بقلم / هناء عبد الرحيم يماني
المقدمة
الحمد له الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله , والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد .
لقد اقتضت حاجة الإنسان المشاركة مع أخيه الإنسان في العمل سوية لسد حاجاتهم المختلفة , كما اقتضت ضرورة التنسيق بين جهودهم للوصول إلى الأهداف التي يرومون لتحقيقها , ويرى ( زويلف : 17 ) بأنه يمكن القول " أن الإدارة أمر حتمي في أي مجتمع إنساني ولكل أنواع التنظيمات والجماعات مهما اختلفت أشكالها . فالجهد الجماعي لا يتم إلا بها ولا يتحقق التعاون الكامل بين الأفراد إلا من خلالها , ولا يتم تلبية حاجات الأفراد إلا بواسطتها " .
لقد كثرت وتعددت تعريفات الإدارة , ويعرفها ( مصطفى والنابة : 9 ) على أنها " عملية تنظيم تتكامل فيها الجهود لتنظيم الموارد البشرية والمادية نحو هدف معين أو هدف مشترك " , ويذكر ( سالم وآخرون : 15 ) تعريف آخر للإدارة عرفه كيمبول على النحو التالي " تشتمل الإدارة على جميع الواجبات والوظائف ذات العلاقة بإنشاء المشروع وتمويله وسياساته الرئيسية وتوفير كل المعدات اللازمة ووضع الإطار التنظيمي العام الذي سيعمل ضمنه واختيار موظفيه الرئيسيين " . فالإدارة وفقا لهذا التعريف تشمل خمس عناصر مهمة هي ( التمويل ورسم السياسات والتنظيم وتوفير المعدات واختيار الأفراد ) .
إن الإسلام منهج متكامل ونظام شامل للحياة الإنسانية دينيا ودنيويا , فهو دين الله تعالى الذي أوحى بتعاليمه السمحاء إلى الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وكلفه بتبليغه للناس كافة ودعوتهم إليه من خلال القرآن الكريم .(1/1)
إن المنهج الإسلامي يقدم مفهوما للإدارة يتصف بالشمولية والإطلاق بعيدا عن الانحصار المعرفي في إزاء التعامل مع المفهوم المجرد للإدارة , إن كلمة الفكر الإداري الإسلامي كما عرفها د. حمدي عبد الهادي تعني " الآراء و المبادىء والنظريات التي سادت حقل الإدارة , ودراسة وممارسة عب العصور والأزمنة , ويعتب فكرا إسلاميا ما يصدر من هذه الآراء والمبادىء والنظريات وذلك بالاستناد إلى توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة " ( الضحيان : 59 ) .
ومما سبق نستطيع تعريف النظرية الإسلامية على أنها " مجموعة من التصورات والمفاهيم والأفكار والأحكام والقيم والأهداف ذات الحد الأقصى من التجريد والعمومية المرتبطة بإعداد الإنسان المسلم حسب الأصول الإسلامية وتسويغها وتقويمها اعتبارا من أسسها ومناهجها وأساليب تحقيقها وتنفيذها " (الشلعوط : 73 ) .
ومن ثم نجد أن النظرية اإسلامية ترتكز على النقاط التالية : ( الشلعوط : 74 )
1. مستمدة في أساسها من القرآن الكريم والسنة .
2. تتصف بالشمولية .
3. تشتمل على نظرية المنهج والمعرفة والأساليب والوسائل والإدارة وهي بهذا تختلف عن النظريات الوضعية الأخرى .
4. تعمل على توجيه السلوك الإنساني وقيمه .
5. تعتمد على التفاعل ما بين النظرية والممارسة العملية فالإسلام دين عمل وجهاد .
ونجد أن مصادر الفكر الإداري في الإسلام مستمدة من عدة مصادر وهي ( القرآن الكريم , السنة النبوية الشريفة , الإجماع , القياس ) .(1/2)
وهذا العمل سوف يتخصص في إبراز الجوانب الإدارية التي تضمنتها بعض أجزاء القرآن الكريم , وهذا يوجب علي إعطاء فكرة عن القرآن الكريم , القرآن الكريم كما يرى ( الشلعوط : 81 ) هو كلام الله سبحانه وتعالى أوحى به إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وآياته دستور شامل لتنظيم حياة البشر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية , وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه يقول تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر : 9) , ويرى ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن الكريم هو الكتاب المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - فصار له كالعلم ويرى الزركشي بأن القرآن الكريم هو الوحي المنزل على محمد للبيان والإعجاز ( العبدلي : 16 ) .
لقد ذكر ( العلي : 112 ) في كتابه ( الإدارة في الإسلام ) أهم خصائص الإدارة كما تستند إلى منهجية القرآن الكريم , وهي :-
1. إدارة ذات كفاءة وجدارة وأخلاق .
2. إدارة شورية .
3. إدارة تهتم بالحاجات النفسية والروحية والمادية للإنسان .
4. إدارة ذات مسئولية رعوية وسلطة مطاعة .
5. إدارة ذات رقابة ذاتية .(1/3)
لقد نزل القرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقاه عنه الناس جيلا بعد جيل وزمانا عقب زمان إلى أن وصل إلينا كما نزل متواترا لا شك فيه ولا اختلاف , وكان لبعض آياته أسباب دعت إلى نزولها وهو ما يطلق عليه ( سبب النزول ) , وحيث أن هذا العمل سوف يتناول أسباب النزول للأجزاء المطلوبة كان لزاما علي أن أبين للقارىء تعريف ( سبب النزول ) , كما ذكر ( البلوط : 9 - 10 ) في تعريفه لسبب النول بأن السبب في اللغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره فكل شيء يتوصل به إلى غيره هو سبب , وفي الاصطلاح : وقوع حادثة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو توجيه سؤال إليه وإنزال الله آية أو آيات بيانا لتلك الحادثة أو جوابا عن ذلك السؤال , وعلى هذا التعريف يكون سبب نزول القرآن الكريم مشتملا على أمرين , هما:-
1. حدوث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها .
2. أن يُسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فينزل القرآن الكريم لبيان ما سئل عنه .
وهذا العمل سوف يهدف إلى إبراز الجوانب الإدارية في القسم الأول من الجزء الخامس عشر 15 ويشمل ( سورة الإسراء : 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء السادس عشر 16 ويشمل ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 ) , عن طريق إبراز الجوانب التالية :-
1. أسباب نزول آيات الجزء - إن وجدت - .
2. الهدف من الآيات .
3. استخراج الوظائف الإدارية التي تضمنتها الآيات .
4. استخراج المبادىء الإدارية التي تضمنتها الآيات .
5. استخراج الوثائق المذكورة في الآيات .
6. اكتشاف المدارس الفكرية التي ذكرتها الآيات .
7. اكتشاف النظريات الإدارية التي ذكرتها الآيات .
8. اكتشاف أنواع العلاقة بين الرئيس والمرؤوس الموجود في الآيات .
9. استنباط المبادىء والقيم الإسلامية بشكل عام وما تضمنته النظرية الإسلامية بشكل خاص .
هذا بالإضافة إلى بعض المتفرقات الإدارية التي يمكن استنباطها من الآيات .(1/4)
وما سبق يدعونا قبل الشروع في بدء العمل أن نأخذ فكرة مبسطة عن السور التي بين أيدينا وهي سورة ( الإسراء / الكهف / مريم ) على النحو التالي :-
... أولا : سورة الإسراء ...
* سورة الإسراء من السور المكية , وتبدأ هذه السورة بتسبيح وتمجيد الله تعالى لنفسه ويعظم فيها شأنه لقدرته على مالا يقدر عليه أحد سواه .
* تسميتها :
سميت بسورة الإسراء لافتتاحها بمعجزة الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة ليلا , كما سميت أيضا سورة بني إسرائيل لإيرادها قصة تشردهم في الأرض مرتين بسبب فسادهم ( الزحيلي / ج 15 : 5 ) .
* فضلها :
عن عائشة رضي اله عنها : "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر" , وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود " أنه قال في بني إسرائيل - أي هذه السورة - والكهف ومريم وطه والأنبياء : هن من العتاق الأول , وهن من تلادي " أي فهي مشتركة في قدوم النزول ,وكونها مكيات واشتمالها على القصص ( الزحيلي / ج 15 : 5)
... ثانيا: سورة الكهف ...
* سورة الكهف من السور المكية , لبيان قصة أهل الكهف العجيبة الغريبة فيها في الآيات [9 - 26] مما هو دليل حاسم ملموس على قدرة الله الباهرة (الزحيلي / ج 15 : 196 ) .
* هي إحدى سور خمس بدئت بـ (الحمد لله) : وهي ( الفاتحة , الأنعام , الكهف , سبأ , فاطر . وهو استهلال يوحي بعبودية الإنسان لله تعالى وإقراره بنعمه وأفضاله وتمجيد الله عز وجل والاعتراف بعظمته وجلاله وكماله ( الزحيلي / ج 15: 196 ) .
* تعرضت السورة لثلاث قصص من روائع قصص القرآن الكريم , الأولى : قصة أصحاب الكهف , والثانية : قصة موسى مع الخضر , والثالثة : قصة ذي القرنين ( الصابوني : 9 ) .(1/5)
* استخدمت السورة هذه أمثلة واقعية ثلاثة لبيان أن الحق لا يرتبط بكثرة المال والسلطان , وإنما هو مرتبط بالعقيدة , المثل الأول : للغني المزهو بماله والفقير المعتز بعقيدته وإيمانه في قصة أصحاب الجنتين , والثاني : للحياة الدنيا وما يلحقها من فناء وزوال , والثالث : مثل التكبر والغرور مصورا في حادثة امتناع إبليس عن السجود لآدم , وما ناله من الطرد والحرمان , وكل هذه القصص والأمثال بقصد العظة والاعتبار ( الصابوني : 10 ) .
* تسميتها :
سميت بسورة الكهف , لبيان قصة أهل الكهف العجيبة الغريبة فيها في الآيات [9 - 26] مما هو دليل حاسم ملموس على قدرة الله الباهرة ( الزحيلي / ج 15: 196 ) .
* فضلها :
عن عائشة رضي اله عنها : "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر" , وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود " أنه قال في بني إسرائيل - أي هذه السورة - والكهف ومريم وطه والأنبياء : هن من العتاق الأول , وهن من تلادي " أي فهي مشتركة في قدوم النزول ,وكونها مكيات واشتمالها على القصص ( الزحيلي / ج 15 : 5)
وقد ورد في فضائل سورة الكهف أحاديث صحاح ثابتة منها :
* ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف , عصم من الدجال " .
* ما رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " .
* السنة أن يقرأ الشخص الكهف يوم الجمعة وليلتها , لما رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " من قرأ الكهف في يوم الجمعة , أضاء له من النور ما بين الجمعتين " وروى الدرامي والبيهقي : " من قرأ ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق " ( الزحيلي / ج 15 : 199 ) .
* سبب نزولها :(1/6)
روى معظم المفسرين رواية عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس خلاصتها أن النضر بن الحرث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط أنفذهما كفار قريش إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهما : سلاهم عن محمد , وصفا لهم صفته , وخبّراهم بقوله , فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عندنا ... فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار اليهود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالا لهم ما قالت قريش فقال لهما أحبار اليهود : اسألوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل , وإن لم يفعل فهو رجل مقتول ... سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث , وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه , , وسلوه عن الروح ما هو ...
فانصرفا إلى مكة فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد وقصا عليهم القصة وجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه فقال (( أخبركم بما سألتم عنه غدا )) ولم يستثن فانصرفوا عنه فمكث - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا بآية حتى أرجف أهل مكة وتكلموا في ذلك فشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يتكلم عنه أهل مكة عليه ثم جاءه جبرائيل عن الله سبحانه وتعالى بسورة الكهف وفيها ما سألوه عن أمر الفتية والرجل الطواف وأنزل عليه "" ويسألونك عن الروح "" قال ابن إسحاق فذكر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل حين جاءه " لقد احتبست عني يا جبرائيل " فقال له جبرائيل " وما نتنزل إلا بأمر ربك ... " ( ظبيان : 21 ) .
... ثالثا: سورة مريم ...
* سورة مريم من السور المكية , وغرضها تقرير التوحيد وتنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به , وتثبيت عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء ومحور هذه السورة يدور حول التوحيد والإيمان بوجود الله ووحدانيته وبيان منهج المهتدين ومنهج الضالين ( الصابوني : 50 ) .(1/7)
* تعرضت السورة الكريمة لقصص يعض الأنبياء مبتدئة بقصة نبي الله زكريا وولده يحي الذي وهبه على الكبر من امرأة عاقر لا تلد ولكن الله قادر على كل شيء يسمع دعاء المكروب ويستجيب لنداء الملهوف ولذلك استجاب الله دعائه ورزقه الغلام النبيه ( الصابوني : 50 ).
* تعرضت السورة للقصة أعجب وأغرب وهي قصة مريم العذراء وإنجابها لطفل من غير أب , وقد شاءت الحكمة الإلهية أن تبرز تلك المعجزة الخارقة بميلاد عيسى من أم بلا أب لتظل آثار القدرة الربانية ماثلة أمام الأبصار بعظمة الواحد القهار ( الصابوني : 50 ) .
* تحدثت السورة كذلك عن قصة إبراهيم مع أبيه ثم ذكرت بالثناء والتبجيل رسل الله الكرام : "إسحاق , يعقوب , موسى , هارون , إسماعيل , إدريس , نوح " والهدف من ذلك إثبات " وحدة الرسالة " وأن الرسل جميعا جاءوا لدعوة الناس إلى توحيد الله ونبذ الشرك والأوثان (الصابوني : 50 ) .
* ختمت السورة بتنزيه الله عن الولد والشريك النظير وردت على ضلالات المشركين ( الصابوني : 51 ) .
* تسميتها :
سميت بسورة مريم لاشتمالها على قصة حمل السيدة مريم وولادتها عيسى عليه السلام من غير أب وأصداء ذلك الحمل وما تبعه ورافق ولادة عيسى من أحداث عجيبة من أهمها كلامه وهو طفل في المهد ( الزحيلي/ ج 16 : 46) .
* فضلها :
روى محمد بن إسحاق في السيرة من حديث أم سلمة , وأحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الهجرة إلى أرض الحبشة من مكة : أن جعفر بن أبي طالي رضي الله عنه قرأ صدر هذه السورة على النجاشي وأصحابه ( الزحيلي / ج 16: 48 ) .
خطة العمل :- سوف يتم تقسيم العمل إلى فصول , على النحو التالي :-
الفصل الأول : ويناول الأهداف التي قصدتها الآيات وذكر سبب النزول - إن وجد - ومعاني الكلمات وتفسير الآية مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة التي تناولتها الآية .(1/8)
الفصل الثاني : بيان الوظائف التي شملتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة الموجودة في الآية .
الفصل الثالث : بيان المبادىء التي تناولتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة الموجودة في الآية .
الفصل الرابع :بيان الوثائق التي شملتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة التي تناولتها الآية .
الفصل الخامس : بيان مبادىء النظرية الإسلامية الموجودة في الآيات .
الفصل السادس : استنباط العلاقة بين الرئيس والمرؤوس كما ذكرتها آيات الجزء .
الفصل السابع : استنباط بعض المتفرقات الإدارية الموجودة في آيات الجزء .
الأهداف
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
في هذا القسم سوف يتم استخراج الأهداف المستنبطة من الآيات وذلك من منطلق أن آيات القرآن الكريم لم تتنزل عبطا أو عشوائيا بل كان لها أهداف سعت إلى تحقيقها , وهذا يستدعي أن نتطرق إلى تعريف الأهداف فيعرف ( النمر وآخرون : 101 ) الهدف على أنه " النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل "
... أولا : سورة الإسراء ...
ما اشتملت عليه السورة: (الزحيلي / ج 15 : 6 - 8 )
1. تضمنت السورة الإخبار عن حدث عظيم ومعجزة لخاتم النبيين والمرسلين وهي معجزة الإسراء من مكة إلى المسجد الأقصى في جزء من الليل والتي هي دليل باهر على قدرة الله عز وجل وتكريم إلهي لهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - .
2. أخبرت عن قصة بني إسرائيل في حالي الصلاح والفساد بإعزازهم حال الاستقامة وإمدادهم بالأموال و البنين وتشردهم في الأرض مرتين بسبب عصيانهم وإفسادهم وتخريب مسجدهم ثم عودهم إلى الإفساد باستفزازهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإرادتهم إخراجه من المدينة .
3. ذكرت السورة بعض الأدلة الكونية على قدرة الله وعظمته ووحدانيته .(1/9)
4. وضعت السورة أصول الحياة الاجتماعية القائمة على التحلي بالأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة .
