قال مقاتل بن حيان(1): نزلت الآية في الأغنياء ، وذلك أنهم كانوا يأتون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتى كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر بالصدقة عند المناجاة ، فأما أهل العُسْرَة فلم يجدوا شيئاً ، وأما أهل الميسرة فَبَخلُوا ، واشتد ذَلِكَ على أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلت الرخصة.
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: إن في كتاب الله لآيةً ما عَمِلَ بها أحدٌ قبلي ، ولا يَعملُ بها أحدٌ بعدي { يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ } [المجادلة: 12] كان لي دينارٌ فبعته بدراهم وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد ، فَنُسِخَتْ(2) بالآية الأخرى : { ءأَشفَقتُم أَن تُقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقاتٍ … الآية } (3) [المجادلة: 13].
__________
(1) ذكره السمرقندي من غير عزوٍ لأحد 3/337 ، والبغوي 5/47 ، والخازن ولم يعزه لأحد 7/52 ، والثعالبي 5/403 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/84 وعزاه لابن أبي حاتم.
(2) في تفسير البغوي 5/49 :(( ونسخ الصدقة . قَالَ مقاتل بن حيان: كَانَ ذَلِكَ عشر ليال ثم نسخ ، قَالَ الكلبي: ما كانت إلا ساعة مِنْ نهار)) وقول الكلبي هُوَ قول ابن عَبَّاس كَمَا في القرطبي 8/6473.
(3) أخرجه: عَبْد الرزاق في تفسيره3/294(3177)، والطبري28/20، والحاكم في المستدرك2/481-482 وذكره الزمخشري 4/76 ، والقرطبي 8/6472 ، وابن كثير 4/483 ، وزاد السيوطي في الدر 2/84 نسبته لسعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.(1/712)
قوله - عز وجل - { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ … الآيات } [المجادلة: 14] إلى قوله: { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [المجادلة: 18].
قال السُدِّي ومقاتلٌ(1): نزلت في عبد الله بن نَبْتل المنافق؛ كَانَ يجالس النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يرفع حديثه إِلَى اليهود. فبينا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي حُجْرَةٍ مِنْ حجره إذ قَالَ : (( يدخل عليكم الآنَ رجلٌ قلبُه قلبُ جبارٍ ، وينظر بعيني شيطانٍ )) فدخل عَبْد الله بن نَبْتَل المنافق(2) ، وكَانَ أزرقَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( علام تشتُمني أنت وأصحابُك ؟ )) فحلف بالله ما فعل ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( فعلتَ )). فانطلق فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما سبّوه(3). فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
__________
(1) ذكره المصنف في تفسيره 4/266 ، والبغوي 5/49(2153) ، وابن الجوزي في زاد المسير 8/196 ، والقرطبي 8/6474 ، والخازن 7/53 ولم يعزه لأحد ، وفي الدر 8/85 عزا السيوطي قول السدي لابن أبي حاتم.
(2) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(3) فِي (س) و (ه) : (( شتموه )) .(1/713)
(411) أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قَالَ:أخبرنا محمد بن جعفر ابن مطر ،قَالَ:أخبرنا جعفر بن مُحَمَّد (1) الفِرْيَابِي ، قَالَ :حدثنا أبو جعفر النفَيْلِي، قَالَ: حدثنا زهير بن معاويةَ (2) ، قَالَ : حَدَّثَنَا سِمَاك بن حرب ، قال: قَالَ :حدثني سعيد بن جبَير ، أن ابن عباس حدثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ/110ب/ في ظل حجرةٍ من حجره ، وعنده نفرٌ من المسلمين قد كاد الظل يقلص عنهم ، فقال لهم: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطانٍ ، فإذا أتاكم فلا تكلموه. فجاء رجلٌ أزرقٌ ، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه ، فَقَالَ : (( عَلاَمَ تشتمني أنت وفلانٌ وفلانٌ ؟ ))-نفرٌ دعا بأسمائهم- فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا بالله واعتذروا إِلَيْهِ. فأنزل الله تَعَالَى: { يَومَ يَبعَثُهُمُ اللهُ جَميعاً فَيَحلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحلِفُونَ لَكُم وَيَحسَبُونَ أَنَّهُم عَلى شَيءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الكَاذِبُونَ } [المجادلة : 18] . رَوَاه الحَاكِم فِي " صحيحه " (3) ، عَن الأصم ، عَن ابن (4) عفانَ ، عَن عَمْرو العَنْقَزِي (5) ، عَن إسرئيل ، عَن
__________
(1) في (ه - ): (( مُحَمّد بن جعفر )) وَهُوَ خطأ. انظر: اللباب 2/427.
(2) في ( ب ) : ((إبراهيم بن معاوية )) وَهُوَ خطأ. انظر : تهذيب الكمال3/38(2004).
(3) المستدرك 2/482 وصححه الحاكم عَلَى شرط مُسْلِم. وإسناده حسن مِنْ أجل سماك فهو صدوق حسن الحَدِيْث. وأخرجه: أحمد1/240و267و350 ، والبزار(2270 كشف الأستار) ، والطبري 28/23 ، والطبراني في الكبير (12307) ، والبيهقي في الدلائل5/282-283 ، وذكره القرطبي 8/6474 ، وابن كثير 4/485 ، والسيوطي في الدر 8/85 ونسبه لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(4) في (ه - ): ((أبي عفان)) وَهُوَ خطأ. فهو الحسن بن عَلِيّ بن عفان.
