|
تم استيراده من نسخة : المكتبة الشاملة المكية
إملاء مامن به الرحمن
من وجوه الاعراب والقراء ات في جميع القرآن
تأليف
أبي البقاء عبدالله بن الحسين بن عبدالله العكبري
(538 - 616 ه)
[3]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال الشيخ الامام العالم محب الدين أبو البقاء عبدالله بن الحسين بن عبدالله العكبري رحمه الله تعالى، ورحم أسلافه بمحمد وآله وأصحابه وأنصاره: الحمد لله الذى وفقنا لحفظ كتابه، وأوقفنا على الجليل من حكمه وأحكامه وآدابه، وألهمنا تدبر معانيه ووجوه إعرابه، وعرفنا تفنن أساليبه من حقيقته ومجازه وإيجازه وإسهابه، أحمده على الاعتصام بأمتن أسبابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مؤمن بيوم حسابه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبرز في لسنه وفصل خطابه، ناظم حبل الحق بعد انقضابه، وجامع شمل الدين بعد انشعابه، صلى الله عليه وآله وأصحابه، ما استطار برق في أرجاء سحابه، واضطرب بحر بآذيه وعبابه.
أما بعد: فإن أولى ما عنى باغى العلم بمراعاته، وأحق ما صرف العناية إلى معاناته. ما كان من العلوم أصلا لغيره منها، وحاكما عليها ولها فيما ينشأ من الاختلاف عنها، وذلك هو القرآن المجيد، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجز الباقي على الابد، والمودع أسرار المعاني التى لا تنفد، وحبل الله المتين، وحجته على الخلق أجمعين.
فأول مبدوء به من ذلك تلقف ألفاظه عن حفاظه، ثم تلقى معانيه ممن يعانيه، وأقوم طريق يسلك في الوقوف على معناه، ويتوصل به إلى تبيين أغراضه ومغزاه، معرفة إعرابه واشتقاق مقاصده من أنحاء خطابه، والنظر في وجوه القرآن المنقولة عن الائمة الاثبات.
(1/1)
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا، مختلفة ترتيبا وحدا، فمنها المختصر حجما وعلما، ومنها المطول بكثرة إعراب الظواهر، وخلط الاعراب بالمعانى، وقلما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم، فلما وجدتها على ما وصفت، أحببت أن أملى كتابا يصغر حجمه يكثر علمه، أقتصر فيه على ذكر الاعراب ووجوه القراء ات، فأتيت به على ذلك، والله أسأل أن يوفقنى فيه لاصابة لصواب، وحسن القصد به بمنه وكرمه.
إعراب الاستعاذة
(أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو مثل أقتل، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين وبقيت ساكنة، ومصدره عوذ وعياذ ومعاذ، وهذا تعليم، والتقدير فيه: قل أعوذ.
(والشيطان) فيعال من شطن يشطن إذا بعد، ويقال فيه شاطن وتشطين، وسمى بذلك كل متمرد لبعد غوره في الشر، وقيل هو فعلان من شاط يشيط إذا هلك فالتمرد هالك بتمرده، ويجوز ان يكون سمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره، و (الرجيم) فعيل بمعنى مفعول: أى مرجوم بالطرد واللعن، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أى يرجم غيره بالاغواء.
إعراب التسمية
الباء في (بسم) متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير ابتدائى بسم الله، أى كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار، وقال الكوفيون: المحذوف فعل تقديره ابتدأت أو أبدأ فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف وحذفت الالف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك أثبت الالف في الخط، وقيل حذفوا الالف لانهم حملوه على سم وهى لغة في اسم، ولغاته خمس: سم بكسر السين وضمها، واسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى، والاصل في اسم سمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامى، وفى تصغيره سمى، وبنوا منه فعيلا فقالوا: فلان سميك أى اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، فقد رأيت كيف رجع المحذوف إلى آخره.
(1/2)
وقال الكوفيون: أصله وسم لانه من الوسم وهو العلامة، وهذا صحيح في المعنى فاسد اشتقاقا.
فإن قيل: كيف أضيف الاسم إلى الله، والله هو الاسم؟ قيل: في ذلك ثلاثة أوجه: أحدهما أن الاسم هنا بمعنى التسمية، والتسمية غير الاسم، لان الاسم هو اللازم للمسمى، والتسمية هو التلفظ بالاسم، والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره باسم مسمى الله، والثالث أن اسم زيادة، ومن ذلك قوله: * إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * وقول الآخر: * داع يناديه باسم الماء * أى السلام عليكما ونناديه بالماء
[5]
والاصل في الله الالاه، فألقيت حركة الهمزة على لام المعرفة، ثم سكنت وأدغمت في اللام الثانية ثم فخمت إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كانت قبلها كسرة، ومنهم من يرققها في كل حال، والتفخيم في هذا الاسم من خواصه.
وقال أبوعلي: همزة إلاه حذفت حذفا من غير إلقاء، وهمزة إلاه أصل وهو من أله يأله إذا عبد، فالاله مصدر في موضع المفعول أى المألوه وهو المعبود، وقيل أصل الهمزة واو لانه من الوله فالاله تتوله إليه القلوب: أى تتحير، وقيل أصله لاه على فعل، وأصل الالف ياء لانهم قالوا في مقلوبه لهى أبوك، ثم أدخلت عليه الالف واللام (الرحمن الرحيم) صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفى الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الاخفش: العامل فيها معنوى وهو كونها تبعا، ويجوز نصبهما على إضمار أعنى ورفعهما على تقدير هو.
سورة الفاتحة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(1/3)
الجمهور على رفع (الحمد) بالابتداء و (لله) الخبر واللام متعلقة بمحذوف أى واجب أو ثابت، ويقرأ الحمد بالنصب على أنه مصدر فعل محذوف، أى أحمد الحمد، والرفع أجود لان فيه عموما في المعنى، ويقرأ بكسر الدال إتباعا لكسرة اللام كما قالوا المعيرة ورغيف وهو ضعيف في الآية لان فيه إتباع الاعراب البناء، وفى ذلك إبطال للاعراب، ويقرأ بضم الدال واللام على إتباع اللام الدال، وهو ضعيف أيضا لان لام الجر متصل بما بعده منفصل عن الدال، ولا نظير له في حروف الجر المفردة إلا أن من قرأ به فر من الخروج من الضم إلى الكسر وأجراه مجرى المتصل، لانه لا يكاد يستعمل الحمد منفردا عما بعده، والرب مصدر رب يرب، ثم جعل صفة كعدل وخصم، وأصله راب وجره على الصفة أو البدل، وقرئ بالنصب على إضمار أعنى، وقيل على النداء، وقرئ بالرفع على إضمار هو (العالمين) جمع تصحيح واحده عالم، والعالم اسم موضوع للجمع ولا واحد له في اللفظ، واشتقاقه من العلم عند من خص العالم بمن يعقل، أو من العلامة عند من جعله لجميع المخلوقات، وفى (الرحمن الرحيم) الجر والنصب والرفع، وبكل قرئ على ماذكرناه في رب قوله تعالى (ملك يوم الدين) يقرأ بكسر اللام من غير ألف، وهو من عمر ملكه، يقال ملك بين الملك بالضم، وقرئ بإسكان اللام وهو من تخفيف
[6]
(1/4)
المكسور مثل فخذ وكتف، وإضافته على هذا محضة وهو معرفة، فيكون جره على الصفة أو البدل من الله، ولاحذف فيه على هذا، ويقرأ بالالف والجر، وهو على هذا نكرة، لان اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال لا يتعرف بالاضافة، فعلى هذا يكون جره على البدل لا على الصفة، لان المعرفة لاتوصف بالنكرة، وفى الكلام حذف مفعول تقديره: مالك أمر يوم الدين، أو مالك يوم الدين الامر، وبالاضافة لى يوم خرج عن الظرفية، لانه لايصح فيه تقدير في، لانها تفصل بين المضاف والمضاف إليه، ويقرأ مالك بالنصب على أن يكون بإضمار أعنى أو حالا، وأجاز قوم أن يكون نداء، ويقرأ بالرفع على إضمار هو أو يكون خبرا للرحمن الرحيم على قراء ة من رفع الرحمن، ويقرأ مليك يوم الدين رفعا ونصبا وجرا، ويقرأ ملك يوم الدين على أنه فعل ويوم مفعول أو ظرف، والدين مصدر دان يدين.
قوله تعالى (إياك) الجمهور على كسرة الهمزة وتشديد الياء، وقرئ شاذا بفتح الهمزة، والاشبه أن يكون لغة مسموعة، وقرئ بكسر الهمزة وتخفيف الياء، والوجه فيه أنه حذف إحدى الياء ين لاستثقال التكرير في حرف العلة، وقد جاء ذلك في الشعر، قال الفرزدق:
تنظرت نصرا والسماكين أيهما * علي مع الغيث استهلت مواطره
وقالوا في أما: أيما، فقلبوا الميم ياء كراهية التضعيف، وإيا عند الخليل وسيبويه اسم مضمر، فأما الكاف فحرف خطاب عند سيبويه لاموضع لها، ولاتكون اسما لانها لو كانت اسما لكانت إيا مضافة إليها والمضمرات لاتضاف، وعند الخليل هى اسم مضمر أضيفت إيا إليه، لان إيا تشبه المظهر لتقدمها على الفعل والفاعل ولطولها بكثرة حروفها، وحكى عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب.
وقال الكوفيون: إياك بكمالها اسم وهذا بعيد، لان هذا الاسم يختلف آخره بحسب اختلاف المتكلم والمخاطب والغائب فيقال: إياى وإياك وإياه.
وقال قوم: الكاف اسم وإيا عماد له وهو حرف، وموضع إياك نصب بنعبد.
(1/5)
فإن قيل: إياك خطاب والحمد لله على لفظ الغيبة، فكان الاشبه أن يكون إياه.
قيل: عادة العرب الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة.
وسيمر بك من ذلك مقدار صالح من القرآن.
[7]
قوله تعالى (نستعين) الجمهور على فتح النون، وقرئ بكسرها وهى لغة، وأصله نستعون نستفعل من العون فاستقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى العين ثم قلبت ياء لسكونها وإنكسار ماقبلها.
قوله تعالى (اهدنا) لفظه أمر والامر مبنى على السكون عند البصريين، ومعرب عند الكوفيين، فحذف الياء عند البصريين علامة السكون الذى هو بناء، وعند الكوفيين، هو علامة الجزم، وهدى يتعدى إلى مفعول بنفسه فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعديا إليه بنفسه ومنه هذه الآية، وقد جاء متعديا بإلى كقوله تعالى: " هدانى ربي إلى صراط مستقيم "، وجاء متعديا باللام، ومنه قوله تعالى: " الذى هدانا لهذا ".
(1/6)
و (السراط) بالسين هو الاصل لانه من سرط الشئ إذا بلعه، وسمى الطريق سراطا لجريان الناس فيه كجريان الشئ المبتلع، فمن قرأه بالسين جاء به على الاصل، ومن قرأه بالصاد قلب السين صادا لتجانس الطاء في الاطباق، والسين تشارك الصاد في الصفير والهمس، فلما شاركت الصاد في ذلك قربت منها، فكانت مقاربتها لها مجوزة قلبها إليها لتجانس الطاء في الاطباق، ومن قرأ بالزاى قلب السين زايا، لان الزاى والسين من حروف الصفير، والزاى أشبه بالطاء لانهما مجهورتان، ومن أشم الصاد زايا قصد أن يجعلها بين الجهر والاطباق، وأصل (المستقيم) مستقوم ثم عمل فيه ماذكرنا في نستعين، ومستفعل هنا بمعنى فعيل: أى السراط القويم، ويجوز أن يكون بمعنى القائم، أى الثابت، وسراط الثانى بدلا من الاول، وهو بدل الشئ وهما بمعنى واحد وكلاهما معرفة، والذين اسم موصول وصلته أنعمت، والعائد عليه الهاء والميم، والغرض من وضع الذى وصف المعارف بالجمل، لان الجمل تفسر بالنكرات والنكرة لاتوصف بها المعرفة، والالف واللام في الذى زائدتان وتعريفها بالصلة، ألا ترى أن " من " و " ما " معرفتان ولا لام فيهما فدل أن تعرفهما بالصلة.
والاصل في الذين اللذيون، لان واحده الذى، إلا أن ياء الجمع حذفت ياء الاصل لئلا يجتمع ساكنان، والذين بالياء في كل حال لانه اسم مبنى، ومن العرب من يجعله في الرفع بالواو، وفى الجر والنصب بالياء كما جعلوا تثنيته بالالف في الرفع وبالياء في الجر والنصب.
وفى الذى خمس لغات: إحداها الذى بلام مفتوحة من غير لام التعريف، وقد قرئ به شاذا، والثانية الذى بسكون الياء، والثالثة بحذفها وإبقاء كسرة الذال، والرابعة حذف الياء وإسكان الذال، والخامسة بياء مشددة.
[8]
قوله تعالى (غير المغضوب) يقرأ بالجر، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه بدل من الذين.
والثانى أنه بدل من الهاء والميم في عليهم.
والثالث أنه صفة للذين.
(1/7)
فإن قلت: الذين معرفة وغير لا يتعرف بالاضافة فلا يصح أن يكون صفة له.
ففيه جوابان: أحدهما أن غير إذا وقعت بين متضادين وكانا معرفتين تعرفت بالاضافة كقولك: عجبت من الحركة غير السكون، وكذلك الامر هنا لان المنعم عليه والمغضوب عليه متضادان.
والجواب الثانى أن الذين قريب من النكرة لانه لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم وغير المغضوب قريبة من المعرفة بالتخصيص الحاصل لها بالاضافة فكل واحد منهما فيه إبهام من وجه واختصاص من وجه.
ويقرأ غير بالنصب، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدهما أنه حال من الهاء والميم والعامل فيها أنعمت، ويضعف أن يكون حالا من الذين لانه مضاف إليه، والصراط لا يصح أن يعمل بنفسه في الحال، وقد قيل إنه ينتصب على الحال من الذين ويعمل فيها معنى الاضافة.
والوجه الثاني أنه ينتصب على الاستثناء من الذين أو من الهاء والميم.
والثالث أنه ينتصب بإضمار أعنى والمغضوب مفعول من غضب عليه، وهو لازم والقائم مقام الفاعل عليهم، والتقدير غير الفريق المغضوب، ولا ضمير في المغضوب لقيام الجار والمجرور مقام الفاعل، ولذلك لم يجمع فيقال الفريق المغضوبين عليهم، لان اسم الفاعل والمفعول إذا عمل فيما بعده لم يجمع جمع السلامة (ولا الضالين) " لا " زائدة عند البصريين للتوكيد، وعند الكوفيين هى بمعنى غير، كما قالوا: جئت بلا شئ فأدخلوا عليها حرف الجر فيكون لها حكم غير.
وأجاب البصريون عن هذا بأن " لا " دخلت للمعنى فتخطاها العامل كما يتخطى الالف واللام والجمهور على ترك الهمز في الضالين: وقرأ أيوب السختيانى بهمزة مفتوحة وهى لغة فاشية في العرب في كل ألف وقع بعدها حرف مشدد نحو: ضال ودابة وجان، والعلة في ذلك أنه قلب الالف همزة لتصح حركتها لئلا يجمع بين ساكنين.
فصل:
(1/8)
وأما آمين فاسم للفعل ومعناها اللهم استجب، وهو مبنى لوقوعه موقع المبنى، وحرك بالفتح لاجل الياء قبل آخره كما فتحت أين، والفتح فيها أقوى لان قبل الياء كسرة، فلو كسرت النون على الاصل لوقعت الياء بين كسرتين.
وقيل (آمين): اسم من أسماء الله تعالى، وتقديره: ياآمين، وهذا خطأ لوجهين: أحدهما أن أسماء الله لاتعرف إلا تلقيا ولم يرد بذلك سمع. والثانى أنه لو كان كذلك لبنى على الضم لانه منادى معرفة أو مقصود، وفيه لغتان: القصر وهو الاصل، والمد وليس من الابنية
[9]
العربية، بل هو من الابنية الاعجمية كهابيل وقابيل والوجه فيه أن يكون أشبع فتحة الهمزة فنشأت الالف، فعلى هذا لاتخرج عن الابنية العربية.
فصل
: في هاء الضمير نحو: عليهم وعليه وفيه وفيهم وإنما أفردناه لتكرره في القرآن.
الاصل في هذه الهاء الضم لانها تضم بعد الفتحة والضمة والسكون نحو: إنه وله وغلامه ويسمعه ومنه، وإنما يجوز كسرها بعد الياء نحو: عليهم وأيديهم، وبعد الكسر نحو: به وبداره، وضمها في الموضعين جائز لانه الاصل، وإنما كسرت لتجانس ماقبلها من الياء والكسرة، وبكل قد قرئ.
(1/9)
فأما عليهم ففيها عشر لغات، وكلها قد قرئ به: خمس مع ضم الهاء، وخمس مع كسرها، فالتى مع الضم: إسكان الميم وضمها من غير إشباع، وضمها مع واو، وكسر الميم من غير ياء، وكسرها مع الياء، وأما التي مع كسر الهاء: فإسكان الميم وكسرها من غير ياء وكسرها مع الياء، وضمها من غير واو، وضمها مع الواو، والاصل في ميم الجمع أن يكون بعدها واو كما قرأ ابن كثير، فالميم لمجاوزة الواحد، والالف دليل التثنية نحو: عليهما، والواو للجمع نظير الالف، ويدل على ذلك أن علامة الجماعة في المؤنث نون مشددة نحو: عليهن، فكذلك يجب أن يكون علامة الجمع للمذكر حرفين، إلا أنهم حذفوا الواو تخفيفا، ولا لبس في ذلك لان الواحد لاميم فيه، والتثنية بعد ميمها ألف، وإذا حذفت الواو سكنت الميم لئلا تتوالى الحركات في أكثر المواضع نحو: ضربهم ويضربهم، فمن أثبت الواو أو حذفها وسكن الميم فلما ذكرنا، ومن ضم الميم دل بذلك على أن أصلها الضم وجعل الضمة دليل الواو المحذوفة، ومن كسر الميم وأتبعها ياء فإنه حرك الميم بحركة الهاء المكسورة قبلها ثم قلب الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومن حذف الياء جعل الكسرة دليلا عليها، ومن كسر الميم بعد ضمة الهاء فإنه أراد أن يجانس بها الياء التى قبل الهاء، ومن ضم الهاء قال: إن الياء في عليه حقها أن تكون ألفا كما ثبتت الالف مع المظهر وليست الياء أصل الالف، فكما أن الهاء تضم بعد الالف فكذلك تضم بعد الياء المبدلة منها، ومن كسر الهاء اعتبر اللفظ، فأما كسر الهاء وإتباعها بياء ساكنة فجائز على ضعف، أما جوازه فلخفاء الهاء بينت بالاشباع، وأما ضعفه فلان الهاء خفية والخفى قريب من الساكن والساكن غير حصين، فكأن الياء وليت الياء، وإذا لقى الميم ساكن بعدها جاز ضمها نحو: عليهم الذلة، لان أصلها الضم، وإنما أسكنت تخفيفا، فإذا احتيج إلى حركتها كان الضم الذى هو حقها في الاصل أولى ويجوز كسرها إتباعا لما قبلها.
[10]
(1/10)
وأما: فيه ويليه، ففيه الكسر من غير إشباع، وبالاشباع، وفيه الضم من غير إشباع وبالاشباع، وأما إذا سكن ماقبل الهاء نحو: منه وعنه وتجدوه، فمن ضم من غير أشباع فعلى الاصل، ومن أشبع أراد تبيين الهاء لخفائها.
سورة البقرة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الم) هذه الحروف المقطعة كل واحد منها اسم، فألف اسم يعبر به عن مثل الحرف الذى في قال، ولام يعبر بها عن الحرف الاخير من قال، وكذلك ماأشبهها، والدليل على أنها أسماء أن كلا منها يدل على معنى في نفسه، وهى مبنية لانك لاتريد أن تخبر عنها بشئ، وإنما يحكى بها ألفاظ الحروف التى جعلت أسماء لها فهى كالاصوات نحو: غاق، في حكاية صوت الغراب.
وفى موضع الم ثلاثة أوجه: أحدها الجر على القسم، وحرف القسم محذوف وبقى عمله بعد الحذف لانه مراد، فهو كالملفوظ به كما قالوا الله ليفعلن في لغة من جر، والثانى: موضعها نصب، وفيه وجهان: أحدهما هو على تقدير حذف القسم كما تقول الله لافعلن والناصب فعل محذوف تقديره: التزمت الله، أى اليمين به، والثانى هى مفعول بها تقديره اتل الم. والوجه الثالث: موضع رفع بأنها مبتدأ وما بعدها الخبر.
قوله عزوجل (ذلك) ذا اسم إشارة والالف من جملة الاسم.
وقال الكوفيون الذال وحدها هى الاسم، والالف زيدت لتكثير الكلمة، واستدلوا على ذلك بقولهم ذه أمة الله، وليس ذلك بشئ لان هذا الاسم اسم ظاهر، وليس في الكلام اسم ظاهر على حرف واحد حتى يحمل هذا عليه، ويدل على ذلك قولهم في التصغير: ذيا فردوه إلى الثلاثى والهاء في ذه بدل من الياء في ذى.
(1/11)
وأما اللام فحرف زيد ليدل على بعد المشار إليه، وقيل هى بدل من ها، ألا تراك تقول: هذا وهذاك ولا يجوز هذلك، وحركت اللام لئلا يجتمع ساكنان وكسرت على أصل التقاء الساكنين، وقيل كسرت للفرق بين هذه اللام ولام الجر، إذ لو فتحتها فقلت ذلك لالتبس بمعنى الملك، وقيل ذلك هاهنا بمعنى هذا، وموضعه رفع إما على أنه خبر الم والكتاب عطف بيان ولاريب في موضع نصب على الحال أى هذا الكتاب حقا أو غير ذى شك وإما أن يكون ذلك مبتدأ والكتاب خبره ولاريب حال، ويجوز أن يكون الكتاب عطف بيان ولاريب فيه الخبر، وريب مبنى على الاكثرين لانه ركب مع لا وصير
[11]
بمنزلة خمسة عشر، وعلة بنائه تضمنه معنى من، إذ التقدير لا من ريب، واحتيج إلى تقدير من لتدل لا على نفى الجنس، ألا ترى أنك تقول: لا رجل في الدار، فتنفى الواحد ومازاد عليه، فإن قلت لا رجل في الدار فرفعت ونونت نفيت الواحد ولم تنف ما زاد عليه، إذ يجوز أن يكون فيها اثنان أو أكثر. وقوله (فيه) فيه وجهان:
أحدهما هو في موضع خبر لا ويتعلق بمحذوف تقديره، لا ريب كائن فيه، فيقف حينئذ على فيه.
والوجه الثانى: أن يكون لاريب آخر الكلام وخبره محذوف للعلم به، ثم تستأنف فتقول فيه هدى فيكون هدى مبتدأ وفيه الخبر، وإن شئت كان هدى فاعلا مرفوعا بفيه ويتعلق " في " على الوجهين بفعل محذوف، وأما هدى فألفه منقلبة عن ياء لقولك هديت والهدى، وفى موضعه وجهان: أحدهما رفع إما مبتدأ أو فاعل على ماذكرنا، وإما أن يكون خبر مبتدإ محذوف، أى هو هدى، وإما أن يكون خبرا لذلك بعد خبر. والوجه الثانى: أن يكون في موضع نصب على الحال من الهاء في فيه: أى لاريب فيه هاديا فالمصدر في معنى اسم الفاعل، والعامل في الحال معنى الجملة تقديره: أحققه هاديا، ويجوز أن يكون العامل فيه معنى التنبيه والاشارة الحاصل من قوله ذلك.
(1/12)
قوله تعالى (للمتقين) اللام متعلقة بمحذوف تقديره كائن أو كائنا على ماذكرناه من الوجهين في الهدى، ويجوز أن يتعلق اللام بنفس الهدى لانه مصدر والمصدر يعمل عمل الفعل، وواحد المتقين متقى، وأصل الكلمة من وقى فعل، ففاؤها واو ولامها ياء، فإذا بنيت من ذلك افتعل قلبت الواو تاء وأدغمتها في التاء الاخرى فقلت اتقى، وكذلك في اسم الفاعل وما تصرف منه نحو متقى ومتقى ومتقى اسم ناقص، وياؤه التى هى لام محذوفة في الجمع لسكونها وسكون حرف الجمع بعدها كقولك: متقون ومتقين، ووزنه في الاصل مفتعلون، لان أصله موتقيون فحذفت اللام لما ذكرنا فوزنه الآن مفتعون ومفتعين، وإنما حذفت اللام دون علامة الجمع لان علامة الجمع دالة على معنى إذا حذفت لايبقى على ذلك المعنى دليل، فكان إبقاؤها أولى.
قوله تعالى (الذين يؤمنون) هو في موضع جر صفة المتقين، ويجوز أن يكون في موضع نصب إما على موضع للمتقين أو بإضمار أعنى، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمارهم أو مبتدأ وخبره أولئك على هدى وأصل يؤمنون يؤمنون، لانه من الامن والماضى منه آمن فالالف بدل من همزة ساكنة قلبت ألفا كراهية اجتماع همزتين، ولم يحققوا الثانية في موضع ما لسكونها وانفتاح ما قبلها، ونظيره في الاسماء
[12]
(1/13)
آدم آخر، فأما في المستقبل فلا تجمع بين الهمزتين اللتين هما الاصل، لان ذلك يفضى بك في المتكلم إلى ثلاث همزات: الاولى همزة المضارعة، والثانية همزة أفعل التى في آمن، والثالثة الهمزة التى هى فاء الكلمة، فحذفوا الوسطى كما حذفوها في أكرم لئلا تجتمع الهمزات، وكان حذف الوسطى أولى من حذف الاولى لانها حرف معنى، ومن حذف الثالثة لان الثالثة فاء الكلمة والوسطى زائدة، وإذا أردت تبين ذلك فقل: إن آمن أربعة أحرف فهو مثل دحرج، فلو قلت أدحرج لاتيت بجميع ماكان في الماضى وزدت عليه همزة المتكلم، فمثله يجب أن يكون في أومن، فالباقى من الهمزات الاولى والواو التى بعدها مبدلة من الهمزة الساكنة التى هى فاء الكلمة والهمزة الوسطى هى المحذوفة وإنما قلبت الهمزة الساكنة واوا لسكونها وانضمام ماقبلها، فإذا قلت نؤمن وتؤمن ويؤمن جاز لك فيه وجهان: أحدهما الهمز على الاصل، والثانى قلب الهمزة واوا تخفيفا، وحذفت الهمزة الوسطى حملا على أومن والاصل يؤمن، فأما أؤمن فلا يجوز همز الثانية بحال لما ذكرناه، والغيب هنا مصدر بمعنى الفاعل: أى يؤمنون بالغائب عنهم، ويجوز أن يكون بمعنى المفعول: أى المغيب كقوله: هذا خلق الله: أى مخلوقه، ودرهم ضرب الامير: أى مضروبه.
قوله عزوجل (ويقيمون) أصله يؤقومون: وماضيه أقام، وعينه واو لقولك فيه يقوم، فحذفت الهمزة كما حذفت في أقيم لاجتماع الهمزتين، وكذلك جميع مافيه حرف مضارعة لئلا يختلف باب أفعال المضارعة، وأما الواو فعمل فيها ماعمل في نستعين، وقد ذكرناه، وألف الصلاة منقلبة عن واو لقولك: صلوات، والصلاة مصدر صلى ويراد بها هاهنا الافعال والاقوال المخصوصة فلذلك جرت مجرى الاسماء غير المصادر.
(1/14)
قوله تعالى (ومما رزقناهم) من متعلقة بينفقون، والتقدير: وينفقون مما رزقناهم، فيكون الفعل قبل المفعول كما كان قوله يؤمنون ويقيمون كذلك، وإنما أخر الفعل عن المفعول لتتوافق رء وس الآى، وما بمعنى الذى، ورزقنا يتعدى إلى مفعولين، وقد حذف الثانى منهما هنا وهو العائد على " ما " تقديره: رزقناهموه أو رزقناهم إياه، ويجوز أن تكون مانكرة موصولة بمعنى شئ، أى ومن مال رزقناهم فيكون رزقناهم في موضع جر صفة لما.
وعلى القول الاول لا يكون له موضع، لان الصلة لا موضع لها، ولا يجوز أن تكون ما مصدرية لان الفعل لا ينفق، ومن
[13]
للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء غاية الانفاق، وأصل ينفقون: يؤنفقون لان ماضيه أنفق، وقد تقدم نظيره.
قوله تعالى (بما أنزل إليك) " ما " هاهنا بمعنى الذى، ولايجوز أن تكون نكرة موصوفة أى بشئ أنزل إليك، لانه لا عموم فيه على هذا، ولا يكمل الايمان إلا أن يكون بجميع ماأنزل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وما للعموم، وبذلك يتحقق الايمان، والقراء ة الجيدة بأنزل إليك، بتحقيق الهمزة، وقد قرئ في الشاذ أنزل إليك بتشديد اللام والوجه فيه أنه سكن لام أنزل وألقى عليها حركة الهمزة فانكسرت اللام وحذفت الهمزة فلقيتها لام إلى فصار اللفظ بما أنزل إليك فسكنت اللام الاولى وأدغمت في اللام الثانية، والكاف هنا ضمير المخاطب وهو النبى صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون ضمير الجنس المخاطب ويكون في معنى الجمع، وقد صرح به في آى أخر كقوله " لقد أنزلنا إليك كتابا فيه ذكركم ".
قوله تعالى (وبالآخرة) الباء متعلقة بيوقنون، ولا يمتنع أن يعمل الخبر فيما قبل المبتدإ، وهذا يدل على أن تقديم الخبر على المبتدإ جائز إذ المعمول لا يقع في موضع لا يقع فيه العامل، والآخر صفة والموصوف محذوف تقديره: وبالساعة الآخرة أو بالدار الآخرة كما قال " وللدار الآخرة خير " وقال " واليوم الآخر ".
(1/15)
قوله تعالى (هم يوقنون) هم مبتدأ ذكر على جهة التوكيد، ولو قال: وبالآخرة يوقنون لصح المعنى والاعراب، ووجه التوكيد في هم تحقيق عود الضمير إلى المذكورين لا إلى غيرهم، ويوقنون الخبر، وأصله يؤيقنون، لان ماضيه أيقن، والاصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضى، إلا أن الهمزة حذفت لما ذكرنا في يؤمنون وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها.
قوله تعالى (أولئك) هذه صيغة جمع على غير لفظ واحده، وواحده ذا، ويكون أولئك للمؤنث والمذكر، والكاف فيه حرف للخطاب وليست اسما إذ لو كانت اسما لكانت إما مرفوعة أو منصوبة، ولايصح شئ منهما إذ لا رافع هنا ولا ناصب، وإما أن تكون مجرورة بالاضافة، وأولاء لا تصح إضافته لانه مبهم، والمبهمات لا تضاف، فبقى أن تكون حرفا مجردا للخطاب، ويجوز مد أولاء وقصره في غير القرآن، وموضعه هنا رفع بالابتداء، و (على هدى) الخبر، وحرف الجر متعلق بمحذوف: أى أولئك ثابتون على هدى، ويجوز أن يكون أولئك خبر الذين يؤمنون بالغيب، وقد ذكر.
[14]
فإن قيل: أصل " على " الاستعلاء "، والهدى لا يستعلى عليه فكيف يصح معناها هاهنا؟.
قيل: معنى الاستعلاء حاصل، لان منزلتهم علت باتباع الهدى، ويجوز أن يكون لما كانت أفعالهم كلها على مقتضى الهدى كان تصرفهم بالهدى كتصرف الراكب بما يركبه.
قوله تعالى (من ربهم) في موضع جر صفة لهدى، ويتعلق الجار بمحذوف تقديره هدى كائن وفى الجار والمجرور ضمير يعود على الهدى، ويجوز كسر الهاء وضمها على ماذكرنا في عليهم في الفاتحة.
قوله تعالى (وأولئك) مبتدأ و (هم) مبتدأ ثان و (المفلحون) خبر المبتدأ الثانى، والثانى خبره خبر الاول، ويجوز أن يكون هم فصلا لا موضع له من الاعراب، والمفلحون خبر أولئك، والاصل في مفلح مؤفلح، ثم عمل فيه ماذكرناه في يؤمنون.
(1/16)
قوله تعالى (سواء عليهم) رفع بالابتداء، وأأنذرتهم أم لم تنذرهم جملة في موضع الفاعل وسدت هذه الجملة مسد الخبر، والتقدير يستوى عندهم الانذار وتركه، وهو كلام محمول على المعنى، ويجوز أن تكون هذه الجملة في موضع مبتدإ وسواء خبر مقدم، والجملة على القولين خبر أن، ولايؤمنون لا موضع له على هذا ويجوز أن يكون سواء خبر أن ومابعده معمول له، ويجوز أن يكون لايؤمنون خبر أن، وسواء عليهم ومابعده معترض بينهما، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر وسواء مصدر واقع موقع اسم الفاعل وهو مستو، ومستو يعمل عمل يستوى، ومن أجل أنه مصدر لايثنى ولايجمع، والهمزة في سواء مبدلة من ياء لان باب طويت وشويت أكثر من باب قوة وحوة فحمل على الاكثر.
قوله تعالى (أأنذرتهم) قرأ بن محيصن بهمزة واحدة على لفظ الخبر، وهمزة الاستفهام مرادة ولكن حذفوها تخفيفا، وفى الكلام مايدل عليها وهو قوله: أم لم، لان أم تعادل الهمزة، وقرأ الاكثرون على لفظ الاستفهام ثم اختلفوا في كيفية النطق به، فحقق قوم الهمزتين ولم يفصلوا بينهما وهذا هو الاصل، إلا أن الجمع بين الهمزتين مستثقل لان الهمزة نبرة تخرج من الصدر بكلفة فالنطق بها يشبه التهوع، فإذا اجتمعت همزتان كان أثقل على المتكلم، فمن هنا لايحققهما أكثر العرب، ومنهم من يحقق الاولى ويجعل الثانية بين بين: أى بين الهمزة والالف، وهذه في الحقيقة همزة
[15]
(1/17)
ملينة وليست ألفا، ومنهم من يجعل الثانية ألفا صحيحا كما فعل ذلك في آدم وآمن، ومنهم من يلين الثانية ويفصل بينها وبين الاولى بالالف، ومنهم من يحقق الهمزتين ويفصل بينهما بألف، ومن العرب من يبدل الاولى هاء ويحقق الثانية، ومنهم من يلين الثانية مع ذلك، ولايجوز أن يحقق الاولى ويجعل الثانية ألف صحيحا ويفصل بينهما بألف، لان ذلك جمع بين ألفين، ودخلت همزة الاستفهام هنا للتسوية، وذلك شبيه بالاستفهام لان المستفهم يستوى عنده الوجود والعدم، فكذلك يفعل من يريد التسوية، ويقع ذلك بعد سواء كهذه الآية، وبعد ليت شعرى كقولك: ليت شعرى أقام أم قعد، وبعد: لاأبالى، ولاأدرى، وأم هذه هى المعادلة لهمزة الاستفهام، ولم ترد المستقبل إلى معنى المضى حتى يحسن معه أمس، فإن دخلت عليها إن الشرطية عاد الفعل إلى أصله من الاستقبال.
قوله تعالى (وعلى سمعهم) السمع في الاصل مصدر سمع، وفى تقديره هنا وجهان: أحدهما أنه استعمل مصدرا على أصله، وفى الكلام حذف تقديره على مواضع سمعهم لان نفس السمع لايختم عليه، والثانى أن السمع هنااستعمل بمعنى السامعة وهى الاذن، كما قالوا الغيب بمعنى الغائب، والنجم بمعنى الناجم، واكتفى بالواحد هنا عن الجمع كما قال الشاعر:
بها جيف الحسرى فأما عظامها * فبيض وأما جلدها فصليب
يريد جلودها.
قوله تعالى (وعلى أبصارهم غشاوة) يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وعلى أبصارهم خبره، وفى الجار على هذا ضمير، وعلى قول الاخفش غشاوة مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل، ولاضمير في الجار على هذا لارتفاع الظاهرية، والوقف على هذه القراء ة على " وعلى سمعهم "، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر تقديره وجعل على أبصارهم غشاوة، ولايجوز أن ينتصب بختم لانه لايتعدى بنفسه، ويجوز كسر الغين وفتحها وفيها ثلاث لغات أخر، غشوة بغير ألف بفتح الغين وضمها وكسرها.
(1/18)
قوله تعالى (ولهم عذاب) مبتدأ وخبر أو فاعل عمل فيه الجار على ماذكرنا قبل، وفى (عظيم) ضمير يرجع على العذاب لانه صفته.
قوله تعالى (ومن الناس) الواو دخلت هنا للعطف على قوله " الذين يؤمنون
[16]
بالغيب " وذلك أن هذه الآيات استوعبت أقسام الناس، فالآيات الاول تضمنت ذكر المخلصين في الايمان، وقوله (إن الذين كفروا) تضمن ذكر من أظهر الكفر وأبطنه، وهذه الآية تضمنت ذكر من أظهر الايمان وأبطن الكفر، فمن هنا دخلت الواو لتبين أن المذكورين من تتمة الكلام الاول، ومن هنا للتبعيض، وفتحت نونها ولم تكسر لئلا تتوالى الكسرتان، وأصل الناس عند سيبويه أناس حذفت همزته وهى فاء الكلمة، وجعلت الالف واللام كالعوض منها، فلا يكاد يستعمل الناس إلا بالالف واللام، ولايكاد يستعمل أناس بالالف واللام، فالالف في الناس على هذا زائدة واشتقاقه من الانس، وقال غيره ليس في الكلمة حذف، والالف منقلبة عن واو وهى عين الكلمة، واشتقاقه من ناس ينوس نوسا إذا تحرك، وقالوا في تصغيره: نويس.
قوله (من يقول) من: في موضع رفع بالابتداء وماقبله الخبر، أو هو مرتفع بالجار قبله على ماتقدم، ومن هنا نكرة موصوفة، ويقول: صفة لها، ويضعف أن تكون بمعنى الذى، لان الذى يتناول قوما بأعيانهم، والمعنى هاهنا على الابهام والتقدير: ومن الناس فريق يقول، ومن موحدة للفظ، وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد، والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها، وأن يثنى ويجمع ويؤنث حملا على معناها، وقد جاء في هذه الآية على الوجهين، فالضمير في يقول مفرد، وفى آمنا وماهم جمع، والاصل في يقول: يقول بسكون القاف وضم الواو لانه نظير يقعد ويقتل، ولم يأت إلا على ذلك، فنقلت ضمة الواو إلى القاف ليخف اللفظ بالواو، ومن هاهنا إذا أمرت لم تحتج إلى الهمزة بل تقول قل، لان فاء الكلمة قد تحركت فلم تحتج إلى همزة الوصل.
(1/19)
قوله تعالى (آمنا) أصل الالف همزة ساكنة، فقلبت ألفا لئلا تجتمع همزتان، وكان قلبها ألفا من أجل الفتحة قبلها، ووزن آمن أفعل من الامن، و (الآخر) فاعل فالالف فيه غير مبدلة من شئ.
قوله (وماهم) " هم " ضمير منفصل مرفوع بما عند أهل الحجاز، ومبتدأ عند تميم والباء في الخبر زائدة للتوكيد غير متعلقة بشئ، وهكذا كل حرف جر زيد في المبتدإ أو الخبر أو الفاعل، وماتنفى " ما " في الحال، وقد تستعمل لنفى المستقبل.
قوله تعالى (يخادعون الله) في الجملة وجهان: أحدهما لاموضع لها، والثانى موضعها نصب على الحال، وفى صاحب الحال والعامل فيها وجهان: أحدهما هى من
[17]
الضمير في يقول، فيكون العامل فيها يقول، والتقدير: يقول آمنا مخادعين: والثانى هى حال من الضمير في قوله بمؤمنين، والعامل فيها اسم الفاعل، والتقدير: وماهم بمؤمنين في حال خداعهم، ولايجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لمؤمنين، لان ذلك يوجب نفى خداعهم، والمعنى على إثبات الخداع: ولايجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لان آمنا محكى عنهم بيقول، فلو كان يخادعون حالا من الضمير في آمنا لكانت محكية أيضا، وهذا محال لوجهين: أحدهما أنهم ماقالوا آمنا وخادعنا. والثانى أنه أخبر عنهم بقوله يخادعون، ولو كان منهم لكان نخادع بالنون، وفى الكلام حذف تقديره: يخادعون نبى الله، وقيل هو على ظاهره من غير حذف.
(1/20)
قوله عزوجل (وما يخادعون) وأكثر القراء ة بالالف، وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، وهى على ذلك هنا لانهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبى يدور الخداع بينهما، فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم، وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك: سافر الرجل، وعاقبت اللص، ويقرأ، يخدعون بغير ألف مع فتح الياء، ويقرأ بضمها على أن يكون الفاعل للخدع الشيطان فكأنه قال: ومايخدعهم الشيطان (إلا أنفسهم) أى عن أنفسهم، وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء، لان الفعل لم يستوف مفعوله قبل إلا.
قوله تعالى (فزادهم الله) زاد يستعمل لازما كقولك: زاد الماء، ويستعمل متعديا إلى مفعولين كقولك زدته درهما، وعلى هذا جاء في الآية، ويجوز إمالة الزاى لانها تكسر في قولك زدته، وهذا يجوز فيما عينه واو مثل خاف، إلا أنه أحسن فيما عينه ياء.
قوله تعالى (أليم) هو فعيل بمعنى مفعل لانه من قولك آلم فهو مؤلم وجمعه ألماء وألام مثل شريف وشرفاء وشراف.
قوله تعالى (بما كانوا يكذبون) هو في موضع رفع صفة لاليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره أليم كائن بتكذيبهم أو مستحق وماهنا مصدرية، وصلتها يكذبون، وليست كان صلتها لانها الناقصة، ولاتستعمل منها مصدر، ويكذبون في موضع نصب خبر كان، وما المصدرية حرف عند سيبويه واسم عند الاخفش: وعلى كلا القولين لايعود عليها من صلتها شئ.
[18]
(1/21)
قوله عزوجل (وإذا قيل لهم) إذا في موضع نصب على الظرف، والعامل فيها جوابها وهو قوله قالوا، وقال قوم: العامل فيها قيل، وهو خطأ لانه في موضع جر بإضافة إذا إليه، والمضاف إليه لايعمل في المضاف وأصل قيل قول، فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت وكسرت القاف لتنقلب الواو ياء كما فعلوا في أدل وأحق، ومنهم من يقول: نقلوا كسرة الواو إلى القاف وهذا ضعيف، لانك لا تنقل إليها الحركة إلا بعد تقدير سكونها فيحتاج في هذا إلى حذف ضمة القاف وهذا عمل كثير، ويجوز إشمام القاف بالضمة مع بقاء الياء ساكنة تنبيها على الاصل، ومن العرب من يقول في مثل قيل وبيع: قول وبوع، ويسوى بين ذوات الواو والياء، قالوا: وتخرج على أصلها وماهو من الياء تقلب الياء فيه واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، ولا يقرأ بذلك ما لم تثبت به رواية والمفعول القائم مقام الفاعل مصدر وهو القول وأضمر لان الجملة بعده تفسره، والتقدير: وإذا قيل لهم قول هو لا تفسدوا ونظيره - ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه - أى بدا لهم بداء ورأى، وقيل لهم هو القائم مقام الفاعل وهو بعيد، لان الكلام لايتم به، وماهو مما تفسره الجملة بعده، ولا يجوز أن يكون قوله: لا تفسدوا قائما مقام الفاعل، لان الجملة لاتكون فاعلا فلا تقوم مقام الفاعل، ولهم في موضع نصب مفعول قيل.
قوله (في الارض) الهمزة في الارض أصل، وأصل الكلمة من الاتساع ومنه قولهم: أرضت القرحة إذا اتسعت، وقول من قال: سميت أرضا لان الاقدام ترضها ليس بشئ، لان الهمزة فيها أصل والرض ليس من هذا، ولا يجوز أن يكون في الارض حالا من الضمير في تفسدوا، لان ذلك لا يفيد شيئا وإنما هو ظرف متعلق بتفسدوا.
(1/22)
قوله (إنما نحن) " ما " ههنا كافة لان عن العمل لانها هيأتها للدخول على الاسم تارة وعلى الفعل أخرى، وهى إنما عملت لاختصاصها بالاسم، وتفيد " إنما " حصر الخبر فيما أسند إليه الخبر كقوله: إنما الله إله واحد، وتفيد في بعض المواضع اختصاص المذكور بالوصف المذكور دون غيره، كقولك: إنما زيد كريم، أى ليس فيه من الاوصاف التى تنسب إليه سوى الكرم، ومنه قوله تعالى (إنما أنا بشر مثلكم) لانهم طلبوا منه ما لا يقدر عليه البشر، فأثبت لنفسه صفة البشر ونفى عنه ما عداها.
قوله: نحن: هو اسم مضمر منفصل مبنى على الضم، وإنما بنيت الضمائر لافتقارها إلى الظواهر التى ترجع إليها، فهى كالحروف في افتقارها إلى الاسماء، وحرك آخرها لئلا يجتمع ساكنان، وضمت النون لان الكلمة ضمير مرفوع للمتكلم فأشبهت التاء
[19]
في قمت، وقيل ضمت لان موضعها رفع، وقيل النون تشبه الواو فحركت بما يجانس الواو، ونحن ضمير المتكلم ومن معه، وتكون للاثنين والجماعة، ويستعمله المتكلم الواحد العظيم، وهو في موضع رفع بالابتداء و (مصلحون) خبره.
قوله تعالى (ألا) هى حرف يفتتح به الكلام لتنبيه المخاطب، وقيل معناها حقا، وجوز هذا القائل أن تفتح أن بعدها كما تفتح بعد حقا، وهذا في غاية البعد.
قوله (هم المفسدون) هم مبتدأ والمفسدون خبره والجملة خبر إن، ويجوز أن تكون هم في موضع نصب توكيد لاسم إن، ويجوز أن يكون فصلا لا موضع لها، لان الخبر هنا معرفة، ومثل هذا الضمير يفصل بين الخبر والصفة، فيعين ما بعده للخبر.
قوله تعالى (وإذا قيل لهم آمنوا) القائم مقام المفعول هو القول، ويفسره آمنوا لان الامر والنهى قول.
قوله (كما آمن الناس) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى إيمانا مثل إيمان الناس، ومثله - كما آمن السفهاء -.
(1/23)
قوله (السفهاء ألا إنهم) في هاتين الهمزتين أربعة أوجه: أحدها تحقيقهما وهو الاصل، والثانى تحقيق الاولى وقلب الثانية واوا خالصة فرارا من توالى الهمزتين وجعلت الثانية واوا لانضمام الاولى، والثالث تليين الاولى، وهو جعلها بين الهمزة وبين الواو وتحقيق الثانية، والرابع كذلك إلا أن الثانية واو، ولا يجوز جعل الثانية بين الهمزة والواو لان ذلك تقريب من الالف، والالف لا يقع بعد الضمة والكسرة، وأجازه قوم.
قوله تعالى (لقوا الذين آمنوا) أصله لقيوا فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها ثم حذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، وحركت القاف بالضم تبعا للواو، وقيل نقلت ضمة الياء إلى القاف بعد تسكينها ثم حذفت، وقرأ ابن السميقع: لاقوا بألف وفتح القاف وضم الواو، وإنما فتحت القاف وضمت الواو لما نذكره في قوله " اشتروا الضلالة ".
قوله (خلوا إلى) يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الاصل، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الواو وحذف الهمزة فتصير الواو مكسورة بكسرة الهمزة، وأصل خلوا خلووا فقلبت الواو الاولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الالف لئلا يلتقى ساكنان، وبقيت الفتحة تدل على الالف المحذوفة.
[20]
قوله (إنا معكم) الاصل: إننا، فحذفت النون الوسطى على القول الصحيح، كما حذفت في إن إذا خففت، كقوله تعالى " وإن كل لما جميع " ومعكم ظرف قائم مقام الخبر، أى كائنون معكم.
قوله تعالى (مستهزء ون) يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الاصل، وبقلبها ياء مضمومة لانكسار ما قبلها، ومنهم من يحذف الياء لشبهها بالياء الاصلية في مثل قولك: يرمون، ويضم الزاى، وكذلك الخلاف في تليين همزة " يستهزئ بهم ".
قوله تعالى (يعمهون) هو حال من الهاء والميم في يمدهم وفى طغيانهم متعلق بيمدهم أيضا، وإن شئت بيعمهون، ولا يجوز أن تجعلهما حالين من يمدهم لان العامل الواحد لا يعمل في حالين.
(1/24)
قوله تعالى (اشتروا الضلالة) الاصل اشتريوا فقلبت الياء ألفا ثم حذفت الالف لئلا يلتقى ساكنان الالف والواو.
فإن قلت: فالواو هنا متحركة.
قيل: حركتها عارضة فلم يعتد بها وفتحة الراء دليل على الالف المحذوفة، وقيل سكنت الياء لثقل الضمة عليها ثم حذفت لئلا يلتقى ساكنان، وإنما حركت الواو بالضم دون غيره ليفرق بين واو الجمع والواو الاصلية في نحو قوله: لو استطعنا، وقيل ضمت لان الضمة هنا أخف من الكسرة لانها من جنس الواو، وقيل حركت بحركة الياء المحذوفة، وقيل ضمت لانها ضمير فاعل، فهى مثل التاء في قمت، وقيل هى للجمع فهى مثل نحن، وقد همزها قوم شبهوها بالواو المضمومة ضما لازما نحو: أثؤب، ومنهم من يفتحها للتخفيف، ومنهم من يكسرها على الاصل في التقاء الساكنين، ومنهم من يختلسها فيحذفها لالتقاء الساكنين، وهو ضعيف لان قبلها فتحة، والفتحة لا تدل عليها.
قوله تعالى (مثلهم كمثل) ابتداء وخبر، والكاف يجوز أن يكون حرف جر فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يكون اسما بمعنى مثل فلا يتعلق بشئ.
قوله (الذى استوقد) الذى هاهنا مفرد في اللفظ، والمعنى على الجمع بدليل قوله " ذهب الله بنوركم " وما بعده، وفى وقوع المفرد هنا موقع الجمع وجهان: أحدهما هو جنس مثل: من وما: فيعود الضمير إليه تارة بلفظ المفرد، وتارة بلفظ الجمع، والثانى أنه أراد الذين، فحذفت النون لطول الكلام بالصلة، ومثله:
[21]
" والذى جاء بالصدق وصدق به " ثم قال: أولئك هم المتقون، واستوقد بمعنى أوقد، مثل استقر بمعنى قر، وقيل استوقد استدعى الايقاد.
(1/25)
قوله تعالى (فلما أضاء ت) لما هنا اسم، وهى ظرف زمان، وكذا في كل موضع وقع بعدها الماضى، وكان لها جواب والعامل فيها جوابها مثل: إذا، وأضاء ت متعد فيكون " ما " على هذا مفعولا به، وقيل أضاء لازم، يقال: ضاء ت النار وأضاء ت بمعنى، فعلى هذا يكون " ما " ظرفا، وفى " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى الذى، والثانى هى نكرة موصوفة، أى مكانا حوله، والثالث هى زائدة.
قوله (ذهب الله بنورهم) الباء هنا معدية للفعل كتعدية الهمزة له، والتقدير أذهب الله نورهم، ومثله في القرآن كثير، وقد تأتى الباء في مثل هذا للحال كقولك ذهبت بزيد، أى ذهبت ومعى زيد.
قوله تعالى (وتركهم في ظلمات) تركهم هاهنا يتعدى إلى مفعولين لان المعنى صيرهم، وليس المراد به الترك هو الاهمال، فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول الثانى في ظلمات، فلا يتعلق الجار بمحذوف ويكون لايبصرون حالا، ويجوز أن يكون لا يبصرون هو المفعول الثانى، وفى ظلمات ظرف يتعلق بتركهم أو بيبصرون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يبصرون، أو من المفعول الاول.
قوله تعالى (صم بكم) الجمهور على الرفع على أنه خبر ابتداء محذوف: أى هم صم، وقرئ شاذا بالنصب على الحال من الضمير في يبصرون.
قوله تعالى (فهم لا يرجعون) جملة مستأنفة، وقيل موضعها حال وهو خطأ، لان ما بعد الفاء لا يكون حالا، لان الفاء ترتب، والاحوال لا ترتيب فيها، ويرجعون فعل لازم، أى لا ينتهون عن باطلهم، أو لايرجعون إلى الحق، وقيل هو متعد ومفعوله محذوف تقديره: فهم لايردون جوابا، مثل قوله: " إنه على رجعه لقادر ".
(1/26)
قوله تعالى (أو كصيب) في " أو " أربعة أوجه: أحدها أنها للشك، وهو راجع إلى الناظر في حال المنافقين، فلا يدرى أيشبههم بالمستوقد أو بأصحاب الصيب، كقوله: " إلى مائة ألف أو يزيدون ": أى يشك الرائى لهم في مقدار عددهم، والثانى أنها للتخيير: أى شبهوهم بأى القبيلتين شئتم، والثالث أنها للاباحة، والرابع أنها للابهام، أى بعض الناس يشبههم بالمستوقد، وبعضهم بأصحاب الصيب، ومثله قوله تعالى " كونوا هودا
[22]
أو نصارى " أى قالت اليهود كونوا هودا، وقالت النصارى كونوا نصارى، ولايجوز عند أكثر البصريين أن تحمل " أو " على الواو، ولاعلى بل ماوجدن ذلك مندوحة والكاف في موضع رفع عطفا على الكاف في قوله " كمثل الذى " ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف تقديره: أو مثلهم كمثل صيب، وفى الكلام حذف تقديره: أو كأصحاب صيب، وإلى هذا المحذوف يرجع الضمير من قوله يجعلون، والمعنى على ذلك، لان تشبيه المنافقين بقوم أصابهم مطر فيه ظلمة ورعد وبرق لابنفس المطر، وأصل صيب: صيوب على فيعل، فأبدلت الواو ياء وأدغمت الاولى فيها، ومثله: مين وهين، وقال الكوفيون: أصله صويب على فعيل، وهو خطأ، لانه لو كان كذلك لصحت الواو كما صحت في طويل وعويل (من السماء) في موضع نصب " ومن " متعلقة بصيب، لان التقدير: كمطر صيب من السماء، وهذا الوصف يعمل عمل الفعل، ومن لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لصيب فيتعلق من بمحذوف: أى كصيب كائن من السماء، والهمزة في السماء بدل من واو قلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، ونظائره تقاس عليه (فيه ظلمات) الهاء تعود على صيب، وظلمات رفع بالجار والمجرور لانه قد قوى بكونه صفة لصيب، ويجوز أن يكون ظلمات مبتدأ وفيه خبر مقدم، وفيه على هذا ضمير، والجملة في موضع جر صفة لصيب، والجمهور على ضم اللام، وقد قرئ بإسكانها تخفيفا، وفيه لغة أخرى بفتح اللام، والرعد مصدر رعد يرعد، والبرق مصدر أيضا، وهما على ذلك موحدتان
(1/27)
هنا، ويجوز أن يكون الرعد والبرق بمعنى الراعد والبارق كقولهم: رجل عدل وصوم (يجعلون) يجوز أن يكون في موضع جر صفة لاصحاب صيب، وأن يكون مستأنفا، وقيل يجوز أن يكون حالا من الهاء في فيه، والراجع على الهاء محذوف تقديره من صواعقه وهو بعيد، لان حذف الراجع على ذى الحال كحذفها من خبر المبتدأ، وسيبويه يعده من الشذوذ (من الصواعق) أى من صوت الصواعق (حذر الموت) مفعول له، وقيل مصدر: أى يحذرون حذرا مثل حذر الموت، والمصدر هنا مضاف إلى المفعول به (محيط) إصله محوط لانه من حاط يحوط فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت ياء.
قوله تعالى (يكاد) فعل يدل على مقاربة وقوع الفعل بعدها، ولذلك لم تدخل عليه أن لان أن تخلص الفعل للاستقبال وعينها واو، والاصل: يكود، مثل خاف يخاف، وقد سمع فيه، كدت بضم الكاف، وإذا دخل عليها حرف نفى دل على أن الفعل الذى بعدها وقع، وإذا لم يكن حرف نفى لم يكن الفعل بعدها واقعا، ولكنه
[23]
(1/28)
قارب الوقوع، وموضع (يخطف) نصب لانه خبر كاد، والمعنى: قارب البرق خطف الابصار، والجمهور على فتح الياء والطاء وسكون الخاء وماضيه خطف كقوله تعالى (إلا من خطف الخطفة) وفيه قراء ات شاذة: إحداها كسر الطاء على أن ماضيه خطف بفتح الطاء، والثانية بفتح الياء والخاء والطاء وتشديد الطاء، والاصل: يختطف، فأبدل من التاء طاء وحركت بحركة التاء، والثالثة كذلك، إلا أنها بكسر الطاء على مايستحقه في الاصل، والرابعة كذلك إلا أنها بكسر الخاء أيضا على الاتباع، والخامسة بكسر الياء أيضا إتباعا أيضا، والسادسة بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء، وهو ضعيف لما فيه من الجمع بين الساكنين (كلما) هى هنا ظرف، وكذلك كل موضع كان لها جواب، و " ما " مصدرية، والزمان محذوف أى كل وقت إضاء ة، وقيل " ما" هنا نكرة موصوفة ومعناها الوقت، والعائد محذوف: أى كل وقت أضاء لهم فيه، والعامل في كل جوابها، و (فيه) أى في ضوئه والمعنى بضوئه، ويجوز أن يكون ظرفا على أصلها، والمعنى: إنهم يحيط بهم الضوء (شاء) ألفا منقلبة عن ياء لقولهم في مصدره: شئت شيئا، وقالوا: أشأته أى حملته على أن يشاء (لذهب بسمعهم) أى أعدم المعنى الذى يسمعون به، وعلى كل متعلق ب (قدير) في موضع نصب.
(1/29)
قوله تعالى (ياأيها الناس) أى اسم مبهم لوقوعه على كل شئ أتى به في النداء توصلا إلى نداء مافيه الالف واللام إذا كانت " يا " لاتباشر الالف واللام، وبنيت لانها اسم مفرد مقصود وها مقحمة للتنبيه، لان الاصل أن تباشر " يا " الناس، فلما حيل بينهما بأى عوض من ذلك " ها " والناس وصف لاى لابد منه، لانه المنادى في المعنى، ومن هاهنا رفع، ورفعه أن يجعل بدلا من ضمة البناء، وأجاز المازنى نصبه كما يجيز: يازيد الظريف، وهو ضعيف لما قدمنا من لزوم ذكره، والصفة لايلزم ذكرها (من قبلكم) من هنا لابتداء الغاية في الزمان، والتقدير: والذين خلقهم من قبل خلقكم، فحذف الخلق وأقام الضمير مقامه (لعلكم) متعلق في المعنى باعبدوا، أى اعبدوه ليصح منكم رجاء التقوى، والاصل توتقيون، فأبدل من الواو تاء وأدغمت في التاء الاخرى وسكنت الياء ثم حذفت، وقد تقدمت نظائره، فوزنه الآن تفتعون.
قوله تعالى (الذى جعل) هو في موضع نصب بتتقون أو بدل من ربكم، أو صفة مكررة، أو بإضمار أعنى، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو
[24]
(1/30)
الذى، وجعل هنا متعد إلى مفعول واحد وهو الارض، وفراشا حال، ومثله: والسماء بناء، ويجوز أن يكون جعل بمعنى صير فيتعدى إلى مفعولين وهما الارض وفراشا ومثله: والسماء بناء، ولكم متعلق بجعل، أى لاجلكم (من السماء) متعلق بأنزل، وهى لابتداء غاية المكان، ويجوز أن يكون حالا، والتقدير: ماء كائنا من السماء، فلما قدم الجار صار حالا وتعلق بمحذوف، والاصل في ماء موه لقولهم: ماهت الركية تموه، وفى الجمع أمواه، فلما تحركت الواو وانفتح ماقبلها قلبت ألفا ثم أبدلوا من الهاء همزة وليس بقياس (من الثمرات) متعلق بأخرج فيكون من لابتداء الغاية ويجوز أن يكون في موضع الحال تقديره رزقا كائنا من الثمرات و (لكم) أى من أجلكم والرزق هنا بمعنى المرزوق وليس بمصدر (فلا تجعلوا) أى لاتصيروا أو لاتسمعوا فيكون متعديا إلى مفعولين، والانداد جمع ند ونديد (وأنتم تعلمون) مبتدأ وخبر في موضع الحال، ومفعول تعلمون محذوف، أى تعلمون بطلان ذلك والاسم من أنتم أن، والتاء للخطاب، والميم للجمع، وهما حرفا معنى.
(1/31)
قوله تعالى (وإن كنتم) جواب للشرط " فأتوا بسورة " و " إن كنتم صادقين " شرط أيضا جوابه محذوف أغنى عنه جواب الشرط الاول: أى إن كنتم صادقين فافعلوا ذلك، ولاتدخل إن الشرطية على فعل ماض في المعنى، إلا على كان لكثرة استعمالها، وأنها لاتدل على حدث (مما نزلنا) في موضع جر صفة لريب: أى ريب كائن مما نزلنا، والعائد على " ما " محذوف: أى نزلناه و " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، ويجوز أن يتعلق " من " بريب: أى إن ارتبتم من أجل مانزلنا (فأتوا) أصله: ائتيوا، وماضيه أتى، ففاء الكلمة همزة، فإذا أمرت زدت عليها همزة الوصل مكسورة فاجتمعت همزتان والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية ياء لئلا يجمع بين همزتين، وكانت الياء الاولى للكسرة قبلها، فإذا اتصل بها شئ حذفت همزة الوصل استغناء عنها ثم همزة الياء لانك أعدتها إلى أصلها لزوال الموجب لقلبها ! ويجوز قلب هذه الهمزة ألفا إذا انفتح ماقبلها مثل هذه الآية، وياء إذا انكسر ماقبلها كقوله: الذى ايتمن، فتصيرها ياء في اللفظ، وواوا إذا انضم ماقبلها كقوله: ياصالح أوتنا، ومنهم من يقول: ذن لى (من مثله) الهاء تعود على النبى صلى الله عليه وسلم، فيكون من للابتداء، ويجوز أن تعود على القرآن فتكون من زائدة، ويجوز أن تعود على الانداد بلفظ المفرد كقوله تعالى " وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه " (وادعوا) لام الكلمة محذوف، لانه حذف في الواحد دليلا
[25]
على السكون الذى هو جزم في المعرب، وهذه الواو ضمير الجماعة (من دون الله) في موضع الحال من الشهداء والعامل فيه محذوف تقديره شهداء كم منفردين عن الله أو عن أنصار الله.
(1/32)
قوله تعالى (فإن لم تفعلوا) الجزم بلم لا بإن لان لم عامل شديد الاتصال بمعموله ولم يقع إلا مع الفعل المستقبل في اللفظ، وإن قد دخلت على الماضى في اللفظ وقد وليها الاسم كقوله تعالى " وان أحد من المشركين " (وقودها الناس) الجمهور على فتح الواو وهو الحطب، وقرئ بالضم وهو لغة في الحطب، والجيد أن يكون مصدرا بمعنى التوقد ويكون في الكلام حذف مضاف تقديره توقدها واحتراق للناس، أو تلهب الناس أوذو وقودها الناس (أعدت) جملة في موضع الحال من النار، والعامل فيها فاتقوا ولايجوز أن يكون حالا من الضمير في وقودها لثلاثة أشياء: أحدها أنها مضاف إليها والثانى أن الحطب لايعمل في الحال، والثالث أنك تفصل بين المصدر أو ماعمل عمله وبين مايعمل فيه بالخبر وهو الناس.
(1/33)
قوله تعالى (أن لهم جنات) فتحت أن هاهنا لان التقدير لهم، وموضع أن وماعملت فيه نصب ببشر، لان حرف الجر إذا حذف وصل الفعل بنفسه هذا مذهب سيبويه، وأجاز الخليل أن يكون في موضع جر بالباء المحذوفة لانه موضع تزاد فيه، فكأنها ملفوظ بها، ولايجوز ذلك مع غير أن لو قلت بشره بأنه مخلد في الجنة جاز حذف الباء لطول الكلام، ولو قلت بشره الخلود لم يجز وهذا أصل يتكرر في القرآن كثيرا فتأمله واطلبه هاهنا (تجرى من تحتها الانهار) الجملة في موضع نصب صفة للجنات، والانهار مرفوعة بتجرى لابالابتداء وأن، من تحتها الخبر ولابتحتها لان تجرى لاضمير فيه إذا كانت الجنات لاتجرى وإنما تجرى أنهارها، والتقدير من تحت شجرها لامن تحت أرضها فحذف المضاف، ولو قيل إن الجنة هى الشجر فلا يكون في الكلام حذف لكان وجها (كلما رزقوا منها) إلى قوله من قبل في موضع نصب على الحال من الذين آمنوا تقديره مرزوقين على الدوام، ويجوز أن يكون حالا من الجنات لانها قد وصفت وفى الجملة ضمير يعود إليها وهو قوله منها (رزقنا من قبل) أى رزقناه فحذف العائد، وبنيت قبل لقطعها عن الاضافة لان التقدير من قبل هذا (وأتوا به) يجوز أن يكون حالا وقد معه مرادة تقديره قالوا ذلك وقد أتوا به ويجوز أن يكون مستأنفا و (متشابها) حال من الهاء في به (ولهم فيها أزواج) أزواج مبتدأ ولهم الخبر، وفيها ظرف للاستقرار، ولايكون فيها الخبر لان الفائدة تقل إذ الفائدة في جعل الازواج لهم
[26]
و (فيها) الثانية تتعلق ب (خالدون) وهاتان الجملتان مستأنفتان ويجوز أن تكون الثانية حالا من الهاء والميم في لهم والعامل فيها معنى الاستقرار.
(1/34)
قوله تعالى (لايستحيى) وزنه يستفعل ولم يستعمل منه فعل بغير السين، وليس معناه الاستدعاء وعينه ولامه ياء ان، وأصله الحياء وهمزة الحياء بدل من الياء، وقرئ في الشاذ يستحى بياء واحدة والمحذوفة هى اللام كما تحذف في الجزم، ووزنه على هذا يستفع، إلا أن الياء نقلت حركتها إلى العين وسكنت، وقيل المحذوف هى العين وهو بعيد (أن يضرب) أى من أن يضرب، فموضعه نصب عند سيبويه وجر عند الخليل (ما) حرف زائد للتوكيد و (بعوضة) بدل من مثلا، وقيل مانكرة موصوفة، وبعوضة بدل من " ما " ويقرأ شاذا بعوضة بالرفع على أن تجعل مابمعنى الذى، ويحذف المبتدأ، أى الذى هو بعوضة، ويجوز أن يكون ماحرفا ويضمر المبتدأ تقديره: مثلا هو بعوضة (فما فوقها) الفاء للعطف، ومانكرة موصوفة، أو بمنزلة الذى، والعامل في فوق على الوجهين الاستقرار، والمعطوف عليه بعوضة (أما) حرف ناب عن حرف الشرط وفعل الشرط، ويذكر لتفصيل ماأجمل، ويقع الاسم بعده مبتدأ وتلزم الفاء خبره، والاصل مهما يكن من شئ فالذين آمنوا يعلمون، لكن لما نابت أما عن حرف الشرط كرهوا أن يولوها الفاء فأخروها إلى الخبر، وصار ذكر المبتدإ بعدها عوضا من اللفظ بفعل الشرط (من ربهم) في موضع نصب على الحال: والتقدير: أنه ثابت أو مستقر من ربهم، والعامل معنى الحق، وصاحب الحال الضمير المستتر فيه (ماذا) فيه قولان: أحدهما أن " ما " اسم للاستفهام موضعها رفع بالابتداء وذا بمعنى الذى و (أراد) صلة له، والعائد محذوف، والذى وصلته خبر المبتدإ، والثانى أن " ما وذا " اسم واحد للاستفهام، وموضعه نصب بأراد، ولاضمير في الفعل، والتقدير أى شئ أراد الله (مثلا) تمييز: أى من مثل، ويجوز أن يكون حالا من هذا: أى متمثلا أو متمثلا به، فيكون حالا من اسم الله (يضل) يجوز أن يكون في موضع نصب صفة للمثل، ويجوز أن يكون حالا من اسم الله، ويجوز أن يكون مستأنفا (إلا الفاسقين) مفعول يضل وليس بمنصوب على الاستثناء لان يضل لم
(1/35)
يستوف مفعوله قبل إلا.
قوله تعالى (الذين ينقضون) في موضع نصب صفة للفاسقين، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى، وان يكون رفعا على الخبر، أى هم الذين، ويجوز أن
[27]
يكون مبتدأ والخبر قوله " أولئك هم الخاسرون " (من بعد) من لابتداء غاية الزمان على رأى من أجاز ذلك، وزائدة على رأى من لم يجزه، وهو مشكل على أصله، لانه لايجيز زيادة من في الواجب (ميثاقه) مصدر بمعنى الايثاق، والهاء تعود على اسم الله أو على العهد، فإن أعدتها إلى اسم الله كان المصدر مضافا إلى الفاعل، وإن أعدتها إلى العهد كان مضافا إلى المفعول (ماأمر) مابمعنى الذى، ويجوز أن يكون نكرة موصوفة، و (أن يوصل) في موضع جر بدلا من الهاء، أى يوصله، ويجوز أن يكون بدلا من مابدل الاشتمال تقديره: ويقطعون وصل ماأمر الله به، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى هو أن يوصل (أولئك) مبتدأ و (هم) مبتدأ ثان أو فصل، و (الخاسرون) الخبر.
قوله تعالى (كيف تكفرون بالله) كيف في موضع نصب على الحال، والعامل فيه تكفرون، وصاحب الحال الضمير في تكفرون، والتقدير: أمعاندين تكفرون، ونحو ذلك، وتكفرون يتعدى بحرف الجر، وقد عدى بنفسه في قوله " ألا إن عادا كفروا ربهم " وذلك حمل على المعنى إذ المعنى جحدوا (وكنتم) قد معه مضمرة والجملة حال (ثم إليه) الهاء ضمير اسم الله، ويجوز أن يكون ضمير الاحياء المدلول عليه بقوله " فأحياكم ".
قوله تعالى (جميعا) حال في معنى مجتمعا (فسواهن) إنما جمع الضمير لان السماء جمع سماوة أبدلت الواو فيها همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة (سبع سموات) سبع منصوب على البدل من الضمير، وقيل التقدير: فسوى منهن سبع سموات، كقوله: واختار موسى قومه - فيكون مفعولا به، وقيل سوى بمعنى صير فيكون مفعولا ثانيا (وهو) يقرأ بإسكان الهاء وأصلها الضم، وإنما أسكنت لانها صارت كعضد فخففت، وكذلك حالها مع الفاء واللام نحو فهو لهو، ويقرأ بالضم على الاصل.
(1/36)
قوله تعالى (وإذ قال) هو مفعول به تقديره: واذكر إذ قال: وقيل هو خبر مبتدإ محذوف تقديره وابتداء خلقى إذ قال ربك، وقيل إذ زائدة و (للملائكة) مختلف في واحدها وأصلها.
فقال قوم أحدهم في الاصل مألك على مفعل، لانه مشتق من الالوكة وهى الرسالة ومنه قول الشاعر:
وغلام أرسلته أمه * بألوك فبذلنا ماسأل
فالهمزة فاء الكلمة، ثم أخرت فجعلت بعد اللام فقالوا: ملاك.
[28]
قال الشاعر:
فلست لانسى ولكن لملاك * تنزل من جو السماء يصوب
فوزنه الآن معفل والجمع ملائكة على معافلة.
وقال آخرون أصل الكلمة لاك فعين الكلمة همزة، وأصل ملك: ملاك من غير نقل، وعلى كلا القولين ألقيت حركة الهمزة على اللام وحذفت فلما جمعت ردت، فوزنه الآن مفاعلة، وقال آخرون عين الكلمة واو، وهو من لاك يلوك إذا أدار الشئ في فيه، فكأن صاحب الرسالة يديرها في فيه فيكون أصل ملك: ملاك مثل معاذ، ثم حذفت عينه تخفيفا، فيكون أصل ملائكة: ملاوكة، مثل مقاولة، فأبدلت الواو همزة، كما أبدلت واو مصائب.
(1/37)
وقال آخرون: ملك فعل من الملك، وهى القوة، فالميم أصل، ولاحذف فيه، لكنه جمع على فعائلة شاذا (جاعل) يراد به الاستقبال فلذلك عمل، ويجوز أن يكون بمعنى خالق، فيتعدى إلى مفعول واحد، وأن يكون بمعنى مصير فيتعدى إلى مفعولين ويكون (في الارض) هو الثانى (خليفة) فعيلة بمعنى فاعل، أى يخلف غيره، وزيدت الهاء للمبالغة (أتجعل) الهمزة للاسترشاد، أى تجعل فيها من يفسد كمن كان فيها من قبل، وقيل استفهموا عن أحوال أنفسهم، أى أتجعل فيها مفسدا ونحن على طاعتك أو نتغير (يسفك) الجمهور على التخفيف وكسر الفاء، وقد قرئ بضمها وهى لغتان، ويقرأ بالتشديد للتكثير، وهمزة (الدماء) منقلبة عن ياء لان الاصل دمى، لانهم قالوا دميان (بحمدك) في موضع الحال تقديره: نسبح مشتملين بحمدك أو متعبدين بحمدك (ونقدس لك) أى لاجلك، ويجوز أن تكون اللام زائدة: أى نقدسك، ويجوز أن تكون معدية للفعل كتعدية الباء مثل سجدت لله (إني أعلم) الاصل إننى، فحذفت النون الوسطى لا نون الوقاية، هذا هو الصحيح، وأعلم: يجوز أن يكون فعلا ويكون " ما " مفعولا، إما بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والعائد محذوف، ويجوز أن يكون اسما مثل أفضل، فيكون " ما " في موضع جر بالاضافة، ويجوز أن يكون في موضع نصب بأعلم كقولهم: هؤلاء حواج بيت الله، بالنصب والجر، وسقط التنوين لان هذا الاسم لاينصرف، فإن قلت: أفعل لاينصب مفعولا.
قيل: إن كانت من معه مرادة لم ينصب، وأعلم هنا بمعنى عالم، ويجوز أن يريد بأعلم: أعلم منكم، فيكون " ما " في موضع نصب بفعل محذوف دل عليه الاسم، ومثله قوله " هو أعلم من يضل عن سبيله ".
قوله تعالى (وعلم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون معطوفا على " قال ربك " وموضعه جر كموضع قال، وقوى ذلك إضمار الفاعل، وقرئ " وعلم آدم " على
[29]
(1/38)
مالم يسم فاعله، وآدم أفعل، والالف فيه مبدلة من همزة هى فاء الفعل، لانه مشتق من أديم الارض أو من الادمة، ولايجوز أن يكون وزنه فاعلا، إذ لو كان كذلك لانصرف مثل عالم وخاتم، والتعريف وحده لايمنع وليس بأعجمى (ثم عرضهم) بعنى أصحاب الاسماء فلذلك ذكر الضمير (هؤلاء إن كنتم) يقرأ بتحقيق الهمزتين على الاصل، ويقرأ بهمزة واحدة، قيل المحذوفة هى الاولى، لانها لام الكلمة والاخرى أول الكلمة الاخرى وحذف الآخر أولى، وقيل المحذوفة الثانية لان الثقل بها حصل، ويقرأ بتليين الهمزة الاولى وتحقيق الثانية وبالعكس، ومنهم من يبدل الثانية ياء ساكنة كأنه قدرهما في كلمة واحدة طلبا للتخفيف.
(1/39)
قوله تعالى (سبحانك) سبحان اسم واقع موقع المصدر، وقد اشتق منه سبحت والتسبيح، ولايكاد يستعمل إلا مضافا، لان الاضافة تبين من المعظم، فإن أفرد عن الاضافة كان اسما علما للتسبيح لاينصرف للتعريف، والالف والنون في آخره مثل عثمان، وقد جاء في الشعر منونا على نحو تنوين العلم إذا نكر ومايضاف إليه مفعول به لانه المسبح، ويجوز أن يكون فاعلا، لان المعنى تنزهت، وانتصابه على المصدر بفعل محذوف تقديره: سبحت الله تسبيحا (إلا ماعلمتنا) مامصدرية أى إلا علما علمتناه، وموضعه رفع على البدل من موضع لا علم، كقولك لاإله إلا الله، ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى، ويكون علم بمعنى معلوم: أى لامعلوم لنا إلا الذى علمتناه، ولايجوز أن تكون " ما " في موضع نصب بالعلم، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لايبنى (إنك أنت العليم) أنت مبتدأ والعليم خبره، والجملة خبر إن، ويجوز أن يكون أنت توكيد للمنصوب، ووقع بلفظ المرفوع لانه هو الكاف في المعنى ولايقع هاهنا إياك للتوكيد، لانها لو وقعت لكانت بدلا، وإياك لم يؤكد بها، ويجوز أن يكون فصلا لاموضع لها من الاعراب، و (الحكيم) خبر ثان أو صفة للعليم على قول من أجاز صفة الصفة، وهو صحيح لان هذه الصفة هى الموصوف في المعنى، والعليم بمعنى العالم، وأما الحكيم فيجوز أن يكون بمعنى الحاكم، وأن يكون بمعنى المحكم.
قوله تعالى (أنبئهم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبالياء على تليين الهمزة، ولم نقلبها قلبا قياسيا، لانه لو كان كذلك لحذفت الياء كما تحذف من قولك أبقهم كما بقيت، وقد قرئ " آنبهم " بكسر الباء من غير همزة ولاياء، على أن يكون إبدال الهمزة ياء إبدالا قياسيا، وأنبأ يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد، وإلى الثانى
[30]
(1/40)
بحرف الجر، وهو قوله (بأسمائهم) وقد يتعدى بعن كقولك: أنبأته عن حال زيد وأما قوله تعالى " قد نبأنا الله من أخباركم " فيذكر في موضعه (وأعلم ماتبدون) مستأنف وليس بمحكى بقوله (ألم أقل لكم) ويجوز أن يكون محكيا أيضا، فيكون في موضع نصب، وتبدون وزنه تفعون، والمحذوف منه لامه وهى واو، لانه من بدا يبدو، والاصل في الياء التى في (إنى) أن تحرك بالفتح لانها اسم مضمر على حرف واحد، فتحرك مثل الكاف في إنك، فمن حركها أخرجها على الاصل، ومن سكنها استثقل حركة الياء بعد الكسرة.
قوله تعالى (للملائكة اسجدوا) الجمهور على كسر التاء، وقرئ بضمها وهى قراء ة ضعيفة جدا، وأحسن ماتحمل عليه أن يكون الراوى لم يضبط على القارئ وذلك أن يكون القارئ أشار إلى الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة مضمومة في الابتداء، ولم يدرك الراوى هذه الاشارة، وقيل إنه نوى الوقف على التاء الساكنة ثم حركها بالضم إتباعا لضمة الجيم، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف، ومثله ماحكى عن امرأة رأت نساء معهن رجل فقالت: أفى سوأة أنتنه، بفتح التاء، وكأنها نوت الوقف على التاء، ثم ألقت عليها حركة الهمزة فصارت مفتوحة (إلا إبليس) استثناء منقطع، لانه لم يكن من الملائكة، وقيل هو متصل، لانه كان في الابتداء ملكا وهو اسم أعجمى لاينصرف للعجمة والتعريف، وقيل هو عربى واشتقاقه من الابلاس ولم ينصرف للتعريف، وأنه لانظير له في الاسماء، وهذا بعيد، على أن في الاسماء مثله نحو: إخريط وإجفيل وإصليت ونحوه، وأبى في موضع نصب على الحال من إبليس تقديره: ترك السجود كارها له ومستكبرا (وكان من الكافرين) مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع حال أيضا.
(1/41)
قوله (اسكن أنت وزوجك) أنت توكيد للضمير في الفعل أتى به ليصح العطف عليه والاصل في (كل) أأكل مثل أقتل إلا أن العرب حذفت الهمزة الثانية تخفيفا، ومثله خذ، ولايقاس عليه، فلا تقول في الامر من أجر يأجر جر، وحكى سيبويه أو كل شاذا (منها) أى من ثمرتها، فحذف المضاف، وموضعه نصب بالفعل قبله، ومن لابتداء الغاية و (رغدا) صفة مصدر محذوف: أى أكلا رغدا أى طيبا هنيئا، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال تقديره: كلا مستطيبين متهنئين (حيث) ظرف مكان، والعامل فيه كلا، ويجوز أن يكون بدلا من الجنة فيكون حيث مفعولا به، لان الجنة مفعول وليس بظرف، لانك تقول سكنت
[31]
البصرة وسكنت الدار، بمعنى نزلت، فهو كقولك انزل من الدار حيث شئت (هذه الشجرة) الهاء بدل من الياء في هذى، لانك تقول في المؤنث هذى وهاتا وهاتى، والياء للمؤنث مع الذال لاغير، والهاء بدل منها لانها تشبهها في الخفاء والشجرة نعت لهذه، وقرئ في الشاذ " هذه الشيرة " وهى لغة أبدلت الجيم فيها ياء لقربها منها في المخرج (فتكونا) جواب النهى، لان التقدير: إن تقربا تكونا، وحذف النون هنا علامة النصب لان جواب النهى إذا كان بالفاء فهو منصوب، ويجوز أن يكون مجزوما بالعطف.
(1/42)
قوله تعالى (فأزلهما) يقرأ بتشديد اللام من غير ألف: أى حملها على الزلة، ويقرأ " فأزلهما " أى نحاهما، وهو من قولك: زال الشئ يزول إذا فارق موضعه وأزلته نحيته، وألفه منقلبة عن واو (مما كانا فيه) مابمعنى الذى، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أى من نعيم أو عيش (اهبطوا) الجمهور على كسر الباء وهى اللغة الفصيحة، وقرئ بضمها، وهى لغة (بعضكم لبعض عدو) جملة في موضع الحال من الواو في اهبطوا أى اهبطوا متعادين، واللام متعلقة بعدو، لان التقدير بعضكم عدو لبعض، ويعمل عدو عمل الفعل لكن بحذف الجر، ويجوز أن يكون صفة لعدو، فلما تقدم عليه صار حالا، ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة، وأما إفراد عدو فيحتمل أن يكون لما كان بعضكم مفردا في اللفظ أفرد عدو، ويحتمل أن يكون وضع الواحد موضع الجمع كما قال: " فإنهم عدو لى " (ولكم في الارض مستقر) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون حالا أيضا، وتقديره: اهبطوا متعادين مستحقين الاستقرار، ومستقر يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستقرار، ويجوز أن يكون مكان الاستقرار، و (إلى حين) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة لمتاع فيتعلق بمحذوف ويجوز أن يكون في موضع نصب بمتاع لانه في حكم المصدر والتقدير وأن تمتعوا إلى حين.
قوله تعالى (فتلقى آدم) يقرأ برفع آدم ونصب كلمات، وبالعكس لان كل ماتلقاك فقد تلقيته، و (من ربه) يجوز أن يكون في موضع نصب بتلقى، ويكون لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون في الاصل صفة لكلمات تقديره: كلمات كائنة من ربه، فلما قدمها انتصبت على الحال (إنه هو التواب) هو هاهنا مثل أنت في " إنك أنت العليم الحكيم "وقد ذكر قوله (منها جميعا) حال: أى مجتمعين إما في زمن واحد أو في أزمنة، بحيث يشتركون في الهبوط (فإما) إن حرف شرط،
[32]
(1/43)
وما حرف مؤكد له، و (يأتينكم) فعل الشرط مؤكد بالنون الثقلية، والفعل يصير بها مبنيا أبدا، وماجاء في القرآن من أفعال الشرط عقيب إما كله مؤكد بالنون وهو القياس، لان زيادة " ما " تؤذن بإرادة شدة التوكيد، وقد جاء في الشعر غير مؤكد بالنون، وجواب الشرط (فمن تبع) وجوابه، ومن في موضع رفع بالابتداء، والخبر تبع، وفيه ضمير فاعل يرجع على من، وموضع تبع جزم بمن.
والجواب (فلا خوف عليهم) وكذلك كل اسم شرطت به وكان مبتدأ فخبره فعل الشرط لاجواب الشرط، ولهذا يجب أن يكون فيه ضمير يعود على المبتدإ، ولايلزم ذلك الضمير في الجواب حتى لو قلت: من يقم أكرم زيدا جاز، ولو قلت: من يقم زيدا أكرمه، وأنت تعيد الهاء إلى من لم يجز.
وذهب قوم إلى أن الخبر هو فعل الشرط والجواب، وقيل الخبر منهما ماكان فيه ضمير يعود على من، وخوف مبتدأ وعليهم الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى العموم بالنفى الذى فيه، والرفع والتنوين هنا أوجه
من البناء على الفتح لوجهين: أحدهما أنه عطف عليه مالايجوز فيه إلا الرفع، وهو قوله (ولاهم) لانه معرفة، ولا لاتعمل في المعارف، فالاولى أن يجعل المعطوف عليه كذلك ليتشاكل الجملتان، كما قالوا في الفعل المشغول بضمير الفاعل نحو: قام زيد وعمرا كلمته، فإن النصب في عمرو أولى ليكون منصوبا بفعل، كما أن المعطوف عليه عمل فيه الفعل. والوجه الثانى من جهة المعنى، وذلك بأن البناء يدل على نفى الخوف عنهم بالكلية. وليس المراد ذلك، بل المراد نفيه عنهم في الآخرة.
فإن قيل: لم لايكون وجه الرفع أن هذا الكلام مذكور في جزاء من اتبع الهدى. ولايليق أن ينفى عنهم الخوف اليسير، ويتوهم ثبوت الخوف الكثير.
قيل: الرفع يجوز أن يضمر معه نفى الكثير تقديره: لاخوف كثير عليهم. فيتوهم ثبوت الياء القليل، وهو عكس ماقدر في السؤال.
(1/44)
فبان أن الوجه في الرفع ماذكرنا (هداى) المشهور إثبات الالف قبل على لفظ المفرد قبل الاضافة، ويقرأ هدى بياء مشددة، ووجهها أن ياء المتكلم يكسر ماقبلها في الاسم الصحيح والالف لايمكن كسرها فقلبت ياء من جنس الكسرة ثم أدغمت.
قوله (بآياتنا) الاصل في آية: أية، لان فاء ها همزة وعينها ولامها ياء ان لانها من تأيا القوم إذا اجتمعوا وقالوا في الجمع آياء، فظهرت الياء الاولى والهمزة الاخيرة يدل من ياء ووزنه أفعال، والالف الثانية مبدلة من همزة هى فاء الكلمة، ولو كانت عينها واوا لقالوا: آواء، ثم إنهم أبدلوا الياء الساكنة في أية ألفا على خلاف القياس.
سورة آل عمران
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(الم) قد تقدم الكلام عليها في أول البقرة والميم من ميم حركت لالتقاء الساكنين وهو الميم، ولام التعريف في اسم الله، ولم تحرك لسكونها وسكون الياء قبلها، لان جميع هذه الحروف التى على هذا المثال تسكن إذا لم يلقها ساكن بعدها كقوله لام ميم ذلك الكتاب، وحم، وطس، وق وك.
(1/45)
وفتحت لوجهين: أحدهما كثرة استعمال اسم الله بعدها، والثانى ثقل الكسرة بعد الياء والكسرة، وأجاز الاخفش كسرها، وفيه من القبح ماذكرنا، وقيل فتحت لان حركة همزة الله ألقيت عليها، وهذا بعيد لان همزة الوصل لاحظ لها في الثبوت في الوصل حتى تلقى حركتها على غيرها، وقيل الهمزة في الله همزة قطع، وإنما حذفت لكثرة الاستعمال، فلذلك ألقيت حركتها على الميم لانها تستحق الثبوت، وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف أل (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) قد ذكر إعرابه في آية الكرسى (نزل عليك) هو خبر آخر، وماذكرناه في قوله " لا تأخذه " فمثله هاهنا، وقرئ نزل عليك بالتخفيف و (الكتاب) بالرفع، وفى الجملة وجهان: أحدهما هى منقطعة، والثانى هى متصلة بما قبلها، والضمير محذوف تقديره: من عنده، و (بالحق) حال من الكتاب، و (مصدقا) إن شئت جعلته حالا ثانيا، وإن شئت جعلته بدلا من موضع قوله بالحق، وإن شئت جعلته حالا من الضمير في المجرور (التوراة) فوعلة من ورى الزنديرى
[123]
إذا ظهر منه النار، فكان التوراة ضياء من الضلال، فأصلها وورية فأبدلت الواو الاولى تاء كما قالوا تولج وأصله وولج وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها.
(1/46)
وقال الفراء: أصلها تورية على تفعلة كتوصية، ثم أبدل من الكسرة الفتحة فانقلبت الياء ألفا، كما قالوا في ناصية ناصاة، ويجوز إمالتها لان أصل ألفها ياء (والانجيل) إفعيل من النجل وهو الاصل الذى يتفرع عنه غيره، ومنه سمى الولد نجلا، واستنجل الوادى إذا نز ماؤه، وقيل هو من السعة من قولهم: نجلت الاهاب إذا شققته، ومنه عين نجلاء واسعة الشق، فالانجيل الذى هو كتاب عيسى تضمن سعة لم تكن لليهود، وقرأ الحسن " الانجيل " بفتح الهمزة، ولايعرف له نظير، إذ ليس في الكلام أفعيل، إلا أن الحسن ثقة، فيجوز أن يكون سمعها، و (من قبل) يتعلق بأنزل، وبنيت قبل لقطعها عن الاضافة، والاصل من قبل ذلك، فقبل في حكم بعض الاسم وبعض الاسم لا يستحق إعرابا (هدى) حال من الانجيل والتوراة، ولم يئن لانه مصدر، ويجوز أن يكون حالا من الانجيل، ودل على حال للتوراة محذوفة كما يدل أحد الخبرين على الآخر (للناس) يجوز أن يكون صفة لهدى، وأن يكون متعلقا به، و (الفرقان) فعلال من الفرق، وهو مصدر في الاصل، فيجوز أن يكون بمعنى الفارق أو المفروق ويجوز أن يكون التقدير ذا الفرقان.
قوله تعالى (لهم عذاب) ابتداء وخبر في موضع خبر إن، ويجوز أن يرتفع العذاب بالظرف.
قوله تعالى (في الارض) يجوز أن يكون صفة لشئ، وأن يكون متعلقا بيخفى قوله تعالى (في الارحام) في متعلقة بيصور، ويجوز أن يكون حالا من الكاف والميم: أى يصوركم وأنتم في الارحام مضغ (كيف يشاء) كيف في موضع نصب بيشاء وهو حال، والمفعول: محذوف تقديره: يشاء تصويركم، وقيل كيف ظرف ليشاء، وموضع الجملة حال تقديره: يصوركم على مشيئته أى مريدا، فعلى هذا يكون حالا من ضمير اسم الله، ويجوز أن تكون حالا من الكاف والميم: أى يصوركم متقلبين على مشيئته (لاإله إلا هو العزيز الحكيم) هو مثل قوله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
(1/47)
قوله تعالى (منه آيات) الجملة في موضع نصب على الحال من الكتاب، ولك أن ترفع آيات بالظرف لانه قد اعتمد، ولك أن ترفعه بالابتداء والظرف خبره (هن أم الكتاب) في موضع رفع صفة لآيات وإنما أفرد أم وهو خبر عن جمع،
[124]
لان المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة فأفرد على المعنى، ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ماذكرنا في قوله " وعلى سمعهم " ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب، كما قال الله تعالى " فاجلدوهم ثمانين " أى فاجلدوا كل واحد منهم (وأخر) معطوف على آيات، و (متشابهات) نعت لاخر.
فإن قيل: واحدة متشابهات متشابهة، وواحدة أخر أخرى، والواحد هنا لايصح أن يوصف بهذا الواحد فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا، وليس المعنى على ذلك، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع، ولم يوصف مفرده بمفرده.
قيل: التشابه لايكون إلا بين اثنين فصاعدا، فإذا اجتمعت الاشياء المتشابهة كان كل منهما مشابها للآخر، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع، لان كل واحد من مفرداته يشابه باقيها، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى، ونظيره قوله تعالى " فوجد فيها رجلين يقتتلان " فثنى الضمير وإن كان لايقال في الواحد يقتتل (ماتشابه منه) ما بمعنى الذى، ومنه حال من ضمير الفاعل: والهاء تعود على الكتاب (ابتغاء) مفعول له، والتأويل مصدر أول يؤول، وأصله من آل يئول إذا انتهى نهايته، و (الراسخون) معطوف على اسم الله، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا، و (يقولون) في موضع نصب على الحال وقيل الراسخون مبتدأ، ويقولون الخبر، والمعنى: أن الراسخين لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به (كل) مبتدأ: أى كله أو كل منه، و (من عند) الخبر وموضع آمنا وكل من عند ربنا نصب بيقولون.
(1/48)
قوله تعالى (لاتزغ قلوبنا) الجمهور على ضم التاء ونصب القلوب، يقال: زاغ القلب وأزاغه الله، وقرئ بفتح التاء ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها، و (إذ هديتنا) ليس بظرف لانه أضيف إليه بعد (من لدنك) لدن مبنية على السكون، وهى مضافة لان علة بنائها موجودة بعد الاضافة، والحكم يتبع العلة، وتلك العلة أن لدن بمعنى عند الملاصقة للشئ، فعند إذا ذكرت لم تختص بالمقارنة، ولدن عند مخصوص فقد صار فيها معنى لايدل عليه الظرف بل هو من قبيل مايفيده الحرف، فصارت كأنها متضمنة للحرف الذى كان ينبغى أن يوضع دليلا على القرب ومثله ثم وهنا لانهما بنيا لما تضمنا حرف الاشارة.
وفيها لغات هذه إحداها، وهى فتح اللام وضم الدال وسكون النون. والثانية كذلك إلا أن الدال ساكنة، وذلك
[125]
تخفيف كما خفف عضد، والثالثة بضم اللام وسكون الدال، والرابعة لدى(1) والخامسة لد بفتح اللام وضم الدال من غير نون، والسادسة بفتح اللام وإسكان الدال ولاشئ بعد الدال.
قوله تعالى (جامع الناس) الاضافة غير محضة لانه مستقبل، والتقدير: جامع الناس (ليوم) تقديره: لعرض يوم أو حساب يوم، وقيل اللام بمعنى في: أى في يوم، والهاء في (فيه) تعود على اليوم، وإن شئت على الجمع، وإن شئت على الحساب أو العرض، ولاريب في موضع جر صفة ليوم (إن الله لا يخلف) أعاد ذكر الله مظهرا تفخيما، ولو قال إنك لا تخلف كان مستقيما، ويجوز أن يكون مستأنفا وليس محكيا عمن تقدم، و (الميعاد) مفعال من الوعد قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ماقبلها.
(1/49)
قوله تعالى (لن تغنى) الجمهور على التاء لتأنيث الفاعل، ويقرأ بالياء لان تأنيث الفاعل غير حقيقى، وقد فصل بينهما أيضا (من الله) في موضع نصب لان التقدير: من عذاب الله، والمعنى: لن تدفع الاموال عنهم عذاب الله، و (شيئا) على هذا في موضع المصدر تقديره: غنى ويجوز أن يكون شيئا مفعولا به على المعنى، لان معنى تغنى عنهم تدفع، ويكون من الله صفة لشئ في الاصل قدم فصار حالا، والتقدير لن تدفع عنهم الاموال شيئا من عذاب الله. والوقود بالفتح الحطب وبالضم التوقد، وقيل هما لغتان بمعنى.
قوله تعالى (كدأب) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف، وفى ذلك المحذوف أقوال: أحدها تقديره: كفروا كفرا كعادة آل فرعون، وليس الفعل المقدر هاهنا هو الذى في صلة الذين، لان الفعل قد انقطع تعلقه بالكاف لاجل استيفاء الذين خبره، ولكن بفعل دل عليه " كفروا " التى هى صلة.
والثانى تقديره عذبوا عذابا كدأب آل فرعون، ودل عليه أولئك هم وقود النار.
والثالث تقديره بطل انتفاعهم بالاموال والاولاد كعادة آل فرعون.
والرابع تقديره: كذبوا تكذيبا كدأب آل فرعون، فعلى هذا يكون الضمير في كذبوا لهم، وفي ذلك تخويف لهم لعلمهم بما حل بآل فرعون، وفى أخذه لآل فرعون (والذين من قبلهم) على هذا في موضع جر عطفا على آل فرعون، وقيل الكاف في موضع رفع خبر ابتداء محذوف تقديره: دأبهم في ذلك مثل دأب آل فرعون، فعلى هذا يجوز في والذين من قبلهم وجهان: أحدهما هو جر بالعطف أيضا، وكذبوا في موضع الحال
___________________________________
(1) (قوله والرابعة لدى) يقرأ بالتنوين كقفا كما في القاموس اه مصححة. (*)
[126]
وقد معه مرادة، ويجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له ذكر لشرح حالهم، والوجه.
(1/50)
الآخر أن يكون الكلام تم على فرعون والذين من قبلهم مبتدأ، و (كذبوا) خبره، و (شديد العقاب) تقديره: شديد عقابه فالاضافة غير محضة، وقيل شديد هنا بمعنى مشدد، فيكون على هذا من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول، وقد جاء فعيل بمعنى مفعل ومفعل.
قوله تعالى (ستغلبون وتحشرون) يقرآن بالتاء على الخطاب: أى واجههم بذلك وبالياء تقديره: أخبرهم بأحوالهم فإنهم سيغلبون ويحشرون (وبئس المهاد) أى جهنم فحذف المخصوص بالذم.
قوله تعالى (قد كان لكم آية) آية اسم كان، ولم يؤنث لان التأنيث غير حقيقى، ولانه فصل، ولان الآية والدليل بمعنى، وفى الخبر وجهان: أحدهما لكم و (في فئتين) نعت لآية.
(1/51)
والثانى أن الخبر في فئتين، ولكم متعلق بكان، ويجوز أن يكون لكم في موضع نصب على الحال على أن يكون صفة لآية: أى آية كائنة لكم فيتعلق بمحذوف، و (التقتا) في موضع جر نعتا لفئتين، و (فئة) خبر مبتدأ محذوف: أى إحداهما فئة (وأخرى) نعت لمبتدأ محذوف تقديره: وفئة أخرى (كافرة) فإن قيل: إذا قررت في الاولى إحداهما مبتدأ كان القياس أن يكون والاخرى: أى والاخرى فئة كافرة، قيل، لما علم أن التفريق هنا لنفس المثنى المقدم ذكره كان التعريف والتنكير واحدا، ويقرأ في الشاذ " فئة تقاتل وأخرى كافرة " بالجر فيهما على أنه بدل من فئتين، ويقرأ أيضا بالنصب فيهما على أن يكون حالا من الضمير في التقتا تقديره: التقتا مؤمنة وكافرة، وفئة أخرى على هذا للحال، وقيل فئة، وماعطف عليها على قراء ة من رفع بدل من الضمير في التقتا (ترونهم) يقرأ بالتاء مفتوحة، وهو من رؤية العين، و (مثليهم) حال، و (رأى العين) مصدر مؤكد، ويقرأ في الشاذ " ترونهم " بضم التاء على مالم يسم فاعله، وهو من أورى إذا دله غيره عليه كقولك، أريتك هذا الثوب، ويقرأ في المشهور بالياء على الغيبة، فأما القراء ة بالتاء فلان أول الآية خطاب، وموضع الجملة على هذا يجوز أن يكون نعتا صفة لفئتين، لان فيها ضميرا يرجع عليهما، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في لكم، وأما القراء ة بالياء فيجوز أن يكون في معنى التاء، إلا أنه رجع من الخطاب إلى الغيبة، والمعنى واحد وقد ذكر نحوه، ويجوز أن يكون مستأنفا، ولا يجوز أن يكون من رؤية القلب على كل الاقوال لوجهين: أحدهما قوله رأى العين، والثانى أن رؤية القلب علم، ومحال أن يعلم الشئ شيئين.
[127]
(يؤيد) يقرأ بالهمز على الاصل وبالتخفيف، وتخفيف الهمزة هنا جعلها واوا خالصة لاجل الضمة قبلها، ولايصح أن تجعل بين بين لقربها من الالف، ولايكون ماقبل الالف إلا مفتوحا، ولذلك لم تجعل الهمزة المبدوء بها بين بين لاستحالة الابتداء بالالف.
(1/52)
قوله تعالى (زين) الجمهور على ضم الزاى، ورفع (حب) ويقرأ بالفتح ونصب حب تقديره: زين للناس الشيطان على ماجاء صريحا في الآية الاخرى، وحركت الهاء بفى (الشهوات) لانها اسم غير صفة (من النساء) في موضع الحال من الشهوات، والنون في القنطار أصل، ووزنه فعلال مثل حملاق، وقيل هى زائدة واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى، والذهب والفضة يشبهان بالماء في الكثرة وسرعة التقلب، و (من الذهب) في موضع الحال من المقنطرة (والخيل) معطوف على النساء لا على الذهب والفضة لانها لاتسمى قنطارا، وواحد الخيل خائل، وهو مشتق من الخيلاء مثل طير وطائر، وقال قوم: لا واحد له من لفظه بل هو اسم للجمع والواحد فرس، ولفظه لفظ المصدر، ويجوز أن يكون مخففا من خيل ولم يجمع (الحرث) لانه مصدر بمعنى المفعول، وأكثر الناس على أنه لايجوز إدغام الثاء في الذال هنا لئلا يجمع بين ساكنين لان الراء ساكنة، فأما الادغام في قوله يلهث ذلك فجائز، و (المآب) مفعل من آب يئوب، والاصل مأوب، فلما تحركت الواو وانفتح ماقبلها في الاصل وهو آب قلبت ألفا.
قوله تعالى (قل أؤنبئكم) يقرأ بتحقيق الهمزتين على الاصل، وتقلب الثانية واوا خالصة لانضمامها وتليينها وهو جعلها بين الواو والهمزة، وسوغ ذلك انفتاح ماقبلها (بخير من ذلكم) " من " في موضع نصب بخير تقديره: بما يفضل ذلك، ولايجوز أن يكون صفة لخير، لان ذلك يوجب أن تكون الجنة ومافيها مما رغبوا فيه بعضا لما زهدوا فيه من الاموال ونحوها (للذين اتقوا) خبر المبتدأ الذى هو (جنات) و (تجرى) صفة لها.
وعند ربهم يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون ظرفا للاستقرار. والثانى أن يكون صفة للجنات في الاصل قدم فانتصب على الحال ويجوز أن يكون العامل تجرى، و (من تحتها) متعلق بتجرى، ويجوز أن يكون حالا من (الانهار) أى تجرى الانهار كائنة تحتها.
(1/53)
ويقرأ جنات بكسر التاء وفيه وجهان: أحدهما هو مجرور بدلا من خير، فيكون للذين اتقوا على هذا صفة لخير، والثانى أن يكون منصوبا على إضمار أعنى، أو بدلا من موضع بخير، ويجوز أن يكون
[128]
الرفع على خبر مبتدأ محذوف: أى هو جنات، ومثله " بشر من ذلكم النار " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى، و (خالدين فيها) حال إن شئت من الهاء في تحتها، وإن شئت من الضمير في اتقوا، والعامل الاستقرار، وهى حال مقدرة (وأزواج) معطوف على جنات بالرفع، فأما على القراء ة الاخرى فيكون مبتدأ وخبره محذوف تقديره: ولهم أزواج (ورضوان) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان، وهو مصدر ونظير الكسر الاتيان والقربات، ونظير الضم الشكران والكفران.
قوله تعالى (الذين يقولون) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للذين اتقوا أو بدل منه، ويضعف أن يكون صفة للعباد، لان فيه تخصيصا لعلم الله وهو جائز على ضعفه، ويكون الوجه فيه إعلامهم بأنه عالم بمقدار مشقتهم في العبادة فهو يجازيهم عليها، كما قال: والله أعلم بإيمانكم، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى، وأن يكون في موضع رفع على إضمارهم.
قوله تعالى (الصابرين) ومابعده يجوز أن يكون مجرورا، وأن يكون منصوبا صفة للذين إذا جعلته في موضع جر أو نصب، وإن جعلت الذين رفعا نصبت الصابرين بأعنى.
فإن قيل: لم دخلت الواو في هذه وكلها لقبيل واحد؟
ففيه جوابان: أحدهما أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو، وإن كان الموصوف بها واحدا، ودخول الواو في مثل هذا الضرب تفخيم، لانه يؤذن لان كل صفة مستقلة بالمدح، والجواب الثانى أن هذه الصفات متفرقة فيهم، فبعضهم صابر وبعضهم صادق، فالموصوف بها متعدد.
(1/54)
قوله تعالى (شهد الله) الجمهور على أنه فعل وفاعل، ويقرأ " شهداء لله " جمع شهيدا أو شاهد بفتح الهمزة وزيادة لام مع اسم الله، وهو حال من يستغفرون، ويقرأ كذلك إلا أنه مرفوع على تقدير: هم شهداء، ويقرأ " شهداء الله " بالرفع والاضافة، و (أنه) أى بأنه في موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف في غير موضع (قائما) حال من هو، والعامل فيه معنى الجملة: أى يفرد قائما، وقيل هو حال من اسم الله: أى شهد لنفسه بالوحدانية، وهى حال مؤكدة على الوجهين، وقرأ ابن مسعود القائم على أنه بدل أو خبر مبتدأ محذوف (العزيز الحكيم) مثل الرحمن الرحيم في قوله " وإلهكم إله واحد " وقد ذكر.
[129]
قوله تعالى (إن الذين) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، ويقرأ بالفتح على أن الجملة مصدر، وموضعه جر بدلا من أنه لاإله إلا هو: أى شهد الله بوحدانيته بأن الدين، وقيل هو بدل من القسط، وقيل هو في موضع نصب بدلا من الموضع، والبدل على الوجوه كلها بدل الشئ من الشئ وهو هو، ويجوز بدل الاشتمال (عند الله) ظرف العامل فيه الدين، وليس بحال منه لانه أن تعمل في الحال (بغيا) مفعول من أجله، والتقدير: اختلفوا بعد ماجاء هم العلم للبغى، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال (ومن يكفر) " من " مبتدأ، والخبر يكفر، وقيل الجملة من الشرط والجزاء هى الخبر، وقيل الخبر هو الجواب، والتقدير: سريع الحساب له.
قوله تعالى (ومن اتبعنى) " من " في موضع رفع عطفا على التاء في أسلمت: أى وأسلم من اتبعنى وجوههم لله، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف: أى كذلك، ويجوز إثبات الياء على الاصل وحذفها تشبيها له برؤوس الآى والقوافى، كقول الاعشى: فهل يمنعنى ارتيادى البلا * دمن حذر الموت أن يأتين وهو كثير في كلامهم (أأسلمتم) هو في معنى الامر: أى أسلموا كقوله " فهل أنتم منتهون " أى انتهوا.
(1/55)
قوله تعالى (فبشرهم) هو خبر إن، ودخلت الفاء فيه حيث كانت صلة الذى فعلا، وذلك مؤذن باستحقاق البشارة بالعذاب جزاء على الكفر، ولا تمنع إن من دخول الفاء في الخبر لانها لم تغير معنى الابتداء بل أكدته، فلو دخلت على الذى كان أو ليت لم يجز دخول الفاء في الخبر.
ويقرأ " ويقاتلون النبيين " ويقتلون هو المشهور، ومعناهما متقارب.
قوله تعالى (يدعون) في موضع حال من الذين (وهم معرضون) في موضع رفع صفة لفريق، أو حالا من الضمير في الجار، وقد ذكرنا ذلك في قوله " أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ".
قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف. أى ذلك الامر ذلك، فعلى هذا يكون قوله (بأنهم قالوا) في موضع نصب على الحال مما في ذا من معنى الاشارة: أى ذلك الامر مستحقا بقولهم وهذا ضعيف، والجيد أن يكون ذلك مبتدأ وبأنهم خبره: أى ذلك العذاب مستحق بقولهم.
[130]
قوله تعالى (فكيف إذا جمعناهم) كيف في موضع نصب على الحال، والعامل فيه محذوف تقديره: كيف يصنعون أو كيف يكونون، وقيل كيف ظرف لهذا المحذوف وإذا ظرف للمحذوف أيضا.
قوله تعالى (قل اللهم) الميم المشددة عوض من ياء، وقال الفراء: الاصل ياألله أمنا بخير، وهو مذهب ضعيف، وموضع بيان ضعفه غير هذا الموضع (مالك الملك) هو نداء ثان: أى يامالك الملك، ولايجوز أن يكون صفة عند سيبويه على الموضع، لان الميم في آخر المنادى تمنع من ذلك عنده، وأجاز المبرد والزجاج أن يكون صفة (تؤتى الملك) هو ومابعده من المعطوفات خبر مبتدإ محذوف: أى أنت، وقيل هو مستأنف، وقيل الجملة في موضع الحال من المنادى، وانتصاب الحال على المنادى مختلف فيه، والتقدير: من يشاء إتيانه إياه، ومن يشاء انتزاعه منه (بيدك الخير) مستأنف، وقيل حكمه حكم ماقبله من الجمل.
(1/56)
قوله تعالى (الميت من الحى) يقرأ بالتخفيف والتشديد، وقد ذكرناه في قوله " إنما حرم عليكم الميتة " (بغير حساب) يجوز أن يكون حالا من المفعول المحذوف: أى ترزق من تشاؤه غير محاسب، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أى تشاء غير محاسب له أو غير مضيق له، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أو مفعول محذوف: أى رزقا غير قليل.
قوله تعالى (لايتخذ المؤمنون) هو نهى، وأجاز الكسائى فيه الرفع على الخبر، والمعنى لايبتغى (من دون) في موضع نصب صفة لاولياء (فليس من الله في شئ) التقدير فليس في شئ من دين الله، فمن الله في موضع نصب على الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليه (إلا أن تتقوا) هذا رجوع من الغيبة إلى الخطاب، وموضع أن تتقوا نصب لانه مفعول من أجله، وأصل (تقاة) وقية، فأبدلت الواو تاء لانضمامها ضما لازما مثل نحاة، وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وانتصابها على الحال، ويقرأ تقية ووزنها فعيلة، والياء بدل من الواو أيضا (ويحذركم الله نفسه) أى عقاب نفسه، كذا قال الزجاج، وقال غيره: لاحذف هنا.
قوله تعالى (ويعلم مافى السموات) هو مستأنف، وليس من جواب الشرط لانه يعلم مافيها على الاطلاق.
قوله تعالى (يوم تجد) يوم هنامفعول به: أى اذكر، وقيل هو ظرف والعامل فيه " قدير " وقيل العامل فيه " وإلى الله المصير " وقيل العامل فيه: ويحذركم
[131]
الله عقابه يوم تجد فالعامل فيه العقاب لا التحذير، (وما عملت) مافيه بمعنى الذى، والعائد محذوف وموضعه نصب مفعول أول، و (محضرا) المفعول الثانى هكذا ذكروا، والاشبه أن يكون محضرا حالا، وتجد المتعدية إلى مفعول واحد (وماعملت من سوء) فيه وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى أيضا معطوفة على الاولى، والتقدير: وماعملت من سوء محضرا أيضا، و (تود) على هذا في موضع نصب على الحالوالعامل تجد.
(1/57)
والثانى: أنها شرط وارتفع تود على أنه أراد ألفاه أى فهى تود، ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف لان الشرط هنا ماض. وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الجزم والرفع.
قوله تعالى (فإن تولوا) يجوز أن يكون خطابا فتكون التاء محذوفة: أى فإن تتولوا وهو خطاب كالذى قبله، ويجوز أن يكون للغيبة فيكون لفظه لفظ الماضى.
قوله تعالى (ذرية) قد ذكرنا وزنها ومافيها من القراء ات، فأما نصبها فعلى البدل من نوح وماعطف عليه من الاسماء، ولايجوز أن يكون بدلا من آدم لانه ليس بذرية، ويجوز أن يكون حالا منهم أيضا والعامل فيها اصطفى (بعضها من بعض) مبتدأ وخبر في موضع نصب صفة لذرية.
قوله تعالى (إذ قالت) قيل تقديره اذكر، وقيل هو ظرف لعليم، وقيل العامل فيه اصطفى المقدرة مع آل عمران (محررا) حال من ما وهى بمعنى الذى لانه لم يصر ممن يعقل بعد، وقيل هو صفة لموصوف محذوف، أى غلاما محررا، وإنما قدروا غلاما لانهم كانوا لايجعلون لبيت المقدس إلا الرجال.
قوله تعالى (وضعتها أنثى) أنثى حال من الهاء أو بدل منها (بما وضعت) يقرأ بفتح العين وسكون التاء على أنه ليس من كلامها بل معترض وجاز ذلك لما فيه من تعظيم الرب تعالى، ويقرأ بسكون العين وضم التاء على أنه من كلامها والاولى أقوى، لان الوجه في مثل هذا أن يقال وأنت أعلم بما وضعت. ووجه جوازه أنها وضعت الظاهر موضع المضمر تفخيما، ويقرأ بسكون العين وكسر التاء كأن قائلا قال لها ذلك (سميتها مريم) هذا الفعل مما يتعدى إلى المفعول الثانى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر تقول العرب سميتك زيدا وبزيد.
قوله تعالى (وأنبتها نباتا حسنا) هو هنا مصدر على غير لفظ الفعل المذكور
[132]
(1/58)
وهو نائب عن إنبات، وقيل التقدير فنبتت نباتا، والنبت والنبات بمعنى، وقد يعبر بهما عن النابت، وتقبلها: أى قبلها، ويقرأ على لفظ الدعاء في تقبلها وأنبتها وكفلها وربها بالنصب: أى ياربها، و (زكريا) المفعول الثانى، ويقرأ في المشهور كفلها بفتح الفاء، وقرئ أيضا بكسرها وهى لغة، يقال كفل يكفل مثل علم يعلم، ويقرأ بتشديد الفاء والفاعل الله وزكريا المفعول، وهمزة زكريا للتأنيث إذ ليست منقلبة ولازائدة للتكثير ولا للالحاق، وفيه أربع لغات: هذه إحداها، والثانية القصر، والثالثة زكرى بياء مشدد من غير ألف، والرابعة زكر بغير ياء (كلما) قد ذكرنا إعرابه أول البقرة، و (المحراب) مفعول دخل، وحق " دخل " أى يتعدى بفى أو بإلى لكنه اتسع فيه فأوصل بنفسه إلى المفعول، و (عندها) يجوز أن يكون ظرفا لوجد وأن يكون حالا من الرزق وهوصفة له في الاصل: أى رزقا كائنا عندها ووجد المتعدى إلى مفعول واحد وهو جواب كلما.
وأما (قال يامريم أنى لك) فهو مستأنف فلذلك لم يعطفه بالفاء ولذلك (قالت هو من عند الله) ولايجوز أن يكون قال بدلا من وجد، لانه ليس في معناه، ويجوز أن يكون التقدير فقال فحذف الفاء كما حذفت في جواب الشرط كقوله " وإن أطعتموهم إنكم " وكذلك قول الشاعر: * من يفعل الحسنات الله يشكرها * وهذا الموضع يشبه جواب الشرط، لان كلما تشبه الشرط في اقتضائها الجواب (هذا) مبتدأ وأنى خبره، والتقدير من أين ولك تبيين؟ ويجوز أن يرتفع هذا بلك وأنى ظرف للاستقرار.
(1/59)
قوله تعالى (هنا لك) أكثر مايقع هنا ظرف مكان وهو أصلها، وقد وقعت هنا زمانا فهى في ذلك كعند فإنك تجعلها زمانا وأصلها المكان كقولك أتيتك عند طلوع الشمس، وقيل هنا مكان: أى في ذلك المكان دعا زكريا والكاف حرف للخطاب وبها تصير هنا للمكان البعيد عنك، ودخلت اللام لزيادة البعد وكسرت على أصل التقاء الساكنين هى والالف قبلها، وقيل كسرت لئلا تلتبس بلام الملك، وإذا حذفت الكاف فقلت هنا للمكان والحاضر في هنا دعا (قال) مثل قال أنى لك (من لدنك) يجوز أن يتعلق بهب لى فيكون من لابتداء غاية الهبة، ويجوز أن يكون في الاصل صفة ل (ذرية) قدمت فانتصبت على الحال، و (سميع) بمعنى سامع.
[133]
قوله تعالى (فنادته) الجمهور على إثبات تاء التأنيث، لان الملائكة جماعة، وكره(1) قوم التاء لانها للتأنيث، وقد زعمت الجاهلية أن الملائكة إناث فلذلك قرأ من قرأ فناداه بغير تاء والقراء ة به جيدة، لان الملائكة جمع ومااعتلوا به ليس بشئ، لان الاجماع على إثبات التاء في قوله " وإذ قالت الملائكة يامريم " (وهو قائم) حال من الهاء في نادته (يصلى) حال من الضمير في قائم، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لقائم (إن الله) يقرأ بفتح الهمزة: أى بأن الله، وبكسرها: أى قالت إن الله لان النداء قول (يبشرك) الجمهور على التشديد، ويقرأ بفتح الياء وضم الشين مخففا، وبضم الياء وكسر الشين مخففا أيضا، يقال بشرته وبشرته وأبشرته.
ومنه قوله " وأبشروا بالجنة " (يحيى) اسم أعجمى، وقيل سمى بالفعل الذى ماضيه حيى (مصدقا) حال منه (وسيدا وحصورا ونبيا) كذلك.
(1/60)
قوله تعالى (غلاما) اسم يكون ولى خبره، ويجوز أن يكون فاعل يكون على أنها تامة فيكون لى متعلقا بها أو حالا من غلام أى أنى يحدث غلام لى؟ وأنى بمعنى كيف أو من أين (بلغنى الكبر) وفى موضع آخر " بلغت من الكبر " والمعنى واحد لان مابلغك فقد بلغته (عاقر) أى ذات عقر فهو على النسب وهو في المعنى مفعول أى معقورة ولذلك لم يلحق تاء التأنيث (كذلك) في موضع نصب: أى يفعل مايشاء فعلا كذلك.
قوله تعالى (اجعل لى آية) أى صير لى، فآية مفعول أول ولى مفعول ثان (آيتك) مبتدأ، و (ألا تكلم) خبره، وإن كان قد قرئ تكلم بالرفع فهو جائز على تقدير: إنك لاتكلم كقوله " ألا يرجع إليهم قولا " (إلا رمزا) استثناء من غير الجنس، لان الاشارة ليست كلاما، والجمهور على فتح الراء وإسكان الميم وهو مصدر رمز ويقرأ بضمها وهو جمع رمزة بضمتين وأقر ذلك في الجمع، ويجوز أن يكون مسكن الميم في الاصل، وإنما أتبع الضم الضم، ويجوز أن يكون مصدرا غير جمع، وضم إتباعا كاليسر واليسر (كثيرا) أى ذكرا كثيرا، و (العشى) مفرد وقيل جمع عشية (والابكار) مصدر، والتقدير: ووقت الابكار، يقال أبكر إذا دخل في البكرة.
قوله تعالى (وإذ قالت) تقديره، واذكر إذ قالت: وإن شئت كان معطوفا على " إذ قالت امرأة عمران " والاصل في اصطفى اصتفى ثم أبدلت التاء طاء لتوافق الصاد في الاطباق، وكرر اصطفى إما توكيدا وإما ليبين من اصطفاها عليهم.
___________________________________
(1) القراء تان جيدتان صحيحتان فلا عبرة بكراهة قوم لحوق تاء التأنيث في قوله (فنادته) اه مصحح. (*)
[134]
قوله تعالى (ذلك من أنباء الغيب) يجوز أن يكون التقدير الامر ذلك فعلى هذا من أنباء الغيب حال من ذا، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ومن أنباء خبره، ويجوز أن يكون (نوحيه) خبر ذلك، ومن أنباء حالا من الهاء في نوحيه، ويجوز أن يكون متعلقا بنوحيه أى الايحاء مبدوء به من أنباء الغيب (إذ يلقون) ظرف لكان.
(1/61)
ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار الذى تعلق به لديهم، والاقلام جمع قلم، والقلم بمعنى المقلوم، أى المقطوع كالنقض بمعنى المنقوض والقبض بمعنى المقبوض (أيهم يكفل مريم) مبتدأ وخبر في موضع نصب: أى يقترعون أيهم، فالعامل فيه مادل عليه يلقون، و (إذ يختصمون) مثل " إذ يلقون " ويختصمون بمعنى اختصموا وكذلك يلقون: أى ألقوا، ويجوز أن يكون حكى الحال.
قوله تعالى (إذ قالت الملائكة) إذ بدل من إذا التى قبلها، ويجوز أن يكون ظرفا ليختصمون، ويجوز أن يكون التقدير اذكر (منه) في موضع جر صفة للكلمة، ومن هنا لابتداء الغاية (اسمه) مبتدأ، و (المسيح) خبره، و (عيسى) بدل منه أو عطف بيان، ولايجوز أن يكون خبرا آخر، لان تعدد الاخبار يوجب تعدد المبتدإ، والمبتدأ هنا مفرد وهو قوله اسمه، ولو كان عيسى خبرا آخر لكان أسماؤه أو أسماؤها على تأنيث الكلمة، والجملة صفة لكلمة، و (ابن مريم) خبر مبتدأ محذوف، أى هو ابن، ولايجوز أن يكون بدلا مما قبله ولاصفة لان ابن مريم ليس باسم، ألا ترى أنك لاتقول اسم هذا الرجل ابن عمرو إلا إذا كان قد علق علما عليه، وإنما ذكر الضمير في اسمه على معنى الكلمة، لان المراد بيبشرك بمكون أو مخلوق (وجيها - ومن المقربين. ويكلم) أحوال مقدرة، وصاحبها معنى الكلمة، وهو مكون أو مخلوق، وجاز أن ينتصب الحال عنه وهو نكرة لانه قد وصف، ولايجوز أن تكون أحوالا من المسيح، ولامن عيسى، ولامن ابن مريم لانها أخبار، والعامل فيها الابتداء أو المبتدأ أو هما، وليس شئ من ذلك يعمل في الحال، ولايجوز أن تكون أحوالا من الهاء في اسمه للفصل الواقع بينهما ولعدم العامل في الحال.
قوله تعالى (في المهد) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يكلم: أى يكلمهم صغيرا، ويجوز أن يكون ظرفا (وكهلا) يجوز أن يكون حالا معطوفة على وجيها، وأن يكون معطوفا على موضع في المهد إذا جعلته حالا (ومن الصالحين) حال معطوفة على وجيها.
[135]
(1/62)
قوله تعالى (كذلك الله يخلق) قد ذكر في قوله " كذلك الله يفعل مايشاء " قصة زكريا، و (إذا قضى أمرا) مشروح في البقرة.
قوله تعالى (ونعلمه) يقرأ بالنون حملا على قوله " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " ويقرأ بالياء حملا على يبشرك، وموضعه حال معطوفة على وجيها (ورسولا) فيه وجهان: أحدهما هو صفة مثل صبور وشكور، فيكون حالا أيضا، أو مفعولا به على تقدير: ويجعله رسولا، وفعول هنا بمعنى مفعل: أى مرسلا، والثانى أن يكون مصدرا كما قال الشاعر: * أبلغ أبا سلمى رسولا تروعه * فعلى هذا يجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، وأن يكون مفعولا معطوفا على الكتاب: أى ونعلمه رسالة، فإلى على الوجهين تتعلق برسول لانهما يعملان عمل الفعل، ويجوز أن يكون إلى نعتا لرسول فيتعلق بمحذوف (أنى) في موضع الجملة ثلاثة أوجه: أحدها جر: أى بأنى وذلك مذهب الخليل، ولو ظهرت الباء لتعلقت برسول أو بمحذوف يكون صفة لرسول: أى ناطقا بأنى أو مخبرا، والثانى موضعها نصب على الموضع، وهو مذهب سيبويه، أو على تقدير: يذكر أنى، ويجوز أن يكون بدلا من رسول إذا جعلته مصدرا تقديره ونعلمه أنى قد جئتكم، والثالث موضعها رفع: أى هو أنى قد جئتكم إذا جعلت رسولا مصدرا أيضا (بآية) في موضع الحال: أى محتجا بآية (من ربكم) يجوز أن يكون صفة لآية، وأن يكون متعلقا بجئت (أنى أخلق) يقرأ بفتح الهمزة، وفى موضعه ثلاثة أوجه: أحدها جر بدلا من آية، والثانى رفع: أى هى أنى، والثالث أن يكون بدلا من أنى الاولى، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف أو على إضمار القول (كهيئة) الكاف في موضع نصب نعتا لمفعول محذوف: أى هيئة كهيئة الطير، والهيئة مصدر في معنى المهيإ كالحلق بمعنى المخلوق، وقيل الهيئة اسم لحال الشئ وليست مصدرا، والمصدر التهيؤ والتهيؤ والتهيئة، ويقرأ كهية الطير على إلقاء حركة الهمزة على الياء وحذفها، وقد ذكر في البقرة اشتقاق الطير وأحكامه، والهاء في (فيه) تعود على معنى الهيئة
(1/63)
لانها معنى المهيإ، ويجوز أن تعود على الكاف لانها اسم بمعنى مثل، وأن تعود على الطير، وأن تعود على المفعول المحذوف (فيكون) أى فيصير، فيجوز أن تكون كان هنا التامة، لان معناها صار، وصار بمعنى انتقل، ويجوز أن تكون الناقصة، و (طائرا) على الاول حال، وعلى الثانى خبر، و (بإذن الله) يتعلق بيكون (بما تأكلون) يجوز أن تكون بمعنى الذى ونكرة موصوفة ومصدرية، وكذلك
[136]
ماالاخرى، والاصل في (تدخرون) تذتخرون إلا أن الذال مجهورة والتاء مهموسة فلم يجتمعا، فأبدلت التاء دالا لانها من مخرجها لتقرب من الذال ثم أبدلت الذال دالا وأدغمت، ومن العرب من يقلب التاء ذالا، ويدغم ويقرأ بتخفيف الذال وفتح الخاء وماضيه ذخر.
قوله تعالى (ومصدقا) حال معطوفة على قوله بآية: أى جئتكم بآية ومصدقا (لما بين يدى) ولايجوز أن يكون معطوفا على وجيها، لان ذلك يوجب أن يكون ومصدقا لما بين يديه على لفظ الغيبة (من التوراة) في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في الظرف وهو بين، والعامل فيها الاستقرار أن نفس الظرف، ويجوز أن يكون حالا من " ما " فيكون العامل فيها مصدقا (ولاحل) هو معطوف على محذوف تقديره: لاخفف عنكم أو نحو ذلك (وجئتكم بآية) هذا تكرير للتوكيد، لانه قد سبق هذا المعنى في الآية التى قبلها.
(1/64)
قوله تعالى (منهم الكفر) يجوز أن يتعلق " من " بأحس، وأن يكون حالا من الكفر (أنصارى) هو جمع نصير كشريف وأشراف، وقال قوم: هو جمع نصر وهو ضعيف، إلا أن تقدر فيه حذف مضاف: أى من صاحب نصرى، أو تجعله مصدرا وصف به، و (إلى) في موضع الحال متعلقة بمحذوف وتقديره: من أنصارى مضافا إلى الله أو إلى أنصار الله، وقيل هى بمعنى مع وليس بشئ، فإن إلى لاتصلح أن تكون بمعنى مع، ولاقياس يعضده (الحواريون) الجمهور على تشديد الياء وهو الاصل، لانها ياء النسبة، ويقرأ بتخفيفها لانه فر من تضعيف الياء وجعل ضمة الياء الباقية دليلا على أصل، كما قرء وا " يستهزئون " مع أن ضمة الياء بعد الكسرة مستثقل، واشتقاق الكلمة من الحور وهو البياض، وكان الحواريون يقصرون الثياب، وقيل اشتقاقه من حار يحور إذا رجع فكأنهم الراجعون إلى الله وقيل هو مشتق من نقاء القلب وخلوصه وصدقه.
قوله تعالى (فاكتبنا مع الشاهدين) في الكلام حذف تقديره: مع الشاهدين لك بالوحدانية.
قوله تعالى (والله خير الماكرين) وضع الظاهر موضع المضمر تفخيما، والاصل وهو خير الماكرين.
قوله تعالى (متوفيك ورافعك إلي) كلاهما للمستقبل ولايتعرفان
[137]
بالاضافة والتقدير، رافعك إلي ومتوفيك، لانه رفع إلى السماء ثم يتوفى بعد ذلك، وقيل الواو للجمع فلا فرق بين التقديم والتأخير، وقيل متوفيك من بينهم ورافعك إلى السماء فلا تقديم فيه ولا تأخير (وجاعل الذين اتبعوك) قيل هو خطاب لنبينا عليه الصلاة والسلام فيكون الكلام تاما على ماقبله، وقيل هو لعيسى.
والمعنى: أن الذين اتبعوه ظاهرون على اليهود وغيرهم من الكفار إلى قبل يوم القيامة بالملك والغلبة، فأما يوم القيامة فيحكم بينهم فيجازى كلا على عمله.
(1/65)
قوله تعالى (فأما الذين كفروا) يجوز أن يكون الذين مبتدأ (فأعذبهم) خبره ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بفعل محذوف يفسره فأعذبهم تقديره فأعذب بغير ضمير مفعول لعمله في الظاهر قبله فحذف، وجعل الفعل المشغول بضمير الفاعل مفسرا له، وموضع الفعل المحذوف بعد الصلة، ولايجوز أن يقدر الفعل قبل الذين لان أما لايليها الفعل، ومله (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم) " وأما ثمود فهديناهم " فيمن نصب.
قوله تعالى (ذلك نتلوه) فيه ثلاثة أوجه: أحدها ذلك مبتدأ ونتلوه خبره.
والثانى المبتدأ محذوف وذلك خبره: أى الامر ذلك، ونتلوه في موضع الحال: أى الامر المشار إليه متلوا، و (من الآيات) حال من الهاء، والثالث ذلك مبتدأ، ومن الآيات خبره، ونتلوه حال، والعامل فيه معنى الاشارة، ويجور أن يكون ذلك في موضع نصب بفعل دل عليه نتلوه، تقديره: نتلو ذلك فيكون من الآيات حالا من الهاء أيضا، و (الحكيم) هنا بمعنى المحكم.
قوله تعالى (خلقه من تراب) هذه الجملة تفسير للمثل فلا موضع لها، وقيل موضعها حال من آدم، وقد معه مقدرة، والعامل فيها معنى التشبيه، والهاء لآدم ومن متعلقة بخلق، ويضعف أن يكون حالا لانه يصير تقديره: خلقه كائنا من تراب، وليس المعنى عليه (ثم قال له) ثم هاهنا لترتيب الخبر لالترتيب المخبر عنه لان قوله (كن) لم يتأخر عن خلقه، وإنما هو في المعنى تفسير لمعنى الخلق، وقد جاء ت ثم غير مقيدة بترتيب المخبر عنه كقوله " فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد " وتقول: زيد عالم ثم هو كريم، ويجوز أن تكون لترتيب المخبر عنه على أن يكون المعنى صوره طينا، ثم قال له كن لحما ودما.
قوله تعالى (فمن حاجك فيه) الهاء ضمير عيسى، ومن شرطية، والماضى بمعنى المستقبل و (ما) بمعنى الذى، و (من العلم) حال من ضمير الفاعل.
[138]
(1/66)
ولا يجوز أن تكون مامصدرية على قول سيبويه والجمهور، لان ما المصدرية لايعود إليها ضمير، وفى حاجك ضمير فاعل، إذ ليس بعده مايصح أن يكون فاعلا، والعلم لايصح أن يكون فاعلا، لان من لاتزاد في الواجب، ويخرج على قول الاخفش أن تكون مصدرية ومن زائدة، والتقدير: من بعد مجئ العلم إياك والاصل في (تعالوا) تعاليوا، لان الاصل في الماضى تعالى، والياء منقلبة عن واو لانه من العلو فأبدلت الواو ياء لوقوعها رابعة، ثم أبدلت الياء ألفا، فإذا جاء ت واو الجمع حذفت لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها، و (ندع) جواب لشرط محذوف، و (نبتهل) و (نجعل) معطوفان عليه، ونجعل المتعدية إلى مفعولين أى نصير، والمفعول الثانى (على الكاذبين).
قوله تعالى (لهو القصص) مبتدأ وخبر في موضع خبر إن (إلا الله) خبر من إله تقديره: وماإله إلا الله.
قوله تعالى (فإن تولوا) يجوز أن يكون اللفظ ماضيا، ويجوز أن يكون مستقبلا تقديره: يتولوا، ذكره النحاس وهو ضعيف، لان حرف المضارعة لايحذف.
(1/67)
قوله تعالى (سواء) الجمهور على الجر وهو صفة لكلمة، ويقرأ " سواء " بالنصب على المصدر، ويقرأ " كلمة " بكسر الكاف وإسكان اللام على التخفيف والنقل مثل فخذ وكبد (بيننا وبينكم) ظرف لسواء: أى لتستوى الكلمة بيننا ولم تؤنث سواء، وهو صفة مؤنث، لانه مصدر وصف به، فأما قوله (ألا نعبد) ففى موضعه وجهان: أحدهما جر بدلا من سواء أو من كلمة، تقديره: تعالوا إلى ترك عبادة غير الله، والثانى هو رفع تقديره: هى أن لانعبد إلا الله، وأن هى المصدرية، وقيل تم الكلام على سواء ثم استأنف فقال بيننا وبينكم أن لانعبد: أى بيننا وبينكم التوحيد، فعلى هذا يجوز أن يكون أن لانعبد مبتدأ والظرف خبره، والجملة صفة لكلمة، ويجوز أن يرتفع ألا نعبد بالظرف (فإن تولوا) هو ماض، ولايجوز أن يكون التقدير: يتولوا لفساد المعنى، لان قوله (فقولوا اشهدوا) خطاب للمؤمنين، ويتولوا للمشركين، وعند ذلك لايبقى في الكلام جواب الشرط، والتقدير: فقولوا لهم.
قوله تعالى (لم تحاجون) الاصل لما، فحذفت الالف لما ذكرنا في قوله " فلم تقتلون " واللام متعلقة بتحاجون (إلا من بعده) من يتعلق بأنزلت، والتقدير من بعد موته.
[139]
قوله تعالى (هاأنتم) ها للتنبيه، وقيل هى بدل من همزة الاستفهام، ويقرأ بتحقيق الهمزة والمد، وبتليين الهمزة والمد، وبالقصر والهمز، وقد ذكرنا إعراب هذا الكلام في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون " (فيما) هى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (علم) مبتدأ ولكم خبره، وبه في موضع نصب على الحال لانه صفة لعلم في الاصل قدمت عليه، ولايجوز أن تتعلق الباء بعلم إذ فيه تقديم الصلة على الموصول، فإن علقتها بمحذوف يفسره المصدر جاز، وهو الذى يسمى تبيينا.
(1/68)
قوله تعالى (بإبراهيم) الباء تتعلق بأولى، وخبر إن (للذين اتبعوه) وأولى أفعل من ولى يلى، وألفه منقلبة عن ياء لان فاء ه واو، فلا تكون لامه واو، إذ ليس في الكلام مافاؤه ولامه واوان إلا واو(1) (وهذا النبى) معطوف على خبر إن، ويقرأ النبى بالنصب: أى واتبعوا هذا النبى.
قوله تعالى (وجهه النهار) وجه ظرف لآمنوا بدليل قوله (واكفروا آخره) ويجوز أن يكون ظرفا لانزل.
قوله تعالى (إلا لمن تبع) فيه وجهان: أحدهما أنه استثناء مما قبله، والتقدير: ولاتقروا إلا لمن تبع، فعلى هذا اللام غير زائدة، ويجوز أن تكون زائدة، ويكون محمولا على المعنى: أى اجحدوا كل أحد إلا من تبع، والثانى أن النية التأخير، والتقدير ولاتصدقوا أن يؤتى أحد مثل ماأوتيتم إلا من تبع دينكم، فاللام على هذا زائدة، ومن في موضع نصب على الاستثناء من أحد، فأما قوله (قل إن الهدى) فمعترض بين الكلامين لانه مشدد، وهذا الوجه بعيد لان فيه تقديم المستثنى على المستثنى منه، وعلى العامل فيه وتقديم مافى صلة أن عليها.
فعلى هذا في موضع أن يؤتى ثلاثة أوجه: أحدها جر تقديره: ولاتؤمنوا بأن يؤتى أحد.
والثانى أن يكون نصبا على تقدير حذف حرف الجر.
والثالث أن يكون مفعولا من أجله تقديره: ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد، وقيل أن يؤتى متصل بقوله " قل إن الهدى هدى الله " والتقدير: أن يؤتى: أى هو أن لايؤتى، فهو في موضع رفع (أو يحاجوكم) معطوف على يؤتى، وجمع الضمير لاحد لانه في مذهب الجمع، كما قالوا " لانفرق بين أحد منهم " ويقرأ: أن يؤتى على الاستئناف، وموضعه رفع على أنه مبتدأ تقديره: إتيان أحد مثل ماأوتيتم يمكن أو يصدق، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف تقديره: أتصدقون أن يؤتى أو أتشيعون، ويقرأ شاذا أن يؤتى على تسمية الفاعل وأحد فاعله والمفعول محذوف: أى أن يؤتى أحد أحدا (يؤتيه من يشاء)
___________________________________
(1/69)
(1) إلا واو التهجى قاله السمين. (*)
[140]
يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هو يؤتيه، وأن يكون خبرا ثانيا.
قوله تعالى (من إن تأمنه) من مبتدأ، ومن أهل الكتاب خبره، والشرط وجوابه صفة لمن لانها نكرة، وكما يقع الشرط خبرا يقع صلة وصفة وحالا، وقرأ أبوالاشهب العقيلى " تأمنه " بكسر حرف المضارعة، و (بقنطار) الباء بمعنى في أى في حفظ قنطار، وقيل الباء بمعنى على (يؤده) فيه خمس قراء ات: إحداها كسر الهاء وصلتها بياء في اللفظ وقد ذكرنا علة هذا في أول الكتاب.
والثانية كسر الهاء من غير ياء اكتفى بالكسرة عن الياء لدلالتها عليها، ولان الاصل أن لايزاد على الهاء شئ كبقية الضمائر.
والثالثة إسكان الهاء، وذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف وهو ضعيف، وحق هاء الضمير الحركة، وإنما تسكن هاء السكت.
والرابعة ضم الهاء وصلتها بواو في اللفظ على تبيين الهاء المضمومة بالواو، لانها من جنس الضمة كما بينت المكسورة بالياء.
والخامسة ضم الهاء من غير واو لدلالة الضمة عليها، ولانه الاصل، ويجوز تحقيق الهمزة وإبدالها واوا للضمة قبلها (إلا مادمت) " ما " في موضع نصب على الظرف: أى إلا مدة دوامك، ويجوز أن يكون حالا لان مامصدرية، والمصدر قد يقع حالا، والتقدير: إلا في حال ملازمتك، والجمهور على ضم الدال، وماضيه دام يدوم مثل قال يقول: ويقرأ بكسر الدال وماضيه دمت تدام مثل خفت تخاف وهى لغة (ذلك بأنهم) أى ذلك مستحق بأنهم (في الاميين) صفة ل (سبيل) قدمت عليه فصارت حالا، ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار في علينا.
(1/70)
وذهب قوم إلى عمل ليس في الحال، فيجوز على هذا أن يتعلق بها، وسبيل اسم ليس وعلينا الخبر، ويجوز أن يرتفع سبيل بعلينا فيكون في ليس ضميرالشأن (ويقولون على الله) يجوز أن يتعلق على بيقولون لانه بمعنى يفترون ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه، ولايجوز أن يتعلق بالكذب لان الصلة لاتتقدم على الموصول، ويجوز ذلك على التبيين (وهم يعلمون) جملة في موضع الحال.
قوله تعالى (بلى) في الكلام حذف تقديره: بلى عليهم سبيل، ثم ابتدأ فقال (من أوفى) وهى شرط (فإن الله) جوابه، والمعنى: فإن الله يحبهم، فوضع الظاهر موضع المضمر.
قوله تعالى (يلوون) هو في موضع نصب صفة لفريق وجمع على المعنى، ولو
[141]
أفرد جاز على اللفظ، والجمهور على إسكان اللام وإثبات واوين بعدها، ويقرأ بفتح اللام وتشديد الواو وضم الياء على التكثير، ويقرأ بضم اللام وواو واحدة ساكنة والاصل يلوون كقراء ة الجمهور إلا أنه همز الواو لانضمامها، ثم ألقى حركتها على اللام. والالسنة جمع لسان، وهو على لغة من ذكر اللسان، وأما من أنثه فإنه يجمعه على ألسن، و (بالكتاب) في موضع الحال من الالسنة: أى ملتبسة بالكتاب أو ناطقة بالكتاب، و (من الكتاب) هو المفعول الثانى لحسب.
قوله تعالى (ثم يقول) هو معطوف على يؤتيه، ويقرأ بالرفع على الاستئناف (بما كنتم) في موضع الصفة لربانيين، ويجوز أن تكون الباء بمعنى السبب فتتعلق بكان ومامصدرية: أى يعلمكم الكتاب، ويجوز أن تكون الباء متعلقة بربانيين (تعلمون) يقرأ بالتخفيف: أى تعرفون، وبالتشديد: أى تعلمونه غيركم (تدرسون) يقرأ بالتخفيف: أى تدرسون الكتاب فالمفعول محذوف، ويقرأ بالتشديد وضم التاء: أى تدرسون الناس الكتاب.
(1/71)
قوله تعالى (ولا يأمركم) يقرأ بالرفع: أى ولايأمركم الله أو النبى فهو مستأنف ويقرأ بالنصب عطفا على يقول فيكون الفاعل ضمير النبى أو البشر، ويقرأ بإسكان الراء فرارا من توالى الحركات، وقد ذكر في البقرة (إذ) في موضع جر بإضافة بعد إليها (وأنتم مسلمون) في موضع جر بإضافة إذا إليها.
قوله تعالى (لما آتيتكم) يقرأ بكسر اللام، وفيما يتعلق به وجهان: أحدهما أخذ: أى لهذا المعنى، وفيه حذف مضاف تقديره: لرعاية ماآتيتكم، والثانى أن يتعلق بالميثاق لانه مصدر: أى توثقنا عليهم لذلك، ومابمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، والعائد محذوف و (من كتاب) حال من المحذوف أو من الذى. ويقرأ بالفتح وتخفيف " ما " وفيها وجهان: أحدهما أن مابمعنى الذى، وموضعها رفع بالابتداء، واللام لام الابتداء دخلت لتوكيد معنى القسم.
وفى الخبر وجهان: أحدهما من كتاب وحكمة: أى الذى أوتيتموه من الكتاب، والنكرة هنا كالمعرفة، والثانى الخبر لتؤمنن به والهاء عائدة على المبتدإ واللام جواب القسم، لان أخذ الميثاق قسم في المعنى، فأما قوله (ثم جاء كم) فهو معطوف على ماآتيتكم، والعائد على " ما " من هذا المعطوف فيه وجهان: أحدهما تقديره: ثم جاء كم به، واستغنى عن إظهاره بقوله به فيما بعد، والثانى أن قوله (لما معكم) في موضع الضمير تقديره: مصدق له، لان الذى معهم هو الذى آتاهم، ويجوز أن يكون العائد ضمير الاستقرار العامل
[142]
في مع، ويجوز أن تكون الهاء في (به) تعود على الرسول، والعائد على المبتدإ محذوف وسوغ ذلك طول الكلام، وأن تصديق الرسول تصديق للذى أوتيه.
والقول الثانى أن " ما " شرط واللام قبله لتلقى القسم كالتى في قوله " لئن لم ينته المنافقون " وليست لازمة بدليل قوله " وإن لم ينتهوا عما يقولون " فعلى هذا تكون " ما " في موضع نصب بآتيت، والمفعول الثانى ضمير المخاطب، ومن كتاب مثل من آية في قوله " ماننسخ من آية " وباقى الكلام على هذا الوجه ظاهر.
(1/72)
ويقرأ " لما " بفتح اللام وتشديد الميم. وفيها وجهان: أحدهما أنها الزمانية: أى أخذنا ميثاقهم لما آتيناهم شيئا من كتاب وحكمة، ورجع من الغيبة إلى الخطاب على المألوف من طريقتهم.
والثانى أنه أراد لمن ماثم أبدل من النون ميما لمشابهتها إياها فتوالت ثلاث ميمات فحذف الثانية لضعفها بكونها بدلا وحصول التكرير بها، ذكر هذا المعنى ابن جنى في المحتسب، ويقرأ آتيتكم على لفظ واحد، وهو موافق لقوله " وإذ أخذ الله " ولقوله " إصرى " ويقرأ آتيناكم على لفظ الجمع للتعظيم (أء قررتم) فيه حذف أى بذلك و (إصرى) بالكسر والضم لغتان قرئ بهما.
قوله تعالى (فمن تولى) من مبتدأ يجوز أن تكون بمعنى الذى، وأن تكون شرطا (فأولئك) مبتدأ ثان، و (هم الفاسقون) مبتدأ وخبره، ويجوز أن يكون هم فصلا.