5. نددت السورة بنسبة المشركين البنات إلى الله زاعمين أن البنات من الملائكة , ثم أنكرت عليهم وجود آلهة مع الله ثم فندت مزاعمهم بإنكار البعث والنشور وحذرت النبي - صلى الله عليه وسلم - من موافقته المشركين في بعض معتقداتهم .
6. أوضحت سبب عدم إنزال الأدلة الحسية الدالة على صدق النبي-صلى الله عليه وسلم- ومدى تعنت المشركين في إنزال آيات اقترحوها في القرآن من تفجير الأنهار وجعل مكة حدائق وبساتين وإسقاط قطع من السماء والإتيان بوفود الملائكة وإيجاد بيت من ذهب والصعود في السماء .
7. أنبأت السورة عن قدسية مهمة القرآن الكريم وسمو غاياته وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله مما يدل على إعجازه .
8. أعلنت السورة مبدأ تكريم الإنسان بأمر الملائكة بالسجود له وامتناع لإبليس وتكريم بني آدم ورزقهم من الطيبات .
9. عددت أنواعا جليلة من نعم الله على عباده ثم لوم الإنسان على عدم الشكر ومن أخص النعم هبة الروح والحياة .
10. عقدت مقارنة بين من أراد العاجلة ومن أراد الباقية .
11. ذكرت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الصلاة والتهجد في الليل ودخوله المدينة والخروج من مكة .
12. أشارت إلى جزء من قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل .
13. أبانت حكمة نزول القرآن الكريم منجمّا ( مفرقا بحسب الوقائع والحوادث والمناسبات ) .
14. ختمت السورة بتنزيه الله عن الشريك والولد والناصر والمعبن واتصاف الله بالأسماء الحسنى التي أرشدنا إلى الدعاء بها .
والخلاصة :
إن السورة اهتمت بترسيخ أصول العقيدة والدين كسائر السور المكية من إثبات التوحيد والرسالة والبعث وإبراز شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتأييده بالمعجزات الكافية للدلالة على صدقه وتفنيد شبهات كثيرة للمشركين .
وما سبق يدعونا إلى إعطاء نبذة عن المدارس الفكرية الإدارية :-(1/10)
مر الفكر الإداري في تطوره بمدارس متعددة ة , ومن أهم المدارس والاتجاهات الفكرية التي ظهرت هي : ( سالم وآخرون : 31 )
أولا : المدرسة الكلاسيكية :
وتشمل هذه المدرسة الاتجاهين الفكريين التاليين :
* الإدارة العلمية : ومن أبرز روادها :
o فريدريك تيلور , ولخص واجبات المدير قائلا أنها ( سالم وآخرون : 32 ) :-
1. إحلال الطرق العلمية القائمة على التجارب محل الطرق البدائية القديمة .
2. الفصل بين التخطيط وبين تنفيذ الخطط .
3. اختيار العمال وتدريبهم حسب الأساليب العلمية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له .
4. تعاون الإدارة مع العمال لإنجاز الأعمال .
5. العدل في تقسيم المسئوليات بين المدير والعمال .
o هنري فايول , ووضع مبادىء للإدارة , وهي :- ( النمر وآخرون : 57 )
1. تقسيم العمل .
2. السلطة والمسئولية .
3. الالتزام بالقواعد .
4. وحدة الأمر .
5. وحدة التوجيه .
6. خضوع الأفراد للمصلحة العامة .
7. المكافآت .
8. المركزية .
9. تسلسل القيادة .
10. النظام سواء كان نظام مادي أي وضع الآلات والأدوات والمعدات في مكانها لمصلحة العمل أو تنظيم اجتماعي بوضع كل شخص في المكان المناسب .
11. العدالة .
12. الاستقرار الوظيفي .
13. المبادأة .
14. العمل بروح الفريق ( التعاون ) .
o هنري غانت , وقد اعتبر الوقت اللازم لإتمام العمل على أساس ظروف العمل المعيارية وعلى أساس إنجاز العمل بأحسن وجه ممكن ولهذا فإن العامل يتقاضى أجرا إضافيا لأجرة اليومي إذا أنجز العمل المقرر إنجازه وهذه فكرة ( المهمة والعلاوة ) ( سالم وآخرون : 36 )
* البيروقراطية : ووضعها ( ماكس فيبر ) وكان يقصد بها النموذج المثالي للتنظيم الذي يقوم على أساس من التقسيم الإداري والعمل المكتبي , والنظام البيروقراطي يقوم على الأسس التالية :- ( سالم وآخرون : 39 )
1. عدم التحيز : أي أن جميع القوانين واللوائح يجب أن تنفذ بطريقة غير شخصية .(1/11)
2. تقسيم الأعمال وتنميطها : أي تقسيم الأعمال حسب الاختصاصات .
3. تدرج الوظائف في مستويات السلطة : أي أن الوظائف مدرجة حسب سلم خاص للسلطات على شكل هرم .
4. استخدام الخبراء : أي استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم .
5. القواعد والتعليمات : أي تحديد القواعد والتعليمات بشكل دقيق .
6. التدوين الكتابي : أي إصدار الأوامر والقرارات والتعليمات بشكل كتابي .
7. وجود نظام خدمة .
8. التفريق بين دور الموظف الرسمي وعلاقاته الشخصية .
9. السرية .
ثانيا : مدرسة العلاقات الإنسانية :
وظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية كرد فعل للنظريات الكلاسيكية والتي اهتمت بالحوافز المادية والإنتاج وأهملت العوامل الاجتماعية والإنسانية , والعلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون :63)
واهتمت المدرسة الإنسانية على عدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
1. الاهتمام بالجانب الإنساني .
2. الاهتمام بالحوافز غير المادية .
3. كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
4. كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ثالثا : المدرسة السلوكية :- ومن أهم السمات التي تتميز بها , ما يلي : ( النمر وآخرون : 70 )
1. مدرسة علمية تطبيقية تقوم على وضع الفرضيات عن السلوك التنظيمي وأثره على الإنتاج ثم تفحص هذه الفرضيات بأسلوب علمي ثم تطبيق النتائج في محيط العمل .
2. مدرسة لا تكتفي بالجانب الوصفي بل تحاول التأثير في السلوك الإداري .
3. مدرسة إنسانية تقوم على التفاؤل وعلى اعتبار أن حوافز وحاجات الإنسان تحدد سلوكه ومن ثم تؤكد على أهمية هذه الحاجات .(1/12)
4. تهدف إلى تحقيق التوازن بين أهداف العاملين وأهداف المنظمة .
5. تتميز بنظرتها الشمولية .
6. تهتم بالجماعات وتفاعلها .
7. تستخدم المشاركة كأداة للعمل الإداري .
8. اهتمت بتنمية المهارات الإنسانية والعلاقات بين الأفراد وبين الأفراد والمجموعات .
رابعا : مدرسة اتخاذ القرار :-
بعد أن بالغت حركة العلاقات الإنسانية في وصف أهمية العنصر البشري وتحديد الشروط التنظيمية المناسبة لحفز الأفراد على الإسهام في العمل التنظيمي جاء برنارد وتلاه سايمون فوضعا أساسا جديدا في النظر إلى التنظيم باعتباره نظاما اجتماعيا يقوم على أساس اتخاذ القرارات فركز برنارد على اعتبار التنظيم نشاطا تعاونيا وبالتالي لابد من توافر عنصر الرغبة في المشاركة لكي يتم تحقيق الهدف (النمر وآخرون:77) ويذكر(زويلف:85)مراحل اتخاذ القرار,وهي :-
1. تحديد المشكلة .
2. جمع المعلومات والحقائق وتحليل المشكلة .
3. تطور الحلول والتنبؤ بنتائجها .
4. اختيار البديل الأمثل .
5. مرحلة اتخاذ القرار وتنفيذه ومتابعته .
وعلى ذلك أرجو من الله التوفيق والثبات وأن يعينني على إنجاز هذا العمل بما يرضي الله أولا ثم أستاذة مادتي ثانيا وبما أنفع به نفسي وديني وغيري أخيرا , وإلى الله الملتجأ وهو المستعان .
وفيما يلي الأهداف الواردة في سورة الإسراء من ( 1 - 96 ) كما يلي :-
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية
الهدف منها : الإخبار عن حدث عظيم ومعجزة لخاتم النبيين وهي معجزة الإسراء من مكة إلى المسجد الأقصى كدليل على قدرته تعالى وتكريمه للنبي (ص) .
والهدف من الإسراء: أن يري الله عبده آياته الكبرى وأدلته العظمى على وجوده ووحدانيته وعظم قدرته (الزحيلي / ج 15 : 14 )
{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا}
(الإسراء: 1 ) الحزب 29(1/13)
سبب النزول : ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام لقريش الإسراء به وتكذيبهم له , فأنزل الله ذلك تصديقا له , فبعد أن عاد النبي عليه الصلاة والسلام من الإسراء والمعراج خرج إلى المسجد الحرام وأخبر به قريشا فتعجبوا منه لاستحالة ذلك في نظرهم وارتد ناس ممن آمن به وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله عنه , فقال : إن كان قال , لقد صدق , فقالوا : تصدقه على ذلك ؟ قال : إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي " الصديق " (الزحيلي / ج15 :11 ) .
معاني الكلمات :
سبحان : التنزيه عن كل صفات النقص والعجز
أسرى : سار بالليل خاصة
بعبده : محمد - صلى الله عليه وسلم -
لنريه من آياتنا : أي عجائب قدرتنا . (الزحيلي/ج15 : 10 )
تفسير الآية : يبدأ الله الآية بالتنزيه عن كل صفات العجز والنقص فهو الذي أسرى بعبده محمد -صلى الله عليه وسلم-من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس وعاد إلى بلده في ليلته ليريه الله من عجائب قدرته وختم الآية بذكر صفتيه العظيمتين وهو السميع للأقوال البصير بالأفعال (الزحيلي/ج15 : 12)
البيروقراطية
مبدأ
" السرية "
الشاهد :
{ ... ليلا ... }
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية
الهدف منها : بيان وحدة الألوهية
(البهي : 3 )
{ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا}(الإسراء :2) الحزب 29
معاني الكلمات :الكتاب : التوراة
وكيلا : ربا أو كفيلا يفوضون إليه أمرهم (الزحيلي/خ15 :10)
تفسير الآية : لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد عليه السلام عطف بذكر موسى عبده ورسوله وأنه أعطاه التوراة وجعله هاديا لبني إسرائيل حتى لا يتخذوا وليا ولا نصيرا
المدرسة الكلاسيكية/ فايول مبدأ"وحدة الأمر"
الشاهد{ألا تتخذوا من دوني وكيلا } .
البيروقراطية/استخدام الخبراءالشاهد{وآتينا موسى الكتاب }
{ لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد ملوما محسورا } ( الإسراء:22 ) الحزب 29(1/14)
معاني الكلمات : مخذولا : بلا ناصر .
تفسير الآية : أي لا تجعل أيها الإنسان المكلف شريكا مع الله تعالى في ألوهيته وعبادته وإنما أفرد له الألوهية والربوبية فلا إله غيره ولا رب سواه فإن أنت جعلت مع الله إلها آخر صرت ملوما على إشراكك به مخذولا لا ينصرك ربك بل يتركك إلى من عبدته معه وهو لا يملك ضرا ولا نفعا ( الزحيلي / ج15 : 53 )
المدرسة الكلاسيكية
فايول
مبدأ"وحدة الأمر"
الشاهد{لا تجعل مع الله إلاها آخر } .
{... ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا }(الإسراء:39 ) الحزب 29
معاني الكلمات : مدحورا : مطرودا من رحمة الله ( الزحيلي / ج15 : 66 )
تفسير الآية : أي لا تتخذ إلها آخر شريكا مع الله فتعاقب بالإلقاء في جهنم تلوك نفسك , ويلومك الله والخلق مطرودا مبعدا من رحمته تعالى ومن كل خير (الزحيلي / ج 15 : 77 )
المدرسة الكلاسيكية
فايول مبدأ"وحدة الأمر"
الشاهد{ولا تجعل مع الله إلاها آخر } .
{ قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}(الإسراء:42)الحزب29
معاني الكلمات : لابتغوا : لطلبوا . / سبيلا : طريقا ( الزحيلي / ج 15 : 81 )
تفسير الآية : أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكا من خلقه العابدين معه غيره ليقربهم إليه زلفى , لو كان الأمر كما تقولون وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه (راجح:699)
المدرسة الكلاسيكية
( فايول )
مبدأ" وحدة الأمر"
الشاهد {قل لو كان معه آله كما يقولون }
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية(1/15)
الهدف منها : بيان قدسية مهمة القرآن وسمو غاياته , وأهدافه هي الهداية للطريقة الصحيحة والتبشير بالثواب العظيم لمن أطاعه وإنذار الكافرين بالعذاب الأليم(الزحيلي / ج 15 : 27)
{ إن هذا القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما} (الإسراء:10,9) الحزب29
معاني الكلمات :
يهدي للتي هي أقوم : يهدي إلى الطريقة الأعدل والأصوب
أعتدنا : أعددنا
أليما : مؤلما وهو النار (الزحيلي/ج15 : 27 )
تفسير الآية : يبين الله جل وعلا صفات القرآن الذي أنزله الله على رسوله ولم يؤمن به بني إسرائيل والصفات هي (يرشد للطريق الصحيح /يبشر المؤمنون بالثواب الكبير /ينذر الذين لا يصدقون بوجود الله بالعقاب و جهنم) (الزحيلي/ج15 : 28)
المدرسة
الكلاسيكية
( فايول )
مبدأ
" مكافأة الأفراد"
الشاهد{ ...أن لهم أجرا كبيرا }
الهدف منها : ذكر بعض الأدلة الكونية على قدرة الله وعظمته,فالآية فيها تذكير بنعم الله في الدنيا فبعد أن بين الله ما أنعم به من نعم الدين على الناس وهو القرآن أتبعه ببيان ما أنعم عليهم من نعم الدنيا وهو في ذاته استدلال بالدلائل على قدرة الله وحكمته .
{وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا} (الإسراء:12) الحزب 29
معاني الكلمات :
آيتين : علامتين .
لتبتغوا فضلا من ربكم : لتطلبوا في النهار أسباب معاشكم
فصلناه : بيناه (الزحيلي/ج15 : 31 )(1/16)
تفسير الآية : يمتن الله على خلقه بالآيات العظام كمخالفته بين الليل والنهار ليسكنوا في الليل للراحة وينتشروا في النهار لطلب الرزق والسفر وليعلموا عدد الأيام والجمع والشهور والأعوام ويعرفوا مضي الآجال المضروبة للديون والعبادات والمعاملات وغيرها (راجح:690) ثم تبين الآية أن كل ما فيه مصلحة للدين والدنيا قد تم شرحه (الزحيلي/ج15: 34 )
مدرسة العلاقات الإنسانية
الاهتمام بالجانب الإنساني
الشاهد {لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب}
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية
الهدف منها : بيان مبدأ المسئولية الفردية أو الشخصية عن أعمال الإنسان وأن ذلك المبدأ قد تقرر بعد إرسال الرسل وبيان معالم الهدى فلا تكليف قبل الشرع ولا عقاب قبل البيان والإنذار (الزحيلي/ج15:32)
{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا*اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا*من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}(الإسراء:13-15) الحزب 29 سبب نزول الآية 15 : نزلت الإشارة في الهدى إلى أبي سلمة بن عبد الأسود وفي الضلال إلى الوليد بن المغيرة . وقيل : نزلت في الوليد هذا , قال:يا أهل مكة اكفروا بمحمد وإثمكم علي ( الزحيلي / ج 15 : 32) . معاني الكلمات : طائره : عمله من خير أو شر / كتابا : صحيفة عمله .
منشورا :غير مطوي .ولا تزر وازرة : أي لا تحمل نفس آثمة وزر نفس أخرى, والوزر : الإثم .(1/17)
تفسير الآية :أي جعلنا عمل كل إنسان ملازما له لزوم القلادة للعنق إن كان خيرا ولزوم الغل للعنق لا يفك عنه إن كان شرا , والمراد بالطائر العمل الصادر من الإنسان وسنخرج له يوم القيامة كتابا يراه ويستقبله منشورا أمامه فيه جميع أعماله خيرها وشرها ويقال لك حين تلقى كتابك :اقرأ كتابك كفى بنفسك حاسبا تحسب أعمالك وتحصيها , وكل إنسان مختص بعمل نفسه فمن اهتدى إلى الحق والصواب فإنما ينفع نفسه ومن ضل في عمله فإنما يضر نفسه ولا تتحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى بل على كل نفس إثمها دون غيرها , ويقتضي العدل والحكمة والرحمة ألا نعذب أحدا في الدنيا أو الآخرة على فعل شيء إلا بعد إنذار وبعث الرسل (الزحيلي/ج15: 34 )
مدرسة العلاقات الإنسانية
"الاهتمام بالجانب الإنساني"
الشاهد{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}
الهدف منها : بيان جزاء من أراد الدنيا وجزاء من أراد الآخرة .
