :
الفائدة الأولى :
أفرد الحافظ ابن كثير – رحمه الله – لهذا الحديث جزءا كما ذكر ذلك في تفسيره (5/383) فقال : وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدته ، ولله الحمد .ا.هـ.
ولكن لا أدري هل هذا الجزء مازال مخطوطا ، أو مفقودا ؟ الله أعلم .
والمقصود بالجزء أن المؤلف يأتي على حديث من الأحاديث ، فيجمع طرقه ، ورواياته ، فيذكرها بالأسانيد ، والزيادات .
الفائدة الثانية :
إيجاد العذر للأئمة الذين ذكروا أن السجل كاتب للنبي صلى الله عليه :
وجد ابن كثير العذرَ للأئمة الذين ذكروا أن السجل كاتب للنبي صلى الله في البداية والنهاية (5/302) بقوله :
ومن ذكره في أسماء الصحابة كابن مندة ، وأبي نعيم الأصبهاني ، وابن الأثير في الغابة إنما ذكره إحسانا للظن بهذا الحديث ، أو تعليقا على صحته والله أعلم .ا.هـ.
وقد يقال أيضا أن العلماء المذكورين جمعوا في كتبهم أسماء الصحابة ، وجاء حديث فيما يخص ما جمعوه ، فكان لزاما عليهم أن يوردوه في مؤلفاتهم التي ألفوها في الصحابة .(1/6)
أمر آخر ؛ من طريقة العلماء المتقدمين أنهم يذكرون الأحاديث بأسانيدها سواء كانت صحيحة أو ضعيفة في كتبهم ، ولسان حالهم يقول : لقد برئت ذمتي عندما أسندت الأحاديث الواردة في الكتاب ، فعليك يا أيها القارئ أن تبحث عن صحة وضعف الأسانيد التي أوردتها ، لأن من أسند فقد برئت ذمته .
قال الشيخ العلامة الألباني في تحقيقه لكتاب " اقتضاء العلم العمل " ( ص 4) :
أن القاعدة عند علماء الحديث أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده ، فقد برئت عهدته منه ، ولا مسؤولية عليه في روايته ، ما دام قد قرن معه الوسيلة التي تمكن العالم من معرفة ما إذا كان الحديث صحيحا أو غير صحيح ، ألا وهي الإسناد .ا.هـ.
وفي الختام ، أسأل الله أن ينفع الله بهذا البحث من قرأه ، وأن يدعو لكاتبه
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
هَلْ كِتابُ " تَنَّوِيرِ المِقْبَاس ..." مِنْ كَلامِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن من الأمور المهمة لطالب العلم التحقق من نسبة كثيرٍ من الأقوال والأحداث والقصص والكتب إلى أصحابها ، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى أهل العلم المحققين .
ومما نسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما " تنوير المقباس من تفسير ابن عباس " وهو كتاب منسوبٌ إليه - رضي الله عنهما - كذبا وزورا كما قرر ذلك عدد غير قليل من أهل العلم المحققين .
اسمُ الكتابِ :
ذكر حاجي خليفة صاحب كتاب " كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون " اسمه فقال : تنوير المقباس في تفسير ابن عاس لأبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزبادي الشافعي المتوفى سنة سبع عشرة وثمان مئة ، وهو أربع مجلدات .ا.هـ.
فكما يظهر من كلام حاجي خليفة أن الكتاب من جمع الفيروزابادي وليس من تأليف ابن عباس رضي الله عنهما .
رأيُ أهلِ العلمِ المحققينَ في نسبةِ الكتابِ إلى ابنِ عباس رضي الله عنهما :
لقد أجمع أهل العلم من المحققين على عدم صحة نسبة الكتاب إلى ابن عباس رضي الله عنهما وإليك - أخي المسلم - بعضا من أقوالهم :
1 - قال الدكتور محمد حسين الذهبي صاحب كتاب " التفسير والمفسرون " (1/56) :
التفسير المنسوب إلى ابن عباس وقيمته :(1/1)
هذا وقد نُسب إلى ابن عباس رضي الله عنه جزء كبير في التفسير وطبع في مصر مرارا باسم " تنوير المقباس من تفسير ابن عباس " جمعه أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزابادي الشافعي صاحب القاموس المحيط وقد اطلعت على هذا التفسير فوجدت جامعه يسوق عند الكلام عن البسملة الرواية إلى ابن عباس بهذا السند " أخبرنا عبد الله الثقة بن المأمون الهروي قال : أخبرنا علي بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وعند تفسير سورة البقرة يسوق الكلام بإسناده إلى عبد الله بن المبارك قال : حدثنا علي بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس .
وفي مبدأ كل سورة يقول : وبإسناده عن ابن عباس . ... وهكذا يظهر لنا جليا أن جميع ما روي عن ابن عباس في هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان السدي الصغير عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... وحسبنا في التعقب على هذا ما روي من طريق ابن عبد الحكم قال : سمعت الشافعي يقول : لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمئة حديث .
وهذا الخبر - إن صح عن الشافعي - يدلنا على مقدار ما كان عليه الوضاعون من الجرأة على اختلاق هذه الكثرة من التفسير المنسوبة إلى ابن عباس وليس أدل على ذلك من أنك تلمس التناقض ظاهرا بين أقوال في التفسير نسبت إلى ابن عباس ورويت عنه ... أن هذا التفسير المنسوب إلى ابن عباس لم يفقد شيئا من قيمته العلمية في الغالب وإنما الشيء الذي لا قيمة له فيه هو نسبته إلى ابن عباس .ا.هـ.
وسلسلة السند التي ذكرها الدكتور الذهبي وهي محمد بن مروان السدي الصغير عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح تعرف بـ " سلسلة الكذب " كما أن هناك سلسلة يقال " سلسلة الذهب " وهي الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر .(1/2)
قال السيوطي في الإتقان (2/189) : فإذا انضم إلى ذلك - أي طريق الكلبي - رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب .ا.هـ.
والكلام في رجال هذه السلسة معروف في كتب الجرح والتعديل .
2 - وقال الدكتور محمد بن محمد أبو شهبة في كتاب " الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ( ص62) :
وأما التفسير المنسوب إليه - أي ابن عباس - ففي صحة نسبته إليه شك غير قليل .ا.هـ.
3 - وقال مشهور حسن في كتاب " كتب حذر منها العلماء " (2/259) نقلا عن " تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة " :
طبع كتاب منسوب لابن عباس رضي الله عنه وهو من طريق محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس كما ذُكِر إسناده في أول الكتاب وفي مواضع منه وقد جمعه الفيروزابادي " صاحب القاموس " من كتب التفسير التي أدخل أصحابها هذا الطريق في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي ‚ فهذا التفسير لا يعتمد عليه ولا تصح نسبته إلى ابن عباس .
قلت ( مشهور ) : كل ما أخرجه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ( وقد أخرج تفسيرا كثيرا ) كذبٌ وافتراءٌ . قال سفيان الثوري : قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب . وقال الإمام البخاري : أبو النضر الكلبي تركه يحيى بن مهدي . وقال أبو حاتم : الناس مجمعون على ترك حديثه وهو ذاهب الحديث لا يشتغل به .ا.هـ.
4 - وقال الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ( ص316) :
ومن جملة التفاسير التي لا يوثق بها " تفسير ابن عباس " فإنه مروي من طريق الكذابين كالكلبي والسدي ومقاتل ذكر معنى ذلك السيوطي وقد سبقه إلى معناه ابن تيمية .ا.هـ.
سببُ كثرةِ الوضعِ على ابنِ عباس رضي الله عنهما في التفسيرِ :
لقد أشار الدكتور الذهبي في " التفسير والمفسرون " (1/56) إلى ذلك بقوله :(1/3)
ويبدو أن السر في كثرة الوضع على ابن عباس هو أنه كان في بيت النبوة والوضع عليه يُكسب الموضوع ثقة وقوة أكثر مما وضع على غيره أضف إلى ذلك أن ابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون وكان من الناس من يتزلف إليهم ويتقرب منهم بما يرويه لهم عن جدهم .ا.هـ.
ولكن كما قال الدكتور أبو شهبة في الكتاب الآنف الذكر (1/62) :
وقد نقد أئمة الحديث وصيارفته العارفون بالرجال جرحا وتعديلا وبالعلل المرويات عنه وطرقها عنه وبينوا الغث من السمين والمقبول من المردود .ا.هـ.
وصدق رحمه الله .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@132.Bg44bFR6Stk^3@.ef24593
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)