القراءات المعاصرة للقرآن الكريم
محمّد أبو القاسم حاج حمد (1942-2004)نموذجا
تمهيد:
وجب بادئ ذي بدء أن ننبه إلى حقيقة لا ينكرها مسلم وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسر جميع القرآن آية آية،وأن الاجتهاد والاختلاف في تفسير القرآن أمر واقع،وهذا منذ عصر الصحابة.
ولكن أهل العلم قد وضعوا شروطا وقواعد لتفسير القرآن الكريم معتمدين في ذلك على بعض الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم،ولعل أبرز نص في ذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" (1) .
إن استخدام منهج بعيد كل البعد عن الأسس الصحيحة والسليمة التي رسمها أهل العلم يؤدي دون أدنى ريب إلى الانحراف في تفسير القرآن الكريم،كحال من زعم أن للقرآن ظاهر وباطن،أو من قال بالتفسير العرفاني ونحو ذلك.
ولكن التفسير في العصر الحديث خاصة عند الحداثيين ابتعد وانحرف عن معاني القرآن وأحكامه؛لتأثره الشديد بالمعارف السائدة الصحيحة منها والسقيمة،حيث أعملها بعضهم دون ضوابط، وزاد التأثر بالمناهج الغربية-وبدعوى المنهجية العلمية- قراءة النص القرآني بعدا عن العلمية المنشودة.
ونحسب أن هذا النموذج الذي سنقدمه إن شاء الله تعالى يمثل صورة من الصور الواضحة على انحراف بعض القراءات الحداثية للنص القرآني رغم الزعم المتكرر من أصحاب هذه القراءات بالتجديد والتمسك بالفهم السليم الواجب في النص القرآني.
وقد اخترنا أن ندرس قراءات أحد المفكرين المعاصرين والذي ذاع صيته بين الباحثين ،وتبنى بعضهم أفكاره ورآها تجديدا حقيقيا في تحليل النص القرآني،ويتعلق الأمر بالمفكر السوداني محمّد أبو القاسم حاج حمد.
__________
(1) -سنن الترمذي:كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه،رقم:2874.قال أبو عيسى:هذا حديث حسن صحيح.(1/1)
"حاج حمد" الذي أثارت مؤلفاته الجدل بين الباحثين،خاصة في تحليله للنص القرآني،وذلك ابتداء من كتابه:"العالمية الثانية:جدلية الغيب والإنسان والطبيعة"،و"إبستمولوجية المعرفة الكونية:إسلامية المعرفة والمنهج"،والكتاب الذي تبناه المعهد العالمي للفكر الإسلامي:"منهجية القرآن المعرفية:أسلمة فلسفة العلوم الطبيعية والإنسانية"،إلى جانب بعض البحوث والدراسات والتي كان آخرها:"المداخل المنهجية والمعرفية للنص القرآني والتجديد مع دراسة تطبيقية حول المرأة المسلمة ودونيات مفهوم الخلق الأسطوري الإسرائيلي والعرف الاجتماعي العربي".
نبذة موجزة عن حياة حاج حمد:
ولد في الخرطوم 28 نوفمبر 1942 لعائلة ميسورة تنتسب للطريقة الصوفية الختمية، وساهم في الثورة الإريترية ضد الاحتلال الإثيوبي، قيل إنه انتسب لحزب البعث العربي، وكانت له اتصالات مع البعث السوري بحكم كونه من العاملين بمكاتب الثوار الإريتريين في دمشق وبيروت، وكان منظّرا لمشروع سياسي أطلق عليه ((القرن الإفريقي الكبير))، وشارك في عدد من التظيمات والأحزاب السياسية السودانية، منها ((حزب الشعب))، الذي كان يلقب فيه ((الشيخ الأحمر)) بسبب ميوله الثورية اليسارية وتمسكه الإسلامي في وقت واحد. أسس تنظيم ((حسم)) في إطار قانون ((التوالي)) الحزبي في نهاية التسعينيات، وكان مستشارا للخارجية في أبو ظبي، ومستشارا لعدد من كبار الأمراء السعوديين، ومستشارا للرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وبقي مدَّة مستشارا للمعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن.
مؤلفاته:
-الوجود القومي 1964 عالج فيه مشكلة تنازع القومية العربية والأفرقة في السودان.
-الثورة والثورة المضادة في السودان.
-الأبعاد الدولية لمعركة أريتيريا .
-العالمية الإسلامية الثانية .
-السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل.
-جدلية التاريخ العربي.