فالآية عقدت مقارنة بين من أراد العاجلة ومن أراد الباقية .
{ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا*ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فألئك كان سعيهم مشكورا}(الإسراء: 19,18 ) معاني الكلمات :العاجلة : الدنيا / يصلاها : يدخلها
مذموما : ملوما / مدحورا : مطرودا / سعيهم مشكورا : أي مقبولا عند الله (الزحيلي : 42)
تفسير الآية : يخبر الله أنه ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل له , بل إنما يحصل لمن أراد الله ويكون جزاؤه في الدار الآخرة جهنم يدخلها حتى تغمره من جميع جوانبه حقيرا ذليلا مهانا ,وأما من أراد الآخرة وما فيها من النعيم والسرور وطلب في ذلك وقلبه مؤمن فألئك سيشكر الله مساعيهم ويتقبل أعمالهم بقبول طيب ( راجح : 692 ) .
المدرسة
الكلاسيكية
( فايول )
مبدأ
" مكافأة الأفراد"
الشاهد{ ... فألئك كان سعيهم مشكورا }
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية(1/18)
الهدف منها : أصول تنظيم المجتمع المسلم , وأن التوحيد أساس الإيمان وترابط الأسرة المسلمة دعامة المجتمع .
فكان الهدف من هذه الآيات هو وضع أصول الحياة الاجتماعية القائمة على التحلي بالأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما*واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا * ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا * وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا*إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا*وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا*ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا*إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا*ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا*ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا*ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا*ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا*وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا*ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل ألئك كان عنه مسئولا*ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا } (الإسراء: 23 - 37 ) الحزب 29(1/19)
سبب النزول الآية (28 ){وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا }: أخرج سعيد بن منصور عن عطاء الخراساني , قال : جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا أجد ما أحملكم عليه , فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا , فظنوا ذلك من غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها} والرحمة : الفيء .وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال:نزلت في كل من كان يسأل النبي-صلى الله عليه وسلم - من المساكين. قال ابن زيد: نزلت في قوم كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأبى أن يعطيهم لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في الفساد ( الزحيلي / ج15 : 52) .
سبب النزول الآية (29 ){ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }: أخرج سعيد بن منصور عن سيار أبي الحكم قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزّ ( ثياب ) وكان معطيا كريما , فقسمه بين الناس , فأتاه قوم فوجدوه قد فرغ منه , فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } .
وأخرج ابن مردويه وغيره عن ابن مسعود قال : جاء غلام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :إن أمي تسألك كذا وكذا , قال : ما عندنا شيء اليوم , قال : فتقول لك : اكسني قميصا , فخلع قميصه فدفعه إليه فجلس في البيت حاسرا , فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } .
وأخرج ابن مردويه أيضا عن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة : أنفق ما على ظهر كفي , قالت : إذن لا يبقى شيء , فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } ( الزحيلي / ج 15 : 52 ) .
معاني الكلمات :
وقضى ربك : حكم وأمر .
أف : اسم صوت يدل على التضجر والاستثقال .(1/20)
ولا تنهرهما : تزجرهما .
الأوابين : التوابين أو الرجاعين إلى طاعته / آت : أعط .
مغلولة : مقيدة .
تبسطها كل البسط : تتوسع في الإنفاق .
محسورا : نادما
فلا يسرف : يتجاوز الحد المشروع .
القسطاس المستقيم : الميزان السوي أو العدل .
مرحا : فخرا وتكبرا ( الزحيلي/ج15 : 50 , 66 )
تفسير الآية : إن الله تعالى جمع في هذه الآيات خمسة وعشرين نوعا من التكاليف وهي ما يأتي :-
( نبذ الشرك , الأمر بعبادة الله , النهي عن عبادة غير الله , الإحسان إلى الوالدين , عدم قول كلمة أف , عدم زجرهما , مخاطبتهما باللين من القول , التواضع لهما , الدعاء لهما , الإحسان إلى ذوي القربى والمساكين وابن السبيل , عدم التبذير , القول الميسور , عدم البخل والتقتير , تحريم وأد البنات أو قتل الأولاد , تحريم القتل إلا بالحق , حق الولي في القصاص , تحريم الإسراف في القتل , الوفاء بالعهد , إيفاء الكيل , الوزن بالعدل , عدم إتباع الظن , تحريم التكبر والخيلاء , تحريم الشرك ) ( الزحيلي / ج 15 : 66 - 68 ) .
الإسراء: 23 - 24
مدرسة العلاقات الإنسانية"الاهتمام بالجانب الإنساني"
الشاهد:{ وبالوالدين إحسانا ... واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا}
الإسراء:25
المدرسة الكلاسيكية
فايول/مكافأة الأفراد
الشاهد:{... إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}
الإسراء:28
مدرسة العلاقات الإنسانية"الاهتمام بالجانب الإنساني في التعامل"
الشاهد{ ... فقل لهم قولا ميسورا }
... ثانيا : سورة الكهف ...
ما اشتملت عليه السورة: (الزحيلي / ج 15 : 197 - 199 ) .(1/21)
استهلت السورة ببيان وصف القرآن الكريم بأنه قيّم مستقيم لا اختلاف فيه ولا تناقض في لفظه ومعناه وأنه جاء للتبشير والإنذار , ثم لفتت النظر إلى ما في الأرض من زينة وجمال وعجائب تدل دلالة واضحة على قدرة الله تعالى . وتحدثت السورة عن ثلاث قصص من روائع قصص القرآن الكريم وهي قصة أصحاب الكهف , وقصة موسى مع الخضر , وقصة ذي القرنين . أما قصة أصحاب الكهف فهي مثل عالي ورمز سامي للتضحية بالوطن والأهل والأقارب والأصدقاء والأموال في سبيل العقيدة فقد فرّ هؤلاء الشباب الفتية المؤمنون بدينهم من بطش الملك الوثني , واحتموا في غار في الجبل , فأنامهم الله ثلاث مائة وتسع سنين قمرية , ثم بعثهم ليقيم دليلا حسيا للناس على قدرته على البعث . واتبع الله تعالى تلك القصة بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتواضع ومجالسة الفقراء المؤمنين وعدم الفرار منهم إلى مجالسة الأغنياء لدعوتهم إلى الدين , ثم هدد الله تعالى الكفار بعد إظهار الحق وذكر ما أعده لهم من العذاب الشديد في الآخرة , وقارن ذلك بما أعده سبحانه من جنات عدن للمؤمنين الصالحين . وأما قصة موسى مع الخضر في الآيات [ 60 - 78 ] فكانت مثلا للعلماء في التواضع أثناء طلب العلم وأنه قد يكون عند العبد الصالح من العلوم في غير أصول الدين وفروعه ما ليس عند الأنبياء بدليل قصة خرق السفينة , وحادثة قتل الغلام وبناء الجدار .(1/22)
وأما قصة ذي القرنين ففي الآيات [ 83 - 99 ] فهي عبرة للحكام والسلاطين إذ أن هذا الملك تمكن من السيطرة علىالعالم ومشرق الأرض ومغربها وبنائه السد العظيم بسبب ما اتصف به من التقوى والعدل والصلاح . وتخللت هذه القصص أمثلة ثلاثة بارزة رائعة مستمدة من الواقع لإظهار أن الحق لا يقترن بالسلطة والغنى وإنما يرتبط بالإيمان , وأول هذه الأمثلة : قصة أصحاب الجنتين [32 - 44 ]للمقارنة بين الغني المغتر بماله والفقير المعتز بإيمانه لبيان حال الفقراء من المؤمنين وحال الأغنياء من المشركين وثانيهما : مثل الحياة الدنيا [ 45 - 46 ] لإنذار الناس بفنائها وزوالها . وأردف ذلك بإيراد بعض المشاهد ليوم القيامة من تسيير الجبال وحشر الناس في صعيد واحد ومفاجأة الناس بصحائف أعمالهم [ 47 - 49 ] , وثالثهما : قصة إبليس وإبائه السجود لآدم [ 50 - 53 ] للموازنة بين التكبر والغرور , وما أدى إليه من طرد وحرمان وتحذير الناس من شر الشيطان وبين العبودية لله والتواضع وما حقق من رضوان الله تعالى .
وأردف ذلك ببيان عناية القرآن الكريم بضرب الأمثال للناس للعظة والذكرى , وإيضاح مهام الرسل للتبشير والإنذار والتحذير من الإعراض عن آيات الله [ 54 - 57 ] , وأن سياسة التشريع اقتران الرحمة بالعدل , فليست الرحمة فوق العدل ولا العدل فوق الرحمة [ 58 - 59 ] .
وختمت السورة بموضوعات ثلاث : أولها : إعلان تبديد أعمال الكفار وضياع ثمرتها في الآخرة [ 100 - 106 ] , وثانيها : تبشير المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالنعيم الأبدي الأخروي [ 107 - 108 ] , وثالثها : أن علم الله تعالى لا يحده حد ولا نهاية له [ 109 - 110 ] .
وفيما يلي الأهداف الواردة في سورة الكهف من ( 75 - 110 ) كما يلي :-
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية(1/23)
الهدف منها : تربية القرآن المسلمين بالقصة وقصة موسى مع الخضر كانت مثلا للعلماء في التواضع وأنه قد يكون عند العبد الصالح من العلوم في غير أصول الدين وفروعه ما ليس عند الأنبياء.(الزحيلي/ج16:5)
{ قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا*قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا*فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلهما فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا*قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} (الكهف:75 - 78) الحزب 31
معاني الكلمات : استطعما أهلها : طلبا منهم الطعام بضيافة .
يريد أن ينقض : يسقط لميلانه .
تفسير الآية : الآيات تتمة قصة موسى مع الخضر , وهنا يقول الخضر لموسى الذي خالف الشرط :ألم أخبرك أنك لا تتمكن من احتمال ما أفعله ولن تسكت على ما أقوم به , فاعتذر موسى وأخبره بأنه إن اعترض على شيء يحدث بعد هذا الفعل فلا تجعلني صاحبا لك قد أعذرت إلي مرة بعد مرة حيث أكون قد خالفتك ثلاث مرات وهذا كلام نادم شديد الندم .ثم انطلقا يمشيان حتى وصلا إلى قرية طلبا من أهلها الطعام فرفضوا وأبوا فوجدا في تلك القرية حائطا آيلا للسقوط فرده كما كان فقال وقتها موسى للخضر :ليتك تطلب أجرة على إقامة الجدار فإنه نظرا لأنهم لم يضيفوننا كان ينبغي ألا تعمل لهم مجانا فأجابه الخضر:هذا الاعتراض المتكرر سبب الفراق بيننا بحسب الشرط الذي قبلته على نفسك وسأخبرك بتفسير الأفعال التي أنكرتها (الزحيلي/ج16:8)
الكهف : 77 - 78
المدرسة السلوكية تنمية المهارات الإنسانية والعلاقات بين الأفراد وبين الأفراد والمجموعات
الشاهد{ فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية(1/24)
الهدف منها : تربية القرآن الكريم المسلمين بالقصة و قصة ذي القرنين تمثل عبرة للحكام والسلاطين إذ أن هذا الملك تمكن من السيطرة على العالم ومشرق الأرض ومغربها وبنائه السد العظيم بسبب ما اتصف به من التقوى والعدل والصلاح .
{ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا*إنا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شيء سببا*فأتبع سببا*حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا* ........* قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا*قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما*ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا*فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعول له نقبا*قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا}(الكهف:83 - 98) الحزب 31(1/25)
تفسير الآية : أي يسألك اليهود يا محمد عن ذي القرنين ما شأنه؟ فقل لهم سأقص عليكم من نبأه , هذا الرجل يسر الله له أسباب الملك والسلطان وأعطاه كل ما يحتاج إليه للوصول إلى غرضه من أسباب العلم والقدرة والتصرف, فسلك ذي القرنين طريقه الذي يسره الله له في الغرب فوجد الشمس تغرب في ماء وطين -وهي ليست كذلك حقيقة - ووجد عند تلك العين الحارة قوما فألهمه الله إما بقتلهم أو دعوتهم بالحسنى إلى الإيمان فقال ذي القرنين : من أصر على الكفر فسوف نقتله ثم يرجع إلى ربه فيعذبه العذاب الفظيع في جهنم وأما من آمن وأحسن العمل فجزاؤه الجنة وسنيسر عليه في الدنيا فلا نكلفه , ثم سلك طريق الشرق فوجد الشمس تشرق على أقوام ليس لهم من اللباس والبناء ما يسترهم من حر الشمس وفعل في أهل المشرق كذلك من آمن تركه ومن كفر قتله ثم سلك طريقا بين الشرق والغرب حتى وصل إلى منطقة بين حاجزين عظيمين ووجد من وراء السدين قوما متخلفين لا يكادون يعرفون لسانا غير لسانهم إلا بمشقة وعسر لغرابة لغتهم وبطء فهمهم وما فهم كلامهم إلا بترجمان فقالوا له إن يأجوج ومأجوج قوم مفسدون بالقتل والسلب والنهب فهل نفرض لك جزءا من أموالنا كضريبة لتجعل سدا يحمينا من شرهم فقال ذي القرنين : ما بسطه علي ربي من القدرة والملك خير مما تبذلونه لي فلا حاجة لي بمالكم فأعينوني بالأيدي والرجال لأجعل بينكم وبينهم سدا منيعا أعطوني قطع الحديد حتى إذا ساوى البناء بين جانبي الجبل انفخوا بالمنافيخ عليه فإذا صار الحديد المتراكم كالنار بشدة الإحماء أعطوني أصب عليه النحاس المذاب فما استطاع المفسدون أن يعلوه ويتسوروه لعلوه وملاسته وما استطاعوا نقبه من أسفل لصلابته وثخانته , وقال : هذا نعمة من الله فإذا جاء وعد ربي بخروج يأجوج ومأجوج قرب قيام الساعة جعله الله مستويا بالأرض وعاد متهدما كما كان فوعده جل وعلا قائم لا محالة (الصابوني : 46 ) .
الكهف : 95(1/26)
المدرسة الكلاسيكية(فايول)التعاون
الشاهد { فأعينوني بقوة}
مدرسة اتخاذ القرار
تشير الآية إلى اتخاذ ذي القرنين القرار ببناء الجدار بعد استنجاد القوم به الشاهد{ أجعل بينكم وبينهم ردما}
الكهف : 96المدرسة الكلاسيكية(تيلور)
استخدام الطرق العلمية وتحديد خطوات العمل والوقت المحدد لها والابتعاد عن التخمين
الشاهد{ ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا}
الكهف : 98
مدرسة العلاقات الإنسانية (الرحمة)الشاهد{ قال هذا رحمة من ربي}
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية
الهدف منها: بيان جزاء الكفار لأخذ العظة والاعتبار
{ وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا*الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا*أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا * قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا*أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا* ذلك جزؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا} (الكهف:100 - 106 ) الحزب 31
تفسير الآية :أبرزنا جهنم وأظهرناها للكافرين يوم القيامة بأهوالها المخيفة المفزعة فالذين كانوا في الدنيا عميا عن دلائل قدرة الله فلا ينظرون ولا يتفكرون ولا يطيقون أن يسمعوا كلام الله تعالى لظلمة قلوبهم فهل يظن الكافرون أن يتخذوا بعض عبادي آلهة يعبدونهم من دوني وينفعهم ذلك ويدفع عنهم عذابي؟لقد هيأنا حهنم وجعلناها ضيافة لهم , وقل يا محمد لهؤلاء الكافرين هل نخبركم بأخسر الناس عند الله؟ الذين بطل عملهم وضاع في الدنيا لأن الكفر لا تنفع معه طاعة فالذين كفروا بالقرآن والبعث والنشور بطلت أعمالهم وليس لهم عند الله قيمة ولا وزن فجزاؤهم جهنم بسبب كفرهم واستهزائهم بآيات الله ورسله (الصابوني:47)(1/27)
الكهف : 106
المدرسة الكلاسيكية (فايول)
مكافأة الأفراد
الشاهد{ ذلك جزؤهم جهنم}
الهدف منها: بيان جزاء المؤمنين وسعة معلومات الله وتوحيده , وأن لا أحد يستطيع أن يحصر كلمات الله وعلمه وحكمته وأسراره
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا*قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا * قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلاهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف: 107 - 110 ) الحزب31 سبب نزول الآية (109) :أخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسال عنه هذا الرجل , فقالوا : سلوه عن الروح فسألوه , فنزلت " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا , قالت اليهود : أوتينا علما كثيرا , أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا , فنزلت : { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي) (الزحيلي / ج 15: 40 ) . سبب نزول الآية (110) :قال مجاهد : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله : إني أتصدق , وأصل الرحم , ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى , فيُذكر ذلك مني وأُحمد عليه فيسرني وأُعجب به , فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئا , فانزل الله { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } (الصابوني : 42 ) .(1/28)
تفسير الآية :إن الذين آمنوا بالله وعملوا بما يرضيه فلهم أعلى درجات الجنة وهي الفردوس منزلا ومستقرا ماكثين فيها أبدا لا يطلبون عنها تحويلا , وفي قوله ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ) فيه تمثيل لسعة علم الله والمعنى لو كانت بحار الدنيا حبرا ومدادا وكتبت به كلمات الله وحكمه وعجائبه لفني البحر على كثرته وامتلائه وانتهى وكلام الله لا ينفد لأنه غير منته كعلمه جل وعلا , ولو أتينا بمثل ماء البحر وزدناه به حتى يكثر فإن كلام الله لا يتناهى .
