الفوائد التربوية المستنبطة من سورة النحل
د. محمد عيد الكردي
جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ــ دولة الإمارات
المقدمة :
الحمد لله حمد الشاكرين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين الحمد لله الذي خلق الخلائق كلها، وقدّر أقواتها وأرزاقها، المستحق للعبادة، الجدير بالطاعة والتقديس. أما بعد :
فهذا البحث اشتمل على تمهيد تضمن : اسم السورة، وعدد آياتها، وسبب نزولها، والمناسبة بينها وبين السور التي قبلها والتي بعدها، وموضوع السورة، ليكون تمهيدا لاستنباط الفوائد التربوية من خلال ذكر النعم وضرب الأمثال والحقائق.
وجاء البحث في بابين، الباب الأول : الفوائد التربوية من ذكر النعم الواردة في سورة النحل. وتناولت فيه : النعم التي وردت في السورة مع استنباط الفوائد التربوية منها وذكرت من هذه النعم؛ النعم المعنوية وهي : نعمة الروح والوحي، والنعم المادية وهي : نعمة الوجود، والسمع والبصر، والزواج، والليل والنهار، والبحار والأنهار، والجبال والسبل، والحيوانات والطيور، والنباتات، والأطعمة والأشربة. وتناولت في الباب الثاني الأمثلة والحقائق التي وردت في سورة النحل وذكرت الآيات التي تناولت هذه الأقسام، وذكرت المعنى الإجمالي لها باختصار، ثم أردفتها بذكر الفوائد التربوية، والتي تسهم مساهمة فعّالة في تصحيح سلوك الإنسان وتجعل منه إنسانا صالحا.
وبما أن سورة النحل تعد من أكثر السور التى ذكرت نماذج عدة من نعم الله وهي بحق تسمى سورة النعم فإنها تصلح مثالا لسائر نعم الله عز وجل الواردة في سائر سور القرآن الكريم. وما اشتملت عليه من أمثال وحقائق، يصلح أن يكون مثالا لما ذكر في السور الأخرى أو قريبا من ذلك.
إشكالية الموضوع :
جاء هذا البحث ليجيب عن الأسئلة التالية :
ما الفوائد التربوية المستنبطة من النعم التي اشتملت عليها سورة النحل؟(1/1)
ما الفوائد التربوية المستنبطة من الأمثال التي اشتملت عليها سورة النحل؟
ما الفوائد التربوية المستنبطة من الحقائق التي اشتملت عليها سورة النحل؟
حدود المشكلة :
لم يكن هذا البحث بغرض إحصاء نعم الله؛ فنعم الله لا تعد ولا تحصى، ولا البحث عن الأمثال والحقائق، العامة لمجرد الإطّلاع عليها؛ ولكن جاءت هذه الدراسة للوقوف على أبرز ما يتعلق بالقضايا التربوية من حيث تأثير هذه النعم في سلوك الانسان، ومحاولة معرفة السلوك الصحيح إزاءها إيجابيا.
تقسيم البحث :
تم تقسيم البحث كالآتي :
التمهيد : ويشمل الآتي :
اسم السورة.
عدد آيات السورة.
سبب نزول السورة.
مناسبة السورة لما قبلها وما بعدها.
موضوع السورة.
الباب الأول : الفوائد التربوية من ذكر النعم الواردة في سورة النحل.
الفصل الأول : الفوائد التربوية من ذكر النعم المعنوية.
الفصل الثاني : الفوائد التربوية من ذكر النعم المادية.
الباب الثاني : الفوائد التربوية من ضرب الأمثال والحقائق في سورة النحل.
الفصل الأول : الفوائد التربوية من ضرب الأمثال الواردة في سورة النحل.
الفصل الثاني : الفوائد التربوية من ذكر الحقائق الواردة في سورة النحل.
الخاتمة ونتائج البحث :
تضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة.
هوامش البحث : ذكرت الهوامش بأرقام متسلسلة ووضعتها في النهاية حسب ورودها في البحث.
المراجع والمصادر : ذكرتها مرتبة حسب ترتيب الحروف الأبجدية.
التمهيد
اسم السورة :
تسمية سور القرآن تسمية موقوفة كما وردت بها الأحاديث والآثار؛ ففي الأثر عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : " سور بنى إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن العتاق الأول، وهن من تلادى " (1).(1/2)
وسورة النحل سميت بهذا الاسم لاشتمالها على قول الله تعالى : (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) النحل/68 - ومن الملاحظ أن كثيرا من سور القرآن جاءت تسميتها بالأمر المهم الوارد فيها؛ ليتفطن إلى الغرض الذى يرمى إليه من إنزال تلك السور، فمثلاً سميت سورة الجمعة بهذا الاسم؛ لأهمية الإجتماع الأسبوعى، والعنكبوت والنحل للتفطن إلى صغار الحيوانات الحكيمة الصنع (2). وسميت سورة النحل بسورة النعم، لأن الله ذكر فيها من النعم الكثيرة التي امتن بها على عباده (3).
عدد آيات سورة النحل :
وأما آيات السورة فعددها هو مائة وثمان وعشرون آية باتفاق العلماء وقد نزلت سورة النحل بعد سورة الكهف وقبل سورة نوح عليه السلام فهى السورة التاسعة والستون من حيث النزول (4) إلا أن ابن عاشور قال إنها نزلت بعد سورة الأنبياء وقبل سورة السجدة، وقد عدت الثانية والسبعين في ترتيب النزول (5) ولعله استند إلى الرواية التي وردت في الإتقان إذ ذكر السيوطى من رواية جابر بن زيد : أنها نزلت بعد سورة الأنبياء وقبل سورة نوح وليس قبل السجدة (6) فاتفقا على نزولها بعد سورة الأنبياء واختلفا في السورة التي بعدها.
والحق من خلال الاستقراء أنها نزلت قبل سورة نوح؛ لأن السيوطى عقب على الرواية التي ذكرها بقوله : " هذا سياق غريب، وفي هذا الترتيب نظر وجابر بن زيد من علماء التابعين بالقرآن " (7).
سبب نزول سورة النحل :
وأما سبب نزولها فشأنها شأن السور المكية التي تناولت : تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيت المؤمنين إذ كانوا حديثي عهد بالإسلام وتناولت الرد على المشركين، وقد نزلت آياتها منجمة حسب الوقائع والأحداث.(1/3)
وجميع آيات السورة مكية ما عدا آخر ثلاث آيات فهى مدنية نزلت بعد غزوة أحد. عن ابن عباس قال : " والنحل سوى ثلاث آيات فإنهن نزلن بين مكة والمدينة " (8) فهذه الآيات الكريمة جاءت تعقيبا على غزوة أحد، والغزوة وقعت بعد الهجرة، وجبل أحد في المدينة، فعلى هذا تكون هذه الآيات مدنية حسب المعايير التي اعتمدها العلماء عند تقسيمهم للمكي والمدني من حيث اعتبار الزمان والمكان والموضوع.
مناسبة سورة النحل لما قبلها وبعدها :
علم المناسبة علم من علوم القرآن المستقلة المهمة، أثار اهتمام العلماء وعرفوه بأنه هو : العلم بعلل الترتيب بين السابق واللاحق، وموضوعه : أجزاء الشىء المطلوب علم مناسبته من حيث الترتيب. وثمرته : الاطلاع على الرتبة التي يستحقها الجزء، بسبب ما له علاقة بما وراءه وما أمامه من الارتباط والتعلق الذى هو كلحمة النسب (9).
وأما إذا أردنا معرفة المناسبة بينها وبين سورة الحجر التي سبقتها، فنقول : كلتا السورتين تشتركان في موضوع واحد حيث نزلت سورة الحجر في وقت اشتد فيه أذى المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، وبلغ العناد والصدود مبلغاً كبيراً، فنزلت الآيات تسليه وتواسيه، وتحثه على الصبر. قال تعالى :
(فاصدع بما تؤمروأعرض عن المشركين) الحجر/94.
ونلمس الترابط بين السورتين في قوله تعالى : (فوربك لنسئلنهم أجمعين) الحجر /92 وفي هذا إشارة إلى حشرهم يوم القيامة، وسؤالهم عمّّّا أجرموه في دار الدنيا وفي قوله تعالى في سورة النحل : (أتى أمر الله) النحل/1، وهو يوم القيامة (10)
ويظهر الترابط بين آخر آية من سورة الحجر قال تعالى : (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الحجر /99. وهو صالح لموت الكل ولكشف الغطاء عنهم بعد الموت بإتيان ما يوعدون به، لذا ابتدأ سورة النحل بهذا المعنى الذي ختم به سورة الحجر، فقال تعالى : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) النحل/1.(1/4)
وعبر باسمه الأعظم الجامع لجميع معانى الأسماء لأن ذلك أليق بمقام التهديد، وعبر عن الآتى بالماضى إشارة إلى تحققه تحقق ما وقع ومضى وإلى أن كل آت ولابد قريب (11).
وأما مناسبة سورة النحل لما بعدها فيوجد ترابط في بعض المواضيع منها :
ذكر الله النعم مفصلة في سورة النحل ثم أكد عليها في سورة الإسراء بقوله تعالى : (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء/70 وفي هذا إشارة إلى أن النعم التي أنعم الله بها على بني آدم هي مظهر من مظاهر التكريم الذي ارتضاه الله لهذا المخلوق.
ومن ذلك أثبت الحق سبحانه في سورة النحل أن القرآن نزل من عنده، ورد على الشبهات التي تثار حول هذا الموضوع بقوله تعالى : (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون، قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين، ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين) النحل/101 - 103.
وبعد هذا الإثبات القطعى ذكر سبحانه الهدف من نزوله في سورة الإسراء بقوله تعالى : (إنّ هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجرا كبيرا) الإسراء / 9.