-منهجية القرآن المعرفية.
-إبستمولوجية المعرفة الكونية.(1/2)
ولعل آخر ما أصدر دراسة صغيرة عن دار القرآن الكريم في البحرين بعنوان: ((الإسلام ومنعطف التجديد)) عام 2003، وربما كان آخر ما كتب من الأبحاث بحث بعنوان: ((المداخل المنهجية والمعرفية للنص القرآني والتجديد: مع دراسة تطبيقية حول المرأة المسلمة ودونيات مفهوم الخلف الأسطوري الإسرائيلي، والعرف الاجتماعي العربي)) في 7 تموز/يوليو 2004، وأهمية ما كتبه فيه مفهومة من عنوانه.
وقد قدمت عنه فيها أطروحة جامعية بدرجة الماجستير، وفي تونس قدمت فيه أطروحة دكتوراة.
توفي "محمد أبو القاسم حاج حمد" في الخرطوم إثر نوبة قلبية في صباح الإثنين 8 ذو القعدة 1425هـ /20 ديسمبر 2004.
الهدف من قراءة "حاج حمد" للنص القرآني:
أول ما نشير إليه قبل ذكر الأسس والمنطلقات التي اعتمد عليها "حاج حمد" الهدف من قراءته للنص القرآني،بيان غايته من التحليل للنص القرآني،ونورد هنا كلامه في ذلك:"رأيت أن استيعاب هذه المواضيع وغيرها عبر القرآن،وبدقة عملية تحليلية سيقود في مجمل الطرح على اكتشاف الكيفية التي نستفتي بها القرآن في حالات الحياة وقضاياها في الماضي والحاضر والمستقبل،أي أن نصل إلى قواعد وقوانين الإفتاء بالقرآن كما يوضحها لنا القرآن نفسه عبر منهجه هو المحدد للغاية،وأسلوب استمداد الرؤية القرآنية لكل ظواهر الحركة الكونية بخصائصها المتنوعة وأشكالها المختلفة".
إذن إن ما يبتغيه حاج حمد هو إعادة استنباط للأحكام الواردة في القرآن الكريم ،ولكن بطريقة مغايرة تعتمد على أسس وقواعد أو منطلقات غير التي اعتمدها أهل التفسير،وهذا ما نبيّنه فيما يأتي:
الأسس والمنطلقات لقراءة "حاج حمد" للقرآن الكريم:
إن معالم القراءة التحليلية للنص القرآني عند حاج حمد ترتكز على أسس ومنطلقات،كانت السبب في النتائج التي وصل إليها في قراءته للنص القرآني،وسنذكر هنا أهم الأسس والقواعد التي اعتمدها حاج حمد في قراءته:
حجية السنة النبوية:(1/3)
لا شك أنه لا يمكن أن يتخيل الإسلام من دون سنة،كما لا يتخيل أن تطبق نصوص القرآن دون الرجوع إلى السنة.فهل حاج حمد يرى ذلك؟
يقول:"وليس في قولنا هذا ما يبطل السنة،بل على النقيض من ذلك فإننا نؤكد على ضرورة الالتزام بمرجعية السنة الصحيحة التزاما لا لبس به ولا غموض...فلو لم يكن الرسول بقوله وفعله الصحيحين يشكل المرجعية التطبيقية لمنهجية القرآن لوقع اختلاف كبير بين المجتهدين،مثال على ذلك:إنه إذا لم يكن الرسول قد حدد الفجر بركعتين،والمغرب بثلاث ركعات،والعشاء والظهرين بأربعة...فمرجعية السنة ضمانة للأمة ،وضمانة للمنهج؛ولهذا لا نبطل السنة،وإنما نضبط رواية الراوي لا بمعالجة صحة الأسانيد فقط،ولكن بتحليل نصوص المتن قياسا إلى القرآن...فلا يمكن أن تكون شرعة القرآن هي شرعة"التخفيف والرحمة" ثم نستجيب لروايات تنسب إلى الرسول تطبيق شرعة"الإصر والأغلال"على المسلمين" (1) .
فظاهر كلامه هذا القول بحجية السنة،وأن نصوص القرآن لا يمكن أن تفهم من دون الرجوع إلى السنة،ولكن عمليا الرجل رد السنة الصحيحة رغم ادعائه خلاف ذلك.فقد جعل محددات لقبول السنة،وهي عدم التعارض مع:عالمية الخطاب،وحاكمية الكتاب،وشرعة التخفيف والرحمة.
