بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب / اتمام الدراية لقراء النقاية
تأليف / الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي
دار النشر / دار الكتب العلمية - بيروت - 1405هـ 1985م
الطبعة : الأولى
تحقيق : الشيخ إبراهيم العجوز
عدد الأجزاء / 1(1/1)
مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله سبحانه على نعمه السابغة الشاملة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة بالنجاة من الأهوال كافة وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ذو الأوصاف الجميلة الكاملة {صلى الله عليه وسلم} وعلى آله وصحبة ومن ناصره وفالله
وبعد فلما ظهر لي تصويب الملحين علي في وضع شرح على الكراسة التي سميتها بالنقابة وضمنتها خلاصة أربعة عشر علما وراعيت فيها غاية الإيجاز والاختصار وأودعت في طي ألفاظها ما نشره الناس في الكتب الكبار بحيث لا يحتاج الطالب معها إلى غيرها ولا يحرم الفطن المتأمل لدقائقها من خيرها بادرت إلى ذلك قصدا لعموم العائدة وتمام الفائدة وإبرازا لما أنا باستخراجه أحرى إذ صاحب البيت بما فيه أدرى وسميته إتمام الدارية لقراء النقاية والله تعالى أسأل التوفيق والهداية والاعانة والرعاية قنت
بسم الله الرحمن الرحيم
أي ابتدى ء الحمد أي الثناء بالجميل ثابت لله عز وجل والشكر له ثم الصلاة والسلام على خير نبي أرسله هذه نقاية بضم النون أي خلاصة مختارة من عدة علوم هي أربعة عشر علما يحتاج الطالب إليها ويتوقف كل علم ديني عليها إذ منها ما هو فرض عين وهو أصول الدين والتصوف ومنها ما هو فرض كفاية إما لذاته وهو التفسير والحديث والفرائض أو لتوقف غيره عليه وهو الأصول والنحو وما بعدهما ومنه الطب الذي يعرف به حفظ الصحة المطلوبة للقيام بالعبادات كالقيام بالمعاش بل أهم والله أسأل أن ينفع بها ويوصل أسباب الخير بسببها
أصول الدين
بدأت به لانه أشرف العلوم مطلقا لأنه يبحث عما يتوقف صحة الايمان عليه وتتماته ولست أعني به علم الكلام وهو ما ينصب فيه الادلة العقلية وتنقل فيه أقوال الفلاسفة فذاك حرام بإجماع السلف نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى ومن كلامه فيه لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من علم الكلام(1/2)
ثم ثنيت بالتفسير لأنه أشرف العلوم الثلاثة الشرعية لتعلقه بكلام الله تعالى ثم بعلم الحديث لأنه يليه في الفضيلة ثم بأصول الفقه لأنه أشرف من الفقه إذ الاصل أشرف من الفرع ثم بالفرائض الذي هو من أبواب الفقه وهو بعد الاصول في الرتبة قال بعضهم إذا اجتمع عند الشيخ دروس قدم الأشرف
فالاشراف ثم رتبها كما ذكرنا وثم بدأت من الآلات بالنحو والتصريف لتوقف علم البلاغة عليهما وقدمت النحو على التصريف وإن كان اللائق بالوضع العكس إذ معرفة الذوات أقدم من معرفة الطواريء والعوارض لأن الحاجة إليه أهم ثم لما كان القلم أحد اللسانين وكان اللفظ يبحث عنه من جهة النطق به ومن جهة رسمه عقبت النحو والتصريف المبحوث فيهما عن كيفية النطق به بعلم الخط المبحوث فيه عن كيفية رسمه ثم بدأت من علوم البلاغة بالمعاني لتوقف البيان عليه ولأنه إنما يراعى بعد مراعاة الأول وأخرت البديع عنهما لأنه تابع بالنسبة إليهما
ولما كانت هذه العلوم لمعالجة اللسان الذي هو عضو من الانسان ناسب أن نعقب بالطب الذي هو إصلاح البدن كله وقدمت التشريح على الطب لانه منه كنسبة التصريف من النحو وقد تقدم أن اللائق بالوضع تقديمة لانه يبحث عن ذات البدن وتركيبها والطب عن الامور العارضة لها
ولما كان الطب لمعالجة الامراض الظاهرة الدنيوية عقب بالتصوف الذي يعالج به الامراض الباطنية الاخروية
إذا علمت ذلك فخذ أصول الدين علم يبحث فيه عما يجب اعتقاده وهو قسمان قسم يقدح الجهل به في الإيمان كمعرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية والرسالة والنبوة وأمور المعاد وقسم لا يضر كتفضيل الأنبياء على الملائكة فقد ذكر السبكي في تأليف له أنه لو مكث الانسان في مدة عمره ولم يخطر بباله تفضيل النبي على الملك لم يسأله الله تعالى عنه
(1/3)
العالم هو ما سوى الله تعالى حادث بمعنى محدث أي موجد عن العدم لأنه متغير أي يعرض له التغيير كما نشاهده وكل متغير حادث لأنه وجد بعد أن لم يكن وصانعه الله الواحد أي الذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته قديم أي لا ابتداء لوجوده ولا انتهاء اذ لو كان حادثا لاحتاج إلى محدث تعالى عن ذلك
وقديم إما خبر أول وما قبله تابع و خبر ثان وما قبله أول أو خبر لمحذوف وما بعده خبر آخر أو عطف بيان أوصفه كاشفة واطلاق الصانع على الله تعالى شائع عند المتكلمين
واعترض بأنه لم يرد وأسماء الله تعالى توقيفية وأجيب بأنه مأخوذ من قوله تعالى صنع الله وقراءة صنع الله بلفظ الماضي وهو متوقف على الاكتفاء في الاطلاق بورود المصدر والفعل وأقول بل ورد إطلاقه عليه تعالى في حديث صحيح لم يستحضره من اعتراض ولا من أجاب بذلك وهو ما رواه الحاكم وصححه البيهقي من حديث حذيفة مرفوعا إن الله صانع كل صانع وصنعته
ذاته مخالفة لسائر الذوات جل وعلا وعدلت عن قول ابن السبكي في جمع الجوامع حقيقته مخالفة لسائر الحقائق لأن ابن الزملكاني قال يمتنع إطلاق لفظ الحقيقة على الله تعالى قال ابن جماعة لأنه لم يرد وقد ورد صفات الله تعالى إطلاق الذات عليه تعالى
صفات الله تعالى
ففي البخاري في قصة خبيب من قوله رضي الله عنه تعالى عنه وذلك في ذات الاله وصفاته الحياة وهي صفة تقتضي صحة العلم لموصوفها والإرادة وهي صفة تخصص أحد طرفي الشيء من الفعل والترك بالوقوع والعلم وهي صفة ينكشف بها الشيء عند تعلقها به والقدرة وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به والسمع والبصر وهما صفتان يزيد الانكشاف بهاما على الانكشاف بالعلم والكلام القائم بذاته تعالى المعبر عنه بالقرآن المكتوب في المصاحف بأشكال الكتابة وصور الحروف الدالة عليه المحفوظ في الصدور بألفاظ المتخلية المقروء بالالسنة بحروفه الملفوظة المسموعة قديمة كلها خبر لصفاته عز وجل
(1/4)
منزه تعالى عن التجسيم واللون والطعم والعرض والحلول أي عن أن يحل في شيء لأن هذه حادثة وهو تعالى منزه عن الحدوث والجسم ما يقوم بنفسه
والعرض ما يقوم بغيره ومنه اللون والطعم فعطفه عليهما عطف عام على خاص فهو كما قال تعالى في كتابه العزيز ) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( وما ورد في الكتاب والسنة من المشكل من الصفات نؤمن بظاهرة وننزه عن حقيقته كقوله تعالى ) الرحمن على العرش استوى ( ) ويبقى وجه ربك ( ) ولتصنع على عيني ( ) يد الله فوق أيديهم ( وقوله {صلى الله عليه وسلم} إن قلوب بنى آدم كلها كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء رواه مسلم ثم نفوض معناه المراد إليه تعالى كما هو مذهب السلف وهو أسلم أو تؤول كما هو مذهب الخلف فنؤول في الآيات الاستواء وبالاستيلاء والوجه بالذات والعين باللطف واليد بالقدرة والمراد بالحديث أن قلوب العباد كلها بالنسبة إلى قدرته تعالى شيء يسير يصرفه كيف يشاء كما يقلب الواحد من عباده اليسير بين اصبعين من أصابعه
والقدر وهو ما يقع من العبد المقدر في الأزل خيره وشره كائن منه تعالى بخلقه وإرادته ما شاء كان وما لا يشاء فلا يكون يغفر الشرك المتصل بالموت بل غيره أن شاء قال تعالى ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( لا يجب عليه تعالى شيء لأنه سبحانه خالق الخلق فكيف يجب لهم عليه شيء أرسل تعالى رسله مؤيدين منه بالمعجزات الباهرات أي الظاهرات وختم بهم محمد {صلى الله عليه وسلم} كما قال تعالى ) ولكن رسول الله وخاتم النبيين ( وفي العبارة من أنواع البلاغة قلب لطيف والأصل وختمهم بمحمد والنكتة الإشارة إلى أنه الأول في الحقيقة وفي بعض أحاديث الإسراء وجعلتك أول النبين خلقا وآخرهم بعثا رواه البزار من حديث أبي هريرة
والمعجزة المؤيد بها الرسل أمر خارق للعادة بأن تظهر على خلافها
(1/5)
كإحياء ميت وإعدام جبل وانفجار الماء من بين الأصابع على فوق التحدي أي الدعوى للرسالة فخرج غير الخارق كطلوع الشمس كل يوم الخارق من غير تحد وهو كرامة الولي والخارق على خلافة بأن يدعي نطق طفل بتصديقه فينطق بتكذيبه
ويكون كرامة للولي وهو العارف بالله تعالى حسب ما يمكن المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصي المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات كجريان النيل بكتاب عمر رضي الله عنه ورؤيته وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال لامير الجيش يا سارية الجبل الجبل محذرا له من وراء الجبل لكمن العدول هناك وسمع سارية كلامه مع بعد المسافة وغير ذلك مما وقع للصحابة وغيرهم إلا نحو ولد دون والد وقلب جماد بهيمة فلا يكون كرامة لولي وهذا توسط للقشيري قال ابن السبكي في منع الموانع وهو حق خصص قول غيره ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي لا فارق بينهما الا التحدي
عذاب القبر
ونعتقد أن عذاب القبر للكافر والفاسق المراد تعذيبه بأن ترد الروح إلى الجسد أو ما بقي منه الحق قال {صلى الله عليه وسلم} عذاب القبر حق ومرعلى قبرين فقال إنهما ليعذبان رواهما الشيخان
وسؤال الملكين منكر ونكير للمقبور حق قال {صلى الله عليه وسلم} إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان فيقعدانه له ما كنت تقول في هذا النبي محمد فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله وأما الكافر والمنافق فيقول لا أدري رواه الشيخان
وفي رواية لأبي داود فيقولان له من ربك وما دينك وما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول المؤمن ربي الله وديني الاسلام والرجل المبعوث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ويقول الكافر في الثلاث لا أدري وفي رواية للترمذي
يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير وذكر ابن يونس من أصحابنا أن ملكي المؤمن مبشر وبشير
الحشر
وإن الحشر للخلق أجمع بأن يحيهم الله تعالى بعد فنائهم ويجمعهم للعرض والحساب
(1/6)
والمعاد أي عود الجسم بعد الاعدام بأجزائه وعوارضه كما كان حق قال الله تعالى ) وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ( ) وإذا الوحوش حشرت ( ) وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ( ) كما بدأنا أول خلق نعيده (
وإن الحوض حق قال القرطبي وهما حوضان الأول قبل الصراط وقبل الميزان على الأصح فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم فيردونه قبل الميزان والصراط والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرا
روى مسلم عن أنس قال بينما رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ ) إنا أعطيناك الكوثر ( ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء يختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال ما تدري ما أحدث بعدك
وفي الصحيح حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من الورق وريحه أبيض من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبدا وفي رواية لمسلم يشخب فيه ميزابان من الجنة وفي لفظ لغيره يغث فيه ميزابان من الكوثر وروى ابن ماجة حديث الكوثر نهر في الجنة حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت ترتبته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج
الصراط
وإن الصراط وهو كما في حديث مسلم جسر ممدود على ظهر جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف حق ففي الصحيح يضرب الصراط بين ظهري جهنم ويمر المؤمنون عليه فأولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وأشد الرجال حتى يجيء الرجل ولا يستطيع يسير إلا زحفا وفي حافيته كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت بأخده فمخدوش ناج ومكدوس في النار(1/7)
الميزان
وإن الميزان حق وله لسان وكفتان تعرف به مقادير الاعمال بأن توزن صحفها به قال الله تعالى ) ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ( الآية وروى الترمذي وحسنه حديث يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق وينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئا ظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء
قال الغزالي والقرطبي ولا يكون الميزان في حق كل أحد فالسبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرفع لهم ميزان ولا يأخذون صحفا
الشفاعة
وإن الشفاعة حق وهي أنواع أعظمها الشفاعة في فصل القضاء وإلا
راحة من طول الموقف وهي مختصة بالنبي {صلى الله عليه وسلم} بعد تردد الخلق إلى نبي بعد نبي الثانية الشفاعة في إدخال قوم الجنة بغير حساب قال النووي وهي مختصة به وتررد في ذلك التقيان ابن دقيق العيد والسبكي الثالثة الشفاعة فيمن به وتردد فيه النووي وقال السبكي لم يرد تصريح بذلك ولا بنفيه الرابعة الشفاعة في إخراج من أدخل النار من الموحدين ويشترك فيها الأنبياء والملائكة والمؤمنون الخامسة الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لاهلها وجوز النووي اختصاصها به السادسة الشفاعة في تخفيف العذاب عمن استحق الخلود في النار كما في حق أبي طالب وفي الصحيح أنا أول شافع وأول مشفع وإنه ذكر عنده عمه أبو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتي فيجعل في ضحضاح من نار
وروى البيهقي حديث خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى أترونها للمتقين لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين(1/8)
رؤيته تعالى
وإن رؤية المؤمنين له تعالى قبل دخول الجنة وبعده حق قال تعالى ) وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ( وفي الصحيحين إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر فقالوا لا يا رسول الله فقال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحلب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك الحديث وفيه إن ذلك قبل دخول الجنة
وروى مسلم حديث إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى أتريدون شيئا أزيدكم فيقولون الم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار
فكشف الحجاب فما اعطشوا شيأ أحب اليهم من النظر إلى ربهم وفي رواية ثم تلا هذه الآية ) للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ( أي فالحسنى الجنة والزيادة النظر إليه تعالى ويحصل بأن ينكشف انكشافا تاما منزها عن المقابلة والجهة إي إليه تعالى أما الكفار فلا يرونه لقوله تعالى ( 6 كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) الموافق لقوله تعالى ) لا تدركه الأبصار ( أي لا تراه المخصص بما سبق
الإسراء والمعراج
وإن المعراج بجسد المصطفى {صلى الله عليه وسلم} إلى السماوات بعد الاسراء به إلى بيت المقدس يقظة حق قال الله تعالى ) سبحان الذي أسرى بعبده ( الآية وقال {صلى الله عليه وسلم} أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت البيت المقدس إلى أن قال ثم عرج بنا إلى السماء الحديث رواه مسلم وقيل كان الاسراء والمعراج بروحه {صلى الله عليه وسلم} لقوله تعالى ) وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( ولما رؤيا ابن اسحق في السيرة أن معاوية كان يقول إذ سئل عن الاسراء كانت رؤيا من الله عز وجل صادقة وإن عائشة قالت ما فقدت جسد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وإنما أسري بروحه
وأجيب عن الآية بأن قوله تعالى ( فتنة للناس يؤيد أنها رؤيا عين إذ ليس في الحلم فتنة ولا يكذب به أحد وقد صح أن ابن عباس كان يقول هي رؤيا عين أريها وقيل أن الآية نزلت في غير قصة الإسراء(1/9)
وعن قول عائشة بانها لم تكن حينئذ زوجة إذا الإسراء قبل الهجرة وإنما بني بها بعدها
وقيل كان الإسراء يقظة والمعراج مناما وقيل كان مرتين مرة يقظة ومرة مناما وقد بسطت ذلك في شرح الأسماء النبوية وروى كعب أن المعراج مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب وروى ابن سعد أنه مرصع باللؤلؤ
نزول عيسى
وإن نزول عيسى ابن مريم عليه السلام قرب الساعة وقتله الدجال حق ففي الصحيح لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليكسران الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية الحديث وروى الطيالسي في مسنده حديث أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فإذا رأيتموه فاعرفوه فانه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر ماء ولم يصبه بلل إنه يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويفيض المال حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الأسلام حتى يهلك الله في زمانه مسيح الضلالة الأعور الكذاب وتقع الأمنة في الأرض حتى يرعى الأسد مع الإبل والنر مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصبيان مع الحيات فلا يضر بعضهم بعضا يبقى في الارض أربعين سنة ثم يموت وتصلى عليه المسلمون ويدفنونه
وفي رواية إنه يمكث في الأرض سبع سنين وقيل هي الصواب والمراد بالاربعين في الرواية الأولى أنها مدة مكثه قبل الرفع وبعده فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة
وفي صحيح مسلم ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق وفي رواية أمر اكبر من الدجال وفي مسنده أحمد من حديث جابر يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم وله أربعون ليلة يسيحها في الارض واليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما بين اذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس انا ربكم وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله تعالى عليه وقامت الملائكة بأبوابهما ومعه جبال من خبز والناس في جهد الا من
(1/10)
أتبعه ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر يقول له الجنة ونهر يقول له النار فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهو في النار ومن أدخل الذي يسميه النار فهو في الجنة قال ويبعث معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يري الناس ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يري الناس فيقول للناس أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب فيفر الناس إلى جبل الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ثم ينزل عيسى {صلى الله عليه وسلم} فيأتي في السحر ويقول أيها الناس ما يمنعكم ان تخرجوا إلى هذا الكذاب الخبيث فينطلقون فإذا هم بعيسى فتقام الصلاة فيقال له تقدم يا روح الله فيقول يتقدمكم إمامكم فليصلي بكم فإذا صلوا صلاة الصبح خرجوا إليه فحين يراه الكذاب ينماع أي يذوب كما ينماع الملح في الماء فيقتله حتى إن الشجر والحجر ينادي يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله
وفي الصحيح أحاديث بمعنى ذلك
رفع القرآن الكريم
وإن رفع القرآن حق روى ابن ماجه من حديث حذيفة يدرس الاسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية
وروى البيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود أنه قال أقرأوا القرآن قبل أن يرفع فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع قالوا هذه المصاحف ترفع فكيف ما في صدور الناس قال يغدي عليهم ليلا فيرفع من صدورهم فيصبحون يقولون لكأنا ما كنا نعلم شيئا ثم يقعن في الشعر قال القرطبي وإنما يكون هذا بعد موت عيسى وبعد هدم الحبشة الكعبة
الجنة والنار
ونعتقد أن الجنة والنار مخلوقتان اليوم قبل يوم الجزاء للنصوص الدالة على
ذلك نحو أعدت للمتقين أعدت للكافرين وقصة آدم وحواء في إسكانهما الجنة وإخراجهما منها وأحاديث الإسراء وفيها أدخلت الجنة وأريت النار وفي حديث الشفاعة قول آدم هل أخرجكم من الجنة إلا خطية أبيكم وغير ذلك(1/11)
الجنة
ونعتقد أن الجنة في السماء وقيل في الأرض وقيل بالوقف حيث لا يعلمه إلا الله والذي اخترته هو المفهوم من سياق القرآن والحديث كقوله تعالى في قصة آدم ) قلنا اهبطوا منها ( وفي الصحيح حديث سلوا الله الفردوس فإنه أعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة وفي صحيح مسلم ارواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش وأخرج أبونعيم في تاريخ أصفهان من طريق عبيد عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا إن جهنم محطية بالدنيا وإن الجنة من ورائها فلذا كان الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة
النار
ونقف عن النار أي نقول فيها بالوقف أي محلها حيث لا يعلمه إلا الله فلم يثبت عندي حديث أعتمده في ذلك وقيل تحت الأرض لما روى ابن عبد البر وضعفه من حديث عبد الله ابن عمرو مرفوعا لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر فإن تحت البحر نارا وروى عنه أيضا موقوفا لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم وفي شعب الإيمان للبيهقي عن وهب ابن منبه إذا قامت القيامة أمر بالفلق فيكشف عن سقر وهو غطاؤها فتخرج منه نار فإذا وصلت إلى البحر المطبق على شفير جهنم وهو بحر البحور نشفته أسرع من طرفة
العين وهو حاجز بين جهنم والأرضين السبع فإذا نشفت في الارضين السبع فتدعها جمرة واحدة
وقيل هي على وجه الأرض لما روى عن وهب أيضا قال أشرف ذو القرنين على جبل قاف فرأى تحته جبالا صغارا إلى أن قال يا قاف أخبرني عن عظمه الله تعالى فقال إن شأن ربنا لعظيم وإن ورائي أرضا مسيرة خمسمائة عام في خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا ولولا هي لاحترقت من حر جهنم
وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن عبد الله ابن سلامة قال الجنة في السماء والنار في الأرض وقيل محلها في السماء(1/12)
الروح
ونعتقد أن الروح باقية بعد موت البدن منعمة أو معذبة لا تفنى وأما محلها فتقدم محل أرواح الشهداء وأما غيرهم فأرواح المؤمنين في عليين وأرواح الكفار في سجين ولكل روح بجسدها اتصال معنوي
وقال القرطبي أرواح الشهداء في الجنة وأما غيرهم فتارة تكون في الأرض على أفنية القبور وتارة تكون في السماء وقد قيل أنها تزور قبورها كل جمعة وقيل أرواح المؤمنين كلهم في الجنة
ونعتقد أن الموت بالاجل وهو الوقت الذي كتب الله في الأزل إنتهاء حياته فيه فلا يموت أحد مقتولا كان غيره
ونعتقد أن الفسق لا يزيل الايمان فيصير كافرا ولا واسطة ولا تزيله أيضا البدعة كإنكار صفات الله تعالى وخلقه أفعال عباده وجواز رؤيته في الآخرة لأنه مبني على التأويل إلا التجسيم وإنكار علم الله تعالى الجزيئات فإنه يكفر بلا نزاع ولا نقطع بعذاب من لم يتب ومات على
الفسق لقوله ) ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( مخصصة لعمومات العقاب
ولا يخلد إذا عذاب أي نقطع بخروجه وإدخاله الجنة وروى البزار والطبراني حديث من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه وإسناده صحيح
أفضل الخلق
ونعتقد أن أفضل الخلق على الإطلاق حبيب الله المصطفى {صلى الله عليه وسلم} قال {صلى الله عليه وسلم} أنا سيد ولد آدم ولا آخر رواه مسلم وقال ابن عباس أن الله تعالى فضل محمدا على أهل السماء والأنبياء رواه البيهقي وغيره وأما حديث الصحيحين لا يخيروني على موسى ولا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى فمحمول على التواضع أو على انه قبل أن يعلم أنه أفضل الخلق ووصفه بأجل أوصافه مأخوذ من حديث الترمذي أن إبراهيم خليل الله ألا وأنا حبيب الله لخليله إبراهيم يليه في التفضيل فهو أفضل الخلق بعده نقل بعضهم الإجماع على ذلك وفي الصحيح خير البرية إبراهيم خص منه النبي {صلى الله عليه وسلم} فبقي على عمومه فموسى وعيسى ونوح الثلاثة بعد إبراهيم أفضل من سائر الأنبياء ولم أقف على نقل أيهم أفضل(1/13)
وهم أي الخمسة أولوا العزم من الرسل المذكورون في سورة الأحقاف أي أصحاب الجد والاجتهاد فسائر الأنبياء أفضل من غيرهم على تفاوت درجاتهم بما خص به كل منهم فالملائكة بعدهم فهم أفضل من باقي البشر بعد الأنبياء وأفضلهم جبريل كما في حديث رواه الطبراني فأبو بكر الصديق أفضل البشر بعد الأنبياء فعمر بن الخطاب بعده فعثمان بن عفان بعده فعلي بن أبي طالب بعده قال ابن عمر كنا نخير بين الناس في زمن النبي {صلى الله عليه وسلم} فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان رواه البخاري وزاد
الطبراني فيعلم بذلك النبي {صلى الله عليه وسلم} ولا ينكره وروى الترمذي وحسنه عن أنس قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لأبي بكر وعمر هذان سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين
(1/14)
فباقي العشرة المشهود لهم بالجنة أي فالستة الباقون منهم نقل الإجماع على ذلك أبو منصور التميمي وهم طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل وعبد العزيز بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح روى أصحاب السنن وصححه الترمذي عن سعيد أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وابو عبيدة وسعد بن ابي وقاص وسعيد بن زيد فأهل البدر أفضل الأمة وعدتهم ثلاثمائة وبضعة عشرة وفي الصحيح لعل الله أطلع على أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وروى ابن ماجه عن رافع بن خديج قال جاء جبريل أو ملك إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال ما تعدون من شهد بدرا فيكم قالوا خيارنا قال كذلك هم عندنا خيار الملائكة فأحد أي فأهل أحد الذين شهدوا وقعتها يلون أهل بدر في الفضيلة فالبيعة اي فأهل بيعة الرضوان بالحديبية يلون أهل أحد قال {صلى الله عليه وسلم} لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة رواه أبو داود والترمذي وصححه نقل الإجماع على هذا الترتيب التميمي فسائر الصحابة أفضل من غيرهم قال {صلى الله عليه وسلم} لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه رواه مسلم فباقي الأمة أفضل من سائر الأمم قال تعالى ) كنتم خير أمة أخرجت للناس ( وقال {صلى الله عليه وسلم} أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله رواه أصحاب السنن على اختلاف أوصافهم منهم العالم والعابد والسابق والتالي والمقتصد والظالم لنفسه
ونعتقد أن أفضل النساء مريم بنت عمران وفاطمة بنت النبي {صلى الله عليه وسلم}
(1/15)
روى الترمذي وصححه حديث حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امراة فرعون وفي الصحيحين من حديث علي خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد وفي الصحيح فاطمة سيدة نساء هذه الأمة وروى النسائي عن حذيفة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال هذا ملك من الملائكة استأذن ربه ليسلم علي وبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة وان أمهما سيدة نساء أهل الجنة وروى الطبراني عن علي مرفوعا إذا كان يوم القيامة قيل يا أهل الجمع غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد وفي هذه الأحاديث دلالة على تفضيلها على مريم خصوصا إذا قلنا بالأصح أنها ليست نبية وقد تقرر أن هذه الأمة أفضل من غيرها وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند صحيح لكنه مرسل مريم خير نساء عالمها وفاطمة خير نسائها عالمها ورواه الترمذي موصولا من حديث علي بلفظ خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة قال الحافظ أبو الفضل بن حجر والمرسل يفسر المتصل
وأفضل أمهات المؤمنين أي أزواج النبي {صلى الله عليه وسلم} كما قال تعالى ) وأزواجه أمهاتهم ( أي في الحرمة والتعظيم خديجة بنت خويلد أول نساء النبي {صلى الله عليه وسلم} وعائشة الصديقة قال {صلى الله عليه وسلم} كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام وفي لفظ إلا ثلاث مريم وآسية وخديجة وفي التفضيل بينهما أقوال ثالثها الوقف
عصمة الانبياء
ونعتقد أن الانبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون لا يصدر ذنب لا كبيرة ولا صغيرة لا عمدا ولا سهوا لكرامتهم على الله تعالى بل ومن المكروه لأن وقوع المكروه من التقي نادر فكيف من النبي
(1/16)
ونعتقد أن الصحابة كلهم عدول لأنهم خير الأمة قال {صلى الله عليه وسلم} خير أمتي قرني رواه الشيخان ( و ) نعتقد أن الشافعي إمامنا ومالكا وأبا حنيفة وأحمد وسائر الأئمة على هدى من ربهم في العقائد وغيرها ولا إلتفات إلى من تكلم فيهم بما هم بريئون منه وقد ورد في الحديث التبشير بالشافعي ومالك فروى الطيالسي في مسنده والبيهقي في المعرفة حديث لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما قال الإمام أحمد وغيره هذ العالم هو الشافعي بأنه لم ينتشر في طباق الأرض من علم عالم قرشي من الصحابة وغيرهم ما انتشر من علم الشافعي رضي الله تعالى عنه
وروى الحاكم في المستدرك وغيره حديث يضربون من عالم المدينة قال سفيان نرى هذا العالم مالك بن أنس وما يورد في ذكر أبي حنيفة رحمه الله تعالى من الأحاديث فباطل كذب لا أصل له ونعتقد أن الإمام أبا الحسن الأشعري وهو من ذرية أبي موسى الاشعري إمام في السنة أي الطريقة المعتقدة مقدم فيها على غيره ولا التفاوت إلى من تكلم فيه بما هو برى ء منه
ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس مبنى على الاتباع للكتاب والسنة وهذا آخر ما أوردناه من أصول الدين ومن تأمل هذه الأسطر اليسيرة وما أودعناه فيها تحقق له أنه لم يجمتع قبل في كتاب
علم التفسير
علم يبحث فيه أحوال الكتاب العزيز من جهة نزوله وسنده وآدابه وألفاظه ومعانيه المتعلقة بألفاظه والمتعلقة بالأحكام وغير ذلك وهو علم نفيس لم أقف على تأليف فيه لاحد من المتقدمين حتى جاء شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني فدونه ونقحه وهذبه ورتبه في كتاب سماه مواقع العلوم من مواقع النجوم فأتى بالعجب العجاب وجعله خمسين نوعا على نمط أنواع علوم الحديث
(1/17)
وقد استدركت عليه من الأنواع ضعف ما ذكره وتتبعت أشياء متعلقة بالأنواع التي ذكرها مما أهمله وأودعتها كتابا سميته التحبير في علم التفسير وصدرته بمقدمة فيها حدود مهمة ونقلت فيها حدود كثيرة للتفسير ليس هذا موضع بسطها فكان ابتداء استنباط هذا العلم من البلقيني وتمامه على يدي
وهكذا كل مستنبط يكون قليلا ثم يكثر وصغيرا ثم يكبر وينحصر في مقدمة وخمسة وخمسين نوعا بحسب ما ذكر هنا وأنواعه في التحبير مائة نوع ونوعان المقدمة في حدود لطيفة
القرآن حده الكلام المنزل على محمد {صلى الله عليه وسلم} للإعجاز بسورة منه فخرج بالمنزل على محمد {صلى الله عليه وسلم} التوراة والإنجيل وسائر الكتب وبالإعجاز الأحاديث الربانية كحديث الصحيحين انا عند ظن عبدي بي وغيره والاقتصار على الإعجاز وإن أنزل القرآن لغيره أيضا لانه المحتاج إليه في التمييز
وقولنا بسورة هو بيان لأقل ما وقع به الإعجاز وهو قدر أقصر سورة كالكوثر أو ثلاث آيات من غيرها بخلاف ما دونها وزاد بعض المتأخرين في الحد المتعبد بتلاوته ليخرج منسوخ التلاوة والسورة الطائفة من القرآن المترجمة أي المسماة باسم خاص توقيفا أي بتوقيف من النبي {صلى الله عليه وسلم} ذكر هذا الحد شيخنا العلامة الكافيجي في تصيف له وليس بصاف عن الإشكال فقد سمى كثير من الصحابة والتابعين سورا باسماء من عندهم كما سمى حذيفة التوبة بالفاضحة وسورة العذاب وسمى سفيان بن عيينة الفاتحة بالواقية وسماها حي بن كثير كافيه وسماها آخر الكنز وغير ذلك مما بسطناه في التحبير في النوع الخامس والتسعين
وقال بعضهم السورة قطعة لها أول وآخر ولا يخلو من نظر لصدقة على الآية وعلى القصة ثم ظهر لي رجحان الحد الأول ويكون المراد بالتوقيفي الاسم الذي تذكر به وتشتهر
وأقلها ثلاث آيات كالكوثر على عدم عد البسملة آية إما على عدم كونها
(1/18)
من القرآن في كل سورة كما هو مذهب غيرنا أو على أنها منه لكنها ليست آية من السورة بل آية مستقلة للفصل كما هو وجه عندنا وليس في السور أقصر من ذلك والآية طائفة من كلمات القرآن متميزة بفصل وهو آخر الآية ويقال فيه الفاصلة ثم منه أي من القرآن فاضل وهو كلام الله في الله كآية الكرسي ومفضول وهو كلامه تعالى في غيره كسورة تبت كذا ذكره الشيخ عز الدين بن عبد السلام وهو مبنى على جواز التفاضل بين الآي والسور وهو الصواب الذي عليه الأكثرون منهم مثل اسحق ابن راهوية والحلومي والبيهقي وابن العربي وقال القرطبي إنه الحق الذي عليه جماعة من العلماء والمتكلمين
وقال أبو الحسن بن الحصار العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص والواردة بالتفضيل كحديث البخاري أعظم سورة في القرآن الفاتحة وحديث مسلم أعظم آية في القرآن آية الكرسي وحديث الترمذي سيدة آي القرآن آية الكرسي وسنام القرآن البقرة وغير ذلك
ومن ذهب إلى المنع قال لئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه وقد ظهر لي أن القرآن ينقسم إلى أفضل وفاضل ومفضول لأنه الكلام الله بعضه أفضل من بعض كفضل الفاتحة وآية الكرسي على غيرهما وقد بينته في التحبير
وتحرم قراءته أي القرآن بالعجمية أي باللسان غير العربي لأنه يذهب إعجازه الذي أنزل له ولهذا يترجم العاجز عن الاذكار في الصلاة ولا يترجم عن القرآن بل ينتقل إلى البدل وتحرم بالمعنى قراءته وإن جازت رواية الحديث بالمعنى لفوات الإعجاز المقصود من القرآن
التفسير بالرأى
ويحرم تفسيره بالرأي قال {صلى الله عليه وسلم} من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار رواه أبو داود والترمذي وحسنه وله طرق متعددة لا تأويله أي لا يحرم بالرأى للعالم بالقواعد والعارف بعلوم
(1/19)
القرآن المحتاج إليها والفرق أن التفسير الشهادة على الله تعالى والقطع بأنه عنى بهذا اللفظ هذا فلم يجز إلا بنص من النبي {صلى الله عليه وسلم} أو الصحابة الذين شاهدوا التنزيل والوحي ولهذا جزم الحاكم بأن تفسير الصحابي مطلقا في حكم المرفوع وأما التأويل فهو ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله تعالى فاغتفر ولهذا اختلف جماعة من الصحابة والسلف في تأويل آيات ولو كان عندهم فيه نص من النبي {صلى الله عليه وسلم} لم يختلفوا وبعضهم منع التأويل أيضا سدا للباب
الأنواع منها ما يرجع إلى النزول مكانا وزمانا ونحوهما وهو اثنا عشر نوعا وأنواعه في التحبير عشرون الاول والثاني المكي والمدني الأصح أن ما نزل قبل الهجرة مكي وما نزل بعدها مدني سواء نزل بالمدينة أم بمكة أم غيرهما من الأسفار وقيل المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة والمدني ما نزل بالمدينة وعلى هذا تثبيت الواسطة
وهو أن المدني فيما قاله البلقيني وعشرون سورة البقرة وثلاث تليها آخرها المائدة والأنفال وبراءة والرعد والحج والنور والأحزاب والقتال وتالياها أي الفتح والحجرات والحديد والتحريم وما بينهما من السور والقيامة والقدر والزلزلة والنصر والمعوذتان بكسر الواو قيل والرحمن والانسان والاخلاص والفاتحة من المدني والأصح أنها من المكي دليله في الرحمن ما روى الترمذي والحاكم عن جابر قال خرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانو أحسن مردودا منكم الحديث وقراءته {صلى الله عليه وسلم} على الجن بمكة قبل الهجرة بدهر بقى دليله في الانسان
وفي الاخلاص ما رواه الترمذي عن أبي أن المشركين قالوا لرسول الله {صلى الله عليه وسلم} انسب لنا ربك فأنزل الله تعالى ) قل هو الله أحد ( الحديث وفي الفاتحة أن الحجر مكية باتفاق وقد قال تعالى فيها ) ولقد آتيناك سبعا من المثاني (
(1/20)
) وهي الفاتحة كما في حديث الصحيحين ويبعد أن يمتن بها عليه قبل نزولها واستدل من قال بأنها مدينة بما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال أنزلت فاتحة الكتاب بالمدينة وقد بينت علته في التحبير
وثالثها أي الأقوال في الفاتحة نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة عملا بالدليلين وفيها قول رابع حكيناه في التحبير أنها نزلت نصفين نصفا بمكة ونصفا بالمدينة
وقيل النساء والرعد والحج والحديد والصف والتغابن والقيامة والمعوذتان مكيات والأصح أنها مدينات وقد بسطنا الخلاف في المكي والمدني وأدلة ذلك في التحبير
والأدلة على أن النساء مدنية لا تنحصر فإن غالب آياتها نزلت في وقائع مدنية وسفرية بإجماع ويدل للرعد ما رواه الطبراني في الأوسط أن قوله تعالى ) هو الذي يريكم البرق ( إلى قوله تعالى شديد المحال نزلت في إربد بن قيس وعامر بن الطفيل لما قدما المدينة في وفد بني عامر
وللحج ما رواه الترمذي وغيره عن عمران بن حصين قال أنزلت على النبي {صلى الله عليه وسلم} ) يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ( إلى قوله تعالى ) ولكن عذاب الله شديد ( وهو في سفر الحديث وروى البخاري عن أبي ذر أن هذان خصمان إلى قوله تعالى الحميد نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه لما تبارزوا يوم بدر
وروى الحاكم في المستدرك وغيره عن ابن عباس قال لما أخرج أهل مكة النبي {صلى الله عليه وسلم} قال أبو بكر إنا إليه راجعون أخرجوا نبيهم ليهلكن فنزلت ) أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ( وللصف ما رواه
الحاكم وغيره عن عبد الله ابن سلام قال قعدنا نفر من أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فتذاكرنا فقلنا لو نعلم أي الاعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى ) سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( حتى ختمها
(1/21)
وللمعوذتين ما رواه البيهقي في الدلائل بسند فيه ضعف عن عائشة أن النبي {صلى الله عليه وسلم} سحره لبيد بن الأعصم في مشاطة من رأس النبي {صلى الله عليه وسلم} وعدة أسنان من مشطه ثم دسها في بئر ذروان الحديث وفيه فاستخرجه فإذا هو وتر معقود فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالأبر فأنزل الله تعالى المعوذتين فجعل طلما قرأ آيه أنحلت عقدة الحديث وقد بينت في التحبير الأدلة على أن الحديد مكية وأن الكوثر مدنية وهو الذي اراه
النوع الثالث والرابع الحضري والسفري الأول كثير لا يحتاج إلى تمثيل لوضوحه والثاني له أمثله كثيرة ذكرناها في التحبير وذكر البلقيني يسيرا منه فتبعناه هنا وذلك سورة الفتح فقد روى البخاري من حديث عمر بينهما هو يسير مع النبي {صلى الله عليه وسلم} فذكر الحديث وفيه فقال رسول الله لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس فقرأ ) إنا فتحنا لك فتحا مبينا (
وروى الحاكم عن المسور ابن مخرمة ومروان بن الحكم قالا أنزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى اخرها وآية التيمم التي في المائدة نزلت بذات الجيش أو البيداء قريب من المدينة في القفول من غزوة المريسع كما ثبت في الصحيح عن عائشة وكانت في شعبان سنة ست وقيل سنة خمس وقيل سنة أربع
و ) واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ( نزلت بمنى في حجة الوداع كما
رواه البيهقي في الدلائل و ) آمن الرسول ( إلى آخرها أي السورة نزلت ) يوم الفتح ( أي فتح مكة فيما قال البلقيني ولم أقف عليه في حديث ) يسألونك عن الأنفال ( وهذان خصمان إلى قوله تعالى ) الحميد ( نزلا ببدر
(1/22)
روى أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاصي وأخذت سيفه فأتيت به النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال اذهب فاطرحه فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل أخي وأخذ سلبي فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال وأما الآية الأخرى فذكرها البلقيني آخذ من حديث أبي ذر السابق فقال الظاهر أنها نزلت وقت المبارزة لما فيه من الإشارة بهذان ) اليوم أكملت لكم دينكم ( نزلت بعرفات في حجة الوداع كما في الصحيح عن عمر ) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ( إلى آخر السورة نزلت بأحد ففي الدلائل للبيهقي ومسند البزار من حديث أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبي {صلى الله عليه وسلم} واقف بخواتيم سورة النحل
النوع الخامس والسادس النهاري والليلي الأول كثير والثاني له أمثلة كثيرة منها سورة الفتح للحديث السابق وتمسك البلقيني بظاهرة فزعم أنها كلها نزلت ليلا وليس كذلك بل النازل منها تلك الليلة إلى ) صراطا مستقيما ( آية القبلة ففي الصحيحين
بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن النبي {صلى الله عليه وسلم} قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يتقبل القبلة و ) يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين (
ففي البخاري عن عائشة خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها كانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال يا سودة أما
(1/23)
والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين قالت فانكفأت راجعة إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وإنه ليتعشى وفي يده عرق فقالت يا رسول الله خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا فأوحي إليه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن قال البلقيني وإنما قلنا أن ذلك كان ليلا لإنهن إنما كن يخرجن للحاجة ليلا كما في الصحيح عن عائشة في حديث الإفك وآية ) الثلاثة الذين خلفوا ( في براءة ففي الصحيح من حديث كعب فأنزل الله تعالى توبتنا حين بقي الثلث الآخر من الليل ) ورسول الله {صلى الله عليه وسلم} عند أم سلمة والثلاثة كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع
النوع السابع والثامن الصيفي والشتائي الأول كآية الكلالة ) يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( الآية ففي صحيح مسلم عن عمر ما راجعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها حتى طعن بأصبعه في صدري وقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء
والثاني كالآيات العشر في براءة عائشة في سورة النور وأولهن ) إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ( ففي البخاري من حديثها
فوالله ما رام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ومجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه لينحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه
وعندي أن في الاستدلال بهذا الحديث نظر الاحتمال أن تكون حكت حاله وهو أنه في اليوم الشاتي ينحدر منه لا أنه في هذه القصة بعينها كان في يوم شات ويغني عن هذا المثال ما ذكره الواحدي أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي في أول النساء والأخرى في الصيف وهي
التي في آخرها والآية التي في سورة الأحزاب في غزوة الخندق فقد كانت في شدة البرد
(1/24)
النوع التاسع الفراشي كآية الثلاثة الذين خلفوا نزلت وهو {صلى الله عليه وسلم} نائم في بيت أم سلمة كما في الحديث السابق ويلحق به ما أنزل وهو نائم فإن رؤيا الأنبياء وحي تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم كسورة الكوثر ففي صحيح مسلم عن أنس
بينما رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ غفا إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله فقال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ ) بسم الله الرحمن الرحيم ( ) إنا أعطيناك الكوثر ( ) فصل لربك وانحر ( ) إن شانئك هو الأبتر ( وقال الرافعي في أماليه فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة وقالوا من الوحي ما يأتيه في النوم قال وهذا صحيح لكن الأشبه أن يقال أن القرآن كله نزل في اليقظة وكأنه خطر له في النوم كسورة الكوثر المنزلة في اليقظة أو عرض عليه الكوثر الذي وردت فيه أو تكون الإعفاءة ليس إغفاءة نوم بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي وتسمى برحاء الوحي قلت الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه والجواب الأخير هو الصواب
أسباب النزول