قوله تعالى (أفغير) منصوب ب (يبغون) ويقرأ بالياء على الغيبة كالذى قبله وبالتاء على الخطاب، والتقدير: قل لهم (طوعا وكرها) مصدران في موضع الحال، ويجوز أن يكونا مصدرين على غير الصدر، لان أسلم بمعنى انقاد وأطاع (ترجعون) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة.
قوله تعالى (قل آمنا) تقديره: قل يامحمد آمنا: أى أنا ومن معى، أو أنا والانبياء، وقيل التقدير: قل لهم قولوا آمنا.
قوله تعالى (ومن يبتغ) الجمهور على إظهار الغينين، وروى عن أبى عمرو الادغام وهو ضعيف، لان كسرة الغين الاولى تدل على الياء المحذوفة، و (دينا) تمييز، ويجوز أن يكون مفعول يبتغ، و (غير) صفة قدمت عليه فصارت حالا (وهو في الآخرة من الخاسرين) هو في الاعراب مثل قوله " وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقد ذكر.
[143]
(1/73)
قوله تعالى (كيف يهدى الله) حال أو ظرف، والعامل فيها يهدى، وقد تقدم نظيره (وشهدوا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو حال من الضمير في كفروا وقد معه مقدرة، ولايجوز أن يكون العامل يهدى، لان يهدى من " شهد أن الرسول حق " والثانى أن يكون معطوفا على كفروا: أى كيف يهديهم بعد اجتماع الامرين.
والثالث أن يكون التقدير: وأن شهدوا: أى بعد أن آمنوا، وأن شهدوا فيكون في موضع جر.
قوله تعالى (أولئك) مبتدأ، و (جزاؤهم) مبتدأ ثان و (أن عليهم لعنة الله) أن واسمها وخبرها خبر جزاء: أى جزاؤهم اللعنة، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا من أولئك بدل الاشتمال.
قوله تعالى (خالدين فيها) حال من الهاء والميم في عليهم، والعامل فيها الجار أو مايتعلق به، وفيها يعنى اللعنة.
قوله تعالى (ذهبا) تمييزه والهاء في به تعود على المل ء أو على ذهب.
قوله تعالى (مما تحبون) " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، ولايجوز أن تكون مصدرية، لان المحبة لاتتفق، فإن جعلت المصدر بمعنى المفعول فهو جائز على رأى أبي علي (وماتنفقوا من شئ) قد ذكر نظيره في البقرة، والهاء في (به) تعود على ما أو على شئ.
قوله تعالى (حلا) أى حلالا، والمعنى كان كله حلا (إلا ماحرم) في موضع نصب لانه استثناء من اسم كان، والعامل فيه كان، ويجوز أن يعمل فيه حلا ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه، لانه حلا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح (من قبل) متعلق بحرم.
قوله تعالى (من بعد ذلك) يجوز أن يتعلق بافترى وأن يتعلق بالكذب.
قوله تعالى (قل صدق الله) الجمهور على إظهار اللام وهو الاصل، ويقرأ بالادغام لان الصاد فيها انبساط، وفى اللام انبساط بحيث يتلاقى طرفاهما فصارا متقاربين، والتقدير: قل لهم صدق الله، (حنيفا) يجوز أن يكون حالا من إبراهيم ومن الملة، وذكر لان الملة والدين واحد.
(1/74)
قوله تعالى (وضع للناس) الجملة في موضع جر صفة لبيت، والخبر (للذى ببكة)، و (مباركا وهدى) حالان من الضمير في موضع، وإن شئت في الجار والعامل فيهما الاستقرار.
سورة النساء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد مضى القول في قوله تعالى (ياأيها الناس) في أوائل البقرة (من نفس واحدة) في موضع نصب بخلقكم ومن لابتداء الغاية، وكذلك (منها زوجها) و (منهما رجالا كثيرا) نعت لرجال، ولم يؤنثه لانه حمله على المعنى لان رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث كقوله: وقال نسوة، وقيل كثيرا نعت لمصدر محذوف: أى بثا كثيرا (تساء لون) يقرأ بتشديد السين، والاصل تتساء لون فأبدلت التاء الثانية سينا فرارا من تكرير المثل، والتاء تشبه السين في الهمس، ويقرأ بالتخفيف على حذف التاء الثانية لان الباقية تدل عليها ودخل حرف الجر في المفعول لان المعنى تتحالفون به (والارحام) يقرأ بالنصب، وفيه وجهان: أحدهما معطوف على اسم الله: أى واتقوا الارحام أن تقطعوها، والثانى هو محمول على موضع الجار والمجرور كما تقول مررت بزيد وعمرا، والتقدير الذى تعظمونه والارحام، لان الحلف به تعظيم له. ويقرأ بالجر قيل هو معطوف على المجرور، وهذا لايجوز عند البصريين، وإنما جاء في الشعر على قبحه، وأجازه الكوفيون على ضعف، وقيل الجر على القسم، وهو ضعيف أيضا لان الاخبار وردت بالنهى عن الحلف بالآباء، ولان التقدير في القسم: وبرب الارحام، هذا قد أغنى عنه ما قبله، وقد قرئ شاذا بالرفع وهو مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: والارحام محترمة أو واجب حرمتها.
(1/75)
قوله تعالى (بالطيب) هو المفعول الثانى لتتبدلوا (إلى أموالكم) إلى متعلقة بمحذوف وهو في موضع الحال: أى مضافة إلى أموالكم، وقيل هو مفعول به على المعنى، لان معنى لا تأكلوا أموالهم: لاتضيعوها (إنه) الهاء ضمير المصدر الذى دل عليه تأكلوا: أى أن الاكل والاخذ. والجمهور على ضم الحاء من (حوبا) وهو اسم للمصدر، وقيل مصدر، ويقرأ بفتحها وهو مصدر حاب يحوب: إذا أثم.
[166]
قوله تعالى (وإن خفتم) في جواب هذا الشرط وجهان: أحدهما هو قوله فانكحوا ماطاب لكم " وإنما جعل جوابا لانهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى، ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء، مع أن الجور يقع بينهن إذا كثرن، فكأنه قال: إذا تحرجتم من هذا فتحرجوا من ذاك.
(1/76)
والوجه الثانى أن جواب الشرط قوله " فواحدة " لان المعنى إن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا منهن واحدة، ثم أعاد هذا المعنى في قوله " فإن خفتم أن لا تعدلوا " لما طال الفصل بين الاول وجوابه، ذكر هذا الوجه أبوعلي (أن لا تقسطوا) الجمهور على ضم التاء وهو من أقسط إذا عدل، وقرئ شاذا بفتحها وهو من قسط إذا جار، وتكون لا زائدة (ماطاب) " ما " هنا بمعنى من، ولها نظائر في القرآن ستمر بك إن شاء الله تعالى، وقيل " ما " تكون لصفات من يعقل، وهى هنا كذلك، لان ماطاب يدل على الطيب منهن، وقيل هى نكرة موصوفة تقديره: فانكحوا جنسا طيبا لكم، أو عددا يطيب لكم، وقيل هى مصدرية والمصدر المقدر بها وبالفعل مقدر باسم الفاعل: أى انكحوا الطيب (من النساء) حال من ضمير الفاعل في طاب (مثنى وثلاث ورباع) نكرات لا تنصرف للعدل والوصف، وهى بدل من ما، وقيل هى حال من النساء، ويقرأ شاذا " وربع " بغير ألف، ووجهها أنه حذف الالف كما حذفت في خيم والاصل خيام، وكما حذفت في قولهم أم والله، والواو في " وثلاث ورباع " ليست للعطف الموجب للجمع في زمن واحد، لانه لو كان كذلك لكان عبثا، إذ من أدرك الكلام يفصل التسعة هذا التفصيل، ولان المعنى غير صحيح أيضا لان مثنى ليس عبارة عن ثنتين فقط، بل عن ثنتين ثنتين وثلاث عن ثلاث ثلاث وهذا المعنى يدل على أن المراد التخيير لا الجمع (فواحدة) أن فانكحوا واحدة، ويقرأ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أى فالمنكوحة واحدة ويجوز أن يكون التقدير: فواحدة تكفى (أو ما ملكت) أو للتخيير على بابها، ويجوز أن تكون للاباحة، و " ما " هنا بمنزلة ما في قوله: ماطاب (أن لا تعولوا) أى إلى أن لا تعولوا، وقد ذكرنا مثله في آية الدين.
(1/77)
قوله تعالى (نحلة) لان معنى آتوهن أنحلوهن، وقيل هو مصدر في موضع الحال، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الفاعلين: أى ناحلين، وأن يكون من الصدقات، وأن يكون من النساء: أى منحولات (نفسا) تمييز، والعامل فيه طبن، والمفرد هنا في موضع الجمع لان المعنى مفهوم، وحسن ذلك أن
[167]
نفسا هنا في معنى الجنس، فصار كدرهما في قولك: عندى عشرون درهما (فكلوه) الهاء تعود على شئ، والهاء منه تعود على المال لان الصدقات مال (هنيئا) مصدر جاء على فعيل، وهو نعت لمصدر محذوف: أى أكلا هنيئا، وقيل هو مصدر في موضع الحال من الهاء، والتقدير: مهنأ أو طيبا و (مريئا) مثله والمرئ فعيل بمعنى مفعل، لانك تقول: أمرأنى الشئ إذا لم تستعمله مع هنانى فإن قلت هنانى ومرانى لم تأت بالهمزة في مرانى لتكون تابعة لهنانى.
قوله تعالى (أموالكم التى) الجمهور على إفراد التى لان الواحد من الاموال مذكر، فلو قال اللواتى لكان جمعا كما أن الاموال جمع، والصفة إذا جمعت من أجل أن الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث، وقرئ في الشاذ اللواتى جمعا اعتبارا بلفظ الاموال (جعل الله) أى صيرها فهو متعد إلى مفعولين والاول محذوف وهو العائد، ويجوز أن يكون بمعنى خلق فيكون قياما حالا (قياما) يقرأ بالياء والالف وهو مصدر قام والياء بدل من الواو، وأبدلت منها لما أعلت في الفعل وكانت قبلها كسرة، والتقدير: التى جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم: أى بقائها ويقرأ قيما بغير ألف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل الحول والعوض، وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في الحول والعوض، ولكن أبدلوها ياء حملا على قيام على اعتلالها في الفعل.
والثانى أنها جمع قيمة كديمة وديم. والمعنى: أن الاموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها.
(1/78)
وقال أبوعلى: هذا لايصح لانه قد قرئ في قوله " دينا قيما ملة إبراهيم " وفى قوله " الكعبة البيت الحرام قيما " ولا يصح معنى القيمة فيهما.
والوجه الثالث أن يكون الاصل قياما، فحذفت الالف كما حذفت في خيم.
ويقرأ " قواما " بكسر القاف وبواو وألف، وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا، فصحت في المصدر لما صحت في الفعل، والثانى أنها اسم لما يقوم به الامر وليس بمصدر ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف، وهو مصدر صحت عينه وجاء ت على الاصل كالعوض ويقرأ بفتح القاف وواو وألف.
وفيه وجهان: أحدهما هو اسم للمصدر مثل السلام والكلام والدوام، والثانى هو لغة في القوم الذى هو بمعنى القامة، يقال: جارية حسنة القوام والقوام، والتقدير التى جعلها الله سبب بقاء قاماتكم (وارزقوهم فيها) فيه وجهان: أحدهما أن " في " على أصلها، والمعنى اجعلوا لهم فيها رزقا، والثانى أنها بمعنى من.
[168]
(1/79)
قوله تعالى (حتى إذا بلغوا) حتى هاهنا غير عاملة، وإنما دخلت على الكلام لمعنى الغاية كما تدخل على المبتدإ، وجواب إذا (فإن آنستم) وجواب إن (فادفعوا) فالعامل في " إذا " مايتلخص من معنى جوابها، فالتقدير: إذا بلغوا راشدين فادفعوا (إسرافا وبدارا) مصدران مفعول لهما، وقيل هما مصدران في موضع الحال: أى مسرفين ومبادرين، والبدار مصدر بادرت وهو من باب المفاعلة التى تكون بين اثنين، لان اليتيم مار إلى الكبر والولى مار إلى أخذ ماله، فكأنهما يستبقان، ويجوز أن يكون من واحد (أن يكبروا) مفعول بدارا: أى بدارا كبرهم (وكفى بالله) في فاعل كفى وجهان: أحدهما هو اسم الله، والباء زائدة دخلت لتدل على معنى الامر، إذ التقدير: اكتف بالله، والثانى أن الفاعل مضمر، والتقدير: كفى الاكتفاء بالله، فبالله على هذا في موضع نصب مفعول به، و (شهيدا) حال، وقيل تمييز، وكفى يتعدى إلى مفعولين وقد حذفا هنا: والتقدير: كفاك الله شرهم، ونحو ذلك، والدليل على ذلك قوله " فسيكفيكهم الله ".
قوله تعالى (قل منه) يجوز أن يكون بدلا " مما ترك " ويجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف في ترك: أى مما تركه قليلا أو كثيرا أو مستقرا مما قل (نصيبا) قيل هو واقع موقع المصدر، والعامل فيه معنى ما تقدم، إذ التقدير: عطاء أو استحقاقا، وقيل هو حال مؤكدة، والعامل فيها معنى الاستقرار في قوله " للرجال نصيب " ولهذا حسنت الحال عنها، وقيل هو حال من الفاعل في قل أو كثر، وقيل هو مفعول لفعل محذوف تقديره: أوجب لهم نصيبا، وقيل هو منصوب على إضمار أعنى.
قوله تعالى (فارزقوهم منه) الضمير يرجع إلى المقسوم، لان ذكر القسمة يدل عليه.
(1/80)
قوله تعالى (من خلفهم) يجوز أن يكون ظرفا لتركوا، وأن يكون حالا (من ذرية ضعافا) يقرأ بالتفخيم على الاصل، وبالامالة لاجل الكسرة، وجاز ذلك مع حرف الاستعلاء لانه مكسور مقدم ففيه انحدار (خافوا) يقرأ بالتفخيم على الاصل، وبالامالة لان الخاء تنكسر في بعض الاحوال وهو خفت، وهو جواب لو ومعناها إن.
قوله تعالى (ظلما) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال (في بطونهم نارا) قد ذكر في البقرة فيه شئ، والذى يخص هذا الموضع أن في بطونهم حال من نارا:
[169]
أى نارا كائنة في بطونهم وليس بظرف ليأكلون، ذكره في التذكرة (وسيصلون) يقرأ بفتح الياء، وماضيه صلى النار يصلاها، ومنه قوله " لايصلاها إلا الاشقى " ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله، ويقرأ بتشديد اللام على التكثير.
(1/81)
قوله تعالى (للذكر مثل حظ الانثيين) الجملة في موضع نصب بيوصى: لان المعنى: يقرض لكم أو يشرع في أولادكم، والتقدير: في أمر أولادكم (فإن كن) الضمير للمتروكات: أى فإن كانت المتروكات، ودل ذكر الاولاد عليه (فوق اثنتين) صفة النساء: أى أكثر من اثنتين (وإن كانت واحدة) بالنصب: أى كانت الوارثة واحدة، وبالرفع على أن كان تامة، و (النصف) بالضم والكسر، لغتان وقد قرئ بهما (فلامه) بضم الهمزة، وهو الاصل، وبكسرها إتباعا لكسرة اللام قبلها وكسر الميم بعدها (وإن كانوا إخوة) الجمع هنا للاثنين، لان الاثنين يحجبان عند الجمهور، وعند ابن عباس هو على بابه والاثنان لا يحجبان والسدس والثلث والربع والثمن بضم أوساطها وهى اللغة الجيدة، وإسكانها لغة وقد قرئ بها (من بعد وصية) يجوز أن يكون حالا من السدس، تقديره: مستحقا من بعد وصية، والعامل الظرف، ويجوز أن يكون ظرفا: أى يستقر لهم ذلك بعد إخراج الوصية، ولابد من تقدير حذف المضاف لان الوصية هنا المال الموصى به، وقيل تكون الوصية مصدرا مثل الفريضة (أو دين) أو لاحد الشيئين ولاتدل على الترتيب، إذ لافرق بين قولك: جاء نى زيد أو عمرو، وبين قولك جاء عمرو أو زيد، لان أو لاحد الشيئين، والواحد لا ترتيب فيه، وبهذا يفسر قول من قال التقدير: من بعد دين أو وصية، وإنما يقع الترتيب فيما إذا اجتمعا فيقدم الدين على الوصية (آباؤكم وأبناؤكم) مبتدأ (لاتدرون أيهم أقرب لكم نفعا) الجملة خبر المبتدإ، وأيهم مبتدأ، وأقرب خبره، والجملة في موضع نصب بتدرون، وهى معلقة عن العمل لفظا لانها من أفعال القلوب، ونفعا تمييز، و (فريضة) مصدر لفعل محذوف: أى فرض ذلك فريضة.
(1/82)
قوله تعالى (وإن كان رجل) في كان وجهان: أحدهما هى تامة ورجل فاعلها و (يورث) صفة له، و (كلالة) حال من الضمير في يورث، والكلالة على هذا اسم للميت الذى لم يترك ولدا ولا والدا، ولو قرئ كلالة بالرفع على أنه صفة أو بدل من الضمير في يورث لجاز، غير أنى لم أعرف أحدا قرئ به، فلا يقرآن إلا بما نقل.
[170]
والوجه الثانى أن كان هى الناقصة، ورجل اسمها، ويورث خبرها، وكلالة حال أيضا، وقيل الكلالة اسم للمال الموروث، فعلى هذا ينتصب كلالة على المفعول الثانى ليورث، كما تقول: ورث زيد مالا، وقيل الكلالة اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد، فعلى هذا لا وجه لهذا الكلام على القراء ة المشهورة لانه لا ناصب له، ألا ترى أنك لو قلت زيد يورث إخوة لم يستقم، وإنما يصح على قراء ة من قرأ بكسر الراء مخففة ومثقلة، وقد قرئ بهما، وقيل يصح هذا المذهب على تقدير حذف مضاف تقديره: وإن كان رجل يورث ذا كلالة، فذا حال أو خبر كان، ومن كسر الراء جعل كلالة مفعولا به إما الورثة وإما المال، وعلى كلا الامرين أحد المفعولين محذوف، والتقدير يورث أهله مالا (وله أخ أو أخت) إن قيل قد تقدم ذكر الرجل والمرأة فلم أفرد الضمير وذكره؟ قيل أما إفراده فلان " أو " لاحد الشيئين، وقد قال أو امرأة فأفرد الضمير لذلك، وأما تذكيره ففيه ثلاثة أوجه: أحدها يرجع إلى الرجل لانه مذكر مبدوء به، والثانى أنه يرجع إلى أحدهما ولفظ أحد مذكر.
(1/83)
والثالث أنه راجع إلى الميت أو الموروث لتقدم ما يدل عليه (فإن كانوا) الواو ضمير الاخوة من الام المدلول عليهم بقوله أخ أو أخت، و (ذلك) كناية عن الواحد (يوصى بها) يقرأ بكسر الصاد: أى يوصى بها المحتضر، وبفتحها على مالم يسم فاعله، وهو في معنى القراء ة الاولى، ويقرأ بالتشديد على التكثير (غير مضار) حال من ضمير الفاعل في يوصى، والجمهور على تنوين مضار، والتقدير غير مضار بورثته، و (وصية) مصدر لفعل محذوف: أى وصى الله بذلك ودل على المحذوف قوله غير مضار.
وقرأ الحسن غير مضار وصية بالاضافة. وفيه وجهان: أحدهما تقديره: غير مضار أهل وصية أو ذى وصية فحذف المضاف. والثانى تقديره: غير مضار وقت وصية فحذف، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان ويقرب من ذلك قولهم هو فارس حرب: أى فارس في الحرب، ويقال: هو فارس زمانه: أى في زمانه كذلك التقدير للقراء ة غير مضار في وقت الوصية.
قوله تعالى (يدخله) في الآيتين بالياء والنون ومعناهما واحد (نارا خالدا فيها) نارا مفعول ثان ليدخل، وخالدا حال من المفعول الاول، ويجوز أن يكون صفة لنار، لانه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هوله، ويخرج على قول الكوفيين جواز جعله صفة لانهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو.
قوله تعالى (واللاتى) هو جمع التى على غير قياس، وقيل هى صيغة موضوعة للجمع وموضوعها رفع بالابتداء، والخبر (فاستشهدوا عليهن) وجاز ذلك وإن
[171]
(1/84)
كان أمرا، لانه صار في حكم الشرط حيث وصلت التى بالفعل، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب، لان تقدير الفعل قبل أداة الشرط لايجوز، وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله " فاستشهدوا " لان استشهدوا لايصح أن يعمل النصب في اللاتى، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء، وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره: اقصدوا اللاتى أو تعمدوا، وقيل الخبر محذوف: تقديره وفيما يتلى عليكم حكم اللاتى ففيما يتلى هو الخبر، وحكم هو المبتدأ، فحذفا لدلالة قوله " فاستشهدوا " لانه الحكم المتلو عليهم (أو يجعل الله) أو عاطفة، والتقدير: أو إلى أن يجعل الله، وقيل هى بمعنى إلا أن، وكلاهما مستقيم (لهن) يجوز أن يتعلق بيجعل، وأن يكون حالا من (سبيلا).
قوله تعالى (واللذان يأتيانها) الكلام في اللذان كالكلام في اللاتى، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور تقديره: آذوا اللذين، ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول، لان الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط، وتلك تقطع مابعدها عما قبلها، ويقرأ اللذان بتخفيف النون على أصل التثنية، وبتشديدها على أن إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة، لان الاصل اللذيان مثل العميان والشجيان، فحذفت الياء لان الاسم مبهم، والمبهمات لاتثنى التثنية الصناعية، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس، وقيل حذفت لطول الكلام بالصلة، فأما هذان وهاتين، وفذانك فنذكرها في مواضعها.
قوله تعالى (إنما التوبة) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو (على الله) أى ثابتة على الله، فعلى هذا يكون (للذين يعملون السوء) حالا من الضمير في الظرف، وهو قوله " على الله " والعامل فيها الظرف أو الاستقرار: أى كائنة للذين، ولايجوز أن يكون العامل في الحال التوبة لانه قد فصل بينهما بالجار.
(1/85)
والوجه الثانى أن يكون الخبر " للذين يعملون "، وأما " على الله " فيكون حالا من شئ محذوف تقديره: إنما التوبة إذ كانت على الله أو إذا كانت على الله، فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء، لان الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه، وكان التامة وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان، ولايجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين لانه عامل معنوى، والحال لا يتقدم على المعنوى، ونظيره هذه المسألة قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا.
[172]
قوله تعالى (ولا الذين يموتون) في موضعه وجهان: أحدهما هو جر عطفا على الذين يعملون السيئات: أى ولا الذين يموتون. والوجه الثانى أن يكون مبتدأ، وخبره (أولئك أعتدنا لهم) واللام لام الابتداء وليست لا النافية.
قوله تعالى (أن ترثوا) في موضع رفع فاعل يحل، و (النساء) فيه وجهان: أحدهما هو المفعول الاول، والنساء على هذا هن الموروثات، وكانت الجاهلية ترث نساء آبائها وتقول: نحن أحق بنكاحهن.
والثانى أنه المفعول الثانى: والتقدير: أن يرثوا من النساء المال، و (كرها) مصدر في موضع الحال من المفعول، وفيه الضم والفتح، وقد ذكر في البقرة (ولا تعضلوهن) فيه وجهان: أحدهما هو منصوب عطفا على ترثوا: أى ولا أن تعضلوهن، والثانى هو جزم بالنهى فهو مستأنف (لتذهبوا) اللام متعلقة بتعضلوا، وفى الكلام حذف تقديره: ولا تعضلوهن من النكاح أو من الطلاق على اختلافهم في المخاطب به هل هم الاولياء أو الازواج (ما آتيتموهن) العائد على ما محذوف تقديره: ما آتيتموهن إياه، وهو المفعول الثانى (إلا أن يأتين بفاحشة) فيه وجهان: أحدهما هو في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
والثانى هو في موضع الحال تقديره: إلا في حال إتيانهن الفاحشة، وقيل هو استثناء متصل تقديره: ولاتعضلوهن في حال إلا في حال إتيان الفاحشة (مبينة) يقرأ بفتح الياء على مالم يسم فاعله: أى أظهرها صاحبها، وبكسر الياء والتشديد.
(1/86)
وفيه وجهان: أحدهما أنها هى الفاعلة أى تبين حال مرتكبها. والثانى أنه من اللازم، يقال: بان الشئ وأبان وتبين واستبان وبين بمعنى واحد، ويقرأ بكسر الباء وسكون الياء، وهو على الوجهين في المشددة المكسورة (بالمعروف) مفعول أو حال (أن تكرهوا) فاعل عسى، ولا خبر لها هاهنا، لان المصدر إذا تقدم صارت عسى بمعنى أقرب، فاستغنت عن تقدير المفعول المسمى خبرا.
قوله تعالى (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) ظرف للاستبدال. وفى قوله (وآتيتم إحداهن قنطارا) إشكالان: أحدهما أنه جمع الضمير والمتقدم زوجان. والثانى أن التى يريد أن يستبدل بها هى التى تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه، فأما التى يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه، ويتأيد ذلك بقوله " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض " والجواب عن الاول أن المراد بالزوج الجمع، لان الخطاب لجماعة الرجال وكل منهم قد يريد الاستبدال، ويجوزأن يكون جمعا، لان التى يريد أن يستحدثها، يفضى حالها إلى أن
[173]
تكون زوجا، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالاولى، فجمع على هذا المعنى.
وأما الاشكال الثانى ففيه جوابان: أحدهما أنه وضع الظاهر موضع المضمر، والاصل آتيتموهن، والثانى أن المستبدل بها مبهمة فقال " إحداهن " إذ لم تتعين حتى يرجع الضمير إليها، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله " فتذكر إحداهما الاخرى " (بهتانا) فعلان من البهت، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا له.
(1/87)
قوله تعالى (وكيف تأخذونه؟) كيف في موضع نصب على الحال، والتقدير: أتأخذونه جائرين؟ وهذا يتبين لك بجواب كيف. ألا ترى أنك إذا قلت كيف أخذت مال زيد؟ كان الجواب حالا تقديره: أخذته ظالما أو عادلا ونحو ذلك، وأبدا يكون موضع كيف مثل موضع جوابها (وقد أفضى) في موضع الحال أيضا (وأخذن) أى وقد أخذن لانها حال معطوفة والفعل ماض فتقدر معه قد ليصبح حالا، وأغنى عن ذكرها تقدم ذكرها (منكم) متعلق بأخذن، ويجوز أن يكون حالا من ميثاق.
قوله تعالى (مانكح) مثل قوله " فانكحوا ماطاب لكم " وكذلك " إلا ما ملكت أيمانكم " وهو يتكرر في القرآن (من النساء) في موضع الحال من " ما " أو من العائد إليها (إلا ما قد سلف).
في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى من وقد ذكر. والثانى هى مصدرية والاستثناء منقطع، لان النهى للمستقبل، وماسلف ماض فلا يكون من جنسه وهو في موضع نصب، ومعنى المنقطع أنه لا يكون داخلا في الاول بل يكون في حكم المستأنف وتقدر إلا فيه بلكن، والتقدير هنا: ولا تتزوجوا من تزوجه آباؤكم، ولا تطئوا من وطئه اباؤكم لكن ما سلف من ذلك فمعفو عنه، كما تقول: ما مررت برجل إلا بامرأة: أي لكن مررت بامرأة، والغرض منه بيان معنى زائد، ألا ترى أن قولك ما مررت برجل صريح في نفى المرور برجل ما غير متعرض بإثبات المرور بامرأة أو نفيه، فإذا قلت إلا بامرأة كان إثباتا لمعنى مسكوت عنه غير معلوم بالكلام الاول نفيه ولا إثباته (إنه) الهاء ضمير النكاح (ومقتا) تمام الكلام ثم يستأنف (وساء سبيلا) أى وساء هذا السبيل من نكاح من نكحهن الآباء، وسبيلا تمييزه، ويجوز أن يكون قوله " وساء سبيلا " معطوفا على خبر كان، ويكون التقدير: مقولا فيه ساء سبيلا.
قوله تعالى (أمهاتكم) الهاء زائدة، وإنما جاء ذلك فيمن يعقل، فأما ما لا يعقل فيقال: أمهات البهائم، وقد جاء في كل واحد منهما ما جاء في الآخر قليلا، فيقال:
[174]
(1/88)
أمات الرجال، وأمهات البهائم (وبناتكم) لام الكلمة محذوفة، ووزنه فعاتكم، والمحذوف واو أو ياء، وقد ذكرناه، فأما بنت فالتاء فيها بدل من اللام المحذوفة وليست تاء التأنيث لان تاء التأنيث لا يسكن ما قبلها، وتقلب هاء في الوقف، فبنات ليس بجمع بنت بل بنه، وكسرت الباء تنبيها على المحذوف هذا عند الفراء.
وقال غيره: أصلها الفتح، وعلى ذلك جاء جمعها ومذكرها وهو بنون.
وهو مذهب البصريين، وأما أخت فالتاء فيها بدل من الواو لانها من الاخوة، فأما جمعها فأخوات.
فإن قيل: لم رد المحذوف في أخوات ولم يرد في بنات؟ قيل: حمل كل واحد من الجمعين على مذكره فمذكر بنات لم يرد فيه المحذوف بل جاء ناقصا في الجمع فقالوا بنون، وقالوا في جمع أخ إخوة وإخوان فرد المحذوف.
والعمة تأنيث العم والخالة تأنيث الخال، وألفه منقلبة عن واو لقولك في الجمع أخوال (من الرضاعة) في موضع الحال من أخواتكم: أى وحرمت عليكم أخواتكم كائنات من الرضاعة (اللاتى دخلتم بهن) نعت لنسائكم التى تليها، وليست صفة لنسائكم التى في قوله " وأمهات نسائكم " لوجهين: أحدهما أن نساء كم الاولى مجرورة بالاضافة، ونساء كم الثانية مجرورة بمن فالجران مختلفان، وما هذا سبيله لاتجرى عليه الصفة كما إذا اختلف العمل، والثانى أن أم المرأة تحرم بنفس العقد عند الجمهور، وبنتها لا تحرم إلا بالدخول، فالمعنى مختلف، ومن نسائكم في موضع الحال من ربائبكم، وإن شئت من الضمير في الجار الذى هو صلة تقديره: اللاتى استقررن في حجوركم كائنات من نسائكم (وأن تجمعوا) في موضع رفع عطفا على أمهاتكم، و (إلا ما قد سلف) استثناء منقطع في موضع نصب.
(1/89)
قوله تعالى (والمحصنات) هو معطوف على أمهاتكم، و (من النساء) حال منه، والجمهور على فتح الصاد هنا لان المراد بهن ذوات الازواج، وذات الزوج محصنة بالفتح لان زوجها أحصنها: أى أعفها، فأما المحصنات في غير هذا الموضع فيقرأ بالفتح والكسر وكلاهما مشهور، فالكسر على أن النساء أحصن فروجهن أو أزواجهن، والفتح على أنهن أحصن بالازواج أو بالاسلام، واشتقاق الكلمة من التحصين وهو المنع (إلا ما ملكت) استثناء متصل في موضع نصب، والمعنى: حرمت عليكم ذوات الازواج إلا السبايا فإنهن حلال وإن كن ذوات أزواج (كتاب الله) هو منصوب على المصدر بكتب محذوفة دل عليه قوله حرمت: لان
[175]
التحريم كتب، وقيل انتصابه بفعل محذوف تقديره: الزموا كتاب الله، و (عليكم) إغراء.
وقال الكوفيون هو إغراء والمفعول مقدم، وهذا عندنا غير جائز لان عليكم وبابه عامل ضعيف، فليس له في التقديم تصرف، وقرئ " كتب عليكم " أى كتب الله ذلك عليكم، وعليكم على القول الاول متعلق بالفعل الناصب للمصدر لا بالمصدر لان المصدر هنا فضلة، وقيل هو متعلق بنفس المصدر لانه ناب عن الفعل حيث لم يذكر معه، فهو كقولك مرورا بزيد أى أمر، (وأحل لكم) يقرأ بالفتح على تسمية الفاعل، وهو معطوف على الفعل الناصب لكتاب وبالضم عطفا على حرمت (ماوراء ذلكم) في ما وجهان: أحدهما هى بمعنى من، فعلى هذا يكون قوله (أن تبتغوا) في موضع جر أو نصب على تقدير: بأن تبتغوا أو لان تبتغوا: أى أبيح لكم غير ماذكرنا من النساء بالمهور.
(1/90)
والثانى أن ما بمعنى الذى، والذى كناية عن الفعل: أى وأحل لكم تحصيل ما وراء ذلك الفعل المحرم، وأن تبتغوا بدل منه ويجوز أن يكون أن تبتغوا في هذا الوجه مثله في الوجه الاول، و (محصنين) حال من الفاعل في تبتغوا (فما استمتعتم) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى من والهاء في (به) تعود على لفظها، والثانى هى بمعنى الذى، والخبر (فآتوهن) والعائد منه محذوف، أى لاجله فعلى الوجه الاول يجوز أن تكون شرطا، وجوابها فآتوهن والخبر فعل الشرط وجوابه أو جوابه فقط على ماذكرناه في غير موضع، ويجوز على الوجه الاول أن تكون بمنى الذى، ولا تكون شرطا بل في موضع رفع بالابتداء، واستمتعتم صلة لها، والخبر فآتوهن، ولا يجوز أن تكون مصدرية لفساد المعنى، ولان الهاء في به تعود على ما، والمصدرية لا يعود عليها ضمير (منهن) حال من الهاء في به (فريضة) مصدر لفعل محذوف، أو في موضع الحال على ماذكرنا في آية الوصية.
قوله تعالى (ومن لم يستطع) شرط وجوابه " فما ملكت " و (منكم) حال من الضمير في يستطع (طولا) مفعول يستطع، وقيل هو مفعول له وفيه حذف مضاف: أى لعدم الطول، وأما (أن ينكح) ففيه وجهان: أحدهما هو بدل من طول وهو بدل الشئ من الشئ وهما لشئ واحد لان الطول هو القدرة أو الفضل، والنكاح قوة وفضل.
والثانى أن لا يكون بدلا بل هو معمول طول، وفيه على هذا وجهان: أحدهما هو منصوب بطول، لان التقدير: ومن لم يستطع أن ينال
[176]
نكاح المحصنات، وهو من قولك طلته: أى نلته، ومنه قول الفرزدق:
إن الفرزدق صخرة عادية * طالت فليس ينالها الاوعالا
أى طالت الاوعالا.
(1/91)
والثانى أن يكون على تقدير حذف حرف الجر: أى إلى أن ينكح، والتقدير: ومن لم يستطع وصلة إلى نكاح المحصنات، وقيل المحذوف اللام، فعلى هذا يكون في موضع صفة طول، والطول المهر: أى مهرا كائنا لان ينكح، وقيل هو مع تقدير اللام مفعول الطول: أى طولا لاجل نكاحهن (فمن ما) في من وجهان: أحدهما هى زائدة، والتقدير: فلينكح ما ملكت.
والثانى ليست زائدة، والفعل المقدر محذوف تقديره: فلينكح امرأة مما ملكت، ومن على هذا صفة للمحذوف، وقيل مفعول الفعل المحذوف (فتياتكم) ومن الثانية زائدة، و (والمؤمنات) على هذه الاوجه صفة الفتيات، وقيل مفعول الفعل المحذوف المؤمنات، والتقدير: من فتياتكم الفتيات المؤمنات، وموضع من فتياتكم إذا لم تكن من زائدة حال من الهاء المحذوفة في ملكت، وقيل في الكلام تقديم وتأخير تقديره: فلينكح بعضكم من بعض الفتيات، فعلى هذا يكون قوله (والله أعلم بإيمانكم) معترضا بين الفعل والفاعل، و (بعضكم) فاعل الفعل المحذوف، والجيد أن يكون بعضكم مبتدأ، و (من بعض) خبره أى بعضكم من جنس بعض في النسب والدين، فلا يترفع الحر عن الامة عند الحاجة، وقيل " فمما ملكت " خبر مبتدأ محذوف: أى فالمنكوحة مما ملكت (محصنات) حال من المفعول في " وآتوهن " (ولا متخذات) معطوف على محصنات والاضافة غير محضة.
والاخدان جمع خدن مثل عدل وأعدال (فإذا أحصن) يقرأ بضم الهمزة: أى بالازواج وبفتحها أى فروجهن (فإن أتين) الفاء جواب إذا (فعليهن) جواب إن (من العذاب) في موضع الحال من الضمير في الجار، والعامل فيها العامل في صاحبها، ولا يجوز أن تكون حالا من ما لانها مجرورة بالاضافة فلا يكون لها عامل (ذلك) مبتدأ (لمن خشى) الخبر: أى جائز للخائف من الزنا (وأن تصبروا) مبتدأ، و (خير لكم) خبره.
(1/92)
قوله تعالى (يريد الله ليبين لكم) مفعول يريد محذوف تقديره: يريد الله ذلك: أى تحريم ما حرم وتحليل ما حلل ليبين، واللام في ليبين متعلقة بيريد، وقيل اللام زائدة والتقدير: يريد الله أن يبين فالنصب بأن.
قوله تعالى (ويريد الذين يتبعون الشهوات) معطوف على قوله " والله
[177]
يريد أن يتوب عليكم " إلا أنه صدر الجملة الاولى بالاسم " الثانية " بالفعل، ولا يجوز أن يقرأ بالنصب، لان المعنى يصير: والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد أن يريد الذين يتبعون الشهوات، وليس المعنى على ذلك.
قوله تعالى (وخلق الانسان ضعيفا) ضعيفا حال، وقيل تمييز لانه يجوز أن يقدر بمن وليس بشئ، وقيل التقدير: وخلق الانسان من شئ ضعيف: أى من طين أو من نطفة وعلقة ومضغة، كما قال " الله الذى خلقكم من ضعف " فلما حذف الجار والموصوف انتصبت الصفة بالفعل نفسه.
قوله تعالى (إلا أن تكون تجارة) الاستثناء منقطع ليس من جنس الاول، وقيل هو متصل والتقدير: لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة وهذا ضعيف، لانه قال بالباطل والتجارة ليست من جنس الباطل، وفى الكلام حذف مضاف: أى إلا في حال كونها تجارة، أو في وقت كونها تجارة، وتجارة بالرفع على أن كان تامة، وبالنصب على أنها الناقصة، التقدير إلا أن تكون المعاملة أو التجارة تجارة، وقيل تقديره: إلا أن تكون الاموال تجارة (عن تراض) في موضع صفة تجارة (ومنكم) صفة تراض.
قوله تعالى (ومن يفعل) من في موضع رفع بالابتداء، والخبر (فسوف نصليه) وعدوانا وظلما مصدران في موضع الحال، أو مفعول من أجله، والجمهور على ضم النون من نصليه، ويقرأ بفتحها وهما لغتان يقال أصليته النار وصليته.
قوله تعالى (مدخلا) يقرأ بفتح الميم وهو مصدر دخل، والتقدير: وندخله فيدخل مدخلا: أى دخولا، ومفعل إذا وقع مصدرا كان مصدر فعل، فأما أفعل فمصدره مفعل بضم الميم كما ضمت الهمزة، وقيل مدخل هنا المفتوح الميم مكان فيكون مفعولا به مثل أدخلته بيتا.
(1/93)
قوله تعالى (ما فضل الله) " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والعائد الهاء في (به) والمفعول (بعضكم - واسئلوا الله) يقرأ سلوا بغير همز واسئلوا بالهمز وقد ذكر في قوله " سل بنى إسرائيل " ومفعول اسئلوا محذوف: أى شيئا (من فضله) قوله تعالى (ولكل جعلنا) المضاف إليه محذوف وفيه وجهان: أحدهما تقديره: ولكل أحد جعلنا موالى يرثونه، والثانى ولكل مال، والمفعول الاول لجعل (موالى) والثانى لكل، والتقدير: وجعلنا وراثا لكل ميت أو لكل مال (مما ترك) فيه
[178]
وجهان: هو صفة مال المحذوف: أى من مال تركه (الوالدان) والثانى هو يتعلق بفعل محذوف دل عليه الموالى تقديره: يرثون ماترك، وقيل " ما " بمعنى من: أى لكل أحد ممن ترك الولدان (والذين عقدت) في موضعها ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على موالى: أى وجعلنا الذين عاقدت وارثا، وكان ذلك ونسخ، فيكون قوله (فآتوهم نصيبهم) توكيدا.
والثانى موضعه نصب بفعل محذوف فسره المذكور: أى وآتوا الذين عاقدت.
والثالث هو رفع بالابتداء وفآتوهم الخبر، ويقرأ عاقدت بالالف والمفعول محذوف: أى عاقدتهم، ويقرأ بغير ألف والمفعول محذوف أيضا هو، والعائد تقديره: عقدت حلفهم أيمانكم، وقيل التقدير: عقدت حلفهم ذو أيمانكم، فحذف المضاف لان العاقد لليمين الحالفون لا الايمان نفسها.
(1/94)
قوله تعالى (قوامون على النساء) على متعلقة بقوامون، و (بما) متعلقة به أيضا، ولما كان الحرفان بمعنيين جاز تعلقهما بشئ واحد، فعلى على هذا لها معنى غير معنى الباء، ويجوز أن تكون الباء في موضع الحال فتتعلق بمحذوف تقديره: مستحقين بتفضيل الله إياهم، وصاحب الحال الضمير في قوامون ومامصدرية، فأما " ما " في قوله (وبما أنفقوا) فيجوز أن تكون مصدرية، فتتعلق من بأنفقوا، ولا حذف في الكلام، ويجوز أن تكون بمعنى الذى والعائد محذوف: أى وبالذى أنفقوه، فعلى هذا يكون (من أموالهم) حالا (فالصالحات) مبتدأ (قانتات حافظات) خبران عنه، وقرئ " فالصوالح قوانت حوافظ " وهو جمع تكثير دال على الكثرة، وجمع التصحيح لا يدل على الكثرة بوضعه، وقد استعمل فيها كقوله تعالى " وهم في الغرفات آمنون " (بما حفظ الله) في " ما " ثلاثة أوجه بمعنى الذى ونكرة موصوفة، والعائد محذوف على الوجهين ومصدرية، وقرئ " بما حفظ الله " بنصب اسم الله وما على هذه القراء ة بمعنى الذى أو نكرة، والمضاف محذوف والتقدير: بما حفظ أمر الله أو دين الله.
وقال قوم: هى مصدرية، والتقدير: حفظهن الله، وهذا خطأ لانه إذا كان كذلك خلا الفعل عن ضمير الفاعل، لان الفاعل هنا جمع المؤنث وذلك يظهر ضميره، فكان يجب أن يكون بما حفظهن الله، وقد صوب هذا القول وجعل الفاعل فيه للجنس، وهو مفرد مذكر فلا يظهر له ضمير " واللاتى تخافون) مثل قوله " واللاتى يأتين الفاحشة " ومثل " واللذان يأتيانها " وقد ذكرا (واهجروهن في المضاجع) في " في " وجهان: أحدهما هى ظرف للهجران: أى اهجروهن في مواضع الاضطجاع: أى اتركوا مضاجعهن دون ترك مكالمتهن:
[179]
(1/95)
والثانى هى بمعنى السبب: أى واهجروهن بسبب المضاجع كما تقول في هذه الجناية عقوبة (فلا تبغوا عليهن) في تبغوا وجهان: أحدهما هو من البغى الذى هو الظلم، فعلى هذا هو غير متعد، و (سبيلا) على هذا منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى بسبيل ما والثانى هو من قولك: بغيت الامر أى طلبته، فعلى هذا يكون متعديا، وسبيلا مفعوله، وعليهن من نعت السبيل فيكون حالا لتقدمه عليه.
قوله تعالى (شقاق بينهما) الشقاق الخلاف، فلذلك حسن إضافته إلى بين، وبين هنا الوصل الكائن بين الزوجين (حكما من أهله) يجوز أن يتعلق من بابعثوا فيكون الابتداء غاية البعث، ويجوز أن يكون صفة للحكم فيتعلق بمحذوف (إن يريدا) ضمير الاثنين يعود على الحكمين، وقيل على الزوجين، فعلى الاول والثانى يكون قوله (يوفق الله بينهما) للزوجين.
قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في نصب إحسانا أوجه قد ذكرناها في البقرة عند قوله " وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل " و (الجنب) يقرأ بضمتين، وهو وصف مثل ناقة أجد ويد سجح(1)، ويقرأ بفتح الجيم وسكون النون، وهو وصف أيضا، وهو المجانب، وهو مثل قولك: رجل عدل (والصاحب بالجنب) يجوز أن تكون الباء بمعنى في، وأن تكون على بابها، وعلى كلا الوجهين هو حال من الصاحب، والعامل فيها المحذوف.
(1/96)
قوله تعالى (الذين يبخلون) فيه وجهان أحدهما هو منصوب بدل من " من " في قوله " من كان مختالا فخورا " وجمع على معنى من، ويجوز أن يكون محمولا على قوله مختالا فخورا، وهو خبر كان، وجمع على المعنى أيضا أو على إضمار أذم. والثانى أن يكون مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: مبغضون، ودل عليه ماتقدم من قوله لايحب، ويجوز أن يكون الخبر معذبون لقوله " وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا " ويجوز أن يكون التقدير، هم الذين، ويجوز أن يكون مبتدأ، والذين ينفقون معطوف عليه، والخبر: إن الله لايظلم: أى يظلمهم، والبخل والبخل لغتان وقد قرئ بهما، وفيه لغتان أخريان البخل بضم الخاء والباء والبخل بفتح الباء وسكون الخاء، و (من فضله) حال من " ما " أو من العائد المحذوف.
قوله تعالى (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس) رئاء مفعول من أجله والمصدر مضاف إلى المفعول، فعلى هذا يكون قوله (ولايؤمنون بالله) معطوفا
___________________________________
(1) قوله أجد، في القاموس وناقة أجد بضمتين قوية، وقوله وسجح: بضمتين أيضا أى لينة سهلة اه. (*)
[180]
(1/97)
على ينفقون داخلا في الصلة، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون رئاء الناس مصدرا في موضع الحال: أى ينفقون مرائين (فساء قرينا) أى فساء هو والضمير عائد على من أو على الشيطان، وقرينا تمييز، وساء هنا منقولة إلى باب نعم وبئس، ففاعلها والمخصوص بعدها بالذم مثل فاعل بئس ومخصوصها، والتقدير: فساء الشيطان والقرين، فأما قوله " والذين ينفقون " ففى موضعه ثلاثة أوجه: أحدها هو جر عطفا على الكافرين في قوله " وأعتدنا للكافرين " والثانى نصب على ماانتصب عليه الذين يبخلون، والثالث رفع على ماارتفع عليه الذين يبخلون، وقد ذكرا. فأما رئاى الناس فقد ذكرنا أنه مفعول له أو حال من فاعل ينفقون، ويجوز أن يكون حالا من الذين ينفقون: أى الموصول، فعلى هذا يكون قوله " ولايؤمنون " مستأنفا لئلا يفرق بين بعض الصلة وبعض بحال الموصول.
قوله تعالى (وماذا عليهم) فيه وجهان: أحدهما " ما " مبتدأ و " ذا " بمعنى الذى، وعليهم صلتها، والذى وصلتها خبر ما، وأجاز قوم أن تكون الذى وصلتها مبتدأ، وماخبرا مقدما، وقدم الخبر لانه أستفهام. والثانى أن ما وذا اسم واحد مبتدأ، وعليهم الخبر، وقد ذكرنا هذا في البقرة بأبسط من هذا، و (لو) فيها وجهان: أحدهما هى على بابها، والكلام محمول على المعنى: أى لو آمنوا لم يضرهم والثانى أنها بمعنى أن الناصبة للفعل كما ذكرنا في قوله " لو يعمر ألف سنة " وغيره. ويجوز أن تكون بمعنى إن الشرطية كما جاء في قوله " ولو أعجبتكم " أى وأى شئ عليهم إن آمنوا، وتقديره: على الوجه الآخر: أى شئ عليهم في الايمان.
(1/98)
قوله تعالى (مثقال ذرة) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول ليظلم، والتقدير: لايظلمهم، أو لايظلم أحدا، ويظلم بمعنى ينتقص: أى ينقص وهو متعد إلى مفعولين والثانى هو صفة مصدر محذوف تقديره: ظلما قدر مثقال ذرة، فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامهما (وإن تك حسنة) حذفت نون تكن لكثرة استعمال هذه الكلمة، وشبه النون لغنتها وسكونها بالواو، فإن تحركت لم تحذف نحو " ومن يكن الشيطان ولم يكن الذين " وحسنة بالرفع على أن كان التامة، وبالنصب على أنها الناقصة، و (من لدنه) متعلق بيؤت أو حال من الاجر.
قوله تعالى (فكيف إذا) الناصب لها محذوف: أى كيف تصنعون أو تكونون وإذاظرف لذلك المحذوف (من كل أمة) متعلق بجئنا أو حال من شهيد على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه (وجئنا بك) معطوف على جئنا الاولى،
[181]
ويجوز أن يكون حالا وتكون قد مرادة، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويكون الماضى بمعنى المستقبل، و (شهيدا) حال وعلى يتعلق به، ويجوز أن يكون حالا منه.
قوله تعالى (يومئذ) فيه وجهان: أحدهما هو ظرف ل (يود) فيعمل فيه. والثانى يعمل فيه شهيدا، فعلى هذا يكون يود صفة ليوم، والعائد محذوف: أى فيه وقد ذكر ذلك في قوله " واتقوا يوما لاتجزى " والاصل في " إذا " إذ، وهى ظرف زمان ماض، فقد استعملت هنا للمستقبل وهو كثير في القرآن، فزادوا عليها التنوين عوضا من الجملة المحذوفة تقديره: يوم إذ تأتى بالشهداء، وحركت الذال بالكسر لسكونها وسكون التنوين بعدها (وعصوا الرسول) في موضع الحال، وقد مرادة وهى معترضة بين يود وبين مفعولها، وهو (لو تسوى) ولو بمعنى أن المصدرية وتسوى على مالم يسم فاعله.
ويقرأ تسوى بالفتح والتشديد: أى تتسوى فقلبت الثانية سينا وأدغم.
ويقرأ بالتخفيف أيضا على حذف الثانية (ولايكتمون) فيه وجهان: أحدهما هو حال، والتقدير: يودون أن يعذبوا في الدنيا دون الآخرة، أو يكونوا كالارض (ولايكتمون الله) في ذلك اليوم (حديثا).
(1/99)
قوله تعالى (لاتقربوا الصلاة) قيل المراد مواضع الصلاة، فحذف المضاف وقيل لاحذف فيه (وأنتم سكارى) حال من ضمير الفاعل في تقربوا، وسكارى جمع سكران، ويجوز ضم السين وفتحها، وقد قرئ بهما، وقرئ أيضا " سكرى " بضم السين من غير ألف، وبفتحها كذلك، وهى صفة مفردة في موضع الجمع، فسكرى مثل حبلى وسكرى مثل عطشى (حتى تعلموا) أى إلى أن، وهى متعلقة بتقربوا، و (ما) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والعائد محذوف، ويجوز أن تكون مصدرية ولاحذف (ولاجنبا) حال، والتقدير.
لاتصلوا جنبا، أو لاتقربوا مواضع الصلاة جنبا، والجنب يفرد مع التثنية والجمع في اللغة الفصحى يذهب به مذهب الوصف بالمصادر، ومن العرب من يثنيه ويجمعه فيقول جنبان وأجناب، واشتقاقه من المجانية وهى المباعدة (إلا عابرى سبيل) هو حال أيضا والتقدير: لاتقربوها في حال الجنابة إلى في حال السفر أو عبور المسجد على اختلاف الناس في المراد بذلك (حتى تغتسلوا) متعلق بالعامل في جنب (منكم) صفة لاحد، و (من الغائط) مفعول جاء، والجمهور يقرء ون الغائط على فاعل، والفعل منه غاط المكان يغوط إذا اطمأن، وقرأ ابن مسعود بياء ساكنة من غير ألف وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر يغوط، وكان القياس غوطا فقلب الواو ياء وأسكنت
[182]
وانفتح ماقبلها لخفتها، والثانى أنه أراد الغيط فخففت مثل سيد وميت، (أو لمستم) يقرأ بغير ألف وبألف، وهما بمعنى، وقيل لامستم مادون الجماع، أو لمستم الجماع (فلم تجدوا) الفاء عطفت مابعدها على جاء، وجواب الشرط (فتيمموا) وجاء معطوف على كنتم: أى وإن جاء أحد (صعيدا) مفعول تيمموا أى اقصدوا صعيدا، وقيل هو على تقدير حذف الباء: أى بصعيد (بوجوهكم) الباء زائدة أى امسحوا وجوهكم، وفى الكلام حذف أى فامسحوا وجوهكم به أو منه، وقد ظهر ذلك في آية المائدة.
(1/100)
قوله تعالى (من الكتاب) صفة لنصيب (يشترون) حال من الفاعل في أوتوا (ويريدون) مثله وإن شئت جعلتهما حالين من الموصول، وهو قوله " من الذين أوتوا " وهى حال مقدرة، ويقال ضللت (السبيل) وعن السبيل، وهو مفعول به وليس بظرف، وهو كقولك أخطأ الطريق (وليا) و (نصيرا) منصوبان على التمييز، وقيل على الحال.
قوله تعالى (من الذين هادوا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر مبتدإ محذوف، وفى ذلك تقديران: أحدهما تقديره، هم من الذين ف (يحرفون) على هذا حال من الفاعل في هادوا، والثانى تقديره: من الذين هادوا قوم، فقوم هو المبتدأ وماقبله الخبر، ويحرفون نعت لقوم، وقيل التقدير: من الذين هادوا من يحرفون، كما قال: " ومامنا إلا له ": أى من له، ومن هذه عندنا نكرة موصوفة مثل قوم، وليست بمعنى الذى لان الموصول لايحذف دون صلته.
والوجه الثانى أن من الذين متعلق بنصير، فهو في موضع نصب به كما قال " فمن ينصرنا من بأس الله " أى يمنعنا.
والثالث أنه حال من الفاعل في يريدون، ولايجوز أن يكون حالا من الضمير في أوتوا لان شيئا واحدا لايكون له أكثر من حال واحدة، إلا أن يعطف بعض الاحوال على بعض، ولايكون حالا من الذين لهذا المعنى، وقيل هو حال من أعدائكم: أى والله أعلم بأعدائكم كائنين من الذين، والفصل المعترض بينهما مسدد فلم يمنع من الحال، وفى كل موضع جعلت فيه من الذين هادوا حالا، فيحرفون فيه حال من الفاعل في هادوا و (الكلم) جمع كلمة، ويقرأ " الكلام " والمعنى متقارب و (عن مواضعه) متعلق بيحرفون، وذكر الضمير المضاف إليه حملا على معنى الكلم لانها جنس (ويقولون) عطف على يحرفون، و (غير مسمع) حال والمفعول الثانى محذوف، أى لاأسمعت مكروها هذا ظاهر قولهم، فأما ماأرادوا
[183]
(1/101)
فهو لاأسمعت خيرا، وقيل أرادوا غير مسموع منك (وراعنا) قد ذكر في البقرة و (ليا. وطعنا) مفعول له، وقيل مصدر في موضع الحال، والاصل في لى لوى فقلبت الواو ياء وأدغمت، و (في الدين) متعلق بطعن (خيرا لهم) يجوز أن يكون بمعنى أفعل كما قال (وأقوم) ومن محذوفة، أى من غيره، ويجوز أن يكون بمعنى فاضل وجيد فلا يفتقر إلى من (إلا قليلا) صفة مصدر محذوف: أى إيمانا قليلا.
قوله تعالى (من قبل) متعلق بآمنوا و (على أدبارها) حال من ضمير الوجوه وهى مقدرة.
قوله تعالى (ويغفر مادون ذلك) هو مستأنف غير معطوف على يغفر الاولى لانه لو عطف عليه لصار منفيا.
قوله تعالى (بل الله يزكى من يشاء) تقديره: أخطئوا بل الله يزكى (ولايظلمون) ضمير الجمع يرجع إلى معنى من، ويجوز أن يكون مستأنفا أى من زكى نفسه ومن زكاه الله، و (فتيلا) مثل مثقال ذرة في الاعراب وقد ذكر.
قوله تعالى (كيف يفترون) كيف منصوب بيفترون وموضع الكلام نصب بانظروا، و (على الله) متعلق بيفترون، ويجوز أن يكون حالا من (الكذب) ولايجوز أن يتعلق بالكذب، لان معمول المصدر لايتقدم عليه فإن جعل على التبيين جاز.
قوله تعالى (هؤلاء أهدى) مبتدأ وخبر في موضع نصب بيقولون. وللذين كفروا تخصيص وتبيين متعلق بيقولون أيضا. ويؤمنون بالجبت ويقولون مثل يشترون الضلالة ويريدون وقد ذكر.
قوله تعالى (أم لهم نصيب) أم منقطعة أى بل ألهم وكذلك أم يحسدون (فإذن) حرف ينصب الفعل إذا اعتمد عليه وله مواضع يلغى فيها وهو مشبه في عوامل الافعال بظننت في عوامل الاسماء، والنون أصل فيه وليس بتنوين، فلهذا يكتب بالنون وأجاز الفراء أن يكتب بالالف، ولم يعمل هنا من أجل حرف العطف وهى الفاء، ويجوز في غير القرآن أن يعمل مع الفاء وليس المبطل لعمله لا لان لايتخطاها العامل.
قوله تعالى (من آمن به) الهاء تعود على الكتاب، وقيل على إبراهيم، وقيل على محمد صلى الله عليه وسلم، و (سعيرا) بمعنى مستعر (نضجت جلودهم)
[184]
(1/102)
يقرأ بالادغام لانهما من حروف وسط الفم، والاظهار هو الاصل (بدلناهم جلودا) أى بجلود، وقيل يتعدى إلى الثانى بنفسه.
قوله تعالى (والذين آمنوا) يجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على الذين كفروا، وأن يكون رفعا على الموضع أو على الاستئناف والخبر (سندخلهم. خالدين فيها) حال من المفعول في ندخلهم أو من جنات لان فيهما ضمير الكل واحد منهما، ويجوز أن يكون صفة لجنات على رأى الكوفيين و (لهم فيها أزواج) حال أو صفة.
قوله تعالى (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) العامل في إذا وجهان: أحدهما فعل محذوف تقديره: يأمركم أن تحكموا إذا حكمتم، وجعل أن تحكموا المذكورة مفسرة للمحذوف فلا موضع لان تحكموا لانه مفسر للمحذوف، والمحذوف مفعول يأمركم ولايجوز أن يعمل في إذا أن تحكموا لان معمول المصدر لايتقدم عليه.
والوجه الثانى أن تنصب إذا بيأمركم وأن تحكموا به أيضا، والتقدير: أن يكون حرف العطف مع أن تحكموا لكن فصل بينهما بالظرف كقول الاعشى: يوم يراها كشبه أردية الغضب ويوما أديمها ثفلا وبالعدل يجوز أن يكون مفعولابه، ويجوز أن يكون حالا (نعما يعظكم به) الجملة خبر إن، وفى " ما " ثلاثة أوجه: أحدها أنها بمعنى الشئ معرفة تامة، ويعظكم صفة موصوف محذوف هو المخصوص بالمدح تقديره نعم الشئ شئ يعظكم به، ويجوز أن يكون يعظكم صفة لمنصوب محذوف: أى نعم الشئ الشئ شيئا يعظكم به كقولك: نعم الرجل رجلا صالحا زيد، وهذا جائز عند بعض النحويين، والمخصوص بالمدح هنا محذوف. والثانى أن " ما " بمعنى الذى، ومابعدها صلتها وموضعها رفع فاعل نعم والمخصوص محذوف: أى نعم الذى يعظكم به بتأدية الامانة والحكم بالعدل. والثالث أن تكون " ما " نكرة موصوفة، والفاعل مضمر، والمخصوص محذوف كقوله تعالى " بئس للظالمين بدلا ".
قوله تعالى (وأولى الامر منكم) حال من أولى، و (تأويلا) تمييز.
(1/103)
قوله تعالى (يريدون) حال من الذين يزعمون أو من الضمير في يزعمون، ويزعمون من أخوات ظننت في اقتضائها مفعولين، وإن وما عملت في تسد مسدهما (وقد أمروا) في موضع الحال من الفاعل في يريدون، والطاغوت يؤنث ويذكر،
[185]
وقد ذكر ضميره هنا، وقد تكلمنا عليه في البقرة (أن يضلهم ضلالا) أى فيضلوا ضلالا، ويجوز أن يكون ضلالا بمعنى إضلالا، فوضع أحد المصدرين موضع الآخر.
قوله تعالى (تعالوا) الاصل تعاليوا، وقد ذكرنا ذلك في آل عمران، ويقرأ شاذا بضم اللام، ووجهه أنه حذف الالف من تعالى اعتباطا ثم ضم اللام من أجل واو الضمير (يصدون) في موضع الحال و (صدودا) اسم للمصدر والمصدر صد، وقيل هو مصدر.
قوله تعالى (فكيف إذا أصابتهم مصيبة) أى كيف يصنعون؟ (ويحلفون) حال.
قوله تعالى (في أنفسهم) يتعلق بقل لهم، وقيل يتعلق ب (بليغا) أى يبلغ في نفوسهم وهو ضعيف، لان الصفة لاتعمل فيما قبلها.
قوله تعالى (إلا ليطاع) ليطاع في موضع نصب مفعول له، واللام تتعلق بأرسلنا، و (بإذن الله) حال من الضمير في يطاع، وقيل هو مفعول به: أى بسبب أمر الله و (ظلموا) ظرف والعامل فيه خبر إن، وهو (جاء وك). (واستغفر لهم الرسول) ولم يقل فاستغفرت لهم، لانه رجع من الخطاب إلى الغيبة لما في الاسم الظاهر من الدلالة على أنه الرسول و (وجدوا) يتعدى إلى مفعولين، وقيل هى المتعدية إلى واحد، و (توابا) حال، و (رحيما) بدل أو حال من الضمير في تواب.
قوله تعالى (فلا وربك) فيه وجهان: أحدهما أن " لا " الاولى زائدة.
والتقدير: فوربك (لا يؤمنون) وقيل الثانية: زائدة، والقسم معترض بين النفى والمنفى.
والوجه الآخر أن لا نفى لشئ محذوف تقديره: فلا يفعلون، ثم قال: وربك لا يؤمنون، و (بينهم) ظرف لشجر أو حال من " ما " أو من فاعل شجر، و (ثم لا يجدوا) معطوف على يحكموك، و (في أنفسهم) يتعلق بيجدوا تعلق
(1/104)
الظرف بالفعل، و (حرجا) مفعول يجدوا، ويجوز أن يكون في أنفسهم حالا من حرج، وكلاهما على أن يجدوا المتعدية إلى مفعول واحد، ويجوز أن تكون المتعدية إلى اثنين، وفى أنفسهم أحدهما، و (مما قضيت) صفة لحرج فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بحرج، لانك تقول: حرجت من هذا الامر، و " ما " يجوز أن تكون بمعنى الذى ونكرة موصوفة ومصدرية.
سورة المائدة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إلا مايتلى عليكم) في موضع نصب على الاستثناء من بهيمة الانعام، والاستثناء متصل، والتقدير: أحلت لكم بهيمة الانعام إلا الميتة وماأهل لغير الله به وغيره مما ذكر في الآية الثالثة من السورة (غير) حال من الضمير المجرور عليكم أو لكم، وقيل هو حال من ضمير الفاعل في أوفوا، و (محلى) اسم فاعل مضاف إلى المفعول، وحذفت النون للاضافة، و (الصيد) مصدر بمعنى المفعول: أى المصدر، ويجوز أن يكون على بابه هاهنا: أى غير محلين الاصطياد في حال الاحرام
[206]
(1/105)
قوله تعالى (ولا القلائد) أى ولا ذوات القلائد لانها جمع قلادة، والمراد تحريم المقلدة لا القلادة (ولا آمين) أى ولا قتال آمين أو أذى آمين. وقرئ في الشاذ " ولا آمى البيت " بحذف النون والاضافة (يبتغون) في موضع الحال من الضمير في آمين، ولايجوز أن يكون صفة لآمين لان اسم الفاعل إذا وصف لم يعمل في الاختيار (فاصطادوا) قرئ في الشاذ بكسر الفاء، وهى بعيدة من الصواب، وكأنه حركها بحركة همزة الوصل (ولا يجرمنكم) الجمهور على فتح الياء، وقرئ بضمها وهما لغتان: يقال، جرم وأجرم، وقيل جرم متعد إلى مفعول واحد وأجرم متعد إلى اثنين، والهمزة للنقل، فأما فاعل هذا الفعل فهو (شنآن) ومفعوله الاول الكاف والميم، و (أن تعتدوا) هو المفعول الثانى على قول من عداه إلى مفعولين، ومن عداه إلى واحد كأنه قدر حرف الجر مرادا مع أن تعتدوا، والمعنى: لا يحملنكم بغض قوم على الاعتداء، والجمهور على فتح النون الاولى من شنآن، وهو مصدر كالغليان والنزوان.
ويقرأ بسكونها وهو صفة مثل عطشان وسكران، والتقدير: على هذا لا يحملنكم بغيض قوم: أى عداوة بغيض قوم، وقيل من سكن أراد المصدر أيضا، لكنه خفف لكثرة الحركات وإذا حركت النون كان مصدرا مضافا إلى المفعول: أى لا يحملنكم بغضكم لقوم، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أى بغض قوم إياكم (أن صدوكم) يقرأ بفتح الهمزة وهى مصدرية، والتقدير: لان صدوكم، وموضعه نصب أو جر على الاختلاف في نظائره.
ويقرأ بكسرها على أنها شرط، والمعنى: أن يصدوكم مثل ذلك الصد الذى وقع منهم، أو يستديموا الصد، وإنما قدر بذلك لان الصد كان قد وقع من الكفار للمسلمين (ولا تعاونوا) يقرأ بتخفيف التاء ين على أنه حذف التاء الثانية تخفيفا، أو بتشديدها إذا وصلتها بلا على إدغام إحدى التاء ين في الاخرى، وساغ الجمع بين ساكنين لان الاول منهما حرف مد.
(1/106)
قوله تعالى (الميتة) أصلها الميتة (والدم) أصله دمى (وماأهل لغير الله به) قد ذكر ذلك كله في البقرة (والنطيحة) بمعنى المنطوحة، ودخلت فيها الهاء لانها لم تذكر الموصوفة معها فصارت كالاسم، فإن قلت شاة نطيح لم تدخل الهاء (وماأكل السبع) " ما " بمعنى الذى وموضعه رفع عطفا على الميتة، والاكثر ضم الباء من السبع وتسكينها لغة، وقد قرئ به (إلا ما ذكيتم) في موضع نصب استثناء من الموجب قبله، والاستثناء راجع إلى المتردية والنطيحة وأكيلة السبع
[207]
(وما ذبح) مثل " وما أكل السبع " (على النصب) فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بذبح تعلق المفعول بالفعل: أى ذبح على الحجارة التى تسمى نصبا، أى ذبحت في ذلك الموضع.
والثانى أن النصب الاصنام، فعلى هذا في " على " وجهان: أحدهما هى بمعنى اللام: أى لاجل الاصنام، فتكون مفعولا له، والثانى أنها على أصلها وموضعه حال: أى وما ذبح مسمى على الاصنام، وقيل نصب بضمتين، ونصب بضم النون وإسكان الصاد، ونصب بفتح النون وإسكان الصاد، وهو مصدر بمعنى المفعول، وقيل يجوز فتح النون والصاد أيضا، وهو اسم بمعنى المنصوب كالقبض والنقض بمعنى المقبوض والمنقوض (وأن تستقسموا) في موضع رفع عطفا على الميتة، و (الازلام) جمع زلم: وهو القدح الذى كانوا يضربون به على أيسار الجزور (ذلكم فسق) مبتدأ وخبر، ولكم إشارة إلى جميع المحرمات في الآية، ويجوز أن يرجع إلى الاستقسام (اليوم) ظرف ل (يئس) و (اليوم) الثانى ظرف ل (أكملت) و (عليكم) يتعلق بأتممت ولا يتعلق ب (نعمتى) فإن شئت جعلته على التبيين: أى أتممت أعنى عليكم، و (رضيت) يتعدى إلى مفعول واحد، وهو هنا (الاسلام) و (دينا) حال، وقيل يتعدى إلى مفعولين لان معنى رضيت هنا جعلت وصيرت.
(1/107)
ولكم يتعلق برضيت وهى للتخصيص، ويجوز أن يكون حالا من الاسلام: أى رضيت الاسلام لكم (فمن اضطر) شرط في موضع رفع بالابتداء، و (غير) حال، والجمهور على (متجانف) بالالف والتخفيف، وقرئ " متجنف " بالتشديد من غير ألف يقال تجانف وتجنف (لاثم) متعلق بمتجانف، وقيل اللام بمعنى إلى، أى ماثل إلى إثم (فإن الله غفور رحيم) أى له، فحذف العائد على المبتدأ.
قوله تعالى (ماذا أحل لهم) قد ذكر في البقرة (وما علمتم) " ما " بمعنى الذى، والتقدير: صيد ما علمتم، أو تعليم ما علمتم، و (من الجوارح) حال من الهاء المحذوفة أو من " ما " والجوارح جمع جارحة، والهاء فيها للمبالغة وهى صفة غالبة، إذا لا يكاد يذكر معها الموصوف (مكلبين) يقرأ بالتشديد والتخفيف، يقال: كلبت الكلب وأكلبته فكلب: أى أغريته على الصيد وأسدته فاستأسد، وهو حال من الضمير في علمتم (تعلمونهن) فيه وجهان: أحدهما هو مستأنف لا موضع له، والثانى هو حال من الضمير في مكليين، ولا يجوز أن يكون حالا ثانية لان
[208]
العامل الواحد لا يعمل في حالين، ولا يحسن أن يجعل حالا من الجوارح لانك قد فصلت بينهما بحال لغير الجوارح (مما) أى شيئا مما (علمكم الله).
(1/108)
قوله تعالى (وطعام الذين) مبتدأ، (وحل لكم) خبره، ويجوز أن يكون معطوفا على الطبيات، وحل لكم خبر مبتدأ محذوف (وطعامكم حل لهم) مبتدأ وخبر (والمحصنات) معطوف على الطيبات، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أى والمحصنات من المؤمنات حل لكم أيضا، وحل مصدر بمعنى الحلال فلا يثنى ولا يجمع، و (من المؤمنات) حال من الضمير في المحصنات، أو من نفس المحصنات إذا عطفتها على الطيبات (إذا آتيتموهن) ظرف لاحل أو لحل المحذوفة (محصنين) حال من الضمير المرفوع في آتيتموهن، فيكون العامل آتيتم، ويجوز أن يكون العامل أحل أو حل المحذوفة (غير) صفة لمحصنين أو حال من الضمير الذى فيها (ولا متخذى) معطوف على غير فيكون منصوبا، ويجوز أن يعطف على مسافحين وتكون لا لتأكيد النفى (ومن يكفر بالايمان) أى بالمؤمن به فهو مصدر في موضع المفعول كالخلق بمعنى المخلوق، وقيل التقدير بموجب الايمان وهو الله (وهو في الآخرة من الخاسرين) إعرابه مثل إعراب " وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقد ذكر في البقرة.
(1/109)
قوله تعالى (إلى المرافق) قيل إلى بمعنى مع كقوله " ويزدكم قوة إلى قوتكم " وليس هذا المختار، والصحيح أنها على بابها وأنها لانتهاء الغاية، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة وليس بينهما تناقض، لان إلى تدل على انتهاء الفعل، ولا يتعرض بنفى المحدود إليه ولا بإثباته، ألا ترى أنك إذا قلت: سرت إلى الكوفة، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها وأن تكون دخلتها، فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك: سرت إلى الكوفة، فعلى هذا تكون إلى متعلقة باغسلوا، ويجوز أن تكون في موضع الحال وتتعلق بمحذوف، والتقدير: وأيديكم مضافة إلى المرافق (برء وسكم) الباء زائدة، وقال من لا خبرة له بالعربية: الباء في مثل هذا للتبعيض، وليس بشئ يعرفه أهل النحو، ووجه دخولها أنها تدل على إلصاق المسح بالرأس (وأرجلكم) يقرأ بالنصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الوجوه والايدى: أى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، وذلك جائز في العربية بلا خلاف، والسنة الدلالة على وجوب غسل الرجلين تقوى ذلك.
والثانى أنه معطوف على موضع برء وسكم، والاول أقوى لان العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع.
[209]
ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء: أى وأرجلكم مغسولة أو كذلك.
ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب. وفيها وجهان: أحدهما أنها معطوفة على الرء وس في الاعراب والحكم مختلف، فالرء وس ممسوحة والارجل مغسولة، وهو الاعراب الذى يقال هو على الجوار، وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته، فقد جاء في القرآن والشعر، فمن القرآن قوله تعالى " وحور عين " على قراء ة من جر، وهو معطوف على قوله " بأكواب وأباريق " والمعنى مختلف، إذ ليس المعنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين، قال الشاعر وهو النابغة:
لم يبق إلا أسير غير منفلت * أو موثق في حبال القد مجنوب
والقول في مجرورة والجوار مشهور عندهم في الاعراب، وقلب الحروف ببعضها إلى بعض والتأنيث وغير ذلك.
(1/110)
فمن الاعراب ما ذكرنا في العطف، ومن الصفات قوله " عذاب يوم محيط " واليوم ليس بمحيط، وإنما المحيط العذاب، وكذلك قوله " في يوم عاصف " واليوم ليس بعاصف وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف قوله على الصلاة والسلام " ارجعن مأزورات غير مأجورات " والاصل موزورات ولكن أريد التآخى، وكذلك قولهم: إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا.
ومن التأنيث قوله " فله عشر أمثالها " فحذفت التاء من عشر وهى مضافة إلى الامثال وهى مذكرة، ولكن لما جاورت الامثال الضمير المؤنث أجرى عليها حكمه، وكذلك قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تضعضعت * سور المدينة والجبال الخشع
وقولهم: ذهبت بعض أصابعه.
ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم: قامت هند، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة، ومن ذلك قولهم: قام زيد وعمرا كلمته استحسنوا النصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل، ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم أوائل، كما لو وقعت طرفا، وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب طواويس، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد، وقد جعل النحويون له بابا ورتبوا عليه مسائل ثم أصلوه بقولهم: جحر ضب خرب، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع، فأجاز الاتباع فيهما جماعة من حذاقهم قياسا على المفرد المسموع، ولو كان لا وجه في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط، ويؤيد ماذكرناه أن الجر في الآية قد أجيز غيره، وهو
[210]
النصب والرفع، والرفع والنصب غير قاطعين ولاظاهرين على أن حكم الرجلين المسح، وكذلك الجر يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الاعراب.
والوجه الثانى أن يكون جر الارجل بجار محذوف تقديره: وافعلوا بأرجلكم غسلا وحذف الجار وإبقاء الجر جائز، قال الشاعر:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها
وقال زهير:
(1/111)
بدا لى أنى لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
فجر بتقدير الباء وليس بموضع ضرورة، وقد أفردت لهذه المسألة كتابا (إلى الكعبين) مثل إلى المرافق.
وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين لان الممسوح ليس بمحدود، والتحديد في المغسول الذى أريد بعضه وهو قوله " وأيديكم إلى المرافق " ولم يحدد الوجه لان المراد جميعه (وأيديكم منه) منه في موضع نصب بامسحوا (ليجعل) اللام غير زائدة، ومفعول يريد محذوف تقديره: ما يريد الله الرخصة في التيمم ليجعل عليكم حرجا، وقيل اللام زائدة وهذا ضعيف لان أن غير ملفوظ بها، وإنما يصح أن يكون الفعل مفعولا ليريد بأن، ومثله (ولكن يريد ليطهركم) أى يريد ذلك ليطهركم (عليكم) يتعلق بيتم، ويجوز أن يتعلق بالنعمة، ويجوز أن يكون حالا من النعمة.
قوله تعالى (إذ) ظرف لواثقكم، ويجوز أن يكون حالا من الهاء المجرورة، وأن يكون حالا من الميثاق.
قوله تعالى (شهداء بالقسط) مثل قوله تعالى " شهداء لله " وقد ذكرناه في النساء (هو أقرب) هو ضمير العدل، وقد دل عليه اعدلوا، وأقرب للتقوى قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (وعد الله) وعد يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما والمفعول الاول هنا " الذين آمنوا " والثانى محذوف استغنى عنه بالجملة التى هى قوله (لهم مغفرة) ولا موضع لها من الاعراب، لان وعد لا يعلق عن العمل كما تعلق ظننت وأخواتها.
[211]
قوله تعالى (نعمت الله عليكم) يتعلق بنعمة. ويجوز أن يكون حالا منها فيتعلق بمحذوف، و (إذ) ظرف للنعمة أيضا، وإذا جعلت عليكم حالا جاز أن يعمل في إذ (أن يبسطوا) أى بأن يبسطوا، وقد ذكرنا الخلاف في موضعه.
(1/112)
قوله تعالى (منهم اثنى عشر) يجوز أن يتعلق منهم ببعثنا، وأن يكون صفة لاثنى عشر تقدمت فصارت حالا (وعزرتموهم) يقرأ بالتشديد والتخفيف والمعنى واحد (قرضا) يجوز أن يكون مصدرا محذوف الزوائد، والعامل فيه أقرضتم: أى إقراضا. ويجوز أن يكون القرض بمعنى المقرض فيكون مفعولا به (لاكفرن) جواب الشرط (فمن كفر بعد ذلك منكم) في موضع الحال من الضمير في لاكفرن، و (سواء السبيل) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (فيما نقضهم) الباء تتعلق ب (لعناهم) ولو تقدم الفعل لدخلت الفاء عليه، وما زائدة أو بمعنى شئ، وقد ذكر في النساء (وجعلنا) يتعدى إلى مفعولين بمعنى صيرنا و (قاسية) المفعول الثانى وياؤه واو في الاصل، لانه من القسوة، ويقرأ " قسية " على فعيلة، قلبت الواو ياء وأدغمت فيها ياء فعيل وفعيلة في لعناهم، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية، ولا يجوز أن يكون حالا من هنا للمبالغة بمعنى فاعلة (يحرفون) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول في لعناهم، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية ولا يجوز أن يكون حالا من القلوب، لان الضمير في يحرفون لا يرجع إلى القلوب، ويضعف أن يجعل حالا من الهاء والميم في قلوبهم (عن مواضعه) قد ذكر في النساء (على خائنة) أى على طائفة خائنة، ويجوز أن تكون فاعلة هنا مصدرا كالعاقبة والعافية، و (منهم) صفة لخائنة، ويقرأ " خيانة " وهى مصدر والياء منقلبة عن واو لقولهم يخون، وفلان أخون من فلان، وهو خوان (إلا قليلا منهم) استثناء من خائنة، ولو قرئ بالجر على البدل لكان مستقيما.
(1/113)
قوله تعالى (ومن الذين قالوا) من تتعلق بأخذنا تقديره: وأخدنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، والكلام معطوف على قوله " ولقد أخذ الله ميثاف بنى إسرائيل " والتقدير: وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، ولا يجوز أن يكون التقدير: وأخذنا ميثاقهم، من الذين قالوا إنا نصارى لان فيه إضمار قبل الذكر لفظا وتقديرا، والياء في (وأغرينا) من واو، واشتقاقه من الغراء: وهو الذى يلصق به، ويقال سهم مغرو، و (بينهم) ظرف لاغرينا أو حال من (العداوة) ولا يكون ظرفا للعداوة، لان المصدر لا يعمل فيما قبله (إلى يوم القيامة) يتعلق بأغرينا أو بالبغضاء أو بالعداوة: أى تباغضوا إلى يوم القيامة.
[212]
قوله تعالى (يبين لكم) حال من رسولنا، و (من الكتاب) حال من الهاء محذوفة في يخفون (قد جاء كم) لاموضع له (من الله) يتعلق بجاء كم أو حال من نور.
قوله تعالى (يهدى به الله) يجوز أن يكون حالا من رسولنا بدلا من يبين، وأن يكون حالا من الضمير في يبين، ويجوز أن يكون صفة لنور أو لكتاب، والهاء في به تعود على من جعل يهدى حالا منه أو صفة له فلذلك أفرد، و (من) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (سبل السلام) المفعول الثانى ليهدى، ويجوز أن يكون بدلا من رضوانه، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان، وقد قرئ بهما، وسبلى بضم الباء والتسكين لغة وقد قرئ به (بإذنه) أى بسبب أمره المنزل على رسوله.
قوله تعالى (فمن يملك) أى قل لهم، ومن استفهام تقرير، و (من الله) يجوز أن يكون حالا متعلقا بيملك، وأن يكون حالا من و (شيئا) و (جميعا) حال من المسيح وأمه ومن في الارض، ويجوز أن يكون حالا من من وحدها، ومن هاهنا عام سبقه خاص من جنسه، وهو المسيح وأمه (يخلق) مستأنف.
قوله تعالى (قل فلم يعذبكم) أى قل لهم (بل أنتم) رد لقولهم " نحن أبناء الله " وهو محكى بقل.
(1/114)
قوله تعالى (على فترة) في موضع الحال من الضمير في يبين، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في لكم، و (من الرسل) نعت لفترة (أن تقولوا) أى مخافة أن تقولوا (ولا نذير) معطوف على لفظ بشير، ويجوز في الكلام الرفع على موضع من بشير.
قوله تعالى (نعمت الله عليكم إذ جعل) هو مثل قوله " نعمة الله عليكم إذ هم قوم " وقد ذكر.
قوله تعالى (على أدباركم) حال من الفاعل في ترتدوا (فتنقلبوا) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على ترتدوا، وأن يكون منصوبا على جواب النهى.
قوله تعالى (فإنا داخلون) أى داخلوها، فحذف المفعول لدلالة الكلام عليه.
قوله تعالى (من الذين يخافون) في موضع رفع صفة لرجلين، ويخافون صلة الذين والواو العائد.
ويقرأ بضم الياء على مالم يسم فاعله. وله معنيان: أحدهما
[213]
هو من قولك، خيف الرجل: أى خوف، والثانى أن يكون المعنى يخافهم غيرهم كقولك: فلان مخوف: أى يخافه الناس (أنعم الله) صفة أخرى لرجلين، ويجوز أن يكون حالا، وقد معه مقدرة، وصاحب الحال رجلان أو الضمير في الذين.
قوله تعالى (ما داموا) هو بدل من أبدا، لان ما مصدرية تنوب عن الزمان، وهو بدل بعض، و (هاهنا) ظرف ل (قاعدون) والاسم هنا وها للتنبيه مثل التى في قولك هذا وهؤلاء.
قوله تعالى (وأخى) في موضعه وجهان: أحدهما نصب عطفا على نفسى أو على اسم إن، والثانى رفع عطفا على الضمير في أملك: أى ولا يملك أخى إلا نفسه، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف، أى وأخى كذلك (وبين القوم الفاسقين) الاصل أن لا تكرر بين، وقد تكرر توكيدا كقولك: المال بين زيد وبين عمرو، وكررت هنا لئلا يعطف على الضمير من غير إعادة الجار.
(1/115)
قوله تعالى (أربعين سنة) ظرف لمحرمة، فالتحريم على هذا مقدر، و (يتيهون) حال من الضمير المجرور، وقيل هى ظرف ليتيهون، فالتحريم على هذا غير مؤقت (فلا تأس) ألف تأسا بدل من واو، لانه من الاسى الذى هو الحزن، وتثنيته أسوان، ولا حجة في أسيت عليه لانكسار السين، ويقال: رجل أسوان بالواو، وقيل هى من الياء يقال: رجل أسيان أيضا.
قوله تعالى (نبأ ابنى آدم) الهمزة في ابنى همزة وصل كما هى في الواحد، فأما همزة أبناء في الجمع فهمزة قطع لانها حادثة للجمع (إذ قربا) ظرف لنبأ أو حال منه، ولا يكون ظرفا لاتل. وبالحق حال من الضمير في اتل: أى محقا أو صادقا (قربانا) هو في الاصل مصدر، وقد وقع هنا موضع المفعول به، والاصل إذ قربا قربانين، لكنه لم يثن لان المصدر لا يثنى.
وقال أبوعلى: تقديره إذ قرب كل واحد منهما قربانا كقوله " فاجلدوهم ثمانين جلدة " أى كل واحد منهم (قال لاقتلنك) أى قال المردود عليه للمقبول منه ومفعول (يتقبل) محذوف: أى يتقبل من المتقين قرابينهم وأعمالهم.
قوله تعالى (بإثمى وإثمك) في موضع الحال: أى ترجع حاملا للاثمين.
[214]
قوله تعالى (فطوعت) الجمهور على تشديد الواو، ويقرأ " طاوعت " بالالف والتخفيف وهما لغتان، والمعنى: زينت وقال قوم: طاوعت تتعدى بغير لام، وهذا خطأ لان التى تتعدى بغير اللام تتعدى إلى مفعول واحد وقد عداه هاهنا إلى (قتل أخيه) وقيل التقدير طاوعته نفسه على قتل أخيه فزاد اللام وحذف على.
(1/116)
قوله تعالى (كيف يوارى) كيف في موضع الحال من الضمير في يوارى، والجملة في موضع نصب بيرى، والسوأة يجوز تخفيف همزتها بإلقاء حركتها على الواو فتبقى سوأة أخيه، ولاتقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها لان حركتها عارضة والالف في (ويلتى) بدل من ياء المتكلم، والمعنى: ياويله احضرى فهذا وقتك (فأوارى) معطوف على أكون، وذكر بعضهم أنه يجوز أن ينتصب على جواب الاستفهام وليس بشئ، إذ ليس المعنى أيكون منى عجز فمواراة، ألا ترى أن قولك أين بيتك فأزورك، معناه: لو عرفت لزرت، وليس المعنى هنا لو عجزت لواريت.
قوله تعالى (من أجل) من تتعلق ب (كتبنا) ولاتتعلق بالنادمين، لانه يحسن الابتداء بكتبنا هنا، والهاء في (إنه) للشان، و (من) شرطية، و (بغير) حال من الضمير في قتل: أى من قتل نفسا ظالما (أو فساد) معطوف على نفس، وقرئ في الشاذ بالنصب: أى أو عمل فسادا، أو أفسد فسادا: أى إفساد فوضعه موضع المصدر مثل العطاء، و (بعد ذلك) ظرف ل (مسرفون) ولا تمنع لام التوكيد ذلك.
قوله تعالى (يحاربون الله) أى أولياء الله فحذف المضاف، و (أن يقتلوا) خبر جزاء، وكذلك المعطوف عليه، وقد ترئ فيهن بالتخفيف، و (من خلاف) حال من الايدى والارجل: أى مختلفة (أو ينفوا من الارض) أى من الارض التى يريدون الاقامة بها فحذف الصفة، و (ذلك) مبتدأ، و (لهم خزى) مبتدأ وخبر في موضع خبر ذلك، و (في الدنيا) صفة خزى، ويجوز أن يكون ظرفا له ويجوز أن يكون خزى خبر ذلك ولهم صفة مقدمة فتكون حالا، ويجوز أن يكون في الدنيا ظرفا للاستقرار.
قوله تعالى (إلا الذين) استثناء من الذين يحاربون في موضع نصب، وقيل يجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء، والعائد عليه من الخبر محذوف: أى (فإن الله غفور) لهم أو (رحيم) بهم.
قوله تعالى (إليه الوسيلة) يجوز أن يتعلق إلى بابتغوا، وأن يتعلق بالوسيلة لان الوسيلة بمعنى المتوسل به فيعمل فيما قبله، ويجوز أن يكون حالا، أى الوسيلة كائنة إليه.
(1/117)
[215]
قوله تعالى (من عذاب يوم القيامة) العذاب اسم للتعذيب، وله حكمه في العمل، وأخرجت إضافته إلى يوم يوما عن الظرفية.
قوله تعالى (والسارق والسارقة) مبتدأ. وفى الخبر وجهان: أحدهما هو محذوف تقديره عند سيبويه: وفيما يتلى عليكم، ولا يجوز أن يكون عنده (فاقطعوا) هو الخبر من أجل الفاء، وإنما يجوز ذلك فيما إذا كان المبتدأ الذى وصلته بالفعل أو الظرف لانه يشبه الشرط والسارق ليس كذلك.
والثانى الخبر فاقطعوا أيديهما لان الالف واللام في السارق بمنزلة الذى إذ لايراد به سارق بعينه (وأيديهما) بمعنى يديهما لان المقطوع من السارق والسارقة يميناهما فوضع الجمع موضع الاثنين، لانه ليس في الانسان سوى يمين واحدة، وما هذا سبيله يجعل الجمع فيه مكان الاثنين، ويجوز أن يخرج على الاصل، وقد جاء في بيت واحد، قال الشاعر: ومهمهين فدفدين مرتين * ظهراهما مثل ظهور الترسين (جزاء) مفعول من أجله أو مصدر لفعل محذوف: أى جازاهما جزاء، وكذلك (نكالا).
قوله تعالى (لا يحزنك) نهى، والجيد فتح الياء وضم الزاى، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى من أحزننى وهى لغة (من الذين قالوا) في موضع نصب على الحال من الضمير في يسارعون، أو من الذين يسارعون (بأفواههم) يتعلق بقالوا: أى قالوا بأفواههم آمنا (ولم تؤمن قلوبهم) الجملة حال (ومن الذين هادوا) معطوف على قوله " من الذين قالوا آمنا " و (سماعون) خبر مبتدإ محذوف: أى هم سماعون، وقيل سماعون مبتدأ، ومن الذين هادوا خبره (للكذب) فيه وجهان: أحدهما اللام زائدة تقديره سماعون الكذب.
(1/118)
والثانى ليست زائدة، والمفعول محذوف، والتقدير سماعون أخباركم للكذب. أى ليكذبوا عليكم فيها، و (سماعون) الثانية تكريرا للاولى، و (لقوم) متعلق به: أى لاجل قوم، ويجوز أن تتعلق اللام في لقوم بالكذب، لان سماعون الثانية مكررة، والتقدير: ليكذبوا لقوم آخرين، و (لم يأتوك) في موضع جر صفة أخرى لقوم (يحرفون) فيه وجهان: أحدهما هو مستأنف لا موضع له، أو في موضع رفع خبر لمبتدإ محذوف: أى هم يحرفون.
[216]
والثانى ليست بمستأنف بل هو صفة لسماعون: أى سماعون محرفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في سماعون، ويجوز أن يكون صفة أخرى لقوم: أى محرفين و (من بعد مواضعه) مذكور في النساء (يقولون) مثل يحرفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يحرفون (من الله شيئا) في موضع الحال التقدير: شيئا كائنا من أمر الله.
قوله تعالى (سماعون للكذب) أى هم سماعون، ومثله (أكالون للسحت) والسحت والسحت لغتان وقد قرئ بهما (فلن يضروك شيئا) في موضع المصدر: أى ضررا.
قوله تعالى (وكيف يحكمونك) كيف في موضع نصب عل الحال من الضمير الفاعل في يحكمونك (وعندهم التوراة) جملة في موضع الحال، والتوراة مبتدأ، وعندهم الخبر، ويجوز أن ترفع التوراة بالظرف (فيها حكم الله) في موضع الحال، والعامل فيها مافى عند من معنى الفعل، وحكم الله مبتدأ أو معمول الظرف.
(1/119)
قوله تعالى (فيها هدى ونور) في موضع الحال من التوراة (يحكم بها النبيون) جملة في الحال من الضمير المجرور فيها (للذين هادوا) اللام تتعلق بيحكم (والربانيون والاحبار) عطف على النبيون (بما استحفظوا) يجوز أن يكون بدلا من قوله بها في قوله " يحكم بها " وقد أعاد الجار لطول الكلام وهو جائز أيضا وإن لم يطل، وقيل الربانيون مرفوع بفعل محذوف، والتقدير: ويحكم الربانيون والاحبار بما استحفظوا، وقيل هو مفعول به: أى يحكمون بالتوراة بسبب استحفاظهم ذلك، و " ما " بمعنى الذى: أى بما استحفظوه (من كتاب الله) حال من المحذوف أو من " ما "، و (عليه) يتعلق ب (شهداء).
قوله تعالى (النفس بالنفس) بالنفس في موضع رفع خبر أن، وفيه ضمير وأما (العين) إلى قوله (والسن) فيقرأ بالنصب عطفا على ما عملت فيه أن، وبالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مبتدأ والمجرور خبره، وقد عطف جملا على جملة. والثانى أن المرفوع منها معطوف على الضمير في قوله بالنفس، والمجررات على هذا أحوال مبينة للمعنى، لان المرفوع على هذا فاعل للجار، وجاز العطف من غير توكيد كقوله تعالى " ما أشركنا ولا آباؤنا ". والثالث أنها معطوفة على المعنى، لان معنى كتبنا عليهم قلنا لهم النفس بالنفس ولا يجوز أن يكون معطوفا على أن وما عملت فيه لانها وما عملت فيه في موضع نصب.
وأما قوله (والجروح) فيقرأ بالنصب حملا على النفس، وبالرفع وفيه الاوجه الثلاثة، ويجوز أن يكون مستأنفا: أى والجروح قصاص في شريعة محمد، والهاء في (به) للقصاص، و (فهو) كناية عن التصدق والهاء في (له) للمتصدق.
[217]
(1/120)
قوله تعالى (مصدقا) الاول حال من عيسى، و (من التوراة) حال من " ما " أو من الضمير في الظرف، و (فيه هدى) جملة في موضع الحال من الانجيل و (مصدقا) الثانى حال أخرى من الانجيل، وقيل من عيسى أيضا (وهدى وموعظة) حال من الانجيل أيضا، ويجوز أن يكون من عيسى: أى هاديا وواعظا أو ذا هدى وذا موعظة، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله: أى قفينا للهدى، أو وآتيناه الانجيل للهدى.
وقد قرئ في الشاذ بالرفع: أى وفى الانجيل هدى وموعظة وكرر الهدى توكيدا.
قوله تعالى (وليحكم) يقرأ بسكون اللام والميم على الامر، ويقرأ بكسر اللام وفتح الميم على أنها لام كى: أى وقفينا ليؤمنوا وليحكم.
قوله تعالى (بالحق) حال من الكتاب (مصدقا) حال من الضمير في قوله بالحق، ولايكون حالا من الكتاب إذ لايكون حالان لعامل واحد (ومهيمنا) حال أيضا، ومن الكتاب حال من " ما " أو من الضمير في الظرف، والكتاب الثانى جنس، وأصل مهيمن ميمن لانه مشتق من الامانة لان المهيمن الشاهد، وليس في الكلام همن حتى تكون الهاء أصلا (عما جاء ك) في موضع الحال: أى عادلا عما جاء ك، و (من الحق) حال من الضمير في " جاء ك " أو من " ما " (لكل جعلنا منكم) لا يجوز أن يكون منكم صفة لكل لان ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالاجنبى الذى لا تشديد فيه للكلام، ويوجب أيضا أن يفصل بين جعلنا وبين معمولها، وهو (شرعة) وإنما يتعلق بمحذوف تقديره: أعنى، وجعلنا هاهنا إن شئت جعلتها المتعدية إلى مفعول واحد، وإن شئت جعلتها بمعنى صيرنا (ولكن ليبلوكم) اللام تتعلق بمحذوف تقديره: ولكن فرقكم ليبلوكم (مرجعكم جميعا) حال من الضمير المجرور.
وفى العامل وجهان: أحدهما المصدر المضاف لانه في تقدير: إليه ترجعون جميعا، والضمير المجرور فاعل في المعنى أو قائم مقام الفاعل. والثانى أن يعمل فيه الاستقرار الذى ارتفع به مرجعكم أو الضمير الذى في الجار.
[218]
(1/121)
قوله تعالى (وأن احكم بينهم) في أن وجهان: أحدهما هى مصدرية، والامر صلة لها. وفى موضعها ثلاثة أوجه: أحدها نصب عطفا على الكتاب في قوله " وأنزلنا إليك الكتاب " أى وأنزلنا إليك الحكم.
والثانى جر عطفا على الحق: أى أنزلنا إليك بالحق وبالحكم، ويجوز على هذا الوجه أن يكون نصبا لما حذف الجار.
والثالث أن يكون في موضع رفع تقديره: وأن احكم بينهم بما نزل الله أمرنا أو قولنا، وقيل أن بمعنى: أى، وهو بعيد لان الواو تمنع من ذلك والمعنى يفسد ذلك، لان أن التفسيرية ينبغى أن يسبقها قول يفسر بها، ويمكن تصحيح هذا القول على أن يكون التقدير: وأمرناك، ثم فسر هذا الامر باحكم (أن يفتنوك) فيه وجهان: أحدهما هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال: أى احذرهم فتنتهم. والثانى أن يكون مفعولا من أجله: أى مخافة أن يفتنوك.
قوله تعالى (أفحكم الجاهلية) يقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وفتح الميم والناصب له يبغون، ويقرأ بفتح الجميع، وهو أيضا منصوب بيبغون: أى احكم حكم الجاهلية، ويقرأ تبغون بالتاء على الخطاب لان قبله خطابا، ويقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وضم الميم على أنه مبتدأ، والخبر يبغون، والعائد محذوف: أى يبغونه وهو ضعيف، وإنما جاء في الشعر إلا أنه ليس بضرورة في الشعر، والمستشهد به على ذلك قول أبى النجم: قد أصبحت أم الخيار تدعى * على ذنبا كله لم أصنع فرفع كله، ولو نصب لم يفسد الوزن (ومن أحسن) مبتدأ وخبر، وهو استفهام في معنى النفى، و (حكما) تمييز، و (لقوم) هو في المعنى عند قوم (يوقنون) وليس المعنى أن الحكم لهم، وإنما المعنى أن الموقن يتدبر حكم الله فيحسن عنده، ومثله " إن في ذلك لآية للمؤمنين - ولقوم يوقنون " ونحو ذلك، وقيل هى على أصلها، والمعنى: إن حكم الله للمؤمنين على الكافرين، وكذلك الآية لهم: أى الحجة لهم.
قوله تعالى (بعضهم أولياء بعض) مبتدأ وخبر لاموضع له.
(1/122)
قوله تعالى (فترى الذين) يجوز أن يكون من رؤية العين فيكون (يسارعون) في موضع الحال، ويجوز أن يكون بمعنى تعرف فيكون يسارعون حالا أيضا، ويجوز أن يكون من رؤية القلب المتعدية إلى مفعولين فيكون يسارعون المفعول الثانى، وقرئ في الشاذ بالياء والفاعل الله تعالى، و (يقولون) حال من ضمير الفاعل في يسارعون، و (دائرة) صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف (أن يأتى) في موضع نصب خبر عسى، وقيل هو في موضع رفع بدلا من اسم الله (فيصبحوا) معطوف على يأتى.
سورة الانعام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (بربهم) الباء تتعلق ب (يعدلون) أى الذين كفروا يعدلون بربهم غيره، والذين كفروا مبتدأ، ويعدلون الخبر، والمفعول محذوف. ويجوز على هذا أن تكون الباء بمعنى عن، فلا يكون في الكلام مفعول محذوف، بل يكون يعدلون لازما: أى يعدلون عنه إلى غيره، ويجوز أن تتعلق الباء بكفروا فيكون المعنى: الذين جحدوا ربهم مائلون عن الهدى.
قوله تعالى (خلقكم من طين) في الكلام حذف مضاف: أى خلق أصلكم ومن طين متعلق بخلق، ومن هنا لابتداء الغاية، ويجوز أن تكون حالا: أى خلق أصلكم كائنا من طين (وأجل مسمى) مبتدأ موصوف، و (عنده) الخبر.
[235]
قوله تعالى (وهو الله) وهو مبتدأ والله الخبر. و (في السموات) فيه وجهان: أحدهما يتعلق ب (يعلم) أى يعلم سركم وجهركم في السموات والارض، فهما ظرفان للعلم فيعلم على هذا خبر ثان، ويجوز أن يكون الله بدلا من هو ويعلم الخبر. والثانى أن يتعلق " في " باسم الله لانه بمعنى المعبود: أى وهو المعبود في السموات والارض.
ويعلم على هذا خبر ثان أو حال من الضمير في المعبود أو مستأنف.
(1/123)
وقال أبوعلي: لايجوز أن تتعلق " في " باسم الله لانه صار بدخول الالف واللام والتغيير الذى دخله كالعلم ولهذا قال تعالى " هل تعلم له سميا " وقيل قد تم الكلام على قوله " في السموات وفى الارض " يتعلق بيعلم، وهذا ضعيف لانه سبحانه معبود في السموات وفى الارض ويعلم مافى السماء والارض فلا اختصاص لاحدى الصفتين بأحد الظرفين، و (سركم وجهركم) مصدران بمعنى المفعولين: أى مسركم ومجهوركم، ودل على ذلك قوله " يعلم ماتسرون وماتعلنون " أى الذى، ويجوز أن يكونا على بابهما.
قوله تعالى (من آية) موضعه رفع بتأتى، ومن زائدة، و (من آيات) في موضع جر صفة لآية، ويجوز أن تكون في موضع رفع على موضع آية.
قوله تعالى (لما جاء هم) لما ظرف لكذبوا، وهذا قد عمل فيها وهو قبلها، ومثله إذا، و (به) متعلق ب (يستهزئون).
(1/124)
قوله تعالى (كم أهلكنا) كم استفهام بمعنى التعظيم. فلذلك لايعمل فيها يروا وهى في موضع نصب بأهلكنا، فيجوز أن تكون كم مفعولا به، ويكون (من قرن) تبيينا لكم، ويجوز أن يكون ظرفا، ومن قرن مفعول أهلكنا، ومن زائدة أى كم أزمنة أهلكنا فيها من قبلهم قرونا، ويجوز أن يكون كم مصدرا: أى كم مرة وكم إهلاكا وهذا يتكرر في القرآن كثيرا (مكناهم) في موضع جر صفة القرن، وجمع على المعنى (مالم نمكن لكم) رجع من الغيبة في قوله " ألم يروا " إلى الخطاب في لكم، ولو قال لهم لكان جائزا و " ما " نكرة موصوفة، والعائد محذوف: أى شيئا لم نمكنه لكم، ويجوز أن تكون " ما " مصدرية والزمان محذوف أى مدة مالم نمكن لكم: أى مدة تمكنهم أطول من مدتكم، ويجوز أن تكون " ما " مفعول نمكن على المعنى، لان المعنى أعطيناهم مالم نعطكم، و (مدرارا) حال من السماء، و (تجرى) المفعول الثانى لجعلنا أو حال من الانهار إذا جعلت جعل متعدية إلى واحد، و (من تحتهم) يتعلق بتجرى، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تجرى: أى وهى من تحتهم، ويجوز أن يكون من تحتهم مفعولا ثانيا لجعل أو حالا من الانهار.
[236]
وتجرى في موضع الحال من الضمير في الجار: أى وجعلنا الانهار من تحتهم جارية: أى استقرت جارية، و (من بعدهم) يتعلق بأنشأنا، ولايجوز أن يكون حالا من قرن لانه ظرف زمان.
قوله تعالى (في قرطاس) نعت لكتاب، ويجوز أن يتعلق بكتاب على أنه ظرف له، والكتاب هنا المكتوب في الصحيفة لانفس الصحيفة، والقرطاس بكسر القاف وفتحها لغتان وقد قرئ بهما، والهاء في (لمسوه) يجوز أن ترجع على قرطاس، وأن ترجع على كتاب.
قوله تعالى (مايلبسون) " ما " بمعنى الذى وهو مفعول " لبسنا ".
(1/125)
قوله تعالى (ولقد استهزئ) يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين، وبضمها على أنه أتبع حركتها حركة التاء لضعف الحاجز بينهما، و (ما) بمعنى الذى، وهو فاعل حاق، و (به) يتعلق ب (يستهزء ون) ومنهم الضمير للرسل فيكون منهم متعلقا بسخروا لقوله " فيسخرون منهم " ويجوز في الكلام سخرت به، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين فيكون منهم حالا من ضمير الفاعل في سخروا.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها، ولم يؤنث الفعل لان العاقبة بمعنى المعاد فهو في معنى المذكر، ولان التأنيث غير حقيقى.
قوله تعالى (لمن) من استفهام، و (ما) بمعنى الذى في موضع مبتدإ، ولمن خبره (قل لله) أى قل هو لله (ليجمعنكم) قيل موضعه نصب بدلا من للرحمة وقيل لاموضع له بل هو مستأنف واللام فيه جواب قسم محذوف وقع كتب موقعه (لاريب فيه) قد ذكر في آل عمران والنساء (الذين خسروا) مبتدأ (فهم) مبتدأ ثان، و (لايؤمنون) خبره، والثانى وخبره خبر الاول، ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط.
وقال الاخفش: للذين خسروا: بدل من المنصوب في ليجمعنكم، وهو بعيد لان ضمير المتكلم والمخاطب لايبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح، وغيرهما دونهما في ذلك.
قوله تعالى (أغير الله) مفعول أول (أتخذ) و (وليا) الثانى، ويجوز أن يكون أتخذ متعديا إلى واحد وهو ولى، وغير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا ولايجوز أن تكون غير هنا استثناء (فاطر السموات) يقرأ بالجر وهو المشهور، وجره على البدل من اسم الله، وقرئ شاذا بالنصب وهو بدل من ولى، والمعنى
[237]
(1/126)
على هذا: أجعل فاطر السموات والارض غير الله، ويجوز أن يكون صفة لولى، والتنوين مراد، وهو على الحكاية: أى فاطر السموات (وهو يطعم) بضم الياء وكسر العين (ولايطعم) بضم الياء وفتح العين وهو المشهور، ويقرأ " ولايطعم " بفتح الياء والعين، والمعنى على القراء تين يرجع إلى الله، وقرئ في الشاذ " وهو يطعم " يفتح الياء والعين، ولايطعم بضم الياء وكسر العين، وهذا يرجع إلى الولى الذى هو غير الله (من أسلم) أى أول فريق أسلم (ولاتكونن) أى وقيل لى لاتكونن، ولو كان معطوفا على ماقبله لقال وأن لاأوكون.
قوله تعالى (من يصرف عنه) يقرأ بضم الياء وفتح الراء على مالم يسم فاعله، وفى القائم مقام الفاعل وجهان: أحدهما (يومئذ) أى من يصرف عنه عذاب يومئذ فحذف المضاف، ويومئذ مبنى على الفتح. والثانى أن يكون مضمرا في يصرف يرجع إلى العذاب فيكون يومئذ ظرفا ليصرف أو للعذاب أو حالا من الضمير، ويقرأ بفتح الياء وكسر الراء على تسمية الفاعل: أى من يصرف الله عنه العذاب، فمن على هذا مبتدأ، والعائد عليه الهاء في عنه، وفى (رحمه) والمفعول محذوف وهو العذاب، ويجوز أن يكون المفعول يومئذ: أى عذاب يومئذ، ويجوز أن تجعل " من " في موضع نصب بفعل محذوف تقديره: من يكرم يصرف الله عنه العذاب، فجعلت يصرف تفسيرا للمحذوف، ومثله " فإياى فارهبون " ويجوز أن ينصب من يصرف، وتجعل الهاء في عنه للعذاب: أى أى إنسان يصرف الله عنه العذاب فقد رحمه، فأما " من " على القراء ة الاولى فليس فيها إلا الرفع على الابتداء، والهاء في عنه يجوز أن ترجع على " من " وأن ترجع على العذاب.
قوله تعالى (فلا كاشف له) له خبر كاشف (إلا هو) بدل من موضع لاكاشف، أو من الضمير في الظرف، ولايجوز أن يكون مرفوعا بكاشف، ولابدلا من الضمير فيه لانك في الحالتين اسم " لا " ومتى أعملته ظاهرا نونته.
(1/127)
قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) هو مبتدأ، والقاهر خبره، وفى فوق وجهان: أحدهما هو أنه في موضع نصب على الحال من الضمير في القاهر: أى وهو القاهر مستعليا أو غالبا. والثانى هو في موضع رفع على أنه بدل من القاهر أو خبر ثان، قوله تعالى (أى شئ) مبتدأ و (أكبر) خبره، (شهادة) تمييز، وأى بعض ماتضاف إليه، فإذا كانت استفهاما اقتضى الظاهر أن يكون جوابها مسمى باسم ماأضيف إليه: أى وهذا يوجب أن يسمى الله شيئا، فعلى هذا يكون قوله (قل الله)
[238]
جوابا والله مبتدأ والخبر محذوف: أى أكبر شهادة، وقوله (شهيد) خبر مبتدإ محذوف، ويجوز أن يكون الله مبتدأ وشهيد خبره، ودلت هذه الجملة على جواب أى من طريق المعنى، و (بينكم) تكرير للتأكيد، والاصل شهيد بيننا، ولك أن تجعل بين ظرفا يعمل فيه شهيد، وأن تجعله صفة لشهيد فيتعلق بمحذوف (ومن بلغ) في موضع نصب عطفا على المفعول في أنذركم وهو بمعنى الذى، والعائد محذوف، والفاعل ضمير القرآن: أى وأنذر من بلغه القرآن (قل إنما هو إله واحد) في ماوجهان: أحدهما هى كافة لان عن العمل فعلى هذا هو مبتدأ وإله خبره، وواحد صفة مبينة. وقد ذكر مشروحا في البقرة. والثانى أنها بمعنى الذى في موضع نصب بأن وهو مبتدأ وإله خبره، والجملة صلة الذى، وواحد خبر إن وهذا أليق بما قبله.
قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب) في موضع رفع بالابتداء، و (يعرفونه) الخبر والهاء ضمير الكتاب، وقيل ضمير النبى صلى الله عليه وسلم (الذين خسروا أنفسهم) مثل الاولى.
قوله تعالى (ويوم نحشرهم) هو مفعول به، والتقدير: واذكر يوم نحشرهم و (جميعا) حال من ضمير المفعول ومفعولا (تزعمون) محذوفان: أى تزعمونهم شركاء كم، ودل على المحذوف ماتقدم.
(1/128)
قوله تعالى (ثم لم تكن) يقرأ بالتاء، ورفع الفتنة على أنها اسم كان، و (أن قالوا) الخبر، ويقرأ كذلك إلا أنه بالياء لان تأنيث الفتنة غير حقيقى، ولان الفتنة هنا بمعنى القول، ويقرأ بالياء، ونصب الفتنة على أن اسم كان أن قالوا وفتنتهم الخبر، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتاء على معنى أن قالوا، لان أن قالوا بمعنى القول والمقالة والفتنة (ربنا) يقرأ بالجر صفة لاسم الله، وبالنصب على النداء أو على إضمار أعنى وهو معترض بين القسم والمقسم عليه، والجواب (ماكنا).
قوله تعالى (من يستمع) وحد الضمير في الفعل حملا على لفظ " من " وماجاء منه على لفظ الجمع، فعلى معنى " من " نحو: " من يستمعون " و " من يغوصون له " (أن يفقهوه) مفعول من أجله: أى كراهة أن يفقهوه، و (وقرا) معطوف على أكنة، ولايعد الفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف فصلا لان الظرف أحد المفاعيل، فيجوز تقديمه وتأخيره، ووحد الوقر هنا لانه مصدر، وقد استوفى القول فيه في أول البقرة (حتى إذا) إذا في موضع نصب بجوابها، وهو يقول:
[239]
وليس لحتى هنا عمل وإنما أفادت معنى الغاية كما لاتعمل في الجمل، و (يجادلونك) حال من ضمير الفاعل في جاء وك. والاساطير جمع. واختلف في واحده، فقيل هو أسطورة، وقيل واحدها إسطار، والاسطار جمع سطر بتحريك الطاء، فيكون أساطير جمع الجمع، فأما سطر بسكون الطاء فجمعه سطور وأسطر.
قوله تعالى (وينأون) يقرأ بسكون النون، وتحقيق الهمزة وبإلقاء حركة الهمزة على النون وحذفها فيصير اللفظ بها ينون بفتح النون وواو ساكنة بعدها، و (أنفسهم) مفعول يهلكون.
قوله تعالى (ولو ترى) جواب " لو " محذوف تقديره: لشاهدت أمرا عظيما ووقف متعد، وأوقف لغة ضعيفة، والقرآن جاء بحذف الالف، ومنه وقفوا فبناؤه لما لم يسم فاعله ومنه وقفوهم (ولانكذب، ونكون) يقرآن بالرفع.
(1/129)
وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على نرد، فيكون عدم التكذيب والكون من المؤمنين متمنين أيضا كالرد، والثانى أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى ونحن لانكذب، وفى المعنى وجهان: أحدهما أنه متمنى أيضا، فيكون في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد. والثانى أن يكون المعنى أنهم ضمنوا أن لايكذبوا بعد الرد، فلا يكون للجملة موضع. ويقرآن بالنصب على أنه جواب التمنى، فلا يكون داخلا في التمنى، والواو في هذا كالفاء. ومن القراء من رفع الاول ونصب الثانى، ومنهم من عكس، ووجه كل واحدة منهما على ماتقدم.
قوله تعالى (إن هى إلا) هى كناية عن الحياة، ويجوز أن يكون ضمير القصة.
قوله تعالى (وقفوا على ربهم) أى على سؤال ربهم، أو على ملك ربهم.
قوله تعالى (بغتة) مصدر في موضع الحال: أى باغتة، وقيل هو مصدر لفعل محذوف، أى تبغتهم بغتة وقيل هو مصدر بجاء تهم من غير لفظه (ياحسرتنا) نداء الحسرة والويل على المجاز، والتقدير: ياحسرة احضرى فهذا أوانك، والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة، و (على) متعلقة بالحسرة، والضمير في (فيها) يعود على الساعة، والتقدير: في عمل الساعة، وقيل يعود على الاعمال، ولم يجر لها صريح ذكر، ولكن في الكلام دليل عليها (ألا ساء مايزرون) ساء بمعنى بئس، وقد تقدم إعرابه في مواضع. ويجوز أن تكون ساء على بابها ويكون المفعول محذوفا، ومامصدرية أو بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، وهى في كل ذلك فاعل ساء، والتقدير: ألا ساء هم وزرهم.
[240]
قوله تعالى (وللدار الآخرة) يقرأ بالالف واللام، ورفع الآخرة على الصفة والخبر (خير) ويقرأ " ولدار الآخرة " على الاضافة: إى دار الساعة الآخرة، وليست الدار مضافة إلى صفتها لان الصفة هى الموصوف في المعنى، والشئ لايضاف إلى نفسه، وقد أجازه الكوفيون.
(1/130)
قوله تعالى (قد نعلم) أى قد علمنا، فالمستقبل بمعنى الماضى (لايكذبونك) يقرأ بالتشديد على معنى لاينسبونك إلى الكذب، أى قبل دعواك النبوة، بل كانوا يعرفونه بالامانة والصدق، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما هو في معنى المشدد، يقال أكذبته وكذبته إذا نسبته إلى الكذب. والثانى لايجدونك كذبا يقال: أكذبته إذا أصبته، كذلك كقولك: أحمدته إذا أصبته محمودا (بآيات الله) الباء تتعلق ب (يجحدون) وقيل تتعلق بالظالمين كقوله تعالى " وآيتنا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ".
قوله تعالى (من قبلك) لايجوز أن يكون صفة لرسل لانه زمان، والجثة لاتوصف بالزمان وإنما هى متعلقة بكذبت (وأوذوا) يجوز أن يكون معطوفا على كذبوا، فتكون (حتى) متعلقة بصبروا، ويجوز أن يكون الوقف تم على كذبوا، ثم أستأنف فقال: وأوذوا، فتتعلق حتى به، والاول أقوى (ولقد جاء ك) فاعل جاء ك مضمر فيه، قيل المضمر المجئ، وقيل المضمر النبأء، ودل عليه ذكر الرسل لان من ضرورة الرسل الرسالة وهى نبأء، وعلى كلا الوجهين يكون (من نبإ المرسلين) حالا من ضمير الفاعل، والتقدير: من جنس نبأ المرسلين، وأجاز الاخفش أن تكون من زائدة والفاعل نبأ المرسلين وسيبويه لايجيز زيادتها في الواجب ولايجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف لان الفاعل لايحذف، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصح أن يكون فاعلا لان حرف الجر يعدى، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد، ونبأ المرسلين بمعنى إنبائهم، ويدل على ذلك قوله تعالى " نقص عليك من أنباء الرسل ".
قوله تعالى (وإن كان كبر عليك) جواب إن هذه (فإن استطعت) فالشرط الثانى جواب الاول.
وجواب الشرط الثانى محذوف تقديره: فافعل، وحذف لظهور معناه وطول الكلام (في الارض) صفة لنفق، ويجوز أن يتعلق بتبتغى، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أى وأنت في الارض، ومثله (في السماء).
[241]
(1/131)
قوله تعالى (والموتى يبعثهم الله) في الموتى وجهان: أحدهما هو في؟؟ موضع نصب بفعل محذوف: أى ويبعث الله الموتى، وهذا أقوى لانه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل. والثانى أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر. ويستجيب بمعنى يجيب.
قوله تعالى (من ربه) يجوز أن يكون صفة لآية، وأن يتعلق بنزل.
قوله تعالى (في الارض) يجوز أن يكون في موضع جر صفة لدابة، وفى موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع، لان من زائدة (ولاطائر) معطوف على لفظ دابة وقرئ بالرفع على الموضع (بجناحيه) يجور أن تتعلق الباء بيطير، وأن تكون حالا وهو توكيد، وفيه رفع مجاز، لان غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع (من شئ) " من " زائدة " وشئ " هنا واقع موقع المصدر: أى تفريطا، وعلى هذا التأويل لايبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوى على ذكر كل شئ صريحا. ونظير ذلك " لايضركم كيدهم شيئا ": أى ضررا، وقد ذكرنا له نظائر، ولايجوز أن يكون شيئا مفعولا به، لان فرطنا لاتتعدى بنفسها بل بحرف الجر، وقد عديت بفى إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف اخر، ولايصح أن يكون المعنى ماتركنا في الكتاب من شئ، لان المعنى على خلافه، فبان أن التأويل ماذكرنا.
قوله تعالى (والذين كذبوا) مبتدأ، و (صم بكم) الخبر مثل حلو حامض والواو لاتمنع ذلك، ويجوز أن يكون صم خبر مبتدأ: محذوف تقديره: بعضهم صم وبعضهم بكم (في الظلمات) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا من الضمير المقدر في الخبر، والتقدير: أى هم في الظلمات، ويجوز أن يكون في الظلمات خبر مبتدإ محذوف: أى هم في الظلمات، ويجوز أن يكون صفة لبكم: أى كائنون في الظلمات، ويجوز أن يكون ظرفا لصم أو بكم أو لما ينوب عنهما من الفعل (من يشإ الله) من في موضع مبتدإ، والجواب الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف، لان التقدير: من يشإ الله إضلاله أو عذابه، فالمنصوب بيشأ من سبب " من " فيكون التقدير: من يعذب أو من يضلل. ومثله مابعده.
(1/132)
قوله تعالى (قل أرأيتكم) يقرأ بإلقاء حركة الهمزة على اللام فتنفتح اللام وتحذف الهمزة، وهو قياس مطرد في القرآن وغيره، والغرض منه التخفيف. ويقرأ بالتحقيق وهو الاصل، وأما الهمزة التى بعد الراء فتحقق على الاصل، وتلين للتخفيف وتحذف، وطريق ذلك أن تقلب ياء وتسكن ثم تحذف لالتقاء الساكنين
[242]
قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التى للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث، وتختلف هذه المعانى على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك، ومنه قوله تعالى " أرأيتك هذا الذى كرمت على " وفى التثنية أرأيتكما، وفى الجمع المذكر أرأيتكم، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة، والكاف حرف للخطاب وليست اسما، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لاجار هنا، أو مرفوعة، وهو باطل أيضا لامرين: أحدهما أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع.
والثانى أنه لارافع لها، إذ ليست فاعلا لان التاء فاعل، ولايكون لفعل واحد فاعلان، وإما أن تكون منصوبة، وذلك باطل لثلاثة أوجه: أحدها أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك: أرأيت زيدا مافعل، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا، والثانى أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ولذلك قلت أرأيتك زيدا، وزيد غير المخاطب، ولاهو بدل منه، والثالث أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء، فكنت تقول: أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن.
وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه.
(1/133)
فأما مفعول أرأيتكم في هذه الآية، فقال قوم هو محذوف دل الكلام عليه تقديره: أرأيتكم عبادتكم الاصنام هل تنفعكم عند مجئ الساعة، ودل عليه قوله " أغير الله تدعون " وقال آخرون: لايحتاج هذا إلى مفعول لان الشرط وجوابه قد حصل معنى المفعول، وأما جواب الشرط الذى هو قوله (إن أتاكم عذاب الله) فما دل عليه الاستفهام في قوله (أغير الله) تقديره: إن أتتكم الساعة دعوتم الله، وغير منصوب ب (تدعون).
قوله تعالى (بل إياه) هو مفعول (تدعون) الذى بعده (إليه) يجوز أن يتعلق بتدعون، وأن يتعلق بيكشف: أى يرفعه إليه، و " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، وليست مصدرية إلا أن تجعلها مصدرا بمعنى المفعول.
قوله تعالى (بالبأساء والضراء) فعلاء فيهما مؤنث لم يستعمل منه مذكر لم يقولوا بأس وبأساء وضر وضراء كما قالوا أحمر وحمراء.
قوله تعالى (فلولا إذ) " إذ " في موضع نصب ظرف ل (تضرعوا) أى فلولا تضرعوا إذ (ولكن) استدراك على المعنى: أى ماتضرعوا ولكن.
[243]
قوله تعالى (بغتة) مصدرية في موضع الحال من الفاعل: أى مباغتين أو من المفعولين: أى مبغوتين، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى لان أخذناهم بمعنى بغتناهم (فإذا هم) إذا هنا للمفاجأة، وهى ظرف مكان وهم مبتدأ، و (مبلسون) خبره، وهو العامل في إذا.
قوله تعالى (إن أخذ الله سمعكم) قد ذكرنا الوجه في إفراد السمع مع جمع الابصار والقلوب في أول البقرة (من) استفهام في موضع رفع بالابتداء، و (إله) خبره و (غير الله) صفة الخبر، و (يأتيكم) في موضع الصفة أيضا، والاستفهام هنا بمعنى الانكار، والهاء في (به) تعود على السمع لانه المذكور أولا، وقيل تعود على معنى المأخوذ والمحتوم عليه، فلذلك أفرد (كيف) حال، والعامل فيها (نصرف).
قوله تعالى (هل يهلك) الاستفهام هنا بمعنى التقرير، فلذلك ناب عن جواب الشرط: أى إن أتاكم هلكتم.
(1/134)
قوله تعالى (مبشرين ومنذرين) حالان من المرسلين (فمن آمن) يجوز أن يكون شرطا وأن يكون بمعنى الذى وهى مبتدأ في الحالين، وقد سبق القول على نظائره.
قوله تعالى (بما كانوا يفسقون) مامصدرية: أى بفسقهم، وقد ذكر في أوائل البقرة، ويقرأ بضم السين وكسرهاوهما لغتان.
قوله تعالى (بالغداة) أصلها غدوة، فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وهى نكرة. ويقرأ " بالغدوة " بضم الغين وسكون الدال وواو بعدها، وقد عرفها بالالف واللام وأكثر ماتستعمل معرفة علما، وقد عرفها هنا بالالف واللام.
وأما (العشى) فقيل هو مفرد، وقيل هو جمع عشية و (يريدون) حال (من شئ) " من " زائدة وموضعها رفع بالابتداء، وعليك الخبر. ومن حسابهم صفة لشئ قدم عليه فصار حالا، وكذلك الذى بعده إلا أنه قدم من حسابك على عليهم، ويجوز أن يكون الخبر من حسابهم، وعليك صفة لشئ مقدمة عليه (فتطردهم) جواب لما النافية فلذلك نصب (فتكون) جواب النهى وهو " لاتطرد ".
قوله تعالى (ليقولوا) اللام متعلقة بفتنا: أى اختبرناهم ليقولوا فنعاقبهم بقولهم، ويجوز أن تكون لام العاقبة، و (هؤلاء) مبتدأ، و (من الله عليهم) الخبر، والجملة في موضع نصب بالقول، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف فسره مابعده تقديره: أخص هؤلاء أو فضل، و (من) متعلقة بمن:
[244]
أى ميزهم علينا، ويجوز أن تكون حالا: أى من عليهم منفردين، (بالشاكرين) يتعلق بأعلم لانه ظرف، والظرف يعمل فيه معنى الفعل بخلاف المفعول، فإن أفعل لايعمل فيه.
قوله تعالى (وإذا جاء ك) العامل في إذا معنى الجواب: أى إذا جاء ك سلم عليهم، و (سلام) مبتدأ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من معنى الفعل (كتب ربكم) الجملة محكية بعد القول أيضا (أنه من عمل) يقرأ بكسر إن وفتحها، ففى الكسر وجهان: أحدهما هى مستأنفة والكلام تام قبلها.
(1/135)
والثانى أنه حمل " كتب " على قال فكسرت إن بعده، وأما الفتح ففيه وجهان: أحدهما هو بدل من الرحمة: أى كتب أنه من عمل. والثانى أنه مبتدأ وخبره محذوف: أى عليه أنه من عمل، ودل على ذلك ماقبله، والهاء ضمير الشأن، ومن بمعنى الذى أو شرط، وموضعها مبتدأ، و (منكم) في موضع الحال من ضمير الفاعل و (بجهالة) حال أيضا: أى جاهلا ويجوز أن يكون مفعولا به: أى بسبب الجهل، والهاء في (بعده) تعود على العمل أوعلى السوء (فإنه) يقرأ بالكسر وهو معطوف على أن الاولى، أو تكرير للاولى عند قوم، وعلى هذا خبر من محذوف دل عليه الكلام، ويجوز أن يكون العائد محذوفا: أى فإنه غفور له، وإذا جعلت " من " شرطا فالامر كذلك، ويقرأ بالفتح وهو تكرير للاولى على قراء ة من فتح الاولى أو بدل منها عند قوم، وكلاهما ضعيف لوجهين: أحدهما أن البدل لايصحبه حرف معنى إلا أن تجعل الفاء زائدة وهو ضعيف. والثانى أن ذلك يؤدى إلى أن لايبقى لمن خبر ولاجواب إن جعلتها شرطا. والوجه أن تكون أن خبر مبتدأ محذوف: أى فشأنه أنه غفور له، أو يكون المحذوف ظرفا: أى فعليه أنه فتكون أأن إما مبتدأ وإما فاعلا.
قوله تعالى (وكذلك) الكاف وصف لمصدر محذوف: أى نفصل الآيات تفصيلا مثل الذى (وليستبين) يقرأ بالياء، و (سبيل) فاعل: أى يتبين، وذكر السبيل وهو لغة فيه، ومنه قوله تعالى " وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا " ويجوز أن تكون القراء ة بالياء على أن تأنيث السبيل غير حقيقى، ويقرأ بالتاء والسبيل فاعل مؤنث وهو لغة فيه، ومنه " قل هذه سبيلى " ويقرأ بنصب السبيل، والفاعل المخاطب، واللام تتعلق بمحذوف: أى لتستبين فصلنا.
قوله تعالى (وكذبتم) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون حالا، وقد معه مزادة، والهاء في (به) يعود على ربى، ويجوز أن تعود على معنى البينة لانها في معنى
[245]
البرهان والدليل (يقضى الحق) يقرأ بالضاد من القضاء، وبالصاد من القصص، والاول أشبه بخاتمة الآية.
(1/136)
قوله تعالى (مفاتح) هو جمع مفتح، والمفتح الخزانة، فأما مايفتح به فهو مفتاح وجمعه مفاتيح، وقد قيل مفتح أيضا (لايعلمها) حال من مفاتح، والعامل فيها ماتعلق به الظرف، أو نفس الظرف إن رفعت به مفاتح، و (من ورقة) فاعل (ولاحبة) معطوف على لفظ ورقة، ولو رفع على الموضع جاز (ولارطب ولايابس) مثله، وقد قرئ بالرفع على الموضع (إلا في كتاب) أى إلا هو في كتاب، ولايجوز أن يكون استثناء يعمل فيه (يعلمها) لان المعنى يصير: وماتسقط من ورقة إلا يعلمها إلا في كتاب فينقلب معناه(1) إلى الاثبات: أى لايعلمها في كتاب، وإذا لم يكن إلا في كتاب وجب أن يعلمها في الكتاب، فإذا يكون الاستثناء الثانى بدلا من الاول: أى وماتسقط من ورقة إلا هى في كتاب ومايعلمها.
قوله تعالى (بالليل) الباء هنا بمعنى في، وجاز ذلك لان الباء للالصاق، والملاصق للزمان والمكان حاصل فيهما (ليقضى أجل) على مالم يسم فاعله، ويقرأ على تسمية الفاعل، وأجلا نصب.
قوله تعالى (ويرسل عليكم) يحتمل أربعة أوجه: أحدها أن يكون مستأنفا، والثانى أن يكون معطوفا على قوله يتوفاكم، ومابعده من الافعال المضارعة. والثالث أن يكون معطوفا على القاهر، لان اسم الفاعل في معنى يفعل، وهو نظير قولهم الطائر فيغضب زيد الذباب. والرابع أن يكون التقدير وهو يرسل، وتكون الجملة حالا إما من الضمير في القاهر، أو من الضمير في الظرف.
(1/137)
وعليكم فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بيرسل، والثانى أن يكون في نية التأخير. وفيه وجهان: أحدهما أن يتعلق بنفس (حفظة) والمفعول محذوف: أى يرسل من يحفظ عليكم أعمالكم. والثانى أن يكون صفة لحفظة قدمت فصار حالا (توفته) يقرأ بالتاء على تأنيث الجماعة، وبألف ممالة على إرادة الجمع، ويقرأ شاذا " تتوفاه " على الاستقبال (يفرطون) بالتشديد: أى ينقصون مما أمروا، ويقرأ شاذا بالتخفيف: أى يزيدون على ماأمروا، قوله تعالى (ثم ردوا) الجمهور على ضم الراء وكسرة الدال الاولى محذوفة ليصلح الادغام، ويقرأ بكسر الراء على نقل كسرة الدال الاولى إلى الراء (مولاهم الحق) صفتان، وقرئ الحق بالنصب على أنه صفة مصدر محذوف: أى الرد الحق أو على إضمار أعنى.
___________________________________
(1) قوله فينقلب معناه إلخ) كذا في جميع النسخ التى بأيدينا، ولايخفى مافيه، فليتأمل اه. (*)
[246]
قوله تعالى (ينجيكم) يقرأ بالتشديد والتخفيف، والماضى أنجا ونجى، والهمزة والتشديد للتعدية (تدعونه) في موضع الحال من ضمير المفعول في ينجيكم (تضرعا) مصدر والعامل فيه تدعون من غير لفظه بل معناه، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، وكذلك (خفية) ويقرأ بضم الخاء وكسرها وهما لغتان، وقرئ " وخيفة " من الخوف وهو مثل قوله تعالى " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية " (لئن أنجيتنا) على الخطاب: أى يقولون لئن أنجيتنا ويقرأ لئن أنجانا على الغيبة وهو موافق لقوله يدعونه (من هذه) أى من هذه الظلمة والكربة.
قوله تعالى (من فوقكم) يجوز أن يكون وصفا للعذاب وأن يتعلق بيبعث وكذلك (من تحت)، (أو يلبسكم) الجمهور على فتح الياء: أى يلبس عليكم أموركم. فحذف حرف الجر والمفعول. والجيد أن يكون التقدير.
(1/138)
يلبس أموركم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ويقرأ بضم الياء: أى يعمكم بالاختلاف، و (شيعا) جمع شيعة وهو حال، وقيل هو مصدر والعامل فيه يلبسكم من غير لفظه، ويجوز على هذا أن يكون حالا أيضا: أى مختلفين.
قوله تعالى (لست عليكم) على متعلق ب (وكيل) ويجوز على هذا أن يكون حالا من وكيل على قول من أجاز تقديم الحال على حرف الجر.
قوله تعالى (مستقر) مبتدأ والخبر الظرف قبله أو فاعل، والعامل فيه الظرف وهو مصدر بمعنى الاستقرار، ويجوز أن يكون بمعنى المكان.
قوله تعالى (غيره) إنما ذكر الهاء لانه أعادها على معنى الآيات لانها حديث وقرآن (ينسينك) يقرأ بالتخفيف والتشديد وماضيه نسى وأنسى والهمزة والتشديد لتعدية الفعل إلى المفعول الثانى وهو محذوف: أى ينسينك الذكر أو الحق.
قوله تعالى (من شئ) من زائدة، ومن حسابهم حال، والتقدير: شئ من حسابهم (ولكن ذكرى) أى ولكن نذكرهم ذكرى فيكون في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى هذا ذكرى، أو عليهم ذكرى.
قوله تعالى (أن تبسل) مفعول له: أى مخافة أن تبسل (ليس لها) يجوز أن تكون الجملة في موضع رفع صفة لنفس، وأن تكون في موضع حال من الضمير في كسبت، وأن تكون مستأنفة (من دون الله) في موضع الحال: أى ليس لها ولى من دون الله، ويجوز أن يكون من دون الله خبر ليس ولها تبيين.
[247]
وقد ذكرنا مثاله (كل عدل) انتصاب كل على المصدر، لانها في حكم ماتضاف إليه (أولئك الذين) جمع على المعنى، وأولئك مبتدأ.
وفى الخبر وجهان: أحدهما الذين أبسلوا، فعلى هذا يكون قوله (لهم شراب) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الضمير في أبسلوا، والثانى هو مستأنف. والوجه الآخر أن يكون الخبر لهم شراب، والذين أبسلوا بدل من أولئك أو نعت، أو يكون خبرا أيضا، ولهم شراب خبرا ثانيا.
(1/139)
قوله تعالى (أندعوا) الاستفهام بمعنى التوبيخ، " وما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (من دون الله) متعلق بندعو، ولايجوز أن يكون حالا من الضمير في (ينفعنا) ولامفعولا لينفعنا لتقدمه على " ما " والصلة والصفة لاتعمل فيما قبل الموصول والموصوف (ونرد) معطوف على ندعو، ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال: أى ونحن نرد، و (على أعقابنا) حال من الضمير في نرد: أى ترد منقلبين أو متأخرين (كالذى) في الكاف وجهان: أحدهما هى حال من الضمير في نرد، أو بدل من على أعقابنا: أى مشبهين للذى (استهوته) والثانى أن تكون صفة لمصدر محذوف: أى ردا مثل رد الذى استهوته، يقرأ استهوته واستهواه مثل توفته وتوفاه وقد ذكر، والذى يجوز أن يكون هنا مفردا: أى كالرجل الذى أو كالفريق الذى، ويجوز أن يكون جنسا، والمراد الذين (في الارض) يجوز أن يكون متعلقا باستهوته، وأن يكون حالا من (حيران) أى حيران كائنا في الارض ويجوز أن يكون حالا من الضمير في حيران، وأن يكون حالا من الهاء في استهوته وحيران حال من الهاء أو الضمير في الظرف، ولم ينصرف لان مؤنثه حيرى (له أصحاب) يجوز أن تكون الجملة مستأنفة، وأن تكون حالا من الضمير في حيران، أو من الضمير في الظرف، أو بدلا من الحال التى قبلها (ائتنا) أى يقولون ائتنا (لنسلم) أى أمرنا بذلك لنسلم، وقيل اللام بمعنى الباء، وقيل هى زائدة: أى أن نسلم.
قوله تعالى (وأن أقيموا الصلاة) أن مصدرية، وهى معطوفة على لنسلم، وقيل هو معطوف على قوله " إن الهدى هدى الله " والتقدير: وقل أن أقيموا، وقيل هو محمول على المعنى: أى قيل لنا أسلموا، وأن أقيموا.
قوله تعالى (ويوم يقول) فيه جملة أوجه: أحدها هو معطوف على الهاء في اتقوه: أى واتقوا عذاب يوم يقول.
والثانى هو معطوف على السموات: أى خلق يوم يقول.
والثالث هو خبر (قوله الحق) أى وقوله الحق يوم يقول، والواو داخلة على الجملة المقدم فيها الخبر، والحق صفة لقوله.
[248]
(1/140)
والرابع هو ظرف لمعنى الجملة التى هى قوله الحق: أى يحق قوله في يوم يقول كن.
والخامس هو منصوب على تقدير واذكر.
وأما فاعل " فيكون " ففيه أوجه: أحدها هو جميع ما يخلقه الله في يوم القيامة. والثانى هو ضمير المنفوخ فيه من الصور دل عليه قوله " يوم ينفخ في الصور " والثالث هو ضمير اليوم: والرابع هو قوله الحق: أى فيوجد قوله الحق، وعلى هذا يكون قوله بمعنى مقوله: أى فيوجد ما قال له كن، فخرج مما ذكرنا أن قوله يجوز أن يكون فاعلا، والحق صفته أو مبتدأ، واليوم خبره والحق صفته، وأن يكون مبتدأ، والحق صفته، ويوم ينفخ خبره أو مبتدأ، والحق خبره.
قوله تعالى (يوم ينفخ) يجوز أن يكون خبر قوله على ماذكرنا، وأن يكون ظرفا للملك أو حالا منه، والعامل له أو ظرفا لتحشرون أو ليقول، أو لقوله الحق أو لقوله عالم الغيب (عالم الغيب) الجمهور على الرفع، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون فاعل يقول كن، وأن يكون صفة للذى، وقرئ بالجر بدلا من رب العالمين، أو من الهاء في له.
قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم) إذ في موضع نصب على فعل محذوف: أى واذكروا وهو معطوف على أقيموا، و (آزر) يقرأ بالمد ووزنه أفعل، ولم ينصرف للعجمة والتعريف على قول من لم يشتقه من الآزر أو الوزر، ومن اشتقه من واحد منهما قال هو عربى ولم يصرفه للتعريف ووزن الفعل، ويقرأ بفتح الراء على أنه بدل من أبيه، وبالضم على النداء.
وقرئ في الشاذ بهمزتين مفتوحتين وتنوين الراء وسكون الزاى، والازر الخلق مثل الاسر، ويقرأ بفتح الاولى وكسر الثانية، وفيه وجهان: أحدهما أن الهمزة الثانية فاء الكلمة وليست بدلا، ومعناها النقل، والثانى هى بدل من الواو، وأصلها وزر كما قالوا وعاء وإعاء ووسادة وإسادة والهمزة الاولى على هاتين القراء تين للاستفهام بمعنى الانكار، ولا همزة في تتخذ.
وفى انتصابه على هذا وجهان: أحدهما هو مفعول من أجله: أى لتحيرك واعوجاج دينك تتخذ.
(1/141)
والثانى هو صفة لاصنام قدمت عليها وعلى العامل فيها فصارت حالا: أى أتتخذ أصناما ملعونة أو معوجة، و (أصناما) مفعول أول، و (آلهة) ثان، وجاز أن يجعل المفعول الاول نكرة لحصول الفائدة من الجملة، وذلك يسهل في المفاعيل مالا يسهل من المبتدإ.
قوله تعالى (وكذلك) في موضعه وجهان: أحدهما هو نصب على إضمار وأريناه.
[249]
تقديره: وكما رأى أباه وقومه في ضلال مبين أريناه ذلك: أى ما رآه صوابا باطلاعنا إياه عليه، ويجوز أن يكون منصوبا ب (نرى) التى بعده على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: نريه ملكوت السموات والارض رؤية كرؤيته ضلال أبيه، وقيل الكاف بمعنى اللام: أى ولذلك نريه. والوجه الثانى أن تكون الكاف في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف: أى والامر كذلك: أى كما رآه من ضلالتهم.
قوله تعالى (وليكون) أى وليكون (من الموقنين) أريناه. وقيل التقدير: ليستدل وليكون.
قوله تعالى (رأى كوكبا) يقرأ بفتح الراء والهمزة والتفخيم على الاصل، وبالامالة لان الالف منقلبة عن ياء كقولك: رأيت رؤية، ويقرأ بجعل الهمزتين بين بين، وهو نوع من الامالة، ويقرأ بجعل الراء كذلك إتباعا للهمزة، ويقرأ بكسرهما.
وفيه وجهان: أحدهما أنه كسر الهمزة للامالة ثم أتبعها الراء. والثانى أن أصل الهمزة الكسر بدليل قولك في المستقبل يرى، أى يرأى، وإنما فتحت من أجل حرف الحلق كما تقول وسع يسع، ثم كسرت الحرف الاول في الماضى إتباعا لكسرة الهمزة، فإن لقى الالف ساكن مثل رأى الشمس فقد قرئ بفتحهما على الاصل وبكسرهما على ماتقدم، وبكسر الراء وفتح الهمزة، لان الالف سقطت من اللفظ لاجل الساكن بعدها، والمحذوف هنا في تقدير الثابت، وكان كسر الراء تنبيها على أن الاصل كسر الهمزة، وأن فتحها دليل على الالف المحذوفة (هذا ربى) مبتدأ وخبر، تقديره: أهذا ربى، وقيل هو على الخبر: أى هو غير استفهام.
(1/142)
قوله تعالى (بازغة) هو حال من الشمس، وإنما قال للشمس هذا على التذكير، لانه أراد هذا الكوكب أو الطالع أو الشخص أو الضوء أو الشئ أو لان التأنيث غير حقيقى.
قوله تعالى (للذى فطر السموات) أو لعبادته أو لرضاه.
قوله تعالى (أتحاجونى) يقرأ بتشديد النون على إدغام نون الرفع في نون الوقاية والاصل تحاجوننى، ويقرأ بالتخفيف على حذف إحدى النونين. وفي المحذوفة وجهان: أحدهما هى نون الوقاية لانها الزائدة التى حصل بها الاستثقال، وقد جاء ذلك في الشعر. والثانى المحذوفة نون الرفع، لان الحاجة دعت إلى نون مكسورة من أجل الياء ونون الرفع لا تكسر، وقد جاء ذلك في الشعر كثيرا قال الشاعر: كل له نية في بغض صاحبه * بنعمة الله نقليكم وتقلونا
[250]
أى تقلوننا، والنون الثانية هنا ليست وقاية بل هى من الضمير، وحذف بعض الضمير لا يجوز وهو ضعيف أيضا، لان علامة الرفع لا تحذف إلا بعامل (ماتشركون به) " ما " بمعنى الذى: أى ولا أخاف الصنم الذى تشركونه به: أى بالله، فالهاء في به ضمير اسم الله تعالى، ويجوز أن تكون الهاء عائدة على ما: أى ولا أخاف الذى تشركون بسببه ولا تعود على الله، ويجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة، وأن تكون مصدرية (إلا أن يشاء) يجوز أن يكون استثناء من جنس الاول تقديره: إلا في حال مشيئة ربى: أى لا أخافها في كل حال إلا في هذه الحال، ويجوز أن يكون من غير الاول: أى لكن أخاف أن يشاء ربى خوفى ما أشركتم، و (شيئا) نائب عن المصدر: أى مشيئة، ويجوز أن يكون مفعولا به: أى إلا أن يشاء ربى أمرا غير ما قلت، و (علما) تمييز.
(1/143)
وكل شئ مفعول وسع: أى علم كل شئ، ويجوز أن يكون علما على هذا التقدير مصدرا لمعنى وسع، لان ما يسع الشئ فقد أحاط به، والعامل بالشئ محيط بعلمه: قوله تعالى (وكيف أخاف) كيف حال، والعامل فيها أخاف وقد ذكر، و (ماأشركتم) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والعائد محذوف، وأن تكون مصدرية (ما لم) " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، وهى في موضع نصب بأشركتم، و (عليكم) متعلق بينزل، ويجوز أن يكون حالا من (سلطان) أى ما لم ينزل به حجة عليكم، والسلطان مثل الرضوان والكفران، وقد قرئ بضم اللام وهى لغة أتبع فيها الضم.
قوله تعالى (الذين آمنوا) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدإ محذوف: أى هم الذين. والثانى هومبتدأ، و (أولئك) بدل منه أو مبتدأ ثان، (لهم الامن) مبتدأ وخبر الجملة خبر لما قبلها، ويجوز أن يكون الامن مرفوعا بالجار لانه معتمد على ما قبله.
قوله تعالى (وتلك) هو مبتدأ، وفى (حجتنا) وجهان: أحدهما هو بدل من تلك، وفي (آتيناها) وجهان: أحدهما هو خبر عن المبتدإ، و (على قومه) متعلق بمحذوف: أى آتيناها إبراهيم حجة على قومه أو دليلا. والثانى أن تكون حجتنا خبر تلك، وآتيناها في موضع الحال من الحجة، والعامل معنى الاشارة، ولا يجوز أن يتعلق على بحجتنا لانها مصدر وآتيناها خبر أو حال، وكلاهما لا يفصل بين الموصول والصلة (نرفع) يجوز أن يكون في موضع الحال من آتيناها،
[251]
ويجوز أن يكون مستأنفا، ويقرأ بالنون والياء، وكذلك في نشاء والمعنى ظاهر، (درجات) يقرأ بالاضافة وهو مفعول نرفع، ورفع درجة الانسان رفع له، ويقرأ بالتنوين، و (من) على هذا مفعول نرفع، ودرجات ظرف أو حرف الجر محذوف منها: أى إلى درجات.
