ابن عباس
ومسائل ابن الأزرق
منير عرفه
مقدمة
فخذوا العلم على أعلامه
متى يصلُ العطاش إلى ارتواء
ومَنْ يُثْنِ الأصاغرُ عن مرادٍ
وإن تَرَفُعَ الوُضَعَاءِ يومًا
إذا استوت الأكابرُ و الأسافلُ
****
إذا استقت البحارُ من الركايا
إذا جلس الأكابرُ فى الزوايا
على الكبراءِ من إحدى الرزايا
فقد طابتْ ملازمةُ المنايا
نبذة
عن حياته
حَبْرُ الأُمَة
( هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
( وكنيته " أبو العباس " .
( وينسب إلى هاشم بن عبد مناف " فيقال له الهاشمى.
( وهو ابن عم رسول الله ( .
( وهو صاحب رسول الله ( وحبر الأمة .
( وهو فقيه الأمة وترجمان القرآن، وكان يقال له " البحر" لكثرة علمه.
( قال عن نفسه : ضمنى رسول الله ( وقال : "اللهم علمه الحكمة " .
( وقال أيضًا : دعانى رسول الله ( فمسح على ناصيتى وقال : " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " .
( عن ابن عباس قال : قُبض النبي ( وأنا ابن عشر سنين مختون وقد قرأت مُحكم القرآن ( المُفصل من القرآن ) .
( وعن عبد الله بن عمر أنه قال : " ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد " .
( وقال سعد بن أبى وقاص : " ما رأيت أحضر فهمًا ولا ألب لبا ولا أكثر علمًا ولا أوسع حلمًا من ابن عباس ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات " .
( وهو من المكثرين من الرواية لحديث رسول الله ( أخرج له أصحاب السنن (1660) ألف وستمائة وستين حديثًا ، اتفق البخارى ومسلم على 75 حديثًا منها وانفرد البخارى بـ 28 حديثًا وانفرد مسلم بـ 49 حديثًا .
( وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : ما رأيت أحدًا أعلم بالسنة، ولا أجلد رأيًا ولا أثقب نظرًا حين ينظر مثل ابن عباس ، وإنْ كان عمر بن الخطاب ليقول له : قد طرأت علينا عُضَلُ أقضيةٍ أنت لها ولأمثالها .(1/1)
( وقال عطاء بن أبى رباح : ما رأيت مجلسًا قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقهًا وأعظم ، إن أصحاب الفقه عنده وأصحاب القرآن وأصحاب الشعر عنده يصدرهم كلهم فى وادٍ واسع .
( معنى هذا أنه كان فقيهًا مفسرًا راوية للشعر )
( وقال ابن عباس : كان عمر بن الخطاب يسألنى مع الأكابر من أصحاب رسول ( .
( وقال ابن مسعود : لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عسره ( أى ما خالفه ) منا رجل .
( وقال مكحول : قيل لابن عباس : أنَّى أصبت هذا العلم ؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول .
( وقال مُجاهد : كان ابن عباس يُسَمَّى البحرُ من كثرة علمه.
( وقال طاوس : أدركت نحوًا من خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله ( إذا ذَكَرَ ابن عباس شيئًا فخالفوه لم يزل بهم حتى يقررهم . ( يعنى أنه كان واسع الرواية قوى الحجة )
( وقيل لطاوس : أدركتَ أصحاب رسول الله ( ثم انقطعت لابن عباس؟! فقال : أدركتُ سبعين من أصحاب محمد ( إذا تدارءوا ( تدافعوا والمراد إذا اختلفوا ) فى شئ انتهوا إلى قول ابن عباس .
( وقال ابن أبى نجيح : كان أصحاب ابن عباس يقولون : ابن عباس أعلم من عمر ومن على ومن عبد الله ، ويعدون ناسا ، فَيَثِبُ عليهم الناس ، فيقولون : لا تعجلوا علينا، إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا وعنده من العلم ما ليس عند صاحبه، وكان ابن عباس قد جمعه كله.
( وقال الأعمش : كان ابن عباس إذا رأيته قلت: أجمل الناس ، فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا تحدث قلت : أعلم الناس .
( وقال مجاهد : كان ابن عباس إذا فسر الشئ رأيت عليه النور.
( عن الأعمش : خطب ابن عباس ، وهو على الموسم (الحج) ، فجعل يقرأ ويفسر فجعلت أقول : لو سمعته فارس والروم لأسلمت .
- وزاد ابن أبى شيبة عن أبى وائل : سنة قتل عثمان ، وكان أمره على الحج تلك السنة .(1/2)
( والدين والفقه والعلم انتشر فى الأمة عن أصحاب ابن مسعود ، وأصحاب زيد بن ثابت ، وأصحاب عبد الله بن عمر ، وأصحاب عبد الله بن عباس ؛ فَعِلْمُ الناس عامته عن أصحاب هؤلاء الأربعة ؛ فأما أهل المدينة فعلمهم عن أصحاب زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وأما أهل مكة فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس ، وأما أهل العراق فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن مسعود .
( ويصفه أحد معاصريه فيقول : لقد رأيت من ابن عباس مجلسا، لو أن جميع قريش فخُرَتْ به ، لكان لها به الفخر ..
" رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر أن يجئ أو أن يذهب
" فدخلت عليه فأخبرتُه بمكانهم على بابه ، فقال لى: ضع لى وضوءًا ، فتوضأ وجلس ، وقال : اخرج إليهم ، فادْعُ من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله ..
" فخرجْتُ فآذنتهم : فدخلوا حتى ملأوا البيت ، فما سألوا عن شئ إلا أخبرهم وزادهم ..
ثم قال لهم : إخوانكم .. فخرجوا ليُفسِحوا لغيرهم..
" ثم قال لى : اخرج فادع من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام..
" فخرجت فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملأوا البيت ، فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم وزادهم ..
" ثم قال : إخوانكم .. فخرجوا ..
" ثم قال لى : ادْعُ من يريد أن يسأل عن الفرائض،
فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملأوا البيت، فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم وزادهم .
" ثم قال لى : ادْعُ من يريد أن يسأل عن العربية ، والشعر ..
فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملأوا البيت ، فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم وزادهم ..
( وكان يحب الخير للمسلمين كافة فقد شتمه أحدهم فقال عن نفسه : (إنى لآتى على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعًا علموا مثل الذى أعلم ..
" وإنى لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضى بالعدل ، ويحكم بالقسط ، فأفرحُ به ، وأدعو له .. ومالى عنده قضية .. !!
وإنى لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضًا فأفرح به ، ومالى بتلك الأرض سائمة .. !! )
( عاش عمرا مباركا : 71 عاما.(1/3)
( تُوفى ( سنة 68 هجرية بالطائف وصلى عليه محمد بن الحنفية وقال عنه : " مات رَبَّانِىُّ هذه الأمة " 1.
سر علو مكانته فى العلم
واستقرت لابن عباس هذه المكانة العالية عند كبار أهل زمانه وعلى مر الأجيال ، وذلك لأمور أربعة :
? الأول : بركة دعاء النبى ( له بالفقه فى الدين وعلم التأويل
? الثانى : حفظه الله فحفظه الله وبارك فى علمه، فهو الذى روى حديث النبى ( حيث قال : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ( يَوْمًا فَقَالَ يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ"2.
? الثالث : جده واجتهاده فى تحصيل العلم عن أصحاب النبى ( ، فكان يذهب الى الواحد منهم وينتظره وقت القيلولة ليأخذ عنهم العلم وهو الذى لو شاء لدعاهم فيجيبوه .3
? الرابع : لتأدبه مع العلماء ، فكان يأخذ بركاب زيد بن ثابت ويقول: ( هكذا نصنع مع علماءنا ).
أهل الأهواء والبدع
ووصفة للنجاة
من مواقف أهل الأهواء والبدع
ومع استقرار مكانة ابن عباس فى العلم ، إلا أنه يوجد فى كل عصر من يدعى إتباع العلم والحق وما يتبع إلا هواه ، ولذا سمى العلماء أمثال هؤلاء بأهل الأهواء .
واليك أمثلة لترى أن هؤلاء لا يتبعون إلا أهواءهم:
1- رجل جاء يقول للنبى : اعدل يا محمد(1/4)
( عن أبى سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ( قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ( وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ( قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ ( الَّذِي نَعَتَهُ )4.
* يقول علماؤنا : ذلك وأن الشيطان إذا يأس أن يأتى إلى المسلم من جانب التقصير فيأتيه من جانب الطاعة . فهذا رجل ضال يأتى إلى أعدل الناس ومن اختاره الله لرسالته رسول الله ( ليأمره بالعدل !!!