الكهف : 107
المدرسة الكلاسيكية (فايول)
مكافأة الأفراد
الشاهد{كانت لهم جنات الفردوس نزلا}
... ثالثا: سورة مريم ...
ما اشتملت عليه السورة: (الزحيلي / ج 15: 46 - 48 )
موضوع السورة كسائر السور المكية هو إثبات وجود الله ووحدانيته وإثبات البعث والجزاء من خلال إيراد قصص جماعة من الأنبياء على النحو التالي :-
1. افتتحت السورة بقصة ولادة يحي بن زكريا من أب شيخ كبير وأم عاقر لا تلد [ 1 - 15 ] .
2. أردف ذلك قصة ولادة عيسى من مريم العذراء من غير أب لتكون دليلا آخر على القدرة الربانية [ 16 - 36 ] .
3. انتقلت الآيات بعدئذ إلى بيان جانب من قصة إبراهيم الخليل عليه السلام ومناقشته أباه في عبادة الأصنام [ 41 - 50 ] .
4. تحدثت السورة عن قصة موسى ومناجاته لربه في الطور وجعل أخيه هارون نبيا [ 51 - 53 ] .
5. أشارت إلى قصص إسماعيل الموصوف بصق الوعد وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإدريس الصديق النبي [ 54 - 58 ] .
6. قورن الخلف بالسلف وبان الفرق بأن الخلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وجدد الوعد بجنات عدن لمن تاب وآمن وعمل صالحا[ 59 - 63]
7. ناسب ذلك الكلام عن الوحي وأن جبريل لا ينزل بالوحي إلا بإذن ربه [ 64 - 65 ] .
8. ناقش الله المشركين الذين أنكروا البعث وأخبر بحشر الكافرين مع الشياطين وإحضارهم جثيا حول جهنم وبأن الخلق ترد على لانار [ 66 - 72 ](1/29)
9. أبان الله تعالى موقف المشركين حين سماع القرآن الكريم من المؤمنين بأنهم خير منهم مجلسا ومجتمعا وهددهم بأنه أهلك كثيرا من الأمم السابقة بسبب عتوهم واستكبارهم وأنه يمد للظالمين ويمهلهم ويزيد الهداية للمهندين وأن معبودات المشركين ستكون أعداء لهم [ 73 - 84 ] .
10. التمييز بين حشر وفد المتقين إلى الجنان وسوق المجرمين إلى النيران [ 85 - 87 ] .
11. التنديد بمن ادعى الولد لله , والرضا عن المؤمنين الصالحين وأن القرآن الكريم لتبشير المتقين وإنذار الكافرين المعاندين [ 88 - 98 ] .
وفيما يلي الأهداف الواردة في سورة مريم من ( 1- 95) كما يلي :-
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية
الهدف منها :
بيان دعاء زكريا عليه السلام طالبا الولد وبشارته بيحي وإيتاء يحي عليه السلام النبوة والحكم صبيا ليكون ذلك آية على قدرة الله العجيبة التي تستدعي الإيمان به إيمانا مطلقا.
{كهيعص*ذكر رحمة ربك عبده زكريا*إذ نادى ربه نداء خفيا*قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا*وإني خفت الموالي من وراءي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا*يرثني ويرث من ءال يعقوب واجعله رب رضيا* يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحي لم نجعل له من قبل سميا*..........* يا يحي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا * وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا} (مريم:1 - 14 ) الحزب31
معاني الكلمات :كهيعص : حروف مقطعة قصد بها التنبيه ./ وهن : ضعف .
الموالي : عصبة الرجل الذين يلونه في النسب كبني العم .
تفسير الآية :(1/30)
بدأت السورة بحروف مقطعة للإشارة إلى الإعجاز القرآني , ثم ذكر من رحمته تعالى لمحمد قصة عبده زكريا عندما ناجى ربه بصوت خفي لايكاد يسمع وقال / لقد ضعف عظمي وذهبت قوتي من الكبر وانتشر الشيب في رأسي ولم يخيب دعائي من قبل بل عودتني الإحسان فاستجب دعائي فقد خفت بني العم والعشيرة من بعد موتي أن يضيعوا الدين ولا يحسنوا وراثة العلم والنبوة فارزقني من محض فضلك ولدا صالحا يتولاني ويرثني ويرث أجداده في العلم والنبوة واجعله مرضيا عندك , فرد عليه الله بواسطة الملائكة بأنه يبشره بغلام يسمى يحي لم يسم أحد قبله بيحي , ثم قال زكريا : كيف يكون لي ولد - وهو استفهام وتعب وسرور بالأمر العجيب - والحال أن امرأتي كبيرة السن لم تلد في شبابها فكيف وهي الآن عجوزا ! فقال الله تعالى لزكريا : هكذا الأمر أخلقه من شيخين كبيرين وخلقه وإيجاده سهل يسير علي مثلما خلقتك من العدم فأنا قادر على خلق يحي منكما , فطلب زكريا من ربه آية وعلامة تدل على حمل زوجتي فقال له تعالى أن علامته ألا تستطيع تكليم الناس ثلاثة أيام بلياليهن وأنت سوي الخلق ليس بك خرس ولا علة , فخرج على قومه وهو بهذه الصفة وأشار إلى قومه بأن سبحوا الله في أوائل النهار وأواخره وكان كلامه للناس بالإشارة , فلما ولد يحي وكبر وبلغ السن الذي يؤمر فيه قال له الله : يا يحي خذ التوراة بجد واجتهاد وقد أعطاه الله الحكمة ورجاحة العقل منذ الصغر وقد فعلنا ذلك رحمة منا بأبويه وعطفا عليه وتزكية له من الخصال الذميمة فكان عبدا صالحا متقيا لله لم يهم بمعصية وجعلناه بارا بأبيه وبأمه محسنا إليهما ولم يكن متكبرا عاصيا لربه ( الصابوني : 53 - 55 )
مريم :12
المدرسة العلمية الكلاسيكية
تيلور
الاختيار السليم للعمال ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب
البيروقراطية "استخدام الخبراء"
الشاهد {وءاتيناه الحكم صبيا }
الهدف
الآية - سبب النزول - التفسير
المدارس الفكرية(1/31)
الهدف منها :ذكر قصة إبراهيم ومتاقشته لأبيه في عبادة الأصنام ليبين الله أنه ترك دين أبيه ليعتبر الكفار الذين كانوا غير قادرين على ترك دين آبائهم وليكون قدوة للمسلمين حيث كان حواره مع أبيه غاية في لأدب ولذلك كان يكرر "يا أبت "
{ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا *إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني اهدك صراطا سويا }(مريم : 41 - 43 ) الحزب 31
معاني الكلمات :صديّقا : مبالغا في الصدق .
لا يغني : لا يكفيك / سويا : مستقيما مؤديا للسعادة .
تفسير الآية :اذكر يا محمد في الكتاب العزيز خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام فقد كان ملازما للصدق مبالغا فيه جامعا بين الصدّيقية والنبوة , فقد نادى إبراهيم أبيه متلطفا بخطابه مستميلا له نحو الهداية والإيمان فقال : يا أبت لم تعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر ولا يجلب لك نفعا أو يدفع عنك الضر , ثم كرر النصح باللطف ولم يصف أباه بالجهل الشنيع في عبادته للأصنام وإنما ترفق وتلطف في الكلام فقال : جاءني من العلم بالله ومعرفة صفاته القدسية مالا تعلمه أنت فاقبل نصيحتي وأطعني أرشدك إلى طريق مستقيم فيه النجاة من المهالك وهو دين الله الذي لا عوج فيه (الصابوني : 62 )
مريم :43
البيروقراطية
استخدام الخبراء "وضع الرجل المناسب في المكان المناسب"
الشاهد { إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك }
الهدف منها :
بيان أن نزول الوحي بأمر الله تعالى , ودليل على طاعة الملائكة لأوامر الله تعالى .
{ وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا * رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبد واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا} (مريم : 64 , 65 )(1/32)
سبب نزول الآية 64 :أخرج أحمد والبخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا , فنزلت : { وما نتنزل إلا بأمر ربك}, وأخرج ابن اسحاق عن ابن عباس : أن قريشا لما سألوه عن أصحاب الكهف , مكث خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا , فلما نزل حبريل , قال له :أبطأت , فنزلت : { وما نتنزل إلا بأمر ربك } (الزحيلي / ج 16: 138 ) .
تفسير الآية :بعد أن استبطأ الرسول عليه الصلاة والسلام نزول جبريل عليه أمر الله جبريل أن يقول : وما نتنزل نحن الملائكة بالوحي على الأنبياء والرسل إلا بأمر الله بالتنزيل على وفق الحكمة والمصلحة وخير العباد في الدنيا والآخرة , وما نسيك ربك يا محمد وإن تأخر عنك الوحي ولا ينسى شيئا فالله خالق السماوات والأرض ومالكهما وما بينهما وهو المدبر والحاكم والمتصرف الذي لا معقب لحكمه فاثبت على عبادته واصطبر على العبادة الطاعة وما فيها من المتاعب والشدائد ولا تنصرف عنها بسبب تأخر الوحي (الزحيلي/ج16: 139)
مريم : 64
المدرسة الكلاسيكية
" تيلور"
فصل التخطيط عن التنفيذ
الشاهد{وما نتنزل إلا بأمر ربك }
الوظائف الإدارية
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
يرى ( سالم وآخرون : 16 - 17 ) أنه يمكن النظر للإدارة على أنها عملية تتألف من أعمال ونشاطات محددة يؤدي تنفيذها إلى حسن سير العمل في المنشأة , وبالتالي تحقيق الهدف الأسمى للمنشأة المتمثل بالبقاء والنمو والازدهار حيث يمكن النظر إليها على أنها عملية يمكن عن طريقها الجمع بين الموارد المختلفة المتاحة والتي غالبا ما تكون محدودة وشحيحة أو باهظة الثمن بأفضل السبل لتحقيق أهداف محددة مسبقا بأقل ما يمكن من الجهود والوقت والمال أي بتحقيق ما يسمى ( الكفاية الإنتاجية ) .(1/33)
وفيما يتعلق بالنشاطات أو الوظائف المحددة التي يقوم بها الإداري والتي تتألف منها العملية الإدارية , يمكن تصنيفها إلى :- (سالم وآخرون: 17)
( التخطيط planning / التنظيم organizing / التوجيه directing / الرقابة controlling )
أولا : التخطيط planning:
يعتبر التخطيط من الوظائف الرئيسية للإدارة وهو يسبق الوظائف الأخرى , وقد ذكر ( النمر وآخرون : 95 ) تعريفا للتخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
تتكون عناصر التخطيط كما ذكرها ( النمر وآخرون : 101 - 118 ) من : ( الأهداف / التنبؤ / السياسات / الإجراءات / تدبير الوسائل والإمكانات ) .
يتنوع التخطيط وفقا للمدة الزمنية التي تغطيها الخطة على النحو التالي ( النمر وآخرون : 122 - 123 ) :-
( تخطيط قصير المدى / تخطيط متوسط المدى / تخطيط طويل المدى )
التخطيط في الفكر الإسلامي :
يذكر ( أبو سن : 70 ) أن الإسلام نهج في التخطيط بأنواعه المختلفة مبدأ الدراسة والتشاور مع أهل الرأي وأصحاب الحل والعقد في المجتمع عملا بقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } , ويذكر ( الشلعوط : 102 ) أنه في الفكر الإسلامي لا يمكن أن يكون هناك فعل إنساني عاقل دون هدف يوجهه , وإن تحقيق الهدف يتطلب النية الصادقة المخلصة التي يتبعها الفعل الصادق المخلص , ويؤكد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ إنما الأعمال بالنيات ] ويرى ( الشلعوط : 105 ) أن التخطيط في الإسلام اشتمل على جميع عناصر العملية التربوية , ومن أبرز المجالات التي تناولها الإسلام بالاهتمام وبضرورة التخطيط لها , ما يلي :-(1/34)
( التخطيط من أجل معرفة القراء والكتابة / التخطيط من أجل تعليم الأجيال الصاعدة /التخطيط من أجل التعليم المستمر أو التربية مدى الحياة / التخطيط من أجل حياة المسلمين في دنياهم وآخرتهم / التخطيط من أجل البناء الخلقي ) .
أما ( النمر وآخرون : 140 - 143 ) فقسموا التخطيط في الدولة الإسلامية إلى :
( التخطيط للدعوة الإسلامية / التخطيط الاقتصادي / التخطيط الاجتماعي / التخطيط العسكري /التخطيط الإداري )
وقد ذكر ( الفهداوي : 161 ) الشروط التشغيلية لوظيفة التخطيط في الإسلام , وهي :-
( الاعتبار واستعمال الفطنة والبصيرة / العلم وحث العقل على عدم إتباع الظن وما لم يقم عليه دليل ولا برهان عند تحديد الأمور / المشورة وتكون مع أهل العلم والدراية / الإعداد / التيقن عملا بالقاعدة الفقهية ( اليقين لا يزول بالشك ) / التأني عملا بالقاعدة الفقهية ( من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه) / عدم التغافل / إزالة الضرر عملا بالقاعدة الفقهية ( الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ) / الإحصاء ) .
ثانيا : التنظيم organizing:-
يعرف ( زويلف : 102 ) التنظيم على أنه " ترتيب منسق للأعمال اللازمة لتحقيق الهدف وتحديد السلطة والمسئولية المعهود بها إلى الأفراد الذين يتولون تنفيذ هذه الأعمال " ويتكون التنظيم من مجموعة من المبادىء الأساسية, وهي : ( النمر وآخرون : 151 )
1. مبدأ وحدة الهدف .
2. مبدأ التخصص وتقسيم العمل .
3. مبدأ وحدة القيادة أو الأمر .
4. مبدأ نطاق الإشراف .
5. مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية .
6. مبدأ تفويض السلطة .
7. مبدأ المركزية واللامركزية .
التنظيم في الفكر الإسلامي
لقد عني الفكر الإسلامي بالتنظيم الإداري والتنظيم السياسي منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعبر العصور الإسلامية المتلاحقة , ويعدد ( أبو سن : 72 ) مبادىء التنظيم الإداري الإسلامي على النحو التالي :-(1/35)
( التدرج السياسي / السلطة والمسئولية السلطة : هي القدرة على اتخاذ القرار أو التصرف النهائي الملزم على الآخرين تنفيذه والعمل بموجبه وإطاعة مصدره , والمسئولية : هي إلزام من صدرت إليه الأوامر بالقيام بتنفيذ العمل الموكل إليه على أحسن وجه / الشورى / مبدأ تفويض السلطة ) .
ويذكر ( الفهداوي : 162 ) أهم الشروط التشغيلية لوظيفة التنظيم في الإسلام , وهي :-
( الالتزام / المسئولية / التعاون / القوة والأمانة / تولية الأصلح / العمل الصالح واختيار الكفاة له )
وأضاف ( النمر وآخرون : 190 ) مبادىء تنظيمية إسلامية بالإضافة إلى ما سبق , وهي :-
( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر/ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) .
ثالثا : التوجيه Directing
يعرف ( الضحيان : 119 ) التوجيه على أنه " فن وقدرة المدير بالسير الصحيح بمن تحت أمرته والانتماء للعمل حتى يتحقق الهدف المطلوب تحقيقه " , ويعرف ( البرعي وعابدين : 60 ) التوجيه الإداري على أنه " الاتصال بالمرؤوسين وإرشادهم وترغيبهم للعمل لتحقيق الأهداف ... ولذا فإن كلمة التوجيه الإداري هي بمثابة الوظيفة التنفيذية للإرشاد وملاحظة المرؤوسين " .
إن عملية التوجيه تتم بوسائل عديدة منها القول المباشر أو بالكتابة حيث يصدر المدير توجيهاته بشكل أوامر وتعليمات وكذلك يتم التوجيه بالأسلوب العملي عن طريق نزول المدير إلى الميدان كتشغيل الأجهزة فيوجه عمليا ونظريا من تحت أمرته ( الضحيان : 119 ) , ولكن يرى (البرعي وعابدين : 61 ) أنه يمكن للرئيس أو المدير أن يستعمل طرقا عديدة ومتنوعة في عملية التوجيه لموظفيه إلا أن التوجيه السليم الناجح يستلزم الإلمام بكل الأساليب البديلة مع المقدرة على استخدام الأسلوب الصحيح في الوقت الصحيح وبالطريقة الصحيحة .