(1/144)
قوله تعالى (كلا هدينا) كلا منصوب بهدينا، والتقدير: كلا منهما (ونوحا هدينا) أى وهدينا نوحا، والهاء في (ذريته) تعود على نوح والمذكورون بعده من الانبياء ذرية نوح، والتقدير: وهدينا من ذريته هؤلاء، وقيل تعود على إبراهيم: وهذا ضعيف لان من جملتهم لوطا وليس من ذرية إبراهيم (وكذلك نجزى) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف: أى ونجزى المحسنين جزاء مثل ذلك، وأما (عيسى) فقيل هو أعجمى لا يعرف له اشتقاق، وقيل هو مشتق من التعيش وهو البياض، وقيل من العيس وهو ماء الفحل، وقيل هو من عاس يعوس إذا صلح، فعلى هذا تكون الياء منقلبة عن واو، وأما (اليسع) فيقرأ بلام ساكنة خفيفة وياء مفتوحة.
وفيه وجهان: أحدهما هو اسم أعجمى علم، والالف واللام فيه زائدة كما زيدت في النسر وهو الصنم لانه صنم بعينه، وكذلك قالوا في عمر والعمر، وكذلك اللات والعزى.
والثانى أنه عربى، وهو فعل مضارع سمى به ولا ضمير فيه، فأعرب ثم نكر ثم عرف بالالف واللام، وقيل اللام على هذا زائدة أيضا، ويسع أصله يوسع بكسر السين ثم حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ثم فتحت السين من أجل حرف الحلق ولم ترد الواو لان الفتحة عارضة، ومثله يطأ ويقع ويدع (وكلا) منصوب بفضلنا.
قوله تعالى (ومن آبائهم) هو معطوف على وكلا: أى وفضلنا كلا من آبائهم، أو وهدينا كلا من آبائهم.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (هدى الله) خبره، و (يهدى به) حال من الهدى، والعامل فيه الاشارة، ويجوز أن يكون حالا من اسم الله تعالى، ويجوز أن يكون هدى الله بدلا من ذلك، ويهدى به الخبر، و (من عباده) حال من " من " أو من العائد المحذوف، والباء في (بها) الاخيرة تتعلق ب (كافرين) والباء في بكافرين زائدة: أى ليسوا كافرين بها.
قوله تعالى (اقتده) يقرأ بسكون الهاء وإثباتها في الوقف دون الوصل، وهى على هذا هاء السكت، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضا لشبهها بهاء الاضمار، ومنهم من يكسرها.
[252]
(1/145)
وفيه وجهان: أحدهما هى هاء السكت أيضا شبهت بهاء الضمير وليس بشئ، والثانى هى هاء الضمير والمضمر المصدر: أى اقتد الاقتداء ومثله: هذا سراقة للقرآن يدرسه * والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب فالهاء ضمير الدرس لا مفعول، لان يدرس قد تعدى إلى القرآن، وقيل من سكن الهاء جعلها هاء الضمير وأجرى الوصل مجرى الوقف، والهاء في (عليه) ضمير القرآن والتبليغ.
قوله تعالى (حق قدره) حق منصوب نصب المصدر وهو في الاصل وصف: أى قدره الحق، ووصف المصدر إذا أضيف إليه ينتصب نصب المصدر، ويقرأ " قدره " بسكون الدال وفتحها، و (إذ) ظرف لقدروا، و (من شئ) مفعول أنزل، ومن زائدة (نورا) حال من الهاء في به أو من الكتاب. وبه يجوز أن تكون مفعولا به، وأن تكون حالا، و (تجعلونه) مستأنف لاموضع له، وقراطيس) أى في قراطيس، وقيل ذا قراطيس، وقيل ليس فيه تقدير محذوف، والمعنى: أنزلوه منزلة القراطيس التى لا شئ فيها في ترك العمل به، و (تبدونها) وصف للقراطيس (وتخفون) كذلك، والتقدير: وتخفون كثيرا منها، ويقرأ في المواضع الثلاثة بالياء على الغيبة حملا على ما قبلها في أول الآية، وبالتاء على الخطاب وهو مناسب لقوله (وعلمتم) أى وقد علمتم، والجملة في موضع الحال من ضمير الفاعل في تجعلونه على قراء ة التاء، وعلى قراء ة الياء يجوز أن يكون وعلمتم مستأنفا، وأن يكون رجع من الغيبة إلى الخطاب، و (قل الله) جواب " قل من أنزل الكتاب وارتفاعه بفعل محذوف: أى أنزله الله، ويجوز أن يكون التقدير: هو الله، أو المنزل الله، أو الله أنزله (في خوضهم) يجوز أن يتعلق بذرهم على أنه ظرف له " وأن يكون حالا من ضمير المفعول: أى ذرهم خائضين، وأن يكون متعلقا (يلعبون) ويلعبون في موضع الحال، وصاحب الحال ضمير المفعول في ذرهم إذا لم يجعل في خوضهم حالا منه، وإن جعلته حالا منه كان الحال الثانية من ضمير الاستقرار في الحال الاولى، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في خوضهم، ويكون
(1/146)
العامل المصدر، والمجرور فاعل في المعنى.
قوله تعالى (أنزلناه) في موضع رفع صفة لكتاب، و (مبارك) صفة أخرى، وقد قدم الوصف بالجملة على الوصف بالمفرد، ويجوز النصب في غير القرآن على الحال من ضمير المفعول أو على الحال من النكرة الموصوفة، و (مصدق الذى) التنوين
[253]
في تقدير الثبوت لان الاضافة غير محضة (ولتنذر) بالتاء على خطاب النبى صلى الله عليه وسلم، وبالياء على أن الفاعل الكتاب، وفى الكلام حذف تقديره: ليؤمنوا ولتنذر أو نحو ذلك، أو ولتنذر (أم القرى) أنزلناه (ومن) في موضع نصب عطفا على أم، والتقدير ولتنذر أهل أم (والذين يؤمنون) مبتدأ، و (يؤمنون به) الخبر، ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب عطفا على أم القرى، فيكون يؤمنون به حالا. و (على) متعلقة ب (يحافظون).
(1/147)
قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) ويجوز أن يكون كذبا مفعول افترى، وأن يكون مصدرا على المعنى: أى افتراء، وأن يكون مفعولا من أجله، وأن يكون مصدرا في موضع الحال (أو قال) عطف على افترى و (إلى) في موضع رفع على أنه قام مقام الفاعل، ويجوز أن يكون في موضع نصب، والتقدير: أوحى الوحى أوالايحاء (ولم يوح إليه شئ) في موضع الحال من ضمير الفاعل في قال أو الياء في إلى (ومن قال) في موضع جر عطفا على من افترى: أى وممن قال، و (مثل ما) يجوز أن يكون مفعول سأنزل، و " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف، وتكون " ما " مصدرية و (إذ) ظرف لترى والمفعول محذوف: أى ولو ترى الكفار أو نحو ذلك و (الظالمون) مبتدأ، والظرف بعده خبر عنه (والملائكة) مبتدأ ومابعده الخبر، والجملة حال من الضمير في الخبر قبله، و (باسطوا أيديهم) في تقدير التنوين: أى باسطون أيديهم (أخرجوا) أى يقولون أخرجوا، والمحذوف حال من الضمير في باسطوا. و (اليوم) ظرف لاخرجوا فيتم الوقف عليه، ويجوز أن يكون ظرفا ل (تجزون) فيتم الوقف على أنفسكم (غير الحق) مفعول تقولون: ويجوز أن يكون وصفا لمصدر محذوف: أى قولا غير الحق (وكنتم) يجوز أن يكون معطوفا على كنتم الاولى: أى وبما كنتم، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (فرادى) هو جمع مفرد، والالف للتأنيث مثل كسالى، وقرئ في الشاذ بالتنوين على أنه اسم صحيح، ويقال في الرفع فراد مثل نوام ورجال وهو جمع قليل، ومنهم من لا يصرفه يجعله معدولا مثل ثلاث ورباع، وهو حال من ضمير الفاعل (كما خلقناكم) الكاف في موضع الحال، وهو بدل من فرادى، وقيل هى صفة مصدر محذوف: أى مجيئا كمجيئكم يوم خلقناكم، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في فرادى: أى مشبهين ابتداء خلقكم، و (أول) ظرف لخلقناكم.
[254]
(1/148)
والمرة في الاصل مصدر مر يمر، ثم استعمل ظرفا اتساعا، وهذا يدل على قوة شبه الزمان بالفعل (وتركتم) يجوز أن يكون حالا، أى وقد تركتم، وأن يكون مستأنفا (وما نرى) لفظه لفظ المستقبل، وهى حكاية حال، و (معكم) معمول نرى، وهى من رؤية العين، ولا يجوز أن يكون حالا من الشفعاء إذ المعنى يصير أن شفعاء هم معهم ولا نراهم: وإن جعلتها بمعنى نعلم المتعدية إلى اثنين جاز أن يكون معكم مفعولا ثانيا، وهو ضعيف في المعنى (بينكم) يقرأ بالنصب وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف لتقطع والفاعل مضمر: أى تقطع الوصل بينكم، ودل عليه شركاء، والثانى هو وصف محذوف: أى لقد تقطع شئ بينكم أو وصل، والثالث أن هذا المنصوب في موضع رفع وهو معرب، وجاز ذلك حملا على أكثر أحوال الظرف، وهو قول الاخفش، ومثله: منا الصالحون ومنا دون ذلك، ويقرأ بالرفع على أنه فاعل، والبين هنا: الوصل وهو من الاضداد.
قوله تعالى (فالق الحب) يجوز أن يكون معرفة لانه ماض، وأن يكون نكرة على أنه حكاية حال، وقرئ في الشاذ " فلق " و (الاصباح) مصدر أصبح، ويقرأ بفتح الهمزة على أنه جمع صبح كقفل وأقفال و (جاعل الليل) مثل فالق الاصباح في الوجهين و (سكنا) مفعول جاعل إذا لم تعرفه، وإن عرفته كان منصوبا بفعل محذوف: أى جعله سكنا، والسكن ماسكنت إليه من أهل ونحوهم، فجعل الليل بمنزلة الاهل، وقيل التقدير: مسكونا فيه، أو ذا سكن، و (الشمس) منصوب بفعل محذوف أو بجاعل إذا لم تعرفه، وقرئ في الشاذ بالجر عطفا على الاصباح أو على الليل، و (حسبانا) فيه وجهان: أحدهما هو جمع حسبانة، والثانى هو مصدر مثل الحسب والحساب، وانتصابه كانتصاب سكنا.
قوله تعالى (فمستقر) يقرأ بفتح القاف. وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر ورفعه باللابتداء: أى فلكم استقرار.
(1/149)
والثانى أنه اسم مفعول ويراد به المكان: أى فلكم مكان تستقرون فيه إما في البطون، وإما في القبور، ويقرأ بكسر القاف فيكون مكانا يستقر لكم، وقيل تقديره، فمنكم مستقر، وأما (مستودع) فبفتح الدال لا غير، ويجوز أن يكون مكانا يودعون فيه، وهو إما الصلب أو القبر، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستيداع.
قوله تعالى (فأخرجنا منه خضرا) أى بسببه، والخضر بمعنى الاخضر، ويجوز أن تكون الهاء في منه راجعة على النبات وهو الاشبه، وعلى الاول يكون
[255]
فأخرجنا بدلا من أخرجنا الاولى (نخرج) في موضع نصب لخضرا، ويجوز أن يكون مستأنفا، والهاء في (منه) تعود على الخضر، و (قنوان) بكسر القاف وضمها وهما لغتان، وقد قرئ بهما والواحد قنو مثل صنو وصنوان.
وفى رفعه وجهان: أحدهما هو مبتدأ. وفى خبره وجهان: أحدهما هو، ومن النخل ومن طلعها بدل بإعادة الخافض. والثانى أن الخير من طلعها، وفي من النخل ضمير تقديره: ونبت من النخل شئ أو ثمر فيكون من طلعها بدلا منه، والوجه الآخر أن يرتفع قنوان على أنه فاعل من طلعها، فيكون في من النخل ضمير تفسيره قنوان، وإن رفعت قنوان بقوله " ومن النخل " على قول من أعمل أول الفعلين جاز، وكان في من طلعها ضمير مرفوع، وقرئ في الشاذ " قنوان " بفتح القاف، وليس بجمع قنو لان فعلانا لا يكون جمعا، وإنما هو اسم للجمع كالباقر (وجنات) بالنصب عطفا على قوله " نبات كل شئ ": أى وأخرجنا به جنات، ومثله (والزيتون والرمان) ويقرأ بضم التاء على أنه مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: من الكرم جنات، ولا يجوز أن يكون معطوفا على قنوان لان العنب لا يخرج من النخل.
(1/150)
ومن أعناب صفة لجنات و (مشتبها) حال من الرمان، أو من الجميع، و (إذا) ظرف لانظروا، و (ثمره) يقرأ بفتح الثاء والميم جمع ثمرة مثل تمرة وتمر، وهو جنس التحقيق لا جمع، ويقرأ بضم الثاء والميم وهو جمع ثمرة مثل خشبة وخشب، وقيل هوجمع ثمار مثل كتاب وكتب فهو جمع جمع، فأما الثمار فواحدها ثمرة مثل خيمة وخيام، وقيل هو جمع ثمر، ويقرأ بضم الثاء وسكون الميم وهو مخفف من المضموم (وينعه) يقرأ بفتح الياء وضمها وهما لغتان، وكلاهما مصدر ينعت الثمرة، وقيل هو اسم للمصدر والفعل أينعت إيناعا، ويقرأ في الشاذ " يانعه " على أنه أسم فاعل.
قوله تعالى (وجعلوا) هى بمعنى صبروا ومفعولها الاول (الجن) والثانى شركاء. ولله يتعلق بشركاء، ويجوز أن يكون نعتا لشركاء قدم عليه فصار حالا، ويجوز أن يكون المفعول الاول شركاء، والجن بدلا منه، ولله المفعول الثانى (وخلقهم) أى وقد خلقهم، فتكون الجملة حالا، وقيل هو مستأنف، وقرئ في الشاذ و " خلقهم " بإسكان اللام وفتح القاف، والتقدير: وجعلوا لله وخلقهم شركاء (وخرقوا) بالتخفيف والتشديد للتكثير (بغير علم) في موضع الحال من الفاعل في خرقوا، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف: أى خرقا بغير علم.
سورة الاعراف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(المص) قد ذكرنا في أول البقرة مايصلح أن يكون هاهنا ويجوز أن تكون هذه الحروف في موضع مبتدأ، و (كتاب) خبره، وأن تكون خبر مبتدإ محذوف: أى المدعو به المص. وكتاب خبر مبتدإ محذوف: أى هذا أو هو، و (أنزل) صفة له (فلا يكن) النهى في اللفظ للحرج، وفي المعنى المخاطب: أى لا تحرج به، و (منه) نعت للحرج، وهى لابتداء الغاية، أى لا تحرج من أجله و (لتنذر) يجوز أن يتعلق اللام بأنزل، وأن يتعلق بقوله " فلا يكن " أى لا تحرج به لتتمكن من
[268]
(1/151)
الانزال، فالهاء في منه للكتاب أو للانزال، والهاء في (به) للكتاب (وذكرى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها منصوب، وفيه وجهان: أحدهما هو حال من الضمير في أنزل وما بينهما معترض، والثانى أن يكون معطوفا على موضع لتنذر: أى لتنذر وتذكر: أى ولذكرى.
والثانى أن يكون في موضع رفع، وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على كتاب، والثانى خبر ابتداء محذوف: أى وهو ذكرى.
والوجه الثالث أن يكون في موضع جر عطفا على موضع تنذر. وأجاز قوم أن يعطف على الهاء به، وهذا ضعيف لان الجار لم يعد.
قوله تعالى (من ربكم) بجوز أن يتعلق بأنزل، ويكون لابتداء الغاية، وأن يتعلق بمحذوف، ويكون حالا: أى أنزل إليكم كائنا من ربكم، و (من دونه) حال من أولياء، و (قليلا ما تذكرون) مثل " فقليلا ما يؤمنون " وقد ذكر في البقرة، وتذكرون بالتخفيف على حذف إحدى التاء ين، وبالتشديد على الادغام.
(1/152)
قوله تعالى (وكم من قرية) في كم وجهان: أحدهما هى مبتدأ، ومن قرية تبيين، ومن زائدة، والخبر (أهلكناها) وجاز تأنيث الضمير العائد على " كم " لان كم في المعنى قرى، وذكر بعضهم أن أهلكناها صفة لقرية، والخبر (فجاء ها بأسنا) وهو سهو، لان الفاء تمنع ذلك، والثانى أن " كم " في موضع نصب بفعل محذوف دل عليه أهلكناها، والتقدير: كثيرا من القرى أهلكنا، ولا يجوز تقديم الفعل على " كم " إن كانت خبرا، لان لها صدر الكلام إذ أشبهت رب، والمعنى: وكم من قرية أردنا إهلاكها، كقوله " فإذا قرأت القرآن " أى أردت قراء ته، وقال قوم: هو على القلب: أى وكم من قرية جاء ها بأسنا فأهلكناها، والقلب هنا لا حاجة إليه فيبقى محض ضرورة، والتقدير: أهلكنا أهلها فجاء أهلها " بياتا " البيات اسم للمصدر وهو في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا له ويجوز أن يكون في حكم الظرف (أو هم قائلون) الجملة حال، وأو لتفصيل الجمل: أى جاء بعضهم بأسنا ليلا وبعضهم نهارا، والواو هنا واو أو، وليست حرف العطف سكنت تخفيفا. وقد ذكرنا ذلك في قوله " أو كلما عاهدوا عهدا ".
قوله تعالى (دعواهم) يجوز أن يكون اسم كان، و (إلا أن قالوا) الخبر، ويجوز العكس.
قوله تعالى (بعلم) هو في موضع الحال: أى عالمين.
[269]
قوله تعالى (والوزن) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (يومئذ) خبره. والعامل في الظرف محذوف: أى والوزن كائن يومئذ، و (الحق) صفة للوزن أو خبر مبتدإ محذوف، والثانى أن يكون الوزن خبر مبتدإ محذوف: أى هذا الوزن، ويومئذ ظرف، ولا يجوز على هذا أن يكون الحق صفة لئلا يفصل بين الموصول وصلته(1).
قوله تعالى (بما كانوا) " ما " مصدرية: أى بظلمهم، والباء متعلقة بخسروا.
(1/153)
قوله تعالى (معايش) الصحيح أن الياء لا تهمز هنا لانها أصلية، وحركت لانها في الاصل محركة، ووزنها معيشة كمحبسة، وأجاز قوم أن يكون أصلها الفتح، وأعلت بالتسكين في الواحد كما أعلت في يعيش، وهمزها قوم وهو بعيد جدا. ووجهه أنه شبه الاصلية بالزائدة نحو سفينة وسفائن (قليلا ماتشكرون) مثل الذى تقدم.
قوله تعالى (ولقد خلقناكم) أى إياكم، وقيل الكاف للجنس المخاطب. وهنا مواضع كثيرة قد تقدمت (لم يكن) في موضع الحال.
قوله تعالى (أن لا) في موضع الحال، و (إذ) ظرف لتسجد.
قوله تعالى (خلقتنى من نار) الجار في موضع الحال: أى خلقتنى كائنا من نار، ويجوز أن يكون لابتداء الغاية فيتعلق بخلقتنى، ولازائدة. أى ومامنعك أن تسجد.
قوله تعالى (فيها) يجوزأن يكون حالا، ويجوز أن يكون ظرفا.
قوله تعالى (فبما) الباء تتعلق ب (لاقعدن) وقيل الباء بمعنى اللام (صراطك) ظرف، وقيل التقدير: على صراطك.
قوله تعالى (وعن شمائلهم) هو جمع شمال، ولو جمع أشملة وشملاء جاز.
قوله تعالى (مذء وما) يقرأ بالهمز، وهو من ذأمته إذا عبته. ويقرأ " مذوما " بالواو من غير همز فيه وجهان: أحدهما أنه ألقى حركة الهمزة على الذال وحذفها. والثانى أن يكون أصله مذيما لان الفعل منه ذامه يذيمه ذيما، فأبدلت الياء واوا كما قالوا في مكيل مكول وفى مشيب مشوب، وهو ومابعده حالان.
ويجوز أن يكون (مدحورا) حالا من الضمير في مذء وما (لمن) في موضع رفع بالابتداء، وسد القسم المقدر وجوابه مسد الخبر، وهو قوله (لاملان)، و (منكم) خطاب
___________________________________
(1) قوله (لئلا يفصل بين الموصول وصلته) قال السفاقسى: قلت: ولا أدرى أين الصلة والموصول هنا، لعله بين الصفة والموصوف وصحفه الناسخ، وهو على هذا غير مستقيم اه. (*)
[270]
لجماعة، ولم يتقدم إلا خطاب واحد، ولكن نزلة منزلة الجماعة لانه رئيسهم، أو لانه رجع من الغيبة إلى الخطاب، والمعنى واحد.
(1/154)
قوله تعالى (هذه الشجرة) يقرأ هذى بغير هاء، والاصل في " ذا " أذيى لقولهم في التصغير " ذيا " فحذفت الياء الثانية تخفيفا وقلبت الياء الاولى ألفا لئلا تبقى مثل كى، فإذا خاطبت المؤنث رددت الياء وكسرت الذال لئلا يجتمع عليه التأنيث والتغيير، وأما الهاء فجعلت عوضا من المحذوف حين رد إلى الاصل، ووصلت بياء لانها مثل هاء الضمير في اللفظ.
قوله تعالى (من سوآتهما) الجمهور على تحقيق الهمزة، ويقرأ بواو مفتوحة وحذف الهمزة، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الواو، ويقرأ بتشديد الواو من غير همز، وذلك على إبدال الهمزة واوا، ويقرأ " سوأتهما " على التوحيد وهو جنس (إلا أن تكونا) أى إلا مخافة أن تكونا فهو مفعول من أجله (ملكين) بفتح اللام وكسرها، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (لكما لمن الناصحين) هو مثل قوله " وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقد ذكر في البقرة (فدلاهما بغرور) الالف بدل من ياء مبدلة من لام، والاصل دللهما من الدلالة لا من الدلال، وجاز إبدال اللام لما صار في الكلمة ثلاث لامات. بغرور يجوز أن تتعلق الباء بهذا الفعل، ويجوز أن تكون في موضع الحال من الضمير المنصوب: أى وهما مغترين.
قوله تعالى (وطفقا) في حكم كاد، ومعناها الاخذ في الفعل، و (يخصفان) ماضيه خصف، وهو متعد إلى مفعول واحد، والتقدير: شيئا (من ورق الجنة) وقرئ بضم الياء وكسر الصاد مخففا، وماضيه أخصف، وبالهمزة يتعدى إلى اثنين، والتقدير: يخصفان أنفسهما، ويقرأ بفتح الياء وتشديد الصاد وكسرها مع فتح الخاء وكسرها مع فتح الياء وكسرها، وقد ذكر تعليل ذلك في قوله " يخطف أبصارهم " (عن تلكما) وقد ذكرنا أصل تلك، والاشارة إلى الشجرة، وهى واحدة والمخاطب اثنان، فلذلك ثنى حرف الخطاب.
قوله تعالى (ومنها تخرجون) الواو في الاصل تعطف هذه الافعال بعضها على بعض، ولكن فصل بينهما بالظرف لانه عطف جملة على جملة، وتخرجون بضم التاء وفتحها، والمعنى فيها مفهوم.
[271]
(1/155)
قوله تعالى (وريشا) هو جمع ريشة، ويقرأ " رياشا " وفيه وجهان: أحدهما هو جمع واحده ريش مثل ريح ورياح، والثانى أنه اسم للجمع مثل اللباس (ولباس التقوى) يقرأ بالنصب عطفا على ريشا.
فإن قيل: كيف ينزل اللباس والريش؟ قيل: لما كان الريش واللباس ينبتان بالمطر والمطر ينزل، جعل ما هو المسبب بمنزلة السبب، ويقرأ بالرفع على الابتداء، و (ذلك) مبتدأ، و (خير) خبره، والجملة خبر لباس، ويجوز أن يكون ذلك نعتا للباس: أى المذكور والمشار إليه، وأن يكون بدلا منه أو عطف بيان، وخير الخبر، وقيل لباس التقوى خبر مبتدإ محذوف تقديره: وساتر عوراتكم لباس التقوى، أو على العكس: أى ولباس التقوى ساتر عوراتكم، وفي الكلام حذف مضاف: أى ولباس أهل التقوى، وقيل المعنى: ولباس الاتقاء الذى يتقى به النظر، فلا حذف إذا.
قوله تعالى (لا يفتننكم) النهى في اللفظ للشيطان، والمعنى: لا تتبعوا الشيطان فيفتنكم (كما أخرج) أى فتنة كفتنة أبويكم بالاخراج (ينزع عنهما) الجملة في موضع الحال إن شئت من ضمير الفاعل في أخرج، وإن شئت من الابوين لان فيه ضميرين لهما، وينزع حكاية أمر قد وقع، لان نزع اللباس عنهما كان قبل الاخراج.
فإن قيل الشيطان لم ينزع عنهما اللباس. قيل: لكنه تسبب فنسب الاخراج والنزع إليه (هو وقبيله) هو توكيد لضمير الفاعل ليحسن العطف عليه.
(1/156)
قوله تعالى (وأقيموا) في تقدير الكلام وجهان: أحدهما هو معطوف على موضع القسط على المعنى: أى أمر ربى فقال اقسطوا وأقيموا، والثانى في الكلام حذف تقديره: فأقبلوا وأقيموا، و (الدين) منصوب بمخلصين، ولايجوز هنا فتح اللام في مخلصين لان ذكر المفعول يمنع من أن لايسمى الفاعل (كما) الكاف نعت لمصدر محذوف: أى (تعودون) عودا كبدئكم (فريقا هدى) فيه وجهان: أحدهما هو منصوب بهدى (وفريقا) الثانى منصوب بفعل محذوف تقديره: وأضل فريقا، ومابعده تفسير للمحذوف، والكلام كله حال من الضمير في تعودون، وقد مع الفعل مرادة تقديره: تعودون قد هدى فريقا وأضل فريقا. والوجه الثانى أن فريقا في الموضعين حال وهدى وصف للاول، و (حق عليهم) وصف للثانى، والتقدير: تعودون فريقين، وقرأ به أبى، ولم تلحق تاء التأنيث لحق للفصل، أو لان التأنيث غير حقيقى.
[272]
قوله تعالى (عند كل مسجد) ظرف لخذوا، وليس بحال للزينة لان أحدها يكون قبل ذلك، وفى الكلام حذف تقديره: عند قصد كل مسجد.
(1/157)
قوله تعالى (قل هى) هى مبتدأ، وفى الخبر ستة أوجه: أحدها (خالصة) على قراء ة من رفع، فعلى هذا تكون اللام متعلقة بخالصة: أى هى خالصة لمن آمن في الدنيا، و (يوم القيامة) ظرف لخالصة، ولم يمتنع تعلق الظرفين بها لان اللام للتبيين، والثانى ظرف محض، وفى متعلقة بآمنوا، والثانى أن يكون الخبر للذين، وخالصة خبر ثان، وفى متعلقة بآمنوا، والثالث أن يكون الخبر للذين، وفى الحياة الدنيا معمول الظرف الذى هو اللام: أى يستقر للذين آمنوا في الحياة الدنيا وخالصة خبر ثان، والرابع أن يكون الخبر في الحياة الدنيا، وللذين متعلقة بخالصة، والخامس أن تكون اللام حالا من الظرف الذى بعدها على قول الاخفش، والسادس أن تكون خالصة نصبا على الحال على قراء ة من نصب، والعامل فيها للذين، أو في الحياة الدنيا إذا جعلته خبرا، أو حالا، والتقدير: هى للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها له يوم القيامة: أى إن الزينة يشاركون فيها في الدنيا وتخلص لهم في الآخرة، ولايجوز أن تعمل في خالصة زينة الله لانه قد وصفها بقوله التى، والمصدر إذا وصف لايعمل، ولاقوله أخرج لاجل الفصل الذى بينهما وهو قوله قل، وأجاز أبوعلي أن يعمل فيها حرم وهو بعيد لاجل الفصل أيضا (كذلك نفصل) قد ذكرنا إعراب نظيره في البقرة والانعام.
قوله تعالى (ماظهر منها ومابطن) بدلان من الفواحش و (بغير الحق) متعلق بالبغى، وقيل هو من الضمير الذى في المصدر إذ التقدير: وإن تبغوا بغير الحق، وعند هؤلاء يكون في المصدر ضمير.
قوله تعالى (جاء أجلهم) هو مفرد في موضع الجمع، وقرأ ابن سيرين آجالهم على الاصل لان لكل واحد منهم أجلا.
قوله تعالى (يقصون عليكم) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة لرسل، وأن يكون حالا من رسل أو من الضمير في الظرف.
قوله تعالى (من الكتاب) حال من نصيبهم.
(1/158)
قوله تعالى (من قبلكم) يجوز أن يكون ظرفا لخلت، وأن يكون صفة لامم، و (من الجن) حال من الضمير في خلت، أو صفة أخرى لامم (في النار) متعلق بادخلوا، ويجوز أن يكون صفة لامم أو ظرفا لخلت (اداركوا) يقرأ بتشديد الدال وألف بعدها، وأصلها تداركوا فأبدلت التاء دالا وأسكنت ليصح إدغامها.
[273]
ثم أجلبت لها همزة الوصل ليصح النطق بالساكن، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف بعد الدال، ووزنه على هذا افتعلوا، فالتاء هنا بعد الدال مثل اقتتلوا، وقرئ في الشاذ " تداركوا " على الاصل: أى أدرك بعضهم بعضا، وقرئ " إذا إداركوا " بقطع الهمزة عما قبلها وكسرها على نية الوقف على ماقبلها والابتداء بها، وقرئ " إذا داركوا " بألف واحدة ساكنة والدال بعدها مشددة، وهو جمع بين ساكنين، وجاز ذلك لما كان الثانى مدغما كما قالوا دابة وشابة، وجاز في المنفصل كما جاز في المتصل، وقد قال بعضهم اثنا عشر بإثبات الالف وسكون العين، وسترى في موضعه إن شاء الله تعالى، و (جميعا) حال (ضعفا) صفة لعذاب، وهو بمعنى مضعف أو مضاعف، و (من النار) صفة أخرى، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (لكل ضعف) أى لكل عذاب ضعف من النار، فحذف لدلالة الاول عليه، (ولكن لاتعلمون) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة.
قوله تعالى (لاتفتح) يقرأ بالتاء، ويجوز في التاء الثانية التخفيف والتشديد التكثير، ويقرأ بالياء لان تأنيث الابواب غير حقيقى، وللفصل أيضا (الجمل) يقرأ بفتح الجيم وهو الجمل المعروف، ويقرأ في الشاذ بسكون الميم، والاحسن أن يكون لغة لان تخفيف المفتوح ضعيف، ويقرأ بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها، وهو الحبل الغليظ، وهو جمع مثل صوم وقوم، ويقرأ بضم الجيم والميم مع التخفيف وهو جمع مثل أسد وأسد، ويقرأ كذلك إلا أن الميم ساكنة وذلك على تخفيف المضموم (سم الخياط) بفتح السين وضمها لغتان (وكذلك) في موضع نصب (نجزى) على أنه وصف لمصدر محذوف.
(1/159)
قوله تعالى (غواش) هو جمع غاشية، وفى التنوين هنا ثلاثة أوجه: أحدها أنه تنوين الصرف، وذلك أنهم حذفوا الياء من غواشى فنقص بناؤها عن بناء مساجد وصارت مثل سلام، فلذلك صرفت. والثانى أنه عوض من الياء المحذوفة. والثالث أنه عوض من حركة الياء المستحقة، ولما حذفت الحركة وعوض عنها التنوين حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وفى هذه المسألة كلام طويل يضيق هذا الكتاب عنه.
قوله تعالى (والذين آمنوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (لانكلف نفسا إلا وسعها) والتقدير: منهم، فحذف العائد كما حذف في قوله " ولمن صبر
[274]
وغفر إن ذلك لمن عزم الامور " والثانى أن الخبر (أولئك أصحاب الجنة) ولا مكلف معترض بينهما.
قوله تعالى (من غل) هو حال من " ما " (تجرى من تحتهم) الجملة في موضع الحال من الضمير المجرور بالاضافة، والعامل فيها معنى الاضافة.
قوله تعالى (هدانا لهذا) قد ذكرناه في الفاتحة (وماكنا) الواو للحال، ويجوز أن تكون مستأنفة، ويقرأ بحذف الواو على الاستئناف، و (لنهتدى) قد ذكرنا إعراب مثله في قوله تعالى " ماكان الله ليذر المؤمنين " (أن هدانا) هما في تأويل المصدر، وموضعه رفع بالابتداء لان الاسم الواقع بعد " لولا " هذه كذلك وجواب " لولا " محذوف دل عليه ما قبله تقديره: لولا أن هدانا الله ماكنا لنهتدى. وبهذا حسنت القراء ة بحذف الواو (أن تلكم) في أن وجهان: أحدهما هى بمعنى أى ولا موضع لها، وهى تفسير للنداء.
(1/160)
والثانى أنها مخففة من الثقيلة واسمها محذوف والجملة بعدها خبرها: أى ونودوا أنه تلكم الجنة، والهاء ضمير الشأن، وموضع الكلام كله نصب بنودوا، وجر على تقديره بأنه (أورثتموها) يقرأ بالاظهار على الاصل، وبالادغام لمشاركة التاء في الهمس وقربها منها في المخرج وموضع الجملة نصب على الحال من الجنة، والعامل فيها ما في تلك من معنى الاشارة، ولا يجوز أن يكون حالا من تلك لوجهين: أحدهما أنه فصل بينهما بالخبر. والثانى أن تلك مبتدأ والابتداء لايعمل في الحال، ويجوز أن تكون الجنة نعتا لتلكم أو بدلا، وأورثتموها الخبر، ولايجوز أن تكون الجملة حالا من الكاف والميم، لان الكاف حرف للخطاب، وصاحب الحال لا يكون حرفا، ولان الحال تكون بعد تمام الكلام، والكلام لا يتم بتلكم.
قوله تعالى (أن قد وجدنا) أن يجوز أن تكون بمعنى أى، وأن تكون مخففة (حقا) يجوز أن تكون حالا، وأن تكون مفعولا ثانيا، ويكون وجدنا بمعنى علمنا (ماوعد ربكم) حذف المفعول من وعد الثانية، فيجوز أن يكون التقدير: وعدكم، وحذفه لدلالة الاول عليه، ويجوز أن يكون التقدير: ماوعد الفريقين، يعنى نعيمنا وعذابكم، ويجوز أن يكون التقدير: ماوعدنا، ويقوى ذلك أن ماعليه أصحاب النار شر، والمستعمل فيه أوعد، ووعد يستعمل في الخير أكثر (نعم) حرف يجاب به عن الاستفهام في إثبات المستفهم عنه، ونونها وعينها مفتوحتان، ويقرأ بكسر العين وهى لغة، ويجوز كسرهما جميعا على الاتباع (بينهم) يجوز
[275]
أن يكون ظرفا لاذن، وأن يكون صفة لمؤذن (أن لعنة الله) يقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون وهى مخففة: أى بأنه لعنة الله، ويجوز أن تكون بمعنى أى، لان الاذان قول، ويقرأ بتشديد النون ونصب اللعنة وهو ظاهر، وقرئ في الشاذ بكسر الهمزة: أى فقال أن لعنة الله.
قوله تعالى (الذين يصدون) يجوز أن يكون جرا ونصبا ورفعا.
(1/161)
قوله تعالى (ونادوا) الضمير يعود على رجال (أن سلام) أى أنه سلام، ويجوز أن تكون بمعنى أى (لم يدخلوها) أى لم يدخل أصحاب الجنة الجنة بعد (وهم يطمعون) في دخولها: أى نادوهم في هذه الحال، ولا موضع لقوله: وهم يطمعون على هذا، وقيل المعنى: إنهم نادوهم بعد أن دخلوا، ولكنهم دخلوها وهم لا يطمعون فيها، فتكون الجملة على هذا حالا.
قوله تعالى (تلقاء) هو في الاصل مصدر، وليس في المصادر تفعال بكسر التاء إلا تلقاء وتبيان، وإنما يجئ ذلك في الاسماء نحو التمثال والتمساح والتقصار، وانتصاب تلقاء هاهنا على الظرف: أى ناحية أصحاب النار.
قوله تعالى (ماأغنى) ويجوز أن تكون " ما " نافية، وأن تكون استفهاما.
قوله تعالى (لا ينالهم) تقديره: أقسمتم عليه بأن لا ينالهم، فلا ينالهم هو المحلوف عيه (ادخلوا) تقديره: فالتفتوا إلى أصحاب الجنة فقالوا ادخلوا، ويقرأ في الشاذ " وادخلوا " على الاستيئناف، وذلك يقال بعد دخولهم (لاخوف عليكم) إذا قرئ " ادخلوا " على الامر كانت الجملة حالا: أى ادخلوا آمنين، وإذا قرئ على الخبر كان رجوعا من الغيبة إلى الخطاب.
قوله تعالى (أن أفيضوا) يجوز أن تكون أن مصدرية وتفسيرية، و (من الماء) تقديره شيئا من الماء (أو مما) قيل أو بمعنى الواو، واحتج لذلك بقوله (حرمهما) وقيل هى على بابها، وحرمهما على المعنى فيكون فيه حذف: أى كلا منهما أو كليهما.
قوله تعالى (الذين اتخذوا دينهم) يجوز أن يكون جرا ونصبا، ورفعا و (لهوا) مفعول ثان، والتفسير ملهوا به وملعوبا به، ويجوز أن يكون صيروا عادتهم، لان الدين قد جاء بمعنى العادة.
[276]
قوله تعالى (على علم) يجوز أن يكون فصلناه مشتملا على علم، فيكون حالا من الهاء، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أى فصلناه عالمين: أى على علم منا (هدى ورحمة) حالان: أى ذا هدى وذا رحمة، وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدإ محذوف.
(1/162)
قوله تعالى (يوم يأتى) هو ظرف ل (يقول)، (فيشفعوا لنا) هو منصوب على جواب الاستفهام (أو نرد) المشهور الرفع، وهو معطوف على موضع من شفعاء تقديره: أو هل نرد (فنعمل) على جواب الاستفهام أيضا، ويقرأ برفعهما: أى فهل نعمل، وهو داخل في الاستفهام، ويقرآن بالنصب على جواب الاستفهام.
قوله تعالى (يغشى الليل) في موضعه وجهان: أحدهما هو حال من الضمير في خلق، وخبر إن على هذا " الله الذى خلق ". والثانى أنه مستأنف ويغشى بالتخفيف وضم الياء، وهو من أغشى ويتعدى إلى مفعولين: أى يغشى الله الليل النهار، ويقرأ " يغشى " بالتشديد، والمعنى واحد، ويقرأ " يغشى " بفتح الياء والتخفيف، والليل فاعله (يطلبه) حال من الليل أو من النهار، و (حثيثا) حال من الليل لانه الفاعل، ويجوز أن يكون من النهار فيكون التقدير: يطلب الليل النهار محثوثا، وأن يكون صفة لمصدر محذوف: أى طلبا حثيثا (والشمس) يقرأ بالنصب، والتقدير وخلق الشمس، ومن رفع استأنف.
قوله تعالى (وخفية) يقرأ بضم الخاء وكسرها وهما لغتان، والمصدران حالان، ويجوز أن يكون مفعولا له، ومثله خوفا وطمعا.
قوله تعالى (قريب) إنما لم تؤنث لانه أراد المطر، وقيل إن الرحمة والترحم بمعنى، وقيل هو على النسب: أى ذات قرب كما يقال امرأة طالق، وقيل هو فعيل بمعنى مفعول كما قالوا لحية دهين وكف خضيب، وقيل أرادوا المكان: أى أن مكان رحمة الله قريب، وقيل فرق بالحذف بين القريب من النسب وبين القريب من غيره.
قوله تعالى (نشرا) يقرأ بالنون والشين مضمومتين وهو جمع. وفي واحده وجهان: أحدهما نشور مثل صبور وصبر، فعلى هذا يجوز أن يكون فعول بمعنى فاعل: أى ينشر الارض، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول كركوب بمعنى مركوب أى منشورة بعد الطى، أو منشرة: أى محياة من قولك: أنشر الله الميت فهو منشر ويجوزأن يكون جمع ناشر مثل نازل ونزل، ويقرأ بضم النون وإسكان الشين على
[277]
(1/163)
تخفيف المضموم، ويقرأ " نشرا " بفتح النون وإسكان الشين، وهو مصدر نشر بعد الطى، أو من قولك: أنشر الله الميت فنشر: أى عاش، ونصبه على الحال: أى ناشرة أو ذات نشر، كما تقول جاء ركضا: أى راكضا، ويقرأ " بشرا " بالباء وضمتين وهو جمع بشير مثل قليب وقلب، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون الشين على التخفيف، ومثله في المعنى " أرسل الرياح مبشرات " ويقرأ " بشرى " مثل حبلى أى ذات بشارة، ويقرأ " بشرا " بفتح الباء وسكون الشين وهو مصدر بشرته إذا بشرته (سحابا) جمع سحابة، وكذلك وصفها بالجمع (لبلد) أى لاحياء بلد (به الماء) الهاء ضمير الباء أو ضمير السحاب أو ضمير الريح، وكذلك الهاء في (به) الثانية.
قوله تعالى (يخرج نباته) يقرأ بفتح الياء وضم الراء ورفع النبات، ويقرأ كذلك إلا أنه يضم الياء على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الراء ونصب النبات: أى فيخرج الله أو الماء (بإذن ربه) متعلق بيخرج (إلا نكدا) بفتح النون وكسر الكاف وهو حال، ويقرأ بفتحهما على أنه مصدر: أى ذا نكد، ويقرأ بفتح النون وسكون الكاف، وهو مصدر أيضا وهو لغة، ويقرأ " يخرج " بضم الياء وكسر الراء، ونكدا مفعوله.
قوله تعالى (من إله غيره) من زائدة، وإله مبتدأ، ولكم الخبر، وقيل الخبر محذوف: أى مالكم من إله في الوجود، ولكم تخصيص، وتبيين. وغيره بالرفع فيه وجهان: أحدهما هو صفة " لاله " على الموضع، والثانى هو بدل من الموضع مثل: لا إله إلا الله، ويقرأ بالنصب على الاستثناء، وبالجر صفة على اللفظ (عذاب يوم عظيم) وصف اليوم بالعظم، والمراد عظم ما فيه.
قوله تعالى (من قومه) حال من الملا، و (نراك) من رؤية العين، فيكون (في ضلال) حالا، ويجوز أن تكون من رؤية القلب فيكون مفعولا ثانيا.
(1/164)
قوله تعالى (أبلغكم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون صفة لرسول على المعنى، لان الرسول هو الضمير في " لكنى " ولو كان يبلغكم لجاز لانه يعود على لفظ رسول، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيه الجار من قوله من رب (وأعلم من الله) بمعنى أعرف، فيتعدى إلى مفعول واحد، وهو " ما " وهى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة.
ومن الله فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بأعلم: أى ابتداء علمى من عند الله. والثانى أن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف.
ذذ
[278]
قوله تعالى (من ربكم) يجوز أن يكون صفة لذكر، وأن تتعلق بجاء كم (على رجل) يجوز أن يكون حالا من: أى نازلا على رجل، وأن يكون متعلقا بجاء كم على المعنى لانه في معنى نزل إليكم، وفى الكلام حذف مضاف: أى على قلب رجل أو لسان رجل.
قوله تعالى (في الفلك) هو حال من " من " أو من الضمير المرفوع في معه، والاصل في (عمين) عميين فسكنت الاولى وحذفت.
قوله تعالى (هودا) بدل من أخاهم، وأخاهم منصوب بفعل محذوف: أى وأرسلنا إلى عاد، وكذلك أوائل القصص التى بعدها.
قوله تعالى (ناصح أمين) هو فعيل بمعنى مفعول.
قوله تعالى (في الخلق) يجوز أن يكون حالا من (بسطة) وأن يكون متعلقا بزادكم. والآلاء جمع، وفى واحدها ثلاث لغات: إلى بكسر الهمزة وألف واحد بعد اللام، وبفتح الهمزة كذلك، وبكسر الهمزة وسكون اللام وياء بعدها.
قوله تعالى (وحده) هو مصدر محذوف الزوائد. وفى موضعه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الله: أى لنعبد الله مفردا وموحدا، وقال بعضهم: هو حال من الفاعلين: أى موحدين له. والثانى أنه ظرف: أى لنعبد الله على حياله قاله يونس، وأصل هذا المصدر الايجاد من قولك أوحدته، فحذفت الهمزة والالف وهما الزائدان.
قوله تعالى (من ربكم) يجوز أن يكون حالا من (رجس) وأن يتعلق بوقع (في أسماء) أى ذوى أسماء أو مسميات.
(1/165)
قوله تعالى (آية) حال من الناقة، والعامل فيها معنى ما في هذه من التنبيه والاشارة، ويجوز أن يعمل في آية لكم، ويجوز أن يكون لكم حالا من آية، ويجوز أن يكون ناقة الله بدلا من هذه أو عطف بيان ولكم الخبر، وجاز أن يكون آية حالا لانها بمعنى علامة ودليلا (تأكل) جواب الامر (فيأخذكم) جواب النهى، وقرئ بالرفع وموضعه حال.
قوله تعالى (من سهولها) يجوز أن يكون حالا من (قصورا) ومفعولا ثانيا لتتخذون، وأن تتعلق بتتخذون لا على أن تتخذون يتعدى إلى مفعولين بل إلى واحد، و " من " لابتداء غاية الاتخاذ (وتنحتون الجبال) فيه وجهان: أحدهما أنه بمعنى تتخذون فيكون (بيوتا) مفعولا ثانيا.
[279]
والثانى أن يكون التقدير من الجبال على ماجاء في الآية الاخرى، فيكون بيوتا المفعول، ومن الجبال على ماذكرنا في قوله من سهولها.
قوله تعالى (لمن آمن) هو بدل من قوله " للذين استضعفوا " بإعادة الجار كقولك: مررت بزيد بأخيك.
قوله تعالى (فأصبحوا) يجوز أن تكون التامة، ويكون (جاثمين) حالا، وأن تكون الناقصة، وجاثمين الخبر، وفي دارهم متعلق بجاثمين.
قوله تعالى (ولوطا) أى وأرسلنا لوطا، أو واذكر لوطا، و (إذ) على التقدير الاول ظرف، وعلى الثانى يكون ظرفا لمحذوف تقديره: واذكر رسالة لوط إذ (ماسبقكم بها) في موضع الحال من الفاحشة أو من الفاعل في أتأتون تقديره مبتدئين (أئنكم) يقرأ بهمزتين على الاستفهام، ويجوز تخفيف الثانية وتليينها، وهو جعلها بين الياء والالف، ويقرأ بهمزة واحدة على الخبر (شهوة) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال (من دون النساء) صفة لرجال: أى منفردين عن النساء (بل أنتم) بل هنا للخروج من قصة إلى قصة، وقيل هو إضراب عن محذوف تقديره: ماعدلتم بل أنتم مسرفون.
قوله تعالى (وماكان جواب قومه) يقرأ بالنصب والرفع، وقد ذكر في آل عمران وفي الانعام.
(1/166)
قوله تعالى (مطرا) هو مفعول أمطرنا، والمطر هنا الحجارة كما جاء في الآية الاخرى " وأمطرنا عليهم حجارة".
قوله تعالى (ولا تبخسوا) هو متعد إلى مفعولين وهما (الناس) و (أشياء هم) وتقول: بخست زيدا حقه: أى نقصته إياه.
قوله تعالى (توعدون) حال من الضمير في تقعدوا (من آمن) مفعول تصدون لا مفعول توعدون، إذ لو كان مفعول الاول لكان تصدونهم (وتبغونها) حالا، وقد ذكرناها في قوله تعالى " يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله " في آل عمران.
قوله تعالى (أو لو كنا كارهين) أى ولو كرهنا تعيدوننا " ولو " هنا بمعنى إن لانه المستقبل، ويجوز أن تكون على أصلها، ويكون المعنى إن كنا كارهين في هذه الحال.
[280]
قوله تعالى (قد افترينا) هو بمعنى المستقبل لانه لم يقع، وإنما سد مسد جواب (إن عدنا) وساغ دخول قد هاهنا لانهم قد نزلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع فقرنوه بقد، وكأن المعنى قد افترينا الآن إن هممنا بالعود (إلا أن يشاء) المصدر في موضع نصب على الاستثناء، والتقدير: إلا وقت أن يشاء الله، وقيل هو استثناء منقطع، وقيل إلا في حال مشيئة الله، و (علما) قد ذكر في الانعام.
قوله تعالى (إذا لخاسرون) إذا هنا متوسطة بين اسم إن وخبرها، وهى حرف معناه الجواب، ويعمل في الفعل بشروط مخصوصة وليس " ذا " موضعها.
قوله تعالى (الذين كذبوا شعيبا) لك فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مبتدأ. وفى الخبر وجهان: أحدهما (كأن لم يغنوا فيها) ومابعده جملة أخرى، أو بدل من الضمير في يغنوا، أو نصب بإضمار أعنى. والثانى أن الخبر (الذين كذبوا شعيبا كانوا) و " كأن لم يغنوا " على هذا حال من الضمير في كذبوا، والوجه الثانى أن يكون صفة لقوله " الذين كفروا من قومه " والثالث أن يكون بدلا منه، وعلى الوجهين يكون كأن لم حالا.
قوله تعالى (حتى عفوا) أى إلى أن عفوا: أى كثروا (فأخذناهم) هو معطوف على عفوا.
(1/167)
قوله تعالى (أو أمن أهل القرى) يقرأ بفتح الواو على أنها واو العطف دخلت عليه همزة الاستفهام، ويقرأ بسكونها وهى لاحد الشيئين، والمعنى: أفأمنوا إتيان العذاب ضحى، أو أمنوا بأن يأتيهم ليلا؟ وبياتا الحال من بأسنا، أى مستخفيا باغتيالهم ليلا.
قوله تعالى (فلا يأمن مكر الله) الفاء هنا للتنبيه على تعقيب العذاب أمن مكر الله.
قوله تعالى (أو لم يهد للذين) يقرأ بالياء، وفاعله (أن لو نشاء) وأن مخففة من الثقيلة: أى أو لم يبين لهم علمهم بمشيئتنا، ويقرأ بالنون وأن لو نشاء مفعوله وقيل فاعل يهدى ضمير اسم الله تعالى (فهم لايسمعون) الفاء لتعقيب عدم السمع بعد الطبع على القلب من غير فصل.
قوله تعالى (نقص عليك من أنبائها) هو مثل قوله " ذلك من أنباء الغيب نوحيه " وقد ذكر في آل عمران، ومثل قوله تعالى " تلك آيات الله نتلوها " وقد ذكر في البقرة.
[281]
قوله تعالى (لاكثرهم) هو حال من (عهد) ومن زائدة: أى ماوجدنا عهدا لاكثرهم (وإن وجدنا) مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى وإنا وجدنا واللام في (لفاسقين) لازمة لها لتفصل بين أن المخففة وبين إن بمعنى " ما " وقال الكوفيون: من الثقيلة " إن " بمعنى " ما " وقد ذكر في البقرة عند قوله " وإن كانت لكبيرة ".
قوله تعالى (كيف كان) كيف في موضع نصب خبر كان، (عاقبة) اسمها، والجملة في موضع نصب بفا نظر.
قوله تعالى (حقيق) وخبره (أن لا أقول) على قراء ة من شدد الياء، في على، وعلى متعلق بحقيق، والجيد أن يكون " أن لا " فاعل حقيق لانه ناب عن بحق على، ويقرأ على ألا، والمعنى واجب بأن لا أقول، وحقيق هاهنا على الصحيح صفة لرسول، أو خبر ثان، كما تقول: أنا حقيق بكذا: أى أحق، وقيل المعنى على قراء ة من شدد الياء أن يكون حقيق صفة لرسول، وما بعده مبتدأ وخبر: أى على قول الحق.
(1/168)
قوله تعالى (فإذا هى) " إذا " للمفاجأة، وهى مكان، وما بعدها مبتدأ. و (ثعبان) خبره، وقيل هى ظرف زمان، وقد أشبعنا القول فيها فيما تقدم.
قوله تعالى (فماذا تأمرون) هو مثل قوله " ماذا ينفقون " وقد ذكر في البقرة. وفي المعنى وجهان: أحدهما أنه من تمام الحكاية عن قول الملا. والثانى أنه مستأنف من قول فرعون، تقديره: فقال ماذا تأمرون، ويدل على مابعده، وهو قوله (قالوا أرجه وأخاه) وأرجئه يقرأ بالهمزة وضم الهاء من غير إشباع وهو الجيد، وبالاشباع وهو ضعيف لان الهاء خفية، فكأن الواو التى بعدها تتلو الهمزة، وهو قريب من الجمع بين ساكنين، ومن هنا ضعف قولهم عليه مال بالاشباع، ويقرأ بكسر الهاء مع الهمز وهو ضعيف، لان الهمز حرف صحيح ساكن، فليس قبل الهاء ما يقتضى الكسر. ووجهه أنه أتبع الهاء كسرة الجيم، والحاجز غير حصين، ويقرأ من غير همز من أرجيت بالياء، ثم منهم من يكسر الهاء ويشبعها، ومنهم من لا يشبعها، ومنهم من يسكنها، وقد بينا ذلك في " يؤده إليك ".
قوله تعالى (بكل ساحر) يقرأ بألف بعد السين وألف بعد الحاء مع التشديد وهو الكثير.
[282]
قوله تعالى (أئن لنا) يقرأ بهمزتين على الاستفهام والتحقيق والتليين على ماتقدم وبهمزة واحدة على الخبر.
قوله تعالى (إما أن تلقى) في موضع أن والفعل وجهان: أحدهما رفع: أى أمرنا إما الالقاء، والثانى نصب: أى إما أن تفعل الالقاء.
قوله تعالى (واسترهبوهم) أى طلبوا إرهابهم، وقيل هو بمعنى أرهبوهم مثل قر واستقر.
قوله تعالى (أن ألق) يجوز أن تكون أن المصدرية، وأن تكون بمعنى: أى (فإذا هى تلقف) يقرأ بفتح اللام وتشديد القاف مع تخفيف التاء مثل تكلم، ويقرأ " أتلقف " بتشديد التاء أيضا، والاصل تتلقف فأدغمت الاولى في الثانية ووصلت بما قبلها فأغنى عن همزة الوصل، ويقرأ بسكون اللام وفتح القاف، وماضيه لقف مثل علم.
(1/169)
قوله تعالى (قالوا آمنا) يجوز أن يكون حالا: أى فانقلبوا صاغرين قد قالوا، ويجوز أن يكون مستأنفا (رب موسى) بدل مما قبله.
قوله تعالى (قال فرعون آمنتم) يقرأ بهمزتين على الاستفهام، ومنهم من يحقق الثانية، ومنهم من يخففها، والفصل بينهما بألف بعيد لانه يصير في التقدير كأربع ألفات، ويقرأ بهمزة واحدة على لفظ الخبر، فيجوز أن يكون خبرا في المعنى وأن يكون حذف همزة الاستفهام، وقرئ " فرعون وآمنتم " بجعل الهمزة الاولى واوا لانضمام ما قبلها.
قوله تعالى (وما تنقم) يقرأ بكسر القاف وفتحها، وقد ذكر في المائدة.
قوله تعالى (ويذرك) الجمهور على فتح الراء عطفا على ليفسدوا، وسكنها بعضهم على التخفيف، وضمها بعضهم: أى وهو يذرك، ويقرأ (وآلهتك) مثل العبادة والزيادة، وهى العبادة.
قوله تعالى (يورثها) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الله.
قوله تعالى (بالسنين) الاصل في سنة سنهة، فلامها هاء لقولهم: عاملته مسانهة وقيل لامها واو لقولهم سنوات، وأكثر العرب تجعلها كالزيدون، ومنهم من يجعل النون حرف الاعراب، وكسرت سنيها إيذانا بأنها جمعت على غير القياس (من لثمرات) متعلق بنقص، والمعنى وبتنقص الثمرات.
[283]
قوله تعالى (يطيروا) أى يتطيروا، وقرئ شاذا " تطيروا " على لفظ الماضى (طائرهم) على لفظ الواحد، ويقرأ طيرهم، وقد ذكر مثله في آل عمران.
قوله تعالى (مهما) فيها ثلاثة أقوال: أحدها أن " مه " بمعنى اكفف، و " ما " اسم للشرط كقوله " ما يفتح الله للناس من رحمة " والثانى أن أصل " مه " ما الشرطية زيدت عليها ما كما زيدت في قوله " إما يأتينكم " ثم أبدلت الالف الاولى هاء لئلا تتوالى كلمتان بلفظ واحد. والثالث أنها بأسرها كلمة واحدة غير مركبة، وموضع الاسم على الاقوال كلها نصب ب (تأتنا) والهاء في " به " تعود على ذلك الاسم.
(1/170)
قوله تعالى (الطوفان) قيل هو مصدر، وقيل هو جمع طوفانة، وهو الماء المغرق الكثير (والجراد) جمع جرادة الذكر والانثى. سواء (والقمل) يقرأ بالتشديد والتخفيف مع فتح القاف وسكون الميم، قيل هما لغتان، وقيل هما القمل المعروف في الثياب ونحوها، والمشدد يكون في الطعام (آيات) حال من الاشياء المذكورة.
قوله تعالى (بما عهد عندك) يجوز أن تتعلق الباء بادع: أى بالشئ الذى علمك الله الدعاء به. ويجوز أن تكون الباء للقسم (إذا هم ينكثون) هم مبتدأ وينكثون الخبر، وإذا للمفاجأة وقد تقدم ذكرها.
قوله تعالى (وأورثنا) يتعدى إلى مفعولين، فالاول (القوم). و (الذين كانوا) نعت. وفى المفعول الثانى ثلاثة أوجه: أحدها (مشارق الارض ومغاربها) والمراد أرض الشام أو مصر، و (التى باركنا) على هذا فيه وجهان: أحدهما هو صفة المشارق والمغارب. والثانى صفة الارض، وفيه ضعف لان فيه العطف على الموصوف قبل الصفة.
والقول الثانى أن المفعول الثانى لاورثنا التى باركنا: أى الارض التى باركنا، فعلى هذا في المشارق والمغارب وجهان: أحدهما هو ظرف ليستضعفون. والثانى أن تقديره: يستضعفون في مشارق الارض ومغاربها، فلما حذف الحرف وصل الفعل بنفسه فنصب.
والقول الثالث أن التى باركنا صفة على ما تقدم، والمفعول الثانى محذوف تقديره: الارض أو الملك (ما كان يصنع) " ما " بمعنى الذى.
وفى اسم كان وجهان: أحدهما هو ضمير " ما " وخبرها يصنع فرعون، والعائد محذوف، أى يصنعه. والثانى أن اسم كان فرعون. وفى يصنع ضمير فاعل، وهذا ضعيف لان يصنع يصلح أن يعمل في فرعون فلا يقدر تأخيره كما لا يقدر تأخير الفعل في قولك: قام زيد، وقيل " ما " مصدرية وكان زائدة، وقيل ليست زائدة، ولكن كان الناقصة لا تفصل بين " ما " وبين صلتها.
[284]
(1/171)
وقد ذكرنا ذلك في قوله " بما كانوا يكذبون " وعلى هذا القول تحتاج كان إلى اسم، ويضعف أن يكون اسمها ضمير الشأن لان الجملة التى بعدها صلة " ما " فلا تصلح للتفسير فلا يصلح بها الايضاح، وتمام الاسم لان المفسر يجب أن يكون مستقبلا فتدعو الحاجة إلى أن نجعل فرعون اسم كان وفي يصنع ضمير يعود عليه، و (يعرشون) بضم الراء وكسرها لغتان، وكذلك يعكفون، وقد قرئ بهما فيهما.
قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر) الباء هنا معدية كالهمزة والتشديد، أى أجزنا ببنى إسرائيل البحر وجوزنا.
قوله تعالى (كما لهم آلهة) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى مصدرية، والجملة بعدها صلة لها، وحسن ذلك أن الظرف مقدر بالفعل. والثانى أن " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف، وآلهة بدل منه تقديره: كالذى هو لهم، والكاف وما عملت فيه صفة لاله: أى إلها مماثلا للذى لهم. والوجه الثالث أن تكون " ما " كافة للكاف، إذ من حكم الكاف أن تدخل على المفرد، فلما أريد دخولها على الجملة كفت بما.
قوله تعالى (ماهم فيه) يجوز أن تكون " ما " مرفوعة بمتبر، لانه قوى بوقوعه خبرا، وأن تكون " ما " مبتدأ ومتبر خبر مقدم.
قوله تعالى (أغير الله) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول أبغيكم، والتقدير: أبغى لكم فحذف اللام، و (إلها) تمييز.
والثانى أن إلها مفعول أبغيكم غير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا (وهو فضلكم) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (ثلاثين ليلة) هو مفعول ثان لواعدنا، وفيه حذف مضاف تقديره: إتيان ثلاثين أو تمام ثلاثين، و (أربعين ليلة) حال تقديرها: فتم ميقات ربه كاملا، وقيل هو مفعول تم، لان معناه بلغ، فهو كقولهم: بلغت أرضك جريبين، و (هارون) بدل أو عطف بيان، ولو قرئ بالرفع لكان نداء أو خبر مبتدإ محذوف.
(1/172)
قوله تعالى (جعله دكا) أى صيره، فهو متعد إلى اثنين، فمن قرأ " دكا " جعله مصدرا بمعنى المدكوك: وقيل تقديره: ذا دك، ومن قرأ بالمد جعله مثل أرض دكاء أو ناقة دكاء، وهى التى لا سنام لها، و (صعقا) حال مقارنة.
[285]
قوله تعالى (سأريكم) قرئ في الشاذ بواو بعد الهمزة، وهى ناشئة عن الاشباع وفيها بعد.
قوله تعالى (سبيل الرشد) يقرأ بضم الراء وسكون الشين وبفتحهما: وسبيل الرشاد بالالف والمعنى واحد.
قوله تعالى (والذين كذبوا) مبتدأ وخبره (حبطت) ويجوز أن يكون الخبر (هل يجزون) وحبطت حال من ضمير الفاعل في كذبوا، وقد مرادة.
قوله تعالى (من حليهم) يقرأ بفتح الحاء وسكون اللام وتخفيف الياء وهو واحد، ويقرأ بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء وهو جمع أصله حلوى، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء الاخرى ثم كسرت اللام إتباعا لها ويقرأ بكسر الحاء واللام والتشديد على أن يكون أتبع الكسر الكسر (عجلا) مفعول اتخذه و (جسدا) نعت أو بدل أن بيان من حليهم، ويجوز أن يكون صفة لعجل قدم فصار حالا، وأن يكون متعلقا باتخذ، والمفعول الثانى محذوف أى إلها.
قوله تعالى (سقط في أيديهم) الجار والمجرور قائم مقام الفاعل، والتقدير: سقط الندم في أيديهم.
قوله تعالى (غضبان) حال من موسى، و (أسفا) حال آخر بدل من التى قبلها، ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذى في غضبان.
قوله تعالى (يجره إليه) يجوز أن يكون حالا من موسى، وأن يكون حالا من الرأس، ويضعف أن يكون حالا من أخيه (قال ابن أم) يقرأ بكسر الميم، والكسرة تدل على الياء المحذوفة، وبفتحها.
(1/173)
وفيه وجهان: أحدهما أن الالف محذوفة، وأصل الالف الياء، وفتحت الميم قبلها فانقلبت ألفا وبقيت الفتحة تدل عليها، كما قالوا: يا بنت عما. والوجه الثانى أن يكون جعل ابن والام بمنزلة خمسة عشر، وبناهما على الفتح (فلا تشمت) الجمهور على ضم التاء وكسر الميم، و (الاعداء) مفعوله، وقرئ بفتح التاء والميم، والاعداء فاعله، والنهى في اللفظ للاعداء وفي المعنى لغيرهم وهو موسى، كما تقول: لا أرينك هاهنا، وقرئ بفتح التاء والميم ونصب الاعداء والتقدير: لا تشمت أنت بى فتشمت بى الاعداء، فحذف الفعل.
قوله تعالى (والذين عملوا السيئات) مبتدأ والخبر (إن ربك من بعدها لغفور رحيم) والعائد محذوف: أى غفور لهم أو رحيم بهم.
[286]
قوله تعالى (وفى نسختها) الجملة حال من الالواح (لربهم يرهبون) في اللام ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى من أجل ربهم، فمفعول يرهبون على هذا محذوف: أى يرهبون عقابه.
والثانى هى متعلقة بفعل محذوف تقديره: والذين هم(1) يخشعون لربهم.
والثالث هى زائدة، وحسن ذلك لما تأخر الفعل.
قوله تعالى (واختار موسى قومه) اختار يتعدى إلى مفعولين: أحدهما بحرف الجر وقد حذف هاهنا، والتقدير: من قومه، ولا يجوز أن يكون (سبعين) بدلا عند الاكثرين، لان المبدل منه في نية الطرح، والاختيار لابد له من مختار ومختار منه، والبدل يسقط المختار منه، وأرى أن البدل جائز على ضعف، ويكون التقدير سبعين رجلا منهم (أتهلكنا) قيل هو استفهام: أى أتعمنا بالاهلاك، وقيل معناه النفى: أى ما نهلك من لم يذنب، و (منا) حال من السفهاء (تضل بها) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في فتنتك إذ ليس هنا ماتصلح أن يعمل في الحال.
قوله تعالى (هدنا) المشهور ضم الهاء، وهو من هاد يهود إذا تاب، وقرئ بكسرها، وهو من هاد يهيد إذا تحرك أو حرك: أى حركنا إليك نفوسنا (من أشاء) المشهور في القراء ة الشين، وقرئ بالسين والفتح، وهو فعل ماض: أى أعاقب المسئ.
(1/174)
قوله تعالى (الذين يتبعون) في الذين ثلاثة أوجه: أحدها هو جر على أنه صفة للذين يتقون أو بدل منه.
والثانى نصب على إضمار أعنى.
والثالث رفع: أى هم الذين يتبعون، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر " يأمرهم، وأولئك هم المفلحون " (الامى) المشهور ضم الهمزة، وهو منسوب إلى الام، وقد ذكر في البقرة، وقرئ بفتحها.
وفيه وجهان: أحدهما أنه من تغيير النسبة كما قالوا أموى. والثانى هو منسوب إلى الام وهو القصد: أى الذى هو على القصد والسداد (يجدونه) أى يجدون اسمه و (مكتوبا) حال و (عندهم) ظرف لمكتوب أو ليجدون (يأمرهم) يجوز أن يكون خبرا للذين. وقد ذكر، ويجوز أن يكون مستأنفا، أو أن يكون حالا من النبى أو من الضمير في مكتوب (إصرهم) الجمهور على الافراد وهو جنس، ويقرأ
___________________________________
(1) (قوله تقديره والذين هم) كذا بالنسخ التى بأيدينا، والمناسب أن يقول للذين هم ليوافق نظم لتلاوة كما لا يخفى اه. (*)
[287]
آصارهم على الجمع لاختلاف أنواع الثقل الذى كان عليهم، ولذلك جمع الاغلال. (وعزروه) بالتشديد والتخفيف وقد ذكر في المائدة.
قوله تعالى (الذى له ملك السموات) موضع نصب بإضمار أعنى، أى في موضع رفع على إضمار هو، ويبعد أن يكون صفة لله أو بدلا منه لما فيه من الفصل بينهما بإليكم وحاله وهو متعلق برسول.
قوله تعالى (وقطعناهم اثنتى) فيه وجهان: أحدهما أن قطعنا بمعنى صيرنا فيكون اثنتى عشرة مفعولا ثانيا. والثانى أن يكون حالا: أى فرقناهم فرقا، و (عشرة) بسكون الشين وكسرها وفتحها لغات قد قرئ بها، و (أسباطا) بدل من اثنتى عشرة لا تمييز لانه جمع، و (أمما) نعت لاسباط، أو بدل بعد بدل، وأنث اثنتى عشرة، لان التقدير: اثنتى عشرة أمة (أن اضرب) يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى أى.
قوله تعالى (حطة) هو مثل الذى في البقرة، و (نغفر لكم) قد ذكر في البقرة مايدل على ما هاهنا.
(1/175)
قوله تعالى (عن القرية) أى عن خبر القرية، وهذا المحذوف هو الناصب للظرف الذى هو قوله (إذ يعدون) وقيل هو ظرف لحاضرة، وجوز ذلك أنها كانت موجودة في ذلك الوقت ثم خربت، ويعدون، خفيف، ويقرأ بالتشديد والفتح والاصل يعتدون، وقد ذكر نظيره في يخطف (إذ تأتيهم) ظرف ليصعدون و (حيتانهم) جمع حوت أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، (شرعا) حال من الحيتان (ويوم لا يسبتون) ظرف لقوله (لا تأتيهم).
قوله تعالى (معذرة) يقرأ بالرفع: أى موعظتنا معذرة، وبالنصب على المفعول له: أى وعظنا للمعذرة، وقيل هو مصدر: أى نعتذر معذرة.
قوله تعالى (بعذاب بئيس) يقرأ بفتح الباء وكسر الهمزة وياء ساكنة بعدها.
وفيه وجهان: أحدهما هو نعت للعذاب مثل شديد. والثانى هو مصدر مثل النذير، والتقدير: بعذاب ذى بأس: أى ذى شدة، ويقرأ كذلك إلا أنه بتخفيف الهمزة وتقريبها من الياء، ويقرأ بفتح الباء وهمزة مكسورة لا ياء بعدها.
وفيه وجهان: أحدهما هو صفة مثل قلق وحنق. والثانى هو منقول من بئس الموضوعة للذم إلى الوصف، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الباء إتباعا، ويقرأ بكسر الباء وسكون الهمزة، وأصلها
[288]
فتح الباء وكسر الهمزة، فتكسر الباء إتباعا، وسكن الهمزة تخفيفا، ويقرأ كذلك إلا أن مكان الهمزة ياء ساكنة، وذلك تخفيف كما تقول في ذئب ذيب، ويقرأ بفتح الباء وكسر الياء وأصلها همزة مكسورة أبدلت ياء، ويقرأ بياء ين على فيعال، ويقرأ " بيس " بفتح الباء والياء من غير همز وأصله باء ساكنة وهمزة مفتوحة، إلا أن حركة الهمزة ألقيت على الياء ولم تقلب الياء ألفا لان حركتها عارضة، ويقرأ " بيأس " مثل ضيغم، ويقرأ بفتح الباء وكسر الياء وتشديدها مثل سيد وميت وهو ضعيف، إذ ليس في الكلام مثله من الهمز، ويقرأ " بأيس " بفتح الباء وسكون الهمزة وفتح الياء، وهو بعيد إذ ليس في الكلام فعيل، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الباء مثل عثير وحديم.
(1/176)
قوله تعالى (تأذن) هو بمعنى أذن: أى أعلم (إلى يوم القيامة) يتعلق بتأذن أو بيبعث وهو الاوجه، ولا يتعلق ب (يسومهم) لان الصلة أو الصفة لا تعمل فيما قبلها.
قوله تعالى (وقطعناهم في الارض أمما) مفعول ثان أو حال (منهم الصالحون) صفة لامم أو بدل منه، و (دون ذلك) ظرف أو خبر على ماذكرنا في قوله " لقد تقطع بينكم ".
قوله تعالى (ورثوا الكتاب) نعت لخلف (يأخذون) حال من الضمير في ورثوا (ودرسوا) معطوف على ورثوا، وقوله " ألم يؤخذ " معترض بينهما، ويقرأ ادارسوا وهو مثل اداركوا فيها وقد ذكر.
قوله تعالى (والذين يمسكون) مبتدأ، والخبر (إنا لا نضيع أجر المصلحين) والتقدير منهم، وإن شئت قلت إنه وضع الظاهر موضع المضمر: أى لا نضيع أجرهم، وإن شئت قلت لما كان الصالحون جنسا والمبتدأ واحدا منه استغنيت عن ضمير، ويمسكون بالتشديد والماضى منه مسك، ويقرأ بالتخفيف من أمسك، ومعنى القراء تين تمسك بالكتاب: أى عمل به، والكتاب جنس.
قوله تعالى (وإذ نتقنا) أى اذكر إذ، و (فوقهم) ظرف لنتقنا أو حال من الجبل غير مؤكدة، لان رفع الجبل فوقهم تخصيص له ببعض جهات العلو (كأنه) الجملة حال من الجبل أيضا (وظنوا) مستأنف، ويجوز أن يكون معطوفا على نتقنا فيكون موضعه جرا، ويجوز أن يكون حالا، وقد معه مرادة (خذوا ما آتيناكم) قد ذكر في البقرة.
[289]
قوله تعالى (وإذ أخذ) أى واذكر (من ظهورهم) بدل من بنى آدم: أى من ظهور بنى آدم، وأعاد حرف الجر مع البدل وهو بدل الاشتمال (أن تقولوا) بالياء والتاء وهو مفعول له: أى مخافة أن تقولوا، وكذلك (أو تقولوا).
قوله تعالى (إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) الكلام كله حال من الكلب تقديره يشبه الكلب لاهثا في كل حال.
(1/177)
قوله تعالى (ساء) هو بمعنى بئس، وفاعله مضمر: أى ساء المثل، و (مثلا) مفسر (القوم) أى مثل القوم، لابد من هذا التقدير لان المخصوص بالذم من جنس فاعل بئس، والفاعل المثل، والقوم ليس من جنس المثل، فلزم أن يكون التقدير مثل القوم فحذفه وأقام القوم مقامه.
قوله تعالى (لجهنم) يجوز أن يتعلق بذرأنا، وأن يتعلق بمحذوف على أن يكون حالا من (كثيرا) أى كثيرا لجهنم، و (من الجن) نعت لكثير (لهم قلوب) نعت لكثير أيضا.
قوله تعالى (الاسماء الحسنى) الحسنى صفة مفردة لموصوف مجموع، وأنث لتأنيث الجمع (يلحدون) يقرأ بضم الياء وكسر الحاء، وماضيه ألحد، وبفتح الياء والحاء وماضيه لحد، وهما لغتان.
قوله تعالى (وممن خلقنا) نكرة موصوفة أو بمعنى الذى.
قوله تعالى (والذين كذبوا) مبتدأ، و (سنستدرجهم) الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف فسره المذكور: أى سنستدرج الذين.
قوله تعالى (وأملى) خبر مبتدإ محذوف: أى وأنا أملى، ويجوز أن يكون معطوفا على نستدرج وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (مابصاحبهم) في " ما " وجهان: أحدهما نافية، وفي الكلام حذف تقديره: أو لم يتفكروا في قولهم به جنة. والثانى أنها استفهام: أى أو لم يتفكروا أى شئ بصاحبهم من الجنون مع انتظام أقواله وأفعاله، وقيل هى بمعنى الذى، وعلى هذا يكون الكلام خرج عن زعمهم.
قوله تعالى (وأن عسى) يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، وأن تكون مصدرية وعلى كلا الوجهين هى في موضع جر عطفا على ملكوت، و (أن يكون) فاعل عسى
[290]
وأما اسم يكون فمضمر فيها وهو ضمير الشان، و (قد اقترب أجلهم) في موضع نصب خبر كان، والهاء في (بعده) ضمير القرآن.
قوله تعالى (فلا هادى) في موضع جزم على جواب الشرط (ويذرهم) بالرفع على الاستئناف، وبالجزم عطفا على موضع " فلا هادى " وقيل سكنت لتوالى الحركات.
(1/178)
قوله تعالى (أيان) اسم مبنى لتضمنه حرف الاستفهام بمعنى متى، وهو خبر ل (مرساها) والجملة في موضع جر بدلا من الساعة تقديره: يسألونك عن زمان حلول الساعة، ومرساها مفعل من أرسى، وهو مصدر مثل المدخل والمخرج بمعنى الادخال والاخراج: أى متى أرساها (إنما علمها) المصدر مضاف إلى المفعول وهو مبتدأ، و (عند) الخبر (ثقلت في السموات) أى ثقلت على أهل السموات والارض: أى تثقل عند وجودها، وقيل التقدير: ثقل علمها على أهل السموات (حفى عنها) فيه وجهان، أحدهما تقديره: يسألونك عنها كأنك حفى أى معنى بطلبها فقدم وأخر. والثانى أن عن بمعنى الباء: أى حفى بها، وكأنك حال من المفعول، وحفى بمعنى محفو، ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى فاعل.
قوله تعالى (لنفسى) يتعلق بأملك، أو حال من نفع (إلا ماشاء الله) استثناء من الجنس (لقوم) يتعلق ببشير عند البصريين، وبنذير عند الكوفيين.
قوله تعالى (فمرت به) يقرأ بتشديد الراء من المرور، ومارت بالالف وتخفيف الراء من المور، وهو الذهاب والمجئ.
قوله تعالى (جعلا له شركاء) يقرأ بالمد على الجمع، وشركا بكسر الشين وسكون الراء والتنوين، وفيه وجهان: أحدهما تقديره: جعلا لغيره شركا أى نصيبا. والثانى جعلا له ذا شرك، فحذف في الموضعين المضاف.
قوله تعالى (أدعوتموهم) قد ذكر في قوله " سواء عليهم أأنذرتهم "، و (أم أنتم صامتون) جملة اسمية في موضع الفعلية، والتقدير: أدعوتموهم أم صمتم.
قوله تعالى (إن الذين تدعون) الجمهور على تشديد النون، و (عباد) خبر إن، و (أمثالكم) نعت له والعائد محذوف: أى تدعو بهم، ويقرأ عبادا، وهو حال من العائد المحذوف، وأمثالكم الخبر، ويقرأ إن بالتخفيف وهى بمعنى " ما "
[291]
وعبادا خبرها، وأمثالكم يقرأ يالنصب نعتا لعبادا، وقد قرئ أيضا " أمثالكم " بالرفع على أن يكون عبادا حالا من العائد المحذوف، وأمثالكم الخبر، وإن بمعنى " ما " لا تعمل عند سيبويه وتعمل عند المبرد.
(1/179)
قوله تعالى (قل ادعوا) يقرأ بضم اللام وكسرها، وقد ذكرنا ذلك في قوله " فمن اضطر ".
قوله تعالى (إن ولى الله) الجمهور على تشديد الياء الاولى وفتح الثانية وهو الاصل، ويقرأ بحذف الثانية في اللفظ لسكونها وسكون ما بعدها، ويقرأ بفتح الياء الاولى ولا ياء بعدها، وحذف الثانية من اللفظ تخفيفا.
قوله تعالى (طيف) يقرأ بتخفيف الياء. وفيه وجهان: أحدهما أصله طيف مثل ميت فخفف. والثانى أنه مصدر طاف يطيف إذا أحاط بالشئ، وقيل هو مصدر يطوف قلبت الواو ياء وإن كانت ساكنة كما قلبت في أيد وهو بعيد، ويقرأ طائف على فاعل.
قوله تعالى (يمدونهم) بفتح الياء وضم الميم من مد يمد مثل قوله " ويمدهم في طغيانهم " ويقرأ بضم الياء وكسر الميم من أمده إمدادا (في الغى) يجوز أن يتعلق بالفعل المذكور، ويجوز أن يكون حالا من ضمير المفعول أو من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (فاستمعوا له) يجوز أن تكون اللام بمعنى لله، أى لاجله، ويجوز أن تكون زائدة: أى فاستمعوه، ويجوز أن تكون بمعنى إلى.
قوله تعالى (تضرعا وخفية) مصدران في موضع الحال، وقيل هو مصدر لفعل من غير المذكور بل من معناه (ودون الجهر) معطوف على تضرع، والتقدير: مقتصدين (بالغدو) متعلق بادعوا (والآصال) جمع الجمع، لان الواحد أصيل، وفعيل لا يجمع على أفعال بل على فعل ثم فعل على أفعال، والاصل أصيل وأصل ثم آصال، ويقرأ شاذا، والايصال بكسر الهمزة وياء بعدها، وهو مصدر أصلنا إذا دخلنا في الاصيل.
تم الجزء الاول، ويليه الجزء الثانى وأوله: سورة الانفال وبتمامه يتم الكتاب.
(1/180)
سورة الانفال
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(عن الانفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد ذكر في قوله " عن الاهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله " بذات الصدور " (وجلت) مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهى اللغة الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو على لغة من كسر حرف المضارعة، وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الاول على اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على الاخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لان المراد به الاجور.
قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر محذوف، ثم في ذلك المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك.
والثانى: وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى خطاب الواحد.
والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة محققة.
والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك.
والخامس هو صفة لحق تقديره: أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك.
والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما أخرجك.
والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أى ككراهيتهم أو كراهيتك لاخراجك، وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التى للقسم وهو بعيد، و (ما) مصدرية، و (بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو هنا واو الحال.
[4]
(2/1)
قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أى واذكروا، والجمهور على ضم الدال، ومنهم من يسكنها تخفيفا لتوالى الحركات، و (إحدى) مفعول ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير: وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.
قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الاولى، وأن يكون التقدير: اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد لفظة الالف، ويقرأ بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف " (مردفين) يقرأ بضم الميم وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول محذوف: أى مردفين أمثالهم، ويقرأ بفتح الدال على مالم يسم فاعله: أى أردفوا بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء بعد الاوائل: أى جعلوا ردفا للاوائل، ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت ذالا ليصح إدغامها في الدال، وكان تغيير التاء أولى لانها مهموسة والدال مجهورة. وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.
والثانى كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الاصل في التقاء الساكنين.
والثالث الضم إتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على إتباع الميم الراء، وقيل من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.
قوله تعالى (وماجعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التى في آل عمران.
(2/2)
قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه " عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والالف، و (النعاس) فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أى يغشيكم الله النعاس، ويقرأ كذلك إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران (ماء ليطهركم) الجمهور على المد والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهى بمعنى الذى (رجز الشيطان) الجمهور على الزاى، ويراد به هنا الوسواس، وجاز أن يسمى رجزا لانه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين، وأصل الرجس الشئ القذر، فجعل مايفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.
قوله تعالى (فوق الاعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل هو مفعول به، وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أى كل بنان
[5]
كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف (ذلك) أى الامر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أى ذلك مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق الله) إنما لم يدغم لان القاف الثانية ساكنة في الاصل وحركتها هنا لالتقاء الساكنين فهى غير معتد بها.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أى الامر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذى بعده مفسرا له، والاحسن أن يكون التقدير: باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة (وأن للكافرين) أى والامر أن للكافرين.
قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة: أى تزحفون زحفا، و (الادبار) مفعول ثان لتولوهم.
قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.
قوله تعالى (ذلكم) أى الامر ذلكم (و) الامر (أن الله موهن) بتشديد الهاء وتخفيفها، وبالاضافة والتنوين وهو ظاهر.
قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير: والامر أن الله مع المؤمنين.
(2/3)
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر، لان شرا هنا يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الاصم لكان الافراد على اللفظ والمعنى على الجمع.
قوله تعالى (لاتصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب قسم محذوف: أى والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم.
والثانى أنه نهى، والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أى لاتكن هاهنا، فإن من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لاتدخلوا في الفتنة فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة.
والثالث أنه جواب الامر، وأكد بالنون مبالغة، وهو ضعيف لان جواب الشرط متردد فلا يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن " بغير ألف.
قال ابن جنى: الاشبه أن تكون الالف محذوفة كما حذفت في أم والله.
وقيل في قراء ة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم على الشذوذ.
[6]
قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذى قبله: أى خائفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مستضعفون.
قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الاول وأن يكون نصبا على الجواب بالواو.
قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".
قوله تعالى (هو الحق) القراء ة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ بالرفع على أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك) حال من معنى الحق: أى الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر، وأن يكون صفة لحجارة.
قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أى في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر على الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.
(2/4)
قوله تعالى (وماكان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء، وهو ظاهر. وقرأ الاعمش بالعكس وهى ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا الاسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك أن الكلام قد دخله النفى والاثبات، وقد يحسن في ذلك مالا يحسن في الاثبات المحض ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ماكان رجلا إلا خيرا منك؟ وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والاصل في التصدية تصددة، لانه من الصد، فأبدلت الدال الاخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هى أصل وهو من الصدى الذى هو الصوت.
قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران، و (بعضه) بدل من الخبيث بدل البعض: أى بعض الخبيث على بعض. ويجعل هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى الثانى بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض.
قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أى نعم المولى الله سبحانه.
قوله تعالى (أن ماغنمتم) " ما " بمعنى الذى: والعائد محذوف، و (من شئ) حال من العائد المحذوف تقديره: ماغنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ بفتح الهمزة.
[7]
وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذى لما في الذى من معنى المجازاة، و " أن " وماعملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم أن لله خمسه.
والثانى أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الاولى، وقيل " ما " مصدرية والمصدر بمعنى المفعول: أى واعلموا أن غنيمتكم: أى مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة في " أن " الثانية على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الاولى والخمس بضم الميم وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لانزلنا أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من يوم الاول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان لانه مصدر بمعنى التفريق.
(2/5)
قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا إذ أنتم، ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما (القصوى) بالواو، وهى خارجة على الاصل، وأصلها من الواو. وقياس الاستعمال أن تكون القصيا لانه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت واوها ياء فرقا بين الاسم والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم) ظرف: أى والركب في مكان أسفل منكم: أى أشد تسفلا، والجملة حال من الظرف الذى قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم: أى وإذ الركب أسفل منكم (ليقضى الله) أى فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا من ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضى هنا بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في الدنيا منهم بالقتل (من حى) يقرأ بتشديد الياء وهو الاصل لان الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل شد ومد، ومنه قول عبيد: عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامه ويقرأ بالاظهار وفيه وجهان: أحدهما أن الماضى حمل على المستقبل وهو يحيا، فكما لم يدغم في المستقبل لم يدغم في الماضى، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما جميعا.
والوجه الثانى أن حركة الحرفين مختلفة، فالاولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه وضبب البلد إذا كثر ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياآن
[8]
أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين يتعلق بالفعل الاول.
قوله تعالى (إذ يريكهم) أى اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.
(2/6)
قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك (وتذهب ريحكم) ويجوز أن يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك قرئ " ويذهب ريحكم ".
قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال (ويصدون) معطوف على معنى المصدر.
قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع خبر لا، واليوم معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم، ولايجوز أن يكون اليوم منصوبا بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه، والالف في (جار) بدل من واو لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أى اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين أو لفعل من الافعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.
قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة) ولم يؤنث للفصل بينهما ولان تأنيث الملائكة غير حقيقى، فعلى هذا يكون (يضربون وجوههم) حالا من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لان فيها ضميرا يعود عليهما. والثانى أن يكون الفاعل مضمرا: أى إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ، ويضربون الخبر، والجملة حال ولم يحتج إلى الواو لاجل الضمير: أى يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ بالتاء والفاعل الملائكة.
قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران مايصح منه إعراب هذا الموضع.
قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله لم يك مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.
[9]
قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى، و (منهم) حال من العائد المحذوف.
(2/7)
قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الاصل، وقرأ الاعمش بالذال وهو بدل من الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم: تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.
قوله تعالى (فانبذ إليهم) أى عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء) حال.
قوله تعالى (ولاتحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، والمفعول الثانى (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو مضمر: أى يحسبن من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالاعراب على هذا كإعراب القراء ة الاولى. والثانى أن الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثانى سبقوا، والاول محذوف: أى أنفسهم، وقيل التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة حكى عن الفراء وهو بعيد لان أن المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لايعجزون) أى لايحسبوا ذلك لهذا. والثانى أنه(1) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى كلا الوجهين تكون لازائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثانى أن مفعول حسبت إذا كان جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لانه موضع مبتدأ وخبر.
قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف في استطعتم (ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول لان في الجملة ضميرين يعودان إليهما.
قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لان جنح بمعنى مال، ويجوز أن تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين وفتحها لغتان، وقد قرئ بهما وهى مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).
___________________________________
(1) (قوله والثانى أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لايحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه ثان اه. (*)
[10]
(2/8)
قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله فاعله: أى يكفيك الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا على الكاف في حسبك، وهذا لايجوز عند البصريين لان العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لايجوز.
والثانى موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفى من اتبعك.
والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه(1): أحدها هو معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن حسبك لانه مصدر.
وقال قوم: هذا ضعيف لان الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في قولهم: ماشاء الله وشئت، وثم هنا أولى. والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.
قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)، و (منكم) حال منها أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون اسمها ومنكم الخبر.
قوله تعالى (أسرى) فيه قراء ات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة) الجمهور عل نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد عرض الآخرة، فحذف المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم: أكل امرئ تحسبين أمرأ * ونار توقد بالليل نارا أى وكل نار.
قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز أن يكون صفة أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أى تدارككم.
قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار ما قبلها ووقوع الالف بعدها.
قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هى بالكسر الامارة، وبالفتح من موالاة النصرة.
___________________________________
(1) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه معيب اه. (*)
[11]
قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.
(2/9)
قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أى يثبت ذلك في كتاب الله.
سورة التوبة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (براء ة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا براء ة أو هذه، و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراء ة كما تقول: برئت إليك من كذا. والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا " من الله " بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى (وأذان) مثل براء ة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن الله برئ) المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الاذان: أى الاعلام من الله براء ته من المشركين. والثانى هو صفة: أى وأذان كائن بالبراء ة، وقيل التقدير: وإعلام من الله بالبراء ة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله) يقرأ بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد، فلذلك ساغ العطف.
والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى ورسوله برئ.
والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لان المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لانه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أى ينقضوا عهودكم فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.
قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أى على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه مابعده، و (حتى يسمع) أى إلى أن يسمع أو كى يسمع.
ومأمن مفعل من الامن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع مأمنه.
[12]
(2/10)
قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ".
والثانى أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هى وصف للعهد.
والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد (فما استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هى زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير: فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هى شرطية كقوله " مايفتح الله " والمعنى: إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولاتكون نافية لان المعنى يفسد، إذ يصير المعنى استقيموا لهم لانهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ " إيلا " مثل ريح. وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الاولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة. والثانى أنه من آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الامر، وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها (يرضونكم) حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس بشئ لانهم بعد ظهورهم لايرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى (فإخوانكم) أى فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الاخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما على الاصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا، لان الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ماقبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم في الاصل.
قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.
(2/11)
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر: أى بأن تخشوه، وفي الكلام حذف: أى أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
[13]
قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لان توبته على من يشاء ليست جزاء على قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون) أى وهم خالدون في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون التقدير: كإيمان من آمن ليكون الاول هو الثانى، وقرئ " سقاة الحاج وعمار المسجد " على أنه جمع ساق وعامر (لايستوون عند الله) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول الاول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.
قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ) بدل من يوم.
قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أى يعطوا الجزية أذلة.
قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الاول مبتدأ، وأن مابعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لاينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لان الاسم عربى عند أكثر الناس، ولان مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.
(2/12)
والوجه الثانى أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أى عزيرا ابن الله صاحبنا.
والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ماذكرنا من الوجهين وحذف التنوين في الصفة، لانها مع الموصوف كشئ واحد (ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و (بأفواههم) حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الاشارة، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهون،
[14]
فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والاصل ضاهى، والالف منقلبة عن ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والاشبه أن يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لان الياء أصل والهمزة زائدة، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى (والمسيح) أى واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.
قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن يكون منصوبا تقديره: بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الاموال أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لانهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على المعنى أو على الفضة لانها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أى يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره: عذاب يوم، وعذاب بدل من الاول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير: اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أى يحمى الوقود أو الجمر (بها) أى بالكنوز.
(2/13)
وقيل هى بمعنى فيها: أى في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول له، و (في كتاب الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لان المصدر إذا أخبر عنه لايعمل فيما بعد الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة، ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لانك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير الاربعة، وقيل
[15]
ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في قاتلوا.
قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أى إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الابدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ بفتحهما وهى لغة، والماضى ظللت بفتح اللام الاولى وكسرها، فمن فتحها في الماضى كسر الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضى فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أى يضل به الذين كفروا أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أى يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
(2/14)
قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضى هنا بمعنى المضارع: أى مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أى أى شئ لكم في التثاقل، أو في موضع جر على رأى الخليل، وقيل هو حال: أى مالكم متثاقلين (من الآخرة) في موضع الحال: أى بدلا من الآخرة.
قوله تعالى (ثانى اثنين) هو حال من الهاء: أى أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لانه بدل من إذ الاولى، ومن قال العامل في البدل غير العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أى نصره إذ هما (إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ هما ظرف لثانى (فأنزل الله سكينته) هى فعيلة بمعنى مفعلة: أى أنزل عليه مايسكنه، والهاء في (عليه) تعود على أبى بكر رضى الله عنه لانه كان منزعجا، والهاء في (أيده) للنبى صلى الله عليه وسلم (وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هى العليا) مبتدأ وخبر، أو تكون هى فضلا، وقرئ بالنصب: أى وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه: أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.
[16]
والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.
والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان مادعوتم إليه (لو استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الاصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الاصلية بواو الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى بأذنت، لان ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لاجل التبيين، وهذا لايعاتب عليه.
(2/15)
قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أى أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم) حال من الضمير في أوضعوا.
قوله تعالى (يقول ائذن لى) هو مثل قوله " ياصالح ائتنا " وقد ذكر.
قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها والاصل تتربصون، فسكن التاء الاولى وأدغمها ووصلها بما قبلها وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله نظائر (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.
قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله، وأنهم كفروا مفعول له: أى إلا لانهم كفروا.
قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول، وهو الموضع الذى يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ بفتحهما وهما مكانان أيضا، وكذلك المغارة وهى واحد مغارات، وقيل الملجأ ومابعده مصادر: أى لو قدروا على ذلك لمالوا إليه.
قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم) إذا هنا للمفاجأة، وهى ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة، ومابعدها ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).
[17]
قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أى مفروضة، وقيل هو مصدر، والمعنى فرض الله ذلك فرضا.
قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أى هو ويقرأ بالاضافة أى مستمع خير، ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لاذن، والتقدير: أذن ذو خير، ويجوز أن يكون خير بمعنى أفعل: أى أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله) في موضع رفع صفة أيضا واللام في (للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الامان (ورحمة) بالرفع عطف على أذن: أى هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.
(2/16)
قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دل عليه خبر الاول.
وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر الاول محذوف وهو أقوى، إذ لايلزم منه التفريق بين المبتدإ وخبره، وفيه أيضا أنه خبر الاقرب إليه، ومثله قول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأى مختلف وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لان أمر الرسول تابع لامر الله تعالى، ولان الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل التقدير: أن ترضوه أحق، وقد ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير: أحق بالارضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه) وخبرها سد مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية موضع مبتدإ، والفاء جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه أحدها أنها بدل من الاولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التى معها تمنع من ذلك، والحكم بزيادتها ضعيف، والثانى أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب " من " من الكلام.
والوجه الثانى أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.
والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أى فلهم أن لهم.
والرابع أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
[18]
قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز أن يكون بحرف الجر: أى من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ماذكرنا من اختلافهم في ذلك.
قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب (يستهزء ون) وقد قدم معمول خبر كان عليها، فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.
(2/17)
قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أى بعضهم من جنس بعض في النفاق (يأمرون بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.
قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أى استمتاعا كاستمتاعهم (كالذى خاضوا) الكاف في موضع نصب أيضا، وفى " الذى" وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين خاضوا، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذى استوقد ". والثانى أن " الذى " هنا مصدرية: أى كخوضهم وهو نادر.
قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.
قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.
قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت الواو هنا والفاء أشبه بهذا الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.
والثانى أن الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم.
والثالث أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.
قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.
قوله تعالى (ومانقموا إلا أن أغناهم الله) أن وماعملت فيه مفعول نقموا أى وماكرهوا إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف أى ما كرهوا الايمان إلا ليغنوا.
قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد فقال لئن آتانا. والثانى أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.
[19]
(2/18)
قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير في " المطوعين " و (في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولايتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبى (والذين لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على المطوعين: أى ويلمزون الذين لايجدون، وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر الاول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما (فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين من الشبه بالشرط. والثانى أن الخبر (سخر الله منهم) وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر تقديره: عاب الذين يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.
قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام المصدر كقولهم: ضربته عشرين ضربة.
قوله تعالى (بمقعدهم) أى بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف (رسول الله) أى بعده، والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح، وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو مصدر: أى لمخالفته، والعامل المقعد أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام لان مقعدهم عنه تخلف.
قوله تعالى (قليلا) أى ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له أو مصدر على المعنى.
قوله تعالى (فإن رجعك الله) هى متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتى لازمة ومصدرها الرجوع.
قوله تعالى (منهم) صفة لاحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون منهم حالا من الضمير في مات (أبدا) ظرف لتصل.
قوله تعالى (أن آمنوا) أى آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا مصدرية تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أى بالايمان.
قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهى المرأة، وقد يقال للرجل خالف وخالفة، ولايجمع المذكر على خوالف.
قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله " بألف من الملائكة مردفين ".
[20]
قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أى لايخرجون حينئذ.
(2/19)
قوله تعالى (ولاعلى الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس، وإن شئت عطفته على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا: أى ولا على الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا) وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله " كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض) الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل الذى في المائدة، و (حزنا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر بفعل دل عليه ماقبله (ألا يجدوا) يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق بتفيض.
قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد معه مرادة.
قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول الثالث محذوف وهو خطأ، لان المفعول الثانى إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث، وقيل " من " بمعنى عن.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.
قوله تعالى (وأجدر أن لايعلموا) أى بأن لا يعلموا.
قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من الدوائر (دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوء ا ومساء ة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداء ة.
قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات أو ظرف ليتخذ أو لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ماينفق تقديره: وصلوات الرسول قربات، و (قربة) بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.
(2/20)
قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن " تقديره: ومنهم السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (الاولون) والمعنى: والسابقون إلى الهجرة الاولون من أهل الملة، أو والسابقون إلى الجنة الاولون إلى الهجرة.
والثانى الخبر (من المهاجرين والانصار) والمعنى فيه الاعلام بأن السابقين من هذه الامة هم من المهاجرين والانصار.
[21]
والثالث أن الخبر (رضى الله عنهم) ويقرأ والانصار بالرفع على أن يكون معطوفا على السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضى الله عنهم، وذلك على الوجهين الاولين.
وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى فيهما واضح.
قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذى، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر، و (مردوا) صفة لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره: من أهل المدينة قوم كذلك (لاتعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى تعرفهم، فهى تتعدى إلى مفعول واحد.
قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، واعترفوا صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير، (عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال، وقد معه مرادة: أى اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.
(2/21)
قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون حالا من (صدقة تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب: أى تطهرهم أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله (بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها " في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب، لان قوله تطهرهم تقديره: بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في خذ.
قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالافراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن) بمعنى مسكون إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولايجوز أن يكون هو فصلا، لان يقبل ليس معرفة ولا قريب منها.
قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا. ومرجون بالهمز على الاصل ويغير همز وقد ذكر أصله في الاعراف (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد ذكر.
[22]
قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على وآخرون مرجون: أى ومنهم الذين اتخذوا. والثانى هو مبتدأ، والخبر: أفمن أسس بنيانه: أى منهم فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر أفمن أسس على ماتقدم (ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك مابعده وهذه المصادر كلها واقعة موضع اسم الفاعل: أى مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له.
(2/22)
قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف. و (أسس) نعت له، و (من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين من تأسيس أول يوم، لانهم يرون أن " من " لاتدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ وهذا ضعيف هاهنا لان التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ماجاء في القرآن من دخولها على قبل التى يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه) الاولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيه رجال) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاء ت بعد الخبر. والثانى أن الجملة حال من الهاء في فيه الاولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هى مستأنفة.
قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس أى على قصد التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا لاسس (جرف) بالضم والاسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك حرف العلة، وانفتح ماقبله قلب ألفا وهذا يعرف بالنصب(1) والرفع والجر مثل قولهم كبش صاف: أى صوف، ويوم راح: أى روح.
والثانى أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد القلب قالع، وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير (فانهار به) به هنا حال: أى فانهار وهو معه.
___________________________________
(1) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الاولى تأخيره بعد قوله والثانى أن يكون إلى تمام التصريف اه مصححه. (*)
[23]
قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة (يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذى في آخر آل عمران في وجوه القراء ة (وعدا) مصدر: أى وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.
(2/23)
قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أى هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر (الآمرون بالمعروف) ومابعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى أو أمدح، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر) إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع في ثمانية: أى سبع أذرع في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لان الواو تؤذن بأن مابعدها غير ماقبلها، ولذلك دخلت في باب عطف النسق.
قوله تعالى (من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد ثلاثة أوجه: أحدها ضمير الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثانى فاعله مضمر تقديره: من بعد ماكاد القوم، والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير، وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على القراء ة بالتاء، فأما على القراء ة بالياء فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله " ماكاد يصنع فرعون ".
قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبى صلى الله عليه وسلم: أى تاب على النبى وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة (لا ملجأ من الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لاإله إلا الله.
قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون مصدرا مثل الموعد.
قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا من (طائفة).
قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.
قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.
قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، ومامصدرية موضعها رفع بعزيز.
والثانى أن (ماعنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة صفة لرسول (بالمؤمنين) يتعلق ب (رء وف).
سورة يونس عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(2/24)
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والاعراف، ويقاس الباقى عليهما، و (الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب، لان التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أى فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى (يدبر الامر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله " إليه مرجعكم " لان هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا (أنه يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لانه يبدأ وماضى يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما كانوا) في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق، والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هى الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء، والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة، فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم قلبت الالف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر نورا) أى ذا نور، وقيل المصدر بمعنى فاعل: أى منيرا (وقدره منازل) أى وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لان معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أى منتقلا.
[25]
(2/25)
قوله تعالى (إن الذين لايرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار) فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا) الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام: أى جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال (في جنات) يجوز أن يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الانهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لان.
قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لان المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد) أن مخففة من الثقيلة، ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.
قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم، فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أى كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس في المثال الذى ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو قوله " يعجل " (فنذر) هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى تقتضيه لو، وليس كذلك لان التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
(2/26)
قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أى دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما) وقيل العامل في هذه الاحوال مس، وهو ضعيف لامرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد جواب " إذا " وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاء ت آيات كثيرة في القرآن (كأن لم يدعنا) في موضع الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أى إلى كشف ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
[26]
قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان. و (جاء تهم رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أى وقد جاء تهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الاثبات.
والمعنى: ولو شاء الله لاعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به " بالهمزة مكان الالف، قيل هى لغة لبعض العرب يقلبون الالف المبدلة من ياء همزة، وقيل هو غلط لان قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء الله لدفعكم عن الايمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أى مقدار عمر أو مدة عمر.
قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذى، ويراد بها الاصنام، ولهذا قال تعالى (هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".
قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الاولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة والعامل في الثانية الاستقرار الذى في (لهم) وقيل " اذا " الثانية زمانية أيضا، والثانية ومابعدها جواب الاولى.
(2/27)
قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أى يصرفكم ويبثكم (وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا لكنتم، وكذلك (فرحوا) ومابعده (جاء تها) الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط (بغيكم) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة بمحذوف. أى كائن لا بالمصدر، لان الخبر لايتعلق بالمبتدأ ف (متاع) على هذا خبر مبتدأ محذوف: أى هومتاع أو خبر بعد خبر.
والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أى يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أى طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لان المصدر لايعمل فيما بعد خبره، بل على أنفسكم
[27]
متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ متاع بالجر على أنه نعت للانفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل، أى ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.
(2/28)
قوله تعالى (فاختلط به نبات الارض) الباء للسبب: أى اختلط النبات بسبب اتصال الماء به، وقيل المعنى خالطه نبات الارض، أى اتصل به فرباه، و (مما يأكل) حال من النبات (وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ماذكرنا في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أى صارت ذات زينة كقولك: أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما جاء استحوذ، ويقرأ و " ازيأنت " بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة والاصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الالف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين (تغن بالامس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاء ين وهو في القراء ة المشهورة والامس هنا يراد به للزمان الماضى لاحقيقة أمس الذى قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان معربا. وكان بلا ألف ولام ولاإضافة نكرة.
قوله تعالى (ولايرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها الاستقرار في الذين: أى استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن يكون معطوفا على الحسنى لان الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا، وإن غير مقدرة لان الفعل مرفوع.
قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله " مالهم من الله من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب " ويكون (جزاء سيئة بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره.
(2/29)
والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر بمثلها. والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أى وجزاء سيئة بمثلها واقع (وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لان المستقبل لايعطف على الماضى، وإن قيل هو بمعنى الماضى فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال (قطعا) يقرأ بفتح الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لاغشيت، و (من الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لان القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا من الليل.
[28]
قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر: أى الزموا، وفيه ضمير فاعل، و (أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من زال يزول، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل: أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أى تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أى تتبع، أو تقرأ في الصحيفة.
قوله تعالى (أنهم لايؤمنون) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب: أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.
(2/30)
قوله تعالى (أمن لايهدى) فيها قراء ات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف أبصارهم " ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا " وقد ذكر في النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أى أى شئ لكم في الاشراك، و (كيف تحكمون) مستأنف: أى كيف تحكمون بأن له شريكا.
قوله تعالى (لايغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أى إغناء، ويجوز أن يكون مفعولا ليغنى، ومن الحق حال منه.
قوله تعالى (وماكان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف بيان، و (أن يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أى وماكان القرآن افتراء، والمصدر هنا بمعنى المفعول. أى مفترى.
والثانى التقدير: ماكان القرآن ذا افتراء.
والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى، وقيل التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أى ولكن أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن كان التصديق الذى: أى مصدق الذى
[29]
(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن يكون حالا أخرى، وأن يكون متعلقا بالمحذوف: أى ولكن أنزل من رب العالمين.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والافراد في قوله تعالى (من ينظر) محمول على لفظها.
قوله تعالى (لايظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أى لاينقصهم شيئا، وأن يكون في موضع المصدر.
(2/31)
قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى كأنهم، و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (من النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله، وقيل هو نعت لمصدر محذوف: أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون) حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهى حال مقدرة. لان التعارف لايكون حال (قد خسر) يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون.
قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت الاخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.
قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا ينفقون " قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل، ولاضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك: زيد أخذت منه درهما.
قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف تقديره: آمنتم الآن.
قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ، وأحق الخبر، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إى) بمعنى نعم.
[30]
قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية مايكون في الآخرة. وقيل هو بمعنى المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أى وشاف، وقيل هو في معنى المفعول: أى المشفى به.
(2/32)
قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف تقديره: فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أى تعمد زيدا فاضربه، وقيل الفاء الاولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.
قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر في الانعام.
قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أى من الشأن، أى من أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف لشهودا (من مثقال) في موضع رفع بيعزب، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما (ولاأصغر. ولاأكبر) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن بالرفع حملا على موضع من مثقال، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا في كتاب) أى إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.
قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى) ويجوز أن يكون خبرا ثانيا، لان أو خبر ابتداء محذوف: أى هم الذين، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعنى، أو صفة لاولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء والميم في عليهم.
قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا منها، والعامل الاستقرار، و (لاتبديل) مستأنف.
قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ماقبله.
قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هى نافية، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله " إن يتبعون إلا الظن" و (شركاء) مفعول يدعون، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون، لان المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه الثانى أن تكون " ما " استفهاما في موضع نصب بيتبع.
[31]
قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا) يتعلق بسلطان أو نعت له.
(2/33)
قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم ونحو ذلك.
قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن يكون حالا (فعلى الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل، ومنه قول الحرث: أجمعوا أمرهم بليل فلما * أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء وأما (شركاء كم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو معطوف على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
والثانى هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم.
والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أى وأجمعوا شركاء كم، وقيل التقدير: وادعوا شركاء كم، ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم، والتقدير ذوى أمركم، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر، ولاتقول جمعت الامر على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم اقضوا إلى) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر، والمعنى: أقضوا ماعزمتم عليه من الايقاع بى، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الافضاء، والمعنى: صلوا إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو ضمير القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به) لنوح، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح: أى بمثله، ويجوز أن تكون الهاء لنوح، ولايكون فيه حذف، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاء كم) المحكى بيقول محذوف: أى أتقولون له هو سحر ! ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.
(2/34)
قوله تعالى (الكبرياء في الارض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الارض ظرف للكبرياء منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء، أو من الضمير في لكم.
[32]
قوله تعالى (ماجئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما " استفهاما، وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره: أى شئ أتيتم به وجئتم به يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو السحر. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى السحر هو، والثانى موضعها رفع بالابتداء وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما ماتقدم من الوجهين.
والثانى هو بدل من موضع " ما " كما تقول ماعندك أدينار أم درهم؟ ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت الهمزة للعلم بها. والثانى هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذى. وجئتم به صلتها، والسحر خبرها، ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على الذرية، ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثانى هو عائد على القوم والثالث يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر.
والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم: أى ملا الآل، وهذا عندنا غلط لان المحذوف لايعود إليه ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان زيد قاموا (أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من فرعون، ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أى على خوف فتنة فرعون.
(2/35)
قوله تعالى (أن تبوآ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب، وأن تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان: أحدهما اللام غير زائدة، والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ، وأن يكون حالا من البيوت.
والثانى اللام زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أى أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى مثل علقها وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ، وأن يكون حالا من البيوت،
[33]
وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا. وأقيموا) إنما جمع فيهما، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما، وأفرد في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا له، فموسى عليه السلام هو الاصل.
قوله تعالى (فلايؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على ليضلوا، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد. والقول الثانى موضعه جزم، لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.
قوله تعالى (ولاتتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى معها، والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب، ويقرأ بتخفيف النون وكسرها.
وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل تغيرا. والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى كما ذكرنا في قوله " لاتعبدون إلا الله " والثانى هو في موضع الحال، والتقدير: فاستقيما غير متبعين.
(2/36)
قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت الرجال البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.
قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أى عاريا، وقيل بجسدك لاروح فيه، وقيل بدرعك.
قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.
قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لان المستثنى منه القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لان التقدير: فلولا كان أهل قرية، ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
قوله تعالى (ماذا في السموات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسموات الخبر وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وقد تقدم أصل ذلك (وماتغنى) يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.
قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثانى أن يكونا منصوبين
[34]
بينجى التى بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون، كذلك خبر المبتدأ: أى الامر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.
قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الانعام مثله.
سورة الانفال
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(2/37)
(عن الانفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد ذكر في قوله " عن الاهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله " بذات الصدور " (وجلت) مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهى اللغة الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو على لغة من كسر حرف المضارعة، وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الاول على اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على الاخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لان المراد به الاجور.
قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر محذوف، ثم في ذلك المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك.
والثانى: وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى خطاب الواحد.
والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة محققة.
والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك.
والخامس هو صفة لحق تقديره: أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك.
والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما أخرجك.
والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أى ككراهيتهم أو كراهيتك لاخراجك، وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التى للقسم وهو بعيد، و (ما) مصدرية، و (بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو هنا واو الحال.
[4]
قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أى واذكروا، والجمهور على ضم الدال، ومنهم من يسكنها تخفيفا لتوالى الحركات، و (إحدى) مفعول ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير: وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.
(2/38)
قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الاولى، وأن يكون التقدير: اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد لفظة الالف، ويقرأ بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف " (مردفين) يقرأ بضم الميم وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول محذوف: أى مردفين أمثالهم، ويقرأ بفتح الدال على مالم يسم فاعله: أى أردفوا بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء بعد الاوائل: أى جعلوا ردفا للاوائل، ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت ذالا ليصح إدغامها في الدال، وكان تغيير التاء أولى لانها مهموسة والدال مجهورة. وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.
والثانى كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الاصل في التقاء الساكنين.
والثالث الضم إتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على إتباع الميم الراء، وقيل من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.
قوله تعالى (وماجعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التى في آل عمران.
قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه " عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والالف، و (النعاس) فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أى يغشيكم الله النعاس، ويقرأ كذلك إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران (ماء ليطهركم) الجمهور على المد والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهى بمعنى الذى (رجز الشيطان) الجمهور على الزاى، ويراد به هنا الوسواس، وجاز أن يسمى رجزا لانه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين، وأصل الرجس الشئ القذر، فجعل مايفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.
(2/39)
قوله تعالى (فوق الاعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل هو مفعول به، وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أى كل بنان
[5]
كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف (ذلك) أى الامر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أى ذلك مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق الله) إنما لم يدغم لان القاف الثانية ساكنة في الاصل وحركتها هنا لالتقاء الساكنين فهى غير معتد بها.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أى الامر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذى بعده مفسرا له، والاحسن أن يكون التقدير: باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة (وأن للكافرين) أى والامر أن للكافرين.
قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة: أى تزحفون زحفا، و (الادبار) مفعول ثان لتولوهم.
قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.
قوله تعالى (ذلكم) أى الامر ذلكم (و) الامر (أن الله موهن) بتشديد الهاء وتخفيفها، وبالاضافة والتنوين وهو ظاهر.
قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير: والامر أن الله مع المؤمنين.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر، لان شرا هنا يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الاصم لكان الافراد على اللفظ والمعنى على الجمع.
قوله تعالى (لاتصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب قسم محذوف: أى والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم.
والثانى أنه نهى، والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أى لاتكن هاهنا، فإن من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لاتدخلوا في الفتنة فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة.
(2/40)
والثالث أنه جواب الامر، وأكد بالنون مبالغة، وهو ضعيف لان جواب الشرط متردد فلا يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن " بغير ألف.
قال ابن جنى: الاشبه أن تكون الالف محذوفة كما حذفت في أم والله.
وقيل في قراء ة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم على الشذوذ.
[6]
قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذى قبله: أى خائفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مستضعفون.
قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الاول وأن يكون نصبا على الجواب بالواو.
قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".
قوله تعالى (هو الحق) القراء ة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ بالرفع على أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك) حال من معنى الحق: أى الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر، وأن يكون صفة لحجارة.
قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أى في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر على الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.
قوله تعالى (وماكان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء، وهو ظاهر. وقرأ الاعمش بالعكس وهى ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا الاسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك أن الكلام قد دخله النفى والاثبات، وقد يحسن في ذلك مالا يحسن في الاثبات المحض ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ماكان رجلا إلا خيرا منك؟ وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والاصل في التصدية تصددة، لانه من الصد، فأبدلت الدال الاخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هى أصل وهو من الصدى الذى هو الصوت.
(2/41)
قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران، و (بعضه) بدل من الخبيث بدل البعض: أى بعض الخبيث على بعض. ويجعل هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى الثانى بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض.
قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أى نعم المولى الله سبحانه.
قوله تعالى (أن ماغنمتم) " ما " بمعنى الذى: والعائد محذوف، و (من شئ) حال من العائد المحذوف تقديره: ماغنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ بفتح الهمزة.
[7]
وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذى لما في الذى من معنى المجازاة، و " أن " وماعملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم أن لله خمسه.
والثانى أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الاولى، وقيل " ما " مصدرية والمصدر بمعنى المفعول: أى واعلموا أن غنيمتكم: أى مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة في " أن " الثانية على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الاولى والخمس بضم الميم وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لانزلنا أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من يوم الاول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان لانه مصدر بمعنى التفريق.
(2/42)
قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا إذ أنتم، ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما (القصوى) بالواو، وهى خارجة على الاصل، وأصلها من الواو. وقياس الاستعمال أن تكون القصيا لانه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت واوها ياء فرقا بين الاسم والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم) ظرف: أى والركب في مكان أسفل منكم: أى أشد تسفلا، والجملة حال من الظرف الذى قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم: أى وإذ الركب أسفل منكم (ليقضى الله) أى فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا من ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضى هنا بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في الدنيا منهم بالقتل (من حى) يقرأ بتشديد الياء وهو الاصل لان الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل شد ومد، ومنه قول عبيد: عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامه ويقرأ بالاظهار وفيه وجهان: أحدهما أن الماضى حمل على المستقبل وهو يحيا، فكما لم يدغم في المستقبل لم يدغم في الماضى، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما جميعا.
والوجه الثانى أن حركة الحرفين مختلفة، فالاولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه وضبب البلد إذا كثر ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياآن
[8]
أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين يتعلق بالفعل الاول.
قوله تعالى (إذ يريكهم) أى اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.
(2/43)
قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك (وتذهب ريحكم) ويجوز أن يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك قرئ " ويذهب ريحكم ".
قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال (ويصدون) معطوف على معنى المصدر.
قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع خبر لا، واليوم معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم، ولايجوز أن يكون اليوم منصوبا بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه، والالف في (جار) بدل من واو لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أى اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين أو لفعل من الافعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.
قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة) ولم يؤنث للفصل بينهما ولان تأنيث الملائكة غير حقيقى، فعلى هذا يكون (يضربون وجوههم) حالا من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لان فيها ضميرا يعود عليهما. والثانى أن يكون الفاعل مضمرا: أى إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ، ويضربون الخبر، والجملة حال ولم يحتج إلى الواو لاجل الضمير: أى يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ بالتاء والفاعل الملائكة.
قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران مايصح منه إعراب هذا الموضع.
قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله لم يك مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.
[9]
قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى، و (منهم) حال من العائد المحذوف.
(2/44)
قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الاصل، وقرأ الاعمش بالذال وهو بدل من الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم: تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.
قوله تعالى (فانبذ إليهم) أى عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء) حال.
قوله تعالى (ولاتحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، والمفعول الثانى (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو مضمر: أى يحسبن من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالاعراب على هذا كإعراب القراء ة الاولى. والثانى أن الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثانى سبقوا، والاول محذوف: أى أنفسهم، وقيل التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة حكى عن الفراء وهو بعيد لان أن المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لايعجزون) أى لايحسبوا ذلك لهذا. والثانى أنه(1) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى كلا الوجهين تكون لازائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثانى أن مفعول حسبت إذا كان جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لانه موضع مبتدأ وخبر.
قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف في استطعتم (ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول لان في الجملة ضميرين يعودان إليهما.
قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لان جنح بمعنى مال، ويجوز أن تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين وفتحها لغتان، وقد قرئ بهما وهى مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).
___________________________________
(1) (قوله والثانى أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لايحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه ثان اه. (*)
[10]
(2/45)
قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله فاعله: أى يكفيك الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا على الكاف في حسبك، وهذا لايجوز عند البصريين لان العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لايجوز.
والثانى موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفى من اتبعك.
والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه(1): أحدها هو معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن حسبك لانه مصدر.
وقال قوم: هذا ضعيف لان الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في قولهم: ماشاء الله وشئت، وثم هنا أولى. والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.
قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)، و (منكم) حال منها أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون اسمها ومنكم الخبر.
قوله تعالى (أسرى) فيه قراء ات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة) الجمهور عل نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد عرض الآخرة، فحذف المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم: أكل امرئ تحسبين أمرأ * ونار توقد بالليل نارا أى وكل نار.
قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز أن يكون صفة أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أى تدارككم.
قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار ما قبلها ووقوع الالف بعدها.
قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هى بالكسر الامارة، وبالفتح من موالاة النصرة.
___________________________________
(1) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه معيب اه. (*)
[11]
قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.
(2/46)
قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أى يثبت ذلك في كتاب الله.
سورة التوبة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (براء ة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا براء ة أو هذه، و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراء ة كما تقول: برئت إليك من كذا. والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا " من الله " بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى (وأذان) مثل براء ة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن الله برئ) المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الاذان: أى الاعلام من الله براء ته من المشركين. والثانى هو صفة: أى وأذان كائن بالبراء ة، وقيل التقدير: وإعلام من الله بالبراء ة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله) يقرأ بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد، فلذلك ساغ العطف.
والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى ورسوله برئ.
والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لان المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لانه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أى ينقضوا عهودكم فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.
قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أى على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه مابعده، و (حتى يسمع) أى إلى أن يسمع أو كى يسمع.
ومأمن مفعل من الامن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع مأمنه.
[12]
(2/47)
قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ".
والثانى أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هى وصف للعهد.
والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد (فما استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هى زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير: فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هى شرطية كقوله " مايفتح الله " والمعنى: إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولاتكون نافية لان المعنى يفسد، إذ يصير المعنى استقيموا لهم لانهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ " إيلا " مثل ريح. وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الاولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة. والثانى أنه من آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الامر، وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها (يرضونكم) حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس بشئ لانهم بعد ظهورهم لايرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى (فإخوانكم) أى فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الاخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما على الاصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا، لان الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ماقبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم في الاصل.
قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.
(2/48)
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر: أى بأن تخشوه، وفي الكلام حذف: أى أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
[13]
قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لان توبته على من يشاء ليست جزاء على قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون) أى وهم خالدون في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون التقدير: كإيمان من آمن ليكون الاول هو الثانى، وقرئ " سقاة الحاج وعمار المسجد " على أنه جمع ساق وعامر (لايستوون عند الله) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول الاول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.
قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ) بدل من يوم.
قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أى يعطوا الجزية أذلة.
قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الاول مبتدأ، وأن مابعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لاينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لان الاسم عربى عند أكثر الناس، ولان مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.
(2/49)
والوجه الثانى أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أى عزيرا ابن الله صاحبنا.
والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ماذكرنا من الوجهين وحذف التنوين في الصفة، لانها مع الموصوف كشئ واحد (ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و (بأفواههم) حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الاشارة، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهون،
[14]
فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والاصل ضاهى، والالف منقلبة عن ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والاشبه أن يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لان الياء أصل والهمزة زائدة، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى (والمسيح) أى واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.
قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن يكون منصوبا تقديره: بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الاموال أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لانهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على المعنى أو على الفضة لانها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أى يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره: عذاب يوم، وعذاب بدل من الاول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير: اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أى يحمى الوقود أو الجمر (بها) أى بالكنوز.
(2/50)
وقيل هى بمعنى فيها: أى في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول له، و (في كتاب الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لان المصدر إذا أخبر عنه لايعمل فيما بعد الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة، ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لانك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير الاربعة، وقيل
[15]
ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في قاتلوا.
قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أى إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الابدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ بفتحهما وهى لغة، والماضى ظللت بفتح اللام الاولى وكسرها، فمن فتحها في الماضى كسر الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضى فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أى يضل به الذين كفروا أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أى يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
(2/51)
قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضى هنا بمعنى المضارع: أى مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أى أى شئ لكم في التثاقل، أو في موضع جر على رأى الخليل، وقيل هو حال: أى مالكم متثاقلين (من الآخرة) في موضع الحال: أى بدلا من الآخرة.
قوله تعالى (ثانى اثنين) هو حال من الهاء: أى أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لانه بدل من إذ الاولى، ومن قال العامل في البدل غير العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أى نصره إذ هما (إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ هما ظرف لثانى (فأنزل الله سكينته) هى فعيلة بمعنى مفعلة: أى أنزل عليه مايسكنه، والهاء في (عليه) تعود على أبى بكر رضى الله عنه لانه كان منزعجا، والهاء في (أيده) للنبى صلى الله عليه وسلم (وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هى العليا) مبتدأ وخبر، أو تكون هى فضلا، وقرئ بالنصب: أى وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه: أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.
[16]
والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.
والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان مادعوتم إليه (لو استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الاصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الاصلية بواو الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى بأذنت، لان ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لاجل التبيين، وهذا لايعاتب عليه.
(2/52)
قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أى أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم) حال من الضمير في أوضعوا.
قوله تعالى (يقول ائذن لى) هو مثل قوله " ياصالح ائتنا " وقد ذكر.
قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها والاصل تتربصون، فسكن التاء الاولى وأدغمها ووصلها بما قبلها وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله نظائر (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.
قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله، وأنهم كفروا مفعول له: أى إلا لانهم كفروا.
قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول، وهو الموضع الذى يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ بفتحهما وهما مكانان أيضا، وكذلك المغارة وهى واحد مغارات، وقيل الملجأ ومابعده مصادر: أى لو قدروا على ذلك لمالوا إليه.
قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم) إذا هنا للمفاجأة، وهى ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة، ومابعدها ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).
[17]
قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أى مفروضة، وقيل هو مصدر، والمعنى فرض الله ذلك فرضا.
قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أى هو ويقرأ بالاضافة أى مستمع خير، ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لاذن، والتقدير: أذن ذو خير، ويجوز أن يكون خير بمعنى أفعل: أى أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله) في موضع رفع صفة أيضا واللام في (للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الامان (ورحمة) بالرفع عطف على أذن: أى هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.
(2/53)
قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دل عليه خبر الاول.
وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر الاول محذوف وهو أقوى، إذ لايلزم منه التفريق بين المبتدإ وخبره، وفيه أيضا أنه خبر الاقرب إليه، ومثله قول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأى مختلف وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لان أمر الرسول تابع لامر الله تعالى، ولان الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل التقدير: أن ترضوه أحق، وقد ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير: أحق بالارضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه) وخبرها سد مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية موضع مبتدإ، والفاء جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه أحدها أنها بدل من الاولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التى معها تمنع من ذلك، والحكم بزيادتها ضعيف، والثانى أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب " من " من الكلام.
والوجه الثانى أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.
والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أى فلهم أن لهم.
والرابع أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
[18]
قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز أن يكون بحرف الجر: أى من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ماذكرنا من اختلافهم في ذلك.
قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب (يستهزء ون) وقد قدم معمول خبر كان عليها، فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.
(2/54)
قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أى بعضهم من جنس بعض في النفاق (يأمرون بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.
قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أى استمتاعا كاستمتاعهم (كالذى خاضوا) الكاف في موضع نصب أيضا، وفى " الذى" وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين خاضوا، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذى استوقد ". والثانى أن " الذى " هنا مصدرية: أى كخوضهم وهو نادر.
قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.
قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.
قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت الواو هنا والفاء أشبه بهذا الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.
والثانى أن الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم.
والثالث أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.
قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.
قوله تعالى (ومانقموا إلا أن أغناهم الله) أن وماعملت فيه مفعول نقموا أى وماكرهوا إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف أى ما كرهوا الايمان إلا ليغنوا.
قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد فقال لئن آتانا. والثانى أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.
[19]
(2/55)
قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير في " المطوعين " و (في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولايتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبى (والذين لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على المطوعين: أى ويلمزون الذين لايجدون، وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر الاول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما (فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين من الشبه بالشرط. والثانى أن الخبر (سخر الله منهم) وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر تقديره: عاب الذين يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.
قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام المصدر كقولهم: ضربته عشرين ضربة.
قوله تعالى (بمقعدهم) أى بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف (رسول الله) أى بعده، والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح، وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو مصدر: أى لمخالفته، والعامل المقعد أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام لان مقعدهم عنه تخلف.
قوله تعالى (قليلا) أى ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له أو مصدر على المعنى.
قوله تعالى (فإن رجعك الله) هى متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتى لازمة ومصدرها الرجوع.
قوله تعالى (منهم) صفة لاحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون منهم حالا من الضمير في مات (أبدا) ظرف لتصل.
قوله تعالى (أن آمنوا) أى آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا مصدرية تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أى بالايمان.
قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهى المرأة، وقد يقال للرجل خالف وخالفة، ولايجمع المذكر على خوالف.
قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله " بألف من الملائكة مردفين ".
[20]
قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أى لايخرجون حينئذ.
(2/56)
قوله تعالى (ولاعلى الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس، وإن شئت عطفته على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا: أى ولا على الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا) وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله " كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض) الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل الذى في المائدة، و (حزنا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر بفعل دل عليه ماقبله (ألا يجدوا) يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق بتفيض.
قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد معه مرادة.
قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول الثالث محذوف وهو خطأ، لان المفعول الثانى إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث، وقيل " من " بمعنى عن.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.
قوله تعالى (وأجدر أن لايعلموا) أى بأن لا يعلموا.
قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من الدوائر (دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوء ا ومساء ة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداء ة.
قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات أو ظرف ليتخذ أو لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ماينفق تقديره: وصلوات الرسول قربات، و (قربة) بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.
(2/57)
قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن " تقديره: ومنهم السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (الاولون) والمعنى: والسابقون إلى الهجرة الاولون من أهل الملة، أو والسابقون إلى الجنة الاولون إلى الهجرة.
والثانى الخبر (من المهاجرين والانصار) والمعنى فيه الاعلام بأن السابقين من هذه الامة هم من المهاجرين والانصار.
[21]
والثالث أن الخبر (رضى الله عنهم) ويقرأ والانصار بالرفع على أن يكون معطوفا على السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضى الله عنهم، وذلك على الوجهين الاولين.
وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى فيهما واضح.
قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذى، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر، و (مردوا) صفة لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره: من أهل المدينة قوم كذلك (لاتعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى تعرفهم، فهى تتعدى إلى مفعول واحد.
قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، واعترفوا صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير، (عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال، وقد معه مرادة: أى اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.
(2/58)
قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون حالا من (صدقة تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب: أى تطهرهم أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله (بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها " في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب، لان قوله تطهرهم تقديره: بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في خذ.
قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالافراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن) بمعنى مسكون إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولايجوز أن يكون هو فصلا، لان يقبل ليس معرفة ولا قريب منها.
قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا. ومرجون بالهمز على الاصل ويغير همز وقد ذكر أصله في الاعراف (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد ذكر.
[22]
قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على وآخرون مرجون: أى ومنهم الذين اتخذوا. والثانى هو مبتدأ، والخبر: أفمن أسس بنيانه: أى منهم فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر أفمن أسس على ماتقدم (ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك مابعده وهذه المصادر كلها واقعة موضع اسم الفاعل: أى مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له.
(2/59)
قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف. و (أسس) نعت له، و (من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين من تأسيس أول يوم، لانهم يرون أن " من " لاتدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ وهذا ضعيف هاهنا لان التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ماجاء في القرآن من دخولها على قبل التى يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه) الاولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيه رجال) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاء ت بعد الخبر. والثانى أن الجملة حال من الهاء في فيه الاولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هى مستأنفة.
قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس أى على قصد التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا لاسس (جرف) بالضم والاسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك حرف العلة، وانفتح ماقبله قلب ألفا وهذا يعرف بالنصب(1) والرفع والجر مثل قولهم كبش صاف: أى صوف، ويوم راح: أى روح.
والثانى أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد القلب قالع، وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير (فانهار به) به هنا حال: أى فانهار وهو معه.
___________________________________
(1) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الاولى تأخيره بعد قوله والثانى أن يكون إلى تمام التصريف اه مصححه. (*)
[23]
قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة (يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذى في آخر آل عمران في وجوه القراء ة (وعدا) مصدر: أى وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.
(2/60)
قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أى هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر (الآمرون بالمعروف) ومابعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى أو أمدح، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر) إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع في ثمانية: أى سبع أذرع في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لان الواو تؤذن بأن مابعدها غير ماقبلها، ولذلك دخلت في باب عطف النسق.
قوله تعالى (من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد ثلاثة أوجه: أحدها ضمير الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثانى فاعله مضمر تقديره: من بعد ماكاد القوم، والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير، وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على القراء ة بالتاء، فأما على القراء ة بالياء فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله " ماكاد يصنع فرعون ".
قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبى صلى الله عليه وسلم: أى تاب على النبى وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة (لا ملجأ من الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لاإله إلا الله.
قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون مصدرا مثل الموعد.
قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا من (طائفة).
قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.
قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.
قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، ومامصدرية موضعها رفع بعزيز.
والثانى أن (ماعنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة صفة لرسول (بالمؤمنين) يتعلق ب (رء وف).
سورة يونس عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(2/61)
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والاعراف، ويقاس الباقى عليهما، و (الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب، لان التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أى فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى (يدبر الامر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله " إليه مرجعكم " لان هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا (أنه يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لانه يبدأ وماضى يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما كانوا) في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق، والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هى الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء، والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة، فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم قلبت الالف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر نورا) أى ذا نور، وقيل المصدر بمعنى فاعل: أى منيرا (وقدره منازل) أى وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لان معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أى منتقلا.
[25]
(2/62)
قوله تعالى (إن الذين لايرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار) فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا) الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام: أى جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال (في جنات) يجوز أن يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الانهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لان.
قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لان المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد) أن مخففة من الثقيلة، ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.
قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم، فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أى كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس في المثال الذى ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو قوله " يعجل " (فنذر) هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى تقتضيه لو، وليس كذلك لان التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
(2/63)
قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أى دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما) وقيل العامل في هذه الاحوال مس، وهو ضعيف لامرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد جواب " إذا " وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاء ت آيات كثيرة في القرآن (كأن لم يدعنا) في موضع الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أى إلى كشف ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
[26]
قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان. و (جاء تهم رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أى وقد جاء تهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الاثبات.
والمعنى: ولو شاء الله لاعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به " بالهمزة مكان الالف، قيل هى لغة لبعض العرب يقلبون الالف المبدلة من ياء همزة، وقيل هو غلط لان قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء الله لدفعكم عن الايمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أى مقدار عمر أو مدة عمر.
قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذى، ويراد بها الاصنام، ولهذا قال تعالى (هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".
قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الاولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة والعامل في الثانية الاستقرار الذى في (لهم) وقيل " اذا " الثانية زمانية أيضا، والثانية ومابعدها جواب الاولى.
(2/64)
قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أى يصرفكم ويبثكم (وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا لكنتم، وكذلك (فرحوا) ومابعده (جاء تها) الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط (بغيكم) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة بمحذوف. أى كائن لا بالمصدر، لان الخبر لايتعلق بالمبتدأ ف (متاع) على هذا خبر مبتدأ محذوف: أى هومتاع أو خبر بعد خبر.
والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أى يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أى طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لان المصدر لايعمل فيما بعد خبره، بل على أنفسكم
[27]
متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ متاع بالجر على أنه نعت للانفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل، أى ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.
(2/65)
قوله تعالى (فاختلط به نبات الارض) الباء للسبب: أى اختلط النبات بسبب اتصال الماء به، وقيل المعنى خالطه نبات الارض، أى اتصل به فرباه، و (مما يأكل) حال من النبات (وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ماذكرنا في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أى صارت ذات زينة كقولك: أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما جاء استحوذ، ويقرأ و " ازيأنت " بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة والاصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الالف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين (تغن بالامس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاء ين وهو في القراء ة المشهورة والامس هنا يراد به للزمان الماضى لاحقيقة أمس الذى قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان معربا. وكان بلا ألف ولام ولاإضافة نكرة.
قوله تعالى (ولايرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها الاستقرار في الذين: أى استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن يكون معطوفا على الحسنى لان الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا، وإن غير مقدرة لان الفعل مرفوع.
قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله " مالهم من الله من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب " ويكون (جزاء سيئة بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره.
(2/66)
والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر بمثلها. والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أى وجزاء سيئة بمثلها واقع (وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لان المستقبل لايعطف على الماضى، وإن قيل هو بمعنى الماضى فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال (قطعا) يقرأ بفتح الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لاغشيت، و (من الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لان القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا من الليل.
[28]
قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر: أى الزموا، وفيه ضمير فاعل، و (أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من زال يزول، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل: أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أى تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أى تتبع، أو تقرأ في الصحيفة.
قوله تعالى (أنهم لايؤمنون) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب: أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.
(2/67)
قوله تعالى (أمن لايهدى) فيها قراء ات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف أبصارهم " ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا " وقد ذكر في النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أى أى شئ لكم في الاشراك، و (كيف تحكمون) مستأنف: أى كيف تحكمون بأن له شريكا.
قوله تعالى (لايغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أى إغناء، ويجوز أن يكون مفعولا ليغنى، ومن الحق حال منه.
قوله تعالى (وماكان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف بيان، و (أن يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أى وماكان القرآن افتراء، والمصدر هنا بمعنى المفعول. أى مفترى.
والثانى التقدير: ماكان القرآن ذا افتراء.
والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى، وقيل التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أى ولكن أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن كان التصديق الذى: أى مصدق الذى
[29]
(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن يكون حالا أخرى، وأن يكون متعلقا بالمحذوف: أى ولكن أنزل من رب العالمين.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والافراد في قوله تعالى (من ينظر) محمول على لفظها.
قوله تعالى (لايظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أى لاينقصهم شيئا، وأن يكون في موضع المصدر.
(2/68)
قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى كأنهم، و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (من النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله، وقيل هو نعت لمصدر محذوف: أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون) حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهى حال مقدرة. لان التعارف لايكون حال (قد خسر) يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون.
قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت الاخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.
قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا ينفقون " قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل، ولاضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك: زيد أخذت منه درهما.
قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف تقديره: آمنتم الآن.
قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ، وأحق الخبر، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إى) بمعنى نعم.
[30]
قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية مايكون في الآخرة. وقيل هو بمعنى المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أى وشاف، وقيل هو في معنى المفعول: أى المشفى به.
(2/69)
قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف تقديره: فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أى تعمد زيدا فاضربه، وقيل الفاء الاولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.
قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر في الانعام.
قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أى من الشأن، أى من أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف لشهودا (من مثقال) في موضع رفع بيعزب، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما (ولاأصغر. ولاأكبر) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن بالرفع حملا على موضع من مثقال، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا في كتاب) أى إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.
قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى) ويجوز أن يكون خبرا ثانيا، لان أو خبر ابتداء محذوف: أى هم الذين، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعنى، أو صفة لاولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء والميم في عليهم.
قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا منها، والعامل الاستقرار، و (لاتبديل) مستأنف.
قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ماقبله.
قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هى نافية، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله " إن يتبعون إلا الظن" و (شركاء) مفعول يدعون، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون، لان المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه الثانى أن تكون " ما " استفهاما في موضع نصب بيتبع.
[31]
قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا) يتعلق بسلطان أو نعت له.
(2/70)
قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم ونحو ذلك.
قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن يكون حالا (فعلى الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل، ومنه قول الحرث: أجمعوا أمرهم بليل فلما * أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء وأما (شركاء كم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو معطوف على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
والثانى هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم.
والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أى وأجمعوا شركاء كم، وقيل التقدير: وادعوا شركاء كم، ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم، والتقدير ذوى أمركم، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر، ولاتقول جمعت الامر على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم اقضوا إلى) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر، والمعنى: أقضوا ماعزمتم عليه من الايقاع بى، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الافضاء، والمعنى: صلوا إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو ضمير القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به) لنوح، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح: أى بمثله، ويجوز أن تكون الهاء لنوح، ولايكون فيه حذف، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاء كم) المحكى بيقول محذوف: أى أتقولون له هو سحر ! ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.
(2/71)
قوله تعالى (الكبرياء في الارض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الارض ظرف للكبرياء منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء، أو من الضمير في لكم.
[32]
قوله تعالى (ماجئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما " استفهاما، وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره: أى شئ أتيتم به وجئتم به يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو السحر. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى السحر هو، والثانى موضعها رفع بالابتداء وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما ماتقدم من الوجهين.
والثانى هو بدل من موضع " ما " كما تقول ماعندك أدينار أم درهم؟ ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت الهمزة للعلم بها. والثانى هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذى. وجئتم به صلتها، والسحر خبرها، ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على الذرية، ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثانى هو عائد على القوم والثالث يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر.
والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم: أى ملا الآل، وهذا عندنا غلط لان المحذوف لايعود إليه ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان زيد قاموا (أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من فرعون، ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أى على خوف فتنة فرعون.
(2/72)
قوله تعالى (أن تبوآ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب، وأن تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان: أحدهما اللام غير زائدة، والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ، وأن يكون حالا من البيوت.
والثانى اللام زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أى أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى مثل علقها وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ، وأن يكون حالا من البيوت،
[33]
وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا. وأقيموا) إنما جمع فيهما، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما، وأفرد في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا له، فموسى عليه السلام هو الاصل.
قوله تعالى (فلايؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على ليضلوا، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد. والقول الثانى موضعه جزم، لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.
قوله تعالى (ولاتتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى معها، والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب، ويقرأ بتخفيف النون وكسرها.
وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل تغيرا. والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى كما ذكرنا في قوله " لاتعبدون إلا الله " والثانى هو في موضع الحال، والتقدير: فاستقيما غير متبعين.
(2/73)
قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت الرجال البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.
قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أى عاريا، وقيل بجسدك لاروح فيه، وقيل بدرعك.
قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.
قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لان المستثنى منه القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لان التقدير: فلولا كان أهل قرية، ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
قوله تعالى (ماذا في السموات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسموات الخبر وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وقد تقدم أصل ذلك (وماتغنى) يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.
قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثانى أن يكونا منصوبين
[34]
بينجى التى بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون، كذلك خبر المبتدأ: أى الامر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.
قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الانعام مثله.
سورة الحجر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الر تلك آيات الكتاب) قد ذكر في أول الرعد.
قوله تعالى (ربما) يقرأ بالتشديد والتخفيف وهما لغتان، وفى " رب " ثمان لغات: منها المذكورتان، والثالثة والرابعة كذلك، إلا أن الراء مفتوحة، والاربع الاخر مع تاء التأنيث " ربت " ففيها التشديد والتخفيف وضم الراء وفتحها.
[72]
وفى " ما " وجهان: أحدهما هى كافة لرب حتى يقع الفعل بعدها، وهى حرف جر.
(2/74)
والثانى هى نكرة موصوفة: أى رب شئ يوده الذين، ورب حرف جر لايعمل فيه إلا مابعده، والعامل هنا محذوف تقديره: رب كافر يود الاسلام يوم القيامة أنذرت أو نحو ذلك، وأصل رب أن يقع للتقليل، وهى هنا للتكثير والتحقيق، وقد جاء ت على هذا المعنى في الشعر كثيرا، وأكثر مايأتى بعدها الفعل الماضى، ولكن المستقبل هنا لكونه صدقا قطعا بمنزلة الماضى.
قوله تعالى (إلا ولها كتاب) الجملة نعت لقرية، كقولك: مالقيت رجلا إلا عالما، وقد ذكرنا حال الواو في مثل هذا في البقرة في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ".
قوله تعالى (لو ماتأتينا) هى بمعنى لولا وهلا وألا، وكلها للتحضيض.
قوله تعالى (ماننزل الملائكة) فيها قراء ات كثيرة كلها ظاهرة (إلا بالحق) في موضع الحال فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بننزل وتكون بمعنى الاستعانة.
قوله تعالى (نحن نزلنا) نحن هنا ليست فصلا، لانها لم تقع بين اسمين بل هو إما مبتدأ أو تأكيد لاسم إن.
قوله تعالى (إلا كانوا به يستهزئون) الجملة حال من ضمير المفعول في يأتيهم، وهى حال مقدرة، ويجوز أن تكون صفة لرسول على اللفظ أو الموضع.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أى سلوكا مثل استهزائهم، والهاء في (نسلكه) تعود على الاستهزاء، والهاء في (به) للرسول أو للقرآن، وقيل للاستهزاء أيضا، والمعنى: لايؤمنون بسبب الاستهزاء فحذف المضاف، ويجوز أن يكون حالا: أى لايؤمنون مستهزئين.
