اسم الكتاب : إعراب القرآن / 1 / اسم المؤلف : أبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس
____________________
(1/1)
1
____________________
(1/1)
مقدمة
الحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي المعروف بالنحاس
هذا كتاب أذكر فيه إن شاء الله إعراب القرآن والقراءات التي تحتاج أن يبين إعرابها والعلل فيها ولا أخليه من اختلاف النحويين وما يحتاج إليه من المعاني وما أجازه بعضهم ومنعه بعضهم وزيادات في المعاني وشرح لها ومن الجموع واللغات وسوق كل لغة إلى أصحابها ولعله يمر الشيء غير مشبع فيتوهم متصفحه أن ذلك لإغفال وإنما هو لأن له موضعا غير ذلك ومذهبنا الإيجاز والمجيء بالنكتة في موضعها من غير إطالة وقصدنا في هذا الكتاب الإعراب وما شاكله بعون الله وحسن توفيقه قال أبو جعفر حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي
____________________
(1/165)
البسملة عن عبد الخالق عن أبي عبيد قال حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن واصل مولى أبي عيينة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا إعراب القرآن كما تتعلمون حفظه فمن ذلك 1
1
( اسم ) مخفوض بالباء الزائدة وقال أبو إسحاق وكسرت الباء ليفرق بين ما يخفض وهو حرف لا غير وبين ما يخفض وقد يكون اسما نحو الكاف ويقال لم صارت الباء تخفض فالجواب عن هذا وعن جميع حروف الخفض أن هذه الحروف ليس لها معنى إلا في الأسماء ولم تضارع الأفعال فتعمل عملها فأعطيت ما لا يكون إلا في الأسماء وهو الحفص والبصريون القدماء يقولون الجر وموضع الباء وما بعدها عند الفراء نصب بمعنى ابتدأت بسم الله الرحمن الرحيم أو أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم وعند البصريين رفع بمعنى ابتدائي بسم الله وقال علي بن حمزة الكسائي الباء لا موضع لها من الإعراب والمرور واقع على مجهول إذا
____________________
(1/166)
قلت مررت بزيد والألف في اسم ألف وصل لأنك تقول سمي فلهذا حذفت من اللفظ وفي حذفها من الخط أربعة أقوال قال الفراء لكثرة الاستعمال وحكي لأن الباء لا تنفصل وقال الأخفش سعيد حذفت لأنها ليست من اللفظ والقول الرابع أن الأصل سم وسم أنشد أبو زيد
( بسم الذي في كل سورة سمه ** ) بالضم أيضا فيكون الأصل سما ثم جئت بالباء فصار بسم ثم حذفت الكسرة فصار بسم فعلى هذا القول لم يكن فيه ألف قط والأصل في اسم فعل لا يكون إلا ذلك لعلة أوجبته وجمعه أسماء وجمع أسماء أسامي وأضفت اسما إلى الله جل وعز والألف في الله جل وعز ألف وصل على قول من قال الأصل لاه ومن العرب من يقطعها فيقول بسم الله للزومها كألف القطع ( الرحمن ) نعت لله تعالى ولا يثنى ولا يجمع
____________________
(1/167)
لأنه لا يكون إلا لله جل وعز وأدغمت اللام في الراء لقربها منها وكثرة لام التعريف ( الرحيم ) نعت أيضا وجمعه رحماء وهذه لغة أهل الحجاز وبني أسد وقيس وربيعة وبنو تميم يقولون رحيم ورغيف وبعير ولك أن تشم الكسر في الوقف وأن تسكن والإسكان في المكسور أجود والأشمام في المضموم أكثر ويجوز النصب في الرحمن الرحيم على المدح والرفع على إضمار مبتدأ ويجوز خفض الأول ورفع الثاني ورفع أحدهما ونصب الآخر
____________________
(1/168)
1
2
رفع بالابتداء على قول البصريين وقال الكسائي ( الحمد ) رفع بالضمير الذي في الصفة والصفة اللام جعل اللام بمنزلة الفعل وقال الفراء الحمد رفع بالمحل وهو اللام جعل اللام بمنزلة الاسم لأنها لا تقوم بنفسها والكسائي يسمى حروف الخفض صفات والفراء يسميها محال والبصريون يسمونها ظروفا وقرأ ابن عيينة ورؤبة ابن العجاج ( الحمد لله ) على المصدر وهي لغة قيس والحارث بن سامة والرفع أجود من جهة اللفظ والمعنى فأما اللفظ فلأنه اسم
____________________
(1/169)
معرفة خبرت عنه وأما المعنى فإنك إذا رفعت أخبرت أن حمدك وحمد غيرك لله جل وعز وإذا نصبت لم يعد حمد نفسك وحكى الفراء ( الحمد لله ) و ( الحمد لله ) قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول لا يجوز من هذين شيء عند البصريين قال أبو جعفر وهاتان لغتان معروفتان وقراءتان موجودتان في كل واحدة منهما علة روى إسماعيل بن عياش عن زريق عن الحسن أنه قرأ ( الحمد لله ) وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة ( الحمد لله ) وهذه لغة بعض بني ربيعة والكسر لغة تميم فأما اللغة في الكسر فإن هذه اللفظة تكثر في كلام الناس والضم ثقيل ولا سيما إذا كانت بعده كسرة فأبدلوا من الضمة كسرة وجعلوها بمنزلة شيء واحد والكسرة مع الكسرة أخف وكذلك الضمة مع الضمة فلهذا قيل ( الحمد لله ) ( لله ) خفض باللام الزائدة وزعم سيبويه أن أصل اللام الفتح يدلك على ذلك أنك إذا أضمرت قلت الحمد لله فرددتها إلى أصلها إلا أنها كسرت مع الظاهر للفرق بين لام الجر ولام التوكيد
____________________
(1/170)
( رب ) مخفوض على النعت لله ( العالمين ) خفض بالإضافة وعلامة الخفض الياء لأنها من جنس الكسرة والنون عند سيبويه كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين والنون عند أبي العباس عوض من التنوين وعند أبي إسحاق عوض من الحركة وفتحت فرقا بينها وبين نون الاثنين وقال الكسائي يجوز ( رب العالمين ) كما تقول الحمد لله ربا وإلها أي على الحال وقال أبو حاتم النصب بمعنى أحمد الله رب العالمين وقال أبو إسحاق يجوز النصب على النداء المضاف وقال أبو الحسن بن كيسان يبعد النصب على النداء المضاف لأنه يصير كلامين ولكن نصبه على المدح ويجوز الرفع أي هو رب العالمين قال أبو جعفر وقد ذكرنا في الكتاب المتقدم أنه يقال على التكثير رباه وربه وربته وشرحه أن الأصل رببه ثم تبدل من الباء ياء كما يقال قصيت أظفاري وتقصيت ثم تبدل من الياء تاء كما تبدل من الواو في تالله
ويجوز
3 على المدح ويجوز رفعهما على
____________________
(1/171)
إضمار مبتدأ ويجوز رفع أحدهما ونصب الآخر ويجوز خفض الأول ورفع الثاني ونصبه
وقرأ محمد بن السميفع اليماني
4 بنصب مالك وفيه أربع لغات مالك وملك وملك ومليك كما قال لبيد
( فاقنع بما قسم المليك فإنما ** قسم المعايش بيننا علامها )
وفيه من العربية خمسة وعشرون وجها يقال ملك يوم الدين على النعت والرفع على إضمار مبتدأ والنصب على المدح وعلى النداء وعلى الحال وعلى النعت وعلى قراءة من قرأ ( رب العالمين ) فهذه ستة أوجه وفي مالك مثلها وفي ملك مثلها وفي مليك مثلها هذه أربعة وعشرون والخامس والعشرون روى عن أبي حيوة شريح بن يزيد أنه قرأ ( ملك يوم الدين ) وقد روي عنه أنه قرأ ( ملك يوم الدين ) قال أبو جعفر جمع مالك ملاك وملك وجمع ملك أملاك وملوك وجمع ملك أملك وملوك فهذا على قول من قال ملك لغة وليس بمسكن من ملك وجمع مليك ملكاء ( يوم ) مخفوض بإضافة مالك إليه و ( الدين ) مخفوض بإضافة يوم إليه وجمع يوم أيام
____________________
(1/172)
والأصل أيوام أدغمت الواو في الياء ولا يستعمل منه فعل وزعم سيبويه أنه لو استعمل منه فعل لقيل يمت وجمع الدين أديان وديون
5
نصب بوقوع نعبد عليه وقرأ الفضل بن عيسى الرقاشي فتح الهمزة وقرأ عمرو بن فائد ( إياك ) مخففا والاسم من إياك عند الخليل وسيبويه إيا والكاف موضع خفض وعند الكوفيين إياك اسم بكمالها وزعم الخليل رحمه الله أنه اسم مضمر قال أبو العباس هذا خطأ لا يضاف المضمر ولكنه مبهم مثل كل أضيف إلى ما بعده ( نعبد ) فعل مستقبل وهو مرفوع عند الخليل وعند سيبويه لمضارعته الأسماء وقال الكسائي الفعل المستقبل مرفوع بالزوائد التي في أوله وقال الفراء هو مرفوع بسلامته من الجوازم والنواصب و إياك منصوب بنستعين عطف جملة على جملة وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( نستعين ) بكسر النون وهذه لغة تميم وأسد وقيس وربيعة فعل ذلك ليدل على أنه من استعون يستعين والأصل في نستعين نستعون قلبت حركة الواو على العين فلما انكسر ما قبل الواو صارت ياء والمصدر استعانة والأصل استعوان قلبت حركة الواو على العين فلما انفتح ما قبل الواو
____________________
(1/173)
صارت ألفا ولا يلتقي ساكنان فحذفت الألف الثانية لأنها زائدة وقيل الأولى لأن الثانية لمعنى ولزمت الهاء عوضا
6
دعاء وطلب في موضع جزم عند الفراء ووقف عند البصريين ولذلك حذفت الياء والألف ألف وصل لأن أول المستقبل مفتوح وكسرتها لأنه من يهدي والنون والألف مفعول أول و الصراط مفعول ثان وجمعه في القليل أصرطة وفي الكثير صرط قال الأخفش أهل الحجاز يؤنثون الصراط وقرأ ابن عباس ( السراط ) بالسين وبعض قيس يقولها بين الصاد والزاي ولا يجوز أن يجعل زايا إلا أن تكون ساكنة قال قطرب إذا كان بعد السين في نفس الكلمة طاء أو قاف أو خاء أو غين فلك أن تقلبها صادا ( المستقيم ) نعت للصراط
7
بدل و الذين في موضع خفض بالإضافة وهو مبني لئلا يعرب الاسم من وسطه ( أنعمت عليهم ) داخل في الصلة والهاء والميم يعود على الذين وفي عليهم خمس لغات قرىء بها كلها قرأ ابن أبي
____________________
(1/174)
إسحاق ( أنعمت عليهمو ) بضم الهاء وإثبات الواو وهذا هو الأصل أن تثبت الواو كما تثبت الألف في التثنية وقرأ الحسن ( أنعمت عليهمي ) بكسر الهاء وإثبات الياء وكسر الهاء لأنه كره أن يجمع بين ياء وضمة والهاء ليس بحاجز حصين وأبدل من الواو ياءا لما كسر ما قبلها وقرأ أهل المدينة ( عليهم ) بكسر الهاء وإسكان الميم وهي لغة أهل نجد وقرأ حمزة وأهل الكوفة ( عليهم ) بضم الهاء وإسكان الميم فحذفوا الواو لثقلها وإن المعنى يشكل إذ كان يقال في التثنية عليهما واللغة الخامسة قرأ بها الأعرج ( عليهمو ) بكسر الهاء والواو وحكي لغتنا شاذتان وهما ضم الهاء والميم بغير واو وكسرهما بغير ياء وقال محمد بن يزيد وهذا لا يجوز لأنه مستقبل فإن قيل فلم قيل منه فضمت الهاء فالجواب أن النون في منه ساكنة قال أبو العباس وناس من بني بكر بن وائل يقولون عليكم فيكسرون الكاف كما يكسرون الهاء لأنها مهموسة مثلها وهي إضمار كما أن الهاء إضمار وهذا غلط فاحش لأنها ليست مثلها في الخفاء ( غير المغضوب عليهم ) خفض على البدل من الذين وإن شئت نعتا قال ابن كيسان ويجوز أن يكون بد لا من
____________________
(1/175)
الهاء والميم في عليهم وروى الخليل رحمه الله عن عبد الله بن كثير ( غير المغضوب ) بالنصب قال الأخفش هو نصب على الحال وإن شئت على الاستثناء قال أبو العباس هو استثناء ليس من الأول قال الكوفيون لا يكون استثناءا لأن بعده ولا ولا تزاد لا في الاستثناء قال أبو جعفر وذا لا يلزم لأن فيه معنى النفي وقال غير المغضوب عليهم ولم يقل المغضوبين لأنه لا ضمير فيه قال ابن كيسان هو موحد في معنى جمع وكذلك كل فعل المفعول إذا لم يكن فيه خفض مرفوع نحو المنظور إليهم والمرغوب فيهم و ( المغضوب ) بإضافة غير إليه و عليهم في موضع رفع لأنه اسم ما لم يسم فاعله ( لا ) زائدة عند البصريين وبمعنى غير عند الكوفيين و ( الضالين ) عطف على المغضوب عليهم والكوفيون يقولون نسق وسيبويه يقول إشراك والأصل في الضالين الضاللين ثم أدغمت اللام في اللام فاجتمع ساكنان وجاز ذلك لأن في الألف مدة والثاني مدغم إلا أن أيوب السختياني همز فقرأ ( ولا الضالين )
____________________
(1/176)
2 من ذلك قوله عز وجل
1
مذهب الخليل وسيبويه في الم وما أشبهها أنها لم تعرب لأنها بمنزلة حروف التهجي فهي محكية ولو أعربت ذهب معنى الحكاية وكان قد أعرب بعض الاسم وقال الفراء إنما لم تعرب لأنك لم ترد أن تخبر عنها بشيء وقال أحمد بن يحيى لا يعجبني قول الخليل فيها لأنك إذا قلت زاي فليست هذه الزاي التي في زيد لأنك قد زدت عليها قال أبو جعفر هذا الرد لا يلزم لأنك لا تقدر أن تنطق بحرف واحد حتى تزيد عليه قال ابن كيسان الم في موضع نصب بمعنى اقرأ الم أو عليك الم ويجوز أن يكون موضعه رفعا بمعنى هذا الم أو هو أو ذاك ثم قال عز وجل
____________________
(1/177)
2
فيه ستة أوجه يكون بمعنى هذا ذلك الكتاب فيكون خبر هذا ويكون بمعنى الم ذلك هذا قول الفراء أي حروف المعجم ذلك الكتاب واجتزىء ببعضها من بعض ويكون هذا رفعا بالابتداء و الكتاب خبره والكوفيون يقولون رفعنا هذا بهذا وهذا بهذا ويكون الكتاب عطف البيان الذي يقوم مقام النعت و هدى خبرا ويكون لا ريب فيه الخبر والكوفيون يقولون الهاء العائدة الخبر والوجه السادس أن يكون الخبر لا ريب فيه لأن معنى لا شك حق ويكون التمام على هذا لا ريب ويقال ذلك ولغة تميم ذاك ولم تعرب ذلك ولا هذا لأنها لا يثبتان على المسمى قال البصريون اللام في ذلك توكيد وقال الكسائي والفراء جيء باللام في ذلك لئلا يتوهم أن ذا مضاف إلى الكاف وقيل جيء باللام بدلا من الهمزة ولذلك كسرت وقال علي بن سليمان جيء باللام لتدل على شدة التراخي قال أبو إسحاق كسرت فرقا بينها وبين لام الجر ولا موضع للكاف والاسم عند البصريين ذا وعند الفراء الذال ثم قال الله جل وعز ( لا ريب فيه ) نصب ريب لأن لا عند البصريين مضارعة لأن فنصبوا بها وإن لا لم تعمل إلا في نكرة لأنها جواب نكرة فيها معنى من بنيت مع
____________________
(1/178)
النكرة فصيرا شيئا واحدا وقال الكسائي سبيل النكرة أن يتقدمها أخبارها فتقول قام رجل فلما تأخر الخبر في التبرئة نصبوا ولم ينونوا لأنه نصب ناقص وقال الفراء سبيل لا أن تأتي بمعنى غير تقول مررت بلا واحد ولا اثنين فلما جئت بها بغير معنى غير وليس نصبت بها ولم تنون لئلا يتوهم أنك أقمت الصفة مقام الموصوف وقيل إنما نصبت لأن المعنى لا أجد ريبا فلما حذفت الناصب حذفت التنوين ويجوز ( لا ريب فيه ) تجعل لا بمعنى ليس وأنشد سيبويه
( من صد عن نيرانها ** فأنا ابن قيس لا براح ) ( فيه هدى ) الهاء في موضع خفض بفي وفي الهاء خمسة أوجه أجودها فيه هدى ويليه ( فيه هدى ) بضم الهاء بغير واو وهي قراءة الزهري وسلام أبي المنذر ويليه ( فيهي هدى ) بإثبات الياء وهي قراءة ابن كثير ويجوز ( فيهو هدى ) بالواو ويجوز ( فيه هدى ) مدغما والأصل فيهو
____________________
(1/179)
هدى الاسم الهاء وزيدت الواو عند الخليل لأن الهاء خفية فقويت بحرف جلد متباعد منها وتبدل منها ياء لأن قلبها ياءا أو يحذف لاجتماع الواو والياء عند سيبويه ولاجتماع الساكنين عند أبي العباس وكذا الياء ويدغم لاجتماع هاءين وليس بجيد لأن حروف الحلق ليست أصلا بالإدغام ويجتمع ساكنان وقال سيبويه إنما زيدت الواو كما زيدت الألف في المؤنث وفي هدى ستة أوجه تكون في موضع رفع خبرا عن ذلك وعلى إضمار مبتدأ وعلى أن تكون خبرا بعد خبر وعلى أن تكون رفعا بالابتداء قال أبو إسحاق يكون المعنى فيه هدى ولا ريب فهذه أربعة أوجه في الرفع وحكى خامس وهو أن يكون على موضع لا ريب فيه أي حق هدى ويكون نصبا على الحال من ذلك والكوفيون يقولون قطع ويكون حالا من الكتاب وتكون حالا من الهاء قال الفراء بعض بني أسد يؤنث الهدى فيقول هذه هدى حسنة ولم يعرب لأنه مقصور والألف لا يحرك ثم قال جل وعز ( للمتقين ) مخفوض باللام الزايدة ولغة أهل الحجاز فلان موتق وهذا هو الأصل والتقية أصلها الوقية من وقيت أبدلت من الواو تاء لأنها أقرب
____________________
(1/180)
الزوائد إليها وقد فعلوا ذلك من غير أن يكون ثم تاء كما حدثنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد عن المازني قال سألت الأصمعي عن قول الشاعر
( فإن يكن أمسى البلى تيقوري ** ) وقلت له قال الخليل هو فيعول من الوقار فأبدل من الواو تاء فقال هذا قول الأشياخ والأصل للمتقين بياءين مخففتين وحذفت الكسرة من الياء الأولى لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم قال جل وعز
3
الذين في موضع خفض نعت للمتقين ويجوز أن يكون نصبا بمعنى أعني ورفعا من جهتين بالابتداء والخبر أولئك على هدى من ربهم وعلى إضمار هم يؤمنون بالهمز لأن أصل آمن أأمن كره الجمع بين همزتين فأبدلت من الثانية ألف فلما قلت يؤمنون فزالت إحدى الهمزتين همزت على الأصل وإن خففت قلت يومنون بغير همز ويؤمنون مثل يكرمون الأصل فيه يؤكرمون لأن سبيل المستقبل أن يكون زائدا على الماضي حرفا إلا أنه حذف منه الزايد لأن الضمة تدل عليه ولو
____________________
(1/181)
جئت به على الأصل لاجتمعت الهمزات والمضمر في يؤمنون يعود على الذين وهذيل تقول الذون في موضع الرفع ومن العرب من يقول الذي في الجمع كما قال
( وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ** هم القوم كل القوم يا أم خالد ) ( بالغيب ) مخفوض بالباء الزائدة والباء متصل بيؤمنون ( ويقيمون ) معطوف على يؤمنون والأصل يقومون قلبت كسرة على القاف فانقلبت ياءا ( الصلاة ) منصوبة بيقيمون وجمعها صلوات وصلاءة وصلاوة ( ومما رزقناهم ينفقون ) ما في موضع خفض بمن وهي مصدر لا يحتاج إلى عائد ويجوز أن يكون بمعنى الذي وتحذف العائد والنون والألف رفع بالفعل والهاء والميم نصب به ومن متصلة بينفقون أي وينفقون مما رزقناهم
4
عطف على الذين الأولين ( بما أنزل إليك ) ما خفض بالباء والضمير الذي في أنزل يعود على ما وهو اسم ما لم يسم فاعله والكاف
____________________
(1/182)
خفض بإلى والأصل الاك أبدل من الألف ياء للفرق بين الألفات المتمكنة والتي ليست بمتمكنة ويلزمها الإضافة وأجاز الكسائي حذف الهمزة وأن يقرأ ( وما أنزليك ) وشبهه بقوله لكنا هو الله ربي قال ابن كيسان ليس مثله لأن النون من لكن ساكنة واللام من أنزل متحركة ( وما أنزل من قبلك ) عطف و قبلك مخفوض بمن والكاف خفض بإضافة قبل إليها ( وبالآخرة ) خفض بالباء والباء متعلقة بيوقنون و ( هم ) رفع بالابتداء و ( يوقنون ) فعل مستقبل في موضع الخبر
5
ابتداء والخبر ( على هدى ) وأهل نجد يقولون ألاك وبعضهم يقول ألالك و ( هدى ) خفض بعلى ( من ربهم ) خفض بمن والهاء والميم خفض بالإضافة ويقال كيف قرأ أهل الكوفة ( عليهم ) ولم يقرؤوا من ربهم ولا فيهم والجواب أن عليهم الياء فيه منقلبة من ألف والأصل علاهم قال
( طارت علاهن فطر علاها ** )
____________________
(1/183)
فأقرت الهاء على ضمتها وليس هذا في فيهم ولا من ربهم ( وأولئك ) رفع بالابتداء ( هم ) ابتداء ثان ( المفلحون ) خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول ويجوز أن يكون هم زيادة يسميها البصريون فاصلة ويسميها الكوفيون عمادا و ( المفلحون ) خبر أولئك
6
الذين نصب بان وعملت إن لأنها أشبهت الفعل في الإضمار ويقع بعدها اسمان وفيها معنى التحقيق ( كفروا ) صلة الذين والمضمر يعود على الذين قال محمد بن يزيد ( سواء عليهم ) رفع بالابتداء ( أأنذرتهم ) ( أم لم تنذرهم ) الخبر والجملة خبر إن أي أنهم تبالهوا حتى لم تغن فيهم النذارة والتقدير سواء عليهم الإنذار وتركه أي سواء عليهم هذان وجيء بالاستفهام من أجل التسوية قال ابن كيسان يجوز أن يكون سواء خبر أن وما بعده يقوم مقام الفاعل ويجوز أن يكون خبر إن لا يؤمنون أي إن الذين كفروا لا يؤمنون ( أأنذرتهم ) فيه ثمانية أوجه أجودها عند الخليل وسيبويه تخفيف الهمزة الثانية وتحقيق الأولى وهي لغة قريش وسعد بن بكر وكنانة وهي قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والأعمش ( أأنذرتهم ) قال ابن كيسان وروي عن ابن محيصن أنه قرأ بحذف الهمزة الأولى ( سواء عليهم أنذرتهم ) فحذف لالتقاء الهمزتين وإن
____________________
(1/184)
شئت قلت لأن أم تدل على الاستفهام كما قال
( تروح من الحي أم تبتكر ** وماذا يضرك لو تنتظر )
وروي عن ابن أبي إسحاق أنه قرأ ( أاأنذرتهم ) حقق الهمزتين وأدخل بينهما ألفا لئلا يجمع بينهما قال أبو حاتم ويجوز أن يدخل بينهما ألفا ويخفف الثانية وأبو عمرو ونافع يفعلان ذلك كثيرا وقرأ حمزة وعاصم والكسائي بتحقيق الهمزتين ( أأنذرتهم ) وهو اختيار أبي عبيد وذلك بعيد عند الخليل وسيبويه يشبهه الثقل بضننوا قال سيبويه الهمزة بعد مخرجها وهي نبرة تخرج من الصدر باجتهاد وهي أبعد الحروف مخرجا فثقلت لأنها كالتهوع
فهذه خمسة أوجه والسادس قاله الأخفش قال يجوز أن تخفف الأولى من الهمزتين وذلك رديء لأنهم إنما يخففون بعد الاستثقال وبعد حصول الواحدة قال أبو حاتم ويجوز تخفيف الهمزتين جميعا فهذه سبعة أوجه والثامن يجوز في غير القرآن لأنه مخالف للسواد قال الأخفش سعيد تبدل من الهمزة هاء فتقول هانذرتهم كما يقال إياك وهياك وقال الأخفش في قول الله عز وجل هأنتم إنما هو أأنتم
____________________
(1/185)
والتاء في أأنذرتهم في موضع رفع وفتحتها فرقا بين المخاطب والمخاطب والهاء والميم نصب بوقوع الفعل عليهما أم لم تنذرهم جزم بلم وعلامة الجزم حذف الضمة من الراء والهاء والميم نصب أيضا لا يؤمنون فعل مستقبل ولا موضع للا من الإعراب
7
ختم فعل ماض واسم الله جل وعز مرفوع بالفعل ( على قلوبهم ) مخفوض بعلى والهاء والميم خفض بالإضافة ( وعلى سمعهم ) مثله ولم لم يقل و على أسماعهم وقد قال على قلوبهم ففيه ثلاثة أجوبه منها أن السمع مصدر فلم يجمع وقيل هو واحد يؤدي عن الجميع وقيل التقدير وعلى موضع سمعهم ( وعلى أبصارهم غشاوة ) رفع بالابتداء وعند الكوفيين بالصفة وروى المفضل عن عاصم بن بهدلة ( وعلى أبصارهم غشاوة ) بالنصب أضمر وجعل وقرأ الحسن ( غشاوة ) بضم العين وقرأ أبو حيوة ( غشاوة ) بفتح قال أبو جعفر وأجودها ( غشاوة ) بكسر الغين كذلك تستعمل العرب في كل ما كان مشتملا على الشيء نحو عمامة وقلادة روي عن الأعمش ( غشوة ) رده إلى أصل المصدر قال ابن كيسان وهو النحوي فكلما قلنا قال ابن كيسان فإياه نعني يجوز غشوة وغشوة فإن جمعت غشاوة تحذف الهاء
____________________
(1/186)
قلت غشاء وحكى الفراء غشاوى مثل أداوى ( ولهم عذاب عظيم ) رفع بالابتداء ( عظيم ) من نعته
8
خفض بمن وفتحت النون وأنت تقول من الناس لأن قبل النون في من كسرة فحركوها بأخف الحركات في أكثر المواضع ورجعوا إلى الأصل في الأسماء التي فيها ألف الوصل ويجوز في كل واحد منهما ما جاز في صاحبه و الناس اسم يجمع إنسانا وإنسانة والأصل عند سيبويه أناس قال الفراء الأصل الأناس خففت الهمزة ثم أدغمت اللام في النون قال الكسائي هما لغتان ليست إحداهما أولى من الأخرى يدل على ذلك أن العرب تصغر ناسا نويسا ولو كان ذلك الأصل لقالوا أنيس ( من يقول آمنا ) في موضع رفع بالابتداء ويقول على اللفظ ( وما هم ) على المعنى و هم اسم ما على لغة أهل الحجاز ومبتدأ على لغة بني تميم ( بمؤمنين ) خفض بالباء وهي توكيد عند البصريين وجواب لمن قال أن زيدا لمنطلق عند الكوفيين
9
فعل مستقبل وكذا ( وما يخدعون ) ولا موضع لها من الإعراب ( إلا أنفسهم ) مفعول ( وما يشعرون ) مثل الأول
____________________
(1/187)
10
رفع بالابتداء ( فزادهم الله مرضا ) مفعولان وبعض أهل الحجاز يميل فزادهم ليدل على أنه من زدت ( ولهم عذاب أليم ) جمع أليم إلام وألماء مثل كريم وكرماء ويقال ألآم مثل أشراف ( بما كانوا ) ما خفض بالباء ( يكذبون ) في موضع نصب على خبر كان
11
في موضع نصب على الظرف ( قيل لهم ) فعل ماض ويجوز ( قيل لهم ) بالإدغام وجاز الجمع بين ساكنين لأن الياء حرف مد ولين والأصل قول ألقيت حركة الواو على القاف فانكسر ما قبل الواو فقلبت ياءا قال الأخفش ويجوز قيل بضم القاف وبالياء ومذهب الكسائي إشمام القاف الضم ليدل على أنه لما لم يسم فاعله وهي لغة كثير من قيس فما هذيل وبنو دبير من بني أسد وبنو فقعس فيقولون قول بواو ساكنة لهم الهاء والميم خفض باللام ( لا تفسدوا ) جزم بلا وعلامة الجزم حذف النون ( في الأرض ) خفض بفي وإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على اللام وحذفتها ولم تحذف ألف الوصل لأن الحركة عارضة فقلت الأرض وحكى الكسائي أللرض لما خففت الهمزة فحذفها أبدل منها لاما قال الفراء لما خففت الهمزة تحركت اللام فكره
____________________
(1/188)
حركتها لأن أصلها السكون زاد عليها لاما أخرى ليسلم السكون ( قالوا إنما نحن مصلحون ) ابتداء وخبر و ما عند سيبويه كافة لأن عن العمل فأما ضم نحن ففيه أقوال للنحويين قال هشام الأصل نحن قلبت حركة الحاء على النون وأسكنت الحاء وقال محمد بن يزيد نحن مثل قبل وبعد لأنها متعلقة بالأخبار عن اثنين وأكثر قال أحمد بن يحيى هي مثل حيت تحتاج إلى شيئين بعدها قال أبو إسحاق الزجاج نحن للجماعة ومن علامة الجماعة الواو والضمة من جنس الواو فلما اضطروا إلى حركة نحن لالتقاء الساكنين حركوها بما يكون للجماعة قال ولهذا ضموا واو الجمع في قول أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى وقال علي بن سليمان نحن يكون للمرفوع فحركوها بما يشبه الرفع
12
كسرت إن لأنها مبتدأة قال علي بن سليمان يجوز فتحها كما أجاز سيبويه حقا أنك منطلق بمعنى ألا والهاء والميم اسم أن و هم مبتدأ و المفسدون خبر المبتدأ والمبتدأ وخبره خبر إن
____________________
(1/189)
ويجوز أن يكون هم توكيدا للهاء والميم ويجوز أن يكون فاصلة والكوفيون يقولون عماد
13
ألف قطع لأنك تقول يؤمن ( كما آمن الناس ) الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف أي إيمانا كإيمان الناس ( قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ) فيه أربعة أقوال أجودها أن تخفف الهمزة الثانية فتقلبها واوا خالصة وتحقق الأولى فتقول ( السفهاء ولا ) وهي قراءة أهل المدينة والمعروف من قراءة أبي عمرو وإن شئت خففتهما جميعا فجعلت الأولى بين الهمزة والألف وجعلت الثانية واوا خالصة وإن شئت خففت الأولى وحقق الثانية وإن شئت حققتها جميعا
14
الأصل لقيوا حذفت الضمة من الياء لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وقرأ محمد بن السميفع اليماني ( وإذا لاقوا الذين آمنوا ) والأصل لاقيوا فإن قيل لم ضمت الواو من لاقوا في الإدراج وحذفت من لقوا فالجواب أن قبل الواو التي في لقوا ضمة تدل عليها فحذفت لالتقاء الساكنين وحركت في لاقوا لأن قبلها فتحة الذين في موضع نصب بالفعل آمنوا داخل في الصلة ( قالوا آمنا ) جواب إذا ( وإذا خلوا
____________________
(1/190)
إلى شياطينهم ) فإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الواو وحذفتها كما يقرأ أهل المدينة شياطينهم خفض بإلى وهو جمع مكسر فلذلك لم تحذف منه النون بالإضافة والهاء والميم خفض بالإضافة ( قالوا إنا معكم ) الأصل إننا حذفت منه لاجتماع النونات معكم نصب بالاستقرار ومن أسكن العين جعل مع حرفا ( إنما نحن مستهزءون ) مبتدأ وخبر فإن خففت الهمزة فسيبويه يجعلها بين الهمزة والواو وحجته أن حركتها أولى بها وزعم الأخفش أنه يجعلها ياءا محضة فيقول ( مستهزيون ) قال الأخفش أفعل في هذا كما فعلت في قوله السفهاء ولا قال محمد بن يزيد ليس كما قال الأخفش لأن قوله السفهاء إلا لو جئت بها بين بين كنت تنحو بها نحو الألف والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا فاضطررت إلى قلبها واوا وليس كذا مستهزئون ومن أبدل الهمزة قال مستهزون وعلى هذا كتبت في المصحف
15
يستهزىء فعل مستقبل في موضع خبر الابتداء والهاء والميم في موضع خفض بالباء ( ويمدهم ) عطف على يستهزىء والهاء والميم في
____________________
(1/191)
موضع نصب بالفعل ( في طغيانهم يعمهون ) في موضع الحال
16
مبتدأ ( الذين ) خبر ( اشتروا الضلالة بالهدى ) في صلة الذين وفي ضم الواو أربعة أقوال قول سيبويه أنها ضم فرقا بينها وبني الواو الأصلية نحو وأن لو استقاموا على وقال الفراء كان يجب أن يكون قبلها واو مضمومة لأنها واو جمع فلما حذفت الواو التي قبلها واحتاجوا إلى حركتها حركوها بحركة التي حذفت قال ابن كيسان الضمة في الواو أخف من غيرها لأنها من جنسها قال أبو إسحاق هي واو جمع حركت بالضم كما فعل في نحن وقرأ ابن أبي إسحاق ويحيى بن يعمر ( اشتروا الضلالة ) بكسر الواو وعلى الأصل لالتقاء الساكنين وروى أبو زيد الأنصاري عن قعنب أبي السمال العدوي أنه قرأ ( اشتروا الضلالة ) بفتح الواو ولخفة الفتحة وأن قبلها مفتوحا وأجاز الكسائي ( اشتروا الضلالة ) بضم الواو كما يقال أقتت وأدؤر قال أبو جعفر
____________________
(1/192)
وهذا غلط لأن همزة الواو إذا انضمت إنما يجوز فيها إذا انضمت لغير علة ( فما ربحت تجارتهم ) رفع بربحت ( وما كانوا مهتدين ) نصب على خبر كان والفراء يقول حال غير مستغنى عنها قال ابن كيسان يجوز تجارة وتجاير وضلالة وضلايل
17
ابتداء ( كمثل الذي ) خبره والكاف بمعنى مثل و ( الذي ) خفض بالإضافة ( استوقد نارا ) صلته ( فلما أضاءت ما حوله ) ما في موضع نصب بمعنى الذي وكذا إن كانت نكرة إلا أن النعت يلزمها إذا كانت نكرة وإن كانت زائدة فلا موضع لها و ( حوله ) ظرف مكان والهاء في موضع خفض بإضافته إليها ( ذهب الله بنورهم ) وأذهب نورهم بمعنى واحد ( وتركهم في ظلمات ) وقرأ أبو السمال ( وتركهم في ظلمات ) بإسكان اللام حذف الضمة لثقلها ومن أثبتها فللفرق بين الاسم والنعت ويقال ظلمات بفتح اللام قال البصريون أبدل من الضمة فتحة لأنها أخف وقال الكسائي ظلمات جمع الجمع جمع ظلم ( لا يبصرون ) فعل مستقبل في موضع الحال
18
على إضمار مبتدأ أي هم صم ( بكم عمي ) وفي قراءة عبد الله
____________________
(1/193)
وحفصة ( صما بكما عميا ) لأن المعنى وتركهم غير مبصرين صما بكما عميا ويكون أيضا بمعنى أعني
19
الأصل عند البصريين صيوب ثم أدغم مثل ميت وعند الكوفيين الأصل صويب ثم أدغم ولو كان كما قالوا لما جاز إدغامه كملا يجوز إدغام طويل وجمع صيب صيايب والتقدير في العربية مثلهم كمثل الذي استوقد نارا أو كمثل صيب ( فيه ظلمات ) ابتداء ( ورعد وبرق ) معطوف عليه ( يجعلون ) مستأنف وإن شئت كان حالا من الهاء التي في فيه فإن قيل كيف يكون حالا ولم يعد عل ى الهاء شيء فالجواب أن التقدير في صواعقه مثل ( يصهر به ما في بطونهم والجلود ) ( أصابعهم ) في واحد الأصابع خمس لغات يقال إصبع بكسر الهمزة وفتح الباء ويقال أصبع بفتح الهمزة وكسر الباء ويقال بفتحهما جميعا وبكسرهما جميعا وبضمهما جميعا وهي مؤنثة وكذلك الأذن وروي عن الحسن أنه قرأ ( من الصواقع ) وهي لغة تميم وبعض ربيعة ( حذر الموت ) ويقال حذار قال سيبويه هو منصوب لأنه موقوع له أي مفعول من أجله وحقيقته أنه مصدر وأنشد سيبويه
____________________
(1/194)
( وأغفر عوراء الكريم ادخاره ** وأعرض عن شتم اللئيم تكرما ) ( والله محيط بالكافرين ) ابتداء وخبر
20
ويجوز في غير القرآن يكاد أن يفعل كما قال
( قد كاد من طول البلى أن يمصحا ** )
وفي يخطف سبعة أوجه القراءة الفصيحة ( يخطف ) وقرأ علي بن الحسين ويحيى بن وثاب ( يكاد البرق يخطف أبصارهم ) بكسر الطاء قال سعيد الأخفش هي لغة وقرأ الحسن وقتادة وعاصم الجحدري وأبو رجاء العطاردي ( يكاد البرق يخطف ) بفتح الياء وكسر الخاء والطاء وروي عن الحسن أنه قرأ بفتح الخاء قال الفراء وقرأ بعض أهل المدينة بتسكين الخاء وتشديد الطاء وقال الكسائي والأخفش والفراء يجوز ( يخطف ) بكسر الياء والخاء والطاء فهذه ستة أوجه موافقة
____________________
(1/195)
للسواد والسابع حكاه عبد الوارث قال رأيت في مصحف أبي يكاد البرق يتخطف أبصارهم وزعم سيبويه والكسائي أن من قرأ ( يخطف ) بكسر الخاء والطاء فالأصل عنده يختطف ثم ادغم التاء في الطاء فالتقى ساكنان وكسر الخاء لالتقاء الساكنين قال سيبويه ومن فتحها ألقى حركة التاء عليها قال الفراء هذا خطأ ويلزم من قاله أن يقول في يمد يمد لأن الميم كانت ساكنة وأسكتت الدال بعدها وفي يعض يعض قال الفراء وإنما الكسر لأن الألف في اختطف مكسورة قال أبو جعفر قال أصحاب سيبويه الذي قال الفراء لا يلزم لأنه لو قيل يمد ويعض لا شكل بيفعل ويفتعل لا يكون إلا على جهة واحدة قال الكسائي من قال يخطف كسر الياء لأن الألف في اختطف مكسورة فأما ما حكاه الفراء عن أهل المدينة من إسكان الخاء والإدغام فلا يعرف ولا يجوز لأنه جمع بين ساكنين ( كلما ) منصوب لأنه ظرف وإذا كانت كلما بمعنى إذا فهي موصولة قال الفراء يقال أضاءك وضاءك ويجوز لذهب بسمعهم مدغما ( وأبصارهم ) عطف عليه ( إن الله على كل شيء قدير ) اسم إن وخبرها
____________________
(1/196)
21
يا حرف النداء و أي نداء مفرد ضم لأنه في موضع المكني وكان يجب أن لا يعرب فكرهوا أن يخلوه من حركة لأنه قد كان متمكنا فاختاروا له الضمة لأن الفتحة تلحق المعرب في النداء والكسرة تلحق المضاف إليك وأجاز أبو عثمان المازني يا أيها الناس على الموضع كما يقال يا زيد الظريف وزعم الأخفش أن الناس في صلة أي و هاء للتنبيه إلا أنها لا تفارق أيا لأنها عوض من الإضافة ولغة بعض بني مالك من بني أسد يا أيه الرجل بضم الهاء لما كانت الهاء لازمة حركتها حركها بحركة أي ( الناس ) تابع لأي كالنعت كما ينعت لا يجوز نصبه عند أبي العباس لأنه لا يستغنى عنه فصار كما تقول يا ناس ( اعبدوا ) ألف وصل لأنه من يعبد وضممتها والأصل الكسر لئلا تجمع بين كسرة وضمة قال سيبويه ليس في الكلام فعل وحذف النون للجزم عند الكوفيين ولأنه لم يضارع عند البصريين ( ربكم ) نصب باعبدوا ( الذي ) نعت له ( خلقكم ) في الصلة والكاف والميم نصب بالفعل ( والذين ) عطف على الكاف والميم ( من قبلكم ) في الصلة ( لعلكم ) الكاف والميم اسم لعل ( تتقون ) فعل مستقبل علامة رفعه النون وهو في موضع خبر لعل
____________________
(1/197)
22
الذي نعت لربكم وإن شئت كان نعتا للذي خلقكم وصلح أن يقال نعت للنعت لأن النعت هو المنعوت في المعنى ويجوز أن يكون منصوبا بتتقون ويجوز أن يكون بمعنى أعني وأن يكون في موضع رفع على أنه خبر ابتداء محذوف ويجوز جعل لكم مدغما لأن الحرفين مثلان قد كثرت الحركات وترك الإدغام أجود لأنها من كلمتين ( الأرض فراشا ) مفعولان لجعل ( والسماء بناء ) عطف والسماء تكون جمعا لسماوة وسماءة وتكون واحدة مؤنثة مثل عناق وتذكيرها شاذ وجمعها سماوات وسماءات وأسم وسمايا وسماء المطر مذكر وكذلك السقف في المستعمل وجمعها أسمية وسمي وسمي وبناء يقصر على أنه جمع بنية ومصدر ويقال بني جمع بنية وفي الممدود في الوقف خمس لغات أجودها و السماء بناء بهمزة بين ألفين ويجوز تخفيف الهمزة حتى تضعف ويجوز حذفها لقربها من الساكن وهي بين ساكنين فإذا حذفتها حذفت الألف بعدها فقلت بنا لفظه كلفظ المقصور ومن العرب من يزيد بعده في صورته مدة ومنهم من يعوض من الهمزة ياءا فيقول بنيت بنايا والبصريون يقولون هو مشبه بخطايا والفراء يقول ردت الهمزة إلى أصلها لأن أصلها الياء ( وأنزل من السماء ماء ) والأصل
____________________
(1/198)
في ماء موه قلبت الواو ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها فقلت ماه فالتقى حرفان خفيان فأبدلت من الهاء همزة لأنها أجلد وهي بالألف أشبه فقلت ماء فالألف الأولى عين الفعل وبعهدها الهمزة التي هي بدل من الهاء وبعد الهمزة ألف بدل من التنوين قال أبو الحسن علي لا يجوز أن يكتب إلا بألفين عند البصريين وإن شئت بثلاث فإذا جمعوا أو صغروا ردوا إلى الأصل فقالوا مويه وأمواه ومياه مثل أجمال وجمال ( فأخرج به من الثمرات ) جمع ثمرة ويقال ثمر مثل شجر ويقال ثمر مثل خشب ويقال ثمر مثل بدن وثمار مثل إكام ( رزقا لكم ) مفعول ( فلا تجعلوا لله أندادا ) تجعلوا جزم بالنهي فلذلك حذفت منه النون أندادا مفعول أول و لله في موضع الثاني ( وأنتم ) مبتدأ ( تعلمون ) فعل مستقبل في موضع الخبر والجملة في موضع الحال
23
في موضع جزم بالشرط ( في ريب ) خفض بفي ( مما نزلنا ) ما خفض بمن والعائد عليها محذوف لطول الاسم أي ما نزلناه ( على عبدنا ) خفض بعلى ( فأتوا ) جواب الشرط وإن شئت قلت مجازاة قال ابن كيسان قصرت فأتوا لأنه من باب المجيء وحكى الفراء في قراءته فتوا فيجوز فتوا ( بسورة ) خفض الباء ( من مثله ) خفض بمن ( وادعوا شهداءكم ) نصب بالفعل جمع شهيد يقال شاهد وشهيد مثل قادر وقدير
____________________
(1/199)
24
يقال كيف دخلت أن على لم ولا يدخل عامل على عامل فالجواب أن أن هنا غير عاملة في اللفظ فدخلت على لم كما تدخل على الماضي لأنها لا تعمل في لم كما لا تعمل في الماضي فمعنى إن لم تفعلوا إن تركتم الفعل قال الأخفش سعيد إنما جزموا بلم لأنها نفي فأشبهت لا في قولك لا رجل في الدار فحذفت بها الحركة كما حذفت التنوين من الأسماء وقال غيره جزمت بها لأنها أشبهت إن التي للشرط لأنها ترد المستقبل إلى الماضي كما ترد أن فنحتاج إلى جواب فأشبهت الابتداء والابتداء يلحق به الأسماء الرفع وهو أولى بالأسماء فكذا حذف مع إن لأن أولى ما للأفعال السكون ( ولن تفعلوا ) نصب بلن وعلامة نصبه حذف النون واستوى النصب والجزم في الأفعال لأنهما فرعان وهما بمنزلة النصب والخفض في الأسماء وحكي عن الخليل رحمه الله أن أصل لن لا أن ورد عليه هذا سيبويه وقال لو كان كذا لما جاز زيدا لن أضرب قال أبو عبيدة من العرب من يجزم بلن كما يجزم بلم ( فاتقوا النار ) جواب الشرط في الفاء وما بعدها ولغة تميم وأسد فتقوا النار وحكى سيبويه تقى يتقي
____________________
(1/200)
( النار ) مفعولة ( التي ) من نعتها ( وقودها ) مبتدأ ( الناس ) خبر ( والحجارة ) عطف عليهم ( أعدت ) فعل ماض والتاء علامة التأنيث أسكنت عند البصريين لأنها حرف جاء لمعنى وعند الكوفيين إنك لما ضممت تاء المخاطب وفتحت تاء المخاطب المذكر وكسرت تاء المؤنث وبقيت هذه التاء كان ترك العلامة لها علامة واسم ما لم يسم فاعله مضمر في أعدت ( للكافرين ) خفض باللام الزائدة وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف ( التي وقودها ) بضم الواو وقال الكسائي والأخفش سعيد الوقود بفتح الواو الحطب والوقود بضمها الفعل قال أبو جعفر يجب على هذا أن لا يقرأ إلا وقودها بفتح الواو لأن المعنى حطبها إلا أن الأخفش قال وحكي أن بعض العرب يجعل الوقود والوقود جميعا بمعنى الحطب والمصدر وذهب إلى أن الأول كثر قال كما أن الوضوء الماء والوضوء المصدر
25
( أن ) في موضع نصب والمعنى بأن لهم قال الكسائي وجماعة من البصريين أن في موضع خفض بإضمار الباء ( جنات ) في موضع نصب اسم أن وكسرت التاء عند البصريين لأنه جمع مسلم فوجب أن يستوي خفضه ونصبه كما كان في المذكر جائزا ( تجري ) في موضع نصب نعت للجنات ومرفوع لأنه فعل مستقبل وحذفت الضمة من الياء لثقلها
____________________
(1/201)
معها ( الأنهار ) مرفوع بتجري ( كلما ) ظرف ( قالوا هذا ) مبتدأ و ( الذي ) خبره ويجوز أن يكون هذا هو الذي ( رزقنا من قبل ) غاية مبني على الضم لأنه قد حذف منه وهو ظرف يدخله النصب والخفض في حال سلامته فلما اعتل بالحذف أعطى حركة لم تكن تلحقه وقيل أعطى الضمة لأنها غاية الحركات ( وأتوا به ) فعلوا من أتيت ( متشابها ) على الحال ( أزواج ) مرفوع بالابتداء ( مطهرة ) نعت وواحد الأزواج زوج قال الأصمعي ولا تكاد العرب تقول زوجة قال أبو جعفر حكى الفراء أنه يقال زوجة وأنشد
( إن الذي يمشي يحرش زوجتي ** كماش إلى أسد الشرى يستبيلها )
( وهم ) مبتدأ ( خالدون ) خبره والظرف ملغى ويجوز في غير القرآن نصب خالدين على الحال
26
اسم إن والجملة الخبر لغة تميم وبكر بن وائل ( لا يستحي )
____________________
(1/202)
بياء واحدة وهكذا قرأ ابن كثير وابن محيصن وشبل وفيه قولان قال الخليل أسكنت الياء الأولى كما سكنت في باع وسكنت الثانية لأنها لام الفعل قال سيبويه وقال غيره لما كثر وكانتا ياءين حذفوها وألقوا حركتها على الحاء قال أبو جعفر شرح قول الخليل أن الأصل استحيى فأعله من جهتين اعل الياء الأولى كما يقال استباع واعل الثانية كما يقال يرمي فحذف الأولى لئلا يلتقي ساكنان وهذا بعيد جدا لأنهم يجتنبون الإعلال من جهتين والقول الآخر هو قول سيبويه سمعت أبا إسحاق يقول إذا قال سيبويه بعد قول الخليل وقال غيره فإنما يعني نفسه ولا يسمي نفسه بعد الخليل إجلالا منه له وشرح قول سيبويه أن الأصل استحيى كثر استعمالهم إياه فحذفوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء فأشبه افتعل نحو اقتضى فصرفوه تصريفه فقالوا استحى يستحي ( أن يضرب ) في موضع نصب أي من أن يضرب ( مثلا ) منصوب بيضرب ( ما بعوضة ) في نصبها ثلاثة أوجه تكون ما زائدة و بعوضة بدلا من مثل ويجوز أن تكون ما في موضع نصب نكرة و بعوضة نعتا لما وصلح أن تكون نعتا لأنها بمعنى قليل والوجه الثالث قول الكسائي والفراء قالا التقدير أن يضرب مثلا ما بين بعوضة حذفت بين وأعربت بعوضة بإعرابها والفاء بمعنى إلى أي إلى ما فوقها ومعنى ضربت له مثلا مثلت له مثلا وهذه الأبنية على ضرب واحد أي على مثال واحد ( فما فوقها ) عطف على ما الأولى وحكى أنه سمع رؤبة يقرأ
____________________
(1/203)
( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة ) بالرفع وهذه لغة تميم جعل ما بمعنى الذي ورفع بعوضة على إضمار ابتداء والحذف في ما أقبح منه في الذي لأن الذي إنما له وجه واحد والاسم معه أطول ( فأما الذين آمنوا ) الذين رفع بالابتداء وخبره ما بعد الفاء فلا بد من الفاء في جواب أما لأن فيها معنى الشرط أي مهما يكن من شيء فالأمر كذا ( فيعلمون أنه الحق ) أن في موضع نصب بيعلمون والهاء اسمها والحق خبرها ( من ربهم ) خفض بمن ( وأما الذين كفروا ) ولغة تميم وبني عامر أيما يبدلون من إحدى الميمين ياءا كراهية التضعيف وعلى هذا ينشد بيت عمر بن أبي ربيعة
( رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت ** فيضحى وأيما بالعشي فيخصر ) ( فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) إن شئت جعلت ما و ذا شيئا واحدا في موضع نصب بأراد قال ابن كيسان وهو أجود وإن شئت جعلت ما اسما تاما في موضع رفع بالابتداء و ذا بمعنى الذي هو خبر الابتداء ويكون التقدير ما الذي أراد الله بهذا مثلا قال أحمد بن يحيى ثعلب مثلا منصوب على القطع وقال ابن كيسان هو منصوب على التمييز الذي وقع موقع الحال ( يضل ) فعل مستقبل ( كثيرا ) مفعول به
____________________
(1/204)
( ويهدي ) أسكنت الياء فيه استثقالا للجمع بينها وبين ياء وكسرة ( وما يضل به إلا الفاسقين ) بوقوع الفعل عليهم والتقدير وما يضل به أحدا إلا الفاسقين ولا يجوز أن تنصبهم على الاستثناء لأن الاستثناء لا يكون إلا بعد تمام الكلام
27
الذين في موضع نصب على النعت للفاسقين وإن شئت جعلته في موضع رفع على أنه خبر ابتداء محذوف أي هم الذين ( ينقضون ) فعل مستقبل والمضمر الذي فيه يعود على الذين ( عهد الله ) مفعول به ( من بعد ميثاقه ) خفضت بعدا بمن وميثاقه بعد إليه وهو بمعنى إيثاقه قال ابن كيسان هو اسم يؤدي عن المصدر كما قال القطامي
( أكفرا بعد رد الموت عني ** وبعد عطائك المائة الرتاعا ) ( ويقطعون ) عطف على ينقصون ( ما أمر الله به ) ما في موضع نصب بيقطعون والمصدر قطيعة وقطعت الحبل قطعا وقطعت النهر قطوعا وقطعت الطير قطاعا وقطاعا إذا خرجت من بلد إلى بلد وأصاب الناس قطعة إذا قلت مياههم ورجل به قطع أي انبهار ( ويفسدون في الأرض )
____________________
(1/205)
عطف على يقطعون ( أولئك ) مبتدأ ( هم ) ابتداء ثان ( الخاسرون ) خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول إن شئت كانت هم زائدة والخاسرون الخبر
28
كيف اسم في موضع نصب وهي مبنية على الفتح وكان سبيلها أن تكون ساكنة لأن فيها موضع الاستفهام فأشبهت الحروف واختير لها الفتح من أجل الياء ( تكفرون ) فعل مستقبل ( بالله ) خفض بالباء ( وكنتم أمواتا ) التقدير وقد كنتم أمواتا ثم حذفت قد ( أمواتا ) خبر كنتم ( فأحياكم ) الكاف والميم في موضع نصب بالفعل وكذا ( ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) فعل مستقبل
29
ابتداء وخبر ( ما ) في موضع نصب ( جميعا ) عند سيبويه نصب على الحال ( ثم استوى ) أهل الحجاز يفخمون وأهل نجد يميلون ليدلوا على أنه من ذوات الياء ( إلى السماء ) خفض بإلى ( فسواهن سبع سموات ) قال محمد بن الوليد سبع منصوب على أنه بدل من الهاء والنون أي فسوى سبع سموات قال أبو جعفر يجوز عندي أن يكون فسوى منهن كما قال جل وعز واختار موسى قومه أي من قومه ( وهو بكل
____________________
(1/206)
شيء عليم ) مبتدأ وخبر
30
قال أبو عبيدة إذ اسم وهو ظرف زمان ليس مما يزاد قال أبو إسحاق ذكر الله عز وجل خلق الناس وغيرهم فالتقدير ابتدأ خلقهم إذ قال ربك ( للملائكة ) خفض باللام والهاء لتأنيث الجماعة ( إني جاعل في الأرض ) الياء في موضع نصب جاعل خبر أن والأصل إنني حذفت النون لاجتماع نونين في الأرض خفض بفي ( خليفة ) نصب بجاعل ولا يجوز حذف التنوين للفصل ولو وليه المفعول لجاز حذف التنوين خليفة يكون بمعنى فاعل أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض أو من كان قبله من غير الملائكة كما روي ويجوز أن يكون خليفة بمعنى مفعول أي يخلف كما يقال ذبيحة بمعنى مفعولة ( قالوا أتجعل ) فعل مستقبل ( فيها من يفسد ) في موضع نصب بتجعل والمفعول الثاني يقوم مقامه فيها يفسد على اللفظ ويجوز في غير القرآن يفسدون على المعنى ( ويسفك ) عطف عليه وروي عن الأعرج ( ويسفك الدماء ) بالنصب يجعله جواب الاستفهام بالواو وواحد الدماء دم ولا يكون اسم على حرفين إلا وقد حذف منه والمحذوف منه ياء وقد نطق به على الأصل قال الشاعر
____________________
(1/207)
( فلو أنا على حجر ذبحنا ** جرى الدميان بالخبر اليقين ) ( ونحن نسبح بحمدك ) لا يجوز إدغام النون في النون لئلا يلتقي ساكنان ( قال إني أعلم ما لا تعلمون ) من حرك الياء فقال إني اعلم ما كره أن يكون اسم على حرف واحد ساكنا ومن أسكنها قال قد اتصلت بما قبلها اعلم فعل مستقبل ويجوز أن يكون اسما بمعنى فاعل كما يقال الله أكبر بمعنى كبير وكما قال
( لعمرك ما أدري وإني لأوجل ** على أينا تغدو المنية أول ) ويجوز إدغام الميم في الميم و ما في موضع نصب بأعلم إذا جعلته فعلا وإن جعلته اسما جاز أن يكون ما في موضع خفض بالإضافة وفي موضع نصب وتحذف التنوين لأنه لا ينصرف
31
آدم و الأسماء مفعولان لعلم وآدم لا ينصرف في المعرفة
____________________
(1/208)
بإجماع النحويين لأنه على أفعل وهو معرفة ولا يمتنع شيء من الصرف عند البصريين إلا بعلتين فإن نكرت آدم وليس بنعت لم يصرفه الخليل وسيبويه وصرفه الأخفش سعيد لأنه إنما منعه من الصرف لأنه كان نعتا وهو على وزن الفعل فإذا لم يكن نعتا صرفه قال أبو إسحاق القول قول سيبويه لا يفرق بين النعت وغيره لأنه هو ذاك بعينه وجمع آدم إذا كان صفة أدم فإن لم يكن نعتا فجمعه آدمون وأوادم وهكذا الباب كله قال أبو جعفر وقد ذكرنا عرضهم في الكتاب الذي قبل هذا ( فقال أنبئوني ) ألف قطع لأنها من أنبأ ينبىء فإن خففت الهمزة قلت أنبئوني بين بين فإن جعلتها مبدلة قلت أنبوني مثل اعطوني ( بأسماء هؤلاء ) بأسماء مخفوض بالباء و هؤلاء في موضع مخفوض بالإضافة إلى أنه مبني على الكسر لالتقاء الساكنين وهو مبني مثل هذا وفيه وجوه إذا مددته وإن شئت خففت الهمزة الثانية وحققت الأولى وهو أجود الوجوه عند الخليل وسيبويه وهي قراءة نافع فقلت ( هؤلاء إن كنت صادقين ) ولا يجوز غير هذا في قول من خفف الثانية والدليل على هذا أنهم أجمعوا على القراءة في قوله جل وعز من النساء إلا ما قد سلف على وجه واحد عن نافع ولا فرق بينهما وإن شئت خففت الأولى وحققت الثانية فقلت هؤلاان
____________________
(1/209)
كنتم وان شئت حققتهما جميعا فقلت هؤلاءان وإن شئت خففتهما وان شئت خففت الأولى فقلت هؤلاان ان كنتم صادقين وهو مذهب أبي عمرو بن العلاء في الهمزتين إذا اتفقتا وتميم وبعض أسد وقيس يقصرون هؤلا فعلى لغتهم هاؤلا إن كنتم وقال الأعشى
( هؤلاء ثم هؤلا كلا أعطيت ** نعالا محذوة بمثال ) ومن العرب من يقول هؤلا فيحذف الألف والهمزة ( إن كنتم صادقين ) كنتم في موضع جزم بالشرط وما قبله في موضع جوابه عند سيبويه وعند أبي العباس الجواب محذوف والمعنى إن كنتم صادقين فأنبئوني قال أبو عبيد وزعم بعض المفسرين أن إن بمعنى إذ وهذا خطأ إنما هي أن المفتوحة التي تكون بمعنى إذ فأما هذه فهي بمعنى الشرط
32
منصوب على المصدر عند الخليل وسيبويه يؤدي عن معنى نسبحك سبحانك تسبيحا وقال الكسائي هو منصوب لأنه لم يوصف قال ويكون منصوبا على أنه نداء مضاف ( لا علم لنا ) مثل لا ريب
____________________
(1/210)
فيه ويجوز لا علم لنا يجعل لا بمعنى ليس المعنى ليس ( إلا ما علمتنا ) ما في موضع رفع كما تقول لا إلاه إلا الله وخبر التبرية كخبر الابتداء ويجوز النصب إذا تم الكلام على أصل الاستثناء ( أنك أنت العليم الحكيم ) أنت في موضع نصب توكيدا للكاف وإن شئت كانت رفعا بالابتداء والعليم خبره والجملة خبر أن وإن شئت كانت فاصلة لا موضع لها والكوفيون يقولون عماد الألف واللام في موضع رفع ( الحكيم ) من نعت العليم
33
نداء مفرد ( أنبئهم ) حذفت الضمة من الهمزة لأنه أمر وإن خففت الهمزة قلت أنبيهم كما قلت ذيب وبير وإن أبدلت منها قلت أنبهم كما قال زهير
( جريء متى يظلم يعاقب بظلمه ** سريعا وإن لا يبد بالظلم يظلم ) ( بأسمائهم ) خفض بالباء ( فلما أنبأهم ) وإن خففت جعلتها بين الهمزة والألف وإن أبدلت قلت أنباهم بألف خالصة ( قال ألم أقل لكم ) الأصل أقول ألقيت حركة الواو على القاف فانضمت القاف وحذفت الواو لسكونها وسكون اللام وأسكنت اللام للجزم ( أني ) كسرت الألف لأن ما
____________________
(1/211)
بعد القول مبتدأ وزعم سيبويه أن من العرب من يجري القول مجرى الظن وهي حكاية أبي الخطاب فعلى هذا أني أعلم قال الكسائي رأيت العرب إذا لقيت الياء همزة استحبوا الفتح فيقولون أني أعلم ويجوز إعلم لأنه من علم ( غيب السموات والأرض ) نصب بأعلم وكذا ( ما تبدون وما كنتم تكتمون ) عطف عليه
34
خفض باللام الزائدة ( اسجدوا ) أمر فلذلك حذفت منه النون وضممت الهمزة إذا ابتدأتها لأنه من يسجد وروى عن أبي جعفر أنه قرأ ( للملائكة اسجدوا ) وهذا لحن لا يجوز وأحسن ما قيل فيه ما روي عن محمد بن يزيد قال أحسب أن أبا جعفر كان يخفض ثم يشم الضمة ليدل على أن الابتداء بالضم كما يقرأ ( وغيض الماء ) فيشير إلى الضمة ليدل على أنه لما لم يسم فاعله ( لادم ) في موضع خفض باللام إلا أنه لا ينصرف ( فسجدوا إلا إبليس ) نصب على الاستثناء لا يجوز غيره عند البصريين لأنه موجب وأجاز الكوفيون الرفع و إبليس اسم أعجمي فلذلك لم ينون وزعم أبو عبيدة أنه عربي مشتق من أبلس إلا أنه
____________________
(1/212)
لم ينصرف لأنه لا نظير له ( أبى واستكبر ) أبى يأبى إباءا وهذا حرف نادر جاء على فعل يفعل ليس فيه حرف من حروف الحلق قال أبو إسحاق سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول القول فيه عندي أن الألف مضارعة لحروف الحلق قال أبو جعفر ولا أعلم أن أبا إسحاق روى عن إسماعيل نحوا غير هذا الحرف ( وكان من الكافرين ) خفض بمن وفتحت النون لالتقاء الساكنين
35
أنت توكيد للمضمر ويجوز في غير القرآن على بعد قم وزيد ( وكلا منها ) حذفت النون لأنه أمر وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال فحذفها شاذ قال سيبويه ومن العرب من يقول أوكل فيتم ( رغدا ) نعت لمصدر محذوف أي أكلا رغدا قال ابن كيسان ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ( حيث شئتما ) حيث مبنية على الضم لأنها خالفت أخواتها من الظروف في أنها لا تضاف فأشبهت قبل وبعد إذا أفردتا فضمت وحكى سيبويه أن من العرب من يفتحها على كل حال قال الكسائي الضم لغة قيس وكنانة والفتح لغة بني تميم قال الكسائي وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب قال سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ويضم ويفتح ويقال حوث ( ولا
____________________
(1/213)
تقربا ) نهي فلذلك حذفت النون ( هذه الشجرة ) في موضع نصب بتقربا والهاء في هذه بدل من ياء الأصل هذي ولا أعلم في العربية هاء تأنيث مكسورا ما قبلها إلا هاء هذه ومن العرب من يقول هاتا هند ومنهم من يقول هاتي هند وحكى سيبويه هذه هند بإسكان الهاء ( الشجرة ) نعت لهذه ( فتكونا ) جواب النهي منصوب على إضمار أن عند الخليل وسيبويه وزعم الجرمي أن الفاء هي الناصبة ويجوز أن يكون فتكونا جزما عطفا على تقربا
36
من أزللته فزل وفأزالهما من أزلته فزال ( الشيطان ) رفع بفعله ( وقلنا اهبطوا ) حذفت الألف من اهبطوا لأنها ألف وصل وحذفت الألف من قلنا في اللفظ لسكونها وسكون الهاء بعدها ( بعضكم ) مبتدأ ( عدو ) خبره والجملة في موضع نصب على الحال والتقدير وهذه حالكم وحذفت الواو لأن في الكلام عائدا كما يقال رأيتك السماء تمطر عليك ويقال كيف قال عدو ولم يقل أعداء ففي هذا جوابان أحدهما أن بعضا وكلا يخبر عنهما بالواحد وذلك في القرآن قال الله جل وعز وكلهم آتيه يوم وقال وكل أتوه داخرين والجواب الآخر أن عدوا يفرد في موضع الجمع قال الله جل وعز وهم لكم عدو بئس للظالمين بمعنى أعداء ( ولكم في الأرض مستقر ) مرفوع بالابتداء ( ومتاع ) عطف عليه
____________________
(1/214)
37 رفع بفعله ( كلمات ) نصب بالفعل وقرأ الأعمش ( فتلقى آدم من ربه ) مدغما ( إنه هو التواب الرحيم ) هو رفع بالابتداء و التواب خبره والجملة خبر أن ويجوز أن يكون هو توكيدا للهاء ويجوز أن يكون فاصلة وحكى أبو حاتم أن أبا عمرو وعيسى وطلحة قرءوا ( إنه هو التواب ) مدغما وأن ذلك لا يجوز لأن بين الهاءين واوا في اللفظ لا في الخط قال أبو جعفر أجاز سيبويه أن تحذف هذه الواو وأنشد
( له زجل كأنه صوت حاد ** إذا طلب الوسيقة أو زمير )
فعلى هذا يجوز الإدغام
38
نصب على الحال وزعم الفراء أنه يقال إنما خوطب بهذا آدم صلى الله عليه وسلم وإبليس بعينه ويعني ذريته فكأنه خاطبهم كما قال قالتا أتينا طائعين أي أتينا بما فينا وقال غير الفراء يكون مخاطبة لآدم عليه السلام وحواء والحية ويجوز أن يكون لآدم وحواء لأن الاثنين جماعة ويجوز أن
____________________
(1/215)
يكون إبليس ضم إليهما في المخاطبة ( فإما يأتينكم ) ما زائدة والكوفيون يقولون صلة والبصريون يقولون فيها معنى التوكيد يأتينكم في موضع جزم بالشرط والنون مؤكدة وإذا دخلت ما شبهت بلام القسم فحسن المجيء بالنون وجواب الشرط الفاء في قوله ( فمن تبع هداي ) و من في موضع رفع و تبع في موضع جزم بالشرط ( فلا خوف عليهم ) جوابه وقال الكسائي في فلا خوف عليهم جواب الشرطين جميعا وقرأ عاصم الجحدري وعيسى وابن أبي إسحاق ( فمن تبع هدى ) قال أبو زيد هذه لغة هذيل يقولون هدي وعصي وأنشد النحويون
( سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم ** فتخرموا ولكل جنب مصرع ) قال أبو جعفر العلة في هذا عند الخليل وسيبويه وهذا معنى قولهما أن سبيل ياء الإضافة أن يكسر ما قبلها فلما لم يجز أن تتحرك الألف جعل قبلها ياءا عوضا من التغيير وقرأ الحسن وعيسى وابن أبي إسحاق ( فلا خوف عليهم ) والاختيار عند النحويين الرفع والتنوين لأن الثاني معرفة لا
____________________
(1/216)
يكون فيه إلا الرفع فاختاروا في الأول الرفع أيضا ليكون الكلام من وجه واحد
39
رفع بالابتداء ( كفروا ) من صلته ( وكذبوا ) عطف على كفروا ( بآياتنا ) خفض بالباء ( أولئك ) مبتدأ ( أصحاب النار ) خبره والجملة خبر الذين ( هم فيها خالدون ) ابتداء وخبر في موضع نصب على الحال
40
نداء مضاف علامة النصب فيه الياء وحذفت منه النون للإضافة الواحد ابن والأصل فيه بني وقيل فيه بنو ولو لم يحذف منه لقيل بنا كما يقال عصا فمن قال المحذوف منه واو احتج بقولهم البنوة وهذا لا حجة فيه لأنهم قد قالوا الفتوة قال أبو جعفر سمعت أبا إسحاق يقول المحذوف منه عندي ياء كأنه من بنيت ( إسرائيل ) في موضع خفض إلا أنه لا ينصرف لعجومته ويقال إسرائل بغير ياء وبهمزة مكسورة ويقال اسراأل بهمزة مفتوحة وتميم يقولون إسرائين بالنون ( اذكروا ) حذفت النون منه لأنه أمر وحذفت الألف لأنها ألف وصل وضممتها في الابتداء لأنه من يذكر ( نعمتي التي ) بتحريك الياء أكثر في كلام العرب إذا لقيها ألف ولام فإن أسكنتها حذفتها لالتقاء الساكنين التي في موضع نصب نعت لنعمتي ( أنعمت عليكم ) من صلتها ( وأوفوا بعهدي ) أمر
____________________
(1/217)
( أوف بعهدكم ) جواب الأمر مجزوم لأن فيه معنى المجازاة وقرأ الزهري ( أوف بعهدكم ) على التكثير ويقال وفى بالعهد أيضا ( وإياي فارهبون ) وقع الفعل على النون والياء وحذفت الياء لأنه رأس آية وقرأ ابن أبي إسحاق ( فارهبوني ) بالياء وكذا فاتقوني وإياي منصوب بإضمار فعل وكذا الاختيار في الأمر والنهي والنفي والاستفهام
41
عطف ( بما ) خفض بالباء ( أنزلت ) صلته والعائد محذوف لطول الاسم أي بما أنزلته ( مصدقا ) على الحال ( لما ) خفض باللام ( معكم ) صلة لما ( ولا تكونوا ) جزم بلا فلذلك حذفت منه النون ( أول ) خبر تكونوا ولم ينونه لأنه مضاف ولو لم يكن مضافا جاز فيه التنوين على أنه اسم ليس بنعت وجاز الضم بغير تنوين على أنه غاية وجاز ترك التنوين على أنه نعت قال ( كافر ) ولم يقل كافرين فيه قولان زعم الأخفش والفراء أنه محمول على المعنى لأن المعنى أول من كفر به وحكى سيبويه هو أظرف الفتيان أجمله لأنه قد كان يقول كأنه يقول هو أظرف فتى وأجمله والقول الآخر أن التقدير ولا تكونوا أول فريق كافر به والإمالة في كافر لغة تميم وهي حسنة لأنه مخفوض والراء
____________________
(1/218)
بمنزلة حرفين وليس فيه حرف مانع والحروف الموانع الخاء والغين والقاف والصاد والضاد والطاء والظاء قال أبو جعفر وفي أول من العربية ما يلطف ونحن نشرحه إن شاء الله أول عند سيبويه مما لم ينطق منه بفعل وهو على أفعل عينه وفاؤه واو وإنما لم ينطق منه بفعل عنده لئلا يعتل من جهتين وهذا مذهب البصريين وقال الكوفيون هو من وأل ويجوز أن يكون من أال فإذا كان من وأل فالأصل فيه أوأل ثم خففت الهمزة فقلت أول كما تخفف همزة خطيئة فتقول خطية وإن كان من أال فالأصل فيه أاول ثم أبدلت من الألف واوا لأنه لا ينصرف
42
نهي فلذلك حذفت منه النون ( الحق ) مفعول ( بالباطل ) خفض بالباء ( وتكتموا ) عطف على تشتروا وإن شئت كان جوابا للنهي في موضع نصب على إضمار أن عند البصريين والتقدير لا يكن منكم أن تشتروا وتكتموا والكوفيون يقولون هو منصوب على الصرف وشرحه أنه صرف عن الأداة التي عملت فيما قبله ولم يستأنف فيرفع فلم يبق إلا النصب فشبهت الواو والفاء بكي فنصبت بها كما قال
( لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذ فعلت عظيم )
____________________
(1/219)
( وأنتم ) مبتدأ ( تعلمون ) فعل مستقبل في موضع الخبر والجملة في موضع الحال
43
أمر وكذا ( وآتوا ) ( واركعوا )
44
فعل مستقبل ( وتنسون ) عطف عليه ( أفلا تعقلون ) مثله
45
أمر ( بالصبر ) خفض بالباء قال أبو جعفر وقد ذكرنا فيه أقوالا في الكتاب الذي قبل هذا وأصحها أن يكون الصبر عن المعاصي ويكون ( والصلاة ) مثل قوله وجبريل وميكال يقال فلان صابر أي عن المعاصي فإذا صبر عن المعاصي فقد صبر على الطاعة وقال جل وعز إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ولا يقال لمن صبر على المصيبة صابر إنما يقال صابر على كذا فإذا قلت صابر مطلقا فهو على ما ذكرنا ( وإنها لكبيرة ) اسم إن وخبرها ويجوز في غير القرآن وأنه
____________________
(1/220)
ويجوز وأنهما
46
في موضع خفض على النعت للخاشعين ( يظنون ) فعل مستقبل وفتحت أن بالظن واسمها الهاء والميم والخبر ( ملاقو ) والأصل ملاقون لأنه بمعنى تلاقون حذفت النون تخفيفا ( وأنهم ) عطف على الأول ويجوز وأنهم بقطعه مما قبله
48
منصوب باتقوا ويجوز في غير القرآن يوم لا تجزي على الإضافة وفي الكلام حذف بين النحويين فيه اختلاف قال البصريون التقدير يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا ثم حذف فيه قال الكسائي هذا خطأ لا يجوز حذف فيه ولو جاز هذا لجاز الذي تكلمت زيد بمعنى تكلمت فيه قال ولكن التقدير واتقوا يوما لا تجزيه نفس ثم حذف الهاء وقال الفراء يجوز أن تحذف فيه وأن تحذف الهاء قال أبو جعفر الذي قاله الكسائي لا يلزم لأن الظرو ف يحذف منها ولا يحذف من غيرها تقول تكلمت في اليوم وكلمت وتكلمت اليوم هذا احتجاج البصريين فأما الفراء فرد على الكسائي بأن قال فإذا
____________________
(1/221)
قلت كلمت زيدا وتكلمت في زيد فالمعنيان مختلفان فلهذا لم يجز الحذف فينقلب المعنى والفائدة في الظروف واحدة وهذه الجملة في موضع نصب عند البصريين على نعت لليوم ولهذا وجب أن يعود عليه ضمير وعند الكوفيين صلة ( ولا يقبل منها شفاعة ) ويجوز تقبل بالتاء لأن الشفاعة مؤنثة وإنما حسن تذكيرها لأنها بمعنى التشفع كما قال
( إن السماحة والمروءة ضمنا ** قبرا بمرو على الطريق الواضح ) وقال الأخفش حسن التذكير لأنك قد فرقت قال سيبويه وكلما طال الكلام فهو أحسن وهو في الموات أكثر فرقوا بين الحيوان والموات كما فرقوا بين الأدميين وغيرهم في الجمع ( شفاعة ) اسم ما لم يسم فاعله وكذا ( عدل ) ( ولا هم ينصرون ) ابتداء وخبر
49
إذ في موضع نصب عطفا على اذكروا نعمتي ( من آل
____________________
(1/222)
فرعون ) قال الكسائي إنما يقال آل فلان وآل فلانة ولا يقال في البلدان لا يقال هو من آل حمص ولا من آل المدنية قال إنما يقال في الرئيس الأعظم نحو آل محمد عليه السلام أهل دينه واتباعه وآل فرعون لأنه رئيسهم في الضلالة قال وقد سمعناه في البلدان قالوا أهل المدينة وآل المدينة قال أبو الحسن بن كيسان إذا جمعت آلا قلت آلون فإن جمعت آلا الذي هو بمنزلة السراب قلت أوآل مثل مال وأموال قال أبو جعفر الأصل في آل أهل ثم أبدل من الهاء ألف فإن صغرت رددته إلى أصله فقلت أهيل ( فرعون ) في موضع خفض إلا أنه لا ينصرف لعجمته قال الأخفش ( يسومونكم ) في موضع رفع على الابتداء وإن شئت كان في موضع نصب على الحال أي سائمين لكم قرأ ابن محيصن ( يذبحون أبناءكم ) والتشديد أبلغ لأن فيه معنى التكثير ( ويستحيون ) عطف ( وفي ذلكم بلاء ) رفع بالابتداء ( عظيم ) من نعته
50
في موضع نصب وحكى الأخفش ( فرقنا ) ( البحر ) مفعول
51
وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر وشيبة ( وإذ وعدنا ) بغير ألف وهو اختيار
____________________
(1/223)
أبي عبيد وأنكر واعدنا قال لأن المواعدة إنما تكون من البشر فأما الله جل وعز فإنما هو المنفرد بالوعد والوعيد على هذا وجدنا القرآن كقوله وعدكم وعد الحق وقوله وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقوله وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم قال أبو جعفر قد ذكرنا قول أبي إسحاق في الكتاب الذي قيل هذا وكلام أبي عبيد هذا غلط بين لأنه أدخل بابا في باب وأنكر ما هو أحسن وأجود و واعدنا أحسن وهي قراءة مجاهد والأعرج وابن كثير ونافع والأعمش وحمزة والكسائي وليس قوله سبحانه وعد الله الذين آمنوا من هذا في شيء لأن واعدنا موسى إنما هو من باب الموافاة وليس هو من الوعد والوعيد في شيء وإنما هو من قول موعدك يوم الجمعة وموعدك موضع كذا والفصيح في هذا أن يقال واعدته ( موسى أربعين ليلة ) مفعولان قال الأخفش التقدير وإذ واعدنا موسى تمام أربعين ليلة ثم حذف كما قال وسئل القرية ( ثم اتخذتم العجل ) بالإدغام وإن شئت أظهرت لأن الذال مجهورة والتاء مهموسة فالإظهار حسن وإنما جاز الإدغام لأن الثاني بمنزلة المنفصل العجل مفعول أول
____________________
(1/224)
والمفعول الثاني محذوف
52
ثم تدل على أن الثاني بعد الأول ومع ذلك تراخ وموضع النون والألف رفع بالفعل
53
بمعنى أعطينا ( موسى الكتاب ) مفعولان ( والفرقان ) عطف على الكتاب قال الفراء وقطرب يكون وإذ آتينا موسى الكتاب أي التوراة ومحمدا صلى الله عليه وسلم الفرقان قال أبو جعفر هذا خطأ في الإعراب والمعنى أما الإعراب فإن المعطوف على الشيء مثله وعلى هذا القول يكون المعطوف على الشيء خلافه وأما المعنى فقد قال فيه جل وعز ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان قال أبو إسحاق يكون الفرقان هذا الكتاب أعيد ذكره وهذا أيضا بعيد إنما يجيء في الشعر كما قال
( وألفى قولها كذبا ومينا ** ) وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد فرقانا بين الحق والباطل الذي علمه إياه
____________________
(1/225)
54
حذفت الياء لأن النداء موضع حذف والكسرة تدل عليها وهي بمنزلة التنوين فحذفتها كما تحذف التنوين من المفرد ويجوز في غير القرآن إثباتها ساكنة فتقول يا قومي لأنها اسم وهي في موضع خفض وإن شئت فتحتها وإن شئت ألحقت معها هاءا فقلت يا قوميه وإن شئت أبدلت منها ألفا لأنها أخف فقلت يا قوما وإن شئت قلت يا قوم بمعنى يا أيها القوم وإن جعلتهم نكرة نصبت ونونت ( أنكم ) كسرت إن لأنها بعد القول فهي مبتدأة ( ظلمتم أنفسكم ) استغني بالجمع القليل عن الكثير والكثير نفوس ( باتخاذكم العجل ) مفعول أي بأن اتخذتم العجل والكاف والميم في موضع خفض بالإضافة وهما في التأويل في موضع رفع ( فتوبوا ) أمر ( إلى بارئكم ) خفض بإلى وروي عن أبي عمرو بإسكان الهمزة من ( بارئكم ) وروى عنه سيبويه باختلاس الحركة قال أبو جعفر أما إسكان الهمزة فزعم أبو العباس أنه لحن لا يجوز في كلام ولا شعر لأنها حرف الإعراب وقد أجاز ذلك النحويون القدماء الأئمة وأنشدوا
( إذا اعوججن قلت صاحب قوم ** )
____________________
(1/226)
ويجوز ( إلى باريكم ) تبدل من الهمزة ياءا ( أنه هو التواب الرحيم ) الهاء اسم أن وهو مبتدأ و التواب الخبر والجملة خبر إن وإن شئت كانت هو زائدة وإن شئت كانت توكيدا للهاء والتواب خبر إن و الرحيم من نعته
55
معطوف ( يا موسى ) نداء مفرد ( جهرة ) مصدر في موضع الحال يقال رأيت الأمير جهارا أو جهرة أي غير مستتر بشيء ومنه فلان يجاره بالمعاصي أي لا يستتر من الناس ( فأخذتكم الصاعقة ) رفع بفعلها ( وأنتم تنظرون ) في موضع الحال أي ناظرين
56
موضع النون والألف رفع بالفعل والكاف والميم نصب الفعل
قال الأخفش سعيد واحد
57 غمامة كسحابة وسحاب قال الفراء يجوز غمائم ( وأنزلنا عليكم المن ) نصب بوقوع الفعل عليه ( والسلوى ) عطف ولا يتبين فيه الإعراب لأنه مقصور ووجب هذا في المقصور كله لأنه لا يخلو من أن يكون في آخره ألف قال الخليل والألف حرف هوائي لا مستقر له فأشبه الحركة فاستحالت حركته وقال الفراء لو حركت الألف لصارت همزة قال الأخفش المن جمع لا واحد له مثل الخير والشر و السلوى لم
____________________
(1/227)
يسمع له بواحد ولو قيل على القياس لكان يقال في واحدة سلوى كما يقال سمانى وشكاعى في الواحد والجميع ( كلوا ) أمر ( من طيبات ) خفض بمن ( ما رزقناكم ) خفض بالإضافة
58
حذفت الألف من قلنا لسكونها وسكون الدال بعدها والألف التي يبتدأ بها قبل الدال ألف وصل لأنها من يدخل ( فكلوا ) عطف عليه ( رغدا ) نعت لمصدر محذوف أي أكلا رغدا ويجوز أن يكون في موضع الحال ( وادخلوا ) عطف ( سجدا ) نصب على الحال ( وقولوا ) عطف ( حطة ) على إضمار مبتدأ قال الأخفش وقرئت ( حطة ) نصبا على أنها بدل من الفعل قال أبو جعفر الحديث عن ابن عباس أنهم قيل لهم قولوا لا إله إلا الله وفي حديث آخر عنه قيل لهم قولوا مغفرة تفسير للنصب أي قولوا شيئا يحط عنكم ذنوبكم كما تقول قل خيرا وحديث ابن مسعود قالوا حطة تفسير على الرفع وهو أولى في اللغة والأئمة من القراء على الرفع وإنما صار أولى في اللغة لما حكي عن العرب في معنى بدل قال أحمد بن يحيى يقال بدلت الشيء أي غيرته ولم أزل عينه وأبدلته أزلت عينه وشخصه كما قال
____________________
(1/228)
23 عزل الأمير المبدل وقال الله جل وعز ( قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله )
59
في موضع رفع بالفعل ( قولا ) مفعول ( غير الذي ) نعت له وقرأ الأعمش ( يفسقون ) بكسر السين يقال فسق يفسق فهو فاسق عن الشيء إذا خرج عنه فإذا قلت فاسق ولم تقل عن كذا فمعناه خارج عن طاعة الله جل وعز وفي نغفر لكم خطاياكم كلام يغمض من العربية سنشرحه إن شاء الله فمن ذلك قول الخليل رحمه الله الأصل في جمع خطيئة أن تقول خطاييء ثم قلب فقيل خطاءي بهمزة بعدها ياء ثم تبدل من الياء ألفا بدلا لازما فتقول خطاءى وقد كان هذا البدل يجوز في غير هذا القول عذارى إلا أنه زعم ههنا تخفيفا فلما اجتمعت ألفان بينهما همزة والهمزة من جنس الألف صرت كأنك قد جمعت بين ثلاث ألفات فأبدلت من الهمزة ياءا فقلت خطايا وأما سيبويه فمذهبه أن الأصل خطايىء
____________________
(1/229)
مثل الأول ثم وجب عنده أن تهمز الياء كما همزتها في مدائن فتقول خطائي ولا تجتمع همزتان في كلمة فأبدلت من الثانية ياء فقلت خطاءي ثم عملت كما علمت في الأول وقال الفراء خطايا جمع خطية بلا همز كما تقول هدية وهدايا قال ولو جمعت خطيئة مهموزة لقلت خطاءيء وقال الكسائي لو جمعتها مهموزة لأدغمت الهمزة في الهمزة كما قلت دواب وقرأ مجاهد ( تغفر لكم خطاياكم ) فأنث على الجماعة وقرأ الحسن وعاصم الجحدري ( تغفر لكم خطيئتكم ) والبين نغفر لكم لأن بعده ( وسنزيد ) بالنون وخطاياكم اتباعا للسواد وأنه على بابه
60
كسرت الذال لالتقاء الساكنين و إذ غير معربة لأنها بمنزلة في أنها اسم لا تتم إلا بما بعدها ( فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) اثنتا في موضع رفع فانفجرت وعلامة الرفع فيها الألف وأعربت دون نظايرها لأن التثنية معربة أبدا لصحة معناها عينا نصب على البيان وقرأ مجاهد وطلحة وعيسى ( اثنتا عشرة عينا ) وهذه لغة بني تميم وهذا من لغتهم نادر لأن سبيلهم التخفيف ولغة أهل الحجاز عشرة وسبيلهم التثقيل ( ولا تعثوا ) نهي فلذلك حذفت منه النون وهو من عثى يعثى
____________________
(1/230)
61
عطف ( يا موسى ) نداء مفرد ( لن نصبر ) نصب بلن ( على طعام ) خفض بعلى ( واحد ) من نعته ( فادع ) سؤال بمنزلة الأمر فلذلك حذفت منه الواو ولغة بني عامر فادع لنا بكسر العين لالتقاء الساكنين ( يخرج لنا ) جزم لأنه جواب الأمر وفيه معنى المجازاة ( مما تنبت الأرض ) قال الأخفش من زائدة قال أبو جعفر هذا خطأ على قول سيبويه لأن من لا تزاد عنده في الواجب وإنما دعا الأخفش إلى هذا أنه لم يجد مفعولا ليخرج فأراد أن يجعل ما مفعولا والأولى أن يكون المفعول محذوفا دل عليه سائر الكلام والتقدير يخرج لنا مما تنبت الأرض مأكولا ( من بقلها ) بدل بإعادة الحروف ( وقثائها ) عطف وقرأ طلحة ويحيى بن وثاب ( وقثائها ) بضم القاف وتقول في جمعها قثائي مثل علباء وعلابي إلا أن قثاء من ذوات الهمزة يقال أقثأت القوم قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول لا يصح عندي في ( أتستبدلون الذي هو أدنى ) إلا أن يكون من ذوات الهمزة من قولهم دنيء بين الدناءة ثم أبدلت الهمزة قال أبو جعفر هذا الذي ذكرنا إنما يجوز في الشعر ولا يجوز في الكلام فكيف في كتاب الله جل وعز قال أبو
____________________
(1/231)
والصلاة الوسطى ) بالنصب أي والزموا الصلاة الوسطى وفي حرف ابن مسعود ( وعلى الصلاة الوسطى ) وروي عن ابن عباس والصلاة الوسطى صلاة العصر وهذه القراءة على التفسير لأنها زيادة في المصحف والحديث المروي في القراءة والكتابة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر لا يوجب أن يكون الوسطى خلاف العصر كما أن قوله عز وجل فيهما فاكهة ونخل ورمان أن يكون النخل والرمان خلاف الفاكهة كما قال الشاعر
( النازلون بكل معترك ** والطيبون معاقد الأزر ) ليس الطيبون فيه خلاف النازلين وحكى سيبويه مررت بزيد أخيك وصديقك والصديق هو الأخ قال أبو جعفر وقد ذكرنا احتجاج من قال إن الصلاة الوسطى العصر لأنها بين الصلاتين من صلاة النهار وصلاتين من صلاة الليل وأجود من هذا الاحتجاج أن يكون قيل لها الوسطى لأنها بين صلاتين إحداهما أول ما فرض والأخرى الثالثة مما فرض وحجة من قال أنها الصبح أنها بين صلاتين من صلاة النهار وصلاتين من صلاة الليل وحجة من قال أنها الظهر أنها في وسط النهار وقال قوم هي العشاء الآخرة وقال قوم هي المغرب لأنها بين صلاتين من النهار وصلاتين من الليل ( وقوموا لله قانتين ) منصوب على
____________________
(1/231)
إسحاق هو من الدنو أي الذي هو أقرب من قولهم ثوب مقارب أي قليل الثمن قال أبو جعفر وأجود من هذين القولين أن يكون المعنى والله أعلم أتستبدلون الذي هو أقرب إليكم في الدنيا بالذي هو خير لكم يوم القيامة لأنهم إذا طلبوا غير ما أمروا بقبوله فقد استبدلوا الذي هو أقرب إليهم في الدنيا مما هو خير لهم لما لهم فيه من الثواب ( اهبطوا مصرا ) نكرة هذا أجود الوجوه لأنها في السواد بألف وقد يجوز أن تصرف تجعل اسما للبلاد وإنما اخترنا الأول لأنه لا يكاد يقال مثل مصر بلاد ولا بلد وإنما يقال لها بلدة وإنما يستعمل بلاد في مثل بلاد الروم وقال الكسائي يجوز أن تصرف مصر وهي معرفة لخفتها يريد أنها مثل هند وهذا خطأ على قول الخليل وسيبويه والفراء لأنك لو سميت امرأة بزيد لم تصرف وقال الكسائي يجوز أن تصرف مصر وهي معرفة لأن العرب تصرف كل ما لا ينصرف في الكلام إلا أفعل منك ( فإن لكم ما سألتم ) ما نصب بان ( وضربت عليهم الذلة ) اسم ما لم يسم فاعلة ( والمسكنة ) عطف وقد ذكرنا الهمزة في ( النبيئين ) في الكتاب الذي قبل هذا ( ذلك بما عصوا ) قال الأخفش أي بعصيانهم ( وكانوا يعتدون ) عطف عليه
____________________
(1/232)
62
اسم إن آمنوا صلته ( والذين هادوا والنصارى والصابئين ) عطف كله ( من آمن ) مبتدأ وآمن في موضع جزم بالشرط والفاء الجواب وخبر المبتدأ ( فلهم أجرهم عند ربهم ) والجملة خبر إن والعائد على الذين من الجملة محذوف أي من آمن منهم وقرأ الحسن البصري ( ولا خوف عليهم ) على التبرئة والرفع على الابتداء أجود ويجوز أن تجعل لا بمعنى ليس فأما ( ولا هم يحزنون ) فلا يكون إلا بالابتداء لأن لا لا تعمل في معرفة
63
قال الأخفش أي واذكروا ( إذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم ) أي فقلنا خذوا ما آتيناكم ( فلولا فضل الله ) رفع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف لا يجوز عند إظهاره لأن العرب استغنت عن إظهاره بأنهم إذا أرادوا ذلك جاءوا بأن فإذا جاءوا بها لم يحذفوا الخبر والتقدير فلولا فضل الله تدارككم ( ورحمته ) عطف على فضل ( لكنتم ) جواب لولا ( من الخاسرين ) خبر كنتم
____________________
(1/233)
65
في موضع نصب ولا يحتاج إلى مفعول ثان إذا كانت علمتم بمعنى عرفتم حكى الأخفش لقد علمت زيدا ولم أكن أعلمه ( اعتدوا منكم في السبت ) صلة الذين ( فقلنا لهم كونوا قردة ) خبر كان ( خاسئين ) نعت
66
مفعول ثان ( لما بين ) ظرف ( وما خلفها ) عطف ( وموعظة ) عطف على نكالا ( للمتقين ) خفض باللام
67
كسرت إن لأنها بعد القول وحكي عن أبي عمرو ( يأمركم ) حذف الضمة من الراء لثقلها قال أبو العباس لا يجوز هذا لأن الراء حرف الإعراب وإنما الصحيح عن أبي عمرو أنه كان يختلس الحركة ( أن تذبحوا ) في موضع نصب بيأمركم أي بأن تذبحوا ( بقرة ) نصب بتذبحوا ( قالوا أتتخذنا هزؤا ) مفعولان ويجوز تخفيف الهمزة تجعلها بين الواو والهمزة ويجوز حذف الضمة من الزاي كما تحذفها من عضد فتقول ( هزؤا ) كما قرأ أهل الكوفة فأما جزء فليس مثل هزء لأنه على فعل من الأصل ( قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) ولغة تميم وأسد عن
____________________
(1/234)
في موضع أن
68
حذفت الواو لأنه طلب ولغة بني عامر ادع لنا بكسر العين لالتقاء الساكنين ( يبين لنا ) تدغم النون في اللام وإن شئت أظهرت فإذا كانت النون متحركة كان الاختيار الإظهار نحو وزين لهم الشيطان ( يبين ) جزم لأنه جواب الأمر ( ما هي ) ابتداء وخبر ( قال إنه يقول إنها بقرة ) خبر إن ( لا فارض ) قال الأخفش لا يجوز نصب فارض لأنه نعت للبقرة كما تقول مررت برجل لا قائم ولا جالس ويجوز أن يكون التقدير ولا هي فارض ويقال على هذا مررت برجل لا قائم ولا جالس ( ولا بكر ) عطف على فارض ( عوان ) على إضمار مبتدأ
69
ابتداء وخبره ويجوز ما لونها على أن تكون ما زائدة وتنصبه بيبين ( بقرة صفراء ) لم تنصرف صفراء لأن فيها ألف التأنيث وهي ملازمة فخالفت الهاء لأن ما فيه الهاء ينصرف في النكرة ( فاقع ) نعت ( لونها ) رفع بفاقع
70
ذكر البقر لأنه بمعنى الجميع قال الأصمعي الباقر جمع باقرة
____________________
(1/235)
قال ويجمع بقر على باقورة وقرأ الحسن ( إن البقر تشابه علينا ) جعله فعلا مستقبلا وأنثه والأصل تتشابه ثم أدغم التاء في الشين وقرأ يحيى بن يعمر ( إن الباقر يشابه علينا ) جعله فعلا مستقبلا وذكر الباقر وأدغم ويجوز إن البقر تشابه علينا بتخفيف الشين وضم الهاء ولا يجوز يشابه علينا بتخفيف الشين وبالياء وإنما جاز في التاء لأن الأصل تتشابه فحذفت لاجتماع التاءين ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) خبر إن و شاء في موضع جزم بالشرط وجوابه عند سيبويه الجملة وعند أبي العباس محذوف
71
قال الأخفش لا ذلول نعت ولا يجوز نصبه قال أبو جعفر يجوز أن يكون التقدير لا هي ذلول وقد قرأ أبو عبد الرحمن السلمي ( لا ذلول تثير الأرض ) وهو جائز على إضمار خبر النفي ( تثير الأرض ) متصل بالأول على هذا المعنى أي لا تثير الأرض ( ولا تسقي الحرث ) وزعم علي بن سليمان أنه لا يجوز أن يكون تثير مستأنفا لأن بعده ولا تسقي الحرث فلو كان مستأنفا لما جمع بين الواو و لا ( مسلمة ) أي هي مسلمة ويجوز أن يكون مسلمة نعتا أي أنها بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب ولا يقال مسلمة من العمل لأنه لا يصلح سالمة مما هو خير لها ( لا شية فيها ) الأصل وشية حذفت الواو كما حذفت من يشي والأصل يوشي ( قالوا الآن جئت بالحق ) فيه أربعة أوجه الهمز كما قرأ الكوفيون ( قالوا
____________________
(1/236)
الآن ) وتخفيف الهمزة مع حذف الواو لالتقاء الساكنين كما قرأ أهل المدينة ( قالوا الآن ) وحكى الأخفش وجهين آخرين أحدهما إثبات الواو مع تخفيف الهمزة ( قالوا لآن جئت بالحق ) أثبت الواو لأن اللام قد تحركت بحركة الهمزة ونظير هذا وأنه أهلك عادا لولا على قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقال أبو جعفر سمعت محمد بن الوليد يقول سمعت محمد بن يزيد يقول ما علمت أن أبا عمرو بن العلاء لحن في صميم العربية ألا في حرفين أحدهما عادا لولا والآخر يؤده إليك وإنما صار لحنا لأنه أدغم حرفا في حرف فأسكن الأول والثاني حكمه السكون وإنما حركته عارضة فكأنه جمع بين ساكنين وحكى الأخفش ( قالوا ألآن جئت بالحق ) فقطع الألف الأولى وهي ألف وصل كما يقال يا ألله قال أبو إسحاق الآن مبني على الفتح وفيها الألف واللام لأن الألف واللام دخلت لغير عهد تقول كنت إلى الآن ههنا فالمعنى إلى هذا الوقت فبنيت كما بني هذا وفتحت النون لالتقاء الساكنين ( فذبحوها ) الهاء والألف نصب بالفعل والاسم الهاء ولا تحذف الألف لخفتها وللفرق بين المذكر والمؤنث ( وما كادوا يفعلون ) فعل مستقبل وأجاز سيبويه كاد أن يفعل تشبيها بعسى
____________________
(1/237)
72
إذ ظرف معطوفة على ما قبلها ( فادارأتم ) الأصل تدارأتم ثم أدغمت التاء في الدال ولم يجز أن تبتدىء بالمدغم لأنه ساكن فزدت ألف الوصل ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) ما في موضع نصب بمخرج ويجوز حذف التنوين على الإضافة
73
موضع الكاف نصب لأنها نعت لمصدر محذوف ولا يجوز أن تدغم الياء في الياء من يحيى لئلا يلتقي ساكنان
74
تقول قسا فإذا زدت التاء حذفت الألف لالتقاء الساكنين ( قلوبكم ) مرفوعة بقسمت ( فهي كالحجارة ) والكاف في موضع رفع على خبر هي ( أو أشد ) عطف على الكاف ويجوز أن أشد قسوة تعطفه على الحجارة ( قسوة ) على البيان ( وإن من الحجارة لما يتفجر ) ما في موضع نصب لأنها اسم إن واللام للتوكيد منه على لفظ ما وفي قراءة أبي ( منها ) على المعنى قال أبو حاتم يجوز ( لما تتفجر منه الأنهار ) ولا يجوز لما تشقق لأنه إذا قال تتفجر أنثه بتأنيث الأنهار وهذا لا يكون في تشقق قال أبو جعفر يجوز ما أنكره يحمل على المعنى لأن المعنى وإن منها لحجارة تشقق وأما يشقق بالياء فمحمول على لفظ ما وأما
____________________
(1/238)
الكسائي فيقول هو مذكر على تذكير البعض ومثله عنده نسقيكم مما في بطونه أي مما في بطون بعضه ( وما الله بغافل ) في موضع نصب على لغة أهل الحجاز والباء توكيد ( عما تعملون ) أي عن عملكم ولا تحتاج إلى عائد إلا أن تجعلها بمعنى الذي فتحذف العائد لطول الاسم أي عن الذي تعملونه
75
فعل مستقبل ( أن ) في موضع نصب أي في أن ( يؤمنوا ) نصب بأن فلذلك حذفت منه النون ( وقد كان فريق ) قال الخليل قد للتوقع فريق اسم كان والخبر ( يسمعون ) ويجوز أن يكون الخبر منهم ويكون يسمعون نعتا لفريق وجمع فريق في أدنى العدد أفرقة والكثير أفرقاء قال سيبويه واعلم أن ناسا من ربيعة يقولون منهم أتبعوها الكسرة ولم يكن المسكن حاجزا حصينا عندهم
قال أبو جعفر الأصل في
76 لقيوا وقد ذكرناه في أول السورة والأصل في ( خلا ) خلو قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ( ليحاجوكم ) نصب بلام كي وإن شئت بإضمار أن وعلامة النصب حذف النون قال يونس وناس من العرب يفتحون لام كي قال
____________________
(1/239)
الأخفش لأن الفتح الأصل قال خلف الأحمر هي لغة بني العنبر
78
رفع بالابتداء ( لا يعلمون الكتاب ) في موضع نصب ( إلا أماني ) نصب لأنه استثناء ليس من الأول ومثله ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وقرأ أبو جعفر ( إلا أماني وإن هم ) قال هذا كما يقال في جمع مفتاح مفاتح قال أبو جعفر الحذف في المعتل أكثر كما قال
( وهل يرجع التسليم أو يكشف العما ** ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع ) ( وإن هم إلا يظنون ) ابتداء وخبر
79
مبتدأ قال الأخفش ويجوز نصبه على إضمار فعل أي ألزمه الله ويلا
80
روى سيبويه عن بعض أصحاب الخليل قال الأصل في لن لا أن وحكى هشام عن الكسائي مثله وزعم سيبويه أن هذا خطأ وأن لن
____________________
(1/240)
عاملة كأن واستدل على ذلك بقول العرب زيدا لن أضرب ( قل اتخذتم ) مدغما وقرأ عاصم ( أتخذتم ) بغير إدغام لأن الثاني بمنزلة المنفصل فحسن الإظهار
81
بمنزلة نعم إلا أنها لا تقع إلا بعد النفي وزعم الكوفيون أنها بل زيدت عليها الياء فبل يدل على رد الجحد والياء تدل على الإيجاب لما بعده قالوا ولو قال قائل ألم تأخذ دينارا فقلت نعم لكان المعنى لا لم آخذ لأنك حققت النفي وما بعده وإذا قلت بلى صار المعنى قد أخذت ( من ) في موضع رفع بالابتداء وهي شرط ( فأولئك ) ابتداء ثان ( أصحاب النار ) خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول
83
قد ذكرناه في الكتاب الذي قبل هذا ( وبالوالدين إحسانا ) مصدر ( وقولوا للناس حسنا ) مبني على فعل وحكى الأخفش ( وقولوا للناس حسنى ) على فعلى قال أبو جعفر وهذا لا يجوز في العربية لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام نحو الفضلى والكبرى والحسنى هذا قول سيبويه وقرأ عيسى بن عمر ( وقولوا للناس حسنا ) بضمتين وهذا مثل الحلم وقرأ الكوفيون ( حسنا ) أي قولا حسنا قال الأخفش سعيد
____________________
(1/241)
حسن وحسن مثل بخل وبخل قال محمد بن يزيد يقبح في العربية أن تقول مررت بحسن على أن تقيم الصفة مقام الموصوف لأنه لا يعرف ما أردت ( ثم توليتم إلا قليلا ) منصوب على الاستثناء والمستنثنى عند سيبويه منصوب لأنه مشبه بالمفعول وقال محمد بن يزيد هو مفعول على الحقيقة المعنى استثنيت قليلا ( وأنتم معرضون ) ابتداء وخبر
84
ويجوز إدغام القاف في الكاف لقرب إحداهما من الأخرى ( لا تسفكون ) مثل لا تعبدون وقرأ طلحة ( تسفكون ) بضم الفاء ( دماءكم ) جمع دم والأصل في دم فعل هذا البين وقيل أصله دمي على ( فعل ) إلا أن الميم تحرك في التثنية إذا رد إلى أصله ليدل ذلك على أنها كانت حرف الإعراب في الحذف
85
فتحت الميم من ثم لالتقاء الساكنين ولا يجوز ضمها ولا كسرها كما جاز في رد لأنها لا تتصرف ( أنتم ) في موضع رفع بالابتداء ولا يعرب المضمر وضممت التاء من أنتم لأنها كانت مفتوحة إذا خاطبت واحدا مذكرا ومكسورة إذا خاطبت واحدة مؤنثة فلما ثنيت وجمعت لم تبق
____________________
(1/242)
إلا الضمة ( هؤلاء تقتلون أنفسكم ) قال القتبي التقدير يا هؤلاء قال أبو جعفر هذا خطأ على قول سيبويه لا يجوز عنده هذا أقبل وقال أبو إسحاق هؤلاء بمعنى الذين وتقتلون داخل في الصلة أي ثم أنتم الذين تقتلون وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول أخطأ من قال إن هذا بمعنى الذي وإن كان قد أنشد
( عدس ما لعباد عليك إمارة ** نجوت وهذا تحملين طليق ) قال فإن هذا بطلان المعاني قال أبو الحسن هذا على بابه و طليق و تحملين خبر أيضا قال أبو جعفر يجوز أن يكون التقدير والله أعلم أعني هؤلاء و تقتلون خبر أنتم أنفسكم مفعولة ولا يجيز الخليل وسيبويه أن يتصل المفعول في مثل هذا لا يجيزان ضربتني ولا ضربتك قال سيبويه استغنوا عنه بضربت نفسي وضربت نفسك وقال أبو العباس لم يجز هذا لئلا يكون المخاطب فاعلا مفعولا في حال واحدة ( تظاهرون عليهم ) هذه قراءة أهل المدينة وأهل مكة تدغم التاء في الظاء لقربها منها وقرأ الكوفيون ( تظاهرون ) حذفوا التاء الثانية لدلالة
____________________
(1/243)
الأولى عليها وقرأ قتادة ( تظهرون ) قال أبو جعفر وهذا بعيد وليس هو مثل قوله يظهرون منكم من نسائهم لأن معنى هذا أن يقول لها أنت علي كظهر أمي فالفعل في هذا من واحد وقوله تظاهرون الفعل فيه لا يكون إلا من اثنين أو أكثر ( وإن يأتوكم ) شرط فلذلك حذفت منه النون ( تفدوهم ) جوابه ( أسرى ) على فعلى هو الباب كما تقول قتيل وقتلى وجريج وجرحى ومن قال ( أسارى ) شبه بسكران وسكارى فكل واحد منهما مشبه بصاحبه قال سيبويه وإنما قالوا سكران وسكرى لأنها آفة تدخل على العقل قال أبو حاتم ولا يجوز أسارى قال أبو إسحاق كما يقال سكارى وفعالى هو الأصل وفعالى داخلة عليها وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال يقال أسير وأسراء كظريف وظرفاء ( أسرى ) في موضع نصب على الحال ( وهو محرم عليكم إخراجهم ) وإن شئت أسكنت الهاء لثقل الضمة كما قال
( فهو لا ينمي رميته ** ما له لا عد من نفره )
____________________
(1/244)
وإن شئت أسكنت الهاء لثقل الضمة وكذلك إن جئت بالفاء واللام وهو في موضع رفع بالابتداء وهو كناية عن الحديث والجملة التي بعده خبر وإن شئت كان هو كناية عن الإخراج وإخراجهم بدل من هو وزعم الفراء إن هو عماد وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له لأن العماد لا يكون في أول الكلام ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ) ابتداء وخبر وقرأ الحسن ( ويوم القيامة تردون إلى أشد العذاب )
86 ابتداء وخبر
87
مفعولان ( وقفينا من بعده بالرسل ) قال هارون لغة أهل الحجاز الرسل بضمتين مضافا كان أو غير مضاف ولغة تميم التخفيف مضافا أو غير مضاف وأخذ أبو عمرو من اللغتين جميعا فكان يخفف إذا أضاف إلى حرفين ويثقل إذا أضاف إلى حرف أو لم يضف وقرأ ابن محيصن ( وآايدناه ) وقرأ مجاهد وابن كثير ( بروح القدس ) ( أفكلما ) ظرف ( بما لا تهوى أنفسكم ) حذفت الهاء لطول الاسم أي تهواه ( ففريقا ) منصوب بكذبتم ( وفريقا تقتلون )
88
ابتداء وخبر مشتق من قولهم اغلف أي على قلوبنا غطاء ومثله
____________________
(1/245)
وقالوا قلوبنا في أكنة وكذا وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ومثله واستغشوا ثيابهم وجوز أن يكون غلف جمع غلاف وحذفت الضمة لثقلها فأما غلف فهو جمع غلاف لا غير أي قلوبنا أوعية للعلم وقيل أي قلوبنا لا تجلى بشيء كالغلف
89
نعت لكتاب ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال وفي قراءة عبد الله مصوب في آل عمران قال الأخفش سعيد جواب لما محذوف لعلم السامع كما قال فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم أي فإذا جاء وعد الآخرة خليناكم وإياهم بذنوبكم ولم نحل بينكم وبينهم ومثله وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم أي وإذا قيل لهم هذا أعرضوا ودل عليه فإذا هم معرضون وقال الفراء ( فلما جاءهم ما عرفوا ) كأن الفاء جواب للما الأولى والثانية ولم تحتج الأولى إلى جواب
قال سيبويه وقال جل وعز
____________________
(1/246)
90
كأنه قال بئس الشيء اشتروا به أنفسهم ثم قال أن على التفسير كأنه قيل له ما هو كما يقول العرب بئسما له يريدون بئس الشيء له وقال الكسائي ما واشتروا اسم واحد في موضع رفع وقال الأخفش هو مثل قولك بئس رجلا زيد والتقدير عنده بئس شيئا اشتروا به أنفسهم ومثله إن تبدو الصدقات فنعما هي ومثله إن الله نعما يعظكم به وقال الفراء يجوز أن تكون ما مع بئس بمنزلة كلما قال أبو جعفر أبين هذه الأقوال قول الأخفش ونظيره ما حكي عن العرب بئسما تزويج ولا مهر ودققته دقا نعما وقول سيبويه حسن يجعل ما وحدها اسما لإبهامها وسبيل بئس ونعم أن لا تدخلا على معرفة إلا للجنس فأما قول الكسائي فمردود من هذه الجهة وقول الفراء تكون ما مع بئس مثل كلما لا يجوز لأنه يبقى الفعل بلا فاعل وإنما تكون ما كافة في الحروف نحو إنما وربما قال الكسائي والفراء أن يكفروا إن شئت كانت أن في موضع خفض ردا على الهاء في به قال الفراء أي اشتروا أنفسهم بأن يكفروا بما أنزل الله قال أبو جعفر يقال بئس ونعم هذا الأصل ويقال بئس ونعم على الاتباع ويقال بئس ونعم تقلب حركة الهمزة على الباء ( بغيا ) مفعول من أجله وهو على الحقيقة مصدر ( أن ينزل الله ) في موضع نصب والمعنى
____________________
(1/247)
لأن ينزل الله الفضل على نبيه
91
ظرف ( وهو الحق ) ابتداء وخبر ( مصدقا ) حال مؤكدة عند سيبويه ( لما معهم ) ما في موضع خفض باللام ومعهم صلتها ومعهم منصوب بالاستقرار ومن أسكن جعله حرفا ( قل فلم تقتلون أنبياء الله ) الأصل فلما و ما في موضع خفض باللام وحذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر ولا ينبغي أن يوقف عليه لأنه إن وقف عليه بلا هاء كان لحنا فإن وقف عليه بالهاء زيد في الشواذ
93
ضممت الميم لالتقاء الساكنين لأن أصلها الضم وإن شئت كسرت على أصل التقاء الساكنين وهو مثل وسئل القرية والمعنى وسقوا في قلوبهم حب العجل
94
شرط ( الدار ) اسم كانت ( الآخرة ) من نعتها ( خالصة ) خبر كانت وإن شئت كان حالا وتكون ( عند الله ) في موضع الخبر وقرأ ابن أبي إسحاق ( فتمنوا الموت ) كسر الواو لالتقاء الساكنين قال أبو جعفر وقد ذكرنا في قوله اشتروا الضلالة
____________________
(1/248)
95
نصب بلن فلذلك حذفت منه النون ( أبدا ) ظرف زمان من طول العمر إلى الموت ( بما قدمت أيديهم ) إن جعلت ما بمعنى الذي فالتقدير قدمته وإن جعلتها مصدرا لم تحتج إلى عائد و ( أيديهم ) في موضع رفع حذفت الضمة من الياء لثقلها مع الكسرة وأجاز سيبويه ضمها وكسرها في الشعر وأنشد
( لا بارك الله في الغواني هل ** يصبحن إلا لهن مطلب )
فإن كانت في موضع نصب حركتها لأن النصب خفيف ويجوز إسكانها في الشعر ( والله عليم بالظالمين ) ابتداء وخبر
96
مفعولان ( ومن الذين أشركوا ) على حذف أي وأحرص ليعطف اسما على اسم ويجوز في العربية من الذين أشركوا يود أحدهم بمعنى من الذين أشركوا قوم يود أحدهم إلا أن المعنى في الآية لا يحتمل هذا وإن كان جائزا في العربية والأصل في يود يودد أدغمت لئلا يجمع بين حرفين من جنس واحد متحركين وقلبت حركة الدال على الواو ليدل ذلك
____________________
(1/249)
على أنه يفعل وحكى الكسائي وددت بفتحها فيجوز على هذا يود بكسر الواو قال أبو جعفر وقد ذكرنا ( وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر ) في الكتاب الذي قبل هذا ( والله بصير بما يعملون ) أي بما يعمل هؤلاء الذين يود أحدهم لو يعمر ألف سنة ومن قرأ ( بما تعملون ) فالتقدير عنده قل لهم يا محمد الله بصير بما تعملون
97
فيه خمس لغات للعرب لغة أهل الحجاز جبريل ولغة تميم وقيس ( جبرئيل ) كما قرأ الكوفيون ولغة بني أسد جبرين بالنون وقرأ الحسن وعبد الله بن كثير ( لجبريل ) بفتح الجيم بغير همز قال أبو جعفر لا يعرف في كلام العرب فعليل بفتح الفاء وفيه فعليل نحو دهليز وقطمير وبرطل وليس ينكر أن يأتي في كلام العجم ما ليس له نظير في كلام العرب ولا ينكر أن يكثر تغييره كما قالوا إبراهيم وإبراهم وإبراهم وإبراهام واللغة الخامسة جبرئل ومن تأول الحديث جبر عبد وال الله وجب عليه أن يقول هذا جبر إل ورأيت جبرال
____________________
(1/250)
ومررت بجبرإل وهذا لا يقال فوجب أن يكون معنى الحديث أنه مسمى بهذا والجمع في اللغات الأربع على التكسير جباريل
وفي
98 أربع لغات فلغة أهل الحجاز ( ميكال ) وبها قرأ أبو عمرو وحاد عنها نافع لأنه كان يكره مخالفة الخط كراهة شديدة فلما رآه في السواد بياء ولام بعد الكاف قرأه ( وميكايل ) وذهب إلى أن الألف حذفت كما تحذف من الأسماء الأعجمية نحو إبرهيم إسمعيل فهذه حجة بينة وحجة أبي عمرو أن حروف المد واللين يقلب بعضها إلى بعض كثيرا كما كتبوا ابن أبي طالب بالواو فأبدلوا من الياء واوا ولا يقال إلا ابن أبي طالب ويقال ميكائل ويقال ميكاأل كما يقال إسرأل بهمزة مفتوحة وهما اسمان أعجميان فلذلك لم ينصرفا
99
آيات في موضع نصب وكسرت التاء عند البصريين ليستوي النصب والخفض في المؤنث لأنه جمع مسلم كما استوى في المذكر وقول الكوفيين لأن التاء غير أصلية والأصل في آية آية ولا ينطق منها بفعل لئلا تجتمع علتان ( وما يكفر بها إلا الفاسقون ) مرفوعون بفعلهم والتقدير وما يكفر بها أحد إلا الفاسقون لأنه لا بد قبل الإيجاب من النفي
____________________
(1/251)
100
قال الأخفش الواو زائدة دخلت عليها ألف الاستفهام ومذهب الكسائي أنها أو حركت الواو منها ( كلما ) ظرف ( عهدا ) مصدر ( بل أكثرهم ) ابتداء ( لا يؤمنون ) فعل مستقبل في موضع الخبر
101
مرفوع بفعله ( من عند الله مصدق ) نعت ويجوز على الحال ( نبذ فريق ) جواب لما ( من الذين أوتوا الكتاب ) خبر ما لم يسم فاعله ( كتاب الله ) منصوب بنبذ ( وراء ظهورهم ) ظرف ( كأنهم لا يعلمون ) فعل مستقبل في موضع خبر كأن
102
هذه آية مشكلة وقد تقصينا ما فيها من المعاني في الكتاب الذي قبل هذا موضع ما نصب باتبعوا وتتلو داخل في الصلة وحذفت منه الهاء لطول الاسم والأصل تتلوه الشياطين وسليمان صلى الله عليه وسلم لا ينصرف لأنه معرفة وفي آخره زائدتان فأبه سكران ( ولكن الشياطين ) نصب بلكن وإن خففت لكن رفعت ما بعدها بالابتداء ( يعلمون ) في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر ثان ( الناس السحر ) مفعولان ( ببابل ) لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة ( هارون وماروت ) مثله والجمع هواريت مثل طواغيت ويقال هوارتة وهوار وموارتة وموار فاعلم ومثله جالوت وطالوت ( وما يعلمان
____________________
(1/252)
من أحد ) من زائدة للتوكيد والتقدير وما يعلمان أحدا ( حتى يقولا ) نصب بحتى فلذلك حذفت منه النون ولغة هذيل وثقيف عتى ( فلا تكفر ) جزم بالنهي ( فيتعلمون ) أحسن ما قيل فيه أنه مستأنف وقول الفراء أنه نسق على يعلمون غلط لأنه لو كان كذا لوجب أن يكون فيتعلمون منهم فقوله منهما يمنع أن يكون التقدير ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون إلا على قول من قال الشياطين هاروت وماروت وللفراء قول آخر قال يكون محمولا على المعنى لأن معنى فلا تكفر فلا تتعلم السحر أي فيأتون فيتعلمون وقيل التقدير يعلمان الناس فيتعلمون ( منهما ما يفرقون به ) في موضع نصب بيفرقون ( وما هم بضارين به من أحد ) من زائدة وقول أبي إسحاق ( إلا بإذن الله ) إلا بعلم الله غلط لأنه إنما يقال في العلم إذن وقد أذنت به إذنا ولكن لما لم يحل فيما بينهم وبينه وخلوا يفعلونه كان كأنه إباحة مجازا ( ولقد علموا ) لام توكيد ( لمن اشتراه ) لام يمين وهي للتوكيد أيضا وموضع من رفع بالابتداء لأنه لا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها ومن بمعنى الذي قال الفراء هي للجازاة قال أبو إسحاق ليس هذا موضع شرط ومن بمعنى الذي كما تقول لقد علمت لمن جاءك ما له عقل ( ما له في الآخرة من خلاق ) من زائدة والتقدير ما له في الآخرة خلاق ولا تزاد من في الواجب
103
موضع أن موضع رفع أي لو وقع إيمانهم و ( لو ) لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو
____________________
(1/253)
مضمرا لأنها بمنزلة حروف الشرط إذ كانت لا بد لها من جواب وأن يليها الفعل قال محمد بن يزيد وإنما لم يجاز بها لأن سبيل حروف المجازاة كلها أن تقلب الماضي إلى معنى المستقبل فلما لم يكن هذا في لو لم يجز أن يجازى بها قال الأخفش سعيد ليس للو هنا جواب في اللفظ ولكن في المعنى والمعنى لأثيبوا
104
أمر فلذلك حذفت منه الياء وأحسن ما قيل فيه قول مجاهد قال لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك ولكن قولوا فهمنا ( انظرنا ) بين لنا أمر وأن يخاطبوه صلى الله عليه وسلم بالإجلال وهذا حسن أي لا تقولوا كافينا في المقال كما قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا وقرأ الحسن ( راعنا ) منونا نصبه على أنه مصدر أو نصبه بالقول أي لا تقولوا رعونة قال أبو جعفر يقال لما نتأمن الجبل رعن والجبل أرعن وجيش أرعن أي متفرق ورجل أرعن أي متفرق الحجج ليس عقله مجتمعا
105
معطوف على أهل ويجوز في النحو ولا المشركون يعطفه على الذين ( أن ينزل عليكم من خير ) من زائدة والتقدير أن ينزل عليكم خير اسم ما لم يسم فاعله
____________________
(1/254)
106
شرط والجواب ( نأت ) وقوله ( أو ننسها ) عطف على ننسخ وحذفت الياء للجزم ومن قرأ ( أو ننسأها ) حذف الضمة من الهمزة للجزم ( ألم تعلم أن ) جزم بلم وحرف الاستفهام لا يغير عمل العامل وفتحت أن لأنها في موضع اسم
107
ملك رفع الابتداء و ( له ) الخبر والجملة خبر أن وملك مشتق من ملكت العجين أي أحكمت عجنه ( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) ويجوز رفع نصير عطفا على الموضع لأن المعنى وما لكم من دون الله ولي ولا نصير
108
أي أبل وحكى سيبويه إنها لإبل أم شاء ( أن تسألوا رسولكم ) في موضع نصب بتريدون ( كما سئل موسى ) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر أي سؤالا كما سئل موسى وإن خففت الهمزة وجعلتها بين الهمزة والياء فقلت سئل وقرأ الحسن ( سيل ) وهذا على لغة من قال سلت اسال ويجوز أن يكون على بدل الهمزة إلا أن بدل الهمزة بعيد ( موسى ) اسم ما لم يسم فاعله لم يتبين فيه الإعراب لأنه مقصور ولم ينون لأنه لا ينصرف لعجمته ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) جزم بالشرط وكسرت اللام لالتقاء الساكنين واختير الكسر لأنه أخو
____________________
(1/255)
الجزم وقيل لأن الضم والفتح يكونا بغير تنوين إعرابا وجواب الشرط ( فقد ضل سواء السبيل )
109
رفع بود ( من أهل الكتاب ) خفض بمن ( لو يردونكم ) فعل مستقبل ( كفارا ) مفعول ثان وإن شئت كان حالا ( حسدا ) مصدر وقال الفراء هو كالمفسر ( فاعفوا ) أمر والأصل فاعفوو حذفت الضمة لثقلها ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين
111
أجاز الفراء أن يكون هودا بمعنى يهودي وحذف منه الزائدة وأن يكون جمع هائد والقول الثاني مذهب البصريين قال الأخفش سعيد ( إلا من كان ) جعل كان واحدا على لفظ من ثم قال هودا فجمع لأن معنى من جمع ( تلك أمانيهم ) ابتداء وخبر ويجوز تلك أمانيهم ( قل هاتوا ) والأصل هاتيوا حذفت الضمة لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين يقال في الواحد المذكر هات يا هذا مثل رام وفي المؤنث هاتي مثل رامي ( إن كنتم ) شرط أي إن كنتم صادقين فبينوا ما قلتم ببرهان
112
على لفظ من ثم قال فلهم على المعنى
____________________
(1/256)
114
ابتداء وخبر أي وأي أحد أظلم ( ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) أن في موضع نصب على البدل من مساجد ويجوز أن يكون التقدير من أن يذكر وحروف الخفض تحذف مع أن لطول الكلام وقيل لأن المعنى في الفعل بعدها يتبين ( وسعى ) معطوف على منع ( أولئك ) مبتدأ والجملة خبر ( خائفين ) حال ( لهم في الدنيا خزي ) رفع بابتداء وإن شئت على معنى وجب وكذا
115 ( فأينما تولوا ) شرط فلذلك حذفت النون و أين العاملة و ما زائدة وقرأ الحسن ( فأينما تولوا ) بفتح التاء واللام والأصل تتولون ( فثم وجه الله ) ثم في موضع نصب على الظرف ومعناها البعد إلا أنها مبنية على الفتح غير معربة لأنها مبهمة تكون بمنزلة هناك للبعد فإن أردت القرب قلت هنا
116
مصدر ( بل له ما في السموات ) ما في موضع رفع بالابتداء وإن شئت بالاستقرار ( كل له قانتون ) ابتداء وخبر والتقدير كلهم ثم حذفت الهاء والميم
117
خبر ابتداء محذوف قال أبو جعفر وقد ذكرنا رفع ( فيكون )
118 مفعول وإن شئت كان نعتا لمصدر محذوف
119
____________________
(1/257)
نصب على الحال ( ونذيرا ) عطف عليه قال الأخفش سعيد ويجوز ( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ) بفتح التاء وضم اللام ويكون في موضع الحال تعطفه على بشيرا ونذيرا
120
المصدر رضوان ورضوان ومرضاة ورضى ورضى وهو من ذوات الواو ويقال في التثنية رضوان وحكى الكسائي رضيان وحكى رضاءا ممدودا وكأنه مصدر راضى ( حتى تتبع ) نصب بحتى وحتى بدل من أن ( ولئن اتبعت أهواءهم ) جمع هوى كما تقول جمل وأجمال
121
رفع بالابتداء ( آتيناهم الكتاب ) صلته ( يتلونه ) خبر الابتداء وإن شئت كان الخبر ( أولئك يؤمنون به )
وقرأ الحسن
122 بإسكان الياء ثم حذفها في الوصل لالتقاء الساكنين ( وأني ) في موضع نصب عطف على نعمتي
قرأ عبد الله وأبو رجاء والأعمش
124 قال الفراء لأن ما نالك فقد نلته كما تقول نلت خيرا ونالني خير وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال المعنى يوجب نصب الظالمين قال الله جل وعز لإبراهيم صلى الله عليه وسلم ( إني جاعلك للناس إماما ) فعهد إليه بهذا فسأل إبراهيم فقال
____________________
(1/258)
( ومن ذريتي ) فقال جل وعز ( لا ينال عهدي الظالمين ) لا أجعل إماما ظالما وروي عن ابن عباس أنه قال سأل إبراهيم أن يجعل من ذريته إمام فعلم الله عز وجل أن في ذريته من يعصي فقال لا ينال عهدي الظالمين
125
مفعولان والأصل مثوبة قلبت حركة الواو على الثاء فانقلبت الواو ألفا اتباعا لثاب يثوب قال الأخفش الهاء في مثابة للمبالغة لكثرة من يثوب إليه ( وأمنا ) يعطفه على مثابة ( واتخذوا ) معطوف على جعلنا قال الأخفش أي واذكروا إذا اتخذوا معطوف على اذكروا نعمتي ومن قرأ ( واتخذوا ) قطعه من الأول وجعله أمرا وعطف جملة على جملة قال أبو جعفر وقد ذكرنا أنه قيل الأولى أن يكون مقام إبراهيم الذي يصلي إليه الأئمة الساعة وإذا كان كذا كان الأولى ( واتخذوا ) لحديث حميد عن أنس قال أبو جعفر وذلك الحديث لم يروه عن أنس إلا حميد إلا من جهة فضعف وليس يبعد واتخذوا على الاختيار ثم يكون قد عمل به على أن حماد بن سلمة قد روى عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما صدرا من خلافته كانوا يصلون بإزاء البيت ثم صلى عمر إلى المقام قال أبو جعفر مقام من قام يقوم يكون مصدرا واسما للموضع ومقام من أقام وتدخلهما
____________________
(1/259)
الهاء للمبالغة ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ) في موضع خفض ولم ينصرفا لأنهما أعجميان وما لا ينصرف في موضع الخفض منصوب لأنه مشبه بالفعل والفعل لا يخفض هذا قول البصريين وقال الفراء كان يجب أن يخفض بلا تنوين إلا أنهم كرهوا أن يشبه المضاف في لغة من قال مررت بغلام يا هذا ( أن طهرا بيتي ) يجوز أن تكون أن في موضع نصب والتقدير بأن ويجوز أن لا يكون لها موضع تكون تفسيرا لقول سيبويه تكون بمعنى أي ويقول الكوفيون تكون بمعنى القول ( للطائفين ) خفض باللام ( والعاكفين والركع ) عطف ( السجود ) نعت
126
نداء مضاف ( اجعل هذا ) سؤال ولفظه الأمر إلا أنه استعظم أن يقال له أمر ( وارزق أهله من الثمرات ) مفعول ( من آمن ) بدل من أهل وهذا بدل البعض من الكل ( قال ومن كفر ) من في موضع نصب والتقدير وارزق من كفر ودل على الفعل المحذوف فأمتعه ويجوز أن تكون من للشرط وتكون في موضع نصب ويضمر الفعل بعدها ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء والخبر فأمتعه
وفي قراءة أبي ( فنمتعه قليلا ثم نضطره ) وفي قراءة يحيى بن وثاب ( فأمتعه قليلا ثم إضطره ) بكسر الهمزة ورفع الفعل على لغة من قال أنت
____________________
(1/260)
تضرب وروي عن ابن محيصن أنه كان يدغم الضاد في الطاء قال أبو جعفر وذا لا يجوز لأن في الضاد تفشيا فلا تدغم في شيء ولكن يجوز أن تدغم الطاء فيها كما قالوا اضجع وفمن اضر وحدثنا أحمد بن شعيب بن علي قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن هارون عن حنظلة عن الحارث بن أبي ربيعة قال ( ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره ) قال أبو جعفر وهذا على السؤال والطلب والأصل اضطرره ثم أدغم ففتح لالتقاء الساكنين لخفة الفتحة ويجوز الكسر قال أبو جعفر وهذه القراءة شاذة ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلان على غيرها أما نسق الكلام فإن الله جل وعز خبر عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه قال رب اجعل هذا بلدا آمنا ثم جاء بقوله ولم يفصل بينه يقال ثم قال فكان هذا جوابا من الله جل وعز ولم يقل بعد قال إبراهيم وأما التفسير فقد صح عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ومحمد بن كعب وهذا لفظ ابن عباس دعا إبراهيم صلى الله عليه وسلم لمن آمن دون الناس خاصة فأعلم الله جل وعز أنه يرزق من كفر كما يرزق من آمن وأنه يمتعه قليلا ثم يضطره إلى عذاب النار قال أبو جعفر وقال الله جل وعز كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وقال وأمم سنمتعهم وقال أبو إسحاق إنما علم إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن في ذريته كفارا فخص المؤمنين لأن الله جل وعز قال له لا ينال عهدي الظالمين
____________________
(1/261)
127
128
الواحدة قاعدة والواحدة من قوله القواعد من النساء قاعد ( وإسماعيل ) عطف على إبراهيم ( ربنا تقبل منا ) قال الأخفش الذي قال ربنا تقبل منا إسماعيل وغيره يقول هما جميعا قالا قال الفراء وفي قراءة عبد الله ( ويقولان ربنا تقبل منا وأرنا مناسكنا ) ويبعد ( وأرنا ) بإسكان الراء لأن الأصل أرينا حذفت الياء لأنه أمر وألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفت الهمزة فإن حذفت الكسرة كان ذلك إجحافا وليس هذا مثل فخذ لأن الكسرة في أرنا تدل على الهمزة وليست الكسرة في فخذ دالة على شيء ولكن يجوز حذفها على بعد لأنها مستثقلة كما أن الكسرة في فخذ مستثقلة قال الأخفش واحد المناسك منسك مثل مسجد ويقال منسك قال أبو جعفر يقال نسك ينسك فكان يجب على هذا أن يقال منسك إلا أنه ليس في كلام العرب مفعل
129
يتلو في موضع نصب لأنه نعت لرسول أي رسولا تاليا ويجوز في غير القرآن جزمه يكون جوابا للمسألة ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ) عطف عليه
130
____________________
(1/262)
ابتداء وهو اسم تام في الاستفهام والمجازاة ( يرغب ) فعل مستقبل في موضع الخبر وهو تقرير وتوبيخ وقع فيه معنى النفي أي ما يرغب ( عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) وقول الفراء أن ( نفسه ) مثل ضقت به ذرعا محال عند البصريين لأنه جعل المعرفة منصوبة على التمييز قال سيبويه وذكر الحال وإنها مثل التمييز وهذا لا يكون إلا نكرة يعني ما كان منصوبا على الحال كما أن ذلك لا يكون إلا نكرة يعني التمييز قال أبو جعفر فإن جئت بمعرفة زال معنى التمييز لأنك لا تبين بها ما كان من جنسها قال الفراء ومثله بطرت معيشتها ولا يجوز عنده نفسه سفه زيد ولا معيشتها بطرت القرية وقال الكسائي وهو أحد قولي الأخفش المعنى إلا من سفه في نفسه ويجيزان التقديم قال الأخفش ومثله عقدة النكاح أي على عقدة النكاح قال أبو جعفر وقد تقصيناه في الكتاب الذي قبل هذا ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) يقال كيف جاز تقديم في الآخرة وهو داخل في الصلة في الجواب أنه ليس التقدير وأنه لمن الصالحين في الآخرة فتكون الصلة قد تقدمت ولأهل العربية فيه ثلاثة أقوال منها أن يكون المعنى وإنه صالح في الآخرة ثم حذف وقيل في الآخرة متعلق بمصدر محذوف أي صلاحه في الآخرة والقول الثالث أن الصالحين ليس بمعنى الذين صلحوا ولكنه اسم قائم بنفسه كما يقال الرجل والغلام الأصل في ( اصطفيناه ) اصتفيناه أبدل من التاء طاء لأن
____________________
(1/263)
الطاء مطبقة كالصاد وهي من مخرج التاء ولم يجز أن تدغم الصاد لأنها لا تدغم إلا في أختيها الزاي والسين لما فيهن من الصفير ولكن يجوز أن تدغم التاء فيها في غير القرآن فتقول اصفيناه قبل
132
فيه معنى التكثير وإذا كان كذلك بعدت القراءة به وأحسن من هذا أن يكون وصى وأوصى بمعنى واحد مثل كرمنا وأكرمنا ( إبراهيم ) رفع بفعله ( ويعقوب ) عطف عليه ( يا بني ) نداء مضاف وهذه ياء النفس لا يجوز ههنا إلا فتحها لأنها لو سكنت لالتقى ساكنان ومثله بمصرخي ( إن الله ) كسرت إن لأن أوصى وقال واحد وقيل على إضمار القول ( فلا تموتن ) في موضع جزم بالنهي أكد بالنون الثقيلة وحذفت الواو لالتقاء الساكنين ( إلا وأنتم مسلمون ) ابتداء وخبر في موضع الحال
133
خبر كان ولم يصرفه لأن فيه ألف التأنيث ودخلت لتأنيث الجماعة كما دخلت الهاء ( إذ حضر يعقوب ) مفعول مقدم وفي تقديمه فائدة على مذهب سيبويه قال لأنهم يقدمون الذي بيانه أهم عليهم وهم ببيانه
____________________
(1/264)
أعنى وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم ( ما تبعدون ) ما في موضع نصب بتعبدون ( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) في موضع خفض على البدل ولم تصرف لأنها أعجمية قال الكسائي إن شئت صرفت إسحاقا وجعلته من السحق وصرفت يعقوب وجعلته من الطير قال أبو جعفر ومن قرأ ( وإله أبيك ) فله فيه وجهان أحدهما أن يكون أفرد لأنه كره أن يجعل إسماعيل أبا لأنه عم قال أبو جعفر هذا لا يجب لأن العرب تسمى العم أبا وأيضا فإن هذا بعيد لأنه يقدر وإله إسماعيل وإله إسحاق فيخرج وهو أبوه الأدنى من نسق إبراهيم ففي هذا من البعد ما لا خفاء به وفيه وجه آخر على مذهب سيبويه يكون أبيك جمعا حكى سيبويه أبون وأبين كما قال
( فقلنا أسلموا إنا أخوكم ** ) سيبويه والخليل يقولان في جمع إبراهيم وإسماعيل براهيم وسماعيل وهذا قول الكوفيين وحكوا أيضا براهمة وسماعلة والهاء بدل من الياء كما يقال زنادقة وحكوا براهم وسماعل قال محمد بن يزيد هذا غلط لأن الهمزة ليس هذا موضع زيادتها ولكن أقول أباره وأسامع ويجوز
____________________
(1/265)
أباريه وأساميع وأجاز أحمد بن يحيى براه كما يقال في التصغير بريه وجمع إسحاق أساحيق وحكى الكوفيون أساحقة وأساحق وكذا يعقوب ويعاقيب ويعاقبة ويعاقب فأما إسرائيل فلا نعلم أحدا يجيز حذف الهمزة من أوله وإنما يقال أساريل وحكى الكوفيون أسارلة وأسارل والباب في هذا كله أن يجمع مسلما فيقال إبراهيمون وإسحاقون وإسماعيلون ويعقوبون والمسلم لا عمل فيه ( إلها واحدا ) نصب على الحال وإن شئت على البدل لأنه يجوز أن تبدل النكرة من المعرفة والمعرفة من النكرة
134
مبتدأ ( أمة ) خبره ( فدخلت ) نعت لأمة وإن شئت كان خبر المبتدأ ويكون أمة بدلا من تلك ( لها ما كسبت ) ما في موضع رفع بالابتداء وبالصفة على قول الكوفيين ( ولكم ما كسبتم ) مثله
135
جمع هائد ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى ذوى هود كما يقال قوم عدل ورضى ( تهتدوا ) جواب الأمر قال أبو جعفر وقد ذكرنا قل بل ملة إبراهيم في الكتاب الذي قبل هذا قال أبو إسحاق ( حنيفا ) منصوب على الحال قال علي بن سليمان هذا خطأ لا يجوز جاءني غلام هند مسرعة ولكنه منصوب على أعني وقال غيره المعنى بل نتبع إبراهيم في هذه الحال
136
____________________
(1/266)
في موضع خفض أي والذي أنزل إلينا واسم ما لم يسم فاعله مضمر في أنزل
137
الكاف والهاء والميم في موضع نصب مفعولان ويجوز في غير القرآن فسيكفيك إياهم وكذا الفعل إذا تعدى إلى المفعول الأول قوي فجاز أن يأتي في الثاني منفصلا
138
قال الأخفش أي دين الله قال وهي بدل من ملة قال أبو جعفر وهو قول حسن لأن أمر الله جل وعز نهيه ودلائله مخالطة للمعقول كما يخالط الصبغ الثوب
139
جاز اجتماع حرفين من جنس واحد متحركين لأن الثاني كالمنفصل وقرأ ابن محيصن ( قل أتحاجونا ) مدغما وهذا جائز إلا أنه مخالف للسواد وقد جمع أيضا بين ساكنين وجاز ذلك لأن الأول حرف مد ولين ويجوز أن تدغم ويومأ إلى الفتحة كما قرىء لا تأمنا بإشمام الضمة ويجوز أتحاجونا بحذف النون الثانية كما قرأ نافع فبم
____________________
(1/267)
تبشرون
قالوا قرأ الكسائي
140 بالتاء وهي قراءة حسنة لأن الكلام متسق أي أتحاجوننا أم تقولون والقراءة بالياء من كلامين وتكون أم بمعنى بل قال الأخفش كما تقول إنها لا بل أم شاء وكسرت إن لأن الكلام محكي والأسباط من ولد يعقوب بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل ( هودا ) خبر كان وخبر إن في الجملة ويجوز في غير القرآن رفع هود على خبر إن وتكون كان ملغاة تم الجزء الأول من كتاب إعراب القرآن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي محمد وعلى آله الكرام الأبرار وسلم
قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل في قوله عز وجل
142
جمع سفيه والنساء سفايه ( ما ولاهم ) ما اسم تام في موضع رفع بالابتداء وولاهم في موضع الخبر
143
مفعولان قال القتبي إنما قيل للخير وسط لأن الغلو والتقصير مذمومان وخير الأمور أوساطها قال أبو إسحاق العرب تشبه القبيلة
____________________
(1/268)
بالوادي والقاع وخير الوادي وسطه وكذا خير القبيلة وسطها وقيل سبيل الجليل والرئيس أن لا يكون طرفا وأن يكون متوسطا فلهذا قيل للفاضل وسط ( لتكونوا ) لام كي أي لأن تكونوا ( شهداء ) خبر ويكون عطفا وقرأ الزهري ( إلا ليعلم من يتبع الرسول ) من في موضع رفع على هذه القراءة لأنها اسم ما لم يسم فاعله وجمع قبلة في التكسير قبل وفي التسليم قبلات ويجوز أن تبدل من الكسرة فتحة ويجوز أن تحذف الكسرة ( وإن كانت لكبيرة ) الفراء يذهب إلى أن إن واللام بمعنى ما و إلا والبصريون يقولون هي إن الثقيلة خففت فصلح الفعل بعدها ولزمتها اللام لئلا تشبه إن التي بمعنى ما قال الأخفش أي وإن كانت القبلة لكبيرة ( لرؤوف ) على وزن فعول والكوفيون يقرءون ( لرؤف ) وحكى الكسائي أن لغة بني أسد لرأف على فعل
144
ظرف مكان كما تقول تلقاءه وجهته وانتصب الظرف لأنه فضلة بمنزلة المفعول به وأيضا فإن الفعل واقع فيه
145
____________________
(1/269)
لأنهم كفروا وقد تبينوا الحق فليس تنفعهم الآيات قال الأخفش والفراء أجيبت إن بجواب لو لأن المعنى ولو أتيت الذين أوتو الكتاب بكل آية ( ما تبعوا قبلتك ) وكذا تجاب لو بجواب إن تقول لو أحسنت أحسن إليك ومثله ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا أي لو أرسلنا ريحا قال أبو جعفر هذا القول خطأ على مذهب سيبويه وهو الحق لأن معنى إن خلاف معنى لو يعني أن معنى إن يجب بها الشيء لوجوب غيره تقول إن أكرمتني أكرمتك ومعنى لو أنه يمتنع بها الشيء لامتناع غيره فلا تدخل واحدة منهما على الأخرى والمعنى ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية لا يتبعون قبلتك وقال سيبويه المعنى ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا ليظلن
146
ابتداء ( يعرفونه ) في موضع أي يعرفون التحويل أو يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم
147
رفع بالابتداء أو على إضمار ابتداء وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ ( الحق ) منصوبا أي يعلمون الحق فأما الذي في الأنبياء الحق فهم معرضون فلا نعلم أحدا قرأه إلا منصوبا
____________________
(1/270)
والفرق الذي بينهما أن الذي في سورة البقرة مبتدأ آية والذي في سورة الأنبياء ليس كذلك
148
الهاء والألف مفعول أول والمفعول الثاني محذوف أي هو موليها وجهه أو نفسه والمعنى هو مول نحوها وجهه والعرب تحذف من كل وبعض فيقولون كل منطلق أي كل رجل والتقدير ولكل أمة وأهل ملة ( فاستبقوا الخيرات ) أمر أي بادروا ما أمركم الله جل وعز به من استقبال شطر البيت الحرام
150
وإن شئت خففت الهمزة ( يكون ) نصب بأن وإن شئت قلت تكون لتأنيث الحجة وهذا متعلق بما تقدم من الاحتجاج عليهم ( إلا الذين ظلموا منهم ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول كما تقول العرب ما نفع إلا ما ضر وما زاد إلا ما نقص ( ولأتم نعمتي عليكم ) قال الأخفش هو معطوف على لئلا يكون أي ولأن أتم نعمتي عليكم
151
قال أبو جعفر قد ذكرنا معناه والكاف في موضع نصب أي لعلكم تهتدون اهتداءا مثل ما أرسلنا ويجوز أن يكون التقدير ولأتم نعمتي عليكم إيمانا مثل ما أرسلنا ويجوز أن تكون الكاف في موضع نصب على الحال أي ولأتم نعمتي عليكم في هذه الحال ويجوز أن يكون التقدير فاذكروني
____________________
(1/271)
ذكرا مثل ما و ما في موضع خفض بالكاف وأرسلنا صلتها ( يتلو ) فعل مستقبل والأصل فيه ضم الواو إلا أن الضمة مستثقلة وقبلها أيضا ضمة فحذفت وهو في موضع نصب نعت لرسول ( ويزكيكم ويعلمكم ) عطف عليه
152
أمر ( أذكركم ) فيه معنى المجازاة فلذلك جزم ( ولا تكفرون ) نهى فلذلك حذفت منه النون وحذفت الياء لأنه رأس آية وإثباتها حسن في غير القرآن
153
أي عن المعاصي قال أبو جعفر وقد ذكرناه
154
على إضمار مبتدأ وكذلك ( بل أحياء )
155
هذه الواو مفتوحة عند سيبويه لالتقاء الساكنين وقال غيره لما ضمت إلى النون صارت بمنزلة خمسة عشر
156
____________________
(1/272)
نعت للصابرين ( قالوا إنا لله ) قال الكسائي إن شئت كسرت الألف لاستعمالها وكثرتها وقال الفراء وإنما كسرت النون في إنا لله لكثرة استعمالهم إياها قال أبو جعفر أما قول الفراء فغلط قبيح لأن النون لا تكسر ولا يكون ما قبل الألف أبدا مكسورا ولا مضموما وأما قول الكسائي فيجوز على أنه يريد أن الألف ممالة إلى الكسرة وأما على أن تكسر فمحال لأن الألف لا تحرك البتة وإنما أميلت الألف في إنا لله لكسرة اللام في لله ولو قلت إنا لزيد شاكرون لم يجز إمالة الألف لأنها في حرف آخر وجاز ذلك في إنا لله لأنه لما كثر صار الشيئان بمنزلة شيء واحد وإن شئت فخمت والأصل إننا حذفت إحدى النونين تخفيفا وكذا ( وإنا إليه راجعون )
157
مبتدأ والخبر ( عليهم صلوات من ربهم ) ( ورحمة ) عطف على صلوات ( وأولئك ) مبتدأ و ( هم ) ابتداء ثان و ( المهتدون ) خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول وإن شئت كانت هم زائدة توكيدا و المهتدون الخبر
158
اسم إن والألف منقلبة من واو ( والمروة ) عطف على الصفا ( من شعائر الله ) الخبر مشتق من شعرت به وهمز لأنه فعائل لا أصل للياء في الحركة فأبدل منها همزة ( فمن ) في موضع رفع بالابتداء و ( حج ) في موضع جزم بالشرط وجوابه وخبر الابتداء ( فلا جناح عليه أن يطوف
____________________
(1/273)
بهما ) والأصل يتطوف ثم أدغمت التاء في الطاء وحكي ( أن يطوف بهما ) على التكثير وروي عن ابن عباس ( أن يطاف ) والأصل أيضا يتطاف أدغمت التاء في الطاء قال أبو جعفر ولا نعلم أحدا قرأ أن يطوف بهما ( ومن تطوع خيرا فإن الله ) فعل ماض في موضع جزم بالشرط وهذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وهي حسنة لأنه لا علة فيها وقراءة أهل الكوفة إلا عاصما ( ومن يطوع خيرا ) والأصل يتطوع أدغمت التاء في الطاء ( فإن الله ) اسم إن ( شاكر ) خبره ( عليم ) نعت لشاكر وإن شئت كان خبرا بعد خبر
159
اسم إن وقرأ طلحة بن مصرف ( من بعد ما بينه للناس ) بمعنى بينه الله ( أولئك ) مبتدأ ( يلعنهم الله ) في موضع الخبر والجملة خبر إن ولعنه وطرده أي باعده من رحمته كما قال
( ذعرت به القطا ونفيت عنه ** مقام الذئب كالرجل اللعين )
قال أبو جعفر وقد بينا معنى ويلعنهم اللاعنون لأن للقائل أن
____________________
(1/274)
يقول أهل دينهم لا يلعنونهم ومن أحسن ما قيل فيه أن أهل دينهم يلعنون على الحقيقة لأنهم يلعنون الظالمين وهم من الظالمين
160 نصب بالاستثناء
161
اسم إن ( أولئك عليهم لعنة الله ) الخبر وقرأ الحسن ( أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون ) وهذا معطوف على الموضع كما تقول عجبت من قيام زيد وعمرو لأن موضع زيد موضع رفع والمعنى من أن قام زيد والمعنى أولئك عليهم أن يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعون
162 حال
163 ابتداء وخبر
164
( لآيات ) في موضع نصب اسم إن
165
من في موضع رفع بالابتداء و يتخذ على اللفظ ويجوز في غير القرآن يتخذون ( يحبونهم ) على المعنى ويجوز في غير القرآن يحبهم وهو في موضع نصب على الحال من المضمر الذي في يتخذ وإن شئت
____________________
(1/275)
كان نعتا لأنداد وإن شئت كان في موضع رفع نعتا لمن على أن من نكرة كما قال
( فكفى بنا فضلا على من غيرنا ** حب النبي محمد إيانا ) ( والذين آمنوا أشد ) ابتداء وخبر ( حبا ) على البيان ( ولو يرى الذين ظلموا ) بالياء قراءة أهل مكة وأهل الكوفة وأبي عمرو وهي اختيار أبي عبيد وقرأ أهل المدينة وأهل الشام ( ولو ترى الذين ) بالتاء وفي الآية أشكال وحذف زعم أبو عبيد أنه اختار القراءة بالياء لأنه يروى في التفسير أن المعنى لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا أن القوة لله قال أبو جعفر روي عن محمد بن يزيد أنه قال هذا التفسير الذي جاء به أبو عبيد بعيد وليست عبارته فيه بالجيدة لأنه يقدر ولو يرى الذين ظلموا العذاب وكأنه جعله مشكوكا فيه وقد أوجبه الله عز وجل ولكن التقدير وهو قول أبي الحسن الأخفش سعيد ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله ويرى بمعنى يعلم أي لو يعلمون حقيقة قوة الله فيرى واقعة على أن وجواب لو محذوف أي لتبينوا ضرر اتخاذهم الآلهة كما قال ولو ترى إذ وقفوا على النار ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ولم يأت للو
____________________
(1/276)
جواب قال الزهري وقتادة الإضمار أشد للوعيد قال أبو جعفر ومن قرأ ( ولو ترى ) بالتاء كان الذين مفعولين عنده وحذف أيضا جواب لو و ( أن ) في موضع نصب أي لأن القوة لله وأنشد سيبويه
( وأغفر عوراء الكريم ادخاره ** وأعرض عن شتم اللئيم تكرما ) أي لادخاره وأجاز الفراء أن تكون أن في موضع نصب نصب على إضمار الرؤية ومن كسر فقرأ ( إن القوة لله وإن الله ) جعلها استئنافا ( جميعا ) نصب على الحال ( وأن الله شديد العذاب ) عطف على أن الأولى
166
ضمت الهمزة في اتبعوا اتباعا للتاء وضمت التاء الثانية لتدل على أنه لما لم يسم فاعله فإن قيل سبيل ما لم يسم فاعله أن يضم أوله للدلالة فكيف ضم الثالث هذا للدلالة فالجواب أن سبيل فعل ما لم يسم فاعله أن يضم أول متحركاته فلما كانت التاء الأولى ساكنة اجتلبت لها الهمزة وحركت الثانية لأنها أول المتحركات ( ورأوا العذاب ) ضمت الواو لالتقاء الساكنين
167
____________________
(1/277)
أن في موضع رفع إي لو وقع ذلك ( فنتبرأ منهم ) جواب التمني ( كما ) الكاف في موضع نصب أي تبرؤوا كما ويجوز أن يكون نصبا على الحال ( كذلك ) الكاف في موضع رفع أي الأمر كذلك ويجوز أن تكون في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف أي رؤية كذلك ( يريهم الله أعمالهم ) مفعولان ( حسرات عليهم ) نصب على الحال
168
نعت لمفعول أي شيئا حلالا أو أكلا حلالا قال أبو جعفر وقد ذكرنا ( خطوات الشيطان )
169
في موضع خفض عطفا على قوله ( بالسوء والفحشاء )
170
فتحت الواو لأنها واو عطف
171
مبتدأ وخبره ( كمثل الذي ينعق ) قال أبو جعفر وقد تقصينا معناه ( بما لا يسمع إلا دعاء ) نصب بيسمع ( ونداء ) عطف عليه ( صم ) أي هم صم
173
نصب بحرم و ما كافة ويجوز أن تجعلها بمعنى الذي وترفع الميتة والدم ولحم الخنزير ( فمن اضطر ) ضمت النون لالتقاء الساكنين
____________________
(1/278)
وأتبعت الضمة الضمة ويجوز الكسر على أصل التقاء الساكنين وقرأ أبو جعفر ( فمن اضطر ) بكسر الطاء لأن الأصل اضطرر فلما أدغم ألقى حركة الراء على الطاء ويجوز فمن أضر لما لم يجز أن يدغم الضاد في الطاء أدغم الطاء في الضاد ويجوز أن تقلب الضاد طاء من غير إدغام ثم تدغم الطاء في الطاء فتقول فمن اطر وهذا في غير القرآن ( غير باغ ) غير نصب على الحال والأصل باغي استثقلت الحركة في الياء فسكنت والتنوين ساكن فحذفت الياء لسكونها وسكون التنوين وكانت أولى بالحذف لأن التنوين علامة وقبل الياء ما يدل عليها وكذا ولا عاد
174
اسم إن والخبر ( أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار )
177
اسم ليس والخبر ( أن تولوا ) وقرأ الكوفيون ( ليس البر أن تولوا ) جعلوا أن في موضع رفع والأول بغير تقديم ولا تأخير وفي قراءة أبي وابن مسعود ( ليس البر بأن تولوا ) فلا يجوز في البر هاهنا إلا الرفع ( ولكن البر ) وقرأ الكوفيون ( ولكن البر ) رفع بالابتداء ( من آمن بالله ) الخبر وفيه ثلاثة أقوال يكون التقدير ولكن البر بر من آمن بالله ثم حذف كما قال
____________________
(1/279)
( فإنما هي إقبال وإدبار ** )
أي ذات إقبال ويجوز أن يكون التقدير ولكن ذو البر من آمن بالله ويجوز أن يكون البر بمعنى البار والبر كما يقال رجل عدل وفي الآية إشكال من جهة الإعراب لأن بعد هذا ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين ) فيه خمسة أقوال يكون و الموفون رفعا عطفا على من و الصابرين على المدح أي وأعني الصابرين ويكون والموفون رفعا بمعنى وهم الموفون مدحا للمضمرين و الصابرين عطفا على ذوي القربى ويكون و الموفون رفعا على وهم الموفون و الصابرين بمعنى وأعني الصابرين فهذه ثلاثة أجوبة لا مطعن فيها من جهة الإعراب موجودة في كلام العرب وأنشد سيبويه
3( لا يبعدن قومي الذين هم ** سم العداة وآفة الجزر )
____________________
(1/280)
( النازلين بكل معترك ** والطيبون معاقد الأزر ) وإن شئت قلت النازلون والطيبين وإن شئت رفعتهما جميعا ويجوز نصبهما قال الكسائي يجوز أن يكون و الموفون نسقا على من و الصابرين نسقا على ذوي القربى قال أبو جعفر وهذا القول خطأ وغلط بين لأنك إذا نصبت والصابرين ونسقته على ذوي القربى دخل في صلة من فقد نسقت على من من قبل أن تتم الصلة وفرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف والجواب الخامس أن يكون و الموفون عطفا على المضمر الذي في آمن الصابرين عطفا على ذوي القربى قال الكسائي وفي قراءة عبد الله ( والموفين والصابرين ) قال أبو جعفر يكونان منسوقين على ذوي القربى وعلى المدح قال الفراء وفي قراءة عبد الله في النساء والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة
178
اسم ما لم يسم فاعله ( في القتلى ) لم يتبين فيه الإعراب لأن فيه ألف التأنيث وجيء بها لتأنيث الجماعة ( الحر بالحر ) ابتداء وخبر ( والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) نسق عليه ( فمن عفي له ) شرط والجواب ( فاتباع بالمعروف ) وهو رفع بالابتداء والتقدير فعليه اتباع بالمعروف ويجوز في غير القرآن فاتباعا وأداءا يجعلهما مصدرين ( ذلك تخفيف ) ابتداء وخبر
____________________
(1/281)
179
رفع بالابتداء وقراءة أبي وأبي الجوزاء ( ولكم في القصص ) شاذة والظاهر دل على غيرها قال الله عز وجل كتب عليكم القصاص في القتلى فدل بعض الكلام على بعض والتفسير على القصاص روى سفيان الثوري عن السدي عن أبي مالك ولكم في القصاص حياة قال أن لا يقتل بعضكم بعضا ثم قال ( لعلكم تتقون ) حذف المفعول لعلم السامع روى الليث عن ربيعة في قوله ( لعلكم تتقون ) محارمكم وما نهيت بعضكم فيه عن بعض
180
في الكلام تقدير واو العطف المعنى وكتب عليكم ومثله في بعض الأقوال ( لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى ) أي ولا يصلاها ( أحدكم ) مفعول و ( الموت ) فاعل ( إن ترك خيرا ) شرط وفي جوابه قولان قال الأخفش سعيد التقدير فالوصية ثم حذف الفاء كما قال
( من يفعل الحسنات الله يشكرها ** والشر بالشر عند الله مثلان ) والجواب الآخر أن الماضي يجوز أن يكون جوابه قبله وبعده فيكون التقدير
____________________
(1/282)
الوصية للوالدين والأقربين إن ترك خيرا فإن حذفت الفاء فالوصية رفع بالابتداء وإن لم تقدر الفاء جاز أن ترفعها أيضا بالابتداء وأن ترفعها على أنها اسم ما لم يسم فاعله أي كتب عليكم الوصية قال أبو جعفر وقد ذكرنا في الآية أقوالا منها أن تكون منسوخة بالفرض ومنها أن تكون على الندب على الوصية قال أبو جعفر والقول أنه لا يجوز أن يكون شيء من هذا على الندب إلا بدليل وقد قيل أنها منسوخة بالحديث لا وصية لوارث ( حقا ) مصدر ويجوز في غير القرآن حق بمعنى ذلك حق
181
شرط وجوابه ( فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) و ما كافة لأن عن العمل و إثمه رفع بالابتداء على الذين يبدلونه في موضع الخبر
182
شرط والأصل خوف وقلبت الواو ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها وأهل الكوفة يميلون خاف ليدلوا على الكسرة من فعلت ( من موص ) ومن موص والتخفيف أبين لأن أكثر النحويين يقول موص للتكثير وقد يجوز أن يكون مثل كرم وأكرم ( جنفا ) من جنف يجنف إذا جاز والاسم منه جنف وجانف ( فأصلح بينهم ) عطف على خاف والكناية عن الورثة ولم يجر لهم ذكر لأنه قد عرف المعنى وجواب الشرط ( فلا إثم عليه )
____________________
(1/283)
183
اسم ما لم يسم فاعله ( كما كتب على الذين من قبلكم ) الكاف في موضع نصب من ثلاث جهات يجوز أن يكون نعتا لمصدر من كتب أي كتب عليكم الصيام كتبا كما ويجوز أن يكون التقدير كتب عليكم الصيام صوما كما ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال أي كتب عليكم الصيام مشبها كما كتب على الذين من قبلكم ويجوز أن يكون في موضع رفع نعتا للصيام وما للصيام وما بيانه الذين آمنوا و ما في موضع خفض وصلتها كتب على الذين من قبلكم والضمير في كتب يعود على ما
184
قال الأخفش أياما نصب بالصيام أي كتب عليكم أن تصوموا أياما معدودات وقال الفراء هي نصب بكتب لأن فعل ما لم يسم فاعله إذا رفعت بعده اسما نصبت الآخر وفي الآية شيء لطيف غامض من النحو يقال لا يجيز النحويون هذا صارف ظريف زيدا وكيف يجوز أن تنصب أياما بالصيام إذا كانت الكاف نعتا للصيام فالجواب أنك إذا جعلت أياما مفعولة لم يجز هذا وإن جعلتها ظرفا جاز لأن الظروف تعمل فيها المعاني وزعم أحمد بن يحيى أن ذلك لا يجوز البتة وإن جعلت الكاف في موضع نصب بكتب لم يجز لأنك تفرق بين الصيام وبين ما
____________________
(1/284)
عمل فيه بما لم يعمل فيه وإن جعلت الكاف في موضع نصب بالصيام ونصبت أياما بالصيام فلا اختلاف فيه إنه جيد بالغ ( معدودات ) نعت لأيام إلا أن التاء كسرت عند البصريين لأنه جمع مسلم وعند الكوفيين لأنها غير أصلية ( فمن كان منكم مريضا ) شرط بمن أي فمن كان منكم مريضا في هذه الأيام ( فعدة ) رفع بالابتداء والخبر عليه حذفت قال الكسائي ويجوز فعدة أي فليصم عدة ( من أيام أخر ) لم تنصرف أخر عند سيبويه لأنها معدولة عن الألف واللام لأن سبيل فعل من هذا الباب أن يأتي بالألف واللام نحو الكبر والفضل قال الكسائي هي معدولة أخر كما تقول حمراء وحمر فلذلك لم تنصرف وقيل منعت من الصرف لأنها على وزن جمع ويقال إنما يقال يوم آخر ولا يقال أخرى وأخر إنما هي جمع أخرى ففي هذا جوابان أحدهما أن نعت الأيام يكون مؤنثا فلذلك نعتت بأخر والجواب الآخر أن يكون أخر جمع أخرى كأنه أيام أخرى ثم كثرت فقيل أيام أخر ( وعلى الذين يطيقونه ) والأصل يطوقونه وقد قرىء به فقلبت حركة الواو على الطاء فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وقرأ ابن عباس ( يطوقونه ) فصحت الواو لأنه ليس قبلها كسرة ويقرأ ( يطوقونه ) والأصل ( يتطوقونه ) ثم أدغمت التاء في الطاء والقراءة المجمع عليها ( يطيقونه ) وأصح ما فيها أن الآية منسوخة كما
____________________
(1/285)
ذكرناه فأما يطيقونه وتطيقونه فلا يجوز لأن الواو لا تقلب ياء إلا لعلة ( فدية طعام مساكين ) هذه قراءة أهل المدينة وابن عامر رواها عنه عبيد الله عن نافع وقرأ أبو عمرو والكسائي وحمزة ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) وهذا اختيار أبي عبيد وزعم أنه اختاره لأن معناه لكل يوم إطعام واحد منهم فالواحد مترجم عن الجميع وليس الجميع بمترجم عن الواحد قال أبو جعفر وهذا مردود من كلام أبي عبيد لأن هذا إنما يعرف بالدلالة فقد علم أن معنى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين أن لكل يوم مسكينا فالاختيار هذه القراءة ليرد جمعا على جمع واختار أبو عبيد أن يقرأ فدية طعام مسكين قال لأن الطعام هو الفدية قال أبو جعفر لا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنه جوهر ولكنه يجوز على البدل وأبين منه أن يقرأ ( فدية طعام ) بالإضافة لأن فدية مبهمة تقع للطعام وغيره فصار مثل قولك هذا ثوب خز ( فمن تطوع خيرا فهو خير له ) شرط وجوابه ( وأن تصوموا خير لكم ) ابتداء وخبر أي فالصوم خير لكم
185
حكيت فيه ستة أوجه ( شهر رمضان ) قراءة العامة وقرأ مجاهد وشهر بن حوشب ( شهر رمضان ) بالنصب وحكي عن الحسن وأبي عمرو إدغام الراء في الراء وهذا لا يجوز لئلا يجتمع ساكنان والقراءة الرابعة الإخفاء والوجه الخامس أن تقلب حركة الراء على الهاء فتضم الهاء وهذا قول
____________________
(1/286)
الكوفيين كما قال امروء القيس
( فمن كان ينسانا وحسن بلائنا ** فليس بنا سينا على حالة بكر ) ويجوز شهر رمضان من جهتين إحداهما على قراءة من نصب فقلب حركة الراء على الهاء والأخرى على لغة من قال حلم ولحم ونهر ونهر شهر رمضان رفع بالابتداء وخبره ( الذي أنزل فيه القرآن ) ويجوز أن يكون شهر مرفوعا على إضمار ابتداء والتقدير المفترض عليكم صومه شهر رمضان أو ذلك شهر رمضان أو الصوم أو الأيام ورمضان لا ينصرف لأن النون فيه زائدة ونصب شهر رمضان شاذ وقد قيل فيه أقوال قال الكسائي المعنى كتب عليكم الصيام وأن تصوموا شهر رمضان قال الفراء أي كتب عليكم الصيام أي أن تصوموا شهر رمضان قال أبو جعفر لا يجوز أن تنصب شهر رمضان بتصوموا لأنه يدخل في الصلة ثم يفرق بين الصلة والموصول وكذا إن نصبته بالصيام ولكن يجوز أن تنصبه على الإغراء أي الزموا شهر رمضان وصوموا شهر رمضان وهذا بعيد أيضا لأنه لم يتقدم ذكر الشهر فيغرى به ( هدى للناس وبينات ) في موضع نصب على الحال من القرآن والقرآن اسم ما لم يسم فاعله ( فمن شهد منكم الشهر ) يقال ما الفائدة في هذا والحاضر والمسافر يشهدان الشهر فالجواب أن الشهر ليس بمفعول وإنما هو ظرف زمان والتقدير فمن شهد منكم المصر في الشهر وجواب آخر أن يكون التقدير فمن شهد منكم الشهر غير مسافر ولا
____________________
(1/287)
مريض ( فليصمه ) وقرأ الحسن ( فليصمه ) وكان يكسر لام الأمر كانت مبتدأة أو كان قبلها شيء وهو الأصل ومن أسكن حذف الكسرة لأنها ثقيلة ( ومن كان مريضا أو على سفر ) اسم كان فيها مضمر ومريضا خبره أو على سفر عطف أي أو مسافرا ( فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ) واليسر واليسر لغتان وكذا العسر والعسر ( ولتكملوا العدة ) فيه خمسة أقوال قال الأخفش هو معطوف أي ويريد ولتكملوا العدة كما قال يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم وقال غيره يريد الله هذا التخفيف لتكملوا العدة وقيل الواو مقحمة وقال الفراء المعنى ولتكملوا العدة فعل هذا قال أبو جعفر وهذا قول حسن ومثله ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ) أي وليكون من الموقنين فعلنا ذلك والقول الخامس ذكره أبو إسحاق إبراهيم بن السري قال هو محمول على المعنى والتقدير فعل الله ذلك ليسهل عليكم ولتكملوا العدة قال ومثله ما أنشده سيبويه
( بادت وغير آيهن مع البلى ** إلا رواكد جمرهن هباء )
____________________
(1/288)
( ومشجج أما سواء قذاله ** فبدا وغير ساره المعزاء ) لأن معنى بادت إلا رواكد بها رواكد فكأنه قال وبها مشجج أو ثم مشجج وقرأ الحسن وقتادة والعاصمان والأعرج ( ولتكملوا العدة ) واختار الكسائي ( ولتكملوا ) لقوله اليوم أكملت لكم دينكم قال أبو جعفر هما لغتان بمعنى واحد كما قال فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ولا يجوز ولتكملوا بإسكان اللام والفرق بين هذا وبين ما تقدم أن التقدير ولأن تكملوا العدة فلا يجوز حذف أن والكسرة ( ولتكبروا ) عطف عليه
186
خبر إن ( أجيب ) خبر بعد خبر حكى سيبويه هذا حلو حامض ويجوز أن يكون نعتا ومستأنفا ( فليستجيبوا ) لام أمر وكذا ( وليؤمنوا ) وجزمت لام الأمر لأنها تجعل الفعل مستقبلا لا غير فأشبهت إن التي للشرط وقيل لأنها لا تقع إلا على الفعل
187
اسم ما لم يسم فاعله قال أبو إسحاق الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ( هن لباس لكم ) ابتداء وخبر وشددت
____________________
(1/289)
النون من هن لأنها بمنزلة الميم والواو في المذكر ( علم الله أنكم ) فتحت أن بعلم ( فالآن باشروهن ) قد ذكرناه وهو إباحة ( وابتغوا ما كتب الله لكم ) عطف عليه وكذا ( وكلوا واشربوا ) ( فلا تقربوها ) جزم بالنهي والكلام في لا كالكلام في لام الأمر قال الكسائي فلا تقربوها قربانا
188
عطف على تأكلوا وفي قراءة أبي ( ولا تدلوا ) ويجوز أن يكون ولا تدلوا جواب النهي بالواو كما قال
( لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم ) ( بها ) الهاء تعود على الأموال أي ترشوا بها أو تخاصموا من أجلها فكأنكم قد أدليتم بها ويجوز أن تكون الهاء تعود على الحجة وإن لم يتقدم لها ذكر كما يقال أدلى بحجته أموالكم إضافة الجنس أي الأموال التي لكم
189
وإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على السين وحذفتها فقلت يسلونك وأهلة جمع هلال في القليل والكثير وكان يجب أن يقال في الكثير هلل فاستثقلوا ذلك كما استثقلوه في كساء ورداء من المعتل
____________________
(1/290)
( قل هي مواقيت ) ابتداء وخبر الواحد ميقات انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وهي ساكنة ولم تنصرف مواقيت عند البصريين لأنها جمع وهو جمع لا يجمع ولا نظير له في الواحد وقال الفراء لم تنصرف لأنها غاية الجمع ( للناس ) خفض باللام ( والحج ) عطف عليه هذه لغة أهل الحجاز وأهل نجد يقولون الحج بكسر الحاء فالفتح على المصدر والكسر على أنه اسم والحجة بفتح الحاء المرة الواحدة والحجة عمل سنة ومنه ذو الحجة ويقال للسنة أيضا حجة كما قال
( وقفت بها من بعد عشرين حجة ** فلأيا عرفت الدار بعد توهم ) ( وليس البر بأن تأتوا البيوت ) ولا يجوز نصب البر لأن الباء إنما تدخل في الخبر ويقال بيوت بالكسر وهي لغة رديئة لأنه يخالف الباب وجازت على أن تبدل من الضمة كسرة لمجاورتها الياء ( ولكن البر من اتقى ) قال أبو جعفر قد ذكرناه والتقدير من اتقى ما نهي عنه
190 لا تقتلوا من لم تؤمروا بقتله ويدخل في الأمر بهذا النساء والصبيان وقتل اثنين بواحد يقال اعتدى إذا جاوز ما يجب ( والفتنة أشد من القتل ) ابتداء وخبر
191 نهي وهو منسوخ
____________________
(1/291)
وقرأ الكوفيون ( ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه ) على قول العرب قتلنا بني فلان إذا قتلوا بعضهم ولا يجوز هذا حتى يعرف المعنى وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال لا ينبغي أن تقرأ هذه القراءة لأنه يجب على من قرأها أن يكون المعنى لا تقتلوهم ولا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم
193
قال الأخفش سعيد المعنى فإن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الظالمين منهم وقيل فإن انتهوا للجماعة
194
ابتداء وخبر والتقدير قتال الشهر الحرم بقتال الشهر الحرام ( والحرمات قصاص ) ويجوز فتح الراء وإسكانها
195
الأصل بأيديكم فاستثقلت الحركة في الياء فسكنت قال الأخفش الباء زائدة وأبو العباس يذهب إلى أنها متعلقة بالمصدر
196
والعمرة عطف على الحج وقراءة الشعبي ( والعمرة لله ) شاذة
____________________
(1/292)
بعيدة لأن العمرة يجب أن يكون إعرابها كإعراب الحج كذا سبيل المعطوف فإن قيل رفعها بالابتداء لم تكن في ذلك فائدة لأن العمرة لم تزل لله عز وجل وأيضا فإنه تخرج العمرة من الأتمام وقال من احتج للرفع إذا نصبت وجب أن تكون العمرة واجبة قال أبو جعفر وهذا الاحتجاج خطأ لأن هذا لا يجب به فرض وإنما الفرض ( ولله على الناس حج البيت ) ولو قال قائل اتمم صلاة الفرض والتطوع لما وجب من هذا أن يكون التطوع واجبا وإنما المعنى إذا دخلت في صلاة الفرض والتطوع فأتممها ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) قال أبو عمرو بن العلاء واحد الهدي هدية وقال الفراء لا واحد له قال ابن السكيت ويقال هدي وحكى غيره إنها لغة بني تميم قال زهير
( فلم أر معشرا أسروا هديا ** ولم أر جار بيت يستباء ) قال الأخفش التقدير فعليه ما استيسر من الهدي ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) أي فعليه صيام ثلاثة أيام وثبتت الهاء في ثلاثة فرقا بين المذكر والمؤنث وقيل كان المذكر أولى بالهاء لأن الهاء تدخل في المذكر في الجمع القليل نحو قردة وهذا قول الكوفيين وقال بعض البصريين
____________________
(1/293)
كان المذكر أولى بالهاء لأن تأنيثه غير حقيقي فأنث باللفظ والمؤنث تأنيثه حقيقي فأنث بالمعنى والصيغة لأنها أوكد وقال بعضهم وقع بالمذكر التأنيث لأنه بمعنى جماعة ( تلك عشرة كاملة ) ابتداء وخبر وتيك لغة ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) الأصل حاضرين حذفت النون للإضافة وحذفت الياء من اللفظ في الإدراج لسكونها وسكون اللام بعدها
197
ابتداء وخبر والتقدير أشهر الحج أشهر معلومات ويجوز الحج أشهرا على الظرف أي في أشهر وزعم الفراء أنه لا يجوز النصب وعلته أن أشهرا نكرة غير محصورات وليس هذا سبيل الظروف وكذا عنده المسلمون جانب والكفار جانب فإن قلت جانب أرضهم وجانب بلادهم كان النصب هو الوجه ( فمن فرض فيهن الحج ) من في موضع رفع بالابتداء وهي شرط وخبر الابتداء محمول على المعنى أي فلا يكن فيه رفث ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) على التبرية وقرأ يزيد بن القعقاع ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) جعل لا بمعنى ليس وإن شئت رفعت بالابتداء وقال أبو عمرو المعنى فلا يكن
____________________
(1/294)
فيه رفث إلا أنه نصب ( ولا جدال في الحج ) وقطعه من الأول لأن معناه عنده أنه قد زال الشك في أن الحج في ذي الحجة ويجوز فلا رفث ولا فسوق يعطفه على الموضع وأنشد النحويون
( لا نسب اليوم ولا خلة ** اتسع الخرق على الراقع ) ويجوز في الكلام فلا رفث ولا فسوقا ولا جدالا في الحج عطفا على اللفظ على ما كان يجب في لا قال الفراء ومثله
( فلا أب وابنا مثل مروان وابنه ** إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا ) ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) شرط وجوابه ( وتزودوا ) أمر وهو إباحة ( واتقون ) أمر فلذلك حذفت منه النون ( يا أولي الألباب ) نداء مضاف وواحد الألباب لب ولب كل شيء خالصه فلذلك قيل للعقل لب قال أبو جعفر سمعت أبا إسحاق يقول قال لي أحمد بن يحيى
____________________
(1/295)
أتعرف في كلام العرب من المضاعف شيئا جاء على فعل فقلت نعم حكى سيبويه عن يونس لببت تلب فاستحسنه وقال ما أعرف له نظيرا
198
اسم ليس ( أن تبتغوا ) في موضع نصب أي في أن تبتغوا وعلى قول الكسائي والخليل إنها في موضع خفض ( فإذا أفضتم من عرفات ) بالتنوين وكذا لو سميت امرأة بمسلمات لأن التنوين ليس فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف فتحذفه وإنما هو بمنزلة النون في مسلمين هذا الجيد وحكى سيبويه عن العرب حذف التنوين من عرفات يا هذا ورأيت عرفات يا هذا بكسر التاء بغير تنوين قال لما جعلوها معرفة حذفوا التنوين وحكى الأخفش والكوفيون فتح التاء قال الأخفش تجرى مجرى الهاء فيقال من عرفات يا هذا وأنشدوا
( تنورتها من أذرعات وأهلها ** بيثرب أدنى دارها نظر عالي ) ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) ومشعر مفعل من شعرت به أي علمت به أي معلم من متعبدات الله جل وعز وكان يجب أن يكون على مفعل بناءا على يشعر إلا أنه ليس في كلام العرب اسم على مفعل ( واذكروه كما
____________________
(1/296)
هداكم ) الكاف في موضع نصب أي ذكرا مثل هدايته إياكم أي جزاء على هدايته إياكم ( وإن كنتم من قبله لمن الضالين ) لام توكيد إلا أنها لازمة لئلا تكون إن بمعنى ما
200
بالإظهار لأن الثاني بمنزلة المنفصل ويجوز ( مناسكم ) بالإدغام أينما تكونوا يدركم الموت فلا يكون إلا مدغما ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم ) الكاف في موضع نصب أي ذكرا كذكركم ويجوز أن يكون في موضع الحال ( أو أشد ذكرا ) أشد في موضع خفض عطفا على ذكركم والمعنى أو كأشد ذكرا ولم ينصرف لأنه أفعل صفة ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أو اذكروه أشد ذكرا ( ذكرا ) على البيان ( فمن الناس من ) في موضع رفع بالابتداء وإن شئت بالصفة ( يقول ربنا آتنا ) صلة من ( وما له في الآخرة من خلاق ) من زائدة للتوكيد والأصل في
201
إو قنا حذفت الواو كما حذفت في يقي وحذفت من يقي لأنها بين ياء وكسرة مثل يعد هذا قول البصريين وقال الكوفيون حذفت فرقا بين اللازم والمتعدي وقال محمد بن يزيد هذا خطأ لأن العرب تقول ورم يرم فيحذفون الواو
____________________
(1/297)
203
قال الكوفيون الألف والتاء لأقل العدد وقال البصريون هما للقليل والكثير قال أبو جعفر وقد ذكرنا المعدودات والمعلومات وقول العلماء فيهما ونشرح ذلك هاهنا أصح ما قيل في المعدودات أنها ثلاثة أيام بعد يوم النحر وقيل المعدودات والمعلومات واحد وهذا غلط لقوله جل وعز فمن تعجل في يومين والتقدير في العربية فمن تعجل في يومين منها والمعنى في أيام معدودات لذكر الله تعالى وأصح ما قيل فيه في المعلومات قول ابن عمر رحمه الله وهو مذهب أهل المدينة إنها يوم النحر ويومان بعده لأن الله عز وجل قال ويذكروا اسم الله في أيام معلومات فلا يجوز أن يكون هذا إلا الأيام التي ينحر فيها ولا يخلو يوم النحر من أن يكون أولها أو أوسطها أو آخرها فلو كان آخرها أو أوسطها لكان النحر قبله وهذا محال فوجب أن يكون أولها ( فمن تعجل في يومين ) من رفع بالابتداء والخبر ( فلا إثم عليه ) ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم لأن معنى من جماعة كما قال عز وجل ومنهم من يستمعون إليك وكذا ( ومن تأخر فلا إثم عليه ) ( لمن اتقى ) يقال بأي شيء اللام متعلقة فالجواب وفيه أجوبة