أشار الله في ختام سورة النحل إلى معيته سبحانه وتعالى مع المتقين وحفظه لهم قال تعالى : (إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) النحل/ 128. وما معجزة الإسراء والمعراج إلا منحة إلهية لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم دلت على معية الله معه ونصرته له تأكيدا لما ذكرته سورة النحل.(1/5)
فثناء الله على عباده الشاكرين وخاصة الرسل موضوع مشترك بين السورتين ففي سورة النحل وصف الله سيدنا إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى : (شاكراّ لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم) النحل/121. وفي الإسراء وصف سيدنا نوح بقوله تعالى : (ذرية من حملنا مع نوح إنّه كان عبداّ شكورا) الإسراء/3.
موضوع السورة :
وأما من حيث موضوع السورة فلا شك أن الموضوع الأساس هو العقيدة الإسلامية، إنّ السورة مهما تعددت قضاياها فهى كلام واحد يتعلق آخره بأوله, وأوله بآخره، ويترامى بجملته إلى غرض واحد، كما تتعلق الجمل بعضها ببعض في القضية الواحدة (12). وكان للتركيز على ذكر النعم التي سنتحدث عنها في هذا البحث أكبر الأثر في الدفاع عن العقيدة.
الباب الأول : الفوائد التربوية المستنبطة من النعم الواردة في سورة النحل
النعمة لغة : النعمة بكسر العين، اليد والصنيعة والمنة وما أنعم به عليك (13) وفي الاصطلاح : هي الحالة الحسنة (14)، وهذا تعريف جامع.
والنعم كثيرة لا تحصى ويمكن تقسيمها إلى نعم أصلية تتعلق بالإيمان بالله والحرص على مرضاته ونعم فرعية مما هو موجود في حياة الناس من المال والعلم ولا بد أن لهذه النعم فوائد تربوية تعود على الإنسان بالنفع في دنياه وفي آخرته.
الفصل الأول : النعم المعنوية وفوائدها التربوية
أولاً : الروح : أ - قال تعالى : (ينزّل الملائكة بالروح من أمره) النحل/2(1/6)
المعنى الإجمالي : الروح سر الحياة - وهي النفس، يذكر ويؤنث والجمع أرواح) (15)، وقد وردت الروح في القرآن بعدة معان منها ما أطلق على القرآن قال تعالى : (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) الشورى / 52. وأطلقت على الروح التي يعيش بها الإنسان، قال تعالى : (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) الإسراء / 85، وأطلقت على عيسى بن مريم، قال تعالى : (إنّما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) النساء / 171 النحل/102. قال المفسرون : المراد بالروح الواردة في هذه الآية : كلام الله، وقال آخرون منهم مجاهد : أن المراد بالروح؛ أي أرواح الخلق أو أن المراد بالروح هنا هو النبوة (16)، ولكن أبو عبيدة فسر الروح بجبريل عليه السلام (17)، وورد تأويل الروح أنها بمعنى الهداية لأنها تحيا بها القلوب كما تحيى الروح الأبدان. فما هو المعنى المقصود من الآية (قل الروح من أمر ربي)حسب الأقوال السابقة؟
أرى أن جميع الأقوال صحيحة فالقرآن والخلق والنبوة كلها من أمر الله. ولأن القرآن عبّر عنها في الآيات المتقدمة آنفاً دون تقييد، بخلاف ما سيرد في فرع ب.
ب - قال تعالى : (قل نزّله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين) النحل / 102.
المعنى الإجمالي : أجمع المفسرون على أن المراد بالروح في هذه الآية هو : جبريل عليه السلام لأنه أطلق روح القدس على جبريل عليه السلام من حيث إنّه ينزل بالقدس من الله تعالى أي يطهر النفوس بالقرآن الكريم والحكمة والفيض الإلهي (18). وأما تسميته بالروح إما لأنه خص بهذا الاسم أو لأنه بسبب ما يكلفه الله به من الهداية والرسالات ليبلغها للرسل الكرام (19). ولكن التقييد بلفظ القدس خصص معنى الروح بجبريل عليه السلام. بخلاف معنى الروح في فرع أ، المتقدم إذ ذكرت عامة من غير قيد والله أعلم.
الفوائد التربوية من ذكر الروح :(1/7)
أيّاً كان معنى الروح فكلها تلتقى بمعنى الحياة، فالنفس الذى يعيش به الإنسان من أجل الحياة، بحاجة إلى الإيمان لتستقيم الحياة فلا قيمة لعيش الإنسان بجسده إذا كان قلبه ميتا، قال تعالى : (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) الفرقان / 44، وقال تعالى : (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنّار مثوى لهم) محمد / 12.
والحياة الحقيقية لا تكون إلا بالهداية، قال تعالى : (أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) الأنعام / 122.
ثانياً : الوحى :
أ - الوحى لغة : الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفى، وكل ما ألقيته إلى غيرك (20).
والوحى بمعناه اللغوى ورد في قوله تعالى : (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ... الآية) النحل / 68.(1/8)
لا نستطيع في هذا البحث تقصي حياة النحل وما يقوم به ولكن من يطلع على بنائها لبيوتها، وتقسيمها العمل، ودور كل نحلة في الخلية بما فيها الملكة وتأدية الأعمال بإتقان لا يملك إلا أن يسبّح ويخّر ساجداً لعظمة الله. فسبحان الذى أعطى كل شىء خَلْقه ثم هدى، فكل مادة من المواد التي يفرزها النحل سواء العسل، أم غيره، لها مميزاتها، وفوائدها العلاجية الخاصة الشافية من كثير من الأمراض التي ذكرها العلماء المختصون في كتبهم، وهذه النعم جميعا من صنع الله ليس للبشرية فيها تدخل (21). وفي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذى سأل عن دواء لأخيه المريض، قال : " إن أخى استطلق بطنه فقال صلى الله عليه وسلم : اسقه عسلا فسقاه ثم جاء فقال : يا رسول الله قد سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا فقال ثلاث مرات وفي الرابعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا، فسقاه، فبرأ " (22) دلالة على صدق قول الله سبحانه (فيه شفاء للناس).
ب - الوحي اصطلاحا : أنِِ يُعلِم الله تعالى من اصطفاه من عباده كل ما أراد إطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر(23).
أ - قال تعالى : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم، فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) النحل/43.
المعنى الاجمالي :
الآية تثبت بشرية الرسل عليهم السلام، وفي ذلك رد على استغراب المشركين الذين أرادوا أن يكون الرسل من الملائكة فروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال : لما بعث الله محمداً رسولاً أنكرت العرب ذلك وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد, فأنزل الله هذه الآية (24).
ب - قال تعالى : (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين، ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) النحل /35 - 36.(1/9)
جاءت الأية لتأييد النبى صلى الله عليه وسلم والدفاع عن دعوته وتسليته عما يلقاه وحثه على الصبر والرد على ادّعاءات المشركين.
ج - قال تعالى : (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) النحل/123.
إنه إبراهيم عليه السلام الذى وصفه الله بأنه أمة حنيفا قانتا شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم، وأنه له في الدنيا حسنة، وفي الآخرة لمن الصالحين، لذا أمر الله رسوله أن ينهج نهجه ويسلك دربه الذي ارتضاه له.
الفوائد التربوية من ذكر الوحي :
1 - أوحى الله لرسوله صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم عليه السلام. والأمر بالإتباع في الأصول، أما الفروع فإنها مختلفة، قال تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) المائدة / 48؛ لاختلاف الظروف والأحوال، وتطور الزمان، ولكن المراد أن الرسالات جميعا تلتقى على منهاج واحد وكلاهما صدر من مشكاة واحدة، وأن أصول التشريع واحدة. ولو ألزم الله رسوله بالاتباع في الفروع لمن سبقه من الرسل لكان في هذا مشقة بالغة يصعب تطبيقها وهذة رحمة من الله لعبادة تستوجب الشكر.
2 - وفي أمر الله لرسوله باتباع ملة إبراهيم نعمة عظيمة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أمته من بعده فإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، والخليل يعطي خليله أحسن ما عنده وأطيبه، فملة إبراهيم خير الملل وتكليف رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعها هداية إلى تلك الخيرية.(1/10)
3 - وفيه زيادة الثقة لدى المؤمن وزيادة يقينه بربه واعتزازه بدينه، هذا الدين الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففي الأمر باتباع ملة إبراهيم إشاعة للأنس في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي نفس أمته مما يشجع المسلم للدفاع عن عقيدته، والتضحية لأجلها, وفي ذلك تطهير لنفس الإنسان من الكسل والجبن والنفاق، ومواصلة الطريق الذى بدأه الرسل عليهم السلام قال تعالى : (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتولّ فإن الله هو الغني الحميد) الممتحنة / 6. وإذا تربت الأجيال على ذلك واقتدت بالرسل عليهم السلام واهتدوا بهديهم فإن المستقبل الأمثل لهذا الدين بإذن الله.
4 - أشارت الآيات إلى أن موقف الناس من الهداية، يقسم إلى قسمين : فمنهم من استجاب فاهتدى، ومنهم من ضل فغوى. والهداية أنواع : هداية الفطرة، وهداية الدعوة، وهداية التوفيق والإلهام، وهداية الجنة (25). وهذه الهدايات مترتبة على بعضها : الفطرة والعقل تقود للهداية، والهداية تقود للتوفيق ومن ثم يكون دخول الجنة (26).
والدعاة إلى الله عليهم الاستفادة من هذه الأنواع في تربيتهم للمدعوين للاسلام والتركيز على جوانب الفطرة ومحاولة إزالة ما يمنعها وما ران عليها من المعاصى والآثام لتعود إلى ربها لأن الإنسان لن يصل إلى التوفيق والهداية إلا بتكثيف الجهود بالدعوة واستغلال وسائل الإعلام القديمة والحديثة والرد على الشبهات والأباطيل.