النوع العاشر أسباب النزول وفيه تصانيف أشهرها للواحدي ولشيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر فيه تأليف في غاية النفاسة لكن مات عن غالبه مسوده فلم ينتشر وما روي فيه عن صحابي فمرفوع أي فحكمه حكم الحديث المرفوع لا الموقوف إذ قول الصحابي فيما لا مدخل للاجتهاد فيه مرفوع وذلك منه فإن كان بلا سند فمنقطع لا يلتفت إليه أو تابعي فمرسل لإنه ما سقط فيه الصحابي كما سيأتي في علم الحديث فإن كان بلا سند رد كذا قال البلقيني فتبعناه ولا أدري لم فرق بين الذي عن الصحابي والذي عن التابعي فقال في
الأول منقطع وفي الثاني رد مع أن الحكم فيهما الإنقطاع والرد وهذا الفصل محرر في التحبير بما لم أسبق إليه وصح فيه أشياء كقصة الإفك وهي مشهورة في الصحاح وغيرها والسعي ففي الصحيحين عن عائشة
(1/25)
كان الأنصار قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفاة والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأنزل الله ) إن الصفا والمروة من شعائر الله ( إلى قوله ) فلا جناح عليه أن يطوف بهما (
وروي البخاري عن عاصم بن سليمان قال سألت أنسا عن الصفا والمروة قال كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الاسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله تعالى ) إن الصفا والمروة من شعائر الله ( وآية الحجاب وآية الصلاة خلف المقام ) عسى ربه إن طلقكن ( الآية فقد روي البخاري عن أنس قال قال عمر وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت ) واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ( وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك
أول ما نزل من القرآن
النوع الحادي عشر أول ما نزل الأصح أنه ) اقرأ باسم ربك ( ثم المدثر وقيل عكسه لما في الصحيحين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن سألت جابر بن عبد الله أي القرآن انزل قبل قال ) يا أيها المدثر ( قلت أو ) اقرأ باسم ربك ( قال أحدثكم بما حدثنا به رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء
فإذا هو يعنى جبريل فأخذتني رجفة فاتيت خديجة فأمرتهم فدثروني فأنزل الله تعالى ) يا أيها المدثر قم فأنذر (
(1/26)
وأجاب الأول بما في الصحيحين أيضا عن أبي سلمة عن جابر سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي أتاني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرجعت فقلت زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله تعالى ) يا أيها المدثر ( فقوله {صلى الله عليه وسلم} الملك الذي جاءني بحراء دال على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي فيها ) اقرأ باسم ربك ( قال البلقيني ويجمع بين الحديثين بأن السؤال كان عن نزول بقية إقرا والمدثر فأجاب عنه بما تقدم
وفي المستدرك عن عائشة أول ما نزل من القران ) اقرأ باسم ربك الذي خلق ( و أول ما نزل بالمدينة ) ويل للمطففين ( وقيل البقرة نقل البلقيني الأول عن علي بن الحسين والثاني عن عكرمة
وروي البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أول ما نزل بالمدينة ) ويل للمطففين ( ثم البقرة
آخر ما نزل من القرآن
النوع الثاني عشر آخر ما نزل في أقوال كثيرة سردناها في التحبير قيل آية الكلالة آخر النساء رواه الشيخان عن البراء بن عازب وقيل آية الربا رواه البخاري عن ابن عباس والبيهقي عن عمر وقيل ) واتقوا يوما ترجعون ( الآية رواه النسائي وغيره عن ابن عباس وقيل آخر براءة رواه الحاكم عن أبي بن كعب وقيل آخر سورة نزلت النصر رواه مسلم
عن ابن عباس وقيل سورة براءة رواه الشيخان عن البراء ومنها ما يرجع الى السند وهو ستة الأول والثاني والثالث المتواتر والآحاد والشاذ
الأول ما نقله جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه وهو السبعة أي القراآت السبع المنسوبة إلى الائمة السبعة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي قيل إلا ما كان من قبيل الأداء كالمدو والامالة وتحفيف الهمزة فإنه ليس بمتواتر وإنما التواتر جوهر اللفظ قال ابن الحاجب ورد بأنه يلزم من تواتر اللفظ تواتر هيئته
وذكر ابن الجوزي ان ابن الحاجب لا سلف له في ذلك
(1/27)
والثاني ما لم يصل إلى هذا العدد مما صح سنده كقراآت الثلاثة أبي جعفر ويعقوب وخلف المتممة للعشرة وقراآت الصحابة التي صح إسنادها إذ يظن بهم القراءة بالرأي
والثالث ما لم يشتهر من قراآت التابعين لغرابته أو ضعف إسنادها كذا تبعنا البلقيني في هذا التقسيم وحررنا الكلام في هذه الأنواع في التحبير بما لا مزيد عليه ونقلنا فيه خلاصة كلام الفقهاء والقراء وأن الثلاثة من المتواتر ولا يقرأ بغير الأول أي بالآحاد والشاذ وجوبا ويعمل به في الأحكام إن جرى مجرى التفسير كقراءة ابن مسعود وله أخ أو أخت من أم والا فقولان قيل يعمل به وقيل لا فإن عارضها خبر مرفوع قدم لقوته وشرط القرآن صحة السند باتصاله وثقة رجاله وضبطهم وشهرتهم وموافقة اللفظ العربية ولو بوجه كقراءة وأرجلكم بالجر بخلاف ما خالفها لتنزه القرآن عن اللحن والخط أي خط المصحف الإمام بخلاف ما خالفه وإن صح سنده لأنه مما نسخ بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني
مثال ما لم يصح سنده قراءة ) إنما يخشى الله ( برفع الله ونصب العلماء وغالب الشواذ مما إسناده ضعيف ومثال ما صح وخالف العربية وهو
قليل جدا رواية خارجة عن نافع معائش بالهمزة ومثال ما صح وخالف الخط قراءة ابن مسعود والذكر والأنثى رواها البخاري وغيره
النوع الرابع قراآت النبي {صلى الله عليه وسلم} عقد لها أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين بابا أخرج فيه من طرق عدة قراآت فأخرج من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه {صلى الله عليه وسلم} قرأ < ملك يوم الدين > بلا ألف وقال صحيح على شرط الشيخين وجعله شاهد الحديث عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة أنه {صلى الله عليه وسلم} كان يقرأ < بسم الله الرحمن الرحيم ملك يوم الدين > يعني بلا ألف ولكن وقع لنا الحديث في معجم ابن جميع من طريق هرون الأعور عن الأعمش بلفظ ) مالك ( فالله تعالى أعلم والقراءتان في السبع
(1/28)
وأخرج من طريق إبراهيم بن سليمان الكاتب عن إبراهيم بن طهمان عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أنه {صلى الله عليه وسلم} قرأ ) اهدنا الصراط المستقيم ( بالصاد وقال صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي فقال لم يصح وإبراهيم بن سليمان متكلم فيه وأخرج من طريق داود بن مسلم بن عباد المكي عن أبيه عن عبد الله بن كثير القاريء عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أقرأه ) واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ( بالتاء ) ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ( بالياء وقال صحيح الإسناد
وأخرج من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قرأ ) كيف ننشزها ( بالزاي وأخرج من هذا الطريق أنه {صلى الله عليه وسلم} قرأ وهي مقبوضة بغير ألف وقاله هي كل صحيح الإسناد والقراءتان في السبع
وأخرج من طريق داود ابن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أنه
{صلى الله عليه وسلم} قرأ ) وما كان لنبي أن يغل ( يفتح الياء وقال صحيح الإسناد وهي في السبع وأخرج من طريق الزهري عن أنس أنه {صلى الله عليه وسلم} كان يقرأ ) وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ( بالرفع وهي في السبع وأخرج من طريق عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أقرأه هل تستيطع ربك بالتاء الفوقية وقال صحيح الإسناد وهي في السبع وأخرج من طريق حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أقرأه وليقولوا درست يعني بجزم السين ونصب التاء وقال صحيح الإسناد وهي في السبع
(1/29)
وأخرج من طريق عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أقرأه ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم ( بفتح الفاء يعني من أعظمكم قدرا وأخرج من طريق أبي إسحق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه {صلى الله عليه وسلم} كان يقرأ < وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا > وأخرج من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قرأ < وترى الناس سكرى وما هم بسكرى > وهي في السبع وأخرج من طريق عمار بن محمد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قرأ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرات أعين وقال صحيح الإسناد
وأخرج من طريق محمد بن فضيل بن غزوان عن أبيه عن زاذان عن علي أنه {صلى الله عليه وسلم} قرأ ) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ( قال صحيح الإسناد وهي في السبع وأخرج من طريق الجحدري عن أبي
بكرة أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قرأ < متكئين على رفارف خضر وعباقري > حسان وقال صحيح الإسناد
النوع الخامس والسادس الرواة والحفاظ اشتهر بحفظ القرآن وإقرائه من الصحابة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابي ابن كعب وزيد بن ثابت و عبد الله بن مسعود وأبو الدرداء ومعاد ابن جبل وأبو زيد الأنصاري أحد عمومة أنس واسمه قيس بن السكن على المشهور
وفي الصحيح عن عبد الله بن عمرو سمعت النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبي بن كعب وفيه عن قتادة قال سألت أنس بن مالك من جمع القرآن على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال أربعة كهلم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد وفيه عن أنس أيضا قال مات النبي {صلى الله عليه وسلم} ولم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد ثم ممن أخذ عن هؤلاء أبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن السائب أخذوا عن أبي
(1/30)
واشتهر من التابعين أبو جعفر يزيد القعقاع وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ومجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن يسار وابن أبي رباح والحسن بن أبي الحسن البصري وعلقمة بن قيس والأسود وزر بن حبيش وعبيدة بفتح العين السلماني ومسروق واليهم ترجع السبعة فان نافعا أخذ عن أبي جعفر وابن كثير أخذ عن عبد الله ابن السائب وأبا عمر وأخذ عن أبي جعفر ومجاهد وابن عامر أخذ عن أبي الدرداء وعاصما أخذ عن زر وحمزة أخذ عن عاصم والكسائي أخذ عن حمزة
ومنها ما يرجع الى الأداء وهو ستة الأول والثاني الوقف والابتداء
يوقف عن المتحرك بالسكون هذا هو الأصل ويزاد الإشمام في الضم وهو الإشارة إلى الحركة بلا تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بها وسواء ضم الأغراب والبناء إذا كان لازما ويزاد الروم وهو النطق ببعض الحركة فيه أي الضم والكسر الأصليين بخلاف العارضين كضم ميم الجمع وكسرها أما الفتح فلا روم فيه ولا إشمام
واختلف في الوقف على الهاء المرسومة تاء فوقف عليها أبو عمرو والكسائي وابن كثير في رواية البزي بالهاء وكذا الكسائي في مرضات واللات وهيهات وتابعه البزي هيهات هيهات فقط وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على تاء أبت حيث وقع ووقف الباقون على هذه المواضع بالتاء ووقف الكسائي في رواية الدوري على وي من ويكان ووقفل أبو عمرو على الكاف منها والباقون على الكلمة بأسرها ووقفوا على لام نحو مال هذا الرسول مال هذا الكتاب فمال هؤلاء القوم فمال الذين كفروا اتباعا للرسم إذ تفصل فيه وعن الكسائي رواية بالوقف على ما
(1/31)
النوع الثالث الإمالة هي أن تنحي بالألف نحو الياء وبالفتحة نحو الكسرة أمال حمزة الكسائي كل اسم يائي أو فعل يائي كموسى وسعي ومثواكم ومأواكم وأني بمعنى كيف نحو ) فأتوا حرثكم أنى شئتم ( بخلاف غيرها وأما لا كل مرسوم بالياء واويا كان أو مجهولا كمتى وبلى إلا حتى ولدي وإلى وعلى وما زكى منكم من أحد أبدا بخلاف الواوي المرسوم بالألف كالصفا وعصا ودعا وخلا ولا يميل غيرهما شيئا الا أبو عمرو وورش وأبو بكر وحفص وهشام في مواضع معدودة محلها كتب القراآت وأشرنا اليها في التحبير
النوع الرابع المد هو متصل بأن يكون حرف المد والهمزة في كلمة ومنفصل بأن يكون في كلمتين وأطولهم أي القراء فيهما ورش وحمزة
ولهما ثلاث ألفات تقريبا في الأشهر عند المتأخرين فعاصم وله ألفان ونصف تقريبا فابن عامر والكسائي ولهما ألفان تقريبا فأبو عمر وله ألف ونصف تقريبا ولا خلاف في تمكين المتصل بحرف مد
واختلف في المنفصل فقالون والبزي وابن كثير يقصرون حرف المد فلا يزيدونه على ما فيه من المد الذي لا يوصل إليه الآية والباقون يطولونه
النوع الخامس تخفيف الهمزة هو أنواع أربعة نقل لحركتها إلى الساكن قبلها فتسقط نحو ) قد أفلح ( وإبدال لها بمد من جنس حركة ما قبلها فتبدل ألفا بعد الفتح وواوا بعد الضم وياء بعد الكسر نحو يأتي يؤمنون وبئر معطلة وتسهيل بينها وبين حرف حركتها نحو إيذاء وإسقاط بلا نقل إذا اتفقتا في الحركة وكانتا في كلمتين نحو جاء أجلهم من النساء إلا أولياء أولئك ومواضع هذه الأنواع ومن يقرأ بها وموضع بسطها كتب القراآت وأشرنا إليها في التحبير
(1/32)
النوع السادس الإدغام هو إدخال حرف في مثله أو مقاربة في كلمة أو كلمتين فهذه أربعة أقسام ولم يدغم أبو عمر والمثل في كلمة إلا في موضعين مناسككم ومسالككم وأظهر ما عداهما نحو جباههم ووجوهم وأما في كلمتين فادغم في جميع القرآن إلا ) فلا يحزنك كفره ( وإلا إذا كان الأول مشددا أو منونا أو تاء خطاب أو تكلم
وأما المتقاربان فأدغم في كلمة القاف المتحرك ما قبلها في الكاف في ضمير جمع المذكر فقط وأظهر ما عداها وفي كلمتين حروفا مخصوصة موضع بسطها كتب القراآت أشرنا إليها في التحبير ومنها ما يرجع إلى مباحث الألفاظ وهي سبعة الأول الغريب أي معنى الألفاظ التي يحتاج إلى البحث عنها في اللغة ومرجعه النقل والكتب المصنفة فيه ولا نطول بأمثلته ومن أشهر تصانيفه
غريب العزيزي وهو محرر سهل المأخذ ولأبي حيان فيه تأليف لطيف في غاية الاختصار وتتأكد العناية به
الثاني المعرب بتشديد الراء وهو لفظ استعملته العرب في معنى وضع له في غير لغتهم واختلف في وقوعه في القرآن فقال قوم نعم كالمشكاة للكوة بالحبشية والكفل للضعف بها والأواه الرحيم بها والتسجيل الطين المشوي بالفارسية والقسطاس العدل بالرومية وجمعت نحو ستين لفظا ونظمت في أبيات ومنها الإستبرق والسندس والسلسبيل وكافور وناشية الليل وغيرها وأنكرها الجمهور وقالوا بالتوافق أي بأنها عربية وافقت فيه الغة العرب لغة غيرهم حذرا من أن يكون في القرآن لفظ غير عربي وقد قال تعالى ) قرآنا عربيا ( وقد أجاب غيرهم بأن هذه الألفاظ القليلة لا تخرجه عن كونه عربيا فالقصيدة العربية التي فيها كلمة فارسية لا تخرج بها عن كونها عربية وبالعكس
(1/33)
الثالث المجاز وسيأتي أنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له وله أنواع كثيرة جدا بسطناها في التحبير ولابن عبد السلام في مجاز القرآن تصنيف والمذكور هنا من أنواعه اختصار حذف وهما متقاربان نحو ) فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة ( أي فافطر فعدة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أي فأرسلوه فجاء فقال يا يوسف ترك خبر نحو فصبر جميل أي صبري مفرد ومثنى وجمع عن بعضها أي إستعمال كل واحد من الثلاثة موضع الآخر مثال المفرد عن المثنى والله ورسوله أحق أن يرضوه أي يرضوهما وعن الجمع ) إن الإنسان لفي خسر ( أي إلا ناسى بدليل الاستثناء منه ) والملائكة بعد ذلك ظهير (
ومثال المثنى عن المفرد القيافي جهنم أي ألق وعن الجمع ) ثم ارجع البصر كرتين ( أي كرة بعد كرة ومثال الجمع عن المفرد رب إرجعون
أي أرجعني وعن المثني ) فإن كان له إخوة فلأمه السدس ( فإنها تحجب بالأخوين لفظ عاقل أي استعماله لغيره نحو ) قالتا أتينا طائعين ( ) رأيتهم لي ساجدين ( جمع الوصفان بالياء والنون وهو من خواص العقلاء والموصوف وهو السماء والأرض والكواكب من غيرهم والمسوغ لذلك تنزيله منزلته إذ نسب إليه القول والسجود الذي لا يكون إلا من العقلاء
وعكسه أي استعمال لفظ غير العاقل للعاقل نحو ) ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض ( أطلق سبحانه ما على الملائكة والثقلين وهو موضوع لغير العاقل لكن لما اقترن به غلب لكثرته وإن كان الأكثر في مثل ذلك تغليب العاقل لشرفه
إلتفات وهو الإنتقال من واحد من المتكلم والخطاب والغيبة إلى آخر منها نحو ) مالك يوم الدين إياك نعبد ( حتى إذا كنتم في الفك وجرين بهم ) والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه ( هكذا ذكره أبو عبيدة في أنواع المجاز والصواب إنه ليس منها بل من أنواع الخطاب فإنه حقيقة ولذا لم نذكره في التحبير في باب المجاز وأفردنا له بابا
(1/34)
إضمار نحو ) واسأل القرية ( ومنهم من جعله قسما من الحذف لا قسيما له زيادة نحو ) ليس كمثله شيء ( تكرير نحو ) كلا سيعلمون ( ثم كلا سيعلمون تقديم وتأخير نحو ) فضحكت فبشرناها بإسحاق ( أي بشرناها فضحكت
سبب نحو ) يذبح أبناءهم ( أي يأمر بذبحهم فأسند إليه لأنه سبب فيه
الرابع المشترك وهو لفظ له معنيان وهو في القرآن كثير منه القرء للحيض والطهر وويل كلمة عذاب وواد في جهنم كما رواه الترميذي من حديث أبي سعيد الخدري والند للمثل والضد والتواب للتائب نحو يحب التوابين والقابل للتوبة نحو إنه كان توابا والمولي للسيد والعبد والغي لضد الرشد واسن واد في جهنم كما قاله ابن مسعود في قوله تعالى ) فسوف يلقون غيا ( رواه الحاكم في المستدرك ووراء خلف وأمام وهو معنى ) وكان وراءهم ملك يأخذ ( والمضارع للحال والاستقبال على الأصح من أقوال مبينة في كتبنا النحوية
الخامس المترادف وهو لفظان بإزاء معنى واحد وهو في القرآن كثير منه الإنسان والبشر بمعنى سمي بالأول لنسيانه وبالنثاني لظهور بشرته أي ظاهر جلده خلاف غيره من سائر الحيوانات والحرج والضيق بمعنى واليم والبحر بمعنى وقيل أن اليم معرب والرجز والرجس والعذاب بمعنى
السادس الاستعارة وهي تشبيه خال من أداته أي آلة التشبيه لفظا أو تقديرا نحو ) أو من كان ميتا فأحييناه ( أي ضالا فهديناه استعير لفظ الموت للضلال والكفر والإحياء للإيمان والهداية ) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ( استعير من سلخ الشاة وهو كشط جلدها ثم الاستعارة من أنواع المجاز إلا أنها تفارق سائر أنواعه ببنائها على التشبيه
(1/35)
السابع التشبيه وهو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى ثم شرطه إقتران أداته لفظا أو تقديرا قال أهل البيان ما فقد الأداة لفظا إن قدرت فيه الأداة فهو تشبيه وإلا فاستعارة وبذلك يفترقان ومثلوه بقوله تعالى ) صم بكم عمي ( وهي أي أداة التشبيه الكاف ومثل بالسكون ومثل بالتحريك وكأن بالتشديد وأمثلته في القرآن كثيرة منها قوله
تعالى ) واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء ( الآية شبه زهرتها ثم فناءها بزهرة النبات في أول طلوعه ثم تكسره وتفتته بعد يبسه ) مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار ( الآية شبههم لحملهم التوارة وعدم عملهم بما فيها بالحمار في حمله ما لا يعرف ما فيه بجامع عدم الانتفاع
مباحث المعاني المتعلقة بالأحكام
ومنها ما يرجع إلى مباحث المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشرة الأول العام الباقي على عمومه ومثاله عزيز إذ ما من عام إلا وخص فقوله سبحانه ) وحرم الربا ( خص منه العرايا ) حرمت عليكم الميتة ( خص من المضطر وميتة السمك والجراد ولم يوجد لذلك
مثال مما لا يتخيل فيه تخصيص إلا قوله تعالى ) والله بكل شيء عليم ( فإنه تعالى عالم بكل شيء الكليات والجزئيات وقوله تعالى ) خلقكم من نفس واحدة ( أي آدم فإن المخاطبين بذلك وهم البشر كلهم من ذريته قلت والظاهر أي من ذلك ) حرمت عليكم أمهاتكم ( الآية فإن من صيغ العموم الجمع المضاف ولا تخصيص فيها
الثاني والثالث العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص الأول كثير كتخصيص قوله تعالى ) والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ( يعني الحامل والآيسة والصغيرة بقوله تعالى ) وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ( وقوله تعالى ) واللائي يئسن ( الآية والثاني كقوله تعالى ) أم يحسدون الناس ( أي رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لجمعه ما
(1/36)
في الناس من الخصال الحميدة ) الذين قال لهم الناس ( أي نعيم بن مسعود الأشجعي لقيامه مقام كثير في تثبيط المؤمنين عن الخروج بما قاله
والفرق بينهما أن الأول حقيقة لأنه استعمل فيما وضع له ثم خص منه البعض بمخصص والثاني مجاز لأنه استعمل من أول وهلة في بعض ما وضع له وإن قرينة الثاني عقلية وقرينة الأول لفظية من شرط واستثناء أو نحو ذلك ويجوز أن يراد به واحد كما تبين في الإثنين بخلاف الأول فلا بد أن يبقى أقل الجمع
الرابع ما خص من الكتاب بالسنة هو جائز خلافا لمن منعه قال تعالى ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ( وواقع كثيرا وسواء متواترها وآحادها مثال ذلك تخصيص وحرم الربا بالعرايا الثابت بحديث الصحيحين ) حرمت عليكم الميتة والدم ( بحديث أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال رواه الحاكم وابن ماجة من حديث ابن عمر مرفوعا والبيهقي عنه موقوفا وقال هو في معنى المسند وإسناده صحيح وتخصيص آيات المواريث بغير القاتل والمخالف في الدين المأخوذ من الأحاديث الصحيحة
الخامس ما خص منه أي من الكتاب السنة هو عزيز لقلته ولم يوجد الا قوله تعالى ) حتى يعطوا الجزية ( وقوله تعالى ) ومن أصوافها وأوبارها ( الآية وقوله تعالى ) والعاملين عليها ( وقوله تعالى ) حافظوا على الصلوات ( خصت هذه الآيات أربعة أحاديث فالأولى خصت حديث الصحيحين أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإنه عام فيمن أدى الجزية والثانية خصت حديث ما أبين من حي فهو ميت رواه الحاكم من حديث أبي سعيد وقال صحيح على شرط الشيخين
وأبوا داود والترمذي وحسنه من حديث أبي واقد بلفظ ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت أي كالميت في النجاسة مع أن الصوف ونحوه طاهر إذا جز في الحياة لامتنان الله تعالى به في الآية
(1/37)
والثالثة خصت حديث النسائي وغيره لا تحل الصدقة لغني فإن العامل يأخذ مع الغني فإنها أجرة والرابعة خصت النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة المخرج في الصحيحين وغيرهما فإنه عام في صلاة الوقت أيضا
السادس المجمل ما لم تتضح دلالته كثلاثة قروء مشترك بين الحيض والطهر وبيانه بالسنة المبين خلافه
السابع المؤول ما ترك ظاهرة لدليل كقوله تعالى ) والسماء بنيناها بأيد ( ظاهرة جمع يد الجارحة فأول على القوة للديل القاطع على تنزيه الله تعالى عن ظاهرة
الثامن المفهوم وهو قسمان موافقة وهو ما يوافق حكمه المنطوق نحو ) فلا تقل لهما أف ( فإنه يفهم تحريم الضرب من باب أولى ومخالفة وهو ما يخالفه في صفة نحو ) إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ( فيجب التبين في الفسق بخلاف غيره وشرط نحو ) وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن ( أي فغير أو لات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن وغاية نحو ) فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ( أي فاذا نكحته تحل للأول بشرطه وعدد نحو ) فاجلدوهم ثمانين جلدة ( أي لا أقل ولا أكثر
التاسع والعاشر المطلق والمقيد وحكمه حمل الأول على الثاني إذا أمكن ككفارة القتل والظهار قيدت الرقبة في الأولى بالإيمان وأطلقت في الثانية فحملت عليها فلا تجزيء فيها إلا مؤمنة فإن لم يكن كقضاء رمضان أطق فلم
يذكر فيه تتابع ولا تفرق وقد قيد صوم الكفارة بالتتابع وصوم التمتع بالتفريق فلا يمكن حمل قضاء رمضان عليهما لتنافيهما ولا على أحدهما لعدم المرجح فبقي على إطلاقه
الحادي عشر والثاني عشر الناسخ والمنسوخ وهو كثير في القرآن وفيه تصانيف لا تحصى وكل منسوخ في القرآن فناسخه بعده في الترتيب إلا آية العدة وهي قوله تعالى ) والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ( غير إخراج نسختها آية ) يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ( وهي قبلها في الترتيب وإن تأخرت عنها في النزول
(1/38)
والنسخ يكون للحكم والتلاوة معا روى البخاري ومسلم عن عائشة كان فيما أنزل الله تعالى عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات ولأحدهما أي الحكم أو التلاوة فقط كآية العدة والرجم نحو إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموها البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم كانت في سورة الأحزاب رواه الحاكم وغيره
الثالث عشر والرابع عشر المعمول به مدة معينة وما عمل به واحد مثالهما آية النجوى ) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ( لم يعمل بها غير علي ابن أبي طالب كما رواه الترمذي عنه ثم نسخت وبقيت عشرة أيام قيل ساعة وهذا القول هو الظاهر إذ ثبت أنه لم يعمل بها غير علي كما تقدم فيبعد أن يكون الصحابة مكثوا تلك لمدة لم يكلموه
ومنها ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالألفاظ وهو ستة الأول والثاني الفصل والوصل ويأتيان في المعاني بحدهما وأقسامهما والمراد بالوصل العطف وبالفصل تركه مثال الأول وإذا خلوا أي المنافقون إلى شياطينهم أي
رؤسائهم ) قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون ( مع الآية بعدها أي قوله الله تعالى ) يستهزئ بهم ( فصل فلم يعطف لأنه ليس من مقولهم
والثاني مثاله ) إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ( وصل بالعطف للمناسبة المقتضية له
(1/39)
الثالث والرابع والخامس الايجاز والإطناب المساواة تأتي في المعاني مثال الأول ) ولكم في القصاص حياة ( فإن معناه كثير ولفظه يسير لأنه قائم مقام قولنا الإنسان إذا علم أنه إذا قتل يقتص منه كأن ذلك داعيا قويا مانعا له من القتل فارتفع بالقتل الذي هو قصاص كثير من قتل الناس بعضهم لبعض فكان ارتفاع القتل حياة لهم ومثال الثاني ) قال ألم أقل لك ( أطنب بزيادة لك توكيد لتكرره ومثال الثالث ولا يحق المكر السيء إلا بأهله فإن معناه مطابق للفظه السادس القصر يأتي في المعاني ومثاله ) وما محمد إلا رسول ( أي لا يتعدى إلى التبري من الموت الذي هو شأن الإله ومن أنواع هذا العلم ما لا يتعلق بما تقدم وهو كالذيل والتتمة له وذلك يحسب المذكور هنا أربعة
الأول الأسماء فيه أي القرآن من أسماء الأنبياء خمسة وعشرون آدم ونوح وإدريس وإبراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف ولوط وهود وصالح وشعيب وموسى وهرون وداود وسليمان وأيوب وذو الكفل ويونس والياس واليسع وزكريا ويحيى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
ومن أسماء الملائكة أربعة جبريل وميكائيل وهاروت وماروت هذا ما ذكره البلقيني وزدنا في التحبير الرعد والسجل ومالكا وقعيدا
ومن أسماء غيرهم إبليس وقارون وطالوت وجالوت ولقمان الحكيم وتبع وهو رجل صالح كما في حديث رواه الحاكم ومريم وأبوها عمران وأخوها
هارون وليس أخا موسى ففي الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال بعثني رسول الله إلى نجران فقالوا إلى ألستم تقرؤن يا أخت هارون وقد كان بين موسى وعيسى ما كان فلم أدر ما أجيبهم فرجعت إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبرته فقال ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم وعزيز ومن الصحابة زيد بن حارثة المذكور في الأحزاب لا غير
الثاني الكنى لم يكن فيه غير أبي لهب واسمه عبد العزي ولهذا لم يذكر باسمه لأنه حرام شرعا وقيل للإشارة إلى أن مصيره إلى اللهب وكان كني به لاشراق وجهه
(1/40)
الثالث الألقاب ذو القرنين اسمه اسكندر على الأشهر ولقب بذلك لأنه ملك فارس والروم وقيل لأنه دخل النور والظلمة وقيل لأنه كان برأسه شبه القرنين وقيل كان له ذؤابتان وقيل رأى في النوم أنه أخذ بقرني الشمس المسيح عيسى بن مريم لقب به إما من السياحة أو لأنه كان مسيح القدمين لا أخمص له فرعون اسمه الوليد بن مصعب
الرابع المبهمات مؤمن من آل فرعون الذي في سورة غافر اسمه حزقيل الرجل الذي في سورة يس في قوله تعالى ) وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ( اسمه حبيب ابن موسى النجار فتى موسى الذي في سورة الكهف يوشع بن نون الرجلان اللذان في سورة المائدة في قوله تعالى ) قال رجلان من الذين يخافون ( هما يوشع وكالب أم موسى اسمها يوحانذ بضم الياء التحتية وبالحاء المهملة وكسر النون وبالذال المعجمة إمرأة فرعون آسية بنت مزاحم العبد في سورة الكهف في قوله تعالى ) فوجدا عبدا من عبادنا ( هو الخضر الغلام الذي في قصته في قوله
تعالى ) لقيا غلاما فقتله ( اسمه حيسور بالحاء المهملة وقيل بالجيم بعدها مثناة تحتية وقيل نون آخره راء الملك الذي في قصته في قوله تعالى ) وكان وراءهم ملك ( اسمه هدد بن يدد كلاهما بوزن صرد العزيز اسمه اطفير أو قطفير إمرته اسمها راعيل هذا ما ذكره البلقيني في هذه المواضع ووراء ذلك أقوال أخرى سردناها في التحبير وهي أي المبهمات في القرآن كثيرة جدا ولم يستوفها البلقيني ولا قارب وفيها تصنيف مستقل للسهيلي والبدر بن جماعة وقد استوعبتها في التحبير فلم أدع منها شيئا ورتبتها على فصول ولله الحمد
علم الحديث
هو علم بقوانين أي قواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من صحة وحسن وضعف وعلو ونزول وكيفية التحمل والأداء وصفات الرجال وغير ذلك
(1/41)
والسند الإخبار عن طريق المتن من قولهم فلان سند أي معتمد لاعتماد الحفاظ عليه في صحة الحديث وضعفه أو من السند وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل لأن المسند يرفعه إلى قائله والمتن ما ينتهي إليه غاية السند من الكلام من المماتنة وهي المباعدة في الغاية لأنه غاية السند أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته واستخرجتها فكان المسند استخرج المتن أو من المتن وهو ما صلب وارتفع من الأرض لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه ثم إن أول من صنف في هذا الفن القاضي أبو محمد الرامهرمزي عمل فيه كتابه المحدث الفاضل ولم يستوعب والحاكم ولم يهذب ولم يرتب ثم أبو نعيم الأصبهاني ثم الخطيب فصنف الكفاية في قوانين الرواية والجامع لآداب الشيخ والسامع وصنف في أنواع هذا الفن كتبا مفردة كثيرة حتى قال الحافظ أبو بكر بن نقطة كل من أنصف علم أن المحدثين عيال على كتبه إلى أن جاء الشيخ تقي الدين بن الصلاح
(1/42)
فجمع مختصره المشهور وأملاه شيئا بعد شيء لما ولي تدريس دار الحديث الأشرفية فهذب فنونه ونقح أنواعه ولخصها واعتنى بمؤلفات الخطيب فجمع متفرقاتها وشتات مقاصدها فصار على كتابه المعول وإليه يرجع كل مختصر ومطول الخبر بمعنى الحديث وقيل أعم منه إن تعددت طرقه بلا حصر بأن أحالت العادة تواطأهم على الكذب أو وقوعه منهم اتفاقا بلا قصد واتصف بذلك في كل طبقاته فهو متواتر أي يسمى بذلك وسيأتي في أصول الفقه أنه يوجب العلم اليقيني فلا يحتاج إلى البحث عن أحوال رجاله قال ابن الصلاح ومثاله على التفسير المذكور يعز وجوده إلى أن يدعى ذلك في حديث من كذب علي متعمدا فقد رواه من الصحابة نحو المائة وقيل المائتين وتعقب عليه الحافظ أبو الفضل العراقي بحديث مسح الخف فقد رواه سبعون من الصحابة وحديث رفع اليدين في الصلاة فقد رواه نحو خمسين منهم وقال شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل ابن حجر ما أدعاه ابن الصلاح من العزة وغيره من العدم ممنوع لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤا على الكذب أو يحصل منهم اتفاقا
(1/43)
ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا بالمقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطئهم على الكذب إفادة العلم اليقيني بصحته إلى قائله ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير قلت صدق شيخ الاسلام وبر وما قاله هو الصواب الذي لا يمترى فيه من له ممارسة بالحديث واطلاع على طرقه فقد وصف جماعة من المتقدمين والمتأخرين أحاديث كثيرة بالتواتر منها حديث نزل القرآن على سبعة أحرف وحديث الحوض وانشقاق القمر وأحاديث الهرج والفتن في آخر الزمان وقد جمعت جزأ في حديث رفع اليدين في الدعاء فوقع لي من طرق تبلغ العشرين وعزمت على جمع كتاب في الأحاديث المتواترة يسر الله ذلك بمنه وكرمه آمين وغيره وهو ما لم تصل طرقه إلى الرتبة المذكورة آحاد فإن كان بأكثر من اثنين كثلاثة فمشهور أي يسمى بذلك لوضوحه وربما يطلق على
ما اشتهر على الألسنة ولو كان له إسناد واحد بل ولو لم يوجد له إسناد أصلا أو بهما أي باثنين بأن روياه فقط عن اثنين فقط وهكذا فعزيز لقلة وجوده أو عزته وقوته لمجيئه من طريق آخر مثاله حديث الشيخين عن أنس والبخاري عن أبي هريرة
أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده الحديث رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبد العزيز اسمعيل بن علية وعبد الوارث ورواه عن كل جماعة
(1/44)
أو بواحد فقط بأن لم يروه غيره في أي موضع وقع التفرد فغريب فمنه ما وقع التفرد في أصل السند بأن يكون في الموضع الذي يدور عليه الإسناد ويرجع ولو تعددت الطرق إليه وهو طرفه الذي فيه الصحابي ويسمى الفرد المطلق كحديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر وقد يتفرد به راو عن ذلك المتفرد كحديث شعب الإيمان تفرد به أبو صالح عن أبي هريرة وتفرد به عبد الله بن دينار عن أبي صالح وقد يستمر التفرد في جميع رواته أو أكثرهم وفي مسند البزار والمعجم الأوسط للطبراني أمثلة كثيرة لذلك ومنه ما حصل التفرد به بالنسبة إلى شخص معين وإن كان الحديث في نفسه مشهورا ويسمى الفرد النسبي وهو أي الآحاد بأقسامه الثلاثة قسمان مقبول وغيره فالأول أي المقبول إن نقله عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ صحيح
فخرج بالعدل الفاسق والمجهول والعدالة ملكة تمنع من ارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة بحيث تغلب على حسناته كما نص عليه الشافعي وبالضبط والمراد به ضبط الصدر بأن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء أو الكتاب بأن يصونه لديه مذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه نقل المغفل وبالتام أخف منه المأخوذ في حد الحسن وبقولنا متصل السند وهو بالنصب على الحال ما لم يتصل سنده بأقسامه الآتية وبما بعده المعلق والشاذ فلا يسمى شيء من ذلك صحيحا ويتفاوت الصحيح في القوة بحسب ضبط رجاله واشتهارهم بالحفظ والورع وتحري مخرجيه واحتياطهم
ولهذا اتفقوا على أن أصح الحديث ما اتفق على إخراجه الشيخان ثم ما أنفرد به البخاري ثم مسلم ثم ما كان على شرطهما ثم على شرط البخاري ثم على شرط مسلم ثم على شرط غيرهما وإن صحيح بن خزيمة أصح من صحيح ابن حبان وابن حبان أصح من مستدرك الحاكم لتفاوتهم في الاحتياط
(1/45)
ومن المرتبة العليا ما أطلق عليه بعض الأئمة أنه أصح الأسانيد كالشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمرو والزهري عن سالم عن أبيه وابن سيرين عن عبيدة عن علي والنخعي عن علقمة عن ابن مسعود ودون ذلك كرواية يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن أبي موسى وكحماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ودون ذلك كسهيل عن أبيه عن أبي هريرة والعلاء عن أبيه عن أبي هريرة فإن خف الضبط أي قل مع وجود بقية الشروط فحسن وهو يشارك الصحيح في الإحتجاج به وإن كان دونه وأما تفاوته فأعلاه ما قيل بصحته كرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومحمد بن اسحق عن عاصم بن عمر عن جابر وزيادة راويهما أي الصحيح والحسن أي العدل الضابط على غيره مقبول إذ هي في حكم الحديث المستقل وهذا إذا لم تناف رواية من لم يزد فإن نافت بأن لزم من قبولها رد الأخرى احتيج إلى الترجيح فإن كان لأحدهما مترجح فالآخر شاذ وقد ذكرناه حيث قلنا فإن خولف أي الراوي بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد ونحو ذلك من المرجحات فشاذ والأرجح يقال له المحفوظ مثاله ما رواه الأربعة إلا أبا داود من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه الحديث وتابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره وخالفهم حماد بن زيد فرواه عن ابن دينار نحن عوسجة ولم يذكر ابن عباس قال أبو حاتم المحفوظ حديث ابن عيينة فحماد من أهل العدالة والضبط ومع ذلك رجح رواية الأكثر
وعرف من هذا أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه أما إذا كانت المخالفة من غير مقبول فلا يسمى شاذا بل منكرا وإن سلم من المعارضة بأن لم يأت خبر يضاده فمحكم ومثاله كثير وإلا أي وأن عورض وأمكن
(1/46)
التجمع بينهما فمختلف الحديث أي يسمى بذلك وقد صنف فيه الشافعي وابن قتيبة والطحاوي وغيرهم مثاله حديث لا عدوى ولا طيرة مع حديث فر من المجذوم فرارك من الأسد وكلاهما في الصحيح والجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه ثم قد يتخلف أو يقال إن نفي العدوى باق على عمومه والأمر بالفرار سدا للذريعة لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج أو عورض حيث لا يمكن الجمع
وعرف الآخر منهما فناسخ أي الآخر والمتقدم منسوخ ومعرفة الآخر إما بالنص كحديث مسلم
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة أو بتصريح الصحابي كقول جابر
كان آخر الأمرين من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ترك الوضوء مما مست النار أخرجه الأربعة أو بالتاريخ كصلاته {صلى الله عليه وسلم} في مرض موته قاعدا والناس خلفه قياما وقد قال قبل ذلك
وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ثم أن لم يعرف الآخر إما أن يرجح أحدهما بمرجح إن أمكن كحديث ابن عباس
أن النبي {صلى الله عليه وسلم} نكح ميمنة وهو محرم رواه الشيخان وحديث الترمذي عن أبي رافع أنه نكحها وهو حلال قال وكنت الرسول بينهما فرجح الثاني لكونه رواه صاحب الواقعة وهو أدرى بها
والمرجحات كثيرة ومحلها علم أصول الفقة أو يوقف عن العمل بأحد منهما حتى يظهر مرجح وسياتي له مثال في الأصول والفرد النسبي أن وافقه غيره فهو المتابع بالكسر فإن حصل للراوي نفسه فمتابعة تامة أو لشيخه فصاعدا فقاصرة ويستفاد بها التقوية مثاله ما رواه الشافعي في الأم عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر
أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكموا العدة ثلاثين ظن قوم أن الشافعي تفرد به بهذا اللفظ عن مالك لأن أصحاب مالك رووه عنه بلفظ
فإن غم عليكم فاقدروا له
(1/47)
لكن تابع الشافعي القعنبي عن مالك أخرجه عنه البخاري وهي متابعة تامة وله متابعة قاصرة في صحيح ابن خزيمة من رواية عاصم ابن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبد الله بن عمر بلفظ ثلاثين وفي صحيح مسلم من رواية عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ فاقدر وآله ثلاثين
ولا تختص المتابعة بقسيمها باللفظ بل ولو جاءت بالمعنى كفي نعم تختص بكونها من رواية ذلك الصحابي أو وافقه متن يشبهه في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط من رواية صحابي آخر فالشاهد مثاله في الحديث السابق ما رواه النسائي من رواية محمد بن حنين عن ابن عباس مرفوعا بمثل حديث ابن دينار عن ابن عمر سواء بلفظه وما رواه البخاري من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ
فإن أغمى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وخص قوم المتابعة بما حصل في اللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أم لا والشاهد بما حصل بالمعنى كذلك وقد يطلق أحدهما على الآخر والأمر فيه سهل
وتتبع الطرق من المحدث من الجوامع والمسانيد وغيرها له أي للحديث الذي يظن أنه فرد ليعلم هل له متابع أو شاهد أو لا اعتبار أي يسمى بذلك والمردود إما أن يكون رده لسقط أي حذف بعض رجال الإسناد فإن كان السقط من أول السند فمعلق سواء كان الساقط واحدا أم أكثر ولو كل رجاله وقيل مثلا قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهذا النوع كثير في صحيح البخاري قال ابن الصلاح وحكمه أنه إن أتى بصيغة الجزم كقوله قال وروى دل على أنه ثبت إسناده عنده وإنما حذفه لغرض من الأغراض وإلا كيروى ويذكر ففيه مقال أما في غير صحيحه فمردود للجهل بحال الساقط ما لم يعرف من وجه آخر أو كان بعد التابعي فمرسل بأن يقول التابعي كبيرا كان أو صغيرا
قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كذا أو افعل كذا وإنما رد للجهل بحال الساقط إذ يحتمل أن يكون صحابيا وأن يكون تابعيا
(1/48)
وعلى الثاني يحتمل أن يكون ضعيفا وأن يكون ثقة وعلى الثاني يحتمل أن يكون حمل عن صحابي وأن يكون حمل عن تابعي آخر وعلى الثاني فيعود
الاحتمال السابق ويتعدد إلى ما لا نهاية له عقلا وإلى ستة أو سبعة استقراء إذ هو أكثر ما وجد من رواية بعض التابعين عن بعض ولهذا لم يصوب قول من قال المرسل ما سقط منه الصحابي إذ لو عرف أن الساقط صحابي لم يرد أو كان الساقط بعد غيره أي غير التابعي بأن يكون من أثناء الإسناد فإن كان يفوق واحد أي باثنين فصاعدا ولاء فمعضل وإلا بأن كان بواحد أو أكثر لا التوالي بل من موضعين من الإسناد أو أكثر فهو منقطع فإن خفي السقط بحيث لا يدركه إلا الأئمة الحذاق المطلعون على علل الأسانيد وطرق الحديث ككون الراوي أرسل عمن عرف لقيه إياه ما لم يسمع منه فمدلس بفتح اللام والفاعل لذلك مدلس بكسرها ومن عرف بذلك وهو ثقة لم يقبل من رواياته إلا ما صرح فيه بالتحديث
(1/49)
وأما أن يكون الرد لطعن في الراوي فإن كان لكذب في الحديث بأن يروى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} ما لم يقله متعمدا لذلك فموضوع وهو شر المردود ويعرف باقرار الراوي بوضعه وبقرائن يدركها من له في الحديث ملكة قوية واطلاع تام منها أن يكون مناقضا لنص القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي أو صريح العقل حيث لا يقبل شيء من ذلك التأويل ومنها ما يؤخذ من حال الراوي كما وقع لغياث بن ابراهيم حين دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام فساق في الحال إسنادا إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح فزاد في الحديث أو جناح فعرف المهدي أنه كذب لأجله فأمر بذبح الحمام ثم تارة يخترع الواضع كلاما من عنده وتارة يأخذ كلام غيره كبعض السلف أو قدماء الحكماء أو الإسرائيليات أو يأخذ حديثا ضعيف الإسناد فيركب له إسنادا صحيحا ليروج والحامل على ذلك إما عدم الدين كالزنادقة أو غلبة الجهل كبعض المتعبدين الذين وضعوا أحاديث فضائل القرآن أو فرط العصبية كبعض المقلدين أو اتباع هوى بعض الرؤساء أو الأغراب لقصد الاشتهار
وأجمع من يعتد به على تحريم ذلك كله بل كفر الجويني من تعمد الكذب على النبي {صلى الله عليه وسلم} وعلى تحريم رواية الموضوع إلا مقرونا ببيان حاله
لحديث مسلم
(1/50)
من حدث عني بحديث يرى أنه كذب علي فهو أحد الكاذبين أو اتهمته أي تهمة الراوي بالكذب بأن لا يروي ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفا للقواعد المعلومة أو عرف بالكذب في كلامه ولم يظهر منه وقوعه في الحديث فمتروك وهو أخف من الموضوع أو فحش غلط في الراوي أي كثرته أو غفلة عن الإتقان أو فسق بغير الوضع والبدعة فمنكر أو وهم بأن تقوم القرائن على وهم راوية من وصل مرسل أو منقطع أو ادخال حديث في حديث أو نحو ذلك من القوادح فمعلل ويعرف ذلك بكثرة التتبع وجمع الطرق وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها أو مخالفة بتغيير السند بأن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة فيرويه عنهم راو يجمع الكل على إسناد واحد منها ولا يبين أو يكون طرف المتن عند راو بإسناد وطرفه الآخر بآخر فيرويه عنه تاما بالإسناد الأول أو يروي متنين مختلفين لهما إسنادان بواحد أو يروي أحدهما ويزيد فيه من ألآخر ما ليس في الأول أو يسوق إسنادا ثم يعرض له عارض فيقول كلاما من قبل نفسه فيظن من سمعه أنه متن ذلك الإسناد فيرويه عنه به فمدرجه أي فذلك يسمى مدرج السند
