- الإمالة الصغرى لدوري أبي عمرو -
( أ. إدريس علي الأمين (1)
يقرأ ويتعبد أهل السودان بثلاث روايات : الدوري ، ورش ، حفص . وهي ثلاثة أرباع ما يقرأ ويتعبد به في العالم الإسلامي ، غير أن الرواية الأولى من حيث عدد الحفاظ وكثرة الخلاوي في السودان هي رواية أبي عمر الدوري عن أبي عمرو بن العلاء البصري وهذه الرواية معروفة بالإمالة والتسهيل والإدخال وغير ذلك من خواص هذه الرواية .
ولكني سأتناول الإمالة الصغرى كما هو عنوان هذا الموضوع .
الإمالة كبرى وصغرى :ـ
فالصغرى هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء قليلاً ، ويقال لها التقليل وبين اللفظين وبين بين والتلطيف .
والكبرى هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء كثيراً ويقال لها الإضجاع والبطح (2) .
ويقابل الإمالة الفتح
وهو عبارة عن فتح القارئ لفمه بالحرف لا فتح الحرف الذي هو الألف إذ الألف لا تقبل الحركة (3) .
ويقال له التفخيم وربما قيل له النصب .
والإمالة تؤخذ بالتلقي والمشافهة من أفواه الشيوخ المتقنين ليسلم المتلقي من الخطأ والزيغ في كتاب الله تعالى .
__________
(1) - ) أ. إدريس علي الأمين – أستاذ القراءات بكلية القرآن الكريم .
(2) ابن الجزري : محمد بن محمد ، النشر في القراءات العشر 2 / 29-30 دار الكتاب العربي .
(3) عبد الفتاح القاضي : الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع ص 150 مكتبة الدار المدينة المنورة .(1/1)
والإمالة والفتح لغتان للعرب ؛ فالإمالة نجدية والفتح حجازية . قال الإمام الداني: (1)
( والإمالة والفتح لغتان مشهورتان فاشيتان على ألسنة الفصحاء من العرب الذين نزل القرآن بلغتهم ، فالفتح لغة أهل الحجاز ، والإمالة لغة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس ) (2) .
ولكن أيهما الأصل الإمالة أم الفتح ؟
قال علماء القراءات :
( إن أصل الكلام كله الفتح والإمالة تدخل في بعضه في بعض اللغات لعلة) .
والدليل على ذلك أن جميع الكلام الفتح فيه سائغ جائز وليست الإمالة بداخلة إلا في بعضه في بعض اللغات لعلة فالأصل ما عم وهو الفتح . (3) 1)
__________
(1) هو عثمان بن سعيد الأموي مولاهم القرطبي ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة هجرية ( 371 ) هـ له معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله ونقلته ،وكان حسن الخط ، جيد الضبط ، من أهل الحفظ والذكاء ، ديناً فاضلاً ورعاً سنياً ، مجاب الدعوة مالكي المذهب توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة هجرية ( 444 ) هـ . أنظر الذهبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد : معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار 1/406-409 مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان .
(2) هو أبو الخير : محمد بن محمد الجزري : نسبة إلى جزيرة ابن عمر ولد بدمشق سنة إحدى وخمسين وسبعمائة هجرية ( 751هـ) ونشأ فيها وابتنى فيها دار القرآن ورحل إلى مصر والأناضول وما وراء النهر والحجاز ، شيخ الإقراء في زمانه وصاحب المصنفات في القراءات . النشر في القراءات العشر ، طيبة للنشر، وله في التراجم ( غاية النهاية في طبقات القراء ) توفي سنة ثلاث وثلاثون وثمانمائة هجرية ( 833هـ ) .
ابن الجزري : النشر في القراءات العشر 2 / 29-30 .
(3) القيسي : أبو محمد مكي بن أبي طالب – الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها 1/ 168 تحقيق د. محي الدين رمضان – مؤسسة الرسالة .(1/2)
وهو ما أشار إليه أحد شيوخ السودان (1) 2 ) مرجحاً أصلية الفتح :
القول في الفتح وفي الإمالة ... **** ... والخلف فيهما لذي الأصالة
فقيل كل منهما أصل وبل ... **** ... قيل هو الفتح وهذا يمتثل
فما يمال يحتاج لعلة الإمالة بخلاف ما يفتح .