الفصل الثانى : الفوائد التربوية من ذكر النعم المادية
أولاً : نعمة الوجود :
قال تعالى : (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) النحل/4(1/11)
المعنى الإجمالي : ركّزت الآية على مرحلة من مراحل خلق الإنسان، وكل صفات الإنسان تكون في هذه النطفة ثم تكرر تلك الخصائص والصفات في الإنسان عند وجوده (27) ومما يلاحظ أن الولد يتولد من اختلاط ماء الرجل مع ماء المرأة مما أطلق عليه القرآن لفظ أمشاج قال تعالى : (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا)الإنسان/ 2. - ومنى الرجل لا يتولد منه الولد ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى (28) والولد يتكون من جزء من الماء، يؤيد ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " ما من كل الماء يتكون الولد، إلا إذا أراد الله خلق شىء لم يمنعه شىء ". (29)
الفوائد التربوية من ذكر نعمة الوجود :
1 - هذه نعمة تدعو للتأمل في فطرة الله، قال تعالى : (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب) الطارق/5 - 7.
ويدرك المسلم وهو يتلو هذه الآية مدى حكمة الله حيث جعل النطفة وسيلة لبقاء النوع الإنسانى عن طريق التزاوج، وهذا فيه كثير من العبر والمواعظ، ولا يمكن أن يكون هذا الخلق العظيم وجد بدون خالق فتبارك الله الذى خلق من النطفة مخلوقا أودع فيه من أسرارعظمته، وبديع صنعه ما جعله إنسانا حيا ناطقا سميعا بصيرا (30)، وهذه لفتة تجعل الإنسان ينظر إلى حقارة الماء الذى خلق منه لكى لا يتكبر, ويكون متواضعا، واقعيا في حياته، وإذا تواضع الإنسان وابتعد عن الكبرياء صح سلوكه واستقام.
وإذا أعمل الإنسان بصره وفكره في خلق نفسه استجابة لقوله تعالى : (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) الذاريات/ 21. فإنه يؤمن بالله رباً وبكل صفاته الربوبية والألوهية.
ثانياً : نعمة السمع والبصر :
أ - قال تعالى : (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل/78.
المعنى الاجمالي :(1/12)
ذكر الله هذه الحواس، وهي من أهم الحواس وفيها دلالة على البقية، فزود الله الإنسان بالسمع ليسمع به الأصوات، والبصر ليدرك به الأشخاص، والفؤاد الذى يعى به الأمور ليشكر نعم الله عليه (31). وأفرد الله السمع في هذه الآية.
ب - قال تعالى : (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون" النحل/108
ج - قال تعالى : (والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون) النحل/65.
المعنى الاجمالي :
أي أن الله خلق السماء فينزل منها الماء فيكون سبباً للحياة بإنبات الزرع والشجر والثمر، بعد أن كانت ميتة (32).
د - قال تعالى : (ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إنّ الله على كل شىء قدير) النحل / 77.
المعنى الإجمالي : أي وما شأن الساعة في سرعة المجيء إلا كطرف العين أو رجع البصر، من أغلى الحدقة إلى أسفلها، أو هو أقرب من هذا وأسرع، لأن أمره سريع الحدوث لأنه يقةل للشيء كن فيكون (33).
الفوائد التربوية من ذكر نعمة السمع والبصر :
1 - تشير الآيات السابقة إلى أن الله تعالى أودع في الإنسان هذه الحواس ليتمكن من عبادة ربه سبحانه وتعالى فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعة مولاه جل علاه باستعمال كل عضو فيما خلق من أجله وليتمكن من عبادة ربه ويطيعه فيما أمره فلا يسمع ولا يبصر ولا يعتقد إلا حلالا مما أمر الله، وبغض الطرف، ولا يسمع المحرمات، والمعتقدات الباطلة.
2 - ردّت هذه الآية الكريمة على الكافرين الذين أعرضوا عن قبول الحق, وارتدوا على أعقابهم ولم يستعملوا سمعهم وبصرهم وسائر حواسهم في الاستفادة مما حولهم من الكون فحكم عليهم بالخسارة بعد أن طبع الله عليها ذلك أن العقيدة لا يجوز أن تكون موضع مساومة، وحساب للربح والخسارة، ومتى آمن القلب بالله فلا يجوز أن يدخل به مؤثر من مؤثرات هذه الأرض فللأرض حساب، وللعقيدة حساب، ولا يتداخلان (34).(1/13)
3 - الله سبحانه لا يعجزه شىء، وأمره بقوله : (كن فيكون) والله قادر على إقامة يوم القيامة في أسرع لحظة، ولما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا وأفكارنا هو لمح البصر ذكره تقريبا للأذهان (35)، وهذا يدفع المسلم للاستعداد الدائم للقاء ربه فالله قادر أن يهلكه وقادر أن ينصره بأسرع مما يتصور بل أسرع من ارتداد بصره إليه.
4 - زوّد الله الإنسان بأدوات تحصيل المعارف والعلوم ومنها السمع والبصر والفؤاد وهي من أهم أدوات التحصيل العلمي، وقد قدم الله السمع على البصر للأسباب الآتية :
إن السمع سبب لتحصيل المعارف والعلوم فالإنسان إذا فقد بصره يستطيع تحصيل العلوم بل إن جهابذة العلماء والعباقرة كثير منهم كانوا قد فقدوا أبصارهم فالفهم والنطق يتعلقان بدرجة كبيرة بالسمع لا بالبصر.
السمع يشمل كل الجهات في حين البصر لا يبصر إلا أمامه.
تقديم السمع على البصر دليل على الأفضلية حيث إن السمع خلق قبل البصر, فالمولود يسمع قبل أن يبصر, لذا من السنة الآذان في أذن المولود اليمنى، وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى، ليكون أول ما يسمع التوحيد.
آلة السمع تعمل في النور والظلام فيما البصر لا يبصر إلا في النور.
السمع متعلق بالنطق فإذا فقد السمع فقد النطق، بخلاف البصر.
وإذا تتبعنا السمع فإنه لا يأتى في القرآن إلا مفردا، بخلاف البصر فإنه يأتى بصيغة الجمع وذلك للإشارة إلى أن مدركات السمع نوع واحد, بينما البصر تتعدد مداركه فبالبصر يدرك الإنسان الضوء واللون والشكل، وقال الشوكاني : " ووحد السمع لأنه مصدر يدل على الجمع، بخلاف البصر، ولهذا جمعه "(36).
ونعتوا بمصدر كثيراً فالتزموا الإفراد والتذكير.
وهذه قاعدة نحوية - المصدر إذا جعل اسما ذكر وأفرد (37).(1/14)
وعبر القرآن بالفؤاد وبالعقل وكلاهما يشمل قوى الإلهام الكامنة المجهولة الكنه والعمل (38). والحديث أشار إلى أهمية القلب " ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " (39) وفي هذا دلالة على وجوب موافقة القول للعمل فالعبرة لما في القلب - واسناد الاطمئنان للقلب يدل على أن محل الإيمان هو القلب (40) لذا يجب على المسلم أن يكون نظيفا قلبا وقالبا.
وزود الله الإنسان بهذه الأدوات والآليات التي تمكنه من تحصيل المعرفة وفي هذا تربية عملية للإنسان على التأمل والتفكير والملاحظة والاستنباط والمناقشة ليحصل على أكبر قدر من المعرفة والمخترعات، مما يحقق لنا التقدم العلمي والحضاري على الأمم والشعوب والإنسانية جميعا وهذا ما فعله أسلافنا من قبل إلا أننا أضعناه؛ لأننا لم نستفد من سمعنا وأبصارنا وأفئدتنا كما يريد الله تعالى
ثالثاً - نعمة الزواج :
قال تعالى : (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون) النحل/72
المعنى الاجمالي :
من رحمة الله أن جعل لنا من أنفسنا أزواجا، لتكوين الحياة الأسرية، ومن الأسرة يتكون البنين والحفدة، ورزقنا من المطاعم والمشارب. (41).
الفائدة التربوية من ذكر نعمة الزواج :
1 - جعل الله الحياة الزوجية فيها مودة ورحمة من ذكر وأنثى ولو كان غير ذلك لأدى إلى النفور وعدم الاستقرار، قال تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) سورة الروم/21. لذا حث الإسلام على الزواج ونهى عن التبتل.(1/15)
رُوى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لم ير للمتحابين مثل الزواج " (42). علما أن السكون والطمأنينة الناجمة عن الحياة الزوجية، تسكن القلب عن الحرام، وتحمى الإنسان من الوقوع في الرذائل؛ فالزوجة توفر له الملاذ الآمن فيجد منها أٌََذنا صاغية، وقلبا حانيا، وحديثاً رقيقاً حلواً يخفف عنه، ويذهب ما به من هم وغم.
2 - الأمة المسلمة أمة جهاد ولابد من توالد النسل وذلك من أجل الدفاع عن الاسلام، قال صلى الله عليه وسلم " تزوجوا الولود الودود، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة " (43) ولولا وجود النسل لأدى إلى فناء النوع الإنسانى، ثم إن التناسل سبب في عمارة الكون.
فمن تمام السعادة الزوجية والاستقرار الأسري أن يتم الإنجاب بين الزوجين ووجود الأولاد يساعد على الترابط في الحياة الأسرية وصلاحها وتكامل البناء العائلي الذي يكون نواة المجتمع بأسره فإن صلحت الأسرة وسعدت صلح المجتمع وسعدت الإنسانية (44).