(5) في (ه - ): ((العنعري)) وَهُوَ خطأ. انظر: اللباب2/362.(1/714)
سِمَاك.
قوله - عز وجل -: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه …الآية } [المجادلة : 22].
قال ابن جريج (1): حُدِّثت أن أبا قُحَافَةَ سبَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فصكّه أبو بكر صكّةً شديدةً سقط منها، ثم ذكر ذَلِكَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: (( أوفَعَلته )) قال: نعم، قال: (( فلا تعد إليه )) فقال أبو بكر: والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) الزمخشري 4/79 ولم يعزه ، وزاد المسير 8/198 ، والقرطبي 8/6477 ، والسيوطي في الدر 8/86 ونسبه لابن المنذر.(1/715)
وروى عن ابن مسعود (1)، أنه قَالَ : نزلت هذه الآية في أبي عُبَيْدَة بن الجرّاح ، قتل أباه عبد الله بن الجرّاح يوم أحدٍ . وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدرٍ إلى البراز ، فَقَالَ : يا رسول الله ، دعني أكن في الرَّعْلَة الأولى (2). فقال له رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( مَتعْنا بنفسك يا أبا بكرٍ ، أما تعلم أنك عندي بِمنزلة سمعي وبصري؟ )). وفي مُصْعَب بن عُمَير ، قتل أخاه عُبَيد بن عمير يوم أحُدٍ. وفي عمرٍ ، قتل خالَه العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدرٍ. وفي عليٍّ وحمزة وعُبيدة ، قتلوا عُتْبة وشَيْبة ابني ربيعة ، والوليدَ بن عتبة يوم بدر. وذلك قوله : { وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءهُم أَوْ أَبناءهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتَهُم } [المجادلة : 22](3).
سُورة الحَشر
F
[قوله - عز وجل -: { سَبَّحَ لِلَّهِ } [الحشر : 1] إلى قوله : { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ } ](4) [الحشر: 6].
__________
(1) قَالَ البغوي 5/50: روى مقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن عَبْد الله بن مسعود…،وذكره ابن الجوزي في زاد المسير8/198 ، والقرطبي8/6477 ، والخازن 7/54 ، وأبو حيان في البحر 8/239 ، ولم ينسبه ، والزمخشري 4/79 ، وابن كثير 4/486 ولم ينسباه.
(2) الرعلة : القطعة مِن الخيل أو الفرسان أوالطير والجمع : أرعال ، وأراعيل . لسان العرب 11/286 - 287 (رعل) . والمراد بِهِ هنا القطعة- الجماعة- الأولى مِنْ الشهداء.
(3) كتب ناسخ ( ب ) في هذا الموقع ( بلغ مقابلة ) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة مِنْهَا وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها.
(4) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد فِي (ب) و (ص) .(1/716)
قال المفسرون(1): نزلت هَذِهِ السورة بأسرها(2) في بني النَّضِير ، وذلك أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة صالحه بنو النَّضِير على(3) أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ، وقَبِلَ ذَلِكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - (4) منهم. فلما غزا رسول الله بدراً وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير: والله إنه النبيُّ الذي وجدنا نعته في التوراة ، لا تُردُّ له رايةٌ. فلما غزا رَسُول الله(5) أحداً وهُزم المسلمون ، نقضوا العهد ، وأظهروا العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين (6). فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صالحهم على الجلاء من المدينة.
(412) أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله ابن الفضل/111 أ/ التاجر ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن محمد بن الْحسن (7) الحافظ ، قَالَ: حدثنا محمد بن يحيى ، قَالَ : حدثنا عبد الرزاق (8) ، قَالَ: حَدَّثَنَا معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب (9) بن مالك ، عن رجلٍ من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (10)
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 5/51.
(2) في (ه - ): ((نزلت هَذِهِ الآية)).
(3) سقطت من (ب) .
(4) فِي (س) و (ه) :(( وقبل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ )) .
(5) رَسُول الله )) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(6) في (ه - ): ((المسلمين)).
(7) في (س): ((الحسين)).
(8) في المصنف ، لَهُ (9733).
(9) فِي (ب) : (( أبي بن كعب )) .
(10) إسناده صحيح ، وابن كعب بن مالك هُوَ: عَبْد الرحمان.
