الرد على كتاب
الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم
علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز
المقدمة :
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم .
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين(1).
وبعد :
فهذه وريقات سطرت فيها عرضاً ونقداً لكتاب الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم لمؤلفه سعد عبد المطلب العدل .
هذا الكتاب الذي أحدث جدلاً واسعاً في أوساط بعض المثقفين ونحوهم .
وقد قسمت البحث إلى قسمين :
القسم الأول : عرضت فيه للمحة موجزة عن هذه اللغة ، وتلخيصاً للكتاب ، وتعريفاً بالأحرف السبعة .
أما القسم الثاني : فنقدت فيه الكتاب ، وقيمت ما تضمنه الكتاب من آراء .
هذا والله المسئول أن يمنّ علينا بجوده وإحسانه وكرمه ، وأن يجزي شيخنا الدكتور عادل بن علي الشدي خير ما جزى به شيخاً عن طلابه .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
كتبه :
علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز
القسم الأول : عرض وتعريف
المبحث الأول : تعريف بالهيروغليفية.
هي لغة المصريين القدماء . تأخرت معرفتها بفك رموزها إلى عهد قريب ، حيث عثر (شمبليون) أحد ضباط الحملة الفرنسية على حجر رشيد المكتوب بلغات ثلاث : إحداها الهيروغليفية ، وثانيها اليونانية ، وثالثها القبطية .
__________
(1) مقتبس من كلام الإمام أحمد بن حنبل ، الرد على الجهمية (1/6).(1/1)
ومن خلال المعرفة باللغتين اليونانية والقبطية أمكن فك رموز اللغة الهيروغليفية وقراءة ما سجله المصريون القدماء من نقوش ورسوم على جدران المعابد والهياكل فضلا عن آلاف المخطوطات والبرديات في شتى فروع العلم .
وقد أطلق الإغريق (اليونانيون) اسم " هيروغليفي " على لغة المصريين القدماء . وهي تعني " الكتابة المقدسة " أو " النقش المصري المقدس " .
فك رموزها:
بعد أن أسدل التاريخ الستار عن الحضارة المصرية القديمة ونسي العالم اللغة الهيروغليفية وكل ما يتعلق بقراءتها وكتابتها حدث اعظم كشف في علم المصريات عام 1799 (وذلك أثناء حفر الأساسات لتقوية قلعة سميت بعد ذلك بقلعة جوليان البريطانية في رشيد) عثر أحد العسكريين البريطانيين ويدعى "بوشار" على الحجر الذي نسميه الآن حجر رشيد وعندما عرض هذا الحجر على المتخصصين في بريطانيا أدركوا أهميته حيث وجدوا فيه نصاً هيروغليفياً تم ترجمة يونانية يمكن قراءتها .
وجدوا أيضاً نفس النص مكتوب بالخط الديموطيقي . وبذلك نجد أن الحجر يحتوي على لغتين : اللغة اليونانية واللغة المصرية بخطين مختلفين ولمدة 20 عاماً من وصول الحجر لبريطانيا عكف الدارسون في محاولة لفك الرموز. و بالفعل حدث أول نجاح عام 1820م على يد أحد الدبلوماسيين السويديين يسمى" توماس اكربال " الذي تمكن من التعرف على عدد من الأسماء مثل : بطليموس وذلك بمقارنة النص اليوناني بالنص الديموطيقي كما تم التعرف علي بعض الكلمات الأخرى. وبعده تمكن "توماس يونج " من إثبات أن العلامات والرموز الهيروغليفية المكتوبة داخل الإطار البيضاوي ( الخرطوش) هى اسماء الملوك، ولكنه اخطأ الخصائص الصوتية لهذه الرموز .(1/2)
ولم يتحقق بعد ذلك أي نجاح يذكر حتى ظهر العالم الفرنسي شامبليون (1790-1832) الذي كان له أعظم التأثير في معرفة طريقة قراءة وكتابة اللغة الهيروغليفية، وما أهله لذلك هو إتقانه للغة القبطية في سن مبكرة فترجم النص اليوناني إلي القبطية وعن طريقه نجح في التوصل إلي بعض قواعد نقش الهيروغليفية ثم بحث عما ترجمه الي القبطية في النص الهيروغليفي للاهتداء إلي الكلمات الهيروغليفية المقابلة لمثيلاتها في القبطية ولكنه وجد صعوبة شديدة لأن النص الهيروغليقي كتب حسب العادة المتبعة بدون فواصل بين الكلمات وبعد تمكنه من حل كثير من الرموز استخدم الأسلوب العكسي ليترجم من الهيروغليفية إلي القبطية ما استطاع تمييزه منها ليعرف معناها ،ولكن هذه الطريقة لها محاذيرها حيث أن الكلمات الهيروغليفية التي دخلت إلي اللغة القبطية عددها قليل جداً بالنسبة لمجمل الكلمات الهيروغليفية وأيضاً بسبب تطور الكلمات القبطية بحيث يصعب معرفة أصولها . لذا فقد استخدم بعد ذلك الاستنباط عن طريق الوصول إلي المعنى من ورود الكلمة في أكثر من سياق وكذلك أمكن الرجوع إلي اللغة العبرية التي حافظت على كثير من الكلمات المشتركة في مجموعة اللغات السامية. و بذلك أمكن الكشف عن كثير من معان اللغة المصرية القديمة.
و بذلك نكون قد انتهينا من جزء اللغة و الكتابة نرجوا أن نكون قد ألمينا به من جميع الجوانب(1).
المبحث الثاني: عرض مجمل عن الكتاب .
اسم الكتاب (الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم) لمؤلفه سعد بن عبد المطلب العدل نشر مكتبة مدبولي .
قسم المؤلف كتابه الواقع في مائة وخمسين صفحة إلى عشرة فصول .
__________
(1) ينظر هذا الرابط من موقع الأرقام http://www.alargam.com/languages/herog/ragm204.htm(1/3)
* تكلم في الفصل الأول عن الأحرف المقطعة في بداية بعض السور القرآنية وذكر عدد السور التي استهلت بها الأحرف المقطعة ، وشكل الحروف ، وعدد التكرار في كل حرف منها ، وتقسيمها من حيث عدد الحروف ، ثم ذكر جملة من الأقوال في تفسر هذه الأحرف المقطعة ثم ختمها بقوله : (خلاصة القول : فمن قائل بأن هذه الحروف هي أسماء الحروف الهجائية ، وآخر يقول : إنها أسماء للسور ، وثالث يقول : إنها إعجاز على أنها حروف الكلام ، ورابع يقول إنها أسماء الله تعالى ، وخامس يذكر لنا أنها اختصار ومفتاح لأسماء وسادس يقول بانها أقسام .ونحن نرى بعد ما فتح الله علينا بفضله ما يلي :
إن هذه الرموز ليست هي حروف المعجم وإن تشابه البعض منها ، فالمعروف ان حروف المعجم عددها يبلغ 28 حرفا بل وربما 29 ، والحروف التي ذكرت في أوائل السور لا يزيد عددها على 14 ، وإن قلنا أن الم تشابهت مع الألف واللام والميم في شكلها ونطقها فإن الر : يتشابه فيها الألف واللام ، أما ر ففي القراءات هي ر مفتوحة وليست راء ، وفي كهيعص يتشابه الكاف ، ولكن هيع لا تتشابه حيث تقرأ هاي عيين ، فهذا ليس النطق الصحيح للهاء والعين ،أما طه فهي ليست حروف الهجاء طاء هاء ،وطس ليست طاء سين ، وفي يس ليست ياء سين ، إنما ياسين . أما في حم فلو كانت حروف الهجاء لنطقت : حاء ميم ، وكذا عسق فهي تقرأ عيين . اما من ناحية إعرابها فنحن لا نرى في القراءات أي تنوين لها ، فلو كانت هي من حروف الهجاء لنونت مثلا ولقلنا : بدلا من ألف لام ميم ألفٌ لامٌ ميمٌ بالتنوين ، وهذا ليس الحال هنا . وعلى هذا فهي ليست حروف الهجاء ولا هي أسماؤها)(1) .
__________
(1) الهيروغليفية (15-16). تعمدت نقل كلام المؤلف بحروفه وبأخطائه دون تغيير.(1/4)
ثم رد على الأقوال الأخرى التي أوردها ردوداً قصيرةً وسريعةً ثم عقب على ذلك بقوله : (نقول بعد كل هذا : إن النظرية التي تعتبر هذه الرموز حروفا قد بدأت تضعف وتتهاوى ، بل إن الافتراضات التي تحيلنا إلى أشياء غيبية أخذت الآن في الوهن والانحسار ، لا لشيء إلا لأن تفسيرا علميا أصبح ملحا وضروريا .
والفرضية المقابلة - ولا أقول المضادة - تلخص نفسها الآن وتتبلور في كون هذه الرموز ليست حروفا على الإطلاق .
إذن : الفرضية القديمة:هذه الرموز هي حروف الهجاء. فرضيتنا:هذه الرموز هي كلمات وجمل )(1).
ثم شرع بعد ذلك بما اسماه " منهج البحث" وذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - المشهور في الأحرف (2) وجزم بأن هذه الأحرف ترمز إلى كلمات وجمل ، ثم قال : (ولما وجدنا أن هذه الكلمات لا تؤدي إلى معنى من المعاني في اللغة العربية كان لزاما علينا ان نبحث في لغة أخرى من اللغات القديمة أو المعاصرة لنزول القرآن )(3).
ثم أخذ في البحث عن لغة أخرى مقدسة كما أطلق عليها حتى يُلحق بها هذه الأحرف ، من خلال بحثه عن اللغة المقدسة المناسبة لكي يلحق هذه الحروف لحظ الكاتب ما يلي :
الملحوظة الأولى :
(أن اللغة المصرية القديمة والمعروفة الآن تحت مسمى "اللغة الهيروغليفية" كانت لغة عالمية ، وكانت لسان العصر لكل من أراد أن يعبر أو يكتب أو يتكلم ، ربما لا نبالغ إن قلنا حتى بعثة نبينا محمد (صلعم) )(4).