3 - ولن تتم نعمة النسل من البنين والحفدة إلا إذا كانوا صالحين (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) الفرقان/74، والمقصود أنهم من يعملون بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة. (45) ويحرص الإنسان على إنجاب الولد ليكون امتدادا له إلى يوم القيامة حيث أن المسلم يحرص على الحياة الآخرة ويقدمها على الدنيا، فالولد إذا تربى تربية صالحة يكون خيرا لوالديه كما أشار الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية، أوعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " (46). ويترتب عليه البحث عن الزوجة الصالحة وقبول تزويج صاحب الدين حتى لاتكون فتنة في الأرض "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" (47).(1/16)
4 - قرر الإسلام أن للوالدين أثراً كبيراً في سلوك أبنائهم، قال صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" وفي لفظ "يشركانه " (48) وهذا يلقي بالمسؤلية على الآباء ليقوموا بدورهم المطلوب تجاه أبنائهم وتربيتهم تربية صالحة.
5 - ومن الفوائد التربوية احترام المرأة وتقديرها فينبغى أن تأخذ كامل حقوقها في أمور أموالها وإرثها وزواجها وطلاقها ... الخ، وشنع الإسلام على الجاهلية قديما وحديثا التي سلبت المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية فحرمان المرأة من حقوقها يؤدي إلى خلل في بناء الأسر وينعكس سلباً على النسل.
رابعاً - نعمة الليل والنهار :
أ - قال تعالى : (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) النحل/12
ب - قال تعالى : (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) النحل/16.
المعنى الاجمالي :
سخر الله للإنسان نعما يحتاج إليها من سكون الليل، وضوء النهار، والأفلاك السماوية، وفيها الدلالات الواضحة لأهل العقول.(49). فالليل والنهار يتعاقبان، والشمس والقمر يدوران، لينتفع الناس والحيوان والنبات بالحرارة والضوء ومعرفة عدد السنين والشهور، ومعرفة أوقات العبادات ومعرفة أوقات نضج الثمار والزرع، وتزيين السماء بالنجوم والثوابت والسيارات، نورا وضياء ليهتدى بها في ظلمات البر والبحر (50) وكل منا يسير في ملكه بنظام دقيق، وكل خاضع لقهره وسلطانه وتسخيره وتقديره. (51).
الفوائد التربوية من ذكر نعمة الليل والنهار :(1/17)
1 - الوقت ثمين في حياة المسلم ويسأل عنه يوم القيامة، لذا قال صلى الله عليه وسلم : " اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ". (52) قال الحسن البصرى " يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك ". وتتفاوت الأوقات في بركتها، فساعة أعظم بركة من ساعة، ويوم عند الله أفضل من يوم، وشهر أكرم من شهر (53) - والليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشيبان الصغار، ويفنيان الكبار (54)
2 - ومما أثبته العلم أن الشمس مصدر كل حياة، ورغم أن درجة حرارتها مرتفعة إلا أن الله جعل الأرض تبعد بدرجة كافية تصلح للحياة (55). فلو نقصت نسبة بعد الأرض عن الشمس لأدى إلى تجمد كل ما على الأرض، ولزدادت البرودة، وجمدت البحار والمحيطات وانتهت كل مظاهر الحياة، ولو زادت قليلا لاحترقت الأرض وما عليها ولما وجدت الفصول الأربعة من صيف وخريف وشتاء وربيع. (56) فسبحان من خلق وقدر، واستحق العبادة.
3 - من مظاهر الانتفاع بما سخر الله ما يحدثه القمر بضوءه المنعكس عن الشمس من هدوء وراحة وسكون في ظلمة الليل والإهتداء بالقمر والنجوم نعمة عظيمة على الإنسان تمكنه من أداء معاملاته، وعباداته؛ فمن الملاحظ أن العرب قد استعانوا بالنجوم في الإهتداء إلى معرفة القبلة ومعرفة وقت الفجر بالذات سواء النجم القطبى أوالثريا أونجم الشعرى بالذات في أسفارهم إلى الشام وحتى لا يزيغ الإنسان ويضل فيعبد النجوم والكواكب كما عبد المجوس أكد الله أنه هو رب النجوم فقال تعالى : " وأنه هو رب الشعرى" النجم/49، فالعبادة تكون للخالق لا للمخلوق.
خامساً : نعمة البحار والأنهار في سورة النحل :(1/18)
أ - قال تعالى : (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون) النحل/14 - 15
ب - قال تعالى : (جنّات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين) النحل/31
المعنى الإجمالي :
سخر الله للإنسان البحر لينتفع بما فيه من خيرات كاللحم الطرى واللؤلؤ والمرجان، والفلك المواخر للإبتغاء من فضل الله ورزقه، ووصف الأكل بالطراوة لأنه سهل الأكل، ولأنه لو ترك فترة بعد استخراجه فإنه قابل للتغيير، فيسرع إليه الفساد والاستحالة (57) ومما سخره الله للإنسان من البحر ماؤه الطهور المستفاد منه فهو الطهور ماؤه، وميتته الحلال، والحلي المستخرجة منه، وقال مجاهد إن المراد بابتغاء فضل الله هو تجارة البر والبحر (58).
الفوائد التربوية من ذكر نعمة البحار والأنهار :
1 - الإنسان تطمئن نفسه إلى وجود الأنهار وذكرها في القرآن مع وجودها في الدنيا، فوجودها في الدنيا يقرب صورة الأنهار في الآخرة للذهن؛ لأن العين تراها، وتحسها النفس. (59)
2 - حل السمك وجوازه بدون ذكاة لأنه سريع فقدان الحياة ويموت بمجرد خروجه من الماء وفي طلب تذكيته مشقة، فتدبر رحمة الله بعباده. فهو الشرع الذي ليس فيه عنت ولا مشقة.
3 - في البحر من ما خلق الله تعالى من عجائب أخرى من الحيوان والجواهر والطيبات أضعاف ما هو مشاهد على وجه الأرض وكل منها دبره البارى سبحانه وخلق منها ما يصلحه.
4 - وجريان الفلك نعمة عظيمة، تتم بإرادة الله، الذى جعل الماء ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، لتصل السفن لكل أنحاء العالم فلو جعل الماء في ناحية واحدة، غير مفرق بين القارات، لما كان له نفس الأثر في حمل السفن وحمل الناس (61).(1/19)
5 - عقبت الآيات بقوله تعالى : (لعلكم تشكرون)؛ للفت الانتباه لأهمية الشكر على ما أنعم به وما سخّره من هذه النعم التي عدّها في هذه الآيات (62).
سادساً : نعمة الجبال والسبل في سورة النحل :
لفظ الجبال ورد في الآيات الآتية :
أ - قال تعالى : (وألقى في الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون) النحل/15.
المعنى الاجمالي :
ومن نعمة الله عليكم أيها الناس أن ألقى في الأرض رواسى، وهي الثوابت من الجبال، كى لا تميد بكم وتضطرب. وجعل لكم أنهارا وطرقا تهتدون بها (63).
ب - قال تعالى : (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) النحل/68.
المعنى الإجمالي :
سبق تفسيرها في الفصل الأول عند شرح نعمة الوحي.
ج - قال تعالى : (والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا) النحل/81.
المعنى الإجمالي :
جعل الله الجبال يستظل بها، ويتخذ منها حصونا، يتحصن بها الناس ضد أعدائهم، وهي مساكن يسكن الناس فيها (65).
وأما لفظ السبيل فورد في الآيات الآتية :
أ - قال تعالى : (وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) النحل/9.
المعنى الاجمالي : السبيل القاصد : هو الطريق المستقيم، الذي لا يلتوي، والسبيل الجائر : هو السبيل المنحرف، وشاء الله أن يخلق الإنسان مستعداً لفعل الهدى والضلال، وأودع فيه القدرة على الاختيار فمنهم من يسلك السبيل القاصد، ومنهم من يسلك السبيل الجائر، وكلاهما لا يخرج عن مشيئة الله تعالى. (66).
ب - قال تعالى (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون) النحل / 88.
المعنى الاجمالي : أي : الذين كفروا، وأشركوا بالله، وصدوا عن الإيمان بالله ورسوله، يضاعف الله عذابهم، فاستحقوا عذابين، عذاب الكفر وعذاب الإضلال، فهم ينهون الناس عن اتباع الحق، ويبتعدون هم عنه. (67).(1/20)
قال تعالى : (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم) النحل / 94.
المعنىالإجمالي : الآية تنهى عن نقض العهود والمواثيق باتخاذ الأيمان مكرا وخديعة من أجل الحصول على بعض منافع الدنيا، فتبتعدوا عن الطريق المستقيم (68).
الفوائد التربوية المذكورة في نعمة الجبال والسبل :
1 - جعل الله الجبال في الأرض لتثبتها وتحفظ توازنها، ولولا ذلك لما أمكن العيش ولا العبادة، ويتخذ المسلم من هذا التثبيت والتوازن درسا، في المحافظة على ثبات سلوكه وتصرفاته، ولا يحفظ هذا الثبات إلا الإسلام، وبدونه يكون الاضطراب كما تضرب الأرض بدون الجبال.
2 - والجبال يستظل بها ويتخذ منها حصونا، ولطالما يستعملها الناس حصونا يتحصنون بها من أعدائهم، فهى مساكن يسكن فيها الناس، قال تعالى : (وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) الشعراء/149، ويسكن فيها النحل، وهي أماكن للعبادة؛ فقصة تعبده صلى الله عليه وسلم في غار حراء مشهورة.
3 - تعد الجبال خزانات للماء والمنابع الأصلية للأنهار، قال تعالى : (وجعلنا فيها رواسى شامخات وأسقيناكم ماء فراتا) المرسلات / 29.