أخرجه: أبو داود(3004) ، وزاد السيوطي في الدر المنثور8/93 نسبته إلى عَبْد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في دلائل النبوة.(1/717)
: أن كفار قريشٍ كتبوا بعد وقعة بدرٍ إلى اليهود : إنكم أهل الحلقة (1) ، والحصون ، وإنكم لتقاتلنّ صاحِبنَا أو لنفعلن كذا ، ولا يحول بيننا وبين خَدَم نسائكم- وهي(2) الخلاخل- شيءٌ. فلما بلغ كتابُهم اليهودَ أجمعت بنو النضير الغدر(3)، وأرسلوا إلى النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - : أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك ، وليخرج معنا ثلاثون حَبْراً ، حتى نلتقي بمكانٍ نَصَف بيننا وبينك ، ليسمعوا (4) منك ،فإن صدّقوك وآمنوا بك أمنا كلنا(5)، فخرج النبيّ ُ - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حَبْراً من اليهود ؛ حَتَّى إذا برزوا فِيْ بَرَازٍ مِن الأرض ، قَالَ بَعْض اليهود لبعضٍ: كَيْفَ تخلُصُون إِلَيْهِ ومعه ثلاثون رجلاً مِنْ أصحابه كلُّهم يُحب أن يموت قبله ؟ (6) فأرسلوا إِلَيْه (7) كيف نفهم (8) ونحن ستون رجلاً ؟ اخرج في ثلاثةٍ
__________
(1) الحلقة : ((اسم لجملة السلاح والدروع وما أشبهها)). لسان العرب 10/64.
(2) في (ه - ): ((بين الخلاخل)).
(3) فِي (س) و (ه) :(( عَلَى الغدر )) .
(4) في ( ب ): ((فيسمعوا)).
(5) فِي (س) و (ه) :(( بك كلنا )) .
(6) في ( ص ): ((كلهم يحبون أن يموتوا)).
(7) لَمْ ترد فِي (ب) .
(8) في (ه - ): ((كيف نتفق)).(1/718)
من أصحابك، ونخرج إليك ثلاثةً من علمائنا، فإن(1) آمنوا بك آمنا بك كلُّنا وصدقناك ، فخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثةٍ من أصحابه ، وخرج ثلاثةٌ من اليهود، واشتملوا عَلَى الخناجر ، وأرادوا الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأرسلت امرأة ناصحةٌ من بني النَّضِير إِلَى أخيها- وَهُوَ رجلٌ مسلمٌ من الأنصار- فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل أخوها سريعاً حَتَّى أدرك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فسارَّه بخبرهم فرجع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا كَانَ من الغد غدا عَلَيْهِمْ بالكتائب، فحاصرهم وقاتلهم حَتَّى نزلوا عَلَى الجلاء، وعلى أنّ لَهُمْ ما أقَلَّت الإبل إلا الحَلْقَةَ ، وَهِيَ السلاح وكانوا يُخَرِّبون بيوتهم ، فيأخذون ما وافقهم من خشبها. فأنزل الله تَعَالَى : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } [الحشر:1] حَتَّى بلغ :
{ واللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ } [الحشر: 6].
قوله - عز وجل -: { مَا قَطَعْتُمْ مِّنْ لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا … الآية } [الحشر: 5].
__________
(1) في ( ص ) و(ه - ): ((أن)).(1/719)
وذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل ببني النضير ، وتحصنوا في حصونهم ، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك ، وقالوا: زعمت يا محمد ، أنك تريد الصلاح ، أفمن الصلاح عَقْرُ الشجر المثمر وقطعُ النخيل ؟ وهل وجدت فِيْمَا زعمت : أَنَّهُ أنزل عَلَيْكَ ، الفساد فِيْ الأرض ؟ فشق ذَلِكَ عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فوجد المسلمون فِيْ أنفسهم مِنْ قولهم ، وخشوا أن يَكُون ذَلِكَ فساداً ، واختلفوا فِيْ ذَلِكَ فَقَالَ بعضهم : لا تقطعوا /111ب/ فإنه مِمَّا أفاء الله علينا ، وَقَالَ بعضهم: بل بغيظهم (1) بقطعها (2) فأنزل الله تعالى : { ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ… } الآية [الحشر: 5] ، تصديقاً لمن نَهَى عن قطعه ، وتحليلاً لمن قطعه. وأخبر أن قْطعَه وتَرْكَه بإذن الله تعالى(3).
(413) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزكِّي (4) قَالَ : أخبرنا والدي ،
__________
(1) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(2) فِي (س) و (ه) :(( اقطعوا )) .
(3) أخرجه: الترمذي(3303) وفي علله الكبير(666) ، والنسائي في الكبرى(8610)و(11574) وفي التفسير، لَهُ (594) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار(1111) ، والطبراني في الأوسط(591) مِنْ حديث سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس ، وَقَالَ الترمذي: ((حسن غريب)) .
(4) فِي (ب) :(( الدركي)) وفي (ه - ): ((الداركي)) وَهُوَ خطأ.(1/720)
قَالَ : أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قَالَ: حدثنا قتيبة ، قَالَ: حدثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخيل(1) بني(2) النضير ، وقطع. وهي البُوَيْرة فأنزل الله تَعَالَى : { ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولُها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزِيَ الفاسِقينَ } رواه البُخَارِيّ (3) ومسلم (4) عن قُتيبةَ.
__________
(1) فِي (س) و (ه) :(( نخل)) .
(2) لَمْ ترد فِي (ب) .
(3) صحيح البخاري6/184(4884).
(4) صحيح مُسْلِم5/145(1746)(29).