2- ادعاء أهل الكوفة بأن سعد بن أبى وقاص لا يحسن الصلاة(1/5)
فأى جرأة هذه أن يدعى قوم على رجل من العشرة المبشرين بالجنة ومن أصحاب رسول الأوائل أنه لا يحسن الصلاة واليكم هذه الرواية :-
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ ( فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّى فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّى قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ( مَا أَخْرِمُ عَنْهَا أُصَلِّى صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِى الْأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِى الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الْكُوفَةِ فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِى عَبْسٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَعْدِلُ فِى الْقَضِيَّةِ قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلَاثٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ وَأَطِلْ فَقْرَهُ وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ.
وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِى دَعْوَةُ سَعْدٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ (أحد الرواة) : فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ الْكِبَرِ وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِى فِى الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ. 5(1/6)
3- رجل يتتبع سقطات الخليفة الراشد عثمان بن عفان
فأى ضلال أبين من ذلك أن يتتبع رجل أخطاء أحد أعلام الإسلام وواحد من المبشرين بالجنة وزوج ابنتى النبى ( وواحد من أئمة الهدى الذين أمرنا أن نتبع سننهم واليك هذه الرواية تبين لك ما يريد الرجل وكيف كبته ابن عمر :
قَالَ الراوى : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فَقَالُوا هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ قَالَ فَمَنْ الشَّيْخُ فِيهِمْ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّى سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِى هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ( وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ( عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ.6(1/7)
فيا الله ما أبرك هذا العلم الصحيح الغير منقوص والغير مخلوط منك يا ابن عمر وصدق الله { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ..الآية}.7
4- رجل يمدح قاتل على بن أبى طالب
نقل الإمام الشاطبى8 رحمه الله فى اعتصامه مدى ضلال أهل الأهواء حيث إن عمران بن حطان مدح ابن ملجم لقتله على بن أبى طالب وقال:
يا ضربة من تقى ما أراد بها
إنى لأذكره يوما فأحسبه
إلا ليبلغ من ذى العرش رضوانا
أوفى البرية عند الله ميزانا
وكذب - لعنه الله - فعلى خير الخلق فى عصره .
5- الشيعة تسب أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة
وعلى النقيض وجدنا أناسا ضلت طريق الإسلام يغالون فى حب على ( يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم من الصحابة ( بزعم أنهم قد اغتصبوا الخلافة منه.
واليك هذا الموقف الذى عايشتُه بنفسى :
دار حوار بين أحد الشيعة وأحد العقلاء فقال له : إنى سائلك أسئلة محددة وتجيبنى عليها .. ثم شرع يقول له :
أفيجوز فى دين الله أن تتزوج المؤمنة بكافر أو المؤمن بكافرة ؟
قال الشيعى : لا.
فقال له : إذن لماذا ظل النبى ( متزوجا بعائشة حتى الوفاة حتى دفن فى حجرتها ؟ !
* وإذا كان ما يقولونه صوابا فلماذا زوج على بن أبى طالب ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب ؟
* ولماذا سمى على بن أبى طالب أولاده أبا بكر وعمر وعثمان؟
فما استطاع هذا الشيعى أن يحرك ساكنا .. وبُهت وانقطعت حجتُه .. لكن الجرب كان قد تملك منه ، وقُضى الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
********
وصفة لمن أراد النجاة من الأهواء والجرب
و ندع النصوص هى التى تتكلم :-
( قال ابن مسعود ( : " من أحب أن يكرم دينه فليعتزل مخالطة الشيطان ومجالسة أصحاب الأهواء فإن مجالستهم ألصق من الجرب "(1/8)
( دخل رجل مبتدع على ابن سيرين بيته فقال : أقرأُ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج ؟ فوضع ابن سيرين إصبعيه فى أذنيه ثم قال : أعزم عليك إن كنت مسلمًا إلا خرجت من بيتى . فقال الرجل : لا أزيد على أن أقرأ (آية) ثم أخرج . فتهيأ ابن سيرين للقيام " فقال الجالسون للرجل : قد عزم عليك إلا خرجت ، أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته؟ فخرج الرجل.
فقالوا لابن سيرين بعد خروج الرجل : يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج ؟ قال ابن سيرين : إنى والله لو ظننت أن قلبى يثبت على ماهو عليه ما باليت أن يقرأ ، ولكنى خفت أن يلقى فى قلبى شيئًا أجهد فى إخراجه من قلبى فلا أستطيع .
( عن حميد الأعرج قال : قدم غيلان (مبتدع) مكة يجاور بها ، فأتى غيلان مجاهدًا ( إمام فى عصره ) فقال : يا أبا الحجاج ؛ بلغنى أنك تنهى الناس عنى وتذكرنى ، وأنه بلغك عنى شئ لا أقوله ؟ إنما أقول كذا ، فجاء بشئ لا ينكر ، فلما قام قال مجاهد : لا تجالسوه فإنه قدرى . قال حميد (الراوى) : فإنى بما كنت ذات يوم فى الطواف لحقنى غيلان من خلفى يجذب ردائى ، فالتفتُ فقال: كيف يقول مجاهد خرفًا كذا وكذا فأخبرته ، فمشى معى ، فبصر بى مجاهد معه ، فأتيته فجعلت أكلمه فلا يرد على ، وأسأله فلا يجيبنى – فقال – فغدوت إليه فوجدته على تلك الحال، فقلت: يا أبا الحجاج ! أبلغك عنى شئ ؟ ما أحدثت حدثًا ، مالى! قال : ألم أرك مع غيلان وقد نهيتكم أن تكلموه أو تجالسوه ؟ قال: قلت: يا أبا الحجاج ما أنكرت قولك ، وما بدأته، وهو بدأنى. قال، والله يا حميد لولا أنك عندى مصدق ما نظرت لى فى وجه منبسط ما عشت، ولئن عدتَ لا تنظر لى فى وجه منبسط ما عشت.(1/9)
( عن أيوب قال : كنت يوما عند محمد بن سيرين إذ جاء عمرو بن عبيد (مبتدع) فدخل فلما جلس وضع محمد يده فى بطنه وقام ، فقلت لعمرو: انطلق بنا – قال – فخرجنا فلما مضى عمرو رجعت فقلت : يا أبا بكر ؟ قد فطنت الى ما صنعت . قال : أقد فطنت ؟ قلت : نعم ! قال: أما إنه لم يكن ليضمنى معه سقف بيت .
( وعن بعضهم قال : كنت أمشى مع عمرو بن عبيد فرآنى ابن عون فأعرض عنى .
( وعن الأوزاعى قال : " لا تكلموا صاحب بدعة من جدل فيورث قلوبكم من فتنته " .
( وعن يحيى بن أبى كثير قال : إذا لقيت صاحب بدعة فى طريق فخذ فى طريق آخر .
( قال الإمام مالك : لا تمكن زائغ القلب من أذنك، فإنك لا تدرى ما يعلقك من ذلك .
( عن سفيان الثورى : من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث :
* إما أن يكون فتنة لغيره ،
* وإما يقع بقلبه شئ يزل به فيدخله النار ،
* وإما أن يقول والله لا أبالى ما تكلموا به ، وإنى واثق بنفسى . فمن يأمن بغير الله طرفة عين على دينه سلبه إياه. 9
ونختم هذه الوصفة بخير الكلام ...
( قال تعالى : {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } 10 .
( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( عَنِ النَّبِيِّ ( قَالَ : " الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ"11.(1/10)
( سُئِلَ عَلِيٌّ ( : هَلْ خَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ : مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ ( بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ (جراب) سَيْفِي هَذَا قَالَ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً فِيهَا مَكْتُوبٌ : " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ (علامة وحدود) الْأَرْضِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا "12 .
ومن تدبر أحوال أهل الأهواء علم بركة هذا الكلام السابق.. فلو أن أهل العلم كلموا أهل البدع والأهواء بصورة عادية لكان ذلك ضياعًا للدين ، ومغريًا للعامة بحديثهم ، ولفتح بابًا للجدل نُهينا عنه شرعًا .
استثناء واجب
إذن الأصل هو أن يُجتنب أهلُ الأهواء والبدع والجرب كما يُجتنب المصاب بمرض معدى ، لكن يمكن لإمام المسلمين أو قادتهم أن ينتدبوا بعض العلماء الثقات ليقاوموا هذا الداء وليس ذلك لأفراد الناس .
وتُقدر هذه الضرورة بقدرها لدى العلماء وبحساب المصالح والمفاسد .
ومَثَلُ العَالِم الذى ينتدبه المسلمون كالمبارز الذى يتقدم الصف فى أول المعركة ينتدبه الإمام ليبارز ولا يخرج من تلقاء نفسه إلا مضطرًا .