الملحوظة الثانية :
__________
(1) المصدر السابق (17).
(2) أخرجه الترمذي (2910) وعبد الرزاق في المصنف (6017) والطبراني في الكبير(8646).
(3) المصدر السابق (18).
(4) المصدر السابق (20).(1/5)
(أن بعض هذه الرموز(1) التي تصدرت بها بعض السور القرآنية مثل : ق ، ص ، ن ، لها شكل مميز شبيه بصورة الأفغال في اللغة المصرية القديمة ، وبالذات أنها لا تحمل نهايات في آخرها ولا تتغير مع تغير الفاعل أو المفعول به ، فإن لها صورة واحدة هي صورة المفرد المذكر حتى وإن اختلف فاعلها من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية أو الجمع)(2).
ثم بدأ بتأكيد كلامه بذكر خصائص اللغة المصرية القديمة ، ثم يختم كلامه بالنتيجة المُسلَّمة عنده بقوله : (ولكنا نجد أنفسنا هنا وفيما يخص الرموز التي في أوائل السور القرآنية نسلم بأنها كلمات من اللغة المصرية لما وجدناه من تشابه كبير من سمات تلك اللغة)(3).
ثم يشرع في بيان العلاقة بين اللغة المصرية القديمة وبين اللغة العربية ، وبين الجزيرة العربية ، وبين لغة القرآن الكريم ونصوصه.
ثم بعد ذلك يبين الفائدة والهدف من البحث بقوله : (المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو : تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29 ، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية ، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة ، ثم التأكد من صحة معناها في السياق ، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه .
وهدف هذا الكتاب :
__________
(1) يقصد بها الأحرف المقطعة.
(2) المصدر السابق (20).
(3) نفس المصدر (21).(1/6)
تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات ، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها ؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة) : الأسد ، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني : (رامي الحربة) . فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى ، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية .
لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .
لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن ، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .
واخيرا ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل .
لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه .
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب ، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص ، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل ، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل )(1).
__________
(1) نفس المصدر(31-32).(1/7)
*أما الفصل الثاني فقد أفرده للحديث عن سورة مريم تكلم فيه عن ترتيبها في المصحف وفي النزول ، ووقت نزولها ، وعدد آياتها كما صنع في بدايات السور الأخرى ، ثم بدأ يربط بين مضامين السورة وعلاقتها بالتاريخ الديني كما يسميه ، ثم يقول في تفسيره لقوله تعالى (كهيعص) والمعنى الهام لهذه الجملة: سنكشف لك النقاب عن سر من أسرارنا منزل إليك من السماء أي من عند الله ، فانتبه ! إليك القصة الحقيقية (نحن نقص عليك القصص الحق).وتكون آية - ذكر رحمة ربك - واقعة في ابتداء الكلام ولهذا فهي مرفوعة على أنها مبتدا مؤخرًا لما قيل سلفًا ، ولهذا استحقت الرفع والضمة تقع في ىخر كلمة - ذكرُ - (1).
ثم يرد قائلاً : ( والسؤال الأهم من هذا أو ذاك هو ؟ ما تضيف هذه المعلومة إلى تفسير الآيات في سورة مريم؟)(2).
ثم أطال النفس في محاولة الربط بين ما توصل إليه وبين آيات السورة .
*وفي الفصل الثالث تحدث عن سورة القلم ، وسورة ق ، وسورة ص.
وتوصل إلى أنَّ معنى (ن) في بداية سورة القلم في اللغة المصرية القديمة : هبطوا و انحطوا وغفلوا وتبلدوا. وأنَّ معنى (ق) ذهلوا واستغربوا وتعالوا . وأنَّ (ص) تكتب على شكلين وتعني على الشكل الأول : يقول ويخبر ويعلن ويقرأ و يرتل ويخبر ويحكي ...الخ .وتعني بالشكل الآخر : يسئ إلى سمعة فلان أو شئ ، أو يشنع على .
وهو في ثنايا هذا كله يتعب نفسه في ربط هذه المعاني لمضامين هذه السور و مدلولاتها بكلام طويل .
*وأما الفصل الرابع فقد أفرده للحديث عن سورة (طه) فقال : ( كلمة طا في اللغة المصرية القديمة ليس حرفاً بل كلمة ، وتعني في اللغة العربية "هذا أو يا هذا أو يا أنت ، يا رجل".وكلمة ها تعني "انتبه ، تطلع أو انظر".
فالكلمتان إذن في اللغة المصرية معناهما : يا أنت أو يا رجل : انتبه !)(3) .
__________
(1) نفس المصدر (38).
(2) نفس المصدر(38).
(3) نفس المصدر (69-70).(1/8)
وهو في كل ذلك يربط ويستدل بآيات السورة على صحة ما انتهى إليه.
* ثم نجده في الفصل الخامس يفرد الكلام عن سورة (يس) فيذكر -كعادته- ما يتعلق بالسورة من حيث عدد الآيات ، وترتيب السورة ، ومكيتها من مدنيتها ونحو ذلك .
ثم يورد بعض الأقوال ، ويرد عليها ثم يقول : (وإذا حاولنا تطبيق منهجنا في تفسير هذا الرمز فربما أتينا بتفسير مقنع يتفق وسياق الآيات لغوياً ومن جهة المضمون كذالك.
كلمة ( يس) أصلها الكلمة المصرية القديمة التي تنطق إيس أو إس أو يس وتعني بالعربية : بل ، أى ،يقيناً ، حقيقة .
وإذا أضيف إليها ( ن ) وهذا الحرف من خصائص اللغة المصرية القديمة ، فإن إضافته إلى الكلمة يفيد أن جزءاً من الجملة أو الكلام استبعد)(1) .
ثم أخذ في محاولة الربط بين ماتوصل إليه من معنى وبين مضامين السورة .
* وفي الفصل السادس تحدث عن السور التي بدأت ب(حم) وهي سبع سور غافر ، وفصلت ، والشورى ، والزخرف ، والدخان ، الجاثية ، والأحقاف .
بدأ الحديث عن سورة الشورى فقال : ( فبعد البحث المعجمي وضح الآتي :
حامي :تعنى : كائن سماوى .
يم : تعنى : بواسطة أو عن طريق أو بطريق ، أو : هو الواسطة)(2) .
ثم قال :
(والمقصود بالكلمة الأولى بالطبع : الروح الأمين جبريل)(3).
ثم قال عن ( عسق ) :
(أما عسق كما في القراءات فتكون ثلاث كلمات : عيين ، سين ، قاف .
عيين : تعنى العبد ، نعم العبد أي المحب إلى الله ، الجميل الصادق والحسن والحق.
سين : تعنى : رسول ، مبعوث .
قاف : تعنى : الذى يظهر فجأة ، قوى ، ذو شرف.
والمعنى : والآن لنحاول أن نفسر مطلع سورة الشورى في ضوء ما سلف :
الروح الأمين ، جبريل ، هو الذى يتنزل عليك أو هو الواسطة ، يا أيها النبي وهو عبد من عبدنا الصالحين ، أو هو رسول قوى جميل الهيئة عظيم الهيبة والشرف....)(4).
__________
(1) نفس المصدر (76).
(2) نفس المصدر (83).
(3) نفس المصدر (83).
(4) نفس المصدر (83-84).(1/9)
ثم ربط ذلك مضمون السورة . وهكذا عمل في بقية السور المفتتحة ب(حم) .
* الفصل السابع كان لثلاث سور ألا وهي سورة النمل ، وسورة الشعراء ، وسورة القصص .
فسورة النمل المفتتحة ب (طس) معناها عنده كما تقدم (طا) يعني يا ، يا أيها ، يا أنت ، يا رجل .
و(سين) رسول . هذا وجه . والوجه الآخر يكون المعنى إما تقبيل الأرض ، أو أرض ومقام للناس .
وأما سورة الشعراء و القصص فتزيد على سورة النمل بحرف (م) وهو يعني كما يقول الكاتب في اللغة المصرية القديمة : ذارف الدمع ، الباكي . كما تعني البئر أو عين الماء.
ثم وجّه ذلك المعنى للأحرف وربطه بآيات السورتين .
* والفصل الثامن أكد أن الحروف المقطعة في بداية سورة الأعراف وهي (المص) تعني :(بحقك يا أيها النبي (لعمرك أيها النبي ) المكلف و المغتم ، الذارف الدمع ، والمشغول والمهتم بما كلف به ، والمكلف بما يقص عليه الله عز و جل)(1).
و أما بقية السور التي بدأت ب(الم) فذكر في تفسيرها نحو ما ذكره في سورة الأعرف دون قوله ( والمكلف بما يقص عليه الله عز و جل )(2).
* وفي الفصل التاسع كان الحديث من نصيب السور المفتتحة بقوله تعالى (المر ) وهي سورة الرعد . والمفتتحة ب(الر) وهي سورة يونس ، و سورة هود ، و سورة يوسف ، وسورة الحجر ، وسورة إبراهيم (3).
والجديد في هذه السور حرف (ر) الذي يقول عنه الكاتب (وهي في شكلها عبارة عن فم الإنسان وتدل عليه أيضاً وعلى وظائفه ومنها الكلام ..)(4).
ثم عدل عن هذا ومال إلى أن المراد (مرا) لا (ر). وأنّ معنى (مرا) يميل بهواه ،أو يميل به الهوى .
__________
(1) نفس المصدر (109).
(2) نفس المصدر (109).
(3) ذكرتها على ترتيب ورودها في كتاب الهيروغليفية . وأما ترتيبها في كتاب الله جل ذكره فعلى النحو التالي : "يونس ، هود ، ويوسف ، إبراهيم ، الحجر".
(4) نفس المصدر (129).(1/10)
والمعنى عنده كما يقول: ( يا أيها النبي المكلف بالرسالة المهموم بهمومها والمشغول عليها والحزين المكتئب المغموم بسبب تكذيب الكفار لك ، ويا أيها المرتاب الذي راح يشك فيما هو بصدده بسبب ادعاءات المشركين عليه ونكرانهم له وتشكيكهم في مضمون الرسالة ومصدرها ومآلها )(1).