وعلل الإمالة كالكسرة وما أميل ليدل على أصله والإمالة للإمالة (2) .
أما الذي يميله الدوري إمالة صغرى من طريق الشاطبية فهو الآتي :ـ
1- ما كان على وزن فعلى مثلثة الفاء أي بضم الفاء وفتحها وكسرها مثل : الوُسْطَى ، السَّلوَى ، ضِيزَى . والأجدر بنا أن نحصيها عدداً لمن يقرأ بالإمالة الصغرى للدوري .
أ. فما كانت على وزن ( فُعلى ) بضم الفاء جاءت في الكتاب العزيز في عشرين كلمة في مائة واثنين وعشرين موضعاً وهي :ـ
... مُوسى ، الدُّنيا ، أُنْثَى ، نكرة ومعرفة ، قُربَى نكرة ومعرفة ، الوُسْطَى ، العُزَّى ، القُصْوَى ، الوُثْقَى ، الحُسْنَى ، الأُولَى ، السّفْلَى ، العُلْيَا ، الرُّؤيَا ، طُوبَى ، المُثْلَى ، السوأي زُلْفَى ، سُقْيىَ ، الرُّجعىَ ، عُقْبَى .
ب. وما كانت على وزن ( فَعلى) بفتح الفاء وردت في الكتاب العزيز في إحدى عشرة كلمة في سبعة وستين موضعاً وهي :ـ
... السَّلْوَى ، المَوْتَى ، التَّقْوَى ، النَّّجْوَى ، القَتْلَى ، مَرْضَى ، دَعْوَى ، شَتَّى ، صَرْعَى ، طَغْوَى ، ويحيى النبي عليه الصلاة والسلام لتخرج ( ويحيى من حي عن بينة ) (3) 1) لأنها فعل.
ج. وما كانت على وزن ( فِعلى) بكسر الفاء أتت في الكتاب العزيز في أربع كلمات في خمسة وثلاثين موضعاً وهي :ـ
__________
(1) هو الشيخ أحمد بن محمد ابن المدلول الغبشاوي - منظومة علم المريد في علم التجويد ص 36 – ضبط ومراجعة وتنقيح محمد محمد الأمين الغبشاوي – الطابعون دار جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية .
(2) أنظر القيسي : - الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها 1/170 .
(3) سورة الأنفال الآية ( 42)(1/3)
... سِيمَا ، إِحْدَى ، ضِيْزَى، عِيسَى .
وقد نظمت (1) في الأبيات التالية :ـ
وفُعلى سِوَى ذي الرَّاعشرون عدها ... ... وهاتيك مُوسَى ثم قُربَى فحصلا
ودُنيا مع الأُنثى ووُسْطَى رووا ... ... ووُثْقَى مع الحُسْنَى وأَولَى تقبلا
وقُصْوَى مع السُّفْلَى وعُلْيَا بتوبة ... ... ورُؤْيَا وعُقْبَى ثم طُوْبَى قد انجلى
وزُلْفَى مع المُثْلَى وسوأى برومها ... ... وعُزَّى مع الرُّجْعَى وسُقْيَى تكملا
وفَعلى هي السلوى وتقوى كما أتو ... ... ودعوى ونجوى ثم قتلى تمثلا
ومرضى وشتى ثم صرعى كأنهم ... ... وموتى وطغويها ويحي فحصلا
وفِعلى فقل إحدى وسيماهم رووا ... ... وضيزى وعيسى تم فاعلمه وأعملا (2)
2- رؤوس الآي في إحدى عشرة سورة وهي :ـ
طه ، النجم ، الشمس ، الأعلى ، الليل ، الضحى ، العلق ، النازعات ، عيسى ، القيامة ، المعارج .
... رؤوس الآي في هذه السور التي ختمت بألف سواء كان أصلها واواً أو ألفاً اتصلت بها هاء الضمير أو لم تتصل نحو :
( وضحيها ) (3) ... ( وتولى ) (4) ... ...
ويستثنى من ذلك ذوات الراء نحو ( الثرى ) (5) لأن الدوري يميلها إمالة كبرى .