هذه المحددات الناظر فيها لا يرى فيها أي إشكال إلاّ أنها عنده أدت إلى ردّ السنة الصحيحة بدعوى أن نصوصها مخالفة لحاكمية الكتاب،أو عالمية الخطاب،أو شرعة التخفيف كما سيأتي ذكره.
__________
(1) -العالمية الثانية:ص58-59.(1/4)
ثم إنه يرى أنه يعمل بالسنة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تدوين الحديث (1) ،لذلك يرد ما ورد من السنة ويعتبره منتحلا مكذوبا،حتى ما ورد في الصحيحين (2) .ويرى أن الانتحال في الحديث (3) أدى إلى إبطال شرعة التخفيف والرحمة،وبالتالي التشكيك في نبوة محمّد صلى الله عليه وسلم (4) .
ولذلك تجده يرد الأحاديث المجمع على صحتها بدعوى مخالفة القرآن أو شرعة التخفيف كما هو الحال في الحدود.ويرى أن مصدر كل هذه الأحاديث يهود أظهروا إسلامهم ككعب الأحبار،ووهب بن منبه وغيرهما.
ويرى تأسيس علم الحديث -حسب رأيه- كان بهدف نسخ شرعة التخفيف التي هي علامة من علامات النبي الأمي (5) .
إن مما جعل قراءة حاج حمد للنص القرآني منحرفة في أحيان كثيرة رفضه للسنة كمبينة للمجمل ومقيدة للمطلق ومفصلة لما جاء في القرآن الكريم.
فهذا من أهم الأسباب التي جعلته يفسر النص القرآني تفسيرا عجيبا غريبا يخالف المتعارف عليه بين أهل العلم.
مفهوم التراث وحكمه:
يقول:"أنا أفصل فصلا كاملا بين التطبيق الرسولي والتطبيق التراثي،أي أنني أعتبر التراث يبدأ من أبي بكر،ومن بعده أما ما قبله أعتبره تطبيقا رسوليا متماثلا مع النص القرآن" (6) .
قلت:وما فائدة هذا التفريق إذا كان لا يحتج بالتطبيق الرسولي –على حد تعبيره- يضرب به عرض الحائط.
__________
(1) -المداخل المنهجية:ص26.
(2) - فيقول مثلا:" إذن كم أتألم لهذا الدس،وأنا أستمع في صلاة كل جمعة لخطباء المساجد وهم يكررون الحديث المنحول:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".ابستمولوجية المعرفة:ص98،والمداخل المنهجية:ص22. والحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
(3) -يزعم أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها افتري عليها ما يزيد على ستة آلاف حديث.انظر:المداخل المنهجية:ص24.
(4) -انظر:ابستمولوجية المعرفة لكونية:ص97.
(5) -المداخل المنهجية:ص20.
(6) -منهجية القرآن المعرفية:ص268.(1/5)
إلاّ أن فائدته من جانب آخر وهي ردّ عمل الصحابة،ووردّ حجية الإجماع (1) .وكأنه يمضي في نزعة التاريخانية،والقطيعة مع المورث الفكري.
ويلتحق بهذا أيضا موقفه من أسباب النزول،حيث يرى أن إعمالها يفقد القرآن معنى الإطلاق الزماني والمكاني حين يقيد فهمه بمرحلة التنزيل.
رغم أن أهل العلم قالوا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب،وقالوا بأن أهمية أسباب النزول تكمن في مساعدتها على فهم النص والحكم الوارد فيه.
النسخ:
حاج حمد يرفض فكر النسخ الذي ذكره أهل العلم سواء نسخ القرآن بالقرآن،أو نسخ السنة بالقرآن،حيث قال:أن تنسخ السنة القرآن،أو ينسخ القرآن السنة،فذاك أمر رفضته منذ البداية" (2) .
ويقول:"...أما القول بآيات منسوخة،سواء كانت قد سقطت من التلاوة أو أكلها داجن أو رفعت نهائيا فهذه مرويات أخرى،إذ ليس في القرآن ناسخ ومنسوخ..." (3) .
والنسخ حسب رأيه طعن في الذات الإلهية المنزهة نفسها من ناحية،وطعن في وحدة القرآن المنهجية والمعرفية،وطعن في بنائيته العضوية الممتدة من فاتحته وإلى معوذتيه.فالنسخ الوارد في القرآن،إنما هو نسخ لما سبق من أديان وتشريعات (4) .