وأخرجه: أحمد2/123و140 ، والبخاري 5/113(4031) ، وأبو داود(2615) ، وابن ماجه (2844) ، والترمذي (1552)و(3302) ، والنسائي(8608)و(11573) ، وفي التفسير، لَهُ (593) ، وأبو عوانة4/98-99 ، والطحاوي في شرح المشكل(1109) ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/83 وفي الدلائل، له3/357 ، والبغوي في شرح السنة (3782) وفي التفسير ، لَهُ5/54(2159) مِنْ طرق عن الليث بن سعد بهذا الإسناد.
وأخرجه: الطيالسي(1833) ، والدارمي(2463) ، والبخاري 3/136(2326)و5/113(4032) ، ومسلم 5/145(1746)(31) ، وابن ماجه(2845) ، وأبو يعلى (5837) ، وابن الجارود(1054) ، وأبو عوانة 4/97و98و99 ، والطحاوي في شرح المشكل (1110) ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/83 وفي الدلائل 3/356و357 ، والبغوي في شرح السنة(3781) مِنْ طرق عن نافع ، عن ابن عمر، بِهِ.(1/721)
(414) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو يحيى الرازي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق ، وهي البويرة(1) ، ولها يقول حسان:
- - - 0وَهانَ عَلى سُراةِ بَني لُؤَيٍّ
?
?
حَريقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُستَطيرُ (2)
- - -
وفيها نزلت الآية: { ما قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا…الآية } [الحشر: 5] رواه مُسْلِم (3) عن سعيد بن مَنْصُوْر (4) ، عن ابن المبارك.
__________
(1) البويرة : تصغير البئر التي يستقي منها الماء . والبويرة : هُوَ موضع منازل بني النضير اليهود الذين غزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - …انظر: معجم البلدان1/512.
(2) البيت في ديوان حسان بن ثابت 194 ، وسيرة ابن هشام3/285.
(3) صحيح مُسْلِم 5/145(1746)(30).
(4) في سننه (2642).
وأخرجه: الشَّافِعِيّ في مسنده(1742)و(1744) بتحقيقنا، والحميدي(685) ، وأحمد2/7و52 و80 و86 ، والبخاري 4/76(3021) ، ومسلم 5/145(1746)(30) ، والنسائي في الكبرى (8609) ، والطبري 28/34، والطحاوي في شرح المشكل (1108)، والبيهقي في السنن الكبرى9/83 وفي الدلائل 3/184 وفي معرفة السنن والآثار(18028) من طرق عن موسى بن عقبة بهذا الإسناد.وانظر ما قبله.(1/722)
(415) وأخبرنا أبو بكر ، قَالَ: أخبرنا أبو(1) عبد الله ، قَالَ : أخْبَرَنَا سَلْم (2) بن عصام ، قَالَ :حَدَّثَنَا رسته ، قَالَ : حدثنا عبد الرحمان بن مهدي ، قَالَ :حدثنا محمد بن ميمون التمار ، قَالَ: حدثنا جُرْمُوز ، عن حاتم النجار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قَالَ : جاء يهودي إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أنا أقوم فأصلي ، قَالَ : (( قدَّرَ الله لَكَ (3) أن تصلي )) قَالَ : أنا أقعد . قَالَ : (( قدَّرَ الله لك أن تقعد )) قَالَ : أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها. قَالَ : (( قدر الله لك أن تقطعها )) قَالَ : فجاء جبريل - عليه السلام - ، فَقَالَ : يا محمد لُقِّنتَ حُجتَك ، كما لُقِّنها إبراهيمُ على قومه. وأنزل الله تَعَالَى : { ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُموها قائِمَة عَلى أُصولِها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزي الفاسِقينَ } [الحشر: 5] يعني اليهود(4).
قوله - عز وجل -: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ…الآية } [الحشر: 9].
روى جعفر بن بُرقان عن يزيد بن الأصم(5) ، أن الأنصار قالوا: يا رسول الله ، اقسم بيننا وبين إخواننا من المهاجرين الأرض نصفين ، قال: (( لا، ولكنهم يَكفونكم المَؤُونة ، وتقاسمونهم الثمرة ؛ والأرضُ أرضُكم )) قالوا : رضينا . فأنزل الله تَعَالَى : { وَالَّذينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيْمَانَ مِنْ قَبلِهِمْ…الآية } [الحشر: 9].
__________
(1) أبو)) لَمْ ترد في (ص) و (ه - ) .
(2) فِي (ب) :(( مسلم )) .
(3) فِي (س) و (ه) :(( لك ذَلِكَ )) .
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف جرموز بن عَبْد الله العرفي ، وشيخه حاتم النجار لَمْ نعرفه ، أخرجه البَيْهَقِيّ في الأسماء والصفات144-145 عن الأوزاعي ، بِهِ مرسلاً.
(5) ذكره السيوطي في الدر المنثور8/106 وعزاه إلى عَبْد بن حميد ، وابن المنذر.(1/723)
قوله - عز وجل -: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [الحشر: 9].
