بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين , الذى شرفنا فجعلنا مسلمين , ولرسوله تابعين , وبهداه مهتدين , ولكتابه العظيم تالين , فما أعظمها من منة , و ما أحسنه من فضل .
....... أما بعد : فلقد أشار على أخ ُكريم وأعتز بمحبته , أن أكتب عن بعض علوم القرآن وفضائله , لتكون باباً طيباً يدخل منه أولئك الذين شغلتهم المعايش واكتساب الأسباب من الرزق, فيغترفونَ من معينه , وإن أرادوا الزيادة فعليهم بالرجوع إلى أمهات الكتب , فما كتبته وجمعته وأعددته من بطون الكتب لأفرده على هذه الصفحات القليلات كان على قدرى ووسع طاقتى وليس لى منه إلا المنهج و الأسلوب و حسن الصياغة , و تيسير ما استعسر من الألفاظ , وما استغلق من المفاهيم راجياً الله أن يجعل هذا فى ميزان حسناتى ليتجاوز به عن سيئاتى وأن ينفع به المسلمين فى كل وقتٍ وحين وأن يصلى اللهم ويسلم على سيد الأولين و الآخرين وأن يجمعنا به فى يوم الدين وأن تجعل اللهم القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وأن تذكرنا منه ما نُّسينا وتعلمنا منه ما جهلنا , وترزقنا شرف وحسن تلاوته آناء الليل وأطراف النهار , وأجعله اللهم حجة لنا لا علينا , ويسر لنا حفظه والعلم به والعمل بما فيه , وأن نتلوه على النحو الذى يرضيك عنا واللهم صلى على محمد وآله , وهون بالقرآن عند الموت على أنفسنا كُرَبَ السياق , وجَعْدِ الأنين , وتَرَادُف الحشاريج إذا بلغت النفوس التراقى , و قيل من راق , وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب , ورماها عن قوس المنايا بأسهم وحشة الفراق , فاللهم ارحمنا , واشرح بالقرآن صدورنا واستعمل بالقرآن أبداننا , ونّور بالقرآن أبصارنا , وأطلق بالقرآن ألسنتنا , وأعِنَّا عليه , ما أبقيتنا , فإنه لا حول ولا قوة إلا بك .
و الله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين.....
المؤلف
تدوين وجمع القرآن(1/1)
…كُتب القرآن كله في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم ولكنه لم يكن مجموعاً في مصحف واحد مرتب , إذ كان القرآن ينزل منجماً ( متفرقاً )علي حسب الوقائع والحوادث التي تقع في عهد التشريع فتنزل الآيات مبينة لحكم الله تعالي , كما كان لرسول الله صلي الله عليه وسلم كُتَّاباً يسجلون ما يبلغهم به النبي صلي الله عليه وسلم ويعرفون بأسم( كتبةالوحي ) ومن أشهرهم (الكرام الخلفاء الراشدين , معاوية بن أبي سفيان , خالد بن الوليد , أبي بن كعب , زيد بن ثابت , ثابت بن قيس ) وغيرهم من الصحابة, ويدونونه أولاً بأول , ويرشدهم صلي الله عليه وسلم علي الموضع المكتوب من سورته ويقول لهم : ضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة , وضعوا هذه الآية في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا , وكانوا يكتبونه في العسب ( جريد النخل ) واللخاف ( الحجارة الرقاق ) والرقاع جلد أو ورق وقطع الجلد وعظام الأكتاف .
1 ) ولم يجمع القرآن في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم , لما كان يتوقع من نزول قرآن ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته , فلما أنتهي نزوله بوفاته صلي الله عليه وسلم , ألهم الله الخلفاء الراشدين جمعه وترتيبه علي الذي سيتبين لنا من خلال هذا السرد , وللعلم أن الإستدلال بسنية كتابته وكونها توقيفية ثابت من مجرد أن القرآن كتب كله في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى وإن كان إن ذاك غير مجموع ومرتب في مجلد واحد كالمصحف الذي هو عليه الآن وإلي جانب كونه مكتوباً لا تغفل أنه كان محفوظاً في صدور الصحابة حتى وإن تفاوتوا في الحفظ , فمنهم من حفظه كله ومنهم من حفظ أكثره أو بعضه .وعرضه جبريل مرتين علي الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته .(1/2)
2 ) جُمِعَ القرآن في عهد سيدنا أبو بكر الصديق , فقد حدث ما حَمَّله ُعلي جمع القرآن في مصحف واحد , وهو موت كثير من حفظة القرآن من الصحابة في موقعة اليمامة , وقام زيد بن ثابت وهو من كتبة الوحي بجمعه وترتيبه , وقد راعي في كتابة الصحف أن تكون مشتملة علي ما ثبتت قرآنيته متواتراً وأستقر في العرضة الأخيرة , ولم تنسخ تلاوته , وأن تكون مرتبة الآيات والسور جميعاً , ثم وضعه في بيت أبو بكر , ولما توفي وضع في بيت عمر بن الخطاب , ولما توفاه الله أيضاً أستقرعند السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب .
3) ولما كانت غزوة أرمينية وإذربيجان في السنة الثالثة من خلافة سيدنا عثمان بن عفان , ووقع الخلاف بين القراء في وجوه القراءة , وأتهم كل منهم الأخر بالخطأ والتحريف , وحين إذ أدرك سيدنا عثمان بن عفان خطر هذا الخلاف , ووأده بوضع حد له بجمع القرآن ونسخه في مصاحف توزع علي البلدان الإسلامية وإحراق ما عداه , واختار لهذه المهمة أربعة من كبار الصحابة وهم ( زيد بن ثابت , عبد الله بن الزبير , سعيد بن العاص , عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ) وكانوا لا يكتبون شيئاً إلا بعد عرضه علي الصحابة جميعاً ويتحققوا من أنه قرآن وأستقر في العرضة الأخيرة .
… وكان المصحف علي عهد سيدنا عثمان خالياً من النقط والشكل , وأستمر هكذا حتى إنتشرت الفتوحات الإسلامية وأختلط العرب بالأعاجم , والأعاجم يعسر عليهم النطق بكلمات القرآن لأنها مجردة من النقط والشكل , فأخترع أبو الأسود الدؤلي بأمر من زياد بن أبيه النقط فبدأ بإعراب القرآن بوضع نقط بمداد يخالف مداد المصحف , إذ جعل للفتحة نقطة فوق الحرف , وللضمه نقطة إلي جانب الحرف , وللكسرة نقطع أسفل الحرف , والمنون نقطتين متجاورتين , وأستمرت التحسينات تدخل عليه حتى أصبح علي هذه الصورة , ولكن لم تكن نقط الإعجام التي فوق الحرف وتحته قد عرفت بعد .(1/3)
4 ) نقط الإعجام التي تميز بين الحروف وضعها العالمين نصر بن عاصم , يحي بن معمر وكان لون النقط يماثل لون كتابة حروف المصحف لأنها أصبحت من جنس الحرف بعكس نقط الإعراب للدؤلي .
5 ) ثم ظهر الخليل بن احمد البصري فأخذ نقط أبي الأسود الدؤلي وجعل يطور فيها إذ جعل الضمة واو صغيرة تكتب فوق الحرف والفتحة ألفاً صغيرة فوق الحرف , والكسرة ياء صغيرة تحت الحرف , والشدة وضع لها علامة ( رأس الشين ) وللسكون علامة رأس الخاء وعلامة للمد وعلامة للروم , والروم هو الإتيان ببعض الحركة بصوت خفي يسمعه القريب دون البعيد ويكون في المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور , وعلامة للإشمام والإشمام هو إطباق الشفتين بقدرالإمكان ويدع القارئ بينهما إنفراج ليخرج النْفَّس بغير صوت , وذلك إشارة للحركة التي ختمت بها الكلمة , ولا يكون إلا في المرفوع والمضموم 000000 ولم تنتهِ التحسينات التي تدخل علي شكل القرآن ، وجزى الله المهندس السوري صبحى طه الذى أصدر المصحف المجود الذى يسر القراءة بالتجويد لكل مسلم بطريقة ٍ سهلة ومبتكرة بأن لون الحروف بعدة ألوان وأعطى كل لون دلالة يعرف بها القارئ الحكم سواء كان إخفاء أو إدغاماً أو إظهاراً وهكذا , وقد أصبحت متداولة الآن , ولكن هذا لم يمس الرسم الإملائى للقرآن الكريم لأن متبعة بإتفاق الأئمة الأربعة , ولهذا يجب العلم أن رسم المصحف العثماني يجب إتباعه لكونه أمراً توقيفياً.(1/4)
6) ولم يعرف تقسيم بهذا الشكل الذي بين أيدينا في الصدر الأول من الإسلام من أجزاء وأحزاب وأرباع , بل كان كتاب المصحف في عصرهم يضعون ثلاث نقط عند أخر كل فاصله من فواصل الآيات لكي يعلم بها إنتهاء الآية , ويضعون لفظ خمس عند إنتهاء عشر آيات , ويكرروا , وكان بعضهم يضع إسم السورة ويذكرونها مكية أم مدنية , ثم قامت طائفة من العلماء فقسمت القرآن إلي أجزاء , وكل جزء قسموه إلي حزبين , وكل حزب قسموه إلي أربعة أقسام , وكل قسم سموه ربعاً , وكل ربع قسموه إلي عشرين , وهذا ما ساهم في ترغيب القارئ للإستزادة ، ويُسر في الحفظ .
*******************************
لمحات عن كتبة وحي القرآن
أردت هنا وقفة إطمئنان لك – أخي وأختي المسلمة – عن كتبة القرآن علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم تلقياً من فمه الشريف ,وممن شارك في جمعه في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه , وأخترت مبتدئاً بالصحابي الجليل :
1 ) أبي بن كعب بن قيس بن عبيد , وكنيته ( أبا المنذر ) , شهد العقبة مع السبعين , والمشاهد كلها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم , وكان من كتبة الوحي كما ذكرنا, وهو أحد الذين حفظوا القرآن كله علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم , وليس ذلك فحسب بل كان أيضاً أحد الذين يُفتون على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم , تخيل وتأمل يفتي ورسول الله قائماً , ثم أكثر من ذلك … وإقرأ هذا الحديث الذي أخرجه البخاري في فضائل أُبيّ , وأخرجه مسلم في فضائل القرآن :
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي بن كعب :" إن الله – عز وجل – أمرني أن أقرأ عليك ( لم يَكُنِ الَّذينَ كفروُا ) أول سورة البينة , قال وسمَّاني لك ؟ قال: نعم ، فبكي .(1/5)
والحديث الذي رواه الترمذي عن أبي بن كعب قال :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إني أمرت أن أعرض عليك القرآن: فقال : بالله آمنتُ , وعلي يديك أسلمت , ومنك تعلمت قال: فرد النبي صلي الله عليه وسلم القول فقال: يا رسول الله وذُكرتُ هناك ؟ قال : نعم بإسمك ونسبك في الملأ الأعلى قال: فاقرأ إذًا يا رسول الله .
…هو من كان يختم القرآن في كل ثماني ليالي , ويقول سيدنا عمر بن الخطاب عن أبي بن كعب :-"هذا سيد المسلمين " … فرحمة الله علي سيدنا أبي بن كعب .
2 ) زيد بن ثابت بن الضحاك : كتب الوحي لرسول الله صلي الله عليه وسلم , وأمره أبو بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن , وأمره عثمان فكتب المصحف وأبي بن كعب يملي عليه , فإنه لما كان يوم اليمامة وقد كان يوم قتل فيه كثير من القراء وتهيب أبو بكر أن يذهب كثيراً من القرآن فأشار سيدنا عمر إلي سيدنا أبو بكر بجمع القرآن , وتهيب أبو بكر متعللاً بأن هذا الأمر لم يفعله رسول الله صلي الله عليه وسلم فطمأنه عمر بأن فيه خير فأرسل أبو بكر لزيد بن ثابت وعرضا عليه الأمر وقال أبو بكر لزيد: فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله عز وجل لذلك صدري ورأيت الذي رأي عمر ( أي جمع القرآن ) وإنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك , كنت تكتب الوحي لرسول الله صلي الله عليه وسلم فتًتَّبع القرآن فاجمعْه .
فيقول زيد : فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ولقد شهد لزيد رسول الله صلي الله عليه وسلم :"أرحم أمتي أبو بكر , وأشدها في دين الله – عز وجل – عمر , وأصدقها حياء عثمان , وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت "
مراحل تنزيل القرآن
1 ) التنزيل الأول : صدور القرآن من الذات الإلهية إلفي اللوح المحفوظ :
وذلك أمر غيبي أزلي بطريقته وفي وقت لا يعلمه إلا الله , وكان جملة واحدة لا مفرقاً , فوجب الإيمان به مع تفويض علم كيفيته إلي الله عز وجل .(1/6)
2) التنزيل الثاني : من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة في السماء الدنيا :
والدليل علي ذلك ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منزلين ) و ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ويفهم من الآيات أنه أنزل في ليلة واحدة وقد جاءت الآيات والأخبار الصحيحة معينة لمكان هذا النزول وأنه بيت العزة من السماء الدنيا , وأن جبريل كان ينزل به على النبي صلي الله عليه وسلم .
3 ) التنزيل الثالث : نزول القرآن علي قلب النبي صلي الله عليه وسلم :
نزل به الوحي الأمين , وكان ينزل مفرقاً حسب الحوادث والأحوال حسب مشيئة الله فيوحي به إلي النبي صلي الله عليه وسلم , حيث كان الله تعالي يجمعه له في صدره وينطقه علي لسانه صلي الله عليه وسلم وقد دام هذا التنزيل ثلاثة وعشرون سنة , حيث أبتدأ الوحي بالآيات الأولي وأنتهي بأخر ما نزل من القرآن قبل وفاته صلي الله عليه وسلم .
وكان أول ما نزل من القرآن علي وجه الإطلاق الخمس آيات الأولي من سورة العلق ثم فتر الوحي ثم نزلت الخمس آيات الأولي من سورة المدثر , وهناك آيات يقال فيها أول ما نزل , والمراد ما نزل بإعتبار شئ معين فتكون أولية مقيدة .
فوائد معرفة أسباب النزول في القرآن :
أ – معرفة سبب النزول يعين علي فهم الآية , وفهم معاني القرآن وإزالة الإشكال , فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب .
ب – معرفة وجه الحكمة الباعثة علي تشريع الحكم .
ج - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب .
د – إن اللفظ قد يكون عاماً ويقوم الدليل علي تخصيصه , فإذا عُرِفَ السبب قصر التخصيص علي ما عدا صورته .
ه – معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها .
و – الجهل بأسباب التنزيل موقع للشبه والإشكالات , ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الإختلاف وذلك مظنة أي نزاع .(1/7)
والطريقة والوحيدة لمعرفة أسباب النزول هو النقل الصحيح , ومن أراد المزيد فعليه بقراءة كتاب ( أسباب النزول ) لأبي الحسين علي الواحدي النيسابوري , فإن هذا للإشارة – أى ما أكتبه – حتي يعرف المسلم كم أجهد العلماء أبدانهم وعقولهم في تقصي علوم القرآن فلا يستهين , وبالله نستعين ونكمل .
لماذا نزل القرآن مفرقاً ؟؟؟
تثبيت قلب النبي صلي الله عليه وسلم علي ما يلاقيه من أذي وجحود من المشركين .
التحدي والإعجاز لأهل قريش في أسئلتهم التعجيزية , وجواب الله الذي يأتي بالحق .
مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها .
التدرج في تشريع الأحكام .
تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه .
تيسير حفظه وفهمه حيث كانوا يحفظونه خمساً خمساً .
الدلالة القاطعة علي أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد , وهو أن هذا القرآن الذي نزل منجماً علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في أكثر من عشرين سنه تتنزل الآيات بل الآية علي فترات من الزمن يقرؤه الإنسان ويتلو سورة فيجده محكم النسج , مترابط المعاني , رصين الأسلوب , متناسق الآيات والسور , كأنه عقد فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل في كلام البشر , إذ لو كان كلاماً بشري قيل في مناسبات متعددة , ووقائع متتالية , وأحداث متعاقبه ,لوقع فيه التفكك والإنفصام , وأستعصيأن يكون بينه التوافق والإنسجام : (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافاً كثيراً )
المكي والمدني في القرآن
ما الذي يقصد بوصف السورة بأنها مكية أو مدنية ؟(1/8)
… للعلماء ثلاثة أقوال أو إصطلاحات في التعريف فمنهم من أتخذ المكان أساساً , ومنهم من اتخذ الخطاب والمخاطبين به أساساً , مثل إذا قيل يا أيها الناس فهو مكي , وإذا قيل يا أيها الذين آمنوا فهو مدني , غير أنهم إجتمعوا علي التعريف الثالث وهو : ما أتخذ الزمان أساساً فقالوا : أن المكى هو كل ما نزل قبل هجرة النبي صلي الله عليه وسلم حتي ولو كان شئ منه نزل خارج مكة , والمدني هو كل ما نزل بعد هجرته صلي الله عليه وسلم إلي المدينة حتى ولو كان نزوله خارجها بل حتي ولو كان نزوله في مكة ذاتها كالذي نزل بعرفة يوم حجة الوداع , وهذا هو الإصطلاح المشهور وهو الأصح لأنه أتي ضابطاً وحاصراً وهو ما كان يقصده الصحابة أيضا لأنهم عدوا التوبة والفتح والمنافقون قرآن مدني , ومعلوم أن التوبة لم تنزل كلها بالمدينة بل كثيراً منها نزل والرسول صلي الله عليه وسلم في طريق عودته من تبوك , وسورة الفتح نزل علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو في طريق عودته من صلح الحديبية , وكذلك نزلت سورة المنافقون وكان صلي الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق وهذا ما قال به ابن عطية , والحافظ بن كثير , والعلامة البقاعي , والزركشي والسيوطي .
… ولا سبيل إلي معرفة المكي والمدني إلا بما ورد عن الصحابة والتابعين , فقد كان القرآن ينزل في زمانهم وهم يشاهدون الوحي والتنزيل والمكان والزمان وأسباب النزول عياناً , وليس بعد العيان بيان , وهذا ما كان يقصده سيدنا عبد الله بن مسعود حين يقول :
( والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت , ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيما نزلت , ولو أعلم أن أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه )(1/9)
… والعلم بالمكي والمدني وإن لم يكن منصوصاً عليه توقيفاً ولا مطلوباً في تحصيله بنص فإنه من بين علوم القرآن اللازمة لبيانه وتفسيره والوقوف علي مقاصده , لكن الزركشى يسوق كلاماً في لزوم معرفته فيقول " من أشرف علوم القرآن , نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة وما نزل بالمدينة وحكمه مكي وما نزل بمكة وحكمه مدني …إلي قوله هذه خمس وعشرون وجهاً من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالي ) .
… وقد أختلف العلماء في بيان المكي من المدني علي أقوال كثيرة , وأما أقرب ما قيل في تعداد السور المكية والمدنية إلي الصحة أن المدني عشرون سورة , والمختلف فيه إثنتا عشر سورة وما عدا ذلك مكي وهي إثنتان وثمانون سورة , وذكروا علي أقوال أخري مشتهرة بين المسلمين أن عدد السور المكية 85 والسور المدنية 29 سورة .
… وهناك أنواع تتعلق بالمكي والمدني مثل : الحضري والسفري , والليلي والنهاري ,والصيفي والشتائي وغيرها من الأنواع التي ذكرها أهل العلم, وقد أفاض السيوطي في الإتقان , والزركشي في البرهان , والزرقاني في مناهل العرفان , ونذكر منها ما تيسر في عجالة كي يتبين للمسلم المعاصر مدي الجهد الذي بذله سادتنا العلماء في تحري وقت نزول السور بل الآيات ومكانها وحالها:
* الصلة الأولي :( الحضري والسفري ) :
وأكثر القرآن نزل في الحضر , وكانت حياة الرسول صلي الله عليه وسلم عامرة بالجهاد والغزو في سبيل الله حيث يتنزل عليه الوحي في مسيره وأسفاره ومن أمثلة ما نزل في السفر : النساء : 102 , المائدة : 3 , التوبة : 42 وما بعدها , الفتح كلها .
*الصلة الثانية : ( النهاري والليلي ):
نزل أكثر القرآن نهاراً , وأما الليلي فمن أمثلته : آل عمران : 190 , التوبة : 118 سورة مريم كلها .
* الصلة الثالثة : ( الصيفي والشتائي ):
ومرادهم بالصيف أيام الحر , وبالشتاء أيام البرد .(1/10)
ومن أمثلة الصيفي : النساء : 176 , التوبة : 42 / 49 / 81 .
ومن أمثلة الشتائي : النور : 11 , الأحزاب :9 وما بعدها .
وباقي الصلات مخافة الإطالة مثل ( ما تأخر حكمه عن نزوله , وما تأخر نزوله عن حكمه , وما حمل من مكة إلي المدينة وغيرها , وما نزل مفرقاً وما نزل مجمعاً ) , ومن سابق ما قلناه فأن أكثر القرآن نزل مفرقاً , أما ما نزل مجمعاً :- في السور القصار ( الفاتحة , الكوثر , تبت , البينه , النصر , المعوذتان ) , وفي السور الطوال : ( الأنعام ) وهي من المُشَّيع من القرآن أي ما نزلت محفوفة بالملائكة .
*********************************
خصائص القرآن المكي والمدني
أ – خصائص القرآن المكي :
أولاً : الخصائص الأسلوبية :
قصر أكثر آياته وسوره وذلك لنزوله بمكة وبلاغة أهلها تتسق مع الموجز من العبارة.
يكثر فيه أسلوب التأكيد ترسيخاً للمعاني كالإكثار من القسم والأمثال والتشبيه .
كل سورة فيها لفظ ( كلا ) مكية وقد ذكر هذا اللفظ 33 مرة في خمس عشر سورة كلها في النصف الأخير من القرآن .
كل سورة أولها حروف التهجي ( الحروف المقطعة ) فهي مكية , ما عدا البقرة وآل عمران فإنهما مدنيتان بالإجماع , وفي الرعد خلاف .
ثانياً – الخصائص الموضوعية :
تقرير أسس العقيدة ودعوة الناس إلي توحيد الله وإفراده بالعبادة وبالبعث بعد الموت.
إقامة الحجة علي المشركين في بطلان عبادة الأصنام , ودعوتهم لإستعمال العقل ونبذ التقليد .
ذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة .
الدعوة إلي أصول التشريعات العامة والآداب والفضائل الثابتة كالكليات الخمس وهي ( حفظ : الدين / النفس / المال / العقل / النسب ) , وهي ما تتفق عليه جميع الشرائع
ب – خصائص القرآن المدني:
أولاً : الخصائص الأسلوبية :
1 – طول أكثر آياته وسوره لإشتمالها علي ما سبق وما أقتضاه البسط وإطالة النفس , فلم . يكن أهل المدينة في درجة أهل مكة من البلاغة والفصاحة وخاصة اليهود .(1/11)
2– التعامل بالأسلوب الهادئ والحجة الباهرة عندما يتعرض لأهل الكتاب , والأسلوب . التهكمي عندما يتعرض للمنافقين وفضح نواياهم الخبيثة .
ثانياً – الخصائص الموضوعية :
التحدث عن التشريعات التفصيلية والأحكام العملية في العبادات والمعاملات وذلك لأن حياة المسلمين كانت قد إستقرت وأصبح لها كيان ودوله وسلطان , ومن شأن الجماعة المترابطة أن يكون لها تشريع يتكفل بما تحتاجه في دينها ودنياها .
الأمر بالقتال والجهاد والتعليق علي الغزوات , والغنائم , والأسري , والمنافقين , فكل سورة فيها إذن بالجهاد وبيان بأحكام الجهاد فهي مدنية , وكل سورة فيها ذكر للمنافقين فهي مدنية, ما عدا العنكبوت فهي مكية, ما عدا الإحدي عشر آية الأولي منها فإنها مدنية وهي التي ذكر فيها المنافقون .