____________________
(1/298)
يكون التقدير المغفرة لمن اتقى وهذا على تفسير ابن مسعود وقال الأخفش التقدير ذلك لمن اتقى وقيل التقدير السلامة لمن اتقى وقيل واذكروا يدل على الذكر فالمعنى الذكر لمن اتقى
204
قيل من ههنا مخصوص وقال الحسن الكاذب وقيل الظالم وقيل المنافق وقرأ ابن محيصن ( ويشهد الله على ما في قلبه ) بفتح الياء والهاء ( وهو ألد الخصام ) الفعل مثل منه لددت تلد وعلى قول أبي إسحاق خصام جمع خصم وقال غيره وهو مصدر خاصم
205
منصوب بلام كي ( ويهلك الحرث والنسل ) عطف عليه وفي قراءة أبي ( وليهلك الحرث ) وقرأ الحسن وقتادة ( ويهلك ) بالرفع وفي رفعه أقوال يكون معطوفا على يعجبك وقال أبو حاتم هو معطوف على سعى لأن معناه يسعى ويهلك وقال أبو إسحاق التقدير هو يهلك أي يقدر هذا وروي عن ابن كثير أنه قرأ ( ويهلك الحرث والنسل ) بفتح الياء وضم الكاف والحرث والنسل مرفوعان بيهلك
207
مفعول من أجله
____________________
(1/299)
208
قال الكسائي السلم والسلم واحد وكذا هو عند أكثر البصريين إلا أن أبا عمرو فرق بينهما وقرأ ههنا ( ادخلوا في السلم ) وقال هو في الإسلام وقرأ التي في الأنفال والتي في سورة محمد صلى الله عليه وسلم السلم بفتح السين وقال هي بالفتح المسالمة وقال عاصم الجحدري السلم الإسلام و السلم الصلح والسلم الاستسلام ومحمد بن يزيد ينكر هذه التفريقات وهي تكثر عن أبي عمرو واللغة لا تؤخذ هكذا وإنما تؤخذ بالسماع لا بالقياس ويحتاج من فرق إلى دليل وقد حكى البصريون بنو فلان سلم وسلم وسلم بمعنى واحد ولو صح التفريق لكان المعنى واحدا لأنه إذا دخل في الإسلام فقد دخل في المسالمة والصلح والسلم مؤنثة وقد تذكر ( كافة ) نصب على الحال وهو مشتق من قولهم كففت أي منعت أي لا يمتنع منكم أحد ومنه قيل مكفوف وكفة الميزان وقيل كف لأنه يمتنع بها ولا تتبعوا نهي خطوات الشيطان مفعول وقد ذكرناه
209
المصدر زلا وزللا ومزلة وزل في الطين زليلا
____________________
(1/300)
210
وقرأ قتادة وأبو جعفر يزيد بن القعقاع ( في ظلال من الغمام ) وقرأ أبو جعفر ( والملائكة ) بالخفض وظلل جمع ظلة في التكسير وفي التسليم ظللات وأنشد سيبويه
( إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها ** سواقط من حر وقد كان أظهرا ) ويجوز ظللات وظلات وظلال جمع ظل في الكثير والقليل أظلال ويجوز أن يكون ظلال جمع ظلة وقيل بل القليل أظلال والكثير ظلال وقيل ظلال جمع ظلة مثله قلة وقلال كما قال
( ممزوجة بماء القلال ** ) قال الأخفش سعيد والملائكة بالخفض بمعنى وفي الملائكة بمعنى وفي الملائكة قال والرفع أجود كما قال هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة وجاء ربك
____________________
(1/301)
والملك صفا صفا قال الفراء وفي قراءة عبد الله ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام ) قال أبو إسحاق التقدير في ظلل من الغمام ومن الملائكة
211
بتخفيف الهمزة فلما تحركت السين لم تحتج إلى ألف الوصل ( كم ) في موضع نصب لأنها مفعول ثان لآتيناهم ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار عائد ولم يعرب وهي اسم لأنها بمنزلة الحروف لما وقع فيها معنى الاستفهام قال سيبويه فبعدت من المضارعة بعد كم و إذ من المتمكنة ( من آية ) إذا فرقت بين كم وبين الاسم كان الاختيار أن تأتي بمن فإن حذفتها نصبت في الاستفهام والخبر ويجوز الخفض في الخبر كما قال
( كم بجود مقرف نال العلى ** وكريم بخله قد وضعه )
212
____________________
(1/302)
اسم ما لم يسم فاعله وقرأ مجاهد وحميد بن قيس ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ) وهي قراءة شاذة لأنه لم يتقدم للفاعل ذكر ( والذين اتقوا ) ابتداء ( فوقهم ) ظرف في موضع الخبر
213
اسم كان ( أمة ) خبرها ( واحدة ) نعت قال أبو جعفر قد ذكرنا قول أهل التفسير في المعنى والتقدير في العربية كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين ودل على هذا الحذف ( وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه ) أي كان الناس على دين الحق فاختلفوا ( فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) أي مبشرين من أطاع و منذرين من عصى وهما نصب على الحال ( وأنزل معهم الكتاب ) الكتاب بمعنى الكتب ( ليحكم بين الناس ) نصب بإضمار أن وهو مجاز مثل ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) وقرأ عاصم الجحدري ( ليحكم ) شاذة لأنه قد تقدم ذكر الكتاب ( وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه ) موضع الذين رفع بفعلهم والذين اختلفوا فيه هم المخاطبون ( فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق ) قال أبو جعفر قد ذكرنا قول أهل التفسير فيه وربما أعدنا الشيء مما تقدم لنزيده شرحا أو لنختار منه قولا فمن أحسن ما قيل فيه أن المعنى فهدى الله الذين آمنوا بأن بين لهم الحق مما اختلفت فيه من كان
____________________
(1/303)
قبلهم فأما الحديث في يوم الجمعة فهم لنا تبع فمعناه فعليهم أن يتبعونا لأن هذه الشريعة ناسخة لشرائعهم قال أبو إسحاق معنى بإذنه بعلمه قال أبو جعفر وهذا غلط وإنما ذلك الإذن والمعنى والله أعلم بأمره وإذا أذنت في الشيء فكأنك قد أمرت به أي فهدى الله الذين آمنوا بأن أمرهم بما يجب أن يستعملوه
214
( أن ) تقوم مقام المفعولين ( ولما يأتكم ) حذفت الياء للجزم ( وزلزلوا حتى يقول الرسول ) هذه قراءة أهل الحرمين وقرأ أهل الكوفة والحسن وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ( حتى يقول الرسول ) بالنصب وهو اختيار أبي عبيد وله في ذلك حجتان إحداهما عن أبي عمرو قال زلزلوا فعل ماض و يقول فعل مستقبل فلما اختلفا كان الوجه النصب والحجة الأخرى حكاها عن الكسائي قال إذا تطاول الفعل الماضي صار بمنزلة المستقبل قال أبو جعفر أما الحجة الأولى بأن زلزلوا ماض و يقول مستقبل فشيء ليس فيه علة الرفع ولا النصب لأن حتى ليست من حروف العطف في الأفعال ولا هي البتة من عوامل الأفعال وكذا قال الخليل وسيبويه في نصبهم ما بعدها على إضمار أن إنما حذفوا أن لأنهم قد علموا أن حتى من عوامل الأسماء هذا معنى قولهما وكأن هذه الحجة غلط وإنما تتكلم بها في باب الفاء وحجة الكسائي بأن الفعل
____________________
(1/304)
إذا تطاول صار بمنزلة المستقبل كلا حجة لأنه لم يذكر العلة في النصب ولو كان الأول مستقبلا لكان السؤال بحاله ومذهب سيبويه في حتى أن النصب فيما بعدها من جهتين والرفع من جهتين تقول سرت حتى أدخلها على أن السير والدخول جميعا قد مضيا أي سرت إلى أن أدخلها وهذا غاية وعليه قراءة من قرأ بالنصب والوجه الآخر في النصب في غير الآية سرت حتى أدخلها أي كي أدخلها والوجهان في الرفع سرت حتى أدخلهما أي سرت فأدخلها وقد مضيا جميعا أي كنت سرت فدخلت ولا تعمل حتى ها هنا بإضمار أن لأن بعدها جملة كما قال الفرزدق
( فيا عجبا حتى كليب تسبني ** كأن أباها نهشل أو مجاشع ) فعلى هذه القراءة بالرفع وهي أبين وأصح معنى أي وزلزلوا حتى الرسول يقول أي حتى هذه حاله لأن القول إنما كان عن الزلزلة غير منقطع منها والنصب على الغاية ليس فيه هذا المعنى والوجه الآخر في الرفع في غير الآية سرت حتى أدخلها على أن يكون السير قد مضى والدخول الآن وحكى سيبويه مرض حتى ما يرجونه ومثله سرت حتى أدخلها لا أمنع ( متى نصر الله ) رفع بالابتداء على قول سيبويه وعلى قول أبي العباس رفع بفعله أي متى يقع نصر الله ( ألا إن نصر الله قريب ) اسم إن وخبرها
____________________
(1/305)
ويجوز في غير القرآن إن نصر الله قريبا أي مكانا قريبا والقريب لا تثنيه العرب ولا تجمعه ولا تؤنثه في هذا المعنى قال عز وجل ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) وقال الشاعر
( له الويل إن أمسى ولا أم هاشم ** قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا ) فإن قلت فلان قريب ثنيت وجمعت فقلت قريبون وأقرباء أو قرباء
215
وإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على السين ففتحتها وحذفت الهمزة فقلت يسلونك ( ماذا ينفقون ) ما في موضع رفع بالابتداء و ذا الخبر وهو بمعنى الذي وحذفت الياء لطول الاسم أي ما الذي ينفقونه وإن شئت كانت ما في موضع نصب بينفقون و ذا مع ما بمنزلة شيء واحد ( قل ما أنفقتم من خير ) ما في موضع نصب بأنفقتم وكذا وما تنفقوا وهو شرط والجواب ( فللوالدين ) وكذا ( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )
216
____________________
(1/306)
اسم ما لم يسم فاعله ( وهو كره لكم ) ابتداء وخبر
217
وفي قراءة عبد الله ( عن قتال فيه ) وقراءة عكرمة ( عن الشهر الحرام قتل فيه ) بغير ألف وكذا ( قل قتل فيه كبير ) وقرأ الأعرج ( ويسألونك ) بالواو ( عن الشهر الحرام قتال فيه ) قال أبو جعفر الخفض عند البصريين على بدل الاشتمال وقال الكسائي هو مخفوض على التكرير أي عن قتال فيه وقال الفراء هو مخفوض على نية عن وقال أبو عبيدة هو مخفوض على الجوار قال أبو جعفر لا يجوز أن يعرب شيء على الجوار في كتاب الله عز وجل ولا في شيء من الكلام وإنما الجوار غلط وإنما وقع في شيء شاذ وهو قولهم هذا جحر ضب خرب والدليل على أنه غلط قول العرب في التثنية هذان جحرا ضب خربان و إنما هذا بمنزلة الأقواء ولا يحمل شيء من كتاب الله عز وجل على هذا ولا يكون إلا بأفصح اللغات وأصحها ولا يجوز إضمار عن والقول فيه أنه بدل وأنشد سيبويه
( فما كان قيس هلكه هلك واحد ** ولكنه بنيان قوم تهدما )
____________________
(1/307)
فأما قتال فيه بالرفع فغامض في العربية والمعنى فيه يسألونك عن الشهر لحرام أجائز قتال فيه فقوله يسألونك يدل على الاستفهام كما قال
( أصاح ترى برقا أريك وميضه ** كلمع اليدين في حبي مكلل ) فالمعنى أترى برقا فحذف ألف الاستفهام لأن الألف التي في أصاح بدل منها وتدل عليها وإن كانت حرف النداء وكما قال
( تروح من الحي أم تبتكر ** ) والمعنى أتروح فحذف الألف لأن أم تدل عليها ( قل قتال فيه كبير ) ابتداء وخبر ( وصد ) ابتداء ( عن سبيل الله ) خفض بعن ( وكفر به ) عطف على صد ( والمسجد الحرام ) عطف على سبيل الله ( وإخراج أهله منه ) عطف على صد وخبر الابتداء ( أكرم عند الله ) و ( الفتنة أكبر من القتل ) ابتداء وخبر أي أعظم إثما من القتال في الشهر الحرام وقيل في المسجد الحرام عطف على الشهر أي ويسألونك عن المسجد فقال تعالى وإخراج أهله منه أكبر عند الله وهذا لا وجه له لأن القوم لم يكونوا في شك من عظيم ما أتى المشركون المسلمين في إخراجهم من منازلهم بمكة فيحتاجوا إلى المسألة عنه هل كان ذلك لهم ومع ذلك فإنه قول خارج عن قول العلماء لأنهم أجمعوا أنها نزلت في سبب قتل ابن
____________________
(1/308)
الحضرمي
218
اسم إن ( والذين هاجروا ) عطف عليه ( أولئك يرجون رحمة الله ) ابتداء وخبر في موضع خبر إن
219
هذه قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو بن العلاء وقرأ الكوفيون ( كثير ) وإجماعهم على حوبا كبيرا يدل على أن كبيرا أولى أيضا فكما يقال إثم صغير كذا يقال كبير ولو جاز كثير لقيل إثم قليل وأجمع المسلمون على قولهم كبائر وصغائر ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) هكذا قرأ أهل الحرمين وأهل الكوفة وقرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق ( قل العفو ) بالرفع قال أبو جعفر إن جعلت ذا بمعنى الذي كان الاختيار الرفع وجاز النصب وإن جعلت ما وذا شيئا واحدا كان الاختيار النصب وجاز الرفع وحكى النحويون ماذا تعلمت أنحوا أم شعرا بالنصب والرفع على أنهما جيدان حسنان إلا أن التفسير في الآية يدل على النصب قال ابن عباس الفضل وقال
____________________
(1/309)
العفو ما يفضل عن أهلك فمعنى هذا ينفقون العفو وقال الحسن المعنى قل أنفقوا العفو وقال أبو جعفر وقد بينا ( لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة )
220
ابتداء وخبر ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) شرط وجوابه والتقدير فهم إخوانكم ويجوز في غير القرآن فإخوانكم والتقدير فتخالطون إخوانكم )
221
يقال نكح ينكح إذا وطىء هذا الأصل ثم استعمل ذلك لمن تزوج ويجوز ولا تنكحوا أي لا تزوجوا بضم التاء ولا تنكحوا المشركين أي ولا تزوجوهم وكل من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو مشرك يدل على ذلك القرآن وسنذكره إن شاء الله في موضعه ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ) ابتداء وخبر وكذا ( أولئك يدعون إلى النار ) وكذا ( والله يدعو إلى الجنة ) وكذا ( والمغفرة بإذنه ) في قراءة الحسن وفي قراءة أبي العالية ( والمغفرة ) عطفا على الجنة
222
محيض مصدر ومثله جاء مجيئا وقال مقيلا ( قل هو أذى ) ابتداء وخبر وأذى من ذوات الياء يقال اذيت به أذى واذاني وهما آذياني ( ولا
____________________
(1/310)
تقربوهن حتى يطهرن ) لم تحذف النون للنصب لأنها علامة التأنيث وقد ذكرناه ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) حيث في العربية للموضع فتأول قوم هذا على ما يجب في العربية أنه موضع بعينه وهو الفرج وقال قوم قد بين ذلك الموضع بقوله
223 فأنى شئتم وهو الذي أمر به وأما قول مجاهد من حيث نهوا عنه في محيضهن فيدل على أنه جعل الأمر والنهي شيئا واحدا وهذا مردود أنى ظرف وحقيقته من أين شئتم وقيل كيف شئتم ( وقدموا لأنفسكم ) أي الطاعة ثم حذف المفعول ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) حذفت النون للإضافة لأنه بمعنى المستقبل وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول إنكم ملاقوا الله حفاة عراة مشاة غرلا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه
224
نهي قال ابن عباس يحلف أن لا يصل ذا قرابته ( أن تبروا ) في موضع نصب وإن شئت في موضع خفض وإن شئت في موضع رفع فالنصب على ثلاث تقديرات منها في أن تبروا ثم حذف في فتعدى الفعل ومنها كراهة أن تبروا ثم يحذف ومنها لئلا تبروا والخفض في جهة
____________________
(1/311)
واحدة على قول الخليل والكسائي يكون في أن تبروا فأضمرت في وخفضت بها والرفع بالابتداء وحذفت الخبر والتقدير أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى أو أمثل مثل طاعة وقول معروف
225
يقال لغا يلغو أو يلغى لغوا ولغي يلغى لغى إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام أو بما لا خير فيه أو بما لا يلغى إثمه
226
أي يحلفون والمصدر إيلاءا والية وألوة وإلوة ( تربص ) رفع بالابتداء أو بالصفة ( أربعة أشهر ) أثبت الهاء لأنه عدد لمذكر وقد ذكرنا علته
228
أثبت الهاء أيضا لأنه عدد لمذكر الواحد قرء والتقدير عند سيبويه ثلاثة أقراء من قروء لأن قروءا للكثير عنده وقد زعم بعضهم أن ثلاثة قروء لما كانت بالهاء دلت الهاء على أنها أطهار وليست لحيض قال و لو كانت حيضا لكانت ثلاث قروء وهذا القول خطأ قبيح لأن الشيء الواحد قد يكون له اسمان مذكر ومؤنث نحو دار ومنزل وهذا بين كثير وقد قال الله تعالى ( ولا يحل لهن
____________________
(1/312)
أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) قال إبراهيم النخعي يعني الحيض وهذا من أصح قول وهكذا كلام العرب والتقدير والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من القروء أي من الحيض ومحال أن يكون ههنا الطهر لأنه إنما خلق الله جل وعز في أرحامهن الحيض والولد ولم يجر ههنا للولد ذكر فوجب أن يكون الحيض ومن الدليل على أن القرء الحيضة في قول الله جل وعز ثلاثة قروء فقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن والطلاق في الطهر ولا يخلو قوله جل وعز لعدتهن من أن يكون معناه قبل عدتهن أو بعدها أو معها ومحال أن يكون معها أو بعدها فلما وجب أن يكون قبلها وكان الطهر كله وقتا للطلاق وجب أن يكون بعده وليس بعده إلا الحيض والتقدير في العربية ليعتددن ( وبعولتهن أحق بردهن ) ابتداء وخبر وبعولة جمع بعل والهاء لتأنيث الجماعة
229
ابتداء وخبر والتقدير عدد الطلاق الذي تملك معه الرجعة مرتان ( فإمساك بمعروف ) ابتداء والخبر محذوف أي فعليكم إمساك بمعروف ويجوز في غير القرآن فإمساكا على المصدر ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا )
____________________
(1/313)
أن في موضع رفع بيحل ( إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ) وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وحمزة ( إلا أن يخافا ) بضم الياء وهو اختيار أبي عبيد قال لقوله فإن خفتم فجعل الخوف لغيرهما ولم يقل فإن خافا وفي هذا حجة لمن جعل الخلع إلى السلطان قال أبو جعفر أنا أنكر هذا الاختيار على أبي عبيد وما علمت في اختياره شيئا أبعد من هذا الحرف لأنه لا يوجب الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى ما اختاره فأما الإعراب فإنه يحتج له بأن عبد الله بن مسعود قرأ ( إلا أن تخافوا أن لا يقيما حدود الله ) فهذا في العربية إذا رد إلى ما لم يسم فاعله قيل إلا أن يخاف أن لا يقيم حدود الله وأما اللفظ فإن كان على لفظ يخافا وجب أن يقال فإن خيف وإن كان على لفظ فإن خفتم وجب أن يقال إلا أن تخافوا وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخاف غيركم ولم يقل تعالى فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية فيكون الخلع إلى السلطان وقد صح عن عمر وعثمان وابن عمر أنهم أجازوا الخلع بغير السلطان وقال القاسم بن محمد إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ما يجب عليهما في العشرة والصحبة فأما فإن خفتم وقبله إلا أن يخافا فهذا مخاطبة الشريعة وهو من لطيف كلام العرب أي فإن كنتم كذا فإن خفتم ونظيره فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن لأن الولي يعضل غيره ونظيره والذين يظاهرون من نسائهم و ( أن يخافا ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول ألا يقيما في موضع نصب أي من أن لا يقيما وبأن لا يقيما وعلى أن لا فلما
____________________
(1/314)
حذف الحرف تعدى الفعل وقول من قال يخافا بمعنى يوقنا لا يعرف ولكن يقع النشوز فيقع الخوف من الزيادة أن لا يقيما حدود الله أكثر العلماء وأهل النظر على أن هذا للمرأة خاصة لأنها التي لا تقيم حدود الله في نشوزها وهذا معروف في كلام العرب بين في المعقول ولو أن رجلا وامرأة اجتمعا فصلى الرجل ولم تصل المرأة لقلت ما صليا وهذا لا يكون إلا في النفي خاصة ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) يقال إنما الجناح على الزوج فكيف قال عليهما فالجواب أنه قد كان يجوز أن يحظر عليهما أن يفتدي منه فأطلق لها ذلك وأعلم أنه لا إثم عليهما جميعا وقال الفراء قد يجوز أن يكون فلا جناح عليهما للزوج وحده مثل يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( ومن يتعد حدود الله ) في موضع جزم بالشرط فلذلك حذفت منه الألف والجواب ( فأولئك هم الظالمون )
230
أي فإن طلقها الثالثة ( فلا تحل له من بعد ) أي من بعد الثالثة ( حتى تنكح زوجا غيره ) وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النكاح هاهنا الجماع وكذلك أصله في اللغة
231
____________________
(1/315)
في إذا معنى الشرط فلذلك تحتاج إلى جواب والجواب ( فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ) ( ولا تمسكوهن ضرارا ) مفعول من أجله أي من أجل الضرار ( لتعتدوا ) نصب بإضمار أن ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) مفعولان
232
ولم يقل ذلك لأنه محمول على معنى الجميع ولو كان ذلكم كان مثل ( ذلكم أزكى لكم وأطهر )
233
ابتداء ( يرضعن ) في موضع الخبر وفعل المولود رضع يرضع فهو راضع ( حولين ) ظرف زمان ولا يجوز أن يكون الفعل في أحدهما هذا قول سيبويه وقرأ مجاهد وحميد بن قيس وابن محيصن ( لمن أراد أن تتم الرضاعة ) بفتح التاء الأولى ورفع الرضاعة بعدها قال أبو جعفر ويجوز لمن أراد أن يتم الرضاعة بالياء لأن الرضاعة والرضاع واحد ولا يعرف البصريون الرضاعة إلا بفتح الراء والرضاع إلا بكسر الراء مثل القتال وحكى الكوفيون كسر الراء مع الهاء وفتحها بغير هاء وقد قرأ أبو رجاء وكان فصيحا ( لمن أراد أن يتم الرضاعة ) وقرأ ( لا تكلف نفس ) بفتح التاء ( لا تضار والدة بولدها ) في موضع جزم بالنهي وفتحت الراء لالتقاء الساكنين ويجوز كسرها وهي قراءة وقرأ
____________________
(1/316)
أبو عمرو ( لا تضار ) جعله خبرا بمعنى النهي وهذا مجاز والأول حقيقة وروى أبان عن عاصم ( لا تضار والدة ) وهذه لغة أهل الحجاز قال أحمد بن يحيى يجوز أن يكون تقدير لا تضار والدة لا تضارر ثم أدغم قال أبو جعفر لا تضار والدة اسم ما لم يسم فاعله إذا كان التقدير لا تضارر وإن كان التقدير لا تضارر كانت رفعا بفعلها ( ولا مولود ) عطف عليها بالواو ولا توكيد ( وعلى الوارث مثل ذلك ) رفع بالابتداء أو الصفة ( وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم ) التقدير في العربية وإن أردتم أن تسترضعوا أجنبية لأولادكم وحذفت اللام لأنه يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف وأنشد سيبويه
( أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ** فقد تركتك ذا مال وذا نشب )
234
يقال أين خبر الذين ففيه أقوال قال الأخفش سعيد التقدير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن بعدهم أو بعد موتهم ثم حذف هذا كما يحذف شيء كثير وقال الكسائي في التقدير يتربص أزواجهم كما قال جل
____________________
(1/317)
وعز والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا لا تقم فيه أبدا أي لا تقم في مسجدهم وقال الفراء إذا ذكرت أسماء ثم ذكرت أسماء مضافة إليها فيها معنى الخبر وكان الاعتماد في الخبر على الثاني أخبر عن الثاني وترك الأول قال أبو إسحاق هذا خطأ لا يجوز أن يبتدأ باسم ولا يحدث عنه قال أبو جعفر ومن أحسن ما قيل فيها قول أبي العباس محمد بن يزيد قال التقدير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا أزواجهم يتربص بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ثم حذف كما قال الشاعر
( وما الدهر إلا تارتان فمنهما ** أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح ) وفيها قول رابع يكون التقدير وأزواج الذين يتوفون منكم وقد ذكرنا وعشرا
235
خطبة وخطب واحد والخطبة ما كان لها أول وآخر وكذا ما كان على فعلة نحو الأكلة والضغطة ( أو أكننتم ) يقال أكننت الشيء إذا أخفيته في نفسك وكننته صنته ومنه كأنهن بيض مكنون هذه أفصح اللغات ( ولكن لا
____________________
(1/318)
تواعدوهن سرا ) أي على سر حذف الحرف لأنه مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف ويجوز أن يكون في موضع الحال ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) استثناء ليس من الأول ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) أي على عقدة النكاح ثم حذف على كما تقدم وحكى سيبويه ضرب فلان الظهر والبطن أي على قال سيبويه والحذف في هذه الأشياء لا يقاس قال أبو جعفر ويجوز أن يكون المعنى ولا تعقدوا عقدة النكاح لأن معنى تعقدوا وتعزموا واحد ويقال تعزموا
236
ويقرأ ( قدره ) وأجاز الفراء قدره قال أبو جعفر حكى أكثر أهل اللغة أن قدرا أو قدرا بمعنى واحد وقال بعضهم القدر بالتسكين الوسع يقال فلان ينفق على قدره أي على وسعه وأكثر ما يستعمل القدر بالتحريك للشيء إذا كان مساويا للشيء يقال هذا على قدر هذا فأما النصب فلان معنى متعوهن وأعطوهن واحد ( متاعا ) مصدر ويجوز أن يكون حالا أي قدره في هذه الحال
237
أي فعليكم ويجوز النصب في غير القرآن أي فأدوا نصف ما فرضتم
____________________
(1/319)
ويقال نصف ونصف بمعنى نصف ( إلا أن يعفون ) في موضع نصب بأن وعلامة النصب فيه مطرحة لأنه مبني وقد ذكرنا نظيره إلا أنا نزيده شرحا فقول سيبويه إنه إنما بني لما زادوا فيه ولأنه مضارع للماضي والماضي مبني فبني كما يبنى الماضي ومثل هذا سيبويه بأن الأفعال أعربت لأنها مضارعة للأسماء والفعل بالفعل أولى من الفعل بالاسم وهذا مما يستحسن من قول سيبويه وقال الكوفيون كان سبيله أن يحذف منه النون ولكنها علامة فلو حذفت لذهب المعنى وقال محمد بن يزيد اعتل هذا الفعل من ثلاث جهات والشيء إذا اعتل من ثلاث جهات بني منها أنه فعل وأنه لجمع وأنه لمؤنث قال أبو جعفر وسمعت أبا إسحاق يسأل عن هذا فقال هو غلط من قول أبي العباس لأنه لو سمينا امرأة بفرعون لم نبنه ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) معطوف ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) ابتداء وخبر والأصل يعفوو وأسكنت الواو الأولى لثقل الحركة فيها ثم حذفت لالتقاء الساكنين ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) قال طاووس إصطناع المعروف قال أبو جعفر وقد ذكرنا ضمة هذه الواو في اشتروا الضلالة
238
قد ذكرناه ونزيده شرحا قرأ الرؤاسي ( حافظا على الصلوات
____________________
(1/320)
الحال وقد بينا معناه
239
شرط وجوابه ما قلنا ( فرجالا ) نصب على الحال أي فصلوا رجالا والمعنى فإن خفتم أن تقوموا لله قانتين فصلوا مشاة أو ركبانا قال أبو جعفر يقال راجل ورجلان ورجل بمعنى واحد وفي الجمع لغات يقال رجالة رجال مثل صاحب وصحاب كما قال
( وقال صحابي قد شأونك فاطلب ** ) ويجوز أن يكون رجال جمع رجل بمعنى راجل ويقال في الجمع رجال مثل كاتب وكتاب ويقال رجل مثل تاجر وتجر ويقال راجل ورجلة ورجلة اسم للجمع وكذا رجال مخفف ويقال رجالى ورجالى ورجلى جمع رجلان ( فإذا أمنتم فاذكروا الله ) أي فقوموا لله قانتين
240
الذين في موضع رفع إن شئت بالابتداء والتقدير يوصون وصية والمعنى ليوصوا وصية وإن شئت كان الذين رفعا بإضمار فعل أي يوصي الذين يتوفون منكم وصية وفي الرفع وجه ثالث أي وفيما فرض عليكم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يوصون وصية لأزواجهم والذين مبني على حال واحدة لأنه لا
____________________
(1/322)
تتم إلا بصلة ويقال الذون في موضع الرفع ومن قرأ ( وصية ) بالرفع فتقديره والذين يتوفون منكم عليهم وصية لأزواجهم ( متاعا ) مصدر عند الأخفش وعند أبي العباس أي ذوي متاع ( غير إخراج ) في نصبه ثلاثة أوجه قال الفراء أي من غير إخراج وقال الأخفش هو مصدر أي لا إخراجا ثم جعل غيرا في موضع لا وقيل هو حال أي غير ذوي إخراج والمعنى يوصون بهن غير مخرجين لهن وهذا كله منسوخ بالربع والثمن و أربعة أشهر وعشرا و لا وصية لوارث ( فإن خرجن ) شرط والجواب ( فلا جناح عليكم ) فيما فعلن في أنفسهن من معروف
241
قال الأخفش هو مصدر أي أحق ذلك حقا قال أبو جعفر ( على ) متعلقة بالفعل المحذوف أي يحق ذلك على المتقين حقا
243
هذه ترى من رؤية القلب أي ألم تتنبه على هذا وألم يأتك علمه والأصل
____________________
(1/323)
الهمز فترك استخفافا ( حذر الموت ) مفعول من أجله وهو مصدر ( إن الله لذو فضل على الناس ) اسم إن وخبرها واللام زائدة للتوكيد وأصل ذي ذوى فاعلم وقد نطق القرآن به على الأصل قال الله عز وجل ذواتا أفنان ومعنى لذو فضل على الناس هاهنا أنه أحيا هؤلاء بعد الموت وأراهم الآية العظمى
244
أمر أي لا تتهربوا كما هرب هؤلاء ( واعلموا أن الله سميع عليم ) اسم أن وخبرها أي يسمع قولكم أن قلتم مثل ما قال هؤلاء ويعلم مرادكم به
245
من رفع بالابتداء وخبره ذا والذي نعت لذا وإن شئت بدل ( قرضا ) اسم للمصدر وأصل قرضت قطعت ومنه سمي المقراضان ومنه تقرضهم ذات الشمال فمعنى أقرضت الرجل أعطيته قطعة من مالي ( فيضاعفه له ) عطف على يقرض وإن شئت كان مستأنفا وقرأ ابن أبي إسحاق والأعرج ( فيضاعفه له ) نصبا وقد روي أيضا هذا عن عاصم والنصب على جواب الاستفهام و ( أضعافا ) بمعنى المصدر ( كثيرة ) من نعته ( والله يقبض ويبسط ) وإن شئت قلبت السين صادا لأن بعدها طاءا
____________________
(1/324)
246
قيل الملأ الاشراف لأنهم مليئون بما يدخلون فيه ( إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ) جزم لأنه جواب الطلب والطلب في لفظ الأمر ويجوز نقاتل في سبيل الله رفعا بمعنى نحن نقاتل أي فأنا ممن يقاتل ومن قرأ بالياء يقاتل فالوجه عنده الرفع لأنه نعت لملك ( قال هل عسيتم ) قال أبو حاتم ولا وجه لعسيتم وقد قرأ الحسن به ونافع وطلحة بن مصرف ولو كان كذا لقرئت فعسي الله قال أبو جعفر حكى يعقوب بن السكيت وغيره أن عسيت لغة ولكنها لغة رديئة فإذا قال عسى الله ثم قال فهل عسيتم استعمل اللغتين جميعا إلا أنه ينبغي له أن يقرأ بأفصح اللغتين وهي فتح السين ( إن كتب عليكم القتال ) شرط ( ألا تقاتلوا ) في موضع نصب قال أبو إسحاق أي هل عسيتم مقاتلة ( قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله ) قال الأخفش أن زائدة وقال الفراء هو محمول على المعنى أي وما منعنا كما تقول ما لك ألا تصلي أي ما منعك وقيل المعنى وأي شيء لنا في ألا نقاتل في سبيل الله وهذا أجودها ( وأن ) في موضع نصب ( وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ) أي سبيت ذرارينا ( تولوا إلا قليلا منهم استثناء
____________________
(1/325)
247
طالوت مفعول ولم ينصرف لأنه أعجمي وكذا داوود وجالوت ولو سميت رجلا بطاووس وراقود لصرفت وإن كانا أعجميين والفرق بين هذا وبين الأول أنك تقول الطاووس فتدخل فيه الألف واللام فتمكن في العربية ولا يكون هذا في ذاك ( ملكا ) نصب على الحال ( قالوا أنى ) من أي جهة وهي في موضع نصب على الظرف ( الملك علينا ) رفع اسم يكون ( ونحن أحق بالملك منه ) ابتداء وخبر ( ولم يؤت ) جزم بلم فلذلك حذفت منه الألف ( سعة من المال ) خبر ما لم يسم فاعله
248
اسم إن وخبرها أي إتيان التابوت والآية في التابوت على ما روي أنه كان يسمع فيه أنين فإذا سمع ذلك ساروا نحوهم وإذا هدأ الأنين لم يسيروا ولم يسر التابوت ولغة الأنصار التابوه بالهاء وروي عن زيد بن ثابت ( التبوت ) ( فيه سكينة من ربكم ) رفع بالابتداء أو بالاستقرار فيجوز أن تكون السكينة شيئا فيه وكذا البقية ويجوز أن يكون التابوت في نفسه سكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون والأصل في آل أهل
قرأ حميد بن قيس
249 بإسكان الهاء وهي لغة إلا أن الكوفيين يقولون ما كان ثانيه أو ثالثه حرفا من حروف الحلق كان لك أن
____________________
(1/326)
تسكنه وأن تحركه نحو نهز وسمع ولحم فأما البصريون فيتبعون في هذا اللغة السماع من العرب ولا يتجاوزون ذلك ( إلا من اغترف غرفة ) من في موضع نصب بالاستثناء واختار أبو عبيد ( إلا من اغترف غرفة ) بضم الغين قال لأنه لم يقل غرف وإنما هو الماء بعينه
قال أبو جعفر الفتح في هذا أولى لأن الغرفة بالضم هي ملء الشيء يقع للقليل والكثير والغرفة بالفتح المرة الواحدة وسياق الكلام يدل على القليل فالفتح أشبه فأما قول أبي عبيد أنه اختاره لأنه لم يقل غرف فمردود لأن غرف واغترف بمعنى واحد ( فشربوا منه إلا قليلا منهم ) استثناء ( فلما جاوزه ) الهاء تعود على النهر وهو توكيد والذين في موضع رفع عطف على المضمر في جاوزه ويقبح أن تعطف على المضمر المرفوع حتى تؤكده لأنه لا علامة له فكأنك عطفت على بعض الفعل فإذا وكد به والتوكيد هو الموكد فكأنك جئت به منفصلا ( قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت ) طاقة وطوق اسمان بمعنى الأطاقة ( كم من فئة قليلة ) لو حذفت من لكان الاختيار الخفض لأنه خبر
251
قيل من ذلك منطق الطير وعمل الدروع ( ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض ) اسم الله تعالى في موضع رفع بالفعل لولا أن يدفع و ( دفاع ) مرفوع بالابتداء عند سيبويه الناس مفعولون بعضهم بدل من الناس
____________________
(1/327)
ببعض في موضع المفعول الثاني عند سيبويه وهو عنده مثل قولك ذهبت بزيد فبزيد في موضع مفعول واختار أبو عبيد ( ولولا دفع الله الناس ) وأنكر دفاع وقال لأن الله تعالى لا يغالبه أحد قال أبو جعفر القراءة بدفاع حسنة جيدة وفيها قولان قال أبو حاتم دافع ودفع واحد يذهب إلى أنه مثل طارقت النعل وأجود من هذا وهو مذهب سيبويه لأن سيبويه قال وعلى ذلك دفعت الناس بعضهم ببعض ثم قال ومثل ذلك ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض قال أبو جعفر هكذا قرأت على أبي إسحاق في كتاب سيبويه أن يكون دفع مصدر دفع كما تقول حسبت الشيء حسابا ولقيته لقاءا وهذا أحسن فيكون دفاع ودفع مصدرين لدفع
252
ابتداء ( آيات الله ) خبره وإن شئت كانت بدلا والخبر ( نتلوها عليك بالحق ) ( وإنك لمن المرسلين ) خبره إن أي وإنك لمرسل تم الجزء الثالث من كتاب إعراب القرآن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي محمد وآله الكرام الأبرار وسلم
253
تلك لتأنيث الجماعة وهي رفع بالابتداء و الرسل نعت وخبر الابتداء الجملة وعند الكوفيين تلك رفع بالعائد كما تقول زيد كلمت أباه ( منهم من كلم الله ) حذفت الهاء لطول الاسم والمعنى من كلمه الله ومن لموسى صلى الله عليه وسلم
____________________
(1/328)
قال وكلم الله موسى تكليما ( ورفع بعضهم درجات ) ههنا على مذهب ابن عباس والشعبي ومجاهد محمد صلى الله عليه وسلم بعثت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة ومن ذلك القرآن وانشقاق القمر وتكليمه الشجرة وإطعامه خلقا عظيما من تميرات ودرور شاة أم معبد بعد جفاف ( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ) مفعولان ( ولكن اختلفوا ) كسرت النون لالتقاء الساكنين ويجوز حذفها لالتقاء الساكنين في غير القرآن وأنشد سيبويه
( فلست بآتيه ولا أستطيعه ** ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل )
( فمنهم من آمن ومنهم من كفر ) من في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة
254
الجملة في موضع رفع نعت لليوم فإن شئت رفعت فقلت ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) تجعل لا بمعنى ليس أو بالابتداء وإن شئت نصبت
____________________
(1/329)
على التبرئة وقد ذكرناه قبل هذا ( والكافرون ) ابتداء ( هم ) ابتداء ثان ( الظالمون ) خبر الثاني وإن شئت كانت هم زائدة للفصل والظالمون خبر الكافرون
255
256
ابتداء وخبر وهو مرفوع محمول على المعنى أي ما إله إلا هو ويجوز لا إله إلا هو ويجوز في غير القرآن لا إله إلا إياه نصب على الاستثناء قال أبو ذر سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أنزل إليك من القرآن أعظم فقال ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) وقال ابن عباس أشرف آية في القرآن آية الكرسي ( الحي القيوم ) نعت لله عز وجل وإن شئت كان بدلا من هو وإن شئت كان خبرا بعد خبر وإن شئت على إضمار مبتدأ ويجوز في غير القرآن النصب على المدح وقد ذكرنا التفسير والأصل فيه ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) الأصل وسنة حذفت الواو كما حذفت من يسن ولا نوم الواو للعطف ولا توكيد ( له ما في السموات وما في الأرض ) في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة ( من ذا الذي يشفع ) من رفع بالابتداء و ذا خبره والذي نعت لذا وإن شئت بدل ولا يجوز أن تكون ذا زائدة كما زيدت مع ما لأن ما مبهمة فزيدت ذا معها لشبهها بها يقال كرسي وكرسي ويجوز
256 وقرأ أبو عبد الرحمن ( قد تبين الرشد من الغي ) وكذا يروى عن
____________________
(1/330)
الحسن والشعبي يقال رشد يرشد رشدا ورشد يرشد رشدا إذا بلغ ما يحب وغوى ضده كما قال
( ومن يغو لا يعدم على الغي لائما ** )
( فمن يكفر بالطاغوت ) جزم بالشرط والطاغوت مؤنث وقد ذكرنا معناها وما قيل فيها ( ويؤمن بالله ) عطف ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) جواب وجمع الوثقى الوثق مثل الفضلى والفضل
257
ابتداء ( أولياؤهم ) ابتداء ثان و ( الطاغوت ) خبره والجملة خبر الأول
258
حذفت الياء للجزم وقد ذكرنا الصلة ( أن آتاه الله الملك ) في موضع نصب أي لأن ( قال أنا أحيي وأميت ) الاسم أن فإذا قلت أنا أو أنه فالألف والهاء لبيان الحركة ولا يقال أنا فعلت بإثبات الألف إلا شاذا في الشعر على أن نافعا قد أثبت الألف فقرأ ( قال أنا أحيي وأميت ) ولا وجه له ( فبهت
____________________
(1/331)
الذي كفر ) الذي في موضع رفع اسم ما لم يسم فاعله يقال بهت الرجل وبهت وبهت إذا انقطع وسكت متحيرا
259
قيل قرية لاجتماع الناس فيها من قولهم قريت الماء أي جمعته ( وهي خاوية ) ابتداء وخبر ( فأماته الله مائة عام ) ظرف ( قال كم لبثت ) وقرأ أهل الكوفة ( قال كم لبت ) ادغموا الثاء في التاء لقربها منها والإظهار أحسن ( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) أصح ما قيل فيه أن معناه لم تغيره السنون من قرأ ( لم يتسنه وانظر ) بالهاء في الوصل قال أصل سنة سنهة وقال سنيهة في التصغير كما قال
( ليست بسنهاء ولا رجيبة ** )
فحذف الضمة للجزم ومن قرأ ( لم يتسن وانظر ) قال في التصغير سنية وحذف الألف للجزم ويقف على الهاء فيقول لم يتسنه تكون الهاء لبيان الحركة وقرأ طلحة بن مصرف ( لم يسن ) أدغم التاء في السين ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) وروي عن ابن عباس والحسن ( كيف ننشزها ) والمعنى واحد كما يقال رجع ورجعته إلا أن المعنى المعروف في اللغة أنشر الله الموتى
____________________
(1/332)
فنشروا وقيل ننشرها مثل نشرت الثوب كما قال
( حتى يقول الناس مما رأوا ** يا عجبا للميت الناشر )
260
ويجوز في غير القرآن ربي بإثبات الياء فمن حذف قال النداء موضع حذف ومن أثبت قال هي اسم فإذا حذفت كان الاختيار أن أقف بغير إشمام فأقول رب فيشبه هذا المفرد ( أرني ) قد ذكرناه ( كيف ) في موضع نصب أي بأي حال تحيي الموتى ( ولكن ليطمئن قلبي ) أي سألتك ليطمئن قلبي ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ) قال أبو إسحاق المعنى ثم اجعل على كل جبل من كل واحد جزءا وقرأ أبو جعفر وعاصم ( جزءا ) على فعل ( يأتينك سعيا ) نصب على الحال
261
رفع بالابتداء قال يعقوب الحضرمي وقرأ بعضهم ( في كل سنبلة مائة حبة ) على أنبتت مائة حبة وكذلك قرأ بعضهم وللذين كفروا بربهم عذاب
____________________
(1/333)
جهنم على وأعتدنا لهم عذاب السعير وأعتدنا للذين كفروا عذاب جهنم
263
ابتداء والخبر محذوف أي قول معروف أمثل وأولى ويجوز أن يكون قول معروف خبر ابتداء محذوف أي الذي أمرتم به قول معروف ( ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ) وهذا مشكل يبينه الإعراب ( مغفرة ) رفع بالابتداء والخبر خير من صدقة والمعنى والله أعلم وفعل يؤدي إلى المغفرة خير من صدقة يتبعها أذى وتقديره في العربية وفعل مغفرة ويجوز أن يكون مثل قولك تفضل الله عليك أكثر من الصدقة التي تمن بها أي غفران الله خير من صدقتكم هذه التي تمنون بها
264
العرب تقول لما يمن به يد سوداء ولما يعطى عن غير مسألة يد بيضاء ولما يعطى عن مسألة ولا يمن به يد خضراء ( كالذي ينفق ماله رئاء الناس ) الكاف في موضع نصب أي إبطالا كالذي ينفق ماله رئاء الناس فهي نعت للمصدر المحذوف ويجوز أن تكون في موضع الحال ( فمثله كمثل صفوان عليه تراب ) ابتداء وخبر وقرأ سعيد بن المسيب والزهري ( كمثل صفوان ) بتحريك الفاء وحكى قطرب ( مثل صفوان ) قال الأخفش صفوان جماعة
____________________
(1/334)
صفوانة قال وقال بعضهم صفوان واحد مثل حجر قال الكسائي صفوان واحد وجمعه صفوان وصفي وصفي قال أبو جعفر صفوان وصفوان يجوز أن يكون جمعا وأن يكون واحدا إلا أن الأولى أن يكون واحدا لقوله عليه تراب فأصابه وابل وأن كان يجوز تذكير الجمع إلا أن الشيء لا يخرج عن بابه إلا بدليل قاطع فأما ما حكاه الكسائي في الجمع فليس يصح على حقيقة النظر ولكن صفوان جمع صفا وصفا بمعنى صفوان ونظيره ورل وررلان وأخ وإخوان وكرى وكروان كما قال
( لنا يوم وللكروان يوم ** تطير البائسات وما نطير )
والضعيف في العربية يقول كروان جمع كروان وصفي جمع صفا مثل عصا وعصي قال الكسائي وهي الحجارة الملس التي لا تنبت شيئا ( فتركه صلدا ) قال الكسائي يقال صلد يصلد صلدا بتحريك اللام فهو صلد بالإسكان وهو كل ما لا ينبت شيئا ومنه جبين أصلد وأنشد الأصمعي
( براق أصلاد الجبين الأجله ** )
265
مفعول من أجله ( وتثبيتا من أنفسهم ) عطف عليه ( كمثل جنة بربوة ) وقرأ ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي ( بربوة ) بكسر الراء وقرأ الحسن وعاصم وابن
____________________
(1/335)
عامر الشامي ( بربوة ) بفتح الراء قال الأخفش ويقال برباوة وبرباوة وكله من الرابية وفعله ربا يربو ( فإن لم يصبها وابل فطل ) قال أبو إسحاق أي فالذي يصيبها طل قال أبو جعفر حكى أهل اللغة وبلت وأوبلت وطلت وأطلت
266
يقال تكون فعل مستقبل فكيف عطف عليه بالماضي وهو ( وأصابه الكبر ) ففيه جوابان أحدهما أن التقدير وقد أصابه الكبر والجواب الآخر أنه محمول على المعنى لأن المعنى أيود أحدكم لو كانت له جنة فعلى هذا وأصابه الكبر ( وله ذرية ضعفاء ) وقال في موضع آخر ذرية ضعافا كما تقول ظريف وظرفاء وظراف
267
وفي قراءة عبد الله ( ولا تأمموا ) وهما لغتان وقرأ ابن كثير ( ولا تيمموا ) والأصل تتيمموا فادغم التاء في التاء ومن قرأ ( تيمموا ) حذف وقرأ مسلم بن جندب ( ولا تيمموا ) و ( ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) وقرأ قتادة ( إلا أن تغمضوا فيه ) وقال إلا أن تغمض لكم فيه وروي عنه ( إلا أن تغمضوا فيه )
____________________
(1/336)
أي تأخذوه بنقصان فكيف تعطونه في الصدقة أن في موضع نصب والتقدير إلا بأن
268
مفعولان ويقال الفقر ( ويأمركم بالفحشاء ) ويجوز في غير القرآن ويأمركم الفحشاء بحذف الباء وأنشد سيبويه
( أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ** فقد تركتك ذا مال وذا نشب )
269
شرط فلذلك حففت الألف والجواب ( فقد أوتي خيرا كثيرا )
270
يكون التقدير وما أنفقتم من نفقة فإن الله يعلمها وما نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ثم حذف ويجوز أن يكون التقدير وما أنفقتم من نفقة فإن الله يعلمه وتعود الهاء على ما كما أنشد
( فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ** لما نسجته من جنوب وشمأل )
ويكون أو نذرتم من نذر معطوفا عليه
____________________
(1/337)
271
هذه قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( فنعما هي ) بفتح النون وروي عن أبي عمرو ونافع بإسكان العين رواه قالون عن نافع ويجوز في غير القرآن فنعم ما هي ولكنه في السواد متصل فلزم الإدغام وحكى النحويون في نعم أربع لغات يقال نعم الرجل زيد هذا الأصل ويقال نعم الرجل فتكسر النون لكسرة العين ويقال نعم الرجل والأصل نعم حذفت الكسرة لأنها ثقيلة ويقال نعم الرجل وهذه أفصح اللغات والأصل فيها نعم وهي تقع في كل مدح فخففت وقلبت كسرة العين على النون وأسكنت العين فمن قرأ فنعما هي فله تقديران أحدهما أن يكون جاء به على لغة من قال نعم والتقدير الآخر أن يكون على اللغة الجيدة فيكون الأصل نعم ثم كسرت العين لالتقاء الساكنين فأما الذي حكي عن أبي عمرو ونافع من إسكان العين فمحال حكي عن محمد بن يزيد أنه قال أما إسكان العين والميم مشددة فلا يقدر أحد أن ينطق به وإنما يروم الجمع بين ساكنين ويحرك ولا يأبه قال أبو جعفر ومن قرأ فنعما هي فله تقديران أحدهما أن يكون على لغة من قال نعم الرجل والآخر أن يكون على لغة من قال نعم الرجل فكسر العين لالتقاء الساكنين ويجب على من قرأ فنعم أن يقول بئس ( وإن تخفوها ) شرط فلذلك حذفت منه النون ( وتؤتوها ) عطف عليه والجواب ( فهو خير لكم ) قرأ قتادة وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ( ونكفر عنكم من سيئاتكم ) وقرأ نافع والأعمش وحمزة والكسائي ( ونكفر عنكم )
____________________
(1/338)
إلا أن الحسين بن علي الجعفي روى عن الأعمش ( ونكفر عنكم ) بالنصب قال أبو حاتم قرأ الأعمش ( فهو خير لكم نكفر عنكم ) بغير واو جزما والصحيح عن عاصم أنه قرأ مرفوعا بالنون وروى عنه حفص أنه قرأ ( ويكفر ) بالياء والرفع وكذلك روي عن الحسن وروي عنه بالياء والجزم وقرأ عبد الله بن عباس ( وتكفر عنكم من سيئاتكم ) بالتاء وكسر الفاء والجزم وقرأ عكرمة ( وتكفر عنكم ) بالتاء وفتح الفاء والجزم قال أبو جعفر أجود القراءات ( ونكفر عنكم ) بالرفع هذا قول الخليل وسيبويه قال سيبويه والرفع ههنا الوجه وهو الجيد لأن الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء وأجاز الجزم يحمله على المعنى لأن المعنى ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء يكن خيرا لكم ونكفر عنكم ) والذي حكاه أبو حاتم عن الأعمش بغير واو جزما يكون على البدل كأنه في موضع الفاء والذي روي عن عاصم ويكفر عنكم بالياء والرفع يكون معناه يكفر الله هذا قول أبي عبيد وقال أبو حاتم معناه يكفر إلا عطاء وقرأ ابن عباس وتكفر يكون معناه وتكفر الصدقات وقراءة عكرمة وتكفر عنكم أي أشياء من سيئاتكم فأما النصب ونكفر فضعيف وهو على إضمار أن وجاز على بعد لأن الجزاء إنما يجب به الشيء لوجوب غيره فضارع الاستفهام
272
تكلم جماعة في معنى يهدي ويضل فمن أجل ما روي في ذلك ما رواه
____________________
(1/339)
سفيان عن خالد الحذاء عن عبد الأعلى القرشي عن عبد الله بن الحارث عن عمر أنه قال في خطبته ( من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ) وكان الجاثليق حاضرا فأومأ بالإنكار فقال عمر ما يقول فقالوا يقول إن الله لا يهدي ولا يضل فقال له عمر كذبت يا عدو الله بل الذي خلقك وهو يضلك ويدخلك النار إن شاء الله إن الله خلق أهل الجنة وما هم عاملون وخلق أهل النار وما هم عاملون فقال هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه فما برح الناس يختلفون في القدر قال أبو عبيد قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون ( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم ) ما الأولى في موضع نصب بتنفقوا والثانية لا موضع لها لأنها حرف والثالثة كالأولى
273 ويقال في هذا المعنى سيمياء ( لا يسألون الناس إلحافا ) مصدر في موضع الحال أي ملحفين
274
رفع بالابتداء والخبر ( فلهم أجرهم عند ربهم ) ودخلت الفاء ولا يجوز زيد فمنطلق لأن في الكلام معنى الجزاء أي من أجل نفقتهم فلهم أجرهم وهكذا كلام العرب إذا قلت السارق فاقطعه فمعناه من أجل سرقته فاقطعه ومعنى بالليل والنهار في الليل والنهار
275
رفع بالابتداء والخبر ( لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من
____________________
(1/340)
المس ) ( فمن جاءه موعظة من ربه ) لأنه تأنيث غير حقيقي أي فمن جاءه وعظ كما قال
( إن السماحة والمروءة ضمنا ** )
وقرأ الحسن ( فمن جاءته موعظة )
276
الأصل في الربا الواو قال سيبويه تثنيته ربوان قال الكوفيون تكتبه بالياء وتثنيته بالياء وقال أبو جعفر سمعت أبا إسحاق يقول ما رأيت خطأ أقبح من هذا ولا أشنع لا يكفيهم الخطأ في الخط حتى يخطئون في التثنية وهم يقرءون وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس وقال محمد بن يزيد كتب الربا في المصحف بالواو وفرقا بينه وبين الزنا وكان الربا أولى بالواو لأنه من ربا يربو
279
حكى أبو عبيد عن الأصمعي فأذنوا فكونوا على أذن من ذلك أي على علم قال أبو جعفر وهذا قول وجيز حسن حكى أهل اللغة أنه يقال أذنت به أذنا إذا علمت به ومعنى ( فآذنوا ) على قراءة الأعمش وحمزة وعاصم على حذف المفعول
____________________
(1/341)
280
كان بمعنى وقع وأنشد سيبويه
( فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ** إذا كان يوم ذو كواكب أشهب )
فهذا أحسن ما قيل فيه لأنه يكون عاما لجميع الناس ويجوز أن يكون خبر كان محذوفا أي وإن كان ذو عسرة في الدين وقال حجاج الوراق في مصحف عبد الله ( وإن كان ذا عسرة ) قال أبو جعفر والتقدير وإن كان المعامل ذا عسرة ( فنظرة إلى ميسرة ) أي فالذي تعاملون به نظرة وقرأ الحسن وأبو رجاء ( فنظرة إلى ميسرة ) حذف الكسرة لثقلها وقرأ مجاهد وعطاء ( فناظره ) على الأمر ( إلى ميسرة ) بضم السين وكسر الراء وإثبات الهاء في الإدراج وقال أبو إسحاق وقرىء ( فناظرة إلى ميسرة ) وقرأ أهل المدينة ( إلى ميسرة ) ويجوز ( فنظرة إلى ميسرة ) بالنصب على المصدر قال أبو حاتم ولا يجوز فناظرة إنما ذلك في النمل فناظرة بم يرجع المرسلون لأنها امرأة تكلمت بهذا لنفسها من نظرت تنظر فهي ناظرة فأما فنظرة في البقرة فمن التأخير
____________________
(1/342)
من ذلك أنظرتك بالدين أي أخرتك به و ( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ) وأجاز ذلك أبو إسحاق وقال هي من أسماء المصادر مثل ليس لوقعتها كاذبة وأن يفعل بها فاقرة قال أبو جعفر ميسرة أفصح اللغات وهي لغة أهل نجد و ميسرة وإن كانت لغة أهل الحجاز فهي من الشواذ لا يوجد في كلام العرب مفعلة إلا حروف معدودة شاذة ليس منها شيء إلا يقال فيه مفعلة وأيضا فإن الهاء زائدة وليس في كلام العرب مفعل البتة وقراءة من قرأ ( إلى ميسرة ) لحن لا يجوز قال الأخفش سعيد ولو قرءوا إلى ميسرة لكان أشبه والذي قال الأخفش حسن يقال جلست مجلسا ومفعل كثير قال الأخفش ويجوز إلى موسرة مثل مدخلة ( وأن تصدقوا خير لكم ) ابتداء وخبر وفي قراءة عبد الله ( وأن تتصدقوا ) وقرأ عيسى وطلحة ( وأن تصدقوا ) مخففا تتصدقوا على الأصل وتصدقوا تدغم التاء في الصاد لقربها منها ولا يجوز هذا في تتفكرون لبعد التاء من الفاء ومن خفف حذف التاء للدلالة ولئلا يجمع بين ساكنين وتاءين
281
مفعول ( ترجعون فيه إلى الله ) من نعته
____________________
(1/343)
282
قد ذكرنا كل ما فيه في كتابنا الأول المعاني ( فاكتبوه وليكتب ) أثبت اللام في الثاني وحذفها من الأول لأن الثاني غائب والأول للمخاطبين فإن شئت حذفت اللام في المخاطب لكثرة استعمالهم ذلك وهو أجود وإن شئت أثبتها على الأصل فأما الغائب فزعم محمد بن يزيد أنه لا بد من اللام في الفعل إذا أمرته وأجاز سيبويه والكوفيون حذفها وأنشدوا
( محمد تفد نفسك كل نفس ** إذا ما خفت من قوم تبالا ) ( وليملل الذي عليه الحق ) هذه لغة أهل الحجاز وبني أسد وتميم يقولون أمليت وجاء القرآن باللغتين جميعا قال جل وعز فهي تملى عليه بكرة وأصيلا والأصل أمللت أبدل من اللام ياء لأنه أخف ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) رفع بالابتداء وامرأتان عطف عليه والخبر محذوف أي فرجل وامرأتان يقومون مقامهما وإن شئت أضمرت المبتدأ أي فالذي يستشهد رجل
____________________
(1/344)
وامرأتان ويجوز النصب في غير القرآن أي فاستشهدوا وحكى سيبويه إن خنجرا فخنجرا أي فاتخذ خنجرا ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) هذه قراءة الحسن وأبي عمرو بن العلاء وعيسى وابن كثير وحميد بفتح أن ونصب تذكر وتخفيفه وقرأ أهل المدينة ( أن تضل إحداهما فتذكر ) بفتح أن ونصب تذكر وتشديده وقرأ أبان بن تغلب والأعمش وحمزة ( إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) بكسر إن ورفع تذكر وتشديده قال أبو جعفر ويجوز تضل بفتح التاء والضاد ويجوز تضل بكسر التاء وفتح الضاد والقراءة الأولى حسنة لأن الفصيح أن يقال أذكرتك وذاكرتك وعظتك قال جل وعز وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله فلانا كأي من آية أذكرنيها وفي هذه القراءة على حسنها من النحو إشكال شديد قال الفراء هو في مذهب الجزاء وإن جزاء مقدم أصله التأخير أي استشهدوا امرأتين مكان الرجل كما تذكر الذاكرة الناسية إن نسيت فلما تقدم الجزاء اتصل بما قبله ففتحت أن فصار جوابه مردودا عليه قال ومثله إني ليعجبني أن يسأل السائل فيعطى المعنى أنه يعجبه الإعطاء وإن سأل السائل قال أبو جعفر وهذا القول خطأ عند البصريين لأن إن المجازاة لو فتحت انقلب المعنى وقال سيبويه ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) انتصب لأنه أمر بالإشهاد لأن تذكر ومن أجل أن تذكر قال فإن قال إنسان
____________________
(1/345)
كيف جاز أن تقول أن تضل ولم يعد هذا للإضلال والالتباس فإنما ذكر أن تضل لأنه سبب الإذكار كما يقول الرجل أعددته أن يميل الحائط فأدغمه وهو لا يطلب بإعداده ذلك ميلان الحائط ولكنه أخبر بعلة الدعم وبسببه قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يحكي عن أبي العباس محمد بن يزيد أن التقدير ممن ترضون من الشهداء كراهة أن تضل إحداهما وكراهة أن تذكر إحداهما الأخرى قال أبو جعفر وهذا القول غلط وأبو العباس يجل عن قول مثله لأن المعنى على خلافه وذلك أنه يصير المعنى كراهة أن تضل إحداهما وكراهة أن تذكر إحداهما الأخرى وهذا محال وأصح الأقوال قول سيبويه ومن قال تضل جاء به على لغة من قال ضللت تضل وعلى هذا تقول تضل بكسر التاء لتدل على أن الماضي فعلت ( ولا تسأموا ) قال الأخفش يقال سئمت أسأم سآمة وسآما وسأما وسأما ( أن تكتبوه ) في موضع نصب بالفعل كما قال
( سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ** ) ( صغيرا أو كبيرا ) على الحال أعطيته دينه صغر أو كبر ( ذلكم أقسط عند الله ) ابتداء وخبر ( وأقوم للشهادة ) عطف عليه وكذا ( وأدنى أن لا ) في موضع نصب أي من أن لا ( إلا أن تكون تجارة حاضرة ) أن في موضع نصب استثناء ليس من الأول قال الأخفش أي إلا أن تقع تجارة وقال غيره ( تديرونها ) الخبر وقرأ عاصم ( إلا أن تكون تجارة حاضرة ) أي إلا أن تكون
____________________
(1/346)
المداينة تجارة حاضرة ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) أمر فزعم قوم أنه على الندب والتأديب وكذا قالوا في قوله إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه هذا قول الفراء وزعم أن مثله وإذا حللتم فاصطادوا قال ومثله فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض قال أبو جعفر هذا قول خطأ عند جميع أهل اللغة وأهل النظر ولا يشبه هذا قوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا ولا فانتشروا في الأرض لأن هذين إباحة بعد حظر ولا يجوز في اللغة أن يحمل الأمر على الندب إلا بما تستعمله العرب من تقدم الحظر أو ما أشبه ذلك فزعم قوم أن هذا مما رخص في تركه بغير آية وعلى هذا فسروا أو ننسها قالوا نطلق لكم تركها وقيل الإباحة في ترك المكاتبة بالدين فإن أمن بعضكم بعضا وقيل المكاتبة واجبة كما أمر الله عز وجل إذا كان الدين إلى أجل وأمر الله بهذا حفظا لحقوق الناس وقال عبد الله بن عمر المشاهدة واجبة في كل ما يباع قليل أو كثير كما قال الله تعالى ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) يجوز أن يكون التقدير ولا يضارر وأن يكون التقدير ولا يضارر قال أبو جعفر ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا قال لأن بعده وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم فالأولى أن تكون من شهد بغير الحق أو حرف في الكتابة أن يقال له فاسق فهو أولى ممن سأل شاهدا وهو مشغول أن يشهد قال المفضل وقرأ الأعمش ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) قال أبو جعفر كسر الراء لالتقاء الساكنين وكذلك من فتح إلا أن
____________________
(1/347)
الفتح أخف وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن أبي إسحاق ( ولا يضارر ) بكسر الراء الأولى وقرأ ابن مسعود ( ولا يضارر ) بفتح الراء الأولى وهاتان القراءتان على التفسير ولا يجوز أن تخالف التلاوة التي في المصحف ( وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ) أي فإن هذا الفعل ويجوز أن يكون التقدير فإن الضرار فسوق بكم كما قال
( إذا نهي السفيه جرى إليه ** )
283
وقرأ ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وأبو العالية ( ولم تجدوا كتابا ) وروي عن ابن عباس ( ولم تجدوا كتابا ) قال أبو جعفر هذه القراءة شاذة والعامة على خلافها وقل ما يخرج شيء عن قراءة العامة إلا كان فيه مطعن نسق الكلام يدل على كاتب قال تعالى قبل هذا وليكتب بينكم كاتب بالعدل وكتاب يقضي جماعة ( فرهان مقبوضة ) هذه قراءة علي بن أبي طالب رضي الله
____________________
(1/348)
عنه وأهل الكوفة وأهل المدينة وقرأ ابن عباس ( فرهن ) بضمتين وهي قراءة أبي عمرو وقرأ عاصم بن أبي النجود ( فرهن ) بإسكان الهاء وتروى عن أهل مكة قال أبو جعفر الباب في هذا رهان كما تقول بغل وبغال وكبش وكباش و رهن سبيله أن يكون جمع رهان مثل كتاب وكتب وقيل هو جمع رهن مثل سقف وسقف وليس هذا الباب و رهن بإسكان الهاء سبيله أن تكون الضمة حذفت منه لثقلها وقيل هو جمع رهن مثل سهم حشر أي دقيق وسهام حشر والأولى والأول أولى لأن الأول ليس بنعت وهذا نعت ( فليؤد ) من الأداء مهموز ويجوز تخفيف همزة فتقلب الهمزة واوا ولا تقلب ألفا ولا تجعل بين بين لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ( الذي اؤتمن ) مهموز في الأصل لأنه من الأمانة ففاء الفعل همزة والأصل في اؤتمن أأتمن كرهوا الجمع بين همزتين فلما زالت إحداهما همزت فإن خفت الهمزة التقى ساكنان الياء التي في الذي والهمزة المخففة فحذفت فقلت الذي تمن وإذا همزت فقد كان التقى ساكنان أيضا إلا أنك حذفت الياء لأن قبلها ما يدل عليها وإذا خففت الهمزة لم يجز أن تأتي بواو بعد كسرة والابتداء أؤتمن وقرأ أبو عبد الرحمن ( ولا يكتموا الشهادة ) جعله نهيا لغيب ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) فيه وجوه إن شئت رفعت آثما على أنه خبر إن وقلبه فاعل سد مسد الخبر وإن شئت رفعت آثما على الابتداء وقلبه فاعل وهما في موضع خبر إن وإن شئت رفعت آثما على أنه خبر الابتداء ينوى
____________________
(1/349)
به التأخير وإن شئت كان قلبه بدلا من آثم كما تقول هو قلب الآثم وإن شئت كان بدلا من المضمر الذي في آثم وأجاز أبو حاتم فإنه آثم قلبه قال كما تقول هو آثم قلب الإثم قال ومثله أنت عربي قلبا على المصدر قال أبو جعفر وقد خطىء أبو حاتم في هذا لأن قلبه معرفة ولا يجوز ما قال في المعرفة لا يقال أنت عربي قلبه
284
شرط ( أو تخفوه ) عطف عليه ( يحاسبكم به الله ) جواب الشرط ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) عطف على الجواب قال سيبويه وبلغنا أن بعضهم قرأ ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) قال أبو جعفر هذه القراءة مروية عن ابن عباس والأعرج وهي عند البصريين على إضمار أن وحقيقته أنه عطف على المعنى والعطف على اللفظ أجود كما قال
( ومتى مايع منك كلاما ** يتكلم فيجبك بعقل )
وقرأ الحسن ويزيد بن القعقاع وابن محيصن ( يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) قطعه من الأول وروي عن طلحة بن مصرف
____________________
(1/350)
( يحسبكم به الله يغفر لمن يشاء ) بغير فاء على البدل وأجود من الجزم لو كان بلا فاء الرفع حتى يكون في موضع الحال كما قال
( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد )
285
على اللفظ ويجوز في غير القرآن آمنوا على المعنى ( وقالوا سمعنا ) على حذف أي سمعنا سماع قابلين وقيل سمع بمعنى قبل كما يقال سمع الله لمن حمده ( غفرانك ) مصدر ( ربنا ) نداء مضاف
286
جزم لأنه طلب وكذا ( ولا تحمل علينا إصرا ) ( ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) ولفظه لفظ النهي ( واعف عنا ) طلب أيضا ولفظه لفظ الأمر ولذلك لم يعرب عند البصريين وجزم عند الكوفيين وكذا ( واغفر لنا وارحمنا ) وكذا ( فانصرنا على القوم الكافرين )
____________________
(1/351)
3
قال أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس بمصر في قول الله عز وجل
1
2
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وعاصم بن أبي النجود وأبو جعفر الرؤاسي ( الم ألله ) بقطع الألف قال الأخفش سعيد ويجوز ( الم الله ) بكسر الميم لالتقاء الساكنين قال أبو جعفر القراءة الأولى قراءة العامة وقد تكلم فيها النحويون القدماء فمذهب سيبويه أن الميم فتحت لالتقاء الساكنين واختاروا لها الفتح لئلا يجمعوا بين كسرة وياء وكسرة قبلها قال سيبويه ولو أردت الوصل لقلت الم الله ففتحت الميم لالتقاء الساكنين كما فعلت بأين وكيف قال الكسائي حروف التهجي إذا لقيتها ألف الوصل فحذفت ألف الوصل حركتها بحركة الألف فقلت الم الله والم اذكروا والم اقتربت وقال
____________________
(1/353)
الفراء الأصل الم ألله كما قرأ الرؤاسي ألقيت حركة الهمزة على الميم وقال أبو الحسن بن كيسان الألف التي مع اللام بمنزلة قد وحكمها حكم ألف القطع لأنهما حرفان جاءا لمعنى وإنما وصلت لكثرة الاستعمال فلهذا ابتدئت بالفتح قال أبو إسحاق الذي حكاه الأخفش من كسر الميم خطأ لا يجوز ولا تقوله العرب لثقله ( الحي القيوم ) وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( القيام ) وقال خارجة في مصحف عبد الله ( الحي القيم ) قال أبو جعفر القيوم فيعول الأصل فيه قيووم ثم وقع الإدغام والقيام الفيعال الأصل فيه القيوام ثم أدغم وقيم فيعل عند البصريين الأصل فيه قيوم ثم أدغم وزعم الفراء أنه فعيل قال ابن كيسان لو كان كما قال لما أعل كما لم يعل سويق وما أشبهه اسم الله عز وجل مرفوع بالابتداء والخبر ( نزل عليك الكتاب ) و ( الحي القيوم ) نعت وإن شئت كان الخبر ( لا إله إلا هو ) ثم جيء بخبر بعد خبر ( مصدقا ) نصب على الحال وعند الكوفيين على القطع قال أبو جعفر وقد ذكرنا اشتقاق ( التوراة والإنجيل ) في الكتاب الذي قبل هذا
____________________
(1/354)
4
غاية وقد ذكرناه هدى في موضع نصب على الحال ولم تتبين فيه الإعراب لأنه مقصور ( إن الذين ) اسم إن والصلة ( كفروا بآيات الله ) والخبر ( لهم عذاب شديد ) ( والله عزيز ذو انتقام ) ابتداء وخبر وكذا
6 وروى العباس بن الفضل عن أبي عمرو ( هو الذي يصوركم )
7
هذه الآية كلها مشكلة وقد ذكرناها وسنزيدها شرحا إن شاء الله قال أبو جعفر أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات أن المحكمات ما كان قائما بنفسه لا يحتاج أن يرجع فيه إلى غيره نحو ولم يكن له كفؤا أحد وإني لغفار لمن تاب وآمن والمتشابهات نحو إن الله يغفر الذنوب جميعا يرجع فيه إلى قوله وإني لغفار لمن تاب وإلى قوله إن الله لا يغفر أن يشرك به فأما ترك صرف أخر فلأنها معدولة عن الألف واللام وقد ذكرناه ( فأما الذين في قلوبهم زيغ ) الذين في موضع رفع بالابتداء والخبر ( فيتبعون ما تشابه منه ) ويقال زاغ يزيغ زيغا إذا ترك القصد ( ابتغاء الفتنة ) مفعول
____________________
(1/355)
من أجله أي ابتغاء الاختبار الذي فيه غلو وإفساد ذات البين ومنه فلان مفتون بفلانة أي قد غلا في حبها ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون ) عطف على الله جل وعز هذا أحسن ما قيل فيه لأن الله جل وعز مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم وهم جهال قال أبو جعفر وقد ذكرنا أكثر من هذا الاحتجاج فأما القراءة المروية عن ابن عباس ( وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم ) فمخالفة لمصحفنا وإن صحت فليس فيها حجة لمن قال الراسخون في العلم ويقول الراسخون في العلم آمنا بالله فأظهر ضمير الراسخين ليبين المعنى كما أنشد سيبويه
( لا أرى الموت يسبق الموت شيء ** نغص الموت ذا الغنى والفقيرا )
فإن قال قائل قد أشكل على الراسخين في العلم بعض تفسيره حتى قال ابن عباس لا أدري ما الأواه وما غسلين فهذا لا يلزم لأن ابن عباس رحمه الله قد علم بعد ذلك وفسر ما وقف عنه وجواب أقطع من هذا إنما قال الله عز
____________________
(1/356)
وجل وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ولم يقل جل وعز وكل راسخ فيجب هذا فإذا لم يعلمه أحدهم علمه الآخر قال ابن كيسان ويقال الراصخون بالصاد لغة لأن بعدها خاء ( يقولون ) في موضع نصب على الحال من الراسخين كما قال
( الريح تبكي شجوه ** والبرق يلمع في الغمامة )
ويجوز أن يكون الراسخون في العلم تمام الكلام ويكون يقولون مستأنفا
8
جزم لأن لفظه لفظ النهي ويجوز لا تزغ قلوبنا رفع بفعلها ويجوز لا يزغ قلوبنا على تذكير الجميع ( وهب لنا من لدنك رحمة ) لم تعرب لدن لأنها غير متمكنة وفيها تسع لغات لغة أهل الحجاز لدن ويقال لدن بإسكان النون ولدن بكسرها قال الفراء بعض بني تميم يقول لد قال العجاج
( من لد شولا فإلى اتلائها ** )
____________________
(1/357)
وحكى الكسائي لد يا هذا وحكى أبو حاتم لد بإسكان الدال قال الفراء ربيعة تقول من لدن يا هذا بإسكان الدال وكسر النون وأسد يقولون لدن بضم اللام والدال وإسكان النون وحكى أبو حاتم لدن يا هذا بضم اللام وإسكان الدال ويقال لدي بمعنى لدن
9
ويجوز جامع الناس بالتنوين والنصب وهو الأصل وحذف التنوين استخفافا ويجوز جامع الناس بغير تنوين وبالنصب وأنشد سيبويه
( فألفيته غير مستعتب ** ولا ذاكر الله إلا قليلا )
10
وقرأ أبو عبد الرحمن ( لن يغني عنهم أموالهم ) لأنه قد فرق وهو تأنيث غير حقيقي قال أبو حاتم بالتاء أجود مثل شغلتنا أموالنا ( وأولئك هم وقود النار ) وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف ( وقود ) بضم الواو ويجوز في العربية إذا ضم الواو أن يقول أقود مثل أقتت
11
____________________
(1/358)
قد ذكرنا موضع الكاف وزعم الفراء أن المعنى كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون قال أبو جعفر لا يجوز أن تكون الكاف متعلقة بكفروا لأن كفروا داخل في الصلة وكدأب خارج منها قال أبو حاتم وسمعت يعقوب يذكر ( كدأب ) بفتح الهمزة وقال لي وأنا غليم على أي شيء يجوز كدأب فقلت أظنه من دئب يدأب دأبا فقبل ذلك مني وتعجب من جودة تقديري على صغري ولا أدري أيقال ذلك أم لا قال أبو جعفر هذا القول خطأ لا يقال البتة دئب وإنما يقال دأب يدأب دؤبا ودأبا هكذا حكى النحويون منهم الفراء حكى في كتاب المصادر كما قال
( كدأبك من أم الحويرث قبلها ** وجارتها أم الرباب بمأسل )
فأما الدأب فإنه يجوز كما يقال شعر وشعر ونهر ونهر لأن فيه حرفا من حروف الحلق
13
بمعنى إحداهما فئة وقرأ الحسن ومجاهد ( فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ) بالخفض على البدل قال أحمد بن يحيى ويجوز النصب على الحال أي
____________________
(1/359)
التقتا مختلفتين قال أبو إسحاق النصب بمعنى أعني ( ترونهم مثليهم ) نصب على الحال ومن قرأ ( ترونهم ) فالنصب عنده على خبر ترى وقد ذكرنا المعنى
14
اسم ما لم يسم فاعله وحركت الهاء من الشهوات فرقا بين الاسم والنعت ويجوز إسكانها لأن بعدها واوا قال ابن كيسان قال بعضهم لا تكون ( القناطير المقنطرة ) أقل من تسعة لأن معناها المجمعة فالثلاثة قناطير فإذا جمعتها صارت مثل قولك ثلاث ثلاثات ( الذهب ) مؤنثة يقال هي الذهب الحسنة وجمعها ذهاب وذهوب ويجوز أن يكون جمع ذهبة وجمع فضة فضض والخيل مؤنثة قال ابن كيسان حدثت عن أبي عبيدة أنه قال واحد الخيل خائل مثل طائر وطير وقيل له خائل لأنه يختال في مشيته قال ابن كيسان إذا قلت نعم لم تك إلا للإبل فإذا قلت انعام وقعت للإبل وكل ما ترعى لا يجوز أن تدغم الثاء من الحرث في الذال من ذلك كما فعلت في يلهث ذلك لأن الراء من الحرث ساكنة فلو أدغمت اجتمع ساكنان
____________________
(1/360)
15
رفع بالابتداء أو بالصفة قال أبو حاتم ويجوز ( جنات ) بالخفض على البدل من خير سمعت يعقوب يذكر ذلك وغيره ويجوز بشر من ذلكم النار بالخفض قال ابن كيسان ويجوز جنات بالخفض على البدل وبالنصب على إعادة الفعل ويكون للذين متعلقا بقوله أؤنبئكم على قول الفراء وتبيينا على قول الأخفش أي ملغاة ( وأزواج مطهرة ) عطف على جنات
16
في موضع خفض أي للذين اتقوا عند ربهم الذين يقولون إن شئت كان رفعا أي هم الذين ونصبا على المدح أي أعني الذين
17
بدل من الذين إذا كان نصبا أو خفضا وإن كان رفعا كان الصابرين بمعنى أعني الصابرين ( والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين ) عطف كله ( بالأسحار ) واحدها سحر تقول سير به سحر يا فتى لا ينصرف لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة ولا يجوز أن يرفع إذا كان معرفة لأن الظروف إنما ترفع
____________________
(1/361)
ههنا مجازا فإذا وقعت فيها علة أقرت على بابها نصبا فإن نكرته جاز فيه الرفع وصرف قال أبو إسحاق السحر من حيث يدبر الليل إلى أن يطلع الفجر الثاني
18
قد ذكرنا فيه قراءات وفسرنا إعرابها فأما قراءة أبي المهلب ( شهداء لله ) فهي نصب على الحال وروي عنه ( شهداء لله ) أي هم شهداء لله ويروى عنه ( شهداء الله ) ويروى عنه ( شهداء الله ) ( قائما بالقسط ) نصب على الحال المؤكدة وعند الكوفيين على القطع وفي قراءة عبد الله ( القائم بالقسط ) على النعت وفي قراءته
19
وهذا بكسر إن لا غير قال الأخفش المعنى وما اختلف الذين أوتوا الكتاب بغيا بينهم إلا من بعد ما جاءهم العلم قال أبو إسحاق الذي هو أجود عندي أن يكون بغيا منصوبا بما دل عليه وما اختلف الذين أوتوا الكتاب أي اختلفوا بغيا بينهم ( ومن يكفر بآيات الله ) شرط والجواب ( فإن الله سريع الحساب ) ويجوز رفع يكفر يجعل من بمعنى الذي
20
حذفت الياء في السواد لأن الكسرة تدل عليها والنون عوض ( وإن تولوا ) شرط والجواب ( فإنما عليك البلاغ ) ( والله بصير بالعباد ) ابتداء وخبر
21
الذين اسم إن والخبر ( فبشرهم بعذاب أليم ) فإن قيل كيف دخلت الفاء في خبر إن ولا يجوز إن زيدا فمنطلق فالجواب أن الذي إذا كان اسم إن وكان في صلته فعل كان في الكلام معنى المجازاة فجاز دخول الفاء ولا يجوز ذا في ليت ولعل وكأن لأن إن تأكيد ( ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ) وقرأ حمزة ( ويقاتلون الذين يأمرون بالقسط ) وهو وجه بعيد جدا لأن بعض الكلام معطوف على بعض والنسق واحد والتفسير يدل على يقتلون قال أبو العالية كان ناس من بني إسرائيل جاءهم النبيون يدعونهم إلى الله جل وعز فقتلوهم فقام أناس من المؤمنين بعدهم فأمروهم بالإسلام فقتلوهم فيهم نزلت هذه الآية إن الذين يكفرون بآيات الله إلى آخرها وروى شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم سبعين نبيا ثم يقوم سوق بقتلهم من آخر النهار
قرأ أبو السمال العدوي
22 وهي لغة شاذة
____________________
(1/362)
20
حذفت الياء في السواد لأن الكسرة تدل عليها والنون عوض ( وإن تولوا ) شرط والجواب ( فإنما عليك البلاغ ) ( والله بصير بالعباد ) ابتداء وخبر
21
الذين اسم إن والخبر ( فبشرهم بعذاب أليم ) فإن قيل كيف دخلت الفاء في خبر إن ولا يجوز إن زيدا فمنطلق فالجواب أن الذي إذا كان اسم إن وكان في صلته فعل كان في الكلام معنى المجازاة فجاز دخول الفاء ولا يجوز ذا في ليت ولعل وكأن لأن إن تأكيد ( ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ) وقرأ حمزة ( ويقاتلون الذين يأمرون بالقسط ) وهو وجه بعيد جدا لأن بعض الكلام معطوف على بعض والنسق واحد والتفسير يدل على يقتلون قال أبو العالية كان ناس من بني إسرائيل جاءهم النبيون يدعونهم إلى الله جل وعز فقتلوهم فقام أناس من المؤمنين بعدهم فأمروهم بالإسلام فقتلوهم فيهم نزلت هذه الآية إن الذين يكفرون بآيات الله إلى آخرها وروى شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم سبعين نبيا ثم يقوم سوق بقتلهم من آخر النهار
قرأ أبو السمال العدوي
22 وهي لغة شاذة
____________________
(1/363)
24
ذلك في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي أمرهم ذلك
قال الكسائي
25
أي في يوم وقال البصريون المعنى لحساب يوم واللام في موضعها ويجوز في غير القرآن ( وأفيت ) مثل أقتت
26
الفراء يذهب فيما يرى إلى أن الأصل في اللهم يا الله أمنا منك بخير فلما كثر واختلط حذفوا منه وإن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت انتقلت قال أبو جعفر هذا عند البصريين من الخطأ العظيم حتى قال بعضهم هذا الحاد في اسم الله عز وجل قال أبو جعفر القول في هذا ما قاله الخليل وسيبويه أن الأصل يا الله ثم جاءوا بحرفين عوضا من حرفين وهما الميمان عوضا من يا والدليل على هذا أنه ليس أحد من الفصحاء يقول يا اللهم لأنهم لا يجمعون بين الشيء وعوضه والضمة التي في اللهم عندهما في ضمة المنادى المرفوع فأما قول الفراء إن الأصل يا الله أمنا فلو كان كذا لوجب أن يقال أؤمم وأن يدغم فيضم ويكسر وكان يجب أن تكون ألف وصل لا حكم لها وكان يجب أن يقال يا اللهم وأيضا فكيف يصح المعنى أن يقال يا الله أمنا منك بخير ( مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ) وهذا لا يقدمه أحد بين
____________________
(1/364)
يدي دعائه ( مالك الملك ) منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ولا يجوز أن يكون عنده صفة لقوله اللهم من أجل الميم وخالفه محمد بن يزيد وإبراهيم بن السري في هذا وقالا يجوز أن يكون صفة كما يكون صفة إذا جئت بيا ( تؤتي الملك من تشاء ) روى محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير أن وفد نجران أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم سورة آل عمران وفسر لهم من أولها إلى رأس الثمانين فقال تؤتي الملك من تشاء ملك النبوة قال ابن إسحاق وكانوا نصارى فأعلم الله جل وعز بعنادهم وكفرهم وأن عيسى صلى الله عليه وسلم وإن كان الله جل وعز أعطاه آيات تدل على نبوته من إحياء الموتى وغير ذلك فإن الله عز وجل منفرد بهذه الأشياء من قوله
27
فلو كان إلها لكان هذا إليه فكان في ذلك اعتبار وآية بينة ثم حذر الله جل وعز المؤمنين وأمرهم ألا يتخذوهم أولياء فقال
28
جزما على التي وكسرت الذال لالتقاء الساكنين قال الكسائي ويجوز ( لا يتخذ المؤمنون ) بالرفع على الخبر كما يقال ينبغي أن تفعل ذلك ( ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) شرط وجوابه أي فليس من أولياء الله مثل وسئل القرية ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) مصدر وكذا تقية والأصل الواو
____________________
(1/365)
( ويحذركم الله نفسه ) قال أبو إسحاق أي ويحذركم الله إياه ثم استغنوا عن ذلك بذا وصار المستعمل قال وأما تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك فمعناه تعلم ما عندي وما في حقيقتي ولا أعلم ما عندك ولا ما في حقيقتك وقال غيره ويحذركم الله نفسه أي عقابه مثل واسأل القرية وقال تعلم ما في نفسي أي مغيبي فجعلت النفس في موضع الإضمار لأنه فيها يكون ولا أعلم ما في نفسك على الأزدواج
30
يوم نصب بتقدير ويحذركم الله نفسه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ويجوز أن يكون التقدير وإلى الله المصير يوم تجد كل نفس ( ما عملت ) مفعول ( محضرا ) حال ( وما عملت من سوء ) معطوف على ما الأولى ولو كانت ما منقطعة من الأولى على أن تكون شرطا وتعطف جملة على جملة لم يجز إلا أن تجزم تود ولا نعلم أحدا قرأ به وإن كان جائزا في النحو ( أمدا ) اسم أن ( بينها ) ظرف ( بعيدا ) من نعته ( والله رءوف بالعباد ) ابتداء وخبر
31
شرط ( تحبون ) خبر كنتكم ( فاتبعوني ) أمر والفاء وما بعدها جواب
____________________
(1/366)
الشرط ( يحببكم الله ) جواب الأمر وفيه معنى المجازاة والمحبة من الله جل وعز الثناء والثواب وروي أن المسلمين قالوا يا رسول الله إننا لنحب ربنا فأنزل الله عز وجل قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وعنه صلى الله عليه وسلم من أراد أن يحبه الله فعليه بصدق الحديث وأداء الأمانة وإن لا يؤذي جاره وقرأ أبو رجاء العطاردي ( فاتبعوني يحببكم الله ) بفتح الياء قال الكسائي يقال يحب وتحب وأحب ويحب بكسر الياء وتحب ونحب وإحب قال وهذه لغة بعض قيس يعني الكسر قال والفتح لغة تيمم وأسد وقيس وهي على لغة من قال حب وهي لغة قد ماتت قال الأخفش لم تسمع حببت قال الفراء لم نسمع حببت إلا في بيت أنشده الكسائي
( وأقسم لولا تمره ما حببته ** ولا كان أدنى من عبيد ومشرق ) قال أبو جعفر لا يجوز عند البصريين كسر الياء من يحب لثقل الكسرة في الياء فأما فتحها فمعروف يدل عليه محبوب ( ويغفر لكم ) عطف على يحببكم وروى محبوب عن أبي عمرو بن العلاء أنه أدغم الراء من يغفر في اللام من لكم قال أبو جعفر لا يجيز الخليل وسيبويه إدغام الراء في اللام لئلا
____________________
(1/367)
يذهب التكرير وأبو عمرو أجل من أن يغلط في مثل هذا ولعله كان يخفي الحركة كما يفعل في أشياء كثيرة
32
شرط إلا أنه ماض لا يعرب والتقدير فإن تولوا على كفرهم والجواب ( فإن الله لا يحب الكافرين )
33
قال الفراء أي إن الله اصطفى دينهم قال أبو جعفر هذا التقدير لا يحتاج إليه لأن المعنى اختارهم وروي عن ابن عباس أنه قال أدم خلق من أديم الأرض قال أبو جعفر أديم الأرض وجهها فسمي آدم لأنه خلق من وجه الأرض قال أحمد بن يحيى من قال سمي آدم من أديم الأرض فقد أخطأ في العربية لأنه يجب أن يصرفه لأنه فاعل مثل طابق قال ولكنه مشتق من شيئين أحدهما أن يكون مشتقا من قولهم أدمت فلانا بنفس أي خلطته فقيل آدم لأنه خلق من أخلاط قال والقول عندي أن آدم أفعل من الأدمة في اللون قال أبو جعفر الذي أنكره أحمد بن يحيى قول أكثر النحويين وقد يجوز أن يكون آدم أفعل مشتقا من أديم الأرض وأن يكون فاعلا كما قال إلا أنا نقدره أفعل فلا ينصرف ونوح اسم أعجمي إلا أنه انصرف لأنه على ثلاثة أحرف وقد يجوز أن يشتق من ناح ينوح ولم ينصرف عمران لأن في آخره ألفا ونونا زائدتين
____________________
(1/368)
34
قال الأخفش هي نصب على الحال وقال الكوفيون على القطع وقال أبو إسحاق هي بدل وذرية مشتقة من الذر لكثرتها وفيها تقديران تكون فعلية وتكون فعلولة أصلها ذرورة فاستثقلوا التضعيف فأبدلوا من الراء الأخيرة ياءا ثم أدغموا الواو في الياء فقالوا ذرية ويقال ذرية ( بعضها من بعض ) ابتداء وخبر
35
قال أبو عبيدة إذ زائدة وقال محمد بن يزيد التقدير أذكر إذ قال وقال أبو إسحاق المعنى واصطفى آل عمران إذ قالت امرأة عمران ( رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ) منصوب على الحال وقيل هو نعت لمفعول محذوف أي نذرت لك ما في بطني غلاما محررا أي يخدم الكنيسة قال أبو جعفر القول الأول أولى من جهة التفسير وسياق اللام والإعراب فأما التفسير فروى أبو صالح عن ابن عباس قال حملت امرأة عمران بعد ما أسنت فنذرت ما في بطنها محررا فقال لها عمران ما
____________________
(1/369)
صنعت ويحك فولدت أنثى فقبلها ربها بقبول حسن وكان لا يحرر إلا الغلمان فتساهم عليها الأحبار بالأقلام التي يكتبون بها الوحي فكفلها زكرياء واتخذ لها مرضعا فلما شبت جعل لها محرابا لا يرتقى إليه إلا بسلم فكان يجد عندها فاكهة الشتاء في القيظ وفاكهة القيظ في الشتاء قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله فعند ذلك طمع زكرياء في الولد قال إن الذي يأتيها بهذا قادر على أن يرزقني ولدا وقال الضحاك كان أكثر من يجعل خادما للأحبار ينبأ فلذلك كان لا يقبل إلا الغلمان فهذا التفسير وسياق الكلام أنها قالت رب إني وضعتها أنثى أي وليس الأنثى مما يقبل فقال الله جل وعز فتقبلها ربها بقبول حسن وأما الإعراب فإن إقامة النعت مقام المنعوت لا يجوز في مواضع ويجوز على المجاز في أخرى وحذف اللام في مثل هذا لا يستعمل
36
حال وإن شئت بدل ( والله أعلم بما وضعت ) وقد ذكرنا أنه يقرأ ( بما وضعت ) وهي قراءة بعيدة لأنها قد قالت إني وضعتها أنثى وروي عن ابن عباس ( بما وضعت ) بكسر التاء أي قيل لها هذا ( وليس الذكر كالأنثى )
____________________
(1/370)
الكاف في موضع نصب على خبر ليس أو على الظرف ( وإني سميتها مريم ) مفعولان ولم تنصرف مريم لأنه اسم مؤنث معرفة وهو أيضا أعجمي ( وذريتها ) عطف على الهاء والألف
37
مصدر تقبل تقبل إلا أن معنى تقبل وقبل واحد فالمعنى فقبلها ربها بقبول حسن ونظيره
( وقد تطويت انطواء الحضب ** )
لأن معنى تطويت وانطويت وحد قال أبو جعفر الحضب الحية ومثله
( وليس بأن تتبعه اتباعا ** )
( وأنبتها نباتا حسنا ) ولم يقل إنباتا لأنه لما قال أنبتها دل على نبت كما قال
( فصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا ** ورضت فذلت صعبة أي إذلال )
____________________
(1/371)
وإنما مصدر ذلت ذل ولكنه قد دل على معنى أذللت وقرأ مجاهد ( فتقبلها ) بإسكان اللام على الطلب والمسألة ( ربها ) نداء مضاف ( وأنبتها ) بإسكان التاء ( وكفلها ) بإسكان اللام ( زكرياء ) بالمد والنصب وقرأ الكوفيون ( وكفلها زكريا ) أي وكفلها الله زكرياء وروى هارون بن موسى عن عبد الله بن كثير وأبي عبد الله المدني ( وكفلها زكرياء ) بكسر الفاء قال الأخفش سعيد يقال كفل يكفل وكفل يكفل ولم أسمع كفل وقد ذكرت قال الفراء أهل الحجاز يمدون زكرياء ويقصرونه وأهل نجد يحذفون منه الألف ويصرفونه فيقولون زكري قال الأخفش فيه أربع لغات زكرياء بالمد وزكريا بالقصر وزكري بتشديد الياء والصرف وزكر ورأيت زكريا قال أبو حاتم زكري بلا صرف لأنه أعجمي وهذا غلط لأن ما كانت فيه ياء مثل هذه انصرف ولم ينصرف زكرياء في المد والقصر لأن فيه ألف تأنيث والدليل على هذا أنه لا يصرف في النكرة وقال قوم لم ينصرف لأنه أعجمي ( كلما دخل ) منصوب بوجد أي كل دخوله أي كل وقت دخوله وإن شئت أملت الألف من حساب لكسرة الحاء
38
في موضع نصب لأنه ظرف يتضمن المكان وأحوال الزمان وهو مبني لأنه بمنزلة ذلك وهنا بمنزلة هذا وبنو تميم يقولون هناك بمنزلة هنالك واللام مكسورة لالتقاء الساكنين ( ذرية طيبة ) على اللفظ
39
____________________
(1/372)
وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس ( فناداه الملائكة ) وهو اختيار أبي عبيد وروي عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم كان عبد الله يذكر الملائكة في كل القرآن قال أبو عبيد أنا اختار ذلك خلافا على المشركين لأنهم قالوا الملائكة بنات الله قال أبو جعفر هذا احتجاج لا يحصل منه شيء لأن العرب تقول قالت الرجال وقال الرجال وكذا النساء وكيف يحتج عليهم بالقرآن ولو جاز أن يحتج عليهم بهذا لجاز أن يحتجوا بقوله وإذ قالت الملائكة ولكن الحجة عليهم في قوله جل وعز أشهدوا خلقهم أي فلم يشاهدوا خلقهم فكيف يقولون إنهم إناث فقد علم أن هذا ظن وهوى وأما فناداه فهو جائز على تذكير الجميع ونادته على تأنيث الجماعة ( وهو قائم ) ابتداء وخبر ( يصلي ) في موضع رفع وإن شئت كان نصبا على أنه حال من المضمر ( أن الله ) وقرأ حمزة والكسائي ( إن الله ) أي قالت الملائكة إن الله ( يبشرك بيحيى ) هذه قراءة أهل المدينة وقرأ حمزة ( يبشرك ) وقرأ حميد بن قيس المكي الأعرج ( يبشرك ) بضم الياء وإسكان الباء قال الأخفش هي ثلاث لغات بمعنى واحد وقال محمد بن يزيد يقال بشرته أي أخبرته بما أظهر في بشرته السرور وبشرته على التكثير قال أبو إسحاق يقال بشرته أبشره وابشره قال الكسائي سمعت غنيا تقول بشرته أبشره قال الأخفش يقال بشرته فبشر وابشر أي سررته فسر ومنه وأبشروا بالجنة قال الفراء لا يقال من هذا إلا أبشر وحكي عن
____________________
(1/373)
محمد بن يزيد بشرته فأبشر مثل قررته فأقر وفطرته فأفطر أي طاوعني ( بيحيى ) لم ينصرف لأنه فعل مستقبل سمي به وقيل لأنه أعجمي ومذهب الخليل وسيبويه أنك إن جمعته قلت يحيون بفتح الياء في كل حال وقال الكوفيون إن كان عربيا فتحت الياء وإن كان أعجميا ضممتها لأنه لا يعرف أصلها ( مصدقا ) حال ( بكلمة من الله ) عيسى صلى الله عليه وسلم قيل فرض عليه أن يتبعه ( وسيدا وحصورا ونبيا ) عطف ( من الصالحين ) قال أبو إسحاق الصالح الذي يؤدي لله جل وعز ما افترض عليه وإلى الناس حقوقهم
40
وبلغت الكبر واحد ( وامرأتي عاقر ) ابتداء وخبر في موضع الحال وعاقر بلا هاء على النسب ولو كان على الفعل لقيل عقرت فهي عقيرة كأن بها عقرا يمنعها من الولادة ( قال كذلك الله يفعل ما يشاء ) الكاف في موضع نصب أي يفعل ما يشاء مثل ذلك
41
اجعل بمعنى صير فلذلك وجب أن يتعدى إلى مفعولين ولي في موضع الثاني وإذا كان بمعنى خلق لم يتعد إلا إلى واحد نحو قوله خلق الليل والنهار ( قال آيتك ) ابتداء ( ألا تكلم الناس ) خبره ويجوز رفع تكلم
____________________
(1/374)
بمعنى أنك لا تكلم الناس مثل ألا يرجع إليهم قولا والكوفيون يقولون الرفع على أن تكون لا بمعنى ليس ( ثلاثة أيام ) ظرف وقد ذكرنا قول قتادة أن زكرياء عوقب بمنع الكلام حين سأل وهذا قول مرغوب عنه لأن الله عز وجل لم يخبرنا أن زكرياء أذنب ولا أنه نهاه عن هذا والقول فيه أن المعنى اجعل لي علامة تدل على كون الولد إذ كان ذلك مغيبا عني قال الأخفش ( إلا رمزا ) استثناء ليس من الأول قال الكسائي يقال رمز يرمز ويرمز وقرأ علقمة بن قيس ( إلا رمزا ) وقرأ الأعمش ( إلا رمزا ) وهما اسمان والمسكن المصدر ( وسبح ) أمر أي نزه الله جل وعز عما يقول المشركون وقيل سبح أي صل ومنه فرغ فلان من سبحته ( بالعشي ) قيل هو جمع وقيل هو واحد والأولى أن يكون واحدا للمستقبل قال الأصمعي يقال أنا آتيك عشي غد وأنا آتيك عشية اليوم وأتيته عشية أمس وعشي أمس
42
الطاء مبدلة من تاء لأن الطاء بالصاد أشبه
43
أمر فلذلك حذفت منه النون ( واسجدي ) عطف عليه يقال سجد إذا
____________________
(1/375)
تطامن وذل وركع إذا انحنى ومنه يقال ركع الشيخ مع الراكعين يجوز أن يكون معناه اركعي مع الذين يصلون في جماعة ويجوز أن يكون معناه كوني مع الراكعين وإن لم تصلي معهم
44
في موضع رفع أي الأمر ذلك فهو خبر الأمر ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء وخبره ( من أنباء الغيب ) ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم ) إذ في موضع نصب أي وما كنت لديهم ذلك الوقت أقلامهم جمع قلم من قلمه إذا قطعه وقد ذكرنا أنه قيل أقلامهم سهامهم وأجود من هذا القول أي أقلامهم التي يكتبون بها الوحي جمعوها فرموا بها في نهر لينظروا أيها يستقبل جري الماء فيكون صاحبه الذي يكفل مريم أي يضمن القيام بأمرها فأما أن تكون الأقلام القداح فبعيد لأن هذه هي الأزلام التي نهى الله عز وجل عنها إلا أنه يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك على غير الجهة التي كانت الجاهلية تفعلها ( أيهم ) ابتداء وهو متعلق بفعل محذوف أي ينظرون أيهم يكفل مريم وحكى سيبويه اذهب فانظر زيد أبو من هو وإن نصبت انقلب المعنى
____________________
(1/376)
45
متعلقة بيختصمون ويجوز أن تكون متعلقة بقوله وما كنت لديهم ( بكلمة منه اسمه المسيح ) ولم يقل اسمها لأن معنى كلمة ولد قال إبراهيم النخعي المسيح الصديق قال أبو عبيد هو في لغتهم مسيحا وقيل إنما سمي المسيح لأنه مسح بدهن كانت الأنبياء تتمسح به طيب الرائحة فإذا مسح به علم أنه نبي عيسى اسم أعجمي فلذلك لم ينصرف وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة ولا نكرة لأن فيه ألف التأنيث ويكون مشتقا من عاسه يعوسه إذا ساسه وقام عليه ويجوز أن يكون مشتقا من العيس ومن العيس قال الأخفش ( وجيها ) منصوب على الحال وقال الفراء هو منصوب على القطع قال أبو إسحاق النصب على القطع كلمة محال لأن المعنى أنه بشر بعيسى في هذه الحال ولم يبين معنى القطع فإن كان القطع معنى فلم يبينه ما هو وإن كان لفظا فلم يبين ما العامل وإن كان يريد أن الألف واللام قطعتا منه فهذا محال لأن الحال لا تكون إلا نكرة والألف واللام بمعهود فكيف يقطع منه ما لم يكن فيه قط قال الأخفش ( ومن المقربين ) عطف على وجيه أي ومقربا وجمع وجيه وجهاء ووجاه
46
عطف على وجيها قال الأخفش والفراء ( وكهلا ) معطوف على وجيها قال أبو إسحاق وكهلا بمعنى ويكلم الناس كهلا وروى ابن جريج
____________________
(1/377)
عن مجاهد قال الكهل الحليم قال أبو جعفر هذا لا يعرف في اللغة وإنما الكهل عند أهل اللغة من ناهز الأربعين وقال بعضهم يقال له حدث إلى ست عشرة سنة ثم شاب إلى اثنتين وثلاثين سنة ثم يكتهل في ثلاث وثلاثين قال الأخفش ( ومن الصالحين ) عطف على وجيها
47
عطف على يقول ويجوز أن يكون منقطعا أي فهو يكون وقد تكلم العلماء في معناه فقيل هو بمنزلة الموجود المخاطب لأنه لا بد أن يكون ما أراد جل وعز فعلى هذا خوطب وقيل أخبر الله جل وعز بسرعة ما يريد أنه على هذا وقيل علامته لما يريد كما كان نفخ عيسى عليه السلام في الطائر علامة لخلق الله جل وعز إياه وقيل أي يخرجه من العدم إلى الوجود فخوطب العباد على ما يعرفون وقيل له أي من أجله كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك
48
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي ( ونعلمه ) بالنون يردونه على قوله نوحيه والياء أولى لقوله وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون فالياء أقرب قال الأخفش ( ويعلمه ) في موضع نصب عطفا على وجيها
49
____________________
(1/378)
في نصبه قولان أحدهما أن التقدير ويجعله رسولا والآخر ويكلمهم رسولا ( أني قد جئتكم ) أي بأني فأن في موضع نصب ( أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ) بدل منها ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من آية ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هي أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ( فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) هذه قراءة أبي عمرو وأهل الكوفة وقرأ يزيد بن القعقاع ( كهيئة الطائر فأنفخ فيه فيكون طائرا ) وقرأ نافع ( كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طائرا ) والقراءتان الأوليان أبين والتقدير في هذه فانفخ في الواحد منها أو منه لأن الطير يذكر ويؤنث فيكون الواحد طائرا وطائر وطير مثل تاج وتجر ( وأنبئكم بما تأكلون ) أي بالذي تأكلونه ويجوز أن يكون ما والفعل مصدرا ( وما تدخرون ) وقرأ مجاهد والزهري وأيوب السختياني ( وما تذخرون ) بالذال معجمة مخففا قال الفراء أصلها الذال يعني تذخرون من ذخرت فالأصل تذتخرون فثقل على اللسان الجمع بين الذال والتاء فأدغموا وكرهوا أن تذهب التاء في الذال فيذهب معنى الافتعال فجاءوا بحرف عدل بينهما وهو الدال فقالوا تدخرون قال أبو جعفر هذا القول غلط بين لأنهم لو أدغموا على ما قال لوجب أن يدغموا الذال في التاء وكذا باب الإدغام أن يدغم الأول في الثاني فكيف تذهب التاء والصواب في هذا مذهب الخليل وسيبويه أن الذال حرف مجهور يمنع النفس أن يجري والتاء حرف مهموس يجري معه النفس فأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا أشبه الذال في جهرها فصار تذدخرون ثم أدغمت الذال في الدال
____________________
(1/379)
فصار تدخرون قال الخليل وسيبويه وإن شئت أدغمت الدال في الذال فقلت تذخرون وليس هذا بالوجه
50
أي وجئتكم مصدقا قال أحمد بن يحيى لا يجوز أن يكون معطوفا على وجيها لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون لما بين يديه ( ولأحل لكم ) فيه حذف ليتعلق به لام كي أي ولاحل لكم جئتكم وقد ذكرنا معناه ونزيده شرحا قيل إنما أحل لهم عيسى عليه السلام ما حرم عليهم بذنوبهم ولم يكن في التوراة نحو أكل الشحوم وكل ذي ظفر وقيل إنما أحل لهم عيسى عليه السلام أشياء حرمتها عليهم الأحبار لم تكن محرمة عليهم في التوراة
51
بكسر إن على الابتداء وحكى أبو حاتم عن الأخفش أن بالفتح على البدل من آية ورده أبو حاتم وزعم أنه لا وجه له قال لأن الآية العلامة التي لم يكونوا رأوها فكيف يكون قولا قال أبو جعفر ليس هكذا روى من يضبط عن الأخفش ولا كذا في كتبه والرواية عنه الصحيحة أنه قال وحكى بعضهم أن الله بفتح أن على معنى وجئتكم بأن الله ربي وربكم وهذا قول حسن
52
قال الفراء أرادوا قتله قال أبو جعفر يقال أحسست وأحست مثل ظللت وظلت وحكي حسيت بمعنى علمت وعرفت ( قال من أنصاري إلى الله )
____________________
(1/380)
قال الأخفش واحد الأنصار نصير مثل شريف وأشراف وناصر مثل صاحب وأصحاب وقال محمد بن يزيد العرب تقول في واحد الأنصار نصر شبهوا فعلا بفعل ( واشهد بأنا ) الأصل بأننا حذفت النون تخفيفا وكذا ( إني متوفيك ) آية 55 والماكر الذي يحتال لمن يكيده والمكر من الله جل وعز مجازاة وعدل فعلى هذا
54
55
الأصل متوفيك حذفت الضمة استثقالا وهو خبر إن ( ورافعك ) عطف عليه وكذا ( ومطهرك ) وكذا ( وجاعل الذين اتبعوك ) ويجوز وجاعل الذين اتبعوك وهو الأصل وقد قيل إن التمام عند قوله ومطهرك من الذين كفروا وهو قول حسن يدل عليه الحديث والنظر فأما الحديث فحدثنا جعفر بن محمد الفاريابي قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن معاوية بن أبي سفيان قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد نتحدث فقال أئنكم لتتحدثون أني من آخركم موتا قلنا نعم يا رسول الله قال إني من أولكم موتا وذكر الحديث وقال في آخره وتلا ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك ) يا محمد ( فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ) قال أبو جعفر وأما من جهة النظر فإن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وسلم فكل ما كان فيه من المخاطبة فهي له إلا أن يقع دليل وعلى هذا قوله جل وعز وأذن في الناس بالحج يجب أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم
____________________
(1/381)
56
57
ابتداء وخبره ( فأعذبهم ) ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بإضمار فعل وكذا ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ) وحكى سيبويه وأما ثمود فهديناهم بالنصب وحدثنا أحمد بن محمد بن خالد قال حدثنا خلف بن هشام قال حدثنا الخفاف عن إسماعيل عن الحسن أنه قرأ ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ) قال أبو جعفر والمعنى واحد أي فيوفيهم الله أجورهم
58
ذلك في موضع رفع بالابتداء وخبره نتلوه ويجوز أن يكون في موضع رفع بإضمار مبتدأ أي الأمر ذلك ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار فعل قال أبو إسحاق يجوز أن يكون ذلك بمعنى الذي ونتلوه صلته والخبر ( من الآيات )
59 تم الكلام ثم قال ( خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) أي فكان والمستقبل يكون في موضع الماضي إذا عرف المعنى
قال الفراء
60 مرفوع بإضمار هو
61
____________________
(1/382)
شرط والجواب الفاء وما بعدها قال ابن عباس هم أهل نجران السيد والعاقب وأبو الحارث ( تعالوا ) أمر فيه معنى التحريض وبيان الحجة ( ندع ) جواب الأمر مجزوم ( ثم نبتهل ) عطف عليه وحكى أبو عبيدة بهله الله يبهله بهلة أي لعنه ونبتهل ندعو باللعنة ( فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) عطف
62
هو زائدة فاصلة عند البصريين ويجوز أن تكون مبتدأة و القصص خبرها والجملة خبر إن ( وما من إله إلا الله ) ويجوز النصب على الاستثناء
63
شرط وجوابه وتولوا فعل ماض لا يتبين فيه الجزم ويجوز أن يكون مستقبلا ويكون الأصل تتولوا
64
وقرأ قعنب ( كلمة ) ألقى حركة اللام على الكاف كما يقال كبد قال أبو العالية الكلمة لا إله إلا الله ( سواء ) نعت لكلمة وقرأ الحسن ( سواءا ) بالنصب أي استوت استواءا قال قتادة السواء العدل قال الفراء ويقال في معنى العدل سوى وسوى قال وفي قراءة عبد الله ( إلى كلمة عدل بيننا وبينكم ) ( ألا نعبد إلا الله ) على البدل من كلمة وإن شئت كان التقدير هي أن لا نعبد إلا الله
____________________
(1/383)
( ولا نشرك به شيئا ) قال الكسائي والفراء ويجوز ( ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا ) بالجزم على التوهم إنه ليس في أول الكلام أن قال أبو جعفر التوهم لا يحصل منه شيء ولكن مذهب سيبويه أنه يجوز في نعبد وما بعده الجزم على أن تكون أن مفسرة بمعنى أي كما قال عز وجل أن امشوا وتكون لا جازمة ويجوز على هذا أن يرفع نعبد وما بعده ويكون خبرا ويجوز الرفع بمعنى أنه لا نعبد ومثله أن لا يرجع إليهم قولا ومعنى ( ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) لا نعبد عيسى لأنه بشر مثلنا ولا نقبل من الرهبان تحريمهم علينا ما لم يحرمه الله جل وعز علينا فنكون قد اتخذناهم أربابا
65
الأصل لما حذفت الألف لأن حرف الجر عوض منها وللفرق بين الاستفهام والخبر ولم يجز الحذف في الخبر لأن الألف متوسطة
66
قال أبو عمرو بن العلاء الأصل أأنتم فأبدل من الهمزة الأولى هاء لأنها أختها قال أبو جعفر وهذا قول حسن وللفراء في هذا الاسم إذا دخلت عليها الهاء مذهب وسنذكره بعد هذا قال الحسن والضحاك قال كعب بن الأشرف
____________________
(1/384)
اليهودي وأصحابه ونفر من النصارى إبراهيم منا فأنزل الله جل وعز
67 يعني بالحنيف الحاج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زعمتم أن إبراهيم كان منكم وقد كان إبراهيم يحج قال أبو جعفر الحنيف في اللغة إقبال صدر القدم على الأخرى من خلقة لا تزول فمعنى الحنيف عند العرب المائل إلى الإسلام على الحقيقة فأما إخباره جل وعز عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه كان مسلما فبين ويعلم أنه كان مسلما وجميع الأنبياء والصالحين بأن يعرف ما الإسلام وما الإيمان وهو أصل من أصول الدين لا يسع جهله ومعرفته من اللغة قال أبو جعفر معنى مسلم في اللغة متذلل لأمر الله منطاع له ومعنى مؤمن مصدق بما جاء من عند الله قابل له عامل به في كل الأوقات فهذا ما لا يدفع أنه دين كل نبي وملك وصالح
68
اسم إن وخبرها ( وهذا النبي ) معطوف على الذين ويجوز وهذا النبي بالنصب تعطفه على الهاء
69
يقال أهذا عذر لهم ففيه جوابان جملتهما أنه لا عذر لهم فقيل معنى لا يشعرون لا يعلمون بصحة الإسلام وواجب عليهم أن يعلموا لأن البراهين ظاهرة والحجج باهرة وجواب آخر أنهم لا يشعرون بأنهم لا يصلون إلى إضلال المؤمنين
____________________
(1/385)
71
ويجوز وتكتموا الحق على جواب الاستفهام
72
على الظرف وكذا ( آخره ) ومذهب قتادة أنهم فعلوا هذا ليشككوا المسلمين وروي عن ابن عباس قال نظر اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح إلى بيت المقدس قبلتهم فأعجبهم ذلك ثم حولت القبلة في صلاة الظهر إلى الكعبة فقالت اليهود آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار يعنون صلاة الصبح حين صلى إلى بيت المقدس ( واكفروا آخره ) يعنون صلاة الظهر حين صلى إلى الكعبة ( لعلهم يرجعون ) إلى قبلتكم
73
قال أبو جعفر هذه الآية من أشكل ما في السورة وقد ذكرناها والإعراب يبينها فيها أقوال فمن قال إن في الكلام تقديما وتأخيرا فإن المعنى ولا تؤمنوا أن يأتي أحد مثل ما أوتيتم إلا من اتبع دينكم وجعل اللام زائدة فهو عنده استثناء ليس من الأول وإلا لم يجز التقديم ومن قال المعنى على غير تقديم ولا تأخير جعل اللام أيضا زائدة أو متعلقة بمصدر أي لا تجعلوا تصديقكم
____________________
(1/386)
إلا لمن اتبع دينكم بأن يؤتى أحد من العلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتيتم وتقدير ثالث أي كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وقال الفراء يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله إلا لمن تبع دينكم ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم ( قل إن الهدى هدى الله ) أي إن البيان بيان الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أي بين أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وصلحت أحد لأن أن بمعنى لا مثل يبين الله لكم أن تضلوا أي أن لا تضلوا قال أبو جعفر في قوله قل إن الهدى هدى الله قولان أحدهما أن الهدى إلى الخير والدلالة على الله بيد الله جل وعز يؤتيه أنبياءه فلا تنكروا أن يؤتى أحد سواكم مثل ما أوتيتم فإن أنكروا ذلك فقل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والقول الآخر قل إن الهدى هدى الله الذي أتاه المؤمنين من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم لا غيره أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من البراهين والحجج والأخبار بما في كتبهم أو يحاجوكم عند ربكم قال الأخفش أي ولا يؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولا تصدقوا أن يحاجوكم يذهب إلى أنه معطوف وقال الفراء أو بمعنى حتى وإلا أن
75
وقرأ أبو الأشهب ( من إن تيمنه ) من في موضع رفع بالابتداء أو
____________________
(1/387)
بالصفة والشرط وجوابه من صلتها عند البصريين وعند الكوفيين بإضمار القول وتيمنه على لغة من قال نستعين وفي ( يؤده إليك ) خمسة أوجه قرىء منها بأربعة أجودها قراءة نافع والكسائي ( يؤد هي إليك ) بياء في الإدراج وقرأ يزيد بن القعقاع ( يؤده إليك ) بكسر الهاء بغير ياء وقرأ أبو المنذر سلام ( يؤده إليك ) بضم الهاء بغير واو كذا قرأ أخواته نحو نوله ما تولى وعليه و إليه قال أبو عبيد واتفق أبو عمرو والأعمش وحمزة على وقف الهاء فقرءوه ( يؤده إليك ) قال أبو جعفر والوجه الخامس ( يؤد هو إليك ) بواو في الإدراج فهذا الأصل لأن الهاء خفية فزعم الخليل أنها أبدلت بحرف جلد وهو الواو وقال غيره اختير لها الواو لأن الواو من الشفة والهاء بعيدة المخرج وقال سيبويه الواو في المذكر بمنزلة الألف في المؤنث وتبدل منها ياء لأن الياء أخف إذا كانت قبلها كسرة أو ياء وتحذف الياء وتبقى الكسرة لأن الياء قد كانت تحذف والفعل مرفوع فأثبتت بحالها ومن قال يؤده إليك فحجته أنه حذف الواو وأبقى الضمة كما كان مرفوعا أيضا فأما إسكان الهاء فلا يجوز إلا في الشعر عند بعض النحويين وبعضهم لا يجيزه وأبو عمرو أجل من أن يجوز عليه مثل هذا والصحيح عنه أنه كان يكسر الهاء وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( إلا ما دمت ) بكسر الدال من دمت تدام مثل خفت تخاف لغة أزد السراة وحكى الأخفش دمت تدوم شاذا ( ذلك بأنهم ) أي فعلهم ذلك وأمرهم ذلك بأنهم ( قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) أي طريق ظلم
____________________
(1/388)
76
أي بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم واستحلالهم قال أبو إسحاق وتم الكلام ثم قال ( من أوفى بعهده واتقى ) قال أبو جعفر ( من ) رفع بالابتداء وهو شرط و ( أوفى ) في موضع جزم ( واتقى ) معطوف عليه أي واتقى الله فلم يكذب ولم يستحل ما حرم عليه ( فإن الله يحب المتقين ) أي يحب أولئك
77
( الذين ) اسم أولئك ابتداء وما بعده خبره والجملة خبر إن ( ولا يكلمهم الله ) قد ذكرنا معناه ونشرحه بزيادة يكون المعنى لا يسمعهم الله كلامه بلا سفير كما كلم الله موسى صلى الله عليه وسلم فهذا معناه لا يكلمهم على الحقيقة ويكلمهم مجازا بأن يأمر الملائكة أن تحاسبهم كما قال فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وكذا أين شركائي فإذا قالت لهم الملائكة يقول الله لكم كذا فقد كلمهم مجازا وقيل معنى لا يكلمهم يغض عليهم وقيل المعنى على المجاز أي ولا يكلمهم كلام راض عنهم ولكن كلام موبخ لهم ومقرر وموقف و ( لا ينظر إليهم ) برحمته ولا يؤتيهم خيرا كما يقال فلان لا ينظر إلى ولده
78
اسم إن واللام توكيد ( يلوون ألسنتهم ) وقرأ أبو جعفر وشيبة ( يلوون
____________________
(1/389)
ألسنتهم ) على التكثير وقرأ حميد بن قيس ( يلون ألسنتهم ) وتقديره يلوون ثم همز الواو لانضمامها وخفف الهمزة وألقى حركتها على ما قبلها ألسنة جمع لسان في لغة من ذكر ومن أنث قال ألسن
79
نصب بأن ( ثم يقول ) عطف عليه وروى محبوب عن أبي عمرو ثم يقول بالرفع والنصب أجود ( ولكن كونوا ربانيين ) حذف القول والتقدير ولكن يقول وقال علي بن سليمان المعنى ولكن ليقل ودخلت الواو على لكن وهما حرفا عطف على قول قوم لضعف لكن قال ابن كيسان الواو هي العاطفة ولكن للتحقيق ( بما كنتم تعلمون الكتاب ) قراءة أبي عمرو وأهل المدينة وقرأ ابن عباس وأهل الكوفة ( تعلمون ) بضم التاء وتشديد اللام وقرأ مجاهد تعلمون ) بفتح التاء وتشديد اللام أي تتعلمون ويدرسون فخولف أبو عبيد في هذا الاختيار لأن شعبة روى عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود ولكن كونوا ربانيين قال حكماء علماء وقال الضحاك لا ينبغي لأحد أن يدع حفظ القرآن جهده فإن الله جل وعز يقول ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون أي فقهاء علماء فقيل يبعد أن يقال كونوا حكماء علماء بتعليمكم والحسن كونوا حكماء علماء بعلمكم
قال سيبويه
80
____________________
(1/390)
فجاءت منقطعة من الأول لأنه أراد ولا يأمركم الله وقال الأخفش أي وهو لا يأمركم وهذه قراءة أبي عمرو والكسائي وأهل الحرمين وأما رواية اليزيدي عن أبي عمرو أنه أسكن الراء فغلط قال سيبويه وقرأ بعضهم ( ولا يأمركم ) على قوله وما كان لبشر أن يؤتيه الله قال أبو جعفر النصب قراءة ابن أبي إسحاق وحمزة وعاصم ( أن تتخذوا ) أي بأن تتخذوا ( الملائكة والنبيين أربابا ) وهذا موجود في النصارى يعظمون الملائكة والأنبياء حتى يجعلوهم أربابا ويروون عن سليمان صلى الله عليه وسلم أنه قال ربي لربي اجلس عن يميني يعنون قال الله جل وعز للمسيح صلى الله عليه وسلم
81
أي واذكر قال سيبويه سألت الخليل في قوله جل وعز وإذ أخذ الله ميثاق النبيين فقال ما بمعنى الذي قال أبو جعفر التقدير على قول الخليل للذي آتيتكموه ثم حذف الهاء لطول الاسم فالذي رفع بالابتداء وخبره من كتاب وحكمة و من لبيان الجنس وقال الأخفش هي زائدة ويجوز أن يكون الخبر ( لتؤمنن به ) وقال الكسائي ما للشرط فعلى قوله موضعها نصب بآتيتكم وقرأ أهل الكوفة ( لما آتيتكم ) بكسر اللام وقال الفراء أي أخذ
____________________
(1/391)
الميثاق للذي آتاهم من كتاب وحكمة وجعل لنؤمنن به من أخذ الميثاق كما تقول أخذت ميثاقك لتفعلن قال أبو جعفر ولأبي عبيدة في هذا قول حسن قال المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتؤمنن به لما آتيتكم من ذكره في التوراة وقيل في الكلام حذف والمعنى وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا ودل على هذا الحذف ( وأخذتم على ذلكم إصري )
82
شرط والمعنى فمن تولى عن الإيمان بعد أخذ الميثاق والجواب ( فأولئك هم الفاسقون )
83
نصبت غير يبتغون ( وله أسلم من في السموات والأرض ) وإن شئت أدغمت الميم في الميم وقد ذكرنا في معناه قولين أولهما أن يكون المعنى وله خضع وذل من في السموات والأرض كما تقول أسلم فلان نفسه للموت فالمعنى أن الله جل وعز خلق الخلق على ما أراد فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطرارا فالصحيح منقاد طايع محب لذلك والمريض منقاد خاضع وإن كان كارها و ( طوعا وكرها ) مصدر في موضع الحال أي طايعين مكرهين
____________________
(1/392)
84
فيه ثلاثة أجوبة يكون قل بمعنى قولوا لأن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته ويكون المعنى قل لهم قولوا آمنا بالله ويكون المراد الأمة ونظيره يا أيها النبي إذا طلقتم النساء
85
شرط فلذلك حذفت منه الياء والجواب ( فلن يقبل منه ) وزعم أبو حاتم أن أبا عمرو والأعمش قرءا ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا ) مدغما قال أبو جعفر وهذا ليس بالجيد من أجل الكسرة التي في الغين ( وهو في الآخرة من الخاسرين ) قال هشام أي وهو خاسر في الآخرة من الخاسرين ولولا هذا لفرقت بين الصلة والموصول وقال المازني الألف واللام مثلهما في الرجل وقال محمد بن يزيد الظرف متعلق بمصدر محذوف
86
حذفت الضمة من الياء لثقلها وحذفت الياء من اللفظ لالتقاء الساكنين وثبتت في الخط لأن الكتب على الوقف
90
اسم إن والخبر ( لن تقبل توبتهم ) وقد ذكرنا في معناه أقوالا وقد قيل أيضا فيه إن المعنى إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن
____________________
(1/393)
تقبل توبتهم عند الموت قال أبو جعفر وهذا القول حسن كما قال عز وجل وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن وقيل لن تقبل توبتهم التي كانوا عليها قبل أن يكفروا لأن الكفر قد أحبطها قال أبو جعفر حدثنا علي بن سليمان قال حدثنا أبو سعيد السكري قال حدثنا محمد بن حبيب قال حدثنا محمد بن المستنير وهو قطرب في قول الله جل وعز إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وقد قال الله جل وعز في موضع آخر وهو الذي يقبل التوبة عن عباده فهذه الآية في قوم من أهل مكة قالوا نتربص بمحمد صلى الله عليه وسلم ريب المنون فأن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا فأنزل الله جل وعز إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم أي لن تقبل توبتهم وهم مقيمون على الكفر فسماها توبة غير مقبولة لأنه لم يصح من القوم عزم والله جل وعز يقبل التوبة كلها إذا صح العزم
91
اسم إن والخبر ( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ) ( ذهبا ) منصوب على البيان قال الفراء يجوز رفعه على الاستئناف كأنه يريد هو ذهب وقال أحمد بن يحيى يجوز الرفع على التبيين لملء
تم الجزء الثاني من كتاب إعراب القرآن الحمد لله رب العالمين وصلوا على محمد الأمين وعلى آله أجمعين
____________________
(1/394)
92
نصب بلن وعلامة النصب حذف النون وكذا ( حتى تنفقوا )
93
ابتداء والخبر ( كان حلا ) يقال حل وحلال وحرم وحرام ( إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ) استثناء
قال علي بن سليمان
95
بمعنى أعني
96
اسم إن والخبر ( للذي ببكة ) واللام توكيد ( مباركا ) على الحال ويجوز في غير القرآن مبارك على أن يكون خبرا ثانيا وعلى البدل من الذي وعلى إضمار مبتدأ ( وهدى للعالمين ) عطف عليه ويكون بمعنى وهو هدى للعالمين والمعنى إن أول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين للذي ببدكة كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عنه أهو أول بيت وضع للناس فقال لا قد كان نوح صلى الله عليه وسلم وقومه في البيوت من قبل إبراهيم عليه السلام ولكنه أول بيت وضعت فيه البركة ويجوز في غير القرآن مبارك بالخفض نعتا لبيت
97
رفع بالابتداء أو بالصفة مقام إبراهيم في رفعه ثلاثة أوجه قال الأخفش أي منها مقام إبراهيم وحكي عن محمد بن يزيد قال مقام بدل من آيات
____________________
(1/395)
والقول الثالث بمعنى هي مقام إبراهيم وقول الأخفش معروف في كلام العرب كما قال زهير
( لها متاع وأعوان غدون لها ** قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا )
وقول أبي العباس إن مقاما بمعنى مقامات لأنه مصدر قال الله جل وعز ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وقال الشاعر
( إن العيون التي في طرفها مرض ** قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ) ويقوي هذا الحديث المروي الحج كله مقام إبراهيم ( ومن دخله كان آمنا ) يجوز أن يكون معطوفا على مقام أي وفيه من الآيات من دخله كان آمنا لأن ذلك من الآيات كان الناس يتخطفون حوالى الحرم فإذا قصده ملك هلك ويجوز أن يكون ( من ) رفعا بالابتداء والخبر ( كان آمنا ) ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ( من ) في موضع خفض على بدل البعض من الكل هذا قول أكثر النحويين وأجاز الكسائي أن تكون من في موضع رفع و ( استطاع ) شرط والجواب محذوف أي من استطاع إليه سبيلا فعليه الحج
____________________
(1/396)
98
وقبل هذا وأنتم تشهدون فالله شهيد عليهم وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر بآيات الله وقد ظهرت البراهين
99
أي تبغون لها وحذف اللام مثل وإذا كالوهم أي كالوا لهم يقال بغيت له كذا وكذا وأبغيته أي أعنته عليهم ( وأنتم شهداء ) قيل هذا للذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وقيل شهداء أي عالمون أنها سبيل الله
100
شرط فلذلك حذفت منه النون والجواب ( يردوكم بعد إيمانكم كافرين )
101
( كيف ) في موضع نصب وفتحت الفاء عند الخليل وسيبويه لالتقاء الساكنين واختير لها الفتح لأن قبل الفاء ياءا فثقل أن يجمعوا بين ياء وكسرة وقال الكوفيون إذا التقى ساكنان في حرف واحد فتح أحدهما وإذا كانا في حرفين كسر ( وأنتم تتلى عليكم آيات الله ) ابتداء وخبر في موضع الحال ( وفيكم رسوله ) رفع بالابتداء وإن شئت بالصفة على قول الكسائي ( ومن يعتصم بالله ) شرط والجواب ( فقد هدي إلى صراط مستقيم )
____________________
(1/397)
102
مصدر والأصل في تقاة تقية قلبت الياء ألفا والتاء منقلبة من واو لأنه من وقى ويجوز أن تأتي بالواو فتقول وقاة وإن شئت أبدلت من الواو همزة فقلت أقاة مثل أقتت وقد ذكرنا ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
103
يقال اعتصمت بفلان واعتصمت فلانا والمعنى واعتصموا بالقرآن من الكفر والباطل ( جميعا ) على الحال عند سيبويه ( ولا تفرقوا ) نهى فلذلك حذفت منه النون والأصل تتفرقوا وقرىء ( ولا تفرقوا ) بإدغام التاء في التاء ( فأصبحتم بنعمته إخوانا ) خبر أصبح ويقال أخوان مثل حملان والأصل في أخل أخو والدليل على هذا قولهم في التثنية أخوان وكان جب أن يقال مررت باخا كما يقال مررت بعصا إلا أنه حذف منه لتشبيهه بغيره وقد حكى هشام مكره أخاك لا بطل ( وكنتم على شفا حفرة من النار ) الأصل في شفا شفو ولهذا يكتب بالألف ولا يمال ( فأنقذكم منها ) الهاء تعود على النار لأنها المقصود أو على الحفرة أي فأنقذكم منها بالنبي صلى الله عليه وسلم
104
أمر والأصل ولتكن حذفت الكسرة لثقلها وحذفت الضمة من النون للجزم وحذفت الواو لالتقاء الساكنين ( أمه ) اسم تكن ( يدعون إلى الخير ) في موضع
____________________
(1/398)
النعت وما بعده عطف عليه
105
الكاف في موضع نصب على الظرف وهي في موضع الخبر قال جابر بن عبد الله ( الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ) اليهود والنصارى جاءهم مذكر على الجميع وجاءتهم على الجماعة
106
ويجوز تبيض وتسود بكسر التاء لأنك تقول إبيضت فتكسر التاء كما تكسر الألف ويجوز ( تبياض ) وقد قرىء به ويجوز كسر التاء فيه أيضا ويجوز ( يوم يبيض وجوه ) على تذكير الجميع ويجوز أجوه مثل أقتت ( فأما الذين اسودت وجوههم ) رفع بالابتداء وقد ذكرناه
107
ابتداء والخبر ( ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) تكون هم زائدة وتكون مبتدأة ويجوز نصب خالدين على الحال في غير القرآن
108
ابتداء وخبر أي تلك المذكورة حجج الله جل وعز ودلائله ويجوز أن تكون آيات الله بدلا من تلك ولا تكون نعتا لا ينعت المبهم بالمضاف
____________________
(1/399)
110
يجوز أن تكون كنتم زائدة أي أنتم خير أمة وأنشد سيبويه
( وجيران لنا كانوا كرام ** )
ويجوز أن يكون المعنى كنتم في اللوح المحفوظ خير أمة وروى سفيان عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال تجرون الناس في السلاسل إلى الإسلام فالتقدير على هذا كنتم خير أمة وعلى قول مجاهد كنتم خير أمة إذا كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقيل إنما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى وقيل هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني الذين بعثت فيهم
111
نصب بلن وتم الكلام ( إلا أذى ) استثناء ليس من الأول ( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ) شرط وجوابه وتم الكلام ( ثم لا ينصرون ) مستأنف فلذلك ثبتت فيه النون
112
____________________
(1/400)
تم الكلام ( إلا بحبل من الله ) استثناء ليس من الأول أي لكنهم يعتصمون بحبل الله من الله وهو العهد
113
تم الكلام ( من أهل الكتاب أمة ) ابتداء إلا أن للفراء فيه قولا زعم أنه يرفع أمة بسواء وتقديره ليس تستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة قال أبو جعفر وهذا القول خطأ من جهات إحداها أنه يرفع أمة بسواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جاريا على الفعل ويضمر ما لا يحتاج إليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لإضمار هذا وجه وقال أبو عبيدة هذا مثل قولهم أكلوني البراغيث وهذا غلط لأنه قد تقدم ذكرهم وأكلوني البراغيث لم يتقدم لهن ذكر قال ابن عباس من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله من آمن مع النبي صلى الله عليه وسلم قال الأخفش التقدير من أهل الكتاب ذو أمة أي ذو طريقة حسنة وأنشد
( وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع ** )
( آناء الليل ) ظرف زمان
114
يجوز أن يكون في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون في موضع
____________________
(1/401)
نعت لأمة ويجوز أن يكون مستأنفا وما بعده عطف عليه
116
اسم إن والخبر ( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ) ( وأولئك أصحاب النار ) ابتداء وخبر وكذا ( هم فيها خالدون ) وكذا
117 والتقدير كمثل مهلك ريح قال ابن عباس الصر البرد الشديد
118
قال الضحاك هم الكفار والمنافقون قال أبو جعفر فيه قولان أحدهما من دونكم من سواكم قال الفراء ويعملون عملا دون ذلك أي سوى ذلك والقول الآخر لا تتخذوا بطانة من دونكم في الستر وحسن المذهب وهذا يدل على أنه يجب على أهل السنة مجانبة أهل الأهواء وترك مخالطتهم لأنهم لا يتقون في التلبيس عليهم قال الله جل وعز ( لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم ) إلى آخر الآية
119
زعم الفراء أن العرب إذا جاءت باسم مكنى فأرادت التقريب فرقت بين ها وبين الاسم المشار إليه بالاسم المكنى يقول الرجل للرجل أين أنت
____________________
(1/402)
فيقول ها أنا ذا ولا يجوز هذا عنده إلا في التقريب والمضمر وقال أبو إسحاق هو جائز في المضمر والمظهر إلا أنه في المضمر أكثر قال أبو عمرو بن العلاء ها أنتم الأصل فيه أاأنتم بهمزتين بينهما ألف كما قال
( أاأنت أم أم سالم ** )
ثم ثقل فأبدلوا من الهمزة هاءا ( أنتم ) رفع بالابتداء و ( أولاء ) الخبر ( تحبونهم ) في موضع نصب على الحال وكسرت أولاء لالتقاء الساكنين ويجوز أن يكون أولاء بمعنى الذين وتحبونهم صلة ( ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله ) عطفوالكتاب بمعنى الكتب
120
شرط ( تسؤهم ) مجازاة وكذا ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ) حذفت الياء لالتقاء الساكنين لأنك لما حذفت الضمة من الراء بقيت الراء ) ساكنة والياء ساكنة فحذفت الياء وكانت أولى بالحذف لأن قبلها ما يدل عليها وحكى الكسائي أنه سمع ضاره يضوره وأجاز ( لا يضركم ) وزعم أن في قراءة أبي بن كعب ( لا يضرركم ) فهذه ثلاثة أوجه وقرأ الكوفيون ( لا يضركم كيدهم شيئا ) بضم الراء وتشديدها وفيه ثلاثة أوجه والثلاثة ضعاف منها أن
____________________
(1/403)
يكون في موضع جزم وضم لالتقاء الساكنين واختاروا لضمة وفيه ثلاثة أوجه لضمة الضاد وهذا بعي د لأنه يشبه المرفوع والضم ثقيل وزعم الكسائي والفراء أن ذلك على إضمار الفاء كما قال
( من يفعل الحسنات الله يشكرها ** والشر بالشر عند الله مثلان )
وتقدير ثالث يكون لا يضركم أن تصبروا وأنشد سيبويه
( إنك إن يصرع أخوك تصرع ** )
فتح وزعم الفراء أنه على التقديم والتأخير وروى المفضل الضبي عن عاصم ( لا يضركم ) بفتح الراء لالتقاء الساكنين لخفة الفتح والوجه والسادس لا يضركم بكسر الراء لالتقاء الساكنين
121
قال ابن عباس هذا في يوم أحد ( إذ ) في موضع نصب أي اذكر وحكى
____________________
(1/404)
الفراء وإذي بالياء وفي قراءة ابن مسعود ( تبوىء للمؤمنين ) والمعنى واحد أي تتخذ للمؤمنين مقاعد ومنازل ولم ينصرف مقاعد لأن هذا الجمع لا نظير له في الواحد ولهذا لم يجمع ( والله سميع عليم ) ابتداء وخبر أي سميع لما قالوا عليم بما يخفون
122
( إذ ) في موضع نصب بتبوىء والمصدر هما ومهمة وهمة وهمما ( أن تفشلا ) نصب بأن فلذلك حذفت منه النون ( والله وليهما ) ابتداء وخبر ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وإن شئت كسرت اللام الأولى وهو الأصل ومعنى توكلت على الله تقويت به وتحفظت
123
جمع ذليل وجمع فعيل إذا كان نعتا على فعلاء فكرهوا أن يقولوا ذللاء لثقله فقالوا أذلة جعلوه بمنزلة الاسم نحو رغيف وأرغفة
124
وإن شئت أدغمت اللام في اللام وجاز الجمع بين ساكنين لأن أحدهما حرف مد ولين
125
تم الكلام ( إن تصبروا ) شرط ( وتتقوا ويأتوكم من فورهم ) نسق ( هذا ) نعت لفورهم ( يمددكم ) جواب ( بخمسة آلاف ) دخلت الهاء لأن الألف مذكر
____________________
(1/405)
126
لام كي أي ولتطمئن قلوبكم به جعله ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم )
127
أي بالقتل أي ليقطع طرفا نصركم ويجوز أن يكوم متعلقا بيمددكم قال أبو جعفر وقد ذكرنا ( أويكبتهم )
128
130
مصدر في موضع الحال ( مضاعفة ) نعته
وفي مصاحف أهل الكوفة
133 عطف جملة على جملة وفي مصاحف أهل المدينة بغير واو لأنه قد عرف المعنى ( وجنة عرضها السموات والأرض ) ابتداء وخبر في موضع خفض ( أعدت للمتقين )
134
نعت للمتقين وإن شئت كان على إضمار مبتدأ وإن شئت أضمرت أعني قال عبيد بن عمير السراء والضراء الرخاء والشدة ( والكاظمين الغيظ ) نسق وإن جعلت الأول في موضع رفع كان هذا منصوبا على
____________________
(1/406)
أعني مثل يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة ( والعافين عن الناس ) عطف قال أبو العالية أي عن المماليك
135
نسق ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي ليس أحد يغفر المعصية ولا يزيل عقوبتها إلا الله جل وعز ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) قيل أي وهم يعلمون أني أعاقب على الإصرار وقيل وهو قول حسن وهم يعلمون أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها وليس على الإنسان إذا لم يذكر ذنبه ولم يعلمه أن يتوب منه بعينه ولكن يعتقد أنه كلما ذكر ذنبا تاب منه
136
ابتداءان ( وجنات تجري من تحتها الأنهار ) نسق ( خالدين ) على الحال
137
السنة في كلام العرب الطريق المستقيم وفلان على السنة أي على الطريق المستقيم لا يميل إلى شيء من الأهواء
139
نهي والأصل توهنوا حذفت الواو لأن بعدها كسرة فأتبعت يوهن ( وأنتم الأعلون ) ابتداء وخبر وحذفت الواو لالتقاء الساكنين لأن الفتحة تدل عليها
____________________
(1/407)
140
وقرأ الكوفيون ( قرح ) وقرأ محمد اليماني ( قرح ) بفتح الراء قال الفراء كأن القرح ألم الجراح وكأن القرح الجراح بعينها وقال الكسائي والأخفش هما واحد قال أبو جعفر هذا مثل فقر وفقر فأما الفرح فهو مصدر قرح يقرح قرحا ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) قيل هذا في الحرب تكون مرة للمؤمنين لينصر الله دينه وتكون مرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليهم الله وليمحص ذنوبهم وقيل معنى نداولها بين الناس من فرح وغم وصحة وسقم لنكد الدنيا وفضل الآخرة عليها ( وليعلم الله الذين آمنوا ) وحذف الفعل أي وليعلم الله الذين آمنوا داولها ( ويتخذ منكم شهداء ) أي ليقتل قوم فيكونوا شهداء يوم القيامة على الناس بأعمالهم فقيل لهذا شهيد قيل إنما سمي شهيدا لأنه مشهود له بالجنة
141
نسق أيضا وفي معناه ثلاثة أقوال قيل يمحص يختبر وقال الفراء أي وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا والقول الثالث أي يمحص يخلص وهذا أعرفها قال الخليل رحمه الله يقال محص الحبل يمحص محصنا إذا انقلع
____________________
(1/408)
وبره منه اللهم محص عنا ذنوبنا أي خلصنا من عقوبتنا ( ويمحق الكافرين ) أي يستأصلهم
142
أن وصلتها يقومان مقام المفعولين ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) أي علم شهادة والمعنى ولم تجاهدوا فيعلم ذلك منكم وفرق سيبويه بين لم ولما فزعم أن لم يفعل نفي فعل وإن لما يفعل نفي قد فعل ( ويعلم الصابرين ) جواب النفي وهو عند الخليل منصوب بإضمار أن وقال الكوفيون هو منصوب على الصرف فيقال لهم ليس يخلو الصرف من أن يكون شيئا لغير علة أو لعلة فلعلة نصب ولا معنى لذكر الصرف وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) فهذا على النسق وقرأ مجاهد
14( أن ) في موضع نصب على البدل من الموت و ( قبل ) غاية
144
ابتداء وخبر وبطل عمل ما روي عن ابن عباس أنه قرأ ( قد خلت من قبله رسل ) بغير ألف ولام ( أفإن مات ) شرط ( أو قتل ) عطف عليه والجواب
____________________
(1/409)
( انقلبتم ) وكله استفهام ولم تدخل ألف الاستفهام في انقلبتم لأنها قد دخلت في الشرط والشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد وكذا المبتدأ وخبره تقول أزيد منطلق ولا تقول أزيد أمنطلق
145
أن في موضع اسم كان قال أبو إسحاق المعنى وما كان لنفس لتموت إلا بإذن الله قال أبو جعفر لنفس تبيين ولولا ذلك لكنت قد فرقت بين الصلة والموصول ( كتابا مؤجلا ) مصدر ودل بهذه الآية على أن كل إنسان مقتول أو غير مقتول قد بلغ أجله وأن الخلق لا بد أن يبلغوا آجالهم آجالا واحدة كتبها الله عليهم لأن معنى مؤجلا إلى أجل
146
قال الخليل وسيبويه هي أي دخلت عليها كاف التشبيه فصار في الكلام معنى كم فالوقف على قوله وكأين وقرأ أبو جعفر وابن كثير ( وكاإن ) وهو مخفف من ذاك وهو كثير في كلام العرب وقرأ الحسن وعكرمة وأبو رجاء
____________________
(1/410)
( ربيون ) بضم الراء قال أبو جعفر وقد ذكر سيبويه مثل هذا وقد ذكرنا معنى الآية وقرأ أبو السمال العدوي ( فما وهنوا لما أصابهم ) بإسكان الهاء وهذا على لغة من قال وهن حكى أبو حاتم وهن يهن مثل ورم يرم ويجوز ( ما ضعفوا ) بإسكان العين بحذف الضمة والكسرة لثقلها وحكى الكسائي ( وما ضعفوا ) بفتح العين ولا يجوز حذف الفتحة لخفتها
وقرأ الحسن
147 جعله اسم كان ومن نصب جعله خبر كان وجعل اسمها ( أن قالوا ) لأنه موجب
وأجاز الفراء
150 بمعنى أطيعوا الله مولاكم
151
فعل مستقبل وحذفت الضمة من الياء لثقلها وقرأ أبو جعفر والأعرج وعيسى ( سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) وهما لغتان ( مثوى الظالمين ) رفع بئس
ويجوز
152 مدغما وكذا ( إذ تحسونهم ) ( وعصيتهم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ) في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة أي منكم من يريد الغنيمة بقتاله ومنكم من يريد الآخرة بقتال ( ثم صرفكم
____________________
(1/411)
عنهم ) في هذه الآية غموض في العربية وذاك أن قوله جل وعز ثم صرفكم عنهم ليس بمخاطبة للذين عصوا وإنما هو مخاطبة للمؤمنين وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن ينصرفوا إلى ناحية الجبل ليتحرزوا إذ كان ليس فيهم فضل للقتال ( ولقد عفا عنكم ) للعاصين خاصة وهم الرماة وهذا في يوم أحد كانت الغلبة بدئا للمؤمنين حتى قتلوا صاحب راية المشركين فذلك قوله الله تبارك وتعالى ولقد صدقكم الله وعده فلما عصى الرماة النبي صلى الله عليه وسلم وشغلوا بالغنيمة صارت الهزيمة عليهم ثم عفا الله عنهم ونظير هذا من المضمر فأنزل الله سكينته عليه أي على أبي بكر الصديق قلق حتى تبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكن وأيده بجنوده لم تروها للنبي صلى الله عليه وسلم
153
وقرأ الحسن ( ولا تلون ) بواو واحدة وقد ذكرنا نظيره وروى أبو يوسف الأعشى عن أبي بكر بن عياش عن عاصم ( ولا تلوون ) بضم التاء وهي لغة شاذة ( فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ) لما صاح صائح يوم أحد قتل محمد صلى الله عليه وسلم زال غمهم بما أصابهم من القتل والجراح لغلط ما وقعوا فيه وقيل وقفهم الله جل وعز على ذنبهم فشغلوا بذلك عما أصابهم وقيل فأثابكم أن غم الكفار كما غموكم لكيلا تحزنوا بما أصابكم دونهم
____________________
(1/412)
154
أمنة منصوبة بأنزل ونعاس بدل منها ويجوز أن يكون أمنة مفعولا من أجله ونعاسا بأنزل يغشى للنعاس وتغشى للأمنة ( وطائفة ) ابتداء والخبر ( قد أهمتهم أنفسهم ) ويجوز أن يكون الخبر ( يظنون بالله غير الحق ) والواو بمعنى إذ والجملة في موضع الحال ويجوز في العربية وطائفة بالنصب على إضمار أهمت ( ظن الجاهلية ) مصدر أي يظنون ظنا مثل ظن الجاهلية وأقيم النعت مقام المنعوت والمضاف مقام المضاف إليه ( يقولون هل لنا من الأمر من شيء ) من الأولى للتبعيض والثانية زائدة ( قل إن الأمر كله لله ) اسم إن وكله توكيد وقال الأخفش بدل وقرأ أبو عمرو وابن أبي ليلى وعيسى ( قل إن الأمر كله لله ) رفع بالابتداء ولله الخبر والجملة خبر إن ( قل لو كنتم في بيوتكم ) وقرأ الكوفيون ( في بيوتكم ) بكسر الباء أبدل من الضمة كسرة لمجاورتها الياء ( لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) وقرأ أبو حيوة ( لبرز ) والمعنى لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم في اللوح المحفوظ القتل إلى مضاجعهم وقيل كتب بمعنى فرض ( وليبتلي الله ما في صدوركم ) وحذف الفعل الذي مع لام كي والمعنى وليبتلي الله ما في صدوركم فرض عليكم القتال والحرب ولم ينصركم يوم أحد ليختبر صبركم وليمحص عنكم سيئاتكم
____________________
(1/413)
155
الذين اسم إن والخبر ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) أي استدعى زللهم بأن ذكرهم خطاياهم فكرهوا الثبوت لئلا يقتلوا وقيل ببعض ما كسبوا بانهزامهم
156
جمع غاز مثل صائم وصوم ويقال غزاء كما يقال صوام ويقال غزاة وغزي كما قال
( قل للقوافل والغزي إذا غزوا ** )
وروي عن الزهري أنه قرأ ( غزى ) بالتخفيف ( ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) فيه قولان أحدهما أن المعنى أن الله جل وعز جعل ظنهم أن إخوانهم لو قعدوا عندهم ولم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ما قتلوا والقول الآخر أنهم لما قالوا هذا لم يلتفت المؤمنون إلى قولهم فكان ذلك حسرة ( والله يحيي ويميت ) أي يقدر على أن يحيى من خرج إلى القتال ويميت من أقام في أهله
____________________
(1/414)
157
قال عيسى أهل الحجاز يقولون متم وسفلى مضر يقولون متم بضم الميم قال أبو جعفر قول سيبويه أنه شاذ جاء على مت يموت ومثله عنده فضل يفضل وأما الكوفيون فقالوا من قال مت قال يمات مثل خفت تخاف ومن قال مت قال يموت وهذا قول حسن وجواب أو ( لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ) وهذا قول حسن وجواب أو ( لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ) وهو محمول على المعنى لأن معنى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ليغفرن لكم
158
فوعظهم بهذا أي لا تفروا من القتال ومما أمرتكم به وفروا من عقاب الله فإنكم إليه تحشرون لا يملك لكم أحد ضرا ولا نفعا غيره
159
ما زائدة وخفضت رحمة بالباء ويجوز أن تكون ما اسما نكرة خفضا بالباء ورحمة نعتا لما ويجوز فيما رحمة أي فبالذي هو رحمة أي لطف من الله جل وعز ( لنت لهم ) كما قال
( فكفى بنا فضلا على من غيرنا ** )
____________________
(1/415)
وغير أيضا ( ولو كنت فظا ) على فعل الأصل فظظ ( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) والمصدر مشاورة وشوار فأما مشورة وشورى فمن الثلاثي ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) وقرأ جابر بن زيد أبو الشعثاء وأبو نهيك ( فإذا عزمت ) أي فتوكل على الله أي لا تتكل على عدتك وتقول بالله ( إن الله يحب المتوكلين )
160
شرط والجواب في الفاء وما بعدها وكذا ( وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) أي فليثقوا بالله وليرضوا بجميع ما فعله هذا معنى التوكل
161
قد ذكرناه وذكرنا قراءة ابن عباس ( يغل ) ( ومن يغلل ) شرط ( يأت بما غل يوم القيامة ) جوابه أي ومن يغلل بما غله يوم القيامة يحمله على رؤوس
____________________
(1/416)
الأشهاد عقوبة له وفي هذا موعظة لكل من فعل معصية مستترا بها وتم الكلام ( ثم توفى كل نفس ) عطف جملة على جملة
ابتداء وخبر يكون هم لمن اتبع رضوان الله ودخل الجنة أي هم متفاضلون ويجوز أن يكون هم لمن اتبع رضوان الله ولمن
163
ابتداء وخبر يكون هم لمن اتبع رضوان الله ودخل الجنة أي هم متفاضلون ويجوز أن يكون هم لمن اتبع رضوان الله ولمن باء بسخطه ويكون المعنى لكل واحد منهم حظه من عمله
164
إذ ظرف والمعنى في المنة فيه أقوال منها أن يكون معنى من أنفسهم أنه بشر مثلهم فلما أظهر البراهين وهو بشر مثلهم علم أن ذلك من عند الله جل وعز وقيل من أنفسهم منهم فشرفوا به فكانت تلك المنة وقيل من أنفسهم أي يعرفونه بالصدق والأمانة فأما قول من قال معناه من العرب فذلك أجدر أن يصدقوه إذا لم يكن من غيرهم فخطأ لأنه لا حجة لهم في ذلك لو كان من غيرهم كما أنه لا حجة لغيرهم في ذلك ( يتلو عليهم ) في موضع نصب نعت لرسول
165
المصيبة التي قد أصابتهم يوم أحد أصابوا مثليهما يوم بدر وقيل
____________________
(1/417)
أصابوا مثليها يوم بدر ويوم أحد جميعا
166
قيل يعلمه ولا يعرف في هذا إلا الأذن ولكن يكون فبإذن الله فبتخليته بينكم وبينهم ( وليعلم المؤمنين )
167
وحذف الفعل أي خلى بينكم وبينهم والمنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه وانهزموا يوم أحد إلى المدينة فلما ( قيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) فأكذبهم الله جل وعز فقال ( هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون )
168
في موضع نصب على النعت للذين نافقوا أو على أعني يجوز أن يكون رفعا على إضمار مبتدأ ( قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت ) أي فكما لا تقدرون أن تدفعوا عن أنفسكم الموت كذا لا تقدرون أن تمنعوا من القتل من كتب الله جل وعز عليه أن يقتل
169
مفعولان ( بل أحياء ) أي بل هم أحياء
170
____________________
(1/418)
نصب على الحال ويجوز في غير القرآن رفعه يكون نعتا لأحياء ( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) قيل لم يلحقوا بهم في الفضل وقيل هم في الدنيا ( ألا خوف عليهم ) بدل من الذين وهو بدل الاشتمال ويجوز أن يكون المعنى بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
172
ابتداء والخبر ( للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ) ويجوز أن يكون الذين بدلا من المؤمنين وبدلا من الذين لم يلحقوا بهم
173
بدل من الذين قبله ( وقالوا حسبنا الله ) ابتداء وخبر أي كافينا الله يقال أحسبه إذا كافأه ( ونعم الوكيل ) مرفوع بنعم أي نعم القيم والحافظ الله والناصر لمن نصره
وقد ذكرنا
175
176
هذه أفصح اللغتين وقال يحزنك ويقال إن هؤلاء قوم أسلموا ثم
____________________
(1/419)
ارتدوا خوفا من المشركين فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله جل وعز ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ( إنهم لن يضروا الله شيئا ) أي لن يضروا أولياء الله حين تركوا نصرهم إذ كان الله جل وعز ناصرهم
177
مجاز جعل مما استبدلوا به من الكفر تركوه من الإسلام بمنزلة البيع والشراء
179
لام النفي وأن مضمرة إلا أنها لا تظهر ومن أحسن ما قيل في الآية أن المعنى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من اختلاط المؤمنين بالمنافقين حتى يميز بينهما بالمحنة والتكليف فتعرفوا المؤمن من المنافق والخبيث المنافق والطيب المؤمن وقيل المعنى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من الإقرار فقط حتى يفرض عليهم الفرائض وقيل هذا خطاب للمنافقين خاصة أي ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ( وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) أي ما كان ليعين لكم المنافقين حتى تعرفوهم ولكن يظهر ذلك بالتكليف والمحنة وقيل ما كان الله ليعلمكم ما يكون منهم ( ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ) فيطلعه على ما يشاء من ذلك
قرأ أهل المدينة وأكثر القراء
____________________
(1/420)
178
180
بالياء في الموضعين جميعا وقرأ حمزة بالتاء فيهما وزعم أبو حاتم أنه لحن لا يجوز وتابعه على ذلك جماعة وقرأ يحيى بن وثاب ( إنما نملي لهم ) بكسر إن فيهما جميعا قال أبو حاتم وسمعت الأخفش يذكر كسر إن يحتج به لأهل القدر لأنه كان منهم ويجعله على التقديم والتأخير أي ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم ليزدادوا إثما إنما نملي لهم خير لأنفسهم قال ورأيت في مصحف في المسجد الجامع قد زادوا فيه حرفا فصار إنما نملي لهم ليزدادوا إيمانا فنظر إليه يعقوب القارىء فتبين اللحق فحكه قال أبو جعفر التقدير على قراءة نافع أن أن تنوب عن المفعولين وأما قراءة حمزة فزعم الكسائي والفراء أنها جائزة على التكرير أي ولا تحسبن الذين كفروا لا تحسبن إنما نملي لهم قال أبو إسحاق أن بدل من الذين أي ولا يحسبن أنما نملي لهم خير لأنفسهم أي إملاءنا للذين كفروا خيرا لأنفسهم كما قال
( فما كان قيس هلكه هلك واحد ** ولكنه بنيان قوم تهدما )
قال أبو جعفر قراءة يحيى بن وثاب بكسر إن فيهما جميعا حسنة كما تقول حسبت عمرا أبوه خارج فأما { ولا يحسبن الذين يبخلون } آية
____________________
(1/421)
180 على قراءة نافع فالذين في موضع رفع والمفعول الأول محذوف قال الخليل وسيبويه والكسائي والفراء والمعنى البخل هو خيرا لهم وهو زائدة عماد عند الكوفيين وفاصلة عند البصريين ومثل هذا المضمر قول الشاعر
( إذا نهي السفيه جرى إليه ** وخالف والسفيه إلى خلاف )
لما أن قال السفيه دل على السفل فأضمره ولما قال جل وعز يبخلون دل على البخل ونظيره قول العرب من كذب كان شرا له فأما قراءة حمزة ( ولا تحسبن الذين يبخلون ) فبعيدة جدا وجوازها أن يكون التقدير ولا تحسبن الذين يبخلون مثل وسئل القرية ويجوز في العربية وهو خير لهم ابتداء وخبر ( بل هو شر لهم ) ابتداء وخبر وكذا ( ولله ميراث السموات والأرض ) وكذا ( والله بما تعملون خبير ) البخل والبخل في اللغة أن يمنع الإنسان الحق الواجب عليه فأما من منع ما لا يجب عليه فليس ببخيل لأنه لا يذم بذلك وأهل الحجاز يقولون يبخلون وقد بخلوا وسائر العرب يقولون بخلوا يبخلون وبعض بني عامر يقولون يجدبي أي يجتبي فيبدلون من التاء دالا إذا كان قبلها جيم ويقولون يجدلدون أي يجتلدون
181
____________________
(1/422)
وإن شئت أدغمت الدال في السين لقربها منها ( قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ) كسرت إن لأنها حكاية وبعض العرب يفتح قال أهل التفسير لما أنزل الله جل وعز من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال قوم من اليهود إن الله فقير يقترض منا وإنما قالوا هذا تمويها على ضعفائهم لا إنهم يعتقدون هذا لأنهم أهل كتاب ولكنهم كفروا بهذا القول لأنهم أرادوا تشكيك المؤمنين وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم أي إنه فقير على قول محمد صلى الله عليه وسلم لأنه اقترض منا ( سنكتب ما قالوا ) نصب بسنكتب وقرأ الأعمش وحمزة ( سيكتب ما قالوا ) فما ههنا اسم ما لم يسم فاعله واعتبر حمزة بقراءة ابن مسعود ( ويقال ذوقوا عذاب الحريق ) ( وقتلهم الأنبياء بغير حق ) أي ونكتب قتلهم أي رضاهم بالقتل ( ونقول ذوقوا عذاب الحريق ) أي نوبخهم بهذا
182
حذفت الضمة من الياء لثقلها
183
في موضع خفض بدلا من الذين في قوله لقد سمع الله قول الذين قالوا ( ألا نؤمن ) في موضع نصب قال الملهم صاحب الأخفش من أدغم بغنة كتب أن لا منفصلا ومن أدغم بغير غنة كتب ألا متصلا وقيل بل يكتب منفصلا
____________________
(1/423)
لأنها أن دخلت عليها لا وقيل من نصب الفعل كتبها متصلة ومن رفع كتبها منفصلة ( حتى يأتينا ) نصب بحتى وقرأ عيسى بن عمر ( بقربان ) بضم الراء إن جمعت قربانا قلت قرابين وقرابنة ( قل قد جاءكم رسل من قبلي ) على تذكير الجميع أي جاء أوائلكم وإذا جاء أوائلهم فقد جاءهم ( بالبينات ) بالآيات المعجزات ( بالذي قلتم ) بالقربان ( فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ) أي إن كنتم صادقين إن الله جل وعز عهد إليكم ألا تؤمنوا حتى تؤتوا بقربان تأكله النار
184
شرط ( فقد كذب رسل من قبلك ) جوابه فهذا تعزية له صلى الله عليه وسلم
185
ابتداء وخبر ( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) ما كافة ولا يجوز أن تكون بمعنى الذي ولو كان ذلك لقلت أجوركم فرفعت على خبر إن وفرقت بين الصلة والموصول ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) ابتداء وخبر أي أنها فانية فهي بمنزلة ما يغر ويخدع
186
لاما قسم فإن قيل لم ثبتت الواو في لتبلون وحذفت من
____________________
(1/424)
لتسمعن فالجواب أن الواو في لتبلون قبلها فتحة فحركت لالتقاء الساكنين ولم يجز حذفها لأنه ليس قبلها ما يدل عليها وحذفت في ولتسمعن لأن قبلها ما يدل عليها ولا يجوز همز الواو في لنبلون لأن حركتها عارضه
187
على حكاية الخطاب وقرأ أبو عمرو وعاصم بالياء لأنهم غيب والهاء كناية عن الكتاب وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم أي عن أمره
188
وروى الحسين بن علي الجعفي عن الأعمش ( بما آتوا ) أي أعطوا قيل يراد بهذا اليهود وفي قراءة أبي ( بما فعلوا ) وقال ابن زيد هم المنافقون كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم نخرج ونحارب معك ثم يتخلفون ويعتذرون ويفرحون بما فعلوا لأنهم يرون أنهم قد تمت لهم الحيلة ( فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ) كرر تحسبن لطول الكلام ليعلم أنه يراد الأول كما تقول لا تحسب زيدا إذا جاءك وكلمك لا تحسبه مناصحا
189
ابتداء وخبر وكذا ( والله على كل شيء قدير )
____________________
(1/425)
190
في موضع نصب على أنه اسم إن ( لأولي ) خفض باللام وزيدت فيها الواو فرقا بينها وبين إلى ( الألباب ) خفض بالإضافة وحكى سيبويه عن يونس قد لببت ولا يعرف في المضاعف سواه
191
في موضع خفض على النعت لأولي الألباب ( قياما وقعودا ) نصب على الحال ( وعلى جنوبهم ) في موضع حال أي مضطجعين ( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ) أي ليكون ذلك أزيد في بصائرهم ويكون ويتفكرون عطفا على الحل أو على يذكرون أو منقطعا ( ربنا ما خلقت هذا باطلا ) أي ما خلقته من أجل باطل أي خلقته دليلا عليك والتقدير يقولون باطلا مفعول من أجله ( سبحانك ) أي تنزيها لك من أن يكون خلقت هذا باطلا حدثنا عبد السلام بن أحمد بن سهل قال حدثنا محمد بن علي بن مح رر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الثوري عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى سبحان الله فقال تنزيه الله عن السوء سبحانك مصدر وأضيف على أنه نكرة
193
نداء مضاف ( أن آمنوا بربكم ) في موضع نصب أي بأن آمنوا ( وتوفنا مع
____________________
(1/426)
الأبرار ) المعنى وتوفنا أبرارا مع الأبرار ومثل هذا الحذف كله قوله
( كأنك من جمال بني أقيش ** يقعقع خلف رجليه بشن )
وواحد الأبرار بار كما يقال صاحب وأصحاب ويجوز أن يكون واحدهم برا مثل كتف وأكتاف
194
أي على ألسن رسلك مثل وسئل القرية
195
أي بأني وقرأ عيسى بن عمر ( فاستجاب لهم ربهم إني ) بكسر الهمزة أي فقال إني ( بعضكم من بعض ) ابتداء وخبر أي دينكم واحد فالذين هاجروا ) ابتداء ( وأخرجوا من ديارهم ) أي في طاعة الله جل وعز ( وقاتلوا ) أي قاتلوا أعدائي ( وقتلوا ) أي في سبيلي وقرأ ابن كثير وابن عامر ( وقاتلوا وقتلوا ) على التكثير وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( وقتلوا وقاتلوا ) لأن الواو لا تدل على أن الثاني بعد الأول قال هارون القارىء حدثني يزيد بن
____________________
(1/427)
حازم عن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه أنه قرأ ( وقتلوا وقتلوا ) خفيفة بغير ألف ( لأكفرن عنهم سيئاتهم ) أي لأسترنها عليهم في الآخرة فلا أوبخهم بها ولا أعاقبهم عليها ( ثوابا من عند الله ) مصدر موكد عند البصريين وقال الكسائي وهو منصوب على القطع وقال الفراء هو مفسر
196
نهي مؤكد بالنون الثقيلة وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب ( لا يغرنك ) بنون خفيفة
197
أي ذلك متاع قليل أي ابتداء وخبر وكذا ( مأواهم جهنم ) والجمع مآو
198
في موضع رفع بالابتداء وقرأ يزيد بن القعقاع ( لكن الذين اتقوا ) بتشديد النون ( نزلا من عند الله ) مثل ثوابا عند البصريين وقال الكسائي يكون مصدرا وقال الفراء هو مفسر وقرأ الحسن ( نزلا ) بإسكان الزاي وهي لغة تميم وأهل الحجاز وبنو أسد يثقلون
____________________
(1/428)
199
اسم إن واللام توكيد قال الضحاك وما أنزل إليكم القرآن وما أنزل إليهم التوراة والإنجيل قال الحسن نزلت في النجاشي ( خاشعين لله ) حال من المضمر الذي في يؤمن وقال الكسائي يكون قطعا من من لأنها معرفة وتكون قطعا من وما أنزل إليهم قال الضحاك خاشعين أي أذلة
200
أمر فلذلك حذفت منه النون ( وصابروا ورابطوا ) عطف عليه وكذا ( واتقوا الله ) أي لا يكن وكدكم الجهاد فقط اتقوا الله في جميع أموركم ( لعلكم تفلحون ) أي لتكونوا على رجاء من الفلاح قال الضحاك الفلاح البقاء
____________________
(1/429)
4
1
( يا ) حرف ينادى به وقد يجوز أن يحذف إذا كان المنادى يعلم بالنداء و ( أي ) نداء مفرد و ها تنبيه ( الناس ) نعت لأي لا يجوز نصبه على الموضع لأن الكلام لا يتم قبله إلا على قول المازني وزعم الأخفش أن أيا موصولة بالنعت ولا تعرف الصلة إلا جملة ( اتقوا ربكم ) أمر فلذلك حذفت منه النون ( الذي خلقكم ) في موضع نصب على النعت ( من نفس واحدة ) أنثت على اللفظ ويجوز في الكلام من نفس واحد وكذا ( وخلق منها زوجها وبث منهما ) المذكر والمؤنث في التثنية على لفظ واحد في العلامة وليس كذا الجمع لاختلافه واتفاق التثنية ( واتقوا الله الذي تساءلون به ) هذه قراءة أهل المدينة بإدغام التاء في السين وقراءة أهل الكوفة ( تساءلون ) بحذف التاء لاجتماع تاءين ولأن المعنى يعرف ومثله إذ تلقونه بألسنتكم ( والأرحام )
____________________
(1/430)
عطف أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها وقرأ إبراهيم وقتادة وحمزة ( والأرحام ) بالخفض وقد تكلم النحويون في ذلك فأما البصريون فقال رؤساؤهم هو لحن لا تحل القراءة به وأما الكوفيون فقالوا هو قبيح ولم يزيدوا على هذا ولم يذكروا علة قبحه فيما علمته وقال سيبويه لم يعطف على المضمر المخفوض لأنه بمنزلة التنوين وقال أبو عثمان المازني المعطوف والمعطوف عليه شريكان لا يدخل في أحدهما إلا ما دخل في الآخر فكما لا يجوز مررت بزيد وك وكذا لا يجوز مررت بك وزيد وقد جاء في الشعر كما قال
( فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ** فاذهب فما بك والأيام من عجب )
وكما قال
( وما بينها والكعب غوط نفانف ** )
وقال بعضهم والأرحام قسم وهذا خطأ من المعنى والإعراب لأن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على النصب روى شعبة عن عون بن أبي جحيفة
____________________
(1/431)
عن المنذر بن جرير عن أبيه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء قوم من مصر حفاة عراة فرأيت وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لما رأى في فاقتهم ثم صلى الظهر وخطب الناس فقال يا أيها الناس اتقوا ربكم والأرحام ثم قال تصدق رجل بديناره تصدق رجل بدرهمه تصدق رجل بصاع تمره وذكر الحديث فمعنى هذا على النصب لأنه حضهم على صلة أرحامهم وأيضا فلو كان قسما كان قد حذف منه لأن المعنى ويقولون بالأرحام أي ورب الأرحام ولا يجوز الحذف إلا أن لا يصح الكلام إلا عليه وأيضا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله فكما لا يجوز أن تحلف إلا بالله كذا لا يجوز أن تستحلف إلا بالله فهذا يرد قول من قال المعنى أسألك بالله وبالرحم وقد قال أبو إسحاق معنى تساءلون به تطلبون حقوقكم به ولا معنى للخفض على هذا والرحم مؤنثة ويقال رحم ورحم ورحم ورحم ( إن الله كان عليكم رقيبا ) قال ابن عباس أي حفيظا قال أبو جعفر يقال رقب الرجل وقد رقبته رقبة ورقبانا
2
مفعولان ولا يقال يتيم إلا لمن بلغ دون العشر وقيل لا يقال يتيم
____________________
(1/432)
إلا لمن لم يبلغ الحلم يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتم بعد بلوغ ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) أي لا تأكلوا أموال اليتامى وهي محرمة خبيثة وتدعوا الطيب وهو ما لكم ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أي لا تجمعوا بينهما فتأكلوهما ( إنه كان حوبا كبيرا ) وقرأ الحسن ( حوبا ) قال الأخفش وهي لغة بني تميم والحوب المصدر وكذا الحيابة والحوب الاسم وقرأ ابن محيصن ( ولا تبدلوا ) أدغم التاء في التاء وجمع بين ساكنين وذلك جائز لأن الساكن الأول حرف مد ولين ولا يجوز هذا في قوله نارا تلظى
3
شرط أي إن خفتم ألا تعدلوا في مهورهن في النفقة عليهن ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) فدل بهذا على أنه لا يقال نساء إلا لمن بلغ الحلم واحد النساء نسوة ولا واحد لنسوة من لفظه ولكن يقال امرأة ويقال كيف جاءت
____________________
(1/433)
ما للآدميين ففي هذا جوابان قال الفراء ما ههنا مصدر وهذا بعيد جدا لا يصح فانكحوا الطيبة وقال البصريون ما تقع للنعوت كما تقع ما لما لا يعقل يقال ما عندك فيقال ظريف وكريم فالمعنى فانكحوا الطيب من النساء أي الحلال وما حرمه الله فليس بطيب ( مثنى وثلاث ورباع ) في موضع نصب على البدل من ما ولا ينصرف عند أكثر البصريين في معرفة ولا نكرة لأن فيه علتين إحداهما أنه معدول قال أبو إسحاق والأخرى أنه معدول عن مؤنث وقال غيره العلة أنه معدول يؤدي عن التكرير صح أنها لا تكتب وهذا أولى قال الله عز وجل أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع فهذا معدول عن مذكر وقال الفراء لم ينصرف لأن فيه معنى الإضافة والألف واللام وأجاز الكسائي والفراء صرفه في العدد على أنه نكرة وزعم الأخفش أنه إن سمي به صرفه في المعرفة والنكرة لأنه قد زال عنه العدل ( فإن خفتم ) في موضع جزم بالشرط ( ألا تعدلوا ) في موضع نصب بخفتم ( فواحدة ) أي فانكحوا واحدة وقرأ الأعرج ( فواحدة ) بالرفع قال الكسائي التقدير فواحدة تقنع ( أو ما ملكت أيمانكم ) عطف على واحدة ( ذلك أدنى ) ابتداء وخبره ( ألا تعولوا ) في موضع نصب
4
مفعولان الواحدة صدقة قال الأخفش وبنو تميم يقولون صدقة
____________________
(1/434)
والجمع صدقات وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت قال المازني يقال صداق المرأة بالكسر ولا يقال بالفتح وحكى يعقوب وأحمد بن يحيى الفتح ( فإن طبن لكن عن شيء منه نفسا ) مخاطبة للأزواج وزعم الفراء أنه مخاطبة للأولياء لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يعطون المرأة منه شيئا فلم يبح لهم منه إلا ما طابت به نفس المرأة قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأنه لم يجر للأولياء ذكر ( نفسا ) منصوبة على البيان ولا يجيز سيبويه ولا الكوفيون أن يتقدم ما كان منصوبا على البيان وأجاز المازني وأبو العباس أن يتقدم إذا كان العالم فعلا وأنشد
( وما كان نفسا بالفراق تطيب ** )
وسمعت أبا إسحاق يقول إنما الرواية وما كان نفسي ( فكلوه هنيئا مريئا ) منصوب على الحال من الهاء يقال هنؤ الطعام ومرؤ فهو هنيء مريء على فعيل وهنيء يهنأ فهو هني على فعل والمصدر على فعل وقد هنأني ومرأني فإن أفردت قلت أمرأني بالألف
____________________
(1/435)
5
روى سالم الأفطس عن سعيد بن جبير ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال يعني اليتامى لا تؤتوهم أموالهم كما قال ولا تقتلوا أنفسكم وهذا من أحسن ما قيل في الآية وشرحه في العربية ولا تؤتوا السفهاء الأموال التي تملكونها ويملكونها كما قال ونساء المؤمنين وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال أولادكم لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها ويبقوا بلا شيء وروى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال النساء قال أبو جعفر وهذا القول لا يصح إنما تقول العرب في النساء سفائه وقد قيل ولا تؤتوا السفهاء أموالكم مخاطبة للأوصياء أضيفت الأموال إليهم وإن كانت ليست لهم على السعة لأنها في أيديهم كما يقال بسر النخلة وماء البئر وقيل ولا تؤتوا السفهاء أموالكم حقيقة أي لا تعطوهم الأموال التي تملكونها وهذا بعيد لأن بعده ( وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا ) مصدر ونعته قرأ إبراهيم النخعي ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم اللاتي جعل الله لكم ) على جمع التي وقراءة العامة ( التي ) على لفظ الجماعة قال الفراء الأكثر في كلام العرب النساء اللواتي والأموال التي وكذلك غير الأموال قرأ أهل الكوفة ( قياما ) وقرأ أهل المدينة ( قيما ) وقرأ عبد الله بن عمر ( قواما ) زعم الفراء والكسائي أن
____________________
(1/436)
قياما مصدر أي ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم فتقومون بها قياما وقال الأخفش المعنى قائمة بأموركم يذهب إلى أنه جمع وقيما وقواما عند الكسائي والفراء بمعنى قياما وقال البصريون قيم جمع قيمة أي جعلها الله قيمة للأشياء
6
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ( رشدا ) وهو مصدر رشد ورشد مصدر رشد وكذا الرشاد ( ولا تأكلوها إسرافا ) مفعول من أجله وقد يكون مصدرا في موضع الحال ( وبدارا ) عطف عليه أن يكبروا في موضع نصب ببدار ( ومن كان غنيا فليستعفف ) شرط وجوابه وكذا ( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ) يجازى بإذا في الشعر لأنها تحتاج إلى جواب ولا يليها إلا الفعل مظهرا أو مضمرا ولم يجاز بها في غير الشعر عند الخليل وسيبويه لأن ما بعدها مخالف لما بعد حروف الشرط لأنه محصل قال الخليل تقول آتيك إذا احمر البسر ولا تقول إن احمر البسر
7
في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة ( مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) قال أبو إسحاق نصيبا مفروضا نصب على الحال وقال الأخفش والفراء هو مصدر كما تقول فرضا ولو كان غير مصدر لكان مرفوعا على
____________________
(1/437)
النعت لنصيب
8
يبعد أن يكون هذا على الندب لأن الندب لا يكون إلا بدليل أو إجماع أو توقيف فأحسن ما قيل فيه أن الله جل وعز أمر إذا حضر أولوا القربى ممن لا يرث أن يعطيه من يرث شكرا لله جل وعز على تفضيله إياه
9
جزم بالأمر فلذلك حذفت منه الألف قال سيبويه لئلا يشبه المجزوم المرفوع والمنصوب وأجاز الكوفيون حذف اللام مع الجزم وأجاز ذلك سيبويه في الشعر وأنشد الجميع
( محمد تفد نفسك كل نفس ** إذا ما خفت من أمر تبالا )
وزعم أبو العباس أن هذا لا يجوز لأن الجازم لا يضمر
10
اسم إن والخبر ( إنما يأكلون في بطونهم نارا ) وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية ابن عباس ( وسيصلون ) على ما لم يسم فاعله وقرأ أبو حيوة
____________________
(1/438)
( وسيصلون ) على التكثير
11
خبر فيه معنى الإلزام ثم بين الذي أوصاهم به فقال ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) مثل رفع بالابتداء أو بالصفة ويجوز النصب في غير القرآن على إضمار فعل ( فإن كن نساء ) خبر كان أي فإن كان الأولاد نساءا ( فوق اثنتين ) قال أبو جعفر قد ذكرنا فيه أقوالا منها أن فوقا زائدة وهو خطأ لأن الظروف ليست مما يزداد لغير معنى ومنها الاحتجاج للأخوات ولا حجة فيه لأن ذلك إجماع فهو مسلم لذلك ومنها أنه إجماع وهو مردود لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنين النصف لأن الله جل وعز قال فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك قال فلا أعطى البنتين الثلثين ومنها أن أبا العباس قال في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين قال لما كان للواحد مع الابن الواحد الثلث علمنا أن للابنتين الثلثين وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط لأن الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة فيقول مخالفه إذا ترك ابنتين وابنا فللبنتين النصف فهذا دليل على أن هذا فرضهما وأقوى الاحتجاج في أن للبنتين الثلثين الحديث المروي لغة أهل الحجاز وبني أسد الثلث والربع إلى العشر ولغة بني تميم وربيعة الثلث بإسكان اللام إلى العشر ويقال ثلثت القوم أثلثهم وثلثت الدراهم أثلثها إذا أتممتها ثلاثة وأثلثت هي إلا أنهم قالوا في المائة والألف مأيتها وأمأت وآلفتها وألفت ( وإن كانت واحدة فلها النصف )
____________________
(1/439)
وهذه قراءة حسنة أي وإن كانت المولودة واحدة مثل فإن كن نساءا وقرأ أهل المدينة ( وإن كانت واحدة ) تكون كانت بمعنى وقعت مثل كان الأمر وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ( فلها النصف ) وقرأ أهل الكوفة ( فلإمه الثلث ) وهذه لغة حكاها سيبويه قال الكسائي هي لغة كثير من هوازن وهذيل قال أبو جعفر لما كانت اللام مكسورة وكانت متصلة بالحرف كرهوا ضمة بعد كسرة فأبدلوا من الضمة كسرة لأنه ليس في الكلام فعل ومن ضم جاء به على الأصل ولأن اللام تنفصل لأنها داخلة على الاسم قرأ مجاهد وعاصم وابن كثير ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) على ما لم يسم فاعله وقرأ الحسن ( يوصى بها ) على التكثير ( فريضة ) مصدر ( إن الله ) اسم إن ( كان عليما ) خبر كان واسم كان فيها مضمر والجملة خبر إن ويجوز في غير القرآن إن الله كان عليم حكيم على الغاء كان وأهل التفسير يقولون معنى كان عليما حكيما لم يزل ومذهب سيبويه أنهم رأوا حكمة وعلما فقيل لهم إن الله كان كذلك وقال أبو العباس ليس في قوله كان دليل على نفي الحال والمستقبل وقيل كان يخبر بها عن الحال كما قال جل وعز كيف نكلم من كان في المهد صبيا
12
ابتداء أو بالصفة قال الأخفش سعيد في ( وإن كان رجل يورث كلالة ) إن
____________________
(1/440)
شئت نصبت كلالة على أنه خبر كان وإن شئت جعلت كان بمعنى وقع وجعلت يورث صفة لرجل وكلالة نصب على الحال كما تقول يضرب قائما قال أبو جعفر تكلم الأخفش على أن الكلالة هو الميت فإن كان للورثة قدرته ذا كلالة ( أو امرأة ) ويقال مرأة وهو الأصل ( وله أخ ) الأصل أخو يدل على ذلك أخوان فحذف منه وغير على غير قياس وقال محمد بن يزيد حذف منه للتثبت والأصل في أخت أخوة قال الفراء ضم أول أخت لأن المحذوف منها واو وكسر أول بنت لأن المحذوف منها ياء ( فلكل واحد منهما السدس ) ابتداء أو بالصفة ( غير مضار ) نصب على الحال أي يوصي بها غير مضار وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الموصى بأكثر من الثلث مضار ( وصية ) مصدر ( والله عليم ) أي بمن أطاعه ( حليم ) أي عمن عصاه فأما قوله جل وعز إن الله كان عليما حكيما فقيل معناه عليما بما لكم فيه من المصلحة حكيما بما قسم من هذه الأموال وقال الحسن إن الله كان عليما بخلقه قبل أن يخلقهم حكيما بما يدبرهم به
13
ابتداء وخبر ( ومن يطع الله ورسوله ) شرط ( يدخله ) مجازاة ويجوز في الكلام يدخلهم على المعنى ويجوز ومن يطيعون
15
ابتداء والخبر ( فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) ولا يجوز أن تكون اللاتي إلا النساء ( فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت ) قال أبو جعفر قد بينا أن هذا منسوخ فإن المرأة كانت إذا زنت حبست فنسخ ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل
____________________
(1/441)
الله لهن سبيلا ولولا الحديث لكان الحبس واجبا مع الضرب ونسخ عن الزانية المحصنة الحبس بالرجم والرجم سنة فقد نسخ القرآن الحديث بلا مدفع
16
الأولى أن يكون هذا للرجلين فأما أن يكون للرجل والمرأة على أن يغلب المذكر على المؤنث فبعيد لأنه لا يخرج الشيء إلى المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة وزعم قوم أن قوله ( فاذوهما ) منسوخ وقيل وهو أولى إنه ليس بمنسوخ وإنه واجب أن يؤذيا بالتوبيخ فيقال لهما فجرتما وفسقتما وخالفتما أمر الله جل وعز
17
قيل هذا لكل من عمل ذنبا وقيل هذا لمن جهل فقط والتوبة لكل من عمل ذنبا في موضع آخر
18
قال أبو جعفر الآية مشكلة والإعراب يبين معناها فقوله جل وعز ( ولا الذين يموتون وهم كفار ) عطف على الذين يعملون السيئات وفي معناه ثلاثة أقوال فأكثر الناس على أن معنى السيئات ههنا لما دون الكفر أي ليست التوبة لمن عمل دون الكفر من السيئات ثم تاب عند الموت ولا لمن مات كافرا فتاب يوم
____________________
(1/442)
القيامة ويجوز أن يكون معنى ولا الذين يموتون ولا الذين يقاربون الموت وقيل الذين يعملون السيئات الكفار وغيرهم ثم خص الكفار كما قال جل وعز فيهما فاكهة ونخل ورمان وقول ثالث يكون الذين يعملون السيئات الكفار فيكون المعنى وليست التوبة للكفار الذين يتوبون عند الموت ولا الذين يموتون وهم كفار
19
أن في موضع رفع أي وراثة النساء و النساء منصوبات على أحد معنيين يكون بمعنى أن ترثوا من النساء كما ترثوا الأموال وقد رويا جميعا في التفسير روى أبو صالح عن ابن عباس قال لما مات أبو قيس بن الأسلت جاء ابنه فألقى على امرأة أبيه رداءه وقال قد ورثتها كما ورثت ماله وكان هذا حكمهم فإن شاء دخل بها بلا صداق وإن شاء زوجها وأخذ صداقها فأنزل الله جل وعز يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها وفي رواية أخرى كان الرجل يتزوج المرأة فإذا مات عنها قبل أن يدخل بها منعها ابنه من التزويج حتى يرث منها ( كرها ) مصدر في موضع الحال ( ولا تعضلوهن ) يجوز أن يكون معطوفا وفي قراءة عبد الله ( ولا أن تعضلوهن ) ويجوز أن يكون كرها تمام الكلام ثم ابتدأ النهي فقال ولا تعضلوهن وذلك أن يكون عند الرجل امرأة لا يريدها فيعضلها أي لا يطلقها لتفتدي منه فذلك محظور عليه قال ابن السلماني نزلت لا
____________________
(1/443)
يحل لكم أن ترثوا النساء كرها في أمر الجاهلية ونزلت ولا تعضلوهن في أمر الإسلام وقال ابن سيرين وأبو قلابة لا يحل له أن يأخذ منها فدية إلا أن يجد على بطنها رجلا قال الله جل وعز ( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) وقال الضحاك وقتادة الفاحشة المبينة النشوز أي فإذا نشزت كان له أن يأخذ الفدية وقول ثالث إلا أن يأتين بفاحشة مبينة إلا أن يزنين فيحبسن في البيوت فيكون هذا قبل النسخ وأن في موضع نصب على جميع الأقوال لأنها استثناء ليس من الأول
20
مصدر في موضع الحال ( وإثما ) معطوف عليه ( مبينا ) من نعته
21
جملة في موضع الحال
22
استثناء ليس من الأول ( إنه كان فاحشة ) خبر كان ويجوز الرفع على الغاء كان في غير القرآن ( وساء سبيلا ) منصوب على البيان
23
جمع أمهة يقال أم وأمهة بمعنى واحد وجاء القرآن بهما ( أمهاتكم ) اسم ما لم يسم فاعله يقوم مقام الفاعل قال محمد بن يزيد لأنه مع الفعل جملة كالفاعل ولا يستغني عنه الفعل كما لا يستغني عن الفاعل ( وبناتكم ) عطف جمع بنة والأصل بنية والمستعمل ابنة وبنت قال الفراء كسرت الباء من بنت لتدل الكسرة على حذف الياء ( وأخواتكم ) عطف جمع أخوة
____________________
(1/444)
( وعماتكم ) عطف عليه إلى قوله ( وأن تجمعوا بين الأختين ) أن في موضع رفع أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين ( إلا ما قد سلف ) استثناء ليس من الأول
24
عطف وقد بينا أنهن ذوات الأزواج يقال امرأة محصنة أي متزوجة ومحصنة أي حرة ومنه والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ومحصنة ومحصنة وحصان أي عفيفة كما قال حسان بن ثابت في عائشة رضي الله عنها
( حصان رزان ما تزن بريبة ** وتصبح غرثى من لحوم الغوافل )
وأصل هذا من قولهم مدينة حصينة أي منيعة فالمحصنة ذات الزوج قد منعها زوجها أن تزوج غيره والمحصنة الحرة لأن الإحصان يكون بها والعفيفة الممتنعة من الفسق ( إلا ما ملكت أيمانكم ) استثناء من موجب ( كتاب الله عليكم ) مصدر على قول سيبويه نصبا وقيل هو إغراء أي الزموا كتاب الله ويجوز الرفع أي هذا فرض الله ( وأحل لكم ما وراء ذلكم ) أي كتب الله ذلك
____________________
(1/445)
عليكم وأحل لكم ويقرأ ( وأحل لكم ) ردا على حرمت عليكم ( ما وراء ذلكم ) مفعول ( أن تبغوا ) بدل من ما ويجوز أن يكون المعنى لأن وتحذف اللام فتكون أن في موضع نصب أو خفض ( محصنين ) نصب على الحال ( فما استمتعتم به منهن ) شرط والجواب ( فآتوهن أجورهن فريضة ) مصدر
25
مفعول ( أن ينكح ) في موضع نصب أي إلى أن ينكح ( المحصنات ) الحرائر ولا الإماء فما ملكت أيمانكم فلينكح من هذا الجنس ( بعضكم من بعض ) ابتداء وخبر ويجوز أن يكون مرفوعا بينكح بعضكم من بعض أي فلينكح هذا فتاة هذا فيكون مقدما ومؤخرا أي فمن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فلينكح بعضكم من بعض من فتياتكم المؤمنات و بعضكم مرفوع بهذا التأويل محمول على المعنى ( فإذا أحصن ) صحيحة عن ابن عباس وفسرها تزوجن وقال ابن مسعود فإذا أحصن أي أسلمن وقال عاصم الجحدري فإذا أحصن أي أحصن أنفسهن وهذا أحسن ما قيل في هذه القراءة وقال هارون القارىء حدثني معمر قال سألت الزهري عن قوله فإذا أحصن أو أحصن فقال القراءة أحصن ومعنى أحصن عففن وقيل أسلمن قال أبو جعفر وهذا غير معروف عن الزهري إلا من هذا الطريق ولا يصح له معنى لا يكون فإذا عففن ( فإن أتين بفاحشة ) وكذا
____________________
(1/446)
يبعد ( من فتياتكم المؤمنات ) فإذا أسلمن والصحيح ما رواه يونس عن الزهري قال سألته عن الأمة تزني فقال إذا كانت متزوجة جلدت بالكتاب فإذا كانت غير متزوجة جلدت بالسنة وروى معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة التي لم تحصن فقال إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم قال في الثالثة أو الرابعة وبيعوها ولو بضفير فهذا يبين أن الله عز وجل لما أوجب على الأمة إذا زنت وقد تزوجت نصف حد الحرة أشكل عليهم أمرها إذا لم تتزوج فسألوا عنه فأجيبوا أن عليها ما على المتزوجة فتبين من هذا أن الإحصان ههنا التزويج وقد قيل إن المعنى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يعني به المتزوجات وأن على المتزوجة الحرة إذا زنت ضرب مئة بكتاب الله جل وعز والرجم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجم لا يتبعض فوجب أن يكون عليها نصف الجلد ( وأن تصبروا خير لكم ) ابتداء وخبر أي الصبر خير لكم ( والله غفور رحيم ) ابتداء وخبر
26
أي ليبين لكم أمر دينكم وما يحل لكم وما يحرم عليكم وقال بعد هذا يريد الله أن يخفف عنكم فجاء هذا بأن والأول باللام فقال الفراء العرب تأتي باللام على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت فيقولون أردت أن تفعل وأردت لتفعل لأنهما يطلبان المستقبل ولا يجوز ظننت لتفعل لأنك تقول
____________________
(1/447)
ظننت أن قد قمت قال أبو إسحاق وهذا خطأ ولو كانت اللام بمعنى أن لدخلت عليها لام أخرى كما تقول جئت كي تكرمني ثم تقول جئت لتكرمني وأنشدنا
( أردت لكيما يعلم الناس أنها ** سراويل قيس والوفود شهود )
قال والتقدير أراد به ليبين لكم قال أبو جعفر وزاد الأمر على هذا حتى سماها بعض القراء لام أن وقيل المعنى يريد الله هذا من أجل أن يبين لكم مثل وأمرت لأعدل بينكم ( ويهديكم سنن الذين من قبلكم ) قال بعض أهل النظر في هذا دليل على أن كل ما حرم قبل هذه الآية علينا قد حرم على من كان قبلنا قال أبو جعفر وهذا غلط لأنه قد يكون المعنى ويبين لكم أمر من قبلكم ممن كان يجتنب ما نهي عنه وقد يكون يبين لكم كما بين لمن قبلكم من الأنبياء ولا يومى به إلى هذا بعينه
____________________
(1/448)
27
ابتداء وخبر وأن في موضع نصب بيريد وكذا
28 ( وخلق الإنسان ) اسم ما لم يسم فاعله ( ضعيفا ) على الحال ومعناه أن هواه يستميله وشهوته وغضبه يستخفانه وهذا أشد الضعف فاحتاج إلى التخفيف
29
أي بالظلم ويدخل في هذا القمار وكل ما نهي عنه ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقرأ الكوفيون ( تجارة ) بالنصب وهو اختيار أبي عبيد قال أبو جعفر النصب بعيد من جهة المعنى والإعراب فأما المعنى فإن هذه التجارة الموصوفة ليس فيها أكل الأموال بالباطل فيكون النصب وأما الإعراب فيوجب الرفع لأن أن ههنا في موضع نصب لأنها استثناء ليس من الأول وتكون صلتها والعرب تستعملها ههنا بمعنى وقع فيقولون جاءني القوم إلا أن يكون زيد ولا يكاد النصب يعرف ( ولا تقتلوا أنفسكم ) نهي ( إن الله كان بكم رحيما ) أي فبرحمته نهاكم عن هذا ومنع بعضكم من بعض
30
أي من يقتل نفسه ويجوز أن يكون المعنى من يفعل شيئا مما تقدم النهي
____________________
(1/449)
عنه ( فسوف نصليه نارا ) حذفت الضمة من الياء لثقلها ( وكان ذلك على الله يسيرا ) اسم كان وخبرها
31
جمع كبيرة وهمز الجمع لالتقاء الساكنين ولم يكن للياء خط في التحريك فتحرك ومعنى اجتنبت الشيء تركته جانبا ( نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم ) عطف ويجوز في غير القرآن النصب على الصرف عند الكوفيين وبإضمار أن عند البصريين ويجوز الرفع بقطعه من الأول قرأ أبو عمرو وأكثر الكوفيين ( وندخلكم مدخلا ) وهو المصدر وقرأ أهل المدينة وعاصم ( وندخلكم مدخلا ) بمعنى فتدخلون مدخلا كريما
32
نهى الله جل وعز عن الحسد والعرب تقول حسد فلان فلانا إذا تمنى أن يتحول إليه ماله والتقدير ولا تتمنوا تحويل ما فضل الله به بعضكم على بعض فإن تمنى أن يكون له مثل ماله ولا يتحول عنه قيل غبطه ولم يقل حسده ( وسئلوا الله من فضله ) وقرأ الكسائي ( وسلوا ) بلا همز ألقى حركة الهمزة على السين ( إن الله كان بكل شيء عليما ) أي قد علم ما لكم فيه
____________________
(1/450)
الصلاح فلا يحسد بعضكم بعضا
33
إذا جاءت كل مفردة فلا بد من أن يكون في الكلام حذف عند جميع النحويين حتى إن بعضهم أجاز مررت بكل يا فتى مثل قبل و بعد وتقدير الحذف ولكل أحد جعلنا موالي وجواب آخر أن يكون ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالي أي وراثا أي أولى بالميراث ( والذين عاقدت أيمانكم ) أي بالحلف وقرأ حمزة ( والذين عقدت أيمانكم ) وهي قراءة بعيدة لأن المعاقدة لا تكون إلا من اثنين فصاعدا فبابها فاعل وقراءة حمزة تجوز على غموض من العربية يكون التقدير فيها والذين عقدتهم أيمانكم الحلف وتعدى إلى مفعولين والتقدير عقدت لهم أيمانكم الحلف ثم حذف اللام مثل وإذا كالوهم أي كالوا لهم وحذف المفعول الأول لأنه متصل في الصلة ( فآتوهم نصيبهم ) فيه قولان قال الحسن وقتادة هي منسوخة بالمواريث وقيل هي منسوخة بقوله وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وهذان واحد والقول الآخر أن مجاهدا قال معناه فآتوهم نصيبهم من النصر كما وعدتموهم أي ليست مسوخة قال أبو جعفر قول مجاهد أولى لأنه إذا ثبتت التلاوة لم يقع النسخ إلا بإجماع أو
____________________
(1/451)
دليل ( إن الله كان على كل شيء شهيدا ) أي قد شهد معاقدتكم إياهم وهو جل وعز يحب الوفاء
34
ابتداء وخبر أي يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن يقال قوام وقيم ( بما فضل الله ) ما مصدر فلذلك لم يحتج إلى عائد وفضل الله جل وعز الرجال على النساء بجودة العقل وحسن التدبير ( وبما أنفقوا من أموالهم ) في المهور حتى صرن لهم أزواجا وصارت نفقتهن عليهم ( فالصالحات قانتات ) ابتداء وخبر قال الفراء وفي حرف عبد الله ( فالصالحات قوانت حوافظ ) قال أبو جعفر وهذا جمع مكسر مخصوص به المؤنث ( بما حفظ الله ) وفي قراءة أبي جعفر ( بما حفظ الله ) بالنصب وقد ذكرناه ولكنا نشرحه بعناية الشرح ههنا الرفع أبين أي حافظات لمغيب أزواجهن بحفظ الله جل وعز وتسديده وقيل بما حفظهن الله في مهورهن وعشرتهن وقيل بما استحفظهن الله إياه من أداء الأمانات إلى أزواجهن والنصب بمعنى بالشيء الذي حفظ الله أي بالدين أو العقل الذي حفظه أمر الله وقيل بحفظ الله أي بخوف مثل ما حفظت الله جل وعز وقيل التقدير بما حفظن الله ثم وحد الفعل كما قال
( فإن الحوادث أودى بها ** )
____________________
(1/452)
( واللاتي تخافون نشوزهن ) في موضع رفع بالابتداء وتقديره على قول سيبويه وفيما فرض عليكم وعند غيره التقدير أن الخبر ( فعظوهن ) وقيل اللاتي في موضع نصب على قراءة من قرأ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما فقول أبي عبيدة والفراء تخافون بمعنى توقنون وتعلمون مردود غير معروف في اللغة وتخافون على بابه أي تخافون أن يكون منهن هذا لما تقدم ( فعظوهن واهجروهن في المضاجع ) فيه ثلاثة أقوال فمنها أن يهجرها في المضجع أي وقت النوم وقيل المعنى وبينوا عليهن بكلام غليظ وتوبيخ شديد من قولهم أهجر إذا أفحش لأن أبا زيد حكى هجر وأهجر وقال صاحب هذا القول النشوز التنحية عن المضجع فكيف يهجرها فيما تنحت عنه والقول الثالث إن حفص بن غياث روى عن الحسن بن عبيد عن أبي الضحى عن ابن عباس في قول الله جل وعز فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال هذا كله في أمر المضجع فإن رجعت إلى المضجع لم يضربها قال أبو جعفر وهذا أحسن ما قيل في الآية أي اضربوهن من أجل المضاجع كما تقول هجرت فلانا في الكذب
____________________
(1/453)
35
شرط ( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) جوابه ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) قيل الضميران للحكمين لأنهما إذا أرادا الإصلاح قصدا الحق فوفقهما الله جل وعز وقيل الضميران للزوجين لأنه لا يقال حكم إلا لمن يريد الصلاح وقيل الضمير الأول للحكمين والثاني للزوجين
36
أمر فلذلك حذفت منه النون ( ولا تشركوا به شيئا ) نهي ( وبالوالدين إحسانا ) مصدر قال الفراء ويجوز وبالوالدين إحسان ترفعه بالباء لأن الفعل لم يظهر ( وبذي القربى ) خفض بالباء ( واليتامى والمساكين والجار ذي القربى ) عطف كله قال الفراء وفي مصاحف أهل الكوفة العتق ذا القربى ويجب على هذا أن يقرأ ( والجار ذا القربى ) تنصبه على إضمار فعل وتنصب ما بعده ( والجار الجنب والصاحب بالجنب ) قال الأخفش الجار الجنب المجانب للقرابة أي ليس بينك وبينه قرابة وحكى والجار الجنب وأنشد
( الناس جنب والأمير جنب ** )
والجنب الناحية أي المتنحي عن القرابة وقال أبو عبد الرحمن سألت أبا مكوزة الأعرابي عن الصاحب بالجنب فقال هو الذي بجنبك وكذا قال
____________________
(1/454)
الأخفش هو الذي بجنبك يقال فلان بجنبك وإلى جنبك وحكى الأخفش مفعلة والجار الجانب وقال أبو عبد الرحمن سألت أبا مكوزة عن الجار الجنب فقال هو الذي يجيء ويحل حيث يحل تقع عليه عينك ( وما ملكت أيمانكم ) في موضع خفض أي وأحسنوا بما ملكت أيمانكم
37
في موضع نصب على البدل من من ويجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من المضمر الذي في فخور ويجوز أن يكون في موضع رفع فتعطف عليه والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ويكون الخبر أن الله لا يظلم مثقال ذرة أي لا يظلمهم
38
يكون في موضع رفع على ما ذكرنا آنفا ويجوز أن يكون في موضع نصب تعطفه على الذين إذا كان بدلا من من ويجوز أن يكون في موضع خفض تعطفه على الكافرين ( ومن يكن الشيطان له قرينا ) شرط فلا يجوز حذف النون منه لأنها متحركة وأما المعنى فيكون من قبل من الشيطان في الدنيا فقد قارنه ويجوز أن يكون المعنى من قرن به الشيطان في النار ( فساء قرينا ) منصوب على البيان أي
____________________
(1/455)
فساء الشيطان قرينا وقرين فعيل من الاقتران والاصطحاب كما قال
( عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ** فإن القرين بالمقارن مقتدي )
39
ما في موضع رفع بالابتداء و وذا خبر ما و ذا بمعنى الذي ويجوز أن يكون ما و ذا اسما واحدا
40
اسم تك بمعنى تحدث ويجوز أيضا أن تنصب حسنة على تقدير وإن تك فعلته حسنة ( يضاعفها ) جواب الشرط ( ويؤت ) عطف عليه ( من لدنه ) في موضع خفض بمن إلا أنها غير معربة لأنها لا تتمكن و عند قد تمكنت فنصبت وخفضت وتمكنها أنك تقول هذا القول عندي صواب ولا تقول هذا القول لدني صواب ( أجرا ) مفعول ( عظيما ) من نعته
41
فتحت الفاء لالتقاء الساكنين ( إذا ) ظرف زمان والعامل فيه ( جئنا ) ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) نصب على الحال
____________________
(1/456)
42
ظرف وإن شئت كان مبنيا و إذ مبنية لا غير والتنوين فيها عوض مما حذف ( عصوا الرسول ) ضمت الواو لالتقاء الساكنين ويجوز كسرها ( لو تسوى بهم الأرض ) قال أبو جعفر قد ذكرناه وقيل معناه لو لم يبعثوا لأنه لو لم يبعثوا لكانت الأرض مستوية عليهم لأنهم من التراب نقلوا ( ولا يكتمون الله حديثا ) قال أبو جعفر قد ذكرناه وذكرنا قول قتادة أن القيامة مواطن ومعناه أنهم لما تبين لهم وحوسبوا لم يكتموا
43
ابتداء وخبر في موضع نصب على الحال ويقال سكارى ولم ينصرف لأن في آخره ألف التأنيث ( حتى تعلموا ) نصب بحتى ( ولا جنبا ) عطف على الموضع أي ولا تقربوا الصلاة جنبا ( إلا عابري سبيل ) نصب على الحال قال الأخفش كما تقول لا تأتني إلا راكبا قال أبو جعفر وقد ذكرنا معنى الآية إلا أنها مشكلة من أحكام القرآن فنزيدها شرحا قال الضحاك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أي من النوم وهذا القول خطأ من جهات منها أنه لا يعرف في اللغة والحديث على غيره ولا يجوز أن يتعبد النائم في حال نومه
____________________
(1/457)
فثبت أن سكار من السكر الذي هو شرب وقوله حتى تعلموا ما تقولون بدل على أن من كان يعلم ما يقول فليس سكران ولا جنبا إلا عابري سبيل فيه قولان أحدهما أن المعنى لا تصلوا وقد أجنبتم ويقال أجنبتم وجنبتم وجنبتم إلا عابري سبيل إلا مسافرين فتتممون فتصلون فيجب على هذا أن يكون الجنب ليس له أن يتيمم إلا أن يكون مسافرا وهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود رحمه الله والقول الآخر ولا تقربوا الصلاة لا تقربوا موضع الصلاة وهو المسجد إلا عابري سبيل إلا جائزين كما قال عبد الله بن عمر أيتخطأ الجنب المسجد فقال نعم ألست تقرأ إلا عابري سبيل وهذا مذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس وأنس بن مالك رحمهم الله أن للجنب أن يتيمم في الحضر ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) أي مرضى لا تقدرون معه على تناول الماء أو تخافون التلف من برد أو جراح ( أو على سفر ) لا تجدون فيه الماء ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) قد ذكرنا أن بعض الفقهاء قال أو بمعنى الواو وإنما احتاج إلى هذا لأن المرض والسفر ليسا بحدثين والغائط حدث والحذاق من أهل العربية لا يجيزون أن يكون أو بمعنى الواو لاختلافهما فبعضهم يقول في الكلام تقديم وتأخير والتقدير لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء وإن كنتم جنبا فاطهروا أي وإن كنتم جنبا وأردتم الصلاة والتقديم والتأخير لا ينكر كما قال الله جل وعز ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل
____________________
(1/458)
مسمى أي ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى وقال الشاعر
( فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ** كفاني ولم أطلب قليل من المال )
وقيل في الكلام حذف بلا تقديم ولا تأخير والمعنى وإن كنتم مرضى أو على سفر وقد قمتم إلى الصلاة محدثين فتيمموا صعيدا طيبا وكذا يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة معناه إذا قمتم محدثين ( أو لمستم النساء ) في معناه ثلاثة أقوال منها أن يكون لمستم جامعتم ومنها أن يكون لمستم باشرتم ومنها أن يكون لمستم يجمع الأمرين جميعا ولامستم بمعناه عند أكثر الناس إلا أنه حكي عن محمد بن يزيد أنه قال الأولى في اللغة أن يكون لامستم بمعنى قبلتم أو نظيره لأن كل واحد منهما فعلا فقال ولمستم بمعنى غشيتم ومسستم وليس للمرأة في هذا فعل ( إن الله كان عفوا ) أي يقبل العفو وهو السهل ( غفورا ) للذنوب ومعنى غفر الله ذنبه ستر عنه عقوبته فلم يعاقبه
44
حذفت الألف للجزم والأصل الهمز فحذفت استخفافا ( إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ) في موضع نصب على الحال ( ويريدون أن تضلوا السبيل ) عطف عليه
____________________
(1/459)
45
روي عن الحسن وأبي عمرو أنهما أدغما الميم في الباء ولا يجوز ذلك لأن في الميم غنة فلو أدغمتها لذهبت ( وكفى بالله ) الباء زائدة زيدت لأن المعنى اكتفوا بالله ( وليا ) على البيان وإن شئت على الحال وكذا ( وكفى بالله نصيرا )
46
وقرأ أبو عبد الرحمن والنخعي ( يحرفون الكلام عن مواضعه ) قال أبو جعفر والكلم في هذا أولى لأنهم إنما يحرفون كلم النبي صلى الله عليه وسلم أو ما عند هم في التوراة وليس يحرفون جميع الكلام ومعنى يحرفون يتأولون على غير تأويله وذمهم الله جل وعز بذلك لأنهم يفعلونه متعمدين ( واسمع غير مسمع ) نصب على الحال قال أبو جعفر وقد ذكرنا قول ابن عباس معناه لاسمعت وشرحه اسمع لاسمعت هذا مرادهم ويظهرون أنهم يريدون اسمع غير مسمع مكروها ولا أذى وأما قول الحسن معناه غير مسمع منك أي غير مجاب إلى ما تقوله فلو كان كذا لكان في اللفظ غير مسموع منك ( وراعنا ) قال الأخفش أي وراعنا سمعك أي ارعنا وقيل يريدون بقولهم وراعنا أي وراعنا مواشينا استخفافا
____________________
(1/460)
بمخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر وشرح هذا والله أعلم إنهم يظهرون بقولهم راعنا أرعنا سمعك ويريدون المراعاة يدل على هذا قوله عز وجل ( ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ) أي أنهم يلوون ألسنتهم أي يميلونها إلى ما في قلوبهم ويطعنون في الدين أي يقولون لأصحابهم لو كان نبيا لدرى أنا نسبه فأظهر الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وكان من علامات نبوته ونهاهم عن هذا القول ( ليا ) مصدر وإن شئت كان مفعولا من أجله وأصله لويا ثم أدغمت الواو في الياء ( وطعنا ) معطوف عليه ( ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا ) أن في موضع رفع أي لو وقع هذا وقيل إنما وقعت أن في موضع الفعل لأنه لا بد من أن يكون بعدها جملة
47
نصب على الحال ( من قبل أن نطمس وجوها ) ويقال نطمس ويقال في الكلام طسم يطسم ويطسم بمعنى طمس ( وكان أمر الله مفعولا ) اسم كان وخبرها
48
قال أبو جعفر قد ذكرناه ونزيده بيانا فهذا من المحكم ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) من المتشابه الذي قد تكلم فيه العلماء فقال بعضهم كان هذا متشابها حتى بين الله جل وعز ذلك بالوعيد وقال محمد بن جرير قد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشية الله جل وعز إن شاء عفا عنه ذنبه وإن شاء عاقبه عليه ما لم يكن كبيرته شركا بالله جل وعز وقال بعضهم قد بين الله جل
____________________
(1/461)
وعز بقوله إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فأعلم أنه يشاء أن يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر ولا يغفرها لمن أتى الكبائر وقول ثالث أن المعنى في لمن يشاء لمن تاب ويكون إخبارا بعد أخبار أنه يغفر الشرك وجميع الذنوب لمن تاب فأن في موضع نصب بيغفر ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أن الله لا يغفر ذنبا مع أن يشرك به وبأن يشرك به ويجوز على مذهب جماعة من النحويين على هذا الجواب أن يكون أن في موضع جر ( ومن يشرك بالله ) شرط وجوابه ( فقد افترى إثما عظيما ) أي اختلق ومنه افترى فلان على فلان أي رماه بما ليس فيه وفريت الشيء قطعته
49
أي يسميه مطيعا ووليا ثم عجب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال
50 في قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه وهذه التزكية ( وكفى به إثما مبينا ) على البيان
51
وهما كل ما عبد من دون الله جل وعز وإيمانهم بالجبت والطاغوت قولهم لمن عبد الأوثان ( هؤلاء أهدى ) من المؤمنين الموحدين وقول ابن عباس الجبت والطاغوت كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب ليس بخارج من ذاك وإنما
____________________
(1/462)
هو على التمثيل لهما بالجبت والطاغوت لأنهم أطاعوهما في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سبيلا ) على البيان
52 ابتداء وخبر
53
لأنهم انفوا من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتقدير أهم أولى بالنبوة ممن أرسلته أم لهم نصيب من الملك ودل على هذا الحذف دخول أم على أول الكلام لأنه قد علم أن قبلها شيئا محذوفا ( فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) أي يمنعون الحقوق خبر الله جل وعز بما يعلمه منهم قال سيبويه إذن في عوامل الأفعال بمنزلة أظن في عوامل الأسماء أي تلغى إذا لم يكن الكلام معتمدا عليها فإن كانت في أول الكلام وكان الذي بعدها مستقبلا نصبت لا غير وإن كان قبلها فاء أو واو جاز الرفع والنصب فالرفع على أن تكون الفاء ملصقة بالفعل والنصب على أن تكون الفاء ملصقة بإذن ويجوز على هذا في غير القرآن فإذن لا يؤتوا الناس نقيرا والناصب للفعل عند سيبويه إذا لمضارعتها أن والناصب عند الخليل أن مضمرة بعد إذن ولا ينتصب فعل عنده إلا بأن مظهرة أو مضمرة وزعم الفراء أن إذن تكتب بالألف وأنها منونة قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف لأنها مثل لن و أن ولا يدخل التنوين في الحروف
____________________
(1/463)
54
لأنهم حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب ) أي هم مقرون بهذا فلم يحسدون من فضله الله به
55
بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد تقدم ذكره وهو المحسود ويكون به للقرآن لأنه قد تقدم ذكره ويكون به للكتاب ( وكفى بجهنم سعيرا ) أي لمن صد عنه وسعير بمعنى مسعورة
56
اسم إن والخبر ( سوف نصليهم نارا ) ( كلما ) ظرف ( نضجت جلودهم ) بالإدغام لأن التاء من طرف اللسان والجيم من وسطه والإظهار أحسن لئلا تجتمع الجيمات قال أبو جعفر وقد ذكرنا في معناه قولين يرجعان إلى معنى واحد وهو أن المعنى إنا نعيد النضيج غير نضيج وإنما يقع الألم على النفس لأنها التي تحسن وتعرف ومثله كلما خبت زدناهم سعيرا أي يعيد النضيج غير نضيج حتى تسعر النار كما يقال تبدلت بعدنا أي تغيرت ( ليذوقوا ) منصوب بلام كي وهي بدل من أن ( إن الله كان عزيزا ) أي لا يعجزه شيء ولا يفوته ( حكيما ) في إيعاده عباده وفي جميع أفعاله
57
____________________
(1/464)
موضع الذين نصب على العطف على ما يجب من اللفظ وإن شئت كان رفعا وهو أجود على الموضع وإن شئت على الابتداء والذين غير معرب لأنه لو أعرب لأعرب وسط الاسم وقيل لأنه لا يقع إلا لغائب وفتحت النون لأنه جمع وقيل لأن قبلها ياءا وقيل لأنها بمنزلة شيء ضم إلى شيء وفيها لغات فاللغة التي جاء بها القرآن الذين في موضع الرفع والخفض والنصب وبنو كنانة يقولون الذون في موضع الرفع ومن العرب من يقول أللاذون في موضع الرفع والخفض ومنهم من يقول اللذيون وفي التثنية أربع لغات أيضا يقال اللذان بتخفيف النون واللذان بتشديدها يشدد عوضا مما حذف وقيل ليفرق بينها وبين ما يحذف في الإضافة ويقال اللذيان بتشديد الياء ويقال اللذا بغير نون وأنشد سيبويه
( أبني كليب إن عمي اللذا ** قتلا الملوك وفككا الأغلال )
وفي الواحد لغات يقال جاءني الذي كلمك وجاءني اللذ كلمك بكسر الذال بغير ياء واللذ بإسكان الذال كما قال
( كاللذ تزبى زيبة فاصطيدا ** )
ويقال الذي بتشديد الياء وطيء تقول جاءني ذو قال ذاك بالواو
____________________
(1/465)
ورأيت ذو قال ذاك ومررت بذوقال ذاك بمعنى الذي ( سندخلهم جنات ) مفعولان ومذهب سيبويه أن التقدير في جنات فحذفت في ( تجري من تحتها الأنهار ) نعت لجنات ( خالدين ) نعت أيضا لأنه قد عاد الذكر وإن شئت كان نصبا على الحال ( أبدا ) ظرف زمان
58
فعل مستقبل وإسكان الراء لحن ( أن تؤدوا ) في موضع نصب والأصل بأن تؤدوا والمصدر تأدية والاسم الأداء وقد ذكرنا ( نعما ) في سورة البقرة
59
ابتداء وخبر ( أحسن ) عطف على خير ( تأويلا ) على البيان
60
في موضع نصب على الحال ( أن يتحاكموا ) مفعول ( إلى الطاغوت ) قد ذكرنا قول الضحك أنه يراد به كعب بن الأشرف وهذا عند أهل اللغة كلما عبد من دون الله ويروى أن تحاكمهم إلى الطاغوت أنهم كانوا يجيلون القداح فإذا أخرج القدح المكتوب عليه إفعل أو لا تفعل قالوا قد حكم الطاغوت علينا بهذا يفعلون هذا بين يدي الأصنام ( ويريد الشيطان أن يضلهم ) أي بذلك
____________________
(1/466)
( ضلالا بعيدا ) محمول على المعنى أي فيضلون ضلالا بعيدا ومثله والله أنبتكم من الأرض نباتا
61
اسم للمصدر عند الخليل والمصدر الصد والكوفيون يقولون هما مصدران
62
أي من ترك الاستعانة بهم وما يلحقهم من الذل نحو قل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ( ثم جاءوك يحلفون بالله ) حال ( إن أردنا إلا إحسانا ) إن بمعنى ما
63
ابتداء وخبر ( فأعرض عنهم ) أي لا تقبل عذرهم ( وعظهم ) خوفهم العقاب ( وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) أي من الوعيد يبلغ منهم وقد بلغ الرجل بلاغة ورجل بليغ يبلغ بلسانه كنه ما في قلبه والعرب تقول أحمق بلغ وبلغ أي نهاية في الحماقة وقيل معناه يبلغ ما يريد وإن كان أحمق
64
من زائدة للتوكيد ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ) أن في موضع رفع أي لو وقع هذا ( لوجدوا الله توابا رحيما ) أي قابلا لتوبتهم وهما مفعولان لا غير
____________________
(1/467)
65
خفض بواو القسم وهي بدل من الباء لمضارعتها إياها وجواب القسم ( لا يؤمنون حتى يحكموك ) نصب بحتى وعلامة النصب حذف النون وقرأ أبو السمال ( فيما شجر بينهم ) بإسكان الجيم وهذا لحن عند الخليل وسيبويه لا تحذف الفتحة عندهم لخفتها ورواه عروة بن الزبير عن أخيه عبد الله عن أبيه قال خاصمني رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ماء كنا نسقي منه جميعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم خل لجارك فقال الأنصاري يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم قال الزبير ولا أحسب هذه الآية نزلت إلا فيه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم وبغير هذا الإسناد إن الأنصاري حاطب بن أبي بلتعة
66
ضممت النون لالتقاء الساكنين واختير الضم لأن التاء مضمومة وإن شئت كسرت على الأصل وكذا ( أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل ) على البدل من الواو وأهل الكوفة يقولون على التكرير ما فعلوه ما فعله إلا قليل منهم وقرأ عبد الله بن عامر وعيسى بن عمر ( ما فعلوه إلا قليلا منهم ) نصبا على الاستثناء والرفع أجود عند جميع النحويين وإنما صار الرفع أجود لأن اللفظ أولى من المعنى وهو يشتمل على المعنى ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون
____________________
(1/468)
به لكان خيرا لهم ) أي في الدنيا والآخرة ( وأشد تثبيتا ) في أمورهم و تثبيتا على البيان
67
أي ثوابا في الآخرة
68
أي طريقا إلى الجنة
69
شرط والجواب ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين ) اتباع الأنبياء ( والشهداء ) الذين قاموا بالقسط وشهدوا لله جل وعز بالحق وقيل المقتولون في سبيل الله وقيل إنما سمي المقتول شهيدا لأنه شهد الله جل وعز بالحق وأقام شهادته حتى قتل وقيل لأنه شهد كرامة الله جل وعز وفيه قول ثالث أنه يشهد على العباد بأعمالهم يوم القيامة ويقال إن الشهداء عدول يوم القيامة وقرأ أبو السمال العدوي ( وحسن أولئك رفيقا ) قال أبو جعفر وهذا جائز لنقل الضمة وقال الأخفش رفيقا نصب على الحال وهو بمعنى رفقاء وقال الكوفيون هو نصب على التفسير لأن العرب تقول حسن أولئك من رفقاء وكرم زيد من رجل ودخول من يدل على أنه مفسر ذلك الفعل
____________________
(1/469)
70
ابتداء وخبر أي ذلك الثواب العظيم تفضل من الله جل وعز لأنه قد أنعم عليهم في الدنيا فقد كان يجوز أن يكون ذلك النعيم بأعمالهم وفي الحديث لا يدخل الجنة أحد بعمله ففيه جوابان أحدهما هذا وأنه مثل الآية والجواب الآخر أنه قد كانت لهم ذنوب وقد كان يجوز أن يجعل العمل حذاء الذنوب
71
على الحال الواحد ثبة ويقال لوسط الحوض ثبة وربما توهم الضعيف في العربية أنهما واحد وأن أحدهما من الآخر وبينهما فوق فثبة الحوض يقال في تصغيرها ثويبة لأنها من ثاب يثوب ويقال في ثبة الجماعة ثبية ( أو انفروا جميعا ) نصب على الحال عند سيبويه
72
اللام الأولى لام التوكيد والثانية لام القسم و ( من ) في موضع نصب وصلتها ( ليبطئن ) لأن فيه معنى اليمين والخبر ( منكم ) وقرأ مجاهد ( وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي ) جاء موحدا على اللفظ ولو كان قالوا لجاز وكذا في جميع الآية
____________________
(1/470)
وقرأ ابن كثير وعاصم من رواية حفص
73
ومن ذكر جعل مودة بمعنى الود ( فأفوز فوزا عظيما ) جواب التمني
74
أمر وحذفت الكسرة من اللام تخفيفا ( الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ) وقد ذكرنا أن معنى يشرون يبيعون أي يبذلون أنفسهم وأموالهم لله بالآخرة أي بثواب الآخرة ( ومن يقاتل في سبيل الله ) شرط ( فيقتل أو يغلب ) عطف عليه والمجازاة ( فسوف نؤتيه أجرا عظيما )
75
في موضع نصب كما قال عز وجل فما لهم عن التذكرة معرضين ( والمستضعفين ) قال محمد بن يزيد أختار أن يكون المعنى في المستضعفين لأن السبيلين مختلفان كأن سبيل المستضعفين خلاصهم قال أبو إسحاق بل الاختيار أن يكون المعنى وفي سبيل المستضعفين فإن خلاص المستضعفين من سبيل الله جل وعز ( الذين يقولون ) نعت للمستضعفين ويجوز أن يكون نعتا للجميع المخفوضين بمن ( من هذه القرية الظالم أهلها ) نعت للقرية وإن كان الفعل للضمير كما تقول مررت بالرجل
____________________
(1/471)
العاقل أبوه ولم يقل الظالمين لأنه نعت يقوم مقام الفعل أي التي ظلم أهلها ( واجعل لنا من لدنك وليا ) أي يستنقذنا منهم ( واجعل لنا من لدنك نصيرا ) أي ينصرنا عليهم
76
مبتدأ ( يقاتلون في سبيل الله ) فعل مستقبل في موضع الخبر وكذا ( والذين كفروا يقاتلو ن في سبيل الطاغوت ) قال أبو عبيدة والكسائي الطاغوت يذكر ويؤنث قال أبو عبيدة وإنما ذكر وأنث لأنهم كانوا يسمون الكاهن والكاهنة طاغوتا قال وحدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله وسئل عن الطاغوت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال كانت في جهينة واحدة وفي أسلم واحدة وفي كل حي واحدة قال أبو إسحاق الدليل على أنه الشيطان قوله ( فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا )
77
روي عن ابن عباس أن قوما تمنوا القتال قبل أن يؤذن فيه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرض كرهوه فأنزل الله جل وعز ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم
____________________
(1/472)
إلى آخرها ( يخشون الناس كخشية الله ) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ( أو أشد ) عطف على الكاف في موضع نصب ويجوز أن يكون عطفا على خشية في موضع خفض ( خشية ) على البيان ( لم كتبت علينا القتال ) الأصل لما حذفت الألف لأنها استفهام ( لولا أخرتنا إلى أجل ) أي هلا ولا يليها إلا الفعل ( قل متاع الدنيا قليل ) ابتداء وخبر وكذا ( والآخرة خير لمن اتقى ) أي اتقى المعاصي
78
شرط ومجازاة و ما زائدة ( ولو كنتم في بروج مشيدة ) على التكثير يقال شاد البنيان وأشاد بذكره ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ) شرط ومجازاة وكذا ( وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ) ( قل كل من عند الله ) ابتداء وخبر ( فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ) أي لا يعرفون معناه وتأويله وقد بين الله جل وعز لهم فقال حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر واللام متصلة عند البصريين والفراء لأنها لام خفض وحكى ابن سعدان انفصالها
79
قال الأخفش ما بمعنى الذي وقيل هو شرط والصواب قول
____________________
(1/473)
الأخفش لأنه نزل في شيء بعينه من الجدب وليس هذا من المعاصي في شيء ولو كان منها لكان وما أصبت من سيئة وروى مجاهد عن ابن عباس ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك وهذه قراءة على التفسير ( وأرسلناك للناس رسولا ) مصدر مؤكد ويجوز أن يكون المعنى ذا رسالة ( وكفى بالله شهيدا ) على البيان
81
أي أمرنا طاعة أو منا طاعة قال الأخفش ويجوز طاعة بالنصب أي نطيع طاعة ( بيت طائفة منهم ) فذكر الطائفة لأنها في المعنى رجال وأدغم الكوفيون التاء في الطاء لأنهما من مخرج واحد واستقبح ذلك الكسائي في الفعل وهو عند البصريين غير قبيح وهي قراءة أبي عمرو ( فأعرض عنهم وتوكل على الله ) أمر أي ثق به ( وكفى بالله وكيلا ) أي ناصرا لك على عدوك وموثوقا به
82
أي أفلا ينظرون في عاقبته وفي الحديث لا تدابروا أي لا يولي بعضكم بعضا دبره وأدبر القوم مضى أمرهم إلى آخره ودل بهذا على أنه يجب التدبر للقرآن ليعرف معناه وكان في هذا رد على من قال لا يؤخذ تفسير القرآن إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا لأنه ليس من
____________________
(1/474)
متكلم يتكلم بكلام كثير إلا وجد في كلامه اختلاف كثير إما في الوصف واللفظ وإما في جودة المعنى وإما في التناقض وإما في الكذب فأنزل جل وعز القرآن وأمر بتدبره لأنهم لا يجدون فيه اختلافا في وصف من العيوب ولا رذالة في معنى ولا تناقضا ولا كذبا فيما يخبرون به من علم الغيوب وما يسرون
83
في إذا معنى الشرط ولا يجازي بها والمعنى أنهم إذا سمعوا شيئا من الأمور فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم ( أو الخوف ) وهو ضد هذا ( أذاعوا به ) أي أظهروه وتحدثوا به من قبل أن يقفوا على حقيقته فنهوا عن ذلك لما يلحقهم من الكذب والإرجاف ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ) وهم الأمراء ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) أي يستخرجونه بالمسألة وهذا مشتق من النبط وهو أول ما يخرج من ماء البئر أول ما يحفر وسمي النبط نبطا لأنهم يستخرجون ما في الأرض ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ) رفع بالابتداء عند سيبويه ولا يجوز أن يظهر الخبر عنده والكوفيون يقولون رفع بلولا ( لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ) في هذه الآية ثلاثة أقوال قال أبو عبيد التقدير أذاعوا به إلا قليلا وهذا قول جماعة من النحويين قالوا لأن الأكثر من المستنبطين لا يعلمون وقال أبو إسحاق بل التقدير لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا لأن هذا الاستنباط الأكثر يعرفه لأنه استعلام بخبر وهذان قولان على المجاز وقول ثالث بغير
____________________
(1/475)
مجاز يكون المعنى ولولا فضل الله عليكم ورحمته بأن بعث فيكم رسولا أقام فيكم الحجة لكفرتم وأشركتم إلا قليلا منكم أي إنه كان يوحد
84
هذه الفاء متعلقة بقوله ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما فقاتل في سبيل الله أي من أجل هذا فقاتل ويجوز أن تكون متعلقة بقوله وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ( لا تكلف ) مرفوع لأنه فعل مستقبل ولم يجزم لأنه ليس علة للأول وزعم الأخفش أنه يجوز جزمه إلا نفسك ) خبر ما لم يسم فاعله ( عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا ) اطماع والاطماع من الله سبحانه واجب على أن الطمع قد جاء في كلام العرب وعلى الوجوب وقد قيل منه والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( والله أشد بأسا ) نصب على البيان وكذا ( وأشد تنكيلا )
85
قال الحسن من شفع في شيء فله أجر وإن لم يشفع لأن الله جل وعز قال من يشفع ولم يقل من يشفع وفي الحديث اشفعوا تؤجروا ويقضي الله جل وعز على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء ويروى أن هذا نزل في اليهود وكانوا يدعون على المسلمين في الغيبة بالهلاك وفي الحضور بأن يقول السلام عليكم فأنزل الله عز وجل من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع
____________________
(1/476)
شفاعة سيئة يكن له كفل منها واتبع ذلك بقوله وإذا حييتم بتحية وهي السلام قال أبو موسى الأشعري الكفل النصيب قال الكسائي أصل الكفل مركب يهيأ على ظهر البعير وهذا قول حسن يقال اكتفلت البعير إذا لففت على موضع من ظهره كساءا ثم ركبت البعير فإنما أخذت نصيبا من البعير ( وكان الله على كل شيء مقيتا ) اسم كان وخبرها قال أبو عبيدة المقيت الحافظ وقال الكسائي المقيت المقتدر وقول أبي عبيدة أولى لأنه مشتق من القوت والقوت معناه مقدار ما يحفظ الإنسان
86
لم ينصرف لأنه أفعل وهو صفة أي بتحية أحسن منها قال ابن عباس إذا قال سلام عليكم قلت وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهذا أحسن منها ( أو ردوها ) وعليكم وهذا للكفار يعني الثاني وقال غيره لا يجوز أن يقال للكفار وعليكم السلام كما لا يجوز أن يترحم على ميتهم ولا حيهم ( إن الله كان على كل شيء حسيبا ) قيل محاسبا كما قال أكيل بمعنى مواكل وقال مجاهد حسيبا حفيظا وقال أبو عبيدة كافيا قال أبو جعفر وهذا
____________________
(1/477)
أبينها يقال أحسبني الشيء أي كفاني ومنه حسبك الله وقد بينت أن هذا خطأ في الكتاب الآخر
87
ابتداء وخبر ( ليجمعنكم إلى يوم القيامة ) لأن الناس يقومون فيها لرب العالمين جل وعز وقيل لأن الناس يقومون من قبورهم إليها ( ومن أصدق من الله حديثا ) على البيان
88
روى شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت قال تخلف رجال عن أحد فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت فرقة اقتلهم وقالت فرقة أعف عنهم فأنزل الله جل وعز فما لكم في المنافقين فئتين قال الضحاك هؤلاء قوم تخلفوا بمكة وأظهروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام وقالوا إن ظهر محمد فقد عرفنا وإن ظهر قومنا فهو أحب إلينا فصار المسلمون فيهم فئتين قوم يتولونهم وقوم يتبرءون منهم فقال الله جل وعز فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا فبين الله جل وعز كفرهم وأوجب البراءة منهم وقال الأخفش فئتين على الحال كما يقال مالك قائما وقال الكوفيون هو خبر مالكم
____________________
(1/478)
كخبر كان وظننت وأجازوا إدخال الألف واللام فيه وحكى الفراء أركسهم أي ردهم إلى الكفر قال أبو إسحاق أي ردهم إلى حكم الكفار ( أتريدون أن تهدوا من أضل ) أي أن تهدوه إلى الثواب بأن يحكم له بأحكام المؤمنين ( فلن تجد له سبيلا ) أي إلى الحجة
90
استثناء من
89 ويروى أن هؤلاء قوم اتصلوا ببني مدلج وكانوا صلحا للنبي صلى الله عليه وسلم يصلون أي يتصلون ( أو جاءوكم حصرت صدورهم ) أي ضاقت وللنحويين فيه على هذه اللغة أربعة أقول قال الفراء أي قد حصرت فاضمر قد وقال محمد بن يزيد هو دعاء كما تقول لعن الله الكافرين وقيل هو خبر بعد خبر والقول الرابع أن يكون حصرت في موضع خفض على النعت لقوم وفي حرف أبي إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم ليس فيه أو جاءوكم وقرأ الحسن ( أو جاءوكم حصرة صدورهم ) نصبا على الحال ويجوز خفضه على النعت ورفعه على الابتداء والخبر وحكى ( أو جاءوكم حصرات صدورهم ) ويجوز الرفع ( يقاتلوكم ) في موضع نصب أي من أن يقاتلوكم
قرأ يحيى بن وثاب والأعمش
91 بكسر الراء
____________________
(1/479)
لأن الأصل رددوا فأدغم وقلب الكسرة على الراء ونظيره وإذا الأرض مدت وأذنت لربها وحقت ( فإن لم يعتزلوكم ) وقعت إن على لم لأن المعنى للفعل الماضي فإن لم يعتزلوا قتالكم أي فإن تركوا قتالكم ( ويكفوا أيديهم ) أي عن الحرب ( وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) عليهم مقامه مقام المفعول الثاني
92
( أن ) في موضع رفع لأنه اسم كان ( إلا خطأ ) استثناء ليس من الأول وسيبويه يقول إلا بمعنى لكن أي لكن إن قتله خطأ فعليه كذا ولا يجوز أن يكون إلا بمعنى الواو ولا يعرف ذلك في كلام العرب ولا يصح في المعنى لأن الخطأ لا يحظر وقرأ الأعمش ( إلا خطاءا ) ممدودا ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) أي فعليه تحرير رقبة ( ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) استثناء ليس من الأول أي إلا أن يصدق أهل المقتول بالدية على القاتل وقرأ أبو عبد الرحمن ( إلا أن تصدقوا ) بالتاء ويجوز على هذه القراءة إلا أن تصدقوا بحذف التاء ولا يجوز التخفيف مع الياء وفي حرف أبي إلا أن يتصدقوا ( فإن كان من قوم عدو لكم ) مثل الروم ( فتحرير رقبة ) أي فعلى القاتل تحرير رقبة ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ) قيل
____________________
(1/480)
يراد به أهل الذمة وقيل يراد به المسلم يكون نسبه إلى أهل الذمة والأولى أن يكون الضمير الذي في كان للمؤمن لأنه قد تقدم ذكره وروى يزيد بن زريع عن يونس عن الحسن أنه قرأ ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن ) ( فمن لم يجد ) رفع بالابتداء والخبر ( فصيام شهرين ) أي فعليه صيام شهرين متتابعين ( توبة من الله ) مصدر وإن شئت مفعولا من أجله ويجوز الرفع أي ذلك توبة من الله أن الله كان عليما أي بما فيه مصلحة خلقه ( حكيما ) أي بتدبير أمر عباده
93
شرط والجواب ( فجزاؤه جهنم ) والتقدير في العربية يجزه الله جهنم والدليل على هذا أن بعده ( وغضب الله عليه ) أي عاقبه ( ولعنه ) أي باعده من رحمته وثابه
94
ويقرأ ( فتثبتوا ) وتبينوا في هذا أوكد لأن الإنسان قد يتثبت ولا يتبين وفي إذا معنى الشرط وقد يجازى بها كما قال
( وإذا تصبك خصاصة فتجمل ** )
والجيد أن لا يجازي بها كما قال
____________________
(1/481)
( والنفس راغبة إذا رغبتها ** وإذا ترد إلى قليل تقنع ) ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ) هكذا قرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن وأبو عمرو بن العلاء وعاصم الجحدري والحديث يدل على ذلك لأنه يروى أن مرداسا الفدكي مر بغالب فقال السلام عليكم فقام إليه غالب فقتله وأخذ ماله فأنزل الله جل وعز ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ومن جيد ما قيل فيه ما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال مر المسلمون برجل في غنمه فقال سلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنمة فنزلت ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا هكذا الحديث بالألف وقرأ أهل الحرمين وأهل الكوفة ( لمن ألقى إليكم السلم ) وذلك جائز لأنه إذا سلم فقد ألقى السلم والعرب تقول القى فلان إلى السلم أي انقاد واستسلم وقال الله جل وعز وألقوا إلى الله يومئذ السلم وقرأ أبو رجاء ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم ) بكسر السين وإسكان اللام وقرأ أبو جعفر ( لست مؤمنا ) ( فعند الله مغانم كثيرة ) لم تنصرف لأنها جمع لا
____________________
(1/482)
نظير له في الواحد ( كذلك ) الكاف في موضع نصب
95
هذه قراءة أهل الحرمين وزيد بن ثابت و ( غير ) نصب على الاستثناء وإن شئت على الحال من القاعدون أي لا يستوي القاعدون في حال صحتهم و الحديث يدل على معنى النصب روى أبو بكر بن عياش وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ادع لي زيدا وقل له يأتي بالكتف والدواة فقال له اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله فقال ابن أم مكتوم وأنا ضرير فما برحنا حتى أنزل الله عز وجل ( غير أولي الضرر ) وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو ( غير أولي الضرر ) قال الأخفش هو نعت للقاعدين وقرأ أبو حيوة ( غير أولي الضرر ) جعله نعتا للمؤمنين ومحمد بن يزيد يقول هو بدل لأنه نكرة والأول معرفة ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) وقد قال بعد هذا
96
فالجواب أن معنى درجة علوا أي أعلاهم ورفعتهم بالثناء والمدح والتقريظ فهذا معنى درجة ودرجات يعني في الجنة قال ابن محيرز سبعين درجة ( وكلا وعد الله الحسنى ) منصوب بوعد وكل قيل يعنى به المجاهدون
____________________
(1/483)
خاصة وقيل يعنى به المجاهدون وأولو الضرر وقيل يعنى به المجاهدون والقاعدون وأولو الضرر لأنهم كلهم مؤمنون وإن كان بعضهم أفضل من بعض ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا ) نصب بفضل وإن شئت كان مصدرا درجات بدل من أجر ويجوز الرفع أي ذلك درجات
97
اسم إن والخبر ( فأولئك مأواهم جهنم ) و ( توفاهم ) فعل ماض وجاء التذكير بمعنى الجميع ويجوز أن يكون فعلا مستقبلا والأصل تتوفاهم فحذفت إحدى التاءين ( ظالمي أنفسهم ) نصب على الحال والأصل ظالمين أنفسهم فحذفت النون وأضيف ( قالوا فيم كنتم ) الأصل فيما حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر لأن قبلها حرف خفض والوقوف عند أهل العربية فيه لئلا تحذف الألف والحركة ولأن فيها حرف خفض
98
نصب على الاستثناء أي إلا المستضعفين على الحقيقة ( لا يستطيعون حيلة ) في موضع الحال أي غير مستطيعين وكذا ( ولا يهتدون سبيلا )
100
شرط وجوابه قال مجاهد المرغم المتزحزح وقال الضحاك المراغم المتحول وقال الكسائي المراغم المذهب وقال أبو
____________________
(1/484)
عبيدة المراغم المهاجر قال أبو جعفر وهذه الأقوال متفقة المعاني فالمراغم هو المذهب والمتحول في حال هجرة وهو اسم للموضع الذي يراغم فيه وهو مشتق من الرغام ورغم أنف فلان أي لصق بالتراب وراغمت فلانا هجرته وعاديته ولم أبال إن رغم أنفه رغم الله أمره قال الضحاك ( وسعة ) في الرزق ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ) شرط ( ثم يدركه الموت ) عطف ولا يجوز أن يكون جوابا لأن ثم يبعد الثاني معها من الأول والفاء يقرب فيها الثاني من الأول والجواب ( فقد وقع أجره على الله )
101
أن في موضع نصب أي في أن تقصروا قال أبو عبيدة فيها ثلاث لغات يقال قصرت الصلاة وقصرتها وأقصرتها ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) قال الفراء أهل الحجاز يقولون فتنت الرجل وتميم وربيعة وقيس وأسد وجميع أهل نجد يقولون أفتنت الرجل وفرق الخليل وسيبويه بينهما فقالا فتنتة جعلت فيه فتنة مثل عجلته وأفتنته جعلته مفتنتا وزعم الأصمعي أنه لا يعرف أفتنته بالألف
102
والأصل فلتقم حذفت الكسرة لثقلها وحكى الأخفش والكسائي
____________________
(1/485)
والفراء أن لام الأمر ولام كي ولام الجحود يفتحن وسيبويه يمنع من هذا لعلة موجبة وهي الفرق بين لام الجر ولام التوكيد قال أبو إسحاق لا يلتفت إلى حكاية حاك لم يروها النحويون القدماء وإن كان الذي يحكيها صادقا فإن الذي سمعت منه مخطىء وكذا ( وليأخذوا أسلحتهم ) وكذا ( فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) ( ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى ) في موضع رفع إلا أنه مقصورا أن تضعوا في موقع نصب أي في أن تضعوا
103 حال
104
نهي وقرأ عبد الرحمن الأعرج ( أن تكونوا تألمون ) بفتح الهمزة أي لأن وقرأ منصور بن المعتمر ( إن تكونوا تيلمون ) بكسر التاء ليدل على أنه من فعل ولا يجوز عند البصريين في تألمون كسر التاء لثقل الكسر فيها
105
لام كي وروي عن الحسن وأبي عمرو أنهما أدغما الميم في الباء ولا يجيز ذلك النحويون لأن في الميم غنة
____________________
(1/486)
112
شرط ( ثم يرم به ) عطف عليه وفي الكلام حذف من الأول على مذهب سيبويه ويقال ما الفرق بين الخطيئة والإثم وقد عطف أحدهما على الآخر ففي هذا أجوبة منها أنهما واحد ولكن لما اختلف اللفظان جاز هذا وقيل قد تكون الخطيئة صغيرة والإثم لا يكون إلا كبيرة وقال أبو إسحاق سمى الله جل وعز بعض المعاصي خطايا وسمى بعضها إثما فأعلم أنه من كسب معصية تسمى خطيئة أو كسب معصية تسمى إثما ثم رمى بها من لم يعملها وهو منها بريء ( فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ) والبهتان الكذب الذي يتحير من عظمه وشأنه
113
ما بعد لولا مرفوع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف لا يظهر والمعنى ولولا فضل الله عليك ورحمته بأن نبهك على الحق ( لهمت طائفة منهم أن يضلوك ) عن الحق لأنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبرىء ابن أبيرق من التهمة ويلحقها اليهودي فتفضل الله جل وعز على رسوله صلى الله عليه وسلم بأن نبهه على ذلك وأعلمه إياه ( وما يضلون إلا أنفسهم ) لأنهم يعملون عمل الضالين والله جل وعز يعصم رسوله صلى الله عليه وسلم ( وما يضرونك من شيء ) لأنك معصوم ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ) حذفت الضمة من النون للجزم
____________________
(1/487)
وحذفت الواو لالتقاء الساكنين و تعلم في موضع نصب لأنه خبر تكن
114
نجواهم في العربية على معنيين أحدهما أنه يكون لما يتناجون به ويتداعون إليه إذا كان على هذا فمن في موضع نصب لأنه استثناء ليس من الأول أي لكن من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ودعا إليه ففي نجواه خير ويجوز أن يكون من في موضع خفض ويكون التقدير إلا في نجوى من أمر بصدقة والمعنى الآخر أن النجوى تكون الجماعة المفردين فيكون من هذا في موضع خفض على البدل وفي موضع نصب على قول من قال ما مررت بأحد إلا زيدا ونجوى مشتقة من نجوت الشيء أنجوه أي خلصته وأفردته والنجوة من الأرض المرتفع لانفراده بارتفاعه عما حوله كما قال
( فمن بنجوته كمن بعقوته ** والمستكن كمن يمشي بقرواح )
( ومن يفعل ذلك ) شرط ( ابتغاء مرضاة الله ) مفعول من أجله وهو مصدر وجواب الشرط ( فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) حذفت الضمة من الياء لثقلها ويجوز أن يؤتى به على الأصل في الشعر
____________________
(1/488)
115
جزم لأنه شرط وظهر التضعيف لأن القاف الثانية في موضع سكون وإنما كسرت لئلا يلتقي ساكنان قوله ( نوله ما تولى ) جواب الشرط وإن شئت حذفت الياء وتركت الكسرة تدل عليها وإن شئت ضممت وأثبت الواو وإن شئت حذفتها قال أبو جعفر وقد ذكرنا علله فأما إسكان الهاء فلا يجوز لخفائها وكذا ( ونصله جهنم وساءت مصيرا ) نصب على البيان
117
مفعول وكذا ( وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) قال أبو رجاء عن الحسن قال كان في كل حي صنم يقال له أنثى بني فلان فقال الله جل وعز إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن قال ابن عباس مع كل صنم شيطانة وقيل إن يدعون من دونه إلا إناثا لأن الحجارة مؤنثة فذكرها الله جل وعز بالضعة لأن المذكر من كل شيء أرفع من المؤنث ( وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) لأنه أمرهم بذلك فنسب الدعاء إليه مجازا لأنهم يطيعونه به
118
من نعته ويجوز أن يكون دعاءا عليه ( وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ) قيل من النصيب طاعتهم إياه في أشياء منها أنهم يضربون للمولود مسمارا عند ولادته ودورانهم به يوم أسبوعه يقولون لتعرفه العمار
119
أي عن الحق ( ولأمنينهم ) أي طول الحياة والخير والتوبة والمغفرة مع
____________________
(1/489)
الإصرار ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) هذه لامات قسم والنون لازمة لها لأنه لا يقسم إلا على المستقبل وأهل التفسير مجاهد وغيره يقولون معنى فليغيرن خلق الله دين الله وقد قيل يراد به الخصاء وما تفعله الزنج والحبش من الآثار وقيل هو أن الله خلق الشمس والقمر والحجارة للمنفعة فحولوا ذلك وعبدوها من دون الله جل وعز ( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله ) يطيعه ويدع أمر الله
120
أي يعدهم الرياسة والجاه والمال ليعصوا الله جل وعز ( وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) أي خديعة
121
مبتدأ ( مأواهم ) مبتدأ ثان ( جهنم ) خبر الثاني والجملة خبر الأول ( ولا يجدون عنها محيصا ) أي ملجأ والفعل منه حاص يحيص
122
رفع بالابتداء والخبر ( سندخلهم جنات ) وإن شئت كان في موضع نصب على إضمار فعل يفسره ما بعده وذلك حسن لأنه معطوف ( ومن أصدق من الله ) ابتداء وخبر ( قيلا ) على البيان يقال قيلا وقولا وقالا
123
وقرأ أبو جعفر المدني ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ) بتخفيف
____________________
(1/490)
الياء فيهما جميعا ومن أحسن ما روي فيه ما رواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال قالت اليهود والنصارى لن يدخل الجنة إلا من كان منا وقالت قريش ليس نبعث فأنزل الله جل وعز ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ( من يعمل سوءا يجز به ) قال والسوء هنا الشرك وقال الضحاك السوء الكفر وما يجزى عليه مما لم يتب منه
124
جزم بالشرط والمجازاة ( فأولئك يدخلون الجنة ) ( ولا يظلمون نقيرا ) عطف عليه
125
ابتداء وخبر ( دينا ) على البيان ( وهو محسن ) ابتداء وخبر في موضع الحال ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) وقد ذكرنا معناه ومن أحسن ما قيل فيه أن الخليل المختص اختصه الله جل وعز في وقته للرسالة والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليلا يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا أي لو كنت مختصا أحد بشيء لاختصصت أبا بكر وفي هذا رد على من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم اختص بعض أصحابه بشيء من أمر الدين
____________________
(1/491)
127
( ما ) في موضع رفع أي ويفتيكم القرآن ( والمستضعفين من الولدان ) في موضع خفض لأنه عطف على اليتامى وكذا ( وأن تقوموا لليتامى بالقسط )
128
رفعت امرأة بإضمار فعل يفسره ما بعده وإنما يحسن هذا في أن لقوتها في باب المجازاة وإذا كان الفعل ماضيا وهو يجوز في المستقبل في الشعر وأنشد سيبويه
( وإذا واغل ينبهم يحيوه ** وتعطف عليه كأس الساقي ) وقول من قال خفت بمعنى تيقنت خطأ قال أبو إسحاق المعنى وإن امرأة خافت من بعلها دوام النشوز قال أبو جعفر الفرق بين النشوز والإعراض أن النشوز التباعد والإعراض أن لا يكلمها ولا يأنس بها ( فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا ) هذه قراءة المدنيين وقرأ الكوفيون ( أن يصلحا ) وقرأ عاصم الجحدري ( أن يصلحا ) بفتح الياء وتشديد الصاد وفتحها وقرءوا كلهم صلحا
____________________
(1/492)
إلا أنه روى عن الأعمش أنه قرأ ( إلا أن يصلحا بينهما إصلاحا ) قال أبو جعفر وهذا كله محمول على المعنى كما يقال هو يدعه تركا فمن قال يصلحا فالمصدر إصلاحا على قوله وصلح اسم ومن قال يصالحا فالمصدر إصلاحا والأصل تصالحا ثم أدغم ومن قال يصلحا فالأصل عنده يصطلحا اصطلاحا ثم يدغم ونظيره قول الشاعر
( ورضت فذلت صعبة أي إذلال ** )
وقال آخر
( وخير الأمر ما استقبلت منه ** وليس بأن تتبعه اتباعا ) لأن معنى تتبعه وتتبعه واحد وللنحويين في هذا قولان فمنهم من يقول العامل فيه فعل محذوف والمعنى إلا أن يصالحا بينهما فيصلح الأمر صلحا فعلى هذا القول لا يكنى عن المصدر متصلا ومنهم من يقول العامل فيه الأول والكلام محمول على المعنى فهذا يكنى عنه متصلا وهذا يقع مشروحا في باب الألف واللام ( والصلح خير ) ابتداء وخبر ( وأحضرت الأنفس الشح ) أي تشح بمالها فيه من المنفعة ( وإن تحسنوا وتتقوا ) أي وإن تؤثروا الإحسان والتقوى فتجملوا العشرة ( فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) وإذا خبره جازى عليه
129
____________________
(1/493)
قيل في القسمة واللين والكسوة وقال الحسن والضحاك في الحب والجماع ( فلا تميلوا كل الميل ) مصدر وقال الحسن والضحاك ولا تمل إلى الشابة وتترك الأخرى لا أيما فتتزوج ولا ذات زوج ( فتذروها ) منصوب لأنه جواب النهي ( كالمعلقة ) الكاف في موضع نصب
131
عطف على الذين ( أن اتقوا الله ) في موضع نصب قال الأخفش أي بأن تتقوا الله
133
شرط وجوابه ( ويأت بآخرين ) عطف على الجواب
134
في موضع نصب لأنه خبر كان ( فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) رفع بالابتداء
135
نعت لقوامين وإن شئت كان خبرا بعد خبر وأجود من هذين أن يكون نصبا على الحال بما في قوامين من ذكر الذين آمنوا لأنه يصير المعنى كونوا قوامين بالعدل عند شهادتكم وحين شهادتكم ولم ينصرف لأنه فيه ألف التأنيث ( ولو على أنفسكم ) أي ولو كان الحق على أنفسكم ( أو الوالدين
____________________
(1/494)
والأقربين ) عطف بأو ( إن يكن غنيا ) خبر يكن واسمها فيها مضمر أي أن يكون المطالب غنيا ( أو فقيرا فالله أولى بهما ) ولم يقل به و أو إنما يدل على الحصول لواحد ففي هذا للنحويين أجوبة قال الأخفش تكون أو بمعنى الواو قال ويجوز أن يكون التقدير أن يكن من تخاصم غنيين أو فقيرين فقال غنيا فحمله على لفظ من مثل ومنهم من يستمع إليك والمعنى يستمعون قال أبو جعفر والقولان خطأ لا تكون أو بمعنى الواو ولا تضمر من كما لا يضمر بعض الاسم وقيل إنما قال بهما لأنه قد تقدم ذكرهما كما قال وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ( أن تعدلوا ) في موضع نصب وقرأ ابن عامر والكوفيون ( وأن تلوا أو تعرضوا ) وقد ذكرناه والفعل منه لوى والأصل فيه لوي قلبت الياء ألفا بحركتها وحركة ما قبلها والمصدر ليا والأصل لويا وليانا والأصل لويانا ثم أدغمت الواو وفي الحديث لي الواجد يحل عقوبته وعرضه قال ابن الأعرابي عقوبته حبسه وعرضه شكايته وزعم بعض النحويين أن من قرأ ( تلوا ) فقد لحن لأنه لا معنى للولاية ههنا وليس يلزم هذا ولكن يكون تلوا بمعنى تلووا والأصل تلؤوا همزت الواو كما يقال أقتت فصار تلؤوا ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فوجب أن تحذف فصار تلو
____________________
(1/495)
137
اسم إن والخبر ( لم يكن الله ليغفر لهم ) ويقال الله لا يغفر شيئا من الكفر فكيف قال إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم فالجواب إن الكافر إذا آمن غفر له كفره فإذا رجع فكفر لم يغفر له الكفر الأول ومعنى ثم ازدادوا كفرا أصروا على الكفر ( لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ) أي طريقا إلى الجنة وقيل لا يخصهم بالتوفيق كما يخص أولياءه
138
139
نعت للمنافقين وفي هذا دليل على أن من عمل معصية من الموحدين ليس بمنافق لأنه لا يتولى الكافرين ( أيبتغون عندهم العزة ) أي أيبتغون أن يعتزوا بهم ( فإن العزة لله جميعا ) نصب على الحال
140
فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضى بالكفر كفر قال الله جل وعز ( إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين ) والأصل التنوين فحذف استخفافا
141
نعت للمنافقين ( فإن كان لكم فتح ) اسم كان وكذا ( وإن كان للكافرين
____________________
(1/496)
نصيب قالوا لم نستحوذ عليكم ) جاء على الأصل ولو أعل لكان لم نستحذ والفعل على الاعلال استحاذ يستحيذ وعلى غير الإعلال استحوذ يستحوذ وفي حرف أبي ومنعناكم من المؤمنين وهو محمول على المعنى لأن المعنى قد استحوذنا عليكم ويجوز أن يكون على حذف قد وقد ذكرنا معنى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )
142
مجاز أي يخادعون أولياء الله ( وهو خادعهم ) أي معاقبهم وإن شئت أسكنت الهاء فقلت وهو لأن الضمة ثقيلة وقبل الكلمة واو وحكى إسكان الواو وقرأ مسلمة بن عبد الله النحوي ( وهو خادعهم ) بإسك ان العين وقال محمد بن يزيد هذا لحن لأنه زوال الإعراب قال أبو جعفر وقد أجاز سيبويه ذلك وأنشد
( إذا اعوججن قلت صاحب قوم ** ) ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) في موضع نصب على الحال وكذا يراؤون الناس أي يرون الناس أنهم يتدينون بصلاتهم وقرأ ابن أبي إسحاق والأعرج ( يرؤون الناس ) على وزن يدعون وحكى أنها لغة سفلى مضر والقراءة الأولى أولى لإجماعهم على الذين هم يراؤون ويقال فلان مراء وفعل
____________________
(1/497)
ذلك رئاء الناس ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) أي لا يذكرون الله جل وعز بقراءة ولا تسبيح وإنما يذكرونه بالتكبير وبما يراءون به والتقدير إلا ذكرا قليلا
143
أي مضطربين يظهرون لهؤلاء أنهم منهم ولهؤلاء أنهم منهم وفي حرف أبي ( متذبذبين ) ويجوز الإدغام على هذه القراءة ( مذبذبين ) بتشديد الذال الأولى وكسر الثانية وروي عن الحسن ( مذبذبين ) بفتح الميم
144
مفعولان أي لا تجعلوهم خاصتكم وبطانتكم ( أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) أي في تعذيبه إياكم
145
وقرأ الكوفيون ( في الدرك ) والأول أفصح والدليل على ذلك أنه يقال في جمعه أدراك مثل جمل وأجمال وقد ذكرنا أن الأدراك الطبقات والمنازل إلا أن استعمال العرب أن يقال لكل ما تسافل أدراك يقال للبئر أدراك ويقال لما تعالى درج فللجنة درج وللنار أدراك
____________________
(1/498)
146
استثناء فأولئك مع المؤمنين أي فأولئك يؤمنون مع المؤمنين ( وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ) مفعولان وحذفت الياء في المصحف من يؤتي لأنها محذوفة في اللفظ لالتقاء الساكنين وأهل المدينة يحذفونها في الوقف ويثبتون أمثالها في الإدراج واعتل لهم الكسائي بأن الوقف موضع حذف ألا ترى أنك تحذف الإعراب في الوقف
147
( ما ) في موضع نصب والمعنى أن الله جل وعز لا ينتفع بعذابكم ولا بظلمكم فلم يعذبكم ( إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) أي يشكر عباده على طاعته ومعنى يشكرهم يثيبهم
148
أي لا يريد أن يجهر أحد بسوء من القول وتم الكلام ثم قال جل وعز ( إلا من ظلم ) استثناء ليس من الأول في موضع نصب أي لكن من ظلم فله أن يقول ظلمني فلان بكذا ويجوز أن يكون من في موضع رفع ويكون التقدير لا يحب الله أن يجهر بالسوء إلا من ظلم ويجوز إسكان اللام ومن قرأ ( إلا من ظلم ) فلا يجوز له أن يسكن اللام لخفة الفتحة وتقديره ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم
____________________
(1/499)
149
أي من القول السيىء ( أو تخفوه أو تعفوا عن سوء ) أي أن تبدوا خيرا فهو خير من القول السيىء أو تخفوه أو تعفوا عن سوء مما لحقكم فإن الله يعفو عنكم لعفوكم
150
اسم إن والجملة الخبر ( ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ) أي بين الإيمان بالله ورسله ( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ) وهم اليهود آمنوا بموسى صلى الله عليه وسلم وكفروا بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ( ويريدون أن يتخذوا بين ذلك ) ولم يقل ذينك لأن ذلك يقع للاثنين كما قال جل وعز بين ذلك في سورة البقرة ولو كان ذنيك لجاز والمعنى ويريدون أن يتخذوا بين الإيمان والجحد طريقا
151
لأنهم لا ينفعهم إيمانهم بالله جل وعز إذا كفروا برسوله وإذا كفروا برسوله فقد كفروا به جل وعز لأنه مرسل للرسول ومنزل عليه الكتاب وكفروا بكل رسول مبشر بذلك الرسول فلهذا صاروا الكافرين حقا والتقدير قلت قولا حقا وما قبله يدل عليه ( وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ) وللكافرين يقوم مقام المفعول الثاني
____________________
(1/500)
152
ابتداء في موضع رفع وإن شئت في موضع نصب بإضمار فعل يفسره ما بعده
153
هم اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد إلى السماء وهم يرونه بلا كتاب وينزل ومعه كتاب تعنتا له صلى الله عليه وسلم فأعلم الله جل وعز أن آباءهم قد تعنتوا موسى صلى الله عليه وسلم بأكبر من هذا ( فقالوا أرنا الله جهرة ) جهرة نعت لمصدر محذوف أي رؤية جهرة وقول أبي عبيدة إن التقدير فقالوا جهرة في موضع الحال وأرنا بإسكان الراء بعيدة في العربية لأنه حذف بعد حذف ( فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) أي بعظيم ما جاءوا به ( ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءهم البينات ) أي البراهين أنه لا معبود إلا الله جل وعز ( فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ) من الآيات التي جاء بها وسميت الآية سلطانا لأن من جاء بها قاهر بالحجة وهي قاهرة للقلوب بأن تعلم أنه ليس في قوى البشر أن يأتوا بمثلها
154
على الحال ( وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ) من عدا تعدو وتعدوا والأصل فيه تعتدوا فأدغمت التاء في الدال ولا يجوز إسكان العين ولا يوصل إلى الجمع بين ساكنين في هذا والذي يقرأ بهذا إنما يروم الخطأ
____________________
(1/501)
155
خفض بالباء و ما زائدة ( وكفرهم ) عطف وكذا ( وقتلهم )
كسرت إن لأنها مبتدأة بعد القول وفتحها لغة ( رسول الله ) بدل وإن شئت على معنى أعني ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) رويت روايات في التشبيه الذي كان منها أن رؤساءهم لما فقدوا المسيح أخذوا رجلا فقتلوه ولبسوه ثيابا مثل ثياب المسيح وصلبوه على خشبة مرتفعة ومنعوا الناس من الدنو منه لئلا يفطن بهم ثم دفنوه ليلا وقيل كان المسيح صلى الله عليه وسلم محبوسا عند خليفة قيصر فاجتمعت اليهود إليه فتوهم أنهم يريدون خلاصه فقال لهم أنا أخليه لكم قالوا بل نريد قتله فرفعه الله جل وعز إليه أي حال بينهم وبينه فأخذ خليفة قيصر رجلا فقتله وقال لهم قد قتلته خوفا منه فهو الذي شبه عليهم وقد يكون آمن به وأطلقه فرفع وشبه عليهم بغيره ممن قد استحق القتل في حبسه وقد يكون امتنع من قتله لما رأى من الآيات قال الله جل وعز ( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم ) تم الكلام ثم قال جل وعز إلا اتباع الظن استثناء ليس من الأول في موضع نصب وقد يجوز أن يكون في موضع رفع على البدل أي ما لهم به علم إلا اتباع الظن وأنشد سيبويه
____________________
(1/502)
( وبلدة ليس بها أنيس ** إلا اليعافير وإلا العيس )
( وما قتلوه يقينا ) نعت لمصدر وفيه تقديران أبينهما أن التقدير قال الله جل وعز هذا قولا يقينا والقول الآخر أن يكون المعنى وما علموه علما يقينا وروى الأعشى عن أبي بكر بن عياش عن عاصم
158
بغير إدغام والإدغام أجود لقرب اللام من الراء وأن في الراء تكريرا فالإدغام فيها حسن ( وكان الله عزيزا ) أي قادرا على أن يمنع أولياءه من أعدائه ولا يمنعه من ذاك مانع ولا يغلبه غالب ( حكيما ) فيما يدبره من أمور خلقه
159
لأن أهل الكتاب فيه على ضربين منهم من كذبه ومنهم من اتخذه إلها فيضطر قبل موته إلى الإيمان به لأنه يتبين أنه كان على باطل إذا عاين وتقدير سيبويه وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به وتقدير الكوفيين وإن من أهل
____________________
(1/503)
الكتاب إلا من ليؤمنن به وحذف الموصول خطأ ( ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) أي على من كان فيهم
160
قال أبو إسحاق هذا بدل من فبما نقضهم ميثاقهم ( حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) نحو كل ذي ظفر وما أشبهه ( وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) أي صدا كثيرا
162
رفع بالابتداء ( يؤمنون ) في موضع الخبر والكوفيون يقولون رفع بالضمير ( والمقيمين الصلاة ) في نصبه ستة أقوال فسيبويه ينصبه على المدح أي وأعني المقيمين قال سيبويه هذا باب ما ينصب على التعظيم ومن ذلك المقيمين الصلاة وأنشد
( وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم ** إلا نميرا أطاعت أمر غاويها )
( الظاعنين ولما يظعنوا أحدا ** والقائلون لمن دار نخليها )
وأنشد
____________________
(1/504)
( لا يبعدن قومي الذين هم ** سم العداة وآفة الجزر )
( النازلين بكل معترك ** والطيبون معاقد الأزر )
وهذا أصح ما قيل في المقيمين وقال الكسائي والمقيمين معطوف على ما قال أبو جعفر وهذا بعيد لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين وحكى محمد بن جرير أنه قيل إن المقيمين هنا الملائكة عليهم السلام لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار واختار هذا القول وحكى أن النصب على المدح بعيد لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر وخبر الراسخون في العلم في أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما فلا ينتصب على المدح ولم يتم خبر الابتداء لأنه جعل والمؤتون عطفا وجعل الخبر ما ذكر ومذهب سيبويه غير ما قال وقيل والمقيمين عطف على الكاف التي في قبلك أي من قبلك ومن قبل المقيمين وقيل والمقيمين عطف على الكاف التي في أولئك وقيل هو معطوف على الهاء والميم أي منهم ومن المقيمين وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز لأن فيها عطف مظهر على مضمر مخفوض والجواب السادس أن يكون و المقيمين عطفا على قبلك ويكون المعنى ومن قبل المقيمين ثم أقام المقيمين مقام قبل كما قال وسئل القرية وقرأ سعيد بن جبير وعاصم الجحدري ( والمقيمون الصلاة ) وكذا هو في حرف عبد الله بن
____________________
(1/505)
مسعود فأما حرف أبي فهو فيه ( والمقيمين ) كما في المصاحف ( والمؤتون ) فيه خمسة أقوال قال سيبويه وأما المؤتون فمرفوع بالابتداء وقال غيره هو مرفوع على إضمار مبتدأ أي فهم المؤتون الزكاة وقيل هو معطوف على المضمر الذي في المقيمين وقيل هو عطف على المضمر الذي في يؤمنون أي يؤمنون هم والمؤتون والجواب الخامس أن يكون معطوفا على الراسخين
163
انصرف نوح وهو اسم أعجمي لأنه على ثلاثة أحرف فخف فأما ( إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) فأعجمية وهي معرفة فلذلك لم ينصرف وكذا يعقوب وعيسى وموسى إلا أن عيسى وموسى يجوز أن تكون الألف فيهما للتأنيث فلا ينصرفان في معرفة ولا نكرة روي عن الحسن أنه قرأ ( ويونس ) بكسر النون وكذا يوسف بكسر السين يجعلهما من أنس وأسف ويجب على هذا أن ينصرفا ويهمزا ويكون جمعهما يأانس ويأاسف ومن لم يهمز قال يوانس ويواسف وحكى أبو زيد يونس ويوسف
164
بإضمار فعل أي وقصصنا رسلا لأنه معطوف على ما قد عمل فيه الفعل ومثله ما أنشد سيبويه
____________________
(1/506)
( أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا )
( والذئب أخشاه إن مررت به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا )
ويجوز أن يكون ورسلا عطفا على المعنى لأن المعنى إنا أوحينا إليك إنا أرسلناك موحين إليك وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك من قبل وفي حرف أبي ( ورسل ) بالرفع ( وكلم الله موسى تكليما ) مصدر مؤكد وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا وأنه لا يجوز في قول الشاعر
( أمتلأ الحوض وقال قطني ** )
أن يقول قال قولا فكذا لما قال تكليما وجب أن يكون كلاما على الحقيقة من الكلام الذي يعقل
165
على البدل من ورسلا قد قصصناهم ويجوز أن يكون على إضمار
____________________
(1/507)
فعل ويجوز نصبه على الحال أي كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ورسلا
166
رفع وإن شئت شددت النون ونصبت ( يشهد بما أنزل إليك ) والشاهد المبين لشهادته أن يبين ويعلم ذلك ( وكفى بالله شهيدا )
167
اسم إن والجملة الخبر وكذا
168 ( ولا ليهديهم طريقا ) مفعول ثان وقد حذفت منه إلى كما حذفت من في قوله واختار موسى قومه سبعين رجلا
169 بدل
170
على مذهب سيبويه وآتوا خيرا لكم وعلى قول الفراء نعت لمصدر محذوف أي إيمانا خيرا لكم وعلى قول أبي عبيدة يكن خيرا لكم
171
نداء مضاف ( لا تغلوا في دينكم ) نهى والغلو والتجاوز في الظلم ( إنما
____________________
(1/508)
المسيح ) رفع بالابتداء ( عيسى ) بدل منه وكذا ( ابن مريم ) ويجوز أن يكون خبر الابتداء ويكون المعنى إنما المسيح ابن مريم فكيف يكون إلها هو محدث ليس بقديم ويكون ( رسول الله ) خبرا ثانيا ( فآمنوا بالله ) أي بأنه إله واحد خالق المسيح ومرسله ( ولا تقولوا ثلاثة ) أي ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة ( انتهوا خيرا لكم ) قال سيبويه ومما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره قوله انتهوا خيرا لكم لأنك إذا قلت انته فأنت تخرجه وتدخله في آخر وأنشد
( فواعديه سر حتى مالك ** أو الربى بينهما أسهلا )
ومذهب أبي عبيدة انتهوا يكن خيرا لكم قال محمد بن يزيد هذا خطأ لأنه لا يضمر الشرط وجوابه وهذا لا يوجد في كلام العرب ومذهب الفراء أنه نعت لمصدر محذوف قال علي بن سليمان هذا خطأ فاحش لأنه يكون المعنى انتهوا الانتهاء الذي هو خير لكم ( إنما الله إله واحد ) ابتداء وخبر ( سبحانه ) مصدر ( أن يكون له ولد ) في موضع نصب أي كيف يكون له ولد وولد الرجل مشبه له ولا شبيه لله جل وعز ( وكفى بالله وكيلا ) بيان وإن شئت حال ومعنى وكيف وكيل كاف لأوليائه
____________________
(1/509)
172
أي لن يأنف ( أن يكون عبدا لله ) في موضع نصب أي من أن يكون عبدا لله ( ولا الملائكة المقربون ) فدل بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم وكذا ولا أقول إني ملك
173
رفع بالابتداء والجملة الخبر ويجوز أن يكون نصبا على إضمار فعل يفسره ما بعده وكذا ( وأما الذين استنكفوا واستكبروا ) وقد ذكرنا معنى تسمية عيسى صلى الله عليه وسلم بالكلمة ومن أحسن ما قيل فيه أن عيسى صلى الله عليه وسلم لما كان يهتدى به صار بمنزلة كلام الله جل وعز الذي يهتدى به ولما كان يحيى به من موت الكفر قيل له روح الله جل وعز على التمثيل
174 أي يهتدى به من الضلالة فهو نور مبين أي واضح بين
175
أي امتنعوا بكتابه عن معاصيه وإذا اعتصموا بكتابه فقد اعتصموا به ( ويهديهم إليه ) أي إلى ثوابه
176
فيها ثلاثة أقوال منها أن الكلالة الميت الذي لا والد له ولا ولد ومنها
____________________
(1/510)
أنها الورثة الذين لا والد فيهم ولا ولد وقيل الكلالة المال ( إن امرؤ هلك ) رفع بإضمار فعل وجاز هذا لأن إن أصل حروف المجازاة وبعدها فعل ماض ( يبين الله لكم أن تضلوا ) في موضع نصب وقيل خفض وفيه ثلاثة أقوال قال الفراء أي لئلا تضلوا وهذا عند البصريين خطأ لأن لا لا تحذف ههنا وقال محمد بن يزيد وجماعة من البصريين التقدير كراهة أن تضلوا ثم حذف وهو مفعول من أجله والقول الثالث أن المعنى يبين الله لكم الضلالة أي فإذا بين لكم الضلالة اجتنبتموها ( والله بكل شيء عليم ) ابتداء وخبر أي بكل شيء من مصالح عباده في قسمة مواريثهم وغيرها ذو علم
____________________
(1/511)
2
____________________
(2/1)
5
1
( يا ) للنداء وحروف النداء عند سيبويه خمسة وهي يا وأيا وهيا وأي والألف و ( ها ) للتنبيه و ( أي ) نداء مفرد والنعت لازم له ليبينه ( الذين ) نعت لأي ويقال الذون ( آمنوا ) صلة الذين والأصل أأمنوا فخففت الهمزة الثانية ولا يجوز الجمع بينهما في حرف واحد إلا في فعال ( أوفوا ) مجزوم عند الكوفيين واضمروا اللام وغير معرب عند البصريين لأنه لا يضارع ( بالعقود ) خفض بالباء وهو جمع عقد يقال عقدت الحبل والعهد وأعقدت العسل ووجب بهذا أن يوفى بكل يمين وأمان وبيع وإجارة إذا لم يكن حراما ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) اسم ما لم يسم فاعله أي أحل لكم أكلها والانتفاع بها وبنو تميم يقولون بهيمة
( إلا ما يتلى عليكم ) في موضع نصب بالاستثناء وهو عند سيبويه
____________________
(2/3)
بمنزلة المفعول وعند أبي العباس بمعنى استثنيت قال أبو إسحاق لا يجوز إلا ما قال سيبويه والذي قال أبو العباس لا يصح وزعم الفراء أنه يجوز الرفع بجعلها إلا العاطفة والنصب عنده بإن ( غير محلي ) نصب على الحال مما في أوفوا قال الأخفش أي يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلي الصيد وقال غيره حال من الكاف والميم التقدير أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد والأصل محلين حذفت النون استخفافا وحذفت الياء في الوصل لالتقاء الساكنين ( وأنتم حرم ) ابتداء وخبر ( إن الله ) اسم إن ( يحكم ) في موضع الخبر أي بين عباده
2
وهي العلامات وقيل هي البدن المشعرة أي المعلمة أي لا تستحلوها قبل محلها وقيل هي العلامات التي بين الحل والحرم لا تتجاوزوها غير محرمين ( ولا الشهر الحرام ) عطف وكذا ( ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين ) قيل هذا كله منسوخ وقيل حرم عليهم أن يمسوا الهدي والقلائد قبل محل الهدي وروي عن الأعمش ( ولا أامي البيت الحرام ) بحذف النون والإضافة ( يبتغون فضلا من ربهم ) في موضع نصب أي مبتغين وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( ولا يجرمنكم ) بضم الياء . قال الكسائي هما لغتان ولا يعرف البصريون الضم في هذا المعنى وإنما يقال ذلك في الإحرام ( أن
____________________
(2/4)
صدوكم ) في موضع نصب مفعول من أجله أي لأن صدوكم وقرأ أبو عمرو وابن كثير ( إن صدوكم ) بكسر إن وهو اختيار أبي عبيد وروي عن الأعمش ( إن يصدوكم ) وهذه القراءة لا تجوز بإجماع النحويين إلا في شعر على قول بعضهم لأن إن إذا عملت فلا بد في جوابها من الفاء والفعل وإن كان سيبويه قد أنشد
( إنك إن يصرع أخوك تصرع ** ) فإنما أجازه في الشعر وقد رد عليه قوله فأما إن صدوكم بكسر إن فالعلماء الجلة بالنحو والحديث والنظر يمنعون القراءة بها لأشياء منها أن هذه الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان وكان المشركون صدوا المؤمنين عام الحديبية سنة ست فالصد كان قبل الآية وإذا قرىء بالكسر لم يجز أن يكون إلا بعده كما تقول لا تعط فلانا شيئا إن قاتلك فهذا لا يكون إلا للمستقبل وإن فتحت كان للماضي فوجب على هذا ألا يجوز إلا أن صدوكم وأيضا فلو لم يصح هذا الحديث لكان الفتح واجبا لأن قوله تعالى لا تحلو شعائر الله إلى آخر الآية يدل على أن مكة كانت في أيديهم وأنهم لا ينهون عن هذا إلا وهم قادرون على الصد عن البيت الحرام فوجب من هذا فتح أن لأنه لما مضى وأيضا فلو كان للمستقبل لكان بعيدا في اللغة لأنك لو قلت لرجل يخاف من آخر الشتم والضرب والقتل لا
____________________
(2/5)
تغضب إن ضربك فلان لكان بعيدا لأنك توهم أنه يغضب من الضرب فقط ( أن تعتدوا ) في موضع نصب لأنه مفعول به أي لا يكسبنكم شنأن قوم الاعتداء وأنكر أبو حاتم وأبو عبيد شنآن بإسكان النون لأن المصادر إنما تأتي في مثل هذا متحركة وخالفهما غيرهما وقال ليس هذا مصدرا ولكنه اسم فاعل على وزن كسلان وغضبان قال الأخفش ثم قال ( وتعاونوا على البر والتقوى ) فقطعه من أول الكلام ( إن الله شديد العقاب ) اسم إن وخبرها
3
اسم ما لم يسم فاعله وما بعده عطف عليه ويجوز فيما بعده النصب بمعنى وحرم الله عليكم الدم والأصل في دم فعل يدل على ذلك قول الشاعر
( جرى الدميان بالخبر اليقين ** ) وهو من دمي يدمى مثل حذر يحذر وقيل وزنه فعل بإسكان العين ( والنطيحة ) بالهاء وإن كانت مصروفة عن مفعولة لأنه لم يتقدمها اسم وكذا يقول خضيبة فإن ذكرت مؤنثا قلت رأيت كفا خضيبا هذا قول الفراء والبصريون يقولون جعلت اسما فحذفت منها الهاء كالذبيحة
____________________
(2/6)
وقيل هي بمعنى ناطحة قال الفراء أهل نجد يقولون السبع فيحذفون الضمة ( إلا ما ذكيتم ) في موضع نصب بالاستثناء ( وأن تستقسموا بالأزلام ) وحقيقته في اللغة تستدعوا القسم بالقداح قال الأخفش وأبو عبيدة واحد الأزلام زلم وزلم ( ذلكم فسق ) ابتداء وخبر ( اليوم ) ظرف والعامل فيه يئس والتقدير اليوم يئس الذين كفروا من تغيير دينكم وردكم عنه لما رأوا من استبصاركم بصحته واغتباطكم به ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فدل بهذا على أن الإيمان والإسلام أشياء كثيرة وهذا خلاف قول المرجئة ( فمن اضطر في مخمصة ) من في موضع رفع بالابتداء والتقدير فإن الله له غفور رحيم ثم حذف له وأنشد سيبويه
( قد أصبحت أم الخيار تدعى ** علي ذنبا كله لم أصنع ) اضطر في موضع جزم بالشرط إلا أنه فعل ماض لا يعمل فيه عامل ويجوز كسر النون وضمها وقرأ ابن محيصن ( فمن اطر ) وهو لحن لأن الضاد فيها تفش فلا تدغم في شيء ( غير متجانف ) على الحال وإن شئت كسر
____________________
(2/7)
النون في فمن على أصل التقاء الساكنين
4
( ما ) في موضع رفع بالابتداء والخبر ( أحل لهم ) ( وذا ) زائدة وإن شئت كان بمعنى الذي وكان الخبر ( قل أحل لكم الطيبات ) وهو الحلال وكل حرام فليس بطيب وقيل الطيب ما التذه آكله وشاربه ولم يكن عليه منه ضرر في الدنيا ولا في الآخرة ( وما علمتم من الجوارح ) قال الأخفش واحدتها جارحة ( مكلبين ) نصب على الحال ( فكلوا مما أمسكن عليكم ) الأصل أمسكنه وحذفت الهاء لطول الاسم وفي هذا وفيما قبله دليل على أنه إن أكل الجارحة لم يؤكل منه ( واذكروا اسم الله عليه ) الذكر باللسان وقيل بالقلب والذي توجبه اللغة أن يكون باللسان حقيقة وبالقلب مجازا
5
نصب على الحال ( غير مسافحين ) مثله وإن شئت كان نعتا ( ولا متخذي أخدان ) عطف على مسافحين ولا يجوز أن يكون معطوفا على محصنين ( ومن تكفر بالإيمان ) شرط والجواب ( فقد حبط عمله ) قال أبو إسحاق أي من بدل شيئا مما أحله الله فجعله حراما أو حرم شيئا مما أحله الله فقد حبطت أعماله أي لا يثاب عليها ( وهو في الآخرة من الخاسرين ) لا يجوز أن يكون الظرف متعلقا بالخاسرين فيدخل في الصلة ولكنه متعلق بالمصدر وقد ذكرنا نظيره فيما تقدم وأما قول مجاهد رواه عنه ابن جريج في قول الله تعالى ( ومن يكفر
____________________
(2/8)
بالإيمان ) قال بالله فمعناه من كفر بالإيمان كفر بالله وحبط عمله والدليل على ذلك أن سفيان روى عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
6
قال زيد بن أسلم أي إذا قمتم من النوم إلى الصلاة وقال غيره في الكلام حذف أي إذا قمتم إلى الصلاة وقد أحدثتم وقيل كان واجبا أن يتهيأ للصلاة كل من قام إليها ثم نسخ ذلك ( وامسحوا برؤسكم وأرجلكم ) فمن قرأ بالنصب جعله عطفا على الأول أي واغسلوا أرجلكم وقد ذكرنا الخفض إلا أن الأخفش وأبا عبيدة يذهبان إلى أن الخفض على الجوار والمعنى للغسل قال الأخفش ومثله هذا جحر ضب خرب وهذا القول غلط عظيم لأن الجوار لا يجوز في الكلام أن يقاس عليه وإنما هو غلط ونظيره الأقواء ومن أحسن ما قيل أن المسح والغسل واجبان جميعا والمسح واجب على قراءة من قرأ بالخفض والغسل واجب على قراءة من قرأ بالنصب والقراءتان بمنزلة آيتين وفي الآية تقديم وتأخير على قول بعضهم قال التقدير إذا قمتم إلى الصلاة أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ( وإن كنتم جنبا ) أي ذوي جنب لأن جنبا مصدر واحد فإن جمعته قلت جنوب وأجناب وجناب وحكى ثعلب ومحمد بن
____________________
(2/9)
جرير أجنب الرجل وجنب واجتنب والمصدر الجنابة والأجناب ( فاطهروا ) والأصل فتطهروا فأدغمت التاء في الطاء لأنها من أصول الثنايا العليا وطرف اللسان وجيء بألف الوصل ليوصل إلى الساكن وقرأ الزهري ( أو جاء أحد منكم من الغيط ) ( ولكن يريد ليطهركم ) لام كي أي إرادته ليطهركم من الذنوب ( وليتم نعمته عليكم ) بالثواب
7
قيل هذا الميثاق الذي في قوله جل وعز وإذ أخذ ربك من بني آدم وقيل هذا الميثاق الذي أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم في بيعة الرضوان
8
أي مبينين وهو منصوب على أنه خبر ثان من كونوا ويجوز أن يكون نعتا لقوامين وبدلا ولم ينصرف لأن فيه ألف التأنيث ( على أن لا تعدلوا ) منصوب بأن ولا تحول لا بين العامل والمعمول فيه لأنها قد تقع زائدة ( إعدلوا هو أقرب للتقوى ) ابتداء وخبر
9
إذا قلت وعد لم يكن إلا للخير وأوعد للشر إلا أن يبين ( لهم مغفرة ) رفع بالابتداء ( وأجر عظيم ) عطف عليه
12
لام توكيد ( أخذ الله ميثاق بني إسرائيل ) وهو الذي كان موسى صلى الله عليه وسلم أخذه
____________________
(2/10)
عليهم ( وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا ) نصب ببعثنا وعلامة النصب الياء وأعربت اثنا عشرمن بين أخواتها لأن المثنى لا يبنى ( وقال الله أني معكم ) كسرت أن لأنها مبتدأة ومعكم منصوب لأنه ظرف ( لئن أقمتم الصلاة ) لام توكيد ومعناها القسم وكذا ( لأكفرن عنكم ) وكذا ( ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار )
13
ما زائدة للتوكيد ونقضهم مخفوض بالباء ويجوز رفعه في غير القرآن أي فالذي هو نقضهم ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) أي يتأولونه على تأويله و ( يحرفون ) في موضع نصب أي جعلنا قلوبهم قاسية محرفين قيل معنى جعلنا قلوبهم قاسية وصفناهم بهذا ومثله كثير قد حكاه سيبويه وغيره وقد ذكرناه ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا ) استثناء من الهاء والميم اللتين في خائنة منهم قال قتادة خائنة خيانة ( فاعف عنهم واصفح ) أمر وفي معناه قولان أحدهما فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وهم أهل الذمة والقول الآخر أنه منسوخ بقوله تعالى وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء
14
قال سعيد الأخفش هذا كما تقول من زيد أخذت درهمه قال أبو جعفر ولا يجيز النحويون أخذنا ميثاقهم من الذين قالوا إنا نصارى ولا ألينها لبست من الثياب لئلا يتقدم مضمر على مظهر ( فنسوا حظا مما ذكروا به ) أي تركوا
____________________
(2/11)
حظا من الكتاب الذي وعظوا به وذكروا به وجعلوا ذلك الترك والتحريف سببا للكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وجمع حظ حظوظ وسمع عن العرب أحظ بإسكان الحاء والأصل أحظظ فابدل من الضاد ياءا وسمع منهم أحاظ ( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) قيل يراد به النصارى وقيل اليهود والنصارى لأنه قد تقدم ذكرهما والأولى أن يكون للنصارى لأنهم أقرب وأحسن ما قيل في معنى أغرينا بينهم العداوة والبغضاء أن الله تعالى أمر بعداوة الكفار وإبغاضهم فكل فرقة مأمورة بعداوة صاحبتها وأبغاضها لأنهم كفار
15
أدغم النون في اللام لقربها منها و ( يبين ) في موضع نصب على الحال ( ويعفو عن كثير ) معطوف عليه
وقرأ مسلم بن جندب وعبيد بن عمير
16
بضم الهاء على الأصل ومن كسر أبدل من الضمة كسرة لئلا يجمع بين ضمة وكسرة ( سبل السلام ) مفعول ثان والأصل إلى سبل السلام
18
ابتداء وخبر فرد الله تعالى هذا عليهم فقال ( قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) فلم يكونوا يخلون من إحدى جهتين إما أن يقولوا هو يعذبنا فيقال لهم
____________________
(2/12)
فلستم إذا أبناءه وأحباءه أو يقولوا لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم وما جاءت به رسلهم ويبيحوا المعاصي ( بل أنتم بشر ممن خلق ) ابتداء وخبر ( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) وقد أعلم الله جل وعز من يغفر له أنه من تاب وآمن وأعلم من يعذبه وهو من كفر وأصر فلما عرف معناه جاء مجملا ولم يقل عز وجل يغفر لمن يشاء منكم
19
في موضع نصب أي كراهة أن تقولوا ويجوز من بشير ولا نذير على الموضع
وروى عبيد بن عقيل عن شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير أنه قرأ
20 بضم الميم وكذلك ما أشبهه وتقديره يا أيها القوم كما قال
( ويلا عليك ويلا منك يا رجل ** )
( إذ جعل فيكم أنبياء ) لم ينصرف لأن فيه ألف تأنيث ( وجعلكم ملوكا ) قيل تملكون أمركم لا يغلبكم عليه غالب وقيل جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم فيها إلا بإذن وروى أنس بن عياض عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك لا أعلمه إلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له منزل أو قال بيت يأوي إليه وزوجة
____________________
(2/13)
وخادم يخدمه فهو ملك ( ما لم يؤت أحدا من العالمين ) حذفت الياء للجزم ويجوز إثباتها في الشعر
21
يعني بيت المقدس و ( المقدسة ) نعت للأرض أي المطهرة من كثير من الذنوب بكثرة الأنبياء فيها ( التي كتب الله لكم ) نعت أي كتب لكم سكناها ( ولا ترتدوا على أدباركم ) أي لا ترجعوا عن طاعتي ( فتنقلبوا خاسرين ) جواب النهي
22
اسم إن ( جبارين ) نعت والخبر في الظرف ( حتى يخرجوا ) نصب بحتى ولا يجوز رفعه لأنه مستقبل
23
ويجوز الإدغام إدغام اللام في الراء ويجوز إسكان الجيم من رجلين لثقل الضمة ( من الذين يخافون ) ومن قرأ ( يخافون ) قال هما جباران من الله عليهما بالإسلام ومن فتح الياء قال هما من أصحاب موسى الذين يخافون الجبارين وقد يجوز على هذه القراءة أن يكونوا من الجبارين
24
ظرف زمان ( فاذهب أنت وربك ) عطف على المضمر الذي في فاذهب
____________________
(2/14)
لأنك قد أكدته ويقبح عند البصريين أن تعطف على المضمر المرفوع إذا لم تؤكده لأنه كأحد حروف الفعل إلا أنه جائز عندهم في الشعر وهو عند الفراء جائز في كل موضع ( إنا ههنا قاعدون ) خبر إن ويجوز في غير القرآن قاعدين على الحال لأن الكلام قد تم
25
الأصل إنني حذفت النون لاجتماع النونات ( وأخي ) في موضع نصب عطف على نفسي وإن شئت كان عطفا على اسم إن ويجوز أن يكون موضعه رفعا عطفا على الموضع وإن شئت على المضمر وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ ( فافرق ) بكسر الراء ومعنى ( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) اجعل دارنا الجنة ليكون بيننا وبينهم فرق
26
اسم إن وخبرها ومعنى محرمة أنهم ممنوعون من دخولها كما يقال حرم الله وجهك على النار ( أربعين سنة ) ظرف زمان
27
أمر فلذلك حذفت منه الواو أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلو على اليهود خبر ابني آدم إ
____________________
(2/15)
الله تعالى وكفرهم بنبيه صلى الله عليه وسلم سبيل ابن آدم عليه السلام وأنهم ليسوا أكرم على الله من ابن آدم لصلبه وكان في ذلك دلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم إذ كان لم يقرأ الكتب وأما قول عمرو مجاهد إن اللذين قربا قربانا من بني إسرائيل فغلط يدل على ذلك قوله عز وجل { ليريه كيف يواري سوأة أخيه } ( قال إنما يتقبل الله من المتقين ) أي من المتقين من المعاصي
29
يقال كيف يريد المؤمن هذا ففي هذا قولان محمد بن يزيد هذا مجاز لما كان المؤمن يريد الثواب ولا يبسط يده بالقتل كان بمنزلة من يريد هذا والجواب الآخر أنه حقيقة لأنه لما قال له لأقتلنك استوجب النار بهذا فقد أراد الله تعالى أن يكون من أهل النار فعلى المؤمنين أن يريدوا ذلك فأما معنى ( بإثمي وإثمك ) فمن أحسن ما قيل فيه وهو مذهب سيبويه أن المعنى بإثمنا لأن المصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول وحكى سيبويه المال بيني وبينك أي بيننا وأنشد
( فأيي ما وأيك كان شرا ** )
أي فأينا ويجوز أن يكون بإثمي بإثم قولك لي لأقتلنك ويجوز أن يكون المعنى بإثم قتلي إن قتلتني ( فتكون من أصحاب النار ) عطف ( وذلك جزاء الظالمين ) ابتداء وخبر
____________________
(2/16)
وقرأ أبو واقد
30
قال أبو جعفر هذا بعيد لأنه إنما يقال طاوعته نفسه
31
أي أحدث له شهوة في هذا ( ليريه ) لام كي يكون لما آل أمره إلى هذا كان كأنه فعله ليريه ويجوز أن يكون المعنى ليريه الله وإن خففت الهمزة قلت سوة ( يا ويلتى ) الأصل يا ويلتي ثم أبدل من الياء ألفا وقرأ الحسن ( يا ويلتي ) بالياء والأول أفصح لأن حذف الياء في النداء أكثر ومذهب سيبويه أن النداء إنما يقع في هذه الأشياء على المبالغة إذا قلت يا عجبا فكأنك قلت يا عجب احضر فهذا وقتك فهذا أبلغ من قولك هذا وقت العجب ويا ويلتا كلمة تدعو بها العرب عند الهلاك هذا قول سيبويه وقال الأصمعي ويل بعد وقرأ الحسن ( أعجزت ) بكسر الجيم وهذه لغة شاذة إنما يقال عجزت المرأة إذا عظمت عجيزتها وعجزت عن الشيء أعجز عجزا ومعجزة ومعجزة ( فأواري ) عطف على أكون ويجوز أن يكون جواب الاستفهام
____________________
(2/17)
وقرأ يزيد بن القعقاع
32
بكسر النون وإسقاط الهمزة وهذا على لغة من قال أجل ثم خففت الهمزة يقال أجلت الشيء آجله أجلا وإجلا إذا جنيته ( أنه ) في موضع نصب أي بأنه والهاء كناية عن الحديث ويجوز إنه بالكسر على الحكاية والجملة خبر إن وقرأ الحسن ( أو فسادا ) أي أو عمل فسادا ويجوز أن يكون بمعنى المصدر أي أو أفسد فسادا
33
جزاء رفع بالابتداء وخبره ( أن يقتلوا ) والتقدير الذين يحاربون أولياء الله ومتبعي رسله وقرأ الحسن ( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم ) والأصل أيديهم حذفت الضمة من الياء لثقلها ( ذلك لهم خزي في الدنيا ) ابتداء وخبر ( ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) يدل على أن الحد لا يزيل عقوبة الآخرة عمن لم يتب
34
في موضع نصب بالاستثناء ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون التقدير إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ( فاعلموا أن الله ) لهم ( غفور رحيم )
____________________
(2/18)
35
أي بترك المعاصي والجهاد
38
رفع بالابتداء والخبر ( فاقطعوا أيديهما ) وعند سيبويه الخبر محذوف والتقدير عنده وفيما فرض عليكم السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما والرفع عند الكوفيين بالعائد وقرأ عيسى بن عمر ( والسارق والسارقة ) نصبا وهو اختيار سيبويه قال إلا أن العامة أبت إلا الرفع يريد بالعامة الجماعة ونصبه بإضمار فعل أي اقطعوا السارق والسارقة وإنما اختار النصب لأن الأمر بالفعل أولى وقد خولف سيبويه في هذا فزعم الفراء أن الرفع أولى لأنه ليس يقصد به إلى سارق بعينه فنصب وإنما المعنى كل من سرق فاقطعوا يده وهذا قول حسن غير مدفوع يدل عليه أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا واللذان يأتيانها منكم فأذوهما وهذا مذهب محمد بن يزيد فأما فاقطعوا أيديهما ولم يقل فيه يديهما فقد تكلم فيه النحويون فقال الخليل أرادوا أن يفرقوا بين ما في الإنسان منه واحد وما فيه اثنان فقال أشبعت بطونها و إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وقال الفراء لما كان أكثر ما في الإنسان من الجوارح
____________________
(2/19)
اثنين حملوا الأقل على الأكثر وقال غيرهما فعل هذا لأن التثنية جمع وقيل لأنه لا يشكل وأجاز النحويون التثنية على الأصل والتوحيد لأنه يعرف وأجاز سيبويه جمع غير هذا وحكى وصغار حالهما يريد رحلى راحلتين ( جزاء بما كسبا ) مفعول من أجله وإن شئت كان مصدرا وكذا ( نكالا من الله )
39
شرط وجوابه ( فإن الله يتوب عليه )
41
ويقال يحزنك والأول أفصح ( من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) أي لم يضمروا في قلوبهم الإيمان كما نطقت به ألسنتهم ( ومن الذين هادوا ) يكون هذا تمام الكلام ثم قال جل وعز ( سماعون للكذب ) أي هم سماعون ومثله طوافون عليكم وقال الفراء ويجوز سماعين وطوافين كما قال ملعونين أينما ثقفوا وكما قال إن المتقين في جنات ونعيم ثم قال فاكهين وآخذين ويجوز أن يكون المعنى ومن الذين هادوا قوم سماعون للكذب ( سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) ثم قال ( يحرفون الكلم من
____________________
(2/20)
بعد مواضعه ) أي يتأولونه على غير تأويله بعد أن فهموه عنك وعرفوا مواضعه التي أرادها الله عز وجل ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ) أي إن أعطيتم هذا الذي قلنا لكم فاقبلوه ( وإن لم تؤتوه ) أي إن نهيتم عنه ( فاحذروا ) أن تقبلوه ممن قال لكم فإنه ليس بنبي يريدون أن يروا ضعفتهم أنهم ينصحونهم ( أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ) أي لم يرد الله عز وجل أن يطهر قلوبهم من الطبع عليها والختم كما طهر قلوب المؤمنين ثوابا لهم
42
على التكثير والسحت في اللغة كل حرام يسحت الطاعات أي يذهبها وروى العباس بن الفضل عن خارجة بن مصعب عن نافع ( أكالون للسحت ) بفتح السين وهذا مصدر من سحته يقال سحت وأسحت بمعنى واحد وقال أبو إسحاق سحته ذهب به قليلا قليلا
44
هدى في موضع رفع بالابتداء ونور عطف عليه ( والربانيون والأحبار ) عطف على النبيين ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) رفع بالابتداء وخبره ( فأولئك هم الكافرون ) وقد ذكرنا معناه ومن أحسن ما قيل فيه قول الشعبي قال هذا في اليهود خاصة ويدل على ما قال ثلاثة أشياء منها أن اليهود قد ذكروا قبل هذا في قوله ( للذين هادوا ) فعاد الضمير عليهم ومنها أن سياق الكلام يدل على ذلك ألا ترى أن بعده وكتبنا عليهم فيها فهذا الضمير لليهود بإجماع وأيضا
____________________
(2/21)
فإن اليهود هم الذين أنكروا الرجم والقصاص فإن قال قائل من إذا كانت للمجازاة فهي عامة إلا أن يقع دليل على تخصيصها قيل له من ههنا بمعنى الذي مع ما ذكرنا من الأدلة والتقدير واليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فهذا أحسن ما قيل في هذا وقد قيل من لم يحكم بما أنزل الله مستحلا لذلك وقد قيل من ترك الحكم بجميع ما أنزل الله فهو كافر
45
الآية فيها وجوه قرأ نافع وعاصم والأعمش بالنصب في جميعها وهذا بين على العطف ويجوز تخفيف أن ورفع الكل بالابتداء والعطف وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر بنصب الكل إلا الجروح قال أبو جعفر حدثنا محمد بن الوليد عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال حدثنا حجاج عن هارون عن عباد بن كثير عن عقيل عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) الرفع من ثلاث جهات بالابتداء والخبر وعلى المعنى لأن المعنى قلنا لهم النفس بالنفس والوجه الثالث قاله أبو إسحاق يكون عطفا على المضمر ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) شرط وجوابه ويجوز في غير القرآن فمن اصدق به
____________________
(2/22)
46
على الحال ( فيه هدى ) في موضع رفع بالابتداء ( ونور ) عطف عليه ( ومصدقا ) فيه وجهان يجوز أن يكون لعيسى صلى الله عليه وسلم ونعطفه على مصدق الأول ويجوز أن يكون للإنجيل ويكون التقدير وآتيناه الإنجيل مستقرا فيه هدى ونور ومصدقا ( وهدى وموعظة ) عطف على مصدق
47
أمر ويجوز كسر اللام والجزم لأن أصل اللام الكسر وفي الكلام حذف والمعنى وأمرنا أهله أن يحكموا ( بما أنزل الله فيه ) فحذف هذا وقرأ الأعمش وحمزة ( وليحكم أهل الإنجيل ) على أنها لام كي والأمر أشبه وسياق الكلام يدل عليه قال أبو جعفر والصواب عندي أنهما قراءتان حسنتان لأن الله تعالى لم ينزل كتابا إلا ليعمل فيما فيه وأمر بالعمل بما فيه فصحتا جميعا وإذا كانت لام كي ففي الكلام حذف أي وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه أنزلناه عليهم
48
حال ( ومهيمنا ) عطف عليه ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) روي عن ابن عباس أنه قال الشرعة والمنهاج الإسلام والسنة وقيل الشرعة ابتداء
____________________
(2/23)
الشيء وهو قول لا إله إلا الله والمنهاج جملة الفرائض وقيل هما واحد ومن أحسن ما قيل فيه أن الشريعة والشرعة واحد وهو ما ظهر من الدين مما يؤخذ بالسمع نحو الصلاة والزكاة وما أشبههما ومنه أشرعت بابا إلى الطريق ومنه شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ومنه إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ومنه طريق شارع ومنه الشراع والمنهاج الطريق الواضح البين المستقيم فجعل شريعة وطريقا بينا أي برهانا واضحا ودل بهذا على أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم مخالفة لشريعة موسى صلى الله عليه وسلم ( لجعلكم أمة واحدة ) أي لجعل شريعتكم واحدة ( ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ) في الكلام حذف تتعلق به لام كي أي ولكن جعل شرائعكم مختلفة ليبلوكم أي ليتعبدكم ( فاستبقوا الخيرات ) أي فاسبقوا الخيرات من قبل أن تعجزوا عنها أو تموتوا أو يذهب وقتها
49
وقد كان خيره قبل هذا فنسخ التخيير بالحتم والدليل على أن هذا ناسخ وأن على الإمام أن يحكم على أهل الكتاب بالحق قوله يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ( وأن احكم ) أن في موضع نصب عطفا على الكتاب أي وأنزلنا إليك أن احكم بينهم بما أنزل الله أي بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه ( واحذرهم أن يفتنوك ) الهاء والميم في موضع نصب يجب أن يكون هذا على قول من قال حاذر ويجوز أن يكون على قول من قال حذر في قول سيبويه وأنشد
____________________
(2/24)
( حذر أمورا لا تضير وآمن ** ما ليس منجيه من الأقدار ) ( أن يفتنوك ) بدل وإن شئت بمعنى من أن يفتنوك
50
نصب بيبغون والمعنى أن الجاهلية كانوا يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع وكانت اليهود تقيم الحدود على الضعفاء الفقراء ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء فضارعوا الجاهلية بهذا الفعل ( ومن أحسن ) ابتداء وخبر ( من الله حكما ) على البيان
51
مفعولان وتوليهم معاضدتهم على المسلمين واختصاصهم دونهم ( بعضهم أولياء بعض ) ابتداء وخبر ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ووجبت له النار كما وجبت لهم فصار منهم أي من أصحابهم
52
أي في موالاتهم ( فعسى الله أن يأتي بالفتح ) أي بالنصر وهو نصب بأن
____________________
(2/25)
( فيصبحوا ) عطف أي فأصبحوا نادمين على توليهم الكفار إذا رأوا نصر الله عز وجل للمؤمنين وإذا عاينوا عند الموت فبشروا بالعذاب
قرأ أهل المدينة وأهل الشام
53 بغير واو مرفوع لأنه فعل مستقبل وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق ( ويقول الذين آمنوا ) بالواو والنصب عطفا على أن يأتي عند أكثر النحويين وإذا كان على هذا كان النصب بعيدا لأنه مثل قولك عسى زيد أن يأتي ويقوم عمرو وهذا بعيد جدا لا يصح المعنى عسى زيد أن يقوم عمرو ولكن لو قلت عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيدا ولو كانت الآية عسى الله أن يأتي بالفتح كان النصب حسنا وجوازه على أنه يحمل على هذا المعنى مثل قوله
( ورأيت زوجك في الوغا ** متقلدا سيفا ورمحا )
وفيه قول آخر تعطفه على الفتح كما قال
____________________
(2/26)
( للبس عباءة وتقر عيني ** أحب إلي من لبس الشفوف )
وقرأ الكوفيون ( ويقول الذين آمنوا ) بالرفع على القطع من الأول ( هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم ) أي قالوا إنهم ويجوز أنهم بأقسموا ( فأصبحوا خاسرين ) أي خاسرين للثواب
54
هذه قراءة أهل المدينة وأهل الشام وقرأ أهل الكوفة وأهل البصرة ( من يرتد منكم ) بفتح الدال لالتقاء الساكنين ويجوز كسرها إلا أن الفتح اختير لأنه أخف وقال الكوفيون فتح لأنه بني على التشبيه من قولك ردا ولهذا عند الفراء فتح الفعل الماضي ويرتدد أحسن لأن الحرف الثاني قد سكن ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) في موضع النعت ( أذلة على المؤمنين ) نعت أي يرؤفون بهم ويرحمونهم ( أعزة على الكافرين ) يغلظون عليهم ويعادونهم ويجوز أذلة بالنصب على الحال أي يحبهم ويحبونه في هذا الحال ( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم فدل بهذا على تثبيت إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لأنهم الذين جاهدوا في الله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد موته ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ابتداء وخبر ( والله واسع عليم ) أي واسع الفضل عليم بمصالح خلقه
____________________
(2/27)
55
ابتداء وخبر ( ورسوله ) عطف ( والذين آمنوا ) كذلك ثم نعتهم فقال ( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ) قال أبو جعفر وقد ذكرنا أن محمد بن علي أبا جعفر سئل عن معنى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا هل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال علي من المؤمنين يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين وهذا قول بين لأن الذين لجماعة المؤمنين وهذا في تولي المؤمنين بعضهم بعضا وليس هذا من الإمامة في شيء يدل على ذلك أن هذا التولي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى يقيمون الصلاة يأتون بها في أوقاتها بجميع حقوقها كما يقال فلان قائم بعمله
56
مبتدأ فقيل الخبر محذوف والتقدير ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فهو من حزب الله وقيل ( هم ) الخبر و ( الغالبون ) خبر ثان
57
وهذه قراءة أهل المدينة وقرأ أهل الكوفة ( هزؤا ) حذفوا الضمة لثقلها فإن خففت الهمزة على قراءة أهل المدينة قلبتها واوا فقلت هزوا وإن خففتها على قراءة أهل الكوفة قلت هزا مثل هدى ( من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ) هذه قراءة أهل الحرمين وأهل الكوفة أي ولا
____________________
(2/28)
تتخذوا الكفار أولياء وقرأ أبو عمرو والكسائي ( والكفار أولياء ) بمعنى ومن الكفار و ( من ) ههنا لبيان الجنس والنصب أوضح وأبين
59
وتدغم اللام في التاء لقربها منها ( إلا أن آمنا بالله ) في موضع نصب أي هل تنقمون منا إلا إيماننا به وقد علمتم أنا على الحق وفسقكم في ترككم الإيمان
60
أي بشر من نقمتكم علينا وقيل من شر ما تريدون لنا من المكروه ( مثوبة ) على البيان وأصلها مفعولة فألقيت حركة الواو على الثاء فسكنت الواو وبعدها واو ساكنة فحذفت إحداهما ( من لعنه الله ) في موضع رفع كما قال عز وجل بشر من ذلكم النار والتقدير هو لعن من لعنه الله ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى قل هل أنبئكم من لعنه الله ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من شر وقد ذكرنا ( وعبد الطاغوت ) والقراءات فيه ويجوز على قراءة الأعمش ( وعبد الطاغوت ) بحذف الضمة لثقلها ويجوز على قراءة حمزة ( وعبد الطاغوت ) بحذف الضمة أيضا وبنصبه على الذم وإن شئت
____________________
(2/29)
كان منصوبا بمعنى وجعل منهم أي وصفهم بهذا ويجوز الرفع بمعنى وهم ويجوز الخفض عطفا على ( من ) إذا كانت في موضع خفض ( أولئك شر مكانا ) يقال ليس في المؤمنين شر فكيف جاء أولئك شر مكانا ففي هذا أجوبة حكى الكوفيون العسل أحلى من الخل وإن كان مردودا وقال أبو إسحاق المعنى أولئك شر مكانا على قولكم ومن حسن ما قيل فيه أولئك الذين لعنهم الله شر مكانا في الآخرة من مكانكم في الدنيا لما لحقكم من الشر وقيل أولئك الذين نسيهم الله شر من الذين نقموا عليكم وقيل أولئك الذين نقموا عليكم شر من الذين لعنهم الله
61
أي بالابغاض للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين وتمنى هلاكهم وخرجوا منطوين عليه ( والله أعلم بما كانوا يكتمون ) من الكفر
64
اسم ما لم يسم فاعله حذفت الضمة من الياء لثقلها أي غلت في الآخرة ويجوز أن يكون دعاءا عليهم وكذا ( ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ) ابتداء وخبر قال الأخفش وفي قراءة عبد الله ( بل يداه بسطان ) قال الأخفش يقال يد بسطة أي منطلقة منبسطة ( وليزيدن كثيرا منهم ) لام قسم ( كلما أوقدوا نارا ) ظرف أي كلما جمعوا وأعدوا
____________________
(2/30)
65
أن في موضع رفع وكذا
66
67
أي كل ما أنزل من ربك ( وإن لم تفعل ) شرط وجوابه ( فما بلغت رسالاته ) هذه قراءة أهل المدينة وقرأ أبو عمرو وأهل الكوفة والكسائي ( رسالته ) على واحدة والقراءتان حسنتان إلا أن الجمع أبين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحي شيئا شيئا ثم يبينه ( والله يعصمك من الناس ) دلالة على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله جل وعز خبر أنه معصوم وفي هذه الآية دلالة على رد قول من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من أمر الدين تقية ودلالة على أنه لم يسر إلى أحد شيئا من أمر الدين لأن المعنى بلغ كل ما أنزل إليك ظاهرا ولولا هذا ما كان في قوله جل وعز ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته ) فائدة
69
اسم إن ( والذين هادوا ) عطف عليه ( والصابئون ) وقرأ سعيد بن جبير ( والصابئين ) بالنصب والتقدير إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله منهم وعمل صالحا فلهم أجرهم والصابئون والنصارى كذلك وأنشد
____________________
(2/31)
سيبويه وهو نظير هذا
( وإلا فاعلموا أنا وأنتم ** بغاة ما بقينا في شقاق ) وقال الكسائي والأخفش ذكره في المسائل الكبير والصابئون عطف على المضمر الذي في هادوا وقال الفراء إنما جاز الرفع لأن الذين لا يبين فيه الإعراب قال أبو جعفر وسمعت أبا إسحاق يقول وقد ذكر له قول الأخفش والكسائي هذا خطأ من جهتين أحدهما أن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكد والجهة الأخرى أن المعطوف شريك المعطوف عليه فيصير المعنى إن الصابئين قد دخلوا في اليهودية وهذا محال وسبيل ما لا يتبين فيه الإعراب وما يتبين فيه واحدة
70
أي كذبوا فريقا وكذلك ( وفريقا يقتلون )
71
هذه قراءة الكوفيين وأبي عمرو والكسائي وقرأ أهل الحرمين بالنصب قال سيبويه حسبت أن لا تقول ذاك أي حسبت أنه قال وإن شئت نصبت قال أبو جعفر الرفع عند النحويين في حسبت وأخواتها أجود كما قال
____________________
(2/32)
( ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ** كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي ) وإنما صار الرفع أجود لأن حسبت وأخواتها بمنزلة العلم في أنه شيء ثابت وإنما يجوز النصب على أن تجعلهن بمنزلة خشيت وخفت هذا قول سيبويه في النصب ( فتنة ) اسم تكون والفتنة الاختبار فإن وقعت لغيره فذلك مجاز والمعنى وحسبوا أن لا يكون عقاب ( فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم ) ولم يقل عمي وصم والفعل متقدم ففي هذا أجوبة منها أن يكون كثير منهم بدلا من الواو قال الأخفش سعيد كما تقول رأيت قومك ثلثيهم وإن شئت كانت على إضمار مبتدأ أي العمي والصم منهم كثير وجواب رابع يكون على لغة من قال أكلوني البراغيث قال الأخفش يجوز أن يكون هذا منها وأنشد
( ولكن ديا في أبو وأمه ** بحوران يعصرن السليط أقاربه )
ويجوز في غير القرآن كثيرا بالنصب نعتا لمصدر محذوف
____________________
(2/33)
72
وهذا قول اليعقوبية فرد الله جل وعز ذلك عليهم بحجة قاطعة مما يقرون به فقال ( وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم ) أي إذا كان المسيح يقول يا رب ويا الله فكيف يدعو نفسه أم كيف يسألها هذا محال
73
هذا المعنى أحد ثلاثة ولا يجوز فيه التنوين فإن قلت ثالث اثنين جاز التنوين ( وما من إله إلا إله واحد ) ( من ) زائدة ويجوز في غير القرآن إلا إلها واحدا على الاستثناء وأجاز الكسائي الخفض على البدل وذلك خطأ عند الفراء والبصريين لأن من لا تدخل في الإيجاب
75
ابتداء وخبر أي إن المسيح صلى الله عليه وسلم وإن أظهر الآيات فإنما جاء بها كما جاءت الرسل ( وأمه صديقة ) ابتداء وخبر ( كانا يأكلان الطعام ) أي فإذا كانا يأكلان الطعام فهما محدثان وقال محمد بن يزيد معنى كانا يأكلان الطعام كانا يحدثان فكنى الله تعالى عن ذلك وكان في هذا دلالة على أنهما بشران قال الله تعالى ( انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ) أي كيف يصرفون عن
____________________
(2/34)
الحق بعد هذا البيان ثم زادهم في البيان فقال
76
أي أنتم مقرون أن عيسى كان جنينا في بطن أمه لا يملك لأحد ضرا ولا نفعا ( والله هو السميع العليم ) أي أنتم قد أقررتم أن عيسى كان في حال من الأحوال لا يسمع ولا يعلم والله جل وعز لم يزل سميعا عليما
77
أي لا تفرطوا كما أفرطت اليهود والنصارى في عيسى ( ولا تتبعوا أهواء قوم ) جمع هوى وهكذا جمع المقصور على نظيره من السالم وقيل هوى لأنه يهوي بصاحبه في الباطل
78
اسم ما لم يسم فاعله وبعض العرب يقول الذون ( على لسان داود وعيسى ابن مريم ) أي أمر بلعنهم فلعناهم ولم ينصرف داود عليه السلام لأنه اسم أعجمي لا يحسن فيه الألف واللام فإن حسنت في مثله ألف ولام انصرف نحو طاوس وراقود ( ذلك ) في موضع رفع بالابتداء أي ذلك اللعن ( بما عصوا ) ويجوز أن يكون على إضمار مبتدأ أي الأمر ذلك ويجوز أن يكون في موضع نصب أي فعلنا ذلك بهم بعصيانهم واعتدائهم
79
مرفوع لأنه فعل مستقبل وهو في موضع نصب لأنه خبر كان ( لبئس ) لام
____________________
(2/35)
توكيد قال أبو إسحاق المعنى لبئس شيئا فعلهم
80
هم اليهود كانوا يتولون المشركين وليسوا على دينهم ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم ) ( أن ) في موضع رفع على إضمار مبتدأ وقيل بدل مما في لبئس ما ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى لأن سخط الله ( وفي العذاب هم خالدون ) ابتداء وخبر
81
فدل بهذا على أن من اتخذ كافرا وليا فليس بمؤمن
82
لام قسم ودخلت النون على قول الخليل وسيبويه فرقا بين الحال والمستقبل ( أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ) مفعولان و ( عداوة ) على البيان وكذا ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ) وفي هذا قولان أحدهما أنهم لم يكنوا نصارى على الحقيقة ولا يجوز أن يمدح الله تعالى كافرا وإنما هم قوم كانوا يؤمنون بعيسى ولا يقولون إنه إله فسموا بالنصارى
____________________
(2/36)
قبل أن يسلموا والقول الآخر أن المعنى الذين قالوا إنا نصارى ( ذلك بأن منهم قسيسين ) اسم أن ويقال في جمع قسيس مكسرا قساوسة أبدل من إحدى السينين واو ويقال قس بمعناه وجمعه قسوس ويقال للنميمة أيضا قس وقد قس الحديث قسا ورهبانا جمع راهب والفعل منه رهب الله يرهب أي خافه رهبا رهبانا ورهبة قال أبو عبيد ويقال رهبان للواحد قال الفراء جمعه رهابنة ورهابين ( وإنهم ) في موضع خفض عطفا
83
وأجاز سيبويه في الشعر الجزم بإذا ( تفيض ) في موضع نصب على الحال وكذا ( يقولون )
84
في موضع نصب على الحال أي شيء لنا في هذه الحال
87
في موضع رفع نعت لأي ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) جزم على النهي فلذلك حذفت منه النون وكذا ( ولا تعتدوا )
____________________
(2/37)
88
في موضع نصب نعت ( أنتم ) ابتداء ( مؤمنون ) خبر وهما صلة الذي وعادت إليه الهاء التي في ( به )
قرأ أبو عمرو وأهل المدينة
89 بالتشديد وقرأ أهل الكوفة والكسائي ( بما عقدتم ) بالتخفيف وأنكر أبو عبيد التشديد قال لأنه للتكرير وزعم أنه يخاف أن يلزم من قرأ به أن لا يوجب الكفارة حتى يحلف مرارا قال وهذا خارج من قول الناس قال أبو جعفر هذا لا يلزم وفي التشديد قولان قال أبو عمرو عقدتم وكدتم أي فكما تقول وكدتم فكذا تقول عقدتم ومعنى عقدت اليمين ووكدتها أن يحلف الحالف على الشيء غير غالط ولا ناس وقيل عقدتم لأنه لجماعة ( فكفارته إطعام عشرة مساكين ) ابتداء وخبر ويجوز تنوين إطعام ونصب عشرة بغير تنوين وبتنوين على أن يكون مساكين في موضع نصب على البدل ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) ألبين في هذا أن يكون ما تطعمون ليس بالرفيع ولا بآلدون ( أهليكم ) في موضع نصب وعلامة النصب فيه الياء وحذفت النون للإضافة ( أو كسوتهم ) عطف على إطعام وكذا ( أو تحرير رقبة ) ويجوز أو تحرير رقبة وكذا ( فصيام ثلاثة أيام ) والتقدير فعليه ( ذلك كفارة أيمانكم ) ابتداء وخبر والتقدير إذا حلفتم وحنثتم ثم حذف ( واحفظوا أيمانكم ) أمر الله جل وعز بحفظ الأيمان وترك التهاون بها حتى تنسى ليذكرها ويقوم
____________________
(2/38)
فيها بما يجب عليه من كفارة أو غيرها ( كذلك يبين الله لكم آياته ) الكاف في موضع نصب أي يبين لكم آياته بيانا مثل ما بين لكم في كفارة اليمين
90
الخمر عند العرب عصير العنب إذا اشتد ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل سكر خمر فجعله بمنزلة هذه التي تعرفها العرب بالخمر والأنصاب الأوثان والأزلام القداح والتقدير واستعمال الأزلام ( رجس ) خبر الابتداء والرجل عند العرب كل عمل يقبح فعله والفعل منه رجس يرجس ورجس يرجس والرجس بفتح الراء وإسكان الجيم الصوت والفعل من الميسر يسر ييسر فهو ياسر ويسر ( فاجتنبوه ) يكون فاجتنبوا الرجس ويكون فاجتنبوا هذا الفعل ويكون لأحد هذه الأشياء ويكون باقيها داخلا فيما دخل فيه
93
أي من الحلال ودل على هذا ( إذا ما اتقوا ) فأما التكرير في قوله إذا ما اتقوا ثم اتقوا ففيه أقوال منها أن يكون المعنى إذا ما اتقوا الكفر ثم آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا المعاصي ثم اتقوا ظلم الناس ودل على هذا ( وأحسنوا ) وقيل إذا ما اتقوا فيما مضى وصلحت إذا لما مضى على إضمار كانوا ثم اتقوا للحال ثم اتقوا في المستقبل وقيل إذا اتقوا للحال ثم اتقوا
____________________
(2/39)
للمستقبل ثم اتقوا أقاموا على التقى وقيل إذا اتقوا الكفر ثم اتقوا الكبائر ثم اتقوا الصغائر
94
لام قسم وفي دخول من ثلاثة أجوبة تكون لبيان الجنس كما تقول لأمتحننك بشيء من الذهب وكما قال سيبويه هذا باب علم ما الكلم من العربية ويجوز أن تكون من للتبعيض لأن المحرم صيد البر خاصة ويجوز أن يكون التبعيض لأن الصيد إنما منع في الإحرام خاصة وواحد الحرم حرام أي محرم ومحرم يقع على ضربين أحدهما بالحج أو العمرة والآخر أنه يقال أحرم إذا دخل الحرم ( ليعلم الله ) لام كي
95
شرط والجواب ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) وهذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقرأ أهل الكوفة ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) وروى هارون ابن حاتم عن ابن عياش عن عاصم ( فجزاء مثل ما قتل ) ينصب مثل
قال الكسائي وفي حرف عبد الله ( فجزاؤه مثل ما قتل ) فقراءة المدنيين وأبي عمرو بمعنى فعليه جزاء مثل ما قتل ويجوز أن يكون هذا على قراءة الكوفيين أيضا ويكون مثل نعتا لجزاء ويجوز أن يكون جزاء مرفوعا
____________________
(2/40)
بالابتداء وخبره مثل ما قتل والمعنى فجزاء فعله مثل ما قتل ومن نصب مثلا فتقديره فعليه أن يجزي مثل ما قتل ( يحكم به ذوا عدل منكم ) تثنية ذو على الأصل ( هديا ) نصب على الحال من الهاء التي في به ويجوز أن يكون على البيان ويجوز أن يكون مصدرا وقرأ الأعرج ( هديا ) بتشديد الياء وهي لغة فصيحة ( بالغ الكعبة ) أصله بالغا الكعبة لأنه نعت لنكرة ( أو كفارة طعام مساكين ) هذه قراءة أهل المدينة على إضافة الجنس وقراءة أبي عمرو وأهل الكوفة ( أو كفارة طعام مساكين ) قال أبو عبيد لأن الطعام هو الكفارة وهو عند البصريين على البدل ( أو كفارة ) معطوفة على جزاء أي أو عليه كفارة ( أو عدل ذلك ) قد ذكرناه ( صياما ) على البيان ( ليذوق ) بلام كي ( ومن عاد ) في موضع جزم بالشرط إلا أنه فعل ماض مبني على الفتح ( فينتقم الله منه ) فعل مستقبل وفيه جواب الشرط
96
اسم ما لم يسم فاعله ( وطعامه ) عطف عليه وقد ذكرنا معناه ومن أحسن ما قيل فيه أن الله تعالى أحل صيد البحر وأكله وقد قيل طعامه الماء لأنه يتطعم وقرأ ابن عباس ( وطعمه ) بضم الطاء وإسكان العين ( متاعا )
____________________
(2/41)
منصوب على أنه مصدر لأن معنى أحل لكم هذا متعتم به متاعا ونظيره كتاب الله عليكم ما دمتم حرما ويقال دمتم والضم أفصح
97
مفعول أول وقيل لها كعبة لتربيع أعلاها ( البيت الحرام ) بدل ( قياما ) مفعول ثان وقرأ ابن عامر وعاصم الجحدري ( قيما للناس ) وهما من ذوات الواو فقلبت الواو ياءا لكسرة ما قبلها وقد قيل قوام ( والشهر الحرام والهدي والقلائد ) عطف ( ذلك ) في موضع رفع أي الأمر ذلك ويجوز أن يكون في موضع نصب أي فعل الله ذلك ( لتعلموا ) لام كي ( أن الله ) في موضع نصب
101
أشياء لا تنصرف وللنحويين فيها أقوال قال الخليل وسيبويه رحمهما الله والمازني أصلها فعلاء شياء فاستثقلت همزتان بينهما ألف فقلبت الأولى فصارت لفعاء وقال الكسائي وأبو عبيد لم تنصرف لأنها أشبهت حمراء لقول العرب أشياوات مثل حمراوات وقال الأخفش والفراء والزيادي لم تنصرف لأنها أفعلاء أشيئاء على وزن أشيعاع كما يقال هين وأهوناء قال أبو حاتم أشياء أفعال مثل أنباء وكان يجب أن تنصرف إلا أنها سمعت عن العرب
____________________
(2/42)
المؤمنين ) ابتداء وخبر وقرأ نافع ( وأنا أول المؤمنين ) بإثبات الألف في الإدراج والأولى حذفها في الإدراج والأولى حذفها في الإدراج وإثباتها لغة شاذة خارجة عن القياس لأن الألف إنما جيء بها لبيان الفتحة وأنت إذا أدرجت لم تثبت فلا معنى للألف
144
لا يقال أوخذ وهو القياس كما يقال أومر فلانا لأنه سمع من العرب هكذا وقيل فيه علة وهي أن الخاء من حروف الحلق وكذا الهمزة فأما أومر فيقال وعلى هذا قوله جل وعز
145 فإذا قلت مر فلانا فهذا الأكثر ويجوز أومر
146
قراءة أهل المدينة وأهل البصرة وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ( الرشد ) قال أبو عبيد فرق أبو عمرو بين الرشد والرشد فقال الرشد في الصلاح والرشد في الدين قال أبو جعفر وسيبويه يذهب إلى أن الرشد واحد مثل السخط والسخط وكذا قال الكسائي قال أبو جعفر والصحيح عن أبي عمرو غير ما قال أبو عبيد قال إسماعيل بن إسحاق حدثنا نصر بن علي عن أبيه عن أبي عمرو بن العلاء قال إذا كان الرشد وسط الآية فهو مسكن وإذا كان رأس الآية فهو محرك
____________________
(2/43)
105
إغراء لأن معنى عليكم ألزموا ( لا يضركم من ضل ) خبر ويجوز أن يكون جزما على الجواب أو على النهي يراد به المخاطبون كما يقال لا أرينك ههنا وإذا كان جزما جاز ضمه وفتحه وكسره وحكى الأخفش ( لا يضركم ) جزما من ضار يضير
106
من أشكل آية في القرآن وقد ذكرنا فيها أقوالا للعلماء ونذكر ههنا
أحسن ما قيل فيها حدثنا الحسن بن آدم بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا أبو زيد هارون بن محمد يعرف بابن أبي الهيذام قال حدثني أبو مسلم الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال حدثنا محمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن أبي النضر عن باذان مولى أم هانىء ابنة أبي طالب عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت قال بريء الناس منها غيري وغير عدي بن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبيل الإسلام فأقبلا من الشام بتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك وهو مال عظيم قال فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم فلما
____________________
(2/44)
مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم واقتسمناه إليهما أنا وعدي بن بداء قال فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألوا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمسمائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فوثبوا إليه وأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة فلم يجدوا بأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه فحلف فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت إلى قوله وجل عزأو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا فنزعت خمسمائة الدرهم من عدي بن بداء وحدثنا الحسن بن آدم قال حدثنا أبو يزيد قال حدثني أبو زائدة زكرياء بن يحيى بن أبي زائدة قال وجدت في كتاب أبي بخطه حدثني محمد بن القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس أن تميما الداري وعدي بن بداء كانا يختلفان إلى مكة في تجارة فخرج معهما رجل من بني سهم ببضاعة فتفي بأرض ليس فيها مسلم فأوصى إليهما فجاءا بتركته فدفعوها إلى أهله وحبسوا عنهم جاما من فضة مخوصا بالذهب قالوا لم نره فأتوا بهما النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بهما فحلفا بالله عز وجل ما كتمنا ولا ظلمنا فخلى سبيلهما ثم إن الجام وجد بمكة زعموا أنهم اشتروه من عدي وتميم فقام رجل من أولياء السهميين فحلف بالله أن الجام لجام السهمي ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ثم أخذوا الجام وفيهم أنزلت هذه الآية ( شهادة بينكم ) رفع بالابتداء وخبره ( اثنان ) والتقدير شهادة اثنين مثل وسئل
____________________
(2/45)
القرية ويجوز أن يكون اثنان رفعا بفعلهما أي ليكن منكم أن يشهد اثنان وقيل شهادة رفع بإذا حضر لأنها شهادة مستأنفة ليست واقعة لكل الخلق أي عند حضور الموت والاثنان مرفوعان عند قائل هذا القول بمعنى أن يشهد اثنان ( ذوا عدل منكم ) نعت ( أو آخران ) عطف ( من غيركم ) من قال أبو جعفر وقد ذكرنا ما فيه وأنه قيل من غيركم من غير أهل دينكم وقيل من غير أقربائكم والثاني أولى لأن المعنى أو آخران عدلان من غيركم كذا يجب أن يكون معنى آخر في اللغة ولا يكون غير المسلم عدلا ( إن أنتم ضربتم في الأرض ) أنتم رفع بفعل مضمر مثل الثاني ( تحبسونهما من بعد الصلاة ) أي صلاة العصر وخصت بهذا لأنه لا ركوع بعدها فالناس يتفرغون بعدها ( فيقسمان بالله ) يعني المدعى عليهما ( إن ارتبتم ) معترض والتقدير فيقسمان بالله يقولان ( لا نشتري به ثمنا ) أي بقسمنا ( ولو كان ذا قربى ) معترض أي ولو كان الميت ذا قربى ( ولا نكتم شهادة الله ) متصل بقوله ثمنا وقرأ ابن محيصن ( إنا إذا لملا ثمين ) أدغم النون في اللام وهذا رديء في العربية لأن اللام حكمها السكون وإن حركت فإنما الحركة للهمزة ونظير هذا قراءة أبي عمرو ونافع وإنه أهلك عادا لولى قال أبو جعفر سمعت محمد بن الوليد يقول سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول ما علمت أن أبا عمرو بن العلاء لحن في شيء في صميم العربية إلا في حرفين أحدهما وإنه أهلك عادا لولى والآخر يؤده
____________________
(2/46)
إليك )
107
في موضع جزم بالشرط يقال منه عثرت عليه بالذنب أعثر عثورا وعثرت في المشي أعثر عثارا ( فآخران ) رفع بفعل مضمر ( يقومان ) في موضع نعت ( مقامهما ) مصدر وتقديره مقاما مثل مقامهما ثم أقيم النعت مقام المنعوت والمضاف مقام المضاف إليه ( من الذين استحق عليهم ) روي عن أبي بن كعب ( من الذين استحق ) بفتح التاء والحاء وكذا روى حفص بن سليمان عن عاصم بن أبي النجود ( الأوليان ) قراءة أهل المدينة يكون بدلا من قوله فآخران أو من المضمر في ( يقومان ) وقيل هو اسم ما لم يسم فاعله أي استحق عليهم إثم الأوليين مثل وسئل القرية والمعنى عند قائل هذا من الذين استحق عليهم الإثم بالخيانة وعليهم بمعنى فيهم مثل على ملك سليمان أي في ملك سليمان والمعنى الأولى بالميت أو القسم وقرأ الكوفيون ( الأولين ) بدل من الذين أو من الهاء والميم في عليهم وروي عن الحسن ( الأولان ) ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) ابتداء وخبر وقد ذكرنا ما فيه والأولى أن يكون لأولياء الميت فأما أن يكون الشاهدان يحلفان فبعيد وإنما أشكل لقوله لشهادتنا وبيانه أن الشهادة بمعنى الخبر وكل مخبر شاهد وقد روى معمر
____________________
(2/47)
عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال قام رجلان من أولياء الميت فحلفا
108
ابتداء وخبر ( أن ) في موضع نصب ( يأتوا ) نصب بأن ( أو يخافوا ) عطف عليه ( أن ترد ) في موضع نصب بيخافوا ( واتقوا الله واسمعوا ) أمر فلذلك حذفت منه النون ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) نعت للقوم وفسق يفسق ويفسق أي خرج من الطاعة إلى المعصية
109
ظرف زمان والعامل فيه واسمعوا أي واسمعوا خبر يوم وقيل التقدير واتقوا يوم يجمع الله الرسل ( فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا ) لا يصح قول مجاهد في هذا إنهم يفزعون فيقولون لا علم لنا لأن الرسل صلى الله عليهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصحيح في هذا أن المعنى ماذا أجبتم في السر والعلانية ليكون هذا توبيخا للكفار فيقولون لا علم لنا فيكون هذا تكذيبا لمن اتخذ المسيح إلها ( إلا ما علمتنا ) في موضع رفع لأنه خبر التبرية ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء
____________________
(2/48)
110
يكون على دعوة واحدة فيكون ( عيسى ) صلى الله عليه في موضع نصب ويكون على دعوتين فيكون ( عيسى ) عليه السلام في موضع ضم و ( ابن مريم ) نداءا ثانيا وإن شئت بدلا وإن شئت نعتا على الموضع ولا يجوز الرفع في الثاني إذا كان مضافا إلا عند الطوال فإنه أجاز الرفع وقرأ ابن محيصن ( إذ آيدتك ) وكذا روي عن مجاهد وكذا روى الحسين بن علي الجعفي عن أبي عمرو و ( تكلم ) في موضع نصب على الحال ( وكهلا ) عطف عليه ويجوز أن يكون معطوفا على الموضع ( في المهد ) أي أيدتك صغيرا في المهد وكبيرا كهلا وحكى ثابت بن أبي ثابت إن الكهل ابن أربعين إلى الخمسين وقال غيره ابن ثلاث وثلاثين ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير ) معنى تخلق تقدره تقديرا مستويا لا زيادة فيه ولا نقصان ( فتنفخ فيها فيكون طائرا بإذني ) أي فيقلب الله عز وجل الروح الذي يكون من النفخ لحما ودما وقد قرىء ( طيرا ) ( وتبرىء الأكمه والأبرص بإذني ) معنى بإذني بدعوتي فأبرئهما قال الخليل رحمه الله الأكمه الذي يولد أعمى والذي يعمى بعدما كان يبصر
____________________
(2/49)
111
على الأصل ومن العرب من يحذف إحدى النونين
112
أي هل يفعل ذلك لمسألتنا وقد ذكرناه ( قال اتقوا الله ) وقرأ الكسائي ( هل تستطيع ربك ) أي هل تستطيع أن تسأل ربك قال اتقوا الله أي اتقوا معاصي الله وكثرة السؤال فإنكم لا تدرون ما يحل بكم عند اقتراح الآيات إذ كان الله جل وعز إنما يفعل الأصلح بعباده ( إن كنتم مؤمنين ) أي إن كنتم مؤمنين به وبما جئت به فقد جئتكم من الآيات بما فيه غناء
113
نصب بأن ( وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ) عطف كله
114