(416) أخبرنا سعيد (1) بن أحمد بن جعفر المؤذن ، قَالَ: أخبرنا أبو عليٍّ الفقيه ، قَالَ: أخبرنا محمد ابن منصور بن أبي الجهم السَّبيعِي(2)، قَالَ : حَدَّثَنَا نصر بن علي الجهْضَمِيّ (3)، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله ابن داود ، عن فُضَيل بن غَزْوان ، عن أبي حازمٍ ، عن أبي هُرَيْرَةَ/112 أ/: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى رجلٍ من الأنصار رجلاً من أهل الصُّفَّة ، فذهب بِهِ الأنصاري إلى أهله ، فقال للمرأة: هل من شيءٍ؟ قَالَتْ: لا إلا قوت الصِّبية. قَالَ: فَنَوِّميهم،فإذا ناموا فأتيني بِهِ ، فإذا وضعت فاطفئي السراج قَالَ: ففعلت ، وجعل الأنصاري يقدم إِلَى ضيفه ما بَيْنَ يديه ، ثُمَّ غدا بِهِ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ :
(( لَقَدْ عجب لفعالكما(4) أهل السماء )) ونزلت : { وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصاصَةٌ } [الحشر : 9] . رَوَاه البُخَارِيّ (5) عَن مُسَدّد ، عَن عَبْد الله بن داود ؛ ورواه مُسْلِم (6) عَنْ أبي كُرَيب ، عَن وكيع ؛كلاهما عَن فُضَيل بن غَزْوان .
__________
(1) في (ه - ): ((سعد)).
(2) في ( ب ) : ((الشيعي)).
(3) روى عَنْهُ البُخَارِيّ ومسلم وتوفي سنة 250كَمَا في اللباب1/316.
(4) فِي (س) و (ه) :(( من فعالكما )) .
(5) صحيح البخاري5/42(3798).
(6) صحيح مُسْلِم6/128(2054)(173).
وأخرجه: البُخَارِيّ 6/185(4889) وفي الأدب المفرد ، لَهُ(740) ، ومسلم6/127(2054)(172)، والترمذي (3304) ، والنسائي في الكبرى (11582) وفي التفسير ، لَهُ (602) ، وأبو يعلى (6168) ، والطبري في التفسير 28/42 ، وابن حبان (5286) و (7264) ، والبيهقي 4/185 وفي الأسماء والصفات ، لَهُ2/217.(1/724)
(417) أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الله بن إسحاق المُزَكِّي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسن مُحَمّد بن عَبْد الله السليطي، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو العباس بن عيسى بن مُحَمّد المَرْوَزي ، قَالَ : حَدَّثَنَا المستجير (1) بن الصَّلْت ، قَالَ : حَدَّثَنَا القاسم بن الحكم العُرَني ، قَالَ:حَدَّثَنَا عُبَيد الله بن الوليد ، عَن مُحَارِب بن دِثَار ، عَن عَبْد الله بن عُمَر ، قَالَ : أهدِيَ لرجل مِنْ أصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسُ شاةٍ ، فَقَالَ (2) : إن أخي فلاناً وعياله أحوجُ إِلَى هَذَا منا. فبعث بِهِ إِلَيْهِ فَلَمْ يزل يَبعث بِهِ واحد إِلَى آخَرَ حَتَّى تداوله سبعةٌ أهلُ أبيات ، حَتَّى رجعت إِلَى الأول(3). فَنَزَلت { وَيُؤثِرُونَ عَلى أَنفُسِهِم } [الحشر: 9] إلى آخر الآية(4).
سُورة الممتحنة
F
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء …الآية } [الممتحنة: 1].
__________
(1) في (ه - ): ((المسخر بن الصلت)) وَهُوَ خطأ.
(2) في (ه - ): ((فقالت)).
(3) في (ه - ): ((إلى أولئك)).
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف عُبَيد الله بن الوليد.
أخرجه: الحاكم2/483-484 وصححه ، وتعقبه الذهبي بقوله: ((عُبَيد الله ضعفوه)) ، وزاد السيوطي فِي الدر 8/107 نسبته لابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.(1/725)
قال جماعة المفسرين (1): نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعَة ، وذلك : أن سَارَةَ مولاةَ أبي عمرو بن صيفي بن هاشم(2) بن عبد منافٍ، أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لفتح مكة ، فقال لها: (( أمسلمة جئت؟)) قَالَتْ: لا، قَالَ: (( فما جاء بك )) قَالَتْ : أنتم كنتم (3) الأهل والعشيرة والموالي ، وَقَدْ احتجت حاجةً شديدةً ، فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني . قَالَ لَهَا : (( فأين أنتِ مِنْ شباب أهل مكة ؟ ))
__________
(1) انظر : تفسير الطبري 28/58 ، وبحر العلوم3/350 ، ومعالم التنْزيل 5/69.
(2) في (ه - ): ((عمر بن صهيب بن هشام)) وَهُوَ خطأ في جميع الأسماء.