أو يدمج موقوف بمرفوع أول الحديث أو آخره أو وسطه فمدرج المتن ويعرف بوروده مفصلا من طريق آخر أي بتصريح الراوي بذلك أو نحوه كحديث
اسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار فإن صدره مدرج من كلام أبي هريرة وحديث ابن مسعود في التشهد وفيه
فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك الحديث فإن هذا مدرج من قول ابن مسعود وحديث
من مس ذكره أو انثيه فليتوضأ فقوله أنثيه مدرج فإنه من كلام عروة راوية
أو بتقديم وتأخير في الإسناد أو المتن فمقلوب كمرة بن كعب وكعب بن مرة لأن اسم أحدهما أسم أبي الآخر وكحديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه ففيه
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو لا تعلم شماله ما تنفق يمينه كما في الصحيحين
(1/51)
أو بابدال لراو أو لفظ بآخر ولا مرجح لاحدى الروايتين على ألأخرى
فمضطرب كما رواه أبو داود ابن ماجة من رواية اسمعيل ابن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث عن أبي هريرة مرفوعا
إذا صلى أحدكم فليجعل شيئا تلقاء وجهه الحديث فقد اختلف فيه على اسمعيل فرواه بشر بن المفضل وغيره هكذا أو رواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو ابن حريث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه غير المذكورين على هيئة أخرى وكحديث فاطمة بنت قيس
إن في المال حقا سوى الزكاة رواه الترمذي وأخرجه ابن ماجة بلفظ
ليس في المال حق سوى الزكاة فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل أما إذا كان لإحذى الروايتين مرجح بحفظ أو نحوه فالعمدة على الراجح أو بتغيير نقط فمصحف أو شكل فمحرف وقد صنف في ذلك العسكري والدارقطني مثال الأول في المتن ما ذكره الدارقطني أن أبا بكر الصولي أملي حديث
من صام رمضان واتبعه ستا من شوال فقال شيئا بالشين المعجمة والياء التحتية وفي الإسناد ما ذكره أيضا ان ابن جرير قال فيمن روى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} من بني سليم ومنهم عتبة بن البذر قاله بالباء الموحدة والذال المعجمة وإنما هو بالنون والمهملة
ومثال الثاني كتصحيف سليم بسليم أو عكسه ولا يجوز إلا لعالم إبدال اللفظ من الحديث بمرادف له أو نقصه بأن يورد الحديث مختصرا لأنه لا يؤمن من الإبدال بما لا يطابق ومن حذف ماله تعلق كاستئناف وشرط والعالم يؤمن فيه ذلك وشرطه أن لا يكون مما تعبد بلفظه كالأذكار وأن لا يكون من جوامع الكلم وحيث جاز فالأولى الإتيان بلفظ الحديث وتمامه فإن خفي المعنى إما بأن يكون اللفظ مستعملا بقلة أو بكثرة لكن في مدلولة دقة احتيج في الحالة الأولى إلى الكتب المصنفة في الغريب ككتاب أبي عبيد القاسم الهروي والفائق للزمخشري والنهاية لابن الأثير وهي أجمع كتب الغريب وأسهلها تناولا مع أعواز قليل فيه وقد عزمت على اختصارها واستدراك ما فاتها في مجلد
(1/52)
واحتيج في الحالة الثانية إلى الكتب المصنفة في المشكل ككتاب الطحاوي والخطابي وابن عبد البر
أو لجهالة عطف على قولي لطعن وما بعده أي وإما أن يكون الرد لجهالة
الراوي وذلك إما بذكر نعته الخفي دون ما اشتهر به وصنف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد والخطيب مثاله محمد بن السائب بن بشر والكلبي نسبه بعضهم إلى جده فقال محمد بن بشر وسماه بعضهم حماد بن السائب وكناه بعضهم أبا النصر وبعضهم أبا سعيد وبعضهم أبا هشام فصار يظن أنهم جماعة وهو واحد
أو ندرة روايته أي قلتها وصنفوا في هذا النوع الوحدان وهو من لم يرو عنه الا واحد وممن صنف في ذلك مسلم
أو ابهام اسمه اختصارا من الراوي عنه كقولهم حدثني فلان أو شيخ أو رجل أو بعضهم أو ابن فلان ويعرف اسمه بوروده مسمى من طريق آخر فإن سمي الراوي وانفرد عنه بالرواية واحد بأن لم يرو عنه غيره فمجهول العين فلا يقبل كالمبهم إلا أن يوثق أو سمي وروى عنه أكثر من أحد لكن لم يوثق ولم يجرح فالحال أي فهو مجهول الحال ويسمى أيضا المستور وقد اختلف في قبوله فرده الجمهور وصحح النووي وغيره القبول وقال شيخ الإسلام التحقيق الوقف إلى استبانة حاله
أو لبدعة عطف على أسباب الرد والمبتدع إن كفر فواضح أنه لا يقبل فإن لم يكفر قبل وإلا لأدى إلى رد كثير من أحاديث الأحكام مما رواه الشيعة والقدرية وغيرهم وفي الصحيحين من روايتهم ما لا يحصى ولأن بدعتهم مقرونة بالتأويل مع ما هم عليه من الدين والصيانة والتحرز نعم ساب الشيخين والرافضة لا يقبلون كما جزم به الذهبي في أول الميزان قال مع أنهم لا يعرف منهم صادق بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم وإنما يقبل المبتدع غير من ذكرنا ما دام لم يكن داعية إلى بدعته
أو لم يرو موافقة أي موافق مذهبه واعتقاده فإن كان داعية أو روي موافقة رد للتهمة إذ قد يحمله تزيين بدعته على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه
(1/53)
أو لسوء حفظ في الراوي عطف على أسباب الرد والمراد أن لا يرجح جانب
إصابته على جانب خطئه فإن كان ذلك ملازما له فهو الشاذ كما تقدم فإن طرأ عليه لكبر أو ضر أو احتراق كتبه أو عدمها وكان يعتمدها فرجع إلى حفظه فساء فمختلط وحكمه رد ما حدث به بعد الإختلاط وقبول ما قبله فإن لم يتميز وقف حتى يتبين ويعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه صنف مغلط كتابا في المختلطين وأشار الحافظ أبو الفضل العراقي وابن الصلاح إلى أنه لم يؤلف فيهم أحد وليس كذلك فقد رأيت الحافظ أبا بكر الحازمي ذكر في كتابه التحفة أنه ألف فيهم كتابا
والإسناد وقد تقدم حده إن انتهى إليه {صلى الله عليه وسلم} قولا أو فعلا أو تقريرا فهو مرفوع مسند وكذا ما انتهى إلى صحابي لم يأخذ عن الإسرائيليات مما لا مجال للإجتهاد فيه ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب كالأخبار عن بدء الخلق وأمور الأنبياء والملاحم والبعث إذ مثل هذا لا مجال للرأي فيه فلا بد للقائل به من موقف ولا موقف للصحابة إلا النبي {صلى الله عليه وسلم} أو بعض من يخبر عن الكتب القديمة وقد فرض أنه ممن لم يأخذ عن أهلها قال الحاكم ومن ذلك تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل وخصه ابن الصلاح والعراقي بما فيه سبب النزول وفيه شيء فقد كان الصحابة يتحاشون عن تفسير القرآن بالرأي ويتوقفون عن أشياء لم يبلغهم فيها شيء من النبي {صلى الله عليه وسلم} وقد ظهر لي تفصيل حسن أخذته مما رواه ابن جرير عن ابن عباس موقوفا من طريق ومرفوعا من أخرى إن التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى فما كان عن الصحابة مما هو من الوجهين الأولين فليس بمرفوع لأنهم أخذوه من معرفتهم بلسان العرب وما كان من الوجه الثالث فهو مرفوع إذ لم يكونوا يقولون في القرآن بالرأي
(1/54)
والمراد بالرابع المتشابه أو انتهى إلى صحابي وهو من اجتمع به {صلى الله عليه وسلم} مؤمنا فهو موقوف والتعبير بالاجتماع أحسن من الرؤية ليدخل الأعمى كابن أم مكتوم وخرج من اجتمع به كافرا وأسلم بعده فلا يسمى صحابيا وزاد العراقي وغيره في الحد ومات على الإيمان ليخرج من ارتد بعد
اجتماعه ومات على الردة كابن خطل بخلاف من أسلم بعدها كالأشعث بن قيس
أو انتهى إلى تابعي فمن بعده فهو مقطوع وربما يطلق عليه منقطع وبالعكس تجوز وإلا فالأول من مباحث المتن والثاني من مباحث الإسناد فان قل عدده أي عدد رجال الإسناد فعال وأعلى ما وقع لنا من ذلك ما بيننا وبين النبي {صلى الله عليه وسلم} فيه عشرة على ضعف وبالإسناد الصحيح أحد عشر وبالسماع المتصل اثنا عشر فإن وصل إلى شيخ مصنف بالأضافة لا من طريقه فموافقة أو شيخ شيخه فصاعدا فبدل مثال الأول روى الإمام أحمد في مسنده حديثا عن عبد الرزاق فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين عبد الرزاق عشرة رجال ولو رويناه من مسند عبد بن حميد كان بيننا وبينه تسعة وذلك موافقة لأحمد بعلو لنا ومثال الثاني روى البخاري حديثا عن مسند عن يحيى القطان عن شعبة فلو رويناه من طريقة كان بيننا وبين شعبة أحد عشر رجلا ولو رويناه من مسند أبي داود الطيالسي كان بيننا وبينه عشرة أو تسعة بالجائز وذلك يدل للبخاري بعلو لنا
مهمة لم أقف على تصريح بأنه هل يشترط استواء الإسناد بعد الشيخ المجتمع فيه أولا وقد وقع لي في الإملاء حديث أمليته من طريق الترمذي عن قتيبة عن عبد العزيز الدراوردي عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا
(1/55)
لا تجعلوا بيوتكم مقابر الحديث وقد أخرجه مسلم عن قتيبة عن يعقوب القاريء عن سهيل فقتيبة له فيه شيخان عن سهيل فوقع في صحيح مسلم عن أحدهما وفي الترمذي عن الآخر فهل يسمى هذا موافقة لاجتماعنا معه في قتيبة أو بدلا للتخالف في شيخه والاجتماع في سهيل أو لا ويكون واسطة بين الموافقة والبدل احتمالات أقربها عندي الثالث فإن ساوى عدد الآسناد عدد إسناد أحد المصنفين بأن يكون بينه وبين النبي {صلى الله عليه وسلم} عدد ما بينه وبينه وهو معدوم الآن في أصحاب الكتب الستة فمساواة أو ساوى تلميذه أي تلميذ أحد المصنفين بأن يكون أكثر عددا من أستاذه بواحد فمصافحة إذ العادة جرت بالمصافحة بين من تلاقيا فكأنه لاقى ذلك المصنف وصافحه
ويقابله أي العلو النزول أو روى الراوي عن قرينه في السن أو المشايخ فاقران أي فهو النوع المسمى رواية الاقران وصنف فيه ابو الشيخ الأصبهاني كما رواه أحمد بن حنبل عن أبي خيثمة زهير بن حرب عن يحيى بن معين عن علي بن المديني عن عبد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة
قالت كن أزواج النبي {صلى الله عليه وسلم} يأخذن من شعورهن حتى تكون كالوفرة فأحمد والأربعة فوقه خمستهم أقران
أو روى كل من القرينين الآخر فمذبح وهو أخص مما قبل وصنف فيه الدارقطني كرواية أبي هريرة عن عائشة رضي الله عنها ورواية عائشة عنه ورواية الزهري عن أبي الزبير وأبي الزبير عنه ومالك عن الأوزاعي والأوزاعي عنه وأحمد عن ابن المديني وابن المديني عنه
(1/56)
أو روي عمن هو دون أي أصغر منه أو في مرتبة الآخذين عنه فأكابر عن أصاغر كرواية الزهري عن مالك والأصل فيه رواية النبي {صلى الله عليه وسلم} عن تميم الداري خبر الجساسة ومنه أي من نوع رواية الأكابر عن الأصاغر رواية آباء عن أبناء والصحابة عن الأتباع وصنف فيها الخطيب كرواية العباس عن ابنه الفضل ورواية وائل بن داود عن ابنه بكر وكرواية العبادلة الأربعة وأبي هريرة ومعاوية وأنس عن كعب الأحبار أما رواية الأبناء عن الآباء فكثير وأخص منه من روي عن أبيه عن جده وصنف في ذلك جماعة
وإن تقدم موت أحد قرينين أي اثنين اشتركا في الأخذ عن شيخ فسابق ولاحق وصنف في ذلك الخطيب كالبخاري حدث عن تلميذه أبي العباس السراج ومات سنة ست وخمسين ومائتين وآخر من حدث عنه بالسماع أبو الحسن الخفاف ومات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وسمع أبو علي البرداني من تلميذه السلفي حديثا ورواه عنه ومات على رأس الخمسمائة وكان آخر اصحاب السلفي سبطه أبو القاسم بن مكي ومات سنة خمسين وستمائة وبينهما مائة وخمسون قال شيخ الإسلام وهو أكثر ما وقفنا عليه من ذلك وقد سمع الذهبي عن أبي اسحق التنوخي وحدث عنه كما ذكره شيخ الإسلام في تاريخه
ومات سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وآخر من مات من أصحاب التنوخي الشهاب النشاري مات في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وثمانمائة ومن أصحاب التنوخي الآن جماعة موجودون وإن كان في الدنيا بقاء وقدر الله قاربوا القدر المذكور أو اتفقوا أي الرواة على شيء من قول أو حال أو صفة فمسلسل كسمعت فلانا يقول أشهد بالله لقد حدثني فلان إلى آخره وحدثني فلان ويده على كتفي إلى آخره وحدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر إلى آخره كالمسلسل بالحفاظ والفقهاء
(1/57)
وقد يقع التسلسل في معظم الإسناد كالمسلسل بالأولية فإن السلسلة تنتهي فيه إلى سفيان أو اتفقوا اسما فقط أو مع الكنية أو اسم الأب أو الجد أو النسبة فمتفق ومتفرق وصنف فيه الخطيب كالخليل بن أحمد ستة وأحمد ابن جعفر بن حمدان أربعة وأبو عمران الجوني اثنين وأبو بكر ابن عباس ثلاثة وحماد أبي زيد وابن سلمة والحنفي نسبة إلى بني حنيفة وللمذهب
أو اتفقوا خطالا لفظا فمؤتلف ومختلف وصنف فيه خلق أولهم عبد الغني بن سعيد الذهبي وآخرهم شيخ الإسلام مثاله سلام وسلام الأول بالتشديد وهو غالب ما وقع والثاني بالتخفيف وهو عبد الله بن سلام الحبر الصحابي وسلام ابن أخته وسلام جد أبي علي الجبائي وجد النسفي والسدي ووالد محمد بن سلام البيكندي شيخ البخاري وسلام بن أبي الحقيق اليهودي
أو اتفقت الآباء خطالا لفظا مع اتفاق الأسماء فيهما أو عكسه فمتشابه وهو مركب من النوعين قبله وصنف فيه الخطيب مثاله موسى بن علي بفتح العين وموسى ابن علي بضمها الأول كثير جدا والثاني ابن رياح اللخمي المصري وشريح ابن النعمان بالشين المعجمة والحاء المهملة وسريج بن النعمان بالمهملة والجيم الأول تابعي يروى عن علي بن أبي طالب والثاني من شيوخ البخاري
صيغ الأداء
وصيغ الأداء التي يروى بها الحديث فيها وفي مراتبها وكيفيتها خلاف طويل
وقد جزمنا بما هو المشهور عند المتأخرين وعليه العمل وهو سمعت وحدثني للإملاء أي لما تحمله من لفظ الشيخ فأخبرني وقرأت للقارى ء على الشيخ ويجوز استعمال لفظ التحديث هنا والإخبار فيما قبله لكن الأول هو الأولى فالجمع أي أخبرنا وقريء عليه وأنا أسمع للسامع فأنبأ وشافه وكتب وعن للإجازة والمكاتبة والأول والأخير في الإجازة مطلقا
(1/58)
والثاني إذا شافهه بها الشيخ فلا يستعمل في المكاتبة والثالث إذا كتب بها إليه من بلد ويجوز استعمال الإخبار فيها مقيدا بقوله إجازة أو مشافهة أو كتابة أو إذنا ونحو ذلك ومطلقا عند قوم ولنا فيه تفصيل بيناه في غير هذا الكتاب
وعلم مما سردناه في صيغ الأداء أن وجوه التحمل السماع من لفظ الشيخ والقراءة والسماع عليه والإجازة وهي مرتبة في العلو كذلك كما أفاده العطف بالفاء
وأرفعها أي أنواع الإجازة المقارنة بكسر الراء للمناولة لما فيها من التعيين والتشخيص وصورتها أن يدفع الشيخ أصله أو ما يقوم مقامه للطالب أو يحضر الطالب الأصل للشيخ ويقول له هذه روايتي عن فلان فاروها عني وشرطت أي الإجازة لها أي للمناولة فلا تصح الرواية بها إلا أن قرنها بها و شرطت أيضا للوجادة وهي أن يجد بخط يعرف كاتبه فلا يقول أخبرني فلان بمجرد وجدانه أنه ذلك إلا إن كان له منه إجازة وإلا فليقل وجدت بخطه
والوصية وهي أن يوصي عند موته أو سفره بأصله لعين فلا تجوز له روايته عنه بمجرد الوصية إلا إن كان له منه إجازة
والإعلام هو أن يعلم الشيخ أحد الطلبة بأنه يروي كتاب كذا عن فلان فليس لمن أعلمه الرواية عنه بمجرد ذلك إلا إن كان له منه إجازة
أنواع علم الحديث
ومن الأنواع في علم الحديث طبقات الرواة أي معرفتها طبقة بعد طبقة
(1/59)
أي الرواة المشتركين في السن والشيوخ ليأمن من تداخل المشتبهين وبلدانهم ليأمن من تداخل الإسمين المتفقين إذا افترقا في النسب وأحوالهم تعديلا وجرحا ويرجع إلى الكتب المؤلفة في ذلك كالثقات لابن حبان والعجلي الضعفاء لهما للذهبي ومراتبها أي الجرح والتعديل ليعرف من يرد حديثه ممن يعتبر وأرفع مراتب التعديل صيغة المبالغة كأوثق الناس والمكرر كثقة ثبت أو ثقة حافظ أو ثقة حجة أو ثقة متقن ونحو ذلك ويليها ثقة متقن حجة ثبت حافظ ضابط مفردا ويليها ليس به بأس لا بأس به صدوق مأمون خيار ويليها محله الصدق ورووا عنه شيخ وسط صالح الحديث مقارب الحديث بفتح الراء وكسرها جيد الحديث حسن الحديث ويليها صويلح صدوق إن شاء الله أرجو أنه لا بأس به
في الجرح
وأسوأ مراتب التجريح كذاب وضاع دجال يكذب يضع ويليها منهم بالكذب أو بالوضع ساقط هالك ذاهب متروك تركوه فيه نظر سكتوا عنه لا يعتبر به ليس بثقة غير ثقة ولا مأمون ويليها مردود الحديث ضعيف جداواه مموه مطروح إرم به ليس بشيء لا يساوي شيئا وكل من وصف بشيء من هذه المراتب لا يحتج به ولا يستشهد به ولا يعتبر به ويليها ضعيف منكر الحديث مضطرب الحديث واه ضعفوه لا يحتج به ويليها فيه مقال ضعف ليس بذاك ليس بالقوي يعرف وينكر ليس بعمدة فيه خلف مطعون فيه سيء الحفظ لين تكلموا فيه وأصحاب هاتين المرتبتين يكتب حديثهم للاعتبار ولا يحتج به
والأسماء المجردة ويرجع إلى الكتب المؤلفة فيها كطبقات ابن سعد وتاريخي البخاري وبن أبي خيثمة والجرح والتعديل لأبن أبي حاتم وكتب الثقات والضعفاء والمصنفات في رجال كتب مخصوصة كتهذيب المزني في رجال الكتب الستة وقد شرعت في ذيل عليه مخصوص برجال الموطأ ومسانيد الشافعي وأحمد وأبي حنيفة ومعاجم الطبراني(1/60)
في الكنى
والكنى بأنواعها وهي ثلاثة عشر الأول من أسمه كنيته وليس له كنية أخرى كأبي بلال الأشعري أو له كنية كأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يكنى أيضا أبا محمد الثاني من عرف بكنيته ولم نقف على اسمه فلم ندرها اسمه كنيته كالأول أو لا كأبي سعيد الخدري من الصحابة الثالث من لقب بكنيته كأبي الشيخ ابن حبان اسمه عبد الله وكنيته أبو محمد وأبو الشيخ لقب له الرابع من تعددت كناه كابن جريج يكنى أبا خالد وأبا الوليد الخامس من اتفق على اسمه واختلف في كنيته وصنف فيه بعض المتأخرين كأسامة بن زيد الحب قيل يكنى أبا زيد أو أبا محمد أو أبا خارجة أو أبا عبد الله أقوال السادس عكسه كأبي هريرة رضي الله عنه في اسمه أقوال كثيرة سردناها في شرح مسند الشافعي رضي الله عنه السابع من اختلف في اسمه وكنيته معا كسفينة مولى النبي {صلى الله عليه وسلم} وهو لقبه اسمه صالح أو مهران أو عمير أقوال وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل أبو البختري الثامن من لم يختلف في اسمه ولا في كنيته كأئمة المذاهب الأربعة التاسع من اشتهر باسمه دون كنيته كطلحة أبي محمد والزبير أبي عبد الله العاشر عكسه كأبي الضحى مسلم بن صبيح الحادي عشر من وافقت كنيته اسم أبيه كأبي اسحق ابراهيم بن اسحق المدني الثاني عشر عكسه كاسحق ابن أبي اسحق السبيعي الثالث عشر من وافقت كنيته كنية زوجه كأبي أيوب الدرداء وزوجه أم الدرداء ورأيت في هذا النوع تأليفا لطيفا واختصرته
في الألقاب والأنساب
والألقاب وأسبابها كالأعمش والأعرج والضال لقب معاوية بابن عبد الكريم لأنه ضل في طريق مكة وصنف في هذا النوع جماعة كابن الجوزي وأبي بكر الشيرازي ولي فيه تأليف جامع وجيز مسمى يكشف النقاب عن الألقاب
والأنساب هل هي إلى وطن أو حرفة أو صناعة كالخياط والبزار ولأبن السمعاني في ذلك تأليف عظيم في مجلدات وألف قبله الرشاطي واختصر ابن(1/61)
الأثير تأليف ابن السمعاني وزاد عليه أشياء قليلة في كتاب سماه اللباب وقد اختصرته وزدت عليه أشياء جمة ولم أترك ضبطها بالحروف وجاء في مجلدة لطيفة يسمى لب اللباب والمنسوب لغير أبيه كالمقداد بن الأسود ونسب إلى الأسود الزهري لكونه تبناه وإنما هو المقداد بن عمرو واسمعيل بن علية هي أمه وأبوه ابراهيم ومن وافق اسمه أباه وجده كالحسن بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب أو وافق اسمه شيخه وشيخه أي شيخ شيخه كعمران القصيري عن عمران ابن رجاء العطارذي عن عمران بن حصين الصحابي أو اتفق اسم راوية أي الراوي عنه وشيخه كالبخاري يروي عن مسلم ويروي عنه مسلم فشيخه مسلم بن ابراهيم الفراديسي والراوي عنه مسلم بن الحجاج
والموالي من أعلى أو أسفل بالرق أو الحلف والأخوة والأخوات صنف فيه القدماء كعلي بن المديني ومسلم ومن لطيفة أن ثلاثة أو أربعة وقعوا في إسناد واحد ففي العلل للدارقطني من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه يحيى بن سيرين عن أخيه أنس بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لبيك حجا حقا تعبدا ورقا
وذكر محمد بن طاهر المقدسي أن محمد ابن سيرين رواه عن أخيه يحيى عن أخيه معبد عن أخيه أنس
وأدب الشيخ والطالب ويشرتكان في تصحيح النية والتطهر عن أغراض الدنيا وتحسين الخلق وينفرد الشيخ بأن يسمع إذا احتيج اليه ويرشد إلى من هو أولى منه ولا يترك إسماع أحد لنية فاسدة وأن يتطهر ويجلس بوقار ولا يحدث قائما ولا عجلا ولا في الطريق إلا إذا اضطر إلى ذلك وأن يمسك عن التحديث إذا خشي التغير لمرض أو هرم وأن يعقد مجلسا للاملاء ويتخذ مستمليا يقظا وينفرد الطالب بأن يوقر الشيخ ولا يضجره ويرشد غيره لما سمعه ولا يدع الاستفادة لحياء أو تكبر ويكتب ما سمعه تاما ويعتني بالتقييد والضبط ويذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه ومن التحمل ووقته بالنسبة إلى السماع التمييز ويحصل غالبا باستكمال خمس سنين وما دونها فهو حضورهم كالمجمعين على
(1/62)
صحته قال شيخ الإسلام ولا بد في ذلك إجازة المستمع وبالنسبة إلى الطالب أن يتأهل لذلك ويصح تحمل الكافر والفاسق إذا أدى بعد إسلامه وتوبته
الأداء ولا حد له بل متى تأهل لذلك وقال ابن خلاد إذا بلغ الخمسين ولا ينكر عند الأربعين وخصوه بغير البارع المطلوب منه مجرد الإسناد وأما البارع فلا وقد حدث مالك وله نيف وعشرون سنة وشيوخه أحياء وكذلك الشافعي وحدث البخاري وما في وجهه شعرة واستمر العلماء على ذلك وهلم جرا وقد حدثت بمكة ولي عشرون سنة وعقدت مجلس الإملاء سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة ولي اثنتان وعشرون سنة ونصف
وكتابه الحديث بأن يكتبه مفسرا مبينا ويشكل المشكل وينقطه ويكتب الساقط في الحاشية اليمنى ما دام في السطر بقية وإلا ففي اليسرى ويقابله مع الشيخ أو ثقة غيره أو مع نفسه
وسماعه أي كيفيته بأن لا يتشاغل هو ولا الشيخ بما يخل به من نسخ أو حديث أو نعاس وأن يستمع من أصل شيخه أو فرع قوبل عليه وتصنيفه بأن يتصدى له إذا تأهل ويرتبه إما على الأبواب الفقهية أو غيرها أو المسانيد بأن يجمع مسند كل صحابي على حدة مرتبا على السوابق أو على حروف المعجمة أو العلل بأن يذكر المتن وطرقه ويبين اختلاف نقلته وأسبابه أي الحديث وصنف في ذلك أبو حفص العكبري شيخ أبي يعلى بن الفرا ومرجعها أي هذه الأنواع المذكورة وكثيرة مما قبلها النقل إذ لا ضابط لها تدخل تحته فلتراجع لها مصنفاتها المشار إليها فيما سبق ليحصل الوقوف على حقائقها واستيفائها
علم أصول الفقه
أي العلم المسمى بهذا اللقب المشعر بمدحه بابتناء الفقه عليه أدلته الإجمالية أي غير المعينة كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي {صلى الله عليه وسلم} والإجماع والقياس والاستصحاب المبحوث عن أولها بأنه للوجوب حقيقة
(1/63)
والثاني بأنه للحرمة كذلك والباقي بأنها حجج وغير ذلك بخلاف التفصيلية نحو ) أقيموا الصلاة ( ) ولا تقربوا الزنى ( وصلاته {صلى الله عليه وسلم} في الكعبة والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب وقياس الأرز على البر في الربا واستصحاب الطهارة لمن شك في بقائها فليست من أصول الفقه
وعدلت عن قول غيري دلائله لأن فعيلا لا يجمع على فعائل قياسا وكيفية الاستدلال بها بالترجيح عند التعارض ونحوه وحال لمستدل أي صفات المجتهد وذكرا في الحد لتوقف استفادة الأحكام التي هي الفقه من الأدلة عليهما فانحصر في سبعة أبواب وأول من ابتكر هذا العلم الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بالإجماع وألف فيه كتاب الرسالة الذي أرسل به إلى ابن مهدي وهو مقدمة الام
والفقه لغة الفهم واصطلاحا معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة وأن الوتر مندوب
وخرج بالاحكام الذوات وبالشرعية غيرها كالنحوية بما طريقها الاجتهاد أما طريقها القطع كوجوب الصلوات الخمس فلا يسمى شيء من ذلك فقها
والحكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف إن عوقب تاركه وأثيت فاعله فهو واجب أي يسمى بذلك أو عوقب فاعله وأثيب تاركه امتثالا فهو حرام أو أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه فهو ندب أي مندوب أو أثيب تاركه امتثالا ولم يعاقب فاعله فهو كره أي مكروه أو لم يثب ولم يعاقب لا فاعله ولا تاركه فهو مباح وقد يتعلق به الثواب لعارض كما سيأتي في أول التصوف أو نفذ بالمعجمة واعتد به بأن استجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان
(1/64)
أو عبادة فهو صحيح وغيره بأن لم يستجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة باطل وتصور المعلوم أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما هو به في الواقع علم كإدراكنا أن العالم حادث وعدلت عن قول غيري معرفة المعلوم لأن ما بعده يكون كما قال السبكي زائدا عن الحد لأن ما ليس مطابقا لما هو به لا يسمى معرفة وخلافه بأن أدرك على خلاف ما هو به جهل كإدراك الفلاسفة أن العالم قديم وعلى هذا عدم الإدراك لا يسمى جهلا كعدم علمنا بما تحت الأرضين وما في بطون البحار وبعضهم يسميه جهلا بسيطا والأول مركبا وعبارة المتن تصلح للمذهبين بأن يضبط خلافه على الأول بالجر عطفا على المجرور أي وإدراكه على خلاف ما هو به
والثاني بالرفع عطفا على تصور أي خلاف تصوره على ما هو به وهو صادق بتصوره على غير ما هو به وبعدم التصور أصلا
والمتوقف من العلم على نظر واستدلال مكتسب كالعلم بأن العالم حادث فإنه موقوف على النظر في العالم وما نشاهده فيه من التغيير فينتقل من تغييره إلى حدوثه وغيره ضروري كالعلم الحاصل بإحدى الحواس من السمع والبصر واللمس والذوق والشم فإنه يحصل بمجرد الإحساس بها من غير نظر واستدلال والنظر المذكور هو الفكر في المطلوب ليهتدي به فخرج الفكر لا فيه كأكثر حديث النفس والدليل المستدل به عليه هو المرشد إليه لأنه علامة له ولا حاجة إلى تعريف الاستدلال وإن عرفهم بعضهم مع النظر تأكيدا لأن مؤداهما واحد ثم ما حصل في التصور لا يجزم بل مع التردد لا يخلو إما أن يكون أحد الطرفين راجحا والآخر مرجوحا أو يستويا
والظن راجح التجويزين ومقابله المرجوح وهم بسكون الهاء والمستوى شك فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء شك ومع رجحان الثبوت أو الانتفاء ظن ومقابله وهم
مصادر التشريع
الأدلة المتفق عليها للأحكام الشرعية أربعة الكتاب والسنة والاجماع
(1/65)
والقياس مباحث الكتاب الكلام أمر ونهي نحو قم ولا تقعد وخبر نحو قام زيد واستفهام نحو هل قام زيد وتمن نحو ليت الشباب يعود وعرض نحو ألا تنزل عندنا وقسم نحو والله لأفعلن كذا أو حقيقة وهي ما أبقي على موضوعه فلم يستعمل في غيره كالأسد للسبع وغيره بأن استعمل في غير ما وضع له مجاز كالأسد للرجال الشجاع
الأمر طلب الفعل ممن دونه بخلافه ممن هو مثله أو فوقه فيسمى الأول إلتماسا والثاني سؤالا وهذا هو المختار تبعا لإمام الحرمين وجماعة من أهل الأصول ولأهل البيان قاطبة كما سيأتي بافعل أي صيغته الدالة عليه هذه الصيغة وما يشاكلها من صيغ الأمر كاضرب وأكرم واستخرج وهي للوجوب عند الإطلاق والتجرد عن القرينة الصارفة له إلى غيره نحو أقيموا الصلاة لا لفور أو تكرار بل يحصل الأجزاء بالتراخي وبمرة إلا لدليل عليهما كالأمر بالصلوات الخمس وبصوم رمضان وهو أي الأمر بالشيء نهي عن ضده وعكسه أي النهي عن الشيء أمر بضده فإذا قال له اسكن كان ناهيا له عن التحرك أو لا تتحرك كان آمرا له بالسكون
ويوجب الأمر مع إيجابه المأمور به ما لا يتم المأمور به إلا به فالأمر بالصلاة أمر بالوضوء الذي لا تصح بدونه والأمر بصعود السطح مثلا أمر بنصب السلم الذي لا يتصول إليه إلا به ويدخل فيه أي في الأمر من الله تعالى المؤمن لا ساه وصي ومجنون ومكره لانتفاء التكليف عنهم قال {صلى الله عليه وسلم}
رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يبرأ رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه والساهي في معنى النائم وروى ابن ماجة حديث
إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه نعم يؤمر الساهي بعد ذهاب السهو يجبر خلله كقضاء ما فاته من الصلاة وضمان ما أتلفه من المال
(1/66)
والكافر مخاطب بالفروع وشرطها وهو الإسلام الذي لا تصح الإ به لافتقارها إلى النية المتوقفة عليه وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها إذ لا يصح منهم حال الكفر لما ذكروا ولا يؤاخذون بها بعد الاسلام ترغيبا فيه قال تعالى ) ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين (
) الآيات وقال تعالى ) وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة (
ويرد الأمر لندب بنحو ) فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( ) وإباحة نحو ) وإذا حللتم فاصطادوا ( وتهديد نحو ) اعملوا ما شئتم ( وتسوية نحو ) فاصبروا أو لا تصبروا ( وغيرها كالتكوين نحو ) كونوا قردة ( والتعجيز نحو ) فأتوا بسورة (
والنهي استدعاء الترك أي طلبه لأنه ضد الأمر وفيه ما مر في مبحث الأمر المسائل فلا يكون طلبه إلا ممن هو دون الناهي وصيغته لا تفعل وهي عند الإطلاق للتحريم وترد للكراهة ولا بد فيه من الفور والتكرار وإلا لم يتحقق الترك إلا إن دل دليل على تقييده بزمان مخصوص كالنهي عن الصيد في الإحرام وتقدم أنه أمر بضده وتحرم مقدمات المنهي عنه كتحريم اتخاذ أواني الذهب لأنه يجر إلى استعمالها ويدخل فيه المؤمن لا ساه وصي ومجنون ومكره ويخاطب به الكافر ولا يحتاج إلى شرط الإسلام لأنه كف لا يتوقف عليه
الخبر ما يحتمل الصدق والكذب لذاته كزيد قائم وإن قطع بصدقه أو كذبه لخارج كخبر الله عز وجل ورسوله {صلى الله عليه وسلم} وكخبر مسيلمة لعنه الله تعالى
وغيره انشاء وهو ما اقترن لفظه بمعناه كبعت واشتريت
العام
العام ما شمل فوق واحد أي اثنين فصاعدا ولفظه بمعنى ألفاظه ذو اللام أي المعرف بها فردا وجمعا نحو ) إن الإنسان لفي خسر (
) فاقتلوا المشركين ( من فيمن يعقل نحو من دخل داري فهو آمن وما فيما لا يعقل نحو ما جاءني منك أخذته وأي فيهما نحو أي عبيدي ضربك فهو حر وأي الأشياء أردت أعطيتكه وأين في المكان نحو أين تكن أكن ومتى في الزمان نحو متى شئت جئتك ولا في النكرات نحو لا رجل في الدار
(1/67)
ولا عموم في الفعل بل هو أي العموم من صفات الألفاظ كجمعه {صلى الله عليه وسلم} بين الصلاتين في السفر الثابت في الصحيح فلا يعم كل سفر طويلا أو قصيرا وكقضائه بالشفعة للجار رواه النسائي مرسلا عن الحسن فلا يعم كل جار لاحتمال خصوصيته في ذلك الجار
الخاص
التخصيص تمييز بعض الجملة أي إخراجه من العام بشرط ولو مقدما نحو أكرم بني تميم إن جاؤك وإن جاءك زيد فأحسن إليه وصفة نحو أكرم بني تميم الفقهاء ويحمل المطلق منها على المقيد بها إن أمكن كالرقبة في كفارة القتل فيدت بالايمان وفي كفارة الظهار أطلقت فتحمل على تلك احتياطا فلا تجزء فيهما إلا مؤمنة فإن لم يمكن فلا كصوم الكفارة قيد بالتتابع وصوم التمتع فيه بالتفريق وأطلق قضاء رمضان فلا يمكن حمله عليهما لاستحالته ولا على أحدهما لعدم المرجح فبقي على إطلاقه
واستثناء وهو إخراج من متعدد بحروفه الآتية في النحو بشرط أن يتصل ولا يستغرق فلو قال له عشرة إلا عشرة أو قال بعد ساعة إلا تسعة لم يصح ويجوز الاستثناء من غير الجنس نحو له علي ألف إلا ثوبا وجاء القوم إلا الحمير ويجوز تقديمه على المستثنى منه نحو له علي إلا درهما ألف
ويجوز تخصيص الكتاب به أي بالكتاب كقوله تعالى ) ولا تنكحوا المشركات (
) خص بقوله تعالى ) والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ( أي حل لكم وبالسنة وتقدم مثاله في علم التفسير وهي بها أي ويجوز تخصيص السنة بالسنة كتخصيص حديث الصحيحين فيما سقت السماء العشر بحديثهما ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ويجوز تخصيص السنة به أي بالكتاب وتقدم مثاله في علم التفسير وهما أي ويجوز تخصيص الكتاب والسنة بالقياس لأنه يستند إلى نص من كتاب أو سنة فكأنه المخصص ومن أمثلته تخصيص حديث
من ملك ذا رحم محرم فهو حر بالأصل والفرع قياسا على النفقة
(1/68)
المجمل ما افتقر الى البيان وتقدم في علم التفسير والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي أي الايضاح النص ما لا يحتمل غير معنى كزيد في رأيت زيدا الظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر كالأسد في رأيت أسدا فإنه ظاهر في الحيوان المفترس لأنه فيه حقيقة محتمل للرجل الشجاع بدله فإن حمل على الآخر لدليل فمؤول كقوله تعالى ) والسماء بنيناها بأيد ( ظاهرة جمع يد الجارحة ودل الدليل القاطع على أن ذلك محال على الله تعالى فحمل على القدرة
النسخ
النسخ رفع الحكم الشرعي بخطاب فخرج بالرفع الثابت بالبراءة الأصلية أي عدم التكليف بشيء والمخرج بغاية أو نحوها من التخصيصات وبقولنا بخطاب الرفع بالموت والجنون ونحوهما ويجوز النسخ إلى بدل كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة وإلى غيره كنسخ وجوب الصدقة بين يدي النجوى في قوله تعالى ) إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ( وإلى بدل أغلظ كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية الثابت بقوله
تعالى ) وعلى الذين يطيقونه فدية ( بتعين الصوم بقوله تعالى ) فمن شهد منكم الشهر فليصمه ( و إلى بدل أخف كنسخ العدة عاما بأربعة أشهر وعشر و نسخ الكتاب به كآية العدة والصوم
وبالنسبة كنسخ قوله تعالى ) كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ( بحديث الترمذي لا وصية لوارث وهي بهما أي والسنة بالكتاب والسنة كنسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة الفعلية بقوله تعالى ) فول وجهك شطر المسجد الحرام ( وكقوله {صلى الله عليه وسلم}
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم(1/69)
السنة
السنة أي هذا مبحثها والمراد بها أقوال {صلى الله عليه وسلم} وأفعاله وتقريره قوله {صلى الله عليه وسلم} حجة حجة بلا نزاع وأما فعله فإن كان قربة ودل دليل على الاختصاص به فظاهر أنه يحمل عليه كوجوب الضحى والأضحى والتهجد عليه وإلا أي وإن لم يدل دليل عليه حمل على الوجوب في حقه {صلى الله عليه وسلم} وحقنا احتياطا أو الندب لأنه القدر المتقين أو يوقف عنه حتى يقوم عليه أدلة ثلاثة أقوال أو غيرها أي وإن كان غير قربة ولم يدل دليل على الاختصاص به فالإباحة أي فهو محمول عليها لقوله تعالى ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ( فإن دل دليل على الاختصاص به كزيادته في النكاح على أربع نسوة فظاهر أنه يحمل عليه
وتقريره على قول أو فعل وقع بحضرته حجة لأنه معصوم من أن يقر على منكر كتقريره أبا بكر على قوله بإعطاء سلب القتيل لقاتله وتقريره خالد بن الوليد على أكل الضب متفق عليهما وكذا ما فعل في عهده وعلم به وسكت
عليه حجة كعلمه يحلف أبي بكر أنه لا يأكل الطعام في وقت غيظه ثم أكل لما رأى الأكل خيرا رواه البخاري
ومتواترها أي السنة وتقدم في أول علم الحديث يوجب العلم بصدقه قطعا لاستحالة وقوع الكذب من الجمع المتقدم ذكرهم تواطئا واتفاقا
والآحاد منها يوجب العمل وإلا لبطل الاحتجاج بغالب السنة دون العلم لجواز الخطأ على الراوي وليس مرسل غير سعيد ابن المسيب حجة لما تقدم في علم الحديث من تضعيفه للجهل بالساقط في إسناده أما ابن المسيب فاستقريت مراسله فوجدت مسانيد عن أبي هريره صهره
الإجماع
الإجماع أي هذا مبحثه هو إتفاق فقهاء العصر أي مجتهديه على حكم الحادثة فلا عبرة باتفاق العوام والأصوليين مثلا ولا يعتبر وفاقهم له وهو حجة على عصره وعلى من بعده في أي عصر كان من عصر الصحابة فمن بعدهم لعصمة الأمة عن الخطأ قال {صلى الله عليه وسلم}(1/70)
لا تجتمع أمتي على ضلالة ولا يشترط في انعقاده إنقراضه أي العصر بأن يموت أهله فلا يجوز لهم على هذا الرجوع عنه لانعقاده ولا يعتبر على ذلك أيضا قول من ولد في حياتهم وصار من أهل الاجتهاد لانعقاده وقيل يشترط الانقراض فيعتبر قوله ولهم الرجوع قبله ويصح الإجماع بقول وفعل من الكل ومن بعض لم يخالف أي لم يخالفه الباقون ولا حاصل لهم على ترك المخالفة من خوف أو طمع وهو الإجماع السكوتي وليس قول صحابي حجة على غيره على الجديد والقديم نعم لحديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم إهتديتم وأجيب بضعفه
القياس
القياس أي هذا مبحثه هو رد فرع إلى أصل بعلة جامعة في
الحكم فهذه أربعة أركان كقياس الأرز على البر في الربا بجامع الطعم فإن أوجبته أي الحكم العلة بحيث لا يحسن عقلا تخلفه عنها فقياس علة كقياس الضرب على التأفيف للوالدين في التحريم لعلة الإيذاء أو دلت عليه ولم توجبه فدلالة أي فقياس دلالة كقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة بجامع أنه مال نام ويجوز أن يقال لا يجب كما قال به أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه
أو تردد فرع بين أصلين والحق بالأشبه به أي بالأكثر شبها فشبه أي فقياس شبه كالعبد إذا أتلف فإنه متردد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث أنه آدمي وبين البهيمة من حيث أنه مال وهو بالمال أكثر شبها بدليل أنه يباع ويورث ويوقف وتضمن أجزاؤه بما نقص من قيمته وشرط الأصل المقيس عليه ثبوته بدليل وفاقي يقول به الخصم إن كان خصم ليكون القياس حجة عليه فإن لم يكن فالقائس وشرط الفرع مناسبته للأصل فيما يجمع بينهما للحكم
(1/71)
وشرط العلة الاطراد في معلولالتها فلا تنتقض لفظا ولا معنى فمتى انتقضت لفظا بأن وجدت الأوصاف المعبر بها عنها في صورة بدون الحكم أو معنى بأن وجد المعنى المعلل به في صورة بدون الحكم فسد القياس الأول كأن يقال في القتل بالمثقل إنه قتل عمد عدوان فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد فينتقض ذلك بقتل الوالد ولده فأنه لا يجب به قصاص والثاني كأن يقال تجب الزكاة في المواشي لدفع حاجة الفقراء فيقال ينتقض ذلك بوجوده في الجواهر ولا زكاة فيها وأجيب في واجد بعض الماء بأنه يعدد التيمم لما بقي من أعضائه كالمريض المستعمل للماء بجامع تبعيض الطهارة فقيل العلة هناك المرض قلنا موجود فيمن عميت الجراحة أعضاء ولا تعدد فيه
وكذا الحكم أي شرطه أن يكون مطردا تابعا للعلة متى وجدت وجد ومتى انتفت انتفى
العلة
وهي أي العلة الجالبة له أي للحكم بمناسبتها له استصحاب الأصل عند عدم الدليل حجة كصوم رجب لم يشرع لفقد دليل عليه فاستصحب الأصل أي العدم الأصلي وهذا هو الخامس من الأدلة الشرعية وليس من المتفق عليه وأصل كل المنافع بعد البعثة الحل والمضار التحريم حتى يدل دليل على حكم خاص وقيل أصل الأشياء كلها على الحل لأن الله عز وجل خلق الموجودات لخلقه ينتفعون بها وقيل على التحريم ولأنها ملك لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بإذن منه والأول راعي في الجهتين المصلحة وقد ثبت لا ضرر ولا ضرار في الإسلام أما قبل البعثة فلا حكم يتعلق بأحد لانتفاء الرسول الموصل له
الاستدلال أي هذا مبحث كيفيته إذا تعارض عامان أو خاصان وأمكن الجمع بينهما جمع كحديث مسلم
ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها وحديث البخاري
خيركم قرنى ثم الذين يلونهم إلى أن قال
ثم يكون قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا فحمل الأول على ما إذا لم يكن المشهود له عالما بها والثاني على ما إذا كان عالما بها وكحديث الصحيحين أنه {صلى الله عليه وسلم} توضأ وغسل رجليه وحديث النسائي
(1/72)
أنه توضأ ورش الماء على قدميه فجمع بينهما بأن الرش في حالة التجديد وإلا أي وإن لم يمكن الجمع وقفا حتى يظهر مرجح كقوله تعالى ) أو ما ملكت أيمانكم ( وقوله تعالى ) وأن تجمعوا بين الأختين ( فالأول يجوز جمعهما بملك اليمين والثاني يحرم ذلك فرجح التحريم احتياطا وكحديث أبي داود
أنه سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال ما فوق الآزار وحديث مسلم
اصنعوا كل شيء إلا النكاح أي الوطء فهو يدل على حل الاستمتاع بما بين السرة والركبة والأول يحرمه فرجح التحريم احتياطا
فإن علم متأخر فناسخ والمتقدم منسوخ كآيتي العدة ونحوهما
أو تعارض عام وخاص خص العام به أي بالخاص كحديث
فيما سقت السماء السابق أو كل منهما عام من وجه وخاص من وجه خص كل بكل كحديث أبي داود
إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا ينجس وحديث ابن ماجة
الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه فالأول خاص بالقلتين عام في المتغير وغيره والثاني خاص بالمتغير عام في القلتين وما دونهما فخص عموم الأول بخصوص الثاني حتى يحكم بأن القلتين ينجس إذا تغير وخص عموم الثاني بخصوص الأول حتى يحكم بأن ما دون القلتين ينجس وإن لم يتغير
ويقدم الظاهر من الأدلة على المؤول لقوته والموجب للعلم كالمتواتر على الظن أي الموجب له كالآحاد والكتاب والسنة على القياس إذ لا رأي مع قول الله عز وجل وقول رسوله {صلى الله عليه وسلم}
وجليه أي القياس على خفيه كقياس العلة على الشبه المستدل هو المجتهد وشرطه ليتحقق له الاجتهاد العلم بالفقه أي بمسائله وقواعده أصلا وفرعا خلافا غالبا ومذهبا ليذهب عند اجتهاده إلى قول منه ولا يحدث قولا يخرق به الإجماع والمهم من تفسير آيات ومن أخبار أي أحاديث وهو آيات الأمثال والقصص وأحاديث الزهد ونحوها فليست بشرط
و المهم من لغة ونحو لأن بهما يعرف معاني ألفاظ الكتاب والسنة وحال رواة للأخبار من جرح وتعديل ليأخذ رواية المقبول منهم دون غيره(1/73)
الاجتهاد
والاجتهاد حده بذل الوسع أي الطاقة في طلب الغرض ليحصل له ليس كل مجتهد مصيبا إذ الحق واحد لا يتعدد بل مأجورا إن لم يقصر لحديث البخاري
إذا اجتهد الحاكم فحكم وأصاب فله أجران وإذا حكم فأخطأ فله أجر فإذا قصر أثم وفاقا
والتقليد قبول القول من المقلد بلا حجة يذكرها ولا يجوز أي التقليد لمجتهد لتمكنه من الاجتهاد
علم الفرائض
علم يبحث فيه عن قدر المواريث لكل وارث و كيفية قسمتها عند العول والانكسار والأصل فيه حديث ابن ماجة وغيره
تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم أي لتعلقه بالموت المقابل للحياة
أسباب الإرث أربعة قرابة فيرث بعض الأقارب من بعض على التفصيل الآتي ونكاح فيرث كل من الزوجين الآخر وولاء فيرث المعتق العتيق لحديث
الولاء لحمة كلحمة النسب ولا عكس وإسلام أي جهته فتصرف التركة لبيت المال إرثا إذا لم يكن وارث بالأسباب الثلاثة
موانع الإرث
ومانعه أي الإرث رق فلا يرث الرقيق وإلا لانتقل ميراثه لسيده لعدم ملكه وهو أجنبي من الميت ولا يورث إذ لا ملك له وقتل فلا يرث القاتل لحديث الترمذي
ليس للقاتل شيء وسواء العمد وغيره والمضمون وغيره كالحد والقصاص لعموم الحديث فلو اتفق موت القاتل قبل المقتول بأن طال مرضه بالجرح ومات بعده السراية ورثه واختلاف دين فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم كما في حديث الصحيحين أما الكفار فيرث بعضهم بعضا وإن اختلف مللهم كاليهودي من النصراني وعكسه إذ الكفر كله ملة واحدة نعم لا توارث بين حربي وذمي لانقطاع الموالاة بينهما والموت معية بأن ماتا معا بغرق أو هدم أو حريق فلا يرث أحدهما من الآخر وجعل السبق بأن علم سبق ولم يعلم السابق أو جهل أصلا
الوارثون من الرجال
والوارثون من الرجال بالإجماع عشرة وبالبسط خمسة عشر اب وأبوه وإن علا وابن وابنه وإن سفل وأخ لأبوين ولأب ولأم وابنة لا لأم أي ابن الأخ لأبوين ولأب وكذا عم وابنه أي كل منهما لأبوين ولأب لا لأم وزوج ومعتق(1/74)
والوارثات بالإجماع من النساء سبع وبالبسط عشر بنت وبنت ابن وإن سفل الابن وأم وجدة لأب ولأم وأخت لأبوين ولأب ولأم وزوجة ومعتقة
ويدخل في العم عم الأب وعم الجد والمعتق وعصبته أما ذوو الأرحام وهم كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة فيرثون على الأصح عندنا إذا لم ينتظم أمر بيت المال بأن لا يصرف في مصارفه الشرعية كما كان على عهد الخلفاء الراشدين وورثهم غيرنا مطلقا
الفروض وأصحابها
الفروض أي الأنصباء المقدرة في كتاب الله عز وجل للورثة ستة نصف لخمسة لزوج لم تخلف زوجته ولدا ولا ولد ابن قال تعالى ) ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ( وولد الابن كالولد في ذلك إجماعا واستغنيت عن تقييده في المتن هنا بتقييده في الربع وبنت قال تعالى ) وإن كانت واحدة فلها النصف ( وبنت ابن بالإجماع وأخت لأبوين أو لأب قال تعالى ) وله أخت فلها نصف ما ترك ( المراد أخت لأبوين أو لأب دون الأخت للأم لأن لها السدس للآية الآتية منفردات بخلاف ما إذا اجتمعن مع اخوتهن وأخواتهن أو بعضهن مع بعض على ما سيأتي