الأصل عند سيبويه يا الله والميمان بدل من يا ( ربنا ) نداء ثان لا يجيز سيبويه غيره ولا يجوز عنده أن يكون نعتا لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه
____________________
(2/50)
( أنزل علينا مائدة من السماء ) سؤال ( تكون ) نعت المائدة وليس بجواب وقرأ الأعمش ( تكن لنا عيدا ) على الجواب والمعنى يكون يوم نزولها عيدا لنا ( لأولنا ) لأول أمتنا وآخرها وقرأ عاصم الجحدري ( لأولانا وأخرانا )
115
وهذا يوجب أنه قد أنزلها ووعده الحق
116
المعنى وإذ يقول الله يوم القيامة وفعل تأتي بمعنى يفعل ويفعل بمعنى فعل إذا عرف المعنى لأن الفعل واحد وإنما اختلف لاختلاف الزمان وأنشد سيبويه في نظير الآية
( ولقد أمر على اللئيم يسبني ** فمضيت ثمت قلت لا يعنيني )
وقال آخر
( وانضح جوانب قبره بدمائها ** فلقد يكون أخا دم وذبائح )
____________________
(2/51)
يريد فلقد كان ( قال سبحانك ) مصدر أي تنزيهأ لك أن يكون معك إله سواك ( ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) هذا التمام وبحق من صلة لي ولا بد للباء من أن تكون متعلقة بشيء ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) أي تعلم حقيقة ما عندي ولا أعلم حقيقة ما عندك على الازدواج قال المازني التقدير إن قيل كنت قلته
117
( أن ) لا موضع لها من الإعراب وهي مفسرة مثل وانطلق الملأ منهم أن امشوا ويجوز أن تكون أن في موضع نصب أي ما ذكرت لهم إلا عبادة الله جل وعز ويجوز أن تكون في موضع خفض أي بأن اعبدو وضم النون أجود لأنهم يستثقلون كسرة بعدها ضمة والكسر جائز على أصل التقاء الساكنين ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) ( ما ) في موضع نصب أي وقت دوامي فيهم ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) قيل هذا يدل على أن الله جل وعز توفاه قبل أن يرفعه
118
شرط وجوابه ( وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) مثله وقد مضى تفسيره العزيز الذي لا يقهر الحكيم في فعله
____________________
(2/52)
119
هذه القراءة البينه على الابتداء والخبر وفيها وجهان آخران أحدهما هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم بالتنوين ويحذف فيه مثل واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا والوجه الآخر هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم بنصب يوم حكى إبراهيم بن حميد عن محمد بن يزيد إن هذه القراءة لا تجوز لأنه نصب خبر الابتداء قال أبو جعفر ولا يجوز فيه البناء وقال إبراهيم بن السري هي جائزة بمعنى قال الله هذا لعيسى يوم ينفع الصادقين صدقهم أي قاله يوم القيامة وقال غيره التقدير قال الله جل وعز هذه الأشياء تقع يوم القيامة وقال الكسائي والفراء بني يوم ههنا على النصب لأنه مضاف إلى غير اسم كما تقول مضى يومئذ وأنشد الكسائي
( على حين عاتبت المشيب على الصبا ** وقلت ألما تصح والشيب وازع )
ولا يجيز البصريون ما قالاه إذا أضفت الظرف إلى فعل مضارع فإن كان ماضيا كان جيدا كما مر في البيت وإنما جاز أن يضاف إلى الفعل ظروف
____________________
(2/53)
الزمان لأن الفعل بمعنى المصدر قال أبو إسحاق حقيقة الحكاية ( أبدا ) ظرف زمان
120 ابتداء وخبر
____________________
(2/54)
6
1
ابتداء وخبر قال أبو جعفر وقد ذكرنا بأكثر من هذا في أم القرآن والمعنى قولوا الحمد لله ( الذي خلق السموات والأرض ) نعت ( وجعل الظلمات والنور ) بمعنى خلق فإذا كانت جعل بمعنى خلق لم تتعد إلا إلى مفعول واحد ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) ابتداء وخبر ومن العرب من يقول الذون والمعنى ثم الذين كفروا يجعلون لله عز وجل عدلا وشريكا وهو خلق هذه الأشياء وحده
2
ابتداء وخبر وفي معناه قولان أحدهما هو الذي خلق أصلكم يعني آدم صلى الله عليه وسلم والآخر أن تكون النطفة خلقها الله جل وعز من طين على الحقيقة ثم قلبها حتى كان الإنسان منها ( ثم قضى أجلا ) مفعول ( وأجل مسمى عنده ) ابتداء وخبر وقال الضحاك قضى أجلا يعني أجل الموت وأجل مسمى عنده
____________________
(2/55)
أجل القيامة فالمعنى على هذا أحكم أجلا وأعلمكم أنكم تقيمون إلى الموت ولم يعلمكم بأجل القيامة وقيل قضى أجلا ما أعلمناه من أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأجل مسمى أمر الآخرة وقيل قضى أجلا ما نعرفه من أوقات الأهلة والزروع وما أشبههما وأجل مسمى أجل الموت لا يعلم الإنسان متى يموت ( ثم أنتم تمترون ) ابتداء وخبر أن تشكون في أنه إله واحد وقيل تمارون في ذلك
3
ابتداء وخبر قال أبو جعفر وقد ذكرناه ومن أحسن ما قيل فيه أن المعنى وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ( ويعلم ما تكسبون ) ( ما ) في موضع نصب يعلم
6
( ما ) نفي وليست بشرط فلذلك ثبتت الياء في تأتيهم وإعراضهم عنها كفرهم بها
6
( كم ) في موضع نصب بأهلكنا ولا يعمل فيه يروا وإنما يعمل في الاستفهام ما بعده ( مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ) ولم يقل لهم لأنه جاء على
____________________
(2/56)
تحويل المخاطبة ( وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ) على الحال ( وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم ) مفعولان
7
ويقال قرطاس ( فلمسوه ) عطف وجواب لو ( لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين )
8
بمعنى هلا ( ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ) اسم ما لم يسم فاعله
9
أي لو أنزلنا إليهم ملكا على هيئته لم يروه فإذا جعلناه رجلا التبس عليهم أيضا ما يلبسون على أنفسهم فكانوا يقولون هذا ساحر مثلك وقال أبو إسحاق كانوا يقولون لضعفتهم إنما محمد بشر وليس بينه وبينكم فرق فيلبسون عليهم بهذا ويشككونهم فأعلم الله جل وعز أنه لو أنزل ملكا في صورة رجل لوجدوا سبيلا إلى اللبس كما يفعلون
10
بكسر الدال وضمها لالتقاء الساكنين الكسر الأصل والضم لأن
____________________
(2/57)
بعد الساكن ضمة ( فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) أي عقابه
12
قال الفراء إن شئت كان هذا تمام الكلام ثم استأنفت ( ليجمعنكم ) وإن شئت كان في موضع نصب ( الذين خسروا أنفسهم ) قال الأخفش إن شئت كان الذين في موضع نصب على البدل من الكاف والميم وزعم أبو العباس أن هذا القول خطأ لأنه لا يبدل من المخاطب ولا المخاطب لا يقال مررت بك زيد ولا مررت بي زيد لأن هذا لا يشكل فيبين وقيل الذين نداء مفرد وقيل قول ثالث وهو أجودها يكون الذين في موضع رفع بالابتداء وخبره ( فهم لا يؤمنون )
14
مفعولان ( فاطر السموات والأرض ) نعت وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ قال أبو إسحاق ويجوز النصب على المدح وقال الفراء على القطع ( وهو يطعم ولا يطعم ) وهي قراءة العامة وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش ( وهو يطعم ولا يطعم )
16
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقرأ الكوفيون ( من يصرف ) بفتح الياء
____________________
(2/58)
وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد وعلى قول سيبويه الاختيار من يصرف بضم الياء لأن سيبويه قال وكلما قل الإضمار كان أولى فإذا قرأ من يصرف بفتح الياء فتقديره من يصرف الله عنه العذاب وإذا قرأ من يصرف فتقديره من يصرف عنه العذاب ( وذلك الفوز المبين ) ابتداء وخبر
19
ابتداء وخبر ( شهادة ) على البيان والمعنى أي شيء من الأشياء أكبر شهادة حتى استشهد به عليكم ( قل الله شهيد بيني وبينكم ) ابتداء وخبر ( وأوحي إلي هذا ) اسم ما لم يسم فاعله ( القرآن ) نعت له ( لأنذركم به ) نصب بلام كي ( ومن بلغ ) في موضع نصب عطف على الكاف والميم وفي معناه قولان أحدهما وأنذر من بلغه القرآن والآخر ومن بلغ الحلم ودل بهذا على أن من لم يبلغ الحلم ليس بمخاطب ولا متعبد ( أانكم ) بهمزتين على الأصل وإن خففت الثانية قلت أينكم وروى الأصمعي عن أبي عمرو ونافع ( أاانكم ) وهذه لغة معروفة يجعل بين الهمزتين ألف كراهة لالتقائهما ( وإنني ) على الأصل ويجوز وإني على الحذف ( بريء ) خبر إن
20
في موضع رفع بالابتداء ( يعرفونه ) في موضع الخبر ( الذين خسروا أنفسهم ) في موضع رفع نعت للذين الأول ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره ( فهم لا يؤمنون )
____________________
(2/59)
21 ابتداء وخبر
23
أي اختبارهم يقرأ على خمسة أوجه قرأ حمزة الكسائي ( ثم ب لم يكن ) بالياء ( فتنتهم ) نصب وهذه قراءة بينه لأن ( أن قالوا ) اسم يكن ولفظه مذكر فتنتهم خبر وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو بن العلاء ( ثم لم تكن ) بالتاء ( فتنتهم ) نصب أنث أن قالوا عند سيبويه لأن أن قالوا هو الفتنة ونظيره عند سيبويه قول العرب ما جاءت حاجتك وقراءة الحسن ( تلتقطه بعض السيارة ) وأنشد سيبويه
( وتشرق بالقول الذي قد أذعته ** كما شرقت صدر القناة من الدم )
وقال غير سيبويه جعل أن قالوا بمعنى المقالة وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ( وما كان فتنتهم إلا أن قالوا ) وقرأ الأعرج ومسلم بن جندب وابن كثير وعبد الله بن عامر الشامي وعاصم من رواية حفص والأعمش من رواية المفضل والحسن وقتادة وعيسى بن عمر ( ثم لم تكن ) بالتاء ( فتنتهم ) بالرفع اسم تكن والخبر ( إلا أن قالوا ) فهذه أربع قراءات والخامسة ( ثم لم يكن ) بالياء
____________________
(2/60)
( فتنتهم ) بالرفع يذكر الفتنة لأنها بمعنى الفتون ومثله فمن جاءه موعظة من ربه ( والله ) خفض بواو القسم وهي بدل من الباء لقربها منها ( ربنا ) نعت ومن نصب فعلى النداء أي يا ربنا وهي قراءة حسنة لأن فيها معنى الاستكانة والتضرع
25
في موضع نصب أي كراهة أن يفقهوه ( وفي آذانهم وقرا ) عطف يقال وقرت أذنه بفتح الواو وحكى أبو زيد عن العرب أذن موقورة فعلى هذا وقرت بضم الواو وأحد الأساطير اسطارة ويقال أسطورة ويقال هو جمع أسطار وأسطار جمع سطر يقال سطر وسطر
وقرأ الحسن
26 ألقى حركة الهمزة على النون وحذفها
ويجوز في العربية
27 مثل أقتت قرأ أهل المدينة والكسائي ( يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) رفع كله قال أبو جعفر وهكذا يروي عن أبي عمرو ويروي عنه ( ولا نكذب بآيات ربنا ) بالادغام وقرأ الكوفيون وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق ( يا ليتنا نرد ولا نكذب ) بالنصب ( ونكون ) مثله وقرأ عبد الله بن عامر ( يا ليتنا نرد ولا
____________________
(2/61)
نكذب ) بالرفع ( ونكون ) بالنصب وقرأ أبي وابن مسعود ( يا ليتنا نرد فلا نكذب بآيات ربنا ) بالفاء والنصب قال أبو جعفر القراءة الأولى بالرفع على أن يكون منقطعا مما قبله هذا قول سيبويه وقيل هو عطف والإدغام حسن والنصب بالواو على أنه جواب التمني وكذا بالفاء ورفع الأول على قراءة ابن عامر على القطع مما قبله أو العطف ويجعل ونكون جوابا
28
في معناه قولان أحدهما أنه للمنافقين لأن اسم الكفر مشتمل عليهم فعاد الضمير على بعض المذكور وهذا من كلام العرب الفصيح والقول الآخر أن الكفار كانوا إذا وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يفطن بهم ضعفاؤهم فظهر ذلك يوم القيامة وقرأ يحيى بن وثاب ( ولو ردوا ) بكسر الراء لأن الأصل رددوا فقلب كسرة الدال على الراء كما يقال قيل وبيع وبينهما فرق لأن قيل إنما قلبت فيه الحركة لأنه معتل وليس حكم الياء والواو حكم غيرهما لكثرة انقلابهما
29
ابتداء وخبر ( وما نحن ) اسم ما ( بمبعوثين ) الخبر
31
أي قد خسروا أعمالهم وثوابها ( حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة ) نصب على
____________________
(2/62)
الحال وهي عند سيبويه مصدر في موضع الحال كما تقول قتلته صبرا وأنشد
( فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا ** على ظهر محبوك ظماء مفاصلة )
ولا يجيز سيبويه أن يقاس عليه لا يقال جاء فلان سرعة ( وهم يحملون أوزارهم ) أي ذنوبهم جعلها لثقلها بمنزلة الحمل الثقيل الذي يحمل على الظهر وقيل يعني عقوبات الذنوب لأن العقوبة يقال لها وزر ( ألا ساء ما يزرون ) أي يحملون
32
ابتداء وخبر أي الذين يشتهون الحياة الدنيا لا عاقبة له فهو بمنزلة اللهو واللعب ( وللدار الآخرة خير ) ابتداء وخبر وقرأ ابن عامر ( ولدار الآخرة ) خفيفة وبالخفض والدار الآخرة خير لبقائها ( للذين يتقون ) أي يتقون معاصي الله جل وعز ( أفلا تعقلون ) إن الأمر هكذا فتزهدوا في الدنيا
____________________
(2/63)
33
كسرت إن لدخول اللام ( فإنهم لا يكذبونك ) قد ذكرناه وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال يكذبونك ويكذبونك بمعنى واحد قال وقد يكون لا يكذبونك بمعنى لا يجدونك تأتي بالكذب كما تقول أبخلت الرجل وقال غيره معنى لا يكذبونك لا يكذبونك بحجة ولا برهان ودل على هذا ( ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )
34
على تأنيث الجماعة ( رسل ) اسم ما لم يسم فاعله وإن شئت حذفت الضمة فقلت رسل لثقل الضمة ( فصبروا على ما كذبوا ) أي فاصبر كما صبروا ( وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) أي فسيأتيك ما وعدت به ( ولا مبدل لكلمات الله ) مبين لذلك أي ما وعد الله عز وجل فلا يقدر أحد أن يدفعه
35
شرط ( كبر ) فعل ماض وهو خبر عن كان ( فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ) مفعول به ( أو سلما في السماء ) عطف عليه أي سببا إلى السماء وهذا تمثيل لأن السلم الذي يرتقى عليه سبب إلى الموضع وما يعرف ما حكاه الفراء من تأنيث السلم ( فتأتيهم بآية ) عطف وأمر الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشتد حزنه عليهم إذ كانوا لا يؤمنون كما أنه لا يستطيع هذا ( فلا تكونن من الجاهلين ) من
____________________
(2/64)
الذين اشتد حزنهم وتحسروا حتى أخرجهم ذلك إلى الجزع الشديد وإلى ما لا يحل
36
أي يسمعون سماع إصغاء وتفهم وإرادة للحق ( والموتى يبعثهم الله ) وهم الكفار وهم بمنزلة الموتى في أنهم لا يقبلون ولا يصغون إلى حجة
37
وكان منهم تعنتا بعد ظهور البراهين وإقامة الحجة بالقرآن الذي عجزوا عن أن يأتوا بسورة مثله لما فيه من الوصف وعلم الغيوب ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أن الله جل وعز إنما ينزل من الآيات ما فيه مصلحة للعباد
38
عطف على اللفظ وقرأ الحسن وعبد الله بن أبي إسحاق ( ولا طائر يطر بجناحيه ) جعله عطفا على الموضع والتقدير وما دابة ولا طائر يطير بجناحيه ( إلا أمم أمثالكم ) أي هم جماعات مثلكم في أن الله جل وعز خلقهم وتكفل بأرزاقهم وعدل عليهم فلا ينبغي أن تظلموهم ولا تجاوزوا فيهم ما أمرتم به ودابة يقع لجميع ما دب ( ما فرطنا في الكتاب من شي ) أي ما تركنا شيئا من
____________________
(2/65)
أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن أما دلالة مبينة مشروحة وإما مجملة نحو وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( ثم إلى ربهم يحشرون ) فدل بهذا على أن البهائم تحشر يوم القيامة
39
ابتداء وخبر ( من يشإ الله يضلله ) شرط ومجازاة وكذا ( ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم )
40
بتحقيق الهمزتين قراءة أبي عمرو وعاصم وحمزة وقرأ نافع بتخفيف الهمزتين يلقي حركة الأولى على ما قبلها ويأتي بالثانية بين بين وحكى أبو عبيد عنه أنه يسقط الهمزة ويعوض منها ألفا وهذا عند أهل اللغة غلط عليه لأن الياء ساكنة والألف ساكنة ولا يجتمع ساكنان وقرأ عيسى بن عمر والكسائي ( قل أريتكم ) بحذف الهمزة الثانية وهذا بعيد في العربية وإنما يجوز في الشعر والعرب تقول أريتك زيدا ما شأنه قال الفراء الكاف لفظها لفظ منصوب ومعناها معنى مرفوع كما يقال دونك زيدا أي خذه قال أبو إسحاق هذا محال ولكن الكاف لا موضع لها وهي زائدة للتوكيد كما يقال ذاك
____________________
(2/66)
والعرب تقول على هذا في التثنية أريتكما زيدا ما شأنه وفي الجمع أريتكم زيدا وفي المرأة أريتك زيدا ما شأنه يدعون التاء موحدة ويجعلون العلامة في الكاف فإن كانت الكاف في موضع نصب قالوا في التثنية أريتما كما عالمين بفلان وفي الجمع أريتموكم عالمين بفلان وفي جماعة المؤنث أريتكن عالمات بفلاة وفي الواحدة أريتك عالمة بزيد قال الله عز وجل إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى فهو من هذا بعينه
41
إياه نصب بتدعون ( فيكشف ما تدعون إليه ) فعل مستقبل ( وتنسون ) وتتركون مثل ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ويجوز أن يكون المعنى وتتركون فتكونون بمنزلة الناسين وقرأ عبد الرحمن الأعرج
46 بضم الهاء على الأصل لأن الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول جئت معه وقد ذكرنا توحيد الهاء
قال الكسائي يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتا وبغتة إذا أتاهم فجاءة وقرأ الحسن والأعمش
49 مدغما وهكذا روي عن أبي عمرو
____________________
(2/67)
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( بما كانوا يفسقون ) بكسر السين وهي لغة معروفة
52
جزم بالنهي وعلامة الجزم حذف الضمة وكسرت الدال لالتقاء الساكنين ( يدعون ربهم بالغداة ) غداة نكرة فعرفت بالألف واللام وكتبت بالواو كما كتبت الصلاة بالواو وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن عامر ومالك بن دينار ( بالغدوة ) وباب غدوة أن تكون معرفة إلا أنه يجوز تنكيرها كما تنكر الأسماء الأعلام فإذا نكرت دخلتها الألف واللام للتعريف وعشي وعشية نكرتان لا غير ( ما عليك من حسابهم من شيء ) ( من ) الأولى للتبعيض والثانية زائدة للتوكيد وكذا ( وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم ) جواب النفي ( فتكون من الظالمين ) جواب النهي
53
لام كي وهو من المشكل يقال كيف فتنوا ليقولوا هذا لأنه إن كان إنكارا فهو كفر منهم وفي هذا جوابان أحدهما أن المعنى اختبرنا الأغنياء بالفقراء أن تكون مرتبتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم واحدة ليقولوا على سبيل الاستفهام لا على سبيل الإنكار أهؤلاء من الله عليهم من بيننا والجواب الآخر أنهم لما اختبروا بهذا فآل عاقبته إلى أن قالوا هذا سبيل الإنكار صار مثل قوله جل وعز فالتقطه آل
____________________
(2/68)
فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا
54
رفع بالابتداء وفيه معنى المنصوب عند سيبويه فلذلك ابتدىء بالنكرة ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) أي أوجب فخوطب العباد على ما يعرفون من أنه من كتب شيئا فقد أوجبه على نفسه وقيل كتب ذلك في اللوح المحفوظ قال أبو جعفر وقد ذكرنا قراءة من قرأ ( أنه ) ( فأنه ) فتتحهما جميعا وقراءة من كسرهما جميعا وقراءة من فتح الأولى وكسر الثانية وقرأ عبد الرحمن الأعرج بكسر الأولى وفتح الثانية كذا روى عنه ابن سعدان فمن فتحهما جميعا جعل الأولى بدلا من الرحمة أو على إضمار مبتدأ أي هي كذا والثانية مكررة عند سيبويه كما قال الله جل وعز لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب وقال جل وعز إن الذين آمنوا والذين هادوا ثم قال بعد إن الله يفصل بينهم وقال الأخفش وأبو حاتم أن الثانية في موضع رفع بالابتداء أي فالمغفرة له وهذا خطأ عند سيبويه وسيبويه لا يجوز عنده أن يبتدأ بأن ولكن قال بعض النحويين يجوز أن تكون أن الثانية في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي فالذي له أن الله غفور
____________________
(2/69)
رحيم ومن كسرهما جميعا جعل الأولى مبتدأة وجعل كتب بمعنى قال وكسر الثانية لأنها بعد الفاء في جواب الشرط ومن كسر الأولى وفتح الثانية جعل الأولى كما قلنا وفتح الثانية على إضمار مبتدأ وأنكر أبو حاتم هذه القراءة ولم يقع إليه ومن فتح الأولى وكسر الثانية جعل الأولى كما ذكرنا فيمن فتحهما جميعا وكسر الثانية على ما يجب فيها بعد الفاء فهذه القراءة بينة في العربية
55
يقال هذه اللام تتعلق بالفعل فأين الفعل الذي تعلقت به فالكوفيون يقولون التقدير وكذلك نفصل الآيات لنبين لكم ولتستبين سبيل المجرمين قال أبو جعفر وهذا الحذف كله لا يحتاج إليه والتقدير وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين فصلناها والسبيل يذكر ويؤنث والتأنيث أكثر وقرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف
56 بكسر اللام وقال أبو عمرو بن العلاء ضللت لغة تميم
57
الضمير يعود على البينة وذكرت لأن البيان والبينة واحد وقيل التقدير وكذبتم بما جئت به قال أبو جعفر قد ذكرنا ( يقضي الحق ) و ( يقص الحق )
58
____________________
(2/70)
أي من العذاب ( لقضي الأمر بيني وبينكم ) أي لا نقطع إلى آخره
59
الذي هو يفتح علم الغيب إذا أراد جل وعز أن يخبر به نبيا أو غيره ومفاتح جمع مفتح هذه اللغة الفصيحة ويقال مفتاح والجمع مفاتيح وقرأ الحسن وعبد الله بن أبي إسحاق ( ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) عطفا على المعنى ويجوز ( ولا حبة في ظلمات الأرض ) على الابتداء والخبر ( إلا في كتاب مبين ) أي كتبها الله لتعتبر الملائكة بذلك
60
ابتداء وخبر أي يستوفي عددكم ( الليل ) وفي الليل واحد وقرأ أبو رجاء وطلحة بن مصرف ( ثم يبعثكم فيه ليقضي أجلا مسمى )
61
هذا اختيار الخليل وهي قراءة نافع على تخفيف الهمزة الثانية ويجوز تخفيفهما وحذف إحداهما ( توفته رسلنا ) على تأنيث الجماعة كما قال فلما جاءتهم رسلهم بالبينات وقرأ حمزة ( توفاه رسلنا ) على تذكير الجمع وقرأ الأعمش ( يتوفاه رسلنا ) بزيادة ياء في أوله والتذكير
____________________
(2/71)
62
على النعت وقرأ الحسن ( الحق ) بالنصب يكون مصدرا وبمعنى أعني ومعنى مولاهم الحق أنه خالقهم ورازقهم ونافعهم وضارهم وهذا لا يكون إلا الله جل وعز ( ألا له الحكم ) أي اعلموا وقولوا له الحكم وحده
63
مصدر ويجوز أن يكون حالا ومعنى ذوي تضرع وروى أبو بكر ابن عياش عن عاصم ( وخفية ) بكسر الخاء وروي عن الأعمش ( وخيفة ) الياء قبل الفاء وهذا معنى بعيد لأن معنى تضرعا أن يظهروا التذلل وخفية أن يبطنوا مثل ذلك قرأ الكوفيون ( لئن أنجانا ) واتساق الكلام بالتاء كما قرأ أهل المدينة وأهل الشام
65
وروي عن أبي عبد الله المدني ( أو يلبسكم ) بضم الياء أي يجللكم العذاب ويعمكم به وهذا من اللبس بضم اللام والأول من اللبس بفتحها وهو موضع مشكل والإعراب يبينه قيل التقدير أو يلبس عليكم أمركم فحذف أحد المفعولين وحرف الجر كما قال جل وعز وإذا كالوهم أو وزنوهم وهذا اللبس بأن يكون يطلق لبعضهم أن يحارب بعضها أو يريهم آية يتفرقون عندها فيروا شيعا و ( شيعا ) نصب على الحال أو المصدر وقيل معنى يلبسكم شيعا يقوي عدوكم
____________________
(2/72)
حتى يخالطكم فإذا خالطكم فقد لبسكم فرقا ( ويذيق بعضكم بأس بعض ) بالحرب
66
لم أومر أن أحفظكم من التكذيب والكفر روي عن ابن عباس
67 أي لكل خبر حقيقة
68
التقدير وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والرد والاستهزاء ( فأعرض عنهم ) منكرا عليهم ( حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) فأدب الله جل وعز نبيه فهذا صلى الله عليه وسلم لأنه كان يقعد إلى قوم من المشركين يعظهم ويدعوهم فيستهزئون بالقرآن فأمره الله عز وجل أن يعرض عنه إعراض منكر ولا يقبل عليه وكان في هذا رد في كتاب الله عز وجل على من زعم أن الأئمة الذين هم حجج واتباعهم لهم أن يخالطوا الفاسقين ويصوبوا آراهم تقية وقرأ عبد الله بن عامر ( وإما ينسينك الشيطان ) على التكثير
69
في موضع نصب على المصدر ويجوز أن تكون في موضع رفع بمعنى ولكن الذي يفعلونه ذكرى أي ولكن عليهم ذكرى وقال الكسائي المعنى ولكن هذه ذكرى
70
في موضع نصب أي كراهة أن تبسل ( بما كانوا يكفرون ) في موضع
____________________
(2/73)
نصب على خبر كانوا
71
أي ما لا ينفعنا إن دعوناه ( ولا يضرنا ) إن تركناه ( ونرد على أعقابنا ) أي نرجع إلى الضلالة بعد الهدى وواحد الأعقاب عقب وهي مؤنثة تصغيرها عقيبة ( كالذي ) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر ( استهوته الشياطين ) على تأنيث الجماعة وقرأ حمزة ( استهواه الشياطين ) على تذكير الجمع وروي عن ابن مسعود ( استهواه الشيطان ) وعن الحسن ( استهوته الشياطون ) رواه محبوب عن عمرو عن الحسن وهو لحن ( حيران ) نصب على الحال ولم ينصرف لأن أنثاه حيرى ( له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا ) وفي الابتداء إيتنا والأصل بهمزتين أبدلت من إحداهما ياء لئلا يجتمعا ( وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) لام كي قال أبو جعفر وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول هي لام الخفض واللامات كلها ثلاث لام خفض ولام أمر ولام توكيد لا يخرج شيء عنها
72
فيه ثلاثة أقوال فمذهب الفراء أن المعنى وأمرنا لأن نسلم وأن أقيموا
____________________
(2/74)
والجواب الثاني أن يكون المعنى وبأن أقيموا الصلاة والثالث أن يكون عطفا على المعنى أي يدعونه إلى الهدى ويدعونه أن أقيموا الصلاة لأن معنى ائتنا أن ائتنا ( وهو الذي إليه تحشرون ) ابتداء وخبر وكذا
7( ويوم يقول ) فيه ثلاثة أجوبة يكون عطفا على الهاء في واتقوه والثاني أن يكون عطفا على السموات والثالث أن يكون بمعنى اذكر ( كن فيكون ) فيه ثلاثة أجوبة قال الفراء يقال إنه للصور خاصة ويوم يقول للصور كن فيكون والجواب الثاني أن يكون المعنى فيكون جميع ما أراد من موت الناس وحياتهم وعلى هذين الجوابين ( قوله الحق ) ابتداء وخبر والجواب الثالث أن يكون قوله رفعا بيكون والحق من نعته ( يوم ينفخ في الصور ) فيه ثلاثة أجوبة يكون بدلا من يوم والجواب الثاني أن يكون التقدير قوله الحق يوم ينفخ في الصور والجواب الثالث أن يكون التقدير وله الملك يوم ينفخ في الصور ( عالم الغيب والشهادة ) فيه ثلاثة أجوبة يكون نعتا للذي أي وهو الذي خلق السموات عالم الغيب ويكون على إضمار مبتدأ وقرأ الحسن والأعمش وعاصم ( عالم الغيب والشهادة ) يكون بدلا من الهاء التي في ( له ) والجواب الثالث في الرفع أن يكون محمولا على المعنى أي ينفخ فيه عالم الغيب لأنه إذا كان النفخ فيه يأمر الله كان منسوبا إلى الله جل وعز وأنشد سيبويه
____________________
(2/75)
( ليبك يزيد ضارع لخصومة ** وأشعث ممن طوحته الطوائح )
74
تكلم العلماء في هذا فقال الحسن كان اسم أبيه آزر وقيل كان له اسمان آزر وتارح وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال بلغني أنها أعوج قال وهي أشد كلمة قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه وقال الضحاك معنى آزر شيخ قال أبو جعفر يكون هذا مشتقا من الأزر وهو الظهر ولا ينصرف لأنه على أفعل ويكون بدلا كما يقال رجل أجوف أي عظيم الجوف وكذا آزر يكون عظيم الأزر معوجه وروي عن ابن عباس أنه قرأ ( وإذ قال إبراهيم لأبيه أازرا ) بهمزتين فالأولى مفتوحة والثانية مكسورة هذه رواية أبي حاتم ولم يبين معناه فيجوز أن يكون مشتقا من الأزر أي الظهر ويكون معناه القوة ويكون مفعولا من أجله ويجوز أن يكون بمعنى وزر كما يقال وإسادة وإسادة وفي رواية غير أبي حاتم بهمزتين مفتوحتين وفي الروايتين ( تتخذ ) بغير ألف ( أصناما آلهة ) مفعولان وفيه معنى الإنكار ( إني أراك وقومك ) عطفا على الكاف
وقرأ أبو السمال العدوي
75 بإسكان اللام ولا يجوز عند سيبويه حذف الفتحة لخفتها
____________________
(2/76)
ولعلها لغة ( وليكون من الموقنين ) أي وليكون من الموقنين أريناه
76
مفعول ( قال هذا ربي ) ابتداء وخبر ومن أحسن ما قيل في هذا ما صح عن ابن عباس رحمه الله أنه قال في قول الله جل وعز نور على نور قال كذا قلب المؤمن يعرف الله جل وعز ويستدل عليه بقلبه فإذا عرفه ازداد نورا على نور وكذا إبراهيم صلى الله عليه وسلم عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله فعلم أن له ربا وخالقا فلما عرفه الله جل وعز بنفسه ازداد معرفة فقال أتحاجوني في الله وقد هدان
78
نصب على الحال لأن هذا من رؤية العين ( قال هذا ربي ) قال الكسائي والأخفش أي قال هذا الطالع ربي وقال غيرهما أي هذا الضوء قال أبو الحسن علي بن سليمان أي هذا الشخص كما قال الأعشى
( قامت تبكيه على قبره ** من لي من بعدك يا عامر )
( تركتني في الدار ذا غربة ** قد ذل من ليس له ناصر )
____________________
(2/77)
79
أي قصدت بعبادتي وتوحيدي لله جل وعز وحده ( وما أنا من المشركين ) اسم ما وخبرها وإذا وقفت قلت أنا زدت الألف لبيان الحركة ومن العرب من يقول انه
80
قرأ نافع ( أتحاجوني ) بنون مخففة وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال هو لحن وأجاز سيبويه ذلك وقال استثقلوا التضعيف وأنشد
( تراه كالثغام يعل مسكا ** يسوء الفاليات إذا فليني )
قال أبو عبيدة وإنما كره التثقيل من كرهه للجمع بين ساكنين وهما الواو والنون فحذفوها قال أبو جعفر والقول في هذا قول سيبويه ولا ينكر الجمع بين ساكنين إذا كان الأول حرف مد ولين والثاني مدغما ( وقد هدان ) بحذف الياء لأن الكسرة تدل عليها والنون عوض منها إذا حذفتها وإثباتها حسن ( ولا أخاف ما تشركون به ) أي لأنه لا ينفع ولا يضر و ( ما ) في موضع نصب ( إلا أن يشاء ربي شيئا ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول ( وسع ربي كل شيء علما ) بيان
____________________
(2/78)
81
مفعول وكذا ( ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا ) أي حجة ( فأي الفريقين أحق بالأمن ) ابتداء وخبر ( إن كنتم تعلمون ) أي إن كنتم تعلمون فإن من خاف من ينفع ويضر أولى بالأمن منكم
82
مبتدأ ( أولئك ) ابتداء ثان ( لهم الأمن ) خبره والجملة خبر الأول ( وهم مهتدون ) ابتداء وخبر
وكذا
83 قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو ( نرفع درجات من نشاء ) بالإضافة وقرأ أهل الكوفة ( نرفع درجات من نشاء ) بتقدير ونرفع من نشاء إلى درجات ثم حذفت إلى
84
اسمان أعجميان لا ينصرفان في المعرفة وينصرفان في النكرة فإن أخذت إسحاق من أسحقه الله انصرف وكذا يعقوب إن كان منقولا انصرف بكل حال يقال لذكر القبح يعقوب ( كلا ) نصب بهدينا ( ونوحا ) نصب بهدينا الثاني ( ومن ذريته داود وسليمان ) قال الفراء عطف على نوح وقال الأخفش عطف على إسحاق وكذا ( وأيوب ) وما بعده ولم ينصرف داود لأنه اسم عجمي وكل ما كان على فاعول لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف وسليمان اسم أعجمي
____________________
(2/79)
ويجوز أن يكون مشتقا من السلامة ولا ينصرف لأن فيه ألفا ونونا زائدتين وأيوب اسم عجمي وكذا يوسف وقرأ طلحة بن مصرف وعيسى بن عمر ( ويوسف ) بكسر السين قال أبو زيد يقول العرب يؤسف بالهمز وكسر السين وفتحها يؤسف مهموز وموسى اسم عجمي فأما موسى الحديد فإن سميت بها رجلا لم تنصرف لأنها مؤنثة وعيسى اسم عجمي وإن جعلته مشتقا لم ينصرف لأن في آخره ألفا تشبه ألف التأنيث واشتقاقه من عاسه يعوسه انقلبت الواو ياءا لانكسار ما قبلها ويجوز أن يكون مشتقا من العيس وهو ماء الفحل
85 اسم عجمي ويجوز أن يكون عربيا فيه ألف تأنيث ولا ينصرف في معرفة ولا نكرة ( ويحيى ) لم ينصرف لأن أصله من الفعل وكتب بالياء فرقا بين الاسم والفعل ( والياس ) عجمي وقرأ الأعرج والحسن وقتادة ( والياس ) بوصل الألف قال الفراء ويجوز في هذا كله الرفع كما تقول أخذت صدقاتهم لكل مائة شاة شاة وشاة
86
عجمي وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو وعاصم ( واليسع ) بلام مخففة وقرأ الكوفيون إلا عصاما ( والليسع ) وكذا قرأ الكسائي ورد قراءة من قرأ واليسع قال لأنه لا يقال اليفعل مثل اليحيى وهذا الرد لا يلزم والعرب تقول اليعمل واليحمد ولو نكرت يحيى لقلت اليحيى ورد أبو حاتم على من
____________________
(2/80)
قرأ ( اليسع ) وقال لا يوجد ليسع قال أبو جعفر وهذا الرد لا يلزم قد جاء في كلام العرب حيدر وزينب والحق في هذا أنه اسم عجمي والعجمية لا تؤخذ بالقياس إنما تؤدى سماعا والعرب تغيرها كثيرا فلا ينكر أن يأتي الاسم بلغتين ( ويونس ) عجمي وإن قلت يونس أو يونس لم تصرفه لأن أصله من الفعل ( ولوطا ) عجمي انصرف لخفته
87
أي اخترناهم مشتق من جبيت الماء في الحوض أي جمعته
89
ابتداء وخبر ( فإن يكفر بها هؤلاء ) شرط وجوابه ( فقد وكلنا بها قوما ) أي بالإيمان بها قوما ( ليسوا بها بكافرين ) الباء الثانية توكيد
90
ابتداء وخبر ( فبهداهم اقتده ) فيه قولان أحدهما أن المعنى اصبر كما صبروا والآخر أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب أن يتبع أهل الكتاب فيما لم ينه عنه ولم ينسخ وقرأ عبد الله بن عامر ( فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا ) وهذا لحن لأن الهاء البيان الحركة في الوقف وليست بها إضمار ولا بعدها واو ولا ياء أيضا لا يجوز ( فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا ) ومن
____________________
(2/81)
اجتنب اللحن واتبع السواد قرأ ( فبهداهم اقتده قل لا أسألكم ) فوقف ولم يصل لأنه إن وصل بالهاء لحن وإن حذفها خالف السواد
91
مصدر قال أبو جعفر وقد ذكرناه أنه قيل المعنى وما عظموا الله حق تعظيمه وهذا يكون من قولهم لفلان قدر وشرح هذا أنهم لما ( قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) نسبوا الله جل وعز إلى أنه لا يقيم الحجة على عباده ولا يأمرهم بما لهم فيه الصلاح فلم يعظموه حق تعظيمه ولا عرفوه حق معرفته وقد قيل المعنى وما قدروا نعم الله حق تقديرها وقرأ أبو حيوة ( وما قدروا الله حق قدره ) بفتح الدال وهي لغة ( تجعلونه قراطيس ) أي في قراطيس مثل واختار موسى قومه
92
نعت ويجوز نصبه في غير القرآن على الحال وكذا ( مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ) أي أنزلناه لهذا
93
في موضع خفض أي ومن أظلم ممن قال ( سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت ) وحذف الجواب أي لرأيت عذابا عظيما
____________________
(2/82)
( والملائكة باسطو أيديهم ) ابتداء وخبر والأصل باسطون أيديهم يقولون ( أخرجوا أنفسكم ) وحذف أي أخرجوا أنفسكم من العذاب أي خلصوها ( اليوم تجزون عذاب الهون ) أي عذاب الهوان ( بما كنتم تقولون على الله غير الحق ) أي تدعون معه شريكا وتقولون لم يبعث محمدا صلى الله عليه وسلم
94
في موضع نصب على الحال ولم ينصرف لأن فيه ألف تأنيث وقرأ أبو حيوة ( فرادا ) بالتنوين قال هارون لغة تميم فرادا بالتنوين وهؤلاء يقولون في موضع الرفع فراد وحكى أحمد بن يحيى فراد بلا تنوين مثل ثلاث ورباع قال أبو جعفر المعنى ولقد جئتمونا منفردين ليس معكم ناصر ممن كان يصاحبكم في الغي ( كما خلقناكم أول مرة ) فيه ثلاثة أقوال يكون منفردين كما خلقوا ويكون عراة ويكون كما خلقناكم أعدناكم ( وما نرى معكم شفعاءكم ) أي الذين عبدتموهم وجعلتموهم شركاء في أموالكم ( لقد تقطع بينكم ) قال أبو عمرو أي وصلكم و ( بينكم ) على الظرف
95
أي يشق النواة الميتة فيخرج منها ورقا أخضر وكذا الحبة ويخرج من الورق الأخضر نواة ميتة وحبة وهذا معنى ( يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ) وروى عن ابن عباس يخرج البشر الحي من النطفة الميتة والنطفة من
____________________
(2/83)
البشر الحي ( ذلكم الله ) ابتداء وخبر ( فأنى تؤفكون ) فمن أين تصرفون عن الحق مع ما ترون من قدرة الله جل وعز
96
نعت وهو معرفة لا يجوز فيه التنوين عند أحد من النحويين إلا عند الكسائي ومعنى فالق الإصباح الذي خلق له فلقا وهو الفجر يقال للفجر فلق الصبح وفرقه وقرأ الحسن وعيسى بن عمر ( فالق الأصباح ) بفتح الهمزة وهو جمع صبح وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي أنه قرأ ( فلق الإصباح ) على فعل والهمزة مكسورة والحاء منصوبة وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وحمزة والكسائي ( وجعل الليل سكنا ) أي جعله يصلح أن يسكن فيه وقرأ أهل المدينة ( وجاعل الليل سكنا ) ( والشمس والقمر حسبانا ) نصب الشمس والقمر عطفا على المعنى أي وجعل والخفض بعيد لضعف الخافض وأنك قد فرقت وقد قرأ يزيد بن قطيب السكوني ( وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر ) بالخفض عطفا على اللفظ وقال الأخفش حسبانا أي بحسبان قال وهو جمع حساب مثل شهاب وشهبان وقال يعقوب حسبان مصدر حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا والحساب الاسم وقال غيره جعل الله جل وعز سير الشمس والقمر
____________________
(2/84)
بحساب لا يزيد ولا ينقص فدلهم الله جل وعز بذلك على قدرته ووحدانيته ( ذلك تقدير العزيز العليم ) ابتداء وخبر
وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وأبو عمرو وعيسى والأعرج وشيبة والنخعي بكسر القاف
98
وقرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي ( فمستقر ) بفتح القاف والرفع بالابتداء فيها إلا أن التقدير فيمن كسر القاف فمنها مستقر والفتح بمعنى فلها مستقر قال عبد الله بن مسعود فلها مستقر في الرحم ومستودع في الأرض وهذا التفسير يدل على الفتح وقال الحسن فمستقر في القبر وأكثر أهل التفسير يقولون المستقر ما كان في الرحم والمستودع ما كان في الصلب
99
والأصل في ماء ماه والهاء خفية والألف كذلك فأبدل من الهاء همزة لأن الهمزة جلدة ( فأخرجنا به نبات كل شيء ) أي كل شيء نابت ( فأخرجنا منه خضرا ) قال الأخفش أي أخضر كما يقول العرب أرنيها نمرة أركها مطرة ( ومن النخل من طلعها قنوان دانية ) رفع بالابتداء وأجاز الفراء في غير القرآن قنوانا دانية على العطف على ما قبله قال سيبويه ومن العرب
____________________
(2/85)
من يقول قنوان قال الفراء هذه لغة قيس وأهل الحجاز يقولون قنوان وتميم تقول قنيان ثم يجتمعون في الواحد فيقولون قنو وقنو ( وجنات من أعناب ) قراءة العامة بالنصب عطفا أي فأخرجنا جنات وقرأ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى والأعمش وهو الصحيح من قراءة عاصم ( وجنات ) بالرفع وأنكر هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم حتى قال أبو حاتم هي محال لأن الجنات لا تكون من النخل قال أبو جعفر والقراءة جائزة وليس التأويل على هذا ولكنه رفع بالابتداء والخبر محذوف أي ولهم جنات كما قرأ جماعة من القراء ( وحور عين ) وأجاز مثل هذا سيبويه والكسائي والفراء ومثله كثير وعلى هذا أيضا ( وحورا عينا ) حكاه سيبويه وأنشد
( جئني بمثل بني بدر لقومهم ** أو مثل أسرة منظور بن سيار )
فأما ( والزيتون والرمان ) فليس فيه إلا النصب للإجماع على ذلك
____________________
(2/86)
( أنظروا إلى ثمره إذا أثمر ) قراءة أبي عمرو وأهل المدينة جمع ثمرة وقراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي ( إلى ثمره ) بضمتين جمع ثمار وقيل هذا المال المثمر وروي عن الأعمش ( إلى ثمره ) بضم الثاء وإسكان الميم حذفت الضمة لثقلها ويجوز أن يكون جمع ثمر مثل بدنة وبدن وقرأ ابن محمد بن السميفع اليماني ( ويانعه ) أي ومدركه وقرأ ابن محيصن وابن أبي إسحاق ( وينعه ) بضم الياء قال الفراء الضم لغة بعض أهل نجد
100
الجن مفعول أول و ( شركاء ) مفعول ثان والتقدير وجعلوا لله الجن شركاء ويجوز أن يكون الجن بدلا من شركاء والمفعول الثاني لله وأجاز الكسائي رفع الجن بمعنى هم الجن وقرأ ابن مسعود ( وهو خلقهم ) وقرأ يحيى بن يعمر ( وخلقهم ) بإسكان اللام قال أي وجعلوا خلقهم لأنهم كانوا يخلقون الشيء ثم يعبدونه
101
بمعنى هو بديع وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله عز وجل ونصبه بمعنى بديعا السموات والأرض قال أبو جعفر وذا خطأ عند البصريين لأنه لما مضى ( أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ) اسم تكن أي من أين يكون له ولد وولد كل شيء شبيهه ولا شبيه له
____________________
(2/87)
102
في موضع رفع بالابتداء ( الله ربكم ) على البدل ( خالق كل شيء ) خبر الابتداء ويجوز أن يكون ربكم الخبر وخالق خبرا ثانيا أو على إضمار مبتدأ وأجاز الكسائي والفراء النصب فيه
104
أي آيات وبراهين يبصر بها ويستدل وبصائر مهموز لئلا يلتقي ساكنان والألف لا يتحرك ( فمن أبصر فلنفسه ) أي فمن استدل وتعرف ( ومن عمي ) فلم يستدل فصار بمنزلة الأعمى ( وما أنا عليكم بحفيظ ) أي لم أومر بحفظكم عن أن تهلكوا أنفسكم
105
الكاف في موضع نصب أي ونصرف الآيات مثل ما تلونا عليك ( وليقولوا درست ) قال أبو جعفر قد ذكرنا ما فيه من القراءات وروى شعبة عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس وليقولوا درست قال قرأت وتعلمت وفي الكلام حذف أي وليقولوا درست صرفناها قال أبو إسحاق هذا كما تقول كتب فلان هذا الكتاب لحتفه أي آل أمره إلى ذا وكذا لما صرفت الآيات آل أمرهم إلى أن قالوا درست وتعلمت قال أبو جعفر وفي المعنى قول آخر حسن وهو أن يكون معنى ( نصرف الآيات ) نأتي بها آية بعد آية ليقولوا درست علينا فيذكرون
____________________
(2/88)
الأول بالآخر فهذا حقيقة والذين قال أبو إسحاق مجاز ومن قرأ ( درست ) فأحسن ما قيل فيه أن المعنى ولئلا يقولوا انقطعت وامحت وليس يأتي محمد صلى الله عليه وسلم بغيرها وأحسن ما قيل في ( دارست ) أن معناه دارستنا فيكون معناه كمعنى درست وقيل معناه دارست أهل الكتاب فهذا أيضا مجاز كما قال
( فللموت ما تلد الوالدة ** )
108
نهي وحذفت منه النون للجزم نهى الله عز وجل المؤمنين أن يسبوا أوثانهم لأنه علم أنهم إذا سبوها نفر الكفار وازدادوا كفرا ونظيره قوله عز وجل فقولا له قولا لينا ( فيسبوا ) جواب النهي بالفاء ( عدوا بغير علم ) مصدر ومفعول من أجله وروي عن أهل مكة أنهم قرءوا ( عدوا ) فهذا نصب على الحال وهو واحد يؤدي عن جمع مثل فإنهم عدو لي إلا رب العالمين وروي عنهم عدوا بضم العين والدال وتشديد الواو وهذه قراءة الحسن وأبي رجاء وقتادة
____________________
(2/89)
وقرأ طلحة بن مصرف
109
بالنون الخفيفة قال سيبويه قال الخليل ( وما يشعركم ) ثم أوجب فقال ( إنا ) قال أبو جعفر هذه قراءة مجاهد وأبي عمرو وابن كثير وقرأ أهل المدينة والأعمش وحمزة ( أنها ) بفتح الهمزة قال الخليل أنها بمعنى لعلها قال أبو جعفر التمام على هذه القراءة أيضا ( وما يشعركم ) ثم ابتدأ فقال ( أنها ) وفيه معنى الإيجاب وهذا موجود في كلام العرب أن تأتي لعل وعسى بمعنى ما سيكون فأما قول الكسائي أن لا زائدة فخطأ عند البريين لأنها إنما تزاد فيما لا يشكل وقرأ حمزة وحده ( لا تؤمنون ) بالتاء
110
أول مرة هذه آية مشكلة ولا سيما وفيها ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) فالمعنى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم يوم القيامة على لهب النار كما لم يؤمنوا في الدنيا ونذرهم في الدنيا أي نمهلهم ولا نعاقبهم فبعض الآية في الآخرة وبعضها في الدنيا ونظيرها وجوه يومئذ خاشعة فهذا في الآخرة عاملة ناصبة فهذا في الدنيا
111
( أننا ) في موضع رفع ( وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) قال هارون القارىء أي عيانا وقال محمد بن يزيد يكون قبلا بمعنى ناحية كما تقول لي قبل فلان مال و ( قبلا ) بضم القاف والباء وفيه ثلاثة أقوال فمذهب الفراء أنه بمعنى ضمناء كما قال أو تأتي بالله والملائكة قبيلا وقول الأخفش بمعنى قبيل قبيل وعلى القولين هو نصب على الحال وقال محمد بن يزيد ( وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) أي مقابلا ومنه فإن كان قميصه قد من قبل ومنه قبل الرجل ودبره لما كان من بين يديه ومن ورائه ومنه قبل الحيض وقرأ الحسن ( وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) حذف الضمة من الباء لثقلها ( ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) أن في موضع نصب استثناء ليس من الأول
112
حكى سيبويه ( جعل ) بمعنى وصف ( عدوا ) مفعول أول ( لكل نبي ) في موضع المفعول الثاني ( شياطين الإنس والجن ) يدل على عدو ويجوز أن تجعل شياطين مفعولا أول وعدوا مفعولا ثانيا ومعنى شيطان متمرد في معاصي الله تعالى لاحق ضرره بغيره فإذا كان هكذا فهو شيطان كان من الإنس أو من الجن ومعناه ممتد في الشر مشتق من الشطن وهو الحبل وسمي ما توسوس به شياطين
____________________
(2/90)
الجن إلى شياطين الإنس وحيا لأنه إنما يكون خفية وجعل تمويههم زخرفا لتزيينهم إياه و ( غرورا ) نصب على الحال لأن معنى ( يوحي بعضهم إلى بعض ) يغرونهم بذلك غرورا ويجوز أن يكون في موضع الحال وروى ابن عباس بإسناد أنه قال في قوله يوحي بعضهم إلى بعض لإبليس مع كل جني شيطان ومع كل إنسي شيطان فيلقى أحدهما الآخر فيقول له إني قد أضللت صاحبي فأضلل صاحبك بمثله ويقول له الآخر مثل ذلك هذا وحي بعضهم إلى بعض قال أبو جعفر والقول الأول يدل عليه وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم فهذا يبين معنى ذلك ( فذرهم ) أمر فيه معنى التهديد قال سيبويه ولا يقال وذر ولا ودع استغنوا عنه بترك قال أبو إسحاق الواو ثقيلة فلما كان ترك ليست فيه واو بمعنى ما فيه الواو ترك ما فيه الواو وهذا معنى قوله وليس بنصه
113
لام كي وكذا ( وليرضوه وليقترفوا ) إلا أن الحسن قرأ ( وليرضوه وليقترفوا ) بإسكان اللام جعلها لام أمر فيه معنى التهديد كما يقال افعل ما شئت
114
نصب بابتغى ( حكما ) نصب على البيان وإن شئت على الحال ( وهو الذي أنزل إليكم الكتاب ) ابتداء وخبر وكذا ( والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه
____________________
(2/92)
منزل من ربك بالحق ) ( فلا تكونن ) نهي مؤكدة بالنون الثقيلة وفتحت لالتقاء الساكنين وقيل لأنهما شيئان ضم أحدهما إلى الآخر
115
مصدر وحال
116
أي الكفار ( يضلوك عن سبيل الله ) أي عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله عز وجل ( إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يحرصون ) بمعنى ما
117 ( من ) في موضع رفع بالابتداء مثل لنعلم أي الحزبين
118
اسم ما لم يسم فاعله والذكر عند أهل اللغة باللسان ويكون بالقلب مجازا
119
ابتداء وخبر ( ألا ) في موضع نصب والمعنى وأدي شيء لكم في أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وسيبويه يجيز أن تكون أن في موضع جر بإضمار الخافض ( إلا ما اضطررتم إليه ) في موضع نصب بالاستثناء ( وإن كثيرا ) اسم إن وصلح أن يكون اسمها نكرة لأن فيها فائدة وليس الخبر معرفة
____________________
(2/93)
وهذا حسن عند سيبويه وأنشد
( وإن شفاءا عبرة لو سفحتها ** فهل عند رسم دارس من معول )
121
نهى ( مما لم يذكر اسم الله عليه ) كسرت الراء لالتقاء الساكنين ( وإنه لفسق ) خبر إن
وروى المسيبي عن نافع بن أبي نعيم
122 بإسكان الواو وقال أبو جعفر يجوز أن يكون محمولا على المعنى أي انظروا وتبينوا أغير الله أبتغي حكما أو من كان ميتا فأحييناه ومن فتح الواو جعلها واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام
123
لام كي قيل إنه مجاز كما قال فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا
125
____________________
(2/94)
أي يوسعه ثوابا إلى طاعته وهي شرط ومجازاة ( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) مثله وقرأ ابن كثير ( ضيقا ) بتخفيف الياء كما يقال لين ولين وهين وهين حرج اسم الفاعل وحرج مصدر وصف به كما يقال رجل عدل ورضى وقيل حرج جمع حرجة ومعناه شدة الضيق ومنه فلان يتحرج أي يضيق على نفسه في تركه هواه للمعاصي ( كأنما يصعد في السماء ) قد ذكرناه ( كذلك ) الكاف في موضع نصب وكذا ما مر من قوله وكذلك جعلنا في كل قرية
126
ابتداء وخبر ( مستقيما على الحال )
127
ابتداء وخبر وكذا ( وهو وليهم بما كانوا يعملون )
128
نصب بالفعل المحذوف أي ويوم يحشرهم نقول ( جميعا ) على الحال ( يا معشر الجن ) نداء مضاف ( قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ) أبين ما قيل فيه أن الجن استمتعت من الإنس أنهم تلذذوا بطاعة الإنس إياهم وتلذذ الإنس بقبولهم من الجن حتى زنوا وشربوا الخمور وقيل الجن هم الذين استمتعوا من الإنس لأن الإنس قبلوا منهم والأول أولى
____________________
(2/95)
لأن كل واحد منهما قد استمتع بصاحبه والتقدير في العربية استمتع بعضنا ببعضنا ( قال النار مثواكم ) ابتداء وخبر ( خالدين فيها ) نصب على الحال ( إلا ما شاء الله ) استثناء ليس من الأول ( إن ربك حكيم ) أي عقوبتهم وفي جميع أفعاله ( عليم ) بمقدار مجازاتهم
130
أحسن ما قيل فيه أن معنى منكم في الخلق والتكليف والمخاطبة ( يقصون ) في موضع رفع نعت لرسل
131
في موضع رفع عند سيبويه بمعنى الأمر ذلك لأن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم وأجاز الفراء أن يكون في موضع نصب بمعنى فعل ذلك
133
الكاف في موضع نصب بمعنى ويستخلف من بعدكم ما يشاء استخلافا مثل ما أنشأكم ( من ذرية قوم آخرين ) وقرأ زيد بن ثابت ( ذرية قوم ) بكسر الذال وتشديد الراء والياء وقرأ أبان بن عثمان ( ذرية ) بفتح الذال وتخفيف الراء وتشديد الياء
134
( ما ) اسم إن والخبر لآت واللام توكيد
____________________
(2/96)
135
أي على ما أنا عليه ( من تكون له عاقبة الدار ) اسم تكون ويجوز من يكون لأنه مصدر وتأنيثه غير حقيقي كتأنيث الجماعة وقرأ الأعرج ( يا معشر الجن والإنس ألم تأتكم ) على تأنيث الجماعة من تكون له عاقبة الدار في موضع رفع لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ويجوز أن يكون بمعنى الذي فتكون في موضع نصب
136
هذه لغة أهل الحجاز ولغة بني أسد بزعمهم وهكذا قرأ يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ولغة تميم وقيس فيما حكى الفراء والكسائي بزعمهم بكسر الزاي وإن كان أبو حاتم قد أنكر كسرها وقد حكاه الكسائي والفراء ( فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله ) سموا شركاء لأنهم جعلوا لهم نصيبا من أموالهم فقالوا هم شركاؤنا فيها ( ساء ما يحكمون ) قال الكسائي ( ما ) في موضع رفع أي ساء الشيء يفعلون قال أبو إسحاق ما في موضع رفع والمعنى ساء الحكم يحكمون
137
هذه قراءة أهل الحرمين وأهل الكوفة وأهل البصرة إلا أبا عبد الرحمن والحسن فإنهما قرآ ( وكذلك زين ) بضم الزاي ( لكثير من المشركين قتل
____________________
(2/97)
أولادهم ) برفع قتل وخفض أولادهم ( شركاؤهم ) بالرفع وحكى أبو عبيد أن ابن عامر وأهل الشام قرءوا ( وكذلك زين ) بضم الزاي ( لكثير من المشركين قتل أولادهم ) برفع قتل ونصب أولادهم ( شركائهم ) بالخفض وحكى غير أبي عبيد عن أهل الشام أنهم قرءوا ( وكذلك زين ) بضم الزاي ( لكثير من المشركين قتل أولادهم ) برفع قتل وخفض أولادهم ( شركائهم ) بالخفض أيضا قال أبو جعفر فهذه أربع قراءات الأولى أبينها وأصحها تنصب قتلا بزين وخفض أولادهم بالإضافة شركاؤهم رفع بزين لا بالقتل لأنهم زينوا ولم يقتلوا وهم شركاؤهم في الدين ورؤساؤهم والقراءة الثانية أن يكون قتل اسم ما لم يسم فاعله شركاؤهم رفع بإضمار فعل لأن زين يدل على ذلك أي زينه شركاؤهم ويجوز على هذا ضرب زيد عمرو بمعنى ضربه عمرو وأنشد سيبويه
( ليبك يزيد ضارع لخصومة ** )
وقرأ ابن عامر وعاصم من رواية ابن عباس يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود بمعنى قتلتهم النار فأما ما حكاه أبو عبيد عن ابن عامر وأهل الشام فلا يجوز في كلام ولا شعر وإنما أجاز النحويون التفريق بين المضاف والمضاف إليه في الشعر بالظرف لأنه لا يفصل فأما بالأسماء غير الظروف فلحن وأما ما حكاه غير أبي
____________________
(2/98)
عبيد وهي القراءة الرابعة فهو جائز على أن تبدل شركاؤهم من أولادهم لأنهم شركاؤهم في النسب والميراث ( ليردوهم ) لام كي ( وليلبسوا عليهم دينهم ) أي يأمرونهم بالباطل فيصير الحق مغطى عليه فبهذا يلبسون
138
ابتداء وخبر ( وحرث حجر ) عطف على الخبر وقرأ أبان بن عثمان ( وحرث حجر ) بضم الحاء والجيم وقرأ الحسن وقتادة ( وحرث وحجر ) بضم الحاء وإسكان الجيم لغات بمعنى وروي عن ابن عباس وابن الزبير ( وحرث حرج ) الراء قبل الجيم وكذا في مصحف أبي وفيه قولان أحدهما أنه مثل جبذ وجذب والقول الآخر وهو أصح أنه من الحرج وهو الضيق فيكون معناه الحرام ومنه فلان يتحرج أي يضيق على نفسه الدخول فيما يشتبه عليه بالحرام ( افتراء ) مفعول من أجله ومصدر
139
تقرأ على أربعة أوجه قراءة العامة ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة ) برفع خالصة والتأنيث وقرأ قتادة ( خالصة ) بالنصب وقرأ ابن عباس ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ) على الإضافة وقرأ الأعمش ( خالص لذكورنا ) بغير هاء والقراءة الأولى على الابتداء والخبر وفي تأنيث ( ما ) ثلاثة أقوال قال الكسائي والأخفش هذا على المبالغة وقال الفراء
____________________
(2/99)
تأنيثها لتأنيث الأنعام وهذا القول عند قوم خطأ لأن ما في بطونها ليس منها فلا يشبه تلتقطه بعض السيارة لأن بعض السيارة سيارة وهذا لا يلزم الفراء لأنه إنما يؤنث هذا لأن الذي في بطونها أنعام كما أنها أنعام والقول الثالث أحسنها يكون التأنيث على معنى ما والتذكير على اللفظ والدليل على هذا أن بعده ومحرم على أزواجنا على اللفظ فالتقدير وقالوا الأنعام التي في بطون هذه الأنعام خالصة والنصب عند الفراء على القطع وعند البصريين على الحال مما في المخفوض الأول ولا يجوز أن يكون حالا من المضمر الذي في الذكور كما يجوز زيد قائما في الدار لأن العامل لا يتصرف وإن كان الأخفش قد أجازه في بعض كتبه والقراءة الثالثة على أن يكون خالصه ابتداء ثانيا والخبر لذكورنا والجملة خبر ما ويجوز أن خالصه بدلا من ما والقراءة الرابعة على تذكير ما في اللفظ ( وإن يكن ميتة ) بمعنى وإن يكن ما في بطونها ميتة والتأنيث بمعنى وإن تكن الحمول ميتة قال أبو حاتم وإن تكن النسمة ميتة قال أبو عمرو بن العلاء الاختيار يكن بالياء لأن بعده ( فهم فيه ) ولم يقل فيها وإن يكن ميتة بالرفع بمعنى تقع وقال الأخفش أي وإن تكن في بطونها ميتة
140
مصدر ومفعول من أجله
141
في موضع نصب وكسرت التاء لأنه جمع مسلم ( معروشات ) نعت أي عليها حيطان وقيل لأن بعض أغصانها على بعض ( والنخل والزرع ) عطف
____________________
(2/100)
( مختلفا ) على الحال قال أبو إسحاق هذه مسألة مشكلة من النحو لأنه يقال قد أنشأها ولم يختلف أكلها وهو ثمرها ففي هذا جوابان أحدهما أنه أنشأها بقوله خالق كل شيء فأعلم عز وجل أنه أنشأها مختلفا أكلها والجواب الآخر أنه أنشأها مقدرا ذلك فيها وقد بين هذا سيبويه بقوله مررت برجل معه صقر صائدا به غدا على الحال كما تقول
ليدخلن الدار آكلين شاربين أي مقدرين ذلك ( والزيتون والرمان ) عطف ( متشابها وغير متشابه ) على الحال ويقال حصاد وحصاد وجداد وجداد وصرام وصرام ( ولا تسرفوا ) نهي ( إنه لا يحب المسرفين ) أي لا يثني عليهم ولا يثيبهم
142
عطف أي وأنشأ حمولة وفرشا من الأنعام وللعلماء في الأنعام ثلاثة أقوال أحدها أن الأنعام الإبل خاصة وقيل النعم الإبل وحدها وإذا كان معها غنم وبقر فهي أنعام أيضا والقول الثالث أصحها قال أحمد بن يحيى الأنعام كل ما أحله الله جل وعز من الحيوان ويدل على صحة هذا قوله جل وعز أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم وقد ذكرنا الحمولة والفرش ومن أحسن ما قيل فيهما أن الحمولة المسخرة المذللة للحمل والفرش ما خلقه الله
____________________
(2/101)
عز وجل من الجلود والصوف مما يجلس عليه ويتمهد ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) جمع خطوة
ويجوز الضم والفتح وقرأ أبو السمال ( خطوات الشيطان ) بفتح الخاء والطاء
143
في نصبه ستة أقوال قال الكسائي هو منصوب بإضمار أنشأ وقال الأخفش سعيد هو منصوب على البدل من حمولة وفرش وإن شئت على الحال وقال الأخفش علي بن سليمان يكون منصوبا بكلوا أي كلوا لحم ثمانية أزواج ويجوز أن يكون منصوبا على البدل من ما على الموضع ويجوز أن يكون منصوبا بمعنى كلوا المباح ثمانية أزواج ( من الضأن اثنين ) قرأ طلحة بن مصرف وعيسى ( من الضأن ) بفتح الهمزة وقرأ أبان بن عثمان ( من الضأن اثنان ومن المعز اثنان ) رفعا بالابتداء وقرأ أبو عمرو والحسن وعيسى ( ومن المعز ) بفتح العين وفي حرف أبي ( ومن المعزى اثنين ) قال أبو جعفر الأكثر في كلام العرب المعز والضأن بالإسكان ويدل على هذا قولهم في الجمع معيز هذا جمع معز كما يقال عبد وعبيد وقال امرؤ القيس
____________________
(2/102)
( ويمنحها بنو شمج بن جرم ** معيزهم حنانك ذا الحنان )
واختار أبو عبيد ومن المعز أيضا بإسكان العين قال لإجماعهم على الضأن وقد ذكرنا أنه قد قرىء ( الضأن ) وماعز ومعز مثل تاجر وتجر فأما معز فيجوز لأن فيه حرفا من حروف الحلق وكذا ضأن ( قل أآلذكرين ) منصوب بحرم ( أم الانثيين ) عطف عليه وكذا ( أم ما اشتملت عليه ) وزدت مع ألف الوصل مدة فقلت اآلذكرين لنفرق بين الخبر والاستفهام ويجوز حذف المدة لأن أم تدل على الاستفهام كما قال
( تروح من الحي أم تبتكر ** )
145
وقرأ أبو جعفر محمد بن علي ( يطعمه ) والأصل فيه يطتعمه فأدغم بعد قلب التاء طاءا ( إلا أن يكون ميتة ) أي إلا أن يكون المأكول ميتة قال الأصمعي قال لي نافع بن أبي نعيم مفسرا إلا أن يكون ذلك ميتة وقرأ ابن كثير والأعمش وحمزة ( إلا أن تكون ميتة ) والتقدير على هذا إلا أن يكون المأكولة ميتة وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ( إلا أن تكون ميتة ) بالرفع ( أو دما ) بالنصب وبعض النحويين يقول هو لحن لأنه عطف منصوبا على مرفوع وسبيل المعطوف سبيل المعطوف عليه والقراءة جائزة وقد صحت عن إمام على أن يكون أو دما معطوفا على أن لأن أن في موضع نصب وهي
____________________
(2/103)
اسم والتقدير إلا كون ميتة ( أو دما مسفوحا ) نعت ( أو لحم خنزير ) عطف وكذا ( أو فسقا ) فإنه رجس ينوى به التأخير وفي الآية إشكال يقال قد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وليس هما في الآية ففي هذا أقوال منها أنهم سألوا عن شيء بعينه فوقع الجواب مخصوصا وهذا مذهب الشافعي رضي الله عنه وقيل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو داخل في الآية معطوف على ما بعد إلا وهذا قول حسن ومثله كثير وفي الآية قول ثالث بين وهو أن ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ميتة فالآية على هذا مشتملة على هذه
146
وقرأ الحسن ( ظفر ) بإسكان الفاء وقرأ أبو السمال ( ظفر ) بإسكان الفاء وكسر الظاء وأنكر أبو حاتم كسر الظاء وأنكر أبو حاتم كسر الظاء وإسكان الفاء ولم يذكر هذه القراءة قال ويقال أظفور وحكى الفراء في الجمع أظافير وأظافرة وأظافر وأظفارا ( ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما ) ( ما ) في موضع نصب على الاستثناء ( ظهورهما ) رفع بحملت ( أو الحوايا ) في موضع رفع عطف على الظهور حاوية وحوايا وحاوياء مثل نافقاء ونوافق وضاربة وضوارب وأبدل من الياء ألف كما يقال صحارى ( أو ما اختلط بعظم ) ( ما ) في موضع نصب عطف على ما حملت وفي هذا أقوال هذا أصحها وهو قول الكسائي والفراء وأحمد بن يحيى والنظر يوجبه أن يعطف الشيء على ما يليه إلا أن لا يصح معناه أو يدل دليل على غيره ( ذلك جزيناهم ) أي الأمر ذلك ( وإنا لصادقون ) خبر إن والأصل إننا
____________________
(2/104)
147
شرط والجواب ( فقل ربكم ذو رحمة واسعة ) أي لأنه حلم عنكم فلم يعاقبكم في الدنيا والأصل في ذو ذوي ولو نطق به على الأصل لقيل ذوى مثل عصا وقد جاء في القرآن على الأصل وهو ذواتا أفنان ثم أخبر الله جل وعز بالغيب عما سيقولونه فقال
148
عطف على النون والألف وحسن ذلك لما جئت بلا توكيدا وقد أفادت معنى النفي عن الجميع وقيل معنى قوله لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا أي لو شاء الله لأرسل إلى آبائنا رسولا فنهاهم عن الشرك وعن تحريم ما أحل فانتهوا فاتبعناهم على ذلك وألفناه ولم تنفر طباعنا عنه فرد الله عز وجل عليهم ذلك فقال ( هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ) أي أعندكم دليل على أن هذا كذا ( إن تتبعون إلا الظن ) في هذا القول ( وإن أنتم إلا تخرصون ) فتوهمون ضعفتكم أن لكم حجة
149
أي التي تقطع عذر المحجوج وتزيل الشك عمن نظر فيها
150
فتحت الميم لالتقاء الساكنين كما تقول رد يا هذا ولا يجوز ضمها ولا كسرها قال أبو جعفر وقد ذكرنا معناها إلا أن في كتاب العين للخليل رحمه
____________________
(2/105)
الله أن أصلها هل أؤم أي هل أقصدك ثم كثر استعمالهم إياها حتى صار المقصود يقولها كما أن تعالى أصلها أن يقولها المتعالي للمتسافل فكثر استعمالها إياها حتى صار المتسافل يقول للمتعالي تعالى
151
جواب الأمر ( ما حرم ربكم عليكم ) ( ما ) في موضع نصب بالفعل ( ألا تشركوا به شيئا ) الفراء يختار أن يكون ( لا ) للنهي لأن بعده ( ولا تقتلوا ) قال أبو جعفر ويجوز أن تكون أن في موضع نصب بدلا من ما أي أتل عليكم تحريم الإشراك ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كراهة أن تشركوا ويكون المتلو عليهم قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما الآية ويجوز أن يكون في موضع رفع بمعنى هو أن لا تشركوا به شيئا ( وبالوالدين إحسانا ) مصدر ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) أي من خوف الفقر ( ولا تقربوا الفواحش ) نصب بالفعل ( ما ظهر منها وما بطن ) بدل منها ( ذلكم وصاكم به ) أي الأمر ذلك ويجوز أن يكون بمعنى بين لكم وصاكم به ( لعلكم تعقلون ) لتكونوا على رجاء من ذلك
____________________
(2/106)
152
نهي كله فلذلك حذفت منه النون ( وبعهد الله أوفوا ) أي إذا عاهدتم الله جل وعز على شيء أو حلفتم لإنسان فأوفوا ( ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) مثل الأول وأدغمت التاء في الذال لقربها منها ويجوز حذفها للدلالة
153
هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وتقديرها عند الخليل وسيبويه ولأن هذا صراطي كما قال جل وعز وأن المساجد لله والفراء يذهب إلى أنها في موضع خفض بمعنى ذلكم وصاكم به ووصاكم بأن هذا صراطي مستقيما والكسائي يذهب إلى أنها في موضع نصب على هذا المعنى إلا أنه لما حذف الباء نصب وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( وإن هذا ) بكسر الهمزة وهذا مستأنف ومن قرأ ( وأن هذا ) بالتخفيف فهذا عنده في موضع رفع بالابتداء ويجوز النصب ومعنى وأن هذا صراطي مستقيما لا يعرج من سلكه ( مستقيما ) على الحال ( فاتبعوه ولا تتبعوا السبل أي لا تتبعوا الديانات المختلفة ( فتفرق بكم عن سبيله ) جواب النهي ( ذلك وصاكم به لعلكم تتقون ) مثل الأول
____________________
(2/107)
154
مفعولان ( تماما ) مفعول من أجله ومصدر ( على الذي ) خفض بعلى ( أحسن ) فعل ماض داخل في الصلة وهذا قول البصريين وأجاز الكسائي والفراء أن يكون اسما نعتا للذي وأجاز مررت بالذي أخيك ينعتان الذي بالمعرفة وما قاربها وذا محال عند البصريين لأنه نعت للاسم قبل أن يتم والمعنى عندهم على المحسن وأجاز الكسائي والفراء أن يكون الذي بمعنى الذين أي على المحسن وحكي عن محمد بن يزيد قول رابع قال هو مثل قولك إذا ذكر زيد مررت بالذي ضرب أي الذي ضربه فالمعنى تماما على الذي أحسنه الله إلى موسى من الرسالة وغيرها ( وتفصيلا ) عطف وكذا ( وهدى ورحمة )
155
ابتداء وخبر ( مبارك ) نعت ويجوز في غير القرآن مباركا على الحال
156
في موضع نصب بمعنى كراهة أن تقولوا وقال الفراء أي واتقوا أن تقولوا
157
عطف عليه ( فقد جاءكم بينة ) لأن البينة والبيان واحد
____________________
(2/108)
158
ويجوز تأتي مثل فالتقطه آل فرعون أو مثل تلتقطه بعض السيارة وقرأ ابن سيرين ( لا تنفع نفسا إيمانها ) قال أبو حاتم هذا غلط من ابن سيرين قال أبو جعفر في هذا شيء دقيق من النحو ذكره سيبويه وذلك أن الإيمان والنفس كل واحد منهما مشتمل على الآخر فجاز التأنيث وأنشد سيبويه
( مشين كما اهتزت رماح تسفهت ** أعاليها مر الرياح النواسم )
لأن المر والرياح كل واحد منهما مشتمل على الآخر وفيه قول آخر أن يؤنث الإيمان لأنه مصدر كما يذكر المصدر المؤنث مثل فمن جاءه موعظة لأن موعظة بمعنى الوعظ وكما قال
( فقد عذرتنا في صحابته العذر ** )
ففي أحد الأقوال أنه أنث العذر لأنه بمعنى المعذرة
____________________
(2/109)
159
أي آمنوا ببعض وكفروا ببعض وكذا من ابتدع فقد جاء بما لم يأمر الله جل وعز به فقد فرق دينه وفارقوا دينهم يعني الإسلام وكل من فارقه فقد فارق دينه الذي يجب أن يتبعه لست منهم في شيء فأوجب براءته منهم إنما أمرهم إلى الله تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم
160
ابتداء وهو شرط والجواب ( فله عشر أمثالها ) أي فله عشر حسنات أمثالها وحكى سيبويه عندي عشرة نسابات أي عندي عشرة رجال نسابات وقرأ الحسن وسعيد بن جبير والأعمش ( فله عشر أمثالها ) وتقديرها فله حسنات عشر أمثالها أي له من الجزاء عشرة أضعاف مما يجب له ويجوز أن يكون له مثل ويضاعف المثل فيصير عشرة ( فلا يجزى إلا مثلها ) خبر ما لم يسم فاعله
161
قال الأخفش هو نصب بهداني وقال غيره هو نصب بمعنى عرفني مثل هو يدعه تركا قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون محمولا على المعنى لأن المعنى هداني صراطا مستقيما كما قال جل وعز ويهديك صراطا مستقيما ( قيما ) من نعمته وقيما أعل على الإتباع ( ملة إبراهيم ) بدل ( حنيفا ) قال أبو
____________________
(2/110)
إسحاق هو حال من إبراهيم وقال علي بن سليمان هو نصب بإضمار أعني
162
اسم إن ( ونسكي ومحياي ومماتي ) عطف عليه وقرأ أهل المدينة ( ومحياي ) بإسكان الياء في الإدراج وهذا لم يجزه أحد من النحويين إلا يونس لأنه جمع بين ساكنين وإنما أجازه يونس لأن قبله ألفا والألف المد التي فيها تقوم مقام الحركة وأجاز يونس اضربان زيدا وإنما منع النحويون هذا لأنه جمع بين ساكنين وليس في الثاني إدغام ومن قرأ بقراءة أهل المدينة وأراد أن يسلم من اللحن وقف على محياي فيكون غير لاحن عند جميع النحويين وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وعاصم الجحدري ( ومحيي ومماتي ) بالإدغام وهذا وجه جيد في العربية لما كانت الياء يغير ما قبلها بالكسر ولم يجز في الألف كسر صير تغييرها قلبها إلى الياء كما أنشد أهل اللغة
( سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم ** )
164
خبر قال الأخفش يقال وزر يوزر ووزر يزر ووزر يوزر وزرا ويجوز إزرا كما يقال إسادة
____________________
(2/111)
165
مفعولان ( ليبلوكم ) نصب بلام كي وهو بدل من أن ( إن ربك سريع العقاب ) اسم إن وخبرها وكذا ( وإنه لغفور رحيم )
____________________
(2/112)
7
1
2
قال الكسائي أي هذا كتاب أنزل إليك وقال الفراء المعنى الألف واللام والميم والصاد من حروف المقطع كتاب أنزل إليك مجموعا قال أبو إسحاق هذا القول خطأ من ثلاث جهات منها أنه لو كان كما قال لوجب أن يكون بعد هذه الحروف أبدا كتاب وقد قال الله جل وعز { الم الله لا إله إلا هو } ومنها أنه لو كان كما قال ما لكانت { الم } في غير موضع وكذا حم ومنها أنه أضمر شيئين لأنه يحتاج أن يقدر ألم بعض حروف كتاب أنزل إليك ولا يكون هذا كقولك ا ب ت ث ثمانية وعشرون حرفا لأن هذا اسم للسورة كما تقول الحمد سبع آيات والدليل على هذا أنه لا يجوز ط ظ ر ن ثمانية وعشرون حرفا قال أبو جعفر وقد أجاز الفراء هذا ( فلا يكن ) نهي وعلامة الجزم فيه حذف الضمة من النون وحذفت الواو لسكونها وسكون النون وكانت
____________________
(2/113)
أولى بالحذف لأن قبلها ضمة تدل عليها ( حرج ) اسم يكن والنهي في اللفظ للحرج وفي المعنى المخاطب ( لتنذر به ) نصب بلام كي ( وذكرى للمؤمنين ) لم تنصرف لأن في آخرها ألف تأنيث وتكون في موضع رفع ونصب وخفض الرفع عند البصريين على إضمار مبتدأ وقال الكسائي هي عطف على كتاب والنصب عند البصريين على المصدر وقال الكسائي هي عطف على الهاء في أنزلناه والخفض بمعنى للإنذار وذكرى للمؤمنين خفض باللام
3
أمر وهو جزم عند الفراء وبناء عند سيبويه ( ولا تتبعوا ) جزم ( من دونه أولياء ) مفعول ولم ينصرف لأن فيه ألف التأنيث أي لا تعبدوا معه غيره ( قليلا ) نعت لظرف أو لمصدر ( ما تذكرون ) تكون ما زائدة وتكون مع الفعل مصدرا والأصل تتذكرون فأدغمت التاء في الذال لقربها منها وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( تذكرون ) فحذف التاء الثانية لاجتماع تاءين
4
في موضع رفع بالابتداء ويجوز النصب بإضمار فعل ( فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون ) قال الفراء حففت الواو والمعنى أو وهم قائلون قال أبو إسحاق هذا خطأ إذا عاد الذكر استغني عن الواو تقول جاءني زيد راكبا أو هو ماش ولا يحتاج إلى الواو
____________________
(2/114)
5
خبر كان واسمها ( إلا أن قالوا )
6
فدل بهذا على أن الكفار يحاسبون وهذه لام القسم وحقيقتها أنها للتوكيد وكذا
7 خبر كان وبطل عمل ما
8
رفع بالابتداء ( الحق ) خبره ويجوز أن يكون الحق نعتا له والخبر ( يومئذ ) ويجوز نصب الحق على المصدر ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) شرط وجوابه وكذا
9 مصدر أي بظلمهم
10
وقرأ الأعرج ( معائش ) بالهمز وكذا روى خارجة بن مصعب عن نافع قال أبو جعفر والهمز لحن لا يجوز لأن الواحد معيشة فزدت ألف الجمع وهي ساكنة والياء ساكنة فلا بد من تحريك إذ لا سبيل إلى الحذف والألف لا تحرك فحركت الياء بما كان يجب لها في الواحد ونظيره من الواو منارة ومناور ومقامة ومقاوم كما قال
____________________
(2/115)
( وإني لقوام مقاوم لم يكن ** جرير ولا مولى جرير يقومها )
وكذا مصيبة ومصاوب هذا الجيد ولغة شاذة مصايب قال الأخفش إنما جاز مصايب لأن الواحدة معتلة قال أبو إسحاق هذا خطأ يلزمه أن يقول مقايم ولكن القول عندي أنه مثل وسادة وإسادة
قال أبو جعفر فقد ذكرنا معنى
1( إلا إبليس ) استثناء من موجب ( لم يكن من الساجدين ) في موضع الخبر
12
( ما ) في موضع رفع بالابتداء وعند الكسائي بالعائد والمعنى أي شيء منعك ( ألا تسجد ) في موضع نصب أي من أن تسجد ( قال أنا خير منه ) ابتداء وخبر في أنا ثلاث لغات أفصحها أنا فعلت بحذف الألف في الإدراج لأنها زائدة لبيان الحركة في الوقف قال الفراء وبعض بني قيس وربيعة يقولون أنا فعلت بإثبات الألف في الإدراج قال الكسائي وبعض قضاعة يقولون أان فعلت مثل عان وفي الوقف ثلاث لغات أفصحها أنا قال الكسائي ومن العرب من يقول أنه قال الأخفش ومن العرب من يقول أن في الوقف
____________________
(2/116)
16
فيها ثلاثة أجوبة يكون من الغي ويكون مثل أحمدت الرجل وقيل أغواه أي خيبه ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) أي لأقعدن لهم في الغي على صراطك حذفت على كما حكى سيبويه ضرب الظهر والبطن وأنشد
( لدن بهز الكف يعسل متنه ** فيه كما عسل الطريق الثعلب )
والتقدير على صراطك وفي صراطك وسمي الدين صراطا لأنه الطريق إلى النجاة
وأحسن ما قيل في معنى
17 في الضلالة
18
على الحال وقرأ عاصم من رواية أبي بكر بن عياش ( لمن تبعك ) بكسر اللام وأنكره بعض النحويين وتقديره والله أعلم من أجل من تبعك كما يقال أكرمت فلانا لك وقد يكون المعنى الدحر لمن تبعك منهم قال أبو إسحاق من قرأ لمن تبعك بفتح اللام فهي عنده لام قسم وهي توطئة لقوله ( لأملأن ) وقال غيره لمن تبعك هي لام توكيد لأملأن لام قسم الدليل على هذا أنه يجوز في غير
____________________
(2/117)
القرآن حذف اللام الأولى ولا يجوز حذف الثانية وفي الكلام معنى الشرط والمجازاة أي من تبعك عذبته ولو قلت من تبعك أعذبه لم يجز إلا أن تريد لأعذبه
19
نهى ( فتكونا من الظالمين ) جواب ويكون عطفا
قال الأخفش
20 أي إليهما ( ما ووري ) ويجوز في غير القرآن أوري مثل أقتت ( إلا أن تكونا ملكين ) خبر تكونا و ( أن ) في موضع نصب بمعنى كراهة والكوفيون يقولون لئلا وقرأ يحيى بن أبي كثير والضحاك ( إلا أن تكونا ملكين ) بكسر اللام ويجوز على هذه القراءة إسكانها ولا يجوز على القراءة الأولى لخفة الفتحة وزعم أبو عبيد أن احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله وملك لا يبلى حجة بينة ولكن الناس على تركها فلهذا تركناها قال أبو جعفر ( إلا أن تكونا ملكين ) قراءة شاذة وقد أنكر على أبي عبيد هذا الكلام وجعل من الخطأ الفاحش وهل يجوز أن يتوهم آدم صلى الله عليه وسلم أنه يصل إلى أكثر من ملك الجنة وهي غاية الطالبين وإنما معنى وملك لا يبلى المقام في ملك الجنة والخلود فيه وقد بين الله جل وعز فضل الملائكة على جميع الخلق في غير موضع من القرآن فمنها هذا وهو إلا أن يكونا ملكين ومنها ولا أقول لكم إني ملك ومنه ولا الملائكة المقربون وقال الحسن فضل الله عز وجل
____________________
(2/118)
الملائكة بالصور والأجنحة والكرامة وقال غيره فضلهم الله جل وعز بالطاعة وترك المعصية فبهذا يقع التفضيل في كل شيء
21
ليس لكما داخلا في الصلة وللنحويين فيه ثلاثة أقوال قال هشام التقدير إني ناصح لكما لمن الناصحين وقال محمد بن يزيد يكون لكما تبيينا كما تقول مرحبا بك وبك مرحبا قال محمد بن يزيد وقال المازني وهو اختياري الألف واللام بمنزلتها في الرجل وليست بمعنى الذي ألا ترى أنك تقول نعم القائم ولا يجوز نعم الذي قام
وقرأ الحسن
22 على واحدة والأجود الجمع ويجوز التثنية وقد ذكرناه في سورة المائدة ( وطفقا ) ويجوز إسكان الفاء وحكى الأخفش طفق يطفق مثل ضرب يضرب وقرأ الحسن ( يخصفان ) بكسر الخاء والأصل يختصفان فأدغم وكسر الخاء لالتقاء الساكنين وقرأ ابن بريدة ويعقوب ( يخصفان ) بفتح الخاء ألقى حركة التاء عليها ويجوز يخصفان بضم الياء من خصف يخصف والمعنى أنهما أمرا بترك اللباس فبدت سوآتهما
23
نداء مضاف والأصل يا ربنا وقيل في معنى يا معنى التعظيم ( وإن لم تغفر لنا ) وقعت ( إن ) على ( لم ) لأن معناها مع ما بعدها الفعل الماضي
____________________
(2/119)
26
نداء مضاف ( قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ) وهو القطن والكتان لأنهما يكونان من الماء الذي يكون من السماء وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وعاصم من رواية المفضل الضبي وأبو عمرو ومن رواية الحسين بن علي الجعفي ( ورياشا ) ولم يحكه أبو عبيد إلا عن الحسن ولم يفسر معناه وهو جمع ريش وهو ما كان من المال واللباس قال الفراء ريش ورياش كما تقول لبس ولباس ( ولباس التقوى ) هذه قراءة أهل المدينة والكسائي وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم والأعمش وحمزة ( ولباس التقوى ) بالرفع والنصب على العطف وتم الكلام والرفع بالابتداء و ( ذلك ) من نعته وخبر الابتداء خير ويجوز أن يكون لباس مرفوعا على إضمار مبتدأ أي وستر العورة ذلك لباس المتقين وروي عن محمد بن يزيد أنه قال الرفع والنصب حسنان إلا أن النصب يحتمل معنيين ) أحدهما أن يكون ذلك إشارة إلى اللباس والآخر أن يكون إشارة إلى كل ما تقدم فأما لباس التقوى ففيه قولان أحدهما أن معنى أنزل لباس التقوى ما علمه الله جل وعز وهدى به هذا في النصب وفي الرفع على التمثيل والقول الآخر أن معنى لباس التقوى لبس الصوف والخشن من الثياب مما يتواضع به لله جل وعز وأولى ما قيل في النصب أنه معطوف وذلك مبتدأ أي ذلك الذي أنزلناه من اللباس والريش لباس التقوى خير من التقوى والتجرد في طوافكم فإن رفعت فقرأت ( ولباس التقوى ) فأولى ما قيل فيه أن ترفعه
____________________
(2/120)
بالابتداء وذلك نعته أي ولباس التقوى ذلك الذي علمتموه خير لكم من لباس الثياب التي يواري سوآتكم ومن الرياش الذي أنزلناه إليكم فألبسوه ( ذلك من آيات الله ) أي مما يدل على أن له خالقا ( لعلهم يذكرون ) أي ليكونوا على رجاء من التذكير
27
نداء مضاف ( لا يفتننكم الشيطان ) نهي وهو مجاز مثل لا ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون أي كونوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت ( كما ) بفي موضع نصب نعت لمصدر ( أخرج أبويكم من الجنة ) أب وأبة للمؤنث فعلى هذا قيل أبوان ويقال في النداء يا أبة للمذكر وبضم الهاء وبفتح ( ينزع عنهما لباسهما ) في موضع نصب على الحال ويكون مستأنفا ( ليريهما ) نصب بلام كي ( إنه يراكم ) الأصل يرأاكم ثم خففت الهمزة ( هو وقبيله ) عطف على المضمر وهو توكيد وهذا يدل على أنه يقبح رأيتك وعمر وأنه ليس المضمر كالمظهر وقيل إن قوله إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم يدل على أن الجن لا يرون إلا في وقت نبي ليكون ذلك دلالة على نبوته لأن الله جل وعز خلقهم خلقا لا يرون فيه وإنما يرون إذا نقلوا عن صورهم وذلك من المعجزات التي لا تكون إلا في وقت الأنبياء صلى الله عليهم وسلم ( من حيث لا ترونهم ) وحكى سيبويه حيث قال أبو إسحاق هي مبنية لعلتين إحداهما أنها لا تدل على موضع بعينه والأخرى أن ما بعدها صلة لأنها
____________________
(2/121)
لا تضاف ويقال حوث وحوث وحكى الكوفيون الكسر والإضافة ( إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ) أي وصفناهم بهذا
29
الكاف في موضع نصب أي تعودون كما بدأكم أي كما خلقكم أول مرة يعيدكم قال أبو إسحاق هو متعلق بما قبله أي ومنها تخرجون كما بدأكم تعودون
30
نصب بهدى ( وفريقا ) نصب بإضمار فعل أي وأضل فريقا وأنشد سيبويه
( أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا )
( والذئب أخشاه إن مررت به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا )
وقال الكسائي والفراء التقدير يعودون فريقا هدى وفريقا أي يعودون فريقين قال الكسائي وفي قراءة أبي ( تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حق
____________________
(2/122)
عليهم الضلالة ) قال الفراء ولو كان مرفوعا لجاز وقرأ عيسى بن عمر ( أنهم ) بفتح الهمزة بمعنى لأنهم
32
ابتداء وخبر أي هي خالصة يوم القيامة للذين آمنوا في الدنيا وهذه قراءة ابن عباس وبها قرأ نافع وسائر القراء يقرؤون ( خالصة ) على الحال أي يجب لهم في هذه الحال وخبر الابتداء ( للذين آمنوا ) والاختيار عند سيبويه النصب لتقدم الظرف ( كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر
33
نصب بوقوع الفعل عليها ( ما ظهر منها وما بطن ) بدل ( والإثم والبغي بغير الحق ) قال الفراء الإثم ما دون الحد والبغي الاستطالة على الناس قال أبو جعفر فإما أن يكون الإثم الخمر فلا يعرف ذلك وتحريم الخمر موجود نصا في كتاب الله جل وعز وهو قوله إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه وحقيقة الإثم أنه جميع المعاصي كما قال
( إني وجدت الأمر أرشده ** تقوى الإله وشره الاثم )
____________________
(2/123)
والبغي التجاوز في الظلم ( وأن تشركوا بالله ) في موضع نصب عطف وكذا ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) يبين أن كل مشرك يقول على الله ما لا يعلم
34
أي الوقت المعلوم عند الله ( لا يستأخرون ساعة ) ظرف زمان ( ولا يستقدمون ) فدل بهذا على أن المقتول إنما يقتل بأجله
35
شرط ودخلت النون توكيدا لدخول ما ( فمن اتقى وأصلح ) شرط وما بعده جوابه وهو جوابه جواب الأول وأصلح منكم وقيل المعنى فمن اتقى وأصلح فليطعم وحذف هذا ودل قوله جل وعز ( فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) إن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون ولا يلحقهم رعب ولا فزع
36
ابتداء ( أولئك ) ابتداء ثان ( أصحاب النار ) خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول
37
ابتداء وخبر وكذا ( أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ) لأن التقدير نائل لهم ( حتى إذا جاءتهم ) قال الخليل وسيبويه في حتى وإما وإلا لا يملن
____________________
(2/124)
لأنهم حروف ففرق بينهن وبين الأسماء نحو حبلى وسكرى قال أبو إسحاق تكتب حتى بالياء لأنها أشبهت سكرى ولو كتبت إلا بالياء لأشبهت إلى ولم تكتب إما بالياء لأنها إن ضمت إليها ما
38
ظرف ( حتى إذا اداركوا ) أي اجتمعوا وقرأ الأعمش ( تداركوا ) وهذا الأصل ثم وقع الإدغام فاحتيج إلى ألف الوصل وقرأ مجاهد ( حتى إذا أدركوا ) أي أدرك بعضهم بعضا ( جميعا ) على الحال ( قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) ما تجدون من العذاب
39
أي قد كفرتم وفعلتم كما فعلنا فليس تستحقون تخفيفا من العذاب
40
اسم إن والخبر في ( لا تفتح لهم أبواب السماء ) هذه قراءة نافع وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( لا يفتح ) بالباء على تذكير الجميع والتأنيث على تأنيث الجماعة والتخفيف يكون للقليل والكثير والتثقيل للكثير لا غير والتثقيل هنا أولى لأنه على الكثير أدل
____________________
(2/125)
ويجوز
41
التنوين عند سيبويه عوض من الياء وعن أصحابه عوض من الحركة ( وكذلك نجزي الظالمين ) الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف
42
ابتداء والجملة الخبر ومعنى ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي إلا ما تقدر عليه وتتسع له
43
إن احتجت إلى جمع غل قلت غلال ( تجري ) في موضع نصب على الحال وقد يكون مستأنفا ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا ) فيه قولان أحدهما هدانا إلى ما أدى إلى هذا والقول الآخر أن المعنى الذي هدانا إلى الجنة بالتمكين لنا والتعريف ( وما كنا لنهتدي ) لام نفي ( لولا أن هدانا الله ) أن في موضع رفع ( ونودوا أن تلكم الجنة ) أن في موضع نصب مخففة من الثقيلة وقد يكون تفسيرا لما نودوا به فلا يكون لها موضع ( تلكم الجنة ) ابتداء وخبر
44
تميل من أجل الراء لأنها مخفوضة وهي بمنزلة حرفين ويجوز التفحيم ( أن قد وجدنا ) مثل أن تلكم ( فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ) مفعولان ( قالوا
____________________
(2/126)
نعم ) وقرأ الأعمش والكسائي ( قالوا نعم ) بكسر العين ويجوز على هذه اللغة إسكان العين ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) هذه قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ( أن لعنة الله على الظالمين ) ( أن ) في موضع نصب على القراءتين ويجوز في المخففة أن لا يكون لها موضع وتكون مفسرة وحكى أبو عبيد أن الأعمش قرأ ( أن لعنة الله ) وحكى عصمة عن الأعمش أنه قرأ ( إن لعنة الله ) بكسر الهمزة فهذا على إضمار القول كما قرأ الكوفيون ( فناداه الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله )
45
في موضع خفض نعت للظالمين ويجوز الرفع والنصب على إضمار
46
وهو السور الذي ذكره الله جل وعز ( وعلى الأعراف رجال ) أي وعلى أعراف السور وهي شرفه ومنه عرف الفرس وقد تكلم العلماء في أصحاب الأعراف فقال قوم هم ملائكة وقيل هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ومن أحسن ما قيل فيه أن أصحاب الأعراف عدول القيامة وهم الشهداء من كل أمة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم فهم على السور بين الجنة والنار وقال جل وعز ( يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ) أي سلمتم من
____________________
(2/127)
العقوبة ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) أي لم يدخل الجنة أصحاب الأعراف أي لم يدخلوها بعد وهم يطمعون على هذا التأويل وهم يعلمون أنهم يدخلونها وذلك معروف في اللغة أن يكون طمع بمعنى علم
47
وقد علموا أنه لا يجعلهم معهم فهذا سبيل التذلل كما يقول أهل الجنة ربنا أتمم لنا نورنا ويقولون الحمد لله على سبيل الشكر لله جل وعز ولهم في ذلك لذة
48
أي من أهل النار
49
إشارة إلى قوم المؤمنين الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة أي أقسمتهم في الدنيا لا ينالهم الله في الآخرة برحمة يوبخونهم بذلك وزيدوا غما بأن قيل لهم ( ادخلوا الجنة ) وقرأ عكرمة ( دخلوا الجنة ) بغير ألف والدال مفتوحة وقرأ طلحة بن مصرف ( أدخلوا الجنة ) يكسر الخاء على أنه فعل ماض
____________________
(2/128)
50
مثل أن تلكم الجنة وجمع { تلقاء } تلاقي
51
في موضع خفض نعت للكافرين وقد يكون رفعا ونصبا بإضمار ( كما نسوا ) في موضع خفض بالكاف ( وما كانوا بآياتنا يجحدون ) عطف عليه أي وكما كانوا بآياتنا يجحدون
52
أي بيناه حتى يعرفه من تدبره وقيل فصلناه أنزلناه متفرقا ( على علم ) منا به ( هدى ورحمة ) قال الفراء هو نصب على القطع قال أبو إسحاق أي هاديا ذا رحمة فجعله حالا من الهاء التي في فصلناه قال الكسائي والفراء ويجوز هدى ورحمة بالخفض قال الفراء مثل وهذا كتاب أنزلناه مبارك قال أبو إسحاق ويجوز هدى ورحمة بمعنى هو هدى ورحمة
53
بالهمز لأنه من آل يؤول وأهل المدينة يخففون الهمزة ويجعلونها ألفا وفي
____________________
(2/129)
معناه قولان أحدهما هل ينظرون إلا ما وعدوا به في القرآن من العقاب والحساب والقول الآخر هل ينظرون إلا تأويله من النظر إلى يوم القيامة ( يوم يأتي ) نصب بيقول ( فهل لنا من شفعاء ) من زائدة للتوكيد ( فيشفعوا لنا ) نصب لأنه جواب الاستفهام ( أو نرد ) قال الفراء المعنى أو هل نرد وقال أبو إسحاق هو عطف على المعنى أي هل يشفع لنا أحد أو نرد وقرأ ابن أبي إسحاق ( أو نرد فنعمل ) بنصبهما جميعا والمعنى إلا أن نرد كما قال
( فقلت له لا تبك عينك إنما ** نحاول ملكا أو نموت فنعذرا )
وقرأ الحسن ( أو نرد فنعمل ) برفعهما جميعا والقراءة المجمع عليها ( أو نرد فنعمل ) ( قد خسروا أنفسهم ) أي لم ينتفعوا بها وكل من لم ينتفع فقد خسرها ( وضل عنهم ما كانوا يفتدون ) ما كانوا يعبدونه من الأوثان
54
اسم إن ( الله ) خبرها ( الذي ) نعت ويجوز في القرآن إن ربكم الله الذي يكون الذي الخبر ( خلق السموات والأرض في ستة أيام ) ولو
____________________
(2/130)
أراد جل وعز خلقهما في أقل الأوقات لفعل ولكنه علم أن ذلك أصلح ليظهر قدرته للملائكة شيضا بعد شيء { يغشي الليل النهار } أي يجعله له كالغشاء وهو في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون مستأنفا وكذا { يطلبه حثيثا } نعت لمصدر محذوف { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره } قال الأخفش هي معطوفة على السموات أي وخلق الشمس وروي عن عبد الله بن عامر { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره } على الابتداء والخير { إن رحمة الله قريب من المحسنين }
اسم { إن } وخبرها فأما قريب ولم يقل قريبا ففيه ستة أقوال من أحسنها أن الرحمة والرحم واحد وهي بمعنى العفو والغفران كما قال
149 -
( إن السماحة والمروءة ضمنا ** قبرا بمرو على الطريق الواضح ) ومذهب الفراء أن قريبا انما جاء بلا هاء ليفرق بين قريب من النسب وبينه وقال من احتج له : كذا كلام العرب كما قال
____________________
(2/131)
( له الويل إن أمسى ولا أم هاشم ** قريب ولا بسباسة ابنة يشكر ) قال أبو إسحاق هذا خطأ لأن سبيل المذكر والمؤنث أن يجريا على أفعالهما ومذهب أبي عبيدة أن تذكير قريب على تذكير المكان قال علي بن سليمان هذا خطأ ولو كان كما قال لكان قريب منصوبا في القرآن كما تقول إن زيدا قريبا منك قال أبو جعفر والذي قاله أبو عبيدة قد أجاز سيبويه مثله على بعد كما قال
( فغدت كلا الفرجين تحسب أنه ** مولى المخافة خلفها وأمامها )
فهذه ثلاثة أقوال وقال الأخفش يجوز أن يذكر كما يذكر بعض المؤنث وأنشد
( فلا مزنة ودقت ودقها ** ولا أرض أبقل إبقالها )
قال ويجوز أن تكون الرحمة ههنا للمطر والقول السادس أن يكون هذا على النسب كما يقال امرأة طالق وحائض
____________________
(2/132)
57
ابتداء وخبر والرياح جمع ريح في أكثر العدد وفي أقله أرواح لأن الياء في ريح منقلبة من واو إذ كانت قبلها كسرة وهي ساكنة ( بشرا بين يدي رحمته ) فيه ست قراءات وسابعة تجوز قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو ( نشرا ) بضم النون والشين وقرأ الحسن وقتادة ( نشرا ) بضم النون وإسكان الشين وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( نشرا ) بفتح النون وإسكان الشين وقرأ عاصم ( بشرا ) بالباء وإسكان الشين والتنوين وروي عنه ( بشرا ) بفتح الباء فهذه خمس قراءات وقرأ محمد اليماني ( بشرى بين يدي رحمته ) في وزن حبلى والقراءة السابعة ( بشرا ) بضم الباء والشين قال أبو جعفر وقد ذكرنا معانيها في كتابنا المعاني وهي في موضع نصب على الحال وما كان منها مصدرا فهو مثل قوله قتلته صبرا ( حتى إذا أقلت سحابا ) يذكر ويؤنث وكذا كل جمع بينه وبين واحدته هاء ويجوز نعته بواحد فتقول سحاب ثقيل وثقيلة ( سقناه لبلد ميت ) وإلى بلد بمعنى واحد ( كذلك ) الكاف في موضع نصب
58
رفع بالابتداء ( يخرج نباته ) في موضع الخبر وقرأ عيسى ابن عمر ( يخرج نباته بإذن ربه ) بضم الياء والبلد الطيب هو الطيب تربته والذي
____________________
(2/133)
خبث هو الذي في تربته حجارة وفي أرضه شوك شبه سريع الفهم بالبلد الطيب والبلد الذي خبث ( لا يخرج إلا نكدا ) نصب على الحال وقرأ طلحة ( إلا نكدا ) حذف الكسرة لثقلها ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى ذا نكد وقرأ أبو جعفر ( إلا نكدا ) فهذا مصدر بمعنى ذا نكد كما قال
( فإنما هي إقبال وإدبارا )
59
الفاء تدل على أن الثاني بعد الأول يا قوم نداء مضاف ويجوز يا قومي على الأصل ( اعبدو الله ما لكم من إله غيره ) هذه قراءة أبي عمرو وشيبة ونافع وعاصم وحمزة وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي وأبو جعفر ( غيره ) بالخفض وهو اختيار أبي عبيد قال أبو عمرو ولا أعرف الجر ولا النصب وقال عيسى بن عمر النصب والجر جائزان قال أبو جعفر والرفع من جهتين إحداهما أن يكون غير في موضع إلا فتقول ما لكم إله إلا الله وما لكم إله غير الله فعلى هذا الوجه لا يجوز الخفض لا يجوز ما جاءني من أحد إلا زيد لأن من لا يكون إلا في الواجب قال سيبويه لأن علي و عن لا يفعل بهما ذلك أي لا يزاد أن البتة ثم قال ولا من في الواجب والوجه الآخر في الرفع أن يكون نعتا على الموضع أي ما لكم إله غيره والخفض على اللفظ ويجوز النصب على الاستثناء وليس بكثير غير أن الكسائي والفراء أجازا
____________________
(2/134)
نصب غير في كل موضع يحسن فيه إلا في موضعها تم الكلام أو لم يتم وأجازا ما جاءني غيرك قال الفراء هي لغة بعض بني أسد وقضاعة وأنشد
( لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت ** حمامة في سحوق ذات أو قال )
قال الكسائي ولا يجوز جاءني غيرك لأن إلا لا يقع ههنا قال أبو جعفر لا يجوز عند البصريين نصب غير إذا لم يتم الكلام وذلك عندهم من أقبح اللحن قال أبو إسحاق وإنما استهواه يعني الفراء البيت الذي أنشده سيبويه منصوبا وإنما نصب غير في البيت لأنها مضافة إلى ما لا إعراب فيه فأما ما جاءني غيرك فلحن وخطأ
62
وأبلغكم واحد كما يقال أكرمه وكرمه وكما قال
( ومن لا يكرم نفسه لا يكرم ** )
63
فتحت الواو لأنها واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام للتقرير وإنما سبيل
____________________
(2/135)
الواو أن تدخل على حروف الاستفهام إلا الألف لقوتها
65
وإن شئت لم تصرفه يكون اسما للقبيلة كما قال جل وعز وإنه أهلك عاد الأولى ومن صرف جعله اسما للحي ( أخاهم ) عطف وهو عطف البيان والتقدير وأرسلنا إلى عاد أخاهم ( هودا ) بدل والصرف وهو أعجمي لخفته لأنه على ثلاثة أحرف وقد يجوز أن يكون عربيا مشتقا من هاد يهود
67
ولو كان ليست جاز والتذكير لأنه مصدر وقد فرق بينه وبين الفعل
69
جمع خليفة على التذكير والمعنى وخلائف على اللفظ ( وزادكم في الخلق بسطة ) قال الفراء ويروى أن أطولهم كان مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعا ويجوز ( بصطة ) بالصاد لأن بعدها طاءا
71
وحذف المفعول الثاني أي سميتموها آلهة
73
لم ينصرف لأنه جعل اسما للقبيلة وقال أبو حاتم لم ينصرف لأنه
____________________
(2/136)
أعجمي وهذا غلط لأنه مشتق من الثمد وقد قرأ الفراء ( إلا أن ثمودا كفروا ربهم ) على أنه اسم للحي وقرأ يحيى بن وثاب ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) بالصرف
وقرأ الحسن
74 بفتح الحاء وهي لغة وفيه حرف من حروف الحلق فلذلك جاء على فعل يفعل قرأ الأعمش ( ولا تعثوا ) بكسر التاء أخذا من عثي يعثى لا من عثا يعثو
80
81
نصب لأنه عطف أي وأرسلنا لوطا ويجوز أن يكون منصوبا بمعنى واذكروا وكذا ما تقدم من نظيره إلا أن الفراء أجاز وإلى عاد أخوهم هود لأن له مرافعا ولا يجوز عنده في لوط هذا قال أبو إسحاق زعم بعض النحويين يعني الفراء أن لوطا يكون مشتقا من لطت الحوض قال وهذا خطأ لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق ( أتأتون الفاحشة ) استفهام فيه معنى التقرير واختلف القراء في الذي بعده فقرأه أبو عمرو بالاستفهام إلا أنه لين الهمزة فجعلها بين الهمزة والياء وقرأ عاصم وحمزة بالاستفهام أيضا غير أنهما حققا الهمزة فقرأ ( أانكم ) وقرأ الكسائي ونافع الثاني بغير همز وهو اختيار أبي عبيد واحتج هو والكسائي جميعا
____________________
(2/137)
بقوله عز وجل أفإن مت فهم الخالدون ولم يقل أفهم وبقوله أفإن مات أو قتل انقلبتم ولم يقل أنقلبتم قال أبو جعفر وحكي عن محمد بن يزيد أنه كان يذهب إلى قول أبي عبيد والكسائي وهذا من أقبح الغلط لأنهما شبها شيئين بما لا يشتبهان لأن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد فلا يكون فيهما استفهامان كالمبتدأ وخبره فلا يجوز أفإن مت أفهم الخالدون كما لا يجوز أزيد أمنطلق وقصة لوط صلى الله عليه وسلم فيها جملتان فلك أن تستفهم عن كل واحدة منهما ويجوز الحذف من الثانية لدلالة الأولى عليها إلا أن الاختيار تخفيف الهمزة الثانية وهذا قول الخليل وسيبويه ( بل أنتم قوم مسرفون ) ابتداء وخبر
82 ويكون الخبر ( أن قالوا ) فإذا نصبت فالاسم أن قالوا أي إلا قولهم
83 عطف على الهاء ( إلا امرأته ) استثناء من موجب
84 توكيد
85
لم تنصرف لأنها اسم مدينة وقيل لأنها اسم قبيلة وقيل للعجمة وأصحها الأول ( أخاهم ) عطف ( فأوفوا الكيل ) من أوفى ويقال وفي وعلى هذه اللغة فأوفوا
قال الأخفش
86 أي في كل صراط وفلان
____________________
(2/138)
بالبصرة وفي البصرة واحد ( وتصدون عن سبيل الله ) أي عن الطريق التي تؤدي إلى طاعة الله جل وعز ( وتبغونها عوجا ) مفعولان والتقدير يبغون لها عوجا يقال في الدين وفي الأمر عوج وفي العود عوج
78 مذكر على المعنى وعلى اللفظ كانت
89
فيها اسم يكون ( إلا أن يشاء الله ) في موضع نصب وفيه تقديران قال أبو إسحاق أي إلا بمشيئة الله جل وعز قال وهذا قول أهل السنة والتقدير الآخر أنه استثناء ليس من الأول وفي معناه قولان أحدهما إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بشيء مما أنتم عليه والقول الآخر أن يكون مثل حتى يلج الجمل في سم الخياط
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وطلحة بن مصرف
93 وهذه لغة تميم يقولون أنا إضرب
97
مثل أوعجبتم وكذا
98 على هذه القراءة وروي عن نافع وجهان روى قالون وأكثر الناس عنه أنه قرأ ( أو أمن ) بإسكان الواو وروى عنه ورش ( أومن ) بتحريك الواو وإذهاب الهمزة والوجهان يرجعان إلى معنى واحد لأنه ألقى حركة الهمزة على الواو لما أراد تخفيفها وحذفها ومعنى ( أو ) ههنا الخروج من شيء إلى شيء ونظيره قوله جل وعز إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ
____________________
(2/139)
يعذبكم
قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو
100 بالياء فأن في موضع رفع على هذا وقرأ مجاهد وأبو عبد الرحمن بالنون ( أولم نهد ) قال أبو عمرو والقراءة بالنون محال قال أبو جعفر يكون أن في موضع نصب على قراءة من قرأ بالنون بمعنى لأن أصبناهم ببعض ذنوبهم وتم الكلام ثم قال جل وعز ( ونطبع على قلوبهم ) ولا يكون معطوفا على أصبناهم لأن أصبناهم ماض ونطبع مستقبل وأجاز الفراء العطف لأن المستقبل والماضي يقعان ههنا بمعنى واحد
101
قال الأخفش أي فما كان ليحكم لهم بالإيمان بتكذيبهم أي ليسوا المؤمنين بتكذيبهم وقال غيره هذا لقوم بأعيانهم ( كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ) في موضع نصب
102
في موضع نصب فالمعنى وما وجدنا لأكثرهم عهدا ومن زائدة للتوكيد وفيه قولان أحدهما أن يكون المعنى وما وجدنا لأكثرهم وفاءا بالعهد أي وفاء عهد أي إذا عوهدوا لم يوفوا والقول الثاني أن يكون العهد بمعنى الطاعة لأن على
____________________
(2/140)
ألسن ثم سمى بلسان رجلا لم يصرف وإن قال ألسنة صرف والكذب منصوب بتصف و ( أن لهم ) بدل من الكذب قال أبو حاتم وقرأ أهل الشام أو بعضهم ( وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ) نعت للألسنة قال قطرب أن لهم النار في موضع رفع أي وجب ذلك وقال غيره أن في موضع نصب أي كسبهم ذلك أن لهم النار وقد ذكرنا معنى ( لا جرم ) قرأ عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رحمهما الله وهذه القراءة قراءة أبي رجاء ونافع ( وأنهم مفرطون ) بكسر الراء والتخفيف وقرأ أبو جعفر ( وأنهم مفرطون ) بكسر الراء والتشديد قال أبو حاتم وروي عن أبي جعفر ( وأنهم مفرطون ) بفتح الراء والتشديد وقرأ الحسن والأعرج وأبو العالية وسعيد بن جبير ومجاهد وهي قراءة أبي عمرو بن العلاء والكوفيين ( وأنهم مفرطون ) بفتح الراء والتخفيف وأصل هذا كله من التجاوز والتقدم فمفرطون مبالغون متجاوزون في الشر ومنه يقال قد أفرط فلان على فلان و مفرطون مضيعون متجاوزون لما يجب ومنه أن تقول نفس يا حسرتا على ما فطرت في جنب الله وفي التشديد
____________________
(2/141)
107
حذفت الواو لسكونها وسكون الألف ويجوز ( فألقى عصا هو فإذا هي ) بالواو بين الساكنين هاء ( فإذا هي ثعبان مبين ) ابتداء وخبر والمعنى مبين أنه ثعبان لا يلبس وهذه إذا التي للمفاجأة تقول خرجت فإذا عمرو جالس ويجوز النصب قال الكسائي لأن المعنى فاجأته قال بعض البصريين لو كان كما قال لنصب الاسم قال علي بن سليمان سألت أبا العباس محمد بن يزيد كيف صارت إذا خبرا لجثة فقال هي ههنا ظرف مكان قال علي بن سليمان وهو عندي بمعنى الحدوث
110
نصب بيريد ( فماذا تأمرون ) ويجوز أن يكون قالوا لفرعون وحده فماذا تأمرون كما يخاطب الجبارون ويجوز أن يكون قالوا له ولأصحابه و ( ما ) في موضع رفع على أن ( ذا ) بمعنى الذي وفي موضع نصب على أن ( ما ) و ( ذا ) شيء واحد
111
هذه قراءة أهل المدينة وعاصم والكسائي وقرأ سائر أهل الكوفة ( أرجه وأخاه ) بإسكان الهاء وقرأ عيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء ( أرجئه
____________________
(2/142)
وأخاه ) بهمزة ساكنة والهاء مضمومة فالقراءة الأولى فيها ثلاثة أقوال منها أن يكون على بدل الهمزة وقال الكسائي تميم وأسد يقولون أرجيت الأمر إذا أخرته والقول الثالث قاله محمد بن يزيد قال هو مأخوذ من رجا يرجو أي أطمعه ودعه يرجو وكسر الهاء على الاتباع ويجوز ضمها على الأصل وإسكانها لحن ولا يجوز إلا في شذوذ من الشعر والهمز جيد حسن لولا مخالفة السواد إلا أنه يحتج لذلك بأن مثل هذا يحذف من الخط ( وأخاه ) عطف على الهاء ( حاشرين ) نصب بالفعل
112
جزم لأنه جواب الأمر فلذلك حذفت منه النون وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( بكل سحار عليم ) وقرأ سائر الناس ( ساحر ) وكذلك هو في السواد كله ويجب أن تجتنب مخالفة السواد
113
وحذف ذكر الإرسال إليهم لعلم السامع
115
أن في موضع نصب عند الكسائي والفراء كما قال
( قالوا الركوب فقلنا تلك عاداتنا ** )
____________________
(2/143)
قال الفراء في الكلام حذف والمعنى قال لهم موسى عليه السلام إنكم لن تغلبوا ربكم ولن تبطلوا آياته وهذا من معجز القرآن الذي لا يأتي مثله في كلام الناس ولا يقدرون عليه يأتي باللفظ اليسير بجمع المعنى الكثير
116
أي عظيم عندهم وليس بعظيم على الحقيقة
وروي عن عاصم
117 مخففا ويجوز على هذه القراءة تلقف لأنه من لقف ( ما يأفكون ) أي ما يكذبون لأنهم جاءوا بحبال وجعلوا فيها زئبقا حتى تحركت وقالوا هذه حيات
119
على الحال والفعل منه صغر يصغر صغرا وصغورا وصغارا
120 على الحال
قال خارجة قرأ الحسن
126 قال الأخفش هي لغة
127
جواب الاستفهام وقال الفراء هو منصوب على الظرف وفي قراءة أبي
____________________
(2/144)
( أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ) وقد تركوا أن يعبدوك ( وآلهتك ) ( قال سنقتل أبناءهم ) وسنقتل على التكثير
قال أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله
130
قال بالجوع ومن العرب من يعرب النون في السنين وأنشد الفراء
( أرى مر السنين أخذن مني ** كما أخذ السرار من الهلال )
وأنشد سيبويه هذا البيت بفتح النون ولكن أنشد في هذا ما لا يجوز غيره وهو قوله
( وقد جاوزت رأس الأربعين ** )
وحكى الفراء عن بني عامر أنهم يقولون أقمت عنده سنينا يا هذا مصروفا قال وبنو تميم لا يصرفون ويقولون مضت له سنين يا هذا
131
شرط ( يطيروا ) جوابه والأصل يتطيروا فأدغمت التاء في الطاء وقرأ طلحة
____________________
(2/145)
وعيسى ( تطيروا ) على أنه فعل ماض ومعنى تطيروا تشاءموا والأصل في هذا من الطير ثم كثر استعمالهم إياه حتى قيل لكل من تشاءم تطير وقرأ الحسن ( ألا إنما طيرهم عند الله ) جمع طائر ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أي لا يعلمون أن ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله جل وعز بذنوبهم لا من عند موسى صلى الله عليه وسلم وقومه
132
وحكى الكوفيون مهما بمعناه قال الخليل رحمه الله الأصل ما ما الأولى للشرط والثانية التي تزاد في قولك أينما تجلس أجلس فكرهوا الجمع بين حرفين لفظهما واحد فأبدلوا من الألف هاءا فقالوا مهما قال أبو إسحاق قال بعضهم الأصل فيه مه أي اكفف ( ما تأتنا به من آية ) شرط والجواب ( فما نحن لك بمؤمنين )
133
قال الأخفش جمع طوفانة ( والجراد ) جمع جرادة في المذكر والمؤنث فإن أردت الفصل قلت رأيت جرادة ذكرا ( والضفادع ) جمع ضفدع ( والدم ) عطف قال أبو إسحاق ( آيات مفصلات ) نصب على الحال قال وتروى أنه كان بين الآية والآية ثمانية أيام
____________________
(2/146)
137
مفعولان ( التي باركنا فيها ) في موضع نصب لمشارق ومغارب ويجوز أن يكون خفضا نعتا للأرض وزعم الكسائي والفراء أن الأصل في مشارق الأرض وفي مغاربها ثم حذف في فنصب قال الفراء وتوقع أورثنا على التي وأجاز الفراء أن يكونا مفعولين كما تقدم ( وتمت كلمة ربك ) رفع بفعلها ( الحسنى ) نعتها وروي عن عاصم ( كلمات ربك الحسنى ) ( وما كانوا يعرشون ) لغة فصيحة قال الكسائي وبنو تميم يقولون يعرشون وبها قرأ عاصم ويقال أيضا عكف يعكف ويعكف والمصدر منها جميعا على فعول
140
مفعولان أحدهما بحرف والأصل أبغي لكم ( إلها ) نصب على البيان ( وهو ) ابتداء والخبر ( فضلكم على العالمين
141 أي واذكروا
142
143
مفعولان أي تمام ثلاثين ليلة وقد ذكرنا واعدنا ووعدنا في سورة البقرة
____________________
(2/147)
( وأتممناها بعشر ) حذفت الهاء لأنه عدد لمؤنث ( فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) الفائدة في هذا وقد علم أن ثلاثين وعشرا أربعون أنه قد كان يجوز أن تكون العشر غير ليال فلما قال أربعين ليلة علم أنها ليال وقيل هو توكيد وجواب ثالث هو أحسنها قد كان يجوز أن تكون العشر تتمة لثلاثين فأفاد قوله فتم ميقات ربه أربعين ليلة أن العشر سوى الثلاثين ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي ) على البدل ويجوز هارون على النداء وهو من خلف يخلف أي كن خليفة لي ويقال خلف الله عليه بخير إذا مات له من لا يعتاض منه الوالدان وأخلف الله عليه إذا مات له من يعتاض منه الوالدان وأخلف الله عليه إذا مات له من يعتاض منه الأخوة ومن أشببهم ( وأصلح ) ألف قطع وكذا
143
فأما ( أنظر ) فهي ألف النفس فلذلك قطعت وجزم أنظر لأنه جواب ( فإن استقر مكانه ) شرط والجواب ( فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة ويدل على صحتها دكت الأرض دكا وأن الجبل مذكر وقرأ أهل الكوفة ( جعله دكاء ) وتقديره في العربية فجعله مثل أرض دكاء والمذكر أدك وجمع دكاء دكاوات ودك ( وخر موسى صعقا ) على الحال ( فلما أفاق قال سبحانك ) ويجوز الإدغام ( سبحانك ) مصدر ( تبت إليك ) يقال تاب إذا رجع والتوبة أن يندم على ما كان منه وينوي أن لا يعاود ويقلع في الحال عن الفعل فهذه ثلاث شرائط في التوبة ( وأنا أول
____________________
(2/148)
الإنسان الطاعة كما عليه الوفاء بالعهد ( وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) الفراء يقول المعنى وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين وسيبويه يذهب إلى أن إن هذه هي الثقيلة خففت ولزمت اللام
105
هذه قراءة نافع وشيبة وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وأهل مكة وأهل الكوفة ( على ألا ) مخففة بمعنى جدير وخلق يقال فلان خليق بأن يفعل وجدير أن يفعل وعلى أن يفعل بمعنى واحد ومعنى حقيق علي واجب علي وأن على هذه القراءة في موضع رفع وهي في السواد موصولة في موضع ومفصولة في موضع وقد تكلم النحويون في ذلك فقال الملهم من العرب من يدغم بغنة ومنهم من يدغم بلا غنة فمن أدغم بغنة كتبها مفصولة ومن أدغم بلا غنة كتبها موصولة لأنه قد أذهب النون وما فيها من الغنة وقال القتبي من نصب بها كتبها موصولة ومن لم ينصب بها كتبها مفصولة نحو أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا فهذه مفصولة لأن فيها إضمارا قال أبو جعفر وسمعت أبا الحسن علي بن سليمان يقول لا يجوز أن يكتب من هذا شيء إلا مفصولا لأنها أن دخلت عليها لا
____________________
(2/149)
قال أبو جعفر يعني أبو عمرو برأس الآية نحو وهيىء لنا من أمرنا رشدا فهما عنده لغتان بمعنى واحد إلا أنه فتح هذا لتتفق الآيات ويقال رشد يرشد ورشد يرشد وحكى سيبويه رشد يرشد وحقيقة الرشد والرشد في اللغة أن يظفر الإنسان بما يريد وهو ضد الخيبة وحقيقة الغي في اللغة الخيبة قال الله جل وعز وعصى آدم ربه فغوى وقال الشاعر
( فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ** ومن يغو لا يعدم على الغي لايما )
147
مبتدأ والخبر ( حبطت أعمالهم ) ( هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) خبر ما لم يسم فاعله
148
هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ( من حليهم ) بكسر الحاء وقرأ يعقوب ( من حليهم ) بفتح الحاء والتخفيف قال أبو جعفر جمع حلي حلي وحلي مثل ثدي وثدي والأصل حلوي ثم أدغمت الواو في الياء فانكسرت اللام لمجاورتها الياء وتكسر الحاء لكسرة اللام وضمها على الأصل فأما عصي فالأصل فيها عصو لأنها من ذوات الواو ثم أعلت ( عجلا )
____________________
(2/150)
مفعول ( جسدا ) نعت ( له خوار ) رفع بالابتداء أو بالصفة يقال خار يخور خوارا إذا صاح وكذا جأر يجأر جؤارا ويقال خار يخور خورا إذا جبن وضعف ( اتخذوه ) فحذف المفعول الثاني أي اتخذوه إلها
قال الأخفش يقال سقط في يده وأسقط ومن قال
149 فالمعنى عنده سقط الندم ( قالوا لئن لم ترحمنا ربنا ) شرط وفيه معنى القسم وربنا على النداء ومن قرأ يرحمنا بالياء ويغفر لنا بالياء و ربنا رفع بفعله ومن قرأ ( ترحمنا ) بالتاء ( وتغفر لنا ) بالتاء فهو ينصب ربنا على النداء المضاف كأنه قال يا ربنا
150
نصب على الحال ولم ينصرف لأن مؤنثه غضبى وحقيقة امتناع صرفه أن الألف والنون فيه بمنزلة ألفي التأنيث في قولك حمراء فالنون بدل كما يقال في صنعاء صنعاني ( أعجلتم أمر ربكم ) قال يعقوب يقال عجلت الشيء سقته وأعجلت الرجل استعجلته ( وأخذ برأس أخيه يجره إليه ) أخذ برأسه وأخذ رأسه واحد وكذا وامسحوا برؤسكم وقيل إنما أخذ برأسه على جهة المسارة لا غير فكره هارون صلى الله عليه وسلم أن يتوهم من حضر لأن الأمر على خلاف ذلك فقال ابن أم على الاستعطاف له لأنه أخوه لأمه وهذا موجود في كلام العرب كما قال
____________________
(2/151)
( يا ابن أمي ويا شقيق نفسي ** )
وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو ( ابن أم إن القوم ) وقرأ أهل الكوفة ( ابن أم إن القوم ) قال الكسائي والفراء وأبو عبيد يا ابن أم تقديره يا ابن أماه وقال البصريون هذا القول خطأ لأن الألف خفيفة لا تحذف ولكن جعل الاسمان اسما واحدا فصار كقولك خمسة عشر أقبلوا وقال الأخفش وأبو حاتم يا ابن أم كما يقول يا غلام غلام أقبل قال أبو جعفر يا غلام غلام لغة شاذة لأن الثاني ليس بمنادي فلا ينبغي أن تحذف منه الياء فالقراءة بكسر لميم على هذا القول بعيدة ولكن لها وجه حسن جيد يكون بمنزلة قولك يا خمسة عشر أقبلوا لما جعل الاسمين اسما واحدا أضاف ( إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) بنونين لأنه فعل مستقبل ويجوز الادغام في غير القرآن قرأ مجاهد ومالك بن دينار ( فلا تشمت بي الأعداء ) بالتاء على تأنيث الجماعة ويجوز كسرها ويجوز التذكير على الجميع وفيه شيء لطيف يقال كيف نهى الأعداء عن الشماتة فالجواب أن هذا مثل قوله جل وعز فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
____________________
(2/152)
أي اثبتوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت وكما قالت العرب لا أرينك ههنا والمعنى لا تفعل بي ما تشمت من أجله الأعداء قال أبو عبيد وحكيت عن حميد ( فلا تشمت ) بكسر الميم قال أبو جعفر ولا وجه لهذه القراءة لأنه إن كان من شمت وجب أن يقول تشمت وإن كان من أشمت وجب أن يقول تشمت
151
فأعاد حرف الجر لأن المضمر المخفوض لا يعطف عليه إلا هكذا إلا في شذوذ كما قرأ حمزة ( تساءلون به والأرحام ) فيجيء على هذا اغفر لي وأخي
152
اسم إن والخبر ( سينالهم غضب ) والغضب من الله جل وعز العقوبة ( وذلة في الحياة الدنيا ) لأنهم أمروا أن يقتل بعضهم بعضا ورأوا أنهم قد ضلوا والأشبه بسياق الكلام أن يكون إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا من كلام موسى صلى الله عليه وسلم أخبر الله جل وعز به عنه وتم الكلام ثم قال الله عز وجل ( وكذلك نجزي المفترين )
153
ابتداء والخبر ( إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) أي لهم
____________________
(2/153)
154
في موضع رفع بالابتداء ( ورحمة ) عطف عليه ( للذين هم لربهم يرهبون ) في اللام ثلاثة أقوال قول الكوفيين إنها زائدة قال الكسائي حدثني من سمع الفرزدق يقول نقدت لها مائة درهم بمعنى نقدتها وقال محمد بن يزيد هي متعلقة بمصدر وقال الأخفش سعيد قال بعضهم المعنى والذين هم من أجل ربهم يرهبون
155
مفعولان أحدهما حذفت منه من وأنشد سيبويه
( منا الذي اختير الرجال سماحة ** وجودا إذا هب الرياح الزعازع )
( فلما أخذتهم الرجفة ) أي ماتوا ( قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل ) أي أمتهم كما قال جل وعز إن امرؤ هلك ( وإياي ) عطف والمعنى لو شئت أمتنا قبل أن تخرج إلى الميقات فلم يتوهم الناس علينا أننا أحدثنا خروجا عن طاعتك ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) استفهام فيه معنى النفي وهكذا هو في كلام العرب وإذا كان نفيا كان بمعنى الإيجاب كما قال
( ألستم خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راح )
____________________
(2/154)
( إن هي إلا فتنتك ) أي ما هذا إلا اختبارك وتعبدك بما يشتد ( تضل بها من تشاء ) أي تضل بها الذين تشاء والذين تشاؤهم الذين لا يصبرون عند البلاء ولا يرضون ( وتهدي من تشاء ) من صبر ورضي ( أنت ولينا ) ابتداء وخبر وكذا ( وأنت خير الغافرين )
وقرأ أبو وجزة السعدي
156 يقال هاد يهود هذا المعروف إذا تاب ويقال ثوب مهود أي مرقق ملين ( قال عذابي أصيب به من أشاء ) أي الذين أشاء أي المستحقين له ( ورحمتي وسعت كل شيء ) أي من دخل فيها لم تعجز عنه وقيل وسعت كل شيء من الخلق حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها
157
خفض على البدل من الذين الأول وإن شئت كان نعتا وكذا ( الذين يجدونه ) والذين هم عطف وقرأ أبو جعفر وأيوب وابن عامر والضحاك ( ويضع عنهم آصارهم ) وهو جمع إصر وأصله في اللغة الثقل وهو ما تعبدوا به مما يثقل وقيل هو ما ألزموه من قطع ما أصابه البول وقيل هو ما كان يؤخذ عليهم من العهود إنهم كانوا يطيعون الله جل وعز ويؤمنون بأنبيائه صلوات الله عليهم ويوالون أهل الطاعة ويعادون أهل المعصية قربوا أو بعدوا قال الأخفش وقرأ الجحدري وعيسى ( وعزروه ) بالتخفيف وكذا ( وعزروهم )
____________________
(2/155)
قال أبو إسحاق يقال عزره يعزره ويعزره
159
يكون لمن آمن منهم ويكون لقوم قد هلكوا أو لمن لحق عيسى صلى الله عليه وسلم فآمن به ومعنى يهدون بالحق يدعون الناس إلى الهداية ( وبه يعدلون ) في الحكم
160
التقدير اثنتي عشرة أمة فلهذا أجاز التأنيث أسباطا بدل من اثنتي عشرة ( أمما ) نعت لأسباط والمعنى جعلناهم اثنتي عشرة فرقة
وروى معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله جل وعز
162 قال قالوا حبة في شعرة حدثنا أبو القاسم محمد بن جعفر القزويني قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال أخبرنا سفيان عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قالوا حبة في شعرة وقيل لهم ادخلوا الباب سجدا فدخلوا متوركين على أستاههم ( بما كانوا يظلمون ) مرفوع لأنه فعل مستقبل وموضعه نصب و ( ما ) بمعنى المصدر أي بظلمهم
____________________
(2/156)
163
وإن خففت الهمزة قلت وسلهم ألقيت حركتها على السين وحذفتها ( التي ) في موضع خفض نعت للقرية ( إذ ) في موضع نصب والمعنى سلهم عن وقت عدوا في السبت وهذا سؤال توبيخ وتقرير ( يوم سبتهم شرعا ) على الحال ( ويوم لا يسبتون ) قد ذكرنا قول الكسائي وأبي عبيد أن معنى يسبتون يعظمون السبت وحقيقته في اللغة يعملون عمل السبت يقال سبت يسبت إذا استراح أو عمل عمل السبت وأكثر العرب يقول اليوم السبت وكذا الجمعة لأن العمل فيهما وتقول في سائر الأيام بالرفع اليوم الاثنان والتقدير ولا تأتيهم يوم لا يسبتون والظرف يضاف إلى الفعل عند سيبويه لكثرة استعمالهم إياه وعند أبي العباس لأن الفعل بمعنى المصدر وقال أبو إسحاق هو على الحكاية أي يوم يقال هذا ولا يفعل عند سيبويه نفي ليفعلن أو هو يفعل إذا أراد المستقبل ( كذلك نبلوهم ) أي نشدد عليهم في العباد ونختبرهم والكاف في موضع نصب ( بما كانوا يفسقون ) أي بفسقهم
164
الأصل لما حذفت الألف لأنه استفهام وقيل ما حرف خفض فإذا أوقفت في غير القرآن قلت لمه الهاء لبيان الحركة ( قالوا معذرة إلى ربكم ) وقرأ عيسى وطلحة ( معذرة ) بالنصب ونصبه عند الكسائي من
____________________
(2/157)
جهتين إحداهما أنه مصدر والأخرى أن التقدير فعلنا ذلك معذرة وقد فرق سيبويه بين الرفع والنصب وبين أن الرفع الاختيار فقال لأنهم لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا من أمر ليمسوا عليه ولكنهم قيل لهم لم تعظون فقالوا موعظتنا معذرة ولو قال رجل لرجل معذرة إلى الله وإليك من كذا وكذا يريد اعتذارا لنصب وهذا من دقائق سيبويه رحمه الله ولطائفه التي لا يلحق فيها
165
وفي هذا إحدى عشرة قراءة وكان الاعراب أولى بذكرها لما فيها من النحو ولأنه لا يضبط مثلها إلا أهل الاعراب قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي ( بعذاب بئيس ) على وزن فعيل وقرأ أهل مكة ( بعذاب بئيس ) بكسر الباء والوزن واحد وقرأ أهل المدينة ( بعذاب بيس ) الباء مكسورة وبعدها ياء ساكنة والسين مكسورة منونة وقرأ الحسن ( بعذاب بئس بما ) الباء مكسورة وبعدها همزة ساكنة والسين مفتوحة وقرأ أبو عبد الرحمن المقرىء ( بعذاب بئس ) الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مكسورة منونة قال يعقوب القارىء عن بعض القراء ( بعذاب بئس ) الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين
____________________
(2/158)
مفتوحة وقرأ الأعمش ( بعذاب بيئس ) على فيعل وروى عنه ( بيأس ) على فيعل وروي عنه ( بعذاب بئس ) بباء مفتوحة وهمزة مشددة مكسورة والسين في هذا كله مكسورة منونة يعني قراءة الأعمش وقرأ نصر بن عاصم ( بعذاب بيس ) الباء مفتوحة وبعدها ياء مشددة بغير همز قال يعقوب القارىء وجاء عن بعض القراء ( بعذاب بئيس ) الباء مكسورة وبعدها همزة ساكنة وبعدها ياء مفتوحة فهذه إحدى عشرة قراءة ومن قرأ ( بئيس ) فهو عنده من بؤس فهو بئيس أي اشتد وكذا بئيس إلا أنه كسر الباء لأن بعدها همزة مكسورة وأما قراءة أهل المدينة ففيها ثلاثة أقوال قال الكسائي في تقديرها بئيس ثم خففت الهمزة كما يعمل أهل المدينة فاجتمعت ياءان فثقل ذلك فحذفوا إحداهما وألقوا حركتها على الباء فصارت بيس وقال محمد بن يزيد الأصل بئس ثم كسرت الباء لكسرة الهمزة فصارت بئس فحذفت الكسرة من الهمزة لثقلها فهذان قولان وقال علي بن سليمان العرب تقول جاء ببنات بيس أي بشيء رديء فمعنى بعذاب بيس بعذاب رديء وأما قراءة الحسن فزعم أبو حاتم أنه لا وجه لها قال لأنه لا يقال مررت برجل بئس حتى يقال بئس الرجل وبئس رجلا قال أبو جعفر وهذا مردود من كلام أبي حاتم حكى النحويون إن فعلت كذا وكذا فيها ونعمت يريدون ونعمت الخصلة فالتقدير على قراءة الحسن بعذاب بئس العذاب وبعذاب بئس على فعل مثل حذر وقراءة الأعمش بيئس لا تجوز على قول البصريين لأنه لا يجيء مثل هذا في كلام العرب إلا في المعتل المدغم نحو ميت نحو ميت وسيد فأما بيأس فجائز عندهم لأن مثله صيرف وحيدر وأما بئس فلا يكاد يعرف مثله في الصفات وأما بيس بغير همز فإنما يجيء في ذوات الياء
____________________
(2/159)
نحو بيع وأما بيأس فجائز ومثله جذيم
166
أي فلما تجاوزوا في معصية الله جل وعز ( قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) يقال خسأته فخسأ أي باعدته وطردته
168
رفع بالابتداء ( ومنهم دون ذلك ) منصوب على الظرف ولا نعلم أحدا رفعه
169
ولا يجوز إدغام الراء في اللام لأن فيها تكريرا ويجوز إدغام اللام في الراء نحو بل ران على قلوبهم ( وإن يأتهم ) جزم بالشرط فلذلك حذفت منه الياء والجواب ( يأخذه ) قال الكسائي وقرأ أبو عبد الرحمن ( وادارسوا ما فيه ) فأدغم التاء في الدال
170
ابتداء والتقدير في خبره ( إنا لا نضيع أجر المصلحين ) منهم وقرأ أبو العالية وعاصم ( والذين يمسكون بالكتاب ) وكلام العرب على غير هذا يقولون
____________________
(2/160)
مسكت وأمسكته وكذا القراءة ولا تمسكوا بعصم الكوافر وقال كعب ابن زهير فجاء به على طبعه
( فما تمسك بالحبل الذي زعمت ** إلا كما تمسك الماء الغرابيل )
171
أي واذكروا لهم ( فوقهم ) ظرف ( ظلة ) خبر كأن وأن في موضع خفض بالكاف والكاف في موضع رفع بالابتداء والبر محمول على المعنى
172
173
بمعنى واذكروا هذه الآية مشكلة وقد ذكرنا فيها شيئا وقد قال قوم إن معنى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم أخرج من ظهور بني آدم بعضهم من بعضهم قالوا ومعنى ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ) دلهم بخلقه على توحيده لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له ربا واحدا ألست بربكم أي قال وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا القول قال أبو جعفر قرىء على جعفر بن محمد وأنا أسمع عن قتيبة عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة إن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية وإذ أخذ
____________________
(2/161)
ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين فقال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جل وعز خلق آدم فمسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل أهل الجنة فيدخله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت فيدخله النار قال وليس الله تعالى بظالم له في هذه الحال لأنه قد علم ما سيكون منه قال أبو جعفر والآية مع هذا مشكلة ونحن نتقصى ما فيها قال بعض العلماء هي مخصوصة لأن الله جل وعز قال من بني آدم من ظهورهم فخرج من هذا من كان من ولد آدم عليه السلام لصلبه وقال جل وعز { أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل } فخرج منها كل من لم يكن له آباء مشركون ومعنى وأشهدهم على أنفسهم قال لهم بأن أرسل إليهم رسولا وقيل بل هي عامة لجميع الناس لأن كل أحد يعلم أنه كان طفلا فغذي وربي وأن له مدبرا وخالقا فهذا معنى وأشهدهم على أنفسهم ومعنى قالوا بلى أن ذلك واجب عليهم وقيل هذا لمن كان من ظهور بني آدم عليه
____________________
(2/162)
السلام وقد علم أن ولد آدم عليه السلام لصلبه كذا وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة ( أن تقولوا ) بالتاء معجمة من فوق وقرأ عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير وأبو عمرو بن العلاء وابن محيصن وعاصم الجحدري وعيسى بن عمر ( أن يقولوا ) بالياء و ( أن ) في موضع نصب في القراءتين جميعا بمعنى كراهة أن وعند الكوفيين بمعنى لئلا ( أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) بمعنى لست تفعل هذا
175
في موضع جزم عند الكوفيين فلذلك حذفت منه الواو قال الفراء واللام الجازمة محذوفة وهو عند البصريين مبني على أصل الأفعال ( فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) أي من الخائنين
176
أي لو شئنا لأمتناه قبل أن يعصي فرفعناه إلى الجنة بها أي بالعمل بها ( فمثله كمثل الكلب ) ابتداء وخبر وقيل مثل ههنا بمعنى صفة كما قال مثل الجنة وقيل هو على بابه ( إن تحمل عليه يلهث ) شرط وجوابه وهو في موضع الحال أي فمثله كمثل الكلب لاهثا والمعنى أنه على شيء واحد لا يرعوي عن المعصية كمثل الكلب الذي هذه حاله وقيل المعنى أنه لا يرعوي عن أذى الناس كمثل الكلب لاهثا ومعنى لاهث أنه يحرك لسانه وينبح وفي هذه الآية أعظم الفائدة لمن تدبرها وذلك أن فيها منعا منه
____________________
(2/163)
التقليد لعالم إلا بحجة يبينها لأن الله جل وعز خبر أنه أعطى هذا آياته فانسلخ منها فوجب أن يخاف مثل هذا على غيره وأن لا يقبل منه إلا بحجة
177
قال الأخفش فجعل مثل القوم مجازا والتقدير ساء مثلا مثل القوم و ( القوم ) مرفوعون بالابتداء أو على اضمار مبتدأ وقرأ عاصم الجحدري والأعمش ( ساء مثل القوم ) رفع مثلا بساء
178
شرط وجوابه وكذا ( ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون )
179
أي هم بمنزلة من لا يفقه لأنهم لا ينتفعون بها ( أولئك كالأنعام بل هم أضل ) ليست ( بل ) ههنا رجوعا عن الأول ولكن المعنى هم كالأنعام وهم أضل من الأنعام لأنهم لا يهتدون إلى ثواب
180
هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم والكسائي وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( يلحدون ) بفتح الياء والحاء واللغة الفصيحة ألحد في دينه ولحد القبر وقد تدخل كل واحدة منهما على الأخرى لأن المعنى معنى
____________________
(2/164)
الميل ومعنى يلحدون في أسمائه على ضربين أحدهما أن يسموا غيره إلها والآخر أن يسموه بغير أسمائه
181
فدل الله جل وعز بهذه الآية أنه لا تخلو الدنيا في وقت من الأوقات من داع يدعو إلى الحق
182
قيل المعنى سنستدرجهم إلى العقاب في الدنيا والآخرة
183
الكيد من الله جل وعز هو عذابه إذا أتاهم من حيث لا يشعرون وهذا معنى الكيد في اللغة
185
في موضع خفض معطوف على ما قبله ( أن يكون ) في موضع رفع
186
شرط ومجازاة ( ونذرهم ) بالنون هذه قراءة أهل المدينة وفيها تقديران أحدهما أن يكون معطوفا على ما يجب فيما بعد الفاء في المجازاة وكذا ونذرهم وقراءة الكوفيين ( ويذرهم ) بالياء والجزم معطوف على موضع الفاء والمعنى لا تميتهم إذا عصوا حتى يحضر أجلهم
____________________
(2/165)
187
أي عن الساعة التي تقوم فيها القيامة ( أيان مرساها ) أي يقولون متى وقوعها و ( مرساها ) في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه وبإضمار فعل عند أبي العباس ومرساها من أرساها ومرساها من رست أي ثبتت ووقعت ومنه وقدور راسيات قال قتادة أي ثابتات ( قل إنما علمها عند ربي ) ابتداء وخبر ( لا تأتيكم إلا بغتة ) مصدر في موضع الحال ( يسألونك كأنك حفي عنها ) قال أبو جعفر قد ذكرنا قول أهل التفسير إن المعنى على التقديم والتأخير وقال محمد بن يزيد المعنى يسألونك كأنك حفي بالمسألة عنها أي ملح يذهب إلى أنه ليس فيه تقديم ولا تأخير يقال أحفى في المسألة وفي الطلب فهو محفي وحفي على التكثير مثل مخصب وخصيب ( قل إنما علمها عند الله ) ليس هذا تكريرا ولكن أحد العلمين لوقوعها والآخر لكنها
188
( ما شاء الله ) في موضع نصب بالاستثناء والمعنى إلا ما شاء الله أن يملكني وأنشد سيبويه
( مهما شاء بالناس يفعل ** )
( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) من حسن ما قيل فيه أن المعنى لو كنت أعلم الغيب ما يريد الله جل وعز مني من قبل أن يعرفنيه لفعلته
____________________
(2/166)
وقيل لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب
189
ابتداء وخبر وقد ذكرناه وقد قيل إن المعنى هو الذي خلقكم من آدم عليه السلام ثم جعل منه زوجه اخبار ( فلما تغشاها حملت حملا خفيفا ) كل ما كان في الجوف فهو حمل بالفتح وإذا كان على الظهر فهو حمل وما كان في النخلة فهو حمل بالفتح وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسر قال الأخفش ( فلما أثقلت ) صارت ذات ثقل كما تقول أثمر النخل ( لئن آتيتنا صالحا ) أي سويا
190
قيل التقدير إيتاءا صالحا وهو ذكر وأنثى كما كانت حواء تلد ( جعلا له ) قيل يعني الذكر والأنثى الكافرين ويعني به الجنسين ودل على هذا ( فتعالى الله عما يشركون ) ولم يقل يشركان فهذا قول حسن وقيل هو الذي خلقكم من نفس واحدة ومن هيئة واحدة وشكل واحد وجعل منها زوجها أي من جنسها فلما تغشاها يعني الجنسين وعلى هذا القول لا يكون لآدم وحواء في الآية ذكر قرأ أهل المدينة وعاصم ( جعلا له شركا ) وقرأ أبو عمرو وسائر أهل الكوفة ( جعلا له شركاء ) وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى وقال كان
____________________
(2/167)
يجب على هذه القراءة أن يكون جعلا لغيره شريكا لأنهما يقران أن الأصل لله جل وعز فإنما يجعلان لغيره الشرك قال أبو جعفر التأويل لمن قرأ القراءة الأولى جعلا له ذا شرك مثل وسئل القرية
193
قال الأخفش وإن تدعوا الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم ( سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) قال أحمد بن يحيى لأنه رأس آية يريد أنه قال أم أنتم صامتون ولم يقل أم صمتم قال أبو جعفر المعنى في أم أنتم صامتون وفي أم صمتم واحد هذا قول سيبويه
194
اسم أن ( عباد ) خبره أمثالكم نعت وحكى أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني أن سعيد بن جبير قرأ ( إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم ) بتخفيف أن وكسرها لالتقاء الساكنين ونصب عبادا بالتنوين ونصب أمثالكم قال يريد ما الذين تدعون من دون الله بعباد أمثالكم أي هن حجارة وأصنام وخشب قال أبو جعفر وهذه القراءة لا ينبغي أن يقرأ بها من ثلاث جهات إحداها أنها مخالفة للسواد والثانية أن سيبويه يختار الرفع في خبر إن إذا كانت بمعنى ما فيقول إن زيد منطلق لأن عمل ما ضعيف وإن بمعناها فهي أضعف منها والجهة الثالثة أن الكسائي زعم أن إن لا
____________________
(2/168)
تكاد تأتي في كلام العرب بمعنى ما إلا أن يكون بعدها إيجاب كما قال جل وعز إن الكافرون إلا في غرور ( فليستجيبوا لكم ) الأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها وأن اللام قد اتصلت بما قبلها ( إن كنتم صادقين ) خبر كنتم وفي اللاكم حذف والمعنى فادعوهم إلى أن يتبعوكم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين أنهم آلهة
195
أي أنتم أفضل منهم فكيف تجدونهم وقرأ أبو جعفر وشيبة ( أم لهم أيد يبطشون ) وهي لغة واليد والرجل والأذن مؤنثات يصغرن بالهاء وتزاد في اليد ياء في التصغير ترد إلى أصلها ( قل ادعوا شركاءكم ) أي الذين شركتموهم فجعلتم لهم قسطا من أموالكم ( ثم كيدون ) والأصل كيدوني بالياء حذفت الياء لأن الكسرة تدل عليها وكذا ( فلا تنظرون ) أي فلا تؤخرون
196
اسم إن وخبرها وقرأ عاصم الجحدري ( إن ولي الله الذي نزل الكتاب ) يعني جبرئيل صلى الله عليه وسلم ومعنى وليي الله حافظي وناصري الله وولي الشيء الذي يحفظه ويمنع منه الضرر
____________________
(2/169)
197
مبتدأ والخبر ( لا يستطيعون نصركم )
198
شرط فلذلك حذفت منه النون والجواب ( لا يسمعوا ) ( وتراهم ) مستأنف ( ينظرون إليك ) في موضع الحال ومعنى النظر فتح العينين إلى المنظور إليه وليس هو مثل الرؤية وخبر عنهم بالواو لأن الخبر جرى على فعل من يعقل
199
وهو اليسير قال أبو عبد الله إبراهيم بن محمد العفو الزكاة لأنها يسير من كثير قال أبو جعفر وهو من عفا إذا درس وقد يقال خذ العفو منه أي لا تنقص عليه وسامحه ( وأمر بالعرف ) وقرأ عيسى بن عمر ( بالعرف ) أي المعروف ومعنى المعروف ما كان حسنا في العقل ( وأعرض عن الجاهلين ) أي إذا أقمت عليهم الحجة وأمرتهم بالمعروف فجهلوا عليك فأعرض عنهم صيانة له عنهم وترفعا لقدره عن مجاوبتهم
____________________
(2/170)
200
نزغ أي إن وسوس إليك الشيطان عند الغضب بما لا يحل ( فاستعذ بالله إنه سميع ) لقولك ( عليم ) بما يجب في ذلك و ( ينزغنك ) في موضع جزم بالشرط وكد بالنون وحسن ذلك لما دخلت ما وحكى سيبويه بألم ما تختننه
201
أي اتقوا المعاصي ( إذا مسهم طئف من الشيطان ) هذه قراءة أهل البصرة وأهل مكة وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة ( طائف ) وروي عن سعيد بن جبير ( طيف ) بتشديد الياء قال أبو جعفر كلام العرب في مثل هذا طيف بالتخفيف على أنه مصدر من طاف يطيف وقال الكسائي هو مخفف من طيف قال أبو جعفر ومعنى طيف في اللغة ما يتخيل في القلب أو يرى في النوم وكذا معنى طائف وقال أبو حاتم سألت الأصمعي عن طيف فقال ليس في المصادر فيعل قال أبو جعفر ليس هذا بمصدر ولكن يكون بمعنى طائف والمعنى إن الذين اتقوا المعاصي إذا لحقهم شيء من الشيطان تفكروا في قدرة الله جل وعز في إنعامه عليهم فتركوا المعصية فإذا هم مستبصرون وروي عن مجاهد ( تذكروا ) بتشديد الذال ولا وجه له في العربية
202
قال أحمد بن جعفر الضمير للمشركين قال أبو حاتم أي وإخوان
____________________
(2/171)
المشركين وهم الشياطين قال أبو إسحاق في الكلام تقديم وتأخير والمعنى لا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي وأحسن ما قيل في هذا قول الضحاك ( وإخوانهم ) أي إخوان الشياطين وهم الفجار ( يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ) قال أي لا يتوبون ولا يرجعون وعلى هذا يكون الضمير متصلا فهذا أولى في العربية وقيل للفجار إخوان الشياطين لأنهم يقبلون منهم وقرأ أهل المدينة ( يمدونهم ) بضم الياء وجماعة من أهل اللغة ينكرون هذه القراءة منهم أبو حاتم وأبو عبيد قال أبو حاتم لا أعرف لها وجها إلا أن يكون المعنى يزيدونهم من الغي وهذا غير ما يسبق إلى القلوب وحكى جماعة من أهل اللغة منهم أبو عبيد أنه يقال إذا أكثر شيء شيئا بنفسه مده وإذا أكثره بغيره قيل أمده نحو يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة وحكي عن محمد بن يزيد أنه احتج لقراءة أهل المدينة قال يقال مددت له في كذا أي زينته له واستدعيته أن يفعله وأمددته في كذا أي أعنته برأي أو غير ذلك وقرأ عاصم الجحدري ( وإخوانهم يمادونهم ) في الغي
203
بمعنى هلا ولا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا ( هذا بصائر من ربكم ) ابتداء وخبر أي هذا الذي دللتكم به أن الله جل وعز واحد بصائر أي يستبصر به ( وهدى ) أي ودلالة ( ورحمة ) أي ونعمة
____________________
(2/172)
204
قال أبو جعفر قد ذكرنا أنه يقال إن هذا في الصلوات وقيل إنه في الخطبة وفي اللغة يجب أن يكون في كل شيء إلا أن يدل دليل على اختصاص شيء
205
مصدر وقد يكون في موضع الحال وجمع خيفة خوف لأنها بمعنى الخوف وحكى الفراء أنه يقال أيضا خيف وقرأ أبو مجلز ( بالغدو والإيصال ) وهو مصدر أصلنا أي دخلنا في العشي ( والآصال ) جمع أصل مثل طنب وأطناب قال الأخفش الأصال جمع أصيل مثل يمين وأيمان وقال الفراء أصل جمع أصيل وقد يكون أصل واحدا كما قال
( ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل ** )
206
اسم إن وهم الملائكة صلوات الله عليهم قال أبو إسحاق قال عند ربك والله جل وعز بكل مكان لأنهم قريبون من رحمة الله جل وعز وكل قريب من رحمة الله جل وعز فهو عنده وقال غيره لأنهم في موضع لا ينفذ فيه إلا حكم الله جل وعز وقيل لأنهم رسل الله كما يقال عند الخليفة جيش كثير ( ويسبحونه ) أي يعظمونه وينزهونه عن كل سوء ( وله يسجدون ) أي يذلون خلاف أهل المعاصي
____________________
(2/173)
8
1
إن خففت الهمزة ألقيت حركتها على السين وأسقطتها وقرأ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ( يسألونك الأنفال ) يكون على التفسير وتعدت يسألونك إلى مفعولين ( قل الأنفال لله ) ابتداء وخبر ( والرسول ) عطف ( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) أي كونوا مجتمعين على أمر الله جل وعز وفي الدعاء اللهم أصلح ذات البين أي الحال التي يقع بها الاجتماع ( وأطيعوا الله ورسوله ) في الغنائم وغيرها
2
ابتداء و ما كافة ويجوز في القياس النصب ومنعه سيبويه ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) خبر الابتداء وحكى سيبويه وجل يوجل ويا جل وييجل وييجل قال أبو زيد سألت خليلا عن الذين قالوا رأيت الزيدان فقال هذا على لغة من قال يا جل
____________________
(2/175)
3 بدل من الذين الأول
4
ابتداء وخبر ( حقا ) مصدر ( لهم درجات ) ابتداء أي منازل رفيعة في الجنة بقدر أعمالهم ( ومغفرة ورزق كريم ) عطف
5
من المشكل ولأهل اللغة فيها ستة أقوال قال سعيد بن مسعدة أولئك المؤمنون حقا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق قال وقال بعض العلماء كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وقال الكسائي أي مجادلتهم الآن له كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وقال أبو عبيدة هو قسم أي والذي أخرجك من بيتك قال أبو إسحاق الكاف في موضع نصب أي الأنفال ثابتة لك كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وهم كارهون كذلك ننفل من رأيت فهذه خمسة أقوال وقول أبي إسحاق هذا هو معنى قول الفراء لأن الفراء قال امض لأمرك في الغنائم ونفل من شئت وإن كرهوا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق والقول السادس من أحسنها قال الله جل وعز إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم إلى لهم مغفرة ورزق كريم فالمعنى هذا الوعد للمؤمنين حق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الواجب له فأنجز وعدك وأظفرك بعدوك فأوفي لك لأنه قال جل وعز وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم
____________________
(2/176)
وتودون فكما أنجز هذا الوعد في الدنيا كذا ما وعدكم به في الآخرة
ومعنى
6 يجادلك بعضهم فعاد الضمير على البعض لأنهم قد ذكروا في الكل ومعنى بعدما تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان كل ما يخبرهم به يكون وجب عليهم أن يقبلوا منه كل ما يقوله وكان قد تبين لهم الحق
7
مفعول ثان ( أنها لكم ) بدل ( وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ) قال أبو عبيدة أي غير ذات الحد قال أبو إسحاق أي تودون أن تظفروا بالطائفة التي ليست معها سلاح ولا فيها حرب يقال فلان شاك في السلاح وشائك وشاك من الشكة كما قال
( إما ترى شكتي رميح أبي ** سعد فقد أحمل السلاح معا )
8
أي يحق وعده ( ويبطل الباطل ) أي كيد الكافرين
9
لقلتكم في العدد أي اذكر ( فاستجاب لكم أني ) في موضع نصب أي
____________________
(2/177)
بأني وقرأ عيسى بن عمر ( إني ) بمعنى قال إني وروي عن عاصم ( أني ممدكم بألف من الملائكة ) كما تقول فلس وأفلس ( مردفين ) قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم والأعمش والكسائي وحمزة ( مردفين ) بكسر الدال قال سيبويه وقرأ بعضهم ( مردفين ) بفتح الراء وتشديد الدال وبعضهم ( مردفين ) بكسر الراء وبعضهم ( مردفين ) بضم الراء والدال مكسورة في القراءات الثلاث مردفين بفتح الدال فيها تقديران يكون في موضع نصب على الحال من كم في ممدكم أي أردف بهم المؤمنين وهذا مذهب مجاهد قال مجاهد أي ممدين قال أبو جعفر ويجوز أن يكون مردفين في موضع خفض نعتا للألف ومردفين بكسر الدال قال أبو عمرو فيه أي أردف بعضهم بعضا ورد أبو عبيد على أبي عمرو هذا القول وأنكر كسر الدال واحتج أن معنى أردفت فلان فلانا جعله خلفه قال ولا نعلم هذا في صفة الملائكة يوم بدر وأنكر أن يكون أردف بمعنى ردف قال لقول الله جل وعز تتبعها الرادفة ولم يقل المردفة قال أبو جعفر لا يلزم أبا عمرو هذا الرد ولا تتأول قوله على ما تأوله أبو عبيد ولكن المعنى في مردفين قد تقدم بعضهم بعضا يقال ردفته وأردفته بمعنى تبعته وأتبعته ولو كان كما قال أبو عبيد لكان معنى مردفين بفتح الدال مردفين خلفكم وإنما معنى مردفين في آثاركم أي اتبع بعضهم بعضا وهذا أقوى من قول من قال مردف بهم
____________________
(2/178)
المسلمون لأن ظاهر القرآن على خلافه والقراءة بمردفين أولى لأن أهل التأويل على هذه القراءة يفسرون أي أردف بعضهم بعضا وأما مردفين فتقديره عند سيبويه مرتدفين ثم أدغم التاء في الدال فألقى حركتها على الراء لئلا يلتقي ساكنان ومن قال مردفين كسر الراء لالتقاء الساكنين ومن قال مردفين بضم الراء لأن قبلها ضمة كما تقول رد يا هذا
10
مفعولان ولم تنصرف بشرى لأن فيها ألف التأنيث ( ولتطمئن ) لام كي والفعل محذوف لما دل عليه ( وما النصر ) ابتداء والخبر ( إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) اسم إن وخبرها
11
مفعولان وهي قراءة أهل الحرمين وهي حسنة لأن بعده ( وينزل عليكم ) ( أمنة ) مفعول من أجله ومصدر يقال أمنة وأمنا وأمانا ( ليطهركم ) نصب بلام كي لأنها بدل من أن أو بإضمار أن ( ويذهب عنكم رجس الشيطان ) عطف ( وليربط على قلوبكم ) عطف جملة على جملة أو مفرد وأعيدت اللام ( ويثبت به ) بالماء الذي أنزله الله جل وعز على الرمل يوم بدر حتى تثبت أقدام المسلمين وقد يكون به للرباط
____________________
(2/179)
12
أي يثبت به ذلك الوقت وقد يكون اذكر ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة ) ( أني ) في موضع نصب والمعنى بأني ( معكم ) ظرف ومن أسكن العين فهي عنده حرف قال الأخفش فاضربوا فوق الأعناق معناه فاضربوا الأعناق وهذا عند محمد بن يزيد خطأ لأن فوقا يفيد معنى فلا يجوز زيادتها ولكن المعنى أنهم أبيحوا ضرب الوجوه وما قرب منها ( واضربوا منهم كل بنان ) قال أبو إسحاق واحد البنان بنانة وهي ههنا الأصابع وغيرها من الأعضاء واشتقاق البنان من قولهم أبن بالمكان إذا أقام به فالبنان يعتمل به ما يكون للإقامة والحياة
13
( ذلك ) في موضع رفع بالابتداء أو خبر والتقدير ذلك الأمر أو الأمر ذلك ( ومن يشاقق الله ) جزم بالشرط ويجوز ( ومن يشاق الله ) كما قال
( فغض الطرف إنك من نمير ** فلا كعبا بلغت ولا كلابا )
ويجوز ومن يشاق الله والتقدير ( شديد العقاب ) له وحذف له
____________________
(2/180)
14
كما تقدم في الأول ( وأن ) في موضع رفع بعطفها على ذلكم قال الفراء ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى وبأن للكافرين قال ويجوز أن يضمر واعلموا أن قال أبو إسحاق لو جاز إضمار واعلموا لجاز زيد منطلق وعمرا جالسا بل كان يجوز في الابتداء زيدا منطلقا لأن المخبر معلم وهذا لا يقوله أحد من النحويين
15
مصدر في موضع الحال
16
شرط ( إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ) نصب على الحال ( فقد باء بغضب من الله ) مجازاة ( ومأواه جهنم ) ابتداء وخبر وكذا
17
على قراءة من خفف لكن ومعنى فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم فلم تقتلوهم بتدبيركم ولكن الله قتلهم بالنصر ونظير هذا أن رجلين لو كانا يتقاتلان ومعهما سيفان فجاء رجل وأخذ سيف أحدهما فقتله الآخر لجاز أن يقال ما قتل ذاك إلا الذي أخذ سيفه ( ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) مثله ويجوز أن يكون المعنى وما رميت بالرعب في قلوبهم إذ رميت بالحصى
____________________
(2/181)
18
قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وقراءة أهل الكوفة ( موهن كيد الكافرين ) وفي التشديد معنى المبالغة وروي عن الحسن ( موهن كيد الكافرين ) بالإضافة والتخفيف والمعنى أن الله جل وعز يلقي في قلوبهم الرعب حتى يتشتتوا أو يتفرق جمعهم
19
في معناه ثلاثة أقوال يكون مخاطبة للكفار لأنهم قالوا اللهم انصر أحب الفئتين إليك ( وإن تنتهوا ) أي عن الكفر ( وإن تعودوا ) إلى هذا القول ( نعد ) إلى نصر المؤمنين وقيل أن تستفتحوا مخاطبة للمؤمنين أي تستنصروا فقد جاءكم النصر وكذا وإن تنتهوا أي وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتموه من أخذ الغنائم والأسرى قبل الإذن ( فهو خير لكم ) وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم كما قال جل وعز لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم والقول الثالث أن يكون أن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح للمؤمنين وما بعده للكفار ( وأن الله مع المؤمنين ) أي مع المؤمنين المطيعين وفتح ( أن ) بمعنى ولأن الله والتقدير لكثرتها وأن الله و أن في موضع نصب على هذا وقيل هي عطف على وأن الله موهن والكسر على الاستئناف
____________________
(2/182)
20
ابتداء وخبر في موضع الحال والمعنى وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من الحجج والبراهين
21
الكاف في موضع نصب على الظرف وخبر كان يكون سمعنا بمعنى قبلنا كما يقال سمع الله لمن حمده ويكون من سماع الأذن ويكون بمعنى وهم لا يشعرون وهم لا يتدبرون ما سمعوا ولا يفكرون فيه فهم بمنزلة من لم يسمع
22
والأصل أشر حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال وكذا خير الأصل فيها أخير ( الصم البكم الذين لا يعقلون ) خبر إن ونعت
23
أي لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه ودل على هذا ولو أسمعهم ( لتولوا وهم معرضون ) فخبر بالغيب عنهم
24
حذفت الضمة من الياء لثقلها ولا يجوز الإدغام ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) ( أن ) في موضع نصب باعلموا ( وأنه إليه تحشرون ) عطف قال الفراء ولو استؤنف فكسرت وإنه لكان صوابا
____________________
(2/183)
قال أبو جعفر وقد ذكرنا
25
26
ابتداء وخبر ( مستضعفون ) نعت وكذا ( تخافون أن يتخطفكم الناس ) في موضع نصب
27
بغلول الغنائم ونسبها إلى الله جل وعز لأنه الذي أمر بقسمها وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه المؤدي عن الله جل وعز والقيم بها ( وتخونوا ) في موضع جزم نسقا على الأول وقد يكون نصبا على الجواب كما يقال لا تأكل السمك وتشرب اللبن
29
أي يجعل بينكم وبين الكفار فرقانا بأن ينصركم ويعزكم ويخذلهم ويذلهم
30
أي واذكر هذا ( ليثبتوك ) نصب بلام كي قيل معناه يحبسونك وحكى بعض أهل اللغة أثبته إذا جرحه فلم يقدر أن يبرح ( أو يقتلوك أو يخرجوك ) عطف ( ويمكرون ) مستأنف ( والله خير الماكرين ) ابتداء وخبر والمعنى أن
____________________
(2/184)
الله جل وعز إنما مكره أن يأتيهم بالعذاب الذي يستحقونه من حيث لا يشعرون فهو خير الماكرين
32
خبر كان و ( هو ) عند الخليل وسيبويه فاصلة قال أبو جعفر وسمعت أبا إسحاق يفسر معنى فاصلة قال لأنه إنا جيء بها ليعلم أن الخبر معرفة أو ما قارب المعرفة وإن ( الحق ) ليس بنعت وإن ( كان ) ليست بمعنى وقع وقال الأخفش ( هو ) صلة زائدة كزيادة ما وقال الكوفيون ( هو ) عماد قال الأخفش وبنو تميم يرفعون فيقولون إن كان هذا هو الحق من عندك قال أبو جعفر يكون ( هو ) ابتداء والحق خبره والجملة خبر كان
وقد ذكرنا
33 بنهاية الشرح
قال الأخفش
34 أن فيه زائدة
قال أبو جعفر ولو كان كما قال لرفع يعذبهم و ( أن ) في موضع نصب والمعنى وما يمنعهم من أن يعذبوا فدخلت أن لهذا المعنى ( وهم يصدون عن المسجد الحرام ) ابتداء وخبر وكذا ( إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون ) وعليهم أن يعلموا وقيل لا يعلمون أنهم يعذبون في الآخرة ويجوز أن يغفر لهم وقيل لا يعلمون أن المتقين أولياؤه
____________________
(2/185)
35
اسم كان ( إلا مكاءا ) خبر قال أبو حاتم قال هارون وبلغني أن الأعمش قرأ ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) قال أبو جعفر قد أجاز سيبويه مثل هذا على أنه شاذ بعيد لأنه جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة وأنشد سيبويه
( أسكران كان ابن المراغة إذ هجا ** تميما ببطن الشام أم متساكر )
وأنشد
( فإنك لا تبالي بعد حول ** أظبي كان أمك أم حمار )
قال أبو أعفر وأبين من هذا وإن كان قد وصل النكرة قوله
( ولايك موقف منك الوداعا ** )
وكذا
____________________
(2/186)
( يكون مزاجها عسل وماء ** )
وإن كان علي بن سليمان قد قال التقدير مزاجا لها وتصدية من صد يصد إذا ضج فأبدل من إحدى الدالين ياءا
37
نصب بلام كي و ( يميز ) على التكثير ( ويجعل ) ( فيركمه ) عطف
38
شرط ومجازاة وكذا ( وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين ) أي مضت سنة الأولي في عذاب المصرين على معاصي الله جل وعز
39
اسم تكون وهي بمعنى تقع وكذا ( ويكون الدين كله لله )
40
رفع بنعم لأنها فعل قال أبو عمر الجرمي والدليل على أنها فعل قول العرب نعمت فأثبتوا التاء وكذا ( ونعم النصير )
41
42
ما بمعنى الذي والهاء محذوفة ودخلت الفاء لأن في الكلام معنى
____________________
(2/187)
المجازاة وأن الثانية توكيد للأولى ويجوز كسرها ( خمسه ) اسم إن ( يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) ظرفان وكذا