وقد أورد ( ا لضحيان : 122 ) أدوات التوجيه بأنها : ( الحوافز / التدريب / العلاقات الإنسانية )(1/36)
ونجد أن مكونات التوجيه كما ذكرها ( زويلف : 139 ) ثلاث , وهي : ( القيادة / الاتصال / التحفيز ) .
وفيما يلي تفصيل لكل واحدة على النحو التالي :-
أولا : القيادة ...
يعرف ( زويلف : 140 ) القيادة " بأنها العملية التي عن طريقها يتم التأثير على الأفراد لجعلهم يرغبون في تحقيق أهداف المجموعة " , ويذكر (مصطفى والنابة : 44 ) أنماطا للقيادة تتمثل فيما يلي : ( القيادة التسلطية أو الأتوقراطية / القيادة الديمقراطية أو المشاركة / القيادة غير الموجهة أو المطلقة ) , وقد أورد (الضحيان : 153 ) صفات القائد المسلم الإداري كما يلي:-( العقيدة الصحيحة والإيمان الصادق / العدل / الأمن والطمأنينة / العقلية المنظمة / الأخذ بالأسلوب العملي / حب الانتماء للعمل / القوي الأمين / توطيد الثقة مع من تحت أمرته / العفو عند المقدرة / اللين في غير ضعف والقوة من غبر عنف)
ثانيا : الاتصال ...
يعرف ( الشلعوط : 33 ) الاتصال" إرسال وتحويل للمعلومات من المرسل إلى المستقبل مع ضرورة فهم المعلومات من قبل المستقبل " وهو"عملية نقل الأوامر والقرارات وتبادل المعلومات بين المستويات المختلفة للتنظيم شريطة أن يكون هادفا وموضوعيا وأن يمر بقنوات الاتصال المحددة " ,وعناصر الاتصال هي ( المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة والهدف والسلوك الناتج " التغذية الراجعة ") .
ثالثا : التحفيز ...
يقصد بالتحفيز / توجيه سلوك الأفراد وتقويته ومواصلته لتحقيق أهداف مشتركة وأنواع الحوافز كثيرة ( المادية والمعنوية / السلبية والإيجابية / الفردية والجماعية ) ( زويلف : 154 - 156 ) , والتحفيز في الفكر الإسلامي مبني على أساس تكوين الإنسان من جسم له حاجاته وروح لها حاجاتها وكلها تحتاج إلى تلبية وإشباع والتخفيز يكون إما بتحقيق هذه الحاجات وإشباعها كثواب وإما بالحرمان منها كعقاب له ( الشلعوط : 130 )
التوجيه في الفكر الإسلامي :(1/37)
يذكر ( الفهداوي : 164 ) أهم لشروط التوجيه في الإسلام , وهي :-( إقرار الأمر بالرضا / معرفة الأمروفهمه / الأمر لفظا وكتابة / الثواب والعقاب ) .
رابعا : الرقابة controlling
يذكر ( الشلعوط : 35 ) تعريف هنري فايول للرقابة على أنها " الإشراف والمراجعة من سلطة أعلى بقصد معرفة كيفية سير الأعمال والتأكد من أن المواد المتاحة تستخدم وفقا للخطة الموضوعة " ويرى ( زويلف : 166 ) بأن الوظيفة الرئيسية للرقابة هي مقياس أداء المرؤوسين وتصحيحها من أجل التأكد من أن الأهداف قد تحققت وأن الخطط قد وضعت موضع التنفيذ بالطريق الصحيح .
الرقابة في الفكر الإسلامي :
قسم ( الشلعوط : 138 ) أنواع الرقابة الموجود في القرآن الكريم إلى ثلاثة أنواع , هي :-
1. مراقبة ذاتية : نابعة من الفرد نفسه .
2. مراقبة خارجية ( مراقبة المجتمع ) : وهي مراقبة الجماعة التي تتأثر بالعمل الذي يقوم به فرد أو جماعة .
3. مراقبة القائد : وينبثق هذا النوع من مفهوم اشتراك الرئيس والمرؤوس في تحمل المسؤولية .
أما ( الفهداوي : 166 ) فقد قسم الشروط التشغيلية لوظيفة الرقابة على النحو التالي :-
( إدانة النفس / تغيير المنكر / البينة واليمين / الإدانة بموجب البرهان / التأكد من الأهلية عند إصدار الأحكام)
التطوير :أضاف ( الشلعوط :141 ) وظيفة أخرى من وظائف الإدارة الإسلامية وهي وظيفة ( التغير والتطوير ) وعرف التغيير على أنه الانتقال من حالة سائدة إلى حالة مغايرة لها قد تكون مجربة في الماضي أو أن تكون حالة جديدة يراد تطبيقها على الحالات السائدة والممارسات اليومية , وعرف التطوير على أنه تلك الجهود المخططة التي تمتد إلى جميع مستويات المؤسسة التنظيمية بهدف زيادة فعاليتها وحيويتها ويتولى القيام بتلك الجهود عامل التغيير أو العامل السلوكي بمساعدة قيادات المؤسسة العليا .(1/38)
وفيما يلي الوظائف الإدارية الواردة في سورة الإسراء من ( 1- 96) وسورة الكهف ( 75 - 110) وسورة مريم ( 1 - 95) كما يلي :-
أولا : وظيفة التخطيط
الوظيفة
الآية
تخطيط إحصائي
و الإحصاء من ضمن الوظائف التشغيلية للتخطيط في الإسلام (الفهداوي:162)
وذكر ( الضحيان : 72 ) أنه عن طريق استخدام الإحصاءات والمعلومات السابقة والحاضرة واللاحقة نستطيع التنبؤ ومعرفة مجريات المستقبل والعمل على تفادي أخطائها والتخطيط السليم لها
الشاهد : { ولتعلموا عدد السنين والحساب} .
{ ... ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا } (الإسراء :12 ) الحزب 29
تخطيط إحصائي
شملت الآية نوع من أنواع التخطيط وهو ( التخطيط الإحصائي ) , وقد وضع (لفهداوي : 162 ) الإحصاء ضمن الوظائف التشغيلية لوظيفة التخطيط في العملية الإدارية الإسلامية , وقد ذكر الله في هذه الآية أن الله جلة وعلا قد علم عدد خلقه منذ خلقهم إلى يوم القيامة ذكرهم وأنثاهم كبيرهم وصغيرهم وذلك تخطيطا وتدبريا منه جل وعلا ببعثهم يوم القيامة فردا فردا لحسابهم .
وذكر ( الضحيان : 72 ) أنه عن طريق استخدام الإحصاءات والمعلومات السابقة والحاضرة واللاحقة نستطيع التنبؤ ومعرفة مجريات المستقبل والعمل على تفادي أخطائها والتخطيط السليم لها الشاهد {لقد أحصاهم وعدهم عدا }
{ لقد أحصاهم وعدهم عدا } ( مريم : 94 ) الحزب 31
معاني الكلمات :
لقد أحصاهم : حصرهم وأحاط بهم
تفسير الآية :
أي قد علم الله عدد خلقه منذ خلقهم إلى يوم القيامة وعدّ أشخاصهم وأحوالهم كلها فهم تحت سلطانه وأمره وتدبيره وكل شيء عنده بمقدار وكل واحد منهم يأتيه يوم القيامة لا ناصر له ولا مال معه ولا مجير له إلا الله فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل فلا يظلم أحدا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (الزحيلي/ج16 : 167)
الوظيفة
الآية - سبب النزول - التفسير
التخطيط الاجتماعي(1/39)
يهتم التخطيط الاجتماعي بتحقيق الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع وذلك بالاهتمام بالروابط الأسرية وعلاقات الجوار و إيجاد رابطة الأخوة بين المسلمين والاهتمام بمصلحة الجماعة (النمر وآخرون : 143 ) , وهذه الآية ترسم الطريق أمام الأجيال كيفية التعامل مع الوالدين من باب تحقيق التكافل في الأسرة لأننا بذلك نساهم في بناء المجتمع المسلم , ولذلك كانت هذه الآيات مخططة للإنسان بأن يتمسك بأمور كالعدل وعدم الظلم والابتعاد عن بعض الأمور كقتل الأولاد مخافة الفقر و الزنى وقتل النفس التي حرم الله ظلما وأكل مال اليتيم .
{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا}(الإسراء: 23 - 24 ) الحزب 29
{ ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا * ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا *ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ... وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم } (الإسراء: 31 - 35 ) الحزب 29
التخطيط الاقتصادي
يهدف التخطيط الاقتصادي بأن يجد كل مسلم ما يكفيه من المال فحرم الربا وأحل البيع وأمر بالزكاة بما يحقق التكافل الاجتماعي والتوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع لضمان حد الكفاية لكل فرد (النمر وآخرون : 141 ) , وفي هذه الآية قرن الله الأمر بالإنفاق بالتوسط والاعتدال والنهي عن الإسراف لأن الإسلام دين الوسط فالآية بمثابة التوجيه إلى التخطيط المالي السليم, والآية الثانية ذمت الآية البخل وفي نفس الوقت نهت عن الإسراف والتبذير ليعيش المسلم الوسط متمتعا بماله في الحلال من ملذات الدنيا ومستخدما له في الأمور التي تقربه إلى الله .
{ وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا} (_الإسراء:26) الحزب 29(1/40)
{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } ( الإسراء: 29 ) الحزب 29
الوظيفة
الآية
تخطيط
( عنصر تدبير الوسائل والإمكانات )
دلت الآيات على التخطيط من باب تحديد مسارات العمل المستقبلي من خلال وضع الأهداف وكيفية تحقيقها والوسائل اللازمة لإنجازها (لشلعوط : 102) فالله أراد أن يرسل الرسل حتى يكونوا حجة على من لم يؤمنوا يوم القيامة حين يعذبهم , ويذكر (الشلعوط : 109 ) أن من أنواع التخطيط هو التخطيط من أجل حياة المسلمين وقد شملت الآية الثانية الوسائل اللازمة لتنظيم حياة من استغاثوا (بذي القرنين ) , وقد أحسن ذي القرنين في تخطيطه لبناء الحائط الذي لم يستطع يأجوج ومأجوج النفاذ منه
والآية الثالثة تدل على إرادته جل وعلا أن يأتي مريم المخاض عند جذع النخلة لحكمته جل وعلا مساعدة مريم عليه السلام وذلك لأن النخلة تحتوي على التمر والذي يساعد على عملية الولادة ويفيد الأم , وما يدل على ذلك قوله جل وعلا في الآية التي تليها { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا } .
الشاهد في الآية الأولى : {حتى نبعث رسولا }
الشاهد في الآية الثانية : { ءاتوني زبر الحديد ... ءاتوني أفرغ عليه قطرا}.
الشاهد في الآية الثالثة : { إلى جذع النخلة }
{ ... وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }
(الإسراء:15)الحزب 29
{ ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا } (الكهف : 96 ) الحزب 31
{ فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا } ( مريم : 23 ) الحزب 31
معاني الكلمات :
المخاض : وجع الولادة
تفسير الآية :-(1/41)
أي فاضطرها وألجأها ألم الولادة ووجعه وألم الطلق إلى الاستناد إلى جذع النخلة والتعلق به لتسهيل ألم الولادة فتمنت الموت قبل ذلك الحال استحياء من الناس وخوفا أن يظن بها السوء في دينها - وهذا دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة - (الزحيلي / ج 16 : 75 )
الوظيفة
الآية
تخطيط قصير المدى
أخبر الله جل وعلا زكريا في هذه الآية أن الدليل الذي طلبه منه على وجود ما وعده لكي يطمئن قلبه هو حبس لسانه عن الكلام ثلاث ليال بدون وجود مرض أو علة أو خرس , وهذا التدبير الإلهي يعتبر قصير المدى لقصر المدة الزمنية التي سيقضيها زكريا عليه السلام بدون كلام مع الناس , الشاهد {ثلاث ليال}
{ قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } (مريم : 10) الحزب 31
التخطيط ( وظيفة التأثير)
نجد أن الآية فيها خطاب من إبراهيم (خليل اللاحمن ) إلى أبيه وذريته وكان في خطابه كلمات دلت على رغبة إبراهيم في التأثير على أبيه ليترك ملة الكفر ويعبد الله , وكما يرى ( سالم وآخرون : 60 ) أن التخطيط لا يمكن أن يون كاملا بدون أن يكون هناك طرق للتأثير على الآخرين , ونجد أن التأثير في هذه الآية كان عن طريق اللين والإقناع وليس الإجبار وهذا أمر طبيعي تقتضيه رابطة الأبوة , ويظهر ذلك جليا في تكرار إبراهيم عليه السلام للفظ ( يا أبت ) في بداية كل آية .
{ يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا } (مريم:43- 45) الحزب 31
التخطيط
للحفاظ على النسل والمحافظة على الأجيال الصاعدة
{ ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا } ( الإسراء: 31 ) الحزب 29
ثانيا : وظيفة التنظيم
الوظيفة
الآية
التنظيم(1/42)
يمثل التنظيم وسيلة لتحقيق هدف معين , فالهدف الذي تسعى المنظمات إلى تحقيقه هو المبرر لوجود التنظيم حيث يتم ترجمة تلك الأهداف في أشكال تنظيمية متعددة لتتولى عملية تحقيقها ( النمر وآخرون : 151) , والآية تشير إلى تنظيم الله تعالى لرحلة النبي- صلى الله عليه وسلم - في الإسراء والمعراج وكان الهدف من تنظيم هذه الرحلة هو مشاهدة النبي - عليه الصلاة والسلام - آيات الله العظام .
{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}(الإسراء:1) الحزب 29
تنظيم
مبدأ نطاق الإشراف
نطاق الإشراف هو عن عدد المرؤوسين الذين يمكن لرئيس واحد أن يشرف عليهم مما يساعد على تحقيق قدر من الفعالية في العملية التنظيمية ( النمر وآخرون : 155 ) , والآية الأولى تشير إلى أن نطاق الإشراف الذي وهبه الله تعالى لموسى عليه السلام كان بني إسرائيل حتى يركز جهوده في دعوتهم .
أما الآية الثانية فدلت على أن نطاق الإشراف الذي مارسه إسماعيل عليه السلام في الاهتمام بأمر الصلاة والزكاة هو أهله لقربهم منه .
{ وءاتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ...} (الإسراء : 2 ) الحزب 29
الوظيفة
الآية
تنظيم
مبدأ وحدة الهدف
يمثل التنظيم في الواقع وسيلة لتحقيق هدف معين , فالهدف الذي تسعى المنظمات إلى تحقيقه هو المبرر لوجود التنظيم حيث يتم ترجمة تلك الأهداف في أشكال تنظيمية متعددة لتتولى عملية تحقيقها ( النمر وآخرون : 151 )
وفي الآية يأمر فيها الله سبحانه وتعالى بعبادته لا شريك له فقد فكان الهدف من خلقه لنا في هذه الدنيا هو العبادة وهو هدف واحد يشترك فيه خلق الخلائق كلهم .
{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه...}
( الإسراء: 26 ) الحزب 29
تنظيم
مبدأ وحدة القيادة ( الأمر )(1/43)
يقصد بهذا المبدأ ألا يتلقى المرؤوس الأوامر من أكثر من رئيس بل يجب أن يتلقى أوامره من رئيس واحد مما يؤدي ضمان حسن العمل في التنظيم فلابد من توافر قنوات محددة تمر من خلالها الأوامر والتعليمات داخل المنظمة ( النمر وآخرون : 154 ) , وهذه الآية فيها أمر من الله جل وعلا ألا يتخذوا من دون الله وليا ولا نصيرا ولا معبودا غير الله .
وفي الآية الثانية يخبر الله بأنه يوم القيامة يحاسب كل أمة بنبيهم الذي أرسل إليهم , وتبرز وحدة الأمر في جعل نبي لكل أمة من باب وحدة القيادة والأمر .
{ ألا تتخذوا من دوني وكيلا } ( الإسراء: 2 ) الحزب 29
{ يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا }
( الإسراء : 71 ) الحزب29
معاني الكلمات :
بإمامهم : من ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب
تفسير الآية :
اذكر يا محمد ذلك اليوم الذي نحاسب فيه كل أمة بإمامهم بكل عدل ولا يظلمون أدنى شيء , والفتيل هو الخيط المستطيل في شق النواة .