ثم حاول إيجاد صلة بين هذا المعنى و مضامين السور السابقة .
* وفي الفصل العاشر وهو آخر فصول هذا الكتاب ، نجد المؤلف يختم بالأمور و النقاط التالية :
- أن كل سورة من ناحية الشكل والقالب إنها إعجاز أدبي رفيع المقام والمنزلة ، فالرمز يعطينا في أول السورة إيجاز لمعنى تشرحه نهاية السورة وتفض غموضه وعجمته.
- الإعجاز اللغوي الذي يتمثل في ذوبان هذه اللغة المصرية القديمة في تعبيرات عربية .
- الإعجاز الذي يحقق شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصدقه في نبوته ، من خلال هذه الأحرف التي في أوائل السور التسعة والعشرين المستعارة من اللغة المصرية القديمة .
- القالب الأدبي البلاغي الذي يتمثل في إيجاز هذه الأحرف لمضمون السورة .
- أن بعض الرموز الرموز عُدَّت آية وبعضها الآخر وهو قليل لم يُعَد رغم التشابه الواضح بينها في الشكل العام.
- أن بعد القسم والنداء يوجد أسماء إشارة كما في سورة البقرة وسورة الشعراء وغيرها من السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة.
- ثم ختم الكتاب بقوله :
(فقد انتهت جولتنا بحمد الله وتوفيقه . فإن أكن فيه وبه قد أصبت ، فهو توفيق من الله تعالى فبقدرته كتبت وبتوفيقه وصلت . وإن تكن الأخرى : فحسبي أنني ابتغيت بهذا العمل وجه الحق ، وأعرف أن ابتغى الحق خالصا لوجه الله ، فاخطأ ، فله على ما بذل أجر . ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (2).
__________
(1) نفس المصدر(136).
(2) نفس المصدر (150).(1/11)
المبحث الثالث : تعريف موجز بالأحرف المقطعة .
للعلماء المعتبرين في الأحرف المقطعة في القرآن عدة أقوال ، وهم يبحثونها غالباً في أول سورة البقرة لأنها أول المواضع وروداً (1).
ومن أفضل من تكلّم عن هذه الأحرف وعرض لأقوال العلماء فيها ، ورجّح بين تلك الأقوال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن لذا سأكتفي بعرض كلامه مع تصرفٍ يسير .
قال -رحمه الله- في أول سورة هود :
( اعلم أن العلماء اختلفوا في المراد بالحروف المقطعة في أوائل السور اختلافاً كثيراً ، واستقراء القرآن العظيم يرجح واحدا من تلك الأقوال ، وسنذكر الخلاف المذكور ، وما يرجحه القرآن منه بالاستقراء فنقول وبالله جل وعلا نستعين .
__________
(1) يستثنى من ذلك بعض المفسرين ، كالشنقيطي فقد أخر الحديث عنها إلى سورة هود فقال : (وإنما أخرنا الكلام على الحروف المقطعة مع أنه مرت سور مفتتحة بالحروف المقطعة كالبقرة وآل عمران والأعراف ويونس لأن الحروف المقطعة في القرآن المكي غالبا والبقرة وآل عمران مدنيتان والغالب له الحكم واخترنا لبيان ذلك سورة هود لأن دلالتها على المعنى المقصود في غاية الظهور والإيضاح لأن قوله تعالى :(كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) بعد قوله : ( الر ) واضح جداً فيما ذكرنا والعلم عند الله تعالى ). أضواء البيان للشنقيطي (2/168).(1/12)
قال بعض العلماء هي مما استأثر الله تعالى بعلمه،كما بيّنا في آل عمران . وممن رُوي عنه هذا القول أبو بكر، وعمر، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ وعامر ، والشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان . وقيل هي أسماء للسور التي افتتحت بها ، وممن قال بهذا القول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ويروى ما يدل لهذا القول عن مجاهد ، وقتادة ، وزيد بن أسلم. قال الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر. ونقل عن سيبويه أنه نص عليه. ويعتضد هذا القول بما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم السجدة وهل أتى على الإنسان). ويدل له أيضا قول قاتل محمد السجاد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما يوم الجمل وهو شريح بن أبي أوفى العبسي كما ذكره البخاري في صحيحه في أول سورة المؤمن ويدل له أيضا قول قاتل محمد السجاد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما يوم الجمل وهو شريح بن أبي أوفى العبسي كما ذكره البخاري في صحيحه في أول سورة المؤمن:
يذكرني حاميم والرمح شاجر . فهلا تلا حاميم قبل التقدم
وقيل هي من أسماء الله تعالى . وممن قال بهذا سالم بن عبد الله ، والشعبي ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وروي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وعنه أيضاً أنها أقسام أقسم الله بها وهي من أسمائه وروي نحوه عن عكرمة.
وقيل هي حروف كل واحد منها من اسم من أسمائه جل وعلا . فالألف من الم مثلاً مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد ، وهكذا ويروى هذا عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وأبي العالية . واستدل لهذا القول بأن العرب قد تطلق الحرف الواحد من الكلمة وتريد به جميع الكلمة كقول الراجز.
قلت لها قفي فقالت لي قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف .
فقوله (قاف) أي وقفت
وقول الآخر :
بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تا(1/13)
يعني وإن شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء عن بقية الكلمتين.
قال القرطبي وفي الحديث (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة) الحديث قال سفيان هو أن يقول في أقتل أ ق إلى غير ما ذكرنا من الأقوال في فواتح السور وهي نحو ثلاثين قولا .
أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه ، فهو أن الحروف المقطعة ذُكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، مع أنه مركبٌ من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها ، وحكى هذا القول الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكاه القرطبي عن الفراء وقطرب ونصره الزمخشري في الكشاف . قال ابن كثير: وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية.(1/14)
ووجه شهادة استقراء القرآن لهذا القول أن السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائماً عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وأنه الحق الذي لا شك فيه وذكر ذلك بعدها دائماً دليلٌ استقرائي على أن الحروف المقطعة قُصد بها إظهار إعجاز القرآن وأنه حق . قال تعالى في البقرة (الم) واتبع ذلك بقوله : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه). وقال في آل عمران : (الم) واتبع ذلك بقوله : (الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق). وقال في الأعراف : (المص) . ثم قال: (كتاب أنزل إليك ) الآية. وقال في سورة يونس : (الر) ثم قال: (تلك آيات الكتاب الحكيم) وقال في هذه السورة الكريمة التي نحن بصددها - أعني سورة هود - (الر) ثم قال (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير). وقال في يوسف (الر) ثم قال (تلك آيات الكتاب المبين إنّا أنزلناه قرآناً عربياً). وقال في الرعد (المر) ثم قال( تلك آيات الكتاب والذى أنزل إليك من ربك الحق ) وقال في سورة إبراهيم (الر) ثم قال (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) وقال في الحجر (الر) ثم قال (تلك آيات الكتاب وقرءان مبين) وقال في سورة طه ( طه ) ثم قال ( ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى) وقال في الشعراء ( طسم ) ثم قال ( تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك) وقال في النمل : ( طس ) ثم قال (تلك آيات القرءان وكتاب مبين ) وقال في القصص (طسم ) ثم قال ( تلك آيات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون) وقال في لقمان ( الم ) ثم قال (تلك ءايات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ) .(1/15)
وقال في السجدة (الم) ثم قال : ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) وقال في يس ( يس ) ثم قال ( والقرءان الحكيم) وقال في ص (ص) ثم قال( والقرءان ذى الذكر) وقال في سورة المؤمن (حم ) ثم قال (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) وقال في فصلت (حم) ثم قال (تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت ءاياته قرءانا عربيا لقوم يعلمون) وقال في الشورى (حم عسق ) ثم قال (كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك) وقال في الزخرف ( حم ) ثم قال (والكتاب المبين إنا جعلناه قرءانا عربيا) وقال في الدخان (حم) ثم قال (والكتاب المبين إنآ أنزلناه فى ليلة مباركة) وقال في الجاثية ( حم) ثم قال (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن فى السماوات والأرض لآيات للمؤمنين ) وقال في الأحقاف: (حم) ثم قال: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) وقال في سورة ق( ق ) ثم قال (والقرءان المجيد)(1).
__________
(1) أضواء البيان (2/166-168).(1/16)
القسم الثاني : نقد الكتاب :
إنَّ من أعظم المنن التي تفضل الله بها علينا -نحن معاشر المسلمين- هذا القرآن العظيم ، الذي أنزله سبحانه على أكرم خلقه محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي - صلى الله عليه وسلم - هذا القرآن العظيم الذي فيه نبأ ما قبلنا، وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، هو الفصل ليس بالهزل ، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، فهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أُجر ، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم (1).
حُقَّ لهذا الكتاب أن يُعظَّم ، ويُوقر ، و يُجلَّ ، ويسلك مسلكه ، ويذهب مذهبه ، ويركب مركبه ، ويتبع أثره ، ويلزم مضماره ، ويحتذي مثاله ، وينتحي(2) فعاله (3)، ويكون لنا إماماً وقدوة ، ومناراً وأُسوة ، كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول : { إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً } (4) قال صاحب الظلال في تعليقه على هذه الآية : (هكذا على وجه الإطلاق فيمن يهديهم ، وفيما يهديهم ، فيشمل الهدى أقواماً و أجيالاً بلا حدود من زمان أو مكان ، ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق ، وكل خير يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان) (5).
__________
(1) بعض حديث أخرجه الدارمي برقم (3331) ، ومصنف ابن أبي شيبة (30007) ، وغيرهما ينضر تخريج الأحاديث و الآثار للزيلعي تحقيق عبد الله بن عبد الرحمن السعد والحديث لا يصح مرفوعاً والله اعلم .
(2) تعني : الجد في الأمر. اللسان( 15/313).
(3) ينظر عمدة الكُّتاب ليوسف بن عبد الله الزجاجي (39).