3- ألفات الكلمات الأربعة وهي :ـ
( يَوْيْلَتَىَ) (6) - ( يَحْسَرَتَىَ ) (7) - ( يَا أَسَفَي) (8) ( أَنَّى ) التي بمعنى ( كيف ومن أين ) حيث وردت نحو : ( أَنَّى يؤفكون ) (9) ( أنَّى لك هذا ) (10) .
__________
(1) نظمها العلامة المتولي
(2) علي محمد الضباع : شرح الشاطبية المسمى إرشاد المريد إلى مقصود القصيد . مكتبة ومطبعة محمد على صبيح وأولاده بميدان الأزهر ص ( 106 ) .
(3) سورة الشمس الآية ( 1 ) .
(4) سورة عبس الآية ( 1 )
(5) سورة طه الآية ( 6 )
(6) سورة هود الآية ( 71 ) .
(7) سورة الزمر الآية ( 53 ) .
(8) سورة يوسف الآية ( 84 ) .
(9) سورة المائدة الآية ( 75 ) .
(10) سورة آل عمران الآية ( 37 ) .(1/4)
4- الحاء من ( حم ) من فواتحها السبع . (1)
قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى : ـ
16 - ] ومما أملاهـ [ أواخر آي ما ***** بطه وآي النجم كي تتعدَّ لا
17 - وفي الشمس والأعلى وفي الليل والضحى ***** وفي اقرأ وفي والنازعات تميلا
18- ومن تحتها ثم القيامة ثم في الـ ***** معارج يا منهال أفلحت منهلا
26 - وكيف أتت فعلى وآخر آي ما تقدم ***** للبصري سوى راهما اعتلى
27- ويا ويلتي أنى ويا حسرتي طووا ***** وعن غيره قسها ويا أسفي العلا
24- وذو الرا لورش بين بين ونافع ***** لدى مريم ها ياو حاجيده حلا
في الأبيات الماضية أدلة الدوري في الإمالة الصغرى مما كان على وزن فعلى مثلثة الفاء والسور الإحدى عشر والألفات في الكلمات الأربع والحاء من فواتح الحواميم السبعة .
ولم يذكر الإمام الشاطبي (2) في حرز الأماني ووجه التهاني للدوري غير هذا الوجه أعني الإمالة الصغرى .
__________
(1) سورة غافر – فصلت – الشورى – الزخرف – الدخان - الجاثية – الاحقاف .
(2) هو القاسم بن فيره بن خلف الرعيبني الشاطبي المقرئ الضرير ، أحد الاعلام ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة هجرية ( 538هـ) وقرأ ببلده القراءات ، ثم انتقل إلى بلنسية ، فقرأ بها الحديث والتيسير من حفظه على أبي الحسن بن هذيل ثم استوطن مصر وكان إماماً ذكياً ، عاش اثنتين وخمسين سنة ، توفي بمصر في الثاني والعشرين من جمادي الآخرة سنة تسعين وخمسمائة للهجرة ( 590 هـ ) .
... أنظر الذهبي ، معرفة القراء الكبار 1/573 – 575 .(1/5)
وهو ما عليه العمل في معاهد القراءات في السودان وجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية والخلاوي التي تخرج شيوخها من المعاهد والجامعة المذكورة كخلوة الشليخة بشرق النيل التي يدرس فيها الدكتور الشيخ / الأمين محمد أحمد مصطفي . (1)
وقد أختارت اللجنة التي تشرفت بالإشراف على طباعة المصحف الشريف برواية الدوري في بلادنا الإمالة الصغرى وفق ما ورد في المنظومة الموسومة بحرز الأماني ووجه التهاني المعروفة بالشاطبية للإمام الشاطبي .
وأشارت اللجنة إلى الوجه الآخر الذي أورده الإمام ابن الجزري . (2)
وحسناً فعلوا حتى يحفظوا لنا هذا الوجه من الرواية المتواترة بالسند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقدرتهم وإتقانهم وضبطهم بتلقين هذه الإمالة التي قال عنها خلف (3) لصعوبة ضبطها ( ومن يطيق ذلك ) (4) .
__________
(1) أستاذ القراءات بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية أحد علماء القراءات بالسودان تخرج على يده عدد كبير من الحفاظ ، له كتاب ( الروايات السائدة في العالم الإسلامي ) . وهو الأطروحة التي نال بها درجة الدكتوراة .