وربع لزوج لزوجته ولد أو ولد ابن قال تعالى ) فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن ( وولد الابن كالولد في ذلك إجماعا وزوجة ليس لزوجها ذلك قال تعالى ) ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ( ومثل الولد في ذلك ولد لابن إجماعا وثمن لها أي للزوجة معه أي مع الولد أو ولد الابن قال تعالى ) فإن كان لكم ولد فلهن الثمن ( وولد الابن كالولد في ذلك إجماعا والربع والثمن للزوجتين والثلاث والأربع بالإجماع والرجعية كالزوجة
(1/75)
وثلثان لعدد ذوات النصف اثنتين فأكثر من البنات وبنات الابن والأخوات قال تعالى في البنات ) فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ( وفي الأختين فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك نزلت فيمن له أخوات فدل على أن المراد منها الأختان فصاعدا وقيس بنات الابن على بنات الصلب وثلث لعدد ولد الأم إثنين فصاعدا قال تعالى ) وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ( فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث المراد أولاد الأم كما قرأ ابن مسعود وغيره
ولأم ليس لميتها ولد أو ولد ابن أو أثنان من أخوة أو أخوات قال تعالى ) فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ( فإن كان له أخوة فلأمه السدس وولد الأبن ملحه بالولد في ذلك
والمراد بالأخوة إثنان فصاعدا والأنثى كالذكر وسدس لها أي للأم معه أي مع المذكور من الولد أو ولد الابن أو اثنين من الأخوة أو الأخوات للآية السابقة والآتية ولأب وجد مع ولد أو ولد ابن للميت قال تعالى ) ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ( والحق به ولد
الابن وقيس الجد على الأب ولبنت ابن فصاعدا مع بنت الصلب لأنه {صلى الله عليه وسلم} قضى بذلك رواه البخاري عن ابن مسعود ولأخت لأب فصاعدا مع اخت شقيقة قياسا على بنت الابن مع بنت الصلب ولأخ أو أخت لأم للآية السابقة ولجدة فأكثر لأنه {صلى الله عليه وسلم} أعطى الجدة السدس رواه أبو داود عن المغيرة وروي الحاكم عن عبادة وصححه
انه {صلى الله عليه وسلم} قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما
(1/76)
ولا ترث من الجداث من أدلت بغير وارث كذكر بين انثيين كأم أبي الأم وترث المدلية بوارث كالمدلية بمحض إناث كأم أم الأم أو ذكور كأم أبي الأب أو إناث إلى ذكور كأم أم الأب وتسقطها أي الجدة لأب جدة قربى أي أقرب منها مطلقا سواء كانت القربى لأب أو أم كأم أم الأب بأم الأم وأم الأب و تسقط غيرها أي الجدة للأم قرباها لاقربي الأب فتسقط أم أم الأم يأم الأم لا بأم الأب لقوة قرابة الأم وكذا تسقط أم الأب بالأم والأب وأم الأم بالأم فقط لا بالأب
ويسقط الجدات أوجد أقرب منه وابن الأبن ابن لقربه والأخوة لأبوين أو أب أو أم أب وابن وابنه ملحق به بالإجماع في ذلك
والأخ غير الشقيق يسقطه الشقيق لأنه أقوى منه والمراد بغير الشقيق الأخ للأب و يسقط الأخوة ذوي الأم ستة الثلاثة الماضون وجد وبنت وبنت ابن وهي أي بنت الابن تسقط بعدد بنت أي بنتين فصاعدا ما لم يعصبها ابن ابن أخوها أو ابن عمها في درجتها أو أنزل من ذلك فإن كان أخذت معه الباقي بعد ثلثي البنتين بالتعصيب
وكذا أخوات لأب مع أخوات لأبوين يسقطن ما لم يكن معهن من يعصبهن لكن إنما يعصبها أي الأخت أخ لا ابن أخ بل تسقط به ويختص هو بالباقي بخلاف بنت الابن فيعصب بها من في درجتها أو أنزل كما تقدم
العصبة
العصبة ولفظها يطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث وارث بالإجماع لا مقدر له فيرث المال كله إن لم يكن معه ذو فرض أو الباقي بعد الفروض أو الفرض إن كان وقد يكون الشخص صاحب فرض في حالة وتعصيب في أخرى كالأب ولا تكون العصبة بنفسه أمرأة إلا معتقة وقد يكون إذا كان بغيره كالبنت مع أخيها
(1/77)
الجد إذا اجتمع مع الأخوة الذين لا يحجبون به وهم غير ولد الأم و الحال أنه لا فرض في المسألة له الأكثر من أمرين الثلث ومقاسمتهم كأخ فإن كان معه أخوان وأخت فالثلث أكثر أو أخ وأخت فالمقاسمة أكثر فإن استويا يعبر الفرضيون عنه بالثلث لأنه أسهل أو هناك فرض فمن السدس أي فله الأكثر من ثلاثة أشياء سدس كل المال وثلث الباقي بعد الفرض والمقاسمة كأخ
ففي بنتين وجد وأخوين وأخت السدس أكثر وفي زوجة وأم وجد وأخوين وأخت ثلث الباقي أكثر وفي بنت وجد وأخ وأخت المقاسمة أكثر فإن بقي بعد الفرض سدس فقط فاز به الجد وسقطوا أي الأخوة كبنتين وأم مع الجد
والأخوة هي من ستة للبنتين الثالث أربعة وللأم السدس وبقي سدس للجد أو بقي دونه أي السدس عالت بتتمته له وكذا إذا لم يبقى شيء فرض له وعالت وسقطوا مثال الأولى بنتان وزوج مع الجد والأخوة فهي من اثني عشر البنتين الثلثان ثمانية وللزوج ثلاثة بقي واحد وللجد السدس سهمان فتعول إلى ثلاثة عشر
ومثال الثانية هذه المسألة مع أم فتعول بعد عولها بنصيب الأم إلى ثلاثة عشر ثم بنصيب الجد إلى خمسة عشر
فرع في القسم إن كان الورثة عصبة قسم المال بينهم بالسوية وجعل الذكر كالأنثيين وأصل المسألة عدد الرؤوس كثلاثة بنين أو اخوة أو ثلاث معتقات أو ابن وبنت هي من ثلاثة للأبن سهمان وللبنت سهم
أو كان فيهم فرض أو فرضان أي صاحبه أو صاحبهما وهما متماثلان كنصف أو نصفين فمن مخرجه أصل المسألة كزوج وأخ لأب أو أخت لأب المسالة من اثنين مخرج النصف فالنصف مخرجه إثنان لأنها أقل عدد له نصف صحيح وكذا الباقي
(1/78)
والثلث مخرجه ثلاثة والربع أربعة والسدس ستة والثمن ثمانية أو كان فيها فرضان مخرجاهما مختلفان فإن تداخلا بأن فني الأكثر منهما بالأقل مرتين فأكثر كثلاثة مع ستة أو تسعة فأكثرهما أصل المسألة كأم وولدي أم أو أخ لأب فيها سدس وثلث فهي من ستة أو توافقا بأن لم يفنهما إلا عدد ثالث كستة وأربعة يفنيهما الإثنان فالحاصل بضرب الوفق من أحدهما أي الجزء الذي حصلت به الموافقة في الآخر هو أصل المسألة كزوجة وأم وابن فيها ثمن وسدس وهما متوافقان بالنصف إذ كل منهما له نصف صحيح فيضرب نصف الثمانية أو الستة في الآخر يبلغ أربعة وعشرين وهو أصل المسألة
أو تباينا بأن لم يفنهما إلا واحد ولا يسمى عددا كثلاثة وأربعة فيضرب كل في كل أي الحاصل بذلك أصل المسألة كأم وزوجة وأخ لأب فيها ثلث وربع فيضرب أحدهما في الآخر يبلغ إثني عشر وهو أصل المسألة
والأصول سبعة اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون والذي يعول منها ثلاثة الأول الستة فتعول إلى سبعة كزوج وأختين لأبوين أو لأب للزوج ثلاثة ولكل أخت اثنان وثمانية كهم وأم لها السدس واحد وتسعة كهم وأخ لأم له السدس وأحد عشرة كهم وأخ آخر لأم له واحد
والثاني الاثنا عشر تعول إلى ثلاثة عشر كزوجة وأم وأختين لأبوين أو لأب للزوجة ثلاثة وللأم إثنان ولكل أخت أربعة وخمسة عشر كهم وأخ لأم له السدس اثنان وسبعة عشر كهم وأخ آخر لأم له اثنان والثالث الأربعة والعشرون فتعول إلى سبعة وعشرين كبنتين وأبوين وزوجة للبنتين ستة عشر وللأبوين ثمانية وللزوجة ثلاثة فالعول زيادة ما بقي من سهام دوي
الفروض على أصل المسألة ليدخل النقص على كل منهم بقدر فرضه كنقص أصحاب الديون بالمحاصة
(1/79)
ثم إن انقسمت المسألة فأمرها واضح كزوج وثلاثة بنين هي من أربعة لكل واحد سهم وإلا بأن انكسرت قوبلت أي السهام المنكسرة بعدد المنكسر عليه فإن تباينا ضرب عدده في المسألة بعولها إن عالت كزوج وأخوين لأب هي من اثنين للزوج واحد يبقى واحد لا يصح قسمه على الأخوين ولا موافقة فيضرب عددها في أصل المسألة تبلغ أربعة ومنها تصح وكزوج وخمس أخوات لأب هي من ستة وتعول إلى سبعة للزوج ثلاثة يبقى أربعة لا يصح قسمه على الأخوات ولا موافقة فيضرب عددهن في سبعة تبلغ خمسة وثلاثين ومنها تصح أو توافقا فالوفق من عدده يضرب في المسألة بعولها إن عالت وتصح مما بلغ كأم وأربعة أعمام لأب هي من ثلاثة للأم واحد يبقى إثنان يوافقان عدد الأعمم بالنصف فيضرب نصف عددهم وهو اثنان في ثلاثة أصل المسألة تبلغ ستة ومنها تصح وكزوج وأبوين وست بنات هي بعولها من خمسة عشر للزوج ثلاثة وللأبوين أربعة يبقى ثمانية توافق عدد البنات بالنصف يضرب نصفه ثلاثة في خمسة عشر تبلغ خمسة وأربعين ومنها تصح
فإن كان المنكسر عليه صنفين قوبلت سهام كل صنف بعدده فإن توافقا والنصف إلى وفقه وإلا بأن تباينا ترك ثم إن تماثل عدد الرؤوس في الصنفين بالرد إلى الوفق أو البقاء على حاله ضرب أحدهما أي العددين المتماثلين في أصل المسألة وما بلغ صحت منه كأم وستة أخوة لأم واثني عشر أختا لأب هي من ستة وتعول إلى سبعة للأخوة سهمان موافقان عددهم بالنصف فيرد إلى ثلاثة وللأخوات أربعة أسهم توافق عددها بالربع فيرد إلى ثلاثة فيتماثلان فيضرب أحد الثلثين في سبعة تبلغ أحدى وعشرين ومنه تصح وكثلاث بنات وثلاثة أخوة لأب هي من ثلاثة للبنات سهمان وللأخوة سهم وسهام كل مباين لعدده والعدد ان متماثلان فيضرب أحدهما ثلاثة في ثلاثة هي أصل المسألة تبلغ تسعة ومنه تصح
(1/80)
أو تداخلا فأكبرهما يضرب في أصل المسألة وما بلغ صحت منه كأم وثمانية أخوة لأم وثمان أخوات لأب يرد عدد الأخوة إلى أربعة والأخوات إلى اثنين وهما متداخلان فتضرب الأربعة في سبعة أصل المسألة بعولها تبلغ ثمانية وعشرين وفيه تصح وكثلاث بنات وستة أخوة لأب العددان متداخلان تضرب الستة في ثلاث أصل المسألة تبلغ ثمانية عشر ومنه تصح
أو توافقا فالوفق من أحدهما يضرب في الآخر ثم الحاصل من ذلك يضرب فيها أي في المسألة وما بلغ صحت منه كأم واثني عشر أخا لأم وست عشرة أختا لأب يرد عدد الأخوة إلى ستة والأخوات إلى أربعة وهما متوافقان بالنصف فيضرب نصف أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر يضرب في سبعة أصل المسألة بعولها تبلغ أربعة وثمانين ومنه تصح وكتسع بنات وستة أخوة لأب العددان متوافقان بالثلث يضرب ثلث أحدهما في الآخر يبلغ ثمانية عشر يضرب في ثلاثة أصل المسألة تبلغ أربعة وخمسين ومنه تصح
أو تباينا فكل من العددين يضرب فيه أي في الآخر ثم الحاصل من ذلك يضرب فيها وما بلغ صحت منه كأم وستة أخوة لأم وثمان أخوات لأب يرد عدد الأخوة إلى ثلاثة والأخوات إلى اثنين وهما متباينان فيضرب أحدهما في الأخر يبلغ ستة تضرب في سبعة تبلغ اثنين وأربعين ومنه تصح وكثلاث بنات وأخوين لأب العدادن متباينان يضرب أحدهما في الآخر تبلغ ستة تضرب في ثلاثة تبلغ ثمانية عشر ومنه تصح
ويقاس بهذا ما إذا وقع التوافق في صنف والتباين في آخر وما إذا وقع الإنكسار على ثلاثة أصناف وأربعة
ولو مات أحدهم قبلها أي قبل القسمة فإن لم يرث الثاني غير الباقين وكان إرثهم منه كإرثهم من الأول جعل كأن الثاني لم يكن وقسم المال بين الباقين كأخوة وأخوات أو بنين وبنات مات بعضهم عن الباقين وإن ورثه غيرهم أو هم واختلف قدر الاستحقاق صحح مسألة الأول ثم مسألة الثاني
ثم إن انقسم نصيبه أي الثاني من مسألة الأول على مسألته فذاك كزوج
(1/81)
وأختين لأب ثم ماتت إحداهما عن الأخرى وعن بنت المسألة الأولى من ستة وتعول إلى سبعة والثانية من اثنين ونصيب ميتها من الأولى اثنان فيقسم عليهما وإلا فيضرب وفقها أي وفق مسألة الثاني فيها أي في مسألة الأول إن كان بين نصيبه وبينها موافقة وإلا بأن كان بينهما مباينة فيضرب كلها أي الثانية في الأولى وما بلغ صحتا منه ومن له شيء من الأولى ضرب فيما ضرب فيها من وفق الثانية أو كلها وأخذه أو من الثانية ففي نصيب الثاني من الأولى يضرب أن كان بينه وبين مسألته مباينة أو في وفقه إن كان بينهما موافقة مثال ذلك جدتان وثلاث أخوات متفرقات ماتت الأخت للأم عن أخت لأم هي الأخت للأبوين في الأولى وعن أختين لأبوين وعن جدة هي إحدى الجدتين في الأولى المسألة الأولى من ستة وتصح من اثني عشر والثانية من ستة ونصيب ميتها من الأولى اثنان يوافقان مسألته بالنصف فيضرب نصفها ثلاثة في الأولى تبلغ ستة وثلاثين لكل من الجدتين من الأولى سهم في ثلاثة بثلاثة وللوارثة في الثانية سهم منها واحد بواحد وللأخت للأبوين في الأولى ستة منها في ثلاثة بثمانية عشر ولها من الثانية سهم في واحد بواحد وللأخت للأب في الأولى سهمان في ثلاثة بستة وللأختين للأبوين في الثانية أربعة منها في واحد بأربعة وزوجة وثلاثة بنين وبنت ماتت البنت عن أم وثلاثة أخوة هم الباقون من الأولى المسألة الأولى من ثمانية والثانية تصح من ثمانية عشر ونصيب ميتها من الأولى سهم لا يوافق مسألته فتضرب في الأولى تبلغ مائة وأربعة وأربعين للزوجة من الأولى سهم في ثمانية عشر بثمانية عشر ومن الثانية ثلاثة في واحد بثلاثة ولكل ابن من الأولى سهمان في ثمانية عشر بستة وثلاثين ومن الثانية خمسة في واحد بخمسة(1/82)
علم النحو
علم يبحث فيه عن أواخر الكلم إعرابا وبناءهما بالنصب على التمييز ليخرج بهما وما قبلهما علم التصريف والخط إذ يبحث فيهما عن جملة الكلم ومنها الآخر لكن من حيث التصحيح والإعلال لفظا والإبقاء والحذف رسما
الكلام حده قول أي لفظ دال على معنى مفيد أي مفهم معنى يحسن السكوت عليه مقصود أي لذاته فخرج بالقول والتعبير به أحسن من اللفظ لاطلاقه على ما لا يدل من الألفاظ أو يدل من غيره كالاشارة والكتابة وبالمفيد الكلمة وبعض الكلم نحو إن قام زيد وبالمقصود ما ينطق به النائم والساهي ونحوهما فلا يسمى شيء من ذلك كلاما وكذا المقصود لغيره كجملة الشرط والجزاء والصلة
الكلمة حدها قول وتقدم تفسيره وما يخرج به مفرد وهو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه كزاي زيد وغلام زيد علما بخلافه غير علم والكلام والكلم فإن أجزاء كل مما ذكر يدل على جزء معناه وهي أسم يقبل الآسناد أي بطرفيه وهو أنفع علاماته فإن به تعرف اسمية الضمائر نحو أنا قمت وحده تعليق خبر بمخبر عنه أو طلب بمطلوب منه ولشموله الطلب عدلت إليه عن قول غيري الإخبار عنه
والجر أي الكسرة التي يحدثها عامله سواء كان مدخول حرف أو مضافا إليه أو تابعا لأحدهما كمررت بعبد الله الكريم والتعبير به أخص من حرف الجر وأحسن لأنه قد يدخل على ما ليس باسم في الصورة نحو ذلك بأن الله ويشمل المضاف إليه لأن جره على المختار تبعا لسيبويه بالمضاف وإن قال ابن مالك بالحرف المقدر أما التابع فجاره جار متبوعه من حرف أو مضاف والقول بأن جاره وجار المضاف اليه التبعية والاضافة ضعيف(1/83)
والتنوين وهو نون تثبت بآخره لفظا لا خطا وهذا أحسن حدوده وأخصرها وخرج بآخره نون التوكيد الخفيفة كغيرها ثم هو تمكين في الاسم المعرب كزيد ورجل وتنكير في المبنى من أسماء الأفعال دلالة على تنكيره كصة أي اسكت سكوتا تاما ومقابلة في جمع المؤنث السالم كمسلمات عن نون جمع المذكر وعوض عن جملة وهو اللاحق لاذ عوضا عما يضاف اليه واسم وهو اللاحق لكل وبعض وأي وحرف وهو اللاحق للمنقوص حاله الرفع والجر كقاض
وفعل يقبل التاء ويصدق بتاء الفاعل لمتكلم أو مخاطب أو مخاطبة كقمت وبتاء التأنيث الساكنة كقامت بخلاف المتحرك كقائمة ولات وهذه العلامة يختص بها الماضي ونون التوكيد شديدة كاضربن أو خفيفة كاضربن وهذه العلامة يختص بها الأمر والمضارع في بعض أحواله بأن يكون تلوا ما الشرطية إما ترين أو طلبا نحو لتضربن وهل تفعلن أو قسما مثبتا مستقبلا نحو والله لأقومن بخلاف الحال والمنفي نحو تالله تفتؤ أي لا تفتؤ
وقد للتحقيق نحو قد يعلم الله أو التقريب نحو قد قامت الصلاة أو التقليل نحو قد يصدق الكذوب هذه أشهر معانيها وهي للماضي والمضارع وقد علمت نكتة تعداد العلامات
وحرف لا يقبل شيئا من علامات الأسم والفعل فخلوه من العلامة علامة وهو مختص بالأسم كحروف الجر وبالفعل كالنواصب والجوازم وشأنه العمل غالبا ومشترك بينهما كحروف العطف ولا يعمل غالبا وتقسيمي الكلمة إلى الثلاثة معقبا كل واحد بعلاماته اختصارا دليله الاستقراء
الإعراب لغة البيان واصطلاحا تغير الآخر لعامل فخرج بالتغير لزوم هيئة واحدة وهو البناء وبتغيير الآخر تغير غيره بالتكسير والتصغير ونحوهما وبالعامل تغيره لغير عامل كالمحكي في قولك من زيد أو زيدا أو زيد لمن قال جاء زيد ورأيت زيدا ومررت بزيد فلا يسمى ذلك إعرابا
(1/84)
ثم التغير يكن بأربعة أشياء برفع ونصب وهما في اسم ومضارع نحو زيد يقوم وإن زيدا لن يقوم ولا حاجة إلى تقييدهما بالمعربين إذ الكلام إنما هو في الإعراب وهو لا يدخل المبنى
وجر في الأول أي الأسم فلا يدخل الفعل لامتناع دخول عامله عليه وجزمه في الثاني أي الفعل تعويضا عن الجر نحو لم يقم والأصل فيها أي الأربعة ضم وفتح وكسر وسكون لف ونشر مرتب أي الأصل في الرفع الضم وفي النصب الفتح وفي الجر الكسر وفي الجزم السكون كالأمثلة السابقة وما عدا ذلك نائب
(1/85)
كما قلت وناب عن الضم واو في موضعين في أب وأخ وحم وهن وفم بلا ميم وذي كصاحب إذا أضيفت لغير ياء المتكلم غير مثناة ولا مجموعة ولا مصغرة نحو هذا أبوك وأخوك وفوت وكذا الباقي بخلاف ما إذا أفردت نحو وله أخ أو أضيفت للياء نحو إن هذا أخي أو كانت مثناة أو مجموعة أو مصغرة فتعرب في الأول والأخير بالحركات الظاهرة وفي الثاني بالمقدرة وفي التثنية والجمع إعراب المثنى والمجموع وكذا فم بالميم يعرب بالحركات نحو هذا فك وذو التي لا كصاحب وهي الموصولة مبنية على الواو وفي جمع مذكر سالم بأن لم يتغير نظم واحدة سواء كان إسما أو صفة كجاء الزيدون والمسلمون وشرط الأول أن يكون علما لعاقل خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب وشرط الثاني أن يكون وصفا له خاليا من التاء ليس من باب أفعل فعلاء ولا فعلان فعلى عن لا مما يتسوى فيه المذكر والمؤنث وخرج بالسالم المكسر فإعرابه بالحركات كالفرد وبالمذكر المؤنث وسيأتي وناب عن الضم ألف في المثنى وهو الدال على إثنين بزيادة ألف أو ياء ونون نحو قال رجلان وناب عنه نون في الأفعال الخمسة يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلين و ناب عن الفتح ألف في أب وأخوته بشروطها السابقة نحو رأيت أباك وأخاك إلى آخره وناب عنه ياء في الجمع السالم والمثنى نحو رأيت الزيدين والزيدين و ناب عنه حذف النون في الأفعال الخمسة نحو أن تفعلا ولن تفعلوا إلى آخره و ناب عنه كسرة في جمع مؤنث سالم بأن جمع بألف وتاء مزيدتين نحو خلق الله السموات وخرج بالسالم المكسر بأن كانت الألف أو التاء أصلية كقضاة وأبيات فنصبه بالفتحة أما رفع السالم وجره فعلى الأصل و ناب عن الكسر ياء في الثلاثة الأول أي أب وأخوته والجمع والمثنى والنون فيهما لبيان حال الإضافة من حال الإفراد إذ تحذف في الأولى كالتنوين و ناب عنه فتح فيما لا ينصرف وهو ما كان فيه ألف تأنيث كحبلى وحمراء أو على وزن مفاعل أو مفاعيل كمساجد وقناديل أو معدولا أو موازنا للفعل أو(1/86)
عجميا أو فيه تاء تأنيث أو تركيب مزج أو ألف ونون زائدتين مع العلمية في الجميع أو الوصف في الأولين والأخير كعمر وأخر وأحمد وأحمر
وإبراهيم وفاطمة وطلحة وحضرموت وعثمان وسكران فإن دخلته أل أو أضيف صرف نحو في المساجد وفي أحسن تقويم ومن استثنى هاتين الحالتين فعلى رأيه أنه حينئذ ممنوع الصرف
وناب عن السكون حذف آخر الفعل المعتل وهو ما آخره ألف أو واو أو ياء نحو لم يخشس ولم يغز ولم يرم وحذف نون الأفعال الخمسة نحو لم يفعلا ولم يفعلوا المعرفة قال ابن مالك حدها وحد النكرة عسر فالأولى عد أقسام المعرفة لحصرها ثم يقال وما عدا ذلك نكرة فلهذا سلكنا هذا الصنيع فلزم منه تقديم المعرفة
وإن كانت الفرع وهي سبعة مضمر وهو ما دل على متكلم أو حاضر أو غائب وهو قسمان متصل وهو التاء مضمومة للمتكلم مفتوحة للمخاطب مكسورة للمخاطبة والألف والواو والنون للمخاطب والغائب وهي مرفوعة والياء للمتكلم والكاف للمخاطب والهاء للغائب وهي للنصب والجر ونا للمتكلم وهي للثلاثة ومنفصل وهو للرفع أنا ونحن وأنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن وهو وهي وهما وهم وهن وللنصب أيا متصلا به حروف دالة على التكلم والخطاب والغيبة فعلم وهو المعين لمسماة بلا قيد سواء كان شخصا إسما لأولى العلم كزيد أو غيرهم كلاحق ومكة أو كنية بأن صدرت باب أو أم كأبي الخير وأم كلثوم أو لقبا بأن أشعر بمدح أو ذم كزين العابدين وأنف الناقة أو جنسا كثعالة للثعلب وأم عريط للعقرب وبرة للمبرة
فإشارة وهو ذا للمذكر وتا للمؤنث وذان وتان رفعا وذين وتين نصبا وجرا لمثناهما وأولاء بالمد والقصر لجمعهما وهنا للمكان ويتصل بها في البعد كاف خطاب تتصرف بحسب المخاطب وحدها أو مع اللام إلا أن تتقدم الاسم هاء التنبيه ومنادى كيا رجل فموصول وهو الذي للمذكر والتي للمؤنث المذكر واللاتي لجمع المؤنث وللجميع من للعالم وما لغيره
وأل لهما وسمي موصولا لوجوب صلته غير أل بجملة خبرية مشتملة على عائد
(1/87)
وأل بوصف صريح فذو أل جنسية كانت إستغراقا نحو إن الإنسان لفي خسر أولا نحو الرجل خير من المرأة أو عهدية نحو فيها مصباح المصباح إذ هما في الغار ومضاف لأحدهما كغلامي وغلام زيد إلى آخره والمضاف في رتبة ما أضيف إليه إلا المضاف للمضمر فإنه دونه ولذا عطفته بالواو وكذا المنادى فإنه في مرتبة الإشارة لأن تعريفهما بالقصد والمواجهة وعطفت الباقي بالفاء إشعارا بأن كلا دون ما قبله
النكرة غيرها أي غير السبعة المذكورة وعلامته قبول أل المؤثرة التعريف كرجل بخلاف سائر المعارف فلا تقبلها ونحو الحسن أل فيه للمح الصفة لا تؤثر التعريف
في الأفعال
الأفعال ثلاثة ماض مفتوح أي مبني على الفتح لفظ لفظا كضرب أو تقديرا كعدا وينوب عنه الضم إذا اتصل به واو نحو ضربوا ويبنى على السكون الذي هو الأصل في البناء وخرج عنه لمشابهته المضارع إذا اتصل به ضمير رفع متحرك كضربت وأمر ساكن أي مبني على السكون كإضراب وينوب عنه الحذف في معتل الآخر كإخش وارم واغز ومضارع معرب مرفوع إذا تجرد من ناصب وجازم وتنصبه لن نحو فلن أبرح الأرض وإذا نحو إذا أكرمك لن أزورك وكي نحو جئت كي تكرمني ظاهرة قيد في الثلاثة وأن كذا أي ظاهرة نحو أعجبني أن تقوم ومضمرة بعد اللام أي لام التعليل ولام الجحود نحو ) ليغفر لك الله ( ) وما كان الله ليعذبهم ( وبعد أو نحو لألزمنك أو تقضيني حقي وحتى نحو وزلزلوا حتى يقول الرسول
وفاء السببية وواو المعية المجاب بهما طلب أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو عرض أو تحضيض أو تمن أو ترج أو نفي مثاله في الفاء زرني
فأكرمك لا تطغوا فيه فيحل رب وفقني فلا أزيغ فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا لولا تسافر فتغنم يا ليتني كنت معهم فأفوز ) لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع ( ) لا يقضى عليهم فيموتوا ( ومثاله في الواو ) ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ( وقس الباقي
(1/88)
وخرج بفاء السببية وواو المعية غيرهما كالعاطفة والمستأنفة فيجب الرفع بعدهما نحو ألم تسأل الربع الفواء فينطق لا تأكل السمك وتشرب اللبن وتجزم لم ولما هما للنفي نحو وإن لم تفعل ) بل لما يذوقوا عذاب ( ولما أبلغ في النفي من لم ولا واللام للطلب وهو طلب الترك المسمى بالنهي في الأولى نحو لا تشرك وطلب الفعل المسمى بالأمر في الثانية نحو ) لينفق ذو سعة ( والدعاء فيهما نحو لا تؤاخذنا ليقض علينا ربك وإن نحو ) إن يشأ يرحمكم ( وإذا ما نحو إذ ما تفعل أفعل وهي للزمان وحرف كان بخلاف ما بعدها ومهما نحو مهما تفعل افعل ومن نحو من يعمل سوأ يجز به وما نحو ) وما تفعلوا من خير يعلمه الله ( وأي نحو ) أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ( ومتى نحو متى تقم أقم وأني نحو أني تسافر أسافر وهما للزمان وأين نحو أين تجلس أجلس وحيثما نحو حيثما تسكن أسكن وهما للمكان وكلها للشرط أي إن وما بعدها لتعليق أمر على آخر فتجزم فعلين كما تبين ويسمى الأول فعل الشرط والثاني جوابه
المرفعات ذكر منها هنا سبعة الأول الفاعل هو اسم قبله فعل تام أو شبهه كالمصدر واسم الفاعل واسم الفعل والظرف نحو قام زيد ) ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ( زيد قائم أبوه هيهات العراق
أعندك زيد فخرج بالأسم الفعل فلا يكون فاعلا وبالقبلية المبتدأ زيد قام وأفاد أن الفاعل لا يتقدم على الفعل وبالتام مرفوع النواسخ نحو كان زيد قائما
(1/89)
الثاني نائب الفاعل هو مفعول به أو غيره كمصدر وظرف ومجرور عند عدمه أقيم مقامه في الرفع ووجوب التأخير والعمد به فلا يحذف نحو ضرب زيد ) فإذا نفخ في الصور نفخة ( وجلس عندك أو في الدار ولا يجوز إقامة غير المفعول به مع وجوده إن غير الفعل الرافع له بضم أول متحرك منه مطلقا ماضيا كان أو مضارعا أوله حركة أم لا كضرب ويضرب واستخرج ويستخرج وكسر ما قبل آخره إن كان ماضيا وفتحه إن كان مضارعا كالأمثلة المذكورة فإن كانت عينه حرف علة واوا أو ياء كقال وباع استثقلت الكسرة في الماضي عليهما فنقلت إلى الفاء وسكنتا فتسلم الياء وتقلب الواو ياء كقيل وبيع وقلبتا ألفا في المضارع كيقال ويباع لتحركهما الآن وانفتاح ما قبلهما في الأصل
الثالث المبتدأ والخبر هو اسم صريحا أو مؤولا عري عن عامل غير مزيد كزيد في زيد قائم ) وأن تصوموا خير لكم ( أي وصيامكم فخرج الفعل والاسم المقترن بعامل غير مزيد كمدخول النواسخ وغيرها ولا يضر العامل المزيد كم في قوله تعالى ) هل من خالق غير الله ( ولا يأتي نكرة ما لم يفد فان أفاد أتى وذلك بأن يكون عاما أو خاصا يوصف أو غيره نحو كل يموت ومن جاءك فهو حر ورجل عالم جاءني وغلام رجل حاضر
والرابع خبره هو المسند إليه خرج الفاعل وسائر المرفوعات ثم هو قسمان مفرد نحو زيد قائم وجملة إسمية أو فعلية وإنما يكون خبرا برابط يصحبها وهو ضمير نحو زيد أبوه قائم أو قام أبوه أو إشارة نحو ولباس التقوى ذلك خير ويستغنى عنه إن كانت عينه في المعنى نحو قولي لا إله إلا الله وشبهها عطف على الجملة وهو الظرف والمجرور يتعلقان حينئذ بفعل
(1/90)
أو وصف محذوف وجوبا نحو زيد عندي وزير في الدار وأصله أي الخبر التأخير وأصل المبتدأ التقديم لأن الخبر وصف في المعنى وحق الوصف التأخير ويجوز تقديمه نحو قائم زيد ويجب الأصل للالتباس بأن يكونا معرفتين أو نكرتين مستويتين ولا قرينة نحو زيد صديقي بخلاف ما إذا كان قرينة نحو بنونا بنوا بنائنا أو كان الخبر فعلا فيلتبس المبتدأ بالفاعل نحو زيد قام فإن رفع ضميرا بارزا نحو الزيادان قاما أو الزيدون قاموا جاز التقديم لا من اللبس أو كان محصورا نحو ما زيد إلا شاعر فلو قدم أوهم انحصار الشعر في زيد فإن قصد وجب التقديم
ويجب تصدير واجبه أي واجب التصدير منهما أي من المبتدأ والخبر كالاستفهام نحو من منجدي وأين زيد مدخول لام الابتداء نحو لزيد قام ولقائم زيد ومرجع ضمير هو الخبر نحو في الدار صاحبها وعلى التمرة مثلها زيدا
والخامس اسم كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وصار نحو كان زيد قائما إلى آخره ولا شرط لها وما تصرف منها أي المذكورات بخلاف ما بعدها فلا يتصرف وذلك كالمضارع والأمر والوصف والمصدر نحو ) ولم أك بغيا ( ) كونوا حجارة ( وليس بلا شرط أيضا ولا يتصرف نحو ليس زيد قائما وفتيء وبرح وأنفك وزال الأربعة بشرط أن تكون تلو نفي أو شبهه وهو النهي والدعاء والاستفهام ظاهرا أو مقدرا ويأتي منها المضارع والوصف فقط نحو ما زال زيد قائما لا تزل ذاكر الموت تالله تفتؤ تذكر يوسف أي لا تفتؤ ودام تلوما المصدرية الظرفية نحو ما دامت حيا ولا تتصرف
والسادس خبر إن بالكسر وأن بالفتح وهما للتوكيد نحو ) إن الله غفور رحيم ( ) ذلك بأن الله هو الحق ( وكأن وهي للتشبيه نحو كأن زيدا أسد ولكن هي للإستدراك نحو زيد شجاع لكنه بخيل وليت
(1/91)
وهو للتمني نحو ليت الشباب عائد ولعل وهي للترجي في المحبوب نحو لعل الحبيب محسن وتكون للتوقع في المكروه نحو لعل العدو قادم والفرق بين الترجي والتمني إشتراط إمكان الأول دون الثاني ولا يقدم هذا الخبر حال كونه غير ظرف لضعفها وعدم تصرفها بخلاف خبر كان وأخواتها إلا ليس وما بعدها
أما الظرف ومثله المجرور فيقدم هنا كغيره لتوسعهم فيه نحو ) إن لدينا أنكالا ( ) إن علينا للهدى (
والسابع خبر لا النافية للجنس نحو لا رجل حاضر لا أحد أكبر من الله عز وجل
المنصوبات
المنصوبات منها المفعول به وهو ما وقع عليه ال الفعل أي تعلق به حقيقة نحو ضربت زيدا أو مجازا نحو أردت السفر والأصل تأخيره عن الفاعل لأنه فضلة ويجوز تقديمه نحو ضرب عمرا زيد ويجب الأصل للإلتباس بأن قدر إعرابهما ولا قرينة نحو ضرب موسى عيسى بخلاف ما إذا كان قرينة نحو أكل الكمثرى موسى أو كان محصورا نحو ما ضرب زيد إلا عمرا وإنما ضرب زيد عمرا فإن قصد حصر الفاعل وجب تأخيره ومنها المصدر وهو ما دل على الحدث نحو ضربت ضربا فإن وافق لفظه فعله كهذا المثال فلفظي وإلا بأن وافق معناه دون لفظه فمعنوي كقعدت جلوسا ويذكر أي المصدر الذي هو من المنصوبات ويسمى مفعولا مطلقا بيان نوع ك سرت سير الأمير وعدد كضربت ضربتين وتأكيد نحو ) والصافات صفا ( ) وكلم الله موسى تكليما (
أما المصدر لغير ما ذكر فليس من المنصوبات ولا يسمى مفعولا مطلقا نحو
أعجبني ضربك ومنها الظرف وهو قسمان زمان كيوم وليلة وغدوة وبكرة وصباح ومساء ووقت وحين وكلها تقبل النصب نحو سرت يوما وليلة إلى آخرها وقد يخرج عنه نحو يوم الخميس مبارك ومكان كالجهات الست وهي فوق وتحت وخلف وأمام ويمين وشمال نحو جلست فوقك إلى آخره وعند ومع وتلقاه كزيد عندك وجلست معك وتلقاءك
(1/92)
ومنها المفعول له وهو مصدر معلل لفعل شاركه في الفاعل والوقت نحو ضربت زيدا تأديبا فخرج غير المصدر والمصدر غير المعلل والمعلل الذي لم يشاركه فعله في الفاعل والوقت فيجر الجميع باللام ونحوها نحو سري زيد للعشب ولدو اللموت وأبنو اللخراب وجئتك لإكرامك لي نضت لنوم ثيابها وقد يجر بها مع استيفاء الشروط نحو ضربتة للتأديب
ومنها المفعول معه وهو التالي واو مع بع 9 د فعل أو ما فيه معناه وحروفه من الصفات نحو سرت والنيل أنا سائر والنيل فخرج التالي الواو من غير تقدم ما ذكر نحو كل رجل وضيعته أو بتقدم ما فيه معنى الفعل دون حروفه كاسم الإشارة أو هاء التنبيه نحو هذا لك وأباك فليس بمفعول معه وفهم من قولي بعد إنه لا يتقدم عليه وإنه هو العامل لا الواو وهو كذلك فيهما
ومنها الحال وهو وصف أي مشتق فضلة أي ليس أحد جزئي الكلام مبين للمبهم من الهيئة نحو جاءني زيد راكبا فراكبا مشتق بعد تمام الكلام بين هيئة مجيء زيد وقد يكون غير وصف إذا أول به نحو كر زيد أسدا أي كأسد وقد لا يجوز حذفه نحو ) وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ( وهو داخل في الفضلة بالمعنى السابق وحقه أن يكون نكرة وقد يكون معرفة بتأويل نحو جاؤوا ألجم الغفير أي جمعا وأدخلوا الأول فالأول أي واحدا فواحدا و أن يأتي من معرفة وقد يأتي من نكرة حيث يصح الابتداء بها نحو ) في أربعة أيام سواء ( وأن يكون متنقلا أي وصفا لا يلزم وقد يلزم نحو هذا خاتمك حديدا وعامله فعل كما تقدم أو شبهه سواء كان فيه
حروف الفعل كالصفات نحو زيد مسافر راكبا أو لا كالإشارة نحو هذا بعلي شيخا
والتمني والتنبيه ونحوها و منها التمييز وهو نكرة مفسر للمبهم من الذوات وهذا يخرج الحال والذوات كالمقدار نحو شبر أرضا وقفيز برا ورطل زيتا
والعدد نحو ) أحد عشر كوكبا (
(1/93)
والنسب عطف على الذوات فيكون حينئذ منقولا من فاعل نحو طاب زيد نفسا أصله طابت نفس زيد أو من مفعول نحو غرست الأرض شجرا أصله شجر الأرض أو غيره نحو ) أنا أكثر منك مالا ( أصله مالي أكثر من مالك فحول عن المبتدأ أو غير منقول نحو لله رده فارسا وقد يكون معرفة لفظا فيؤول نحو وطبت النفس يا قيس عن عمرو أول على زيادة اللام
ومنها المستثنى وإنما يكون من المنصوبات إذا كان مستثنى بالأمن موجب نحو ) فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ( فإن كان المستثنى منه منفيا تاما بأن ذكر جاز البدل مع جواز النصب نحو ما فعلوه إلا قليل قرى ء بالرفع والنصب ومثل النفي فيما ذكر النهي والاستفهام والكلام في الاستثناء المتصل أما المنقطع بأن كان من غير الجنس فيجب نصبه نحو ما جاء القوم إلا الحمير أو فارغا بأن حذف المستثني منه فعلى حسب العوامل التي قبله يعرب نحو ما جاءني إلا زيد وما رأيت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد أو كان بغير وسوى بالكسر والضم مقصورا وبالفتح ممدودا جر بإضافتهما نحو جاءني القوم غير زيد أو سوى زيد ويعربان كمستثنى بإلا في أحواله السابقة
أو كان ب خلا وعدا وحاشا جاز نصبه على أنها أفعال فاعلها مستتر راجع إلى البعض المفهوم من الكلام قبله وجره على أنها حروف جر نحو قاموا خلا زيدا وزيد وعدا عمرا أو عمرو وحاشا بكرا وبكر فإن وصلت ما بالأولين تعينت فعلتهما فوجب النصب ولا يوصل بحاشا
ومنها المنادى بيا أو الهمزة أو أي أو أيا أو هيا وإنما ينصب إن كان غير مفرد بأن كان مضافا نحو يا عبد الله أو شبيها به بأن كان ما بعده من تمام معناه نحو يا طالعا جبلا أو نكرة غير مقصودة كقول الأعمى يا رجلا خذ بيدي فإن كان مفردا علما أو نكرة مقصودة ضم أي بني على الضم لتضمنه معنى كاف الخطاب نحو يا زيد ويا رجل فإن كان مبنيا قبل النداء على غيره قدر بناؤه عليه كياسيبويه
(1/94)
ومنها إسم لا النافية للجنس وإنما ينصب إن كان غير مفرد أي مضافا أو شبهه كالمنادي نحو لا صاحب بر ممقوت ولا طالعا جبلا حاضرا وإلا بأن كان مفردا ركب معها وبني على الفتح لتضمنه معنى من الجنسية مع نصب محله نحو لا رجل في الدار إن باشرت مدخولها شرط لعملها النصب لفظا أو محلا وإلا باب فصل بينها وبينه رفع نحو لا فيها غول فإن كررت نحو لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم جاز رفع الثاني ونصبه بتنوين وتركيبه بناء الثانية إن ركب الأول فالرفع على إهمالها أو عطفها على جملة لا الأولى وما بعدها والنصب عطفا له على محل اسم الأولى والتركيب استقلالا ومن الأول لا أم لي إن كان ذاك ولا أب ومن الثاني لا نسب اليوم ولا خلة ومن الثالث لا بيع فيه ولا خلة
وإن رفع الأول لم ينصب الثاني لعدم نصب محل الأولى المعطوف عليه يرفع أيضا إهمالا للثانية كالأولى نحو لا بيع فيه ولا خلة أو يركب استقلالا نحو ) لا لغو فيها ولا تأثيم (
ومنها مفعولا ظن وحسب وخال بمعناها وزعم وعلم لا بمعنى عرف ورأى لا بمعنى أبصر ووجد بمعنى علم وجعل بمعنى اعتقد نحو ظننت زيدا قائما إلى آخره
وأفعال التصيير وهي اتخذ وصير ورد وخلق وترك وجعل لا بمعنى اعتقد أو خلق نحو ) واتخذ الله إبراهيم خليلا ( ) فجعلناه هباء منثورا ( وأصل المعولين المبتدأ والخبر و منها خبر كان وأخواتها واسم إن وأخواتها وتقدم مثالها
المجرورات ثلاثة مجرور بالإضافة أي بسببها بتقدير من فيما هو بعض المضاف إليه نحو خاتم حديد أو اللام فيما هو ملكه أو مختص به نحو غلام زيد و باب الدار أوفى في ظرفه نحو مكر الليل ثم الجار للمضاف إليه قال سيبويه المضاف وابن مالك الحرف المقدر فعلى الثاني الباء في بتقدير للتعدية تتعلق بمجرور على الأول للمصاحبة والملابسة وتقدم أول هذا الفن أن الجر بالإضافة ضعيف ولذا نفيته بما تقدم من التأويل
(1/95)
ومجرور بالحرف وهو أي الحرف الجار بمعنى الحروف من لإبتداء الغاية نحو ) من المسجد الحرام ( وإلى لانتهائها نحو إلى ) المسجد الأقصى ( وعن للمجاوزة نحو رميت السهم عن القوس وعلى للإستعلاء نحو جلست على السرير وفي للظرفيه نحو الماء في الكوز ورب للتقليل نحو رب رجل لقيته والباء للإلصاق نحو بزيد داء والكاف للتشبيه نحو زيد كالأسد واللام للملك والاختصاص نحو المال لزيد والجل للفرس ومذ ومنذ ولا يجر ان إلا اسم الزمان غير المستقبل وهما في الماضي بمعنى من نحو ما رأيته مذ أو منذ شهر وفي الحاضر بمعنى في نحو ما رأيته مذ أو منذ يومنا والواو والتاء ولا يجران إلا في القسم نحو والله وتا الله وتختص الواو بالظاهر والتاء بالله هذه أصول معاني الحروف
المذكورة وقد تأتي لغير ذلك مجازا وجر الأسم بعد الواو في غير القسم نحو وليل كموج البحر أرخى سدوله إنما هو ب رب مضمرة لا بها فلا يرد على الحصر
ومجرور بالمجاورة أي بمجاورة المجرور وذلك مسموع في نعت حكي هذا جحر ضب خرب والأصل بالرفع صفة لحجر وتوكيد كقوله يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم والأصل بالنصب توكيد ذوي ولا يجري ذلك في غيرهما من التوابع
التوابع في الإعراب أربعة الأول النعت وهو تابع جنس مكمل ما سبق بإيضاحه أو تخصيصه نحو جاء زيد الكاتب ) فتحرير رقبة مؤمنة ( فصل يخرج سائر التوابع موافق له في إعراب من رفع أو نصب أو جر وتنكير وفرعه أي تعريف حقيقيا كان أو سببيا كالمثالين السابقين وكقولك جاء زيد العالم أبوه وامرأة عالم أبوها وفي تذكير وإفراد وفرعهما أي تأنيث وتثنية وجمع إن كان حقيقيا بأن كان معناه لما قبله نحو جاءت هند العالمة والرجلان العالمان والرجال العالمون بخلاف ما إذا كان سببيا أي معناه لما بعده فيلزم الإفراد وتذكيره وتأنيثه بحسب تاليه نحو جاء الزيدان العالم أبوهما والرجال العالم آباؤهم وهند العالم أبوها والعاقلة أمها
العطف
(1/96)
الثاني العطف وهو بيان كالنعت في معناه وهو تكميل ما سبق وموافقته في الإعراب وما ذكر بعده ولا يكون معناه إلا لما قبله ويفارق النعت في أنه لا يكون مشتقا بخلافه نحو أقسم بالله أبو حفص عمر ونسق بواو لمطلق الجمع نحو جاء زيد وعمرو فيصدق بمجيئه قبله ومعه وبعده
وفاء للترتيب والتعقيب نحو جاء زيد فعمرو وتزوج فلان فولد له إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل
وثم له بتراخ نحو أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره وأو للشك نحو جاء زيد أو عمرو وأم للتفصيل بعد الهمزة نحو أجاء زيد أم عمرو وأزيد أفضل أم عمرو وبل للإضراب نحو إضرب زيدا بل عمرا ولا للنفي نحو جاء زيد لا عمرو ولكن للإستدراك نحو جاء زيد لكن عمر ولم يجيء وحتى للغاية في الرفعة أو الخسة نحو مات الناس حتى الصالحون وأهانني الناس حتى الحجامون
الثالث التوكيد وهو قسمان لفظي بتكراره أي تكرار اللفظ اسما كان نحو ) كلا إذا دكت الأرض دكا دكا ( وجاء زيد زيد أو فعلا نحو قام قام أو حرفا نحو نعم نعم أو جملة نحو لك الله لك الله ومعنوي ويكون بالنفس والعين مع ضمير المؤكد نحو جاء زيد نفسه أو عينه وهند نفسها أو عينها والزيدان أو الهندان أنفسهما أو أعينهما والزيدون أنفسهم أو أعينهم والهندات أنفسهن أو أعينهن
وكل وأجمع ولا يؤكد بهما إلا ذو أجزاء حسا أو حكما نحو جاء القوم كلهم أجمعون والهنود كلهن جمع وبعت العبد كله أجمع والجارية كلها جمعاء ولا يستعملان في المثنى وتوابعه أي أجمع وهي أكتع وأبصع وابتع ولا يؤكد بها دون أجمع ولا تتقدم عليه كما فهم من قولي وتوابعه بخلاف أجمع مع كل على المختار قال تعالى ) إنا لمنجوهم أجمعين ( وفي الصحيحين
فصلوا جلوسا أجمعون فله سلبه أجمع
(1/97)
الرابع البدل وهو أقسام شيء من شيء نحو جاء زيد أخوك وهو أحسن من التعبير بكل من كل لاستعماله في أسماء الله تعالى ولا يطلق عليه كل بخلاف شيء وبعض من كل نحو أكلت الرغيف ثلثه واشتمال نحو أعجبني زيد علمه وغلط بأن سبق لسانك إلى غير المقصود فاستدركته نحو جاء زيد الفرس والأحسن أن تقول بل الفرس
علم التصريف
علم جنس يبحث فيه عن أبنية الكلم أي ذواتها كأوزان الاسم والفعل بأنواعهما والمصدر والصفات وما يتعلق بهما وأحوالها صحة وإعلالا كالزيادة والحذف والإبدال والإدغام وبذلك يخرج سائر العلوم الأسم ثلاثي وله فعل مثلث الفاء أي مفتوحا ومكسورها ومضمومها مربع العين بالحركات الثلاث والسكون فتبلغ إثني عشر بناء بضرب ثلاثة في أربعة أمثلتها فرس كبد عضد فلس عنب إبل حبك جذع صرد دئل عتق برد لكن باب حبك مهمل وباب دئل قليل ورباعي كجعفر وخماسي كسفرجل هذه أوزانه الأصول ومزيده سداسي كانطلاق وسباعي كإستخراج ولا يزيد عليها إلا بتاء تأنيث أو نحوها ولا ينقص عن ثلاثة إلا بالحذف كيد ودم
(1/98)
والفعل ثلاثي وله فعل مثلث العين مفتوح الفاء كضرب وعلم وشرف أما بضم الفاء فهو فرع مفتوحها ورباعي وله فعلل كدحرج ومزيده خمساي وسداسي ولا يزيد عليه ولها أوزان تفعلل كتدحرج وأفعال كاحمار وافعنلل كاقعنسس وافعلل كاقشعر وأفعل كأكرم وفعل كفرح وفاعل كقاتل وتفاعل كتخاصم وتفعل كتكسر وافتعل كاجتمع وانفعل كانقطع واستفعل كاستخرج وافعل بتشديد اللام كاحمر فإن سلمت أصوله أي حروفه الأصلية وهي الموزونة أي المقابلة عند الوزن بفعل بخلاف غيرها فإن الزائد يوزن بلفظه كضرب وزنه فعل فكله أصول وضارب فاعل فألفه زائدة من حروف علة وهي أي حرف العلة بمعنى حروفها ثلاثة الواو والألف والياء يجمعها قولك وأي فصحيح وإلا أي وإن لم تسلم أصوله منها بأن كان فيها أحدها فهو معتل فبالفاء أي فالمعتل بالفاء مثال أي يسمى بذلك لمماثلته الصحيح في عدم التغير كوعد و معتل العين كقال أجوف لأن حرف العلة جوفه وذو الثلاثة لأنه يصير عند إسناده إلى تاء الفاعل على ثلاثة أحرف كقلت ومعتل اللام كرضي منقوص لنقصان آخره من بعض الحركات
وذو الأربعة لصيرورته عند إسناده إلى التاء على أربعة أحرف كرضيت
والمعتل بحرفين لفيف ثم هو مقرون إن تواليا ك توى وإلا فمفروق ك وهي وما نصب المفعول به من الأفعال فهو متعد لتعديه إليه وغيره بأن لم ينصبه وإن نصب سائر المفاعيل لازم كقام وجلس
المضارع بناؤه بزيادة حرف المضارعة وهي مجموع تأتي أي النون والهمزة والتاء والياء على صيغة الماضي فإن كان الماضي مجردا على فعل بالفتح ثلث عينه أي المضارع وكضرب يضرب ونصر ينصر وسأل يسأل ولكن شرط الفتح لها كونها اي العين أو اللام حرف حلق وهو الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء كرأى يرى ومنع يمنع ومنح يمنح وكلأ يكلأ بخلاف ما إذا كان غيره وشذ نحو أبى يأبى
(1/99)
أو كان الماضي على فعل بالكسر فتحت عين المضارع كعلم يعلم أو على فعل ضمت عينه كحسن يحسن وغيره أي غير المجرد وهو المزيد يكسر ما قبل آخره أبدا ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة فيفتح كيتعلم ويتكسر ويتدحرج وتضم حروف المضارعة من رباعي أي مما ماضيه أربعة أحرف ولو بزيادة كدحرج يدحرج وأجاب يجيب وأكرم يكرم وفرح يفرح وقاتل يقاتل
ويفتح من غيره وهو للثلاثي والخماسي والسداسي كيقعنسس ويقشعر ويجتمع وينقطع ويستخرج ويحمر الأصل يحمرر
الأمر هو مبني من المضارع فإن كان من ذي همزة أي مما أول ماضيه همزة قطع أو وصل فإنه يفتتح به نحو أكرم واستخرج وإن كان من غيره افتتح بتالي حرف المضارعة بعد حذفه إن كان التالي متحركا نحو دحرج فإن كان ساكنا فبالوصل أي بهمزة الوصل يفتتح مضموما إن تلاه ضم نحو إخرج وإلا بأن تلاه فتح أو كسر افتتح به مكسورا نحو إعلم واضرب وحركة ما قبل آخره أي الأمر كالمضارع فتحا وضما وكسرا وقد تقدم ذلك المصدر لفعل بالفتح وفعل بالكسر حال كونهما متعديين فعل
بالفتح والسكون كضرب ضربا وفهم فهما ولفعل بالفتح حال كونه لازما فعول بالضم كخرج خروجا وفعل بالكسر لازما له فعل بالفتح كفرح فرحا ولفعل بالضم فعولة بضم الفاء والعين كصعب صعوبة وفعالة بفتحهما كجزل جزالة ولا فعل أفعال كأكرم إكراما وفعل له تفعيل إن كان صحيحا كفرح تفريحا وتفعلة إن كان معتلا كزكى تزكية وفعلل له فعللة كدحرج دحرجة وفاعل له فعال ومفاعلة كقاتل قتالا ومقاتلة
وما أوله همزة للوصل من الماضي فالمصدر له وزنه بكسر ثالثه وزيادة ألف قبل آخره كإقعنسس إقعنساسا واقشعر اقشعرارا واجتمع اجتماعا وانقطع انقطاعا واستخرج استخراجا واحمر إحمرارا
وما أوله تاء فمصدره وزنه بضم رابعه كتدحرج تدحرجا وتقاتل تقاتلا وتكسر تكسرا
(1/100)
المرة بناؤها من غير ثلاثي بتاء تزاد على المصدر كانطلق إنطلاقة واستخرج استخراجة ومنه أي من الثلاثي إن عرى من التاء بفعلة بالفتح نحو ضرب ضربة فإن لم يعر منها ثلاثيا أو غيره بالوصف كرحم رحمة واحدة واستعان استعانة واحدة
والهيئة من الثلاثي بناؤها بفعله بالكسر كجلست جلسة الخطيب ولا تبنى من غير الثلاثي إلآلة بناؤها مفعل ومفعال ومفعلة بكسر أولها وفتح ثالثها في الأشهر كمعول ومسواك ومطرقة ومن غير الأشهر منخل ومسعط ومدهن
المكان بناؤه من ثلاثي على مفعل بفتح أوله والعين إن لم يكن مثالا كمذهب وبالكسر للعين إن كان مثالا كموعد ومن غيره أي غير الثلاثي بلفظ المفعول وسيأتي كمستخرج لمكان الإستخراج
الصفات أي بناؤها للفاعل والمفعول من غير الثلاثي يكونان بزنة المضارع وزيادة إبدال أوله ميما مضمومة فيهما ويكسر متلو الآخر أي