(4) سورة الإسراء (9).
(5) ظلال القرآن (4/2215).(1/17)
لذلك نجد السلف الصالح ومن سار على خطاهم اقبلوا على هذا الكتاب إقبالاً تاماً ، وانقطعوا في تحصيل العلوم التي من خلالها يفهمون كلام ربهم جلَّ وعلا ، ويعقلون أمثاله ، ويعلمون مراده وأحكامه ، و يكشفون حكمه وأسراره ، فأثمر ذلك أنواعاً من الهدايات التي وفقهم الله إليها لعنايتهم بكتابه الذي هو أصل العلوم وأُسُها.
من صور تعظيم أولئك الرجال لكتاب ربهم سبحانه خوفهم من القول في كتابه بغير علم أو بمجرد الرأي لحديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار)(1). وحديث جندب بن عبد الله يرفعه : (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)(2)
__________
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (8085) ، وفضائل القرآن له (110) بهذا اللفظ ، وأورده ابن كثير في مقدمة تفسيره وقال (هكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى به وقال الترمذي هذا حديث حسن وهكذا رواه بن جرير أيضا عن يحيى بن طلحة اليربوعي عن شريك عن عبد الأعلى به مرفوعا ولكن رواه عن محمد بن حميد عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي عن عبد الأعلى عن سعيد عن بن عباس فوقفه وعن محمد بن حميد عن جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن بن عباس من قوله فالله أعلم). (1/6).
(2) أخرجه الترمذي (2952) ، وأبو داود (3652).قال ابن كثير بعد إيراده لهذا الحديث : (لأنه قد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ لأنه لم يأت الأمر من بابه كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ والله اعلم وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به ولو كان اخبر بما يعلم لأنه تكلف ما لا علم له به والله أعلم) تفسير ابن كثير (1/6).(1/18)
.
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به فمن ذلك ما قاله :
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : (أيُ أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ،إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم).
وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ على المنبر { وفاكهة وأبا } فقال هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب . ثم رجع إلى نفسه. فقال : إن هذا لهو التكلف يا عمر.
وقال ابن أبي مليكة سئل ابن عباس - رضي الله عنه - عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبى أن يقول .
قال الوليد بن مسلم : جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن . فقال : أُحرّجُ عليك إنّ كنت مسلماً إلا ما قمتَ عنّي.
وعن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سُئل عن تفسير آية من القرآن ، قال :إنَّا لا نقول في القرآن شيئاً
وقال الليث عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب :أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
و سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن ، فقال :لا تسألني عن القرآن ، وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء- يعني عكرمة –
وقال يزيد بن أبي يزيد كنَّا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام ، وكان أعلم الناس ، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت ،كأن لم يسمع .
وعن عبيد الله بن عمر قال : لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظّمون القول في التفسير منهم سالم بن عبد الله ،والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ونافع.
وقال هشام بن عروة :ما سمعت أبي تأوّل آية من كتاب الله قط.
و عن محمد بن سيرين قال سألت عبيدة -يعني السلماني- عن آية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أُنزل القرآن فاتق الله وعليك بالسداد.
وعن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال إذا حدثت عن الله حديثاً فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده .
و عن مغيرة عن إبراهيم قال : كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه.
وقال الشعبي : والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله عز وجل.(1/19)
وعن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله(1).
هذه أحوال السلف في تعظيمهم لكتاب ربهم سبحانه وتعالى ، وخوفهم من التفسير ، ورهبته في قلوبهم ، أما الذين لم تُعمر قلوبهم وتتحقق نفوسهم من هذه المعاني فنجد عندهم الجرأة القبيحة على كتاب الله ، والقول في القرآن بالرأي الصادر عن الجهل أو الهوى أو عنهما معاً(2).
__________
(1) هذه الأقوال نقلتها من تفسير ابن كثير بتصرف يسير (1/16-18).ثم قال معلقاً على أقوالهم: فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغةً وشرعاً فلا حرج عليه ،ولهذا رُوي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة ؛لأنهم تكلموا فيما علموه ،وسكتوا عما جهلوه ،وهذا هو الواجب على كل أحد فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى { لتبيننه للناس ولا تكتمونه } ولما جاء في الحديث الذي روي من طرق(من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) .أ.هـ .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على تفسير ابن كثير:والرأي المراد هو الذي لا أساس له من كلام الله ولا رسوله- صلى الله عليه وسلم - و لا كلام العرب ، بل هو بمجرد رأيٍ له فقط فهذا هو المنكر .(الشريط الأول – الوجه الثاني).
(2) وهذا النوع من التفسير تجده غالباً في كتب طوائف من المبتدعة كالجهمية والمعتزلة و الأشاعرة والرافضة والصوفية وبعض الجهلة الذين أقحموا أنفسهم في هذا العلم وهم ليسوا منه في قليل و لا كثير ، ومن ذلك قول بعض الصوفية في قوله تعالى { اركض برجلك } ( سورة ص 42) أنها تفيد جواز الرقص كما ذكر ذلك القرطبي في تفسيره(15/215) والأمثلة كثيرة جداً يمكن مراجعة كتاب الأقوال الشاذة في التفسير للدكتور عبد الرحمن الدهش ففيه ما يشفي ويكفي .(1/20)
ومن الذين سلكوا هذه المسلك صاحب كتاب الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم سعد عبد المطلب العدل -أصلحه الله وهداه- الذي تكلّف وتنطع في إقحامه اللغة المصرية القديمة في كتاب الله عز وجل الموصوف بالعربي المبين(1)، بل جازف غاية المجازفة فجعلها تفسراً للكتاب العزيز ، فأشكل عليه الأمر ، واستعجم ، وغم عليه واستبهم ، وضلَّ عنه وجاز ، وزل عن قصده وحار ، فهو في غمة ولَبْس ، وظلمة والتباس ، وضلالة وحيرة ، وجهالة ، فلا تعرف موارده ، ولا تبين مصادره(2) ، رأيه أبكم ، و برهانه أصم ، و دليله أعمى.
وذلك أنه جاء بقولٍ مبتور لم يقل به أحد من قبله ، فحمل نفسه على المهالك والمخاوف ، وأوقعها في المهاوي و المتالف ، وألقاها في ورطة ، وردّاها في هبطة.
وإن كان ثمة أمر قد يُحمد عليه المؤلف ، ويهدى المدح إليه ، ما يبدو للقارئ من حسن قصده ، وصحة نيته ، وذلك يتضح من خلال محاولته إظهار إعجاز القرآن الكريم ، وعظمته في قدرته على توظيف اللغة المصرية القديمة ، وربطها بلغة القرآن . ولكن الأمر كما قيل : (كم من مريد للخير لن يصيبه)(3). أما بقية الكتاب فغلط وخطل ، وزلل وخلل . وسأوضح هذا وأبيّنه ، وأنقد وأنقض ما سعى في عقده وإبرامه –بإذن الله تبارك وتعالى- فيما يلي من أمور :
__________
(1) قال الله تعالى : { إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) وقال سبحانه: { قراناً عربياً غير ذي عوج } والآيات في ذلك كثيرة سيأتي الحديث عنها إن شاء الله .
(2) سيأتي معنا في البحث قلة مراجع المؤلف في كتابه هذا بما يجزم معه بأن عامة ما ذكره مبني على الحدس والخرص .
(3) أخرجه الدارمي (204). وفيه قصة .(1/21)
*المؤلف لا تتوفر فيه شروط المفسر :
لاشك أن مِن حق كل أحد أن يفهم كلام ربه جل وعلا ، بل يجب عليه أن يتدبره ويتأمله كما قال الله جل وعلا: { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لو جدوا في اختلافاً كثيراً } (1) وقوله تعالى: { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } (2) وقوله تعالى : { أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأتِ ءابآءهم الأولين } (3) ، ولكن لا يحل بوجه من الوجوه أن يفسره للناس من ليس من ذوي الدراية به والأهلية (4)، فمن لم تتوفر فيه شروط المفسر يحرم عليه أن يفسر كلام الله تبارك وتعالى ، صيانة للقرآن الكريم من جهل الجاهلين ، وعبث العابثين ، وضلال المضلين ، بل إن هذا من القول على الله بغير علم الذي هو أعظم الموبقات وأجل المهلكات التي اتفقت الشرائع وأجمعت الرسل قاطبة على تحريمه(5)
__________
(1) سورة النساء (82).
(2) سورة محمد(24).
(3) سورة المؤمنون(68).
(4) قال الشيخ حسين الحربي صاحب كتاب قواعد الترجيح عند المفسرين في تعريف المفسر : من له أهلية تامة يعرف بها مراد الله تعالى بكلامه المتعبد بتلاوته ، قدر الطاقة البشرية ، وراض نفسه على مناهج المفسرين ، مع معرفته جُملاً كثيرة من تفسير كتاب الله ، ومارس التفسير عملياً بتعليم أو تأليف .(1/33) وعرفه د.مساعد الطيًارفي كتابه مفهوم التفسير... بقوله : من كان له رأي في التفسير ، وكان متصدياً له.(215). وعرفه د. مصطفى مسلم في كتابه مناهج المفسرين (15) بأنه : هو الذي وجدت لديه أهلية الكشف والبيان عن معاني القرآن الكريم حسب الطاقة البشرية .أنظر رسالة (المفسر شروطه وآدابه و مصادره)للباحث أحمد قشيري(62).
(5) قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة وهو يتحدث عن القدر الواجب من العلم على كل مسلم : (النوع الثالث علم المحرمات الخمسة التي اتفقت عليها الرسل والشرائع والكتب الالهية وهي المذكورة في قوله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون } فهذه محرمات على كل واحد في كل حال على لسان كل رسول لا تباح قط ولهذا أتى فيها بإنما المفيدة للحصر مطلقاً وغيرها محرم في وقت مباح في غيره كالميتة والدم ولحم الخنزير ونحوه فهذه ليست محرمة على الإطلاق والدوام فلم تدخل تحت التحريم المحصور المطلق)(1/156)
(1/22)
وهو قرين الشرك(1) بل جعله بعضهم أشد جرماً من الشرك بالله عز وجل واستدل بقوله تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون } (2) وذلك أن الآية تدرجت من الأصغر إلى الأكبر(3).