(2) أنظر التعريف بمصحف الدوري – مصحف أفريقيا .
(3) هو خلف بن هشام بن ثعلب ، راوي حمزة وله اختيار قرأ به خالف فيه حمزة ، قرأ عن سليم عن حمزة و سمع مالكاً و وأبا عوانة وحماد بن سلمة وطايفة . قرأ عليه أحمد الحلواني ومحمد بن يحي الكاساني الصغير وإدريس الحداد وحدث عن مسلم في صحيحه وأبي داؤد في سننه وأحمد بن حنبل ، ورد أن خلفاً كان يصوم الدهر ، توفي في جمادي الآخرة سنة تسع وعشرين ومائتين ( 229هـ ) .
... الذهبي : معرفة القراء الكبار – 1/111- 118 .
(4) أنظر ابن مهران : المبسوط ص 247 .(1/6)
وأما بقية الخلوات في السودان فتدرس بفتح الأنواع الأربعة التي ذكرناها آنفاً وتلتزم بذلك ضبطاً وأداءً فبالفتح قرءوا وأقرءوا وخطوا ببنانهم مصاحفهم المخطوطة حتى قال الشيخ الغبشاوي في منظومته القيمة ( سلم المريد في علم التجويد ) بعد أن ذكر الأنواع الأربعة .
وفي الأداء لأولي التجليل ... ***** ... فتح لكل ما يمال بالتقليل
وأشتهر الفتح له في الحاضرة ... ***** ... وفي البوادي كالنجوم الزاهرة
وصارت الإمالة المقللة ... ***** ... خفية تحت الثرى في المنزلة (1)
وأدلة شيوخنا الكرام في فتحهم للأنواع الأربعة المذكورة ما ذكره الإمام ابن الجزري (2) أحد شيوخ علم القراءات بعد أن ذكر دليل من أمال ما كان على وزن ( فعلى ) مثلثة الفاء ورؤوس الآيات في الإحدى عشرة سورة وألفات الكلمات الأربعة قال :ـ
( وروى جمهور العراقيين وبعض المصريين فتح جميع هذا الفصل عن أبي عمرو من روايتيه المذكورتين ولم يميلوا عنه شيئاً مما ذكرنا ...... وكل من الفتح وبين اللفظين صحيح ثابت عن أبي عمرو من الروايتين المذكورتين قرأت به وبه آخذ ) (3) .
وقال في فتح الحاء في ( حم ) أوائل السور السبع قال في أدلة من يقرأ بالفتح .
( وفتحها عنه صاحب المبهج والمستنير والإرشادين والجامع وابن مهران وسائر العراقيين وبه قرأ الداني على أبي الفتح عن قراءته على عبد الباقي بن الحسن من الروايتين والوجهان صحيحان والله اعلم ) (4) .
__________
(1) انظر الغبشاوي : منظومة سلم المريد في علم التجويد صفحة 38-39.
(2) أبن الجزري : غاية النهاية 2/247-251 .
(3) ابن الجزري : النشر في القراءات العشر 2/54 .
(4) المصدر نفسه ، 2/70- 71 .(1/7)
وقد أفلح شيوخنا الكرام في اختيار الفتح بالرغم من معرفتهم وإتقانهم للإمالة الصغرى وقد لمست ذلك من شيوخي الذين درست عليهم القرآن الشيخ / علي صالح حمد حسن الدسيس (1) والشيخ الخليفة البدوي محمد الأمين أبو صالح (2) فباختيارهم للفتح حفظوا هذا الوجه المتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأن بعض من طلاب الخلاوي لا يلتحقون بالمعاهد والجامعات حتى يتسن لهم دراسة اللغة والتمكن منها فيعرفوا أن ما يمال إمالة صغرى من الأسماء وليس من الأفعال .
وبعضهم يكمل الحفظ فينصرف إلى الحياة العامة فيقود ما حوله من الناس ويعلمهم القرآن فيناسبهم حسب مستوياتهم التعليمية المختلفة وجه الفتح لسهولته وقد نقل الإمام بن الجذري أن ( من صعب عليه اللفظ بذلك – يعني بالإمالة الصغرى – عدل إلى التفخيم وهو الأصل ) (3) .