البحث في شئون الحكم والشوري وضرورة الرجوع فيهما إلي الكتاب والسنة .
مجادلة أهل الكتاب وبيان ضلال عقائدهم .
تنبيه : أن بعض الخصائص السابقة خصائص غالبية كالضوابط , إذ لا يعنى حينما قال : أن القسم المكي إمتاز بتقرير أسس العقيدة فلا يعني ذلك أن القسم المدني يخلو من الحديث عن العقيدة , وإنما تعني هذه الخاصية أنها في القسم المكي أوسع منها في المدني .
فوائد معرفة المكي والمدني من القرآن
أولاً : تمييز الناسخ من المنسوخ :
كثير ما يسمع المسلم في المساجد أو في التلفاز كلمة أنه ناسخ أو هذه منسوخة , وتدور داخله تساؤلات قلما يبوح بها فيقبلها علي مضض لاغياً عقله ويحيلها لقلبه لكيلا يضل أو يشقي .
…والنسخ : هو إبطال العمل بالحكم الشرعي بدليل أتي بعده لاحقاً فدل علي إبطاله صراحة أو ضمناً, جزئياً أم كلياً , بمعني أوضح أنه إذا وردت آيتان أو آيات من القرآن الكريم في موضع واحد وكان الحكم في إحدي هاتين الآيتين أو الآيات مخالفاً للحكم في غيرها ثم عرف أن بعضها مدني وبعضها مكي فإننا نحكم بأن المدني منها ناسخ للمكي نظراً إلي تأخر المدني عن المكي .(1/12)
…حكمة النسخ : تحقيق مصالح العباد , لأن الحكم قد يشرع لتحقيق مصالح إقتضتها أسباب فلما زالت هذه الأسباب فلا مصلحة في بقاء الحكم , مثل ما حدث في تحريم الخمر وما أقتضاه التشريع من تدرج وتعديل وتبديل حتي تهيئ المجتمع لذلك فأمر بتحريمها .
…والنسخ أنواع نذكره في عجاله ومن أراد المزيد فعليه بالإطلاع علي كتب أصول الفقه :
1 – النسخ الصريح : أن ينص الشارع صراحة في التشريع اللاحق علي إبطال التشريع السابق , ومثال ذلك قوله تعالي : ( يا أيها النبي حرض المؤمنين علي القتال إن يكن منكم ........... الآية ) وقول الرسول صلي الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الحياة الآخرة )
2 – النسخ الضمني : لا ينص فيه الشارع صراحة , ولكن يشرع حكماً معارضاً حكمه السابق , ولا يمكن التوفيق بين الحكمين إلا بإلغاء إحداهما , فيعتبر اللاحق ناسخاً للسابق ضمناً . وهذا النسخ الضمني هو الكثير في التشريع الإلهي , مثل قوله تعالي : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خير الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ) يدل ذلك علي أن المالك إذا حضرته الوفاة عليه أن يوصي لوالديه وأقاربه من تركته بالمعروف , وقوله تعالي في أية التوريث : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .......... الآية ) يدل علي أن الله قسم تركة كل مالك بين ورثته حسبما اقتضت حكمته , ولم يعد التقسيم حقاً للمورث نفسه وهذا الحكم يعارض الأول , فهو ناسخٌ له علي رأى الجمهور , ولذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم بعد ما نزلت آية المواريث :" إن الله أعطى لكل ذى حق حقه , فلا وصية لوارث " .(1/13)
3 - النسخ الكلي : أن يبطل الشارع حكماً شرعه من قبل إبطالاً كلياً بالنسبة إلي كل فرد من أفراد المكلفين , كما أبطل إيجاب الوصية للوالدين والأقربين بتشريع أحكام التوريث ومنع الوصية للوارث , وكما أبطل إعتداد المتوفي عنها زوجها حولاً بإعتدادها أربعة أشهر وعشراً .
4 – النسخ الجزئي : أن يشرع الحكم عاماً شاملاً كل فرد من أفراد المكلفين ثم يلغي هذا الحكم بالنسبة لبعض الأفراد , فهو لا يبطل العمل بالحكم الأول أصلاً , ولكن يبطله بالنسبة لبعض الأفراد أو بعض الحالات , مثال ذلك بقوله تعالي : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا .........الآية ) يدل علي أن قاذف المحصنة الذي لم يقم ببينة علي ما قذف فأجلدوهم ثمانين جلدة , سواء كان زوجها أم غيرة , وقوله تعالي : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء........ الآية ) يدل علي أن القاذف إذا كان الزوج لا يجلد بل يتلاعن وزوجته ... فالنص الثاني نسخ حكم جلد القذف بالنسبة إلي الأزواج فقط , والأصوليين لا يعتبرون هذا نسخاً بقدر ما يعتبرونه تخصيص العام أو تقييد المطلق بمعني إخراج بعض أفراد العام من حكمه فهو إستثناء وليس نسخاً .
ويجب العلم أنه لا نسخ لحكم شرعي في القرآن أو في السنة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم , والأحكام الشرعية وإن كانت شُّرعت تدريجياً علي مدي إثنين وعشرون سنة وشهور , ولكن بعد وفاة الرسول وإستقرار التشريع ,صارت في حق المسلمين قانوناً واحداً , فالخاص منه بيان للعام , والمقيد بيان للمطلق , من غير نظر إلي أن هذه الآية بعد هذه الآية في التلاوة , أو في سورة بعد السورة التي فيها الآية , إلا ما نص عليه من ناسخ ومنسوخ .
ثانياً :الإستعانة به في تفسير القرآن الكريم بالنسبة للعلماء مفسري القرآن الكريم :(1/14)
وأضيف وأيضاً بالنسبة لعامة المسلمين فلو قرأ مُسلماً سورة الكافرون وبالتحديد في قوله تعالي ( لكم دينكم ولي دين ) ولم يكن يعلم أن هذه الآية مكية من حيث زمن النزول فإنه سيحار ولا شك إذاً أنه سيفهم منها إننا غير مُكلفَينْ بالجهاد , وهذا كان بالنسبة لمرحلة ولا تقف هذه دليلاً , بينما جاءت آيات الجهاد الكثيرة في المدينة .
ثالثاً : التبصر بالمراحل التاريخية التي سار عليها تشريعنا السامي :
وهو التدرج في التشريع بتقديم الأصول علي الفروع والإجمال علي التفصيل .
رابعاً : يُساعدنا معرفة المكي والمدني علي إستخراج سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
خامساً : بيان عناية المسلمين بالقرآن الكريم واهتمامهم به :
وهذا ما تبيناه من أنهم لم يكتفوا بحفظ النص القرآني فقط بل وتتبع أماكن نزوله ونحو ما أوردناه سابقاً .
سادساً : معرفة أسباب النزول : وذكرناها سابقاً .
سابعاً : الثقة بهذا القرآن ووصوله لنا سالماً من التغيير والتحريف .
إعجاز القرآن
… القرآن حجة الله علي خلقه , وأحكامه قانون واجب الإتباع , وأما البرهان علي أنه من عند الله فهو إعجازه للناس أن يأتوا بمثله وقد تمثل الإعجاز في الأتي :
إتساق عبارات القرآن ومعانيه وأحكامه ونظرياته , فبالرغم من أن عدد آياته تزيد عن الستة آلاف لا تجد في عباراته إختلافاً بين بعضها وبعض , ولا تجد أسلوب آية أبلغ من أسلوب آية اخري , وكل لفظ في موضعه الذي ينبغي له أن يكون , كما لا تجد معني يعارض معني أو حكم يناقض حكم , أو مبدأ يهدم مبدأ .
إنطباق آياته علي ما يكتشفه العلم من نظريات علمية : وإن كان هذا الإعجاز ليس من مقاصده الأصلية , ولكن في مقام الإستدلال علي وجود الله ووحدانيته .
إخباره بوقائع لا يعلمها إلا علام الغيوب : أول سورة الروم مثلاً .
فصاحة ألفاظه وبلاغة عباراته وقوة تأثيره : وشهد بذلك الوليد بن المغيرة ألد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم .(1/15)
*********************************
أحكام القرآن
…أنواع الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم ثلاثة : -
أحكام إعتقادية : تتعلق بما يجب علي المكلف إعتقاده في الله وملائكته وكتبه ورسله .
أحكام خلقية : تتعلق بما يجب علي المكلف أن يتحلي به من الفضائل وأن يتخلي عنه من الرزائل .
أحكام عملية : تتعلق بما يصدر من المكلف من أقوال وأفعال وعقود وتصرفات .
…وهذا النوع يسمونه ( فقه القرآن ) ,وهذه الأحكام تنقسم إلي قسمين :-
أحكام عبادات , وأحكام معاملات , فأما الأولي فهي تشمل الصوم والصلاة والزكاة والحج ونحوها من العبادات التي يقصد بها تنظيم علاقة العبد بربه وهي تأتي تفصيلية كشأن آيات الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية والمواريث لأنها ( تعبدية ) لا مجال للعقل فيها ولا تتطور مع تطور البيئات , أما فيما عدا هذا فهي قواعد عامة وتسمي أحكام المعاملات وهي أيضاً مبادئ أساسية لم يتعرض لها المشرع في النادر لأن الأحكام تتطور بتطور البيئات والمصالح , فتركها لولاة الأمر في كل عصر في سعة أن يفصلوا قوانينهم فيها حسب مصالحهم في حدود أسس القرآن من غير إصطدام .
آيات القرآن(1/16)
الآية فى الاصطلاح : طائفة ذات مطلع ومقطع مندرجة فى سورة من سور القرآن و هى لغوياً معجزة , وعلامة , وعبرة ,وأم عجيب ,وبرهان و دليل , فهى معجزة و لو بإعتبار انضمام غيرها إليها وعلامة على صدق ما جاء بها عليه الصلاة و السلام , و عبرة لمن أراد أن يعتبر و من الأمور العجيبة لمكانها من السمو و الإعجاز و برهان ودليل على ما تضمنته من هداية وعلم وقدرة الله وعلمه وحكمته و صدق رسوله وتسمية هذه الأجزاء بالآيات من مبتكرات القرآن قال تعالى ( كتاباً أُحكمت آياته ) وآيات القرآن تختلف طولاً وقصرًا فأقصرها قوله تعالى: ( طه ) ثم مثيلاتها مما كان على كلمه واحدة , ثم تتدرج الى أطول آية فى القرآن و هى آية الدين ( البقرة 282) و معرفة الآيات تتوقف على التوقيف :( و معناه : هو ما أتى به الشرع , ولم يكن لأحد الحق فى الزيادة عليه أو النقصان منه و لا مجال للرأى فيه و لا مجال للقياس فيه ) والعلماء عدوا ( المص ) ( الاعراف : 1 ) آية ولم يعد نظيرها وهو ( المر ) الرعد :1 آية، وعدوا ( يس ) يس :1 آية , ولم يعدوا نظيرها و هو ( طس) النمل :1 آية، وعدوا ( حم (1) عسق ) الشورى 1:2 آيتين , ولم يعدوا( كهيعص ) مريم :1 آيتين بل آية واحدة , فلو كان الأمر مبنياً على القياس لكان حكم المثلين فيما ذكر واحداً ولم يكن مختلفاً وقال الزمخشرى : " الآيات علم توقيفى " وكذلك ترتيب الآيات بعضها عقب بعض فهو أيضا بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحى , وربما نزلت عدة آيات متتابعة أو سورة ووضع البسملة أوائلها وترتيبها توقيفى بلا شك ولا خلاف فيه ولهذا لا يجوز تعكيسها , و قال مكى وغيره " ترتيب الآيات فى السور هو من النبى صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك فى أول براءة تركت بلا بسملة " و قال القاضى أبو بكر: " ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم, فقد كان الرسول يقول : ضعوا كذا فى موضع كذا وقال البيهقى فى كتاب فضائل القرآن : ووقف(1/17)
عثمان فى جمع القرآن عند موضع كل آية من سورتها فى القران , و كانت منسوخة الحكم لا يغيرها , وهذا يدل على أن كتابتها بهذا الترتيب توقيفية , فالآية: 234 من سورة البقرة ناسخة و متقدمة على الآية المنسوخة فى نفس السورة الآية :240 , وقال عثمان لإبن الزبير عندما سأله لما لا يدع الآيات المنسوخة : " يابن أخي , لا أغير شيئا من مكانه " أخرجه البخارى .
قال ابن الحصار ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها كان بالوحى , و قد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما اجمع الصحابة على وضعه هكذا فى المصحف ,.... ثم أنه من المجمع عليه أن ترتيب الآيات ليس بحسب نزولها , فقد تنزل الآية بعد الآية بسنتين و تكون فى ترتيب قبلها وليس أدل على هذا تقدم الآيات الناسخة على المنسوخة كما ذكرنا , وكذلك فان ترتيبه على حسب النزول غير مستطاع ٍلأحدٍ من البشر لأن الله لم يرد أن يكون تأليفه كتابه المعجز على حسب النزول , و إنما إقتضت حكمته أن يكون على حسب المناسبات البلاغية وأسرار الإعجاز .
وقال مكى بن ابى طالب القيسى :" الذى نذهب إليه أن جميع القرآن الذى أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه , ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذى بين الدفتين , والذى حواه مصحف عثمان , وأنه لم ينقص فيه شئ ولا زيد فيه , وإن ترتيبه ونظمه على ما نظمه الله ورتبه عليه رسوله من آى السور , لم يقدم من ذلك مؤخِر , ولا أخر منه و قدم وأن الأمة ضبطت عن النبى صلى الله عليه وسلم ترتيب آيات كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها , كما ضبطت عنه نفس القراءة وذات التلاوة "
وصدق الله العظيم " كتابٌ أحكمت آياتهُ ثم فصلت " [ هود :1 ]
*********************************
دلالة الآيات القطعية أو الظنية في القرآن(1/18)
أ – من جهة الورود : نصوص القرآن جميعها قطعية من جهة ورودها وثبوتها ونقلها عن الرسول إلينا , ومعني قطعية :أي نجزم ونقطع بأن كل نص نتلوه من نصوص القرآن الكريم هو نفسه النص الذي أنزله الله علي رسوله وبلغه المعصوم إلي الأمة من غير تحريف ولا تبديل ( بنفس المسار التاريخي الذي حكيناه في أوائل هذه الصفحات )
ب – نص ظني الدلالة : هو ما دل علي معني ولكن محتمل أن يؤول ويصرف عن هذا المعني ويراد منه معني غيره كقوله تعالي ( والمطلقاتِ يتربصن بأنفسهم ثلاثة قرؤ ) فلفظ القرؤ في اللغة العربية مشترك بين معنيين يتربصن بأنفسهن ثلاثة قرؤ , فيحتمل أن يكون ثلاثة أطهار, ويحتمل أن يراد ثلاثة حيضات فهو ليس قطعي الدلالة علي معني واحد من المعنيين ولهذا أختلف المجتهدون في هذا , ومثل قوله (حرمت عليكم الميتة والدم ) فلفظ الميتة عام والنص يحتمل الدلالة علي تحريم كل ميتة , ويحتمل أن يخصص التحريم بما عدا ميتة البحر, فالنص الذي فيه نص مشترك أو لفظ عام أو لفظ مطلق أو نحو هذا يكون ظني الدلالة .
*********************************
منزلة الحديث النبوي بالنسبة للقرآن
…منزله الحديث النبوى من ناحية الإحتجاج به في المرتبة الثانية بعد القرآن , فهو المصدر الثاني من مصادر التشريع , لأن القرآن الكريم قطعي الثبوت , وأما الحديث فهو ظني الثبوت , والقطعي من دون شك مقدم علي الظني , ثم أن الحديث بيان للقرآن , والبيان تابع للمبين فيكون المبين أولي بالتقدم .
أولاً : إذا كان الحديث مقرراً ومؤكداً لحكم ورد في القرآن كان للحكم مصدران ودليلان مثل : إقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت والنهي عن الشرك , وشهادة الزور , وقتل النفس بغير حق .
ثانياً : إن بيان الحديث ( السنة النبوية ) للقرآن له ثلاثة أوجه :
1 – أن يبين الحديث مجمل القرأن:(1/19)
كالأحاديث التي فصلت كيفية إقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة وحج البيت, وصحيح البيع وفاسده , وأنواع الربا , والفجر الصادق في آية الصيام .
2 - أن يخصص الحديث عام القرآن : مثل : قوله عليه الصلاة والسلام "لا تُنكح المرأة علي عمتها ولا علي خالتها ولا علي إبنة أخيها ولا علي إبنة أختها " فإنه مخصص لقوله تعالي بعد ذكر المحرمات من النساء " وأحل لكم ما وراء ذلكم " .
3- أن يقيد الحديث مجمل القرآن أو يعين المراد منه عند الإحتمال:
مثل بيان الرسول صلي الله عليه وسلم موضع قطع يد السارق من الرسغ فهو مقيد لإطلاق الآية : { والسارق والسارقة فإقطعوا أيديهما }
ثالثاً : قد يستدل بالحديث علي ناسخ القرآن ومنسوخه :
مثل الحديث { لا وصيةَ لوارث }فإنه يستدل به علي قوله تعالي : { كُتبَ عَليكُمْ إذا حضرَ أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف , حقاً علي المتقين } منسوخ بآيات المواريث التي أعطي الله فيها كل ذي حق حقه , وذهب جمهور الأصوليين إلي أن الحديث قد يأتي بنفسه ناسخاً للقرآن فحديث لا وصية لوارث , ناسخ آية الوصية للوارث المتقدمة , وليس الناسخ هو آية المواريث , إذ لا تنافي بينهما وبين آية الوصية للأقربين , فإن الأولي في ثلثي المال , والوصية تنفذ عن الثلث .
رابعاً : أن يكون الحديث مثبتاً ومنشئاً حكماً جديداً سكت عنه القرآن :-
فيكون الحكم الشرعي ثابتاً أصالة بالسنة ولا يدل عليه نص من القرآن , مثل : رجم الزاني المحصن , الحكم بشاهد ويمين , تحريم لبس الذهب والحرير الطبيعي علي الرجال , وصدقة الفطر, ووجوب الدية علي عصبة القاتل في القتيل الخطأ , وتحريم لحوم الحمر الأهلية , وكل ذي ناب من السباع , وكل ذي مخلب من الطير , ووجوب فكاك الأسير .(1/20)
… قرن الله تبارك وتعالي بين القرآن والسنة في آيات عديدة في كتابه العزيز , وسمي السنة النبوية بالحكمة ليشير إلي أن القرآن لا يمكن فهمه ولا تطبيقه إلا بطريقة السنة , فكيف ينكر من أنكر السنة واكتفى بالقرآن , إن هذا هو الضلال بعينه , فمن أنكر السنة فقد أنكر القرآن , ومن كذَّبَ السنة فقد كذَّب َالقرآن , والغرض من هذه الدعوة الخبيثة (إنكار السنة ) هو هدم المصدر الثاني من مصادر التشريع حتى لا يمكن فهم القرآن , ولا العمل بالقرآن , وبالتالي هجر وهدم القرآن , وهذا بعون الله لن يكون (وإنا له لحافظون ) .
الفتوى فى القرآن
...بين الله فى كتابه الكريم لعباده المؤمنين الأحكام التى علم أن فيها سعادتهم فى الدنيا والآخرة , وصلاحهم أفراداً وجماعات , وكان للقرآن فى بيان تلك الأحكام طريقان :
الطريق الذى لم يسبق بسؤال :
أ – وهو إما عن توجيه الأوامر و النواهى الى المؤمنين توجيها مبتدأ غير مسبوق بسؤال سائل : وهو أن يناديهم أولاً بوصف الأيمان فيهديهم للأستماع , ويحفزهم للعمل ويرشدهم الى أن تلك الأحكام من مقتضيات الإيمان مثل " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى " البقرة 178 , ومثل " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " 183: البقرة , وهذا المسلك هو الأصل والغالب , وقد يقع التمهيد بنداء النبى صلى الله عليه وسلم ويكون الحكم للجميع " ياأيها النبى إذا طلقتم النساء " الطلاق :1
ب – أما أن يذكر الحكم أمراً ونهياً مجردا من النداء المذكور مثل " ولا تجعلوا لله عرضة لأيمانكم " البقرة :224 , ومثل " لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم " البقرة 226, وهكذا الى أخر ما فى القرآن من الآيات الأحكامية التى لم يمهد فيها بنداء المؤمنين
الطريق المسبوق بسؤال : -(1/21)
.... وهذا يكون بياناً لشأن لم يسبق فيه بيان واحتاج الناس الى معرفة حكم الله فسألوا عنه أو بيانا بشأن نزل فيه بيان من قبل ولكن اتصلت به عند الناس جهات واعتبارات جعلتهم فى حاجة الى توضيحه فسألوا طلبا للتوضيح والكشف , وقد سجل القرآن جملة الأسئلة الموجهة الى الرسول وذكر معها أجوبتها , وجاء من هذه الأمثلة فى سورة البقرة
ما يأتى :-
البقرة : 223 " إذا سألك عبادى عنى فإنى قريب .... " وجاءت الآية إجابة على سؤال الأعرابى الذى جاء الى الرسول صلى الله عليه وسلم : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟.. وقد أخذ العلماء من الآية أنه لا يجوز ولا ينبغى رفع الصوت فى العبادة والدعاء إلا بالمقدار الذى لا يخل بالخشوع ولا يحدث ضجة فى نفوس السامعين
البقرة : 189 " يسألونك عن الأهلة ... " 4,3 – البقرة :215 , 319 : "يسألونك ماذا ينفقون " 8,7,6,5 البقرة الآيات 217 , 129 , 220 , 222
9, 10 – وكما جاء الإستفهام عن الأحكام بلفظ السؤال جاء بلفظ الإستثناء وذلك فى موضعين أثنين فى القرآن يتعلق كلاهما بأحكام الأسرة والميراث فى سورة النساء وهما " ويستفتونك فى النساء "النساء : 137 , " يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة " النساء: 176 وتخصيص هذين الموضوعين بكلمة الإفتاء دون كلمة السؤال مما يدل على شدة العناية بموضوعيهما وهو الأسرة , والحق المالى .
11 , 12 – الآيات 3 , 14 من سورة المائدة , والأنفال : 1
... والأسئلة التى ذكرناها سابقاً أو ذكرنا أرقامها وسورها دون ذكر الآية فليُرجع إليها لضيق المقام , هذه الأسئلة الموجهة من المؤمنين إلى النبى صلى الله عليه وسلم فيما يختص ببيان الأحكام وهى واردة فى السور المدنية : البقرة , المائدة , الأنفال , ومن المعلوم أن السور المدنية هى التى قامت بمهمة التشريع التفصيلى لأحكام الإيمان .(1/22)
... ويتبقى فى القرآن الكريم الأسئلة الصادرة من المُنْكرين للدعوة المعارضين لها , وقد جاء أكثرها فى السور المكية التى قامت بالدعوة الى أصول الدين ومنها :-
السؤال عن الساعة فى ثلاث سور : الأعراف : 187 & الأحزاب : 63 & النازعات : الآيات الأخيرة منها .
السؤال عن الروح : وقد ورد فى سورة الإسراء : 85
السؤال عن بعض الشخصيات التاريخية : مذكور فى سورة الكهف : 83 وما بعدها
السؤال عن الجبال : سورة طه : 105
.... وقد كان المَكيون ـ أهل مكة ـ يوجهون تلك الأسئلة إلى النبى صلى الله عليه وسلم وذكرها القرآن .