قال ابن سعدي رحمه الله : "ومن أعظم القول على الله بلا علم أن يتأول المتأول كلامه أو كلام رسوله على معاني اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال ثم يقول إن الله أرادها فالقول على الله بلا علم من أكبر المحرمات وأشملها وأكبر طرق الشيطان التي يدعو إليها فهذه طرق الشيطان التي يدعو إليها هو وجنوده ويبذلون مكرهم وخداعهم على إغواء الخلق بما يقدرون عليه"(4)
قوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا(5) } قال الشنقيطي :"نهى جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن إتباع الإنسان ما ليس له به علم ، ويشمل ذلك قوله رأيت ولم ير وسمعت ولم يسمع وعلمت ولم يعلم ويدخل فيه كل قول بلا علم"(6).
فالقول في تفسير كلام الله عز وجل ليس بالأمر الهيّن حتى يتجاسر عليه ويستسهله فاقد الأهلية فيه ، فكما لا يحق للطبيب مزاول الهندسة ، ولا المهندس امتهان الطب ، لأن كل واحد منهما لا يحسن مهنة غيره ، بل قد يحدث من جراء ذلك مصائب و مهالك ، فكذلك لا يجوز لغير العالم المتضلع بعلوم القرآن وأصول التفسير ومقوماته ، بل هو من الجرأة على كتاب الله تبارك وتعالى .
__________
(1) قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/274): جامع العلوم والحكم ج1/ص274
وظاهر حديث معاذ يدل على أن أكثر ما يدخل الناس به النار النطق بألسنتهم فإن معصية النطق يدخل فيها الشرك وهي أعظم الذنوب عند الله عز وجل ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك
(2) سورة الأعراف (33).
(4) تفسير السعدي (1/81).
(5) سورة الإسراء(36).
(6) أضواء البيان (3/145)(1/23)
قال النووي رحمه الله : " ويحرم تفسيره بغير علم والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه فمن كان أهلا للتفسير جامع للأدوات التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله"(1)
لذلك حرص العلماء رحمه الله على وضع شروط يعرف من خلالها من يقبل قولُه ومن يرد . وهذه الشروط منها ما هو شرعيٌ أخلاقي كصحة المعتقد ، و التجرد من الهوى ، والإخلاص وحسن النية ، و الورع . ومنها ما هو عقلي كقوة الاستدلال ، ودقة الفهم ، والقدرة على الترجيح والجمع بين الأقوال . وهذه . ومنها ما هو علمي ويذكرون علوماً لابد من توفرها بالمفسر وهي :
1) علوم اللغة العربية . لأنها لغة القرآن الكريم قال الله تعالى { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المؤمنين بلسان عربي مبين (2) } وقوله تعالى { إنَّا انزلناه قرآناً عربياً } (3) وقال مجاهد: "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم فى كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب"(4).وعن مالك بن انس قال : " لا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً"(5).
والذي يحتاج إليه المفسر تحديداً من علوم العربية : (علم اللغة ، علم النحو ، علم الصرف، وعلم الاشتقاق).
__________
(1) التبيان في آداب حملة القرآن (86).
(2) سورة الشعراء (193-195).
(3) سورة يوسف (2).
(4) البرهان (2/160)
(5) رواه البيهقي في الشعب (2287)، وقد أورده صاحب البرهان .(1/24)
2) علوم القرآن : كأسباب النزول ، القراءات ، الناسخ والمنسوخ ، والمكي والمدني.
3) علوم السنة : قال الفضل بن زياد قال سمعت أحمد بن حنبل : وسئل عن الحديث الذي روى إن السنة قاضية على الكتاب قال:" ما أجسر على هذا أن أقوله ، ولكن السنة تفسّر الكتاب ، وتعرف الكتاب ، وتبينه"(1).
وقد ذكروا في الشروط أكثر مما أوردته هنا ، ولكن هذا القدر من الشروط الذي رأيت أنه لابد للمفسر منه(2).
وبعد هذا العرض الموجز للمفسر الذي يحق له أن يتصدى لتفسير كلام الله عز وجل ، والكشف عن مراده ، وإيضاح ألفاظه ، وبيان معانيه.نرجع إلى المؤلف–وفقه الله وهداه – فلم يُعرف بطلبٍ للعلم ، ولا هو من أهل العلم بالتفسير حتى يؤخذ قوله ويعتد به في الترجيح بين قولين أو أكثر في معنى آية ، فضلاً عن يسمع أو يلتفت إلى قوله عندما يأتينا بقولٍ محدث من كيسه الخاص ، لم يقل به أحدٌ من السابقين ولا اللاحقين .
__________
(1) الكفاية في علم الرواية (1/15).
(2) يراجع للازدياد رسالة المفسر شروطه وآدابه ومصادره لأحمد قشيري سهيل (86-258) . التفسير العلمي للقرآن في الميزان د. أحمد عمر أبو حجر(65-69). والمقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبد الله الجديع (293-296).(1/25)
وقد أحسن الأستاذ صلاح مطر عندما سأله فقال له : من أنت حتى تتصدى لتفسير القرآن الكريم باللغة الهيروغليفية ؟ وما علاقتك بالاثنين القرآن و الهيروغليفية ؟ فقال المؤلف مجيباً : إنني أنسب لنفسي أولاً صفة الباحث الإسلامي ، فالإسلام هو ديني ، واللغة العربية هي لغتي ، والمصرية حضارتي ، والفصل بين هذه العناصر يصيب شخصيتي بانفصام ثلاثي ، وقد درست الفلسفة –الإسلامية على وجه الخصوص- ودرست فقه اللغة – ولو أن الدراسة تركزت على فقه اللغة الألمانية ، أما دراستي للغة المصرية القديمة فكانت دراسة حرة لإشباع هواية خاصة ، ثم وجدتها فرضاً علىّ.....إلى أن يقول ..وعندما عدت إلى مصر ...وعملت في مجال السياحة حتى وصلت الآن إلى منصب مدير التسويق بإحدى الشركات ، ولكني لم أقنع يوماً بأن يكون كل إنجازي أن أفسر للسائحين ما هو منقوش على المعابد والآثار، وجاءت اللحظة الحاسمة في حياتي منذ ثلاث سنوات حين قررت أن اكتب عن شخصية من أحب الشخصيات إلى نفسي وهي "سيدنا إخناتون"(1).
من خلال جواب المؤلف –هداه الله وأصلحه- يتبين لنا مستواه الضحل في العلم الشرعي ، وأنه يفتقر إلى أساسيات في ذلك، وأنه لم يثني قدميه قط على عالم رباني يربيه بصغار العلم قبل كباره ، لذلك أثمرت المسألة ما نرى من عبث ولعب بكلام رب الأرباب جل جلاله وتقدست أسمائه ، وقد صدق القائل : "من تكلم فيما لا يحسن أتى بالعجائب"(2).
إنَّ المؤلف لا يفرّق بين تدبر كتاب الله عز وجل وبين الاجتهاد في تفسير كتابه وذلك واضح من رده على د.محمد محمود محمدين بقوله : "وإشارتكم إلى ميل بعض العلماء لعدم الاجتهاد في تفسير بعض نصوص القرآن فهو مخالف مخالفة صريحة لنص الآية رقم في سورة ص { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أُلوا الألباب } "(3).
__________
(1) الهيروغليفية (176-177).
(3) الهيروغليفية(167).(1/26)
أقول : الكلام في هذه المسألة يطول(1) ، والذي يهمنا في هذا المقام أنه لم يقل أحد ممن يعرف ما يخرج من رأسه أن معنى التدبر نقض كلام المفسرين وضرب إجماعهم عرض الحائط كما صنع المؤلف –هداه الله وأصلحه- ، وإنما المقصود بالتدبر الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ و البينات(2).
ومن وجهة نظري أنَّ هذا الرد كافي لإسقاط الكتاب ، وأنه لا يساوي ما كتب به من ورق ، لأنه من رجل أجنبي عن هذا العلم ، كما لو كتب مهندسٌ كتاباً في الطب ينقض فيه ما كتبه أهل الفن سلفاً وخلفاً ، ويأتيهم بأمرٍ لا يعرفونه ، بل ينكرونه ويأبونه .
إنَّ الردود على مثل هذه الكتابات تعطيها قيمة لم تكن لتكسبها لولا هذه الردود .
إننا في هذه الأيام قد بُلينا بأقوامٍ لا يعرفون من دين الله ما تصح به عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم ، بل لا يحسنون قراءة القرآن الكريم ، ولا يكتفون بذاك ، بل يتكلمون في القضايا الشرعية الجليلة ، و كبريات المسائل العلمية التي تتعلق ربما بمصير الأمة ، ويخطّئون الراسخين في العلم ، بل ويقدحون في دينهم لأنهم رجحوا قولاً ما ، أو أفتوا بواقعة ما تخالف هواهم .
فهذا طبيبٌ نفسيٌّ يخطئ الأمة أجمع ، وذاك عالم في الطبيعة يسخر من مفسرين الإسلام ويتهمهم بالسذاجة ، وآخر يتطاول على الفتيا ولم يشم رائحة العلم ، وخير مثال لهذا العبث ما يعرض في عامة القنوات الفضائية من جرأة على دين الله وكتابه ، فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
__________
(1) أنظر: مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط و التدبر والمفسر د.مساعد الطيار(185)وما بعدها فقد تكلم عن المسألة كلاماً نفيساً.
(2) من كلام الطبري في مقدمة تفسيره .نقلاً عن المصدر السابق.(1/27)
*مخالفة الإجماع:
من المسائل المتقررة عند أهل العلم أن السلف إذا اختلفوا في تفسير الآية على قولين أو أكثر لم يجز لمن بعدهم إحداث قول جديد يخرج عن قولهم(1)؛ لأن ذلك بمثابة الإجماع منهم على بطلان ما خرج من أقوالهم.