__________
(1) -أشار الدكتور محمّد بريش في الندوة التي أقيمت لبحث الكتاب بالقاهرة إلى أن هذا التفريق يؤدي إلى رد عمل الصحابة وحجية الإجماع والقياس،لكن حاج حمد يصرح بحجية القياس وينكر عمل الصحابة والإجماع.
(2) -العالمية الثانية:ص63.
(3) -منهجية القرآن المعرفية:ص104.
(4) -انظر:المداخل المنهجية والمعرفية:ص9.(1/6)
أما ما ورد في قوله تعالى: ژ ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ژ البقرة: 106. فإنه يرجعها إلى أن:"الدلالة المفهومية لكلمة "النسخ" في القرآن قد حرفت نتيجة الدلالة العربية الذهنية في مرحلة عصر التدوين لتكون نسخا لآيات القرآن بعضها بعضا في حين أن النسخ في القرآن يعني استبدال حالة تاريخية أو عقلية بحالة أخرى مغايرة،وليس إبطالا لبعض الآيات أو إسقاطها لها" (1) .
فالكلام عن الشيخ والشيخة ...الذين وضعوا هذا المروي-يعني الشيخ والشيخة-خالفوا ميثاق الله حفظا للقرآن،وخالفوا لغة القرآن،وخالفوا علة الحكم،وخالفوا شرعة الرحمة والتخفيف التي كانت أهم علامة من علائم النبي الأمي الذي ينسخ شرعة الإصر والأغلال والعقوبات الغليظة (2) .
إعمال المعنى اللغوي وإهمال المعنى الشرعي:
إن اعتماد المنهج اللغوي في تحديد معاني الألفاظ القرآنية،وحصر معنى اللفظ بالمعنى اللغوي فقط،دون النظر في المعنى الشرعي من أهم سمات القراءة الحداثية للنص.وحاج حمد يُعمل في بعض تحليلاته للنص هذا المنهج،متناسيا هو وغيره أن الشرع قد نقل بعض الألفاظ من معناها اللغوي إلى معنى شرعي مضبوط بنصوص القرآن نفسه أو السنة النبوية.
والخطأ يظهر بوضوح في هذه المسألة في عدم التمييز بين المصطلحات والألفاظ،فهناك ألفاظ لا نحتاج لمعرفة مدلولها إلى الرجوع إلى قواميس اللغة،بل لها مدلول شرعي يرجع في معرفته إلى مظان ذلك.
فنجد حاج حمد حمل بعض الألفاظ على معاني لا مستند لها من لغة ولا من شرع،إلى جانب تناسيه السياق الذي وردت فيه اللفظة.فكان تعسفه ظاهرا في تأويل بعض الألفاظ.
__________
(1) -منهجية القرآن المعرفية:ص99.
(2) -منهجية القرآن المعرفية:ص103-104.(1/7)
رغم أنه يزعم أن "الاستخدام الإلهي للمفردة،وهو استخدام مميز يرقى بالمفردة إلى مستوى المصطلح يتعارض مع ما وثقه العرب في لسانهم..." (1) . ويقول:"والقرآن ينحو في دلالات المفاهيم إلى الضبط والمنهجية على غير ما هو شائع وسائد ومتغير في ذهنية العائد المتصور،فقد فهم العرب كلمة"الأميين" (2) بمعناها السائد وليس القرآني،فأطلقوها على من لا يعرف الخط ولا يقرأ رسم الحروف،وهي خلاف ذلك في الاستخدام القرآني،إذ أنها تقابل"الكتابيين" وليس"الكاتبين" (3) .
فهناك تناقض بيّن في كلامه هذا مع تطبيقاته،فلماذا الرجوع إلى القواميس والمعاجم اللغوية،وإعمال اللسان العربي في مسألة الحجاب،وإغفاله للمعنى الشرعي وهو من المعلومات من الدين بالضرورة ؟!.
المس واللمس:
وكما عن هذه القاعدة ضرب مثلا في الفرق بين اللمس والمس،حيث قال:
"وكذلك يضع الله حدودا دلالية بين المباني اللغوية المتشابهة كالفرق بين"مس القرآن"و"لمس"المصحف،فالمس للقرآن [في قوله تعالى]: ژ ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ژ الواقعة: 77 – 79
يختلف عن لمس اليد لجلدته وصحائفه [في قوله تعالى]: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ الأنعام: 7. فالمس نفسي وجداني عقلي،وحيث ما يستخدم القرآن المس يكون هو هذا المعنى الدلالي الضابطژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ الأعراف: 95،وژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ژ الأعراف: 201،وكذلك ژ پ ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ٹ ٹ ٹٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ آل عمران: 47،فالعذراء البتول غير قابلة بحكم تكوينها الفسيولوجي نفسه على تبادل المشاعر مع الذكر إذ ليس لديها قابلية الاشتهاء فقد نذرتها أمها لله منذ الحمل بها..." (4) .