(3) في ( ب ) : ((كنتم أنتم )).(1/726)
- وكانت مغنيةً- قَالَتْ: ما طُلب مني شيءٌ بَعْدَ وقعة بدرٍ. فحثَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بني عَبْد المطلب وبني المطلب عَلَى إعطائها (1) ، فكسوها وحملوها وأعطوها. فأتاها حاطب ابن أبي بلتعة ،وكتب مَعَهَا إِلَى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عَلَى أن توصل الكِتَاب إِلَى أهل مكة ، وكتب فِيْ الكِتَاب : مِنْ حاطب بن أَبِي بلتعة (2) إِلَى أهل مكة : إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدكم ، فخذوا حِذْرَكم. فخرجت سارةُ ، ونزل جبريل - عليه السلام - ، فأخبر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا فعل حاطب. فبعث رَسُول الله /112ب/ - صلى الله عليه وسلم - علياً وعماراً وعمر(3) والزُّبَير وطلْحة والمِقْدَاد بن الأسْوَد وأبا مَرْثَد. وكانوا كلُّهم فرساناً ، وَقَالَ لَهُمْ ((انطلِقُوا حَتَّى تأتُوا رَوْضَة خَاخٍ،فإنَّ فِيهَا ظعينةً مَعَهَا كتابٌ مِنْ حاطبٍ إِلَى المشركين فخذوه مِنْهَا ، وخلُّوا سبيلَها ، فإن لَمْ تدفعه إليكم فاضربوا عنقها)). فخرجوا حَتَّى أدركوها فِيْ ذَلِكَ المكان ، فقالوا لَهَا: أين الكِتَاب؟ فحلفتْ بالله ما مَعَهَا من كتابٍ. ففتشوا متاعها ، فَلَمْ يجدوا مَعَهَا كتاباً. فَهَمُّوا بالرجوع ، فَقَالَ عليُّ: والله ما كَذَبَنا ، ولا كَذَّبْنا وسلَّ سيَفه وَقَالَ: اخرجي الكِتَاب ، وإلا والله لأُجَرِّدَنَّك (4) ولأضَرِبَنَّ عنقَك . فَلَمَّا رأت الجِدَّ أخرجت الكِتَاب (5) مِنْ ذُؤابتها ، وكانت قَدْ خبأتْه فِيْ شعرها ، فخلُّوا سبيلها ،ورجعوا بالكتاب إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حاطبٍ، فأتاه فَقَالَ لَهُ(6)
__________
(1) فِي (ب) : (( عَلَيْهَا ))
(2) بن أَبِي بلتعة )) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(3) لَمْ ترد فِي (س) و (ه - ) .
(4) في (ه - ): ((لأجزرنك))وَهُوَ خطأ.
(5) فِي ( س ) و ( ه - ): (( أخرجته )) .
(6) لَمْ ترد فِي ( ب ) .(1/727)
: ((هَلْ تعرفُ الكِتَاب ؟))،قَالَ:نعم،قَالَ:(( فما حملك عَلَى ما صنعت؟))،فَقَالَ: يا رَسُول الله،والله ما كفرتُ منذ أسلمتُ،ولا غششتُك منذ نصَحْتُك،ولا أحببتهم منذ فارقتهم؛ وَلَكِنْ: لَمْ يَكُنْ أحدٌ مِنْ المهاجرين إلا وله بمكةَ مِنْ يمنعُ عشيرتَه،وكنتُ غريباً(1) فيهم، وكَانَ أهلي بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ؛فخشيتُ عَلَى أهلي،فأردت أن أتخذ عندهم يداً؛وقد علمتُ أن الله يُنزلُ بهم بأسَه ، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئاً . فصدَّقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعَذَره . فَنَزلت هذه السورة : { يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُم أَولِياءَ ... الاية } [الممتحنة:1] فقام عمر بن الخطاب وقال: دعني يا رسول الله أضرب عنقه فإنه منافق(2)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد (3) اطلع على أهل بدرٍ فقال لهم(4): اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ))(5).
__________
(1) في ( ب ) : ((عزيزاً)).
(2) في ( س ) و (ه - ) : (( عنق هَذَا المنافق )) .
(3) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ).
(5) انظر تخريجه في الَّذيْ بعده.(1/728)
( 418) أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن [بن عمرو](1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يعقوب ، قَالَ : حَدَّثَنَا الربيع ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيّ (2) ، قَالَ: أخْبَرَنَا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد(3) بن عليّ ،عن عُبَيْد الله بن أبي رافع ، قال: سمعت علياً يقول: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير ، والمقداد[بن الأسود](4) ، قال: انطلقوا حتى تأتوا رّوْضة خَاخٍ فإنَّ بها ظعينةً معها كتابٌ. فخرجنا تَعَادَى بنا خيلُنا ، فإذا نحن بظَعِينَةٍ ، فقلنا : أخرجي الكِتَاب. فقالت: ما معي كتابٌ . فقلنالها : لتُخْرِجن الكتابَ ، أو لَنُلْقِيِنَّ الثياب. فأخرجته من عِقَاصِها ، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا فيه: مِنْ حاطب ابن أبي بَلْتَعَةَ إلى أناسٍ من المشركين ممن كَانَ (5) بمكة ، يُخبرُ ببعض أمرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( ما هذا يا حاطبُ )) ، فَقَالَ : لا تَعجَلْ عليَّ ، إني كنت امرأ مُلْصَقَاً في قريشٍ ، ولم
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ) وفي ( ه - ) : (( بن مُحَمَّد )) .
(2) في الأم4/166 وأحكام القرآن2/46 وفي المُسْنَد (1786) بتحقيقنا.
(3) في (ه - ) : ((الحسن بن مُحَمّد بن يعقوب بن عَلَي بن عُبَيد الله)).