42 والجمع عدى ومن قال عدوة قال عدى مثل لحية ولحى ويقال القصيا والأصل الواو ( الركب ) ابتداء قيل يعني به الإبل التي كانت تحمل أمتعتهم وكانت في موضع يأمنون عليها توفيقا من الله جل وعز فذكرهم نعمه عليهم وقيل يعني عير قريش ( أسفل منكم ) ظرف في موضع الخبر أي موضعا أسفل منكم وأجاز الأخفش والكسائي والفراء والركب أسفل منكم أي أشد تسفلا منكم والركب جمع راكب ولا تقول العرب ركب إلا للجماعة الراكبي الإبل وحكى ابن السكيت وأكثر أهل اللغة أنه لا يقال راكب وركب إلا للذين على الإبل خاصة ولا يقال لمن كان على فرس أو غيرها راكب ( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ) أي لم يكن يقع الاتفاق فوفق الله جل وعز لكم ( ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) من نصر المؤمنين و ( ليهلك من هلك ) لام كي والتقدير ولكن جمعكم هنالك ليقضي أمرا ليهلك هذه اللام مكررة على اللام في ليقضي و ( من ) في موضع رفع ( ويحيا ) في موضع نصب ( من حين عن بينة ) هذه قراءة أبي عمرو وابن كثير وحمزة وهي اختيار سيبويه وأبي عبيد فأما احتجاج أبي عبيد فإنه في السواد بياء واحدة قال أبو جعفر هذا الاحتجاج لا يلزم لأن مثل هذا الحذف في السواد ولكن اجتماع النحويين الحذاق في هذا أنه لما اجتمع حرفان على لفظ واحد كان الأولى الإدغام كما يقال جف وقرأ نافع وعاصم ( من حيى عن بينة ) والحجة لهما أنه لا يجوز الإدغام في
____________________
(2/188)
المستقبل فأتبعوا المستقبل الماضي وقد أجاز الفراء الإدغام في المستقبل وأن يدغم يحيى وهذا عند جميع البصريين من الخطأ الكبير ومثله لا يجوز في شعر ولا كلام والعلة في منعه أنك إذا قلت يحيى فالياء الثانية ساكنة فلم يجتمع حرفان متحركان فيدغم وقد كان الاختيار لم يجفف وإن كان يجوز لم يجف ولم يجف فيجوز الإدغام فأما في يحيى فلا يجوز وأيضا فإن الياء تحذف في الجزم فهذا مخالف ليجف ولا يجوز أيضا الإدغام في أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى لأن الحركة عارضة
43
ظرف وكذا
44 وجاء متصلا لأنك بدأت بالأقرب وأجاز يونس ( يريكمهم )
46
نهى ( فتفشلوا ) نصب لأنه جواب النهي ولا يجيز سيبويه حذف الفاء والجزم وأجازه الكسائي
47
مصدر في موضع الحال ومعنى البطر في اللغة التقوية وبنعم الله جل وعز ما ألبسه الله جل وعز من العافية على المعاصي
____________________
(2/189)
48
يجمع جار أجوارا وجيرانا وفي القليل جيرة ( إني أخاف الله ) قيل خاف أن ينزل به بلاء
49
قيل المنافقون الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر والذين في قلوبهم مرض الشاكون وهم دون المنافقين وقيل هما واحد وهذا أولى ألا ترى إلى قوله جل وعز الذين يؤمنون بالغيب ثم قال جل وعز والذين يؤمنون بما أنزل إليك وهما لواحد وكذا إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
50
يكون هذا عند الموت وقد يكون بيوم القيامة حين يصيرون بهم إلى النار وجواب لو محذوف وتقديره لرأيت أمرا عظيما وأنشد سعيد الأخفش
( إن يكن طبك الدلال فلو في ** سالف الدهر والسنين الخوالي )
وقرأ الأعرج ( تتوفى ) على تأنيث الجماعة ( يضربون وجوههم ) في موضع الحال قال الفراء المعنى ويقولون ( ذوقوا عذاب الحريق )
____________________
(2/190)
51
في موضع رفع أي الأمر ذلك ( بما قدمت أيديكم ) خفض بالياء ( وأن الله ليس بظلام للعبيد ) في موضع خفض نسق على ( ما ) وإن شئت نصبت بمعنى وبأن وحذفت الباء بمعنى وذلك أن الله ويجوز أن يكون في موضع رفع نسقا على ذلك
52
أي العادة في تعذيبهم عند قبض الأرواح وفي القبور كعادة آل فرعون ( والذين من قبلهم ) من الكفار وبعد هذا أيضا
54 وليس هذا بتكرير لأن الأول للعادة في التعذيب والثاني للعادة في التغيير
55
اسم إن وخبرها وهو مخصوص وقد بينه جل وعز بقوله
56
57
شرط ودخلت النون توكيدا وصلح ذلك في الخبر لما دخلت ( ما ) هذا قول البصريين وقال الكوفيون تدخل النون الثقيلة والخفيفة مع إما في المجازاة للفرق بين المجازاة والتخيير ( فشرد بهم من خلفهم ) قال الكسائي ( من ) بمعنى الذي قال أبو إسحاق المعنى أفعل بهم فعلا من القتل تفرق به من
____________________
(2/191)
خلفهم ( لعلهم يذكرون ) أي يتذكرون توعدك إياهم
58
قال الكسائي السواء العدل وقال الفراء يقال معناه افعل بهم كما يفعلون سواءا قال ويقال معنى ( فانبذ إليهم على سواء ) جهرا لا سرا قال أبو جعفر هذا من معجز ما جاء في القرآن مما لا يوجد في الكلام مثله على اختصاره وكثرة معانيه والمعنى إما تخافن من قوم بينك وبينهم عهد خيانة فانبذ إليهم العهد أي قل قد نبذت إليكم عهدكم وأنا مقاتلكم ليعلموا ذلك فيكونوا معك في العلم سواءا ولا تقاتلهم وبينك وبينهم عهد وهم يتقون بك فيكون ذلك خيانة ثم بين هذا بقوله ( إن الله لا يحب الخائنين )
59
اسم تحسبن وخبره وقرأ حمزة ( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا ) فزعم جماعة من النحويين منهم أبو حاتم أن هذا لحن لا تحل القراءة به ولا يسمع لمن عرف الإعراب أو عرفه قال أبو جعفر وهذا تحامل شديد وقد قال أبو حاتم أكثر من هذا قال لأنه لم يأت ليحسبن بمفعول وهو يحتاج إلى مفعولين قال أبو جعفر القراءة تجوز ويكون المعنى ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا فيكون الضمير يعود على ما تقدم إلا أن القراءة بالتاء أبين قال الفراء وفي
____________________
(2/192)
حرف عبد الله بن مسعود ( ولا يحسب الذين كفروا أنهم سبقوا أنهم لا يعجزون ) ويروى ( ولا تحسب الذين ) بفتح الباء وهذا على إرادة النون الخفيفة كما قال الشاعر
( وسبح على حين العشيات والضحى ** ولا تحمد المثرين والله فاحمدا )
وإن شئت كسرت الدال وقرأ عبد الله بن عامر ( أنهم لا يعجزون ) بفتح الهمزة واستبعد أبو حاتم وأبو عبيد هذه القراءة قال أبو عبيد وإنما تجوز على أن يكون المعنى ولا تحسبن الذين كفروا أنهم لا يعجزون قال أبو جعفر الذي ذكره أبو عبيد لا يجوز عند النحويين البصريين لا يجوز حسبت زيدا أنه خارج إلا بكسر إن وإنما لم يجز لأنه في موضع المبتدأ كما تقول حسبت زيدا أبوه خارج ولو فتحت لصار المعنى حسبت زيدا خروجه وهذا محال وفيه أيضا من البعد أنه لا وجه لما قاله يصح به معنى إلا أن تجعل إلا زائدة ولا وجه لتوجيه حذف في كتاب الله جل وعز إلى التطول بغير حجة يجب التسليم لها والقراءة جيدة على أن يكون المعنى لأنهم لا يعجزون وزعم الفراء أنه تجوز قراءة حمزة على إضمار أن يكون المعنى ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا قال أبو جعفر لا يجوز إضمار أن إلا بعوض ومن أضمرها فقد أضمر بعض اسم وقد شبه الفراء هذا بقولهم عسى يقوم زيد وهو لا يشبهه لأن أن لو كانت ههنا مضمرة
____________________
(2/193)
لنصبت يقوم وقد ذكرنا أنه من قرأ ( لا يعجزون ) بكسر النون فقد لحن
60
كل ما تعده لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عددك وقرأ الحسن ( ترهبون به عدو الله ) على التكثير وقرأ أبو عبد الرحمن ( عدوا لله ) ( وآخرين من دونهم ) عطف على عدو ويجوز أن يكون عطفا على وأعدوا لهم بإضمار فعل
61
لأن السلم مؤنثة ويجوز أن يكون التأنيث للفعلة وحكى أبو حاتم ( فاجنح ) لها
64
ابتداء وخبر أي كافيك الله ويقال أحسبه إذا كفاه ( ومن اتبعك ) في موضع نصب معطوف على الكاف في التأويل أي يكفيك الله ويكفي من اتبعك كما قال
____________________
(2/194)
( إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
ويجوز أن يكون ( من اتبعك ) في موضع رفع وللنحويين فيه على هذا ثلاثة أقوال قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول يكون عطفا على اسم الله جل وعز أي حسبك الله ومن اتبعك قال ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم يكفينه الله وأبناء قيلة والقول الثاني أن يكون التقدير ومن اتبعك من المؤمنين كذلك على الابتداء وأخبر كما قال الفرزدق
( وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ** من المال إلا مسحتا أو مجلف )
والقول الثالث أحسنها أن يكون على إضمار بمعنى وحسبك من اتبعك من المؤمنين وهكذا الحديث على إضمار ومن كفى القول الأول لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقال ما شاء الله وشئت والقول الثاني فالشاعر مضطر فيه إذا كانت القصيدة مرفوعة وإن كان فيه غير هذا
____________________
(2/195)
65
اسم يكن فإن قال قائل لم كسر أول العشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى ثمانين إلا ستين فالجواب عند سيبويه أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد فكسر أول عشرين كما كسر اثنان والدليل على هذا قولهم ستون وتسعون كما قيل ستة وتسعة
وقرأ أبو جعفر
66 كما يقال كريم وكرماء وقراءة أهل المدينة وأبي عمرو ( ضعفا ) وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد قال أبو عبيد لكثرة من قرأ بها وأنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه عليها وهذا الكلام وإن كان أبو عبيد رحمه الله معلوما منه أنه لم يقصد إلا إلى خير وإنما يقال ومن اتبعه فيمن يجوز أن يخالف وإسناد الحديث ليس بذاك وقال أبو عمرو بن العلاء الضعف لغة أهل الحجاز والضعف لغة تميم فأما التفريق بينهما فلا يصح أعني في المعنى
67
وتكون على تأنيث الجماعة وجمع أسرى أسارى وأسارى ( تريدون عرض الدنيا ) أي المغانم والفداء ( والله يريد الآخرة ) أي يريد لكم ثواب الآخرة لأنه خير لكم
____________________
(2/196)
68
فيه خمسة أجوبة فمن أحسنها أن المعنى لولا كتاب من الله سبق بأنه يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر لعذبكم وقيل المعنى لولا كتاب من الله نزل وهو القرآن فآمنتم به فاستحققتم العفو والصفح لعذبكم وقيل المعنى لولا أن الله جل وعز كتب الا يعذب الا بعد الإنذار والتقدم لعذبكم وقيل لولا أن الله جل وعز كتب أنه سيحل لكم المغانم لعذبكم والجواب الخامس أن المعنى لولا أن الله جل وعز كتب أنه يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر لعذبكم ومعنى ( لولا ) في اللغة امتناع شيء لوقوع شيء و ( كتاب ) مرفوع بالابتداء و ( سبق ) في موضع النعت له ولا يكون خبرا لأنه لا يجوز أن يؤتى بخبر لما ارتفع بعد لولا بالابتداء هذا قول سيبويه والتقدير لولا كتاب من الله سبق تدارككم ( لمسكم ) والأصل فيها فعل ثم أدغمت ويجوز الإظهار كما قال
( مهلا أعاذل قد جربت من خلقي ** أنى أجود لأقوام وإن ضننوا )
( فيما أخذتم ) أدغمت الذال في التاء لأن المهموس أخف ويجوز الإظهار هنا
____________________
(2/197)
69
في الفاء معنى الشرط والمجازاة وقال سيبويه فالكلم اسم وفعل وحرف والتقدير في الآية قد أحللت لكم الفداء فكلوا مما غنمتم ( حلالا طيبا ) منصوب على الحال
70
خاطب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ( لمن في أيديكم ) فيه ثلاثة أجوبة يكون المعنى يأيها النبي قل لهم قولوا لمن في أيديكم من الأسرى ويكون على أن المخاطبة له صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته كما قال جل وعز يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ويكون على تحويل المخاطبة في إذا طلقتم النساء فإما أن يكون على التعظيم فبعيد ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا ) شرط وكسرت الميم لالتقاء الساكنين والجواب ( يؤتكم ) فلذلك حذفت منه الياء
71
أي في نقض العهد لأنهم عاهدوه ألا يحاربوه صلى الله عليه وسلم أي إن فعلوا هذا ( فقد خانوا الله من قبل ) أي خانوا أولياءه المؤمنين بديئا وجمع خيانة خيائن وكان يجب أن يقال خوائن لأنه من ذوات الواو إلا أنهم فرقوا بينه وبين جمع خائنة ويقال خائن وخون وخونة وخانة
____________________
(2/198)
72
اسم إن ( والذين آووا ونصروا ) معطوف عليه ( أولئك ) رفع بالابتداء ( بعضهم ) ابتداء ثان ( أولى ببعض ) خبره والجميع خبر إن ( والذين آمنوا ) ابتداء والخبر ( مالكم من ولايتهم من شيء ) وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( من ولايتهم ) يقال ولي بين الولاية ( ووال بين الولاية ) قال أبو جعفر والفتح في هذا أبين وأحسن لأنه بمعنى النصر وقال أبو إسحاق ويجوز الكسر لأنه مشتمل فصار كالصناعة وكالخياطة قال ويجوز ( فعليكم النصر ) بالنصب على الإغراء
وقال الكسائي يجوز النصب في قوله
73
74 مصدر
75
ابتداء والواحد ذو والرحم مؤنثة ( بعضهم ) ابتداء ( أولى ببعض ) الخبر والجملة خبر الأول وفي قوله ( في كتاب الله ) جل وعز أقوال منها أن هذه الآية تدل على أنه لا يورث إلا من كان له في كتاب الله ذكر إلا أن يجمع المسلمون على شيء أو يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل معنى ( في كتاب الله ) في
____________________
(2/199)
اللوح المحفوظ وقيل ( في كتاب الله ) في حكم الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأقضين بينكما بكتاب الله جل وعز فقضى بالجلد وتغريب عام والرجم عليها إذا كانت محصنة وليس في القرآن الرجم فقيل معنى بكتاب الله جل وعز بحكم الله وقيل لما قال جل وعز وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا كان القبول من النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله جل وعز ( إن الله بكل شيء عليم ) اسم إن وخبرها
____________________
(2/200)
9
من ذلك قوله جل وعز
1
رفع بالابتداء والخبر ( إلى الذين عاهدتم من المشركين ) وحسن الابتداء بالنكرة لأنها قد وصلت ويجوز أن ترفع براءة على أنها خبر ابتداء محذوف يقال برئت من العهد والدين والرجل براءة وبرأت من المرض أبرؤا ولا يعرف فعلت أفعل مما لامه همزة إلا هذا ويقال برئت من المرض أبرأ برءا وبرؤا وبريت القلم وأبريت الناقة جعلت في أنفها برة وهي حلقة من حديد فإن كانت من خشب فهي خشاش وإن كانت من شعر فهي خزامة
والوقف براءه بالهاء قال سيبويه أرادوا أن يفرقوا بين هذه التاء والتاء التي هي من نفس الحرف نحو تاء القت قال وزعم أبو الخطاب أن ناسا من العرب يقولون طلحت كما فعلوا بتاء الجميع ( من الله ) فتحت النون لالتقاء الساكنين هذه اللغة الفصيحة وللنحويين فيها أقوال قال الكسائي أصل ( من ) منا حذفوا الألف وأبقوا الفتحة وقيل كرهوا الجمع بين كسرتين فحزكوها في أكثر المواضع بالفتح قال أبو جعفر وأحسن ما قيل في هذا قول سيبويه قال لما كثر استعمالهم لها ولم يكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم
____________________
(2/201)
فتحوا وشبهوها بأين وكيف قال سيبويه وناس من العرب يكسرون فيقولون من الله على القياس قال أبو حاتم زعم هارون أن أبا عمرو بن العلاء قرأ ( براءة من الله إلى الذين عاهدتم ) وإن شئت قلت عاهدتمو على الأصل والحذف لأن الواو ثقيلة
2
قال الكسائي المصدر سيوحا وسيحانا وسياحة قال الفراء وساح الماء سيحا ( أربعة أشهر ) أثبت الهاء فرقا بين المذكر والمؤنث قال أبو جعفر وقد ذكرناه وذكرنا ما هذه الشهور ( واعلموا أنكم ) في موضع نصب باعلموا وإن شئت قلت أنكمو كما تقدم غير معجزي الله حذفت النون للإضافة ويجوز على قول سيبويه أن تحذفها لالتقاء الساكنين وتنصب
3
عطف على براءة ( يوم الحج الأكبر ) ظرف وقد ذكرنا ما قيل فيه والحج الأصغر العمرة ( أن الله بريء من المشركين ) في موضع نصب والتقدير بأن الله ومن قرأ ( إن الله ) قدره بمعنى قال إن الله ( بريء ) خبر ( ورسوله ) عطف على الموضع وإن شئت على المضمر كلاهما حسن لأنه قد طال الكلام وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر ( أن الله بريء من المشركين
____________________
(2/202)
ورسوله ) عطف على اللفظ
4 في موضع نصب بالاستثناء
قال الأخفش التقدير واقعدوا لهم على كل مرصد وحذفت على قال أبو جعفر قد حكى سيبويه ضرب الظهر والبطن بحذف على إلا أن
5 نصبه على الظرف جيد كما تقول قعدت له كل مذهب
6
أي من القتل و ( أحد ) مرفوع بإضمار فعل كالذي بعده وهذا حسن في إن وقبيح في أخواتها ومذهب سيبويه في الفرق بين إن وأخواتها أنها لما كانت أم حروف الشرط لأنها لا تكون لغيره خصت بهذا وقال محمد بن يزيد أما قوله لأنها لا تكون في غيره فغلط لأنها تكون بمعنى ما وزائدة ومخففة من الثقيلة ولكنها مبهمة وليس كذا غيرها وأنشد سيبويه
( لا تجزعي إن منفسا أهلكته ** وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي )
( ثم أبلغه مأمنه ) مفعولان حذف من أحدهما الحرف والجمع مآمن
7
____________________
(2/203)
اسم يكون ( إلا الذين عاهدتم ) استثناء قال محمد بن إسحاق هم بنو بكر
8
قال الأخفش سعيد أضمر أي كيف لا تقتلونهم والله أعلم وقال أبو إسحاق المعنى كيف يكون لهم عهد ثم حذف كما قال
( وخبرتماني أنما الموت بالقرى ** فكيف وهذا هضبة وكثيب )
قال التقدير وكيف مات ( لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ) وبعده
10 وليس هذا تكريرا ولكن الأول لجميع المشركين والثاني لليهود خاصة والدليل على هذا قوله ( اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ) يعني اليهود باعوا حجج الله جل وعز وبيانه بطلب الرئاسة وطمع في شيء وجمع إل آلال في القليل والكثير ألال وذمة وذمم
11
أي فهم إخوانكم
12
جمع إمام والأصل أأممة كمثال وأمثلة ثم أدغمت الميم في الميم
____________________
(2/204)
وقلبت الحركة على الهمزة فاجتمعت همزتان فأبدلت من الثانية ياء وزعم الأخفش أنك تقول هذا أيم من هذا بالياء قال المازني أوم بالواو وقرأ حمزة ( فقاتلوا أامة الكفر ) فأكثر النحويين يذهب إلى أن هذا لحن لا يجوز لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة وزعم أبو إسحاق أنه جائز على بعد قال لأنه قد وقع في الكلمة علتان الإدغام والتضعيف فلما ألقيت حركة الميم على الهمزة تركت الهمزة لتدل بحركتها على ذلك
13 توبيخ وفيه معنى التحضيض
14
15
أمر ( يعذبهم الله ) جوابه وهو جزم بمعنى المجازاة والتقدير إن تقاتلوهم يعذبهم الله ( بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) { ويذهب غيظ قلوبهم } كله عطف ويجوز فيه كله الرفع على القطع من الأول ويجوز النصب على إضمار أن وهو محمول على المعنى والكوفيون يقولون على الصرف كما قال
( فإن يهلك أبو قابوس يهلك ** ربيع الناس والشهر الحرام )
( ونأخذه بعده بذناب عيش ** أجب الظهر ليس له سنام )
____________________
(2/205)
وإن شئت رفعت ونأخذ وإن شئت نصبته ( ويتوب الله على من يشاء ) القراءة بالرفع لأنه ليس من جنس الأول لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله جل وعز وهو موجب لهم العذاب والخزي وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم ونظيره فإن يشأ الله يختم على لبك تم الكلام ثم قال ويمحو الله الباطل وقرأ ابن أبي إسحاق ( ويتوب الله ) بالنصب وكذا روي عن عيسى والأعرج ( والله عليم حكيم ) ابتداء وخبر
16
خروج من شيء إلى شيء ( أن تتركوا ) في موضع المفعولين على قول سيبويه وعند أبي العباس أنه قد حذف الثاني ( ولما يعلم الله ) جزم بلما وإن كانت ما زائدة فإنها عند سيبويه تكون جوابا لقولك قد فعلت وكسرت الميم لالتقاء الساكنين قال الفراء ( وليجة ) بطانة من المشركين يتخذونهم ويفشون إليهم أسرارهم ويعلمونهم أمورهم
17
اسم كان ( شاهدين ) على الحال ( أولئك ) ابتداء ( حبطت أعمالهم ) الخبر
18
( ما ) كافة والفعل متقدم لأنه لمن ( ولم يخش إلا الله ) حذفت الألف
____________________
(2/206)
للجزم قال سيبويه واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم لئلا يكون الجزم بمنزلة الرفع ( فعسى أن يكونوا من المهتدين ) وعسى من الله جل وعز واجبة
19
التقدير في العربية أجعلتم أصحاب سقاية الحاج وقيل التقدير كإيمان من آمن بالله وجعل الاسم موضع المصدر إذ علم معناه مثل إنما السخاء حاتم وإنما الشعر زهير ( وعمارة المسجد الحرام ) مثل وسئل القرية وقرأ أبو وجزة ( أجعلتم سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام ) سقاة جمع ساق والأصل فيه سقية على فعلة كذا الجمع المعتل من هذا نحو قاض وقضاة وناس ونساة فإن لم يكن معتلا جمع على فعلة نحو ناسىء ونسأة للذين كانوا ينسئون الشهور
20
في موضع رفع بالابتداء وخبره ( أعظم درجة عند الله ) و ( درجة ) على البيان
22 نصب على الحال
23
مفعولان ( إن استحبوا الكفر على الإيمان ) أي لا تطيعوهم ولا تختصوهم
____________________
(2/207)
24
اسم كان وما بعده معطوف عليه ( أحب إليكم ) خبر كان ويجوز في غير القرآن رفع أحب على الابتداء والخبر واسم كان مضمر فيها وأنشد سيبويه
( إذا مت كان الناس صنفان شامت ** وآخر مثن بالذي كنت أصنع )
وأنشد
( هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها ** وليس منها شفاء الداء مبذول )
25
قال الفراء لم ينصرف مواطن لأنه جمع ليس لها نظير في المفرد وليس لها جماع إلا أن الشاعر ربما اضطر فجمع وليس يوجد في الكلام ما
____________________
(2/208)
يجوز في الشعر وأنشد
( فهن يعلكن حدائداتها ** )
قال أبو جعفر رأيت أبا إسحاق يتعجب من هذا قال أخذ قول الخليل رحمه الله وأخطأ فيه لأن الخليل يقول لم ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد ولا يجمع جمع التكسير فأما بالألف والتاء فلا يمتنع
( ويوم حنين ) ظرف أي ونصركم يوم حنين وانصرف حنين لأنه مذكر اسم واد ومن العرب من لا يجريه يجعله اسما للبقعة ( فلم تغن عنكم ) حذفت الياء للجزم
26
أي أنزل عليهم ما يسكنهم ويذهب خوفهم حتى اجترؤا على قتال المشركين ( وأنزل جنودا لم تروها ) وهم الملائكة يقوون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت ويضعفون الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال لأن الملائكة صلوات الله عليهم لم تقاتل إلا في يوم بدر
28
ابتداء وخبر ( فلا يقربوا ) نهي فلذلك حذفت منه النون
____________________
(2/209)
30
للنحويين في هذا أقوال فمن أحسنها أنه مرفوع على إضمار مبتدأ والتقدير صاحبنا عزير وأنشد الأخفش
( لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ** شعيب بن سهم أم شعيب بن منقر )
ويجوز أن يكون ( عزير ) رفع بالابتداء و ( ابن ) خبره ويحذف التنوين لالتقاء الساكنين أجاز سيبويه مثل هذا بعينه وقول ثالث لأبي حاتم قال لو قال قائل إن عزيرا اسم عجمي فلذلك حذفت منه التنوين قال أبو جعفر هذا القول غلط لأن عزيرا اسم عربي مشتق قال الله جل وعز وتعزروه وتوقروه ولو كان عجميا لانصرف لأنه على ثلاثة أحرف في الأصل ثم زيدت عليه ياء التصغير وقد قرأ القراء من الأئمة في القراءة واللغة ( عزير ) منونا قرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبان بن تغلب وعاصم والكسائي وقالت اليهود عزيرا ابن الله وهذا بين على الابتداء والخبر وكذا ( وقالت النصارى المسيح ابن الله ) وكذا ( ذلك قولهم بأفواههم ) وقرأ عاصم وطلحة ( يضاهئون قول الذين كفروا ) وجعل الهمزة من الأصل وقدر ضهيئا فعيلا وترك الهمز أجود لأنه لا نعلم أحدا من أهل اللغة حكى أن في الكلام فعيلا وإذا لم يهمز قدر ظهياء فعلاء الهمزة زائدة كما زيدت في شأمل وغرقىء إلا أنه يجوز أن يكون فعيلا لا نظير له كما أن كنهبلا فنعلل لا نظير له كما أن قرنفلا فعنلل لا نظير له
____________________
(2/210)
31
مفعولان ( والمسيح ابن مريم ) منصوب على إضمار فعل ويجوز أن يكون عطفا
32
جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان ( بأفواههم ) جمع فوه على الأصل لأن الأصل في فم فوه مثل حوض وأحواض ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) يقال كيف دخلت إلا وليس في الكلام حرف نفي ولا يجوز ضربت إلا زيدا فزعم الفراء أن إلا إنما دخلت لأن في الكلام طرفا من الجحد قال أبو إسحاق الجحد والتحقيق ليسا بذوي أطراف وأدوات الجحد ما ولا ولم ولن وليس وهذه لا أطراف لها ينطق بها ولو كان الأمر كما أراد لجاز كرهت إلا زيدا ولكن الجواب أن العرب تحذف مع أبى والتقدير ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره قال علي بن سليمان إنما أجاز هذا في يأبى لأنها منع أو امتناع فضارعت النفي قال أبو جعفر وهذا قول حسن كما قال
( وهل لي أم غيرها إن تركتها ** أبى الله إلا أن أكون لها ابنما )
33
لام كي أي ليظهره بالحجة والبراهين وقد أظهره
____________________
(2/211)
34
دخلت اللام على يفعل ولا تدخل على فعل بمضارعة يفعل الأسماء ( والذين يكنزون الذهب والفضة ) رفع بالابتداء ويجوز أن يكون معطوفا على ما في يأكلون أي ويأكلها الذين يكنزون الذهب والفضة ( ولا ينفقونها في سبيل الله ) ولم يقل ينفقونهما ففيه أربعة أقوال يكون التقدير ولا ينفقون الكنوز ويكون ولا ينفقون الأموال ويكون ولا ينفقون الفضة وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه وأنشد سيبويه
( نحن بما عندنا وأنت بما عندك ** راض والرأي مختلف ) والتقدير الرابع أن يكون ينفقونها للذهب والثاني معطوفا عليه ( فبشرهم بعذاب أليم ) في موضع خبر الابتداء أي اجعل لهم موضع البشارة عذابا أليما
35
ظرف والتقدير يعذبون ( يوم يحمى عليها في نار جهنم ) ( فتكوى بها
____________________
(2/212)
جباههم ) اسم ما لم يسم فاعله ( وجنوبهم وظهورهم ) عطف ( هذا ما كنزتم ) أي يقال لهم
36
اسم إن وخبرها وأعربت ( اثنا عشر ) دون نظائرها لأن فيها حرف الأعراب أو دليله ( ذلك الدين القيم ) ابتداء وخبر وروي عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك الدين أي ذلك القضاء ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) الأكثر أن يكون هذا للأربعة لأن أكثر ما تستعمل العرب فيما جاوز العشرة فيها ومنها ( وقاتلوا المشركين كافة ) مصدر في موضع الحال قال أبو إسحاق مثل هذا من المصادر عافاه الله عافية وعاقبه عاقبة لا يثنى ولا يجمع وكذا عامة وخاصة قال ومعنى كافة معنى محيطين بهم مشتق من كفة الشيء وهي حرفة لأنك إذا بلغت إليه كففت عن الزيادة
37
هكذا يقرأ أكثر الأئمة ولم يرو أحد عن نافع علمناه ( إنما النسي ) بلا همز إلا ورش وحده وهو مشتق من نسأه وأنسأه إذا أخره حكى اللغتين الكسائي فنسىء بمعنى منسؤ أو منسأ قال أبو عبيد وقرأها ابن كثير بغير مد ولا همز قال أبو حاتم قرأها ابن كثير بإسكان السين قال أبو جعفر المعروف عن قراءة ابن كثير إنما النسيء زيادة في الكفر على فعيل قرأ أهل
____________________
(2/213)
الحرمين وأبو عمرو ( يضل به الذين كفروا ) وقرأ الكوفيون ( يضل به الذين كفروا ) وقرأ الحسن وأبو رجاء ( يضل به الذين كفروا ) بضم الياء وكسر الضاد والقراءات الثلاث كل واحدة منها تؤدي عن معنى وقال النبي صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم فيضل به الذين كفروا إلا أنهم يحسبونه فيضلون به ويضل به الذين كفروا بمعنى المحسوب لهم ويضل به الذين كفروا وقد حذف منه المفعول أي يضل به الذين كفروا من يقبل منهم ( ليوطئوا ) نصب بلام كي ( فيحلوا ) عطف عليه
38
الأصل تثاقلتم أدغمت التاء في الثاء لقربها منها فاحتجت إلى ألف الوصل لتصل إلى النطق بالساكن والمعنى اثاقلتم إلى نعيم الأرض وإلى الإقامة بالأرض والتقدير أرضيتم بنعيم الدنيا من نعيم الآخرة ( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) ابتداء وخبر
39
شرط فلذلك حذفت منه النون والجواب ( يعذبكم ) ( ويستبدل قوما غيركم
____________________
(2/214)
ولا تضروه شيئا ) عطف ( والله على كل شيء قدير ) ابتداء وخبر
40
شرط ومجازاة ( إذ أخرجه الذين كفروا ) ظرف ( ثاني اثنين ) نصب على الحال أي أخرجوه منفردا من جميع الناس إلا من أبي بكر رضي الله عنه أي أحد اثنين قال علي بن سليمان التقدير فخرج ثاني اثنين مثل والله أنبتكم من الأرض نباتا ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) فأشاد جل وعز بذكر أبي بكر رضي الله عنه ورفع قدره بخروجه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذله نفسه ولو أراد أن يهاجر آمنا لفعل وقوله ( لا تحزن ) فيه معنى أمنه كما قال لا تخف إنك أنت الأعلى وقال في قصة لوط عليه السلام لا تخف ولا تحزن وفي قصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم لا تخف وقال ( إن الله معنا ) أي ينصرنا ويمنع منا فأوجب لأبي بكر رضي الله عنه بهذا التقى والإحسان كما قال جل وعز إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( فأنزل الله سكينته عليه ) القول عند أكثر أهل التفسير وأهل اللغة أن المعنى فأنزل الله سكينته على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أنه معصوم والله جل وعز أمره بالخروج وأنه ينجيه والدليل على هذا أنه قال لأبي بكر ( لا تحزن إن الله معنا ) فسكن أبو بكر رضي الله عنه قال الله جل وعز فأنزل الله سكينته عليه ومعنى الفاء في العربية أن يكون الثاني يتبع الأول فكما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا سكن واطمأن وليس هذا مثل فأنزل الله سكينته
____________________
(2/215)
على رسوله وعلى المؤمنين لأن هذا في يوم حنين لما اضطرب المسلمون خاف النبي صلى الله عليه وسلم وقد علم أنه في نفسه معصوم فلما أيد الله المؤمنين ورجعوا سكن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وزال خوفه الذي لحقه على المؤمنين ( وأيده بجنود لم تروها ) الهاء تعود على النبي صلى الله عليه وسلم فالضميران مختلفان وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب قال الله جل وعز أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ثم قال ( ألم يعلم بأن الله يرى ) ( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ) أي وصفها بهذا ( وكلمة الله ) ابتداء ( هي العليا ) ابتداء وخبر والابتداء والخبر خبر الأول ويجوز أن يكون العليا الخبر و وهي فاصلة وقرأ الحسن ويعقوب ( وكلمة الله ) بالنصب عطفا على الأول وزعم الفراء أن هذا بعيد قال لأنك تقول أعتق فلان غلام أبيه ولا تقول غلام أبي فلان وقال أبو حاتم نحوا من هذا قال كأن يكون وكلمته هي العليا قال أبو جعفر الذي ذكره الفقراء لا يشبه الآية ولكن يشبهها ما أنشده سيبويه
( لا أرى الموت يسبق الموت شيء ** نغص الموت ذا الغنى والفقيرا )
وهذا جيد حسن لأنه لا إشكال فيه بل يقول النحويون الحذاق إن في إعادة الذكر في مثل هذا فائدة وهي أن فيه معنى التعظيم قال الله جل وعز إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها فهذا لا إشكال فيه ( والله عزيز حكيم ) ابتداء وخبر
____________________
(2/216)
41
حكى الأخفش انفروا ( خفافا وثقالا ) نصب على الحال وفيه قولان أحدهما أنه منسوخ بقوله فولا نفر من كل فرقة منهم طائفة والآخر أنه غير منسوخ لأن الجهاد فرض إلا أن بعض المسلمين يحمله عن بعض فإذا وقع الاضطرار وجب الجهاد على كل أحد
42
خبر كان ( وسفرا قاصدا ) عطف عليه ( لاتبعوك ) وهذه الكناية للمنافقين لأنهم داخلون فيمن خوطب بالنفير وهذا موجود في كلام العرب يذكرون الجملة ثم يأتون بالإضمار عائدا على بعضها كما قيل في قول الله جل وعز وإن منكم إلا واردها إنها القيامة ثم قال جل وعز ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا يعني جل وعز جهنم حكى أبو عبيدة إن ( الشقة ) السفر وحكى الكسائي إنه يقال شقة وشقة
43
في معناه قولان أحدهما أنه افتتاح الكلام كما تقول أصلحك الله كان كذا وكذا والقول الآخر وهو أولى لأن المعنى عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم ويدل على هذا ( لم أذنت لهم ) لأنه لا يقال لم فعلت ما أمرتك به والأصل لما حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر وإن ما قد اتصلت باللام ولا يوقف عليها إلا بالهاء لمه
____________________
(2/217)
44
في موضع نصب قال أبو إسحاق التقدير في أن يجاهدوا وقال غيره هذا غلط وإنما المعنى ضد هذا ولكن التقدير
45 في التخلف لئلا يجاهدوا وحقيقته في العربية كراهة أن لا يجاهدوا كما قال جل وعز يبين الله لكم أن تضلوا
46
لأنهم قالوا إن لم يؤذن لنا في الجلوس أفسدنا وحرضنا على المسلمين ويدل على هذا أن بعده لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ( فثبطهم ) الله جل وعز ( وقيل اقعدوا مع القاعدين ) يكون التقدير قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ويكون هذا هو الإذن الذي تقدم ذكره وقيل المعنى وقال لهم أصحابهم هذا
47
مفعول ثان والمعنى يطلبون لكم الفتنة أي الإفساد والتحريض ويقال بغيته كذا أي أعنته على طلبه وبغيته كذا طلبته له
48
أي لقد طلبوا الإفساد من قبل أن يظهر أمرهم وينزل الوحي بما أسروه وبما سيفعلونه لأنه قال جل وعز سيحلفون بالله لكم أخبر بعيبهم وقلبوا لك الأمور أي دبروا واحتالوا في التضريب والإفساد
____________________
(2/218)
49
من أذن يأذن فإذا أمرت زدت همزة مكسورة وقبلها همزة هي فاء الفعل ولا يجتمع همزتان فأبدلت من الثانية ياءا لكسرة ما قبلها فقلت إيذن لي فإذا وصلت زالت العلة في الجمع بين همزتين فهمزت فقلت ومنهم من يقول أذن لي وروى ورش عن نافع ومنهم من يقول اذن لي خفف الهمزة قال أبو جعفر يقال إيذن لفلان ثم ايذن لفلان وهجاء الأول والثاني واحد بألف وباء قبل الذال في الخط فإن قلت إيذن لفلان وأذن لغيره كان الثاني بغير ياء وكذلك الفاء والفرق بين ثم والفاء والواو أن ثم يوقف عليها وينفصل والفاء والواو لا يوقف عليها ولا ينفصلان
50
شرط ومجازاة وكذا ( وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا ) عطف
51
نصب بلن وحكى أبو عبيدة أن من العرب من يجزم بها وقرأ طلحة بن مصرف ( هل يصيبنا ) وروي عن أعين قاضي الري أنه قرأ ( قل لن يصبنا ) بنون مشددة وهذا لحن لا يؤكد بالنون ما كان خبرا ولو كان هذا في قراءة طلحة لجاز قال الله جل وعز هل يذهبن كيده ما يغيظ ( ما كتب الله لنا ) ( ما )
____________________
(2/219)
في موضع رفع ( هو مولانا ) ابتداء وخبر ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) جزم لأنه أمر وكسرت اللام الثانية لالتقاء الساكنين وإن شئت كسرت الأولى على الأصل والتسكين لثقل الكسرة
52
والكوفيون يدغمون اللام في التاء فأما لام المعرفة فلا يجوز معها إلا الإدغام كما قال جل وعز التائبون لكثرة لام المعرفة في كلامهم ولا يجوز الإدغام في قوله قل تعالوا لأن قل معتل فلم يجمعوا عليه علتين وواحد ( الحسنيين ) الحسنى والجمع الحسن ولا يجوز أن ينطق به إلا معرفا لا يقال رأيت امرأة حسنى ( ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله ) في موضع نصب بنتربص
53
مصدر في موضع الحال ولفظ أنفقوا لفظ أمر ومعناه الشرط والمجازاة وهكذا تستعمل العرب في مثل هذا تأتي بأوكما
( أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا ولا مقلية إن تقلت )
والمعنى إن أسأت أو أحسنت فنحن لك على ما تعرفين ومعنى الآية إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يقبل منكم ثم بين جل وعز لم لم يقبل منهم فقال
____________________
(2/220)
54
( أن ) الأولى في موضع نصب والثانية في موضع رفع والمعنى وما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم وقرأ الكوفيون ( أن يقبل منهم نفقاتهم ) لأن النفقات والإنفاق واحد قال أبو إسحاق ويجوز وما منعهم أن يقبل منهم نفقاتهم ( إلا أنهم ) بمعنى وما منعهم من أن يقبل الله نفقاتهم إلا أنهم كفروا فإن الأولى والثانية في موضع نصب ويجوز عند سيبويه أن يكونا في موضع جر
57
كذا الوقف عليه وفي الخط بألفين الأولى همزة والثانية عوض من التنوين وكذا رأيت جزأا ( أو مغارات ) من غار يغير قال الأخفش ويجوز ( مغارات ) من أغار يغير كما قال
( الحمد لله ممسانا ومصبحنا ** بالخير صبحنا ربي ومسانا )
( أو مدخلا ) فيه خمس قراءات هذه إحداها وروي عن قتادة وعيسى
____________________
(2/221)
والأعمش ( أو مدخلا ) بتشديد الدال والخاء وفي حرف أبي ( أو متدخلا ) وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن محيصن ( أو مدخلا ) بفتح الميم وإسكان الدال قال أبو إسحاق ويقرأ ( أو مدخلا ) بضم الميم وإسكان الدال قال أبو جعفر الأصل في مدتخل مدتخل قلبت التاء دالا لأن الدال مجهورة والتاء مهموسة وهما من مخرج واحد والأصل الأولى في مدخل مدتخل وقيل الأصل فيه متدخل على متفعل كما في قراءة أبي ومعناه دخول بعد دخول أي قوما يدخلون معهم ومدخل من دخل ومدخل من أدخل كذا المصدر والمكان والزمان كما أنشد سيبويه
( مغار ابن همام على حي خثعما ** )
( وهم يجمعون ) ابتداء وخبر
وقرأ الأعرج بضم الميم
58 والأكثر في المتعدي يفعل بكسر العين
____________________
(2/222)
60
مصدر ( والله عليم حكيم ) ابتداء وخبر قال الفراء ويجوز فريضة من الله بمعنى ذلك فريضة من الله
61
( الذين ) في موضع رفع ( ويؤذون ) مهموز لأنه من آذى وإن شئت خففت الهمزة فأبدلت منها واوا ( ويقولون هو أذن ) ابتداء وخبر وكذا ( قل أذن خير لكم ) على قراءة الحسن وقرأ أهل الكوفة ( قل أذن خير لكم ) وقرأوا ( ورحمة ) خفضا عطف على خير وهذا عند أهل العربية بعيد لأنه قد باعد بين الاسمين وهذا يقبح في المخفوض والرفع عطفا على أذن والتقدير قل هو أذن خير وهو رحمة أي هو مستمع خير لكم أي مستمع ما يجب استماعه وقابل ما يجب أن يقبله وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز ويقولون هو أذن قال مستمع وقائل قال ( يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ) يصدق بالله ويصدق المؤمنين قال أبو جعفر فاللام على هذا زائدة عند الكوفيين ومثله هم لربهم يرهبون وعند محمد بن يزيد متعلقة بمصدر دل عليه الفعل
62
____________________
(2/223)
ابتداء وخبر فيذهب سيبويه أن التقدير والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ثم حذف وقال محمد بن يزيد ليس في الكلام حذف والتقدير والله أحق أن يرضوه ورسوله على التقديم والتأخير وقال الفراء المعنى أحق أن يرضوه والله افتتاح كلام كما تقول ما شاء الله وشئت قال أبو جعفر وقول سيبويه أولاها لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن أن يقال ما شاء الله وشئت ولا يقدر في شيء تقديم ولا تأخير ومعناه صحيح
63
حذفت النون للجزم ( أنه ) في موضع نصب بيعلموا والهاء كتابة عن الحديث ( من يحادد الله ) في موضع رفع بالابتداء ( فأن له نار جهنم ) يقال ما بعد الفاء في الشرط مبتدأ فكان يجب أن يكون فإن له بكسر إن فللنحويين في هذا أربعة أقوال مذهب الخليل وسيبويه أن أن الثانية مبدلة من الأولى وزعم أبو العباس أن هذا القول مردود وأن الصحيح ما قال الجرمي قال أن الثانية مكررة للتوكيد ونظيره وهم في الآخرة هم الأخسرون وكذا فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها قال الأخفش المعنى فوجوب النار
____________________
(2/224)
له قال أبو العباس قول الأخفش هذا خطأ لأنه يبتدىء أن ويضمر الخبر وقال علي بن سليمان المعنى فالواجب أن له نار جهنم وأجاز الخليل وسيبويه فإن له نار جهنم بالكسر قال سيبويه وهو جيد وأنشد
( وعلمي بأسدام المياه فلم تزل ** قلائص تخدي في طريق طلائح )
( وأني إذا ملت ركابي مناخها ** فإني على حظي من الأمر جامح )
64
خبر ويدل على أنه أن بعده ( إن الله مخرج ما تحذرون ) لأنهم كفروا عنادا وقيل هو بمعنى الأمر كما يقال يفعل ذلك ( أن تنزل عليهم سورة ) في موضع نصب أي من أن تنزل عليهم ويجوز على قول سيبويه أن يكون في موضع خفض على حذف من ويجوز أن يكون في موضع نصب على أنها مفعولة لأن سيبويه أجاز حذرت زيدا وأنشد
( حذر أمورا لا تضير وآمن ** ما ليس منجيه من الأقدار )
____________________
(2/225)
وهذا عند أبي العباس مما غلط فيه سيبويه ولا يجوز عنده أنا حذر زيدا لأن حذرا شيء في الهيئة فلا يتعدى قال أبو جعفر حدثنا علي بن سليمان قال سمعت محمد بن يزيد يقول حدثني أبو عثمان المازني قال قال لي اللاحقي لقيني سيبويه فقال لي أتعرف في إعمال فعل شعرا ولم أكن أحفظ في ذلك
( حذر أمورا لا تضير وآمن ** ما ليس منجيه من الأقدار )
65
فأعلم الله جل وعز أنهم قد كفروا فقال لا تعتذروا أي لا تعتذروا بقولكم إنما كنا نخوض ونلعب ( قل أبا الله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) ثم قال جل وعز
66 حذفت الألف للجزم قال الكسائي وقرأ زيد بن ثابت ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) بالنون ونصب طائفة بنعذب وكذا قرأ أبو عبد الرحمن وعاصم وقرأ الجحدري ( إن يعف عن طائفة ) بفتح الياء وضم الفاء ( يعذب ) بضم الياء وكسر الذال طائفة نصب بالفعل والمعنى إن يعف عن طائفة قد تابت يعذب طائفة لم تتب وحكى أهل اللغة منهم الفراء أنه يقال للواحد طائفة وأنه يقال أكلت طائفة من الشاة أي قطعه قال أبو إسحاق ويروى أن هاتين الطائفتين كانتا ثلاثة
____________________
(2/226)
إثنان هزئا وواحد ضحك فجاء واحد لطائفة كما يقال جاءتني طائفة أي رجل واحد وتقديره في العربية جاءتني نفس طائفة
67
ابتداء ( بعضهم ) ابتداء ثان ويجوز أن يكون بدلا ويكون الخبر من بعض قال أبو إسحاق هذا متصل بقوله ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم أي ليسوا من المؤمنين ولكن بعضهم من بعض أي متشابهون في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وقبض أيديهم عن الجهاد
68
نصب على الحال ( هي حسبهم ) ابتداء وخبر
69
قال أبو إسحاق الكاف في موضع نصب أي وعد الله الكفار نار جهنم وعدا كما وعد الذين من قبلهم ( كانوا أشد منكم قوة ) خبر كان ولم ينصرف لأنه أفعل صفة الأصل فيه أشدد أي كانوا أشد منكم قوة فلم يتهيأ لهم دفع عذاب الله جل وعز ( فاستمتعوا بخلاقهم ) أي انتفعوا بنصيبهم من الدنيا كما فعل الذين من قبلهم
70
حذف الياء للجزم ( نبأ الذين من قبلهم ) رفع بيأتي ( قوم نوح وعاد
____________________
(2/227)
وثمود ) بدل ومن لم يصرف ثمود جعله اسما للقبيلة ( والمؤتفكات ) قيل يراد به قوم لوط لأن أرضهم ايتفكت بهم أي انقلبت وقيل المؤتفكات كل من أهلك كما يقال انقلبت عليه الدنيا
72
ابتداء وخبر أي أكبر من نعيمهم ويجوز في غير القرآن النصب لأن هذا مما وعدوا به
73
كسرت الدال لالتقاء الساكنين والفعل غير معرب ولا يكون فعل الأمر إلا مستقبلا عند جميع النحويين وكذا سيفعل وسوف يفعل فأما يفعل فقد اختلف فيه النحويون فالبصريون يقولون يكون مستقبلا وحالا والكوفيون يقولون يكون مستقبلا لأن هذه الزوائد إنما جيء بها علامة للاستقبال وفاعل عند البصريين كيفعل وهو عند الكوفيين للحال إلا أن يكون مجازا
74
يدل على أن المنافقين كفار وفي قوله ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا دليل قاطع ( وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ) ( أن ) في موضع نصب ( فإن يتوبوا يك خيرا لهم ) شرط ومجازاة وكذا ( وإن يتولوا يعذبهم الله )
____________________
(2/228)
75 في موضع رفع
77 مفعولان إلى يوم يلقونه في موضع خفض
79
في موضع رفع بالابتداء والأصل المتطوعين أدغمت التاء في الطاء ( والذين لا يجدون إلا جهدهم ) في موضع خفض عطف على المؤمنين ولا يجوز أن يكون عطفا على المطوعين لأنك لو عطفت عليهم لعطفت على الاسم قبل أن يتم لأن ( فيسخرون ) عطف على يلمزون ( سخر الله منهم ) خبر الابتداء
81
مفعول من أجله وإن شئت كان مصدرا ( قل نار جهنم أشد ) ابتداء وخبر ( حرا ) على البيان
82
أمر فيه معنى التهديد والأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها ( قليلا ) و ( كثيرا ) نصب على أنهما نعت لظرف أو لمصدر ( جزاءا ) مفعول من أجله أي للجزاء
84 حذفت لأنه مجزوم بلا
86 في موضع نصب أي بأن آمنوا
87
جمع خالفة أي النساء وقد يقال للرجل خالفة وخالف إذا كان غير
____________________
(2/229)
نجيب إلا أن فواعل جمع فاعله ولا يجمع فاعل صفة على فواعل إلا في الشعر إلا في حرفين وهما فارس وهالك فأما هالك فعلى المثل وأما فارس فلا يشكل
88
ابتداء ( والذين آمنوا معه ) عطف عليه ( جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) في موضع الخبر
89
ابتداء وخبر
90
قرأ الأعرج والضحاك ( المعذرون ) ورويت هذه القراءة عن ابن عباس رواها أصحاب القراءات إلا أن مدارها على الكلبي وهي من أعذر إذا بالغ في العذر وأما المعذرون بالتشديد ففيه قولان قال الأخفش والفراء وأبو حاتم وأبو عبيد الأصل المعتذرون ثم أدغمت فألقيت حركة التاء على العين ويجوز عندهم المعذرون بضم العين لالتقاء الساكنين ولأن ما قبلها ضمة ويجوز المعذرون الذين يعتذرون ولا عذر لهم قال أبو العباس محمد بن يزيد ولا يجوز أن يكون فيه المعتذرين ولا يجوز الإدغام فيقع اللبس وذكر إسماعيل بن إسحاق أن الإدغام مجتنب على قول الخليل وسيبويه وأن سياق الكلام يدل على أنهم مذمومون لا عذر لهم قال لأنهم جاءوا ( ليؤذن لهم ) ولو كانوا من الضعفاء والمرضى أو الذين لا يجدون ما ينفقون لم يحتاجوا أن يستأذنوا قال أبو جعفر أصل المعذرة والأعذار والتعذير من شيء واحد وهو مما يصعب ويتعذر وقول العرب من عذيري من فلان معناه قد أتى أمرا عظيما يستحق أن أعاقبه عليه ولم
____________________
(2/230)
يعلم الناس به فمن يعذرني إن عاقبته ( ليؤذن لهم ) نصب بلام كي
91
اسم ليس ( ما على المحسنين من سبيل ) في موضع رفع اسم ( ما )
92
الجملة في موضع نصب على الحال ( حزنا ) مصدر ( ألا يجدوا ) نصب بأن قال الفراء ويجوز أن لا يجدون يجعل لا بمعنى ليس فهو عند البصريين بمعنى أنهم لا يجدون
93
أي النساء اللواتي يخفلن أزواجهن
97
نصب على البيان ( ونفاقا ) عطف عليه ( وأجدر ) عطف على أشد ( ألا ) في موضع نصب بأن كما يقال أنت خليق أن تفعل ولا يجوز أنت خليق الفعل قال أبو إسحاق لأن ما بعد أن يدل على أن الفعل مستقبل يجعل الحذف عوضا وقال غيره الحذف لطول الكلام
98
في موضع رفع بالابتداء ( ما ينفق مغرما ) مفعولان والتقدير ينفقه
____________________
(2/231)
حذفت الهاء لطول الاسم ( عليهم دائرة السوء ) هذه قراءة أهل الحرمين وأهل الكوفة إلا أن مجاهدا وأبا عمرو وابن محيصن قرءوا ( دائرة السوء ) بضم السين وأجمعوا على فتح السين في قوله جل وعز ما كان أبوك امرأ سوء والفرق بينهما وهو قول الأخفش والفراء أن السوء بالضم المكروه قال الأخفش أي عليهم دائرة الهزيمة والشر قال الفراء أي عليهم دائرة العذاب والبلاء قالا ولا يجوز امرأ سوء بالضم كما لا يقال هو امرء عذاب ولا شر وحكي عن محمد بن يزيد قال السوء بالفتح الرداءة قال وقال سيبويه مررت برجل صدق معناه برجل صلاح وليس من صدق اللسان ولو كان من صدق اللسان لما قلت مررت بثوب صدق ومررت برجل سوء ليس هو من مصدر سؤته سوءا ومساءة وسوائية ومسائية سؤته وإنما معناه مررت برجل فساد وقال الفراء السوء بالفتح مصدر سؤته سؤا ومساءة وسوائية ومسائية
99
الواحدة قربة والجمع قرب وقربات وقربات وقربات وقد ذكرنا علله قال أبو جعفر قال الأخفش ويقال قربة وحكى ابن سعدان أن يزيد بن القعقاع قرأ ( ألا إنها قربة لهم )
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ
100 رفعا عطفا على السابقين قال الأخفش الخفض في الأنصار الوجه لأن السابقين منهما ( أبدا ) ظرف زمان { ذلك الفوز }
____________________
(2/232)
العظيم ) ابتداء وخبر
101
ابتداء أي قوم منافقون وقد ذكرنا أن المنافق مشتق من النافقاء وفي الحديث المنافق الذي إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ) يكون قولك مردوا نعتا للمنافقين ويجوز أن يكون تقديره ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق
103
وهي الزكاة المفروضة فيما روي وفيها خمسة أوجه قال أبو إسحاق الأجود أن تكون المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم أي فإنك تطهرهم وتزكيهم بها ويجوز أن يكون في موضع الحال قال الأخفش ويجوز أن تكون للصدقة ويكون ( بها ) توكيدا ويجوز أن يكون تطهرهم للصدقة وتزكيهم للنبي صلى الله عليه وسلم والوجه الخامس أن تجزم على جواب الأمر كما قال
( قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان ** )
( وصل عليهم ) فيه جوابان أحدهما أنه منسوخ بقوله جل وعز ولا تصل على أحد منهم مات أبدا والآخر أنه غير منسوخ وأن المعنى وادع لهم إذا جاؤك بالصدقات وكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل والعلماء على هذا ويدل عليه ( إن صلاتك
____________________
(2/233)
سكن لهم ) أي إذا دعوت لهم حين يأتون بصدقاتهم سكن ذلك قلوبهم وفرحوا وبادروا رغبة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وحكى أهل اللغة جميعا فيما علمناه أن الصلاة في كلام العرب الدعاء ومنه الصلاة على الجنازة
104
فتحت ( أن ) يعلموا ولو كان في خبرها اللام لكسرتها وهي فاصلة وإن شئت مبتدأة
105
هذا من رؤية العين لا غير لأنه لم يتعد إلا إلى مفعول واحد
106
معطوف والتقدير ومنهم آخرون مرجؤن لأمر الله من أرجأته أي أخرته ومنه قيل المرجئة لأنهم أخروا العمل ومن قرأ ( مرجون ) فله تقديران أحدهما أن يكون من أرجيته وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال لا يقال أرجيته بمعنى أخرته ولكن يكون من الرجاء ( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) أما في العربية لأحد الأمرين والله جل وعز عالم بمصير الأشياء ولكن المخاطبة للعباد على ما يعرفون أي ليكن أمرهم عندكم على الرجاء لأنه ليس للعباد أكثر من هذا
____________________
(2/234)
107
معطوف أي ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء ومن قرأ ( الذين ) بلا واو وهي قراءة المدنيين فهو عنده رفع بالابتداء لا غير وفي الخبر قولان زعم الكسائي أن التقدير الذين اتخذوا مسجدا لا تقم فيه أبدا أي لا تقم في مسجدهم كما قال
( من باب من يغلق من داخل ** ) قال يريد من باب من يغلق بابه من داخل قال أبو جعفر هذا خطأ عند البصريين ولا يجوز في شعر ولا غيره ولو جاز هذا لقلت الذي اشتريت عمرو بمعنى الذي اشتريت داره عمرو قال أبو جعفر يكون خبر الابتداء لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ( ضرارا ) مصدر مفعول من أجله ( وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا ) عطف كله
108
ابتداء ( أسس على التقوى ) نعت ( أحق ) خبر الابتداء ( أن تقوم فيه ) في موضع نصب أي بأن تقوم فيه قال سعيد بن المسيب المسجد الذي أسس على التقوى مسجد المدينة الأعظم وروي عن ابن عباس أنه مسجد قباء وكذا
____________________
(2/235)
قال الضحاك وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عنه فقال هو مسجدي هذا ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قال الشعبي هم أهل مسجد قباء أنزل الله جل وعز فيهم هذا قال أبو جعفر يكون على قول الشعبي فيه لمسجد قباء ويكون الضميران مختلفين وقد يجوز أن يكونا متفقين ويكونا لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم
109
من بمعنى الذي وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره ( خير ) ( أم من أسس بنيانه ) عطف على الأولى وهذه قراءة زيد بن ثابت وبها قرأ نافع وفيه أربع قراءات سوى هذه القراءة قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ( أفمن أسس بنيانه ) بفتح الهمزة ونصب البنيان وهو اختيار أبي عبيد لكثرة من قرأ به وأن الفاعل سمي فيه وقرأ نصر بن عاصم ( أفمن أسس بنيانه ) رفع أسسا بالابتداء وخفض بنيانه بالإضافة والخبر على تقوى من الله ورضوان والجملة في الصلة وأسس وأس بمعنى واحد مثل عرب وعرب قال أبو حاتم وقرأ بعض القراء ( أفمن أساس بنيانه ) قال أبو جعفر أساس واحد وجمعه أسس والقراءة الخامسة حكاها أبو حاتم أيضا
____________________
(2/236)
وهي ( أفمن أساس بنيانه ) وهذا جمع أس كما يقال خف وأخفاف والكثير أساس مثل خفاف وقال الشاعر
( أصبح الملك ثابت الأساس ** بالبهاليل من بني العباس )
( خير أم من أسس بنيانه ) مثل الأول ( على شفا ) والتثنية شفوان والجمع أشفاء وشفي وشفي وجرف وجرفة هار والأصل هائر وزعم أبو حاتم أن الأصل فيه هاور ثم يقال هائر مثل صائم ثم يقلب فيقال هار وزعم الكسائي أنه يكون من ذوات الواو ومن ذوات الياء وأنه يقال تهور وتهير وحكى أبو عبيد أن أبا عمرو بن العلا كان يحب أن يميل إذا كانت الراء مكسورة بعد ألف فإن كانت مفتوحة أو مضمومة لم يمل قال أبو جعفر هذا قول الخليل وسيبويه والعلة عندهما في ذلك أن الراء إذا كانت مكسورة فكأن فيها كسرتين للتكرير الذي فيها فحسنت الإمالة فإذا كانت مفتوحة فكأن فيها فتحتين فلا تجوز الإمالة وكذا إذا كانت مضمومة نحو وبئس القرار وأما كافر فإنما أميل لكسرة الفاء
110 خبر لا يزال
111
اسم أن ( وعدا عليه حقا ) مصدران مؤكدان ( ومن أوفى بعهده من الله )
____________________
(2/237)
( من ) في موضع رفع بالابتداء وخبره أوفى
112
رفع على إضمار مبتدأ عند أكثر النحويين أي هم التائبون وفيه قولان سوى هذا قال أبو إسحاق يجوز أن يكون بدلا أي يقال التائبون قال ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء قال وهو أحسن عندي ويكون التقدير التائبون لهم الجنة وفي قراءة عبد الله ( التائبين العابدين الحامدين ) وفيه تقدير ان يكون نعتا للمؤمنين في موضع خفض ويكون منصوبا على المدح
114
اسم كان والخبر ( إلا عن موعدة وعدها إياه ) والموعدة عند العلماء كانت من أبي إبراهيم لإبراهيم صلى الله عليه وسلم قال أبو إسحاق يروى أنه وعده أنه يسلم فاستغفر له وقال غيره لا يجوز أن يكون استغفر له إلا وقد أسلم ولكنه وعده أنه يظهر إسلامه فاستغفر له فلما لم يظهره تبين له أنه عدو لله فتبرأ منه قال أبو إسحاق لما أقام على الكفر تبين له أنه عدو لله وروى سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فلما تبين له أنه عدو لله قال مات كافرا ( إبراهيم لأواه حليم ) اسم إن وخبرها
117
في موضع خفض على النعت للمهاجرين والأنصار ( من بعد ما كاد يزيغ
____________________
(2/238)
قلوب فريق منهم ) سيبويه يجوز أن ترفع القلوب بتزيغ ويضمر في كاد الحديث وإن شئت رفعتها بكاد ويكون التقدير من بعد ما كاد قلوب فريق منهم تزيغ وزعم أبو حاتم أن من قرأ يزيغ بالياء فلا يجوز له أن يرفع القلوب بكاد قال أبو جعفر والذي لم يجزه جائز عند غيره على تذكير الجميع حكى الفراء رحبت البلاد وأرحبت ورحبت لغة أهل الحجاز
119
أي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال الكذب ليست فيه رخصة اقرءوا إن شئتم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين أهل ترون في الكذب رخصة لأحد
120
اسم كان ( ذلك ) في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي الأمر ذلك ( لا يصيبهم ظمأ ) رفع بيصيبهم أي عطش ( ولا نصب ) عطف أي تعب و لا زائدة للتوكيد وكذا ( ولا مخمصة ) أي مجاعة ( ولا يطؤون ) عطف على يصيبهم ( يغيظ ) في موضع نصب لأنه نعت لموطىء أي غائظا ( ولا ينالون ) قال الكسائي هو من قولهم أمر منيل وليس من التناول إنما التناول من نلته بالعطية
____________________
(2/239)
121
والعرب تقول واد ووادية ولا يعرف فيما علمت فاعل وأفعلة سواه والقياس أن يجمع ووادي فاستثقلوا الجمع بين واوين وهم يستثقلون واحدة حتى قالوا أقتت في وقتت وقال الخليل وسيبويه في تصغير واصل اسم رجل أو يصل ولا يقولون غيره وحكى الفراء في جمع واد أوداء
122
لفظ خبر ومعناه أمر قال أبو إسحاق ويجوز والله أعلم أن تكون هذه الآية تدل على أن بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد ( فلولا نفر ) قال الأخفش أي فهلا نفر
قرأ أبان بن تغلب
123 وروى المفضل عن الأعمش وعاصم ( وليجدوا فيكم غلظة ) بفتح الغين وإسكان اللام قال الفراء لغة أهل الحجاز وبني أسد غلظة بكسر الغين ولغة تميم غلظة بضم الغين
يجوز أن يكون
127 دعاء عليهم أي قولوا لهم هذا ويجوز أن يكون خبرا
128
رفع بجاءكم ( عزيز عليه ) نعت وكذا ( حريص عليكم ) وكذا ( رؤوف
____________________
(2/240)
رحيم ) قال الفراء فلو قرىء عزيزا عليه ما عنتم حريصا رؤوفا رحيما نصبا جاز بمعنى لقد جاءكم كذلك قال أبو جعفر عنتم من قوله أكمه عنوت إذا كانت شاقة مهلكة وأحسن ما قيل في هذا المعنى مما هو موافق لكلام العرب ما حدثنا به أحمد بن محمد الأزدي قال حدثني عبد الله بن محمد الخزاعي قال سمعت عمرو بن علي يقول سمعت عبد الله بن داود الجريبي يقول في قول الله جل وعز لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم قال إن تدخلوا النار حريص عليكم قال إن تدخلوا الجنة
129
ابتداء وخبر وكذا ( وهو رب العرش العظيم ) ومن رفع العظيم جعله نعتا لرب
____________________
(2/241)
10
قال أبو جعفر قرىء على أحمد بن شعيب بن علي بن الحسين بن حريث قال أخبرنا علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد أن عكرمة حدثه عن ابن عباس الر وحم ونون الرحمن مفرقة فحدثت به الأعمش فقال عندك أشباه هذا ولا تخبرني قال أبو جعفر وقد ذكرنا في سورة البقرة أن ابن عباس رحمة الله عليه قال معنى الر أنا الله أرى ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول لأن سيبويه قد حكى مثله عن العرب وأنشد
( بالخير خيرات وإن شرا فا ** ولا أريد الشر إلا أن تا ) قال سيبويه يريد إن شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تشاء وقال الحسن وعكرمة الر قسم وقال سعيد عن قتادة الر اسم السورة قال وكذا كل هجاء في
____________________
(2/243)
القرآن وقال مجاهد هي فواتح السور وقال محمد بن يزيد هي تنبيه وكذا حروف التهجي ( تلك آيات الكتاب الحكيم ) ابتداء وخبر أي تلك التي جرى ذكرها آيات الكتاب الحكيم وإن شئت كان التقدير هذه تلك آيات الكتاب الحكيم قال أبو عبيدة الحكيم المحكم
2
خبر كان واسمها ( أن أو أوحينا ) وفي قراءة عبد الله ( أكان للناس عجب ) على أنه اسم كان والخبر ( أن أوحينا ) ( أن أنذر الناس ) في موضع نصب أي بأن أنذر الناس وكذا ( أن لهم قدم صدق ) ويجوز أن لهم قدم صدق بمعنى قل
3
في موضع رفع والمعنى ما شفيع ( إلا من بعد إذنه )
4
رفع بالابتداء ( جميعا ) على الحال ( وعد الله ) مصدر لأن معنى مرجعكم وعدكم ( حقا ) مصدر نصبا وأجاز الفراء وعد الله بالرفع بمعنى مرجعكم إليه وعد الله قال أحمد بن يحيى ثعلب يجعله خبر مرجعكم وأجاز الفراء وعد الله حق وقرأ يزيد بن القعقاع ( أنه يبدأ الخلق ) يكون أن في
____________________
(2/244)
موضع نصب أي وعدكم أنه يبدأ الخلق ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق كما يقال لبيك أن الحمد والنعمة لك والكسر أجود وأجاز الفراء أن يكون أن في موضع رفع قال أحمد بن يحيى يكون التقدير حقا ابتداء الخلق
5
مفعولان ( والقمر نورا ) عطف ( وقدره منازل ) بمعنى وقدر له مثل وإذا كالوهم ويجوز أن يكون المعنى قدره ذا منازل مثل وسئل القرية وقال وقدره ولم يقل وقدرهما والشمس والقمر جميعا منازل ففي هذا جوابان أحدهما أنه خص القمر لأن العامة به تعرف الشهور والجواب الآخر أنه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه وأنشد سيبويه والفراء
( رماني بأمر كنت منه ووالدي ** بريئا ومن جول الطوي رماني ) ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) على أنها نون الجميع وبعض العرب يقول عدد السنين والحساب ومن العرب من يقول سنوات ومنهم من يقول سنهات والتصغير سنيهة وسنية وجاز جمعها بالواو والنون عوضا مما حذف منها وكسر أولها دلالة على ما لحقها مما هو لغيرها ( ما خلق الله ذلك إلا
____________________
(2/245)
بالحق ) أي ما أراد الله جل وعز بخلق ذلك إلا الحكمة والصواب
6 اسم إن
7
اسم إن والخبر
8
10
ابتداء أي دعاؤهم ( فيها سبحانك ) مصدر ( وتحيتهم فيها سلام ) ابتداء وخبر وكذا ( وآخر دعواهم أن الحمد لله ) ولم يحك أبو عبيد إلا تخفيف أن ورفع ما بعدها قال وإنما نراهم اختاروا هذا وفرقوا بينها وبين قوله جل وعز أن لعنة الله و أن غضب الله لأنهم أرادوا الحكاية حين يقال الحمد لله قال أبو جعفر مذهب الخليل وسيبويه أن أن هذه مخففة من الثقيلة والمعنى أنه الحمد لله قال محمد بن يزيد ويجوز أن الحمد لله يعملها خفيفة عملها ثقيلة والرفع أقيس لأنها إنما أشبهت الفعل باللفظ لا بالمعنى فإذا نقصت عن الفعل لم تعمل عمله ومن نصب شبهها بالفعل إذا حذفت منه قال أبو جعفر وحكى أبو حاتم أن بلال بن أبي بردة قرأ ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )
11
قيل معناه لو عجل الله للناس من العقوبة كما يستعجلون الثواب والخير
____________________
(2/246)
فعاقبهم لماتوا لأنهم خلقوا في الدنيا خلقا ضعيفا وليس هم كذا يوم القيامة لأنهم يوم القيامة يخلقون للبقاء قال أبو جعفر وقد ذكرنا غير هذا القول استعجالهم على قول الأخفش والفراء بمعنى كاستعجالهم ثم حذف الكاف ونصب قال الفراء كما تقول ضربت زيدا ضربك أي كضربك فأما مذهب الخليل وسيبويه وهو الحق فإن التقدير فيه ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير ثم حذف تعجيلا وأقام صفته مقامه ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه مثل وسئل القرية وحكى سيبويه زيد شرب الإبل ولو جاز ما قال الأخفش والفراء لجاز زيد الأسد أي كالأسد فهذا بين جدا قال أبو إسحاق ويقرأ ( لقضى إليهم أجلهم ) وهي قراءة ابن عامر الشامي وهي قراءة حسنة لأنه متصل بقوله جل وعز ولو يعجل الله للناس الشر قال الأخفش ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ) مبتدأ قال و ( يعمهون ) أي يتحيرون
12
في موضع نصب على الحال ( أو قاعدا ) عطف على الموضع والتقدير دعانا مضطجعا أو قاعدا أو قائما ( كأن لم يدعنا ) قال الأخفش هي أن الثقيلة خففت كما قال
____________________
(2/247)
( وي كأن من يكن له نشب يحبب ** ومن يفتقر يعش عيش ضر )
14
مفعولان ( لننظر ) نصب بلام كي
15
اسم ما لم يسم فاعله قال أبو إسحاق ( بينات ) نصب على الحال
16
أي لو شاء الله ما أرسلني إليكم فتلوت عليكم القرآن ولا أعلمكم به أي القرآن قال أبو حاتم سمعت الأصمعي يقول سألت أبا عمرو بن العلاء عن قراءة الحسن ( ولا أدرأتكم به ) أله وجه قال لا قال أبو عبيد لا وجه لقراءة الحسن ( ولا أدرأتكم به ) إلا على الغلط معنى قول أبي عبيد إن شاء الله على الغلط أنه يقال دريت أي علمت وأدريت غيري ويقال درأت أي دفعت فيقع الغلط بين دريت وأدريت ودرأت وقال أبو حاتم يريد الحسن فيما أحسب ولا أدريتكم به فأبدل من الياء ألفا على لغة بني الحارث بن كعب
____________________
(2/248)
لأنهم يبدلون من الياء ألفا إذا انفتح ما قبلها مثل إن هذان لساحران قال أبو جعفر هذا غلط لأن الرواية عن الحسن ( ولا أدرأتكم به ) بالهمز وأبو حاتم تكلم على أنه بغير همز ويجوز أن يكون من درأت إذا دفعت أي ولا أمرتكم أن تدفعوا وتتركوا الكفر بالقرآن ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ) في الكلام حذف والتقدير فقد لبثت فيكم عمرا من قبله تعرفوني بالصدق والأمانة لا أقرأ ولا أكتب ثم جئتكم بالمعجزات ( أفلا تعقلون ) أن هذا لا يكون إلا من عند الله جل وعز
19
اسم كان وخبرها ( ولولا كلمة ) رفع بالابتداء ( سبقت من ربك ) في موضع النعت
20
والأصل أنني حذفت النون والمعنى منتظر من المنتظرين
21
جواب إذا على قول الخليل وسيبويه ( إذا لهم مكر في آياتنا ) والتقدير مكروا قال مجاهد إذا لهم مكر في آياتنا استهزاء وتكذيب ( قل الله
____________________
(2/249)
أسرع ) ابتداء وخبر ( مكرا ) على البيان
22
ابتداء وخبر وفي يسيركم معنى التكثير ويسيركم للقليل والكثير وقرأ يزيد ابن القعقاع ( هو الذي ينشركم ) وهي المعروفة من قراءة الحسن ويسيركم أشبه بقوله جل وعز ( وجرين بهم بريح طيبة ) و ( الفلك ) يذكر ويؤنث ويكون واحدا وجمعا لفلك كما يقال وثن ووثن ( جاءتها ) الهاء تعود على الفلك ويجوز أن تعود على الريح الطيبة ( ريح عاصف )
23
رفع بالابتداء وخبره ( متاع الحياة الدنيا ) ويجوز أن يكون خبره ( على أنفسكم ) وتضمر مبتدأ أي ذلك متاع الحياة الدنيا أو هو متاع الحياة الدنيا وبين المعنيين فرق لطيف إذا رفعت متاعا على أنه خبر بغيكم فالمعنى إنما بغي بعضكم على بعض مثل فسلموا على أنفسكم وكذا لقد جاءكم رسول من أنفسكم وإذا كان الخبر على أنفسكم فالمعنى إنما فسادكم راجع عليكم مثل وإن أسأتم فلها وقرأ ابن أبي إسحاق متاع الحياة الدنيا بالنصب على أنه مصدر أي تمتعون متاع الحياة الدنيا
____________________
(2/250)
24
ابتداء ( كماء ) خبره والكاف في موضع رفع ( أنزلناه من السماء ) نعت لماء ( فاختلط به نبات الأرض ) عطف ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت ) الأصل تزينت أدغمت التاء في الزاي وجيء بألف الوصل لأن الحرف المدغم مقام حرفين الأول منهما ساكن وقرأ الحسن والأعرج وأبو العالية ( وأزينت ) أي جاءت بالزينة وجاء بالفعل على أصله ولو أعله لقال أزانت قال عوف الأعرابي قرأ أشياخنا وازيانت ووزنه واسوادت وفي رواية المقدمي ( وازاينت ) والأصل فيه تزاينت ووزنه تفاعلت ثم أدغم ( وظن أهلها أنهم قادرون عليها ) قال أبو إسحاق المعنى قادرون على الانتفاع بها ( أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ) ظرفان ( فجعلناها حصيدا ) مفعولان
26
في موضع رفع بالابتداء ( وزيادة ) عطف عليها قال أبو جعفر وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الزيادة النظر إلى الله تعالى وقيل الزيادة أن تضاعف الحسنة عشر حسنات إلى أكثر من ذلك قرأ الحسن ( ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ) والقتر والقتر والقترة بمعنى واحد
27
جمع قطعة ( من الليل مظلما ) حال من الليل ويبعد أن يكون نعتا لقطع
____________________
(2/251)
لأنه لم يقل مظلمة وقرأ الكسائي ( قطعا ) بإسكان الطاء فمظلما على هذا نعت ويجوز أن يكون حالا من الليل
قال الفراء وقرأ بعضهم
28
يقال لا أزايل فلانا أي لا أفارقه فإن قلت لا أزاوله فهو بمعنى آخر معناه لا أخاتله
29
نصب على التمييز قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون منصوبا على الحال
30
في موضع نصب على الظرف أي في ذلك الوقت ( تبلو كل نفس ) واللام زائدة كسرت لالتقاء الساكنين والكاف للخطاب لا موضع لها وقال زهير
( هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا ** وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا ) ( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) في موضع خفض على النعت وكذا الحق ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات يكون التقدير ردوا حقا ثم جيىء بالألف واللام ويجوز أن يكون التقدير مولاهم حقا لا ما يعبدون من دونه والوجه الثالث أن يكون مدحا أي أعني الحق ويجوز أن ترفع الحق ويكون المعنى مولاهم الحق لا ما يشركون من دونه ( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) في موضع رفع
____________________
(2/252)
وهي بمعنى المصدر أي افتراؤهم
32
ويجوز نصب الحق على ما تقدم
33
المعنى بأنهم ولأنهم فأن في موضع نصب قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون في موضع رفع على البدل من كلمات قال الفراء يجوز أنهم لا يؤمنون بكسر إن على الاستئناف
35
قال الأخفش إن قال قائل كيف دخلت أم على من قيل لأن أم والألف أصل الاستفهام ألا ترى أن أم تدل على هل قال أبو جعفر في أم من لا يهدي خمس قراءات قرأ أبو عمرو وابن كثير وعبد الله بن عامر ( أم من لا يهدي ) بفتح الياء والهاء وتشديد الدال وكذا روى ورش عن نافع وحدثني إبراهيم عن محمد بن عرفة قال حدثني إسماعيل بن إسحاق قال حدثني قالون عن نافع أنه قرأ ( أم من لا يهدي ) بفتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال قال أبو عبيد وقرأ عاصم ( أم من لا يهدي ) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال وقال الكسائي قرأ عاصم ( أم من لا يهدي ) بكسر الياء والهاء
____________________
(2/253)
وتشديد الدال فهذه أربع قراءات وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي ( أم من لا يهدي ) بفتح الياء وتسكين الهاء وتخفيف الدال قال أبو جعفر القراءة الأولى بينة في العربية الأصل فيها يهتدي أدغمت التاء في الدال وقلبت حركتها على الهاء والقراءة الثالثة هي المعروفة عن عاصم والحسن وأبي رجاء أدغمت الياء في الدال وكسرت الهاء لالتقاء الساكنين والقراءة الثانية التي رواها قالون عن نافع يحكي فيها الجمع بين ساكنين وهذا لا يجوز ولا يقدر أحد أن ينطق به قال محمد بن يزيد لا بد لمن رام مثل هذا أن يحرك حركة خفيفة إلى الكسر وسيبويه يسمي هذا اختلاس الحركة وأما كسر الياء مع الهاء الذي رواه الكسائي عن عاصم فلا يجوز عند سيبويه وسيبويه يجيز تهدي ونهدي وإهدي ولا يجيز يهدي لأن الكسر في الياء ثقيل وأما القراءة الخامسة أم من لا يهدي فلها وجهان في العربية وإن كانت بعيدة فأحد الوجهين أن الكسائي والفراء قالا يهدي بمعنى يهتدي قال أبو العباس لا يعرف هذا ولكن التقدير أم من لا يهدي غيره تم الكلام ثم قال ( إلا أن يهدى ) استثناء ليس من الأول أي لكنه يحتاج إلى أن يهدى كما تقول فلان لا يشبع غيره إلا أن يشبع أي لكنه يحتاج أن يشبع قال أبو إسحاق ( فما لكم ) تم الكلام والمعنى أي شيء لكم في عبادة الأوثان ( كيف تحكمون ) قال ( كيف ) في موضع نصب والمعنى على أي حال
37
قال الكسائي المعنى وما كان هذا القرآن افتراء كما تقول فلان يحب
____________________
(2/254)
أن يركب ويحب الركوب وقال غيره التقدير لأن يفترى وقال الفراء المعنى وما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى وقال غيره المعنى ما كان لأحد أن يأتي بمثل هذا القرآن من عند غير الله ثم ينسبه إلى الله لإعجازه لرصفه ومعانيه وتأليفه ( ولكن تصديق الذي بين يديه ) قال الكسائي والفراء ومحمد بن سعدان التقدير ولكن كان تصديق الذي بين يديه ويجوز عندهم الرفع بمعنى ولكن هو تصديق وكذا ( وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين )
38
بمعنى بل وفيه معنى التقدير لإقامة الحجة عليهم
39
أي كذبوا به وهم جاهلون بمعانيه وتفسيره وعليهم أن يعملوا ذلك بالسؤال ( ولما يأتهم ) أي كذبوا به ولم يعرفوا تفسيره وقيل ولم يأتهم ما يؤل إليه أمره ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) أي كذا كانت سبيلهم والكاف في موضع نصب ( فأنظر كيف كان عاقبة الظالمين ) كيف في موضع نصب خبر كان
40
أي في المستقبل ومن في موضع رفع بالابتداء وكذا ( ومنهم من لا يؤمن به ) والمعنى ومنهم من يصر على كفره فأعلم الله جل وعز أنه إنما أخر عنهم
____________________
(2/255)
العقوبة لأن منهم من سيؤمن ( وربك أعلم بالمفسدين ) أي بمن يصر على الكفر
41
رفع بالابتداء والمعنى لي جزاء عملي وكذا ( ولكم عملكم ) ( أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) مثله
42 على المعنى
43 على اللفظ
44
زعم جماعة من النحويين منهم الفراء أن العرب إذا قالت ولكن بالواو آثروا التشديد وإذا حذفوا الواو آثروا التخفيف واعتل في ذلك الفراء فقال لأنها إذا كانت بغير واو أشبهت بل فخففوها ليكون ما بعدها كما بعد بل وإذا جاؤا بالواو خالفت بل فشددوها ونصبوا بها لأنها إن زيدت عليها لام وكاف وصيرت حرفا واحدا وأنشد
( ولكنني من حبها لكميد ** ) فجاء باللام لأنها إن
____________________
(2/256)
45
بمعنى كأنهم لم يلبثوا ( يتعارفون ) في موضع نصب على الحال ( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ) يجوز أن يكون هذا إخبارا من الله جل وعز بعد أن دل على البعث والنشور ويجوز أن يكون المعنى يتعارفون بينهم يقولون هذا
46
شرط ( أو نتوفينك ) عطف عليه ( فإلينا مرجعهم ) جواب ( ثم الله شهيد ) عطف جملة على جملة قال الفراء ولو قيل ثم الله شهيد بمعنى هناك جاز
47
يكون المعنى ولكل أمة رسول شاهد عليهم فإذا جاء رسولهم يوم القيامة قضي بينهم مثل فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ويجوز أن يكون المعنى أنهم لا يعذبون حتى نرسل إليهم مثل وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
50
ظرفان ( ماذا يستعجل منه المجرمون ) إن جعلت الهاء في منه تعود على العذاب ففيه تقديران يكون ما في موضع رفع بالابتداء و ذا بمعنى الذي وهو خبر ما والتقدير الآخر أن يكون ماذا شيئا واحدا في موضع رفع
____________________
(2/257)
بالابتداء والخبر في الجملة وإن جعلت الهاء في منه تعود على اسم الله جل وعز وجعلت ماذا شيئا واحدا كانت ما في موضع نصب بيستعجل والمعنى أي شيء يستعجل المجرمون من الله جل وعز
51
في الكلام حذف والتقدير أتأمنون أن ينزل بكم العذاب ثم يقال بكم إذا حل بكم الآن آمنتم به وفي فتح الآن ثلاثة أقوال منها قولان للفراء أحدهما أن يكون أصلها أو أن حذفت الهمزة منها وقلبت الواو ألفا ثم جيء بالألف واللام فبنيت معها وبقيت على نصبها والقول الثاني أن يكون أصلها من آن أي حان ثم دخلتها الألف واللام وبقيت على فتحها مثل قيل وقال وزعم أبو إسحاق أن هذا لو كان كذا ما جاز أن يكون بالألف واللام كما يقال نهى عن القيل والقال والقول الثالث مذهب الخليل وسيبويه أن سبيل الألف واللام أن يدخلا لمعهود والآن ليس بمعهود وإنما معناه نحن في هذا الوقت نفعل كذا فلما تضمنت معنى هذا وجب أن لا يعرب ففتحت لالتقاء الساكنين
53
أي عن كون العذاب ( أحق ) ابتداء ( هو ) فاعل سد مسد الخبر هذا قول سيبويه ويجوز أن يكون هو مبتدأ و حق خبره ( قل أي وربي ) قسم وجوابه ( إنه لحق )
____________________
(2/258)
55
أي له ملك السموات والأرض فلا مانع يمنعه من إنفاذ ما وعد
56
ولا يجوز الإدغام عند سيبويه لئلا يجتمع ساكنان
58
إشارة إلى الفضل والرحمة والعرب تأتي بذلك للواحد والاثنين والجميع وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ( فبذلك فلتفرحوا ) وهي قراءة يزيد بن القعقاع قال هارون في حرف أبي ( فافرحوا ) قال أبو جعفر سبيل الأمر أن يكون باللام ليكون معه حرف جازم كما أن مع النهي حرفا إلا أنهم يحذفون من الأمر للمخاطب استغناءا بمخاطبته وربما جاؤوا به على الأصل منه فبذلك فلتفرحوا
59
( ما ) في موضع نصب برأيتم وقال أبو إسحاق هي في موضع نصب بأنزل
61
قال الفراء الهاء في منه تعود على الشأن وهذا كلام يحتاج إلى شرح يكون المعنى وما تتلو من الشأن أي من أجل الشأن أي يحدث شأن فيتلى من أجله القرآن ليعلم كيف حكمه أو ينزل فيه قرآن فيتلى ( وما يعزب عن ربك من
____________________
(2/259)
مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) عطف على مثقال وإن شئت على ذرة والرفع عطف على الموضع لأن من زائدة للتوكيد ويجوز الرفع على الابتداء وخبره ( إلا في كتاب مبين ) زعم قوم من النحويين أن الذي في سبأ لا يجوز فيه إلا الرفع لأنه ليس معه من ذلك غلط وسنذكره في موضعه إن شاء الله
62
اسم إن ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في موضع الخبر أي من تولاه الله جل وعز وتولى حفظه وحياطته ورضي عنه فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن ومثله لا يحزنهم الفزع الأكبر
63
في موضع نصب على البدل من اسم إن وإن شئت على أعني والرفع على إضمار مبتدأ وعلى البدل من الموضع وعلى الابتداء وخبره
64 وفيه قول رابع قال الكسائي يكون النعت تابعا للمضمر في الفعل قال الفراء هذا خطأ لأن المضمر لا ينعت بالمظهر قال أبو جعفر أما قوله المضمر لا ينعت بالمظهر فصواب ولكن يجوز أن يكون الكسائي أراد أن هذا الذي يكون نعتا تابع للمضمر كما يقول البصريون
____________________
(2/260)
بدل لأن الكوفيين لا يأتون بهذه اللفظة أعني البدل قال أبو جعفر وقد ذكرنا معنى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقد قيل في الحياة الدنيا عند الموت وفي الآخرة إذا خرجوا من قبورهم وقبل هو قوله جل وعز يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان الآية ويدل على هذا ( لا تبديل لكلمات الله )
65
تم الكلام ثم قال ( إن العزة لله جميعا ) نصب على الحال
قال الكسائي
70 أي ذلك متاع أو هو متاع في الدنيا قال أبو إسحاق ويجوز النصب في غير القرآن ( ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) أي بكفرهم
71
حذفت الواو لأنه أمر ( إذ ) في موضع نصب ( فأجمعوا أمركم وشركاءكم ) بقطع ألف الوصل ونصب الشركاء هذه قراءة أكثر الأئمة وقرأ عاصم الجحدري ( فاجمعوا أمركم ) من جمع يجمع ( وشركاءكم ) نصب وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى ويعقوب ( فأجمعوا أمركم وشركاؤكم ) بقطع الألف ورفع الشركاء القراءة الأولى من أجمع على الشيء يجمع إذا عزم عليه وفي
____________________
(2/261)
نصب الشركاء على هذه القراءة ثلاثة أقوال قال الفراء أجمع الشيء أي عده وقال الكسائي والفراء هو بمعنى وادعوا شركاءكم فهو منصوب عندهما على إضمار هذا الفعل وقال محمد بن يزيد هو معطوف على المعنى كما قال
( يا ليت زوجك قد غدا ** متقلدا سيفا ورمحا ) والرمح لا يتقلد إلا أنه محمول كالسيف وقال أبو إسحاق المعنى مع شركائكم كما يقال التقى الماء والخشبة والقراءة الثانية على العطف على أمركم وإن شئت بمعنى مع قال أبو جعفر وسمعت أبا إسحاق يجيز قام زيد وعمرا والقراءة الثالثة على أن يعطف الشركاء على المضمر المرفوع وحسن العطف على المضمر المرفوع لأن الكلام قد طال وهذه القراءة تبعد لأن لو كان مرفوعا لوجب أن يكتب بالواو وأيضا فإن شركاءكم الأصنام والأصنام لا تصنع شيئا ( ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ) اسم يكون وخبرها ( ثم اقضوا إلي ) ألف وصل من قضى يقضي قال الأخفش والكسائي هو مثل وقضينا إليه ذلك الأمر أي أنهيناه إليه وأبلغناه إياه وروي عن ابن عباس ثم اقضوا إلي ولا تنتظرون قال امضوا إلي ولا تؤخرون قال أبو جعفر هذا قول صحيح في اللغة ومنه قضى الميت أي مضى وأعلمهم بهذا أنهم لا يصلون إليه وهذا من دلائل النبوات وزعم الفراء ( ثم أفضوا ) بقطع الألف والتاء توجهوا إلي حتى تصلوا ومنه أفضت الخلافة إلى فلان
____________________
(2/262)
72 أي فإن توليتم عما جئتكم به فليس ذلك لأني سألتكم أجرا
74
قيل التقدير بما كذب به قوم نوح من قبل ومن حسن ما قيل في هذا أنه لقوم بأعيانهم مثل أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون
قال الأخفش
77 حكاية لقولهم لأنهم قالوا أسحر هذا فقيل لهم أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا
وروي عن الحسن
78 بالياء لأنه تأنيث غير حقيقي وقد فصل بينهما وحكى سيبويه حضر القاضي اليوم امرأتان
80
أنتم رفع بالابتداء وخبره ملقون والجملة في الصلة والعائد على الذي محذوف أي ملقوه
81
فيه خمس قراءات وأكثر القراء على هذه القراءة ( ما جئتم به السحر ) ابتداء وخبر وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عمرو بن العلاء ( ما جئتم به السحر ) يكون ما في موضع رفع بالابتداء والخبر جئتم به والتقدير أي شيء جئتم به على التوبيخ والتقصير لما جاؤوا به السحر على إضمار مبتدأ والتقدير هو السحر قال هارون القارىء وفي قراءة عبد الله ( ما جئتم به
____________________
(2/263)
سحر ) فهذا أيضا على الابتداء والخبر ودخول الألف واللام في هذا أكثر في كلام العرب لأنهم قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم هذا سحر فقال لهم بل ما جئتم به السحر وهكذا يقال في أول الكتب والرسائل سلام على من اتبع الهدى وفي آخرها والسلام ولو قال لك قائل وجدت درهما ثم سألته لكان الاختيار أن تقول فأين الدرهم ولا تقول أين درهم فيتوهم أنك سألته عن غيره قال هارون وفي حرف أبي ( ما أتيتم به سحر ) وهذا كالذي قبله وأجاز الفراء ما جئتم به السحر إن الله سيبطله بنصب السحر ويجعل ما للشرط وجئتم في موضع جزم بما والفاء محذوفة والتقدير فإن الله سيبطله كما قال
( من يفعل الحسنات الله يشكرها ** والشر بالشر عند الله مثلان ) والسحر عنده منصوب بجئتم ولم يشرحه شرحا يبين به حقيقة النصب قال أبو جعفر يكون السحر منصوبا على المصدر أي ما جئتم به سحرا ثم جاء بالألف واللام إلا أن حذف الفاء في المجازاة لا يجيزه كثير من النحويين إلا في ضرورة الشعر بل ربما دفع ذلك بعضهم أن يجوز النية وسمعت علي بن سليمان يقول حدثني محمد بن يزيد قال حدثني المازني قال سمعت الأصمعي يقول غير النحويون هذا البيت وإنما الرواية
( من يفعل الخير فالرحمن يشكره ** )
____________________
(2/264)
وسمعت علي بن سليمان يقول حذف الفاء في المجازاة جائز قال الدليل على ذلك القراءة وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم قراءتان مشهورتان معروفتان
82
أي يبين الحق بكلامه وحججه وبراهينه
83
رفع بفعلها ولا يجوز نصبها على الاستثناء لأن الكلام قبلها لم يتم ( على خوف من فرعون وملائهم ) ولم يقل وملائه ففي هذا ستة أجوبة منها أن فرعون لما كان جبارا خبر عنه بفعل الجميع ومنها أن فرعون لما ذكر علم أن معه غيره فعاد الضمير عليه وعليهم وهذا أحد جوابي الفراء ومنها أن تكون الجماعة سميت بفرعون مثل ثمود وجواب الفراء الآخر أن يكون التقدير على خوف من آل فرعون مثل واسئل القرية وهذا الجواب على مذهب الخليل وسيبويه خطأ لا يجوز عندهما قامت هند وأنت تريد غلامها والجواب الخامس مذهب الأخفش سعيد أن يكون الضمير يعود على الذرية أي وملأ الذرية والجواب السادس كأنه أبينها يكون الضمير يعود على قومه ( أن يفتنهم ) في موضع خفض على بدل الاشتمال ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف ولم ينصرف فرعون لأنه اسم عجمي وهو معرفة ( لعال ) في موضع رفع على خبر إن وقد ذكرنا نظيره
____________________
(2/265)
85
أي سلمنا أمورنا إليه ورضينا بقضائه وقدره وانتهينا إلى أمره
87
مفعولان وكذا
88 ( ربنا ليضلوا عن سبيلك ) لام كي وأصح ما قيل فيها وهو مذهب الخليل وسيبويه أنه لما آل أمرهم إلى هذا كان كأنه لهذا وسمي لام العاقبة أي لما كان عاقبة أمرهم قد آل إلى هذا كان بمنزلة ما كان الأول من أجله وقد زعم قوم أن المعنى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا لأن لا يضلوا عن سبيلك وحذف لا كما قال يبين الله لكم أن تضلوا والمعنى أن لا تضلوا قال أبو جعفر ظاهر هذا الجواب حسن إلا أن العرب لا تحذف لا مع أن فموه صاحب هذا الجواب بقوله عز وجل أن تضلوا ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا ) وهذا أيضا من المشكل يقال كيف دعا عليهم وحكم الرسل صلى الله عليهم وسلم استدعاء إيمان قومهم فالجواب أن معنى اطمس على أموالهم عاقبهم على كفرهم بإهلاك أموالهم قال أبو إسحاق معنى تطميس الشيء إذهابه عن صورته ( واشدد على قلوبهم ) قيل معناه غمهم عقوبة لهم وقيل معناه صبرهم على ما لحقهم لا يخرجوا إلى موضع خصب لأن معنى شددت الشيء وربطته في اللغة ضيقته ( فلا يؤمنوا ) ليس بدعاء على قول محمد بن يزيد قال هو معطوف على قوله ليضلوا وقال الكسائي وأبو عبيدة هو دعاء فهو في موضع جزم عندهما وأجاز الأخفش والفراء أن يكون جوابا وأنشد الفراء
____________________
(2/266)
( يا ناق سيري عنقا فسيحا ** إلى سليمان فنستريحا )
فعلى هذا حذفت النون لأنه منصوب
89
قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول الدليل على أن الدعاء لهما جميعا قول موسى صلى الله عليه وسلم ربنا ولم يقل رب ( فاستقيما ) قال الفراء أمرا بالاستقامة على أمرهما والثبات عليه إلى أن يأتيهما تأويل الإجابة قال ويقال كان بينهما أربعون سنة قال أبو جعفر وقد قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والضحاك كانت بينهما أربعون سنة ( ولا تتبعان ) في موضع جزم على النهي والنون للتوكيد وحركت لالتقاء الساكنين واختير لها الكسر لأنها أشبهت نون الاثنين
90
في موضع نصب والمعنى بأنه ومن قرأ إنه بالكسر فالتقدير عنده قال صرت مؤمنا ثم استأنف إنه وزعم أبو حاتم أن القول محذوف ( وأنا من المسلمين ) ابتداء وخبر وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبرائيل صلى الله عليه وسلم أنه جعل في فيه الطين وتأويل هذا والله أعلم أنه عقوبة لعدو الله
____________________
(2/267)
92
قال عبد الله بن شداد والضحاك فأخرج لهم قالا لتكون لمن خلفك آية ليعلموا أنه ليس إلاها كما قال الأخفش سعيد ( ننجيك ) من النجاء والأنجاء وقال بعضهم نرفعك على نجوة من الأرض قال ( ببدنك ) أي لا روح فيك قال وليس قول من قال ببدنك بدرعك بشيء
94
في موضع جزم بالشرط والجواب ( فاسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ) وقد ذكرنا معناه
97
فأنث كلا على المعنى لأن المعنى ولو جاءتهم الآيات
98
قال الأخفش والكسائي أي فهلا قال الفراء وفي حرف أبي ( فهلا ) لأن معناه أنهم لم يؤمنوا وقال غيره المعنى فلم تكن قرية آمنت بمن حقت عليهم كلمات ربك أي أهل قرية ( إلا قوم يونس ) نصبت لأنه استثناء ليس من الأول أي لكن قوم يونس هذا قول الكسائي والأخفش والفراء وأنشد سيبويه
____________________
(2/268)
( من كان أسرع في تفرق فالح ** فلبونه جربت معا وأغدت )
( إلا كناشرة الذي ضيعتم ** كالغصن في غلوائه المتنبت ) ويجوز إلا قوم يونس بالرفع وأنشد سيبويه
( وبلدة ليس بها أنيس ** إلا اليعاقير وإلا العيس ) ورفعه عند سيبويه من جهتين إحداهما أن يكون الأول توكيدا والجهة الأخرى أن يجعل اليعافير والعيس أنيسها ومن أحسن ما قيل في الرفع ما قاله أبو إسحاق قال يكون المعنى غير قوم يونس فلما جاء بإلا أعرب الاسم الذي بعدها بإعراب غير كما قال
( وكل أخ مفارقه أخوه ** لعمر أبيك إلا الفرقدان )
99
توكيد لمن ( جميعا ) عند سيبويه نصب على الحال
____________________
(2/269)
100
أي العذاب ( على الذين لا يعقلون ) أي لا يعقلون أمر الله جل وعز وهم الكفار
101
في موضع رفع حذفت الضمة من الياء لثقلها وحذفت الياء من اللفظ لالتقاء الساكنين وكذا
103 في موضع رفع وما في موضع نصب بيعني وهو اسم تام
104 مرفوع بالمضارعة وكذا ( أعبد الله )
109
ابتداء وخبر لأنه جل وعز لا يحكم إلا بالحق وروي عن طلحة والأعمش وعاصم ( إلا قوم يونس ) بكسر النون وكذا يوسف بكسر السين قال أبو حاتم يجب إذا كسروا أن يهمزوا لأنهم يتوهمونه من آنس يؤنس وآسف يؤسف قال وقال أبو زيد بعض العرب يقول يونس ويوسف
____________________
(2/270)
11
قال أبو جعفر يقال هذه هود فاعلم بغير تنوين على أنه اسم للسورة لأنك لو سميت امرأة بزيد لم تصرف هذا قول الخليل وسيبويه وعيسى يقول هذه هود فاعلم بالتنوين على أنه اسم للسورة وكذلك لو سمى امرأة بزيد لأنه لما سكن وسطه خف فصرف فإن أردت الحذف صرفت على قول الجميع فقلت هذه هود فاعلم تريد هذه سورة هود قال سيبويه والدليل على هذا أنك تقول هذه الرحمن فلولا أنك تريد سورة الرحمن ما قلت هذه ( كتاب ) بمعنى هذا كتاب ( أحكمت آياته ) في موضع رفع نعت لكتاب وأحسن ما قيل في معنى أحكمت جعلت محكمة كلها لا خلل فيها ولا باطل وفي ( ثم فصلت ) آياته جعلت متفرقة ليتدبر ( من لدن ) في موضع خفض إلا أنها مبنية على السكون لأنها غير متمكنة وما بعدها مخفوض بالإضافة وحكى سيبويه لدن غدوة يا هذا لما كان يقال لد كما أنشد سيبويه
____________________
(2/271)
( من لد شول فالى اتلائها ** ) صارت النون مثلها في عشرين فنصبت ما بعدها ( حكيم ) أي في أفعاله ( خبير ) أي بمصالح خلقة
2
قال الكسائي والفراء أي بأن لا وقال أبو إسحاق المعنى لئلا ( تعبدوا ) نصب بأن
3
عطف ( ثم توبوا ) عطف أيضا ( يمتعكم ) جواب الأمر أي يمتعكم بالمنافع ( متاعا ) اسم للمصدر ( حسنا ) من نعته ( ويؤت ) عطف على يمتعكم ( كل ذي فضل فضله ) مفعولان
وروى ابن جريج عن محمد بن عباد قال سمعت ابن عباس يقول
5 قال كانوا لا يجامعون النساء ولا يأتون الغائط وهم يغضون إلى السماء فنزلت هذه الآية وقيل كان بعضهم ينحني على بعض ليساره وبلغ من جهلهم أن توهموا أن ذلك يخفى على الله جل وعز وروى غير محمد بن عباد عن ابن عباس ( إلا إنهم تثنون صدورهم )
____________________
(2/272)
ومعنى تثنون والقراءتين الأخريين مقارب لأنها لا تثنوني حتى يثنوها وحذف الياء لا يجوز إلا في ضرورة الشعر كما قال
( فهل يمنعني ارتيادي البلاد ** من حذر الموت أن يأتين ) أو في صلة نحو والليل إذا يسر ( يستغشون ) في موضع خفض بالإضافة
6
في موضع رفع والمعنى وما دابة ( إلا على الله رزقها ) رفع بالابتداء وعند الكوفيين بالصفة
7
كسرت إن لأنها بعد القول مبتدأة وحكى سيبويه الفتح ( ليقولن الذين كفروا ) بفتح اللام التي قبل النون لأنه فعل متقدم لا ضمير فيه وبعده
8 لأن فيه صميرا
9
من يئس ييأس وحكى سيبويه يئس ييئس على فعل يفعل
____________________
(2/273)
ونظيره حسب يحسب ونعم ينعم وبئس يبئس وبعضهم يقول يئس ييأس لا يعرف في كلام العرب إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فعل يفعل في واحد منها اختلاف فهو يائس ويؤوس على التكثير وكذا فاخر وفخور
قال يعقوب القارىء وقرأ بعض أهل المدينة
10
قال أبو جعفر هكذا كما تقول فطن وحذر وندس ويجوز في كلتا اللغتين الإسكان لثقل الضمة والكسرة
11
في موضع نصب قال الأخفش هو استثناء ليس من الأول وقال الفراء هو استثناء من الأول ولئن أذقناه أي الإنسان قال لأن الإنسان بمعنى الناس
12
معطوف على تارك وصدرك مرفوع به ( أن يقولوا ) في موضع نصب أي كراهة أن يقولوا
13 وبعده
14
____________________
(2/274)
ولم يقل لك فهو على تحويل المخاطبة أو على أن تكون المخاطبة له كالمخاطبة للمؤمنين وعلى أن يخاطب مخاطبة الجميع
15
في موضع جزم بالشرط وجوابه ( نوف إليهم ) فالأول من اللفظ ماض والثاني مستقبل كما قال زهير
( ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ** )
قال مجاهد نوف إليه حسناته في الدنيا وقال ميمون بن مهران ليس أحد يعمل حسنة إلا وفي ثوابها فإن كان مسلما وفي في الدنيا والآخرة وإن كان كافرا وفي في الدنيا وقيل المعنى من كان يريد بغزوه مع النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة وفيها ولم ينقص منها
16
ابتداء ( ما كانوا يعملون ) خبره وقال أبو حاتم وحذف الهاء قال أبو جعفر وهذا لا يحتاج إلى حذف لأنه بمعنى المصدر أي وباطل عمله وفي حرف أبي وعبد الله ( وباطلا ما كانوا يعملون ) خبره تكون ما زائدة أي كانوا يعملون باطلا
17
____________________
(2/275)
ابتداء والخبر محذوف أي أفمن كان على بينة من ربه ومعه من الفضل ما يبين به ذلك لغيه فهذا على قول علي بن الحسين والحسن بن أبي الحسن قالا ( ويتلوه شاهد منه ) لسانه وقال عكرمة عن ابن عباس ويتلوه شاهد منه جبرئيل صلى الله عليه وسلم فيكون على هذا ويتلو البيان والبرهان شاهد من الله عز وجل وقال الفراء قال بعضهم ويتلوه شاهد منه الإنجيل وإن كان قبله أي يتلوه في التصديق ( ومن قبله كتاب موسى ) رفع بالابتداء قال أبو إسحاق المعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وحكى أبو حاتم عن بعضهم أنه قرأ ( ومن قبله كتاب موسى ) بالنصب قال أبو جعفر النصب جائز يكون معطوفا على الهاء أي ويتلو كتاب موسى ( إماما ورحمة ) على الحال
20
أي على قدر كفرهم ومعاصيهم ( ما كانوا يستطيعون السمع ) ( ما ) في موضع نصب على أن يكون المعنى بما كانوا كما تقول جزيته ما فعل وبما فعل وأنشد سيبويه
( أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ** )
ويجوز أن يكون المعنى يضاعف لهم العذاب أبدا والتقدير في العربية وقت ذلك ويجوز أن تكون ما نافية لا موضع لها قال الفراء ما كانوا يستطيعون السمع لأن الله جل وعز أضلهم في اللوح المحفوظ والجواب الرابع عن أبي إسحاق
____________________
(2/276)
قال لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يستمعوا منه ولا يتفهموا الحجج قال أبو جعفر وهذا معروف في كلام العرب أن يقال فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان ذلك ثقيلا عليه ( وما كانوا يبصرون ) عطف
21
ابتداء وخبر ويقال اللذون ولا يجوز أن يبنى كما يبنى الواحد وفي بنائه أربعة أقوال قال الأخفش ضمت الذي إلى النون فصار كخمسة عشر وقيل لأنه لا يتم إلا بصلة ولا يعرب الاسم من وسطه وقال علي بن سليمان لأنه يقع لكل غائب وقال محمد بن يزيد لأنه يحتاج إلى ما بعده كالحروف إلا أنه أنث وثني وجمع لأنه نعت ولم تحرك ياؤه في موضع النصب لأنه ليس بمعرف ولهذا حذفت في التثنية
22
قد تكلم العلماء فيه فقال الخليل وسيبويه جرم بمعنى حق فأن عندهما في موضع رفع وهذا قول الفراء ومحمد بن يزيد وزعم الخليل أن لا ههنا جيء بها ليعلم أن المخاطب لم يبتدىء كلامه وإنما خاطب من خاطبه والكلام يجاء به ليدل على المعاني وقال أبو إسحاق لا ههنا نفي لما
____________________
(2/277)
ظنوا أنه ينفعهم كان المعنى لا ينفعهم ذلك جرم أنهم أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران فأن عنده في موضع نصب وقال الكسائي في الإعراب لا صد ولا منع عن أنهم وحكى الكسائي فيها أربع لغات لا جرم ولا عن ذا جرم ولا أن ذا جرم قال وناس من فزارة يقولون لا جر أنهم بغير ميم وحكى الفراء فيه لغتين أخريين قال بنو عامر يقولون لا ذا جرم قال وناس من العرب يقولون لا جرم بضم الجيم
23
اسم إن ( آمنوا ) صلة ( وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ) عطف على الصلة قال مجاهد أخبتوا اطمأنوا وقال الفراء أخبتوا إلى ربهم ولربهم واحد وقد يكون المعنى وجهوا أخباتهم إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة خبر إن
24
ابتداء والخبر ( كالأعمى ) وما بعده قال الأخفش أي كمثل الأعمى قال أبو جعفر التقدير مثل فريق الكافر كالأعمى والأصم ومثل فريق المؤمن كالسميع والبصير ولهذا ( هل يستويان ) ولا يقع ههنا من حروف العطف إلا الواو لأنها للاجتماع وحكى سيبويه مررت بأخيك وصديقك
25
____________________
(2/278)
أي فقال إني وأني أي بأني
27
قال أبو إسحاق الملأ الرؤساء أي هم مليئون بما يقولون ( ما نراك إلا بشرا مثلنا ) نصب على الحال ومثلنا مضاف إلى معرفة وهو نكرة يقدر فيه التنوين كما قال
( يا رب مثلك في النساء غريرة ** )
( وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ) وهم الفقراء والذين لا حسب لهم والخسيسو الصناعات وفي الحديث أنهم كانوا حاكة وحجامين وكان هذا جهلا منهم لأنهم عابوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بما لا عيب فيه لأن الأنبياء صلوات الله عليهم إنما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات وليس عليهم تغيير الصور والهيئات وهم يرسلون إلى الناس جميعا فإذا أسلم منهم الذين لم يلحقهم من ذلك نقصان لأن عليهم أن يقبلوا إسلام كل من أسلم منهم ( بادي الرأي ) بدا يبدو إذا ظهر كما قال
( فاليوم حين بدون للنظار ** )
____________________
(2/279)
ويجوز أن يكون بادي الرأي من بدأ وخففت الهمزة وحقق أبو عمرو الهمزة فقرأ ( بادىء الرأي ) قال أبو إسحاق نصبه بمعنى في بادىء الرأي قال أبو جعفر لم يشرح النحويون نصبه فيما علمت بأكثر من هذا فيجوز أن يكون في حذفت كما قال جل وعز واختار موسى قومه ويجوز أن يكون المعنى اتباعا ظاهرا
وحكى الكسائي والفراء
28 بإسكان الميم الأولى تخفيفا وقد أجاز سيبويه مثل هذا وأنشد
( فاليوم أشرب غير مستحقب ** إثما من الله ولا واغل ) ويجوز على قول يونس في غير القرآن أنلزمكمها يجري المضمر مجرى المظهر كما تقول أنلزمكم تلك
30
أدغمت التاء في الذال ويجوز حذفها فتقول تذكرون
31
أخبر بتواضعه وتذلله لله جل وعز وأنه لا يدعي ما ليس له من خزائن الله جل
____________________
(2/280)
وعز وهي أنعامه على من يشاء من عباده وأنه لا يعلم الغيب لأن الغيب لا يعلمه إلا الله جل وعز ( ولا أقول أني ملك ) أي ولا أقول إن منزلتي عند الله جل وعز منزلة الملائكة وقد قالت العلماء الفائدة في هذا الكلام الدلالة على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلم لدوامهم على الطاعة واتصال عبادتهم إلى يوم القيامة ( ولا أقول ) لكم ولا ( للذين تزدري أعينكم ) والأصل تزدريهم حذفت الهاء والميم لطول الاسم والدال مبدلة من تاء لأن الزاي مجهورة والتاء مهموسة فأبدل من التاء حرف مجهور من مخرجها ( إني إذا لمن الظالمين ) أي إن قلت هذا وإذن ملغاة لأنها متوسطة
وعن ابن عباس
32 والجدل في كلام العرب المبالغة في الخصومة والمناظرة مشتق من الجدل وهو شدة الفتل ويقال للصقر أجدل لشدته في الطير
34 أي لأنكم لا تقبلون نصحا
35
مصدر أجرم وأجرامي جمع جرم وقد أجرم وجرم
36
في صرف نوح قولان أحدهما أنه أعجمي ولكنه خف لأنه على ثلاثة
____________________
(2/281)
أحرف والآخر أنه عربي قال عكرمة إنما سمي نوحا لأنه كان يكثر النياحة على نفسه قال وركب في السفينة لعشر خلون من رجب واستوت على الجودي لعشر خلون من المحرم فذلك ستة أشهر وكان طولها ثلثمائة ذراع وعرضها ورفعها ثلاثون ذراعا ( أنه ) في موضع رفع على أنه اسم ما لم يسم فاعله ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير بأنه ( لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) في موضع رفع بيؤمن ( فلا تبتئس ) أي فلا تغتم حتى تكون بائسا
37
قيل معناه بحفظنا وقيل بعلمنا وقيل لأن الملائكة صلوات الله عليهم كانت تريد ذلك ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا ) أي لا تسألني فيهم فإني مغرقهم
38
ظرف ( مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ) قال الأخفش والكسائي يقال سخرت به ومنه
39
قال الكسائي وناس من أهل الحجاز يقولون سو تعلمون قال ومن قال ستعلمون أسقط الواو والقاء جميعا وحكى الكوفيون سف تعلمون ولا يعرف البصريون إلا سوف يفعل وسيفعل لغتان ليست إحداهما من الأخرى
40
____________________
(2/282)
في موضع نصب باحمل ( وأهلك ) عطف عليه ( إلا من سبق عليه القول ) من في موضع نصب بالاستثناء ( ومن آمن ) في موضع نصب عطف على اثنين وإن شئت على أهلك ( وما آمن معه إلا قليل ) رفع بآمن ولا يجوز نصبه على الاستثناء لأن الكلام قبله لم يتم إلا أن الفائدة في دخول إلا و ما أنك لو قلت آمن معه فلان وفلان جاز أن يكون غيرهم قد آمن فإذا جئت بما وإلا أوجبت لما بعد إن ونفيت عن غيرهم
41
بضم ميميهما قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة إلا من شذ منهم وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( بسم الله مجراها ) بفتح الميم ( ومرساها ) بضم الميم وروي عن يحيى بن عيسى عن الأعمش عن يحيى بن وثاب ( باسم الله مجراها ومرساها ) بفتح الميم فيهما وقرأ مجاهد ومسلم بن جندب وعاصم الجحدري ( باسم الله مجريها ومرسيها ) فالقراءة الأولى بمعنى باسم الله إجراؤها وإرساؤها مرفوع بالابتداء ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير باسم الله وقت إجرائها كما تقول أنا أجيئك مقدم الحاج وقيل التقدير باسم الله موضع إجرائها ثم حذف موضع وأقيم مجراها مقامه وقال الضحاك كان إذا قال باسم الله جرت وإذا قال باسم الله رست وتكون الباء متعلقة باركبوا و مجراها بفتح الميم من جرت مجرى و مرساها بفتح الميم من رست رسوا ومرسى إذا ثبتت ومجريها نعت لله جل وعز في موضع جر ويجوز أن يكون في
____________________
(2/283)
موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هو مجريها ومرسيها ويجوز النصب على الحال بمعنى أعني
42
ويجوز على قول سيبويه ( ونادى نوح ابنه ) مختلس ( وكان في معزل ) وأنشد سيبويه
( له زجل كأنه صوت حاد ** )
فأما ( ونادى نوح ابنه وكان ) فقراءة شاذة وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد ابنها ثم يحذف الألف كما تقول ابنه فتحذف الواو قال أبو جعفر هذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها والواو ثقيلة يجوز حذفها ( وكان في معزل ) اسم المكان والمصدر معزل ( يا بني اركب معنا ) وقرأ عاصم ( يا بني اركب معنا ) بفتح الياء قال أبو إسحاق ويجوز في العربية يا بني اركب معنا كما تقول يا غلامي أقبل وكذا يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم يا بني اركب معنا على أن تحذف الياء وتبقي الكسرة دالة عليها كما تقول يا غلام أقبل فأما قراءة عاصم فمشكلة قال أبو حاتم يريد يا بنياه ثم حذف قال أبو جعفر ورأيت علي بن سليمان يذهب إلى أن هذا لا يجوز لأن الألف خفيفة فلا يحذف قال أبو جعفر وما علمت أحدا من النحويين جوز الكلام في هذا إلا أبا إسحاق فإنه زعم أن الفتح من جهتين والكسر
____________________
(2/284)
من جهتين فالفتح على أن يبدل من الياء ألفا كما قال جل وعز أحيانا يا ويلنا وكما قال
( فيا عجبا من رحلها المتحمل ** ) فيريد بابنيا ثم حذف الألف لالتقاء الساكنين كما تقول جاءني عبد الله في التثنية والجهة الأخرى أن تحذف الألف لأن النداء موضع حذف ولكن على أن تحذف الياء والجهة الأخرى على أن يحذفها لالتقاء الساكنين ( ولا تكن مع الكافرين ) يدل هذا والله أعلم على أن نوحا صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه كافر وأنه ظن أنه مؤمن
43
على التبرئة ويجوز لا عاصم اليوم تكون لا بمعنى ليس ( إلا من رحم ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول ويجوز أن تكون في موضع رفع على أن عاصما بمعنى معصوم مثل ماء دافق ومن أحسن ما قيل فيه أن يكون من في موضع رفع والمعنى لا يعصم اليوم من أمر الله إلا الراحم أي إلا الله جل وعز ويحسن هذا لأنك لم تجعل عاصما بمعنى معصوم فتخرجه من بابه
44
قيل هذا مجاز لأنها موات وقيل جعل فيها ما تميز به والذي قال إنها
____________________
(2/285)
مجاز قال لو فتش كلام العرب والعجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها وبلاغة وصفها واشتمال المعاني فيها وحكى الكسائي والفراء بلعت وبلعت ( وغيض الماء ) يقال غاض الماء وغضته ويجوز غيض الماء بضم الغين ( واستوت على الجودي ) فبين الإعراب فيه لأن الياء مشددة فقبلها ساكن وحكى الفراء واستوت على الجودي بإسكان الياء لأن قبلها مكسورا وهي مخففة ( وقيل بعدا للقوم الظالمين ) والذي قال هذه فيما روي نوح صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أي أبعد الله الظالمين فبعدوا بعدا على المصدر
45
اسم إن ( من أهلي ) في موضع الخبر ( وإن وعدك الحق ) اسم إن وخبرها ( وأنت أحكم الحاكمين ) ابتداء وخبره
46
قد ذكرناه ( فلا تسألني ما ليس لك به علم ) أي بي من لم يعلم أنه مؤمن ( إني أعظك ) أي أعظك بنهيي وزجري لئلا تكون والبصريون يقدرون كراهة أن يكون
47
أي أسألك أن توفقني وتلطف لي حتى لا أسأل ذلك ( وإلا تغفر لي
____________________
(2/286)
وترحمني ) يدل على أن الأنبياء صلوات الله عليهم يذنبون ( أكن من الخاسرين ) أي رحمتك يوم القيامة
48
أي من السفينة ( بسلام ) أي بسلامة ( وبركات عليك ) أي نعم ثابتة مشتق من بروك الجمل وهو ثباته وإقامته ( ممن معك ) من للتبعيض وتكون لبيان الجنس ( وأمم سنمتعهم ) أي وتكون أمم قال الأخفش سعيد كما تقول كلمت زيدا وعمرو جالس وأجاز الفراء في غير القراءة ( وأمما ) وتقديره وسنمتع أمما
49
أي تلك الأنباء وفي موضع آخر ذلك أي ذلك النبأ ( فاصبر ) أي فاصبر على أذى قومك كما صبر هؤلاء الرسل صلى الله عليهم وسلم
50
نصب بمعنى وأرسلنا قال أبو إسحاق قيل له أخوهم لأنه منهم أو لأنه من بني آدم عليه السلام كما أنهم من بني آدم ( ما لكم من إله غيره ) على اللفظ وغيره على الموضع وغيره على الاستثناء ( إن أنتم إلا مفترون ) أي ما أنتم في اتخاذكم إلها غيره إلا كاذبون عليه جل وعز
51
____________________
(2/287)
حذفت الياء لأن النداء موضع حذف لكثرته ويجوز إثباتها لأنها اسم
52
جزم لأنه جواب وفيه معنى المجازاة ( مدرارا ) على الحال وفيه معنى التكثير والعرب تحذف الهاء في مفعال على النسب ( ويزدكم ) عطفا على يرسل
54
على تذكير بعض ويجوز التأنيث على المعنى
56
أي رضيت بحكمه ووثقت بنصره ( ما من دابة ) في موضع رفع بالابتداء ( إلا هو آخذ بناصيتها ) أي يصرفها كيف يشاء ويمنعها مما شاء أي فلا يصلون إلى ضرري وكل ما فيه الروح يقال له داب ودابة والهاء للمبالغة ( إن ربي على صراط مستقيم ) قيل معناه لا خلل في تدبيره ولا تفاوت في خلقه
57
في موضع جزم فلذلك حذفت منه النون والأصل تتولوا فحذفت التاء لاجتماع تاءين وإن المعنى معروف ( فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ) بمعنى قد بينت لكم ( ويستخلف ربي قوما غيركم ) مستأنف ويجوز أن يكون عطفا على ما يجب فيما بعد الفاء ويجوز الجزم في غير القرآن مثل ونذرهم في طغيانهم وكذا ( ولا تضرونه شيئا )
58
____________________
(2/288)
لأن أحدا لا ينجو إلا برحمة الله تعالى وإن كانت له أعمال صالحة وعن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا وقيل معنى ( برحمة منا ) بأن بينا لهم الهدى الذي هو رحمة
59
ابتداء وخبر وحكى الكسائي والفراء أن من العرب من لا يصرف عادا أي يجعله اسما للقبيلة
60
قال الفراء أي كفروا نعمة ربهم قال ويقال كفرته وكفرت به وشكرت له وشكرته
61
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) وصرفا ثمودا في سائر القرآن ولم يصرف حمزة ثمود في شيء من القرآن وكذا روي عن الحسن واختلف سائر القراء فيه فصرفوه في موضع ولم يصرفوه في موضع وزعم أبو عبيد أنه لولا مخالفة السواد لكان الوجه ترك الصرف إذ كان الأغلب عليه التأنيث قال أبو جعفر الذي قاله أبو عبيد رحمه الله من أن الغالب عليه التأنيث كلام مردود لأن ثمودا يقال له حي ويقال له قبيلة وليس الغالب عليه القبيلة بل الأمر على ضد ما قال عند سيبويه والأجود عند سيبويه فيما لم يقل فيه بنو فلان الصرف نحو قريش وثقيف وما أشبههما وكذا ثمود والعلة في ذلك أنه
____________________
(2/289)
لما كان التذكير الأصل وكان يقع له مذكر ومؤنث كان الأصل والأخف أولى والتأنيث جيد بالغ حسن وأنشد سيبويه في التأنيث
( غلب المساميح الوليد سماحة ** وكفى قريش المعضلات وسادها ) ( غيره هو أنشأكم ) ولا يجوز إدغام الهاء في الهاء إلا على لغة من حذف الواو في الإدراج ( إن ربي قريب مجيب ) أي قريب الإجابة
64
ابتداء وخبر وقيل ناقة الله لأنه أخرجها لهم من جبل على ما طلبوا على أنهم يؤمنون ( لكم آية ) نصب على الحال ( فذروها ) أمر فلذلك حذفت منه النون ولا يقال وذر ولا واذر إلا شاذا وللنحويين فيه قولان قال سيبويه استغنوا عنه بترك وقال غيره لما كانت الواو ثقيلة وكان في الكلام فعل بمعناه لا واو فيه ألغوه ( تأكل في أرض الله ) جزم لأنه جواب الأمر قال أبو إسحاق ويجوز رفعه على الحال والاستئناف ( ولا تمسوها ) جزم بالنهي قال الفراء ( بسوء ) أي بعقر ( فيأخذكم ) جواب النهي ( عذاب قريب ) من عقرها
65
أي بنعم الله جل وعز قبل العذاب ( ثلاثة أيام ) ظرف زمان
قال أبو حاتم حدثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ
____________________
(2/290)
66 أدغم الياء في الياء وأضاف وكسر الميم من يومئذ قال أبو جعفر الذي يرويه النحويون مثل سيبويه ومن قاربه عن أبي عمرو في مثل هذا الإخفاء فأما الإدغام فلا يجوز لأنه يلتقي ساكنان ولا يجوز كسر الزاي قال أبو جعفر ومن قرأ من خزي يومئذ حذف التنوين وأضاف ومن نون نصب يومئذ على أنه ظرف ومن حذف التنوين ونصب فقال ومن خزي يومئذ فله تقديران عند النحويين فتقدير سيبويه أنه مبني لأن ظرف الزمان ليس الإعراب فيه متمكنا فلما أضيف إلى غير معرب بني وأنشد
( على حين ألهى الناس جل أمورهم ** ) وقال أبو حاتم جعل يوم و إذ بمنزلة خمسة عشر
67
صيح بهم فماتوا وذكر لأن الصيحة والصياح واحد ( فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) قيل ساقطين على وجوههم
69
قيل بالولد وقيل بشروه بأنهم رسل الله جل وعز وأنه لا خوف عليه ( قالوا سلاما ) في نصبه وجهان يكون مصدرا والوجه الآخر أن يكون منصوبا بقالوا كما يقال قالوا خيرا والتفسير على هذا روى يحيى القطان عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( قالوا سلاما ) أي سددا ( قال سلام ) في
____________________
(2/291)
رفعه وجهان أحدهما على إضمار مبتدأ أي هو سلام وأمري سلام والآخر بمعنى سلام عليكم قال الفراء ولو كانا جميعا منصوبين أو مرفوعين جاز غير أن الفراء اعتل لأن كان الأول منصوبا والثاني مرفوعا فقال قالوا سلاما فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم هو سلام إن شاء الله ( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ) سيبويه يذهب إلى أن أن في موضع نصب قال تقول لا يلبث أن يأتيك أي عن إتيانك وأجاز الفراء أن يكون موضعها بلبث أي فما أبطأ مجيئه
70
هذه لغة أهل الحجاز ولغة أسد وتميم أنكرهم وقال امرؤ القيس
( لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ** ) ويروى للأعشى
( وأنكرتني وما كان الذي نكرت ** من الحوادث إلا الشيب والصلعا ) ( وأوجس منه خيفة ) قال سيبويه وناس من ربيعة يقولون منهم اتبعوها الكسرة ولم يكن المسكن عندهم حاجزا حصينا قال أبو جعفر وقيل إنما أوجس منهم خيفة لأنه كان يقيم معتزلا في ناحية فخاف أن يكونوا عزموا له على شر وكان الضيفان إذا لم يأكلوا فإنما أرادوا شرا
71
____________________
(2/292)
ابتداء وخبر ( فضحكت ) قد ذكرناه وقيل إنما ضحكت لأنهم أحيوا العجل بإذن الله عز وجل فلما لحق بأمه ضحكت فلما ضحكت بشروها بإسحاق ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) رفعه من جهتين إحداهما بالابتداء ويكون في موضع الحال أي بشروها بإسحاق مقابلا له يعقوب والوجه الآخر أن يكون التقدير ومن وراء إسحاق يحدث يعقوب ولا يكون على هذا داخلا في البشارة وقرأ حمزة وعبد الله بن عامر ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) والكسائي والأخفش وأبو حاتم يقدرون يعقوب في موضع خفض وعلى مذهب سيبويه والفراء يكون في موضع نصب قال الفراء ولا يجوز الخفض إلا بإعادة الخافض قال سيبويه ولو قلت مررت بزيد أول من أمس وأمس عمرو كان قبيحا خبيثا لأنك فرقت بين المجرور وما يشركه وهو الواو كما تفرق بين الجار والمجرور قال أبو جعفر يكون التقدير من وراء إسحاق وهبنا له يعقوب كما قال
( جئني بمثل بني بدر لقومهم ** أو مثل أسرة منظور بن سيار )
( أو عامر بن طفيل في مركبه ** أو حادثا يوم نادى القوم يا حار )
72
بإمالة الألف وتفخيمها قال أبو إسحاق أصلها الياء فأبدل من الياء
____________________
(2/293)
ألف ( وهذا بعلي ) ابتداء وخبر ( شيخا ) على الحال قال أبو إسحاق والحال ههنا نصبها من لطيف النحو وغامضه لأنك إذا قلت هذا زيد قائما وكان المخاطب لا يعرف زيدا لم يجز لأنه لا يكون زيدا ما دام قائما فإذا زال ذلك لم يكن زيدا فإذا كان يعرف زيدا صحت المسألة والعامل في الحال التنبيه والإشارة قال الأخفش وفي قراءة أبي وابن مسعود ( وهذا بعلي شيخ ) قال الفراء وفي قراءة ابن مسعود ( وهذا بعلي شيخ ) قال أبو جعفر الرفع من خمسة أوجه تقول هذا زيد قائم فزيد بدل من هذا وقائم خبر المبتدأ ويجوز أن يكون هذا مبتدأ وزيد قائم خبرين وحكى سيبويه هذا حلو حامض ويجوز أن يكون قائم مرفوعا على إضمار هذا أو هو ويجوز أن يكون مرفوعا على البدل من زيد والوجه الخامس أن يكون هذا مبتدأ وزيد مبينا عنه وقائم خبرا
73
مبتدأ والخبر في ( عليكم ) وحكى سيبويه عليكم بكسر الكاف لمجاورتها الياء ( أهل البيت ) منصوب على النداء ويسميه سيبويه تخصيصا ( إنه حميد ) أي محمود ( مجيد ) أي ماجد
74
75
في قوم لوط مذهب الأخفش والكسائي أن يجادلنا في موضع
____________________
(2/294)
جادلنا قال أبو جعفر لما كان جواب لما يجب أن يكون للماضي جعل المستقبل مكانه كما أن الشرط يجب أن يكون بالمستقبل فجعل الماضي مكانه وفيه جواب آخر يكون يجادلنا في موضع الحال أي أقبل يجادلنا وهذا قول الفراء ويقال أناب إذا رجع فإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان راجعا إلى الله جل وعز في أموره كلها
77
وإن شئت ضممت السين لأن أصلها الضم الأصل سويء بهم من السوء قلبت حركة الواو على السين فانقلبت ياءا فإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الياء فقلت سي بهم مخففا ولغة شاذة التشديد ( وضاق بهم ذرعا ) على البيان ( وقال هذا يوم عصيب ) وعصبصب على التكثير أي مكروه مجتمع الشر وقد عصب أي عصب بالشر عصابة ومنهم قيل عصابة وعصبة أي مجتمعوا الكلمة ومجتمعون في أنفسهم وعصبة الرجل المجتمعون معه في النسب وتعصبت لفلان صرت كعضبته ورجل معصوب مجتمع الخلق
78
في موضع الحال ( قال يا قوم هؤلاء بناتي ) ابتداء وخبر وكذا ( هن أطهر لكم ) وقرأ عيسى بن عمر ( هن أطهر لكم ) وروى سيبويه احتبى ابن مروان في اللحن أي حين قرأ ( هن أطهر لكم ) قال أبو حاتم ابن مروان
____________________
(2/295)
قارىء أهل المدينة قال الكسائي هن أطهر لكم صواب يجعل هن عمادا قال أبو جعفر قول الخليل وسيبويه والأخفش أن هذا لا يجوز ولا تكون هن ههنا عمادا قال وإنما تكون عمادا فيما لا يتم الكلام إلا بما بعدها نحو كان زيد هو أخاك لتدل بها على أن الأخ ليس بنعت قال أبو إسحاق وتدل على أن كان تحتاج إلى خبر وقال غيره يدل بها على أن الخبر معرفة أو ما قاربها ( ولا تخزون ) في ضيفي أي لا تهينوني ولا تذلوني وضيف يقع للاثنين والجميع على لفظ الواحد لأنه في الأصل مصدر ويجوز فيه التثنية والجمع ( أليس منكم رجل رشيد ) أي يرشدكم وينهاكم
79
أي لأنا لم نتزوج بهن
81
أي لن يصلوا إليك بمكروه فيروى أنه لما قالوا له هذا خلى بين قومه وبين الدخول فأمر جبرائيل صلى الله عليه وسلم يده على أعينهم فعموا وعلى أيديهم فجفت فرجعوا إلى منازلهم مسرعين ( فأسر بأهلك ) يقال سرى وأسرى إذا سار بالليل لغتان فصيحتان ( ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ) نصب بالاستثناء وهي القراءة البينة والمعنى فأسر بأهلك إلا امرأتك وقد قال جل وعز كانت من الغابرين أي من الباقين لم يخرج بها وإن كان قد قيل فيه غير هذا ويدل أيضا على النصب أنه في قراءة عبد الله ( فأسر بأهلك إلا امرأتك ) وقد قيل المعنى لا
____________________
(2/296)
يلتفت منكم أحد إلى ما خلف وليخرج مع لوط صلى الله عليه وسلم وقرأ أبو عمرو وابن كثير ( إلا امرأتك ) بالرفع على البدل فأنكر هذه القراءة جماعة منهم أبو عبيد قال أبو عبيد ولو كان كذا لكان ولا يلتفت بالرفع وقال غيره كيف يجوز أن يأمرها بالالتفات قال أبو جعفر وهذا الحمل من أبي عبيد ومن غيره على مثل أبي عمرو مع جلالته ومحله من العربية لا يجب أن يكون والتأويل له على ما حكى محمد بن يزيد قال هذا كما يقول الرجل لحاجبه لا يخرج فلان فلفظ النهي لفلان ومعناه للمخاطب أي لا تدعه يخرج فكذا لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ومثله لا يقم أحد إلا زيد يكون معناه انههم عن القيام إلا زيدا ووجه آخر يكون معناه مر زيدا وحده بالقيام ( أليس الصبح بقريب ) لأن لوطا صلى الله عليه وسلم استعجلهم بالعذاب لغيظه على قومه وقرأ عيسى بن عمر ( أليس الصبح ) بضم الباء وهي لغة
82
مفعولان حكى أبو عبيد عن الفراء أنه قد يقال لحجارة الأرحاء ( سجيل ) وحكى عنه محمد بن الجهم أن سجلا طين يطبخ حتى يصير بمنزلة الأرحاء ( منضود ) من نعت سجيل
83
من نعت حجارة قال الفراء زعموا أنها كانت مخططة بحمرة وسواد
____________________
(2/297)
في بياض فذلك تسويمها أي علاماتها قال ( وما هي من الظالمين ) يعني قوم لوط ( ببعيد ) قال لم تكن تخطئهم
84
لم تنصرف مدين لأنها اسم مدينة
86
ابتداء وخبر وقد ذكرنا معناه وقد قيل المعنى ما يبقيه الله جل وعز لكم من رزقه وحفظه ( خير لكم ) مما تأخذونه بالبخس والظلم ( وما أنا عليكم بحفيظ ) أي لا يتهيأ لي أن أحفظكم من إزالة نعم الله جل وعز عنكم بمعاصيكم
87
( أن ) في موضع نصب وقال الكسائي موضعها خفض على إضمار الباء ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ( أن ) في موضع نصب لا غير عطف على ( ما ) والمعنى أو تأمرك أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء وزعم الفراء أن التقدير أو تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء وقرأ الضحاك بن قيس ( أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء ) بالتاء فان على هذه القراءة معطوفة على أن الأولى ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) قال أبو جعفر قد ذكرناه وفيه زيادة هي أحسن مما
____________________
(2/298)
تقدم ولأن ما قبلها يدل على صحتها أي أنت الحليم الرشيد فكيف تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا ويدل عليها أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أنكروا لما رأوا من كثرة صلاته وعبادته وأنه حليم رشيد أن يكون بأمرك بترك ما كان يعبد آباؤهم وهذا جهل شديد أو مكابرة وبعده أيضا ما يدل عليه
88
أي أفلا أنهاكم عن الضلال ( وما أريد أن أخالفكم ) في موضع نصب بأريد
وقرأ يحيى بن وثاب
89 بضم الياء ( شقاقي ) في موضع رفع ( أن يصيبكم ) في موضع نصب ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) قال الكسائي أي دورهم في دوركم
91
يقال فقه يفقه إذا فهم فقها وفقها وحكى الكسائي فقهانا وفقه فقها إذا صار فقيها ( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) على الحال ( ولولا رهطك لرجمناك ) رفع بالابتداء وكذا ( أرهطي ) والمعنى أرهطي في قلوبكم أعظم من الله عز وجل وهو يملككم ( واتخذتموه وراءكم ظهريا ) مفعولان
93
( من ) في موضع نصب مثل يعلم المفسد من المصلح ( ومن هو كاذب ) عطف عليها وأجاز الفراء أن يكون موضعهما رفعا يجعلهما
____________________
(2/299)
استفهاما ويدل على القول الأول أن من الثانية موصولة ومحال أن يوصل بالاستفهام وقد زعم الفراء أنهم إنما جاءوا بهو في ومن هو كاذب لأنهم لا يقولون من قائم إنما يقولون من قام ومن يقوم ومن القائم فزادوا هو ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل قال أبو جعفر ويدل على خلاف هذا قوله
( من رسول إلى الثريا بأني ** ضقت ذرعا بهجرها والكتاب ) وحكى أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ
95 بضم العين قال أبو جعفر المعروف في اللغة أنه يقال بعد يبعد بعدا وبعدا إذا هلك
98
يقال قدمهم يقدمهم قدما وقدوما إذا تقدمهم ( بئس الورد ) رفع ببئس ( المورود ) رفع بالابتداء وإن شئت على إضمار مبتدأ وكذا بئس
99 حكى الكسائي وأبو عبيدة رفدته أرفده رفدا أي أعنته وأعطيته واسم العطية الرفد
100
رفع على إضمار مبتدأ أي الأمر ذلك وإن شئت بالابتداء وكذا
____________________
(2/300)
( منها قائم وحصيد ) أي منها موجود مبني ومنها مخسوف به وذاهب قال الأخفش سعيد حصيد أي محصود وجمعه حصدى وحصاد مثل مرضى ومراض قال ويجوز فيمن يعقل حصداء مثل قبيل وقبلاء
101
أصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه ( ولكن ظلموا أنفسهم ) وحكى سيبويه أنه يقال ظلم إياه ( وما زادوهم غير تتبيب ) مفعولان وهو مجاز لما كانت عبادتهم إياها قد خسرتهم ثواب الآخرة قيل ما زادوهم غير تخسير
102
ابتداء وخبر وقرأ عاصم الجحدري ( وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى ) فإذ لما مضى أي حين أخذ القرى وإذا للمستقبل أي متى أخذ القرى ( وهي ظالمة ) أي أهلها مثل واسئل القرية
103
ابتداء وخبر ( مجموع ) من نعته الناس اسم ما لم يسم فاعله ولهذا لم يقل مجموعون ويجوز أن يكون الناس رفعا بالابتداء ومجموع له خبره ولم يقل مجموعون لأن له يقوم مقام الفاعل
105
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والكسائي بإثبات الياء في الإدراج وحذفها في
____________________
(2/301)
الوقف وحكي أن أبيا وابن مسعود رضي الله عنهما قرآ ( يوم يأتي ) بإثبات الياء في الوقف والوصل وقرأ الأعمش وحمزة ( يوم يأت ) بغير ياء في الوقف والوصل قال أبو جعفر الوجه في هذا أن لا يوقف عليه وأن يوصل بالياء لأن جماعة من النحويين قالوا لا وجه لحذف الياء ولا يجزم الشيء بغير جازم فأما الوقف بغير ياء ففيه قول الكسائي قال لأن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم فحذف الياء كما يحذف الضمة على أن أبا عبيد قد احتج بحذف الياء في الوقف والوصل بحجتين إحداهما أنه زعم أنه رآه في الأمام الذي يقال له مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء والحجة الأخرى أنه حكى أنها لغة هذيل يقولون ما ادر قال أبو جعفر أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فشيء يرده عليه أكثر العلماء قال مالك بن أنس رحمه الله سألت عن مصحف عثمان رضي الله عنه فقيل لي قد ذهب وأما الحجة بقولهم ما أدر فلا حجة فيه لأن هذا الحرف قد حكاه النحويون القدماء وذكروا علته وأنه لا يقاس عليه والعلة فيه عند سيبويه وإن كان سيبويه حكى لا أدر كثرة الاستعمال ومعنى كثرة الاستعمال أنه نفي لكل ما جهل وأنشد الفراء في حذف الياء
( كفاك كف ما تليق درهما ** جودا وأخرى تعط بالسيف الدما )
( لا تكلم نفس ) والأصل تتكلم حذفت إحدى التاءين تخفيفا
____________________
(2/302)
106
ابتداء ( ففي النار ) في موضع الخبر وكذا ( لهم فيها زفير وشهيق ) قال أبو العالية الزفير من الصدر والشهيق من الحلق قال أبو إسحاق الزفير من شديد الأنين وقبيحه والشهيق من الأنين المرتفع جدا قال وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق والشهيق بمنزلة آخر صوت الحمار في النهيق
107
نصب على الحال ( ما دامت السموات والأرض ) في موضع نصب أي دوام السموات والأرض والتقدير وقت ذلك ( إلا ما شاء ربك ) في موضع نصب لأنه استثناء ليس من الأول وقد ذكرنا معناه
وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي
108
بضم السين وقال أبو عمرو والدليل على أنه سعدوا أن الأول شقوا ولم يقل أشقوا قال أبو جعفر رأيت علي بن سليمان يتعجب من قراءة الكسائي ( سعدوا ) مع علمه بالعربية إذ كان هذا لحنا لا يجوز لأنه إنما يقال سعد فلان وأسعده الله جل وعز فأسعد مثل أمرض وإنما احتج الكسائي بقولهم مسعود ولا حجة له فيه لأنه يقال مكان مسعود فيه ثم يحذف فيه ويسمى به واحتج بقول العرب فغر فاه وفغر فوه وكذا شحاه وسار الدابة وسرته ونزحت البئر ونزحتها وجبر العظم وجبرته وذا لا يقاس عليه إنما ينطق منه بما نطقت به
____________________
(2/303)
العرب قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول لو قال لنا قائل كيف تنطقون بالمتعدي من فغر فوه ما قلنا إلا أفغرت فاه وهذا الذي قال حسن ويكون فغر فاه ليس بمتعدي ذلك ولكنها لغة على حدة ( عطاء ) اسم للمصدر ( غير مجذوذ ) من نعته يقال جذه وحذه كما قال
( تجذ السلوقي المضاعف نسجه ** ويوقدن بالصفاح نار الحباحب )
109
في موضع جزم بالنهي وحذف النون لكثرة الاستعمال وأحسن ما قيل في معناه قل لكل من شك ( لا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ) إن الله جل وعز ما أمرهم به وإنما يعبدونها كما كان آباؤهم يفعلون تقليدا لهم
110
والكلمة أن الله جل وعز حكم أن يؤخرهم إلى يوم القيامة لما علم من الصلاح في ذلك ولولا ذلك لقضي بينهم بأن يثاب المؤمن ويعاقب الكافر ( وإنهم لفي شك منه مريب ) من نعت شك
111
فيها ثماني قراءات خمس منها موافقة للسواد قرأ ابن كثير وأبو عمرو
____________________
(2/304)
والكسائي بتشديد إن وتخفيف لما وقرأ نافع بتخفيفهما جميعا وقرأ أبو جعفر وشيبة وحمزة وهو المعروف من قراءة الأعمش بتشديدهما جميعا وقرأ عاصم بتخفيف إن وتشديد لما وقرأ الزهري بتشديد لما والتنوين فهذه خمس قراءات وروي عن الأعمش ( وإن كل لما ) بتخفيف إن ورفع كل وتشديد لما قال أبو حاتم وفي حرف أبي ( وإن كل إلا ليوفين ربك أعمالهم ) وفي حرف ابن مسعود ( وإن كل إلا ليوفينهم ربك أعمالهم ) قال أبو جعفر القراءة الأولى أبينها ينصب كلا بأن اللام للتوكيد وما صلة والخبر في ليوفينهم والتقدير وإن كلا ليوفينهم وقراءة نافع على هذا التقدير إلا أنه خفف إن وأعملها عمل الثقيلة وقد ذكر هذا الخليل وسيبويه وهو عندهما كما يحذف من الفعل ويعمل كما قال
( كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم ** ) وأنكر الكسائي أن تخفف إن وتعمل وقال ما أدري على أي شيء قرأ وإن كلا وقال الفراء نصب كلا بقوله لنوفينهم وهذا من كثير الغلط لا يجوز عند أحد زيدا لأضربنه والقراءة الثالثة بتشديدهما جميعا عند أكثر النحويين لحن حكي عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز ولا يقال إن زيدا ألا لأضربنه ولا لما لأضربنه وقال الكسائي الله جل وعز أعلم بهذه القراءة ما
____________________
(2/305)
أعرف لها وجها قال أبو جعفر وللنحويين بعد هذا أربعة أقوال قال الفراء الأصل وإن كلا لمما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن قال أبو إسحاق هذا خطأ لأنه يحذف النون من من فيبقى حرف واحد وقال أبو عثمان المازني الأصل وإن كلا لما بتخفيف ما ثم ثقلت قال أبو إسحاق هذا خطأ إنما يخفف المثقل ولا يثقل المخفف وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الأصل ( وإن كلا لما ليوفينهم ) بالتنوين من لممته لما أي جمعته ثم بنى منه فعلى كما قريء ثم أرسلنا رسلنا تترى بغير تنوين وتنوين قال أبو إسحاق القول الذي لا يجوز عندي غيره أن إن تكون مخففة من الثقيلة وتكون بمعنى ما مثل إن كل نفس لما عليها حافظ وكذا أيضا تشدد على أصلها وتكون بمعنى ما ولما بمعنى إلا حكى ذلك الخليل وسيبويه قال أبو جعفر والقراءات الثلاث المخالفات للسواد تكون فيها إن بمعنى ما لا غير وتكون على التفسير لأنه لا يجوز أن يقرأ بما خالف السواد إلا على هذه الجهة
قال أبو عمرو بن العلاء
113 لغة أهل الحجاز وقال الفراء لغة تيمم وقيس ركن يركن وروي عن قتادة أنه قرأ ( ولا تركنوا ) بضم الكاف وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( فتمسكم النار ) وأنكر هذا أبو عبيد قال لأنه ليس فيه حرف من حروف الحلق قال أبو جعفر لا معنى لقوله ليس فيه حرف من حروف الحلق لأن حروف الحلق لا تجتلب الكسرة وهذه
____________________
(2/306)
اللغة ذكرها الخليل وسيبويه عن غير أهل الحجاز إذا كان الفعل على فعل كسروا أول مستقبله ليدلوا على الكسرة التي في ماضيه وكان يجب أن يكسر ثانيه ليتفق مع الماضي فلم يجز ذلك للزوم الثاني الإسكان فكسروا الأول فقالوا يحذر وهي مشهورة في بني فزارة وهذيل كما قال
( وإخال أني لاحق مستتبع ** ) وكذا إذا كان في ماضيه ألف وصل مكسورة كسروا أول المستقبل نحو نستعين قال سيبويه وكذا ما كان يجب أن تكون فيه ألف وصل مثل تفعل وتفاعل
114
نصب على الظرف وحذفت النون للإضافة وكسرت الياء لالتقاء الساكنين ولم يحذفها لأن ما قبلها مفتوح ( وزلفا ) عطف وقرأ أبو جعفر ( وزلفا ) بضم الزاي واللام وهو جمع زليف لأنه قد نطق بزليف ويجوز أن يكون واحدا وقرأ ابن محيصن ( وزلفا من الليل ) بضم الزاي وإسكان اللام والتنوين وهو مسكن من زلف لأزلف لأن الفتحة خفيفة ( إن الحسنات ) قد قيل يعني به الصلوات ومما لا تنازع فيه أن التوبة تذهب السيئات وإن اجتناب الكبائر يذهب السيئات الصغائر
115 أي على أذاهم
116
بمعنى هلا وهذا تستعمله العرب على التعجب من الشيء أي فهلا كان
____________________
(2/307)
من القرون من قبلكم قوم ( ينهون عن الفساد في الأرض ) لما أعطاهم الله جل وعز من العقول وأراهم من الآيات ( إلا قليلا ممن أنجينا منهم ) استثناء ليس من الأول ( واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ) أي من الاشتغال بالمال واللذات
118 خبر يزال
119
استثناء ( وتمت كلمة ربك ) معنى تمت ثبتت ذلك كما أخبر به
120
نصب بنقص ( ما نثبت به فؤادك ) أي على الصبر على أداء الرسالة و ( ما ) بدل من كل وقال الأخفش وكلا نصب على الحال فقدم الحال كما تقول كلا ضربت القوم ( وموعظة ) أي ما يتعظ به من إهلاك الأمم ( وذكرى للمؤمنين ) أي يتذكرون ما ترك بمن هلك فيتوفون
قال الأخفش
123 إذا لم يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم معهم قال وقال بعضهم تعملون لأنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم معهم أو قال قل لهم ( وما ربك بغافل عما تعملون )
____________________
(2/308)
12
1
التقدير هذا تلك آيات الكتاب على الابتداء والخبر
2
نصب قرآن على الحال أي مجموعا ويجوز أن يكون توطئه للحال كما تقول مررت بزيد رجلا صالحا و عربيا على الحال ومعنى أعرب بين ومنه الثيب تعرب عن نفسها ( لعلكم تعقلون ) لتكونوا على رجاء من هذا وبعض العرب يأتي بأن مع لعل تشبيها بعسى واللام في لعل زائدة للتوكيد كما قال
( يا أبتا علك أو عساكا ** )
____________________
(2/309)
3
ابتداء ( نقص عليك ) في موضع الخبر ( أحسن القصص ) بمعنى المصدر والتقدير قصصا أحسن القصص
( بما أوحينا إليك ) قال الأخفش أي بوحينا إليك ( هذا القرآن ) نصب بأوحينا وأجاز الفراء الخفض قال على التكرير وهو عند البصريين على البدل من ما وأجاز أبو إسحاق الرفع على إضمار مبتدأ ( وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) أي من الغافلين مما عرفناكه
4
في موضع نصب على الظرف ( قال يوسف ) لم ينصرف لأنه عجمي وقرأ طلحة بن مصرف ( إذ قال يؤسف ) بالهمز وكسر السين وحكى أبو زيد يؤسف بالهمز وفتح السين ( لأبيه ) خفض باللام وعلامة خفضه الياء والمحذوف منه واو يدل على ذلك أبوان ( يا أبت ) بكسر التاء قراءة وعاصم ونافع وحمزة والكسائي والأعمش وقرأ أبو جعفر والأعرج وعبد الله بن عامر ( يا أبت ) بفتح التاء وأجاز الفراء يا أبت بضم التاء قال أبو جعفر إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند سييبويه بدل من ياء الإضافة ولا يجوز على قوله الوقف إلا بالهاء وله على قوله دلائل منها أن قولك يا أبت يؤدي عن معنى قولك يا أبي وأنه لا يقال يا أبة إلا في المعرفة ولا يقال جاءني أبة
____________________
(2/310)
لا يستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ولا يقال يا أبتي لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما وزعم الفراء أنه إذا قال يا أبت فكسر وقف على التاء لا غير لأن الياء في النية وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ والحق ما قال كيف تكون في النية وليس يقال يا أبتا فأما قولنا بكسر التاء ولم نقل بكسر الهاء فلأن الكسر إنما يقع في الإدراج ولو قلت مررت بامرأة لقلت علامة الخفض كسرة التاء ولا يقول كسرة الهاء إلا من لا يدري ويا أبت بفتح التاء مشكل في النحو وفيه أقوال فمذهب سيبويه أنهم شبهوا هذه الهاء التي هي بدل من الياء بالهاء التي هي علامة التأنيث فقالوا يا أبت كما قال
( كليني لهم يا أميمة ناصب ** )
وهذا أحد قولي الفراء وله قول آخر وهو قول قطرب وأبي عبيدة وأبي حاتم يكون الأصل يا أبتاه ثم حذف الألف ويكون الوقوف عند الفراء على قول بالتاء لا غير وعلى القول الذي وافق فيه سيبويه بالهاء عندهما جميعا لا غير وهذا القول خطأ لأن هذا ليس موضع ندبة والألف خفيفة لا تحذف وقال قطرب أيضا في يا أبت بالفتح يكون الأصل يا أبتا ثم حذف التنوين وقال أبو جعفر وهذا الذي لا يجوز لأن التنوين لا يحذف لغير علة وأيضا فإنما يدخل التنوين في
____________________
(2/311)
النكرة ولا يقال في النكرة يا أبة وفي الفتح قول رابع كأنه أحسنها يكون الأصل الكسر ثم أبدل من الكسرة فتحة كما تبدل من الياء ألف فيقال في يا غلامي أقبل يا غلاما أقبل وزعم أبو إسحاق أنه لا يجوز يا أبة بالضم قال أبو جعفر ذلك عندي لا يمتنع كما أجاز سيبويه الفتح تشبيها بهاء التأنيث كما يجوز الضم تشبيها بها أيضا ( إني رأيت أحد عشر كوكبا ) ليس بين النحويين اختلاف لأنه يقال جاءني أحد عشر ومررت بأحد عشر وكذلك ثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما فذهب الفراء أنهم لما ضموا أحد الاسمين إلى الآخر كرهوا أن يعربوا الأول فيخرج عن باب العدد وكرهوا أن يعربوا الثاني فيشبه بعلبك فحركوهما حركة واحدة كما كانا قبل البناء وقال الكسائي النصب مغيض النحو كلما صرف شيء عن جهته نصب وقال البصريون النصب أخف الحركات فلما ضم أحد الاسمين إلى الآخر حركا بأخف الحركات وقال بعضهم لما حذفت الواو وكانت مفتوحة حركوا الاسمين بحركتها ولا اختلاف بين البصريين أن تعريف هذا بإدخال الألف واللام في أوله فتقول مضى الأحد عشر رجلا لا غير وأجاز الكسائي والفراء مضى الأحد العشر قال الفراء لتوهمهم انفصال أحدهما من الآخر وأجاز إدخال الألف واللام في المميز وذا محال عند البصريين لأن المميز واحد يدل على جمع فإذا كان معروفا لم يكن فيه هذا المعنى قال الفراء فإن أضفت إلى نفسك أعربت الأول فقلت هذه خمسة عشري ومررت بخمسة عشري قال لما لم يجز أن تضيفه إلى الأول لأن بينهما
____________________
(2/312)
عشرا أعربت الأول ولا يجوز المميز ههنا لاختلاف إعرابيهما قال أبو جعفر هذا يبطل كل ما مر وسمعت محمد بن الوليد يقول سمعت أبا العباس يقول ربما قرأ علي إسماعيل بن إسحاق الشيء من كلام الفراء فأستحسنه فلا ينتهي إلى آخره حتى يفسده قال سيبويه واعلم أن العرب تجعل خمسة عشر وما أشبهها في الألف واللام والإضافة على حال والعلة عند أصحابه في هذا إن الجهة التي بنيت من أجلها موجودة مع الألف واللام والإضافة وقد حكى سيبويه هذه خمسة عشرك برفع الثاني وزعم الفراء أنه يقال ما رأيت خمسة عشر قط خيرا منها بخفض عشر وتنوينها قال ولا يدخل المميز ههنا وقال أبو جعفر وذا لا يجوز عند البصريين أيضا وقرأ أبو جعفر والحسن ( إني رأيت أحد عشر ) بإسكان العين فزعم الأخفش والفراء أنهم استثقلوا الحركات فحذفوا لما كثرت قال أبو جعفر لم يذكر هذا سيبويه بل يجب على نص كلامه أن لا يجوز لأنه قال أحد عشر مثل أحد جمل ولا يجوز عنده حذف الفتحة لخفتها ( والشمس والقمر ) عطف عليه ( رأيتهم ) توكيد وقال رأيتهم لي ساجدين فجاء مذكرا فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما خبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل جعل فيهما يكون لما يعقل
5
نهي وظهر التضعيف لأنه قد سكن الثاني ويجوز الإدغام في غير القرآن
____________________
(2/313)
والفتح والكسر والضم ( رؤياك ) بالهمز والجمع رؤى قال أبو حاتم قال يعقوب قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله أهل الحجاز لا يهمزون رؤيا وبكر وتميم تهمزها قال أبو حاتم ويقال ريا بقلب الواو ياءا والراء مضمومة ويقال ريا بكسر الراء ( فيكيدوا ) جواب النبي بالفاء وقد ذكرناه ( كيدا ) مصدر ( إن الشيطان للإنسان عدو مبين ) اسم إن وخبرها وجمع عدو أعداء وكان سبيله أن يجمع على فعول فاستثقل ذلك فيه
6
الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف وكذلك الكاف في ( كما أتمها ) و ( ما ) كافة
قرأ أهل المدينة وأهل البصرة وأهل الكوفة
7 وقرأ أهل مكة ( آية للسائلين ) على واحدة واختار أبي عبيد آيات قال لأنها عبر كثيرة قال أبو جعفر آية ههنا قراءة حسنة أي لقد كان في الذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبروا به لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقالوا خبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر فبكى عليه حتى عمي ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ولا ممن يعرف خبر الأنبياء وإنما وجه اليهود إليه من المدينة يسألونه عن هذا فأنزل الله عز وجل سورة يوسف جملة واحدة فيها كل ما في التوراة من خبره وزيادة فكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة إحياء عيسى صلى الله عليه وسلم الميت
____________________
(2/314)
8
رفع بالابتداء وهذه لام التوكيد ( وأخوه ) عطف عليه ( أحب إلي أبينا ) خبره ولا يثني ولا يجمع لأنه بمعنى الفعل
9
نصب أرضا على حذف في لا على الظرف لأنها غير مبهمة وأنشد سيبويه فيما حذف منه في
( لدن بهز الكف يعسل متنه ** فيه كما عسل الطريق الثعلب ) إلا أنه في الآية حسن كثير لأنه يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف فإذا حذفت الحرف تعدى الفعل إلى الآخر ( يخل لكم ) جزم لأنه جواب الأمر فلذلك حذفت منه الواو ( وتكونوا ) عطف عليه
قرأ أهل مكة وأهل البصرة وأهل الكوفة
10 وقرأ أهل المدينة ( في غيابات الجب ) وأجاز أبو عبيد التوحيد لأنه على موضع واحد ألقوه فيه فأنكر الجمع لهذا قال أبو جعفر هذا تضييق في اللغة وغيابات على الجمع ويجوز من جهتين حكى سيبويه سير عليه عشيانات وأصيلانات يريد عشية وأصيلا فجعل كل وقت منها عشية وأصيلا وكذا جعل
____________________
(2/315)
كل موضع ما يغيب غيابة ثم جمع والوجه الآخر أن يكون في الجب غيابات جماعة ويقال غاب يغيب غيبا وغيابة وغيابا كما قال
( ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث ** إلى ذا كما ما غيبتني غيابيا ) ( يلتقطه ) جواب الأمر وقرأ مجاهد وأبو رجاء والحسن وقتادة ( تلتقطه ) بعض السيارة وهذا محمول على المعنى لأن بعض السيارة سيارة وحكى سيبويه سقطت بعض أصابعه وأنشد
( وتشرق بالقول الذي قد أذعته ** كما شرقت صدر القناة من الدم ) ( إن كنتم ) في موضع جزم بالشرط ( فاعلين ) خبر كنتم
قرأ يزيد بن القعقاع وعمرو بن عبيد
11 بالإدغام بغير إشمام وقرأ طلحة بن مصرف ( ما لك لا تأمننا ) بنونين ظاهرتين وقرأ يحيى بن وثاب وأبو رزين ويروى عن الأعمش ( ما لك لا تيمنا ) بكسر التاء وقرأ سائر الناس فيما علمت بالإدغام والإشمام قال أبو جعفر القراءة الأولى بالإدغام وترك الإشمام هي القياس لأن سبيل ما يدغم أن يكون ساكنا وقال أبو عبيدة لا بد من الأشمام وهذا القول مردود عند النحويين وقال أبو حاتم لو كان إدغاما صحيحا ما أشم شيئا وهذا أيضا عند النحويين غلط لأن
____________________
(2/316)
الأشمام إنما هو بعد الإدغام إنما يدل به على أن الفعل كان مرفوعا وتأمننا على الأصل وتيمنا لغة تميم يقولون أنت تضرب وقد ذكرناه
12
منصوب على الظرف والأصل عند سيبويه غدو وقد نطق به قال النضر بن شميل ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غدوة وكذا بكرة ( نرتع ونلعب ) بالنون وإسكان العين قراءة أهل البصرة والمعروف من قراءة أهل مكة ( نرتع ) بالنون وكسر العين وقراءة أهل الكوفة ( يرتع ويلعب ) بالياء وإسكان العين وقراءة أهل المدينة ( يرتع ويلعب ) بالياء وكسر العين قال أبو جعفر القراءة الأولى من قول العرب رتع الإنسان والبعير إذا أكلا كيف شاءا إلا أن معمرا روى عن قتادة قال يرتع يسعى قال أبو جعفر أخذه من قوله إنا ذهبنا نستبق لأن المعنى نستبق في العدو إلى غاية بعينها وكذا يرتع بإسكان العين إلا أنه ليوسف وحده صلى الله عليه وسلم و ( نرتع ) بكسر العين من الرعي وهو الكلأ والرعي المصدر وقال القتبي نرتع نتحارس ونتحافظ من قولهم رعاك الله أي حفظك قال أبو جعفر وعلامة الجزم في نرتع ويرتع الضمة وهو مجزوم لأنه جواب أرسله وعلامة الجزم في نرتع ويرتع حذف الياء ( ويلعب ) عطف عليه ( وإنا له ) تبيين ( لحافظون ) خبر إن
13
اللغة الفصيحة حكى ذلك يعقوب وغيره ( أن تذهبوا به ) في موضع رفع
____________________
(2/317)
أي ذهابكم به ( وأخاف أن يأكله الذئب ) من تذاءبت الريح إذا جاءت من كل وجه كذا قال أحمد بن يحيى قال و الذئب مهموز لأنه يجيء من كل وجه وروى ورش عن نافع الذيب بغير همز لما كانت الهمزة ساكنة وقبلها كسرة فخففها صارت ياءا
16
ظرف ( يبكون ) في موضع الحال قال محمد بن يزيد
17 أي وإن كنا
18
مجاز أي ذي كذب مثل واسأل القرية ( فصبر جميل ) قال أبو إسحاق أي فشأني أو الذي اعتقده صبر جميل قال قطرب أي فصبري صبر جميل قال أبو حاتم قرأ عيسى بن عمر فيما زعم سهل بن يوسف ( فصبرا جميلا ) قال وكذا الأشهب العقيلي قال وكذا في مصحف أنس وأبي صالح قال محمد بن يزيد فصبر جميل بالرفع أولى من النصب لأن المعنى فالذي عندي صبر جميل قال وإنما النصب الاختيار في الأمر كما قال جل وعز فاصبر صبرا جميلا قال أبو جعفر والنصب على المصدر ( والله المستعان ) ابتداء وخبر ( على ما تصفون ) مجاز والمعنى والله أعلم والله المستعان على احتمال ما تصفون
____________________
(2/318)
19
فأنت على اللفظ ( فأرسلوا واردهم ) فذكر على المعنى ولو كان فأرسلت واردها لكان على اللفظ ( فأدلى دلوه ) من ذوات الواو إلا أنه رجع إلى الياء لما جاوز ثلاثة أحرف اتباعا للمستقبل هذا قول الخليل وسيبويه وقال الكوفيون لما ثقل رد إلى الياء لأنها أخف من الواو وجمع دلو في أقل العدد أدل فإذا كثرت قلت دلي ودلي فقلبت الواو ياءا لأن الجمع بابه التغيير وليفرق بين الواحد والجميع ودلاء قلبت الواو ألفا ثم أبدلت منها همزة لئلا يجتمع ساكنان ( قال يا بشراي هذا غلام ) هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة إلا أن ابن أبي إسحاق قرأ ( يا بشري هذا غلام ) فقلت الألف ياءا لأن هذا الياء يكسر ما قبلها فلما لم يجز كسر الألف كان قلبها عوضا وقرأ أهل الكوفة ( يا بشرى هذا غلام ) في معناه قولان أحدهما أنه اسم الغلام والآخر أن المعنى يا أيتها البشرى قال قتادة لما أدلي الدلو تشبث به يوسف صلى الله عليه وسلم فلما أخرجه بشرهم فقال يا بشرى هذا غلام قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه لم يأت في القرآن تسمية أحد إلا يسيرا وإنما يأتي بالكناية كما قال جل وعز ويوم يعض الظالم على يديه وهو عقبة بن أبي معيط وبعده يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وهو أمية بن خلف فجاء على الكناية ( وأسروه ) الهاء كناية عن يوسف فأما الواو فكناية عن أخوته وقيل عن التجار الذين اشتروه ( بضاعة ) نصب على الحال قال أبو إسحاق المعنى واشتروه جاعليه بضاعة وقال غيره بضاعة بمعنى مبضوعا
____________________
(2/319)
20
من نعت ثمن أي ذي بخس أي قليل ( دراهم ) على البدل ويقال دراهيم على أنه جمع درهام وقد يكون اسما للجمع عند سيبويه ويكون أيضا عنده على أنه مد الكسرة فصارت ياءا وليس هذا مثل مد المقصور لأن مد المقصور لا يجوز عند البصرين في شعر ولا غيره وأنشد النحويون
( تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ** نفي الدراهيم تنقاد الصياريف ) ( معدودة ) نعت ( وكانوا فيه من الزاهدين ) قال أبو إسحاق ليست فيه داخلة في الصلة ولكنها تبيين أي زهادتهم فيه وحكى سيبويه والكسائي زهدت فيه وزهدت بكسر الهاء وفتحها
21
الكاف في موضع نصب ( مكنا ليوسف ) أي بأن عطفنا قلب الملك الذي اشتراه عليه حتى تمكن من الأمر والنهي في البلد الذي الملك مستول عليه ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) نصب بلام كي ولا بد من أن يتعلق بفعل فالتقدير ولنعلمه من تأويل الأحاديث مكناه والمعنى مكناه لنوحي إليه بكلامنا ونعلمه تأويله وتفسيره وتأويل الرؤيا وتم الكلام ثم قال الله عز وجل ( والله غالب على أمره ) أي يفعل ما يشاء في خلقه لا يقدر أحد على منعه ولا غلبته
____________________
(2/320)
وليس هذا للمخلوقين فهذا معنى غالب على أمره
22
هو جمع عند سيبويه واحد شدة وقال الكسائي واحده شد كما قال
( عهدي به شد النهار كأنما ** خضب البنان ورأسه بالعظلم ) وزعم أبو عبيدة أنه لا واحد له من لفظه عند العرب ومعناه استكمال القوة ثم يكون النقصان بعد وقال مجاهد وقتادة الأشد ثلاث وثلاثون سنة وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس الأشد بلوغ الحلم ( آتيناه حكما وعلما ) قيل معناه جعلناه المستولي على الحكم فكان يحكم في سلطان الملك وآتيناه علما بالحكم
23
وهي امرأة الملك ( وغلقت الأبواب ) غلق للتكثير ولا يقال غلق الباب وأغلق يقع للكثير والقليل كما قال الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء رحمه الله
( ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها ** حتى أتيت أبا عمرو بن عمار )
____________________
(2/321)
( وقالت هيت لك ) فيها سبع قراءات فمن أجل ما قيل فيها وأصحه إسنادا ما رواه الأعمش بن أبي وائل قال سمعت عبد الله بن مسعود رحمه الله يقرأ ( وقالت هيت لك ) قال فقلت إن قوما يقرؤونها ( هيت لك ) قال إنما أقرأ كما علمت قال أبو جعفر وبعضهم يقول عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يبعد ذلك لأن قوله إنما أقرأ كما علمت يدل على أنه مرفوع وهذه القراءة بفتح الهاء والتاء هي الصحيحة من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وعكرمة وبها قرأ أبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي وقرأ ابن أبي إسحاق النحوي ( وقالت هيت لك ) بفتح الهاء وكسر التاء وقرأ أبو عبد الرحمن وابن كثير ( وقالت هيت لك ) بفتح الهاء وضم التاء فهذه ثلاث قراءات الهاء فيهن مفتوحة وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع ( وقالت هيت لك ) بكسر الهاء وفتح التاء وقرأ يحيى بن وثاب ( وقالت هيت لك ) بكسر الهاء وبعدها ياء ساكنة والتاء مضمومة وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس ومجاهد وعكرمة ( وقالت هئت لك ) بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة والتاء مضمومة وعن ابن عامر وأهل الشام ( وقالت هئت لك ) بكسر الهاء وبالهمزة وفتح التاء قال أبو جعفر هيت لك بفتح التاء لالتقاء الساكنين لأنه صوت يجب أن لا يعرب والفتح خفيف فهذا كقولك كيف وأين ومن كسر التاء فإنما كسرها لأن الأصل الكسر ومن ضم فلالتقاء الساكنين أيضا وشبهه بقولهم جوت في زجر الجمل يقال بالضم والفتح والكسر وجاه بمعناه إلا أنه لا يقال إلا مكسورا وكذا عاج زجر الأنثى وقراءة أهل المدينة فيها قولان أحدهما
____________________
(2/322)
أن يكون الفتح لالتقاء الساكنين كما مر والآخر أن يكون من هاء يهيء مثل جاء يجيء فيكون المعنى في ( هيت ) أي حسنت هيئتك وخفف الهمزة ويكون لك من كلام آخر كما تقول لك أعني وأما لك في هيت لك فهي تبين كما يقال سقيا لك وقال عكرمة هيت أي هلم أي إلى ما دعوتك له و هيت لك بغير همز وبالهمز من هاء يهيىء ( قال معاذ الله ) مصدر يقال عاذ معاذا ومعاذة وعياذا ( إنه ربي ) في موضع نصب على البدل من الهاء وقد يكون رفعا على الخبر ( إنه لا يفلح الظالمون ) الهاء كناية عن الحديث والجملة خبر
24