الوظيفة
الآية
تنظيم مالي
الشاهد {خرجا }
{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا} الكهف : 94 الحزب 31
ثالثا : وظيفة التوجيه
الوظيفة
الآية
القائد الناجح
تبين الآية صفات القائد الإداري الناجح التي تميز بها ذي القرنين من خلال العقلية المنظمة والأخذ بالأسلوب العلمي
{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا*قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما }الكهف : 94 - 95 الحزب 31
قيادة
يبرز في الآية القيادة التي مارسها الخضر على سيدنا موسى عليه السلام تمثلت في طلب الخضر من موسى عدم سؤاله في أي شيء وأن ينفذ ما يطلبه دون نقاش أو سؤال .(1/44)
{ قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا } الكهف : 75 - 76 الحزب 31
الوظيفة
الآية
التوجيه الكلامي
يتعلق التوجيه بإرشاد المرؤوسين خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة (الشلعوط:128)
تشير الآية إلى وجود توجيه إلاهي بلين الكلام لأقاربك الذين يريدون الصدقة ولا تجد ما تعطيهم ,وتشير الآية الثانية إلى التوجيه بالكلمة الطيبة لما لها من أثر في تحقيق الأخوة بين المؤمنين وتفسرها (حياة:232)بأن الله يأمر عباده بأن يقولوا ما هو أحسن على وجه الإطلاق حتى يتقوا شر الشيطان.
{ وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا } الإسراء : 28الحزب 29
{ قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن } الإسراء: 53 الحزب 29
سبب نزول الآية 53 :روي أن المشركين أفرطوا في إيذائهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت,وقيل : شتم عمر رجل منهم فهمّ به فأمره الله بالعفو ( الزحيلي / ج 15 : 98 ) .
تفسير الآية :يفسرها الشهيد سيد قطب نقلا عن (حياة:232) أن الآية فيها أمر بقول ما هو أحسن و يختارون أحسن ما يقال ليقولوه , بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة , فالشيطان ينزغ بين الأخوة بالكلمة الخبيثة تفلت وبالرد السيئ يتلوها فيصبح جو المحبة مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء في حين أن الكلمة الطيبة تأسر جراح القلب
القيادة
هذه الآية يخبر فيها الله جل وعلا عن ذي القرنين حين سئل اليهود النبي-صلى الله عليه وسلم- عنه , ويخبر الله جل وعلا أنه يسر له أسباب الملك والسلطان والفتح والعمران وأعطاه كل ما يحتاج للوصول إلى غرضه من أسباب العلم والقدرة والتصرف , وهذه هي مقومات القيادة التي يستطيع من خلالها القائد التأثير على الآخرين لتحقيق أهداف معينة .
الشاهد {إنا مكنا له في الأرض }(1/45)
{ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا * إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا}( الكهف : 83 , 84)
الحزب 31
سبب النزول :
قال قتادة: إن اليهود سألوا النبي-صلى الله عليه وسلم- عن ذي القرنين فأنزل الله قوله { ويسألونك عن ذي القرنين ... } (الصابوني:42) .
الوظيفة
الآية
الاتصال
تشير الآية إلى وجود اتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وكان المرسل (موسى عليه السلام) والمستقبل ( بني إسرائيل) والوسيلة ( الكتاب) والهدف (عدم عبادة غير الله) .
وفي الآية الثانية كان هناك اتصال بين إبراهيم وأبيه وكان (المرسل/ إبراهيم عليه السلام) و (المستقبل/ أبيه) و(الرسالة/ أن يترك أبيه عبادة ما لا ينفعه من دون الله) و (الوسيلة/ كانت كلامية شفهية بالنصح والكلمة الطيبة وأسلوب الإقناع) .
الشاهد في الآية الأولى:{وجعلناه هدى لبني إسرائيل}
الشاهد في الآية الثانية :{إذ قال لأبيه}
{ وءاتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا }( الإسراء : 2 ) الحزب 29
{ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا*إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } ( مريم : 41 , 42 ) الحزب 31
الحفز
كانت الآيات عبارة عن (توجيه) تمثل في عنصر التحفيز الإنساني من أجل توجيه السلوك الإنساني لتحقيق هدف مشترك وهو الإيمان بالله جل وعلا .
فالآية الأولى تشير إلى الحفز وكان نوعه ( سلبيا / وتمثل في التهديد بدخول النار والعذاب الأليم كنوع من العقاب وكانت حوافز مادية ) و (إيجابيا / وتمثل في الوعد بالأجر الكبير والجزاء العظيم وكانت أيضا مادية ) الشاهد{وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا .. أن لهم أجرا كبيرا }(1/46)
{ عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا * إن هذا القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما }( الإسراء : 8 , 9 ,10 ) الحزب 29
رابعا : وظيفة الرقابة
الوظيفة
الآية
رقابة ذاتية على النفس
شملت الآيات وظيفة من وظائف الإدارة وهي الرقابة فالله منح الإنسان العقل والإرادة وحرية الاختيار مما جعله ذلك مسئولا عن اختياره ومحاسبا عليه , فالمراقبة هب المحاسبة والتقويم خلال تنفيذ العمل وذلك بتفقد كيفية العمل .
والآية الأولى تشمل ( مراقبة ذاتية ) النابعة من الفرد نفسه بتقييم عمله من البداية إن كان حسنا أو سيئا .
والآية الثانية تشير إلى ( الرقابة الذاتية ) من باب إدانة النفس (الفهداوي :166 ) .
وهذا ما نصت عليه الآية الثالثة من باب أن الإنسان أعطاه الله العقل ويستطيع أن يميز الهدى فيهتدي ولن يستفيد من هدايته إلا نفسه ويميز الضلال فيتجنبه , ولا يتم ذلك إلا بالمراقبة الذاتية .
الشاهد في الآية الأولى : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ... }
الشاهد في الآية الثانية : { كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا }
الشاهد في الآية الثالثة : { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ... }
{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ... } ( الإسراء : 7 ) الحزب 29
تفسير الآية :
إن احسنتم العمل فأطعتم الله واتبعتم أوامره واجتنبتم نواهيه , وإن أحسنتم بفعل الطاعات فقد أحسنتم إلى أنفسكم لأنكم بالطاعة تنفعونها , وإن أسأتم بفعل المحرمات أسأتم لأنفسكم لأنكم بالمعصية تضرونها فيعاقبكم الله بالعقوبات المختلفة من تسليط الأعداء في الدنيا وإيقاع العذاب المهين في الآخرة (الزحيلي/ج15 : 23 )(1/47)
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (الإسراء:14,13) الحزب 29
{ من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ... } ( الإسراء : 15 ) الحزب 29
الوظيفة
الآية
الرقابة الذاتية على المال
دلت الآيات على رقابة متمثلة في (الرقابة الذاتية على المال ) فكما نظم الإسلام جميع جوانب الحياة للمسلمين نظم أمورهم وتعاملاتهم المالية .
والرقابة على المال كما يذكر (البرعي وعابدين : 338 ) أنها رقابة ذاتية تحث على إيقاظ الضمير البشري وفي نفس الوقت رقابة قانونية وكلاهما يدعوان إلى ضبط النفس وملاحظة أن المال فتنة .
وكانت الرقابة المالية في الآية الأولى مستخدمة أسلوب الترهيب والزجر , أما الآية الثانية فقد كانت مستخدمة أسلوب الإقناع وذلك بذكر العاقبة التي سيؤول إليها حال المسرف أو المقتر .
الشاهد في الآية الأولى : { ولا تبذر تبذيرا }
الشاهد في الآية الثانية : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط }
{ ... ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا} (الإسراء:27,26) الحزب 29
{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } ( الإسراء : 29 ) الحزب 29
رقابة ذاتية على النفس
شملت الآية رقابة ذاتية تمثلت في رقابة الفرد لما أنعم الله عليه من النعم كالسمع والبصر والفؤاد , ويشير إلى ذلك نهاية الآية بان الله سوف يسأل كل عبد عن هذه النعم ماذا فعل بها وهنا تتجلى وظيفة الرقابة الذاتي للفرد على ما أنعم الله عليه .
الشاهد : { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا }
{ ... إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا }
( الإسراء : 36 ) الحزب 29
الوظيفة
الآية
رقابة إلاهية(1/48)
الآية تبرز رقابة الله عز وجل متمثلة في علمه بجميع أعمال عبداه خيرها وشرها لا يخفى منها خافية .
{ وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا }الإسراء:17 الحزب 29
تفسير الآية :
ينذر الله كفار قريش وأمثالهم في تكذيبهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن كثيرا من الأمم وجب عليها العذاب بذنوبها , فيقول تعالى : كثيرا ما أهلكنا أمما من بعد نوح إلى زمانكم لما بغوا وعصوا وجحدوا آيات الله , وكفى بالله خبيرا بذنوب خلقه مطلعا عليهم لا يخفى عليه شيء من أفعال المشركين وهو عالم بجميع أعمالهم خيرها وشرها ( الزحيلي/ج15 : 37 )
وظيفة التطوير
الوظيفة
الآية
إعمار الأرض
تمثل وظيفة التطوير الدعامة الرئيسية الدالة على استمرار العيش ودوام الحياة ( الفهداوي : 165) وقد تتمثل وظيفة التطوير من باب الإصلاح والاعمار وهذا واضح من الآية في إمداد الله لهم الأموال التي يعمرون بها الأرض والبنين الذين يعينونهم على ذلك ويكونون زينة لهم في الدنيا .
الشاهد : { وأمددناكم بأموال وبنين }
{ ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا} ( الإسراء : 6 ) الحزب 29
الوظيفة
الآية
تجنب الفساد
تمثلت وظيفة التطوير في الآية من منطلق ( تجنب فساد المفسدين ) كما أشار ( البرعي وعابدين:166)
والآيات تدعو إلى التطوير من باب تجنب الفساد في الأرض وذلك بمنع الإنسان من عوائق التطوير وإصلاح الأرض وهي ( قتل الأولاد مخافة الفقر / الزنى / قتل الآخرين ظلما / الظلم / أكل مال اليتامى) والتمسك بما يساعد على التطوير من أمور على سبيل المثال ( العدل في الكيل والميزان ) .
{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }
(الإسراء:16) الحزب 29
تفسير الآية :(1/49)
يخبر الله في هذه الآية كيفية وقوع العذاب بعد إرسال الرسل , ففي الآية يقول تعاى : إذا دنا وقت إهلاك قوم بعذاب الاسئصال أمرنا مترفيها بالطاعات والخيرات فإذا خالفوا ذلك وفسقوا حق أو وجب عليهم العذاب جزاء لمعصيتهم فندمرهم ونبيدهم إبادة تامة (الزحيلي/ج15 : 36 )
{ ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا*ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا*ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا*ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد ... }
( الإسراء : 31 - 35 ) الحزب 29
المبادىء الإدارية
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
ذكر ( الشلعوط : 36 ) أن الإدارة متطلب أساسي لتنفيذ كل المهام الإنسانية وبمختلف وجوهها أيا كانت سواء في العمل أو المدرسة أو البيت , وأنه للقيام بالجهود الإنسانية المنظمة وتنفيذ المهام للوصول إلى الأهداف المرغوب تحقيقها فلابد من تطبيق العناصر التالية التي عرّفها فايول مبادىء الإدارة , وهي :-
1. تقسيم العمل .
2. السلطة والمسئولية .
3. النظام .
4. وحدة إصدار الأوامر .
5. وحدة التوجيه .
6. خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .
7. مكافأة الأفراد .
8. المركزية .
9. تدرج السلطة .
10. الترتيب .
11. المساواة والعدل .
12. الاستقرار في العمل .
13. اتخاذ المبادرات ( المبادأة ) .
14. التعاون .
وقد وضع ( تيلور ) أسسا للإدارة تمثلت فيما يلي :-( وجوب تحقيق الكفاية الإنتاجية / تقسيم الواجبات والمسؤوليات ( فصل التخطيط عن التنفيذ ) / الاختيار العلمي للشخص الذي يناسب الوظيفة المسنودة إليه )(1/50)
أما ( ماكس فيبر ) فقد وضع النظام البيروقراطي وكان يقوم على المبادىء التالية :- ( سالم وآخرون : 39 )
10. عدم التحيز : أي أن جميع القوانين واللوائح يجب أن تنفذ بطريقة غير شخصية .
11. تقسيم الأعمال وتنميطها : أي تقسيم الأعمال حسب الاختصاصات .
12. تدرج الوظائف في مستويات السلطة : أي أن الوظائف مدرجة حسب سلم خاص للسلطات على شكل هرم .
13. استخدام الخبراء : أي استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم .
14. القواعد والتعليمات : أي تحديد القواعد والتعليمات بشكل دقيق .
15. التدوين الكتابي : أي إصدار الأوامر والقرارات والتعليمات بشكل كتابي .
16. وجود نظام خدمة .
17. التفريق بين دور الموظف الرسمي وعلاقاته الشخصية .
18. السرية .
ومما سبق سوف يتم استعراض المبادىء الإدارية التي شملتها آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 ) , كما يلي:-
المبدأ
الآية
وحدة الأمر
ينص مبدأ وحدة الأمر على (لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس ) ( سالم وآخرون : 33 ) , وفي الآية الأولى يأمر الله عباده في الآية بعدم اتخاذ رب أو معبود سواه , وهذا ينطبق على مبدأ وحدة الأمر من باب ألا يكون للبشر رب أو معبود سوى الله جل وعلا .
والآية الثانية تثبت ما سبق من باب نفي الله جل وعلا أن يكون معه آلهة غيره ولو وجد لحدث الاختلاف ولذلك وحد الله جل وعلا أمر البشر بوجوده عز وجل إله لا رب سواه يعبدونه وينفذون أوامره .
الشاهد في الآية الأولى : { ... ألا تتخذوا من دوني وكيلا }
الشاهد في الآية الثانية : { قل لو كان معه آلهة كما يقولون}
{ ... ألا تتخذوا من دوني وكيلا }
( الإسراء : 2 ) الحزب 29
{ قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا } ( الإسراء : 42 ) الحزب 29
تدرج السلطة(1/51)
يتضح من الآية تدرج السلطة في العلاقة بين موسى والخضر , فكما يظهر في بداية الآيات أن الخضر أصبح رئيسا على موسى وأن على موسى إطاعته في ما يقول له بدون جدال أو سؤال حتى يتضح له الحكمة فيما قام به .
{ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا } الكهف : 77 الحزب 31
المبدأ
الآية
المسئولية
يعرف ( البرعي وعابدين : 228 ) المسئولية على أنها " أن الشخص سيحاسب على أعماله الإدارية وعلى النتائج التي سيتوصل إليها عن طريق عمله هو شخصيا أو الأشخاص المساعدين الذين يمنحهم جزء من سلطته " والآية تشيرإلى (مراقبة ذاتية ) نابعة من الفرد نفسه بتقييم عمله من باب إدانة النفس (الفهداوي :166 ) , والرقابة الذاتية تنبع من مدى إحساس الفرد بالمسئولية الملقاة على عاتقة واستشعر الأمانة التي حملها .الشاهد : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه}
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}
( الإسراء : 13 , 14 ) الحزب 29
المساواة والعدل
تشير الآية إلى عدالة الرحمن في خلقه ومساوته لهم لا فرق بين إنسان وآخر إلا بالتقوى ودرجة الإيمان في قلبه . والمساواة كما يوضحها (سالم وآخرون :34) "عدم تحيز الرؤساء في معاملتهم للمرؤوسين " والآية أشارت إلى عدالة الله جل وعلا ومساواته لخلقه من باب جزائه على أعمالهم فمن آمن واتقى فأولئك لهم أجر كبير ومن عصى وكفر فألئك لهم العذاب الأليم
{ إن هذا القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا*وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما}( الإسراء : 9, 10) الحزب 29
تحقيق الكفاية الإنتاجية(1/52)
يعرف (البرعي وعابدين : 131) أن الكفاية الإنتاجية " تعني تحقيق الأهداف بأقل تكلفة وجهد وبتوفير أقصى في استعمال الموارد المادية والبشرية " ويتجلى في الآية التركيز على عائد العمل بالتطرق إلى نوعيته وكفاءته وذلك مخافة حساب الله له على أعماله كلها إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ... }
( الإسراء : 7 ) الحزب 29
المبدأ
الآية
مكافأة الأفراد
يشير ( سالم وآخرون :34) أن مبدأ مكافأة الأفراد معناه أن تكون المكافآت والأجور عادلة بحيث تحقق الرضا في العمل
وتشير الآية الأولى إلا أن مكافأة الله جل وعلا للمطيعين أهل الصلاة هو الغفران .
والآية الثانية تشير إلى أن الله تبارك وتعالى سيكافأ المؤمنين المتقين بالأجر الكبير يوم القيامة وكان الحافز ( إيجابيا / وتمثل في الوعد بالأجر الكبير والجزاء العظيم وكان الحافز معنوي ) .
{ ... فإنه كان للأوابين غفورا} ( الإسراء :25 ) الحزب 29
{ إن هذا القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} ( الإسراء : 9 ) الحزب 29
المواثيق الإدارية
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
يرى ( حمادة : 11 ) بأن " الوثائق مهمة جدا بل لا نغالي إذا قلنا أنها العمود الفقري لكل بحث رصين أصيل , إذ لا يمكن القيام بالأبحاث الأصيلة الرصينة دون وجود وثائق يمكن الرجوع إليها وهذا الشيء صحيح في جميع الموضوعات سواء أكانت تاريخية أم علمية أم أدبية " .