*********************************
فتاوى و أحكام حول القرآن
إذا انتهى المُصَلِى من قراءة الفاتحة فى الصلاة يقول : آمين فى الصلاة السرية و الجهرية , لكن لا يجهر بها فى الصلاة السرية ويجهر بها فى الصلاة الجهرية ( لقاء الباب المفتوح , ابن عثيمين ج 68 ص 188)
إن من تمام تعظيم المصحف أن تتناوله بيدك اليمنى , وأن تضعه فى مكانه بيدك اليمنى لأن النبى كان يعجبه التيامن فى جميع شئونه ( متفق عليه ) و لأنه أمر أن نأخذ بأيماننا و أن نعطى بأيماننا , والعلماء إتفقوا على أن تقدم اليسرى للأذى واليمنى لما سواه .
لابد من تحريك الشفتين فى قراءة القرآن فى الصلاة وكذلك فى قراءة الأذكا ر واجبة كالتكبيروالتسبيح والتحميد و التشهد , لانه لايسمى قولا ًإلا إن كان منطوقا به ولا نطق إلا بتحريك الشفتين و اللسان , ولهذا كان الصحابة رضى الله عنهم يعلمون قراءة النبى بإضطراب لحيته أي بتركها لكن إختلف العلماء هل يجب أن يُسمِعَّ نفسه أو يكفى أن ينطق بالحروف ؟ فمنهم من قال لابد أن يُسمِعَّ نفسه أي لابد أن يكون له صوت يسمعه هو بنفسه ، ومنهم من قال يكفى أن يُظَّهرَ الحروف , و هذا صحيح ( المرجع السابق)(1/23)
النهى عن قراءة القران فى الركوع و السجود وإنما وظيفة الركوع : التسبيح ووظيفة السجود : التسبيح والدعاء , فلو قرأ فى ركوع أو سجود غير الفاتحة كُِره ولم تبطلْ صلاته , وان قرأ الفاتحة ففيه وجهان لإصحابنا أي ـ الشافعية ـ وأصحهما أنه كغيره فَيُكره و لاتبطل صلاته و الثانى يُحرم وتبطل صلاته هذا إذا كان عامداً , فإن قرأ سهواً لم يُكره وسواء قرأ عمداً أو سهوا يسجد للسهو عند الشافعى رحمة الله عليه ( شرح النووى )
إختلف العلماء فى وصول ثواب القرآن . فالمشهور من مذهب الشافعى أنه لايصل وذهب احمد بن حنبل وجماعة من أصحاب الشافعى إلي أنه يصل فالإختيار أن يقول القارئ بعد فراغه : اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان ( وهذا يعد إجتهاد فلم يثبت فى السنة أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ قراناً على ميت )
القراءة بأجر ولو بشرط فلا يصل ثوابها , و الآخذ والمُعْطِى آثمان به عند الحنفيين و أحمد لحديث عبد الرحمن بن شبل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إقروءا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلو فيه ولا تأكلو به و لا تستكثروا به "
قراءة القرآن ( و خاصة الفاتحة والصمدية و المعوذتين وليس ) عند الدفن من البدع
لا بأس من تقبيل المصحف بعد قراءته فقد قال بهذا بعض أهل العلم لابد من تعظيم كلام الله ( والصحيح أنه بدعة ) لأن التقبيل بغير ما ورد به النص على وجه التغبير بدعة ينهى عنها.
القسم بصفة من صفات الله جائز مثل أن نقول : وعزة الله لأفعلن , وقد نص على هذا أهل العلم حتى قالوا لو أقسم بالمصحف جائز لأن المصحف مشتمل على كلام الله من صفاته .
*********************************
الإنسان فى القرآن(1/24)
الإنسان يطلق على الذكر والأنثى من بنى آدم , وإنسان القرآن إنسان قد أفاض الله عليه نعمة العلم , والحياة على الأرض لم تبدأ بعد أى مع ميلاد آدم عليه السلام , وقدمه الله جل جلاله للملائكة , وعلمه ما لا يعلمون , حيث أودع فى نفسه علم جميع الأشياء من غير تحديد ولا تعيين , وطلب من الملائكة أن يذكروا علمهم فإذا هو لا يبلغ مبلغ العلم الموهوب لآدم آبى الإنسان , ثم كرمه الله بأن أمر الملائكة بالسجود له ( سجود إظهار الفضل . لا سجود عبادة ) فأطاعوا جميعاً إلا إبليس كان من المجرمين الملعونين .
وإنسان القرآن العالم يجعل الله له رائداً وقائداً هو العقل قرين العلم و لذلك تكررت مادة العقل فى القرآن ما يقرب من خمسين مرة , فهو إنسان عملى موصول وحركة دائبة , وعمله ليس مطلقا , بل يطالبه ربه بأن يكون عمله صالحا و لذلك تكررت عبارة "آمنوا وعملوا الصالحات " عشرات المرات فى القرآن الكريم , فهو إذن إنسان كبير بفضل الله وإنعامه وتوجيهه صالح لكل ما أظهر الله على يديه ومكنه من إختراعه وإبتكاره وتسخيره وهو بالإضافة إلى ذلك ليس إنساناً جامد المشاعر ميكانيكى الإنفعال بل هو إنسان حى عاقل شاعر حساس مسئول محاسب على ما يفعل مجزىٌ بما يعمل , فالإنسان فى القرآن له مكان هو أشرف مكان له فى ميزان العقيدة والفكر وفى ميزان الخليقة , هو الكائن المكلف فلا يسقط التكليف عن العاقل فى أن يطيع أى فاسد وطاغية كما لا يمنعه التكليف ولا يُعطله ولا يُلغيه , فالإنسان فى القرآن هو الروح والجسد وهما ملاك الذات الإنسانية , تتم بهما الحياة ولا تنكر أحدهما فى سبيل الأخرى , و لا يجوز للمؤمن بالكتاب أن يبخس للجسد حقاً ليوفى حقوق الروح , ولا يجوز له أن يبخس للروح حقاً ليوفى حق الجسد , والقرآن الكريم ينهى عن تحريم المباح كما ينهى عن إباحة المحروم " ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " المائدة 87، 88(1/25)
والإنسان فى عقيدة القرآن هو الخليفة المسئول بين جميع ما خلق الله , وذكر فيه بغاية الحمد وغاية الذم فى الآيات المتعددة وفى الآية الواحدة فلا يعنى ذلك أنه يذم ويحمد فى آن ٍواحد , وإنما معناه أنه أهل للكمال والنقص بما فُطرعليه من إستعداد لكل منهما فهو أهلٌ للخير والشر لأنه أهل للتكاليف , ولذلك فقد منحه الله فرصة التميز والإختيار ليقوم بتبعته الفردية ويتحملها , وحذره القرآن من عدوه اللدود ألا وهو الشيطان المريد وأكد القرآن التحذير حتى لا يبقى للإنسان عذر يعتذر به إذا وقع فى شراك هذا الشيطان , و ذلك ليتم له التمكين فى الأرض من إقامة شرع الله فيها , وأن يبتغى فيها معيشته و يتخذ فيها زينته ، لتتم بها عدته , ولا يزهد فى شئ من خيراتها ما دام طيباً تخرجه له الأرض بأذن الله , وتكون هذه الزينة للعبادة واجبة , فليس السعى فى سبيل الدنيا ضلالاً عن سبيل الآخرة , فليس فى القرآن فصام بين روح وجسد , أو إنشقاق بين عقل ومادة أو إنقطاع بين سماء وأرض , أو بين ظاهر و باطن , وبين غيب وشهادة , بل هى العقيدة على هداية واحدة , تحسن بالروح كما تحسن بالجسد فى غير إسراف ولا خروج عن السبيل .
*********************************
الأمثال فى القرآن
... ضرب الله الأمثال للناس فى القرآن لوناً من ألوان الهداية الإلهية التى تغرى النفوس على الخير , أو تحضها على البر , أو تمنعها من الإثم أو تدفعها للفضيلة , وقد تناولت هذه الأمثال مجالات عدة : فمثلت الإيمان ومثلت الكفر ووضحت فى صورة مجسمة , وألبست المعنوى ثوب المحسوس , وفصلت المُجْمَل وأوضحت المُبهمْ ؛ فالتمثيل يُقرب الفكرة إلى العقل ويجعلها أوضح للمنطق لأن فى المَثل تجتمع أربعة لا تجتمع فى غيره من الكلام : إيجاز اللفظ وإصابة المعنى , وحسن التشبيه وجوده الكناية .(1/26)
... وقد هال المعادين والمكذبين هذا النمط من الأسلوب القرآنى وذلك اللون من التربية الألهية , واستنكروا أن يضرب الله الأمثال زاعمين أن الله أعلى من ذلك وأجل , وتساءلوا مستنكرين : أى قدر للذباب والعنكبوت حتى يضرب الله بها الأمثال ؟!, وجادلوا محتجين بأن الله عظيم ولن يتضمن كلامه إلا كل عظيم ,ويرد القرآن عليهم بأن المولى سبحانه لا يرى من النقص أن يضرب مثلا بالبعوضة , أو بأصغرها حجما , فالمثل حق يدعو الى حق يعترف به المؤمنون فيزيدهم تمسكا بإيمانهم , وينكره المارقون الجاحدون فيزيدهم غواية على غوايتهم ,
... والله سبحانه هو المثل الأعلى تنسب له وحده جميع الصفات المحمودة , فلا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف بها البشر , إلا بما وصف به نفسه , لذا نهى الله سبحانه على أن نضرب له الأمثال فقال عز من قائل " فلا تضربوا لله الأمثال " بل هو الذى يضرب لنفسه الأمثال , كما لا يجوز لنا أن نقتدى به لأنه سبحانه لا مثيل له , ولا شبيه له , وإنما تضرب الأمثال لمن غاب عن الأشياء , وخفيت عليه الأشياء , فالعباد يحتاجون الى ضرب الأمثال , إذ قد خفيت عليهم الأشياء , فضرب الله لهم مثلا من عند أنفسهم , لا من عند نفسه , ليدركوا ما غاب عنهم , فأما ما لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء فلا يحتاج إلى الأمثال .
( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) العنكبوت:43
القصة فى القرآن(1/27)
".... القصة فى القرآن ليست عملا فنياً مستقلاً فى موضوعه وطريقة عرضه وإدارة حوادثه بل هى وسيلة من وسائل القرآن الكريم الكثيرة إلى تحقيق هدفه الأصيل , والقرآن كتاب دعوة دينية قبل كل شئ , والقصة إحدى وسائله لإبلاغ هذه الدعوة وتثبيتها , وقد خضعت القصة القرآنية فى موضوعها لمقتضى الأغراض الدينية , ومع هذا الخضوع الكامل للغرض الدينى لم يمنع بروز الخصائص الفنية فى عرضها ولا سيما خصيصة القرآن الكبرى فى التعبير وهى : التصوير , والتعبير الفنى يؤلف بين الغرض الدينى والغرض الفنى فيما يعرضه من الصور والمشاهد , ويجعل الجمال الفنى أداة مقصورة للتأثير الوجدانى فيخاطب حاسة الوجدان الدينية بلغة الجمال الفنية , وإدراك الجمال الفنى الرفيع بشئ يحسن الإستعداد لتلقى التأثير الدينى حين يرتفع الفن إلى هذا المستوى الرفيع مستوى التعبير عن العقيدة وحين تصفو النفس لتلقى رسالة الجمال التى تبلغ فيه العقيدة حد الكمال .(1/28)
... ومن أغراض القصة القرآنية إثبات الوحى والرسالة فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئا ًولا كاتبا ًولا عُرِفَ عنه إنه جلس الى أحبار اليهود والنصارى , ثم جاءت هذه القصص فى القرآن وبعضها جاء فى تطويل ودقة كقصص إبراهيم ويوسف وموسى وعيسى , ومن أغراضها أيضا بيان أن الدين كله من عند الله من عهد نوح الى عهد محمد , وأن المؤمنين كلهم أمه واحدة , والله الواحد رب الجميع , وكثيراً ما وردت قصص عدد من الأنبياء مجتمعة فى سورة واحدة , معروضة بطريقة خاصة , لتؤيد هذه الحقيقة , ولما كان هذا غرضا أساسيا ًفى الدعوة , وفى بناء التصوير الإسلامى فقد تكررت مجئ هذه القصة , على هذا النحو مع إختلاف فى التعبير لتثبت هذه الحقيقة وتؤكدها فى النفوس , ومن أغراضها أيضا تبيين أن الدين كله موحد الأساس فكانت ترد قصص الأنبياء مجتمعة كذلك مكررة فيها العقيدة الأساسية , وهى الإيمان بالله الواحد , ومن أغراضها بيان الأصل المشترك بين دين محمد ودين إبراهيم بصفة خاصة , ثم أديان بنى إسرائيل بصفة عامة وإبراز ان هذا الإتصال أشد من الإتصال العام بين جميع الأديان , ومن أغراضها ايضا بيان أن الله ينصر أنبياءه فى النهاية ويهلك المكذبين وذلك تثبيتا ًلمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثير فى نفوس من يدعوهم للإيمان وتصديق التبشير والتحذير وعرض نموذج واقعى من هذا التصديق , وكذلك بيان نعمة الله على أنبيائه وأصفيائه , وتنبيه بنى آدم الى غواية الشيطان , وبيان قدرة الله على الخوارق وبيان عاقبة الطيبة والصلاح , وعاقبة الشر والإفساد والذى يتتبع قصص القرآن يجد عقب كل قصة تعقيباً دينياً يناسب العبرة فيها أو يجد التوجيهات منثورة فى ثناياها بكثرة ووفرة تدل على الغرض الأساسي من سياق القصة وهو الغرض الدينى .
*********************************
فضل وأثر القرآن
فى اللغة العربية ( لغة القرآن )(1/29)
.... القرآن الكريم هو الذى حفظ اللغة العربية من أن تذوب فى اللغات الأجنبية التى تغلبت على اللغة العربية بحكم السياسة فى عصور كثيرة , وظروف مختلفة , فحَكَمَهُمْ الفرس والترك وخضعوا لسلطان الأجنبى الأوروبى وتعلموا لغاته , والتمسوا علومه , وكان هذا جديراً بأن يمحق اللغة العربية , ولكن القرآن الكريم عصم هذه اللغة من الضياع , إذن فأن بقاء العربية الى اليوم , والى ما شاء الله راجع إلى الدفاع عن القرآن لأن الدفاع عنه لكونه أصل الدين , ومستقى العقيدة يستتبع الدفاع عنها لأنها السبيل إلى فهمه , بل لأنها السبيل إلى الإيمان بأن الإسلام دين الله .
.... فالقرآن الكريم هو الذى وحد اللغة العربية الأدبية بعد أن كانت تختلف لهجاتها بإختلاف بعض القبائل , بل أثر فى لغات كانت حية فانتشرت فأخفاها القرآن من البلدان الإسلامية , وأتاح للغة العربية أن تستأثر بألسنة الناس وأقلامهم , وفى ألسنتهم كبلاد فارس ومصر وسوريا والجزيرة , فكانوا يتكلمون الآرامية والسريانية والقبطية والفارسية , فقد كان العرب يعيشون معهم قبل الإسلام , وأسس المناذرة و الغساسنة ممالك لهم فى العراق والشام ولكن لم يتحدث أهل هذه البلاد العربية إلا بعد انتشار الإسلام , فلقد إختار الله من بين كل اللغات والألسنة اللغة العربية لتكون الوعاء الأمين الذى يحمل الحقيقة الإلهية الكونية القرآنية إلى الإنسانية كلها , ولابد أن ذلك تم لحكمة تتصل بطبيعة الرباط الوثيق بين الحقيقة القرآنية و الحقيقة اللغوية العربية , ومدى تقبل لغة العرب لحقائق القرآن وإعجازه .(1/30)
.... وإذا كان الوحى أو الروح القدس هى الوسيلة الإلهية التى أوصلت القرآن من الله سبحانه وتعالى الى الرسول صلى الله عليه وسلم , فإن العربية ستبقى بعد توقف الوحى وختام النبوة هى الوسيلة الإلهية التاريخية الدائمة والمستمرة لتوصيل الحقيقة الى سائر البشر , وهى تواصل الآن فى توصيلها القرآن وتعاليمه إلى كل عقل بشرى مهمة الوحى الأولى التى تمت بتوقف الوحى .
والقرآن الكريم جعل اللغة العربية لسان الدولة الإسلامية , وجعلها لغة تعليمية , ومن ثم لغة ًعالمية بعد أن كان المتحدثون بها لا يزيدون على بضعة ألاف , فصار يتحدث ويكتب بها اليوم الملايين من البشر من كافة الأجناس فى معظم أصقاع العالم الذى نعيش فيه .
ترجمة القرآن
... وترجمة القرآن هى نقله من اللغه العربية ـ لغته الأصليةـ إلى اللغات الاجنبية المختلفة ليطَّلع َعليها من لا يعرف اللغة العربية , ويفهم مراد الله عز وجل من كتابه العزيز , وتنقسم هذه الترجمة الى قسمين : ترجمة حرفيه ( لفظية ) وهى أن يترجم القرآن بألفاظه ومفرداته وجمله وتراكيبه ترجمة طبق الأصل الى هذه اللغات ,وترجمة تفسيرية(معنوية) وهى ترجمة معانى الآيات الكريمة بحيث لا يتقيد الإنسان باللفظ وإنما يكون همه المعنى الى الأصل فيفهمه ثم يصبه فى قالب يؤديه من اللغة الأخرى ويكون هذا المعنى موافقا لمراد صاحب الأصل من غير أن يكلف نفسه عناء البحث والوقوف عند كل مفرد من المفردات أو لفظ من الألفاظ ,
.... ويجب العلم بعد ما تقدم أن الترجمة الحرفية للقرآن غير جائزة ولذلك لما يأتى :
أنه لا يجوز كتابة القرآن بغير حرف اللغة العربية لئلا يقع التحريف والتبديل
إن اللغات ( غير العربية ) ليس فيها من الألفاظ والمفردات والضمائر ما يقوم مقاما الألفاظ العربية(1/31)
إن الإقتصار على الألفاظ قد يفسد المعنى , ويسبب الخلل فى التعبير والنظم أما ترجمة القرآن بالمعنى فهى جائزة ولكن لا تسمى ( قرآنا ً) وإنما تسمى تفسيراً للقرآن , وذلك لأن الله تعبدنا بألفاظ القرآن , ولم يتعبدنا بغيره من الكلام , فكلام الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز روايته بالمعنى , ولكن القرآن لا يجوز روايته بالمعنى بل لابد من تلاوة النص بحروفه وألفاظه لأنه موحى به من عند الله , ولأنه معجز بلفظه ومعناه , فترجمة القرآن بهذا المعنى يجيزها العلماء بل هى واجبه على المسلمين
يشترط للترجمة سواء كانت حرفيه أو تفسيريه شروط هى : -
أن يعرف المترجم ( بكسر الجيم ) اللغتين معاً , لغة الأصل , ولغة الترجمة
أن يكون ملماً بأساليب وخصائص اللغات التى يود ترجمتها
أن تكون صيغة الترجمة صحيحة بحيث يمكن أن تحل محل الأصل
أن تفى الترجمة بجميع معانى الأصل ومقاصده وفاءاً كاملاً
وجود مفردات كاملة فى لغة الترجمة مساوية لمفردات اللغة العربية وذلك فى حالة الترجمة الحرفية .
نشابة اللغتين العربية والأجنبية فى الضمائر المستترة , والروابط التى تربط الجمل لتأليف التركيب , وهذا الشرط والشرط السابق عليه لازمين فى حالة الترجمة الحرفية .
وفيما يلى بيان تقريبى بعدد الترجمات المعروفة التى تمت فى عدد من اللغات الأوروبية من قِبل غير المسلمين : 14 ترجمة فى اللغة الألمانية ، 10 فى الإنجليزية 10 فى الروسية ، 10 فى الإيطالية ، 9 فى الأسبانية ، 9 فى الفرنسية ، 7 فى اللاتينة ، 6 فى الهولندية ، وقد أحصى الدكتور حسن المعايرجى ـ وهومهتم بموضوع ترجمات القرآن ـ حتى الآن ترجمات للقرآن الكريم فى {121} لغة فى أنحاء العالم كافة .
*********************************
فضائل القرآن(1/32)
روى الحاكم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه و أرضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن هذا القران مأدبة الله , فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله المتين والنور والشفاء الناجع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يزيغ عنه فيستعتب , ولا يعوج فَيٌقوُّم ْ, ولا يَخلقْ من كثرة الرد أُتلوه فان الله يَأجُركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول" الم حرف ولكن ألف حرف , ولام حرف وميم حرف " راوه الحاكم (1/555)
عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها " رواه أبو داود
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما أجتمع قوممٌ فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسد إلا فى اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل " البخارى
عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة " والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " وفى رواية " والذى يقرؤه و هو يشتد عليه له أجران " البخارى
وعن أبى أمامه الباهلى رضى الله عنه قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : " إقرؤوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة كأنهما عمامتان أو غيابتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما , إقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة " أخرجه مسلم والبطلة بمعنى : السحرة .(1/33)
ويا أخي المسلم العربى الناطق بلغة الضاد سُقنا إليك بعض فضائل تلاوة القرآن الكريم وهو سهل عليك ميسور فلغته من جنس لغتك فما بال المسلمون الناطقون بغير لغته , و الساعين لقراءته وحفظه , ولقد تم بساحل العاج أى والله بساحل العاج تم ترجمة معانى القران الكريم بلغة " جولا " و هى اللغة الأكثر انتشاراً فى هذه البلاد بعد الفرنسية , كما انها تستخدم أي لغة جولا فى ثمانى دول اخرى بغرب افريقيا و بهذه الترجمة التى تعد آخر ترجمة لمعانى القران الكريم إلى لغة أجنبية يكون قد تمت ترجمة القران إلى مائة وعشرين لغة أجنبية إلى الآن , واستغرق العمل فى إنجاز هذه الترجمة ثلاث سنوات و قام بها فريق من أساتذة جامعيين متخصصين ( الأهرام 5/9/2003 ) فبالله عليك ماذا نقول ونسوق من فضائل لتقتنع بعد هذا الجهد المذكور فى هذا الخير ... تأمل .
الأدب مع القرآن(1/34)
1- ينبغي علي قارئ القرآن أن يقرأهُ علي أكمل الحالات : من طهارة وإستقبال قبلة فلا يمسه إلا طاهر, ومن حرمته أن يقرأه وهو علي طهارة , وأنهم أجازوا للمحدث قراءة القرآن الكريم بلا مس له بيد أو جزء منه ولذا يحل تقليب أوراقه بعوده أو نحوه , والصحيح عدم جواز المس إلا بطهارة كاملة عند الثلاثة وكذا عند مالك لغير متعلم وعالم ، فقد قال الله في كتابه : ( أنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ) وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) أخرجه النسائي , كما تمنع الجنابة من قراءة القرآن إلا الإستعاذة , إلا أنهم أجازوا للجنب والحائض والنفساء تلاوة القرآن لضرورة إذا كانت المرأة مثلاً معلمة أو دارسة أو التي تقرأ وردها في الليل أو النهار… , لكن الأفضل أن يقرأ القرآن علي طهارة لقوله صلي الله عليه وسلم حين رد السلام عقب التيمم : ( إني كرهت أن أذكر الله إلا علي طهارة) أخرجه أبو داود وغيره , ومن حرمة القرآن أن يستاك قارئه ويتخلل فيطيب ( فمه ) إذ هو طريق القرآن , قال يزيد بن أبي كعب ( إن أفواهكم طريق من طرق القرآن فطهروها ونظفوها ما أستطعتم ) ومن حرمته أيضاً أن يلبس الثوب كما يلبس للدخول علي الأمير لأنه مناج ربه , فقد كان أبو العالية : إذا قرأ القرآن إعتم أي لبس العمامة , وأرتدي ثيابه , وأستقبل القبلة , ومن حرمه القرآن أن يُمسك عن القراءة إذا تثاءب لأنه مُخاطب ربه ومُناج ٍله سبحانه وتعالي , والتثاؤب من الشيطان , ومن حرمته أن يخلو بقراءته حتي لا يقطع عليه أحد الكلام فيخلطه بجوابه لأنه إن فعل ذلك زال عنه سلطان الإستعاذة الذي إستعاذ به في البدء .