__________
(1) -العالمية الثانية:ص53.
(2) -سورة الجمعة:الآية:2-3.
(3) -انظر:منهجية القرآن المعرفية:ص99، 213-215،والعالمية الثانية:ص126-133، وابستمولوجية المعرفة الكونية:ص314.
(4) -منهجية القرآن المعرفية:ص209،وانظر:العالمية الثانية:ص52-53.(1/8)
قلت:فانظر إلى هذا التفسير العجيب فمن أي له هذا، وما وجه صرف قولها:"ولم يمسسني بشر" إن كانت فسيولوجيا غير قابلة لذلك ؟
ثم بماذا يفسر التماس في قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑک ک ک کگ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ?? ? ? ? ہ ہ ہہ ھ ھ ھ ھے ے ? ?? ? ? ? ? ژ المجادلة: 3 – 4.وقوله عز وجل: ژ ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گگ گ گ ? ? ? ژ الأحزاب: 49.وقوله تبارك وتعالى:ژ ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھے ے ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ژ البقرة: 236. وقوله:ژ ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھے ے ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ژ البقرة: 236.
ومن تمحلاته في التفرقة أنه يوجد فرق بين "المطهرون" و"المتطهرون"،فالتطهر يكون من الحدثين الصغر والكبر،ويكون من البشر بالإتيان بالحركات العملية من وضوء وغسل.أما الطهر فينسب هنا إلى مصدر غير الإنسان وهو الله (1) .
نسخ الحدود:بشرعة رفع الإصر والأغلال (2) :
فيجب عند حاج حمد قراءة نصوص التشريعات وفق ما يتميز به التشريع الإسلامي من "تخفيف ورحمة" في مقابل تشريعات الإصر والأغلال الخاص باليهود.فالتشريع الإسلامي نسخ التشريع الخاص باليهود.وهذه أهم خصائص الإسلام ونبي الإسلام.
يقول:"وتبعا لنسخ الإسلام لشرعة الإصر والأغلال،فقد وضع منطلق التكفير والكفارة نهائيا عن المسلمين إلاّ في حالتين" (3) .
فقطع يد السارق،وحد الحرابة،والصلب،ورجم الزاني ليست من شرعة التخفيف والرحمة وإنما هي من الإصر والأغلال (4) ،لذلك فهي ليست من التشريع الإسلامي في شيء.
وهذه الحدود-حسب رأيه- مدسوسة من اليهود،لأبطال شرعة التخفيف التي يتميز بها الإسلام،فقد انتحلوا الحديث لأبطال هذه الشرعة.
__________
(1) -العالمية الثانية:ص387.
(2) -انظر:العالمية الثانية:ص271-273.
(3) - الحالتان هما :كفارة القسم،وكفارة الصيد للمحرم.العالمية الثانية:ص273.
(4) -ابستمولوجية المعرفة الكونية:ص94.(1/9)
"أما ما حدث في المدينة المنورة يوم الأحزاب من تطبيق لحد الحرابة على اليهود والمنصوص عليه في سورة المائدة الآية:33،فهو تطبيق لنص التوراة عليهم بعد أن رفضوا الإسلام،وقد أوكل الرسول الحكم عليهم بنص التوراة إلى سيد الأنصار ولم يتول الأمر هو شخصيا" (1) .
إن هذه القاعدة التي وضعها جعلته يقول:"فلا مهرب للعقلانية الإسلامية وتعبدها إلاّ إلى العلمانية والليبرالية حيث تحتمي بهما من شرائع الإصر والأغلال" (2) .
الكلام عن الرجم للمحصن:
ثم إن الرجل يجعل مسألة الرجم للمحصن من التأويلات المختلفة لتعدد المرجعيات،حيث أن القرآن يقتصر على حد الجلد للزانية والزاني،يؤخذ من السنة النبوية حد الرجم للمحصنة والمحصن،ثم يحدث التضارب-على حد قوله-في العلاقة بين المرجعيتين،فيما إذا كان يكملان بعضهما أو ينسخان بعضهما.
فكان الجلد مائة جلدة في سورة النور ناسخا للرجم في التوراة:"واختار موسى قومه..الأعراف:155-158.