حيث إن البدعة يُطَيِرُهَا الشيطانُ فى أفاق الناس فتتردد بينهم، حتى تصل إلى العَالِم الحق فيقمعها ، فينتشر قوله يردده الناس فتموت البدعة . ولذا كان العالم الحق أشد على الشيطان من مئات العُبَّاد .
* وصدق الله إذ يقول : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } 13 .
* وصدق الله : { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } 14.
* وصدق النبى ( : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " 15.(1/11)
*****************
ابن عباس
فارس حلبتها .. وابن بجدتها
فارس حلبتها وابن بجدتها
ولما كان ابن عباس جبلا من جبال العلم بدعاء النبى ( له وبشهادة كبار الصحابة له . فعلم ابن عباس ( مكانة نفسه فصال وجال مقيمًا حجة الله على من خاب وخسر، واليك هذه الرواية :-
( عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: لما اجتمعت الحرورية16 يخرجون على عليّ ، جعل يأتيه الرجل فيقول : يا أمير المؤمنين ! إن القوم خارجون عليك ، قال : دعهم حتى يخرجوا . فلما كان ذات يوم قلت : يا أمير المؤمنين! أبرد بالصلاة فلا تفتنى حتى آتى القوم - قال - فدخلت عليهم وهم قائلون، فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر ، قد أثر السجود فى جباههم، كأن أيديهم ثفن الإبل عليهم قمص مرحضة (مغسولة) فقالوا: ما جاء بك يا ابن عباس ؟ وما هذه الحلة عليك ؟
قال ابن عباس : ما تعيبون من ذلك ؟ فلقد رأيت رسول الله ( وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية ثم قرأ { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}17 .
فقالوا : ما جاء بك ؟
قال ابن عباس : جئتكم من عند أصحاب رسول الله ( ، وليس فيكم منهم أحد ، ومن عند ابن عم رسول الله ( ، وعليهم نزل القرآن وهو أعلم بتأويله ، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم .(1/12)
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشًا فإن الله يقول : {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}18 فقال بعضهم : بلى! فلنكلمه – قال – فكلمنى منهم رجلان ، أو ثلاثة – قال – قلت ماذا نقمتم عليه ؟ قالوا: ثلاثًا . فقلت : ما هن ؟ قالوا : حكم الرجال فى أمر الله وقال الله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ )19 قال : هذه واحدة ، وماذا أيضًا ؟ قالوا : فإنه قاتل فلم يسب ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ، ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسبيهم – قال – قلت : وماذا أيضًا ؟ قالوا : ومحا نفسه من إمرة المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين – قال – قلت : أرأيتم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا ، أترجعون؟ قالوا : وما لنا لا نرجع ؟
* قال ابن عباس : أما قولكم " حكم الرجال فى أمر الله " فإن الله قال فى كتابه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }20 وقال فى المرأة وزوجها : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا}21 فصير الله ذلك إلى حكم الرجال ، فناشدتكم الله! أتعلمون حكم الرجال فى دماء المسلمين ، وفى إصلاح ذات بينهم أفضل أو فى دم أرنب ثمنه ربع درهم ؟ وفى بضع امرأة ؟ قالوا: بلى ! هذا أفضل : قال: أخرجتم من هذه ؟ قالوا : نعم!
* قال وأما قولكم : " قاتل ولم يسب ولم يغنم " أتسبون أمكم عائشة ؟ فإن قلتم ، نسبيها فنستحل منها ما نستحل من غيرها. فقد كفرتم ، وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم ، فأنتم ترددون بين ضلالتين، أخرجتم من هذه؟ قالوا : بلى !(1/13)
* قال : وأما قولكم : " محا نفسه من إمرة المؤمنين " فأنا آتيكم بمن ترضون إن نبى الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو ، قال رسول الله ( : " اكتب يا على : هذا ما صالح محمد رسول الله " فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو : ما نعلم أنك رسول الله ، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك . قال رسول الله : " اللهم إنك تعلم أنى رسولك، يا على اكتب : هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو " قال ابن عباس : فرجع منهم ألفان وبقى بقيتهم فخرجوا فقتلوا أجمعون .22
مسائل ابن الأزرق
وردود ابن عباس
مسائل ابن الأزرق وردودها
* هكذا كان ابن عباس ( فارس الحلبة صال وجال حتى رأينا منه ما أعجب العامة والخاصة . ولقد كانت ردوده فى مسائل نافع بن الأزرق23 مثار إعجاب . وصدق مَنْ سماه : بحرا .
ومما دفعنى أن أنقلها بتمامها ما يلى :-
* كنت جالسًا يومًا أستمع لأحد القراء فقرأ قول الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }24 فقال أحد الحاضرين أن الله أمر بنظافة الملابس .. فقال أحد الجالسين إن الله أمر بنظافة الظاهر كما قلتَ . وكذلك أمر بطهارة القلب (الباطن) لأن العرب تستخدم كلمة " ثياب " بمعنى قلب . قال امرؤ القيس فى معلقته الشهيرة :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
وان تك قد ساءتك منى خطيئة
وان كنت قد أزمعتى صرمى فأجملى
فسلى ثيابى من ثيابك تنسلى
وإن معنى الآية يتوافق مع أول بيان ينزله الله على رسوله ، حيث يأمر بتزكية الظاهر والباطن .
فاعترض الجالسون جميعًا على ذلك .. ولم ينقذه من بينهم إلا أننا رجعنا إلى تفسير ابن كثير فوجدوا ما يؤيد نفس المعنى. والغريب أنهم وجدوا نفس الأبيات الشعرية يستدل بها الحافظ ابن كثير .. ولله الحمد والمنة .
فعلمت مدى الهوة السحيقة بيننا وبين الذين نزل عليهم القرآن حيث عرفوا مخرجه ومدخله.
فأردت أن أوردها لتُستفاد ولتُشحذ ههمُ أصحاب العزائم لحفظها ..(1/14)
فمن منا يدرى أن معنى فأجاءها : أى ألجأها ؟!
* قال ابن عباس : الشعر ديوان العرب، فإذا خفى علينا الحرف من القرآن الذى أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا معرفة ذلك منه.
* وعنه أيضًا قال : إذا سألتمونى عن غريب القرآن فالتمسوه من الشعر. فإن الشعر ديوان العرب .