قوله تعالى (فظلوا) الضمير للملائكة، وقيل للمشركين، فأما الضمير في (قالوا) فللمشركين ألبتة (سكرت) يقرأ بالتشديد والضم وهو منقول بالتضعيف يقال: سكر بصره وسكرته، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما أنه متعد مخففا ومثقلا. والثانى أنه مثل سعد، وقد ذكر في هود، ويقرأ بفتح السين وكسر الكاف أى سدت وغطيت كما يغطى السكر على العقل، وقيل هو مطاوع أسكرت الشئ فسكر: أى انسد.
[73]
(2/75)
قوله تعالى (إلا من استرق السمع) في موضعه ثلاثة أوجه: نصب على الاستثناء المنقطع. والثانى جر على البدل: أى إلا ممن استرق. والثالث رفع على الابتداء، و (فأتبعه) الخبر، وجاز دخول الفاء فيه من أجل أن من بمعنى الذى أو شرط.
قوله تعالى (والارض) منصوب بفعل محذوف: أى ومددنا الارض، وهو أحسن من الرفع لانه معطوف على البروج، وقد عمل فيها الفعل (وأنبتنا فيها من كل شئ) أى وأنبتنا فيها ضروبا، وعند الاخفش من زائدة.
قوله تعالى (ومن لستم) في موضعها وجهان: أحدهما مانصب لجعلنا، والمراد بمن العبيد والاماء والبهائم فإنها مخلوقة لمنافعنا.
وقال الزجاج: هو منصوب بفعل محذوف تقديره: وأعشنا من لستم له، لان المعنى: أعشناكم وأعشنا من لستم.
والثانى موضعه جر: أى لكم ولمن لستم، وهذا يجوز عند الكوفيين.
قوله تعالى (إلا عندنا خزائنه) الجملة، موضع رفع على الخبر " ومن شئ " مبتدأ، ولايجوز أن يكون صفة إذ لاخبر هنا، وخزائنه مرفوع بالظرف لانه قوى بكونه خبرا، ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف خبره (بقدر) في موضع الحال.
قوله تعالى (الرياح) الجمهور على الجمع، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى، ويقرأ على لفظ الواحد وهو جنس.
وفى اللواقح ثلاثة أوجه: أحدها أصلها ملاقح، لانه يقال: ألقح الريح السحاب، كما يقال: ألقح الفحل الانثى: أى أحبلها، وحذفت الميم لظهور المعنى، ومثله الطوائح والاصل المطاوح، لانه من أطاح الشئ.
والوجه الثانى أنه على النسب: أى ذوات لقاح كما يقال طالق وطامس.
والثالث أنه على حقيقته، يقال: لقحت الريح إذا حملت الماء، وألقحت الريح السحاب إذا حملتها الماء، كما تقول ألقح الفحل الانثى فلقحت، وانتصابه على الحال المقدر (فأسقيناكموه) يقال سقاه وأسقاه لغتان، ومنهم من يفرق، فيقول: سقاه لشقته إذا أعطاه مايشربه في الحال أو صبه في حلقه، وأسقاه إذا جعل له مايشربه زمانا، ويقال أسقاه إذا دعا له بالسقيا.
(2/76)
قوله تعالى (وإنا لنحن) نحن هنا لاتكون فصلا لوجهين: أحدهما أن بعدها فعلا.
والثانى أن اللام معها.
قوله تعالى (من حمأ) في موضع جر صفة لصلصال، ويجوز أن يكون بدلا من صلصال بإعادة الجار.
[74]
قوله تعالى (والجان) منصوب بفعل محذوف لتشاكل المعطوف عليه، ولو قرئ بالرفع جاز.
قوله تعالى (فقعوا له) يجوز أن تتعلق اللام بقعوا، وب (ساجدين) و (أجمعون) توكيد ثان عند الجمهور، وزعم بعضهم أنها أفادت مالم تفده كلهم. وهو أنها دلت على أن الجميع سجدوا في حال واحدة. وهذا بعيد لانك تقول: جاء القوم كلهم أجمعون وإن سبق بعضهم بعضا، ولانه لو كان كما زعم لكان حالا لاتوكيدا (إلا إبليس) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (إلى يوم الدين) يجوز أن يكون معمول اللعنة، وأن يكون حالا منها، والعامل الاستقرار في عليك.
قوله تعالى (بما أغويتنى) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (إلا عبادك) استثناء من الجنس، وهل المستثنى أكثر من النصف أو أقل؟ فيه اختلاف، والصحيح أنه أقل.
قوله تعالى (على مستقيم) قيل على بمعنى إلى، فيتعلق بمستقيم أو يكون وصفا لصراط، وقيل هو محمول على المعنى، والمعنى استقامته على، ويقرأ " على " أى على القدر، والمراد بالصراط الدين.
قوله تعالى (إلا من اتبعك) قيل هو استثناء من غير الجنس، لان المراد بعبادى الموحدون، ومتبع الشيطان غير موحد، وقيل هو من الجنس لان عبادى جميع المكلفين، وقيل إلا من اتبعك استثناء ليس من الجنس، لان جميع العباد ليس للشيطان عليهم سلطان أى حجة، ومن اتبعه لايضلهم بالحجة بل بالتزيين.
قوله تعالى (أجمعين) هو توكيد للضمير المجرور، وقيل هو حال من الضمير المجرور، والعامل فيه معنى الاضافة. فأما الموعد إذا جعلته نفس المكان فلا يعمل، وإن قدرت هنا حذف مضاف صح أن يعمل الموعد، والتقدير: وإن جهنم مكان موعدهم.
(2/77)
قوله تعالى (لها سبعة أبواب) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون مستأنفا، ولايجوز أن يكون حالا من جهنم لان " أن " لاتعمل في الحال (منهم) في موضع حال من الضمير الكائن في الظرف، وهو قوله تعالى " لكل باب " ويجوز أن يكون حالا من (جزء) هو صفة له ثانية قدمت عليه، ولايجوز أن يكون حالا
[75]
من الضمير في (مقسوم) لان الصفة لاتعمل في الموصوف ولافيما قبله، ولايكون صفة لباب لان الباب ليس من الناس.
قوله تعالى (وعيون ادخلوها) يقرأ على لفظ الامر، ويجوز كسر التنوين وضمه، وقطع الهمزة على هذا لايجوز، ويقرأ بضم الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض، فعلى هذا لايجوز كسر التنوين لانه لم يلتق ساكنان، بل يجوز ضمه على إلقاء ضمة الهمزة عليه، ويجوز قطع الهمزة (بسلام) حال: أى سالمين أو مسلما عليهم، و (آمنين) حال أخرى بدل من الاولى.
قوله تعالى (إخوانا) هو حال من الضمير في الظرف في قوله تعالى " جنات " ويجوز أن يكون حالا من الفاعل في ادخلوها مقدرة أو من الضمير في آمنين، وقيل هو حال من الضمير المجرور بالاضافة، والعامل فيها معنى الالصاق والملازمة (متقابلين) يجوز أن يكون صفة لاخوان، فتتعلق " على " بها، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار فيتعلق الجار بمحذوف وهو صفة لاخوان، ويجوز أن يتعلق بنفس إخوان لان معناه متصافين، فعلى هذا ينتصب متقابلين على الحال من الضمير في إخوان.
قوله تعالى (لايمسهم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في متقابلين، وأن يكون مستأنفا، و (منها) يتعلق بمخرجين.
قوله تعالى (أنا الغفور) يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ومبتدأ وفصلا، فأما قوله (هو العذاب) فجوز فيها الفصل والابتداء، ولايجوز التوكيد لان العذاب مظهر والمظهر لايؤكد بالمضمر.
قوله تعالى (إذ دخلوا) في " إذ " وجهان أحدهما هو مفعول: أى اذكر إذ دخلوا. والثانى أن يكون ظرفا.
(2/78)
وفى العامل وجهان: أحدهما نفس ضيف فإنه مصدر. وفى توجيه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون عاملا بنفسه وإن كان وصفا، لان كونه وصفا لايسلبه أحكام المصادر، ألا ترى أنه لايجمع ولايثنى ولايؤنث كما لو لم يوصف به؟ ويقوى ذلك أن الوصف الذى قام المصدر مقامه يجوز أن يعمل والوجه الثانى أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: نبئهم عن ذوى ضيف إبراهيم: أى أصحاب ضيافته، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول. والوجه الثانى من وجهى الظرف أن يكون العامل محذوفا تقديره: عن خبر ضيف (فقالوا سلاما) قد ذكر في هود.
[76]
قوله (على أن مسنى) هو في موضع الحال: أى بشرتمونى كبيرا (فبم تبشرون) يقرأ بفتح النون وهو الوجه، والنون علامة الرفع، ويقرأ بكسرها وبالاضافة محذوفة.
وفى النون وجهان: أحدهما هى نون الوقاية، ونون الرفع محذوفة لثقل المثلين، وكانت الاولى أحق بالحذف إذ لو بقيت لكسرت، ونون الاعراب لاتكسر لئلا تصير تابعة، وقد جاء ذلك في الشعر.
والثانى أن نون الوقاية محذوفة، والباقية نون الرفع لان الفعل مرفوع، فأبقيت علامته، والقراء ة بالتشديد أوجه.
قوله تعالى (ومن يقنط) من مبتدأ، ويقنط خبره، واللفظ استفهام ومعناه النفى، فلذلك جاء ت بعده إلا، وفى يقنط لغتان: كسر النون وماضيه بفتحها، وفتحها وماضيه بكسرها، وقد قرئ بهما، والكسر أجود لقوله " من القانطين " ويجوز قانط وقنط.
قوله تعالى (إلا آل لوط) هو استثناء من غير الجنس، لانهم لم يكونوا مجرمين (إلا امرأته) فيه وجهان: أحدهما هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء كان الاستثناء الثانى مضافا إلى المبتدأ، كقولك له عندى عشرة إلا أربعة إلا درهما، فإن الدرهم يستثنى من الاربعة فهو مضاف إلى العشرة، فكأنك قلت: أحد عشر إلا أربعة أو عشرة إلا ثلاثة.
(2/79)
والوجه الثانى أن يكون مستثنى من ضمير المفعول في منجوهم (قدرنا) يقرأ بالتخفيف والتشديد وهما لغتان (إنها) كسرت إن هاهنا من أجل اللام في خبرها، ولولا اللام لفتحت.
قوله تعالى (ذلك الامر) في الامر وجهان: أحدهما هو بدل. والثانى عطف بيان (أن دابر) هو بدل من ذلك، أو من الامر إذا جعلته بيانا، وقيل تقديره: بأن فحذف حرف الجر (مقطوع) خبر أن دابر، و (مصبحين) حال من هؤلاء، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مقطوع، وتأويله أن دابر هنا في معنى مدبرى هؤلاء، فأفرده وأفرد مقطوعا لانه خبره، وجاء مصبحين على المعنى.
قوله تعالى (عن العالمين) أى عن ضيافة العالمين.
قوله تعالى (هؤلاء بناتى) يجوز أن يكون مبتدأ، وبناتى خبره، وفى الكلام حذف: أى فتزوجوهن، ويجوز أن يكون بناتى بدلا أو بيانا والخبر محذوف: أى أطهر لكم، كما جاء في الآية الاخرى، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف: أى قال تزوجوا هؤلاء.
قوله تعالى (أنهم لفى سكرتهم) الجمهور على كسر إن من أجل اللام.
[77]
وقرئ بفتحها على تقدير زيادة اللام، ومثله قراء ة سعيد بن جبير رضى الله عنه " إلا أنهم ليأكلون الطعام " بالفتح، و (يعمهون) حال من الضمير في الجار أو من الضمير المجرور في سكرتهم، والعامل السكرة أو معنى الاضافة.
(2/80)
قوله تعالى (كما أنزلنا) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره: آتيناك سبعا من المثانى إيتاء كما أنزلنا أو إنزالا كما أنزلنا لان آتيناك بمعنى أنزلنا عليك، وقيل التقدير: متعناهم تمتيعا كما أنزلنا، والمعنى: نعمنا بعضهم كما عذبنا بعضهم، وقيل التقدير: إنزالا مثل ماأنزلنا، فيكون وصفا لمصدر، وقيل هو وصف لمفعول تقديره: إنى أنذركم عذابا مثل العذاب المنزل على المقتسمين، والمراد بالمقتسمين قوم صالح الذين اقتسموا على تبييته وتبييت أهله، وقيل هم الذين قسموا القرآن إلى شعر وإلى سحر وكهانة، وقيل تقديره: لنسألنهم أجمعين مثل ماأنزلنا، وواحد (عضين) عضة، ولامها محذوفة والاصل عضوة، وقيل المحذوف هاء، وهو من عضه يعضه وهو من العضيهة وهى الافك أو الداهية.
قوله تعالى (بما تؤمر) مامصدرية فلا محذوف إذا، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى بما تؤمر به، والاصل بما تؤمر بالصدع به ثم حذف للعلم به.
قوله تعالى (الذين يجعلون) صفة للمستهزئين، أو منصوب بإضمار فعل، أو مرفوع على تقديرهم.
سورة النحل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أتى) هو ماض على بابه، وهو بمعنى قرب، وقيل يراد به المستقبل، ولما كان خبر الله صدقا قطعا جاز أن يعبر بالماضى عن المستقبل، والهاء في (تستعجلوه) تعود على الامر، وقيل على الله.
قوله تعالى (ينزل الملائكة) فيه قراء ات، ووجوهها ظاهرة، و (بالروح) في موضع نصب على الحال من الملائكة: أى ومعها الروح وهو الوحى و (من أمره) حال من الروح (أن أنذروا) أن بمعنى أى، لان الوحى يدل على القول فيفسر بأن فلا موضع لها، ويجوز أن تكون مصدرية في موضع جر بدلا من الروح، أو بتقدير حرف الجر على قول الخليل، أو في موضع نصب على قول سيبويه (أنه لاإله إلا أنا)
[78]
الجملة في موضع نصب مفعول أنذروا: أى أعلموهم بالتوحيد، ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال (فاتقون).
(2/81)
قوله تعالى (فإذا هو خصيم) إن قيل الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما لايكون عقيب خلقه من نطفة فجوابه من وجهين: أحدهما أنه أشار إلى مايئول حاله إليه فأجرى المنتظر مجرى الواقع، وهو من باب التعبير بآخر الامر عن أوله كقوله " أرانى أعصر خمرا " وقوله تعالى " ينزل لكم من السماء رزقا " أى سبب الرزق وهو المطر. والثانى أنه إشارة إلى سرعة نسيانهم مبدأ خلقهم.
قوله تعالى (والانعام) هو منصوب بفعل محذوف، وقد حكى في الشاذ رفعها، و (ولكم) فيها وجهان: أحدهما هى متعلقة بخلق، فيكون (فيها دف ء) جملة في موضع الحال من الضمير المنصوب.
والثانى يتعلق بمحذوف، فدف ء مبتدأ والخبر لكم، وفى " فيها " وجهان: أحدهما هو ظرف للاستقرار في لكم.
والثانى هو حال من دف ء، ويجوز أن يكون حالا من دف ء وفيها الخبر، ويجوز أن يرتفع دف ء بلكم أو بفيها والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، ويقرأ " دف " بضم الفاء من غير همز، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها (ولكم فيها جمال) مثل ولكم فيها دف ء، و (حين) ظرف لجمال أو صفة له أو معمول فيها.
قوله تعالى (بالغيه) الهاء في موضع جر بالاضافة عند الجمهور، وأجاز الاخفش أن تكون منصوبة، واستدل بقوله تعالى " إنا منجوك وأهلك " ويستوفى في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا بشق) في موضع الحال من الضمير المرفوع في " بالغيه " أى مشقوقا عليكم، والجمهور على كسر الشين، وقرئ بفتحها وهى لغة.
قوله تعالى (والخيل) هو معطوف على الانعام: أى وخلق الخيل (وزينة) أى لتركبوها ولتتزينوا بها زينة، فهو مصدر لفعل محذوف، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله: أى وللزينة، وقيل التقدير: وجعلها زينة، ويقرأ بغير واو، وفيه الوجوه المذكورة، وفيها وجهان آخران: أحدهما أن يكون مصدرا في موضع الحال من الضمير في تركبوا. والثانى أن تكون حالا من الهاء: أى لتركبوها تزينا بها.
(2/82)
قوله تعالى (ومنها جائر) الضمير يرجع على السبيل، وهى تذكر وتؤنث وقيل السبيل بمعنى السبل فأنث على المعنى. وقصد مصدر بمعنى إقامة السبيل أو تعديل السبيل، وليس مصدر قصدته بمعنى أتيته.
[79]
قوله تعالى (منه شراب) من هنا للتبعيض، ومن الثانية للسببية: أى وبسببه إثبات شجر، ودل على ذلك قوله (ينبت لكم به الزرع).
قوله تعالى (والشمس والقمر) يقرآن بالنصب عطفا على ماقبلهما، ويقرآن بالرفع على الاستئناف، و (النجوم) كذلك، و (مسخرات) على القراء ة الاولى حال وعلى الثانية خبر.
قوله تعالى (وماذرأ لكم) في موضع نصب بفعل محذوف، أى وخلق أو وأنبت و (مختلفا) حال منه.
قوله تعالى (منه لحما) من لابتداء الغاية، وقيل التقدير: لتأكلوا من حيوانه لحما فيه يجوز أن يتعلق بمواخر، لان معناه جوارى، إذ كان مخر وشق وجرى قريبا بعضه من بعض، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر.
قوله تعالى (أن تميد) أى مخافة أن تميد (وأنهارا) أى وشق أنهارا (وعلامات) أى وضع علامات، ويجوز أن تعطف على رواسى (وبالنجم) يقرأ على لفظ الواحد وهو جنس، وقيل يراد به الجدى، وقيل الثريا، ويقرأ بضم النون والجيم وفيه وجهان: أحدهما هو جمع نجم مثل سقف وسقف. والثانى أنه أراد النجوم فحذف الواو كما قالوا في أسد أسود وأسد، وقالوا في خيام خيم، ويقرأ بسكون الجيم وهو مخفف من المضموم.
قوله تعالى (أموات) إن شئت جعلته خبرا ثانيا لهم: أى وهم يخلقون ويموتون، وإن شئت جعلت يخلقون وأموات خبرا واحدا، وإن شئت كان خبر مبتدإ محذوف أى هم أموات (غير أحياء) صفة مؤكدة، ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء ليدفع به توهم أن قوله أموات فيما بعد، إذ قد قال تعالى " إنك ميت " أى ستموت، و (أيان) منصوب ب (يبعثون) لابيشعرون.
(2/83)
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ماذا) فيها وجهان: أحدهما " ما " فيها استفهام " وذا " بمعنى الذى، وقد ذكر في البقرة، والعائد محذوف، أى أنزله، و (أساطير) خبر مبتدإ محذوف تقديره: ما ادعيتموه منزلا أساطير، ويقرأ أساطير بالنصب، والتقدير: وذكرتم أساطير، أو أنزل أساطير على الاستهزاء.
قوله تعالى (ليحملوا) أى قالوا ذلك ليحملوا، وهى لام العاقبة (ومن أوزار الذين) أى وأوزار من أوزار الذين.
وقال الاخفش " من " زائدة.
[80]
قوله تعالى (من القواعد) أى من ناحية القواعد والتقدير: أتى أمر الله (من فوقهم) يجوز أن يتعلق من يخر، وتكون " من " لابتداء الغاية، وأن تكون حالا أى كائنا من فوقهم، وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
قوله تعالى (تشاقون) يقرأ بفتح النون، والمفعول محذوف: أى تشاقون المؤمنين أو تشاقوننى، ويقرأ بكسرها مع التشديد، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية، ويقرأ بالكسر والتخفيف، وهو مثل " فبم تبشرون " وقد ذكر.
قوله تعالى (إن الخزى اليوم) في عامل الظرف وجهان، أحدهما الخزى، وهو مصدر فيه الالف واللام.
والثانى هو معمول الخبر وهو قوله تعالى (على الكافرين) أى كائن على الكافرين اليوم، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف.
قوله تعالى (الذين تتوفاهم) فيه الجر والنصب والرفع وقد ذكر في مواضع وتتوفاهم بمعنى توفتهم (فألقوا السلم) يجوز أن يكون معطوفا على قال الذين أوتوا العلم، ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم، ويجوز أن يكون مستأنفا، والسلم هنا بمعنى القول، كما قال في الآية الاخرى " فألقوا إليهم القول " فعلى هذا يجوز أن يكون (ماكنا نعمل من سوء) تفسيرا للسلم الذى ألقوه، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون التقدير: فألقوا السلم قائلين ماكنا.
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ما " في موضع نصب بأنزل، ودل على ذلك نصب الجواب وهو قوله (قالوا خيرا) أى أنزل خيرا.
(2/84)
قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن تكون هى المخصوصة بالمدح مثل زيد في نعم الرجل زيد، و (يدخلونها) حال منها، ويجوز أن يكون مستأنفا ويدخلونها الخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أى لهم جنات عدن، ودل على ذلك قوله تعالى " للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة " (كذلك يجزى) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف.
قوله تعالى (طيبين) حال من المفعول، و (يقولون) حال من الملائكة.
قوله تعالى (أن اعبدوا) يجوز أن تكون " أن " بمعنى أى، وأن تكون مصدرية (من هدى) من نكرة موصوفة مبتدأ، وماقبلها الخبر.
قوله تعالى (فإن الله لايهدى) يقرأ بفتح الياء وكسر الدال على تسمية الفاعل ولايهدى خبر إن، و (من يضل) مفعول يهدى.
[81]
ويقرأ " لايهدى " بضم الياء على مالم يسم فاعله. وفيه وجهان: أحدهما أن من يضل مبتدأ، ولايهدى خبر.
والثانى أن لايهدى من يضل بأسره خبر إن، كقولك: إن زيدا لايضرب أبوه.
قوله تعالى (فيكون) يقرأ بالرفع: أى فهو، وبالنصب عطفا على نقول، وجعله جواب الامر بعيد لما ذكرناه في البقرة.
قوله تعالى (والذين هاجروا) مبتدأ، و (لنبوئنهم) الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره المذكور (حسنة) مفعول ثان لنبوئنهم، لان معناه لنعطينهم، ويجوز أن يكون صفة لمحذوف: أى دارا حسنة، لان بوأته أنزلته.
قوله تعالى (الذين صبروا) في موضع رفع على إضمارهم، أو نصب على تقدير أعنى.
قوله تعالى (بالبينات) فيما تتعلق الباء به ثلاثة أوجه: أحدها بنوحى كما تقول: أوحى إليه بحق، ويجوز أن تكون الباء زائدة، ويجوز أن تكون حالا من القائم مقام الفاعل وهو إليهم.
والوجه الثانى: أن تتعلق بأرسلنا: أى أرسلناهم بالبينات، وفيه ضعف لان ماقبل إلا لايعمل فيما بعدها إذا تم الكلام على إلا ومايليها، إلا أنه قد جاء في الشعر كقول الشاعر: نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم * ولايعذب إلا الله بالنار والوجه الثالث أن يتعلق بمحذوف تقديره: بعثوا بالبينات، والله أعلم.
(2/85)
قوله تعالى (على تخوف) في موضع الحال من الفاعل أو المفعول في قوله " أو يأخذهم ".
قوله تعالى (أو لم يروا) يقرأ بالياء والتاء، وقبله غيبة وخطاب يصححان الامرين (تتفيؤ) يقرأ بالتاء على تأنيث الجمع الذى في الفاعل، وبالياء لان التأنيث غير حقيقى (عن اليمين) وضع الواحد موضع الجمع، وقيل أول مايبدو الظل عن اليمين ثم ينتقل وينتشر عن الشمال، فانتشاره يقتضى الجمع، و " عن " حرف جر موضعها نصب على الحال، ويجوز أن تكون للمجاوزة: أى تتجاوز الظلال اليمين إلى الشمال.
وقيل هى اسم: أى جانب اليمين (والشمائل) جمع شمال (سجدا)
[82]
حال من الظلال (وهم داخرون) حال من الضمير في سجدا، ويجوز أن يكون حالا ثانية معطوفة.
قوله تعالى (مافى السموات) إنما ذكر " ما " دون " من " لانها أعم والسجود يشتمل على الجميع.
قوله تعالى (من فوقهم) هو حال من ربهم، ويجوز أن يتعلق بيخافون.
قوله تعالى (اثنين) هو توكيد، وقيل مفعول ثان وهو بعيد.
قوله تعالى (واصبا) حال من الدين.
قوله تعالى (ومابكم) " ما " بمعنى الذى، والجار صلته، و (من نعمة) حال من الضمير في الجار (فمن الله) الخبر، وقيل " ما " شرطية وفعل الشرط محذوف: أى مايكن، والفاء جواب الشرط.
قوله تعالى (إذا فريق) هو فاعل لفعل محذوف.
قوله تعالى (فتمتعوا) الجمهور على أنه أمر، ويقرأ بالياء وهو معطوف على يكفروا ثم رجع إلى الخطاب فقال (فسوف تعلمون) وقرئ بالياء أيضا.
قوله تعالى (ولهم مايشتهون) " ما " مبتدأ، ولهم خبره أو فاعل الظرف وقيل " ما " في موضع نصب عطفا على نصيبا: أى ويجعلون مايشتهون لهم، وضعف قوم هذا الوجه وقالوا: لو كان كذلك لقال ولانفسهم، وفيه نظر.
قوله تعالى (ظل وجهه مسودا) خبره، ولو كان قد قرئ " مسود " لكان مستقيما، على أن يكون اسم ظل مضمرا فيها، والجملة خبرها (وهو كظيم) حال من صاحب الوجه، ويجوز أن يكون من الوجه لانه منه.
(2/86)
قوله تعالى (يتوارى) حال من الضمير في كظيم (أيمسكه) في موضع الحال تقديره: يتوارى مترددا هل يمسكه أم لا؟ (على هون) حال.
قوله تعالى (وتصف ألسنتهم الكذب) يقرأ بالنصب على أنه مفعول تصف أو هو بدل مما يكرهون، فعلى هذا في قوله (أن لهم الحسنى) وجهان: أحدهما هو بدل من الكذب. والثانى تقديره: بأن لهم، ولما حذفت الباء صار في موضع نصب عند الخليل، وعند سيبويه هو في موضع جر.
ويقرأ الكذب بضم الكاف والذال والباء على أنه صفة للالسنة، وهو جمع واحده كذوب مثل صبور وصبر، وعلى هذا يجوز أن يكون واحد الالسنة مذكرا أو مؤنثا، وقد سمع في اللسان الوجهان وعلى هذه القراء ة " أن لهم الحسنى " مفعول تصف.
[83]
(لاجرم) قد ذكر في هود مستوفى (مفرطون) يقرأ بفتح الراء والتخفيف، وهو من أفرط إذا حمله على التفريط غيره، وبالكسر على نسبة الفعل إليه، وبالكسر والتشديد وهو ظاهر.
قوله تعالى (وهدى ورحمة) معطوفان على لتبين: أى للتبيين والهداية والرحمة.
قوله تعالى (بطونه) فيما تعود الهاء عليه ستة أوجه: أحدها أن الانعام تذكر وتؤنث، فذكر الضمير على إحدى اللغتين.
والثانى أن الانعام جنس، فعاد الضمير إليه على المعنى.
والثالث أن واحد الانعام نعم، والضمير عائد على واحده كما قال الشاعر: * مثل الفراخ نتفت حواصله * والرابع أنه غائب على المذكور فتقديره: مما في بطون المذكور، كما قال الحطيئة:
لزغب كأولاد القطا راث خلفها * على عاجزات النهض حمر حواصله
والخامس أنه يعود على البعض الذى له لبن منها.
(2/87)
والسادس أنه يعود على الفحل لان اللبن يكون من طرق الفحل الناقة، فأصل اللبن ماء الفحل، وهذا ضعيف لان اللبن وإن نسب إلى الفحل فقد جمع البطون، وليس فحل الانعام واحدا، ولا للواحد بطون، فإن قال أراد الجنس فقد ذكر (من بين) في موضع نصب على الظرف، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من اللبن (سائغا) الجمهور على قراء ته على فاعل ويقرأ " سيغا " بياء مشددة وهو مثل سيد وميت وأصله من الواو.
قوله تعالى (ومن ثمرات) الجار يتعلق بمحذوف تقديره: وخلق لكم، أو وجعل (تتخذون) مستأنف، وقيل هو صفة لمحذوف تقديره: شيئا تتخذون بالنصب: أى وإن من الثمرات شيئا، وإن شئت شئ بالرفع بالابتداء، ومن ثمرات خبره، وقيل التقدير: وتتخذون من ثمرات النخيل سكرا، وأعاد من لما قدم وأخر، وذكر الضمير لانه عاد على شئ المحذوف، أو على معنى الثمرات: وهو الثمر أو على النخل: أى من ثمر النخل، أو على الجنس، أو على البعض، أو على المذكور كما تقدم في هاء بطونه.
قوله تعالى (أن اتخذى) أى اتخذى أو تكون مصدرية.
قوله تعالى (ذللا) هو حال من السبل، أو من الضمير في اسلكى، والواحد ذلول، ثم عاد من الخطاب إلى الغيبة فقال (يخرج من بطونها - فيه شفاء) يعود على الشراب، وقيل على القرآن.
[84]
قوله تعالى (لكيلا يعلم بعد علم شيئا) شيئا منصوب بالمصدر على قول البصريين، وبيعلم على قول الكوفيين.
قوله تعالى (فهم فيه سواء) الجملة من المبتدإ والخبر هنا واقعة موقع الفعل والفاعل، والتقدير: فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ماملكت أيمانهم فيستووا، وهذا الفعل منصوب على جواب النفى، ويجوز أن يكون مرفوعا عطفا على موضع برادى: أى فما الذين فضلوا يردون فما يستوون.
قوله تعالى (رزقا من السموات) الرزق بكسر الراء اسم المرزوق، وقيل هو اسم للمصدر، والمصدر بفتح الراء (شيئا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو منصوب برزق لان اسم المصدر يعمل عمله: أى لايملكون أن يرزقوا شيئا.
(2/88)
والثانى هو بدل من رزق.
والثالث هومنصوب نصب المصدر: أى لايملكون رزقا ملكا، وقد ذكرنا نظائره كقوله " لايضركم كيدهم شيئا ".
قوله تعالى (عبدا) هو بدل من مثل، وقيل التقدير: مثلا مثل عبد، و (من) في موضع نصب نكرة موصوفة (سرا وجهرا) مصدران في موضع الحال.
قوله تعالى (أينما يوجهه) يقرأ بكسر الجيم: أى يوجهه مولاه، ويقرأ بفتح الجيم وسكون الهاء على مالم يسم فاعله، ويقرأ بالتاء وفتح الجيم والهاء على لفظ الماضى.
قوله تعالى (أو هو أقرب) هو ضمير للامر، وأو قد ذكر حكمها في " أو كصيب من السماء ".
قوله تعالى (أمهاتكم) يقرأ بضم الهمزة وفتح الميم وهو الاصل وبكسرهما، فأما كسرة الهمزة فلعلة: وقيل أتبعت كسرة النون قبلها وكسرة الميم إتباعا لكسرة الهمزة (لا تعلمون شيئا) الجملة حال من الضمير المنصوب في " أخرجكم ".
قوله تعالى (ألم يروا) يقرأ بالتاء لان قبله خطابا وبالياء على الرجوع إلى الغيبة (مايمسكهن) الجملة حال من الضمير في مسخرات أو من الطير، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (من بيوتكم سكنا) إنما أفرد لان المعنى ماتسكنون (يوم ظعنكم) يقرأ بسكون العين وفتحها وهما لغتان، مثل النهر والنهر، والظعن مصدر ظعن (أثاثا) معطوف على سكنا، وقد فصل بينه وبين حرف العطف بالجار والمجرور وهو قوله تعالى " ومن أصوافها " وليس بفصل مستقبح كما زعم في الايضاح، لان الجار والمجرور مفعول، وتقديم مفعول على مفعول قياس.
[85]
قوله تعالى (ويوم نبعث) أى واذكر، أو وخوفهم.
قوله تعالى (يعظكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في ينهى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (بعد توكيدها) المصدر مضاف إلى المفعول، والفعل منه وكد، ويقال أكد تأكيدا، وقد (جعلتم) الجملة حال من الضمير في " تنقضوا "، ويجوز أن يكون حالا من فاعل المصدر.
(2/89)
قوله تعالى (أنكاثا) هو جمع نكث وهو بمعنى المنكوث: أى المنقوض وانتصب على الحال من غزلها، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا على المعنى، لان معنى نقضت صيرت، و (تتخذون) حال من الضمير في تكونوا أو من الضمير في حرف الجر، لان التقدير: لا تكونوا مشبهين (أن تكون) أى مخافة أن تكون (أمة) اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة (هى أربى) جملة في موضع نصب خبر كان، أو في موضع رفع على الصفة، ولا يجوز أن تكون هى فصلا لان الاسم الاول نكرة، والهاء في (به) تعود على الربو وهو الزيادة.
قوله تعالى (فتزل) هو جواب النهى.
قوله تعالى (من ذكر) هو حال من الضمير في عمل.
قوله تعالى (فإذا قرأت) المعنى فإذا أردت القراء ة، وليس المعنى إذا فرغت من القراء ة.
قوله تعالى (إنما سلطانه) الهاء فيه تعود على الشيطان، والهاء في (به) تعود عليه أيضا، والمعنى الذين يشركون بسببه، وقيل الهاء عائدة على الله عزوجل.
قوله تعالى (والله أعلم بما ينزل) الجملة فاصلة بين إذا وجوابها، فيجوز أن تكون حالا، وأن لايكون لها موضع وهى مشددة.
قوله تعالى (وهدى وبشرى) كلاهما في موضع نصب على المفعول له، وهو عطف على قوله ليثبت، لان تقدير الاول لان يثبت، ويجوز أن يكونا في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف: أى وهو هدى، والجملة حال من الهاء في نزله.
قوله تعالى (لسان الذى) القراء ة المشهورة إضافة لسان إلى الذى، وخبره (أعجمى) وقرئ في الشاذ اللسان الذى بالالف واللام، والذى نعت، والوقف بكل حال على بشر.
[86]
قوله تعالى (من كفر) فيه وجهان: أحدهما هو بدل من قوله الكاذبون: أى وأولئك هم الكافرون، وقيل هو بدل من أولئك، وقيل هو بدل من الذين لايؤمنون.
والثانى هو مبتدأ، والخبر " فعليهم غضب من الله ".
(2/90)
قوله تعالى (إلا من أكره) استثناء مقدم، وقيل ليس بمقدم فهو كقول لبيد * ألا كل شئ ماخلا الله باطل * وقيل " من " شرط وجوابها محذوف دل عليه قوله " فعليهم غضب " إلا من أكره استثناء متصل، لان الكفر يطلق على القول والاعتقاد، وقيل هو منقطع لان الكفر اعتقاد والاكراه على القول دون الاعتقاد (من شرح) مبتدأ (فعليهم) خبره.
قوله تعالى (إن ربك) خبر إن (لغفور رحيم)(1) وإن الثانية واسمها تكرير للتوكيد، ومثله في هذه السورة " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " وقيل " لا " خبر لان الاولى في اللفظ، لان خبر الثانية أغنى عنه (من بعد مافتنوا) يقرأ على مالم يسم فاعله: أى فتنهم غيرهم بالكفر فأجابوا فإن الله عفا لهم عن ذلك: أى رخص لهم فيه، ويقرأ بفتح الفاء والتاء: أى فتنوا أنفسهم أو فتنوا غيرهم ثم أسلموا.
قوله تعالى (يوم يأتى) يجوز أن يكون ظرفا لرحيم، وأن يكون مفعولا به: أى اذكر.
قوله تعالى (قرية) مثل قوله " مثلا عبدا " (والخوف) بالجر عطفا على الجوع، وبالنصب عطفا على لباس، وقيل هو معطوف على موضع الجوع، لان التقدير: أن ألبسهم الجوع والخوف.
قوله تعالى (ألسنتكم الكذب) يقرأ بفتح الكاف والباء وكسر الذال، وهو منصوب بتصف و " ما " مصدرية، وقيل هى بمعنى الذى، والعائد محذوف. والكذب بدل منه، وقيل هو منصوب بإضمار أعنى، ويقرأ بضم الكاف والذال وفتح الياء وهو جمع كذاب بالتخفيف، مثل كتاب وكتب، وهو مصدر، وهى في معنى القراء ة الاولى، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الباء على النعت للالسنة، وهو جمع كاذب أو كذوب، ويقرأ بفتح الكاف وكسر الذال، والباء على البدل من " ما " سواء جعلتها مصدرية أو بمعنى الذى.
___________________________________
(1) (قوله خبر إن لغفور إلخ.) المراد بها إن الاولى في قوله تعالى " ثم إن ربك " إلخ وعليه فللذين متعلق بالخبر كما في السفاقسى. وعند الزمخشرى للذين خبر إن الاولى اه مصححه. (*)
[87]
(2/91)
قوله تعالى (متاع قليل) أى بقاؤهم متاع ونحو ذلك.
قوله تعالى (اجتباه) يجوز أن يكون حالا، وقد معه مرادة، وأن يكون خبرا ثانيا لان، وأن يكون مستأنفا (لانعمه) يجوز أن تتعلق اللام بشاكر، وأن تتعلق باجتباه.
قوله تعالى (وإن عاقبتم) الجمهور على الالف والتخفيف فيهما، ويقرأ بالتشديد من غير ألف فيهما: أى تتبعتم (بمثل ما) الباء زائدة، وقيل ليست زائدة، والتقدير: بسبب مماثل لما عوقبتم (لهو خير) الضمير للصبر أو للعفو، وقد دل على المصدرين الكلام المتقدم.
قوله تعالى (إلا بالله) أى بعون الله أو بتوفيقه (عليهم) أى على كفرهم، وقيل الضمير يرجع على الشهداء: أى لاتحزن عليهم فقد فازوا (في ضيق) يقرأ بفتح الضاد وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر ضاق مثل سار سيرا.
والثانى هو مخفف من الضيق: أى في أمر ضيق، مثل سيد وميت (مما يمكرون) أى من أجل مايمكرون، ويقرأ بكسر الضاد، وهى لغة في المصدر، والله أعلم.
سورة الاسراء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم الكلام على (سبحان) في قصة آدم عليه السلام في البقرة، و (ليلا) ظرف لاسرى، وتنكيره يدل على قصر الوقت الذى كان الاسراء والرجوع فيه (حوله) ظرف لباركنا، وقيل مفعول به: أى طيبنا أو نمينا (لنريه) بالنون لان قبله إخبارا عن المتكلم، وبالياء لان أول السورة على الغيبة، وكذلك خاتمة الآية، وقد بدأ في الآية بالغيبة وختم بها ثم رجع في وسطها إلى الاخبار عن النفس فقال: باركنا ومن آياتنا، والهاء في (أنه) لله تعالى، وقيل للنبى صلى الله عليه وسلم: أى إنه السميع لكلامنا البصير لذاتنا.
قوله تعالى (ألا يتخذوا) يقرأ بالياء على الغيبة، والتقدير: جعلناه هدى لئلا يتخذوا، أو آتينا موسى الكتاب لئلا يتخذوا، ويقرأ بالتاء على الخطاب.
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن " أن " بمعنى أى، وهى مفسرة لما تضمنه الكتاب من الامر والنهى.
والثانى أن " أن " زائدة: أى قلنا لاتتخذوا.
[88]
(2/92)
والثالث أن " لا " زائدة، والتقدير: مخافة أن تتخذوا، وقد رجع في هذا من الغيبة إلى الخطاب، وتتخذوا هنا يتعدى إلى مفعولين: أحدهما (وكيلا) وفي الثانى وجهان: أحدهما (ذرية) والتقدير: لا تتخذوا ذرية من حملنا وكيلا: أى ربا أو مفوضا إليه، ومن دونى يجوز أن يكون حالا من وكيل أو معمولا له أو متعلقا بتتخذوا.
والوجه الثانى المفعول الثانى من دونى، وفي ذرية على ثلاثة أوجه: أحدها هو منادى.
والثانى هو منصوب بإضمار أعنى.
والثالث هو بدل من وكيل، أو بدل من موسى عليه السلام، وقرئ، شاذا بالرفع على تقدير هو ذرية، أو على البدل من الضمير في يتخذوا على القراء ة بالياء لانهم غيب، و (من) بمعنى الذى أونكرة موصوفة.
قوله تعالى (لتفسدن) يقرأ بضم التاء وكسر السين من أفسد، والمفعول محذوف أى الاديان أو الخلق، ويقرأ بضم التاء وفتح السين: أى يفسدكم غيركم، ويقرأ بفتح التاء وضم السين، أى تفسد أموركم (مرتين) مصدر، والعامل فيه من غير لفظه (وعد أولاهما) أى موعود أولى المرتين: أى ماوعدوا به في المرة الاولى (عبادا لنا) بالالف وهو المشهور، ويقرأ عبيدا وهو جمع قليل، ولم يأت منه إلا ألفاظ يسيرة (فجاسوا) بالجيم، ويقرأ بالحاء والمعنى واحد، و (خلال) ظرف له، ويقرأ خلل الديار بغير ألف، قيل هو واحد، والجمع خلال مثل جبل وجبال (وكان) اسم كان ضمير المصدر: أى وكان الجوس.
قوله تعالى (الكرة) هى مصدر في الاصل يقال كركرا وكرة، و (عليهم) يتعلق برددنا، وقيل بالكرة لانه يقال كر عليه، وقيل هو حال من الكرة (نفيرا) تمييز، وهو فعيل بمعنى فاعل: أى من ينفر معكم وهو اسم للجماعة، وقيل هو جمع نفر مثل عبد وعبيد.
(2/93)
قوله تعالى (وإن أسأتم فلها) قيل اللام بمعنى على، كقوله " وعليها ما اكتسبت " وقيل هى على بابها وهو الصحيح، لان اللام للاختصاص، والعامل مختص بجزاء عمله حسنة وسيئة (وعد الآخرة) أى الكرة الآخرة (ليسوء وا) بالياء وضمير الجماعة: أى ليسوء العباد أو النفير، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير واو: أى ليسوء البعث أو المبعوث: أو الله، ويقرأ بالنون كذلك، ويقرأ بضم الياء وكسر السين وياء بعدها وفتح الهمزة: أى ليقبح وجوهكم (ماعلوا) منصوب بيتبروا: أى وليهلكوا علوهم وماعلوه، ويجوز أن يكون ظرفا.
[89]
قوله تعالى (حصيرا) أى حاصرا، ولم يؤنثه لان فعيلا هنا بمعنى فاعل، وقيل التذكير على معنى الجنس، وقيل ذكر لان تأنيث جهنم غير حقيقى.
قوله تعالى (أن لهم) أى بأن لهم (وأن الذين) معطوف عليه: أى يبشر المؤمنين بالامرين.
قوله تعالى (دعاء ه) أى يدعو بالشر دعاء مثل دعائه بالخير، والمصدر مضاف إلى الفاعل، والتقدير: يطلب الشر، فالباء للحال، ويجوز أن تكون بمعنى السبب.
قوله تعالى (آيتين) قيل التقدير: ذوى آيتين، ودل على ذلك قوله: " آية الليل، وآية النهار " وقيل لا حذف فيه، فالليل والنهار علامتان ولهما دلالة على شئ آخر، فلذلك أضاف في موضع ووصف في موضع.
قوله تعالى (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل، ولولا ذلك لكان الاولى رفعه. ومثله " وكل إنسان ".
قوله تعالى (ونخرج) يقرأ بضم النون، ويقرأ بياء مضمومة وبياء مفتوحة وراء مضمومة، و (كتابا) حال على هذا: أى ونخرج طائره أو عمله مكتوبا، و (يلقاه) صفة للكتاب، و (منشورا) حال من الضمير المنصوب، ويجوز أن يكون نعتا للكتاب.
قوله تعالى (اقرأ) أى يقال.
(2/94)
قوله تعالى (أمرنا) يقرأ بالقصر والتخفيف: أى أمرناهم بالطاعة، وقيل كثرنا نعمهم، وهو في معنى القراء ة بالمد، ويقرأ بالتشديد والقصر: أى وجعلناهم أمراء، وقيل هو بمعنى الممدودة، لانه تارة يعدى بالهمزة وتارة بالتضعيف، واللازم منه أمر القوم: أى كثروا، وأمرنا جواب إذا، وقيل الجملة نصب نعتا لقرية، والجواب محذوف.
قوله تعالى (وكم أهلكنا) " كم " هنا خبر في موضع نصب بأهلكنا (من القرون) وقد ذكر نظيره في قوله " كم آتيناهم من آية ".
قوله تعالى (من كان) من مبتدأ، وهى شرط، و (عجلنا) جوابه (لمن نريد) هو بدل من له بإعادة الجار (يصلاها) حال من جهنم أو من الهاء في له، و (مذموما) حال من الفاعل في يصلى.
قوله تعالى (سعيها) يجوز أن يكون مفعولا به، لان المعنى عمل عملها. ولها من أجلها، وأن يكون مصدرا.
[90]
قوله تعالى (كلا) هو منصوب (بنمد) والتقدير كل فريق، و (هؤلاء وهؤلاء) بدل من كل، و (من) متعلقة بنمد.
والعطاء اسم للمعطى.
قوله تعالى (كيف) منصوب ب (فضلنا) على الحال أو على الظرف.
قوله تعالى (ألا تعبدوا) يجوز أن يكون " أن " بمعنى أى، وهى مفسرة لمعنى قضى، ولانهى، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى ألزم ربك عبادته ولا زائدة، ويجوز أن يكون قضى بمعنى أمر، ويكون التقدير: بأن لاتعبدوا.
قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا) قد ذكر في البقرة (إما يبلغن) إن شرطية، وما زائدة للتوكيد، ويبلغن هو فعل الشرط والجزاء فلا تقل، ويقرأ " يبلغان " والالف فاعل و (أحدهما أو كلاهما) بدل منه.
(2/95)
وقال أبوعلي: هو توكيد، ويجوز أن يكون أحدهما مرفوعا بفعل محذوف: أى إن بلغ أحدهما أو كلاهما، وفائدته التوكيد أيضا، ويجوز أن تكون الالف حرفا للتثنية والفاعل أحدهما (أف) اسم للفعل ومعناه التضجر والكراهة، والمعنى: لاتقل لهما كفا أو اتركا، وقيل هو اسم للجملة الخبرية: أى كرهت أو ضجرت من مداراتكما، فمن كسر بناه على الاصل، ومن فتح طلب التخفيف مثل رب، ومن ضم أتبع، ومن نون أراد التنكير، ومن لم ينون أراد التعريف، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا.
قوله تعالى (جناح الذل) بالضم وهو ضد العز، وبالكسر وهو الانقياد ضد الصعوبة (من الرحمة) أى من أجل رفقك بهما، فمن متعلقة باخفض، ويجوز أن تكون حالا من جناح (كما) نعت لمصدر محذوف: أى رحمة مثل رحمتهما.
قوله تعالى (ابتغاء رحمة) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال (ترجوها) يجوز أن يكون وصفا للرحمة، وأن يكون حالا من الفاعل، ومن ربك يتعلق بترجوها ويجوز أن يكون صفة لرحمة.
قوله تعالى (كل البسط) منصوبة على المصدر لانها مضافة إليه.
قوله تعالى (خطأ) يقرأ بكسر الخاء وسكون الطاء والهمز وهو مصدر خطئ مثل علم علما، وبكسر الخاء وفتح الطاء من غير همز.
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها مصدر مثل شبع شبعا، إلا أنه أبدل الهمزة ألفا في المصدر وياء في الفعل لانكسار ماقبلها.
والثانى أن يكون ألقى حركة الهمزة على الطاء فانفتحت وحذف الهمزة.
والثالث أن يكون خفف الهمزة بأن قلبها ألفا على غير القياس فانفتحت الطاء، ويقرأ كذلك إلا أنه بالهمز مثل عنب، ويقرأ بالفتح والهمز مثل نصب وهو كثير،
[91]
ويقرأ بالكسر والمد مثل قام قياما (الزنا) الاكثر القصر والمد لغة، وقد قرئ به، وقيل هو مصدر زانى، مثل قاتل قتالا لانه يقع من اثنين.
(2/96)
قوله تعالى (فلا يسرف) الجمهور على التسكين لانه نهى، وقرئ بضم الفاء على الخبر ومعناه النهى، ويقرأ بالياء والفاعل ضمير الولى، وبالتاء: أى لاتسرف أيها المقتص، أو المبتدئ بالقتل.
أى لاتسرف بتعاطى القتل، وقيل التقدير يقال له لاتسرف (إنه) في الهاء ستة أوجه:
أحدها هى راجعة إلى الولى.
والثانى إلى المقتول.
والثالث إلى الدم.
والرابع إلى القتل.
والخامس إلى الحق.
والسادس إلى القاتل: أى إذا قتل سقط عنه عقاب القتل في الآخرة.
قوله تعالى (إن العهد كان مسئولا) فيه وجهان: أحدهما تقديره: إن ذا العهد: أى كان مسئولا عن الوفاء بعده.
والثانى أن الضمير راجع إلى العهد، ونسب السؤال إليه مجازا كقوله تعالى " وإذا الموء ودة سئلت ".
قوله تعالى (بالقسطاس) يقرأ بضم القاف وكسرها وهما لغتان، و (تأويلا) بمعنى مآلا: قوله تعالى (ولاتقف) الماضى منه قفا إذا تتبع، ويقرأ بضم القاف وإسكان الفاء مثل تقم، وماضيه قاف يقوف إذا تتبع أيضا (كل) مبتدأ، و (أولئك) إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد، وأشير إليها بأولئك، وهى في الاكثر لمن يعقل لانه جمع ذا، وذا لمن يعقل ولما لا يعقل، وجاء في الشعر: * بعد أولئك الايام * فكان وماعملت فيه الخبر واسم كان يرجع إلى كل، والهاء في عنه ترجع إلى كل أيضا الضمير في مسئول لكل أيضا، والمعنى: أى السمع يسأل عن نفسه على المجاز، ويجوز أن يكون الضمير في كان لصاحب هذه الجوارح لدلالتها عليه.
(2/97)
وقال الزمخشرى يكون عنه في موضع رفع بمسئول كقوله " غير المغضوب عليهم " وهذا غلط لان الجار والمجرور يقام مقام الفاعل إذا تقدم الفعل، أو ما يقوم مقامه، وأما إذاتأخر فلا يصح ذلك فيه لان الاسم إذا تقدم على الفعل صار مبتدأ، وحرف الجر إذا كان لازما لايكون مبتدأ، ونظيره قولك بزيد انطلق، ويدلك على ذلك أنك لو ثنيت لم تقل بالزيدين انطلقا، ولكن تصحيح المسألة أن تجعل الضمير في مسئول للمصدر، فيكون عنه في موضع نصب كما تقدر في قولك بزيد انطلق.
[92]
قوله تعالى (مرحا) بكسر الراء حال، وبفتحها مصدر في موضع الحال ومفعول له (تخرق) بكسر الراء وضمها لغتان (طولا) مصدر في موضع الحال من الفاعل أو المفعول، ويجوز أن يكون تمييزا ومفعولا له ومصدرا من معنى تبلغ.
قوله تعالى (سيئه) يقرأ بالتأنيث والنصب: أى كل ماذكر من المناهى، وذكر (مكروها) على لفظ كل، أو لان التأنيث غير حقيقى، ويقرأ بالرفع والاضافة: أى سيئ ماذكر.
قوله تعالى (من الحكمة) يجوز أن يكون متعلقا بأوحى، وأن يكون حالا من العائد المحذوف، وأن يكون بدلا من ما أوحى.
قوله تعالى (أصفاكم) الالف مبدلة من واو لانه من الصفوة (إناثا) مفعول أول لاتخذ، والثانى محذوف: أى أولادا، ويجوز أن يكون اتخذ متعديا إلى واحد مثل " قالوا اتخذ الله ولدا " ومن الملائكة يجوز أن يكون حالا وأن يتعلق باتخذ.
قوله تعالى (ولقد صرفنا) المفعول محذوف تقديره صرفنا المواعظ ونحوها.
قوله تعالى (كما يقولون) الكاف في موضع نصب: أى كونا كقولهم.
قوله تعالى (علوا) في موضع تعاليا، لانه مصدر قوله تعالى، ويجوز أن يقع مصدر موقع آخر من معناه.
قوله تعالى (مستورا) أى محجوبا بحجاب آخر فوقه، وقيل هو مستور بمعنى ساتر.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أى مخافة أن يفقهوه أو كراهة (نفورا) جمع نافر، ويجوز أن يكون مصدرا كالعقود، فإن شئت جعلته حالا، وإن شئت جعلته مسدرا لولوا لانه بمعنى نفروا.
(2/98)
قوله تعالى (يستمعون به) قيل الباء بمعنى اللام، وقيل هى على بابها: أى يستمعون بقلوبهم أم بظاهر أسماعهم و (إذ) ظرف ليستمعون الاولى.
والنجوى مصدر: أى ذو نجوى، ويجوز أن يكون جمع نجى كقتيل وقتلى (إذ يقول) بدل من " إذ " الاولى وقيل التقدير: اذكر إذ يقول. والتاء في الرفات أصل، والعامل في " إذ " مادل عليه مبعوثون لا نفس مبعوثون، لان مابعد أن لا يعمل فيما قبلها، و (خلقا) حال وهو بمعنى مخلوق، ويجوز أن يكون مصدرا: أى بعثنا بعثا جديدا.
[93]
قوله تعالى (قل الذى فطركم) أى يعيدكم الذى فطركم، وهو كناية عن الاحياء، وقد دل عليه يعيدكم، و (يكون) في موضع نصب بعسى، واسمها مضمر فيها، ويجوز أن يكون في موضع رفع بعسى ولا ضمير فيها.
قوله تعالى (يوم يدعوكم) هو ظرف ليكون، ولا يجوز أن يكون ظرفا لاسم كان، وإن كان ضمير المصدر لان الضمير لا يعمل، ويجوز أن يكون ظرفا للبعث، وقدل دل عليه معنى الكلام، ويجوز أن يكون التقدير اذكر يوم يدعوكم (بحمده) في موضع الحال: أى فتستجيبون حامدين، ويجوز أن تتعلق الباء بيدعوكم (وتظنون) أى وأنتم تظنون فالجملة حال.
قوله تعالى (يقولوا) قد ذكر في إبراهيم (ينزع) يقرأ بفتح الزاى وكسرها وهما لغتان.
قوله تعالى (زبورا) يقرأ بالفتح والضم، وقد ذكر في النساء وفيه وجهان: أحدهما أنه علم، يقال زبور والزبور كما يقال عباس والعباس. والثانى هو نكرة: أى كتابا من جملة الكتب.
قوله تعالى (أيهم) مبتدأ و (أقرب) خبره، وهو استفهام، والجملة في موضع نصب بيدعون، ويجوز أن يكون أيهم بمعنى الذى، وهو بدل من الضمير في يدعون، والتقدير: الذى هو أقرب، وفيها كلام طويل يذكر في مريم.
(2/99)
قوله تعالى (أن نرسل) أى من أن نرسل فهى في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه، وقد ذكرت نظائره (أن كذب) في موضع رفع فاعل " منعنا " وفيه حذف مضاف تقديره: إلا إهلاك التكذيب، وكانت عادة الله إهلاك من كذب بالآيات الظاهرة، ولم يرد إهلاك مشركى قريش لعلمه بإيمان بعضهم وإيمان من يولد منهم (مبصرة) أى ذات إبصار: أى يستبصر بها، وقيل مبصرة دالة كما يقال للدليل مرشد، ويقرأ بفتح الميم والصاد: أى تبصرة (تخويفا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أى اذكر (والشجرة) معطوف على الرؤيا والتقدير: وماجعلنا الشجرة إلا فتنة، وقرئ شاذا بالرفع، والخبر محذوف: أى فتنة، ويجوز أن يكون الخبر (في القرآن).
قوله تعالى (طينا) هو حال من " من " أو من العائد المحذوف، فعلى الاول يكون العامل فيه اسجد، وعلى الثانى خلقت، وقيل التقدير: من طين، فلما حذف الحرف نصب.
[94]
قوله تعالى (هذا) هو منصوب بأرأيت، و (الذى) نعت له، والمفعول الثانى محذوف تقديره: تفضيله أو تكريمه، وقد ذكر الكلام في أرأيتك في الانعام.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى تجزون جزاء، وقيل هو حال موطئة، وقيل هو تمييز (من استطعت) " من " استفهام في موضع نصب باستطعت: أى من استطعت منهم استفزازه، ويجوز أن تكون بمعنى الذى (ورجلك) يقرأ بسكون الجيم، وهم الرجالة، ويقرأ بكسرها وهو فعل من رجل يرجل إذا صار راجلا، ويقرأ " ورجالك " أى بفرسانك ورجالك (ومايعدهم) رجوع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (ربكم) مبتدأ، و (الذى) وصلته الخبر، وقيل هو صفة لقوله " الذى فطركم " أو بدل منه، وذلك جائز وإن تباعد مابينهما.
قوله تعالى (إلا إياه) استثناء منقطع، وقيل هو متصل خارج على أصل الباب.
قوله تعالى (أن نخسف) يقرأ بالنون والياء، وكذلك نرسل ونعيدكم ونغرقكم (بكم) حال من (جانب البر) أى نخسف جانب البر وأنتم، وقيل الباء متعلقة بنخسف: أى بسببكم.
(2/100)
قوله تعالى (به تبيعا) يجوز أن تتعلق الباء بتبيع وبتجدوا، وأن تكون حالا من تبيع.
قوله تعالى (يوم ندعوا) فيه أوجه:
أحدها هو ظرف لما دل عليه قوله (ولا يظلمون فتيلا) تقديره: لايظلمون يوم ندعو.
والثانى أنه ظرف لما دل عليه قوله متى هو.
والثالث هو ظرف لقوله فتستجيبون.
والرابع هو بدل من يدعوكم.
والخامس هو مفعول: أى اذكروا يوم ندعو، وقرأ الحسن بياء مضمومة وواو بعد العين ورفع كل.
وفيه وجهان: أحدهما أنه أراد يدعى ففخم الالف فقلبها واوا. والثانى أنه أراد يدعون وحذف النون، وكل بدل من الضمير (بإمامهم) فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بندعو: أى نقول يا أتباع موسى ويا أتباع محمد عليهما الصلاة والسلام: أو يا أهل الكتاب يا أهل القرآن. والثانى هى حال تقديره: مختلطين بنبيهم أو مؤاخذين.
قوله تعالى (أعمى) الاولى بمعنى فاعل. وفي الثانية وجهان: أحدهما كذلك: أى من كان في الدنيا عميا عن حجته فهو في الآخرة كذلك. والثانى هى أفعل التى
[95]
تقتضى من، ولذلك قال (وأضل) وأمال أبوعمرو الاولى دون الثانية لانه رأى أن الثانية تقتضى من، فكأن الالف وسط الكلمة تمثل أعمالهم.
قوله تعالى (تركن) بفتح الكاف وماضيه بكسرها. وقال بعضهم: هى مفتوحة في الماضى والمستقبل، وذلك من تداخل اللغتين إن من العرب من يقول: ركن يركن، ومنهم من يقول: ركن يركن فيفتح الماضى ويضم المستقبل، فسمع من لغته فتح الماضى فتح المستقبل ممن هو لغته، أو بالعكس فجمع بينهما، وإنما دعا قائل هذا إلى اعتقاده أنه لم يجئ منهم فعل يفعل بفتح العين فيهما في غير حروف الحلق إلا أبى يأبى، وقد قرئ بضم الكاف.
(2/101)
قوله تعالى (لايلبثون) المشهور بفتح الياء والتخفيف؟؟ وإثبات النون على إلغاء إذن، لان الواو العاطفة تصير الجملة مختلفة بما قبلها، فيكون إذن حشوا، ويقرأ بضم الياء والتشديد على مالم يسم فاعله، وفى بعض المصاحف بغير نون على إعمال إذن، ولايكترث بالواو فإنها قد تأتى مستأنفة (خلافك) وخلافك لغتان بمعنى، وقد قرئ بهما (إلا قليلا) أى زمنا قليلا.
قوله تعالى (سنة من قد أرسلنا) هو منصوب على المصدر: أى سننا بك سنة من تقدم من الانبياء صلوات الله عليهم، ويجوز أن تكون مفعولا به: أى اتبع سنة من قد أرسلنا، كما قال تعالى " فبهداهم اقتده ".
قوله تعالى (إلى غسق الليل) حال من الصلاة: أى ممدودة، ويجوز أن تتعلق بأقم فهى لانتهاء غاية الاقامة (وقرآن الفجر) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الصلاة: أى وأقم صلاة الفجر.
والثانى هو على الاغراء: أى عليك قرآن الفجر أو الزم.
قوله تعالى (نافلة لك) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى تهجد: أى تنفل نفلا، وفاعله هنا مصدر كالعافية.
والثانى هو حال: أى صلاة نافلة (مقاما) فيه وجهان: أحدهما هو حال تقديره: ذا مقام. الثانى أن يكون مصدرا تقديره: أن يبعثك فتقوم.
قوله تعالى (من القرآن) من لبيان الجنس: أى كله هدى من الضلال، وقيل هى للتبعيض: أى منه مايشفى من المرض. وأجاز الكسائى (ورحمة) بالنصب عطفا على " ما ".
[96]
قوله تعالى (ونأى) يقرأ بألف بعد الهمزة: أى بعد عن الطاعة، ويقرأ بهمزة بعد الالف. وفيه وجهان: أحدهما هو مقلوب نأى. والثانى هو بمعنى نهض: أى ارتفع عن قبول الطاعة، أو نهض المعصية والكبر.
قوله تعالى (أهدى سبيلا) يجوز أن يكون أفعل من هدى غيره، وأن يكون من اهتدى، على حذف الزوائد، أو من هدى بمعنى اهتدى فيكون لازما.
قوله تعالى (من العلم) متعلق بأوتيتم، ولا يكون حالا من قليل، لان فيه تقديم المعمول على " إلا ".
(2/102)
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، والتقدير: حفظناه عليك للرحمة، ويجوز أن يكون مصدرا تقديره: لكن رحمناك رحمة.
قوله تعالى (لا يأتون) ليس بجواب الشرط، لكن جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة في قوله " لئن اجتمعت " وقيل هو جواب الشرط، ولم يجزمه لان فعل الشرط ماض.
قوله تعالى (حتى تفجر) يقرأ بالتشديد على التكثير، وبفتح التاء وضم الجيم والتخفيف. والياء في ينبوع زائدة لانه من نبع، فهو مثل يغبوب من غب.
قوله تعالى (كسفا) يقرأ بفتح السين، وهو جمع كسفة مثل قربة وقرب، وبسكونها.
وفيه وجهان: أحدهما هو مخفف من المفتوحة، أو مثل سدرة وسدر.
والثانى هو واحد على فعل بمعنى مفعول، وانتصابه على الحال من السماء، ولم يؤنثه لان تأنيث السماء غيرحقيقى، أو لان السماء بمعنى السقف. والكاف في " كما " صفة لمصدر محذوف: أى إسقاطا مثل مزعومك، و (قبيلا) حال من الملائكة، أو من الله والملائكة (نقرؤه) صفة لكتاب أو حال من المجرور (قل) على الامر. وقال على الحكاية عنه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع، و (أن قالوا) فاعله.
قوله تعالى (يمشون) صفة للملائكة، و (مطمئنين) حال من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (على وجوههم) حال (وعميا) حال أخرى، إما بدل من الاولى وإما حال من الضمير في الجار (مأواهم جهنم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا مقدرة (كلما خبت) الجملة إلى آخر الآية حال من جهنم، والعامل فيها معنى المأوى، ويجوز أن تكون مستأنفة.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (جزاؤهم) خبره، و (بأنهم) يتعلق
[97]
بجزاء، وقيل ذلك خبر مبتدأ محذوف: أى الامر ذلك، وجزاؤهم مبتدأ، وبأنهم الخبر، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا أو بيانا، وبأنهم خبر ذلك.
(2/103)
قوله تعالى (لو أنتم) في موضع رفع بأنه فاعل لفعل محذوف وليس بمبتدأ، لان " لو " تقتضى الفعل كما تقتضيه إن الشرطية، والتقدير: لو تملكون، فلما حذف الفعل صار الضمير المتصل منفصلا، و (تملكون) الظاهرة تفسير للمحذوف (لامسكتم) مفعوله محذوف: أى أمسكتم الاموال، وقيل هو لازم بمعنى بخلتم (خشية) مقول له أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (بينات) صفة لآيات أو لتسع (إذ جاء هم) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول به باسأل على المعنى، لان المعنى: اذكر لبنى إسرائيل إذ جاء هم، وقيل التقدير: اذكر إذ جاء هم، وهى غير ما قدرت به اسأل. والثانى هو ظرف، وفي العامل فيه أوجه: أحدها آتينا. والثانى قلنا مضمرة أى فقلنا له سل. والثالث قل.
تقديره: قل لخصمك سل بنى، والمراد به فرعون: أى قل ياموسى، وكان الوجه أن يقول: أذ جئتهم، فرجع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (لقد علمت) بالفتح على الخطاب أى علمت ذلك، ولكنك عاندت، وبالضم: أى أنا غير شاك فيما جئت به (بصائر) حال من هؤلاء، وجاء ت بعد إلا، وهى حال مما قبلها لما ذكرنا في هود عند قوله " وما نراك اتبعك ".
قوله تعالى (لفيفا) حال بمعنى جميعا، وقيل هو مصدر كالنذير والنكير: أى مجتمعين.
قوله تعالى (وبالحق أنزلناه) أى وبسبب إقامة الحق، فتكون الباء متعلقة بأنزلنا، ويجوز أن يكون حالا: أى أنزلناه ومعه الحق أو فيه الحق، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل، أى أنزلناه ومعنا الحق (وبالحق نزل) فيه الوجهان الاولان دون الثالث، لانه ليس فيه ضمير لغير القرآن.
قوله تعالى (وقرآنا) أى وآتيناك قرآنا، دل على ذلك " ولقد آتينا موسى الكتاب " أو أرسلناك، فعلى هذا (فرقناه) في موضع نصب على الوصف، ويجوز أن يكون التقدير: وفرقنا قرآنا، وفرقناه تفسير لاموضع له، وفرقناه، أى في أزمنة، وبالتخفيف أى شرحناه (على مكث) في موضع الحال: أى متمكثا، والمكث بالضم والفتح لغتان وقد قرئ بهما، وفيه لغة أخرى كسر الميم.
[98]
(2/104)
قوله تعالى (للاذقان) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هى حال تقديره: ساجدين للاذقان.
والثانى هى متعلقة بيخرون، واللام على بابها: أى مذلون للاذقان.
والثالث هى بمعنى على، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من (يبكون) ويبكون حال وفاعل (يزيدهم) القرآن أو المتلو أو البكاء أو السجود.
قوله تعالى (أياما) أيا منصوب ب (تدعوا) وتدعوا مجزوم بأيا، وهى شرط، فأما " ما " فزائدة للتوكيد، وقيل هى شرطية كررت لما اختلف اللفظان.
قوله تعالى (من الذل) أى من أجل الذل.
[144]
(2/105)
قوله تعالى (فيه آيات بينات) يجوز أن تكون الجملة مستأنفة مضمرة لمعنى البركة والهدى، ويجوز أن يكون موضعها حالا أخرى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في قوله للعالمين، والعامل فيه هدى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في مباركا وهو العامل فيها، ويجوز أن تكون صفة لهدى كما أن للعالمين كذلك، و (مقام إبراهيم) مبتدأ والخبر محذوف: أى منها مقام إبراهيم (ومن دخله) معطوف عليه: أى ومنها أمن من دخله، وقيل هو خبر تقديره: هى مقام، وقيل بدل، وعلى هذين الوجهين قد عبر عن الآيات بالمقام وبأمن الداخل، وقيل " ومن دخله " مستأنف، ومن شرطية، و (حج البيت) مصدر يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان، وقيل الكسر اسم للمصدر، وهو مبتدأ وخبره (على الناس) ولله يتعلق بالاستقرار في على تقديره: استقر لله على الناس، ويجوز أن يكون الخبر لله وعلى الناس متعلق به إما حالا وإما مفعولا، ولايجوز أن يكون لله حالا لان العامل في الحال على هذا يكون معنى، والحال لايتقدم على العامل المعنوى، ويجوز أن يرتفع الحج بالجار الاول أو الثانى والحج مصدر أضيف إلى المفعول (من استطاع) بدل من الناس بدل بعض من كل، وقيل هو في موضع رفع تقديره: هم من استطاع والواجب عليه من استطاع، والجملة بدل أيضا، وقيل هو مرفوع بالحج تقديره: ولله على الناس أن يحج البيت من استطاع، فعلى هذا في الكلام حذف تقديره: من استطاع منهم ليكون في الجملة ضمير يرجع على الاول، وقيل من مبتدأ شرط، والجواب محذوف تقديره: من استطاع فليحج، ودل على ذلك قوله (ومن كفر) وجوابها.
قوله تعالى (لم تصدون) اللام متعلقة بالفعل، و (من) مفعوله، و (تبغونها) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في تصدون أو من السبيل، لان فيها ضميرين راجعين إليهما، فلذلك صح أن تجعل حالا من كل واحد منهما، و (عوجا) حال.
(2/106)
قوله تعالى (بعد إيمانكم) يجوز أن يكون ظرفا ليردوكم، وأن يكون ظرفا ل (كافرين) وهو في المعنى مثل قوله " كفروا بعد إيمانهم ".
[145]
قوله تعالى (ولاتفرقوا) الاصل تتفرقوا، فحذف التاء الثانية وقد ذكر وجهه في البقرة ويقرأ بتشديد التاء: والوجه فيه أنه سكن التاء الاولى حين نزلها متصلة بالالف ثم أدغم (نعمة الله) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (عليكم) يجوز أن يتعلق به كما تقول أنعمت عليك، ويجوز أن يكون حالا من النعمة فيتعلق بمحذوف (إذ كنتم) يجوز أن يكون ظرفا للنعمة، وأن يكون ظرفا للاستقرار في عليكم إذا جعلته حالا (فأصبحتم) يجوز أن تكون الناقصة فعلى هذا يجوز أن يكون الخبر (بنعمته) فيكون المعنى فأصبحتم في نعمته، أو متلبسين بنعمته: أو مشمولين، و (إخوانا) على هذا حال يعمل فيها أصبح أو مايتعلق به الجار، ويجوز أن يكون إخوانا خبر أصبح، ويكون الجار حالا يعمل فيه أصبح، أو حالا من إخوان لانه صفة له قدمت عليه، وأن يكون متعلقا بأصبح لان الناقصة تعمل في الجار، ويجوز أن يتعلق بإخوانا لان التقدير: تآخيتم بنعمته، ويجوز أن تكون أصبح تامة، ويكون الكلام في بنعمته إخوانا قريبا من الكلام في الناقصة، والاخوان جمع أخ من الصداقة لا من النسب.
والشفا يكتب بالالف وهى من الواو تثنية شفوان، و (من النار) صفة لحفرة، ومن للتبعبض، والضمير في (منها) للنار أو للحفرة (ولتكن منكم) يجوز أن تكون كان هنا التامة فتكون (أمة) فاعلا، و (يدعون) صفته، ومنكم متعلقة بتكن أو بمحذوف على أن تكون صفة لامة قدم عليها فصار حالا، ويجوز أن تكون الناقصة، وأمة اسمها، ويدعون لخبر، ومنكم إما حال من أمة أو متعلق بكان الناقصة، ويجوز أن يكون يدعون صفة، ومنكم الخبر.
قوله تعالى (جاء هم البينات) إنما حذف التاء لان تأنيث البينة غير حقيقى: ولانها بمعنى الدليل.
(2/107)
قوله تعالى (يوم تبيض) هو ظرف لعظيم أو للاستقرار في لهم، وفى تبيض أربع لغات فتح التاء وكسرها من غير ألف، وتبياض بالالف مع فتح التاء وكسرها وكذلك تسود (أكفرتم) تقديره: فقال لهم أكفرتم، والمحذوف هو الخبر.
قوله تعالى (تلك آيات الله) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (كنتم خير أمة) قيل كنتم في علمى، وقيل هو بمعنى صرتم، وقيل كان زائدة، والتقدير: أنتم خير، وهذا خطأ لان كان لاتزاد في أول الجملة ولاتعمل في خير (تأمرون) خبر ثان، أو تفسير لخبر أو مستأنف (لكان خيرا لهم) أى لكان الايمان، لفظ الفعل على إرادة المصدر (منهم المؤمنون) هو مستأنف.
[146]
قوله تعالى (إلا أذى) أذى مصدر من معنى يضروكم، لان الاذى والضرر متقاربان في المعنى، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا، وقيل هو منقطع لان المعنى: لن يضروكم بالهزيمة، لكن يؤذونكم بتصديكم لقتالهم (يولوكم الادبار) الادبار مفعول ثان، والمعنى: يجعلون ظهورهم تليكم (ثم لاتنصرون) مستأنف، ولايجوز الجزم عند بعضهم عطفا على جواب الشرط، لان جواب الشرط يقع عقيب المشروط، وثم للتراخى، فلذلك لم تصلح في جواب الشرط، والمعطوف على الجواب كالجواب، وهذا خطأ لان الجزم في مثله قد جاء في قوله " ثم لايكونوا أمثالكم " وإنما استؤنف هنا ليدل على أن الله لاينصرهم قاتلوا أو لم يقاتلوا.
قوله تعالى (إلا بحبل) في موضع نصب على الحال تقديره: ضربت عليهم الذلة في كل حال إلا في حال عقد العهد لهم، فالباء متعلقة بمحذوف تقديره إلا متمسكين بحبل.
(2/108)
قوله تعالى (ليسوا) الواو اسم ليس، وهى راجعة على المذكورين قبلها و (سواء) خبرها: أى ليسوا مستوين، ثم استأنف فقال (من أهل الكتاب أمة قائمة) فأمة مبتدأ وقائمة نعت له، والجار قبله خبره، ويجوز أن تكون أمة فاعل الجار، وقد وضع الظاهر هنا موضع المضمر والاصل منهم أمة، وقيل أمة رفع بسواء، وهذا ضعيف في المعنى والاعراب، لانه منقطع مما قبله، ولايصح أن تكون الجملة خبر ليس، وقيل أمة اسم ليس، والواو فيها حرف يدل على الجمع كما قالوا: أكلونى البراغيث، وسواء الخبر، وهذا ضعيف إذ ليس الغرض بيان تفاوت الامة القائمة التالية لآيات الله، بل الغرض أن من أهل الكتاب مؤمنا وكافرا (يتلون) صفة أخرى لامة، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قائمة أو من الامة لانها قد وصفت، والعامل على هذا الاستقرار، و (آناء الليل) ظرف ليتلون لا لقائمة، لان قائمة قد وصفت فلا تعمل فيما بعد الصفة، وواحد الآناء إنى مثل معى، ومنهم من يفتح الهمزة فيصير على وزن عصا، ومنهم من يقول إنى بالياء وكسر الهمزة، (وهم يسجدون) حال من الضمير في يتلون أو في قائمة، ويجوز أن يكون مستأنفا، وكذلك (يؤمنون. ويأمرون. وينهون) إن شئت جعلتها أحوالا، وإن شئت استأنفتها.
[147]
قوله تعالى، و (ما يفعلوا) يقرأ بالتاء على الخطاب، وبالياء حملا على الذى قبله.
قوله تعالى (كمثل الريح) فيه حذف مضاف تقديره: كمثل مهلك ريح: أى ما ينفقون هالك كالذى تهلكه (فيها صر) مبتدأ وخبر في موضع صفة الريح، ويجوز أن ترفع صرا بالظرف لانه قد اعتمد على ماقبله، و (أصابت) في موضع جر أيضا صفة لريح، ولايجوز أن تكون صفة لصر لان الصر مذكر والضمير في أصابت مؤنث، وقيل ليس في الكلام حذف مضاف بل تشبيه ما أنفقوا بمعنى الكلام، وذلك أن قوله " كمثل ريح " إلى قوله " فأهلكته " متصل بعضه ببعض، فامتزجت المعانى فيه وفهم المعنى (ظلموا) صفة لقوم.
(2/109)
قوله تعالى (من دونكم) صفة لبطانة، قيل من زائدة لان المعنى بطانة دونكم في العمل والايمان (لايألونكم) في موضع نعت لبطانة أو حال مما تعلقت به من، ويألوا يتعدى إلى مفعول واحد، و (خبالا) على التمييز، ويجوز أن يكون انتصب لحذف صرف لجزء تقديره: لايألونكم في تخبيلكم، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال (ودوا) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يألونكم، وقد معه مرادة، ومامصدرية، أى عنتكم (قد بدت البغضاء) حال أيضا، ويجوز أن يكون مستأنفا (من أفواههم) مفعول بدت، ومن لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون حالا: أى ظهرت خارجة من أفواههم.
قوله تعالى (ها أنتم أولاء تحبونهم) قد ذكر إعرابه في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " (بالكتاب كله) الكتاب هنا جنس: أى بالكتب كلها، وقيل هو واحد (عضوا عليكم) عليكم مفعول عضوا، ويجوز أن يكون حالا أى حنقين عليكم (من الغيظ) متعلق بعضوا أيضا، ومن لابتداء الغاية: أى من أجل الغيظ، ويجوز أن يكون حالا: أى مغتاظين (بغيظكم) يجوز أن يكون مفعولا به كما تقول: مات بالسم: أى بسببه، ويجوز أن يكون حالا: أى موتوا مغتاظين.
قوله تعالى (لايضركم) يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء على أنه جواب الشرط وهو من ضار يضير ضيرا بمعنى ضر ويقال فيه ضاره يضوره بالواو، ويقرأ بضم الضاد وتشديد الراء وضمها، وهو من ضر يضر، وفى رفعه ثلاثة أوجه: أحدها أنه فيه نية التقديم: أى لا يضركم كيدهم شيئا إن تتقوا، وهو قول سيبويه.
والثانى أنه حذف الفاء، وهو قول المبرد، وعلى هذين القولين الضمة إعراب.
[148]
والثالث أنها ليست إعرابا بل لما اضطر إلى التحريك حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد، وقيل حركها بحركتها الاعرابية المستحقة لها في الاصل، ويقرأ بفتح الراء على أنه مجزوم حرك بالفتح لالتقاء الساكنين إذ كان أخف من الضم والكسر (شيئا) مصدر: أى ضررا.
(2/110)
قوله تعالى (وإذ غدوت) أى واذكر (من أهلك) من لابتداء الغاية، والتقدير: من بين أهلك، وموضعه نصب تقديره: فارقت أهلك، و (تبوئ) حال وهو يتعدى إلى مفعول بنفسه، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف الجر، فمن الاول هذه الآية، فالاول (المؤمنين) والثانى (مقاعد) ومن الثانى " وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت " وقيل اللام فيه زائدة (للقتال) يتعلق بتبوئ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لمقاعد، ولا يجوز أن يتعلق بمقاعد لان المقعد هنا المكان، وذلك لا يعمل.
قوله تعالى (إذ همت) إذ ظرف لعليم، ويجوز أن يكون ظرفا لتبوئ وأن يكون لغدوت (أن تفشلا) تقديره: بأن تفشلا، فموضعه نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف (وعلى) يتعلق بيتوكل دخلت الفاء لمعنى الشرط، والمعنى: إن فشلوا فتوكلوا أنتم، وإن صعب الامر فتوكلوا.
قوله تعالى (ببدر) ظرف، والباء بمعنى في، ويجوز أن يكون حالا، و (أذلة) جمع ذليل، وإنما مجئ هذا البناء فرارا من تكرير اللام الذى يكون في ذللا.
قوله تعالى (إذ تقول) يجوز أن يكون التقدير: اذكر، ويجوز أن يكون بدلا من " إذ همت " ويجوز أن يكون ظرفا لنصركم (ألن يكفيكم) همزة الاستفهام إذا دخلت على النفى نقلته إلى الاثبات، ويبقى زمان الفعل على ما كان عليه، و (أن يمدكم) فاعل يكفيكم (بثلاثة آلاف) الجمهور على كسر الفاء، وقد أسكنت في الشواذ على أنه أجرى الوصل مجرى الوقف وهذه التاء إذا وقف عليها كانت بدلا من الهاء التى يوقف عليها، ومنهم من يقول إن تاء التأنيث هى الموقوف عليها وهى لغة، وقرئ شاذا بهاء ساكنة، وهو إجراء الوصل مجرى الوقف أيضا، وكلاهما ضعيف، لان المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد (مسومين) بكسر الواو: أى مسومين خيلهم أو أنفسهم، وبفتحها على ما لم يسم فاعله.
[149]
(2/111)
قوله تعالى (إلا بشرى) مفعول ثان لجعل، ويجوز أن يكون مفعولا له، ويكون جعل المتعدية إلى واحد، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم أو على النصر أو على التنزيل (ولتطمئن) معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له تقديره: ليبشركم ولتطمئن، ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره: ولتطمئن قلوبكم بشركم.
قوله تعالى (ليقطع طرفا) اللام متعلقة بمحذوف تقديره: ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة أو نصركم (أو يكبتهم) قيل أو بمعنى الواو، وقيل هى للتفصيل أى كان القطع لبعضهم والكبت لبعضهم، والتاء في يكبتهم أصل، وقيل هى بدل من الدال، وهو من كبدته أصبت كبده (فتنقلبوا) معطوف على يقطع أو يكبتهم.
قوله تعالى (ليس لك) اسم ليس (شئ) ولك الخبر ومن الامر حال من شئ لانها صفة مقدمة (أو يتوب، أو يعذبهم) معطوفان على يقطع، وقيل أو بمعنى إلا أن.
قوله تعالى (أضعافا) مصدر في موضع الحال من الربا تقديره مضاعفا.
قوله تعالى (وسارعوا) يقرأ بالواو وحذفها، فمن أثبتها عطفه على ماقبله من الاوامر، ومن لم يثبتها استأنف، ويجوز إمالة الالف هنا لكسرة الراء (عرضها السموات) الجملة في موضع جر، وفى الكلام حذف تقديره عرضها مثل عرض السموات (أعدت) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للجنة، وأن يكون حالا منها لانها قد وصفت، وأن يكون مستأنفا ولايجوز أن يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء: أحدها أنه لا عامل، وماجاء من ذلك متأول على ضعفه.
والثانى أن العرض هنا لايراد به المصدر الحقيقى، بل يراد به المسافة.
والثالث أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر.
قوله تعالى (الذين ينفقون) يجوز أن يكون صفة للمتقين، وأن يكون نصبا على إضمار أعنى، وأن يكون رفعا على إضمارهم، وأما (الكاظمين) فعلى الجر والنصب.
(2/112)
قوله تعالى (والذين إذا فعلوا) يجوز أن يكون معطوفا على الذين ينفقون في أوجهه الثلاثة، ويجوز أن يكون مبتدأ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا، وجزاؤهم ثالثا، ومغفرة خبر الثالث، والجميع خبر الذين، و (ذكروا) جواب إذا (ومن) مبتدأ، و (يغفر) خبره (إلا الله) فاعل يغفر، أو بدل من المضمر فيه وهو
[150]
الوجه، لانك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير: أى ومن يغفر الذنوب له غير الله (وهم يعلمون) في موضع الحال من الضمير في يصروا، أو من الضمير في استغفروا، ومفعول يعلمون محذوف: أى يعلمون المؤاخذة بها أو عفوا الله عنها.
قوله تعالى (ونعم أجر) المخصوص بالمدح محذوف: أى ونعم الاجر الجنة.
قوله تعالى (من قبلكم سنن) يجوز أن يتعلق بخلت، وأن يكون حالا من سنن، ودخلت الفاء في (سيروا) لان المعنى على الشرط: أى إن شككتم فسيروا (كيف) خبر (كان) و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (ولاتهنوا) الماضى وهن وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة و (الاعلون) واحدها أعلى، وحذفت منه الالف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها.
قوله تعالى (قرح) يقرأ بفتح القاف وسكون الراء، وهو مصدر قرحته إذا جرحته، ويقرأ بضم القاف وسكون الراء، وهو بمعنى الجرح أيضا.
وقال الفراء: بالضم ألم الجراح، ويقرأ بضمها على الاتباع كاليسر واليسر، والطنب والطنب، ويقرأ بفتحها، وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة، وهو بمعنى دمى (وتلك) مبتدأ، و (الايام) خبره، و (نداولها) جملة في موضع الحال، والعامل فيها معنى الاشارة، ويجوز أن تكون الايام بدلا أو عطف بيان، ونداولها الخبر، ويقرأ يداولها بالياء، والمعنى مفهوم، و (بين الناس) ظرف، ويجوز أن يكون حالا من الهاء (وليعلم) اللام متعلقة بمحذوف تقديره: وليعلم الله دوالها، وقيل التقدير: ليتعظوا وليعلم الله، وقيل الواو زائدة، و (منكم) يجوز أن يتعلق بيتخذ، ويجوز أن يكون حالا من (شهداء). (وليمحص) معطوف على وليعلم.
(2/113)
قوله تعالى (أم حسبتم) أم هنا منقطعة: أى بل أحسبتم، و (أن تدخلوا) أن والفعل يسد مسد المفعولين.
وقال الاخفش المفعول الثانى محذوف (ويعلم الصابرين) يقرأ بكسر الميم عطفا على الاولى، وبضمها على تقدير: وهو يعلم، والاكثر في القراء ة الفتح وفيه وجهان: أحدهما أنه مجزوم أيضا لكن الميم لما حركت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح إتباعا للفتحة قبلها، والوجه الثانى أنه منصوب على إضمار أن، والواو هاهنا بمعنى الجمع كالتى في قولهم: لاتأكل السمك وتشرب اللبن
[151]
والتقدير: أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين، ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والاعراب.
قوله تعالى (من قبل أن تلقوه) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة، وقرئ بضم اللام والتقدير: ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت لانه قال (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة. ويقرأ " تلاقوه " وهو من المفاعلة التى تكون بين اثنين لان مالقيك فقد لقيته، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت.
قوله تعالى (قد خلت من قبله الرسل) في موضع رفع صفة لرسول، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول، وقرأ ابن عباس " رسل " نكرة، وهو قريب من معنى المعرفة، ومن متعلقة بخلت، ويجوز أن يكون حالا من الرسل (أفإن مات) الهمزة عند سيبويه في موضعها، والفاء تدل على تعلق الشرط بما قبله.
وقال يونس: الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره: أتنقلبون على أعقابكم إن مات، لان الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط.
(2/114)
ومذهب سيبويه الحق لوجهين: احدهما أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه، إذ لايصح أن تقول أتزورنى فإن زرتك، ومنه قوله " أفإن مت فهم الخالدون " والثانى أن الهمزة لها صدر الكلام، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط، والجواب لانهما كالشئ الواحد (على أعقابكم) حال: أى راجعين.
قوله تعالى (وماكان لنفس أن تموت) أى تموت اسم كان، و (إلا بإذن الله) الخبر واللام للتبيين متعلقة بكان، وقيل هى متعلقة بمحذوف تقديره: الموت لنفس، وأن تموت تبيين للمحذوف، ولايجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول، قال الزجاج التقدير: وما كان نفس لتموت، ثم قدمت اللام (كتابا) مصدر: أى كتب ذلك كتابا (ومن يرد ثواب الدنيا) بالاظهار على الاصل وبالادغام لتقاربهما (نؤته منها) مثل " يؤده إليك " (وسنجزى) بالنون والياء، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (وكأين) الاصل فيه أى التى هى بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه وصارا في معنى كم التى للتكثير، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى
[152]
لم يكن لكل واحد منهما، وكما أن معنى لولا بعد التركيب لم يكن لهما قبله، وفيها خمسة أوجه كلها قد قرئ به، فالمشهور " كأين " بهمزة بعدها ياء مشددة وهو الاصل.
والثانى " كائن " بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء، وفيه وجهان: أحدهما هو فاعل من كان يكون حكى عن المبرد، وهو بعيد الصحة، لانه لو كان ذلك لكان معربا ولم يكن فيه معنى التكثير.
(2/115)
والثانى أن أصله كأين، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيئن، فوزنه الآن كعلف، لانك قدمت العين واللام، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا في أيها أيهما ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائى، وقيل حذفت الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا، وقيل لم يحذف منه شئ ولكن قدمت المتحركة وبقيت الاخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض.
والوجه الثالث " كأن " على وزن كعن، وفيه وجهان: أحدهما أنه حذف إحدى الياء ين على ما تقدم، ثم حذفت الاخرى لاجل التنوين. والثانى أنه حذف الياء ين دفعة واحدة، واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان.
والوجه الرابع " كأى " بياء خفيفة بعد الهمزة، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكن الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة كما سكنوا الهاء في لهو وفهو، وحرك الياء لسكون ماقبلها.
والخامس " كيئن " بياء ساكنة قبل الهمزة، وهو الاصل في كائن، وقد ذكر، فأما التنوين فأبقى في الكلمة على مايجب لها في الاصل، فمنهم من يحذفه في الوقف لانه تنوين، ومنهم من يثبته فيه لان الحكم تغير بامتزاج الكلمتين، وأما أى فقال ابن جنى هى مصدر أوى يأوى: إذا انضم واجتمع، وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فقلبت وأدغمت مثل جئ وشئ، وأما موضع كأين فرفع بالابتداء، ولا تكاد تستعمل إلا وبعدها من.
وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (قتل) وفى قتل الضمير للنبى، وهو عائد على كأين لان كأين في معنى نبى، والجيد أن يعود الضمير على لفظ كأين كما تقول: مائة نبى قتل، والضمير للمائة إذ هى المبتدأ.
فإن قلت: لو كان كذلك لانثت فقلت قتلت، قيل هذا محمول على المعنى لان التقدير كثير من الرجال قتل، فعلى هذا يكون (معه ربيون) في موضع الحال من الضمير في قتل.
والثانى أن يكون قتل في موضع جر صفة لنبى، ومعه ربيون الخبر كقولك: كم من رجل صالح معه مال.
(2/116)
والوجه الثالث أن يكون الخبر محذوفا: أى في الدنيا أو صائر ونحو تلك، فعلى هذا يجوز أن يكون قتل صفة لنبى، ومعه ربيون حال على
[153]
ماتقدم، ويجوز أن يكون قتل مسندا لربيين فلا ضمير فيه على هذا، والجملة صفة نبى، ويجوز أن يكون خبرا فيصير في الخبر أربعة أوجه، ويجوز أن يكون صفة لنبى والخبر محذوف على ماذكرنا، ويقرأ " قاتل " فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا ومابعده حال، وأن يكون الفاعل ربيون، ويقرأ " قتل "بالتشديد، فعلى هذا لا ضمير في الفعل لاجل التكثير، والواحد لا تكثير فيه كذا ذكر ابن جنى، ولا يمتنع فيه أن يكون فيه ضمير الاول لانه في معنى الجماعة، وربيون بكسر الراء منسوب إلى الربة وهى الجماعة، ويجوز ضم الراء في الربة أيضا، وعليه قرئ ربيون بالضم، وقيل من كسر أتبع، والفتح هو الاصل وهو منسوب إلى الرب، وقد قرئ به (فما وهنوا) الجمهور على فتح الهاء، وقرئ بكسرها وهى لغة، والفتح أشهر، وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور و (استكانوا) استفعلوا من الكون وهو الذل، وحكى عن الفراء أن أصلها استكنوا أشبعت الفتحة فنشأت الالف وهذا خطأ لان الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها تقول: استكان يستكين استكانة فهو مستكين ومستكان له، والاشباع لا يكون على هذا الحد.
قوله تعالى (وماكان قولهم) الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان مابعد (إلا) وهو أقوى من أن يجعل خبرا.
والاول اسم لوجهين: أحدها أن (أن قالوا) يشبه المضمر في أنه لايضمر فهو أعرف. والثانى أن مابعد إلا مثبت، والمعنى: كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء، ويقرأ برفع الاول على أنه اسم كان، ومابعد إلا الخبر (في أمرنا) يتعلق بالمصدر وهو إسرافنا، ويجوز أن يكون حالا منه: أى إسرافا واقعا في أمرنا.
قوله تعالى (بل الله مولاكم) مبتدأ وخبر، وأجاز الفراء النصب وهى قراء ة والتقدير: بل أطيعوا الله.
(2/117)
قوله تعالى (الرعب) يقرأ بسكون العين وضمها وهما لغتان (بما أشركوا) الباء تتعلق بنلقى، ولا يمنع ذلك لتعلق " في " به أيضا، لان في ظرف والباء بمعنى السبب فهما مختلفان، ومامصدرية. والثانية نكرة موصوفة، أو بمعنى الذى وليست مصدرية (وبئس مثوى الظالمين) أى النار، فالمخصوص بالذم محذوف، والمثوى مفعل من ثويت ولامه ياء.
قوله تعالى (صدقكم الله وعده) صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو، وقد يتعدى إلى الثانى بحرف الجر فيقال: صدقت زيدا في الحديث (إذ)
[154]
ظرف لصدق، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد (حتى) يتعلق بفعل محذوف تقديره: دام ذلك إلى وقت فشلكم.
والصحيح أنها لاتتعلق في مثل هذا بشئ، وأنها ليست حرف جر بل هى حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية كما تدخل الفاء والواو على الجمل، وجواب (إذا) محذوف تقديره: بأن أمركم ونحو ذلك ودل على المحذوف.
قوله تعالى (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم) معطوف على الفعل المحذوف.
قوله تعالى (تصعدون) تقديره: اذكروا إذ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم أو تنازعتم أو فشلتم (ولا تلوون) الجمهور على فتح التاء، وقد ذكرناه في قوله " يلوون ألسنتهم " ويقرأ بضم التاء وماضيه ألوى وهى لغة، ويقرأ (على أحد) بضمتين وهو الجبل.
قوله تعالى (والرسول يدعوكم) جملة في موضع الحال (بغم) التقدير بعد غم، فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم، وقيل المعنى: بسبب الغم، فيكون مفعولا به، وقيل التقدير: بدل غم، فيكون صفة لغم أيضا (لكيلا تحزنوا) قيل " لا " زائدة، لان المعنى أنه غمهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم، وقيل ليست زائدة، والمعنى على نفى الحزن عنهم بالتوبة، وكى هاهنا هى العاملة بنفسها لاجل اللام قبلها.
(2/118)
قوله تعالى (أمنة) المشهور في القراء ة فتح الميم وهو اسم للامن ويقرأ بسكونها وهو مصدر مثل الامر، و (نعاسا) بدل، ويجوز أن يكون عطف بيان، ويجوز أن يكون نعاسا هو المفعول وأمنه حال منه، والاصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة، لان النعاس ليس هو الامن بل هوالذى حصل الامن به، ويجوز أن يكون أمنة مفعولا (يغشى) يقرأ بالياء على أنه النعاس، وبالتاء للامنة، وهو في موضع نصب صفة لما قبله، و (طائفة) مبتدأ، و (قد أهمتهم) خبره (يظنون) حال من الضمير في أهمتهم، ويجوز أن يكون أهمتهم صفة، ويظنون الخبر، والجملة حال، والعامل يغشى: وتسمى هذه الواو واو الحال، وقيل الواو بمعنى إذ وليس بشئ، و (غير الحق) المفعول الاول: أى أمرا غير الحق، وبالله الثانى، و (ظن الجاهلية) مصدر تقديره: ظنا مثل ظن الجاهلية (من شئ) من زائدة، وموضعه رفع بالابتداء، وفى الخبر وجهان: أحدهما لنا، فمن الامر على هذا حال، إذ الاصل هل شئ من الامر.
[155]
والثانى أن يكون من الامر هو الخبر ولنا تبيين وتتم الفائدة كقوله " ولم يكن له كفوا أحد " (كله لله) يقرأ بالنصب على التوكيد أو البدل ولله الخبر، وبالرفع على الابتداء ولله الخبر، والجملة خبر إن (يقولون) حال من الضمير في يخفون، و (شئ) اسم كان والخبر لنا أو من الامر مثل " هل لنا " (لبرز الذين) بالفتح والتخفيف، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله: أى أخرجوا بأمر الله.
(2/119)
قوله تعالى (إذا ضربوا في الارض) يجوز أن تكون إذا هنا تحكى بها حالهم، فلا يراد بها المستقبل لا محالة، فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا وهو للماضى، ويجوز أن يكون كفروا وقالوا ماضيين، ويراد بها المستقبل المحكى به الحال، فعلى هذا يكون التقدير: يكفرون ويقولون لاخوانهم (أو كانوا غزى) الجمهور على تشديد الزاى وهو جمع غاز، والقياس غزاة كقاض وقضاة، لكنه جاء على فعل حملا على الصحيح نحو شاهد وشهد وصائم وصوم. ويقرأ بتخفيف الزاى وفيه وجهان: أحدهما أن أصله غزاة، فحذفت الهاء تخفيفا لان التاء دليل الجمع، وقد حصل ذلك من نفس الصفة.
والثانى أنه أراد قراء ة الجماعة، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف (ليجعل الله) اللام تتعلق بمحذوف: أى ندمهم أو أوقع في قلوبهم ذلك ليجعله حسرة، وجعل هنا بمعنى صير، وقيل اللام هنا لام العاقبة: أى صار أمرهم إلى ذلك كقوله " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا ".
قوله تعالى (أو متم) الجمهور على ضم الميم وهو الاصل، لان الفعل منه يموت، ويقرأ بالكسر وهو لغة، يقال مات يمات مثل خاف يخاف، فكما تقول خفت تقول مت (لمغفرة) مبتدأ، و (من الله) صفته (ورحمة) معطوف عليه، والتقدير: ورحمة لهم، و (خير) الخبر، ومابمعنى الذى، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف، ويجوزأن تكون مصدرية ويكون المفعول محذوفا: أى من جمعهم المال.
قوله تعالى (لالى الله) اللام جواب قسم محذوف، ولدخولها على حرف الجر جاز أن يأتى (يحشرون) غير مؤكد بالنون، والاصل لتحشرون إلى الله.
قوله تعالى (فبما رحمة) ما زائدة، وقال الاخفش وغيره: يجوز أن تكون نكرة بمعنى شئ، ورحمة بدل منه، والباء تتعلق بلنت (وشاورهم في الامر) الامر هنا جنس، وهو عام يراد به الخاص، لانه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض،
[156]
(2/120)
ولذلك قرأ ابن عباس " في بعض الامر " (فإذا عزمت) الجمهور على فتح الزاى: أى إذا تخيرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله (فتوكل على الله) ويقرأ بضم التاء: أى إذا أمرتك بفعل شئ فتوكل على فوضع الظاهر موضع المضمر.
قوله تعالى (فمن ذا الذى) هو مثل " من ذا الذى يقرض " وقد ذكر (من بعده) أى من بعد خذلانه فحذف المضاف، ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان: أى بعد الخذلان.
قوله تعالى (أن يغل) يقرأ بفتح الياء وضم الغين على نسبة الفعل إلى النبى: أى ذلك غير جائز عليه، ويدل على ذلك قوله (يأت بما غل) ومفعول يغل محذوف: أى يغل الغنيمة أو المال، ويقرأ بضم الياء وفتح الغين على مالم يسم فاعله، وفى المعنى ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون ماضيه أغللته: أى نسبته إلى الغلول، كما تقول: أكذبته إذا نسبته إلى الكذب: أى لا يقال عنه إنه يغل: أى يخون.
الثانى هو من أغللته إذا وجدته غالا كقولك: أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا.
والثالث معناه أن يغله غيره: أى ماكان لنبى أن يخان (ومن يغلل) مستأنفة، ويجوز أن تكون حالا ويكون التقدير: في حال علم الغال بعقوبة الغلول. هو تعالى (أفمن اتبع) من بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء، و (كمن) الخبر، ولا يكون شرطا لان كمن لا يصلح أن يكون جوابا، و (بسخط) حال.
قوله تعالى (هم درجات) مبتدأ وخبر، والتقدير: ذو درجات فحذف المضاف، و (عند الله) ظرف لمعنى درجات كأنه قال هم متفاضلون عند الله، ويجوز أن يكون صفة لدرجات.
قوله تعالى (من أنفسهم) في موضع نصب صفة لرسول، ويجوز أن يتعلق ببعث، ومافى هذه الآية قد ذكر مثله في قوله " وابعث فيهم رسولا منهم ".
قوله تعالى (قد أصبتهم مثليها) في موضع رفع صفة لمصيبة.
(2/121)
قوله تعالى (وما أصابكم) ما بمعنى الذى وهو مبتدأ، والخبر (فبإذن الله) أى واقع بإذن الله (وليعلم) اللام متعلقة بمحذوف: أى وليعلم الله أصابكم هذا، ويجوز أن يكون معطوفا على معنى فبإذن الله تقديره: فبإذن الله ولان يعلم الله (تعالوا قاتلوا) إنما لم يأت بحرف العطف لانه أراد أن يجعل كل واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها، ويجوز أن يقال: إن المقصود هو الامر بالقتال، وتعالوا ذكر
[157]
مالو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه، وقيل الامر الثانى حال (هم للكفر) اللام في قوله للكفر و (للايمان) متعلقة بأقرب، وجاز أن يعمل أقرب فيهما لانهما يشبهان الظرف، وكما عمل أطيب في قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدرين لان أفعل يدل على معنيين على أصل الفعل وزيادته فيعمل في كل واحد منهما بمعنى غير الآخر، فتقديره: تزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الايمان، واللام هنا على بابها، وقيل هى بمعنى إلى (يقولون) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب: أى قربوا إلى الكفر قائلين.
قوله تعالى (الذين قاتلوا) يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار أعنى، أو صفة للذين نافقوا أو بدلا منه، وفى موضع جر بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر " قل فادرء وا " والتقدير: قل لهم (وقعدوا) ويجوز أن يكون معطوفا على الصلة معترضا بين قالوا ومعمولها وهو (لو أطاعونا) وأن يكون حالا، وقد مرادة.
قوله تعالى (بل أحياء) أى بل هم أحياء، ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا كما تقول: ظننت زيدا قائما بل قاعدا، وقيل أضمر الفعل تقديره: بل أحسبوهم أحياء، وحذف ذلك لتقدم مايدل عليه، و (عند ربهم) صفة لاحياء، ويجوز أن يكون ظرفا لاحياء لان المعنى يحيون عند الله، ويجوز أن يكون ظرفا ل (يرزقون) ويرزقون صفة لاحياء، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء: أى يحيون مرزوقين، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف إذا جعلته صفة.
(2/122)
قوله تعالى (فرحين) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون، ويجوز أن يكون صفة لاحياء إذا نصب، ويجوز أن ينتصب على المدح، ويجوز أن يكون من الضمير في أحياء أو من الضمير في الظرف (من فضله) حال من العائد المحذوف في الظرف تقديره: بما آتاهموه كائنا من فضله (ويستبشرون) معطوف على فرحين، لان اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع، ويجوز أن يكون التقدير: وهم يستبشرون فتكون الجملة حالا من الضمير في فرحين، أو من ضمير المفعول في آتاهم (من خلفهم) متعلق بيلحقوا، ويجوز أن يكون حالا تقديره: متخلفين عنهم (ألا خوف عليهم) أى بأن لاخوف عليهم، فأن مصدرية، وموضع الجملة بدل من الذين بدل الاشتمال: أى ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم، ويجوز أن يكون التقدير: لانهم لاخوف عليهم فيكون مفعولا من أجله.
[158]
قوله تعالى (يستبشرون) هو مستأنف مكرر التوكيد (وأن الله) بالفتح عطفا على بنعمة من الله: أى وبأن الله، وبالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (الذين استجابوا) في موضع جر صفة للمؤمنين أو نصب على إضمار أعنى، أو رفع على إضمارهم، أو مبتدأ وخبره (للذين أحسنوا منهم واتقوا) ومنهم حال من الضمير في أحسنوا، و (الذين قال لهم الناس) بدل من الذين استجابوا أوصفة.
قوله تعالى (فزادهم إيمانا) الفاعل مضمر تقديره: زادهم القول (حسبنا الله) مبتدأ وخبر، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره: فحسبنا الله: أى كافينا، يقال: أحسبنى الشئ أى كفانى.
قوله تعالى (بنعمة من الله) في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا به (لم يمسسهم) حال أيضا من الضمير في انقلبوا، ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة، وصاحب الحال الضمير في الحال تقديره: فانقلبوا منعمين بريئين من سوء (واتبعوا) معطوف على انقلبوا، ويجوز أن يكون حالا: أى وقد اتبعوا.
(2/123)
قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ، والشيطان) خبره، و (يخوف) يجوز أن يكون حالا من الشيطان، والعامل الاشارة، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان، ويخوف الخبر، والتقدير: يخوفكم بأوليائه، وقرئ في الشذوذ " يخوفكم أولياؤه " وقيل لا حذف فيه، والمعنى يخوف من يتبعه، فأما من توكل على الله فلا يخافه (فلا تخافوهم) إنما جمع الضمير لان الشيطان جنس، ويجوز أن يكون الضمير للاولياء.
قوله تعالى (لايحزنك) الجمهور على فتح الياء وضم الزاى والماضى حزنه، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى والماضى أحزن وهى لغة قليلة، وقيل حزن حدث له الحزن، وحزنته أحدثت له الحزن، وأحزنته عرضته للحزن (يسارعون) يقرأ بالامالة والتفخيم، ويقرأ يسرعون بغير ألف من أسرع (شيئا) في موضع المصدر أى ضررا.
قوله تعالى (ولايحسبن الذين كفروا) يقرأ بالياء، وفاعله الذين كفروا، وأما المفعولان فالقائم مقامهما قوله (إنما نملى لهم خير لانفسهم) فإن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين عند سيبويه، وعند الاخفش المفعول الثانى محذوف
[159]
(2/124)
تقديره: نافعا أو نحو ذلك، وفى " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، والثانى مصدرية، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى، واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها، وكلاهما ممتنع وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لانفسهم خبر إن، ولهم تبيين أو حال من خير، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين، وقرأ حمزة " تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الاول، وفي المفعول الثانى وجهان: أحدهما الجملة من أن وما عملت فيه، والثانى أن المفعول الاول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه، والتقدير: ولا تحسبن إملاء الذين كفروا، وقوله " أنما نملى لهم " بدل من المضاف المحذوف، والجملة سدت مسد المفعولين، والتقدير: ولا تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لانفسهم، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال، والجملة سدت مسد المفعولين (أنما نملى لهم ليزدادوا) مستأنف وقيل أنما نملى لهم تكرير للاول، وليزدادوا هو المفعول الثانى لتحسب على قراء ة التاء، والتقدير: ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا بل ليزدادوا إثما، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك.
(2/125)
قوله تعالى (ماكان الله ليذر) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لان يذر، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير: ماكان الله ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه، وخبر كان هو اسمها في المعنى، وليس الترك هو الله تعالى، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف لان مابعدها قد انتصب، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا، وأصل يذر يوذر، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع لانها في معناها، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة، بخلاف يدع فإن الاصل يودع، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة، إذ الاصل يودع مثل يوعد، وإنما فتحت الدال من يدع، لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك (يميز) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز، وبتشديدها وماضيه ميز، وهما بمعنى واحد، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته، لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد.
[160]
قوله تعالى (ولا يحسبن) يقرأ بالياء على الغيبة، و (الذين يبخلون) الفاعل، وفى المفعول الاول وجهان: أحدهما (هو) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون. والثانى هو محذوف تقديره البخل، وهو على هذا فصل، ويقرأ " تحسبن " بالتاء على الخطاب، والتقدير: ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون، فحذف المضاف وهو ضعيف لان فيه إضمار البخل قبل ذكر مايدل عليه، وهو على هذا فصل أو توكيد، والاصل في (ميراث) موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد.
(2/126)
قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير) العامل في موضع إن وما عملت فيه، قالوا وهى المحكية به، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف لانه مصدر، وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الاول وهو أصل ضعيف، ويزداد هنا ضعفا لان الثانى فعل والاول مصدر، وإعمال الفعل أقوى (سنكتب ما قالوا) يقرأ بالنون، وما قالوا منصوب به (وقتلهم) معطوف عليه، وما مصدرية أو بمعنى الذى، ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل، ويقرأ بالياء على مالم يسم فاعله، وقتلهم بالرفع وهو ظاهر (ونقول) بالنون والياء.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ (بما) خبره، والتقدير: مستحق بما قدمت و (ظلام) فعال من الظلم.
فإن قيل: بناء فعال للتكثير، ولايلزم من نفى الظلم الكثير نفى الظلم القليل، فلو قال بظالم لكان أدل على نفى الظلم قليله وكثيره.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها أن فعالا قد جاء لا يراد به الكثرة كقول طرفة:
ولست بحلال التلاع مخافة * ولكن متى يسترفد القوم أرفد
لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلا، لان ذلك يدفعه قوله: متى يسترفد القوم أرفد، وهذا يدل على نفى البخل في كل حال، ولان تمام المدح لا يحصل بإرادته الكثرة.
والثانى أن ظلام هنا للكثرة لانه مقابل للعباد وفى العباد كثرة، وإذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا.
والثالث أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة، لان الذى يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك، وفيه وجه رابع، وهو أن يكون على النسب: أى لا ينسب إلى الظلم فيكون من بزاز وعطار.
[161]
(2/127)
قوله تعالى (الذين قالوا) هو في موضع جر بدلا من قوله " الذين قالوا " ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ورفعا على إضمارهم (ألا نؤمن) يجوز أن يكون في موضع جر على تقدير: بأن لانؤمن، لان معنى عهد وصى، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف الجر وإفضاء الفعل إليه، ويجوز أن ينتصب بنفسى عهد، لانك تقول: عهدت إليه عهدا، لا على أنه مصدر لانه معناه ألزمته، ويجوز أن تكتب أن مفصولة وموصولة، ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد (حتى يأتينا بقربان) في حذف مضاف تقديره: بتقريب قربان: أى يشرع لنا ذلك.
قوله تعالى (والزبر) يقرأ بغير باء اكتفاء بحرف العطف، وبالباء على إعادة الجار، والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل (والكتاب) جنس.
قوله تعالى (كل نفس) مبتدأ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لنا فيه من العموم و (ذائقة الموت) الخبر وأنث على معنى كل، لان كل نفس نفوس، ولو ذكر على لفظ كل جاز، وإضافة ذائقة غير محضة لانها نكرة يحكى بها الحال، وقرئ شاذا " ذائقة الموت " بالتنوين والاعمال، ويقرأ شاذا أيضا " ذائقه الموت " على جعل الهاء ضمير كل على اللفظ، وهو مبتدأ وخبر (وإنما) " ما " هاهنا كافة فلذلك نصب (أجوركم) بالفعل، ولو كانت بمعنى الذى أو مصدرية لرفع أجوركم.
قوله تعالى (لتبلون) الواو فيه ليست لام الكلمة، بل واو الجمع حركت لالتقاء الساكنين وضمة الواو دليل على المحذوف، ولم تقلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها، لان ذلك عارض، ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها، ولو كانت لازمة لجاز ذلك.
قوله تعالى (لتبيننه، ولا تكتمونه) يقرآن بالياء على الغيبة، لان الراجع إليه الضمير اسم ظاهر، وكل ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة، ويقرآن بالتاء على الخطاب وتقديره: وقلنا لهم لتبيننه، ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم جاء باللام والنون في الفعل ولم يأت بها في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الاول لان تكتمونه توكيد.
(2/128)
قوله تعالى (لايحسبن الذين يفرحون) يقرأ بالياء على الغيبة، وكذلك (فلا يحسبنهم) بالياء وضم الباء، وفاعل الاول الذين يفرحون، وأما مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولى يحسبانهم، لان الفاعل فيهما واحد، فالفعل الثانى تكرير للاول وحسن لما طال الكلام المتصل بالاول، والفاء زائدة فليست للعطف ولا للجواب.
[162]
وقال بعضهم (بمفازة) هو مفعول حسب الاول، ومفعوله الثانى محذوف دل عليه مفعول حسب الثانى، لان التقدير: لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم بمفازة وهم في فلا يحسبنهم هو أنفسهم: أى فلا يحسبن أنفسهم، وأغنى بمفازة الذى هو مفعول الاول عن ذكره ثانيا لحسب الثانى، وهذا وجه ضعيف متعسف عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الاول. ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب، وبفتح الباء منهما والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الاول، والثانى محذوف لدلالة مفعول حسب الثانى عليه، وقيل التقدير: لاتحسبن الذين يفرحون بمفازة، وأغنى المفعول الثانى هنا عن ذكره لحسب الثانى.
وحسب الثانى مكرر أو بدل لما ذكرنا في القراء ة بالياء فيهما، لان الفاعل فيهما واحد أيضا وهو النبى صلى الله عليه وسلم، ويقرأ بالياء في الاول، وبالتاء في الثانى، ثم في التاء في الفعل الثانى وجهان: أحدهما الفتح على أنه خطاب لواحد، والضم على أنه لجماعة، وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الاول محذوفين لدلالة مفعولى الثانى عليهما، والفاء زائدة أيضا، والفعل الثانى ليس ببدل ولا مكرر، لان فاعله غير فاعل الاول والمفازة مفعلة من الفوز، و (من العذاب) متعلق بمحذوف لانه صفة للمفازة، لان المفازة مكان والمكان لا يعمل، ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلق من به، ويكون التقدير: فلا تحسبنهم فائزين، فالمصدر في موضع اسم الفاعل.
(2/129)
قوله تعالى (الذين يذكرون الله) في موضع جر نعتا لاولى، أو في موضع نصب بإضمار أعنى أو رفع على إضمارهم، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره: يقولون ربنا (قياما وقعودا) حالان من ضمير الفاعل في يذكرون (وعلى جنوبهم) حال أيضا، وحرف الجر يتعلق بمحذوف هو الحال في الاصل تقديره: ومضطجعين على جنوبهم (ويتفكرون) معطوف على يذكرون، ويجوز أن يكون حالا أيضا: أى يذكرون الله متفكرين (باطلا) مفعول من أجله، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر مثل العاقبة والعافية، والمعنى ما خلقتهما عبثا، ويجوز أن يكون حالا تقديره ماخلقت هذا خاليا عن حكمة، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف: أى خلقا باطلا.
[163]
فإن قيل: كيف قال هذا والسابق ذكر السموات والارض والاشارة إليها بهذه؟ ففى ذلك ثلاثة أوجه: أحدها أن الاشارة إلى الخلق المذكور في قوله " خلق السموات " وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا، وأن يكون بمعنى المخلوق، ويكون من إضافة الشئ إلى ماهو هو في المعنى.
والثانى أن السموات والارض بمعنى الجمع، فعادت الاشارة إليه.
والثالث أن يكون المعنى ماخلقت هذا المذكور أو المخلوق (فقنا) دخلت الفاء لمعنى الجزاء فالتقدير إذا نزهناك أو وحدناك فقنا (من تدخل النار) في موضع نصب بتدخل، وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط، وهو (فقد أخزيته) وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ والشرط وجوابه الخبر، وعلى جميع الاوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن.
قوله تعالى (ينادى) صفة لمناديا أو حال من الضمير في مناديا.
(2/130)
فإن قيل: ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذى هو مناد عليه؟ قيل: فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو توكيد كما تقول قم قائما، والثانى أنه وصل به ماحسن التكرير، وهو قوله (للايمان) والثالث أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ماليس بنداء، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداء ه في تلك الحال، ومفعول ينادى محذوف: أى ينادى الناس (أن آمنوا) أن هنا بمعنى أى، فيكون النداء قوله آمنوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالامر فيكون التقدير: على هذا ينادى للايمان بأن آمنوا (مع الابرار) صفة للمفعول المحذوف تقديره: أبرارا مع الابرار، وأبرارا على هذا حال، والابرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف، ويجوز الامالة في الابرار تغليبا لكسرة الراء الثانية.
قوله تعالى (على رسلك) أى على ألسنة رسلك، وعلى متعلقة بوعدتنا، ويجوز أن يكون بآتنا و (الميعاد) مصدر بمعنى الوعد.
قوله تعالى (عامل منكم) منكم صفة لعامل و (من ذكر أو أنثى) بدل من منكم، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الايضاح، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره: استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى، و (بعضكم من بعض) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أو صفة (فالذين هاجروا) مبتدأ، و (لاكفرن) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف (ثوابا) مصدر، وفعله دل عليه الكلام المتقدم، لان تكفير السيئات إثابة فكأنه قال: لاثيبنكم ثوابا، وقيل هو حال، وقيل تمييز، وكلا القولين كوفى، والثواب بمعنى الاثابة، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك: هذا الدرهم ثوابك، فعلى هذا يجوز أن يكون
[164]
حالا من الجنات: أى مثابا بها أو حالا من ضمير المفعول في لادخلنهم أى مثابين، ويجوز أن يكون مفعولا به لان معنى أدخلنهم أعطينهم، فيكون على هذا بدلا من جنات، ويجوز أن يكون مستأنفا: أى يعطيهم ثوابا.
(2/131)
قوله تعالى (متاع قليل) أى تقلبهم متاع فالمبتدأ محذوف.
قوله تعالى (لكن الذين اتقوا) الجمهور على تخفيف النون. وقرئ بتشديدها والاعراب ظاهر (خالدين فيها) حال من الضمير في لهم، والعامل معنى الاستقرار، وارتفاع جنات بالابتداء وبالجار (نزلا) مصدر، وانتصابه بالمعنى لان معنى لهم جنات: أى ننزلهم، وعند الكوفيين هو حال أو تمييز، ويجوز أن يكون جمع نازل كما قال الاعشى * أو ينزلون فإنا معشر نزل * وقد ذكر ذلك أبوعلي في التذكرة، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين، ويجوز إذا جعلته مصدرا أن يكون بمعنى المفعول، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها أى منزولة (من عند الله) إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له، وإن جعلته جمعا ففيه وجهان: أحدهما هو حال من المفعول المحذوف لان التقدير: نزلا إياها.
والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف أى ذلك من عند الله: أى بفضله (وما عند الله) مابمعنى الذى، وهو مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو (خير) و (للابرار) نعت لخير. والثانى أن يكون الخبر للابرار، والنية به التقديم: أى والذى عند الله مستقر للابرار، وخير على هذا خبر ثان.
وقال بعضهم للابرار حال من الضمير في الظرف، وخبر خير المبتدإ، وهذا بعيد لان فيه الفصل بين المبتدإ والخبر بحال لغيره، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخير المبتدإ وذلك لايجوز في الاختيار.
(2/132)
قوله تعالى (لمن يؤمن) من في موضع نصب اسم إن، ومن نكرة موصوفة أو موصولة، و (خاشعين) حال من الضمير في يؤمن، وجاء جمعا على معنى من. ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في إليهم، فيكون العامل أنزل، و (لله) متعلق بخاشعين، وقيل هو متعلق بقوله (لا يشترون) وهو في نية التأخير: أى لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لاجل الله (أولئك) مبتدأ، و (لهم أجرهم) فيه أوجه: أحدها أن قوله لهم خبر أجر، وبالجملة خبر الاول، و (عند ربهم) ظرف للاجر لان التقدير: لهم أن يؤجروا عند ربهم، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في لهم وهو ضمير الاجر. والآخر أن يكون الاجر مرتفعا بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله، فعلى هذا يجوز أن يكون عند ظرفا للاجر وحالا منه.
[165]
والوجه الثالث أن يكون أجرهم مبتدأ، وعند ربهم خبره، ويكون لهم يتعلق بما دل عليه الكلام من الاستقرار والثبوت لانه في حكم الظرف.
(2/133)
سورة الكهف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قيما) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الكتاب، وهو مؤخر عن موضعه: أى أنزل الكتاب قيما قالوا وفيه ضعف لانه يلزم منه التفريق بعض الصلة وبعض، لان قوله تعالى (ولم) معطوف على أنزل، وقيل قيما حال، ولم يجعل حال أخرى.
والوجه الثانى أن قيما منصوب بفعل محذوف تقديره: جعله قيما، فهو حال أيضا، وقيل هو حال أيضا من الهاء في ولم يجعل له، والحال مؤكدة، وقيل منتقلة.
قوله تعالى (لينذر) أى لينذر العباد، أو لينذركم (من لدنه) يقرأ بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وهى لغة، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون، ومنهم من يختلس ضمة الدال، ومنهم من يختلس كسرة النون.
قوله تعالى (ماكثين) حال من المجرور في لهم، والعامل فيها الاستقرار، وقيل هو صفة لاجر، والعائد الهاء في فيه.
قوله تعالى (كبرت) الجمهور على ضم الباء وقد أسكنت تخفيفا، و (كلمة) تمييز، والفاعل مضمر: أى كبرت مقالتهم، وفي (تخرج) وجهان: أحدهما هو في موضع نصب صفة لكلمة. والثانى في موضع رفع تقديره: كلمة كلمة تخرج، لان كبر بمعنى بئس.
فالمحذوف هو المخصوص بالذم، و (كذبا) مفعول يقولون أو صفة لمصدر محذوف: أى قولا كذبا، و (أسفا) مصدر في موضع الحال من الضمير في باخع، وقيل هو مفعول له، والجمهور على أن لم بالكسر على الشرط، ويقرأ بالفتح أى لان لا يؤمنوا.
[99]
قوله تعالى (زينة) مفعول ثان على أن جعل بمعنى صير، أو مفعول له أو حال على أن جعل بمعنى خلق.
قوله تعالى (أم حسبت) تقديره: بل أحسبت (والرقيم) بمعنى المرقوم على قول من جعله كتابا، و (عجبا) خبر كان. و (من آياتنا) حال منه، ويجوز أن يكون خبرين، ويجوز أن يكون عجبا حالا من الضمير في الجار.
قوله تعالى (إذ) ظرف لعجبا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ.
قوله تعالى (سنين) ظرف لضربنا، وهو بمعنى أنمناهم، و (عددا) صفة لسنين: أى معدودة أو ذوات عدد، وقيل مصدر أى تعد عددا.
(3/1)
قوله تعالى (أى الحزبين) مبتدأ و (أحصى) الخبر، وموضع الجملة نصب بنعلم، وفي أحصى وجهان: أحدهما هو فعل ماض، و (أمدا) مفعوله ولما لبثوا نعت له قدم عليه فصار حالا أو مفعولا له، أى لاجل لبثهم، وقيل اللام زائدة، ومابمعنى الذى، وأمدا مفعول لبثوا، وهو خطأ، وإنما الوجه أن يكون تمييزا، والتقدير: لما لبثوه والوجه الثانى هو اسم، وأمدا منصوب بفعل دل عليه الاسم، وجاء أحصى على حذف الزيادة، كما جاء هو أعطى للمال وأولى بالخير.
قوله تعالى (شططا) مفعول به أو يكون التقدير: قولا شططا.
قوله تعالى (هؤلاء) مبتدأ، و (قومنا) عطف بيان، و (اتخذوا) الخبر.
قوله تعالى (وإذ اعتزلتموهم) " إذ " ظرف لفعل محذوف: أى وقال بعضهم لبعض (ومايعبدون) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى اسم بمعنى الذى و (إلا الله) مستثنى من " ما " أو من العائد المحذوف.
والثانى هى مصدرية، والتقدير: اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله.
والثالث أنها حرف نفى، فيخرج في الاستثناء وجهان: أحدهما هو منقطع. والثانى هو متصل، والتقدير: وإذ اعتزلتموهم إلا عبادة الله، أو وما يعبدون إلا الله، فقد كانوا يعبدون الله مع الاصنام، أو كان منهم من يعبد الله (مرفقا) يقرأ بكسر الميم وفتح الفاء، لانه يرتفق به فهو كالمنقول المستعمل مثل المبرد والمنخل، ويقرأ بالعكس وهو مصدر: أى ارتفاقا، وفيه لغة ثالثة وهى فتحهما، وهو مصدر أيضا مثل المضرب والمنزع.
[100]
قوله تعالى (تزاور) يقرأ بتشديد الزاى، وأصله تتزاور فقلبت الثانية زايا وأدغمت، ويقرأ بالتخفيف على حذف الثانية، ويقرأ بتشديد الراء مثل تحمر، ويقرأ بألف بعد الواو مثل: تحمار ويقرأ بهمزة مكسورة بين الواو والراء مثل تطمئن و (ذات اليمين) ظرف لتزاور.
(3/2)
قوله تعالى (ونقلبهم) المشهور أنه فعل منسوب إلى الله عزوجل، ويقرأ بتاء وضم اللام وفتح الباء وهو منصوب بفعل دل عليه الكلام: أى ونرى تقلبهم، و (باسط) خبر المبتدأ، و (ذراعيه) منصوب به، وإنما عمل اسم الفاعل هنا وإن كان للماضى لانه حال محكية (لو اطلعت) بكسر الواو على الاصل، وبالضم ليكون من جنس الواو (فرارا) مصدر لان وليت بمعنى فررت، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، وأن يكون مفعولا له (ملئت) بالتخفيف، ويقرأ بالتشديد على التكثير، و (رعبا) مفعول ثان، وقيل تمييز.
قوله تعالى (وكذلك) في موضع نصب: أى وبعثناهم كما قصصنا عليك، و (كم) ظرف و (بورقكم) في موضع الحال، والاصل فتح الواو وكسر الراء، وقد قرئ به. وبإظهار القاف على الاصل وبإدغامها لقرب مخرجها من الكاف واختير الادغام لكثرة الحركات والكسرة، ويقرأ بإسكان الراء على التخفيف وبإسكانها وكسر الواو على نقل الكسرة إليها، كما يقال فخذ وفخذ وفخذ (أيها أزكى) الجملة في موضع نصب، والفعل معلق عن العمل في اللفظ، و (طعاما) تمييز.
قوله تعالى (إذ يتنازعون) إذ ظرف ليعلموا أو لاعثرنا، ويضعف أن يعمل فيه الوعد لانه قد أخبر عنه، ويحتمل أن يعمل فيه معنى حق (بنيانا) مفعول وهو جمع بنيانة، وقيل هو مصدر.
(3/3)
قوله تعالى (ثلاثة) يقرأ شاذا بتشديد الثاء على أنه سكن التاء وقلبها ثاء وأدغمها في تاء التأنيث، كما تقول ابعث تلك (ورابعهم كلبهم) رابعهم مبتدأ، وكلبهم خبره، ولا يعمل اسم الفاعل هنا لانه ماض، والجملة صفة لثلاثة، وليست حالا إذ لا عامل لها، لان التقدير: هم ثلاثة، وهو لا يعمل، ولا يصح أن يقدر هؤلاء لانها إشارة إلى حاضر، ولم يشيروا إلى حاضر، ولو كانت الواو هنا وفي الجملة التى بعدها لجاز كما جاز في الجملة الاخيرة، لان الجملة إذا وقعت صفة لنكرة جاز أن تدخلها الواو، وهذا هو الصحيح في إدخال الواو في ثامنهم، وقيل دخلت لتدل على أن مابعدها مستأنف حق، وليس من جنس المقول برجم الظنون، وقد قيل فيها غير هذا وليس بشئ، و (رجما) مصدر: أى يرجمون رجما.
روى عن ابن كثير " خمسة " بالنصب: أى يقولون نعدهم خمسة، وقيل يقولون بمعنى يظنون، فيكون قوله تعالى " سادسهم كلبهم " في موضع المفعول الثانى، وفيه ضعف.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) في المستثنى منه ثلاثة أوجه: أحدها هو من النهى والمعنى لاتقولن أفعل غدا إلا أن يؤذن لك في القول.
والثانى هو من فاعل: أى لاتقولن إنى فاعل غدا حتى تقرن به قوله إن شاء الله.
والثالث أنه منقطع، وموضع أن يشاء الله نصب على وجهين: أحدهما على الاستثناء، والتقدير: لاتقولن ذلك في وقت إلا وقت أن يشاء الله: أى يأذن، فحذف الوقت وهو مراد. والثانى هو حال، والتقدير: لاتقولن أفعل غدا إلا قائلا إن شاء الله، فحذف القول وهو كثير وجعل قوله أن يشاء في معنى إن شاء، وهو مما حمل على المعنى، وقيل التقدير: إلا بأن يشاء الله: أى متلبسا بقول إن شاء الله.
(3/4)
قوله تعالى (ثلثمائة سنين) يقرأ بتنوين مائة، وسنين على هذا بدل من ثلاث، وأجاز قوم أن تكون بدلا من مائة، لان مائة في معنى مئات ويقرأ بالاضافة وهو ضعيف في الاستعمال، لان مائة تضاف إلى المفرد، ولكنه حمله على الاصل، إذ الاصل إضافة العدد إلى الجمع، ويقوى ذلك أن علامة الجمع هنا جبر لما دخل السنة من الحذف، فكأنها تتمة الواحد (تسعا) مفعول ازدادوا، وزاد متعد إلى اثنين، فإذا بنى على افتعل تعدى إلى واحد (أبصر به وأسمع) الهاء تعود على الله عزوجل، وموضعها رفع لان التقدير: أبصر الله، والباء زائدة، وهكذا في فعل التعجب الذى هو على لفظ الامر.
وقال بعضهم: الفاعل مضمر، والتقدير: أوقع أيها المخاطب إبصارا بأمر الكهف فهو أمر حقيقة (ولايشرك) يقرأ بالياء وضم الكاف على الخبر عن الله، وبالتاء على النهى: أى أيها المخاطب.
قوله تعالى (واصبر) هو متعد لان معناه احبس، و (بالغداة والعشى) قد ذكرا في الانعام (ولا تعد عيناك) الجمهور على نسبة الفعل إلى العينين، وقرأ الحسن تعد عينيك بالتشديد والتخفيف: أى لاتصرفها (أغفلنا) الجمهور على إسكان اللام، و (قلبه) بالنصب: أى أغفلناه عقوبة له أو وجدناه غافلا، ويقرأ بفتح اللام وقلبه بالرفع وفيه وجهان: أحدهما وجدنا قلبه معرضين عنه. والثانى أهمل أمرنا عن تذكرنا.
قوله تعالى (يشوى الوجوه) يجوز أن يكون نعتا لما، وأن يكون حالا من المهل وأن يكون حالا من الضمير في الكاف في الجار (وساء ت) أى ساء ت النار (مرتفقا) أى متكأ أو معناه المنزل.
[102]
قوله تعالى (إن الذين آمنوا) في خبر إن ثلاثة أوجه: أحدها أولئك لهم جنات عدن، وما بينهما معترض مسدد.
والثانى تقديره: لانضيع أجر من أحسن عملا منهم، فحذف العائد للعلم به.
(3/5)
والثالث أن قوله تعالى " من أحسن " عام فيدخل فيه الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويغنى ذلك عن ضمير كما أغنى عن دخول زيد تحت الرجل في باب نعم عن ضمير يعود عليه وعلى هذين الوجهين قد جعل خبر إن الجملة التى فيها إن.
قوله تعالى (من أساور) يجوز أن تكون " من " زائدة على قول الاخفش، ويدل عليه قوله " وحلوا أساور " ويجوز أن تكون غير زائدة: أى شيئا من أساور فتكون لبيان الجنس أو للتبعيض، و (من ذهب) من فيه لبيان الجنس أو للتبعيض وموضعها جر نعتا لاساور، ويجوز أن تتعلق بيحلون، وأساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار، وقيل هو جمع أسوار (متكئين) حال إما من الضمير في تحتهم، أو من الضمير في يحلون أو يلبسون.
والسندس جمع سندسة. وإستبرق جمع إستبرقة، وقيل هما جنسان.
قوله تعالى (مثلا رجلين) التقدير: مثلا مثل رجلين، و (جعلنا) تفسير المثل فلا موضع له، ويجوز أن يكون موضعه نصبا نعتا لرجلين كقولك: مررت برجلين جعل لاحدهما جنة (كلتا الجنتين) مبتدأ، و (آتت) خبره، وأفرد الضمير حملا على لفظ كلتا (وفجرنا) بالتخفيف والتشديد، و (خلالهما) ظرف والثمر بضمتين جمع ثمار، فهو جمع الجمع مثل كتاب وكتب، ويجوز تسكين الميم تخفيفا، ويقرأ ثمر جمع ثمرة.
قوله تعالى (ودخل جنته) إنما أفرد، ولم يقل جنتيه لانهما جميعا ملكه فصارا كالشئ الواحد، وقيل اكتفاء بالواحدة عن الثنتين، كما يكتفى بالواحد عن الجمع، وهو كقول الهذلى:
والعين بعدهم كأن حداقها * سملت بشوك فهى عور تدمع
قوله تعالى (خيرا منها) يقرأ على الافراد، والضمير لجنته، وعلى التثنية، والضمير للجنتين.
[103]
(3/6)
قوله تعالى (لكنا هو) الاصل لكن أنا فألقيت حركة الهمزة على النون، وقيل حذفت حذفا وأدغمت النون في النون، والجيد حذف الالف في الوصل وإثباتها في الوقف، لان أنا كذلك والالف فيه زائدة لبيان الحركة، ويقرأ بإثباتها في الحالين وأنا مبتدأ، وهو مبتدأ ثان، و (الله) مبتدأ ثالث، و (ربى) الخبر والياء عائدة على المبتدأ الاول، ولا يجوز أن تكون لكن المشددة العاملة نصبا، إذ لو كان كذلك لم يقع بعدها هو لانه ضمير مرفوع، ويجوز أن يكون اسم الله بدلا من هو.
قوله تعالى (ماشاء الله) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، وهى مبتدأ والخبر محذوف: أو خبر مبتدأ محذوف: أى الامر ماشاء الله.
والثانى هى شرطية في موضع نصب يشاء، والجواب محذوف: أى ماشاء الله كان (إلا بالله) في موضع رفع خبره (أنا) فيه وجهان: أحدهما هى فاصلة بين المفعولين. والثانى هو توكيد للمفعول الاول فموضعها نصب، ويقرأ (أقل) بالرفع على أن يكون أنا مبتدأ، وأقل خبره والجملة في موضع المفعول الثانى.
قوله تعالى (حسبانا) هو جمع حسبانة، و (غورا) مصدر بمعنى الفاعل: أى غائرا: وقيل التقدير: ذا غور.
قوله تعالى (يقلب كفيه) هذا هو المشهور، ويقرأ " تقلب " أى تتقلب كفاه بالرفع (على ماأنفق) يجوز أن يتعلق بيقلب، وأن يكون حالا: أى متحسرا على ماأنفق فيها: أى في عمارتها (ويقول) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يقلب، وأن يكون معطوفا على يقلب.
قوله تعالى (ولم تكن له) يقرأ بالتاء والياء وهما ظاهران (ينصرونه) محمول على المعنى لان الفئة ناس، ولو كان تنصره لكان على اللفظ.
(3/7)
قوله تعالى (هنالك) فيه وجهان: أحدهما هو ظرف، والعامل فيه معنى الاستقرار في لله، و (الولاية) مبتدأ، و (لله) الخبر. والثانى هنالك خبر الولاية، والولاية مرفوعة به، ولله يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف أو بالولاية، ويجوز أن يكون حالا من الولاية فيتعلق بمحذوف، والولاية بالكسر والفتح لغتان، وقيل للكسر في الامارة والفتح في النصرة، و (الحق) بالرفع صفة الولاية، أو خبر مبتدأ محذوف: أى هى الحق أو هو الحق، ويجوز أن يكون مبتدأ، و (هو خير) خبره ويقرأ بالجر نعتا لله تعالى.
قوله تعالى (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا) يجوز أن تجعل اضرب بمعنى
[104]
اذكر فيتعدى إلى واحد، فعلى هذا يكون (كماء أنزلناه) خبر مبتدأ محذوف: أى هو كماء، وأن يكون بمعنى صير، فيكون كماء مفعولا ثانيا (فاختلط به) قد ذكر في يونس (تذروه) هو من ذرت الريح تذروه ذروا: أى فرقت، ويقال ذرت تذرى، وقد قرئ به، ويقال أذرت تذرى كقولك أذريته عن فرسه إذا ألقيته عنها، وقرئ به أيضا.
قوله تعالى (ويوم نسير الجبال) أى واذكر يوم، وقيل هومعطوف على عند ربك: أى الصالحات خير عند الله وخير يوم نسير. وفي نسير قراآت كلها ظاهرة (وترى) الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، وقيل لكل إنسان، و (بارزة) حالا (وحشرناهم) في موضع الحال، وقد مرادة: أى وقد حشرناهم.
قوله تعالى (صفا) حال بمعنى مصطفين: أى مصفوفين، والتقدير: يقال لهم (لقد جئتمونا) أو مفعولا لهم، فيكون حالا أيضا، و (بل) هاهنا للخروج من قصة إلى قصة.
قوله تعالى (لايغادر) في موضع الحال من الكتاب.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أى واذكر (إلا إبليس) استثناء من غير الجنس، وقيل من الجنس، و (كان من الجن) في موضع الحال، وقد معه مرادة (ففسق) إنما أدخل الفاء هنا لان معنى إلا إبليس امتنع ففسق (بئس) اسمها مضمر فيها، والمخصوص بالذم محذوف: أى بئس البدل هو وذريته، (للظالمين) حال من (بدلا) وقيل يتعلق ببئس.
(3/8)
قوله تعالى (ماأشهدتهم) أى إبليس وذريته ويقرأ أشهدناهم (عضدا) يقرأ بفتح العين وضم الضاد، وبفتح العين وضمها مع سكون الضاد، والاصل هو الاول، والثانى تخفيف، وفي الثالث نقل، ولم يجمع لان الجمع في حكم الواحد إذ كان المعنى أن جميع المضلين لايصلح أن ينزلوا في الاعتضاد بهم منزلة الواحد، ويجوز أن يكون اكتفى بالواحد عن الجمع.
قوله تعالى (ويوم نقول) أى واذكر يوم نقول، ويقرأ بالنون والياء، (وبينهم) ظرف، وقيل هو مفعول به: أى وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم. والموبق مكان وإن شئت كان مصدرا يقال وبق يبق وبوقا وموبقا، ووبق يوبق وبقا قوله تعالى (مصرفا) أى انصرافا، ويجوز أن يكون مكانا: أى لم يجدوا مكانا ينصرف إليه عنها والله أعلم.
[105]
قوله تعالى (من كل مثل) أى ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الامثال والمفعول محذوف، أو يخرج على قول الاخفش أن تكون من زائدة (أكثر شئ جدلا) فيه وجهان: أحدهما أن شيئا هنا في معنى مجادل، لان أفعل يضاف إلى ماهو بعض له، وتمييزه بجدلا يقتضى أن يكون الاكثر مجادلا، وهذا من وضع العام موضع الخاص.
والثانى أن في الكلام محذوفا تقديره: وكان جدال الانسان أكثر شئ ثم ميزه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع (أن تأتيهم) فاعله، وفيه حذف مضاف: أى إلا طلب أو انتظار أن تأتيهم.
قوله تعالى (وماأنذروا) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف، و (هزوا) مفعول ثان، ويجوز أن تكون " ما " مصدرية.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أى كراهية أن يفقهوه.
قوله تعالى (لو يؤاخذهم) مضارع محكى به الحال، وقيل هو بمعنى الماضى والوعد هنا يصلح للمكان والمصدر، والموئل مفعل من وأل يئل إذا لجأوا، ويصلح لهما أيضا.
قوله تعالى (وتلك) مبتدأ، و (أهلكناهم) الخبر، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب يفسره المذكور، و (لمهلكهم) مفعل بضم الميم، وفتح اللام وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى الاهلاك مثل المدخل.
(3/9)
والثانى هو مفعول: أى لمن أهلك، أو لما أهلك منها، ويقرأ بفتحهما وهو مصدر هلك يهلك، ويقرأ بفتح الميم وكسر اللام وهو مصدر أيضا ويجوز أن يكون زمانا وهو مضاف إلى الفاعل ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال هلكته أهلكه، والموعد زمان.
قوله تعالى (وإذ قال) أى واذكر (لا أبرح) فيه وجهان: أحدهما هى الناقصة وفي اسمها وخبرها وجهان: أحدهما خبرها محذوف: أى لا أبرح أسير، والثانى الخبر (حتى أبلغ) والتقدير: لا أبرح سيرى، ثم حذف الاسم وجعل ضمير المتكلم عوضا منه، فأسند الفعل إلى المتكلم.
والوجه الآخر هى التامة، والمفعول محذوف أى لا أفارق السير حتى أبلغ، كقولك: لا أبرح المكان: أى لا أفارق (أو أمضى) في " أو " وجهان: أحدهما هى لاحد الشيئين: أى أسير حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضى الحقب. والثانى أنها بمعنى إلا أن: أى إلا أن أمضى زمانا أتيقن معه فوات مجمع البحرين، والمجمع ظرف، ويقرأ بكسر الميم الثانية حملا على المغرب والمطلع.
[106]
قوله تعالى (سبيله) الهاء تعود على الحوت، و (في البحر) يجوز أن يتعلق باتخذ، وأن يكون حالا من السبيل أومن (سربا).
قوله تعالى (أن أذكره) في موضع نصب بدلا من الهاء في أنسانيه: أى ماأنسانى ذكره، وكسر الهاء وضمها جائزان، وقد قرئ بهما (عجبا) مفعول ثان لاتخذ، وقيل هو مصدر: أى قال موسى عجبا، فعلى هذا يكون المفعول الثانى لاتخذ في البحر.
قوله تعالى (نبغى) الجيد إثبات الياء، وقد قرئ بحذفها على التشبيه بالفواصل وسهل ذلك أن الهاء لا تضم هاهنا (قصصا) مصدر: فارتدا على المعنى، وقيل هو مصدر فعل محذوف: أى يقصان قصصا، وقيل هو في موضع الحال: أى مقتصين و (علما) مفعول به، ولو كان مصدرا لكان تعليما.
(3/10)
قوله تعالى (على أن تعلمن) هو في موضع الحال: أى أتبعك بإذلالى، والكاف صاحب الحال، و (رشدا) مفعول تعلمن، ولايجوز أن يكون مفعول علمت لانه لا عائد إذن على الذى، وليس بحال من العائد المحذوف، لان المعنى على ذلك يبرز والرشد والرشد لغتان وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (خبرا) مصدر، لان تحيط بمعنى تخبر.
قوله تعالى (تسألنى) يقرأ بسكون اللام وتخفيف النون وإثبات الياء، وبفتح اللام وتشديد النون، ونون الوقاية محذوفة، ويجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت على نون الوقاية، ويقرأ بفتح النون وتشديدها.
قوله تعالى (لتغرق أهلها) يقرأ بالتاء على الخطاب مشددا ومخففا، وبالياء وتسمية الفاعل.
قوله تعالى (عسرا) هو مفعول ثان لتزهق، لان المعنى لاتولنى أو تغشنى.
قوله تعالى (بغير نفس) الباء تتعلق بقتلت أى قتلته بلا سبب، ويجوز أن يتعلق بمحذوف: أى قتلا بغير نفس، وأن تكون في موضع الحال: أى قتلته ظالما أو مظلوما، والنكر والنكر لغتان قد قرئ بهما، وشيئا مفعول: أى أتيت شيئا منكرا، ويجوز أن يكون مصدرا أى مجيئا منكرا.
قوله تعالى (من لدنى) يقرأ بتشديد النون، والاسم لدن، والنون الثانية وقاية وبتخفيفها وفيه وجهان: أحدهما هو كذلك إلا أنه حذف نون الوقاية كما قالوا قدنى وقدى.
[107]
والثانى أصله ولد وهى لغة فيها، والنون للوقاية، و (عذرا) مفعول به كقولك: بلغت الغرض.
قوله تعالى (استطعما أهلها) هو جواب إذا، وأعاد ذكر الاهل توكيدا (أن ينقض) بالضاد المعجمة المشددة من غير ألف، وهو من السقوط شبه بانقضاض الطائر، ويقرأ بالتخفيف على مالم يسم فاعله من النقض، ويقرأ بالالف والتشديد مثل يحمار، ويقرأ كذلك بغير تشديد، وهو من قولك انقضاض البناء إذا تهدم، وهو ينفعل، ويقرأ بالضاد مشددة من قولك انقاضت السن إذا انكسرت (لتخذت) يقرأ بكسر الخاء مخففة، وهو من تخذ يتخذ إذا عمل شيئا، ويقرأ بالتشديد وفتح الخاء وفيه وجهان: أحدهما هو افتعل من تخذه.
(3/11)
والثانى أنه من الاخذ وأصله أيتخذ، فأبدلت الياء تاء وأدغمت، وأصل الياء الهمزة.
قوله تعالى (فراق بينى) الجمهور على الاضافة، أى تفريق وصلنا، ويقرأ بالتنوين، وبين منصوب على الظرف.
قوله تعالى (غصبا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر أخذ من معناه.
قوله تعالى (مؤمنين) خبر كان، ويقرأ شاذا بالالف على أن في كان ضمير الغلام أو الشأن، والجملة بعدها خبرها.
قوله تعالى (زكاة) تمييز، والعامل خيرا منه، و (رحما) كذلك، والتسكين والضم لغتان.
قوله تعالى (رحمة من ربك) مفعول له أو موضع الحال.
قوله تعالى (منه ذكرا) أى من إخباره، فحذف المضاف.
قوله تعالى (مكنا له) المفعول محذوف: أى أمره.
قوله تعالى (فأتبع) يروى بوصل الهمزة والتشديد، و (سببا) مفعوله، ويقرأ بقطع الهمزة والتخفيف، وهو متعد إلى اثنين أى أتبع سببا سببا.