وبيان ذلك أنًّ تجويز القول الجديد يؤدي إلى تخطأت الأمة ، سيما إذا رجحنا ذلك القول المحدث.
وهذا ممتنع ؛ لأنه ينسب الأمة كلها إلى الخطأ ، وأن يخلو العصر من قائم لله بالحجة .
وهذا التفسير للأحرف المقطعة فيه إحداث قول لم يقل به أحد ، فهو خرق لإجماع المسلمين ، وسلك طريقٍ غير طريقهم، وفيه نسبة الأمة للخطأ ، وتضييع للحق وإهماله .
وقد قال الله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } (2) قال المزني والربيع :"كنا يوما عند الشافعي إذ جاء شيخ فقال له: أسأل. قال الشافعي :سل. قال: إيش الحجة في دين الله.فقال الشافعي :كتاب الله .قال: وماذا .قال: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .قال: وماذا. قال: اتفاق الأمة. قال: ومن أين قلت اتفاق الأمة من كتاب الله. فتدبر الشافعي رحمه الله ساعة. فقال الشيخ : أجلتك ثلاثة أيام فتغير لون الشافعي ، ثم إنه ذهب فلم يخرج أياماً قال : فخرج من البيت في اليوم الثالث فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلم فجلس فقال :حاجتي فقال الشافعي رحمه الله : نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } لا يصليه جهنم على خلاف سبيل المؤمنين إلا وهو فرض قال: فقال: صدقت . وقام وذهب قال الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه"(3).
__________
(1) يراجع في ذلك كتاب قواعد التفسير د. خالد بن عثمان السبت (1/200).
(2) سورة النساء (115).
(3) أحكام القرآن – الشافعي( 1/40).
(1/28)
قال أبو المظفر السمعاني : " واستدل أهل العلم بهذه الآية على أن الإجماع حجة "(1).
فالإجماع جحة مقطوع بها ، ولكن ظاهر عمل المؤلف _هداه الله وأصلحه_وقوله عدم الاعتداد به . حيث قال :"وتجمع كل كتب التفسير على أن معنى كلمة اليقين هو الموت ، ولكنا هنا لا نرى في الكلمة إلا المعنى المباشر لها وهو اليقين في مقابل الشك و الارتياب وهو تماماً ما يعينه الرمز –مْرا- "(2).
* عدم التوثيق العلمي:
المؤلف في كتابه هذا توصل إلى أمر لم يسبق إليه ، فالمفترض أنه دقّق ونقّب ورجع إلى مراجع كثيرة ومتنوعة ، ولكني تفاجأت في قلة المراجع التي رجع إليها واعتمد عليها في بناء هذه القناعة الكبرى ، فعامة الكتاب حدس ، وخرص ، ورجم بالغيب .
وكل المراجع التي رجع إليها المؤلف تسعة عشر كتاباً وهي :
مختصر تفسير ابن كثير (2).
تفسير القرطبي (2).
الكشاف (6).
صفوة التفاسير(3).
معجم لسان العرب (6).
القرآن الكريم (1).
الأدب المصري القديم (2).
معجم لغة مصرية (17).
أسماء جبال تهامة وجبال مكة والمدينة (2).
اليهود أعداء محمد (1).
تفسير الجلالين (39).
المعجم الوسيط (1).
الكتاب المقدس –العهد القديم (5).
الكتاب المقدس –العهد الجديد (1).
أسباب النزول للسيوطي (7).
شرح شذور الذهب (1).
فتح الباري شرح صحيح البخاري (2).
إبراهيم ملكاً للمؤلف (1).
المعجم المصري الألماني (1).
بعد هذا العرض للكتب التي رجع إليها المؤلف ، وعدد المرات ، لي على ذلك بعض الملاحظات :
-أولاً : عامة المراجع المذكورة رجع إليها في المقدمة التي هي الفصل الأول ، أما صلب الكتاب الذي فسر فيه الأحرف فلم يرجع إلا للقليل من المراجع .
__________
(1) تفسير السمعاني (1/479).
(2) الهيروغليفية (141). وأنظر مثال آخر في صفحة (180).(1/29)
-ثانياً: أن المراجع التي لها علاقة في التفسير يرجع إليها في أمور لا تعلق لها بمنهجه في الكتاب أو شرحه ، وإنما في أمور أقرب ما تكون للشكليات منه إلى الاستفادة الحقيقية من البحث من مثل عدد الآيات ونحو ذلك .
-ثالثاً : يبدو لي أن المؤلف جعل المراجع في نهاية كل فصل حتى لا يكشف أمره في قلة مراجعه .
-رابعاً : بعض هذه الكتب لا علاقة له بالقرآن الكريم ، بل لا يجوز الاعتماد عليه من مثل الكتاب المقدس (العهد القديم أو الجديد).
-خامساً : قال في كتابه : " أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاة"(1). أين هي كتب السيرة والسنة التي يتحدث عنها .
فالنتيجة التي توصلت إليها أن المؤلف أثقل صفحات هذا الكتاب بتخرصات و تكهنات و تنطعات ، و تكلفات ، أملاها عليه خياله الواسع الذي هوى به في مكان سحيق ، وأقصاه في فج عميق .
*الجرأة على الأنبياء:
يقول المؤلف –أصلحه الله-عن النبي- صلى الله عليه وسلم - :"ومن كثرة تكذيب أهل مكة للرسول- صلى الله عليه وسلم - ، فربما يكون قد أصابه شئ من الشك أو الارتياب في إتمام وتبليغ الرسالة أو الانتصار عليهم أو الميل إليهم ..."(2).
ويقول في تعليقه على قوله تعالى: { لا تمدنّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً ... } تدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدأ يميل إليهم، ويحذره الله وينهاه عن ذلك "(3).
وغير هذا كثير في كتابه من ذكر كلام لا يليق في مقام النبوة والله أعلم .
__________
(1) الهيروغليفية(31).
(2) الهيروغليفية(134).
(3) نفس المصدر (140).(1/30)
* الهيروغليفية ليست لغة قائمة بذاتها:
من المعلوم لدي المتخصصين في اللغة المصرية القديمة أنها ليست لغة قائمة بذاتها . بل هي خط من خطوط المصرية القديمة مثل النسخ والرقعة في اللغة العربية . كما صرح بذلك الدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ اللغة المصرية القديمة ورئيس قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار – سابقاً في حوار معه في مجلة نصف الدنيا(1). وذكر أن المؤلف طلب منه أن يقدم للكتاب فرفض الدكتور ذلك ؛ لأن الأمر كما قال ليس بهذه البساطة التي يتوهمها المؤلف –أصلحه الله-.
* ملاحظات المتخصصين في الهيروغليفية على الكتاب:
أولا : أن منهج التفسير في الكتاب يقوم على افتراض أن كل حرف من الحروف المقطعة هو كلمة قائمة بذاتها مثل (ن) التي يقول إنها لا بد أن تنطق هكذا (نون) وهذا منهج يصعب قبوله .
ثانيا : اللغة المصرية القديمة غنية بالمفردات والمترادفات إلا أن هناك في الوقت نفسه كلمات تبدأ بعلامة واحدة ولكنها تختلف في "المخصّص" وهو العلامة التي تاتي في نهاية الكلمة لتحدد معناها (الفم في نهاية الكلمة يدل على الطعام والشراب والكلام والفم نفسه) وهذه العلامة لا تنطق مع الكلمة .
ثالثا : القول بأن إخناتون هو سيدنا إبراهيم عليه السلام قول في منتهى الخطورة . لأنه لا يملك دليلا ماديا واحدا عليه ، ولأن شكل إخناتون وخصائصه وسلوكه لا يوحي بأنه من الرسل ، ثم إن القيمة الصوتية للاسم وهو (أخ إن آتون) أي المخلص لآتون - بعيدة تماما عن الاسم "إبراهيم" .
__________
(1) العدد9 ص547 ، الأحد 6 من أغسطس2000.
(1/31)
رابعا : من القضايا الخطيرة التي طرحها المؤلف أيضا أن آدم عليه السلام عندما نزل إلى الأرض كان يتحدث هو وزوجته حواء اللغة المصرية القديمة ، وهذا الكلام من الصعب أن يتقبله أحد . لأنه بلا دليل وجاء من غير متخصص يعترف بأنه درس اللغة المصرية دراسة حرة لإشباع هواية خاصة ، أما عن قوله بوجود كلمات مصرية في اللغة العربية فهذا صحيح ومعروف من قبل ومنها ما جاء في القرآن الكريم مثل كلمة "الحُطَمَة" وجاءت من الفعل (حتِم) بمعنى حطّم وليس معناها كما ذكر "مكان في النار" .
كما قال إن (عرفات) كلمة مصرية مكونة من مقطعين معناها "بوابة السماء" ولا أدري من أين أتى بهذا ؟ !
يقول أيضا إن اللغة الألمانية بها أكثر من عشرة آلاف كلمة أصلها عربي وأن كل اللغات بها كلمات تعود أصولها إلى اللغة المصرية القديمة ، وهذا كلام غير علمي ، فالدراسات مازالت جارية حتى الآن حول التشابه اللفظي بين الألفاظ ، ومثالا على هذا اللفظ (مُوت) في المصرية - القديمة التي هي في الإنجليزية Mother وفي الفرنسية Mere ومعناها الأم ، وكذلك كلمة (ديشرت) في المصرية القديمة التي يعتقد أنها تحولت إلى Desert في كل من الإنجليزية والفرنسية ومعناها "صحراء" ، فكيف يقول المؤلف ببساطة إن اللغات الأوربية الحديثة - سواء كانت ذات أصول يونانية أو لاتينية - بها عدد كبير من المفردات ذات الأصل المصري القديم ؟ !