ما قبله في اسم الفاعل ويفتح في إسم المفعول كمدحرج ومدحرج ومتدحرج ومستخرج ومستخرج وبناؤهما منه أي من الثلاثي زنة فاعل في الفاعل وزنة مفعول في المفعول كضارب ومضروب وكاتب ومكتوب لكن لفعل بالكسر فعل كذلك وصفا كفرح فهو فرح وافعل كسود فهو أسود وفعلان كشبع فهو شعبان ولفعل بالضم فعل بالسكون كضخم فهو ضخم وفعيل كجمل فهو جميل وهذه الأوزان صفات مشبهة
(1/101)
حروف الزيادة عشرة يجمعها قولك سألتمونيها فالألف والواو والياء تكون زيادة مع أكثر من أصلين كضارب وعجوز وقضيب لا مع أصلين فقط كقال وسوط وبيت والهمزة تكون زائدة مصدرة قبل ثلاثة أصول أو مؤخرة بعدها كأصبع وحمراء بخلافها وسطا أو أولا أو آخرا بدون ثلاثة اصول أو أولا بأكثر والميم تكون زائدة مصدرة قبل ثلاثة أصول كمخدع لا في الوسط ولا في الآخر والنون تكون زائدة بعد ألف زائدة كندمان لا أصلية كرهان وفي الوسط ساكنة نحو غضنفر إسما للأسد لا في الحشو غير الوسط كعنبر ولا في الوسط متحركة كغرنيق وتكون زائدة فيما مر من أبنية الفعل وهو افعنلل وانفعل وبابهما من المضارع والأمر والمصدر والصفات ومضارع المتكلم ومن معه مطلقا
والتاء تكون زائدة في وصف المؤنث نحو مسلمة وما مر من تفعل وتفاعل وتفعل وافتعل وبابها ومضارع المخاطب والسين تكون زائدة معها أي التاء في استفعال وابيه والهاء تكون زائدة في الوقف كلمه ولم نره
واللام تكون زائدة في اسم الإشارة للبعيد كذلك وتلك وهنالك الحذف يطرد في فاء مضارع وأمر ومصدر من المثال كيعد عد عدة لوقوعها في المضارع وهي واو ساكنة بين ياء وكسرة وحمل عليه الأمر وعوض منها الهاء في المصدر وفي همزة إفعل في مضارعه ووصفيه أي إسم الفاعل والمفعول منه كأكرم ويكرم ونكرم وتكرم ومكرم ومكرم الأصل أكرم استثقل فيه اجتماع الهمزتين فحذفت إحداهما وحمل عليه الباقي طردا للباب
وفي أحد مثلي ظل ومس وأحس أي اللام والسين فيهما الأولى أو الثانية حال كون كل منها مبنيا على السكون بأن إسند إلى ضمير الرفع المتحرك مكسورا أول الأولين أي ظاء ظل وميم مس ومفتوحا نحو ظلت وظلت ومست وأحست والأصل ظللت ومسست وأحسست وفي احد تاءين أول مضارع نحو تنزل الملائكة و ) نارا تلظى ( الأصل تتنزل وتتلظى وعلة الحذف في هذه المواضع التخفيف وهل المحذوف فيها الأول أو الثاني قولان
(1/102)
الإبدال أحرفه ثمانية يجمعها قولك طويت دائما فتبدل الهمزة من ياء إذا تطرفت بعد ألف زائدة أو وقعت عينا في اسم فاعل الأجوف نحو رداء والأصل رداي وبائع بالهمزة والأصل بالياء ومن واو كذلك نحو كساء والأصل كساو وقائم بالهمز والأصل بالواو
وخرج بالتطرف في الأولين نحو يباين ويعاون وبتقديم الألف نحو ظبي ودلو وبزيادتها نحو رأى وواو وتبدل الهمزة أيضا من أول واوين ليست ثانيتهما منقلبة عن ألف فاعل نحو أواصل أصله وواصل بخلاف نحو ووفي وو تبدل أيضا من مد جمع مفاعل كالقلائد والصحائف والعجائز ومن ثاني حرفي لين اكتناه أي مد مفاعل بأن وقع أحدهما قبله والآخر بعده كأوائل وعيائل والياء تبدل من واو في مصدر الأجوف الموزون بفعال نحو صيام والأصل صوام
وفي جمع اسم معتل العين معلا أو ساكنا نحو ثياب وديار جمع ثوب ودار وفي آخر بعد كسر نحو رضي أصله رضو لأنه من الرضوان
وتبدل الياء من ألف إذا تلت كسرة نحو مصابيح ومصيبيح جمع مصباح ومصغره والواو تبدل من ألف إذا وقعت بعد ضمة كبويع من بايع ومن ياء بعدها ساكنة في مفرد أو متطرفة لام فعل كموقن ونهو والأصل ميقن
ونهى من اليقين والنهي وهو كمال العقل
والألف تبدل من ياء وواو إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما كباع وقال أصلهما بيع وقول بخلاف البيع والقول ونحو عوض والميم تبدل من نون ساكنة قبل ياء سواء كان في كلمة أو كلمتين نحو انبذ من بت والتاء تبدل من فاء افتعال إذا كان لينا ك أتسر والأصل اتيسر بخلافه همزا كإيتزر وشذا تزر
والطاء تبدل من تائه أي الافتعال إذا كانت تلو حرف مطبق وهو الصاد والضاد والطاء والظاء نحو مصطفى ومضطر ومطعن ومصطلم والأصل مصتفى ومضتر ومطتعن ومظتلم والدال تبدل منها أي تاء الافتعال إذا كانت تلو دال أو ذال أو زاي نحو أدان وازداد وادكر والأصل أدتان وازتاد واذتكر
(1/103)
الإدغام إدخال حرف ساكن في مثله متحرك هو بالجر صفة مثل وإن كان ماضفا لأن إضافته لا تفيد تعريفا ويجب أي الإدغام عند اجتماع المثلين كرد يرد وشد يشد ما لم يتصل به ضمير رفع متحرك فيمنع ويجب الفك بسكون ما قبله وأول المدغم ك رددت ورددنا بخلاف ضمير الرفع الساكن فيجب معه الإدغام كردا وردوا
أيجزم المدغم فيجوز الإدغام كالفك نحو لم يرد ولم يردد فإن لم يفك بأن أدعم حرك الثاني بالفتح للخفة أو الكسر لإلتقاء الساكنين فإن كان مضموم العين فبالضم أيضا اتباعا لها وكذا الأمر أي يجوز فيه الإدغام والفك وإذا أدغم حرك بالفتح أو بالكسر أو بالضم أيضا إن كان مضموم الأول وروي بالثلاثة قولها فغض الطرف إنك من نمير
علم الخط
علم يبحث فيه عن كيفية كتابة الألفاظ من مراعاة حروفها لفظا أو أصلا والزيادة والنقص والوصل والفصل والبدل وألف فيه جماعة منهم أبو القاسم الزجاجي واستوفيته في خاتمة جمع الجوامع بمالا مزيد عليه
الأصل رسم اللفظ أي كتابته بحروف هجائه الملفوظ بها مع تقدير الإبتداء به والوقف عليه ويختلف بذلك الحال فره وجئت مجيء مه ورحمة تكتب بالهاء وإن كان لفظ الأولين خاليا منها والثالث بالتاء لأن الوقف عليها بهاء بخلاف نحو حتام والأم وبنت وقامت يكتبان بالتاء والقاضي بالياء وقاض بدونها مراعاة للوقف أيضا وإسم ونحوه مما فيه همزة الوصل بالهمز وإن سقط في الدرج اعتبارا بالابتداء
ويكتب المدغم من كلمة كرد بلفظه أي بحرف واحد كلمتين نحو ) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ( بأصله اعتبارا بالوقف
وإذن إن وقف عليها بالنون وهو المختار كتبت بها وإلا فبألف وهو رأي الجمهور وخرج عن ذلك الأصل أشياء تأتي
الهمزة
(1/104)
والهمزة وصلا كانت أو قطعا في كتابتها تفصيل لأن لها أحوالا فإن كانت أولا أي أول الكلمة كتبت بالألف مطلقا مفتوحة كانت كأيوب وأل أو مكسورة كإذا وإعلم أو مضمومة كأم وأخرج و إن كانت وسطا فإن كانت ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا متحركا كتبت بحرف حركة متلوها فإن كانت فتحة فبالألف أو كسرة فبالياء أو ضمة فبالواو نحو يأكل وبئس ويؤمن وعكسه بأن كانت متحركة تلو ساكن تكتب بحرفها أي حرف حركتها نحو يسأل موئلا يلؤم وإن كانت متحركة تلو
حركة كتبت على نحو تسهيلها فإن سهلت بالألف فيها نحو سأل أو بالياء فيها نحو أؤنبئكم
وإن كانت طرفا ساكنة كانت أو متحركة فالتي تلو ساكن تحذف نحو خب وملء وجزء والتي تلو حركة تكتب بحرفها أي الحركة نحو قرأ يقرى ء يطؤ
وحذفت أي الهمزة من البسملة تخفيفا لكثرة الاستعمال بخلاف غيرها نحو ) باسم ربك ( ومن ابن إذا وقع بين علمين نحو جاء زيد بن عمر بخلاف ما إذا لم يقع بينهما نحو جاء زيد ابن أخينا والمسلم ابن زيد والمسلم ابن أخينا
ويوصل حرف يقبله أي يقبل الوصل كالباء واللام والكاف وتاء الضمير بخلاف ما لا يقبله وهو ستة أحرف فيما قال شارح الهادي الألف والدال والذال والراء والزاي والواو ويوصل ما حال كونها ملغاة نحو فبما رحمة مما خطاياهم عما قليل وكافة كإنما وربما وكلما إن لم يعمل فيها ما قبلها بل ما بعدها أي بأن كانت ظرفا منصوبا نحو كلما جئت أكرمتك ) كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ( بخلاف ما إذا عمل فيها ما قبلها نحو من كل ما سألتموه
وتوصل ما حال كونها موصولة بفي ومن نحو ) فيما هم فيه يختلفون ( خبر ) مما آتاكم ( لا بغيرهما نحو إن ما توعدون لات رغبت عن ما عندك وتوصل حال كونها إستفهامية بهما أي بفي ومن وعن نحو فيم جئتك مم قدومك نحو عم تسأل ومن أختها أي إستفهامية بفي فقط نحو فيمن رغبت وموصولة بمن وعن نحو إستفدت ممن قرأت عليه ورويت عمن رويت عنه وزيد ألف بعد واو فعل جمع
(1/105)
نحو ضربوا أو إضربوا ولم يضربوا إلا جمع اسم كأولو الفضل وضاربو زيد وفعل مفردك يدعو وبمائة ومائتين وزيد وأوفى أولو وأولات وأولئك وفي عمرو لا منصوبا بل مرفوعا أو مجرورا فرقا بينه وبين عمر واستغني عنها في النصب لكتابته بالألف دونه وحذفت تخفيفا ألف الله وإله مفردا أو مضافا والرحمن معرفا باللام لا مضافا
وكل علم فوق ثلاثي عربيا أو عجميا كصالح ومالك وإبراهيم واسحق ما لم يلتبس أو يحذف منه شيء فإن التبس كعامر يلتبس بعمر أو حذف منه شيء كإسرائيل وداود حذف ياء الأول وواو الثاني لم تحذف الألف للإلتباس في الأول وإجحاف في الثاني وذلك وثلثين وثلثمائة ولكن مخففا ومشددا وياء إسرائيل لاجتماع اليائين وإحدى واوين ضم أولهما كداود ولام موصول غير مثنى وهو اللذان واللتان لئلا يلتبس صيغة المذكر بالياء بصيغة جمعه وحمل عليه ذو الألف والمؤنث الألف تكتب ياء حال كونها رابعة فصاعدا في اسم أو فعل سواء كانت عن ياء أو واو كمصطفى ويصطفي وزكى ومزكي لا تلو ياء كالدنيا حذرا من اجتماعهما أو ثالثة مقلوبة عنها كفتى وسعى أو مجهولة أميلت كمتى وإلا ألفا أي وإن كانت ثالثة عن واو أو مجهولة لم تمل كتبت بها كعصا وخلا ولدا
وكل الحروف تكتب بها أي بالألف إلا بلى وإلى وحتى وعلى غير موصولة بما الإستفهامية ولا يقاس خط المصحف لأنه يتبع فيه ما وجد في المصحف الإمام وقد كتبت فيه نعمت وسنت في مواضع بالتاء وبعد واو الفعل المفرد وجمع الاسم ألف وفيه كتب مؤلفة وقد عقدت له في التحبير بابا حررته وهذبته بما لم أسبق إليه ثم جردته في كراسة سميتها مكتب الأقران في كتب القرآن
ولا يقاس خط العروض لأن التنوين يكتب نونا فيه ورويه إذا كان ألفا ممدودة بألفين نحو لما رأت في ظهري إنحناء وهاتان الجملتان اشتهر استثناؤهما من قول ابن درستويه خطان لا يقاسان خط المصحف والعروض وتنقط
(1/106)
هاء رحمة خلافا لأهل الأدب ومنهم الحريري حيث أتوابها فيما التزموا عروه عن حرف منقوط وتنقط الشين بثلاث خلافا لمن نقطها بواحدة وقال المقصود حاصل بها من الفرق بينها وبين السين و تنقط الفاء والقاف والنون والياء موصولات فقط أي لا مفصولات لأنه لرفع اللبس وإنما يحصل عند الوصل لا الفصل لعدم حرف يشاكلها أما سائر الحروف المعجمة فتنقط موصولة ومفصولة
وينقط كل مهمل إلا الحاء أسفل مبالغة في الإيضاح ودفع توهم السهو عن النقط أما الحاء فلو نقطت أسفل إلتبست بالجيم أو يكتب تحته حرف صغير مثله حتى الحاء وهو أحسن وأوضح ويشكل ما قد يخفي ولو على المبتدي إيضاحا له لا ما لا يخفي كالفتح قبل الألف وقيل لا يشكل إلا المشكل ويكره الخط الدقيق نهى عن ذلك جماعة من السلف لأنه يخون صاحبه أحوج ما يكون إليه أي عند الكبر المحوج إلى المراجعة فهو مظنة ضعف البصر إلا لضيق رق أو رحلة بأن يكون رحالا يحمل كتبه معه فليكتبها دقيقة ليخف حملها وهذه المسألة ذكرها أهل الحديث فنقلتها إلى هنا لأنه أنسب بما قبله من النقط والشكل المذكور في علم الخط والحديث أيضا
علم المعاني
علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها أي بتلك الأحوال يطابق اللفظ مقتضى الحال وهو الاعتبار المناسب للمقام إذ البلاغة الموضوع فيها هذا العلم وما بعده مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال من الإتيان بكل من التقديم والتأخير والذكر والحذف والتعريف والتنكير ونحوها في مقامه المناسب له وهي الأحوال المذكورة وبذلك تخرج سائر علوم العربية
وبقولنا بها أي لا بغيرها يخرج البيان والبديع إذ يعتبر فيهما أمور زائدة ثم هذا العلم منحصر في ثمانية أبواب أحوال الإسناد والمسند إليه والمسند ومتعلقات الفعل والقصر والإنشاء والوصل والفصل والإيجاز والإطناب
(1/107)
والمساواة لأن الكلام إما خبر أو إنشاء والخبر لا بد له من إسناد ومسند إليه ومسند وقد تكون له متعلقات إذا كان فعلا أو شبهه والتعلق قد يكون بقصر أو لا يكون والجملة إن قرنت بغيرها فقط تعطف وقد لا والكلام البليغ إما زائد على أصل المراد لفائدة أو لا فانحصر فيها
الباب الأول الإسناد الخبري منه حقيقة عقلية وهي إسناد الفعل أو معناه من المصدر واسم الفاعل واسم المفعول واسم التفضيل والظرف والصفة المشبهة لما هو له عند المتكلم سواء طابق الواقع كقول المؤمن أنبت الله عز وجل البقل أم لا كقول الكافر أنبت الربيع البقل والمراد بكونه له عند المتكلم فيما يظهر من حاله وإن كان اعتقاده بخلافه سواء طابق الواقع كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله خلق الله تعالى الأفعال كلها أم لا كقولك جاء زيد وأنت تعلم أنه لم يجيء دون المخاطب ومجاز عقلي وهو إسناد ما ذكر إلى ملابس له بفتح الباء غير مأهولة من مصدر وزمان ومكان وسبب بتأول كقول المؤمن أنبت الربيع البقل بخلاف قول الجاهل ذلك لأنه إعتقاده فلا تأول فيه ومنه في المصدر جد جده وفي المكان نهر جار وإنما هو مجرى فيه وفي السبب يذبح أبناءهم أي يأمر بذبحهم وطرفاء أي المسند إليه والمسند إما حقيقتان لغويتان كأنبت الربيع البقل أو مجازان لغويان كأحيا الأرض شباب الزمان إذ نسبة الإحياء والشبوبية إلى الأرض والزمان مجاز لأنهما حقيقة في الحيوان أو مختلفان بأن يكون المسند حقيقة والمسند إليه مجازا أو بالعكس نحو أنبت البقل شباب الزمان وأحيا الأرض الربيع وشرطه قرينة صارفة عن إرادة ظاهرة لأن المتبادر إلى الذهن عند انتفائها الحقيقة وهي إما لفظية كقول أبي النجم
ميز عنه قنزعا عن قنزع
جذب الليالي أبطيء أو أسرعي
ثم قال
أفناه قيل الله للشمس اطلعي أو معنوية بأن يصدر مثل أنبت الربيع من
المؤمن أو يستحيل قيامه من المذكور عقلا كمحبتك جاءت بي إليك أو عادة كهزم الأمير الجند(1/108)
ثم قد يراد بالكلام إفادة المخاطب الحكم المتضمن له أو إفادته كونه أي المتكلم عالما به فليقتصر المتكلم على قدر الحاجة فحالي الذهن من الحكم لا يؤكد له لإستغنائه عنه بل يلقي إليه الكلام خاليا من أداة التأكيد والمتردد فيه يقوي بمؤكد إستحسانا والمنكر له يؤكد بأكثر بحسب الإنكار قال الله تعالى حكاية عن رسل عيسى عليه الصلاة والسلام إلى أهل إنطاكية إذ كذبوا أولا ) إنا إليكم مرسلون ( فأكد بأن واسمية الجملة وثانيا ) ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ( أكد بالقسم وإن واللام واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار
فالأول ابتدائي والثاني طلبي والثالث إنكاري أي يسمى كل من المقامات بذلك وقد يجعل المنكر كغيره فلا يؤكد له لداع معه لو تأمله ارتدع عن إنكاره كقولك لمنكر الإسلام حق بلا تأكيد لأن معه دلائل دالة على حقيقة الإسلام وعكسه أي يجعل غير المنكر كالمنكر فيؤكد له لظهور إمارة للإنكار عليه كقوله
جاء شقيق عارضا رمحه
إن بني عمك فيهم رماح
أكدوا إن لا ينكر أن في بني عمه رماحا لكن لما جاء واضعا رمحه على العرض من غير التفات ولا تهيؤ فكأنه اعتقد أنهم عزل لا سلاح لهم فنزل منزلة المنكر وقد قال تعالى ) ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ( زيد في تأكيد الموت باللام وإن كانوا لا ينكرونه لأن من اعتقد حقيته فشأنه الاستعداد له فلما لم يستعدوا له بالإسلام فكأنهم ينكرونه وتركت من البعث وإن أنكروه لتقدم ما دل على حقيته قطعا في آيات خلق الإنسان إذا القادر على الإنشاء قادر على الإعادة فلو تأملوا ذلك لم ينكروه
الباب الثاني المسند إليه
المسند إليه حذفه لظهوره بدلالة القرينة عليه كقوله
قال لي كيف أنت قلت عليل(1/109)
لم يقل أنا عليل لذلك أو اختبار تنبه السامع هل يتنبه أم لا أو اختبار قدره أي قدر تنبهه هل يتنبه بالقرائن الخفية أم لا أو صون لسانك عن ذكره تحقيرا له أو صونه عن لسانك تعظيما له أو تيسر الإنكار عند الحاجة نحو فاسق زان أي زيد ليتأتى أن تقول ما أردته بل غيره أو تعينه بأن لا يصلح لذلك الفعل سواه نحو ) فعال لما يريد ( خالق لما يشاء أي الله وذكره للأصل ولا مقتضى للعدول عنه أو ضعف القرينة فيحتاط أو النداء على غباوة السامع بأنه لا يفهم إلا بالتصريح أو زيادة الإيضاح كقوله تعالى ) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ( أو رفعة لكون اسمه يدل عليها نحو أمير المؤمنين حاضر أو إهانة لكون اسمه يدل عليها نحو السارق اللئيم حاضر أو تبرك بذكره نحو رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قائل هذا القول أو تلذذ به نحو الحبيب حاضر وتعريفه بإضمار لمقام التكلم ونحوه أي الخطاب والغيبة أي لأن المقام لأحدها فيؤتى به كقوله
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وقوله وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني وكقوله
بيمن أبي إسحق طالت يدلا العلا
وقامت قناة الدين واشتد كأهله
هو البحر من أي النواحي أتيته
فلجته المعروف والجود ساحله
وعلمية أي وتعريفه بإيراده علما لإحضاره في الذهن أي ذهن السامع ابتداء باسمه الخاص به بحيث لا يطلق على غيره نحو ) قل هو الله أحد ( أو رفعة أو إهانة له كالألقاب الصالحة لذلك أو كناية عن معنى يصلح له العلم نحو أو لهب فعل كذا كناية عن كونه جهنميا أو تلذذ به نحو ليلاي منكن أم ليلي من البشر أو تبرك به نحو الله الهادي ومحمد الشفيع
(1/110)
وموصولية أي وتعريفه بإيراده إسما موصولا لفقد علم السامع غير الصلة من أحواله الخاصة به نحو الذي كان معنا أمس رجل عالم أو هجنة أي قبح للتصريح بالاسم لكونه مما يستقبح وله صفة كمال فيذكر بها أو تفخيم أي تعظيم وتهويل نحو فغشيهم أي أحاطهم من أليم ما غشيهم أو تقرير للغرض المسوق له الكلام نحو ) وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ( الغرض نزاهة يوسف {صلى الله عليه وسلم} وطهارة ذيله وكونه في بيتها متمكنا من نيل المراد منها ولم يفعل أبلغ في العفة فهو أعظم من امرأة العزيز أو زليخا و تعريفه بإيرادة اسم إشارة لكمال تمييزه نحو هذا أبو الصقر فردا في محاسنه أو التعريض بالغباوة للسامع حتى أنه لا يدرك غير المحسوس كقوله
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
أو بيان حاله قربا أو بعدا نحو ذا وذلك أو تعظيم بالقرب أو البعد نحو ) إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ( ) ذلك الكتاب لا ريب فيه ( أو تحقير بالقرب أو البعد نحو ) أهذا الذي يذكر آلهتكم ( ) فذلك الذي يدع اليتيم ( وتعريفه بإدخال اللام عليه للإشارة إلى عهد ذهني
نحو ) إذ هما في الغار ( أو ذكرى نحو ) أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ( أو حضوري نحو خرجت فإذا بالباب زيد أو حسي نحو القرطاس لمن يسدد سهما أو حقيقة نحو الرجل خير من المرأة أو استغراق حقيقة نحو ) إن الإنسان لفي خسر ( أو عرفا نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده
وإضافة أي وتعريفه بها لأنها أخصر طريق والمقام يقتضي الإختصار كقول جعفر بن علية وهو محبوس
هواي مع الركب اليمانين مصعد فإنه أخصر من الذي أهواه ونحوه أو تعظيم للمضاف كعبد الخليفة حاضر أو للمضاف إليه كعبدي حضر تعظيما لك بأن لك عبدا أو غيرهما كعبد السلطان عندي تعظيما للمتكلم بأن عبد السلطان عنده أو تحقير كذلك نحو ولد الحجام حاضر ضارب زيد حاضر ولد الحجام جليس زيد
(1/111)
وتنكيره أي المسند إليه لإفراد نحو ) وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ( أو نوعية نحو وعلى أبصارهم غشاوة أي نوع من الأغطية ليس كغيره أو تعظيم أو تحقير نحو له حاجب في كل أمر يشينه وليس له عن طالب العرف حاجب أي له حاجب عظيم وليس له حاجب حقير أي مانع أو تقليل نحو ورضوان من الله أكبر أي قليل منه أو تكثير كقولهم إن له لإبلا وإن له لغنما
ووصفه أي المسند إليه لكشف عن معناه نحو الجسم الطويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله أو تخصيص نحو زيد التاجر عندما أو مدح كجاء زيد العالم أو ذم كجاء عمرو الجاهل أو تأكيد نحو لا تتخذوا إلهين اثنين وتأكيده لتقوية نحو جاء زيد زيد أو دفع توهم تجوز أي تكلم بالمجاز كجاء السلطان نفسه لئلا يتوهم أن المراد عسكره أو دفع توهم عدم الشمول نحو ) فسجد الملائكة كلهم أجمعون ( لئلا يتوهم
أن المراد البعض وبيانه أي اتباعه بعطف بيان للإيضاح باسم مختص به نحو أقسم بالله أبو حفص عمر وقدم صديقك خالد وإبداله أي الإبدال منه لزيادة التقرير نحو جاء زيد أخوك وجاءني القوم أكثرهم وسلب زيد ثوبه لما فيه من ذكر المحكوم عليه مرتين صريحا في الأول وإجمالا في الآخرين
وعطفه أي إتباعه بعطف النسق للتفصيل للمسند إليه أو المسند باختصار نحو جاء زيد وعمرو فهو أخصر من وجاء عمر وزيد قائم وقاعد أو رد للسامع عن الخطأ إلى صواب نحو جاء زيد لا عمرو لمن يعتقد أن عمرا جاء دون زيد أو صرف الحكم عن المحكوم عليه إلى آخر نحو جاء زيد بل عمرو أو شك من المتكلم أو تشكيك للسامع أي إيقاعه في الشك نحو جاء زيد أو عمرو وفصله أي الإتيان بعده بضمير الفصل للتخصيص أي تخصيص المسند إليه بالمسند نحو ) إن الله هو الرزاق ( أي لا غيره وتقديمه على المسند للأصل ولا عدول أي لا مقتضى له أو تمكين للخبر في الذهن بأن كان في المبتدأ تشويق إليه نحو
والذي حارت البرية فيه
حيوان مستحدث من جماد
(1/112)
أو تعجيل مسرة نحو سعد في دارك أو تعجيل مساءة نحو السفاح في دارك وتأخيره لاقتضاء المقام له بأن اقتضى تقديم المسند وسيأتي وقد يخالف ما تقدم فيوضع المضمر موضع الظاهر نحو هو زيد قائم أو هي زيد مكان الشأن أو القصة ليتمكن ما بعده في ذهن السامع وعكسه لزيادة التمكين في غير الإشارة نحو ) قل هو الله أحد الله الصمد ( والإجلال نحو أمير المؤمنين يأمرك بكذا مكان أنا أو لكمال العناية بتمييزه فيها لاختصاصه بحكم بديع كقوله أي قول ابن الراوندي
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة
وصير العالم التحرير زنديقا
الباب الثالث المسند ذكره وتركه لما مر في المسند إليه من النكت كقوله فإني وقيار قرب بها لغريت حذف المسند في قيار اختصارا للقرينة مع ضيق المقام وقوله تعالى ) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( ذكر خلقهن وإن تقدمت قرينة عليه احتياطا
وكونه مفردا لكونه غير سببي بأن كان معناه للمسند إليه مع عدم إفادة التقوى للحكم نحو زيد قائم فإن كان سببيا نحو زيد قام أبوه أو أبوه قائم أو مفيدا للتقوى نحو زيد قام لما فيه من تكرار الإسناد إلى زيد ثم إلى ضميره فهو جملة قطعا وكونه فعلا أي جملة فعلية للتقييد للمسند بأحد الأزمنة الماضي والحال والاستقبال وإفادة التجدد كقوله
أو كلما وردت عكاظ قبيلة
بعثوا إلي عريفهم يتوسم
أي يتفرس الوجوه شيئا فشيئا ولحظا فلحظا وكونه إسما لعدمهما أي التقييد والتجدد بأن يقصد الدوام والثبوت كقوله لا يألف الدرهم المضروب صرتنا(1/113)
لكن يمر عليها وهو منطلق أي ثابت له ذلك دائما وتقييد الفعل بمعمول كمفعول مطلق أو به أوله أو فيه أو معه أو حال أو تمييز أو استثناء لتربية الفائدة إذا الحكم كلما ازداد خصوصا إزداد غرابة وكلما ازداد غرابة إزداد إفادة وتركه أي ترك التقييد بذلك لمانع منه كانتهاز الفرصة أو إرادة أن لا يطلع الحاضرون على مفعول الفعل أو زمانه أو مكانه أو هيئته
وتقييده بالشرط لإفادة معناه الموضوع له من الربط والتعليق والزمان والمكان وغير ذلك
وتنكيره أي المسند لعدم حصر أو عهد يدل عليه التعريف نحو زيد كانت وعمرو شاعر أو تفخيم نحو هدي للمتقين وتعريفه لإفادة حكم مجهول للسامع على معلوم له بطريق من الطريق بآخر معلوم له نحو الراكب هو المنطلق أو زيد هو المنطلق ووصفه وإضافته لتمام الفائدة بهما نحو زيد رجل عالم وزيد غلام رجل وتقديمه على المسند إليه لتخصيص له به نحو ) لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ( أي بخلاف خمر الدنيا ولذلك أخر في ) لا ريب فيه ( لئلا يفيد إثبات الريب في سائر الكتب المنزلة وتفاؤل نحو سعدت بغرة وجهك الأيام وتشويق إلى المسند إليه بأن يكون في المسند طول يشوق النفس إلى ذكره كقوله
ثلاثة تشرق الدنيا بهجتها
شمس الضحى وأبو إسحق والقمر
وتنبيه على خبريته ابتداء كقوله له همم لا منتهى لكبارها إذ لو قال همم له لظن أنه نعت لا خبر وتأخيره لاقتضاء المقام تقديم غيره أي المسند إليه وقد تقدم(1/114)
الباب الرابع متعلقات الفعل الغرض في ذكر المفعول مع الفعل إفادته التلبس به أي تلبس الفعل بالمفعول كافاعل من جهة وقوعه عليه ومنه لا إفادة وقوعه مطلقا من غير إرادة أن يعلم على من وقع وممن وقع فإن حذف وترك الفعل المتعدي كاللازم بأن كان الغرض الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل من غير اعتبار تعلقه بالمفعول لم يقدر له مفعول كقوله تعالى ) قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ( أي من يوجد له صفة العلم ومن لا يوجد وإلا بأن قصد تعلقه بمعفول غير مذكور فلائق بالمقام بقدر
والحذف إما لبيان بعد إيهام كأفعال المشيئة والإرادة إذا وقعت شرطا فإن الجواب يدل عليه نحو فلو شاء لهداكم أجمعين أي لو شاء هدايتكم أو دفع توهم ما لا يراد كقوله
وكم ذدت عني من تحامل حادث
وسورة أيام حززن إلى العظم
إذ لو قال حززن اللحم توهم قبل ذكر إلى العظم أن الحز لم ينته إليه
أو إرادة ذكره ثانيا لكمال العناية به كقوله
قد طلبنا فلم نجد لك في السوء
دون المجد والمكارم مثلا
أي طلبنا لك مثلا
أو تعميم باختصار نحو ) والله يدعو إلى دار السلام ( أي جميع عباده أو فاصلة نحو ) ما ودعك ربك وما قلى ( أو هجنة أي استقباح ذكره
نحو ما رأيت منه وما رأى مني أي العورة وتقديمه على العامل لرد خطأ كقولك زيدا رأيت لمن اعتقد أنك رأيت غيره وتخصيص نحو ) إياك نعبد ( أي لا غيرك ) لإلى الله تحشرون ( أي لا إلى غيره وتقديم بعضها أي المعمولات على بعض للأصل ولا معدل عنه كأول مفعولي ظن وأعطى على الثاني وكالفاعل على المفعول أو نحو ككونه أهم نحو قتل الخارجي فلان إذ الأهم فيه الخارجي المقتول ليتخلص الناس منه أو فاصلة نحو ) فأوجس في نفسه خيفة موسى (
الباب الخامس القصر(1/115)
القصر هو تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص وهو قسمان حقيقي بأن يكون التخصيص بحسب الحقيقة وفي نفس الأمر بأن لا يتجاوزه إلى غيره أصلا وغيره أي إضافي بأن يكون بحسب الإضافة إلى شيء آخر وكلاهما موصوف أي قصره على صفة بأن لا يتجاوز الموصوف تلك الصفة إلى صفة أخرى لكن يجوز أن تكون تلك الصفة لموصوف آخر وعكسه أي قصر صفة على موصوف بأن لا تتجاوز الصفة ذلك الموصوف إلى موصوف آخر ويجوز أن يكون لذلك الموصوف صفات أخر فالأقسام أربعة مثال قصر الموصوف الحقيقي ما زيد إلا كاتب أي لا صفة له غيرها وهو عزيز لا يكاد يوجد لتعذر الإحاطة بصفات الشيء حتى يثبت منها شيء وينفي ما عداه
ومثال الإضافي ما زيد إلا قائم أي لا يتجاوز القيام إلى القعود وقد تكون له صفات أخرى
ومثال قصر الصفة الحقيقي ما في الدار إلا زيد أي لا غيره والإضافي ما في الوجود غيرك أي بحسب النفع إذ وجود سواه كالعدم فالأول أي الحقيقي من قصر الموصوف أو الصفة إفراد أي يسمى قصر إفراد يلقى لمعتقد الشركة فقولنا ما زيد إلا كاتب أو ما كاتب إلا زيد يخاطب به من يعتقد اتصافه بالشعر والكتابة أو اشتراك زيد وعمرو في الكتابة
والثاني أي الإضافي منهما قسمان قلب يلقي لمعتقد العكس فقولنا ما زيد إلا قائم أو ما شاعر إلا زيد يخاطب به من اعتقد اتصافه بالقعود دون القيام أو أن الشاعر عمر ولا زيد وتعيين يلقى للمخاطب إن استويا
عنده أي اعتقد اتصافه بالقيام أو القعود من غير علم بالتعيين أو أن الشاعر زيد أو عمرو من غير أن يعلمه على التعيين
وطرقه أي القصر العطف بلا وبل نحو زيد شاعر لا كاتب وزيد شاعر لا عمرو وما زيد كاتبا بل شاعر وما عمرو شاعرا بل زيد والنفي والاستثناء نحو ) لا إله إلا الله ( وما محمد إلا رسول وإنما نحو ) إنما الله إله واحد ( انما إلهكم الله والتقديم كقولك تميمي أنا أي لا قيسي وأنا كفيتك مهمك أي لا غير
الباب السادس الإنشاء(1/116)
الإنشاء وهو أنواع تمن بليت نحو ليت الشباب عائد وهل نحو ) فهل لنا من شفعاء ( الآية ولو نحو ) فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ( وقل بلعل نحو لعلي أحج فأفوز ولا يشترط إمكانه أي التمني كما تقدم بخلاف الترجي واستفهام وهو بهل للتصديق أي الحكم بالنسبة نحو هل زيد قائم فيقال نعم أو لا ولا يكون للتصور وما لشرح الاسم نحو ما العنقاء ومن للعارض المشخص الذي للعلم نحو من في الدار وأي لتمييز أحد المشركين نحو أي الفريقين خير مقاما وكم للعدد نحو كم مالك وكيف للحال نحو كيف زيد وأين للمكان نحو أين منزلك وأنى بمعنى كيف نحو ) فأتوا حرثكم أنى شئتم ( ومن أين نحو من أين لك هذا ومتى للزمان نحو متى سفرك وأيان له نحو ) يسأل أيان يوم القيامة ( وكلها للتصور أي لطلب إدراك غير النسبة ولا يكون للتصديق والهمزة تكون لهما اي للتصديق والتصور نحو أزيد قائم أدبس في الإناء أم خل
وترد أداة الإستفهام لغيره كاستبطاء نحو كم دعوتك فلا تجيب وتعجب نحو ما لي لا أرى الهدهد ووعيد نحو ألم أؤدب فلانا لمن يسيء الأدب وتقرير نحو ) أليس الله بكاف عبده ( وإنكار توبيخا على الفعل بمعنى ما كان ينبغي أن يكون نحو ) أتأتون الذكران ( أو تكذيبا
(1/117)
بمعنى لم يكن أو لا يكون نحو ) أفأصفاكم ربكم بالبنين ( أي لم يفعل ذلك ) أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ( أي لا يكون ذلك وتهكم نحو أصلواتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا وتحقير نحو من هذا أإستحقارا لشأنه مع أنك تعرفه وتهويل نحو من فرعون على قراءة فتح الميم وأمر ونهي ومرا في علم الأصول بأبحاثهما والمختار وفاقا لأهل المعاني وبعض الأصوليين كإمام الحرمين والإمام الرازي والآمدي وابن الحاجب عدم اشتراط الاستعلاء فيهما سواء صدرا من العالي في الواقع أم لا لتبادر الفهم عند سماع صيغتهما إليه ولكون هذا القول مرجحا عند أهل المعاني دون الأصول ذكرت المسألة هنا لا هناك وتقدم أن صيغتهما حقيقة في الوجوب والتحريم وأنها ترد لغيرهما ونداء وقد ترد أداته لغيره كإغراء كقولك لمن أقبل يتظلم يا مظلوم إغراء له على زيادة التظلم وبث الشكوى واختصاص نحو أنا أفعل كذا أيها الرجل أي متخصصا من بين الرجال
ويقع الخبر موقعه أي الإنشاء تفاؤلا حتى كأنه وقع وأخبر عنه نحو وفقك الله للتقوى أو إظهارا للحرص في وقوعه نحو ) والوالدات يرضعن ( ) والمطلقات يتربصن (
الباب السابع الوصل والفصل
الوصل والفصل الوصل عطف الجمل بعضها على بعض والفصل تركه فإن كان للجملة الأولى محل من الإعراب وقصد تشريك الثانية لها في الحكم عطفت عليها للمناسبة بينهما نحو زيد يكتب ويشعر وإن لم يقصد فصلت نحو ) نحن مستهزؤون الله يستهزئ ( بهم لم يعطف على إنا معكم لأنه ليس من مقولهم أولا محل لها من الإعراب ولكن قصد ربطها بها على معنى عاطف غير الواو عطفت به نحو دخل زيد فخرج أو ثم خرج عمرو(1/118)
إذا قصد التعقيب أو المهلة وإلا أي إن لم يقصد الربط المذكور فإن لم يقصد إعطاؤها أي الثانية حكم الأولى فصلت كالآية ) الله يستهزئ بهم ( لم يعطف على قالوا لئلا يشاركه في الاختصاص بالظرف وهو إذا وإلا بأن قصد إعطاء الثانية حكم الأولى أو لم يكن لها حكم تختص فإن كان بينهما كمال الانقطاع بلا إيهام بأن لا تعلق بأن تختلفا خبرا وانشاء أو كمال الإتصال بأن تكون الثانية نفسها أي الأولى ككونها مؤكدة لها لدفع توهم تجوز أو غلط أو بدلا منها لأنها غير وافية بتمام المراد أو عطف بيان لها لخفائها أو شبه أحدهما أي الإنقطاع لكون عطفها عليها موهما لعطفها على غيرها أو الإتصال لكونها جوابا لسؤال اقتضته الأولى فكذا أي تفصل وإلا بأن لم يكن شيء من ذلك أو كان كمال الإنقطاع من الايبهام فالوصل مثال الفصل في الاختلاف مات فلان رحمه الله تعالى وقال قائلهم ارسوا نزاولها
ومثاله للتأكيد ) لا ريب فيه ( فإنه لما بولغ في وصف الكتاب بلوغه الدرجة القصوى في الكمال بجعل المبتدأ ذلك وتعريف الخبر باللام جاز أن يتوهم السامع قبل التأمل أنه مما يرمي به جزافا فاتبعه نفيا لذلك فهو وزان نفسه في جاء زيد نفسه وقوله تعالى ) هدى للمتقين ( فإن معناه أنه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتى كأنه هداية محضة وذلك معنى ذلك الكتاب لأن معناه الكتاب الكامل أي في الهداية فهو وزان زيد الثاني في جاء زيد زيد ومثاله للبدل أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين إلى آخره فالمراد التنبيه على النعم والثاني أوفى بتأديته لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين فهو وزان وجهه في أعجبني زيد وجهه ومثاله للبيان فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم إلى آخره فهو وزان عمر في أقسم بالله أبو حفص عمر ومثاله لشبه الإنقطاع قوله
وتظن سلمى أنني أبغي بها
بدلا أراها في الضلال تهيم
لو عطف أراها على تظن لتوهم أنه معطوف على أبغي
(1/119)
ومثاله لشبه الإتصال قال لي كيف أنت قلت عليل كأنه قيل ما سبب علتك فقال سهر دائم وحزن طويل
ومثال الوصل مع كمال الإنقطاع للإيهام قول الداعي لا وأيدك الله فلو حذف الواو لأوهم أنه دعاء عليه ومثاله لغير ذلك ) إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم (
ومن محسناته أي الوصل تناسب الجملتين في الفعلية والإسمية فإن عطف الفعل على مثله والإسم على مثله أولى وعند التخالف الفصل أولى ولهذا رجح النصب في باب الاشتغال في نحو ضربت زيدا وعمرا أكرمته ليكون من عطف الفعلية على مثلها واستوى هو والرفع في نحو هند أكرمتها وزيد ضربته عندها لإمكان الأمرين ومثله تناسب الفعلية في المضي والمضارعة
الباب الثامن الإيجاز والإطناب والمساواة
هي التعبير عن المعنى المراد بناقص أي بلفظ ناقص عنه واف به راجع إلى الإيجاز
وخرج بالوفاء الإخلال أو بلفظ زائد عليه لفائدة راجعة إلى الإطناب وخرج بالفائدة الحشو أو بلفظ مساو له راجع إلى المساواة وسبق مثالها في علم التفسير
والإيجاز قسمان قصر لا حذف فيه كقوله تعالى ) ولكم في القصاص حياة ( فإن معناه كثير ولفظه يسير وتقدم بيانه في علم التفسير وإيجاز فيه حذف والحذف إما لمضاف نحو ) واسأل القرية ( أي أهل القرية أو موصوف نحو أنا ابن جلا وطلاع الثنايا أي أنا ابن رجل جلا أو صفة نحو ) يأخذ كل سفينة غصبا ( أي سفينة صالحة إذ تعيبها لا يخرجها عن كونها سفينة وقد قريء به كما تقدم في علم التفسير أو شرط نحو فالله هو الولي أي إن أرادوا أولياء فالله أو جواب له نحو ) وإذا قيل لهم اتقوا ( الآية أي أعرضوا ) ولو ترى إذ وقفوا على النار ( أي لرأيت أمرا عظيما
ثم الحذف للجواب يكون إما لاختصار كالمثال الأول أو دلالة على أنه لا يحاط به وليذهب السامع كل مذهب ممكن كالمثال الثاني أو(1/120)
الجملة عطف على المحذوفات ولتخلل نكتة حذف جواب الشرط جئت باللام والجملة إما مسببة عن سبب مذكور نحو ليحق الحق ويبطل الباطل فهذا سبب حذف مسببه أي فعل ما فعل أو لا مذكور ولا سبب أصلا الأول نحو ) اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه ( أي فضربه والثاني نحو ) فنعم الماهدون ( أي نحن حذف المخصوص ومبتدؤه وأكثر من جملة ) أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف ( أي فأرسلون إلى يوسف لاستعبره الرؤيا فأرسلوه فأتاه فقال يا يوسف ثم قد يقام شيء مقام المحذوف نحو ) وإن يكذبوك فقد كذبت رسل ( أي فلا تحزن واصبر وقد لا يقام شيء مقامه اكتفاء بالقرينة كالامثلة السابقة
ويدل عليه أي الحذف بالعقل وعلى التعيين للمحذوف بالمقصود الأظهر نحو ) حرمت عليكم الميتة ( دل العقل على أن هناك حذفا إذا الأحكام الشرعية تتعلق بالأفعال لا بالأعيان والمقصود الأظهر منها الأكل فدل على تعيينه كذا في التلخيص تبعا للسكا كي وتعقب بأن الدال عليه قوله {صلى الله عليه وسلم}
إنما حرم أكلها
أو العادة نحو ) فذلكن الذي لمتنني فيه ( يحتمل أن التقدير في حبه أو مراودته ودلت العادة على تعيين الثاني لأن الحب المفرط لا يلام صاحبه عليه عادة إذ ليس اختيارا أو الشروع في الفعل نحو بسم الله فيقدر ما جعلت التسمية مبدأ له كإقرأ في القراءة وارتحل في السفر أو القتران كقولهم للمعرس بالرفاء والبنين أي عرست وقد نهي عن هذا الكلام في الحديث
والاطناب إن كان ببيان بعد إيهام فايضاح نحو رب اشرح لي صدري فإن اشرح لي يفيد طلب شرح شيء ماله وصدري يفسره أو
(1/121)
بمعطوفين مفردين بعد مثنى بمعناهما فتوشيع كحديث يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان الحرص وطول الأمل رواه البخاري أو بختم للكلام بما يفيد نكتة ثم بدونها فإيغال كقوله تعالى ) اتبعوا المرسلين ( ) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ( فقوله تعالى ) وهم مهتدون ( إيغال لأن المعنى يتم بدونه لأن الرسول مهتد لا محالة لكن فيه نكتة وهي زيادة الحث على الاتباع والترغيب فيهم وكقول الخنساء
وإن صخر التأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
فقولها في رأسه نار إيغال لأن وكأنه على واف بالمقصود وهو التشبيه بما يهتدي به إلا أن في الزيادة بذلك مبالغة
أو بجملة بمعنى جملة أخرى سابقة توكيدا لها فتذييل كقوله تعالى ) ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ( وقوله سبحانه تعالى ) وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ( وقول الصفي
لله لذة عيش بالحبيب مضت
فلم تدم لي وغير الله لم يدم
أو بدافع موهم خلاف المقصود فتكميل واحتراس أي يسمى بهما كقوله
فسقى ديارك غير مفسدها
صوب الربيع وديمة تهمى
لما كان المطر ربما يؤول إلى خراب الديار وفسادها دفعه بقوله غير مفسدها أو بفضلة لنكتة دونه أي سوى الدفع المذكور فتتميم نحو ) وآتى المال على حبه ( أي مع حبه فهو أبلغ في البدل أو بجملة فأكثر بين كلام فاعتراض نحو
إن الثمانين وبلغتها
قد أحوجت سمى إلى ترجمان
فقوله وبلغتها إعتراض للدعاء وهو جملة بين جزأي الكلام وهو إسم إن وخبرها وقوله تعالى ) ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ( فقوله سبحانه إعتراض للتنزيه وهو جملة بين كلامين ) فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( ) نساؤكم حرث لكم ( فقوله إن الله الخ إعتراض وهو أكثر من جملة بين فأتوهن من حيث أمركم الله ونساؤكم حرث لكم
(1/122)
ويكون الإطنات بالتكرير نحو ) كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ( وذكر خاص بعد عام تنبيها على فضل الخاص نحو ) من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال (
علم البيان
علم يعرف به إيراد المعنى الواحد المدلول عليه بكلام مطابق لمقتضى الحال بطرق من التراكيب مختلفة في وضوح الدلالة عليه بأن يكون بعضها أوضح في الدلالة وبعضها واضحا وهو أخفى بالنسبة إلى الأوضح
وخرج إيراده بطرق مختلفة في اللفظ دون الوضوح وعقد هذا العلم لاشتراط الوضوح والخلو من التعقيد في فصاحة الكلام المأخوذ في حد البلاغة وافتتحت كغيري بتقسيم الدلالة لأبني عليه وجه انحصار العلم في أبوابه الثلاثة فقلت دلالة اللفظ على تمام ما وضع له وضيعة لأن الواضع إنما وضع اللفظ لتمام المعنى كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق وعلى جزئه كدلالة الإنسان على الحيوان أو الناطق وعلى لازمه الخارج عنه كدلالة الإنسان على الضاحك عقليتان لأن دلالة اللفظ على الجزء أو اللازم إنما هي من جهة حكم العقل بأن حصول الكل أو الملزوم مستلزم لحصول الجزء أو اللازم
والأول لا تعلق له بهذا الفن لأن إيراد المعنى بطرق مختلفة في الوضوح لا بتأتى بالوضعية إذ السامع إن كان عالما بوضع الألفاظ للمعنى لم يكن بعضها أوضح عنده من بعض وإلا لم يكن شيء من الألفاظ دالا لتوقف الفهم على العلم
والأخير أي العقلي الشامل للجزء واللازم وهو المبحوث عنه في هذا الفن إن قامت قرينة على عدم إرادته أي ما وضع له فهو مجاز وإلا فكناية وقد يبنى المجاز على التشبيه إذا كان استعارة فانحصر المقصود من علم البيان فيها أي التشبيه والمجاز والكناية
(1/123)
التشبيه الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى كزيد أسد وصم بكم عمي وطرفاه أي المشبه والمشبه به إما حسيان أي مدركان بإحدى الحواس الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس كالصوت الضعيف بالهمس والخد بالورود والنكهة بالعنبر والريق بالشهد والجلد الناعم بالحرير أو عقليان كالعلم بالحياة والجهل بالموت أو مختلفان بأن يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا كالمنية بالسبع أو عكسه كالعطر بخلق الكريم
ووجهه أي التشبيه ما يشتركان أي المعنى الذي قصد اشتراكهما فيه تحقيقا أو تخييلا بأن لا يوجد ذلك المعنى في الطرفين أو أحدهما إلا على سبيل التخييل والتأويل كقوله
وكأن النجوم بين دجاها
سنن لاح بينهن ابتداع
فوجه التشبيه وهو الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود غير موجود في المشبه به وهو السنن بين الابتداع إلا على طريق التخييل لأن البدعة تجعل صاحبها كالماشي في الظلمة فلا يهتدي لطريق ولا يأمن أن يناله مكروه فشبهت بها ولزم بعكسه تشبيه السنة بالنور وشاع حتى تخيل أن السنة مما له بياض وإشراق والبدعة مما له سواد وإظلام فصار كالتشبيه ببياض الشيب وسواد الشباب
وأداته مرت في علم التفسير وهي الكاف ومثل وكأن ثم هو أي
التشبيه أقسام كثيرة لأنه إما مفرد بمفرد وهما مقيدان كقولهم لمن لا يحصل من سعيه على طائل هو كالرقم على الماء فالمشبه الساعي مقيد بأن لا يحصل من سعيه على شيء والمشبه به الراقم مقيد بكونه على الماء وهما مفردان أو مفرد بمفرد لا مقيدان كتشبيه الخد بالورد أو مفرد بمركب كقوله
وكان محمر الشقيق إذا
نصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشرن
على رماح من زبرجد
فالمشبه الشقيق مفرد والمشبه به أعلام ياقوت منشورة على رماح من زبرجد مركب من عدة أمور أو عكسه أي تشبيه مركب بمركب كقوله
كان مثار النقع فوق رؤسنا
وأسيافنا ليل تهادى كواكبه
(1/124)
فالمشبه مثار التراب فوق الرؤس والاسياف والمشبه به الليل المتساقطة كواكبه وكل منهما مركب أو مركب بمفرد كقوله
تريا نهارا مشمسا قد شابه
زهر الربى فكأنما هو مقمر
فالمشبه النهار المشمس الذي خالطته الأزهار فنقصت من ضوء الشمس باخضرارها حتى صار يضرب إلى السواد وذلك مركب والمشبه به مقمر وهو مفرد فإن تعدد طرفاه أي المشبه والمشبه به فملفوف ومفروق أي هما قسمان الأول أن يؤتى أولا بالمشبهات ثم بالمشبه بها كقوله يصف العقاب بكثرة صيد الطيور
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا
لدي وكره العناب والحشف البالي
والثاني أن يؤتى بمشبه به ومشبه به ثم بآخر وآخر كقوله
النشر مسك والوجوه دنا
نيرو أطراف الأكف عنم
أو تعدد الطرف الأول وهو المشبه فقط فتسوية أي فهو تشبه التسوية كقوله
صدغ الحبيب وحالي
كلاهما كالليالي
أو تعدد الثاني وهو المشبه به فقط فجمع أي تشبيه جمع كقوله
كأنما يبسم عن لؤلؤ
منضد أو برد أو أقاح
شبه الثغر بثلاثة أشياء
ثم التشبيه تمثيل إن انتزع وجهه من متعدد كما مر من تشبيه مثار النقع مع الأسياف وإلا بأن لم ينتزع من متعدد فغيره ثم هو ظاهر إن فهمه كل أحد نحو زيد أسد وألا بأن لم يدركه إلا الخواص فهو خفي كقول امرأة سئلت عن بنيها أيهم أفضل فقالت هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها أي هم متناسبون في الشرف لا تفاضل بينهم كما أن الحلقة متناسبة الأجزاء في الصورة لا يمكن تعيين بعضها طرفا وبعضها وسطا ثم هو قريب إن انتقل من المشبه به بلا تدقيق في النظر لظهور وجهه كتشبيه الشمس بالمرآه المجلوة في الاستدارة والإشراق وإلا بأن لم ينتقل إليه بفكر وتدقيق فهو بعيد كما سبق في قوله وكان محمر الشقيق ثم هو مؤكد إن حذفت أداته أي التشبيه نحو وهي تمر مر السحاب وقوله
والريح تعبث بالغصون وقد جرى
ذهب الأصيل على لجين الماء
(1/125)
وإلا بأن ذكرت فهو مرسل كالأمثلة السابقة ثم هو مقبول إن وفى بإفادته أي الغرض وإلا بأن قصر عنها فهو مردود أعلاه أي التشبيه في القوة ما حذف وجهه وأداته فقط أي بدون حذف المشبه نحو زيد أسد أو حذفا مع المشبه نحو أسد في مقام الإخبار عن زيد ثم يليه حذف فيه أحدهما أي وجهه وأداته حذف المشبه أو لا نحو إنه كالأسد ونحو كالأسد عند الإخبار عن زيد وأسد في الشجاعة عنده وزيد أسد في الشجاعة ولا قوة لما سوى ذلك بأن يذكر الوجه والأداة جميعا مع ذكر الشبه أو حذفه نحو زيد كالأسد في الشجاعة عند الإخبار عنه