قوله تعالى (حمئة) يقرأ بالهمز من غير ألف، وهو من حمئت البئر تحمأ إذا صارت فيها حمأة، وهو الطين الاسود، ويجوز تخفيف الهمزة، ويقرأ بالالف من غير همز، وهو مخفف من المهموز أيضا، ويجوز أن يكون من حمى الماء إذا اشتد حره، كقوله تعالى " نارا حامية " (إما أن تعذب) " أن " في موضع رفع
[108]
بالابتداء، والخبر محذوف: أى إما العذاب واقع منك بهم، وقيل هو خبر: أى إما هو أن تعذب وإما الجزاء أن تعذب، وقيل هو في موضع نصب: أى إما توقع أن تعذب أو تفعل (حسنا) أى أمرا ذا حسن.
قوله تعالى (جزاء الحسنى) يقرأ بالرفع والاضافة، وهو مبتدأ أو مرفوع بالظرف، والتقدير: فله جزاء الخصلة الحسنى بدل، ويقرأ بالرفع والتنوين، والحسنى بدل أو خبر مبتدأ محذوف، ويقرأ بالنصب والتنوين: أى فله الحسنى جزاء، فهو مصدر في موضع الحال: أى مجزيا بها، وقيل هو مصدر على المعنى: أى يجزى بها جزاء، وقيل تمييز، ويقرأ بالنصب من غير تنوين، وهو مثل المنون إلا أنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين (من أمرنا يسرا) أى شيئا ذا يسر.
(3/12)
قوله تعالى (مطلع الشمس) يجوز أن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا، والمضاف محذوف: أى مكان طلوع الشمس.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف.
قوله تعالى (بين السدين) بين هاهنا مفعول به، والسد بالفتح مصدر سد، وهو بمعنى المسدود، وبالضم اسم للمسدود، وقيل المضموم ماكان من خلق الله، والمفتوح ماكان من صنعة الآدمى، وقيل هما لغتان بمعنى واحد وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (يأجوج ومأجوج) هما اسمان أعجميان لم ينصرفا للعجمة والتعريف ويجوز همزهما وترك همزهما، وقيل هما عربيان، فيأجوج يفعول مثل يربوع، ومأجوج مفعول مثل معقول، وكلاهما من أج الظليم إذا أسرع، أن من أجت النار إذا التهبت، ولم ينصرفا للتعريف والتأنيث. والخرج يقرأ بغير ألف مصدر خرج، والمراد به الاجر، وقيل هو بمنى مخرج، والخراج بالالف وهو بمعنى الاجر أيضا، وقيل هو المال المضروب على الارض أو الرقاب.
قوله تعالى (مامكنى فيه) يقرأ بالتشديد على الادغام، وبالاظهار على الاصل و " ما " بمعنى الذى وهو مبتدأ، و (خير) خبره (بقوة) أى برجال ذى ذوى قوة أو متقوى به، والردم بمعنى المردوم به أو الرادم (آتونى) يقرأ بقطع الهمزة والمد: أى أعطونى، وبوصلها: أى جيؤنى، والتقدير: بزبر الحديد، أو هو بمعنى أحضروا لان جاء وحضر متقاربان، و (الصدفين) يقرأ بضمتين، وبضم الاول وإسكان الثانى، وبفتحتين، وبفتح الاول وإسكان الثانى، وبفتح الاول
[109]
وضم الثانى وكلها لغات، والصدف جانب الجبل (قطرا) مفعول آتونى ومفعول أفرغ محذوف: أى أفرغه، وقال الكوفيون: هو مفعول أفرغ، ومفعول الاول محذوف.
قوله تعالى (فما اسطاعوا) يقرأ بتخفيف الطاء. أى استطاعوا، وحذف التاء تخفيفا: ويقرأ بتشديدها وهو بعيد لما فيه من الجمع بين الساكنين.
قوله تعالى (دكاء) ودكا قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (الذين كانت) في موضع جر صفة للكافرين، أو نصب بإضمار أعنى: أو رفع بإضمارهم.
(3/13)
قوله تعالى (أفحسب) يقرأ بكسر السين على أنه فعل (أن يتخذوا) سد مسد المفعولين، ويقرأ بسكون السين ورفع الباء على الابتداء، والخبر أن يتخذوا.
قوله تعالى (هل ننبئكم) يقرأ بالاظهار على الاصل، وبالادغام لقرب مخرج الحرفين، (أعمالا) تمييز، وجاز جمعه لانه منصوب عن أسماء الفاعلين.
قوله تعالى (فلا نقيم لهم) يقرأ بالنون والياء وهو ظاهر، ويقرأ يقوم، والفاعل مضمر: أى فلا يقوم عملهم أو سعيهم أو صنيعهم، و (وزنا) تمييز أو حال.
قوله تعالى (ذلك) أى الامر ذلك، ومابعده مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، و (جزاؤهم) مبتدأ ثان، و (جهنم) خبره، والجملة خبر الاول، والعائد محذوف: أى جزاؤهم به، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، وجزاؤهم بدلا أو عطف بيان، وجهنم الخبر، ويجوز أن تكون جهنم بدلا من جزاء أو خبر ابتداء محذوف، أى هو جهنم، و (بما كفروا) خبر ذلك، ولايجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما بجهنم (واتخذوا) يجوز أن يكون معطوفا على كفروا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (نزلا) يجوز أن يكون حالا من جنات، ولهم الخبر، وأن يكون نزلا خبر كان ولهم يتعلق بكان أو بالخبر أو على التبيين.
قوله تعالى (لايبغون) حال من الضمير في خالدين. والحلول مصدر بمعنى التحول.
قوله تعالى (مددا) هو تمييز، ومدادا بالالف مثله في المعنى.
قوله تعالى (إنما إلهكم) أن هاهنا مصدرية، ولايمنع من ذلك دخول " ما "
[110]
الكافة عليها، و (بعبادة ربه) أى في عبادة ربه، ويجوز أن تكون على بابها: أى بسبب عبادة ربه، والله أعلم.
سورة مريم عليها السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد ذكرنا الكلام على الحروف المقطعة في أول البقرة فليتأمل من ثم.
قوله تعالى (عص) يقرأ بإخفاء النون عند الصاد لمقاربتها إياها واشتراكهما في الفم، ويقرأ بإظهارها لان الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا بأنها مقطعة، ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة، وإظهار النون يؤذن بذلك.
(3/14)
قوله تعالى (ذكر رحمة ربك) في ارتفاعه ثلاثة أوجه أحدها هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا ذكر.
والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف: أى فيما يتلى عليك ذكر.
والثالث هو خبر الحروف المقطعة ذكره الفراء وفيه بعد لان الخبر هو المبتدأ في المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة، ولا في ذكر الرحمة معناها، وذكر مصدر مضاف إلى المفعول، والتقدير: هذا أن ذكر ربك رحمته عبده، وقيل هو مضاف إلى الفاعل على الاتساع، والمعنى: هذا إن ذكرت رحمة ربك، فعلى الاول ينتصب عبده برحمة، وعلى الثانى بذكر، ويقرأ في الشاذ " ذكر " على الفعل الماضى، ورحمة مفعول، وعبده فاعل، و (زكريا) بدل على الوجهين من عبده، ويقرأ بتشديد الكاف ورحمة وعبده بالنصب: أى هذا القرآن ذكر النبى عليه الصلاة والسلام أو الامة، و (إذ) ظرف لرحمة أو لذكر.
قوله تعالى (شيبا) نصب على التمييز، وقيل هو مصدر في موضع الحال، وقيل هو منصوب على المصدر من معنى اشتعل لان معناه شاب، و (بدعائك) مصدر مضاف إلى المفعول: أى بدعائى إياك.
قوله تعالى (خفت الموالى) فيه حذف مضاف: أى عدم الموالى أو جور الموالى ويقرأ خفت بالتشديد وسكون التاء، والموالى فاعل: أى نقص عددهم، والجمهور على المد وإثبات الياء في (ورائى) ويقرأ بالقصر وفتح الياء، وهو قصر الممدود.
قوله تعالى (يرثنى) يقرأ بالجزم فيهما على الجواب: أى أن يهب يرث،
[111]
وبالرفع فيهما على الصفة لولى، وهو أقوى من الاولى لانه سأل وليا هذه صفته، والجزم لايحصل بهذا المعنى وقرئ شاذا يرثنى وارث على أنه اسم فاعل، و (رضيا) أى مرضيا، وقيل راضيا، ولام الكلمة واو وقد تقدم، و (سميا) فعيل بمعنى مساميا، ولام الكلمة واو من سما يسمو.
(3/15)
قوله تعالى (عتيا) أصله عتو على فعول، مثل قعود وجلوس، إلا أنهم استثقلوا توالى الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم قلبت الواو التى هى لام ياء لسبق الاولى بالسكون، ومنهم من يكسر العين إتباعا ويقرأ بفتحها على أنها مصدر على فعيل، وكذلك بكى وصلى وهو منصوب ببلغت: أى بلغت العتى من الكبر: أى من أجل الكبر، ويجوز أن تكون حالا من عتى، وأن تتعلق ببلغت، وقيل " من " زائدة، وعتيا مصدر مؤكد أو تمييز أو مصدر في موضع الحال من الفاعل.
قوله تعالى (قال كذلك) أى الامر كذلك، وقيل هو في موضع نصب: أى أفعل مثل ماطلبت، وهو كناية عن مطلوبه.
قوله تعالى (سويا) حال من الفاعل في تكلم.
قوله تعالى (أن سبحوا) يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى أى، و (بقوة) مفعول أو حال (وحنانا) معطوف على الحكم: أى وهبنا له تحننا، وقيل هو مصدر (وبرا) أى وجعلناه برا، وقيل هو معطوف على خبر كان.
قوله تعالى (إذ انتبذت) في " إذ " أربعة أوجه: أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف تقديره: واذكر خبر مريم إذ انتبذت.
والثانى أن تكون حالا من المضاف المحذوف.
والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف: أى وبين إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " وهو في الظرف أقوى وإن كان مفعولا به.
والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال، لان الاحيان تشتمل على الجثث، ذكره الزمخشرى وهو بعيد، لان الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولاخبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها، وقيل " إذ " بمعنى أن المصدرية كقولك: لاأكرمك إذ لم تكرمنى: أى لانك لم تكرمنى، فعلى هذا يصح بدل الاشتمال: أى واذكر مريم انتباذها، و (مكانا) ظرف، وقيل مفعول به على المعنى إذ أتت مكانا (بشرا سويا) حال.
[112]
قوله تعالى (لاهب) يقرأ بالهمز وفيه وجهان: أحدهما أن الفاعل الله تعالى، والتقدير: قال لاهب لك.
(3/16)
والثانى الفاعل جبريل عليه السلام، وأضاف الفعل إليه لانه سبب فيه.
ويقرأ بالياء وفيه وجهان: أحدهما أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر قبلها تخفيفا. والثانى ليهب الله.
قوله تعالى (بغيا) لام الكلمة ياء، يقال بغت تبغى، وفى وزنه وجهان: أحدهما هو فعول: فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين إتباعا، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور. والثانى هو فعيل بمعنى فاعل، ولم تلحق التاء أيضا للمبالغة، وقيل لم تلحق لانه على النسب مثل طالق وحائض.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، وقيل التقدير: قال ربك مثل ذلك و (هو على هين) مستأنف على هذا القول (ولنجعله آية للناس) أى ولنجعله آية للناس خلقناه من غير أب وقيل التقدير: نهبه لك ولنجعله (وكان أمرا) أى وكان خلقه أمرا.
قوله تعالى (فانتبذت به) الجار والمجرور حال: أى فانتبذت وهو معها.
قوله تعالى (فأجاء ها المخاض) الاصل جاء ها، ثم عدى بالهمزة إلى مفعول ثان، واستعمل بمعنى ألجأها، ويقرأ بغير همز على فاعلها، وهو من المفاجأة، وترك الهمزة الاخيرة تخفيفا، والمخاض بالفتح وجع الولادة، ويقرأ بالكسر وهما لغتان، وقيل الفتح اسم للمصدر مثل السلام والعطاء، والكسر مصدر مثل القتال، وجاء على فعال مثل الطراق والعقاب.
قوله تعالى (ياليتنى) قد ذكر في النساء (نسيا) بالكسر، وهو بمعنى المنسى وبالفتح: أى شيئا حقيرا، وهو قريب من معنى الاول، ويقرأ بفتح النون وهمزة بعد السين، وهو من نسأت اللبن إذا خالطت به ماء كثيرا، وهو في معنى الاول أيضا، و (منسيا) بالفتح والكسر على الاتباع شاذ مثل المغيرة.
(3/17)
قوله تعالى (من تحتها) يقرأ بفتح الميم، وهو فاعل نادى، والمراد به عيسى صلى الله عليه وسلم، أى من تحت ذيلها، وقيل المراد من دونها، وقيل المراد به جبريل عليه السلام، وهو تحتها في المكان كما تقول: دارى تحت دارك، ويقرأ بكسر الميم والفاعل مضمر في الفعل، وهو عيسى أو جبريل صلوات الله عليهما، والجار على هذا حال أو ظرف، و (أن لا) مصدرية أو بمعنى أى.
[113]
قوله تعالى (بجذع النخلة) الباء زائدة: أى أميلى إليك، وقيل هى محمولة على المعنى، والتقدير: هزى الثمرة بالجذع: أى انفضى، وقيل التقدير: وهزى إليك رطبا جنيا كائنا بجذع النخلة فالباء على هذا حال (تساقط) يقرأ على تسعة أوجه: بالتاء والتشديد، والاصل تتساقط وهو أحد الاوجه 7.
والثالث بالياء والتشديد والاصل يتساقط فأدغمت التاء في السين.
والرابع بالتاء والتخفيف على حذف الثانية والفاعل على هذه الاوجه النخلة، وقيل الثمرة لدلالة الكلام عليها.
والخامس بالتاء والتخفيف وضم القاف.
والسادس كذلك إلا أنه بالياء والفاعل الجذع أو الثمر.
والسابع " تساقط " بتاء مضمومة وبالالف وكسر القاف.
والثامن كذلك إلا أنه بالياء والتاسع " تسقط " بتاء مضمومة وكسر القاف من غير ألف، وأظن أنه يقرأ كذلك بالياء، و (رطبا) فيه أربعة أوجه:
أحدها هو حال موطئة، وصاحب الحال الضمير في الفعل.
والثانى هو مفعول به لتساقط.
والثالث هو مفعول هزى.
والرابع هو تمييز، وتفصيل هذه الاوجه يتبين بالنظر في القراء ات، فيحمل كل منها على مايليق به، و (جنيا) بمعنى مجنى، وقيل هو بمعنى فاعل: أى طريا.
(3/18)
قوله تعالى (وقرى) يقرأ بفتح القاف والماضى منه قررت ياعين بكسر الراء والكسر قراء ة شاذة، وهى لغة شاذة، والماضى قررت ياعين بفتح الراء، و (عينا) تمييز، و (ترين) أصله ترأيين مثل ترغبين، فالهمزة عين الفعل، والياء لامه، وهو مبنى هنا من أجل نون التوكيد مثل لتضربن، فألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفت اللام للبناء كما تحذف في الجزم، وبقيت ياء الضمير وحركت لسكونها وسكون النون بعدها، فوزنه يفين، وهمزة هذا الفعل تحذف في المضارع أبدا، ويقرأ ترين بإسكان الياء وتخفيف النون على أنه لم يجزم بإما وهو بعيد، و (من البشر) حال من (أحدا) أو مفعول به.
قوله تعالى (فأتت به) الجار والمجرور حال، وكذلك (تحمله) وصاحب الحال مريم، ويجوز أن يجعل تحمله حالا من ضمير عيسى عليه السلام، و (جئت) أى فعلت فيكون (شيئا) مفعولا، ويجوز أن يكون مصدرا: أى مجيئا عظيما.
قوله تعالى (من كان) كان زائدة: أى من هو في المهد، و (صبيا) حال من الضمير في الجار والضمير المنفصل المقدر كان متصلا بكان، وقيل كان الزائدة لايستتر فيها ضمير فعلى هذا لا تحتاج إلى تقدير هو، بل يكون الظرف صلة من، وقيل ليست زائدة بل هى كقوله " وكان الله عليما حكيما " وقد ذكر، وقيل هى بمعنى صار، وقيل هى التامة، ومن بمعنى الذى، وقيل شرطية وجوابها كيف.
[114]
قوله تعالى (وبرا) معطوف على مباركا، ويقرأ في الشاذ بكسر الباء والراء، وهو معطوف على الصلاة، ويقرأ بكسر الباء وفتح الراء: أى وألزمنى برا، أو جعلتنى ذا بر، فحذف المضاف أو وصفه بالمصدر.
قوله تعالى (والسلام) إنما جاء ت هذه بالالف واللام لان التى في قصة يحيى عليه السلام نكرة، فكان المراد بالثانى الاول كقوله تعالى " كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول " وقيل النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء (ويوم ولدت) ظرف، والعامل فيه الخبر الذى هو على، ولا يعمل فيه السلام للفصل بينهما بالخبر.
(3/19)
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (عيسى) خبره، و (ابن مريم) نعت أو خبر ثان، و (قول الحق) كذلك، وقيل هو خبر مبتدإ محذوف، وقيل عيسى عليه السلام بدل أو عطف بيان وقول الحق الخبر، ويقرأ قول الحق بالنصب على المصدر أى أقول قول الحق، وقيل هو حال من عيسى، وقيل التقدير: أعنى قول الحق، ويقرأ قال الحق، والقال اسم للمصدر مثل القيل، وحكى قول الحق بضم القاف مثل الروح وهى لغة فيه.
قوله تعالى (وأن الله) بفتح الهمزة. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على قوله بالصلاة: أى وأوصانى بأن الله ربى. والثانى هو متعلق بما بعده، والتقدير: لان الله ربى وربكم فاعبدوه: أى لوحدانيته أطيعوه، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (أسمع بهم وأبصر) لفظه لفظ الامر ومعناه التعجب، وبهم في موضع رفع كقولك: أحسن بزيد أى أحس زيد. وحكى عن الزجاج أنه أمر حقيقة، والجار والمجرور نصب، والفاعل مضمر فهو ضمير المتكلم، كأن المتكلم يقول لنفسه: أوقع به سمعا أو مدحا، و (اليوم) ظرف والعامل فيه الظرف الذى بعده.
قوله تعالى (إذ قضى الامر) " إذ " بدل من يوم أو ظرف للحسرة، وهو مصدر فيه الالف واللام، وقد عمل.
قوله تعالى (إذ قال لابيه) في " إذ " وجهان: أحدهما هى مثل إذ انتبذت في أوجهها، وقد فصل بينهما بقوله " إنه كان صديقا نبيا ". والثانى أن " إذ " ظرف، والعامل فيه صديقا نبيا أو معناه.
قوله تعالى (أراغب أنت) مبتدأ، وأنت فاعله، وأغنى عن الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لاعتمادها على الهمزة، و (مليا) ظرف: أى دهرا طويلا، وقيل هو نعت لمصدر محذوف.
[115]
قوله تعالى (وكلا جعلنا) هو منصوب بجعلنا.
قوله تعالى (نجيا) هو حال، و (هرون) بدل، و (نبيا) حال.
قوله تعالى (مكانا عليا) ظرف.
قوله تعالى (من ذرية آدم) هو بدل من النبيين بإعادة الجار، و (سجدا) حال مقدرة لانهم غير سجود في حال خرورهم (وبكيا) قد ذكر، و (غيا) أصله غوى فأدغمت الواو في الياء.
(3/20)
قوله تعالى (جنات عدن) من كسر التاء أبدله من الجنة في الآية قبلها، ومن رفع فهو خبر مبتدإ محذوف (إنه) الهاء ضمير اسم الله تعالى، ويجوز أن تكون ضمير الشأن، فعلى الاول يجوز أن لايكون في كان ضمير، وأن يكون فيه ضمير و (وعده) بدل منه بدل الاشتمال، و (مأتيا) على بابه، لان ما تأتيه فهو يأتيك، وقيل المراد بالوعد الجنة: أى كان موعده مأتيا وقيل مفعول هنا بمعنى فاعل، وقد ذكر مثله في سبحان.
قوله تعالى (وما نتنزل) أى وتقول الملائكة.
قوله تعالى (رب السموات) خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ والخبر (فاعبده) على رأى الاخفش في جواز زيادة الفاء.
قوله تعالى (أئذا) العامل فيها فعل دل عليه الكلام: أى أبعث إذا، ولايجوز أن يعمل فيها (أخرج) لان مابعد اللام وسوف لايعمل فيما قبلها مثل إن.
قوله تعالى (يذكر) بالتشديد: أى يتذكر، وبالتخفيف منه أيضا، أو من الذكر باللسان (جثيا) قد ذكر في عتيا وبكيا، وأصله جثو ومصدرا كان أو جمعا.
قوله تعالى (أيهم أشد) يقرأ بالنصب شاذا، والعامل فيه لننزعن، وهى بمعنى الذى، ويقرأ بالضم، وفيه قولان: أحدهما أنها ضمة بناء وهو مذهب سيبويه، وهى بمعنى الذى، وإنما بنيت هاهنا لان أصلها البناء لانها بمنزلة الذى، " ومن " من الموصولات إلا أنها أعربت حملا على كل أو بعض، فإذا وصلت بجملة تامة بقيت على الاعراب، وإذا حذف العائد عليها بنيت لمخالفتها بقية الموصولات فرجعت إلى حقها من البناء بخروجها عن نظائرها، وموضعها نصب بننزع.
[116]
والقول الثانى هى ضمة الاعراب.
وفيه خمسة أقوال: أحدها أنها مبتدأ وأشد خبره وهو على الحكاية، والتقدير: لننزعن من كل شيعة الفريق الذى يقال أيهم، فهو على هذا استفهمام وهو قول الخليل.
والثانى كذلك في كونه مبتدأ وخبرا واستفهاما، إلا أن موضع الجملة نصب بننزعن، وهو فعل معلق عن العمل ومعناه التمييز، فهو قريب من معنى العلم الذى يجوز تعليقه كقولك: علمت أيهم في الدار، وهو قول يونس.
(3/21)
والثالث أن الجملة مستأنفة، وأى استفهام، ومن زائدة: أى لننزعن كل شيعة، وهو قول الاخفش والكسائى، وهما يجيزان زيادة من في الواجب.
والرابع أن أيهم مرفوع بشيعة، لان معناه تشيع، والتقدير: لننزعن من كل فريق يشيع أيهم، وهو على هذا بمعنى الذى، وهو قول المبرد.
والخامس أن ننزع علقت عن العمل، لان معنى الكلام معنى الشرط، والشرط لايعمل فيما قبله، والتقدير: لننزعنهم تشيعوا أو لم يتشيعوا، أو إن تشيعوا، ومثله لاضربن أيهم غضب: أى إن غضبوا أو لم يغضبوا، وهو قول يحيى عن الفراء، وهو أبعدها عن الصواب.
قوله تعالى (وإن منكم) أى وما أحد منكم فحذف الموصوف، وقيل التقدير: وما منكم إلا من هو واردها، وقد تقدم نظائرها.
قوله تعالى (مقاما) يقرأ بالفتح وفيه وجهان: أحدهما هو موضع الاقامة. والثانى هو مصدر كالاقامة، وبالضم وفيه الوجهان. ولام الندى واو، يقال ندوتهم: أى أتيت ناديهم وجلست في النادى، ومصدره الندو.
قوله تعالى (وكم) منصوب ب (أهلكنا) و (هم أحسن) صفة لكم، و (رئيا) يقرأ بهمزة ساكنة بعد الواو وهو من الرؤية: أى أحسن منظرا، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز.
وفيه وجهان: أحدهما أنه قلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ثم أدغم.
والثانى أن تكون من الرى ضد العطش، لانه يوجب حسن البشرة ويقرأ ريئا بهمزة بعد ياء ساكنة وهو مقلوب.
يقال في رأى أرى، ويقرأ بياء خفيفة من غير همز، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذفها، ويقرأ بالزاى والتشديد: أى أحسن زينة، وأصله من زوى يزوى لان المتزين يجمع مايحسنه.
قوله تعالى (قل من كان) هى شرطية والامر جوابها، والامر هنا بمعنى الخبر: أى فليمدن له، والامر أبلغ لما يتضمنه من اللزوم، و (حتى) يحكى ما بعدها هاهنا، وليست متعلقة بفعل (إما العذاب وإما الساعة) كلاهما بدل مما يوعدون (فسيعلمون) جواب إذا (ويزيد) معطوف على معنى فليمدد: أى فيمد
[117]
(3/22)
ويزيد من هو، فيه وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، وهو " شر " صلتها وموضع من نصب بيعلمون.
والثانى هى استفهام، وهو فصل وليست مبتدأ.
قوله تعالى (وولدا) يقرأ بفتح الواو واللام وهو واحد، وقيل يكون جمعا أيضا، ويقرأ بضم الواو وسكون اللام، وهو جمع ولد مثل أسد وأسد، وقيل يكون واحدا أيضا، وهى لغة والكسر لغة أخرى.
قوله تعالى (أطلع) الهمزة همزة استفهام لانها مقابلة لام وهمزة الوصل محذوفة لقيام همزة الاستفهام مقامها، ويقرأ بالكسر على أنها همزة وصل، وحرف الاستفهام محذوف لدلالة أم عليه.
قوله تعالى (كلا) يقرأ بفتح الكاف من غير تنوين، وهى حرف معناه الزجر عن قول منكر يتقدمها، وقيل هى بمعنى حقا، ويقرأ بالتنوين، وفيه وجهان: أحدهما هى مصدر كل: أى أعيا: أى كلوا في دعواهم وانقطعوا.
والثانى هى بمعنى النقل: أى حملوا كلا، ويقرأ بضم الكاف والتنوين وهو حال: أى سيكفرون جميعا وفيه بعد (بعبادتهم) المصدر مضاف إلى الفاعل: أى سيكفر المشركون بعبادتهم الاصنام، وقيل هو مضاف إلى المفعول: أى سيكفر المشركون بعبادة الاصنام، وقيل سيكفر الشياطين بعبادة المشركين إياهم، و (ضدا) واحد في معنى الجمع، والمعنى أن جميعهم في حكم واحد لانهم متفقون على الاضلال.
قوله تعالى (ونرثه ما يقول) في " ما " وجهان أحدهما هو بدل من الهاء، وهى بدل الاشتمال: أى نرث قوله.
والثانى هو مفعول به: أى نرث منه قوله.
قوله تعالى (يوم نحشر) العامل فيه لا يملكون، وقيل " نعد لهم " وقيل تقديره: اذكر، و (وفدا) جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب. والورد اسم لجمع وارد، وقيل هو بمعنى وارد، والورد العطاش، وقيل هو محذوف من وارد وهو بعيد (لا يملكون) حال (إلا من اتخذ) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في يملكون للمتقين والمجرمين، وقيل هو في موضع رفع بدلا من الضمير في يملكون.
(3/23)
قوله تعالى (شيئا إدا) الجمهور على كسر الهمزة وهو العظيم، ويقرأ شاذا بفتحها على أنه مصدر أد يؤد إذا جاء ك بداهية: أى شيئا ذا إد، وجعله نفس الداهية على التعظيم.
قوله تعالى (يتفطرن) يقرأ بالياء والنون، وهو مطاوع فطر بالتخفيف،
[118]
ويقرأ بالتاء والتشديد، وهو مطاوع فطر بالتشديد، وهو هنا أشبه بالمعنى و (هدا) مصدر على المعنى لان تخر بمعنى تهد، وقيل هو حال.
قوله تعالى (أن دعوا للرحمن) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو في موضع نصب لانه مفعول له.
والثانى في موضع جر على تقدير اللام.
والثالث في موضع رفع: أى الموجب لذلك دعاؤهم.
قوله تعالى (من) نكرة موصوفة، و (في السموات) صفتها، و (إلا آتى) خبر كل، وواحد آتى حملا على لفظ كل وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها، ومن الافراد " وكلهم آتيه ".
قوله تعالى (بلسانك) قيل الباء بمعنى على، وقيل هى على أصلها: أى أنزلناه بلغتك فيكون حالا.
[186]
قوله تعالى (أن اقتلوا) فيه وجهان: أحدهما هى أن المصدرية والامر صلتها، وموضعهما نصب بكتبنا.
والثانى أن أن بمعنى أى المفسرة للقول، وكتبنا قريب من معنى أمرنا أو قلنا (أو اخرجوا) يقرأ بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين، وبالضم إتباعا لضمة الراء، ولان الواو من جنس الضمة (مافعلوه) الهاء ضمير أحد مصدرى الفعلين وهو القتل أو الخروج، ويجوز أن يكون ضمير المكتوب ودل عليه كتبنا (إلا قليل) يقرأ بالرفع بدلا من الضمير المرفوع وعليه المعنى، لان المعنى فعله قليل منهم، وبالنصب على أصل باب الاستثناء والاولى أقوى، و (منهم) صفة قليل، و (تثبيتا) تمييز (وإذن) جواب ملغاة، و (من لدنا) يتعلق بآتيناهم، ويجوز أن يكون يكون حالا من أجرا)، و (صراطا) مفعول ثان.
(3/24)
قوله تعالى (من النبيين) حال من الذين أو من المجرور في عليهم (وحسن) الجمهور على ضم السين، وقرئ بإسكانها مع فتح الحاء على التخفيف كما قالوا في عضد عضد، و (أولئك) فاعله، و (رفيقا) تمييز، وقيل هو حال وهو واحد في موضع الجمع: أى رفقاء.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (الفضل) وف (من الله) حال والعامل فيها معنى ذلك، والثانى أن الفضل صفة ومن الله الخبر.
قوله تعالى (ثبات) جمع ثبة وهى للجماعة، وأصلها ثبوت تصغيرها ثبية. فأما ثبة الحوض وهى وسطه فأصلها ثوبة من ثاب يثوب إذا رجع وتصغيرها ثويبة، وثبات حال وكذلك (جميعا) قوله تعالى (لمن) اسم إن، وهى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (ليبطئن) صلة أو صفة، ومنكم خبر إن، و (إذ لم) ظرف لانعم.
قوله تعالى (ليقولن) بفتح اللام على لفظ من، وقرئ بضمها حملا على معنى من وهو الجمع (كأن لم) هى مخففة من الثقيلة واسمها محذوف: أى كأنه لم يكن بالياء لان المودة والود بمعنى، ولانه قد فصل بينهما، ويقرأ بالتاء على لفظ المودة، وهو كلام معترض بين يقول وبين المحكى بها، وهو قوله (ياليتنى) والتقدير: يقول ياليتنى، وقيل ليس بمعترض بل هو محكى أيضا بيقول، أى يقول: كأن لم تكن وياليتنى، وقيل كأن لم ومايتصل بها حال من ضمير الفاعل في ليقولن، ياليتنى المنادى محذوف تقديره: يا قوم ليتنى، وأبوعلي يقول في نحو هذا، ليس في الكلام منادى محذوف بل يدخل " يا " على المحذوف والحروف للتنبيه (فأفوز) بالنصب على جواب التمنى، وبالرفع على تقدير: فأنا أفوز.
[187]
قوله تعالى (أو يغلب فسوف) أدغمت الباء في الفاء لانهما من الشفتين، وقد أظهرها بعضهم.
قوله تعالى (ومالكم) ما استفهام مبتدأ، ولكم خبره، و (لا تقاتلون) في موضع الحال، والعامل فيها الاستقرار كما تقول: مالك قائما، و (المستضعفين) عطف على اسم الله: أى وفى سبيل المستضعفين.
(3/25)
وقال المبرد: هو معطوف على السبيل وليس بشئ (الذين يقولون) في موضع جر صفة لمن عقل من المذكورين، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى (الظالم أهلها) الالف واللام بمعنى التى، ولم يؤنث اسم الفاعل وإن كان نعتا للقرية في اللفظ، لانه قد عمل في الاسم الظاهر المذكر وهو أهل، وكل اسم فاعل إذا جرى على غير من هو له فتذكيره وتأنيثه على حسب الاسم الظاهر الذى عمل فيه.
قوله تعالى (إذا فريق منهم) إذا هنا للمفاجأة، والتى للمفاجأة ظرف مكان، وظرف المكان في مثل هذا يجوز أن يكون خبرا للاسم الذى بعده وهو فريق هاهنا، ومنهم صفة فريق، و (يخشون) حال، والعامل في الظرف على هذا الاستقرار، ويجوز أن تكون إذا غير خبر، فيكون فريق مبتدأ، ومنهم صفته، ويخشون الخبر وهو العامل في إذا، وقيل إذا هنا الزمانية، وليس بشئ لان إذا الزمانية يعمل فيها إما ماقبلها أو مابعدها، وإذا عمل فيها ماقبلها كانت " من " صلته، وهذا فاسد هاهنا لانه يصير التقدير: فلما كتب عليهم القتال في وقت الخشية فريق منهم، وهذا يفتقر إلى جواب لما ولا جواب لها، وإذا عمل فيها مابعدها كان العامل فيها جوابا لها، وإذا هنا ليس لها جواب بل هى جواب لما (كخشية الله) أى خشية كخشية الله، والمصدر مضاف إلى المفعول (أو أشد) معطوف على الخشية وهو مجرور، ويجوز أن يكون منصوبا عطفا على موضع الكاف، والقول في قوله أشد خشية كالقول في قوله " أو أشدا ذكرا " وقد ذكر.
قوله تعالى (أينما) هى شرط هاهنا، ومازائدة ويكثر دخولها على أين الشرطية لتقوى معناها في الشرط، ويجوز حذفها، و (يدرككم) الجواب، وقد قرئ " يدرككم " بالرفع وهو شاذ، ووجهه أنه حذف الفاء (ولو كنتم) بمعنى وإن كنتم وقد ذكر مرارا (قل كل) مبتدأ، والمضاف إليه محذوف: أى كل ذلك، و (من عند الله) الخبر (لا يكادون) حال، ومن القراء من يقف على اللام من قوله ما لهؤلاء، وليس موضع وقف، واللام في التحقيق متصلة بهؤلاء وهى خبر المبتدإ.
[188]
(3/26)
قوله تعالى (ماأصابك من حسنة) " ما " شرطية " وأصابك " بمعنى يصيبك، والجواب (فمن الله) ولا يحسن أن تكون بمعنى الذى، لان ذلك يقتضى أن يكون المصيب لهم ماضيا مخصصا، والمعنى على العموم والشرط أشبه، والتقدير: فهو من الله، والمراد بالآية الخصب والجدب، ولذلك لم يقل أصبت (رسولا) حال مؤكدة: أى ذا رسالة، ويجوز أن يكون مصدرا: أى إرسالا. وللناس يتعلق بأرسلنا، ويجوز أن يكون حالا من رسول.
قوله تعالى (حفيظا) حال من الكاف. وعليهم يتعلق بحفيظ، ويجوز أن يكون حالا منه فيتعلق بمحذوف.
قوله تعالى (طاعة) خبر مبتدإ محذوف: أى أمرنا طاعة، ويجوز أن يكون مبتدأ: أى عندنا أو منا طاعة (بيت) الاصل أن تفتح التاء لانه فعل ماض، ولم تلحقه تاء التأنيث لان الطائفة بمعنى النفر، وقد قرئ بإدغام التاء في الطاء على أنه سكن التاء لتمكن إدغامها إذ كانت من مخرج الطاء، والطاء أقوى منها لاستعلائها وإطباقها وجهرها، و (تقول) يجوز أن يكون خطابا للنبى صلى الله عليه وسلم، وأن يكون للطائفة (ما يبيتون) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى وموصوفة ومصدرية.
قوله تعالى (أذاعوا به) الالف في أذاعوا بدل من ياء، يقال: ذاع الامر يذيع، والباء زائدة: أى أذاعوه، وقيل حمل على معنى تحدثوا به (يستنبطونه منهم) حال من الذين أو من الضمير في يستنبطونه (إلا قليلا) مستثنى من فاعل اتبعتم، والمعنى: لولا أن من الله عليكم لضللتم باتباع الشيطان إلا قليلا منكم، وهو من مات في الفترة أو من كان غير مكلف، وقيل هو مستثنى من قوله أذاعوا به: أى أظهروا ذلك الامر أو الخوف إلا قليلا منهم، وقيل هو مستثنى من قوله " لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " أى لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه التناقض إلا القليل منهم، وهو من لايمعن النظر.
(3/27)
قوله تعالى (فقاتل) الفاء عاطفة لهذا الفعل على قوله " فليقاتل في سبيل الله " وقيل على " ومالكم لاتقاتلون " وقيل على قوله " فقاتلوا أولياء الشيطان " (لاتكلف) في موضع نصب على الحال (إلا نفسك) المفعول الثانى (بأسا) و (تنكيلا) تمييز.
[189]
قوله تعالى (مقيتا) الياء بدل من الواو وهو مفعل من القوت.
قوله تعالى (بتحية) أصلها تحيية وهى تفعلة من حييت، فنقلت حركة الياء إلى الحاء ثم أدغمت؟؟، و (حيوا) أصلها حييوا ثم حذفت الياء على ماذكر في مواضع (بأحسن) أى بتحية أحسن (أو ردوها) أى ردوا مثلها فحذف المضاف.
قوله تعالى (الله لاإله إلا هو) قد ذكر في آية الكرسى (ليجمعنكم) جواب قسم محذوف، فيجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له، ويجوز أن يكون خبرا آخر للمبتدإ (إلى يوم القيامة) قيل التقدير: في يوم القيامة، وقيل هى على بابها: أى ليجمعنكم في القبور أو من القبور، فعلى هذا يجوز أن يكون مفعولا به، ويجوز أن يكون حالا: أى يجمعنكم مفضين إلى حساب يوم القيامة (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من يوم القيامة، والهاء تعود على اليوم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف: أى جمعا لاريب فيه والهاء تعود على الجمع، و (حديثا) تمييز.
قوله تعالى (فما لكم) مبتدأ وخبر، و (فئتين) حال والعامل فيها الظرف الذى هو لكم، أو العامل في الظرف.
وفى المنافقين يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون متعلقا بمعنى فئتين. والمعنى: ومالكم تفترقون في أمور المنافقين فحذف المضاف. والثانى أن يكون حالا من فئتين: أى فئتين مفترقتين في المنافقين، فلما قدمه نصبه على الحال.
قوله تعالى (كما كفروا) الكاف نعت لمصدر محذوف وما مصدرية (فتكونون) عطف على تكفرون، و (سواء) بمعنى مستوين، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل.
(3/28)
قوله تعالى (إلا الذين يصلون) في موضع نصب استثناء من ضمير المفعول في فاقتلوهم (بينكم وبينهم ميثاق) يجوز أن ترفع ميثاق بالظرف لانه قد وقع صفة، وأن ترفعه بالابتداء والجملة في موضع جر (حصرت) فيه وجهان: أحدهما لاموضع لهذه الجملة، وهى دعاء عليهم بضيق صدورهم عن القتال. والثانى لها موضع وفيه وجهان: أحدهما هو جر صفة لقوم ومابينهما صفة أيضا، وجاء وكم معترض، وقد قرأ بعض الصحابة " بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم " بحذف
[190]
أو جاؤكم، والثانى موضعها نصب وفيه وجهان: أحدهما موضع حال، وقد مرادة تقديره: أو جاء وكم قد حصرت، والثانى هو صفة لموصوف محذوف: أى جاء وكم قوما حصرت، والمحذوف حال موطئة، ويقرأ حصرت بالنصب على الحال، وبالجر صفة لقوم، وإن كان قد قرئ حصرت بالرفع فعلى أنه خبر، وصدروهم مبتدأ، والجملة حال (أن يقاتلوكم) أى عن أن يقاتلوكم فهو في موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف (لكم عليهم سبيلا) لكم يتعلق بجعل، وعليهم حال من السبيل لان التقدير: سبيلا كائنا عليهم.
قوله تعالى (أركسوا) الجمهور على إثبات الهمزة وهو متعد إلى مفعول واحد، وقرئ " ركسوا " والتشديد للنقل والتكثير معا، وفيها لغة أخرى وهى ركسه الله بغير همزة ولاتشديد، ولم أعلم أحدا قرأ به.
قوله تعالى (وماكان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) أن يقتل في موضع رفع اسم كان، ولمؤمن خبره (إلا خطأ) استثناء ليس من الاول لان الخطأ لايدخل تحت التكليف.
والمعنى لكن إن قتل خطأ فحكمه كذا (فتحرير رقبة) فتحرير مبتدأ، والخبر محذوف: أى فعليه تحرير رقبة، ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوف: أى فالواجب عليه تحرير، والجملة خبر من.
(3/29)
وقرئ خطا بغير همز وفيه وجهان: أحدهما أنه خفف الهمزة فقلبها ألفا فصار كالمقصور، والثانى أنه حذفها حذفا فبقى مثل دم، ومن قتل مؤمنا خطأ صفة مصدر محذوف أى قتل خطأ، ويجوز أن يكونمصدرا في موضع الحال: أى مخطئا. وأصل دية ودية مثل عدة وزنة، وهذا المصدر اسم للمؤدى به مثل الهبة في معنى الموهوب، ولذلك قال (مسلمة إلى أهله) والفعل لايسلم (إلا أن يصدقوا) قيل هو استثناء منقطع، وقيل هو متصل، والمعنى: فعليه دية في كل حال إلا في حال التصدق عليه بها (فإن كان) أى المقتول، و (من قوم) خبر كان، و (لكم) صفة عدو، وقيل يتعلق به لان عدوا في معنى معاد، وفعول يعمل عمل فاعل (فتحرير رقبة) أى فعلى القاتل (فصيام) أى فعليه صيام، ويجوز في غير القرآن النصب على تقدير فليصم شهرين (توبة) مفعول من أجله، والتقدير: شرع ذلك لكم توبة منه، ولايجوز أن يكون العامل فيه صوم إلا على تقدير حذف مضاف تقديره: لوقوع توبة أو لحصول توبة من الله، وقيل هو مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره: تاب عليكم توبة منه، ولايجوز أن يكون في موضع الحال لانك لو قلت فعليه صيام شهرين
[191]
تائبا من الله لم يجز، فإن قدرت حذف مضاف جاز: أى صاحب توبة من الله، و (من الله) صفة توبة، ويجوز في غير القرآن توبة بالرفع: أى ذلك توبة.
قوله تعالى (ومن يقتل) من مبتدأ، و (متعمدا) حال من ضمير القاتل (فجزاؤه) مبتدأ، و (جهنم) خبره والجملة خبر من، و (خالدا) حال من محذوف تقديره: يجزاها خالدا فيها، فإن شئت جعلته من الضمير المرفوع، وإن شئت من المنصوب، وقيل التقدير: جازاه بدليل قوله (وغضب الله عليه ولعنه) فعطف عليه الماضى فعلى هذا يكون خالدا حالا من المنصوب لاغير، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء في جزاؤه لوجهين: أحدهما أنه حال من المضاف إليه، والثانى أنه فصل بين صاحب الحال والحال بخبر المبتدإ.
(3/30)
قوله تعالى (فتبينوا) يقرأ بالباء والياء والنون من التبيين، وبالثاء والباء والتاء من التثبت، وهما متقاربان في المعنى (لمن ألقى) من بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، وألقى بمعنى يلقى لان النهى لايصح إلا في المستقبل، والذى نزلت فيه الآية قال لمن ألقى إليه السلام لست مؤمنا وقتله، و (السلام) بالالف التحية، ويقرأ بفتح اللام من غير ألف، وبإسكانها مع كسرة السين وفتحها، وهو الاستسلام والصلح (لست مؤمنا) في موضع نصب بالقول والجمهور على ضم الميم الاولى وكسر الثانية، وهو مشتق من الايمان، ويقرأ بفتح الميم الثانية، وهو اسم المفعول من أمنته (تبتغون) حال من ضمير الفاعل في يقولوا (كذلك) الكاف خبر كان، وقد تقدم عليها وعلى اسمها (إن الله كان) الجمهور على كسر إن على الاستئناف، وقرئ بفتحها وهو معمول تبينوا.
قوله تعالى (من المؤمنين) في موضع الحال، وصاحب الحال القاعدون، والعامل يستوى، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في القاعدين فيكون العامل فيه القاعدون لان الالف واللام بمعنى الذى (غير أولى الضرر) بالرفع على أنه صفة القاعدون لانه لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم، وقيل هو بدل من القاعدين.
ويقرأ بالنصب على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين أو حالا، وبالجر على الصفة للمؤمنين (والمجاهدون) معطوف على القاعدين (بأموالهم) يتعلق بالمجاهدين (درجة) قيل هو مصدر في معنى تفضيلا، وقيل حال: أى ذوى درجة، وقيل هو على تقدير حذف الجار.
أى بدرجة: وقيل هو واقع موقع الظرف: أى في درجة ومنزلة (وكلا) المفعول الاول ل (وعد)، و (الحسنى) هو الثانى، وقرئ ركل: أى وكلهم، والعائد محذوف: أى وعده الله (أجرا) قيل هو مصدر من غير لفظ الفعل، لان معنى فضلهم أجرهم، وقيل هو مفعول به لان فضلهم أعطاهم وقيل التقدير بأجر.
[192]
(3/31)
قوله تعالى (درجات) قيل هو بدل من أجرا، وقيل التقدير: ذوى درجات وقيل في درجات (ومغفرة) قيل هو معطوف على ماقبله، وقيل هو مصدر: أى وغفر لهم مغفرة، و (رحمة) مثله.
قوله تعالى (توفاهم) الاصل تتوفاهم، ويجوز أن يكون ماضيا، ويقرأ بالامالة (ظالمى) حال من ضمير الفاعل في تتوفاهم، والاضافة غير محضة، أى ظالمين أنفسهم (قالوا) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الملائكة وقد معه مقدرة، وخبر إن (فأولئك) ودخلت الفاء لما في الذى من الابهام المشابه به الشرط، وأن لاتمنع من ذلك لانها لاتغير معنى الابتداء، والثانى أن قالوا خبر إن، والعائد محذوف: أى قالوا لهم (فيم كنتم) حذفت الالف من " ما " في الاستفهام مع حرف الجر لما ذكرنا في قوله " فلم تقتلون أنبياء الله " والجار والمجرور خبر كنتم، و (في الارض) يتعلق بمستضعفين (ألم تكن) استفهام بمعنى التوبيخ (فتهاجروا) منصوب على جواب الاستفهام، لان النفى صار إثباتا بالاستفهام (وساء ت) في حكم بئست.
قوله تعالى (إلا المستضعفين) استثناء ليس من الاول، لان الاول قوله " تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم " وإليه يعود الضمير من مأواهم، وهؤلاء عصاة بالتخلف عن الهجرة مع القدرة، وإلا المستضعفين من الرجال هم العاجزون، فمن هنا كان منقطعا و (من الرجال) حال من الضمير في المستضعفين، أو من نفس المستضعفين (ولا يستطيعون) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حال مبينة عن معنى الاستضعاف.
قوله تعالى (مهاجرا) حال من الضمير في يخرج (ثم يدركه) مجزوم عطفا على يخرج، ويقرأ بالرفع على الاستئناف، أى ثم هو يدركه، وقرئ بالنصب على إضمار أن لانه لم يعطفه على الشرط لفظا، فعطفه عليه معنى كما جاء في الواو والفاء.
(3/32)
قوله تعالى (أن تقصروا) أى في أن تقصروا، وقد تقدم نظائره، ومن زائدة عند الاخفش، وعند سيبويه هى صفة المحذوف: أى شيئا من الصلاة (عدوا) في موضع أعداء، وقيل عدو مصدر على فعول مثل القبول والولوع فلذلك لم يجمع. و (لكم) حال من عدو أو متعلق بكان.
[193]
قوله تعالى (لم يصلوا) في موضع رفع صفة لطائفة وجاء الضمير على معنى الطائفة، ولو قال لم تصل لكان على لفظها، و (لو تغفلون) بمعنى أن تغفلوا و (أن تضعوا) أى في أن تضعوا.
قوله تعالى (قياما وقعودا وعلى جنوبكم) أحوال كلها (اطمأننتم) الهمزة أصل، ووزن الكلمة افعلل، والمصدر الطمأنينة على فعليلة، وأما قولهم طامن رأسه فأصل آخر، و (موقوتا) مفعول من وقت التخفيف.
قوله تعالى (إن تكونوا تألمون) الجمهور على كسر إن وهى شرط. وقرئ " أن تكونوا " بفتحها: أى لان تكونوا، ويقرأ " تيلمون " بكسر التاء وقلب الهمزة ياء وهى لغة.
قوله تعالى (بالحق) هو حال من الكتاب، وقد مر نظائره (أراك) الهمزة هاهنا معدية، والفعل من رأيت الشئ إذا ذهبت إليه، وهو من الرأى، وهو متعد إلى مفعول واحد، وبعد الهمزة يتعدى إلى مفعولين أحدهما الكاف والآخر محذوف أى أراكه، وقيل المعنى علمك، وهو متعد إلى مفعولين أيضا، وهو قبل التشديد متعد إلى واحد كقوله " لاتعلمونهم " (خصيما) بمعنى مخاصم، واللام على بابها: أى لاجل الخائنين، وقيل هى بمعنى عن.
قوله تعالى (يستخفون) بمعنى يطلبون الخفاء وهو مستأنف لاموضع له (إذ يبيتون) ظرف للعامل في معهم.
قوله تعالى (هاأنتم هؤلاء جادلتم) قد ذكرناه في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " (أم من) هنا منقطعة.
قوله تعالى (أو يظلم نفسه) أو لتفصيل ماأبهم، وقد ذكرنا مثله في غير موضع.
(3/33)
قوله تعالى (ثم يرم به بريئا) الهاء تعود على الاثم، وفى عودها عليه دليل على أن الخطيئة في حكم الاثم، وقيل تعود على أحد الشيئين المدلول عليه بأو، وقيل تعود على الكسب المدلول عليه بقوله " ومن يكسب " وقيل تعود على المكسوب والفعل يدل عليه.
[194]
قوله تعالى (ولولا فضل الله) في جواب لولا وجهان: أحدهما قوله (لهمت) وعلى هذا لايكون قد وجد من الطائفة المشار إليها هم بإضلاله. والثانى أن الجواب محذوف تقديره: لاضلوك، ثم استأنف فقال: لهمت: أى لقد همت تلك، ومثل حذف الجواب هنا حذفه في قوله " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم " (وما يضرونك من شئ) من زائدة، وشئ في معنى ضرر فهو في موضع المصدر.
قوله تعالى (من نجواهم) في موضع جر صفة لكثير. وفى النجوى وجهان: أحدهما هى التناجى، فعلى هذا يكون في قوله (إلا من أمر) وجهان:
أحدهما هو استثناء منقطع في موضع نصب، لان من للاشخاص وليست من جنس التناجى.
والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره: إلا نجوى من أمر، فعلى هذا يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من نجواهم، وأن يكون في موضع نصب على أصل باب الاستثناء ويكون متصلا.
والوجه الآخر أن النجوى القوم الذين يتناجون، ومنه قوله " وإذ هم نجوى " فعلى هذا الاستثناء متصل، فيكون أيضا في موضع جر أو نصب على ماتقدم (بين الناس) يجوز أن يكون ظرفا لاصلاح، وأن يكون صفة له فيتعلق بمحذوف، و (ابتغاء) مفعول له وألف (مرضات) من واو (فسوف نؤتيه) بالنون والياء وهو ظاهر.
قوله تعالى (ومن يشاقق) إنما جاز إظهار القاف لان الثانية سكنت بالجزم، وحركتها عارضة لالتقاء الساكنين والهاء في قوله (ونصله) مثل الهاء في " يؤده إليك " وقد تكلمنا عليها.
قوله تعالى (لمن يشاء) اللام تتعلق بيغفر.
(3/34)
قوله تعالى (إلا إناثا) هو جمع أنثى على فعال، ويراد به كل مالا روح فيه من صخرة وشمس ونحوهما، ويقرأ أنثى على الافراد، ودل الواحد على الجمع، ويقرأ " إنثا " مثل رسل فيجوز أن تكون صفة مفردة مثل امرأة جنب، ويجوز أن يكون جمع أنيث كقليب وقلب، وقد قالوا حديد أنيث من هذا المعنى، ويقرأ " أثنا " والواحد وثن وهو الصنم، وأصله وثن في الجمع كما في الواحد، إلا أن الواو قلبت همزة لما انضمت ضما لازما، وهو مثل أسد وأسد، ويقرأ بالواو على الاصل جمعا، ويقرأ بسكون الثاء مع الهمزة والواو، و (مريدا) فعيل من التمرد.
[195]
قوله تعالى (لعنة الله) يجوز أن يكون صفة أخرى لشيطان، وأن يكون مستأنفا على الدعاء (وقال) يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون الواو عاطفة لقال " على لعنة الله " وفاعل قال ضمير الشيطان، والثانى أن تكون للحال: أى وقد قال. والثالث أن تكون الجملة مستأنفة.
قوله تعالى (ولاضلنهم) مفعول هذه الافعال محذوف: أى لاضلنهم عن الهدى (ولامنينهم) الباطل (ولآمرنهم) بالضلال.
قوله تعالى (يعدهم) المفعول الثانى محذوف: أى يعدهم النصر والسلامة، وقرأ الاعمش بسكون الدال، وذلك تخفيف لكثرة الحركات.
قوله تعالى (عنها) هو حال من (محيصا) والتقدير محيصا عنها، والمحيص مصدر، فلا يصح أن يعمل فيما قبله، ويجوز أن يتعلق عنها بفعل محذوف وهو الذى يسمى تبيينا، أى أعنى عنها، ولايجوز أن يتعلق بيجدون لانه لايتعدى بعن، والميم في المحيص زائدة، وهو من حاص يحيص إذا تخلص.
قوله تعالى (والذين آمنوا) مبتدأ والخبر (سندخلهم) ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره مابعده: أى وندخل الذين و (وعد الله) نصب على المصدر، لان قوله سندخلهم بمنزلة وعدهم، و (حقا) حال من المصدر، ويجوز أن يكون مصدر الفعل محذوف: أى حق ذلك حقا.
(3/35)
قوله تعالى (ليس بأمانيكم) اسم ليس مضمر فيها ولم يتقدم له ذكر، وإنما دل عليه سبب الآية. وذلك أن اليهود قالوا نحن أصحاب الجنة، وقالت النصارى ذلك. وقال المشركون لانبعث، فقال: ليس بأمانيكم: أى ليس ما ادعيتموه.
قوله تعالى (من ذكر أو أنثى) في موضع الحال وفى صاحبها وجهان: أحدهما ضمير الفاعل في يعمل. والثانى من الصالحات أى كائنة من ذكر أو أنثى، أو واقعة ومن الاولى زائدة عند الاخفش، وصفة عند سيبويه: أى شيئا من الصالحات (وهو مؤمن) حال أيضا.
قوله تعالى (ممن أسلم) يعمل فيه أحسن، وهو مثل قولك: زيد أفضل من عمرو: أى يفضل عمرا، و (لله) يتعلق بأسلم، ويجوز أن يكون حالا من " وجهه " (واتبع) معطوف على أسلم، و (حنيفا) حال، وقد ذكر في البقرة، ويجوز أن يكون هاهنا حالا من الضمير في اتبع (واتخذ الله) مستأنف.
[196]
قوله تعالى (ومايتلى) في " ما " وجوه: أحدها موضعها جر عطفا على الضمير المجرور بفى، وعلى هذا قول الكوفيين لانهم يجيزون العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار.
والثانى أن يكون في موضع نصب على معنى: ونبين لكم مايتلى لان يفتيكم يبين لكم.
والثالث هو في موضع رفع، وهو المختار.
وفى ذلك ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على ضمير الفاعل في يفتيكم، وجرى الجار والمجرور مجرى التوكيد، والثانى هو معطوف على اسم الله وهو قل الله، والثالث أنه مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: ومايتلى عليكم في الكتاب يبين لكم، وفى تتعلق بيتلى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في يتلى، و (في يتامى) تقديره: حكم يتامى، ففى الثانية بما تعلقت به الاولى لان معناها مختلف، فالاولى ظرف والثانية بمعنى الباء: أى بسبب اليتامى كما تقول: جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد، وقيل الثانية بدل من الاولى، ويجوز أن تكون الثانية تتعلق بالكتاب: أى ماكتب في حكم اليتامى، ويجوز أن تكون الاولى ظرفا والثانية حالا فتتعلق بمحذوف، ويتامى (النساء) أى في اليتامى منهن.
(3/36)
وقال الكوفيون التقدير: في النساء اليتامى، فأضاف الصفة إلى الموصوف، ويقرأ في " ييامى " بياء ين والاصل أيامى، فأبدلت الهمزة ياء كما قالوا: فلان ابن أعسر ويعصر، وفى الايامى كلام نذكره في موضعه إن شاء الله.
(وترغبون) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على تؤتون، والتقدير: ولاترغبون، والثانى هو حال: أى وأنتم ترغبون في أن تنكحوهن (والمستضعفين) في موضع جر عطفا على المجرور في يفتيكم فيهن، وكذلك (وأن تقوموا) وهذا أيضا عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد ذكره الكوفيون، ويجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على موضع فيهن، والتقدير: ويبين لكم حال المستضعفين وبهذا التقدير يدخل في مذهب البصريين من غير كلفة، والجيد أن يكون معطوفا على يتامى النساء، وأن تقوموا معطوف عليه أيضا: أى وفى أن تقوموا.
قوله تعالى (وإن امرأة) امرأة مرفوع بفعل محذوف: أى وإن خافت امرأة، واستغنى عنه بخافت المذكور.
وقال الكوفيون: هو مبتدأ ومابعده الخبر، وهذا عندنا خطأ لان حرف الشرط لامعنى له في الاسم فهو مناقض للفعل، ولذلك جاء الفعل بعدالاسم مجزوما في قول عدى:
ومتى واغل ينبهم يحيو * ه ويعطف عليه كأس الساقى
[197]
(من بعلها) يجوز أن يكون متعلقا بخافت، وأن يكون حالا من (نشوزا) و (صلحا) على هذا مصدر واقع موقع تصالح، ويجوز أن يكون التقدير: أن يصالحا فيصلحا صلحا، ويقرأ بتشديد الصاد من غير ألف وأصله يصطلحا، فأبدلت التاء صادا وأدغمت فيها الاولى، وقرئ " يصطلحا " بإبدال التاء طاء وصلحا عليهما في موضع اصطلاح، وقرئ بضم الياء وإسكان الصاد وماضيه أصلح.
(3/37)
وصلحا على هذا فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع إصلاح والمفعول به بينهما، ويجوز أن يكون ظرفا والمفعول محذوف. والثانى أن يكون صلحا مفعولا به وبينهما ظرف أو حال من صلح (وأحضرت الانفس الشح) أحضرت يتعدى إلى مفعولين، تقول: أحضرت زيدا الطعام، والمفعول الاول الانفس وهو القائم مقام الفاعل، وهذا الفعل منقول بالهمزة من حضر، وحضر يتعدى إلى مفعول واحد كقولهم حضر القاضى اليوم امرأة.
قوله تعالى (كل الميل) انتصاب كل على المصدر لان لها حكم ماتضاف إليه، فإن أضيفت إلى مصدر كانت مصدرا، وإن أضيفت إلى ظرف كانت ظرفا (فتذروها) جواب النهى فهو منصوب، ويجوز أن يكون معطوفا على تميلوا فيكون مجزوما (كالمعلقة) الكاف في موضع نصب على الحال.
قوله تعالى (وإياكم) معطوف على الذين، وحكم الضمير المعطوف أن يكون منفصلا، و (أن اتقوا الله) في موضع نصب عند سيبويه وجر عند الخليل، والتقدير: بأن اتقوا الله، وأن على هذا مصدرية، ويجوز أن تكون بمعنى أى، لان وصينا في معنى القول فيصح أن يفسر بأن التفسيرية.
قوله تعالى (شهداء) خير ثان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قوامين (على أنفسكم) يتعلق بفعل دل عليه شهداء: أى ولو شهدتم، ويجوز أن يتعلق بقوامين (إن يكن غنيا) اسم كان مضمر فيها دل عليه تقدم ذكر الشهادة: أى إن كان الخصم، أو أن كان كل واحد من المشهود عليه والمشهود له، وفى (أو) وجهان أحدهما هى بمعنى الواو، وحكى عن الاخفش، فعلى هذا يكون الضمير في (بهما) عائدا على لفظ غنى وفقير.
والوجه الثانى أن أو على بابها، وهى هنا لتفصيل ماأبهم من الكلام، وذلك أن كل واحد من المشهود عليه والمشهود له يجوز أن يكون غنيا وأن يكون فقيرا، فقد يكونان غنيين، وقد يكونان فقيرين، وقد يكون أحدهما غنيا والآخر فقيرا، فلما كانت الاقسام عند التفصيل على ذلك ولم تذكر
[198]
(3/38)
أتى بأو لتدل على هذا التفصيل، فعلى هذا يكون الضمير في بهما عائدا على المشهود له والمشهود عليه على أى وصف كانا عليه لاعلى الصفة، وقيل الضمير عائد إلى مادل عليه الكلام، والتقدير: فالله أولى بالغنى والفقير، وقيل يعود على الغنى والفقير لدلالة الاسمين عليه (أن تعدلوا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره: في أن لاتعدلوا، فحذف لا: أى لاتتبعوا الهوى في ترك العدل.
والثانى تقديره: ابتغاء أن تعدلوا عن الحق.
والثالث تقديره: مخافة أن تعدلوا عن الحق، وعلى الوجهين هو مفعول له (وإن تلووا) يقرأ بواوين الاولى منهما مضمومة وهو من لوى يلوى. ويقرأ بواو واحدة ساكنة. وفيه وجهان أحدهما أصله تلووا كالقراء ة الاولى إلا أنه أبدل الواو المضمومة همزة، ثم ألقى حركتها على اللام: وقد ذكر مثله في آل عمران. والثانى أنه من ولى الشئ: أى وإن تتولوا الحكم أو تعرضوا عنه أو إن تتولوا الحق في؟؟ الحكم.
قوله تعالى (لم يكن الله ليغفر لهم) قد ذكر في قوله " ماكان الله ليذر المؤمنين ".
قوله تعالى (جميعا) هو حال من الضمير في الجار وهو قوله " لله ".
قوله تعالى (وقد نزل) يقرأ على مالم يسم فاعله، والقائم مقام الفاعل (أن) وماهو تمام لها، وأن هى المخففة من الثقيلة: أى أنه (إذا سمعتم آيات الله). ويقرأ نزل على تسمية الفاعل، وأن في موضع نصب.
وتلخيص المعنى: وقد نزل عليكم المنع من مجالستهم عند سماع الكفر منهم، و (يكفر بها) في موضع الحال من الآيات، وفى الكلام حذف تقديره: يكفر بها أحد، فحذف الفاعل وأقام الجار مقامه، والضمير في (معهم) عائد على المحذوف. فلا تفعلوا محمول على المعنى أيضا، لان معنى وقد نزل عليكم، وقد قيل والفاء جواب إذا (إنكم إذا مثلهم) إذا هاهنا ملغاة لوقوعها بين الاسم والخبر، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل.
(3/39)
وأفرد مثلا لانها في معنى المصدر، ومثله " أنؤمن لبشرين مثلنا " وقد جمع في قوله " ثم لايكونوا أمثالكم " وقرئ شاذا " مثلهم " بالفتح، وهو مبنى لاضافته إلى المبهم، كما بنى في قوله " مثل ماأنكم تنطقون " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى، وقيل نصب على الظرف كما قيل في بيت الفرزدق: * وإذ مامثلهم بشر * أى أنكم في مثل حالهم.
[199]
قوله تعالى (الذين يتربصون) في موضع جر صفة للمنافقين والكافرين، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هم، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر (فإن كان لكم فتح من الله) ومايتصل به، ويجوز أن يكون في موضع نصب عن إضمار أعنى (نستحوذ) هو شاذ في القياس، والقياس نستحذ (على المؤمنين) يجوز أن يتعلق بيجعل، وأن يكون حالا من سبيل.
قوله تعالى (وهو خادعهم)، و (كسالى) حالان (يراء ون) يقرأ بالمد وتخفيف الهمزة، ويقرأ بحذف الالف وتشديد الهمزة: أى يحملون غيرهم على الرياء وموضعه نصب على الحال من الضمير في كسالى، ويجوز أن يكون بدلا من كسالى، ويجوز أن يكون مستأنفا (إلا قليلا) نعت لمصدر محذوف أو زمان محذوف.
قوله تعالى (مذبذبين) هو منصوب على الذم، وقيل هو حال من الضمير في يذكرون، والجمهور على فتح الذال على مالم يسم فاعله: أى أن نفاقهم حملهم على التقلب، ويقرأ بكسر الذال الثانية: أى متقلبين، وليست الذال الثانية بدلا عند البصريين بل ذبذب أصل بنفسه.
وقال الكوفيون: الاصل ذبب، فأبدل من الباء الاولى ذالا وذلك في موضع بينهما: أى بين الايمان والكفر، أو بين المسلمين واليهود (لاإلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) وإلى يتعلق بفعل محذوف: أى لاينتسبون إلى هؤلاء بالكلية ولا إلى هؤلاء بالكلية، وموضع لا إلى هؤلاء نصب على الحال من الضمير في مذبذبين: أى يتذبذبون متلونين.
(3/40)
قوله تعالى (في الدرك) يقرأ بفتح الراء وإسكانها وهما لغتان، و (من النار) في موضع الحال من الدرك، والعامل فيه معنى الاستقرار، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الاسفل.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) في موضع نصب استثناء من الضمير المجرور في قوله " ولن تجد لهم " ويجوز أن يكون من قوله " في الدرك " وقيل هو في موضع رفع بالابتداء، والخبر (فأولئك مع المؤمنين).
قوله تعالى (مايفعل الله) في ما وجهان: أصحهما أنهما استفهام في موضع نصب بيفعل، و (بعذابكم) متعلق بيفعل، والثانى أنها نفى، والتقدير: مايفعل الله بعذابكم، والمعنى لايعذبكم.
قولهتعالى (بالسوء) الباء تتعلق بالمصدر. وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب
[200]
تقديره: لايحب أن تجهروا بالسوء، والثانى رفع تقديره: أن يجهر بالسوء و (من القول) حال من السوء (إلا من ظلم) استثناء منقطع في موضع نصب، وقيل هو متصل.
والمعنى: لايحب أن يجهر أحد بالسوء إلا من يظلم فيجهر: أى يدعوا الله بكشف السوء الذى أصابه أو يشكو ذلك إلى إمام أو حاكم، فعلى هذا يجوز أن يكون في موضع نصب، وأن يكون في موضع رفع بدلا من المحذوف إذ التقدير أن يجهر أحد. وقرئ " ظلم " بفتح الظاء على تسمية الفاعل وهو منقطع، والتقدير: لكن الظالم فإنه مفسوح لمن ظلمه أن ينتصف منه، وهى قراء ة ضعيفة.
قوله تعالى (بين ذلك سبيلا) ذلك يقع بمعنى المفرد والتثنية والجمع، وهو هنا بمعنى التثنية: أى بينهما.
قوله تعالى (حقا) مصدر: أى حق ذلك حقا، ويجوز أن يكون حالا: أى أولئك هم الكافرون غير شك.
قوله تعالى (أكبر من ذلك) أى شيئا أو سؤالا أكبر (جهرة) مصدر في موضع الحال: أى مجاهرين، وقيل التقدير: قولا جهرة، وقيل رؤية جهرة، قوله تعالى (ورفعنا فوقهم) فوقهم يجوز أن يكون ظرفا لرفعنا، وأن يكون حالا من (الطور بميثاقهم) في موضع نصب متعلق برفعنا تقديره: بنقض ميثاقهم.
(3/41)
والمعنى: ورفعنا فوقهم الجبل تخويفا لهم بسبب نقضهم الميثاق، و (سجدا) حال (لاتعدوا) يقرأ بتخفيف الدال وإسكان العين، يقال: عدا يعدو إذا تجاوز الحد، ويقرأ بتشديد الدال وسكون العين وأصله تعتدوا، فقلب التاء دالا وأدغم، وهى قراء ة ضعيفة لانه جمع بين ساكنين، وليس الثانى حرف مد.
قوله تعالى (فيما نقضهم) مازائدة، وقيل هى نكرة تامة، ونقضهم بدل منها. وفيما تتعلق به الباء وجهان: أحدهما هو مظهر، وهو قوله بعد ثلاث آيات " حرمنا عليهم " وقوله " فبظلم " بدل من قوله " فيما نقضهم " وأعاد الفاء في البدل لما طال الفصل، والثانى أن مايتعلق به محذوف، وفى الآية دليل عليه، والتقدير: فبنقضهم ميثاقهم طبع على قلوبهم أو لعنوا، وقيل التقدير: فيما نقضهم ميثاقهم لايؤمنون، والفاء زائدة (بل طبع الله عليها) أى ليس كما ادعوا من أن قلوبهم أوعية للعلم، و (بكفرهم) أى بسبب كفرهم، ويجوز أن يكون المعنى أن كفرهم صار مغطيا على قلوبهم، كما تقول: طبعت على الكيس بالطين: أى جعلته الطابع (إلا قليلا) أى إيمانا أو زمانا قليلا.
[201]
قوله تعالى (وبكفرهم) معطوف على وبكفرهم الاول، و (بهتانا) مصدر يعمل فيه القول لانه ضرب منه، فهو كقولهم: قعد القرفصاء، فهو على هذا بمثابة القول في الانتصاب، وقال قوم تقديره: قولا بهتانا، وقيل التقدير: بهتوا بهتانا، وقيل هو مصدر في موضع الحال: مباهتين.
(3/42)
قوله تعالى (وقولهم إنا قتلنا) هو معطوف على وكفرهم، و (عيسى) بدل أو عطف بيان من المسيح، و (رسول الله) كذلك، ويجوز أن يكون رسول الله صفة لعيسى، وأن يكون على إضمار أعنى (لفى شك منه) منه في موضع جر صفة لشك، ولايجوز أن يتعلق بشك، وإنما المعنى: لفى شك حادث منه: أى من جهته، ولايقال: شككت منه، فإن ادعى أن من بمعنى في فليس بمستقيم عندنا (مالهم به من علم) يجوز أن يكون موضع الجملة المنفية جرا صفة مؤكدة لشك تقديره: لفى شك منه غير علم، ويجوز أن تكون مستأنفة ومن زائدة.
وفى موضع من علم وجهان: أحدهما هو رفع بالابتداء وماقبله الخبر، وفيه وجهان: أحدهما هو به ولهم فضلة مبينة مخصصة كالتى في قوله " ولم يكن له كفوا أحد " فعلى هذا يتعلق به الاستقرار، والثانى أن لهم هو الخبر، وفي به على هذا عدة أوجه: أحدها أن يكون حالا من الضمير المستكن في الخبر، والعامل فيه الاستقرار.
والثانى أن يكون حالا من العلم لان من زائدة فلم تمنع من تقديم الحال، على أن كثيرا من البصريين يجيز تقديم حال المجرور عليه.
والثالث أنه على التبيين: أى مالهم أعنى به، ولايتعلق بنفس علم لان معمول المصدر لايتقدم عليه.
والوجه الآخر أن يكون موضع من علم رفعا بأنه فاعل، والعامل فيه الظرف إما لهم أو به (إلا اتباع الظن) استثناء من غير الجنس (وماقتلوه) الهاء ضمير عيسى، وقيل ضمير العلم: أى وماقتلوا العلم يقينا كما يقال قتلته علما، و (يقينا) صفة مصدر محذوف: أى قتلا يقينا أو علما يقينا، ويجوز أن يكون مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه، لان معنى ماقتلوه ماعملوا، وقيل التقدير: تيقنوا ذلك يقينا (بل رفعه الله) الجيد إدغام اللام في الراء لان مخرجهما واحد، وفى الراء تكرير فهى أقوى من اللام، وليس كذلك الراء إذا تقدمت لان إدغامها يذهب التكرير الذى فيها، وقد قرئ بالاظهار هنا.
(3/43)
قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب) إن بمعنى " ما " والجار والمجرور في موضع رفع بأنه خبر المبتدإ، والمبتدأ محذوف تقديره: وما من أهل الكتاب أحد، وقيل المحذوف من: وقد مر نظيره، إلا أن تقدير من هاهنا بعيد لان الاستثناء يكون بعد
[202]
تمام الاسم، ومن الموصولة والموصوفة غير تامة (ليؤمنن) جواب قسم محذوف، وقيل أكد بها في غير القسم كما جاء في النفى والاستفهام، والهاء في (موته) تعود على أحد المقدر، وقيل تعود على عيسى (ويوم القيامة) ظرف لشهيد، ويجوز أن يكون العامل فيه يكون.
قوله تعالى (فبظلم) الباء تتعلق بحرمنا، وقد ذكرنا حكم الفاء قبل (كثيرا) أى صدا كثيرا أو زمانا كثيرا.
قوله تعالى (وأخذهم - وأكلهم) معطوف على صدهم والجميع متعلق بحرمنا، والمصادر المضافة إلى الفاعل، (وقد نهوا عنه) حال.
(3/44)
قوله تعالى (لكن الراسخون) الراسخون مبتدأ و (في العلم) متعلق به. و (منهم) في موضع الحال من الضمير في الراسخون (والمؤمنون) معطوف على الراسخون، وفى خبر الراسخون وجهان: أحدهما (يؤمنون) وهو الصحيح. والثانى هو قوله " أولئك سنؤتيهم " (والمقيمين) قراء ة الجمهور بالياء، وفيه عدة أوجه: أحدها أنه منصوب على المدح: أى وأعنى المقيمين وهو مذهب البصريين، وإنما يأتى ذلك بعد تمام الكلام، والثانى أنه معطوف على ما: أى يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين، والمراد بهم الملائكة، وقيل التقدير: وبدين المقيمين فيكون المراد بهم المسلمين، والثالث أنه معطوف على قبل، تقديره: ومن قبل المقيمين، فحذف قبل وأقيم المضاف إليه مقامه، والرابع أنه معطوف على الكاف في قبلك، والخامس أنه معطوف على الكاف في إليك، والسادس أنه معطوف على الهاء والميم في منهم، وهذه الاوجه الثلاثة عندنا خطأ، لان فيها عطف الظاهر على المضمر من غير إعادة الجار، وأما (المؤتون الزكاة) ففى رفعه أوجه: أحدها هو معطوف على الراسخون، والثانى أنه معطوف على الضمير في الراسخون، والثالث هو معطوف على الضمير في المؤمنون، والرابع هو معطوف على الضمير في يؤمنون، والخامس هو خبر مبتدأ محذوف: أى وهم المؤتون، والسادس هو مبتدأ، والخبر (أولئك سنؤتيهم) وأولئك مبتدأ، ومابعده الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف: أى ونؤتى أولئك.
قوله تعالى (كما أوحينا) الكاف نعت لمصدر محذوف ومامصدرية، ويجوز أن تكون مابمعنى الذى، فيكون مفعولا به تقديره: أوحينا إليك مثل الذى أوحينا
[203]
إلى نوح من التوحيد وغيره، و (من بعده) في موضع نصب متعلق بأوحينا، ولايجوز أن يكون حالا من النبيين، لان ظروف الزمان لاتكون أحوالا للجثث، ويجوز أن يتعلق من النبيين، وفى (يونس) لغات أفصحها ضم النون من غير همز ويجوز فتحها وكسرها مع الهمز وتركه، وكل هذه الاسماء أعجمية إلا الاسباط وهو جمع سبط.
(3/45)
والزبور فعول من الزبر وهو الكتابة، والاشبه أن يكون فعول بمعنى مفعول كالركوب والحلوب. ويقرأ بضم الزاى وفيه وجهان: أحدهما هو جمع زبور على حذف الزائد مثل فلس وفلوس، والثانى أنه مصدر مثل القعود والجلوس، وقد سمى به الكتاب المنزل على داود.
قوله تعالى (ورسلا) منصوب بفعل محذوف تقديره: وقصصنا رسلا، ويجوز أن يكون منصوبا بفعل دل عليه أوحينا: أى وأمرنا رسلا، ولا موضع لقوله (قد قصصناهم)، و (لم نقصصهم) على الوجه الاول لانه مفسر للعامل، وعلى الوجه الثانى هما صفتان، و (تكليما) مصدر مؤكد رافع للمجاز.
قوله تعالى (رسلا) يجوز أن يكون بدلا من الاول وأن يكون مفعولا: أى أرسلنا رسلا، ويجوز أن يكون حالا موطئة لما بعدها كما تقول: مررت بزيد رجلا صالحا، ويجوز أن يكون على المدح: أى أعنى رسلا، واللام في (لئلا) يتعلق بما دل عليه الرسل: أى أرسلناهم لذلك، ويجوز أن تتعلق بمنذرين أو مبشرين أو بما يدلان عليه، و (حجة) اسم كان وخبرها للناس. وعلى الله حال من حجة، والتقدير: للناس حجة كائنة على الله، ويجوز أن يكون الخبر على الله، وللناس حال، ولايجوز أن يتعلق على الله بحجة لانها مصدر، و (بعد) ظرف لحجة، ويجوز أن يكون صفة لها، لان ظرف الزمان يوصف به المصادر كما يخبر به عنها.
قوله تعالى (أنزله) لاموضع له، و (بعلمه) حال من الهاء: أى أنزله معلوما أو أنزله وفيه علمه، أى معلومه، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أى أنزله عالما به (والملائكة يشهدون) يجوز أن يكون لاموضع له، ويكون حكمه كحكم لكن الله يشهد، ويجوز أن يكون حالا: أى أنزله والملائكة شاهدون بصدقه.
قوله تعالى (لم يكن الله ليغفر لهم) قد ذكر مثله في قوله " وماكان الله ليضيع - و - ماكان الله ليذر ".
[204]
قوله تعالى (إلا طريق جهنم) استثناء من جنس الاول، لان الاول في معنى العموم إذ كان في سياق النفى و (خالدين) حال مقدرة.
(3/46)
قوله تعالى (قد جاء كم الرسول بالحق) بالحق في موضع الحال: أى ومعه الحق أو متكلما بالحق، ويجوز أن يكون متعلقا بجاء أى جاء بسبب إقامة الحق و (من) حال من الحال، ويجوز أن تكون متعلقة بجاء: أى جاء الرسول من عند الله (فآمنوا خيرا) تقديره عند الخليل وسيبويه: وأتوا خيرا فهو مفعول به، لانه لما أمرهم بالايمان فهو يريد إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه، وقيل التقدير، إيمانا خيرا، فهو نعت لمصدر محذوف، وقيل هو خبر كان المحذوفة: أى يكن الايمان خيرا، وهو غير جائز عند البصريين لان كان لاتحذف هى واسمها ويبقى خبرها إلا فيما لابد منه، ويزيد ذلك ضعفا أن يكون المقدرة جواب شرط محذوف فيصير المحذوف للشرط وجوابه، وقيل هو حال ومثله " انتهوا خيرا " في جميع وجوهه.
قوله تعالى (ولاتقولوا على الله إلا الحق) الحق مفعول تقولوا: أى ولا تقولوا إلا القول الحق، لانه بمعنى لاتذكروا ولاتعتقدوا، والقول هنا هو الذى تعبر عنه الجملة في قولك قلت زيد منطلق، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف و (المسيح) مبتدأ، و (عيسى) بدل أو عطف بيان، و (رسول الله) خبره و (كلمته) عطف على رسول، و (ألقاها) في موضع الحال وقد معه مقدرة وفى العامل في الحال ثلاثة أوجه: أحدها معنى كلمته لان معنى وصف عيسى بالكلمة المكون بالكلمة من غير أب، فكأنه قال ومنشؤه ومبتدعه.
والثانى أن يكون التقدير: إذ كان ألقاها، فإذ ظرف للكلمة، وكان تامة، وألقاها حال من فاعل كان، وهو مثل قولهم: ضربى زيدا قائما.
(3/47)
والثالث أن يكون حالا من الهاء المجرورة، والعامل فيها معنى الاضافة تقديره: وكلمة الله ملقيا إياها (وروح منه) معطوف على الخبر أيضا، و (ثلاثة) خبر مبتدإ محذوف: أى إلهنا ثلاثة أو الاله ثلاثة (إنما الله) مبتدأ، و (إله) خبره، و (واحد) توكيد (أن يكون) أى من أن يكون، أو عن أن يكون، وقد مر نظائره، ومثله (لن يستنكف المسيح أن يكون). (ولا الملائكة) معطوف على المسيح، وفى الكلام حذف: أى أن يكونوا عبيدا.
قوله تعالى (برهان من ربكم) إن شئت جعلت من ربكم نعتا لبرهان أو متعلقا بجاء.
[205]
قوله تعالى (صراطا مستقيما) هو مفعول ثان ليهدى، وقيل هو مفعول ليهدى على المعنى، لان المعنى يعرفهم.
قوله تعالى (في الكلالة) في يتعلق بيفتيكم وقال الكوفيون: بيستفتونك، وهذا ضعيف، لانه لو كان كذلك لقال: يفتيكم فيها في الكلالة كما لو تقدمت (إن امرؤ هلك) هو مثل " وإن امرأة خافت " (ليس له ولد) الجملة في موضع الحال من الضمير في هلك (وله أخت) جملة حالية أيضا، وجواب الشرط (فلها) (وهو يرثها) مستأنف لاموضع له، وقد سدت هذه الجملة مسد جواب الشرط الذى هو قوله (إن لم يكن لها ولد). (فإن كانتا اثنتين) الالف في كانتا ضمير الاختين، ودل على ذلك قوله " وله أخت " وقيل هو ضمير من(1)، والتقدير: فإن كان من يرث ثنتين، وحمل ضمير من على المعنى لانها تستعمل في الافراد والتثنية والجمع بلفظ واحد.
فإن قيل: من شرط الخبر أن يفيد مالا يفيده المبتدأ والالف قد دلت على الاثنين. قيل: الفائدة في قوله اثنتين بيان أن الميراث وهو الثلثان هاهنا مستحق بالعدد مجردا عن الصغر والكبر وغيرهما.
(3/48)
فلهذا كان مفيدا (مما ترك) في موضع الحال من الثلثان (فإن كانوا) الضمير للورثة، وقد دل عليه ماتقدم (فللذكر) أى منهم (أن تضلوا) فيه ثلاثة أوجه، أحدها هو مفعول يبين: أى يبين لكم ضلالكم لتعرفوا الهدى، والثانى هو مفعول له تقديره: مخافة أن تضلوا، والثالث تقديره: لئلا تضلوا وهو قول الكوفيين، ومفعول يبين على الوجهين محذوف: أى يبين لكم الحق.
___________________________________
(1) قوله (هو ضمير من الخ) أى المقدرة في الكلام ولايخفى أن تقديرها يندفع به الاشكال الآتى فليتأمل اه.
سورة طه
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(طه) قد ذكر الكلام عليها في القول الذى جعلت فيه حروفا مقطعة، وقيل معناه يارجل، فيكون منادى، وقيل " طا " فعل أمر وأصله بالهمز، ولكن أبدل من الهمزة ألفا، وها ضمير الارض، ويقرأ طه، وفي الهاء وجهان: أحدهما أنها بدل من الهمزة كما أبدلت في أرقت فقيل هرقت. والثانى أنه أبدل من الهمزة ألفا ثم حذفها للبناء وألحقها هاء السكت.
قوله تعالى (إلا تذكرة) هو استثناء منقطع: أى لكن أنزلناه تذكرة: أى للتذكرة، وقيل هو مصدر: أى لكن ذكرنا به تذكرة، ولايجوز أن يكون مفعولا له لانزلنا المذكورة، لانها قد تعدت إلى مفعول له: وهو " لتشقى " فلا يتعدى إلى آخر من جنسه، ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (تنزيلا) هو مصدر: أى أنزلناه تنزيلا، وقيل هو مفعول يخشى، ومن متعلقة به و (العلى) جمع العليا.
[119]
قوله تعالى (له ما في السموات) مبتدأ وخبر، أو تكون " ما " مرفوعة بالظرف وقال بعض الغلاة " ما " فاعل استوى وهو بعيد، ثم هو غير نافع له في التأويل، إذ يبقى قوله " الرحمن على العرش " كلاما تاما، ومنه هرب، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها الاعراب.
قوله تعالى (وأخفى) يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف: أى وأخفى السر عن الخلق، ويجوز أن يكون اسما: أى وأخفى منه.
(3/49)
قوله تعالى (إذ رأى) " إذ " ظرف للحديث أو مفعول به، أى اذكر (لاهله) بكسر الهاء وضمها وقد ذكر، ومن ضم أتبعه مابعده، و (منها) يجوز أن يتعلق بآتيكم أو حالا من (قبس) والجيد في (هذا) هنا أن يكتب بألف، ولايمال لان الالف بدل من التنوين في القول المحقق، وقد أمالها قوم وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة: إذ اللفظ بهما في المقصور واحد.
والثانى أن تكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء: * وآخذ من كل حى عصم *.
والثالث أن تكون على رأى من وقف في الاحوال الثلاثة من غير إبدال.
قوله تعالى (نودى) المفعول القائم مقام الفاعل مضمر: أى نودى موسى، وقيل هو المصدر: أى نودى النداء ومابعده مفسر له و (ياموسى) لايقوم مقام الفاعل لانه جملة (إنى) يقرأ بالكسر: أى فقال إنى أو لان النداء قول، وبالفتح أى نودى بأنى كما تقول: ناديته باسمه، و (أنا) مبتدأ أو توكيد أو فصل.
قوله تعالى (طوى) يقرأ بالضم والتنوين، وهو اسم علم للوادى، وهو بدل منه، ويجوز أن يكون رفعا، أى هو طوى، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة، وقيل هو معدول، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه، فكأن أصله طاوى فهو في ذلك كجمع وكتع، ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الاسماء، وعدا وسوى في الصفات.
قوله تعالى (وأنا اخترتك) على لفظ الافراد، وهو أشبه بما قبله: ويقرأ وإنا اخترناك، على الجمع، والتقدير: لانا اخترناك فاستمع، فاللام تتعلق باستمع، ويجوز أن يكون معطوفا على أنى أى بأنى أنا ربك، وبأنا اخترناك.
قوله تعالى (لذكرى) اللام تتعلق بأقم، والتقدير عند ذكرك إياى، فالمصدر مضاف إلى المفعول، وقيل هو إلى الفاعل: أى لذكرى إياك أو إياها.
[120]
قوله تعالى (أخفيها) بضم الهمزة وفيه وجهان: أحدهما أسترها(1) أى من نفسى لانه لم يطلع عليها مخلوقا.
(3/50)
والثانى أظهرها، قيل هو من الاضداد، وقيل الهمزة للسلب: أى أزيل خفاء ها، ويقرأ بفتح الهمزة ومعناه أظهرها، يقال: خفيت الشئ: أى أظهرته (لتجزى) اللام تتعلق بأخفيها، وقيل بآتية، ولذلك وقف عليه بعضهم وقفة يسيرة إيذانا بانفصالها عن أخفيها، وقيل لفظه لفظ كى، وتقديره: القسم: أى لتجزين، ومامصدرية، وقيل بمعنى الذى: أى تسعى فيه.
قوله تعالى (فتردى) يجوز أن يكون نصبا على جواب النهى، ورفعا أى فإذا أنت تردى.
قوله تعالى (وما تلك) " ما " مبتدأ، وتلك خبره، وهو بمعنى هذه، و (بيمينك) حال يعمل فيها معنى الاشارة، وقيل هو بمعنى الذى، فيكون بيمينك صفة لها.
قوله تعالى (عصاى) الوجه فتح الياء لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالكسر وهو ضعيف لاستثقاله على الياء، ويقرأ عصى، وقد ذكر نظيره في البقرة، و (أتوكأ) وما بعده مستأنف، وقيل موضعه حال من الياء أو من العصا، وقيل هو خبر هى، وعصاى مفعول بفعل محذوف، وقيل هى خبر، وأتوكأ خبر آخر، وأهش بالشين المعجمة: أى أقوم بها على الغنم أو أهول ونحو ذلك، ويقرأ بكسر الهاء: أى أكسر بها على غنمى عاديتها من قولك: هششت الخبز إذا كسرته بعد يبسه، ويقرأ بضم الهاء وسين غير معجمة من قولك: هس الغنم يهسها إذا ساقها، وعدى بعلى لان معناه أقوم بها أو أهول، و (أخرى) على تأنيث الجمع، ولو قال أخر لكان على اللفظ، (تسعى) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا، وإذا للمفاجأة ظرف مكان، فالعامل فيها تسعى أو محذوف، وقد ذكر ذلك.
(3/51)
قوله تعالى (سيرتها الاولى) هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال، لان معنى سيرتها صفتها أو طريقتها، ويجوز أن يكون ظرفا: أى في طريقتها، وقيل التقدير إلى سيرتها، و (بيضاء) حال، و (من غير سوء) يجوز أن يتعلق بتخرج، وأن يكون صفة لبيضاء أو حالا من الضمير في بيضاء، و (آية) حال أخرى بدل من الاول أو حال من الضمير في بيضاء: أى تبيض آية أو حال من الضمير في الجار وقيل منصوبة بفعل محذوف: أى وجعلناها آية أو أتيناك آية، و (لنريك) متعلق بهذا المحذوف، ويجوز أن يتعلق بما دل عليه آية أى دللنا بها
___________________________________
(1) قوله (أسترها) أى من نفسى. قال السفاقسى: هذا المعنى مروى عن ابن عباس ويؤول على معنى من تلقاء ومن عندى اه. (*)
[121]
لنريك، ولايتعلق بنفس آية لانها قد وصفت، و (الكبرى) صفة لآيات، وحكمها حكم مآرب. ولو قال الكبر لجاز، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بنريك. ومن آياتنا حال منها: أى لنريك الآية الكبرى من آياتنا.
قوله تعالى (ويسر لى) يقال يسرت له كذا، ومنه هذه الآية، ويسرته لكذا ومنه قوله تعالى " فسنيسره لليسرى " و (من لسانى) يجوز أن يتعلق باحلل، وأن يكون وصفا لعقدة.
قوله تعالى (وزيرا) الواو أصل لانه من الوزر والموازرة، وقيل هى بدل من الهمزة لان الوزير يشد أزر الموازر، وهو قليل وفعيل هنا بمعنى المفاعل، كالعشير والخليط، وفى مفعولى أجعل ثلاثة أوجه: أحدها أنهما وزير وهارون، ولكن قدم المفعول الثانى، فعلى هذا يجوز أن يتعلق " لى " باجعل، وأن يكون حالا من وزير.
والثانى أن يكون وزيرا مفعولا أول، و " لى " الثانى، وهارون بدل أو عطف بيان، وأخى كذلك.
والثالث أن يكون المفعول الثانى من أهلى، ولى تبيين مثل قوله " ولم يكن له كفوا أحد " وهارون أخى على ماتقدم، ويجوزأن ينتصب هارون بفعل محذوف: أى اضمم إلى هارون.
(3/52)
قوله تعالى (اشدد) يقرأ بقطع الهمزة (وأشركه) بضم الهمزة وجزمها على جواب الدعاء، والفعل مسند إلى موسى، ويقرآن على لفظ الامر.
قوله تعالى (كثيرا) أى تسبيحا كثيرا أو وقتا كثيرا، والسؤال والسؤلة بمعنى المفعول مثل الاكل بمعنى المأكول.
قوله تعالى (إذ أوحينا) هو ظرف لمننا (اقذفيه) يجوز أن تكون " أن " مصدرية بدلا من مايوحى، أو على تقدير هو أن اقذفيه: ويجوز أن تكون بمعنى: أى (فليلقه) أمر للغائب، و (منى) تتعلق بألقيت، ويجوز أن تكون نعتا لمحبة (ولتصنع) أى لتحب ولتصنع، ويقرأ على لفظ الامر: أى ليصنعك غيرك بأمرى ويقرأ بكسر اللام وفتح التاء والعين: أى لتفعل ماآمرك بمرأى منى (إذ تمشى) يجوز أن يتعلق بأحد الفعلين: وأن يكون بدلا من إذ الاولى لان مشى أخته كان منة عليه، وأن يكون التقدير: اذكر إذ تمشى، و (فتونا) مصدر مثل القعود، ويجوز أن يكون جمعا تقديره: بفتون كثيرة: أى بأمور تختبر بها، و (على قدر) حال: أى موافقا لما قدر لك.
[122]
قوله تعالى (أن يفرط) الجمهور على فتح الياء وضم الراء فيجوز أن يكون
التقدير: أن يفرط علينا منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول: فرط منى قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في (يطغى).
قوله تعالى (فمن ربكما ياموسى) أى وهارون، فحذف للعلم به، ويجوز أن يكون طلب الاخبار من موسى وحده إذ كان هو الاصل، ولذلك قال (قال ربنا الذى) و (خلقه) مفعول أول، وكل شئ ثان: أى أعطى مخلوقه كل شئ، وقيل هو على وجهه، والمعنى أعطى كل شئ مخلوق خلقه: أي هو الذى ابتدعه، ويقرأ خلقه على الفعل، والمفعول الثانى محذوف للعلم به.
قوله تعالى (علمها) مبتدأ، وفى الخبر عدة أوجه: أحدها (عند ربى) و (في كتاب) على هذا معمول الخبر، أو خبر ثان، أو حال من الضمير في عند.
(3/53)
والثانى أن يكون الخبر في كتاب، وعند حال العامل فيها الظرف الذى بعدها على قول الاخفش، وقيل يكون حالا من المضاف إليه في علمها. وقيل يكون ظرفا للظرف الثانى، وقيل هو ظرف للعلم.
والثالث أن يكون الظرفان خبرا واحدا، مثل هذا حلو حامض، ولايجوز أن يكون في كتاب متعلقا بعلمها، وعند الخبر لان المصدر لايعمل فيما بعد خبره (لابضل) في موضع جر صفة لكتاب، وفى التقدير وجهان: أحدهما لايضل ربى عن حفظه. والثانى لايضل الكتاب ربى: أى عنه فيكون ربى مفعولا، ويقرأ بضم الياء: أى يضل أحد ربى عن علمه، ويجوز أن يكون ربى فاعلا: أى لايجد الكتاب ضالا: أى ضائعا كقوله تعالى " ضل من تدعون " ومفعول (ينسى) محذوف: أى ولاينساه، ويقرأ بضم الياء: أى لاينسى أحد ربى أو لاينسى الكتاب.
قوله تعالى (مهدا) هو مصدر وصف به، ويجوز أن يكون التقدير: ذات مهد، ويقرأ مهادا مثل فراش، ويجوز أن يكون جمع مهد (شتى) جمع شتيت مثل مريض ومرضى، وهو صفة لازواج أو لبنات (والنهى) جمع نهية، وقيل هو مفرد.
قوله تعالى (بسحر مثله) يجوز أن يتعلق بلنأتينك، وأن يكون حالا من الفاعلين (فاجعل بيننا وبينك موعدا) هو هاهنا مصدر لقوله تعالى (لانخلفه نحن ولاأنت مكانا) أى في مكان، (سوى) بالكسر صفة شاذة مثله قوم عدى، ويقرأ بالضم وهو أكثر في الصفات، ومعناه وسط، ويجوز أن
[123]
يكون مكانا مفعولا ثانيا لاجعل وموعدا على هذا مكان أيضا، ولاينتصب بموعد لانه مصدر قد وصف، وقد قرئ سوى بغير تنوين على إجراء الوصل مجرى الوقف.
(3/54)
قوله تعالى (قال موعدكم) هو مبتدأ. و (يوم الزينة) بالرفع الخبر فإن جعلت موعدا زمانا كان الثانى هو الاول، وإن جعلت موعدا مصدرا كان التقدير: وقت موعدكم يوم الزينة، ويقرأ يوم بالنصب على أن يكون موعدا مصدرا، والظرف خبر عنه: أى موعدكم واقع يوم الزينة، وهو مصدر في معنى المفعول (وأن يحشر الناس) معطوف، والتقدير: ويوم أن يحشر الناس فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى موعدكم أن يحشر الناس، ويقرأ نحشر على تسمية الفاعل: أى فرعون، والناس نصب.
قوله تعالى (فيسحتكم) يقرأ بفتح الياء وضمها، والماضى سحت وأسحت لغتان، وانتصب على جواب النهى.
قوله تعالى (إن هذين) يقرأ بتشديد إن وبالياء في هذين وهى علامة النصب، ويقرأ " إن " بالتشديد وهذان بالالف وفيه أوجه: أحدها أنها بمعنى نعم ومابعدها مبتدأ وخبر. والثانى إن فيها ضمير الشأن محذوف ومابعدها مبتدأ وخبر أيضا، وكلا الوجهين ضعيف من أجل اللام التى في الخبر، وإنما يجئ مثل ذلك في ضرورة الشعر.
وقال الزجاج التقدير لهما ساحران، فحذف المبتدأ، والثالث أن الالف هنا علامة التثنية في كل حال، وهى لغة لبنى الحرث، وقيل لكنانة، ويقرأ إن بالتخفيف، وقيل هى مخففة من الثقيلة وهو ضعيف أيضا، وقيل هى بمعنى ما واللام بمعنى إلا، وقد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويذهبا بطريقتكم) أى يذهبا طريقكم فالباء معدية كما أن الهمزة معدية.
قوله تعالى (فأجمعوا) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الميم، وهو من الجمع الذى هو ضد التفريق، ويدل عليه قوله تعالى " فجمع كيده " والكيد بمعنى مايكاد به، ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الميم، وهو لغة في جمع قاله الاخفش، وقيل التقدير: على كيدكم، و (صفا) حال: أى مصطفين، وقيل مفعول به: أى اقصدوا صف أعدائكم.
قوله تعالى (إما أن تلقى) قد ذكر في الاعراف.
(3/55)
قوله تعالى (فإذا) هى للمفاجأة، و (حبالهم) مبتدأ والخبر إذا فعلى هذا (يخيل) حال، وإن شئت كان يخيل الخبر، ويخيل بالياء على أنه مسند إلى السعى:
[124]
أى يخيل إليهم سعيها، ويجوز أن يكون مسندا إلى ضمير الحبال، وذكر لان التأنيث غير حقيقى أو يكون على تقدير يخيل الملقى، و (أنها تسعى) بدل منه بدل الاشتمال ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال: أى تخيل الحبال ذات سعى.
ومن قرأ بالتاء ففيه ضمير الحبال، وأنها تسعى بدل منه، وقيل هو في موضع نصب: أى يخيل إليهم بأنها ذات سعى، ويقرأ بفتح التاء وكسر الياء، أى تخيل الحبال إليهم سعيها.
قوله تعالى (تلقف) يقرأ بالجزم على الجواب، والفاعل ضمير ما، وأنث لانه أراد العصا، ويجوز أن يكون ضمير موسى عليه السلام ونسب ذلك إليه لانه يكون بتسببه، ويقرأ بضم الفاء على أنه حال من العصا أو من موسى، وهى حال مقدرة، وتشديد القاف وتخفيفها قراء تان بمعنى، وأما تشديد التاء فعلى تقدير: تتلقف، وقد ذكر مثله في مواضع (إن ماصنعوا) من قرأ (كيد) بالرفع ففى " ما " وجهان أحدهما هى بمعنى الذى، والعائد محذوف. والثانى مصدرية، ويقرأ بالنصب على أن تكون ماكافة، وإضافة كيد إلى ساحر إضافة المصدر إلى الفاعل، وقرئ كيد سحر وهو إضافة الجنس إلى النوع.
قوله تعالى (في جذوع النخل) في هنا على بابها، لان الجذع مكان للمصلوب ومحتو عليه: وقيل هى بمعنى على.
قوله تعالى (والذى فطرنا) في موضع جر: أى وعلى الذى، وقيل هو قسم (ماأنت قاض) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى: أى افعل الذى أنت عازم عليه. والثانى هى زمانية: أى اقض أمرك مدة ماأنت قاض (هذه الحياة الدنيا) هو منصوب بتقضى، و " ما " كافة: أى تقضى أمور الحياة الدنيا، ويجوز أن يكون ظرفا، والمفعول محذوف، فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن.
(3/56)
قوله تعالى (وما أكرهتنا) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى معطوفة على الخطايا، وقيل في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف: أى وما أكرهتنا عليه مسقط أو محطوط، و (من السحر) حال من " ما " أو من الهاء. والثانى هى نافية، وفى الكلام تقديم تقديره. ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه.
قوله تعالى (إنه من يأت) الضمير هو الشأن والقصة.
[125]
قوله تعالى (جنات عدن) هى بدل من الدرجات، ولايجوز أن يكون التقدير هى جنات لان (خالدين فيها) حال، وعلى هذا التقدير لايكون في الكلام مايعمل في الحال، وعلى الاول يكون العامل في الحال الاستقرار أو معنى الاشارة.
قوله تعالى (فاضرب لهم طريقا) التقدير: موضع طريق، فهو مفعول به على الظاهر، ونظيره قوله تعالى " أن اضرب بعصاك البحر " وهو مثل ضربت زيدا وقيل ضرب هنا بمعنى جعل، وشرع مثل قولهم ضربت له بسهم، و (يبسا) بفتح الباء مصدر: أى ذات يبس، أو أنه وصفها بالمصدر مبالغة، وأما اليبس بسكون الباء فصفة بمعنى اليابس (لاتخاف) في الرفع ثلاثة أوجه: أحدها هو مستأنف.
والثانى هو حال من الضمير في اضرب.
والثالث هو صفة للطريق، والعائد محذوف أى ولاتخاف فيه، ويقرأ بالجزم على النهى أو على جواب الامر وأما (لاتخشى) فعلى القراء ة الاولى هو مرفوع مثل المعطوف عليه، ويجوز أن يكون التقدير: وأنت لاتخشى، وعلى قراء ة الجزم هو حال: أى وأنت لاتخشى، ويجوز أن يكون التقدير فاضرب لهم غير خاش، وقيل الالف في تقدير الجزم شبهت بالحروف الصحاح، وقيل نشأت لاشباع الفتحة ليتوافق رء وس الآى.
قوله تعالى (بجنوده) هو في موضع الحال: والمفعول الثانى محذوف: أى فأتبعهم فرعون عقابه ومعه جنوده، وقيل أتبع بمعنى اتبع، فتكون الباء معدية.
(3/57)
قوله تعالى (جانب الطور) هو مفعول به: أى إتيان جانب الطور ولايكون ظرفا لانه مخصوص (فيحل) هو جواب النهى، وقيل هو معطوف فيكون نهيا أيضا كقولهم: لاتمددها فتشقها (ومن يحلل) بضم اللام: أى ينزل كقوله تعالى " أو تحل قريبا من دارهم " وبالكسر بمعنى يجب كقوله " ويحل عليه عذاب مقيم ".
قوله تعالى (وماأعجلك) " ما " استفهام مبتدأ وأعجلك الخبر.
قوله تعالى (هم) مبتدأ، و (أولاء) بمعنى الذى (على أثرى) صلته، وقد ذكر ذلك مستقصى في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون ".
قوله تعالى (وعدا حسنا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا أو أن يكون مفعولا به بمعنى الموعود.
قوله تعالى (بملكنا) يقرأ بكسر الميم وفتحها وضمها، وفيه وجهان: أحدهما أنها لغات، والجميع مصدر بمعنى القدرة. والثانى أن الضم مصدر ملك بين الملك والفتح بمعنى المملوك: أى بإصلاح مايملك والكسر مصدر مالك، وقد يكون بمعنى
[126]
المملوك أيضا، وإذا جعل مصدرا كان مضافا إلى الفاعل، والمفعول محذوف: أى بملكنا أمرنا أو الصواب أو الخطأ (حملنا) بالتخفيف، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله: أى حملنا قومنا (فكذلك) صفة لمصدر محذوف: أى إلقاء مثل ذلك، وفاعل (نسى) موسى عليه السلام، وهو حكاية عن قومه، وقيل الفاعل ضمير السامرى.
قوله تعالى (أن لايرجع) أن مخففة من الثقيلة، ولا كالعوض من اسمها المحذوف وقد قرئ يرجع بالنصب على أن تكون أن الناصبة وهو ضعيف لان يرجع من أفعال اليقين، وقد ذكرنا ذلك في قوله " وحسبوا أن لاتكون ".
قوله تعالى (أن لاتتبعن) لازائدة مثل قوله " مامنعك أن لاتسجد " وقد ذكر، و (ياابن أم) قد ذكر في الاعراف (لاتأخذ بلحيتى) المعنى لاتأخذنى بلحيتى، فلذلك دخلت الباء، وفتح اللام لغة، وقد قرئ بهما.
(3/58)
قوله تعالى (بصرت بما لم يبصروا) يتعدى بحرف جر، فإن جئت بالهمز تعدى بنفسه كفرح وأفرحته، ويبصروا بالياء على الغيبة يعنى قوم موسى، وبالتاء على الخطاب، والمخاطب موسى وحده، ولكن جمع الضمير لان قومه تبع له، وقرئ بصرت بكسر الصاد، وتبصروا بفتحها، وهى لغة (قبضت) بالضاد بمل ء الكف وبالصاد بأطراف الاصابع وقد قرئ به، و (قبضة) مصدر بالضاد والصاد، ويجوز أن تكون بمعنى المقبوض فتكون مفعولا به، ويقرأ قبضة بضم القاف وهى بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (لامساس) يقرأ بكسر الميم وفتح السين وهو مصدر ماسه: أى لاأمسك ولاتمسنى، ويقرأ بفتح الميم وكسر السين وهو اسم للفعل: أى لاتمسنى وقيل هو اسم للخبر: أى لايكون بيننا مماسة (لن تخلفه) بضم التاء وكسر اللام أى لاتجده مخلفا مثل أحمدته وأحببته، وقيل المعنى سيصل إليك، فكأنه يفى به، ويقرأ بضم التاء وفتح اللام على مالم يسم فاعله، ويقرأ بالنون وكسر اللام: أى لن تخلفه فحذف المفعول الاول.
قوله تعالى (ظلت) يقرأ بفتح الظاء وكسرها وهما لغتان، والاصل ظللت بكسر اللام الاولى فحذفت ونقلت كسرتها إلى الظاء ومن فتح لم ينقل، (لنحرقنه) بالتشديد من تحريق النار، وقيل هو من حرق ناب البعير إذا وقع بعضه على بعض،
[127]
والمعنى لنبردنه وشدد للتكثير، ويقرأ بضم الراء والتخفيف وهى لغة في حرف ناب البعير (لننسفنه) بكسر السين وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما.
قوله تعالى (وسع) يقرأ بكسر السين والتخفيف، و (علما) تمييز، أى وسع علمه كل شئ، ويقرأ بالتشديد والفتح وهو يتعدى إلى مفعولين، والمعنى أعطى كل شئ علما، وفيه وجه آخر وهو أن يكون بمعنى عظم خلق كل شئ عظيم كالارض والسماء، وهو بمعنى بسط، فيكون علما تمييز (كذلك) صفة لمصدر محذوف: أى قصصا كذلك: أى نقص نبأ من أنباء.
(3/59)
قوله تعالى (خالدين) حال من الضمير في يحمل وحمل الضمير الاول على لفظ من فوحد، وخالدين على المعنى فجمع، و (حملا) تمييز لاسم ساء وساء مثل بئس والتقدير: وساء الحمل حملا ولاينبغى أن يكون التقدير: وساء الوزر، لان المميز ينبغى أن يكون من لفظ اسم بئس.
قوله تعالى (ينفخ) بالياء على مالم يسم فاعله، وبالنون والياء على تسمية الفاعل، و (زرقا) حال، و (يتخافتون) حال أخرى بدل من الاولى، أو حال من الضمير في زرقا.
قوله تعالى (فيذرها) الضمير للارض، ولم يجز لها ذكر، ولكن الجبال تدل عليها. و (قاعا) حال، و (لاترى) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أيضا أو صفة للحال (لاعوج له) يجوز أن يكون حالا من الداعى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إلا من أذن) " من " في موضع نصب بتنفع، وقيل في موضع رفع: أى إلا شفاعة من أذن فهو بدل.
قوله تعالى (وقد خاب) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (فلا يخاف) هو جواب الشرط، فمن رفع استأنف، ومن جزم فعل النهى.
قوله تعالى (وكذلك) الكاف نعت لمصدر محذوف: أى إنزالا مثل ذلك (وصرفنا فيه من الوعيد) أى وعيدا من الوعيد وهو جنس، وعلى قول الاخفش " من " زائدة.
قوله تعالى (يقضى) على مالم يسم فاعله، و (وحيه) مرفوع به، وبالنون وفتح الياء ووحيه نصب.
[128]
قوله تعالى (له عزما) يجوز أن يكون مفعول نجد بمعنى نعلم، وأن يكون عزما مفعول نجد، ويكون بمعنى نصب، وله إما حال من عزم أو متعلق بنجد.
قوله تعالى (أبى) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (فتشقى) أفرد بعد التثنية لتتوافق رؤوس الآى مع أن المعنى صحيح لان آدم عليه السلام هو المكتسب، وكان أكثر بكاء على الخطيئة منها.
قوله تعالى (وأنك) يقرأ بفتح الهمزة عطفا على موضع ألا تجوع، وجاز أن تقع " أن " المفتوحة معمولة لان لما فصل بينهما، والتقدير أن لك الشبع والرى والكن ويقرأ بالكسر على الاستئناف أو العطف على " أن " الاولى.
(3/60)
قوله تعالى (فوسوس إليه) عدى وسوس بإلى لانه بمعنى أسر، وعداه في موضع آخر باللام لانه بمعنى ذكر له، أو يكون بمعنى لاجله.
قوله تعالى (فغوى) الجمهور على الالف، وهو بمعنى فسد وهلك، وقرئ شاذا بالياء وكسر الواو، وهو من غوى الفصيل إذا أبشم على اللبن وليست بشئ.
قوله تعالى (ضنكا) الجمهور على التنوين، وأن الالف في الوقف مبدلة منه، والضنك الضيق، ويقرأ ضنكى على مثال سكرى.
قوله تعالى (ونحشره) يقرأ بضم الراء على الاستئناف، وبسكونها إما لتوالى الحركات، أو أنه مجزوم حملا على موضع جواب الشرط وهو قوله " فإن له ". و (أعمى) حال.
قوله تعالى (كذلك) في موضع نصب: أى حشرنا مثل ذلك، أو فعلنا مثل ذلك، وإتيانا مثل ذلك، أو جزاء مثل إعراضك، أو نسيانا.
قوله تعالى (يهد لهم) في فاعله وجهان: أحدهما ضمير اسم الله تعالى: أى ألم يبين الله لهم، وعلق بين هنا إذ كانت بمعنى أعلم كما علقه في قوله تعالى " وتبين لكم كيف فعلنا بهم ". والثانى أن يكون الفاعل مادل عليه أهلكنا: أى إهلاكنا، والجملة مفسرة له، ويقرأ بالنون و (كم) في موضع نصب ب (أهلكنا) أى كم قرنا أهلكنا، وقد استوفينا ذلك في " سل بنى إسرائيل " (يمشون) حال من الضمير المجرور في لهم: أى ألم يبن للمشركين في حال مشيهم في مساكن من أهلك من الكفار، وقيل هو حال من المفعول في أهلكنا: أى أهلكناهم في حال غفلتهم.
[129]
قوله تعالى (وأجل مسمى) هو معطوف على كلمة: أى ولولا أجل مسمى لكان العذاب لازما، واللزام مصدر في موضع اسم الفاعل، ويجوز أن يكون جمع لازم مثل قائم وقيام.
(3/61)
قوله تعالى (ومن آناء الليل) هو في موضع نصب بسبح الثانية (وأطراف) محمول على الموضع أو معطوف على قبل، ووضع الجمع موضع التثنية لان النهار له طرفان، وقد جاء في قوله " أقم الصلاة طرفى النهار " وقيل لما كان النهار جنسا جمع الاطراف، وقيل أراد بالاطراف الساعات، كما قال تعالى " ومن آناء الليل " (لعلك ترضى) وترضى وهما ظاهران.
قوله تعالى (زهرة) في نصبه أوجه:
أحدها أن يكون منصوبا بفعل محذوف دل عليه متعنا: أى جعلنا لهم زهرة.
والثانى أن يكون بدلا من موضع به.
والثالث أن يكون بدلا من أزواج، والتقدير: ذوى زهرة، فحذف المضاف، ويجوز أن يكون جعل الازواج زهرة على المبالغة ولايجوز أن يكون صفة لانه معرفة. وأزواجا نكرة.
والرابع أن يكون على الذم أى أذم أو أعنى.
والخامس أن يكون بدلا من مااختاره بعضهم، وقال آخرون: لايجوز لان قوله تعالى " لنفتنهم " من صلة متعنا فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالاجنبى.
والسادس أن يكون حالا من الهاء أو من " ما " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وجر الحياة على البدل من " ما " اختاره مكى، وفيه نظر.
والسابع أنه تمييز لما أو للهاء في به، حكى عن الفراء، وهو غلط لانه معرفة.
قوله تعالى (والعاقبة للتقوى) أى لذوى التقوى، وقد دل على ذلك قوله " والعاقبة للمتقين ".
قوله تعالى (أو لم تأتهم) يقرأ بالتاء على لفظ التثنية، وبالياء على معنى البيان وقرئ (بينة) بالتنوين، و (ما) بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف، وحكى عن بعضهم بالنصب والتنوين على أن يكون الفاعل " ما " وبينة حال مقدمة، و (الصحف) بالتحريك والاسكان (فنتبع) جواب الاستفهام و (نذل ونخزى) على تسمية الفاعل وترك تسميته.
قوله تعالى (من أصحاب) من مبتدأ وخبر، والجملة في موضع نصب، ولاتكون " من " بمعنى الذى إذ لاعائد عليها، وقد حكى ذلك عن الفراء (الصراط السوى) فيه خمس قراء آت: الاولى على فعيل أى المستوى.
(3/62)
والثانية السواء أى الوسط والثالثة السوء بفتح السين بمعنى النشر والرابعة السوء ى، وهو تأنيث الاسوأ وأنث على معنى الصراط أى الطريقة كقوله تعالى " استقاموا على الطريقة ".والخامس السوى على تصغير السوء.
[130]
(ومن اهتدى) بمعنى الذى، وفيه عطف الخبر على الاستفهام، وفيه تقوية قول الفراء: ويجوز أن يكون في موضع جر: أى وأصحاب من اهتدى، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون استفهاما كالاول.
سورة الانبياء عليهم السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وهم في غفلة) هم مبتدأ، و (معرضون) الخبر، وفى غفلة يجوز أن يكون حالا من الضمير في معرضون: أى أعرضوا غافلين، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا.
قوله تعالى (محدث) محمول على لفظ ذكر ولو رفع على موضع من ذكر جاز، ومن ربهم يجوز أن يتعلق بيأتيهم، وأن يكون صفة لذكر، وأن يتعلق بمحدث وأن يكون حالا من الضمير في محدث.
قوله تعالى (لاهية) هو حال من الضمير في يلعبون، ويجوز أن يكون حالا من الواو في استمعوه.
قوله تعالى (الذين ظلموا) في موضعه ثلاثة أوجه أحدها الرفع، وفيه أربعة أوجه: أحدها أن يكون بدلا من الواو في أسروا والثانى أن يكون فاعلا والواو حرف للجمع لااسم. والثالث أن يكون مبتدأ والخبر هل هذا، والتقدير: يقولون هل هذا والرابع أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى هم الذين ظلموا والوجه الثانى أن يكون منصوبا على إضمار أعنى والثالث أن يكون مجرورا صفة للناس.
قوله تعالى (قال ربى) يقرأ قل على الامر، وقال على الخبر (في السماء) حال من القول أو حال من الفاعل في يعلم وفيه ضعف: ويجوز أن يتعلق بيعلم.
قوله تعالى (أضغاث أحلام) أى هذا أضغاث (كما أرسل) أى إتيانا مثل إرسال الاولين، و (أهلكناها) صفة لقرية إما على اللفظ أو على الموضع، و (يوحى) بالياء، و (إليهم) قائم مقام الفاعل، ونوحى بالنون، والمفعول محذوف: أى الامر والنهى.
(3/63)
قوله تعالى (جسدا) هو مفرد في موضع الجمع، والمضاف محذوف: أى ذوى أجساد، و (لايأكلون) صفة لاجساد.
[131]
وجعلناهم يجوز أن يكون متعديا إلى اثنين، وأن يتعدى إلى واحد، فيكون جسدا حالا، ولايأكلون حالا أخرى.
قوله تعالى (فيه ذكركم) الجملة صفة لكتاب، وذكركم مضاف إلى المفعول أى ذكرنا إياكم، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أى ماذكرتم من الشرك وتكذيب النبى صلى الله عليه وسلم، فيكون المفعول محذوفا (وكم) في موضع نصب ب (قصمنا) و (كانت ظالمة) صفة لقرية.
قوله تعالى (إذا هم) للمفاجأة فهو مبتدأ، و (يركضون) الخبر، وإذا ظرف للخبر.
قوله تعالى (تلك دعواهم) تلك في موضع رفع اسم زالت، ودعواهم الخبر. ويجوز العكس، والدعوى قولهم ياويلنا، و (حصيدا) مفعول ثان، والتقدير: مثل حصيد، فلذلك لم يجمع كما لايجمع مثل المقدر: و (خامدين) بمنزلة هذا حلو حامض، ويجوز أن يكون صفة لحصيد، و (لاعبين) حال من الفاعل في خلقنا، و (إن كنا) بمعنى ماكنا، وقيل هى شرط (فيدمغه) قرئ شاذا بالنصب وهو بعيد، والحمل فيه على المعنى: أى بالحق فالدمغ، (مما يصفون) حال: أى ولكم الويل واقعا، و " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة أو مصدرية.
قوله تعالى (ومن عنده) فيه وجهان: أحدهما أن تكون " من " معطوفة على " من " الاولى والاولى مبتدأ وله الخبر أو هى مرفوعة بالظرف، فعلى هذا (لايستكبرون) حال إما من " من " الاولى أو الثانية على قول من رفع بالظرف، أو من الضمير في الظرف الذى هو الخبر، أو من الضمير في عنده. والوجه الثانى أن تكون من الثانية مبتدأ، ولا يستكبرون الخبر.
قوله تعالى (يسبحون) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل قبلها، و (لايفترون) حال من ضمير الفاعل في يسبحون.
قوله تعالى (من الارض) هو صفة لآلهة. أو متعلق باتخذوا على معنى ابتداء غاية الاتخاذ.
(3/64)
قوله تعالى (إلا الله) الرفع على أن إلا صفة بمعنى غير، ولايجوز أن يكون بدلا، لان المعنى يصير إلى قولك: لو كان فيهما الله لفسدتا، ألا ترى أنك لو قلت: ماجاء نى قومك إلا زيد على البدل لكان المعنى: جاء نى زيد وحده، وقيل يمتنع البدل،
[132]
لان ماقبلها إيجاب، ولايجوز النصب على الاستثناء لوجهين: أحدهما أنه فاسد في المعنى، وذلك أنك إذا قلت: لو جاء نى القوم إلا زيدا لقتلتهم: كان معناه أن القتل امتنع لكون زيد مع القوم، فلو نصبت في الآية لكان المعنى: إن فساد السموات والارض امتنع لوجود الله تعالى مع الآلهة، وفى ذلك إثبات إله مع الله، وإذا رفعت على الوصف لايلزم مثل ذلك، لان المعنى لو كان فيهما غير الله لفسدتا.
والوجه الثانى أن آلهة هنا نكرة والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحققين، لانه لاعموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء.
قوله تعالى (ذكر من معى) الجمهور على الاضافة، وقرئ بالتنوين على أن تكون " من " في موضع نصب بالمصدر، ويجوز أن تكون في موضع رفع على إقامة المصدر مقام مالم يسم فاعله، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الميم، والتقدير: هذا ذكر من كتاب معى، ومن كتاب قبلى ونحو ذلك فحذف الموصوف.
قوله تعالى (الحق) الجمهور على النصب بالفعل قبله، وقرئ بالرفع على تقدير حذف مبتدأ.
قوله تعالى (بل عباد) أى هم عباد، (مكرمون) بالتخفيف والتشديد، و (لايسبقونه) صفة في موضع رفع.
قوله تعالى (فذلك) في موضع رفع بالابتداء، وقيل في موضع نصب بفعل دل عليه (نجزيه) والجملة جواب الشرط، و (كذلك) في موضع نصب ب (نجزى) أى جزاء مثل ذلك.
(3/65)
قوله تعالى (أو لم) يقرأ بالواو وبحذفها، وقد ذكر نظيره في البقرة عند قوله تعالى " وقالوا اتخذ الله " (كانتا) الضمير يعود على الجنسين، و (رتقا) بسكون التاء: أى ذاتى رتق أو مرتوقتين، كالخلق بمعنى المخلوق، ويقرأ بفتحها وهو بمعنى المرتوق كالقبض والنقض (وجعلنا) أى وخلقنا، والمفعول (كل شئ) و (حى) صفة ومن لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون صفة لكل تقدم عليه فصار حالا، ويجوز أن تكون جعل بمعنى صير، فيكون من الماء مفعولا ثانيا، ويقرأ " حيا " علىأن يكون صفة لكل، أو مفعولا ثانيا.
قوله تعالى (أن تميد) أى مخافة أن تميد، أو لئلا تميد، و (فجاجا) حال من (سبل) وقيل سبلا بدل: أى سبلا (فجاجا) كما جاء في الآية الاخرى.
[133]
قوله تعالى (كل) أى كل واحد منهما أو منها، ويعود إلى الليل والنهار والشمس والقمر و (يسبحون) خبر كل على المعنى، لان كل واحد منها إذا سبح فكلها تسبح، وقيل يسبحون على هذا الوجه حال، والخبر في فلك، وقيل التقدير: كلها والخبر يسبحون، وأتى بضمير الجمع على معنى كل، وذكره كضمير من يعقل لانه وصفها بالسباحة، وهى من صفات من يعقل.
قوله تعالى (أفإن مت) قد ذكر في قوله تعالى " وما محمد إلا رسول ".
قوله تعالى (فتنة) مصدر مفعول له، أو في موضع الحال: أى فاتنين، أو على المصدر بمعنى نبلوكم: أى تفتنكم بهما فتنة.
قوله تعالى (إلا هزوا) أى مهزوا به، وهو مفعول ثان، وأعاد ذكرهم توكيدا.
قوله تعالى (من عجل) في موضع نصب بخلق على المجاز كما تقول خلق من طين، وقيل هو حال: أى عجلا، وجواب " لو " محذوف، و (حين) مفعول به لاظرف، و (بغتة) مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (من الرحمن) أى من أمر الرحمن، فهو في موضع نصب بيكلؤكم ونظيره يحفظونه من أمر الله.
قوله تعالى (لا يستطيعون) هو مستأنف.
قوله تعالى (ننقصها من أطرافها) قد ذكر في الرعد.
(3/66)
قوله تعالى (ولا يسمع) في قراء ات وجوهها ظاهرة، و (إذا) منصوبة بيسمع أو بالدعاء، فعلى هذا القول يكون المصدر المعرف بالالف واللام عاملا بنفسه.
قوله تعالى (من عذاب) صفة لنفحة أو في موضع نصب بمستهم قوله تعالى (القسط) إنما أفرد وهو صفة لجمع لانه مصدر وصف به، وإن شئت قلت: التقدير ذوات القسط (ليوم القيامة) أى لاجله، وقيل هى بمعنى في، و (شيئا) بمعنى المصدر، و (مثقال) بالنصب على أنه خبر كان: أى وإن كان الظلم أو العمل، ويقرأ بالرفع على أن تكون كان التامة، و (من خردل) صفة لحبة أو لمثقال، و (أتينا) بالقصر جئنا، ويقرأ بالمد بمعنى جازينا بها، فهو يقرب من معنى أعطينا لان الجزاء إعطاء، وليس منقولا من أتينا لان ذلك ينقل عنهم.
[134]
قوله تعالى (وضياء) قيل دخلت الواو على الصفة كما تقول: مررت بزيد الكريم والعالم، فعلى هذا يكون حالا: أى الفرقان مضيئا، وقيل هى عاطفة: أى آتيناه ثلاثة أشياء. الفرقان، والضياء، والذكر.
قوله تعالى (الذين يخشون) في موضع جر على الصفة، أو نصب بإضمار أعنى، أو رفع على إضمارهم. و (بالغيب) حال.
قوله تعالى (إذ قال) إذ ظرف لعالمين أو لرشده، أو لآتينا، ويجوز أن يكون بدلا من موضع " من قبل " ويجوز أن ينتصب بإضمار أعنى أو بإضمار اذكر (لها عاكفون) قيل اللام بمعنى على كقوله " لن نبرح عليه عاكفين " وقيل هى على بابها، إذ المعنى لها عابدون، وقيل أفادت معنى الاختصاص.
قوله تعالى (على ذلكم) لا يجوز أن يتعلق با (لشاهدين) لما يلزم من تقديم الصلة على الموصول فيكون على التبيين، وقد ذكر في مواضع.
قوله تعالى (جذاذا) يقرأ بالضم والفتح والكسر وهى لغات، وقيل الضم على أن واحده جذاذه، والكسر على أن واحده جذاذه بالكسر، والفتح على المصدر كالحصاد، والتقدير: ذوى جذاذ، ويقرأ بضم الجيم من غير ألف، وواحده جذه كقبة وقبب، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الذال الاولى، وواحده جذيذ كقليب وقلب.
(3/67)
قوله تعالى (من فعل هذا) يجوز أن يكون " من " استفهاما، فيكون (إنه) استئنافا، ويجوز أن يكون بمعنى الذى، فيكون " إنه " ومابعده الخبر.
قوله تعالى (يذكرهم) مفعول ثان لسمعنا، ولا يكون ذلك إلا مسموعا كقولك: سمعت زيدا يقول كذا، والمعنى: سمعت قول زيد، و (يقال) صفة ويجوز أن يكون حالا.
وفى ارتفاع (إبراهيم) عليه السلام ثلاثة أوجه: أحدها هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو أو هذا، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف: أى إبراهيم فاعل ذلك، والجملة محكية. والثانى هو منادى مفرد فضمته بناء.
والثالث هو مفعول يقال، لان المعنى يذكر إبراهيم في تسميته، فالمراد الاسم لا المسمى.
قوله تعالى (على أعين الناس) في موضع الحال: أى على رؤيتهم: أى ظاهرا لهم.
قوله تعالى (بل فعله) الفاعل (كبيرهم)، (هذا) وصف أو بدل،
[135]
وقيل الوقف على فعله، والفاعل محذوف: أى فعله من فعله، وهذا بعيد لان حذف الفاعل لايسوغ.
قوله تعالى (على رء وسهم) متعلقة بنكسوا، ويجوز أن يكون حالا فيتعلق بمحذوف (ما هؤلاء ينطقون) الجملة تسد مسد مفعولى علمت كقوله " وظنوا مالهم من محيص "، و (شيئا) في موضع المصدر: أى نفعا (أف لكم) قد ذكر في سبحان.
قوله تعالى (بردا) أى ذات برد، و (على) يتعلق بسلام أو هى صفة له.
قوله تعالى (نافلة) حال من يعقوب، وقيل هو مصدر كالعاقبة والعافية، والعامل فيه معنى وهبنا (وكلا) المفعول الاول ل (جعلنا - وإقام الصلاة) الاصل فيه إقامة، وهى عوض من حذف إحدى الالفين، وجعل المضاف إليه بدلا من الهاء.
قوله تعالى (ولوطا) أى وآتينا لوطا، و (آتيناه) مفسر للمحذوف، ومثله ونوحا وداود وسليمان وأيوب ومابعده من أسماء الانبياء عليهم السلام، ويحتمل أن يكون التقدير: واذكر لوطا، والتقدير: واذكر خبر لوط، والخبر المحذوف هو العامل في " إذ " والله أعلم.
(3/68)
قوله تعالى (ونصرناه) أى منعناه من أذاهم، وقيل من بمعنى على، و (إذ نفشت) ظرف ليحكمان، و (لحكمهم) بمعنى الذين اختصموا في الحرث وقيل الضمير لهم ولداود وسليمان، وقيل هو لداود وسليمان خاصة، وجمع لان الاثنين جمع.
قوله تعالى (مع داود الجبال) العامل في مع (يسبحن) وهو نظير قوله تعالى " ياجبال أوبى معه " ويسبحن حال من الجبال (والطير) معطوف على الجبال وقيل هى بمعنى، ويقرأ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في يسبحن، وقيل التقدير والطير كذلك.
قوله تعالى (لكم) يجوز أن يكون وصفا للبوس، وأن يتعلق بعلمنا أو بصنعة (لتحصنكم) يجوز أن يكون بدلا من لكم بإعادة الجار، ويجوز أن يتعلق بعلمنا: أى لاجل تحصينكم ويحصنكم بالياء على أن الفاعل الله عزوجل أو داود عليه السلام أو الصنع أو التعليم أو اللبوس، وبالتاء: أى الصنعة أو الدروع، وبالنون لله تعالى على التعظيم، ويقرأ بالتشديد والتخفيف، و (الريح) نصب على تقدير: وسخرنا
[136]
لسليمان، ودل عليه وسخرنا الاولى، ويقرأ بالرفع على الاستئناف، و (عاصفة) حال، و (تجرى) حال أخرى، إما بدلا من عاصفة، أو من الضمير فيها.
قوله تعالى (من يغوصون له) " من " في موضع نصب عطفا على الرياح، أو رفع على الاستئناف، وهى نكرة موصوفة والضمير عائد على معناها، و (دون ذلك) صفة لعمل.
قوله تعالى (رحمة - وذكرى) مفعول له، ويجوز أن ينتصب على المصدر: أى ورحمناه، و (مغاضبا) حال.
قوله تعالى (ننجى) الجمهور على الجمع بين النونين وتخفيف الجيم، ويقرأ بنون واحدة وتشديد الجيم، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه فعل ماض، وسكن الياء إيثارا للتخفيف، والقائم مقام الفاعل المصدر: أى نجى النجاء.
وهو ضعيف من وجهين: أحدهما تسكين آخر الماضى، والثانى إقامة المصدر مقام المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول الصحيح.
والوجه الثانى أنه فعل مستقبل قلبت منه النون الثانية جيما وأدغمت وهو ضعيف أيضا.
(3/69)
والثالث أن أصله ننجى بفتح النون الثانية، ولكنها حذفت كما حذفت التاء الثانية في " تظاهرون " وهذا ضعيف أيضا لوجهين: أحدهما أن النون الثانية أصل وهى فاء الكلمة، فحذفها يبعد جدا. والثانى أن حركتها غير حركة النون الاولى، فلا يستثقل الجمع بينهما بخلاف تظاهرون، ألا ترى أنك لو قلت تتحامى المظالم لم يسغ حذف التاء الثانية.
قوله تعالى (رغبا ورهبا) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر على المعنى.
قوله تعالى (والتى أحصنت) أى واذكر التى، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى وفيما يتلى عليك خبر التى، و (فيها) يعود على مريم، و (آية) مفعول ثان.
وفى الافراد وجهان: أحدهما أن مريم وابنها جميعا آية واحدة، لان العجب منهما كمل. والثانى أن تقديره وجعلناها آية وابنها كذلك فآية مفعول المعطوف عليه، وقيل المحذوف هو الاول، وآية المذكور للابن.
قوله تعالى (أمتكم) بالرفع على أنه خبر إن، وبالنصب على أنه خبر أو عطف بيان، و (أمة) بالنصب حال، وبالرفع بدل من أمتكم، أو خبر مبتدأ محذوف قوله تعالى (وتقطعوا أمرهم) أى في أمرهم.
أى تفرقوا، وقيل عدى تقطعوا بنفسه، لانه بمعنى قطعوا: أى فرقوا، وقيل هو تمييز: أى تقطع أمرهم.
و (له) أى للسعى، وقيل يعود على من.
[137]
قوله تعالى (وحرام) يقرأ بالالف وبكسر الحاء وسكون الراء من غير ألف. وبفتح الحاء وكسر الراء من غير ألف، وهو في ذلك كله مرفوع بالابتداء، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو (أنهم لايرجعون) و " لا " زائدة: أى ممتنع رجوعهم إلى الدنيا، وقيل ليست زائدة: أى ممتنع عدم رجوعهم عن معصيتهم، والجيد أن يكون أنهم فاعلا سد مسد الخبر.
(3/70)
والثانى الخبر محذوف تقدير: توبتهم أو رجاء بعثهم إذا جعلت " لا " زائدة، وقيل حرام خبر مبتدأ محذوف أى ذلك الذى ذكرناه من العمل الصالح حرام، وحرام وحرم لغتان مثل حلال وحل، ومن فتح الحاء وكسر الراء كان اسم فاعل من حرم: أى امتنع مثل فلق، ومنه: * يقول لاغائب مالى ولاحرم * أى ممتنع، ويقرأ " حرم " على أنه فعل بكسر الراء وضمها، وأنهم بالفتح على أنها مصدرية وبالكسر على الاستئناف، و (حتى) متعلقة في المعنى بحرام: أى يستمر الامتناع إلى هذا الوقت، ولاعمل لها في (إذا) ويقرأ " من كل جدث " بالجيم والثاء وهو بمعى الحدب، و (ينسلون) بكسر السين وضمها لغتان، وجواب إذا " فإذا هى " وقيل جوابها قالوا ياويلنا، وقيل واقترب، والواو زائدة.
قوله تعالى (فإذا هى) " إذا " للمفاجأة، وهى مكان، والعامل فيها (شاخصة) وهى ضمير القصة، و (أبصار الذين) مبتدأ، وشاخصة خبره (يا ويلنا) في موضع نصب بقالوا المقدر، ويجوز أن يكون التقدير: يقولون فيكون حالا.
قوله تعالى (حصب جهنم) يقرأ بفتح الصاد وهو ماتوقد به، وبسكونها وهو مصدر حصبتها أوقدتها فيكون بمعنى المحصوب، ويقرأ بالضاد محركة وساكنة، وبالطاء وهما بمعنى (أنتم لها) يجوز أن يكون بدلا من حصب جهنم، وأن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من جهنم.
قوله تعالى (منا) يجوز أن يتعلق بسبقت، وأن يكون حالا من (الحسنى) (ولا يسمعون) يجوز أن يكون بدلامن " مبعدون "، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا من الضمير في مبعدون (هذا يومكم) أى يقولون.
قوله تعالى (يوم نطوى) يجوز أن يكون بدلا من العائد المحذوف من قوله يوعدون، أو على إضمار أعنى، أو ظرفا للا يحزنهم أو بإضمار اذكر، ونطوى بالنون
[138]
(3/71)
على التعظيم، وبالياء على الغيبة، وبالتاء وترك تسمية الفاعل، و (السماء) بالرفع والتقدير طيا كطى، وهو مصدر مضاف إلى المفعول إن قلنا السجل القرطاس، وقيل هو اسم ملك أو كاتب، فيكون مضافا إلى الفاعل، ويقرأ بكسر السين والجيم وتشديد اللام، ويقرأ كذلك إلا أنه بتخفيف اللام، ويقرأ بفتح السين وسكون الجيم وتخفيف اللام، وبضم السين والجيم مخففا ومشددا وهى لغات فيه، واللام في (للكتاب) زائدة، وقيل هى بمعنى على، وقيل يتعلق بطى والله أعلم.
قوله تعالى (كما بدأنا) الكاف نعت لمصدر محذوف: أى نعيده عوادا مثل بدئه وفى نصب (أول) وجهان: أحدهما هو منصوب ببدأنا: أى خلقنا أول خلق والثانى هو حال من الهاء في نعيده، والمعنى مثل أول خلقه، (وعدا) مصدر: أى وعدنا ذلك وعدا.
قوله تعالى (من بعد الذكر) يجوز أن يتعلق بكتبنا، وأن يكون ظرفا للزبور لان الزبور بمعنى المزبور: أى المكتوب.
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، ويجوز أن يكون حالا: أى ذا رحمة. كما قال تعالى " ورحمة للذين آمنوا " ويجوز أن يكون بمعنى راحم.
قوله تعالى (يوحى إلي أنما) " أن " مصدرية، وما الكافة لاتمنع من ذلك.
والتقدير: يوحى إلى وحدانية إلهى (فهل أنتم) هل هنا على لفظ الاستفهام، والمعنى على التحريض: أى فهل أنتم مسلمون بعد هذا فهو للمستقبل.
قوله تعالى (على سواء) حال من المفعول والفاعل: أى مستوين في العلم بما أعلمتكم به (وإن أدرى) بإسكان الياء وهو على الاصل، وقد حكى في الشاذ فتحها قال أبوالفتح: هو غلط لان " إن " بمعنى ما، وقال غيره: ألقيت حركة الهمزة على الياء فتحركت وبقيت الهمزة ساكنة فأبدلت ألفا لانفتاح ماقبلها ثم أبدلت همزة متحركة لانها في حكم المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال، و (أقريب) مبتدأ، (وما توعدون) فاعل له لانه قد اعتمد على الهمزة، ويخرج على قول البصريين أن يرتفع ببعيد لانه أقرب إليه، و (من القول) حال من الجهر: أى المجهور من القول.
(3/72)
قوله تعالى (قل ربى) يقرأ على لفظ الامر وعلى لفظ الماضى، و (احكم) على الامر، ويقرأ ربى أحكم على الابتداء والخبر، و (تصفون) بالتاء والياء وهو ظاهر والله أعلم.
219]
قوله تعالى (ويقول) يقرأ بالرفع من غير واو العطف وهو مستأنف، ويقرأ بالواو كذلك، ويقرأ بالواو والنصب، وفى النصب أربعة أوجه: أحدها أنه معطوف على يأتى حملا على المعنى، لان معنى عسى الله أن يأتى وعسى أن يأتى الله واحد، ولايجوز أن يكون معطوفا على لفظ أن يأتى، لان أن يأتى خبر عسى، والمعطوف عليه في حكمه، فيفتقر إلى ضمير يرجع إلى إسم عسى، ولا ضمير في قوله " ويقول الذين آمنوا " فيصير كقولك: عسى الله أن يقول الذين آمنوا.
والثانى أنه معطوف على لفظ يأتى على الوجه الذى جعل فيه بدلا، فيكون داخلا في اسم عسى، واستغنى عن خبرها بما تضمنه اسمها من الحدث، والوجه الثالث أن يعطف على لفظ يأتى وهو خبر، ويقدر مع المعطوف ضمير محذوف تقديره: ويقول الذين آمنوا به، والرابع أن يكون معطوفا على الفتح تقديره: فعسى الله أن يأتى بالفتح، وبأن يقول الذين آمنوا (جهد أيمانهم) فيه وجهان: أحدهما أنه حال وهو هنا معرفة، والتقدير: وأقسموا بالله يجهدون جهد أيمانهم، فالحال في الحقيقة مجتهدين، ثم أقيم الفعل المضارع مقامه، ثم أقيم المصدر مقام الفعل لدلالته عليه. والثانى أنه مصدر يعمل فيه أقسموا، وهو من معناه لامن لفظه.
(3/73)
قوله تعالى (من يرتد منكم) يقرأ بفتح الدال وتشديدها على الادغام، وحرك الدال بالفتح لالتقاء الساكنين، ويقرأ " يرتدد " بفك الادغام والجزم على الاصل، ومنكم في موضع الحال من ضمير الفاعل (يحبهم) في موضع جر صفة لقوم (ويحبونه) معطوف عليه، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب تقديره: وهم يحبونه (أذلة) و (أعزة) صفتان أيضا (يجاهدون) يجوز أن يكون صفة لقوم أيضا، وجاء بغير واو كما جاء أذلة: وأعزة، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أعزة: أى يعزون مجاهدين، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (الذين يقيمون الصلاة) صفة للذين آمنوا (وهم راكعون) حال من الضمير في يؤتون.
قوله تعالى (فإن حزب الله هم الغالبون) قيل هو خبر المبتدأ الذى هو من ولم يعد منه ضمير إليه، لان الحزب هو من في المعنى فكأنه قال: فإنهم هم الغالبون
[220]
قوله تعالى (من الذين أوتوا الكتاب) في موضع الحال من الذين الاولى، أو من الفاعل في اتخذوا (والكفار) يقرأ بالجر عطفا على الذين المجرورة، وبالنصب عطفا على الذين المنصوبة، والمعنيان صحيحان.
قوله تعالى (ذلك بأنهم) ذلك مبتدأ وما بعده الخبر: أى ذلك بسبب جهلهم: أى واقع بسبب جهلهم.
قوله تعالى (هل تنقمون) يقرأ بإظهار اللام على الاصل، وبإدغامها في التاء لقربها منها في المخرج، ويقرأ " تنقمون " بكسر القاف وفتحها وهو مبنى على الماضى. وفيه لغتان: نقم ينقم ونقم ينقم، و (منا) مفعول تنقمون الثانى، ومابعد إلا هو المفعول الاول، ولا يجوز أن يكون منا حالا من أن والفعل لامرين: أحدهما تقدم الحال على إلا، والثانى تقدم الصلة على الموصول، والتقدير: هل تكرهون منا إلا إيماننا.
(3/74)
وأما قوله (وأن أكثركم فاسقون) ففى موضعه وجهان: أحدهما أنه معطوف على أن آمنا، والمعنى على هذا: إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم: أى كرهتم مخالفتنا إياكم، وهذا كقولك للرجل: ماكرهت منى إلا أننى محبب إلى الناس وأنت مبغض وإن كان قد لايعترف بأنه مبغض، والوجه الثانى أنه معطوف على " ما " والتقدير: إلا أن آمنا بالله، وبأن أكثركم فاسقون.
قوله تعالى (مثوبة) منصوب على التمييز والمميز بشر. ويقرأ " مثوبة " بسكون الثاء وفتح الواو، وقد ذكر في البقرة، و (عند الله) صفة لمثوبة (من لعنه) في موضع من ثلاثة أوجه: أحدها هو في موضع جر بدلا من شر.
والثانى هو في موضع نصب بفعل دل عليه أنبئكم: أى أعرفكم من لعنه الله.
والثالث هو في موضع رفع: أى هو من لعنه الله (وعبد الطاغوت) يقرأ بفتح العين والباء، ونصب الطاغوت على أنه فعل معطوف على لعن، ويقرأ بفتح العين وضم الباء، وجر الطاغوت وعبد هنا اسم مثل يقظ وحدث، وهو في معنى الجمع، ومابعده مجرور بإضافته إليه، وهو منصوب بجعل، ويقرأ بضم العين والباء ونصب الدال وجر مابعده، وهو جمع عبد مثل سقف وسقف، أو عبيد مثل قتيل وقتل، أو عابد مثل نازل ونزل، أو عباد مثل كتاب وكتب، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر، ويقرأ " عبد الطاغوت " بضم العين وفتح الباء وتشديدها مثل ضارب وضرب، ويقرأ " عباد الطاغوت " مثل صائم وصوام: ويقرأ " عباد الطاغوت " وهو ظاهر مثل صائم
[221]
وصيام، ويقرأ " وعابد الطاغوت " و " عبد الطاغوت " على أنه صفة مثل حطم، ويقرأ " وعبد الطاغوت " على أنه فعل مالم يسم فاعله، والطاغوت مرفوع، ويقرأ " وعبد " مثل ظرف: أى صار ذلك للطاغوت كالغريزى، ويقرأ " وعبدوا " على أنه فعل والواو فاعل، والطاغوت نصب، ويقرأ " وعبدة الطاغوت " وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة.
(3/75)
قوله تعالى (وقد دخلوا) في موضع الحال من الفاعل في قالوا، أو من الفاعل في آمنا، و (بالكفر) في موضع الحال من الفاعل في دخلوا: أى دخلوا كفارا (وهم قد خرجوا) حال أخرى، ويجوز أن يكون التقدير: وقد كانوا خرجوا به.
قوله تعالى (وأكلهم) المصدر مضاف إلى الفاعل، و (السحت) مفعوله، ومثله عن قولهم الاثم.
قوله تعالى (ينفق) مستأنف، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء لشيئين: أحدهما أن الهاء مضاف إليها، والثانى أن الخبر يفصل بينهما، ولا يجوز أن يكون حالا من اليدين إذ ليس فيها ضمير يعود إليهما (للحرب) يجوز أن يكون صفة لنار فيتعلق بمحذوف، وأن يكون متعلقا بأوقدوا، و (فسادا) مفعول من أجله.
قوله تعالى (لاكلوا من فوقهم) مفعول أكلوا محذوف، ومن فوقهم نعت له تقديره: رزقا كائنا من فوقهم، أو مأخوذا من فوقهم (ساء ما يعملون) ساء هنا بمعنى بئس، وقد ذكر فيما تقدم.
قوله تعالى (فما بلغت رسالته) يقرأ على الافراد، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع، لان جنس الرسالة مختلف.
قوله تعالى (والصابئون) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبحذفها وضم الباء والاصل على هذا صبا بالالف المبدلة من الهمزة، ويقرأ بياء مضمومة، ووجهه أنه أبدل الهمزة ياء لانكسار ماقبلها، ولم يحذفها لتدل على أن أصلها حرف يثبت، ويقرأ بالهمز والنصب عطفا على الذين، وهو شاذ في الرواية صحيح في القياس، وهو مثل الذى في البقرة، والمشهور في القراء ة الرفع.
وفيها أقوال: أحدها قول سيبويه: وهو أن النية به التأخير بعد خبر إن، وتقديره: ولا هم يحزنون "، والصابئون كذلك، فهو مبتدأ والخبر محذوف، ومثله: * فإنى وقيار بها لغريب *. أى فإنى لغريب وقيار بها كذلك.