(4) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/729)
أكن من أنفسها (1) ، وكان مَنْ معك من / 113 أ/ المهاجرين لهم قَرَاباتٌ يَحمُون بها قَرَاباتِهم ، ولم يكن لي بمكةَ قرابةٌ ،فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً، والله ما فعلتهُ شاكاً في ديني ، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنه قد صدق )) فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنقَ هذا المنافقِ . فَقَالَ : (( إنه قَدْ (2) شهد بدراً ، وما يُدْرِيكَ لعلَّ الله اطلَّع على أهل بدر ، فقال: اعمَلُوا ما شئتُم فقد غَفَرْتُ لكم )) فنزلت : { يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُم أَولِيَاءَ تُلقُونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ … الآية } . رَوَاهُ البُخَارِيّ (3)، عن الحُمَيْدي (4)، ورواه مُسْلِم (5) عن أبي بكر بن أبي شيْبَة ، وجماعةٍ ؛كلُّهم عَن سُفْيَان.
__________
(1) في ( ب ) : ((نفسها)).
(2) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(3) صحيح البُخَارِيّ 6/185(4890).
(4) مسند الحميدي(49).
(5) صحيح مُسْلِم 7/167(2494)(161).
وأخرجه: أحْمَد1/79 ، والبخاري 4/72(3007) و5/184(4274) ، وأبو داود(2650) ، والترمذي (3305) ، والنسائي في الكبرى(11585) وفي التفسير ، له(605) ، وأبو يعلى (394)و(398) ، والطبري في تفسيره 28/58 ، والطحاوي في شرح المشكل(4437) ، وابن حبان(6499) ، والبيهقي في السنن 9/146 وفي دلائل النبوة 5/17 ، والبغوي في معالم التنزيل 5/68(2174) ، وابن الأثير في أسد الغابة 1/432.
وأخرجه: أحمد1/105و131 ، وعبد بن حميد(83) ،البخاري4/92( 3081 ) و5/99 (3983) و8/71 (6259) و9/23(6939) وفي الأدب المفرد ، لَهُ (438) ، ومسلم 7/168(2494) ، وأبو داود (2651) ، وعبد الله بن أحْمَد في زياداته عَلَى مسند أبيه 1/130 ، وأبو يعلى (396) ، والطحاوي في شرح المشكل (4438) ، وابن حبان (7119) ، والبيهقي في الدلائل 3/152 مِنْ طريق أبي عَبْد الرحمان عن عَلِيّ .(1/730)
قوله - عز وجل -: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ …الآيات } [الممتحنة: 6].
يقول الله تعالى للمؤمنين : لقد كان لكم في إبراهيم ومن معه ، من الأنبياء والأولياء ، اقتداءٌ بهم في معاداة ذوي قَرَاباتِهم من المشركين. فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين في الله ، وأظهروا لهم العداوة والبراءة ؛ وعلم الله تَعَالَى شدَّة وجد المؤمنين بِذَلِكَ ، فأنزل الله (1) : { عَسَى اللهُ أَن يَجعَلَ بَينَكُم وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُم مِنهُم مَوَدَّةً } [الممتحنة: 7]. ثُمَّ فعل ذَلِكَ بأن أسلم كثيرٌ منهم ، وصاروا لهم أولياءَ وإخواناً فخالطوهم وناكحوهم ، وتزوج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أم حَبِيَبةَ بنت أبي سفيانَ بن حَرْب. فلان لهم أبو سفيان. وبلغه ذَلِكَ وَهُوَ مشركٌ فَقَالَ: ذاك الفَحْلُ لا يُقْرَع(2) أنْفُه(3).
(419) أخبرنا أبو صالحٍ منصور بن عبد الوهاب البزاز (4) ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيرِي ،قَالَ : حدثنا أبو يعلى ، قَالَ : حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قَالَ :حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن مُصْعَب بن ثابت ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه ، قال(5)
__________
(1) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(2) في ( ب ) : ((لايُقرع الله أنفه)).
(3) انظر: البغوي في تفسيره 5/71 ، والقرطبي في تفسيره 8/6537.
(4) في (ه - ): ((البزار)).
(5) أخرجه : الطبراني في تفسيره 28/66 ، وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3349 (18864) ، والسمرقندي في تفسيره 3/353 ، والبغوي في تفسيره 5/71 (2176) ، والقرطبي في تفسيره
8/6538 ، وابن كثير في تفسيره 4/516 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/130 وزاد في نسبته لابن مردويه.(1/731)
: قدمت قُتِيْلَةُ بنت عبد العُزَّى على ابنتها أسماءَ بنت أبي بكر ، بهدايا وضِباب(1) وسمن وأقط ، فلم تقْبل هداياها ، ولم تُدخلْها منزلها ؛فسألت لها عَائِشَة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَن ذَلِكَ فَقَالَ: { لا يَنهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَم يُقاتِلُوكُم فِيْ الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ …الآية } [الممتحنة: 8].
فأدخلتها منْزلها ، وقبلتْ منها هداياها. رواه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه"(2)، عن أبي العباس السَّيَّاري ، عن عبد الله الغزال ، عن ابن شقيق(3) ، عن ابن المبارك.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنّ… الآية } [الممتحنة: 10].