المجاز قسمان مفرد وهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح به التخاطب فخرج بالمستعمل الكلمة قبل الاستعمال فلا توصف بحقيقة
ولا مجاز وبما بعده الحقيقة وشمل المستعمل فيما لم يوضع في اصطلاح التخاطب ولا في غيره كالأسد في الرجل الشجاع أو فيما وضع له في اصطلاح آخر غير الاصطلاح الذي به التخاطب كالصلاة تستعمل في عرف الشرع للدعاء فهي فيه مجاز شرعا وإن وضعت له لغة وقولنا مع قرينة عدم إرادته يخرج الكناية لأنها مستعملة في غير ما وضعت له مع جواز إرادته كما سيأتي ولا بد من علاقة بينه وبين المعنى الأصلي ليصح الاستعمال
فإن كانت العلاقة غير المشابهة بين المعنى المجازي والحقيقي فمرسل كاستعمال اليد في النعمة والقدرة وحقيقتها الجارحة لصدورهما عنها والراوية في المزادة وحقيقتها في الجمل لمجاورتها له وإلا بأن كانت العلاقة المشابهة
فاستعارة فإن تحقق معناها المستعملة فيه حسا أو عقلا بأن كان أمرا معلوما يمكن أن ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية فتحقيقية أي تسمى بذلك فالحسية كقول زهير لدي أسد شاكبي السلاح مقذف استعير الأسد للرجل الشجاع وهو أمر متحقق حسا والعقلية كقوله تعالى ) اهدنا الصراط المستقيم ( أي الدين الحق وهو ملة الإسلام وهو أمر متحقق عقلا لا حسا
(1/126)
أو اجتمع طرفاها أي المستعار له ومنه في شيء ممكن فوفاقية كقوله تعالى ) أو من كان ميتا فأحييناه ( أي ضالا فهديناه استعير الإحياء وهو جعل الشيء حيا للهداية التي هي الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب والإحياء والهداية يمكن اجتماعهما أو أجتمعتا في ممتنع فعنادية كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه أو الموجود للمعدوم لآثاره التي تحيي ذكره إذ اجتماع الوجود والعدم في شيء ممتنع أو ظهر جامعها فعامية مبتذلة نحو رأيت أسدا يرمى وإلا بأن خفي فلا يدرك إلا بفكر وتدقيق فخاصية أو كان لفظها أي اللفظ المستعار فيها إسم جنس فاصلية كاستعارة أسد للشجاع وقتل للضرب الشديد وإلا بأن كان فعلا أو وصفا أو حرفا فهي تبعية نحو نطقت الحال أو الحال ناطقة بكذا إستعير النطق للدلالة ووجه
التشبيه إيصال المعنى للذهن وإيضاحه نحو قوله تعالى ) فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( إستعيرت لام التعليل للغاية أو لم تقترن بصفة ولا تفريع مما يلائم المستعار له أو منه فمطلقة نحو عندي أسد أو قرنت بما يلائم المستعار له فمجردة كقوله
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا
علقت بضحكته رقاب المال
أي كثير العطاء إستعار له الرداء لأن العطاء يصون صاحبه كما يصون الرداء ما يلقي عليه ثم وصفه بالغمر الذي يناسب العطاء تجريدا
أو قرنت بما يلائم المستعار منه فمرشحة كقوله تعالى ) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ( استعير الاشتراء للاستبدال ثم فرع عليهما ما يلائم الاشتراء من الربح والتجارة أو اضمر التشبيه في النفس فلم يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه فبالكناية أي فهو استعارة بالكناية ويدل عليه أي على التشبيه المضمر إثبات أمر مختص بالمشبه به للمشبه وهو أي الإثبات المذكور الإستعارة التخييلية كقوله
وإذا المنية أنشبت أظفارها
شبه المينة في اغتيال النفوس بالقهر والغلبة بالسبع وأثبت لها أمرا مختصا به وهو الأظفار
(1/127)
ومركب عطف على مفرد وهو الثاني من قسمي المجاز وهو اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه تمثيل فإن كان وجهه منتزعا من متعدد مبالغة كقولك للمتردد في أمر أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى تشبيها لصورة تردده في ذلك الأمر بصورة تردد من قام يذهب فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد فيؤخر أخرى فاستعمل في الصورة الأولى الكلام الدال على الثانية ووجه الشبه هو الإقدام تارة والإحجام أخرى وهو منتزع من عدة أمور
الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته أي ذلك المعنى معه أي لازمه كلفظ طويل النجاد المراد به طول القامة ويجوز أن يراد به حقيقة طول النجاد أي حمائل السيف أيضا وبه يفارق المجاز فإنه لا يجوز فيه إفادة المعنى الحقيقي للقرينة المانعة عن إرادته ويطلب بها إما صفة فإن كان الانتقال من الكناية إلى المطلوب بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضاف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب ومنها إلى كثرة الطبائخ ومنها إلى كثرة الأكلة ومنها إلى كثرة الضيفان ومنها إلى المقصود
وإلا بأن كان الانتقال بلا واسطة فهي قريبة كطويل النجاد كناية عن طول القامة أو يطلب بها نسبة أي إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه كقوله
إن السماحة والمروءة والندى
في قبة ضربت على ابن الحشرج
أراد إثبات اختصاصه بهذه الصفات ولم يصرح بها بقوله هو مختص بها أو نحوه بل كنى بأن جعلها في قبة مضروبة عليه لأنه إذا أثبت الأمر في مكان الرجل فقد أثبت له أو لا يطلب بها لا صفة ولا نسبة بل الموصوف كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوى القامة عريض الأظفار وتتفاوت إلى تعريض وهو ما سبق من الكناية لأجل موصوف غير مذكور كقولك في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
(1/128)
وتلويح وهو ما كثرت فيه الوسائط كما في كثير الرماد ورمز وهو ما قلت وسائطه مع خفاء في اللزوم كعريض القفا كناية عن الأبله وإيماء وإشارة وهما ما قلت وسائط بلا خفاء كقوله
أو ما رأيت المجد ألقى رحله
في آل طلحة ثم لم يتحول
وهي والمجاز والاستعارة أبلغ من الحقيقة والتصريح والتشبيه لف ونشر مشوش أي الكناية أبلغ من التصريح لأن الإنتقال فيها من الملزوم إلى اللازم فهو كدعوى الشيء ببينة والمجاز أبلغ من الحقيقة لذلك الاستعارة أبلغ من التشبيه لأنها مجاز وهو حقيقة
علم البديع
علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ووضوح الدلالة أي الخلو عن التعقيد لأنها إنما تعد محسنة بعدهما
أنواعه أي البديع وهي الوجوه المذكورة كثيرة جدا تربو على المائتين وفي بديعية الصفى منها مائة وخمسون نوعا ومر منها كثير في فني المعاني والبيان كأقسام الإطناب ونذكر هنا غالبها
المطابقة الجمع بين ضدين في الجملة أي متقابلين سواء تضادا في الحقيقة نحو ) يحيي ويميت ( ) وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ( أم لا نحو ) لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ( ) ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فإن ذكر معنيان فأكثر ثم ذكر مقابلهما مرتبا فمقابلة كقوله تعالى ) فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ( وقول الصفي كان الرضى لدنوي من خواطرهم فصار سخطي لبعدي عن جوارهم وأذكر متناسبان فأكثر فمراعاة النظير كقوله تعالى ) الشمس والقمر بحسبان ( وقول البحتري في صفة الإبل
كالقسى معطفات بل الاسهم
مبرية بل الأوتار
أو ختم الكلام بمناسب المعنى المبتدأ به فمتشابه الاطراف كقوله تعالى ) لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ( فإن اللطيف يناسب كونه غير مدرك والخبير يناسب كونه مدركا أو ذكر قبل العجز من الفقرة أو البيت ما يدل عليه فإرصاد وتسهيم كقوله تعالى ) وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (
) وقوله
(1/129)
إذا لم تستطع شيأ فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
أو ذكره الشيء بلفظ غيره لاقترانه به فمشاكلة كقوله
قالوا اقترح شيأ نجد لك طبخه
قلت أطبخوا الي حبة وقميصا
عبر عن خيطوا باطبخوا لاقترانه بطبخ الطعام وكذا قوله تعالى ) تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ( أطلق النفس على ذات الله تعالى مشاكلة لما قبله
المزاوجة أن يزاوج بين معنيين في شرط وجزاء بأن يورد في كل معنى مرتبا عليه آخر كقوله
إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى
أصاخت إلي الواشي فلج بها الهجر
العكس تقديم جزء في الكلام ثم تأخيره كقوله تعالى ) لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ( وقولهم سادات العادات عادات السادات الرجوع العود على كلام سابق بالنقض له لنكتة كقول زهير
قف بالديار التي لم يعفها القدم
بلى وغيرها الأرواح والديم
أثبت دروسها بعد نفيه لنكتة إظهار القد له والتحبير
التوبة إطلاق لفظ له معنيان قريب وبعيد وإدارة البعيد كقوله
وواد حكى الخنساء لا في شجونه
ولكن له عينان تجري على صخر
فإن أريد أحدهما أي المعنيين للفظ ثم أريد بضميره الآخر فاستخدام كقوله
إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه ولو كانوا غضابا
أراد بالسماء المطر وبالضمير في رعيناه النيات الناشيء عنه اللف والنشرذكر متعدد ثم ذكر مالك منه بلا تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه سواء ذكر على ترتيب الأول كقوله تعالى ) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ( أم لا كقوله
كيف أسلو وأنت حقف وغصن
وغزال لحظا وقدا وردفا
الجمع أن يجمع بين متعدد أثنين أو أكثر في حكم كقوله تعالى ) المال والبنون زينة الحياة الدنيا ( وقول أبي العتاهية
إن الشاب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
فإن فرقت بين جهتي الإدخال فجمع وتفريق كقوله
فوجهك كالنار في ضوئها
وقلبي كالنار في صدرها
التقسيم ذكره أي المتعدد ثم إضافة مالك إليه معينا وبهذا القيد يخرج اللف والنشر كقوله
ولا يقيم على ضيم يراد به
(1/130)
إلا الأذلان غير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته
وذا يشج فلا يرثي له أحد
وفي البيت الأول التوشيع فإن قسمت بعد الجمع فجمع وتقسيم كقوله
حتى أقام على أرباض خرشنة
يشقي به الروم والصلبان والبيع
للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا
والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا
التجريد أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله فيها مبالغة في كمالها أي الصفة فيه أي الأمر كقولك لي من فلان صديق حميم أي بلغ من الصداقة حدا صح معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها
المبالغة أن يدعي لوصف بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا لئلا يظن أنه غير متناه فيه فإن أمكن المدعي عقلا وعاد فتبليغ كقوله في صفة الفرس
فعادي عداء بين ثور ونعجة
درا كأفلم ينضح بماء فيغسل
أدعى أنه أدرك ثور أو بقرة وحشيين في مضمار واحد ولم يعرق وذلك ممكن عقلا وعادة أو أمكن عقلا لإعادة فإغراق بالمعجمة كقوله في النبي {صلى الله عليه وسلم}
لو شاء إغراق من ناوأه مد له
في البر بحرا بموج منه ملتطم
وهما مقبولان أو لم يكن لا عقلا ولا عادة فغلو والمبقول منه ما قرب إلى الصحة بلفظ يدخل عليه كيكاد كقوله تعالى ) يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ( أو تضمن تخييلا حسنا كقوله
يخيل لي أن سمر الشهب في الدجى
وشدت بأهداب إليهن أجفاني
إدعى أنه يخيل أن النجوم محكمة بالمسامير لا تزول من مكانها وأن جفون عينيه شدت بأهدابها إليها لطول سهره في ذلك الليل وهو ممتنع عقلا وعادة لكنه تخيل حسن أو تضمن هزلا كقوله
اسكر بالأمس إن عزمت على الشرب
غذا إن ذا من العجب
ولا يقبل منه غير ذلك كقوله
وأخفت أهل الشرك حتى أنه
لتخافك النطف التي لم تخلق
(1/131)
المذهب الكلامي إيراد حجة للمطلوب على طريقتهم أي أهل الكلام بأن تكون بعد تسليم المقدمات مستلزمة للمطلوب كقوله تعالى ) لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ( أي خرجتا عن نظامهما المشاهد لوجود التمانع بينهم على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الإتفاق عليه حسن التعليل أن يدعي لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقي أي بأن ينظر نظرا مشتملا على لطف ودقة ولا تكون علة له في الواقع كقوله
لم يحك نائلك السحاب وإنما
حمت به فصبيبها الرحضاء
إدعى أن علة نزول المطر عرق حماها الحادثة بسبب عطاء الممدوح حسدا له وهو اعتبار لطيف وليس علة في الواقع
التفريع بالمهملة أن يثبت لمتعلق أمر حكم بعد إثباته لآخر من متعلقاته كقوله
أحلامكم لسقام الجهل شافية
كما دماؤكم تشفي من الكلب
أثبت الشفاء لدمائهم بعد إثابته لأحكامهم تأكيدا لمدح يشبه الذم وعكسه أي تأكيد الذم بما يشبه المدح أن يخرج من صفة مدح أو ذم منفية عن الشيء صفة منه بتقدير دخولها فيها وذلك يكون باستثناء واستدراك وصف مما قبله كقوله
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
وقوله
هو البدر إلا أنه البحر زاخرا
سوى أنه الضرغام لكنه الوبل
ومثاله في الذم فلان لا خير فيه إلا أنه يسيء الأدب وفلان فاسق لكنه جاهل
الاستتباع المدح بشيء على وجه يستتبعه أي المدح بآخر كقوله
نبهت من الأعمار ما لو حويته
لهنئت الدنيا بأنك خالد
مدحه بالنهاية في الشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها
الادماج تضمين ما سيق لشيء شيئا آخر كقوله
أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا
وأسعفنا فيمن نحب ونكرم
فقلت له نعماك فيهم أتمها
ودع أمرنا إن الأهم المقدم
ضمن التهنئة بشكوى الدهر
التوجيه أيراده أي الكلام محتملا لوجهين مختلفين كقوله لأعور ليت عينيه سواء الإطراد أن يؤتى باسم الممدوح وآبائه على الترتيب بلا تكلف كقوله
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم
(1/132)
بعتيبة بن الحارث بن شهاب
ومنها أي أنواع البديع القول بالموجب بأن تقع صفة في كلام الغير كناية شيء فتثبتها لغيره كقوله
وإخوان حسبتهم دروعا
فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات
فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب
لقد صدقوا ولكن عن ودادي
وتجاهل العارف بأن يساق المعلوم مساق المجهول كقولها
أيا شجر الخابور مالك مورقا
كأنك لم تجزع على ابن طريف
وقوله
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
ليلاي منكن أم ليلي من البشر
والهزل المراد به الجد كقوله
إذا ما تميمي أتاك مفاخرا
فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب
وما مر من الأنواع معنوي واللفظي أنواع منها الجناس بين اللفظين وهو تشابهما لفظا فإن أتفقا حروفا وعددا وهيئة وكانا من نوع كإسمين فمماثل نحو ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة أو من نوعين كاسم وفعل فمستوفي كقوله
ما مات من كرم الزمان فإنه
يحيا لدى يحيى بن عبد الله
أو أحدهما مركب من كلمتين فتركيب فإن اتفقا خطأ فمتشابه كقوله
إذا ملك لم يكن ذاهبه
فدعه فدولته ذاهبه
وإلا بأن اختلفا خطأ فهو مغروق كقوله
كلكم قد أخذ الجام ولا جام لنا
ما الذي ضرمير الجام لو جاملنا
أو اختلفا شكلا فمحرف أو نقطا فمصحف مثالهما قولهم جبة البرد جنة البرد أو اختلفا عددا فناقص فإن كان الزائد بحرف في الأول فمطرف كقوله تعالى ) والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق ( أو بحرف في الوسط فمكتنف نحو جدي جهدي أو بحرف في الآخر فمذيل نحو دمعي هام هامل وقلبي واه واهل أو اختلفا حرفا أي في جنس الحرف لا العدد فإن تقاربا مخرجا فمضارع نحو بيني وبينك ليل دامس وطريق طامس وهم ينهون عنه وينأون عنه الخيل معقول في نواصيها الخير وإلا فهو لاحق نحو ) ويل لكل همزة لمزة ( ) بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ( ) جاءهم أمر من الأمن (
(1/133)
أو اختلفا ترتيبا فمقلوب نحو حسامه فتح لأوليائه لأعدائه اللهم استر عورتنا وآمن روعتنا فإن كانا أي اللفظان المقلوبان أحدهما أول البيت والآخر آخره فمجنح كقوله في البديعية
مهدأ خارجرم مرك أخا ندم
مدن أخاكرم مرج أخادهم
أو تشابها أي اللفظان في بعض الحروف فطلق نحو قال إني لعملكم من القالين أو أجتمعا في الأصل فاشتقاق نحو فأقم وجهك للدين القيم أو توالى متجانسان فازدواج نحو وجئتك من سبأ بنبأ رد العجز على الصدر الختم بمرادف البدء أي المبدوء به أو مجانسه كقوله تعالى ) وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ( و ) استغفروا ربكم إنه كان غفارا ( وقول الارجاني
دعاني منملامكما دعاني
فداعي الشوق قبلكما دعاني
السجع تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد فهو في النثر كالقافية في الشعر فإن اختلفا وزنا فمطرف نحو ) ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ( أو استوى القرينتان وزنا وتقفية فترصيع كقول الحريري
فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه
ويقرع الأسماع بزواجر وعظه
وإلا بأن تستويا وزنا فمتواز كقوله تعالى ) فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة (
التشريع هو بناء البيت على قافيتين يصح المعنى بالوقوف على كل منهما كقول الحريري
يا خاطب الدنيا الدنية إنها
شرك الردي وقرارة الأكدار
دار متى ما أضحكت في يومها
أبكت غدا بعدا لها من دار
لزوم ما لا يلزم التزام حرف قبل الروي وهو آخر البيت وقبل الفاصلة كقوله تعالى ) فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ( وقول المعري
كل وأشرب الناس على خبرة
فهم يمرون ولا يعذبون
ولا تصدقهم إذا حدثوا
فإنني أعهدهم يكذبون
القلب أن يقرأ عكس الكلام كطرده نحو ) كل في فلك ( ) وربك فكبر ( التضمين ذكر شيء من كلام الغير في كلامه فإن كان المضمن بيتا فاستعانة لأنه استعان به كقول شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر في مرتبة شيخه شيخ الإسلام البلقيني رحمه الله تعالى
محدث قل لمن كانوا قد اجتمعوا
(1/134)
اليسمعوا منه فزتم منه بالوطر
علوتم فتواضعتم على ثقة
لما تواضع أقوام على غرر
البيت الثاني تضمين من قصيدة لأبي العلاء أو مصراعا فما دونه فإيداع ورفو لأنه أودع شعره كلام الغير ورفاه به كقولي
البحث إن يبدو ويحلو قصده
كالبدر لم ير حاجب من دونه
والبحث في يده التأمل ما انجلا
كالبدر يشرق من خلال غصونه
ضمنت صدر قول القائل
والبدر يشرق من خلال غصونه
مثل المليح يطل من شباك
وقولي
أن ابن ادريس حقا
بالعلم أولى وأحرى
لأنه من قريش
وصاحب البيت أدرى
ضمنت ثلثي قول القائل وصاحب البيت أدرى بالذي فيه أو ضمن من القرآن والحديث فاقتباس كقوله
إن كنت أزمعت على هجرنا
من غير ما جرم فصبر جميل
وإن تبدلت بنا غيرنا
فحسبنا الله ونعم الوكيل
وقولي
قد بلينا في عصرنا بقضاة
يظلمون الأنام ظلما عم
ا
يأكلون التراث أكلا لما
ويحبون المال حبا جما
وكقول ابن عباد
قال لي إن رقيبي
سيء الخلق فداره
قلت دعني وجهك الجنة
حفت بالمكاره
اقتبس حديث خفت الجنة بالمكارة أو فيه إشارة إلى قصة أو شعر مشهور فتلميح بتقديم اللام على الميم كقوله
فوالله ما أدري أأحلام نائم
ألمت بنا أم كان في الركب يوشع
إشارة إلى قصة يوشع عليه الصلاة والسلام واستيقافه الشمس وقوله لعمرو
مع الرمضاء والنار تلتظى
أرق وأحفى منك في ساعة الكرب
أشار إلى البيت المشهور
المستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
أو نظم نثر فعقد كقوله
ما بال من أوله نطفة
وجيفة آخره يفخر
عقد قول علي رضي الله عنه ما لابن آدم والفخر وإنما أوله نطفة وآخره جيفة أو عكسه أي نثر نظم فحل كقول بعضهم فإنه لم قبحت فعلاته وحنظلت نخلاته لم يزل سوء الظن يقتاده ويصدق توهمه الذي يعتاده
حل قول المتنبي
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
(1/135)
والأصل في حسن أنواع البديع اللفظية تبعية اللفظ للمعنى لا عكسه بأن يكون المعنى تابعا للفظ لأن المعاني إذا تركت على سجيتها طلبت لأنفسها ألفاظا تليق بها فيحسن اللفظ والمعنى جميعا وإذا أتى بالألفاظ متكلفة مصنوعة وجعل المعاني لها تابعة كان كظاهر مموه على باطن مشوه
وينبغي للمتكلم التأنق أي المبالغة في الحسن في ثلاثة مواضع الإبتداء بأن يأتي بما يناسب المقام كقوله في التهنئة
بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا
وكوكب المجد في أفق العلا صعدا
وقوله في دار
قصر عليه تحية وسلام
خلعت عليه جمالها الايام
وقوله في الدنيا
هي الدنيا تقول بملء فيها
حذار حذار من بطشي وفتكي
ويجتنب في المدح ونحوه ما يتطير به كقوله
موعد أحبابك بالفرق غد
وثانيها التخلص بأن ينتقل مما افتتح به الكلام من تشبيب أو غيره إلى المقصود مع رعاية الملائكة بينهما كقوله
تقول في قومس قومي وقد أخذت
منا السرى أو خطى المهرية القود
أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا
فقلت كلا ولكن مطلع الجود
وثالثها الإنتهاء بأن يأتي بما يؤذن بأنتهاء الكلام كقوله
بقبيت الدهر يا كهف أهله
وهذا دعاء للبرية شامل
علم التشريح
علم يبحث فيه عن أعضاء الإنسان وكيفية تركيبها وسيأتي تعريفها
الجمجمة أي الرأس مركبة من سبعة أعظم أربعة جدران أحدها عظم الجبهة ممتد من طرف القحف إلى آخر الحاجب والثاني مقابله مؤخرها وهو أصلب الجدران والآخران يمنة ويسرة وفيهما الأذنان وقاعدة عظم واحد صلب يجمل سائر العظام وقحف كالسقف للدماغ عظمان وشكله مستدير
اللحيان
اللحيان الأعلى منهما مركب من أربعة عشر عظما والأسفل مركب من أربعة عشر عظما والأسفل مركب من عظمين يجمع بينهما الذقن وفيهما اثنتان وثلاثون سنا في كل لحى ست عشرة ثنيتان ورباعيتان للقطع ونابان للكسر وضاحكان وستة أضراس للطحن وناخذان وليس لغيرها من العظام حس وأعينت هي بالحس بقوة من الدماغ للتمييز بين الحار والبارد
اليد
(1/136)
اليد للجنس أي كل من اليدين تركيبه من كتف مربوط مع الترقوة بزائدة تسمى منقار الغراب من فوق وأخرى من أسفل تمنعانه عن الانخلاغ وعضد عظم مستدير طرفه الأعلى محدود يدخل في نقرة الكتف بمفصل رخو ولرخاوته يعرض له الخلع كثيرا وحكمتها سلامة الحركة في الجهات كلها وساعد من عظمين متلاصقين طولا والفوقى الذي يلي الخنصر أغلظ وطرفاهما يلتئم منه المفرق مع العضد ورسغ من سبعة عظام أصلية وواحد زائد فالأصلية في صفين أحدهما يلي الساعد وعظامه ثلاثة والآخر أربعة المشط والأصابع والزائد ليس في أحد الصفين بل وقاية عصبية تأتي الكف ويلتئم الرسغ مع الساعد بزائدة في زنده الأسفل تدخل في نقرة عظام الرسغ وكف أربعة أعظم مشدود بعضها ببعض بحيث لو كشطت جلدتها لم يخش انفصالها ويلتئم مفصلها مع الرسغ بنقر في أطراف عظامه يدخلها لقم من عظام المشط وخمسة أصابع كل أصبع ثلاثة أعظم مستديرة قواعدها أعظم مما يليها وهكذا على التدريج إلى رؤوسها ووصلت سلامياتها بحروف ونقر متداخلة بينها رطوبة لزجة على مفاصلها أربطة قوية وأغشية غضروفية
العنق سبعة أعظم لكل واحد غير الأول إحدى عشر زائدة سنسنة وجناحان وأربعة زوائد مفصلية شاخصة إلى فوق وأربعة إلى أسفل ولكل جناح شعبتان ودائرة
الترقوة عظمان بينهما خلو عند النحر تنفذ فيه العروق الصاعدة إلى الدماغ والعصب النازل منه ويتصل برأس الكتف فيرتبط به
الصدر سبعة أعظم من عظام العنق لها سناسن كبار وأجنحة غلاظ وله أيضا نقر أربع بسناسن وأجنحة دونها وخامسة بلا جناح
الظهر سبعة عشرة نقرة وهي عظم في وسطه ثقب و وقد يكون لها أربع
زوائد أو ست أو ثمان وما كان منها إلى فوق أو أسفل فشاخصة أو يمنة أو يسرة فأجنحة أو خلف فسناسن وأحدها سنسن بكسر المهملتين وأربع وعشرون ضلعا يدخل في كل واحد منها زائدتان في فقرتين غائرتين في كل جناح والسبعة العليا من كل جانب تسمى أضلاع الصدر والوسطان أكبر وأطول والأطراف أقصر
(1/137)
العجر من ثلاث فقرات هي أشد الفقرات تهندما وأوثقها وأعرضها أجنحة وعظما العانة أحدهما يمنة والآخر يسرة يتصلان في الوسط بمفصل موثق وهما كالأسد لجميع العظام الفوقية والمؤخر منهما عليه المثانة والرحم وأوعية المني
الرجل فخذ وهو أعظم عظم في البدن أعلاه في حق الورك وفي أسفله زائدتان لأجل مفصل الركبة وساق كالساعد عظمان أكبر وأصغر في راسه نقرتان فيهما زائدتا الفخذ موثقا برباط شاد وقدم عظامه ستة وعشرون عظما من كعب واسطة بين الساق والعقب أوله بين الطرفين النابتين من القصبتين للساق يحتويان عليه من جوانبه وطرفان في نقرتين في العقب وعقب صلب مستدير ورسغ وهو مخالف لرسغ الكف فإنه صف واحد وعظامه أقل ومشط عظامه خمسة متصلة بالأصابع وخمسة أصابع الإبهام من سلاميتين والبواقي من ثلاثة
فرع فيما دون العظم الغضروف ألين من العظم فينعطف وأصلب من غيره أي سائر الأعضاء ومنفعته إتصال العظام بالأعضاء اللينة لئلا يتأذى اللين بمجاورة الصلب بلا واسطة
العصب جسم أبيض لدن لين صعب الإنفصال للدنه سهل الإنعطاف للينه منفعته إتمام الحس والحركة للأعضاء
الوتر جسم ينبت من أطراف اللحم شبه المفصل وعبارة القانون شبه
العصب يصل بين العظام إذ لا يمكن إتصالها بالعصب للطفه وصلابتها ولا بد مع الرباط لعدم زيادة حجمه به زيادة تبلغ ذلك العضل بفتح العين المهملة والضاد المعجمة جمع عضلة
لحمية الجسد مركبة من لحم وعصب وأوتار وقد عرفتها ورباطات وهي أجسام تشبه العصب لا حس لها ورأيت في كلام بعضهم هي كل لحمة غليظة منبرة أي ناتئة كلحمة الساق والعضد أي ناتئة وفي حديث النسائي
إزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه وفي لفظ له
إلى أنصاف ساقيه
(1/138)
العروق قسمان ضوارب وهي الشرايين جمع شريان بكسر الشين المعجمة وسكون الراء وتحتية ونباتها من القلب ومنفعتها ترويح القلب ونقص البخار عنه وغيرها أي غير ضوارب وهي أوردة جمع وريد ونباتها من الكبد ومنفعتها توزيع الدم على الأعضاء
الشحم وهو أرطب أعضاء البدن جعل لتندية العضو المجاور له الغشاء جسم من ليف عصباني رقيق غير ثخين عديم الحركة له حس قليل يغشى سطح أجسام أخرى ويحتوي عليها ليحفظ شكلها
الجلد جسم عصبي له حس كثير يستر البدن وهو أعدل البدن وأعدله جلد أنملة السبابة ثم جلد سائر الأنامل ثم جلد الراحة ثم جلد اليد
الشعر للزينة كاللحية ومنفعة كشعر الحاجبين والعين يمنعان شعاع الشمس عنها وفي معجم الطبراني حديث
نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام وهو ضعيف
الظفر مستدير من عظام لينة ليتطامن تحت من يصاكها فلا ينصدع وجعل لزينة وتدعيم للأنملة فلا تهن عند الشد على الشيء وإعانة للأصبع ليتمكن من لقط الأشياء الصغيرة ومن الحك والتنقية كذا ذكره أهل الفن
ووجدت في الأثر ما يدل عليه روى ابن أبي حاتم في تفسيره بسند صحيح عن ابن عباس قال
كان لباس آدم {صلى الله عليه وسلم} الظفر بمنزلة الريش على الطير فلما عصى سقط عنه لباسه وتركت الأظفار زينة ومنافع وروي أيضا عن السدى قال
كان آدم طوله ستون ذراعا فكساه الله تعالى هذا الجلد وأعانه بالظفر يحتك به
فرع
الدماغ أبيض رخو متخلخل من مخ وشريانات وأوردة وحجابين ورتب له المنخاران يستنشق بهما الريح لئلا ينتن قاله أهل الفن وسيأتي حديث يدل عليه
العين
(1/139)
العين سبع طبقات ملتحمة وهي جسم ينعطف من فضله الغشاء المسمى بالسحاق المنفرش على الجبهة الكائن منه الجفن يحتوي على العين يشدها ويربطها وقرنية وهي جسم ينعطف من الصلبية كشظاة من قرن لونها أبيض صاف فيها أربع قشور الخارجة باردة يابسة صلبة والداخلة فيها حرارة يسيرة واللتان في الوسط معتدلتان وعنبية وهي منعطف من المشيمة كنصف عنبة تجمع الرطوبة البيضية أن تسيل إلى خارج وعنكبوتية وهي جزء منعطف من الشبكية رقيق شبيه بالعنكبوت يستر الجلدية إلى نصفها ويغتذي بالفاضل عنها ويحجز بينها وبين البيضة ويمنعها من عللها ومشيمية وهي جزء من الغشاء الرقيق للعصب النابت من مقدم الدماغ يشتمل عليها اشتمال المشيمة على الجنين تلطف الدم وترفقه ليصلح غذاء للشبكية وشبكية وهي طبقة من العصب وعروق مختلطة وأوردة كشبكة الصياد تغذو والزجاجية وتوصل النور بواسطتها إلى الجلدية وصلبية وهي جزء من منفرش غشاء صلب نابت من مقدم الدماغ توقي العين من العظم الذي هي فيه لئلا تضرها صلابته وثلاث رطوبات بيضية وهي رطوبة تشبه بياض
البيض الرقيق قدام الطبقة العنكبوتية توقي الجلدية وتنديها وجدلية وهي رطوبة تشبه الجليد الجامد في وسط العين وهي أشرف أجزائها لأنها آلة الإبصار وكل ما في العين يخدمها وزجاجية وهي جسم أبيض كالزجاج الأبيض الذائب وسط الشبكية خلف الجلدية لتذوها
الأذن
(1/140)
الأذن من لحم وغضروف وعصب حساس وليس السمع فيها بل هو قوة في العصب المفروش على سطح باطن الصماخين بخلاف البصر فهو من المقلة وأمدت بالمرارة والعين بالملوحة لحكمة كما روى أبو نعيم في الحلية من طريق جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال إن الله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذاباتا وجعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب ما دخلت الرأس دابة إلا التمست الوصول إلى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج وجعل الحرارة في المنخرين يستنشق بها الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ وجعل العذوبة في الشفتين يجد بها طعم كل شيء ويسمع الناس حلاوة منطقه
اللسان من لحم رخو وردي أي يشبه لون الورد وإن تغير عنه لعارض وغضروف وشريان وغشاء له حسن وفي العصب المفروش على جرمه قوة الذوق وأمد بالريق ليتأتى له التقطيع والترديد في الكلام وليعين على وصول الطعام إلى المعدة
القلب
القلب مخروط صنوبري أي كهيئة الصنوبر قاعدته في وسط الصدور ورأسه مائل إلى الجانب الأيسر ولهذا يطول النوم عليه لأنه أهنى له لونه أحمر رماني من لحم وليف وغشاء صلب قال جالينوس وفيه تجويفان أيمن وأيسر والدم في الأيمن أكثر وهما عرقان يأخذان إلى الدماغ فإذا عرض للقلب
ما لا يوافق مزاجه انقبض فانقبض لانقباضه العرقان فيتشنج لذلك الوجه أو ما يوافقه انبسط فانبسطا لانبساطه قال وفيه عرق صغير كالأنبوبة مطل في شغاف القلب فإذا عرض له غم انقبض ذلك العرق فيقطر منه دم على شغافه فينعصر عند ذلك من العرقين دم يتغشاه فيكون ذلك عصرا على القلب حتى يتغشى ذلك القلب والروح والنفس والجسم كما يتغشى بخار الشراب الدماغ فيكون منه للسكر انتهى ومذهب أهل السنة أنه محل للعقل
فرع
(1/141)
فرع حجاب الصدر من لحم وعصب حساس المعدة ممستديرة من عصب ولحم وعروق يصل إليها الطعام فينهضم فيها بحرارتها مع ما حولها من الكبد والطحال والقلب فيصير كيموسا ومحلها فوق السرة ورد فيها حديث
المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة فإذا أصبحت المعدة صدرت العروق بالصحة وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم ابن جريج الرهاوي متروك وقيل أنه موضوع
الإمعاء جمع معي بالكسر والقصر أي المصارين عصبانية مضاعفة ذات حس من عصب وشحم ووريد وشريان
فرع الكبد من لحم وشريان ووريد وغشاء له حس يطبخ الكيلوس دما ويميز منه صفراوي وسوداوي ويغذي به سائر الجسد
المرارة جسم عصباني ملاصق للكبد وهي وعاء الصفراء
الطحال متخلخل كمدمن من لحم وشريان وغشاء له حس وهو وعاء السوداء ولا وعاء للبلغم ولا تنافي بين هذا المذكور في الكبد والطحال وبين الحديث السابق في علم التفسير
أحلت لنا ميتتان ودمان فسماهما دمين لأن المراد باللحم جامده ولا ينافيه ما ضم إليه فتأمل
فرع الكليتان كل واحدة منهما من لحم صلب قليل الحمرة وشحم كثير ووريد وشريان وغشاء له حس ومنهما يأتي البول كما سيأتي
المثانة بالمثلثة جسم عصباني مضاعف من وريد وشريان وهي وعاء البول موضعها بين العانة والدبر وعلى فمها عضلة تحيط بها تحبس البول إلى وقت الإرادة فإذا أريدت الإراقة استرخت عن تقبضها فضغطت عضل المثانة فانزلق البول وإنما يأتيها البول من الكليتين من عرقين يسميان الحالبين
الأنثيان من لحم أبيض دسم ووريد وشريان لإنضاح المني ولكل واحدة من الرجل عضلتان تحفظهما من الإسترخاء ومن المرأة عضلة لعدم بروزهما منها
(1/142)
الذكر رباطي من لحمل قليل وعصب وعروق وشريانان حساسان وله عضلتان بجانبيه إذا تمددتا استع المجرى وبسطتاه واستقام المنفذ وجرى فيه المني بسهولة وعضلتان بأصله تنبتان من عظم العانة إذا اعتدل تمددهما انتصب مستقيما أو اشتد انتصب إلى خلف أو امتد أحدهما مال إلى جهته
الرحم عصباني له عنق طويل في أصله أنثيان كذكر مقلوب موضعه بين المثانية والسرة ومنفعته قبول الجبل
خاتمة
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه خلق كل إنسان من بني آدم على ثلاثمائة وستين مفصلا فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرا عن طريق الناس أو شوكة أو عظما أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد الستين والثلاثمائة فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار
علم الطب
علم يعرف به حفظ الصحة أن تذهب وبرء المرض الحاصل والأصل فيه حيث تداووا الآتي آخر الباب وغيره وروى البزار عن عروة قال
قلت لعائشة إني أجدك عالمة بالطب فمن أين فقالت إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كثرت أسقامه فكانت أطباء العرب والعجم ينعتون له فتعلمت ذلك والأحاديث المأثورة في علمه {صلى الله عليه وسلم} بالطب لا تحصى وقد جمع منها
دواوين واختلف في مبدأ هذا العلم على أقوال كثيرة حكاها ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء والمختار وفاقا له أن بعضه علم بالوحي إلى بعض الأنبياء {صلى الله عليه وسلم} وسائرة بالتجارب لما روى البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام كان إذا قام يصلي رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك فتقول كذا فيقول لأي شيء أنت فتقول لكذا فإن كانت لدواء كتبت وإن كانت لداء كتبت وإن كانت لغرس غرست الحديث الأركان للعناصر أربعة نار وهواء وماء وتراب لأنه إن كان خفيفا بالإطلاق فالنار أو بالإضافة فالهواء أو ثقيلا بإطلاق فالتراب أو بالإضافة فالماء
(1/143)
الغذاء بالمعجمة وهو القوت جسم من شأنه أن يصير جزءا شبيها بالمغتذي فإنه إذا استقر في المعدة انهضم كما تقدم فيصير كيلوسا أي جوهرا سيالا يشبه ماء الكشك الثخين ثم ينجذب لطيفه فيجري في عروق متصلة بالإمعاء فيصل إلى العرق المسمى باب الكبد وينفذ في أجزاء صغيرة ضيقة بباب الكبد فيلاقيها بكليته فينطبخ فيعلوه شيء كالرغوة وهو الصفراء ويرسب فيه شيء وهو السوداء ويحترق شيء وهو البلغم والمستصفى هو الدم وبه تغتذي الأعضاء ويصير جزءا منها ويدل على أن الغذاء جزءا من المتغذي من الحديث قوله {صلى الله عليه وسلم} من
نبت لحمه من سحت فالنار أولى به رواه الطبراني
الخلط جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولا بالهضم الكبدي المذكور الأخلاط التي عرف جنسها أربعة دم فبلغم فصفراء فسوداء وعطفها بالفاء للإشارة إلى أن كلا أشرف مما يليه اشرفها الدم لأن به غذاء البدن ويليه البلغم لأنه دم بالقوة ثم الصفراء لأنها توافقه في كيفية والسوداء تخالفه في كيفيتين
الأسباب لكل مركب أربعة مادي وهو ما يحصل به إمكان الشيء وفاعلي وهو المؤثر في وجوده وصوري وهو الذي يجب عند حصوله اغائي
وهو ما لأجله وجوده كالسرير مثلا مادته الخشب وفاعله النجار وصورته الهيئة المعروفة وغايته الجلوس عليه
الأسنان أربعة النمو أي الزيادة وهي إلى نحو ثلاثين سنة فالوقوف وهي إلى نحو أربعين فالانحطاط مع بقاء القوة وهو إلى نحو ستين فضعفها أي فسن الإنحطاط مع الضعف وهو إلى آخر العمر ومنتهاه الطبيعي مائة وعشرون سنة
الأعضاء أجسام متولدة من كثيف الأخلاط كما تقدم ومنها مفرد وهو ما يشارك فيه الجزء الكل في الاسم كاللحم والعصب ومركب وهو بخلافه كاليد والوجه إذ لا يسمى جزء اليد يدا وجزء الوجه وجها ورئيسها القلب شرعا وطبا قال {صلى الله عليه وسلم}
(1/144)
ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وإذا ألا وهي القلب رواه الشيخان وتقدم أنه محل العقل فالدماغ يليه فالكبد فالأنثيان وأخر الان بذها بهما يذهب النوع وهو المنسل ويبقى الشخص بخلاف الثلاثة الأول ومرؤسها الرئة المهيئة للقلب والشرايين المؤدية عنه والمعدة المهيئة للدماغ والكبد والأعصاب المؤدية عن الدماغ والأوردة المؤدية عن الكبد والأعضاء المولدة للمني المهيئة للأنثيين والذكر المؤدي عنهما للرجل وعروق يندفع فيها المني للنساء وغيرها من الأعضاء لا رئيسية إذ لا تخدم ولا مروؤسة إذ لا تخدم
الروح
الروح نمسك عنها فلا نتكلم في حقيقتها اعترافا بالعجز عنها مخالفين الأطباء حيث خاضوا في ذلك لأن المصطفى {صلى الله عليه وسلم} لم يتكلم عليها وقد سأل عنها لعدم نزول الأمر ببيانها قال تعالى ) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ( أي علمه فلا تعلمونه
الصحة هيئة أي كيفية بدنية لا نفسانية تصدر الأفعال عنها لذاتها سليمة لا تغير فيها المرض هيئة بدنية غير طبيعية يصدر الأفعال عنها مؤوفة أي ذات آفة أي تغير صدورا أولا احتراز من الصدور لا مؤوفة لعارض لها لنفس الهيئة فليس مرضا و في إثبات الواسطة بين الصحة والمرض خلف وهو لفظي لأنا إن عنينا بالمرض كون الحي بحيث تختل جميع أفعاله وبالصحة كونه بحيث تسلم جميعها فالواسطة ثابتة قطعا وهو الذي يسلم بعض أفعاله دون بعض وفي بعض الأوقات دون بعض وإن عنينا كون الفعل الواحد في الوقت الواحد سليما أولا فلا واسطة قطعا
(1/145)
والآفة تغير في العضو أو بطلان له أو نقصان أجناس المرض ثلاثة أحدها سوء المزاج وإنما يعرض للأعضاء المتشابهة الأجزاء دون المركبة وثانيها فساد التركيب وتحته أربعة أنواع فساد الخلقة بأن يتغير الشكل عن مجراه الطبيعي كاعوجاج المستقيم وتربيع المسند وبالعكس أو المجاري بأن تنسد أو تضيق أوتتسع أو التجاويف بأن تصغر أو تخلو أو بالعكس وفساد الوضع كالانخلاع والزوال بدونه وتحركه لا على المجرى الطبيعي والإرادي أو عدمه وفساد المقدار بالزيادة كالورم أو النقصان كالضمور وفساد العدد بالزيادة كسلعة وأصبع أو النقص كنقصها
وثالثها تفرق الاتصال كالفك والفتق والجرح فالقصير الخطير من المرض حاد والحاد جدا ينقضي في أربعة أيام ودونه فيما بين التاسع والحادي عشر ودونه في أربعة عشر يوما والقليل الحدة فيما بعدها إلى سبعة وعشرين والطويل بأن جاوز الأربعين يوما مزمن وتشخيصه أي المرض أصل العلاج وإلا فمن عالج بلا تشخيص خطؤه أقرب من إصابته
الأسباب للأمراض ثلاثة لأن السبب إما بدني مولد بواسطة فالسابق كالإمتلاء للحمى أو بدني مولد بدونها فالواصل كالعفونة للحمى أو خارجي فالبادي كالغم والسهر وشدة الحركة للحمى
البخر إن تغير عظيم يحدث في المرض يفضي إلى صحة أو عطب
ويكون تارة بأن تقهر الطبيعة المرض وتدفعه بالتمام وهو الكامل وتارة بأن تقهره قهرأ تتمكن به من قهره بالتمام وهو الناقص وتارة بأن تدفعه عن القلب والأعضاء الرئيسة إلى بعض الأطراف وهو الانتقال وتارة بأن يستولي المرض فيفسد البدن به أو بآخر يكون الأول مهيأ له وهو الرديء
الأمور الضرورية
الأمور الضرورية ستة منها الهواء وهو أشدها احتياجا إليه وأفضله المكشوف للشمس لأنها المصلحة له إلا إذا فسد فسادا عاما فإن المكشوف حينئذ أقتل من المغموم والمحجوب
(1/146)
ومنها المأكول ويختلف حاله بالأمراض وأصلح الخبز المختمر النضيج التنوري البري لأن ما اجتمعت فيه الأوصاف المذكورة أخف على المعدة وأسرع للهضم والأصلح في الطاعون الشعير لأنه بارد يابس وأقل غذاء من البر والملائم للطاعون ما مال إلى البرد والجفاف وتخفيف المعدة إذا أقبل الأبدان له الرطبة وأبعدها منه الجافة
وأصلح اللحم الحدث الطري للطفه وكثرة غذائه وقبوله للهضم بخلاف ضده وأفضله الضأن وأطيبه لحم الظهر فقد روى النسائي وابن ماجة حديث
أطيب اللحم لحم الظهر وروى ابن ماجة أيضا حديث
سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم
وأصلح البقول الخس لأنه أغذاها ومنها المشروب وأفضله الماء الخفيف الصافي الحلو البارد السريع البرودة والسخونة للطاقة جوهره الجاري على طين المسيل لا حماة ولا سبخة ويليه الصخر من علو إلى أسفل في جهة المشرق في أودية عظيمة مكشوفة للشمس والرياح بخلاف ما فقد صفة من هذه الأوصاف فإنه يورث أمراضا بحسب تلك الصفة كالسدد في الكدر والهزال والتجفيف في المالح وضعف المعدة في السخن والطحال وغيره في الراكد وقد روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان أحب الشراب إلى رسول
الله {صلى الله عليه وسلم} الحلو البارد وروينا في المائتين للصابوني حديث سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الغاغية
ووقته أي الشرب بعد ذوب الأغذية وأقله ساعة وشيء وأكثره ثلاث من الساعات الزمانية فإن أكل حريفا أو مالحا أو حارا أو يابسا وجب الشرب معه أي الأكل فضلا عن أن يكون بعده وقد صح أنه {صلى الله عليه وسلم} أكل رطبا وشرب عقبة الماء والرطب جار
(1/147)
ومنها الحركة والسكون افضلهما المعتدل فإن المفرط منهما يبرد ويجفف ومنها اليقظة والنوم وأجوده المعتدل المصتل الليلي الواقع بعد الهضم بخلاف النهاري فهو رديء ثم تركه لمن يعتاده بلا تدريج أردأ وأردأ منه التململ من سهر ونوم والزائد على الاعتدال أو الناقص عنه مذموم شرعا وطبا وعقلا وعرفا دليل الشرع في الزائد حديث
يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان وحديث
ذكر عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} رجل نام حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في أذنه رواهما الشيخان وفي النقص قوله عليه السلام
نم وقم فإن لجسدك عليك حقا وقوله
إني أنام وأقوم رواهما أيضا الشيخان
ودليل الطب في الزيادة إحداث بلادة القوي النفسانية والأمراض الباردة وفي النقص إحداث أمراض حادة وإحراق الأخلاط واختلاط العقل
النبض حركة أوعية الروح مؤلفة عن انبساط وانقباض لتدبيرها أي الروح بالنسيم المستنشق
في فصول السنة
تدبير الفصول الأربعة
الربيع وهو اسم لربع محيط منطقة فلك البروج أولها أول الحمل وآخرها
آخر الجوزاء تدبيره الفصد والإسهال عادة أو حاجة لهيجان الأخلاط فيه الصيف وهو من أول السرطان إلى آخر السنبلة تدبيره إنقاص الغذاء لضعف الهضم فيه بتوجه الحرارة إلى الظاهر وبرد الجوف لا تركه لأنه يؤدي إلى الذبول لأنه مفرط التحليل وترك الرياضة لأنها محللة وهو كذلك فيكثر التحليل وهي أي الرياضة حركة إرادية تحوج إلى التنفس العظيم كالمصارعة والمعالجة وركض الدابة وركوب السفينة
الخريف وهو من أول الميزان إلى آخر القوس تدبيره ترك المجفف لكثرة الجفاف فيه
الشتاء وهو من أول الجدي إلى آخر الحوت تدبيره الرياضة لجمود الأخلاط فيه فتحللها والتبسط في الغذاء لقوة الهاضمة فيه بحرارة الجوف
(1/148)
الطفل تدبيره يملح بأن يدهن بزيت وملح ما خلا فمه وأنفه ليسخن بدنه ويصلب و يغسل بفاتر لتحلل الفضلات التي احتست بالتمليح بخلاف الحار والبارد لتأذيه بهما ويقطر في عينيه زيت للتقويم وحفظ الصحة وينوم في معتدل هواء حذرا من تضرره بالحر والبرد لسرعة انفعاله وتأثره مائل إلى الظلمة حذرا من تفرق بصره بشدة النور لقرب عهده بظلام الجوف ومن ضعفه عن ملاقاة الضوء بشدة الظلمة ويتحفظ في تقميطه على شكله بأن يكون برفق لئلا يفسد بشدة لرطوبة أعضائه وشدة قبولها ويرضع من غير أمه في النفاس لتكدر لبنها في مدته وإلا فلبن الأم لا يعادله شيء وعلاجه بعلاج المرضع له لأن بدنه لا يتحمل العلاج ويتأثر بأدنى شيء ولا حاجة بالصبي طفلا أو فوقه إلى استفراغ لأن أبدان الصبيان في غاية الرطوبة فلا فضل لهم يحتاج إليه ولأنهم في زمن النمو فلا يفضل عنه فضل يحتاج إليه فلا يخرج له دم وإن احتاج إليه لكثرته وسيأتي أنه لا يفصد قبل أربعة عشر سنة
الشيخ
الشيخ تدبيره استعمال المرطب المسخن ليبس مزاجه وبرده والأدهان لترطيبه وروى الترمذي حديث
كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من
شجرة مباركة وحديث
ثلاث لا ترد الوسائد والدهن واللبن وحديث
أنه {صلى الله عليه وسلم} كان يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته كأن ثوبه ثوب زيات وروى الشيرازي في الألقاب بسند واه من حديث أنس مرفوعا
سيد الأدهان البنفسج
وشم المعتدل من الروائح لتعديله مزاج الروح والنوم في الأحايين المتفرقة ولو بالاستجلاب لترطيبه وتفرقة الغذاء على الأوقات وتقليله لضعف هضمه فروعي ليحصل له استمرار الأغذية وعدم الخلو عنها الموجب لإفراط التحليل
سوء المزاج وهو خروجه عما ينبغي أن يكون عليه المادي منه تدبيره بالإستفراغ لمادته إذ هي المودلة له وغيره بالتبديل وهو العلاج بالضد بالتبريد في الحار والتسخين في البارد والترطيب في اليابس والتجفيف في الرطب