لام توكيد وزعم الخليل أن قد للتوقع ( وهم بها ) قد ذكرنا معناه وأن قوما قالوا هو على التقديم والتأخير وهذا القول عندي محال ولا يجوز في اللغة ولا في كلام من كلام العرب لا يقال قام فلان إن شاء الله ولا قام فلان لولا فلان وقد قيل همه بها هو الشهوة وما يخطر على القلب كما يقال ما يهمني ذلك أي ما أشتهيه ( لولا أن رأى برهان ربه ) ( أن ) في موضع رفع وجواب لولا محذوف لعلم السامع ( كذلك ) الكاف في موضع رفع أي أمر البراهين كذلك ويجوز أن تكون في موضع نصب أي أريناه البراهين كذلك ( لنصرف عنه ) لام كي والناصب للفعل أن ( إنه من عبادنا المخلصين ) أي المخلصين لأداء الرسالة والمخلصين لطاعة الله جل وعز
25
حذفت الألف من استبقا في اللفظ لسكونها وسكون اللام بعدها كما
____________________
(2/323)
يقال جاءني عبدا الله في التثنية ومن العرب من يقول جاءني عبدا الله بإثبات الألف بغير همز ويجمع بين ساكنين لأن الثاني مدغم والأول حرف مد ولين ومنهم من يقول جاءني عبدا الله بإثبات الألف والهمزة كما تقول في الوقف ( وقدت قميصه ) قال أبو إسحاق القد القطع أي جذبت فانقطع قال أبو جعفر في هذا من اختصار القرآن المعجز الذي يجمع فيه المعاني والمعنى سابق يوسف صلى الله عليه وسلم إلى الباب ممتنعا منها ليخرج وسابقته إلى الباب لتقف عليه فتمنعه من الخروج فلما سبقها جذبته لئلا يخرج فقطعت قميصه ( قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ) ( ما ) ابتداء وخبره ( أن يسجن أو عذاب أليم ) عطف عليه قال الكسائي ويجوز أو عذابا أليما بمعنى ويعذب عذابا أليما
26
27
قد ذكرنا فيه اختلافا والأشبه بالمعنى والله أعلم أن يكون رجلا عاقلا حكيما شاوره الملك فجاء بهذه الدلالة ولو كان طفلا لكان شهادته ليوسف صلى الله عليه وسلم يغني أن يأتي بدليل من العادة لأن كلام الطفل آية معجزة فكانت أوضح من الاستدلال بالعادة وليس هذا بمخالف للحديث تكلم أربعة وهم صغار منهم صاحب يوسف يكون بمعنى صغير وليس بشيخ وفي هذا دليل آخر بين وهو أن ابن عباس رحمه الله هو الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تواترت الرواية عنه أن صاحب يوسف ليس بصبي ( إن كان قميصه ) في موضع جزم بالشرط وفيه من النحو ما يشكل يقال حروف الشرط ترد الماضي إلى المستقبل وليس هذا في كان فقال المازني القول مضمر وقال محمد بن يزيد هذا لقوة كان فإنه يعبر بها عن جميع الأفعال وقال أبو إسحاق المعنى أن يكن أي إن يعلم
____________________
(2/324)
فالعلم لم يقع وكذلك الكون لأنه يؤدي عن العلم قد من قبل فخبر عن كان بالفعل الماضي كما قال زهير
( وكان طوى كشحا على مستكنة ** فلا هو أبداها ولم يتقدم ) وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق ( إن كان قميصه قد من قبل فصدقت ) بضم القاف والباء واللام وكذا دبر قال أبو إسحاق يجعله غاية أي من قبله ومن دبره قال ويجوز من قبل ومن دبر بفتح اللام والراء ويشبهه بما لا ينصرف لأنه معرفة ومزال عن بابه
29 نداء مفرد أي يا يوسف
30
ويقال نسوة والجمع الكثير نساء وحكي قد شغفها بكسر الغين ولا يعرف في كلام العرب إلا شغفها بفتح الغين وكذا ( قد شغفها ) أي تركها مشغوفة ( إنا لنراها في ضلال مبين ) أي في هذا الفعل وهذه لام توكيد ولا تقع في الماضي ههنا إلا أن الأخفش أجاز إن زيدا لنعم الرجل لأن نعم لا تتصرف
31
أي بعيبهن إياها واحتيالهن في ذمها ( أرسلت إليهن ) في الكلام حذف أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ( وأعتدت ) من
____________________
(2/325)
العتاد وهو كل شيء جعلته عدة لشيء ( متكأ ) أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال مجلسا وأما قول الجماعة من أهل التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير طعام متكأ مثل واسئل القرية ودل على هذا الحذف ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) لأن حضور النساء ومعهن السكاكين إنما هو الطعام يقطع بالسكاكين والأصل في متكأ موتكأ ومثله متزن ومتعد من وزنت ووعدت ووكأت ويقال تكيء يتكأ تكأة ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) مفعولان وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكر ويؤنث وأنشد الفراء
( فعيث في السنام غداة قر ** بسكين موثقة النصاب )
والأصمعي لا يعرف في السكين إلا التذكير ( وقالت اخرج عليهن ) بضم التاء لالتقاء الساكنين لأن الكسرة تثقل إذا كانت بعدها ضمة وكسر التاء على الأصل ( وقلن حاش لله ) أي معاذ الله وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء ( وقلن حاشا لله ) بإثبات الألف وهو الأصل ومن حذفها جعل اللام التي بعدها عوضا منها وفيها لغات أربع حاشاك وحاشا لك و حاش لك و حشا لك ويقال حشا زيد وحاشا زيدا قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول النصب أولى لأنه قد صح أنها فعل بقولهم حاش لزيد والحرف لا يحذف منه وقد قال النابغة
____________________
(2/326)
( وما أحاشي من الأقوام من أحد ** ) ( ما هذا بشرا ) شبهت ( ما ) بليس عند الخليل وسيبويه إذا كان الكلام مرتبا قال سيبويه ورب حرف هكذا أي يشبهه بغيره في بعض المواضع ثم ذكر سيبويه تالله و لدن غدوة ثم قال الكوفيون لما حذفت الباء نصبت وشرح هذا على ما قاله أحمد بن يحيى أنك إذا قلت ما زيد بمنطلق فموضع الباء موضع نصب وهكذا سائر حروف الخفض قال فلما حذفت الباء نصبت لتدل على محلها قال وهذا قول الفراء وما تعمل ما شيئا فألزمهم البصريون أن يقولوا زيد القمر لأن المعنى كالقمر فرد هذا أحمد بن يحيى بأن قال الباء أدخل في حروف الخفض من الكاف لأن الكاف تكون اسما قال أبو جعفر لا يصح إلا قول البصريين وهذا القول يتناقض لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد وأنشد
( أما والله أن لو كنت حرا ** وما بالحر أنت ولا العتيق ) ومنع نصا النصب ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز ما فيك براغب زيد
____________________
(2/327)
وما إليك بقاصد عمرو ثم يحذفون الباء ويرفعون وحكى البصريون والكوفيون ما زيد منطلق بالرفع وحكى البصريون أنها لغة بني تميم وأنشدوا
( أتيما تجعلون إلي ندا ** وما تيم لذي حسب نديد ) وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين قال أبو إسحاق هذا غلط كتاب الله جل وعز ولغة رسوله صلى الله عليه وسلم أقوى وأولى ( إن هذا إلا ملك كريم ) لفضل الملائكة على البشر
33
ابتداء وخبر والتقدير نزول السجن أحب إلي أي أسهل علي وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قرأ ( السجن ) بفتح السين وحكى أن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق وعبد الرحمن الأعرج ويعقوب وهو مصدر سجنه سجنا ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ) شرط ومجازاة أي إن لم تلطف لي في اجتناب المعصية وقعت فيها
34
أي فلطف له في ذلك ( فصرف عنه كيدهن ) قيل لأنهن جمع قد راودنه عن نفسه وقيل يعني كيد النساء
____________________
(2/328)
35
فيه ثلاثة أقوال فمذهب سيبويه أن ليسجننه في موضع الفاعل أي ظهر لهم أن يسجنوه وقال محمد بن يزيد هذا غلط لا يكون الفاعل جملة ولكن الفاعل ما دل عليه بدا أي بدا لهم بداء فحذف الفاعل لأن الفعل يدل عليه كما قا
( وحق لمن أبو موسى أبوه ** يوفقه الذي نصب الجبالا ) والقول الثالث أن معنى بدا له في اللغة ظهر له ما لم يكن يعرفه فالمعنى ثم بدا لهم أي لم يكونوا يعرفونه وحذف هذا لأن في الكلام عليه دليلا وحذف أيضا القول أي قالوا ليسجننه وهذه النون للتوكيد وكذا الخفيفة يوقف عليها بالألف نحو وليكونا ليفرق بينهما وقال أبو عبيد يوقف عليها بالألف لأنها أشبهت التنوين في قولك رأيت رجلا والتقدير فحبسوه
36
تثنية فتى وهو من ذوات الياء وقولهم الفتوة شاذ ( قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا ) والتقدير في النوم ثم حذف ( نبئنا بتأويله ) من ذوات الهمز فلذلك ثبتت الياء فيه ومن خفف نبينا ومن أبدل منها قال نبنا فحذف الياء
____________________
(2/329)
40
حذف المفعول الثاني للدلالة والمعنى سميتموها آلهة من عند أنفسكم ( ما أنزل الله ) ذلك في كتاب قال سعيد بن جبير ( من سلطان ) أي من حجة
41
حكى بعض أهل اللغة أن سقاه وأسقاه لغتان بمعنى واحد كما قال
( سقى قومي بني مجد وأسقى ** نميرا والقبائل من هلال ) قال الأصمعي أنا أتهم هذا البيت من شعر لبيد وأتوهم أنه مصنوع لأنه جاء بلغتين في بيت قال أبو جعفر الذي عليه أكثر أهل اللغة أن معنى سقاه ناوله فشرب أو صب الماء في حلقه ومعنى أسقاه جعل له سقيا قال جل وعز وأسقيناكم ماءا فراتا
42
قال الكسائي والمصدر نجوا ونجاءا ( اذكرني عند ربك ) أي أذكر ما رأيته مني وما أنا عليه من عبارة الرؤيا وغير ذلك
____________________
(2/330)
43
حذفت الهاء فرقا بين المذكر والمؤنث ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانا نعت لسبع وكذا خضرا قال الفراء ومثله سبع سموات طباقا
44
أي هي أضغاث قال الفراء ويجوز أضغاث أحلام أي رأيت أضغاث أحلام قال أبو جعفر النصب بعيد لأن المعنى لم ترى شيئا له تأويل إنما هي أضغاث أحلام ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) قال أبو إسحاق المعنى بتأويل الأحلام المختلطة
قال أبو جعفر الأصل في
45 إذتكر والذال قريبة المخرج من التاء ولم يجز إدغامها فيها لأن الذال مجهورة والتاء مهموسة فلو أدغموا ذهب الجهر فأبدلوا من موضع التاء حرفا مجهورا وهو الدال وكان أولى من الطاء لأن الطاء مطبقة فصار إذ دكر فأدغموا الذال في الدال فصار ادكر وحكى الخليل وسيبويه أن من العرب من يقول اذكر فيدغم الدال في الذال لرخاوة الذال ولينها ويقال أمه يأمه إمها إذا نسي فعلى هذا وادكر بعد أمه
46
نداء مفرد وكذا ( أيها الصديق ) الكثير الصدق
____________________
(2/331)
47
مصدر لأن معنى تزرعون تدأبون وحكى أبو حاتم عن يعقوب ( دأبا ) بتحريك الهمزة وروى حفص عن عاصم وفيه قولان قول أبي حاتم أنه من دئب قال أبو جعفر ولا يعرف أهل اللغة إلا دأب والقول الآخر أنه حرك لأن فيه حرفا من حروف الحلق
48
مجازا أي يأكل أهلهن ( ما قدمتم لهن ) أي ما ادخرتم من أجلهن ( إلا قليلا ) نصب على الاستثناء ( مما تحصنون ) أي مما تحبسون لتزرعوه
50
أي فذهب الرسول فأخبره فقال ائتوني به ( فلما جاءه الرسول ) أي فأمره بالخروج ( قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة ) أي ليعلم حال النسوة ( التي قطعن أيديهن ) أي ليعلم أني حبست بلا جرم ( إن ربي بكيدهن عليم ) فدل بهذا على أنهن قد كدنه كما كادته امرأة العزيز المعنى فذهب الرسول فأخبره فاحضرهن فقال
51 شددت النون لأنها بمنزلة الميم والواو في المذكرين
52
في موضع رفع أي الأمر ذلك ( ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) أي لم أذكره وهو
____________________
(2/332)
غائب بسوء وكذا الخيانة وقد قيل هذا من كلام يوسف صلى الله عليه وسلم
53
على التكثير وكذا ( أن النفس لأمارة بالسوء ) أي مشتهية له ( إلا ما رحم ربي ) في موضع نصب على الاستثناء
54
جزم لأنه جواب الأمر والمعنى فذهبوا فجاؤوا به ودل على هذا ( فلما كلمة قال إنك اليوم لدينا مكين ) أي متمكن من نريد نافذ القول ( أمين ) لا تخاف غدرا
55 أي حفيظ لها ( عليم ) بما تستحق أن أجعلها فيه
56
أي ينزل ( نصيب برحمتنا من نشاء ) أي بإحساننا ( ولا نضيع أجر المحسنين ) أي ثوابهم ودل بهذا على أنه ثواب له
58
أي فجاءت سنو القحط فجاء إخوة يوسف إلى مصر ليمتاروا وهذا من اختصار القرآن المعجز فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون لأنهم خلفوه صبيا ولم
____________________
(2/333)
يتوهموا أنه بعد العبودية بلغ إلى تلك الحال
59
وهو ابن يامين وهو أخو يوسف لأبيه وأمه أي سألهم وذاكرهم حتى جرى ذكر أخيه وهذا من الاختصار أيضا
60
أي فلا أبغيكم شيئا ( ولا تقربون ) في موضع جزم بالنهي فلذلك حذفت منه النون وحذفت الياء لأنه رأس آية ولو كان خبرا لكان ولا تقربون بفتح النون
62
هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وقرأ سائر الكوفيين ( وقال لفتيانه ) وهو اختيار أبي عبيد لأنه روى عن هشام عن مغيرة قال في مصحف عبد الله وقال لفتيانه قال أبو جعفر وهذا مخالف للسواد الأعظم لأنه في السواد لا ألف فيه ولا نون فلا يترك السواد المجتمع عليه لهذا الإسناد المنقطع وأيضا فإن فتية ههنا أشبه من فتيان لأن فتية عند العرب لأقل العدد والقليل بأن يجعلوا البضاعة في الرحال أشبه والأصل في فتية أفعلة وإن كان قد صغر على لفظه
63
لأنه قال لهم فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ( فأرسل معنا
____________________
(2/334)
أخانا نكتل ) جواب والأصل نكتال فحذفت الضمة من اللام للجزم وحذفت الألف لالتقاء الساكنين وهذه قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم وقرأ الكوفيين ( يكتل ) بالياء والأول اختيار أبي عبيد ليكونوا كلهم داخلين فيمن يكتال وزعم أنه إذا قال يكتل بالياء كان للأخ خاصة قال أبو جعفر وهذا لا يلزم لأنه لا يخلو الكلام من إحدى جهتين أن يكون المعنى فأرسل أخانا يكتل معنا فيكون للجميع أو يكون التقدير على غير التقديم والتأخير فيكون في الكلام دليل على الجميع بقوله فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي
64
على البيان وهذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وقرأ سائر الكوفيين ( حافظا ) والقراءة الأولى أبين كما يقال هو خير منه حسبا و ( حافظا ) منصوب على الحال وقال أبو إسحاق يجوز أن يكون منصوبا على البيان
65
ما في موضع نصب والمعنى والله أعلم أي شيء نبغي بتعريفنا إياك فإن الملك قد برنا و ( هذه بضاعتنا ) تدل على ذلك إذ ( ردت إلينا ) وروي عن علقمة ( ردت إلينا ) بكسر الراء لأن الأصل فيه رددت فلما أدغم قلب حركة الدال على الراء كما يقال بيع في المعتل وقد حكى قطرب في ضرب زيد ضرب ( ونزداد كيل بعير ) أي يخرج أخونا على بعير فيكال له عليه ( ذلك كيل يسير ) في معناه قولان أحدهما يسير على الملك أي سهل والآخر ذلك الذي جئنا به كيل يسير لا يكفينا فنحن نحتاج أن يخرج أخونا معنا حتى يزداد
____________________
(2/335)
66
في موضع نصب قال أبو إسحاق المعنى إلا لإحاطة بكم قال وهذا يحقق الجزاء كقولك ما جئتني إلا لأخذ الدراهم وإلا أن تأخذ الدراهم ( قال الله على ما نقول وكيل ) أي حافظ للحلف
67
أصح ما قيل فيه أنه خاف أن يدخلوا جميعا فيبلغ الملك الأعظم أمرهم فيلحقهم منه مكروه أو يحسدهم من رآهم مجتمعين ولا معنى للعين ههنا لأن بعده ( وما أغني عنكم من الله من شيء ) لأنه أن صح ما يكون يعقب العين فهو من الله جل وعز
ويدلك على هذا
68
( إلا حاجة ) استثناء ليس من الأول ( وإنه لذو علم لما علمناه ) أي بأمر دينه ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما يعلم يعقوب صلى الله عليه وسلم من أمر دينه قال الأخفش جمع سقاية سقايا ( أيتها العير ) أي أصحاب العير يدل على ذلك إنكم لسارقون وكان النداء عن غير أمر يوسف صلى الله عليه وسلم لأنه كذب
____________________
(2/336)
72
وروي عن أبي هريرة ( قالوا نفقد صاع الملك ) وروى أبو الأشهب عن أبي رجاء ( قالوا نفقد صوع الملك ) بغير ألف وبغين معجمة وكذا روي عن يحيى بن يعمر قال أبو جعفر الألف في صواع زائدة وهو بمعنى صاع وصاع أكثر في كلام الناس كما قال
( لا نألم القتل ونجزي به الأعداء ** كيل الصاع بالصاع ) وجمع صواع صيعان وجمع صاع على التذكير أصواع وعلى التأنيث أصوع وجمع صوغ أصواغ كثوب أثواب وصوغ مصدر بمعنى مصوغ كما تقول درهم ضرب أي مضروب ( ولمن جاء به حمل بعير ) ابتداء وخبر وكذا ( وأنا به زعيم ) والزعيم الكفيل وأصله من زعم ذاك أي قاله
73
التاء بدل من الواو لأنها أقرب الزوائد إليها ولا يقاس على الأبدال فيقال تالرحمن لأن العرب إذا أبدلت الشيء من الشيء فقد عرف وكذا المجاز لا يقاس عليه
____________________
(2/337)
74
ابتداء وخبر ( إن كنتم كاذبين ) أي في قولكم وما كنا سارقين
75
وهذا مشكل من النحو وفيه ثلاثة أقوال منها أن يكون جزاؤه مبتدأ وخبره محذوفا والتقدير جزاؤه عندنا كجزائه عندكم أن يستعبد من يسرق ويقال إن هذا الحكم كان في شريعة يعقوب صلى الله عليه وسلم وكان هذا في أول الإسلام حتى نسخه الله جل وعز بالقطع والقول الثاني أن يكون جزاؤه مبتدأ و من وجد مبتدأ ثانيا فهو جزاؤه خبر الثاني والجملة خبر الأول و من شرط وإن شئت بمعنى الذي والذي يعود على المبتدأ الأول جزاؤه الثاني والتقدير ( فهو ) هو ثم أظهر الضمير وأنشد سيبويه
( لعمرك ما معن بتارك حقه ** ولا منسىء معن ولا متيسر ) إلا أنه في الآية أحسن لأنه لو أضمر فيها لأشكل المعنى فكان الإظهار أحسن لهذا والقول الثالث أن يكون جزاؤه مبتدأ و من وجد في رحله كناية عن رحله وخبره والتقدير جزاؤه استعباد من وجد في رحله فهو كناية عن الاستعباد وهي في الجملة معنى التوكيد كما تقول جزاء من سرق القطع فهو جزاؤه وفهذا جزاؤه ( كذلك ) الكاف في موضع نصب أي نجزي الظالمين جزاءا كذلك
____________________
(2/338)
76
فأنث ففيه ثلاثة أقوال منها أن يكون الكناية للصواع على لغة من أنث ومنها أن يكون للسقاية والجواب الثالث أن يكون للسرقة وقرأ الحسن ( ثم استخرجها من وعاء أخيه ) بضم الواو ويجوز في غير القرآن أعاء مثل أقت و وقتت ويجوز إعاء أخيه وهي لغة هذيل ومثله إكاف و وكاف ( كذلك كدنا ليوسف ) الكاف في موضع نصب أي بأن فعل هذا حتى أخذ أخاه ولم يكن يتهيأ له أخذه وحبسه مع الملك بغير حجة قال جل وعز ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله ) ( أن ) في موضع نصب والتقدير إلا بأن يشاء الله أن يلطف له بمثل هذا الكيد ( نرفع درجات من نشاء ) هذه قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة وقرأ أهل الكوفة ( نرفع درجات ) بالتنوين وهو على قراءتهم مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف والتقدير نرفع من نشاء إلى درجات إلا أن أكثر كلام العرب على القراءة الأولى يقولون اللهم ارفع درجته ولا يكادون يقولون اللهم ارفعه درجة قال مالك بن أنس سمعت زيد بن أسلم يقول في قوله عز وجل نرفع درجات من نشاء بالعلم ( وفوق كل ذي علم عليم ) ابتداء وفيه تقديران أحدهما وفوق كل ذي علم من هو أعلم منه حتى ينتهي ذلك إلى الله جل وعز والتقدير الآخر وفوق كل ذي علم عالم بكل شيء وهو الله جل وعز
77
جزم بإن والجواب ( فقد سرق أخ له من قبل ) المعنى على حذف القول
____________________
(2/339)
والتقدير فقد قيل سرق أخ له ومن أحسن ما قيل في معناه أن السدي قال كانت عمة يوسف صلى الله عليه وسلم تميل إليه وهي ربته فلما ترعرع أرادوا أن يأخذوه منها فاحتالت في منعهم فأخذت منطقة إسحاق صلى الله عليه وسلم فشدتها في وسطه من تحت ثيابه وكان حكم السارق إذا سرق أن يستخدم فاحتالت بهذا فأخذته عندها فلهذا قال إخوته فقد سرق أخ له من قبل ( فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ) للعلماء في هذا أقوال منها أنه أسر في نفسه قوله أنتم شر مكانا وقيل أسر في نفسه المجازاة لهم على ما قالوا فيه وقيل أسر في نفسه الحجة على ما قالوا ولم يرد أن يبين عذره في ذلك وقيل أسر في نفسه قولهم فقد سرق أخ له من قبل ولم يرد أن يذيع هذا وينشره ( قال أنتم شر مكانا ) ابتداء وخبر ( مكانا ) منصوب على البيان أي فعلا
78 من نعته
79
مصدر ( أن نأخذ ) في موضع نصب أي من أن نأخذ ( إلا من وجدنا ) في موضع نصب بنأخذ ( إنا إذا لظالمون ) أي إن أخذنا غيره
80
أي انفردوا وليس هو معهم ( نجيا ) نصب على الحال وهو واحد يؤدي عن جمع وجمعه أنجية ( ومن قبل ما فرطتم في يوسف ) ما زائدة لا موضع لها من الإعراب وقيل هي في موضع رفع على الابتداء وبمعنى وقع تفريطكم
____________________
(2/340)
في يوسف عليه السلام وقيل موضعه نصب عطف على أن والمعنى ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله وتعلموا تفريطكم في يوسف عليه السلام ( فلن أبرح الأرض ) أي من الأرض ( حتى يأذن لي أبي ) نصب بحتى وهي بدل من أن ( أو يحكم الله لي ) عطف على يأذن والمعنى والله أعلم أو يحكم الله لي بالممر مع أخي فامضي معه إلى أبي ( وهو خير الحاكمين ) ابتداء وخبر
81
له ( يا أبانا إن ابنك سرق ) قال أبو حاتم ذكر قوم ( إن ابنك سرق ) قالوا معناه رمي بالسرق كما يقال ظلم فلان وخون قال ولم أسمع له إسنادا قال أبو جعفر ليس نفيه السماع بحجة على من سمع وقد روى هذا الحرف غير واحد منهم محمد بن سعدان النحوي في كتابه كتاب القراءات وهو ثقة مأمون وذكر أنها قراءة ابن عباس قال أبو إسحاق وقرىء ( إن ابنك سرق ) وهو يحتمل معنيين أحدهما علم منه السرق والآخر أتهم بالسرق ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ) أي لم نعلم وقت أخذناه منك أنه يسرق فلا نأخذه
82
أي أهل القرية قال سيبويه ولا يجوز كلم هند وأنت تريد غلام هند لأن هذا يشكل
____________________
(2/341)
83
أي زينته من غير أن تكون منه سرق ( فصبر جميل ) أي أولى من الجزع ( عسى الله أن يأتيني بهم جميعا ) لأنه كان عنده أن يوسف صلى الله عليه وسلم لم يمت وإنما غاب عنه خبره لأن يوسف صلى الله عليه وسلم حمل وهو عبد لا يملك لنفسه شيئا ثم اشتراه الملك فكان في داره لا يظهر للناس ثم حبس فلما تمكن احتال في أن يعلم أبوه خبره ولم يوجه برسول لأنه كره من إخوته أن يعرفوا ذلك فلا يدعوا الرسول يصل إلى أبيه وقال بهم لأنهم ثلاثة يوسف وأخوه والمتخلف مع أخيه
84
قال أبو إسحاق الأصل يا أسفي أبدل من الياء ألف لخفة الألف والفتحة ( وابيضت عيناه من الحزن ) وقال سأل قوم عن معنى شدة حزن يعقوب صلى الله عليه وسلم فللعلماء في هذه ثلاثة أجوبة منها أن يعقوب صلى الله عليه وسلم لما علم أن يوسف عليه السلام حي خاف على دينه فاشتد حزنه لذلك وقيل إنما حزن لأنه سلمه إليهم وهو صبي فندم على ذلك والجواب الثالث أبينها وهو أن الحزن ليس محظورا وإنما المحظور الولولة وشق الثياب والكلام بما لا ينبغي قال النبي صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا يقول ما يسخط الرب وقد بين الله جل وعز بقوله ( فهو كظيم )
85
قال الكسائي يقال فتأت وفتئت أفعل ذلك أي ما زلت وزعم الفراء أن
____________________
(2/342)
لا مضمرة وأنشد
( فقلت يمين الله أبرح قاعدا ** ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ) والذي قال حسن صحيح وزعم الخليل وسيبويه أن لا تضمر في القسم لأنه ليس فيه إشكال ولو كان موجبا لكان باللام والنون ( حتى تكون حرضا ) يقال حرض وحرض حروضا وحروضة إذا بلي وسقم ورجل حارض وحرض إلا أن حرضا لا يثنى ولا يجمع ومثله قمن وحري لا يثنيان ولا يجمعان وحكى أهل اللغة أحرضه الهم إذا أسقمه ورجل حارض أي أحمق
86
حقيقة البث في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها وهو من بثثته أي فرقته فسميت المصيبة بثا مجازا
87
أي اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم واحتال عليكم في أخذ فسلوه عنه وعن مذهبه
88
أي الممتنع ( مسنا وأهلنا الضر ) فخضعوا له وتواضعوا فرق ف
89 قيل فدل بهذا أنهم كانوا
____________________
(2/343)
صغارا في وقت أخذهم ليوسف عليه السلام حتى تركوا أخاه منفردا منه لا يقاومهم فتنبهوا ف
90 على تخفيف الهمزة الثانية ويجوز تحقيقهما وأن يدخل بينهما ألفا ويجوز إنك على الخبر ( إنه من يتق ويصبر ) الهاء كناية عن الحديث والجملة الخبر وكذا الجملة الخبر في قوله جل وعز ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )
91
الأصل همزتان خففت الثانية ولا يجوز تحقيقهما واسم الفاعل مؤثر والمصدر إيثار ويقال أثرت التراب إثارة فأنا مثير وهو أيضا على أفعل ثم أعل والأصل أثير قلبت حركة الياء على الثاء فانقلبت الياء ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين وأثرت الحديث على فعلت فأنا آثره ( وإن كنا لخطئين ) من خطىء يخطأ إذا أتى الخطيئة
92
تم الكلام ومعنى اليوم الوقت ( يغفر الله لكم ) فعل مستقبل فيه معنى الدعاء
93
هذا نعت للقميص والقميص مذكر فأما قول الشاعر
( يدعو هوازن والقميص مفاضة ** فوق النطاق تشد بالأزرار )
____________________
(2/344)
فتقديره والقميص درع مفاضة ( يأت بصيرا ) جواب الأمر ( واتوني بأهلكم أجمعين ) توكيد في موضع خفض ولا يجوز أن يكون نصبا على الحال لأنه تابع لما قبله
96
أن زائدة للتوكيد ( فارتد بصيرا ) نصب على الحال
99
نصب بالفعل وكذا
100 سجدا على الحال
101
في موضع نصب لأنه نداء مضاف والتقدير يا رب ( فاطر السموات والأرض ) نصب على النعت وإن شئت كان نداء ثانيا
102
ابتداء ( من أنباء الغيب ) خبره ( نوحيه إليك ) خبر ثان قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون ذلك بمعنى الذي و ( توحيه إليك ) خبره أي الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك
103
اسم ما ( ولو حرصت ) أي على هدايتهم ( بمؤمنين ) خبر ما
____________________
(2/345)
105
قال الخليل وسيبويه هي أي دخلت عليها كاف التشبيه فصارت بمعنى كم قال أبو جعفر ولا يجوز الوقف عليها إلا وكأي كما تقول أنت كزيد ولا يقول أحد من العرب أنت كزيدن بنون وقد اعتل النحويون لهذا فقالوا لا يوقف على التنوين لئلا يشبه النون التي يقع عليها الإعراب إلا أنه يجوز الروم والأشمام في المرفوع والروم في المخفوض والإسكان في المخفوض أجود وأكثر ما جاء في كلام العرب وأشعارها كائن من رجل قد رأيته على وزن كاع وقرأ بهذه اللغة جماعة من أئمة المسلمين منهم أبي بن كعب وعبد الله بن عباس ومجاهد وابن كثير وأبو جعفر وشيبة والأعرج والأعمش وروي عن ابن محيصن ( وكئن ) على وزن كعن وفعل هذا بهذا الحرف لكثرته في كلامهم وقد روي عن الحسن وكاين بغير همز ( وهم عنها معرضون ) ابتداء وخبر أي لا يتفكرون وبين أنهم لا يتفكرون بقوله جل وعز
106 إذا قيل لهم من خلقكم وخلق السماوات والأرض قالوا الله جل وعز ثم يشركون معه غيره
107
نصب على الحال وأصله المصدر وقال محمد بن يزيد جاء عن العرب حال بعد نكرة وهو قولهم وقع أمر بغتة وفجأة قال أبو جعفر ومعنى بغته
____________________
(2/346)
أصابه من حيث لم يتوقع
108
ابتداء وخبر ( أنا ) توكيد ( ومن اتبعني ) عطف على المضمر
109
ابتداء ( خير ) خبره وزعم الفراء أن الدار هي الآخرة أي أضيف الشيء إلى نفسه واحتج الكسائي بقولهم صلاة الأولى واحتج الأخفش بقولهم مسجد الجامع قال أبو جعفر إضافة الشيء إلى نفسه محال لأنه إنما يضاف الشيء إلى غيره ليعرف به والأجود الصلاة الأولى لأنها أول ما صلي حين فرضت الصلوات وأول ما أظهر فلذلك قيل لها أيضا ظهر والتقدير ولدار حال الآخرة خير
110
هذه القراءة البينة عطف على استيأس وقرأ بها من الصحابة عائشة رضي الله عنها وقرأ ابن مسعود وابن عباس رحمهما الله ( وظنوا أنهم قد كذبوا ) والتقدير وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا وقرأ مجاهد ( وظنوا أنهم قد كذبوا ) أي وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا لما رأوا من تفضل الله جل وعز في تأخيره العذاب وروي عن عاصم ( فنجي من نشاء ) بنون واحدة و ( من ) في موضع رفع اسم ما لم يسم فاعله
____________________
(2/347)
112
أي ولكن كان ويجوز الرفع بمعنى ولكن هو تصديق الذي بين يديه ( وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )
____________________
(2/348)
13 رب يتسر
1
ابتداء وخبر ويجوز أن يكون التقدير هذا الذي أنزل إليك تلك آيات الكتاب التي وعدت بها ( والذي أنزل إليك من ربك الحق ) ابتداء وخبر ويجوز أن يكون الذي عطفا على آيات في موضع رفع ويكون الحق مرفوعا نعتا للذي أو على إضمار مبتدأ ويجوز أن يكون الذي في موضع خفض عطفا على الكتاب ويكون الحق رفعا على إضمار مبتدأ ويجوز خفضه يكون نعتا للذي ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) أي بعد وضوح الآيات
2
ابتداء وخبر أي ولا بد لها من رافع فهذا من الآيات ( بغير عمد ترونها ) يكون ترونها في موضع نصب على الحال أي رفع السماوات مرئية بغير عمد ويجوز أن يكون مستأنفا أي رفع السموات بغير عمد ثم قال أنتم ترونها ويجوز أن يكون ترونها في موضع خفض أي بغير عمد مرئية أي لو كانت بعمد
____________________
(2/349)
لرأيتموها لكثافة العمد
3
ابتداء وخبر فدل على قدرته جل وعز في الأرض بعد أن دل عليها في السماء ( وجعل فيها رواسي ) حركت الياء في موضع النصب لخفة الفتحة ولم تنصرف لأنها قد صارت بمنزلة السالم أن تميد بكم في موضع نصب أي كراهة أن تميد بكم
4
ابتداء وخبر ودل بهذا على قدرته جل وعز ( وجنات من أعناب ) عطف ويجوز و جنات على وجعل فيها جنات ويجوز أن يكون في موضع خفض عطفا على كل ( وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان ) بالخفض قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة وقرأ أبو عمرو وابن كثير ( وزرع ) بالرفع وما بعده مثله قال الأصمعي قلت لأبي عمرو بن العلاء كيف لا تقرأ وزرع بالجر فقال الجنات لا تكون من الزرع قال أبو جعفر هذا الذي قاله أبو عمرو رحمه الله لا يلزم من قرأ بالجر لأن بعده ذكر النخيل وإذا اجتمع مع النخيل الزرع قيل لهما جنة وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال وزرع ونخيل بالخفض أولى لأنه أقرب إليه واحتج بحكاية سيبويه خشنت بصدره وصدر زيد وأن الجر أولى من النصب لقربه منه كذا وزرع أولى لقربه من أعناب صنوان جمع صنو مثل نسوة ونسوان وقنو وقنوان وحكى سيبويه قنوان وقال الفراء
____________________
(2/350)
صنوان بالضم لغة تميم وقيس والكسر لغة أهل الحجاز فإن جمعت صنوا في أقل العدد قلت أصناء والكثيرة صني وصني وقرأ الحسن وعاصم وحميد وابن محيصن ( يسقى ) بالياء على تذكير النبت أو الجمع واحتج أبو عمرو للتأنيث بأن بعده ( ونفضل بعضها ) ولم يقل بعضه قال أبو جعفر وهذا احتجاج حسن وقرأ أهل الحرمين وأهل البصرة ( ونفضل ) بالنون وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ( ويفضل ) بالياء قال أبو عبيد ونفضل على الاستئناف ويفضل على أول السورة وهذا شيء قد تقدم وانفصل بقوله عز وجل وفي الأرض قطع متجاورات قال أبو جعفر وهذا احتجاج حسن ( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) في موضع خفض أي عقلاء
5
أي فيجب أن يعجب من قولهم العقلاء لأنه جهل إذ كان الله جل وعز قد دلهم على قدرته وأراهم من آياته ما هو أعظم من إحياء الموتى و عجب مرفوع ينوى فيه التأخير على خبر المبتدأ ( أإذا كنا ترابا ) العامل في إذا كنا لأنه لا يجوز أن يعمل ما بعد إن فيما قبلها فاذن قرأ أإنا فالعامل إذا فعل محذوف والتقدير أنبعث إذا ( أولئك الذين كفروا بربهم ) أي من سأل عن البعث سؤال منكر له بعد البراهين فقد كفر ونظير هذا ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا أي جدال منكر ( وأولئك ) مبتدأ ( والأغلال ) مبتدأ ثان ( في أعناقهم ) في موضع الخبر والجملة خبر الأول ( وأولئك أصحاب النار ) مبتدأ وخبر
____________________
(2/351)
6
قال قتادة بالعقوبة قبل العافية قال أبو إسحاق هو من قولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ( وقد خلت من قبلهم المثلات ) قد ذكرنا ما فيه قال الفراء بنو تميم يقولون مثلات بسكون الثاء ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) روي عن ابن عباس أنه قال ليس في القرآن أرجأ من هذه
7
وإنما قالوا هذا بعد ظهور الآيات والبراهين على التعنت والتهزء فقال الله جل وعز ( إنما أنت منذر ) أي تنذرهم العذاب لكفرهم بعد البراهين ( ولكل قوم هاد ) قد ذكرنا قول أهل التفسير فيه وفيه تقديران في العربية يكون هاد معطوفا على منذر وهذا من أحسن ما قيل فيه لأن المنذر هو الهادي إلى الله جل وعز والتقدير إنما أنت منذر هاد والتقدير الآخر أن يكون مرفوعا بالابتداء والتقدير ولكل قوم نبي هاد
8
ابتداء وخبر وكذا ( وكل شيء عنده بمقدار )
9
نعت وإن شئت على إضمار مبتدأ وإن شئت بالابتداء وما
____________________
(2/352)
بعده خبره ويجوز في الإعراب النصب على المدح والخفض على البدل و ( الكبير ) الملك المقتدر على كل شيء و ( المتعال ) المستعلي على كل شيء وحذفت الياء لأنه رأس آية
10
مرفوع ينوى به التأخير قال أبو إسحاق والتقدير ذو سواء كما يقال رجل عدل وقيل سواء بمعنى مستو وهو مرفوع بالابتداء قال أبو إسحاق ولا يجوز عند سيبويه هذا لأنه لا يبتدأ بنكرة قال أبو جعفر والمعنى أنه يستوي عند الله جل وعز هؤلاء وعلمه بهم واحد وقال حسان
( فمن يهجو رسول الله منكم ** ويمدحه وينصره سواء ) أي بمنزلته عند الله جل وعز
11
جمع معقبة والهاء للمبالغة ولهذا جاز ( يحفظونه ) على التذكير ( من أمر الله ) أي حفظهم إياه من أمر الله جل وعز أمرهم أن يحفظوه مما لم يقدر عليه وقيل المعنى أن المعقبات من أمر الله جل وعز وهذان الجوابان على قول من قال أن المعقبات الملائكة وأما من قال إن المعقبات الشرط فالمعنى عنده يحفظونه من أمر الله على قولهم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فيه قولان أحدهما أن المعنى أن الله لا يغير ما بإنسان من نعمة
____________________
(2/353)
وكرامة ابتدأ بها بأن يعاقبه أو يعذبه إلا أن يغير ما بنفسه والقول الآخر أن الله جل وعز لا يغير ما بقوم مؤمنين صالحين فيسميهم كافرين فاسقين إلا أن يفعلوا ما يوجب ذلك ولا يأمر بإذلالهم إلا أن يغيروا ما بأنفسهم ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) فحذرهم الله جل وعز بعد أن أعلم أنه يعلم سرائرهم وما يخفون ( وما لهم من دونه من وال ) أي من ولي ينصرهم ويمنع منهم
12
ابتداء وخبر ( خوفا وطمعا ) على المصدر وقول أهل التفسير خوفا للمسافر وطمعا للحاضر على الأكثر وحقيقته على العموم لكل من خاف أو طمع ( وينشىء السحاب الثقال ) جمع سحابة فلهذا نعت بالثقال
13
أهل التفسير يقولون الرعد اسم ملك فهذا حقيقة وقيل أنه مجاز وأنه الصوت فيكون معنى يسبح يدل على تنزيه الله جل وعز عن الأشباه فنسب التسبيح إليه مجازا
14
أي وما دعاء الكافرين الأوثان ( إلا في ضلال ) عن الصواب وعن الانتفاع بالإجابة
____________________
(2/354)
15
قد تكلم العلماء في معنى هذا ومن أحسن ما قيل أن السجود ههنا الخضوع لتدبير الله جل وعز وتصريفه من صحة وسقم وغيرهما ( طوعا وكرها ) أي ينقادون على ما أحبوا أو كرهوا لا حيلة لهم في ذلك وظلالهم أيضا منقادة لتدبير الله جل وعز وإجرائه الشمس بزيادة الظل ونقصانه وزواله بتصرف الزمان وجري الشمس على ما دبره جل وعز
16
أي المؤمن والكافر ( أم هل تستوي الظلمات والنور ) أي الكفر والإيمان
17 قال أهل التفسير أي بقدر ملئها وقيل ما قدر لها ( فاحتمل السيل زبدا رابيا ) تم الكلام ثم قال جل وعز ( ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد ) رفع بالابتداء عند البصريين وقال الكسائي ارتفع لأن معناه مما توقدون عليه في النار زبد قال وهو الغثاء وقد غثى يغثي غثيا وغثيانا وهو ما لا ينتفع به مثله أي مثل زبد البحر ( كذلك ) في موضع نصب ( فأما الزبد ) أي من هذه الأشياء ( فيذهب جفاءا ) على الحال من قولهم انجفأت القدر إذا رمت بزبدها وهو الغثاء أيضا
____________________
(2/355)
18
في موضع رفع يجوز أن يكون التقدير جزاء الحسنى وقيل هو اسم للجنة أولئك لهم سواء الحساب والمناقشة والتوبيخ وإحباط الحسنات بالسيئات
20
في موضع رفع على البدل من قوله جل وعز ( إنما يتذكر أولوا الألباب )
21
أي يصلون أرحامهم ومن أمر الله جل وعز بإكرامه وإجلاله من أهل الطاعة
22
أي يدفعون إذا هموا بالسيئة فكروا فارتدعوا ودفعوها بالاستغفار والإقلاع وهذا حسن من الفعل وينهون أيضا عن المنكر بالموعظة أو بالغلظة فهذا كله حسن ( أولئك لهم عقبى الدار )
23
24
بدل من عقبى ( يدخلونها ومن صلح ) وهذا من مشكل النحو لأن أكثر النحويين يقولون ضربته وزيد قبيح حتى يؤكد المضمر فتكلم النحويون في هذا حتى قال جماعة منهم قمت وزيد جيد بألف لأن هذا ليس بمنزلة المجرور لأن المجرور لا ينفصل بحال وكان أبو إسحاق يذهب إلى أن
____________________
(2/356)
الأجود قمت وزيدا بمعنى معا إلا أن يطول الكلام فتقول قمت في الدار وزيد وضربتك أمس وزيد وإن شئت نصبت وإنما ينظر في هذا إلى ما كان منفصلا فيشبه بالتوكيد قال أبو جعفر يجوز عندي والله أعلم أن يكون من في موضع رفع ويكون التقدير أولئك ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لهم عقبى الدار ( والملائكة ) ابتداء ( يدخلون ) في موضع الخبر والتقدير يقولون ( سلام عليكم )
27
هذا أيضا على التعنت بعد أن رأوا الآيات
28
في موضع نصب على البدل من ( من ) ( وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) أي بوعده ( ألا ) تنبيه ( بذكر الله تطمئن القلوب ) أي قلوبهم
29
في موضع رفع بالابتداء وخبره ( طوبى لهم ) ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بدلا من من وبمعنى أعني ويجوز أن يكون طوبى في موضع نصب بمعنى جعل الله لهم طوبى
30
الكاف في موضع نصب والأمة الجماعة
31
أن في موضع رفع أي لو وقع هذا وللعلماء في هذه الآية أقوال منها
____________________
(2/357)
أن الجواب محذوف والتقدير لكان هذا القرآن وقيل التقدير لما آمنوا قال الكسائي المعنى وددنا أن قرآنا سيرت به الجبال فهذا بغير حذف وللفراء فيها قول حسن قال يكون الجواب فيما قبله أي وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ( بل لله الأمر جميعا ) على الحال ( أفلم ييأس الذين آمنوا ) وفيه لغات يقال يائس ويقال ييئس على فعل يفعل ويقال يئس يئس المستقبل على لفظ الماضي ( أن لو يشاء الله ) في موضع نصب
33
رفع بالابتداء والخبر محذوف دل عليه ( وجعلوا لله شركاء ) قال الكسائي والفراء التقدير كشركائهم ( قل سموهم ) أي سموهم بخلق خلقوه أو فعل فعلوه بقدرتهم ( أم بظاهر من القول ) قيل معناه ليس له حقيقة وقيل أو بظاهر من القول قد ذكر في الكتب وقرأ يحيى بن وثاب ( وصدوا ) بكسر الصاد لأن الأصل صددوا فقلبت حركة الدال على الصاد
34
لعنة الله جل وعز إياهم ومعاداة المؤمنين لهم
35
رفع بالابتداء عند سيبويه والتقدير عنده فيما يقص عليكم مثل الجنة
____________________
(2/358)
أو مثل الجنة فيما نقص عليكم وقال الفراء الرافع له تجري من تحتها الأنهار والمعنى الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار كما يقال حلية فلان أسمر قال محمد بن يزيد من قال مثل بمعنى صفة فقد أخطأ لأنه إنما يقال صفة فلان أنه ظريف وأنه كريم ويقال مثل زيد مثل عمرو ومثل مأخوذ من المثال والحذو وصفة مأخوذة من التحلية والنعت وإنما التقدير فيما يقص عليكم مثل الجنة ( أكلها دائم ) وفيها كذا وفيها كذا ( تلك عقبى الذين اتقوا ) ابتداء وخبر وكذا ( وعقبى الكافرين النار )
36
قيل يعني به المؤمنين والكتاب القرآن ( من الأحزاب ) أي الذين تحزبوا على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ينكرون ما لم يوافقهم وقيل الذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى يفرحون بالقرآن لأنه مصدق بأنبيائهم وكتبهم وإن لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم
38
أي إلا بأن يأذن له أن يسأل الآية فيعلم أن في ذلك صلاحا ( لكل أجل كتاب ) أي لكل أمة كتاب مكتوب وأمر مقدر مقضي تقف عليه الملائكة ليعلم بذلك قدرة الله جل وعز وكذلك
39 وقد بينا معنى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت )
____________________
(2/359)
40 في موضع جزم بالشرط ودخلت النون توكيدا
41
جمع طرف وقد ذكرنا قول أهل التفسير فيه وقال عبد الله بن عبد العزيز الطرف الكريم من كل شيء وجمعه أطراف كما قال الأعشى
( هم الطرف الناكي العدو وأنتم ** بقصوى ثلاث تأكلون الوقائصا ) قال وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه العلم أودية في أي واد أخذت منه حسرت فخذ من كل شيء طرفا أي خيارا وقال الله جل وعز ننقصها من أطرافها أي من علمائها والعلماء هم الخيار الكرماء ومنه ما يدري أي طرفيه أطول أي ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه أو من ناحية أمه لبلهه والطرف الفرس الكريم والطارف ما استفيد
42
أي لله جل وعز المكر الثابت الذي يحيق بأهله ومعنى المكر من الله جل وعز أن ينزل العقوبة بمن يستحقها من حيث لا يعلم ( وسيعلم الكفار ) والكافر بمعنى واحد يؤدي عن جمع
____________________
(2/360)
43
في موضع رفع ( شهيدا ) على البيان ( ومن عنده ) في موضع خفض عطفا على اللفظ ويجوز أن يكون في موضع رفع على المعنى ( علم الكتاب ) رفع بالابتداء
____________________
(2/361)
14
1
أي هذا كتاب أنزلناه إليك في موضع رفع على النعت لكتاب ( لتخرج الناس ) لام كي والتقدير ليخرج الناس ( بإذن ربهم ) والأذن يستعمل بمعنى الأمر مجازا ( إلى صراط العزيز الحميد )
2
على البدل والرفع على الابتداء وإن شئت على إضمار مبتدأ وكذا ( وويل للكافرين )
3
قال أبو إسحاق عوجا مصدر في موضع الحال قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول هو منصوب على أنه مفعول ثان وهذا مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف والتقدير ويبغون بها عوجا
____________________
(2/363)
4
نصب بلام كي ( فيضل الله من يشاء ) مستأنف وعند أكثر النحويين لا يجوز عطفه على ما قبله ونظيره لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء وأنشد النحويون
( يريد أن يعربه فيعجمه ** )
قال أبو إسحاق يجوز النصب فيضل الله من يشاء على أن يكون مثل ليكون لهم عدوا وحزنا أي صار أمرهم إلى هذا
5
يجوز أن تكون أن في موضع نصب أي بأن أخرج قومك وهذا مذهب سيبويه كما يقال أمرته أن قم والمعنى عنده أمرته أن يقوم ثم حمل على المعنى كما قال
( وأنا الذي قتلت بكرا بالقنا ** )
ويجوز أن تكون أن لا موضع لها من الإعراب مثل أرسلت إليه أن قم
____________________
(2/364)
والمعنى أي قم ومثله قوله سبحانه وانطلق الملأ منهم أن امشوا
6
في موضع آخر بغير واو كان بالواو فهو عند الفراء بمعنى يعذبونكم ويذبحونكم فيكون التذبيح غير العذاب الأول ويجوز عند غيره أن يكون بعض الأول وإذا كان بغير واو فهو تبيين للأول وبدل منه كما أنشد سيبويه
( متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ** تجد حطبا جزلا ونارا تأججا )
8
كسرت إن لأن ما بعد الفاء في المجازاة مستأنف واللام للتوكيد
9
على البدل ولم يخفض ثمود لأنه جعل اسما للقبيلة ويجوز خفضه يجعل اسما للحي ( والذين من بعدهم ) في موضع خفض معطوف ( لا يعلمهم إلا الله ) رفع بالفعل ( جاءتهم رسلهم بالبينات )
وإن شئت حذفت الضمة من السين لثقلها ( فردوا أيديهم في أفواههم ) فإذا
____________________
(2/365)
أفردت قلت فم والأصل فوه فجمع على أصله مثل حوض وأحواض
11 في موضع رفع بكان
12 واللازم أذي يأذى أذى
14
ومن أمال أراد أن يدل على أنه من خفت
15 ويجوز رفع عنيد نعتا لكل
17
أي تكرهه الملائكة على ذلك ليعذب به ( ولا يكاد يسيغه ) أي ينزل من حلقه ( ويأتيه الموت من كل مكان ) أي يأتيه ما يمات منه من كل مكان من جسده ( ومن ورائه عذاب غليظ ) قيل من وراء ما يعذب به عذاب آخر غليظ
18
التقدير عند سيبويه والأخفش وفيما يقص عليكم وقال الكسائي إنما مثل أعمال الذين كفروا كرماد وقال غيره مثل الذين كفروا مبتدأ أعمالهم بدل منه والتقدير مثل أعمالهم ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا كما حكي صفة فلان أنه
____________________
(2/366)
أحمر قال الفراء ولو قرأ قارىء بالخفض أعمالهم جاز وأنشد
( ما للجمال مشيها وئيدا ** )
( في يوم عاصف ) على النسب عند البصريين بمعنى ذي عاصف وأجاز الفراء أن يكون بمعنى في يوم عاصف الريح وأجاز أيضا أن يكون عاصف للريح خاصة ثم يتبعه يوما قال وحكى نحويون هذا جحر ضب خرب قال أبو جعفر هذا مما لا ينبغي أن يحمل كتاب الله جل وعز عليه وقد ذكر سيبويه أن هذا من العرب غلط واستدل بأنهم إذا ثنوا قالوا هذان جحرا ضب خربان لأنه قد استبان بالتثنية والتوحيد ونظير هذا الغلط قول النابغة
( أمن آل مية رائح أو مغتدي ** عجلان ذا زاد وغير مزود )
( زعم البوارح أن رحلتنا غد ** وبذاك خبرنا الغراب الأسود )
فلا يجوز مثل هذا في كلام ولا لشاعر نعرفه فكيف يجوز في كتاب الله جل وعز ثم أنشد الفراء بيتا
____________________
(2/367)
( يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم ** أن ليس وصل إذا انحلت عرى الذنب )
وزعم أن أبا الجراح أنشده إياه بخفض كلهم وهذا مما لا يعرج عليه لأن النصب لا يفسد الشعر ومن قرأ في يوم عاصف بغير تنوين أقام الصفة مقام الموصوف أي في يوم ريح عاصف
21
أي من قبورهم ونصب جميعا على الحال ( تبعا ) بمعنى ذي تبع ويجوز أن يكون جمع تابع قال علي بن سليمان التقدير سواء علينا جزعنا وصبرنا
22
في موضع نصب استثناء ليس من الأول ( وما أنتم بمصرخي ) بفتح الياء لأن ياء النفس فيها لغتان الفتح والتسكين إذا لم يكن قبلها ساكن فإذا كان قبلها ساكن فالفتح لا غير ويجب على من كسرها أن يقرأ هي عصاي بكسر الياء وقد قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( بمصرخي إني ) بكسر الياء قال الأخفش سعيد ما سمعت هذا من أحد من العرب ولا من النحويين وقال الفراء لعل الذي قرأ بهذا ظن أن الباء تخفض الكلمة كلها قال أبو جعفر فقد صار هذا
____________________
(2/368)
بإجماع لا يجوز وأن كان الفراء قد نقض هذا وأنشد
( قال لها هل لك ياتافيي ** قالت له ما أنت بالمرضي )
ولا ينبغي أن يحمل كتاب الله جل وعز على الشذوذ ومعنى ( بما أشركتمون ) من قبل أنه قد كان مشركا قبلهم وقيل من قبل الأمر
26
ابتداء وخبر وأجاز الكسائي والفراء ومثل كلمة خبيثة على النسق وحكيا أن في قراءة أبي ( وضرب مثل كلمة خبيثة )
28 مفعولان
29
منصوب على البدل من دار ولم تنصرف لأنها مؤنثة معرفة مشتقة من قولهم ركية جهنام إذا كانت مقعرة
30
نصب بلام كي وبعضهم يسميها لام العاقبة والمعنى أنه لما آل أمرهم إلى هذا كانوا بمنزلة من فعل ذلك ليكون هذا
____________________
(2/369)
31
في ( يقيموا ) للنحويين أقوال قال الفراء تأويله الأمر قال أبو إسحاق بمثل هذا قال المعنى ليقيموا الصلاة ثم حذفت اللام لأنه قد تقدم الأمر قال ويجوز أن يكون مبنيا لأن اللام حذفت وبني لأنه بمعنى الأمر قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول حدثنا محمد بن يزيد عن المازني قال التقدير قل للذين آمنوا أقيموا الصلاة يقيموا وهذا قول حسن لأن المؤمنين إذا أمروا بشيء قبلوا فهو جواب الأمر ( وينفقوا ) عطف عليه ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) جعلت لا بمعنى ليس وإن شئت رفعت ما بعدها بالابتداء ويجوز رفع الأول ونصب الثاني بغير تنوين وبتنوين ويجوز نصب الأول بغير تنوين ورفع الثاني بتنوين ونصبه بتنوين قال الأخفش خلال جمع خلة وقال أبو عبيد هو مصدر مثل القتال وأنشد
( ولست بمقلي الخلال ولا قال ** )
33 على الحال أي دائبين فيما يؤدي إلى صلاح الناس
34
في معناه أقوال فمذهب الفراء من كل سؤالكم كما تقول أنا أعطيته سؤاله وإن لم يسأل شيئا أي ما لم يسأل لسأله وقال الأخفش وآتاكم من كل ما
____________________
(2/370)
سألتموه شيئا ومثله أوتيت من كل شيء أي من كل شيء في زمانها شيئا قال ويكون على التكثير وحكى سيبويه ما بقي منهم مخبر وذلك معروف في كلام العرب وفيه قول رابع وهو أن الناس قد سألوا على تفرق أحوالهم الأشياء فخوطبوا على ذلك
35
مفعولان ( واجنبني ) ويقال على التكثير جنبني ويقال أجنبني ( أن نعبد ) في موضع نصب والمعنى من أن نعبد الأصنام
36
أي من أهل ديني ومن أصحابي ( ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) أي له إن تاب
37
وحذف المفعول لأن من تدل عليه وكذا
40
42 مفعولان
قال أبو إسحاق
43 نصب على الحل والمعنى ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين أي مسرعين ( لا يرتد إليهم طرفهم ) رفع بيرتد ( وأفئدتهم ) مبتدأ ( هواء ) خبره
44
____________________
(2/371)
ليس لجواب الأمر ولكنه معطوف على يأتيهم أو مستأنف وقد أشكل هذا على بعض النحويين حتى قال لا ينصب جواب الأمر بالفاء وهذا خلاف ما قال الخليل رحمه الله وسيبويه وقد أنشد النحويون
( يا ناق سيري عنقا فسيحا ** إلى سليمان فنستريحا )
وإنما امتنع النصب في الآية لأن المعنى ليس عليه ( أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) أي من زوال عما أنتم عليه من الأمهال إلى الانتقام والمجازاة
46
إن بمعنى ما وهذا يروى عن الحسن كذا وأن مثله فإن كنت في شك مما أنزلناه إليك وكذا قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين وقد قيل في هاتين الآيتين غير ما قال وذلك في مواضعهما وقرأ مجاهد ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) بفتح اللام ورفع الفعل وبه قرأ الكسائي وكان محمد بن يزيد فيما حكي عنه يختار فيه قول قتادة قال هذا لكفرهم مثل قوله جل وعز تكاد السموات يتفطرن منه قال أبو جعفر وكان أبو إسحاق يذهب إلى أن
____________________
(2/372)
هذا جاء على كلام العرب لأنهم يقولون لو أنك بلغت كذا ما وصلت إلى شيء وإن كان لا تبلغه وكذا في إن وأنشد سيبويه
( لئن كنت في جب ثمانين قامة ** ورقيت أسباب السماء بسلم )
وروي عن عمر وعلي وعبد الله رضي الله عنهم أنهم قرءوا ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) بالدال ورفع الفعل والمعنى في هذا بين وإنما هو تفسير وليس بقراءة
47
مجاز كما يقال معطي درهم زيدا وأنشد سيبويه
( ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه ** وسائره باد إلى الشمس أجمع )
48
اسم ما لم يسم فاعله غير الأرض خبره وفي معناه قولان أحدهما أنها تبدل أرضا غير هذه وفي هذا أحاديث والقول الآخر أن تبديلها أذهاب جبالها وجعلها قاعا صفصفا وتبديل السماء انفطارها وانتثار كواكبها وتكوير شمسها كما يقال بدلت خاتمي أي غيرته عما كان عليه
____________________
(2/373)
49
نصب على الحال ( مقرنين ) معطوفة أيديهم وأرجلهم إلى أعناقهم بالسلال والأغلال والقرن بفتح الراء الحبل الذي يجمع به بين الشيئين قال جرير
( وابن اللبون إذا ما لز في قرن ** )
52
ابتداء وخبر أي هذا الوعظ قد بلغ لهم إن اتعظوا ( ولينذروا به ) لام كي والفعل محذوف لعلم السامع ( وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب ) عطف عليه
____________________
(2/374)
15
1 التقدير هذا تلك آيات الكتاب
2
فيه ثمانية أوجه قرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( ربما ) مثقلة وقرأ أهل المدينة وعاصم ( ربما ) مخففة والأصل التثقيل والعرب تخفف المثقل ولا تثقل المخفف وقال سيبويه لو سميت رجلا رب مخففة ثم صغرته رددته إلى أصله فقلت ربيب قال إسماعيل بن إسحاق حدثنا نصر بن علي عن أبيه عن الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقرأ ربما مخففة ومثقلة قال التخفيف لغة أهل الحجاز والتثقيل لغة تميم وقيس وبكر وحكى أبو زيد أنه يقال ربتما وربتما وهذا على تأنيث الكلمة فهذه أربع لغات وحكى أبو حاتم ربما وربما وربتما وربتما ولا موضع لها من الإعراب عند أكثر النحويين لأنها كافة جيء بها لأن رب لا يليها الفعل فلما جئت بما وليها الفعل عند سيبويه لا غير إلا
____________________
(2/375)
في الشعر فإنه يليها الابتداء والخبر وأنشد
( صددت فاطولت الصدود وقلما ** وصال على طول الصدود يدوم )
والجيد قوله
( وطال ما وطال ما وطالما ** سقى بكف خالد وأطعما )
والذي حكيناه قول الخليل وسيبويه وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد أن هذا جائز في الكلام والشعر كما أن إنما يكون بعدها الفعل والابتداء والخبر وسمعت محمد بن الوليد يقول ليس في حروف الخفض نظير لرب لأن سبيل حروف الخفض أن يضاف بها قبلها إلى ما بعدها وسبيل رب أن يضاف ما بعده من الفعل إلى ما قبله وزعم الأخفش أنه يجوز أن تكون ما في موضع خفض على أنها نكرة أي رب شيء أو رب ود يقال وددت أن ذلك كان إذ تمنيته ودا لا غير ووددت الرجل إذا أحببته ودا بضم الواو ومودة وودداة وودادا
3
في موضع أمر فيه معنى التهديد ولا يقال وذر ولا واذر والعلة فيه عند
____________________
(2/376)
سيبويه أنهم استغنوا عنه بترك وعند غيره ثقل الواو فلما وجدوا عنها مندوحة تركوها ( يأكلوا ) جواب الأمر ( ويتمتعوا عطف عليه )
4
في موضع الحال وفي غير القرآن يجوز حذف الواو ودل بهذا على أن كل مهلك ومقتول فبأجله
8 الأصل تتنزل فحذفت إحدى التاءين تخفيفا
والأصل في
9 إننا ( نحن ) في موضع نصب على التوكيد إن ويجوز أن تكون في موضع رفع على الابتداء ويجوز أن تكون لا موضع لها تكون فاصلة ( وإنا له لحافظون ) اللام الأولى لام خفض والثانية لام توكيد ولم يحتج إلى فرق في المضمر لاختلاف العلامة
12
الكاف في موضع نصب نعت لمصدر وقد تكلم الناس في المضمر ههنا فقيل هو كناية عن التكذيب وقيل عن الذكر وقيل هو مثل وسئل القرية أي عقوبته
14
15
____________________
(2/377)
ولغة هذيل يعرجون وفي المضمر قولان أحدهما أن التقدير فظل الملائكة والآخر أن التقدير ولو فتحنا على هؤلاء الكفار المعاندين بابا من السماء فأدخلناهم فيه ليعرجوا إلى السماء فيكون ذلك آية لتصديقك لدفعوا العيان وقالوا إنما سكرت أبصارنا وسحرنا حتى رأينا الشيء على غير ما هو عليه ويقال سكر وسكر على التكثير أي غطي على عقله ومنه قيل سكران وهو مشتق من السكر
17
18
( من ) في موضع نصب قال الأخفش استثناء خارج وقال أبو إسحاق يجوز أن تكون من في موضع خفض ويكون التقدير إلا ممن استرق السمع
19 على إضمار فعل
20
قال الفراء من في موضع نصب والمعنى وجعلنا لكم فيها المعايش والإماء والعبيد قال ويجوز أن يكون من في موضع خفض أي ولمن لستم له برازقين والقول الثاني عند البصريين لحن لأنه عطف ظاهرا على مكني مخفوض ولأبي إسحاق فيه قول ثالث حسن غريب قال من معطوفة على تأويل لكم والمعنى أعشناكم أي رزقناكم ورزقنا من لستم له برازقين
____________________
(2/378)
21
أي نحن مالكون له وقادرون عليه وقيل يعني به المطر
22
قد ذكرناه وقرأ طلحة ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( وأرسلنا الريح لواقح ) وهذا عند أبي حاتم لحن لأن الريح واحدة فلا تنعت بجمع قال أبو حاتم يقبح أن يقال الريح لواقح قال وأما قولهم اليمين الفاجرة تدع الدار بلاقع فإنما يعنون بالدار البلد كما قال عز وتعالى فأصبحوا في دارهم جاثمين وقال أبو جعفر هذا الذي قاله أبو حاتم في قبح هذا غلط بين وقد قال الله جل وعز والملك على أرجائها يعني الملائكة لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك وكذا الريح بمعنى الرياح وقال سيبويه وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وحكى الفراء في مثل هذا جاءت الريح من كل مكان يعني الرياح
25 حكيم في تدبيره عليم به
26
____________________
(2/379)
قد ذكرناه ومن أحسن ما قيل فيه قول ابن عباس رحمه الله قال مسنون على الطريق وتقديره على سنن الطريق وسننها وسننها وإذا كان كذلك أنتن وتغير لأنه ماء منفرد
وروي عن الحسن أنه قرأ
27 بالهمز كأنه كره اجتماع الساكنين والأجود بغير همز ولا ينكر اجتماع ساكنين إذا كان الأول حرف مد ولين والثاني مدغما ( والجان ) نصب بإضمار فعل
فقوله
29 نصب على الحال
30
مذهب الخليل وسيبويه أنه توكيد بعد توكيد وقال محمد بن يزيد أجمعون يفيد أنهم غير متفرقين قال أبو إسحاق هذا خطأ ولو كان كما قال لكان نصبا على الحال
31
قال أبو إسحاق استثناء ليس من الأول يذهب إلى قول من قال إن إبليس ليس من الملائكة ولا كان منهم وهذا قول صحيح يدل عليه أن الله جل وعز أخبرنا أنه خلق الجان من نار والملائكة لم تخلق من نار
32 في موضع نصب
____________________
(2/380)
37
38
ليس إجابة له إلى ما سأل وإنما هو على التهاون به إذ كان لا يصل إلى ضلال أحد إلا من لا يفلح لو لم يوسوسه
39
فيه أقوال فمن أحسنها أن المعنى بما خيبتني من الجنة يقال غوى إذا خاب وأغواه خيبه ومنه
( ومن يغو لا يعدم على الغي لائما ** )
40 نصب على الاستثناء
41
مبتدأ وخبر ( علي مستقيم ) من نعته قال زياد بن أبي مريم علي هي إلي يذهب إلى أن المعنى واحد قيل فيه معنى التهديد أي إلي مرجعه وعلى طريقه وقيل على بيانه أي ضمان ذلك
42
الأصل في ليس عند سيبويه ليس قال سيبويه وأما ليس فمسكنة من نحو صيد كما قالوا علم ذاك قال أبو جعفر كان يجب على أصول العربية أن يقال
____________________
(2/381)
لاس لتحرك الياء وتحرك ما قبلها قال سيبويه فجعلوا إعلاله إزالة الحركة لأنه لا يقال منه يفعل ولا فاعل ولا مصدر ولا اشتقاق وكثر في كلامهم فلم يجعلوه كأخواته يعني ما يعمل عمله قال فجعلوه كليت قال أبو إسحاق ولم يتصرف ليس لأنه ينفي بها المستقبل والحال والماضي فلم يحتج فيها إلى تصرف قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول لما ضارعت ما منعت من التصريف
47
قال الكسائي غل يغل من الشحناء وغل يغل من الغلول وأغل يغل من الخيانة وقال غيره معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل أزلنا عنهم الجهل والغضب وشهوة ما لا ينبغي حتى زال التحاسد ( إخوانا ) على الحال
51
والتقدير عن أصحاب ضيف إبراهيم ولهذا لم يكثر ضيوف
53
ومن قال تاجل أبدل من الواو ألفا لأنها أخف ومن قال تيجل أبدل منها ياءا لأنها أخف من الواو ولغة بني تميم تيجل ليدلوا على أنه من فعل ويقال فلان ييجل بكسر الياء وهذا شاذ لأن الكسرة في الياء مستقلة ولكن فعل هذا لتنقلب الواو ياءا
____________________
(2/382)
54
قراءة أكثر الناس وقرأ نافع بكسر النون وحكي عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله أنه قال كسر النون لحن يذهب إلى أنه لا يقال أنتم تقوموا فيحذف نون الإعراب قال أبو جعفر قد أجاز سيبويه والخليل مثل هذا قال سيبويه وقرأ بعض الموثوق بهم ( قال أتحاجوني ) و ( فبم تبشرون ) وهي قراءة أهل المدينة والأصل عند سيبويه فبم تبشرون بإدغام النون في النون ثم استثقل الإدغام فحذف إحدى النونين ولم يحذف نون الإعراب كما تأول أبو عمرو وإنما حذف النون الزائدة وأنشد سيبويه
( تراه كالثغام يعل مسكا ** يسوء الفاليات إذا فليني )
وقال الآخر
( أبالموت الذي لا بد أني ** ملاق لا أباك تخوفيني )
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش
____________________
(2/383)
55 وقرأ
56 وقرأ من بعد ما قنطوا جميعا بالكسر وقرأ أبو عمرو والكسائي ( قال ومن يقنط ) بكسر النون و قنطوا بفتح النون وقرأ أهل الحرمين وعاصم وحمزة ( قال ومن يقنط ) بفتح النون وقرؤوا قنطوا بفتح النون وقرأ الأشهب العقيلي ( قال ومن يقنط ) بضم النون قال أبو جعفر أبو عبيد القاسم بن سلام يختار قراءة أبي عمرو والكسائي في هذا وزعم أنها أصح في العربية ورد قراءة أهل الحرمين وعاصم وحمزة لأنها على فعل يفعل عنده وكذا أنكر قنط يقنط ولو كان الأمر كما قال لكانت القراءتان لحنا وهذا شيء لا يعلم أنه يوجد أن يجتمع أهل الحرمين على شيء ثم يكون لحنا ولا سيما ومعهم عاصم مع جلالته ومحله وعلمه وموضعه من اللغة والقراءتان اللتان أنكرهما جائزتان حسنتان وتأويلهما على خلاف ما قال يقال قنط يقنط وقنط قنوطا فهو قانط وقنط يقنط قنطا فهو قنط وقانط فإذا قرأ ومن يقنط فهو على لغة من قال قنط يقنط وإذا قرأ ومن يقنط فهو على لغة من قال قنط يقنط مثل ضرب يضرب وإذا قرأ يقنطوا فهو على لغة من قال قنط يقنط مثل حذر يحذر فله أن يستعمل اللغتين وأبو عبيد ضيق ما هو واسع من اللغة ومعنى ومن يقنط من ييأس
57 ابتداء وخبر
58
59
قال أبو إسحاق استثناء ليس من الأول ( إنا لمنجوهم أجمعين )
____________________
(2/384)
60
قال استثناء من الهاء والميم وتأول أبو يوسف هذا على أنه استثناء رد على استثناء وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط فاستثناهم من المجرمين إلا امرأته فاستثناها من قوم لوط فصارت مع المجرمين قال كما تقول له علي عشرة إلا أربعة إلا واحدا فيكون سبعة لأنك استثنيت من الأربعة واحدا فصار مع الستة فصارت سبعة قال أبو عبيد كما تقول إذا قال رجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فقط طلق ثنتين قال أبو جعفر الذي قال أبو يوسف كما قال عند أهل العربية والذي قاله أبو عبيد عند حذاق أهل العربية لا يجوز يقولون إنه لا يستثنى من الشيء نصفه ولا أكثر من النصف ولا يتكلم به أحد من العرب والاستثناء عند الخليل وسيبويه التوكيد لأنك إذا قلت جاءني القوم جاز أن يكون قد بقي منهم فإذا قلت كلهم أحطت بهم وكذا إذا قلت جاءني القوم جاز أن يكون زيد داخلا فيهم فإذا قلت إلا زيدا بينت كما بينت بالتوكيد ومعنى قولك له عندي عشرة إلا واحدا له عندي عشرة ناقصة ولا يجوز أن يقال لخمسة ولا أقل منها عشرة ناقضة ( قدرنا إنها ) وقرأ عاصم ( قدرنا ) وفي التشديد معنى المبالغة أي كتبنا ذلك وأخبرنا به وعلمنا أنها لمن الغابرين قد ذكرناه ومن أحسن ما قيل فيه أن معنى الغابرين الباقون المتخلفون عن الخروج معه من قولهم
____________________
(2/385)
غبر إذا بقي وهكذا قال أهل العربية في معنى ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إن المعنى فأسر بأهلك إلا امرأتك ومن أحسن ما قيل في معنى ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك أن المعنى ولا يلتفت إلى ما خلف وليخرج وقد قيل إنه من الالتفات أي لا يكن منكم خروج فيلتفت
63
أي بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه
65
من أسرى ومن وصل جعله من سرى لغتان معروفتان
66
قال الأخفش أن في موضع نصب على البدل من الأمر وقال الفراء هي في موضع نصب بسقوط الخافض أي قضينا إليه ذلك الأمر بهذا قال وفي قراءة عبد الله ( وقلنا إن دبر هؤلاء ) فلو قرأ قارىء على هذا بكسر أن لجاز ( مصبحين ) نصب على الحال والتقدير عند الفراء وأبي عبيد إذا كانوا مصبحين قال أبو عبيد كما تقول أنت راكبا أحسن منك ماشيا قال وسمعت أعرابيا فصيحا من بني كلاب يقول أنا لك صديقا خير مني لك عدوا
____________________
(2/386)
67 في موضع نصب على الحال
68
وحد لأنه مصدر في الأصل ضفته ضيفا أي نزلت به والتقدير ذوو ضيفي قال أبو إسحاق المعنى أو لم ننهك عن ضيافة العالمين وقال غيره المعنى أو لم ننهك عن أن تجير أحدا علينا وتمنعنا منه
72
مبتدأ والخبر محذوف لأن القسم باب حذف والتقدير لعمرك قسمي ( إنهم ) بالكسر لأنه جواب القسم وأجاز جماعة من النحويين فتحها ( لفي سكرتهم ) أي جهلهم شبه بالسكر
73
نصب على الحال وأشرقوا صادفوا شروق الشمس أي طلوعها
75
أي لعظات عن المعاصي والكفر للمستدلين
78
لا اختلاف في صرف هذا والذي في ق واختلفوا في الذي في
____________________
(2/387)
الشعراء والذي في ص فقرأهما أهل المدينة بغير صرف وقرأهما أهل البصرة وأهل الكوفة كذينك وهذا هو الحق لأنه لا فرق بينهن والقصة واحدة وإنما هذا كتكرير القصص في القرآن فأما قول من قال إن أيكة اسم للقرية وإن الأيكة اسم للبلد فغير معروف ولا مشهور فأما احتجاج من احتج بالسواد وقال لا أصرف اللتين في الشعراء و ص لأنهما في الخط بغير ألف فلا حجة له في ذلك وإنما هذا على لغة من قال جاءني صاحب زيد لسود يريد الأسود فألقى حركة الهمزة على اللام فتحركت اللام وسقطت ألف الوصل لتحركها وسقطت الهمزة لما ألفيت حركتها على ما قبلها وكذا ليكة
79
في معناه قولان أحدهما أن الإمام الكتاب الذي كتبه الله جل وعز لأنه قبل الكتب كلها والآخر أنه الطريق لأنه يؤتم به
80 قيل أصحاب الحجر قوم صالح
وقرأ الحسن
82 لأن فيه حرفا من حروف الحلق والكسر أفصح
87
في الحديث أن القرآن ههنا هو الحمد لأن بعض القرآن قرآن
88 أي لا تتمنين نعمهم ولا
____________________
(2/388)
تحزن عليهم ) أي على نعمتي عليهم قال أبو إسحاق ومعنى ( واخفض جناحك للمؤمنين ) ألن جناحك لمن آمن بك واتبعك
90
الكاف في موضع نصب أي وقل إني أنا النذير المبين عقابا أو عذابا مثل ما أنزلنا على المقتسمين
91 أبو عبيدة معمر بن المثنى يذهب إلى أن عضين من عضيت أي فرقت وهو مشتق من العضو والمحذوف عنده واو والتصغير عنده عضية والكسائي يذهب إلى أنه من عضهت الرجل أي رميته بالبهتان والتصغير عنده عضيهة قال الفراء العضون في كلام العرب السحر وإنما جمع بالواو والنون عند البصريين عوضا مما حذف منه وعند الكوفيين أنه كان يجب أن يجمع على فعول فطلبوا الواو التي في فعول فجاءوا بها فقالوا عضون قال الفراء ومن العرب من يقول عضينك يجعله بالياء على كل حال ويعرب النون كما تقول مضت سنينك وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر والعلة عنده فيه أن الواو لما وقعت موقع حرف ناقص توهموا أنها واو فعول فأعربوا ما بعدها وقلبوها ياءا كما قال بعض العرب في التاء حكاه عن أبي الجراح سمعت لغاتهم ولا تقول ذلك في الصالحات ولا فيما حذف من أوله نحو لدات
92 توكيد للهاء والميم
____________________
(2/389)
قال أبو إسحاق
94 أي أبنه وأظهره مشتق من الصديع وهو الصبح والصدع في الزجاجة أن يبين بعضها من بعض ( بما تؤمر ) مصدر عند البصريين أي بأمرنا وقال الكسائي التقدير بما تؤمر به مثل ألا إن عادا كفروا ربهم أي بربهم ثم حذفت الباء قال أبو جعفر لا يجوز حذف الباء عند البصريين في كلام ولا شعر وقد أنشد الكوفيون لجرير
( تمرون الديار ولم تعوجوا ** كلامكم علي إذا حرام )
وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ينشد لجده
( مررتم بالديار ولم تعوجوا ** )
96
في موضع نصب على النعت للمستهزئين ومعنى وأعرض عن المشركين أي عن إجابتهم إذا تلقوك بالقبيح
99
نصب بحتى ولا يجوز رفعه لأنه مستقبل واليقين الموت لأن كل عاقل يوقن به
____________________
(2/390)
16
1 من أحسن ما قيل في معناه قول الضحاك إنه القرآن وقد قيل إنه نصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن قال إنه القيامة جعله مجازا على أحد أمرين يكون أتى بمعنى قرب ويكون أتى بمعنى يأتي إلا أن سيبويه لا يجيز أن يكون فعل بمعنى يفعل ويجيز أن يكون يفعل بمعنى فعل لأنه يكون محكيا ( فلا تستعجلوه ) نهي فيه معنى التهديد
2
قال أبو إسحاق أن في موضع جر على البدل من الروح والتقدير ينزل الملائكة بأن أنذروا أهل الكفر والمعاصي أي حذروهم بأنه ( لا إله إلا أنا فاتقون ) ثم دل جل وعز على توحيده فقال جل ثناؤه
3
____________________
(2/391)
5
نصب بإضمار فعل ويجوز الرفع في غير القرآن
8
أي وجعل لكم وقال الفراء هي رد على خلق قال وإن شئت كانت بمعنى وسخر قال ويجوز الرفع من وجهين أحدهما أنه لم يكن معها فعل رفعت والآخر أنه لما كان يجوز والأنعام بالرفع توهمت أنه مرفوع رفعت ( وزينة ) قال الأخفش والفراء أي وجعلها زينة قال الفراء ويجوز أن ينصبها بالفعل نفسه وتقديره بمعنى لتركبوها زينة قال أبو حاتم روى سعيد عن قتادة عن أبي عياض أنه قرأ لتركبوها زينة بغير واو قال أبو إسحاق زينة مفعول له أي خلقها من أجل الزينة
قال أبو إسحاق ويقال لكل ما ينبت على الأرض شجر وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ( فيه تسيمون ) قال ترعون قال أبو إسحاق هو مشتق من السومة أي العلامة لأنها إذا رعت أثرت في الأرض فصارت فيها علامات
13 قال الأخفش أي خلق وبث
15
____________________
(2/392)
قال أي وجعل قال أبو إسحاق معنى ( وألقى في الأرض رواسي ) وجعل فلهذا أضمر في الثاني وجعل ( أن تميد بكم ) في موضع نصب والتقدير عند البصريين كراهة أن تميد بكم وعند الكوفيين لئلا تميد بكم
20
مبتدأ وخبره لا يخلقون شيئا قال الأخفش والنجوم مسخرات أي وخلق وسخر وحكى الفراء مخرت السفينة تمخر وتمخر إذا صوتت في جريها قال أبو إسحاق النجم والنجوم واحد
21
على إضمار مبتدأ أي هم أموات قال الكسائي ويجوز النصب على القطع والفعل ( أيان ) في موضع نصب ( يبعثون ) ولكنه مبني على الفتح لأن فيه معنى الاستفهام فوجب أن لا يعرب ففتحت نونه لالتقاء الساكنين وإذا التقى ساكنان في كلمة واحدة فتح الثاني وإن كانا في كلمتين كسر الأول هذا قول الكوفيين فأما البصريون فسبيل الساكنين إذا التقيا عندهم أن يكسر أحدهما إلا أن تقع علة والذي أوجب هذا أن الكسر أخو الجزم وقال محمد بن يزيد لأن ما كان معربا منصرفا لم يكسر إلا ومعه التنوين فإذا كان الساكن الأول ألفا فالفتح أولى عند الخليل وسيبويه لأن الفتحة من جنس الألف قالا ولو سميت رجلا إسحارا ثم رخمته لقلت يا أسحار أقبل ففتحت الراء لالتقاء الساكنين لأن قبلها ألفا
____________________
(2/393)
وقرأ أبو عبدالرحمن السلمي ( إيان يبعثون ) بكسر الهمزة قال الفراء وهي لغة سليم
وقد ذكرنا
23 في غير هذا الموضع
24
( ما ) في موضع رفع بالابتداء و ( ذا ) بمعنى الذي وهو خبر ما ( قالوا أساطير الأولين ) على إضمار مبتدأ قال الكسائي أي هو أساطير الأولين وقال الأخفش الجواب يرد على الكلام الأول فلما كانت ما في موضع رفع رفع قال أبو إسحاق المعنى الذي أنزل أي الذي ذكرتم أنتم أنه أنزل أساطير الأولين أي أكاذيب وقال غيره هذا على التهزء أي يقول بعضهم لبعض ماذا أنزل ربكم فيقول المجيب أساطير الأولين ولم يقروا أنه أنزل شيئا فلهذا كان مرفوعا وقد أجاز النحويون ماذا تعلمت أنحوا أم شعرا بالنصب والرفع فالرفع على ما تقدم والنصب على أن تكون ذا زائدة بمعنى أي شيء تعلمت فإن قلت من ذا كلمت أزيدا أم عمرا لم يكن من ذا في موضع رفع لأن ذا لا يراد معها
30
قال الكسائي ولو قيل خير لجاز يعني على ما تقدم ( ولنعم دار المتقين ) رفع بنعم والدار مؤنثة ولم يقل نعمت لأنه فعل يشبه الأسماء وجرى على المثل هذا قول البصريين وحذف علامة التأنيث عندهم أجود وقال
____________________
(2/394)
الكسائي التذكير لأن المعنى ولنعم موضع دار المتقين ومثوى ومأوى
قال والتأنيث جيد حسن واسع
31
قال الفراء إن شئت رفعت جنات بالاستئناف وإن شئت بالعائد في يدخلونها والرفع عند البصريين من جهتين إحداهما بالابتداء والأخرى بإضمار مبتدأ كما تقول نعم الرجل زيد
32
في موضع نصب نعت للمتقين و ( طيبين ) على الحال أي مؤمنين مجتنبين للمعاصي
33
أن الملائكة بما وعدوا من العذاب ( أو يأتي أمر ربك ) بالعذاب وحكى الكسائي حرص يحرص
وقد ذكرنا
37
38
مصدر قال الكسائي والفراء ولو قيل وعد عليه حق لكان صوابا أي ذلك وعد عليه حق
____________________
(2/395)
قرأ ابن محيصن وعبد الله بن عامر والكسائي
40 بالنصب قال أبو إسحاق النصب من وجهين أحدهما على العطف أي فأن يكون والآخر أن يكون جوابا لكن قال أبو جعفر الوجه فيكون مرفوع وتقديره عند سيبويه فهو يكون والنصب على العطف جائز فأما أن يكون جوابا فمحال لأنه إخبار لا يجوز فيه الجواب كما تقول أنا أقول لعمرو امض فيجلس أو فيمضي ولا معنى للجواب ههنا وإنما الجواب أن يقول امض فأكرمك ومثل الأول فلا تكفر فيتعلمون وإنما الجواب لا تكفر فتدخل النار
أي هجروا قومهم وديارهم ليتباعدوا من الكفر ( والذين ) في موضع رفع بالابتداء ( لنبوئنهم ) في موضع الخبر
42
في موضع رفع على البدل من الذين هاجروا وفي موضع نصب على البدل من هم
40
أي من الفرائض والأحكام والحدود
____________________
(2/396)
46
عطف على الأول ( في تقلبهم ) ما يتقلبون فيه من الأسفار وغيرها
47 لأنه أمهلهم دعاهم إلى التوبة
48
واحد في موضع جمع والشمائل جمع على بابه سجدا على الحال أي منقادا ذليلا على ما دبره الله جل وعز عليه وأصل السجود في اللغة التذلل والانقياد ( وهم داخرون ) أي منقادون على ما أحبوا أو كرهوا وكذا السجود في
49 أي منقادا لله جل وعز دال على حكمته كما روي عن ابن عباس
الكافر يسجد لغير الله جل وعز وظله يسجد لله تبارك وتعالى أي ينقاد لتدبيره وقال أبو إسحاق معنى ظله ههنا جسمه الذي يكون منه الظل أي جسمه ولحمه وعظمه منقادات لله جل عز دالة عليها أثر الخضوع والذل فعلى هذا هي ساجدة له تقدس اسمه
51
قال أبو إسحاق فذكر اثنين توكيدا لإلهين كما ذكر واحدا توكيدا في قوله ( إنما هو إله واحد ) وقال غيره التقدير ولا تتخذوا اثنين إلهين ( فإياي ) في موضع نصب بإضمار فعل
____________________
(2/397)
52 نصب على الحال
53
قال الفراء ما في موضع جزاء كأنه قال وما تكن بكم من نعمة فمن الله وقال أبو إسحاق المعنى ومما حل بكم من نعمة فمن الله أي أعطاكم من صحة في جسم أو رزق فكل ذلك من الله جل وعز
56
أي ويجعلون لما لا يعلمون أنه إله نصيبا مما رزقناهم ( تالله لتسألن عما كنتم تفترون ) أي من قولكم إنهم آلهة
57
لأنهم قالوا الملائكة بنات الله وتم الكلام عند قوله ( سبحانه ) ثم قال جل وعز ( ولهم ما يشتهون ) أي الشيء الذي يشتهونه و ما في موضع رفع وأجاز الفراء أن يكون في موضع نصب بمعنى ويجعلون لهم قال أبو إسحاق ما في موضع رفع لا غير لأن العرب لا تقول في مثل هذا جعل فلان له كذا وإنما تقول جعل لنفسه ومثله ضربت نفسي ولا يقال ضربتني
58
____________________
(2/398)
خبر ظل ويجوز عند سيبويه والفراء ظل وجهه مسود يكون في ظل مضمر والجملة الخبر وحكى سيبويه حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه قال الفراء مثل ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) والأصل في ظل ظلل ثم أدغم
59
قال الكسائي المعنى لا يدري ينظر ( أيمسكه على هون أم يدسه في التراب )
60
أي هو الواحد الصمد ( الحكيم ) القدير الذي لم يلد ولم يولد
61
أي بعقوبة ظلمهم ( ما ترك عليها من دابة ) لأنه إذا أفنى الآباء انقطع النسل
62
جمع لسان على لغة من ذكر اللسان ومن أنث قال ألسن ومن قال
____________________
(2/399)
3
____________________
(3/1)
19
1
قال أبو جعفر لا اختلاف في إسكانها قال أبو إسحاق أسكنت لأنها حروف تهج النية فيها الوقف قرأ أهل المدينة بين التفخيم والإمالة وروى محمد بن سعدان عن أبي محمد عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ ( كهيعص ) الياء ممالة والهاء بين التفخيم والإمالة والصاد مدغمة وحكى أبو عبيد أن حمزة كان يميل الياء ويفخم الهاء وأن عاصما والكسائي كانا يكسران الهاء والياء وحكى خارجة أن الحسن كان يضم كاف وحكى غيره أنه كان يضم ها وحكى إسماعيل بن إسحاق أن الحسن كان يضم يا قال أبو حاتم لا يجوز ضم الكاف ولا الهاء ولا الياء قال أبو جعفر قراءة أهل المدينة من أحسن ما في هذا والإمالة جائزة في ها وفي يا وما أشبههما نحو با وتا وثا إذا قصرت وهذا قول الخليل وسيبويه قال وحكى لي علي بن سليمان أن البصريين ينفردون بالكلام في الإمالة وأن الكوفيين لم يذكروا ذلك كما ذكروا غيره من النحو وإنما
____________________
(3/3)
جازت الإمالة عند سيبويه والخليل فيما ذكرناه لأنها أسماء ما يكتب ففرقوا بينها وبين الحروف نحو لا و ما ومن أمال منها شيئا فهو مخطىء وكذلك ما التي بمعنى الذي ولا يجيز أن تمال حتى ولا إلا التي للاستثناء لأنهما حرفان وإن سميت بهما جازت الإمالة وأجازا أنى لأنها اسم ظرف كأين وكيف ولا يجوز إمالة كاف لأن الألف متوسطة فأما قراءة الحسن فقد أشكلت على جماعة حتى قالوا لا تجوز منهم أبو حاتم والقول فيها ما بينه هارون القارىء قال كان الحسن يشم الرفع فمعنى هذا أنه كان يومىء كما حكى سيبويه أن من العرب من يقول الصلوة والزكوة يومىء إلى الواو ولهذا كتبت في المصاحف بالواو
2
في رفعه ثلاثة أقوال قال الفراء وهو مرفوع بكهيعص قال أبو إسحاق هذا محال لأن كهيعص ليس هو مما أنبأنا الله جل وعز به عن زكرياء وقد خبر الله جل وعز عنه وعما بشره به وليس كهيعص من قصته قال الأخفش التقدير فيما نقص عليكم ذكر رحمة ربك والقول الثالث أن المعنى هذا الذي نتلوه عليكم ذكر رحمة ربك عبده ورحمة بالهاء تكتب ويوقف عليها وكذلك كل ما كان مثلها لا نعلم بين النحويين اختلافا في ذلك إذا لم يكن في شعر بل قد اعتلوا في ذلك أن هذه الهاء لتأنيث الأسماء وفرقوا بينها وبين الأفعال
____________________
(3/4)
قال الأخفش ( عبده ) منصوب برحمة ( زكرياء ) بدل منه ولم ينصرف لأن فيه ألف تأنيث هذا فيمن جعله مشتقا عربيا ولا يصرفه في معرفة ولا نكرة ومن جعله عجميا صرفه في النكرة
3
في موضع نصب على الظرف ( نادى ربه نداء ) مصدر مؤكد ( خفيا ) من نعته
4
والمستقبل يهن أصله يوهن حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ( واشتعل الرأس شيبا ) في نصبه قولان أحدهما أنه مصدر لأن معنى اشتعل شاب وهذا قول الأخفش سعيد قال أبو إسحاق هو منصوب على التمييز وقول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل والمصدر أولى به ( ولم أكن بدعائك رب شقيا ) خبر أكن
5
نصب بخفت وحركت الياء في موضع النصب لخفته وأسكنتها في موضع الرفع والخفض لثقلهما كما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قرأ ( خفت الموالي من ورائي ) وهذه قراءة شاذة وإنما رواها كعب مولى سعيد بن العاص
____________________
(3/5)
عن سعيد عن عثمان وهي بعيدة جدا وقد زعم بعض العلماء أنها لا تجوز قال كيف يقول خفت الموالي من بعد موتي وهو حي والتأويل لها أن لا يعني بقوله من ورائي من بعد موتي ولكن من ورائي في ذلك الوقت وهذا أيضا بعيد يحتاج إلى دليل أنهم خفوا في ذلك الوقت وقلوا وقد أخبر الله عز وجل عنهم بما يدل على الكثرة حين قالوا أيهم يكفل مريم ( وكانت امرأتي عاقرا ) أي لا تلد كأن بها عقرا والفعل منه عقرت مسموع من العرب والقياس عقرت ( فهب لي من لدنك وليا ) والمستقبل يهب والأصل يوهب بكسر الهاء ومن قال الأصل يوهب بفتح الهاء فقد أخطأ لأنه لو كان كما قال لم تحذف الواو وكما لم تحذف في يوجل وإنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ثم فتح بعد حذفها لأن فيه حرفا من حروف الحلق
وقرأ أهل الحرمين والحسن وعاصم وحمزة
6 برفعهما وقرأ يحيى بن يعمر وأبو عمرو ويحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) بالجزم فيهما قال أبو جعفر القراءة الأولى بالرفع أولى في العربية وأحسن والحجة في ذلك ما قاله أبو عبيد فإن حجته حسنة قال المعنى فهب لي من لدنك الولي الذي هذه حاله وصفته لأن الأولياء منهم من لا يرث فقال هب الذي يكون وارثي ورد الجزم لأن معناه إن وهبته لي ورثني فكيف يخبر الله جل وعز بهذا وهو أعلم به منه وهذه حجة مقتصاة لأن جواب الأمر عند النحويين فيه معنى الشرط والمجازاة تقول أطع الله جل وعز يدخلك الجنة والمعنى أن تطعه يدخلك الجنة فأما معنى يرثني ويرث من آل يعقوب فللعلماء فيه ثلاثة أجوبة قيل هي وارثة نبوة
____________________
(3/6)
وقيل هي وراثة حكمة وقيل هي وراثة مال فأما قولهم وراثة نبوة محال لأن النبوة لا تورث ولو كانت تورث لقال قائل الناس كلهم ينسبون إلى نوح صلى الله عليه وسلم وهو نبي مرسل ووراثة الحكمة والعلم مذهب حسن وفي الحديث العلماء ورثة الأنبياء وأما وارثة المال فلا يمتنع وإن كان قوم قد أنكروه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا صدقة فهذا لا حجة فيه لأن الواحد يخبر عن نفسه بإخبار الجميع وقد يؤول هذا بمعنى لا نورث الذي تركناه صدقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف شيئا يورث عنه وإنما كان الذي له أباحه الله عز وجل إياه في حياته بقوله جل وعز { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } لأن معنى لله جل وعز لسبل الله جل ثناؤه ومن سبل الله تبارك وتعالى ما يكون في مصلحة الرسول صلى الله عليه وسلم ما دام حيا فإن قيل ففي بعض الروايات إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ففيه التأويلان جميعا أن يكون ما بمعنى الذي والآخر لا يورث من كانت هذه حاله ( من آل يعقوب ) لم ينصرف لأنه أعجمي وزعم عاصم الجحدري أنهم لو قالوا هو يعقوب آخر غير يعقوب بن إسحاق لصروفه وقال أنهم قالوا إنه غير يعقوب بن إسحاق عليهما السلام
7
منادى مفرد ( اسمه يحيى ) مبتدأ وخبر ولم ينصرف يحيى لأنه في الأصل فعل مستقبل وكتب بالياء فرقا بينه وبين الفعل ( لم نجعل له من قبل سميا ) قد ذكرناه وقد قيل معناه لم نأمر أحدا أن يسمي ابنه يحيى قبلك
____________________
(3/7)
8
في موضع نصب على الظرف ( وقد بلغت من الكبر عتيا ) قال قتادة أي سنا والتقدير في العربية سنا عتيا والأصل عتوا لأنه من ذوات الواو فأبدل من الواو ياء لأنها أختها وهي أخف منها والآيات على الياء ومن قرأ ( عتيا ) كره الضمه مع الكسرة والياء
9
الكاف في موضع رفع أي الأمر كذلك ( هو علي هين ) قال الفراء أي خلقه علي هين قرأ أهل المدينة وأهل البصرة وعاصم ( وقد خلقتك من قبل ) وقرأ سائر الكوفيين ( وقد خلقناك ) قال أبو جعفر والقراءة الأولى أشبه بالسواد
10
مبتدأ وخبره ( أن ) وصلتها ( تكلم ) نصب بأن لأن لا غير حائلة وأجاز الكسائي والفراء أن لا تكلم الناس بالرفع بمعنى أنك لا تكلم الناس وهذا كما قال
____________________
(3/8)
( ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ** كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي ) قال الأخفش ( سويا ) نصب على الحال قال أبو جعفر والمعنى يكف عن الكلام في هذه الحال
11
ظرفان وزعم الفراء أن العشي يؤنث ويجوز تذكيره إذا أبهمت قال وقد يكون العشي جمع عشية
12
من أخذ يأخذ الأصل أوخذ حذفت الهمزة الثانية لكثرة الاستعمال وقيل لاجتماع حرفين من حروف الحلق واستغني عن الهمزة وكسرت الذال لالتقاء الساكنين ( وآتيناه الحكم صبيا ) على الحال
13
عطف على الحكم وفي معناه قولان عن ابن عباس أحدهما قال تعطف الله جل وعز عليه بالرحمة والقول الآخر ما أعطيه من رحمة الناس حتى يخلصهم من الكفر والشر ( وزكاة ) في معناه قولان أحدهما أنه أعطي الزيادة في الخير والنماء فيه والقول الآخر أن الله جل وعز زكاه بأن وصفه أنه زكي تقي فقال جل وعز ( وكان تقيا )
14 عطف على تقي
____________________
(3/9)
15
رفع بالابتداء وحسن الابتداء بالنكرة لأن فيها معنى الدعاء ومعنى سلام عليك وسلام الله عليك واحد في اللغة
17
وهو جبرئيل عليه السلام سمي روحا لأنه يأتي بما يحيا به العباد من الوحي فلما كان ما يأتي به يحيا العباد به سمي روحا ولهذا سمي عيسى صلى الله عليه وسلم روحا ( فتمثل لها بشرا سويا ) على الحال
19
ابتداء وخبر ( لأهب لك ) قراءة أكثر الناس وهي الصحيحة عن نافع بن أبي نعيم حكى ذلك أبو عبيد وإسماعيل بن إسحاق وغيرهما من أهل الضبط إلا ورشا فإنه روى عنه ( ليهب ) وقراءة أبي عمرو ( ليهب ) بلا اختلاف عنه قال أبو عبيد وهذا مخالف لجميع المصاحف كلها قال ولو جاز أن يغير حرف من المصحف للرأي لجاز في غيره قال وفي هذا تحويل القرآن حتى لا يعرف المنزل منه من غيره قال أبو جعفر ليهب يحتمل وجهين أحدهما أن يريد لأهب ثم يخفف الهمزة والآخر يكون على غير تخفيف الهمزة ويكون معناه أرسلني ليهب ومن يقرأ لأهب فتقديره قال لأهب لأن في قوله إنما أنا رسول ربك ما يدل على هذا
____________________
(3/10)
20
ظهر التضعيف لما سكن الحرف الثاني ( ولم أك بغيا ) الأصل أكن وقد ذكرناه
21
الأصل مقضوي ثم أدغمت الواو في الياء
22
ظرف وإن شئت كان مفعولا أي فقصدت به مكانا قصيا
23
قيل لأنها طلبت الظل ( قالت يا ليتني مت ) من قال مت ففي تقديره قولان أحدهما أنه من مت أمات مثل خفت أخاف والآخر هو قول سيبويه أنه من مت أموت وزعم سيبويه أنه جاء في كلام العرب على فعلت أفعل فضل يفضل ومت تموت ولا يعرف غيرهما ( وكنت نسيا منسيا ) قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم والكسائي وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( وكنت نسيا ) بفتح النون قال أبو جعفر كسر النون في هذا أولى في العربية لجهتين إحداهما أن المفتوحة مصدر والمكسورة اسم والاسم ههنا أولى من المصدر والجهة الأخرى أن المصدر إنما تستعمله العرب
____________________
(3/11)
ههنا على فعلان فيقولون نسيت نسيانا
24
فأما أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة إلا الحسن وأبا عمرو النخعي وعاصما فإنهم قرءوا ( من تحتها ) وأما أبو عمرو وعاصم والحسن فإنهم قرءوا ( من تحتها ) بفتح الميم فزعم أبو عبيد أن من قرأ من تحتها جاز في قراءته أن يكون لجبرئيل صلى الله عليه وسلم ولعيسى عليه السلام ومن قرأ من تحتها فهو لعيسى صلى الله عليه وسلم خاصة قال أبو جعفر من اسم و تحتها ظرف ولا يمتنع أن يكون معناه لجبرئيل صلى الله عليه وسلم كما كان في الأول
25
فيه ست قراءات قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم والكسائي ( تساقط ) بالتاء وتشديد السين وقرأ الأعمش وحمزة ( تساقط ) بالتاء وتخفيف السين وقرأ البراء بن عازب ( يساقط ) بالياء وتشديد السين وقرأ مسروق بن الأجدع ( تسقط ) والقراءاتان الباقيتان ( تساقط ) و ( نساقط ) قال أبو جعفر فالقراءة الأولى أصلها تتساقط ثم أدغمت التاء في السين والثانية على الحذف والثالثة على الإدغام ولا يجوز معها الحذف ونصب رطب في هذه القراءات الثلاث على البيان كما قال
____________________
(3/12)
( فلو أنها نفس تموت سوية ** ولكنها نفس تساقط أنفسا ) وحكى أبو إسحاق عن أبي العباس أنه منصوب بهزي والقراءة الرابعة على أن يكون منصوبا بتسقط أو بهزي وكذا الخامسة قال أبو إسحاق ومن قرأ ( نساقط ) أراد نساقط نحن عليك رطبا جنيا ليكون ذلك آية قال أبو جعفر والرطب يذكر على معنى الجنس ويؤنث على معنى الجماعة
26
قال أبو إسحاق فكلي من الرطب واشربي من الماء قال و ( عينا ) منصوب على التمييز قال أبو جعفر الأصل أأكلي بهمزتين فحذفت إحداهما لاجتماعهما وكثرة الاستعمال وكان القياس أن تخفف الثانية فتكون واو فيقال أوكل كما يقال أوجر فلان من الأجر فلما حذفت الهمزة الثانية استغني عن الأولى فقيل كلي وحذفت النون لأن الفعل غير معرب وللجزم عند الكوفيين وكذا واشربي وقري قال الأصمعي قررت به عينا مشتق من القر أي بردت عيني فلم تدمع فتسخن وقال أبو عمرو الشيباني هو من قررت في المكان أي قرت عيني فنامت ولم تسهر وقيل معناه قررت أي هدأت لما نلت ما كنت متطلعا إليه ( فإما ترين ) في موضع جزم بالشرط والأصل فإما تريي زيدت النون توكيدا وصلح ذلك في الخبر لدخول ما وحكى سيبويه بألم ما
____________________
(3/13)
تختننه ولو نطق به بغير نون لكان فإما ترى فلما زدت النون رددته إلى أصله وكسرت الياء لالتقاء الساكنين وكانت الكسرة أولى للفرق بين المذكر والمؤنث ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على الراء وحذفت فصار ترين ( فلن أكلم اليوم إنسيا ) مشتق من آنس إذا علم وأبصر والإنسي مبصر معلوم به والجمع أناسي تزاد الألف ثالثة كما يعمل في المجموع فتقول بختي وبخاتي وذلك كثير معروف
27 في موضع الحال
28
نداء مضاف والأصل أخوة يدل على ذلك أخوات وقال محمد بن يزيد حذفت الواو فرقا بين المتشبث وغير المتشبث ولا نعلم أحدا سبق أبا العباس إلى هذا القول مع حسنه وجودته وزعم الفراء أنه إنما ضمت الهمزة في قولهم أخت وكسرت الباء في قولهم بنت للفرق بين ما حذفت منه الواو وبين ما حذفت منه الياء فالضمة علم الواو والكسرة علم الياء وذكر محمد بن يزيد أن هذا القول خطأ قال أبو جعفر في قوله يا أخت هارون قولان للعلماء أحدهما أن هارون كان رجلا صالحا فقالوا يا أخت هارون أي يا شبيهته في الصلاح وإنما المؤمنون أخوة من هذا وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وروى جعفر عن سعيد بن جبير أنه كان رجل فاسق يقال له هارون فقالوا لها يا أخت هارون قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن فيه حديثا مسندا
29
____________________
(3/14)
فيه ثلاثة أقوال أحدها أن تكون كان زائدة ونصب صبيا على الحال والعامل فيه الاستقرار وقيل كان بمعنى وقع ونصب صبي على الحال إلا أن العامل فيه كان والقول الثالث قول أبي إسحاق قال من للشرط والمعنى من كان في المهد صبيا فكيف نكلمه قال كما تقول من كان لا يسمع ولا يبصر فكيف أخاطبه قال أبو جعفر وإنما أحتاج النحويون إلى هذه التقديرات لأن الناس كلهم كانوا في المهد صبيانا ولا بد من أن يبين عيسى صلى الله عليه وسلم بشيء منهم وقد حكى سيبويه زيادة كان وأنشد
( فكيف إذا مررت بدار قوم ** وجيران لنا كانوا كرام ) وحكى النحويون ما كان أحسن زيدا وقالوا على الغاء كان
30
في معناه قولان أحدهما قدر أن يؤتينيه والآخر أن الله جل وعز أكمل عقله وآتاه الكتاب وجعله نبيا وهو في المهد قال قتادة في المهد أي في الحجر
31
مشتق من البركة وهو الثبوت على الخير وكان ثابتا على الخير مشبا كما قال عمرو بن قيس معنى وجعلني مباركا معلما مؤدبا وبين هذا ما رواه شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي
____________________
(3/15)
طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيركم من علم القرآن وعلمه وروى شريك عن عاصم بن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من علم القرآن وأقرأه ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ) قال أبو إسحاق الزكاة الطهارة وقال غيره وأوصاني بالزكاة أن أؤديها إذا وجبت علي وآمر بها ( ما دمت حيا ) خبر دمت وعلى الحال عند الفراء
32
قال الكسائي هو نسق على مبارك أي وجعلني برا وقرأ ابن نهيك ( وبر بوالدتي ) بمعنى وأوصاني بالصلاة والزكاة وبر بوالدتي
33
آخر كلام عيسى عليه السلام فلما تكلم في حجر أمه ظهرت لهم الآية
34
قال الكسائي قال الحق نعت وقال أبو حاتم المعنى هو قول الحق وقيل التقدير هذا الكلام قول الحق وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر ( قول الحق ) بالنصب قال الفراء بمعنى حقا قال أبو إسحاق هو مصدر أي أقول قول
____________________
(3/16)
الحق لأن ما قبله يدل عليه
35
( أن ) في موضع رفع اسم كان ( من ولد ) في موضع نصب و من زائدة للتوكيد وحقيقة هذا أنك إذا قلت ما اشتريت فرسا جاز أن يكون المعنى أنك ما اشتريت شيئا البتة وجاز أن يكون المعنى أنك اشتريت أفراسا فإذا قلت ما اشتريت فرسين جاز فيه ثلاثة أوجه منها أن يكون لم تشتر شيئا وجاز أن تكون اشتريت واحدا وجاز أن تكون اشتريت أكثر من اثنين فإذا قلت ما اشتريت من فرس صار المعنى أنك لم تشتر من هذا الجنس شيئا البتة ( سبحانه ) مصدر ( فإنما يقول له كن فيكون ) قراءة الجماعة وقرأ ابن عامر الشامي ( فيكون )
36
قراءة أهل المدينة وقراءة أهل الكوفة و إن بكسر الهمزة على أنه مستأنف وفي الفتح أقوال فمذهب الخليل وسيبويه رحمهما الله أن المعنى ولأن ربي وربكم وكذا عندهما { وأن المساجد لله فلا } فأن في موضع نصب عندهما وأجاز الفراء أن يكون في موضع خفض على حذف اللام وأجاز أيضا أن يكون في موضع خفض بمعنى وأوصاني بالصلاة والزكاة وبأن الله ربي
____________________
(3/17)
وربكم وأجاز الكسائي أن يكون في موضع رفع بمعنى والأمر أن الله ربي وربكم وفيها قول خامس حكى أبو عبيد أن أبا عمرو بن العلاء قاله وهو أن يكون المعنى وقضى أن الله ربي وربكم
38
مبني على السكون لأن لفظه لفظ الأمر ومعناه معنى التعجب ما أسمعهم وما أبصرهم
39
قد ذكرناه وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال ما من أحد يدخل النار إلا وله بيت في الجنة فيتحسر عليه وقيل تقع الحسرة إذا أعطي كتابه بشماله وأن معنى ( إذ قضي الأمر ) عرف كل إنسان ما له وما عليه وقيل القدير وأنذرهم خبر يوم الحسرة إذ قضي الأمر فخبر أنهم معذبون
41
خبر كان و نبيا من نعته ويجوز أن يكون خبرا ثانيا وأن يكون حالا من المضمر
قال أبو إسحاق الوقف
42 بالهاء لأنها هاء تأنيث وقال أبو الحسن بن كيسان الوقف بالتاء لأنه مضاف إلى ما لا ينفصل كما تقول هذه نعمتي قال أبو جعفر وقد ذكرنا هذا في سورة يوسف بأكثر من هذا
____________________
(3/18)
قال الكسائي عصي وعاصي واحد
46
رفع بالابتداء و أنت فاعل سد مسد الخبر كما تقول أقائم أنت وحسن الابتداء بالنكرة لما تقدمها
47 صلح الابتداء بالنكرة لأن فيها معنى المنصوب وفيها في هذا الموضع معنى التفرق والترك ومثله وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما
47
أي إن أسلمت وتبت ( إنه كان بي حفيا ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه أي لطيفا قال الكسائي قال حفي به حفاوة وحفوة وقال الفراء إنه كان بي حفيا أي عالما يجيبني إذا دعوته قال أبو إسحاق ويقال قد تحفى فلان بفلان حفوة إذا ألطفه وبره
48
ما في موضع نصب لأنها معطوفة أي واعتزل ما تدعون
50
أي قول صدق كما قال
____________________
(3/19)
( إني أتتني لسان لا أسر بها ** من علو لا عجب فيها ولا سخر )
وأنث اللسان في هذا البيت وهي لغة معروفة وإن كان القرآن قد جاء بالتذكير قال جل وعز ( عليا ) وهو نعت للسان وقال الآخر
( ندمت على لسان فات مني ** فليت بيانه في جوف عكم )
55
مشتق من الرضوان والأصل مرضو عند سيبويه أبدل من الواو ياء لأنها أخف وكذا مسنية وإنما أبدل من الواو ياءا لأن قبلها ضمة والساكن ليس بحاجز حصين وقال الكسائي والفراء من قال مرضي بناه على رضيت قالا وأهل الحجاز يقولون مرضو وفيه قول ثالث حكاه الكسائي والفراء قالا من العرب من يقول رضوان ورضيان فرضوان على مرضو و رضيان على مرضي ولا يجيز
____________________
(3/20)
البصريون أن يقال إلا رضوان وربوان قال أبو جعفر سمعت أبا إسحاق يقول يخطئون في الخط فيكتبون ربا بالياء ثم يخطئون فيما هو أشد من هذا فيكتبون ربيان ولا يجوز إلا ربوان ورضوان قال الله جل وعز { وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس }
52
نصب على الحال قال الفراء نجي مثل جليس قال ونجي ونجوى يكونان اسمين ومصدرين
53
56
بدل من الأخ ولم ينصرف لأنه معرفة عجمي وكذا ( إدريس ) عليه السلام
58
على الحال ( وبكيا ) عطف عليه وقيل هو مصدر أي وبكوا بكيا ويقال بكى يبكي بكاءا وبكي وبكيا إلا أن الخليل رحمه الله قال إذا قصرت البكاء فهو مثل الحزن أي ليس معه صوت قال
( بكت عيني وحق لها بكاها ** وما يغني البكاء ولا العويل )
____________________
(3/21)
59
الغي في اللغة الخيبة قال أبو جعفر وقد ذكرناه
60
في موضع نصب على الاستثناء قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون المعنى لكن من تاب ( فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا )
61
على البدل قال أبو إسحاق ويجوز جنات عدن على الابتداء قال أبو حاتم ولولا الخط لجاز جنة عدن لأن قلبه يدخلون الجنة ( إنه كان وعده مأتيا ) قال الكسائي أي يؤتى إليه ويصار وزعم القتبي أن مأتيا بمعنى آت ومأتى مهموز لأنه من أتى يأتي ومن خفف الهمزة جعلها ألفا
62
قال الأخفش سعيد وهذا على الاستثناء الذي ليس من الأول قال وإن شئت كان بدلا أي لا يسمعون إلا سلاما ( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ) ظرفان قال أبو إسحاق أي يقسم لهم في هذين الوقتين ما يحتاجون إليه في كل ساعة قال الأخفش أي على مقادير الغداة والعشي مما في الدنيا لأنه ليس هناك ليل ولا نهار إنما هو نور العرش
قال الأخفش
64 أي قبل أن نخلق ( وما خلفنا ) ما
____________________
(3/22)
يكون بعد الموت ( وما بين ذلك ) مذ خلقنا
65
الأصل اصتبر فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما فأبدل من التاء طاء كما تقول من الصوم اصطام
قرأ أهل الكوفة إلا عاصما وأهل مكة وأبو عمرو وأبو جعفر
67 وقرأ شعبة ونافع وعاصم ( أو لا يذكر ) بالتخفيف وفي حرف أبي ( أو لا يتذكر ) وهذه القراءة على التفسير لأنها مخالفة لخط المصحف لأن الأصل في يذكر يتذكر فأدغمت التاء في الذال ومعنى يتذكر يتفكر ومعنى يذكر يتنبه ويعلم
68
عطف على الهاء والميم والشياطين الذين أغووهم ( ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ) نصب على الحال والأصل جثو أبدل من الواو ياء لأنها ظرف والجمع بابه التغيير ومن قال جثي أتبع الكسرة الكسرة
69
وهذه آية مشكلة في الإعراب لأن القراء كلهم يقرءون ( أيهم ) بالرفع إلا هارون القارىء فإن سيبويه حكى عنه ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم ) بالنصب
____________________
(3/23)
أوقع على أيهم لننزعن قال أبو إسحاق في رفع أيهم ثلاثة أقوال قال الخليل ابن أحمد حكاه عنه سيبويه إنه مرفوع على الحكاية والمعنى عنده ثم لننزعن من كل شيعة الذي يقال من أجل عتوه أيهم أشد على الرحمن عتيا وأنشد الخليل
( ولقد أبيت من الفتاة بمنزل ** فأبيت لا حرج ولا محروم )
أي فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا هو حرج ولا محروم قال أبو جعفر ورأيت أبا إسحاق يختار هذا القول ويستحسنه قال لأنه بمعنى قول أهل التفسير وزعم أن معنى ثم لننزعن من كل شيعة ثم لننزعن من كل فرقة الأعتا فالأعتا كأنه يبدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ثم الذي يليه وهذا نص كلام أبي إسحاق في معنى الآية وقال يونس لننزعن بمنزلة الأفعال التي تلغى فرفع أيهم بالابتداء وقال سيبويه أيهم مبني على الضم لأنها خالفت أخواتها في الحذف لأنك لو قلت رأيت الذي أفضل منك ومن أفضل كان قبيحا حتى تقول من هو أفضل والحذف في أيهم جائز قال أبو جعفر وما علمت أن أحدا من النحويين إلا وقد خطأ سيبويه في هذا سمعت أبا إسحاق يقول ما يبين لي أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما قال وقد علمنا سيبويه أنه أعرب أيا وهي منفردة لأنها تضاف فكيف يبنيها وهي مضافة ولم يذكر أبو إسحاق فيما علمت إلا هذه الثلاثة الأقوال قال أبو جعفر وفيه أربعة أقوال سوى هذه الثلاثة الأقوال التي ذكرها أبو إسحاق قال الكسائي
____________________
(3/24)
لننزعن واقعة على المعنى كما تقول لبست من الثياب وأكلت من الطعام ولم يقع لننزعن على أيهم فينصبها وقال الفراء المعنى ثم لننزعن بالنداء ومعنى لننزعن لننادين إذا كان معناه لننزعن بالنداء قال أبو جعفر وحكى أبو بكر بن شقير أن بعض الكوفيين يقول في أيهم معنى الشرط والمجازاة فلذلك لم يعمل فيها ما قبلها والمعنى ثم لننزعن من كل فرقة إن تشايعوا أو لم يتشايعوا كما تقول ضربت القوم أيهم غضب والمعنى إن غضبوا أو لم يغضبوا فهذه ستة أقوال وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال أيهم متعلق بشيعة فهو مرفوع لهذا والمعنى ثم لننزعن من الذين تشايعوا أيهم أي من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد على الرحمن عتيا وهذا قول حسن وقد حكى الكسائي إن التشايع التعاون عتيا على البيان
71
قد ذكرنا فيه أقوالا قال خالد بن معدان إذا دخل أهل الجنة قالوا يا ربنا إنك وعدتنا أن نرد النار فيقال لهم إنكم وردتموها وهي خامدة قال أبو جعفر ومن أحسن ما قيل فيه أعني في الآية أن المعنى وإن منكم إلا وارد القيامة لأن الله جل وعز قال في المؤمنين { لا يسمعون حسيسها } وقال جل ثناؤه { فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ودل على أن المضمر للقيامة فوربك لنحشرنهم فالحشر إنما هو في القيامة ثم قال جل وعز ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك
____________________
(3/25)
حتما مقضيا ) واسم كان فيها مضمر أي كان ورودها فأما
72 فالإضمار للنار لأنها في القيامة فكنى عنها لما كانت فيها وهذا من كلام العرب الفصيح الكثير وقرأ عاصم الجحدري ومعاوية بن قرة ( ثم ننجي الذين اتقوا ) بفتح الثاء وقرأ ابن أبي ليلى ( ثمه ) ثم ظرف إلا أنه مبني لأنه غير محصل فبني كما بني ذا والهاء يجوز أن تكون لبيان الحركة فتحذف لأن الحركة في الوصل بينة ويجوز أن يتكون لتأنيث البقعة فتثبت في الوصل تاءا
73
منصوب على البيان وكذا ( نديا ) وكذا
74 فيه خمس قراءات قرأ أهل المدينة ( وريا ) بغير همز وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو ( ورئيا ) بالهمز وحكى يعقوب أن طلحة قرأ ( وريا ) بياء واحدة مخففة وروى سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس ( هم إحسن إثاثا وزيا ) بالزاي فهذه أربع قراءات قال أبو إسحاق ويجوز ( هم أحسن أثاثا ورئيا ) بياء بعدها همزة قال أبو جعفر قراءة أهل المدينة في هذا حسنة وفيها تقديران أحدهما أن يكون من رأيت ثم خففت الهمزة فأبدل منها ياء وأدغمت الياء وكذا هذا حسنا لتتفق رءوس الآيات لأنها غير مهموزات وعلى هذا قال ابن عباس الري المنظر والمعنى هم أحسن أثاثا ولباسا والوجه الثاني أن يكون المعنى أن جلودهم مرتوية من النعمة فلا يجوز الهمز لأنه مصدر من رويت ريا وفي رواية ورش وريا ومن رواه عنه ورئيا بالهمز فهو يكون على الوجه الأول
____________________
(3/26)
وقراءة أهل الكوفة وأبي عمرو من رأيت على الأصل وقراءة طلحة بن مصرف وريا بياء واحدة مخففة أحسبها غلطا وقد زعم بعض النحويين أنه كان أصلها ورئيا ثم حذفت الهمزة والزي الهيأة والقراءة الخامسة على قلب الهمزة حكى سيبويه راء بمعنى رأى
75
قيل المعنى فليعش ما شاء فإن مصيره إلى الموت والعذاب ( حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة ) قال أبو إسحاق هذا على البدل من ما والمعنى حتى إذا رأوا العذاب أو الساعة
78
ألف الاستفهام وفيه معنى التوبيخ وحذفت ألف الوصل لأنه قد استغني عنها
80 على الحال
87
فيه تقديران أحدهما أن يكون من في موضع رفع البدل من الواو أي لا يملك الشفاعة إلا من اتخذ والتقدير الآخر أي يكون من في موضع نصب استثناء ليس من الأول والمعنى لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا بأنه يشفع له والمعنى عند الفراء لا يملكون الشفاعة إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا
____________________
(3/27)
ليس أن اللام مضمرة ولكن المعنى عنده على هذا
قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم
88 بفتح الواو واللام وقرأ سائر الكوفيين ( ولدا ) بضم الواو وإسكان اللام وفرق أبو عبيد بينهما فزعم أن الولد يكون للأهل والولد جميعا قال أبو جعفر وهذا قول مردود عليه لا يعرفه أحد من أهل اللغة ولا يكون الولد والولد إلا لولد الرجل وولد ولده إلا أن ولدا أكثر في كلام العرب كما قال
( مهلا فداء لك الأقوام كلهم ** وما أثمر من مال ومن ولد )
قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول يجوز أن يكون ولد جمع ولد كما يقال وثن ووثن وأسد وأسد ويجوز أن يكون ولد وولد جمعا بمعنى واحد كما يقال عجم وعجم وعرب وعرب
89
وقرأ أبو عبد الرحمن بفتح الهمزة ويجوز شيئا أادا كما تقول رادا يقال أد يؤد أدا فهو أاد والاسم الأد إذا جاء بشيء عظيم منكر
90
على تأنيث الجماعة ويكاد على تذكير الجمع ( ينفطرن ) بالياء والنون
____________________
(3/28)
قراءة أبي عمرو وعاصم وحمزة وقرأ الأعمش والحسن ونافع والكسائي ( يتفطرن ) بالياء والتاء والأولى اختيار أبي عبيد واحتج بقوله جل وعز { إذا السماء انفطرت } ولم يقل تفطرت قال أبو جعفر يتفطرن بالياء والتاء في هذا الموضع أولى لأن فيه معنى التكثير فهو أولى لأنهم كفروا فكادت السموات تتشقق فتسقط عليهم عقوبة بما فعلوه ( وتخر الجبال هدا ) مصدر لأن معنى تخر تهد
91
( أن ) في موضع نصب عند الفراء بمعنى لأن دعوا ومن أن دعوا وزعم الفراء أن الكسائي قال هي في موضع خفض
92
لأن الله جل وعز لا يشبهه شيء وولد الرجل يشبهه
93
آتي بالياء في الخط والأصل التنوين فحذف تخفيفا وأضيف
95 على لفظ كل وعلى المعنى آتوه
96
97
أي في قلوب المؤمنين ولد جمع ألد مثل أصم وصم
____________________
(3/29)
98
في موضع نصب ( أو تسمع لهم ركزا ) أي قد ماتوا وحصلوا على أعمالهم
____________________
(3/30)
20
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو بغير إمالة وقراءة الكوفيين بالإمالة إلا عاصما فإنه روي عنه اختلاف قال أبو جعفر لا وجه للإمالة في هذا عند أكثر أهل العربية لعلتين إحداهما أنه ليس ههنا ياء ولا كسرة فتكون الإمالة والعلة الأخرى أن الطاء من الحروف الموانع للإمالة فهاتان علتان بينتان وقد اختار بعض النحويين الإمالة فقال أبو إسحاق إبراهيم بن السري من كسر طه أمال إلى الكسر لأن المقصور الأغلب عليه الكسر إلى الإمالة قال أبو جعفر وهذا ليس بحجة ولا يجوز في كثير من المقصور الإمالة ولكن زعم سيبويه أن الإمالة تجوز في حروف المعجم فيقال با تا ثا لأنها أسماء فيفرق بينها وبين الحروف نحو لا فإنها لا تمال لأنها حرف قال أبو إسحاق من قرأ ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) فالأصل عنده طأ أي طإ الأرض بقدميك جميعا في الصلاة فأبدل من الهمزة هاء كما يقال إياك وهياك وأرقت الماء وهرقت الماء قال ويجوز أن يكون على البدل الهمز فيكون الأصل ط يا هذا ثم جاء بالهاء
____________________
(3/31)
لبيان الحركة في الوقف
2
بعض النحويين يقول هذه لام النفي وبعضهم يقول لام الجحود قال أبو جعفر وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول في مثلها إنها لام الخفض والمعنى عنده ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء والشقاء يمد ويقصر وهو من ذوات الواو
3
قال أبو إسحاق هو بدل من يشقى أي ما أنزلناه إلا تذكرة قال أبو جعفر وهذا وجه بعيد والقريب أنه منصوب على المصدر أو مفعول من أجله
4
مصدر ( ممن خلق الأرض والسموات العلى ) ولا يجوز عند الخليل وسيبويه أن يأتي مثل هذا إلا بالألف واللام وهو قول الكوفيين وقال محال سقطت له ثنيتان علييان لا سفليان لأنه إنما يراد به المعرفة فإن أردت النكرة وتفضيل شيء على شيء جئت بمن فقلت سقطت له ثنية أعلى من كذا
5
ويجوز النصب على المدح قال أبو إسحاق ويجوز الخفض على البدل
____________________
(3/32)
من من وقال سعيد بن مسعدة الرفع بمعنى هو الرحمن قال أبو جعفر ويجوز الرفع بالابتداء وعلى البدل من المضمر الذي في خلق
6
في موضع رفع بالابتداء ( وما بينهما وما تحت الثرى ) عطف عليه
7
مجزوم بالشرط والجواب ( فإنه يعلم السر وأخفى ) أي وأخفى منه
8
مرفوع على البدل مما في يعلم أو على إضمار مبتدأ أو بالابتداء ( له الأسماء الحسنى ) رفع بالابتداء ( الحسنى ) من نعتها
قرأ حمزة
10 وكذا في القصص قال أبو جعفر وهذا على لغة من قال مررت بهو يا هذا فجاء به على الأصل وهو جائز إلا أن حمزة خالف أصله في هذين الموضعين خاصة
11
لأن معنى نودي قيل له قرأ الحسن وأبو جعفر وأبو عمرو ( نودي يا موسى أني ) بفتح الهمزة بمعنى نودي بأني و أن في موضع نصب ومن كسر فالمعنى عنده قال إني
____________________
(3/33)
وقرأ أهل المدينة وأهل البصرة
12 بغير تنوين وقرأ أهل الكوفة ( طوى ) بالتنوين قال أبو جعفر الوجه ترك التنوين لأنه مثل عمر معدول وهو معرفة ويجوز أن يكون اسما للبقعة فلا ينصرف أيضا ومن نون فزعم أبو إسحاق أنه يقدره اسما للمكان غير معدول مثل حطم وصرد قال ومن قال طوى فصرف جعله كضلع ومعى على أنه اسم للمكان ويجوز ترك صرفه على أنه اسم للبقعة قال أبو جعفر من جعل طوى بمعنى ثنى نون لا غير يأخذه من ثنيت الشيء ثنى أي قدس مرتين وفي الحديث لا ثنى في الصدقة أي لا تثنى فتؤخذ مرتين
قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم والكسائي
13 وقرأ سائر الكوفيين ( وإنا اخترناك ) والمعنى واحد إلا أن وأنا اخترتك ههنا أولى من جهتين إحداهما أنه أشبه بالخط والثانية أنه أولى بنسق الكلام لقوله جل وعز يا موسى إني أنا ربك وعلى هذا النسق جرت المخاطبة
14
قال أبو إسحاق فيه قولان يكون المعنى أقم الصلاة لأن تذكرني فيها لأن الصلاة لا تكون إلا بذكر والقول الآخر أقم الصلاة متى ذكرتها كان ذلك في وقت صلاة قال أبو جعفر وفيها قول ثالث يكون المعنى أقم الصلاة لأن أذكرك
____________________
(3/34)
بالمدح وقرأ أبو عبد الرحمن وأبو رجاء والشعبي ( أقم الصلاة لذكرى ) وفي هذه القراءة وجهان أحدهما أن تكون هذه ألف التأنيث والوجه الآخر أن تكون هذه الألف أبدلت من الياء كما يقال يا غلاما أقبل وفعل ذلك لتتفق رءوس الآيات
15
آية مشكلة قال أبو جعفر وقد ذكرنا شيئا مما قيل فيها وعن سعيد بن جبير روايتان إحداهما ما حدثناه الحسن بن الفرج بغزة قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا محمد بن سهل الكوفي عن ورقاء وهو ابن إياس عن سعيد بن جبير أنه قرأ ( أكاد أخفيها ) بفتح الهمزة قال أظهرها وليس لهذه الرواية طريق غير هذا وقد رواها أبو عبيد عن الكسائي عن محمد بن سهل هذا وأجود من هذا الإسناد ما رواه يحيى القطان عن الثوري عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير أنه قرأ ( أكاد أخفيها ) بضم الهمزة قال أبو جعفر يقال خفى الشيء يخفيه إذا أظهره وقد حكي أنه يقال أخفاه إذا أظهره وليس بالمعروف قال أبو جعفر ورأيت علي بن سليمان لما أشكل عليه معنى أخفيها عدل إلى هذا القول وقد قال معناه كمعنى أخفيها أي أظهرها قال أبو جعفر ليس المعنى على أظهرها ولا سيما وأخفيها قراءة شاذة فكيف نرد القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة ومعنى الضم أولى ويكون التقدير أن الساعة آتية أكاد آتي بها ودل آتيه على آتي بها ثم قال جل وعز أخفيها على الابتداء وهذا معنى صحيح لأن الله جل وعز قد أخفى الساعة التي هي يوم القيامة والساعة التي يموت فيها
____________________
(3/35)
الإنسان ليكون الإنسان يعمل والأمر عنده مبهم ولا يؤخر التوبة وقيل المعنى أكاد أخفيها أي أقارب ذلك لأنك إذا قلت كاد زيد يقوم يجوز أن يكون قام وأن يكون لم يقم ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب وقيل إن المعنى أن الساعة آتية ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) وقيل المعنى أقم الصلاة لذكري لتجزى كل نفس بما تسعى
16
أي عن الإيمان بها وبما فيها ( من لا يؤمن بها وأتبع هواه ) أي في الكفر بها ( فتردى ) من ردي يردى إذا هلك
17
18
ابتداء وخبر وفيه معنى التنبيه وزعم الفراء أن تلك ههنا اسم ناقص وصلته بيمينك قال أبو جعفر ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ويقول به والمعنى عندهما وما التي بيمينك وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت أبا العباس ينكر هذا القول ويقول لا يجوز أن توصل الأسماء المبهمة ويقال ( أهش ) و أهش
20
ابتداء وخبر ويجوز النصب يقال خرجت فإذا زيد جالس وجالسا على الحال قال أبو جعفر وقد شرحناه فيما تقدم والوقف حيه بالهاء
____________________
(3/36)
21
قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول التقدير إلى سيرتها مثل { واختار موسى قومه } قال ويجوز أن يكون مصدرا لأن معنى سنعيدها سنسيرها
22
ويجوز في غير القرآن ضم بفتح الميم وكسرها وضمها لالتقاء الساكنين والفتح أجود لخفته والكسر على الأصل والضم اتباع فإن جئت بالألف واللام كان الكسر أجود فإن جئت بمضمر غائب كان الضم أكثر وإظهار التضعيف لأن الثاني قد سكن ويد أصلها يدي على فعل يدل على ذلك أيد وتصغيرها يدية لأنها مؤنثة ( تخرج بيضاء ) نصب على الحال ولم تنصرف لأن فيها الفي التأنيث لا يزايلانها فكأن لزومها علة ثانية فلم تنصرف في النكرة وخالفتها الهاء لأن الهاء تفارق الاسم ( آية أخرى ) قال الأخفش على البدل من بيضاء وهو قول حسن لأن المعنى في بيضاء مبينة قال أبو إسحاق المعنى آتيناك آية أخرى أو نؤتيك آية لأنه لما قال ( تخرج بيضاء من غير سوء ) دل على أنه قد آتاه آية أخرى قال ويجوز آية بالرفع بمعنى هذه آية
24 أي تجاوز في الكفر
25
أي وسعه وسهل علي أداء ما أمرتني به
____________________
(3/37)
27
ولم يقل احلل كلما بلساني فلذلك قال فرعون ولا يكاد يبين
28 مجزوم لأنه جواب الطلب
29
30 يكون على التقديم والتأخير ويكونان مفعولين والأخ نعت والتقدير واجعل هارون أخي وزيرا لي ويجوز أن يكون هارون بدلا من وزير لأن المعرفة تبدل من النكرة ويجوز الرفع
31
32 على الدعاء وعن الحسن وابن أبي إسحاق أنهما قرآ ( أشدد ) بفتح الهمزة وضم الدال الأولى وإسكان الثانية ( وأشركه ) بضم الهمزة وإسكان الكاف يجعلان الفعلين في موضع جزم جوابا لقوله اجعل لي وزيرا من أهلي وهذه القراءة شاذة بعيدة لأن جواب مثل هذا إنما ينجزم بمعنى الشرط والمجازاة فيكون المعنى إن تجعل لي وزيرا من أهلي أشدد به أزري وأشركه في أمري وأمره النبوة والرسالة وليس هذا إليه صلى الله عليه وسلم فيخبر به وإنما يسأل الله جل وعز أن يشركه معه في النبوة وعن ابن عباس أشدد به أزري أي قوني وعنه أي ظهري قال أبو جعفر وهو مشتق من الإزار لأنه يشد به وقد يقال للظهر أزر لما فيه من القوة وآزره قواه وليس وزير من هذا إنما هو مشتق من الوزر وهو الجبل
33
____________________
(3/38)
نعت لمصدر أي تسبيحا كثيرا ويجوز أن يكون نعتا لوقف والإدغام حسن وكذا
34 مدغم وكذا
35 لأن الحرفين من كلمتين بصيرا أي عليما بما يصلحنا
39 الضمير للتابوت ( فليلقه اليم بالساحل ) أمر قال الفراء وفيه معنى المجازاة أي اقذفيه يلقه اليم وكذا عنده { اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم } ( ولتصنع على عيني ) أي على علمي بك والإدغام جائز ليس في حسن الأول لبعد حروف الحلق
40
في الوقت الذي أراد الله جل وعز أن يرسله
41 أي قويتك وعلمتك لتبلغ عبادي أمري ونهيي
42 عطف على المضمر وحسن العطف عليه لما وكدته
43 أي تجاوز في الكفر
44 قال أبو جعفر قد ذكرناه
45
قال الضحاك يفرط يعجل قال ويطغى يعتدي قال أبو جعفر
____________________
(3/39)
التقدير نخاف أن يفرط علينا منه أمر أي يبدو أمر قال الفراء يقال فرط منه أمر قال وأفرط أسرف قال وفرط ترك قال أبو إسحاق أصله كله من التقديم
46
أي أسمع كلامه وأرى فعله ولا أخلي بينه وبينكما
47
قال أبو إسحاق أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله جل وعز وعذابه قال وليس بتحية قال والدليل على ذلك إنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب وروى زائدة عن الأعمش أنه قرأ
50 بفتح اللام
51
قال كيف يحيون ويجارون أي إن هذا بعيد فأجابه موسى صلى الله عليه وسلم بأن الله جل وعز يعلمهما
52 وفي معناه قولان أحدهما أنه تمثيل مجاز والآخر أنه حقيقة وأن ذلك مكتوب تقرأه الملائكة فتستدل به على قدرة الله جل وعز وعلى عظمته ( لا يضل ربي ولا ينسى ) في معناه ثلاثة أقوال ذكر أبو إسحاق منها واحدا أنه نعت لكتاب أي لا يضله ربي ولا
____________________
(3/40)
ينساه والقول الثاني أنه قد تم الكلام ثم ابتدأ فقال لا يضل ربي أي لا يهلك من قوله أئذا ضللنا في الأرض ولا ينسى شيئا والقول الثالث أشبهها بالمعنى أخبر الله جل وعز أنه لا يحتاج إلى كتاب فالمعنى لا يضل عنه علم شيء من الأشياء ولا معرفتها ولا ينسى علمه منها وقرأ الحسن وقتادة وعيسى وعاصم الجحدري ( في كتاب لا يضل ربي ) أي لا يضيعه ربي ولا ينساه
53
وقرأ الكوفيون ( مهدا ) ومهادا ههنا أولى لأن مهدا مصدر وليس هذا موضع مصدر إلا على حذف أي ذات مهد ( وسلك لكم فيها سبلا ) مجاز أي جعل لكم فيها السبل ( وأنزل من السماء ماء ) أي من نواحيها
55
أي من الأرض قال أبو إسحاق لأن آدم صلى الله عليه وسلم خلق من الأرض وقال غير أبي إسحاق النطفة مخلوقة من التراب يدل على هذا ظاهر القرآن
56
المعنى ولقد أرينا فرعون آياتنا التي أعطينا لموسى صلى الله عليه وسلم كلها والفائدة في هذا أن فرعون رأى الآيات كلها عيانا لا خبرا ( فكذب وأبى ) أن يؤمن
58
____________________
(3/41)
وقرأ الكوفيون ( سوى ) بضم السين والكسر أشهر وأعرف قيل معناه سوى ذلك المكان وأهل التفسير على أن معنى سوى نصف وعدل وهو قول حسن وأصله من قولك جلس في سواء الدار أي في وسطها وفي سواها ووسط كل شيء أعدله وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدلا قال زهير
( أرونا خطة لا ضيم فيها ** يسوى بيننا فيها السواء )
59
مبتدأ وخبره قال أبو إسحاق المعنى وقت موعدكم يوم الزينة وقرأ الحسن ( موعدكم يوم الزينة ) على الظرف قال أبو إسحاق أي يقع يوم الزينة ( وأن يحشر الناس ضحى ) ( أن ) في موضع رفع يعني على قراءة من قرأ يوم الزينة ظرف و أن يحشر الناس بمعنى المصدر فلا يعطف أحدهما على صاحبه إلا على حذف بمعنى ويوم أن يحشر الناس وأولى من هذا أن تكون أن في موضع خفض عطفا على الزينة و الضحى مؤنثة تصغرها العرب بغير هاء لئلا يشبه تصغيرها تصغير ضحوة
61
بمعنى المصدر قال أبو إسحاق أي ألزمهم الله جل وعز ويلا قال
____________________
(3/42)
ويجوز أن يكون نداءا مضافا ( فيستحكم بعذاب ) جواب النهي وقرأ الكوفيون ( فيسحتكم ) والأولى لغة أهل الحجاز وهذه لغة بني تميم قال الفرزدق
( وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ** من المال إلا مسحتا أو مجلف ) ومعنى لا تفتروا على الله كذبا لا تقولوا إن الذي أجيء به من البراهين سحر ( وقد خاب من افترى ) أي خاب من الرحمة والثواب
62
63
فيه ست قراءات قرأ المدنيون والكوفيون ( إن هذان لساحران ) وقرأ أبو عمرو ( إن هذين لساحران ) وهذه القراءة مروية عن الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري وقرأ الزهري وإسماعيل بن قسطنطين والخليل بن أحمد وعاصم في إحدى الروايتين ( إن هذان لساحران ) بتخفيف إن فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة وروي عن عبد الله بن مسعود ( إن هذان إلا ساحران ) وقال الكسائي في قراءة عبد الله ( إن هذان ساحران ) بغير لام وقال الفراء في حرف أبي ( إن ذان إلا ساحران ) فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير إلا أنها جائز أن
____________________
(3/43)
يقرأ بها لمخالفتها المصحف قال أبو جعفر القراءة الأولى للعلماء فيها ستة أقوال منها أن يكون إن بمعنى نعم كما حكى الكسائي عن عاصم قال العرب تأتي بإن بمعنى نعم وحكى سيبويه أن إن تأتي بمعنى أجل وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد وإسماعيل بن إسحاق يذهبان قال أبو جعفر ورأيت أبا إسحاق وأبا الحسن علي بن سليمان يذهبان إليه وحدثنا علي بن سليمان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام النيسابوري ثم لقيت عبد الله بن أحمد هذا فحدثني قال حدثنا عمير بن المتوكل قال حدثنا محمد بن موسى النوغلي من ولد حارث بن عبد المطلب قال حدثنا عمرو بن جميع الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي وهو علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لا أحصي كم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره يقول إن الحمد لله نحمده ونستعينه ثم يقول أنا أفصح قريش كلها وأفصحها بعدي أبان بن سعيد بن العاص قال أبو محمد قال عمير إعرابه عند أهل العربية في النحو إن الحمد لله بالنصب إلا أن العرب تجعل إن في معنى نعم كأنه أراد نعم الحمد لله وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح في خطبتها بنعم وقال الشاعر في معنى نعم
( قالوا غدرت فقلت إن وربما ** نال العلى وشفى الغليل الغادر )
____________________
(3/44)
وقال ابن قيس الرقيات
( بكر العواذل في الصبوح يلمنني وألومهنه ** ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنه )
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل إن هذان لساحران بمعنى نعم قال أبو جعفر أنشدني داود بن الهيثم قال أنشدني ثعلب
( ليت شعري هل للمحب شفاء ** من جوى حبهن إن اللقاء )
أي نعم فهذا قول وقال أبو زيد والكسائي والأخفش والفراء هذا على لغة بني الحارث بن كعب قال الفراء يقولون رأيت الزيدان ومررت بالزيدان وأنشد
( فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ** مساغا لناباه الشجاع لصمما )
وحكى أبو الخطاب أن هذه لغة بني كنانة وللفراء قول آخر قال وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل فزدت عليها نونا ولم أغيرها كما قلت الذي ثم زدت عليها نونا فقلت جاءني الذين عندك ورأيت الذين عندك قال أبو
____________________
(3/45)
جعفر وقيل شبهت الألف في قولك هذان بالألف في يفعلان فلم تغير قال أبو إسحاق النحويون القدماء يقولون الهاء ههنا مضمرة والمعنى إنه هذان لساحران فهذه خمسة أقوال قال أبو جعفر وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية فقال إن شئت أجبتك بجواب النحويين وإن شئت أجبتك بقولي فقلت بقولك فقال سألني إسماعيل بن إسحاق عنها فقلت القول عندي أنه لما كان يقال هذا في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة وكانت التثنية يجب أن لا يغير لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد فقال ما أحسن هذا لو تقدمك بالقول به حتى يؤنس به فقلت فيقول القاضي به حتى يؤنس به فتبسم قال أبو جعفر القول الأول أحسن إلا أن فيه شيئا لأنه إنما قال إنما يقال نعم زيد خارج ولا يكاد يقع اللام ههنا وإن كان النحويون قد تكلموا في ذلك فقالوا اللام ينوى بها التقديم وقال أبو إسحاق المعنى إن هذان لهما ساحران ثم حذف المبتدأ كما قال
( أم الحليس لعجوز شهربه ** )
والقول الثاني من أحسن ما حملت عليه الآية إذ كانت هذه اللغة معروفة وقد حكاها من يرتضى علمه وصدقه وأمانته منهم أبو زيد الأنصاري وهو الذي يقول إذا قال سيبويه حدثني من أثق به فإنما يعنيني وأبو الخطاب الأخفش وهو رئيس من رؤساء أهل اللغة روى عنه سيبويه وغيره ومن بين ما في هذا قول سيبويه واعلم إنك إذا ثنيت الواحد زدت عليه زائدتين الأولى منهما حرف مد
____________________
(3/46)
ولين وهو حرف الإعراب قال أبو جعفر فقول سيبويه وهو حرف الإعراب يوجب أن الأصل أن لا يتغير إن هذان جاء على أصله ليعلم ذلك وقد قال الله جل وعز { استحوذ عليهم الشيطان } ولم يقل استحاذ فجاء على هذا ليدل على الأصل إذ كان الأئمة قد رووها وتبين أنها الأصل وهذا بين جدا ( ويذهبا بطريقتكم المثلى ) تأنيث أمثل كما يقال الأفضل والفضلى وأنثت الطريقة على اللفظ وإن كان يراد بها الرجال ويجوز أن يكون التأنيث على معنى الجماعة
64
قراءة أهل الأمصار إلا أبا عمرو فإنه قرأ ( فاجمعوا ) بالوصل وفتح الميم واحتج بقوله جل وعز { فجمع كيده ثم أتى } وفيما حكى عن محمد بن يزيد أنه قال يجب على أبي عمرو ومن بحجته أن يقرأ بخلاف قراءته هذه وهي القراءة التي عليها أكثر الناس قال لأنه احتج بجمع وقوله جل وعز فجمع كيده قد ثبت هذا فيبعد أن يكون بعده فاجمعوا ويقرب أن يكون بعده فأجمعوا أي أعزموا وجدوا لما تقدم ذلك وجب أن يكون هذا بخلاف معناه يقال أمر مجمع عليه وقال أبو جعفر تصحيح قراءة أبي عمرو فأجمعوا كل كيد وكل حيلة فضموه مع أخيه ( ثم أئتوا صفا ) منصوب بوقوع الفعل عليه وقول أبي عبيدة قال يقال أتيت الصف أي المصلى فالمعنى عنده أتوا الموضع الذي تجتمعون فيه يوم العيد وزعم أبو إسحاق أنه يجوز أن يكون منصوبا على الحال
____________________
(3/47)
قال هارون القارىء لغة بني تميم
66 وبها يأخذ الحسن قال أبو جعفر من كسر العين أتبع الكسرة الكسرة وقد ذكرناه ( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) قال أبو إسحاق أن في موضع رفع أي يخيل إليه سعيها وزعم الفراء أن موضعها موضع نصب أي بأنها ثم حذف الباء وقرأ الحسن ( تخيل ) بالتاء قال أبو عبيد أراد الحبال قال أبو إسحاق من قرأ بالتاء جعل أن في موضع نصب أي تخيل إليه ذات سعى قال ويجوز أن تكون في موضع رفع علي البدل بدل الاشتمال كما حكى سيبويه ما لي بهم علم أمرهم أي ما لي بأمرهم علم قال وأنشد
( وذكرت تقتد برد مائها ** )
أي ذكرت برد ماء تقتد
67
يقال إنه خاف أن يفتن الناس لما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم وكانوا بالبعد من الناس في ناحية وفرعون وجنوده في ناحية وموسى وهارون صلى الله عليهما في ناحية فخاف موسى صلى الله عليه وسلم أن يشبه على الناس إذ كانوا يتخيلون أن الحبال والعصي تسعى وأنها حيات فيتوهمون أنهم قد ساووا موسى صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويقال إن موسى صلى الله عليه وسلم إنما خاف لأنه أبطأ عليه
____________________
(3/48)
الأمر بإلقاء العصا فأوحى الله جل وعز إليه
68 أي لا تخف الشبه فإنا سنبين أمرك حتى تعلو عليهم بالبرهان
69
فألقى العصا فتلقفت حبالهم وعصيهم وكانت حمل ثلاثمائة بعير ثم عادت عصا لا يعلم أحد أين ذهبت الحبال والعصي إلا الله جل وعز قال أبو إسحاق الأصل في خيفة خوفة أبدل من الواو ياء لانكسار ما قبلها قال ويجوز ( تلقف ما صنعوا ) بالرفع يكون فعلا مستقبلا في موضع الحال المقدرة قال ويجوز أن ما صنعوا بفتح الهمزة أي لأن ما ( كيد ساحر ) بالرفع على خبر إن و ما بمعنى الذي والنصب على أن تكون ما كافة وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( كيد سحر ) على إضافة النوع والجنس كما تقول ثوب خز
71
الضمير عائد على موسى صلى الله عليه وسلم احتال فرعون في التشبيه على الناس بهذا فقال للسحرة إن موسى كبيركم أي هو أحذق منكم بالسحر فواطأكم على هذا وعلمكم إياه فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم حتى ماتوا ( ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) قال أبو إسحاق رفعت أيا لأن لفظها لفظ الاستفهام فلم يعمل فيها ما قبلها لأنه خبر
72
قال أبو إسحاق الذي في موضع خفض على العطف والمعنى لن
____________________
(3/49)
نؤثرك على ما جاءنا من البينات وعلى الله جل وعز قال ويجوز أن يكون في موضع خفض على القسم ( فاقض ما أنت قاض ) بحذف الياء في الوصل لسكونها وسكون التنوين وتحذف في الوقف دلالة على أنها في الوصل بغير ياء واختار سيبويه إثباتها في الوقف لأنه قد زالت علة التقاء الساكنين ( إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) منصوبة على الظرف والمعنى إنما تقضي في متاع هذه الحياة الدنيا وأجاز الفراء الرفع على أن يجعل ما بمعنى الذي
73
( ما ) في موضع نصب معطوفة على الخطايا وقيل لا موضع لها وهي نافية أي ليغفر لنا خطايانا من السحر وما أكرهتنا عليه والأول أولى
74
الهاء كناية عن الحديث والجملة خبر إن
77
من أسرى وأن اسر من سرى لغتان فصيحتان ( فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ) قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم والكسائي وقرأ الأعمش وحمزة ( لا تخف دركا ) والقراءة الأولى أبين لأنه بعده ( ولا تخشى ) مجمع عليه بلا جزم فالقراءة الأولى فيها ثلاث تقديرات يكون في موضع الحال وفي موضع النعت لطريق على حذف فيه ومقطوعة من الأول والقراءة الثانية فيها تقديران أحدهما الجزم على النهي والآخر الجزم على جواب الأمر وهو فاضرب فأما ولا تخشى إذا جزمت لا تخف فللنحويين فيه
____________________
(3/50)
تقديران أحدهما وهو الذي لا يجوز غيره أن يكون مقطوعا من الأول مثل { يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون } والتقدير الآخر ذكره الفراء أن يكون ولا تخشى ينوى به الجزم وتثبت فيه الياء زعم كما قال الشاعر
( هجوت زبان ثم جئت معتذرا ** من سب زبان لم تهجو ولم تدع )
وأنشد
( ألم يأتيك والأنباء تنمي ** بما لاقت لبون بني زياد )
قال أبو جعفر هذا من أقبح الغلط أن يحمل كتاب الله جل وعز على شذوذ من الشعر وأيضا فإن الذي جاء به من الشعر لا يشبه من الآية شيئا لأن الواو والياء مخالفتان للألف لأنهما تتحركان والألف لا تتحرك فللشاعر إذا اضطر أن يقدرهما متحركتين ثم يحذف الحركة للجزم وهذا محال في الألف وأيضا فليس في البيتين اضطرار يوجب هذا لأنهما إذا رويا بحذف الواو والياء كانا وزنا صحيحا من البسيط والوافر يسمى الخليل الأول مطويا والثاني منقوصا
____________________
(3/51)
78
على معنى التعظيم والمعرفة بالأمر
79
أي أضلهم عن الرشد وما هداهم إلى خير ولا نجاة لأنه قدر أن موسى صلى الله عليه وسلم ومن تبعه لا يفوتونه لأن بين أيديهم البحر فلما ضرب موسى صلى الله عليه وسلم البحر بعصاه انفلق منه اثنا عشر طريقا وبين الطرق الماء قائما كالجبال فأخذ كل سبط طريقا فلما أقبل فرعون ورأى الطرق في البحر والماء قائما أوهمهم أن البحر فعل ذلك لهيبته فدخل هو وأصحابه فانطبق البحر عليهم
80
أي أمرنا موسى صلى الله عليه وسلم أن يأمركم بالخروج معه ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام ( ونزلنا عليكم المن والسلوى ) أي في البرية
81
أي لا تحملكم السعة والعافية أن تعصوا لأن الطغيان التجاوز إلى ما لا يجب ( فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) وأكثر الكوفيين يقرأ ( يحلل ) حكى أبو عبيدة وغيره أنه يقال حل يحل إذا وجب وحل يحل إذا نزل والمعنيان متقاربان إلا أن الكسر أولى لأنهم قد أجمعوا على قوله
____________________
(3/52)
{ ويحل عليه عذاب مقيم } قال أبو إسحاق فقد هوى فقد هلك صار إلى الهاوية وهي قعر النار
قال وكيع عن سفيان كنا نسمع في قوله عز وجل
82 أي من الشرك ( وآمن ) أي بعد الشرك ( وعمل صالحا ) صلى وصام ( ثم اهتدى ) مات على ذلك وهذا أحسن ما قيل في الآية وقال الفراء ثم اهتدى علم أن لذلك ثوابا وعليه عقابا
83
الآية أمر أن يأمر قومه بالخروج معه ليسمعوا كلام الله جل وعز
84
أي هم قريبا مني قال أبو حاتم قال عيسى بنو تميم يقولون هم أولى مرسلة مقصورة وأهل الحجاز يقولون أولاء ممدودة وحكى الفراء هم ألاي على أثري وزعم أبو إسحاق أن هذا لا وجه له وهو كما قال لأن هذا ليس مما يضاف فيكون مثل هداي ولا يخلو من إحدى جهتين إما أن يكون اسما مبهما فإضافته محال وإما أن يكون بمعنى الذي فلا يضاف أيضا لأن ما بعده من تمامه وهو معرفة وقرأ عيسى ( هم أولاء على إثري ) وهو بمعنى أثر ( وعجلت إليك رب لترضى ) أي عجلت بالمصير إلى الموضع الذي
____________________
(3/53)
أمرتني بالمصير إليه لترضى عني
85
أي اختبرناهم وامتحناهم بأن يستدلوا على الله ( وأضلهم السامري ) أي دعاهم إلى الضلالة فاتبعوه
86
على الحال ( قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) وعدهم جل وعز الجنة إذا قاموا على طاعته ووعدهم أنه يسمعهم كلامه ( أفطال عليكم العهد ) أي أفطال عليكم الوقت الذي ينجر لكم فيه وعده فتوهمتم أنه لا ينجزه حقيقته في النحو أفطال عليكم إنجاز العهد ( فأخلفتم موعدي ) لأنهم وعدوه أنهم يقيمون على إطاعة الله جل وعز
87
أي قيل هذا عام يراد به الخاص أي قال الذين ثبتوا على طاعة الله ما أخلفنا موعدك بملكنا أي لم نملك ردهم عن عبادة العجل ( ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها ) أي ثقل علينا حمل ما كان معنا من الحلي فقذفناه في النار ليذوب ( فكذلك ألقى السامري ) الكاف في موضع نصب أي فألقى السامري إلقاءا مثل ذلك
88
قيل معناه متجسدا عظيما وقيل معناه جسد لا روح فيه ( له خوار ) لأنه خرقه وثقبه ليحتال في إخراج الصوت منه
____________________
(3/54)
89
بمعنى أنه لا يرجع إليهم قال أبو إسحاق ويجوز ألا يرجع إليهم قولا بالنصب على أن تنصب بأن والرفع أولى وقد ذكرناه
90 اسم إن وخبرها
91
خبر نبرح وعلى الحال ( حتى يرجع إلينا موسى ) نصب بحتى ولا يجوز الرفع لأنه مستقبل لا غير
93
أي ألا تلحق بي ( أفعصيت أمري ) لأنه كان أمره أن يلحق به معهم
94
بالفتح يجعل الاسمين اسما واحدا وبالخفض على الإضافة قال أبو إسحاق ويجوز في غير القرآن يا ابن أمي بالياء ( لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ) أي لا تفعل هذا فيتوهموا أنه منك استخفاف وعقوبة وقد قيل إن موسى عليه السلام إنما فعل هذا على غير استخفاف ولا عقوبة كما يأخذ الإنسان بلحية نفسه والله أعلم بما أراد نبيه صلى الله عليه وسلم ( إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ) أي خشيت أن أخرج وأتركهم وقد أمرتني أن أخرج معهم فتقول فرقت بينهم ولم ترقب قولي لأنك أمرتني بأن أكون معهم
____________________
(3/55)
95
قال أبو إسحاق أي ما أمرك الذي تخاطب به
96
وكان بصر بجبرئيل صلى الله عليه وسلم حين نزل إلى موسى صلى الله عليه وسلم فظن أن له بذلك فضلا عليهم فأخذ قبضة من أثر دابة جبرئيل عليه السلام ونبذها في العجل وإنما فعل هذا ليوهمهم أنه يجب أن يعظم العجل لهذا قال أبو إسحاق ويجوز قبضة مثل غرفة والقبضة مقدار ملء الكف والقبضة بالفتح ملء الكف كلها وقرأ الحسن ( فقبضت قبضة ) وفسرها بأطراف الأصابع
97
على التبرية قال هارون ولغة العرب لا مساس بكسر السين وفتح الميم وقد تكلم النحويون في هذا فأما سيبويه فيذهب إلى أنه مبني على الكسر كما يقال إضرب الرجل وشرح هذا أبو إسحاق فقال لا مساس نفي وكسرت السين لأن الكسر من علامة المؤنث تقول فعلت يا امرأة وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول إذا اعتل الشيء من ثلاث جهات وجب أن يبنى وإذا اعتل من جهتين وجب أن لا يصرف لأنه ليس بعد ترك الصرف إلا البناء فمساس ودراك اعتل من ثلاث جهات منها أنه معدول ومنها أنه مؤنث وأنه معرفة فلما وجب البناء فيها وكانت الألف قبل السين ساكنة كسرت السين لالتقاء الساكنين كما يقال اضرب الرجل قال أبو
____________________
(3/56)
جعفر ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى أن هذا القول خطأ وألزم أبا العباس إذا سمى امرأة بفرعون أن يبينه ولا يقول هذا أحد وقرأ البصريون ( وإن لك موعدا لن تخلفه ) بكسر اللام فيحتمل معنيين أحدهما لن تجده مخلفا كما يقال أحمدته أي وجدته محمودا والمعنى الآخر على التهديد أي لا بد لك من أن تصير إليه وفي قراءة ابن مسعود رحمة الله عليه ( الذي ظلت ) بكسر الظاء ويقال ظللت أفعل ذاك إذا فعلته نهارا وظلت وظلت فمن قال ظلت حذف اللام تخفيفا ومن قال ظلت ألقى حركة اللام على الظاء ( عاكفا ) خبر يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( لنحرقنه ) وكذلك يروى عن أبي جعفر وقرأ الحسن ( لنحرقنه ) وعن سائر الناس ( لنحرقنه ) يقال حرقه يحرقه ويحرقه إذا نحته بمبرد أو غيره وأحرقه يحرقه بالنار وحرقه يحرقه يكون منهما جميعا على التكثير
ويروى عن قتادة أنه قرأ
98 أي ملأه
99
الكاف في موضع نصب والمعنى نقص عليك كما قصصنا عليك قصة موسى عليه السلام وفرعون والسامري ( وقد آتيناك من لدنا ذكرا ) وهو القرآن
____________________
(3/57)
100 أي فلم يتدبره ولم يؤمن به
101 على البيان و
102 على الحال وكذا
106 و
103 منصوب بلبثتم والكوفيون يقولون في المعنى ما لبثتم إلا عشرا
109
من في موضع نصب على الاستثناء الخارج من الأول
111
في معناه قولان أحدهما أن هذا في الآخرة وروى عكرمة عن ابن عباس وعنت الوجوه للحي القيوم قال الركوع والسجود ومعنى عنت في اللغة خضعت وأطاعت ومنه فتحت البلاد عنوة أي غلبة
117
مجاز أي لا تقبلا منه فيكون سببا لخروجكما ( فتشقى ) ولم يقل فتشقيا لأن المعنى معروف وآدم صلى الله عليه وسلم هو المخاطب والمقصود قال الحسن في قوله ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) قال يعني شقاء الدنيا لا ترى ابن آدم إلا ناصبا قال الفراء هو أن يأكل من كد يديه
118
119
____________________
(3/58)
قراءة أبي عمرو وأبي جعفر والأعمش وحمزة والكسائي وقرأ عاصم ونافع ( وإنك ) بكسر الهمزة فالفتح على أن تكون أن اسما في موضع نصب عطفا على أن والمعنى وإن لك أنك لا تظمأ فيها ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع والمعنى ذلك أنك لا تظمأ فيها والكسر على الاستئناف وعلى العطف على إن لك
قال الفراء
121
في العربية أقبلا وقيل جعلا يلصقان عليهما الورق ورق التين
قال أبو إسحاق
110 من أمر الآخرة وجميع ما يكون ( وما خلفهم ) ما قد وقع من أعمالهم وقال غيره معنى ( ولا يحيطون به علما ) ولا يحيطون بما ذكرنا والله أعلم
121 قلبت الياء ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها ولهذا كتبه الكوفيون بالياء ليدلوا على أصله
122
أي اختاره ( فتاب عليه وهدى ) أي وهداه للتوبة وروى حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله جل وعز
124 قال عذاب القبر
____________________
(3/59)
128
أي يبين لهم وهذه قراءة أبي عبد الرحمن وقتادة بالياء وقد تكلم النحويون فيه لأنه مشكل من أجل الفاعل ليهد فقال بعضهم كم الفاعل وهذا خطأ لأن كم استفهام فلا يعمل فيها ما قبلها وقال أبو إسحاق المعنى أفلم يهد لهم الأمر بإهلاكنا من أهلكناه قال وحقيقة أفلم يهد لهم أفلم يبين لهم بيانا يهتدون به لأنهم كانوا يمرون على منازل عاد وثمود فلذلك قال جل وعز ( يمشون في مساكنهم ) وفي مسكنهم على أنه مصدر وقال محمد بن يزيد فيما حكاه لنا عنه علي بن سليمان وهذا معنى كلامه قال يهدي يدل على الهدى فالفاعل هو الهدى قال أبو إسحاق كم في موضع نصب بأهلكنا روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) قال لأولي التقى
قال 129
130 أي موتا ( وأجل مسمى ) معطوف على كلمة وواحد الأناء إني لا يعرف البصريون غيره وحكى الفراء في واحد الأنا إني مقصورة واحد الآنية إنا ممدود وللفراء في هذا الباب في كتاب المقصور والممدود أشياء قد جاء بها على أنها فيها مقصور وممدود مثل الإناء والإنى والوراء والورى قد أنكرت عليه ورواها الأصمعي وابن السكيت والمتقنون من أهل اللغة على خلاف ما روي والذي يقال في هذا أنه مأمون على ما رواه غير أن سماع الكوفيين أكثره عن غير الفصحاء
____________________
(3/60)
131
وهم الأغنياء أي لا تنظر إلى ما أعطي الكفار في الدنيا وقرأ عيسى بن عمر وعاصم الجحدري ( زهرة ) بفتح الهاء قال أبو إسحاق زهرة منصوبة بمعنى متعنا لأن معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة ( لنفتنهم فيه ) أي لنختبرهم ونشدد التعبد عليهم لأن الأغنياء يشتد عليهم التواضع والمحنة عليهم أشد ( ورزق ربك خير وأبقى ) قال الفراء أي ثواب ربك وحكى الكسائي
133 قال ويجوز على هذا ( بينة ما في الصحف الأولى ) قال أبو جعفر إذا نونت بينة ورفعت جعلت ما بدلا منها وإذا نصبتها على الحال والمعنى أو لم يأتهم ما في الصحف الأولى مبينا
134
قيل من قبل التنزيل وقال الفراء من قبل الرسول ( فنتبع آياتك ) جواب لولا
قال أبو إسحاق
135 من في موضع رفع وقال الفراء يجوز أن يكون في موضع نصب مثل { والله يعلم المفسد من المصلح } قال أبو إسحاق وهذا خطأ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله
____________________
(3/61)
ومن ههنا استفهام لأن المعنى فستعلمون أأصحاب الصراط نحن أم أنتم وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري ( فستعلمون من أصحاب الصراط السوى ) على فعلى بغير همز وتأنيث الصراط شاذ قليل قال الله جل وعز { اهدنا الصراط المستقيم } فجاء مذكرا في هذا وفي غيره وقد رد هذا أبو حاتم فقال إن كان من السوء وجب أن يكون السوءى وإن كان من السواء وجب أن يقول السيى بكسر السين والأصل السويا قال أبو جعفر جواز قراءة يحيى بن يعمر والجحدري أن يكون الأصل السوءى والساكن ليس بحاجز حصين فكأنه قلب الهمزة ضمة فأبدل منها والساكن ليس بحاجز ألفا إذا انفتح ما قبلها ( ومن اهتدى ) معطوف على من الأولى والفراء يذهب إلى أن معنى من أصحاب الصراط السوي من لم يضل وإلى أن معنى ومن اهتدى من ضل ثم اهتدى
____________________
(3/62)
21
ولا يجوز في الكلام اقترب حسابهم للناس لئلا يتقدم مضمر على المظهر لا يجوز أن ينوى به التأخير ( وهم في غفلة معرضون ) ابتداء وخبر ويجوز النصب في غير القرآن على الحال والمعنى وهم في غفلة معرضون عن التأهب للحساب
2
نعت لذكر وأجاز الكسائي والفراء محدثا بمعنى ما يأتيهم محدثا وأجاز الفراء رفع محدث على تأويل ذكر لأنك لو حذفت من رفعت ذكرا ( إلا استمعوه )
3
قال الكسائي أي إلا استمعوه لاهية قلوبهم وأجاز الفراء أن يكون مخرجا من المضمر الذي في يلعبون وأجاز هو والكسائي ( لاهية قلوبهم ) بالرفع بمعنى قلوبهم لاهية وأجاز غيرهم الرفع على أن
____________________
(3/63)
يكون خبرا بعد خبر أو على إضمار مبتدأ ( وأسروا النجوى الذين ظلموا ) ولم يقل وأسر النجوى والفعل متقدم لأن الفعل إذا تقدم الأسماء وحد وإذا تأخر ثني وجمع للضمير الذي فيه فكيف جاء هذا متقدما مجموعا ففيه ستة أقوال يكون بدلا من الواو وعلى إضمار مبتدأ ونصبا بمعنى أعني وأجاز الفراء أن يكون خفضا بمعنى اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم وأجاز الأخفش أن يكون على لغة من قال أكلوني البراغيث والجواب السادس أحسنها وهو أن يكون التقدير يقول الذين ظلموا وحذف القول مثل { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } فالدليل على صحة هذا الجواب أن بعده ( هل هذا إلا بشر مثلكم ) فهذا الذي قالوه والمعنى هل هذا إلا بشر مثلكم وقد بين الله جل وعز أنه لا يجوز أن يرسل إليهم بشرا ليفهموا عنه ويعلمهم ثم قال ( أفتأتون السحر ) والسحر في اللغة كل مموه لا حقيقة له ولا صحة ( وأنتم تبصرون ) قيل معناه وأنتم تبصرون أنه إنسان مثلكم وقيل وأنتم تعقلون لأن العقل هو البصر بالأشياء
4
وفي مصاحف أهل الكوفة ( قال ربي ) فقيل إن القراءة الأولى أظهر وأولى لأنهم أسروا هذا القول فأظهر الله عليه نبيه وأمره أن يقول لهم هذا قال أبو جعفر والقراءاتان صحيحتان وهما بمنزلة الآيتين وفيهما من الفائدة أنه صلى الله عليه وسلم أمر وأنه قال كما أمر
____________________
(3/64)
5
قال أبو إسحاق أي بل قالوا الذي يأتي به أضغاث أحلام وقال غيره هو أحلام اختلاط والمعنى كالأحلام المختلطة فلما رأوا أن الأمر ليس كما قالوا انتقلوا عن ذلك فقالوا ( بل افتراه ) ثم انتقلوا عن ذلك فقالوا ( بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) أي كما أرسل موسى صلى الله عليه وسلم بالعصا وغيرها من الآيات وكان هذا منهم إذ كان الله جل وعز قد أعطاه من الآيات ما فيه كفاية ويبين الله جل وعز أنهم لو كانوا يؤمنون لأعطاهم ما سألوا كقوله { ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون }
6 أي من أهل قرية و من زائدة للتوكيد
9 أي بإنجائهم ونصرهم وإهلاك مكذبيهم
10
رفع بالابتداء والجملة في موضع نصب لأنها نعت لكتاب ثم نبههم بالاستفهام الذي معناه التوقيف فقال جل وعز ( أفلا تعقلون )
11
كم في موضع نصب بقصمنا ( من قرية ) لو حذفت من لجاز الخفض لأن كم ههنا للخبر والعرب تقول كم قرية قد دخلتها
____________________
(3/65)
فتنخفض وفيه تقديران أحدهما أن تكون كم بمنزلة ثلاثة من العدد والفراء يقول بإضمار من فإذا فرقت جاز الخفض والنصب وأنشد النحويون
( كم بجود مقرفا نال العلى ** وكريما بخله قد وضعه )
وأجود اللغات فيه إذا فرقت أن تأتي بمن وبها جاء القرآن في هذا الموضع وغيره
14 نداء مضاف
15
تلك في موضع رفع إن جعلت دعواهم خبرا وفي موضع نصب إن جعلت دعواهم الاسم
16
أي ما خلقنا السماء والأرض ليظلم الناس بعضا ويكفر بعضهم ويخالف بعضهم ما أمر به ثم يموتوا فلا يجاوزوا بأفعالهم ولا يؤمروا في الدنيا بحسن ولا ينهوا عن قبيح وهذا اللعب المنفي عن الحكيم وضد الحكمة
17
____________________
(3/66)
لأنهم نسبوا إلى الله جل وعز الولد والصاحبة فالمعنى لو أردنا أن نتخذ ولدا أو صاحبة لما اتخذناه من البشر الذين تلحقهم الآفات والحجارة التي لا تعقل فبين به الله عز وجل جهلهم بنسبهم إليه مثل هذا بلا حجة ولا شبهة
18
أي بالحجج والبراهين ( على الباطل ) وهو قولهم ( فإذا هو زاهق ) حكى أهل اللغة زهق يزهق زهقا وزهوقا إذا انكسر واضمحل
20 ظرفان
22
التقدير عند سيبويه والكسائي غير الله فلما جعلت إلا في موضع غير أعرب الاسم الذي بعدها بإعراب غير كما قال
( وكل أخ مفارقه أخوه ** لعمر أبيك إلا الفرقدان )
____________________
(3/67)
وحكى سيبويه لو كان معنا رجل إلا زيد لهلكنا وقال الفراء إلا ههنا في موضع سوى والمعنى لو كان فيهما آلهة سوى الله لفسد أهلهما وقال غيره أي لو كان فيهما الهان لفسد التدبير لأن أحدهما إذا أراد شيئا وأراد الآخر ضده كان أحدهما عاجزا
وحكى أبو حاتم أن يحيى بن يعمر وطلحة قرأ
24 فزعم أنه لا وجه لهذا وقال أبو إسحاق في هذه القراءة المعنى هذا ذكر مما أنزل إلي ومما هو معي وذكر ممن قبلي وقال غيره التقدير فيها هذا ذكر ذكر من معي مثل وسئل القرية وروي عن الحسن أنه قرأ ( الحق فهم معرضون ) بالرفع بمعنى هو الحق وهذا هو الحق
26
قال أبو إسحاق المعنى بل هم عباد مكرمون يعني الملائكة وعيسى عليهم السلام قال ويجوز في غير القرآن بل عبادا مكرمين بمعنى بل اتخذ عبادا مكرمين وأجازه الفراء أيضا على أن ترده على ولد أي لم نتخذهم ولدا بل اتخذناهم عبادا مكرمين
28
أي لا يفعلون شيئا إلا بإذنه ثم خبر بحكمه جل وعز في كل أحد فقال
____________________
(3/68)
29 الكاف في موضع نصب
30
قال الأخفش قال كانتا لأنهما صنفان كما تقول العرب هما لقاحان أسودان وكما قال جل وعز { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا } قال أبو إسحاق كانتا لأنه يعبر عن السموات بلفظ الواحد بسماء ولأن السموات كانت سماء واحدة وكذا الأرضون قال قال رتقا ولم يقل رتقين لأنه مصدر والمعنى كانتا ذواتي رتق قال أبو جعفر وروي عن الحسن أنه قرأ ( كانتا رتقا ) قال عيسى هو صواب وهي لغة ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) نعت لشيء وأجاز الفراء كل شيء حيا بمعنى وجعلنا كل شيء حيا من الماء
32
نعت لسقف ولو كان محفوظة على أن يكون نعتا للسماء لجاز
33
فيه من النحو أنه لم يقل يسبحن ولا يسبح ومذهب سيبويه أنه لما
____________________
(3/69)
خبر بفعل من يعقل وجعلهن في الطاعة بمنزلة من يعقل خبر عنهن بالواو والنون وقال الفراء لما خبر عنهن بأفعال الآدميين قال يسبحون وقال الكسائي يسبحون لأنه رأس آية كما قال { نحن جميع منتصر } ولم يقل منتصرون
34
جيء بالفاء التي في فهم عند الفراء لتدل على الشرط لأنه جواب قولهم ستموت ويجوز أن يكون جيء بها لأن التقدير فيها أفهم الخالدون إن مت قال الفراء ويجوز حذف الفاء وإضمارها لأن هم لا يتبين فيها الإعراب أو لأن المعنى أهم الخالدون إن مت
35
قال الكسائي والمصدر بلاء
38
متى عند الكوفيين في موضع نصب وكذا الجواب عندهم في المعرفة إذا قيل متى وعدك قيل يوم الجمعة فإن كان نكرة رفعت فقلت موعدك يوم قريب وكذا ظروف المكان وحكى الفراء اجتمع الجيشان فالمسلمون جانب والكفار جانب صاحبهم الثاني منصوب لأنه معرفة والأول مرفوع لأنه نكرة فاعتل في النصب مع المعرفة لأن الخبر مسند إليها لأنها معرفة
____________________
(3/70)