[222]
والثانى أنه معطوف على موضع إن كقولك: إن زيدا وعمرو قائمان، وهذا خطأ لان خبر إن لم يتم، وقائمان إن جعلته خبر إن لم يبق لعمرو وخبر، وإن جعلته خبر عمرو لم يبق لان خبر، ثم هو ممتنع من جهة المعنى لانك تخبر بالمثنى عن المفرد.
(3/76)
فأما قوله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبى " على قراء ة من رفع ملائكته فخبر إن محذوف تقديره: إن الله يصلى، وأغنى عنه خبر الثانى، وكذلك لو قلت: إن عمرا وزيد قائم، فرفعت زيدا جاز على أن يكون مبتدأ وقائم خبره أو خبر إن.
والقول الثالث أن الصابئون معطوف على الفاعل في هادوا. وهذا فاسد لوجهين: أحدهما أنه يوجب كون الصابئين هودا وليس كذلك. والثانى أن الضمير لم يؤكد.
والقول الرابع أن يكون خبر الصابئين محذوفا من غير ان ينوى به التأخير، وهو ضعيف أيضا لما فيه من لزوم الحذف والفصل.
والقول الخامس أن إن بمعنى نعم، فما بعدها في موضع رفع، فالصابئون كذلك.
والسادس أن الصابئون في موضع نصب، ولكنه جاء على لغة بلحرث الذين يجعلون التثنية بالالف على كل حال، والجمع بالواو على كل حال وهو بعيد.
والقول السابع أن بجعل النون حرف الاعراب.
فإن قيل: فأبو على إنما أجاز ذلك مع الياء لا مع الواو. قيل: قد أجازه غيره والقياس لا يدفعه، فأما (النصارى) فالجيد أن يكون في موضع نصب على القياس المطرد ولا ضرورة تدعو إلى غيره.
قوله تعالى (فريقا كذبوا) فريقا الاول مفعول كذبوا، والثانى مفعول (يقتلون) وكذبوا جواب كلما، ويقتلون بمعنى قتلوا، وإنما جاء كذلك لتتوافق رء وس الآى.
(3/77)
قوله تعالى (أن لاتكون) يقرأ بالنصب على أن أن الناصبة للفعل، وحسبوا بمعنى الشك، ويقرأ بالرفع على أن أن المخففة من الثقيلة وخبرها محذوف(1) وجاز ذلك لما فصلت " لا " بينها وبين الفعل، وحسبوا على هذا بمعنى علموا، وقد جاء الوجهان فيها، ولايجوز أن تكون المخففة من الثقيلة مع أفعال الشك والطبع، ولا الناصبة للفعل مع علمت وماكان في معناها، وكان هنا التامة (فعموا وصموا) هذا هو المشهور، ويقرأ بضم العين والصاد وهو من باب زكم وأزكمه الله، ولا يقال عميته وصممته، وإنما جاء بغير همزة فيما لم يسم فاعله وهو قليل، واللغة الفاشية أعمى وأصم (كثير منهم) هو خبر مبتدإ محذوف: أى العمى والصم كثير، وقيل هو بدل من ضمير الفاعل في صموا، وقيل هو مبتدأ والجملة قبله خبر عنه: أى كثير منهم
___________________________________
(1) (قوله وخبرها محذوف) كذا بالنسخ التى بأيدينا، وصوابه أن يقول: واسمها محذوف كما لايخفى اه مصححه. (*)
[223]
عموا وهو ضعيف، لان الفعل قد وقع في موضعه فلا ينوى به غيره، وقيل الواو علامة جمع لا اسم، وكثير فاعل صموا.
قوله تعالى (ثالث ثلاثة) أى أحد ثلاثة، ولا يجوز في مثل هذا إلا الاضافة (وما من إله) من زائدة وإله في موضع مبتدأ، والخبر محذوف: أى وما للخلق إله (إلا الله) بدل من إله، ولو قرئ بالجر بدلا من لفظ إله كان جائزا في العربية (ليمسن) جواب قسم محذوف وسد مسد جواب الشرط الذى هو وإن لم ينتهوا و (منهم) في موضع الحال، إما من الذين، أو من ضمير الفاعل في كفروا.
قوله تعالى (قد خلت من قبله الرسل) في موضع رفع صفة لرسول (كانا يأكلان الطعام) لا موضع له من الاعراب (أنى) بمعنى كيف في موضع الحال، والعامل فيها (يؤفكون) ولايعمل فيها نظرا لان الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
قوله تعالى (مالا يملك) يجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة، وأن تكون بمعنى الذى.
(3/78)
قوله تعالى (تغلوا) فعل لازم (وغير الحق) صفة لمصدر محذوف: أى غلوا غير الحق، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أى لاتغلوا مجاوزين الحق.
قوله تعالى (من بنى إسرائيل) في موضع الحال من الذين كفروا أو من ضمير الفاعل في كفروا (على لسان داود) متعلق بلعن كقولك: جاء زيد على الفرس (ذلك بما عصوا) قد تقدم ذكره في غير موضع، وكذلك و (لبئس ما كانوا) و (لبئس ماقدمت لهم).
قوله تعالى (أن سخط الله عليهم) أن والفعل في تقدير مصدر مرفوع خبر ابتداء محذوف: أى هو سخط الله، وقيل في موضع نصب بدلا من " ما " أى بئس شيئا سخط الله عليهم، وقيل هو في موضع جر بلام محذوفة، أى لان سخط.
قوله تعالى (عداوة) تمييز، والعامل فيه أشد، و (للذين آمنوا) متعلق بالمصدر أو نعت له (اليهود) المفعول الثانى لتجد (ذلك) مبتدأ، و (بأن منهم) الخبر: أى ذلك كائن بهذه الصفة.
قوله تعالى (وإذا سمعوا) الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن، وهو قوله " لا يستكبرون " فصار الكلام داخلا في صلة أن وإذا في موضع نصب ب (ترى) وإذا
[224]
وجوابها في موضع رفع عطفا على خبر أن الثانية، ويجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ، وإن كان له تعلق بما قبله في المعنى، و (تفيض) في موضع نصب على الحال، لان ترى من رؤية العين، و (من الدمع) فيه وجهان: أحدهما أن من لابتداء الغاية: أى فيضها من كثرة الدمع. والثانى أن يكون حالا، والتقدير: تفيض مملوء ة من الدمع، وأما (مما عرفوا) فمن لابتداء الغاية ومعناها: من أجل الذى عرفوه، و (من الحق) حال من العائد المحذوف (يقولون) حال من ضمير الفاعل في عرفوا.
(3/79)
قوله تعالى (وما لنا) ما في موضع رفع بالابتداء، ولنا الخبر، و (لا نؤمن) حال من الضمير في الخبر، والعامل فيه الجار: أى مالنا غير مؤمنين، كما تقول: مالك قائما (وما جاء نا) يجوز أن يكون في موضع جر: أى وبما جاء نا (من الحق) حال من ضمير الفاعل، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية: أى ولما جاء نا من عند الله، ويجوز أن يكون مبتدأ ومن الحق الخبر، والجملة في موضع الحال (ونطمع) يجوز أن يكون معطوفا على نؤمن: أى ومالنا لانطمع، ويجوز أن يكون التقدير: ونحن نطمع، فتكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في نؤمن، و (أن يدخلنا) أى في أن يدخلنا، فهو في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه.
قوله تعالى (حلالا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مفعول كلوا، فعلى هذا يكون مما في موضع الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليها، ويجوز أن تكون " من " لابتداء غاية الاكل، فتكون متعلقة بكلوا كقولك: أكلت من الخبز رغيفا إذا لم ترد الصفة.
والوجه الثانى أن يكون حالا من " ما " لانها بمعنى الذى، ويجوز أن يكون حالا من العائد المحذوف فيكون العامل رزق.
والثالث أن يكون صفة لمصدر محذوف: أى أكلا حلالا، ولايجوز أن ينصب حلالا برزق على أنه مفعوله، لان ذلك يمنع من أن يعود إلى " ما " ضمير.
قوله تعالى (باللغو في أيمانكم) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون متعلقة بنفس اللغو لانك تقول: لغا في يمينه، وهذا مصدر بالالف واللام يعمل ولكن معدى بحرف الجر.
والثانى أن تكون حالا من اللغو: أى باللغو كائنا أو واقعا في أيمانكم.
والثالث أن يتعلق في بيؤاخذكم (عقدتم) يقرأ بتخفيف القاف وهو الاصل، وعقد اليمين هو قصد الالتزام بها، ويقرأ بتشديدها وذلك لتوكيد اليمين
[225]
(3/80)
كقوله: " والله الذى لا إله إلا هو " ونحوه، وقيل التشديد يدل على تأكيد العزم بالالتزام بها، وقيل إنما شدد لكثرة الحالفين وكثرة الايمان، وقيل التشديد عوض من الالف في عاقد، ولايجوز أن يكون التشديد لتكرير اليمين لان الكفارة تجب وإن لم تكرر، ويقرأ " عاقدتم " بالالف، وهى بمعنى عقدتم كقولك: قاطعته وقطعته من الهجران (فكفارته) الهاء ضمير العقد، وقد تقدم الفعل الدال عليه، وقيل تعود على اليمين بالمعنى لان الحالف واليمين بمعنى واحد، و (إطعام) مصدر مضاف إلى المفعول به، والجيد أن يقدر بفعل قد سمى فاعله، لان ماقبله ومابعده خطاب، ف (عشرة) على هذا في موضع نصب (من أوسط) صفة لمفعول محذوف تقديره: إن تطعموا عشرة مساكين طعاما أو قوتا من أوسط: أى متوسطا (ماتطعمون) أى الذى تطعمون منه أو تطعمونه (أو كسوتهم) معطوف على إطعام، ويقرأ شاذا " أو كاسوتهم " فالكاف في موضع رفع: أى أو مثل أسوة أهليكم في الكسوة (أوتحرير) معطوف على إطعام وهو مصدر مضاف إلى المفعول أيضا (إذا حلفتم) العامل في إذا كفارة إيمانكم، لان المعنى ذلك يكفر أيمانكم وقت حلفكم (كذلك) الكاف صفة مصدر محذوف أى يبين لكم آياته تبيينا مثل ذلك.
قوله تعالى (رجس) إنما أفرد لان التقدير إنما عمل هذه الاشياء رجس، ويجوز أن يكون خبرا عن الخمر وإخبار المعطوفات محذوف لدلالة خبر الاول عليها، و (من عمل) صفة لرجس أن خبر ثان، والهاء في (اجتنبوه) ترجع إلى الفعل أو إلى الرجس والتقدير رجس من جنس عمل الشيطان.
(3/81)
قوله تعالى (في الخمر والميسر) في متعلقة بيوقع، وهى بمعنى السبب: أى بسبب شرب الخمر وفعل الميسر، ويجور أن تتعلق في بالعداوة، أو بالبغضاء: أى أن تتعادوا، وأن تتباغضوا بسبب الشرب، وهو على هذا مصدر بالالف واللام معمل، والهمزة في البغضاء للتأنيث وليس مؤنث أفعل، إذ ليس مذكر البغضاء أبغض وهو مثل البأساء والضراء (فهل أنتم منتهون) لفظه استفهام، ومعناه الامر: أى انتهوا، لكن الاستفهام عقيب ذكر هذه المعايب أبلغ من الامر.
قوله تعالى (إذا مااتقوا) العامل في إذا معنى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح: أى لايأثمون إذا مااتقوا.
قوله تعالى (من الصيد) في موضع جر صفة لشئ، ومن لبيان الجنس،
[226]
وقيل للتبعيض إذ لايحرم إلا الصيد في حال الاحرام، وفى الحرم وفى البر والصيد في الاصل مصدر، وهو هاهنا بمعنى المصيد، وسمى مصيدا وصيدا لمآله إلى ذلك وتوفر الدواعى إلى صيده، فكأنه لما أعد للصيد صار كأنه مصيد (تناله) صفة لشئ، ويجوز أن يكون حالا من شئ لانه قد وصف، وأن يكون حالا من الصيد (ليعلم) اللام متعلقة بليبلونكم (بالغيب) يجوز أن يكون في موضع الحال من " من " أو من ضمير الفاعل في يخافه: أى يخافه غائبا عن الخلق، ويجوز أن يكون بمعنى في: أى في الموضع الغائب عن الخلق، والغيب مصدر في موضع فاعل.
(3/82)
قوله تعالى (وأنتم حرم) في موضع الحال من ضمير الفاعل في تقتلوا، و (متعمدا) حال من الضمير الفاعل في قتله (فجزاء) مبتدأ والخبر محذوف، وقيل التقدير. فالواجب جزاء، ويقرأ بالتنوين، فعلى هذا يكون (مثل) صفة له أو بدلا، ومثل هنا بمعنى مماثل، ولايجوز على هذه القراء ة أن يعلق من النعم بجزاء، لانه مصدر ومايتعلق به من صلته، والفصل بين الصلة والموصول بالصفة أو البدل غير جائز، لان الموصول لم يتم فلا يوصف ولايبدل منه، ويقرأ شاذا " جزاء " بالتنوين، ومثل بالنصب، وانتصابه بجزاء، ويجوز أن ينتصب بفعل دل عليه جزاء: أى يخرج أو يؤدى مثل، وهذا أولى فإن الجزاء يتعدى بحرف الجر، ويقرأ في المشهور بإضافة جزاء إلى المثل، وإعراب الجزاء على ماتقدم، ومثل في هذه القراء ة في حكم الزائدة، وهو كقولهم: مثلى لايقول ذلك: أى أنا لاأقول، وإنما دعا إلى هذا التقدير أن الذى يجب به الجزاء المقتول لامثله، وأما (من النعم) ففيه أوجه: أحدها أن تجعله حالا من الضمير في قتل لان المقتول يكون من النعم، والثانى أن يكون صفة لجزاء إذا نونته: أى جزاء كائن من النعم، والثالث أن تعلقها بنفس الجزاء إذا أضفته، لان المضاف إليه داخل في المضاف فلا يعد فصلا بين الصلة والموصول، وكذلك إن نونت الجزاء ونصبت مثلا لانه عامل فيهما فهما من صلته، كما تقول: يعجبني ضربك زيدا بالسوط (يحكم به) في موضع رفع صفة لجزاء إذا نونته، وأما على الاضافة فهو في موضع الحال، والعامل فيه معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف (ذوا عدل) الالف للتثنية، ويقرأ شاذا " ذو " على الافراد، والمراد به الجنس، كما تكون " من " محمولة على المعنى، فتقديره: على هذا فريق ذو عدل أو حاكم ذو عدل، و (منكم) صفة لذوا، ولايجوز أن يكون صفة العدل لان عدلا هنا مصدر غير وصف (هديا) حال من الهاء في به وهو بمعنى
[227]
(3/83)
مهدى، وقيل هو مصدر، أى يهديه هديا، وقيل على التمييز، و (بالغ الكعبة) صفة لهدى، والتنوين مقدر: أى بالغا الكعبة (أو كفارة) معطوف على جزاء: أى أو عليه كفارة إذا لم يجد المثل، و (طعام) بدل من كفارة أو خبر مبتدإ محذوف أى هى طعام، ويقرأ بالاضافة، والاضافة هنا لتبيين المضاف، و (صياما) تمييز (ليذوق) اللام متعلقة بالاستقرار: أى عليه الجزاء ليذوق، ويجوز أن تتعلق بصيام وبطعام (فينتقم الله) جواب الشرط، وحسن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ.
قوله تعالى (وطعامه) الهاء ضمير البحر، وقيل ضمير الصيد، والتقدير: وإطعام الصيد أنفسكم، والمعنى أنه أباح لهم صيد البحر وأكل صيده بخلاف صيده البر (متاعا) مفعول من أجله، وقيل مصدر: أى متعتم بذلك تمتيعا (مادمتم) يقرأ بضم الدال وهو الاصل، وبكسرها وهى لغة، يقال دمت تدام (حرما) جمع حرام ككتاب وكتب، وقرئ في الشاذ حرما بفتح الحاء والراء: أى ذوى حرم، أى إحرام، وقيل جعلهم بمنزلة المكان الممنوع منه.
قوله تعالى (جعل الله) هى بمعنى صبر فيكون (قياما) مفعولا ثانيا، وقيل هى بمعنى خلق فيكون قياما حالا، و (البيت) بدل من الكعبة. ويقرأ " قياما " بالالف: أى سببا لقيام دينهم ومعاشهم، ويقرأ " قيما " بغير ألف، وهو محذوف من قيام كخيم في خيام (ذلك) في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف: أى الحكم الذى ذكرناه ذلك: أى لاغيره، ويجوز أن يكون المحذوف هو الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى فعلنا ذلك أو شرعنا، واللام في (لتعلموا) متعلقة بالمحذوف.
(3/84)
قوله تعالى (عن أشياء) الاصل فيها عند الخليل وسيبويه شيئاء بهمزتين بينهما ألف وهى فعلاء من لفظ شئ، وهمزتها الثانية للتأنيث، وهى مفردة في اللفظ ومعناها الجمع، مثل قصباء وطرفاء، ولاجل همزة التأنيث لم تنصرف، ثم إن الهمزة الاولى التى هى لام الكلمة قدمت فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف خصوصا بعد الياء فصار وزنها لفعاء، وهذا قول صحيح لايرد عليه إشكال.
وقال الاخفش والفراء: أصل الكلمة شئ مثل هين على فعل، ثم خففت ياؤه كما خففت ياء هين فقيل شئ كما قيل هين، ثم جمع على أفعلاء وكان الاصل أشياء.
كما قالوا هين وأهوناء ثم حذفت الهمزة الاولى فصار وزنها أفعاء فلامها محذوفة. ومثل آخرون الاصل في شئ شيئ مثل صديق، ثم جمع على أفعلاء كأصدقاء وأنبياء، ثم حذفت
[228]
الهمزة الاولى، وقيل هو جمع شئ من غير تغيير كبيت وأبيات وهو غلط، لان مثل هذا الجمع ينصرف، وعلى الاقوال الاول يمتنع صرفه لاجل همزة التأنيث، ولو كان أفعالا لانصرف، ولم يسمع أشياء منصرفة البتة، وفى هذا المسألة كلام طويل فموضعه التصريف (إن تبد لكم تسؤكم) الشرط وجوابه في موضع جر صفة لاشياء (عفا الله عنها) قيل هو مستأنف، وقيل هو في موضع جر أيضا، والنية به التقديم: أى عن أشياء قد عفا الله لكم عنها.
قوله تعالى (من قبلكم) هو متعلق بسألها، ولايجوز أن يكون صفة لقوم ولاحالا، لان ظرف الزمان لايكون صفة للجثة ولاحالا منها ولاخبرا عنها.
قوله تعالى (ماجعل الله من بحيرة) " من " زائدة. وجعل هاهنا بمعنى سمى فعلى هذا يكون بحيرة أحد المفعولين والآخر محذوف: أى ماسمى الله حيوانا بحيرة ويجوز أن تكون جعل متعدية إلى مفعول واحد بمعنى ماشرع، ولاوضع، وبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة.
والسائبة فاعلة من ساب يسيب إذا جرى، وهو مطاوع سيبه فساب، وقيل هى فاعلة بمعنى مفعولة: أى مسيبة.
والوصيلة بمعنى الواصلة، والحامى فاعل من حمى ظهره يحميه.
(3/85)
قوله تعالى (حسبنا) هو مبتدأ وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، و (ماوجدنا) هو الخبر " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والتقدير: كافينا الذى وجدناه ووجدنا هنا يجوز أن تكون بمعنى علمنا، فيكون (عليه) المفعول الثانى، ويجوز أن تكون بمعنى صادفنا فتتعدى إلى مفعول واحد بنفسها.
وفى عليه على هذا وجهان: أحدهما هى متعلقة بالفعل معدية له كما تتعدى ضربت زيدا بالسوط.
والثانى أن تكون حالا من الآباء، وجواب (أو لو كان) محذوف، تقديره: أو لو كانوا يتبعونهم.
قوله تعالى (عليكم أنفسكم) عليكم هو اسم للفعل هاهنا، وبه انتصب أنفسكم، والتقدير: احفظوا أنفسكم، والكاف والميم في عليكم في موضع جر لان اسم الفعل هو الجار والمجرور، وعلى وحدها لم تستعمل اسما للفعل، بخلاف رويدكم فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ولاموضع لهما لان رويدا قد استعملت اسما للامر للمواجه من غير كاف الخطاب، وهكذا قوله: " مكانكم أنتم وشركاؤكم "، الكاف والميم في موضع جر أيضا، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (لايضركم) يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف، وقيل حقه الجزم على جواب الامر ولكنه حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد، ويقرأ بفتح الراء على أن حقه الجزم وحرك بالفتح
[229]
ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد وهو من ضاره يضيره، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الضاد وهو من ضاره يضوره، وكل ذلك لغات فيه، و (إذا) ظرف ليضر، ويبعد أن يكون ظرفا لضل لان المعنى لايصح معه.
قوله تعالى (شهادة بينكم) يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم، والرفع على الابتداء، والاضافة هنا إلى بين على أن تجعل بين مفعولا به على السعة، والخبر اثنان، والتقدير: شهادة اثنين، وقيل التقدير: ذوا شهادة بينكم اثنان، فحذف المضاف الاول، فعلى هذا يكون (إذا حضر) ظرفا للشهادة، وأما (حين الوصية) ففيه على هذا ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف للموت.
والثانى ظرف لحضر، وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت.
(3/86)
والثالث أن يكون بدلا من إذا، وقيل شهادة بينكم مبتدأ وخبره إذا حضر، وحين على الوجوه الثلاثة في الاعراب، وقيل خبر الشهادة حين، وإذا ظرف للشهادة، ولايجوز أن يكون إذا خبرا للشهادة وحين ظرفا لها، إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره، ولايجوز أن تعمل الوصية في إذا لان المصدر لايعمل فيما قبله، ولاالمضاف إليه في الاعراب يعمل فيما قبله.
وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فاثنان خبر مبتدإ محذوف: أى الشاهدان اثنان، وقيل الشهادة مبتدأ، وإذا وحين غير خبرين، بل هما على ماذكرنا من الظرفية، واثنان فاعل شهادة، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدإ، و (ذوا عدل) صفة لاثنين، وكذلك (منكم أو آخران) معطوف على اثنان، و (من غيركم) صفة لآخران، و (إن أنتم ضربتم في الارض) معترض بين آخران وبين صفته، وهو (تحبسونهما) أى أو آخران من غيركم محبوسان، و (من بعد) متعلق بتحبسون، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف لانه واقع بعد إن الشرطية فلا يرتفع بالابتداء، والتقدير: إن ضربتم، فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير أنتم ليقوم بنفسه، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لاموضع له (فيقسمان) جملة معطوفة على تحبسونهما، و (إن ارتبتم) معترض بين يقسمان وجوابه، وهو (لانشترى) وجواب الشرط محذوف في الموضعين أغنى عنه معنى الكلام، والتقدير: إن ارتبتم فاحبسوهما أو فحلفوهما، وإن ضربتم في الارض فأشهدوا اثنين، ولانشترى جواب يقسمان لانه يقوم مقام اليمين، والهاء في (به) تعود إلى الله تعالى أو على القسم أو اليمين أو الحلف أو على تحريف الشهادة أو على الشهادة لانها قول، و (ثمنا) مفعول نشترى، ولاحذف فيه لان
[230]
(3/87)
الثمن يشترى كما يشترى به، وقيل التقدير: ذا ثمن (ولو كان ذا قربى) اى ولو كان المشهود له لم يشتر (ولانكتم) معطوف على لانشترى. وأضاف الشهادة إلى الله لانه أمر بها فصارت له، ويقرأ شهادة بالتنوين، وألله بقطع الهمزة من غير مد وبكسر الهاء على أنه جره بحرف القسم محذوفا، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك، وقيل قطعها عوض من حرف القسم، ويقرأ كذلك إلا أنه بوصل الهمزة والجر على القسم من غير تعويض ولاتنبيه، ويقرأ كذلك إلا أنه بقطع الهمزة ومدها، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم، ويقرأ بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ونصب إسم الله من غير مد على أنه منصوب بفعل القسم محذوفا.
قوله تعالى (فإن عثر) مصدره العثور، ومعناه اطلع، فأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه فالعثار، و (على أنهما) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل (فآخران) خبر مبتدإ محذوف: أى فالشاهدان آخران، وقيل فاعل فعل محذوف: أى فليشهد آخران، وقيل هو مبتدأ والخبر (يقومان) وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة، وقيل الخبر الاوليان، وقيل المبتدأ الاوليان، وآخران خبر مقدم، ويقومان صفة آخران إذا لم تجعله خبرا، و (مقامهما) مصدر، و (من الذين) صفة أخرى لآخران، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في يقومان (استحق) يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل، والفاعل الاوليان، والمفعول محذوف: أى وصيتهما، ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله، وفى الفاعل وجهان: أحدهما ضمير الاثم لتقدم ذكره في قوله " استحقا إثما " أى استحق عليهم الاثم، والثانى الاوليان: إى إثم الاولين، وفى (عليهم) ثلاثة أوجه: أحدها هى على بابها كقولك: وجب عليه الاثم.
والثانى هى بمعنى في: أى استحق فيهم الوصية ونحوها.
والثالث هى بمعنى من: أى استحق منهم الاوليان، ومثله " اكتالوا على الناس يستوفون " أى من الناس (الاوليان) يقرأ بالالف على تثنية أولى.
(3/88)
وفى رفعه خمسة أوجه: أحدها هو خبر مبتدإ محذوف: أى هما الاوليان، والثانى هو مبتدأ وخبره آخران، وقد ذكر، والثالث هو فاعل استحق وقد ذكر أيضا، والرابع هو بدل من الضمير في يقومان، والخامس أن يكون صفة لآخران لانه وإن كان نكرة فقد وصف والاوليان لم يقصد بهما قصد اثنين بأعيانهما وهذا محكى عن الاخفش.
ويقرأ الاولين، وهو جمع أول، وهو صفة للذين استحق أو بدل من الضمير في عليهم، ويقرأ الاولين وهو جمع أولى، وإعرابه كإعراب الاولين، ويقرأ الاولان تثنية الاول، وإعرابه
[231]
كإعراب الاوليان (فيقسمان) عطف على يقومان (لشهادتنا أحق) مبتدأ وخبر، وهو جواب يقسمان.
قوله تعالى (ذلك أدنى أن يأتوا): أى من أن يأتوا أو إلى أن يأتوا، وقد ذكر نظائره، و (على وجهها) في موضع الحال من الشهادة: أى محققة أو صحيحة (أو يخافوا) معطوف على يأتوا، و (بعد أيمانهم) ظرف لترد أو صفة الايمان.
قوله تعالى (يوم يجمع الله) العامل في يوم يهدى: أى لايهديهم في ذلك اليوم إلى حجة أو إلى طريق الجنة، وقيل هو مفعول به، والتقدير: واسمعوا خبر " يوم يجمع الله " فحذف المضاف (ماذا) في موضع نصب ب (أجبتم) وحرف الجر محذوف: أى بماذا أجبتم، وما وذا هنا بمنزلة اسم واحد، ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذى هاهنا لانه لاعائد هنا، وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف (إنك أنت علام الغيوب) و " إنك أنت العزيز الحكيم " مثل " إنك أنت العليم الحكيم " وقد ذكر في البقرة.
(3/89)
قوله تعالى (إذ قال الله) يجوز أن يكون بدلا من يوم، والتقدير: إذ يقول، ووقعت هنا إذ هى للماضى على حكاية الحال، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ يقول (ياعيسى ابن) يجوز أن يكون على الالف من عيسى فتحة، لانه قد وصف بابن وهو بين علمين، وأن يكون عليها ضمة، وهى مثل قولك: يازيد بن عمرو بفتح الدال وضمها، فإذا قدرت الضم جاز أن تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا (إذ أيدتك) العامل في إذ " نعمتى " ويجوز أن يكون حالا من نعمتى، وأن يكون مفعولا به على السعة، وأيدتك وآيدتك قد قرئ بهما، وقد ذكر في البقرة (تكلم الناس) في موضع الحال من الكاف في أيدتك، و (في المهد) ظرف لتكلم أو حال من ضمير الفاعل في تكلم (وكهلا) حال منه أيضا، ويجوز أن يكون من الكاف في أيدتك وهى حال مقدرة.
" وإذ علمتك " واذ تخلق، وإذ تخرج " معطوفات على إذ أيدتك (من الطين) يجوز أن يتعلق بتخلق فتكون من لابتداء غاية الخلق وأن يكون حالا (من هيئة الطير) على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه، والكاف مفعول تخلق، وقد تكلمنا على قوله " هيئة الطير " في آل عمران (فتكون طيرا) يقرأ بياء ساكنة من غير ألف.
وفيه وجهان: أحدهما أنه مصدر في معنى الفاعل.
[232]
والثانى أن يكون أصله طيرا مثل سيد، ثم خفف إلا أن ذلك يقل فيما عينه ياء وهو جائز، ويقرأ طائرا وهى صفة غالبة، وقيل هو اسم للجمع مثل الحامل والباقر، و (تبرئ) معطوف على تخلق (إذ جئتهم) ظرف لكففت (سحر مبين) يقرأ بغير ألف على أنه مصدر، ويشار به إلى ماجاء به من الآيات، ويقرأ ساحر بالالف والاشارة به إلى عيسى، وقيل هو فاعل في معنى المصدر كما قالوا عائذا بالله منك: أى عوذا أو عياذا.
قوله تعالى (وإذ أو حيت) معطوف على " إذ أيدتك " (أن آمنوا) يجوز أن تكون أن مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحيت، وأن تكون بمعنى أى، وقد ذكرت نظائره.
(3/90)
قوله تعالى (إذ قال الحواريون) أى اذكر اذ قال، ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون (هل يستطيع ربك) يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل، والمعنى: هل يقدر ربك أو يفعل، وقيل التقدير: هل يطيع ربك، وهما بمعنى واحد مثل استجاب وأجاب وأستجب وأجب، ويقرأ بالتاء، وربك نصب، والتقدير: هل يستطيع سؤال ربك فحذف المضاف، فأما قوله (أن ينزل) فعلى القراء ة الاولى هو مفعول يستطيع، والتقدير: على أن ينزل، أو في أن ينزل، ويجوز أن لايحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق، وعلى القراء ة الاخرى يكون مفعولا لسؤال المحذوف.
قوله تعالى (أن قد صدقتنا) أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وقد عوض منه وقيل أن مصدرية وقد لاتمنع من ذلك (نكون) صفة لمائدة، و (لنا) يجوز أن يكون خبر كان، ويكون (عيدا) حالا من الضمير في الظرف أو حالا من الضمير في كان على قول من ينصب عنها الحال، ويجوز أن يكون عيدا الخبر، وفى لنا على هذا وجهان: أحدهما أن يكون حالا من الضمير في تكون.
والثانى أن تكون حالا من عيد لانه صفة له قدمت عليه، فأما (لاولنا وآخرنا) فإذا جعلت لنا خبرا أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد، وإن جعلت لنا صفة لعيد كان لاولنا وآخرنا بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار، ويقرأ لاولانا وأخرانا على تأنيث الطائفة أو الفرقة. وأما من السماء فيجوز أن يكون صفة لمائدة، وأن يتعلق بينزل (وآية) عطف على عيد، و (منك) صفة لها.
[233]
قوله تعالى (منكم) في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر (عذابا) اسم للمصدر الذى هو التعذيب فيقع موقعه، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة،
وأما قوله (لاأعذبه) يجوز أن تكون الهاء للعذاب. وفيه على هذا وجهان: أحدهما أن يكون حذف حرف الجر: أى لاأعذب به أحدا. والثانى أن يكون مفعولا به على السعة، ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد كقولك ظننته زيدا منطلقا، ولاتكون هذه الهاء عائدة على العذاب الاول.
(3/91)
فإن قلت: لاأعذبه صفة لعذاب، فعلى هذا التقدير لايعود من الصفة إلى الموصوف شئ.
قيل إن الثانى لما كان واقعا موقع المصدر والمصدر جنس وعذابا نكرة كان الاول داخلا في الثانى، والثانى مشتملا على الاول، وهو مثل: زيد نعم الرجل، ويجوز أن تكون الهاء ضمير من، وفى الكلام حذف: أى لاأعذب الكافر: أى مثل الكافر: أى مثل عذاب الكافر.
قوله تعالى (اتخذونى) هذه تتعدى إلى مفعولين لانهما بمعنى صيرونى، و (من دون الله) في موضع صفة إلهين، ويجوز أن تكون متعلقة باتخذوا (أن أقول) في موضع رفع فاعل يكون، ولى الخبر، و (ماليس) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة وهو مفعول أقول، لان التقدير: أن أدعى أو أذكر، واسم ليس مضمر فيها، وخبرها (لى) و (بحق) في موضع الحال من الضمير في الجار، والعامل فيه الجار، ويجوز أن يكون بحق مفعولا به تقديره: ماليس يثبت لى بسبب حق، فالباء تتعلق بالفعل المحذوف لابنفس الجار، لان المعانى لاتعمل في المفعول به، ويجوز أن يجعل بحق خبر ليس، ولى تبيين كما في قولهم: سقيا له ورعيا، ويجوز أن يكون بحق خبر ليس، ولى صفة بحق قدم عليه فصار حالا، وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه (إن كنت قلته) كنت لفظها ماض، والمراد المستقبل، والتقدير: إن يصح دعواى لى، وإنما دعا هذا لان إن الشرطية لامعنى لها إلا في المستقبل، فآل حاصل المعنى إلى ماذكرناه.
(3/92)
قوله تعالى (ماقلت لهم إلا ماأمرتنى به) " ما " في موضع نصب بقلت أى ذكرت أو أديت الذى أمرتنى به فيكون مفعولا به، ويجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة. وهو مفعول به أيضا (أن اعبدوا الله) يجوز أن تكون أن مصدرية والامر صلة لها. وفى الموضع ثلاثة أوجه: الجر على البدل من الهاء، والرفع على إضمار هو، والنصب على إضمار أعنى أو بدلا من موضع به، ولايجوز أن تكون بمعنى أن المفسرة، لان القول قد صرح به، وأى لاتكون مع التصريح بالقول (ربى) صفة لله أو بدل منه، و (عليهم) يتعلق ب (شهيدا).
[234]
(مادمت) " ما " هنا مصدرية، والزمان معها محذوف: أى مدة مادمت، ودمت هنا يجوز أن تكون الناقصة، و (فيهم) خبرها، ويجور أن تكون التامة: أى ماأقمت فيهم، فيكون فيهم ظرفا للفعل، و (الرقيب) خبر كان (وأنت) فصل أو توكيد للفاعل ويقرأ بالرفع على أن يكون مبتدأ وخبرا في موضع نصب.
قوله تعالى (إن تعذبهم فإنهم عبادك) الفاء جواب الشرط، وهو محمول على المعنى: أى إن تعذبهم تعدل وإن تغفر لهم تتفضل.
قوله تعالى (هذا يوم) هذا مبتدأ ويوم خبره، وهو معرب لانه مضاف إلى معرب فبقى على حقه من الاعراب، ويقرأ " يوم " بالفتح وهو منصوب على الظرف. وهذا فيه وجهان: أحدهما هو مفعول قال: أى قال الله هذا القول في يوم. والثانى أن هذا مبتدأ ويوم ظرف للخبر المحذوف: أى هذا يقع أو يكون يوم ينفع.
وقال الكوفيون: يوم في موضع رفع خبر هذا، ولكنه بنى على الفتح لاضافته إلى الفعل، وعندهم يجوز بناؤه، وإن أضيف إلى معرب، وذلك عندنا لايجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى، و (صدقهم) فاعل ينفع، وقد قرئ شاذا صدقهم بالنصب على أن يكون الفاعل ضمير اسم الله، وصدقهم بالنصب على أربعة أوجه: أحدها أن يكون مفعولا له: أى لصدقهم.
والثانى أن يكون حذف حرف الجر: أى بصدقهم.
والثالث أن يكون مصدرا مؤكدا: أى الذين يصدقون صدقهم. كما تقول: تصدق الصدق.
(3/93)
والرابع أن يكون مفعولا به، والفاعل مضمر في الصادقين: أى يصدقون الصدق كقوله: صدقته القتال، والمعنى: يحققون الصدق.
سورة المؤمنون
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قد أفلح) من ألقى حركة الهمزة على الدال وحذفها فعلته أن الهمزة بعد حذف حركتها صيرت ألفا ثم حذفت لسكونها وسكون الدال قبلها في الاصل، ولا يعتد بحركة الدال لانها عارضة.
قوله تعالى (إلا على أزواجهم) في موضع نصب يحافظون على المعنى، لان المعنى صانوها عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم، وقيل هو حال: أى حفظوها في كل حال إلا في هذه الحال، ولايجوز أن يتعلق ب (ملومين) لامرين: أحدهما أن مابعد إن لايعمل فيما قبلها.
والثانى أن المضاف إليه لايعمل فيما قبله، وإنما تعلقت على يحافظون على المعنى، ويجوز أن تتعلق بفعل دل عليه ملومين: أى إلا على أزواجهم لا يلامون.
قوله تعالى (لاماناتهم) يقرأ بالجمع لانها كثيرة كقوله تعالى " أن تؤدوا الامانات إلى أهلها " وعلى الافراد لانها جنس فهى في الافراد كعهدهم، ومثله (صلواتهم) في الافراد والجمع.
قوله تعالى (هم فيها خالدون) الجملة حال مقدرة، إما من الفاعل أو المفعول.
قوله تعالى (من سلالة) يتعلق بخلقنا، و (من طين) بمحذوف لانه صفة لسلالة، ويجوز أن يتعلق بمعنى سلالة لانها بمعنى مسلولة.
[148]
قوله تعالى (خلقنا النطفة علقة) خلقنا بمعنى صيرنا، فلذلك نصب مفعولين (العظام) بالجمع على الاصل، وبالافراد لانه جنس (أحسن الخالقين) بدل أو خبر مبتدأ محذوف، وليس بصفة لانه نكرة وإن أضيف، لان المضاف إليه عوض عن " من " وهكذا جميع باب أفعل منك.
قوله تعالى (بعد ذلك) العامل فيه (ميتون) واللام هاهنا لا تمنع العمل.
قوله تعالى (به) متعلق بذهاب، وعلى متعلقة ب (قادرون).
(3/94)
قوله تعالى (وشجرة) أى وأنشأنا شجرة، فهو معطوف على جنات (سيناء) يقرأ بكسر السين، والهمزة على هذا أصل مثل حملاق وليست للتأنيث، إذ ليس في الكلام مثل سيناء، ولم ينصرف لانه اسم بقعة ففيه التعريف والتأنيث، ويجوز أن تكون فيه العجمة أيضا، ويقرأ بفتح السين والهمزة على هذا للتأنيث، إذ ليس في الكلام فعلال بالفتح، وماحكى الفراء من قولهم ناقة فيها جز عال لايثبت، وإن ثبت فهو شاذ لا يحمل عليه.
قوله تعالى (تنبت) يقرأ بضم التاء وكسر الباء. وفيه وجهان: أحدهما هو متعد والمفعول محذوف تقديره: تنبت ثمرها أو جناها، والباء على هذا حال من المحذوف أى وفيه الدهن كقولك خرج زيد بثيابه، وقيل الباء زائدة فلا حذف إذا، بل المفعول الدهن.
والوجه الثانى هو لازم يقال: نبت البقل وأنبت بمعنى، فعلى هذا الباء حال، وقيل هى مفعول: أى تنبت بسبب الدهن، ويقرأ بضم التاء وفتح الباء وهو معلوم، ويقرأ بفتح التاء وضم الباء وهو كالوجه الثانى المذكور (وصبغ) معطوف على الدهن، وقرئ في الشاذ بالنصب عطفا على موضع بالدهن.
قوله تعالى (نسقيكم) يقرأ بالنون، وقد ذكر في النحل، وبالتاء وفيه ضمير الانعام وهو مستأنف.
قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال: أى محفوظة، و (من كل زوجين اثنين) قد ذكر في هود.
قوله تعالى (منزلا) يقرأ بفتح الميم وكسر الزاى وهو مكان: أو مصدر نزل وهو مطاوع أنزلته، ويقرأ بضم الميم وفتح الزاى، وهو مصدر بمعنى الانزال، ويجوز أن يكون مكانا كقولك أنزل المكان فهو منزل (وإن كنا) أى وإنا كنا فهى مخففة من الثقيلة، وقد ذكرت في غير موضع.
[149]
قوله تعالى (أيعدكم أنكم إذا متم) في إعراب هذه الآية أوجه: أحدها أن اسم " أن " الاولى محذوف أقيم مقام المضاف إليه تقديره: أن إخراجكم، وإذا هو الخبر، و (أنكم مخرجون) تكرير، لان " أن " وماعملت فيه للتوكيد، أو للدلالة على المحذوف.
(3/95)
والثانى أن اسم " أن " الكاف والميم، وذا شرط، وجوابها محذوف تقديره: إنكم إذا متم يحدث أنكم مخرجون، فإنكم الثانية وماعملت فيه فاعل جواب إذا، والجملة كلها خبر أن الاولى.
والثالث أن خبر الاولى مخرجون، وأن الثانية مكررة وحدها توكيد، وأجاز ذلك لما طال الكلام كما جاز ذلك في المكسورة في قوله تعالى " ثم إن ربك للذين هاجروا - و - إن ربك للذين عملوا السوء " وقد ذكر في النحل.
والرابع أن خبر " أن " الاولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه، ولايجوز أن يكون إذا خبر الاولى، لانها ظرف زمان، واسمها جثة، وأما العامل في إذا فمحذوف، فعلى الوجه الاول يكون المقدر من الاستقرار، وعلى الوجه الثانى يعمل فيها جوابها المحذوف، وعلى الثالث والرابع يعمل فيها مادل عليه خبر الثانية، ولايعمل فيها متم لاضافتها إليه.
قوله تعالى (هيهات) هو اسم للفعل، وهو خبر واقع موقع بعد.
وفى فاعله وجهان: أحدهما هو مضمر تقديره: بعد التصديق لما توعدون، أو الصحة أو الوقوع ونحو ذلك.
والثانى فاعله " ما " واللام زائدة: أى بعد ماتوعدون من البعث.
وقال قوم: هيهات بمعنى البعد فموضعه مبتدأ، ولما توعدون الخبر وهو ضعيف وهيهات على الوجه الاول لاموضع لها، وفيها عدة قراء ات الفتح بلا تنوين على أنه مفرد، وبالتنوين على إرادة التكثير، وبالكسر بلا تنوين وبتنوين على أنه جمع تأنيث والضم بالوجهين شبه بقبل وبعد ويقرأ هيهاه بالهاء وقفا ووصلا، ويقرأ أيهاه بإبدال الهمزة من الهاء الاولى.
قوله تعالى (عما قليل) " ما " زائدة، وقيل هى بمعنى شئ أو زمن، وقيل بدل منها، وفى الكلام قسم محذوف جوابه (ليصبحن) وعن يتعلق بيصبحن، ولم تمنع اللام ذلك كما منعتها لام الابتداء، وأجازوا زيد لاضربن، لان اللام للتوكيد فهى مثل قد، ومثل لام التوكيد في خبر إن كقوله " بلقاء ربهم لكافرون " وقيل اللام هنا تمنع من التقديم إلا في الظروف فأنه يتوسع فيها.
(3/96)
قوله تعالى (تترى) التاء بدل من الواو لانه من المواترة وهى المتابعة، وذلك من قولهم جاء وا على وتيرة واحدة: أى طريقة واحدة، وهو نصب على الحال:
[150]
أى متتابعين، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال، وقيل هو صفة لمصدر محذوف أى إرسالا متواترا.
وفى ألفها ثلاثة أوجه: أحدها هى للالحاق بجعفر كالالف في أرطى ولذلك تؤنث في قول من صرفها.
والثانى هى بدل من التنوين.
والثالث هى للتأنيث مثل سكرى، ولذلك لاتنون على قول من منع الصرف.
قوله تعالى (هارون) هو بدل من أخاه.
قوله تعالى (مثلنا) إنما لم يثن لان مثلا في حكم المصدر، وقد جاء ت تثنيته وجمعه في قوله " يرونهم مثليهم " وفى قوله تعالى " ثم إلا يكونوا أمثالكم " وقيل إنما وحد لان المراد المماثلة في البشرية وليس المراد الكمية، وقيل اكتفى بالواحد عن الاثنين.
قوله تعالى (وأمه آية) قد ذكر في الانبياء.
قوله تعالى (ومعين) فيه وجهان: أحدهما هو فعيل من المعن وهو الشئ القليل ومنه الماعون، وقيل الماعون الماء فالميم أصل. والثانى الميم زائدة، وهو من عنته إذا أبصرته بعينك وأصله معيون.
قوله تعالى (وإن هذه) يقرأ بفتح الهمزة. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره: ولان، واللام المقدرة تتعلق بفاتقون: أى فاتقون، لان هذه وموضع إن نصب أو جر على ماحكينا من الاختلاف في غير موضع.
والثانى أنه معطوف على ماقبله تقديره: إنى بما تعملون عليم وبإن هذه.
(3/97)
والثالث أن في الكلام حذفا: أى واعلموا أن هذه ويقرأ بتخفيف النون وهى مخففة من الثقيلة، ويقرأ بالكسر على الاستئناف، و (أمتكم أمة واحدة) قد ذكر في الانبياء، وكذلك (فتقطعوا أمرهم بينهم) و (زبرا) بضمتين جمع زبور مثل رسول ورسل، ويقرأ بالتسكين على هذا المعنى، ويقرأ بفتح الباء، وهو جمع زبرة وهى القطعة أو الفرقة، والنصب على موجه الاول على الحال من أمرهم: أى مثل كتب، وقيل من ضمير الفاعل، وقيل هو مفعول ثان لتقطعوا، وعلى الوجه الثانى هو حال من الفاعل.
قوله تعالى (إن ما) بمعنى الذى، وخبر إن (نسارع لهم) والعائد محذوف أى نسارع لهم به أو فيه، ولايجوز أن يكون الخبر من مال لانه كان من مال فلا يعاب عليهم ذلك، وإنما يعاب عليهم اعتقادهم أن تلك الاموال خير لهم، ويقرأ نسارع بالياء والنون، وعلى ترك تسمية الفاعل ونسرع بغير ألف.
[151]
قوله تعالى (ماآتوا) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى يعطون مايعطون ويقرأ أتوا بالقصر: أى ماجاء وه (أنهم) أى وجلة من رجوعهم إلى ربهم، فحذف حرف الجر.
قوله تعالى (وهم لها) أى لاجلها، وقيل التقدير: وهم يسابقونها: أى يبادرونها فهى في موضع المفعول، ومثله و (هم لها عاملون) أى لاجلها وإياها يعملون.
قوله تعالى (إذا) هى للمفاجأة: وقد ذكر حكمها.
(3/98)
قوله تعالى (على أعقابكم) هو حال من الفاعل في (تنكصون) وقوله تعالى (مستكبرين) حال أخرى، والهاء في (به) للقرآن العظيم، وقيل للنبى عليه الصلاة والسلام، وقيل لامر الله تعالى، وقيل للبيت، فعلى هذا القول تكون متعلقة ب (سامرا) أى تسمرون حول البيت، وقيل بالقرآن، وسامرا حال أيضا، وهو مصدر كقولهم قم قائما، وقد جاء من المصادر لفظ اسم الفاعل نحو العاقبة والعافية، وقيل هو واحد في موضع الجمع، وقرئ سمرا جمع سامر مثل شاهد وشهد، و (تهجرون) في موضع الحال من الضمير في سامرا، ويقرأ بفتح التاء، من قولك هجر يهجر، إذا هذى. وقيل يهجرون القرآن، ويقرأ بضم التاء وكسر الجيم من أهجر إذا جاء بالهجر وهو الفحش، ويقرأ بالتشديد وهو في معنى المخفف.
قوله تعالى (خرجا) يقرأ بغير ألف في الاول، وبألف في الثانى، ويقرأ بغير ألف فيهما، وبألف فيهما وهما بمعنى، وقيل الخرج الاجرة، والخراج مايضرب على الارض والرقاب.
قوله تعالى (عن الصراط) يتعلق ب (ناكبون) ولاتمنع اللام من ذلك.
قوله تعالى (فما استكانوا) قد ذكر في آل عمران بما فيه من الاختلاف.
قوله تعالى (قليلا ما تشكرون) قد ذكر في أول الاعراف.
قوله تعالى (سيقولون لله) الموضع الاول باللام في قراء ة الجمهور، وهو جواب مافيه اللام، وهو قوله تعالى " لمن الارض " وهو مطابق للفظ والمعنى، وقرئ بغير لام حملا على المعنى، لان معنى " لمن الارض " من رب الارض، فيكون الجواب الله أى هو الله، وأما الموضعان الآخران فيقرآن بغير لام على اللفظ وهو جواب قوله تعالى " من رب السموات - من بيده ملكوت " باللام على المعنى، لان المعنى في قوله " من رب السموات " لمن السموات.
[152]
قوله تعالى (عالم الغيب) يقرأ بالجر على الصفة أو البدل من اسم الله تعالى قبله، وبالرفع: أى هو عالم.
قوله تعالى (فلا تجعلنى) الفاء جواب الشرط وهو قوله تعالى " إما ترينى " والنداء معترض بينهما، و (على) تتعلق ب (قادرون).
(3/99)
قوله تعالى (ارجعون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه جمع على التعظيم كما قال تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر " وكقوله تعالى " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا ".
والثانى أنه أراد ياملائكة ربى ارجعون.
والثالث أنه دل بلفظ الجمع على تكرير القول فكأنه قال ارجعنى ارجعنى.
قوله تعالى (يومئذ) العامل في ظرف الزمان العامل في بينهم وهو المحذوف، ولايجوز أن يعمل فيه أنساب لان اسم " لا " إذا بنى لم يعمل.
قوله تعالى (شقوتنا) يقرأ بالكسر من غير ألف، وبالفتح مع الالف وهما بمعنى واحد.
قوله تعالى (سخريا) هو مفعول ثان والكسر والضم لغتان، وقيل الكسر بمعنى الهزل والضم بمعنى الاذلال من التسخير، وقيل بعكس ذلك.
قوله تعالى (إنهم) يقرأ بالفتح على أن الجملة في موضع مفعول ثان، لان جزى يتعدى إلى اثنين كما قال تعالى " وجزاهم بما صبروا جنة ". وفيه وجه آخر، وهو أن يكون على تقدير لانهم أو بأنهم: أى جزاهم بالفوز على صبرهم، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (قال كم لبثتم) يقرأ على لفظ الماضى: أى قال السائل لهم، وعلى لفظ الامر: أى يقول الله للسائل قل لهم، وكم ظرف للبثتم أى كم سنة أو نحوها و (عدد) بدل من كم: ويقرأ شاذا عدد بالتنوين، و (سنين) بدل منه، و (العادين) بالتشديد من العدد، وبالتخفيف على معنى العادين: أى المتقدمين كقولك: هذه بئر عادية: أى سل من تقدمنا، وحذف إحدى ياء ى النسب كما قالوا الاشعرون، وحذفت الاخرى لالتقاء الساكنين، (إلا قليلا) أى زمنا قليلا أو لبثا قليلا، وجواب " لو " محذوف: أى لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول لما أجبتم بهذه المدة، و (عبثا) مصدر في موضع الحال أو مفعول لاجله، و (رب العرش الكريم) مثل قوله تعالى في البقرة " لاإله إلا هو الرحمن الرحيم " وقد ذكر.
[153]
(3/100)
قوله تعالى (لابرهان له به) صفة لاله، والجواب (فإنما حسابه) وقوله (إنه لايفلح) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير بأنه: أى يجازى بعدم الفلاح، والله أعلم.
سورة النور
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سورة) بالرفع على تقدير: هذه سورة، أو مما يتلى عليك سورة، ولا يكون سورة مبتدأ، لانها نكرة وقرئ بالنصب على تقدير: أنزلنا سورة، ولا موضع ب (أنزلناها) على هذا لانه مفسر لما لا موضع له فلا موضع له، ويجوز النصب على تقدير: اذكر سورة فيكون موضع أنزلناها نصبا، وموضعها على الرفع رفع (وفرضناها) بالتشديد بأنه تكثير مافيها من الفرائض، أو على تأكيد إيجاب العمل بما فيها وبالتخفيف على معنى فرضنا العمل بما فيها.
قوله تعالى (الزانية والزانى) في رفعه وجهان: أحدهما هو مبتدأ والخبر محذوف تقديره: وفيما يتلى عليك الزانية والزانى، فعلى هذا (فاجلدوا) مستأنف.
والثانى الخبر فاجلدوا، وقد قرئ بالنصب بفعل دل عليه فاجلدوا، وقد استوفينا ذلك في قوله تعالى " واللذان يأتيانها منكم ". ومائة وثمانين ينتصبان انتصاب المصادر (ولاتأخذكم بهما) لايجوز أن تتعلق الباء ب (رأفة) لان المصدر لايتقدم عليه معموله، وإنما يتعلق بتأخذ: أى ولاتأخذكم بسببهما، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على البيان: أى أعنى بهما، أى لاترأفوا بهما، ويفسره المصدر والرأفة فيها أربعة أوجه: إسكان الهمزة، وفتحها، وإبدالها ألفا، وزيادة ألف بعدها، وكل ذلك لغات قد قرئ به، و (في) يتعلق بتأخذكم.
قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات) في موضعه وجهان: أحدهما الرفع والآخر النصب على ماذكر في قوله تعالى " الزانية والزانى " (فاجلدوهم) أى فاجلدوا كل واحد منهم فحذف المضاف (وأولئك هم الفاسقون) جملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) هو استثناء من الجمل التى قبلها عند جماعة، ومن الجملة التى تليها عند آخرين، وموضع المستثنى نصب على أصل الباب، وقيل
(3/101)
[154]
موضعه جر على البدل من الضمير في لهم، وقيل موضعه رفع بالابتداء، والخبر (فإن الله) وفى الخبر ضمير محذوف: أى غفور لهم.
قوله تعالى (إلا أنفسهم) هو نعت لشهداء أوبدل منه، ولو قرئ بالنصب لجار على أن يكون خبر كان أو على الاستثناء، وإنما كان الرفع أقوى لان " إلا " هنا صفة للنكرة كما ذكرنا في سورة الانبياء في قوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (فشهادة أحدهم) المصدر مضاف إلى الفاعل. وفى رفعه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى فالواجب شهادة أحدهم.
والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف: أى فعليهم شهادة أحدهم، و (أربع) بالنصب على المصدر: أى أن يشهد أحدهم أربع، و (بالله) يتعلق بشهادات عند البصريين لانه أقرب، وبشهادة عند الكوفيون لانه أول العاملين، و (إنه) وماعملت فيه معمول شهادات أو شهادة على ماذكرنا: أى يشهد على أنه صادق، ولكن العامل علق من أجل اللام في الخبر ولذلك كسرت إن، وموضعه إما نصب أو جر على اختلاف المذهبين في أن إذا حذف منه الجار، ويقرأ " أربع " بالرفع على أنه خبر المبتدأ، وعلى هذا لايبقى للمبتدأ عمل فيما بعد الخبر لئلا يفصل بين الصلة والموصول، فيتعين أن تعمل شهادات فيما بعدها.
قوله تعالى (والخامسة) أى والشهادة الخامسة، وهو مبتدأ، والخبر (أن لعنة الله) ويقرأ بتخفيف " أن " وهى المخففة من الثقيلة واسمها محذوف، و (من الكاذبين) خبر أن(1) على قراء ة التشديد، وخبر لعنة على قراء ة التخفيف، ويقرأ " والخامسة " بالنصب على تقدير: ويشهد الخامسة، ويكون التقدير: بأن لعنة الله، ويجوز أن يكون بدلا من الخامسة.
قوله تعالى (وأن تشهد) هو فاعل يدرأ، و (بالله) يتعلق بشهادات، أو بأن تشهد كما ذكرنا في الاولى.
قوله تعالى (والخامسة أن غضب الله عليها) هو مثل الخامسة الاولى، ويقرأ " أن " بالتشديد، و " أن " بالتخفيف، وغضب بالرفع، ويقرأ غضب على أنه فعل.
(3/102)
قوله تعالى (ولولا فضل الله) جواب " لولا " محذوف تقديره: لهلكتم ولخرجتم، ومثله رأس العشرين من هذه السورة.
___________________________________
(1) قوله ومن الكاذبين خبر أن الخ) كذا بالنسخ وهو سبق قلم والصواب أن يقول وعليه خبر أن الخ كما هو واضح اه مصححه. (*)
[155]
قوله تعالى (عصبة منكم) هى خبر " أن " ومنكم نعت لها، وبه أفاد الخبر.
قوله تعالى (لاتحسبوه) مستأنف، والهاء ضمير الافك أو القذف، و (كبره) بالكسر بمعنى معظمه، وبالضم من قولهم: الولاء للكبر، وهو أكبر ولد الرجل: أى تولى أكبره.
قوله تعالى (إذ تلقونه) العامل في إذا مسكم أو أفضتم، ويقرأ تلقونه بضم التاء من ألقيت الشئ إذا طرحته، وتلقونه بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف وتخفيفها، أى تسرعون فيه، وأصله من الولق، وهو الجنون، ويقرأ تقفونه بفتح التاء والقاف وفاء مشددة مفتوحة بعدها وأصله تتقفون: أى تتبعون.
قوله تعالى (أن تعودوا) أى كراهة أن تعودوا فهو مفعول له، وقيل حذف حرف الجر حملا على معنى يعظكم: أى يزجركم عن العود.
قوله تعالى (فإنه يأمر) الهاء ضمير الشيطان أو ضمير من، و (زكا) يمال حملا على تصرف الفعل، ومن لم يمل قال الالف من الواو.
قوله تعالى (ولايأتل) هو يفتعل من أليت: أى حلفت، ويقرأ يتأل على يتفعل وهو من الالية أيضا.
قوله تعالى (يوم تشهد) العامل في الظرف معنى الاستقرار في قوله تعالى " لهم عذاب " ولايعمل عذاب لانه قد وصف، وقيل التقدير: اذكر وتشهد بالياء والتاء وهو ظاهر.
قوله تعالى (يومئذ) العامل فيه (يوفيهم) و (الحق) بالنصب صفة للدين. وبالرفع على الصفة لله، ولم يحتفل بالفصل، وقد ذكر نظيره في الكهف.
قوله تعالى (لهم مغفرة) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا بعد خبر.
قوله تعالى (أن تدخلوا) أى في أن تدخلوا وقد ذكر.
(3/103)
قوله تعالى (من أبصارهم) " من " هاهنا بمعنى التبعيض: أى لايلزمه غض البصر بالكلية، وقيل هى زائدة، وقيل هى لبيان الجنس، والله أعلم.
قوله تعالى (غير أولى الاربة) بالجر على الصفة أو البدل، وبالنصب على الحال أو الاستثناء، وقد ذكر في الفاتحة، و (من الرجال) نصب على الحال وإفراد (الطفل) قد ذكر في الحج.
[156]
قوله تعالى (من زينتهن) حال (أيها) الجمهور على فتح الهاء في الوصل لان بعدها ألفا في التقدير: وقرئ بضم الهاء إتباعا للضمة قبلها في اللفظ وهو بعيد.
قوله تعالى (والذين يبتغون) رفع أو نصب كما ذكر في " الذين يرمون المحصنات ".
قوله تعالى (من بعد إكراههن غفور) أى غفور: أى لهن.
قوله تعالى (الله نور السموات) تقديره: صاحب نور السموات، وقيل المصدر بمعنى الفاعل، أى منور السموات (فيها مصباح) صفة لمشكاة.
قوله تعالى (درى) يقرأ بالضم والتشديد من غير همز: وهو منسوب إلى الدر شبه به لصفائه وإضاء ته، ويجوز أن يكون أصله الهمز ولكن خففت الهمزة وأدغمت وهو فعيل من الدرء، وهو دفع الظلمة بضوئه، ويقرأ بالكسر على معنى الوجه الثانى ويكون على فعيل كسكيت وصديق، ويقرأ بالفتح على فعيل وهو بعيد (توقد) بالتاء والفتح على أنه ماض، وتوقد على أنه مضارع، والتاء لتأنيث الزجاجة، والياء على معنى الصباح، و (زيتونة) بدل من شجرة، و (لا شرقية) نعت (يكاد زيتها) الجملة نعت الزيتونة (نور على نور) أى ذلك نور.
قوله تعالى (في بيوت) فيما يتعلق به في أوجه: أحدها أنها صفة لزجاجة في قوله " المصباح في زجاجة " في بيوت.
والثانى هى متعلقة بتوقد: أى توجد في المساجد.
(3/104)
والثالث هى متعلقة بيسبح، وفيها التى بعد يسبح مكررة مثل قوله " وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها " ولا يجوز أن يتعلق بيذكر لانه معطوف على ترفع، وهو في صلة " أن " فلا تعمل فيما قبله، ويسبح بكسر الباء، والفاعل (رجال) وبالفتح على أن يكون القائم مقام الفاعل له أو فيها، ورجال مرفوع بفعل محذوف كأنه قيل: من يسبحه؟ فقال رجال: أى يسبحه رجال: وقيل هو خبر مبتدأ محذوف: أى المسبح رجال، وقيل التقدير: فيها رجال (وإقام الصلاة) قد ذكر في الانبياء أى وعن إقام الصلاة (يخافون) حال من الضمير في تلهيهم، ويجوز أن تكون صفة أخرى لرجال.
قوله تعالى (ليجزيهم) يجوز أن تتعلق اللام بيسبح، وبلا تلهيهم، وبيخافون ويجوز أن تكون لام الصيرورة كالتى في قوله " ليكون له عدوا وحزنا " وموضعها حال، والتقدير: يخافون ملهين ليجزيهم.
[157]
قوله تعالى (بقيعة) في موضع جر صفة لسراب: ويجوز أن يكون ظرفا، والعامل فيه مايتعلق به الكاف التى هى الخبر، والياء في قيعة بدل من واو لسكونها وانكسار ماقبلها، لانهم قالوا في قاع أقواع، ويقرأ قيعال وهو جمع قيعة، ويجوز أن تكون الالف زائدة كألف سعلاة فيكون مفردا، و (يحسبه) صفة لسراب أيضا، (شيئا) في موضع المصدر: أى لم يجده وجدانا، وقيل شيئا هنا بمعنى ماء علا ما ظن (ووجد الله) أى قدر الله أو إماتة الله(1).
قوله تعالى (أو كظلمات) هو معطوف على كسراب، وفى التقدير وجهان: أحدهما تقديره أو كأعمال ذى ظلمات، فيقدر ذى ليعود الضمير من قوله إذا أخرج يده إليه، وتقدر أعمال ليصح تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة، إذ لامعنى لتشبيه العمل بصاحب الظلمات.
(3/105)
والثانى لا حذف فيه، والمعنى أنه شبه أعمال الكفار بالظلمة في حيلولتها بين القلب وبين مايهتدى إليه، فأما الضمير في قوله " إذا أخرج يده "، فيعود إلى مذكور حذف اعتمادا على المعنى تقديره: إذا أخرج من فيها يده (في بحر) صفة لظلمات، و (لجى) نسبة إلى اللج، وهو في معنى ذى لجة، و (يغشاه) صفة أخرى، و (من فوقه) صفة لموج. وموج الثانى مرفوع بالظرف لانه قد اعتمد: ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره، و (من فوقه سحاب) نعت لموج الثانى، و (ظلمات) بالرفع خبر مبتدأ محذوف: أى هذه ظلمات ويقرأ سحاب ظلمات بالاضافة والجر على جعل الموج المتراكم بمنزلة السحاب ويقرأ سحاب بالرفع والتنوين، وظلمات بالجر على أنها بدل من ظلمات الاولى.
قوله تعالى (لم يكد يراها) اختلف الناس في تأويل هذا الكلام، ومنشأ الاختلاف فيه أن موضوع كاد إذا نفيت وقوع الفعل، وأكثر المفسرين على أن المعنى أنه لا يرى يده، فعلى هذا في التقدير ثلاثة أوجه: أحدها أن التقدير: لم يرها ولم يكد، ذكره جماعة من النحويين، وهذا خطأ لان قوله لم يرها جزم بنفى الرؤية، وقوله تعالى " لم يكد " إذا أخرجها عن مقتضى الباب كان التقدير: ولم يكد يراها كما هو مصرح به في الآية، فإن أراد هذا القائل لم يكد يراها وأنه رآها بعد جهد، تناقض لانه نفى الرؤية ثم أثبتها، وإن كان معنى لم يكد يراها لم يرها البتة على خلاف الاكثر في هذا الباب فينبغى أن يحمل عليه من غير أن يقدر لم يرها.
والوجه الثانى أن " كاد " زائدة وهو بعيد.
والثالث أنه كان أخرجت هاهنا على معنى قارب، والمعنى لم يقارب رؤيتها، وإذا لم يقاربها باعدها، وعليه جاء قول ذى الرمة:
___________________________________
(1) (قوله أو إماتة الله) كذا بالنسخ التى بأيدينا ولعل المناسب أو جزاء الله كما في التفاسير اه. (*)
[158]
(3/106)
إذا غير النأى المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح أى لم يقارب البراح، ومن هاهنا حكى عن ذى الرمة أنه روجع في هذا البيت فقال: لم أجد بدلا من لم يكد، والمعنى الثانى جهد أنه رآها بعد، والتشبيه على هذا صحيح لانه مع شدة الظلمة إذا أحد نظره إلى يده وقربها من عينه رآها.
قوله تعالى (والطير) هو معطوف على من، و (صافات) حال من الطير (كل قد علم صلاته) ضمير الفاعل في علم اسم الله عند قوم، وعند آخرين هو ضمير كل وهو الاقوى، لان القراء ة برفع كل على الابتداء، فيرجع ضمير الفاعل إليه، ولو كان فيه ضمير اسم الله لكان الاولى نصب كل، لان الفعل الذى بعدها قد نصب ماهو من سببها، فيصير كقولك: زيدا ضرب عمرو غلامه، فتنصب زيدا بفعل دل عليه مابعده، وهو أقوى من الرفع، والآخر جائز.
قوله تعالى (يؤلف بينه) إنما جاز دخول بين على المفرد، لان المعنى بين كل قطعة وقطعة سحابة، والسحاب جنس لها (وينزل من السماء) من هاهنا لابتداء الغاية فأما (من جبال) ففى " من " وجهان: أحدهما هى زائدة، هذا على رأى الاخفش. والثانى ليست زائدة. ثم فيها وجهان: أحدهما هى بدل من الاولى على إعادة الجار، والتقدير: وينزل من جبال السماء: أى من جبال في السماء، فعلى هذا يكون " من " في (من برد) زائدة عند قوم، وغير زائدة عند آخرين.
والوجه الثانى أن التقدير: شيئا من جبال، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة، وهذا الوجه هو الصحيح، لان قوله تعالى " فيها من برد " يحوجك إلى مفعول يعود الضمير إليه فيكون تقديره وينزل من جبال السماء جبالا فيها برد، وفي ذلك زيادة حذف وتقدير مستغنى عنه، وأما من الثانية ففيها وجهان: أحدهما هى زائدة. والثانى للتبعيض.
قوله تعالى (من يمشى على بطنه - و - من يمشى على أربع) " من " فيهما لما لا يعقل، لانها صحبت من لمن يعقل، فكان الاحسن اتفاق لفظها، وقيل لما وصف هذين بالمشى والاختيار حمله على من يعقل.
(3/107)
قوله تعالى (إذا فريق) هى للمفاجأة، وقد تقدم ذكرها في مواضع.
قوله تعالى (قول المؤمنين) يقرأ بالنصب والرفع، وقد ذكر نظيره في مواضع.
قوله تعالى (ويتقه) قد ذكر في قوله تعالى " يؤده إليك ".
قوله تعالى (طاعة) مبتدأ، والخبر محذوف: أى أمثل من غيرها، ويجوز أن
[159]
يكون خبرا والمبتدأ محذوف: أى أمرنا طاعة، ولو قرئ بالنصب لكان جائزا في العربية، وذلك على المصدر: أى أطيعوا طاعة وقولوا قولا، أو اتخذوا طاعة وقولا، وقد دل عليه قوله تعالى بعدها (قل أطيعوا الله).
قوله تعالى (كما استخلف) نعت لمصدر محذوف: أى استخلافا كما استخلف.
قوله تعالى (يعبدوننى) في موضع الحال من ضمير الفاعل في ليستخلفنهم، أو من الضمير في ليبدلنهم (لا يشركون) يجوز أن يكون حالا بدلا من الحال الاولى وأن يكون حالا من الفاعل في يعبدوننى: أى يعبدوننى موحدين.
قوله تعالى (لايحسبن الذين) يقرأ بالياء والتاء، وقد ذكر مثل ذلك في الانفال.
قوله تعالى (ثلاث مرات) مرة في الاصل مصدر، وقد استعملت ظرفا، فعلى هذا ينتصب ثلاث مرات على الظرف، والعامل ليستأذن، وعلى هذا في موضع (من قبل صلاة الفجر) ثلاثة أوجه: أحدها نصب بدلا من ثلاث.
والثانى جر بدلا من مرات.
والثالث رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أى هى من قبل، وتمام الثلاث معطوف على هذا (من الظهيرة) يجوز أن تكون " من " لبيان الجنس: أى حين ذلك من وقت الظهيرة، وأن تكون بمعنى في، وأن تكون بمعنى من أجل الظهيرة، وحين معطوف على موضع من قبل.
قوله تعالى (ثلاث عورات) يقرأ بالرفع: أى هى أوقات ثلاث عورات، فحذف المبتدأ والمضاف، وبالنصب على البدل من الاوقات المذكورة، أو من ثلاث الاولى، أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (بعدهن) التقدير بعد استئذانهن فيهن، ثم حذف حرف الجر والفاعل، فيبقى بعد استئذانهن، ثم حذف المصدر.
قوله تعالى (طوافون عليكم) أى هم طوافون.
(3/108)
قوله تعالى (بعضكم على بعض) أى يطوف على بعض، فيجوز أن تكون الجملة بدلا من التى قبلها، وأن تكون مبنية مؤكدة.
قوله تعالى (والقواعد) واحدتهن قاعدة، هذا إذا كانت كبيرة: أى قاعدة عن النكاح، ومن القعود قاعدة للفرق بين المذكر والمؤنث، وهو مبتدأ، و (من النساء) حال، و (اللاتى) صفة، والخبر (فليس عليهن) ودخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط، لان الالف واللام بمعنى الذى (غير) حال.
[160]
قوله تعالى (أو ما ملكتم) الجمهور على التخفيف، ويقرأ " ملكتم " بالتشديد على مالم يسم فاعله، والمفاتح جمع مفتح، قيل هو نفس الشئ الذى يفتح به، وقيل هو جمع مفتح وهو المصدر كالفتح.
قوله تعالى (تحية) مصدرا من معنى سلموا، لان سلم وحيا بمعنى.
قوله تعالى (دعاء الرسول) المصدر مضاف إلى المفعول: أى دعاكم الرسول، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أى لا تهملوا دعاء ه إياكم.
قوله تعالى (لو اذا) هو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون منصوبا بيتسللون على المعنى: أى يلاوذون لواذا، أو يتسللون تسللا، وإنما صحت الواو في لوازا مع انكسار ما قبلها، لانها تصح في الفعل الذى هو لاوذ، ولو كان مصدر لاذ لكان لياذا، مثل صام صياما.
قوله تعالى (عن أمره) الكلام محمول على المعنى، لان معنى يخالفون يميلون ويعدلون (أن تصيبهم) مفعول يحذر، والله أعلم.
[256]
قوله تعالى (بديع السموات) في رفعه ثلاثة أوجه: أحدهما هو فاعل تعالى، والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو بديع، والثالث هو مبتدأ وخبره (أنى يكون له) وما يتصل به، وأنى بمعنى كيف أو من أين، وموضعه حال، وصاحب الحال (ولد) والعامل يكون، ويجوز أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة (ولم تكن) يقرأ بالتاء على تأنيث الصاحبة، ويقرأ بالياء وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه للصاحبة ولكن جاز التذكير لما فصل بينهما.
والثانى أن اسم كان ضمير اسم الله، والجملة خبر عنه: أى ولم يكون الله له صاحبته.
(3/109)
والثالث أن اسم كان ضمير الشأن والجملة مفسرة له.
قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ، وفى الخبر أوجه: أحدها هو (الله) و (ربكم) خبر ثان، و (لاإله إلا هو) ثالث، و (خالق كل) رابع. والثانى أن الخبر الله، وما بعده إبدال منه. والثالث أن الله بدل من ذلكم، والخبر مابعده.
قوله تعالى (قد جاء كم بصائر) لم يلحق الفعل تاء التأنيث للفصل بين المفعول،. ولان تأنيث الفاعل غير حقيقى، و (من) متعلقة بجاء، ويجوز أن تكون صفة للبصائر فتتعلق بمحذوف (فمن أبصر) من مبتدأ فيجوز أن تكون شرطا، فيكون الخبر أبصر والجواب من كلاهما، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وما بعد الفاء الخبر، والمبتدأ فيه محذوف تقديره: فإبصاره لنفسه، وكذلك قوله (ومن عمى فعليها).
قوله تعالى (وكذلك) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى (نصرف الآيات) تصريفا مثل ماتلوناها عليك (وليقولوا) أى وليقولوا درست صرفنا، واللام لام العاقبة: أى أن أمرهم يصير إلى هذا، وقيل إنه قصد بالتصريف أن يقولوا درست عقوبة لهم (دارست) يقرأ بالالف وفتح الياء: أى دارست أهل الكتاب، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف: أى درست الكتب المتقدمة، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتشديد، والمعنى كالمعنى الاول، ويقرأ بضم الدال مشددا على ما لم يسم فاعله، ويقرأ " دورست " بالتخفيف والواو على مالم يسم فاعله، والواو مبدلة من الالف في دارست، ويقرأ بفتح الدال والراء والسين وسكون التاء: أى انقطعت الآيات وانمحت، ويقرأ كذلك إلا أنه على مالم يسم فاعله، ويقرأ درس من غير تاء، والفاعل النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل الكتاب لقوله (ولنبينه).
[257]
قوله تعالى (من ربك) يجوز أن تكون متعلقة بأوحى، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحى، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحى، وأن تكون حالا من ما (لاإله إلا هو) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ربك: أى من ربك منفردا، وهى حال مؤكدة.
(3/110)
قوله تعالى (ولو شاء الله) المفعول محذوف: أى ولو شاء الله إيمانهم، و (جعلناك) متعدية إلى مفعولين، و (حفيظا) الثانى. وعليهم يتعلق بحفيظا، ومفعوله محذوف: أى وما صيرناك تحفظ عليهم أعمالهم، وهذا يؤيد قول سيبويه في إعمال فعيل.
قوله تعالى (من دون الله) حال من " ما " أو من العائد عليها (فيسبوا) منصوب على جواب النهى، وقيل هو مجزوم على العطف كقولهم لاتمددها فتثقفها، و (عدوا) بفتح العين وتخفيف الدال، وهو مصدر. وفى انتصابه ثلاثة أوجه: أحدها هو مفعول له.
والثانى مصدر من غير لفظ الفعل لان السب عدوان في المعنى.
والثالث هو مصدر في موضع الحال، وهي حال مؤكدة، ويقرأ بضم العين والدال وتشديد الواو وهو مصدر على فعول كالجلوس والقعود، ويقرأ بفتح العين والتشديد وهو واحد في معنى الجمع: أى أعداء، وهو حال (بغير علم) حال أيضا مؤكدة (كذلك) في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى كما (زينا لكل أمة عملهم) زينا لهؤلاء عملهم.
قوله تعالى (جهد أيمانهم) قد ذكر في المائدة (ومايشعركم) " ما " استفهام في موضع رفع بالابتداء، ويشعركم الخبر، وهو يتعدى إلى مفعولين (أنها) يقرأ بالكسر على الاستئناف، والمفعول الثانى محذوف تقديره: ومايشعركم إيمانهم ويقرأ بالفتح. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن " أن " بمعنى لعل، حكاه الخليل عن العرب، وعلى هذا يكون المفعول الثانى أيضا محذوفا، والثانى أن " لا " زائدة، فتكون " أن " وماعملت فيه في موضع المفعول الثانى، والثالث أن " أن " على بابها ولاغير زائدة، والمعنى: ومايدريكم عدم إيمانهم، وهذا جواب لمن حكم عليهم بالكفر أبدا ويئس من إيمانهم، والتقدير: لايؤمنون بها فحذف المفعول.
قوله تعالى (كما لم يؤمنوا) " ما " مصدرية والكاف نعت لمصدر محذوف أى تقليبا ككفرهم: أى عقوبة مساوية لمعصيتهم، و (أول مرة) ظرف زمان،
[258]
وقد ذكر (ونذرهم) يقرأ بالنون وضم الراء وبالياء كذلك، والمعنى مفهوم ويقرأ بسكون الراء.
(3/111)
وفيه وجهان: أحدهما أنه سكن لثقل توالى الحركات، والثانى أنه مجزوم عطفا على يؤمنوا، والمعنى: جزاء على كفرهم، وأنه لم يذرهم في طغيانهم يعمهون بل بين لهم.
قوله تعالى (قبلا) يقرأ بضم القاف والباء وفيه وجهان: أحدهما هو جمع قبيل مثل قليب وقلب، والثانى أنه مفرد كقبل الانسان ودبره، وعلى كلا الوجهين هو حال من كل، وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من العلوم، ويقرأ بالضم وسكون الباء على تخفيف الضمة، ويقرأ بكسر القاف وفتح الباء. وفيه وجهان أيضا: أحدهما هو ظرف كقولك: لى قبله حق، والثانى مصدر في موضع الحال: أى عيانا أو معاينة (إلا أن يشاء الله) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، وقيل هو متصل. والمعنى: ماكانوا ليؤمنوا في كل حال إلا في حال مشيئة الله تعالى.
قوله تعالى (وكذلك) هو نعت لمصدر محذوف كما ذكرنا في غير موضع، و (جعلنا) متعدية إلى مفعولين.
وفى المفعول الاول وجهان: أحدهما هو عدوا والثانى (لكل نبى)، و (شياطين) بدل من عدو. والثانى المفعول الاول شياطين. وعدوا المفعول الثانى مقدم، ولكل نبى صفة لعدو قدمت فصارت حالا (يوحى) يجوز أن يكون حالا من شياطين وأن يكون صلة لعدو، وعدو في موضع أعداء (غرورا) مفعول له، وقيل مصدر في موضع الحال، والهاء في (فعلوه) يجوز أن تكون ضمير الايحاء، وقد دل عليه يوحى، وأن تكون ضمير الزخرف أو القول أو الغرور (ومايفترون) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، وهى في موضع نصب عطفا على المفعول قبلها، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قوله تعالى (ولتصغى) الجمهور على كسر اللام وهو معطوف على غرور: أى ليغروا ولتصغى، وقيل هى لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون، وقرئ بإسكان اللام وهى مخففة لتوالى الحركات، وليست لام الامر لانه لم يجزم الفعل، وكذلك القول في (وليرضوه وليقترفوا) و " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى وليقترفوا الذى هم مقترفوه، وأثبت النون لما حذف الهاء.
[259]
(3/112)
قوله تعالى (أفغير الله) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول أبتغى و (حكما) حال منه. والثانى أن حكما مفعول أبتغى، وغير حال من حكما مقدم عليه، وقيل حكما تمييز، و (مفصلا) حال من الكتاب، و (بالحق) حال من الضمير المرفوع في منزل.
قوله تعالى (صدقا وعدلا) منصوبان على التمييز، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله، وأن يكون مصدرا في موضع الحال (لامبدل) مستأنف، ولايجوز أن يكون حالا من ربك لئلا يفصل بين الحال وصاحبها بالاجنبى، وهو قوله " صدقا وعدلا " إلا أن يجعل صدقا وعدلا حالين من ربك لا من الكلمات.
قوله تعالى (أعلم من يضل) في " من " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة بمعنى فريق، فعلى هذا يكون في موضع نصب بفعل دل عليه أعلم لابنفس أعلم، لان أفعل لايعمل في الاسم الظاهر النصب، والتقدير: يعلم من يضل. ولايجوز أن يكون " من " في موضع جر بالاضافة على قراء ة من فتح الياء لئلا يصير التقدير: هو أعلم الضالين، فيلزم أن يكون سبحانه ضالا، تعالى عن ذلك، ومن قرأ بضم الياء فمن في موضع نصب أيضا على مابينا: أى يعلم المضلين، ويجوز أن يكون في موضع جر، إما على معنى هو أعلم المضلين: أى من يجد الضلال وهو من أظللته أى وجدته ضالا مثل أحمدته وجدته محمودا، أو بمعنى أن يضل عن الهدى.
والوجه الثانى أن " من " استفهام في موضع مبتدإ، ويضل الخبر، وموضع الجملة نصب بيعلم المقدرة، ومثله " لنعلم أى الحزبين أحصى ".
قوله تعالى (ومالكم) " ما " استفهام في موضع رفع بالابتداء، ولكم الخبر، و (أن لاتأكلوا) فيه وجهان: أحدهما حرف الجر مراد معه: أى في أن لاتأكلوا ولما حذف حرف الجر كان في موضع نصب، أو في موضع جر على اختلافهم في ذلك، وقد ذكر في غير موضع.
(3/113)
والثانى أنه في موضع الحال: أى وأى شئ لكم تاركين الاكل، وهو ضعيف لان " أن " تمحض الفعل للاستقبال وتجعله مصدرا فيمتنع الحال، إلا أن تقدر حذف مضاف تقديره: ومالكم ذوى أن لاتأكلوا، والمفعول محذوف: أى شيئا مما ذكر اسم الله عليه (وقد فصل) الجملة حال، ويقرأ بالضم على مالم يسم فاعله، وبالفتح في تسمية الفاعل، وبتشديد الصاد وتخفيفها، وكل ذلك ظاهر (إلا مااضطررتم) " ما " في موضع نصب على الاستثناء من الجنس من طريق المعنى، لانه وبخهم بترك الاكل مما سمى عليه، وذلك يتضمن
[260]
إباحة الاكل مطلقا، وقوله " وقد فصل لكم ماحرم عليكم " أى في حال الاختيار، وذلك حلال في حال الاضطرار.
قوله تعالى (إنكم لمشركون) حذف الفاء من جواب الشرط وهو حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضى، وهو هنا كذلك وهو قوله " وإن أطعتموهم ".
قوله تعالى (أو من كان) " من " بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء و (يمشى به) في موضع نصب صفة لنور، و (كمن) خبر الابتداء، و (مثله) مبتدأ، و (في الظلمات) خبره، و (ليس بخارج) في موضع الحال من الضمير في الجار، ولا يجوز أن يكون حالا من الهاء في مثله للفصل بينه وبين الحال بالخبر (كذلك زين - وكذلك جعلنا) قد سبق إعرابهما، وجعلنا بمعنى صيرنا، و (أكابر) المفعول الاول، وفى كل قرية الثانى، و (مجرميها) بدل من أكابر، ويجوز أن تكون " في " ظرفا، ومجرميها المفعول الاول، وأكابر مفعول ثان، ويجوز أن يكون أكابر مضافا إلى مجرميها، وفى كل المفعول الثانى، والمعنى على هذا مكنا ونحو ذلك (ليمكروا) اللام لام كى أو لام الصيرورة.
قوله تعالى (حيث يجعل) حيث هنا مفعول به، والعامل محذوف، والتقدير: يعلم موضع رسالاته، وليس ظرفا لانه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا وكذا، وليس المعنى عليه، وقد روى " حيث " بفتح الثاء، وهو بناء عند الاكثرين، وقيل هى فتحة إعراب (عند الله) ظرف ليصيبأو صفة لصغار.
(3/114)
قوله تعالى (فمن يرد الله) هو مثل " من يشأ الله يضلله "، وقد ذكر " ضيقا " مفعول ثان ليجعل، فمن شدد الياء جعله وصفا، ومن خففها جاز أن يكون وصفا كميت وميت، وأن يكون مصدرا: أى ذا ضيق (حرجا) بكسر الراء صفة لضيق، أو مفعول ثالث كما جاز في المبتدإ أن تخبر عنه بعده أخبارا، ويكون الجميع في موضع خبر واحد: كحلو حامض، وعلى كل تقدير هو مؤكد للمعنى، ويقرأ بفتح الراء على أنه مصدر: أى ذا حرج، وقيل هو جمع حرجة مثل قصبة وقصب، والهاء فيه للمبالغة (كأنما) في موضع نصب خبر آخر، أو حال من الضمير في حرج أو ضيق (يصعد) ويصاعد بتشديد الصاد فيهما أى يتصعد، ويقرأ " يصعد " بالتخفيف.
قوله تعالى (مستقيما) حال من صراط ربك، والعامل فيها التنبيه أو الاشارة.
قوله تعالى (لهم دار السلام) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون في موضع جر صفة لقوم، وأن يكون نصبا على الحال من الضمير في يذكرون، (عند ربهم) حال من دار السلام، أو ظرف للاستقرار في لهم.
[261]
قوله تعالى (ويوم نحشرهم) أى واذكر يوم، أو ونقول يوم نحشرهم (يامعشر الجن)، و (من الانس) حال من (أولياؤهم) وقرئ (آجالنا) على الجمع (الذى) على التذكير والافراد.
وقال أبوعلي: هو جنس أوقع الذى موقع التى (خالدين فيها) حال، وفى العامل فيها وجهان: أحدهما المثوى على أنه مصدر بمعنى الثواء، والتقدير: النار ذات ثوائكم.
والثانى العامل فيه معنى الاضافة ومثواكم مكان والمكان لا يعمل (إلا ماشاء الله) هو استثناء من غير الجنس، ويجوز أن يكون من الجنس على وجهين: أحدهما أن يكون استثناء من الزمان، والمعنى يدل عليه لان الخلود يدل على الابد، فكأنه قال: خالدين فيها في كل زمان إلا ماشاء الله إلا زمن مشيئة الله. والثانى أن تكون " من " بمعنى " ما "(1).
قوله تعالى (يقصون) في موضع رفع صفة لرسل، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في منكم.
(3/115)
قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف: أى الامر ذلك (أن لم) أن مصدرية أو مخففة من الثقيلة، واللام محذوفة: أى لان لم (يكن ربك) وموضعه نصب أو جر على الخلاف (بظلم) في موضع الحال أو مفعول به يتعلق بمهلك.
قوله تعالى (ولكل) أى ولكل أحد (مما) في موضع رفع صفة لدرجات.
قوله تعالى (كما أنشأكم) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى استخلافا كما، و (من ذرية) لابتداء الغاية، وقيل هى بمعنى البدل: أى كما أنشأكم بدلا من ذرية (قوم).
قوله تعالى (إنما توعدون) ما بمعنى الذى، و (لآت) خبر إن ولا يجوز أن تكون " ما " ها هنا كافة، لان قوله لآت يمنع ذلك.
قوله تعالى (من تكون) يجوز أن تكون " من " بمعنى الذى، وأن تكون استفهاما مثل قوله: أعلم من يضل.
قوله تعالى (مما ذرأ) يجوز أن يتعلق بجعل، وأن يكون حالا من نصيب، و (من الحرث) يجوز أن يكون متعلقا بذرأ، وأن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف.
___________________________________
(1) قوله " أن تكون بمعنى ما " كذا بالنسخ التى بأيدينا، وصوابه: أن يقول " أن تكون مابمعنى من " كما لايخفى ليكون استثناء من الجنس تأمل اه. (*)
[262]
قوله تعالى (وكذلك زين) يقرأ بفتح الزاى، والياء على تسمية الفاعل، وهو (شركاؤهم) والمفعول قتل، وهو مصدر مضاف إلى المفعول، ويقرأ بضم الزاى وكسر الياء على مالم يسم فاعله، وقتل بالرفع على أنه القائم مقام الفاعل، وأولادهم بالنصب على أنه مفعول القتل، شركائهم بالجر على الاضافة، وقد فصل بينهما بالمفعول وهو بعيد، وإنما يجئ في ضرورة الشعر، ويقرأ كذلك إلا أنه بجر أولادهم على الاضافة وشركائهم بالجر أيضا على البدل من الاولاد، لان أولادهم شركاؤهم في دينهم وعيشهم وغيرهما، ويقرأ كذلك إلا أنه برفع الشركاء.
(3/116)
وفيه وجهان: أحدهما أنه مرفوع بفعل محذوف كأنه قال: من زينه؟ فقال شركاء هم: أى زينه شركاؤهم، والقتل في هذا كله مضاف إلى المفعول. والثانى أن يرتفع شركاؤهم بالقتل، لان الشركاء تثير بينهم القتل قبله، ويمكن أن يكون القتل يقع منهم حقيقة (وليلبسوا) بكسر الباء من لبست الامر بفتح الباء في الماضى إذا شبهته، ويقرأ في الشاذ بفتح الباء، قيل إنها لغة، وقيل جعل الدين لهم كاللباس عليهم.
قوله تعالى (لايطعمها) في موضع رفع كالذى قبله، والجمهور على كسرالحاء في " حجر " وسكون الجيم ويقرأ بضمهما، وضم الحاء وسكون الجيم، ومعناه محرم، والقراء ات لغات فيها، ويقرأ " حرج " بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وأصله حرج بفتح الحاء وكسر الراء ولكنه خفف ونقل مثل فخذ وفخذ، وقيل هو من المقلوب مثل عميق ومعيق (بزعمهم) متعلق بقالوا، ويجوز فتح الزاى وكسرها وضمها وهى لغات (افتراء) منصوب على المصدر، لان قولهم المحكى بمعنى افتروا، وقيل هو مفعول من أجله، فإن نصبته على المصدر كان قوله (عليه) متعلقا بقالوا لا بنفس المصدر، وإن جعلته مفعولا من أجله علقته بنفس المصدر، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لافتراء.
قوله تعالى (ما في بطون) " ما " بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء، و (خالصة) خبره وأنث على المعنى لان ما في البطون أنعام، وقيل التأنيث على المبالغة كعلامة ونسابة، و (لذكورنا) متعلق بخالصة أو بمحذوف على أن يكون صفة لخالصة (ومحرم) جاء على التذكير حملا على لفظ " ما " ويقرأ " خالص " بغير تاء على الاصل، ويقرأ " خالصة " بالتأنيث والنصب على الحال، والعامل فيها مافي بطونها من معنى الاستقرار، والخبر لذكورنا، ولا يعمل في الحال لانه لا يتصرف، وأجازه الاخفش، ويقرأ " خالصة " بالرفع والاضافة إلى هاء الضمير وهو مبتدأ،
[263]
(3/117)
وللذكور خبره، والجملة خبر " ما " (تكن ميتة) يقرأ بالتاء ونصب ميتة: أى إن تكن الانعام ميتة، ويقرأ بالياء حملا على لفظ " ما " ويقرأ بالياء ورفع ميتة على أن كان هى التامة (فهم فيه) ذكر الضمير حملا على " ما ".
قوله تعالى (قتلوا أولادهم) يقرأ بالتخفيف والتشديد على التكثير. و (سفها) مفعول له أو على المصدر لفعل محذوف دل عليه الكلام (بغير علم) في موضع الحال، و (افتراء) مثل الاول.
قوله تعالى (مختلفا أكله) مختلفا حال مقدرة، لان النخل والزرع وقت خروجه لاأكل فيه حتى يكون مختلفا أو متفقا، وهو مثل قولهم: مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، ويجوز أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: ثمر النخل وحب الزرع فعلى هذا تكون الحال مقارنة، و (متشابها) حال أيضا، و (حصاده) يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان.
قوله تعالى (حمولة وفرشا) هو معطوف على جنات: أى وأنشأ من الانعام حمولة.
قوله تعالى (ثمانية أزواج) في نصبه خمسة أوجه: أحدها هو معطوف على جنات: أى وأنشأ ثمانية أزواج، وحذف الفعل وحرف العطف وهو ضعيف.
والثانى أن تقديره: كلوا ثمانية أزواج.
والثالث هو منصوب بكلوا تقديره: كلوا مما رزقكم ثمانية أزواج، ولا تسرفوا معترض بينهما.
والرابع هو بدل من حمولة وفرشا.
والخامس أنه حال تقديره: مختلفة أو متعددة (من الضأن) يقرأ بسكون الهمزة وفتحها وهما لغتان، و (اثنين) بدل من ثمانية، وقد عطف عليه بقية الثمانية، و (المعز) بفتح العين وسكونها لغتان قد قرئ بهما (آلذكرين) هو منصوب ب (حرم) وكذلك (أم الانثيين) أى أم حرم الانثيين (أم ما اشتملت) أى أم حرم ما اشتملت.
قوله تعالى (أم كنتم شهداء) أم منقطعة: أى بل أكنتم، و (إذ) معمول شهداء.
(3/118)
قوله تعالى (يطعمه) في موضع جر صفة لطاعم، ويقرأ " يطعمه " بالتشديد وكسر العين، والاصل يتطعمه، فأبدلت التاء طاء وأدغمت فيها الاولى (إلا أن تكون) استثناء من الجنس وموضعه نصب: أى لا أجد محرما إلا الميتة، ويقرأ يكون بالياء و (ميتة) بالنصب: أى إلا أن يكون المأكول ميتة أو ذلك، ويقرأ
[264]
بالتاء إلا أن تكون المأكولة ميتة، ويقرأ برفع الميتة على أن تكون تامة، إلا أنه ضعيف لان المعطوف منصوب (أو فسقا) عطف على لحم الخنزير، وقيل هو معطوف على موضع إلا أن يكون، وقد فصل بينهما بقوله " فإنه رجس ".
قوله تعالى (كل ذى ظفر) الجمهور على ضم الظاء والفاء، ويقرأ بإسكان الفاء، ويقرأ بكسر الظاء والاسكان (ومن البقر) معطوف على كل، وجعل (حرمنا عليهم شحومهما) تبيينا للمحرم من البقر، ويجوز أن يكون من البقر، متعلقا بحرمنا الثانية (إلا ما حملت) في موضع نصب استثناء من الشحوم (أو الحوايا) في موضع نصب عطفا على " ما " وقيل هو معطوف على الشحوم فتكون محرمة أيضا، وواحدة الحوايا حوية أو حاوية أو حاويا، وأوهنا بمعنى الواو لتفصيل مذاهبهم لاختلاف أماكنها، وقد ذكرناه في قوله " كونوا هودا أو نصارى " (ذلك) في موضع نصب ب (جزيناهم) وقيل مبتدأ، والتقدير: جزيناهموه، وقيل هو خبر المحذوف: أى الامر ذلك.
قوله تعالى (فإن كذبوك) شرط وجوابه (فقل ربكم ذو رحمة) والتقدير: فقل يصفح عنكم بتأخير العقوبة.
قوله تعالى (ولاآباؤنا) عطف على الضمير في أشركنا، وأغنت زيادة " لا " عن تأكيد الضمير، وقيل ذلك لا يغنى لان المؤكد يجب أن يكون قبل حرف العطف ولابعد حرف العطف (من شئ) من زائدة.
قوله تعالى (قل هلم) للعرب فيها لغتان: إحداهما تكون بلفظ واحد في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث، فعلى هذا هى اسم للفعل، وبنيت لوقوعها موقع الامر المبنى، ومعناها أحضروا شهداء كم.
(3/119)
واللغة الثانية تختلف فتقول: هلما وهلموا وهلمى وهلممن، فعلى هذا هى فعل. واختلفوا في أصلها فقال البصريون: أصلها ها ألمم: أى أقصد، فأدغمت الميم في الميم وتحركت اللام فاستغنى عن همزة الوصل فبقى لم ثم حذفت ألف ها التى هى للتنبيه لان اللام في لم في تقدير الساكنة إذ كانت حركتها عارضة، ولحق حرف التنبيه مثال الامر كما يلحق غيره من المثل.
فأما فتحة الميم ففيها وجهان: أحدهما أنها حركت بها لالتقاء الساكنين ولم يجز الضم ولا الكسر كما جاز في رد ورد ورد لطول الكلمة بوصل " ها " بها، وأنها لاتستعمل إلا معها، والثانى أنها فتحت من أجل التركيب كما فتحت خمسة عشر وبابها.
[265]
وقال الفراء. أصلها هل أم، فألقيت حركة الهمزة على اللام وحذفت، وهذا بعيد لان لفظه أمر، وهل إن كانت استفهاما فلا معنى لدخوله على الامر، وإن كانت بمعنى قد فلا تدخل على الامر، وإن كانت هل اسما للزجر فتلك مبنية على الفتح، ثم لامعنى لها هاهنا.
قوله تعالى (ماحرم) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى والعائد محذوف: أى حرمه، والثانى هى مصدرية (أن لا تشركوا) في أن وجهان: أحدهما هى بمعنى أى، فتكون لا على هذا نهيا، والثانى هى مصدرية وفي موضعها وجهان: أحدهما هى بدل(1) من الهاء المحذوفة أو من " ما " ولا زائدة: أى حرم ربكم أن تشركوا، والثانى أنها منصوبة على الاغراء، والعامل فيها عليكم، والوقف على ما قبل على: أى ألزموا ترك الشرك. والوجه الثانى أنها مرفوعة.
(3/120)
والتقدير المتلو: أن لا تشركوا أو المحرم أن تشركوا، ولا زائدة على هذا التقدير، و (شيئا) مفعول تشركوا، وقد ذكرناه في موضع آخر. ويجوز أن يكون شيئا في موضع المصدر: أى إشراكا و (وبالوالدين إحسانا) قد ذكر في البقرة (من إملاق) أى من أجل الفقر (ما ظهر منها وما بطن) بدلان من الفواحش، بدل الاشتمال، ومنها في موضع الحال من ضمير الفاعل، و (بالحق) في موضع الحال (ذلكم) مبتدأ، و (وصاكم به) الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير: ألزمكم ذلكم، ووصاكم تفسير له.
قوله تعالى (إلا بالتى هى أحسن) أى إلا بالخصلة، و (بالقسط) في موضع الحال: أى مقسطين، ويجوز أن يكون حالا من المفعول: أى أوفوا الكيل تاما، والكيل هاهنا مصدر في معنى المكيل والميزان كذلك، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف تقديره: مكيل الكيل وموزون الميزان (لا نكلف) مستأنف (ولو كان ذا قربى) أى ولو كان المقول له أو فيه.
قوله تعالى (وأن هذا) يقرأ بفتح الهمزة والتشديد، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره: ولان هذا، واللام متعلقة بقوله (فاتبعوه) أى ولاجل استقامته اتبعوه، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله " كما أرسلنا " والثانى أنه معطوف على ماحرم: أى وأتلو عليكم أن هذا صراطى. والثالث هو معطوف على الهاء في وصاكم به، وهذا فاسد لوجهين: أحدهما أنه عطف على الضمير من غير إعادة الجار، والثانى أنه يصير المعنى وصاكم باستقامة الصراط، وهو فاسد، ويقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون وهى كالمشددة، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف ومستقيما حال، والعامل فيه هذا
___________________________________
(1) قوله " أحدهما هى بدل الخ " كذا بالنسخ، وكان المناسب أن يقول أحدهما أنها منصوبة وفيه وجهان: أحدهما.. الخ لتستقيم بقية الاقسام بعد اه. (*)
[266]
(فتفرق) جواب النهى، والاصل فتتفرق، و (بكم) في موضع المفعول: أى فتفرقكم، ويجوز أن يكون حالا.
أى فتتفرق وأنتم معها.
(3/121)
قوله تعالى (تماما) مفعول له أو مصدر: أى اتممناه إتماما، ويجوز أن يكون في موضع الحال من الكتاب (على الذى أحسن) يقرأ بفتح النون وعلى أنه فعل ماض، وفى فاعله وجهان: أحدهما ضمير اسم الله والهاء محذوفة: أى على الذى أحسنه الله: أى أحسن إليه وهو موسى، والثانى هو ضمير موسى لانه أحسن في فعله ويقرأ بضم النون على أنه اسم، والمبتدأ محذوف، وهو العائد على الذى. أى على الذى هو أحسن، وهو ضعيف.
وقال قوم: أحسن بفتح النون في موضع جر صفة للذى، وليس بشئ لان الموصول لابد له من صلة، وقيل تقديره: على الذين أحسنوا.
قوله تعالى (وهذا) مبتدأ، و (كتاب) خبره، و (أنزلناه) صفة أو خبر ثان. و (مبارك) صفة ثانية أو خبر ثالث، ولو كان قرئ مباركا بالنصب على الحال جاز.
قوله تعالى (أن تقولوا) أي أنزلناه كراهة أن تقولوا (أو تقولوا) معطوف عليه، وإن كنا إن مخففة من الثقيلة، واللام في لغافلين عوض أو فارقة بين إن وما.
قوله تعالى (ممن كذب) الجمهور على التشديد، وقرئ بالتخفيف وهو في معنى المشدد، فيكون (بآيات الله) مفعولا، ويجوز أن يكون حالا، أى كذب ومعه آيات الله (يصدقون) يقرأ بالصاد الخالصة على الاصل، وبإشمام الصاد زايا وبإخلاصها زايا لتقرب من الدال، وسوغ ذلك فيها سكونها.
قوله تعالى (يوم يأتى) الجمهور على النصب، والعامل في الظرف (لاينفع) وقرئ بالرفع، والخبر لا ينفع، والعائد محذوف: أى لاينفع (نفسا إيمانها) فيه والجمهور على الياء في ينفع، وقرئ بالتاء وفيه وجهان: أحدهما أنه أنث المصدر على المعنى، لان الايمان والعقيدة بمعنى، فهو مثل قولهم: جاء ته كتابى فاحتقرها: أى صحيفتى أو رسالتى، والثانى أنه حسن التأنيث لاجل الاضافة إلى المؤنث (لم تكن) فيه وجهان: أحدهما هى مستأنفة، والثانى هى في موضع الحال من الضمير المجرور، أو على الصفة لنفس وهو ضعيف.
[267]
(3/122)
قوله تعالى (فرقوا دينهم) يقرأ بالتشديد من غير ألف، وبالتخفيف وهو في معنى المشدد، ويجوز أن يكون المعنى: فصلوه عن الدين الحق، ويقرأ فارقوا أى تركوا (لست منهم في شئ) أى لست في شئ كائن منه.
قوله تعالى (عشر أمثالها) يقرأ بالاضافة: أى فله عشر حسنات أمثالها، فاكتفى بالصفة، ويقرأ بالرفع والتنوين على تقدير: فله حسنات عشر أمثالها، وحذف التاء من عشر لان الامثال في المعنى مؤنثة، لان مثل الحسنة حسنة، وقيل أنث لانه أضافة إلى المؤنث.
قوله تعالى (دينا) في نصبه ثلاثة أوجه: هو بدل من الصراط على الموضع، لان معنى هدانى وعرفنى واحد، وقيل منصوب بفعل مضمر: أى عرفنى دينا، والثالث أنه مفعول هدانى، وهدى يتعدى إلى مفعولين، و (قيما) بالتشديد صفة لدين، ويقرأ بالتخفيف، وقد ذكر في النساء والمائدة، و (ملة) بدل من دين، أو على إضمار أعنى، و (حنيفا) حال، أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (ومحياى) الجمهور على فتح الياء، وأصلها الفتح لانها حرف مضمر فهى كالكاف في رأيتك والتاء في قمت وقرئ بإسكانها كما تسكن في أنى ونحوه، وجاز ذلك وإن كان قبلها ساكن لان المدة تفصل بينهما، وقد قرئ في الشاذ بكسر الياء على أنه اسم مضمر كسر لالتقاء الساكنين (لله) أى ذلك كله لله.
قوله تعالى (قل أغير الله) هومثل قوله " ومن يبتغ غير الاسلام " وقد ذكر.
قوله تعالى (درجات) قد ذكر في قوله تعالى " نرفع درجات من نشاء ".
سورة الفرقان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ليكون) في اسم كان ثلاثة أوجه: أحدها الفرقان. والثانى العبد. والثالث الله تعالى، وقرئ شاذا على عباده فلا يعود الضمير إليه.
قوله تعالى (الذى له) يجوز أن يكون بدلا من " الذى " الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى.
قوله تعالى (افتراه) الهاء تعود على عبده في أول السورة.
(3/123)
قوله تعالى (ظلما) مفعول جاء وا: أى أتوا ظلما، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، والاساطير قد ذكرت في الانعام (اكتتبها) في موضع الحال من الاساطير: أى قالوا هذه أساطير الاولين مكتتبة.
قوله تعالى (يأكل الطعام) هو في موضع الحال، والعامل فيها العامل في لهذا أو نفس الظرف (فيكون) منصوب على جواب الاستفهام أو التحضيض (أو يلقى - أو تكون) معطوف على أنزل لان أنزل بمعنى ينزل، أو يلقى بمعنى ألقى، ويأكل بالياء والنون والمعنى فيهما ظاهر.
[161]
قوله تعالى (جنات) بدل من خيرا (ويجعل لك) بالجزم عطفا على موضع جعل الذى هو جواب الشرط، وبالرفع على الاستئناف، ويجوز أن يكون من جزم سكن المرفوع تخفيفا وأدغم.
قوله تعالى (إذا رأتهم) إلى آخر الآية في موضع نصب صفة لسعير. و (ضيقا) بالتشديد والتخفيف قد ذكر في الانعام، ومكانا ظرف، ومنها حال منه: أى مكانا منها، و (ثبورا) مفعول به، ويجوز أن يكون مصدرا من معنى دعوا.
قوله تعالى (خالدين) هو حال من الضمير في يشاء ون، أو من الضمير في لهم (كان على ربك) الضمير في كان يعود على " ما " ويجوز أن يكون التقدير: كان الوعد وعدا، ودل على هذا المصدر.
قوله تعالى (وعدا) وقوله " لهم فيها " وخبر كان وعدا، أو على ربك (ويوم نحشرهم) أى واذكر.
قوله تعالى (وما يعبدون) يجوز أن تكون الواو عاطفة، وأن تكون بمعنى مع.
(3/124)
قوله تعالى (هؤلاء) يجوز أن يكون بدلا من عبادى، وأن يكون نعتا قوله تعالى (أن نتخذ) يقرأ بفتح النون وكسر الخاء على تسمية الفاعل، و (من أولياء) هو المفعول الاول، ومن دونك الثانى، وجاز دخول " من " لانه في سياق النفى، فهو كقوله تعالى " ما اتخذ الله من ولد " ويقرأ بضم النون وفتح الخاء على مالم يسم فاعله، والمفعول الاول مضمر، ومن أولياء الثانى، وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين لان " من " لا تزاد في المفعول الثانى، بل في الاول كقولك: ما اتخذت من أحد وليا، ولا يجوز ما اتخذت أحدا من ولى، ولو جاز ذلك لجاز فما منكم أحد عنه من حاجزين، ويجوز أن يكون من دونك حالا من أولياء.
قوله تعالى (إلا أنهم) كسرت " إن " لاجل اللام في الخبر، وقيل لو لم تكن اللام لكسرت أيضا لان الجملة حالية، إذ المعنى إلا وهم يأكلون، وقرئ بالفتح على أن اللام زائدة، وتكون إن مصدرية، ويكون التقدير: إلا أنهم يأكلون: أى وما جعلناهم رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم، ويجوز أن تكون في موضع الحال، ويكون التقدير: إنهم ذوو أكل.
قوله تعالى (يوم يرون) في العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها اذكر يوم.
[162]
والثانى يعذبون يوم، والكلام الذى بعده يدل عليه. والثالث لايبشرون يوم يرون. ولايجوز أن تعمل فيه البشرى لامرين: أحدهما أن المصدر لا يعمل فيما قبله. والثانى أن المنفى لايعمل فيما قبل لا.
قوله تعالى (يومئذ) فيه أوجه: أحدها هو تكرير ليوم الاول.
والثانى هو خبر بشرى فيعمل فيه المحذوف، و (للمجرمين) تبيين أو خبر ثان.
والثالث أن يكون الخبر للمجرمين، والعامل في يومئذ مايتعلق به اللام.
والرابع أن يعمل فيه بشرى إذا قدرت أنها منونة غير مبنية مع لا، ويكون الخبر للمجرمين، وسقط التنوين لعدم الصرف، ولا يجوز أن يعمل فيه بشرى إذا بنيتها مع لا.
قوله تعالى (حجرا محجورا) هو مصدر، والتقدير: حجرنا حجرا، والفتح والكسر لغتان وقد قرئ بهما.
(3/125)
قوله تعالى (ويوم تشقق) يقرأ بالتشديد والتخفيف والاصل تتشقق، وهذا الفعل يجوز أن يراد به الحال والاستقبال، وأن يراد به الماضى وقد حكى، والدليل على أنه عطف عليه، ونزل وهو ماض، وذكر بعد قوله " ويقولون حجرا " وهذا يكون بعد تشقق السماء، وأما انتصاب يوم فعلى تقدير: اذكر، أو على معنى وينفرد الله بالملك يوم تشقق السماء (ونزل) الجمهور على التشديد، ويقرأ بالتخفيف والفتح و (تنزيلا) على هذا مصدر من غير لفظ الفعل، والتقدير: نزلوا تنزيلا فنزلوا.
قوله تعالى (الملك) مبتدأ، وفى الخبر أوجه ثلاثة: أحدها (للرحمن) فعلى هذا يكون الحق نعتا للملك، ويومئذ معمول الملك أو معمول مايتعلق به اللام، ولا يعمل فيه الحق لانه مصدر متأخر عنه.
والثانى أن يكون الخبر الحق، وللرحمن تبيين أو متعلق بنفس الحق: أى يثبت للرحمن.
والثالث أن يكون الخبر يومئذ، والحق نعت للرحمن.
قوله تعالى (يقول ياليتنى) الجملة حال، وفى يا هاهنا وجهان ذكرناهما في قوله تعالى " ياليتنى كنت معهم ".
قوله تعالى (مهجورا) هو مفعول ثان لاتخذوا: أى صيروا للقرآن مهجورا بإعراضهم عنه.
قوله تعالى (جملة) هو حال من القرآن: أى مجتمعا (كذلك) أى أنزل
[163]
كذلك، فالكاف في موضع نصب على الحال، أو صفة لمصدر محذوف، واللام في (لنثبت) يتعلق بالفعل المحذوف.
قوله تعالى (جئناك بالحق) أى بالمثل الحق، أو بمثل أحسن تفسيرا من تفسير مثلهم.
قوله تعالى (الذين يحشرون) يجوز أن يكون التقدير هم الذين، أو أعنى الذين، و (أولئك) مستأنف، ويجوز أن يكون الذين مبتدأ وأولئك خبره.
قوله تعالى (هارون) هو بدل.
(3/126)
قوله تعالى (فدمرناهم) يقرأ فدمراهم، وهو معطوف على اذهبا، والقراء ة المشهورة معطوفة على فعل محذوف تقديره: فذهبا فأنذرا فكذبوهما فدمرناهم (وقوم نوح) يجوز أن يكون معطوفا على ماقبله: أى ودمرنا قوم نوح، و (أغرقناهم) تبيين للتدمير، ويجوز أن يكون التقدير: وأغرقنا قوم نوح (وعادا) أى ودمرنا أو أهلكنا عادا (وكلا) معطوف على ماقبله، ويجوز أن يكون التقدير وذكرنا كلا، لان (ضربنا له الامثال) في معناه، وأما (كلا) الثانية فمنصوبة ب (تبرنا) لا غير.
قوله تعالى (مطر السوء) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون مفعولا به ثانيا، والاصل أمطرت القرية مطرا: أى أوليتها أو أعطيتها.
والثانى أن يكون مصدرا محذوف الزوائد: أى إمطار السوء.
والثالث أن يكون نعتا لمحذوف: أى إمطارا مثل مطر السوء.
قوله تعالى (هزوا) أى مهزوا به، وفى الكلام حذف تقديره: يقولون (أهذا) والمحذوف حال، والعائد إلى (الذى) محذوف: أى بعثه، و (رسولا) يجوز أن يكون بمعنى مرسل، وأن يكون مصدرا حذف منه المضاف: أى ذا رسول، وهو الرسالة.
قوله تعالى (إن كاد) هى مخففة من الثقيلة وقد ذكر الخلاف فيها في مواضع أخر.
قوله تعالى (من أضل) هو استفهام، و (نشورا) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (لنحيى به) اللام متعلقة بأنزلنا، ويضعف تعلقها بطهور لان الماء ماطهر لنحيى (مما خلقنا) في موضع نصب على الحال من (أنعاما وأناسى) والتقدير: أنعاما مما خلقنا، ويجوز أن يتعلق من بنسقيه لابتداء الغاية كقولك:
[164]
أخذت من زيد مالا، فإنهم أجازوا فيه الوجهين، وأناسى أصله أناسين جمع إنسان كسرحان وسراحين فأبدلت النون فيه ياء وأدغمت، وقيل هو جمع إنسى على القياس والهاء في (صرفناه) للماء، والهاء في (به) للقرآن.
(3/127)
قوله تعالى (ملح) المشهور على القياس يقال ماء ملح، وقرئ " ملح " بكسر اللام، وأصله مالح على هذا، وقد جاء في الشذوذ فحذفت الالف كما قالوا في بارد وبرد. والتاء في فرات أصلية ووزنه فعال، و (بينهما) ظرف لجعل، ويجوز أن يكون حالا من برزخ.
قوله تعالى (على ربه) يجوز أن يكون خبر كان، و (ظهيرا) حال أو خبر ثان، ويجوز أن يتعلق بظهيرا وهو الاقوى.
قوله تعالى (إلا من شاء) هو استثناء من غير الجنس.
قوله تعالى (بذنوب) هو متعلق ب (خبيرا) أى كفى الله خبيرا بذنوبهم.
قوله تعالى (الذى خلق) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الرحمن) الخبر، وأن يكون خبرا: أى هو الذى، أو نصبا على إضمار أعنى، فيتم الكلام على العرش، ويكون الرحمن مبتدأ، وفاسأل به الخبر على قول الاخفش، أو خبر مبتدإ محذوف: أى هو الرحمن، أو بدلا من الضمير في استوى.
قوله تعالى (به) فيه وجهان. أحدهما الباء تتعلق (بخبيرا) وخبيرا مفعول اسأل. والثانى أن الباء بمعنى عن فتتعلق باسأل، وقيل التقدير: فاسأل بسؤالك عنه خبيرا، ويضعف أن يكون خبيرا حالا من الفاعل في اسأل، لان الخبير لا يسأل إلا على جهة التوكيد مثل " وهو الحق مصدقا " ويجوز أن يكون حالا من الرحمن إذا رفعته باستوى.
قوله تعالى (لما تأمرنا) يقرأ بالتاء والياء. وفي " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى الذى. والثانى نكرة موصوفة، وعلى الوجهين يحتاج إلى عائد، والتقدير: لما تأمرنا بالسجود له ثم بسجوده، ثم تأمرنا، ثم تأمرنا، هذا على قول أبى الحسن، وعلى قول سيبويه حذف ذلك كله من غير تدريج. والوجه الثالث هى مصدرية. أى أنسجد من أجل أمرك، وهذا لايحتاج إلى عائد، والمعنى: أنعبد الله لاجل أمرك.
[165]
(3/128)
قوله تعالى (سراجا) يقرأ على الافراد، والمراد الشمس، وعلى الجمع بضمتين أى الشمس والكواكب، أو يكون كل جزء من الشمس سراجا لانتشارها وإضاء تها في موضع دون موضع، و (خلفة) مفعول ثان أو حال، وأفرد لان المعنى يخلف أحدهما الآخر فلا يتحقق هذا إلا منهما. والشكور بالضم مصدر مثل الشكر.
قوله تعالى (وعباد الرحمن) مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (الذين يمشون) والثانى قوله تعالى " أولئك يجزون " والذين يمشون صفة.
قوله تعالى (قالوا سلاما) سلاما هنا مصدر، وكانوا في مبدإ الاسلام إذا خاطبهم الجاهلون ذكروا هذه الكلمة، لان القتال لم يكن شرع ثم نسخ. ويجوز أن يكون قالوا بمعنى سلموا، فيكون سلاما مصدره.
قوله تعالى (مستقرا) هو تمييز، وساء ت بمعنى بئس، و (يقتروا) بفتح الياء، وفي التاء وجهان: الكسر، والضم وقد قرئ بهما، والماضى ثلاثى يقال: قتر يقتر ويقتر، ويقرأ بضم الياء وكسر التاء، والماضى أقتر، وهى لغة، وعليها جاء " وعلى المقتر قدره " (وكان بين ذلك) أى وكان الانفاق، و (قواما) الخبر، ويجوز أن يكون بين الخبر وقواما حالا، (إلا بالحق) في موضع الحال، والتقدير: إلا مستحقين.
قوله تعالى (يضاعف) يقرأ بالجزم على البدل من يلق إذ كان من معناه، لان مضاعفة العذاب لقى الآثام، وقرأ بالرفع شاذا على الاستئناف (ويخلد) الجمهور على فتح الياء، ويقرأ بضمها وفتح اللام على مالم يسم فاعله، وماضيه أخلد بمعنى خلد، (مهانا) حال، والاثام اسم للمصدر مثل السلام والكلام (إلا من تاب) استثناء من الجنس في موضع نصب.
(3/129)
قوله تعالى (وذرياتنا) يقرأ على الافراد، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع و (قرة) هو المفعول، ومن أزواجنا وذرياتنا يجوز أن يكون حالا من قرة، وأن يكون معمول هب، والمحذوف من هب فاؤه، والاصل كسر الهاء لان الواو لا تسقط إلا على هذا التقدير مثل يعد، إلا أن الهاء فتحت من يهب لانها حلقية فهى عارضة، فلذلك لم تعد الواو كما لم تعد في يسع ويدع.
قوله تعالى (إماما) فيه أربعة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل قيام وصيام، فلم يجمع لذلك، والتقدير: ذوى إمام.
والثانى أنه جمع إمامة مثل قلادة وقلاد.
والثالث هو جمع آم من آم يؤم مثل حال وحلال.
والرابع أنه واحد اكتفى به عن أئمة كما قال تعالى " نخرجكم طفلا ".
[166]
قوله تعالى (ويلقون) يقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل، وبالتشديد وترك التسمية، والفاعل في (حسنت) ضمير الغرفة.
قوله تعالى (ما يعبأ بكم) فيه وجهان: أحدهما ما يعبأ بخلقكم لولا دعاؤكم: أى توحيدكم. والثانى ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة أخرى.
قوله تعالى (فسوف يكون) اسم كان مضمر دل عليه الكلام المتقدم، أو يكون الجزاء أو العذاب، و (لزاما) أى ذا لزام أو ملازما، فأوقع المصدر موقع اسم الفاعل، والله أعلم.
سورة الشعراء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(طسم) مثل الم، وقد ذكر في أول البقرة، (تلك آيات الكتاب) مثل ذلك الكتاب، و (أن لا يكونوا) مفعول له: أى لئلا أو مخافة أن لا.
قوله تعالى (فظلت) أى فتظل وموضعه جزم عطفا على جواب الشرط، ويجوز أن يكون رفعا على الاستئناف.
قوله تعالى (خاضعين) إنما جمع جمع المذكر لاربعة أوجه: أحدها أن المراد بالاعناق عظماؤكم.
والثانى أنه أراد أصحاب أعناقهم.
والثالث أنه جمع عنق من الناس وهم الجماعة، وليس المراد الرقاب.
والرابع أنه لما أضاف الاعناق إلى المذكر وكانت متصلة بهم في الخلقة أجرى عليها حكمهم.
(3/130)
وقال الكسائى: خاضعين هو حال للضمير المجرور لا للاعناق، وهذا بعيد في التحقيق لان خاضعين يكون جاريا على غير فاعل ظلت، فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل، فكان يجب أن يكون هم خاضعين.
قوله تعالى (كم) في موضع نصب ب (أنبتنا) و (من كل) تمييز، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (وإذ نادى) أى واذكر إذ نادى، و (أن ائت) مصدرية أو بمعنى أى.
قوله تعالى (قوم) هو بدل مما قبله (ألا يتقون) يقرأ بالياء على الاستئناف وبالتاء على الخطاب، والتقدير: ياقوم فرعون. وقيل هو مفعول يتقون.
[167]
قوله تعالى (ويضيق صدرى) بالرفع على الاستئناف: أى وأنا يضيق صدرى بالتكذيب.
وبالنصب عطفا على المنصوب قبله، وكذلك (ينطلق فأرسل إلى هارون) أى ملكا يعلمه أنه عضدى أو نبى معى.
قوله تعالى (إنا رسول رب العالمين) في إفراده أوجه: أحدها هو مصدر كالرسالة: أى ذوا رسول، وأنا رسالة على المبالغة. والثانى أنه اكتفى بأحدهما إذا كانا على أمر واحد. والثالث أن موسى عليه السلام كان هو الاصل وهارون تبع فذكر الاصل.
قوله تعالى (من عمرك) في موضع الحال من (سنين) و (فعلتك) بالفتح، وقرئ بالكسر: أى المألوفة منك.
قوله تعالى (وتلك) ألف الاستفهام محذوف: أى أو تلك، و (تمنها) في موضع رفع صفة لنعمة، وحرف الجر محذوف، أى بها، وقيل حمل على تذكر أو تعدوا (أن عبدت) بدل من نعمة، أو على إضمار هى، أو من الهاء في تمنها أو في موضع جر بتقدير الباء: أى بأن عبدت.
قوله تعالى (وما رب العالمين) إنما جاء بما لانه سأل عن صفاته وأفعاله: أى ما صفته وما أفعاله، ولو أراد العين لقال من، ولذلك أجابه موسى عليه السلام بقوله (رب السموات) وقيل جهل حقيقة السؤال فجاء موسى بحقيقة الجواب.
قوله تعالى (للملا حوله) حال من الملا: أى كائنين حوله. وقال الكوفيون الموصوف محذوف: أى الذين حوله، وهنا مسائل كثيرة ذكرت في الاعراف وطه.
قوله تعالى (بعزة فرعون) أى نحلف.
قوله تعالى (أن كنا) لان كنا.
(3/131)
قوله تعالى (قليلون) جمع على المعنى لان الشرذمة جماعة، و (حذرون) بغير ألف. وبالالف لغتان، وقيل الحاذر بالالف المتسلح، ويقرأ بالدال، والحاذر القوى والممتلئ أيضا من الغيظ أو الخوف.
قوله تعالى (كذلك) أى إخراجا كذلك.
قوله تعالى (مشرقين) حال، والمشرق: الذى دخل عليه الشروق.
قوله تعالى (لمدركون) بالتخفيف والتشديد، يقال: أدركته وادركته.
[168]
قوله تعالى (وأزلفنا) بالفاء: أى قربنا، والاشارة إلى أصحاب موسى، ويقرأ شاذا بالقاف: أى صيرنا قوم فرعون إلى مزلفة.
قوله تعالى (إذ قال) العامل في إذ نبأ.
قوله تعالى (هل يسمعونكم) يقرأ بفتح الياء والميم: أى يسمعون دعاء كم فحذف المضاف لدلالة (تدعون) عليه، ويقرأ بضم الياء وكسر الميم: أى يسمعونكم جواب دعائكم إياهم.
قوله تعالى (كذلك) منصوب ب (يفعلون) قوله تعالى (فإنهم عدو لى) أفرد على النسب: أى ذوو عداوة، ولذلك يقال في المؤنث هى عدو، كما يقال حائض، وقد سمع عدوة (إلا رب العالمين) فيه وجهان: أحدهما هو استثناء من غير الجنس لانه لم يدخل تحت الاعداء. والثانى هو من الجنس لان آباء هم قد كان منهم من يعبد الله وغير الله، والله أعلم.
قوله تعالى (الذى خلقنى) الذى مبتدأ، و (فهو) مبتدأ ثان، و (يهدين) خبره، والجملة خبر الذى، وأما مابعدها من الذى فصفات للذى الاولى، ويجوز إدخال الواو في الصفات، وقيل المعطوف مبتدأ وخبره محذوف استغناء بخبر الاول.
قوله تعالى (واجعلنى من ورثة) أى وارثا من ورثة، فمن متعلقة بمحذوف.
قوله تعالى (يوم لا ينفع) هو بدل من يوم الاول.
(3/132)
قوله تعالى (إلا من أتى الله) فيه وجهان: أحدهما هو من غير الجنس: أى لكن من أتى الله يسلم أو ينتفع. والثانى أنه متصل. وفيه وجهان، أحدهما هو في موضع نصب بدلا من المحذوف أو استثناء منه، والتقدير: لا ينفع مال ولا بنون أحدا إلا من أتى. والمعنى أن المال إذا صرف في وجوه البر والبنين الصالحين ينتفع بهم من نسب إليهم وإلى صلاحهم. والوجه الثانى هو في موضع رفع على البدل من فاعل ينفع: وغلب من يعقل، ويكون التقدير: إلا من مال من أو بنو من فإنه ينفع نفسه أو غيره بالشفاعة.
وقال الزمخشرى: يجوز أن يكون مفعول ينفع أى ينفع ذلك إلا رجلا أتى الله.
قوله تعالى (إذ نسويكم) يجوز أن يكون العامل فيه مبين أو فعل محذوف دل عليه ضلال، ولا يجوز أن يعمل فيه ضلال لانه قد وصف.
قوله تعالى (فنكون) هو معطوف على كرة: أى لو أن لنا أن نكر فنكون: أى فأن نكون.
[169]
قوله تعالى (واتبعك) الواو للحال، وقرئ شاذا " وأتباعك " على الجمع.
وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، وما بعده الخبر والجملة حال.
والثانى هو معطوف على ضمير الفاعل في نؤمن، و (الارذلون) صفة: أى أنستوى نحن وهم.
قوله تعالى (فتحا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا، وأن يكون مفعولا به، ويكون الفتح بمعنى المفتوح كما قالوا هذا من فتوح عمر.
قوله تعالى (أتبعثون) هو حال من الضمير في تبنون، و (تخلدون) على تسمية الفاعل والتخفيف، وعلى ترك التسمية والتشديد والتخفيف، والماضى خلد وأخلد.
قوله تعالى (أمدكم بأنعام) هذه الجملة مفسرة لما قبلها، ولا موضع لها من الاعراب.
قوله تعالى (أم لم تكن من الواعظين) هذه الجملة وقعت موقع أم لم تعظ (إن هذا إلا خلق) بفتح الخاء وإسكان اللام: أى افتراء الاولين: أى مثل افترائهم، ويجوز أن يراد به الناس: أى هل نحن وأنت إلا مثل من تقدم في دعوى الرسالة والتكذيب، وإنا نموت ولا نعاد، ويقرأ بضمتين: أى عادة الاولين.
(3/133)
قوله تعالى (في جنات) هو بدل من قوله " فيما هاهنا " بإعادة الجار.
قوله تعالى (فرهين) هو حال، ويقرأ " فارهين " بالالف وهما لغتان.
قوله تعالى (من القالين) أى لقال من القالين، فمن صفة للخبر متعلقة بمحذوف واللام متعلقة بالخبر المحذوف، وبهذا تخلص من تقديم الصلة على الموصول، إذ لو جعلت من القائلين الخبر لاعملته في لعملكم.
قوله تعالى (أصحاب الايكة) يقرأ بكسر التاء مع تحقيق الهمزة، وتخفيفها بالالقاء وهو مثل الانثى والانثى: وقرئ " ليكة " بياء بعد اللام وفتح التاء، وهذا لا يستقيم إذ ليس في الكلام ليكة حتى يجعل علما، فإن ادعى قلب الهمزة لاما فهو في غاية البعد.
قوله تعالى (والجبلة) يقرأ بكسر الجيم والباء وضمها مع التشديد وهما لغتان.
قوله تعالى (وإنه) الهاء ضمير القرآن، ولم يجر له ذكر، والتنزيل بمعنى المنزل (نزل به) يقرأ على تسمية الفاعل، وهو (الروح الامين) وعلى ترك التسمية والتشديد، ويقرأ بتسمية الفاعل والتشديد، والروح بالنصب: أى أنزل الله جبريل بالقرآن، وبه حال.
[170]
قوله تعالى (بلسان) يجوز أن تتعلق الباء بالمنذرين، وأن تكون بدلا من به: أى نزل بلسان عربى: أى برسالة، أو لغة.
قوله تعالى (أو لم تكن) يقرأ بالتاء: وفيها وجهان: أحدهما هى التامة، والفاعل (آية) و (أن يعلمه) بدل، أو خبر مبتدإ محذوف: أى أو لم تحصل لهم آية.
والثانى هى ناقصة: وفي اسمها وجهان: أحدهما ضمير القصة، وأن يعلمه مبتدأ، وآية خبر مقدم، والجملة خبر كان. والثانى أسمها آية، وفي الخبر وجهان: أحدهما لهم، وأن يعلمه بدل أو خبر مبتدإ محذوف.
والثانى أن يعلمه، وجاز أن يكون الخبر معرفة، لان تنكير المصدر وتعريفه سواء، وقد تخصصت آية ب " لهم " ولان علم بنى إسرائيل لم يقصد به معين، ويقرأ بالياء فيجوز أن يكون مثل الباء، لان التأنيث غير حقيقى، وقد قرئ على الياء آية بالنصب على أنه خبر مقدم.
(3/134)
قوله تعالى (الاعجمين) أى الاعجميين، فحذف ياء النسبة كما قالوا الاشعرون أى الاشعريون، وواحده أعجمى، ولا يجوز أن يكون جمع أعجم لان مؤنثه عجماء ومثل هذا لا يجمع جمع التصحيح.
قوله تعالى (سلكناه) قد ذكر مثله في الحجر، والله أعلم.
قوله تعالى (فيأتيهم. فيقولوا) هما معطوفان على يروا.
قوله تعالى (ماأغنى عنهم) يجوز أن يكون استفهاما، فيكون " ما " في موضع نصب، وأن يكون نفيا، أى ما أغنى عنهم شيئا.
قوله تعالى (ذكرى) يجوز أن يكون مفعولا له، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف إى الانذار ذكرى.
قوله تعالى (يلقون) هو حال من الفاعل في " تنزل ".
قوله تعالى (يهيمون) يجوز أن يكون خبر إن فيعمل في كل واد، وأن يكون حالا فيكون الخبر في كل واد.
قوله تعالى (أى منقلب) هو صفة لمصدر محذوف، والعامل (ينقلبون) أى ينقلبون انقلابا: أى منقلب، ولا يعمل فيه يعلم لان الاستفهام لا يعمل فيه ماقبله، والله أعلم.
سورة النمل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تلك آيات القرآن) هو مثل قوله " ذلك الكتاب " في أول البقرة (وكتاب) بالجر عطفا على المجرور، وبالرفع عطفا على آيات، وجاء بالواو كما جاء في قوله تعالى " ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم " وقد ذكر.
فإن قيل، ما وجه الرفع عطفا على آيات؟ ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها أن الكتاب مجموع آيات، فكأن التأنيث على المعنى.
والثانى أن التقدير: وآيات كتاب، فأقيم المضاف إليه مقام المضاف.
والثالث أنه حسن لما صحت الاشارة إلى آيات، ولو ولى الكتاب تلك لم يحسن، ألا ترى أنك تقول جاء تنى هند وزيد، ولو حذفت هندا أو أخرتها لم يجز التأنيث.
قوله تعالى (هدى وبشرى) هما في موضع الحال من آيات، أو من كتاب إذا رفعت، ويضعف أن يكون من المجرور، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مبين جررت أو رفعت ويجوز أن يكونا في موضع خبرا بعد خبر أو على حذف مبتدإ.
قوله تعالى (إذ قال موسى) أى واذكر.
(3/135)
قوله تعالى (بشهاب قبس) الاضافة من باب " ثوب خز " لان الشهاب نوع من القبس: أى المقبوس والتنوين على الصفة، والطاء في (يصطلون) بدل من تاء افتعل من أجل الصاد.
قوله تعالى (نودى) في ضمير الفاعل ثلاثة أوجه: أحدها هو ضمير موسى عليه السلام، فعلى هذا في (أن) ثلاثة أوجه: هى بمعنى أى، لان من النداء معنى القول. والثانى هو مصدرية، والفعل صلة لها، والتقدير: لبركة من في النار أو ببركة: أى اعلم بذلك، والثالث هى مخففة من الثقيلة، وجاز ذلك من غير عوض لان بورك دعاء والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة. والوجه الثانى لاضمير في نودى والمرفوع به أن بورك، والتقدير: نودى بأن بورك، كما تقول: قد نودى بالرخص والثالث المصدر مضمر: أى نودى النداء، ثم فسر بما بعده كقوله تعالى " ثم بدا لهم " وأما (من) فمرفوعة ببورك والتقدير: بورك من في جوار وبورك من حولها.
وقيل التقدير: بورك مكان من في النار. النار، ومكان من حولها من الملائكة.
[172]
قوله تعالى (إنه أنا الله) الهاء ضمير الشأن، وأنا الله مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ضمير رب: أى أن الرب أنا الله، فيكون أنا فصلا أو توكيدا أو خبر إن، والله بدل منه.
قوله تعالى (تهتز) هو حال من الهاء في رآها، و (كأنها جان) حال من الضمير في تهتز.
قوله تعالى (إلا من ظلم) هو استثناء منقطع في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من الفاعل.
قوله تعالى (بيضاء) حال، و (من غير سوء) حال أخرى، و (في تسع) حال ثالثة، والتقدير: آية في تسع آيات، و (إلى) متعلقة بمحذوف تقديره: مرسلا إلى فرعون، ويجوز أن يكون صفة لتسع، أو لآيات: أى واصلة إلى فرعون و (مبصرة) حال، ويقرأ بفتح الميم والصاد، وهو مصدر مفعول له: أى تبصرة و (ظلما) حال من الضمير في جحدوا، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله.
(3/136)
ويقرأ " غلوا " بالغين المعجمة، والمعنى متقارب، و (كيف) خبر كان، و (عاقبة) اسمها، و (من الجن) حال من جنوده، و (نملة) بسكون الميم وضمها لغتان (ادخلوا) أتى بضمير من يعقل، لانه وصفها بصفة من يعقل (لايحطمنكم) نهى مستأنف، وقيل هو جواب الامر وهو ضعيف، لان جواب الامر لا يؤكد بالنون في الاختيار، و (ضاحكا) حال مؤكدة، وقيل مقدرة لال التبسم مبدأ الضحك، ويقرأ " ضحكا " على أنه مصدر، والعامل فيه تبسم لانه بمعنى ضحك، ويجوز أن يكون اسم فاعل مثل نصب، لان ماضيه ضحك وهو لازم.
قوله تعالى (عذابا) أى تعذيبا (فمكث) بفتح الكاف وضمها لغتان (غير بعيد) أى مكانا غير بعيد، أو وقتا أو مكثا: وفي الكلام حذف: أى فجاء، و (سبأ) بالتنوين على أنه اسم رجل أو بلد، وبغير تنوين على أنها بقعة أو قبيلة (وأوتيت) يجوز أن يكون حالا، وقد مقدرة، وأن يكون معطوفا لان تملكهم بمعنى ملكتهم.
قوله تعالى (ألا يسجدوا) في " لا " وجهان: أحدهما ليست زائدة، وموضع الكلام نصب بدلا من أعمالهم، أو رفع على تقدير: هى ألا يسجدوا. والثانى هى زائدة، وموضعه نصب بيهتدون: أى لا يهتدون، لان يسجدوا أو جر على إرادة الجار، ويجوز أن يكون بدلا من السبيل: أى وصدهم عن أن يسجدوا، ويقرأ ألا
[173]
اسجدوا، فألا تنبيه، ويا: نداء، والمنادى محذوف: أى ياقوم اسجدوا.
وقال جماعة من المحققين: دخل حرف التنبيه على الفعل من غير تقدير حذف، كما دخل في " هلم ".
قوله تعالى (ثم تول عنهم) أى قف عنهم حجزا(1) لتنظر ماذا يردون، ولا تقديم في هذا، وقال أبوعلى: فيه تقديم، أى فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم.
قوله تعالى (إنه من سليمان) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح بدلا من كتاب، أو مرفوع بكريم.
قوله تعالى (ألا تعلوا علي) موضعه رفع بدلا من كتاب: أى هو أن لاتعلوا أو في موضع نصب: أى لان لاتعلوا، ويجوز أن تكون أن بمعنى أى، فلا يكون لها موضع، ويقرأ بالغين: أى لا تزيدوا.
(3/137)
قوله تعالى (ماذا) هو مثل قوله تعالى " ماذا أراد الله بهذا " وقد ذكر (وكذلك يفعلون) من تمام الحكاية عنها، وقيل هو مستأنف من الله تعالى.
قوله تعالى (اتمدوننى) بالاظهار على الاصل، وبالادغام لانهما مثلان.
قوله تعالى (عفريت) التاء زائدة لانه من العفر، يقال: عفرية وعفريت، و (آتيك) فعل، ويجوز أن يكون اسم فاعل، و (مستقرا) أى ثابتا غير متقلقل وليس بمعنى الحصول المطلق، إذ لو كان كذلك لم يذكر، و (أأشكر أم أكفر) في موضع نصب: أى ليبلو شكرى وكفرى، و (ننظر) بالجزم على الجواب، وبالرفع على الاستئناف.
قوله تعالى (وصدها) الفاعل (ما كانت) وقيل ضمير اسم الله: أى وصدها الله عما كانت (إنها) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح أى لانها أو على البدل من " ما " وتكون على هذا مصدرية، و (ادخلى الصرح) أى في الصرح، وقد ذكر نظيره (وأسلمت) أى وقد أسلمت.
قوله تعالى (فإذا هم) إذا هنا للمفاجأة، فهى مكان، وهم مبتدأ، و (فريقان) الخبر، و (يختصمون) صفة وهى العاملة في إذا، و (اطيرنا) قد ذكر في الاعراف، و (رهط) اسم للجمع، فلذلك أضيف تسعة إليه، و (يفسدون) صفة لتسعة أو لرهط.
قوله تعالى (تقاسموا) فيه وجهان: أحدهما هو أمر: أى أمر بعضهم بعضا
___________________________________
(1) قوله (حجزا) في القاموس: الحجز بالكسر وبضم: الناحية اه. (*)
[174]
بذلك، فعلى هذا يجوز في (لنبيتنه) النون تقديره: قولوا لنبيتنه، والتاء على خطاب الآمر المأمور، ولايجوز الياء. والثانى هو فعل ماض فيجوز الاوجه الثلاثة، وهو على هذا تفسير لقالوا، و (مهلك) قد ذكر في الكهف.
قوله تعالى (كيف كان عاقبة) في كان وجهان: أحدهما هى الناقصة، وعاقبة مرفوعة على أنها اسمها.
وفي الخبر وجهان: أحدهما كيف، و (أنا دمرناهم) إن كسرت كان مستأنفا، وهى مفسر لمعنى الكلام، وإن فتحت فيه أوجه: أحدها أن يكون بدلا من العاقبة.
والثانى خبر مبتدإ محذوف: أى هى أنا دمرناهم.
(3/138)
والثالث أن يكون بدلا من كيف عند بعضهم، وقال آخرون: لا يجوز ذلك لان البدل من الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه كقولك: كيف زيد أصحيح أم مريض؟ والرابع هو في موضع نصب: أى بأنا أو لانا. والوجه الثانى أن يكون خبر كان أنا دمرناهم إذا فتحت، وإذا كسرت لم يجز لانه ليس في الجملة ضمير يعود على عاقبة، وكيف على هذا حال، والعامل فيها كان أو مايدل عليه الخبر. والوجه الثانى من وجهى كان أن تكون التامة، وكيف على هذا حال غير، وإنا دمرنا بالكسر مستأنف، وبالفتح على ماتقدم إلا في كونها خبرا.
قوله تعالى (خاوية) هو حال من البيوت، والعامل الاشارة، والرفع جائز على ماذكرنا في " هذا بعلى شيخا " و (بما) يتعلق بخاوية.
قوله تعالى (ولوطا) أى وأرسلنا لوطا، و (شهوة) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (وسلام) الجملة محكمية أيضا، وكذلك (آلله خير) أى قل ذلك كله.
قوله تعالى (ماكان لكم أن تنبتوا) الكلام كله نعت لحدائق، ويجوز أن يكون مستأنفا، و (خلالها) ظرف، وهو المفعول الثانى، و (بين البحرين) كذلك، ويجوز أن ينتصب بين بحاجز: أى مايحجز بين البحرين، و (بشرا) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (من في السموات) فاعل يعلم، و (الغيب) مفعوله، و (إلا الله) بدل من " من " ومعناه لا يعلم أحد، وقيل إلا بمعنى غير، وهى صفة لمن.
قوله تعالى (بل ادارك) فيه قراء ات: إحداها أدرك مثل أخرج، ومنهم من يلقى حركة الهمزة على اللام.
والثانية بل أدرك على افتعل، وقد ذكر في الاعراف.
والثالثة ادارك وأصله تدارك، ثم سكنت التاء واجتلبت لها همزة الوصل.
[175]
والرابع تدارك: أى تتابع علمهم في الآخرة: أى بالآخرة، والمعنى، بل تم علمهم بالآخرة لما قام عليه من الادلة فما انتفعوا بل هم في شك، و (منها) يتعلق ب (عمون).
قوله تعالى (وآباؤنا) هو معطوف على الضمير في كنا من غير توكيد، لان المفعول فصل فجرى مجرى التوكيد.
(3/139)
قوله تعالى (عسى أن يكون) فأن يكون فاعل عسى، واسم كان مضمر فيها أى أن يكون الشأن ومابعده في موضع نصب خبر كان، وقد ذكر مثله في آخر الاعراف.
قوله تعالى (ردف لكم) الجمهور بكسر الدال، وقرئ بالفتح وهى لغة، واللام زائدة: أى ردفكم، ويجوز أن لاتكون زائدة، ويحمل الفعل على معنى دنا لكم، أو قرب أجلكم، والفاعل بعض.
قوله تعالى (ماتكن) من أكننت، ويقرأ بفتح التاء وضم الكاف من كننت: أى سترت (ولا تسمع) بالضم على إسناد الفعل إلى المخاطب (وماأنت بهادى العمى) على الاضافة، وبالتنوين والنصب على إعمال اسم الفاعل، وتهدى على أنه فعل، و (عن) يتعلق بتهدى، وعداه بعن لان معناه تصرف، ويجوزأن تتعلق بالعمى، ويكون المعنى أن العمى صدر عن ضلالتهم.
قوله تعالى (تكلمهم) يقرأ بفتح التاء وكسر اللام مخففا بمعنى تسمهم وتعلم فيهم من كلمه إذا جرحه، ويقرأ بالضم والتشديد، وهو بمعنى الاولى إلا أنه شدد للتكثير، ويجوز أن يكون من الكلام (إن الناس) بالكسر على الاستئناف وبالفتح أى تكلهم بأن الناس، أو تخبرهم بأن الناس، أو لان الناس (ويوم نحشر) أى واذكر يوم، وكذلك (ويوم ينفخ في الصور. ففزع) بمعنى فيفزع (وكل أتوه) على الفعل وآتوه بالمد على أنه اسم، و (داخرين) حال.
قوله تعالى (تحسبها) الجملة حال من الجبال أو من الضمير في ترى (وهى تمر) حال من الضمير المنصوب في تحسبها، ولايكون حالا من الضمير في جامدة إذ لا يستقيم أن تكون جامدة مارة مر السحاب، والتقدير: مرا مثل مر السحاب، و (صنع الله) مصدر عمل فيه مادل عليه تمر، لان ذلك من صنعه سبحانه، فكأنه قال: أصنع ذلك صنعا. وأظهر الاسم لما لم يذكر.
قوله تعالى (خير منها) يجوز أن يكون المعنى أفضل منها فيكون " من " في موضع نصب، ويجوز أن يكون بمعنى فضل فيكون " منها " في موضع رفع صفة
[176]
(3/140)
لخير: أى فله خبر حاصل بسببها (من فزع) يالتنوين (يومئذ) بالنصب، ويقرأ " من فزع يومئذ " بالاضافة، وقد ذكر مثله في هود عند قوله " ومن خزى يومئذ ".
قوله تعالى (هل يجزون) أى يقال لهم، وهو في موضع نصب على الحال: أى فكبت وجوههم مقولا لهم هل يجزون.
قوله تعالى (الذى حرمها) هو صفة لرب، وقرئ التى على الصفة للبلدة، والله أعلم.
سورة القصص
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم ذكر الحروف المقطعة والكلام على ذلك.
قوله تعالى (نتلو عليك) مفعوله محذوف دلت عليه صفته تقديره: شيئا من نبإ موسى، وعلى قول الاخفش من زائدة، و (بالحق) حال من النبأ.
قوله تعالى (يستضعف) يجوز أن يكون صفة لشيعا، (يذبح) تفسير له، أو حال من فاعل يستضعف، ويجوز أن يكونا مستأنفين.
قوله تعالى (منهم) يتعلق بنرى ولا يتعلق ب (يحذرون) لان الصلة لاتتقدم على الموصول، و (أن أرضعيه) يجوز أن " تكون " أن مصدرية، وأن تكون بمعنى أى.
قوله تعالى (ليكون لهم) اللام للصيرورة، لالام الغرض، والحزن والحزن لغتان.
قوله تعالى (قرة عين) أى هو قرة عين و (لى ولك) صفتان لقرة، وحكى بعضهم أن الوقف على (لا) وهو خطأ لانه لو كان كذلك لقال تقتلونه: أى أتقتلونه على الانكار، ولا جازم على هذا.