ومما سبق سوف يتم استعراض الوثائق التي شملتها آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 ) , كما يلي:-
نوع الوثيقة
الآية
الكتاب وهو ما يقوّم به الدين والعلم(1/53)
(الفهداوي : 74)
{ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل }
الإسراء: 2الحزب 29
{ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ... }الإسراء: 9 الحزب 29
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}الإسراء:14,13 الحزب 29
{ يا يحى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا }
مريم: 12 الحزب 29 سبق تفصيله
العلاقات الإدارية بين الرئيس والمرؤوس
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
العلاقة بين الرئيس والمرؤوس
الآية
علاقة ديموقراطية
العلاقة الديموقراطية تهدف إلى خلق جو من الود والألفة في التعامل بين الرئيس والمرؤوس , وهذا يتضح من الآية عندما أمر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول لهم القول اللين الميسور .
وهذا يتضح أبضا من الآية الثانية وذلك في أمر الله بعدم التصرف في مال اليتيم إلا بالحسنى وبموافقة اليتيم .
أما الآية الثالثة فتبرز فيها الديموقراطية من حيث الاستماع إلى شكوى المرؤوسين وتنفيذ رغباتهم بما يحقق لهم الراحة وذلك من باب التعاون بين الرئيس والمرؤوس بما يخدم مصلحة العمل .
{ وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا }
الإسراء: 28 الحزب 29
{ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده }الإسراء: 34 الحزب 29
{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما}
الكهف: 95,94 الحزب 31
العلاقة بين الرئيس والمرؤوس
الآية
أوتوقراطية(1/54)
ويشير (سالم وآخرون :142) أن القائد الديكتاتوري يتميز بمركزية السلطة وهو نشيط وفعال ,وفي الآية يذكّر الخضر موسى بالشرط الذي كان بينهما { قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا } وقد انفرد الخضر بالسلطة مع قيامه بالعمل بنشاط .
{ قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا }
الكهف: 76,75 الحزب 31
ديكتاتورية
ويشير (سالم وآخرون :142) أن القائد الديكتاتوري يتميز بمركزية السلطة المطلقة , والآية تشير إلى العلاقة الديكتاتورية التي كان الملك يتخذها على المساكين في أخذ سفنهم بالقوة ظلما
الشاهد : { وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا }
{ أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا }
الكهف: 79 الحزب 31
تفسير الآية :
هذا بيان وتفسير للأحداث العجيبة التي رآها موسى ولم يطق لها صبرا , والمعنى أن السفيتة التي خرقتها فكانت لأناس ضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة يشتغلون بها في البحر بقصد التكسب فأردت أن أخرقها لأجعلها معيبة لئلا يغتصبها الملك الظالم (الصابوني : 37 ) .
مبادىء النظرية الإسلامية
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
وظائف ومهام الإدارة في الإسلام :- ( الفهداوي : 69 )
1. تأدية مهام الحكم بالحق والعدل بين الناس .
2. تأدية مهام الجهاد ومقاتلة الأعداء وعقد السلم .
3. تأدية المهام المالية , وتتمثل في :-
o الزكاة .
o الغنائم .
o الجزية .
o الفيء .
o توزيع الزكاة على مستحقيها .
4. تأدية مهام حماية حقوق الرعية العامة .
5. تأدية مهام التوظيف الإداري بحسب الجدارة .
حقوق الإدارة على المجتمع المسلم :- ( الفهداوي : 72 )
1. حق الطاعة والاستجابة .(1/55)
2. حق النصرة والمعاونة والولاء .
3. حق النصح والمشاورة وإبداء الرأي .
4. حق تلبية نداء الجهاد .
وسائل الإدارة في تحقيق الأهداف :- ( الفهداوي : 74 )
( الكتاب / الميزان / الحديد ) .
تعريف النظرية التربوية الإسلامية :-
يعرف ماجد عرسان النظرية التربوية الإسلامية على أنها " فلسفة التربية الإسلامية في الإسلام والأهداف التي تتطلع لتحقيقها في ضوء فكرة الإسلام الكلية عن الوجود الإنساني وعلاقته بالخالق والكون والحياة , كما يشمل الميادين التي أوجبت هذه التربية معالجتها والمناهج والمبادىء والأساليب والوسائل التي تراها هذه النظرية لتحقيق هذه الأهداف وتقويمها " ( الشلعوط : 73 ) .
خصائص النظرية الإسلامية :-
ومن خلال تعريفات النظرية الإسلامية يمكننا استنتاج خصائص النظرية الإسلامية , وهي :- ( الشلعوط : 74 )
1. مستمدة في أساسها من القرآن الكريم والسنة .
2. تتصف بالشمولية .
3. تشتمل على نظرية المنهج والمعرفة والأساليب والوسائل والإدارة وهي بهذا تختلف عن النظريات الوضعية الأخرى .
4. تعمل على توجيه السلوك الإنساني وقيمه .
5. تعتمد على التفاعل ما بين النظرية والممارسة العملية فالإسلام دين عمل وجهاد .
أما ( أبو سن : 198 ) فقد ذكر أربعة خصائص لنظرية الإدارة في الإسلام , وهي :-
2. الإدارة في الإسلام جزء من النظام الاجتماعي للمجتمع المسلم .
3. الإدارة في الإسلام تعمل على إشباع حاجات العامل المادية طالما أنه يؤدي مسئوليته بأمانة .
4. مبدأ الشورى والمشاركة في الإدارة واحترام كرامة الإنسان العامل , وهذا يشمل :-
o الشورى .
o القيادة الإدارية الإنسانية .
5. اهتمام نظرية الإدارة في الإسلام بالسلطة الرسمية والتنظيم الإداري والطاعة بالمعروف .
مبادىء النظرية الإدارية الإسلامية :-
يشير ( الشلعوط : 74 ) إلى أن النظرية الإدارية الإسلامية تقوم على مجموعة من المبادىء , وهي :-
1. المبدأ الإيماني .(1/56)
2. مبدأ التربية للدارين .
3. مبدأ التربية للقوة .
4. مبدأ إلزامية التعليم .
5. مبدأ الأصالة والمعاصرة .
أسس النظرية الإدارية الإسلامية :-
يشير ( الشلعوط : 76 ) أن العقيدة الإسلامية هي حجر الأساس في بناء النظرية الإدارية الإسلامية , وهي المصدر المرجعي والفلسفي لها , وتقوم النظرية الإسلامية في بنائها على أسس ثلاثة , وهي :-
1. الأساس العقدي : الذي يؤثر في الفرد وممارساته واتجاهاته ومواقفه .
2. الأساس التشريعي : الذي يحكم الممارسات السلوكية للفرد في علاقته مع الغير .
3. الأساس الإنساني الأخلاقي الذي هو هدف الأساسين العقدي والتشريعي في الإسلام .
الضروريات الخمس وأثرها التربوي : ( النحلاوي : 69 )
1. حفظ الدين .
2. المحافظة على النفس .
3. المحافظة على المال .
4. المحافظة على العقل .
5. المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
أساليب التربية الإسلامية : ( النحلاوي : 205 )
1. أسلوب الحوار القرآني .
2. التربية بالقصص القرآني والنبوي .
3. التربية بالأمثال القرآنية والنبوية : وقد كان المثل في القرآن الكريم من أساليب الهداية في الدعوة والإرشاد ومن تصرفاته البديعة في بيان الأوصاف العجيبة الغريبة الدالة على الحقائق الثابتة إيجابا وسلبا وإثباتا وإبطالا , وفي بيان المعاني الرائعة التي تجذب النفس والعقل والفكر إلى التأمل فيها واستجلاء أمرها والتي تؤثر في القلوب أثرا بليغا في قبول الدعوة ومن أجل ذلك أحرز المثل بين الأساليب التي يتحراها القرآن في هدايته منزلة سامية (العبدلي : 70 ) .
4. التربية بالقدوة .
5. التربية بالممارسة والعمل .
6. التربية بالعبرة والموعظة .
7. التربية بالترغيب والترهيب .
وأضافت ( أبو رزق : 201 ) أساليب أخرى وهي :-
8. التربية بالحادثة .
9. التربية بالتكرار .
10. التربية بالعمل والممارسة .
الصفات الحميدة التي يدعو القرآن الكريم الفرد للتحلي بها :- ( الشلعوط : 84 )(1/57)
1. السمو الخلقي الذي يؤدي إلى رفع النفس إلى مستوى يليق بها من خلال حسن الخلق .
2. الاتزان والتروي وهما التفكير قبل التصرف , والتقدير قبل التدبر , وعدم التسرع مخافة الندم .
3. التوسط والاعتدال .
4. يقظة الضمير .
5. أداء التحية .
6. الاستئذان .
7. احترام الأكبر مقاما .
8. العدل : وهو الإنصاف ( الكيلاني : 135 ) .
9. الإحسان : وهو التفضل والزيادة في المعاملة الحسنة ( الكيلاني : 135 ) .
وغيرها الكثير .
الصفات غير الحميدة التي نهى القرآن عنها :- ( الشلعوط : 87 )
1. الغرور .
2. المكابرة .
3. الأنانية .
4. النفاق .
ويضيف ( الفهداوي : 75 ) غيرها من الصفات , وهي :-
5. عدم الخيانة في أداء المهام والأمانات .
6. تحديد أساليب المنافقين وإبعاد أصحابها عن العمل في الإدارة .
7. عدم السماح بالتفكك الإداري والمشاحنات .
8. تجنب الكيل بمعيارين أو إقرار الأهواء على حساب التصرف الشرعي .
القواعد الأخلاقية لمهنة الإدارة التربوية الإسلامية :- ( الشلعوط : 91 )
1. المرونة في الإدارة .
2. استخدام المنطق في التعامل مع المرؤوسين .
3. الابتعاد عن التكبر والغرور .
4. الابتعاد عن سوء الظن وعن تعميم الحكم على الآخرين .
5. الابتعاد عن مواطن الشبهات .
6. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
7. القدوة الحسنة .
8. تحمل المسئولية .
ومما سبق سوف يتم استعراض الآيات التي شملت مبادىء النظرية الإسلامية أو قيما إسلامية في القسم الأول من الجزء 15 في (سورة الإسراء : 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 ) , كما يلي:-
المبدأ الإسلامي
الآية
من الضروريات الخمس
المحافظة على النفس
{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا في القتل فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا}الإسراء: 33 الحزب 29
من أساليب التربية الإسلامية(1/58)
(التربية بالحوار القرآني) من باب الحوار الخطابي التذكيري بذنوب الأجداد .
{ وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا}
الإسراء: 17 الحزب 29
(التربية بالحوار القرآني) الحوار الجدلي لإثبات الحجة
{ يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يسمك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا}مريم: 45,44 الحزب 31
تفسير الآية :
يخاطب إبراهيم أبيه: لا تطع أمر الشيطان في الكفر وعبادة الأوثان فإن الشيطان قد عصى الله واستكبر على عبادة ربه فمن أطاعه غواه , ثم يحذره من سوء العاقبة والمعنى أخاف أن تموت على كفرك فيحل بك عذاب الله الأليم وتكون قرينا للشيطان بالخلود في النيران (الصابوني:63)
(التربية بالعمل والممارسة ) من باب تحمل المسئولية
{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }
الكهف: 110 الحزب 31
شكر نعمة الله
{ ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا}الإسراء:3الحزب 29
تفسير الآية :
ياذرية ونسل وحفدة الذين نجاهم الله من الغرق مع نوح تشبهوا بأصولكم فأنتم أولى الناس بالتوحيد واتباع سيرة الأنبياء والمرسلين وفي مقدمتكم أبوكم نوح عليه السلام الذي كان عبدا مبالغا في الشكر لنعم الله ورعفان قدره وعظمته (الزحيلي /ج15 : 15 )
المبدأ الإسلامي
الآية
طاعة ولي الأمر
{ ألا تتخذوا من دوني وكيلا}الإسراء : 2 الحزب 29
{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا }
الإسراء: 61 الحزب 29
تفسير الآية :اذكر أيها الرسول للناس عداوة إبليس لآدم وذريته وأنها عداوة قديمة منذ خلق آدم , والدليل أنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم سجود تحية ومحبة وتكريم لا سجود عبادة وخضوع فسجد كلهم إلا إبليس استكبر وأبى أن يسجد له ( الزحيلي / ج 15 : 116 )
العدل
العدل في المجتمع من باب العدل في القضاء (عبد الواحد:327)(1/59)
{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا } الإسراء:33 الحزب 29
من باب عدم الظلم
{ ولا تزر وازرة وزر أخرى }الإسراء: 15 الحزب 29
التوسط والاعتدال في المال
{ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا }
الإسراء: 27 الحزب 29
{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}
الإسراء: 29 الحزب 29
الصبر وعدم الاستعجال
{ ... سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا }
الكهف: 78 الحزب 31
المبدأ الإسلامي
الآية
الالتزام
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ... } الإسراء: 13 الحزب 29
رضا الوالدين
{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما }
الإسراء: 24,23 الحزب 29
{ وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا}
مريم : 32 الحزب 31
التكافل الاجتماعي
{ وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل... }
الإسراء: 26 الحزب 29
المرونة في التعامل مع المرؤوسين
{ وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا}
الإسراء: 28 الحزب 29
يقظة الضمير
{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها }
الإسراء: 7 الحزب 29
صدق الوعد
قال(ص)"آية المنافق ثلاث ومنها إذا وعد أخلف "
{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ... }مريم: 54 الحزب 31
تفسير الآية : أي اذكر يا محمد في القرآن الكريم العظيم خبر جدك "إسماعيل" الذبيح بن إبراهيم وهو أبو العرب جميعا فقد كان صادقا في وعده لا يعد بوعد إلا وفى به (الصابوني : 65 )
التيقن والتأني وعدم الاستعجال
{ ولا تقف ما ليس لك به علم} الإسراء: 36
الأمانة
{ وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم }
الإسراء: 35
المبدأ الإسلامي
الآية
تحمل المسئولية(1/60)
{ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}
الإسراء: 36 الحزب 29
السمو الخلقي وحسن الخلق
{ قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن }
الإسراء: 53 الحزب 29
التعاون
{ قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما }
الكهف:95 الحزب 31
وجود النية الصالحة لوجه الله في الأعمال
{ قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}
الإسراء: 84 الحزب 29
تفسير الآية : النص يتضمن معنى النية في مقام الإقرار بأن كل إنسان يعمل بنيته وقصده والله أعلم بنياتهم فالأجر والجزاء يوم الحساب يكون على ما تقصده القلوب وتقوم عليه (بافرج:46)
الحث على الاستزادة من طلب العلم (النبراوي:179)
{ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } الإسراء: 85 الحزب 29
تفسير الآية : ما أوتيتم من المعارف والعلوم إلا علما قليلا مصدره إحساس الحواس وملاحظة المرئيات أما ما وراء ذلك فلا قدرة لكم عليه ولا إطلاع لأحد على حقيقته (الزحيلي/ج15 : 151)
الابتعاد عن الخيلاء
والخيلاء هو التكبر عن فضيلة تراءت للإنسان من نفسه وهو مرض ناجم عن الإعجاب بالنفس
{ ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا }
الإسراء: 37 الحزب 29
أتى الخيلاء في الآية بلفظ المرح , والمرح هو شدة الفرح التي يلازمها الخيلاء ( بافرج :202 )
الابتعاد عن المكابرة
{ ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن الكريم من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا }
الإسراء: 89 الحزب 29
تفسير الآية : لقد بينا للناس من كل معنى بعبارات متنوعة وألوان متعددة فأبى أكثر الناس إلا جحودا وإنكارا للحق وردا للصواب (الزحيلي/ ج 15 : 161 ) .