فحسنت الصفة وبنوا المسائل على هذا فتقول عبد الله جانب المسجد وزيد جانب منه وأما البصريون فالرفع عندهم الوجه إذا كان الظرف متمكنا قال سيبويه وتقول موعدك غدوة وبكرة وموعدك بكرا لأن بكرا لا يتمكن والدليل على صحة قول البصريين قراءة القراء إلا من شذ منهم قال { موعدكم يوم الزينة } وحكى الفراء في النكرة إنما البرد شهران وإنما الصيف شهران وزيد دون من الرجال وهو دونك بالنصب في المعرفة
40
( هم ) في موضع رفع بالابتداء ولا تعمل إلا في معرفة ( ينظرون ) في موضع الخبر
42
45
فإن خففت الهمزة جعلتها بين الهمزة والواو ولهذا كتبت واوا وحكى الكسائي والفراء في التخفيف وجهين آخرين قل من يكلوكم بفتح اللام وإسكان الواو وحكيا من يكلاكم قال فأما يكلاكم فخطأ من جهتين إحداهما أن بدل الهمزة إنما يجوز في الشعر والجهة الأخرى أنهما يقولان في الماضي كليته فينقلب المعنى لأن المعنى كليته أوجعت كليته ومن قال لرجل كلاك الله فقد دعا عليه بأن يصيبه الله بوجع في كليته والدليل على هذا أنه لا يقال رجل مكلي إلا من هذا هكذا السماع ولا نلتفت إلى سماع لا
____________________
(3/71)
يصح وأما يكلوكم فقد حكى مثله سيبويه في آخر الكلمة إن من العرب من يقول هو الوثو فيبدل من الهمزة واوا حرصا على تبيينها وفي الخفض من الوثي وهو الكلو ومن الكلي وأخذت الكلا قال الفراء ومن قال يكلوهم قال في الماضي كلات فيترك النبرة
قرأ أبو عبد الرحمن السلمي
45 جعلهما مفعولين فرد عليه بعض أهل اللغة وقال كان يجب على قوله إذا ما تنذرهم قال أبو جعفر وذلك جائز لأنه قد عرف المعنى
47
اسم كان ولا خبر لها لأنها بمعنى وقع ويجوز النصب على أن تضمر فيها اسمها
وروي عن ابن عباس وعكرمة / < ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان ضياء > / بغير واو وزعم الفراء أن حذف الواو والمجيء والمجيء بها واحد كما قال جل وعز { وحفظا } ورد عليه هذا القول أبو إسحاق لأن الواو تجيىء لمعنى فلا تزاد قال وتفسير الفرقان التوراة لأن فيها الفرق بين الحلال
____________________
(3/72)
والحرام قال وضياء مثل { فيه هدى ونور } وأجاز الفراء
50 بمعنى أنزلناه مباركا
51 مفعولان قال الفراء رشده هداه
52
قال أبو إسحاق إذ في موضع نصب أي آتيناه رشده في ذلك الوقت
58
فجاء مذكرا لأنهم جعلوا الأصنام بمنزلة ما يعقل في عبادتهم إياها ( إلا كبيرا لهم ) على الاستثناء
60
قال أبو إسحاق إبراهيم يرتفع من جهتين على معنى هو إبراهيم والمعروف به إبراهيم وعلى النداء قال أبو جعفر واسم ما لم يسم فاعله على مذهب الخليل رحمه الله وسيبويه له كما تقول سيريه وعلى مذهب محمد بن يزيد اسم ما لم يسم فاعله مضمر أي يقال له القول واحتيج إلى الإضمار لأن إبراهيم لا يجوز أن يكون اسم ما لم يسم فاعله بل ذلك محال على كل قول لأنه
____________________
(3/73)
من قال قلت زيدا منطلقا على اللغة الشاذة لم يقل كلمته فقلت له إبراهيم ولم يقل هذا إلا بالرفع وإن كانت تلك اللغة شاذة لا يتكلم بها في كتاب الله عز وجل لشذوذها وخروجها على القياس ولولا أن هذا القول لم يقله أحد من العلماء علمناه لزدنا في الشرح ولكن غنينا عن ذلك بما تقدم وبما وصفناه وأنه يلزم من رفع هذا على أنه اسم ما لم يسم فاعله أن يقول قلت زيدا كما أنه إذا قال يضرب زيد قال ضربت زيدا ولا يقول أحد قلت زيدا ولا له معنى ويلزمه أن يقرأ { سيقولون ثلاثة } بالنصب فإذا لزمه ما لا يقوله أحد استغنى عن الزيادة ولو لم يكن في هذا إلا أن النحويين يعلمون المتعلم أن ما بعد القول محكي فيقولون قلت له زيد خارج وكذا قيل له لا فرق بين الفعلين في الحكاية
قال أبو إسحاق
67 وأف وأف لكم وينون في اللغات الثلاث ويقال أفه ومن كسر لالتقاء الساكنين قال الأصوات أكثرها مبني على الكسر والفتح لأنه خفيف والضم اتباع والتنوين فرق بين المعرفة والنكرة
71
عطف على الهاء ( إلى الأرض التي باركنا فيها ) لأن الأرض مؤنثة فأما قول الشاعر
____________________
(3/74)
( فلا مزنة ودقت ودقها ** ولا أرض أبقل إبقالها ) فرواه أبو حاتم ولا أرض أبقلت ابقالها كره تذكير الأرض قال أبو جعفر وما في هذا ما ينكر لأنه تأنيث حقيقي قال محمد بن يزيد لو قلت هدم دارك لجاز والكوفيون يقولون يجوز التذكير لأنه لا علاقة فيه للتأنيث
73
الأصل أقوام فألقيت حركة الواو على القاف فانقلبت الواو ألفا وحذفت لالتقاء الساكنين فإن أفردت ألحقت الهاء وقبح حذفها لأنها عوض مما حذف
74
بمعنى واذكر لوطا أو بمعنى وآتينا لوطا
76
78
بمعنى واذكروا ولم ينصرف داود لأنه اسم عجمي لا يحسن فيه الألف واللام ولم ينصرف سليمان لأن في آخره ألفا ونونا زائدتين
79
قال أبو إسحاق أي ففهمنا القصة ( وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير ) معطوف على الجبال ويجوز أن يكون بمعنى مع الطير كما
____________________
(3/75)
تقول التقى الماء والخشبة قال أبو إسحاق ويجوز الطير بالرفع بمعنى يسبحن هن والطير قال ( وكنا فاعلين ) أي نقدر على ما نريد وقال غيره المعنى وكنا فاعلين للأنبياء صلوات الله عليهم مثل هذه الآيات
81
معطوف أي وسخرنا لسليمان الريح وقرأ عبد الرحمن الأعرج ( ولسليمان الريح ) بالرفع قطعه من الأول ورفع بالابتداء كما تقول أعطيت زيدا درهما ولعمر دينار
82
( من ) في موضع نصب إن نصبت الريح ويجوز الرفع بالابتداء وإن رفعت الريح فمن في موضع رفع عطف عليها وإن شئت بالابتداء أيضا ويغوصون على معنى من ولو كان في غير القرآن لجاز يغوص على اللفظ
84 ( وآتيناه أهله ومثلهم معهم ) لأهل التفسير في معناه قولان عن مجاهد وعكرمة بإسنادين صحيحين قالا قيل لأيوب صلى الله عليه وسلم قد آتيناك أهلك في الجنة فإن شئت تركناهم لك في الآخرة وإن شئت آتيناك هم في الدنيا قال مجاهد فتركهم الله جل وعز له في الجنة وأعطاه مثلهم في الدنيا وقال عكرمة فاختار أن يكونوا له في الجنة ويؤتي مثلهم في الدنيا وقال الضحاك قال عبد الله بن مسعود كان أهل أيوب عليه السلام قد ماتوا إلا
____________________
(3/76)
امرأته فأحياهم الله جل وعز له وآتاه مثلهم معهم وعن ابن عباس رحمة الله عليه قال كان بنوه قد ماتوا فأحيوا له وولد لهم مثلهم معهم
85 بمعنى واذكر كذا
87
قال أبو جعفر قد ذكرنا عن سعيد بن جبير أنه قال مغاضبا لربه جل وعز وربما أنكر هذا من لا يعرف اللغة وهذا قول صحيح والمعنى مغاضبا من أجل ربه كما تقول غضبت لك أي من أجلك والمؤمن يغضب لله جل وعز إذا عصي وأكثر أهل اللغة يذهب إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها اشترطي لهم الولاء من هذا وقال الضحاك إذ ذهب مغاضبا أي لقومه فيكون معنى هذا إنه غاضبهم لعصيانهم وقال الأخفش إنما غاضب بعض الملوك وقرأ الحسن ( فظن أن لن يقدر عليه ) وقرأ يعقوب القارىء ( فظن أن لن يقدر عليه )
89 بمعنى واذكر
وقد ذكرنا أن معنى
90 أنها كانت سيئة الخلق وقال سعيد بن جبير إنها كانت لا تلد قال أبو إسحاق ( ويدعوننا رغبا ) على أنه مصدر ورغبا بخلا ورغبا مثل بخلا
____________________
(3/77)
91
في موضع نصب بمعنى واذكر ( وجعلناها وابنها آية للعالمين ) ولم يقل آيتين قال أبو إسحاق لأن الآية فيهما واحدة لأنها ولدته من غير فحل وعلى مذهب سيبويه أن التقدير وجعلناها آية للعالمين وجعلنا ابنها آية للعالمين ثم حذف وعلى مذهب محمد بن يزيد أن المعنى وجعلناها آية للعالمين وابنها مثل { والله ورسوله أحق أن يرضوه } وفي قصة ذي النون حرف مشكل الإعراب على قراءة عاصم
88 بنون واحدة لأنها في المصحف كذا وتكلم النحويون في هذا فقال بعضهم هو لحن لأنه نصب اسم ما لم يسم فاعله وكان أبو إسحاق يذهب إلى هذا القول وذهب الفراء وأبو عبيد إلى أن المعنى وكذلك نجي النجاء المؤمنين قال أبو إسحاق هذا خطأ لا يجوز ضرب زيدا المعنى الضرب زيدا لأنه لا فائدة فيه إذ كان ضرب يدل على الضرب ولأبي عبيد فيه قول آخر وهو أنه أدغم النون في الجيم وهذا القول لا يجوز عند أحد من النحويين علمناه لبعد النون من الجيم فلا تدغم فيها ولا يجوز في { من جاء بالحسنة } مجاء بالحسنة قال أبو جعفر ولم أسمع في هذا أحسن من شيء سمعته من علي بن سليمان قال الأصل ننجي فحذف إحدى النونين لاجتماعهما كما يحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قول الله جل وعز { ولا تفرقوا } الأصل تتفرقوا والدليل على صحة ما قال أن عاصما يقرأ ( نجي ) بإسكان الياء ولو كان على ما تأوله من ذكرناه لكان مفتوحا
____________________
(3/78)
92 على الحال قال أبو إسحاق أي إن هذه أمتكم في حال اجتماعها فإذا تفرقت لم تدخل في ذلك قال ويجوز إن هذه أمتكم أمة واحدة تجعل أمتكم بدلا من هذه وفيه معنى التوكيد قال أبو جعفر وقرأ ابن أبي إسحاق ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة ) أمتكم خبر إن وأمة واحدة خبر بعد خبر وإن شئت على إضمار مبتدأ وإن شئت على بدل النكرة من المعرفة
قال الكسائي وفي حرف ابن مسعود
94 وكفر وكفران وكفور بمعنى واحد
95
قراءة زيد بن ثابت وأهل المدينة وعن علي وابن مسعود وابن عباس ( وحرم على قرية ) وقد روي عن ابن عباس أنه قرأ ( وحرم على قرية ) بفتح الحاء والميم وكسر الراء وروي عنه بضم الراء وفتح الحاء والميم والآية مشكلة وقد ذكرنا فيها أقوالا فمن أحسن ما قيل فيها وأجله ما رواه ابن عيينة وابن علية وهشيم وابن إدريس ومحمد بن فضيل وسليمان بن حيان ومعلى عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رحمه الله في قوله جل وعز ( وحرام على قرية أهلكناها ) قال وجب ( أنهم لا يرجعون ) قال لا يتوبون قال أبو جعفر واشتقاق هذا بين من اللغة وشرحه أن معنى حرم الشيء حظر ومنع منه كما أن معنى أحل أبيح ولم يمنع منه فإذا كان حرام وحرم
____________________
(3/79)
بمعنى واحد فمعناه أنه قد ضيق الخروج منه ومنع فقد دخل في باب المحظور بهذا فأما قول أبي عبيد إن لا زائدة فقد رده عليه جماعة لأنها لا تزاد في مثل هذا الموضع ولا فيما يقع فيه إشكال ولو كانت زائدة لكان التأويل بعيدا أيضا لأنه إن أراد حرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون إلى الدنيا فهذا ما لا فائدة فيه وإن أراد التوبة فالتوبة لا تحرم
96
وقرأ عاصم والأعرج ( يأجوج ومأجوج ) بالهمز قال أبو إسحاق هما مشتقان من أجة الحريق ومن ملح أجاج ولا يصرف تجعلهما اسما للقبيلتين على فاعول ومفعول ومن لم يهمز جعلهما أعجميين على قول أكثر النحويين قال الأخفش ياجوج من يججت وماجوج من مججت وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( وهم من كل حدب ينسلون ) قال من كل شرف يقبلون والتقدير في العربية حتى إذا فتح سد ياجوج وماجوج مثل وسئل القرية فأما جواب إذا ففيه ثلاثة أقوال قال الكسائي والفراء حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج اقترب الوعد الحق والواو عندهما زائدة وأنشد الفراء
( فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ** بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل )
____________________
(3/80)
المعنى عنده انتحى وأجاز الكسائي أن يكون جواب إذا
97 والقول الثالث أن المعنى قالوا ( يا ويلينا ) ثم حذف قالوا وهذا قول أبي إسحاق وهو قول حسن قال الله جل وعز { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله } المعنى قالوا وحذف القول كثير
98
المعنى إنكم والأوثان التي تعبدونها من دون الله ولا يدخل في هذا عيسى صلى الله عليه وسلم ولا عزير ولا الملائكة لأن ما لغير الآدميين والمعنى لأن أوثانهم تدخل معهم النار ليعذبوهم بها إما بأن تحمى وتلصق بهم وإما يبكتوا بعبادتها و ما في موضع نصب عطفا على اسم إن والخبر حصب جهنم أي يرمى بالحصباء
99 ابتداء وخبر ويجوز نصب خالدين في غير القرآن
100
قيل في الكلام حذف والمعنى والله أعلم وهم فيها لا يسمعون شيئا يسرهم لأنهم صم
101
قيل يعني بها الجنة وقيل يعني بها الوعد ( أولئك عنها مبعدون )
____________________
(3/81)
ابتداء وخبر في موضع خبر إن
102
قال أبو عثمان النهدي على الصراط حيات تلسع أهل النار فيقولون حس حس
103
على لغة من قال حزن يحزن وهي أفصح اللغتين وبها قرأ الكوفيون في جميع القرآن وقرأ ابن محيصن بلغة من قال أحزن يحزن في جميع القرآن وبها قرأ نافع إلا في هذا الحرف وبها قرأ أبو جعفر في هذا الحرف خاصة وقرأ كل ما في القرآن من نظائرها على لغة من قال حزن يحزن
104
قال سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن مسعود قال يرسل الله ماءا من تحت العرش كمني الرجال فتنبت منه لحما منهم وجسمانهم كما تنبت الأرض بالثرى وقرأ كما بدأنا أول خلق نعيده قال أبو جعفر في قوله جل وعز ( وعدا علينا ) حذف والمعنى والله أعلم علينا إنجازه والوفاء به ثم أكد ذلك بقوله جل وعز ( إنا كنا فاعلين ) قال أبو إسحاق معنى إنا كنا فاعلين إنا كنا قادرين على فعل ما نشاء
105
والزبور والكتاب واحد فلذلك جاز أن يقال للتوراة والإنجيل زبور من
____________________
(3/82)
زبرت أي كتبت وجمعه زبر ومن قال زبور جعله جمع زبر ( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) أحسن ما قيل فيه أنه يراد بها أرض الجنة لأن الأرض التي في الدنيا قد ورثها الصالحون وغيرهم
106
قال سفيان بلغني أنهم أهل الصلوات الخمس
107
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع الناس فمن آمن به وصدق به سعد ومن لم يؤمن به سلم مما لحق الأمم من الخسف والغرق
108
يجوز أن يكون إنما بالكسر لأن معنى يوحى إلي يقال إلي
109
بمعنى ما أدري وأدري في موضع رفع لأنه فعل مستقبل لم يقع عليه ناصب ولا جازم وحذفت الضمة من الياء لثقل الضمة فيها ( أقريب أم بعيد ما توعدون ) قيل يعني القيامة
111
قيل يعني وما أدري لعل الإمهال فتنة لكم أي اختبار وتشديد في العبادة ( ومتاع إلى حين ) إلى انقضاء المدة
____________________
(3/83)
112
في موضع نصب لأنه نداء مضاف ومن قرأ ( أحكم بالحق ) فهو ابتداء وخبر وعن أبي جعفر أنه قرأ ( رب احكم بالحق ) وهذا عند النحويين لحن لا يجوز عندهم رجل أقبل حتى تقول يا رجل أو ما أشبهه ( وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) أي على ما تصفونه من الكفر
____________________
(3/84)
22
1
الناس مرفوعون على النعت لأي وأجاز المازني النصب على الموضع كما تقول يا زيد الكريم أقبل قال أبو إسحاق هذا غلط من المازني لأن زيدا يجوز الوقف والاقتصار عليه ولا يجوز يا أيها والناس هم المقصودون والمعنى يا ناس اتقوا ربكم ( إن زلزلة الساعة ) وهي شدائدها ورجفة الأرض والآيات الباهرة
2
قال أبو إسحاق تذهل تحير وتترك مرضعة جارية على الفعل لأن بعدها ( أرضعت ) والكوفيون يقولون ما كان مخصوصا به المؤنث لم تدخل الهاء فيه نحو حائض وطالق وما أشبههما قال علي بن سليمان الدليل على أن هذا القول غلط إثبات الهاء في موضعه ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) أي هي لشدة الهول وخفقان القلب وقرأ أبو هريرة ( وترى الناس سكارى )
____________________
(3/85)
يكونان مفعولين قال سيبويه يقال سكارى وسكارى قال وقوم يقولون سكرى شبهوه بمرضى لأنه آفة تدخل على العقل كالمرض قال أبو جعفر قول سيبويه وقوم يقولون سكرى يدل على أن غير هذه اللغة أشهر منها
3
من في موضع رفع بالابتداء ويجادل على اللفظ ويجوز في غير القرآن يجادلون على المعنى ( ويتبع كل شيطان مريد ) يقال مريد ومارد للمتجاوز في الشر القوي فيه وصخرة مرداء أي ملساء ومنه قيل أمرد
4
( أن ) في موضع رف ( فإنه يضله ) عطف عليه ومذهب سيبويه أن أن الثانية مكررة للتوكيد وأن المعنى كتب عليه أنه من تولاه يضله قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول التقدير كتب عليه أنه من تولاه فالواجب أن يضله بفتح الهمز ومن زعم أن أن في موضع رفع بالابتداء فقد أخطأ لأن سيبويه منع أن يبتدأ بأن المفتوحة وأجاز سيبويه كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله بكسر الهمزة لأن الفاء جواب للشرط فسبيل ما بعدها أن يكون مبتدأ والابتداء بأن يكون مكسورا ( ويهديه إلى عذاب السعير ) مجاز لما كان يأمره بما يؤديه إلى النار قام ذلك مقام الهداية إليها
____________________
(3/86)
5
وحكى النحويون من البعث وأجاز الكوفيون في كل ما كان ثانية حرفا من حروف الحلق أن تسكن وتفتح نحو نعل ونعل وبخل وبخل قال أبو إسحاق هذا خطأ وإنما يرجع في هذا إلى اللغة فيقال لفلان علي وعد ولا يقال وعد ولا فرق بين حروف الحلق وغيرها في هذا وإنما هذا مثل قدر وقدر قال أبو عبيد العلقة الدم إذا اشتدت حمرته قال الكسائي ويجوز ( مخلقة ) بالنصب ( وغير مخلقة ) على الفعل والقطع ( لنبين لكم ) أي لنبين لكم قدرتنا على تصويرنا ما نشاء وروى أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل عن عاصم ( لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء ) بالنصب ( إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ) قال أبو حاتم النصب على العطف قال أبو إسحاق ( ونقر ) بالرفع لا غير لأنه ليس المعنى فعلنا ذلك لنقر في الأرحام ما نشاء لأن الله جل وعز لم يخلق الأنام ليقر في الأرحام ما نشاء وإنما خلقهم ليدلهم على الرشد والصلاح قال وطفل بمعنى أطفال قال ودل على ذلك لفظ الجميع قال وفيه معنى ويخرج كل واحد منكم طفلا ومن قرأ ( ومنكم من يتوفى ) فمعناه عنده يستوفي أجله ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ) أي إلى الكبر لأنه لا يرجو قوة ولا طول عمر فهو في أرذل العمر ( لكي لا يعلم من بعد علم شيئا ) مذهب الفراء لكي لا يعقل من بعد عقله الأول شيئا ( من كل زوج بهيج ) قال الكسائي يقال بهج بهجة وبهاجة
____________________
(3/87)
6
موضع ذلك رفع بمعنى الأمر ذلك قال أبو إسحاق يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى فعل الله ذلك لأنه الحق
8 في موضع رفع بالابتداء
9
نصب على الحال ويتأول على معنيين أحدهما أنه روي عن ابن عباس أنه قال هو النضر بن الحارث لوى عنقه مرحا وتعظما والمعنى الآخر وهو قول الفراء أن التقدير ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثاني عطفه أي معرضا عن الذكر
10
قال أبو إسحاق ذلك في موضع رفع بالابتداء وخبره بما قدمت يداك ( وأن الله ) في موضع خفض عطفا على الأول ويجوز أن يكون في موضع رفع على معنى والأمر أن الله ليس بظلام للعبيد قال ويجوز الكسر وإن الله
11
في موضع رفع بالابتداء والتمام ( انقلب على وجهه ) على قراءة من قرأ
____________________
(3/88)
( خسر ) وقرأ مجاهد وحميد ( خاسر الدنيا والآخرة ) نصبا على الحال خسر الدنيا بذم الله جل وعز إياه وأمره بلعنه وأن لا حظ له في غنيمة ولا ثناء وخسر الآخرة بأن لا ثواب له فيها
12 قال الفراء أي الطويل
13
قد ذكرنا فيه أقوالا منها قول الكسائي إن اللام في غير موضعها وإن التقدير يدعو من لضره أقرب من نفعه قال أبو جعفر وليس للام من التصرف ما يوجب أن يجوز فيها تقديم وتأخير وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال في الكلام حذف والمعنى يدعو لمن ضره أقرب من نفعه إلها قال وأحسب هذا القول غلط على محمد بن يزيد لأنه لا معنى له لأن ما بعد اللام مبتدأ فلا يجوز نصب إله وما أحسب مذهب محمد بن يزيد إلا قول الأخفش سعيد وهو أحسن ما قيل في الآية عندي والله أعلم قال يدعو بمعنى يقول و من مبتدأ وخبره محذوف والمعنى يقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهه ولو كانت اللام مكسورة لكان المعنى يدعو إلى من ضره أقرب من نفعه وقال الله جل وعز { بأن ربك أوحى لها } أي إليها ( لبئس المولى ) في موضع رفع ببئس وقد شرحنا مثل هذا
____________________
(3/89)
15
قد تكلم النحويون في معنى هذه الآية وفي بيان ما أشكل منها فمن أحسن ما قيل فيها أن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله جل وعز محمدا صلى الله عليه وسلم وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه فليمدد بسبب إلى السماء أي فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء ( ثم ليقطع ) أي ثم ليقطع النصر إن تهيأ له ( فلينظر هل يذهبن كيده ) وحيلته ما يغيظه من نصر النبي صلى الله عليه وسلم والفائدة في الكلام أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا لم يصل إلى قطع النصر وقرأ أهل الكوفة بإسكان اللام وهذا بعيد في العربية لأن ثم ليست مثل الواو والفاء لأنها يوقف عليها وتنفرد
17
خبر إن ( ان الله يفصل بينهم ) قال الفراء ولا يجوز في الكلام إن زيدا إن أخاه منطلق فزعم أنه إنما جاز في الآية لأن في الكلام معنى المجازاة أي من آمن ومن تهود أو تنصر أو صبأ ففصل ما بينهم وحسابهم على الله عز وجل ورد أبو إسحاق على الفراء هذا واستقبح قوله إن زيدا إن أخاه منطلق قال لأنه لا فرق بين زيد وبين الذي وإن تدخل على كل مبتدأ فتقول إن زيدا هو منطلق ثم تأتي بإن فتقول إن زيدا إنه منطلق
18
____________________
(3/90)
معطوفة على من وكذا ( والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ) ثم قال جل وعز ( وكثير حق عليه العذاب ) وهذا مشكل من الإعراب فيقال كيف لم ينصب ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل مثل { والظالمين أعد لهم عذابا أليما } فزعم الكسائي والفراء أنه لو نصب لكان حسنا ولكن اختير الرفع لأن المعنى وكثير أبي السجود وفي رفعه قول آخر يكون معطوفا على الأول داخلا في السجود لأن السجود ههنا إنما هو الانقياد لتدبير الله جل وعز من ضعف وقوة وصحة وسقم وحسن وقبح وهذا يدخل فيه كل شيء وحكى الكسائي والأخفش والفراء ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) أي من إكرام
قرأ ابن كثير وشبل
19 بتشديد النون وفي ذلك قولان أحدهما أن تشديدها عوض مما حذف من هذين والآخر على أنها غير ساقطة في الإضافة وتأول الفراء الخصمين على أنهما فريقان أهل دينين وزعم أن الخصم الواحد المسلمون والآخر اليهود والنصارى اختصموا في دين ربهم قال فقال اختصموا لأنهم جميع قال ولو قال اختصما لجاز قال أبو جعفر وهذا تأويل من لا دربة له بالحديث ولا بكتب أهل التفسير لأن الحديث في هذه الآية مشهور رواه سفيان الثوري وغيره عن أبي هشام عن أبي
____________________
(3/91)
مجلز عن قيس بن عباد قال سمعت أبا ذر يقسم قسما إن هذه الآية نزلة في حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وهكذا روى أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس
20
رفع بفعل ما لم يسم فاعله ( والجلود ) عطف على ما قال الكسائي يقال صهرته أنضجته والكوفيون يقولون معنى والجلود وجلودهم
قال أبو إسحاق ويقرأ
23 على قولك حلي يحلى إذا صار ذا حلي قال ( ولؤلؤا ) بمعنى ويحلون لؤلؤا قال و لؤلؤ بمعنى ومن لؤلؤ قال ويجوز أن يكون ذلكم خلطا منهما
24
فيه ثلاثة أوجه يكون في اللغة على العموم وقيل الطيب من القول البشارات الحسنة وقيل هو قولهم الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن
25
اسم إن و ( كفروا ) صلته ( ويصدون ) عطف على الذين كفروا فإن قيل كيف يعطف مستقبل على ماض ففيه ثلاثة أوجه منها أن يكون عطف جملة على جملة ومنها أن يكون في موضع الحال كما تقول كلمت زيدا
____________________
(3/92)
وهو جالس وقال أبو إسحاق هو معطوف على المعنى لأن المعنى إن الكافرين والصادين عن المسجد الحرام وفي خبر إن ثلاثة أوجه أصحها أن يكون محذوفا ويكون المعنى إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله هلكوا وقيل المعنى إن الذين كفروا يصدون عن سبيل الله والواو مقحمة قال أبو جعفر في كتابي عن أبي إسحاق قال وجائز أن يكون وهو وجه الخبر ( نذقه من عذاب أليم ) قال أبو جعفر هذا غلط ولست أعرف ما الوجه فيه لأنه جاء بخبر إن جزما وأيضا فإنه جواب الشرط ولو كان خبرا لبقي الشرط بلا جواب ولا سيما والفعل الذي للشرط مستقبل فلا بد له من جواب ( الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ) فيه ثلاثة أوجه من القراءات قراءة العامة برفع سواء والعاكف والبادي وعن أبي الأسود الدؤلي أنه قرأ ( سواء العاكف فيه والبادي ) بنصب سواء ورفع العاكف والبادي وتروى هذه القراءة عن الأعمش باختلاف عنه والوجه الثالث ( الذي جعلناه للناس سواءا ) منصوبة منونة ( العاكف ) فيه بالخفض فالقراءة الأولى فيها ثلاثة أوجه يكون الذي جعلناه للناس من نمام الكلام ثم تقول سواء فترفعه بالابتداء وخبره العاكف فيه والبادي والوجه الثاني أن ترفع سواءا على خبر العاكف وتنوي به التأخير أي العاكف فيه والبادي سواء والوجه الثالث أن تكون الهاء التي في جعلناه مفعولا أول وسواء العاكف فيه والبادي سواء في موضع المفعول الثاني كما تقول ظننت زيدا أبوه خارج ومن هذا الوجه تخرج قراءة من قرأ بالنصب سواءا يجعله مفعولا ثانيا ويكون العاكف فيه رفعا إلا أن الاختيار في مثل هذا عند سيبويه الرفع لأنه ليس جاريا على الفعل والقراءة الثالثة على أن ينصب سواءا لأنه مفعول ثان ويخفض
____________________
(3/93)
العاكف لأنه نعت للناس والتقدير الذي جعلناه للناس العاكف فيه والبادي سواءا ( ومن يرد فيه بالحاد بظلم ) شرط وجوابه ( نذقه من عذاب أليم ) وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال الشرك وقال عطاء الشرك والقتل وقد ذكرنا هذه الآية
26
في دخول اللام ثلاثة أوجه لأنه يقال بوأت زيدا منزلا فأخذ الثلاثة الأوجه أن تحمله على معنى جعلنا لإبراهيم مكان البيت مبوءا والوجه الثاني أن تكون اللام متعلقة بالمصدر مثل ومن يرد فيه بإلحاد والوجه الثالث أن تكون اللام زائدة وهذا قول الفراء قال مثل { ردف لكم } ( أن لا تشرك بي شيئا ) في أن ثلاثة أوجه قال الكسائي في المعنى بأن لا والوجه الثاني أن تكون أن بمعنى أي مثل { وانطلق الملأ منهم أن امشوا } والوجه الثالث تكون أن زائدة لتوكيد مثل { فلما أن جاء البشير } وفي قوله ( لا تشرك بي شيئا ) وفي
27 وما بينهما من المخاطبة ثلاثة أوجه كلها عن العلماء فأما قول المتقدمين فإن هذا كله مخاطبة لإبراهيم عليه السلام كما روى حماد بن سلمة عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لإبراهيم عليه السلام أذن في الناس بالحج فجعل لا يمر بقوم إلا قال إنه قد بني لكم بيت فحجوه فأجابه كل شيء من صخرة وشجرة وغيرها بلبيك اللهم لبيك وروى حماد بن سلمة عن أبي عاصم
____________________
(3/94)
الغنوي عن أبي الطفيل قال قال ابن عباس أتدري ما كان أصل التلبية قلت لا قال لما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج خفضت الجبال رءوسها له ورفعت له القرى فنادى في الناس بالحج فأجابه كل شيء بلبيك اللهم لبيك فهذا وجه وقيل أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين لإبراهيم عليه السلام وتم الكلام ثم خاطب الله جل وعز محمدا عليه السلام فقال وأذن في الناس بالحج أي أعلمهم أن عليهم الحج والوجه الثالث أن هذا كله مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا قول أهل النظر لأن القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم فكل ما فيه من المخاطبة فهي له إلا أن يدل دليل قاطع على غير ذلك وههنا دليل آخر يدل على أن المخاطبة للنبي عليه السلام وهو أن لا تشرك بالتاء وهذا مخاطبة لمشاهد وإبراهيم عليه السلام غائب فالمعنى على هذا وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت فجعلنا لك الدلائل على توحيد الله جل وعز وعلى أن إبراهيم كان يعبد الله وحده فلا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج قيل المعنى أعلمهم أنك تحج حجة الوداع ليحجوا ( يأتوك رجالا ) نصب على الحال ( وعلى كل ضامر يأتين ) فيه ثلاثة أوجه يأتين لأن معنى ضامر معنى ضوامر فنعته بيأتين وفي بعض القراءات ( يأتون ) يكون للناس قال الفراء ويجوز يأتي على اللفظ
29
وقرأ أهل الكوفة بإسكان اللام وهو وجه بعيد في العربية لأن ثم يوقف
____________________
(3/95)
عليها ولا يجوز أن يبتدأ بساكن وجوازه على بعد ثم عاطفة كالواو والفاء وفتحت الميم من ثم لالتقاء الساكنين ولا يجوز ضمها ولا كسرها لأنها لا تنصرف والتقدير في العربية ثم ليقضوا أجل تفثهم مثل وسئل القرية ( وليوفوا نذورهم ) فيه ثلاثة أوجه كسر اللام على الأصل وإسكانها لثقل الكسرة والوجه الثالث أن عاصما قرأ ( وليوفوا نذورهم )
30
أي الأمر ذلك من الفروض والمعنى ومن يعظم عنده فعل الحرام تعظيما لله جل وعز وخوفا منه ( فهو خير له ) ابتداء وخبر ( إلا ما يتلى عليكم ) في موضع نصب على الاستثناء ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) ( من ) عند النحويين لبيان الجنس إلا أن الأخفش زعم أنها للتبعيض أي فاجتنبوا الرجس الذي هو من الأوثان أي عبادتها وهو قول غريب حسن
31
نصب على الحال وكذا ( غير مشركين ) ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) أي هو يوم القيامة لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عن نفسه عذابا بمنزلة من خر من السماء فهو لا يقدر أن يدفع عن نفسه ما هو فيه ( فتخطفه الطير ) أي تقطعه بمخالبها ولا يمكن دفعها عن نفسه وفي تخطفه ثلاثة أوجه سوى هذا قرأ الأعرج ( فتخطفه ) بفتح التاء والخاء وتشديد الطاء وقرأ أبو رجاء ( فتخطفه ) بفتح التاء وكسر الخاء وتشديد الطاء وتروى هذه القراءة عن الحسن والوجه الثالث يروى عن الحسن ( فتخطفه ) بكسر التاء
____________________
(3/96)
والخاء وتشديد الطاء فقراءة الأعرج الأصل فيها فتخطفه ثم أدغم التاء في الطاء وألقى حركة التاء على الخاء وقراءة أبي رجاء على أنه كسر الخاء لالتقاء الساكنين والقراءة الآخرة على هذا إلا أنه كسر التاء على لغة من قال أنت تضرب والسحيق البعيد
32
فيه ثلاثة أوجه يكون في موضع رفع بالابتداء أي ذلك أمر الله جل وعز ويجوز أن يكون في موضع رفع على خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون في موضع نصب أي اتبعوا ذلك من أمر الله جل وعز في الحج ( ومن يعظم شعائر الله ) أحسن ما قيل فيه أن المعنى ومن يعظم ما أمر به في الحج سمي شعائر لأن الله جل وعز أشعر به أي أعلم به وتعظيمه إياه أن لا يعصي الله جل وعز فيه ( فإنها من تقوى القلوب ) أي من تقوى الإنسان ربه بقلبه وهو مجاز
34
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( منسكا ) بكسر السين قال وفي كتابي عن أبي إسحاق منسك بفتح السين مصدر بمعنى النسك والنسوك ومنسك أي مكان نسك مثل مجلس قال أبو جعفر وهذا غلط قبيح إنما يكون هذا في فعل يفعل نحو جلس يجلس والمصدر مجلس والموضع مجلس فأما فعل يفعل فلا يكون منه مفعل اسما للمكان ولا مصدرا إلا أن يسمع شيء فيؤدي على ما سمع على أن الكثير في كلام العرب منسك وهو القياس والباب ومنسك يقع في كلام العرب على ثلاثة أوجه
____________________
(3/97)
يكون مصدرا ولظرف الزمان ولظرف المكان قال الفراء المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد في خير أو شر وقيل مناسك الحج لترداد الناس إليها ( فإلهكم إله واحد ) أي لا تذكروا على ذبائحكم اسم غيره ( وبشر المخبتين ) عن أهل التفسير فيه ثلاثة أقوال قال عمرو بن أوس المخبت الذي لا يظلم وإذا 4 ظلم لم ينتصر وقال الوليد بن عبد الله المخبتون المخلصون لله جل وعز وقال مجاهد هم المطمئنون بأمر الله جل وعز قال أبو جعفر الخبت من الأرض المكان المطمئن المنخفض فاشتقاقه من هذا
35
أن يعصوه فيعاقبوا ( والصابرين على ما أصابهم ) أي يصبرون على الشدائد في الطاعة والنهي عن المنكر ( والمقيمي الصلاة ) فيه ثلاثة أوجه ( والمقيمي الصلاة ) بالخفض على الإضافة وتحذف النون منها ويجوز النصب مع حذف النون لأن الألف واللام بمعنى الذي هذا قول سيبويه وقال أحمد بن يحيى جاز النصب مع حذف النون يجريه مجرى الواحد لأنك في الواحد تنصبه فتقول هو الآخذ درهما والوجه الثالث في الكلام والمقيمين الصلاة على الأصل
36
منصوبة بإضمار فعل مثل الثاني وقرأ ابن أبي إسحاق ( والبدن ) بضم الباء والدال وكذا روي عن عيسى والحسن وأبي جعفر وحكى الفراء أنه يقال
____________________
(3/98)
للواحدة بدنة وبدن قال أبو جعفر فبدن وبدن مثل وثن ووثن وبدن يقال إنه جمع الجمع أي بدنة وبدان وبدن فإن قال قائل فلم صار بدنة وبدن أفصح وخشبة وخشب أفصح والوزن واحد فالجواب أن بدنة في الأصل نعت من البدانة وهي السمن وخشية ليست بنعت والنعت أولى بالتسكين وما ليس بنعت أولى بالحركة ألا ترى إلى قولهم خذلة وخذلات وحلوة وحلوات وجفنة وجفنات وظلمة وظلمات ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) فيه ثلاثة أوجه قد قرىء بها قراءة العامة ( صواف ) وعن الحسن والأعرج ( صوافي فإذا ) جمع صافية الخالصة وعن عبد الله بن مسعود ( صوافن ) جمع صافنة قال الفراء الصافنة القائمة وحكى غيره أنها القائمة على ثلاث وحكى أبو عبيدة أن الصافنة التي قد جمعت رجليها ورفعت سنبكها وقال أبو عمر الجرمي الصافن عرق في مقدم الرجل فإذا ضرب على الفرس رفع رجليه ( فإذا وجبت جنوبها ) قال مقسم عن ابن عباس قال فإذا وقعت على جنوبها
37
على تذكير الجمع ويقال على تأنيث الجماعة ( ولكن يناله التقوى ) لأن التقوى والتقى واحد ويناله على لفظ التقوى ( وبشر المحسنين ) أي الذين أحسنوا في أداء ما عليهم
____________________
(3/99)
39
فيه ثلاثة أوجه من القراءات هذه التي ذكرناها قراءة أهل المدينة وقرأ أبو عمرو وعاصم ( أذن ) كما قرأ أهل المدينة وقرأ ( يقاتلون ) بكسر التاء وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( أذن ) بفتح الهمزة والذين ( يقاتلون ) بكسر التاء والمعاني في هذا متقاربة لأنهم قد قاتلوا وقوتلوا إلا أن قراءة أهل المدينة في هذا أصح معنى وأبين من وجهين أحدهما أنه قد صح عن ابن عباس أنها أول آية نزلت في القتال قال أبو جعفر كما حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد قال حدثنا محمد بن حماد الطهراني قال أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن مسلم عن سعيد عن ابن عباس أنه يقرأها أذن للذين يقاتلون وقال هي أول آية أنزلت في القتال قال الطهراني لا أدري كيف القراءة فإذا كانت أول آية أنزلت في القتال فهم لم يقاتلوا بعد فيبعد أن يكون أذن للذين يقاتلون وكان يقاتلون بينا والجهة الأخرى أن بعده بأنهم ظلموا وبعده الذين أخرجوا فوجب أيضا أن يكون يقاتلون بأنهم ظلموا ولأنهم ظلموا واحد كما تقول جزيته ببغيه ولبغيه قال أبو إسحاق ولا يجوز وأن الله على نصرهم لقدير بفتح الهمزة لأن إن إذا كانت معها اللام لم يجز فتحها
40
في موضع خفض بدلا من الذين ( إلا أن يقولوا ربنا الله ) في موضع نصب على مذهب سيبويه استثناء ليس من الأول وقال الفراء يجوز أن تكون
____________________
(3/100)
أن في موضع خفض يقدرها مردودة على الباء وهو قول أبي إسحاق والمعنى عنده الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا بأن يقولوا ربنا الله أي أخرجوا بتوحيدهم أخرجهم أهل الأوثان ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ) روي عن أبي الدرداء أنه قال لولا أن الله جل وعز يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد وبمن يغزو عمن لا يغزو لأراهم العذاب وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد لولا أن الله جل وعز يدفع بأخذ الحقوق بالشهادات ( لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد ) ولم ينصرف صوامع ومساجد لأنهما جمعان وهما نهاية الجموع فثقلا فمنعا الصرف وكذلك كل جمع ثالث حروفه ألف وبعد الألف حرفان أو ثلاثة وقوله جل وعز ( يذكر فيها اسم الله كثيرا ) الذي يجب في كلام العرب على حقيقة النظر أن يكون يذكر فيها اسم الله عائد على المساجد لا على غيرها لأن الضمير يليها ويجوز أن يكون يعود على صوامع وما بعدها ويكون المعنى في وقت شرائعهم وإقامتهم الحدود والحق
41
قال أبو إسحاق الذين في موضع نصب ردا على من يعني في ولينصرن الله من ينصره وقال غيره الذين في موضع خفض ردا على قوله أذن للذين يقاتلون ويكون الذين إن مكناهم في الأرض لأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمكن في الأرض غيرهم من الذين قيل فيهم أذن للذين يقاتلون وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وبهذه الآية يحتج في إمامة أبي بكر وعمر وغيرها من الآي قال أبو جعفر وقد
____________________
(3/101)
ذكرنا ما في
42 من الصرف وتركه
45
قال الضحاك أي متروكة وقرأ الجحدري ( وبئر معطلة ) وإن المعنى واحد وفي هذا أعظم الموعظة وعظهم الله جل وعز بقوم قد أهلكوا وبقيت آثارهم يعرفونها قال الأصمعي سألت نافع بن أبي نعيم أتهمز البئر والذئب فقال إذن كانت العرب تهمزها فأهمزها وأكثر الروايات عن نافع بهمزهما إلا ورشا فإن روايته عنه بغير همز فيهما والأصل الهمز قال أحمد بن يحيى الذئب مشتق من تذاءبت الريح إذا جاءت من وجوه كثيرة وكذلك الذئب قال أبو جعفر فإذا حذفت الهمزة وهي ساكنة لم يكن بعد السكون إلا قلبها إلى ما أشبه ما قبلها والفراء يذهب إلى أن وبئر معطوفة على عروضها وأبو إسحاق يذهب إلى أنها معطوفة من قرية أي ومن بئر ثم قال أخذتها وإلى المصير قال أبو إسحاق أي بالعذاب ثم حذف لأن قبله ما يدل عليه
47
52
هذه آية مشكلة من جهتين إحداهما أن قوما يرون أن الأنبياء فيهم
____________________
(3/102)
مرسلون وغير مرسلين صلوات الله عليهم أجمعين وغيرهم يذهب إلى أنه لا يجوز أن يقال نبي حتى يكون مرسلا والدليل على صحة هذا قوله جل وعز وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي فأوجب للنبي الرسالة وإن معنى نبي أنبأ عن الله جل وعز ومعنى أنبأ عن الله جل وعز هو الإرسال بعينه والجهة الأخرى التي فيها الإشكال الحديث المروي قال أبو جعفر وقد ذكرناه بإسناده وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ أفرأيتم اللات والعزى فإن شفاعتهم ترتجى وسها كذا في رواية الزهري وفي رواية غيره فإنهن الغرانيق العلى قال أبو جعفر وهذا يجب أن يوقف على معناه من جهة الدين لطعن من طعن فيه من الملحدين فأول ذلك أن الحديث ليس بمتصل الإسناد ولو اتصل إسناده وصح لكان المعنى فيه صحيحا فأما معنى وسها فإن معناه وأسقط ويكون تقديره أفرأيتم اللات والعزى وتم الكلام ثم أسقط والغرانيق العلى يعني الملائكة فإن شفاعتهم يعود الضمير على الملائكة فأما من روى فإنهن الغرانيق العلى ففي روايته أجوبة عنها أن يكون القول محذوفا كما تستعمل العرب في أشياء كثيرة ويجوز أن يكون بغير حذف ويكون توبيخا لأن قبله أفرأيتم فيكون هذا احتجاجا عليهم فإن كان في الصلاة فقد كان الكلام مباحا في الصلاة ويجوز أن يكون الضمير للملائكة كما يضمر ما يعرف معناه فينسخ الله جل وعز ذلك لما فيه من الصلاح والذي فيه من الصلاح إزالة التمويه أن يموه على قوم فيقال لهم هذا الضمير للات والعزى فأنزل الله جل وعز وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي
____________________
(3/103)
الشيطان وفي الآية قولان آخران أحدهما أن يكون المعنى لما تلا أفرأيتم اللات والعزى قال رجل ألقى الشيطان على لسانه فإنهن الغرانيق العلى والقول الآخر أن علي بن أبي طلحة روى عن ابن عباس في قول الله جل وعز إلا إذا تمنى قال إذا تحدث ألقى الرداءة الشيطان في أمنيته قال في حديثه ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) قال فيبطل الله ما يلقي الشيطان وهذا من أحسن ما قيل في الآية وأعلاه وأجله وقد قال أحمد بن محمد بن حنبل بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل فيها رجل إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا والمعنى عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدث نفسه ألقى الشيطان في حديثه على جهة الحيلة فيقول له لو سألت الله جل وعز أن يغنمك كذا ليتسع المسلمون ويعلم الله جل وعز أن الصلاح في غير ذلك فيبطل ما يلقي الشيطان كما قال ابن عباس وحكى الكسائي والفراء جميعا تمنى إذا حدث نفسه وهذا هو المعروف في اللغة وقد حكيا أيضا تمنى إذا تلا وروي ذلك عن الضحاك
وحكى أبو عبد الرحمن السلمي
55 بضم الميم والكسر أعرف ( حتى تأتيهم الساعة بغتة ) قال محمد بن يزيد هو مصدر في موضع الحال ( أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ) سمي يوم القيامة عقيما لأنه ليس يعقب بعده يوما مثله
63
____________________
(3/104)
فتصبح ليس بجواب وإنما هو خبر عند الخليل رحمه الله قال الخليل المعنى انتبه أنزل من السماء ماءا فكان كذا وكذا كما قال
( ألم تسأل الربع القواء فينطلق ** وهل تخيرنك اليوم بيداء سملق ) وقال الفراء ألم تر خبر كما تقول في الكلام اعلم أن الله تبارك وتعالى ينزل من السماء ماءا فتصبح الأرض مخضرة
65
وسخر الفلك ويجوز أن يكون المعنى وأن الفلك ويجوز الرفع على الابتداء ( ويمسك السماء أن تقع ) في موضع نصب أي ويمسك السماء كراهة أن تقع على الأرض
72
فيها ثلاثة أوجه الرفع بمعنى هو النار أو هي النار والخفض على البدل والنصب فيه ثلاثة أوجه يكون بمعنى أعني وعلى إضمار فعل مثل الثاني ويكون محمولا على المعنى أي أعرفكم بشر من ذلكم النار
73
أحسن ما قيل فيه أن المعنى ضرب لله جل وعز مما يعبد من دونه مثل
____________________
(3/105)
78
قال أبو إسحاق قيل إن هذا منسوخ قال وكذا { اتقوا الله حق تقاته } قال أبو جعفر وهذا مما لا يجوز أن يقع فيه نسخ لأنه واجب على الإنسان كما روى حيوة بن شريح عن أبي هاني الخولاني عن عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المجاهد من جاهد نفسه لله جل وعز وكما روى أبو طالب عن أبي أسامة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل عند الجمرة الأولى فلم يجبه ثم سأله عند الجمرة الثانية فلم يجبه ثم سأله عند جمرة العقبة فقال عليه السلام أين السائل فقال أنا ذا فقال صلى الله عليه وسلم كلمة عدل عند سلطان جائر ( هو اجتباكم ) فدل بهذا على فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الرد على من يتنقصهم لأنه جل وعز اختارهم لنصرة نبيه عليه السلام ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) في موضع نصب و ( من ) زائدة للتوكيد ( ملة أبيكم إبراهيم ) قال الفراء أي كملة أبيكم فإذا ألقيت الكاف نصبت أي وسع عليكم كملة أبيكم قال وإن شئت نصبت على الأمر قال أبو إسحاق المعنى اتبعوا ملة أبيكم قال ( هو سماكم المسلمين ) يجوز أن يكون لإبراهيم عليه السلام أي سماكم المسلمين فيما تقدم ( وفي هذا ) أي وفي حكمه أن من اتبع محمدا صلى الله عليه وسلم موحد فقد سماكم المسلمين قال أبو جعفر هذا القول مخالف لقول العلماء الأئمة وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو سماكم المسلمين قال الله جل وعز وكذا
____________________
(3/106)
روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وروى ابن نجيح عن مجاهد في قوله جل وعز هو سماكم المسلمين من قبل قال سماكم المسلمين من قبل الكتب والذكر وفي هذا القرآن ( ليكون الرسول شهيدا عليكم ) أي بتبليغه إياكم
وبإجابتكم إياه ( وتكونوا شهداء على الناس ) بتبليغكم إياهم وبما ترون منهم ( واعتصموا بالله ) قبل أي امتنعوا بما أعطاكم من القوة وانبساط اليد من المعاصي ( هو مولاكم ) أي ولي نعمكم وولي ما تحتاجون إليه في حياتكم ولهذا كره أن يقال للإنسان يا مولاي من هذه الجهة ويقول هذا عبدي أو أمتي قال النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ليقل فتاي أو فتاتي ( فنعم المولى ) أي فنعم الولي لكم لأنه يريد بكم الخير ( ونعم النصير ) لمن أطاعه
____________________
(3/107)
23
1
ومن قرأ ( قد أفلح ) ألقى حركة الهمزة على الدال وحذف الهمزة لأن الدال كانت ساكنة وإذا خففت الهمزة قربت من الساكنين فحذفت الهمزة لهذا ثم ألقيت حركتها على الدال
2
في موضع رفع نعت للمؤمنين ( هم في صلاتهم خاشعون ) مبتدأ وخبره داخلون في الصلة وكذلك ما بعده
3
قال الضحاك اللغو الشرك قال أبو جعفر اللغو في اللغة ما يجب أن يلغى أي يطرح ومن أحسن ما قيل فيه قول الحسن إنها المعاصي كلها فهذا قول جامع يدخل فيه قول من قال هو الشرك وقول من قال هو الغناء
____________________
(3/109)
كما روى مالك بن أنس عن محمد بن المنذر أن الله جل وعز يقول يوم القيامة أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشياطين أدخلوهم في رياض المسك ثم يقول للملائكة أسمعوهم حمدي وثنائي وأخبرهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
4
فمدح الله جل وعز ومن أخرج من ماله الزكاة وإن لم يخرج منه غيرها فكأن الذين يكنزون الذهب والفضة هم الذين لا يخرجون الزكاة
5
6
قال الفراء أي إلا من أزواجهم اللاتي أحل الله جل وعز لهم الأربع لا تجاوز ( أو ما ملكت أيمانهم ) في موضع خفض معطوفة على أزواجهم و ما مصدر
7
وقد أخبر جل وعز أنه لا يحب المعتدين وإذا لم يحبهم أبغضهم وعاداهم لا واسطة في ذلك
8
وقرأ المكيون ( لأمانتهم ) على واحدة قال أبو جعفر أمانة مصدر
____________________
(3/110)
يؤدي عن الواحد والجمع فإذا أردت اختلاف الأنواع جاز الجمع والتوحيد إلا أن الجمع ههنا حسن لأن الله جل وعز قد ائتمن العباد على أشياء كثيرة منها الوضوء وغسل الجنابة والصلاة والصيام وغيرهن فأما احتجاج أبي عبيد في اختياره لأماناتهم بقوله { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } فمردود لا يشبهه هذا لأن الأمانات ههنا هو الشيء بعينه بمنزلة الودائع وليس مثل ذلك ألا ترى أن بعده ( وعهدهم ) ولم يقل وعهودهم فالجمع والتوحيد جائزان
10
مبتدأ هم مبتدأ ثان وإن شئت كانت فاصلة ( الوارثون ) على أن قوله هم فاصلة خبر أولئك وعلى القول الآخر خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر أولئك وروى الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ قد أفلح المؤمنون إلى عشر آيات قال أبو جعفر معنى من أقامهن من قام عليهن ولم يخالف ما فيهن وأداه كما تقول فلان يقوم بعمله ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الصوم والحج فدخل معهن
والذين قرءوا لأماناتهم قرءوا
____________________
(3/111)
14 إلا عاصما فإنه قرأ ( فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما ) وكذا قرأ الأعرج وقتادة وعبد الله بن عامر والقراءة الأولى حسنة بينة لأن المضغة تفترق فتكون عظاما فالجمع في هذا أبين والتوحيد جائز يكون يؤدي عن الجمع وقال أبو إسحاق في العلة في جوازه لأنه قد علم أن الإنسان ذو عظام واختار أبو عبيد الجمع واحتج بقول الله جل وعز { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } أي لأنهم قد أجمعوا على هذا وهذا التشبيه غلط لأن المضغة لما كانت تفترق عظاما كان كل جزء منها عظما فكل واحد منها يؤدي عن صاحبه فليس كذا وانظر إلى العظام لأن هذا إشارة إلى جمع فإن ذكرت واحدا كانت الإشارة إلى واحد ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) مجاز و ( خلقا ) مصدر لأن معنى أنشأناه خلقناه واحد الطرائق طريقة
20
معطوفة على جنات وأجاز الفراء الرفع لأنه لم يظهر الفعل بمعنى وثم شجرة ( تخرج من طور سيناء ) بفتح السين قراءة الكوفيين على وزن فعلاء وفعلاء في الكلام كثير يمتنع من الصرف في المعرفة والنكرة لأن في آخرها ألف التأنيث وألف التأنيث ملازمة لما هي فيه وليس في الكلام فعلاء ولكن من قرأ ( سيناء ) بكسر السين جعله فعلالا ومنعه من الصرف على أنه
____________________
(3/112)
للبقعة وقال الأخفش هو اسم عجمي وقد ذكرنا تنبت وتنبت
29
مصدر ومنزلا بفتح الميم بمعنى اجعل لي منزلا قال أبو إسحاق ومن قرأ ( منزلا ) بفتح الميم والزاي جعله مصدرا من نزل نزولا منزلا
وزعم الفراء أن معنى
33 على حذف منه أي ويشرب مما تشربون منه وذا لا يجوز عند البصريين فلا يحتاج إلى حذف البتة لأن ما إذا كانت مصدرا لم تحتج إلى عائد فإن جعلتها بمعنى الذي وحذفت المفعول ولم يحتج إلى إضمار من قال أبو جعفر وقد ذكرنا
35 بما لا يحتاج إلى زيادة
36 قرئت على ثلاثة أوجه قرأ أهل الحرمين وأهل الكوفة ( هيهات هيهات ) مفتوحة غير منونة إلا أبا جعفر فإنه قرأ ( هيهات هيهات ) مكسورة غير منونة وقرأ عيسى بن عمر ( هيهات هيهات ) مكسورة منونة فهذه ثلاثة قراءات قال أبو جعفر ويجوز ( هيهاتا هيهاتا ) مفتوحة منونة قال الكسائي وناس من العرب كثير يقولون أيهات يعني أنهم يبدلون من الهاء همزة ويجوز فيها ما
____________________
(3/113)
جاز في هيهات من اللغات قال أبو جعفر من قال هيهات هيهات لما توعدون وقف بالهاء عند سيبويه والكسائي لا غير لأنها واحدة وبنيت على الفتح وموضعها رفع لأن المعنى البعد لأنها لم يشتق منها فعل فهي بمنزلة الحروف فاختير لها الفتح لأن فيها هاء التأنيث فهي بمنزلة اسم ضم إلى اسم كخمسة عشر وزعم الفراء أن الوقف عليها بالياء ومن كسر وقف بالتاء عند الجماعة نون أو لم ينون لأنها جمع كبيضات واحدها هيهة كبيضة ونصب الجميع كخفضه والتنوين فيه قولان أحدهما أن التنوين في جمع المؤنث لازم والآخر أن فرق بين المعرفة والنكرة ولهذا حذف من حذف على أنه جعلها معرفة ويقال هيهات لما قلت وهيهات ما قلت أي البعد لما قلت والبعيد ما قلت
40 ما زائدة مؤكدة عند البصريين
44
فيه ثلاثة أوجه قرأ الكوفيون ونافع والحسن وابن محيصن ( تترا ) بغير تنوين وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر والأعرج ( تترا ) منونة ويجوز ( تترا ) بكسر التاء الأولى موضعها نصب على المصدر لأن معنى ثم أرسلنا ثم واترنا ويجوز أن يكون موضع الحال أي مواترين قال الأصمعي واترت كتبي عليه أتبعت بعضها بعضا إلا أن بين كل واحد منها وبين الآخر مهلة وقال غيره من أهل اللغة المواترة التتابع بلا مهلة قال أبو جعفر من قرأ تترى بلا تنوين وجعلها فعلى
____________________
(3/114)
مثل سكرى ومن نون جعل الألف للنصب كما تقول رأيت زيدا يا هذا والتاء في القراءتين جميعا مبدلة من واو كما يقال تالله ووالله وهو من واترت واشتقاقه من الوتر والوتر ( وجعلناهم أحاديث ) يتحدث بخبرهم ويتعجب منه ويعتبر به ( فبعدا ) مصدر أي أبعدهم الله جل وعز من ثواب الآخرة
50
ويقال بالكسر والفتح ويقال في معناها رباوة وقرأ بها ابن أبي إسحاق ويقال رباوة ورباوة بالفتح والكسر وأحسن ما قيل فيه ما قاله ابن عباس رحمه الله قال نبئت أنها دمشق لأن قوله نبئت يدل على أنه توقيف
51
نعت لأي ( كلوا من الطيبات ) قال الحسن أي من الحلال ويدل على هذا ما رواه أبو حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر الأنبياء بما أمر به المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } وقال { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات }
52
في هذا ثلاثة أوجه من القراءات قرأ المدنيون وأبو عمرو ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة ) بفتح الهمزة ونصب أمة واحدة وقرأ الكوفيون بكسر الهمزة ونصب أمة واحدة أيضا وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق ( وإن هذه أمتكم أمة
____________________
(3/115)
واحدة ) برفع كل شيء ففي فتح الهمزة ثلاثة أقوال فقول البصريين أن المعنى ولأن وحذفت اللام وأن في موضع نصب وقول الكسائي وهو أحد قولي الفراء أن في موضع خفض نسقا على ما تعملون أي إني بما تعملون عليم وبأن هذه أمتكم والقول الثالث قول الفراء إنها في موضع نصب على إضمار فعل والتقدير واعلموا أن هذه أمتكم وكسر الهمزة عنده على الاستئناف وعند الكسائي أنها نسق على أني بما تعملون عليم ( أمة واحدة ) نصب على الحال والرفع من ثلاثة أوجه على إضمار مبتدأ وعلى البدل وعلى خبر بعد خبر
53
نصب عين الحال والمعنى مثل زبر ( كل حزب بما لديهم فرحون ) أي كل فريق يظن أنه على الحق فهو فرح بما هو عليه وعليه أن يبين الحق لأنه ظاهر وقيل كل حزب بما لديهم فرحون أي بما هم فيه من اللذات وطلب الرئاسة
54
أي فيما غطى عليهم ممن حب الدنيا والتواني عن الموت وعن أمر الآخرة وقيل في غمرتهم أي فيما غمرهم من الجهل قال أبو إسحاق ( حتى حين ) إلى حين ما يأتيهم ما وعدوا به من العذاب
55
56
____________________
(3/116)
ما بمعنى الذي وفي خبر أن ثلاثة أقوال منها أنه محذوف وقال أبو إسحاق المعنى نسارع لهم به وحذفت به وقال هشام قولا دقيقا قال ما هي الخيرات وليس في الكلام حذف لأن معنى في الخيرات فيه وهذا قول بعيد ومثله إن زيدا تكلم عمرو في زيد والأجود تكلم عمرو فيه وقد أجاز مثله سيبويه وأنشد
( لا أرى الموت يسبق الموت شيء ** نغص الموت ذا الغنى والفقيرا )
ومن قرأ ( يسارع لهم في الخيرات ) ففي قراءته ثلاثة أوجه أحدها على حذف به ويجوز أن يكون التقدير يسارع الأمداد ويجوز أن يكون لهم اسم ما لم يسم فاعله
57 خبر أن
61
أي في عمل الخيرات أي الطاعات قال أبو إسحاق يسارعون أبلغ من يسرعون ( وهم لها سابقون ) أحسن ما قيل فيه أنهم يسبقون إلى أوقاتها ودل أن الصلاة في أول الوقت أفضل وكل من تقدم في شيء فقد سابق إليه وكل من تأخر عنه فقد سبقه وفاته
62
____________________
(3/117)
قيل يعني به الكتاب الذي كتب فيه أعمال الخلق عند الملائكة محتفظ به
63
قال أبو إسحاق أي بل قلوبهم في عماية من هذا وقيل بل قلوبهم في غمرة من هذا الكتاب الذي ينطق بالحق وأعمالهم فيه محصاة
67
وهذه قراءة حسنة مشاكلة لأول القصة لأن في القصة ذكر نكوصهم على أعقابهم فيشبه هذا أنهم هجروا النبي صلى الله عليه وسلم والكتاب وقال الكسائي تهجرون تهذون قال أبو جعفر يقال هجر المحموم إذا غلب على عقله فهذى فيكون معنى الآية والله أعلم أنكم تتكلمون في النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يضره وبما ليس فيه فأنتم كمن يهذى ويقال ما زال ذاك إهجيراه وهجيراه أي عادته كأنه يهذي به حتى صار له عادة
69
هذا تستعمله العرب على معنى التوقيف والتقبيح فيقولون الخير أحب إليك أم الشر أي قد اخترت الشر
71
____________________
(3/118)
أهل التفسير مجاهد وأبو صالح وغيرهما يقولون الحق ههنا الله جل وعز وتقديره في العربية ولو اتبع صاحب الحق وقد قيل هو مجاز أي لو وافق الحق أهواءهم فجعل موافقته اتباعا مجازا أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله جل وعز ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك إما عجزا وإما جهلا لفسدت السموات والأرض وقيل المعنى لو كان الحق فيما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله لتنافست الآلهة وأراد بعضهم ما لا يريد بعض فاضطرب التدبير وفسدت السموات والأرض وإذا فسدتا فسد من فيهما
72
قال الأخفش الخرج واحد إلا أن اختلاف الكلام أحسن وقال أبو حاتم الخرج الجعل والخراج العطاء وقول محمد بن يزيد الخرج المصدر والخراج الاسم والمعنى أم تسألهم رزقا فرزق ربك خير وهو خير الرازقين أي ليس أحد يرزق مثل رزقه ولا ينعم مثل إنعامه
73
أي إلى دين مستقيم والصراط في اللغة الطريق فسمي الدين طريقا لأنه يؤدي إلى الجنة أي فهو طريق إليها
74
قيل هل مثل الأول أي عن الدين وقيل إنهم عن طريق الجنة لعادلون
____________________
(3/119)
حتى يصيروا إلى النار
75
أي لو رددناهم إلى الدنيا ولم ندخلهم النار وامتحناهم ( للجوا في طغيانهم ) قال السدي أي في معصيتهم ( يعمهون ) قال الأخفش يترددون
76 قال الضحاك أي بالجوع
77
قال عكرمة هو باب من أبواب جهنم عليه من الخزنة أربعمائة ألف سود وجوههم كالحدأ أنيابهم قد قلعت الرحمة من قلوبهم إذا بلغوه فتحه الله عليهم
قل لله وقل الله قد ذكرناه بما لا يحتاج إلى زيادة
91
92
قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة على إضمار مبتدأ وقراءة أبي عمرو ( عالم الغيب ) بالخفض على النعت لله جل وعز وأكثر النحويين الكوفيين والبصريين يذهبون إلى أن الرفع أولى فحجة البصريين أن قبله رأس آية وقد تم الكلام
____________________
(3/120)
فالابتداء أحسن وحجة الكوفيين منهم الفراء أن الرفع أولى قال لأنه لو كان مخفوضا لكان بالواو فكان يكون عالم الغيب وتعالى فلما كان فتعالى كان الرفع أولى
93
قال أبو إسحاق ويجوز رب بضم الباء ويجوز ربي بإسكان الياء وفتحها و إن ههنا للشرط و ما زائدة للتوكيد فلما زيدت ما حسن دخول النون للتوكيد وجواب الشرط
94 أي إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني عنهم
96
قال الحسن البصري والله لا يصيبها أحد حتى يكظم غيظا ويصبر على مكروه
97
قال عبد الله بن مسعود وبعضهم يرفعه همزه الموتة والموتة ضرب من الجنون وجمعت همزة وهي ساكنة على همزات فرقا بين الاسم والنعت
99
وقد يكون القول في النفس قال جل وعز ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا
____________________
(3/121)
الله فأما قوله ( ارجعون ) وهو يخاطب ربه جل وعز ولم يقل ارجعني ففيه قولان للنحويين أحدهما أن العرب تتعارف أن الجبار إذا أخبر عن نفسه قال لنفعلن ولنرجعن فإذا خوطب كانت مخاطبته مخاطبة الجميع فيقال له برونا وأرجعونا فجاءت هذه الآية بهذا والقول الآخر إن معنى ارجعون على جهة التكرير ارجعن ارجعن ارجعن وهكذا قال المازني في قوله جل وعز { ألقيا في جهنم } قال معناه ألق ألق
100
البرزخ في اللغة كل حاجز بين شيئين فالبرزخ بين الدنيا والآخرة كما روي أن رجلا قال بحضرة الشعبي رحم الله فلانا قد صار من أهل الآخرة قال لم يصر من أهل الآخرة ولكن صار من أهل البرزخ وليس من الدنيا ولا من الآخرة وأضفت يوما إلى يبعثون لأنه ظرف زمان والمراد بالإضافة المصدر وقال أبو إسحاق حقيقته الحكاية
101 في معناه قولان أحدهما قول ابن عباس أنهم في وقت لا يتساءلون ويوم في اللغة بمعنى وقت معروف والقول الآخر أبين من هذا يكون معنى فلا أنساب بينهم أنهم لا يتفاخرون بالأنساب يوم القيامة ولا يتساءلون بها كما كانوا في الدنيا يفعلون
____________________
(3/122)
104
ويقال تنفح في معناه إلا أن تلفح أبلغ بأسا ( وهم فيها كالحون ) ابتداء وخبر ويجوز النصب في غير القرآن على الحال والكالح في كلام العرب الذي قد تشمرت شفتاه وبدت أسنانه كما ترى رءوس الغنم وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التوقيف بمعنى هذا قال تحرق واحدهم النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته
106
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( شقاوتنا ) وهذه القراءة مروية عن ابن مسعود والحسن ويقال شقا وشقاء بالقصر والمد وأحسن ما قيل في معناه والأهواء شقوة لأنهما يؤديان إليهما كما قال جل وعز { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا } لأن ذلك يؤديهم إلى النار ( وكنا قوما ضالين ) أي كنا في فعلنا ضالين عن الهدى وليس هذا اعتذارا منهم إنما هو إقرار ويدل على ذلك
107
108 والمصدر خسء في اللازم والمتعدي على فعل
109
قال مجاهد هم بلال وخباب وصهيب وفلان وفلان من ضعفاء
____________________
(3/123)
المسلمين كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم
110
بالكسر والضم وفرق أبو عمرو بينهما فجعل المكسورة من جهة التهزؤ والمضمومة من جهة السخرة ولا يعرف هذا التفريق الخليل وسيبويه رحمهما الله ولا الكسائي ولا الفراء قال الكسائي هما لغتان بمعنى واحد كما يقال عصي وعصي وقال محمد بن يزيد إنما يؤخذ التفريق بين المعاني عن العرب فأما التأويل فلا يكون والكسر في سخري في المعنيين جميعا وفي عصي أكثر لأن الضمة تستثقل في مثل هذا
112
وقل كم لبثتم معنيان مختلفان لا يجوز أن يقال أحدهما أجود من الآخر ( عدد سنين ) بفتح النون على أنه جمع مسلم ومن العرب من يخفضها وينونها
113
وليس في هذا ما ينفي عذاب القبر لأنه لا بد من خمدة قبل البعث
116 كمن نعت العرش لارتفاعه وإن الأيدي لا تناله
____________________
(3/124)
118
مبتدأ وخبره والاسم عند البصريين أن والتاء للخطاب والاحتجاج لأبي عمرو في تفريقه بين سخري وسخري أن يكون خبر بمذهبه في القراءة فقط فأما لبتم بالإدغام فلقرب التاء من الثاء وكذا / < فاتختموهم > / مدغم لقرب الذال من التاء ومن لم يدغم فيهما فلأن التاء اسم فكأنها منفصلة والمخرجان مختلفان وقال مجاهد العادون الملائكة لأنهم يحصون ذلك وقرأ الأعمش ( عددا سنين ) ونصب عددا على البيان في القراءتين جميعا وكم في موضع نصب بلبثتم
____________________
(3/125)
24
1
بمعنى هذه سورة وقرأ عيسى بن عمر ( سورة أنزلناها ) بالنصب بمعنى أنزلنا سورة ويجوز أن يكون المعنى اتل سورة أنزلناها ( وفرضناها ) أي وفرضنا فيها من الحلال والحرام وفرضناها فيه ثلاثة أقوال قال أبو عمرو فصلناها وقيل هو على التكثير لكثرة ما فيها من الفرائض والقول الثالث قال الفراء أنه بمعنى فرضناها عليكم وعلى من بعدكم
2
وقرأ عيسى بن عمر ( الزانية والزاني ) بالنصب وهو اختيار الخليل وسيبويه رحمهما الله لأن الأمر بالفعل أولى وسائر النحويين على خلافهما واستدل محمد بن يزيد على خلافهما بقول الله جل وعز { واللذان يأتيانها }
____________________
(3/127)
منكم ) والحجة للرفع أنه ليس يقصد به اثنان بأعيانهما زنيا فينصب فلما كان مبهما وجب الرفع فيه من ثلاثة أوجه مذهب سيبويه أن المعنى وفيما فرض عليكم الزانية والزاني وقيل بما عاد عليه ( ولا تأخذكم بهما رأفة ) ورآفة لأن فعالة في الخصال كثير نحو القباحة وفعلة على الأصل
3
قد ذكرنا معناه وأن الوجه فيه أن يكون منسوخا وحرم ذلك أن ينكح الرجل زانية والمرأة زانيا
4
وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) وفيه ثلاثة أوجه يكون شهداء في موضع جر على النعت لأربعة ويكون في موضع نصب بمعنى ثم لم يحضروا أربعة شهداء والوجه الثالث أن يكون حالا من النكرة ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون )
5
في موضع نصب على الاستثناء ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل والمعنى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا
____________________
(3/128)
6
على البدل والنصب على الاستثناء وعلى خبر يكون ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) بالنصب قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقراءة الكوفيين ( أربع شهادات ) بالرفع على الابتداء والخبر أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القاذف أربع شهادات كما تقول صلاة الظهر أربع ركعات والنصب لأن معنى شهادة أن شهد فالتقدير فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات
7
رفع بالابتداء والخبر أن وصلتها ومعنى المخففة كمعنى الثقيلة لأن معناها أنه وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة ( والخامسة أن ) بالنصب بمعنى ويشهد الشهادة الخامسة
10
رفع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف ولا يظهره العرب ( ورحمته ) عطف عليه ( وأن الله تواب حكيم ) عطف عليه أيضا وحذف جواب لولا لأنه قد ذكر مثله بعد قال الله
14
____________________
(3/129)
11
اسم إن ( عصبة ) خبرها ويجوز النصب في عصبة على الحال ويكون الخبر ( لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم ) وقرأ حميد الأعرج ويعقوب ( والذي تولى كبره ) بضم الكاف قال الفراء وهو وجه جيد لأن العرب تقول فلان أولى عظم كذا وكذا أي أكثره قال أبو جعفر والذي جاء به لا حجة فيه لأنه قد يكون الشيء بمعنى الشيء والحركة فيها مختلفة والأشهر في كلام العرب في مثل هذا الكبر والكبر في النسب ويقال الولاء للكبر
12
أي بإخوانهم ( وقالوا هذا إفك مبين ) فأوجب الله جل وعز على المسلمين إذا سمعوا رجلا يقذف أحدا أو يذكره بقبيح لا يعرفونه به أن ينكروا عليه ويكذبوه وتواعد من ترك ذلك ومن نقله
15
والأصل تتلقونه أي يأخذه بعضكم عن بعض ويقبله بعضكم من بعض ومثله { فتلقى آدم من ربه كلمات } وعن عائشة رضي الله عنها أنها قرأت ( إذ تلقونه ) وإسناده صحيح ولا يعرف له مخرج إلا من حديث ابن عمر الجمحي والمعنيان صحيحان لأنهم قد تلقوه وولقوه والأصل تولقونه
____________________
(3/130)
فحذفت الواو اتباعا ليلق يقال ولق يلق إذا أسرع في الكذب واشتقاقه من الولق وهو الخفة والسرعة
17 في موضع نصب
19
فتواعدهم الله جل وعز على إرادة الفسق أي إذاعة الفاحشة الذين آمنوا ( والله يعلم ) أي يعلم مقدار عظم هذا الذنب والمجازاة عليه ويعلم كل شيء
21
هو من ذوات الواو وإن كان قد كتب بالياء وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رحمه الله في قوله ولولا فضل الله عليكم ورحمته مازكا منكم من أحد أبدا قال ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء ينفع به نفسه أو ينفي به ما يدفعه عن نفسه
22
حذفت الياء للجزم قرأ يزيد بن القعقاع وزيد بن أسلم ( ولا يتأل أولو الفضل ) حذفت الألف للجزم والمعنى واحد كما تقول فلان يتكسب ويكتسب
____________________
(3/131)
23
من أحسن ما قيل في هذا أنه عام لجميع الناس القذفة من ذكر وأنثى والتقدير الذين يرمون الأنفس المحصنات فدخل في هذا المذكر والمؤنث وكذا في الذين يرمون إلا أنه غلب المذكر على المؤنث
وقرأ مجاهد
25 يرفع الحق على أنه نعت لله جل وعز قال أبو عبيد ولولا كراهة خلاف الناس لكان الوجه الرفع ليكون نعتا لله جل وعز ويكون موافقا لقراءة أبي وذلك أن جرير بن حازم قال رأيت في مصحف أبي ( ليوفيهم الله الحق دينهم ) وهذا الكلام من أبي عبيد غير مرضي لأنه احتج لما هو مخالف للسواد الأعظم ولا حجة فيه أيضا لأنه لو صح هذا أن في مصحف أبي كذلك جاز أن تكون القراءة ( يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم ) يكون دينهم بدلا من الحق على أن قراءة العامة ( دينهم الحق ) يكون الحق نعتا لدينهم والمعنى حسن لأن الله جل وعز قد ذكر المسيئين فاعلم أنه يجازيهم بالحق كما قال جل وعز { وهل نجازي إلا الكفور } لأن مجازاة الله جل وعز للكافر والمسيء بالحق والعدل ومجازاته للمحسنين بالفضل والإحسان
____________________
(3/132)
26
قد ذكرنا فيه أقوالا فمن أحسن ما قيل فيه أن المعنى الزناة للزناة على ما كان التعبد مبرئا
27
قال عكرمة أي حتى تستأذنوا وحقيقته في اللغة تستعملوا مشتق من آنست الشيء أي استعملته ( ذلك خير لكم ) أي من الدخول بغير استئذان لما فيه من التهمة ( لعلكم تذكرون ) أي تنتبهون على ما لكم فيه الصلاح
30
من ههنا لبيان الجنس وكذا
31 وظهر التضعيف في الثاني لأن لام الفعل من الثاني ساكنة ومن الأول متحركة وهما في موضع جزم جوابا والتقدير عند المازني قل للمؤمنين غضوا يغضوا ( ويحفظوا فروجهم ) قال أبو العالية أي حتى لا يراها أحد وقال غيره فحرم الله على المسلمين أيضا أني يدخلوا حماما بغير مئزر وأجمع المسلمون على أن السوأتين عورة من الرجل وأن المرأة كلها عورة إلا وجهها ويديها فإنهم اختلفوا فيهما وقال أكثر العلماء في الرجل من سرته إلى ركبته عورة لا يجوز أن ترى ( إن الله خبير بما يصنعون ) اسم إن وخبرها ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) ويجوز وليضربن بكسر اللام وهو الأصل وحذفت الكسرة لثقلها ويضربن في موضع جزم بالأمر إلا أنه مبني على حال وحدة اتباعا للماضي عند سيبويه
____________________
(3/133)
والمعنى وليلصقن خمرهن وهن المقانع على جيوبهن لئلا تبدو صدورهن أو أعناقهن والصحيح من قراءة الكوفيين ( على جيوبهن ) كما يقرءون ( بيوتا ) والنحويون القدماء لا يجيزون هذه القراءة ويقولون بيت وبيوت كفلس وفلوس وقال أبو إسحاق هي تجوز على أن تبدل من الضمة كسرة فأما ما روي عن حمزة من الجمع بين الضم والكسر فمحال لا يقدر أحد أن ينطق به إلا على الإيماء إلى ما لا يجوز ( أو التابعين غير أولي الإربة ) وقرأ يزيد بن القعقاع وعاصم وابن عامر ( أو التابعين غير ) بنصب غير على الاستثناء قال أبو حاتم على الحال والخفض على النعت وإن كان الأول معرفة لأنه ليس بمقصوده قصده وإن شئت قلت هو بدل ونظيره { غير المغضوب عليهم } في الخفض والنصب جميعا ( أو الطفل ) بمعنى الأطفال والدليل على ذلك نعته بالذين ( لم يظهروا على عورات النساء ) وحكى الفراء أن لغة قيس عورات بفتح الواو وهذا هو القسا لأنه ليس بنعت كما تقول جفنة وجفنات إلا أن التسكين أجود في عورات وما أشبهه لأن الواو إذا تحركت وتحرك ما قبلها قلبت ألفا ولو فعل هذا لذهب المعنى وحكى الكسائي ( أيه المؤمنون ) بضم الهاء وهذه لغة شاذة لا وجه لها لأن ها للتنبيه
32
____________________
(3/134)
جمع أيم والأيم عند أهل اللغة من لا زوج لها كانت بكرا أم ثيبا حكى ذلك أبو عمرو بن العلاء والكسائي وغيرهما وذلك بين في قوله جل وعز وأنكحوا الأيامى منكم فلم يبح ثيبا دون بكر وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من هذا بعينه وجمع أيم أيامى وأيايم وإيام مثل جيد وجياد وجمع أمة في التكسير أماء وآم وفي النصب رأيت آميا وإموان مثل أخ وإخون لأن الأصل في أمة أموة وفي المسلم أموات قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول حكى هشام أميات قال وهذا خطأ لأنها من ذوات الواو وقرأ الحسن ( والصالحين من عبيدكم ) و عبيد اسم للجمع وليس بجمع مستتب والجمع المستتب أعبد وعباد ونظير عبيد في أنه اسم للجمع قولهم معبوداء وعبدى قال الفراء ويجوز ( والصالحين من عبادكم وإماءكم ) بالنصب يرده على الصالحين ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) شرط وجوابه قيل يغنهم بالتزويج وهذا صحيح في اللغة لأن فقيرا إنما يعرف بالإضافة فيقال فقير إلى الطعام وفقير إلى اللباس وفقير إلى التزويج
33
في موضع رفع بالابتداء وفي موضع نصب عند الخليل وسيبويه على إضمار فعلا لأن بعده أمرا
____________________
(3/135)
35
مبتدأ وخبره وتقديره الله ذو نور السموات والأرض مثل وسئل القرية ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) مبتدأ وخبره أيضا وقد ذكرناه معناه وقد روى شعر بن عطية عن كعب في قول الله جل وعز مثل نوره قال نوره محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر لأن محمدا صلى الله عليه وسلم في تبيانه للناس بمنزلة النور الذي يضيء لهم قال كعب كمشكاة ككوة فيها مصباح قال ( المصباح ) قلب محمد صلى الله عليه وسلم ( في زجاجة ) قال ( الزجاجة ) صدره ( كأنها كوكب دري ) لصدره ثم رجع إلى المصباح الذي هو في القلب فقال ( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ) قال لم تصبها شمس المشرق ولا شمس المغرب شرقية نعت لزيتونة و لا ليست تحول بين النعت والمنعوت ولا غربية عطف ( يكاد زيتها يضيء ) قال كعب يكاد محمد صلى الله عليه وسلم يستبين لمن يراه أنه نبي وإن لم ينطق لما جعل عليه صلى الله عليه وسلم من الدلائل كما يكاد هذا الزيت يضيء ولو لم تمسه نار وقد قريء ( دري ) على أربعة أوجه قرأ الحسن وأهل الحرمين ( كأنها كوكب دري ) بضم الدال وتشديد الياء إلا أن سعيد بن المسيب قرأ هو وأبو رجاء العطاردي ونصر بن عاصم وقتادة ( كأنها كوكب دري ) بفتح الدال وتشديد الياء وقرأ أبو عمرو والكسائي ( كأنها كوكب درء ) بكسر الدال والهمز وقرأ حمزة ( كأنها كوكب دريء ) بضم الدال والهمز فهذه أربع قراءات وحكى الفراء أنه يقال ( دري ) بكسر الدال وتشديد الياء بغير همز قال أبو
____________________
(3/136)
جعفر القراءة الأولى بينة نسب الكوكب إلى الدر فإن قال قائل فالكوكب نورا من الدر قيل له إنما المعنى أن هذا الكوكب فضله على الكواكب كفضل الدر على سائر الحب والقراءة الثانية بهذا المعنى فأبدل من الضمة فتحة لأن النسب باب تغيير والقراءة الثالثة أبي عمرو والكسائي ضعفها أبو عبيد تضعيفا شديدا لأنه تأولها من درات أي دفعت أي كوكب يجري من الأفق إلى الأفق فإن كان التأويل على ما تأوله لم يكن في الكلام فائدة ولا كان لهذا الكوكب مزية على أكثر الكواكب ألا ترى أنه لا يقال جاءني إنسان من بني آدم ولا ينبغي أن يتأول لمثل أبي عمرو والكسائي رحمهما الله مع محلهما وجلالهما هذا التأويل البعيد ولكن التأويل لهما على ما روي عن محمد بن يزيد أن معناهما في ذلك كوكب مندفع بالنور كما يقال اندرأ الحريق أي اندفع وهذا تأويل صحيح لهذه القراءة وحكى الأخفش سعيد بن مسعدة أنه يقال درأ الكوكب بضوئه إذا امتد ضوءه وعلا فأما قراءة حمزة فأهل اللغة جميعا إلا أقلهم يقولون هي لحن لا يجوز لأنه ليس في كلام العرب اسم على فعيل وقد اعترض أبو عبيد في هذا فاحتج لحمزة فقال ليس هو فعل إنما هو فعول مثل سبوح أبدل من الواو ياء كما قالوا عتي قال أبو جعفر وهذا الاعتراض والاحتجاج من أعظم الغلط وأشده لأن هذا لا يجوز البتة ولو جاز ما قال لقيل في سبوح سبيح وهذا لا يقوله أحد وليس عتي من هذا والفرق بينهما واضح بين لأنه ليس يخلو عتي من إحدى جهتين إما أن يكون جمع عات فيكون البدل فيه لازما لأن الجمع باب تغيير والواو لا تكون ظرفا في الأسماء وقبلها ضمة فلما كان قبل هذه ساكن وقبل الساكن ضمة والساكن ليس بحاجز حصين أبدل من الضم كسرة وقلبت الواو ياءا وإن كان عتى واحدا كان
____________________
(3/137)
بالواو أولى وكان قبلها لأنها طرف والواو في فعول ليست طرفا ولا يجوز قلبها ومن احتج لحمزة بشيء مشبه قال قد جاء مريق وهو فعيل والحق في هذا أن مريقا عجمي والذي حكى الفراء من كسر الدال جائز على أن تبدل من الضمة كسرة ( يوقد من شجرة مباركة ) قرىء على أربعة أوجه قرأ الحسن وأبو عبد الرحمن السلمي ومجاهد وأبو جعفر وأبو عمرو بن العلاء ( توقد من شجرة ) بفتح الدال يجعله فعلا ماضيا وقرأ شيبة ونافع ( يوقد من شجرة مباركة ) وهاتان القراءتان متقاربتان لأنهما جميعا للمصباح وهو أشبه بهذا الوصف لأنه الذي يبين ويضيء وإنما الزجاجة وعاء له فتوقد فعل ماض من توقد يتوقد ويوقد فعل مستقبل من أوقد يوقد وقرأ نصر بن عاصم ( توقد ) والأصل على قراءته تتوقد وحذف إحدى التاءين لأن الأخرى تدل عليها وقرأ الكوفيون ( توقد ) وهاتان القراءتان على تأنيث الزجاجة ( ولو لم تمسسه نار ) على تأنيث النار وزعم أبو عبيد أنه لا يعرف إلا هذه القراءة وحكى أبو حاتم أن السدي روى عن أبي مالك عن ابن عباس أنه قرأ ( ولو لم يمسسه نار ) بالياء قال محمد بن يزيد التذكير على أنه تأنيث غير حقيقي وكذا سبيل الموات عنده
____________________
(3/138)
36
قد ذكرناه وقيل المعنى صلوا في بيوت وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر ( يسبح له فيها بالغدو والآصال ) وكذا يروى عن الحسن وقد ذكر سيبويه مثل هذا وأنشد
( ليبك يزيد ضارع لخصومة ** )
والتقدير يسبح له فيها رجال على إضمار هذا الفعل لأنه لما قال يسبح دل على أن ثم مسبحين وعلى هذا تقول ضرب زيد عمرو ولما أن قلت ضرب زيد دل على أن له ضاربا فذكرته وأضمرت له فعلا
37
ويقال أقام الصلاة إقامة والأصل إقوامة فقلبت حركة الواو على القاف فانقلبت الواو ألفا وبعدها ألف وهما ساكنتان فحذفت إحداهما وأثبت الهاء لئلا تحذفها فيجحف فلما أضفت قام المضاف إليه مقام الهاء فجاز حذفها فإن لم تضف لم يجز حذفها ألا ترى أنك تقول وعد عدة فلا يجوز حذف الهاء لأنك قد حذفت واوا لأن الأصل وعدة فإن أضفت جاز حذف الهاء وأنشد الفراء
____________________
(3/139)
( إن الخليط أجدوا البينين فانجردوا ** وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا )
يريد عدة فحذف الهاء لما أضاف ( يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) قد ذكرناه وقيل معناه تتقلب قلوب الفجار على النار وقيل تتقلب أي تنضج مرة وتلفحها النار مرة
39
ابتداء ( أعمالهم ) ابتداء ثان ويجوز أن يكون بدلا من الذين ويكون الخبر ( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا ) فإن خففت الهمزة قلت الظمآن
40
على إضمار مبتدأ ومن قرأ ( ظلمات ) جعلها بدلا من ظلمات الأولى ويقال ظلمات لخفة الفتحة وظلمات لنقل الضمة
( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) تأوله أبو إسحاق على أنه في الدنيا أي من لم يجعل الله له هداية إلى الإسلام لم يهتد وتأوله غيره على أنه في الآخرة أي من لم يجعل الله له نورا في القيامة لم يهتد إلى الجنة
____________________
(3/140)
41
عطفا على من قال أبو إسحاق ويجوز والطير بمعنى مع الطير ولم يقرأ به قال أبو جعفر وسمعته يجيز قمت وزيدا بمعنى مع زيد قال وهو أجود من الرفع قال فإن قلت قمت أنا وزيد كان الأجود الرفع ويجوز النصب ( كل قد علم صلاته وتسبيحه ) يجوز أن يكون المعنى كل قد علم الله صلاته وتسبيحه ومن هذه الجهة يجوز نصب كل عند البصريين والكوفيين قال أبو إسحاق والصلاة للناس والتسبيح لغيرهم ولهم ويجوز أن يكون المعنى كل قد علم صلاة نفسه وتسبيحه
43
يقال بين لا يقع إلا لاثنين فاصعدا فكيف جاء بينه فالجواب أن بينه ههنا لجماعة السحاب كما تقول الشجر حسن وقد جلست بينه وفيه قول آخر وهو أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة كما قال الشاعر
( قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ** بسقط اللوى بين الدخول فحومل )
فأوقع بينا على الدخول وهو واحد لاشتماله على مواضع هذا قول النحويين إلا الأصمعي فإنه زعم أن هذا لا يجوز وكان يرويه بين الدخول
____________________
(3/141)
وحومل قرأ ابن عباس والضحاك ( فترى الودق يخرج من خلله ) وخلل واحد خلال مثل جمل وجمال وهو واحد يدل على جمع ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) من قال إن المعنى من جبال برد فيها فبرد عنده في موضع خفض هكذا يقول الفراء كما تقول الإنسان من لحم ودم والإنسان لحم ودم ويجب أن يكون على قوله المعنى من جبال برد فيها بتنوين الجبال لأنه قال الجبال هي البرد فأما على قول البصريين فيكون من برد في موضع نصب ويجوز الخفض كما تقول مررت بخاتم حديدا وبخاتم حديد الخفض على البدل والنصب عند سيبويه على الحال وعند أبي العباس على البيان ومن قال المعنى من مقدار جبال فمن برد عنده في موضع نصب لا غير قال الفراء كما تقول عندي بيتان تبنا ومثله عنده { أو عدل ذلك صياما } ومن قال إن من زائدة فيهما فهما عنده في موضع نصب لا غير وقرأ أبو جعفر ( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) بضم الياء وزعم أبو حاتم أن هذا لحن وهو قول أستاذه الأخفش يقول دخل بالمدخل ولا يجيز ههنا أدخل ويزعم أن الباء تعاقب الألف وهذا هو القول البين فأما أن يكون خطأ لا يجوز ولا يحمل عليه فقد زعم جماعة أن الباء تزاد واحتجوا بقول الله جل وعز { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم } وإن كان غير هذا القول أولى منه وهو ما حكاه لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال تكون الباء
____________________
(3/142)
متعلقة بالمصدر إذ كان الفعل دالا عليه ومأخوذا منه فعلى هذا يكون التقدير ذهابه بالأبصار أو إذهابه وكذا أدخل بالمدخل السجن الدار جائز على هذا
44
مجاز أي يقلب هذا إلى هذا وهذا إلى هذا فإذا زال أحدهما ودخل الآخر كان بمنزلة ما قلب إليه
45
قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم وسائر الكوفيين يقرءون ( خالق كل دابة ) والمعنيان صحيحان أخبر الله جل وعز بخبرين ولا ينبغي أن يقال في هذا أحد القراءتين أصح من الأخرى لأنهما يدلان على معنيين ولكن إن قال قائل خلق في هذا أكثر لأنه ليس بشيء مخصوص وإنما يقال خالق على العموم كما قال جل وعز { الخالق البارئ المصور } وفي الخصوص { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض } وكذا { هو الذي خلقكم من نفس واحدة }
____________________
(3/143)
) فكذا يجب ( والله خلق كل دابة من ماء ) والدابة كل ما دب على الأرض من الحيوان يقال دب وهو داب والهاء للمبالغة وقيل يعني بالماء ههنا المني كما قال { من ماء دافق } وقيل لما كان خلق الأرض من ماء جاء هذا هكذا وقيل أصل خلق النار والنور من الماء ( فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ) ومن مشى على أكثر من أربع فهو يمشي على أربع وغلب ما يعقل لما اجتمع مع ما لا يعقل لأنه المخاطب والمتعبد
وقرأ الحسن
51 جعله اسم كان والخبر ( أن يقولوا )
49 في موضع الحال
50
فأنكر الله عليهم ذلك لما أظهر من البراهين فقال ( بل أولئك هم الظالمون )
53
نهاهم عن الحلف لأن عزمهم كان على غير ذلك فهم آثمون إذا حلفوا ( طاعة معروفة ) على إضمار لتكن طاعة ويجوز أن يكون المعنى طاعة أولى بكم
____________________
(3/144)
قال أبو إسحاق يجوز طاعة بالنصب يعني على المصدر
54
في موضع جزم بالشرط والأصل تتولوا فحذفت إحدى التاءين لدلالة الأخرى وحذفت النون للجزم والجواب في الفاء وما بعدها
55
فكان في هذه الآية دلالة عن نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله أنجز ذلك الوعد وكان فيها دلالة على خلافة أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لأنه لم يستخلف أحدا ممن خوطب بهذه الآية غيرهم لأن هذه الآية نزلت قبل فتح مكة وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخلافة بعدي ثلاثون هذا للآية ( وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) وعاصم يقرأ ( وليبدلنهم ) مخففا وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال قرأ عاصم والأعمش ( وليبدلنهم ) مشددة وهذا غلط على عاصم وقد ذكرنا بعده غلطا أشد منه وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف قال أبو جعفر زعم أحمد بن يحيى أن بين التخفيف والتثقيل فرقا وأنه يقال بدلته أي غيرته وأبدلته أنزلته وجعلت غيره قال أبو جعفر وهذا القول صحيح كما تقول أبدل لي هذا الدرهم أي أزله وأعطني غيره وتقول قد بدلت بعدنا أي
____________________
(3/145)
غيرت غير أنه قد يستعمل أحدهما في موضع الآخر والذي ذكر أكثر ( يعبدونني ) في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون مستأنفا في موضع رفع
57
مفعولان وقرأ حمزة ( لا يحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ) قال أبو جعفر وما علمت أحدا من أهل العربية واللغة بصريا ولا كوفيا وإلا وهو يحظر أن تقرأ هذه القراءة فمنهم من يقول هي لحن لأنه لم يأت إلا بمفعول واحد ليحسبن وممن قال هذا أبو حاتم وقال الفراء هو ضعيف وأجازه على ضعفه على أنه يحذف المفعول الأول والمعنى عنده لا يحسبن الذين كفروا إياهم معجزين في الأرض ومعناه لا يحسبن أنفسهم معجزين في الأرض ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى هذا القول أعني قول الفراء وسمعت علي بن سليمان يقول في هذه القراءة ويكون الذي في موضع نصب قال ويكون المعنى لا يحسبن الكافر الذين كفروا معجزين في الأرض
وقرأ الحسن
58 بإسكان اللام لثقل الضمة وقرأ المدنيون وأبو عمرو ( ثلاث عورات ) بالرفع وقرأ الكوفيون
____________________
(3/146)
( ثلاث عورات ) بالنصب والقول في هذا قريب من القول في يحسبن قال أبو حاتم النصب ضعيف مردود قال الفراء الرفع أحب إلي قال وإنما اخترت الرفع لأن المعنى هذه الخصال ثلاث عورات والرفع عند الكسائي بالابتداء والخبر عنده ما بعده ولم يقل بالعائد وقال نصا بالابتداء قال العورات الساعات التي تكون فيها العورة والخلوة إلا أنه قرأ بالنصب والنصب فيه قولان أحدهما أنه مردود على قوله ( ثلاث مرات ) ولهذا استبعده الفراء وقال أبو إسحاق المعنى ليستأذنكم أوقات ثلاث عورات ( طوافون ) بمعنى هم طوافون قال الفراء كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم وأجاز الفراء نصب طوافون لأنه نكرة والمضمر في عليكم معرفة ولا يجيز البصريون أن يكون حالا من المضمر من الذين في عليكم وفي بعضكم لاختلاف العاملين لا يجوز مررت بزيد ونزلت على عمرو العاقلين على النعت لهما ( بعضكم على بعض ) لله بإضمار فعل أي يطوف بعضكم على بعض ( كذلك يبين الله لكم الآيات ) الكاف في موضع نصب أي يبين الله لكم آياته الدالة على وحدانيته تبيانا مثل ما بين لكم هذه الأشياء
59
وقرأ الحسن ( الحلم ) حذف الضمة لثقلها ( فليستأذنوا ) أي فليستأذنوا في كل الأوقات ولم يقل فليستأذنوكم وقال في الأول
58 لأن الأطفال غير مخاطبين ولا متعبدين
____________________
(3/147)
60
جمع قاعد بحذف الهاء وفيه ثلاثة أقوال مذهب البصريين أنه على النسب ومذهب الكوفيين أنه لما كان لا يقع إلا للمؤنث لم يحتج فيه إلى الهاء والقول الثالث أنه جاء بغير هاء تفريقا بينه وبين القاعدة بمعنى الجالسة ( فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) على الحال أي لا يردن أن يظهرن زينتهن للرجال
61
اسم ليس وقد ذكرناه ومن حسن ما قيل فيه أنه في الجهاد فأما معنى ( ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم ) إلى آخر الآية ففيه ثلاثة أقوال منها أنه إنما يجوز ذلك بعد الإذن ومنها أنه قد كان علم أنهم لا يبخلون عليهم بهذا والقول الثالث أن الآية منسوخة وأن هذا كان أول فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن دماءكم وأموالكم حرام إلا بإذن وحرمة مال المسلم كحرمة دمه فوجب من هذا أنه لا يحل لأحد شيء من مال أحد إلا بإذن أو ما أجمع عليه المسلمون عند خوفه على هلاك نفسه وقد قيل إن الآية منسوخة بقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } فإذا كان لا يدخل إلا بأذن فهو من الطعام
____________________
(3/148)
أبعد وقال جل وعز { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه } ولو لم يكن في نسخ الآية إلا الحديث الذي رواه مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه أيحب أحدكم أن يؤتى إلى مشربته فتفتح خزانته فيوخذ طعامه لكان كافيا وقرأ قتادة ( مفتاحة ) وهي لغة ومفتح أكثر في كلام العرب يدلك على ذلك جمعه على مفاتح ( أن تأكلوا جميعا ) نصب على الحال ( تحية ) مصدر قال أبو إسحاق لأن معنى ( فسلموا ) فحيوا وأجاز الكسائي والفراء رفع تحية بمعنى هي تحية ( من عند الله ) لأن الله أمر بها ( مباركة طيبة ) لأن سامعها يستطيب سمعها
62
مبتدأ وخبره ( وإذا كانوا معه على أمر جامع ) أي ما يحتاج فيه إلى الاجتماع من الحرب وغيرها ( لم يذهبوا حتى يستأذنوه ) لأنه قد يحتاج إلى حضورهم
63
الكاف في موضع نصب مفعول ثان ( قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ) مصدر ويجوز أن يكون في موضع الحال أي ملاوذين قال أبو إسحاق أي مخالفين وحقيقته أن بعضهم يلوذ ببعض أي يستتر به لئلا يرى
____________________
(3/149)
يقال لاوذ يلاوذ ملاوذة ولواذا ولاذ يلوذ لوذا ولياذا تقلب الواو ياءا لانكسار ما قبلها اتباعا للاذ في الاعتلال فإذا كان مصدر فاعل لم يعل لأن فاعل لا يجوز أن يعل ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ) أن في موضع نصب بيحذر ولا يجوز عند أكثر النحويين حذر زيدا وهو في أن جائز لأن حروف الخفض تحذف معها ( والله بكل شيء عليم ) مبتدأ وخبره
____________________
(3/150)
25
1
قد تكلم أهل اللغة في معناه فقال الفراء هي في العربية وتقدس واحد وهما للعظمة وقال أبو إسحاق تفاعل من البركة قال ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير وقيل تبارك تعالى وقيل المعنى تعالى عطاؤه أي زاد وكثر وقيل المعنى دام وثبت أنعامه وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق من برك الشيء إذا ثبت ومنه برك الجمل فأما القول الأول فمخلط لأن التقدير إنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء ( الذي نزل الفرقان ) في موضع رفع بفعله والفرقان القرآن لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر ( على عبده ليكون إليه ويجوز أن يكون يعود على الفرقان ويقال أنذر إذا خوف ونذير على التكثير )
2 في موضع رفع نعتا أو بدلا من الذي قبله
____________________
(3/151)
قال أبو إسحاق
4 أي بظلم وقال غيره فقد آتوا ظلما وزورا
5
على إضمار مبتدأ أي وقالوا الذي أتيت به أساطير الأولين قال أبو إسحاق واحدها أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث وقال غيره أساطير جمع أسطار مثل أقوال وأقاويل وروي عن ابن عباس رحمه الله أن الذي قال هذا النضر بن الحارث وكذا كل ما كان في القرآن فيه ذكر الأساطير قال محمد بن إسحاق فكان موذيا للنبي صلى الله عليه وسلم ( اكتتبها فهي تملى عليه ) على لغة من قال أملى ومن قال أمل قال تمل عليه ( بكرة وأصيلا )
7
قال أبو إسحاق ما منفصلة والمعنى أي شيء لهذا الرسول في حال مشيه وأكله ( لولا أنزل إليه ملك ) أي هلا ( فيكون معه نذيرا ) جواب الاستفهام
8
في موضع رفع والمعنى أو هلا يلقى إليه كنزا أو هلا ( تكون له جنة يأكل منها ) قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم وقرأ الكوفيون ( نأكل منها ) بالنون والقراءتان حسنتان تؤديان عن معنيين وإن كانت القراءة بالياء أبين لأنه
____________________
(3/152)
قد تقدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحده فأن يعود الضمير إليه أبين
9
أي ضربوا لك هذه الأمثال ليتوصلوا إلى تكذيبك ( فضلوا ) عن سبيل الحق وعن بلوغ ما أرادوا ( فلا يستطيعون سبيلا ) أي إلى تصحيح ما قالوا فيك
10
شرط ومجازاة ولم يدغم لأن الكلمتين منفصلتان ويجوز الإدغام لاجتماع المثلين ( ويجعل لك قصورا ) يكون في موضع جزم عطفا على موضع جعل ويجوز أن يكون في موضع رفع معطوفا على الأولين ثم يدغم وأجاز الفراء النصب على الصرف وقرأ أهل الشام ويروى عن عاصم أيضا ( ويجعل لك قصورا ) بالرفع أي وسيجعل لك في الآخرة قصورا
قال أبو إسحاق
13 نصبه على المصدر أي ثبرنا ثبورا وقال غيره هو مفعول به أي دعوا الثبور كما يقال يا عجباه أي هذا من أوقاتك فاحضر وهذا أبلغ من تعجبت
14
أي بلاؤكم أعظم من أن تدعوا الثبور مرة واحدة ولكن يدعونه مرارا كثيرة ولم يجمع الثبور لأنه مصدر
____________________
(3/153)
15
كما حكى سيبويه عن العرب الشقاء أحب إليك أم السعادة وقد علم أن السعادة أحب إليه وقيل هذا للتنبيه وقيل المعنى أذلك خير على غير تأويل من كما يقال عنده خير وهذا قول حسن كما قال
( فشركما لخيركما الفداء ** )
وفي الآية قول ثالث وهو أن الكوفيين يجيزون العسل أحلى من الخل وهذا قول مردود لأن معنى فلان خير من فلان أنه أكثر خيرا منه ولا حلاوة في الخل ولا يجوز أن تقول النصراني خير من اليهودي لأنه لا خير فيهما فيكون أحدهما أزيد في الخير من الآخر ولكن يقال اليهودي شر من النصراني فعلى هذا كلام العرب
18
وقرأ الحسن وأبو جعفر ( أن نتخذ ) بضم النون وقد تكلم في هذه القراءة النحويون وأجمعوا على أن فتح النون أولى فقال أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر لا يجوز ( نتخذ ) قال أبو عمرو لو كانت نتخذ لحذفت من الثانية فقلت أن نتخذ من دونك أولياء ومثل أبي عمرو على جلالته ومحله يستحسن منه هذا القول لأنه جاء بعلة بينة وشرح ما قال أنه يقال ما اتخذت
____________________
(3/154)
رجلا وليا فيجوز أن يقع هذا لواحد بعينه ثم يقال ما اتخذت من رجل وليا فيكون نفيا عاما وقولك وليا تابع لما قبله فلا يجوز أن يدخل فيه من لأنه لا فائدة في ذلك وحكى الفراء عن العرب أنهم لا يقولون ما رأيت عبد الله من رجل غير أنه أبطل هذا وترك ما روى عن العرب وأجاز ذلك من قبل نفسه فقال ولو أرادوا ما رأيت من رجل عبد الله لجاز إدخال من تتأول القلب قال أبو إسحاق وهذا خطأ لا يجوز البتة وهو كما قال ثم رجع الفراء فقال والعرب إنما تدخل من في الأسماء وهذه مناقضة بينة وأجاز ذلك الكسائي أيضا ثم قال وهو قبيح ( ولكن متعتهم وآباءهم ) أي طالت أعمارهم بعد موت الرسل صلوات الله عليهم فنسوا وهلكوا
19
تأوله أبو عبيد بمعنى فيما يقولون وقال غيره هذه مخاطبة للأنبياء صلى الله عليهم وسلم فما تستطيعون صرفا ولا نصرا قيل فما يستطيعون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب ولا أن ينصر بعضهم بعضا
20
إذا دخلت اللام لم يكن في إن إلا الكسر ولو لم تكن اللام ما جاز أيضا إلا الكسر لأنها مستأنفة وهذا قول جميع النحويين إلا أن علي بن سليمان حكى لنا عن محمد بن يزيد أنه قال يجوز الفتح في إن هذه وإن كان بعدها اللام وأحسبه وهما منه قال أبو إسحاق المعنى وما أرسلنا قبلك رسلا إلا أنهم
____________________
(3/155)
ليأكلون الطعام ثم حذف من لأن من تدل على المحذوف وقال الفراء من محذوفة أي إلا أن منهم من ليأكلون الطعام وشبهه بقوله { وما منا إلا له مقام معلوم } قال أبو إسحاق هذا خطأ لأن من موصولة فلا يجوز حذفها ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ) الفتنة في اللغة الاختبار وفي الحديث الغني للفقير فتنة والفقير للغني فتنة والقوي للضعيف فتنة والضعيف للقوي فتنة والمعنى في هذا أن كل واحد منهما مختبر بصاحبه فالغني مختبر بالفقير عليه أن يواسيه ولا يسخر منه والفقير ممتحن بالغني عليه أن لا يحسده وأن لا يأخذ منه إلا ما أعطاه وأن يصبر كل واحد منهما على الحق كما قال الضحاك في معنى ( أتصبرون ) أي على الحق ( وكان ربك بصيرا ) أي بما تعملون أي فيما امتحنكم فيه
22
لا يجوز أن يكون يوم يرون منصوبا ببشرى لأن ما في خبر التعجب أو في خبر النفي لا يعمل فيما قبله ولكن فيه تقديران يكون المعنى يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة ودل على هذا الحذف ما بعده ويجوز أن يكون التقدير لا بشرى تكون يوم يرون الملائكة و يومئذ مؤكد ويجوز أن يكون المعنى اذكر يوم يرون الملائكة ( ويقولون حجرا ) مصدر أي منعا ومنه حجرت على فلان ومنه قيل حجرة
____________________
(3/156)
23
أي لا ينتفع به أي أبطلناه وليس هباءا من ذوات الهمزة وإنما همزت لالتقاء الساكنين والتصغير هبي في موضع الرفع ومن النحويين من يقول هبي في موضع الرفع
24
ابتداء وخبر وقد ذكرنا مثله قبل هذا في { أذلك خير أم جنة الخلد } وحكينا قول الكوفيين أنهم يجيزون العسل أحلى من الخل وذكر الفراء في هذه الآية ما هو أكثر من هذا فزعم أن المعنى أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا من أهل النار وليس في مستقر أهل النار خير فكأنه رد على نفسه وسمعت علي بن سليمان يقول في هذا ويحكيه إن المعنى لما كنتم تعملون عمل أهل النار صرتم كأنكم تقولون إن في ذلك خيرا وقيل خير مستقرا مما أنتم فيه وقيل خير على غير معنى أفعل ويكون مستقر ظرفا وعلى ما مر يكون منصوبا على البيان
25
الأصل تتشقق أدغمت التاء في الشين وقرأ الكوفيون ( تشقق ) حذفوا التاء لأن التاء الباقية تدل عليها
26 مبتدأ وخبر وأجاز أبو إسحاق
____________________
(3/157)
نصب الحق بمعنى أحق الحق أو أعني الحق ( وكان يوما على الكافرين عسيرا ) الفعل منه عسر يعسر وعسر يعسر
27
الماضي عضضت وحكى الكسائي عضضت بفتح الضاد الأولى وجاء التوقيف عن أهل التفسير منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب أن الظالم ههنا عقبة بن أبي معيط وأن خليله أمية بن خلف فعقبة قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمية قتله النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا من دلائل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خبر عنهما بهذا فقتلا على الكفر ولم يسميا في الآية لأنه أبلغ في الفائدة ليعلم أن هذه سبيل كل ظالم قبل من غيره في معصية الله جل وعز
28 وقرأ الحسن ( يا ويلتي ) بالياء والقراءة الأولى أكثر في كلام العرب لأنهم يحذفون إذا قالوا يا غلام أقبل لأن النداء موضع حذف وكان الأصمعي ينشد بيت زهير
( تبصر خليل هل ترى من ظغائن ** تحملن بالعلياء من فوق جرثم ) وينكر رواية من روى تبصر خليلي لأنه كان يقصد الروايات الصحاح الفصيحة ولا يعرج على الشاذ وكذا روى أهل اللغة
____________________
(3/158)
( قالت هريرة لما جئت زائرها ** ويلا عليك وويلا منك يا رجل )
30
القرآن نعت لهذا لأن هذا ينعت بما فيه الألف واللام وإن لم يكن جاريا على الفعل ( مهجورا ) مفعول ثان
31
الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف وكذا الكاف في
32 المعنى تثبيتا كذلك التثبيت هذا على أن يكون التمام عند قوله جل وعز ( جملة واحدة ) وإن كان التمام عند كذلك كان التقدير ترتيلا كذلك وهذا لما لم يجد المشركون سبيلا إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ببرهان ولا حجة قالوا ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) فسألوا ما الصلاح في غيره لأن القرآن كان ينزل مفرقا جوابا عما يسألون عنه وكان ذلك من علامات النبوة لأنهم لا يسألون عن شيء إلا أجيبوا عنه وهذا لا يكون إلا من نبي فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم ويدل على هذا الجواب
33
ولو نزل جملة لكان قد سبق الحوادث التي كانت ينزل فيها القرآن ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل ذلك عليهم علم الله جل وعز إن الصلاح في
____________________
(3/159)
إنزاله متفرقا لأنهم ينبهون به مرة بعد مرة ولو نزل جملة لزال معنى التنبيه وفيه ناسخ ومنسوخ فكانوا يعبدون بالشيء إلى وقت بعينه قد علم الله جل وعز فيه الصلاح ثم ينزل النسخ بعد ذلك فمحال أن ينزل جملة افعلوا كذا وكذا ولا تفعلوا والأولى أن يكون التمام جملة واحدة لأنه إذا وقف على كذلك صار المعنى كالتوراة والإنجيل والزبور ولم يتقدم لهما ذكر قال أبو إسحاق ورتلناه ترتيلا أي أنزلناه قيل الترتيل وهو التمكث وهو ضد العجلة
34
في موضع رفع الابتداء وخبره في الجملة وقد ذكرنا معناه المروي مرفوعا وقد قيل هو تمثيل كما تقول جاءني على وجهه أي كارها
35
على البدل ( وزيرا ) مفعول ثان والوزير في اللغة المعاون الذي يلجأ إليه صاحبه مشتق من الوزر وهو الملجأ قال الله جل وعز { كلا لا وزر }
36
قال الفراء إنما أمر موسى صلى الله عليه وسلم بالذهاب وحده في المعنى وهذا بمنزلة قوله { نسيا حوتهما } وبمنزلة قوله { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان }
____________________
(3/160)
وإنما يخرج من أحدهما قال أبو جعفر وهذا مما لا ينبغي أن يجترأ به على كتاب الله جل وعز وقد قال جل ثناؤه { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى } ونظير هذا في قوله { ومن دونهما جنتان } وقد قال جل ثناؤه { ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا }
37
في نصبه أقوال يكون معطوفا على المضمر في ( فدمرناهم ) أو يكون بمعنى واذكر ويكون على إضمار فعل يفسره ما بعده والتقدير وأغرقنا قوم نوح فهذه ثلاثة أقوال وزعم الفراء أنه منصوب بأغرقناهم وهذا لا يحصل لأن أغرقنا ليس مما يتعدى إلى مفعولين فيعمل في المضمر وفي قوم نوح
38
يكون هذا كله معطوفا على قوم نوح إذا كان قوم نوح منصوبا على العطف أو بمعنى واذكر ويجوز أن أن يكون هذا كله منصوبا على أنه معطوف على المضمر في وجعلناهم وهو أولى لأنه أقرب إليه
39
قال أبو إسحاق وأنذر كلا قال والتتبير التدمير ومنه قيل لمتكسر الزجاج تبر وكذلك تبر الذهب
____________________
(3/161)
40
قيل هذا للكفار الذين كفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنهم قد أتوا على مدائن قوم لوط عليه السلام وعلموا أنهم أهلكوا بكفرهم ( أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا ) من ينكر الأضداد يقول يرجون على بابه لأنهم إنما كفروا بالآخرة على دفع منهم للحق ليس على يقين فهم لا يرجونها وكان أبو إسحاق أحد من ينكر الأضداد وقال المعنى بل كانوا لا يرجون ثواب النشور فاجترءوا على المعاصي
41
جواب ( إذا ) ( إن يتخذونك إلا هزوا ) لأن معناه يتخذونك وقيل الجواب محذوف لأن المعنى قالوا أهذا الذي بعث هو ( الذي بعث الله رسولا ) ونصب رسول على الحال ويجوز أن يكون مصدرا لأن معنى بعث أرسل ومعنى رسول رسالة على هذا
43 قيل معناه أفأنت تجبره على ذلك
44
ولم يقل أنهم لأن منهم من قد علم أنه يؤمن وذمهم جل وعز بهذا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون سماع قبول أو يفكرون فيما تقوله فيعقلونه أي هم
____________________
(3/162)
بمنزلة من لا يعقل ولا يسمع وقيل المعنى أنهم لما ينتفعوا بما يسمعون فكأنهم لم يسمعوا ( إن هم إلا كالأنعام ) أي إنهم لا يفهمون ( بل هم أضل سبيلا ) لأنهم يكذبون بما يسمعون من الصدق وليس كذا الأنعام
45
حذفت الألف للجزم والأصل الهمز والتخفيف لازم للمضارع من هذا لكثرة الاستعمال وقد ذكرنا معنى الآية
47
49
مفعولان ( والنوم سباتا ) عطف و سبات بمعنى الراحة وأعاد جعل توكيدا ولو كان والنهار نشورا لجاز في غير القرآن قال الأخفش سعيد واحد الأناسي إنسي وكذا قال محمد بن يزيد وهو أحد قولي الفراء وله قول آخر وهو أن يكون واحد الأناسي إنسانا لم يبدل من النون ياءا فيقول أناسي ويجب على قوله أن يقول في جمع سرحان سراحي لا فرق بينهما وحكى أيضا ( وأناسي كثيرا ) بالتخفيف
50
وهو المطر كما قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس ليس عام بأكثر مطرا من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) لا يعلم بين أهل التفسير اختلافا أن الكفر ههنا قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا وأن
____________________
(3/163)
نظيره قول المنجم فعل النجم كذا وكذا وأن كل من نسب إليها فعلا فهو كافر
54
للعلماء في هذا ثلاثة أقوال فمن أجلها ما روي عن ابن عباس قال النسب سبع { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } والصهر السبع { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } إلى آخر الآية وشرح هذا أن السبع الأول من النسب فتقديره في العربية فجعله ذا نسب وذا صهر والسبع الذين من الصهر أي ممن يقع فيهم الصهر لولا ما حدث وقال الضحاك النسب الأقرباء والصهر ذوات الرضاع والقول الثالث أن النسب الذكر من الأولاد والصهر الإناث من الأولاد لأن المصاهرة من جهتين تكون
55
روي عن ابن عباس الكافر ههنا أبو جهل وشيعته لأنه يستظهر بعبدة الأوثان على أولياء ربه وقال عكرمة الكافر إبليس ظهير على عداوة ربه وقال مطر الكافر ههنا الشيطان
57
من في موضع ونصب استثناء ليس من الأول والتقدير لكن من شاء أن
____________________
(3/164)
ينفق ابتغاء مرضاة الله ليتخذ إلى ثواب ربه طريقا فليفعل
59
في رفعه ثلاثة أوجه يكون بدلا من المضمر الذي في استوى ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى هو الرحمن ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء وخبره فاسأل به خبيرا ويجوز الخفض بمعنى وتوكل على الحي الذي لا يموت الرحمن يكون نعتا ويجوز النصب على المدح
60
هذه قراءة المدنيين والبصريين وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( لما يأمرنا ) بالياء والقراءة الأولى اختيار أبي عبيد وتأول الثانية فيما نرى أنسجد لما يأمرنا الرحمن قال ولو أقروا بأن الرحمن أمرهم ما كانوا كفارا وليس يجب أن يتأول عن الكوفيين في قراءتهم بهذا التأويل البعيد ولكن الأولى أن يكون التأويل لهم أنسجد لما يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فتصح القراءة على هذا وإن كانت الأولى أبين وأقرب متناولا
61
هذه قراءة المدنيين والبصريين وعاصم وقرأ سائر الكوفيين ( سرجا )
____________________
(3/165)
والقراءة الأولى أولى عند أبي عبيد لأنه تأول أن السرج النجوم وأن البروج النجوم وليس يجب أن يتأول لهم هذا فيجيء المعنى نجوما ونجوما ولكن التأويل لهم أن أبان بن تغلب قال السرج النجوم الدراري فعلى هذا تصح القراءة ويكون مثل قوله جل وعز { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } فأعيد ذكر النجوم النيرة وإن كانت القراءة الأولى أبين وأوضح تأويلا قال ابن عباس السراج الشمس وروى عصمة عن الأعمش ( وقمرا ) بضم القاف وإسكان الميم وهذه قراءة شاذة ولو لم يكن فيها إلا أن أحمد بن حنبل وهو إمام المسلمين في وقته قال لا تكتبوا ما يحكيه عصمة الذي يروي القراءات وقد أولع أبو حاتم السجستاني بذكر ما يرويه عصمة هذا
62
هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم على اختلاف عنه والكسائي وقرأ الأعمش وحمزة ( لمن أراد أن يذكر ) الأصل في يذكر يتذكر ثم أدغمت التاء في الدال أي يتذكر ويتفكر في خلق الله فإن الدلالة فيه بينة فهذه القراءة بينة ويذكر يجوز أن يتبين هذه الأشياء بذكره
63
رفع بالابتداء وقد أشكل على جماعة من النحويين هذا حتى قال الأخفش هو مبتدأ بلا خبر يذهب إلى أنه محذوف ورأيت أبا إسحاق قد جاء في
____________________
(3/166)
هذا بما هو أولى من قول الأخفش هذا قال عباد مرفوع بالابتداء و ( الذين يمشون على الأرض هونا ) من صفتهم والذين الذي بعده عطف عليه والخبر أولئك يجزون الغرفة قال ويجوز أن يكون الخبر ( الذين يمشون على الأرض ) ( قالوا سلاما ) مصدر وقد ذكرنا معناه
66
قال أبو إسحاق مستقرا منصوب على التمييز أي في المستقر سبيل التمييزأن أن يكون فيه معنى من فالمعنى ساءت من المستقرات
67
هذه قراءة الأعمش وحمزة والكسائي وعاصم ويحيى بن وثاب على اختلاف عنهما وهي قراءة حسنة من قتر يقتر وهذا القياس في اللازم مثل قعد يقعد وقرأ أبو عمرو ( لم يقتروا ) وهي لغة معروفة حسنة وقرأ أهل المدينة ( ولم يقتروا ) وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ فإنما يقال أقتر يقتر إذا افتقر كما قال جل وعز { وعلى المقتر قدره } وتأول أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعا وهذا تأويل بعيد ولكن التأويل لهم أن أبا عمر الجرمي حكى عن الأصمعي أنه يقال للإنسان إذا ضيق قتر يقتر ويقتر وقتر يقتر وأقتر يقتر فعلى هذا تصح القراءة وإن كان فتح الياء أصح وأقرب متناولا وأشهر وأعرف ومن أحسن ما قيل في معناه ما حدثناه
____________________
(3/167)
الحسن بن غليب قال حدثني عمران بن أبي عمران قال حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي قال حدثني عمرو بن أبي لبيد عن أبي عبد الرحمن الحبلي في قوله جل وعز ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) قال من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام قال أبو إسحاق تفسير هذه الآية على الحقيقة ما أدب الله جل وعز به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } ( وكان بين ذلك قواما ) خبر كان واسم كان فيها مضمر دل عليه أنفقوا والتقدير كان الإنفاق بين الإسراف والفتور عدلا وللفراء قول آخر يجعل بين اسم كان وينصبها قال أبو جعفر ما أدري ما وجه هذا لأن بين إذا كانت في موضع رفع رفعت كما يقال بين عينيه أحمر فترفع بين
68 شرط ومجازاة
69
بدل من يلق قال سيبويه لأن مضاعفة العذاب لقي الأنام وقرأ عاصم ( يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا ) بالرفع والجزم أولى لما ذكرنا وفي الرفع قولان أحدهما أن يقطعه مما قبله والآخر أن يكون محمولا على المعنى كأن قائلا قال ما لقي الآثام فقيل يضاعف له العذاب
____________________
(3/168)
70
في موضع نصب على الاستثناء ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) مفعولان وقد ذكرنا معناه ومن حسن ما قيل فيه أنه يكتب موضع كافر مؤمن وموضع عاص مطيع
71 مصدر فيه معنى التوكيد
73 على الحال
74
لم يجمع لأنه مصدر ولو جمع يراد به اختلاف الأجناس لجاز ( واجعلنا للمتقين إماما ) واحد يدل على جمع
75
هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة وقرأ أهل الكوفة ( ويلقون فيها ) قال الفراء ويلقون أعجب إلي لأن القراءة لو كانت يلقون كانت في العربية بالباء وهذا من الغلط أشد مما مر في السورة لأنه يزعم أنها لو كانت يلقون كانت في العربية بتحية وسلام وقال كما يقال فلان يتلقى بالسلام وبالخير فمن عجيب ما في هذا أنه قال يتلقى والآية يلقون والفرق بينهما بين لأنه يقال فلان يتلقى بالجنة ولا يجوز حذف الياء فكيف يشبه هذا ذاك
____________________
(3/169)
وأعجب من هذا أن في القرآن { ولقاهم نضرة وسرورا } لا يجوز أن يقرأ بغيره وهذا يبين أن الأولى خلاف ما قال
76 على الحال
77
وعن ابن عباس بإسناد صحيح أنه قرأ ( فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما ) وكذا روى شعبة عن إبراهيم التيمي عن أبي الزبير قال شعبة وكذا في قراءة عبد الله بن مسعود وهذه القراءة مخالفة للمصحف وينبغي أن تحمل على التفسير لأن معنى فقد كذبتم أنه يخاطب به الكفار وهذه القراءة مع موافقتها للسواد أولى بسياق الكلام لأن الله جل وعز قال ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) فهذه مخاطبة وكذا ( فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ) فهذا أولى من ( فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما ) وقد تكلم النحويون فيه فمن حسن ما قيل فيه أن التقدير فسوف يكون التكذيب لأن كذبتم يدل على التكذيب وحقيقته في العربية فسوف يكون جزاء التكذيب عذابا لزاما أي ذا لزام ولزام وملازمة واحد وحكى أبو حاتم عن أبي زيد قال سمعت قعنبا أبا السمال يقرأ ( فسوف يكون لزاما ) بفتح اللام قال أبو جعفر يكون مصدر لزم والكسر أولى مثل قتال ومقاتلة كما أجمعوا على الكسر في قوله جل وعز { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى }
____________________
(3/170)
) وللفراء قول آخر في اسم يكون قال يكون فيها مجهول وهذا غلط لأن المجهول لا يكون خبره إلا جملة كما قال جل وعز { إنه من يتق ويصبر } وكما حكى النحويون كان زيد منطلق يكون في كان مجهول ويكون المبتدأ وخبر مخبر المجهول والتقدير كان الحديث فأما أن يقال كان منطلقا ويكون في كان مجهول فلا يجوز عند أحد علمناه
____________________
(3/171)
26
1
أبو جعفر حكى أبو عبيد أن أبا عمرو كان يفتح وأن الكوفيين يكسرون وأن المدنيين يقرءون بين الفتح والكسر وهذا مشروع في سورة طه وقرأ المدنيون وأبو عمرو وعاصم والكسائي ( طسم ) بإدغام النون في الميم والقراء يقولون بإخفاء النون وقرأ الأعمش وحمزة ( طسين ميم ) بإظهار النون قال أبو جعفر للنون الساكنة والتنوين أربعة أقسام عند سيبويه يبينان عند حروف الحلق ويدغمان عند الراء واللام والميم والواو والياء ويقلبان ميما عند الباء ويكونان من الخياشيم أي لا يبينان فعلى هذه الأربعة الأقسام التي نصها سيبويه لا تجوز هذه القراءة لأنه ليس ههنا حرف من حروف الحلق فتبين النون عنده ولكن في ذلك وجه وهو أن حروف المعجم حكمها أن يوقف عليها فإذا وقف عليها تبينت النون وحكى أبو إسحاق في كتابه فيما يجرى وما لا يجرى أنه يجوز أن يقول طسين ميم بفتح النون وضم الميم كما
____________________
(3/173)
يقال هذا معدي كرب يا هذا
2
رفع على إضمار مبتدأ أي هذه تلك آيات الكتاب المبين أي التي كنتم وعدتم بها لأنهم وعدوا في التوراة والإنجيل بإنزال القرآن
3
خبر لعل ( ألا يكونوا ) قال الفراء في موضع نصب لأنهما جزاء قال أبو جعفر وإنما يقال إن مكسورة لأنها جزاء كذا المتعارف والقول في هذا ما قاله أبو إسحاق في كتابه في القرآن قال أن في موضع نصب مفعول له والمعنى لعلك قاتل نفسك لتركهم الإيمان
4
شرط ومجازاة ( فظلت ) معناه فتظل لأن الماضي يأتي بمعنى المستقبل في المجازاة وقد ذكرنا خاضعين ولم يقل خاضعات بما يستغني عن الزيادة
7
أصل الكرم في اللغة الشرف والفضل فنخلة كريمة أي فاضلة كثيرة الثمر ورجل كريم فاضل شريف صفوح قال الفراء والزوج اللون
____________________
(3/174)
10
( إذ ) في موضع نصب واتل عليهم إذ نادى ربك موسى ويدل على هذا أن بعده واتل عليهم نبأ إبراهيم ( أن ائت القوم الظالمين )
11 بدل ( ألا يتقون ) لأنهم غيب عن المخاطبة ويجوز ألا تتقون بمعنى قل لهم ومثله { قل للذين كفروا ستغلبون } بالتاء والياء
12
13
قال الكسائي القراءة بالرفع يعني في ويضيق صدري ولا ينطلق لساني من وجهين أحدهما الابتداء والآخر بمعنى وإني يضيق صدري ولا ينطلق لساني يعني نسقا على أخاف قال ويقرأ بالنصب وكلاهما وجه قال أبو جعفر الوجه الرفع لأن النصب عطف على يكذبون وهذا بعيد يدل على ذلك قوله { واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي } فهذا يدل على أن هذا كذا
قال أبو إسحاق
17 في موضع نصب أي أرسلنا لأن ترسل معنا بني إسرائيل فامتن عليه فرعون بالتربية
____________________
(3/175)
18
نصب على الحال ( ولبثت فينا ) وإن شئت أدغمت الثاء في التاء لقربها منها ( من عمرك ) وتحذف الضمة لثقلها فيقال من عمرك وحكى سيبويه فتح العين وإسكان الميم ومنه لعمرك ولا يستعمل في القسم عنده إلا الفتح لخفته ( سنين ) على جمع التسليم وقد يقال لبثت سنينا يا هذا يجعل الإعراب في النون
19
تكون الجملة في موضع الحال أي قتلت النفس وهذه حالك ويجوز أن يكون المعنى وأنت الساعة من الكافرين لنعمتي لأنك تطالبني أن أرسل معك بني إسرائيل
20
قيل معناه أي ضللت عن أن أعرف بأن تلك الضربة تقتل
22
قال الأخفش فقيل المعنى أو تلك نعمة وحذفت ألف الاستفهام قال أبو جعفر وهذا لا يجوز لأن الألف الاستفهام تحدث معنى وحذفها محال إلا أن يكون في الكلام أم فيجوز حذفها في الشعر ولا أعلم بين النحويين في هذا
____________________
(3/176)
اختلافا إلا شيئا قاله الفراء قال يجوز حذف ألف الاستفهام في أفعال الشك وحكى ترى زيدا منطلقا بمعنى أترى وكان علي بن سليمان يقول في مثل هذا إنما أخذه من ألفاظ العامة وكذا عنده نعم زيدا إذا تقدم ذكره إنما أخذه من ألفاظ العامة ومذهب الفراء في معنى وتلك نعمة تمنها علي أنه على حذف وأن المعنى هي لعمري نعمة إن مننت علي فلم تستعبدني واستعبدت بني إسرائيل أي إنما صارت لأنك استعبدت بني إسرائيل وقول الضحاك أن المعنى أنك تمن علي بما لا يجب أن تمن به أي يكون هذا على التبكيت له والتبكيت يكون بغير استفهام وباستفهام ويجوز أن يكون هذا مثل { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } ويكون تبكيتا أيضا وقول رابع في الآيتين جميعا أن يكون القول محذوفا إن عبدت في موضع رفع على البدل من نعمة ويجوز أن يكون أن في موضع نصب بمعنى لأن عبدت بني إسرائيل
23
فأجابه موسى صلى الله عليه وسلم ف
24 أي إذا نظرتم إلى السموات والأرض وما فيهما من الآيات والحوادث علمتم وأيقنتم أن لهما صانعا ومدبرا
____________________
(3/177)
25 عليهم من الأول وأدنى إلى أفهامهم من الأول
فخاطب موسى صلى الله عليه وسلم الجماعة بما هو أقرب
26 فجاء بدليل يفهمونه عنه لأنهم يعلمون أنهم قد كان لهم آباء وأنهم قد فنوا وأنهم لا بد لهم من مفن وأنهم قد كانوا بعد أن لم يكونوا وأنهم لا بد لهم من مكون
27 فأجابه موسى صلى الله عليه وسلم عن هذا بأن
28 أي ليس ملكه كملكك لأنك إنما تملك بلدا واحدا لا يجوز أمرك في غيره ويمت من لا تحب أن يموت والذي أرسلني يملك المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون فستتبينون ما قلت
29
فرفق به موسى صلى الله عليه وسلم ف
30 أي أتجعلني من المسجونين ولو جئتك بشيء تتبين به صدق ما جئت به
31 فلم يحتج الشرط إلى جواب عند سيبويه لأن ما تقدم يكفي منه
36
قال أبو إسحاق أي أخره عن وقتك وأخر استتمام مناظرته حتى تجتمع
____________________
(3/178)
كل السحرة أرجئه بإثبات الهمزة في الإدراج ويجوز حذفها وإثبات الكسرة وفي الإدراج يجوز حذفها وإثبات الضمة بالهمز وضم الهاء بغير واو ويجوز إثبات الواو على بعد وإنما بعد بعد لأن الهمزة ساكنة والواو ساكنة والحاجز بينهما ضعيف والواو في الأول الأصل والياء على البدل منه وحذفهما لأن قبلهما ما يدل عليهما وأنهما زائدتان
ومن قرأ
41 بغير استفهام جعل معناه إنك ممن يحبنا ويبرنا
46
أي الذين كان يقال لهم سحرة وذكروا بهذا الاسم ليدل على أنهم المذكورون قبل
49
تمويه من فرعون وطغيان وعدوان أظهر أن السحرة واطئوا موسى عليه السلام على ما كان وأن موسى هو الذي علمهم السحر
50
من ضار يضير ويقال ضار يضور بمعنى ضر يضر ضرا وضررا
____________________
(3/179)
51
أن في موضع نصب والمعنى لأن كنا وأجاز الفراء كسرها على أن يكون مجازاة
52
من أسرى يسري ويجوز أن اسر من سرى يسري لغتان فصيحتان
54
لام توكيد تدخل كثيرا في خبر إن إلا أن الكوفيين لا يجيزون إن زيدا لسوف يقوم والدليل على أنه جائز فلسوف تعلمون فهذه لام التوكيد بعينها قد دخلت على سوف قليلون جمع مسلم كما يقال أحدون
55 من غاظ يغيظ وهي اللغة الفصيحة
56
قراءة المدنيين وأبي عمرو وقراءة الكوفيين ( حاذرون ) وهي معروفة عن عبد الله بن مسعود وابن عباس ( حادرون ) بالدال غير معجمة قراءة ابن أبي عمار قال أبو جعفر أبو عبيدة يذهب إلى أن معنى حذرين وحاذرين واحد وهو قول سيبويه وأجاز هو حذر زيدا كما يقال حاذر زيدا وأنشد
____________________
(3/180)
( حذرأمورا لا تضير وآمن ** ما ليس منجيه من الأقدار )
قال أبو جعفر حدثني علي بن سليمان قال حدثنا محمد بن يزيد قال سمعت أبا عثمان المازني يقول قال أبو عثمان اللاحقي لقيني سيبويه فقال أتعرف بيتا فيه فعل ناصبا فلم أحفظ فيه شيئا وفكرت فعملت له فيه هذا البيت وزعم أبو عمر الجرمي أنه يجوز هو حذر زيدا على حذف من فأما أكثر النحويين فيفرقون بين حذر وحاذر منهم الكسائي والفراء ومحمد بن يزيد ويذهبون إلى أن معنى حذر في خلقته الحذر أي منتبه متيقظ فإذا كان هكذا لم يتعد ومعنى حاذر مستعد وبهذا جاء التفسير عن المتقدمين قال عبد الله بن مسعود في قول الله جل وعز حاذرون قال مؤدون في الكراع والسلاح مقوون فهذا ذاك بعينه وقوله مؤدون معناه معهم أداة وقيل المعنى معنا سلاح وليس معهم سلاح يحرضون على القتال فأما حادرون فمعناه مشتق من قولهم عين حدرة أي ممتلئة أي نحن ممتلئون غيظا عليهم
59 في موضع رفع والمعنى الأمر كذلك أي الأمر كما أخبرناكم من خبرهم
61
هكذا الوقف كما تقول تجافي القوم وتراخي إخوتك لم تقف عليه فتقول تجافي وتراخي ومن وقف فقال تراآ فقد حذف لام الفعل وغلط من
____________________
(3/181)
اعتل أنه فعل متقدم غلطا قبيحا وذلك أن العلة في قولنا تراءى أنه مثل تداعى وتجافى كما قلنا ولو كان متأخرا لقيل تر آيا فإن وصلت حذفت لالتقاء الساكنين فقلت تراي الجمعان وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير ( قال أصحاب موسى إنا لمدركون ) قال الفراء حفر واحتفر بمعنى واحد وكذلك لمدركون ولمدركون بمعنى واحد قال أبو جعفر وليس كذا يقول النحويون الحذاق إنما يقولون مدركون ملحوقون ومدركون مجتهد في لحاقهم كما يقال كسبت بمعنى أصبت وظفرت واكتسبت بمعنى اجتهدت وطلبت وهذا معنى قول سيبويه
69
على تخفيف الهمزة الثانية وهو أحسن الوجوه لأنهم قد أجمعوا جميعا على تخفيف الثانية إذا كانتا في كلمة واحدة نحو آدم وإن شئت حققتهما فقلت نبأ إبراهيم وإن شئت خففتهما فقلت نبأ إبراهيم وإن شئت خففت الأولى فقلت نبا إبراهيم وثم وجه خامس إلا أنه بعيد في العربية بعد لأنه جمع بين همزتين كأنهما في كلمة واحدة وحسن في فعال لأنه لا يأتي إلا مدغما
71 خبر نظل
72
قال الأخفش فيه حذف والمعنى هل يسمعون منكم أو هل يسمعون
____________________
(3/182)
دعائكم فحذف كما قال
( القائد الخيل منكوبا دوابرها ** قد أحكمت حكمات القد والأبقا ) قال والأبق الكتان فحذف والمعنى وقد أحكمت حكمات الأبق وروي عن قتادة أنه قرأ ( قال هي يسمعونكم ) بضم الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم ( إذ تدعون ) وإن شئت أدغمت الذال في التاء
73 معطوف على يسمعونكم
77
واحد يؤدي عن جماعة وكذلك يقال للمرأة هي عدو الله وعدوة الله حكاهما الفراء قال أبو جعفر وسألت علي بن سليمان عن العلة فيه فقال من قال عدوة فأثبت الهاء قال هي بمعنى معادية ومن قال عدو للمؤنث والجمع جعله بمعنى النسب ( إلا رب العالمين ) قال أبو إسحاق قال النحويون هو استثناء ليس من الأول وأجاز أبو إسحاق أن يكون من الأول على أنهم كانوا يعبدون الله جل وعز ويعبدون معه الأصنام وتأوله الفراء على الأصنام وحدها والمعنى عنده فإنهم لو عبدتهم عدو لي إلا رب العالمين أي عدو لي يوم القيامة
____________________
(3/183)
78
79
بغير ياء لأن الحذف في رءوس الآيات حسن لتتفق كلها وقد قرأ ابن أبي إسحاق على جلالته ومحله من العربية هذه كلها بالياء لأن الياء اسم وإنما دخلت النون لعلة
وقرأ الحسن
82 وقال ليست خطيئة واحدة قال أبو جعفر وخطيئة بمعنى خطايا معروف في كلام العرب وقد أجمعوا جميعا على التوحيد في قوته جل وعز { فاعترفوا بذنبهم } ومعناه بذنوبهم وكذا { فأقيموا الصلاة } ومعناه الصلوات فكذا ( خطيئتي ) إن كانت خطايا والله أعلم
94
قيل الضمير يعود على الأصنام وقد جرى الأخبار عنهم بالتذكير لأنهم أنزلوهم منزلة ما يعقل ( هم والغاوون ) الذين عبدوهم والغاوون الخائبون من رحمة الله جل وعز
95
الذين دعوهم إلى عبادة الأصنام وساعدوا إبليس على ما يريد فهم جنوده
____________________
(3/184)
99
رفع بفعلهم والمجرمون الذين دعوهم إلى عبادة الأصنام
100 في موضع رفع لأن المعنى فما لنا شافعون
101
ويجوز ( ولا صديق حميم ) بالرفع يكون عطفا على الموضع لأن المعنى فما لنا شافعون ولا صديق حميم وجمع صديق أصدقاء وصدقاء وصداق ولا يقال صدق للفرق بين النعت وبين غيره وحكى الكوفيون أنه يقال في جمعه صدقان وهذا بعيد لأن هذا جمع ما ليس بنعت نحو رغيف ورغفان وحكوا أيضا صديق وأصادق وأفاعل إنما هو جمع أفعل إذا لم يكن نعتا نحو أشجع وأشاجع ويقال صديق للجماعة وللمرأة وجمع حميم أحماء وأحمة وكروها أفعلاء للتضعيف
102
أن في موضع رفع والمعنى فلو وقع لنا رجوع إلى الحياة لآمنا
105 على تأنيث الجماعة
____________________
(3/185)
111
جمع الأرذل والمكسر أراذل والأنثى الرذلى والجمع رذل ولا يجوز حذف الألف واللام في شيء من هذا عند أحد من النحويين علمناه ومنعوا جميعا سقطت له ثنيتان علييان لا سفليان
119 زعم سيبويه أنه جمع فلك كأسد وأسد وقيل فلك وفلك بمعنى واحد
قال محمد بن يزيد
128 جمع ريعة
129
فذموا على أن اتخذوا ما لا يحتاجون إليه ووبخوا بقوله ( لعلكم تخلدون ) أي لستم تخلدون فلم تبنون ما تموتون وتتركونه
137
قراءة شيبة ونافع وعاصم والأعمش وحمزة وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر والحسن ( إن هذا إلا خلق الأولين ) بفتح الخاء فالقراءة الأولى عند الفراء بمعنى عادة الأولين قال أبو جعفر وحكى لنا محمد بن الوليد عن محمد بن يزيد قال خلق الأولين مذهبهم وما جرى عليهم أمرهم والقولان متقاربان من هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا أي
____________________
(3/186)
أحسنهم مذهبا وعادة وما يجري عليه الأمر في طاعة الله جل وعز ولا يجوز أن يكون من كان حسن الخلق فاجرا فضالا ولا أن يكون أكمل إيمانا من السيىء الخلق الذي ليس بفاجر قال أبو جعفر وحكي لنا عن محمد بن يزيد أن معنى خلق الأولين تكذيبهم وتخرصهم غير أنه كان يميل إلى القراءة الأولى لأن فيها مدح آبائهم وأكثر ما جاء القرآن في صفتهم مدحهم لآبائهم وقولهم { إنا وجدنا آباءنا على أمة }
148
الجملة في موضع خفض نعت لنخل وأحسن ما قيل في معناه ما رواه الدراوردي عن ابن أخي الزهري عن عمه في قوله جل وعز طلعها هضيم قال الرخص اللطيف أول ما يطلع وهو الطلع النضيد لأن بعضه فوق بعض
149
ويقال تنحتون لأن فيه حرفا من حروف الحلق ( بيوتا فرهين ) قراءة المدنيين والبصريين وقرأ أبو صالح والكوفيون ( فارهين ) وقد اختلف العلماء في معناهما ففرق بينهما بعضهم وجعلهما بمعنى واحد فقال أبو صالح ومعاوية بن قرة ومنصور بن المعتمر والضحاك بن مزاحم فارهون حاذقون قال مجاهد فرهون أشرون بطرون قال أبو جعفر فهذا تفريق بين معنيين يكون فارهون من فره إذا كان حاذقا نشيطا و فرهون بمعنى فرحين فأبدل من الحاء هاءا وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( وينحتون من الجبال بيوتا فرهين ) قال حاذقين قال فهذا بمعنى فارهين إن كان محفوظا
____________________
(3/187)
عن ابن عباس وممن ذهب إلى أن فارهين وفرهين بمعنى واحد أبو عبيدة وقطرب وحكى قطرب فره يفره فهو فاره وفره يفره فهو فره وفاره إذا كان نشيطا وهو منصوب على الحال
155
قال الفراء الشرب الحظ من الماء قال أبو جعفر فأما المصدر فيقال فيه شرب شربا وشربا وشربا وأكثرها المضمومة لأن المفتوحة والمكسورة يشتركان مع شيء آخر فيكون الشرب الحظ من الماء ويكون الشرب جمع شارب كما قال
( فقلت للشرب في درنا وقد ثملوا ** شيموا وكيف يشيم الشارب الثمل ) إلا أن أبا عمرو بن العلاء رحمه الله والكسائي يختاران الشرب بالفتح في المصدر ويحتاجان برواية بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنها أيام أكل وشرب
156
لا يجوز إظهار التضعيف ههنا لأنهما حرفان متحركان من جنس واحد
____________________
(3/188)
4 ( فيأخذكم ) جواب النهي ولا يجوز حذف الفاء منه والجزم كما جاز في الأمر إلا شيء روي عن الكسائي أن يجيزه
157
أي على عقرها لما أيقنوا بالعذاب ولم ينفعهم الندم لأن المحنة قد زالت لما وقع الاستيقان بالعذاب وقيل لم ينفعهم الندم لأنهم لم يتوبوا بل طلبوا صالحا صلى الله عليه وسلم ليقتلوه لما أيقنوا بالعذاب
171
نصب على الاستثناء ( في الغابرين ) روى سعيد عن قتادة قال غبرت في عذاب الله جل وعز أي بقيت وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من الباقين في الهرم أي بقيت حتى هرمت
176
وقرأ أبو جعفر ونافع ( أصحاب ليكة المرسلين ) وكذا قرأ في صاد وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة الحجر والتي في سورة ق فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحدا فأما ما حكاه أبو عبيدة من أن ليكة هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن
____________________
(3/189)
الأيكة اسم البلد كله فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله وإنما قيل وهذا لا تثبت به حجة حتى يعرف من قاله فيثبت علمه ولو عرف من قاله لكان فيه نظر لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه روى عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم إلى أمتين أي قومه أهل مدين وإلى أصحاب الأيكة قال والأيكة غيضة من شجر ملتف وروى سعيد عن قتادة قال كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدوم وهو شجر المقل وروى جويبر عن الضحاك قال خرج أصحاب الأيكة يعني حين أصابهم الحر فانضموا إلى الغيضة والشجر فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها فلما تتاموا تحتها أحرقوا ولو لم يكن في هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال تحتها الشجر ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف فأما احتجاج بعض من احتج لقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح بأنه في السواد ليكة فلا حجة له فيه والقول فيه أن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام وسقطت واستغنيت عن ألف الوصل لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض كما تقول مررت بالأحمر على تحقيق الهمزة ثم تخففها فتقول مررت بلحمر فإن شئت كتبته في الخط كما كتبته أولا وإن شئت كتبته بالحذف ولم يجز إلا بالخفض فكذا لا يجوز في الأيكة إلا الخفض قال سيبويه واعلم أن كل ما لا ينصرف إذا دخلته الألف واللام أو أضيف انصرف إذا دخلته ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا
184
____________________
(3/190)
عطف على الكاف والميم ويقال جبلة والجمع فيهما جبال وتحذف الضمة والكسرة من الباء وكذلك التشديد من اللام فيقال جبلة وجبل وجبلة وجبل ويقال جبلة وجبال وتحذف الهاء من هذا كله
192
193
هذه قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة إلا الحسن فإنه قرأ هو والكوفيون ( نزل به الروح الأمين ) وبعض أهل اللغة يحتج لهذه القراءة بقوله جل وعز وأنه لتنزيل رب العالمين لأن تنزيلا يدل على نزل وهو احتجاج حسن وقد ذكره أبو عبيد والحجة لمن قرأ بالتخفيف أن يقول ليس هذا المصدر لأن المعنى وأن القرآن لتنزيل رب العالمين نزل به جبرئيل صلى الله عليه وسلم كما قال جل وعز { قل من كان عدوا لجبريل } فإنه نزله على قلبك
196
أي وإن الإنذار بمن أهلك لفي كتب الأولين وفي قراءة الأعمش ( لفي زبر الأولين ) حذف الضمة لثقلها كما يقال رسل
____________________
(3/191)
197
أي أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل الذين أسلموا صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فما عندهم في التوراة والإنجيل آية واضحة ومن قرأ ( تكن ) أنث لأن أن يعلمه هو الآية كما قال
( فمضى وقدمها وكانت عادة ** منه إذا هي عردت إقدامها ) ويبعد رفع آية لأن أن يعلمه هو الآية وقرأ عاصم الجحدري ( أن تعلمه علماء بني إسرائيل )
198
وقرأ الحسن ( على بعض الأعجميين ) قال أبو جعفر يقال رجل أعجم وأعجمي إذا كان غير فصيح وإن كان عربيا ورجل عجمي أصله من العجم وإن كان فصيحا ينسب إلى أصله إلا أن الفراء أجاز أن يقال رجل عجمي
200
201
____________________
(3/192)
وأجاز الفراء الجزم في يؤمنون لأن فيه معنى الشرط والمجازاة زعم وحكي عن العرب ربطت الفرس لا ينفلت بالرفع والجزم قال لأن معناه إن لم أربطه ينفلت والرفع عنده بمعنى كيلا ينفلت وكيلا يؤمنوا فلما حذف كي رفع وهذا الكلام كله في يؤمنون خطأ على مذهب البصريين لا يجوز الجزم لا جازم ولا يكون شيء يعمل عملا أقوى من عمله وهو موجود فهذا احتجاج بين وإن شذ قول لبعض البصريين لم يعرج عليه إذ كان الأكثر يخالفه فيه
205 قال الضحاك يعني أهل مكة
206 قال يعني من العذاب والهلاك
207
ما الأولى في موضع نصب والثانية في موضع رفع ويجوز أن تكون الأولى نفيا لا موضع لها
208
209
قال الكسائي ذكرى في موضع نصب على القطع وهذا لا يحصل والقول فيها هو قول الفراء وأبي إسحاق أنها في موضع نصب على المصدر قال الفراء أي يذكرون ذكرى وهذا قول صحيح لأن معنى ( إلا لها منذرون ) إلا
____________________
(3/193)
لها مذكرون وذكرى لا يتبين فيه الإعراب لأن فيه ألفا مقصورة ويجوز ذكرى بالتنوين ويجوز أن يكون ذكرى في موضع رفع على إضمار مبتدأ قال أبو إسحاق أي إنذارنا ذكرى وقال الفراء أي ذلك ذكرى وتلك ذكرى
210
وقرأ الحسن ( الشياطون ) وهو غلط عند جميع النحويين قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول هكذا يكون غلط العلماء إنما يكون بدخول شبهة لما رأى الحسن رحمه الله في آخره ياءا ونونا وهو في موضع اشتبه عليه بالجمع المسلم فغلط وفي الحديث احذروا زلة العالم وقد قرأ هو مع الناس { وإذا خلوا إلى شياطينهم } ولو كان هذا بالواو في موضع الرفع لوجب حذف النون للإضافة
211
212
أي وما يصلح للشياطين أن ينزلوا بالوحي والأمر بطاعة الله جل وعز ( وما يستطيعون ) أن يتقولوا مثل القرآن ولا أن يأخذوه من الملائكة استراقا لأنهم عن السمع لمعزولون
____________________
(3/194)
213
قيل قل لمن كفر هذا وقيل هو مخاطبة له صلى الله عليه وسلم وإن كان لا يفعل هذا لأنه معصوم مختار ولكنه خوطب بهذا ليعلم الله جل وعز حكمه في من عبد غيره كائنا من كان وبعد هذا ما يدل عليه وهو
214 أي لئلا يتكلوا على نسبهم وقرابتهم منك فيدعوا ما يجب عليهم
215
يقال خفض جناحه إذا لان ورفق
216
أي إني بريء من معصيتكم إياي لأن عصيانهم إياه عصيانهم لله جل وعز لأنه لا يأمرهم إلا بما يرضاه الله جل وعز ومن تبرأ الله جل وعز منه
221
قيل الشياطين تنزل لأنها أكثر ما تكون في الهواء لضؤولة خلقها وأنها بمنزلة الريح
222
أي كذاب يجترم الإثم تتنزل عليه توسوس له بالمعصية
223 قيل الذين يلقون السمع هم الذين تتنزل عليهم أي يستمعون إلى الشياطين ويقبلون منهم وقيل هم الشياطين يسترقون السمع
____________________
(3/195)
224
ويجوز النصب على إضمار فعل يفسره يتبعهم وقيل الغاوون ههنا الزائلون عن الحق ودل هذا على أن الشعراء أيضا غاوون لأنهم لو لم يكونوا غاوين ما كان أتباعهم كذلك
225
أي هم بمنزلة الهائم لأنهم يذهبون في كل وجه من الباطل ولا يتبعون سنن الحق لأن من اتبع الحق وعلم أنه يكتب عليه قوله تثبت ولم يكن هائما يذهب على وجهه لا يبالي ما قال
227
في موضع نصب على الاستثناء ( وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ) وإنما يكون الانتصار بالحق وبما حده الله جل وعز فإذا تجاوز ذلك فقد انتصر بالباطل ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) وفي هذا تهديد لمن انتصر بظلم و أي منصوب بينقلبون وهو بمعنى المصدر ولا يجوز أن يكون منصوبا بسيعلم والنحويون يقولون لا يعمل في الاستفهام ما قبله قال أبو جعفر وحقيقة العلة في ذلك أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر فلو عمل فيه ما قبله لدخل بعض المعاني في بعض
____________________
(3/196)
27
1
بمعنى هذه تلك آيات القرآن ويجوز في هذا ما جاز في أول البقرة في قوله جل وعز { ذلك الكتاب } ( وكتاب مبين ) عطف على القرآن قال أبو إسحاق ويجوز وكتاب مبين بمعنى وذلك كتاب مبين
2
في موضع نصب على الحال ويجوز فيه ما جاز في غيره في أول سورة البقرة في قوله جل وعز { هدى للمتقين }
3
في موضع رفع على إضمار مبتدأ ويجوز فيه ما جاز في أول سورة البقرة في قوله جل وعز { الذين يؤمنون بالغيب }
____________________
(3/197)
4
اسم إن ( زينا لهم أعمالهم ) في موضع الخبر
5
في موضع رفع بالابتداء وخبره ( الذين لهم سوء العذاب ) ويقال الذون في موضع الرفع ( وهم في الآخرة هم الأخسرون ) ( في الآخرة ) تبيين وليس بمتعلق بالأخسرين
6
لدن بمعنى عند إلا أنها مبنية غير معربة لأنها لا تتمكن
وقرأ المدنيون وأبو عمرو
7 وقرأ الكوفيون ( بشهاب قبس ) فزعم الفراء في ترك التنوين أنه بمنزلة قولهم { ولدار الآخرة } يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلفت أسماؤه قال أبو جعفر إضافة الشيء إلى نفسه محال عند البصريين لأن معنى الإضافة في اللغة ضم شيء إلى شيء فمحال أن يضم الشيء إلى نفسه وإنما يضاف الشيء إلى الشيء ليبين به معنى الملك والنوع فمحال أن يبين أنه مالك نفسه أو من نوعها و بشهاب قبس إضافة النوع إلى الجسم كما تقول هذا ثوب خز والشهاب كل ذي نور نحو الكوكب والعود الموقد والقبس اسم لما يقتبس من جمر وما أشبه فالمعنى بشهاب من قبس يقال قبست قبسا والاسم قبس كما
____________________
(3/198)
تقول قبض قبضا والاسم القبض ومن قرأ بشهاب قبس جعله بدلا ويجوز بشهاب قبسا في في غير القرآن على أنه مصدر أو بيان أو حال ( لعلكم تصطلون ) أصل الطاء تاء فأبدل منها طاء لأن الطاء مطبقة والصاد مطبقة فكان الجمع بينهما حسنا
8
قال أبو إسحاق أن في موضع نصب أي بأنه قال ويجوز أن يكون في موضع رفع جعلها اسم ما لم يسم فاعله وحكى أبو حاتم أن في قراءة أبي وابن عباس ومجاهد ( أن بوركت النار ومن حولها ) ومثل هذا لا يوجد بإسناد صحيح ولو صح لكان على التفسير وقد روى سعيد عن قتادة أن بورك من في النار ومن حولها قال الملائكة وحكى الكسائي عن العرب باركك الله وبارك فيك
10
في موضع نصب على الحال ( كأنها جان ) والجان عند العرب الثعبان وهو الحية العظيمة ( ولى مدبرا ) على الحال ( ولم يعقب ) قال قتادة أي لم يلتفت ( يا موسى لا تخف ) أي قيل له لا تخف من الحية وضررها ( إني لا يخاف لدي المرسلون ) هذا تمام الكلام
11
____________________
(3/199)
استثناء ليس من الأول في موضع نصب وزعم الفراء أن الاستثناء من محذوف والمعنى عنده إني لا يخاف لدي المرسلون إنما يخاف غيرهم إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإنه لا يخاف وزعم الفراء أيضا أن بعض النحويين يجعل إلا بمعنى الواو قال أبو جعفر استثناء من محذوف محال لأنه استثناء من شيء لم يذكر ولو جاز هذا لجاز إني أضرب القوم إلا زيدا بمعنى لا أضرب القوم إنما أضرب غيرهم إلا زيدا وهذا ضد البيان والمجيء بما لا يعرف معناه وأما كان إلا بمعنى الواو فلا وجه له ولا يجوز في شيء من الكلام ومعنى إلا خلاف معنى الواو لأنك إذا قلت جاءني إخوتك إلا زيدا أخرجت زيدا مما دخل فيه الإخوة وإذا قلت جاءني إخوتك وزيد أدخلت زيدا فيما دخل فيه الإخوة فلا شبه بينهما ولا تقارب وفي الآية قول ثالث يكون المعنى أن موسى صلى الله عليه وسلم لما خاف من الحية فقال له جل وعز لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون علم جل وعز أن من عصى منهم يسر الخيفة فاستثناه فقال إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء أي فإنه يخاف وإن كنت قد غفرت له فإن قال قائل فما معنى الخوف بعد التوبة والمغفرة قيل له هذه سبيل العلماء بالله جل وعز أن يكونوا خائفين من معاصيه وجلين وهم أيضا لا يأمنون أن يكون قد بقي من أشراط التوبة شيء لم يأتوا به فهم يخافون من المطالبة به وقرأ مجاهد ( ثم بدل حسنا بعد سوء ) قال أبو جعفر وهذا بعيد من غير جهة منها أنه أقام الصفة مقام الموصوف في شيء مشترك ومنها أن ازدواج الكلام بدل حسنا بعد سيىء على أن بعضهم قد أنشد بيت زهير
____________________
(3/200)
( يطلب شأو امرأين قدما حسنا ** فاقا الملوك وبذا هذه السوقا )
12
جزم تخرج لأنه جواب الأمر وفيه معنى المجازاة ( في تسع آيات ) أحسن ما قيل فيه أن المعنى هذه الآية داخلة في تسع آيات
13
نصب على الحال قال أبو إسحاق ويجوز مبصرة أي مبينة تبصر قال الأخفش ويجوز مبصرة مصدر كما يقال الولد مجبنة
قال سعيد عن قتادة
16 قال ورث منه النبوة والملك صلى الله عليه وسلم ( وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ) خبر ما لم يسم فاعله والمنطق قد يقع لما يفهم بغير كلام والله جل وعز أعلم بما أراد
17
يقال إن الجن سخرت له لأنه ملك مضارها ومنافعها وسخرت له الطير بأن جعل فيها ما يفهم عنه فكانت تستره من الشمس وغيرها وقيل لهذا تفقد الهدهد
____________________
(3/201)
18
الكلام في القول كما مضى في المنطق ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ) فجاء على خطاب الآدميين لما خبر عنهن بإخبار الآدميين ( لا يحطمنكم ) يكون نهيا وجوابا والنون للتوكيد
20
هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو بإسكان الياء وقرءوا { وما لي لا أعبد الذي فطرني } بتحريك الياء فزعم قوم أنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما كان مبتدأ وبين ما كان معطوفا على ما قبله قال أبو جعفر وهذا ليس بشيء وإنما هي ياء النفس من العرب من يفتحها ومنهم من يسكنها فقرءوا باللغتين والدليل على هذا أن جماعة من جلة القراء قرءوها جميعا بالفتح منهم عبد الله بن كثير وعاصم والكسائي وأن حمزة قرأهما جميعا بالتسكين واللغة الفصيحة في ياء النفس أن تكون مفتوحة لأنها اسم وهي على حرف واحد فكان الاختيار أن لا تسكن فيجحف بالاسم ( أم كان من الغائبين ) بمعنى أبل
21
مؤكد بالنون الثقيلة وهي لازمة هي والخفيفة قال أبو حاتم ولو قرئت ( لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه ) لجاز ( أو ليأتيني بسلطان مبين ) ويجوز أن يكون هذا النون الخفيفة ثم أدغمت في النون التي مع الياء ويجوز أن تكون
____________________
(3/202)
النون التي مع الياء حذفت كما يقال إني ذاهب ويكون مؤكدا بالثقيلة وأهل مكة يقرءون أو ليأتينني
22
قراءة عاصم وتروى عن الأعمش وقراءة سائر القراء ( فمكث ) قال سيبويه مكث يمكث مكوثا كما قالوا قعد يقعد قعودا قال ومكث مثل ظرف وحجة من ضم عند سيبويه أنه غير متعد كظرف قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول الدليل على أن مكث أفصح قولهم ماكث ولا يقولون مكث فهذا مخالف لظرف قال أبو جعفر وهذا احتجاج بين لأن فعل فهو فاعل لا يعرف في كلام العرب إلا في أشياء مختلف فيها ومنها ما هو مردود فأما اللواتي اختلف فيها فطلقت المرأة فهي طالق وقد قيل طلقت وحمض الخل فهو حامض وقد قيل حمض وزعم أبو حاتم أن قولهم فره فهو فاره لا اختلاف فيه كذا قال وقد حكى غيره فره يفره فهو فره وفاره مثل حذر حكى هذا قطرب ( غير بعيد ) قال أبو إسحاق أي وقتا غير بعيد ( فقال أحطت بما لم تحط به ) فكان في هذا رد على من قال إن الأنبياء تعلم الغيب وحكى الفراء ( أحط ) يدغم التاء في الطاء وحكى أحت يقلب الطاء تاءا ويدغم ( وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) قراءة المدنيين والكوفيين وقرأ المكيون والبصريون ( من سبأ بنبأ يقين ) بغير صرف وزعم الفراء أن الرؤاسي سأل أبا عمرو بن العلاء رحمه الله عن سبأ فقال ما أدري ما هو وتأول الفراء على أبي عمرو أنه
____________________
(3/203)
منعه من الصرف لأنه مجهول وأنه إذا لم يعرف الشيء لم ينصرف واحتج بقوله
( يكن ما أساء النار في رأس كبكبا ** ) وأبو عمرو أجل من أن يقول مثل هذا وليس في حكاية الرؤاسي عنه دليل أنه إنما منعه من الصرف لأنه لم يعرفه وإنما قال لا أعرفه ولو سئل نحوي عن اسم فقال لا أعرفه لم يكن في هذا دليل على أنه يمنعه من الصرف بل الحق وعلى غير هذا والواجب إذا لم تعرفه أن تصرفه لأن أصل الأسماء الصرف وإنما يمنع الشيء من الصرف لعلة داخلة عليه فالأصل ثابت فلا يزول بما لا يعرف واحتجاجه بكبكب لا معنى له لأن كبكب جبل معروف منع من الصرف لأنه بقعة وإن كان الصرف فيه حسنا والدليل على ما قلنا أن أبا عمرو إنما احتج بكلام العرب ولم يحتج بأنه لا يعرفه وأنشد للنابغة الجعدي
( من سبأ الحاضرين مأرب إذ ** يبنون من دون سيله العرما ) وإن كان أبو عمرو قد عورض من هذا فروي من سبأ الحاضرين حذف التنوين لالتقاء الساكنين قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول سمعت عمارة يقرأ { ولا الليل سابق النهار }
____________________
(3/204)
بالنصب حذف التنوين لالتقاء الساكنين وقد تكلم أبو عبيد القاسم بن سلام في هذا بكلام كثير التخليط ونمليه على نص ما قال إذ كان كتابه أصلا من الأصول ليوقف على نص ما قال ويعلم موضع الغلط منه قال أبو عبيد وهي قراءتنا التي نختار يعني من سبأ بنبأ يقين قال أبو عبيد لأن سبأ اسم مؤنث لامرأة أو قبيلة وليس بخفيف فيجرى لخفته والذي يجريه يذهب به إلى أنه اسم رجل ومن ذهب إلى هذا لزمه أن يجري ثمود في كل القرآن فإنه وإن كان اليوم اسم قبيلة فإنه في الأصل اسم رجل وكذلك سبأ فإن قيل إن ثمود أكثر في العدد من سبأ بحرف قيل أن الحركة التي في الباء والهمزة قد زادتا في ثقله أكثر من ذلك الحرف أو مثله إنما الزيادة في ثمود واو ساكنة قال أبو جعفر قوله لأن سبأ اسم مؤنث لامرأة أو قبيلة يوجب أنه ترك صرفه لأحد هذين الأمرين وأحدهما لا يشبه صاحبه لأن اسم المرأة تأنيث حقيقي واسم القبيلة تأنيث غير حقيقي والاختيار عند سيبويه في أسماء القبائل إذا كان لا يستعمل فيها بنو الصرف نحو ثمود وقوله ليس بخفيف فيجرى لخفته ليس بحجة على من صرفه لأنه لم يقل أحد علمناه صرفته لأنه خفيف وقوله والذي يجريه يذهب به إلى أنه اسم رجل ليس هذا حجة من أجراه إنما حجته أنه اسم للحي وإن كان أصله على الحقيقة أنه اسم لرجل روى فروة بن مسيك وعبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو معروف في النسب سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وإن كان أبو إسحاق قد زعم أنه من صرفه جعله اسما للبلد وقوله
____________________
(3/205)
فإن قيل إن ثمود أكثر في العدد من سبأ قيل إن الحركتين اللتين في الباء والهمزة قد زادتا في ثقله أكثر من ذلك الحرف أو مثله فهذا موضع التخليط لأن الحركة التي في الباء والهمزة في ثمود وسبأ بالحركة لا معنى له لأنهما جميعا متحركان قال أبو جعفر والقول في سبأ ما جاء التوقيف فيه أنه اسم رجل في الأصل فإن صرفته فلأنه قد صار اسما للحي وإن لم تصرفه جعلته اسما للقبيلة مثل ثمود إلا أن الاختيار عند سيبويه الصرف وحجته في ذلك قاطعة لأن هذا الاسم لما كان يقع للتذكير والتأنيث كان التذكير أولى لأنه الأصل والأخف
24
25
هذه قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وحمزة وقرأ الزهري وأبو جعفر وأبو عبد الرحمن وحميد وطلحة والكسائي ( ألا يا اسجدوا لله ) القراءة الأولى هي إن دخلت عليها وأن في موضع نصب قال الأخفش المعنى لئلا يسجدوا وقال الكسائي المعنى فصدهم أن لا يسجدوا وقال علي بن سليمان أن بدل من أعمالهم في موضع نصب وقيل موضعها خفض على البدل من السبيل والقراءة الثانية بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا كما قال
( ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ** ولا زال منهلا بجرعائك القطر )
وقال آخر
____________________
(3/206)
( يا لعنة الله والأقوام كلهم ** والصالحين على سمعان من جار ) والمعنى يا هؤلاء لعنة الله قال أبو جعفر وهذا موجود في كلام العرب إلا أنه غير معتاد أن يقال يا قدم زيد والقراءة به بعيدة لأن الكلام يكون معترضا والقراءة الأولى يكون الكلام بها متسقا وأيضا السواد على غير هذه القراءة لأنه قد حذف منها ألفان وإنما يختصر مثل هذا بحذف ألف واحدة نحو { يا عيسى ابن مريم } ( الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ) والوقف عليه بتسكين الهمزة وإذا كان في موضع رفع جاز الضم والأشمام ولا يجوز التضعيف وحكى أبو حاتم أن عكرمة قرأ ( الذي يخرج الخبا في السموات والأرض ) بألف غير مهموزة وزعم أن هذا لا يجوز في العربية واعتل بأنه أن خفف الهمزة ألقى حركتها على الباء وحذفها فقال الخب في السموات وأنه إن حول الهمزة قال الخبي بإسكان الباء وبعدها ياء قال أبو جعفر قوله لا يجوز الخبا وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول كان دون أصحابه في النحو ولم يلحق بهم يعني أبا حاتم إلا أنه إذا خرج من بلده لم يلق أعلم منه حكى سيبويه عن العرب أنها تبدل من الهمزة ألفا إذا
____________________
(3/207)
كان قبلها ساكن وكانت مفتوحة وتبدل منها واوا إذا كان قبلها ساكن وكانت مضمومة وتبدل منها ياء إذا كان قبلها ساكن وكانت مكسورة وأنه يقال هذا الوثو وعجبت من الوثى ورأيت الوثا وهذا من وثئت يده وكذلك هذا الخبو وعجبت من الخبي ورأيت الخبا وإنما فعل هذا لأن الهمزة خفيفة فأبدلت منها هذه الحروف وحكى سيبويه عن قوم من بني تميم وبني أسد أنهم يقولون هذا الخبوء فيضمون الساكن إذا كانت الهمزة مضمومة ويثبتون الهمزة ويكسرون الساكن إذا كانت الهمزة مكسورة ويفتحون الساكن إذا كانت الهمزة مفتوحة وحكى سيبويه أيضا أنهم يكسرون وإن كانت الهمزة مضمومة إلا أن هذا عن بني تميم فيقولون هذا الردي وزعم أنهم لم يضموا الدال لأنهم كرهوا ضمة قبلها كسرة لأنه ليس في الكلام فعل وهذا كله لغات داخلة على اللغة التي قرأ بها الجماعة