قوله تعالى (فارغا) أى من الخوف، ويقرأ " فرغا " بكسر الفاء وسكون الراء كقولهم ذهب دمه فرغا: أى باطلا: أى أصبح حزن فؤادها باطلا، ويقرأ " فزعا " وهو ظاهر ويقرأ " فرغا " أى خاليا من قولهم فرغ الفناء إذا خلا، وإن مخففة من الثقيلة، وقيل بمعنى ما، وقد ذكرت نظائره، وجواب لولا محذوف دل عليه (إن كادت) و (لتكون) اللام متعلقة بربطنا.
[177]
(3/141)
قوله تعالى (عن جنب) هو في موضع الحال إما من الهاء في به: أى بعيدا، أو من الفاعل في بصرت: أى مستخفية، ويقرأ عن جنب، وعن جانب، والمعنى متقارب، و (المراضع) جمع مرضعة، ويجوز أن يكون جمع مرضع الذى هو مصدر، (ولا تحزن) معطوف على تقر، و (على حين غفلة) حال من المدينة ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أى مختلسا.
قوله تعالى (هذا من شيعته وهذا من عدوه) الجملتان في موضع نصب صفة لرجلين.
قوله تعالى (من عمل الشيطان) أى من تحسينه، أو من تزيينه.
قوله تعالى (بما أنعمت) يجوز أن يكون قسما، والجواب محذوف، و (فلن أكون) تفسير له، أى لاتوبن، ويجوز أن يكون استعطافا: أى كما أنعمت علي فاعصمنى فلن أكون، و (يترقب) حال مبدلة من الحال الاولى، أو تأكيدا لها أو حال من الضمير في خائفا، و (إذا) للمفاجأة وما بعدها مبتدأ، و (يستصرخه) الخبر أو حال، والخبر إذا.
قوله تعالى (يصدر) يقرأ بصاد خالصة وبزاى خالصة لتجانس الدال، ومنهم من يجعلها بين الصاد والزاى لينبه على أصلها، وهذا إذا سكنت الصاد، ومن ضم الياء حذف المفعول: أى يصدر الرعاء ماشيتهم، والرعاء بالكسر جمع راع كقائم، وقيام، وبضم الراء وهو اسم للجمع كالتوام والرحال، و (على استحياء) حال، و (ما سقيت لنا) أى أجر سقيك فهى مصدرية، و (هاتين) صفة، والتشديد والتخفيف قد ذكر في النساء في قوله تعالى " واللذان "، و (على أن تأجرنى) في موضع الحال كقولك: أنكحتك على مائة: أى مشروطا عليك، أو واجبا عليك ونحو ذلك، ويجوز أن تكون حالا من الفاعل، و (ثمانى) ظرف.
قوله تعالى (فمن عندك) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى فالتمام ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى فقد أفضلت من عندك.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (بينى وبينك) الخبر، والتقدير: بيننا، و (أيما) نصب ب (قضيت) ومازائدة، وقيل نكرة، والاجلين بدل منها، وهى شرطية، و (فلا عدوان) جوابها. والجذوة بالكسر والفتح والضم لغات، وقد قرئ بهن.
[178]
(3/142)
قوله تعالى (أن ياموسى) أن مفسرة، لان النداء قول، والتقدير: أى ياموسى وقيل هى المخففة، والتقدير: بأن ياموسى.
قوله تعالى (من الرهب) " من " متعلقة بولى: أى هرب من الفزع، وقيل بمدبرا، وقيل بمحذوف: أى يسكن من الرهب، وقيل باضمم، أى من أجل الرهب، والرهب بفتح الراء والهاء، وبفتح الراء وإسكان الهاء، وبضمها وبضم الراء وسكون الهاء لغات، وقد قرئ بهن (فذانك) بتخفيف النون وتشديدها وقد بين في " واللذان يأتيانها " وقرئ شاذا " فذانيك " بتخفيف النون وياء بعدها، قيل هى بدل من إحدى النونين وقيل نشأت عن الاشباع، و (إلى) متعلقة بمحذوف أى مرسلا إلى فرعون، و (رداء ا) حال، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الراء وحذفها (يصدقنى) بالجزم على الجواب، وبالرفع صفة لرداء، أو حالا من الضمير فيه.
قوله تعالى (بآياتنا) يجوز أن يتعلق بيصلون، وأن يتعلق ب (الغالبون)، و (تكون) بالتاء على تأنيث العاقبة، وبالياء لان التأنيث غير حقيقى، ويجوز أن يكون فيها ضمير يعود على من، و (له عاقبة) جملة في موضع خبر كان، أو تكون تامة، فتكون الجملة حالا.
قوله تعالى (ويوم القيامة) الثانية فيه أربعة أوجه: أحدها هومعطوف على موضع في هذه: أى وأتبعناهم يوم القيامة.
والثانى أن يكون حذف المضاف: أى وأتبعناهم لعنة يوم القيامة.
والثالث أن يكون منصوبا ب (المقبوحين) على أن تكون الالف واللام للتعريف لا بمعنى الذى.
والرابع أن يكون على التبيين: أى وقبحوا يوم القيامة ثم فسر بالصلة.
قوله تعالى (بصائر) حال من الكتاب أو مفعول له، وكذلك (هدى ورحمة).
(3/143)
قوله تعالى (بجانب الغربى) أصله أن يكون صفة: أى بالجانب الغربى، ولكن حول عن ذلك وجعل صفة المحذوف ضرورة امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة إذ كانت هى الموصوف في المعنى، وإضافة الشئ إلى نفسه خطأ، والتقدير جانب المكان الغربى، و (إذ) معمولة للجار أو لما يتعلق به (وما كنت من الشاهدين) إى إذ قصينا، و (تتلوا) في موضع نصب خبرا ثانيا أو حال من الضمير في ثاويا (ولكن رحمة) أى أعلمناك ذاك للرحمة أو أرسلناك.
قوله تعالى (قالوا ساحران) هو تفسير لقوله أو لم يكفروا، وساحران بالالف:
[179]
أى موسى وهرون، وقيل موسى ومحمد صلى الله وسلم عليهما، وسحران بغير ألف: أى القرآن والتوراة (ومن أضل) استفهام في معنى النفى: أى لا أحد أضل، و (وصلنا) بالتشديد والتخفيف متقاربان في المعنى، و (الذين) مبتدأ، و (هم به يؤمنون) خبره، و (مرتين) في موضع المصدر (أو لم نمكن لهم حرما) عداه بنفسه، لان معنى نمكن نجعل، وقد صرح به في قوله " أو لم يروا أنا جعلنا حرما " و (آمنا) أى من الخسف وقصد الجبابرة، ويجوز أن يكون بمعنى يؤمن من لجأ إليه، أو ذا أمن، و (رزقا) مصدر من معنى يحيى (وكم) في موضع نصب ب (أهلكنا) و (معيشتها) نصب ببطرت لان معناه كفرت نعمتها، أو جهلت شكر معيشتها، فحذف المضاف، وقيل التقدير: في معيشتها، وقد ذكر في سفه نفسه، و (لم تسكن) حال، والعامل فيها الاشارة، ويجوز أن تكون في موضع رفع على ما ذكر في قوله تعالى " وهذا بعلى شيخا " (إلا قليلا) أى زمانا قليلا.
قوله تعالى (ثم هو) من أسكن الهاء شبه ثم بالواو والفاء.
قوله تعالى (فمتاع الحياة الدنيا) أى فالمؤتى متاع.
قوله تعالى (هؤلاء) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (الذين أغوينا) صفة لخبر هؤلاء المحذوف: أى هؤلاء هم الذين أغوينا، و (أغويناهم) مستأنف ذكره أبوعلى في التذكرة، قال: ولايجوز أن يكون أغويناهم خبرا، والذين أغوينا صفة لانه ليس فيه زيادة على مافى صفة المبتدأ.
(3/144)
فإن قلت: فقد وصله بقوله تعالى " كما غوينا " وفيه زيادة.
قيل: الزيادة بالظرف لا تصيره أصلا في الجملة، لان الظروف فضلات.
وقال غيره، وهو الوجه الثانى: لايمتنع أن يكون هؤلاء مبتدأ، والذين صفة، وأغويناهم الخبر من أجل ما اتصل به، وإن كان ظرفا لان الفضلات في بعض المواضع تلزم كقولك: زيد عمرو في داره.
قوله تعالى (ما كانوا إيانا يعبدون) " ما " نافية، وقيل هى مصدرية، والتقدير: مما كانوا يعبدون: أى من عبادتهم إيانا.
قوله تعالى (ما كان لهم الخيرة) " ما " هاهنا نفى أيضا، وقيل هى مصدرية: أى يختار اختيارهم بمعنى مختارهم.
قوله تعالى (سرمدا) يجوز أن يكون حالا من الليل، وأن يكون مفعولا ثانيا لجعل، و (إلى) يتعلق بسرمدا أو يجعل أو يكون صفة لسرمدا.
[180]
قوله تعالى (الليل والنهار لتسكنوا فيه) التقدير: جعل لكم الليل لتسكنوا فيها، والنهار لتبتغوا من فضله، ولكن مزج اعتماد على فهم المعنى، و (هاتوا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (ماإن مفاتحه) " ما " بمعنى الذى في موضع نصب بآياتنا، وأن واسمها وخبرها صلة الذى، ولهذا كسرت " إن " و (لتنوء بالعصبة) أى تنئ العصبة، فالباء معدية معاقبة للهمزة في أنأته، يقال أنأته ونؤت به، والمعنى: تثقل العصبة، وقيل هو على القلب: أى لتنوء به العصبة. ومن (الكنوز) يتعلق بآتينا.
و (إذ قال له) ظرف لآتيناه، ويجوز أن يكون ظرفا لفعل محذوف دل عليه الكلام: أى بغى إذ قال له قومه.
قوله تعالى (فيما آتاك) " ما " مصدرية بمعنى الذى، وهى في موضع الحال: أى وابتغ متقلبا فيما آتاك الله أجر الآخرة، ويجوز أن يكون ظرفا لابتغ قوله تعالى (على علم) هو في موضع الحال، و (عندى) صفة لعلم، ويجوز أن يكون ظرفا لاوتيته: أى أوتيته فيما أعتقد على علم، و (من قبله) ظرف لاهلك، و (من) مفعول أهلك.
ومن القرون فيه وجهان: أحدهما يتعلق بأهلك وتكون " من " لابتداء الغاية.
(3/145)
والثانى أن يكون حالا من " من " كقولك: أهلك الله من الناس زيدا.
قوله تعالى (ولا يسئل) يقرأ على مالم يسم فاعله، وهو ظاهر، وبتسمية الفاعل و (المجرمون) الفاعل: أى لا يسألون غيرهم عن عقوبة ذنوبهم لاعترافهم بها، ويقرأ " المجرمين " أى لا يسألهم الله تعالى.
قوله تعالى (في زينته) هو حال من ضمير الفاعل في خرج، و (ويلكم) مفعول فعل محذوف: أى ألزمكم الله ويلكم، و (خير لمن آمن) مثل قوله " وما عند الله خير للابرار " وقد ذكر (ولا يلقاها) الضمير للكلمة التى قالها العلماء أو للاثابة لانها في معنى الثواب، أو للاعمال الصالحة، و (بالامس) ظرف لتمنوا.
ويجوز أن يكون حالا من مكانه لان المراد بالمكان هنا الحالة والمنزلة، وذلك مصدر.
قوله تعالى (وى كأن الله) " وى " عند البصريين منفصلة عن الكاف، والكاف متصلة بأن، ومعنى " وى " تعجب، وكأن القوم نبهوا فانتبهوا فقالوا وى كأن الامر كذا وكذا، ولذلك فتحت الهمزة من " أن " وقال الفراء: الكاف موصولة بوى: أى ويك أعلم أن الله يبسط، وهو ضعيف لوجهين: أحدهما أن معنى الخطاب هنا بعيد.
[181]
والثانى أن تقدير وى اعلم لا نظير له، وهو غير سائغ في كل موضع (لخسف) على التسمية وتركها، وبالادغام والاظهار، ويقرأ بضم الخاء وسكون السين على التخفيف، والادغام على هذا ممتنع.
قوله تعالى (تلك الدار) تلك مبتدأ، والدار نعت، و (نجعلها) الخبر.
قوله تعالى (أعلم من جاء) " من " في موضع نصب على ماذكر في قوله تعالى " أعلم من يضل عن سبيله " في الانعام.
قوله تعالى (إلا رحمة) أى ولكن ألقى رحمة، أى للرحمة.
قوله تعالى (إلا وجهه) استثناء من الجنس: أى إلا إياه، أو ما عمل لوجهه سبحانه.
(3/146)
سورة العنكبوت
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن يتركوا) أن وماعملت فيه تسد مسد المفعولين، و (أن يقولوا) أى بأن يقولوا، أو لان يقولوا، ويجوز أن يكون بدلا من أن يتركوا، وإذ قدرت الياء كان حالا، ويجوز أن تقدر على هذا المعنى.
قوله تعالى (ساء) يجوز أن يعمل عمل بئس، وقد ذكر في قوله " بئسما اشتروا " ويجوز أن يكون بمعنى قبح فتكون " ما " مصدرية، أو بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، وهى فاعل ساء.
قوله تعالى (من كان يرجو) من شرط، والجواب (فإن أجل الله) والتقدير: لآتيه.
قوله تعالى (حسنا) منصوب بوصينا، وقيل هو محمول على المعنى، والتقدير: ألزمناه حسنا، وقيل التقدير أيضا: ذا حسن كقوله " وقولوا للناس حسنا " وقيل معنى وصينا قلنا له أحسن حسنا، فيكون واقعا موقع المصدر، أو مصدرا محذوف الزوائد.
قوله تعالى (والذين آمنوا) مبتدأ و (لندخلنهم) الخبر، ويجوز أن يكون " الذين " في موضع نصب على تقدير لندخلن الذين آمنوا.
[182]
قوله تعالى (ولنحمل خطاياكم) هذه لام الامر، وكأنهم أمروا أنفسهم، وإنما عدل إلى ذلك عن الخبر لما فيه من المبالغة في الالتزام كما في صيغة التعجب (من شئ) " من " زائدة، وهو مفعول اسم الفاعل، ومن خطاياهم حال من شئ، والتقدير: بحاملين شيئا من خطاياهم، و (ألف سنة) ظرف، والضمير في (جعلناها) للعقوبة أو الطوفة أو نحو ذلك (وإبراهيم) معطوف على المفعول في أنجيناه، أو على تقدير: واذكر، أو على أرسلنا.
قوله تعالى (النشأة الآخرة) بالقصر والمد لغتان.
قوله تعالى (ولا في السماء) التقدير: ولا من السماء فيها، فمن معطوف على أنتم، وهى نكرة موصوفة، وقيل ليس فيه محذوف لان أنتم خطاب للجميع، فيدخل فيهم الملائكة، ثم فصل بعد الابهام.
قوله تعالى (إنما اتخذتم) في " ما " ثلاثة أوجه أحدها هى بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى اتخذتموه، و (أوثانا) مفعول ثان أو حال، و (مودة) الخبر على قراء ة من رفع، والتقدير: ذوو مودة.
(4/1)
والثانى هى كافة، وأوثانا مفعول، ومودة بالنصب مفعول له، وبالرفع على إضمار مبتدأ، وتكون الجملة نعتا لاوثان ويجوز أن يكون النصب على الصفة أيضا: أى ذوى مودة.
والوجه الثالث أن تكون " ما " مصدرية، ومودة بالرفع الخبر ولا حذف في هذا الوجه في الخبر بل في اسم " إن " والتقدير: إن سبب اتخاذكم مودة، ويقرأ " مودة " بالاضافة في الرفع والنصب و (بينكم) بالجر وبتنوين مودة في الوجهين جميعا، ونصب بين وفيما يتعلق به (في الحياة الدنيا) سبع أوجه: الاول أن تتعلق باتخذتم إذا جعلت " ما " كافة لا على الوجهين الآخرين، لئلا يؤدى إلى الفصل بين الموصول وما في الصلة بالخبر. والثانى أن يتعلق بنفس مودة إذا لم تجعل بين صفة لها لان المصدر إذا وصف لا يعمل والثالث أن تعلقه بنفس بينكم لان معناه اجتماعكم أو وصلكم.
والرابع أن تجعله صفة ثانية لمودة إذا نونتها وجعلت بينكم صفة.
والخامس أن تعلقها بمودة وتجعل بينكم ظرف مكان، فيعمل مودة فيهما.
والسادس أن تجعله حالا من الضمير في بينكم إذا جعلته وصفا لمودة.
والسابع أو تجعله حالا من بينكم لتعرفه بالاضافة.
وأجاز قوم منهم أن تتعلق في بمودة، وإن كان بينكم صفة، لان الظروف يتسع فيها بخلاف المفعول به.
[183]
(4/2)
قوله تعالى (ولوطا) معطوف على نوح وإبراهيم. وقد ذكر قوله تعالى (إنا منجوك وأهلك) الكاف في موضع جر عند سيبويه، فعلى هذا ينتصب أهلك بفعل محذوف: أى وننجى أهلك، وفى قول الاخفش هى في موضع نصب أو جر، وموضعه نصب فتعطف على الموضع، لان الاضافة في تقدير الانفصال كما لو كان المضاف إليه ظاهرا، وسيبويه يفرق بين المضمر والمظهر فيقول لا يجوز إثبات النون في التثنية والجمع مع المضمر كما في التنوين، ويجوز ذلك كله مع المظهر، والضمير في (منها) للعقوبة، و (شعيبا) معطوف على نوح، والفاء في (فقال) عاطفة على أرسلنا المقدرة (وعادا وثمود) أى واذكر، أو وأهلكنا (وقارون) ومابعده كذلك، ويجوز أن يكون معطوفا على الهاء في صدهم، و (كلا) منصوب ب (أخذنا) و " من " في (من أرسلنا) ومابعدها نكرة موصوفة وبعض الرواجع محذوف، والنون في عنكبوت أصل، والتاء زائدة لقولهم في جمعه عناكب.
قوله تعالى (مايدعون) هى استفهام في موضع نصب بيدعون لا بيعلم، و (من شئ) تبيين، وقيل " ما " بمعنى الذى، ويجوز أن تكون مصدرية، وشئ مصدر ويجوز أن تكون نافية، ومن زائدة، وشيئا مفعول يدعون، و (نضربها) حال من الامثال، ويجوز أن يكون خبرا، والامثال نعت.
قوله تعالى (إلا الذين ظلموا) هو استثناء من الجنس، وفي المعنى وجهان: أحدهما إلا الذين ظلموا فلا تجادلوهم بالحسنى بل بالغلظة لانهم يغلظون لكم، فيكون مستثنى من التى هى أحسن لامن الجدال.
والثانى لا تجادلوهم البتة، بل حكموا فيهم السيف لفرط عنادهم.
قوله تعالى (أنا أنزلنا) هو فاعل يكفهم.
قوله تعالى (والذين آمنوا) في موضع رفع بالابتداء، و (لنتبوأنهم؟؟) الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل دل عليه الفعل المذكور، و (غرفا) مفعول ثان، وقد ذكر نظيره في يونس والحج (والذين صبروا) خبر ابتداء محذوف.
(4/3)
قوله تعالى (وكأين من دابة) يجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء، ومن دابة تبيين، و (لا تحمل) نعت الدابة، و (الله يرزقها) جملة خبر كائن،
[184]
وأنث الضمير على المعنى، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل دل عليه يرزقها: ويقدر بعد كأين.
قوله تعالى (وإن الدار الآخرة) أى إن حياة الدار لانه أخبر عنها بالحيوان، وهى الحياة، ولام الحيوان ياء، والاصل حييان، فقلبت الياء واوا لئلا يلتبس بالتثنية ولم تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها لئلا تحذف إحدى الالفين.
قوله تعالى (وليتمتعوا) من كسر اللام جعلها بمعنى كى، ومن سكنها جاز أن يكون كذلك، وأن يكون أمرا، والله أعلم.
سورة الروم
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (من بعد غلبهم) المصدر مضاف إلى المفعول، و (في بضع) يتعلق بيغلبون، و (من قبل ومن بعد) مبنيان على الضم في المشهور ولقطعهما عن الاضافة، وقرئ شاذا بالكسر فيهما على إرادة المضاف إليه كما قال الفرزدق.
يامن رأى عارضا يسر به * بين ذراعى وجبهة الاسد
إلا أنه في البيت أقرب، لان ذكر المضاف إليه في أحدهما يدل على الآخر، ويقرأ بالجر والتنوين على إعرابهما كإعرابهما مضافين، والتقدير: من قبل كل شئ ومن بعد كل شئ (ويومئذ) منصوب ب (يفرح) و (بنصر الله) يتعلق به أيضا ويجوز أن يتعلق ب (ينصر).
قوله تعالى (وعد الله) هو مصدر مؤكد: أو وعد الله وعدا، ودل ماتقدم على الفعل المحذوف لانه وعد.
قوله تعالى (ماخلق الله) " ما " نافية، وفي التقدير وجهان: أحدهما هو مستأنف لاموضع له، والكلام تام قبله، وأو لم يتفكروا مثل " أو لم ينظروا في ملكوت السموات ".
والثانى موضعه نصب بيتفكروا، والنفى لايمنع ذلك كما لم يمنع في قوله تعالى " وظنوا مالهم من محيص "، و (بلقاء ربهم) يتعلق ب (كافرون) واللام لاتمنع ذلك، والله أعلم.
قوله تعالى (وأثاروا الارض) قرئ شاذا بألف بعد الهمزة، وهو للاشباع لاغير (أكثر) صفة مصدر محذوف، و (ما) مصدرية.
[185]
(4/4)
قوله تعالى (ثم كان عاقبة الذين أساء وا السوأى) يقرأ بالرفع والنصب. فمن رفع جعله اسم كان، وفى الخبر وجهان: أحدهما السوأى (أن كذبوا) في موضع نصب مفعولا له: أى لان كذبوا، أو بأن كذبوا، أو في في موضع جر بتقدير الجار على قول الخليل.
والثانى أن كذبوا: أى كان آخر أمرهم التكذيب، والسوأى على هذا صفة مصدر، ومن نصب جعلها خبر كان، وفى الاسم وجهان: أحدهما السوأى، والآخر أن كذبوا على ماتقدم، ويجوز أن يجعل أن كذبوا بدلا من السوأى أو خبر مبتدأ محذوف، والسوأى فعلى تأنيث الاسوأ، وهى صفة لمصدر محذوف، والتقدير: أساء وا الاساء ة السوأى، وإن جعلتها اسما أو خبرا كان التقدير: الفعلة السوأى، أو العقوبة السوأى (يبلس المجرمون) الجمهور على تسمية الفاعل، وقد حكى شاذا ترك التسمية، وهذا بعيد لان أبلس لم يستعمل متعديا، ومخرجه أن يكون أقام المصدر مقام الفاعل وحذفه، وأقام المضاف إليه مقامه: أى ييبلس إبلاس المجرمين.
قوله تعالى (حين تمسون) الجمهور على الاضافة، والعامل فيه سبحان، وقرئ منونا على أن يجعل تمسون صفة له، والعائد محذوف: أى تمسون فيه كقوله تعالى " واتقوا يوما لاتجزى ".
قوله تعالى (وعشيا) هو معطوف على حين، وله الحمد معترض، وفى السموات حال من الحمد.
قوله تعالى (ومن آياته يريكم البرق) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن من آياته حال من البرق: أى يريكم البرق كائنا من آياته، ألا أن حق الواو أن تدخل هنا على الفعل، ولكن لما قدم الحال وكانت من جملة المعطوف أولاها الواو، وحسن ذلك أن الجار والمجرور في حكم الظرف فهو كقوله " آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة " والوجه الثانى أن " أن " محذوفة: أى ومن آياته أن يريكم، وإن حذفت " أن " في مثل هذا جاز رفع الفعل.
والثالث أن يكون الموصوف محذوفا: أى ومن آياته آية يريكم فيها البرق، فحذف الموصوف والعائد، ويجوز أن يكون التقدير: ومن آياته شئ أو سحاب، ويكون فاعل يريكم ضمير شئ المحذوف.
(4/5)
قوله تعالى (من الارض) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لدعوة. والثانى أن يكون متعلقا بمحذوف تقديره خرجتم من الارض، ودل على المحذوف (إذا أنتم تخرجون) ولايجوز أن يتعلق " من " بتخرجون هذه، لان مابعد إذا لايعمل فيما قبلها.
[186]
قوله تعالى (وهو أهون عليه) أى البعث أهون عليه في ظنكم، وقيل أهون بمعنى هين كما قالوا الله أكبر: أى كبير، وقيل هو أهون على المخلوق، لانه في الابتداء نقل من نطفة إلى علقة إلى غير ذلك، وفى البعث يكمل دفعة واحدة.
قوله تعالى (فأنتم فيه سواء) الجملة في موضع نصب جواب الاستفهام: أى هل لكم فتستووا، وأما (تخافونهم) ففى الحال من الضمير الفاعل في سواء: أى فتساووا خائفا بعضكم بعضا مشاركته له في المال: أى إذا لم تشارككم عبيدكم في المال، فكيف تشركون في عبادة الله من هو مصنوع لله (كخيفتكم) أى خيفة كخيفتكم.
قوله تعالى (فطرة الله) أى الزموا أو اتبعوا دين الله، و (منيبين) حال من الضمير في الفعل المحذوف، وقيل هو حال من ضمير الفاعل في أقم لانه في المعنى للجميع، وقيل فطرة الله مصدر: أى فطركم فطرة.
قوله تعالى (من الذين فرقوا) هو بدل من المشركين بإعادة الجار.
قوله تعالى (ليكفروا) اللام بمعنى كى، وقيل هو أمر بمعنى التوعد كما قال بعده (فتمتعوا) والسلطان يذكر لانه بمعنى الدليل، ويؤنث لانه بمعنى الحجة، وقيل هو جمع سليط كرغيف ورغفان.
قوله تعالى (إذا هم) إذا مكانية للمفاجأة نابت عن الفاء في جواب الشرط لان المفاجأة تعقيب، ولايكون أول الكلام كما أن الفاء كذلك، وقد دخلت الفاء عليها في بعض المواضع زائدة.
قوله تعالى (وماآتيتم) " ما " في موضع نصب بآتيتم، والمد بمعنى أعطيتم، والقصر بمعنى جئتم وقصدتم.
قوله تعالى (ليربوا) أى الربا (فأولئك) هو رجوع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (ليذيقهم) متعلق بظهر: أى ليصير حالهم إلى ذلك، وقيل التقدير عاقبهم ليذيقهم.
(4/6)
قوله تعالى (وكان حقا) حقا خبر كان مقدم، و (نصر) اسمها، ويجوز أن
[187]
يكون حقا مصدرا وعلينا الخبر، ويجوز أن يكون في كان ضمير الشأن وحقا مصدر وعلينا نصر مبتدأ وخبر في موضع خبر كان.
قوله تعالى (كسفا) بفتح السين على أنه جمع كسفة، وسكونها على هذا المعنى تخفيف، ويجوز أن يكون مصدرا: أى ذا كسف والهاء في (خلاله) للسحاب وقيل للكسف.
قوله تعالى (من قبله) قيل هى تكرير لقبل الاولى، والاولى أن تكون الهاء فيها للسحاب أو للريح أو للكسف، والمعنى: وإن كانوا من قبل نزول المطر من قبل السحاب أو الريح، فتتعلق " من " بينزل.
قوله تعالى (إلى أثر) يقرأ بالافراد والجمع، و (يحيى) بالياء على أنه الفاعل الله أو الاثر أو معنى الرحمة، وبالتاء على أن الفاعل آثار أو الرحمة، والهاء في (رأوه) للزرع، وقد دل عليه يحيى الارض، وقيل للريح، وقيل للسحاب (لظلوا) أى ليظللن لانه جواب الشرط، وكذا أرسلنا بمعنى نرسل. والضعف بالفتح والضم لغتان.
قوله تعالى (لاتنفع) بالتاء على اللفظ، وبالياء على معنى العذر، أو لانه فصل بينهما، أو لانه غير حقيقى، والله أعلم.
سورة لقمان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (هدى ورحمة) هما حالان من آيات، والعامل معنى الاشارة، وبالرفع على إضمار مبتدأ: أى هى أو هو.
قوله تعالى (ويتخذها) النصب على العطف على يضل، والرفع عطف على يشترى، أو على إضمار هو، والضمير يعود على السبيل، وقيل على الحديث لانه يراد به الاحاديث، وقيل على الآيات.
قوله تعالى (كأن لم يسمعها) موضعه حال، والعامل ولى، أو مستكبرا.
و (كأن في أذنيه وقرا) إما بدل من الحال الاولى التى هى كأن لم أو تبيين لها أو حال من الفاعل في يسمع.
قوله تعالى (خالدين فيها) حال من الجنات، والعامل مايتعلق به لهم، وإن شئت كان حالا من الضمير في لهم وهو أقوى (وعد الله حقا) قد ذكر في الروم (بغير عمد) قد ذكر في الرعد.
[188]
(4/7)
قوله تعالى (هذا خلق الله) أى مخلوقه كقولهم: درهم ضرب الامين، و (ماذا) في موضع نصب ب (خلق) لا بأرونى لانه استفهام، فأما كون " ذا " بمعنى الذى فقد ذكر في البقرة، و (لقمان) اسم أعجمى وإن وافق العربى، فإن لقمانا فعلانا من اللقم (أن اشكر) قد ذكر نظائره (وإذ قال) أى واذكر، و (بنى) قد ذكر في هود.
قوله تعالى (وهنا) المصدر هنا حال: أى ذات وهن: أى موهونة، وقيل التقدير في وهن.
قوله تعالى (معروفا) صفة مصدر محذوف: أى أصحابا معروفا، وقيل التقدير بمعروف.
قوله تعالى (إنها إن تك) " ها " ضمير القصة أو الفعلة، و (مثقال حبة) قد ذكر في الانبياء.
قوله تعالى (من صوتك) هو صفة لمحذوف: أى اكسر شيئا من صوتك، وعلى قول الاخفش تكون " من " زائدة. وصوت الحمير إنما وحده لانه جنس.
قوله تعالى (نعمه) على الجمع ونعمة على الافراد في اللفظ، والمراد الجنس كقوله " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها " و (ظاهرة) حال أو صفة.
قوله تعالى (من شجرة) في موضع الحال من ضمير الاستقرار، أو من " ما " (والبحر) بالرفع على وجهين: أحدهما هو مستأنف. والثانى عطف على موضع اسم " إن " وبالنصب عطفا على إسم " إن " وإن شئت على إضمار فعل يفسره مابعده وضم ياء (يمده) وفتحها لغتان.
قوله تعالى (إلا كنفس واحدة) في موضع رفع خبر خلقكم قوله تعالى (بنعمة الله) حال من ضمير الفلك، ويجوز أن يتعلق بتجرى: أى بسبب نعمة الله عزوجل.
قوله تعالى (ولامولود هو جاز) مولود يجور أن يعطف على والد فيكون مابعده صفة له، ويجوز أن يكون مبتدأ، وإن كان نكرة لانه في سياق النفى، والجملة بعده الخبر.
[189]
قوله تعالى (وينزل الغيث) هذا يدل على قوة شبه الظرف بالفعل، لانه عطفه على قوله عنده، كذا يقول ابن جنى وغيره، والله أعلم.
سورة السجدة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/8)
قوله تعالى (ألم) يجوز أن يكون مبتدأ، و (تنزيل) خبره، والتنزيل بمعنى المنزل وهو في المعنى كما ذكرناه في أول البقرة فعلى هذا (لاريب فيه) حال من الكتاب، والعامل تنزيل، و (من رب) يتعلق بتنزيل أيضا، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في فيه، والعامل فيها الظرف لان ريب هنا مبنى، ويجوز أن يكون تنزيل مبتدأ، ولاريب فيه الخبر، ومن رب حال كما تقدم، ولايجوز على هذا أن تتعلق " من " بتنزيل، لان المصدر قد أخبر عنه، ويجوز أن يكن الخبر من رب، ولاريب فيه حال من الكتاب، وأن يكون خبرا بعد خبر.
قوله تعالى (أم يقولون) أم هنا منقطعة، أى بل أيقولون، و " ما " في (ماأتاهم) نافية، والكلام صفة لقوم.
قوله تعالى (مما تعدون) يجوز أو يكون صفة لالف، وأن يكون صفة لسنة.
قوله تعالى (الذى أحسن) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى هو الذى، أو خبرا بعد خبر، والعزيز مبتدأ، والرحيم صفة، والذى خبره، و (خلقه) بسكون اللام بدل من كل بدل الاشتمال: أى أحسن خلق كل شئ، ويجوز أن يكون مفعولا أول، وكل شئ ثانيا، وأحسن بمعنى عرف: أى عرف عباده كل شئ، ويقرأ بفتح اللام على أنه فعل ماض، وهو صفة لكل أو لشئ.
قوله تعالى (أئذا ضللنا) بالضاد: أى ذهبنا وهلكنا، وبالصاد: أنتنا من قولك: صل للحم إذا أنتن، والعامل في " إذا " معنى الجملة التى في أولها إنا: أى إذا هلكنا نبعث، ولايعمل فيه (جديد) لان مابعد " إن " لايعمل فيما قبلها (ولو ترى) هو من رؤية العين، والمفعول محذوف: أى ولوترى المجرمين، وأغنى عن ذكره المبتدأ، و (إذ) هاهنا يراد بها المستقبل، وقد ذكرنا مثل ذلك في البقرة، والتقدير: يقولون ربنا، وموضع المحذوف حال والعامل فيها (ناكسوا).
[190]
قوله تعالى (فذوقوا بما نسيتم) أى فذوقوا العذاب، ويجوز أن يكون مفعول فذوقوا (لقاء) على قول الكوفيين في إعمال الاول، ويجوز أن يكون مفعول ذوقوا (هذا) أى هذا العذاب.
(4/9)
قوله تعالى (تتجافى) و (يدعون ربهم) في موضع الحال، و (خوفا وطمعا) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (ماأخفى لهم) يجوز أن تكون " ما " استفهاما، وموضعها رفع بالابتداء، وأخفى لهم خبره على قراء ة من فتح الياء وعلى قراء ة من سكنها، وجعل أخفى مضارعا تكون " ما " في موضع نصب بأخفى ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى منصوبة بتعلم، و (من قرة) في الوجهين حال من الضمير في أخفى، و (جزاء) مصدر أى جوزوا جزاء.
قوله تعالى (لايستوون) مستأنف لا موضع له، وهو بمعنى ماتقدم من التقدير، و (نزلا) قد ذكر في آل عمران.
قوله تعالى (الذى كنتم به) هو صفة العذاب في موضع نصب، ويجوز أن يكون صفة النار، وذكر على معنى الجحيم أو الحريق.
قوله تعالى (من لقائه) يجوز أن تكون الهاء ضمير اسم الله: أى من لقاء موسى الله، فالمصدر مضاف إلى المفعول، وأن يكون ضمير موسى فيكون مضافا إلى الفاعل، وقيل يرجع إلى الكتاب كما قال تعالى " وإنك لتلقى القرآن " وقيل من لقائك يامحمد موسى صلى الله وسلم عليهما ليلة المعراج (لما) بالتشديد، ظرف، والعامل فيه جعلنا منهم أو يهددون، وبالتخفيف وكسر اللام على أنها مصدرية (كم أهلكنا) قد ذكر في طه.
سورة الاحزاب
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (بما تعملون) إنما جاء بالجمع لانه عنى بقوله تعالى " اتبع أنت وأصحابك " ويقرأ بالياء على الغيبة.
قوله تعالى (اللاتى) هو جمع التى، والاصل إثبات الياء، ويجوز حذفها اجتزاء بالكسرة، ويجوز تليين الهمزة وقلبها ياء، و (تظاهرون) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (هو أقسط) أى دعاؤكم فأضمر المصدر لدلالة الفعل عليه (فإخوانكم) بالرفع: أى فهم إخوانكم، وبالنصب أى فادعوهم إخوانكم (ولكن ما تعمدت قلوبكم) " ما " في موضع جر عطفا على ما الاولى، ويجوز أن تكون في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف: أى تؤاخذون به.
[191]
قوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم) أى مثل أمهاتهم.
(4/10)
قوله تعالى (بعضهم) يجوز أن يكون بدلا وأن يكون مبتدأ، و (في كتاب الله) يتعلق بأولى، وأفعل يعمل في الجار والمجرور، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيه معنى أولى، ولايكون حالا من أولوا الارحام للفصل بينهما بالخبر، ولانه عامل إذا، و (من المؤمنين) يجوز أن يكون متصلا بأولوا الارحام، فينتصب على التبيين: أى أعنى، وأن يكون متعلقا بأولى، فمعنى الاول وأولوا الارحام من المؤمنين أولى بالميراث من الاجانب، وعلى الثانى وأولوا الارحام أولى من المؤمنين والمهاجرين الاجانب (إلا أن تفعلوا) استثناء من غير الجنس.
قوله تعالى (وإذ أخذنا) أى واذكر.
قوله تعالى (إذ جاء تكم) هو مثل " إذ كنتم أعداء " وقد ذكر في آل عمران و (إذ جاؤكم) بدل من إذ الاولى، و (الظنونا) بالالف في المصاحف. ووجهه أنه رأس آية فشبه بأواخر الآيات المطلقة لتتآخى رء وس الآى، ومثله الرسولا والسبيلا على ماذكر في القراء ات، ويقرأ بغير ألف على الاصل.
والزلزال بالكسر المصدر، و (يثرب) لاينصرف للتعريف ووزن الفعل، وفيه التأنيث و (يقولون) حال أو تفسير ليستأذن، و (عورة) أى ذات عورة، ويقرأ بكسر الواو، والفعل منه عور، فهو اسم فاعل، و (لآتوها) بالقصر جاء ها وبالمد أى أعطوها ماعندهم من القوة والبقاء: و (إلا يسيرا) أى إلا لبثا أو إلا زمنا، ومثله إلا قليلا، و (لايولون) جواب القسم، لان عاهدوا في معنى أقسموا، ويقرأ بتشديد النون وحذف الواو على تأكيد جواب القسم، و (هلم) قد ذكر في الانعام إلا أن ذاك متعد وهذا لازم.
قوله تعالى (أشحة) هو جمع شحيح وانتصابه على الحال من الضمير في يأتون. وأشحة الثانى حال من الضمير المرفوع في سلقوكم، و (ينظرون) حال، لان رأيتهم أبصرتهم، و (تدور) حال من الضمير في ينظرون (كالذى) أى دورانا كدوران عين الذى، ويجوز أن تكون الكاف حالا من أعينهم: أى مشبهة عين الذى.
قوله تعالى (يحسبون) يجوز أن يكون حالا من أحد الضمائر المتقدمة إذا صح
[192]
(4/11)
المعنى وتباعد العامل فيه، ويجوز أن يكون مستأنفا، و (بادون) جمع باد، وقرئ " بدى " مثل غاز وغزى، و (يسألون) حال.
قوله تعالى (أسوة) الكسر والضم لغتان، وهو اسم للتأسى، وهو المصدر، وهو اسم كان، والخبر لكم.
و (في رسول الله) حال أو ظرف يتعلق بالاستقرار لا بأسوة أو بكان على قول من أجازه، ويجوز أن يكون في رسول الله الخبر، ولكم تخصيص وتبيين (لمن كان) قيل هو بدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار، ومنع منه الاكثرون لان ضمير المخاطب لايبدل منه فعلى هذا يجوز أن تتعلق بحسنة أو يكون نعتا لها، ولا تتعلق بأسوة لانها قد وصفت، و (كثيرا) نعت لمصدر محذوف.
قوله تعالى (وصدق الله ورسوله) إنما أظهر الاسمين هنا مع تقدم ذكرهما لئلا يكون الضمير الواحد عن الله وغيره.
قوله تعالى (ليجزى الله) يجوز أن يكون لام العاقبة، وأن يتعلق بصدق أو بزادهم أو بما بدلوا.
قوله تعالى (بغيظهم) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مفعولا به، و (لم ينالوا) حال، و (من أهل الكتاب) حال من ضمير الفاعل في ظاهروهم، و (من صياصيهم) متعلقة بأنزل، و (فريقا) منصوب ب (تقتلون)، و (يضاعف) ويضعف قد ذكر.
قوله تعالى (ومن يقنت) يقرأ بالياء حملا على لفظ " من " وبالتاء على معناها ومثله، و (تعمل صالحا) ومنهم من قرأ الاولى بالتاء، والثانية بالياء.
وقال بعض النحويين. هذا ضعيف لان التذكير أصل، فلا يجعل تبعا للتأنيث، وماعللوا به قد جاء مثله في القرآن، وهو قوله تعالى " خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ".
قوله تعالى (فيطمع الذى) يقرأ بفتح العين على جواب النهى، وبالكسر على نية الجزم عطفا على تخضعن.
(4/12)
قوله تعالى (وقرن) يقرأ بكسر القاف وفيه وجهان، أحدهما هو من وقر يقر إذا ثبت، ومنه الوقار، والفاء محذوفة. والثانى هو من قر يقر، ولكن حذفت إحدى الراء ين كما حذفت إحدى اللامين في ظلت فرارا من التكرير، ويقرأ بالفتح وهو من قرن لاغير، وحذفت إحدى الراء ين، وإنما فتحت القاف على لغة في قررت أقر في المكان.
[193]
قوله تعالى (أهل البيت) أى ياأهل البيت، ويجوز أن ينتصب على التخصيص والمدح: أى أعنى أو أخص.
قوله تعالى (والحافظات) أى الحافظات فروجهن، وكذلك (والذاكرات) أى والذاكرات الله، وأغنى المفعول الاول عن الاعادة.
قوله تعالى (أن تكون لهم الخيرة) إنما جمع لان أول الآية يراد به العموم.
قوله تعالى (والله أحق أن تخشاه) قد ذكر مثله في التوبة.
قوله تعالى (الذين يبلغون) هو نعت للذين خلوا، ويجوز أن ينتصب على إضمار أعنى، وأن يرتفع على إضمارهم.
قوله تعالى (ولكن رسول الله) أى ولكن كان رسول الله، وكذلك (وخاتم النبيين) ويقرأ بفتح التاء على معنى المصدر، كذا ذكر في بعض الاعاريب.
وقال آخرون: هو فعل مثل قاتل بمعنى ختمهم.
وقال آخرون: هو اسم بمعنى آخرهم، وقيل هو بمعنى المختوم به النبيون كما يختم بالطابع، وبكسرها: أى آخرهم.
قوله تعالى (تعتدونها) تفتعلونها من العدد: أى تعدونها عليهن أو تحسبون بها عليهن، وموضعه جر على اللفظ، أو رفع على الموضع. والسراج اسم للتسريح وليس بالمصدر.
قوله تعالى (وامرأة مؤمنة) في الناصب وجهان: أحدهما أحللنا في أول الآية.
وقد رد هذا قوم وقالوا: أحللنا ماض و " إن وهبت " هو صفة للمرأة مستقبل، وأحللنا في موضع جوابه، وجواب الشرط لايكون ماضيا في المعنى، وهذا ليس بصحيح، لان معنى الاحلال هاهنا الاعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك، كما تقول: أبحت لك أن تكلم فلانا إن سلم عليك.
(4/13)
الوجه الثانى أن ينتصب بفعل محذوف: أى ونحل لك امرأة، ويقرأ أن وهبت بفتح الهمزة وهو بدل من امرأة بدل الاشتمال، وقيل التقدير: لان وهبت، و (خالصة) يجور أن يكون حالا من الضمير في وهبت.
وأن يكون صفة لمصدر محذوف: أى هبة خالصة ويجوز أن يكون مصدرا: أى أخلصت ذلك لك إخلاصا وقد جاء ت فاعلة مصدرا مثل العاقبة والعافية، و (لكيلا) يتعلق بأحللنا (ومن ابتغيت) " من " في موضع نصب بابتغيت، وهى شرطية، والجواب (فلا جناح عليك) ويجوز أن يكون مبتدأ، والعائد محذوف: أى والتى ابتغيتها، والخبر فلا جناح.
[194]
قوله تعالى (كلهن) الرفع على توكيد الضمير في يرضين، والنصب على توكيد المنصوب في آتيتهن.
قوله تعالى (إلا ماملكت يمينك) يجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من النساء، وأن يكون في موضع نصب على أصل الاستثناء، وهو من الجنس، ويجوز أن يكون من غير الجنس، وقوله تعالى " من أزواج(1) " في موضع نصب، و " من " زائدة " إلا ماملكت يمينك " يجوز أن يكون في موضع نصب بدلا من أزواج، ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا.
قوله تعالى (إلا أن يؤذن لكم) هو في موضع الحال: أى لاتدخلوا إلا مأذونا لكم (وإلى) تتعلق بيؤذن لان معناها تدعو. و (غير) بالنصب على الحال من الفاعل في تدخلوا، أو من المجرور في لكم، ويقرأ بالجر على الصفة للطعام، وهذا عند البصريين خطإ لانه جرى على غيرها هو له، فيجب أن يبرز ضمير الفاعل فيكون غير ناظرين أنتم.
قوله تعالى (ولا مستأنسين) هو معطوف على ناظرين.
قوله تعالى (يدنين) هو مثل قوله تعالى " قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة " في إبراهيم.
قوله تعالى (ملعونين) هو حال من الفاعل في يجاورونك، ولايجوز أن يكون حالا مما بعد أين لانها شرط، ومابعد الشرط لايعمل فيما قبله.
(4/14)
قوله تعالى (سنة الله) هو منصوب على المصدر: أى من ذلك سنة (يوم تقلب وجوههم) يجوز أن يكون ظرفا لئلا يجدون ولنصيرا، أو ل (يقولون) ويقولون على الوجهين الاولين حال من الوجوه، لان المراد أصحابها، ويضعف أن يكون حالا من الضمير المجرور لانه مضاف إليه، ويقرأ " تقلب " يعنى السعير وجوههم بالنصب.
قوله تعالى (ليعذب الله) اللام تتعلق بحملها، والله أعلم.
___________________________________
(1) (قوله وقوله تعالى من أزواج الخ) كذا بالنسخ التى بأيدينا ولايخفى مافيه من تشتيت الوجوه في الكلام على قوله " إلا ماملكت " الخ فكان المناسب تقديمه عليه لتستقيم الاوجه اه مصححه.(*)
سورة سبأ
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (في الآخرة) يجوز أن يكون ظرفا العامل فيه الحمد أو الظرف، وأن يكون حالا من الحمد، والعامل فيه الظرف.
قوله تعالى (يعلم) هو مستأنف، وقيل هو حال مؤكدة.
قوله تعالى (عالم الغيب) يقرأ بالرفع: أى هو عالم، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر (لايعزب) وبالجر صفة لربى أو بدلا.
قوله تعالى (ولاأصغر) بالجر عطفا على ذرة وبالرفع عطفا على مثقال.
قوله تعالى (ليجزى) تتعلق بمعنى لايعزب، فكأنه قال يحصى ذلك ليجزى.
قوله تعالى (من رجز أليم) يقرأ بالجر صفة لرجز، وبالرفع صفة لعذاب، والرجز مطلق العذاب.
قوله تعالى (وترى) هو معطوف على ليجزى، ويجوز أن يكون مستأنفا، و (الذى أنزل) مفعول أول، و (الحق) مفعول ثان وهو فصل، وقرئ الحق بالرفع على الابتداء والخبر وفاعل (يهدى) ضمير الذى أنزل، ويجوز أن يكون ضمير اسم الله، ويجوز أن يعطف على موضع الحق وتكون إن محذوفة، ويجوز أن يكون في موضع فاعل: أى ويروه حقا وهاديا.
(4/15)
قوله تعالى (إذا مزقتم) العامل في إذا مادل عليه خبر إن. أى إذا مزقتم بعثتم ولايعمل فيه ينبئكم لان إخبارهم لايقع وقت تمزيقهم، ولامزقتم لان إذا مضافة إليها ولاجديد لان مابعد إن لايعمل فيما قبلها، وأجازه قوم في الظروف (أفترى) الهمزة للاستفهام، وهمزة الوصل حذفت استغناء عنها.
قوله تعالى (نخسف بهم) الاظهار هو الاصل، والادغام جائز لان الفاء والباء متقاربان.
قوله تعالى (ياجبال) أى وقلنا ياجبال، ويجوزأن يكون تفسيرا للفصل، وكذا " وألنا له " (والطير) بالنصب.
وفيه أربعة أوجه: أحدها هو معطوف على موضع جبال.
والثانى الواو بمعنى مع والذى أو صلته الواو " أوبى " لانها لاتنصب إلا مع الفعل.
والثالث أن تعطف على فضلا، والتقدير: وتسبيح الطير قاله الكسائى
[196]
والرابع بفعل محذوف: أى وسخرنا له الطير، ويقرأ بالرفع وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على لفظ جبال.
والثانى على الضمير في أوبى، وأغنت مع عن توكيده.
قوله تعالى (أن اعمل) أن بمعنى أى: أى أمرناه أن اعمل، وقيل هى مصدرية.
قوله تعالى (ولسليمان الريح) يقرأ بالنصب: أى وسخرنا، وبالرفع على الابتداء، أو على أنه فاعل، و (غدوها شهر) جملة في موضع الحال من الريح، والتقدير: مدة غدوها، لان الغدو مصدر وليس بزمان (من يعمل) " من " في موضع نصب: أى وسخرنا له من الجن فريقا يعمل أو في موضع رفع على الابتداء أو الفاعل: أى وله من الجن فريق يعمل، و (آل داود) أى يا آل، أو أعنى آل داود، و (شكرا) مفعول له، وقيل هو صفة لمصدر محذوف: أى عملا شكرا ويجوز أن يكون التقدير: اشكروا شكرا.
(4/16)
قوله تعالى (منسأته) الاصل الهمز لانه من نسأت الناقة وغيرها إذا سقتها، والمنسأة العصا التى يساق بها إلا أن همزتها أبدلت ألفا تخفيفا، وقرئ في الشاذ " من سأته " بكسر التاء على أن من حرف جر، وقد قيل غلط قاريها، وقال ابن جنى سميت العصا سأة لانها تسوء، فهى فلة والعين محذوفة وفيه بعد قوله تعالى (تبينت) على تسمية الفاعل، والتقدير: تبين أمر الجن، و (أن لو كانوا) في موضع رفع بدلا من أمر المقدر، لان المعنى تبينت الانس جهل الجن، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى تبينت الجن جهلها، ويقرأ بينت على ترك تسمية الفاعل، وهو على الوجه الاول بين.
قوله تعالى (لسبإ) قد ذكر في النمل، و (مساكن) جمع مسكن بالفتح والكسر: وهما المنزل موضع السكون، ويجوز أن يكون مصدرا، فيكون الواحد مفتوحا مثل المقعد والمطلع والمكان بالكسر، و (آية) اسم كان، و (جنتان) بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (بلدة) أى هذه بلدة (ورب) أى وربكم رب،، أو ولكم رب، ويقرأ شاذا " بلدة وربا " بالنصب على أنه مفعول الشكر.
قوله تعالى (أكل خمط) يقرأ بالتنوين، والتقدير: أكل أكل خمط، فحذف المضاف لان الخمط شجر والاكل ثمرة، وقيل التقدير: أكل ذى خمط، وقيل هو
[197]
بدل منه، وجعل خمط أكلا لمجاورته إياه وكونه سببا له، ويقرأ بالاضافة وهو ظاهر و (قليل) نعت لاكل، ويجوز أن يكون نعتا لخمط وأثل وسدر.
قوله تعالى (ربنا) يقرأ بالنصب على النداء، و (باعد) وبعد على السؤال، ويقرأ بعد على لفظ الماضى، ويقرأ ربنا وباعد وبعد على الخبر، و (ممزق) مصدر أو مكان.
(4/17)
قوله تعالى (صدق عليهم) بالتخفيف، و (إبليس) فاعله، و (ظنه) بالنصب على أنه مفعول كأنه ظن فيهم أمرا وواعده نفسه فصدقه، وقيل التقدير: صدق في ظنه، فما حذف الحرف وصل الفعل، ويقرأ بالتشديد على هذا المعنى، ويقرأ إبليس بالنصب على أنه مفعول، وظنه فاعل كقول الشاعر: * فإن يك ظنى صادقا وهو صادقى * ويقرأ برفعهما بجعل الثانى بدل الاشتمال.
قوله تعالى (من يؤمن) يجوز أن يكون بمعنى الذى فينتصب بتعلم، وأن يكون استفهاما موضع رفع بالابتداء، و (منها) إما على التبيين: أى لشك منها أى بسببها، ويجوز أن يكون حالا من شك، وقيل " من " بمعنى في.
قوله تعالى (إلا لمن أذن) يجوز أن تتعلق اللام بالشفاعة لانك تقول: شفعت له وأن تتعلق بتنفع (فزع) بالتشديد على مالم يسم فاعله والقائم مقام الفاعل (عن قلوبهم) والمعنى أزيل عن قلوبهم، وقيل المسند إليه الفعل مضمر دل عليه الكلام أى نحى الخوف، ويقرأ بالفتح على التسمية: أى فزع الله، أى كشف عنها، ويقرأ فرغ: أى أخلى، وقرئ شاذا " افرنقع " أى تفرق ولاتجوز القراء ة بها.
قوله تعالى (أو إياكم) معطوف على اسم إن، وأما الخبر فيجب أن يكون مكررا كقولك: إن زيدا وعمرا قائم.
التقدير: إن زيدا قائم وإن عمرا قائم، واختلفوا في الخبر المذكور فقال بعضهم: هو للاول، وقال بعضهم: هو للثانى، فعلى هذا يكون (لعلى هدى) خبر الاول، و (أو في ضلال) معطوف عليه، وخبر المعطوف محذوف لدلالة المذكور عليه، وعكسه آخرون، والكلام على المعنى غير الاعراب، لان المعنى إنا على هدى من غير شك، وأنتم على ضلال من غير شك، ولكن خلطه في اللفظ على عادتهم في نظائره كقولهم: أخزى الله الكاذب منى ومنك.
قوله تعالى (إلا كافة) هو حال من المفعول في أرسلناك، والهاء زائدة للمبالغة، و (للناس) متعلق به: أى وما أرسلناك إلا كافة للناس عن الكفر والمعاصى وقيل
[198]
(4/18)
هو حال من الناس إلا أنه ضعيف عند الاكثرين لان صاحب الحال مجرور ويضعف هنا من وجه آخر، وذاك أن اللام على هذا تكون بمعنى إلى، إذ المعنى أرسلناك إلى الناس، ويجوز أن يكون التقدير: من أجل الناس.
قوله تعالى (ميعاد يوم) هو مصدر مضاف إلى الظرف، والهاء في (عنه) يجوز أن تعود على الميعاد وعلى اليوم، وإلى أيهما أعدتها كانت الجملة نعتا له.
قوله تعالى (بل مكر الليل) مثل ميعاد يوم، ويقرأ بفتح الكاف وتشديد الراء، والتقدير: بل صدنا كرور الليل والنهار علينا، ويقرأ كذلك إلا أنه بالنصب على تقدير مدة كرورهما.
قوله تعالى (زلفى) مصدر على المعنى: أى يقربكم قربى (إلا من آمن) يجوز أن يكون في موضع نصب استثناء منقطعا، وأن يكون متصلا مستثنى من المفعول في يقربكم، وأن يكون مرفوعا بالابتداء ومابعده الخبر.
قوله تعالى (وماأنفقتم من شئ فهو يخلفه) في " ما " وجهان: أحدهما شرطية في موضع نصب، والفاء جواب الشرط، ومن شئ تبيين. والثانى هو بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء ومابعد الفاء الخبر.
قوله تعالى (أهؤلاء) مبتدأ، و (إياكم) في موضع نصب ب (يعبدون) ويعبدون خبر كان، وفيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها لان معمول الخبر بمنزلته.
قوله تعالى (أن تقوموا) هو في موضع جر بدلا من واحدة، أو رفع على تقدير: هى أن تقوموا، أو نصب على تقدير أعنى، و (تتفكروا) معطوف على تقوموا، و (مابصاحبكم) نفى، (بين يدى) ظرف لنذير، ويجوز أن يكون نعتا لنذير، ويجوز أن يكون لكم صفة لنذير، فيكون بين ظرفا للاستقرار، أو حالا من الضمير في الجار، أو صفة أخرى.
قوله تعالى (علام الغيوب) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو خبر ثان أو بدل من الضمير في يقذف، أو صفة على الموضع، وبالنصب صفة لاسم " إن " أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (فلا فوت) أى فلا فوت لهم، و (التناوش) بغير همز من ناش
[199]
(4/19)
ينوش أذا تناول، والمعنى: من أين لهم تناول السلامة، ويقرأ بالهمز من أجل ضم الواو، وقيل هى أصل من ناشه يناشه إذا خلصه والله أعلم.
سورة فاطر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فاطر السموات) الاضافة محضة لانه للماضى لاغير، فأما (جاعل الملائكة) فكذلك في أجود المذهبين، وأجاز قوم أن تكون غير محضة على حكاية الحال، و (رسلا) مفعول ثان، و (أولى) بدل من رسل أو نعت له ويجوز أن يكون جاعل بمعنى خالق، فيكون رسلا حالا مقدرة، و (مثنى) نعت لاجنحة، وقد ذكر الكلام في هذه الصفات المعدولة في أول النساء، و (يزيد في الخلق) مستأنف.
قوله تعالى (مايفتح الله) " ما " شرطية في موضع نصب بيفتح، و (من رحمة) تبيين لما.
قوله تعالى (من خالق غير الله) يقرأ بالرفع، وفيه وجهان: أحدهما هو صفة لخالق على الموضع، وخالق مبتدأ، والخبر محذوف تقديره لكم أو للاشياء. والثانى أن يكون فاعل خالق: أى هل يخلق غير الله شيئا، ويقرأ بالجر على الصفة لفظا (يرزقكم) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون صفة لخالق.
قوله تعالى (الذين كفروا) يجوز أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر، وأن يكون صفة لحزبه أو بدلا منه، وأن يكون في موضع جر صفة لاصحاب السعير أو بدل منه، والله أعلم.
قوله تعالى (حسرات) يجوز أن يكون حالا: أى متلهفة، وأن يكون مفعولا له.
قوله تعالى (يرفعه) الفاعل ضمير العمل والهاء للكلم: أى أى العمل الصالح يرفع الكلم، وقيل الفاعل اسم الله فتعود الهاء على العمل.
قوله تعالى (ومكر أولئك) مبتدأ، والخبر (يبور) وهو فصل أو توكيد، ويجوز أن يكون مبتدأ ويبور الخبر، والجملة خبر مكر.
[200]
قوله تعالى (سائغ شرابه) سائع على فاعل، وبه يرتفع شرابه لاعتماده على ماقبله، ويقرأ " أسيغ " بالتشديد وهو فعيل مثل سيد، ويقرأ بالتخفيف مثل ميت وقد ذكر.
قوله تعالى (ولو كان ذا قربى) أى لو كان المدعو ذا قربى، ويجوز أن يكون حالا، وكان تامة.
(4/20)
قوله تعالى (ولاالنور - ولا الحرور) لافيها زائدة، لان المعنى الظلمات لاتساوى النور، وليس المراد أن النور في نفسه لايستوى، وكذلك " لا " في (ولا الاموات).
قوله تعالى (جاء تهم رسلهم) حال، وقد مقدرة: أى كذب الذين من قبلهم وقد جاء تهم رسلهم.
قوله تعالى (ألوانها) مرفوع بمختلف، و (جدد) بفتح الدال جمع جدة وهى الطريقة، ويقرأ بضمها وهو جمع جديد (وغرابيب سود) الاصل وسود غرابيب، لان الغربيب تابع للاسود، يقال أسود غربيب كما تقول أسود حالك، و (كذلك) في موضع نصب: أى اختلافا مثل ذلك، و (العلماء) بالرفع وهو الوجه، ويقرأ برفع اسم الله ونصب العلماء على معنى إنما يعظم الله من عباده العلماء.
قوله تعالى (يرجون تجارة) هو خبر إن، و (ليوفيهم) تتعلق بيرجون وهى لام الصيرورة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف: أى فعلوا ذلك ليوفيهم.
قوله تعالى (هو الحق) يجوز أن يكون هو فصلا، وأن يكون مبتدأ. و (مصدقا) حال مؤكدة.
قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن يكون خبرا ثانيا لذلك، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ والخبر (يدخلونها) وتمام الآية قد ذكر في الحج.
قوله تعالى (دار المقامة) مفعول أحلنا، وليس بظرف لانها محدودة (لايمسنا) هو حال من المفعول الاول.
قوله تعالى (فيموتوا) هو منصوب على جواب النفى، و (عنهم) يجوز أن يقوم مقام الفاعل، و (من عذابها) في موضع نصب، ويجوز العكس، ويجوز أن تكون " من " زائدة فيتعين له الرفع، و (كذلك) في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف: أى نجزى جزاء مثل ذلك.
[201]
قوله تعالى (صالحا غير الذى) يجوز أن يكونا صفتين لمصدر محذوف، أو لمفعول محذوف، ويجوز أن يكون صالحا نعتا للمصدر، وغير الذى مفعول، و (مايتذكر) أى زمن مايتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أى تعميرا يتذكر فيه.
(4/21)
قوله تعالى (أن تزولا) يجوزأن يكون مفعولا له: أى مخافة أن تزولا، أو عن ويمسك أى يحبس، و (إن أمسكهما) أى مايمسكهما فإن بمعنى ما، وأمسك بمعنى يمسك، وفاعل (زادهم) ضمير النذير، و (استكبارا) مفعول له، وكذلك (مكر السيئ) والجمهور على تحريك الهمزة، وقرئ بإسكانها، وهو عند الجمهور لحن، وقيل أجرى الوصل مجرى الوقف، وقيل شبه المنفصل بالمتصل لان الياء والهمزة من كلمة، ولاكلمة أخرى فأسكن كما سكن إبل، والله أعلم.
سورة يس
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان النون وقد ذكر نظيره، ومنهم من يظهر النون لانه حقق بذلك إسكانها، وفي الغنة مايقربها من الحركة من أجل الوصل المحض، وفى الاظهار تقريب للحرف من الوقف عليه، ومنهم من يكسر النون على أصل التقاء الساكنين، ومنهم من يفتحها كما يفتح أين، وقيل الفتحة إعراب، ويس اسم للسورة كهابيل، والتقدير: اتل يس (والقرآن) قسم على كل وجه.
قوله تعالى (على صراط) هو خبر ثان لان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار (تنزيل العزيز) أى هو تنزيل العزيز، والمصدر بمعنى المفعول: أى منزل العزيز، ويقرأ بالنصب على أنه مصدر: أى نزل تنزيلا، وبالجر أيضا صفة للقرآن (لتنذر) يجوز أن تتعلق اللام بتنزيل، وأن تتعلق بمعنى قوله من المرسلين: أى مرسل لتنذر، و (ما) نافية، وقيل هى بمعنى الذى: أى تنذرهم العذاب الذى أنذره آباؤهم، وقيل هى نكرة موصوفة، وقيل هى زائدة.
قوله تعالى (فأغشيناهم) بالغين: أى غطينا أعين بصائرهم، فالمضاف محذوف ويقرأ بالعين: أى أضعفنا بصائرهم عن إدراك الهدى كما تضعف عين الاعشى.
قوله تعالى (وكل شئ) مثل " وكل إنسان ألزمناه " وقد ذكر.
[202]
(4/22)
قوله تعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) اضرب هنا بمعنى اجعل، وأصحاب مفعول أول، ومثلا مفعول ثان، وقيل هو بمعنى اذكر، والتقدير: مثلا مثل أصحاب، فالثانى بدل من الاول، و (إذ جاء ها) مثل إذ انتبذت، وقد ذكر، و (إذ) الثانية بدل من الاولى (فعززنا) بالتشديد والتخفيف، والمفعول محذوف أى قويناهما.
قوله تعالى (أئن ذكرتم) على لفظ الشرط، وجوابه محذوف: أى إن ذكرتم كفرتم ونحوه، ويقرأ بفتح الهمزة: أى لاذكرتم، ويقرأ شاذا " أين ذكرتم " أى عملكم السيئ لازم لكم أين ذكرتم، والكاف مخففة في هذا الوجه.
قوله تعالى (ومالى) الجمهور على فتح الياء، لان مابعدها في حكم المتصل بها إذا كان لايحسن الوقف عليها والابتداء بما بعدها و " مالى لاأرى الهدهد " بعكس ذلك.
قوله تعالى (لاتغن عنى) هو جواب الشرط، ولايجوز أن تقع " ما " مكان " لا " هنا، لان " ما " تنفى مافى الحال، وجواب الشرط مستقبل لاغير.
قوله تعالى (بما غفر لى) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها مصدرية: أى بغفرانه والثانى بمعنى الذى: أى بالذنب الذى غفره. والثالث استفهام على التعظيم ذكره بعض الناس، وهو بعيد لان " ما " في الاستفهام إذا دخل عليه حرف الجر حذفت ألفها، وقد جاء في الشعر بغير حذف.
قوله تعالى (وماأنزلنا) " ما " نافية، وهكذا (وماكنا) ويجوز أن تكون " ما " الثانية زائدة: أى وقد كنا، وقيل هى اسم معطوف على جند.
قوله تعالى (إن كانت إلا صيحة) اسم كان مضمر: أى ماكانت الصيحة إلا صيحة، والغرض وصفها بالاتحاد. وإذا للمفاجأة، والله أعلم.
قوله تعالى (ياحسرة) فيه وجهان: أحدهما أن حسرة منادى: أى ياحسرة احضرى فهذا وقتك، و (على) تتعلق بحسرة فلذلك نصبت كقولك: ياضاربا رجلا. والثانى المنادى محذوف، وحسرة مصدر: أى أتحسر حسرة، ويقرأ في الشاذ " ياحسرة العباد " أى ياتحسيرهم، فالمصدر مضاف إلى الفاعل، ويجوز أن يكون مضافا إلى المفعول: أى أتحسر على العباد.
[203]
(4/23)
قوله تعالى (مايأتيهم من رسول) الجملة تفسير سبب الحسرة (وكم أهلكنا) قد ذكر، و (أنهم إليهم) بفتح الهمزة وهى مصدرية، وموضع الجملة بدل من موضع كم أهلكنا، والتقدير: ألم يروا أنهم إليهم، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف.
قوله تعالى (وإن كل) قد ذكر في آخر هود.
قوله تعالى (وآية لهم) مبتدأ ولهم الخبر، و (الارض) مبتدأ، و (أحييناها) الخبر، والجملة تفسير للآية، وقيل الارض مبتدأ، وآية خبر مقدم، وأحييناها تفسير الآية، ولهم صفة آية.
قوله تعالى (من العيون) من على قول الاخفش زائدة، وعلى قول غيره المفعول محذوف: أى من العيون ماينتفعون به (وماعملته) في " ما " ثلاثة أوجه أحدها هى بمعنى الذى، والثانى نكرة موصوفة، وعلى كلا الوجهين هى في موضع جر عطفا على ثمرة، ويجوز أن يكون نصبا على موضع من ثمره.
والثالث هى نافية، ويقرأ بغير هاء ويحتمل الاوجه الثلاثة إلا أنها نافية بضعف لان عملت لم يذكر لها مفعول.
قوله تعالى (والقمر) بالرفع مبتدأ، و (قدرناه) الخبر: وبالنصب على فعل مضمر: أى وقدرنا القمر لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل فحمل على ذلك، ومن رفع قال: هو محمول على: وآية لهم في الموضعين، وعلى: والشمس، وهى أسماء لم يعمل فيها فعل، و (منازل) أى ذا منازل، فهو حال أو مفعول ثان، لان قدرنا بمعنى صيرنا، وقيل التقدير: قدرنا له منازل، و (العرجون) فعول، والنون أصل، وقيل هى زائدة لانه من الانعراج وهذا صحيح المعنى، ولكن شاذ في الاستعمال وقرأ بعضهم (سابق النهار) بالنصب وهو ضعيف، وجوازه على أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين، وحمل (يسبحون) على من يعقل لوصفها بالجريان والسباحة والادراك والسبق.
(4/24)
قوله تعالى، و (أنا) يجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى هى أنا، وقيل هى مبتدأ، وآية لهم الخبر، وجاز ذلك لما كان لانا تعلق بما قبلها، والهاء والميم في (ذريتهم) لقوم نوح، وقيل لاهل مكة (فلا صريخ) الجمهور على الفتح ويكون مابعده مستأنفا، وقرئ بالرفع والتنوين ووجهه ماذكرنا في قوله " ولا خوف عليهم ".
[204]
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له أو مصدر، وقيل التقدير: إلا برحمة، وقيل هو استثناء منقطع (يخصمون) مثل قوله يهد، وقد ذكر في يونس.
قوله تعالى (ياويلنا) هو مثل قوله " ياحسرة " وقال الكوفيون: وى كلمة، ولنا جار ومجرور، والجمهور على (من بعثنا) أنه استفهام، وقرئ شاذا من بعثنا على أنه جار ومجرور يتعلق بويل، و (هذا) مبتدأ، و (ماوعد) الخبر و " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة أو مصدر، وقيل هذا نعت لمرقدنا فيوقف عليه، وما وعد مبتدأ والخبر محذوف: أى حق ونحوه، أو خبر والمبتدأ محذوف: أى هذا أو بعثنا.
قوله تعالى (في شغل) هو خبر إن، و (فاكهون) خبر ثان، أو هو الخبر وفى شغل يتعلق به، ويقرأ " فاكهين " على الحال من الضمير في الجار، والشغل بضمتين، وبضم بعده سكون، وبفتحتين، وبفتحة بعدها سكون لغات قد قرئ بهن.
قوله تعالى (في ظلال) يجوز أن يكون خبرهم (على الارائك) مستأنف، وأن يكون الخبر (متكئون) وفي ظلال حال، وعلى الارائك منصوب بمتكئون وظلال جمع ظل مثل ذيب وذياب، أو ظلة مثل قبة، وقباب، والظلل جمع ظلة لاغير (مايدعون) في " ما " ثلاثة أوجه: هى بمعنى الذى ونكرة، ومصدرية وموضعها مبتدأ والخبر لهم، وقيل الخبر (سلام) وقيل سلام صفة ثانية لما، وقيل سلام خبر مبتدأ محذوف: أى هو سلام، وقيل هو بدل من " ما " ويقرأ بالنصب على المصدر، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من الهاء المحذوفة: أى ذا سلامة أو مسلما، و (قولا) مصدر: أى يقول الله ذلك لهم قولا، أو يقولون قولا، و (من) صفة لقول.
(4/25)
قوله تعالى (جبلا) فيه قراء ات كثيرة، كلها لغات بمعنى واحد.
قوله تعالى. (إن هو) الضمير للمعلم: أى أن ماعلمه ذكر، ودل عليه " وما علمناه " (لتنذر) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة، أو على أنه للقرآن.
قوله تعالى (ركوبهم) بفتح الراء: أى مركوبهم كما قالوا حلوب بمعنى محلوب وقيل هو النسب: أى ذو ركوب، وقرئ " ركوبتهم " بالتاء مثل حلوبتهم، ويقرأ بضم الراء: أى ذو ركوبهم، أو يكون المصدر بمعنى المفعول مثل الخلق.
[205]
و (رميم) بمعنى رامم أو مرموم، و (كن فيكون) قد ذكر في سورة النحل، والله أعلم.
سورة الصافات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الواو للقسم، وجواب القسم إن إلهكم، و (صفا) مصدرمؤكد وكذلك (زجرا) وقيل صفا مفعول به، لان الصف قد يقع على المصفوف، و (رب السموات) بدل من واحد، أو خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب.
قوله تعالى (بزينة الكواكب) يقرأ بالاضافة.
وفيه وجهان: أحدهما أن يكون من إضافة النوع إلى الجنس كقولك باب حديد فالزينة كواكب.
والثانى أن تكون الزينة مصدرا أضيف إلى الفاعل، وقيل إلى المفعول: أى زينا السماء بتزييننا الكواكب، ويقرأ بتنوين الاول ونصب الكواكب، وفيه وجهان: أحدهما إعمال المصدر منونا في المفعول.
والثانى بتقدير أعنى، ويقرأ بتنوين الاول، وجر الثانى على البدل.
وبرفع الثانى بالمصدر: أى بأن زينتها الكواكب أو بأن زينت الكواكب أو على تقدير هى الكواكب.
قوله تعالى (وحفظا) أى وحفظناها حفظا، و (من) يتعلق بالفعل المحذوف.
(4/26)
قوله تعالى (لايسمعون) جمع على معنى كل، وموضع الجملة جر على الصفة أو نصب على الحال أو مستأنف، ويقرأ بتخفيف السين وعداه بإلى حملا على معنى يصفون. وبتشديدها والمعنى واحد، و (دحورا) يجوز أو يكون مصدرا من معنى يقذفون، أو مصدرا في موضع الحال، أو مفعولا له، ويجوز أن يكون جمع داحر مثل قاعد وقعود، فيكون حالا (إلا من) استثناء من الجنس: أى لايستمعون الملائكة إلا مخالسة، ثم يتبعون بالشهب، وفي (خطف) كلام قد ذكر في أوائل البقرة، و (الخطفة) مصدر، والالف واللام فيه للجنس أو للمعهود منهم.
قوله تعالى (بل عجبت) بفتح التاء على الخطاب، وبضمها، قيل الخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل هو عن الله تعالى، والمعنى عجب عباده، وقيل المعنى أنه بلغ حدا يقول القائل في مثله عجبت.
[206]
قوله تعالى (وأزواجهم) الجمهور على النصب: أى واحشروا أزواجهم، أو هو بمعنى مع، وهو في المعنى أقوى، وقرئ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في ظلموا (لاتناصرون) في موضع الحال، وقيل التقدير: في أن لاتناصرون، و (يتساء لون) حال.
قوله تعالى (لذائقوا العذاب) الوجه الجر بالاضافة، وقرئ شاذا بالنصب وهو سهو من قارئه، لان اسم الفاعل تحذف منه النون، وينصب إذا كان فيه الالف واللام.
قوله تعالى (فواكه) هو بدل من رزق أو على تقدير هو، و (مكرمون) بالتخفيف والتشديد للتكثير، و (في جنات) يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون حالا وأن يكون خبرا ثانيا، وكذلك (على سرر) ويجوز أن تتعلق على ب (متقابلين) ويكون متقابلين حالا من مكرمون أو من الضمير في الجار و (يطاف عليهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون كالذى قبله وأن يكون صفة لمكرمون، و (من معين) نعت لكأس وكذلك (بيضاء) و (عنها) يتعلق ب (ينزفون).
(4/27)
قوله تعالى (مطلعون) يقرأ بالتشديد على مفتعلون، ويقرأ بالتخفيف: أى مطلعون أصحابكم، ويقرأ بكسر النون وهو بعيد جدا، لان النون إن كانت للوقاية فلا تلحق الاسماء، وإن كانت نون الجمع فلا تثبت في الاضافة.
قوله تعالى (إلا موتتنا) هو مصدر من اسم الفاعل، وقيل هو استثناء و (نزلا) تمييز، و (شوبا) يجوز أن يكون بمعنى مشوب، وأن يكون مصدرا على بابه.
قوله تعالى (كيف كان عاقبة) قد ذكر في النمل (فلنعم الميجيبون) المخصوص بالمدح محذوف: أى نحن، و (هم) فصل و (سلام على نوح) مبتدأ وخبر في موضع نصب بتركنا، وقيل هو تفسير مفعول محذوف: أى تركنا عليه ثناء هو سلام، وقيل معنى تركنا قلنا، وقيل القول مقدر، وقرئ شاذا بالنصب وهو وهو مفعول تركنا، وهكذا مافي هذه السورة من الآى، و (كذلك) نعت لمصدر محذوف: أى جزاء كذلك.
قوله تعالى (إذ جاء) أى اذكر إذ جاء، ويجوز أن يكون ظرفا لعامل فيه من شيعته، و (إذ قال) بدل من إذا الاولى، ويجوز أن يكون ظرفا لسليم أو لجاء.
قوله تعالى (ماذا تعبدون) هو مثل " ماذا تنفقون " وقد ذكر في البقرة (أئفكا) هو منصوب ب (تريدون) وآلهة بدل منه، والتقدير: وعبادة آلهة لان الافك مصدر فيقدر البدل منه كذلك والمعنى عليه، وقيل إفكا مفعول له، وآلهة مفعول تريدون
[207]
و (ضربا) مصدر من فراغ لان معناه ضرب، ويجوز أن يكون في موضع الحال، و (يزفون) بالتشديد والكسر مع فتح الياء ويقرأ بضمها وهما لغتان، ويقرأ بفتح الياء وكسر الزاى والتخفيف وماضيه وزف مثل وعد، ومعنى المشدد والمخفف والاسراع.
قوله تعالى (وماتعملون) هى مصدرية، وقيل بمعنى الذى، وقيل نكرة موصوفة، وقيل استفهامية على التحقير لعملهم، ومامنصوبة بتعملون، و (بنيانا) مفعول به.
(4/28)
قوله تعالى (ماذا ترى) يجوز أن يكون ماذا اسما واحدا ينصب بترى: أى أى شئ ترى، وترى من الرأى لا من رؤية العين ولا المتعدية إلى مفعولين، بل كقولك هو يرى رأى الخوارج، فهو متعد إلى واحد، وقرئ ترى بضم التاء وكسر الراء، وهو من الرأى أيضا إلا أنه نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين فماذا أحدهما والثانى محذوف أى ترينى، ويجوز أن تكون ما استفهاما وذا بمعنى الذى، فيكون مبتدأ وخبر: أى أى شئ الذى تراه أو الذى ترينيه.
قوله تعالى (فلما) جوابها محذوف تقديره نادته الملائكة أو ظهر فضلها. وقال الكوفيون الواو زائدة أى تله أو ناديناه، و (نبيا) حال من إسحق.
قوله تعالى (إذ قال) هو ظرف لمرسلين، وقيل بإضمار أعنى.
قوله تعالى (الله ربكم ورب) يقرأ الثلاثة بالنصب بدلا من أحسن أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (الياسين) يقرأ آل بالمد: أى أهله، وقرئ بالقصر وسكون اللام وكسر الهمزة، والتقدير: الياسين واحدهم الياسى ثم خفف الجمع كما قالوا الاشعرون، ويقرأ شاذا إدراسين منسوبون إلى إدريس.
قوله تعالى (وبالليل) الوقف عليه تام.
قوله تعالى (في بطنه) حال أو ظرف (إلى يوم يبعثون) متعلق بلبث أو نعت لمصدر محذوف: أى لبثا إلى يوم.
قوله تعالى (أو يزيدون) أى يقول الرائى لهم هم مائة ألف أو يزيدون، وقيل بعضهم يقول: مائة ألف، وبعضهم يقول أكثر، وقد ذكرنا في قوله " أو كصيب " وفى مواضع وجوها أخر.
[208]
قوله تعالى (أصطفى) بفتح الهمزة، وهى للاستفهام، وحذفت همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام، ويقرأ بالمد وهو بعيد جدا، وقرئ بكسر الهمزة على لفظ الخبر، والاستفهام مراد كما قال عمر بن أبى ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهرا * عدد الرمل والحصى والتراب أى أتحبها، وهو شاذ في الاستعمال والقياس، فلا ينبغى أن يقرأ به (مالكم كيف) استفهام بعد استفهام (إلا عباد الله) يجوز أن يكون مستثنى من جعلوا، ومن محضرون، وأن يكون منفصلا.
(4/29)
قوله تعالى (وماتعبدون) الواو عاطفة، ويضعف أن يكون بمعنى مع، إذ لافعل هنا، و (ماأنتم) نفى، و (من) في موضع نصب بفاتنين، وهى بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، و (صال) يقرأ شاذا بضم اللام، فيجوز أن يكون جمعا على معنى " من " وأن يكون قلب فصار صايلا ثم حذفت الياء فبقى صال، ويجوز أن يكون غير مقلوب على فعل كما قالوا يوم راح، وكبش صاف: أى روح وصوف (ومامنا إلا له) أى أحد إلا وقيل إلا من له، وقد ذكر في النساء.
سورة ص
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان الدال، وقد ذكر وجهه، وقرئ بكسرها.
وفيه وجهان: أحدهما هى كسرها التقاء الساكنين، والثانى هى أمر من صادى، وصادى الشئ قابله وعارضه: أى عارض بعملك القرآن، ويقرأ بالفتح: أى اتل صاد، وقيل حرك لالتقاء الساكنين (والقرآن) قسم، وقيل معطوف على القسم وهو صاد، وأما جواب القسم فمحذوف: أى لقد جاء كم الحق ونحو ذلك، وقيل هو معنى (بل الذين كفروا) أى وحق القرآن لقد خالف الكفار وتكبروا عن الايمان، وقيل الجواب (كم أهلكنا) واللام محذوفة: أى لكم أهلكنا، وهو بعيد لان كم في موضع نصب بأهلكنا، وقيل هو معنى هذه الجملة: أى لقد أهلكنا كثيرا من القرون، أو قيل هو قوله تعالى " إن كل إلا كذب الرسل " وقيل هو قوله تعالى " إن ذلك لحق " وبينهما كلام طويل يمنع من كونه جوابا.
[209]
قوله تعالى (ولات حين مناص) الاصل " لا " زيدت عليها التاء، كما زيدت على رب وثم فقيل ربت وثمت، وأكثر العرب يحرك هذه التاء بالفتح، فأما في الوقف فبعضهم يقف بالتاء لان الحروف ليست موضع تغيير، وبعضهم يقف بالهاء كما يقف على قائمة، فأما حين فمذهب سيبويه أنه خبر لات، واسمها محذوف لانها عملت عمل ليس: أى ليس الحين حين هرب، ولايقال هو مضمر لان الحروف لايضمر فيها.
(4/30)
وقال الاخفش: هى العاملة في باب النفى، فحين اسمها، وخبرها محذوف: أى لاحين مناظر لهم أو حينهم، ومنهم من يرفع مابعدها، ويقدر الخبر المنصوب كما قال بعضهم: * فأنا ابن قيس لابراح * وقال أبوعبيدة التاء موصولة بحين لابلا، وحكى أنهم يقولون تحين وثلاث، وأجاز قوم جرما بعد لات، وأنشدوا عليه أبياتا، وقد استوفيت ذلك في علل الاعراب الكبير.
قوله تعالى (أن امشوا) أى امشوا، لان المعنى انطلقوا في القول، وقيل هو الانطلاق حقيقة، والتقدير: وانطلقوا قائلين امشوا.
قوله تعالى (فليرتقوا) هذا كلام محمول على المعنى: أى إن زعموا ذلك فليرتقوا.
قوله تعالى (جند) مبتدأ، و (ما) زائدة، و (هنالك) نعت، و (مهزوم) الخبر، ويجوز أن يكون هنالك ظرفا لمهزوم، و (من الاحزاب) يجوز أن يكون نعتا لجند: وأن يتعلق بمهزوم، وأن يكون نعتا لمهزوم.
قوله تعالى (أولئك الاحزاب) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا والمبتدأ من قوله وعاد، وأن يكون من ثمود، وأن يكون من قوله تعالى " وقوم لوط " والفواق بالضم والفتح لغتان قد قرئ بها، و (داود) بدل، و (سخرنا) قد ذكر في الانبياء.
قوله تعالى (الخصم) هو مصدر في الاصل وصف به، فلذلك لايثنى ولايجمع و (إذ) الاولى ظرف لنبأ، والثانية بدل منها أو ظرف ل (تسوروا) وجمع الضمير وهو في الحقيقة لاثنين، وتجوز لان الاثنين جمع، ويدل على ذلك قوله تعالى (خصمان) والتقدير: نحن خصمان.
قوله تعالى (وعزتى) بالتشديد: أى غلبنى، وقرئ شاذا بالتخفيف، والمعنى واحد، وقيل هو من وعز بكذا إذا أمر به، وهذا بعيد لان قبله فعلا يكون هذا معطوفا عليه، كذا ذكر بعضهم، ويجوز أن يكون حذف القول: أى فقال أكفلنيها،
[210]
وقال: وعزنى في الخطاب. أى الخطابة، و (سؤال نعجتك) مصدر مضاف إلى المفعول به.
قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) استثناء من الجنس، والمستثنى منه بعضهم، وما زائدة وهم مبتدأ وقليل خبره، وقيل التقدير: وهم قليل منهم.
(4/31)
قوله تعالى (فتناه) بتشديد النون على إضافة الفعل إلى الله عزوجل، وبالتخفيف على إضافته إلى الملكين (راكعا) حال مقدرة، و (ذلك) مفعول " غفرنا " وقيل خبر مبتدإ: أى الامر ذلك (فيضلك) منصوب على الجواب، وقيل مجزوم عطفا على النهى، وفتحت اللام لالتقاء الساكنين، و (باطلا) قد ذكر في آل عمران وأم في الموضعين منقطعة، و (كتاب) أى هذا كتاب، و (مبارك) صفة أخرى (نعم العبد) أى سليمان، وقيل داود فحذف المخصوص بالمدح، وكذا في قصة أيوب.
قوله تعالى (إذ عرض) يجوز أن يكون ظرفا لاواب، وأن يكون العامل فيه نعم، وأنه يكون التقدير: اذكر، و (الجياد) جمع جواد، وقيل جيد.
قوله تعالى (حب الخير) هو مفعول أحببت، لان معنى أحببت آثرت، لان مصدر أحببت الاحباب، ويجوز أن يكون مصدرا محذوف الزيادة.
وقال أبوعلى. أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه، وحب الخير مفعول له مضاف إلى المفعول و (ذكر ربى) مضاف إلى المفعول أيضا، وقيل إلى الفاعل: أى عن أن يذكرنى ربى، وفاعل (توارت) الشمس، ولم يجر لها ذكر، ولكن دلت الحال عليها، وقيل دل عليها ذكر الاشراق في قصة داود عليه السلام، و (ردوها) الضمير للجياد، و (مسحا) مصدر في موضع الحال، وقيل التقدير: يمسح مسحا.
قوله تعالى (جسدا) هو مفعول ألقينا، وقيل هو حال من مفعول محذوف: أى ألقيناه، قيل سليمان، وقيل ولده على ما جاء في التفسير، و (تجرى) حال من الريح، و (رخاء) حال من الضمير في تجرى؟؟: أى لينة، و (حيث) ظرف لتجرى وقيل لسخرنا، و (الشياطين) عطف على الريح، و (كل) بدل منهم.
قوله تعالى (بغير حساب) قيل هو حال من الضمير في امنن أو في أمسك، والمعنى غير محاسب، وقيل هو متعلق بعطاؤنا، وقيل هو حال منه: أى هذا عطاؤنا واسعا، لان الحساب بمعنى الكافى.
قوله تعالى (وإن له عندنا لزلفى) اسم إن والخبر له، والعامل في عند الخبر.
[211]
قوله تعالى (بنصب) فيه قراء ات متقاربة المعنى، و (رحمة) مفعول له.
(4/32)
قوله تعالى (عبادنا) يقرأ على الجمع، والاسماء التى بعده بدل منه، وعلى الافراد فيكون (إبراهيم) بدلا منه، وما بعده معطوف على عبدنا، ويجوز أن يكون جنسا في معنى الجمع، فيكون كالقراء ة الاولى.
قوله تعالى (بخالصة) يقرأ بالاضافة، وهى هاهنا من باب إضافة الشئ إلى ما يبينه لان الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى، وذكرى مصدر، وخالصة مصدر أيضا بمعنى الاخلاص كالعافية، وقيل خالصة مصدر مضاف إلى المفعول: أى بإخلاصهم ذكرى الدار: وقيل خالصة بمعنى خلوص، فيكون مضافا إلى الفاعل: أى بأن خلصت لهم ذكرى الدار، وقيل خالصة اسم فاعل تقديره: بخالص ذكرى الدار: أى خالص من أن يشاب بغيره، وقرئ بتنوين خالصة فيجوز أن يكون ذكرى بدلا منها، وأن يكون في موضع نصب مفعول خالصة، أو على إضمار أعنى، وأن يكون في موضع رفع فاعل خالصة، أو على تقديره هى ذكرى، وأما إضافة ذكرى إلى الدار فمن إضافة المصدر إلى المفعول: أى بذكرهم الدار الآخرة، وقيل هى في المعنى ظرف: أى ذكرهم في الدار الدنيا، فهو إما مفعول به على السعة مثل ياسارق الليلة، أو على حذف حرف الجر مثل ذهبت الشام.
قوله تعالى (جنات عدن) هى بدل من حسن مآب، و (مفتحة) حال من جنات في قول من جعلها معرفة لاضافتها إلى عدن، وهو علم كما قالوا جنة الخلد وجنة المأوى.
وقال آخرون: هى نكرة، والمعنى جنات إقامة فتكون مفتحة وصفا وأما ارتفاع (الابواب) ففيه ثلاثة أوجه: أحدها هو فاعل مفتحة، والعائد محذوف أى مفتحة لهم الابواب منها، فحذف كما حذف في قوله " فإن الجحيم هى المأوى " أى لهم.
والثانى هى بدل من الضمير في مفتحة، وهو ضمير الجنات، والابواب غير أجنبى منها لانها من الجنة، تقول: فتحت الجنة وأنت تريد أبوابها، ومنه " وفتحت السماء فكانت أبوابا " والثالث كالاول، إلا أن الالف واللام عوضا من الهاء العائدة وهو قول الكوفيون وفيه بعد.
(4/33)
قوله تعالى (متكئين) هو حال من المجرور في لهم، والعامل مفتحة، ويجوز أن يكون حالا من المتقين لانه قد أخبر عنهم قبل الحال، وقيل هو حال من الضمير في يدعون، وقد تقدم على العامل فيه.
[212]
قوله تعالى (مايوعدون) بالياء على الغيبة، والضمير للمتقين وبالتاء، والتقدير وقيل لهم هذا ما توعدون، والمعنى هذا ما وعدتم.
قوله تعالى (ماله من نفاد) الجملة حال من الرزق، والعامل الاشارة، أى إن هذا لرزقنا باقيا.
قوله تعالى (هذا) أى الامر هذا. ثم استأنف فقال (وإن للطاغين) و (جهنم) بدل من شر، و (يصلونها) حال العامل فيه الاستقرار في قوله تعالى " للطاغين " وقيل التقدير: يصلون جهنم، فحذف الفعل لدلالة مابعده عليه.
قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (فليذوقوه) مثل قولك زيدا ضربه.
وقال قوم: هذا ضعيف من أجل الفاء، وليست في معنى الجواب كالتى في قوله " والسارقة فاقطعوا " فأما (حميم) على هذا الوجه فيجوز أن يكون بدلا من هذا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هو حميم، وأن يكون خبرا ثانيا.
والوجه الثانى أن يكون حميم خبر هذا، وفليذوقوه معترض بينهما، وقيل هذا في موضع نصب، أى فليذوقوه هذا، ثم استأنف فقال حميم: أى هو حميم، وأما (غساق) فيقرأ بالتشديد مثل كفار وصبار، وبالتخفيف اسم للمصدر: أى ذو غسق أو يكون فعال بمعنى فاعل.
قوله تعالى (وآخر) يقرأ على الجمع. وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (من شكله) نعت له: أى من شكل الحميم، و (أزواج) خبره. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى ولهم أخر. ومن شكله وأزواج صفتان، ويجوز أن يكون من شكله صفة، وأزواج يرتفع بالجار، وذكر الضمير لان المعنى من شكل ما ذكرنا. ويقرأ على الافراد وهو معطوف على حميم، ومن شكله نعت له، وأزواج يرتفع بالجار ويجوز أن يرتفع على تقدير هى: أى الحميم والنوع الآخر.
(4/34)
قوله تعالى (مقتحم) أى النار، و (معكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في مقتحم، أو من فوج لانه قد وصف، ولايجوز أن يكون ظرفا لفساد المعنى، ويجوز أن يكون نعتا ثانيا، و (لامرحبا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا: أى هذا فوج مقولا له لا مرحبا، ومرحبا منصوب على المصدر، أو على المفعول به أى لا يسمعون مرحبا.
قوله تعالى (من قدم) هى بمعنى الذى، و (فزده) الخبر، ويجوز أن يكون من نصبا: أى فرد من قدم، وقيل هى استفهام بمعنى التعظيم، فيكون مبتدأ، وقدم
[213]
الخبر، ثم استأنف وفيه ضعف: و (ضعفا) نعت لعذاب: أى مضاعفا، و (في النار) ظرف لزد، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم: أى زده كائنا في النار، وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب، أو حالا لانه قد وصف.
قوله تعالى (أتخذناهم) يقرأ بقطع الهمزة لانها للاستفهام، وبالوصف على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه، وقيل الاول خبر، وهو وصف في المعنى لرجال، وأم استفهام: أى أهم مفقودون أم زاغت، و (سخريا) قد ذكر في المؤمنون.
قوله تعالى (تخاصم أهل النار) هو بدل من حق، أو خبر مبتدإ محذوف: أى هو تخاصم، ولو قيل هومرفوع لحق لكان بعيدا لانه يصير جملة ولا ضمير فيها يعود على اسم " إن ".
قوله تعالى (رب السموات) يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، وأن يكون صفة، وأن يكون بدلا، وأن يكون مبتدأ والخبر (العزيز).
قوله تعالى (إذ يختصمون) هو ظرف لعلم، و (أنما) مرفوع بيوحى إلى، وقيل قائم مقام الفاعل، وإنما في موضع نصب: أى أوحى إلى الانذار، أو يأتى نذير.
قوله تعالى (إذ قال) أى اذكر إذ قال (من طين) يجوز أن يكون نعتا لبشر، وأن يتعلق بخالق.
قوله تعالى (فالحق) في نصبه وجهان: أحدهما مفعول لفعل محذوف: أى فأحق الحق، أو فاذكر الحق.
(4/35)
والثانى على تقدير حذف القسم: أى فبالحق لاملان (والحق أقول) معترض بينهما، وسيبويه يدفع ذلك لانه لايجوز حذفه إلا مع اسم الله عزوجل، ويقرأ بالرفع: أى فأنا الحق أو فالحق منى، وأما الحق الثانى فنصبه بأقول، فيقرأ بالرفع على تقدير تكرير المرفوع قبله، أو على إضمار مبتدإ: أى قولى الحق، ويكون أقول على هذا مستأنفا موصولا بما بعده: أى أقول لاملان، وقيل يكون أقول خبرا عنه والهاء محذوفة: أى أقوله وفيه بعد.
قوله تعالى (ولتعلمن) أى لتعرفن، وله مفعول واحد، وهو (نبأه) ويجوز أن يكون متعديا إلى اثنين والثانى (بعد حين).
سورة الزمر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تنزيل الكتاب) هو مبتدأ، و (من الله) الخبر، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هذا تنزيل، و (من) متعلقة بالمصدر، أو حال من الكتاب، و (الدين) منصوب بمخلص، ومخلصا حال، وأجاز الفراء له الدين بالرفع على أنه مستأنف (والذين اتخذوا) مبتدأ، والخبر محذوف: أى يقولون مانعبدهم، و (زلفى) مصدر أو حال مؤكدة (يكور) حال أو مستأنف، و (يخلقكم) مستأنف، و (خلقا) مصدر منه، و (في) يتعلق به أو بخلق الثانى لان الاول مؤكد فلا يعمل، و (ربكم) نعت أو بدل، وأما الخبر فالله، و (له الملك) خبر ثان أو مستأنف، ويجوز أن يكون الله بدلا من ذلك، والخبر له الملك، و (لاإله إلا هو) مستأنف أو خبر آخر، و (يرضه لكم) بضم الهاء واختلاسها وإسكانها، وقد ذكر مثله في " يؤده إليك " و (منيبا) حال، و (منه) يتعلق بخول أو صفة لنعمة.
(4/36)
قوله تعالى (أمن هو قانت) يقرأ بالتشديد، والاصل أم من، فأم للاستفهام منقطعة: أى بل أم من هو قانت، وقيل هى متصلة تقديره: أم من يعصى، أم من هو مطيع مستويان، وحذف الخبر لدلالة قوله تعالى " هل يستوى الذين " ويقرأ بالتخفيف، وفيه الاستفهام، والمعادل، والخبر محذوفان، وقيل هى همزة النداء، و (ساجدا وقائما) حالان من الضمير في قانت، أو من الضمير في (يحذر) و (بغير حساب) حال من الاجر: أى موفرا، أو من الصابرين: أى غير محاسبين (قل الله) هو منصوب ب (أعبد).
قوله تعالى (ظلل) هو مبتدأ، و(لهم) الخبر.............( فيه) الجار، وأن يكون حالا من ظلل، والتقدير............. (النار) نعت لظلل، و (الطاغوت) مؤنث.............. قوله تعالى (أفمن) مبتدأ، والخبر محذوف........... دل على العامل فيه قوله " لهم غرف " لانه كقول.................... قوله تعالى (ثم يجعله) الجمهور على الر..........
[215]
أن يضمر معه " إن " والمعطوف عليه أن الله أنزل في أول الآية، تقديره: ألم تر إنزال الله، أو إلى إنزال ثم جعله، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير ترى: أى ثم ترى جعله حطاما.
قوله تعالى (أفمن شرح الله)، و (أفمن يتقى بوجهه) الحكم فيهما كالحكم في قوله تعالى " أفمن حق عليه " وقد ذكر.
قوله تعالى (كتابا) هو بدل من أحسن، و (تقشعر) نعت ثالث.
قوله تعالى (قرآنا) هو حال من القرآن موطئة، والحال في المعنى.
قوله تعالى (عربيا) وقيل انتصب بيتذكرون.
قوله تعالى (مثلا رجلا) رجلا بدل من مثل، وقد ذكر في قوله " مثلا قرية " في النحل، و (فيه شركاء) الجملة صفة لرجل، وفي يتعلق ب (متشاكسون) وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدإ عليه، ومثلا تمييز.
قوله تعالى (والذى بالصدق) المعنى على الجمع، وقد ذكر مثله في قوله " مثلهم كمثل الذى ".
قوله تعالى (كاشفات ضره) يقرأ بالتنوين وبالاضافة وهو ظاهر.
قوله تعالى (قل اللهم فاطر السموات) مثل " قل اللهم مالك الملك ".
(4/37)
قوله تعالى (بل هى) هى ضمير البلوى أو الحال.
قوله تعالى (أن تقول) هو مفعول له: أى أنذرناكم مخافة أن تقول: ياحسرتا الالف مبدلة من ياء المتكلم، وقرئ " حسرتاى " وهو بعيد، وقد وجهت على أن الباء زيدت بعد الالف المنقلبة.
وقال آخرون: بل الالف زائدة، وهذا أبعد لما فيه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وفتحت الكاف في (جاء تك) حملا على المخاطب وهو إنسان، ومن كسر حمله على تأنيث النفس.
قوله تعالى (وجوههم مسودة) الجملة حال من الذين كفروا، لان ترى من رؤية العين، وقيل هى بمعنى العلم، فتكون الجملة مفعولا ثانيا، ولو قرئ وجوههم مسودة بالنصب لكان على بدل الاشتمال، و (مفازتهم) على الافراد لانه مصدر، وعلى الجمع لاختلاف المصدر كالحلوم والاشغال، وقيل المفازة هنا الطريق، والمعنى في مفازتهم (لايمسهم السوء) حال.
[216]
قوله تعالى (أفغير الله) في إعرابها أوجه: أحدها أن غير منصوب ب (أعبد) مقدما عليه، وقد ضعف هذا الوجه من حيث كان التقدير أن اعبد، فعند ذلك يفضى إلى تقديم الصلة على الموصول وليس بشئ لان أن ليست في اللفظ، فلا يبقى عملها فلو قدرنا بقاء حكمها لافضى إلى حذف الموصول وبقاء صلته، وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.
والوجه الثانى أن يكون منصوبا بتأمرونى وأعبد بدل منه، والتقدير قل أفتأمرونى بعبادة غير الله عزوجل، وهذا من بدل الاشتمال ومن باب أمرتك الخير.
والثالث أن غير منصوب بفعل محذوف: أى أفتلزمونى غير الله، وفسره مابعده، وقيل لاموضع لاعبد من الاعراب، وقيل هو حال، والعمل على الوجهين الاوثين؟؟؟، وأما النون فمشددة على الاصل، وقد خففت بحذف الثانية وقد ذكر نظائره.
(4/38)
قوله (والارض) مبتدأ، و (قبضته) الخبر، وجميعا حال من الارض والتقدير: إذا كانت مجتمعة قبضته: أى مقبوضة، فالعامل في إذا المصدر، لانه بمعنى المفعول، وقد ذكر أبوعلى في الحجة التقدير: ذات قبضته، وقد رد عليه ذلك بأن المضاف إليه لايعمل فيما قبله، وهذا لايصح لانه الآن غير مضاف إليه، وبعد حذف المضاف لايبقى حكمه، ويقرأ قبضته بالنصب على معنى في قبضته، وهو ضعيف لان هذا الظرف محدود، فهو كقولك زيد الدار (والسموات مطويات) مبتدأ والخبر، و (بيمينه) متعلق بالخبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون خبرا ثانيا، وقرئ " مطويات " بالكسر على الحال، وبيمينه الخبر، وقيل الخبر محذوف: أى والسموات قبضته، و (زمرا) الموضعين حال (وفتحت) الواو زائدة عند قوم، لان الكلام جواب حتى وليست زائدة عند المحققين، والجواب محذوف تقديره: اطمأنوا ونحو ذلك، و (نتبوأ) حال من الفاعل أو المفعول، و (حيث) هنا مفعول به كما ذكرنا في قوله تعالى " وكلا منها رغدا حيث شئتما " في أحد الوجوه، و (حافين) حال من الملائكة، و (يسبحون) حال من الضمير في حافين، والله أعلم.
سورة المؤمن
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (حم تنزيل الكتاب) هو مثل " الم تنزيل ".
قوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) كلتاهما صفة لما قبله، والاضافة محضة، وأما (شديد العقاب) فنكرة، لان التقدير: شديد عقابه، فيكون بدلا، ولايجوز أن يكون شديد بمعنى مشدد كما جاء أذين بمعنى مؤذن، فتكون الاضافة محضة فيتعرف فيكون وصفا أيضا، وأما (ذى الطول) فصفة أيضا (لاإله إلا هو) يجوز أن يكون صفة، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (أنهم) هو مثل الذى في يونس.
قوله تعالى (الذين يحملون) مبتدأ، و (يسبحون) خبره (ربنا) أى يقولون، وهذا المحذوف حال، و (رحمة وعلما) تمييز، والاصل وسع كل شئ علمك.
(4/39)
قوله تعالى (ومن صلح) في موضع نصب عطفا على الضمير في أدخلهم: أى وأدخل من صلح، وقيل هو عطف على الضمير في وعدتهم.
قوله تعالى (من مقتكم) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (أنفسكم) منصوب به، و (إذ) ظرف لفعل محذوف تقديره: مقتكم إذ تدعون، ولايجوز أن يعمل فيه مقت الله لانه مصدر قد أخبر عنه، وهو قوله: أكبر من ولا مقتكم لانهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الايمان، وإنما مقتوها في النار، وعند ذلك لايدعون إلى الايمان.
قوله تعالى (وحده) هو مصدر في موضع الحال من الله: أى دعى مفردا وقال يونس: ينتصب على الظرف تقديره: دعى على حياله وحده، وهو مصدر محذوف الزيادة، والفعل منه أوحدته إيحادا.
قوله تعالى (رفيع الدرجات) يجوز أن يكون التقدير: هو رفيع الدرجات، فيكون (ذو) صفة، و (يلقى) مستأنفا، وأن يكون مبتدأ، والخبر ذو العرش أو يلقى، و (من أمره) يجوز أن يكون حالا من الروح، وأن يكون متعلقا بيلقى
[218]
قوله تعالى (يوم هم) يوم بدل من يوم التلاق، ويجوز أن يكون التقدير. اذكر يوم، وأن يكون ظرفا للتلاق، وهم مبتدأ، و (بارزون) خبره والجملة في موضع جر بإضافة يوم إليها، و (لايخفى) يجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون حالا من الضمير في بارزون، وأن يكون مستأنفا، (اليوم) ظرف، والعامل فيه لمن، أو مايتعلق به الجار، وقيل هو ظرف للملك (لله) أى هو لله، وقيل الوقف على الملك، ثم استأنف فقال: هو اليوم لله الواحد: أى استقر اليوم لله، و (اليوم) الآخر ظرف ل (تجزى) و (اليوم) الاخير خبر " لا " أى ظلم كائن اليوم، و (إذ) بدل من يوم الآزفة، و (كاظمين) حال من القلوب، لان المراد أصحابها، وقيل هى حال من الضمير في لدى، وقيل هى حال من الضمير في أنذرهم (ولاشفيع يطاع) يطاع في موضع جر صفة لشفيع على اللفظ، أو في موضع رفع على الموضع.
قوله تعالى (وأن يظهر) هو في موضع نصب: أى أخاف الامرين، ويقرأ " أو أن يظهر " أى أخاف أحدهما وأيهما وقع كان مخوفا.
(4/40)
قوله تعالى (من آل فرعون) هو في موضع رفع نعتا لمؤمن، وقيل يتعلق ب (يكتم) أى يكتمه من آل فرعون (أن يقول) أى لان يقول (وقد جاء كم) الجملة حال، و (ظاهرين) حال من ضمير الجمع في لكم، و (أريكم) متعد إلى مفعولين، الثانى (ماأرى) وهو من الرأى الذى بمعنى الاعتقاد.
قوله تعالى (سبيل الرشاد) الجمهور على التخفيف وهو اسم للمصدر، إما الرشد أو الارشاد، وقرئ بتشديد الشين، وهو الذى يكثر منه الارشاد أو الرشد.
قوله تعالى (يوم التناد) الجمهور على التخفيف، وقرأ ابن عباس رضى الله عنه بتشديد الدال، وهو مصدر تناد القوم إذا تفرقوا: أى يوم اختلاف مذاهب الناس، و (يوم تولون) بدل من اليوم الذى قبله، و (مالكم من الله) في موضع الحال.
قوله تعالى (الذين يجادلون) فيه أوجه: أحدها أن يكون خبر مبتدإ محذوف أى هم الذين، وهم يرجع على قوله " من هو مسرف " لانه في معنى الجمع.
والثانى أن يكون مبتدأ والخبر يطبع الله، والعائد محذوف: أى على كل قلب متكبر منهم، و (كذلك) خبر مبتدإ محذوف أى الامر كذلك، ومابينهما معترض مسدد.
[219]
والثالث أن يكون الخبر " كبر مقتا " أى كبر قولهم مقتا.
والرابع أن يكون الخبر محذوفا أى معاندون ونحو ذلك.
والخامس أن يكون منصوبا بإضمار أعنى.
قوله تعالى (على كل قلب) يقرأ بالتنوين، و (متكبر) صفة له، والمراد صاحب القلب ويقرأ بالاضافة وإضافة كل إلى القلب يراد بها عموم القلب لاستيعاب كل قلب بالطبع، وهو في المعنى كقراء ة من قرأ على قلب كل متكبر.
قوله تعالى (أسباب السموات) هو بدل مما قبله (فأطلع) بالرفع عطفا على أبلغ، وبالنصب على جواب الامر: أى إن تبن لى أطلع، وقال قوم: هو جواب لعلى إذ كان في معنى التمنى.
قوله تعالى (تدعوننى) الجملة ومايتصل بها بدل، أو تبيين لتدعوننى الاول.
قوله تعالى (وأفوض أمرى إلى الله) الجملة حال من الضمير في أقول.
(4/41)
قوله تعالى (النار يعرضون عليها) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، ويعرضون خبره. والثانى أن يكون بدلا من سوء العذاب، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر يفسره يعرضون عليها تقديره: يصلون النار ونحو ذلك، ولا موضع ليعرضون على هذا، وعلى البدل موضعه حال إما من النار أو من آل فرعون (أدخلوا) يقرأ بوصل الهمزة: أى يقال لآل فرعون، فعلى هذا التقدير: ياآل فرعون، ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الخاء: أى يقول الله تعالى للملائكة.
قوله تعالى (وإذ يتحاجون) يجوز أن يكون معطوفا على عدوا، وأن يكون التقدير: واذكر، و (تبعا) مصدر في موضع اسم الفاعل، و (نصيبا) منصوب بفعل دل عليه مغنون تقديره: هل أنتم دافعون عنا أو مانعون، ويجوزأن يكون في موضع المصدر كما كان شئ كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى " لن تغنى عنهم أموالهم ولاأولادهم من الله شيئا " فشيئا في موضع عنا، فكذلك نصيبا.
قوله تعالى (يخفف عنا يوما) يجوز أن يكون ظرفا: أى يخفف عنا في يوم شيئا من العذاب، فالمفعول محذوف، وعلى قول الاخفش يجوز أن تكون " من " زائدة، ويجوز أن يكون مفعولا: أى عذاب يوم كقوله تعالى " واتقوا يوما " أى عذاب يوم.
قوله تعالى (لاينفع) هو بدل من يوم يقوم.
قوله تعالى (ولاالمسئ) " لا " زائدة.
[220]
قوله تعالى (إذ الاغلال) " إذ " ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال هنا لقوله تعالى " فسوف يعلمون " وقد ذكرت في قوله " ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب " (والسلاسل) بالرفع يجوز أن يكون معطوفا على الاغلال، والخبر في أعناقهم، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أى السلاسل في أعناقهم، وحذف لدلالة الاول عليه، و (يسحبون) على هذا حال من الضمير في الجار أو مستأنفا وأن يكون الخبر يسحبون، والعائد محذوف: أى يسحبون بها، وقرئ بالنصب، ويسحبون بفتح الياء، والمفعول هنا مقدم على الفعل.
(4/42)
قوله تعالى (منهم من قصصنا) يجوز أن يكون منهم رافعا لمن، لانه قد وصف به رسلا، وأن يكون مبتدأ وخبرا، والجملة نعت لرسل، وأن يكون مستأنفا (فأى) منصوب ب (تنكرون).
قوله تعالى (بما عندهم من العلم) من هنا بمعنى البدل: أى بدلا من العلم وتكون حالا من " ما " أو من الضمير في الظرف.
قوله تعالى (سنة الله) هو نصب على المصدر: أى سننا بهم سنة الله، والله أعلم.
سورة حم السجدة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تنزيل من الرحمن) هو مثل أول سجدة لقمان (كتاب) أى هو كتاب، ويجوز أن يكون مرفوعا بتنزيل: أى نزل كتاب، وأن يكون خبرا بعد خبر أو بدلا، و (قرآنا) حال موطئة من آياته، ويجوز أن يكون حالا من كتاب لانه قد وصف.
قوله تعالى (مما تدعونا) هو محمول على المعنى، لان معنى في أكنة محجوبة عن سماع ماتدعونا إليه، ولايجوز أن يكون نعتا لاكنة، لان الاكنة الاغشية، وليست الاغشية مما تدعونا إليه، و (ممنون) مفعول من مننت الحبل: أى قطعته.
[221]
قوله تعالى (وجعل فيها) هو مستأنف غير معطوف على خلق، لانه لو كان معطوفا عليه لكان داخلا في الصلة، ولايجوز ذلك لانه قد فصل بينهما بقوله تعالى. " وتجعلون " إلى آخر الآية، وليس من الصلة في شئ.
قوله تعالى (في أربعة أيام) أى في تمام أربعة أيام، ولولا هذا التقدير، لكانت الايام ثمانية، يومان في الاول وهو قوله " خلق الارض في يومين " ويومان في الآخرة، وهو قوله " فقضاهن سبع سموات في يومين " (سواء) بالنصب وهو مصدر: أى فاستوت استواء، ويكون في موضع الحال من الضمير في أقواتها أو فيها أو من الارض، ويقرأ بالجر على الصفة للايام، وبالرفع على تقدير: هى سواء.
(4/43)
قوله تعالى (ائتيا) أى تعاليا، و (طوعا) و (كرها) مصدران في موضع الحال، و (أتينا) بالقصر: أى جئنا، وبالمد: أى أعطينا من أنفسنا الطاعة، و (طائعين) حال وجمع، لانه قد وضعها بصفات من يعقل، أو التقدير: أتينا بمن فينا فلذلك جمع، وقيل جمع على حسب تعدد السموات والارض (وحفظا) أى وحفظناها حفظا، أو للحفظ (إذ جاء تهم) يجوزأن يكون ظرفا لانذرتكم كما تقول: لقيتك إذ كان كذا، ويجوز أن يكون صفة لصاعقة، أو حالا من صاعقة الثانية.
قوله تعالى (نحسات) يقرأ بكسر الحاء. وفيه وجهان: أحدهما هو اسم فاعل مثل نصب ونصبات، والثانى أن يكون مصدرا في الاصل مثل الكلمة ويقرأ بالسكون، وفيه وجهان: أحدهما هى بمعنى المكسورة وإنما سكن لعارض. والثانى أن يكون اسم فاعل في الاصل وسكن تخفيفا.
قوله تعالى (وأما ثمود) هو بالرفع على الابتداء، و (فهديناهم) الخبر وبالنصب على فعل محذوف تقديره: وأما ثمود فهدينا، فسره قوله تعالى فهديناهم.
قوله تعالى (ويوم نحشر) هو ظرف لما دل عليه مابعده وهو قوله تعالى (فهم يوزعون) كأنه قال يمنعون يوم نحشر.
قوله تعالى (أن يشهد) أى من أن يشهد، لان تستتر لايتعدى بنفسه.
قوله تعالى (وذلكم) هو مبتدأ، و (ظنكم) خبره، و (الذى) نعت للخبر، أو خبر بعد خبر، و (أرادكم) خبر آخر، ويجوز أن يكون الجميع صفة أو بدلا وأرداكم الخبر، ويجوز أن يكون أرداكم حالا، وقد معه مرادة.
[222]
قوله تعالى (يستعتبوا) يقرأ بفتح الياء وكسر التاء الثانية: أى أن يطلبوا زوال مايعتبون منه (فماهم من المعتبين) بفتح التاء: أى من المجابين إلى إزالة العتب، ويقرأ " يستعتبوا " بضم الياء وفتح التاء: أى يطلب منهم مالا يعتبون عليه، فماهم من المعتبين بكسر التاء: أى ممن يزيل العتب.
قوله تعالى (والغوا فيه) يقرأ بفتح الغين من لغا يلغا، وبضمها من لغا يلغو، والمعنى سواء.
(4/44)
قوله تعالى (النار) هو بدل من جزاء أو خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ ومابعده الخبر، وجزاء مصدر: أى جوزوا بذلك جزاء، ويجوز أن يكون منصوبا بجزاء أعداء الله، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (ألا تخافوا) يجوز أن يكون التقدير: بأن لاتخافوا أو قائلين لاتخافوا فعلى الاول هو حال: أى تتنزل بقولهم لاتخافوا، وعلى الثانى الحال محذوفة.
قوله تعالى (نزلا) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الهاء المحذوفة أو من ما: أى لكم الذى تدعونه معدا وماأشبهه، و (من) نعت له والثانى هو جمع نازل مثل صابر وصبر، فيكون حالا من الواو في تدعون أو من الكاف والميم في لكم، فعلى هذا يتعلق من بتدعون: أى يطلبونه من غفور، أو بالظرف: أى استقر ذلك من غفور، فيكون حالا من " ما ".
قوله تعالى (كأنه ولى) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الذى بصلته، والذى مبتدأ، وإذا للمفاجأة، وهى خبر المبتدإ: أى بالحضرة المعادى مشيها للولى، والفائدة تحصل من الحال. والثانى أن يكون خبر المبتدإ، وإذا ظرف لمعنى التشبيه، والظرف يتقدم على العامل المعنوى، والضمير في (يلقاها) للخصلة أو الكلمة.
قوله تعالى (خلقهن) الضمير للآيات، وهى الليل والنهار والشمس والقمر.
قوله تعالى (إن الذين كفروا) خبر " إن " محذوف: أى معاندون أو هالكون، وقيل هو أولئك ينادون.
قوله تعالى (أعجمى) على الاستفهام، ويقرأ بهمزة واحدة، وفتح العين على النسب إلى عجم، و (عمى) مصدر عمى مثل صدى صدى، ويقرأ بكسر الميم: أى مشكل فهو اسم فاعل، ويقرأ عمى على أنه فعل ماض، فعلى يتعلق باسم الفاعل أو الفعل وأما المصدر فلا يتعلق به لتقدمها عليه، ولكن يجوز أن يكون على التبيين أو حالا منه.
[223]
قوله تعالى (فلنفسه) هو خبر مبتدإ محذوف: أى فهو لنفسه.
(4/45)
قوله تعالى (وماتحمل) " ما " نافية، لانه عطف عليها ولاتضع، ثم نقض النفى بإلا، ولو كانت بمعنى الذى معطوفة على الساعة لم يستقم ذلك، فأما قوله تعالى " وماتخرج من ثمرة " فيجوز أن تكون بمعنى الذى، والاقوى أن تكون نافية.
قوله تعالى (آذناك) هذا الفعل يتعدى إلى مفعول بنفسه، وإلى آخر بحرف جر، وقد وقع النفى وما في خبره موقع الجار والمجرور.
وقال أبوحاتم: يوقف على آذناك، ثم يبتدأ فلا موضع للنفى.
وأما قوله تعالى (وظنوا) فمفعولاها قد أغنى عنهما (ومالهم من محيص) وقال أبوحاتم: يوقف على ظنوا، ثم أخبر عنهم بالنفى، و (دعاء الخير) مصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، و (ليقولن هذا لى) جواب الشرط، والفاء محذوفة، وقيل هو جواب قسم محذوف.
قوله تعالى (بربك) الباء زائدة، وهو فاعل يكف، والمفعول محذوف: أى ألم يكفك ربك: وقيل هذا (أنه) في موضع البدل من الفاعل إما على اللفظ أو على الموضع: أى ألم يكفك ربك شهادته، وقيل في موضع نصب مفعول يكفى أى ألم يكفك ربك شهادته.
سورة الشورى
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كذلك يوحى) يقرأ بياء مضمومة على ماسمى فاعله والفاعل (الله) ومابعده نعت له، والكاف في موضع نصب بيوحى، ويقرأ على ترك التسمية.
وفيه وجهان: أحدهما أن كذلك مبتدأ، ويوحى الخبر، والله فاعل لفعل محذوف كأنه قيل: من يوحى فقال الله، ومابعده نعت له، ويجوز أن يكون (العزيز) مبتدأ، و (الحكيم) نعت له أو خبر، و (له مافى السموات) خبر أو خبر ثان. والثانى أن يكون كذلك نعتا لمصدر محذوف، وإليك القائم مقام الفاعل: أى وحيا مثل ذلك.
قوله تعالى (فريق) هو خبر مبتدإ محذوف: أى بعضهم فريق في الجنة وبعضهم فريق في السعير، ويجوز أن يكون التقدير: منهم فريق.
[224]
قوله تعالى (والظالمون) هو مبتدأ ومابعده الخبر، ولم يحسن النصب لانه ليس في الجملة بعده فعل يفسر الناصب.
(4/46)
قوله تعالى (ذلكم) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الله) عطف بيان أو بدل، و (ربى) الخبر، وأن يكون الله الخبر، وربى خبر ثان أو بدل، أو يكون صفة الله تعالى، و (عليه توكلت) الخبر.
قوله تعالى (فاطر السموات) أى هو فاطر، ويجوز أن يكون خبرا آخرا، ويقرأ بالجر بدلا من الهاء في عليه، والهاء في (فيه) ضميرا لجعل، والفعل قد دل عليه. ويجوز أن يكون ضمير المخلوق الذى دل عليه يذرؤكم: والكاف في (كمثله) زائدة: أى ليس مثله شئ، فمثله خبر ليس، ولو لم تكن زائدة لافضى إلى الحال إذ كان يكون المعنى أن له مثلا، وليس لمثله مثل، وفي ذلك تناقض لانه إذا كان له مثل فلمثله مثل، وهو هو مع أن إثبات المثل لله سبحانه محال، وقيل مثل زائدة، والتقدير: ليس كهو شئ كمافى قوله تعالى " فإن آمنوا بمثل ماآمنتم به " وقد ذكر وهذا قول بعيد.
قوله تعالى (أن أقيموا) يجوز أن يكون بدلا من الهاء في به، أومن " ما " أو من الدين كل صالح، ويجوز أن تكون إن بمعنى أى، فلا يكون له موضع.
قوله تعالى (لعل الساعة قريب) يجوز أن يكون ذكر على معنى الزمان، أو على معنى البعث أو على النسب: أى ذات قرب (وهو واقع) أى جزاء كسبهم، وقيل هو ضمير الاشفاق.
قوله تعالى (يبشر الله) العائد على الذى محذوف: أى يبشر به (إلا المودة) استثناء منقطع، وقيل هو متصل، أى لاأسألكم شيئا إلا المودة في القربى فإنى أسألكموها.
قوله تعالى (يختم) هو جواب الشرط (ويمح) مرفوع مستأنف، وليس من الجواب لانه يمحو الباطل من غير شرط، وسقطت الواو من اللفظ لالتقاء الساكنين، ومن المصحف حملا على اللفظ.
قوله تعالى (ويستجيب) هو بمعنى يجيب، و (الذين آمنوا) مفعول به، وقيل يستجيب دعاء الذين آمنوا، وقيل الذين في موضع رفع: أى ينقادون له.
قوله تعالى (إذا يشاء) العامل في إذا جمعهم لاقدير، لان ذلك يؤدى إلى أن يصير المعنى وهوعلى جمعهم قدير إذا يشاء، فتعلق القدرة بالمشيئة وهو محال وعلى يتعلق بقدير.
[225]
(4/47)
قوله تعالى (وماأصابكم) " ما " شرطية في موضع رفع بالابتداء (فيما كسبت) جوابه. والمراد بالفعلين الاستقبال، ومن حذف الفاء من القراء حمله على قوله، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " وعلى ماجاء من قول الشاعر:
* من يفعل الحسنات الله يشكرها *
ويجوز أن تجعل " ما " على هذا المذهب بمعنى الذى، وفيه ضعف.
قوله تعالى (الجوار) مبتدأ أو فاعل ارتفع بالجار و (في البحر) حال منه، والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يتعلق في بالجوار، و (كالاعلام) على الوجه الاول حال ثانية، وعلى الثانى هى حال من الضمير في الجوار، و (يسكن) جواب الشرط (فيظللن) معطوف على الجواب، وكذلك (أو يوبقهن - ويعف).
وأما قوله تعالى (ويعلم الذين) فيقرأ بالنصب على تقدير: وإن يعلم لانه صرفه عن الجواب وعطفه على المعنى، ويقرأ بالكسر على أن يكون مجزوما حرك لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالرفع على الاستئناف.
قوله تعالى (مالهم من محيص) الجملة المنفية تسد مسد مفعولى عملت.
قوله تعالى (فمتاع الحياة) أى فهو متاع.
قوله تعالى (والذين يجتنبون) معطوف على قوله تعالى " للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقديرهم. و (كبائر) بالجمع واحدتها كبيرة، ومن أفرد ذهب به إلى الجنس، و (هم) مبتدأ، و (يغفرون) الخبر، والجملة جواب إذا، وقيل هم مرفوع بفعل محذوف تقديره: غفروا فحذف الفعل لدلالة يغفرون عليه.
قوله تعالى (ولمن صبر) " من " شرطية، وصبر في موضع جزم بها، والجواب (إن ذلك) وقد حذف الفاء، وقيل " من " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى إن ذلك منه.
قوله تعالى (ينصرونهم) يجوز أن يكون في موضع جر حملا على لفظ الموصوف ورفعا على موضعه.
[226]
قوله تعالى (فإن الانسان كفور) أى إن الانسان منهم.
قوله تعالى (ذكرانا وإناثا) هما حال، والمعنى يقر بين الصنفين.
(4/48)
قوله تعالى (أن يكلمه الله) " أن " والفعل في موضع رفع بالابتداء، وماقبله الخبر أو فاعل بالجار لاعتماده على حرف النفى، و (إلا وحيا) استثناء منقطع، لان الوحى ليس بتكليم (أو من وراء حجاب) الجار متعلق بمحذوف تقديره: أو أن يكلمه، وهذا المحذوف معطوف على وحى تقديره: إلا أن يوحى إليه أو يكلمه، ولايجوز أن يتعلق من بيكلمه الموجودة في اللفظ، لان ماقبل الاستثناء المنقطع لايعمل فيما بعد إلا، وأما (أو يرسل) فمن نصب فمعطوف على موضع وحيا: أى يبعث إليه ملكا، وقيل في موضع جر: أى بأن يرسل.
وقيل في موضع نصب على الحال، ولايجوز أن يكون معطوفا على أن يكلمه لانه يصير معناه: ماكان لبشر أن يكلمه الله، ولا أن يرسل إليه رسولا. وهذا فاسد ولان عطفه على أن يكلم الموجودة يدخله في صلة أن وإلا وحيا يفصل بين بعض الصلة وبعض لكونه منقطعا، ومن رفع يرسل استأنف، وقيل " من " متعلقة بيكلمه لانه ظرف، والظرف يتسع فيه.
قوله تعالى (ماكنت تدرى) الجملة حال من الكاف في إليك.
قوله تعالى (صراط الله) هو بدل من صراط مستقيم بدل المعرفة من النكرة. والله أعلم.
سورة الزخرف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (والكتاب) من جعل حم قسما كانت الواو للعطف، ومن قال غير ذلك جعلها للقسم.
قوله تعالى (في أم الكتاب) يتعلق بعلى، واللام لاتمنع ذلك. ولدينا بدل من الجار والمجرور، ويجوز أن يكون حالا من الكتاب أو من أم، ولايجوز أن يكون واحد من الظرفين خبرا، لان الخبر قد لزم أن يكون على من أجل اللام، ولكن يجوز أن كل واحد منهما صفة للخبر فصارت حالا بتقدمها، و (صفحا) مصدر من معنى تضرب لانه بمعنى نصفح، ويجوز أن يكون حالا، وقرئ بضم الصاد،
[227]
والاشبه أن يكون لغة، و (أن) بفتح الهمزة بمعنى، لان كنتم، وبكسرها على الشرط، وماتقدم بدل على الجواب (وكم) نصب ب (أرسلنا) و (بطشا) تمييز وقيل مصدر في موضع الحال من الفاعل: أى أهلكناهم باطشين.
(4/49)
قوله تعالى (وجهه مسودا) اسم كان وخبرها، ويجوز أن يكون في ظل اسمها مضمرا يرجع على أحدهم، ووجهه بدل منه، ويقرآن بالرفع على أنه مبتدأ وخبر في موضع خبر ظل (وهو كظيم) في موضع نصب على الحال من اسم ظل، أو من الضمير في مسودا.
قوله تعالى (أو من) " من " في موضع نصب تقديره: أتجعلون من ينشأ، وفي موضع رفع، أى أو من ينشأ جزء ا وولد، و (في الخصام) يتعلق ب (مبين).
فإن قلت: المضاف إليه لايعمل فيما قبله. قيل: إلا في غير لان فيها معنى النفى، فكأنه قال: وهو لايبين في الخصام، ومثله مسألة الكتاب أنا زيدا غير ضارب، وقيل ينتصب بفعل يفسره ضارب، وكذا في الآية.
قوله تعالى (قل أو لو) على لفظ الامر وهو مستأنف، ويقرأ " قال " يعنى النذير المذكور.
قوله تعالى (براء) بفتح الباء وهمزة واحدة، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل بمعنى برئ، وقد قرئ به.
قوله تعالى (على رجل من القريتين) أى من إحدى القريتين مكة والطائف، وقيل التقدير: على رجل من رجلين من القريتين، وقيل: كان الرجل من يسكن مكة والطائف ويتردد إليهما، فصار كأنه من أهلهما.
قوله تعالى (لبيوتهم) هو بدل بإعادة الجار: أى لبيوت من كفر. والسقف واحد في معنى الجمع، وسقفا بالضم جمع مثل رهن ورهن.
قوله تعالى (جاء نا) على الافراد ردا على لفظ من، وعلى التثنية ردا على القريتين الكافر وشيطانه، و (المشرقين) قيل أراد المشرق والمغرب، فغلب مثل القمرين.
قوله تعالى (ولن ينفعكم) في الفاعل وجهان: أحدهما (أنكم) وماعملت فيه: أى لاينفعكم تأسيكم في العذاب.
والثانى أن يكون ضمير التمنى المدلول عليه بقوله: " يا ليت بينى وبينك ": أى لن ينفعكم تمنى التباعد، فعلى هذا يكون أنكم بمعنى لانكم. فأما إذ فمشكلة الامر، لانها ظرف زمان ماض، ولن ينفعكم وفاعله واليوم المذكور ليس بماض.
[228]
(4/50)
وقال ابن جنى في مساء لته أبا على: راجعته فيها مرارا فآخر ماحصل منه أن الدنيا والاخرى متصلتان، وهما سواء في حكم الله تعالى وعلمه، فتكون إذ بدلا من اليوم حتى كأنها مستقبلة أو كأن اليوم ماض.
وقال غيره: الكلام محمول على المعنى، والمعنى أن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة، فكأنه قال: ولن ينفعكم اليوم إذا صح ظلمكم عندكم، فهو بدل أيضا، وقال آخرون: التقدير بعد إذ ظلمتم: فحذف المضاف للعلم به، وقيل إذ بمعنى أن: أى لان ظلمتم يقرأ " إنكم في العذاب " بكسر الهمزة على الاستئناف، هذا على أن الفاعل التمنى، ويجوز على هذا أن يكون الفاعل ظلمكم أو جحدكم، وقد دل عليه ظلمتم، ويكون الفاعل المحذوف من اللفظ هو العامل في إذ لا ضمير الفاعل.
قوله تعالى (أم أنا خير) أم هاهنا منقطعة في اللفظ لوقوع الجملة بعدها، وهى في المعنى متصلة معادلة، إذ المعنى: أنا خير منه أم لا، أو أينا خير، و (أسورة) جمع سوار، وأما أساورة فجمع أسوار أو جمع أسورة جمع الجمع، وأصله أساوير فجعلت الياء عوضا من التاء، وأما (سلفا) فواحد في معنى الجمع مثل الناس والرهط وأما سلفا بضمتين فجمع مثل أسد وأسد، أو جمع سالف مثل صابر وصبر، أو جمع سليف مثل رغيف ورغف، وأما سلفا بضم السين وفتح اللام فقيل أبدل من الضمة فتحة تخفيفا، وقيل هو جمع سلفة مثل غرفة وغرف.
قوله تعالى (مثلا) هو مفعول ثان لضرب: أى جعل مثلا، وقيل هو حال: أى ذكر ممثلا به، و (يصدون) بضم الصاد يعرضون وبكسرها لغة فيه، وقيل الكسر بمعنى يضجون.
قوله تعالى (لجعلنا منكم) أى بدلا منكم، وقيل المعنى: لحولنا بعضكم ملائكة.
قوله تعالى (أن تأتيهم) هو بدل من الساعة بدل الاشتمال.
قوله تعالى (يطاف) تقدير الكلام: يدخلون فيطاف فحذف لفهم المعنى.
قوله تعالى (لايفتر عنهم) هى حال أو خبر ثان، وكلاهما توكيد.
قوله تعالى (يامالك) يقرأ " يامال " بالكسر والضم على الترخيم.
(4/51)
قوله تعالى (إن كان للرحمن ولد) " إن " بمعنى " ما " وقيل شرطية: أى إن قلتم ذلك، فأنا أول من وحده، وقيل إن صح ذلك فأنا أول الآنفين من عبادته، ولن يصح ذلك.
[229]
قوله تعالى (وهو الذى في السماء إله) صلة الذى لاتكون إلا جملة، والتقدير هنا، وهو الذى هو إله في السماء، وفي متعلقة بإله: أى معبود في السماء، ومعبود في الارض، ولايصح أن يجعل إله مبتدأ وفي السماء خبره، لانه لايبقى للذى عائد فهو كقولك: هو الذى في الدار زيد، وكذلك إن رفعت إلها بالظرف، فإن جعلت في الظرف ضميرا يرجع على الذى وأبدلت إلها منه جاز على ضعف، لان الغرض الكلى إثبات إلهيته لا كونه في السموات والارض، وكان يفسد أيضا من وجه آخر وهو قوله " وفي الارض إله " لانه معطوف على ماقبله، وإذا لم تقدر ماذكرنا صار منقطعا عنه وكان المعنى إن في الارض إلها.
قوله تعالى (وقيله) بالنصب، وفيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على سرهم: أى يعلم سرهم وقيله.
والثانى أن يكون معطوفا على موضع الساعة: أى وعنده أن يعلم الساعة وقيله.
والثالث أن يكون منصوبا على المصدر: أى وقال قيله ويقرأ بالرفع على الابتداء و (يارب) خبره، وقيل التقدير: وقيله هو قيل يا رب، وقيل الخبر محذوف: أى قيله يا رب مسموع أو مجاب، وقرئ بالجر عطفا على لفظ الساعة، وقيل هو قسم، والله أعلم.
سورة الدخان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إنا أنزلناه) هو جواب القسم، و (إنا كنا) مستأنف، وقيل هو جواب آخر من غير عاطف.
قوله تعالى (فيها يفرق) هو مستأنف، وقيل هو صفة لليلة، و " إنا " معترض بينهما.
قوله تعالى (أمرا) في نصبه أوجه: أحدها هو مفعول منذرين كقوله " لينذر بأسا شديدا ".
والثانى هو مفعول له، والعامل فيه أنزلناه أو منذرين أو يفرق.
والثالث هو حال من الضمير في حكيم أو من أمر، لانه قد وصف، أو من كل، أو من الهاء في أنزلناه.
والرابع أن يكون في موضع المصدر.
(4/52)
أى فرقا من عندنا والخامس أن يكون مصدرا: أى أمرنا أمرا، ودل على ذلك مايشتمل الكتاب عليه من الاوامر.
والسادس أن يكون بدلا من الهاء في أنزلناه، فأما (من عندنا) فيجوز أن يكون صفة لامر، وأن يتعلق بيفرق.
[230]
قوله تعالى (رحمة) فيه أوجه: أحدها أن يكون مفعول مرسلين فيراد به النبى صلى الله عليه وسلم. والثانى أن يكون مفعولا له. والثالث أن يكون مصدرا: أى رحمناكم رحمة. والرابع أن يكون في موضع الحال من الضمير في مرسلين، والاحسن أن يكون التقدير: ذوى رحمة.
قوله تعالى (رب السموات) بالرفع على تقدير هو رب، أو على أن يكون مبتدأ، والخبر (لا إله إلا هو) أو خبر بعد خبر، وبالجر بدلا من ربك.
قوله تعالى (ربكم) أى هو ربكم، ويجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون فاعل يميت، وفي " يحيى " ضمير يرجع إلى ماقبله، أو على شريطة التفسير.
قوله تعالى (يوم تأتى) هو مفعول فارتقب.
قوله تعالى (هذا عذاب) أى يقال هذا، و (الذكرى) مبتدأ، ولهم الخبر، وأن ظرف يعمل في الاستقرار، ويجوز أن يكون أنى الخبر ولهم تبيين (وقد جاء هم) حال و (قليلا) أى زمانا قليلا، أو كشفا قليلا، (ويوم نبطش) قيل هو بدل من تأتى، وقيل هو ظرف لعائدون، وقيل التقدير: اذكر، وقيل ظرف لما دل عليه الكلام: أى ننتقم يوم نبطش، ويقرأ " نبطش " بضم النون وكسر الطاء، يقال أبطشته إذا مكنته من البطش: أى نبطش الملائكة.
قوله تعالى (عباد الله) أى ياعباد الله: أى أدوا إلى ما وجب عليكم، وقيل هو مفعول أدوا: أى خلوا بينى وبين من آمن بى (وإنى عذت) مستأنف، و (أن ترجمون) أى من أن ترجمون، و (أن هؤلاء) منصوب بدعا، ويقرأ بالكسر لان دعا بمعنى قال، و (رهوا) حال من البحر: أى ساكنا، وقيل هو مفعول ثان: أى صيره، و (كم) نصب ب (تركوا)، و (كذلك) أى الامر كذلك، وقيل التقدير: تركا كذلك.
(4/53)
قوله تعالى (من فرعون) هو بدل من العذاب بإعادة الجار: أى من عذاب فرعون، ويجوز أن يكون جعل فرعون نفسه عذابا، و (من المسرفين) خبر آخر أو حال من الضمير في عاليا، و (على علم) حال من ضمير الفاعل: أى اخترناهم عالمين بهم، وعلى يتعلق باخترنا.
قوله تعالى (والذين من قبلهم) يجوز أن يكون معطوفا على قوم تبع، فيكون (أهلكناهم) مستأنفا أو حالا من الضمير في الصلة، ويجوز أن يكون مبتدأ
[231]
والخبر أهلكناهم، وأن يكون منصوبا بفعل محذوف، و (لاعبين) حال و (أجمعين) توكيد للضمير المجرور (يوم لا يغنى) يجوز أن يكون بدلا من يوم الفصل، وأن يكون صفة لميقاتهم، ولكنه بنى، وأن يكون ظرفا لما دل عليه الفصل: أى يفصل بينهم يوم لايغنى، ولايتعلق بالفصل نفسه لانه قد أخبر عنه.
قوله تعالى (إلا من رحم) هو استثناء متصل: أى من رحمه الله بقبول الشفاعة فيه، ويجوز أن يكون بدلا من مفعولى ينصرون: أى لاينصرون إلا من رحم الله.
قوله تعالى (يغلى) يقرأ بالياء: ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الكاف: أى يشبه المهل غالبا، وقيل هو حال من المهل، وقيل التقدير: هو يغلى: أى الزقوم أو الطعام. وأما الكاف فيجوز أن تكون خبرا ثانيا، أو على تقدير: هو كالمهل، ولايجوز أن يكون حالا من طعام لانه لا عامل فيها إذ ذاك، ويقرأ بالتاء: أى الشجرة والكاف في موضع نصب: أى غليا كغلى الحميم (فاعتلوه) بكسر التاء وضمها لغتان.
(4/54)
قوله تعالى (ذق إنك) إنك يقرأ بالكسر على الاستئناف، وهو استهزاء به، وقيل أنت العزيز الكريم عند قومك، ويقرأ بالفتح: أى ذق عذاب أنك أنت، و (مقام) بالفتح والضم مذكورة في الاحزاب، و (في جنات) بدل من مقام بتكرير الجار، وأما (يلبسون) فيجوز أن يكون خبر إن فيتعلق به في، وأن يكون حالا من الضمير في الجار، وأن يكون مستأنفا، و (كذلك) أى فعلنا كذلك أو الامر كذلك، و (يدعون) حال من الفاعل في زوجنا، و (لايذوقون) حال أخرى من الضمير في يدعون، أو من الضمير في آمنين، أو حال أخرى بعد آمنين، أو صفة لآمنين.
قوله تعالى (إلا الموتة الاولى) قيل الاستثناء منقطع: أى ماتوا الموتة، وقيل هو متصل لان المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينته مايعطاه منها، أو مايتيقنه من نعيمها، وقيل إلا بمعنى بعد، وقيل بمعنى سوى، و (فضلا) مصدر: أى تفضلنا بذلك تفضيلا، والله أعلم.
سورة الجاثية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (آيات لقوم يوقنون) يقرأ بكسر التاء وفيه وجهان: أحدهما أن " إن " مضمرة حذفت لدلالة إن الاولى عليها وليست آيات معطوفة على آيات الاولى لما فيه من العطف على عاملين.
والثانى أن يكون كرر آيات التوكيد، لانها من لفظ آيات الاولى، فأعربها بإعرابه كقولك: إن بثوبك دما وبثوب زيد دما، فدم الثانى مكرر لانك مستغن عن ذكره، ويقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وفي خلقكم خبره، وهى جملة مستأنفة، وقيل هى في الرفع على التوكيد أيضا. وأما قوله تعالى (واختلاف الليل) فمجرورة بفي مقدرة غير الاولى، و (آيات) بالكسر والرفع على ماتقدم، ويجوز أن يكون اختلاف معطوفا على المجرور بفي، وآيات توكيد، وأجاز قوم أن يكون ذلك من باب العطف على عاملين.
قوله تعالى (نتلوها) قد ذكر إعرابه في قوله تعالى " نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ".
(4/55)
قوله تعالى (يسمع) هو في موضع جر على الصفة أو حال من الضمير في أثيم، أو مستأنف، و (تتلى) حال، و (كأن لم يسمعها) حال أيضا.
قوله تعالى (ولا ما اتخذوا) هو معطوف على ماكسبوا، ومافيهما بمعنى الذى أو مصدرية، و (من رجز أليم) قد ذكر في سبأ.
قوله تعالى (جميعا منه) يجوز أن يكون متعلقا بسخر، وأن يكون نعتا لجميع، ويقرأ منة بالنصب: أى الامتنان، أو من به عليكم منة، ويقرأ منه بالرفع والاضافة على أنه فاعل سخر، أو على تقدير ذلك منه.
قوله تعالى (قل للذين آمنوا يغفر) قد ذكر مثله في إبراهيم.
قوله تعالى (ليجزى قوما) بالياء والنون على تسمية الفاعل وهو ظاهر، ويقرأ على ترك التسمية ونصب قوم وفيه وجهان: أحدهما وهو الجيد أن يكون التقدير: ليجزى الخير قوما على أن الخبر مفعول به في الاصل كقولك: جزاك الله خيرا، وإقامة المفعول الثانى مقام الفاعل جائزة والثانى أن يكون القائم مقام الفاعل المصدر.
أى ليجزى الجزاء، وهو بعيد.
قوله تعالى (سواء محياهم ومماتهم) يقرأ سواء بالرفع، فمحياهم مبتدأ، ومماتهم معطوف عليه، وسواء خبر مقدم، ويقرأ سواء بالنصب وفيه وجهان:
[233]
أحدهما هو حال من الضمير في الكاف: أى نجعلهم مثل المؤمنين في هذه الحال.
والثانى أن يكون مفعولا ثانيا لحسب، والكاف حال، وقد دخل سواء محياهم ومماتهم على هذا الوجه في الحسبان، ومحياهم ومماتهم مرفوعان بسواء لانه بمعنى مستو وقد قرئ باعتماده، ويقرأ مماتهم بالنصب: أى في محياهم ومماتهم، والعامل فيه نجعل أو سواء، وقيل هما ظرفان، فأما الضمير المضاف إليه فيرجع إلى القبيلين، ويجوز أن يرجع إلى الكفار لان محياهم كمماتهم، ولهذا سمى الكافر ميتا، و (على علم) حال، و (من يهديه) استفهام (من بعد الله) أى من بعد إضلال الله إياه.
قوله تعالى (يومئذ يخسر) هو بدل من يوم الاول.
(4/56)
قوله تعالى (كل أمة) مبتدأ، و (تدعى) خبره، وقرئ بالنصب بدلا من كل الاولى، فتدعى على هذا مفعول ثان أو وصف لكل أو لامة.
قوله تعالى (ينطق) يجوز أن يكون حالا من الكتاب، أو خبرا ثانيا.
قوله تعالى (والساعة لاريب فيها) يقرأ بالرفع على الابتداء، ومابعده الخبر، وقيل هو معطوف على موضع " إن " وماعملت فيه، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم " إن ".
قوله تعالى (إن نظن إلا) تقديره: إن نحن إلا نظن ظنا، فإلا مؤخرة لولا هذا التقدير لكان المعنى: مانظن إلا ظنا، وقيل هى في موضعها لان نظن قد تكون بمعنى العلم والشك فاستثنى الشك: أى مالنا اعتقاد إلا الشك.
قوله تعالى (في السموات) يجوز أن يكون حالا من الكبرياء، والعامل فيه الاستقرار، وأن يكون ظرفا، والعامل فيه الظرف الاول، أو الكبرياء لانها بمعنى العظمة.
سورة الاحقاف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (من قبل هذا) في موضع جر: أى بكتاب منزل من قبل هذا (أو أثارة) بالالف: أى بقية، وأثرة بفتح الثاء وسكونها: أى مايؤثر: أى يروى.
[234]
قوله تعالى (من لايستجيب له) " من " في موضع نصب بيدعو، وهى نكرة موصوفة، أو بمعنى الذى.
قوله تعالى (ماكنت بدعا) أى ذا بدع يقال: أمرهم بدع: أى مبتدع، ويجوز أن يكون وصفا: أى ماكنت أول من ادعى الرسالة، ويقرأ بفتح الدال وهو جمع بدعة: أى ذا بدع.
قوله تعالى (وكفرتم به) أى وقد كفرتم فيكون حالا، وأما جواب الشرط فمحذوف تقديره: ألستم ظالمين، ويجوز أن تكون الواو عاطفة على فعل الشرط.
قوله تعالى (وإذ لم يهتدوا به) العامل في إذ محذوف: أى إذ لم يهتدوا ظهر عنادهم.
قوله تعالى (إماما ورحمة) حالان من كتاب موسى.
قوله تعالى (لسانا) هو حال من الضمير في مصدق، أو حال من كتاب لانه قد وصف، ويجوز أن يكون مفعولا لمصدق: أى هذا الكتاب يصدق لسان محمد صلى الله عليه وسلم (وبشرى) معطوف على موضع لينذر.
(4/57)
قوله تعالى (فلا خوف) دخلت الفاء في خبر " إن " لما في الذين من الابهام، وبقاء معنى الابتداء بخلاف ليت ولعل، و (خالدين فيها) حال من أصحاب الجنة، و (جزاء) مصدر لفعل دل عليه الكلام: أى جوزوا جزاء، أو هو في موضع الحال.