* واليك مسائل نافع بن الأزرق التى أوردها الحافظ السيوطى فى كتابه الرائع " الإتقان فى علوم القرآن" ص 158 – 175 .. وقد أردنا نقلها بتمامها مع ترقيمها :
* قال الراوى : بينا عبد الله بن عباس ( جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن ، فقال نافع ابن الأزرق لنجده بن عويمر : قم بنا إلى هذا الذى يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا :إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقه من كلام العرب ، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربىّ مبين ، فقال ابن عباس: سلانى عما بدا لكما ،
1- فقال نافع : أخبرنى عن قول الله تعالى – عن اليمين وعن الشمال عزين – قال : العزون : حلق الرفاق . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم: أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول :
فجاءوا يهرعون إليه حتى
يكونوا حول منبره عزينا
2- قال : أخبرنى عن قوله – وابتغوا إليه الوسيلة – قال : الوسيلة: الحاجة، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت عنترة وهو يقول :
إن الرجال لهم إليك وسيلة
إن يأخذوك تكحلى وتخضبى
3- قال : أخبرنى عن قوله – شرعة ومنهاجا – قال : الشرعة : الدين، والمنهاج : الطريق ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
لقد نطق المأمون بالصدق والهدى
وبين للإسلام دينا ومنهجا
4- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إذا أثمر وينعه – قال : نضجه وبلاغه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :
إذا ما مشت وسط النساء تأودّت(1/15)
كما اهتزّ غصن ناعم النبت يانع
5- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وريشا – قال: الريش المال ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر :
فرشنى بخير طال ما قد بريتنى
وخير الموالى من يريش ولا يبرى
6- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لقد خلقنا الإنسان فى كبد – قال – فى اعتدال واستقامة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
يا عين هلا بكيت أربد إذ
قمنا وقام الخصوم فى كبد
7- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يكاد سنا برقه - قال : السنا الضوء ، وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث يقول :
يدعو إلى الحق لا يبغى به بدلا
يجلو بضوء سناه داجى الظلم
8- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وحفدة – قال: ولد الولد. وهم الأعوان. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم. أما سمعت الشاعر يقول :
حفد الولائد حولهن وأسلمت
بأكفهن أزمة الأحمال
9- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وحنانا من لدنا – قال : رحمة من عندنا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال :نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد يقول :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
حنانيك بعض الشّر أهون من بعض
10- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أفلم ييأس الذين آمنوا – قال: أفلم يعلم بلغة بنى مالك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت مالك بن عوف يقول :
لقد يئس الأقوام أنى أنا ابنه
وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
11- قال : أخبرنى عن قوله مثبورا . قال : ملعونا محبوسا من الخير . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت عبد الله بن الأزبعرى يقول :
إذا أتانى الشيطان فى سنة النو
م ومن مال ميله مثبورا
12- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فأجاءها المخاض – قال : ألجأها، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت:
إذ شددنا شدة صادقة
فأجأناكم إلى سفح الجبل(1/16)
13- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – نديا – قال: النادى : المجلس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول :
يومان يوم مقامات وأندية
ويوم سير إلى الأعداء تأويب
14- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أثاثا ورئيا – قال : الأثاث: المتاع ، والرئى : من الشراب ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
كان على الحمول غداة ولوا
من الرئى الكريم من الأثاث
15- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فيذرها قاعا صفصفا – قال : القاع : الأملس ، والصفصف: المستوى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول:
بملمومة شهباء لو قذفوا بها
شماريخ من رضوى إذن عاد صفصفا
16- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى – قال : لا تعرق فيها من شدة حرّ الشمس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول:
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت
فيضحى وأما بالعشى فيخصر
17- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – له خوار – قال : له صياح، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
كأن بنى معاوية بن بكر
إلى الإسلام صائحة تخور
18- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ولا تنيا فى ذكرى – قال : لا تضعفا عن أمرى قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
إنى وجدك ما ونيت ولم أزل
أبغى الفكاك له بكل سبيل
19- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – القانع والمعتر – قال: القانع: الذى يقنع بما أعطى ، والمعتر: الذى يعترض الأبواب ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
على مكثريهم حق معترّ بابهم
وعند المقلين السماحة والبذل
20- قال: أخبرنى عن قوله تعالى – وقصر مشيد – قال: مشيد بالجص والآجرّ ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عدى بن زيد :
شاده مرمرا وجلله كلـ
سا فللطير فى ذراه وكور(1/17)
21- قال : أخبرنى عن قوله تعالى– شواظ –قال: الشواظ : اللهب الذى لا دخان له ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أمية ابن أبى الصلت :
يظل يشب كيرا بعد كير
وينفخ دائبا لهب الشواظ
22- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – قد أفلح المؤمنون – قال : فازوا وسعدوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت لبيد ابن ربيعة يقول :
فاعقلى إن كنت لما تعقلى
ولقد أفلح من كان عقل
23- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يؤيد بنصره من يشاء – قال : يقوى ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت يقول :
برجال لستمو أمثالهم
أيدوا جبريل نصرا فنزل
24- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ونحاس – قال : هو الدخان الذى لا لهب فيه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
يضئ كضوء سراج السليط
لم يجعل الله فيه نحاسا
25- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أمشاج – قال: اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع فى الرحم، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت أبى ذؤيب يقول :
كان الريش والفوق منه
خلال النصل خالطه مشيج
26- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وفومها – قال: الحنطة، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت أبا محجن الثقفى يقول:
قد كنت أحسبنى كأغنى واحد
قدم المدينة عن زراعة فوم
27- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وأنتم سامدون – قال : السمود : اللهو والباطل، أما سمعت قول هذيلة بنت بكر وهى تبكى قوم عاد :
ليت عادا قبلوا الحق
ولم يبدوا جحودا
قيل قم فانظر إليهم
ثم دع عنك السمودا
28- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا فيها غول – قال : ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول امرئ القيس :
رب كأس شربت لا غول فيها
وسقيت النديم منها مزاجا(1/18)
29- قال: أخبرنى عن قوله تعالى – والقمرإذا اتسق– قال: اتساقه: اجتماعه، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد:
إن لنا قلائصا نقانقا
مستوسقات لم يجدن سائقا
30- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وهم فيها خالدون – قال : باقون لا يخرجون منها أبدا، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول عدىّ بن زيد :
فهل من خالد إما هلكنا
وهل بالموت يا للناس عار
31- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وجفان كالجواب – قال : كالحياض الواسعة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول طرفة بن العبد :
كالجوابى لا تنى مترعة
بقرى الأضياف أو للمحتضر
32- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فيطمع الذى فى قلبه مرض – قال: الفجور والزنى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الأعشى :
حافظ للفرج راض بالتقى
ليس ممن قلبه فيه مرض
33- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – من طين لازب – قال: الملتزق ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول النابغة :
فلا تحسبون الخير لا شر بعده
ولا تحسبون الشر ضربة لازب
34- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أندادا – قال: الأشباه والأمثال ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :
أحمد الله فلا ندّ له
بيديه الخير ما شاء فعل
35- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لشوبا من حميم – قال : الخلط بماء الحميم والغساق ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
36- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – عجل لنا قطنا – قال : القط: الجزاء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته
بنعمته يعطى القطوط ويطلق(1/19)
37- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – من حمأ مسنون – قال : الحمأ السواد ، والمسنون : المصور ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب:
أغر كأن البدر شقة وجهه
جلا الغيم عنه ضوؤه فتبددا
38- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – البائس الفقير – قال : البائس: لا يجد شيئًا من شدة الحال، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت قول طرفة :
يغشاهم البائس المدقع والضيـ
ف وجار مجاور جنب
39- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ماء غدقا – قال : كثيرا جاريا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
تدنى كراديس ملتفا حدائقها
كالنبت جادت بها أنهارها غدقا
40- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بشهاب قبس – قال : شعلة من نار يقتبسون منه، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد :
همّ عرانى فبت أدفعه
دون سهادى كشعلة القبس
41- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – عذاب أليم – قال: الأليم : الوجيع، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
نام من كان خليا من ألم
وبقيت الليل طولا لم أنم
42- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وقفينا على آثارهم – قال: أتبعنا على آثار الأنبياء . أى بعثنا، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول عدىّ بن زيد :