خامسا : في الكتاب مغالطات كثيرة منها أن يوسف عليه السلام كان يتقن اللغة المصرية القديمة . لأنه تربى وعاش في مصر طوال حياته ، وأن داود عليه السلام تأثر في مزاميره بأناشيد إخناتون ، ولا دليل على هذا مطلقا . بل الأمر كله مجرد تشابه . لأن كليهما كان يناجي الله سبحانه وتعالى ، ولأن هناك فارقا زمنيا كبيرا - وهذا هو الأهم - بين كل منهما . فنشيد إخناتون كان في القرن 15 قبل الميلاد بينما كان مزمار داود في القرن العاشر قبل الميلاد .(1/32)
ويقول المؤلف أيضا عن عيسى عليه السلام "إنه أتم طفولته في مصر ولا بد أنه كان يعرف اللسان المصري والمعروف لنا باللغة القبطية" . . . في حين أن القبطية لم تعرف مضافة إليها الحروف المصرية القديمة إلا منذ القرن الثالث الميلادي ، كما أن القبطية ليست مرتبطة بدخول عيسى عليه السلام مصر ، كما يقول إن الهيروغليفية كانت لغة عالمية ، وهذا ليس صحيحا فالهيروغليفية أولا ليست إلا خطا من خطوط المصرية القديمة ، وثانيا لأن اللغة البابلية كانت هي لغة الدبلوماسية الدولية في وقت من الأوقات وليست المصرية .
وعندما تحدث سعد عبد المطلب عن خصائص المصرية القديمة ارتكب بعض الأخطاء ، ومنها أنها لغة لا تعرف أدوات التعريف أو النكرة في حين أن هذه الأدوات معروفة جيدا حتى للمبتدئين ، كما قال إن الفعل قد يأخذ شكلا واحدا في جميع الأزمنة وهذا أيضا خطأ ،كما أن المؤلف استعان بكلمات معظمها سامي الأصل دخل اللغة المصرية متأخرا .
وعندما فسر المؤلف أسماء بعض البلدان والمدن العربية جاء بمعان لا أدري من أين أتى بها ، ومنها "الحجاز" التي يقول إنها جاءت من "حجج" - بكسر أول حرفين - وتعني النور أو الضوء ، ثم يقول إن "تايبتي" هي أصل اسم "الطائف" ومعناها الأرض الشرقية ، وهو هنا يستخدم مفردات تعطي قيمة صوتية يمكن مقارنتها بالقيمة الصوتية لمفردات عربية وهذا صعب أن نقبله .
كما فسر المؤلف أسماء القبائل اليهودية مثل "بنو النضير" وقال إنها جاءت من كلمة "نِتر" - بكسر النون - ومعناها في المصرية القديمة (إله) في حين يقول أن معناها (ملك) فما علاقة الإله أو حتى الملك باسم قبيلة يهودية(1) .
* المؤلف اعتمد التشابه الصوتي دليلاً على أن هذه الحروف اختصار لعلامات أو كلمات الهيروغليفية:
لايمكن المجازفة في تفسير كتاب الله الكريم اعتمادا على التشابه الصوتي الذي لا يكفي على الإطلاق وحده ليكون دليلا .
__________
(1) الهيروغليفية(190-193).(1/33)
ومع هذا فتعال نستعرض هذه التفسيرات :
يقول المؤلف عن (كهيعص) في أول سورة مريم : إن "الكاف" هي كلمة (كف) أو (كفا) بمعنى : يكشف النقاب عن ، و "الهاء" بمعنى : انتبه يتنزل من السماء ، وهذا تفسير غير مقبول . فالمصري القديم لم يكن يكتب (ها) إلا ويقصد النزول من أي مكان . فإذا أراد أن يقول : ينزل من السماء كتبها هكذا (ها إن بت) لكن المؤلف يريد أن يوظف كلمة (ها) لصالحه ويقحمها على الآية ، ثم يقول إن (يا) التي هي الحرف الثالث من (كهيعص) معناها : هذا أو إليك ، وهي في المصرية القديمة أداة نداء يأتي بعدها اسم علم ، ثم يفسر (ع) التي تنطق "عيين" بأن معناها عبد جميل صالح - يقصد جبريل عليه السلام - ولو كان معناها كذلك لانتهت بمخصص - علاقة - يدل على رجل ، ثم يأتي المؤلف فيقرب (ص) من الكلمة المصرية (جِد) ومن البديهي أنه حتى على المستوى الصوتي فإن الاشتقاق يكون غير مقبول فحرف (ص) يمكن تقريبه من السين وليس من الجيم .
يقول المؤلف إن (ن) في بداية سورة القلم جاءت من كلمة (نون) المصرية ومعناها انحطوا وهبطوا وغفلوا في حين أنها تنطق في الأصل (نني) وليس (نون) ومعناها ضعيف أو عارٍ او متكاسل أو مريض .
يقول إ (يس) تقابل (إيس) أو (إس) أو (يس) ومعناها : بلى أو يقينا ، ويزعم أنها مكونة من "إيس إن" وأردّ عليه بأن "إيس" تعني يقينا ، هذا صحيح لكنها لا تكون متبوعة أبدا بـ(إن) لأن الأخيرة أداة نفي ، ولهذا وضعها مؤلف الكتاب بين قوسين لأنه يعلم جيدا أن تفسيره يخرج على قواعد اللغة المصرية ، ولكنه في الوقت نفسه يريد أن تكون الكلمة مشابهة لكلمة (ياسين) ! !(1/34)
يقول إن (حم) مكونة من "حامي" + "يم" وأن الجزء الأول معناه كائن سماوي ، وهو كذلك بالفعل ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا الكائن هو الروح الأمين جبريل كما قال المؤلف الذي قال إن هذه الإضافة جاءته على لسان هاتف زاره بين المنام واليقظة ، فهل من مبادىء المنهج العلمي أن نعتمد على الأحلام والرؤى خصوصا ونحن نتعرض لتفسير القرآن الكريم ؟ !
ثم يفسر "عسق" بأنها تشير إلى صفات جبريل عليه السلام وتعني الصادق الجميل القوي ولا أدري من أين أتى بكل هذه المعاني .
في تفسيره "طس" في بداية سورة النمل يورد المؤلف وجهتي نظر ، يقول في الأول إن (طا) جاءت من (تا) ومعناها : أنت أيها الرجل ، وهذا خطأ كبير لأنها في الحقيقة اسم إشارة للمؤنث فتقول (تاست) بمعنى : هذه المرأة ، فكيف يخاطب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ ! . . . ثم وجهة النظر الثانية يقول إن (طس) جاءت من (تاسني) : (تا) بمعنى أرض و (سني) بمعنى : يقبل ، ولو كان معناها في المصرية القديمة تقبيل الأرض لجاءت هكذا (سني تا) أي مضاف ومضاف إليه ، ثم أنه يربط هذه الأرض بمكة - الأرض الحرام ، فمن أين لهذا الكاتب بكل هذه الجراة في توظيف ألفاظ خاطئة لخدمة فكرته ؟ . . . وإذا كان يقصد بهذه الأرض مكة فإن الأرض الحرام في المصرية القديمة معناها (تا إيبت) فما علاقة هذه بـ(طس) ؟ !
ويفسر (ألمر) في بداية سورة الرعد ، فنجده يقول : إن النصف الثاني منها (مر) بأنه من اللفظ (مرّ) بمعنى يحب ، وفي موضع ىخر نجده يفسر حرف (م) وحده بأنه يعني بكاء ، وهذا ما لا يمكن أن يتفق معه أحد فيه(1).
مجلس المجمع يدعو الكاتب الى التوبة النصوح والبراءة مما كتبه وجادل به، وينبه المسلمين إلى عدم جواز نشره حتى لا يغتر به العوام:
نقتطف منه هذا الجزء حول موضوع الكتاب عن فواتح السور :
إمام محمد إمام
__________
(1) نفس المصدر(193-196).(1/35)
نختتم اليوم حلقات أيام فقهية في مكة المكرمة التي أثارت نقاشات واسعة، استعرض فيها العلماء والفقهاء المشاركون في أعمال الدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي التي عقدت في مكة المكرمة خلال الفترة من 19 ـ 23 شوال 1424هـ، الموافق 13 ـ 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2003. وأقدم في هذه الحلقة الأخيرة عرضا لآراء العلماء والفقهاء في مسألة الموقف الشرعي في كتاب «الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم»، حيث رأى بعضهم أنه من الأوفق إلا يصدر قرار في هذا الموضوع من المجمع، حتى لا يروج لهذا الكتاب، ويثير فضول القراء لقراءته، وبالتالي يساهم ذلك في تسويقه وتضليله لبعض العوام، بينما كان رأي مجموعة أخرى من المشاركين ضرورة مناقشة هذا الموضوع وأصدار قرار من المجمع حوله، لتبيان الموقف الشرعي منه.
وبالفعل تمت مناقشة الموضوع، واستنكر مجلس المجمع هذه الجرأة على كتاب الله عز وجل بالقول فيه بغير علم ولا هدى ولا إتباع، ويعجب المجلس أشد العجب من صدور مثل هذا القول ممن ينتسب للإسلام، ويقرأ القرآن بلسانه العربي المبين الذي نزل به من عند الله، مؤكدا أن ما اشتمل عليه هذا الكتاب إنما هو محض تخرصات وفرضيات لا تستند إلى أساس علمي صحيح، كما أوصى المجمع في جلسة أخرى بما أوصى به المشاركون في ندوة «مشكلة الزحام في الحج وحلولها الشرعية».(1/36)
اصدر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي قرارا بشأن كتاب «الهيروغليفية» تفسر القرآن الكريم، بناء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس المجمع الفقهي الإسلامي من وزير الإعلام بالمملكة العربية السعودية برقم م/و/4844/8 وتاريخ 14/ 11/ 1422هـ والمحال إلى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي برقم 2/2809 وتاريخ 1423/3/9هـ بشأن بيان الموقف الشرعي من كتاب «الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم» لمؤلفه سعد عبد المطلب العدل، وطلب سماحته عرض الكتاب على مجلس المجمع.