وأثبت العلم أن الجبال خزانات مائية عظيمة تتجمع فيها الينابيع، والعيون، وتجرى منها الأنهار التي تصب في المحيطات والبحار. (69). وهذا ما يدفع المسلم إلى مزيد من تعظيم الله، والخشوع له.(1/21)
4 - وأما السبل فقد وردت مفردة في الآيات المتقدمة وهذه تدل على الإيمان بالله والإسلام لأنه طريق واحد منفرد لاثانى له بخلاف طرق الضلال فإنها متعددة قال تعالى : (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) الأنعام / 153. وأما لفظ السبل التي وردت بالجمع مع ذكر الجبال فهي : تعني ما أودعه الله مع الجبال والأنهار من الأودية والطرق والمسالك، وذكر السبل مع الإشارة إلى الإهتداء - يشير إلى شأن آخر في العقيدة، فلعلهم يهتدون إلى سبيل يقودهم إلى الإيمان كما يهتدون في فجاج الجبال (70).
6 - في رؤية الجبال والأودية تذكير بالعبادة؛ فالمسلم إذا رأى جبلاً كبّر ربه، وإذا هبط وادياً سبح ربه، فالجبال والسبل تذكره بنعمة الله عليه، فهو كثير الغفلة وبحاجة إلى آيات منظورة تترجم الآيات المسطورة في القرآن الكريم.
7 - هذه الجبال والسبل المتعددة لها خالق واحد، لا تعصيه، وتسبح بحمده أفلا يتعلم المسلم منها درسا في الطاعة لله، خاصة أن الانسان مهما بلغت قوته فلن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا.
سابعاً : نعمة الحيوانات والطيور في سورة النحل :
1 - نعمة الأنعام :
أ - قال تعالى : (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، إنّ ربكم لرؤوف رحيم) النحل / 5 - 7
المعنى الإجمالي :
إن الله خلق الأنعام لمصالحكم وهي الإبل والبقر والغنم، ولكم فيها ما تستدفئون به من البرد، وتفترشون من الأصواف والأوبار، وجعل لكم فيها منافع عديدة من النسل والدرر وركوب الظهر، ومن لحومها تأكلون، ولكم فيها زينة وجمال حين رجوعها من المرعى، وحين غدوها صباحاً، لترعى وتحمل الأثقال والأمتعة إلى أماكن لا تصلوها إلا بجهد ومشقة، وهذا فضل من الله ورحمة ورأفة بكم.(71).(1/22)
ب - قال تعالى : (وإنّ لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين) النحل / 66.
المعنى الاجمالي :
إن لكم أيها الناس في هذه الأنعام : الإبل والبقر والمعز والضأن لعظة وعبرة يعتبر بها العقلاء إذ نسقيكم من بعض الذي في بطونها من بين الروث والدم، الحليب الخالص، واللبن النافع (72).
ج ــ قال تعالى : (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين) النحل/80
المعنى الإجمالى :
هذه الآيات الكريمة تشير إلى نعمة الله التي سخرها للإنسان من الأنعام، ومن أكل لحمها أو شرب لبنها، أو الإستمتاع بجمالها، والركوب عليها وحمل المتاع والأثقال والإنتفاع من جلودها وشعرها ووبرها في صنع البيوت والملابس تتمتعون بها إلى حين الموت، وفي تفسير مجاهد : إلى أن تبلى (73).
2 - نعمة الحيوانات من غير الأنعام :
قال تعالى : (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) النحل / 8.
المعنى الإجمالى :
وهذا صنف آخر مما خلق الله سبحانه لعباده يمتن به عليهم وهو الخيل والبغال والحمير التي جعلها للركوب والزينة بها، وذلك أكبر المقاصد منها ولما فصلها عن الأنعام أفردها بالذكر (74).
الفوائد التربوية من ذكر نعمة الأتعام والحيوانات الأخرى والطيور :
1 - الأكل من اللحوم، وهو ضرورة من ضرورات الحياة لذا أفرده الله بالذكر من بين هذه المنافع، وهو ضروري لنمو جسم الإنسان ومده بالطاقة وتجديد الدم ومقاومة الأمراض، فهذا الجسد الذي ينمو من نعمة الله لابد أن يشكر الله والجسم الذي ينمو من السحت فالنار أولى به.(1/23)
2 - تكوين اللبن معجزة إلهية لها أثرها في النفس - فالطعام يصل إلى الأمعاء فتمتص المعويات ما فيه من غذاء، وتبقى الفضلات (الفرث) في الأمعاء وهذه هي التصفية الأولى، ثم يصل الدم إلى الغدد اللبنية فتفرز الحليب من الدم ليذهب إلى الثدي وهذه هي التصفية الثانية، وبهذا من بين فرث ودم يخرج الحليب (75) وفي هذا نوع من الإعجاز الإلهي الذي يزيد المسلم ثقة بربه وقرآنه.
وللّبن ميزة خاصة إذ فيه فوائد طبية ففي الحديث : " فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر " (76)، واللبن يحتوي على كل العناصر التي يحتاجها الجسم : من دهن وسكريات وبروتينات وأملاح معدنية وفيتامينات. فسبحان الله الذي جعل الأنعام مستودعا للأغذية.
3 - ذكر جلود الأنعام وما يتفرع عنها من أصواف الغنم، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، فيه دلالة على التمتع والارتياح - فالآية تعرض من نعم الأنعام ما يلبي الضرورات وما يلبي الأشواق (77) ولا شك أن هذا التمتع والارتياح ينعكس على نفسية الإنسان؛ إذ يقبل على العبادات بارتياح مما يساعده على الخشوع والخضوع لله تعالى فبين الله هذا الارتياح بقوله تعالى (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) النحل / 7. أي لم تكونوا بالغيه إلا بالمشقة (78).
4 - ومن دواعي الارتياح والاستمتاع بالأنعام الدعوة إلى رؤيتها حين رواحها من المرعى وحين سراحها للمرعى؛ لأن الناظر لها يرى جمال خلق الله، صنع الله الذي أتقن كل شئ.
وخص الله هذين الوقتين بالذكر لاهتمام الرعاة بهما حين الذهاب والإياب وفي ذلك مفاخرة بالقطيع يذكر بنعمة الله على الإنسان، وقدّم الرواح على الذهاب؛ لأن الفائدة فيها أتم فمجيئها يدل على الشبع وكثرة الحليب مما يملأ النفوس بهجة وسروراً والعين متعة، فهي عنصر للغذاء وأداة انتاج في الاقتصاد (79).(1/24)
فالجمال عنصر أصيل وليس الأمر متوقف على تلبية الضرورات من الطعام والشراب والركوب وسائر وجوه الانتفاع - بل في هذه تلبية حاسة الجمال ووجدان الفرح والشعور الإنساني المرتفع (80).
5 - الركوب نعمة تستوجب الشكر لأنها توفر للإنسان كثيراً من الجهد والتعب، وإذا نظرنا إلى الخيل نجد أن لها أثراً كبيراً في الجهاد، ونشر دعوة الإسلام، والدفاع عن الأوطان وعن الحرمات والأعراض وكانت من وسائل نصر المسلمين على أعدائهم (81).
6 - الله أباح الزينة في حدود الحلال وهذا يدل على أن المسلم لا يجوز أن يتمتع بالزينة الحرام لأن الله جعل له بديلا عنها بالزينة الحلال وتجاوز الحلال يدل على السلوك المنحرف الذي ينبغي أن يتنزه عنه المسلم. فمن مظاهر الإنتفاع التزين بهذه الأنعام - فالتزين ضمن الحدود المشروعة أمر مباح (82).
7 - قوله تعالى : (ويخلق ما لا تعلمون) عقًب الله بها على خلق الأنعام ليظل المجال مفتوحا في التصور البشرى، لتقبل أنماط جديدة,من أدوات النقل والحمل والركوب والزينة، فلا يغلق تصورهم خارج حدود البيئة، وخارج حدود الزمان الذى يظلهم، فوراء الموجود في كل زمان ومكان صور أخرى يريد الله للناس أن يتوقعوها فيتسع تصورهم وإدراكهم، ويريد لهم أن يأنسوا بها حين توجد، أو حين تكتشف، فلا يعادوها ولا يجمدوا دون استخدامها، والإنتفاع بها (83).
8 - إذا كانت الأنعام التي سخرها الله لخدمة الإنسان تطيعه ولا تتمرد عليه فكذا حري بالإنسان أن لا يتمرد على الله ومن أجل هذا جاء التعبير بلفظ العبرة لنتعلم الطاعة لله ولا نعصيه ألبته.
3 - نعمة الطيور :
قال تعالى : (ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) النحل/79.
المعنى الإجمالى :(1/25)
تفيد الآية أن الله سخر للإنسان الطير, وفي طيرانها آية ومعجزة دلت على كمال قدرته وحكمته، وجوانب الانتفاع بها كثيرة فمنها : أكل اللحم، والانتفاع بريشها وبيضها، وما تحتويه من قيم غذائية واتخاذها زينة، واستعمالها وسيلة صيد كالصقر ونحوه، وتوظيفها كوسيلة من وسائل البريد كالحمام الزاجل، واستفاد الإنسان من طيران الطيوربأجنحتها في الاهتداء إلىصنع الطيران (84).
الفوائد التربوية من ذكر نعمة الطيور :
1 - طيران الطيور ليس بمقتضى طبعها وإرادتها بل مسخرات ومذللات بأمر الله تعالى، ولا يعلم منتهى ارتفاعها إلا الله وبقدرته تعالى تطير؛ لأنه هو الذى أعطى الآلات التي بها يتمكن الطير من تلك الأفعال (85).
2 - وفي الاستفادة من لحم الطير تشويق المسلم للآخرة بقوله تعالى : (ولحم طير مما يشتهون) الواقعة/ 21.