2 – إن يرتله ولا يسرع في تلاوته فلا يقرأ في أقل من ثلاثة ليالي , فلو قرأ في أقل من هذا فلن يفقه , كما قال الصادق المعصوم صلي الله عليه وسلم .(1/35)
3 – أن يلتزم الخشوع عند تلاوته وأن يظهر الحزن وأن يبكي أو يتباكي إن لم يستطيع البكاء.
4 – أن يحسَّن صوتهُ بالقراءة ( زَينُوا القرآنَ بأصَواتِكمْ ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
5 – أن يسر تلاوته إن خشي علي نفسه رياء أو سمعة أو كان يشوش علي المصلين .
6 – أن يتلوه بتدبر وتفكر وتعظيم وإستحضار قلب وتفهم لمعانيه فإذا مر بآية وعد بالمغفرة ودخول الجنة إستبشر , وإذ مر بآية وعيد وعذاب إستعبر وسأل اللهَ العافية .
7 – إذا وضع المصحف لا يتركه مفتوحاً بغير قراءة , وألا يضع فوقه شيئاً من الكتب حتي يكون أبداً عالياً لسائر الكتب .
8 – أن لا يكون عند تلاوته من الغافلين عنه المخالفين له إذ قد يتسبب في لعن نفسه لأنه إن قرأ ( ألا لعنه الله علي الكاذبين ) وكان كاذباً أو ظالماً فإنه يكون لاعناً لنفسه .
9 – يجتهد في أن يتصف بصفات أهل القرآن كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون , وبنهاره إذ الناس مفطرون , وببكائه إذ الناس يضحكون , وبورعه إذ الناس يخوضون , وبخشوعه إذ الناس يختالون , وبحزنه إذ الناس يفرحون ) .
*********************************
الحرب على القرآن
قال الله تعالي { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }
… هذه هي الآية التاسعة من سورة الحجر في القرآن الكريم وهي وعد ٌمن الله الذي أنزله بأن يحفظه , ولم يكن في مقدور سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ولا أحد من البشر من بعده أن ينفذ هذا الوعد , وإنما كان حفظه بمحض قدرة الله , والواقع الذي نعيشه يؤكد أن الوعد قد تم ويزدادُ الإعجاز عبر الزمان من كل جهة , فإن القرآن لم يُحفظ ْفي المكتبات بعيداً عن الناس , بل حَفِظَهُ الأطفال بالملايين في كل مكان , وزاد من الإعجاز أن حفظه من لم يتعلم العربية ولم يعرف فيها كلمة واحدة .(1/36)
… وقد تعرض القرآن الكريم ولا يزال يتعرض لمحاولات التحريف , ومحاولات الترجمة الخاطئة السيئة النية , أو محاولة تقليده بسئ الكلام وركيكه فلم يزحزحه هذا عن مكانته ولم يؤثر فيه , ولم تفلح كل تلك المحاولات متفرقة ومجتمعة في نيل غرضها .
1 ) قالوا أن الذي علم سيدنا محمد هو ورقة بن نوفل إبن عم زوجته خديجة وأنه هو الذى هيأه وأنشأه للنبوة ، والتاريخ يُكَّذب كل هذا فورقة مات قبل البعثة .
2 ) أن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هو الذي ألف القرآن ، فقد إستقي طريقة القرآن ونظمه من سجع الكهان السابق قبل الإسلام , وهذه الدعوة أُستحدثت بشكل أخر علي يد المستشرقين إذ يؤكدون أنه من تأليف سيدنا محمد بدعوي أن الله لم يتحدث العربية , فهو يعتبر كتاب بشري عرضة للنقد والتبديل , ويقدمون الدليل علي ذلك ( وهو ما ذكرناه من الخصائص الأسلوبية للمكي والمدني في القرآن ) يعتبرون إختلاف الأساليب بين العهدين من حيث قصر العبارات واللهجة الشديدة في تقرير أوصاف العقاب والثواب , وتكرار الآيات في العهد الأول , ورواية قصص الأنبياء, والإكثار من جدل اليهود والنصاري في العهد الأخير , ثم يقولون قول أخر:أن القرآن نزل بالمعني , وأن الرسول صلي الله عليه وسلم صاغه بألفاظه .
3 – ظهرت الإفتراءات في صدر البعثة من مُدََّعي النبوة : مسيلمة الكذاب , ومن الأسود بن كعب العنسى وسجاح التميمية وطليحة الأسدي, وظهر لمسيلمة قرآناً مقلداً ومحاكياً جرس القرآن ونظم القرآن مع تبديل الكلم .
4 – محاولة الشيعة لتحريف القرآن وسنفرد لها مقالاً بذاته.(1/37)
5 – محاولة أبي العلاء بن المعري وأسمي كتاباً له يعارض فيه القرآن : ( الفصول والغايات) وشهد معظم البلاغيين إن لم يكن كلهم بأن المعرى قد فقد قوته كلها في كتابه وخرج علي قدر غير معقول من الركاكة والنزق اللغوي , وقد سأله الناس : لما لا نجد علي كتابك طلاوة كالتي نجدها في القرآن ؟ فأجاب: أقرأوه أربعمائة سنة في المحاريب تجدون له طلاوة , وقد أعمي الله بصره وبصيرته حين لم يدرك أن طلاوة القرآن لم تأت من إلف الناس له لتعودهم قراءته , ولكن لأن حلاوته وطلاوته نزلت معه حينما نزل , ولقد شهد بذلك الوليد بن المغيرة وكان كافراً ولم يسلم وحكم بحكم من أول مرة سمعه ولم يردده عن كفر أو إيمان حين قال : (إن له لطلاوة , وإن عليه لحلاوة , وإن أعلاه لمثمر , وإن أسفله لمغدق , وما يقول هذا بشر ) .
6 – وحاول ابن المقفع مترجم كتاب كليلة ودمنة في كتاب له أسماه (الدرة اليتيمة ) أصغر حجماً من كتاب المعرى , وحاول فيه ما حاوله سلفه , ولم يُفلحْ .
7 – وظهرت فرقة جديدة من فرق الشيعة تسمى ( البهائية ) , ومؤسسها يدعو نفسه خاتم الرسل وأن له ديناً جديداً , وأن الله أنزل عليه كتاباً سماه ( الأقدس ) أي إذا كان كتاب الله ( القرآن ) مقدس , فهذا الأفضل ( الأقدس ) أتي فيه هذا الأفاك عميل الخنازير بكلام أهون من المحاولات السابقة عليه , وقد أذاقه الله وبال زيفه وكذبه بأن أماته محبوساً مجنوناً سنوات لم يفلح معه العلاج .
8 – محاولة السيد / رشاد خليفة الذي ظهر في الثمانينات من القرن الماضي , وقد بَشَّر أن القرآن مبني علي نظام حسابي يعتمد علي رقم { 19 }, واتضح بعد هذا علاقته بالبهائيين , وانتهي الأمر به مُدَّعياً للنبوة , وقد خاطب بهذه الصفة كل الملوك والرؤساء بإمضاء رشاد خليفة رسول الله .(1/38)
9 – وجاء عصرنا الحديث بأسماء كثيرة حاولت هدم القرآن , فعلها: بيرم التونسي الزجال والشاعرالمعروف وأعلن توبته بعد ذلك , وحاولها وما زال سلمان رشدي الكاتب الهندي مؤلف ( آيات شيطانية ) , والروانية البنغالية نسرين التي نعتت القرآن بالعار.
10- أما محاولة الإستهانة بالقرآن وتحقير ديانة الإسلام وإحتقار معتنقيها فقد جاءت علي يد الصومالية المسلمة إسلاماً قبلياً لا إسلاماً حقيقياً معرفياً سعت لكي تتفهمه لا أن تهاجمه , المدعوة : أيان هيرسي علي حين هربت من زوجها بالصومال لهولندا وإلتقائها بالمخرج تيوفان جوخ الذي يصب سماً علي الإسلام وصورا معاً فيلماً وهي عارية وعلي ظهرها أثار الجلد ومكتوب عليه آيات من القرآن ، وهذه القذرة مازالت تعمل ضد الإسلام وقد عينوها فى منصب قيادى ، وتستعد لتصوير فيلم عن الإسلام بأسم : العار، قَبَّحها الله .....
11 – ثم نأتي إلي المحطة الأخيرة كما نظنها , ففي مصر حالياً د. علي جمعة يقول " إن العشرين سنة القادمة هي سنين القرآن والدراسات القرآنية " ولكن الأخيرة من خلال أحداثها فهي قد بدأت مع بداية القرن الحالي ألا وهي محطة ( الفرقان الحق ) المزعوم وهو كتاب ألفه أنيس سورس مسيحي من فلسطين ومنهم من يسميه طفل يهودي بائس , يقع في 366 صفحة و77 سورة وأختار أسماء له تشبه أسماء سور القرآن تبدأ بسورة الفاتحة ومنها المحبة , المسيح , الزنا , الماكرين , الأضحي , وهو مترجم للعربية , وهو مُبتدأ بمقدمة مسمومة ترسخ وتؤصل للخلط العقائدي وحرية الأديان , وهذا الذي صدر هو الجزء الأول , وسيتبعه جزءٌ ثانٍ 300 صفحة ، وجزء ثالث 257 صفحة ، ورابع 301 صفحة .(1/39)
… إن أحد مفكري هذا المشروع الشيطاني يقول : إنه في خلال العشرين عاماً القادمة يجب أن يتخلص كوكب الأرض من دين الإسلام وألا يكون هناك مسلم واحد إلا وقد حوصر في أفكاره وعقيدته فيعود الصليب من جديد معانقاً لشعار داود ( نجمة داود ) وقد بدأت حملة واسعة تحمل أسم ( لا للقرآن …ونعم للفرقان ) تمهيداً لمنع طباعة القرآن الكريم ومنع تدريسه أو بثه عبر وسائل الإعلام ومعاقبة كل من يردد آياته .
000 يظنون أنهم سينتصرون , ويتصورون أننا الإرهابيون ,إنهم مجرمون , واهمون مهزومون , مخذولون , والإسلام والقرآن والمسلمون رغم أنفهم باقون .
{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }
صدق الله العظيم
*********************************
هل لأهل السنة قرآن وللشيعة قرآن؟؟؟
لم يلبث سيدنا عثمان بن عفان أن أحرق المصاحف ماعدا مصحف الإمام , إلا وقد خرج متطرفو الشيعة يقولون بأن من بين هذه المصاحف ما كان يخص الفكر الشيعى لآل البيت وحقهم فى الإمامة والخلافة بل والنبوة ولفقوا ورددوا عن الإمام جعفر الصادق مالم يقله حيث إدعوا أنه قال: ( ما أدعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب وما جمعه وحفظه إلا عَلىّ والأئمة من بعده ) ورددوا عنه كذلك أنه قال: ( إن عندنا مصحف فاطمة عليها السلام قيل : وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات وواللهِ ما فيه من قرآنكم حرف واحد )
وقد حددت الشيعة المتأخرة هذه الكتب :
مصحف فاطمة و على هامشه علم ما كان وما هو كائن , وقد أملاهُ النبى على وصيّه و صاحب الأمرُ بعدهُ , وكتاب الجِفرُ الجامعة , وكتابان آخران الجِفرُ الأبيض و الأحمر
والإمام جعفر الصادق فى رأى أهل الشيعة والسنة : رجلا متعبدا فقيها محدثا من أعلام أهل البيت , وقال ابن تيمية عنه : ( أحد الأئمة الأعلام , بَرٌ صادق كبير الشأن)(1/40)
وإذا كان البخارى لم يرو عنه حديثا ً فلم يكن علة هذا ضعف حديثه ولكن السبب الجُهال الذين يدخلون عليه ويخرجون من عنده بأحاديث كلها كذب وموضوعة على جعفر وزَعِمَ الغُلاة من الشيعة: أن فى القرآن سورة تسمى بسورة الولاية تُبشر بولاية عَلىّ قد أُسْقِطَتْ بالكامل , وهى سورة فيها محاكاة لنظم القرآن , وتبديل المعانى و نحن نُبرء فاطمة رضى الله عنها و عن آل البيت , ونُبرء الشيعة المعتدلون من الإمامية والزيدية الذين يعيشون بيننا الآن و ينكرون أى تحريف سواء بالزيادة أو بالنُقصان فى القرآن وها هو الطبرسى وهو من أكابر علماء الشيعة فى القرن السادس الهجرى يقول فى كتابه مجمع البيان فى تفسير القرآن عكس ما جاء به المتطرفون من الشيعة : ( أما الزيادة فى القرآن فمجمعٌ على بطلانها , فأما النُقصان فهو أشد إستحالة , ثم قال : إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة , فإن العناية إشتدت والدواعى توافرت على نقله وحراسته وبلغت على حد لم يبلغه شئ فى الوجود , لأن القرآن مفخرة النبوة , ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية , وعلماء المسلمين قد بلغوا فى حمايته الغاية القصوى حتى عرفوا كل شئ اختلف من تفسيره وأحكامه وإعرابه وقراءاته ورسمه وضبطه وعدد آياته وعدد نقطه وحركاته فكيف يتخيل عاقل بعد تلك العناية الفائقة بالقرآن الكريم أن يحصل فيه نقص أو زيادة مع هذا الضبط الشديد " ويوضح الشيخ رضا المظفر و يؤكد : ( هذا الذى بين أيدينا – نحن الشيعة الإثنا عشرية – نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبى , ومن إدعى فيه غير ذلك فهو مختلق أو مغالط أو مشتبه وكلهم على غير هدى ) وبناء على ذلك أكد المستشرق الفرنسى[ لوبلوا] فى كتابه ( القرآن والتوراة العبرية ) : { أن القرآن هو اليوم الكتاب الربانى الوحيد الذى ليس فيه أى تغيير يُذكَرْ } وكان المستشرق(1/41)
الإنجليزى[و.موير]قد أعلن ذلك قبله إذ قال : { إن المصحف الذى جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أى تحريف . ولقد حُفِظَ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أى تغيير على الإطلاق ..... فلم يوجد إلا قرآن واحد لجميع الفرق المتنازعة } .
إذن فهو قرآن واحد يجمع المسلمون ويجتمعون عليه تلاوةً وقراءة ًوتعبدا ً وتشريعا ًحفظه الله بحفظه على مر الأزمان ، ورغم حقد الحاقدون . ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون )
من أنكر أو سب القرآن
.... أجمع المسلمون على تكفير كل من أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غير شيئاً منه , أو زاد فيه , أو زعم أنه ليس بحجة للنبى صلى الله عليه وسلم , أو ليس فيه حجة ولا معجزة أو أنه لا يدل على الله , ولا يدل على ثواب ولا عقاب ولا حكم , أو أنكر ما فى أيدى الناس من مصحف المسلمين , ولم يكن جاهلاً , ولا قريب عهد بالإسلام .
وقد أجمع العلماء أيضا على تكفير من أستخف بالقرآن أو المصحف ,أو بشئ منه ,أو كذب يشئ مما صرح به من حكم أو خبر , أو أثبت ما نفاه , أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك , أو شك فى شئ من ذلك فهو كافر عند أهل العلم بإجماع وكذلك من كذب ببعض القرآن فقد كذب به كله , ومن كذب به فقد كفر به , ومن كفر به فقد كفر بالله والعياذ بالله .
وسيبقى القرآن
أحبتي وأحبائي فى الله .....(1/42)
أن ما يتعرض له الإسلام اليوم , هو ما تعرض له فى عصور وأزمنة سابقة وقد حدث خلال القرن الثالث أن تعرض لمرحلة اختبار قاسية فقد تغلغلت الثقافة اليونانية للمسلمين ,وزادت الترجمات وساد جو من حرية التعبير الذي أتاح للكثيرين التعرض للإسلام بل للقرآن بالنقد لأنهم رأو أنه بزعزعة الأساس ينهار البناء كله , فتتبعوا آيات القرآن الكريم يبحثون فيها عن موطن ضعف , أو نقاط هجوم , مما حدا بالعلماء بالتصدى لمزاعمهم , وتفنيد آرائهم مثل ابن قتيبه الذى وضع كتاب ( تأويل مشكل القران ) الذى يعتبر مصدرا أساسيا من مصادر الدراسات القرآنية الى جانب كونه مصدرا مهما فى مجال الدراسات اللغوية ووثيقة هامة وممتازة عن الدفاع عن الإسلام والزود عن كتابه الكريم و يقول ابن قتيبة موضحا ضعف الخصوم وخبث غرضهم ( قد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون ولغوا فيه وهجروا واتبعوا ( ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله ) بأفهام كليلة ٍ, وأبصار ٍعليلة , ونظر مدخول فحرفوا الكلم عن مواضعه , وعدلوه عن سبله , ثم قضوا عليه بالتناقض , والإستحالة فى اللحن , وفساد النظم والإختلاف أدلوا فى ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغمر , والحدث الغر، واعترضت بالشُبه فى القلوب ، وقدحت بالشكوك فى الصدور ) .
و الأسباب التى أدت لإتهام اليهود والمسيحيين للقرآن فى كل مكان هو الدفاع عن أديانهم التى يهجرها أهلها تباعاً و بسرعة ٍمدهشَّين لكى يعتنقوا الدين الاسلامى , و كذلك إتهام القرآن للتوراة , و الإنجيل بالتحريف , و إنكار الأسس الثلاثة التى تفوم عليها مسيحيتهم ( وهى التثليث و الصلب والفداء ) .(1/43)
وهم يعلمون أن القرآن من عند الله وليس من معطيات رجل أمى لأنه حتى الأيام الأخيرة من القرن الذى نعيشه مازال يدخل الإسلام علمائهم و أكبر عقلائهم وكما قال الشيخ الشعراوى عمن يتنصر من المسلمين , ويسلم من أهل الديانات الأخرى ( إنهم يأخذون سفهائنا , ونأخذ نحن علمائهم وعقلائهم ) , بناء على ماذا يسلم العلماء راجع كتاب ومنتديات الإعجاز العلمى سواء فى القرآن والسنة و إنبهارهم بالحقائق التى تأتى أو أتت فى الإسلام ( قرآن وسنة ) و يؤكدها العلم فى العصر الحديث , ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون يملكون تلك التقنيات الجبارة , والتكنولوجيا الهائلة , فمن إذن الذى أتى بالقرآن ؟!! , أليس هو العلى القدير المتعال . أفى ذلك شك مازال يحُك فى صدورهم وقلوبهم المريضة الخبيثة ؟ .(1/44)
ولو كان صلى الله عليه وسلم قد ألف القرآن لأزال منه سورة الرعد و هى التى تقدح فى عمه , أو يعاتب الله فيها رسوله فى عمه أبى طالب , و لأكثر سيدنا محمد من ذكره لنفسه فى القرآن فبينما ذكر سيدنا موسى 136 مرة , ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقط أربع مرات , ولكانت سورته تأتى فى مقدمة القرآن لا فى الترتيب 47 ولكان عدد آياتها أكبر وأطول وليس 38 آية بينما البقرة 286 , وآل عمران 200 , ويونس 109 , وهود 123 , ويوسف 111 , وإبراهيم 52 و هكذا , ولا يزال من القرآن التعابير الزجرية التى وجهها الله لرسوله ( فلا تكونن من الممترين ) أو تلك الموجهة لذاته ومقصود بها قومه مثل ( ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين ) و ( ولا تكون ظهيراً للكافرين ) ولا أزال كما قلت وأكرر سورة المسد و سبب نزولها (عمه عبد العزى ) أبولهب , أو قال عن عمه أبو طالب بأنه مسلم ( ليس عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر ) من القرآن أو لم يثبت أصلاً آيات العتاب من رب العزة لرسوله الكريم , أو الآيات التى يَمُن الله تعالى فيها عليه بإصطفائه للرسالة و تثبيته عليها , أوبدل فى القرآن ما يشاء حين طلب منه المشركون أن ينزل القرآن ببعض أهوائهم ولرغباتهم ولكن جاء القرآن الذى هو من عند الله ليرد طلبهم ( قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى , إن أتبع إلا ما يوحى إلى ) , ولأزال من القرآن كلمة ( قل ) وأمثالها ( نبئ , وأنذر , وبشر ) , ولعجل ببراءة زوجه السيدة عائشة فى حادثة الإفك وظل هو صلى الله عليه وسلم فى حيره من أمره قرابة الشهر , و لو خدع الصادق المصدوق الدنيا كلها ما خدع نفسه وهذه الآية رقم 67 من سورة المائدة ما قرأتها إلا وازداد يقينى يقينا بصدف قوله ورسالته ( والله يعصمك من الناس ) فالرسول قبلها هو الذى طلب الحراسة عليه ( ألا رجل صالح يحرسنا الليلة ) فيأتيه سعد وحذيفة بسلاحهما وكان يحرسه من بنى هاشم رجالا يرسلهم معه(1/45)
أبى طالب , ثم تنزل الآية فيخرج الرسول صلى الله عليه وسلم ( يا عم إن الله قد عصمنى من الجن والإنس ). وفى الحديث فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة آدم وقال: " انصرفوا يا أيها الناس عصمنى الله "... ولازال من غير حراسة , ولم يخش أحدا أن يصيبه , أكان يخدع نفسه !! , والبند رقم (7) من لماذا نزل القرآن مفرقا ؟ الذى ذكرناه أنفا لدلاله أشد أنه من عند الله وقال الشعبى : فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره نحواً من عشرين سنة أنزله قرآناً عظيما ًوذكراً حكيما ً, وحبلا ًممدودا ً, وعهداً معهودا ً, وظلاً عميما ً, وصراطا ًمستقيما ً, فيه معجزات ٍباهرة , و آيات ٍظاهرة , وحجج ٍصادقة ودلالاتٍ ناطقة , أدحض به حجج المبطلون , ورد به كيد الكائدين وأيد به الإسلام والدين , فلمع منهاجه , وثقب سراجه وشملت بركته , ولمعت حكمته على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة , الهادى للأمة , الكاشف للغُمة , الناطق بالحكمة , المبعوث بالرحمة فرفع أعلامَ الحقِِ ِ, وأحيا معالم الصدق ِ, ودمغ َالكذب , ومحا آثاره , وقمع الشرك وهدم مناره , ولم يعارض بيناته أباطيل المشركين حتى مهد الدين , وأبطل شبه الملحدين , صلى الله عليه صلاة لاتنتهى أمدها , ولاينقطع مددها وعلى آله واصحابه الذين هداهم و طهرهم , وبصحبته خصهم وآثرهم , وسلم كثير
* الأسباب المُعينة على حفظ القرآن :
ولكى يبقى القرآن ، لابدأن تنتقل من المصاحف السطور ، لتحل نوراً فى الصدور ، فكيف إذن تحفظ القرآن الكريم ؟....................... بهذه الخُطوات :
1ـ أن تُخلِص لله النية فى حسن التوكل عليه بحفظ كتابه الكريم فيفتح ِ اللهُ عليك .
2ـ لوفاتك الحفظ فى الصغر فلايفتك َ فى الكبر ، وتيأس من كبر السن ، وتتذرع بالنسيان وهناك كتاب إسمه [الفضل ُالمُبين على من حفظ القرآن بعد الآربعين ] .(1/46)
3ـ إختار وقتاً للحفظ تُحس فيه بإستعدادِك النفسى والذهنى ، ويُفضِل العلماء ُوقتَ السحر قبيل الفجر ، ويقول الإمام ابن جماعة فى كتابه :[ فن التعليم عند ابن جماعة ] : ( أجود الأوقات للحفظِ الأسحار ، وأجودها للبحث الأبكار ، وللتألبف وسط النهار ، وللمراجعة والمطالعة الليل ) .
4ـ إختر مكاناً بعيداً هادئاً للحفظ ، فكلما بَعُدتَ عن الصخب والغيبة والنميمة ، ومما حرم الله ، إمتلأ القلبُ نوراً ، وتفرغ لإستقبال أنوار القرآن .