(1/149)
الفصد تفريق اتصال يعقبه استفراغ كلي فخرج بالتفريق الرعاف وبما بعده الحجامة ولا يفصد أحد قبل أربعة عشر سنة ويحجم في السنة الثالثة ولا يحجم بعد الستين ويفصد بعدها ومنفعته إزالة الامتلاء ومنع حدوث مرض مترتب عليه لو بقي وهو أولى المستفرغات لأنه يستأصل المادة
قانون
قانون يقدم الأهم من الأمراض في المعالجة عند الاجتماع ووالتضاد ولا يعالج إلا المطيع لأنه بامتثاله يظهر فيه ثمرة العلاج بخلاف العاصي وقد كره الفقهاء إكراه المريض على الدواء وكل داء له دواء إلا السام أي الموت والهرم روى الحاكم وغيره عن أسامة بن شريك قال
قالوا يا رسول الله هل علينا جناح أن لا نتداوى قال تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء وفي لفظ
إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم وروى البخاري حديث
ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء وفي لفظ
إلا أنزل له الدواء
وروى البزار من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه
ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء علم ذلك من علمه وجهل ذلك من جهله الا السام قالوا يا نبي الله وما السام قال الموت قال الموفق البغدادي الداء خروج البدن أو العضو عن اعتداله بإحدى الدرج الأربع ولا شيء منها إلا وله ضد وشفاء الضد بضده وإنما يتعذر استعماله للجهل به أو فقده أو موانع أخر وأما الهرم فهو اضمحلال طبيعي وطريق إلى الفناء ضروري فلم يوضع له شفاء
والموت أجل مكتوب لا يزيد ولا ينقص وفي كل شيء دواء إلا الخمر أما الأول فلحديث البزار عن ابن عباس السابق أو الفن وأما الثاني فلما رواه مسلم
أن طارق بن سويد سأل النبي {صلى الله عليه وسلم} عن الخمر فنهاه فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنها ليست بدواء ولكنها داء وفي لفظ
(1/150)
إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ولذلك كان الأصح عندنا تحريم التداوي بها وقال السبكي في قوله تعالى ) يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ( كان ذلك قبل التحريم فلما حرمت سلبت المنافع
وكل مصح أو ممرض فبقدر الله تعالى يفعله عنده أو به خلاف بين أهل السنة ورجح الغزالي والسبكي الثاني وروى الترمذي وابن ماجة حديث
سأل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أرأيت أدوية نتداوى بها ورقي نسترقي بها هل ترد من قدر الله تعالى شيئا قال هي من قدر الله تعالى
خاتمة
قال ابن جماعة ينبغي أن يكون الطبيب صدوقا عدلا صاحب ذكاء وحذق ومهارة وصبر ونصيحة ومعلم الطب ينبغي أن يكون كذلك بعد استكماله في صناعة الطب والمتعلم بها ينبغي أن يكون خبيرا ذكيا انتهى ويجوز أن يطبب الرجل المرأة وبالعكس بشرط فقد الجنس وحضور محرم أو نحوه ويسن التداوي فإن تركه توكلا ففضيلة وإطعام المريض ما يشتهيه ويكره الدعاء
بالضر وتمني الموت لأجله وله تعالى إيلام الأطفال والدواب لأنهم ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء وليس يصيب المؤمن من وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه أو رفع بها درجات كما صح بذلك الحديث
علم التصوف
حده كما قال الغزالي رحمه الله تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه ولذلك سمي به أخذا من الصفاء لتصفيته للقلوب كما قيل
وليس يشهر بالصوفي غير فني
صافي فصوفي حتى سمي الصوفي
وحددته دون علمه بخلاف العلوم السابقة لأن صاحبه أحوج إلى حده منه إلى حد علمه لعدم اعتنائه بذلك الذي هو شأن المدققين في الظواهر إذا عرفت المقصود من التصوف فراقب الله تعالى في جميع حالاتك أي اتقه بحيث إنك تراقبه أي تنظر إليه فإنك أن لم تكن تراه فإنه يراك وذلك بأن تبدأ بفعل الفرائض التي افترضها عليك وترك المحرمات عليك كبيرها وصغيرها ثم بفعل النوافل وترك المكروهات ففي التحديث عن الله تعالى
(1/151)
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه رواه البخاري وليكن اهتمامك بترك المنهي أشد من فعل المأمور لأن الأول كف وهو أسهل من الفعل ومن قواعد الشرع أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح ولهذا قيل إن لم تطق أن تعبد الله فلا تعصه
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم علق المأمور على الإستطاعة دون المنهي لسهولة الاجتناب لكن في معجم الطبراني من حديثه
إذا أمرتكم بشيء فائتوه وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم وعندي أن هذه الرواية مقلوبة ورواية الصحيحين أثبت
وأنت في المباح بالخيار بين الفعل والترك وإن نويت به الطاعة كالجلوس في المسجد للاستراحة مضموما إليه نية الاعتكاف أو التوصل إليها كالأكل للقوة على العبادة أو الكف عن الحارم كالجماع لكسر الشهوة حذرا من الوقوع في الزنا فحسن يثاب عليه وفي الأخير حديث مسلم
وفي بضع أحدكم صدقة فقيل أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر فقال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر
وأعتقد بعد مراعاة ما سبق إنك مقصر فيما أتيت به وأنك لم توف من حق الله عليك مثقال ذرة كيف وإقداره إياك على ما أتيت به نعمة منه يجب عليك شكرها وفي مسند أحمد حديث
لو أن رجلا يخر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة وأعتقد أنك لست بخير من أحد ولو كان بحسب الظاهر من كان فإنك لا تدري ما الخاتمة لك وله وقد قال {صلى الله عليه وسلم}
(1/152)
إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة رواه الشيخان
وسلم لأمر الله تعالى وقضائه معتقدا أنه لا يكون إلا ما يريد هو لا ما تريد أنت ولو حرصت ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة استعن بالله ولا تعجزن وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء الله فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان وإياك إن تراقب أحوال الناس أو تراعيهم فينسد عليك أبواب كثيرة من الخير إلا بما ورد به الشرع من المداراة والقول السالم من الإثم والشر والصفح واستحضر في نفسك ثلاثة أصول تعينك على ما تقدم من الوصاية الأول أن لا نفع ولا ضرر إلا منه تعالى وأنه قدر لك رزقا ونفعا وشدة وضررا في الأزل وأصلا إليك لا محالة وإن جرى على يدي شخص فبتقديره تعالى كما قال تعالى في كتابه العزيز ) وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله (
) وقال تعالى ) وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
إحفظ الله يحفظك إحفظ الله تجده أمامك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف رواه الترمذي وصححه فإذا استحضرت هذا الأصل هان عليك ترك مراعاة الناس إذ لا معنى لها حينئذ
الثاني أنك عبد مرموق ولا تصرف لك في نفسك وأن مولاك ومالك له التصريف فيك كيف شاء كما هو شأن المالك في مملوكه وأنه يقبح عليك أن تكره ما يفعله بك مولاك الذي هو أشفق عليك وارحم بك من نفسك ووالديك ففي الحديث
(1/153)
الله أرحم بالمؤمن من المرأة بولدها وإنه أحكم الحاكمين في فعله كما أخبر بذلك في كتابه وأنه لم يرد بذلك الواصل إليك من الضرر إلا صلاحك ونفعك من التكفير لخطاياك والترفيع لدرجاتك قال {صلى الله عليه وسلم}
لا يصيب المؤمن نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته رواه الشيخان فإذا استحضرت هذا الأصل هان عليك التسليم للقضاء
الثالث أن الدنيا زائلة فانية والآخرة آتية باقية وأنك في الدنيا مسافر ولا بد أن ينتهي سفرك وتصل إلى دارك فتستقر بها وتنال الراحة واللذة والاجتماع بالأحباب الذي سبقوك في السفر فاحتمل مشقات السفر الذي ينقطع عن قريب بالصبر على الطاعة وعن المعصية وعلى شديد المعيشة ونحوها واجتهد في عمارة دارك التي هي مسكنك بالحقيقة وإصلاحها وتزيينها بالإكثار من العبادات في هذا الأمد القليل لتتمتع بها دهرا مديدا بلا نصب فإذا استحضرت هذا الأصل هانت عليك المراقبة السابقة وتشبيه الدنيا بالسفر مأخوذ
من حديث ابن مسعود
نام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك فقال مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها رواه الترمذي
والمؤمن حقا وأي الكامل في إيمانه من كملت فيه شعب الإيمان ومن نقصت منه واحدة منها نقص من إيمانه بحسبها وقد أجمع السلف على أن الإيمان يزيد وينقص وزيادته بالطاعات ونقصانه بالمعاصي وهي أي شعب الإيمان كما في الحديث
بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة رواه الشيخان هكذا على الشك من حديث أبي هريرة ورواه أصحاب السنن الثلاثة بلفظ
بضع وسبعون بلا شك وأبو عوانة في صحيحه بلفظ
ست وسبعون أو سبع وسبعون والترمذي بلفظ
(1/154)
أربع وستون وقد تكلف جماعة عدها بطريق الإجتهاد وأقربهم عدا ابن حبان حيث ذكر كل خصلة سميت في الكتاب أو السنة إيمانا وقد تبعه شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في شرح البخاري وتبعناهما وذلك الإيمان بالله وصفاته وحدوث ما دونه والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر والإيمان باليوم الآخر أي القيامة لأنه آخر الايام ويشمل البعث والحساب والجنة والنار والحوض والصراط والميزان قال {صلى الله عليه وسلم}
الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره رواه الشيخان وفي لفظ لمسلم
والجنة والنار والبعث بعد الموت وروى الترمذي وغيره حديث
لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه
ومحبة الله والحب والبغض فيه ومحبة النبي {صلى الله عليه وسلم} روى الشيخان عن أنس
أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله الحديث وروي أبو داود والترمذي حديث
الحب في الله والبغض في الله من الإيمان وفي مسند أحمد
أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله
واعتقاد تعظيمه وفيه الصلاة عليه وقد خاطب الله تعالى المؤمنين بالثانية ومعنى الأولى قال الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ( وقال ) يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( ) يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( وذلك تعظيما له واتباع سنته قال {صلى الله عليه وسلم}
لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئتكم به رواه الأصبهاني في الترغيب ورواه الحسن بن سفيان بلفظ
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به وإسناده حسن وقال {صلى الله عليه وسلم} وإسناده حسن وقال {صلى الله عليه وسلم}
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة رواه الترمذي وابن ماجة
والاخلاص قال {صلى الله عليه وسلم}
(1/155)
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن إخلاص إالعمل لله وطاعة ذوي الأمر ولزوم الجماعة رواه أحمد وصححه الحاكم وغيره ومعنى لا يغل لا يحقد عليهن أي لا يكون بينه وبينهن عداوة وفيه ترك الرياء والنفاق روى ابن ماجة عن شداد بن أوس مرفوعا أن أخوف ما أخاف على أمتي الإشراك بالله أما إني لست أقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله وشهوة خفية وفي لفظ عنه عند غيره
كنا نعد الرياء على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الشرك الأصغر وقد فسر الشرك في قوله تعالى ) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ( بالرياء والنفاق إخفاء الكفر وإظهار الإسلام
والتوبة قال تعالى ) وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ( والخوف قال {صلى الله عليه وسلم}
إن من أفضل إيمان العبد أن يعلم أن الله معه حيث كان رواه البيهقي في شعب الإيمان في هذا الباب والطبراني في الأوسط وروى الأصبهاني في ترغيبه من حديث معاذ
إن المؤمن لا يأمن قلبه ولا تسكن روعته
والرجاء لوصف الله تعالى ضده بالكفر قوله تعالى ) إنه لا ييأس من روح الله ( أي رحمته ) إلا القوم الكافرون ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
حسن الظن من حسن العبادة رواه أبو داود والترمذي وقال
أفضل العبادة انتظار الفرج رواه البيهقي
والشكر فإن الله تعالى قابله بالكفر حيث قال عز وجل ) ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد ( وروى أبو داود حديث
من أعطى عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن اثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره وفي مسند الفردوس حديث
الايمان نصفان نصف في الصبر ونصف في الشكر
والوفاء قال تعالى ) يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ( وقال سبحانه وتعالى ) وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
حسن العهد من الإيمان رواه الترمذي وغيره والصبر والرضا بالقضاء ومنه اليقين قال {صلى الله عليه وسلم} الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله رواه البيهقي في الزهد وغيره وصححوا وقفه على بن مسعود وروى البزار حديث
(1/156)
خمس من الإيمان من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له التسليم لأمر الله والرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتوكل على الله والصبر عند الصدمة الأولى وقال {صلى الله عليه وسلم}
من سعادة ابن آدم استخارة الله ورضاه بما قضى الله ومن شقاوته ترك استخارة الله وسخطه بما قضى الله رواه الترمذي
والحياء قال {صلى الله عليه وسلم}
الحياء شعبة من الإيمان رواه الشيخان والتوكل قال الله تعالى ) وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( وقد عد في حديث البزار المذكور قريبا من الإيمان وقال {صلى الله عليه وسلم}
الطيرة شرك وما منا الإ أن الله يذهبه بالتوكل وقال الرقي والتمائم والتولة شرك قال العيافة والطيرة والطرق من الجبة رواهما
أبو داود وغيره والتميمة ما يعلق على الصغير
والتولة ما يجب الرجل في امرأته والعيافة التكهن والطرق الضرب بالحصا والحط في التراب والجبت السحر
والرحمة قال {صلى الله عليه وسلم}
لا تنزع الرحمة إلا من شقي رواه البخاري في الأدب وغيره وقال
من لا يرحم الناس لا يرحمه الله رواه الشيخان وقال
لا يدخل الجنة إلا رحيم قيل يا رسول الله كلنا يرحم قال ليس أن يرحم أحدكم صاحبه إنما الرحمة أن يرحم الناس رواه البزار
والتواضع وفيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك الكبر والعجب قال {صلى الله عليه وسلم}
لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان رواه مسلم وقال
من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا رواه البخاري في الأدب وأبو داود والترمذي وفي لفظ له
ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر وفي لفظ عند أحمد
ليس من أمتي من لم يجعل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا وروى الطبراني حديث
ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم وامام مقسط وروى أيضا
ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وروى الحاكم وغيره أحاديث
(1/157)
أهل النار كل جعظري جواظ مستكبر وما من رجل يتعظم في نفسه ويختال في مشيته إلا لقي الله وهو عليه غضبان ويقول الله تعالى < الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما أدخلته جهنم > وفي لفظ قصمته
وترك الحسد وترك الحقد قال {صلى الله عليه وسلم}
الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب رواه أبو داود وقال
لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا رواه مسلم وقال
دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي حالقة الدين لا حالقة الشعر رواه الترمذي وقال
إن النميمة والحقد في النار لا يجتمعان في قلب مسلم رواه الطبراني وقال
لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه رواه أحمد
وترك الغضب قال {صلى الله عليه وسلم} أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم
خلقا صححه الحاكم وروى الأصبهاني في الترغيب حديث
لا يستكمل العبد الإيمان حتى يحسن خلقه ولا يشفي غيظه وقد قال {صلى الله عليه وسلم} لمن قال له أوصني
لا تغضب رواه البخاري
والنطق بالتوحيد ففي حديث الشعب السابق
أرفعها قول لا إله إلا الله وروي أحمد وغيره حديث
جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله كيف نجدد إيماننا قال أكثروا من قول لا إله إلا الله وتلاوة القرآن قال تعالى ) ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه رواه مسلم
وسئل أي الأعمال أفضل فقال
الحال المرتحل قيل وما هو قال
صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره وفي آخره حتى يبلغ أوله وقال
أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن رواهما البيهقي
وروى أحمد وغيره حديث
أهل القرآن هم أهل الله وخاصته
وتعلم العلم وتعليمه قال {صلى الله عليه وسلم}
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين رواه الشيخان
وقال خصلتان لا يجتمعان في منافق حسن سمت وفقه في الدين رواه الترمذي وقال
لكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه رواه الطبراني وقال
طلب العلم فريضة على كل مسلم وقال
تكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا إلا من أحياه الله بالعلم رواهما ابن ماجه وقال
(1/158)
من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار رواه الترمذي وصححه الحاكم
والدعاء قال {صلى الله عليه وسلم}
الدعاء هو العبادة ثم قرأ هذه الآية ) ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ( الآية رواه الشيخان
والذكر وفيه الإستغفار واجتناب اللغو قال {صلى الله عليه وسلم}
أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله رواه أحمد والبيهقي وقال تعالى في صفات المؤمنين ) وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ( وهو شامل لكل كلام فاحش كالنميمة والغيبة والكذب واللعن والطعن والفحش في القول وقد تقدم حديث الطبراني في النميمة وفي الصحيحين
لا يدخل الجنة نمام وقال تعالى في الغيبة ) ولا يغتب بعضكم بعضا ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب رواه أحمد وقال
ليس بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء وقال
الحياء والغي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق رواهما الترمذي وغيره وصححهما الحاكم وفي الصحيحين
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
والتطهر حسا بالوضوء والغسل وإزالة النجاسة وحكما بإزالة الشعر والظفر والريح الكريه والختان وفيه اجتناب النجاسات قال {صلى الله عليه وسلم}
الطهور شطر الإيمان رواه مسلم وفي لفظ عند النسائي وابن ماجة
إسباغ الوضوء وقال
لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن وصححه ابن حبان وقال
الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط رواه الشيخان وقال
إن الله طيب نظيف يحب النظافة فنظفوا أفنيتكم رواه الترمذي وابن ماجة ولفظه
تنظفوا فإن الإسلام نظيف
وستر العورة قال {صلى الله عليه وسلم}
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار رواه الترمذي وغيره وروى أيضا عن معاوية بن حيدة قال
قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك فقال الرجل يكون مع الرجل فإن استطعت أن لا يراها أحد فأفعل قال فالرجل يكون خاليا قال الله أحق أن يستحيا منه
(1/159)
والصلاة فرضا ونفلا والزكاة كذلك روى الشيخان وغيرهما عن ابن عباس أنه {صلى الله عليه وسلم} قال لوفد عبد القيس
أتدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وروي عن ابن عمر أنه {صلى الله عليه وسلم} قال
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم وقال {صلى الله عليه وسلم}
إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة رواه مسلم وفي لفظ
العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر صححه الحاكم وروى الطبراني حديث إن للإسلام صوى وعلامات كمنار الطريق ورأسه وجماعه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتمام الوضوء وفي صحيح مسلم
الصلاة نور والصدقة برهان أي دليل على إيمان صاحبها
وفك الرقاب قال تعالى ) ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ( إلى قوله وفي الرقاب وروى الشيخان حديث
من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجها بفرجه
والجود روى أحمد عن عمرو بن عبسة
قال قلت يا رسول الله ما الإيمان قال الصبر والسماحة وروى أبو علي مثله عن جابر وروى من حديث أنس
ما محق الإسلام محق الشح شيء وروى الترمذي حديث
خصلتان لا تجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق
وفيه الإطعام للطعام والضيافة ففي الصحيحين
أن رجلا سأل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف وفيه
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
والصيام فرضا ونفلا قال {صلى الله عليه وسلم}
بني الإسلام على خمس
شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت رواه الشيخان وقال
أسهم الإسلام ثلاثة الصلاة والصوم والزكاة رواه أحمد وروي أيضا من حديث جرير
(1/160)
أن رجلا قال يا رسول الله ما الإيمان قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت وروى أبو يعلى حديث
عري الإسلام وقواعد الدين ثلاثة من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان وفي صحيح مسلم
الصيام جنة أي وقاية من النار
والإعتكاف روى ابن حبان في صحيحه وغيره حديث إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان فإن الله يقول ) إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ( الآية
والتماس ليلة القدر أي طلبها في ليالي رمضان بإحيائها للأمر به في الأحاديث الصحيحة وفي الصحيحين
من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومذهبنا اختصاصها بالعشر الأخير وبأوتاره
والحج والعمرة فرضا ونفلا قال تعالى ) وأتموا الحج والعمرة لله ( وتقدم في حديث
بني الإسلام على خمس عدا الحج منها وروى البزار وغيره حديث
الإسلام ثمانية أسهم الإسلام سهم والصلاة سهم والزكاة سهم وحج البيت سهم والصيام سهم والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم والجهاد في سبيل الله سهم وقد خاب من لا سهم له وروى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري
إن الله تعالى يقول إن عبدا صححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يغدوا إلي محروم والطواف لأنه بمنزلة الصلاة بل فضله قوم عليها وفي المستدرك حديث
الطواف بالبيت صلاة والفرار بالدين وفيه الهجرة من دار الكفر والفسق
روى أحمد عن عمرو بن عبسة قال
قال رجل يا رسول الله أي الإيمان أفضل قال الهجرة وقال الهجرة قال أن تهجر السوء قال فأي الهجرة أفضل قال الجهاد
والوفاء بالنذر قال تعالى ) يوفون بالنذر ( والتحري في الإيمان بحفظها والحلف بما يجوز الحلف به قال تعالى ) واحفظوا أيمانكم ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
(1/161)
من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امريء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان رواه الشيخان وقال
من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم
وأداء الكفارات لأنها من الأمانة إذ هي من حقوق الله تعالى وفي حديث الصحيحين
دين الله أحق بالقضاء والتعفف بالنكاح قال {صلى الله عليه وسلم}
يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وقال
اني أنام وأقوم وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني رواهما الشيخان وروى الترمذي وغيره حديث
أربع من سنن المرسلين الختان والتعطر والسواك والنكاح
والقيام بحقوق العيال قال {صلى الله عليه وسلم} أبدأ بمن تعول رواه الشيخان وقال أفضل الدينار دينار ينفقه الرجل على عياله رواه مسلم وقال
كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول رواه أبو داود وعند مسلم معناه
وبر الوالدين قال تعالى ) وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ( الآيتين وروى الشيخان عن ابن مسعود قال
قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الصلاة لوقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله وروى الترمذي وغيره حديث
رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد
وتربية الأولاد قال {صلى الله عليه وسلم}
من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة رواه البخاري في الأدب وروى أبو داود والترمذي حديث
من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة وروى الترمذي حديث
لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع وحديث
ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن وروى البخاري في الأدب عن ابن عمر أنه قال
إنما سماهم الله الأبرار لأنهم بروا الآباء والبنين كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لودك عليك حق
(1/162)
لطيفه من قواعد الشرع أن الوازع الطبيعي يغني عن الوازع الشرعي مثاله شرب البول حرام وكذلك الخمر ورتب الحد على الثاني دون الأول لنفرة النفوس منه فوكلت إلى طباعها والوالد والولد مشتركان في الحق وبالغ الله تعالى في كتابه العزيز في الوصية بالوالدين في مواضع دون الولد وكولا إلى الطبع لأنه يقضي بالشفقة عليه ضرورة
وصلة الرحم قال {صلى الله عليه وسلم} لا يدخل
الجنة قاطع رحم رواه الشيخان وطاعة السادة روى البخاري وغيره حديث
إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله الأجر مرتين والرفق بالعبيد قال {صلى الله عليه وسلم}
إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه رواه الشيخان وقال {صلى الله عليه وسلم}
لا يدخل الجنة سيء الملكة وسأله رجل
كم أعفو عن الخادم فقال كل يوم سبعين مرة رواهما الترمذي وغيره وروى البخاري في الأدب وغيره عن علي
كان أخر كلام النبي {صلى الله عليه وسلم}
الصلاة واتقوا الله فيما ملكت أيمانكم وروى الحاكم وغيره حديث
أكمل المؤمنين أيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله
والقيام بالأمر مع العدل لأنها من مصالح الأمة وقال تعالى ) وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( وفي الصحيحين حديث
سبعة يظلهم الله في ظل عرشه إمام عادل إلى آخر الحديث وروى البزار حديث
للإسلام علامات كمنار الطريق شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحكم بكتاب الله وطاعة النبي الأمي {صلى الله عليه وسلم} والتسليم على بني آدم ومتابعة الجماعة ففي الحديث السابق
ولزوم الجماعة وروى الترمذي والنسائي حديث
آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع وطاعة أولي الأمر قال الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( وفي الحديث السابق
وطاعة أولي الأمر وروى أبو داود وغيره حديث
(1/163)
أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ولو لعبد حبشي وروى الطبراني بسند ضعيف
الإسلام عشرة أسهم شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة والثانية الصلاة وهي الفطرة والثالثة الزكاة وهي الطهرة والرابعة الصوم وهي الجنة والخامسة الحج وهي الشريعة والسادسة الجهاد وهي العروة والسابعة الأمر بالمعروف وهي الوفاء والثامنة النهي عن المنكر وهي الحجة والتاسعة الجماعة وهي الإلفة والعاشرة الطاعة وهي العصمة
والإصلاح بين الناس وفيه قتال الخوارج والبغاة قال تعالى ) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ( الآيتين والمعاونة على البر قال الله تعالى ) وتعاونوا على البر والتقوى ( وفيه الأمر بالمعروف والنيهى عن المنكر ومر في الأحاديث وروى مسلم حديث
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وإقامة الحدود قال تعالى ) ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (
) وقال {صلى الله عليه وسلم}
إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد رواه الشيخان وقال
إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله وقال
أقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم رواه بن ماجه
والجهاد وتقدم في عدة أحاديث وفيه المرابطة قال {صلى الله عليه وسلم}
كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر رواه الترمذي
وأداء الأمانة قال الله تعالى ) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ( وقال {صلى الله عليه وسلم}
لا إيمان لمن لا أمانة له رواه أحمد وقال
المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم صححه الحاكم وتقدم حديث
يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة وروى الطبراني حديث
ناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله
(1/164)
ومنها الخمس من المغنم كما سبق في حديث الشيخين والقرض لأنه إعانة على كشف كربة مع وفائه لأنه من الأمانة وفي صحيح مسلم حديث
خياركم أحسنكم قضاء وإكرام الجار قال {صلى الله عليه وسلم} من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره رواه الشيخان وروى الترمذي حديث
أحسن إلى جارك تكن مؤمنا وحسن المعاملة وتقدم في حديث
المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وفيه جمع المال من حله قال {صلى الله عليه وسلم}
إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق رواه الترمذي وصححه وابن ماجه وقال {صلى الله عليه وسلم}
أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله وأجملوا في الطب خذوا ما حل ودعوا ما حرم رواه ابن ماجة
وإنفاق المال في حقه وفيه ترك التبذير والسرف قال {صلى الله عليه وسلم}
إن الله كره لكم إضاعة المال رواه الشيخان وقال ابن عباس في قوله تعالى ) وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ( قال في غير إسراف ولا تقتير وفي قوله تعالى ) ولا تبذر تبذيرا ( الآية التبذير إنفاق في غير حق رواهما البخاري في الأدب
ورد السلام قال تعالى ) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( وفي الأحاديث الصحيحة الأمرية وورد عدة من الإيمان في حديث البزار
ثلاث من الإيمان الإنفاق من الإقتار وبذل السلام والإنصاف من نفسك ورواه الطبراني بلفظ
من جمعهن فقد جمع الايمان
وتشميت العاطس قال {صلى الله عليه وسلم}
حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وتشميت العاطس الحديث رواه الشيخان وفي لفظ لمسلم
حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا عطس فحمد الله فشمته الحديث وروى البخاري حديث
إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله
وكف الضرر عن الناس قال {صلى الله عليه وسلم}
لا ضرر ولا ضرار رواه الدارقطني وغيره واجتناب اللهو قال {صلى الله عليه وسلم}
لست من دد ولا الدد مني وقال
(1/165)
الأشرة شر وقال ابن عباس في قوله تعالى ) ومن الناس من يشتري لهو الحديث ( قال الغناء وأشباهه رواهما البخاري في الأدب في باب اللهو والدد اللهو والباطل والأشرة العبث
وروى ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي حديث
الغناء ينبت النفاق في القلب وفي مسند البزار بسند صحيح
عليكم بالرمي فإنه من خير لهوكم وفيه أيضا بسند صحيح كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو سهو ولغو إلا أربعا
مشى الرجل بين العرضتين وتأديبه فرسه وملاعبته أهله وتعليمه السباحة وعند ابن ماجة نحوه
وإماطة الأذى عن الطريق قال {صلى الله عليه وسلم}
الإيمان بضع وستون أو سبعون شبعة فأرفعها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق رواه مسلم
خاتمة
العلم أساس العمل فلا يصح عمل بدون وهو أي العمل ثمرته أي العلم فلا ينفع علم بلا عمل بل يضر وقليله أي العمل معه أي العلم خير من كثيره مع جهل لأن من عمل بلا علم كان فساده أكثر من صلاحه فمن ثم أي من أجل ذلك كان العلم كما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه
أفضل من صلاة النافلة لأنه فرض عين أو كفاية والفرض أفضل من النقل لحديث البخاري السابق أول التصوف وقد قال {صلى الله عليه وسلم}
فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وقال
فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رواهما الترمذي وغيره وقال
فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة رواه الحاكم وفي لفظ عند الطبراني
قليل العلم خير من كثير العبادة وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله وكفى بالمرء جهلا إذا أعجب برأيه وفي لفظ عنده
يسير الفقه خير من كثير العبادة وفي صحيح مسلم حديث
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به الحديث وفي لفظ لابن ماجة
إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما نشره وكان {صلى الله عليه وسلم} يدعو
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع رواه الحاكم وغيره وقال
كل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به رواه الطبراني
(1/166)
وأفضله أصول الدين لتوقف أصول الإيمان أو كماله عليه فالتفسير لتعلقه بكلام الله تعالى أشرف الكلام فالحديث لتعلقه بكلام النبي {صلى الله عليه وسلم} فالأصول وقدم على الفقه لشرف الأصل على الفرع فالفقه
أشرف من غيره للأحاديث السابقة فيه فالآلات من النحو والصرف واللغة والمعاني وغيرها على حسبها أي قدرها في الحاجة إليها فالطب يليها في الفضيلة وهو من فروض الكفاية أيضا صرح به في الروضة وغيرها
وتحرم علوم الفلسفة كالمتعلق بإجماع السلف وأكثر المعتبرين من الخلف وممن صرح بذلك ابن الصلاح والنووي وخلق لا يحصون وقد جمعت في تحريمه كتابا نقلت فيه نصوص الأئمة في الحط عليه وذكر الحافظ سراج الدين القزويني من الحنفية في كتاب ألفه في تحريمه
أن الغزالي رجع إلى تحريمه بعد ثنائه عليه في أول المستصفى وجزم السلفي من أصحابنا وابن رشد من المالكية بأن المشتغل به لا تقبل روايته
والصلاة أفضل من الطواف وسائر العبادات على الأصح لحديث
خير أعمالكم الصلاة رواه الحاكم وغيره ولأنها تجمع من القرب ما لا يجمع غيرها من الطهارة واستقبال القبلة والقراءة وذكر الله تعالى والصلاة على رسوله {صلى الله عليه وسلم} ويمنع فيها كل ما يمنع في غيرها وتزيد بالمنع من الكلام والمشي وغيرهما وقيل الصوم أفضل لحديث الصحيحين
كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به وقيل الطواف أفضل منها وقيل للغرباء بمكة وقيل الحج أفضل منها لإجهاده البدن والمال ولأنا دعينا إليه في الأصلاب فأشبه الإيمان ولأنه لا يتصور وقوعه نفلا إذ إحياء الكعبة به فرض كفاية فكل من قام به ففعله موصوف بالفرضية وقيل الصلاة أفضل بمكة والصوم أفضل بالمدنية وهو أي الطواف أفضل من غيره أي من العبادات حتى من العمرة روى الأزرقي أن أنس ابن مالك قدم المدينة فركب إليه عمر بن عبد العزيز فسأله الطواف أفضل أم العمرة فقال الطوافق
(1/167)
وقيل العمرة أفضل منه قال المحب الطبري في تأليف له في المسألة وهو خطأ ظاهر وأدل دليل عليه مخالفة السلف فإنه لم ينقل تكرارها عن النبي {صلى الله عليه وسلم} فمن بعده بل كره مالك وأحمد تكرارها في العام وأجمعوا على استحباب تكرار الطواف والكلام في الإكثار أي فيمن أراد الإستكثار من
نوع واحد ويكون غالبا عليه ويقتصر من الآخر على المتأكد منه المذكور من الصلاة ثم الطواف أفضل له وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين بلا خلاف وكذا عمرة أفضل من طواف واحد لاشتمالها عليه وزيادة نبه على ذلك النووي في شرح المهذب والمحب الطبري في تأليفه المذكور
والنفل بالمبيت أفضل منه خارجه حتى من مسجد مكة والمدينة لحديث الصحيحين
أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وقيده الشيخ في المهذب بتطوع النهار وتعجب منه النووي في شرحه وقال ابن السبكي في الأشباه والنظائر العلة أشار به إلى أنه في البيت حيث يظهر في المسجد أفضل لا حيث يخفى قال وهو حسن
ونفل الليل أفضل من نفل النهار لحديث مسلم
أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ثم وسطه أي ثلثه الأوسط أفضل من طرفيه فآخره أفضل من أوله وهو بعد الوسط
سئل {صلى الله عليه وسلم} أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة فقال جوف الليل رواه مسلم وقال
أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وقال
ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له رواهما الشيخان
والقرآن أفضل من سائر الذكر للحديث الآتي وهما أي القرآن والذكر أفضل من الدعاء حيث لم يشرع روى الترمذي وحسنه عن أبي سعيد الخدري قال
قال {صلى الله عليه وسلم} يقول الرب تبارك وتعالى من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفي لفظ في مسند البزار
(1/168)
يقول الله من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين وروى الترمذي حديث
ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه وروى البيهقي في شعب الإيمان حديث
قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير
أما الدعاء حيث شرع وكذا الذكر فهو أفضل اتباعا وحرف تدبر أفضل من حرفي غيره قال تعالى ) كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ( وقال تعالى ) ورتل القرآن ترتيلا ( وروى الشيخان عن أبي وائل قال
غدونا على عبد الله فقال رجل قرأت المفصل البارحة فقال هذا كهذا الشعر وروى أحمد عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤن القرآن في الليل مرة أو مرتين فقالت
أولئك قرؤا ولم يقرؤا كنت أقوم مع النبي {صلى الله عليه وسلم} ليلة التمام فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء فلا يمر بآية فيها تخويف إلا دعا الله واستعاذ ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه وروى الترمذي وغيره حديث
يقال لصاحب القرآن إقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها وروى أبو عبيد عن أبي حمزة قال
قلت لابن عباس إني سريع القراءة فقال لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن أجمع هذرمة وروى أصحاب السنن حديث
لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث وروى البخاري عن أنس قال
كانت قراءة النبي {صلى الله عليه وسلم} مدا وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن مسلمة
أنها نعتت قراءة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قراءة مفسرة حرفا حرفا
والقراءة بالمصحف أفضل منها عن ظهر قلب لأن النظر فيه عبادة حتى كره جماعة من السلف أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه وروى أبو عبيد حديث
فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرؤه ظهر كفضل الفريضة على النافلة وإسناده ضعيف وفي الشعب للبيهقي بأسانيد ضعيفة حديث قراءة القرآن في غير المصحف ألف درجة وقراءته في المصحف تضعف على ذلك إلى ألفي درجة وحديث
(1/169)
أعطوا أعطيتكم حظها من العبادة قالوا وما هو قال النظر في المصحف وفيه بسند صحيح موقوفا على ابن مسعود
أديموا النظر في المصحف
والجهر أفضل من الإسرار حيث لا رياء يخاف لأن نفعه متعد للسامعين
وأما إذا خاف الرياء فالإسرار وعليه يحمل حديث الترمذي
الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة والسكوت أفضل من التكلم ولو استوت مصلحتهما إلا في حق قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكرا لله تعالى وقال
لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي وقال
إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تذكر اللسان فتقول له اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت إعوججنا وقال لعقبة ابن عامر
وقد سأله ما النجاة أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وقال لسفيان وقد سأله ما أخوف ما تخاف علي
هذا وأخذ بلسانه وقال أنس رضي الله عنه توفي رجل فبشره رجل بالجنة فقال {صلى الله عليه وسلم}
أو لا تدري فلعله تكلم بما لا يعنيه رواها كلها الترمذي وغيره وفي الصحيحين
إن العبد يتلكم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب وروى البخاري حديث
من يضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة وقوله ما يتبين أي يتفكر في أنها خير أم لا والمستثنى في الحديث الأول هو المراد بقولي إلا في حق
ومخالطة الناس وتحمل أذاهم أفضل من اعتزالهم قال {صلى الله عليه وسلم}
المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم رواه البخاري في الأدب وغيره وهو أي إعتزالهم أفضل حيث خاف الفتنة في دينه بموافقتهم على ما هم عليه وعليه يحمل حديث عقبة السابق
وليسعك بيتك وحديث البخاري
يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن وحديث الصحيحين
(1/170)
أي الناس أفضل قالوا من جاهد بماله ونفسه قال ثم من قالوا الله ورسوله أعلم قال ثم مؤمن يعتزل الناس في شعب يتقي ربه ويدع الناس من شره وروى ابن أبي الدنيا في كتاب العزلة حديث
إن أعجب الناس إلي رجل يؤمن بالله ورسوله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحفظ دينه ويعتزل الناس وروى البيهقي في الزهد من حديث أبي هريرة مرفوعا
يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من هرب بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر فإذا كان ذلك الزمان لم تنل المعيشة إلا بسخط الله تعالى فإذا كان كذلك كان هلال الرجل على يدي زوجته وولده فإن لم يكن له زوجة ولا ولد كان هلاكه على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي قرابته أو الجيران قالوا كيف ذلك يا رسول الله قال يعيرونه بضيق العيشة فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها نفسه
والكفاف أفضل من الفقر والغنى قال {صلى الله عليه وسلم}
قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما رزقه وقال طوبى لمن هدي للإسلام وكانن عيشه كفافا وقنع به وقال
اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا روي الأول والأخير مسلم والثاني الترمذي وروي أيضا حديث
إن أعبط أوليائي عندي المؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة أحسن عبادة ربه وأطاعه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك وروى مسلم حديث
يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وقيل
الفقر مع الصبر أفضل ففي الصحيح
يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام وعند الترمذي
اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة وقيل
الغنى مع الشكر أفضل لحديث الصحيحين
ذهب أهل الدثور بالأجور الحديث
(1/171)
وفضل قوم التوكل على الاكتساب بالإعراض عن أسبابه اعتمادا للقلب على الله تعالى وعكس قوم ففضلوا الإكتساب على تركه وفضل آخرون باختلاف الأحوال فمن يكون في توكله لا يتسخط عند ضيق الرزق عليه ولا يتطلع إلى أحد من الخلق فالتوكل في حقه أفضل لما فيه من الصبر والمجاهدة للنفس ومن يكون في توكله بخلاف ما ذكر فلاكتساب في حقه أفضل حذرا من التسخط والتطلع
والمختار عندي أنه لا ينافي التوكل الكسب بل يكون مكتسبا متوكلا بأن
يرضى بما قسم له ولا يتطلع إلي أكثر منه وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه لقوم قعدوا وادعوا التوكل
بل أنتم المتأكلون إنما المتوكل الذي يلقي بذرة في الأرض ويتوكل رواه البيهقي وفي رسالة القشيري عن سهل بن عبد الله
التوكل حال النبي {صلى الله عليه وسلم} والكسب سنته فمن قوي على حاله فلا يتركن سنته ويقرب من ذلك حديث
ادع ناقتي وأتوكل فقال أعقلها وتوكل
ولا ينافيه أيضا إدخار قوت سنة فقد كان {صلى الله عليه وسلم} يدخر قوت عياله سنة كما في الصحيحن وهو سيد المتوكلين وكل من الخلق أقامه الله على ما يريد سبحانه من الحالة التي هو عليها من كسب وترك وعلم وعمل وارتفاع وانخفاض وغير ذلك لانتظام الوجود إذ لو ترك الناس كلهم الكسب لتعطلت المصالح والمعايش وتفاوتت المراتب في الدنيا والآخرة لاراد لقضائه بالدفع ولا معقب لحكمه بالنقض سبحانه وتعالى والحمد لله تعالى وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصبحه وأتباعه وحزبه هذا آخر شرح النقاية قال مؤلفه رحمه الله تعالى فرغت من تأليفه يوم الثلاثاء ثالث ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة هجرية