ثامناً : نعمة النباتات الواردة في سورة النحل :
قال تعالى : (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكرون) النحل/11.
المعنى الإجمالى :
بعد أن ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله : (هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون) النحل/10 يمتن الله على عباده بأنه أنزل الماء من السماء فجعله عذبا زلالا سائغا للشاربين، ولم يجعله ملحا أجاجا، وأخرج به شجرا ترعون فيه أنعامكم، وأنبت به زرعا وزيتونا ونخلا وأعنابا، ومن كل الثمرات على اختلاف ألوانها وطعومها وروائحها وأشكالها, نعمة لكم تستطيعون به تحقيق قوام الحياة. (86).
ب - قال تعالى : (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إنّ في ذلك لآية لقوم يعقلون) النحل /67.
المعنى الإجمالى :
يمتن الله على عباده أن يسقيهم من ثمرات النخيل والأعناب أى من عصيرها ما أحل من ثمراته : كالخل والدبس والزبيب وهو ما وصفه بالرزق الحسن، وما حرم من شرابه كالخمر (87).
الفوائد التربوية المستنبطة من نعمة النباتات :(1/26)
1 - دفع النفس الإنسانية لتعظيم الله الذي رزقنا ثمرات كثيرة متنوعة، أنبتها الله على وجه الأرض بمختلف مناخها وترابها. لذا أ شار الله في الآيتين بقوله : (إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكرون)، (لقوم يعقلون) وهو كثير في القرآن وذلك لأن هذه النعم آية من آيات الله ودليل على وحدانيته، فيتعظ ويتفكر في تلك الأدلة والحجج ويسلك مسلك الشكر والطاعة.
2 - ذكر نعمة النخيل لها أثر في سلوك المسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وأنها مثل المسلم قيل ما هي يا رسول الله قال : النخلة. " (88) قال ابن القيم وتشبيه النخلة بالمسلم لكثرة خيرها ودوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجوده على الدوام (89)، وهكذا المسلم ينبغي أن يكون دائم العطاء في الخير لله وفي أهل مجتمعه.
3 - ذكر هذه الثمار المتعددة وما لها من قيم غذائية، وفوائد صحية (90) تؤدي إلى حفظ نعمة الوجود للإنسان، وتحقق له راحة نفسية تمكنه من عبادة ربه، وتشوقه إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الآخرة.
تاسعاً : نعمة الأطعمة والأشربة الواردة في سورة النحل :
أ - الأطعمة والأشربة الحلال :
قال تعالى : (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إيّاه تعبدون) النحل / 114.
المعنى الإجمالى :
كلوا أيها الناس مما رزقكم الله من بهائم الأنعام، التي أحلها لكم حلالا طيبا، مذكاة غير محرمة عليكم، واشكروا الله على نعمه التي أنعم بها عليكم في تحليله ما أحل لكم إن كنتم تعبدون الله فتطيعونه فيما يأمركم وينهاكم (91)
ب - الأطعمة والأشربة المحرمة :
قال تعالى (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم) النحل / 115.
المعنى الإجمالى :(1/27)
ذكرت الآية أنواعا من المحرمات وهذه الأنواع أمثلة وليست على سبيل الحصر، وعدت منها الميتة : وهي كل حيوان مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة غير شرعية (92) فالطبع السليم يستقذر منها، بالإضافة إلى ما يسببه أكلها من الأمراض والسموم والميكروبات والتى لا ينفع فيها الطهى، والدم المسفوح : أى السائل باستثناء ما خالط اللحم، والكبد والطحال قال صلى الله عليه وسلم " أحلت لنا ميتتان ودمان، فالميتتان السمك والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال " (93).
ما أهل لغير الله به : ما ذبح لغير الله، وذكر غير اسم الله عليه، والإهلال : رفع الصوت. وعلة التحريم هي : علة دينية حتى لا يكون شرك مع الله.
الفوائد التربوية المستفادة من نعمة الأطعمة والأشربة :
1 - على المسلم أن يحرص أن يكون أكله وشربه من الحلال فإنه لا عذر له يوم القيامة ولأن كان الحرام باباً واحداً فإن للحلال أبواباً عديدة. لذا يفتخر المسلم بأحكام الإسلام وتشريعاته إذ ما حرم عليهم من شيء إلا ويسر عليهم وعوضهم خيراً منه، فحرم الزنا وأباح الزواج الشرعي، وحرم الربا وأباح التجارة الحلال وهكذا (94).
2 - على المسلم أن يتقيد بشرع الله في الحلال والحرام ولا يجوز أن يشرع لنفسه قال تعالى : (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) النحل/116 - فينبغي مخالفة الجاهلية, فالجاهلية وسعت دائرة الحلال بتحليل ما حرم الله والله وسّع الحلال وضيًق دائرة الحرام، وشتان بينهما. لأن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما قام الدليل على تحريمه.
3 - تناول الطعام الحرام يؤدي إلى التوحش والخروج عن الطبع السليم. والدم يسبب وجود الميكروبات والأمراض التي تؤثر على المخ (95) ولحم الخنزير حرمه الله وذكره بعينه " ليدل على تحريم عينه ذُكّي أو لم يذك " (96)(1/28)
الباب الثاني : الفوائد التربوية من ذكر القواعد وضرب المثل في سورة النحل
الفصل الأول : الفوائد التربوية من خلال ضرب الأمثال في سورة النحل
ضرب الله تعالى في هذه السورة : الأمثال والمقصود منها هو : إيضاح الغموض والكشف عن المعنى المراد وهي أبلغ ما ينبه به المخطئ إلى خطئه, والمحسن إلى إحسانه (97).
وضرب الأمثال في القرآن يستفاد منها أمور كثيرة : التذكير والوعظ والتدريس والحث والزجر والإيثار والتقرير وتقريب المراد للعقل وتصويره في صورة المحسوس بحيث تكون نسبته للعقل كنسبة المحسوس إلى الحس (98) وتأتى أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر وعلى المدح والذم، وعلى الثواب والعقاب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره وعلى تحقيقه أو إبطاله، قال تعالى : (وضربنا لكم الأمثال) إبراهيم / 45، وقال تعالى : (فلا تضربوا لله الأمثال إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون) النحل / 74. لما تتضمنه من فوائد (99).
الفوائد التربوية من ضرب الأمثال المذكورة في سورة النحل :
1 - أ - قال تعالى : (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا، هل يستوون، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) النحل/75.
ب - قال تعالى : (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كلُّ على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) النحل / 76.
ضرب الله الأمثال في سورة النحل من واقع حياة الناس، وهذا في واقع حياة الجاهلية إذ كان لهم عبيد لكنهم يرفضون المساواة بين السادة والعبيد، فكيف يسوون بين الله وبين أحد من خلقه من شجر أو حجر.؟ كيف يسوون بين حجر أو صنم، وبين الله سبحانه القادر العليم، الآمر بالمعروف، والهادي إلى صراط مستقيم في حين أنهم لا يسوون بين رجل ضعيف لا يملك شيئا، ولا يعود بخير وبين رجل قوي، ويملك, ويتكلم، ويأتي بالخير.(1/29)
وفي هذا تعليم للدعاة لتوظيف ما هو واقع في حياة الناس من المحسوسات المادية للوصول إلى المعاني السامية في الدعوة (100).
2 - قال تعالى : (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) الآية 112 - 113 النحل.
ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن جرير وابن كثير أن القرية المراد بها مكة فلما أنكر أهلها نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وعاندوه وصدوه دعا عليهم بقوله : " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فأصابهم سنة أذهب كل شيء وابتلوا بالقحط فاضطروا إلى أكل الجيف والكلاب الميتة والعظام، ثم قتل رؤساؤهم في بدر.(101) ورجح بعض المفسرين أن المراد بالقرية عامة، سواء مكة أم غيرها؛ لأن الجزاء من جنس العمل لأن تنكير قرية يفيد ذلك ومكة تدخل في هذا العموم (102)، من أجل هذا يلتمس المسلم من خلال ضرب المثل بالنعمة ثم سلبها، حكمة الله فيحرص على الأسباب التي توفر له بقاء النعمة ويتجنب الأسباب التي تؤدى إلى زوالها.
3 - قال تعالى : (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) النحل/91 - 92. قال مجاهد : هو مثل لمن نقض عهده بعد توكيده، وهذا القول أرجح وأظهر ممن نقض العهد كان كمن نقض الغزل بعد فتله وإبرامه، فهو ليس من فعل العقلاء، بل في زمرة الحمقى (103)؛ فالمسلم مطالب بالوفاء بالعهد، لذا حذرت الآيات من عدم الوفاء بالعهد واعتبرته خللاً في سلوك الإنسان.
الفصل الثاني : الفوائد التربوية من خلال ذكر الحقائق في سورة النحل(1/30)
ذكرت سورة النحل مجموعة من الحقائق ذات الصلة بالنعم الواردة في السورة ويمكن أن نستنبط منها فوائد تؤثر في السلوك الإنساني كالآتي :
1 - توحيد الله والشعور بعظمته.
يتضح من خلال ما تقدم، أن من يتلو آيات الله ويكون عاقلا منصفا ويملك أدنى تفكير فإنه يقر بالوحدانية؛ لأن الله سبحانه خاطب العقل ومن ذلك :
أ - قال تعالى : (أفمن يخلق كمن لايخلق أفلا تذكرون). النحل / 17.