قلت:في هذه المسألة بالذات لا يوجد أي تضارب فالحكم ليس لشيء واحد،فالجلد لغير المحصن،والرجم للمحصن،وبذلك لا يوجد نسخ،والعقل يقول أن هناك فارق جوهري في الإحصان وعدم،فهل يكون الحكم واحد ؟!
وإن كان حقا يؤمن بحجية السنة الصحيحة وأنها مكملة للقرآن كما سبق نقل كلامه،فإن الإجماع قد حصل بأن أصح ما دون في السنة صحيح البخاري وفيه في رجم المحصن النصوص الأتية:
__________
(1) -العالمية الثانية:ص272.
(2) - ابستمولوجية المعرفة الكونية:ص174.(1/10)
عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما قالا: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله،فقام خصمه،فقال:صدق اقض بيننا بكتاب الله،فقال:الأعرابي إن ابني كان عسيفا على هذا،فزنى بامرأته،فقالوا لي:على ابنك الرجم،ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة،ثم سألت أهل العلم فقالوا:إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك،وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام،وأما أنت يا أنيس لرجل فاغد على امرأة هذا فارجمها فغدا عليها أنيس فرجمها.
وفي هذا تصريح واضح أن الرجم من كتاب الله تعالى.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ،فقرأ ما قبلها وما بعدها ،فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده ،فإذا فيها آية الرجم ،فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم ،فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما. قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة.(1/11)
وعن أبي هريرة قال: أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إن الأخر قد زنى يعني نفسه، فأعرض عنه، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال: يا رسول الله إن الأخر قد زنى، فأعرض عنه فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال له ذلك فأعرض عنه، فتنحى له الرابعة ،فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه ،فقال: هل بك جنون؟ قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :اذهبوا به فارجموه .وكان قد أحصن وعن الزهري قال أخبرني من سمع جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى بالمدينة فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدركناه بالحرة فرجمناه حتى مات.
وعن علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن الشيباني سألت عبد الله بن أبي أوفى هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم .قلت: قبل سورة النور أم بعد؟ قال :لا أدري.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له :لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ؟قال: لا يا رسول الله .قال: أنكتها لا يكني؟ قال :فعند ذلك أمر برجمه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. قال سفيان: كذا حفظت .ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده.
التفسيرات الباطنية و العرفانية:(1/12)
كذا سماها الدكتور محمّد عمارة (1) فإن هذا المسلك واضح عند حاج حمد وما ضنك بمن ينكر السنة ،ولا يراها مصدرا في تفسير القرآن فهذا يجعله يأتي بالتفسيرات العجيبة والغريبة،مثل قوله بأن الفجر ركعتان لأن النور والظلمة أو الضياء والظلمة اثنان لذلك كان الفجر ركعتان وباقي الصلوات لها تفسير مماثل.
ومن تفسيراته التي تدخل في هذا الباب أن الصلاة الوسطى هي صلاة الماعون (2) .
من ذلك أن الرؤيا الإبراهيمية:كان يجب أن تنصرف إلى قربان يماثل في بنائيته المكان أي الإبل،ولكنه وابنه أرادا تحقيق الرؤيا كما جاءت في صورتها فصرفه الله عن ذلك بأن ناداه معاتبا وشاكرا ...وفداء الابن لم يكن كبشا ولكنه"ذبح عظيم" يماثل في بنائيته البنائية الكونية أي من البدن التي جعلها الله لنا من شعائر الحج (3) .
ثم ذكر بعد ذلك ما ورد في القرآن الكريم في قصة إبراهيم مع الملائكة والعجل الحنيذ فما علاقة ذلك ؟
يأجوج ومأجوج:
فيفسر يأجوج ومأجوج في قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ الكهف: 94،"تعدد ظواهر القوى الطبيعة المائجة والمتأججة...إذن فيأجوج ومأجوج هي قوى الطبيعة الثائرة،من مصدري الماء والحمم تنهال على شعوب ما بين السدين،ولوقفهما يكون السد من زبر الحديد والقطر فلا يظهره الماء بالعلو عليه فيفيض إلى ما دونه ولا تنقبه حمم البراكين في أسفل الوادي الأخدودي...
وساق سورة الزلزلة ثم قال:"ذلك يوم فتح قوى يأجوج ومأجوج حين تنفتح قشرة الأرض عن البراكين والحمم وتفيض البحار والأنهار من كل صوب ومن كل حدب..." (4) .