28
قال أبو إسحاق فيها خمسة أوجه ( فألقهي إليهم ) بإثبات الياء في اللفظ وبحذف الياء وإثبات الكسرة دالة عليها ( فألقه إليهم ) وبضم الهاء وإثبات الواو على الأصل ( فألقهو إليهم ) وبحذف الواو وإثبات الضمة ( فألقه إليهم ) واللغة الخامسة قرأ بها حمزة بإسكان الهاء ( فألقه إليهم ) وهذا عند النحويين لا يجوز إلا على حيلة بعيدة يكون يقدر الوقف وسمعت علي
____________________
(3/208)
ابن سليمان يقول لا تلتفت إلى هذه اللغة ولو جاز أن يصل وهو ينوي الوقف لجاز أن تحذف الإعراب من الأسماء
30
أي وأن الكلام أو أن مبتدأ الكلام بسم الله الرحمن الرحيم وأجاز الفراء ( أنه من سليمان وأنه ) بفتحهما جميعا على أن يكونا في موضع رفع بمعنى ألقي إلي أنه من سليمان وأجاز أن يكونا في موضع نصب على حذف الخافض
31
ذكر أبو إسحاق في أن ثلاثة أوجه تكون في موضع نصب على معنى بأن وتكون في موضع رفع بمعنى ألقي إلي أن والوجه الثالث أن تكون بمعنى أي مثل { وانطلق الملأ منهم أن امشوا } المعنى أي امشوا وقالوا أن امشوا وكذا ألا تعلو علي أي قال لا تعلو علي وعن وهب بن منبه أنه قرأ ( ألا تغلو علي ) من غلا يغلو إذا تجاوز ( وأتوني مسلمين ) يكتب بغير ياء لأن الواو لا تنفصل
32
بتخفيف الهمزة الثانية اللغة الفصيحة وإن شئت خففت الأولى وحدها وإن شئت خففتهما جميعا وإن شئت حققتهما جميعا وهي
____________________
(3/209)
أبعد اللغات لثقل الجمع بين همزتين ( ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) حذفت النون للنصب وحذفت الياء لأن الكسرة دالة عليها والنون مع الفعل وهي رأس آية ولا يجوز فتح النون ولو كان كذلك لكان الفعل مرفوعا
33
أولو هذا اسم للجمع والواحد ذو وروى الأعمش عن مجاهد قال كان تحت يديها اثنا عشر ألفا قيول تحت يدي كل قيل مائة ألف فأجابتهم عن هذا
34 أي عنوة أي على القهر والغلبة ( وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) قال الله جل وعز ( وكذلك يفعلون ) وليس هذا من كلامها كذا قال سعيد بن جبير
35
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس أرسلت إليهم بلبنة من ذهب أو بذهب فرأت الرسل الحيطان من ذهب فصغر عندهم ما جاءوا به وقالت مرسلة إليهم وإنما هو إلى سليمان صلى الله عليه وسلم كما يخبر عن الملوك فيخاطبون ويخاطبون وقد قيل أن الهدية كانت غير هذا إلا أن قوله أتمدونني بمال يدل على هذا ( فناظرة بم يرجع المسلمون ) والأصل بما حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر وإنما يكون هذا إذا كان قبل ما حرف جر تقول في الخبر رغبت فيما عندك فتثبت فيما عندك الألف لا غير وتقول في الاستفهام
____________________
(3/210)
فيم نظرت فتحذف الألف وأجاز الفراء إثباتها في الاستفهام وهذا من الشذوذ التي جاء القرآن بخلافها
36
وإن شئت أدغمت النون في النون فذلك جائز وإن كان فيه جمع بين ساكنين
37
لام قسم والنون لها لازمة قال أبو جعفر وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول هي لام توكيد وكذا كان عنده أن اللامات كلها ثلاث لا غير لام توكيد ولام أمر ولام خفض وهذا قول الحذاق من النحويين لأنهم يردون الشيء إلى أصله وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب بالعربية ( أذلة ) على الحال ( وهم صاغرون ) في موضع الحال أيضا
38
قيل إنما أراد بهذا أنهم إذا أتوا مسلمين لم يجز أن يؤتى بعرشها إلا بإذنها وقيل إنما أراد سليمان صلى الله عليه وسلم أن يظهر آية معجزة
39
قال أبو إسحاق العفريت النافذ في الأمور المبالغ فيها الذي معه خبث
____________________
(3/211)
ودهاء ويقال عفر وعفارية وعفرية وعن أبي رجاء أنه قرأ ( قال عفرية من الجن ) ويقال عفرية نفرية اتباع ومن قال عفرية جمعه على عفار ومن قال عفريت كان له في الجمع ثلاثة أوجه إن شاء قال عفاريت وإن شاء قال عفار لأن التاء زائدة كما يقال طواغ في جمع طاغوت وإن شاء عوض من التاء فقال عفاري
40 قال الأخفش المعنى لينظر أأشكر أم أكفر وقال غيره معنى ليبلوني ليتعبدني وهو مجاز
41
زعم الفراء أنه إنما أمر بتنكيره لأن الشياطين قالوا له إن في عقلها شيئا فأراد أن يمتحنها ( ننظر ) جزم لأنه جواب الأمر ومن رفعه جعله مستأنفا ( أتهتدي ) في معناه قولان أحدهما أتهتدي بمعرفته والآخر أتهتدي لهذه الآية العظيمة وتعلم أنها لا يأتي بها إلا نبي من عند الله جل وعز فتهتدي وتدع الضلالة
42
خبر كأن مكني عنه لأنه قد تقدم ذكره ( وأوتينا العلم من قبلها ) قيل العلم بالتوحيد ( وكنا مسلمين ) قيل لأن قومها أسلموا قبلها
43
تكون ما في موضع رفع أي صدها عبادتها من دون الله وعبادتها إياها عن
____________________
(3/212)
أن تعلم ما علمناه عن أن تسلم ويجوز أن تكون ما في موضع نصب ويكون التقدير وصدها الله جل وعز عن عبادتها أي وصدها سليمان صلى الله عليه وسلم عن عبادتها فحذف عن وتعدى الفعل وأنشد سيبويه
( ونبئت عبد الله بالجو أصبحت ** كراما مواليها لئيما صميمها ) وزعم أن المعنى عنده نبئت عن عبد الله ومن قرأ ( أنها ) بفتح الهمزة كانت أن في موضع نصب بمعنى لأنها ويجوز أن يكون بدلا من ما والكسر على الاستئناف
44
التقدير على مذهب سيبويه ادخلي إلى الصرح فحذفت إلى وعدى الفعل وأبو العباس يغلطه في هذا قال لأن دخل يدل على مفعول ( قالت رب إني ظلمت نفسي ) كسرت أن لأنها مبتدأة بعد القول ومن العرب من يفتحها فيعمل فيها القول ( وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) إذا سكنت ( مع ) فهي حرف جاء لمعنى بلا اختلاف بين النحويين وإذا فتحتها ففيها قولان أحدهما أنها بمعنى الظرف اسم والآخر أنها حرف خافض مبني على الفتح
____________________
(3/213)
45
جعل اسما للقبيلة فلم يصرف وصرفه حسن على أنه اسم للحي ( فإذا هم فريقان يختصمون ) على المعنى ويختصمان على اللفظ
46
قال أبو إسحاق أي لم قلتم أن كان ما أتيت به حقا فأتنا بالعذاب
47
قال مجاهد أي تشاء منا قال أبو إسحاق الأصل تطيرنا فأدغمت التاء في الطاء لأنها من مخرجها واجتلبت ألف الوصل لئلا يبتدأ بساكن فإذا وصلت حذفتها ( قال طائركم عند الله ) قال الفراء يقول في اللوح المحفوظ عند الله عز وجل تشاءمون بي وتتطيرون وذلك من عند الله تعالى مثل قوله { طائركم معكم } أي لازم لكم ما كان من خير أو شر لازم لكم وفي رقابكم
48
اسم للجمع وجمعه أرهط وجمع الجمع أراهط ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) قال الضحاك كان هؤلاء التسعة عظماء أهل المدينة وكانوا يفسدون ويأمرون بالفساد فجلسوا تحت صخرة عظيمة على نهر فقلبها الله جل وعز عليهم فقتلهم فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا
____________________
(3/214)
49
وهذا من أحسن ما قرىء به هذا الحرف لأنه يدخل فيه المخاطبون في اللفظ والمعنى وإذا قرأ ( لتبيننه ) لم يدخل فيه المخاطبون في اللفظ ودخلوا في المعنى وقراءة مجاهد ( ليبيتنه ) بالياء قال أبو إسحاق لنبيتنه أي قالوا لنبيتنه متقاسمين أي متحالفين ( ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله ) مهلك بمعنى إهلاك ويكون بمعنى الظرف وعن عاصم ( ما شهدنا مهلك ) بمعنى هلاك وعنه ( مهلك ) وهو اسم موضع الهلاك كما تقول مجلس
50
إنما عملوه ( ومكرنا مكرا ) جازيناهم على ذلك وقيل المكر من الله الإتيان بالعقوبة المستحقة من حيث لا يدري العبد
51
وقرأ الكوفيون والحسن وابن أبي إسحاق وهي قراءة الكسائي ( أنا دمرناهم ) بفتح الهمزة وزعم الفراء أن فتحهما من جهتين إحداهما أن تردها على كيف قال أبو جعفر وهذا لا يحصل لأن كيف للاستفهام و أنا غير داخل في الاستفهام والجهة الأخرى عنده أن تكر عليها كان كأنك قلت كان عاقبة أمرهم تدميرهم قال أبو جعفر وهذا متعسف وفي فتحها
____________________
(3/215)
خمسة أوجه منها أن يكون التقدير لأنا دمرناهم وتكون أن في موضع نصب ويجوز أن تكون في موضع رفع بدلا من عاقبة وليجوز أن تكون في موضع نصب على خبر كان ويجوز أن تنصب عاقبة على خبر كان وتكون أن في موضع رفع على أنها اسم كان ويجوز أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ تبيينا للعاقبة والتقدير من أنا دمرناهم ومن قرأ ( إنا دمرناهم ) جعلها مستأنفة قال أبو حاتم وفي حرف أبي ( أن دمرناهم ) تصديقا لفتحها
52
النصب على الحال والرفع من خمسة أوجه تكون بيوتهم بدلا من تلك و خاوية خبر الابتداء وتكون بيوتهم خبرا و خاوية خبرا ثانيا كما يقال هذا حلو حامض وتكون خاوية على إضمار مبتدأ أي هي خاوية وتكون بدلا من بيوتهم لأن النكرة تبدل من المعرفة
54 بمعنى وأرسلنا لوطا أو واذكر لوطا
55 بتخفيف الهمزة الثانية اختيار الخليل وسيبويه رحمهما الله فأما الخط فالسبيل فيه أن يكتب بألفين على الوجوه كلها لأنها همزة مبتدأ دخلت عليها ألف الاستفهام { وتأتون في ناديكم المنكر } قال
____________________
(3/216)
مجاهد كان يجامع بعضهم بعضا في المجالس
وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق
56 جعلا أن خبر كان فما كان جواب قومه إلا قولهم وقرأ عاصم ( قدرناها ) مخففا والمعنى واحد يقال قدرت الشيء قدرا وقدرا وقدرته
59
قال الفراء المعنى قيل للوط صلى الله عليه وسلم قال الحمد لله على هلكهم ( وسلام على عباده الذين اصطفى ) وخالف جماعة من العلماء الفراء في هذا فقالوا هو مخاطبة لنبينا صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر وهذا أولى لأن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما فيه فهو مخاطب به عليه السلام إلا ما لم يصح معناه إلا بغيره ( آلله خير ) وأجاز أبو حاتم ( أألله ) بهمزتين ولم نعلم أحدا تابعه على ذلك لأن هذه المدة إنما جيء بها فرقا بين الاستفهام والخبر وهذه ألف التوقيف وخير ههنا ليس بمعنى أفعل منك إنما هو مثل قول الشاعر
( فشركما لخيركما الفداء ** ) فالمعنى فالذي فيه الشر منكما للذي فيه الخير الفداء ولا يجوز أن يكون بمعنى من لأنك إذا قلت فلان شر من فلان ففي كل واحد منهما شر
قال عكرمة الحدائق النخل
60 قال أهل التفسير البهجة الزينة والحسن
____________________
(3/217)
65
قال أبو إسحاق هذا بدل من من والمعنى لا يعلم أحد الغيب إلا الله قال ومن نصب نصب على الاستثناء يعني في الكلام قال أبو جعفر وسمعته يحتج بهذه الآية على من صدق منجما وقال أخاف أن يكفر لعموم هذه الآية
66
هذه قراءة أكثر النحويين منهم شيبة ونافع ويحيى بن وثاب وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن كثير وحميد ( بل أدرك ) وقرأ عطاء بن يسار ( بل ادرك ) بتخفيف الهمزة وقرأ ابن محيصن ( بل ادرك علمهم في الآخرة ) وقرأ ابن عباس ( بلى أدارك ) وإسناده إسناد صحيح هو من حديث شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس وزعم هارون القارىء أن قراءة أبي بن كعب ( بل تدارك علمهم ) القراءة الأولى والآخرة معناهما واحد لأن أصل ادارك تدارك أدغمت التاء في الدال فجيء بألف الوصل لأنه لا يبتدأ بساكن فإذا وصلت سقطت ألف الوصل وكسرت اللام لالتقاء الساكنين وفي معناه قولان أحدهما أن المعنى بل تكامل علمهم في الآخرة لأنهم رأوا كلما وعدوا به معاينة فتكامل علمهم به والقول الآخر أن المعنى بل تتابع علمهم اليوم في الآخرة فقالوا تكون وقالوا لا تكون وفي معنى أدرك قولان أحدهما معناه كمل في الآخرة وهو مثل الأول والآخر على معنى
____________________
(3/218)
الإنكار وهذا مذهب أبي إسحاق واستدل على معنى صحة هذا القول بأن بعده ( بل هم منها عمون ) فأما معنى ادرك فليس فيه إلا وجه واحد يكون فيه معنى الإنكار كما تقول أأنا قاتلتك أي لم أقاتلك فيكون المعنى لم يدرك بل هم منها عمون حذفت منه الياء لالتقاء الساكنين ولم يجز تحريكها لثقل الحركة فيها
67
هكذا يقرأ نافع في هذه السورة وفي سورة العنكبوت وقرأ أبو عمرو باستفهامين إلا أنه خفف الهمزة وقرأ عاصم وحمزة باستفهامين أيضا إلا أنهما حققا الهمزتين وكل ما ذكرناه في السورتين جميعا واحد وقرأ الكسائي ( أإذا ) بهمزتين ( أننا ) بنونين في هذه السورة وفي سورة العنكبوت باستفهامين القراءة الأولى ( إذا كنا ترابا وآباؤنا أننا ) موافقة للخط حسنة وقد عارض فيها أبو حاتم فقال وهذا معنى كلامه إذ ليس باستفهام و أئنا استفهام وفيه أن فكيف يجوز أن يعمل ما في حيز الاستفهام فيما قبله وكيف يجوز أن يعمل ما بعد أن فيما قبلها وكيف يجوز غدا أن زيدا خارج فإذا كان فيه استفهام كان أبعد وهذا إذا سئل عنه كان مشكلا لما ذكره قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول سألنا أبو العباس محمد بن يزيد عن آية من القرآن صعبة الإعراب مشكلة وهي قوله جل وعز { وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد } فقال أن عمل في
____________________
(3/219)
إذا ينبئكم كان محالا لأنه لا ينبئهم ذلك الوقت وأن عمل فيه ما بعد أن كان المعنى صحيحا وكان خطأ في العربية أن يعمل ما بعد أن فيما قبلها وهذا سؤال بين ويجب أن يذكر في السورة التي هو فيها فأما أبو عبيد فمال إلى قراءة نافع ورد على من جمع بين استفهامين واستدل بقول الله جل وعز { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } وبقوله جل وعز { أفإن مت فهم الخالدون } وهذا الرد على أبي عمرو وعاصم وحمزة وطلحة والأعرج لا يلزم منه شيء ولا يشبه ما جاء به من الآية شيئا والفرق بينهما أن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد ومعنى أفإن مت فهم الخالدون أفأن مت خلدوا ونظير هذا أزيد منطلق ولا يقال أزيد أمنطلق لأنهما بمنزلة شيء واحد وليس كذا الآية لأن الثاني جملة قائمة بنفسها فصلح فيها الاستفهام والأول كلام منفرد يصلح فيه الاستفهام فأما من حذف الاستفهام من الثاني الاستفهام لأن في الكلام دليلا عليه لمعنى الإنكار
81
هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم والكسائي وأجاز الفراء وأبو حاتم ( وما أنت بهاد العمي ) وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( وما أنت تهدي العمي عن ضلالتهم ) وفي حرف عبد الله ( وما أن تهدي العمي عن
____________________
(3/220)
ضلالتهم ) القراءة الأولى بحذف الياء في اللفظ لالتقاء الساكنين وإثباتها في الخط والقراءة الثانية بحذف الياء في اللفظ والخط لسكونها وسكون التنوين بعدها ومن العرب من يثبتها في الوقف فيقول مررت بقاضي لأن التنوين لا يثبت في الوقف والقراءة الثالثة بحذف الياء منها في اللفظ وفي الوصل لالتقاء الساكنين وفي حرف عبد الله ( وما أن تهدي ) أن زائدة للتوكيد وهي كافة لما عن العمل ( أن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا ) قال أبو إسحاق أي ما تسمع قال والمعنى ما تسمع فيعي ويعمل إلا من يؤمن بآياتنا فأما من يسمع ولا يقبل فبمنزلة الأصم
82
قالت حفصة ابنة سيرين سألت أبا العالية عن قول الله جل وعز { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض } فقال أوحى الله جل وعز إلى نوح صلى الله عليه وسلم { أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } فكأنما كان على وجهي غطاء فكشف قال أبو جعفر وهذا من حسن الجواب لأن الناس ممتحنون ومؤخرون لأن فيهم مؤمنين وصالحين ومن قد علم الله جل وعز أنه سيؤمن ويتوب ولهذا أمرنا بأخذ الجزية فإذا زال هذا وجب القول عليهم فصاروا كقوم نوح صلى الله عليه وسلم حين قال الله جل وعز فيهم أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) قال عبد الله بن عمر رحمة الله عليه تخرج الدابة من صدع في الصفا وقرأ ابن عباس وعكرمة
____________________
(3/221)
وعاصم الجحدري وطلحة وأبو زرعة ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) قال عكرمة أي تسمهم وفي معنى تكلمهم قولان فأحسن ما قيل فيه ما روي عن ابن عباس قال هي والله تكلمهم وتكلمهم تكلم المؤمن وتكلم الكافر أو الفاجر تجرحه وقال أبو حاتم تكلمهم كما تقول تجرحهم يذهب إلى أنه تكثير من تكلمهم وقرأ الكوفيون وابن أبي إسحاق ( أن الناس ) بفتح الهمزة وقرأ أهل الحرمين وأهل الشام وأهل البصرة ( أن الناس ) بكسر الهمزة قال أبو جعفر في المفتوحة قولان وكذا المكسورة قال الأخفش المعنى بأن الناس وقال أبو عبيد موضعها نصب بوقوع الفعل عليها أي تخبرهم أن الناس وقال الكسائي والفراء أن الناس بالكسر على الاستئناف وقال الأخفش هو بمعنى تقول أن الناس
87
بمعنى واذكر ومذهب الفراء أن المعنى وذلك يوم ينفخ في الصور وأجاز فيه الحذف وجعله مثل { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } ( ففزع من في السموات ومن في الأرض ) فهذا ماض وينفخ مستقبل ويقال كيف عطف ماض على مستقبل وزعم الفراء أنه محمول على المعنى لأن المعنى إذا نفخ في الصور ففزع ( إلا من شاء الله ) في موضع نصب على الاستثناء قرأ المدنيون
____________________
(3/222)
وأبو عمرو وعاصم والكسائي ( وكل آتوه داخرين ) جعلوه فعلا مستقبلا وقرأ الأعمش وحمزة ( وكل أتوه ) جعلاه فعلا ماضيا قال أبو جعفر وفي كتابي عن أبي إسحاق في القرآن من قرأ ( وكل أتوه ) وحده على لفظ كل ومن قرأ ( آتوه ) جمع على معناها وهذا القول غلط قبيح لأنه إذا قال وكل أتوه فلم يوحد وإنما جمع فلو وحد لقال أتاه ولكن من قال أتوه جمع على المعنى وجاء به ماضيا لأنه رده على ففزع ومن قرأ ( وكل آتوه ) حمله على المعنى وقال آتوه لأنها جملة منقطعة من الأول
88
من رؤية العين ولو كان من رؤية القلب لتعدت إلى مفعولين والأصل ترأى فألقيت حركة الهمزة على الراء فتحركت الراء وحذفت الهمزة فهذه سبيل تخفيف الهمزة إذا كان قبلها ساكن إلا أن التخفيف لازم لترى وأخواتها من المضارع لكثرته في الكلام وأنه يقع لرؤية العين والقلب ( تحسبها جامدة ) لا بد لتحسب من مفعولين وظننت قد يتعدى إلى واحد فقط وأهل الكوفة يقرءون ( تحسبها ) وهو القياس لأنه من حسب يحسب إلا أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافها أنه قرأ بالكسر في المستقبل فيكون على فعل يفعل كما قالوا نعم ينعم ويئس ييئس وحكى بئس يبئس من السالم لا يعرف في كلام العرب غير هذه الأحرف ( وهي تمر مر السحاب ) مصدر وتقديره مرا مثل مر السحاب فأقمت الصفة مقام الموصوف والمضاف إليه ( صنع الله ) منصوب عند
____________________
(3/223)
الخليل وسيبويه رحمهما الله على أنه مصدر لأنه لما قال عز وجل وهي تمر مر السحاب دل على أنه صنع ذلك صنعا ويجوز النصب على الإغراء أي انظروا صنع الله قال أبو إسحاق ويجوز الرفع على معنى ذلك صنع الله
89
تخفض يوما على الإضافة وتحذف التنوين لها ومن نصب وأضاف فقرأ ( من فزع يومئذ آمنون ) جعل يومئذ مبنيا على الفتح مضاف إلى غير متمكن وأنشد سيبويه
( على حين ألهى الناس جل أمورهم ** )
فإن قال قائل قد قال سيبويه التنوين علامة إلا مكن عندهم وقال وبعدت من المضارعة بعد كم و ذ من المتمكنة فكيف يكون التنوين علامة للأمكن ثم يدخل فيما لا يتمكن بوجه من الوجوه فهذا ضرب من المناقضة فالجواب عن هذا أن التنوين الذي على سيبويه ليس هو هذا التنوين وإنما يتوهمه أنه كان ضعيفا في العربية والتنوين الذي أراده هو الذي يقول بعض النحويين فيه أدخل فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف ويقول بعضهم فرقا بين الاسم والفعل وللتنوين قسمان آخران يكون فرقا بين المعرفة والنكرة ويكون عوضا في قولك جوار وفي قولك يومئذ
____________________
(3/224)
90
والفعل من هذا كبيته واللازم منه أكب وقل ما يأتي هذا في كلام العرب
91
الذي في موضع نصب نعت لرب ولو كان بالألف واللام قلت المحرمها فإن كان نعتا للبلدة المحرمها هو لا بد من إظهار المضمر مع الألف واللام لأن الفعل جرى على غير من هو له فإن قلت الذي حرمها لم تحتج أن تقول هو
92
نصب بأن قال الفراء وفي إحدى القراءتين ( وأن أتل القرآن ) وزعم أنه في موضع جزم بالأمر فلذلك حذفت منه الواو قال أبو جعفر ولا نعرف أحدا قرأ بهذه القراءة وهي مخالفة لجميع المصاحف وقوله في موضع جزم خطأ عند البصريين لأنه لا يكون جزم بلا جازم وتقديره اللام خطأ لم يكن بد من المجيء بحرف المضارعة فكيف تضمر اللام وهي إذا جيء بها كان الكلام على غير ذلك وحروف الجزم لا تضمر وهذا الفعل لا يجوز أن يكون معربا لأنه ليس بالمضارع قال سيبويه أسكنوها لأنها لا يوصف بها ولا تقع موقع المضارعة
____________________
(3/225)
93
بالتاء ليكون الكلام على نسق واحد وبالياء على أن يرد إلى ما قبله أو على تحويل المخاطبة
____________________
(3/226)
28
1
2
( تلك ) في موضع رفع بمعنى هذه تلك و آيات بدل منها ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب بنتلو و آيات بدل منها أيضا وانتصابها كما تقول زيدا ضربت
4
علا ههنا فعل وقد يكون في غير هذا اسما إذا قلت أخذته من على الحائط وتكون حرفا في قولك على زيد مال ويجوز كتابه بالياء إذا كان اسما أو حرفا لأن ألفه ينقلب ياء مع المضمر وإنما انقلبت ياءا فرقا بينها وبين المتمكن في قولك رأيت عصاه يا هذا ومن العرب من لا يقلب الألف ياءا كما قال
( طاروا علاهن فطر علاها ** )
وإذا كانت اسما خفض ما بعدها بالإضافة وتخفض ما
____________________
(3/227)
بعدها إذا كانت حرفا وإذا كانت فعلا رفعت ما بعدها بفعله أو نصبته لتعديها إليه ( وجعل أهلها شيعا ) مفعولان وواحد الشيع شيعة وهي الفرقة التي يشيع بعضها بعضا أي يعاونه
5
قال سعيد عن قتادة قال هم بنو إسرائيل ( ونجعلهم أئمة ) قال ولاة الأمر ( ونجعلهم الوارثين ) قال أي من بعد فرعون وقومه
6
عطف على ما قبله قال أبو إسحاق ويجوز و نمكن بالرفع على معنى ونحن نمكن ( ونري فرعون وهامان ) هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم وهي على نسق الكلام لأن قبله و نريد وقرأ سائر الكوفيين ( ويرى فرعون وهامان ) وأجاز الفراء ( ويري فرعون وهامان ) بمعنى ويري الله فرعون وهامان ( وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) تعدى إلى مفعولين لأنه متعدي يرى
7
فإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على النون وحذفتها لقربها من الساكن وأن النون كانت قبلها ساكنة
8
نصب ليكون بلام كي وربما أشكل هذا على من يجهل اللغة ويكون
____________________
(3/228)
ضعيفا في العربية فقال ليست بلام كي ولقبها بما لا يعرف الحذاق من النحويين أصله وهذا كثير في كلام العرب يقال جمع فلان المال ليهلكه وجمعه لحتفه وجمعه ليعاقب عليه لما كان جمعه إياه قد أداه إلى ذلك كان بمنزلة من جمعه له كما قال
( فللموت ما تلد الوالدة ** )
وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( ليكون لهم عدوا وحزنا ) فهذا الاسم للغم والحزن مصدر حزن
9
قال الكسائي المعنى هذا قرة عين لي ولك قال أبو جعفر وفي رفعه وجه آخر بعيد ذكره أبو إسحاق يكون رفعا بالابتداء والخبر ( لا تقتلوه ) وإنما بعد لأنه يصير المعنى أنه معروف بأنه قرة عين له وجوازه أن يكون المعنى إذا كان قرة عين لي ولك فلا تقتلوه ويجوز النصب بمعنى لا تقتلوا قرة عين لي ولك وقالت لا تقتلوه ولم تقل نقتله وهي تخاطب فرعون كما يخاطب الجبارون وكما يخبرون عن أنفسهم ( وهم لا يشعرون ) يكون لبني إسرائيل ويجوز أن يكون لقوم فرعون أي لا يشعرون أنه يسلبهم ملكهم
10
____________________
(3/229)
قد ذكرناه وعن فضالة بن عبيد ( وأصبح فؤاد أم موسى فرغا ) ( إن كادت لتبدي به ) من بدأ يبدوا إذا ظهر وعن ابن مسعود قال كانت تقول أنا أمه قال الفراء أي إن كادت لتبدي باسمه لضيق صدرها ( لولا أن ربطنا على قلبها ) أن في موضع رفع وحذف الجواب لأنه قد تقدم ما يدل عليه ولا سيما وبعده ( لتكون من المؤمنين )
12
المراضع جمع مرضع على جمع التكسير ومن قال مراضيع فهو جمع مرضاع ومفعال تكون للتكثير ولا تدخل الهاء فيه فرقا بين المذكر والمؤنث لأنه ليس بجار على الفعل ولكن من قال مرضاعة جاء بالهاء للمبالغة كما يقال مطرابة قال الفراء تدخل الهاء فيما كان مدحا يراد به الداهية وفيما كان ذما يراد به البهيمة وهذا القول خطأ عند البصريين ولو كان كما قال لكانت الهاء للتأنيث ( من قبل ) غاية ومعنى غاية أنه صار غاية الاسم لما حذف منه قال محمد بن يزيد فأعطي الضمة لأنها غاية الحركات وقال غيره أعطي الضمة لأنها لا تلحقه في حال السلامة قال أبو إسحاق التقدير من قبل أن نرده إليها ( فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم ) يكفلونه ليس بجواب ولكن يكون مقطوعا من الأول أو في موضع نعت لأهل ( وهم له ناصحون ) ليس له
____________________
(3/230)
متعلقا بناصحين فلو كان ذلك لكان تفريقا بين الصلة والموصول وقد ذكرناه في سورة الأعراف
14
عند سيبويه جمع شدة وقال غيره هو جميع شد وقيل هو واحد وحكى أبو إسحاق في غير هذه السورة أنه لا يعرف في كلام العرب اسم واحد على أفعل بغير هاء إلا أشد وهو وهم وقد حكى أهل اللغة أصبع قال أبو إسحاق وتأويل بلغ أشده استكمل نهاية قوة الرجل ( واستوى ) أهل التفسير منهم ابن عباس على أن معنى واستوى بلغ أربعين سنة وتأوله أبو إسحاق على أنه يجوز أن يكون حقيقة واستوى وصف بلوغ الأشد ( آتيناه حكما وعلما ) العالم والحكيم هو الذي يعمل بعلمه ( وكذل نجزي المحسنين ) قال أبو إسحاق فجعل إتيان العلم والحكمة جزاء الإحسان لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين
15
أكثر أهل التفسير منهم ابن عباس على أنه دخل نصف النهار وقال الضحاك طلب أن يدخل المدينة وقت غفلة أهلها فدخلها حين علم منهم ذلك فكان منه ما كان من قتل الرجل من قبل أن يؤمر بقتله فاستغفر ربه فغفر له ويقال في الكلام دخلت المدينة حين غفل أهلها ولا يقال على حين غفل أهلها
____________________
(3/231)
ودخلت على في هذه الآية لأن الغفلة هي المقصودة فصار هذا كما تقول جئت على غفلة وإن شئت قلت جئت على حين غفلة فكذا الآية ( فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته ) ابتداء وخبر والمعنى إذا نظر إليهما الناظر قال هذا من شيعته أي من بني إسرائيل ( وهذا من عدوه ) أي من قوم فرعون وعدوه بمعنى أعداء وكذا يقال في المؤنث هي عدو لك ومن العرب من يدخل الهاء في المؤنث لأنه بمعنى معادية عند البصريين وعند الكوفيين لأن الواو خفية كذا يقولون والواو ليست بخفية بل هي حرف جلد ( إنه عدو مضل مبين ) خبر بعد خبر وإن شئت كان مضل مبين نعتا
17
فيه قولان أحدهما أنه بمعنى الدعاء وهذا قول الكسائي والفراء وقدره الفراء بمعنى اللهم فلن أكون ظهيرا للمجرمين والقول الآخر أنه بمعنى الخبر وزعم الفراء أن قوله هو قول ابن عباس قال أبو جعفر وأن يكون بمعنى الخبر أولى وأشبه بنسق الكلام كما يقال لا أعصيك لأنك أنعمت علي وهذا قول ابن عباس على الحقيقة لا ما حكاه الفراء لأن ابن عباس قال لم يستثن فابتلي والاستثناء لا يكون في الدعاء لا تقول اللهم اغفر لي إن شئت وأعجب الأشياء أن الفراء روى أن ابن عباس قال هذا ثم حكى عنه قوله
18
منصوب على خبر أصبح وإن شئت على الحال ويكون الظرف في موضع الخبر قال الضحاك خاف أن يراه أحد أو يظهر عليه قال و ( يترقب )
____________________
(3/232)
يتلفت ( فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ) الذي في موضع رفع بالابتداء يستصرخه في موضع الخبر ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال وأمس إذا دخلت عليه الألف واللام تمكن وأعرب عند أكثر النحويين ومنهم من يبنيه وفيه الألف واللام وإذا أضيف أو نكر تمكن أيضا والعلة في بنائه عند محمد بن يزيد أن تعريفه ليس كتعريف المتمكنات فوجب أن يبنى ولا يعرب فكسر آخره لالتقاء الساكنين ومذهب الخليل رحمه الله أن الياء محذوفة منه وللكوفيين فيه قولان أحدهما أنه منقول من قولهم أمس بخير والآخر أن خلقة السين الكسر هذا قول الفراء وحكى سيبويه وغيره أن من العرب من يجري أمس مجرى ما لا ينصرف في موضع الرفع خاصة وربما اضطر الشاعر ففعل هذا في الخفض والنصب كما قال
( لقد رأيت عجبا مذ أمسا ** )
فخفض بمذ فيما مضى واللغة الجيدة الرفع وأجرى أمس في الخفض مجراه في الرفع على اللغة الثانية ( قال له موسى إنك لغوي مبين ) والغوي الخايب أي لأنك تشار من لا تطيقه
19
أن زائدة للتوكيد وقرأ يزيد بن القعقاع ( أن يبطش ) وهي لغة إلا أن ( يبطش ) أعرف منها وإن كان الضم أقيس لأنه فعل لا يتعدى ( إن تريد إلا
____________________
(3/233)
أن تكون جبارا في الأرض ) قال عكرمة لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين قال أبو إسحاق الجبار في اللغة المتعظم الذي لا يخضع لأمر الله جل وعز وإنما تأول عكرمة في قتل النفسين الآية كما تأول عطاء فلن أكون ظهيرا للمجرمين على أنه لا يحل لأحد أن يعين ظالما ولا يكتب له ولا يصحبه وإنه إن فعل شيئا من ذلك فقد صار معينا للظالمين حتى قال لمن استفتاه ارم قلمك واسترزق الله جل وعز ولا تكن ظهيرا للمجرمين
22
قال أبو إسحاق أي سلك الطريق الذي هو تلقاء مدين قال ولم ينصرف مدين لأنه اسم للبقعة ( قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) قال أبو إسحاق وسواء السبيل قصد السبيل
23
فقد ذكرنا قول ابن عباس إن معنى تذودان تحبسان وذلك معروف في اللغة يقال ذاده يذوده إذا حبسه وإذا قاده لأن معنى قاده حبسه على ما يريد وإنما كانتا تحبسان غنمهما لأنهما لا طاقة لهما بالسقي وكانت غنمهما تطرد عن الماء قال ما خطبكما مبتدأ وخبره قال أبو إسحاق والمعنى ما تريدان بذود غنمكما عن الماء ( قالتا لا نسقي ) أي لا نقدر على السقي ( حتى يصدر الرعاء ) قراءة أهل الكوفة وأهل الحرمين إلا أبا جعفر فإنه قرأ ( حتى يصدر الرعاء ) وكذا قرأ أبو عمرو فمعنى القراءة الأولى حتى يصدر الرعاة مواشيهم
____________________
(3/234)
ومعنى الثانية حتى ينصرف الرعاء فأفادت القراءتان معنيين وهما حسنان إلا أن يصدر أشبه بالمعنى وزعم أبو حاتم أن المعنى حتى يصدروا مواشيهم قال ولم يرد حتى ينصرفوا إن شاء الله و الرعاء جمع راع كما تقول صاحب وصحاب قال يعقوب وذكر لي في لغة الرعاء بضم الراء وأنكر أبو حاتم هذه اللغة وقال إذا ضممت الراء لم تقل إلا الرعاة بالهاء والذي أنكره لا يمتنع كما يقال غاز وغزاء وغزا بالمد والقصر ( وأبونا شيخ كبير ) قال أبو إسحاق الفائدة في وأبونا شيخ أنه لا يمكنه أن يحضر فيسقي فاحتجنا ونحن نساء أن نخرج فنسقي
24
أي قبل الوقت الذي كانتا تسقيان فيه ( ثم تولى إلى الظل ) وهو في اللغة ما ليس عليه شمس والفيء ما كانت عليه شمس ثم زالت ( فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) فقال سعيد بن جبير عن ابن عباس لقد قال موسى صلى الله عليه وسلم رب إنني لما أنزلت إلي من خير فقير وما أحد من الخلق أكرم على الله جل وعز منه ولقد افتقر إلى شق تمرة فمصها فلزق بطنه بظهره من الجوع
25
قال عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب قال جاءت وقد جعلت كم قميصها على وجهها أو كم درعها قال أبو إسحاق ويقال جاءت تمشي مشي من لم يعتد الدخول والخروج مستحيية ( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك
____________________
(3/235)
أجر ما سقيت لنا فلما جاءه ) وفي الكلام حذف أي فأجابها ومضى معها ( فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف ) حذفت الضمة من الفاء للجزم وحذفت الألف لالتقاء الساكنين
26 أي من قوي على عملك وأدى فيه الأمانة
28
في موضع رفع بالابتداء ( بيني وبينك ) في موضع الخبر والتقدير عند سيبويه بيننا وأعيدت الثانية توكيدا ( أيما الأجلين ) نصب بقضيت و ما زائدة ( فلا عدوان علي ) تبرية ويجوز ( فلا عدوان علي ) من جهتين إحداهما أن تكون لا عاملة كليس والأخرى أن يكون عدوان مرفوعا بالابتداء و على الخبر كما تقول لا زيد في الدار ولا عمرو ( والله على ما نقول وكيل ) ابتداء وخبر قال أبو إسحاق والمعنى والله شهيدنا على ما عقد بعضنا على بعض
وقرأ عاصم
29 بفتح الجيم وروي عن الأعمش ( أو جذوة ) بضم الجيم
وعن الأشهب العقيلي
30 بفتح الباء وهي لغات وقولهم بقاع يدل على بقعة كما يقال جفنة وجفان ومن قال بقعة قال في الجمع بقع مثل غرفة وغرف قال أبو إسحاق ويجوز بقعة وبقاع مثل جفرة
____________________
(3/236)
وجفار قال و ( أن ) في موضع نصب بمعنى أنه ( يا موسى )
قال
31 عليها ( ولى مدبرا ) على الحال ( ولم يعقب ) أي لم يلتفت والتقدير قيل له ( يا موسى أقبل ولا تخف ) قال وهب قيل له ارجع إلى حيث كنت فرجع فلف دراعته على يده فقال له الملك أرأيت إن أراد الله أن يصيبك بما تحاذر أينفعك لفك يدك فقال لا ولكني ضعيف خلقت من ضعف وكشف يده فأدخلها في فم الحية فعادت عصا قال ( إنك من الآمنين ) مما تحاذر
32
يكون التقدير ولى مدبرا من الرهب أو لف يده من الرهب وعن ابن كثير والجحدري ( من الرهب ) بضم الراء والهاء وعن قتادة ( من الرهب ) بفتح الراء وإسكان الهاء على أصل المصدر ( فذانك برهانان ) ابتداء وخبر ومن قرأ ( فذانك ) فله تقديران منها أنه ثنى ذلك فقال ذانك ومن قال ذانك وقيل تشديد النون عوض من الألف التي حذفت من ذا وكذا واللذين يأتيانها منكم وكذا هذان خصمان وهذا القول الثاني قول أبي حاتم وقيل تشديد النون للفرق بين النون التي لا تقع معها إضافة فتحذف وبين النون
____________________
(3/237)
المحذوفة في الإضافة فأما فذاناك وفذانيك فلا وجه لهما
34
نصب على الحال ومعنى ردء معين مشتق من أردأته أي أعنته وقد حكي ردأته ردءا وجمع ردء أرداء ومن خفف الهمزة حذفها وألقى حركتها على الدال فقال فأرسله معي ردا ( يصدقني ) وقرأ عاصم وحمزة ( يصدقني ) بالرفع يكون نعتا لردء ويكون حالا قال أبو إسحاق ومن جزم فعلى جواب السؤال
قال الفراء والصرح كل بناء متسع
38 فالظن ههنا شك فكفر على الشك لأنه قد رأى من البراهين ما لا يخيل على ذي فطنة
43
نصب على الحال والتقدير ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر أي مبينا ( وهدى ورحمة ) عطف على بصائر ويجوز الرفع بمعنى فهو هدي ورحمة
44
أقيمت الصفة مقام الموصوف أي بجانب الجبل الغربي
____________________
(3/238)
46
نصب على المصدر كذا عند الأخفش قال ولكن رحمك ربك رحمة وعند أبي إسحاق مفعول من أجله أي للرحمة وعند الكسائي على خبر كان قال ويجوز الرفع بمعنى ولكن هي رحمة قال أبو إسحاق الرفع بمعنى ولكن فعل ذلك رحمة
47 جواب ( لولا ) أي هيلا
قال الفراء
49 بالرفع لأنه صلة للكتاب وكتاب نكرة قال وإذا جزمت وهو الوجه فعلي الشرط
54
ابتداء وخبر قال أبو العالية هؤلاء قوم من أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم قال محمد بن إسحاق سألت الزهري عن قوله جل وعز أولئك يؤتون أجرهم مرتين من هم فقال النجاشي وأصحابه ووجه باثني عشر رجلا فجلسوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه فقالوا لهم خيبكم الله من ركب وقبحكم من وفد لم تلبثوا أن صدقتموه ما رأينا ركبا أحمق ولا أجهل منكم فقالوا
55 لم نأل أنفسنا رشدا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ( ويدرؤن ) من درأت أي دفعت أي يدفعون بالاحتمال والكلام الحسن الأذى وقيل يدفعون بالتوبة والاستغفار الذنوب ( ومما رزقناهم ينفقون ) فأثنى
____________________
(3/239)
عليهم بأنهم ينفقون من أموالهم
57
شرط ومجازاة ( تجبى إليه ثمرات كل شيء ) على تأنيث الجماعة و ( يجبى ) على تذكير الجمع وثمرات جمع ثمرة وثمر جمعه ثمار
58
منصوب عند المازني بمعنى في معيشتها فلما حذف في تعدى الفعل وهو عند الفراء منصوب على التفسير قال كما تقول أبطرك مالك وبطرته ونظيره عنده { إلا من سفه نفسه } وكذا عنده { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا } ونصب المعارف على التفسير محال عند البصريين لأن معنى التفسير والتمييز أن يكون واحدا نكرة يدل على الجنس
قال مجاهد
61 حمزة بن عبد المطلب ( كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ) أبو جهل بن هشام
64
قال أبو إسحاق جواب لو محذوف والمعنى لو أنهم كانوا يهتدون
____________________
(3/240)
لما اتبعوهم ولما رأوا العذاب وقال غيره التقدير لو أنهم كانوا يهتدون لأنجاهم الهدى ولما صاروا إلى العذاب
66
أي تحيروا فلم يدروا ما يجيبون به لما سئلوا فقيل لهم ماذا أجبتم المرسلين
68
قال علي بن سليمان هذا وقف التمام ولا يجوز أن يكون ما في موضع نصب بيختار لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شيء قال وفي هذا رد على القدرية وقال أبو إسحاق ويختار هذا وقف التمام المختار قال ويجوز أن يكون ما في موضع نصب بيختار ويكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخير
71
أي أفلا تقبلون وبعده
72 أي أفلا تتبينون هذا
75
قيل معناه من كل قرن وفي كل أمة قوم يكونون عدولا يشهدون على الناس
____________________
(3/241)
يوم القيامة بأعمالهم ( فقلنا هاتوا برهانكم ) أي حجتكم بما كنتم تدينون به ( فعلموا أن الحق لله ) أي أن الحق ما في الدنيا ( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) أي ما كانوا يدعون من دون الله وقد قال جل وعز قبل هذا { وقيل ادعوا شركاءكم } آية 64 أي الذين جعلتموهم مع الله جل وعز شركاؤكم لأنهم جعلوا لهم نصيبا من أموالهم وهذا على جهة التوبيخ أي ادعوهم لينجوكم مما أنتم فيه فدعوهم فلم يستجيبوا لهم أي فلم ينجوهم ولم يعينوهم فهذا معنى وضل عنهم ما كانوا يفترون
76
إن قارون لم ينصرف لأنه اسم أعجمي وما كان على فاعول أعجميا لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف في المعركة وانصرف في النكرة فإن حسنت فيه الألف واللام انصرف إن كان اسما لمذكر نحو طاووس وراقود قال أبو إسحاق ولو كان قارون من العربية من قرنت الشيء لانصرف ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه ) أن واسمها في صلة ما قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول ما أقبح ما يقول الكوفيون في الصلاة أنه لا يجوز أن يكون صلة الذي وأخواته أن وما علمت فيه وفي القرآن ما ما أن مفاتحه وهو جمع مفتح ومن قال مفتاح قال مفاتيح ( لتنوء بالعصبة ) أحسن ما قيل فيه أن المعنى لتنيء العصبة أي تميلهم من ثقلها كما يقال ذهبت به وأذهبته وجئت به وأجأته وأنأته ونؤت به فأما قولهم له عندي ما ساءه وناءه فهو اتباع كان يجب أن
____________________
(3/242)
يقال وأناءه ومثله يقال هنأني الشيء ومرأني وأخذه ما قدم وما حدث ( إذ قال له قومه ) تأوله الفراء على أن موسى صلى الله عليه وسلم هو الذي قاله له وحده فجمع ومثله عنده { الذين قال لهم الناس } وإنما هو نعيم بن مسعود رجل من أشجع وحده قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول غير هذا وينكر ما قال الفراء لأنه بطلان البيان قال وإنما هذا على أن نعيما قاله ومن يذهب مذهبه ( لا تفرح ) تأوله أبو إسحاق على أن المعنى لا تفرح بالمال لأن الفرح لا يؤدي فيه الحق ( إن الله لا يحب الفرحين ) فرق الفراء بين الفرحين والفارحين وزعم أن الفرحين الذين هم في حال الفرح وأن الفارحين الذين يفرحون في المستقبل وزعم أن مثله طمع وطامع وميت ومائت وبذلك على خلاف ما قال قول الله جل وعز { إنك ميت وإنهم ميتون } ولم يقل مائت
78
تأوله الفراء على معنيين أحدهما على فضل عندي والآخر على علم فيما رأى كما تقول هذا كذا عندي وقال أبو إسحاق المعنى إنما أوتيته على علم بالتوراة لأنه كان عالما بها وأنكر قول من قال إنه كان يعمل الكيمياء قال لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له
____________________
(3/243)
82
أحسن ما قيل في هذا قول الخليل رحمه الله ويونس وسيبويه والكسائي إن القوم تنبهوا أو نبهوا فقالوا وي والمتندم من العرب يقول في حال تندمه وي وحكى الفراء أن بعض النحويين قال إنها ويك أي ويلك ثم حذفت اللام قال أبو جعفر وما أعلم جهة من الجهات إلا هذا القول خطأ منها فمن ذلك أن المعنى لا يصح عليه لأن القوم لم يخاطبوا أحدا فيقولوا له ويلك وكان يجب على قوله أن يكون إنه بكسر إن لأن جميع النحويين يكسرون أن بعد ويلك وأيضا فإن حذف اللام من ويل لا يجوز وأيضا فليس يكتب هذا ويك
83 قال الضحاك الجنة
84
قال عكرمة ليس شيء خيرا من لا إله إلا الله وإنما المعنى من جاء بلا إله إلا الله فله خير
88
استثناء قال أبو إسحاق ولو كان في غير القرآن لجاز إلا وجهه بمعنى كل شيء غير وجهه هالك كما قال
____________________
(3/244)
( وكل أخ مفارقه أخوه ** لعمر أبيك إلا الفرقدان ) والمعنى وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه ( وإليه ترجعون ) بمعنى وترجعون
____________________
(3/245)
29
1
2
أن الأولى في موضع نصب بحسب وهي وصلتها مقام المفعولين على قول سيبويه و أن الثانية في موضع نصب على إحدى جهتين بمعنى لأن يقولوا وبأن يقولوا وعلى أن يقولوا والجهة الأخرى أن يكون التقدير أحسبوا أن يقولوا
3
فيه قولان أحدهما أن يكون صدقوا مشتقا من الصدق والكاذبين مشتقا من الكذب الذي هو ضد الصدق ويكون المعنى فليبينن الله الذين صدقوا فقالوا نحن مؤمنون واعتقدوا مثل ذلك والذين كذبوا حين اعتقدوا غير ذلك وصدقوا في قولهم نحن نصبر ونثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب ويعلم الذين كذبوا والقول الآخر أن يكون صدقوا مشتقا من الصدق وهو الصلب والكاذبين من كذب إذا انهزم فيكون المعنى فليعلمن الله الذين ثبتوا في الحرب والذين انهزموا كما قال
____________________
(3/247)
( ليث بعثر يصطاد الرجال إذا ** ما الليث كذب عن أقرانه صدقا ) وجعلت فليعلمن في موضع ليبينن مجازا
4
قدر أبو إسحاق ما تقديرين أحدهما أن تكون في موضع نصب بمعنى ساء شيئا يحكمون والتقدير الآخر أن يكون ما في موضع رفع بمعنى ساء الشيء حكمهم وقدرها أبو الحسن بن كيسان تقديرين آخرين سوى ذينك أحدهما أن يكون ما مع يحكمون بمنزلة شيء واحد كما تقول أعجبني ما صنعت أي صنيعك قال وإن قلت ساء صنيعك لم يجز والتقدير الآخر أن يكون ما لا موضع لها من الإعراب وقد قامت مقام الاسم لساء وكذا نعم وبئس قال أبو الحسن بن كيسان وأنا أختار أن أجعل لما موضعا في كل ما أقدر عليه نحو قول الله جل وعز { فبما رحمة من الله } وكذا { فبما نقضهم ميثاقهم } وكذا { أيما الأجلين قضيت } ما في موضع خفض في هذا كله وما بعدها تابع لها وكذا { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة } ما في موضع نصب وبعوضة تابعة لها
____________________
(3/248)
5
أهل التفسير على أن المعنى من كان يخاف الموت فليفعل عملا صالحا فإنه لا بد أن يأتيه و من في موضع رفع بالابتداء و كان في موضع الخبر وفي موضع جزم بالشرط و يرجو في موضع خبر كان والمجازاة ( فإن أجل الله لآت )
8
قال أبو إسحاق مثل ووصينا الإنسان بوالديه ما يحسن قال رويت إحسانا والمعنى ووصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا
11
قيل معناه يبين أمرهم لأن المبين للأمر هو العالم به
12
قال أبو إسحاق أي الطريق الذي نسلكه في ديننا ( ولنحمل خطاياكم ) قال هو أمر في تأويل شرط وجزاء أي إن تتبعوا سبيلنا حملنا خطاياكم كما قال
( فقلت ادعي وأدعو إن أندى ** لصوت أن ينادي داعيان )
____________________
(3/249)
أي إن دعوت دعوت ويجوز وليحمل بكسر اللام وهو الأصل إلا أن الكسرة حذفت استخفافا حقيقة المعنى والله أعلم اتبعوا سبيلنا ونحن لكم بمنزلة المأمورين في حمل خطاياكم إن كانت لكم خطايا كما تقول قلدني وزر هذا
13
جمع ثقل والثقل في الأذن وربما دخل أحدهما على الآخر
14
في الكلام حذف والمعنى ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ليدعوهم إلى الإيمان فدعاهم إليه ألف سنة إلا خمسين عاما وأظهر البراهين فكذبوه ودل على هذا الحذف ( فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) وإن هذه القصة قد ذكرت في غير موضع من القرآن ألف سنة منصوب على الظرف إلا خمسين منصوب على الاستثناء من الموجب وهو عند سيبويه بمنزلة المفعول لأنه مستثنى عنه كالمفعول وعند الفراء بإن لأنها عنده إن دخلت عليها لا فالنصب عنده بإن والرفع عنده بلا إذا رفعت فأما أبو العباس محمد بن يزيد فهو عنده مفعول محض كأنك قلت عنده استثنيت زيدا قال أبو جعفر ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى أن قول أبي العباس هذا خطأ ولا يجوز عنده فيه إلا ما قال سيبويه ونملي كلام أبي إسحاق في الاستثناء الذي ذكره في الآية نصا لحسنه وأنه قد
____________________
(3/250)
شرح فيه أشياء من هذا الباب قال أبو إسحاق الاستثناء في كلام العرب توكيد العدد وتحصيله لأنك قد تذكر الجملة ويكون الحاصل أكثرها فإذا أردت التوكيد في تمامها قلت كلها وإذا أردت التوكيد في نقصانها أدخلت فيها الاستثناء تقول جاءني إخوتك تعني أن جميعهم جاءك وجائز أن تعني أن أكثرهم قد جاءك وإذا قلت جاءني إخوتك كلهم أكدت معنى الجماعة وأعلمت أنه لم يتخلف منهم أحد وتقول جاءني إخوتك إلا زيدا فتؤكد أن الجماعة تنقص زيدا وكذلك رؤوس الأعداد تشبه بالجماعات تقول عندي عشرة فجائز أن تكون ناقصة وجائز أن تكون تامة فإذا قلت عندي عشرة إلا نصفا أو عشرة كاملة أعلمت تحقيقها وكذلك إذا قلت لبث ألفا إلا خمسين فهو كقولك عشرة إلا نصفا لأنك استعملت الاستثناء فيما كان أملك بالعشرة من التسعة لأن النصف قد دخل في باب العاشر ولو قلت عشرة إلا واحدا أو إلا اثنين كان جائزا وفيه قبح لأن تسعة وثمانية يؤدي عن ذلك العدد ولكنه جائز من جهة التوكيد إن هذه التسعة لا تزيد ولا تنقص لأن قولك عشرة إلا واحدا قد أخبرت بحقيقة العدد فيه والاختيار في الاستثناء في الأعداد التي هي عقود الكسور والصحاح أن يستثنى فأما استثناء نصف الشيء فقبيح جدا لا تتكلم به العرب فإذا قلت عندي عشرة إلا خمسة فليس تكون الخمسة مستثناة من العشرة
____________________
(3/251)
لأنها ليست تقرب منها وإنما يتكلم بالاستثناء كما يتكلم بالنقصان فتقول عندي درهم ينقص قيراطا فلو قلت عندي درهم ينقص خمسة الدوانيق أو ينقص نصفه كان الأولى بذلك عندي نصف درهم لأن نصف درهم لا يقع عليه اسم درهم وإخوتك يقع على بعضهم اسم الأخوة فأخذهم الطوفان مشتق من طاف يطوف وهو اسم موضع على ما أحاط بالأشياء من غرق أو قتل أو غيرهما وهم ظالمون ابتداء وخبر في موضع الحال
15
معطوف على الهاء قال الكسائي
16 منصوب بأنجينا بعني أنه معطوف على الهاء وأجاز أن يكون معطوفا على نوح والمعنى وأرسلنا إبراهيم وقول ثالث أن يكون منصوبا بمعنى واذكر إبراهيم
17 نصب بتعبدون و ما كافة ولا يجوز أن يكون صلة لأن إن لا تقع على الفعل فإن كان بعد ما اسم فقلت إنما زيد جالس فما أيضا كافة وأجاز بعض النحويين أن يكون صلة فتقول إنما زيدا جالس ويجوز في غير القرآن رفع أوثان على أن تجعل ما اسما لأن و تعبدون صلتها وحذفت الهاء
____________________
(3/252)
لطول الاسم وجعلت أوثانا خبر إن فأما ( وتخلقون إفكا ) فهو منصوب بالفعل لا غير
22
ذكر أبو إسحاق فيه قولين أحدهما أن المعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا أهل السماء والآخر ولا لو كنتم في السماء قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال المعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء على أن من ليست موصولة ولكن يكون نكرة ويكون في السماء من نعتها ثم أقام النعت مقام المنعوت قال أبو إسحاق وهذا خطأ لأن من إذا كانت نكرة فلا بد من نعتها فقد صار بمنزلة الصلة لها فلا يجوز حذف الموصول وإبقاء الصلة وكذا نعتها إذا كان بمنزلة الصلة ولكن الناس خوطبوا بما يعرفون وعندهم أنه من كان في السماء فالوصول إليه أبعد فالمعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولو كنتم في السماء ما أعجزتم ومثله { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة }
24
خبر كان واسمها ( إلا أن قالوا ) ويجوز رفع جواب تجعله اسم كان والخبر أن قالوا
____________________
(3/253)
25
هذه قراءة الحسن ومجاهد وأبي عمرو والكسائي قال أبو إسحاق وقريء ( مودة بينكم ) وقرأ أهل المدينة وعاصم وابن عامر ( مودة بينكم ) وقرأ حمزة ( مودة بينكم ) القراءة الأولى برفع مودة فيها ثلاثة أوجه ذكر أبو إسحاق منها وجهين أحدهما أنها مرفوعة على خبر أن ويكون ما بمعنى الذي والتقدير إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم والوجه الآخر أن يكون على إضمار مبتدأ أي هي مودة أو تلك مودة بينكم والمعنى ألفتكم وجماعتكم مودة بينكم والوجه الثالث الذي لم يذكره أن يكون مودة رفعا بالابتداء وفي الحياة الدنيا خبره فأما إضافة مودة إلى بينكم فإنه جعل بينكم اسما غير ظرف والنحويون يقولون جعله مفعولا على السعة وحكى سيبويه يا سارق الليلة أهل الدار ولا يجوز أن يضاف إليه وهو ظرف لعلة ليس هذا موضع ذكرها والقراءة الثانية على أنه جعل بينكم ظرفا فنصبه والقراءة الثالثة على أنه نصب مودة لأنه جعلها مفعولا من أجلها كما تقول جئتك ابتغاء العلم وقصدت فلانا مودة له
27
مفعولان قال أبو جعفر قد ذكرناه وبينا معناه ( وإنه في الآخرة لمن
____________________
(3/254)
الصالحين ) ليس في الآخرة داخلا في الصلة وإنما هو تبيين وقد ذكرناه في غير هذا الموضع بأكثر من هذا
28
قال الكسائي المعنى وأنجينا لوطا أو أرسلنا لوطا قال وهذا الوجه أحب إلي
قراءة الكوفيين
29 في الأولى والثانية على الاستفهام وكذا قراءة أبي عمرو إلا أنه يخفف وقرأ نافع ( إنكم ) بغير استفهام في الأولى واستفهم في الثانية وهذه القراءة على اتباع السواد وهي على الإلزام لا على الاستفهام وكذا قال محمد بن يزيد في قول الشاعر
( ثم قالوا تحبها قلت بهرا ** )
والقراءة الأولى عند أبي عبيد بعيدة للجمع بين الاستفهامين قال أبو جعفر وليس الأمر كذلك لأن هذا استفهام بعد استفهام وليس ينكر في مثل هذا استفهامان وقد شبهه بما لا يشبهه مما ذكره في هذه السورة
33
عطف على الكاف في التأويل ولا يجوز العطف على موضعها بغير تأويل لئلا يعطف ظاهر مخفوض على مكني ( إلا امرأتك ) استثناء من موجب
____________________
(3/255)
38
قال الكسائي قال بعضهم هو راجع إلى أول السورة ولقد فتنا الذين من قبلهم وعادا وثمودا قال وأحب إلي أن يكون على فأخذتهم الرجفة وأخذت عادا وثمودا وزعم أبو إسحاق أن التقدير وأهلكنا عادا وثمودا ( وكانوا مستبصرين ) فيه قولان أحدهما أن المعنى وكانوا مستبصرين في الضلالة والقول الآخر وكانوا مستبصرين أي قد عرفوا الحق من الباطل بظهور البراهين وهذا القول أشبه والله أعلم لأنه إنما يقال فلان مستبصر إذا عرف الشيء على الحقيقة ومن كفر فلم يعرف الشيء على حقيقته فلا يخلو أمره من إحدى جهتين إما أن يكون معاندا وإما أن يكون قد ترك ما يجب عليه من الاستدلال وتعرف الحق وهو على أحد هذين يعاقب
39
قال الكسائي إن شئت كان على عاد وكان فيه ما فيه وإن شئت كان على فصدهم عن السبيل وصد قارون وفرعون وهامان
40 قال الكسائي فكلا منصوب بأخذنا
41
الكاف في موضع رفع على التأويل لأنها خبر الابتداء في موضع نصب
____________________
(3/256)
على الظرف والعنكبوت مؤنثة وحكى الفراء تذكيرها وأنشد
( على هطالهم منهم بيوت ** كأن العنكبوت هو ابتناها )
قال أبو جعفر وفي جمع العنكبوت وجوه يقال عناكب وعناكيب وعكاب وعكب وأعكب وقد حكي أنه يقال عنكب ( وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ) قال الضحاك ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت
قال
42
أي ما تعبدون من دونه من شيء قال أبو جعفر من ههنا للتبعيض ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب المعنى
45
مذهب أبي العالية أن المعنى إن مما يتلى في الصلاة والتقدير على هذا أن تلاوة الصلاة مثل وسئل القرية قال أبو جعفر وقد ذكرنا غير هذا ( ولذكر الله أكبر ) مذهب الضحاك أن المعنى ولذكر الله عندما يحرم فيترك أجل الذكر وقيل المعنى ولذكر الله النهي عن الفحشاء والمنكر أكبر أي كبير
____________________
(3/257)
وأكبر يكون بمعنى كبير
46
بدل من أهل ويجوز أن يكون استثناء
48
فجعل الله جل وعز هذا دليلا على نبوته لأنه لا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ولم يكن بمكة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم وزالت الريبة والشك بهذه الأشياء
49
أي بل الكتاب وزعم القراء أن في قراءة عبد الله ( بل هي آيات بينات ) بمعنى بل آيات القرآن آيات بينات قال ومثله { هذا بصائر } ولو كانت هذه لجاز ونظيره { هذا رحمة من ربي }
50
وكان طلبهم لهذا تعنتا وتهزؤا لأنه قد ظهر من الآيات ما فيه كفاية فكان هذا مما لا نهاية له فأمر أن يقول لهم ( إنما الآيات عند الله ) أي يأتي منها بما فيه
____________________
(3/258)
الصلاح ( وإنما أنا نذير مبين ) قيل معناه يبين لهم ما يجب عليهم وبين الأول بقوله
51 أنا في موضع رفع بيكفي
60
هذه أي دخلت عليها كاف التشبيه فصار فيها معنى كم والتقدير عند الخليل وسيبويه رحمهما الله كالعدد وشرح هذا أبو الحسن بن كيسان فقال أي شيء من الأشياء فالمعنى على قول الخليل وسيبويه كشيء كثير من العدد قال ولهذا قال الكسائي الأصل في كم كما فإذا قلت كم بمالك فالمعنى كأي شيء من العدد مالك قال ومثل ذلك في الإبهام له كذا وكذا درهما أي له كالعدد المذكور أو المشار إليه ثم كثر استعمالهم لذلك حتى قالوا له كذا وإن لم يتقدم شيء ولم يشر إلى شيء فإذا قلت له عندي كذا درهما وجب له عند الكوفيين أحد عشر درهما فإذا قلت له عندي كذا وكذا درهما وجب له أحد وعشرون درهما وإذا قلت له عندي كذا درهم كانت مائة وإذا قلت كذا دراهم كانت ثلاثة ولا يجوز عند البصريين الخفض بوجه وهي عندهم مبهمة يقع للقليل والكثير وزعم أبو
____________________
(3/259)
عبيدة أن الحيوان والحياة والحي واحد وغيره يقول إن الحي جمع على فعول مثل عصي
66
لام كي ويجوز أن تكون لام أمر لأن أصل لام الأمر الكسر إلا أنه أمر فيه معنى التهديد ومن قرأ ( وليتمتعوا ) بإسكان اللام لم يجعلها لام كي لأن لام كي لا يجوز إسكانها
69
لام توكيد ودخلت اللام في مع على أحد أمرين منهما أن تكون اسما ولام التوكيد إنما تدخل على الأسماء ومنها أن تكون حرفا فتدخل عليها لأن فيها معنى الاستقرار كما تقول إن زيدا لفي الدار و مع إذا سكنت فهي حرف لا غير وإذا فتحت جاز أن تكون اسما وأن تكون حرفا والأكثر أن تكون حرفا جاء لمعنى إلا أنها فتحت لما وقع فيها مما ليس في أخواتها
____________________
(3/260)
30
قال أبو جعفر
1
2
3
هذه قراءة أكثر الناس وروي عن أبي عمرو وأبي سعيد الخدري أنهما قرآ ( الم غلبت الروم ) وقرآ ( ستغلبون ) وحكى أبو حاتم أن عصمة روى عن هارون أن هذه قراءة أهل الشام وأحمد بن حنبل يقول أن عصمة هذا ضعيف وأبو حاتم كثير الرواية عنه والحديث يدل على أن القراءة ( غلبت ) بضم الغين وكان في هذا الإخبار دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأن الروم غلبتها فارس فأخبر الله جل وعز أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين وأن المؤمنين يفرحون بذلك لأن الروم أهل كتاب فكان هذا من علم الغيب الذي أخبر الله جل وعز به مما لم يكن وأمر أبا بكر رضي الله عنه أن يراهنهم على ذلك وأن
____________________
(3/261)
يبالغ في الرهان ثم حرم الرهان ونسخ بتحريم القمار وهم من بعد غلبهم زعم الفراء أن الأصل من بعد غلبتهم فحذفت التاء كما حذفت في قوله { وأقام الصلاة } وهذا غلط لا يخفى على كثير من أهل النحو لأن إقام الصلاة مصدر حذف منه لاعتلال فعله فجعلت التاء عوضا من المحذوف و غلب ليس بمعتل ولا حذف منه شيء وقد حكى الأصمعي طرد طردا وحلب حلبا وغلب غلبا فأي حذف في هذا وهل يجوز أن يقال في أكل أكلا وما أشبهه حذف منه
4
حذفت الهاء من بضع فرقا بين المذكر والمؤنث وفتحت النون من سنين لأنه جمع مسلم ومن العرب من يقول في بضع سنين كما يقول من غسلين وإن جاز فجمع سنة بالواو والنون والياء والنون لأنه قد حذف منها شيء فجعل هذا الجمع عوضا وكسرت السين وكانت مفتوحة في سنة لأن الكسرة جعلت دليلا على أنه جمع على غير ما يجب له هذا قول البصريين ويلزم الفراء أن يضمها إلا أنه يقول الضمة دليل على الواو وقد حذف من سنة واو في أحد القولين ولا يضمها أحد علمناه ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) ويقال من قبل ومن بعد وحكى الكسائي عن بعض بني أسد ( لله الأمر من قبل ومن
____________________
(3/262)
بعد ) الأول مخفوض منون والثاني مضموم بلا تنوين وحكى الفراء من قبل ومن بعد مخفوضين بغير تنوين وللفراء في هذا الفصل من كتابه في القرآن أشياء كثيرة الغلط فيها بين فمنها أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد كما قال الشاعر
( إلا علالة أو بداهة سابح نهد الجزاره ** ) وكما قال
( يا من رأى عارضا أكفكفه ** بين ذراعي وجبهة الأسد ) والغلط في هذا بين لأنه ليس في القرآن لله الأمر من قبل ومن بعد ذلك فيكون مثل قوله بين ذراعي وجبهة الأسد ألا ترى أنك تقول أخذته بنصف وربع الدرهم ولا يجوز أخذته بنصف وربع وتقول قطع الله يد ورجل زيد
ولا يجوز يد ورجل على أن هذا أيضا ليس بكثير في كلام العرب وإنما يحمل كتاب الله على الكثير والفصيح ولا يجوز أن يقاس عليه ما لا يشبهه ولو
____________________
(3/263)
قلت اشتريت دار وغلام عمرو لم يجز عند أحد علمناه ومن ذلك أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد وأنت تريد الإضافة وهذا نقض الباب كله لأن الضم إنما كان فيه لعدم الإضافة وإرادتها فإذا خفضت وأنت تريدها تناقض الكلام وإنما يجوز من قبل ومن بعد على أنهما نكرتان قال أبو إسحاق والمعنى من متقدم ومن متأخر ومنها أنه شبه من قبل ومن بعد بقولهم من عل وأنشد
( أن تأت من تحت أجئها من عل ** ) وليس من قبل ومن بعد من باب من عل قال سيبويه ولم يسكنوا من الأسماء ما ضارع المتمكن ولا ما جعل في موضع بمنزلة غير المتمكن فالمضارع من عل حركوه لأنهم يقولون من عل فأما التمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن فقولهم أبدأ بهذا أول ويا حكم أفلا ترى أن سيبويه لحذقه قد فصل بين من عل وبين أول ثم جاء الفراء فجمع بينهما وأنشد الذي ذكرناه وأنشد
( فوالله ما أدري وإني لأوجل ** على أينا تعدو المنية أول ) فخلط الجميع في الباب وجاء بهما في قبل وبعد وأحدهما مخالف لقبل
____________________
(3/264)
وبعد فأما الكلام في قبل وبعد على مذهب سيبويه وعلى مذهب البصريين إن سبيلهما أن لا يعربا لأنهما قد كانتا حذف منهما المضاف إليه والإضافة فصارتا معرفتين من غير جهة التعريف فزال تمكنهما فلم يخليا من حركة لأنهما قد كانتا معربتين فاختير لهما الضم لأنه قد يلحقهما بحق الإعراب الجر والنصب فأعطيتا غير تينك الحركتين فضمتا إلا أن أبا العباس محمد بن يزيد قال لما كانتا غايتين أعطيتاه ما هو غاية الحركات ( ويومئذ يفرح المؤمنون ) في معناه قولان أحدهما أنهم فرحون بغلبة الروم فارس لأن الروم أهل كتاب فهم إلى المسلمين أقرب من الأوثان والقول الآخر وهو أولى أن فرحهم إنما هو لإنجاز وعد الله جل وعز إذ كان فيه دليل على النبوة لأنه أخبر جل وعز بما يكون في بضع سنين فكان فيه
6
مصدر مؤكد قال أبو إسحاق ويجوز ( وعد الله ) بالرفع بمعنى ذلك وعد الله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وهم الكفار وهم أكثر
7
ثم بين ما يجهلونه بقوله ( وهم عن الآخرة هم غافلون ) هم الأول ابتداء والثاني ابتداء ثان والجملة خبر الأول وفي الكلام معنى التوكيد ويجوز أن يكون هم الثاني بدلا من الأول كما تقول رأيته إياه وفي الكلام أيضا معنى التوكيد
____________________
(3/265)
8
اللام للتوكيد والتقدير لكافرون بلقاء ربهم على التقديم والتأخير وعلى هذا تقول إن زيدا في الدار لجالس ولو قلت إن زيدا لفي الدار لجالس لجاز فإن قلت إن زيدا جالس لفي الدار لم يجز لأن اللام إنما يؤتى بها توكيدا لاسم إن وخبرها فإذا جئت بهما لم يجز أن تأتي بها وكذا إن قلت إن زيدا لجالس لفي الدار لم يجز
9 لأن أهل مكة لم يكونوا أصحاب حرب
10
اسم كان وذكرت لأن تأنيثها غير حقيقي ( السوأى ) خبر كان ومن نصب ( عاقبة ) جعل السوأى اسم كان وروي عن الأعمش أنه قرأ ( ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء ) برفع السوء ( أن كذبوا ) في موضع نصب والمعنى لأن كذبوا
12
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ( يبلس ) بفتح اللام والمعروف في اللغة أبلس الرجل إذا سكت وانقطعت حجته ولم يؤمل أن تكون له حجة وقريب منه تحير كما قال الراجز
____________________
(3/266)
( قال نعم أعرفه وأبلسا ** ) وقد زعم بعض النحويين أن إبليس مشتق من هذا وأنه أبلس أي انقطعت حجته ولو كان كما قال لوجب أن ينصرف وهو في القرآن غير منصرف فاحتج بعضهم بأنه اسم ثقل لأنه لم يسم به غيره
13
قيل يعني بشركائهم ما عبدوه من دون الله جل وعز ( وكانوا بشركائهم كافرين ) قالوا ليسوا بآلهة
15
سمعت أبا إسحاق يقول معنى أما دع ما كنا فيه وخذ في غيره وكذا قال سيبويه إن معناها مهما يكن من شيء أي مهما يكن من شيء فخذ في غير ما كنا فيه ( الذين آمنوا ) في موضع رفع بالابتداء ( فهم ) ابتداء ثان وما بعده خبر عنه والجملة خبر الذين قال الضحاك ( في روضة ) في جنة والرياض الجنات وقال أبو عبيدة الروضة ما كان في تسفل فإن كان مرتفعا فهو ترعة وقال غيره أحسن ما تكون الروضة إذا كانت في موضع مرتفع غليظ كما قال الأعشى
____________________
(3/267)
( ما روضة من رياض الحزن معشبة ** ) إلا أنه لا يقال لها روضة إلا إذا كان فيها نبت فإن لم يكن فيها نبت وكانت مرتفعة فهي ترعة وقد قيل في الترعة غير هذا قال الضحاك يحبرون يكرمون حكى الكسائي حبرته أي أكرمته ونعمته قال أبو جعفر سمعت علي بن سليمان يقول هو مشتق من قولهم على أسنانه حبرة أي أثر فيحبرون أي يتبين عليهم أثر النعيم والحبر مشتق من هذا
17
أهل التفسير على أن هذا في الصلوات قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول حقيقته عندي فسبحوا الله في الصلوات لأن التسبيح يكون في الصلاة وعن عكرمة أنه قرأ ( فسبحان الله حينا تمسون وحينا تصبحون ) وهو منصوب على الظرف والمعنى حينا تمسون فيه وحينا تصبحون حتى يعود على حين من نعمته شيء ومثله في القرآن { يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا } قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول حروف الخفض لا تحذف ولكن تقدر فيه الهاء فقط
____________________
(3/268)
18 ويجوز النصب على المصدر
20
أن في موضع رفع بالابتداء وكذا
2( وجعل بينكم مودة ورحمة ) روي عن ابن عباس المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياها أن يصيبها سوء
22
بين جل وعز آياته الدالة عليه بخلق السموات والأرض واختلاف اللسان في الفم واختلاف اللغات واختلاف الألوان والصور على كثرة الناس فما تكاد ترى أحدا إلا وأنت تفرق بينه وبين الآخر فهذا من أدل دليل على المدبر والباري لأن من صنع شيئا غيره لم يكن فيه هذا التفريق
25
أي تقوم بلا عمد بقدرته وجعله أمرا مجازا كما يقال هذا أمر عظيم
وفي معنى
23 قولان يقبلون مثل قوله سمع الله لمن حمده والآخر أن منهم من كان إذا تلي القرآن وهو حاضر سد أذنيه لئلا يسمع فلما بين جل وعز الدلالة عليه قال
25 أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم وأجمع القراء
____________________
(3/269)
على فتح التاء ههنا في تخرجون واختلفوا في التي في الأعراف فقرأ أهل المدينة { ومنها تخرجون } وقرأ أهل العراق بالفتح وإليه يميل أبو عبيد والمعنيان متقاربان إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام فنسق الكلام في التي في الأعراف بالضم أشبه إذ كان الموت ليس من فعلهم فكذا الإخراج والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم فالفعل بهم أشبه
26
قال أبو الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل قنوت في القرآن فهو طاعة قال أبو جعفر المعنى كل من في السموات والأرض له مطيعون طاعة انقيادهم على ما شاء من صحة وسقم وغنى وفقر وليست هذه الطاعة التي يجازون عليها
27
وقد ذكرناه ( وله المثل الأعلى ) أي ما أراده جل وعز كان وقال الخليل رحمه الله المثل الصفة
28
____________________
(3/270)
شركاء في موضع رفع و من زائدة للتوكيد ( فأنتم فيه سواء ) مبتدأ وخبر وليست سواء ههنا التي تكون ظرفا ( تخافونهم كخيفتكم أنفسكم ) نصب بالفعل والكاف والميم في موضع خفض وهي أيضا في موضع رفع في التأويل كما تقول عجبت من ضربكم عمرا ويجوز من ضربكم عمرو لأن المصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول به وتقول عجبت من وقع أنيابه بعضها على بعض وإن شئت رفعت لأن أنيابه في موضع رفع في التأويل إلا أن الرفع في الظاهر قبيح عند الكوفيين فإن قلت عجبت من وقعها بعضها على بعض حسن الرفع عند الجميع ( كذلك ) الكاف في موضع نصب والتقدير نفصل الآيات تفصيلا كذلك
29
جمع هوى لأن أصله فعل
30
أي اجعل جهتك للدين ( حنيفا ) على الحال قال الضحاك حنيفا مسلما حاجا قال و ( فطرة الله ) دين الله قال أبو إسحاق فطرة الله نصب بمعنى اتبع فطرة الله قال لأن معنى فأم وجهك للدين اتبع الدين واتبع فطرة الله قال محمد بن جرير فطرة مصدر من معنى فأقم وجهك لأن معنى ذلك فطر الله الناس على ذلك فطرة وقد ذكرنا فطرة الله بأكثر من هذا في المعاني والحديث كل مولود يولد على الفطرة
____________________
(3/271)
وقول الفقهاء فيه وقد قيل معناه يولد على الخلقة التي تعرفونها وقيل معنى فطرة الله التي فطر الناس عليها أي اتبعوا دين الله الذي خلق الناس له وسميت الفطرة دينا لأن الناس يخلقون له قال جل وعز { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } واحتج قائل بقوله جل وعز { وإن أسأتم فلها }
31
منصوب على الحال قال محمد بن يزيد لأن معنى فأقم وجهك وفأقيموا وجوهكم وهو قول أبي إسحاق واحتج بقوله جل وعز { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } وقال الفراء المعنى فأقم وجهك ومن معك منيبين ورد أبو العباس قول من قال التقدير لا يعلمون منيبين لأن معنى منيبين راجعون فكيف لا يعلمون راجعين وأيضا فإن بعده ( واتقوه ) وإنما معناه فأقيموا وجوهكم واتقوه ( ولا تكونوا من المشركين )
32 تأولته عائشة رضي الله عنها وأبو هريرة وأبو أمامة رحمهما الله على أنه لأهل القبلة وقال الربيع بن أنس الذين فرقوا دينهم أهل الكتاب وفارقوا دينهم تركوا دينهم الذي يجب أن يتبعوه وهو التوحيد ( وكانوا شيعا ) أي فرقا ( كل حزب بما لديهم فرحون ) قيل هم فرحون لأنهم لم يتبينوا الحق وعليهم أن يتبينوه وقيل هذا قبل أن تظهر البراهين وقول ثالث أن العاصي لله جل وعز قد يكون فرحا بمعصيته وكذلك
____________________
(3/272)
الشيطان وقطاع الطريق وغيرهم والله أعلم
وزعم الفراء أنه يجوز أن يكون التمام ولا تكونوا من المشركين ويكون المعنى من الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا على الاستئناف وأنه يجوز أن يكون متصلا بما قبله قال أبو جعفر إذا كان متصلا بما قبله فهو عند البصريين على البدل بإعادة الحرف كما قال جل وعز { للذين استضعفوا لمن آمن منهم } ولو كان بلا حرف لجاز
33
على الحال وعن ابن عباس أي مقبلين إليه بكل قلوبهم
34
لام كي وقيل هي لام أمر فيه معنى التهديد كما قال جل وعز { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } وكما تقول كلم فلانا حتى نرى ما يلحقك مني وكذا ( فتمتعوا ) ودل على ذلك ( فسوف تعلمون )
35
استفهام فيه معنى التوقيف قال الضحاك سلطانا أي كتابا وزعم الفراء أن العرب تؤنث السلطان وتقول قضت به عليك السلطان فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح وبه جاء القرآن والتأنيث جائز عندهم
____________________
(3/273)
لأنه بمعنى الحجة وقولنا سلطان معناه صاحب سلطان أي صاحب الحجة إلا أن محمد بن يزيد قال غير هذا فيما حكى لنا عنه علي بن سليمان قال سلطان جمع سليط كما تقول رغيف ورغفان فتذكيره على معنى الجميع وتأنيثه على معنى الجماعة
36
التقدير عند سيبويه قنطوا فلهذا كان جواب الشرط
38
تأوله مجاهد وقتادة على أنه قريب الرجل وجعلا صلة الرحم فرضا من الله جل وعز حتى قال مجاهد لا يقبل صدقة من أحد ورحمة محتاجة وقيل ذو القربى القربى بالنبي صلى الله عليه وسلم وحقه مبين في قوله جل وعز { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } وابن السبيل الضيف فجعل الضيافة فرضا ( وأولئك ) مبتدأ و ( هم ) مبتدأ ثان ( المضعفون ) خبر الثاني والجملة خبر الأول وفي معنى المضعفين قولان أحدهما تضاعف لهم الحسنات والآخر أنه قد أضعف لهم الخير والنعيم أي هم أصحاب أضعاف كما يقال فلان مقو أي له أصحاب أقوياء ويقال فلان رديء مرديء أي هو رديء في نفسه وأصحابه أردياء
____________________
(3/274)
41
في معناه قولان أحدهما ظهر الجدب في البر أي في البوادي وقراها وفي البحر أي في مدن البحر مثل { واسأل القرية } أي ظهر قلة الغيث وغلاء السعر بما كسبت أيدي الناس من المعاصي لنذيقهم عقاب بعض الذين عملوا ثم حذف والقول الآخر أن معنى ظهر الفساد ظهرت المعاصي من قطع السبيل والظلم فهذا هو الفساد على الحقيقة والأول مجاز إلا أنه على الجواب الثاني يكون في الكلام حذف واختصار دل عليه ما بعده ويكون المعنى ظهرت المعاصي في البر والبحر فحبس الله عنهم الغيث وأغلى سعرهم ليذيقهم عقاب بعض ما عملوا ( لعلهم يرجعون ) وروى داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس لعلهم يرجعون لعلهم يتوبون
فأما قوله جل وعز
39 فقد ذكرنا قول العلماء فيه أنه أن يهدي الرجل إلى الرجل الهدية يريد عليها المكافأة ولا يريد الثواب فذلك مباح إلا أنه لا يثاب عليه لأنه لم يقصد به ثواب الله جل وعز غير أن الضحاك قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك خاصة بقوله جل وعز { ولا تمنن تستكثر } وقد قيل معنى وما آتيتم من ربا هو الربا الذي لا يحل وقال قائل هذا القول معنى فلا يربو عند الله فلا يحكم به لآخذه لأنه ليس له وإنما هو للمأخوذ منه وتثنية الربا ربوان كذا قول سيبويه ولا يجوز عند أصحابه غيره وسمعت أبا إسحاق يقول وذكر قول الكوفيين لا يكفيهم في قولهم ربيان أن
____________________
(3/275)
يخطئوا في الخط فيكتبوا الربا بالياء حتى يخطئوا في التثنية واستعظم هذا وقد قال الله جل وعز ليربو في أموال الناس فهذا أبين أنه من ذوات الواو وأن القول كما قال أبو إسحاق
43
أي لا يرده الله جل وعز عنهم فإذا لم يرده لم يتهيأ لأحد دفعه ويجوز عند غير سيبويه لا مرد له وذلك عند سيبويه بعيد إلا أن يكون في الكلام عطف ( يومئذ يصدعون ) الأصل يتصدعون أدغمت التاء في الصاد لقربها منها ويقال تصدع القوم إذا تفرقوا ومنه اشتق الصداع لأنه يفرق شعب الرأس
47
خبر كان ( نصر المؤمنين ) اسمها ولو كان في غير القرآن أجاز رفع حق ونصب نصر لأن حقا وإن كان نكرة فبعده علينا ولجاز رفعهما على أن تضمر في كان والخبر في الجملة وفي الحديث من رد عن عرض صاحبه رد الله عنه نار جهنم ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم و كان حقا علينا نصر المؤمنين
48
جمع كسفة وهي القطعة وفي قراءة الحسن وأبي جعفر وعبد الرحمن
____________________
(3/276)
الأعرج ( كسفا ) بإسكان السين وهو أيضا جمع كسفة كما يقال سدرة وسدر وعلى هذه القراءة يكون المضمر الذي بعده عائدا عليه أي فترى الودق يخرج من خلال الكسف لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء لا غير التذكير فيه حسن ومن قرأ كسفا فالمضمر عنده عائد على الحساب وفي قراءة الضحاك ( فترى الودق يخرج من خلله ) ويجوز أن يكون خلال جمع خلل
49
50
قد ذكرناه وكان أبو إسحاق يذهب إلى أنه على التوكيد ويقول إن قول قطرب التقدير من قبل التنزيل خطأ لأن المطر لا ينفك من التنزيل وأنشد
( مشين كما اهتزت رماح تسفهت ** أغاليها مر الرياح النواسم )
فأنث المر لأن الرياح لا تنفك منه ولأن المعنى تسفهت أعاليها الرياح فكذا معنى من قبل أن ينزل عليهم المطر من قبل المطر ويقال آثر وإثر ( كيف يحيي الأرض ) لا يجوز فيه الإدغام لئلا يجمع فيه ساكنان
51
قيل التقدير فرأوا الزرع مصفرا وقيل فرأوا السحاب وقيل فرأوا الريح وذكرت الريح لأنها للمرسل منها وقال محمد بن يزيد لا يمتنع تذكير
____________________
(3/277)
كل مؤنث غير حقيقي نحو أعجبني الدار وما أشبهه ( لظلوا ) قال الخليل رحمه الله معناه ليظلن قال أبو إسحاق وجاز هذا لأن في الكلام معنى المجازاة
52
جعلوا بمنزلة الموتى والصم لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون
53
قال الفراء ويجوز من ضلالتهم بمعنى وما أنت بمانعهم من ضلالتهم و عن بمعنى وما أنت بصارفهم عن ضلالتهم
54
قال عطية عن ابن عمر رحمه الله قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضعف فقال لي ( من ضعف ) وقرأ عيسى بن عمر ( من ضعف ) وقرأ الكوفيون ( من ضعف ) وهو المصدر وأجاز النحويون منهم من ضعف وكذا كل ما كان فيه حرف من حروف الحلق ثانيا أو ثالثا قال أبو إسحاق تأويله الله الذي خلقكم من النطفة التي حالكم معها الضعف ثم جعل من بعد الضعف الشبيبة
55
وليس في هذا رد لعذاب القبر إذ كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق أنه
____________________
(3/278)
تعوذ منه وأمر أن يتعوذ منه من ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود قال سمع صلى الله عليه وسلم أم حبيبة تقول اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم سألت الله في آجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم أو عذاب القبر في أحاديث مشهورة وفي معنى ما لبثوا غير ساعة قولان أولهما أنه يريد لا بد من خمدة قبل يوم القيامة ولحق الفناء الذي كتب على الخلق من رحم ومن عذب فعلى هذا قالوا ما لبثنا غير ساعة لأنهم لم يعملوا مقدار ذلك والقول الآخر أنهم يعنون في الدنيا لزوالها وانقطاعها وإن كانوا قد أقسموا على غيب وعلى غير ما يدرون قال الله جل وعز ( كذلك كانوا يؤفكون ) أي كذلك كانوا يكذبون في الدنيا وقد زعم جماعة من أهل النظر أن القيامة لا يجوز أن يكون فيها كذب لما هم فيه والقرآن يدل على غير ذلك قال الله جل وعز كذلك كانوا يؤفكون وقال جل ثناؤه { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون } ورد عليهم المؤمنون فقالوا
56 قال أبو إسحاق أي في اللوح المحفوظ وحكى يعقوب عن بعض القراء إلى يوم البعث فهذا ما فيه حرف من حروف الحلق
____________________
(3/279)
57
لما رد عليهم المؤمنون سألوا الرجوع إلى الدنيا واعتذروا فلم يعذروا ( ولا هم يستعتبون ) ولا حالهم حال من يستعتب فيرجع
58 يدلهم على ما يحتاجون إليه
60 في موضع جزم بالنهي فأكد بالنون الثقيلة فبني على الفتح كما يبنى الشيئان إذا ضم أحدهما إلى الآخر ( الذين لا يوقنون ) في موضع رفع ومن العرب من يقول الذون في موضع الرفع
____________________
(3/280)
31
1
2
في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هذه تلك ويقال تيك ( آيات الكتاب الحكيم ) بدل من تلك
3
نصب على الحال مثل { هذه ناقة الله لكم آية } وهذه قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم والكسائي وقرأ حمزة ( هدى ورحمة ) بالرفع وهو من جهتين إحداهما على إضمار مبتدأ لأنه أول آية والأخرى أن يكون خبر تلك
4
في موضع رفع على إضمار مبتدأ لأنه أول آية أو في موضع نصب بمعنى أعني أو في موضع خفض على أنه نعت للمحسنين
____________________
(3/281)
6
من في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة وعن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما أن لهو الحديث ههنا الغناء وأنه ممنوع بالكتاب والسنة فيكون التقدير ومن الناس من يشتري ذا لهو أو ذات لهو مثل وسئل القرية أو يكون التقدير لما كان إنما يشتريها ويبالغ في ثمنها كأنه اشترى اللهو ( ليضل عن سبيل الله ) أي ليضل غيره ومن قرأ ( ليضل ) فعلى اللازم له عنده ( ويتخذها ) قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( ويتخذها ) عطفا على ليضل والرفع من وجهين أحدهما أن يكون معطوفا على يشتري والآخر أن يكون مستأنفا والهاء كناية عن الآيات ويجوز أن تكون كناية عن السبيل لأن السبيل يذكر ويؤنث
7
اسم كأن وتحذف الضمة لثقلها فيقال أذن
10
يكون ترونها في موضع خفض على النعت لعمد أي بغير عمد مرئية ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول الأولى أن يكون مستأنفا ويكون بغير عمد التمام ( أن تميد ) في موضع نصب أي كراهة أن تميد والكوفيون يقدرونه بمعنى لئلا تميد
____________________
(3/282)
( فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) عن ابن عباس من كل نوع حسن وتأوله الشعبي على الناس لأنهم مخلوقون من الأرض قال فمن كان منهم يصير إلى الجنة فهو الكريم ومن كان يصير إلى النار فهو اللئيم وقد تأول غيره أن النطفة مخلوقة من تراب وظاهر القرآن يدل على ذلك
11
مبتدأ وخبر ( فأروني ماذا خلق الذين من دونه ) ما في موضع رفع بالابتداء وخبره ذا وذا بمعنى الذي وخلق واقع على هاء محذوفة على هذا تقول ماذا تعلمت أنحو أم شعر ويجوز أن يكون ما في موضع نصب بخلق و ذا زائدة وعلى هذا تقول ماذا تعلمت أنحوا أم شعرا ( بل الظالمون ) رفع بالابتداء ( في ضلال مبين ) في موضع الخبر
12
مفعولان ولم ينصرف لقمان لأن في آخره ألفا ونونا زائدتين فأشبه فعلان الذي أنثاه فعلى فلم يصرف في المعرفة لأن ذلك ثقل ثان وانصرف في النكرة لأن أحد الثقلين زال وزعم عكرمة أن لقمان كان نبيا وفي الحديث أنه كان حبشيا ( أن اشكر لله ) فيه تقديران أحدهما أن تكون أن بمعنى أي مفسرة أي قلنا له اشكر والقول الآخر أنها في موضع نصب والفعل داخل في صلتها كما حكى سيبويه كتبت إليه أن قم إلا أن هذا الوجه بعيد ( ومن يشكر فإنما
____________________
(3/283)
يشكر لنفسه ) جزم بالشرط ويجوز الرفع على أن من بمعنى الذي
13
إذ في موضع نصب والمعنى واذكر وحكى أبو إسحاق في كتابه في القرآن أن إذ في موضع نصب بآياتنا وأن المعنى ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال قال أبو جعفر وأحسبه غلطا لأن في الكلام واوا تمنع من ذلك وأيضا فإن اسم لقمان مذكور بعد قال ( يا بني ) بكسر الياء لأنها دالة على الياء المحذوفة ومن فتحها فلخفة الفتحة عنده
16
الكتابة عن القصة أو عن الفعلة أو بمعنى إن التي سألتني عنها لأنه يروى أنه سأله والبصريون يجيزون إنها زيد ضربته بمعنى أن القصة والكوفيون لا يجيزون هذا إلا في المؤنث ( إن تك مثقال حبة من خردل ) خبر تك واسمها مضمر فيه واستبعد أبو حاتم أن يقرأ ( أن تك مثقال حبة ) بالرفع لأن مثقالا مذكر فلا يجوز عنده إلا بالياء قال أبو جعفر وهذا جائز صحيح وهو محمول على المعنى لأن المعنى واحد وهذا كثير في كلام العرب يقال اجتمعت أهل اليمامة لأن من كلامهم اجتمعت اليمامة وزعم الفراء أن مثل الآية
____________________
(3/284)
( وتشرق بالقول الذي قد أذعته ** كما شرقت صدر القناة من الدم )
فأما
14 فمعترض بين كلام لقمان كما روى شعبة عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال قالت أم سعد لسعد أليس قد أمر الله جل وعز ببر الوالدة فوالله لا أطعم ولا أشرب حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أوجروها بالعصا وجعلوا في فيها الطعام والشراب فنزلت ووصينا الإنسان بوالديه إلى
15 الآية فأما نصب وهنا على وهن قال أبو جعفر فما علمت أن أحدا من النحويين ذكره فيكون مفعولا ثانيا على حذف الحرف أي حملته بضعف على ضعف أو فازدادت ضعفا على ضعف و معروفا نعت لمصدر محذوف وزعم أبو إسحاق في كتابه أن أن في موضع نصب وأن المعنى ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك وهذا القول على مذهب سيبويه بعيد ولم يذكر أبو إسحاق فيما علمت غيره وأجود منه أن تكون أن مفسرة والمعنى قلنا له اشكر لي ولوالديك
17
معنى إقامة الصلاة إتمامها بجميع فروضها كما يقال فلان قيم بعمله الذي وليه أي قد وفى العمل جميع حقوقه ومنه هذا قوام الأمر ( واصبر على ما
____________________
(3/285)
أصابك ) وهو أن لا يخرج من الجزع إلى معصية الله وكذا الصبر عن المعاصي
18
قد ذكرناه وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال تصاعر من واحد مثل عافاه الله ( ولا تمش في الأرض مرحا ) أي متبخترا متكبرا وهو مصدر في موضع الحال
19
أي توسط والتوسط أحمد الأمور وكذا ( واغضض من صوتك ) أدبه الله جل وعز بالأمر بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال أبو عبيدة أي أشد وقال الضحاك وهما جميعا على المجاز وفي الحديث ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانا
20
وذلك من نعم الله جل وعز على بني آدم فالأشياء كلها مسخرة لهم من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم وتجر إليهم منافعهم ومن سماء وما فيهما لا يحصى ( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) على الحال ومن قرأ ( نعمة ظاهرة وباطنة ) جعله نعتا وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح
____________________
(3/286)
مروية وفسرها الإسلام وشرح هذا أن سعيد بن جبير قال في قوله جل وعز { ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم } قال يدخلكم الجنة وتمام نعمة الله على العبد أن يدخله الجنة فكذا لما كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمي نعمة وعن ابن عباس قال ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ) قال هو النضر بن الحارث
21
أي أو لو كان كذا يتبعونه على التوبيخ
22
وقراءة أبي عبد الرحمن السلمي ( ومن يسلم وجهه إلى الله ) قال يسلم في هذا أعرف كما قال جل وعز فقل أسلمت وجهي لله ومعنى أسلمت وجهي لله قصدت بعبادتي إلى الله وأقررت أنه لا إله غيره ويجوز أن يكون التقدير ومن يسلم نفسه إلى الله مثل { كل شيء هالك إلا وجهه } معناه إلا إياه ويكون يسلم على التكثير إلا أن المستعمل في سلمت أنه بمعنى دفعت يقال سلمت في الحنطة وقد يقال أسلمت وروى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جل وعز ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) قال لا إله إلا الله
27
أن في موضع رفع والتقدير ولو وقع هذا و أقلام خبر أن ( والبحر يمده ) مرفوع من جهتين إحداهما العطف على الموضع والأخرى أن يكون
____________________
(3/287)
في موضع الحال وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق ( والبحر يمده ) بالنصب على اللفظ وحكى يونس عن ابن أبي عمرو بن العلاء قال ما أعرف للرفع وجها إلا أن يجعل البحر أقلاما وأبو عبيدة يختار الرفع لكثرة من قرأ به إلا أنه قال يلزم من قرأ بالرفع أن يقرأ و { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين } قال أبو جعفر هذا مخالف لذاك عند سيبويه قال سيبويه أي والبحر هذا أمره يجعل الواو تؤدي عن الحال وليس هذا في والعين بالعين يمده وحكي يمده على أنهما لغتان بمعنى واحد وحكي التفريق بين اللغتين وأنه يقال فيما كان يزيد في الشيء مده يمده كما تقول مد النيل الخليج أي زاد فيه وأمد الله جل وعز الخليج بالنيل وهذا أحسن القولين وهو مذهب الفراء ويجوز تمده ( من بعده سبعة أبحر ) على تأنيث السبعة ( ما نفدت كلمات الله ) قال قتادة قالوا إن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ينفد فأنزل الله جل وعز يعني هذا
28
قال الضحاك أي ما ابتداء خلقكم جميعا إلا كخلق نفس واحدة وما بعثكم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة قال أبو جعفر وهكذا قدره النحويون بمعنى إلا كخلق نفس واحدة مثل وسئل القرية
29
____________________
(3/288)
عن ابن مسعود أنه قال قصر نهار الشتاء في طول ليله وقصر ليل الصيف في طول نهاره
32
لأن سبيل الموج إذا اشتد أن يرتفع قال الفراء يعني بالظلل السحاب قال الخليل وسيبويه رحمهما الله في قاض وجاز يوقف عليهما بغير ياء وعلتهما في ذلك أن يعرف أنه في الوصل كذلك وكان القياس أن يوقف عليهما بالياء لأن التنوين يزول في الوقف وحكى يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقف بالياء فيقول جاءني قاضي وجازي
34
زعم الفراء أن في هذا معنى النفي أي ما لم يعمله أحد إلا الله جل وعز قال أبو جعفر إنما صار فيه معنى النفي والإيجاب بتوقيف الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم في قول الله جل وعز { وعنده مفاتح الغيب } لا يعلمها إلا هو أنها هذه قال أبو إسحاق فمن زعم أنه يعلم شيئا من هذا فقد كفر ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ومن العرب من يقول بأية أرض فمن قال بأي أرض قال تأنيث الأرض يكفي من تأنيث أي ومن
____________________
(3/289)
قال بأية أرض قال أي تنفرد وتأتي بغير إضافة لو قال جاءتني امرأة قلت أية ( إن الله عليم خبير ) نعت لعليم أو خبر بعد خبر
____________________
(3/290)
32
1
2
الاجتماع على رفع تنزيل ورفعه من ثلاثة أوجه أحدها بالابتداء والخبر لا ريب فيه والثاني على إضمار مبتدأ أي هذا المتلو تنزيل والثالث بمعنى هذه الحروف تنزيل و الم تدل على الحروف كلها كما تدل عليها أ ب ت ث ولو كان تنزيل منصوبا على المصدر لجاز كما قرأ الكوفيون إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم
3
أم تدل على خروج من حديث إلى حديث ( بل هو الحق من ربك ) مبتدأ وخبره وكذا
4 ( ما لكم من دونه من ولي ) أي للكافرين من مولى يمنع من عذابهم ( ولا شفيع ) ويجوز بالرفع على الموضع ( أفلا تتذكرون ) هذه الموعظة
____________________
(3/291)
7
وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن كثير ( خلقه ) بإسكان اللام ونصبه في هذه القراءة على المصدر عند سيبويه مثل { صنع الله الذي أتقن كل شيء } وعند غيره على البدل من كل أي الذي أحسن خلق كل شيء وهما مفعولان على مذهب بعض النحويين بمعنى أفهم كل شيء خلقه و خلقه على أنه فعل ماض في موضع خفض نعت لشيء والمعنى على ما يروى عن ابن عباس أحكم كل شيء خلقه أي جاء به ما أراد لم يتغير عن إرادته وقول آخر أن كل شيء يخلقه يخلقه حسن لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله وهو دال على خالقه قال أبو إسحاق ويجوز الذي أحسن كل شيء خلقه بالرفع بمعنى ذلك خلقه ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) يعني آدم صلى الله عليه وسلم
8
مشتق من سللت الشيء وفعالة للقليل ( من ماء مهين ) قال أبو إسحاق أي ضعيف وقال غيره أي لا خطر له عند الناس
9
يعني الماء ( ونفخ فيه من روحه ) أي الذي يحيا به ( وجعل لكم السمع والأبصار ) فوحد السمع وجمع الأبصار لأن السمع في الأصل
____________________
(3/292)
مصدر ويجوز أن يكون واحدا يدل على جمع ( والأفئدة ) جمع فؤاد وهو القلب
10
ويقرأ ( أئنا ) في هذا سؤال صعب من العربية يقال ما العامل في إذ و إن لا يعمل ما بعدها فيما قبلها والسؤال في الاستفهام أشد لأن ما بعد الاستفهام أجدر أن لا يعمل فيما قبله من أن كيف وقد اجتمعا فالجواب على قراءة من قرأ ( إنا ) أن العامل ضللنا وعلى قراءة من قرأ ( أئنا ) أن العامل مضمر والتقدير أنبعث إذا متنا وفيه أيضا سؤال يقال أين جواب إذا على القراءة الأولى لأن فيها معنى الشرط فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا فلذلك جاز هذا وعن أبي رجاء وطلحة أنهما قرآ ( أئذا ضللنا ) وهي لغة شاذة وعن الحسن ( أئذا صللنا ) بالصاد وهكذا رواها الفراء وزعم أنها تروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يعرف صللنا يقال صل اللحم وأصل وخم وأخم إذا أنتن
11
قال أبو إسحاق هو من توفيه العدد أي يستوفي عددكم أجمعين
12
____________________
(3/293)
مبتدأ وخبر قال أبو إسحاق المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته والمعنى ولو ترون ومذهب أبي العباس غير هذا وأن يكون المعنى يا محمد قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك وحذف جواب لو والقول
13
مفعولان قيل في معناه قولان أحدهما أن سياق الكلام يدل على أنه في الآخرة أي لو شئنا لرددناهم إلى الدنيا والمحنة كما سألوا ( ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) أي حق القول مني لأعذبن من عصاني بعذاب جهنم وعلم الله جل وعز أنه لو ردهم لعادوا كما قال { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه }
14
في معناه قولان أحدهما أنه من النسيان الذي لا ذكر معه أي لم تعملوا لهذا اليوم فكنتم بمنزلة الناسين والآخر أن نسيتم بمعنى تركتم وكذا ( إنا نسيناكم ) واحتج محمد بن يزيد بقوله { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي } قال والدليل على أنه بمعنى ترك أن الله جل وعز أخبر عن إبليس أنه قال له { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين } فلو كان آدم صلى الله عليه وسلم ناسيا لكان قد ذكره وأنشد
____________________
(3/294)
( كأنه خارجا من جنب صفحته ** سفود شرب نسوه عند مفتأد )
أي تركوه ولو كان من النسيان لكانوا قد عملوا به مرة
15
أي إنما يؤمن بالعلاقات والبراهين والحجج الذين إذا ذكروا بها خضعوا لله وسبحوا بحمده ( وهم لا يستكبرون ) عن عبادته ولا الانقياد لما أبانه
16
في موضع نصب على الحال أو رفع لأنه فعل مستقبل ولم يتبين فيه الإعراب لأنه فعل مقصور ومعنى مقصور أنه قصر منه الإعراب ومعنى منقوص أنه نقص منه الإعراب ( يدعون ) في موضع نصب على الحال ( خوفا ) مفعول من أجله ويجوز أن يكون مصدرا ( وطمعا ) مثله أي خوفا من العذاب وطمعا في الثواب ( ومما رزقناهم ينفقون ) تكون ما بمعنى الذي وتكون مصدرا وفي كلا الوجهين يجب أن تكون منفصلة من من
17
ويقرأ ( ما أخفي لهم ) بإسكان الياء على أنه فعل مستقبل وفي قراءة عبد الله ( ما نخفي ) بالنون قال أبو إسحاق ويقرأ ( ما أخفي لهم )
____________________
(3/295)
بمعنى ما أخفى الله لهم فإن جعلت ما بمعنى الذي كانت في موضع نصب على الوجوه كلها وإن جعلتها بمعنى أي وقرأت بقراءة المدنيين كانت في موضع رفع وإن قرأت بغيرها كانت في موضع نصب ( جزاء ) مفعول من أجله أو مصدر
18
لأن لفظ من تؤدى عن الجماعة فلهذا قال لا يستوون هذا قول كثير من النحويين وقال بعضهم يستوون لاثنين إلا أن الاثنين جمع لأنه واحد جمع مع آخر والحديث يدل على هذا القول لأنه عن ابن عباس رحمه الله وغيره قال نزلت أفمن كان مؤمنا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه كمن كان فاسقا في الوليد بن عقبة بن أبي معيط
19
في موضع رفع بالابتداء فوصفه الله جل وعز بالإيمان وخبر الابتداء ( فلهم جنات المأوى ) والمعنى فله ولنظرائه فعلى هذا جاء الجمع وكذا
20 ظرف
21
لام قسم ( من العذاب الأدنى ) أي الأقرب وأكثر أهل التفسير على أنها المصيبات في الدنيا
22
____________________
(3/296)
أي لنفسه ( ممن ذكر بآيات ربه ) أي بحججه وعلاماته ( ثم أعرض عنها ) بترك القبول فأعلم أنه ينتقم منه فقال جل وعز ( إنا من المجرمين منتقمون )
23
مفعولان ( فلا تكن في مرية من لقائه ) قد ذكرناه وقد قيل إن معناه فلا تكن في شك من تلقي موسى صلى الله عليه وسلم الكتاب بالقبول وعن الحسن أنه قال في معناه ولقد آتينا موسى الكتاب فأوذي وكذب فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى وهو قول غريب إلا أنه من رواية عمرو بن عبيد
24
والكوفيون يقرؤون ( أمة ) وهو لحن عند جميع النحويين لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة وهو من دقيق النحو وشرحه أن الأصل أأممة ثم ألقيت حركة الميم الأولى على الهمزة وأدغمت الميم في الميم وخففت الهمزة الثانية لئلا تجتمع همزتان والجمع بين همزتين في حرفين بعيد فأما في حرف واحد فلا يجوز البتة إلا بتخفيف آدم وآخر وهذا آدم من هذا ( لما صبروا ) لصبرهم و ( لما صبروا ) أي حين صبروا جعلناهم أئمة
____________________
(3/297)
26
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة ( أو لم نهد لهم ) بالنون فهذه قراءة بينة والقراءة الأولى بالياء فيها إشكال لأنه يقال الفعل لا يخلو من فاعل فأين الفاعل ليهد فتكلم النحويون في هذا فقال الفراء كم في موضع رفع بيهد وهذا نقض لأصول النحويين في قولهم إن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولا في كم بوجه أعني ما قبلها ومذهب أبي العباس أن يهد يدل على الهدى فالمعنى أو لم يهد لهم الهدى وقيل المعنى ألو لم يهد الله لهم فيكون معنى الياء ومعنى النون واحدا وقال أبو إسحاق كم في موضع نصب بأهلكنا ( إن في ذلك لآيات ) في موضع نصب بأن ( أفلا يسمعون ) بمعنى أفلا يقبلون مثل سمع الله لمن حمده
27
روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال هي أرض اليمن وقال سفيان وحدثني معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هي أبين وقال الحكم بن أبان عن عكرمة إلى الأرض الجرز قال هي الظمأى وقال جويبر عن الضحاك إلى الأرض الجرز قال
____________________
(3/298)
الميتة العطشى وقال الفراء هي التي لا نبات فيها وقال الأصمعي الأرض الجرز التي لا تنبت شيئا قال محمد بن يزيد يبعد أن تكون إلا أرضا بعينها لدخول الألف واللام إلا أنه يجوز على قول ما قال ابن عباس والضحاك قال أبو جعفر الإسناد عن ابن عباس صحيح لا مطعن فيه وهذا إنما هو نعت والنعت للمعرفة يكون بالألف واللام وهو مشتق من قولهم رجل جروز إذا كان لا يبقي شيئا إلا أكله وحكى الفراء وغيره أنه يقال أرض جرز وجرز وجرز وكذلك بخل ورعب ورهب في الأربعة أربع لغات ( فنخرج به زرعا ) يكون معطوفا على نسوق أو منقطعا مما قبله ( تأكل منه أنعامهم ) في موضع نصب على النعت ( وأنفسهم ) أي ويأكلون منه والنفس في كلام العرب على ضربين أحدهما أنه يراد بها الانفصال والآخر أنه يراد بها جملة الشيء وحقيقته قال جل وعز { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } أي تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم ( أفلا يبصرن ) يكون ( ألا ) للتنبيه
28
متى في موضع رفع ويجوز أن تكون في موضع نصب على الظرف قال الفراء يعني فتح مكة وأولى من هذا ما قاله مجاهد قال
____________________
(3/299)
يعني يوم القيامة قال أبو جعفر ويوم فتح مكة قد نفع من آمن إيمانه ويروى أن المؤمنين قالوا سيحكم الله جل وعز بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء فقال الكفار على التهزي متى هذا الفتح أي هذا الحكم ويقال للحاكم فاتح وفتاح لأن الأشياء تتفتح على يديه وتنفصل وفي القرآن { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق }
29 على الظرف وأجاز الفراء الرفع
30
قيل معناه أعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به ( وانتظر إنهم منتظرون ) أي انتظر يوم الفتح يوم يحكم الله لك عليهم فإن قيل فكيف ينظرون يوم القيامة وهم لا يؤمنون به ففي هذا جوابان أحدهما أن يكون المعنى أنهم ينتظرون الموت وهو من أسباب القيامة فيكون هذا مجازا والآخر أن فيهم من يشك ومنهم من يوقن بالقيامة فيكون هذا لهذين الصنفين والله جل وعز أعلم
____________________
(3/300)
33
1
ضممت أيا لأنه نداء مفرد والتنبيه لازم لها والنبي نعت لأي عند النحويين إلا الأخفش فإنه يقول إنه صلة لأي وهو خطأ عند أكثر النحويين لأن الصلة لا تكون إلا جملة والاحتيال له فيما قال أنه لما كان نعتا لازما سماه صلة فهكذا الكوفيون يسمون نعت النكرة صلة لها وأجاز بعض النحويين النصب ( اتق الله ) حذفت الياء لأنه أمر ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) أي لا تطعهم فيما نهيت عنه ولا تمل إليهم ودل بقوله جل وعز ( إن الله كان عليما حكيما ) على أنه إنما كان يميل إليهم استدعاء لهم إلى الإسلام أي لو علم الله جل وعز أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنه لأنه حكيم
2 أي من اجتنابهم
3
____________________
(3/301)
أي في الخوف من ضررهم ( وكفى بالله وكيلا ) أي كافيا لك مما تخافه منهم وكيلا نصب على البيان أو على الحال
4
من زائدة للتوكيد وشبه هذا بالأول أنه لم يجعل للإنسان قلبين قلبا يخلص به لله جل وعز وقلبا يميل به إلى أعدائه ( وما جعل أزواجكم اللائي تظهرون منهن أمهاتكم ) مفعولان وهو مشتق من الظهر لأن الظهر موضع الركوب وكانت العرب تطلق بالظهار ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) أهل التفسير على أن هذا نزل في زيد بن حارثة وفي الحديث أن خديجة رضي الله عنها وهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبوه حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ مني فداه فقال له أنا أخيره فإن أراد أن يقيم عندي أقام وإن اختارك فخذه فاختار المقام فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم وقال هو ابني يرثني وأرثه ثم أنزل الله جل وعز وما جعل أدعياءكم أبناءكم أي ادعوهم لآبائهم قال ابن عمر ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد فنسب كل دعي إلى أبيه ( ذلكم قولكم بأفواهكم ) ابتداء وخبره أي هو قول بلا حقيقة ( والله يقول الحق ) أي القول الحق نعت لمصدر ويجوز أن يكون مفعولا
5
____________________
(3/302)
أي فهم إخوانكم ( ومواليكم ) عطف عليه ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ) قول قتادة هو أن ينسب الرجل إلى غير أبيه وهو يرى أنه أبوه قال أبو جعفر وقد قيل إن هذا مجمل أي وليس عليكم جناح في شيء أخطأتم به وكانت فتيا عطاء على هذا إذا حلف رجل ألا يفارق غريمه حتى يستوفي منه حقه فأخذ منه ما يرى أنه جيد من دنانير فوجدها زجاجا أنه لا شيء عليه وكذا عنده إذا حلف أنه لا يسلم على فلان فسلم عليه وهو لا يعرفه أنه لا يحنث لأنه لم يعمد لذلك ( ولكن ما تعمدت قلوبكم ) ما في موضع خفض ردا على ما التي مع أخطأتم ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ والتقدير ولكن الذي تؤاخذون به ما تعمدت قلوبكم
6
في معناه قولان أحدهما النبي أولى بالمؤمنين من بعضهم لبعض مثل { فاقتلوا أنفسكم } والآخر أنه إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ودعت النفس إلى غيره كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولى وفي الحديث أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي ( وأزواجه أمهاتهم ) أي في الحرمة ولا يحل لهم تزوجهن ( وأولوا الأرحام ) مبتدأ و ( بعضهم ) مبتدأ ثان أو بدل ( أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) يكون التقدير
____________________
(3/303)
وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين ويجوز أن يكون المعنى أولى من المؤمنين والمهاجرين ( إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول قال محمد بن الحنفية رحمة الله عليه نزلت في إجازة الوصية لليهودي والنصراني ( كان ذلك في الكتاب مسطورا ) أي مكتوبا في نسق كالسطر ويقال سطر والجمع أسطار ومن قال سطر قال أسطر وسطور يصلح لهما جميعا إلا أنه بالمسكن أولى وأكثر
7
قال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم قال على قومهم وعن أبي بن كعب قال هو مثل { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } الآية قال فأخذ ميثاقهم وعلى الأنبياء صلوات الله عليهم منهم النور كأنه السرج ثم أخذ ميثاق النبيين خاصة للرسالة قال وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم الآية قال ومن نوح ولم يقل ونوح لأن المظهر إذا عطف على المضمر المخفوض أعيد الحرف تقول مررت به وبزيد ( وإبراهيم ) عطف مظهر على مظهر فلم يعد الحرف وكذا ( وموسى وعيسى )
8 قد ذكرناه
9
____________________
(3/304)
وفي الحديث نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور وكان في هذه الريح أعظم الآيات والدلالات للنبي صلى الله عليه وسلم لأن الله جل وعز أرسل على أعدائه ريحا شديدة البرد فقطعت خيامهم وشغلتهم ببردها والمؤمنون حذاءهم لم يلحقهم منها شيء
10
والكوفيون يقرؤونها بغير ألف وذلك مخالف للمصحف وإن كان حسنا في العربية وأولى الأشياء في هذا أن يوقف عليه بالألف ولا يوصل لأنه إن وصل بالألف كان لاحنا وإن وصل بغير ألف كان مخالفا للمصحف وإذا وقف بالألف كان متبعا للسواد موافقا للأعراب لأن العرب تثبت هذه الألف في القوافي وتثبتها في الفواصل ليتفق الكلام
11
أي في ذلك الوقت اختبر المؤمنون واللام زائدة للتوكيد وإن كانت مكسورة والكاف للخطاب ( وزلزلوا زلزالا شديدا ) ويقال زلزال في المضاعف خاصة وغير المضاعف لا يجوز فيه الفتح ويقال دحرجته دحراجا
12
في موضع نصب بمعنى واذكر وكذا
____________________
(3/305)
13 قال أبو عبيدة يثرب اسم أرض والمدينة منها ( لا مقام لكم ) أي مكان يقيمون فيه وأنشد
( فأيي ما وأيك كان شرا ** فسيق إلى المقامة لا يراها ) وقرأ أبو عبد الرحمن والأعرج ( لا مقام لكم ) يكون مصدرا من أقام يقيم أو موضعا يقيمون فيه أو يقامون ( ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ) وقراءة أبي رجاء وتروى عن ابن عباس ( إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ) وهذا اسم الفاعل من عور يعور عورة ويجوز أن يكون مصدرا أي ذات عورة ويجوز أن يكون في موضع اسم الفاعل على السعة كما تقول رجل عدل أي عادل ويقال أعور المكان إذا تبينت فيه عورة وأعور الفارس إذا تبين منه موضع خلل ( إن يريدون إلا فرارا ) أي ليس قصدهم ما قالوا وإنما قصدهم للفرار
14
وهي البيوت أو المدينة ( ثم سئلوا الفتنة لأتوها ) هذه قراءة أهل الحرمين وقراءة أهل البصرة وأهل الكوفة ( لآتوها ) وهو اختيار أبي عبيد واحتج
____________________
(3/306)
بحديث الجماعة الذين فيهم بلال أنهم أعطوا الفتنة من أنفسهم غير بلال قال أبو جعفر الحديث في أمر بلال لا يشبه الآية لأن الله جل وعز خبر عن هؤلاء بهذا الخبر وبلال وأصحابه إنما أكرهوا وفي هذه الآية ولو دخلت عليهم من أقطارها أي لو دخل عليهم الكفار لجاؤوهم وهذا خلاف ما عاهدوا الله عليه وفي القصة
15 فهذا يدل على لأتوها مقصورا ( وما تلبثوا بها إلا يسيرا ) أي كان العذاب يأخذهم أو يهلكون
16
وفي بعض الروايات ( وإذا لا تمتعوا ) تنصب بإذن والرفع بمعنى لا تمتعون إذن فتكون إذن ملغاة ويجوز أعمالها فهذا حكمها إذا كان قبلها الواو أو الفاء فإن كانت مبتدأة نصبت بها فقلت إذن أكرمكم وروى سيبويه عن بعض أصحاب الخليل عن الخليل رحمه الله أن أن معها مضمرة وسماعه منه النصب بها فإن توسطت لم يجز أن تنصب عند البصريين تقول أنا إذن أكرمك وكنت إذن أكرمك وإني إذن أكرمك والفراء ينصب هنا أعني في إن خاصة وأنشد
____________________
(3/307)
( إني إذا أهلك أو أطيرا ** ) والشعر منصوب وعلته في إن أنها لا تنصرف
18
أي المعترضين لأن يصدوا الناس عن النبي مشتق من عاقني عن كذا أي صرفني عنه وعوق على التكثير ( والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ) على لغة أهل الحجاز وغيرهم يقول هلموا للجماعة وهلمي للمرأة لأن الأصل ها التي للتنبيه ضمت إليها لم ثم حذفت الألف استخفافا وبنيت على الفتح ولم يجز فيها الكسر ولا الضم لأنها لا تتصرف ومعنى هلم أقبل
19
نصب على الحال قال أبو إسحاق ونصبه عند الفراء من أربع جهات إحداهما أن يكون على الذم ويجوز عنده أن يكون نصبا يعوقون أشحة ويجوز عنده أن يكون التقدير والقائلين أشحة ويجوز عنده ولا يأتون البأس إلا قليلا يأتونه أشحة أي أشحة على الفقراء بالغنيمة جبناء قال أبو جعفر لا يجوز أن يكون العامل فيه المعوقين ولا القائلين لئلا يفرق بين الصلة والموصول ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ) وصفهم بالجبن وكذا سبيل الجبان ينظر يمينا وشمالا محددا بصره وربما غشي عليه ( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ) وحكى
____________________
(3/308)
الفراء ( صلقوكم ) بالصاد وخطيب مسلاق ومصلاق إذا كان بليغا ( أولئك لم يؤمنوا ) أي وإن كان ظاهرهم الإيمان فليسوا بمؤمنين لأن المنافق كافر على الحقيقة وصفهم الله جل وعز بالكفر ( وكان ذلك على الله يسيرا ) أي يقول الحق
20
أي لجبنهم وقرأ طلحة ( وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بدا في الأعراب ) يقال باد وبدا بالقصر مثل غاز وغزى ويمد مثل صائم وصوام وقرأ الحسن وعاصم الجحدري ( يساءلون عن أنبائكم ) والأصل يتساءلون ثم أدغم ( ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ) نعت لمصدر أو لظرف
21
أي في خروجه إلى الخندق وصبره وقرأ عاصم ( أسوة ) بضم الهمزة والكسر أكثر في كلام العرب والجمع فيهما جميعا واحد عند الفراء والعلة عنده في الضم على لغة من كسر في الواحد الفرق من ذوات الواو وذوات الياء فيقولون كسوة وكسى ولحية ولحى ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) لا يجوز عند النحويين الحذاق أن يكتب يرجو إلا بغير ألف إذا كان لواحد لأن العلة التي في الجمع ليست في الواحد ( وذكر الله كثيرا ) أي ذكرا كثيرا
____________________
(3/309)
22
ومن العرب من يقول راء على القلب ( قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ) إن جعلت ما بمعنى الذي فالهاء محذوفة وإن جعلتها مصدرا لم يحتج إلى عائد ( وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) قال الفراء وما زادهم النظر إلى الأحزاب قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول رأى يدل على الرؤية وتأنيث الرؤية غير حقيقي والمعنى وما زادهم الرؤية مثل من كذب كان شرا له
23
رفع بالابتداء وصلح الابتداء بالنكرة لأن صدقوا في موضع النعت قال أبو إسحاق ما في موضع نصب قال أبو جعفر يقال صدقت العهد أي وفيت به ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) من في موضع رفع بالابتداء وقد ذكرنا معناه
25
قال محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة رضي الله عنها قالت في قوله ورد الله الذين كفروا بغيظهم أبو سفيان وعيينة بن برد رجع أبو سفيان إلى تهامة وعيينة إلى نجد ( وكفى الله المؤمنين القتال ) بأن أرسل عليهم الريح حتى رجعوا فرجعت بنو قريظة إلى صياصيهم قال أبو جعفر فكفي أمر
____________________
(3/310)
بني قريظة بالرعب حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ رحمة الله عليه فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم ( وكان الله قويا ) أي لا يرد أمره ( عزيزا ) لا يغلب
وبين هذا في بني قريظة قال جل ثناؤه
26 قال محمد بن يزيد أصل الصيصية ما يمتنع به فالحصن صيصية ويقال لقرون البقر صياص لامتناعها وكذا يقال في شوكة الديك قال ويقال الشوكة الحائك صيصية تشبيها بها وأنشد
( كوقع الصياصي في النسيج الممدد ** ) ( فريقا ) نصب بتقتلون ( وفريقا ) نصب بتأسرون وحكى الفراء تأسرون بضم السين
27
لأن المهاجرين لم تكن لهم بالمدينة دور
28
نون المؤنث فيه وهي لا تحذف لأنه مبني ولو حذفت لأشكل قال الخليل رحمه الله الأصل في تعال ارتفع ثم كثر استعمالهم حتى قيل للمتعالي تعال أي انزل
____________________
(3/311)
31
قراءة أهل الحرمين والحسن وأبي عمرو وعاصم وقرأ سائر الكوفيين ( ويعمل صالحا ) وأبو عبيد يميل إلى هذه القراءة لأنه عطف على الأول وقد أجمعوا على الأول بالياء فقرءوا ومن يقنت قال أبو جعفر الثاني مخالف للأول لأن الأول محمول على اللفظ وليس قبله ما يتبعه والثاني قبله منكن وهذه النون للتأنيث فتعمل بالتاء أولى لأنه يلي مؤنثا وإن كان بالياء جائزا حسنا وبعده ( نونها أجرها مرتين ) بالتأنيث في السواد وكذا ( وأعتدنا لها رزقا كريما ) أهل التفسير على أن الرزق الكريم ههنا الجنة
32
ولم يقل كواحدة لأن أحدا نفي عام يقع للمذكر والمؤنث والجميع على لفظ واحد ( فلا تخضعن بالقول ) في موضع جزم بالنهي إلا أنه مبني كما بني الماضي هذا مذهب سيبويه وقال أبو العباس محمد بن يزيد حكاه لنا علي بن سليمان عنه ولا أعلمه في شيء من كتبه قال إذا اعتل الشيء من جهتين وهو اسم منع الصرف فإذا اعتل من ثلاث جهات بني لأنه ليس بعد ترك الصرف إلا البناء فهذا الفعل معتل من ثلاث جهات منها أن الفعل أثقل من الاسم وهو جمع والجمع أثقل من الواحد وهو للمؤنث والمؤنث أثقل من المذكر وهذا القول عند أبي إسحاق خطأ وقال يلزمه ألا يصرف فرعون إذا سمي به
____________________
(3/312)
امرأة لأن فيه ثلاث علل ( فيطمع الذي في قلبه مرض ) منصوب لأنه جواب النهي وقد بيناه بأكثر من هذا وحكى أبو حاتم أن الأعرج قرأ ( فيطمع الذي في قلبه مرض ) بفتح الياء وكسر الميم قال أبو جعفر أحسب هذا غلطا وأن يكون قرأ ( فيطمع الذي ) بفتح الميم وكسر العين يعطفه على يخضعن وهذا وجه جيد حسن ويجوز فيطمع الذي بمعنى فيطمع الخضوع أو القول ( وقلن قولا معروفا )
33
هذه قراءة أبي عمرو والأعمش وحمزة والكسائي وقرأ أهل المدينة وعاصم ( وقرن ) بفتح القاف و قرن بكسر القاف فيه تقديران أما مذهب الفراء وأبي عبيد فإنه من الوقار ويقال وقر يقر وقورا إذا ثبت في منزله والقول الآخر أن يكون من قر في المكان يقر بكسر القاف فيكون الأصل وقررن حذفت الراء الأولى استثقالا للتضعيف وألقيت حركتها على القاف فصار وقرن كما يقال ظلت أفعل بكسر الظاء فأما و قرن فقد تكلم فيه جماعة من أهل العربية فزعم أبو حاتم أنه لا مذهب له في كلام العرب وزعم أبو عبيد أن أشياخه كانوا ينكرونه من كلام العرب قال أبو جعفر أما في قول أبي عبيد إن أشياخه أنكروه ذكر هذا في كتاب القراءات فإنه قد حكى في الغريب المصنف نقض هذا حكي عن الكسائي أن أهل الحجاز يقولون قررت في
____________________
(3/313)
المكان أقر والكسائي من أجل مشايخه ولغة أهل الحجاز هي اللغة القديمة الفصيحة وأما قول أبي حاتم أنه لا مذهب له فقد خولف فيه وفيه مذهبان أحدهما ما حكاه الكسائي والآخر ما سمعت علي بن سليمان يقوله قال هو من قررت به عينا أقر فالمعنى واقررن به عينا في بيوتكن وهذا وجه حسن إلا أن الحديث يدل على أنه من الأول كما روي أن عمار قال لعائشة رضي الله عنهما إن الله جل وعز أمرك أن تقري في منزلك فقالت يا أبا اليقظان ما زلت قوالا بالحق فقال الحمد لله الذي جعلني كذلك على لسانك ( ولا تبرجن ) قال أبو العباس حقيقة التبرج إظهار الزينة وإظهار ما ستره أحسن وهو مأخوذ من السعة يقال في أسنانه تبرج إذا كانت متفرقة قال و الجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء قال وكانت النساء في الجاهلية الجهلاء يظهرون ما يقبح إظهاره حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخلمها فينفرد خلمها بما فوق الإزار إلى الأعلى وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى الأسفل وربما سأل أحدهما صاحبه البدل ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال أبو إسحاق قيل يراد به نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقيل يراد به نساؤه وأهله الذين هم أهل بيته قال أبو جعفر والحديث في هذا مشهور عن أم سلمة وأبي سعيد الخدري أن هذا نزل في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وكان عليهم كساء وقوله عنكم يدل على أنه ليس للنساء خاصة قال أبو إسحاق أهل البيت نصب على المدح قال
____________________
(3/314)
وإن شئت على النداء قال ويجوز الرفع والخفض قال أبو جعفر إن خفضت على أنه يدل من الكاف والميم لم يجز عند محمد بن يزيد قال لا يبدل من المخاطب ولا من المخاطب لأنهما لا يحتاجان إلى تبيين ( ويطهركم تطهيرا ) مصدر فيه معنى التوكيد حولت المخاطبة على الحديث المروي إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقال جل وعز
34
خففت النون الأولى لأنها بمنزلة واو المذكر تقول في المذكر واذكروا وثقلت في الثاني لأنها بمنزلة الميم والواو في قولك في بيوتكم إلا أن الواو يجوز حذفها لثقلها وإن قبلها ميما يدل عليها ( من آيات الله والحكمة ) أكثر أهل التفسير على أن الحكمة ههنا السنة وبعضهم يقول هي من الآيات
35
اسم إن ( والمسلمات ) عطف عليه ويجوز رفعهن عند البصريين فأما الفراء فلا يجيزه إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب ( والحافظين فروجهم والحافظات ) التقدير والحافظاتها ثم حذف ويجوز على هذا ضربني وضربت زيد فإن لم تحذف قلت وضربته ومثله ونخلع ونترك من يفجرك وإن لم تحذف قلت وتتركه وحكى سيبويه متى ظننت أو قلت زيدا منطلقا فإن لم تحذف قلت متى ظننت أو قلت هو زيدا منطلقا وإن شئت قلت متى ظننت أو قلته زيدا منطلقا فهذا كله على أعمال الأول فإن أعملت الثاني قلت متى ظننت أو قلت زيد منطلق هذه اللغة الجيدة وإن شئت قلت متى ظننت أو قلت زيدا منطلقا على أعمال الثاني وتكون قلت عاملة كظننت
____________________
(3/315)
( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ) مثله قال مجاهد لا يكون ذاكرا الله كثيرا جل وعز قائما وجالسا ومضطجعا وقال أبو سعيد الخدري من أيقظ أهله بالليل فصليا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات
36
قال الحسن ليس لمؤمن ولا مؤمنة إذا أمر الله بأمر ورسوله بأمر أن يعصياه وقرأ الكوفيون ( أن يكون لهم الخيرة ) وهو اختيار أبي عبيد لأنه قد فرق بين المؤنث وبين فعله قال أبو جعفر القراءة بالياء جائزة فأما أن تكون مقدمة على التاء فلأن اللفظ مؤنث فتأنيث فعله حسن والتذكير على أن الخيرة بمعنى التخير
37
في موضع نصب وهي غير معربة لأنها لا تتمكن ( للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ) قال بعض العلماء لم يكن هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ألا ترى أنه لم يؤمر بالتوبة ولا بالاستغفار منه وقد يكون الشيء ليس بخطيئة إلا أن غيره أحسن منه وأخفى ذلك في نفسه خشية أن يفتن الناس
38
من زائدة للتوكيد ( سنة الله ) مصدر لأن قبله ما هو بمعنى سن ذلك
____________________
(3/316)
39
قال أبو إسحاق الذين في موضع جر على النعت لقوله الذين خلوا من قبل قال ويجوز أن يكون في موضع رفع قال ويجوز أن يكون في موضع نصب على المدح
40
وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولاد منهم إبراهيم والقاسم والطيب والحسن والحسين رضي الله عنهم ولدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن عيسى عليه السلام من ولد آدم صلى الله عليه وسلم ففي هذا جوابان أحدهما وهو قول أبي إسحاق أن المعنى ما كان محمد أبا أحد ممن تبناه ولكنه أبو أمته في التبجيل والتعظيم وإن نساءه رضي الله عنهن عليهم حرام وجواب آخر يكون هذا على الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم في وقت نزلت فيه هذه الآية لم يكن أبا أحد من الرجال ومن ذكرنا من إبراهيم والقاسم والطيب ماتوا صبيانا ( ولكن رسول الله ) قال الأخفش والفراء أي ولكن كان رسول الله وأجاز ( ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) بالرفع على إضمار مبتدأ وزعم الفراء أنه قد قرىء به وقرأ الحسن والشعبي وعاصم ( وخاتم النبيين ) بفتح التاء أي آخر النبيين كما قرأ علقمة بن قيس ( خاتمه مسك ) أي آخره وخاتم من ختم فهو خاتم وفي قراءة عبد الله ( ولكن نبيا ختم النبيين ) ويقال للذي يلبس خاتم وخاتم وخيتام وخاتام ( وكان الله بكل شيء عليما ) خبر كان والتقدير عليم بكل شيء
____________________
(3/317)
42
قال محمد بن يزيد الأصيل العشي وجمعه أصائل والأصل بمعنى الأصيل وجمعه آصال وقال غيره أصل جمع أصيل كرغيف ورغف
43
الأصل في الصلاة عند أهل اللغة الدعاء كما قال الأعشى
( عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ** يوما فإن لجنب المرء مضطجعا ) أي الزمي مثل الدعاء الذي دعوت لي به لأن قبله
( تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ** يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا ) ويروى عليك مثل الذي صليت أي عليك مثل دعائك وسميت الصلاة صلاة لما فيها من الدعاء ولهذا وغيره يقول فقهاء أهل المدينة يدعو في صلاته بما أراد إلا أن محمد بن يزيد زعم أن أصل الصلاة الترحم وأخرجها كلها من باب واحد والصلاة من الله رحمته عباده ومن الملائكة رقة لهم واستدعاء الرحمة من الله جل وعز إياهم والصلاة من الناس لطلب الرحمة من الله جل وعز بأداء الفرض أو النفل إلا أن في الحديث أن بني إسرائيل سألوا صلى الله عليه وسلم أن يصلي ربك جل وعز فأعظم ذلك فأوحى جل وعز إليه أن صلاتي أي رحمتي سبقت
____________________
(3/318)
غضبي ( ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) قال الضحاك الظلمات الكفر و النور الإيمان ويجوز الظلمات تبدل من الضمة فتحة لخفة الفتحة إلا أن الكسائي كان يقول ظلمات جمع ظلم وظلم جمع ظلمة ومن قال ظلمات حذف الضمة لثقلها
44
مبتدأ وخبر وأجل ما روى فيه أن البراء بن عازب قال تحيتهم يوم يلقونه سلام يسلم ملك الموت على المؤمنين عند قبض روحه لا يقبض روحه حتى يسلم عليه وتأوله أبو إسحاق على أن هذا في الجنة واستشهد بقوله تحيتهم فيها سلام وفرق محمد بن يزيد بين التحية والسلام فقال التحية تكون لكل دعاء والسلام فخصوص ومنه { ويلقون فيها تحية وسلاما }
45
نصب على الحال قال سعيد عن قتادة شاهدا على أمته بالبلاغ و مبشرا بالجنة و نذيرا من النار
46
أي إلى شهادة أن لا إله إلا الله ( بإذنه ) قال بأمره ( وسراجا منيرا ) قال كتاب الله جل وعز قال أبو جعفر التقدير على قوله وداعيا إلى توحيد الله جل وعز وذا سراج أي ذا كتاب بين وأجاز أبو إسحاق أن يكون بمعنى وتاليا كتابا
____________________
(3/319)
47
والباء تحذف من مثل هذا ولا يجوز دخول اللام في الخبر
48
تأوله أبو إسحاق بمعنى دع الأذى الذي يؤذونك به أي لإنجازهم عليه حتى تؤمر فيهم بشيء وتأوله غيره لا تؤذهم وكان هذا عنده من قبل أن يؤمر بالقتال
49 من زائدة للتوكيد
50
عطف أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة ( إن وهبت نفسها للنبي ) قال أبو إسحاق إن وهبت نفسها للنبي حلت له وقرأ الحسن ( أن وهبت ) بفتح الهمزة و إن في موضع نصب قال أبو إسحاق فهي لأن وهبت وقال غيره إن وهبت بدل الاشتمال من امرأة ( خالصة ) نصب على الحال ( قد علمنا ما فرضنا عليكم في أزواجكم وما ملكت أيمانهم ) قال قتادة الذي فرض جل وعز عليهم في أزواجهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين وصداق وأن لا يتزوج الرجل أكثر من أربع وقال غيره يدل على هذا { وأنكحوا الأيامى منكم } { ولا تعضلوهن } { وأشهدوا ذوي عدل منكم } مع ما يقوي ذلك الحديث عن النبي
____________________
(3/320)
صلى الله عليه وسلم و ما ملكت أيمانهم فالذي فرض فيه ألا يحل من النساء إلا سبي من لا ذمة له ( لكي لا يكون عليك حرج ) أي لا تتعد هذا وقيل هو راجع على قوله ( إنا أحللنا لك أزواجك ) وما بعده
51
بالهمز من أرجأت الأمر إذا أخرته ويقرأ ( ترجي ) بغير همز وقد تكلم النحويون في الحيلة له فقال بعضهم هي لغة وإن كانت ليست بالفصيحة ومنهم من قال على بدل الهمز على لغة من قال قريت قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول الصحيح من قول سيبويه أنه لا يجيز بدل الهمز لأن أبا زيد قال له من العرب من يقول في قرأت قريت مثل رميت فقال سيبويه كيف يقولون في المستقبل قال يقولون يقراه قال له سيبويه كان يجب أن يقولوا يقرى مثل رميت أرمي قال أبو الحسن وهذا من كلام سيبويه يدل على أنه لا يجوز عنده قال وسمعت محمد بن يزيد يقول هو من رجا يرجو مشتق يقال رجا وأرجيته أي جعلته يرجو ( ذلك أدنى أن تقر أعينهن ) قد ذكرناه وقيل فيه ذلك أقرب ألا يحزن إذا لم تجتمع أحداهن مع الأخرى وتعاين الأثرة والميل ( ويرضين بما آتيتهن كلهن ) على توكيد المضمر أي ويرضين كلهن وأجاز أبو حاتم وأبو إسحاق ( ويرضين بما آتيتهن كلهن ) على التوكيد للمضمر الذي في آتيتهن والفراء لا يجيزه لأن المعنى ليس عليه إذ كان المعنى وترضى كل
____________________
(3/321)
واحدة منهن وليس المعنى بما أتيتهن كلهن قال أبو جعفر والذي قال حسن
52
قال الفراء اجتمعت القراء على القراءة بالياء ( لا يحل لك ) وزعم أنه لو كان لجميع النساء لكان بالتاء أجود وقال أبو جعفر وهذا غلط بين وكيف يقال اجتمعت القراء على الياء وقد وقد قرأ أبو عمرو بالتاء بلا اختلاف عنه وإذا كان لجماعة النساء كان بالياء جائزا حسنا وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول من قرأ ( لا تحل لك النساء ) قدره بمعنى جماعة النساء ومن قرأ بالياء قدره بمعنى جميع النساء والفراء يقدره إذا كان بالياء لا يحل لك شيء من النساء فحمل التذكير على هذا ( إلا ما ملكت يمينك ) في موضع رفع على البدل من النساء ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ) في موضع رفع عطفا على النساء أي لا يحل لك النساء التبدل بهن ومن قال أن الآية لا يجوز فإنما أجاز ذلك لأنها في معنى النهي وإن كان لفظهما لفظ الأخبار لا يجوز أن تنسخ
53
إن في موضع نصب على معنى إلا بأن يؤذن لكم ويكون استثناء ليس من الأول ( إلى طعام غير ناظرين إناه ) نصب على الحال أي لا تدخلوا في هذه الحال ولا يجوز في غير الخفض على النعت للطعام لأنه لو كان نعتا لم يكن بد
____________________
(3/322)
من إظهار الفاعلين وكان يكون ( غير ناظرين إناه ) أنتم ونظير هذا من النحو هذا رجل مع رجل ملازم له وإن شئت قلت هذا رجل ملازم له هو ومررت برجل معه صقر صائد به وإن شئت قلت صائد به هو ( ولكن إذا دعيتم فادخلوا ) الفاء في جواب إذا لازمة لما فيها من معنى المجازاة ( ولا مستأنسين لحديث ) في موضع نصب عطفا على غير ويجوز أن يكون خفضا عطفا على ما بعد غير ( فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق ) قال أبو إسحاق ويقال يستحي بياء واحدة تحذف الياء تخفيفا قال أبو جعفر وقد ذكرت هذا في السورة التي تذكر فيها البقرة ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ) في موضع رفع اسم كان ( ولا أن تنكحوا ) معطوف عليه
56
عطف وحكى وملائكته بالرفع وأجاز الكسائي على هذا إن زيدا وعمرو منطلقان ومنع هذا جميع النحويين غيره قال أبو جعفر وسمعت علي بن سليمان يقول الآية لا تشبه ما أجازه لأنك لو قلت إن زيدا وعمرو منطلقان أعملت في منطلقين شيئين وهذا محال والتقدير في الآية إن الله جل وعز يصلي على النبي وملائكته يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ثم حذفت من الأول لدلالة الثاني والذي قال حسن ولقد قال بعض أهل النظر في قراءة من قرأ ( إن الله وملائكته ) بالنصب مثال ما قال علي بن سليمان في الرفع قال لأن يصلون إنما هو للملائكة خاصة لأنه لا يجوز أن يجتمع ضمير لغير الله جل وعز مع الله إجلالا له وتعظيما ولقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت وأنكر ذلك وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له قل ما شاء الله ثم شئت
____________________
(3/323)
57
الذين في موضع نصب وما بعده صلته وهو يقع لكل غائب مذكر وأخواته من و ما و أي ومؤنثه التي فإذا قلت رأيت من في الدار كان للآدميين خاصة وإذا قلت رأيت الذي في الدار كان مبهما للآدميين وغيرهم وإذا قلت رأيت ما في الدار كان لما لا يعقل خاصة ولنعت ما يعقل لو قال قائل ما عندك فقلت كريم كان حسنا قال محمد بن يزيد ولو قلت رجل كان جائزا لأنه داخل في الأجناس ولا يجوز أن تقول زيد ولا عمرو إلا أن من وما يكونان في الاستفهام والجزاء بغير صلة لأنك لو وصلتهما في الاستفهام كنت مستفهما عما تعرفه والجزاء مبهم لا يختص شيئا دون شيء فلهذا لم تجز فيه الصلة و يؤذون مهموز لأنه من آذى والأصل بين مهموز مثل آمن فإن خففت الهمزة أبدلت منها واوا فقلت يوذون لأنه لا سبيل إلى أن يجعلها بين بين لأنها ساكنة
58
في موضع رفع بالابتداء ويجوز أن يكون في موضع نصب على العطف
59
واحدها زوج يقال للمرأة زوج وزوجة والفصيح الكثير بغير هاء وبها جاء كل ما في القرآن ولا يجوز أن تجمع زوجة على أزواج إنما أزواج جمع زوج مثل حوض وأحواض والأصل زوج مثل فلس وأفلس استثقلوا الحركة في الواو وقد جاء في فعل أفعال فردوه إليه فقالوا أزواج وأحواض وللكثير
____________________
(3/324)
حياض وزياج وفي قولهم زوج بغير هاء قولان أحدهما أن تأنيثه تأنيث صيغة مثل عقرب وعناق وليس بجار على الفعل فيلزمه الهاء والجاري على الفعل متزوجة والقول الآخر أن العرب تقول لكل مقترنين زوجان يقال للخفين زوجان وكذا النعلان والمقرضان والمقصان قال الله جل وعز { احمل فيها من كل زوجين اثنين } وقال جل وعز { وآخر من شكله أزواج } ( وبناتك ) جمع مسلم وهو جمع بنة مثل هنة وهنات والمحذوف منه ياء وقد قال بعض النحويين المحذوف منه واو واستدل بقولهم البنوة قال أبو جعفر وهذا لعمري مما تقع فيه المغالطة لأنه ليس فيه دليل لأنهم قد قالوا الفتوة وهو من ذوات الياء يدلك على ذلك قوله جل وعز { ودخل معه السجن فتيان } قال أبو جعفر وأحسن ما سمعت فيه قول أبي إسحاق قال هو عندي مشتق من بنى يبني ( ونساء المؤمنين ) قيل نساء جمع جواب للأمر والأمر محذوف والتقدير عند المازني قل لهن أدنين يدنين ( من جلابيبهن ) عن ابن مسعود وابن عباس الجلباب الرداء قال محمد بن يزيد الجلباب كل ما ستر من ثوب أو ملحفة أي يرخين على وجهوههن منه ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) أي يعرفن بالستر والصيانة
60
____________________
(3/325)
أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد كما روى سفيان بن سعيد عن منصور عن أبي رزين قال المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة هم شيء واحد يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء وعن ابن عباس والذين في قلوبهم مرض قال فجور وشك قال لئن لم ينتهوا عن أذى النبي وعن أذى النساء وفي هذه الآية للعلماء غير قول فمنها أنه لم ينتهوا وأن الله جل وعز قد أغراه بهم لأنه قد قال جل وعز { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } وأنه أمره بلعنهم فهذا هو الإغراء فهذا قول وقال أبو العباس محمد بن يزيد قد أغراه بهم في الآية التي تلي هذه مع اتصال الكلام بها وهو قوله جل وعز
61 فهذا فيه معنى الأمر بقتلهم وأخذهم أي هذا حكمهم وهذا أمرهم أن يؤخذوا ويقتلوا إذ كانوا مقيمين على النفاق والأرجاف وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس يقتلن في الحرم فهذا فيه معنى الأمر كالآية سواء وهذا من أحسن ما قيل وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس يقتلن في الحرم ( لنغرينك ) لام القسم واليمين واقعة عليها وأدخلت اللام في إن توطئه لها ( ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ) فكان الأمر كما قال جل وعز لأنهم لم يكونوا إلا أقلاء فهذا أحد جوابي الفراء وهو الأولى عنده أي إلا في حال قتلهم والجواب الآخر أن يكون
____________________
(3/326)
المعنى إلا وقتا قليلا
61
هذا تمام الكلام عند محمد بن يزيد وهو منصوب على الحال أي ثم لا يجاورونك إلا أقلاء عن بعض النحويين أنه قال يكون المعنى أينما أخذوا ملعونين وهذا خطأ لا يعمل ما كان مع المجازاة فيما قبله
62
نصب على المصدر أي سن الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل
64
65
فأنث لأن السعير بمعنى النار
66
وحكى الفراء يوم تقلب بمعنى تتقلب ويوم نقلب وجوههم في النار ( يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ) هذه الألف تقع في الفواصل لتتفق فيوقف عليها ولا يوصل بها
____________________
(3/327)
وقرأ الحسن
67 بكسر التاء لأنه جمع مسلم لسادة وكان في هذا زجر عن التقليد
وقرأ عاصم وابن عامر
68 و ( كثيرا ) في هذا أشبه كما قال جل وعز { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } وهذا اللعن كثير
69
خبر كان ولو قلت كان عبد الله عندنا جالسا كان في نصبه وجهان يكون خبر كان ويكون على الحال والوجيه عند العرب العظيم القدر الرفيع المنزلة ويروى أنه كان إذا سأل الله شيئا أعطاه إياه
70
قال الحكم بن أبان عن عكرمة قولوا سديدا قال لا إله إلا الله وما أشبهها من الصدق والصواب قال أبو جعفر الاسم من هذا السداد بفتح السين وقد استد فلان القياس من فعله سد والأصل سدد فأما السداد بكسر السين فما غطي به الشيء وهو سداد من عوز
72
____________________
(3/328)
قد ذكرناه ومن حسن ما قيل في معناه أن معنى عرضنا أظهرنا كما تقول عرضت الجارية على البيع والمعنى أنا عرضنا الأمانة وتضييعها على أهل السموات وأهل الأرض من الملائكة والجن والإنس فأبين أن يحملنها أي أن يحملن وزرها كما قال جل وعز { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } وحملها الإنسان قال الحسن يراد به الكافر والمنافق قال ( إنه كان ظلوما ) لنفسه ( جهولا ) بربه فيكون على هذا الجواب مجازا مثل وسئل القرية وفيه جواب آخر على أن يكون حقيقة أنه عرض على السموات والأرض والجبال الأمانة وتضييعها وهي الثواب والعقاب أي اظهر لهن ذلك فلم يحملن وزرها وأطعن فيما أمرن به وما سخرن له وحملها الإنسان على ما مر من الجواب الذي تقدم
73
أي بالحجج القائمة عليهم من عرض الأمانة عليهم وهي إظهار ما أظهر لهم من الوعيد قال عبد الله بن مسعود الأمانة الصلاة والصيام وغسل الجنابة وعن أبي بن كعب قال من الأمانة أن المرأة أوتمنت على فرجها وفي حديث مرفوع الأمانة الصلاة إن شئت قلت صليت وإن شئت قلت لم أصل وكذا الصيام وغسل الجنابة وقرأ الحسن ( ويتوب الله ) بالرفع يقطعه من الأول أي يتوب عليهم بكل حال ( وكان الله غفورا رحيما ) خبر بعد خبر لكان ويجوز أن يكون نعتا لغفور ويجوز أن يكون حالا من المضمر
____________________
(3/329)
34
1
الذي في موضع خفض على النعت أو البدل ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ وأن يكون في موضع نصب بمعنى أعني وحكى سيبويه الحمد لله أهل الحمد بالنصب والرفع والخفض ( وهو الحكيم الخبير ) مبتدأ وخبره
2 في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون مستأنفا
3
قسم والجواب ( لتأتينكم ) وقرأ أهل المدينة ( عالم الغيب ) بالرفع لأن جواب القسم قد تقدم فحسن الرفع بالابتداء والخبر ما بعده ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ ويجوز النصب بمعنى أعني وقرأ أبو عمرو وعاصم ( عالم الغيب ) على النعت وقرأ سائر الكوفيين ( علام الغيب ) بالخفض
____________________
(3/331)
على النعت أيضا فعالم يكون للقليل والكثير وعلام للكثير لا غير والمستعمل وإلا شبه في مثل هذا عالم الغيب فإن قلت علام الغيوب كان علام أشبه وقرأ يحيى بن وثاب والكسائي ( لا يعزب ) بكسر الزاي يقال عزب يعزب ويعزب قال الفراء والكسر أحب إلي وهي قراءة الأعمش ( ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) بالفتح تعطفهما على ذرة وقراءة العامة بالرفع على العطف على مثقال
4 منصوب بلام كي والتقدير لتأتينكم ليجزي
وقرأ طلحة وعيسى
5 بالرفع على النعت لعذاب
6
في موضع نصب معطوف على ليجزي ويجوز أن يكون في موضع رفع على أنه مستأنف ( الذين ) في موضع رفع بيرى ( أوتوا العلم ) خبر ما لم يسمى فاعله ( الذي ) في موضع نصب على أنه مفعول أو ليرى ( هو الحق ) مفعول ثان وهو فاصلة والكوفيون يقولون عماد ويجوز الرفع على أن يكون هو مبتدأ و الحق خبره والنصب أكثر فيما كانت فيه الألف واللام عند جميع النحويين وكذا ما كان نكرة لا تدخله الألف واللام فيشبه المعرفة فإن كان الخبر
____________________
(3/332)
اسما معروفا نحو قولك كان أخوك هو زيد وزعم الفراء أن الاختيار فيه الرفع وكذا كان أبو محمد هو عمرو وعله في اختياره الرفع أنه لما لم يكن فيه ألف ولام أشبه النكرة في قوله كان زيد هو جالس لأن هذا لا يجوز فيه إلا الرفع
7
وإن شئت أدغمت اللام في النون لقربها منها ( ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق ) والمعنى يقول لكم و إذا في موضع نصب والعامل فيها مزقتم ولا يجوز أن يكون العامل فيها ينبئكم لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد أن لأنه لا يعمل فيما قبله وأجاز أبو إسحاق أن يكون العامل فيها محذوفا والتقدير إذا مزقتم كل ممزق بعثتم
8
لما دخلت ألف الاستفهام واستغنيت عن ألف الوصل فحذفتها وكان فتح ألف الاستفهام فرقا بينها وبين ألف الوصل
10
مفعولان ( يا جبال أوبي معه والطير ) أي رجعي الحنين فكانت الجبال تجيبه إذا تلا الزبور وهو من آب يؤوب إذا رجع ( والطير ) بالرفع قراءة
____________________
(3/333)
الأعرج وأبي عبد الرحمن والرفع من جهتين أحداهما على العطف على جبال والأخرى على العطف على المضمر الذي في أوبي وحسن ذلك لأن بعده معه والنصب عند أبي عمرو بن العلاء بمعنى وسخرنا له الطير وقال الكسائي هو معطوف على فضلا أي آتيناه الطير وعند سيبويه معطوف على الموضع أي نادينا الجبال والطير ويجوز أن يكون مفعولا معه كما تقول استوى الماء والخشبة أي مع الخشبة قال أبو جعفر سمعت أبا إسحاق يجيز قمت وزيدا ( وألنا له الحديد ) قيل إنه أول من سخر له الحديد وقيل أعطي من القوة أنه كان يثني الحديد والله جل وعز أعلم بذلك وقال الحسن وكان داود صلى الله عليه وسلم يأخذ الحديد فيكون في يده مثل العجين فيعمل منه الدروع
11
لأبي إسحاق فيه جوابان أحدهما أن تكون أن بمعنى أي مفسرة تؤدي عن معنى قلنا له اعمل والجواب الآخر أن يكون في موضع نصب أي وألنا له الحديد لها ووصلت أن يلفظ الأمر ( سائغات ) في موضع نصب وأقيمت الصفة مقام الموصوف أي اعمل دروعا سابغات والدروع مؤنثة إذا كانت للحرب ودرع المرأة مذكر ( وقدر في السرد ) قال ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قدر المسمار لا يكون دقيقا فيسلس ولا غليظا فيفصمها
12
____________________
(3/334)
جعله الكسائي نسقا على وألنا له الحديد وقال المعنى وألنا لسليمان الريح وقال أبو إسحاق التقدير وسخرنا لسليمان الريح وقرأ عاصم ( ولسليمان الريح ) بالرفع بالابتداء أو بالاستقرار أي لسليمان الريح ثابتة وفيه ذلك المعنى فإن قال قائل إذا قلت أعطيت زيدا دينارا ولعمرو درهم فرفعت لم يكن فيه كمعنى الأول وجاز أن يكون لم تعطه الدرهم قيل الأمر كذا الآية على خلاف هذا من المعنى قد علم أنه لم يسخرها أحد غير الله جل وعز ( غدوها شهر ) أي مسيرة شهر وكذا ( ورواحها شهر ) وروى الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان سليمان صلى الله عليه وسلم إذا جلس نصبت حواليه أربعمائة ألف كرسي ثم جلس رؤساء الإنس مما يليه وجلس سفلة الإنس مما يليهم وجلس رؤساء الجن مما يلي سفلة الإنس وجلس سفلة الجن مما يليهم وموكل بكل كرسي طائر يعمل بعينه ثم تقلهم الريح والطير تظلهم من الشمس فيغدو من بيت المقدس إلى اصطخر فيقيل بها ثم يروح من اصطخر فيبيت في بيت المقدس ثم قرأ ابن عباس ( غدوها شهر ورواحها شهر ) ( ومن الجن من يعمل بين يديه ) من في موضع نصب بمعنى وسخرنا ويجوز أن يكون في موضع رفع كما تقدم في الريح ( ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ) شرط وجوابه و من في موضع رفع بالابتداء وهو تام
____________________
(3/335)
13
لم ينصرفا لأن هذا الجمع ليس له نظير في الواحد ولا يجمع كما يجمع غيره من الجموع والمحراب في اللغة كل موضع مرتفع وقيل للذي يصلي إليه محراب لأنه يجب أن يرفع ويعظم وقال الضحاك من محاريب أي من مساجد وتماثيل قال صور فقال قوم عمل الصور جائز لهذه الآية ولما أخبر الله جل وعز عن المسيح صلى الله عليه وسلم وقال قوم قد صح النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عنها والتوعد لمن عملها أو اتخذها فنسخ صلى الله عليه وسلم هذا ما كان مباحا قبله وكانت في ذلك الحكمة لأنه بعث صلى الله عليه وسلم والصور تعبد وكان الأصلح إزالتها ( وجفان كالجوابي وقدور راسيات ) الأولى أن يكون بالياء ومن حذف الياء قال سبيل الألف واللام أن يدخلا في النكرة فلا يغيرها عن حالها فلما كان يقال جواب ودخلت الألف واللام أقر على حاله بحذف الياء وواحد الجوابي جابية وهي القدر العظيمة والحوض الكبير الذي يجبى إليه الشيء أن يجمع ومنه جبيت الخراج وجبيت الجراد أي جعلت كساء فجمعته فيه إلا أن ليثا روى عن مجاهد قال الجوابي جمع جوبة قال أبو جعفر الجوية الحفرة الكبيرة تكون في الجبلى يجتمع فيها ماء المطر وقدور راسيات قال سعيد بن جبير هي قدور النحاس تكون بفارس قال الضحاك هي قدور كانت تعمل من حجارة الجبال ( اعملوا آل داود شكرا ) أي يقال لهم آل داود نداء مضاف ونصب شكر عند أبي إسحاق من جهتين إحداهما اعملوا للشكر أي لتشكروا الله
____________________
(3/336)
جل وعز والأخرى أن يكون التقدير اشكروا شكرا ( وقليل من عبادي الشكور ) مبتدأ وخبره والشكور على التكثير لا غير وشاكر يقع للقليل والكثير والشكر لا يكون إلا في شيء بعينه والحمد أعم منه
14
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وقرأها الكوفيون بالهمز واشتقاقها يدل على أنها مهموزة لأنها مشتقة من نسأته أي أخرته ودفعته فقيل لها منسأة لأنه يدفع بها الشيء ويؤخر قال مجاهد وعكرمة هي العصا فمن قرأ ( منساته ) أبدل من الهمزة ألفا فإن قال قائل الأبدال من الهمزة قبيح إنما يجوز في الشعر على بعد وشذوذ وأبو عمرو بن العلاء لا يغيب عنه مثل هذا ولا سيما وأهل المدينة على هذه القراءة فالجواب عن هذا أن العرب استعملت في هذه الكلمة البدل ونطقوا بها هكذا كما يقع البدل في غير هذا ولا يقاس عليه حتى قال أبو عمرو ولست أدري مم هي إلا أنها غير مهموزة وهذا كلام العلماء لأن ما كان مهموزا قد يترك همزة وما لم يكن مهموزا لم يجز همزه بوجه ( فلما خر تبينت الجن ) موته وقال غيره المعنى تبين أمر الجن مثل وسئل القرية وقيل المعنى تبينت الجن للإنس وفي التفسير بالأسانيد الصحاح تفسير المعنى وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال أقام سليمان بن داود صلى الله عليهما حولا لا يعلم بموته وهو متكىء على عصاه والجن متصرفة فيما كان
____________________
(3/337)
أمرها به ثم سقط بعد حول وقرأ ابن عباس ( فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) قال أبو جعفر وهذه القراءة عن ابن عباس على سبيل التفسير فأما أن فموضعها موضع رفع على البدل من الجن أي تبين أن لو كان الجن يعلمون الغيب وهذا بدل الاشتمال ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى اللام
15
بالصرف والتنوين على أنه اسم للحي وهو في الأصل اسم رجل جاء بذلك التوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ أبو عمرو ( لقد كان لسبأ ) بغير صرف جعله اسما للقبيلة وهو اختيار أبي عبيد واستدل على أنه اسم قبيلة أن بعده ( في مساكنهم ) ولو كان كما قال لكان في مساكنها ( آية ) اسم كان أي علامة دالة على قدرة الله جل وعز وأنعامه على عباده أنه جعل لأهل سبأ جنتين عن يمين وشمال ومما اجتمع من مطر بين جبلين في وجهه مسناة قال يحيى بن سليمان الجعفي المسناة هي التي يسميها أهل مصر الجسر فكانوا يفتحونها إذا شاؤوا فإذا رويت جنتهم سدوها ( جنتان ) بدل من الآية ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ ويجوز أن تنصب آية على أنها خبر كان ويجوز أن تنصب جنتين على الخبر أيضا في غير القرآن والتقدير قيل لهم كلوا من رزق
____________________
(3/338)
ربكم واشكروا له قال الفراء تم الكلام ( بلدة ) بالرفع على إضمار مبتدأ أي هذه بلدة ( ورب ) على إضمار مبتدأ أيضا ( غفور ) من نعته فأما ( في مساكنهم ) فهي قراءة الحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأبي عمرو وقرأ إبراهيم النخعي وحمزة ( في مسكنهم ) وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ( في مسكنهم ) بكسر الكاف قال أبو جعفر مساكن في هذا ال 4 بين لأنه يجمع اللفظ والمعنى فإذا قلت مسكنهم كان فيه تقديران أحدهما أن يكون واحدا يؤدي عن جميع والآخر أن يكون مصدرا لا يثنى ولا يجمع كما قال جل وعز { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم } فجاء السمع مفردا وكذا { في مقعد صدق } ومن قال مسكن بكسر الكاف جعله مثل مسجد وهو خارج عن القياس لا يوجد مثله إلا سماعا
16
قال عمرو بن شرحبيل العرم المسناة وقال محمد بن يزيد العرم كل حاجز بين شيئين وهو الذي يسمى السكر وهو جمع عرمة ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) وقرأ أبو عمرو ( ذواتي أكل خمط ) بغير تنوين مضافا قال أهل التفسير والخليل رحمه الله الخمط الأراك وقال محمد
____________________
(3/339)
ابن يزيد الخمط كل ما تغير إلى ما لا يشتهى واللبن خمط إذا حمض والأولى عنده في القراءة ( ذواتي أكل خمط ) بالتنوين على أنه نعت لأكل أو بدل منه لأن الأكل هو الخمط بعينه عنده فأما الإضافة فباب جوازها أن يكون تقديرها ذواتي أكل حموضة أو أكل مرارة ( وشيء من سدر قليل ) قال الفراء هو السمر
17
قال أبو إسحاق ذلك في موضع نصب أي جزيناهم ذلك ( وهل يجازى إلا الكفور ) قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم وقرأ الكوفيون إلا عاصما ( وهل نجازي إلا الكفور ) وهذا عند أبي عبيد أولى لأن قبله جزيناهم ولم يقل جوزوا قال أبو جعفر الأمر في هذا واسع والمعنى فيه بين لو قال قائل خلق الله جل وعز آدم من طين وقال آخر خلق آدم من طين لكان المعنى واحدا وفي الآية سؤال لا أعلم في السورة أشد منه يقال ما معنى وهل يجازى إلا الكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي غير الكفار وقد تكلم العلماء في هذا فقال قوم ليس يجازى بمثل هذا الجزاء الذي هو الاصطلام والهلاك إلا من كفر فأما قطرب فجوابه على هذه الآية على خلاف لأنه جعلها في أهل المعاصي غير الكفار وجرى على مذهبه وقوله من كفر بالنعم فعمل الكبائر وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها أن الحسن قال مثلا
____________________
(3/340)
بمثل وروى أيوب عن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حوسب هلك فقلت يا نبي الله فأين قوله جل وعز { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } قال إنما ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك قال أبو جعفر وهذا إسناد صحيح وشرحه أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير ويبين لك هذا قوله جل وعز في الأول ذلك جزيناهم بما كفروا وفي الثاني وهي يجازى فمعنى يجازى يكافأ بما عمل ومعنى جزيناهم وفيناهم فهذا حقيقة اللغة وإن كان جازى يقع بمعنى جزى مجازا
18
قال أبو العباس الظاهرة المرتفعة ( وقدرنا فيها السير ) أي جعلناه بمقدار يسيرون ويبيتون في قرية قال الفراء وقدرنا فيها السير أي جعلنا بين كل قريتين نصف يوم فهذا التقدير ( سيروا فيها ليالي وأياما ) ظرفان ( آمنين ) على الحال
19
فيه ستة أوجه من القراءات قرأ الحسن وأبو رجاء وأبو مالك وأبو جعفر وشيبة ونافع ويحيى بن وثاب والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي ( ربنا باعد بين
____________________
(3/341)
أسفارنا ) وقرأ مجاهد وابن كثير وأبو عمرو ( ربنا بعد بين أسفارنا ) وقرأ محمد بن الحنفية ويروى عن ابن عباس وأبي صالح ( ربنا باعد بين أسفارنا ) وقرأ يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر وتروى عن ابن عباس ( ربنا بعد بين أسفارنا ) وقرأ سعيد بن أبي الحسن وهو أخو الحسن البصري ( فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا ) فهذه خمس قراءات وروى الفراء وأبو إسحاق السادسة ( ربنا بعد بين أسفارنا ) قال أبو جعفر القراءة الأولى ربنا نصب على أنه نداء مضاف وهو منصوب على أنه مفعول به لأن معناه ناديت ودعوت وكذلك القراءة الثانية و باعد و بعد واحد في المعنى كما تقول قارب وقرب والمعنى على ما روى محمد بن ثور عن معمر عن قتادة قال كانوا آمنين يخرجون إلى أسفارهم ولا يتزودون يبيتون في قرية ويقيلون في قرية فبطروا النعمة فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا فعاقبهم الله جل وعز والقراءة الثالثة ربنا رفع بالابتداء و باعد فعل ماض في موضع الخبر وكذا الرابعة وقد فسرها ابن عباس قال شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم القراءة الخامسة ( ربنا بعد بين أسفارنا ) ربنا نداء مضاف ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا بعد بين أسفارنا ورفع بين بالفعل أي بعد ما يتصل بأسفارنا والقراءة السادسة مثل هذه إلا أنها تنصب بين على أنه ظرف وتقديره في العربية بعد سيرنا بين أسفارنا
____________________
(3/342)
وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال إحداها أجود من الأخرى لا يقال ذلك في الأخبار إذا اختلفت معانيها ولكن خبر عنهم أنهم دعوا أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا وخبر أنهم لما فعل بهم ذلك خبروا به وشكوا كما قال ابن عباس ( وظلموا أنفسهم ) أي بكفرهم ( فجعلناهم أحاديث ) أي يتحدث بهم بأخبارهم وتقديره في العربية ذوي أحاديث ( ومزقناهم كل ممزق ) أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا قال الشعبي فلحقت الأنصار بيثرب وغسان بالشام وأسد بعمان وخزاعة بتهامة ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) صبار تكثير صابر والصابر الذي يصبر عن المعاصي يمدح بهذا الاسم وإن أردت أنه صبر على المعصية لم يستعمل فيه إلا صابر عن كذا قال جل وعز { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }
20
فيه أربع أوجه من القراءات قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر يروى عن مجاهد ( ولقد صدق ) بالتخفيف ( عليهم إبليس ) بالرفع ( ظنه ) بالنصب وقرأ ابن عباس ويحيى بن وثاب والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي ( صدق ) بالتشديد وقرأ أبو الهجهاج ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) بنصب إبليس ورفع ظنه قال أبو حاتم لا وجه لهذه القراءة عندي والله جل وعز أعلم قال أبو جعفر وقد أجاز هذه القراءة الفراء وذكرها أبو إسحاق
____________________
(3/343)