5ـ إقرأ القرآن ـ مااستطعت ـ مجوداً ومنغماً ، أو بالحد الأدنى من مخارج الحروف مع الغنة والإدغام والمد ، والذى يعتبر تركه لحناً جلياً [ شرحناه بالجزء الأول ] .
6ـ إقتصر على طبعة واحدة من المصحف ولاتغيره ، وليكن مصحف المدينة[ مصحف مجمع الملك فهد ] .
7ـ صحح قراءتك أولاً قبل الإقدام على الحفظ، بأن تقرأ على يد شيخً متقن الحفظ ولاتعتد بنفسك ، ومن الممكن بسماع السورة التى تريد حفظها من شريط أو مرئية ومسموعة من تلفاز أو كمبيوتر( حاسوب) ، وذلك أكثر من مرة مع متابعة النظر للأيات من المصحف .
8ـ أُربط بين الآيات والمعانى ، وذلك عن طريق الربط البصرى بحفظ شكل المصحف [ هذا البند مرتبط بالبند رقم (6)] ، والربط السمعى بالتركيز على صوت القارىء .
9ـ كرر ماحفظت عن طريق القراءة غيباً ، سراً أو جهراً ، بالتكرار الصوتى وبطريقة مرتفعة يومياً ، على الأقل خمس مرات مع الصلوات وغير الصلوات .
10ـ إحفظ يومياً بإنتظام خيرٌ من أن تحفظ بشكل متقطع .
11ـ إحفظ بهدؤ وببط ء ، أفضل من حفظً سريع ٍ ومندفع ، سُرعان ماتحفظه ثم تنساه .
12ـ ركز على معرفة المتشابهات من الآيات ، ومع المداومة على معرفة موضع كل آية بالسورة ، سترفع عنك الألتباس ، وستدركها مع المداومة .
13ـ الإلتجاء لله بالتوسل بالدعاء ، على أن يعينك على حفظ كتابه الكريم .
على الإنترنت مواقع للقرآن
1- أحكام القرآن الكريم .
http:// www.Islam_use.com(1/47)
2- آداب تلاوة القرآن الكريم .
http:// www.ahlisunnah./org/adaab
3- آداب تلاوة القرآن الكريم .
http:// www. geocities.com/abdulwahid/quran/adaab.htm
4- اسطوانة القرآن فى إنجلترا .
http:// www.ummah.org.uk/icc/quran/alim.htm
5 – أصغ ِ للقرآن الكريم .
http://www.listen .to/al-quran
إعجاز القرآن الكريم .
6-http://www.ummah.org.uk/science/expuniverse.htm
7- إعجاز القرآن الكريم .
http://www.users.erols.com/amazingq.htm
8- البحث فى النص القرآنى .
http://www.islam.org/mosque/search.htm
9- البحث فى النص القرآنى ( خمس لغات ) .
http://www.orst.edu/groups/msa/quran/search.htm
10- التراجم الإنجليزية للقرآن الكريم .
http://www.jamiat.org.za/islam/defa-ult.htm
أهم المراجع :
القرآن الكريم
صحيح البخارى
صحيح مسلم
الدقائق المحكمة فى شرح المقدمة لابن الجزرى شرح الإمام زكريا الإنصارى
البرهان فى تجويد القرآن محمد الصادق قمحاوى
شبهات مزعومة حول القرآن الكريم محمد الصادق قمحاوى
مختصر فقه الإيمان أبو مصعب عصام
منهاج المسلم أبو بكر الجزائرى
الفتاوى الإمينية أمين محمود خطاب
مختارات من علوم القرآن مصطفى البصراتى
صفة الصفوة ابن الجوزى
محاضرات فى الثقافة الاسلامية د. أحمد محمد جمال
ألفاظ ومفاهيم فى ميزان الشريعة ابن عثيمين
تاويل مشكل القرآن إبن قتيبه
إنا نحن نزلنا الذكر د . على جمعه
العنصرية تجتاح العالم ياسر الزيات
مناهل العرفان فى علوم القرآن محمد الرزقانى
الشيعه صلاح ابو السعود
شجرة محمد (صلى الله عليه وسلم ) د. على سامى النشار ومحمد شاكر
الفرقان الحق المزعوم إسلام بحيرى
الحديث لنبوى والقدسى دراية ورواية المنهل عدد 484 مجلد 52
الأصول الثلاثة و أدلتها الإمام محمد بن عبد الوهاب
تعليم الصلاة للأسرة المسلمة محمد الهلاوى
أسباب النزول النيسابورى
الفقه الميسر سعد يوسف محمود
أخطاء المصلين محمد بيومى(1/48)
فتاوى إسلامية ( مجموعة علماء )
الدين الخالص الإمام السبكى
صفة صلاة النبى الألبانى
فقه السنة السيد سابق
الإهرام الاسبوعى / اللواء الاسلامى / صوت الازهر
من وصايا الرسول حمزة محمد عجاج
75 سؤال فى الصلاة والاذان بن باز / العثيمين / الجبرين / الفوزان
كيف تتعلم قراءة القرآن ؟ أحمد عامر
الشفا بحقوق المصطفى ... ... القاضى عياض
الفتاوى ... ... ... الإمام محمود شلتوت
التصوير الفنى فى القرآن ... ... سيد قطب
التبيان فى علوم القرآن ... ... ... د . محمد على الصابونى
الأمثال فى القرآن ... ... ... د. محمود بن الشريف
أثر القرآن فى اللغة العربية ... ... أحمد حسن الباقورى
مرآة الإسلام ... ... د . طه حسين
من آداب القرآن ... ... ... د . احمد الشرباصى
الإنسان فى القرآن ... ... ... ... العقاد(1/49)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
أما بعد :
… فهذه رسالة ( السهل المفيد في أحكام التجويد ) وضعتُهَاَ إِعداداً ومِنهاجاً متنقلاً جامعاً مادتها من بطون أمهات كتب علماؤنا الأفاضل , الذين أناروا لنا الدرب بشروحهم ومتونهم , ولما وجدت بعض هذه الأحكام عسيرة الفهم , يملها من لم يتدرب علي قراءة العربية الفصحي السليمة وكثيرُُ ُما هم , فقد آليت علي نفسي خاصة وكنا قد إجتمعنا وبعض الأخوة الفضلاء في بيت الله نتلوا قرآنه العظيم , فدعت الحاجة لتلمس الأحكام , فقمت بهذه المهمة ولستُ أعلمهم ولا أكثرهم همة , طالباً من الله الفضل والمنة أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه تعالى , وأن يغفر الله لكل من نقلنا عنه هذا العلم تأليفاً , أو شرحاً أو نظماً أو نشراً ، وأن يجعله الله في ميزاننا يوم نلقاه ( يوم لا يَنفعُ مالاً ولابنون إلا مَنْ أَتَي الله بقلبٍ سليم ) أخوكم في الله: السيد إبراهيم أحمد
الإستعاذة والبسملة قبل
قراءة القرآن.
حكم الإستعاذة : أنها مستحبة وقيل واجبة وهي من واجبات الصلاة , وقيل واجبة في(2/1)
الركعة الأولى وُتستحب في بقية الركعات , و لها أربع حالات : حالتان يجهر بها فيهما , وحالتان يسر بها فيهما , فيجهر بها في المحافل والتعليم , وَيَسِرُ بها في الصلاة والإنفراد , غير أن العمل هو الإسْرَارَ بها هي والبسملة فلم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الجهر بالبسملة في الصلوات الجهرية ، ولكن كان يسر بها وصيغة الإستعاذة الواردة عنه صلي الله عليه وسلم : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أى أعوذُ وألوذ ُوأعتصم بك يا الله من الشيطانِ الرجيم ِالمطرود المبعد من رحمة الله لا يضرني في ديني ولا في دنياى ,ومن الأدب مع القرآن أنه إذا قطع قراءة القارئ من المصحف سؤال أو كلام مع أحد فعليه أن يستعيذ من جديد ثم يواصل القراءة .
وللإستعاذة مع البسملة من أول السورة أربعة وجوه :
1 – قطع الجميع : أى قطع الإستعاذة عن البسملة وقطع البسملة عن أول السورة .
2– قطع الأول ووصل الثاني بالثالث : أي قراءة الإستعاذة منفردة ووصل البسملة مع أول السورة .
3 – وصل الأول بالثاني مع الوقف عليه : أى قراءة الإستعاذة مع البسملة ثم الوقف عليها ثم قراءة أول السورة .
4- وصل الجميع : أي وصل الإستعاذة بالبسملة ووصل البسملة بأول السورة ( يقرأ الثلاثة معاً ) ولها بين كل سورتين ثلاثة أوجه : -
أ – قطع الجميع : ( أى الوقف على نهاية السورة ثم الإستعاذة ثم البسملة ثم قراءة أول السورة التالية ) .
ب – قطع الأول ووصل الثاني بالثالث : ( أى عند نهاية السورة الأولي مع الإستعاذة ثم الوقف عليها ثم وصل البسملة مع أول السورة التالية ).
جـ – وصل الجميع : ( أى ختام السورة الأولي مع الإستعاذة مع البسملة مع أول السورة التالية ) .
… وأما بين الأنفال وبراءة ( سورة التوبة ) فللقارئ الوقف والسكت والوصل , مع العلم بأن سورة التوبة ( براءة ) لا تبدأ بالبسملة بمعني لا نقرأ البسملة قبل قراءتها .
باب التفخيم والترقيق
( 1 ) كيفية نطق حروف القرآن :-(2/2)
…حروف اللغة العربية (مرققة ) ماعدا سبعة أحرف مستعلاه (مرتفعة في النطق بإرتفاع اللسان إلي الحنك الأعلى عند النطق بالحرف يجمعها كلمة (خُصَّ ضَغْطٍ قِظ ْ) وهذه الحروف مفخمة مع العلم بإن مراتب التفخيم خمسة :
أعلاها : المفتوح وبعده ألف : طاغيين .
المفتوح وليس بعده ألف : صبر .
المضموم : فضرب .
الساكن : فاقض .
المكسور : خيانة .
…وحروف الإستعلاء السبع المذكورة سابقاً يقابلها باقي الحروف المسماة ( حروف الإستفال ) وهي كلها مرققة ولا يجوز تفخيم شئ منها إلا (اللام / الراء ) في بعض أحوالهما , وأعلم -عافانا الله وإياك- أن حرف الألف ( أ ) لا يوصف بترقيق ولا بتفخيم بل هو حرف تابع لما قبله , فإن وقعَ بعد مفخم ٍفُخِمْ مثل : قال / طال , لاحظ ( ق – ط + أ ) ولو وقع بعد مرققٍ رُقِقْ مثل : كان / جاء (الكاف – الجيم ) حروف مستفلة رقيقة .
أ – حكم تفخيم اللام : تفخيم اللام في لفظ الجلالة الله الواقع بعد فتح أو ضم مثل : تالله , ويعلم الله .
وفخم اللام من اسم الله عن فتح أو ضم كعبد الله .
ب – حكم ترقيق اللام : وترقق اللام بعد كسر ولو منفصلاً عنها أو عارض مثل وبالله , وباسم الله .
ج- حكم تفخيم الراء : يجب أن تعلم أخي القارئ كتاب الله أن للراء حالتان ( متحركة / وساكنة )
الراء المتحركة : إن كانت مفتوحة أو مضمومة فتفخم مثل (رزقنا – الرحمن – ربنا الروح ) بإستثناء حالة الإمالة في كلمة ( مجريها ) فترقق فأصل مجريها (مجراها ) وفي هذه الحالة كانت ستفخم الراء ولكن لما مالت رققت ، وتسمى ألف مجراها الألف الممالة المتفرعة من الألف الأصلية فلا هي ألف خالصة ولا ياء خالصة .(2/3)
الراء الساكنة : فقد تكون في الأول –أي بعد همزة الوصل – أو في الوسط , أو في الطرف إذا كانت في الأول فهي مفخمة مطلقا سواء وقعت بعد فتح مثل : وارزقنا , أو بعد ضم مثل :اركض (يجب في الفتح أن تقع بعد حرف عطف - و – وارزقنا ) ( والتي بعد ضم تكون بعد همزه الوصل) .
د- حكم ترقيق الراء : وكما قلنا للراء حالتان متحركة / وساكنة :
الراء المتحركة :إن كانت مكسورة فلا خلاف في ترقيقها سواء كانت الكسرة أصلية أم عارضة , وسطاً أم طرفاً , منونةٍ أو غير منونة , سُكِّنَ ما قبلها أم تحرك بأي حركة , وقع قبلها إستعلاء أم إستفال , في أسم أم فعل مثل : رزقاً , الغارمين , فضرب , وأنذر الناس , أمرٍ مريج , وليالٍ عشر.
الراء الساكنة : فقد تكون في الوسط فترقق إذا كانت بعد كسر أصلى متصل بها ولم يقع بعدها حرف إستعلاء في كلمتها من الحروف السبعة (خُصَّ ضَغْطٍ قِظ ْ) مثل : فرعون , شرذمة , مِرية , وإن كانت بعد كسر عارض منفصل أو متصل فتفخم مثل : إرجعوا , وإن إرتبتم . وإذا وقع بعدها حرف إستعلاء في كلمة أخرى فترقق مثل ولا تصعر خدك , فاصبر صبرا جميلاً ، وتتميماً للفائدة نذكر بعض الحالات الخاصة الواقعة بين التفخيم والترقيق :
إذا كان حروف الإستعلاء الواقع بعدها في كلمتها مكسوراً جاز التفخيم والترقيق مثل كلمة ( فرق ) في سورة الشعراء كل فرق فقط , فمن نظر إلي وجود حرف الإستعلاء ( فخم ) ومن نظر إلي أنه مكسور والكسر قد أضعف تفخيمه (رقق الراء ) .
والمختار تفخيم الراء في راء ( مصر ) , والترقيق في راء ( القطر ) والترقيق في ( يسر ) في سورة الفجر ( أسر ) ( أنذر ) .
…بعد ما تقدم سنورد حروف الإستعلاء والإستفال ، وأمام كل حرف الكلمات المرققة والمفخمة لبيان كيفية نطق الحرف وعدد كلمات الحرف في القرآن الكريم كلما أمكن :-
الهمزة : 20036 كلمة تبدأ بالهمزة في القرآن الكريم وتنطق مرققة مثل: أبى / أتى / أتاهم / أجل / أحسن.(2/4)
الباء : مستفلة مرققة : بديع / بدلناهم / برئ .
التاء : رقيقة : تتلوا / تجرى / تتوقاهم / تتقوا .
الثاء : تخرج لسانك دائماً : ثلاثة / أثر / ثواب / ثمانية .
الجيم :لابد أن تعطش في كل كلمات القرآن : جاء / جنة .
الحاء : حاسداً , حاشرين , حاجز, حسيب , حديد ,حسبوا .
الخاء : 1042 كلمة تبدأ بالخاء في القرآن الكريم (كل خاء مفتوحة تفخم ) خاسرين خادعهم / خاشعة/ خالق ( كل خاء مضمومة تفخم ) (خو ) أو المكسورة فترقق ( خى ) خيانة .
د : دائماً مرققة دعا / داود / دعوة / دم / دكا / دلوه .
ذ : يخرج فيها اللسان رقيقة أيضا : ذلك / ذلكم/ ذوات/ ذلول .
ر : كل راء مفتوحة أو مضمومة تفخم والمكسورة ترقق وعدد كلماتها المبدؤة
بالراء بالقرآن الكريم 2313 كلمة( رابية/ رادع/ رضوان/ رجال/ رزقا/ رؤوسكم)
ز : 254 كلمة تبدأ بحرف ( الزاي ) وليس الزين كما تعودنا نطقها و (بدون إخراج اللسان ) زاهدين/ زارعون/ زانية .
س : 1671 كلمة في القرآن الكريم تبدأ بحرف السين : سبيل/ سلام .
ش : شديد/ شفيع/ شهيد/ شتاء .
ص : مفخمة ، 742 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم : الصاخة/ الصاعقة .
ض : مفخمة ، 238 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم :ضاد/ ضالين/ ضار .
ط : مفخم ، (وهذا الحرف لنا معه وقفة عند صفات الحروف ) طالب / طالوت .
ظ : مفخم ، 373 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم (حرف الظاء لا بد وأن
يخرج فيه اللسان مثله مثل الثاء والذال) ظالم/ ظافر/ ظاهر .
ع :4251 كلمة تبدأ بهذا الحرف المرقق في القرآن الكريم عسى/ عذاب/عزما .
غ : مفخم : كل غين مفتوحة ومضمومة تفخم , ولو مكسورة فترقق غدائنا/ الغاوين/ غفلة / الغيب/ غفور.
ف : 2465 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم فاعلين/ فان/ فتى/ فتاح .
ق : مفخم ، 3609 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم قارعة/ قادر/ قبل .(2/5)
ك : مرققة 3113 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم , كلام/ كفي/ كريما ً .
ل : مرققة دائما 4848 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم ليل/ ليتلو/ لوحة .
م : 9964 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم ممنون/ ممنوع/ ملائكة/ مال .
ن : 2252 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم , نادمين / ناصبتم / ننبأ/ ناعمة
هـ : هادية/ هاتين/ هدى/ هشيما
و : واحد/ وحدنا/ وعدناهم .
ي : 5998 كلمة تبدأ بهذا الحرف في القرآن الكريم يأتيهم/ يأتوك/ يأتمرون .
مخارج الحروف
للعلماء في المخارج ثلاث مذاهب فمنهم من جعله سبعة عشر ومن جعله ستة عشر ومنهم من جعله أربعة عشر , ونحن نختار مذهب الخليل بن أحمد وابن الجزرى : وهو سبعة عشر مخرجاً ، ودراسة المخرج تفيد القارئ في معرفة محل خروج الحرف وتميزه عن غيره .
والمخارج العامة عند بن الجزرى خمسة : الجوف/ الحلق / اللسان/ الشفتان/الخيشوم
1) الجوف : وهو تاخلاء الداخل فى الحلق والفم : ويخرج منه حروف المد الثلاثة وهى : الواو الساكنة المضموم ماقبلها ، والياء الساكنة المكسور ماقبلها ، والألف ولاتكون إلا ساكنة ولايكون ماقبلها إلامفتوحا ً .
2 ) الحلق : أ - أقصاه – الهمزة / الهاء .
ب - وسطه – العين / الحاء .
جـ - أدناه – الغين / الخاء . . ( وهذه الحروف الستة تسمى : الحروف الحلقية ، ولنا معها وقفةٌ أخرى في الإظهار عند النون الساكنة والتنوين )
3) اللسان : وله عشر حركات كما يلي :
أقصى اللسان : أبعده مما يلي الحلق وما يحاذيه من الحنك الأعلى : وتخرج منه : القاف .
ب - أقصى اللسان: مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف : وتخرج منه الكاف .
ج – وسط اللسان: مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه : الجيم والشين والياء و تسمى هذه الحروف : شجرية لخروجها من شجر اللسان : منفتحة .(2/6)
(ولعلك تلاحظ وقوع الخطأ من بعضنا عند تفخيمنا حرف الكاف ونطقه بما يشبه القاف لقرب مخرج الحرفين , وكذلك عند تعطيش حرف الجيم فبعضنا ينطقها كالشين وذلك لإتفاق مخرج الحرفين معاً من وسط اللسان) .
د – إحدى حافتي اللسان وما يحاذيه من الأضراس العليا ويخرج منه : الضاد وتخرج من الحافة اليسرى وهذا أسهل , وخروجها من اليمين أصعب وأقل استعمالاً كما أنه من الجانبين أعز وأعسر, فالضاد أصعب الحروف خروجاً وقال صلى الله عليه وسلم " أنا أفصح من نطق الضاد بيد أنني من قريش" آي قريش هم أصل العرب وهم أفصح من نطق بها , فهو صلى الله عليه وسلم أفصح العرب .
جـ - ما بين حافتي اللسان معا بعد مخرج الضاد وما يحاذيها من اللثة(لحم الأسنان العليا): تخرج اللام , وقيل تخرج من الحافة اليمنى عكس مخرج الضاد .
هـ - طرف اللسان: ومخارجه خمسة وحروفه إحدى عشر حرفاً :
طرف اللسان وما يحاذيه من اللثة العليا تحت مخرج اللام قليلاً يخرج منه (النون المظهر) وهي النون الساكنة التي ستتقابل مع إحدى الحروف الحلقية فتظهر النون واضحة مجردة من الغنة .
طرف اللسان مع ظهره مما يلي إلي رأسه ويخرج منه : الراء .
ظهر رأس اللسان وأصل الثنيتين العلويين : ويخرج منه الطاء فالدال والتاء وهذا أيضاً ما يفسر نطق بعضهم التاء طاء فيفخمونها أو يستبدلون بالطاء التاء فيرققونها وهذا لإتفاقهما في المخرج . وهذا يسمى : بالخطأ الجلى, أي -الخطأ الظاهر- وهو خطأ يطرأ علي الألفاظ فيخل بعرف القراءة سواء أخل بالمعنى أم لا ويأتي من تغير حرف أو حركة بحركة كضم تاء ( أنعمت ) أو فتح دال ( الحمد لله) .(2/7)
... ويجب العلم أن ( الجلى ) أي -الخطأ الظاهر- حرام يأثم القارئ بفعله ولهذا وجب دراسة علم التجويد لأنه وإن كان علي سبيل العلم به فرض كفاية أما العمل به ففرض عين علي كل مسلم ومسلمة . والتجويد معناه الإصطلاحي : إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه – أي الحرف- حقه ومستحقه(وحقه ومستحقه سنرجئ الحديث عنه إلي باب صفات الحروف) .... ولذا وجب ولزم التنبيه علي الذين يستهينون ويتهاونون في القراءة .
طرف اللسان مع ما بين الأسنان العليا والسفلي قريبة إلي السفلي مع إنفراج قليل بينهما ويخرج منه : الصاد / السين / الزاي .
طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا وتخرج منه الظاء/ الذال/ الثاء (وهي حروف لثوية يخرج فيها اللسان لقربها من اللثة ) .
3 ) الشفتان :
بطن الشفة السفلي مع أطراف الثنايا العليا : ويخرج منه الفاء .
ب - الشفتان معاً : وتخرج منهما /الباء الموحدة/ والميم / والواو إلا أنهما بانطباق مع الميم والياء , وإنفتاح مع الواو(وتسمى هذه الحروف شفوية ) لخروجها من الشفة .
4 ) الخيشوم : وهي خرق الأنف المنجذب إلي الداخل فوق سقف الفم بالمنخر ويخرج منه الغنة وهي التي مصاحبه للنون المدغمة والمخفاه .
- ولو رقمت هذه المخارج لوجدتها سبعة عشر مخرجاً, ولكن أردت للتيسير وضع شكل شجري متفرع من كل مخرج .............................(في كتب التجويد بعض المصطلحات للحروف يطلقها أهل العلم وحتى لاتلتبس على القارىء ، سنوضحها لكم ، فيقولون
الباء الموحدة: ويقصدون" الباء "(لكي لا تشترك مع الياء ) , ويقولون التاء الفوقية : ويقصدون " التاء " ( لكى لا تختلط مع الثاء ) , والحاء والعين والصاد والطاء والراء والدال المهملة (مهملة : أي بدون نقطة فوقها للتمييز بينها وبين الحروف المعجمة ، وإعجام الحروف أي تنقيطها : مثل الجيم/ الخاء/ الضاد/ الثاء/ الزاي/ الذال وهكذا ) .
صفات الحروف
وتقسيماتها(2/8)
…قلنا من ذى قبل أن التجويد معناه الإصطلاحي : إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه – أي الحرف- حقه ومستحقه .
وأما مخارج الحروف وهي الشق الأول من التعريف فقد ذكرناه وشرحناه
وأما مستحقه : وهو صفات الحرف العرضية الناشئة عن الصفات الذاتية , كالتفخيم والترقيق , وراجعه في أول هذه الصفحات.