لما كان شرح النقاية المتن فيه ربما يحتاج إليه فتكميلا للفائدة وضعنا متن النقاية بتمامه آخرا
كتاب النقاية متضمنة خلاصة أربعة عشر علما
تأليف الشيخ العلامة جلال الدين السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1/172)
الحمد لله والشكر له والصلاة والسلام على خير نبي أرسله هذه نقاية من عدة علوم يحتاج الطالب إليها ويتوقف كل علم ديني عليها والله أسأل أن ينفع بها ويوصل أسباب الخير بسببها
أصول الدين
علم نبحث فيه عما يجب اعتقاده العالم حادث وصانعه الله الواحد قديم لا ابتداء لوجوده ولا انتهاء ذاته مخالفة لسائر الذوات وصفاته الحياة والإرادة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام القائم بذاته المعبر عنه بالقرآن المكتوب في المصاحف المحفوظ في الصدور المقروء بالألسنة قديمة منزه تعالى عن الجسم واللون والطعم والعرض والحلول وما ورد في الكتاب والسنة من المشكل نؤمن بظاهره وننزهه تعالى عن حقيقته ثم نفوض معناه إليه تعالى أو نؤول والقدر خيره وشره منه ما شاء كان وما لا فلا لا يغفر الشرك بل غيره إن شاء لا يجب عليه شيء أرسل رسله بالمعجزات الباهرات وختم بهم محمدا {صلى الله عليه وسلم}
والمعجزة أمر خارق للعادة على وفق التحديث ويكون كرامة للولي إلا نحو ولد ووالد ونعتقد أن عذاب القبر حق وسؤال الملكين حق والحشر والمعاد حق والصراط حق والميزان حق والشفاعة حق ورؤية المؤمنين له تعالى حق والمعراج بجسد المصطفى حق ونزول عيسى قرب الساعة وقتله الدجال حق ورفع
القرآن حق وأن الجنة والنار مخلوقتان اليوم وأن الجنة في السماء ونقف عن النار وأن الروح باقية وأن الموت بالأجل وأن الفسق لا يزيل الإيمان ولا البدعة إلا التجسيم وإنكار علم الله الجزئيات ولا نقطع بعذاب من لم يتب ولا يخلد وإن أفضل الخلق حبيب الله المصطفى فخليله إبراهيم فموسى وعيسى ونوح وهم أولو العزم فسائر الأنبياء فالملائكة وأفضلهم جبريل فأبو بكر فعمر فعثمان فعلي فباقي العشرة فأهل بدر فأحد فالبيعة بالحديبية فسائر الصحابة فباقي الأمة على اختلاف أوصافهم
وإن أفضل النساء مريم وفاطمة وأمهات المؤمنين خديجة وعائشة
(1/173)
وإن الأنبياء معصومون وأن الصحابة عدول وأن الشافعي ومالكا وأبا حنيفة وأحمد وسائر الأئمة على هدى وأن الإمام أبا الحسن الأشعري إمام في السنة مقدم وأن طريق الجنيد وصحبه طريق مقوم
علم التفسير
علم يبحث فيه عن أحوال الكتاب العزيز وينحصر في مقدمة وخمسة وخمسين نوعا
المقدمة القرآن المنزل على محمد {صلى الله عليه وسلم} للإعجاز بسورة منه والسورة الطائفة المترجمة توفيقا وأقلها ثلاث آيات والآية طائفة من كلمات القرآن متميزة بفصل ثم منه فاضل وهو كلام الله في الله ومفضول وهو كلامه تعالى في غيره وتحرم قرائته بالعجمية وبالمعنى وتفسيره بالرأي لا تأويله
الأنواع منها ما يرجع إلى النزول وهو إثنا عشر نوعا المكي والمدني الأصح أن ما نزل قبل الهجرة مكي وما نزل بعدها مدني وهو البقرة وثلاث تليها والأنفال وبراءة والرعد والحج والنور والأحزاب والقتال وتالياها والحديد والتحريم وما بينهما والقيامة والقدر والزلزلة والنصر والمعوذتان قيل والرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة ومن المدني وثالثها نزلت مرتين وقيل النساء والرعد والحج والحديد والصف والتغابن والقيامة والمعوذتان مكيات
النوع الثالث والرابع الحضري والسفري الأول كثير والثاني سورة الفتح والتيمم في المائدة بذات الجيش أو البيداء ) واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ( بمنى ) آمن الرسول ( إلى آخرها يوم الفتح ) يسألونك عن الأنفال ( ) هذان خصمان ( ببدر و ) اليوم أكملت لكم دينكم ( بعرفات و ) وإن عاقبتم ( بأحد
النوع الخامس والسادس النهاري والليلي الأول كثير والثاني له أمثلة كثيرة منها سورة الفتح وآية القبلة و ) يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين ( الآية قال البلقيني وآية الثلاثة الذين خلفوا في براءة
النوع السابع والثامن الصيفي والشتائي الأول كآية الكلالة والثاني كالآيات العشر في براءة عائشة
النوع التاسع الفراشي كآية الثلاثة الذين خلفوا ويلحق به ما نزل وهو نائم كسورة الكوثر
(1/174)
النوع العاشر أسباب النزول وفيه تصانيف وما روي فيه عن صحابي فمرفوع فإن كان بلا سند فمنقطع أو تابعي فمرسل وصح فيه أشياء كقصة الإفك والسعي وآية الحجاب والصلاة خلف المقام ) عسى ربه إن طلقكن ( الآية
النوع الحادي عشر أول ما نزل الأصح أنه ) اقرأ باسم ربك ( ثم المدثر وبالمدينة ) ويل للمطففين ( وقيل البقرة
النوع الثاني عشر آخر ما نزل قيل آية الكلالة وقيل آية الربا وقيل ) واتقوا يوما ترجعون ( الآية وقيل آخر سورة النصر وقيل براءة ومنها ما يرجع إلى السند وهو ستة المتواتر والآحاد والشذاذ الأول ما نقله السبعة قيل
إلا ما كان من قبيل الأداء والثاني كقراءة الثلاثة والصحابة والثالث ما لم يشتهر من قراءة التابعين ولا يقرأ بغير الأول ويعمل به إن جرى مجرى التفسير وإلا فقولان فإن عارضها خبر مرفوع قدم
وشرط القرآن صحة السند وموافقة العربية والحظ النوع الرابع قراءة النبي {صلى الله عليه وسلم} وعقد لها الحاكم في المستدرك بابا أخرج فيه من طرق قرأ < ملك يوم الدين إهدنا الصراط > ) لا تجزي نفس ( ) ننشزها ( ) فصرهن ( ) أن يغل ( ) أن النفس بالنفس والعين بالعين ( ) هل يستطيع ربك ( ) درست ( ) أنفسكم ( ) وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ( < سكرى وما هم بسكرى > < من قرات أعين > < والذين آمنوا وأتبعناهم ذريتهم > < رفارف وعباقري >
النوع الخامس والسادس الرواة والحفاظ اشتهروا بحفظ القرآن من الصحابة عثمان وعلي وأبي وزيد وعبد الله وأبو الدرداء ومعاذ وأبو زيد الأنصاري ثم أبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن السائب ومن التابعين يزيد بن القعقاع وعبد الرحمن الأعرج ومجاهد وسعيد وعكرمة وعطاء والحسن وعلقمة والأسود وزر بن حبيش وعبيدة ومسروق وإليهم ترجع السبعة
(1/175)
ومنها ما يرجع إلى الأداء وهو ستة الوقف والإبتداء يوقف على التحرك بالسكون ويزاد الإشمام في الضم والروم فيه والكسر الأصليين واختلف الهاء المرسومة تاء وقف الكسائي على وي من ويكان وأبو عمرو على الكاف ووقفوا على لام نحو ومال هذا الرسول
النوع الثالث الإمالة أمال حمزة والكسائي كل اسم أو فعل يائي وأئى بمعنى كيف وكل مرسوم بالياء
إلا حتى ولدي وإلى وعلى وما زكي
النوع الرابع المد هو متصل ومنفصل وأطولهم ورش وحمزة فعاصم فابن عامر والكسائي فأبو عمرو ولا خلاف في تمكين المتصل بحرف مد واختلف في المنفصل
النوع الخامس تخفيف الهمزة نقل وإبدال لها بمد من جنس حركة ما قبلها وتسهيل بينها وبين حرف حركتها وإسقاط
النوع السادس الإدغام ولم يدغم أبو عمر والمثل في كلمة إلا في ) مناسككم ( و ) ما سلككم ( ومنها ما يرجع إلى الألفاظ وهي سبعة الغريب ومرجعه النقل الثاني المعرب كالمشكاة والكفل والأواه والسجيل والقسطاس وجمعت نحو ستين وأنكرها الجمهور وقالوا بالتوافق الثالث المجاز اختصار حذف ترك خبر مفرد ومثنى وجمع عن بعضها لفظ عاقل لغيره وعكسه إلتفات إضمار زيادة تكرير تقديم وتأخير سبب الرابع المشترك القرؤ وويل والند والتواب والمولى والغي ووراء والمضارع الخامس المترادف الإنسان والبشر والحرج والضيق والميم والبحر والرجز والرجس والعذاب السادس الاستعارة وهي تشبيه خال من أداته ) أو من كان ميتا فأحييناه ( ) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ( السابع التشبيه ثم شرطه إقتران أداته وهي الكاف ومثل ومثل وكأن وأمثلته كثيرة
ومنها ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشر عاما الباقي على عمومه ومثاله عزيز ولم يوجد لذلك إلا ) والله بكل شيء عليم (
(1/176)
) خلقكم من نفس واحدة ( الثاني والثالث العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص الأول كثير والثاني كقوله تعالى ) أم يحسدون الناس ( ) الذين قال لهم الناس ( والفرق بينهما أن الأول حقيقة والثاني مجاز والرابع ما خص بالسنة وهو جائز وواقع كثير وسواء مواتراتها وآحادها الخامس ما خص منه السنة هو عزيز ولم يوجد إلا قوله تعالى ) حتى يعطوا الجزية ( ) ومن أصوافها ( ) والعاملين عليها ( ) حافظوا على الصلوات ( خصت أمرت أن أقاتل الناس وما أبين من حي ميت ولا تحل الصدقة لغني والنهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة
السادس المجمل ما لم تتضح دلالتها وبيانه بالسنة المبين خلافه السابع المؤول ما ترك ظاهره لدليل الثامن المفهوم موافقة ومخالفة في صفة وشرط وغاية وعدد التاسع والعاشر المطلق والمقيد وحكمه حمل الأول على الثاني ككفارة القتل والظهار الحادي عشر والثاني عشر الناسخ والمنسوخ وكل منسوخ فناسخه بعده إلا آية العدة والنسخ يكون للحكم والتلاوة ولأحدهما المعمول به مدة معينة وما عمل به واحد مثالهما آية الجوى لم يعمل بها غير علي ابن أبي طالب وبقيت عشرة أيام وقيل ساعة منها ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالألفاظ وهو ستة الفصل والوصل مثال الأول ) وإذا خلوا إلى شياطينهم ( مع الآية بعدها والثاني ) إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم (
الإيجاز والإطناب والمساواة مثال الأول ) ولكم في القصاص حياة (
والثاني ) قال ألم أقل لكم ( والثالث ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله السادس القصر ومثاله ) وما محمد إلا رسول (
ومن أنواع هذا العلم الأسماء فيه من أسماء الأنبياء خمسة وعشرون والملائكة أربعة وغيرهم إبليس وقارون وطالوت وجالوت ولقمان وتبع ومريم وعمران وهارون وعزيز والصحابة زيد الكني لم يكن فيه غير أبي لهب
(1/177)
الألقاب ذو القرنين المسيح فرعون المبهمات مؤمن من آل فرعون حزقيل الرجل الذي في يس حبيب بن موسى النجار فتى موسى في الكهف يوشع بن نون الرجلان في المائدة يوشع بن نون الرجلان في المائدة يوشع وكالب أم موسى يوحانذ إمرأة فرعون آسية بنت مزاحم العبد في الكهف هو الخضر الغلام حيسور الملك هدد العزيز أطفير أو قطفيز إمرأته راعبل وهي في القرآن كثيرة
علم الحديث
علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن الخبر إن تعددت طرقه بلا حصر متواتر وغيره آحاد فإن كان بأكثر من اثنين فمشهور أو بهما فعزيز أو بواحد فغريب وهو مقبول وغيره فالأول إن نقله عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ صحيح ويتفاوت فإن خف الضبط فحسن وزيادة راويهما مقبولة فإن خولف فشاذ وإن سلم من المعارضة فمحكم وإلا وأمكن الجمع فمختلف الحديث وإلا وعرف الآخر فناسخ ومنسوخ ثم يرجح أو يوقف والفرد إن وافقه غيره فهو المتابع أو متن يشبهه فاشاهد وتتبع الطرق له إعتبار والمردون أما لسقط فإن كان من أول السند فمعلق أو بعد التابعي فمرسل أو بعد غيره بفوق واحد ولاء فمعضل وإلا منقطع فإن خفي فمدلس وإما لطعن فإن كان لكذب فموضوع أو تهمة فمتروك أو فحش غلط أو غفلة أو فسق
فمنكر أو وهم فمعلل أو مخالفة بتغيير السند فمدرج أو بدمج موقوف بمرفوع فمدرج المتن أو بتقديم وتأخير فمقلوب أو بإبدال ولا مرجح فمضطرب أو بتغيير نقط فمصحف أو شكل فمحرف ولا يجوز إلا لعالم أبدال اللفظ بمرادف له أو نقصه فإن خفي المعنى احتيج إلى الغريب والمشكل أو لجهالة بذكر نعته الخفي أو ندرة روايته أو أيهام اسمه فإن سمي الراوي وانفرد عنه واحد فمجهول العين أو أكثر ولم يوثق فالحال أو لبدعة فإن لم يكفر قيل ما لم يكن داعية أو لم يرو موافقة أو لسوء حفظ فإن طرأ فمختلط
(1/178)
والإسناد إن انتهى إليه {صلى الله عليه وسلم} فمرفوع مسند أو إلى صحابي وهو من اجتمع به {صلى الله عليه وسلم} مؤمنا فموقوف أو إلى تابعي فمقطوع فإن قل عدده فعال فإن وصل إلى شيخ مصنف لا من طريقه فموافقه أو شيخ شيخه فصاعدا فبدل فإن ساوي أحد المصنفين فمساواة أو تلميذه فمصافحة ويقابله النزول أو روي عن قرينة فأقر أن أو كل عن الآخر فمدبج أو عمن دونه فأكابر عن أصاغر ومنه آباء عن أبناء وإن تقدم موت أحد قرينين فسابق ولا حق أو اتفقوا على شيء فمسلسل أو اسما فمتفق ومفترق أو خطأ فمؤتلف ومختلف أو الآباء خطأ مع الأسماء أو عكسه فمتشابه
صيغ الأداء
وصيغ الأداء سمعت وحدثني للإملاء فأخبرني وقرأت للقاريء فأجمع وقرى ء وأنا أسمع للسامع فأنبأ وشافه وكتب وعن للإجازة والمكاتبة وأرفعها المقارنة للمناولة وشرطت لها وللوجادة والوصية والإعلام للوجادة والوصية والإعلام ومن الأنواع طبقات الرواة وبلدانهم وأحوالهم تعديلا وجرحا ومرتبهما والأسماء والكني بأنواعها والألقاب والأنساب والمنسوب لغير أبيه ومن وافقه اسمه أباه وجده أو شيخه أو أوهم راويه وشيخه والموالي والأخوة وأدب الشيخ والطالب وسن التحمل والأداء وكتابة الحديث وسماعه وتصنيفه وأسبابه ومرجعها النقل
علم أصول الفقه
أدلته الإجمالية وكيفية الإستدلال بها وحال المستدل والفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الإجتهاد والحكم إن عوقب تاركه فهو واجب أو فاعله فهو حرام أو أثيب فاعله فهو ندب أو تاركه فهو كره أو لم يثب ولم يعاقب فهو مباح أو نفذ واعتد به فهو صحيح وغيره باطل
وتصور المعلوم على ما هو به علم وخلافه جهل والمتوقف على نظر واستدلال مكتسب وغيره ضروري والنظر الفكر والدليل هو المرشد والظن راجح التجويزين ومقابلة وهم والمستوى شك
(1/179)
مباحث الكتاب الكلام أمر ونهي وخبر واستفهام وتمن وعرض وقسم وحقيقة وغيره مجاز الأمر طلب الفعل ممن هو دونه بإفعل وهي للوجوب عند الإطلاق لا لفور أو تكرار وهو نهي عن ضده وعكسه ويوجب ما لا يتم إلا به ويدخل فيه المؤمن لاساه وصبي ومجنون ومكره والكافر مخاطب بالفروع وشرطها ويرد لندب وإباحة وتهديد وتسوية وغيرها
النهي استدعاء الترك وفيه ما مر الخبر ما يحتمل الصدق والكذب وغيره إنشاء
العام والخاص
العام ما شمل فوق واحد لفظه ذو اللام ومن وما وأي وأين ومتى ولا في النكرات ولا عموم في الفعل التخصيص تمييز بعض الجملة بشرط ولو مقدما وصفة ويحمل المطلق على المقيد واستثناء بشرط أن يتصل ولا يستغرق ويجوز من غير الجنس وتقديمه وتخصيص الكتاب به وبالسنة
وهي بها وبه وهما بالقياس
المجمل ما افتقر للبيان البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي النص ما لا يحتمل غير معنى الظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر فإن حمل الآخر لدليل فمؤول
النسخ رفع الحكم الشرعي بخطاب ويجوز إلى بدل وغيره وأغلظ وأخف ونسخ الكتاب به وبالنسة وهي بهما النسة قوله {صلى الله عليه وسلم} حجة وأما فعله فإن كان قربة ودل دليل على الإختصاص به فظاهر وإلا حمل على الوجوب أو الندب أو توقف أقوال أو غيرها فالإباحة وتقريرة على قول أو فعل حجة وكذا ما فعل في عهده وعلم به وسكت ومتواترها يوجب العلم والآحاد العمل وليس مرسل غير سعيد بن المسيب حجة
الإجماع إتفاق فقهاء العصر على حكم الحادثة وهو حجة في أي عصر كان ولا يشترط إنقراضه فلا يجوز لهم الرجوع ولا يعتبر قول من ولد في حياتهم ويصح بقول وفعل من الكل ومن بعض لم يخالف وليس قول صحابي حجة على غيره
(1/180)
القياس رد فرع إلى أصل بعلة جامعة في الحكم فإن أوجبته العلة فقياس علة أو دلت عليه فدلالة أو تردد فرع بي أصلين وألحق بالأشبه فشبه وشرطه الأصل ثبوته بدليل وفاقي والفرع مناسبته للأصل والعلة الإطراد وكذا الحكم وهي الجالبة له استصحاب الأصل عند عدم الدليل حجة
وأصل المنافع الحل والمضار التحريم الإستدلال إذا تعارض عامان أو خاصان وأمكن الجمع جمع وإلا وقفا فإن علم متأخر فناسخ أو عام وخاص خص العام به أو كل عام وخاص خص كل بكل
ويقدم الظاهر على المؤول والموجب للعلم على الظن والكتاب والسنة على
القياس وجليه على خفيه المستدل هو المجتهد وشرطه العلم بالفقه أصلا وفرعا خلافا غالبا ومذهبا والمهم من تفسير آيات وأخبار ولغة ونحو وحال رواة والاجتهاد بذل الوسع في الغرض وليس كل مجتهد مصيبا والتقليد قبول القول بلا حجة ولا يجوز لمجتهد
علم الفرائض
علم يبحث فيه عن قدر الموارث
(1/181)
أسباب الإرث قرابة ونكاح وولاء وإسلام وموانعة رق وقتل واختلاف دين وموت معية وجهل السبق والوارثون اب وابوه وإن علا وابن وابنه وإن سفل وأخ وابنه إلا لأم وكذا عم وابنه وزوج ومعتق والوارثات بنت وبنت ابن وأن سفل وأم وجدة وأخت وزوج ومعتقة الفروض نصف لزوج وبنت وبنت ابن وأخت لأبوين أو لأب منفردات وربع لزوج لزوجته ولد أو ولد ابن وزوجة ليس لزوجها ذلك وثمن لها معه وثلثان لعدد ذوات النصف وثلث لعدد ولد الأم ولأم ليس لميتها ولد أو ولد ابن أو إثنان من اخوة أو اخوات وسدس لها معه ولأب وجد مع ولد أو ولد ابن ولبنت ابن مع بنت الصلب ولأخت لأب مع شقيقة ولأخ أو أخت لأم ولجدة فأكثر ولا ترث من أدلت لغير وارث وتسقطها لأب قربى مطلقا وغيرها قرباها ويسقط الجد أب وابن الإبن ابن والأخوة أب وابن وغير الشقيق الشقيق وذوي الأم الثلاثة وجد وبنت وبنت ابن وهي بعدد بنت ما لم يعصبها ابن ابن وكذا أخوات لأب مع أخوات لأبوين لكن إنما يعصبها أخ العصبة وارث لا مقدر له فيرث المال كله أو الباقي ولا تكون امرأة إلا معتقة الجد مع الأخوة وإنه لا فرض له الأكثر من الثلث ومقاسمتهم كأخ أو فرض فمن السدس وثلث الباقي والمقاسمة فإن بقي سدس فاز به الجد وسقطوا أو دونه عالت
فرع
(1/182)
إن كانت الورثة عصبة قسم بينهم والذكر كأنثيين وأصل المسألة عدد الرؤوس أو فيهم فرض أو فرضان وهما متماثلان فمن مخرجه فالنصف مخرجه اثنان والثلث ثلاثة والربع أربعة والسدس ستة والثمن ثمانية أو مختلفان فإن تداخلا بأن فني الأكثر بالأقل فأكثرهما لو توافقا بأن لم يفنهما إلا ثالث فالحاصل بضرب الوفق من أحدهما في الآخر أو تباينا بأن لم يفنهما إلا واحد فيضرب كل في كل والأصول إثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية وإثنا عشر وأربعة وعشرون يعول منها الستة إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة والإثنا عشر إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر والأربعة والعشرون إلى سبعة وعشرين ثم إن انقسمت وإلا قوبلت بعدد المنكسر عليه فإن تباينا ضرب في المسألة أو توافقا فالوفق وتصح مما بلغ فإن كانا صنفين قوبلت سهام كل صنف بعدده فإن توافقا رد إلى وفقه وإلا ترك ثم إن تماثل عدد الرؤوس ضرب أحدهما في المسألة أو تداخلا فأكثرهما أو توافقا فالوفق ثم الحاصل فيها أو تباينا فكل فيه ثم فيها ولو مات أحدهم قبلها صحيح مسألة الأول ثم الثاني ثم إن انقسم نصيبه من الأول على مسألته وإلا فيضرب وفقها فيها وإلا فيضرب كلها ومن له شيء من الأولى ضرب فيما ضرب فيها أو الثانية ففي نصيب الثاني من الأولى أو وفقه
علم النحو
علم يبحث فيه عن أواخر الكلم إعرابا وبناء الكلام قول مفيد مقصود الكلمة قول مفرد وهي اسم يقبل الإسناد والجر والتنوين وفعل يقبل التاء ونون التأكيد وقد وحرف لا يقبل شيئا الإعراب تغيير الآخر لعامل برفع ونصب في اسم ومضارع وجر في الأول وجزم في الثاني والأصل فيها ضم وفتح وكسر وسكون وناب عن الضم واوا في أب وأخ وحم وهن وفم بلا ميم وذي كصاحب وفي جمع مذكر سالم وألف في المثني ونون في الأفعال الخمسة وعن الفتح ألف في أب وأخوته وياء في الجمع السالم والمثنى وحذف نون في الأفعال الخمسة وكسرة في جمع مؤنث سالم وعن الكسر ياء في الثلاثة الأول
(1/183)
وفتح فيما لا ينصرف وعن السكون حذف آخر المعتل ونون الأفعال
المعرفة مضمر فعلم فإشارة ومنادى فموصول فذو أل ومضاف لأحدها النكرة غيرهما وعلامته قبول أل الأفعال ماض مفتوح وأمر ساكن ومضارع مرفوع وينصبه لن وإذن وكي ظاهرة وإن كذا ومضمرة بعد اللام واو وحتى وفاء السببية وواو المعية المجاب بهما طلب ويجزمه لم ولما ولا واللام للطلب وإن وإذ ما ومهما ومن وما وأي ومتى وأنى وأين وحيثما وكلها للشرط
المرفوعات
المرفوعات الفاعل إسم قبله فعل تام أو شبهه النائب عنه مفعول به أو غيره عند عدمه أقيم مقامه إن غير الفعل يضم أول متحرك منه وكسر ما قبل آخره ماضيا وفتحه مضارعا المبتدأ اسم عرى عن عامل غير مزيد ولا يأتي نكرة ما لم يفد وخبره مفرد وجملة برابط وشبهها واصله التأخير ويجب للإلتباس ويجب تصدير واجبه منهما واسم كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وصار وما تصرف منها وليس وفتيء وبرح وأنفك وزال تلو نفي أو شبهه ودام تلو ما وخبر إن وأن وكأن ولكن وليت ولعل ولا يقدم غير ظرف وخبر لا المنصوبات المفعول به ما وقع عليه الفعل والأصل تأخيره ويجب للإلتباس والمصدر ما دل على الحدث فإن وافق لفظه فعله فلفظي وإلا فمعنوي ويذكر لبيان نوع وعدد وتوكيد والظرف زمان كيوم وليلة وغدوة وبكرة وصباح ومساء ووقت وحين ومكان كالجهات الست وعند ومع وتلقاء والمفعول له مصدر معلل بفعل شاركه في الفاعل والوقت والمفعول معه التالي واو مع بعد فعل أو ما فيه معناه وحروفه والحال وصف فضلة مبين للمبهم من الهيئة وحقه أن يكون نكرة من معرفة ومتنقلا وعامله فعل أو شبهة والتمييز نكرة مفسر للمبهم من الذوات كالمقدار والعدد والنسب فيكون منقولا من فاعل أو مفعول أو
(1/184)
غيره أو غير منقول والمستثنى إن كان بإلا من موجب فإن كان منفيا تاما جاز البدل أو فارغا فعلى حسب العوامل أو بغير وسوى جر أو بخلا وعدا وحاشا جاز نصبه وجره والمنادى إن كان غير مفرد أو نكرة غير مقصودة فإن كان مفردا أو نكرة مقصودة ضم واسم لا النافية للجنس إن كان غير مفرد وإلا ركب إن باشرت وإلا رفع فإن كررت جاز رفع الثاني ونصبه وتركيبه إن ركب الأول وإن رفع لم ينصب الثاني ومفعولا ظن وحسب وخال وزعم وعلم ورأى ووجد وجعل وأفعال التصيير وخبر كان وأخواتها واسم إن وأخواتها
المجرورات
المجرورات مجرور بالإضافة بتقدير من أو اللام أو في وبالحرف وهو من وإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام ومذ ومنذ والواو والتاء وبالمجاورة في نعت وتأكيد
التوابع النعت تابع مكمل ما سبق موافق له في إعراب وتنكير وفرعه وفي تذكير وإفراد وفرعهما إن كان حقيقيا
العطف بيان كالنعت ونسق بواو وفاء وثم وأو وأم وبل ولا ولكن وحتى التوكيد لفظي بتكراره ومعنوي بالنفس والعين وكل وأجمع وتوابعه البدل شيء من شيء وبعض من كل واشتمال وغلط
علم التصريف
علم يبحث فيه عن أبنية الكلم وأحوالها صحة وإعلالا الاسم ثلاثي وله فعل مثلث الفاء مربع العين ورباعي وخماسي ومزيده سداسي وسباعي والفعل ثلاثي وله فعل مثلث العين ورباعي وله فعلل ومزيده خماسي وسداسي تفعلل وأفعنلل وأفعلل وافعل وفعل وفاعل وتفاعل وتفعل وافتعل وانفعل واستفعل وافعل وأفعال فإن سلمت أصوله الموزونة بفعل من حرف علة وهي الواو والألف والياء فصحيح وإلا فمعتل فبالفاء مثال والعين أجوف وذو الثلاثة واللام منقوص وذو الأربعة وبحرفين لفيف مقرون أن تواليا وما نصب المفعول به
(1/185)
متعد وغيره لازم المضارع بزيادة حرف المضارعة وهي تأتي على الماضي فإن كان مجردا على فعل ثلث عينه وشرط الفتح لها كونها أو اللام حرف حلق أو فعل فتحت أو فعل ضمت وغيره بكسر ما قبل آخره ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة فيفتح ويضم حرف المضارعة من رباعي ولو بزيادة ويفتتح من غير الأمر من ذي همزة يفتح به ومن غيره بتالي حرف المضارعة إن كان متحركا فإن كان ساكنا فبالوصل مضموما إن تلاه ضم وإلا مكسورا وحركة ما قبل آخره كالمضارع
المصدر لفعل وفعل متعديين فعل ولازما فعول وفعل ولفعل فعولة وفعالة ولأفعل أفعال وفعل تعفيل وتفعلة وفعلل فعللة وفاعل فعال ومفاعلة وما أوله همزة فالمصدر وزنه بكسر ثالثه وألف قبل آخره وما أوله تاء وزنه بضم رابعه
المرة من غير ثلاثي بتاء ومنه إن عرى بفعلة والهيئة بفعلة الآلة مفعل ومفعال ومفعلة المكان من ثلاثي على مفعل وبالكسر إن كان مثالا ومن غيره بلفظ المفعول الصفات للفاعل والمفعول من غير الثلاثي بزنة المضارع وإبدال أوله ميما مضمومة وبكسر متلو الآخر في الفاعل ويفتح في المفعول ومنه زنة فاعل ومفعول لكن لفعل فعل وافعل وفعلان ولفعل فعل وفعيل حروف الزيادة سألتمونيها فالألف والواو والياء مع أكثر من أصلين والهمزة مصدرة أو مؤخرة والميم مصدرة والنون بعد ألف زائدة وفي نحو غضنفر وفيما مر والتاء في نحو مسلمة وما مر والسين معها في استفعال والهاء في الوقف واللام في الإشارة
الحذف يطرد في فاء مضارع وأمر ومصدر من المثال وهمزة أفعل في مضارعه ووصفيه واحد مثلي ظل ومس وأحس مبنيا على السكون مكسورا أول الأولين ومفتوحا واحد تاءين أول مضارع
الإبدال أحرفه طويت دائما فتبدل الهمزة من باء نحو رداء وبائع وواو نحو كساء وقائم وواصل ومن مد جمع مفاعل وثاني حرفي لين اكتنفاء والياء من واو نحو صيام وثياب ورضي وألف نحو مصابيح ومصيبيح والواو من ألف
(1/186)
كبويع وياء كموقن ونهو والألف من ياء وواو كباع وقال والميم من نون ساكنة قبل باء والتاء من فاء افتعال لينا كاتسر والطاء من تائه تلو مطبق والدال منها تلو دال أو ذال أو زاي الإدغام إدخال حرف ساكن في مثله متحرك ويجب ما لم يتصل به ضمير رفع متحرك فيمتنع أو يجزم فيجوز فإن لم يفك حرك الثاني بالفتح أو الكسر فإن كان مضموم العين فبالضم أيضا وكذا الأمر
علم الخط
علم يبحث فيه عن كيفية كتابة الألفاظ الأصل رسم اللفظ بحروف هجائه مع تقدير الإبتداء والوقف مثل فره ورحمة بالهاء وبنت وقامت بالتاء واسم بالهمزة والمدغم من كلمة بلفظه وكلمتين بأصله والهمزة أولا بالألف ووسطا ساكنة بحرف حركة متلوها وعكسه بحرفها وتلو حركة على نحو تسهيلها وطرفا تلو ساكن تحذف وحركة بحرفها وحذفت من البسملة وابن بين علمين ويوصل حرف بقبلة وما ملغاة وكافة وموصولة بفي ومن واستفهامية بهما وعن ومن أختها بفي وموصولة بمن وعن وزيد الف بعد واو فعل جمع وبمائة وواو في أو لو وأولات وأولئك وفي عمرو لا منصوبا وحذفت ألف الله وإله والرحمن وكل علم فوق ثلاثي ما لم يلبس أو يحذف منه شيء وذلك وثلث ولكن وياء إسرائيل وإحدى واوين ضم أولهما ولام موصول غير مثني الألف ياء رابعة فصاعدا في اسم أو فعل لا تلو ياء أوثالثة عنها أو مجهولة أميلت وإلا ألفا وكل الحروف بها إلا بلى وإلى وحتى وعلى ولا يقاس خط المصحف ولا العروض وتنقط هاء رحمة والشين بثلاث والفاء والفاف والنون والياء موصولات فقط وكل مهمل لا الحاء أسفل أو يكتب تحته مثله ويشكل ما قد يخفي ولو على المبتدي ويكره الخط الدقيق إلا لضيق رق أو رحلبة
علم المعاني
علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال الإسناد الخبري منه حقيقة عقلية إسنادا لفعل أو معناه لما هو له عند المتكلم ومجاز
(1/187)
عقلي إسناد ما ذكر إلى ملابس له بتأول وطرفاه إما حقيقتان أو مجازان أو مختلفان وشرطه قرينة ثم قد يراد إفادة المخاطب الحكم أو كونه عالما به فخالي الذهن لا يؤكد له والمتردد يقوى بمؤكد والمنكر يؤكد بأكثر فالأول إبتدائي والثاني طلبي والثالث إنكاري وقد يجعل المنكر كغيره لرادع معه لو تأمله وعكسه لظهور إمارة المسند إليه حذفه لظهوره أو اختبار تنبه السامع أو قدره أو صون لسانك أو صونه أو تيسر الإنكار أو تعينه وذكر للأصل أو ضعف القرينة أو النداء على غباوة السامع أو زيادة الإيضاح أو رفعة أو إهانة أو تبرك أو تلذذ وتعريفه بإضمار لمقام التكلم ونحوه وعلمية لإحضاره في الذهن ابتداء باسمه الخاص أو رفعة أو إهانة أو كناية أو تلذذ أو تبرك وموصولية لفقد علم السامع غير الصلة من أحواله أو هجنة أو تفخيم أو تقرير واسم إشارة لكمال تمييزه أو التعريض بالغباوة أو بيان حاله قربا أو بعدا أو تعظيم أو تحقير وبإدخال اللام للإشارة إلى عهد أو حقيقة أو استغراق وإضافة لأنها أخصر طريق أو تعظيم أو تحقير وتنكيره لأفراد أو نوعية أو تعظيم أو تحقير أو تقليل أو تكثير ووصفه لكشف أو تخصيص أو مدح أو ذم أو تأكيد وتأكيده لتقوية أو دفع توهم تجوز أو عدم الشمول وبيانه للإيضاح وإبداله لزيادة التقرير وعطفه للتفصيل أو رد إلى صواب أو صرف الحكم أو شك أو تشكيك
وفصله للتخصيص وتقديمه للأصل ولا عدول أو تمكين في الذهن أو تعجيل مسرة أو مساءة وتأخيره لاقتضاء المقام له وقد يخالف ما تقدم المسند ذكره وتركه لما مر وكونه مفردا لكونه غير سببي وفعلا للتقييد بأحد الأزمنة وإفادة التجدد واسما لعدمهما وتقييد الفعل بمعمول لتربية الفائدة وتركه لمانع منه وبالشرط لإفادة معناه وتنكير لعدم حصر أو عهد أو تفخيم وتعريفه لإفادة حكم مجهول ووصفه وإضافته لتمام الفائدة وتقديمه لتخصيص له وتفاؤل وتشويق وتنبيه على خبريته ابتداء وتأخيره لاقتضاء تقديم غيره
(1/188)
متعلقات الفعل الغرض في ذكر المفعول إفادة التلبس به فإن حذف وترك كاللازم لم يقدر وإلا فلائق والحذف إما لبيان بعد إبهام أو دفع توهم ما لا يراد أو ذكره ثانيا لكمال العناية أو تعميم باخصتار أو فاصلة أو هجنة وتقديمه
لرد خطأ أو تخصيص وبعضها على بعض للأصل أو نحو
القصر حقيقي وغيره وكلاهما موصوف على صفة وعكسه فالأول إفراد لمعتقد الشركة والثاني قلب لمعتقد العكس وتعيين إن استويا وطرقه العطف بلا وبل والنفي والإستثناء وإنما والتقديم
الإنشاء تمن بليت وهل ولو وقل بلعل ولا يشترط إمكانه واستفهام بهل للتصديق وما ومن وأي وكم وكيف وأين وأني ومتى وأيان وكلها للتصور والهمزة لهما ترد أداة الإستفهام لغيره كاستبطاء وتعجب ووعيد وتقرير وإنكار توبيخا أو تكذبيا وتهكم وتحقير وتهويل وأمر ونهي وأمر أو المختار وفاقا لأهل المعاني وبعض الأصوليين إشتراط الإستعلاء فيهما ونداء وقد يرد لغيره كإغراء واختصاص ويقع الخبر موقعة نفاؤلا أو إظهارا للحرص
الوصل والفصل الوصل عطف الجمل والفصل تركه فإن كان للجملة محل وقصد تشريك الثانية عطفت أو لا وقصد ربطها على معنى عاطف غير الواو عطفت به وإلا فإن لم يقصد إعطاؤها حكم الأولى فصلت وإلا فإن كان بينهما كمال الإنقطاع بلا إيهام بأن لا تعلق أو إتصال بأن تكون نفسها أو شبه أحدهما فكذا وإلا فالوصل
ومن محسناته تناسب في الفعلية والإسمية
الإيجاز والإطناب والمساواة هي التعبير عن المعنى بناقص واف به أو زائد لفائدة أو مساو والإيجاز قصر لا حذف فيه وإيجاز فيه حذف إما لمضاف أو موصوف أو صفة أو شرط أو جواب لاختصار أو دلالة على أنه لا يحاط أو يذهب السامع كل ممكن أو جملة إما مسببة عن مذكور أو لا أو أكثر ثم قد يقام شيء وقد لا يقام ويدل عليه بالعقل وعلى التعيين بالمقصود الأظهر أو العادة أو الشروع في الفعل أو الإقتران
(1/189)
والإطناب إن كان بعد إيهام فإيضاح أو بمعطوفين بعد مثني فتوشيع أو بختم بما يفيد نكتة تم بدونها فإيغال أو بجملة بمعنى سابق توكيدا فتذييل أو
بدافع موهم خلاف المقصود فتكميل واحتراس أو بفضلة لنكتة دونه فتتميم أو بجملة فأكثر بين كلام فاعتراض
ويكون بالتكرير وذكر خاص بعد عام
علم البيان
علم يعرف به إيراد المعنى بطرق مختلفة في وضوح الدلالة دلالة اللفظ على ما وضع له وضعية وجزئه ولازمه عقليتان والأخيران قامت قرينة على عدم إرادته فهو مجاز وإلا فكناية وقد يبنى على التشبيه فانحصر فيها
التشبيه الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى وطرفاه إما حسيان أو عقليان أو مختلفان ووجهه ما يشتركان تحقيقا أو تخييلا وأداته مرت ثم هو إما مفرد بمفرد مقديان أو لا أو بمركب أو عكسه فإن تعدد ظرفاه فملفوف ومفرق أو الأول فتسوية أو الثاني فجمع تمثيل إن انتزع وجهه من متعذد وإلا فغيره ظاهر إن فهمه كل أحد وإلا خفي قريب إن انتقل الى المشبه به بلا تدقيق وإلا بعيد مؤكد إن حذفت أداته وإلا مرسل مقبول إن وفي بإفادته وإلا مردود
وأعلاه ما حذف وجهه وأداته فقط أو مع المشبه ثم أحدهما
المجاز مفرد وهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح به التخاطب مع قرينة عدم إرادته ولا بد من علاقة فإن كانت غير المشابهة فمرسل وإلا فاستعارة فإن تحقق معناها حسا أو عقلا فتحقيقية أو اجتمع طرفاها في ممكن فوفاقية أو في ممتنع فعنادية أو ظهر جامعها فعامية وإلا فخاصية أو كان لفظها اسم جنس فاصلية وإلا تبعية أو لم تقترن بصفة ولا تفريع فمطلقة أو بملائم المستعار له فمجردة أو المستعار منه فمرشحة أو أضمر التشبيه فالكناية
ويدل عليه إثبات أمر مختص بالمشبه به للمشبه وهو التخييلية ومركب وهو فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه تمثيل مبالغة
(1/190)
الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه وبه تفارق المجاز ويطلب بها إما صفة فإن كان الإنتقال بواسطة فبعيدة وإلا قريبة أو نسبة أو لا بل الموصوف وتتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة وهي والمجاز والإستعارة أبلغ من الحقيقة والتصريح والشبيه
علم البديع
علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة
وأنواعه تربو على المائتين ومر منها كثير المطابقة الجمع بين ضدين في الجملة فإن ذكر معنيان فأكثر ثم مقابلهما مرتبا فمقابلة أو متناسبان فمراعاة النظير أو ختم الكلام بمناسب المعنى فمتشابه الأطراف أو قبل العجز ما يدل عليه فإرصاد وتسهيم أو الشيء بلفظ غيره فمشاكلة
المزاوجة أن يزاوج بين معنيين في شرط وجزاء العكس تقديم جزء ثم تأخيره الرجوع العود على سابق بالنقض لنكتة التورية إطلاق لفظ له معنيان وإرادة البعيد فإن أريد أحدهما ثم بضميره الآخر فاستخدام اللف والنشر ذكر متعدد ثم ما لكل بلا تعيين الجمع أن يجمع بين متعدد في حكم فإن فرقت بين جهتي الإدخال فجمع وتفريق التقسيم ذكره ثم إضافة ما لكل إليه معينا فإن قسمت بعد الجمع فجمع وتقسيم التجريد أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله فيها مبالغة في كمالها فيه
المبالغة أن يدعي لوصف بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستعدا فإن أمكن عقلا وعادة فتبليغ أو عقلا فإغراق أولا ولا تغلوا والمقبول منه ما قرب إلى الصحة أو تضمن تخييلا حسنا أو هزلا المذهب الكلامي إيراد حجة للمطلوب على طريقتهم حسن التعليل أن يدعي لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقي
(1/191)
التفريع أن يثبت لمتعلق أمر حكم بعد إثباته لآخر تأكيدا لمدح بما يشبه الذم وعكسه باستثناء واستدراك وصف مما قبله لاستتباع المدح بشيء على وجه يستتبعه بآخر الإدماج تضمين ما سيق لشيء آخر التوجيه إيراده محتملا لوجهين مختلفين الإطراد أن يؤتي باسم الممدوح وآبائه على الترتيب بلا تكلف ومنها القول بالموجب وتجاهل العارف والهزل المراد به الجد وما مر معنوي واللفظي الجناس فإن اتفقا حروفا وعددا وهيئة وكانا من نوع فمماثل أو نوعين فمستوفي أو أحدهما مركب فتركيب فإن اتفقا خطا فمتشابه وإلا مفروق أو اختلفا شكلا فمحرف أو نقطا فمصحف أو عددا فناقص فإن كان الزائد بحرف في الأول فمطرف أو في الوسط فمكتنف أو في الآخر فمذيل أو حرفا فإن تقاربا فمضارع وإلا لا حق أو ترتيبا فمقلوب فإن كانا أول البيت وآخره فمجنح أو تشابها في بعض الحروف نمطلق أو في الأصل فاشتقاق أو توالي متجانسان فازدواج رد العجز على الصدر الختم بمرادف البدء أو مجانسة
السجع تواطؤ الفاصلتين على حرف واحد فإن اختلفا وزنا فمطرف أو استوى القرينتان وزنا وتقفية فترصيع أو لا فمتواز
التشريع بناء البيت على قافيتين لزوم ما لا يلزم التزام حرف قبل الروي والفاصلة القلب نحو كل في فلك التضمين ذكر شيء من كلام الغير في كلامه فإن كان بيتا فاستعانة أو مصراعا فما دونه فإيداع ورفو أو من القرآن والحديث فإقتباس أو إشارة إلى قصة أو شعر فتلميح أو نظم نثر فعقد أو عكسه فحل
والأصل تبعية اللفظ للمعنى لا عكسه وينبغي التأنق في الإبتداء والتخلص والانتهاء
علم التشريح
علم يبحث فيه عن أعضاء الإنسان وكيفية تركيبها
الجمجمة سبعة أعظم أربعة جدران وقاعدة وقحف وعظمان اللحيان
(1/192)
الأعلى من أربعة عشر عظما والأسفل من عظمين وفيهما إثنان وثلاثون سنا واليد كتف وعضد وساعد ورسغ وكف أربعة أعظم وخمسة أصابع العنق سبعة أعظم الترقوة عظمان الصدر سبعة أعظم الظهر سبع عشرة فقرة واربع وعشرون ضلعا العجز من ثلث فقر وعظمي العانة الرجل فخذ وساق وقدم من كعب وعقب ورسغ ومشط وخمسة أصابع
فرع
الغضروف ألين من العظم وأصلب من غيره العصب أبيض صعب الإنفصال سهل الإنعطاف الوتر من أطراف اللحم شبه المفصل يصل بين العظام العضل لحمية الجسد من لحم وعصب وأوتاد ورباطات العروق ضوارب وهي الشرايين وغيرها وهي أوردة الشحم لتندية العضو الغشاء عصباني رقيق عديم الحركة له حس قليل الجلد جسم عصبي له حس كثير يستر البدن الشعر لزينة ومنفعة الظفر لزينة وتدعيم وإعانة للأصبع
فرع
الدماغ أبيض رخو متخلخل من مخ وشريانات وأوردة وحجابين العين سبع طبقات ملتحمة وقرنية وعنبية وعنكبوتية ومشيمية وشبكية وصلبية وثلاث رطوبات بيضية وجليدية وزجاجية الأذن من لحم وغضروف وعصب حساس اللسان من لحم رخو وردي وغضروف وشريان وغشاء له حس القلب مخروط صنوبري قاعدته في وسط الصدر ورأسه مائل إلى الجانب الأيسر أحمر رماني من لحم وليف وغشاء صلب
فرع
حجاب الصدر من لحم وعصب حساس المعدة مستديرة من عصب ولحم وعروق الإمعاء عصبانية مضاعفة ذات حس من عصب وشحم ووريد وشريان
فرع
الكبد من لحم وشريان ووريد وغشاء له حسن المرارة جسم عصباني ملاصق للكبد والطحال متخلخل كمدمن لحم وشريان وغشاء له حسن
فرع
الكليتان من لحم وشحم ووريد وشريان وغشاء له حسن المثانة جسم عصباني من وريد شريان بين العانة والدبر والأنثيان من لحم أبيض دسم ووريد وشريان الذكر رباطي من لحم وعصب وعروق وشريانات حساس الرحم عصباني له عنق طويل في أصله أنثيان كذكر مقلوب
علم الطب
علم يعرف به حفظ الصحة وبرء المرض
(1/193)
الأركان نار وهواء وماء وتراب الغذاء جسم من شأنه أن يصير جزءا شبيها بالمغتذي الخلط جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولا
الأخلاط دم فبلغم فصفراء فسوداء الأسباب مادي وفاعلي وصوري وغائي الأسنان النمو فالوقوف فالانحطاط مع القوة فضعفها الأعضاء أجسام متولدة من كثيف الأخلاط ومنها مفرد ما يشارك فيه الجزء الكل في الإسم ومركب بخلافه ورئيسها القلب فالدماغ فالكبد فالأنثيان ومرؤسها الرئة والشرايين والمعدة والأعصاب والأوردة والأعضاء المولدة للمني والذكر وعروق المني للنساء وغيرها والروح نمسك عنها مخالفين للأطباء لأن المصطفى {صلى الله عليه وسلم} لم يتكلم عنها الصحة هيأة بدنية تصدر الأفعال عنها لذاتها سليمة المرض هيأة بدنية تصدر الأفعال عنها موؤفة صدورا الواسطة خلف لفظي الآفة تغير أو بطلان أو نقصان أجناس المرض سوء المزاج وفساد التركيب وتفرق الإتصال فالقصير حاد والطويل مزمن وتشخيصه أصل العلاج الأسباب إما بدني مولد بواسطة فالسابق أو بدونها فالواصل أو
خارجي فالباديء البخر إن تغير عظيم في المرض إلى صحة أو عطب الأمور الضرورية الهواء وأفضله المكشوف للشمس إلا إذا فسد والمأكول ويختلف بالأمراض وأصلحه الخبز المختمر النضيج التنوري البري وفي الطاعون الشعير واللحم الحدث الطري والبقول الخس والمشروب وأفضله الخفيف السريع البرودة والسخونة الجاري في أودية عظيمة مكشوفة للشمس والرياح ووقته بعد ذوب الأغذية وأقله ساعة وشيء وأكثره ثلاث فإن أكل حريفا أو مالحا أو حارا أو يابسا وجب معه الحركة والسكون واليقظة والنوم وأجود المعتدل الليلي
النبض حركة أوعية الروح مؤلفة من انبساط وانقباض لتدبيرها
(1/194)
تدبير الفصول الربيع الفصد والإسهال الصيف إنقاص الغذاء وترك الرياضة وهي حركة إرادية تحوج إلى التنفس العظيم الخريف ترك المجفف الشتاء الرياضة والتبسط في الغذاء الطفل يملح ويغسل بفاتر ويقطر في عينيه زيت وينوم في معتدل هواء مائل إلى الظلمة ويتحفظ في تقميطه على شكله ويرضع من غير أمه في النفاس وعلاجه بعلاج المرضع له ولا حاجة بالصبي إلى إستفارغ
الشيخ استعمال المرطب المسخن والإدهان وشم المعتدل والنوم في الأحايين وتفرقة الغذاء وتقليله سوء المزاج المادي بالاستفراغ وغيره بالتبديل الفصد تفريق إتصال يعقبه إستفراغ كلي ولا يفصد قبل أربعة عشر سنة ومنفعته إزالة الإمتلاء ومنع حدوث مترتب عليه وهو أولى المستفرغات
قانون
يقدم الأهم عند الإجتماع والتضاد ولا يعالج إلا المطيع وكل داء له دواء إلا السام والهرم وفي كل شيء دواء إلا الخمر وكل مصح أو ممرض فبقدر الله تعالى
علم التصوف
تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه فراقب الله في جميع حالاتك بأن تبدأ بفعل الفرائض وترك المحرمات ثم النوافل والمكروهات وليكن اهتمامك بترك المنهي أشد من فعل المأمور وأنت في المباح بالخيار وإن نويت به الطاعة أو التوصل إليها أو الكف عن الحرام فحسن واعتقد أن مقصر فيما أتيت به وأنك لم توف من حق الله عليك ذرة وأنك لست بخير من واحد فإنك لا تدري ما الخاتمة وسلم لأمر الله تعالى وقضائه معتقدا أنه لا يكون إلا ما يريد لا ما تريد وإياك أن تراقب أحوال الناس أو ترعيهم إلا بما ورد به الشرع واستحضر في نفسك ثلاثة أصول
الأول أن لا نفع ولا ضرر إلا منه تعالى وأن ما قدره لك رزقا ونفعا وشدة وضررا في الأزل واصل إليك لا محالة
الثاني أنك عبد مرزوق وأن مولاك ومالكك له التصرف فيك كيف شاء وأنه يقبح عليك أن تكره ما يفعله بك مولاك الذي هو أشفق عليك وارحم بك من نفسك ووالديك وأنه أحكم الحاكمين في فعله وأنه لم يرد بذلك الواصل إليك من الضرر إلا صلاحك ونفعك
(1/195)
الثالث أن الدنيا زائلة فانية والآخرة آتية باقية وأنك في الدنيا مسافر ولا بد أن ينتهي سفرك وتصل إلى دارك فاحتمل مشقات السفر واجتهد في عمارة دارك واصلاحها وتزينها في هذا الأمد القليل لتتمتع بها دهرا مديدا بلا تصب والمؤمن حقا من كملت فيه شعب الإيمان وهي بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة
وذلك الإيمان بالله وصفاته وحدوث ما دونه وبملائكته وكتبه ورسله والقدر واليوم الآخر ومحبة الله والحب والبغض فيه ومحبة النبي {صلى الله عليه وسلم} واعتقاد تعظيمه وفيه الصلاة عليه واتباع سنته والإخلاص وفيه ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء والحياء والتوكل والرحمة والتواضع وفيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك الكبر والعجب
وترك الحسد والحقد والغضب والنطق بالتوحيد وتلاوة القرآن وتعلم العلم وتعليمه والدعاء والذكر وفيه الإستغفار واجتناب اللغو والتطهر حسا وحكما وفيه اجتناب النجاسات وستر العورة والصلاة فرضا ونفلا والزكاة كذلك وفك الرقاب والجود وفيه الإطعام والضيافة والصيام فرضا ونفلا والإعتكاف والتماس ليلة القدر والحج والعمرة والطواف والفرار بالدين وفيه الهجرة والوفاء بالنذر والتحري في الإيمان وأداء الكفارات والتعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال وبر الوالدين وتربية الأولاد وصلة الرحم وطاعة السادة والرفق بالعبيد والقيام بالأمر مع العدل ومتابعة الجماعة وطاعة أولي الأمر والإصلاح بين الناس
وفيه قتال الخوارج والبغاة والمعاونة على البر وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود والجهاد وفيه المرابطة وأداء الأمانة ومنها الخمس والقرض مع وفائه وإكرام الجار وحسن المعاملة وفيه جمع المال من حله وإنفاق المال في حقه وفيه ترك التبذير والسرف ورد السلام وتشميت العاطس وكف الضرر واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق
خاتمة
(1/196)
العلم أساس العمل وهو ثمرته وقليلة معه خير من كثيره مع جهل فمن ثم كان أفضل من صلاة النافلة
وأفضله أصول الدين فالتفسير فالحديث فالأصول فالفقه فالآلات على حسبها فالطب وتحرم علوم الفلسفة كالمنطق
والصلاة أفضل من الطواف وهو من غيره والكلام في الإكثار والنفل بالبيت ونفل الليل ثم وسطه فآخره والقرآن من سائر الذكر وهما من الدعاء حيث لم يشرع وحرف تدبر من حرفي غيره وبالمصحف والجهر حيث لا رياء السكوت من التكلم إلا في حق ومخالطة الناس وتحمل أذاهم من اعتزالهم وهو حيث يخاف الفتنة والكفاف من الفقر والغني
فضل قوم التوكل على الإكتساب وعكس قوم وفضل آخرون باختلاف الأحوال
المختار عندي أنه لا ينافي الكسب ولا التوكل إدخار قوت سنة وكل أقامه الله تعالى على ما يريد لانتظام الوجود وتفاوت المراتب لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه والله أعلم تم بحمد الله(1/197)