أيها الناس أفلا تذكرون نعم الله عليكم وعظيم سلطانه وقدرته على ما يشاء، وعجز أوثانكم وضعفها ومهانتها، وأنها لا تجلب إلى نفسها ولا لغيرها نفعا، ولا تدفع ضرا، فتعرفوا بذلك خطأ ما أنتم عليه مقيمون من عبادتكم لها، وبإقراركم لها بالألوهية (104) - وهذا التعقيب يأتي في أوانه لأن النفس مهيئة للإقرار بمضمونه، فهل هناك إلا جواب واحد : لا؛ لأنه لا يجوز أن يسوي إنسان في حسه وتقديره بين من يخلق ذلك الخلق كله، ومن لا يخلق لا كبيرا ولا صغيرا - (105).
ب - وصف الله الشركاء بقوله تعالى : (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون)النحل/ 20 - 21.
ج - وصف الله قلوب الكافرين بقوله : (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) النحل /22 - أي : جاحدة للوحدانية، أو للآيات الدالة عليها، (وهم مستكبرون)عن الاعتراف بها، والفاء في قوله (فالذين) تدل على استمرارهم وإصرارهم على الإنكار (106). وهذه الحقيقة تجعل المسلم على بصيرة بحقيقة ودوافع المنكرين لدعوته إنها الكبر (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير) غافر / 56.
2 - تحمل مسؤولية الدين :(1/31)
دراسة هذه النعم تربى الإنسان على تحمل المسؤولية، أمانة العقيدة، وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه قال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) النحل/ 36 - والشعور بهذه المسؤولية يربى في الإنسان الوعي الدائم واليقظة المستمرة فيبعد عن المزالق ولا يستسلم للهوى، ويدفعه إلى الاستقامة في كل سلوكه وشؤونه (107) والعقيدة من أهم النعم التي تستوجب الشكر، والدفاع عنها.
3 - الخضوع لله والاستسلام له.
أ - قال تعالى : (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون) النحل / 48. وهذا يؤدي إلى خضوع الإنسان لربه واستسلامه له.
ب - قال تعالى : (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابّة والملائكة وهم لا يستكبرون، يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون)49/ النحل.
أو لم يروا خضوع الأشياء كلها لله سبحانه فيخضعوا ويسلموا, فالملائكة تسجد ودواب الأرض تسجد، فلماذا الانسان لايسجد ولا يخضع لله؟ (108).
وإضافة الملائكة مع هذه المخلوقات تشكل حشدا كونيا يصور جوا من الخشوع والخضوع، ولا يشذ إلا من لا يسجد لله وهم الشواذ في هذا المقام الرهيب العجيب (109).
ج - قال تعالى : (خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون) النحل/3. في هذه الآية ربط للإنسان بخالقه وخالق الكون وتدعوه للتفكير في هذا الكون بجدية وليكون تأمله في هذا الكون تأملا منطقيا علميا. (110) فهو المستحق للعبادة والشكر وحده.
4 - صبر الله على عباده وحلمه بهم :(1/32)
قال تعالى : (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون) النحل/61. لو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم لأهلكهم جميعا ولكن الله جل علاه يحلم عليهم ولا يعاجلهم بالعقوبة ولو فعل ذلك بهم لما أبقى أحدا (111)، وجاء في الحديث القدسي : " إن رحمتى سبقت غضبى " (112). وهذه النعم الكثيرة يتمتع بها العباد فمنهم من يشكر ومنهم من يكفر أو يعصى الخالق ومع هذا فالله حليم رحيم بعباده، ليعطيهم فرصة التوبة، وفي هذا تعليم لنا لنصبر على العصاة ونتحمل أخطاءهم لعل الله يصلحهم أو يخرج من أصلابهم من يوحد الله.
5- توضيح الأساليب التي تساعد على تطبيق منهج الله تعالى.
قال تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) النحل/90 - فحري بالإنسان أن يتربى على العدل في كل جوانب حياته ولو مع أقرب الأقربين ضد خصومهم وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. والتعقيب بقوله : (لعلكم تذكرون) فيها إشارة إلى أن خير الأساليب والوسائل للتذكير هو كتاب الله، وذكر نعمه وفضائله، ويجب الوفاء بالعهود والمواثيق فهي من الأساسيات في حياة المسلم.
6 - السعادة مرتبطة بالإيمان :
قال تعالى : (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل/ 97.
وهذه حقيقة لا تقبل الجدل، فالسعادة مرتبطة بالإيمان والشكر، والحياة الطيبة هي الرزق الحلال، أو العمل بالطاعة، أو القناعة، أو يشمل كل هذا (113).
الخاتمة :(1/33)
من خلال سياق هذا البحث يتضح أن نعم الله سبحانه لا تعد ولا تحصى، قال تعالى : (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). وقد اشتملت هذه السورة على معظم النعم التي ذكرت في سياق الآيات في سائر سور القرآن الكريم، وتناولت بعض الحقائق والأمثال التي تتضمن فوائد تربوية كثيرة. وضرب الحقائق والأمثال نعمة تذكر بالنعم.
إن هذه النعم من عند الله وحده ولا موجد لها إلا الله. ولا ينبغي لأحد أن ينازعه في ذلك؛ فالتذكير بالنعم وضرب الأمثال والحقائق هو تقرير توحيد الله سبحانه لأن النعمة لابد لها من منعم وهي من صنع الله الواحد الأحد، لا شريك له لذلك يجب على العباد شكر المنعم وتوحيده وتعظيمه.
إن دراسة هذه النعم تربى شعور الإنسان وعواطفه وانفعالاته، ليتربى على شكر الله وحمده فيستفيد مما سخره الله له في الكون في جوانب الخير ولا يتجاوز فلا يفسد نهرا ولا يقتل كائنات في البر والبحر, ولا يستخدم هذه النعم في الدمار، وكل ذلك ينسجم مع قوله تعالى : (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ... "النحل/12 - 18. وبهذا يكون الفرد فاعلا يستفيد ويفيد وهذه هي الإيجابية المطلوبة في حياة المسلم.
ومعرفة النعمة تؤدي إلى ملازمة شكر المنعم، وقلّ نعمة زالت عن قوم وعادت إليهم؛ فالشكر يؤدى إلى حفظ النعم وزيادتها، قال تعالى : (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم / 7.
وليس شكر النعمة يكون باللسان فقط، بل في استعمال النعمة في تمام الحكمة التي أريدت حسب تعليمات الشريعة الإسلامية، وهي طاعة الله جل علاه.(1/34)
وإذا لم تؤد هذه النعم إلى شكر الله فإنها تكون استدراجا، والاستدراج هو : أن ينعم الله على العبد الذي لم يشكره على نعمه، قال تعالى (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)الأنعام / 44 - 45
هذه النعم تهون الابتلاء على المسلم فإذا ابتلى المؤمن فإنه يعد نعم الله عليه فيجد أن كفة النعم راجحة فيصبر ويحتسب.
هذه النعم تربى النفس الإنسانية وتؤدى إلى تنظيم نفسي واجتماعي ومما هو مقرر عند علماء التربية أن التنظيم النفسي والاجتماعي يؤدى إلى صواب الفكر وهدوء النفس وذلك من شأنه إن تحقق أن يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه في حياة الأفراد والجماعات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
قائمة هوامش البحث
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري رقم (4708) ص 990.
القاسمي، محمد جمال الدين، محاسن التأويل، ج 6 / ص 349.
ابن عطية، عبد الحق، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج 3 / ص377.
الزركشي، محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، ج1 / ص280 - 281.
ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، ج14 / ص93.
السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1 / ص81.
السيوطي, الإتقان في علوم القرآن، ص81 - 82.
الطبري، محمد بن جرير, جامع البيان عن تأويل آي القرآن، م7 / ص664.
البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، ج1 / ص5.
أبو حيان، البحر المحيط، تحقيق عادل أحمد وآخرون، ج5 / ص458
السيوطي، تناسق الدرر في تناسب الآيات والسور، ص97.
الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، ج3/ ص309.
الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، ج5 / ص2041.
الراغب، المفردات، ص501.
ابن منظور، لسان العرب، م2 / ص462.
الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، م7 / ص558.
الماوردي، علي بن محمد، النكت والعيون، ج3 / ص 178.(1/35)
البغوي، الحسين بن مسعود، معالم التنزيل في التفسير، ج3 / ص69.
ابن عطية، المحرر الوجيز، ج3 / ص421.
ابن منظور, لسان العرب، م15 /ص379.
المصري، مملكة النحل، ص301.
البخاري، صحيح البخاري، كتاب الطب، باب 4، حديث رقم (5684).
الزرقاني، مناهل العرفان، ج1 / ص51.
الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، م7 / ص587.
الفيروزآبادي، البصائر، ج5 / ص 313 - 314.
الراغب، المفردات، ص 516.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج3 / 3062.
البار، محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، ص109.
مسلم، صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب 22، حكم العزل، حديث رقم 133، ج2 / ص861.
ابن كثير، تفسير القرآن، ج3 / ص3067.
الزحيلي، التفسير المنير، ج4 / ص192 - 193.
الزحيلي، التفسير المنير، ج14 / ص169.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص674 بتصرف
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2196.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص764.
الألوسي، روح المعاني، ج14 / ص299، الشوكاني، فتح القدير، دار الفكر بيروت.
الشنقيطي، أضواء البيان، ج3 / ص244.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2186.
البخاري، صحيح البخاري، باب 39، حديث رقم 52 / ص34.
الرازي، مفاتح الغيب، م7 / ص275.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص762 - 763.
سنن ابن ماجه، ابن ماجه، شرح السندي، كتاب النكاح، حديث رقم (1847) ج2 / ص407.
الألباني، ناصر الدين، صحيح الجامع الصحيح حديث رقم (2927) ج 3 / ص40.
العك، خالد عبد الرحمن، بناء الأسرة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة / ص167.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج3 / ص440.
مسلم، صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب 3، حديث رقم 1631.
سنن ابن ماجه، باب 46، حديث رقم(1967)، ورواه الترمذي بلفظ "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"، وقال حديث حسن غريب.