يوم قفت عيرهم من عيرنا
واحتمال الحى فى الصبح فلق
43- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إذا تردّى – قال : إذا مات وتردّى فى النار، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول عدىّ بن زيد :
خطفته منية فتردّى
وهو فى الملك يأمل التعميرا
44- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى جنات ونهر- قال: النهر : السعة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :
ملكت بها كفى فأنهرت فتقها
يرى قائم من دونها ما وراءها(1/20)
45- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وضعها للأنام – قال : الخلق، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
فإن تسألينا مم نحن فإننا
عصافير من هذا الأنام المسحر
46- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أن لن يحور – قال: أن لن يرجع بلغة الحبشة ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
ولا المرء إلا كالشهاب وضوئه
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
47- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ذلك أدنى ألا تعولوا – قال: أجدر أن لا تميلوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
إنا تبعنا رسول الله واطرحوا
قول النبى وعالوا فى الموازين
48- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وهو مليم – قال: المسئ المذنب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت أمية بن أبى الصلت :
برئ من الآفات ليس لها بأهل
ولكن المسئ هو المليم
49- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إذ تحسونهم بإذنه – قال: تقتلونهم، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
ومنا الذى لاقى بسيف محمد
فحس به الأعداء عرض العساكر
50- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ما ألفينا – قال: يعنى وجدنا، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان:
فحسبوه فألفوه كما زعمت
تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
51- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – جنفا – قال: الجور والميل فى الوصية ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول عدىّ بن زيد :
وأمك يا نعمان فى أخواتها
تأتين ما يأتينه جنفا
52- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بالبأساء والضراء – قال : البأساء: الخصب، والضراء: الجدب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زيد بن عمرو :
إن الإله عزيز واسع حكم
بكفه الضرّ والبأساء والنعم(1/21)
53- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إلا رمزا – قال : الإشارة باليد والايماء بالرأس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :
ما فى السماء من الرحمن مرتمز
إلا إليه وما فى الأرض من وزر
54- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فقد فاز – قال : سعد ونجا، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة :
وعسى أن أفوز ثمت ألقى
حجة أتقى بها الفتانا
55- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – سواء بيننا وبينكم – قال : عدل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :
تلاقينا فقاضينا سواء
ولكن جرعن حال بحال
56- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – الفلك المشحون – قال : السفينة الموقرة ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن الأبرص :
شحنا أرضهم بالخيل حتى
تركناهم أذل من الصراط
57- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – زنيم – قال: ولد الزنى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر:
زنيم تداعته الرجال زيادة
كما زيد فى عرض الأديم الأكارع
58- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – طرائق قددا – قال : المنقطعة فى كل وجه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
ولقد قلت وزيد حاسر
يوم ولت خيل زيد قددا
59- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بربّ الفلق – قال : الصبح إذا انفلق من ظلمة الليل ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول زهير بن أبى سلمى :
الفارج الهمّ مسدولا عساكره
كما يفرج غم الظلمة الفلق
60- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – خلاق – قال : نصيب ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبى الصلت:
يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم
إلا سرابيل من قطر وأغلال
61- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كل له قانتون - قال : مقرون ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول عدى بن زيد :
قانتا لله يرجو عفوه(1/22)
يوم لا يكفر عبد ما ادخر
62- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – جدّ ربنا – قال : عظمة ربنا، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبى الصلت :
لك الحمد والنعماء والملك ربنا
فلا شئ أعلى منك جدا وأمجد
63- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حميم آن – قال : الآنى الذى انتهى طبخه وحرّه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان :
ويخضب لحية غدرت وخانت
بأحمر من نجيع الخوف آن
64- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – سلقوكم بألسنة حداد – قال: الطعن باللسان. قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الأعشى:
فيهم الخصب والسماحة والنجدة
فيهم والخاطب المسلاق
65- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وأكدى – قال : كدره بمنه، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
أعطى قليلا ثم أكدى بمنه
ومن ينشر المعروف فى الناس يحمد
66- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا وزر– قال: الوزر: الملجأ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول عمرو بن كلثوم:
لعمرك ما إن له صخرة
لعمرك ما إن له من وزر
67- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – قضى نحبه – قال : أجله الذى قدّر من أجله، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول
أنحبّ فيقضى أم ضلال وباطل
68- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ذو مرّة – قال : ذو شدة فى أمر الله ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بنى ذبيان : { وهنا قوى ذى مرة حازم }
69- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – المعصرات – قال : السحاب يعصر بعضها بعضا فيخرج الماء من بين السحابتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول نابغة:
تحربها الأرواح من بين شمأل
وبين صباها المعصرات الدوامس(1/23)
70- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – سنشدّ عضدك – قال : العضد : المعين الناصر ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول النابغة الذبيانى :
فى ذمة من أبى قابوس منقذه
للخائفين ومن ليست له عضد
71- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى الغابرين – قال : فى الباقين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول عبيد بن الأبرص:
ذهبوا وخلفنى المخلف فيهم
فكأننى فى الغابرين غريب
72- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فلا تأس – قال : لا تحزن، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
وقوفا بها صحبى علىً مطيهم
يقولون لا تهلك أسى وتحمل
73- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يصدفون – قال : يعرضون عن الحق، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول أبى سفيان:
عجبت لحلم الله عنا وقد بدا
له صدفنا عن كل حق منزل
74- قال : أخبرنى عن قوله تعالى –أن تبسل – قال : تحبس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول زهير :
وفارقتك برهن لا فكاك له
يوم الوداع فقلبى مبسل غلقا
75- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فلما أفلت – قال : زالت الشمس عن كبد السماء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول كعب بن مالك :
فتغير القمر المنير لفقده
والشمس قد كسفت وكادت تأفل
76- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كالصريم – قال : الذاهب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
غدوت عليه غدوة فوجدته
قعودا لديه بالصريم عواذل
77- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – تفتؤ – قال: لا تزال ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر:
لعمرك ماتفتأ تذكر خالدا
وقد غاله ما غال من قبل تبع
78- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – خشية إملاق – قال : مخافة الفقر ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
وإنى على الإملاق يا قوم ماجد
أعدّ لأضيافى الشواء المضهبا(1/24)
79- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حدائق – قال : البساتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر:
بلاد ساقها الله أما سهولها
فقضب ودر مغدق وحدائق
80- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مقيتا – قال: قادرا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم ، أما سمعت قول أحيحة الأنصارى:
وذى ضغن كففت النفس عنه
وكنت على مساءته مقيتا
81- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ولا يئوده – قال : لا يثقله، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
يعطى المئين ولا يئوده حملها
محض الضرائب ماجد الأخلاق
82- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – سريا – قال: النهر الصغير، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
سهل الخليقة ماجد ذو نائل
مثل السرىّ تمده الأنهار
83- قال : أخبرنى عن قوله تعالى - كأسا دهاقا – قال : ملأى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
أتانا عامر يرجو قرانا
فأترعنا له كأسا دهاقا
84- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لكنود – قال: كفور للنعم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
شكرت له يوم العكاظ نواله
ولم أك للمعروف ثم كنود
85- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فسينغضون إليك رؤوسهم – قال: يحركون رؤوسهم استهزاء بالناس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
أتنغض لى يوم الفخار وقد ترى
خيولا عليها كالأسود ضواريا
86- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يهرعون – قال : يقبلون إليه بالغضب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
أتونا يهرعون وهم أسارى
نسوقهم على رغم الأنوف
87- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بئس الرفد المرفود – قال : بئس اللعنة بعد اللعنة ، قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
لا تقذفنى بركن لا كفاء له
وإن تأسفك الأعداء بالرفد(1/25)
88- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – غير تتبيب – قال : تخسير، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت بشر بن أبى حازم:
هم جدعوا الأنوف فأوعبوها
وهم تركوا بنى سعد تبابا
89- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فأسر بأهلك بقطع من الليل – ما القطع ؟ قال : آخر الليل سحرا ، قال مالك بن كنانة :
ونائحة تقوم بقطع ليل
على رجل أصابته شعوب (أى داهية)
90- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – هيت لك – قال : تهيأت لك، أما سمعت قول أحيحة الجلاح الأنصارى :
به أحمى المضاف إذا دعانى
إذا ما قيل للأبطال هيتا
91- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يوم عصيب – قال : شديد، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
هم ضربوا قوانس خيل حجر
بجنب الرده فى يوم عصيب
92- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مؤصدة – قال : مطبقة ، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
تحن إلى أجبال مكة ناقتى
ومن دوننا أبواب صنعاء مؤصدة
93- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا يسأمون – قال : يفترون ولا يملون ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر:
من الخوف لا ذو سآمة من عبادة
ولا هو من طول التعبد يجهد
94- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – طيرا أبابيل – قال : ذاهبة وجائية تنقل الحجارة بمناقيرها وأرجلها فتبلبل عليهم فوق رؤوسهم. أما سمعت قول الشاعر:
وبالفوارس من ورقاء قد علموا
أحلاس خيل على جرد أبابيل
95- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ثقفتموهم – قال وجدتموهم، أما سمعت قول حسان:
فإمَّا تثقفنَّ بنى لؤى
جذيمة إن قتلهم دواء
96- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فأثرن به نقعا – قال النقع : ما يسطع من حوافر الخيل، أما سمعت قول حسان :
عدمنا خيلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كداء
97- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى سواء الجحيم – قال : فى وسط الجحيم ، أما سمعت قول الشاعر :
رماها بسهم فاستوى فى سوائها(1/26)
وكان قبولا للهوى ذى الطوارق
98- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى سدر مخضود – قال : الذى ليس له شوك ، أما سمعت قول أمية بن أبى الصلت:
إن الحدائق فى الجنان ظليلة
فيها الكواعب سدرها مخضود
99- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – طلعها هضيم – قال : منضم بعضه إلى بعض ، أما سمعت قول امرئ القيس :
دار لبيضاء العوارض طفلة
مهضومة الكشحين ريا المعصم
100- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – قولا سديدا – قال : قولا عدلا حقا ، أما سمعت قول حمزة :
أمين على ما استودع الله قلبه
فإن قال قولا كان فيه مسددا
101- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إلاّ ولا ذمة – قال : الإّل: القرابة ، والذمة : العهد ، أما سمعت قول الشاعر :
جزى الله إلاّ كان بينى وبينهم
جزاء ظلوم لا يؤخر عاجلا
102- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – خامدين – قال : ميتين ، أما سمعت قول لبيد :
حلوا ثيابهم على عوراتهم
فهم بأفنية البيوت خمود
103- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – زبر الحديد – قال : قطع الحديد، أما سمعت قول كعب ابن مالك:
تلظى عليهم حين أن شدّ حميها
بزبر الحديد والحجارة ساجر
104- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فسحقا – قال : بعدا ، أما سمعت قول حسان :
ألا من مبلغ عنى أبيا
فقد ألقيت فى سحق السعير
105- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إلا غى غرور – قال : فى باطل ، أما سمعت قول حسان:
تمنتك الأمانى من بعيد
وقول الكفر يرجع فى غرور
106- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وحصورا – قال : الذى لا يأتى النساء ، أما سمعت قول الشاعر :
وحصور عن الخنا يأمر النا
س بفعل الخيرات والتشمير
107- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – عبوسا قمطريرا – قال : الذى ينقبض وجهه من شدة الوجع، أما سمعت قول الشاعر :
ولا يوم الحساب وكان يوما
عبوسا فى الشدائد قمطريرا
108- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يوم يكشف عن ساق – قال: عن شدة الآخرة ، أما سمعت قول الشاعر:
{ قد قامت الحرب بنا على ساق }(1/27)
109- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إيابهم – قال : الإياب : المرجع، أما سمعت قول عبيد بن الأبرص :
وكل ذى غيبة يؤب
وغائب الموت لا يؤب
110- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حوبا – قال : إثما بلغة الحبشة وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت الأعشى:
فإنى وما كلفتمونى من أمركم
ليعلم من أمسى أعق وأحوبا
111- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – العنت – قال : الإثم ، أما سمعت قول الشاعر :
رأيتك تبتغى عنتى وتسعى
مع الساعى على بغير دخل
112- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فتيلا – قال : التى تكون فى شق النواة ، أما سمعت قول نابغة :
يجمع الجيوش ذا الألوف ويغزو
ثم لايرزأ الأعادى فتيلا
113- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – من قطمير – قال : الجلدة البيضاء التى على النواة ، أما سمعت قول أمية بن أبى الصلت :
لم أنل منهم فسيطا ولا زبدا
ولا فوففة ولا قطميرا
114- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أركسهم – قال : حبسهم ، أما سمعت قول أمية :
أركسوا فى جهنم إنهم كا
نوا عتاتا يقولون كذبا وزورا
115- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أمرنا مترفيها – قال : سلطنا ، أما سمعت قول لبيد :
إن يغبطوا ييسروا وإن أمروا
يوما يصيروا للهلك والفقد
116- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أن يفتنكم الذين كفروا – قال : يضلكم بالعذاب والجهد بلغة هوازن ، أما سمعت الشاعر:
كل امرئ من عباد الله مضطهد
ببطن مكة مقهور ومفتون
117- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كأن لم يغنوا – قال : كأن لم يسكنوا ، أما سمعت قول لبيد:
وغنيت سبتا قبل مجرى داحس
لو كان للنفس اللجوج خلود
118- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – عذاب الهون – قال: الهوان، أما سمعت قول الشاعر:
إنا وجدنا بلاد الله واسعة
تنجى من الذل والمخزاة والهون
119- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ولا يظلمون فتيلا – قال : النقير ، ما فى شق النواة ، ومنه تنبت النخل ، أما سمعت قول الشاعر:
وليس الناس بعدك فى نقير(1/28)
وليسوا غير أصداء وهام
120- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا فارض – قال : الهرمة، أما سمعت قول الشاعر:
لعمرى لقد أعطيت ضيفك فارضا
يساق إليه ما يقوم على رجل
121- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – الخيط الأبيض من الخيط السود – قال : بياض النهار من سواد الليل ، وهو الصبح إذا انفلق، أما سمعت قول أمية :
الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق
والخيط الأسود لون الليل مكموم
122- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بئسما شروا به أنفسهم – قال : باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا ، أما سمعت الشاعر:
يعطى بها ثمنا فيمنعها
ويقول صاحبها ألا تشرى
123- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حسبانا من السماء – قال: نار من السماء، أما سمعت قول حسان :
بقية معشر صبت عليهم
شآبيب من الحسبان شهب
124- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وعنت الوجوه – قال : استسلمت وخضعت ، أما سمعت قول الشاعر:
ليبك عليك كل عان بكربة
وآل قصى من مقل وذى وفر
125- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – معيشة ضنكا – قال : الضيق الشديد ، أما سمعت قول الشاعر:
والخيل لقد لحقت بها فى مأزق
ضنك نواحيه شديد المقدم
126- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – من كل فجّ - قال : طريق، أما سمعت قول الشاعر :
حازوا العيال وسدوا الفجاج
بأجساد عاد لها آيدان
127- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ذات الحبك – قال : ذات الطرائق والخلق الحسن ، أما سمعت قول زهير بن أبى سلمى :
هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا
لا ينكصون إذ ما استلحمو وحموا
128- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حرضا – قال : الدنف الهالك من شدة الوجع ، أما سمعت قول الشاعر :
أمن ذكرى ليلى إن نأت غربة بها
كأنك جمّ للأطبا محرض
129- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يدعّ اليتيم – قال : يدفعه عن حقه ، أما سمعت قول أبى طالب :
يقسم حقا لليتيم ولم يكن
يدع لذا أيسارهن الأصاغرا(1/29)
130- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – السماء منفطر به – قال : منصدع من خوف يوم القيامة ، أما سمعت قول الشاعر :
ظباهن حتى أعرض الليل دونها
أفاطير وسمى رواء جدورها
131- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فهم يوزعون – قال: يحبس أولهم على آخرهم حتى تنام الطير ، أما سمعت الشاعر:
وزعت رعيلها بأقب نهد
إذا ما القوم شدّوا بعد خمس
132- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كلما خبت – قال : الخبء: الذى يطفأ مرة ويسعر أخرى ، أما سمعت قول الشاعر :
والنار تخبو عن آذانهم
وأضرمها إذا ابتدروا سعيرا
133- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كالمهل – قال : كردىّ الزيت ، أما سمعت قول الشاعر :
تبارى بها العيس السموم كأنها
تبطنت الأقراب من عرق مهلا
134- قال : أخبرنى عن قوله تعالى –أخذا وبيلا – قال : شديدا ليس له ملجأ ، أما سمعت قول الشاعر:
خزى الحياة وخزى الممات
وكلا أراه طعاما وبيلا
135- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فنقبوا فى البلاد – قال : هربوا بلغة اليمن ، أما سمعت قول عدىّ بن زيد :
فنقبوا فى البلاد من حذر المو
ت وجالوا فى الأرض أى مجال
136- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إلا همسا – قال : الوطء الخفىّ والكلام الخفى، أما سمعت قول الشاعر :
فباتوا يدجلون وبات يسرى
بصير بالدجا هاد هموس
137- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مقمحون – قال : المقمح الشامخ بأنفه المنعكس رأسه ، أما سمعت قول الشاعر :
ونحن على جوانبها قعود
نغض الطرف كالإبل القماح
138- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى أمر مريج – قال : المريج : الباطل ، أما سمعت قول الشاعر:
فراعت فانتقدت به حشاها
فخر كأنه خوط مريج
139- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حتما مقضيا – قال : الحتم : الواجب ، أما سمعت قول أمية :
عبادك يخطئون وأنت رب
بكفيك المنايا و الحتوم
140- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وأكواب – قال : القلال التى لا عرى لها ، أما سمعت قول الهذلى:
فلم ينطق الديك حتى ملأت(1/30)
كؤب الدنان له فاستدارا
141- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ولا هم عنها ينزفون – قال: لا يسكرون ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة :
ثم لا ينزفون عنها ولكن
يذهب الهم عنهم والغليل
142- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كان غراما – قال : ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم، أما سمعت بشر بن أبى حازم:
ويوم النسار ويوم الجفار
وكان عذابا وكان غراما
143- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – والترائب– قال: هو موضع القلادة من المرآة ، أما سمعت قول الشاعر:
والزعفران على ترائبها
شرقا به اللبات والنحر
144- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وكنتم قوما بورا – قال : هلكى بلغة عمان وهم من اليمين ، أما سمعت قول الشاعر :
فلا تكفروا ما قد صنعنا اليكموا
وكافوا به فالكفر بور لصانعه
145- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – نفشت – قال : الرعى بالليل ، أما سمعت قول لبيد :
بدلن بعد النفش الوجيفا
وبعد طول الجرة الصريفا
146- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ألدّ الخصام – قال : الجدل المخاصم فى الباطل ، أما سمعت قول مهلهل :
إن تحت الأحجار حزما وجودا
وخصيما ألدّ ذا مغلاق
147- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – بعجل حنيذ – قال : النضيج مما يشوى بالحجارة ، أما سمعت قول الشاعر :
لهم راح ونار المسك فيهم
وشاويهم إذا شاءوا حنيذا
148- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – من الأجداث – قال : القبور، أما سمعت قول ابن رواحة :
حينا يقولون إذا مرّوا على جدثى
أرشده يا رب من عان وقد رشدا
149- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – هلوعا – قال : ضجرا جزوعا ، أما سمعت قول بشر بن أبى حازم :
لا مانعا لليتيم نحلته
ولا مكبا لخلقه هلعا
150- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ولات حين مناص – قال : ليس بحين فرار ، أما سمعت قول الأعشى :
تذكرت ليلى حين لات تذكر
وقد بنت منها والمناصى بعيد
151- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ودسر – قال : الدسر : الذى تخرز به السفينة ، أما سمعت قول الشاعر :(1/31)
سفينة نوتى قد أحكم صنعها
منحته الألواح منسوجة الدسر
152- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ركزا – قال : حسا، أما سمعت قول الشاعر :
وقد ترجس ركزا مفقر ندس
بنبأة الصوت ما فى سمعه كذب
153- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – باسرة – قال : كالحة ، أما سمعت قول عبيد بن الأبرص :
صبحنا تميما غداة النسا
ر شهباء ملمومة باسره
154- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ضيزى – قال : جائرة ، أما سمعت قول امرئ القيس :
ضازت بنو أسد بحكمهم
إذ يعدلون الرأس بالذنب
155- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لم يتسنّه – قال : لم تغيره السنون ، أما سمعت قول الشاعر:
طاب منه الطعام والريح معا
لن أتراه متغيرا من سن
156- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ختار – قال : الغدار الظلوم، أما سمعت قول الشاعر :
لقد علمت و استيقنت ذات نفسها
بان لا تخاف الدهر صرمى ولا خترى
157- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – عين القطر – قال : الصفر، أما سمعت قول الشاعر :
فألقى فى مراجل من حديد
قدور القطر ليس من البراة
158- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أكل خمط – قال: الأراك ، أما سمعت قول الشاعر :
ما مغزل فرد تراعى بعينها
أغن غضيض الطرف من خلل الخمط
159- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – اشمأزّت – قال: نفرت ، أما سمعت قول عمرو بن كلثوم :
إذا عض الثقات بها اشمأزّت
وولته عشوزنة زبونا
160- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – جدد – قال : طرائق، أما سمعت قول الشاعر :
قد غادر النسع فى صفحاتها جددا
كأنها طرق لاحت على أكم
161- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – أغنى وأقنى – قال : أغنى من الفقر ، وأقنى من الغنى ، أما سمعت قول عنترة :
فأقنى حياءك لا أبا لك واعلمى
أنى امرؤ سأموت إن لم أقتل
162- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا يلتكم – قال : لا ينقصكم بلغة بنى عبس ، أما سمعت قول الحطيئة العبسى :
أبلغ سراة بنى سعد مغلغلة
جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا(1/32)
163- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وأباّ – قال: الأبّ : ما يعتلف منه الدواب ، أما سمعت قول الشاعر:
ترى به الأبّ واليقطين مختلطا
على الشريعة يجرى تحتها الغرب
164- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا تواعدوهن سرا – قال: السر : الجماع ، أما سمعت قول امرئ القيس :
ألا زعمت بسباسة اليوم أننى
كبرت وأن لا يحسن السر أمثالى
165- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فيه تسيمون – قال : تزرعون ، أما سمعت قول الأعشى :
ومشى القوم بالعماد إلى الدر
حاء أعبى المسيم أين المساق
166- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا ترجون لله وقارا – قال: لا تخشون لله عظمة ، أما سمعت قول أبى ذؤيب :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها
وحالفها فى بيت نوب عوامل
167- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ذا متربة – قال : ذا حاجة وجهد ، أما سمعت قول الشاعر:
تربت يد لك ثم قل نوالها
وترفعت عنك السماء سجالها
168- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مهطعين – قال: مذعنين خاضعين ، أما سمعت قول تبع :
تعبدنى نمر بن سعد وقد درى
ونمر بن سعد مدين و مهطع
169- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – هل تعلم له سميا – قال : ولدا ، أما سمعت قول الشاعر :
أما السمىّ فأنت منه مكثر
والمال فيه تغتدى وتروح
170- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يصهر – قال : يذاب ، أما سمعت قول الشاعر :
سخنت صهارته فظل عثاله
فى سيطل كفيت به يتردد
171- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لتنوء بالعصبة – قال : لتثقل ، أما سمعت قول امرئ القيس :
تمشى فتثقلها عجيزتها
مشى الضعيف ينوء بالوسق
172- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – كل بنان – قال : أطراف الأصابع ، أما سمعت قول عنترة :
فنعم فوارس الهيجاء قومى
إذا علق الأعنة بالبنان
173- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إعصار – قال : الريح الشديدة ، أما سمعت قول الشاعر :
فله فى أثارهن خوان
و حفيف كأنه إعصار(1/33)
174- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مراغما – قال : منفسحا بلغة هذيل ، أما سمعت قول الشاعر:
واترك أرض جهرة إن عندي
رجاء فى المراغم و التعادى
175- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – صلدا - قال : أملس، أما سمعت قول أبى طالب :
وإنى لقرم وابن قرم لهاشم
لآباء صدق مجدهم معقل صلد
176- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لأجرا غير ممنون – قال: غير منقوص ، أما سمعت قول زهير:
فضل الجواد على الخيل البطاء فلا
يعطى بذلك ممنونا ولا ترقا
177- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – جابوا الصخر – قال: نقبوا الحجارة فى الجبال فاتخذوها بيوتا ، أما سمعت قول أمية :
وشقّ أبصارنا كيما نعيش بها
وجاب للسمع أصماخا وآذانا
178- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – حبا جما – قال: كثيرا ، أما سمعت قول أمية :
إن تغفر اللهم تغفر جما
وأى عبد لك لا ألما
179- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – غاسق – قال : الظلمة ، أما سمعت قول زهير :
ظلت تجوب يداها وهى لاهية
حتى إذا جنح الإظلام والغسق
180- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فى قلوبهم مرض – قال : النفاق، أما سمعت قول الشاعر :
أجامل أقواما حياء وقد أرى
صدورهم تغلى على مراضها
181- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – يعمهون – قال: يلعبون ويترددون ، أما سمعت قول الأعشى :
أرانى قد عمهت وشاب رأسى
وهذا اللعب شين بالكبير
182- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – إلى بارئكم – قال : خالقكم ، أما سمعت قول تبع :
شهدت على أحمد أنه
رسول من الله بارئ النسم
183- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – لا ريب فيه – قال : لا شك فيه ، أما سمعت قول ابن الزبعرى :
ليس فى الحق يا أمامة ريب
إنما الريب ما يقول الكذوب
184- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ختم الله على قلوبهم – قال : طبع عليها ، أما سمعت قول الأعشى
وصهباء طاف يهود بها
فأبرزها وعليها ختم
185- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – صفوان – قال : الحجر الأملس، أما سمعت قول أوس بن حجر :(1/34)
على ظهر صفوان كأنه متونه
عللن بدهن يزلق المتنزلا
186- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – فيها صرّ – قال: برد ، أما سمعت قول نابغة :
لا يبرمون إذا ما الأرض جللها
صرّ الشتاء من الإمحال كالأدم
187- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – تبوئ المؤمنين – قال : توطن المؤمنين ، أما سمعت قول الأعشى :
وما بوأ الرحمن بيتك منزلا
بأجياد غزى الغنى والمحرم
188- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – ربّيون – قال : جموع كثيرة ، أما سمعت قول حسان :
وإذا معشر تجافوا عن ال
قصد حملنا عليهم ربينا
189- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – مخمصة – قال: مجاعة ، أما سمعت قول الأعشى :
تبيتون فى المشتا ملأى بطونكم
وجاراتكم سغب يبتن خمائصا
190- قال : أخبرنى عن قوله تعالى – وليقترفوا ماهم مقترفون – قال: ليكتسبوا ماهم مكتسبون ، أما سمعت قول لبيد :
وإنى لآت ما أتيت وإننى
لما اقترفت نفسى على لراهب
هذه آخر مسائل نافع بن الأزرق وردود ابن عباس ( عليها كما أوردها الحافظ السيوطى .
وبعد ذلك كله .. كان على نافع بن الأزرق أن يترك ضلاله ويتبع منهج أصحاب رسول الله ( المتمثل فى منهج ابن عباس (.
لكن الرجل ركب رأسه وتبع أهواءه وضل طريقة فى فرقة سُميت باسمه "الأزارقة" حتى قُتل فى إحدى المعارك وهو على ضلاله البين ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
تنبيهات
تنبيهات
التنبيه الأول :
1- ليس معنى هذا أننا يمكن أن نستغنى فى تفسير القرآن باللغة العربية وفقط . بل لابد لفهم القرآن الكريم من الرجوع إلى :
* القرآن الكريم نفسه ،
* السنة النبوية الشريفة .
* عمل سلفنا الصالح (.
ونحن نعلم أنه لكل علم معانى لغوية ومعانى اصطلاحية، كذلك شريعة الإسلام ومعانى القرآن لا يمكن أن نفسرها لغويا وفقط ، وإنما يكون الرجوع الى اللغة للاسترشاد .
** ويُضرب لذلك مثلٌ ليُفهم المقصود :-(1/35)
يقول ربنا جل وعلا : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }25.
السارق :
* فى اللغة : يدخل فيها كل سارق سواء سرق بيضة أو أقل أو أكثر .
* وشرعًا : لا يكون إلا إذا سرق ربع دينار فأكثر.
اليد :
* فى اللغة : مفتوحة ( الكف إلى الرسغ – إلى المرفق – إلى الكتف )
* أما شرعا : فالقطع معروف مكانه .