اطلع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 19 ـ 23 شوال عام 1424 هـ الذي يوافقه 13 ـ 17 ديسمبر (كانون الاول) عام 2003، على الكتاب المذكور، الذي زعم فيه مؤلفه أن فواتح السور المبتدئة بحروف مقطعة وبعض الألفاظ في القرآن ليست عربية، وإنما هي كلمات أعجمية مستمدة من اللغة المصرية القديمة، (الهيروغليفية)، وأنه سعى في كتابه المذكور إلى بيان معانيها بالحدس من خلال تلك اللغة، كما اطلع على التقرير المقدم عنه من عضو مجلس المجمع الشيخ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد.(1/37)
والمجلس إذ يستنكر هذه الجرأة على كتاب الله عز وجل بالقول فيه بغير علم ولا هدى ولا إتباع، ويعجب أشد العجب من صدور مثل هذا القول ممن ينتسب للإسلام، ويقرأ القرآن بلسانه العربي المبين الذي نزل به من عند الله، يؤكد أن ما اشتمل عليه هذا الكتاب إنما هو محض تخرصات وفرضيات لا تستند إلى أساس علمي صحيح، ولم يسلك الكاتب في محاولة إثباتها منهجا علميا قويما وإنما اكتفى بتوهمها، ثم عول في إثباتها على الحدس والتخمين في موضع لا يصح القول فيه إلا ببينة وبرهان، قال تعالى: { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى(1) } وقال تعالى: { وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } (2).
وما جاء به الكاتب واشتمل عليه كتابه قول على الله بغير علم، مخالف لنصوص الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأئمة التفسير والأثر، قال تعالى: { لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين } (3) وقال سبحانه: { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين } (4) وقال تعالى: { حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون } (5)وقال تعالى: { ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي(6) } ويقول مخاطبا المصطفى صلى الله عليه وسلم: { فإنما يسرناه بلسانك } (7).
فهذه النصوص وغيرها صريحة في الدلالة على أن القرآن إنما نزل بلغة العرب، وهي لغة المصطفى صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } (8)
__________
(1) سورةالنجم(23).
(2) سورة النجم(28).
(3) سورة النحل(103).
(4) سورة الشعراء( 193 ـ 195).
(5) سورة فصلت(1 ـ 3).
(6) سورة فصلت(44).
(7) سورة مريم (97).
(8) سورة إبراهيم (4).(1/38)
وإن مما يترتب على قول الكاتب أن يكون بعض القرآن نزل بلغة لا يفهمها النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته، بل لم يهتد إلى معناها إلا بعد أربعة عشر قرنا من الزمان { سبحانك هذا بهتان عظيم } (1).
ولقد أجمع المفسرون منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم على عربية هذه الألفاظ ـ ولم يرد ولو على قول ضعيف ـ أن هذه الألفاظ ليست عربية، وإنما اختلف القول عنهم: هل هي من المكنون الذي استأثر الله بعلمه، وذلك من حيث العلم الكلي بحقيقة معناها أم أنها من المعلوم الذي يمكن فهمه، وذكروا وجوهاً كثيرة لبيان المراد منها، وليس فيها أن هذه كلمات ليست عربية، كما يزعم هذا الكاتب المجازف. وإذا كان من المتشابه فإنه ـ كما قال الإمام الشافعي وغيره ـ: "لا يحل تفسير المتشابه إلا بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خبر من الصحابة أو إجماع العلماء ، قال تعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم } (الاسراء: 36) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه الترمذي ـ: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار). وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي أو الاجتهاد فيه من غير أصل. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سئل عن معنى آية لا يعلمها: أي ارض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم. وهذا الذي قام به الكاتب اجتهاد ـ ليس من أهله ـ لا في الشريعة الإسلامية ولا في اللغة المصرية القديمة على نحو لا يصح معه الاجتهاد، حتى إنه لجأ إلى تغيير نصوص القرآن بتبديل النطق بها، ليتوافق مع دعواه في عُجمة هذه الألفاظ وتحديد المعنى الذي يريده وليثبت عجمة اللفظ والمعنى لنصوص من الكتاب المحكم.
وقد خطأه المتخصصون في اللغة المصرية القديمة وقالوا: إنه تجرأ ووظف ألفاظا خاطئة لخدمة فكرته.
__________
(1) سورةالنور(16) .(1/39)
ثم إن الكاتب لم يتورع ـ في سياق المعاني المبتدعة التي أتى بها ـ أن يمس جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم، حين وصفه بالشاك المرتاب الذي يميل بهواه أو يميل به الهوى، وغير ذلك من الألفاظ الفاسدة التي وردت في مواضع متكررة من الكتاب، وفيها استهانة بشخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على نحو يخشى على قائله إن لم يبادر إلى التوبة مما قال.
وإن المجلس ليدعو الكاتب إلى التوبة النصوح والبراءة مما كتبه وجادل به ، كما ينبه المجلس إلى أنه لا يجوز لأحد من المسلمين أفراداً أو جماعات أو مؤسسات أن يتبنى هذا الكتاب وأمثاله لا بالنشر ولا بالتقريظ والتأييد حتى لا يغتر به عوام المسلمين(1).
الخاتمة:
من خلال ما تقدم في هذا البحث نخرج بالنتائج التالية :
أن صاحب الكتاب لا يحق له التعرض والتصدي لتفسير كتاب الله ؛ لأنه لا تتوفر فيه شروط المفسر.
أن قوله مخالف لإجماع الأمة .
أن النتيجة التي توصل إليها لم يوافقه عليها حتى المتخصصين في اللغة الهيروغليفية ، فضلاً عن علماء التفسير.
أنَّ عامة هذا الكتاب خرص وحدس ورجم بالغيب ، يتضح هذا بجلاء من خلال النظرة إلى المرجع التي اعتمد عليها المؤلف وقلتها .
على المؤلف التوبة إلى الله ، والبراءة مما كتبه وألا تأخذه العزة بالإثم .
__________
(1) هذا ما تكرم به المشايخ الفضلاء في ردهم على الكاتب وأمره بالتوبة إلى الله ، والرجوع إليه ، والبراءة مما كتب –وأنا أضم صوتي لهؤلاء العلماء- وكم كنت أتمنى لو أن المؤلف قبل النصيحة وانصاع لها ، ولكني حزنت لما رأيت الردود التي كتبها في الشبكة العنكبوتية وتطاول فيها على العلماء واتهمهم بالوهابية وأغلظ القول فأسأل الله لنا وله الهداية والصلاح وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه .(1/40)
هذا فما كان فيه من صواب فمن الله وحده ، وما كان فيه من خلل فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
المراجع:
*سنن الترمذي – دار إحياء التراث- تحقيق أحمد شاكر.
*مصنف عبد الرزاق الصنعاني – المكتب الإسلامي –تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
*المعجم الكبير –الطبراني – مكتبة العلوم والحكم – تحقيق حمدي السلفي-الطبعة الثانية.
*أضواء البيان – الشنقيطي- دار الفكر – تحقيق مكتب البحوث و الدراسات .
*قواعد التفسير د.خالد بن عثمان السبت-دار ابن عفان.
*سنن الدارمي -الدارمي–الكتب العلمية- تحقيق فواز أحمد وخالد السبع .
*ومصنف ابن أبي شيبة- مكتبةالرشد- تحقيق كمال الحوت.
* تخريج الأحاديث والآثار – عبد الله بن يوسف الزيلعي- دار ابن خزيمة – تحقيق عبد الله بن عبد الرحمن السعد .
* لسان العرب – ابن منظور- دارصادر.
* في ظلال القرآن –سيد قطب – دار العلم .
* عمدة الكُّتاب -يوسف بن عبد الله الزجاجي-من إصدارات الحكمة –تحقيق د. ابتسام الصفار ووليد بن أحمد الحسين.
* السنن الكبرى – النسائي – دار الكتب العلمية – تحقيق عبد الغفار سليمان البنداري و سيد كسروي حسن .
* فضائل القرآن – النسائي – إحياء التراث – تحقيق فاروق حماده.
* تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – دار الراية – تحقيق مقبل الوادعي.
*سنن أبي داود – سليمان بن الأشعث- دار الفكر- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد .
* أحكام القرآن – القرطبي- دارالشعب.
* الأقوال الشاذّة في التفسير- د. عبد الرحمن الدهش- إصدارات الحكمة .
* فصول في أصول التفسير –د.مساعد بن سليمان الطيار – دار النشر الدولي.
* مفتاح دار السعادة –ابن القيم– الكتب العلمية .
* قواعد الترجيح عند المفسرين –حسين الحربي.
* مفهوم التفسير و التأويل و الاستنباط و التدبر و المفسر- مساعد الطيار – دار ابن الجوزي.(1/41)
* التفسير العلمي للقرآن في الميزان – د. أحمد عمر أبو حجر – دار المدار الإسلامي .
* جامع العلوم والحكم – ابن رجب – الرسالة – تحقيق الأرناؤوط.
* تفسير السعدي – عبد الرحمن السعدي- الرسالة – تحقيق ابن عثيمين .
* المفسر شروطه و آدابه ومصادره – أحمد قشيري سهيل- رسالة مقدمة لاستكمال متطلبات درجة الماجستير.
* مناهج المفسرين – مصطفى مسلم –دار المسلم .
* التبيان في آداب حملة القرآن - النووي –الوكالة العامة.
* البرهان في علوم القرآن - الزركشي –المعرفة – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
* شعب الإيمان – البيهقي –الكتب العلمية – تحقيق محمد سعيد بسيوني زغلول.
* الكفاية في علم الرواية – الخطيب البغدادي- المكتبة العلمية – تحقيق السورقي والمدني.
* المقدمات الأساسية في علوم القرآن- عبد الله بن يوسف الجديع- مؤسسة الريان.
* جامع البيان – الطبري-دارالفكر.
* القرآن الكريم .
* تفسير السمعاني –السمعاني-دار الوطن –ياسر إبراهيم.
* أحكام القرآن - الشافعي – الكتب العلمية-تحقيق عبد الغني عبد الخالق.
* الرد على الجهمية- أحمد بن حنبل-المكتبة السلفية-محمد حسن راشد.(1/42)