الترمذي، الجامع الصحيح، باب 5، حديث رقم (2143).
الشنقيطي، أضواء البيان، ج3 / ص171.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص567.(1/36)
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج10 / ص83.
البخاري، كتاب الرقاق، باب 1، حديث رقم (6412).
أبو غدة، قيمة الزمن عند العلماء، ص222.
القرضاوي يوسف، الوقت في حياة المسلم، ص 18.
كريس موريس، العلم يدعو إلى الإيمان، ترجمة محمد الفلكي، ص55.
حوى، سعيد، الله جل جلاله، ص40.
الألوسي، روح المعاني، ج14 / ص165.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص570.
قطب، سيد، مشاهد يوم القيامة في القرآن، ص43.
نوفل، عبد الرزاق، الله والعلم الحديث، ص106 - 107.
حميد، فوزي محمد، الجغرافية القرآنية، ص256.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص570.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص 570.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص570.
الرازي، التفسير الكبير، ج 20 / ص 93.
سيد قطب، في ظلال القرآن، ج4 / 2162، بتصرف.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / 768 بتصرف.
الرازي، مفاتح الغيب، ج20 / ص116. بتصرف
حميد، فوزي محمد، الجغرافية القرآنية، ص270 - 271.
سيد قطب، في ظلال القرآن، ج4 / ص2376.
الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ج4 / ص429.
الزمخشري، الكشاف، ج2 / ص615.
الرازي، مفاتح الغيب، ج20 / ص93. بتصرف
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص742.
حوى، سعيد، الأساس في التفسير، ج6 / ص2965.
الألباني، صحيح الجامع الصغير، حديث رقم (2926)، ج3 / ص37.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2187.
الرازي، التفسير الكبير، م7 / ص176.
الزحيلي، التفسير المنير، ج14 / ص90.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2161.
سلامة، محمد أحمد، الخيل والفروسية، ص98.
طهماز، التوحيد والشكر في سورة النحل، ص16.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2161.
طنطاوي جوهري، الجواهر في تفسير القرآن الكريم، ج13 / ص183.
الرازي، التفسير الكبير، م7 / ص252. بتصرف
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص 744.
الرازي، التفسير الكبير، م7 / ص235. بتصرف
الألباني، صحيح الجامع الصغير، حديث رقم (3831) ج3 / ص10.(1/37)
ابن القيم، الطب النبوي، ج4 / ص326.
لمزيد من معرفة الفوائد الصحية انظر : عقل منصور، النباتات في القرآن الكريم، ص 23. وعبد العزيز، الأطعمة والأغذية في القرآن، ص17 - 19.
الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، م7 / ص657.
القرطبي، الجامع، ج2 / ص217.
ابن حنبل، أحمد، المسند، حديث رقم (5690) ج2 / ص230.
عبد العزيز، الأطعمة القرآنية، ص110.
القرطبي، الجامع، ج2 / ص222.
القرضاوي، الحلال والحرام في الإسلام، ص61.
الفياض، محمد جابر، الأمثال في القرآن الكريم، ص293.
الزركشي، البرهان، ج2 / ص118.
السيوطي، الإتقان، ج2 / ص1042.
الميداني، حبنكة، الأمثال القرآنية، ص52.
البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب (110) حديث رقم : (1006)، ص215.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص655.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص771.
الطبري، جامع البيان، م7 / ص573.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2164.
الألوسي، روح المعاني، ج14 / ص179.
النحلاوي، أصول التربية الإسلامية، ص38.
حوى سعيد، الأساس في التفسير، ج6 / ص2943
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ج4 / ص2173.
النحلاوي، عبد الرحمن، أصول التربية الإسلامية وأساليبها، ص39.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / ص757.
مسلم، صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله تعالى، حديث رقم (2751) ج4 / ص1674.
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2 / 773.
قائمة المراجع
الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح الجامع الصغير وزيادته، ط2، المكتب الإسلامي، بيروت، 1399هـ / 1979م.
البار، محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، ط6، الدار السعودية للنشر والتوزيع - جدة.
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دار الأرقم، بيروت، ترقيم نزار، وأخوه هيثم تميم.
البغوي، الحسين بن مسعود، معالم التنزيل ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1414هـ / 1993م.(1/38)
البقاعي، إبراهيم بن عمر، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، تخريج عبد الرزاق المهدي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ، 1995م
الجوزي، عبد الرحمن بن علي، زاد المسير في علم التفسير، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1404هـ / 1984م.
الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، ط3، دار العلم للملايين - بيروت، 1404هـ / 1984م.
ابن حنبل، أحمد، المسند، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1414هـ / 1994م.
حوى، سعيد، الله جل جلاله، ط3، بيروت، 1401هـ / 1981م ... الأساس في التفسير، ط2، دار السلام، القاهرة، 1412هـ / 1991م
أبو حيان، البحر المحيط، تحقيق عادل أحمد وآخرون، ط1, دار الكتب العلمية - بيروت، 1413هـ / 1993م.
الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1417هـ / 1997م.
الراغب، حسين بن محمد الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، تحقيق محمد عيتاني، ط1، دار المعرفة، بيروت، 1418هـ / 1998م.
الزحيلي، وهبة، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، ط1، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1411هـ / 1991م.
الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، مراجعة محمد شاهين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ / 1995م.
الزرقاني، محمد عبد العظيم، مناهل العرفان في علوم القرآن، ط1 دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1416هـ / 1995م.
الزركشي، محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق مصطفي ديب البغا، ط2، دار ابن كثير - دمشق، 1414 / 1993م.
سلامة، محمد أحمد، الخيل والفروسية، دار الفكر العربي، 1414هـ / 1993م.
السيوطي، جلال الدين بن عبد الرحمن، الإتقان في علوم القرآن، تعليق د / مصطفي ديب البغا، ط2، دار ابن كثير، دمشق 1414هـ / 1993م.
تناسق الدرر في تناسب الآيات والسور, تحقيق عبد القادر أحمد عطا، ط1، دار الكتب العلمية - بيروت، 1406 / 1986م.(1/39)
الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الموافقات في أصول الشريعة، شرح وتخريج عبد الله دراز وآخرون، دار الكتب العلمية، بيروت.
الشنقيطي، محمد الأمين محمد، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، تخريج الخالدي، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، 1417هـ / 1996م
الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، فتح القدير، دار الفكر، بيروت.
الطبري، محمد بن جرير, جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ط1, دار الكتب العلمية - بيروت 1412 هـ / 1992م.
طنطاوي جوهري، الجواهر في تفسير القرآن الكريم، ط2، مكتبة مصطفي البابي الحلبي - بمصر، 1350هـ.
طهماز، عبد الحميد محمود، التوحيد والشكر في سورة النحل، ط1، دار القلم، دمشق، 1415هـ / 1994م.
ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م.
عبد العزيز، محمد كمال، الأطعمة القرآنية غذاء ودواء، مكتبة القرآن القاهرة.
ابن عطية، عبد الحق، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق عبد السلام عبد الشافي،ط1, دار الكتب العلمية، بيروت، 1413/ 199م
العك، خالد عبد الرحمن، بناء الأسرة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة، ط1، دار المعرفة - بيروت، 1418هـ - 1998م.
أبو غدة، عبد الفتاح، قيمة الزمن عند العلماء، ط8، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، 1419هـ / 1998م.
فوزي محمد حميد، الجغرافية القرآنية، ط1، دار الصفدي - دمشق 1414هـ / 1993م.
الفياض، محمد جابر, الأمثال في القرآن الكريم، ط1، وزارة الثقافة والإعلام العراقية، بغداد، 1988م.
الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق : عبد العليم الطحاوي، المكتبة العلمية، بيروت.
القاسمي، محمد جمال الدين، محاسن التأويل، دار الكتب العلمية - بيروت، 1418 / 1997م.
القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، ط6, الدار المتحدة - دمشق، 1413هـ / 1992م.(1/40)
الحلال والحرام في الإسلام، تحقيق حسن محمد الجواهري، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1413هـ / 1993م.
القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1416هـ / 1995م.
قطب، سيد، في ظلال القرآن، ط26، دار الشروق، القاهرة، 1418 هـ / 1997م.
..مشاهد يوم القيامة في القرآن، ط12، دار الشروق القاهرة، 1413هـ/ 1993م
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق مصطفي عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ / 1998م.
ابن كثير، إسماعيل الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، ط1، دار السلام، الرياض، 1414هـ / 1994م.
كريس موريس، العلم يدعو إلى الإيمان، ترجمة محمد صالح الفلكي، ط6، مكتبة النهضة المصرية، 1978م.
الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار الفكر، بيروت، 1414هـ / 1994م.
ابن ماجه، محمد بت يزيد، سنن بن ماجه بشرح السندي، ط2، دار المعرفة بيروت، 1418هـ / 1997م.
الماوردي، علي بن محمد، النكت والعيون، تعليق السيد بن عبد المقصود، ط1، دار الكتب العلمية - بيروت، 1412 / 1992م.
مسلم، ابن الحجاج القشيري، صحيح مسلم، ط1، دار بن حزم بيروت، 1416هـ م 1995م.
المصري، علي، مملكة نحل العسل، دار الكتاب العربي، دمشق
ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت.
الميداني، عبد الرحمن حبنكة، الأمثال القرآنية، ط1، دار القلم، بيروت، 1400هـ / 1980م.
النحلاوي، عبد الرحمن، أصول التربية الإسلامية وأساليبها، دار الفكر دمشق، 1416هـ / 1996م.
نوفل، عبد الرزاق، الله والعلم الحديث، دار الشعب - القاهرة.(1/41)