وقد علمنا أن رواية الدوري هي الرواية الأولى في السودان من حيث عدد الحفاظ الخلاوي التي تُقرِأُ بها .
__________
(1) شيخ الخلوة المتجولة بالبطانة وشرق النيل ونهر النيل وشرق الجزيرة التي أسسها أخوه حاج الأمين صالح حمد حسن الدسيس قال عنها الخليفة حسب الرسول ود بدر ( من أفضل الخلاوي في السودان لأن صاحبها حملها على جماله وأنفق عليها من ماله ) وذكرها الأستاذ الطيب محمد الطيب في كتابه المسيد صفحة ( 308 )، وللشيخ علي عدة مصاحف بخط يده وكان يحتفي بكتابتها احتفاءً يليق بالقرآن ، رحمه الله رحمةً واسعة .
(2) شيخ خلوة ود أبو صالح بشرق النيل ، حفظ القرآن ودرس العلم على شيوخ السودان الكبار وجلس يدرس القرآن منذ أن كان فتىً غض الإهاب وإلى الآن . وقد جاوز السبعين يألف ويؤلف من اللحظة الأولى ، حبرٌ في علوم الشريعة أسأل الله أن يطيل عمره في مرضاته .
(3) ابن الجزري ، النشر في القراءات العشر 2/54 .(1/8)
وكأن الشيوخ وجدوا صعوبة من بعض طلابهم في تطبيق الإمالة الصغرى فخافوا أن لا تتقن وتطبق بدقة أو تلتبس بالإمالة الكبرى لذا اختاروا وجه الفتح وهو الأسهل .
كما يقول أستاذنا الشيخ الأستاذ الدكتور / علي العوض عبد الله (1)
( وقد صعبت إمالة بين بين على ألسنة السودانيين في هذه الألفاظ لذلك اختاروا الفتح وغلبت ألسنتهم على ذلك ولا زال العمل على هذا الفتح منذ نظم هذه الأرجوزة (2) وإلى زماننا هذا إلا ما ندر منهم ) (3)
ومما ينبغي أن يعلم أن كلاً من الفتح والإمالة الصغرى ثابتان بطريق الوحي المعصوم ومتوافراً فيهما الأركان الثلاثة للقراءة الصحيحة وهي :ـ
1. صحة السند .
2. موافقة اللغة العربية ولو بوجه .
3. موافقة الرسم العثماني ولو احتمالا .
قال الإمام ابن الجزري :
فكل ما وافق وجه نحوى ... ***** ... وكان للرسم احتمالا يحوى
وصح إسناداً فهو القرآن ... ***** ... فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل شرط أثبت ... ***** ... شذوذه لو أنه في السبعة (4)
والخلاف بين الفتح والإمالة الصغرى من الخلاف في الأصول الذي لا يتغير المعنى به في الغالب فالمعنى هو هو سواء قرئ بالفتح أو بالإمالة الصغرى فلم تخرج الكلمة عن معناها الواحد .
__________
(1) نائب مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية أحد علماء السودان وصاحب إسهام واضح في الحفاظ على رواية الدوري بالسودان من خلال مؤتمرات الحفاظ على رواية الدوري ودعمها ورعايتها ورعاية الخلوات ودعم شيوخها وصاحب تأليف في الرواية والتجويد . أسأل الله أن يطيل عمره في مرضاته .
(2) يعني أرجوزة سلم المريد في علم التجويد للشيخ حمد بن محمد بن المدلول الغبشاوي .
(3) الشيخ الأستاذ الدكتور علي العوض عبد الله ، علوم القرآن في السودان ما بين القرن العاشر والثالث عشر الهجري صفحة 178 . رسالة دكتوراة .
(4) أنظر أبا القاسم النويري : شرح طيبة النشر في القراءات العشر 1/60-61 دار الصحابة للتراث .(1/9)
هذا وإن اللجان المتخصصة في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التي تشرف على تحكيم مهرجانات القرآن الكريم وشهادات الحفظ تراعي الوجهين الفتح والإمالة الصغرى للمتقدمين للإمتحان بشرط أن يلتزم الممتحن بأحدهما أي أن يلتزم الممتحن وجه الفتح أو الإمالة الصغرى .
والله أعلم ،،،،،،،،،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
((1/10)