ولم يتبق لنا سوى حق الحرف وتعريفه : صفاته الذاتية اللازمة له ,كالجهر والشدة والإستعلاء والإستفال والغنة وغيرها , فإنها لازمة لذات الحرف لا تنفك عنه فلو إنفكت عنه ولو بعضها لصار لحناً .
....وعليك أن تعلم أخي القارئ أن غاية علم التجويد هو صون اللسان عن اللحن في كلام الله تعالي, وفي الباب السابق ذكرت لك اللحن الجلى , وبقى القسم الأخر من اللحن وهو اللحن الخفى : وهو خطأ يطرأ علي الألفاظ فيخل بالحرف دون المعنى مثل : ترك الغنة , قصر الممدود , مد المقصور, وهو مكروه ومعيب عند أهل الفن , والبعض ألحقه باللحن الجلى من حيث الحرمة, لأنه يذهب برونق القراءة .
..... وصفات الحرف هي كيفية عارضة للحرف عند حصوله في المخرج من جهر ورخاوة وما أشبه , وهكذا يتبين لك مدى علاقة المخرج بصفته وعددها 17 صفة وبعضهم عدها 44 صفة ومنهم من عدها 16 صفة ولكن المختار هو مذهب ابن الجزرى في عدها سبعة عشر صفة إستنادا علي مخارجه السبعة عشرة.
.... وهذه الصفات التي سنذكرها لك منها ما يتصف بالقوة , ومنها ما يتصف بالضعف وعلي هذا سنذكرها لك وما يقابلها وتقسيماتها حنى لا نثقل عليك بباب أخر في التقسيمات والله من وراء القصد :
1 ) يجب العلم بأن الصفات علي قسمين , قسم له ضده ( خمس ) ومجموعها عشر . وقسم لا ضد له وهو سبعة :
أ – الصفات التي لها ضد ويجب حفظها بترتيبها المذكور لما له علاقة بالقاعدة التي سنوردها في نهاية الباب :
الهمس / الجهر
الشدة والتوسط / الرخاوة
الإستعلاء / الإستفال
الإطباق / الإنفتاح
الإزلاق / الإصمات(2/9)
* ويجب العلم بأن الشدة والتوسط صفتان ومضادهما الرخاوة أي أنهما متصلتان وليستا علي درجة واحدة كما سيتبين فيما بعد .
..... وسنبين هذه الصفات بالتفصيل وسنكتب في نهايتها تقسيم الصفة من حيث الضعف والقوة :
1 – الهمس : جريان النفس عند النطق بالحرف وذلك لضعف الإعتماد علي المخرج وحروفه عشرة يجمعها قوله : " فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ "
الفاء- الحاء-الثاء- الهاء-الشين- الخاء –الصاد- السين – الكاف-التاء,وأضعف حروفها الهاء وأقواها الصاد والخاء , وصفة الهمس ضعيفة لأنها من الخفاء .
2 – الجهر : إنحباس جرى الصوت عند النطق بالحرف وذلك لكمال الإعتماد علي المخرج .
وحروفه التسعة عشر الباقية من الأبجدية , وأقوى حروفها ( الطاء ) .
وصفة الجهر قوية لكونها من الإعلان .
3 – أ- الشدة : إنحباس جرى الصوت عند النطق بالحرف وذلك لكمال الإعتماد علي المخرج .
وحروفها ثمانية ويجمعها قوله " أَجِدْ قَط ٍبَكَتْ " وهي :
الهمزة – الجيم – الدال – القاف – الطاء – الباء – الكاف – التاء .
وأقواها ( الكاف ) كما في الجهر .
- وصفة الشدة قوية لأن الشدة قوة .
3- ب - التوسط : إعتدال الصوت عند النطق بالحرف وذلك لعدم إكتمال إنحباسه كما في الشدة , وعدم كمال جريانه كما في الرخاوة ( وهو ما سيأتي ) .
وحروفها خمسة تجمعها قوله " لنْ عُمَرْ " اللام – النون- العين- الميم-الراء
وهذه الصفات معتدلة فلا توصف بالقوة ولا توصف بالضعف
4 – الرخاوة : جريان الصوت مع الحرف وذلك لضعف الإعتماد علي المخرج .
وحروفها ستة عشر الباقية من الأبجدية بعد إحتساب حروف الشدة الثمانية وحروف التوسط الخمسة .
صفة الرخاوة : ضعيفة , فالرخاوة لغة لين , واللين ضعف .
5 – الإستعلاء : إرتفاع اللسان إلي الحنك الأعلى عند النطق بالحرف .
وحروفها سبعة ويجمعها قوله " خُصَََّّّّّ ضَغْطٍ قِظ ْ" وهي :
الخاء – الصاد – الضاد – الغين – الطاء – القاف – الظاء(2/10)
صفة الإستعلاء : قوية لأن الإستعلاء إرتفاع .
6 – الإستفال : إنخفاض اللسان إلي الحنك الأعلى إلي قاع الفم عند نطق الحرف .
وحروفه إثنان وعشرون حرفاً الباقية بعد حروف الإستعلاء .
صفة الإستفال : ضعيفة , فالإستفال : إنخفاض .
7- الإطباق : تلاصق ما يحازى اللسان من الحنك الأعلي للسان عند النطق بالحرف أو تلاقى طائفتي اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف .
حروفه أربعة : الصاد – الضاد – الطاء – الظاء .
أقواها الطاء , وأضعفها الظاء .
صفة الإطباق : القوة ، و الإطباق : من الإلصاق .
8– الإنفتاح : تجافي كلا من طرف اللسان والحنك الأعلي حتى يخرج الريح يبنهما عند النطق بالحرف .
- حروفه خمسة وعشرون حرفاً عدا حروف الأطباق .
- صفة الإنفتاح : ضعيفة , والإنفتاح : من الإفتراق .
9 - الإذلاق : سرعة النطق بالحرف لخروجه من طرف اللسان 1 : اللام – الراء – النون . 2 : وبعضها من الشفتين : الفاء – الباء – الميم – ويجمعها قوله " فَرَََّّ مِنْ لُبََّّّ "
صفه الإذلاق : ضعيفة ، والإذلاق : حدة اللسان .
10– الإصمات : إمتناع الحروف الثلاثة والعشرون الخاصة به من الإنفراد بل لا بد أن يأتي معها حرف من حروف الذلاقة خاصة في الكلمات الرباعية والخماسية ( كل كلمة رباعية أو خماسية أصولاً لا يوجد فيها حرف من حروف الذلاقة فهي غير عربية ) .
صفة الإصمات : قوية ، والإصمات : المنع .
ب ) الصفات التي لا ضد لها : سبع صفات :
1-الصفير: صوت يخرج من الشفتين يصاحب أحرفه الثلاثة( الصاد – السين – الذاي) وسميت بذلك لأنك عندما تسمعها تسمع صوتاً يشبه صفير الطائر( أقوى حروفها الصاد ) .
2-القلقلة : إضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية .
- حروفها خمسة مجموعة في قوله " قُطْبُ جَد " وهذه الحروف فيها شدة وجهر وأعلاها الطاء وأوسطها الجيم وأدناها الباقي .
- والقلقلة : صفه تابعة لما قبلها .
- صفة القلقلة قوية .(2/11)
3 – اللين : إخراج الحرف من مخرجه في لين وعدم تكلف .
حروفه إثنان : الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما مثل :
خوف - بيت (بمعنى أن حروف المد هنا صارت لينة لا مداً )
صفة اللين ضعيفة , فاللين : ضد الخشونة .
4- الإنحراف : ميل الحرف بعد خروجه إلي طرف اللسان .
- حروفه : اللام , الراء , وانحرافهما عن مخرجهما حتى يتصلا بمخرج غيرها .
- صفة الإنحراف : قوية , والإنحراف : من الحيل والعدول .
5-التكرير : إرتعاد رأس اللسان عند النطق بالراء, ولكن يجب أن يكون بإعتدال حتى
لا تتكرر راءات كثيرة عند النطق بها.
6- التفشي : إنتشار الريح في الفم عند النطق بالشين حتى يتصل بمخرج الظاء .
- حروفه : الشين فقط .
- صفة التفشى : قوية , والتفشى : إنتشار .
7- الإستطالة : إمتداد الصوت من أول حافتي اللسان إلي آخرها .
- حروفه الضاد فقط .
- وصفة الإستطالة : قوية , والإستطالة : الإمتداد .
*** وقد يتسائل متسائل عن ضرورة ذكر هذا الباب وأترك سيبويه يرد في كتابه علي هذا فيقول " …وإنما وصفت لك حروف المعجم بهذه الصفات لتعرف ما يحسن فيه الإدغام وما يجوز فيه , وما لا يحسن فيه ذلك ولا يجوز فيه ".
وأضيف .... لو جربت أن تقرأ هذه الحروف صفاتها ومخارجها بالطريقة الصحيحة المذكورة من المؤكد أنك ستقوم لسانك وقراءتك ستكون أقرب إلي الصحة وبعدها سنيسر لك ذلك عن طريق قاعدة ستكون ثابتة لديك كما يلي :
"........إذا أرت إستخراج أي حرف فأبدأ أولاً بالهمس فإن وجدته وإلا فأبحث عنه في ضده (الجهر) ثم حروف الشدة والتوسط فإن لم تجد ففي (الإستفال ) ثم جرب (الإطباق) وإلا ففي (الإنفتاح ) ثم (الذلاقة) ثم (الإصمات) ثم ( الصفات السبع التي ليس لها ضد) .
- وقد يكون للحرف خمس صفات ولا تزيد عن سبع إلا في الراء
مثال :
ما له خمس صفات : الفاء( مهموسة , رخوة , مستفلة , منفتحة , زلقة ) .(2/12)
ما له ست صفات الباء (مجهورة , شديدة, مستفله, منفتحة, زلقة , مقلقله ) .
ما له سبع صفات الراء(مجهورة , متوسطة , مستفله, منفتحة, مزلقة , منحرفة ,
مكررة) .
ويقول أعلام القراء وأساتذة الأزهر ومشايخه في علم التجويد ، عليك بحفظ نظم هذه الصفات علي التفصيل المقدم حتى تكون عالماً بالتجويد .
المثلين / المتقاربين
المتجانسين
...... تعرفنا أخي المسلم فيما سبق علي كيفية قراءة الحرف ومخرجه وصفته وكذلك تقسيماته وهذا الفصل يعد تتويجاً لما تعلمته ......... كيف ؟
...من المعلوم أن هذه الحروف وإن تعرفنا عليها مفردة أو مجموعة تحت مخرج أو بصفة فهي لا شك ستتقابل لتكوين كلمة ثم جملة . فماذا يحدث حين تلتقي الحروف ، إذا التقى الحرفان لفظاً وخطاً ، أو خطاً فقط ، إنقسما إلي أربعة أقسام سنذكر منها ثلاثة فقط وهم المذكورين بالعنوان , وكل قسم ينقسم بدوره إلي ثلاثة أقسام كالتالي :
1 ) المثلين : حرفان إتحدا مخرجاً وصفة :
الصغير : اضرب بعصاك / وقد دخلوا / وهو كما ترى يكون الحرف الأول فيه ساكن والثاني متحرك = حكمه : وجوب الإدغام .
الكبير : وفيه الحرفان متحركان : فيه هدى / الرحيم مالك = حكمه : الإظهار .
المطلق : وهو عكس الصغير إذ الحرف الأول فيه متحرك والثاني ساكن : ما ننسخ / شققنا ، وحكمه : الإظهار .
2 ) المتقاربان : حرفان تقاربا مخرجاً وصفة : إذ زين ,أو تقاربا صفةٍ فقط لا مخرجا: كالذال والجيم (إذ جاءكم ) أو تقاربا مخرجا ًلا صفة : كالدال والسين : قد سمع .
فالجيم (من حيث الصفة ) : مجهورة , شديدة, مستفلة, منفتحة , مصمتة , مقلقلة .
الذال (من حيث الصفة ) : مجهورة , رخوة , مستفلة , منفتحة , مصمتة .
وهما متقاربان لا متماثلان مما يقيض تقارب بعض الصفات لا تماثلها بمعنى تمام المطابقة , وإذا كان الجيم (6) صفات والذال (5) صفات فقد إلتقيا في أربع صفات وإفترقا في إثنتين :(2/13)
صغير: قد سمع = حكمه :الإظهار , إلا اللام والراء نحو:
قل رب / بل ران = حكمه : الإدغام .
ولكن عند حفص فله علي لام ( بل ران ) وأخواتها سكتة لطيفة وهي ما تجده في المصاحف مرسومة فوق الحرف (ل) ( س) بمعنى سكتة أو وقفة .
أ - الكبير : عدد سنين = حكمه : الإظهار .
ب ـ المطلق : كاللام والياء نحو : عليك = وحكمه : الإظهار.
3 ) المتجانسان : حرفان إتحدا مخرجاً وإختلفا صفة : كالدال والتاء , فمن حيث المخرج فالدال والتاء يخرجان من ظهر رأس اللسان .
أما صفة الدال : مجهورة / شديدة / مستفلة/ منفتحة/ مصمتة/ مقلقله .
وأما صفة التاء : مهموسة / شديدة/ مستفلة/ منفتحة/ مصمتة .
صغير : همت طائفة = حكمه :الإظهار , ويستثنى من الإظهار خمس مواضع يجب الإدغام:
الدال في التاء : قد تبين .
التاء في الدال والطاء :أثقلت دعوا / همت طائفة .
الذال في الظاء : إذ ظلمتم .
الثاء في الدال : يلهث ذلك .
الباء في الميم : اركب معنا .
الكبير : الصالحات طوبى = حكمه :الإظهار.
المطلق : مبعوثون = حكمه : الإظهار.
( اللامات السواكن )
لام ال ( لام التعريف ) / لام الفعل
...... هي اللام المحررة من الحركة أو التي عليها سكون ويشملها خمس أحكام سنذكرها فيمايلي:
لام التعريف ال .
لام الفعل .
لام الحرف .
لام الاسم .
لام الأمر .
* حكم لام التعريف : ال الزائدة علي بنية الكلمة (وهي بدون همزة وهذا خطأ إملائي يقع فيه كثيرين وهو ما ترفضه السليقة الأدبية العربية) .
أ – اللام القمرية : لأن عند ظهور القمر تظهر النجوم ولذا أخذت حكم الإظهار ويجمعها صاحب تحفة الأطفال في أربعة عشر حرفاً من قوله : "ابغ حجك وخف عقيمه "
همزة / باء / غين / حاء / جيم / كاف/ واو / خاء/ فاء/ قاف/ تاء/ ميم/ هاء .
مثل : (الأرض- البيت – الغفور- الحليم- الجبار- الكريم- الودود- الخبير- الفتاح – العليم- الملك ) .(2/14)
ب – اللام الشمسية : وسميت بذلك لأن عند ظهور الشمس تختفي النجوم فلا تظهر وحكمها : الإدغام ، ولن أذكر لك البيت الذي يجمعها لطوله في التحفة , ولكن ما دمت حفظت لام القمرية أي حروفها فالشمسية هي الأربعة عشر الباقين من الأحرف وهم :
( الطاء – الثاء – الصا د – الراء – التاء – الضاد – الذال – النون – الدال السين – الظاء – الزاي – الشين – اللام ) .
مثل : (الطيبا ت – الثواب – الصا دقين – الرحمن – التواب – الضالين – الذكر – الناس ـ الداع – السميع – الزبور – الليل ) .
(والليل تكتب في القرآن بلام واحدة ولكنها مشددة والحرف المشدد حرفان : ساكن ومتحرك ) .
* حكم لام الأسم الأصلية : الإظهار مطلقاً : مثل: سلطان / سلسبيل / ألسنتكم / ألوانكم .
* حكم لام الفعل : الإظهار.
(وَأََظْهِرِنَّ لامَ فِعْلٍ مُطلقاً في نحوِ قل نعم وقلنا والتقى ) .
الماضي : الْتقَى , المضارع : يَلْتقطْهُ , والأمر : قُلْ .
وأما إذا ما وقع بعد لام الفعل(لام ) أو (راء) وجب الإدغام للتماثل في اللام , والتقارب
في الراء . مثل : قُل لَّكُمْ / قُل رََّبى .
*حكم لام الحرف : الإظهار ، مثل : فهل ترى , بَلْ طُُبِعَ .
أيضا إذا لم يقع بعدها حرفي اللام والراء وجب الإدغام وتذكرون عندما تحدثنا عن المتقاربين الصغير(راجعة ) ستجد نفس الحكم هنا فالقراء يجمعون علي الإدغام إلا حفص فهو يرى الوقوف علي لام (بَلْ رَان ) سكتة لطيفة , وهذا ما يتعارض مع الإدغام لأن الإدغام يمنع السكتة , وهو له علي ألف : ( عوجاَ ) من أول سورة الكهف .
و (مرقدنا ) من سورة يس, وعلي نون (من راق ) من سورة القيامة, ولعلك تتسائل لماذا أختار حفصاً السكت دون الوصل ؟, لأنه يرى أن الوصل من غير سكت يوهم خلاف المعنى المراد من الآية بينما السكتة تزيل وتدفع هذا التوهم .
باب الحذف والإثبات(2/15)
…ولعلي لا أطيل عليك إذا ما تليت هذا الفصل ، بفصل الحذف والإثبات فهناك في سور القرآن حروف حذفت (رسماً ووصلاً ولفظاً ) وحروف أثبتت رسماً ووقفا سنجليها بقدر الطاقة لما فيها من فائدة لك لتسترشد بها ، وهي إن داومت معرفتها صارت عليك سهلة هينة يسيرة إن شاءَ الله :
1 – كل واو مفردة أو جمع حذفت في الأصل لإلتقاء الساكنين فإنها ثابتة رسماً ووقفاً : (يَمْحُوا الله ما يشاء ) ( كاشفوا العذاب ) (مرسلوا الناقة ) .
2 – ويستثنى أربعة أفعال , واسم واحد من الإثبات وتصبح محذوفة (الواو ) رسماً / لفظاً / وصلاً/ وقفاً .
أ – الإسراء : وَيَدْعُ الإِنَسانُ .
ب – الشورى : ويحج الله الباطل .
ج – القمر : يَوَم يَدْعُ الدَََّّاعِ ِ.
د – العلق : سَنَدْعُ الزَّبَانيَةَ .
أما الإسم فقد ورد في سورة التحريم : ( وصالح المؤمنين ) لقولهم بأنه جمع مذكر سالم
وأما الياء فأثبتت في الأيدي (أولى الأيدي والأبصار) فيوقف عليها لإثباتها وحذفت من ( ذَا الأَيدِ إنََّّهُ أَوَّابٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌ ) ويوقف علي الثانية بحذفها.
ويوقف بالياء التي تثبت في الرسم وإن حذفت في الوصل (وَمُحِلّى الصَّيْدِ ) (حاضري المسجد الحرام ) (وَالمُقِيمِى الصَّّّّّلاَةِ ) .
الياء الزائدة الواقعة قبل ساكن محذوفة في الرسم يوقف عليها بالحذف(وسوف يؤت الله ) (بهاد العمى ) ( تغن النذر ) ( يناد المناد ) .
10-الألف إذا حذفت في الوصل لإلتقاء الساكنين فتثبت وقفاً ورسما ( ذاقا الشجرة )
( وكلتا الجنتين ) (وقالا الحمد لله ) .
11- يستثنى في حكم الألف في البند السابق ثلاث مواضع في القرآن الكريم حذفت فيها الألف رسماً ,ويوقف علي الهاء فيها من غير ألف: ( أَيُُّهَ المُؤْمِنُونَ ) النور , ( يَاأيُُّهَ السَّاحِرُ ) الزخرف , (أَيُهَ الثَّقَلانِِ ) الرحمن.
باب المقطوع والموصول(2/16)
… ولقد آثرتُ أن يكون باب المقطوع والموصول هو محطتنا بعد الفصل الذي تقدم , وأرجأنا الكلام عن همزة الوصل لكونها لن تخفي علي اللبيب بالقراءة ولا يخطئها من أجرى لسانه بالعربية الفصحي بالفطرة .
وهذا الباب يعرف القارئ بالوقوف علي المقطوع في محل قطع عند إنقطاع النفس , وكذا الموصول عند إنقضائه , وهو سنة لا يجوز مخالفته , وفائدة معرفة هذا الباب أن الكلمة المقطوعة يجوز الوقف عليها دون الموصولة :-
1 ) تقطع ( أن ) المفتوحة الهمزة الساكنة النون عن ( لا ) النافية في عشرة مواضع :
( أن لا أقُولَ عَلَي اللهِ إلا الحَقََّ ) الأعراف: 105
( أن لا يقوُلُوا علي اللهِ إلا الحَقَّ ) الأعراف: 169
( أن لا مَلجَأ َمِنَ اللهِ ) التوبة: 118
( أن لا إله إلا هو ) هود : 14
( أن لاَََّّّ تَعْبُدُواْ إلا الله ) هود: 16
(أن لاََّ تُشركْ بِي شَيْئاً ) الحج :26
( أن لا تَعْبُدَواْ الشَََّّيْطََانَ ) يس: 60
( وأن لا تعلوا علي الله ) الدخان :91
( أن لا َََّّيُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً ) الممتحنة: 21
( أن لاََّ يَدْخُلَنَََّّهَا الْيَْومَ ) القلم :24
- ومعنى القطع هنا { نطق أن دون إدغام النون في اللام }مثل : ( أَن لا إلَهَ إلا أنتَ سُبْحَانَكَ ) فبعض المصاحف علي أنها بالوصل وبعضها علي القطع ,وفيما عدا هذه المواضع العشرة التي كتبتها لك بأرقام الآيات في السور فكل ألا ( أن لا ) موصول ( أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَة ٌوِِزْرَ أُخْرَى ) لنجم , ( أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأتُونِى مُسْلِمِينَ) لنمل ، والمكسور الهمزة موصول إتفاقاً .
2 ) تقطع (إن) المكسورة الهمزة الساكنة عن ( ما ) في موضع واحد : وهو بسورة الرعد: 40 (وإن ما نُرَينََّك بَعْضَ الذَّي نَعِدُهُمْ ) وأما عدا هذا فموصول .
3 ) وتقطع (عن ) عن ( ما ) الموصوله في موضع واحد : وهو بسورة الأعراف الآية: 166 (عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ ) .
4 ) وتقطع ( من ) عن ( ما ) في موضعين :(2/17)
- ( فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ) النساء :25.
- ( هَل لَّّكم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكًم ) الروم. 28 , والباقي موصول .
5) تقطع ( أم ) عن ( من ) في أربع مواضع :
- ( أَم مَّنْ يَكُونُ عَلَيْهمْ وَكِيلاً ) النساء: 109.
- ( أم مَّنْ أَسَّسَ ) التوبة: 109.
- ( أَم مَّنْ يَأتِِي ءَامناً ) فصلت : 40.
- ( أم مََّّنْ خَلَقْنَا ) الصافات :11 , وما عدا ذلك فموصول .
6 ) تقطع ( أن ) المفتوحة الهمزة الساكنة النون عن ( لم ) في موضعين :
- ( ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُُّّّكَ ) الأنعام: 131.
- ( أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) البلد: 7 , وما عدا هذا فموصول .
7 ) تقطع ( إن ) المكسورة في جميع المواضع عن ( لم ) :
مثل : (فَإن لَّمْ تَفْعَلُواْ ) البقرة وغيرها , ولا توصل إلا في موضع واحد(فَإِلَّمْ يَسْتََجِيبُواْ لكم ) هود: 14 . الباقي كما قلنا مقطوع.
8 ) تقطع( إن ) المكسورة الهمزة المشددة النون عن ( ما ) الموصوله في موضع واحد بلا خلاف : وهو ( إنََّ مَا تُوعَدُونَ لآت ٍ) الأنعام : 134 , وما عدا ذلك فموصوله .