قلت:وأي هو من قوله تعالى ژ ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ژ الأنبياء: 96،فهل "ينسلون" تكون لقوى الطبيعة ؟
ثم إن صريح السنة الصحيحة يفيد خلاف ذلك تماما:
__________
(1) -انظر الملحق بكتاب منهجية القرآن المعرفية:ص296.
(2) - العالمية الثانية:ص424-427.
(3) -منهجية القرآن المعرفية:ص192.
(4) -منهجية القرآن المعرفية:ص152-153.(1/13)
ففي صحيح البخاري: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك فيقول: أخرج بعث النار قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد قالوا يا رسول الله وأينا ذلك الواحد قال أبشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا ثم قال والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا فقال أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا فقال أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبرنا فقال ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود.
في صحيح مسلم: عن النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة ...ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ...".
لباس المرأة:الخمار والحجاب:
فهو يفرق بين الحجاب المتعارف عليه بين الناس،وأنه عنده ليس شرعي،بل الشرعي عنده هو الخمار والفرق يتضح من قوله:
"فاللباس حالة تتلبس الكيان العضوي بمختلف مشاعره وأحاسيسه وعقله وليس ثوبا يسمى جسدا عاريا،وهذا هو اللباس الذي نزع عن آدم في لحظة المعصية فأحس بمتغيرات البدن"بدت السوءة" ومتغيرات النفس والعقل فكان الهبوط،ثم كان إنزال اللباس من جديد...هذا التدقيق اللغوي أساسي جدا في التعامل مع المعرفية القرآنية،والقرآن يعطي دلالات ألفاظه بمنهجية رابطة للاستخدام وكما قلت إلى درجة المصطلح المعرفي،فالسوءة لا تعني العورة،ولا تعني كذلك مطلق الجسد البدني،إنها الجسد في حال مواته المادي والمعنوي..." (1) .
__________
(1) -منهجية القرآن المعرفية:ص132-133،وانظر:المداخل المنهجية:ص24،وص52-54.(1/14)
فالحجاب متوهم والخمار شرعي،فالحجاب لا علاقة له بالخمار والثوب والجيوب،وإنما هو عازل قطعي مانع للرؤية العينية،فالله سبحانه لم يأمر بما يسميه الناس خطأ الحجاب،وإنما أمر بالخمار.
قلت :في كتب اللغة:خمرت الشيء خمرا:سترته.والخمار:ثوب تغطي به المرأة رأسها والجمع خمر،وتخمرت:لبست الخمار... (1) .
فالخمار أيضا للستر،فما الفرق بين المعنى المتعارف عليه في الحجاب،ومعنى الخمار الوارد في القرآن.
ومن تفسيراته الغريبة:أن السبع المثاني هي السبع سماوات والسبع أرضين (2) .
ومنها أيضا أن نوح عليه السلام لم يكن له ولد،وأن ولده الذي ذكر القرآن الكريم أنه كان من المغرقين لم يكن من صلبه (3) .
الزبانية:
يقول أن الزبانية ليس كما ذهب إليه أهل التفسير أي الملائكة،وإنما بمعنى قوة مدافعة الشيء بالشيء.والجبين (الناصية):هو رمز الاستعلاء والكبر والطغيان حيث يسفع بها رمزا للإهانة (4) .
قلت: وورد عند الترمذي في تفسير قوله تعالى:"سندع الزبانية":قال أبو جهل:لئن رأيت محمّدا يصلي لأطأن على عنقه،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:لو فعل لأخذته الملائكة عيانا.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما:فو الله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله (5) .
وفي صحيح البخاري :الزبانية:الملائكة (6)
ونشير إلى أن الكثير من الانحرافات وقعت في قراءة "حاج حمد" قد تكون بسبب سعيه لهدم المتعارف عليه،حيث نجده يخالف أحكاما متفق عليها،ونذكر من ذلك:
- لا علاقة لليلة الإسراء بفرض الصلاة،فالصلاة بدأت قبل الإسراء بعشر من السنين،وربط الصلاة بليلة الإسراء"خدعة إسرائيلية" (7) .
__________
(1) -الأفعال:ص33،المصباح المنير:ص181.
(2) -المداخل المنهجية:ص14.
(3) -المداخل المنهجية:ص29.
(4) -القراءة التحليلية:ص15.
(5) -سنن الترمذي،كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،تفسير سورة العلق.
(6) -صحيح البخاري:كتاب التفسير،تفسير سورة العلق.
(7) -العالمية الثانية:ص417.(1/15)
- تعدد الزوجات مرتبط باليتامى والإرث والتبني (1) .