قوله تعالى (حسنا) هو مفعول ثان لوصى، والمعنى ألزمناه حسنا، وقيل التقدير وصية ذات حسن، ويقرأ حسنا بفتحتين: أى إيصاء حسنا، أو ألزمناه فعلا حسنا، ويقرأ إحسانا: أى ألزمناه إحسانا، و (كرها) حال أى كارهة (وحمله) أى ومدة حمله وفصاله ثلاثون، و (أربعين) مفعول بلغ: أى بلغ تمام أربعين، و (في ذريتى) في هنا ظرف، أى اجعل الصلاح فيهم.
قوله تعالى (في أصحاب الجنة) أى هم في عدادهم فيكون في موضع رفع، و (وعد الصدق) مصدر وعد، وقد دل الكلام عليه، و (أف) قد ذكر في سبحان، و (لكما) تبيين (أتعداننى) بكسر النون الاولى، وقرئ بفتحها وهى لغة شاذة في فتح نون الاثنين، وحسنت هنا شيئا لكثرة الكسرات، و (أن أخرج) أى بأن أخرج، وقيل لايحتاج إلى الباء وقد مر نظيره (وهما يستغيثان) حال،
[235]
و (الله) تعالى مفعول يستغيثان، لانه في معنى يسألان، و (يلك) مصدر لم يستعمل فعله، وقيل هو مفعول به: أى ألزمك الله ويلك، و (في أمم) أى في عدادهم، ومن تتعلق بخلت.
قوله تعالى (وليوفينهم) مايتعلق به اللام محذوف: أى وليوفيهم أعمالهم: أى جزاء أعمالهم جازاهم أو عاقبهم.
قوله تعالى (ويوم يعرض) أى اذكروا، أو يكون التقدير: ويوم يعرض الذين كفروا على النار يقال لهم أذهبتم، فيكون ظرفا للمحذوف.
(4/58)
قوله تعالى (مستقبل أو ديتهم) الاضافة في تقدير الانفصال: أى مستقبلا أوديتهم، وهو نعت لعارض، و (ممطرنا) أى ممطر إيانا فهو نكرة أيضا، وفي الكلام حذف: أى ليس كما ظننتم، بل هو ما استعجلتم به، و (ريح) خبر مبتدأ محذوف: أى هو ريح، أو هى بدل من " ما " و (تدمر) نعت للريح، و (لاترى) بالتاء على الخطاب، وتسمية الفاعل، و (مساكنهم) مفعول به، ويقرأ على ترك التسمية بالياء: أى لايرى إلا مساكنهم بالرفع، وهو القائم مقام الفاعل، ويقرأ بالتاء على ترك التسمية وهو ضعيف.
قوله تعالى (فيما إن مكناكم) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، وإن بمعنى ماالنافية، وقيل " إن " زائدة: أى في الذى مكناكم.
قوله تعالى (قربانا) هو مفعول اتخذوا، و (آلهة) بدل منه، وقيل قربانا مصدر، وآلهة مفعول به، والتقدير: للتقرب بها.
قوله تعالى (وذلك إفكهم) يقرأ بكسر الهمزة وسكون الفاء: أى ذلك كذبهم، ويقرأ بفتح الهمزة مصدر أفك: أى صرف، والمصدر مضاف إلى الفاعل أو المفعول، وقرئ " آفكهم " على لفظ الفعل الماضى: أى صرفهم، ويقرئ كذلك مشددا، وقرئ " إفكهم " ممدودا: أى أكذبهم، وقرئ " آفكهم " مكسور الفاء ممدود مضموم الكاف: أى صارفهم (وماكانوا) معطوف على إفكهم.
قوله تعالى (وإذ صرفنا) أى واذكر إذ، و (يستمعون) نعت لنفر، ولما كان النفر جماعة قال يستمعون، ولو قال تعالى يستمع جاز حملا على اللفظ.
قوله تعالى (ولم يعى) اللغة الجيدة عيى يعيا، وقد جاء عيا يعيى، والباء في (بقادر) زائدة في خبر " إن " وجاز ذلك لما اتصل بالنفى ولولا ذلك لم يجز.
[236]
و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (بلاغ) أى هو بلاغ، ويقرأ بلاغا: أى بلغ بلاغا ويقرأ بالجر: أى من نهار ذى بلاغ، ويقرأ بلغ على الامر، والله أعلم.
سورة محمد صلى الله عليه وسلم
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/59)
قوله تعالى (الذين كفروا) مبتدأ، و (أضل أعمالهم) خبره، ويجوز أن تنتصب بفعل دل عليه المذكور، أى أضل الذين كفروا، ومثله (والذين آمنوا).
قوله تعالى (فإذا لقيتم) العامل في إذا هو العامل في (ضرب) والتقدير: فاضربوا ضرب الرقاب، فضرب هنا مصدر فعل محذوف، ولايعمل فيه نفس المصدر لانه مؤكد، و (منا) مصدر: أى إما أن تمنوا منا، وأما أن تفادوا فداء ويجوز أن يكونا مفعولين: أى أولوهم منا، أو اقبلوا فداء، و (حتى تضع الحرب) أى أهل الحرب (ذلك) أى الامر ذلك.
قوله تعالى (عرفها) أى قد عرفها فهو حال، ويجوز أن يستأنف.
قوله تعالى (والذين كفروا) هو مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: تعسوا أو أتعسوا، ودل عليهما (تعسا) ودخلت الفاء تنبيها على الخبر، و (لهم) تبيين (وأضل) معطوف على الفعل المحذوف، والهاء في (أمثالها) ضمير العاقبة أو العقوبة.
قوله تعالى (وكأين من قرية) أى من أهل قرية، و (أخرجتك) للقرية لا للمحذوف ومابعدها من الضمائر للمحذوف.
قوله تعالى (كمن زين) هو خبر من قوله تعالى (مثل الجنة) أى فيما نقص عليك مثل الجنة.
قوله تعالى (فيها أنهار) مستأنف شارح لمعنى المثل، وقيل مثل الجنة مبتدأ، وفيها أنهار جملة هى خبره، وقيل المثل زائد، فتكون الجنة في موضع مبتدأ مثل قولهم * ثم اسم السلام عليكما * واسم زائد (غير آسن) على فاعل من أسن بفتح السين، وأسن من أسن بكسرها، وهى لغة، و (لذة) صفة لخمر، وقيل هو مصدر: أى ذات لذة، و (من كل الثمرات) أى لهم من كل ذلك صنف أو زوجان (ومغفرة) معطوف على المحذوف أو الخبر محذوف: أى ولهم مغفرة.
[237]
قوله تعالى (كمن هو) الكاف في موضع رفع: أى حالهم كحال من هو خالد في الاقامة الدائمة، وقيل هو استهزاء بهم: وقيل هو على معنى الاستفهام: أى أكمن هو، وقيل هو في موضع نصب أى يشبهون من هو خالد فيما ذكرناه، و (آنفا) ظرف: أى وقتا مؤتنفا، وقيل هو حال من الضمير في قال.
(4/60)
أى مؤتنفا (والذين اهتدوا) يحتمل الرفع والنصب (وآتاهم تقواهم) أى ثوابها.
قوله تعالى (أن تأتيهم) موضعه نصب بدلا من الساعة بدل الاشتمال.
قوله تعالى (فأنى لهم) هو خبر و (ذكراهم) والشرط معترض: أى أنى لهم ذكراهم إذا جاء تهم الساعة، وقيل التقدير: أنى لهم الخلاص إذا جاء تذكرتهم.
قوله تعالى (نظر المغشى) أى نظرا مثل نظر المغشى، و (أولى) مبتدأ، و (لهم) الخبر وأولى مؤنثه أولات، وقيل الخبر (طاعة) وقيل طاعة صفة، لسورة، أى ذات طاعة أو مطاعة، وقيل طاعة مبتدأ، والتقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيره، وقيل التقدير أمرنا طاعة (فإذا عزم الامر) العامل في إذا محذوف تقديره: فإذا عزم الامر فاصدق، وقيل العامل (فلو صدقوا) أى لو صدقوا إذا عزم الامر، والتقدير: إذا عزم أصحاب الامر أو يكون المعنى تحقق الامر، و (أن تفسدوا) خبر عسى، وإن توليتم معترض بينهما، ويقرأ توليتم: أى ولى عليكم.
قوله تعالى (أولئك الذين) أى المفسدون، ودل عليه ماتقدم.
قوله تعالى (الشيطان) مبتدأ، و (سول لهم) خبره، والجملة خبر إن، و (أملى) معطوف على الخبر، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اسم الله عزوجل. فيكون مستأنفا، ويقرأ أملى على مالم يسم فاعله وفيه وجهان: أحدهما القائم مقام الفاعل لهم. والثانى ضمير الشيطان.
قوله تعالى (يضربون) هو حال من الملائكة أو من ضمير المفعول، لان في الكلام ضميرا يرجع إليهم.
قوله تعالى (ثم لايكونوا) هو معطوف على يستبدل، والله أعلم.
سورة الفتح
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (عند الله) هو حال من الفوز لانه صفة له في الاصل قدم فصار حالا، ويجوز أن يكون ظرفا لمكان، أو لما دل عليه الفوز، ولايجوز أن يكون ظرفا للفوز لانه مصدر، و (الظالمين) صفة للفريقين.
قوله تعالى (لتؤمنوا) بالتاء على الخطاب لان المعنى. أرسلناه إليكم، وبالياء لان قبله غيبا.
(4/61)
قوله تعالى (إنما يبايعون الله) هو خبر إن، و (يد الله) مبتدأ ومابعده الخبر، والجملة خبر آخر لان أو حال من ضمير الفاعل في يبايعون، أو مستأنف.
قوله تعالى (يريدون) هو حال من ضمير المفعول في ذرونا، ويجوز أن يكون حالا من المخلفون، وأن يستأنف، و (كلام الله) بالالف، ويقرأ " كلم الله " والمعنى متقارب.
قوله تعالى (يقاتلونهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا مقدرة (أو يسلمون) معطوف على يقاتلونهم، وفى بعض القراء ات " أويسلموا " وموضعه نصب واو بمعنى إلى أن أو حتى.
قوله تعالى (ومغانم) أى وأثابهم مغانم أو أثابكم مغانم، لانه يقرأ (تأخذونها) بالتاء والياء.
قوله تعالى (وأخرى) أى ووعدكم أخرى، وأثابكم أخرى، ويجوز أن يكون مبتدأ، و (لم تقدروا) صفته، و (قد أحاط) الخبر، ويجوز أن يكون هذه صفة، والخبر محذوف: أى وثم أخرى، و (سنة الله) قد ذكر في سبحان.
قوله تعالى (والهدى) هو معطوف: أى وصدوا الهدى، و (معكوفا) حال من الهدى، و (أن يبلغ) على تقدير: من أن يبلغ، أو عن أن يبلغ، ويجوز أن يكون بدلا من الهدى بدل الاشتمال: أى صدوا بلوغ الهدى.
قوله تعالى (أن تطؤهم) هو في موضع رفع بدلا من رجال بدل الاشتمال: أى وطئ رجال بالقتل، ويجوز أن يكون بدلا من ضمير المفعول في تعلموهم: أى تعلموهم وطأهم، فهو اشتمال أيضا ولم تعلموهم صفة لما قبله (فتصيبكم) معطوف
[239]
على تطئوا، و (بغير علم) حال من الضمير المجرور أو صفة لمعرة (لعذبنا) جواب لو تزيلوا، وجواب لولا محذوف أغنى عنه جواب لو، وقيل هو جوابهما جميعا، وقيل هو جواب الاول. وجواب الثانى محذوف.
قوله تعالى (حمية الجاهلية) هو بدل، وحسن لما أضيف إلى ماحصل معنى فهو كصفة النكرة المبدلة، و (كلمة التقوى) أى العمل أو النطق أو الاعتقاد فحذف لفهم المعنى.
(4/62)
قوله تعالى (بالحق) يجوز أن يتعلق بصدق، وأن يكون حالا من الرؤيا (لتدخلن) هو تفسير الرؤيا أو مستأنف: أى والله لتدخلن، و (آمنين) حال والشرط معترض مسدد، و (محلقين) حال أخرى أو من الضمير في آمنين (لاتخافون) يجوز أن يكون حالا مؤكدة: وأن يكون مستأنفا: أى لاتخافون أبدا.
قوله تعالى (بالهدى) هو حال: أى أرسله هاديا.
قوله تعالى (محمد) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان، أحدهما (رسول الله) فيتم الوقف إلا أن تجعل (الذين) في موضع جر عطفا على اسم الله: أى ورسول الذين، وعلى هذا يكون (أشداء) أى هم أشداء.
والوجه الثانى أن يكون رسول الله صفة، والذين معطوف على المبتدأ، وأشداء الخبر، و (رحماء) خبر ثان، وكذلك (تراهم) و (يبتغون) ويجوز أن يكون تراهم مستأنفا: ويقرأ " أشداء ورحماء " بالنصب على الحال من الضمير المرفوع في الظرف وهو معه. وسجدا حال ثانية، أو حال من الضمير في ركعا مقدرة، ويجوز أن يكون يبتغون حالا ثالثة.
قوله تعالى (سيماهم) هو فعل من سام يسوم وهو بمعنى العلامة من قوله تعالى " مسومين " و (في وجوههم) خبر المبتدأ، و (من أثر السجود) حال من الضمير في الجار.
قوله تعالى (ومثلهم في الانجيل) إن شئت عطفته على المثل الاول: أى هذه صفاتهم في الكتابين، فعلى هذا تكون الكاف في موضع رفع: أى هم كزرع، أو في موضع نصب على الحال: أى مماثلين، أو نعتا لمصدر محذوف: أى تمثيلا كزرع و (شطأه) بالهمز وبغير همز ولاألف. وجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الطاء وحذفها، ويقرأ بالالف على الابدال وبالمد والهمز، وهى لغة، و (على سوقه) يجوز أن يكون حالا: أى قائما على سوقه، وأن يكون ظرفا، و (يعجب) حال. و (منهم) لبيان الجنس تفضيلا لهم بتخصيصهم بالذكر، والله أعلم.
سورة الحجرات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (لاتقدموا) المفعول محذوف أى لاتقدموا مالا يصلح، ويقرأ بفتح التاء والدال: أى تتقدموا.
(4/63)
قوله تعالى (أن تحبط) أى مخافة أن تحبط أو لان تحبط على أن تكون اللام للعاقبة وقيل لئلا تحبط.
قوله تعالى (أولئك) هو مبتدأ، و (الذين امتحن) خبره و (لهم مغفرة) جملة أخرى، ويجوز أن يكون الذين امتحن الله صفة لاولئك، ولهم مغفرة الخبر والجميع خبران.
قوله تعالى (أن تصيبوا) هو مثل " أن تحبط ".
قوله تعالى (لو يطيعكم) هو مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع الحال والعامل فيه الاستقرار، وإنما جاز ذلك من حيث جاز أن يقع صفة للنكرة كقولك مررت برجل لو كلمته لكلمنى: أى متهيئ لذلك.
قوله تعالى (فضلا) هو مفعول له أو مصدر من معنى ماتقدم، لان تزيينه الايمان تفضل أو هو مفعول، و (طائفتان) فاعل فعل محذوف (واقتتلوا) جمع على آحاد الطائفتين.
قوله تعالى (بين أخويكم) بالتثنية والجمع، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (ميتا) هو حال من اللحم، أو من أخيه (فكرهتموه) المعطوف عليه محذوف تقديره: عرض عليكم ذلك فكرهتموه، والمعنى: يعرض عليكم فتكرهونه، وقيل إن صح ذلك عندكم فأنتم تكرهونه.
قوله تعالى (لتعارفوا) أى ليعرف بعضكم بعضا، ويقرأ لتعارفوا (إن أكرمكم) بفتح الهمزة وأن ومابعدها هو المفعول.
قوله تعالى (يلتكم) يقرأ بهمزة بعد الياء، وماضيه ألت، ويقرأ بغير همز وماضيه لات يليت وهما لغتان، ومعناهما النقصان، وفيه لغة ثالثة ألات يليت، والله أعلم.
سورة ق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
من قال (ق) جعل قسم الواو في (والقرآن) عاطفة، ومن قال غير ذلك كانت واو القسم وجواب القسم محذوف، قيل هو قوله (قد علمنا) أى لقد وحذفت اللام لطول الكلام، وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن أو لترجعن أو على مادل عليه سياق الآيات، و (بل) للخروج من قصة إلى قصة، وإذا منصوبة بما دل عليه الجواب: أى يرجع.
(4/64)
قوله تعالى (فوقهم) هو حال من السماء أو ظرف لينظروا (والارض) معطوف على موضع السماء: أى ويروا الارض ف (مددناها) على هذا حال، ويجوز أن ينتصب على تقدير: ومددنا الارض، و (تبصرة) مفعول له أو حال من المفعول: أى ذات تبصير أو مصدر: أى بصرناهم تبصرة (وذكرى) كذلك.
قوله تعالى (وحب الحصيد) أى وحب النبت المحصود، وحذف الموصوف.
وقال الفراء: هو في تقدير صفة الاول: أى والحب الحصيد، وهذا بعيد مما فيه من إضافة الشئ إلى نفسه، ومثله حبل الوريد: أى حبل العرق الوريد وهو فعيل بمعنى فاعل: أى وارد، أو بمعنى مورود فيه (والنخل) معطوف على الحب، و (باسقات) حال (ولها طلع) حال أيضا و (نضيد) بمعنى منضود، و (رزقا) مفعول له، أو واقع موقع المصدر، و (به) أى بالماء.
قوله تعالى (ونعلم) أى ونحن نعلم، فالجملة حال مقدرة، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إذ يتلقى) يجوز أن يكون ظرفا لاقرب، وأن يكون التقدير: اذكر، و (قعيد) مبتدأ، وعن الشمال خبره، ودل قعيد هذا على قعيد الاول: أى عن اليمين قعيد، وقيل قعيد المذكور الاول والثانى محذوف، وقيل لاحذف، وقعيد بمعنى قعيدان، وأغنى الواحد عن الاثنين، وقد سبقت له نظائر، و (رقيب عتيد) واحد في اللفظ، والمعنى رقيبان عتيدان.
قوله تعالى (بالحق) هو حال أو مفعول به.
قوله تعالى (معها سائق) الجملة صفة لنفس أو كل أو حال من كل، وجاز لما فيه من العموم، والتقدير: يقال له لقد كنت، وذكر على المعنى.
[242]
قوله تعالى (هذا) مبتدأ، وفي (ما) وجهان: أحدهما هى نكرة، و (عتيد) صفتها ولدى معمول عتيد، ويجوز أن يكون لدى صفة أيضا فيتعلق بمحذوف، و " ما " وصفتها خبر هذا.
(4/65)
والوجه الثانى أن تكون " ما " بمعنى الذى، فعلى هذا تكون " ما " مبتدأ، ولدى صلة، وعتيد خبر " ما "، والجملة خبر هذا، ويجوز أن تكون " ما " بدلا من هذا، ويجوز أن يكون عتيد خبر مبتدأ محذوف، ويكون " مالدى " خبرا عن هذا: أى هو عتيد، ولو جاء ذلك في غير القرآن لجاز نصبه على الحال.
قوله تعالى (ألقيا) أى يقال ذلك، وفي لفظ التثنية هنا أوجه: أحدها أنه خطاب الملكين.
والثانى هو لواحد، والالف عوض من تكرير الفعل: أى ألق أتق.
والثالث هو لواحد، ولكن خرج على لفظ التثنية على عادتهم كقولهم: خليلى عوجا، و: خليلى مرا بى، وذلك أن الغالب من حال الواحد منهم أن يصحبه في السفر اثنان.
والرابع أن من العرب من يخاطب الواحد بخطاب الاثنين كقول الشاعر: فإن تزجرانى يابن عفان أنزجر * وأن تدعانى أحم عرضا ممنعا والخامس أن الالف بدل من النون الخفيفة، وأجرى الوصل مجرى الوقف.
قوله تعالى (مريب الذى) الجمهور على كسر التنوين، وقرئ بفتحها فرارا من الكسرات والياء (غير بعيد) أى مكانا غير بعيد، ويجوز أن يكون حالا من الجنة، ولم يؤنث لان الجنة والبستان والمنزل متقاربات، والتقدير: يقال لهم (هذا) والياء على الغيبة، والتاء على الرجوع إلى الخطاب.
قوله تعالى (من خشى) في موضع رفع: أى هم من خشى، أو في موضع جر بدلا من المتقين، أو من كل أواب، أو في موضع نصب: أى أعنى من خشى، وقيل " من " مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: يقال لهم ادخلوها، و (بسلام) حال.
قوله تعالى (ذلك) أى زمن ذلك (يوم الخلود) قوله تعالى (فيها) يجوز أن يتعلق بيشاء ون، وأن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف، و (كم) نصب ب (أهلكنا)، و (هم أشد) يجوز أن يكون جر صفة لقرن، ونصبا صفة لكم، ودخلت الفاء في (فنقبوا) عطفا على المعنى أى بطشوا فنقبوا، وفيها قراء ات ظاهرة المعنى، والمعنى هل لهم، أو هل لمن سلك طريقهم (من محيص) أى مهرب فحذف الخبر.
[243]
(4/66)
قوله تعالى (وأدبار السجود) بفتح الهمزة جمع دبر، وبكسرها مصدر أدبر، والتقدير: وقت إدبار السجود، و (يوم يسمعون) بدل من يوم ينادى، و (يوم تشقق) ظرف للمصير، أو بدل من يوم الاول، و (سراعا) حال، أى يخرجون سراعا: ويجوز أن يكون يوم تشقق ظرفا لهذا المقدر، والله أعلم.
سورة والذاريات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ذروا) مصدر العامل فيه اسم الفاعل، و (وقرا) مفعول الحاملات و (يسرا) مصدر في موضع الحال: أى ميسرة، و (أمرا) مفعول المقسمات.
قوله تعالى (يؤفك عنه) الهاء عائدة على الدين، أو على ماتوعدون، وقيل على قول مختلف: أى يصرف عن ذلك من صرف عن الحق.
قوله تعالى (يوم هم) هو مبنى على الفتح لاضافته إلى الجملة وموضعه رفع: أى هو يومهم، وقيل هو معرب وفتح على حكم الظرف، وقيل موضعه نصب: أى أعنى يومهم، وقيل هو ظرف للدين: أى يوم الجزاء، وقيل التقدير: يجازون يوم هم، وهم مبتدأ، و (يفتنون) الخبر وعداه بعلى، لان المعنى يجبرون على النار، وقيل هو بمعنى في، و (آخذين) حال من الضمير في الظرف، والظرف خبر إن.
فإن قيل: كيف جاء الظرف هنا خبرا، وآخذين حالا، وعكس ذلك في قوله " إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون "؟ قيل: الخبر مقصود الجملة، والغرض من ذكر المجرمين الاخبار عن تخليدهم،، لان المؤمن قد يكون في النار، ولكن يخرج منها، فأما " إن المتقين " فجعل الظرف فيها خبرا لانهم يأمنون الخروج منها، فجعل آخذين فضلة.
قوله تعالى (كانوا قليلا) في خبر كان وجهان: أحدهما (مايهجعون) وفى " ما " على هذا وجهان: أحدهما هى زائدة أى كانوا يهجعون قليلا، وقليلا نعت لظرف أو مصدر: أى زمانا قليلا أو هجوعا قليلا.
والثانى هى نافية ذكره بعض النحويين، ورد ذلك عليه لان النفى لايتقدم عليه مافي حيزه وقليلا من حيزه.
(4/67)
والثانى أن قليلا خبر كان، و " ما " مصدرية: أى كانوا قليلا هجوعهم كما تقول كانوا يقل هجوعهم، ويجوز على هذا أن يكون مايهجعون بدلا من اسم كان بدل
[244]
الاشتمال، ومن الليل لايجوز أن يتعلق بيهجعون على هذا القول لما فيه من تقديم معمول المصدر عليه، وإنما هو منصوب على التبيين: أى يتعلق بفعل محذوف يفسره يهجعون.
وقال بعضهم: تم الكلام على قوله قليلا، ثم استأنف فقال: من الليل مايهجعون، وفيه بعد، لانك إن جعلت " ما " نافية فسد لما ذكرنا، وإن جعلتها مصدرية لم يكن فيه مدح، لان كل الناس يهجعون في الليل و (بالاسحار) الباء بمعنى في.
قوله تعالى (وفى أنفسكم) المبتدأ محذوف: أى وفي أنفسكم آيات، ومن رفع بالظرف جعل ضمير الآيات في الظرف، وقيل يتعلق ب (تبصرون) وهذا ضعيف لان الاستفهام والفاء يمنعان من ذلك.
قوله تعالى (وفي السماء رزقكم) أى سبب رزقكم يعنى المطر.
قوله تعالى (مثل ما) يقرأ بالرفع على أنه نعت لحق أو خبر ثان، أو على أنهما خبر واحد مثل حلو حامض، و " ما " زائدة على الاوجه الثلاثة، ويقرأ بالفتح وفيه وجهان: أحدهما هو معرب، ثم في نصبه على هذا أوجه: إما هو حال من النكرة، أو من الضمير فيها، أو على إضمار أعنى، أو على أنه مرفوع الموضع، ولكنه فتح كما فتح الظرف في قوله " لقد تقطع بينكم " على قول الاخفش، و " ما " على هذه الاوجه زائدة أيضا.
والوجه الثانى هو مبنى. وفى كيفية بنائه وجهان: أحدهما أنه ركب مع " ما " كخمسة عشر، و " ما " على هذا يجوز أن تكون زائدة وأن تكون نكرة موصوفة. والثانى أن تكون بنيت لانها أضيفت إلى مبهم، وفيها نفسها إبهام، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " ومن خزى يومئذ " فتكون " ما " على هذا أيضا إما زائدة وإما بمعنى شئ، وأما (أنكم) فيجوز أن يكون موضعها جرا بالاضافة إذا جعلت " ما " زائدة، وأن تكون بدلا منها إذا كانت بمعنى شئ، ويجوز أن تكون في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقدير هو أنكم.
(4/68)
قوله تعالى (إذ دخلوا) " إذ " ظرف لحديث أو لضيف أو لمكرمين لا لاتاك، وقد ذكر القول في (سلاما) في هود.
قوله تعالى (في صرة) هو حال من الفاعل، و (كذلك) في موضع نصب ب (قال) الثانية.
قوله تعالى (مسومة) هو نعت لحجارة أو حال من الضمير في الجار، و (عند) ظرف لمسومة.
[245]
قوله تعالى (وفي موسى) أى وتركنا في موسى آية، و (إذ) ظرف لآية أو لتركنا أو نعت لها، و (بسلطان) حال من موسى أو من ضميره، و (بركنه) حال من ضمير فرعون (وفي عاد وفي ثمود) أى وتركنا آية.
قوله تعالى (وقوم نوح) يقرأ بالجر عطفا على ثمود، وبالنصب على تقدير: وأهلكنا، ودل عليه ماتقدم من إهلاك الامم المذكورين، ويجوز أن يعطف على موضع " وفي موسى " وبالرفع على الابتداء، والخبر مابعده، أو على تقدير أهلكوا (والسماء) منصوبة بفعل محذوف: أى ورفعنا السماء، وهو أقوى من الرفع لانه معطوف على ماعمل فيه الفعل (والارض) مثله، وبأيد حال من الفعل، و (نعم الماهدون) أى نحن، فحذف المخصوص بالمدح (ومن كل شئ) متعلق ب (خلقنا) ويجوز أن يكون نعتا (لزوجين) قدم فصار حالا.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك.
قوله تعالى (المتين) بالرفع على النعت لله سبحانه، وقيل هو خبر مبتدأ محذوف أى هو المتين، وهو هنا كناية عن معنى القوة إذ معناها البطش، وهذا في معنى القراء ة بالجر، والله أعلم.
سورة والطور
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الواو الاولى للقسم، ومابعدها للعطف.
قوله تعالى (في رق) في تتعلق بمسطور، ويجوز أن يكون نعتا آخر، وجواب القسم (إن عذاب ربك).
قوله تعالى (ماله من) الجملة صفة لواقع: أى واقع غير مدفوع، و (يوم) ظرف لدافع أو لواقع، وقيل يجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه (فويل)، و (يوم يدعون) هو بدل من يوم تمور، أو ظرف ليقال المقدرة مع هذه: أى يقال لهم هذه.
(4/69)
قوله تعالى (أفسحر) هو خبر مقدم، و (سواء) خبر مبتدأ محذوف: أى صبركم وتركه سواء، و (فاكهين) حال، والباء متعلقة به، وقيل هى بمعنى في،
[246]
و (متكئين) حال من الضمير في كلوا، أو من الضمير في وقاهم، أو من الضمير في آتاهم، أو من الضمير في فاكهين، أو من الضمير في الظرف.
قوله تعالى (والذين آمنوا) هو مبتدأ، و (ألحقنا بهم) خبره، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير: وأكرمنا الذين وأتبعناهم فيه اختلاف قد مضى أصله، و (ألتناهم) قد ذكر في الحجرات، و (من) الثانية زائدة، والاولى حال من شئ أو متعلقة بألتنا، و (يتنازعون) حال، و (إنه هو البر) بالفتح أى بأنه أو لانه، وقرئ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (بنعمة ربك) الباء في موضع الحال، والعامل فيه (بكاهن) أو (مجنون) والتقدير: ماأنت كاهنا ولامجنونا متلبسا بنعمة ربك، وأم في هذه الآيات منقطعة، و (نتربص) صفة شاعر.
قوله تعالى (يستمعون فيه) " في " هنا على بابها، وقيل هى بمعنى على.
قوله تعالى (وإن يروا) قيل إن على بابها، وقيل هى بمعنى لو، و (يومهم) مفعول به، و (يصعقون) بفتح الياء وماضيه صعق، ويقرأ بضمها وماضيه أصعق، وقيل صعق مثل سعد، و (يوم لايغنى) بدل من يومهم (وإدبار النجوم) مثل أدبار السجور، وقد ذكر في قاف.
سورة النجم
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا هوى) العامل في الظرف فعل القسم المحذوف: أى أقسم بالنجم وقت هويه، وقيل النجم نزول القرآن، فيكون العامل في الظرف نفس النجم، وجواب القسم (ماضل) و (عن) على بابها: أى لايصدر نطقه عن الهوى، وقيل هو بمعنى الباء، و (علمه) صفة للوحى: أى علمه إياه.
(4/70)
قوله تعالى (فاستوى) أى فاستقر (وهو) مبتدأ، و (بالافق) خبره، والجملة حال من فاعل استوى، وقيل هو معطوف على فاعل استوى، وهو ضعيف إذ لو كان كذلك لقال تعالى فاستوى هو وهو، وعلى هذا يكون المعنى فاستويا بالافق يعنى محمدا وجبريل صلوات الله عليهما، وألف (قاب) مبدلة من واو، و (أو) على الابهام: أى لو رآه الرائى لالتبس عليه مقدار القرب.
[247]
قوله تعالى (ماكذب الفؤاد) يقرأ بالتخفيف، و (ما) مفعولة: أى ماكذب الفؤاد الشئ الذى رأت العين: أو مارأى الفؤاد، ويقرأ بالتشديد، والمعنى قريب من الاول، و (تمارونه) تجادلونه وتمرونه تجحدونه، و (نزلة) مصدر: أى مرة أخرى، أو رؤية أخرى، و (عند) ظرف لرأى، و (عندها) حال من السدرة، ويقرأ جنه على أنه فعل وهو شاذ، والمستعمل أجنه، و (إذ) ظرف زمان لرأى، و (الكبرى) مفعول رأى، وقيل هو نعت لآيات، والمفعول محذوف: أى شيئا من آيات ربه، و (اللات) يكتب بالتاء وبالهاء.
وكذلك الوقف عليه، والالف واللام فيه، وفى (العزى) زائدة لانهما علمان، وقيل هما صفتان غالبتان مثل الحارث والعباس فلا تكون زائدة، وأصل اللات لوية لانه من لوى يلوى فحذفت الياء وتحركت الواو وانفتح ماقبلها فقلبت ألفا، وقيل ليست بمشتق، وقيل هو مشتق من لات يليت، فالتاء على هذا أصل، وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما بتشديد التاء قالوا: وهو رجل كان يلت للحاج السويق وغيره على حجر، فلما مات عبد ذلك الحجر، والعزى فعلى من العز (ومناة) علم لصنم، وألفه من ياء لقولك منى يمنى إذا قدر، ويجوز أن تكون من الواو، ومنه منوان، و (والاخرى) توكيد لان الثالثة لاتكون إلا أخرى، و (ضيزى) أصله ضوزى مثل طوبى كسر أو لها فانقلبت الواو ياء وليست فعلى في الاصل لانه لم يأت من ذلك شئ إلا ماحكاه ثعلب من قولهم: رجل كيصى، وميتة حيكى، وحكى غيره: امرأة عز هى، وامرأة يعلى، والمعروف عزهاة، وسعلاة، ومنهم من همز ضيزى.
(4/71)
قوله تعالى (أسماء) يجب أن يكون المعنى ذوات أسماء، لقوله تعالى (سميتموها) لان لفظ الاسم لايسمى، و (أم) هنا منقطعة، و (شفاعتهم) جمع على معنى كم لاعلى اللفظ، وهى هنا خبرية في موضع رفع بالابتداء، ولاتغنى الخبر.
قوله تعالى (ليجزى) اللام تتعلق بما دل عليه الكلام وهو قوله تعالى " أعلم بمن ضل " أى حفظ ذلك ليجزى، وقيل يتعلق بمعنى قوله تعالى " ولله مافي السموات " أى أعلمكم بملكه وقوته.
قوله تعالى (الذين يجتنبون) هو في موضع نصب نعتا للذين أحسنوا، أوفي موضع رفع على تقديرهم، و (إلا اللمم) استثناء منقطع، لان اللمم الذنب الصغير.
[248]
قوله تعالى (فهو يرى) جملة اسمية واقعة موقع فعلية، والاصل عنده علم الغيب فيرى، ولو جاء على ذلك لكان نصبا على جواب الاستفهام (وإبراهيم) عطف على موسى.
قوله تعالى (أن لاتزر) " أن " مخففة من الثقيلة، وموضع الكلام جر بدل من " ما " أو رفع على تقدير: هو أن لا، و (وزر) مفعول به وليس بمصدر.
قوله تعالى (وأن ليس) " أن " مخففة من الثقيلة، أيضا، وسد مافي معنى ليس من النفى مسد التعويض.
قوله تعالى (سوف يرى) الجمهور على ضم الياء وهوالوجه، لانه خبر أن، وفيه ضمير يعود على اسمها، وقرئ بفتح الياء وهو ضعيف، لانه ليس فيه ضمير يعود على اسم أن وهو السعى، والضمير الذى فيه للهاء فيبقى الاسم بغير خبر، وهو كقولك: إن غلام زيد قام وأنت تعنى قام زيد فلا خبر لغلام، وقد وجه على أن التقدير سوف يراه، فتعود الهاء على السعى، وفيه بعد.
قوله تعالى (الجزاء الاوفى) هو مفعول يجزى، وليس بمصدر لانه وصف بالاوفى، وذلك من صفة المجزى به لا من صفة الفعل، وألف (أقنى) منقلبة عن واو.
(4/72)
قوله تعالى (عادا الاولى) يقرأ بالتنوين، لان عادا اسم الرجل أو الحى، والهمزة بعده محقق، ويقرأ بغير تنوين عى أنه اسم القبيلة، ويقرأ منونا مدغما. وفيه تقديران: أحدهما أنه ألقى حركة الهمزة على اللام، وحذف همزة الوصل قبل اللام فلقى التنوين اللام المتحركة فأدغم فيها كما قالوا لحمر.
قوله تعالى (وثمود) هو منصوب بفعل محذوف: أى وأهلك ثمود، ولايعمل فيه (ماأبقى) من أجل حرف النفى، وكذلك (قوم نوح) ويجوز أن يعطف على عادا (والمؤتفكة) منصوب ب (أهوى) و (ماغشى) مفعول ثان.
(كاشفة) مصدر مثل العاقبة والعافية: أى ليس لها من دون الله كشف، ويجوز أن يكون التقدير: ليس لها كاشف، والهاء للمبالغة مثل راوية وعلامة، والله أعلم.
سورة القمر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وكل أمر) هو مبتدأ، و (مستقر) خبره، ويقرأ بفتح القاف أى مستقر عليه، ويجوز أن يكون مصدر كالاستقرار، ويقرأ بالجر صفة الامر، وفي كل وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى معمول به أو أتى. والثانى هو معطوف على الساعة.
قوله تعالى (حكمة) هو بدل من " ما " وهو فاعل جاء هم، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف (فما تغنى) يجوز أن تكون نافية، وأن تكون استفهاما في موضع نصب بتغنى، و (النذر) جمع نذير.
قوله تعالى (نكر) بضم النون والكاف، وبإسكان القاف: وهو صفة بمعنى منكر، ويقرأ بضم النون وكسر الكاف وفتح الراء على أنه فعل لم يسم فاعله.
(4/73)
قوله تعالى (خشعا) هو حال، وفي العامل وجهان: أحدهما يدعو: أى يدعوهم الداعى، وصاحب الحال الضمير المحذوف، و (أبصارهم) مرفوع بخشعا، وجاز أن يعمل الجمع لانه مكسر، والثانى العامل (يخرجون) وقرئ خاشعا، والتقدير فريقا خاشعا، ولم يؤنث لان تأنيث الفاعل تأنيث الجمع وليس بحقيقى، ويجوز أن ينتصب خاشعا بيدعو على أنه مفعول له، ويخرجون على هذا حال من أصحاب الابصار و (كأنهم) حال من الضمير في يخرجون، و (مهطعين) حال من الضمير في منتشر عند قوم، وهو بعيد لان الضمير في منتشر للجراد، وإنما هو حال من يخرجون، أو من الضمير المحذوف، و (يقول) حال من الضمير في مهطعين.
قوله تعالى (وازدجر) الدال بدل من التاء، لان التاء مهموسة والزاى مجهورة فأبدلت حرفا مجهورا يشاركها في المخرج وهو الدال.
قوله تعالى (أنى) يقرأ بالفتح: أى بأنى، وبالكسر لان دعا بمعنى قال.
قوله تعالى (فالتقى الماء) أراد الماآن، فاكتفى بالواحد لانه جنس، و (على أمر) حال أو ظرف، والهاء في (حملناه) لنوح عليه السلام، و (تجرى) صفة في موضع جر، و (بأعيننا) حال من الضمير في تجرى: أى محفوظة، و (جزاء) مفعول له، أو بتقدير جازيناهم، و (كفر) أى به، وهو نوح عليه السلام،
[250]
ويقرأ " كفر " على تسمية الفاعل: أى للكافر، و (مدكر) بالدال، وأصله الذال والتاء، وقد ذكر في يوسف، ويقرأ بالذال مشددا وقد ذكرأيضا (ونذر) بمعنى إنذار، وقيل التقدير: ونذرى، و (مستمر) نعت لنحس، وقيل اليوم، و (كأنهم) حال، و (منقعر) نعت لنخل، ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (أبشرا) هو منصوب بفعل يفسره المذكور: أى أنتبع بشرا، و (منا) نعت، ويقرأ " أبشر " بالرفع على الابتداء، ومنا نعت له، و (واحدا) حال من الهاء في (نتبعه).
(4/74)
قوله تعالى (من بيننا) حال من الهاء: أى عليه منفردا، و (أشر) بكسر الشين وضمها لغتان مثل فرح وفرح، ويقرأ بتشديد الراء، وهو أفعل من الشر، وهو شاذ، و (فتنة) مفعول له أو حال، و (قسمة) بمعنى مقسوم.
قوله تعالى (كهشيم المحتظر) يقرأ بكسر الظاء: أى كهشيم الرجل الذى يجعل الشجر حظيرة، ويقرأ بفتحها: أى كهشيم الشجر المتخذ حظيرة، وقيل هو بمعنى الاحتظار.
قوله تعالى (إلا آل لوط) هو استثناء منقطع، وقيل متصل لان الجميع أرسل عليهم الحاصب فهلكوا إلا آل لوط.
وعلى الوجه الاول يكون الحاصب لم يرسل على آل لوط، و (سحر) مصروف لانه نكرة، و (نعمة) مفعول له أو مصدر.
قوله تعالى (إنا كل شئ) الجمهور على النصب، والعامل فيه فعل محذوف يفسره المذكور، و (بقدر) حال من الهاء أو من كل: أى مقدرا، ويقرأ بالرفع على الابتداء، وخلقناه نعت لكل أو لشئ، وبقدر خبره، وإنما كان النصب أقوى لدلالته على عموم الخلق والرفع لايدل على عمومه، بل يفيد أن كل شئ مخلوق فهو بقدر.
قوله تعالى (فعلوه) هونعت لشئ أو كل، وفى (الزبر) خبر المبتدأ.
قوله تعالى (ونهر) يقرأ بفتح النون، وهو واحد في معنى الجمع، ويقرأ بضم النون والهاء على الجمع مثل أسد وأسد، ومنهم من يسكن الهاء فيكون مثل سقف وسقف، و (في مقعد صدق) هو بدل من قوله " في جنات " والله أعلم.
سورة الرحمن عزوجل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(الرحمن) ذهب قوم إلى أنها آية، فعلى هذا يكون التقدير الله الرحمن ليكون لكلام تاما، وعلى قول الآخرين يكون الرحمن مبتدأ ومابعده الخبر، و (خلق الانسان) مستأنف وكذلك (علمه) ويجوز أن يكون حالا من الانسان مقدرة، وقد معها مرادة.
قوله تعالى (بحسبان) أى يجريان بحسبان (والسماء) بالنصب بفعل محذوف يفسره المذكور، وهذا أولى من الرفع لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل، وهو الضمير في يسجدان، أو هو معطوف على الانسان.
(4/75)
قوله تعالى (أن لاتطغوا) أى لئلا تطغوا، وقيل " لا " للنهى، وإن بمعنى أى، والقول مقدر و (تخسروا) بضم التاء: أى ولاتنقصوا الموزون، وقيل التقدير: في الميزان، ويقرأ بفتح السين والتاء، وماضيه خسر، والاول أصح.
قوله تعالى (للانام) تتعلق اللام بوضعها، وقيل تتعلق بما بعدهاأى للانام (فيها فاكهة) فتكون إما خبر المبتدأ وتبيينا.
قوله تعالى (والحب) يقرأ بالرفع عطفا على النخل (والريحان) كذلك، ويقرأ بالنصب: أى وخلق الحب ذا العصف وخلق الريحان، ويقرأ الريحان بالجر عطفا على العصف.
قوله تعالى (كالفخار) هو نعت لصلصال و (من نار) نعت لمارج.
قوله تعالى (رب المشرقين) أى هو رب، وقيل هو مبتدأ والخبر (مرج) و (يلتقيان) حال، و (بينهما برزخ) حال من الضمير في يلتقيان، و (لايبغيان) حال أيضا.
قوله تعالى (يخرج منهما) قالوا التقدير من أحدهما.
قوله تعالى (المنشآت) بفتح الشين وهو الوجه، و (في البحر) متعلق به، ويقرأ بكسرها: أى تنشئ المسير، وهو مجاز و (كالاعلام) حال من الضمير في المنشآت، والهاء في (عليها) للارض، وقد تقدم ذكره.
[252]
قوله تعالى (ذو الجلال) بالرفع هو نعت للوجه، وبالجر نعتا للمجرور.
قوله تعالى (كل يوم) هو ظرف لما دل عليه (هو في شأن) أى يقلب الامور كل يوم.
قوله تعالى (سنفرغ) الجمهور على ضم الراء. وقرئ بفتحها من أجل حرف الحلق وماضيه فرغ بفتح الراء، وقد سمع فيه فرغ بكسر الراء فتفتح في المستقبل مثل نصب ينصب.
قوله تعالى (لاتنفذون) لانافية بمعنى ما، و (شواظ) بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما، و (من نار) صفة أو متعلق بالفعل (ونحاس) بالرفع عطفا على شواظ، وبالجر عطفا على نار، والرفع أقوى في المعنى، لان النحاس الدخان وهو والشواظ من النار، و (الدهان) جمع دهن، وقيل هو مفرد وهو النطع، و (جان) فاعل، ويقرأ بالهمز لان الالف حركت فانقلبت همزة، وقد ذكر ذلك في الفاتحة.
(4/76)
قوله تعالى (يطوفون) هو حال من المجرمين، ويجوز أن يكون مستأنفا، و (آن) فاعل مثل قاض.
قوله تعالى (ذواتا) الالف قبل التاء بدل من ياء، وقيل من واو وهو صفة لجنتان أو خبر مبتدأ محذوف.
والافنان جمع فنن وهو الغصن.
قوله تعالى (متكئين) هو حال من خاف والعامل فيه الظرف.
قوله تعالى (من إستبرق) أصل الكلمة فعل على استفعل فلما سمى به قطعت همزته، وقيل هو أعجمى، وقرئ بحذف الهمزة وكسر النون وهو سهو، لان ذلك لايكون في الاسماء بل في المصادر والافعال.
قوله تعالى (فيهن) يجوز أن يكون الضمير لمنازل الجنتين، وأن يكون للفرش أى عليهن، وأفرد الظرف لانه مصدر، و (لم يطمثهن) وصف لقاصرات، لان الاضافة غير محضة، وكذلك (كأنهن الياقوت)، و (الاحسان) خبر جزاء دخلت إلا على المعنى.
قوله تعالى (خيرات) هو جمع خيرة، يقال امرأة خيرة: وقرئ بتشديد الياء و (حور) بدل من خيرات، وقيل الخبر محذوف: أى فيهن حور، و (متكئين) حال، وصاحب الحال محذوف دل عليه الضمير في قبلهم، و (رفرف) في معنى
[253]
الجمع، فلذلك وصف ب (خضر) وقرئ رفراف، وكذلك (عبقرى) و (ذى الجلال) نعت لربك، وهو أقوى من الرفع لان الاسم لا يوصف، والله أعلم.
سورة الواقعة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
العامل في (إذا) على أوجه: أحدها هو مفعول اذكر.
والثانى هو ظرف لما دل عليه (ليس لوقعتها كاذبة) أى إذا وقعت لم تكذب.
والثالث هو ظرف لخافضة أو رافعة: أى إذا وقعت خفضت ورفعت.
والرابع هو ظرف لرجت، وإذا الثانية على هذا تكرير للاولى أو بدل منها.
والخامس هو ظرف لما دل عليه، فأصحاب الميمنة: أى إذا وقعت بانت أحوال الناس فيها وكاذبة بمعنى الكذب كالعاقبة والعافية، وقيل التقدير: ليس لها حالة كاذبة: أى مكذوب فيها، و (خافضة رافعة) خبر مبتدأ محذوف: أى هى خافضة قوما ورافعة آخرين، وقرئ بالنصب على الحال من الضمير في كاذبة أو في وقعت(1).
(4/77)
قوله تعالى (إذا رجت) إذا بدل من إذا الاولى، وقيل هو ظرف لرافعة، وقيل لما دل عليه كأصحاب الميمنة، وقيل هو مفعول اذكر.
قوله تعالى (فأصحاب الميمنة) هو مبتدإ، و (ماأصحاب) مبتدإ، وخبر خبر الاول.
فإن قيل: أين العائد من الجملة إلى المبتدإ؟ قيل لما كان أصحاب الثانى هو الاول لم يحتج إلى ضمير.
وقيل ما أصحاب الميمنة إلا موضع له، وكذلك ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون، وخبر الاول أولئك المقربون، وهذا بعيد لان أصحاب المشأمة ليسوا من المقربين.
قوله تعالى (والسابقون) الاول مبتدأ. والثانى خبره: أى السابقون بالخير السابقون إلى الجنة، وقيل الثانى نعت للاول أو تكرير توكيدا، والخبر (أولئك).
قوله تعالى (في جنات) أى هم في جنات أو يكون حالا من الضمير في المقربون أو ظرفا، وقيل هو خبر (ثلة) وعلى الاقوال الاول يكون الكلام تاما عند قوله تعالى " النعيم " ويكون في ثلة وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر (على سرر) والثانى هو خبر: أى هم ثلة، و (متكئين) حال من الضمير في على، و (متقابلين)
___________________________________
(1) قوله: أو في وقعت. كذا بالنسخ التى بأيدينا والصواب أن يقال: أو من الواقعة ويدل عليه عبارة السفاقسى اه. (*)
[254]
حال من الضمير في متكئين، و (يطوف عليهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، و (بأكواب) يتعلق بيطوف.
قوله تعالى (وحور عين) يقرأ بالرفع وفيه أوجه: أحدها هو معطوف على ولدان: أى يطفن عليهم للتنعم لا للخدمة. والثانى تقديره: لهم حور، أو عندهم أو وثم والثالث تقديره: ونساؤهم حور، ويقرأ بالنصب على تقدير: يعطون أو يجازون، وبالجر عطفا على أكواب في اللفظ دون المعنى لان الحور لايطاف بهن وقيل هو معطوف على جنات: أى في جنات، وفي حور، والحور جمع حوراء، والعين جمع عيناء، ولم يضم أوله لئلا تنقلب الياء واوا، و (جزاء) مفعول له أو على تقدير: يجزون جزاء.
(4/78)
قوله تعالى (إلا قيلا) هو استثناء منقطع، و (سلاما) بدل أو صفة، وقيل هو مفعول قيل، وقيل هو مصدر.
قوله تعالى (لا مقطوعة) قيل هو نعت لفاكهة، وقيل هو معطوف عليها.
قوله تعالى (أنشأناهن) الضمير للفرش لان المراد بها النساء. والعرب جمع عروب، والاتراب جمع ترب.
قوله تعالى (لاصحاب اليمين) اللام متعلقة بأنشأناهن أو بجعلناهن، إذ هو نعت لاتراب، و (ثلة) أى وهم ثلة، وكذلك (في سموم) أى هم في سموم، والياء في (يحموم) زائدة، ووزنه يفعول من الحمم أو الحميم.
قوله تعالى (من شجر) أى لآكلون شيئا من شجر، وقيل من زائدة، و (من زقوم) نعت لشجر، أو لشئ المحذوف، وقيل من الثانية زائدة: أى لآكلون زقوما من شجر، والهاء في (منها) للشجر، والهاء في (عليه) للمأكول و (شرب الهيم) بالضم والفتح والكسر، فالفتح مصدر والآخران اسم له، وقيل هى لغات في المصدر، والتقدير: شربا مثل شرب الهيم، والهيم جمع أهيم وهيماء.
قوله تعالى (لو تعلمون) هو معترض بين الموصوف والصفة، و (في كتاب) صفة أخرى لقرآن، أو حال من الضمير في كريم، أو خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (لايمسه) هو نفى، وقيل هو نهى حرك بالضم و (تنزيل) أى هو تنزيل، ويجوز أن يكون نعتا لقرآن (وتجعلون رزقكم) أى شكر رزقكم و (ترجعونها) جواب " لولا " وأغنى ذلك عن جواب الثانية، وقيل عكس ذلك وقيل لولا الثانية تكرير.
[255]
قوله تعالى (فأما إن كان) جواب أما (فروح) وأما إن فاستغنى بجواب أما عن جوابها لان " إن " قد حذف جوابها في مواضع، والتقدير: فله روح، ويقرأ بفتح الراء وضمها، فالفتح مصدر، والضم اسم له، وقيل هو المتروح به، والاصل (في ريحان) وريوحان على فيعلان، قلبت الواو ياء، وأدغم ثم خفف مثل سيد وسيد، وقيل هو فعلان قلبت الواو ياء وإن سكنت وانفتح ماقبلها.
(4/79)
قوله تعالى (فنزل) أى فله نزل (وتصلية) بالرفع عطفا على نزل وبالجر عطفا على حميم، و (حق اليقين) أى حق الخبر اليقين، وقيل المعنى حقيقة اليقين و (العظيم) صفة لربك، وقيل للاسم، والله أعلم.
سورة الحديد
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (يحيى) يجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور، والعامل الاستقرار وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (والرسول يدعوكم) الجملة حال من الضمير في تؤمنون.
قوله تعالى (وقد أخذ) بالفتح: أى الله أو الرسول، وبالضم على ترك التسمية.
قوله تعالى (من أنفق) في الكلام حذف تقديره: ومن لم ينفق، ودل على المحذوف قوله تعالى " من قبل الفتح ".
قوله تعالى (وكلا وعد الله الحسنى) قد ذكر في النساء.
قوله تعالى (يوم ترى) هو ظرف ليضاعف، وقيل التقدير: يؤجرون يوم ترى، وقيل العامل (يسعى) ويسعى حال، و (بين أيديهم) ظرف ليسعى، أو حال من النور، وكذلك (بأيمانهم) وقرئ بكسر الهمزة، والتقدير: بأيمانهم استحقوه، أو وبأيمانهم يقال لهم (بشراكم) وبشراكم مبتدأ، و (جنات) خبره أى دخول جنات.
قوله تعالى (يوم يقول) هو بدل من يوم الاول، وقيل التقدير: يفوزون وقيل التقدير: اذكر (انظرونا) انتظرونا وأنظرونا: أخرونا، و (وراء كم) اسم الفعل فيه ضمير الفاعل: أى ارجعوا ارجعوا، وليس بمعروف لقلة فائدته، لان الرجوع لايكون إلا إلى وراء، والباء في (بسور) زائدة، وقيل ليست زائدة.
[256]
قوله تعالى (باطنه) الجملة صفة لباب أو لسور، و (ينادونهم) حال من الضمير في بينهم، أو مستأنف.
قوله تعالى (هى مولاكم) قيل المعنى أولى بكم، وقيل هو مصدر مثل المأوى، وقيل هو مكان.
قوله تعالى (أن تخشع) هو فاعل يأن، واللام للتبيين، و (ما) بمعنى الذى، وفي (نزل) ضمير يعود عليه، ولاتكون مصدرية لئلا يبقى الفعل بلا فاعل.
(4/80)
قوله تعالى (وأقرضوا الله) فيه وجهان: أحدهما هو معترض بين اسم إن وخبرها، وهو يضاعف لهم، وإنما قيل ذلك لئلا يعطف الماضى على اسم الفاعل والثانى أنه معطوف عليه لان الالف واللام بمعنى الذى: أى إن الذين تصدقوا.
قوله تعالى (يضاعف لهم) الجار والمجرور هو القائم مقام الفاعل، فلا ضمير في الفعل، وقيل فيه ضمير: أى يضاعف لهم التصدق: أى أجره.
قوله تعالى (عند ربهم) هو ظرف للشهداء، ويجوز أن يكون أولئك مبتدأ وهم مبتدأ ثان، أو فصل، والصديقون مبتدأ، والشهداء معطوف عليه، وعند ربهم الخبر، وقيل الوقف على الشهداء، ثم يبتدئ عند ربهم لهم.
قوله تعالى (كمثل غيث) الكاف في موضع نصب من معنى ماتقدم: أى ثبت لها هذه الصفات مشبهة بغيث، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى مثلها كمثل غيث، و (أعدت) صفة لجنات.
قوله تعالى (في الارض) يجوز أن يتعلق الجار بمصيبة لانها مصدر، وأن يكون صفة لها على اللفظ أو الموضع، ومثله (ولا في أنفسكم) ويجوز أن يتعلق بأصاب، و (في كتاب) حال: أى إلا مكتوبة، و (من قبل) نعت لكتاب أو متعلق به.
قوله تعالى (لكيلا) كى هاهنا هى الناصبة بنفسها لاجل دخول اللام عليها كان الناصبة، والله أعلم.
قوله تعالى (الذين يبخلون) هو مثل الذى في النساء.
قوله تعالى (فيه بأس) الجملة حال من الحديد.
قوله تعالى (ورسله) هو منصوب بينصره: أى وينصر رسله، ولايجوز أن
[257]
يكون معطوفا على من لئلا يفصل به بين الجار والمجرور وهو قوله " بالغيب " وبين مايتعلق به وهو ينصره.
قوله تعالى (ورهبانية) هو منصوب بفعل دل عليه (ابتدعوها) لا بالعطف على الرحمة، لان ماجعله الله تعالى لا يبتدعونه، وقيل هو معطوف عليها، وابتدعوها نعت له، والمعنى: فرض عليهم لزوم رهبانية ابتدعوها ولهذا قال تعالى (ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله).
(4/81)
قوله تعالى (لئلا يعلم) لا زائدة، والمعنى: ليعلم أهل الكتاب عجزهم، وقيل ليست زائدة، والمعنى: لئلا يعلم أهل الكتاب عجز المؤمنين، والله أعلم.
سورة المجادلة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وتشتكى) يجوز أن يكون معطوفا على تجادل، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (أمهاتهم) بكسر التاء على أنه خبر " ما " وبضمها على اللغة التميمية و (منكرا) أى قولا منكرا.
قوله تعالى (والذين يظاهرون) مبتدأ، و (تحرير رقبة) مبتدأ أيضا تقديره: فعليهم، والجملة خبر المبتدأ، وقوله (من قبل أن يتماسا) محمول على المعنى: أى فعلى كل واحد.
قوله تعالى (لما قالوا) اللام تتعلق بيعودون، ومعنى يعودون للمقول فيه، هذا إن جعلت " ما " مصدرية، ويجوز أن تجعله بمعنى الذى ونكرة موصوفة، وقيل اللام بمعنى في، وقيل بمعنى إلى، وقيل في الكلام تقديم تقديره: ثم يعودون فعليهم تحرير رقبة لما قالوا، والعود هنا ليس بمعنى تكرير الفعل، بل بمعنى العزم على الوطئ.
قوله تعالى (يوم يبعثهم الله) أى يعذبون أو يهانون، واستقر ذلك يوم يبعثهم، وقيل هو ظرف ل (أحصاه).
قوله تعالى (ثلاثة) هو مجرور بإضافة نجوى إليه، وهى مصدر بمعنى التناجى أو الالتجاء، ويجوز أن تكون النجوى اسما للمتناجين، فيكون ثلاثة صفة أو بدلا
[258]
(ولا أكثر) معطوف على العدد ويقرأ بالرفع على الابتداء ومابعده الخبر، ويجوز أن يكون معطوفا على موضع من نجوى.
قوله تعالى (ويتناجون) يقرأ " وينتجون " وهما بمعنى، يقال تناجوا وانتجوا.
قوله تعالى (فإذ لم) قيل إذ بمعنى إذا كما ذكرنا في قوله تعالى " إذ الاغلال في أعناقهم " وقيل هى بمعنى إن الشرطية، وقيل هى على بابها ماضية، والمعنى إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بإقامة الصلاة.
قوله تعالى (استحوذ) إنما صحت الواو هنا بنية على الاصل، وقياسه استحاذ مثل استقام.
قوله تعالى (لاغلبن) هو جواب قسم محذوف، وقيل هو جواب كتب، لانه بمعنى قال.
(4/82)
قوله تعالى (يوادون) هو المفعول الثانى لتجد، أو حال أو صفة لقوم، وتجد بمعنى تصادف على هذا، والله أعلم.
سورة الحشر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (مانعتهم) هو خبر أن، و (حصونهم) مرفوع به، وقيل هو خبر مقدم.
قوله تعالى (يخربون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون تفسيرا للرعب، فلا يكون له موضع.
واللينة عينها واو، لانها من اللون قلبت لسكونها وانكسار ماقبلها.
قوله تعالى (من خيل) من زائدة. والدولة بالضم في المال، وبالفتح في النصرة، وقيل هما لغتان.
قوله تعالى (للفقراء) قيل هو بدل من قوله تعالى " لذى القربى " ومابعده، وقيل التقدير: اعجبوا، و (يبتغون) حال (والذين تبوء وا) قيل هو معطوف على المهاجرين، فيحبون على هذا حال، وقيل هو مبتدأ، ويحبون الخبر.
قوله تعالى (والايمان) قيل المعنى: وأخلصوا الايمان وقيل التقدير: ودار الايمان، وقيل المعنى: تبوء وا الايمان: أى جعلوه ملجأ لهم.
[259]
قوله تعالى (حاجة) أى مس حاجة.
قوله تعالى (لا ينصرونهم) لما كان الشرط ماضيا جاز ترك جزم الجواب والجدار واحد في معنى الجمع، وقد قرئ " من وراء جدر " وجدور على الجمع.
قوله تعالى (كمثل) أى مثلهم كمثل، و (قريبا) أى استقروا من قبلهم زمنا قريبا، أو ذاقوا وبال أمرهم قريبا: أى عن قريب.
قوله تعالى (فكان عاقبتهما) يقرأ بالنصب على الخبر، و (أنهما في النار) الاسم، ويقرأ بالعكس، و (خالدين) حال، وحسن لما كرر اللفظ، ويقرأ " خالدان " على أنه خبر أن.
قوله تعالى (المصور) بكسر الواو ورفع الراء على أنه صفة، وبفتحها على أنه مفعول البارئ عزوجل، وبالجر على التشبيه بالحسن الوجه على الاضافة، والله أعلم.
سورة الممتحنة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/83)
قوله تعالى (تلقون) هو حال من ضمير الفاعل في تتخذوا، ويجوز أن يكون مستأنفا، والباء في (بالمودة) زائدة، و (يخرجون) حال من الضمير في كفروا أو مستأنف (وإياكم) معطوف على الرسول، و (أن تؤمنوا) مفعول له معمول يخرجون، و (إن كنتم) جوابه محذوف دل عليه لاتتخذوا، و (جهادا) مصدر في موضع الحال، أو معمول فعل محذوف دل عليه الكلام: أى جاهدتم جهادا، و (تسرون) توكيد لتلقون بتكرير معناه.
قوله تعالى (يوم القيامة) ظرف (ليفصل) أو لقوله لن تنفعكم، وفي يفصل قراء ات ظاهرة الاعراب، إلا أن من لم يسم الفاعل جعل القائم مقام الفاعل (بينكم) كما ذكرنا في قوله تعالى " لقد تقطع بينكم ".
قوله تعالى (في إبراهيم) فيه أوجه: أحدها هو نعت آخر لاسوة.
والثانى هو متعلق بحسنة تعلق الظرف بالعامل.
والثالث أن يكون حالا من الضمير في حسنة، والرابع أن يكون خبر كان، ولكم تبيين، ولا يجوز أن يتعلق بأسوة لانها قد وصفت، و (إذ) ظرف لخبر كان، ويجوز أن يكون هو خبر كان، و (برآء) جمع برئ مثل ظريف وظرفاء وبراء بهمزة واحدة مثل رخال، والهمزة محذوفة، وقيل هو جمع برأسه، وبراء بالكسر مثل طراق، وبالفتح اسم للمصدر مثل سلام، والتقدير: إنا ذوو براء.
[260]
قوله تعالى (إلا قول) هو استثناء من غير الجنس، والمعنى: لا تتأسوا به في الاستغفار للكفار.
قوله تعالى (لمن كان) قد ذكر في الاحزاب.
قوله تعالى (أن تبروهم) هو في موضع جر على البدل من الذين بدل الاشتمال أى عن بر الذين، وكذلك (أن تولوهم) و (تمسكوا) قد ذكر في الاعراف و (يبايعنك) حال، و (يفترينه) نعت لبهتان، أو حال من ضمير الفاعل في يأتين.
قوله تعالى (من أصحاب القبور) يجوز أن يتعلق بيئس: أى يئسوا من بعث أصحاب القبور، وأن يكون حالا: أى كائنين من أصحاب القبور.
سورة الصف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/84)
قوله تعالى (أن تقولوا) يجوز أن يكون فاعل " كبر "، أو على تقدير هو، ويكون التقدير: كبر ذلك، وأن يكون بدلا، ومقتا تمييز، و (صفا) حال، وكذلك (كأنهم) و (مصدقا) حال مؤكدة، والعامل فيها رسول أو مادل عليه الكلام، و (من التوراة) حال من الضمير في بين، و (مبشرا) حال أيضا، و (اسمه أحمد) جملة في موضع جر نعتا لرسول، أو في موضع نصب حال من الضمير في يأتى.
قوله تعالى (متم نوره) بالتنوين والاضافة، وإعرابها ظاهر، و (بالهدى) حال من رسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى (تؤمنون بالله) هو تفسير للتجارة، فيجوز أن يكون في موضع جر على البدل، أو في موضع رفع على تقدير هى، وإن محذوفة، ولما حذفت بطل عملها.
قوله تعالى (يغفر لكم) في جزمه وجهان: أحدهما هو جواب شرط محذوف دل عليه الكلام تقديره: إن تؤمنوا يغفر لكم، وتؤمنون بمعنى آمنوا.
[261]
والثانى هو جواب لما دل عليه الاستفهام، والمعنى: هل تقبلون إن دللتكم.
وقال الفراء: هو جواب الاستفهام على اللفظ، وفيه بعد لان دلالته إياهم لا توجب المغفرة لهم.
قوله تعالى (وأخرى) في موضعها ثلاثة أوجه: أحدها نصب على تقدير: ويعطكم أخرى. والثانى هو نصب بتحبون المدلول عليه ب (تحبونها). والثالث موضعها رفع: أى وثم أخرى، أو يكون الخبر (نصر) أى هى نصر.
قوله تعالى (كما قال) الكاف في موضع نصب: أى أقول لكم كما قال، وقيل هو محمول على المعنى، إذ المعنى: انصروا الله كما نصر الحواريون عيسى ابن مريم عليه السلام، والله أعلم.
سورة الجمعة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الملك) يقرأ هو ومابعده بالجر على النعت، وبالرفع على الاستئناف والجمهور على ضم القاف من (القدوس) وقرئ بفتحها وهما لغتان.
قوله تعالى (وآخرين) هو في موضع جر عطفا على الاميين.
قوله تعالى (يحمل) هو في موضع الحال من الحمار، والعامل فيه معنى المثل.
(4/85)
قوله تعالى (بئس مثل) مثل هذا فاعل بئس، وفي (الذين) وجهان: أحدهما هو في موضع جر نعتا للقوم والمخصوص بالذم محذوف: أى هذا المثل. والثانى في موضع رفع تقديره: بئس مثل القوم مثل الذين، فمثل المحذوف هو المخصوص بالذم، وقد حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى (فإنه ملاقيكم) الجملة خبر إن، ودخلت الفاء لما في الذى من شبه الشرط، ومنع منه قوم وقالوا: إنما يجوز ذلك إذا كان الذى هو المبتدأ، أو اسم إن، والذى هنا صفة، وضعفوه من وجه آخر وهو أن الفرار من الموت لاينجى منه فلم يشبه الشرط.
[262]
وقال: هؤلاء الفاء زائدة، وقد أجيب عن هذا بأن الصفة والموصوف كالشئ الواحد، ولان الذى لا يكون إلا صفة، فإذا لم يذكر الموصوف معها دخلت الفاء والموصوف مراد، فكذلك إذا صرح، وأما ماذكروه ثانيا فغير صحيح، فإن خلقا كثيرا يظنون أن الفرار من أسباب الموت ينجيهم إلى وقت آخر.
قوله تعالى (من يوم الجمعة) " من " بمعنى في، والجمعة بضمتين وبإسكان الميم مصدر بمعنى الاجتماع، وقيل في المسكن هو بمعنى المجتمع فيه مثل رجل ضحكة أى يضحك منه، ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعل: أى يوم المكان الجامع مثل رجل ضحكة: أى كثير الضحك.
قوله تعالى (إليها) إنما أنث الضمير لانه أعاده إلى التجارة لانها كانت أهم عندهم، والله أعلم.
سورة المنافقون
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كأنهم) الجملة حال من الضمير المجرور في قولهم، وقيل هى مستأنفة، و (خشب) بالضم والاسكان جمع خشب مثل أسد وأسد، ويقرأ بفتحتين والواحدة خشبة، و (يحسبون) حال من معنى الكلام، وقيل مستأنف.
قوله تعالى (رسول الله) العامل فيه يستغفر، ولو أعمل تعالوا لقال إلى رسول الله، أو كان ينصب، و (لووا) بالتخفيف والتشديد، وهو ظاهر، والهمزة في (أستغفرت لهم) مفتوحة همزة قطع، وهمزة الوصل محذوفة، وقد وصلها قوم على أنه حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه.
(4/86)
قوله تعالى (ليخرجن) يقرأ على تسمية الفاعل والتشديد، و (الاعز) فاعل و (الاذل) مفعول، ويقرأ على ترك التسمية والاذل على هذا حال، والالف واللام زائدة، أو يكون مفعول حال محذوفة: أى مشبها الاذل.
قوله تعالى (وأكون) بالنصب عطفا على ما قبله، وهو جواب الاستفهام، ويقرأ بالجزم حملا على المعنى، والمعنى: إن أخرتنى أكن، والله أعلم.
سورة التغابن
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبشر) هو مبتدأ، و (يهدوننا) الخبر، ويجوز أن يكون فاعلا أى أيهدينا بشر.
قوله تعالى (يوم يجمعكم) هو ظرف لخبير، وقيل لما دل عليه الكلام: أى تتفاوتون يوم يجمعكم، وقيل التقدير.
اذكروا يوم يجمعكم.
قوله تعالى (يهد قلبه) يقرأ بالهمز: أى يسكن قلبه.
قوله تعالى (خيرا لانفسكم) هو مثل قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " والله أعلم.
سورة الطلاق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا طلقتم) قيل التقدير: قل لامتك إذا طلقتم. وقيل الخطاب له صلى الله عليه وسلم ولغيره (لعدتهن) أى عند أول مايعتد لهن به وهو في قبل الطهر.
قوله تعالى (بالغ أمره) يقرأ بالتنوين والنصب وبالاضافة والجر، والاضافة غير محضة، ويقرأ بالتنوين والرفع على أنه فاعل بالغ، وقيل أمره مبتدأ، وبالغ خبره.
قوله تعالى (واللائى لم يحضن) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى فعدتهن كذلك، و (أجلهن) مبتدأ، و (أن يضعن) خبره، والجملة خبر أولات، ويجوز أن يكون أجلهن بدل الاشتمال: أى وأجل أولات الاحمال.
قوله تعالى (أسكنوهن من حيث) من هاهنا لابتداء الغاية، والمعنى تسببوا في إسكانهن من الوجه الذى تسكنون، ودل عليه قوله تعالى (من وجدكم) والوجد الغنى، ويجوز فتحها وكسرها، ومن وجدكم بدل من " من حيث ".
(4/87)
قوله تعالى (رسولا) في نصبه أوجه: أحدها أن ينتصب بذكرا: أى أنزل إليكم أن ذكر رسولا. والثانى أن يكون بدلا من ذكرا، ويكون الرسول بمعنى الرسالة، و (يتلو) على هذا يجوز أن يكون نعتا، وأن يكون حالا من اسم الله تعالى.
[264]
والثالث أن يكون التقدير: ذكر أشرف رسول، أو ذكرا ذكر رسول، ويكون المراد بالذكر الشرف، وقد أقام المضاف إليه مقام المضاف.
والرابع أن ينتصب بفعل محذوف: أى وأرسل رسولا.
قوله تعالى (قد أحسن الله له) الجملة حال ثانية، أو حال من الضمير في خالدين.
قوله تعالى (مثلهن) من نصب عطفه: أى وخلق من الارض مثلهن، ومن رفع استأنفه، و (يتنزل) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون نعتا لما قبله، والله أعلم.
سورة التحريم
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تبتغى) هو حال من الضمير في تحرم، ويجوز أن يكون مستأنفا وأصل (تحلة) تحللة، فأسكن الاول وأدغم (وإذ) في موضع نصب باذكر.
قوله تعالى (عرف بعضه) من شدد عداه إلى اثنين، والثانى محذوف: أى عرف بعضه بعض نسائه، ومن خفف فهو محمول على المجازاة لا على حقيقة العرفان لانه كان عارفا بالجميع، وهو كقوله تعالى " والله بما تعملون خبير " ونحوه: أى يجازيكم على أعمالكم.
قوله تعالى (إن تتوبا) جواب الشرط محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما أو يتب الله عليكما، ودل على المحذوف (فقد صغت) لان إصغاء القلب إلى ذلك ذنب.
قوله تعالى (قلوبكما) إنما جمع، وهما اثنان لان لكل إنسان قلبا، وما ليس في الانسان منه إلا واحد جاز أن يجعل الاثنان فيه بلفظ الجمع، وجاز أن يجعل بلفظ التثنية، وقيل وجهه أن التثنية جمع.
قوله تعالى (هو مولاه) مبتدأ وخبره خبر إن، ويجوز أن يكون هو فصلا، فأما (جبريل وصالح المؤمنين) ففيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف أو مواليه، أو يكون معطوفا على الضمير في مولاه أو على معنى الابتداء.
[265]
(4/88)
والثانى أن يكون مبتدأ (والملائكة) معطوفا عليه، و (ظهير) خبر الجميع، وهو واحد في معنى الجمع: أى ظهراء، و (مسلمات) نعت آخر وما بعده من الصفات كذلك، فأما الواو في قوله تعالى (وأبكارا) فلا بد منها، لان المعنى بعضهن ثيبات وبعضهن أبكار.
قوله تعالى (قوا) في هذا الفعل عينه لان فاء ه ولامه معلتان، فالواو حذفت في المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، والامر مبنى على المضارع.
قوله تعالى (لا يعصون الله) هو في موضع رفع على النعت.
قوله تعالى (توبة نصوحا) يقرأ بفتح النون، قيل هو مصدر، وقيل هو اسم فاعل: أى ناصحة على المجاز، ويقرأ بضمها وهو مصدر لا غير مثل القعود.
قوله تعالى (يقولون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (امرأة نوح وامرأة لوط) أى مثل امرأة نوح، وقد ذكر في يس وغيرها، و (كانتا) مستأنف، و (إذ قالت) العامل في إذ المثل، و (عندك) يجوز أن يكون ظرفا لابن، وأن يكون حالا من (بيتا).
قوله تعالى (ومريم) أى واذكر مريم، أو ومثل مريم، و (فيه) الهاء تعود على الفرج، والله أعلم.
سورة الملك
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (طباقا) واحدها طبقة، وقيل طبق، و (تفاوت) بالالف وضم الواو مصدر تفاوت، وتفوت بالتشديد مصدر تفوت وهما لغتان، و (كرتين) مصدر: أى رجعتين.
قوله تعالى (كفروا بربهم عذاب) بالرفع على الابتداء، والخبر للذين، ويقرأ بالنصب عطفا على عذاب السعير.
قوله تعالى (فسحقا) أى فالزمهم سحقا، أو فاسحقهم سحقا.
قوله تعالى (من خلق) من في موضع رفع فاعل يعلم، والمفعول محذوف أى ألا يعلم الخالق خلقه، وقيل الفاعل مضمر، ومن مفعول.
[266]
قوله تعالى (النشور أأمنتم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبقلبها واوا في الوصل لانضمام الراء قبلها، و (أن يخسف) و (أن يرسل) هما بدلان من بدل الاشتمال.
(4/89)
قوله تعالى (فوقهم صافات) يجوز أن يكون صافات حالا، وفوقهم ظرف لها، ويجوز أن يكون فوقهم حالا، وصافات حالا من الضمير في فوقهم (ويقبضن) معطوف على اسم الفاعل حملا على المعنى: أى يصففن ويقبضن: أى صافات وقابضات، و (ما يمسكهن إلا الرحمن) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يقبضن، ومفعول يقبضن محذوف: أى أجنحتهن.
قوله تعالى (أمن) من مبتدأ، و (هذا) خبره، و (الذى) وصلته نعت لهذا أو عطف بيان، و (ينصركم) نعت جند محمول على اللفظ، ولو جمع على المعنى لجاز، و (مكبا) حال، و (على وجهه) توكيد، و (أهدى) خبر " من " وخبر " من " الثانية محذوف.
قوله تعالى (غورا) هو خبر أصبح أو حال إن جعلتها التامة وفيه بعد، والغور مصدر في معنى الغائر، ويقرأ " غورا " بالضم والهمز على فعول، وقلبت الواو همزة لانضمامها ضما لازما ووقوع الواو بعدها، والله أعلم.
سورة ن
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ن والقلم) هو مثل " يس والقرآن " وقد ذكر.
قوله تعالى (بأيكم المفتون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها الباء زائدة.
والثانى أن المفتون مصدر مثل المفعول والميسور: أى بأيكم الفتون: أى الجنون.
والثالث هى بمعنى في: أى في أى طائفة منكم الجنون.
قوله تعالى (لو تدهن فيدهنون) إنما أثبت النون لانه عطفه على تدهن ولم يجعله جواب التمنى، وفي بعض المصاحف بغير نون على الجواب.
قوله تعالى (أن كان) يقرأ بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها على أنها مصدرية، فجواب الشرط محذوف دل عليه (إذا تتلى) أى أن كان ذا مال يكفر، وإذا جعلته مصدرا كان التقدير: لان كان ذا مال يكفر، ولا يعمل فيه
[267]
تتلى ولا مال، لان ما بعد اذا لا يعمل فيما قبلها، و (مصبحين) حال من الفاعل في يصر منها لا في أقسموا، و (على حرد) يتعلق ب (قادرين) وقادرين حال، وقيل خبر غدوا لانها حملت على أصبحوا.
قوله تعالى (عند ربهم) يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار، وأن يكون حالا من (جنات).
(4/90)
قوله تعالى (بالغة) بالرفع نعت لايمان، وبالنصب على الحال، والعامل فيها الظرف الاول أو الثانى.
قوله تعالى (يوم يكشف) أى اذكر يوم يكشف، وقيل العامل فيه (خاشعة) ويقرأ " تكشف " أى شدة القيامة، وخاشعة حال من الضمير في يدعون، و (من يكذب) معطوف على المفعول أو مفعول معه.
سورة الحاقة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الحاقة) قيل هو خبر مبتدأ محذوف، وقيل مبتدأ ومابعده الخبر على ماذكر في الواقعة، و (ما) الثانية مبتدأ، و (أدراك) الخبر والجملة بعده في موضع نصب، و (الطاغية) مصدر كالعافية، وقيل اسم فاعل بمعنى الزائدة، و (سخرها) مستأنف أو صفة، و (حسوما) مصدر: أى قطعا لهم، وقيل هو جمع أى متتابعات، و (صرعى) حال، و (كأنهم) حال أخرى من الضمير في صرعى و (خاوية) على لغة من أنث النخل، و (باقية) نعت: أى حالة باقية، وقيل هو بمعنى بقية، و (من قبله) أى من تقدمه بالكفر، ومن قبله: أى من عنده، وفي جملته، و (بالخاطئة) أى جاء وا بالفعلة ذات الخطأ على النسب مثل تامر ولابن.
قوله تعالى (وتعيها) هو معطوف، أى ولتعيها، ومن سكن العين فر من الكسرة مثل فخذ، و (واحدة) توكيد لان النفخة لا تكون إلا واحدة، (وحملت الارض) بالتخفيف، وقرئ مشددا: أى حملت الاهوال، و (يومئذ) ظرف ل (وقعت) و (يومئذ) ظرف ل (واهية) و (هاؤم) اسم للفعل بمعنى خذوا، و (كتابيه) منصوب باقرء وا لا بهاؤم عند البصريين، وبهاؤم عند الكوفيين، و (راضية) على ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى مرضية مثل دافق بمعنى مدفوق.
[268]
والثانى على النسب: أى ذات رضا مثل لابن وتامر.
والثالث هى على بابها، وكأن العيشة رضيت بمحلها وحصولها في مستحقها أو أنها لاحال أكمل من حالها فهو مجاز.
(4/91)
قوله تعالى (ماأغنى عنى) يحتمل النفى والاستفهام، والهاء في هذه المواضع لبيان الحركة لتتفق رء وس الآى، و (الجحيم) منصوب بفعل محذوف، و (ذرعها سبعون) صفة لسلسلة، وفي تتعلق ب (اسلكوه) ولم تمنع الفاء من ذلك، والتقدير ثم فاسلكوه، فثم لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ، والنون في (غسلين) زائدة لانه غسالة أهل النار، وقيل التقدير: ليس له حميم إلا من غسلين ولاطعام، وقيل الاستثناء من الطعام والشراب، لان الجميع يطعم بدليل قوله تعالى " ومن لم يطعمه " وأما خبر ليس هاهنا أوله، وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو معمول الخبر، ولايكون اليوم خبرا لانه زمان، والاسم جثة، و (قليلا) قد ذكر في الاعراف، و (تنزيل) في يس، و (باليمين) متعلق بأخذنا أو حال من الفاعل، وقيل من المفعول.
قوله تعالى (فما منكم من أحد) من زائدة، وأحد مبتدأ، وفي الخبر وجهان: أحدهما (حاجزين) وجمع على معنى أحد، وجر على لفظ أحد، وقيل هو منصوب بما، ولم يعتد بمنكم فصلا، وأما منكم على هذا فحال من أحد، وقيل تبيين. والثانى الخبر منكم، وعن يتعلق بحاجزين، والهاء في إنه للقرآن العظيم.
سورة المعارج
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سأل) يقرأ بالهمزة وبالالف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هى بدل من الهمزة على التخفيف.
والثانى هى بدل من الواو على لغة من قال: هما يتساولان.
والثالث هى من الياء من السيل، والسائل يبنى على الاوجه الثلاثة، والباء بمعنى عن وقيل هى على بابها: أى سال بالعذاب كما يسيل الوادى بالماء واللام تتعلق بواقع، وقيل هى صفة أخرى للعذاب، وقيل يسأل؟؟، وقيل التقدير، هو للكافرين، و (من) تتعلق بدافع: أى لا يدفع من جهة الله، وقيل تتعلق بواقع، ولم يمنع النفى ذلك لانه ليس فعل، و (ذى) صفة لله تعالى، و (تعرج) مستأنف، و (يوم تكون) بدل من قريب (ولايسأل) بفتح الياء: أى حميما عن حاله، ويقرأ
[269]
(4/92)
بضمها والتقدير: عن حميم، و (يبصرونهم) مستأنف، وقيل حال وجمع الضمير على معنى الحميم، و (يود) مستأنف أو حال من ضمير المفعول أو المرفوع، و (لو) بمعنى أن.
قوله تعالى (نزاعة) أى هى نزاعة، وقيل هى بدل من لظى، وقيل كلاهما خبر، وقيل خبر إن، وقيل لظى بدل من اسم إن، ونزاعة خبرها، وأما النصب فقيل هو حال من الضمير في (تدعو) مقدمة، وقيل هى حال مما دلت عليه لظى أى تتلظى نزاعة، وقيل هو حال من الضمير في لظى على أن تجعلها صفة غالبة مثل الحارث والعباس، وقيل التقدير: أعنى. وتدعو يجوز أن يكون حالا من الضمير في نزاعة إذا لم تعمله فيها، و (هلوعا) حال مقدرة، و (جزوعا) حال أخرى والعامل فيها هلوعا، وإذا ظرف لجزوعا، وكذلك (منوعا).
قوله تعالى (إلا المصلين) هو استثناء من الجنس، والمستثنى منه الانسان وهو جنس، فلذلك ساغ الاستثناء منه.
قوله تعالى (في جنات) هو ظرف ل (مكرمون) ويجوز أن يكونا خبرين، و (مهطعين) حال من الذين كفروا، وكذلك (عزين) وقبلك معمول مهطعين وعزين جمع عزة، والمحذوف منه الواو، وقيل الياء، وهو من عزوته إلى أبيه وعزيته لان العزة الجماعة، وبعضهم منضم إلى بعض، كما أن المنسوب مضموم إلى المنسوب إليه.
وعن يتعلق بعزين: أى متفرقين عنهما، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (يوم يخرجون) هو بدل من يومهم، أو على إضمار أعنى، و (سراعا) و (كأنهم) حالان، والنصب قد ذكر في المائدة (خاشعة) حال من يخرجون، والله أعلم.
سورة نوح عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن أنذر) يجوز أن تكون بمعنى أى، وأن تكون مصدرية، وقد ذكرت نظائره، و (طباقا) قد ذكر في الملك، و (نباتا) اسم للمصدر فيقع موقع إتبات؟؟؟ ونبت وتنبيت، وقيل التقدير: فنبتم نباتا، و (منها) يجوز أن يتعلق بتسلكوا، وأن يكون حالا، و (كبارا) بالتشديد والتخفيف بمعنى كبير، و (ودا) بالضم
[270]
(4/93)
والفتح لغتان، وأما (يغوث ويعوق) فلا ينصرفان لوزن الفعل والتعريف. وقد صرفهما قوم على أنهما نكرتان.
قوله تعالى (مما خطاياهم) " ما " زائدة. أى من أجل خطاياهم (أغرقوا) وأصل (ديارا) ديوار لانه فيعال من دار يدور ثم أدغم.
سورة الجن
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أوحى إلى) يقرأ أحى بغير واو وأصله وحى، يقال وحى وأوحى ثم قلبت الواو المضمومة همزة.
وما في هذه السورة من أن فبعضه مفتوح وبعضه مكسور، وفي بعضه اختلاف، فما كان معطوفا على أنه استمع فهو مفتوح لاغير لانها مصدرية. وموضعها رفع بأوحى، وماكان معطوفا على أنا سمعنا فهو مكسور لانه حكى بعد القول، وماصح أن يكون معطوفا على الهاء في به كان على قول الكوفيين على تقدير: وبأن ولا يجيزه البصريون لان حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا، فأما قوله تعالى " وأن المساجد لله " فالفتح على وجهين: أحدهما هو معطوف على أنه استمع فيكون قد أوحى والثانى أن يكون متعلقا بتدعو: أى فلا تشركوا مع الله أحدا لان المساجد له: أى مواضع السجود، وقيل هو جمع مسجد وهو مصدر، ومن كسر استأنف، وأما " وأنه لما قام " فيحتمل العطف على أنه استمع وعلى إنا سمعنا، و (شططا) نعت لمصدر محذوف: أى قولا شططا وكذلك (كذبا) أى قولا كذبا ويقرأ تقول بالتشديد، فيجوز أن يكون كذبا مفعولا ونعتا، و (رصدا) أى مرصدا أو ذا إرصاد، و (أشر) فاعلى فعل محذوف: أى أريد شر، و (قددا) جمع قدة مثل عدة وعدد. و (هربا) مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (وأن لو استقاموا) أن مخففة من الثقيلة ولو عرض كالسين وسوف وقيل " لو " بمعنى أن، وإن بمعنى اللام وليست لازمة كقوله تعالى " لئن لم ينته " وقال تعالى في موضع آخر " وإن لم ينتهوا " ذكره ابن فصال في البرهان، والهاء في (يدعوه) ضمير اسم الله: أى قام موحدا لله، و (لبدا) جمع لبدة، ويقرأ بضم اللام وفتح الباء مثل حطم وهو نعت للمبالغة، ويقرأ مشددا مثل صوم.
[271]
(4/94)
قوله تعالى (إلا بلاغا) هو من غير الجنس، و (من أضعف) قد ذكر أمثاله، و (من ارتضى) من استثناء من الجنس، وقيل هو مبتدأ والخبر (فإنه) و (رصدا) مفعول يسلك: أى ملائكة رصدا، و (عددا) مصدر، لان أحصى بمعنى عد، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.
سورة المزمل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (المزمل) أصله المتزمل، فأبدلت التاء زايا وأدغمت، وقد قرئ بتشديد الميم وتخفيف الزاى، وفيه وجهان: أحدهما هو مضاعف، والمفعول محذوف: أى المزمل نفسه. والثانى هو مفتعل، فأبدلت الفاء ميما.
قوله تعالى (نصفه) فيه وجهان، أحدهما هو بدل من الليل بدل بعض من كل و (إلا قليلا) استثناء من نصفه.
والثانى هو بدل من قليلا، وهو أشبه بظاهر الآية، لانه قال تعالى " أو انقص منه أو زد عليه " والهاء فيهما للنصف، فلو كان الاستثناء من النصف لصار التقدير: قم نصف الليل إلا قليلا أو انقص منه قليلا: أى على الباقى، والقليل المستثنى غير مقدر، فالنقصان منه لايعقل.
قوله تعالى (أشد وطأ) بكسر الواو بمعنى مواطأة وبفتحها، وهو اسم للمصدر ووطأ على فعل، وهو مصدر وطئ وهو تمييز.
قوله تعالى (تبتيلا) مصدر على غير المصدر واقع موقع تبتل، وقيل المعنى بتل نفسك تبتيلا.
قوله تعالى (رب المشرق) يقرأ بالجر على البدل، وبالنصب على إضمار أعنى أو بدلا من اسم أو بفعل يفسره (فاتخذه) أى اتخذ رب المشرق، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، ولاإله إلا هو الخبر.
قوله تعالى (والمكذبين) هو مفعول معه، وقيل هو معطوف، و (النعمة) بفتح النون التنعم، وبكسرها كثرة الخير.
قوله تعالى (ومهلهم قليلا) أى تمهيلا قليلا، أو زمانا قليلا.
[272]
قوله تعالى (يوم ترجف) هو ظرف للاستقرار في خبر إن، وقيل هو وصف لعذاب: أى واقعا يوم ترجف، وقيل هو ظرف لاليم. وأصل مهيل مهيول، فحذف الواو عند سيبويه وسكنت الياء، والياء عند الاخفش، وقلبت الواو ياء.
(4/95)
قوله تعالى (فعصى فرعون الرسول) إنما أعاده بالالف واللام ليعلم أنه الاول، فكأنه قال: فعصاه فرعون.
قوله تعالى (يوم) هو مفعول تتقون، أى تتقون عذاب يوم، وقيل هو مفعول كفرتم: أى بيوم، و (يجعل الولدان) نعت اليوم، والعائد محذوف: أى فيه، و (منفطر) بغير تاء على النسب: أى ذات انفطار، وقيل ذكر حملا على معنى السقف، وقيل السماء تذكر وتؤنث.
قوله تعالى (ونصفه وثلثه) بالجر حملا على ثلثى، وبالنصب حملا على أدنى (وطائفة) معطوف على ضمير الفاعل، وجرى الفصل مجرى التوكيد.
قوله تعالى (أن سيكون) أن مخففة من الثقيلة، والسين عوض من تخفيفها وحذف اسمها، و (يبتغون) حال من الضمير في يضربون.
قوله تعالى (هو خيرا) هو فصل أو بدل أو تأكيد، وخبر المفعول الثانى.
سورة المدثر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(المدثر) كالمزمل، وقد ذكر.
قوله تعالى (تستكثر) بالرفع على أنه حال، وبالجزم على أنه جواب أو بدل، وبالنصب على تقدير لتستكثر، والتقدير في جعله جوابا: إنك أن لا تمنن بعملك أو بعطيتك تزدد من الثواب لسلامة ذلك عن الابطال بالمن على ماقال تعالى " لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى ".
قوله تعالى (فإذا نقر) " إذا " ظرف، وفي العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مادل عليه (فذلك) لانه إشارة إلى النقر، و (يومئذ) بدل من إذا، وذلك مبتدأ، والخبر (يوم عسير) أى نقر يوم.
الثانى العامل فيه مادل عليه عسير: أى تعسير، ولايعمل فيه نفس عسير لان الصفة لا تعمل فيما قبلها.
والثالث يخرج على قول الاخفش، وهو أن يكون " إذا " مبتدأ، والخبر فذلك، والفاء زائدة،
[273]
فأما يومئذ فظرف لذلك، وقيل هو في موضع رفع بدل من ذلك، أو مبتدأ، ويوم عسير خبره، والجملة خبر ذلك، و (على) يتعلق بعسير أو هى نعت له، أو حال من الضمير الذى فيه، أو متعلق ب (يسير) أو لما دل عليه.
(4/96)
قوله تعالى (ومن خلقت) هو مفعول معه أو معطوف، و (وحيدا) حال من التاء في خلقت، أو من الهاء المحذوفة، أو من " من " أو من الياء في ذرنى.
قوله تعالى (لاتبقى) يجوز أن يكون حالا من سقر، والعامل فيها معنى التعظيم، وأن يكون مستأنفا: أى هى لا تبقى، و (لواحة) بالرفع: أى هى لواحة، وبالنصب مثل لا تبقى، أو حال من الضمير في أى الفعلين شئت.
قوله تعالى (جنود ربك) هو مفعول يلزم تقديمه ليعود الضمير إلى مذكور، و (أدبر) ودبر لغتان، ويقرأ إذ وإذا.
قوله تعالى (نذيرا) في نصبه أوجه: أحدها هو حال من الفاعل في قم في أول السورة.
والثانى من الضمير في فأنذر حال مؤكدة.
والثالث هو حال من الضمير في إحدى.
والرابع هو حال من نفس إحدى.
والخامس حال من الكبر أو من الضمير فيها.
والسادس حال من اسم إن.
والسابع أن نذيرا في معنى إنذار: أى فأنذر إنذارا أو إنها لاحدى الكبر لانذار البشر، وفي هذه الاقوال مالا نرتضيه ولكن حكيناها، والمختار أن يكون حالا مما دلت عليه الجملة تقديره: عظمت عليه نذيرا.
قوله تعالى (لمن شاء) هو بدل بإعادة الجار.
قوله تعالى (في جنات) يجوز أن يكون حالا من أصحاب اليمين، وأن يكون حالا من الضمير في يتساء لون.
قوله تعالى (لم نك من المصلين) هذه الجملة سدت مسد الفاعل، وهو جواب ماسلككم، و (معرضين) حال من الضمير في الجار، و (كأنهم) حال هى بدل من معرضين أو من الضمير فيه، و (مستنفرة) بالكسر نافرة، وبالفتح منفرة (فرت) حال، وقد معها مقدرة أو خبر آخر، و (منشرة) بالتشديد على التكثير، وبالتخفيف وسكون النون من أنشرت، إما بمعنى أمر بنشرها ومكن منه مثل ألحمتك عرض فلان، أو بمعنى منشورة مثل أحمدت الرجل: أو بمعنى أنشر الله الميت: أى أحياه، فكأنه أحيا مافيها بذكره، والهاء في إنه للقرآن أو للوعيد.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله عزوجل.
سورة القيامة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/97)
في (لا) وجهان: أحدهما هى زائدة كما زيدت في قوله تعالى " لئلا يعلم " والثانى ليست زائدة، وفي المعنى وجهان: أحدهما هى نفى للقسم بها كما نفى القسم بالنفس. والثانى أن لا رد لكلام مقدر، لانهم قالوا أنت مفتر على الله في قولك نبعث فقال لا، ثم ابتدأ، فقال: أقسم، وهذا كثير في الشعر، فإن واو العطف تأتى في مبادئ القصائد كثيرا يقدر هناك كلام يعطف عليه، وقرئ " لاقسم ".
وفي الكلام وجهان: أحدهما هى لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى " وإن ربك ليحكم بينهم " وليست لام القسم. والثانى هى لام القسم ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى ولان خبر الله صدق، فجاز أن يأتى من غير توكيد، وقيل شبهت الجملة الفعلية بالجملة الاسمية كقوله تعالى " لعمرك إنهم لفى سكرتهم ".
قوله تعالى (قادرين) أى بل نجمعها، فقادرين حال من الفاعل، و (أمامه) ظرف: أى ليكفر فيما يستقبل، و (يسأل) تفسير ليفجر.
قوله تعالى (إلى ربك) هو خبر (المستقر) ويومئذ منصوب بفعل دل عليه المستقر، ولا يعمل فيه المستقر لانه مصدر بمعنى الاستقرار، والمعنى إليه المرجع.
قوله تعالى (بل الانسان) هو مبتدأ، و (بصيرة) خبره، وعلى يتعلق بالخبر وفي التأنيث وجهان: أحدهما هى داخلة للمبالغة: أى بصير على نفسه. والثانى هو على المعنى: أى هو حجة بصيرة على نفسه، ونسب الابصار إلى الحجة لما ذكر في بنى إسرائيل، وقيل بصيرة هنا مصدر، والتقدير: ذو بصيرة، ولايصح ذلك إلا على التبيين.
قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (ناضرة) خبره، وجاز الابتداء بالنكرة لحصول الفائدة، ويومئذ ظرف للخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أى ثم وجوه وناضرة صفة، وأما (إلى) فتتعلق ب (ناظرة) الاخيرة.
وقال بعض غلاة المعتزلة إلى هاهنا اسم بمعنى النعمة: أى منتظرة نعمة ربها، والمراد أصحاب الوجوه.
(4/98)
قوله تعالى (إذا بلغت) العامل في إذا معنى " إلى ربك يومئذ المساق " أى إذا بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، و (التراقى) جمع ترقوة، وهى فعلوة وليست
[275]
بتفعلة إذ ليس في الكلام ترق، و (من) مبتدأ، و (راق) خبره: أى من يرقيها ليبرئها: وقيل من يرفعها إلى الله عزوجل أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟.
قوله تعالى (فلا صدق) لا بمعنى ما و (يتمطى) فيه وجهان: أحدهما الالف مبدلة من طاء، والاصل يتمطط: أى يتمدد في مشيه كبرا. والثانى هو بدل من واو والمعنى يمد مطاه: أى ظهره.
قوله تعالى (أولى لك) وزن أولى فيه قولان: أحدهما فعلى، والالف للالحاق لا للتأنيث. والثانى هو أفعل، وهو على القولين هنا علم، فلذلك لم ينون، ويدل عليه ماحكى عن أبى زيد في النوادر هى أولاة بالتاء غير مصروف، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ ولك الخبر. والقول الثانى أنه اسم للفعل مبنى، ومعناه وليك شر بعد شر ولك تبيين، و (سدى) حال وألفه مبدلة من واو (يمنى) بالياء على أن الضمير للمنى، فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون للنطفة لان التأنيث غير حقيقى، والنطفة بمعنى الماء فيكون في موضع نصب كالقراء ة بالتاء، و (الذكر والانثى) بدل من الزوجين، و (يحيى) بالاظهار لاغير، لان الياء لو أدغمت للزم الجمع بين ساكنين لفظا وتقديرا، والله أعلم.
سورة الانسان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
في (هل) وجهان: أحدهما هى بمعنى قد. والثانى هى استفهام على بابها والاستفهام هنا للتقرير أو التوبيخ، و (لم يكن شيئا) حال من الانسان، و (أمشاج) بدل أو صفة، وهو جمع مشيج، وجاز وصف الواحد بالجمع هنا لانه كان في الاصل متفرقا ثم جمع: أى نطفة أخلاط، و (نبتليه) حال من الانسان، أو من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (إما شاكرا) إما هاهنا لتفصيل الاحوال، وشاكرا وكفورا حالان أى يناله في كلتا حالتيه.
[276]
(4/99)
قوله تعالى (سلاسل) القراء ة بترك التنوين، ونونه قوم أخرجوه على الاصل، وقرب ذلك عندهم شيئان: أحدهما إتباعه مابعده. والثانى أنهم وجدوا في الشعر مثل ذلك منونا في الفواصل، وإن هذا الجمع قد جمع كقول الراجز: * قد جرت الطير أيا منينا * قوله تعالى (من كأس) المفعول محذوف: أى خمرا أو ماء من كأس، وقيل " من " زائدة، و (كان مزاجها) نعت لكأس، وأما (عينا) ففي نصبها أوجه: أحدها هو بدل من موضع من كأس.
والثانى من كافور: أى ماء عين أو خمر عين.
والثالث بفعل محذوف: أى أعنى والرابع تقديره: أعطوا عينا.
والخامس يشربون عينا وقد فسره مابعده.
قوله تعالى (يشرب بها) قيل الباء زائدة، وقيل هى بمعنى " من " وقيل هو حال أى يشرب ممزوجا بها، والاولى أن يكون محمولا على المعنى، والمعنى يلتذ بها، و (يفجرونها) حال.
قوله تعالى (يوفون) هو مستأنف ألبتة.
قوله تعالى (متكئين فيها) يجوزأن يكون حالا من المفعول في جزاهم، وأن يكون صفة لجنة، و (لا يرون) يجوز أن يكون حالا من الضمير المرفوع في متكئين وأن يكون حالا أخرى، وأن يكون صفة لجنة، وأما (ودانية) ففيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على لا يرون أو على متكئين، فيكون فيه من الوجوه ما في المعطوف عليه. والثانى أن يكون صفة لمحذوف تقديره: وجنة دانية، وقرئ ودانية بالرفع على أنه خبر، والمبتدأ (ظلالها) وحكى بالجر: أى في جنة دانية، وهو ضعيف لانه عطف على المجرور من غير إعادة الجار، وأما ظلالها فمبتدأ، وعليهم الخبر على قول من نصب دانية أو جره، لان دنا يتعدى بإلى، ويجوز أن يرتفع بدانية لان دنا وأشرف بمعنى، وأما (وذللت) فيجوز أن يكون حالا: أى وقد ذللت، وأن يكون مستأنفا.
(4/100)
قوله تعالى (قواريرا قوارير) يقرآن بالتنوين وبغير التنوين وقد ذكر، والاكثرون يقفون على الاول بالالف لانه رأس آية. وفي نصبه وجهان: أحدهما هو خبر كان والثانى حال، وكان تامة: أى كونت، وحسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلها، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الاول رأس آية لشدة اتصال الصفة بالموصوف، و (قدروها) يجوز أن يكون نعتا لقوارير، وأن يكون مستأنفا، و (عينا) فيها من الوجوه ما تقدم في الاول والسلسبيل كلمة واحدة ووزنها فعليل(1) مثل إدريس.
___________________________________
(1) قوله (ووزنها فعليل) أى لان الباء زائدة كما في البيضاوى اه. (*)
[277]
قوله تعالى (عاليهم) فيه قولان: أحدهما هو فاعل، وانتصب على الحال من المجرور في عاليهم، و (ثياب سندس) مرفوع به: أى يطوف عليهم في حال علو السندس، ولم يؤنث عاليا لان تأنيث الثياب غير حقيقى والقول الثانى هو ظرف لان عاليهم جلودهم، وفي هذا القول ضعف، ويقرأ بسكون الياء إما على تخفيف المفتوح المنقوص، أو على الابتداء والخبر، ويقرأ " عاليتهم " بالتاء وهو ظاهر، و (خضر) بالجر صفة لسندس، وبالرفع لثياب (وإستبرق) بالجر عطفا على سندس، وبالرفع على ثياب.
قوله تعالى (أو كفورا) أو هنا على بابها عند سيبويه، وتفيد في النهى المنع من الجميع، لانك إذا قلت في الاباحة جالس الحسن أو ابن سيرين كان التقدير: جالس أحدهما، فإذا نهى قال لاتكلم زيدا أو عمرا، فالتقدير: لاتكلم أحدهما. فأيهما كلمه كان أحدهما فيكون ممنوعا منه، فكذلك في الآية، ويئول المنع إلى تقدير: فلا تطع منهما آثما ولا كفورا.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله أو إلا في حال مشيئة الله عزوجل (والظالمين) منصوب بفعل محذوف تقديره: ويعذب الظالمين، وفسره الفعل المذكور، وكان النصب أحسن لان المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل وقرئ بالرفع على الابتداء، والله أعلم.
سورة المرسلات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/101)
الواو الاولى للقسم، وما بعدها للعطف، ولذلك جاء ت الفاء، و (عرفا) مصدر في موضع الحال: أى متتابعة، يعنى الريح، وقيل المراد الملائكة فيكون التقدير بالعرف أو للعرف، و (عصفا) مصدر مؤكد، و (ذكرا) مفعول به، وفي (عذرا أو نذرا) وجهان: أحدهما مصدران يسكن أوسطهما ويضم. والثانى هما جمع عذير ونذير، فعلى الاول ينتصبان على المفعول له، أو على البدل من ذكرا، أو بذكرا، وعلى الثانى هما حالان من الضمير في الملقيات: أى معذرين ومنذرين.
قوله تعالى (إنما) " ما " هاهنا بمعنى الذى، والخبر (لواقع) ولا تكون " ما " مصدرية هنا ولا كافة.
[278]
قوله تعالى (فإذا النجوم) جواب إذا محذوف تقديره: بأن الامر أو فصل، ويقال لاى يوم، وجوابها العامل فيها، ولا يجوز أن يكون (طمست) جوابا لانه الفعل المفسر لمواقع النجوم الكلام لا يتم به، والتقدير: فإذا طمست النجوم ثم حذف الفعل استغناء عنه بما بعده.
وقال الكوفيون: الاسم بعد إذا مبتدأ، وهو بعيد لما في إذا من معنى الشرط المتقاضى بالفعل قوله تعالى (وقتت) بالواو على الاصل، لانه من الوقت، وقرئ بالتخفيف، ودل عليه قوله تعالى " كتابا موقوتا " وقرئ بالهمز لان الواو قد ضمت ضما لازما فهرب منها إلى الهمزة.
قوله تعالى (لاى يوم) أى يقال لهم، و (ليوم الفصل) تبيين لما قبله.
قوله تعالى (ويل) هو مبتدأ، و (يومئذ) نعت له أو ظرف له، و (للمكذبين) الخبر.
قوله تعالى (ثم نتبعهم) الجمهور على الرفع: أى ثم نحن نتبعهم، وليس بمعطوف لان العطف يوجب أن يكون المعنى أهلكنا المجرمين ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك، وليس كذلك لان إهلاك الآخرين لم يقع بعد، وقرئ بإسكان العين شاذا. وفيه وجهان: أحدهما هو على التخفيف لا على الجزم. والثانى هو مجزوم، والمعنى: ثم أتبعناهم الآخرين في الوعد بالاهلاك، أو أراد بالآخرين آخر من أهلك.
(4/102)
قوله تعالى (إلى قدر) هو في موضع الحال: أى مؤخرا إلى قدر، و (قدرنا) بالتخفيف أجود لقوله تعالى (فنعم القادرون) ولم يقل المقدرون، ومن شدد الفعل نبه على التكثير، واستغنى به عن التكثير بتشديد الاسم، والمخصوص بالمدح محذوف: أى فنعم القادرون نحن.
قوله تعالى (كفاتا) جمع كافت مثل صائم وصيام وقيل هو مصدر مثل كتاب وحساب، والتقدير: ذات كفت أى جمع، وأما (أحياء) ففيه وجهان،: أحدهما هو مفعول كفاتا. والثانى هو المفعول الثانى لجعلنا: أى جعلنا بعض الارض أحياء بالنبات، وكفاتا على هذا حال والتاء في فرات أصل.
قوله تعالى (لاظليل) نعت لظل، و (القصر) بسكون الصاد، وهو المشهور وهو المبنى، ويقرأ بفتحها وهو جمع قصرة وهى أصل النخلة والشجرة، و (جمالات) جمع جمالة وهو اسم الجمع مثل الزكارة والحجارة والضم لغة.
[279]
قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ، و (يوم لاينطقون) خبره، ويقرأ بفتح الميم وهو نصب على الظرف: أى هذا المذكور في يوم لاينطقون. وأجاز الكوفيون أن يكون مرفوع الموضع مبنى اللفظ لاضافته إلى الجملة.
قوله تعالى (فيعتذرون) في رفعه وجهان: أحدهما هو نفى كالذى قبله: أى فلا يعتذرون. والثانى هو مستأنف: أى فهم يعتذرون فيكون المعنى أنهم لاينطقون نطقا ينفعهم: أى لاينطقون في بعض المواقف وينطقون في بعضها، وليس بجواب النفى، إذ لو كان كذلك لحذف النون.
قوله تعالى (قليلا) أى تمتعا أو زمانا، والله أعلم.
سورة التساؤل (عم)
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد ذكرنا حذف ألف ما في الاستفهام، و (عن) متعلقة ب (يتساء لون) فأما (عن) الثانية فبدل من الاولى، وألف الاستفهام التى ينبعى أن تعاد محذوفة، أو هى متعلقة بفعل آخر غير مستفهم عنه: أى يتساء لون عن النبأ (الذى) يحتمل الجر والنصب والرفع، و (أزواجا) حال: أى متجانسين متشابهين.
قوله تعالى (ألفافا) هو جمع لف مثل جذع وأجذاع، وقيل هو جمع لف ولف جمع لفاء.
(4/103)
قوله تعالى (يوم ينفخ) هو بدل من يوم الفصل أو من ميقات، أو هو منصوب بإضمار أعنى، و (أفواجا) حال.
قوله تعالى (للطاغين) يجوز أن يكون حالا من (مآبا) أى مرجعا للطاغين، وأن يكون صفة لمرصادا، وأن تتعلق اللام بنفس مرصادا، و (لابثين) حال من الضمير، في الطاغين حال مقدرة، و (أحقابا) معمول لابثين، وقيل معمول (لا يذوقون) ويراد أحقابا هنا الابد ولا يذوقون حال أخرى، أو حال من الضمير في لابثين، و (جزاء ا) مصدر. أى جوزوا جزاء بذلك، و (كذابا) بالتشديد مصدر كالتكذيب، وبالتخفيف مصدر كذب إذا تكرر منه الكذب، وهو في المعنى قريب من كذب (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف،
[280]
و (كتابا) حال: أى مكتوبا، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى، لان أحصيناه بمعنى كتبناه، و (حدائق) بدل من مفازا، و (لا يسمعون) حال من الضمير في خبر إن ويجوز أن يكون مستأنفا، و (عطاء) اسم للمصدر وهو بدل من جزاء و (رب السموات) بالرفع على الابتداء، وفي خبره وجهان: أحدهما (الرحمن) فيكون ما بعده خبرا آخر أو مستأنفا. والثانى الرحمن نعت، و (لا يملكون) الخبر، ويجوز أن يكون رب خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب السموات، والرحمن وما بعده مبتدأ وخبر، ويقرأ " رب " والرحمن بالجر بدلا من ربك.
قوله تعالى (يوم يقوم) يجوز أن يكون ظرفا للايملكون ولخطابا (ولايتكلمون) (وصفا) حال قوله تعالى (يوم ينظر) أى عذاب يوم، فهو بدل، ويجوز أن يكون صفة لقريب، والله أعلم.
سورة والنازعات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(غرقا) مصدر على المعنى، لان النازع المغرق في نزع السهم أو في جذب الروح وهو مصدر محذوف الزيادة: أى إغراقا، و (أمرا) مفعول، وقيل حال: أى يدبرون مأمورات، و (يوم ترجف) مفعول: أى اذكر، ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه راجفة أو خاشعة: أى يخاف يوم ترجف، و (تتبعها) مستأنف.
أو حال من الراجفة.
قوله تعالى (يقولون) أى يقول أصحاب القلوب والابصار.
(4/104)
قوله تعالى (اذهب) أى قال اذهب، وقيل التقدير: إن ذهب فحذف إن.
قوله تعالى (إلى أن تزكى) لما كان المعنى أدعوك جاء بإلى.
قوله تعالى (نكال الآخرة) في نصبه وجهان: أحدهما هو مفعول له. والثانى هو مصدر لان أخذه ونكل به هنا بمعنى. فأما جواب القسم فقيل هو (إن في ذلك لعبرة) وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن.
قوله تعالى (أم السماء) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى أم السماء أشد، و (بناها) مستأنف، وقيل حال من المحذوف (والارض) منصوب بفعل محذوف أى ودحا الارض، وكذلك (والجبال) أى وأرسى الجبال، و (متاعا) مفعول له أو مصدر.
قوله تعالى (فإذا جاء ت) العامل فيها جوابها، وهو معنى قوله تعالى " يوم يتذكر "
[281]
قوله تعالى (هى المأوى) أى هى المأوى له، لا بد من ذلك ليعود على " من " من الخبر ضمير، وكذلك (المأوأى) الثانى والهاء في (ضحاها) ضمير العشية مثل قولك في ليلة ويومها.
سورة عبس
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن جاء ه) أى لان جاء ه.
قوله تعالى (فتنفعه) بالرفع عطفا على يذكر، وبالنصب على جواب التمنى في المعنى، ويقرأ، و (تصدى) يتفعل من الصدى وهو الصوت: أى لا يناديك إلا أجبته، ويجوز أن تكون الالف بدلا من دال، ويكون من الصدد، وهو الناحية والجانب، و (إنها) الضمير للموعظة، والضمير في الفعل للقرآن، و (في صحف) حال من الهاء، ويجوز أن يكون نعتا للتذكرة، وأن يكون التقدير: هو أو هى في صحف، وكذلك (بأيدى) و (من نطفة) متعلق بخلق الثانية. وماأكفره تعجب أو استفهام.
قوله تعالى (ثم السبيل) هو مفعول فعل محذوف: أى ثم يسر السبيل للانسان، ويجوز أن ينصب بأن مفعول ثان ليسره، والهاء للانسان: أى يسره السبيل: أى هداه له.
قوله تعالى (ما أمره) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى ماأمره به، والله أعلم.
(4/105)
قوله تعالى (أنا صببنا) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من طعامه أو على تقدير اللام (فإذا جاء ت الصاخة) مثل جاء ت الطامة، وقيل العامل في إذا معنى (لكل امرئ) والله أعلم.
سورة التكوير
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا الشمس) أى إذا كورت الشمس، وجواب إذا (علمت نفس) و (الجوارى) صفة للخنس.
قوله تعالى (عند ذى العرش) يجوز أن يكون نعتا لرسول، وأن يكون نعتا لمكين، و (ثم) معمول مطاع، وقرئ بضم الثاء، والهاء في (رآه) لجبريل عليه السلام، و (بظنين) بالظاء: أى بمتهم، وبالضاد: أى ببخيل، وعلى تتعلق به على الوجهين.
قوله تعالى (فأين تذهبون) أى إلى أين، فحذف حرف الجر كما قالوا ذهبت الشام، ويجوز أن يحمل.
على المعنى كأنه قال: أين تؤمنون، و (لمن شاء) بدل بإعادة الجار، و (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئته، والله أعلم.
سورة الانفطار
بسم اللّه الرحمن الرحيم
جواب (إذا علمت) و (ما غرك) استفهام لا غير، ولو كان تعجبا لقال ما أغرك. و (عدلك) بالتشديد قوم خلقك، وبالتخفيف على هذا المعنى، ويجوز أن يكون معناه صرفك على الخلقة المكروهة.
قوله تعالى (ماشاء) يجوز أن تكون " ما " زائدة، وأن تكون شرطية، وعلى الامرين الجملة نعت لصورة، والعائد محذوف: أى ركبك عليها، وفي تتعلق بركبك وقيل لا موضع للجملة لان في تتعلق بأحد الفعلين، فالجميع كلام واحد، وإنما تقدم الاستفهام عن ماهو حقه، و (كراما) نعت، و (يعلمون) كذلك، ويجوز أن يكون حالا: أى يكتبون عالمين.
قوله تعالى (يصلونها) يجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون نعتا لجحيم.
قوله تعالى (يوم لا تملك) يقرأ بالرفع: أى هويوم، وبالنصب على تقدير أعنى يوم، وقيل التقدير: يجازون يوم، ودل عليه ذكر الدين، وقيل حقه الرفع،
[283]
ولكن فتح على حكم الظرف كقوله تعالى " ومنا دون ذلك " وعند الكوفيين هو مبنى على الفتح، والله أعلم.
سورة التطفيف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/106)
قوله تعالى (كالوهم) " في " هم وجهان: أحدهما هو ضمير مفعول متصل، والتقدير: كالوا لهم، وقيل هذا الفعل يتعدى بنفسه تارة وبالحرف أخرى، والمفعول هنا محذوف: أى كالوهم الطعام ونحو ذلك، وعلى هذا لايكتب كالواو وزنوا بالالف والوجه الثانى أنه ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل، فعلى هذا يكتبان بالالف.
قوله تعالى (ألا يظن) الاصل لا النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وليست ألا التى للتنبيه، لان ما بعد تلك مثبت، وهاهنا هو منفى.
قوله تعالى (يوم يقوم الناس) هو بدل من موضع الجار والمجرور، وقيل التقدير: يبعثون يوم يقوم الناس، وقيل التقدير: أعنى، وقيل هو مبنى وحقه الجر أو الرفع، والنون في (سجين) أصل من السجن وهو الحبس، وقيل هو بدل من اللام.
قوله تعالى (كتاب) أى هو محل كتاب لان السجين مكان، وقيل التقدير: هو كتاب من غير حذف، والتقدير: وما أدراك ما كتاب سجين.
قوله تعالى (ثم يقال) القائم مقام الفاعل مضمر تفسره الجملة بعده، وقيل هو الجملة نفسها، وأما (عليون) فواحدها على وهو الملك، وقيل هو صيغة للجمع مثل عشرين، وليس له واحد، والتقدير: عليون محل كتاب، وقيل التقدير: ما كتاب عليين، و (ينظرون) صفة للابرار ويجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا، وعلى يتعلق به، ويجوز أن يكون حالا إما من الضمير في المجرور قبلها، أو من الفاعل في ينظرون.
قوله تعالى (عينا) أى أعنى عينا، وقيل التقدير: يسقون عينا: أى ماء عين وقيل هو حال من تسنيم، وتسنيم علم، وقيل تسنيم مصدر، وهو الناصب عينا، و (يشرب بها) قد ذكر في الانسان.
[284]
قوله تعالى (هل ثوب) موضع الجملة نصب بينظرون، وقيل لاموضع له، وقيل التقدير: يقال لهم هل ثوب، والله أعلم.
سورة الانشقاق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/107)
جواب (إذا) فيه أقوال: أحدها أذنت والواو زائدة. والثانى هو محذوف تقديره: يقال ياأيها الانسان إنك كادح، وقيل التقدير: بعثتم أو جوزيتم، ونحو ذلك مما دلت عليه السورة. والثالث أن " إذا " مبتدأ، وإذا الارض خبره، والواو زائدة حكى عن الاخفش. والرابع أنها لاجواب لها، والتقدير: اذكر إذا السماء، والهاء في " ملاقيه " ضمير ربك، وقيل هو ضمير الكدح: أى ملاقى جزائه، و (مسرورا) حال، و (ثبورا) مثل التى في الفرقان (وماوسق) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية.
قوله تعالى (لتركبن) على خطاب الجماعة، ويقرأ على خطاب الواحد، وهو النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل الانسان المخاطب، و (طبقا) مفعول، و (عن) بمعنى بعد، والصحيح أنها على بابها وهى صفة: أى طبقا حاصلا عن طبق: أى حالا عن حال، وقيل جيلا عن جيل، و (لا يؤمنون) حال، و (إلا الذين آمنوا) استثناء، ويجوز أن يكون متصلا، وأن يكون منقطعا، والله أعلم.
سورة البروج
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الواو للقسم، وجوابه محذوف: أى لتبعثن ونحوه، وقيل جوابه قتل: أى لقد قتل، وقيل جوابه: إن بطش ربك (واليوم الموعود) أى الموعود به، و (النار) بدل من الاخدود، وقيل التقدير: ذى النار لان الاخدود هو الشق في الارض، وقرئ شاذا بالرفع: أى هو النار، و (إذ هم) ظرف لقتل، وقيل التقدير: اذكر (فلهم عذاب جهنم) قيل هو مثل قوله تعالى " فإنه ملاقيكم " (فرعون وثمود) قيل هما بدلان من الجنود، وقيل التقدير: أعنى، والمجيد بالرفع نعت لله عزوجل، وبالجر للعرش، و (محفوظ) بالرفع نعت للقرآن العظيم، وبالجر للوح.
سورة الطارق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/108)
جواب القسم (إن كل نفس) وإن بمعنى " ما " و (لما) بالتشديد بمعنى إلا، وبالتخفيف مافيه زائدة، وإن هى المخففة من الثقيلة: أى إن كل نفس لعليها حافظ وحافظ مبتدأ، وعليها الخبر، ويجوز أن يرتفع حافظ بالظرف، و (دافق) على النسب: أى ذو اندفاق، وقيل هو بمعنى مدفوق، وقيل هو على المعنى، لان اندفق الماء بمعنى نزل، والهاء في (رجعه) تعود على الانسان، فالمصدر مضاف إلى المفعول: أى الله قادر على بعثه، فعلى هذا في قوله تعالى (يوم تبلى السرائر) أوجه: أحدها هو معمول قادر. والثانى على التبيين: أى يرجع يوم تبلى. والثالث تقديره اذكر، ولا يجوز أن يعمل فيه رجعه للفصل بينهما بالخبر، وقيل الهاء في رجعه للماء: أى قادر على رد الماء في الاحليل أو في الصلب، فعلى هذا يكون منقطعا عن قوله تعالى " يوم تبلى السرائر " فيعمل فيه اذكر، و (رويدا) نعت لمصدر محذوف: أى إمهالا رويدا، ورويدا تصغير رود، وقيل هو مصدر محذوف الزيادة، والاصل إروادا، والله أعلم.
سورة الاعلى جل وعلا
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سبح اسم ربك) قيل لفظة اسم زائدة، وقيل في الكلام حذف مضاف: أى سبح مسمى ربك ذكرهما أبوعلى في كتاب الشعر، وقيل هو على ظاهره: أى نزه اسمه عن الابتذال والكذب إذا أقسمت به.
قوله تعالى (أحوى) قيل هو نعت لغثاء، وقيل هو حال من المرعى: أى أخرج المرعى أخضر ثم صيره غثاء، فقدم بعض الصلة.
قوله تعالى (فلا تنسى) لا نافية أى فما تنسى، وقيل هى للنهى ولم تجزم لتوافق رء وس الآى، وقيل الالف ناشئة عن إشباع الفتحة، و (يؤثرون) بالياء على الغيبة، وبالتاء على الخطاب: أى قل لهم ذلك.
سورة الغاشية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (خاشعة) خبره، ويومئذ ظرف للخبر، و (عاملة) وصف لها بما كانت عليه في الدنيا (إلا من ضريع) يجوز أن يكون في موضع نصب على أصل الباب، وأن يكون رفعا على البدل.
(4/109)
قوله تعالى (إلا من تولى) هو استثناء منقطع، والاياب مصدر آب يؤوب مثل القيام والصيام، أبدلت الواو ياء لانكسار ماقبلها واعتلالها في الفعل، ويقرأ بتشديد الياء وأصله إيواب على فيعال فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فأبدلت الواو ياء وأدغم.
سورة الفجر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
جواب القسم: إن ربك لبالمرصاد (والوتر) بالفتح والكسر لغتان، و (إذا) ظرف، والعامل فيه محذوف: أى أقسم به إذا يسر، والجيد إثبات الياء، ومن حذفها فلتوافق رء وس الآى، و (إرم) لاينصرف للتعريف والتأنيث، قيل هو اسم قبيلة فعلى هذا يكون التقدير: إرم صاحب ذات العماد، لان ذات العماد مدينة، وقيل ذات العماد وصف، كما تقول القبيلة ذات الملك، وقيل " إرم " مدينة، فعلى هذا يكون التقدير: بعاد صاحب إرم، ويقرأ " بعاد إرم " بالاضافة فلا يحتاج إلى تقدير، ويقرأ " إرم ذات العماد " بالجر على الاضافة (وثمود) معطوف على عاد وكذلك (فرعون).
قوله تعالى (الذين طغوا) في الجمع وجهان: أحدهما أنه صفة للجمع. والثانى هو صفة لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم.
قوله تعالى (فأكرمه) هو معطوف على ابتلاه، وأما (فيقول) فجواب إذا وإذا وجوابها خبر عن الانسان.
قوله تعالى (ولا يحضون) المفعول محذوف: أى لا يحضون أحدا أى لا يحضون أنفسهم، ويقرأ " ولا تحاضون " وهو فعل لازم بمعنى تتحاضون.
[287]
قوله تعالى (يومئذ) هو بدل من إذا في قوله تعالى " إذا دكت " والعامل فيه (يتذكر) و (يقول) تفسير ليتذكر، ويجوز أن يكون العامل في إذا يقول، وفى يومئذ يتذكر، و (صفا) حال.
قوله تعالى (لا يعذب) و (لا يوثق) يقرآن بكسر الذال والثاء، والفاعل (أحد) والهاء تعود على الله عزوجل، ويقرآن بالفتح على مالم يسم فاعله، والهاء للمفعول، والتقدير: مثل عذابه، ومثل وثاقه، والعذاب والوثاق اسمان للتعذيب والايثاق (راضية) حال، والله أعلم.
سورة البلد
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/110)
قوله تعالى (لا أقسم بهذا البلد) مثل " لا أقسم بيوم القيامة " وقيل لا أقسم به وأنت حل فيه، بل أقسم بك (ووالد) معطوف على البلد، و (ما) بمعنى من وجواب القسم (لقد خلقنا) و (في كبد) حال: أى مكابدا.
قوله تعالى (فلا اقتحم) لا بمعنى " ما " وأكثر ما يجئ مثل هذا مكررا مثل " فلا صدق ولا صلى ".
قوله تعالى (ما العقبة) أى ما اقتحام العقبة لانه فسره بقوله تعالى (فك رقبة) وهو فعل سواء كان بلفظ الفعل أو بلفظ المصدر، والعقبة عين فلا تفسر بالفعل، فمن قرأ فك وأطعم فسر المصدر بالجملة الفعلية لدلالتهما عليه، ومن قرأ فك رقبة أو إطعام كان التقدير: هو فك رقبة، والمصدر مضاف إلى المفعول، وإطعام غير مضاف، ولا ضمير فيهما لان المصدر لا يتحمل الضمير.
وذهب بعض البصريين إلى أن المصدر إذا عمل في المفعول كان فيه ضمير كالضمير في اسم الفاعل، و (يتيما) مفعول إطعام، و (ثم) هنا لترتيب الاخبار لا لترتيب المخبر عنه، ومن همز (مؤصدة) أخذه من آصد الباب، ومن لم يهمز جاز أن يكون خفف الهمز، وأن يكون من أوصده، والله أعلم.
سورة الشمس
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الواو الاولى للقسم، وما بعدها عطف، و (إذ) معمول للقسم، وجواب القسم (قد أفلح) وحذف اللام لطول الكلام، و " ما " في المواضع الثلاثة بمعنى من، وقيل مصدرية، و (دساها) أصله دسسها فأبدلت السين الاخيرة ألفا لكثرة الامثال. والطغوى فعلى من الطغيان، والواو مبدلة من ياء مثل التقوى، ومن قال طغوت كانت الواو أصلا عنده، و (إذ) ظرف لكذبت أو لطغوى، و (ناقة الله) منصوب بمعنى احذروا (ولا يخاف) بالواو والجملة حال: أى فعلى ذلك وهو لا يخاف، وقرئ بالفاء على أنها للعطف من غير مهلة، والضمير في سواها وعقباها للعقوبة، والله أعلم.
سورة الليل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/111)
قوله تعالى (وماخلق) " ما " بمعنى من أو مصدرية، فعلى الاول من كنى به عن الله عزوجل، و (الذكر) مفعول أو يكون عن المخلوق، فيكون الذكر بدلا من " من " والعائد محذوف (وما يغنى) يجوز أن يكون نفيا: وأن يكون استفهاما، و (نارا تلظى) يقرأ بكسر التنوين وتشديد التاء، وقد ذكر وجهه في قوله تعالى " ولا تيمموا الخبيث ".
قوله تعالى (إلا ابتغاء) هو استثناء من غير الجنس، والتقدير: لكن فعل ذلك ابتغاء وجه ربه.
سورة الضحى
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ودعك) بالتشديد، وقد قرئ بالتخفيف، وهى لغة قليلة قال أبوالاسود الدؤلى:
ليت شعرى عن خليلى ما الذى * غاله في الحب حتى ودعه أى ترك الحب.
[289]
قوله تعالى (وما قلى) الالف مبدلة عن ياء لقولهم قليته، والمفعول محذوف: أى وما قلاك، وكذلك فآواك وفهداك وفأغناك، و (اليتيم) منصوب، بعده، وكذلك (السائل) و (بنعمة ربك) متعلق ب (حدث) ولا تمنع الفاء من ذلك لانها كالزائدة.
سورة ألم نشرح
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(العسر) في الموضعين واحد، لان الالف واللام توجب تكرير الاول، وأما يسرا في الموضعين فاثنان، لان النكرة إذا أريد تكريرها جئ بضميرها أو بالالف واللام، ومن هنا قيل " لن يغلب عسر يسرين " والله أعلم.
سورة التين
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سنين) هو لغة في سيناء، وقد ذكر في المؤمنين.
قوله تعالى (في أحسن تقويم) هو في موضع الحال من الانسان، وأراد بالتقويم القوام، لان التقويم فعل وذاك وصف للخالق لا للمخلوق، ويجوز أن يكون التقدير في أحسن قوام التقويم فحذف المضاف، ويجوز أن تكون " في " زائدة أى قومناه أحسن تقويم.
قوله تعالى (أسفل) هو حال من المفعول، ويجوز أن يكون نعتا لمكان محذوف.
قوله تعالى (فما يكذبك) " ما " استفهام على معنى الانكار: أى ما الذى يحملك أيها الانسان على التكذيب بالبعث.
قوله تعالى (أليس الله بأحكم الحاكمين) أى هو أحكم الحاكمين سبحانه، والله أعلم.
(4/112)
سورة العلق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) قيل الباء زائدة كقول الشاعر * لايقرآن السور * وقيل دخلت لتنبه على البداية باسمه في كل شئ كما قال تعالى " بسم اللّه الرحمن الرحيم " فعلى هذا يجوز أن يكون حالا: أى اقرأ مبتدئا باسم ربك.
قوله تعالى (أن رآه) هو مفعول له: أى يطغى لذلك، والرؤية هنا بمعنى العلم ف (استغنى) مفعول ثان.
قوله تعالى (لنسفعا) إذا وقف على هذه النون أبدل منها ألف لسكونها وانفتاح ما قبلها، و (ناصية) بدل من الناصية، وحسن إبدال النكرة من المعرفة لما نعتت النكرة.
قوله تعالى (فليدع ناديه) أى أهل ناديه. وزبانية فعالية من الزبن: وهو الدفع.
سورة القدر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الهاء في (أنزلناه) للقرآن العظيم، ولم يجر له ذكر هنا.
قوله تعالى (والروح) يجوز أن يكون مبتدأ، و (فيها) الخبر، وأن يكون معطوفا على الفاعل، وفيها ظرف أو حال.
قوله تعالى (بإذن ربهم) يجوز أن تتعلق الباء بتنزل، وأن يكون حالا، قوله تعالى (سلام هى) في سلام وجهان: أحدهما هى بمعنى مسلمة: أى تسلم الملائكة على المؤمنين، أو يسلم بعضهم على بعض.
والثانى هى بمعنى سلامة أو تسليم، فعلى الاول هى مبتدأ، وسلام خبر مقدم، و (حتى) متعلقة بسلام: أى الملائكة مسلمة إلى مطلع الفجر، ويجوز أن يرتفع هى بسلام على قول الاخفش، وعلى القول الثانى ليلة القدر ذات تسليم: أى ذات سلامة إلى طلوع الفجر، وفيه التقديران
[291]
الاولان، ويجوز أن يتعلق حتى بتنزل، ومطلع الفجر بكسر اللام وفتحها لغتان وقيل الفتح أقيس.
سورة البرية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (والمشركين) هو معطوف على أهل، و (منفكين) خبر كان ومن أهل حال من الفاعل في كفروا.
(4/113)
قوله تعالى (رسول) هو بدل من البينة أو خبر مبتدأ محذوف، و (من الله) يجوز أن يكون صفة لرسول أو متعلقا به، و (يتلو) حال من الضمير في الجار أو صفة لرسول، ويجوز أن يكون من الله حالا من صحف: أى يتلو صحفا مطهرة منزلة من الله، و (فيها كتب) الجملة نعت لصحف، و (مخلصين) حال من الضمير في يعبدوا، و (حنفاء) حال أخرى، أو حال من الضمير في مخلصين.
قوله تعالى (دين القيمة) أى الملة أو الامة القيمة.
قوله تعالى (في نار جهنم) هو خبر إن، و (خالدين فيها) حال من الضمير في الخبر، و (البرية) غير مهموز في اللغة الشائعة، وأصلها الهمز من برأ الله الخلق: أى ابتدأه، وهى فعلية بمعنى مفعولة، وهى صفة غالبة لانها لا يذكر معها الموصوف، وقيل من لم يهمزها أخذها من البرى وهو التراب، وقد همزها قوم على الاصل.
قوله تعالى (خالدين فيها) هو حال، والعامل فيه محذوف تقديره: ادخلوها خالدين، أو أعطوها، ولا يكون حالا من الضمير المجرور في " جزاؤهم " لانك لو قلت ذلك لفصلت بين المصدر ومعموله بالخبر، وقد أجازه قوم واعتلوا له بأن المصدر هنا ليس في تقدير أن والفعل: وفيه بعد. فأما عند ربهم، فيجوز أن يكون ظرفا لجزاؤهم، وأن يكون حالا منه، و (أبدا) ظرف زمان، والله أعلم.
سورة الزلزلة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا زلزلت الارض) العامل في إذا جوابها وهو قوله تعالى " تحدث " أو يصدر، و (يومئذ) بدل من إذا، وقيل التقدير: اذكر إذا زلزلت، فعلى هذا يجوز أن يكون تحدث عاملا في يومئذ، وأن يكون بدلا. والزلزال بالكسر المصدر وبالفتح الاسم.
(4/114)
قوله تعالى (بأن ربك) الباء تتعلق بتحدث: أى تحدث الارض بما أوحى إليها وقيل هى زائدة، وإن بدل من أخبارها، و (لها) بمعنى إليها، وقيل أوحى يتعدى باللام تارة وبعلى أخرى(1)، و (يومئذ) الثانى بدل، أو على تقدير اذكر أو ظرف ل (يصدر) و (أشتاتا) حال، والواحد شت، واللام في (ليروا) يتعلق بيصدر، ويقرأ بتسمية الفاعل وبترك التسمية، وهو من رؤية العين: أى جزاء أعمالهم، و (خيرا) و (شرا) بدلان من مثقال ذرة، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.
___________________________________
(1) (قوله وبعلى أخرى) كذا بالنسخ، ولعل المناسب: وبإلى أخرى كما هو واضح اه.
سورة العاديات
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ضبحا) مصدر في موضع الحال: أى والعاديات ضابحة، و (قدحا) مصدر مؤكد لان المورى القادح، و (صبحا) ظرف، والهاء ضمير الوادى، ولم يجر له ذكر هنا، و (جمعا) حال، وبه حال أيضا، وقيل الباء زائدة: أى وسطنه، و (لربه) تتعلق بكنود: أى كفور لنعم ربه، و (لحب الخير) يتعلق بشديد: أى يتشدد لحب جمع المال، وقيل هى بمعنى على.
قوله تعالى (إذا بعثر) العامل في إذا يعلم، وقيل العامل فيه مادل عليه خبر إن.
والمعنى: إذا بعثر جوزوا، و (يومئذ) يتعلق بخبير، والله أعلم.
سورة القارعة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الكلام في أولها مثل الكلام في أول الحاقة.
قوله تعالى (يوم يكون) العامل فيه القارعة، أو مادلت عليه، وقيل التقدير اذكروا، و (راضية) قد ذكر في الحاقة، والهاء في (هيه) هاء السكت، ومن أثبتها في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف لئلا تختلف رء وس الآى، و (نار) خبر مبتدأ محذوف: أى هى نار (حاميه).
سورة التكاثر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (لو تعلمون) جواب لو محذوف: أى لو علمتم لرجعتم عن كفركم و (علم اليقين) مصدر.
(4/115)
قوله تعالى (لترون) هو مثل لتبلون، وقد ذكر، ويقرأ بضم التاء على مايسم فاعله، وهو من رؤية العين، نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين، ولا يجوز همز الواو لان ضمها غير لازم، وقد همزها قوم كما همزوا واو اشتروا الضلالة، وقد ذكر، و (عين اليقين) مصدر على المعنى، لان رأى وعاين بمعنى واحد، والله أعلم.
سورة العصر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان باء (الصبر) وكسرها قوم، وهو على لغة من ينقل الضمة والكسرة في الوقف إلى الساكن قبلها حرصا على بيان الاعراب.
سورة الحطمة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الهاء في الهمزة واللمزة للمبالغة، و (الذى) يحتمل الجر على البدل، والنصب على إضمار أعنى، والرفع على هو، و (عدده) بالتشديد على أنه فعل إما من العدد أو الاعداد، و (يحسب) حال من الضمير في جمع، و (أخلده) بمعنى يخلده، وقيل هو على بابه: أى أطال عمره.
قوله تعالى (لينبذن) أى الجامع، وينبذان: أى هو وماله، وينبذن بضم الذال: أى هو وماله أيضا وعدده، ويجوز أن يكون المعنى هو وأمواله لانها مختلفة.
قوله تعالى (نار الله) أى هى نار الله، و (التى) رفع على النعت، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب بأعنى، و (الافئدة) جمع قلة استعمل في موضع الكثرة. والعمد بالفتح جمع عمود أو عماد وهو جمع، قيل ويقرأ بضمتين مثل كتاب وكتب ورسول ورسل، والتقدير: هم في عمد، ويجوز أن يكون حالا من المجرور أى موثقين، ويجوز أن يكون صفة لمؤصدة، والله أعلم.
سورة الفيل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبابيل) قيل هو جمع لا واحد له من لفظه، وقيل واحده أبول كعجول، وقيل واحده أبيل، وقيل أبال، و (ترميهم) نعت الطير، والكاف مفعول ثان، والله أعلم.
سورة قريش
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/116)
هو تصغير الترخيم، لان القرش الجمع، والفاعل على قارش، فقياسه قويرش فرخم وصغر، واللام متعلقة بقوله تعالى " فليعبدوا " أى ليعبدوا الله تعالى من أجل الفهم، ولا تمنع الفاء من ذلك، وقيل تتعلق بجعلهم من السورة قبلها لانهما كالسورة الواحدة، وقيل التقدير: اعجبوا لايلاف، وفيه قراء ات: إحداها إلف وهو مصدر ألف يألف.
والثانية إلاف مثل كتاب وقيام.
والثالثة إيلاف، والفعل منه آلف ممدودا.
والرابعة إئلاف بهمزتين خرج على الاصل، وهو شاذ في الاستعمال والقياس.
والخامسة بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها همزة مكسورة وهو بعيد، ووجهه أنه أشبع الكسرة فنشأت الياء، وقصد بذلك الفصل بين الهمزتين كالالف في أنذرتهم، وإيلاف بدل من الاولى، و (رحلة) معمول المصدر.
قوله تعالى (من جوع) و (من خوف) أى من أجل جوع، ويجوز أن يكون حالا: أى أطعمهم جائعين، والله أعلم.
سورة اليتيم
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فذلك) الفاء جواب شرط مقدر، تقديره: إن تأملته، أو إن طلبت علمه، و (يدع) بالتشديد: يدفع، وقرئ بفتح الدال وتخفيف العين: أى يهمله، والله أعلم.
سورة الكوثر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فصل) الفاء للتعقيب: أى عقب انقضاء الصلاة، و (هو) مبتدأ أو توكيد أو فصل، والله أعلم.
سورة الكافرون
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ما تعبدون) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف وأن تكون مصدرية ولا حذف، والتقدير: لا أعبد مثل عبادتكم، والله أعلم.
سورة النصر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (يدخلون) حال من الناس، و (أفواجا) حال من الفاعل في يدخلون.
سورة تبت
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبى لهب) يقرأ بفتح الهاء وإسكانها، وهما لغتان.
قوله تعالى (ماأغنى) يجوز أن يكون نفيا وأن يكون استفهاما، ولا يكون بمعنى الذى.
(4/117)
قوله تعالى (وامرأته) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الضمير في يصلى، فعلى هذا في (حمالة) وجهان: أحدهما هو نعت لما قبله. والثانى تقديره: هى حمالة و (في جيدها حبل) مبتدأ وخبر في موضع الحال من الضمير في حمالة، ويقرأ " حمالة " بالنصب على الحال: أى تصلى النار مقولا لها ذلك، والجيد أن ينتصب على الذم: أى أذم أو أعنى. والوجه الآخر أن تكون امرأته مبتدأ، وحمالة خبره، وفى جيدها حبل حال من الضمير في حمالة أو خبر آخر، ويجوز أن يرتفع حبل بالظرف لانه قد اعتمد، ومن نصب حمالة جعل الجملة بعده خبرا.
سورة الاخلاص
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (هو) فيه وجهان: أحدهما هو ضمير الشأن، و (الله أحد)، مبتدأ وخبر في موضع خبر هو والثانى هو مبتدأ بمعنى المسئول عنه، لانهم قالوا: أربك من نحاس أم من ذهب؟ فعلى هذا يجوز أن يكون الله خبر المبتدأ، وأحد بدل أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون الله بدلا وأحد الخبر، وهمزة أحد بدل من واو لانه بمعنى الواحد، وإبدال الواو المفتوحة همزة قليل جاء منه أمرأة أناة: أى وناة لانه من الونى، وقيل الهمزة أصل كالهمزة في أحد المستعمل للعموم ومن حذف التنوين من أحد فلالتقاء الساكنين.
قوله تعالى (كفوا أحد) اسم كان. وفى خبرها وجهان: أحدهما كفوا، فعلى هذا يجوز أن يكون له حالا من كفوا لان التقدير: ولم يكن أحد كفوا له، وأن يتعلق بيكن، والوجه الثانى أن يكون الخبر له، وكفوا حال من أحد: أى ولم يكن له أحد كفوا، فلما قدم النكرة نصبها على الحال، والله أعلم.
سورة الفلق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(4/118)
قوله تعالى (من شر ما خلق) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى والعائد محذوف، وأن تكون مصدرية، والخلق بمعنى المخلوق، وإن شئت كان على بابه: أى من شر خلقه: أى ابتداعه، وقرئ من شر بالتنوين: وما على هذا بدل من شر أو زائدة، ولا يجوز أن تكون نافية، لان النافية لا يتقدم عليها ما في حيزها، فلذلك لم يجز أن يكون التقدير: ما خلق من شر ثم هو فاسد في المعنى، و (النفاثات) والنافثات بمعنى واحد، والله أعلم.
سورة الناس
بسم اللّه الرحمن الرحيم
لقد ذكرنا في أول سورة البقرة أن أصل ناس عند سيبويه أناس فحذفت فاؤه: وعند غيره لم يحذف منه شئ، وأصله نوس لقولهم في التصغير نويس.
وقال قوم: أصله نيس مقلوب عن نسى أخذوه من النسيان وفيه بعد، و (الوسواس) بالفتح اسم، وبالكسر المصدر، والتقدير: من شر ذى الوسواس، وقيل سمى الشيطان بالفعل مبالغة، و (الخناس) نعت له، و (الذى يوسوس) يحتمل الرفع والنصب والجر.
قوله تعالى (من الجنة) هو بدل من شر بإعادة العامل: أى من شر الجنة، وقيل هو بدل من ذى الوسواس لان الموسوس من الجن، وقيل هو حال من الضمير في يوسوس: أى يوسوس وهو من الجن، وقيل هو بدل من الناس: أى في صدور الجنة، وجعل " من " تبيينا وأطلق على الجن اسم الناس لانهم يتحركون في مراداتهم، والجن والجنة بمعنى، وقيل من الجنة حال من الناس: أى كائنين من القبيلين، وأما (الناس) الاخير فقيل هو معطوف على ذى الوسواس: أى من شر القبيلين، وقيل هو معطوف على الجنة، والله أعلم.
تم الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدا وآل سيدنا محمد أجمعين.
(4/119)
نسخة من الرسم الإملائي للقرآن الكريم
الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
البقرة
الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا
(5/1)
آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
(5/2)
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ
(5/3)
أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ
(5/4)
إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)
(5/5)
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
(5/6)
لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا
(5/7)
تَعْمَلُونَ (74) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ
(5/8)
مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ
(5/9)
عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) ? ولَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
(5/10)
الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ
(5/11)
(108) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقَالَ
(5/12)
الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ
(5/13)
إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ
(5/14)
النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
(5/15)
الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا
(5/16)
بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162) وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ
(5/17)
الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ
(5/18)
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
(5/19)
وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
(5/20)
الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
(5/21)
وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)
(5/22)
أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210) سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ
(5/23)
اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(5/24)
(217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ
(5/25)
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا
(5/26)
تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعُروفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْروفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ
(5/27)
تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
(5/28)
يَشْكُرُونَ (243) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بَالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ
(5/29)
قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ
(5/30)
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى
(5/31)
وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ
(5/32)
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ
(5/33)
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا
(5/34)
يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا
(5/35)
مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
آل عمران
الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا
(5/36)
أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ
(5/37)
اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (25) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً
(5/38)
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ
(5/39)
ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41) وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
(5/40)
فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ
(5/41)
الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ
(5/42)
تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ
(5/43)
تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا
(5/44)
لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91) لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إٍسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ
(5/45)
يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا
(5/46)
يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
(5/47)
بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى
(5/48)
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
(5/49)
يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَومِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا
(5/50)
عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ
(5/51)
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
(5/52)
أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لُهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ
(5/53)
وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ
(5/54)
ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ
(5/55)
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
النساء
(5/56)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ
(5/57)
وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
(5/58)
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ
(5/59)
وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ
(5/60)
مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33) الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا
(5/61)
عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
(5/62)
أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)
(5/63)
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا
(5/64)
إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ
(5/65)
شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ
(5/66)
حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا
(5/67)
مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ
(5/68)
خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
(5/69)
(100) وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) إِنَّا أنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ
(5/70)
مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ
(5/71)
نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122) لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
(5/72)
إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ
(5/73)
بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا ألَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ
(5/74)
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154)
(5/75)
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162) إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ
(5/76)
قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ
(5/77)
وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
المائدة
(5/78)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ
(5/79)
الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
(5/80)
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ
(5/81)
الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ بْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ
(5/82)
فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ
(5/83)
خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا
(5/84)
خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
(5/85)
مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
(5/86)
الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ
(5/87)
مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69) لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا
(5/88)
وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ
(5/89)
مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ
(5/90)
أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ
(5/91)
وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كَنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
(5/92)