المبدأ الإسلامي
الآية
الابتعاد عن الجحود ونكران النعمة
{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا }
الإسراء: 67 الحزب 29
{ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا}(1/61)
الإسراء: 83 الحزب 29
الابتعاد عن الظلم وأكل مال الحرام
{ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ..}
الإسراء: 34 الحزب 29
{ وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا }
الكهف: 79 الحزب 31
الابتعاد عن مواطن الشبهات
{ وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا }
الإسراء: 81 الحزب 29
ذم إتباع الشهوات
{ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا }
مريم: 59 الحزب 31
الآية فيها ترهيب من إضاعة فرض الصلاة الذي أوجبه الله والإقبال على شهوات الدنيا وملذاتها وبيان أنها سبب للتفريط فيما عند الله من النعيم المقيم وسبب لتحقيق الخسارة في الآخرة (بافرج:67)
بعض المتفرقات الإدارية
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 )
في هذا الجزء سوف يتم توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بالإدارة , على النحو التالي :
* إدارة الوقت : إن الوقت في مفهومه المجرد هو شيء ثمين ( الوقت من ذهب ) يتحكم في جميع أعمالنا ويقسمها بين العمل والراحة , ومفهوم الوقت في الإدارة الحديثة يتمثل في توفير واستغلال وقت العمل الرسمي للتركيز على النشاطات التي تجعل من المدير قائدا فعالا ومن المسئولين الآخرين من موظفين وعمال أشخاصا منجزين للأعمال المطلوبة منهم بكفاءة وإنتاجية عالية وإخلاص وأمانة لكي تعم فائدة عملهم وتنفع المجتمع كله , ولصوص الوقت الذين يمنعون الإنسان من استغلال وقته على الوجه الأكمل هم :-
o التردد : ويؤدي التردد في إصدار القرار اللازم خوفا من الفشل في النهاية إلى إضاعة الجهد والوقت .
o التوتر .
o عدم تنظيم البيئة الإدارية .
o عدم الاهتمام باجتماعات اللجان مما يؤدي إلى إضاعة الوقت .
o الهاتف فعلى المدير أن يعطي للسكرتير حق الإجابة على المكالمات الهاتفية ويحول للمدير الضروري منها فقط(1/62)
o عدم تنظيم البريد .
o الزائر غير المتوقع .
o القراءة البطيئة .
o الموظفون غير المؤهلين .
* إدارة الجودة الشاملة : ويطلق عليه النموذج الحديث في الإدارة وأول من تبناه هي اليابانيون ثم نقلته إدارات قطاع الأعمال الأمريكي. إدارة الجودة أسلوب حديث في الإدارة يهدف إلى تطوير أداء المنظمات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة وهو أسلوب شامل للتطوير التنظيمي .
إن إدارة الجودة تعني " خلق ثقافة متميزة في الأداء حيث يعمل المديرون والموظفون بشكل مستمر ودؤوب لتحقيق توقعات العملاء والمستفيدين وأداء العمل الصحيح بشكل صحيح منذ البداية مع تحقيق الجودة بشكل أفضل وفاعلية عالية وفي أقصر وقت ممكن " (النمر وآخرون : 88 )
* النظرية اليابانية : بعد أن فشل اليابان في سياستها الاستعمارية لزيادة مواردها الطبيعية وبعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية لم يعد أمامها وسيلة لتجد فرصتها في الحياة الكريمة إلا أن تحاول استغلال موردها الوحيد و الأمثل وهو المورد الإنساني وذلك عن طريق اتباعها استراتيجيتين أساسيتين تفرع عنهما مجموعة من السياسات التكميلية , والاستراتيجيتين هما :-
o أن الموارد الإنسانية المنظمة هي ثروتها الأساسية وأغلى أصولها جميعا .
o وحدة المصلحة بينت المنظمة والعاملين .
ولتحقيق هاتين الاستراتيجيتين انتهجت الإدارة اليابانية والسياسات التالية :-
o سياسة التوظيف مدى الحياة .
o المشاركة الجماعية في صنع القرار .
o الاهتمام الشمولي بالموظف .
o التركيز على العمل بروح الفريق والمسئولية الجماعية .
* نظرية ماسلو للحاجات : عبرت نظريته عن الحاجات الضرورية للإنسان وقام بترتيبها وفقا لأولويتها . على النحو التالي :
* الحاجة الفسيولوجية .
* الحاجة الخاصة للأمن .
* الحاجات الاجتماعية .
* الحاجة إلى الاحترام والتقدير .
* الحاجة إلى تحقيق الذات ( زويلف : 50 ) .(1/63)
* نظرية السمات : تعيد هذه النظرية القيادة إلى صفات أو سمات شخصية تتوافر في القائد منها الثبات والبسالة والإقدام والجرأة والمهارة في اتخاذ القرارات ولذا سميت هذه النظرية ( نظرية الرجل العظيم )( سالم وآخرون : 140 ) .
* علاقة علم الإدارة بعلم الإحصاء: من مظاهر العلاقة بين علم الإدارة والعلوم الطبيعية ومنها علم الإحصاء نشوء علم يسمى (بحوث العمليات) وفيه يتم استخدام علم الإحصاء ونظريات الاحتمالات والمعادلات والنماذج الرياضية للتوصل إلى القرارات الكثيرة التي عليهم اتخاذها في ظل الظروف التي تتسم بعدم التأكد بسبب نقص المعلومات اللازمة لهم (سالم وآخرون: 26).
* المحاسبة : وهي مساءلة المرؤوس عن النتائج التي حققها من خلال المسؤولية وتفويض السلطة ( سالم وآخرون : 133 ) .
* مظاهر سوء الإدارة : على الرغم من أن الإدارة الجيدة قوة غير منظورة إلا أنه يستدل على عدم وجودها بالنتائج السيئة لغيابها , وقد صنف(سالم وآخرون : 11 ) المؤشرات على وجود عيوب في الإدارة من حيث كيفية أداء الأفراد لأعمالهم في ثماني مجموعات , هي :-
o القصور في العمل .
o التأخير في إنجاز الأعمال .
o الأعمال الخاطئة .
o نقص جودة المجهود المبذول لإنجاز العمل .
o نقص كمية الجهد المبذول لإنجاز العمل .
o الجهد الضائع .
o الكمية الزائدة من الجهد المبذول .
o الجودة الزائدة للجهد .
ومما سبق سوف يتم استعراض الآيات التي شملت بعض الجوانب الإدارية في القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 - 110 ) و ( سورة مريم : 1 - 95 ) , كما يلي:-
الآية
النوع
{ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض ... }( الإسراء : 21 ) الحزب 29
المدرسة الكلاسيكية
( هنري غانت )
المهمة والعلاوة
{ ويزيد الله الذين اهتدوا هدى... }( مريم : 76 ) الحزب 31
الآية
النوع
{ نحن أعلم متا يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى ...}(1/64)
الإسراء:47 الحزب 29
السرية
البيروقراطية
{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ... }الإسراء: 7 الحزب 29
عدم التحيز
{ ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا }
الإسراء: 55 الحزب 29
استخدام الخبراء
"وضع الرجل المناسب في المكان المناسب"
{ ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا }
مريم: 53 الحزب 31
الاهتمام بالجانب الإنساني
مدرسة العلاقات الإنسانية
{ ... إنه كان بكم رحيما }الإسراء: 66 الحزب 29
الرحمة
{ إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا }الإسراء: 87 الحزب 29
{ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات ... }
الإسراء: 70 الحزب 29
تكريم الله للإنسان بالنعم
الآية
النوع
{ وكان الإنسان عجولا } الإسراء: 11 الحزب 29
إدارة الوقت
{ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ... } الإسراء: 12
{ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } الإسراء: 78 الحزب 29
{ قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام سويا } مريم: 10 الحزب 31
{ قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما }
الكهف: 95 الحزب 31
النظرية اليابانية
من باب وحدة المصلحة بينت المنظمة والعاملين ,وقد كانت المصلحة لذي القرنين والمستغيثين به مشتركة وتم تحقيق ذلك من خلال المشاركة الجماعية في صنع القرار .
{ قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا }
مريم: 46 الحزب 29
من مظاهر سوء الإدارة
من باب الأعمال الخاطئة
{ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا }
الإسراء: 14 الحزب 29
المحاسبة
وهي من باب إدانة النفس "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"
الآية
النوع
{ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء: 88 الحزب 31(1/65)
سبب النزول :أورد الإمام الطبري في سبب نزول هذه الآية الكريمة ما يلي :-
حدثنا أبو كريب ... عن ابن عباس , قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمود بن سيحان وعمر بن أضا وبحري بن عمرو وعزيز بن أبي عزيز وسلام بن مشكم , فقالوا : أخبرنا يا محمد بهذا الذي جئتنا به حقّ من عند الله عز وجل؟ فإنا لا نراه متناسقا كما تناسق التوراة , فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به" فقالوا : يا محمد أما يعلمك هذا إنس ولا جان ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل" , فقالوا : يا محمد إن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما شاء ويقدر منه على من أراد فأنزل علينا كتابا نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما نأتي به , فأنزل الله عز وجل فيهم وفيما قالوا { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم ليعض ظهيرا} (البلوط:828).
تفسير الآية :
ينبه الله على شرف هذا القرآن الكريم وأهميته فيقول / قل يا محمد متحديا : والله لئن اجتمعت الإنس والجن كلهم واتفقوا وتعاونوا وتظاهروا على أن بأتوا بمثل هذا القرآن الكريم المنزل في بلاغته وحسن نظمه وبيانه لعجزوا عن الإتيان بمثله حتى لو كانوا متعاونين متآزرين فيما بينهم لتلك الغاية (الزحيلي/ج15 : 160 ) .
إدارة الجودة
الآية
النوع
{ يا يحى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا } مريم: 12 الحزب 31
نظرية السمات
{ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات ... }
الإسراء : 70 الحزب 29
الحاجات الطبيعية "الحاجة إلى الطعام والشراب"
نظرية ماسلو(1/66)
{ قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا } الكهف: 94 الحزب 31
الحاجة للأمن والحماية
{ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب ... } الإسراء: 12 الحزب 29
علاقة علم الإدارة بالإحصاء
ويتجلى ذلك من خلال الآية التي بدأت بتنظيم الله للوقت من خلال النهار والليل وكانت الفائدة من هذه التنظيم هو قدرة الإنسان على الإحصاء .
{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا }
الإسراء:33 الحزب 29
(علاقة السلطة القضائية بالسلطة الإدارية )
تنفيذ أحكام القضاة من قبل أفراد السلطة الإدارية من باب استيفاء القصاص(العظيمل:99)
{ قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلاهكم إله واحد ... }
الكهف : 110 الحزب 31
(خضوع أفراد السلطة الإدارية للقضاء)
وهو من باب المساواة في الإسلام , ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية أسوة حسنة فهو لا يدعي لنفسه القداسة ولا امتيازا مع أنه نبي وبالتالي رئيس دولة (العظيمل:110)
الآية
النوع
{ وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا }
مريم : 31 الحزب 31
في المحافظة على الصلاة والزكاة
المسئولية
{ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}
الإسراء: 36 الحزب 29
في المحافظة على نعم الله
{من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} الإسراء:15 الحزب 29
في الأعمال
الإدارة من الأمور التي أجمل الله سبحانه وتعالى الحديث عنها في القرآن الكريم وترك بيان الباقي للسنة النبوية ثم للاجتهاد فيما لم تبينه السنه .(1/67)
وفي السطور السابقة قد تناولت النواحي الإدارية التي شملتها آيات القسم الأول من الجزء الخامس عشر في سورة الإسراء ( 1 - 96 ) والقسم الأول من الجزء السادس عشر في سورة الكهف ( 75 - 110 ) وفي سورة مريم ( 1 - 95 )- وأنا القاصرة أمام كلام الله - وذلك بقصد الإحاطة وليس التدليل .
أستغفرك اللهم كيف أحيط بكلماتك وكتابك الخالد وأنا البشر القاصر الذي لم أوت من العلم إلا القليل وكلماتك وسعت كل شيء وأحاطت بكل شيء ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) ( الكهف : 109 ) .
وقد أمسكت قلمي وأجريته ووصلت إلى ما وصلت إليه , وأتمنى من الله العلي القدير وأن يبلغ قلمي مداه كما وعدني ربي ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } .
وأسأل الله ألا يجعلنا والمسلمين ممن قال فيهم { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا , الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } .
وأخيرا لا أذكر إلا بقوله جل في علاه { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وأسأل الله العلي القدير أن يفيد ببحثي هذا كل قارىء , وأن ينفعنا بما علمنا ويبارك لنا فيما أعطانا , والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ...
المراجع
القرآن الكريم .
أبو القاسم , خديجة حاج أحمد . ( 1407هـ ) . التزام المرأة بالإسلام وأثره على عملها . رسالة ماجستير غير منشورة , جامعة أم القرى , كلية التربية , قسم التربية الإسلامية , جامعة أم القرى , مكة .
أبو رزق , حليمة . ( 1420هـ ) . توجيهات تربوية من القرآن الكريم والسنة في تربية الطفل ( ط1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : الدار السعودية للنشر .
أبو سن , أحمد إبراهيم . ( 1996م ) . الإدارة في الإسلام ( ط 6) . الرياض( المملكة العربية السعودية ) : دار الخريجي للنشر والتوزيع(1/68)
بافرج , فائزة . ( 1413هـ / 1992 م ) . جهاد النفس وثمراته في ضوء الكتاب والسنة ( الجزء الأول ) . رسالة ماجستير غير منشورة , كلية التربية , كتاب وسنة , جامعة أم القرى , مكة .
البرعي, محمد بن عبد الله و عابدين , عدنان بن حمدي . ( 1408هـ ) . الإدارة في التراث الإسلامي (الجزء الأول ) جدة ( المملكة العربية السعودية ) : مكتبة الخدمات الحديثة .
البلوط , حسن بن محمد بن علي شباله ( 1419هـ ) . أسباب النزول الواردة في كتاب " جامع البيان " للإمام ابن جرير الطبري ( ت 310هـ ) رسالة دكتوراة غير منشورة ( المجلد الثاني ) كتاب وسنة , جامعة أم القرى , مكة .
البهي , محمد . ( 1396 هـ ) . تفسير سورة الإسراء : القرآن الكريم في مواجهة المادية ( ط 1 ) القاهرة ( مصر ) مكتبة وهبة .
حمادة , محمد ماهر ( 1400 هـ ) . الوثائق السياسية ( ط1 ) . بيروت ( لبنان ) : مؤسة الرسالة .
راجح , محمد كريم. ( 1423هـ ) . مختصر تفسير ابن كثير ( ط 8 ) . بيروت ( لبنان ) : دار المعرفة .
الزحيلي , وهبة . ( 1411هـ ) . التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج ( ط 1 الجزء 15) . بيروت ( لبنان ) : دار الفكر المعاصر .
زويلف , مهدي حسن . ( 1421 هـ ) . الإدارة : نظريات و مبادىء( ط1 ) . عمّان ( الأردن ) : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
سالم , فؤاد الشيخ & رمضان , زياد & الدهان ,أميمة و مخامرة , محسن . ( 1982 م ) . المفاهيم الإدارية الحديثة .
الشلعوط , فريز محمود أحمد ( 1423هـ) . نظريات في الإدارة التربوية . الرياض ( المملكة العربية السعودية ) : مكتبة الرشد للنشر والتوزيع .
الصابوني , محمد علي (1401 هـ) . تفسير السور الكريمة : سورة الكهف , مريم و يس (ط 1) . بيروت (لبنان) : مؤسسة مناهل المعرفة .
الصاعدي , عبد العزيز بن راجي ( 1397 م ) . آيات البعث في القرآن الكريم . رسالة ماجستير غير منشورة , كلية التربية , كتاب وسنة .(1/69)
الضحيان , عبد الرحمن إبراهيم ( 1407 هـ ) . الإدارة في الإسلام : الفكر والتطبيق (ط 1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : دار الشروق .
العبدلي , منصور . ( 1393-94 - 1973 / 74 ) . أمثال القرآن الكريم . رسالة ماجستير غير منشورة , كلية التربية , كتاب وسنة , جامعة الملك عبد العزيز , مكة .
العلي , محمد مهنأ ( 1405 هـ ) . الإدارة في الإسلام ( ط 1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : الدار السعودية للنشر .
الفهداوي, فهمي خليفة.(1421هـ) . الإدارة في الإسلام : المنهجية والتطبيق والقواعد (ط 1). عمّان (الأردن) : دار المسيرة للنشر والتوزيع .
الكيلاني , ماجد عرسان . ( 1409 هـ ) . فلسفة التربية الإسلامية ( ط 2 ) . مكة ( المملكة العربية السعودية ) : مكتبة هادي .
محمد تيسير ظبيان . ( 1398هـ ) . أهل الكهف وظهور المعجزة القرآنية الكبرى ( ط1 ) . القاهرة ( مصر ) : دار الاعتصام .
مصطفى , عبد الحميد و النابة , نجاة عبد الله ( 1406 هـ ) . الإدارة التربوية : مفهومها - نظرياته - وسائلها ( ط1 ) . دبي (الإمارات العربية المتحدة ) : الإمارات للنشر والتوزيع .
النبراوي , فتحية . ( 1407 هـ) . تاريخ النظم والحضارة الإسلامية ( ط4 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : الدار السعودية للنشر .
النحلاوي , عبد الرحمن ( 1420 هـ ) . أصول التربية الإسلامية ( ط 2 ) . دمشق ( سوريا ) : دار الفكر .
النمر , سعود بن محمد & خاشقجي , هاني يوسف & محمود , محمد فتحي و حمزاوي , محمد سيد . ( 1407هـ ) . الإدارة العامة : الأسس والوظائف ( ط 4 ) . الرياض ( المملكة العربية السعودية ) : الفرزدق .(1/70)