9 ) تقطع ( حيث ) عن ( ما ) في موضعين: (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) البقرة 144 , 150 , وما عدا ذلك فموصول .
10 ) تقطع ( كل ) عن ( ما ) : في سورة إبراهيم : 34 ( وآَتاكُمْ مِِِّن كُلِِِِّ ماسَأَلْتُمُوهُ) وما عدا ذلك فموصول .
11 ) تقطع ( بئس ) عن ( ما ) في جميع المواضع عدا موضعين فبالوصل وهما :
-(بِئسَمَا أشتََرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ) البقرة :90 .
-( بِئسَمَا خَلَفْتُمُونِى ) الأعراف :150 .
12 ) تقطع ( في ) عن ( ما ) في موضع واحد بلا خلاف : وهو (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ) الشعراء 147
*** وعشرة وقع الخلاف فيها والعمل فيها بالقطع وهي كالتالي :
- البقرة : 240 - الأنعام : 145
- الأنعام: 165 - الأنبياء : 102
- النور : 14 - الروم : 16(2/18)
- المائدة : 48 - الزمر : 3
- الزمر : 46 ......................... وما عدا هذا فهو موصول .
13 ) تقطع ( أين ) عن ( ما ) في جميع مواضع القرآن ما عدا موضعين فالوصل :
- ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) البقرة: 115.
- ( أَيْنَمَا يُوَجِّّههُُُُّّ لاَ يَأتِ بِِِخَيْرٍ ) النحل: 76 .
14 ) تقطع ( أن ) عن ( لن ) في جميع مواضع القرآن ما عدا موضعين فالوصل :
- ( أَلََّن نََّجْعَلَ لًَكًُم مََّوْعِداً ) الكهف: 48 . ــ (أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَاَمَهُ) القيامة : 3 .
16 ) تقطع ( كي ) عن ( لا ) في جميع مواضع القرآن ما عدا أربعة فموصوله :
- ( لِِّكََيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَي مَا فَاتَكُمْ ) آل عمران : 153.
- ( لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) الحج : 5 .
- ( لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌٌٌٌ ) الأحزاب: 23 .
- ( لِّكَيْلاَ تَأسَوْا عَلَي مَا فَاتَكُمْ ) الحديد : 37 .
17 ) تقطع ( عن ) عن ( من ) في موضعين فقط بالقرآن وماعداهما فموصل :
- ( وَيَصْرفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ) النور: 43.
- ( عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا ) النجم: 29 .
18 ) وتقطع ( يوم ) عن (هم ) في موضعين فقط في القرآن وما عداهما فموصول :
-( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) غافر: 16.
-( يَوْمَ هُمْ عَلَي النَّارِ يُفْتَنُونَ ) غافر: 13 , وذلك لأن هم مرفوع بالإبتداء فيها فالمناسب القطع , أما ( يومهم ) الموصول فمجرور فالمناسب الوصل .
19 ) تقطع لام الجر عن مجرورها في أربعة مواضع والباقي فموصول وهم :
- ( مَا لِ هَذَا الْكِتَا بِ ) الكهف: 49 .
- ( مَا لِ هَذَا الرَّسُولِ ) الفرقان: 7 .
- ( فَمَا لِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ ) النساء: 78 .
- ( فَمَا لِ الَّذينَ كَفَرُوا ) المعراج: 36 .
20 ) تقطع (لات ) عن ( حين ) في موضع واحد : وهو بسورة :3 (وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ )(2/19)
…أما باب التاءات فهو من الأبواب التي لن تخفي علي قارئ داوم علي قراءة القرآن وعرف هاء التأنيث التي كتبت بالتاء المجرورة( ربوة / رسالة / وما شابه ) والهاء المربوطة (ورحمة) ... وهكذا فهذا لن أطيل فيه وأحيل القارئ عليه بمعرفته من قراءته أو أستماعه . وأما الباب الذي أسهبت فيه فهذا الباب لأنه يغفل عنه القارئ ، ويخطىء بعضهم بعضاً ويرمون بالجهالة من قطع لأنهم ظنوه وصلاً ، وهكذا لأن الحكم قد خُفيَّ عليهم ولهذا أطلنا للمنفعة وتتميماً للفائدة .
باب معرفة الوقف والإبتداء
وبعد تجويدك للحروف لا بد من معرفة الوقوف .
…وأعلم ـ أخي المسلم وكذلك أختي المسلمة - ومعذرةٍ إذا خاطبت المسلم طويلاً وأغفلت المسلمة وهذا بحكم الطبع والعادة والإحتكاك – أعلما بأن المنهج الذي سرت عليه فى هذه الدراسة عند إعدادها كان فصل أحكام التجويد من ( نون ساكنة وتنوين والمد والقصر والميم والنون المشددتين ) حتى أنتهي من الحروف وكيفية نطقها وغيره حتى وصلنا إلي باب المقطوع والموصول الذي لولا إتقان معرفته لما أحسن أحدنا معرفة الوقوف , وهكذا سيكون هذا الباب هو خاتمة العقد في هذه السلسلة التي أرجو أن ينفعنا الله بها وإياك .
…وقبل أن أبدأ في الطرق على باب معرفة الوقوف والإبتداء ، و حتى أحس بأننا قد إستوفينا معرفة مخارج الحروف تماماً , أود أن أنبهك للآتي :(2/20)
1 ) عند تلاقى الضاد والظاء يجب تباين إحداهما من الأخرى حتى لا يختلطا فتبطل صلاة القارئ : (أَنقَضَ ظَََََََهْرَكَ ) الإنشراح : 3 (يَعَضُُُُُّ الظََّّالِِمُُ عَلََي يَدَيْهِِ )الفرقان :27 , و حرف الضاد مع حرف الظاء متشابهان في السمع ولاتستطيع أن تفرق بينها إلا بالمخرج والإستطالة , والضاد كما تعلمنا من صفات الحروف أنها : مفخمة / مستعلية / مطبقة / مستطيلة , فهي من أصعب الحروف تكلفاً عند المخرج , إذ يلزم ظهور صوت خروج الريح عند ضغط حافة اللسان لما يليه من الأضراس عند اللفظ وذلك كما ذكرنا في باب (مخارج الحروف ) .
) كما يلزم بيان ( الضاد ) من ( الطاء ) ( فَمَنِ ِاضطُرََّّّ ) البقرة :173.
) كذلك بيان ( الظاء ) من ( التاء ) : ( أَوَعَظْتَ ) الشعراء : 136.
) مع بيان ( الضاد ) من ( التاء ) ( فَإِذَا أَفَضْتُم مِِّّنْ عَرَفَاتٍ ) البقرة : 198 .
) إظهار الهاء من ( وإلهكم ) و ( أهدنا ) , لأن هذا الحرف – الهاء – يختفي وينبغى الحرص علي بيانه .
… والأن نستعد للإبحار والدخول لباب الوقف لأنه من أهم أبواب التجويد الذى ينبغى للقارىء أن يحرص علي الإهتمام به , إذ أن الوقف كما قال السيوطى في :( الإتقان ): حلية التلاوة , وزينة القارئ , وبلاغ التالي , وفهم المستمع , وفخر العالم , وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين , والنقيضين المتنافيين , والحكمين المتغايرين
*الوقف معناه الاصطلاحي هو : قطع الصوت عن الكلمة زمناً ما , يتنفس فيه القارئ عادة بنية إستئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها , ويأتي في رؤوس الآي وأوساطها , ولا بد معه من التنفس , ولا يأتي في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً مثل :( أينما يوجهه ) .
…الوقف أربعة أقسام : ثلاثة يحسن ويصح عندهم , والرابع لا يصح الوقوف عليه :(2/21)
1 – تام : وقف علي ما تم معناه ولم يتعلق بما بعدها لفظاً ولا معنى وأكثر ما يوجد هذا النوع في رؤوس الآي وعند إنقضاء القصص كالوقف علي ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِِ ) ,
والإبتداء بقوله ( إِنََّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) , فإن الجملة الأولى من تمام أحوال المؤمنين , والثانية متعلقة بأحوال الكافرين , وأقصد بالأولى الوقف علي ( المُفلِحُونَ ) من ( أُوْلئِكَ عَلَي هُدىً مِّن رَّبِهّمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ ) من سورة البقرة .
- وقد يكون هذا الوقف قبل إنقضاء الآية , كالوقف علي أذلة من قوله تعالي :( وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) ثم الإبتداء بقوله : ( وكذلك يفعلون) .
- وقد يكون بعد إنقضاء الآية بكلمة, كالوقف علي ( وبالليل ) من قوله :( وإنكم لتمرون عليهم مصحبين وبالليل ) فقوله (مصبحين ) رأس الآية ولكن التمام قوله ( وبالليل )
- حكمه : يحسن الوقوف عليه والإبتداء بما بعده .
2- الكافي : الإكتفاء بالوقف عليه وما تم في نفسه وتعلق بما بعده معنى لا لفظاً ويحسن
الوقوف عليه والإبتداء من بعده . مثل :- ( لا يؤمنون ) نقف عليها ثم نبدأ بقوله ( ختم الله علي قلوبهم ) .
- وقد يتفاضل هذا النوع في الكفاية كقول ( في قلوبهم مرض ) فهو كاف وقوله تعالي (فزادهم مرضاً ) أكفي منه , وقوله ( بما كانوا يكذبون ) أكفي منهما .
3- الحسن : الوقف علي ما تم في ذاته وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى , لكونه إما موصوفاً
والأخر صفه له ,أو مستثنى منه والأخر مستثنى ...ونحو ذلك .
- ما تعلق به الكلام لفظاً ومعنى : كالوقف علي لفظ ( الله ) من قوله تعالي ( الحمد لله ) , ثم نبدأ برب العالمين , فهذا وإن تم معنى أو أفهم لكنه تعلق بما بعده لفظاً ومعنى .(2/22)
- حكمه : يحسن الوقوف عليه والإبتداء به إن كان رأس أية . ويرى العلماء أنك – أخي المسلم – إذا قرأت ( الحمد لله ) حسن لكن لا تبتدئ ( رب العالمين ) إلا بعد الرجوع إلي (الحمد لله ) لأن الإبتداء بما يتعلق بما قبله لفظاً قبيح .
القبيح : لا يصح الوقف عليه , لأنه وقف علي ما لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظاً ومعنى , كالوقف علي المضاف دون المضاف إليه , وعلي الرافع دون مرفوعه , والناصب دون منصوبه , والمعطوف دون معطوفه , وعلي الشرط دون جوابه , وعلي الموصوف دون صفته , والموصول دون صلته .
… وهكذا فكل وقف علي ما لا يفهم معناه لأنه لا يعلم لأي شيء أضيف فهو وقف قبيح لا يجوز تعمده إلا لضرورة , كإنقطاع نفس أو عطاس ٍأو ُسعال فهو وقف إضطراري أو ضروري , ولكن لا يجوز له الوصل بالإبتداء بما بعده بل يبدأ بما قبله حتماً وإلا عد قبيحاً .
وغير ما تم قبيح وله الوقف مضطراً ويبدأ قيله
** فمن وقف علي مثل هذا بغير ضرورة ملحة أو ملزمة أي كان غير مضطر آثم وكان من الخطأ الذي لو تعمده متعمد لخرج بذلك من دين الإسلام أعاذنا الله وإياكم من هذا .
…إذ كيف يتأتى لمسلم أن يقف علي هذه الآيات أو يبتدأ ليوهم السامع بمعنى خلاف المعنى المراد , كالوقف علي ( إن الله لا يستحي ) و ( إن الله لا يهدى ) أو (فبُهتَّ الذين كفر والله ) أو ( لقد سمع الله قول الذين قالوا ) ثم يقف , ويبدأ من قوله تعالي ( إن الله فقير ) .
…أو الوقوف علي النفي الذي يأتي بعده إيجاب , وهو ولا شك وقف شنيع قبيح , كالوقف علي (وما من إله ) ومثل ( وما أرسلناك) .
وليس في القرآن من وقف وجب ولا حرام غير ما له سبب
…والوقف في القرآن لا يوصف في ذاته بوجوب ولا حرمة , ولم يوجد في القرآن من وقفٍ واجب يأثم القارئُ بتركه , ولا حرام بفعله , وإنما يتصف بهما وحسب وما يعرض له من قصد إيهام خلاف المراد , كما في الوقف القبيح المتقدم ذكره .(2/23)
…ولهذا تجد في نهاية المصحف قبل الفهرس إصطلاحات الضبط وفيها علامات الوقف التي يجب الإلتزام أو جواز الإلتزام بها والعلامتين التي يجب وضعهما في الإعتبار دائماً :
م : علامة الوقف اللازم أي لازم الوقوف عليها ويجب أن تعلم أنها بخلاف (م)
الإقلاب .
- لا : علامة الوقف الممنوع يعنى لا بد وأن تصل الآية وتتجاوزها وهي بخلاف الوقف
اللازم فالأولى تقف والثانية لا تقف .
أحكام النون الساكنة والتنوين
- النون الساكنة : وهي التي لا حركة فيها مثل : من / عن , تكون في الأسم وفي الفعل وفي الحرف , وتكون وسطاً وطرفاً , وتثبت لفظاً وخطاً , ووصلاً ووقفاً .
- التنوين : نون ساكنة زائدة تلحق أخر الأسماء لفظأ وتفارقه خطاً بمعنى أنها تظهر منطوقة لا مكتوبة .
وللنون والتنوين أربعة أحكام يشملن حروف الأبجدية العربية كالتالي :
إظهار ( 6 حروف ) , إدغام (6 حروف ) , إقلاب ( حرف ) إخفاء ( 15 حرف ) .
الإظهار: يبدو من معناه اللغوي ( البيان ) والإصطلاحي :إخراج كل حرف من مخرجه بغير غنة في الحرف المظهر.
- حروفه ستة : همزة / هاء / عين / حاء / خاء / غين .
أوتحفظها هكذا : همز فهاء ثم عين حاء مهملتان ثم غين خاء .
أو : إن غاب عنى حبيبى همنى خبره .
ومعنى مهملتين أي أن العين والحاء بدون تنقيط لنفرق بينهما وبين الغين والخاء .
- وتجد النون التي يقع بعدها حرف إظهار أو مظهر في القرآن بهذا الشكل ن? (نون علي رأسها خاء صغيرة بدون نقطة ) أو أي حرف عليه نفس الخاء هذه بأنه حرف مقرع يظهره اللسان , وتكون الحروف الستة المذكورة سابقاً مع ( النون ) في كلمة أو من كلمتين , ولكن في التنوين لا بد وأن تكون من كلمتين .
(أ) النون + الأحرف الستة المظهرة ( الحلقية ) من كلمة ومن كلمتين : ينأون ( ن + همزة /ح/خ/ع/غ/هـ ) من آمن / من? هاجر / من حادَّ الله / من خزي / سميع ُعليم / ينحتون(2/24)
(ب) التنوين : كلُُُُّّ آمن / جرف ٍهار / خلق ٍعظيم / سميعُ ُعليم / عليمُُ ُحكيم / يومئذٍ خاشعة .
- وتجد التنوين (حركتين متساويتين في القرآن ) عند أخر الكلمة الأولى وبداية الحرف المظهر في الكلمة الثانية هكذا ( ٌ ً ٍ ) (ضمتان / فتحتان / كسرتان متساويتان ), وهذا يدل علي إظهار التنوين ونكرر ( بغير غنة ) .
- وكنت قد نوهت من ذي قبل عن مخارج الحروف ,أن الحروف الست هي حروف حلقية وستقابلنا في أحكام النون الساكنة والتنوين وكان ترتيبهم في الحلق بنفس ترتيبهم للبيت الذي قلنا بحفظه , وعلي هذا فنجد أن أعلي مراتب الإظهار الثلاثة عند الهمزة والهاء , وأوسطه عند العين والحاء , وأدناه عند الغين والخاء .
- ولعلك تتسائل أخي المسلم ما هي العلة التي دعت لإظهار هذه الحروف الست ؟ أخبرك بأنه بالرجوع لباب مخارج الحروف , ستجد أن هذه الحروف الست ( حروف حلقية ) والنون والتنوين مخرجها طرف اللسان وهنا بُعد المخرجين , وهذا تيسير علي القارئ , وأوقع في التجويد .
2 ) الإدغام : وهو إلتقاء حرف ساكن بمتحرك بحيث يصيران حرفا واحداً مشدداً يرتفع اللسان عنهما إرتفاعه واحدة, أو النطق بالحرفين كالثاني مشدداً.
- حروف الإدغام ستة : ياء / راء / ميم/ لام / واو / نون , مجموعة في لفظ (يرملون ) , وينقسم الإدغام إلي قسمين :
أ ) إدغام ناقص ( الإدغام بغنة ) : وله أربع حروف مجموعة في لفظة ( ينمو ) أو عند بن الجزري في متنه ( يومن ) , فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الأربعة بعد النون الساكنة أو التنوين ( بشرط أن يكون من كلمتين ) وجب الإدغام بغنة .
- مثال النون : مَنْ يقول , مِنْ نِعِّمَةٍ , مِنْ مَالِ ِالله , مِنْ وَلي .
- مثال التنوين : وبرقٌُ يَجعلون, يومئذٍ نَاعمة , عذابٌ ٌمقيمْ .
- ولزيادة ضرب الأمثلة على إدغام النون الساكنة والتنوين :
1- إدغام النون الساكنة : * إدغام بغنة :(2/25)
ومن يَعمَلْ مِْثقالَ : ننطقها بعد إدغام الياء فى النون فنقول بغنة : وَمَيَّعْمل مِْثقَالَ
ِمنْ نِّعْمَة ٍ ... : منِِّّعْمةٍ
ِمن مَّلجَأ ... ... : ِممَّلجَأ
... 2- إدغام التنوين :
... *إدغام بغنة:
... - وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ : وجُوْ هُيََّوٍْمئِذٍ
... - أَمْشَاج ٍنَبْتَليهِ : أمْشَا جِنَّبْتَلِيهِ
... - َرسُولٌ ِمنْ اللهِ : رَسُوْ ُلِّمنَ اللهِ
... - جَنَّاتٍ وَعُيون ٍ: جَنَّا ِتوَّعُيُون
- وستجد في القرآن ( نون الإدغام ) أو النون التي تسبق الحرف المدغم عارية ًمن أي حركة , والفتحتان والكسرتان غير متساويتين والضمتان متتابعتان مما يدل علي الإدغام وتركيب الحركتين بمنزلة وضع السكون علي الحرف , وتتابعهما بمنزله تعريته عنه هكذا ( ٌ ً ٍ ) وجوهُُُ يومئذ / سراعاً ذلك / بأيدي سفرةٍ كرام .
- وسمى هذا الإدغام ناقص لذهاب الحرف (النون – والتنوين ) وبقاء الصفة (الغنة ) .
- ومع أننا بصدد الحديث عن (الإدغام الناقص ) ، لكن سيحل علينا الإظهار المطلق .
* الإظهار المطلق : هو إستثناء من الإدغام الناقص , فلو وقعت هذه الأحرف ( ينمو ) في كلمة واحدة وجب الإظهار المطلق (مطلق لعدم تقيده بحلق أو شفة ) ويقع الإظهار المطلق في أربعة كلمات لا خامس لها في القرآن الكريم ( الدنيا – بنيان – قنوان – صنوان ) وعلة إظهارها ، أنك لو أدغمتها غيرتها تماماً فيصير قنوان ( قوان ) والصنوان (صوان ) وهذا خطأ يجب الإحتراز منه .
ب ) إدغام كامل : ( بغير غنة ) وله حرفان ( الباقين من يرملون ) اللام / الراء
( وهكذا تجد تلازم اللام مع الراء في أكثر من باب مثل ( التفخيم والترقيق ) (المتقاربين الصغير ) و (اللامات السواكن لام الفعل ولام الحرف إذا وقع بعدهما لام أو راء) .(2/26)
- وهنا إدغام كامل لذهاب الحرف والصفة معاً , وإدغام اللام والراء للتقارب في المخرج وفي أكثر الصفات , وأما حذف الغنة معهما فهو للتخفيف , وأسباب الإدغام هنا اللام في الراء : التماثل / التقارب / التجانس .
- ولا يجوز إدغام الراء في اللام إذا وقعت الراء قبل اللام لأن الراء مكررة فكأنك أدغمت حرفاً مشدداً , وإدغام مشدد فيما بعده خطأ بإجماع العلماء مثل: ( إستغفر لهم ) .
ـ ويستثنى من الإدغام الحالات التالية :
# إدغام النون فى الراء : مثل : ( مَنْ رَاق ِ) القيامة :27 ، فيسكت عليها عند حفص فى التنفس ، ومن المعلوم أن الإدغام لايأتى مع السكت .
# إدغام النون فى الواو : مثل : ( يس والقُرْآن ِالْحَكِيمِ ) ، ( ن والقَلمَِ ) ، فالنون والواو أظهرتا وكان حقهما الإدغام ؛ لأنهما من كلمتين ، ووجه الإظهار فيهما هو مراعاة الإنفصال الحكمى ؛ لأن النون فيهما وإن اتصلت بهما لفظا ً فهى منفصلة حكما ً وذلك لأن كلاً من ( يس ) ، و ( ن) اسم السورة والنون حرف هجاء لا حرف مبنى وما كان كذلك حقه الفصل عمابعده فيظهر وصلا ً كما يظهر وقفا ً .
1) إدغام النون الساكنة : * إدغام بغيرغنة :
ـ لئِن لًمْ يَنْتَهِ : لَئِلَّمْ يَنْتَهِ ( هكذا يكون بغير غنة مع الشدة )
ـ مِن رَبكَ : مِرَّبَّكَ .
* مامعنى بغيرغنة مع الشدة أو التشديد ؟ : فنحن عندما حذفنا النون فى ( لئن ) ووصلناها بـ ( لم ) ، وجب النطق مع التشديد بغير غنة عند لام ( لم ) وكذلك عند راء ( ربك ) .
2) إدغام التنوين : * إدغام بغير غنة :
ـ وَيْلٌ لِلمُطَفَّفيِنَ : وَيْلُللَّمطَفَّفين
ـ فى عِيْشةٍ رَاِضية : فى عِشَتَّراضِيَة
3 ) الإقلاب : وهو قلب النون الساكنة والتنوين ميماً قبل الباء مع مراعاة الغنة والإخفاء , ويكون مع النون في كلمة أو كلمتين ومع التنوين لا يكون إلا من كلمتين : أنبئهم / أن بورك / سميعُ بصير / عليم بذات الصدور.
1- أمثلة على إقلاب النون الساكنة :(2/27)
... أ – من كلمة :-
- يُنْبِتُ ... ... : يُمْبتُ
- كََلاَّ لينبذنَّ : كَلاَّ لَيُمْبَذََنْ
ـ أنْبَأكَ : أمْبَأكَ
... ب – من كلمتين :
... - مِنْ بَعدِ ... ... : مِمْبَعدِ
... - مِنْ بَخِلَ ... ... : ِمْمبَخِلَ
... - أَنْ بُورٍكَ ... ... : أمْبُورٍكَ
... 2- أمثلة على إقلاب التنوين ( كلمتين ) :
... - مُنْفطِرٌ بِهِ ... ... : مُنْفَطِرٌ مْبِهِ
... - َزْوج ٍبَهيجْ ... : زَوْجِمْبَهِيج ٍ
... - عَلِيمٌ بِذَاتِ : عَلِيمُمْبِذَاتِ
... - لَطِيفٌ بعبَادِهِ : لَطِيفُمْبِعبَادِهِ ...
ولعلك تتسائل عن علة الإقلاب هن؟ ... وأجيبك هىَّ لسببين :
1 – عُسر الإتيان بالغنة مع الإظهار , ثم نطبق الشفتين من أجل الباء ( فيستحيل الإظهار )
2 – عُسر الإدغام لاختلاف المخرج وقله التناسب , فتعين الإخفاء , ومن ثم توصل بقلب الميم لأنها تشارك الباء في المخرج والتنوين في الغنة والثالث الإقلاب عند الباء ميماً بغنة مع الإخفاء.