-حكم الجزية اقتصر على المرتدين من أهل الكتاب فقط،وهي ليست على غير المرتدين منهم الباقين على دينهم من يهود أو نصارى (2) .
-ما بعد الرسول ليس جهادا،ولكن تدافعا وتوسعا،فكل ما بعد الرسول من فتح لا يعتبر جهادا؛لأنه يخرج عن دائرة "الأمة الوسط" ما بين "الأرض المحرمة" و"الأرض المقدسة" وما حولهما (3) .
- القرآن مطلق غير متدرج في أحكامه وخطابه للناس،فالنهي عن الخمر في الآيات الثلاثة واحد في مضمونه ودلالاته،لا يبدأ بحكم خفيف ثم حكم غليظ (4) .
قلت:أو ليس هذا مما يخالف شرعة التخفيف والرحمة،أو ليس التدرج في الأحكام من التخفيف.
-القرآن تنزل كله في ليلة القدر من شهر رمضان في غار حراء بعد أن قضى الرسول خمسة عشر عاما يتعبد ربه وينتظر تلك الليلة.وفي تلك الليلة نزل القرآن دفعة واحدة على ذات الرسول ليقرأه من بعد من ذات قلبه على الناس وعلى مكث،ثم يتولى الله جمعه (5) .
-نكاح المحلل بعد الطلقة الثالثة لا يعنى الملامسة،فيمكن للزوج الآخر والذي يلي الزوج الأول أن ينكحها دون أن يلامسها.وهذا خلاف ما ورد في الصحيحين من وجوب الملامسة.
الخاتمة:
إن من يقرأ لحاج حمد يحس التمحل الشديد في قراءاته للنص القرآني، ولا يشك في أنه يقصد مما يكتبه الإغراب سواء في التحليل أو في المصطلح.
ومحمّد أبو القاسم حاج حمد في كتاباته المليئة بالتكرار الممل للأفكار وعدم الترابط في ما يطرحه لا يختلف ما يقوله عما قاله غيره ممن سلك النهج الحداثي كمحمد شحرور،وعبد المجيد الشرفي،وحسن حنفي،والعشماوي،وآركون وغيرهم.
__________
(1) -العالمية الثانية:ص629 فما بعدها.
(2) -أبستمولوجية المعرفة الكونية:ص225.
(3) -ابستمولوجية المعرفة:ص141.
(4) -المداخل المنهجية:ص11.
(5) -المداخل المنهجية والمعرفية:ص14.(1/16)
إن قراءة حاج حمد التحليلية اعتمدت في وضع المنهج على أمثلة محدودة وقليلة أراد من خلالها إرساء قواعد لفهم النص القرآني،والأمر ليس من العلمية في شيء رغم أنه يزعم هو وأمثاله أنه يبتغيها؛لأن القواعد المطردة لا تكون إلاّ بالاستقراء التام.ناهيك عن أمثلة حللها تحليلا سقيما.
ثم إن عدم تصريحه بعدم حجية السنة،بل العكس لا ينفي عمليا أنه لا يحتج بها كما هو واضح في الأمثلة التطبيقية التي قدمها في كتبه.
إن اعتماده على كتب المعاصرين خاصة الحداثيين في نقل النصوص الحديثية وغيرها،وعدم الرجوع إلى المصادر الأصلية لذلك جعله لا يطلع ولا يلم بما يحيط المسألة من تطبيقات وأبرز مثال على ذلك حكم الرجم للمحصن.
إن دراسة ما طرحه حاج حمد يؤكد أنه لا يخرج في طرحاته عما يقوله العلمانيون والحداثيون وكل من يريد أن يقصي الشريعة الإسلامية ويشكك فيها،إن تفسير القرآن لم يقل أحد من السلف أو الخلف من أهل العلم أنه قد أغلق بابه،ولم يزعم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القرآن كله،لكن العقل السليم يجزم دون أدنى شك أن فهم الكثير من آيات القرآن والأحكام الواردة فيه لا يتأتى دون اعتماد على السنة النبوية ،فهي وحي يبيّن وحيا ويوضحه،وهل يتخيل إنسان إسلاما من دون سنة!؟
إن إقصاء وإعدام التفسير النبوي يؤدي إلى تفسيرات منحرفة للنص القرآني،كما أن الرفض المطلق للإجماع واعتباره مهزلة (1) تأتي بالقراءة المهزلة.
__________
(1) -المداخل المنهجية:ص30، 33.وهو يقول أن الأمة يمكن أن تجتمع على باطل.(1/17)