وهذا يبين أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يُكتفى لفهم معانى القرآن باللغة العربية وحدها. بل بما قدمنا له فى أول هذا التنبيه.
ولذا قال عمر بن الخطاب : لا تجادلوهم بالقرآن فإنه حمال وجوه ولكن حاججوهم بالرواية .
التنبيه الثاني
بعض الناس يرمى الآخرين بأنهم مبتدعون لأسباب واهية، فهو يبحث فى مجتمعه عمن يرميه بالبدع.
فهذا شأن الخوارج لا أهل السنة والجماعة الذين من شأنهم إقالة العثرات .. فليس كلما اختلفتَ مع عَالِم ترميه بالابتداع .
( فلا رمى بالبدعة فى الخلافات الفقهية المعتبرة مثل:
* رفع اليدين أو عدمه فى تكبيرات الجنازة .
* إرسال اليدين بعد القيام من الصلاة أو قبضهما.
* الأخذ برأى من الرأيين فى زكاة حلى المرأة .
* الأخذ برأى من الرأيين فى وجوب النقاب للمرأة.
وغيرها من الأمور التى اختلف فيها علماء المسلمون المعتبرون قديمًا وحديثًا . فيمكن الاختيار ولا حرج ولا تبديع ولا تفسيق .
وليحذر كل مسلم أن تتحول خلافاته الشخصية إلى تبديع الآخرين فهذا من تلبيس إبليس .
( إنما البدع التى يجب محاربتها تلك التى اتفق علماء المسلمين المعتبرين على زجرها وهجرها ، والتى تناقض أصول الإسلام ومبادئه ومن أمثلتها :
* بدع الفرق الضالة كالشيعة والتكفير والهجرة وغيرها من الفرق التى بان ضلالها .
* بدع اتخاذ الأضرحة والمقامات أماكن للدعاء والتوسل والنذور .. وغيرها .
* بدعة إقصاء الإسلام عن شئون الحياة المختلفة.(1/36)
* بدعة الجرأة على الإفتاء ممن ليس أهلا لذلك.
* بدعة التفرق فى دين الله والولاء والبراء لا لله ، بل للجماعة التى ينتمى إليها .
* بدعة تحديد وقت قيام الساعة .
* بدعة الملابس الخارجة عن أصول الإسلام للنساء .
* بدعة القول نأخذ بالقرآن وحده ونترك السنة .
* بدعة القول بإباحة الربا لمسايرة ظروف العصر
* بدعة انتشار الدجل والخرافات بين المسلمين .
* بدعة تقديم العقل على نصوص الشريعة .
* بدعة القول أن العقل السليم يناقض صحيح الدين
التنبيه الثالث
* قد يظن ظان أن هذه المسائل وأشباهها وتعلمها من فضول العلم ، وهذا إن كان صحيحًا فى حق الكثير إلا أنه ينبغى لطائفة من العلماء وخاصة المنشغلين بعلوم القرآن منهم ، إذ أن المسلمين اليوم يواجهون حربًا شرسة على كتاب الله وألفاظه وعباراته ، بل وتؤلف فى ذلك الكثير من المؤلفات للطعن فى ألفاظ القرآن الكريم وأسباب التقديم والتأخير هنا أو هناك .
ولا يمكن للعالم أن يجاهد فى هذا المجال إلا إذا أحاط بعلوم القرآن ، وتبحر فى أسرار اللغة العربية التى نزل بها القرآن الكريم والاستعانة بما قاله السابقون من الصحابة والقرون الفاضلة .
التنبيه الرابع :
* يمكن لهذه المسائل أن تحفظ للأولاد النابهين فى الكتاتيب وفى أماكن تحفيظ القرآن الكريم ، بأن يحدد عددٌ من المسائل تحفظ يوميا ، استثمارًا لفترة الطفولة ..
* كما يمكن أن تحفظ فى الأماكن المعنية بالقرآن الكريم كالمعاهد والكليات المتخصصة فى دراسة القرآن الكريم .. حيث يمكن للمتعلم أن يحفظها فى فصل دراسى واحد ....
* ويمكن لأى مسلم طالب للعلم النافع أن ينفذ ذلك بينه وبين نفسه ، بأن يحدد عددًا معينًا من المسائل - وليكن خمس مسائل - يحفظها يوميًا .. وبذلك يمكن له أن يحفظها فى أقل من أربعين يومًا ...
وصدق من قال لأصحاب الهمم العالية :
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا
والله الموفق .
المراجع(1/37)
* الصحيحان ( البخارى ومسلم )
* مسند الإمام أحمد.
* السنن الأربعة .
* سنن الإمام الدارمى.
* التاريخ الكبير للبخارى - ط دار الكتب العلمية – بيروت .
* الإصابة فى تمييز الصحابة لابن حجر - ط دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان .
* إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد – ط المكتبة العصرية صيدا .
* الاعتصام للإمام الشاطبى - ط دار الكتب العلمية – بيروت .
* المختار من كنوز السنة للأستاذ الدكتور محمد شوقى خصر السيد " رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر " .
* الإتقان فى علوم القرآن القرآن للحافظ السيوطى .
* الفَرْقُ بين الفِرَق للعلامة الأصولى عبد القاهر بن طاهر محمد – ط مكتبة دار التراث .
* رجال حول الرسول للأستاذ خالد محمد خالد – ط دار الكتب الإسلامية بالقاهرة .
فهرست
الموضوع … ………………… الصفحة
مقدمة …………………………3
نبذة عن حياته ………………………4
من مواقف أهل الأهواء …………………12
وصفة لمن أراد النجاة …………………17
استثناء واجب ………………………20
فارس الحلبة………………………22
مسائل ابن الأزرق ……………………27
تنبيهات …………………………71
المراجع …………………………77
الفهرس …………………………78
1 ) هذه الترجمة من كتب : الإصابة – إعلام الموقعين – التاريخ الكبير – رجال حول الرسول - المختار من كنوز السنة .
2 ) رواه الإمام الترمذى فى سننه وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *(1/38)
3 ) روى الإمام الدارمى فى سننه حديث رقم 569 بسند كله ثقات عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ( قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا فُلَانُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ( فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ فَقَالَ وَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ( مَنْ تَرَى فَتَرَكَ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي التُّرَابَ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ فَأَقُولُ لَا أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ قَالَ فَبَقِيَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ فَقَالَ كَانَ هَذَا الْفَتَى أَعْقَلَ مِنِّي *
4 ) رواه الإمام البخارى فى صحيحه – كتاب المناقب حديث رقم 3341 ورواه الإمام أحمد والإمام مسلم وغيرهم .
5 ) رواه الامام البخارى فى صحيحه كتاب الآذان – باب 95 حديث رقم 664
6 ) رواه الامام البخارى فى صحيحه كتاب المناقب باب 7 حديث رقم 2909 .
7 ) سورة يونس آية 39 .
8 ) الاعتصام للشاطبى ص 433 ط دار الكتب العلمية بيروت – لبنان .
9 ) هذه المواقف جميعها أوردها الإمام الشاطبى فى كتاب الاعتصام ص 96 – 98 ، 461-462 ط دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان .
10 ) سورة النساء آية 140 .
11 ) روا ه الإمام أحمد فى مسنده حديث رقم 8065 .
12 ) رواه الإمام أحمد فى مسنده حديث رقم 1238
13 ) سورة الأنبياء آية 18 .
14 ) سورة الفرقان آية 33 .(1/39)
15 ) رواه ابن جرير وتمام فى فوائده وابن عدى وغيره وقواه ابن القيم لتعدد طرقه كما فى مفتاح السعادة ج1 / 163 – 164 ط دار الكتب العلمية ببيروت .
16 ) الخوارج ، وسموا بذلك لأنهم اجتمعوا فى مكان يسمى حروراء .
17 ) سورة الأعراف آية 32 .
18 ) الزخرف 58
19 ) الأنعام 58
20 ) سورة المائدة آية 95
21 ) سورة النساء آية 35
22 ) الاعتصام للشاطبى 406 – 407 حكاية عن ابن عبد البر بسنده .
23 ) نافع بن الأزرق : زعيم طائفة الأزارقة وهى كبرى فرق الخوارج . كان أول خروجه بالبصرة فى عهد عبد الله بن الزبير ، وفى سنة 65 اشتدت شوكته وكثرت جموعه ، فبعث إليه عبد الله بن الحارث مسلم بن عيسى بن كريز بن ربيعة على رأس جيش كثيف ، فاشتد بينهم القتال حتى قُتل مسلم بن عيسى أمير الجيش وقتل نافع بن الأزرق أمير الخوارج .
( 24سورة المدثر آية 4 .
25 ) سورة المائدة آية 38 .
??
??
??
??
(1)(1/40)