4 ) الإخفاء : النطق بالحرف بصفته بين الإظهار والإدغام عار عن التشديد( غير مشددة ) مع بقاء الغنة في الحرف الأول .
- ومن التعريف الإصطلاحي يظهر الفرق بين الإدغام والإخفاء من وجهين هما :
أ ) إدغام فيه تشديد , الإخفاء ليس فيه تشديد .
ب) الإدغام يكون في الحرف , الإخفاء يكون عند الحرف . - وله 15 حرفاً الباقين من الأبجدية يجمعها أوائل كلمات هذا البيت :
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيباً زد في تقى ضع ظالماً
- وهم : ص- ث- ك- ج- ش- ق- س- د- ز- ف- ض- ظ .
- ويأتي الإخفاء من كلمة ومن كلمتين مع النون , ومن كلمتين مع التنوين كما عرفت مثل : مَنْصوَراً , مُنْتَهُونَ , مَنْضُودًا , انْظُرُواْ , ظِلاَّ َظلِيلاً , جَنَّاتٍ تَجْرِى , عَنْ صَلاتِهِمْ , فإن زَلَلْتمُ , ينْقَلِبُ , اِنْطَلِقُواْ .
- وتتعرف علي الإخفاء في القرآن الكريم بنفس ما ذكرناه آنفاً في الإدغام الناقص فارجع له إن شئت .(2/28)
وقد تتسائل : ما علة ُالإخفاء ِ؟ ......نجيبك بحمد الله لقد قيض الله لخدمة كتابه أكابر العلماء في كل مجال , ولم يتفقوا أو يختلفوا علي حكم ما ,أو إعراب أو خلافه ,إلا ما كان وراءه علة أو سبب لا هوي ٍأو مصلحة ، فعلةُ الإخفاء : إن التنوين والنون لم يقربا هذه الحروف الخمسة عشر مثل قربهما من حروف الإدغام ( فيدغما ) ,ولم يبعدا مثل بعدهما من حروف الإظهار (فيظهرا) فأعطيا حكماً متوسطاً بين الإظهار والإدغام وهو (الإخفاء )
أحكام
الميم والنون المشددتين
والميم الساكنة
1 ) حكم الميم والنون المشددتين :
وغنّ ميماً ثم نوناً شَُّّّّّّّّّدّّّدا وسم كلاً حرفَ غنةٍ بدا
… ومن البيت السابق تعلم أنه يجب غنهما مقدار حركتين وقلنا من قبل أن الحركة (بمقدار قبض الإصبع أو بسطه ) , والغنة صوت في الخيشوم وتعريفها الاصطلاحي : صوت لذيذ مركب في جسم النون الميم ثابتة منهما منطلقاً وهي في المشددة أكمل منها في المدغم , وفي المدغم أكمل منها في الساكن المظهر , وفي الساكن المظهر أكمل منها في المتحرك
مثال ذلك :
( ِمَن الجنَّةِ والنَّاسِ) – ( من نذير) – ( لّما ) – ( مالهم من الله ) ــ ( كأنَّ) ــ( عمَّ ) .
2 ) أحكام الميم الساكنة :هي الميم الخالية من الحركة , ولها قبل حروف الهجاء غير الألف اللينة ثلاث أحكام :
أ – الإخفاء الشفوي : وسمي بذلك لخروج حروفه من الشفة وهو كما تعلمت النطق بالحرف بصفةٍ بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة فإذا وقعت الميم الساكنة ووقع بعدها الباء أخفيت الميم , مثال : ( يَوْمَ هُمْ بَاِرزونَ ) , ( إليهم بهدية ) , (وَمَن يَعْتَصِمْ باللهِ ) .
وعلة الإخفاء أن ( الميم والباء ) لما اشتركا في المخرج وتجانسا في بعض الصفات ثَقُّلَ الإظهار , والإدغام التام ، فتعين الإخفاء .(2/29)
ب ) الإدغام : وجوباً : ويسمى إدغام صغير أو ( إدغام مثلين صغير ) , ويأتي من التقاء الميم بميم مثلها سواء كانت أصلية ( خَلَقَ لكُم مَّا في الأَرض ِ) أم ميماً مقلوبة عن النون الساكنة أو التنوين ( ِمنْ مَاءٍ مَهِين ) وفي الحالتين يلزم الإتيان بكمال التشديد وإظهار الغنة ( لأن حكمه الإدغام بغنة ).
ج ) الإظهار الشفوي : وجوباً من غير غنة , عند بقية الأحرف الستة والعشرون ويكون في كلمة مثل ( أَمْثَالكمْ ) , ( أَنْعَمْتَ ) , ومن كلمتين ( لعَلكَّمْ تَتَّقُّونَ ) ، ( وَيَنْصُركُمْ عَليهِم ) ، ( تَرْهَقُهُمْ ذلَّةٌ ) ، ( أَيَّكُمْ زَادَتْهُ ) .
وينبه العلماء علي أن القارئ لا بد أن ينتبه عند إلتقاء الميم الساكنة بحرفيّ الواو والفاء فلا يخفيهما ويظهرهما , لئلا يتوهم أنهما مثل الباء التي تتحد في مخرجها مع الواو , وتقترب في مخرجها من الفاء , فلا يخفيهما ( أكرر ) ولا يدغمهما لقوة الميم وضعف الفاء ( ومعروف أن القوى لا يدغم في الضعيف ) وكذلك لا يسكت عليها كما يفعل البعض خوفاً من الوقوع في إدغام ٍأو إخفاء بل يجب الإظهار .
باب المد والقصر
المد : إطالة الصوت بحرف من حروف المد الثلاثة عند ملاقاة همز أو سكون , وحروف المد هي حروف العلة ( و – ا – ى ) .
القصر : إثبات حرف المد من غير زيادة .
*** والمد قسمان :
1 ) الأصلي ( الطبيعي ) : وهو ما لا يقوم ذات الحرف إلا به , أي لا يتوقف علي سبب من همزاً وسكون ولكن لوجود حرف العلة في الكلمة , وسموه طبيعياً لأن صاحب الطبيعة السليمة لا يزيد فيه ولا ينقص عن مقداره , ومقداره مقدار ألف , ومقدار الألف حركتان مثل : قال / يقول / قيل .
2 ) الفرعي : المد الزائد علي المد الطبيعي لسبب من الأسباب التالية :
* للمد- أخي وأختي المسلمة- أسباب وشروط وأحكام :
أ – أسباب المد :
معنوي : كالمبالغة في النفى , والمد للتعظيم مثل ( لا إله إلا الله ) .
لفظي : همز أو سكون .(2/30)
- الهمز : سبب لثلاثة أنواع من المد : متصل / منفصل / بدل .
- السكون : سبب لنوعين : اللازم , العارض للسكون .
ب ) شروط المد : ضم ما قبل الواو / كسر ما قبل الياء ( مع سكونها ) والألف لا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً بمعنى : بالنسبة للألف : الألف ساكنة إذا جاء قبلها حرف مفتوح ( ن َ) تبقى – نا - ( والفتحة بعد الحركة ) والواو لو سبقها حرف مضموم مثل: قوتل , وكلمة: مرض لو سبقها حرف مكسور صارت:مريض والمد هنا(مد طبيعي ) حركتان مثل : ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أنظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا ) .
وتجمع حروف المد الثلاثة بسوابقها من الضم قبل الواو / والفتح قبل الألف / والياء قبل الكسر كلمة توحدها ( نو , حي , ها ) ولا بد من أن تكون المدود متساوية إذا إجتمعت كالمثال
ج ) أحكام المد : له ثلاثة أحكام وخمسة أنواع :
أما الثلاثة : الوجوب / الجواز / اللزوم
- الوجوب : نوع واحد .
- الجواز : ثلاثة أنواع .
- اللزوم : نوع واحد .
* الواجب : ( المد المتصل ) : وسمى متصلاً لإتصال حرف المد بالهمزة في كلمة واحدة مثل : جاء / السماء /: سُؤُ / مُسِيئا / سيئت , وحكمه : ( الوجوب ) أي محل اتفاق بين القراء علي اعتبار أن أثر الهمزة من زيادة المد بمعنى : أن حروف المد خفيه , والهمز بعيد المخرج , صعب في اللفظ فإذا لاصق حرفاً خفياً خيف عليه أن يزداد خفاءاً فَقُوّىَّ بالمد إحتياطاً لبيانه وظهوره , ومع إتفاقهم في الوجوب إختلفوا في مقدار زيادته , وما دمنا نعول في قراءتنا بقراءة حفص بن سليمان فأنه يمده أربع أو خمس حركات ( في الوصل ) , أما إذا وقف عليه فيزيد ليصبح ست حركات , وأنبه مع التكرار أن المد المتصل واجب بمده عند الوصل وعند الوقف فلا تستهينوا .
* الجائز : أي جواز قصره أو مده :(2/31)
) المد المنفصل : وهو أن يكون حرف المد في كلمة والهمز مبدؤ بها في كلمة أخرى يعنى المد في أخر الكلمة الأولى والهمزة في بداية الكلمة الثانية , والمد المنفصل لا بد له من كلمتين : ( بم أنزل )( يا أيها الناس )( إنا أعطيناك )( قالوا آمنا )(وفي أنفسكم ) .
- حكمه : كما عند حفص يمد أربع أو خمس حركات عند الوصل وعند الوقف لا يمد.
* قاعدة :
إذا أجتمع مدان متصلان مثل ( أنزل من السماء ماء) أو مدان منفصلان ( بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ) لا يجوز مد أحدهما دون الأخر بل يجب التسوية بينهما .
* المد اللين : وهويقع عند حرفى الواو والياء الساكنتين المفتوح ماقبلهما ، فيجب العلم أن حروف المد قد تكون حروف لين مثل : خّوْف / الْمَوْتُ / البَيْت / شىء ، لأنه بالرغم من كونها حروف مد لم تمد ، فصارت مداً ليناً مغايراً لوصفه، وذلك لأن النطق به ليناً وسهولة , وحكمه عدم المد مطلقاً عند الوصل ، ولكن إذا تسنى لك الوقوف عليه فيكون حكم مده مثل : حكم المد العارض للسكون ، فلك أن تمده حركتين أو أربع أو ست حركات . * المد العارض للسكون : وسمىَّ عارضاً لعروض المد بعروض السكون أو يسمونه : المد العارض للوقوف , بمعنى : لما تكون هناك كلمة سنقف عليها بالسكون وفيها حرف من حروف المد , ولأنه لايمد إلا فى حالة الوقف فقط .
وحكمه : يمد عند الوقوف , حركتان ( وهذا هو القصر ) أو أربع حركات ( توسط ) أو ست ( كالمد اللازم ) .
– مثال : ( وما للظالمين من أنصار ) حكمه : عند الوقوف 2 أو 4 أو 6 حركات عند الوصل ولا يمد هذا المد إلا بمقدار حركتين فقط .
- مثال : ( إنك لا تخلف الميعاد ) و ( وسخر لكم الليل والنهار ) وعند المد لا تنسوا شروطه فلا بد أن يكون الحرف الذي يسبق الألف مفتوحا ثم نمد مد طبيعي عند الوصل ( حركتان ) أو مد توسط عند الوقف ( أربع حركات) أو مد إشباع ( ست حركات ) .(2/32)
أخذنا مثال للألف بالتطبيق على المد العارض للسكون مع إستصحاب شروط المد :
- مثال علي الياء :- بشرط أن يكون ما قبلها مكسور ( إني أخاف الله رب العالمين ) , وكما علمت مد عند الوقف 2/4/6 حركات لكن عند الوصول حركتان ( إنما يتقبل الله من المتقين )
- مثال على الواو : - بشرط أن يكون ما قبلها مضموماً ( وجاهدوا في سبيل الله لعلكم تفلحون ) ( وسوف تعلمون ) المد العارض للسكون ليس له مدود في المصحف , ويؤخذ من السماع والتلقى , وهذا بعكس المد المنفصل والمتصل واللازم يؤخذ بالسماع أيضاً ولكن له مدود مثل هذه العلامة ( ~ ) وهي ترسم فوق الحرف الذي سيمد مداً زائداً عن الطبيعي ( فالطبيعي أيضاً ليس له مدود ) .
- مد البدل: هو المد تتقدم فيه الهمز على حرف المد وذلك خلاف المد المتصل مثل : ( آمنوا ) وتكتب في المصحف هكذا ( ءَامنوا ) فعلامة المد الموجودة علي ( آمنوا ) للدلالة علي ألف محذوفة بعد ألف مكتوبة وضعت خطأ ويعدها العلماء ( غلطاً ) بل الصحيح ما أثبتناه ( ءَامنوا ) بهمزة وألف بعدها ، وكذلك ( إيماناً ) و ( أوتوا ) ، فأصلهما ( إِئمانا ) و ( أءتْوا ) … وسمى البدل بدلاً : لإبدال حرف المد من الهمز , فإن أصل آمنوا (أأمنوا ) فأبدلت الهمزة الثانية ألفاً من جنس حركة ما قبلها علي القاعدة ، وهكذا في ( ءَآدَم ، ءآَزَر ) فأصلهما ( أأَدم ، أاْزَر ) .
حكمه : يمد مداً طبيعياً ( حركتان ) …بشرط أن لا يقع بعد حرف المد همزاً أو سكون مثل : ( آلم ) فتمد مد لازم ,( برآء ) تمد مد متصل , ( وجاءوا ) تمد مد منفصل , ( مآب ) تمد مد عارض للسكون ....وسبب قصر مد البدل بحركتين أن الهمزة قد سبقت حرف المد كتابةً ونطقا ً فلاحاجة للمد للوصول إليها ، بينما العكس هو الصحيح بالنسبة للمد المتصل والمنفصل والعارض للسكون ؛ فقد سبق المد الهمزة مما دعت الحاجة لإظهار الهمزة وإخراجها مما تقدم من أمثلة على هذه المدود .(2/33)
* اللازم : وله نوع واحد وهو المد اللازم , وهو ما جاء فيه بعد حرف مد سكون لازم في حالة الوصل والوقف .
حكمه :يعرف حكمه من أسم لزوم أي لزوم مد ست حركات من غير زيادة ولا نقص عند جميع القراء .
وينقسم المد اللازم إلى أربعة أقسام :
كلمى مثقل : ومعنى كلمى : هو ما جاء فيه بعد حرف المد سكون أصلي ثابت وصلاً ووقفاً في كلمة تزيد عن ثلاثة أحرف , فإن إدغم ساكنه فيما بعد فهو المثقل : مثل صَاخَّه / دابّه / أتُحاجوني / الحَآقَّة / الطآمّة / ولاالضآليّن , ويأتي في القرآن بوجود شرطة المد علي الحرف ثم تأتي علي الحرف الذي بعده شد فتمد ست حركات وصلاً ووقفاً .
ب - كلمى مخفف : نفس تعريف كلمة كلمى السابق , وإن لم يدغم ساكنه فهو مخفف مثل : ( ءَآلآنَ وقد كنتم ) و ( ءآلآنَ وقد عصيت ) سورة يونس .
ج- حرفي مثقل : هو ما جاء فيه بعد حرف المد سكون ثابت وصلاً ووقفاً في حرف هجاؤه علي ثلاثة أحرف وسطها حرف مد ولين أو حرف لين فقط مثل الحروف المقطعة فى أوائل سور القرآن الكريم ومنها :( الم ) وتنطق: ( ألِفْ لاَم مَّيمٌ ) وأدغمت الميم الأولى الساكنة فى الثانية المتحركة ، ومثل : ( طسم , وإذا أدغمنا ساكنه سمي: مثقل، وحروفه ثمانية أحرف هى : { س ص ع ق ك ل م ن } يجمعهم قول [نَقَصَ عَسَلكُمْ ] أو [كمْ عَسَلْ نَقَصْ ] أو [ سنقصُّ عِلْمَك] .
د- حرفي مخفف : نفس التعريف السابق , وإن لم ندغمه سمى: مخفف ، ويكون فى أوائل السور أيضاً ، مثل : ص ، ق ، ن ، وتمد هذه ست حركات ، غير أن هناك خمسة حروف مجموعة فى لفظ ( حَى طُهْر ) فإنها تمد مدًّا طبيعيًّامثل : ( يس ــ حم ــ طه ) ، والألف لايمد أصلاً لأنه ثلاثى ووسطه ليس حرف مد ساكن .(2/34)
وجميع الحروف المقطعة ذات الحركتين أو الست حركات يجمعها قوله ( نص حكيم له سر قاطع ) أو ( صله سحيراً من قطعك ) , وقد يجتمع النوعان ( مد حرفي مثقل ومد حرفي مخفف في ( الم ) والألف لا تمد ، لام مثقل ويمد ست حركات، ميم مخفف
قاعدة :
إذا اجتمع مدان لازمان مثقلان نحو ( أتحاجونى ) أو مثقل ومخفف ( الم ) أو مخففان نحو ( ءَألآن ) لا يجوز من أحدهما دون الأخر بل يجب التسوية بينهما .
إذا كان الساكن في كلمة وحرف المد في كلمة أخرى , يحذف حرف المد عند الوصل نحو ( وقالوا أتخذنا ) و ( المقيمي الصلاة ) وهذا ما سنفصله عند الحديث عن المدود التي لا تمد .
إذا إجتمع سببان من أسباب المد قوى وضعيف , ألغى الضعيف وعمل بالقوى مثل :
أ – ( ولا آمين البيت الحرام ) ففيه بدل ولازم , فيلغي البدل ويعمل باللازم .
ب – ( وجاءوا أباهم ) ففيه بدل ومنفصل , فيلغي البدل ويعمل بالمنفصل , ومن هذا نعلم أن أقوى المدود اللازم فالمتصل فالعارض للسكون فالمنفصل فالبدل .
1ــ مد الصلة: وهي إلحاق واو صغيرة بعد هاء الضمير للمفرد الغائب فإذا كانت مضمومة يدل علي صلة هذه الهاء بواو لفظية في الحال وكذلك إلحاق ياء صغيرة مردودة إلي خلف بعدها الضمير، إذا كانت مكسورة : يدل على صلتها بياء لفظية في الوصل أيضاً , وتأتي كلمة صلة من أننا نصل كلمة بكلمة أخري
أ ) الصلة الصغرى : وتمد حركتان بمقدار المد الطبيعي ولها أربع حالات :
1- أن تقع الهاء بين متحركين : ( بعثه ، قال ) فلو وصلنا ( حركتان ) ولو وقفنا علي بعثه نقف من غير مد , ( يهدي به كثيراً ) الياء الصغيرة مرسومة بين الهاء وكاف كثيراً , ولكن هناك أربع كلمات في القرآن لا ينطبق عليها هذا الحكم فقد استثناها حفص عن عاصم وهم :
- ( يَرْضَهُ ) سورة الزمر , فإن حفص ضمها بدون صلة .
- ( أَرْجِهْ ) سورتي الأعراف والشعراء , وسكنها ولم يصلها .(2/35)
- ( فَأَلقِهْ ) سورة النمل , سكنها ولم يصلها .( وكلها لا تمد عند الوقف أو الوصل ).
2 – أن تقع الهاء بين ساكنين : مثل ( إليه المصير ) الياء الساكنة واللام الساكنة وبينهم
الضمير فلا تمد لا وصلاً ولا وقفاً حتى لا يجتمع الساكنان .
3 - أن تقع بعد متحرك وقيل ساكن : مثل ( إنه الحق ) المتحرك الميم والساكن اللام في الحق ( بدون مد ) .
4- أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك : مثل ( لا يخفي عليه شيء ) لا تمد ويستثني من هذا الحكم كلمة واحدة ( وَيَخْلُدُ فِيهِ مُهَاناً ) ويثبت فيه المد .
ب – الصلة الكبرى : إذا كانت الهاء بين متحركين وبعدها همزة قطع وتكون من قبل المد المنفصل فتوضح علي علامة المد علي حرف الواو أو الياء مثل : ( عنده,~ لا )
وحكم المد هنا هو حكم المد المنفصل بمقدار أربع أو خمس حركات
.مدود لا تمد
1 – حروف العلة التي عليها صفر مستدير في القرآن الكريم يدل علي زيادة هذا الحرف فلا ينطق وصلاً أو وقفاً مثل ( يَتْلُواْ ) (أوْلئك) الألف عليها همزة قطع وضمة والواو غير منطوقة و( من نَّبَاْى المرسلين ) الياء غير منطوقة الملحقة بنبأ ,( بنيناها بأييد ) الياء الأولي من ( ييد ) غير منطوقة .
2 – الألف بعدها متحرك يدل علي زيادتها وصلاً لا وقفاً , أي تثبت وتنطق لو وقفنا عليها , وتسقط لفظاً إذا وصلت بساكن بعدها لئلا يلتقي الساكنين , ورسمها في القرآن بإصطلاحات الضبط بوضع صفر مستطيل قائم فوق الألف .
- أمثلة : ( فإن كانت أثنين ) يلغى المد لأنه ساكن والتاء ساكنة لأن أصلها كانتا وسقطت فأصبحت التاء مفتوحة وألغي الألف , ( فلما ذاقا الشجرة ) و( تلكما الشجرة ) و ( استبقا الباب) و( كلتا الجنتين ) .
* أما ( أنا ) فقد ذكرت في القرآن 68 مرة تثبت إذا وصلنا , وإذا وقفنا عليها نمد مد طبيعي كامل ( لا تمد ألف أنا الأخيرة عند الوصل وإنما عند الوقف عليها فقط (أنا خير منه ) ( وإني أنا الله) (أنا الغفور ) .(2/36)
- وهناك (ألفات) تعامل معامله( أنا) : ( لكنا هو الله ) سورة الكهف , ( وتظنون بالله الظنونا) و ( وأطعنا الرسول قالوا ) الأحزاب , ( فأضلونا السبيل ) ( إنا اعتدنا للكافرين سلاسلا ) ( كانت قواريرا قوارير ) .
- هذه الألفات يسمونها ( الألفات السبع ) , وبالنسبه لقواريرا الأولي في الآية تثبت الألف الأخيرة عند الوقف وتلغي عند الوصل , وألف الأخيرة من قواريرا الثانية تلغي عند الوصل وعن الوقف .
3 – الواو الثابتة خطاً في أخر الكلمة تسقط لفظاً إن وصلت بساكن بعدها وتثبت لفظاً في حاله الوقوف عليها .
4 – الياء الثابتة تختلف في حاله الوقوف والوصل :-
إذا كانت متحركة تثبت لفظاً : ( وقليل من عبادي الشكور ) .
إذا كانت ساكنة وتلاها حرف متحرك ( توفني مسلماً ) .
إن كانت الياء ساكنة وجاء بعدها حرف ساكن سقطت لفظاً ( حاضري المسجد ) ( محلي الصيد ) . وتثبت عند الوقف رسماً إذا كانت ثابتة .
الحمد لله تم هذا العمل بفضله وكرمه سبحانه , فإن كان التوفيق فمن الله , وإن شابه النقصان فمن نفسي وتقصيري والشيطان و الله المستعان.
أخوكم في الله
السيد إبراهيم أحمد
فهرس الجزء الأول
- المقدمة ......................................................................... 1
- الاستعاذة والبسملة ............................................................ 2
- باب التفخيم والترقيق ......................................................... 4
- مخارج الحروف .............................................................. 9
- صفات الحروف وتقسيماتها .................................................. 13
- المثلين المتقاربين المتجانسين .................................................19
- اللامات السواكن .............................................................. 21(2/37)
- باب الحذف والإثبات ......................................................... 24
- باب المقطوع والموصول .....................................................25
باب معرفة الوقف والإبتداء ................................................ 30
أحكام النون الساكنة والتنوين .............................................. 34
أحكام الميم والنون المشددتين وحكم الميم الساكنة ........................ 40
باب المد والقصر ........................................................... 42
مدود لا تمد ................................................................. 50(2/38)