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( بهداهيا : صباب )) .
(2) المستدرك 2/485-486. وَقَالَ: "صحيح الإسناد" ، مَعَ أن في إسناده مصعب بن ثابت وَهُوَ لين الحَدِيْث وَقَدْ تفرد بِهِ.
وأخرجه أحمد 4/4 ، عن عارم عن ابن المبارك ، وأخرجه الطبري في تفسيره 28/66 مِنْ طريق مصعب ابن ثابت.
(3) في (ه - ): ((أبي سفيان)) وَهُوَ خطأ ، وابن شقيق هُوَ: عَلِيّ بن الحسن بن شقيق ، وترجمته في تهذيب التهذيب 7/298. .(1/732)
قال ابن عباس(1): إن مشركي مكة صالحوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحُدَيْبِيَة ، على أن من أتاه من أهل مكةَ ردَّه إليهم، ومن أتى أهلَ مكةَ من أصحابه فهو لهم؛ وكتبوا بِذَلِكَ الكِتَاب وختموه. فجاءت سُبَيْعَةُ بِنْت الحارث الأسْلَميةُ /113 ب/ بعدَ الفراغ مِنْ الكِتَاب - والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالحُدَيْبِية- فأقبل زوجها ، وَكَانَ كافراً ، فَقَالَ : يا مُحَمّد ، أرْدد عليَّ امرأتي ، فإنك قَدْ شرطت لنا أن تَرُدَّ علينا مَن أتاك منا ؛ وهذه طينةُ الكتاب لم تَجِفَّ بعد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 5/73(2180) ، والقرطبي في تفسيره 8/6540.(1/733)
(420) أخبرنا الحسن بن محمد الفارسيُّ ، قَالَ : أخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن الفضل ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ،قَالَ : حدثنا محمد بن يحيى ، قَالَ : حدثنا حسن بن الرَّبيع بن الخشاب ، قَالَ: حدثنا ابن إدريسَ (1)، قَالَ : قال محمد ابن إسحاق : حدثني الزُّهْرِي ، قَالَ : دخلتُ على عُروةَ بن الزبير ، وهو يكتبُ كتاباً إلى ابن هُنَيْدَةَ (2) صاحب الوليد بن عبد الملك ، يسأله عن قوله - عز وجل -: { يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا إِذا جَاءكُمُ المُؤمِنَاتُ مُهاجِرَاتٍ فَاِمتَحِنُوهُنَّ … الآية } . قَالَ : فكتب إِلَيْهِ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح قريشاً يومَ الحُدَيْبِية على أن يَرُدَّ عليهم مَن جاء بغير إذن وَليِّه ؛ فَلَمَّا هاجرت (3) النساء إِلى الله تَعَالَى (4) أبى الله تَعَالَى أن يُرْدَدْنَ (5) إِلَى المشركين إذا هُنَّ امتُحِنَّ فعرفوا أنهن إِنَّمَا جِئْنَ رغبة فِيْ الإسلام ، بردِّ صدقاتهِن إليهم إذا احتُبِسْنَ عَنْهُمْ ، إن هم رَدُّوا عَلَى المُسْلِمِيْنَ صدقة من حُبسْن(6) مِنْ نسائهم ، ثُمَّ (7) قَالَ: ذلكم حكم لله يحكم بينكم ، فأمسك رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - النساءَ ورد الرجال(8).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ…الآية } [الممتحنة: 13].
__________
(1) فِي ( ب ) : (( أَبِي )) .
(2) في (ه - ): ((ابن هند)).
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( هاجرن )).
(4) عبارة (( إِلى الله تَعَالَى )) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(5) في (ه - ): ((يرددهن)).
(6) في (ه - ): ((أصدقه .. مِنْ حبسوا…قَالَ: ذَلِكَ)).
(7) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(8) أخرجه الطبري في تفسيره 28/70 ، والبيهقي في الكبرى7/170و9/228.(1/734)
نزلت (1) في ناسٍ من فقراء المسلمين ، كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين ويُواصِلونهم (2)، فيُصِيبُون بذلك من ثمارهم ، فنهاهم الله - عز وجل - عن ذلك.
سُورَة الصف
F
[قوله - عز وجل -: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ](3) [الصف:1].
(421) أخبرنا محمد بن أحمد بن مُحَمَّد بن جعفرالعدل(4)، قَالَ: أخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن زكريا ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الدَّغُولي ، قَالَ : حدثنا محمد بن يَحْيَى، قَالَ أخْبَرَنَا محمد بن كثير الصَّنْعَاني، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمَة، عن عبد الله بن سلاَّم ، قَالَ : قعدنا نفرٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا (5) وقلنا : لو نعلم أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله تعالى عَمِلْناه. فأنزل الله تَعَالَى : { سَبَحَ لِلَّهِ ما في السَمَواتِ وَما في الأَرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ } [الصف: 1] إلى قوله : { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِهِ صَفّاً } [الصف: 4] إلى آخر السورة ، فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا (6).
__________
(1) ذكره المصنف في الوسيط4/289 ، والبغوي في تفسيره 5/78 ، والقرطبي في التفسير8/6555.
(2) فِي ( ب ) : (( ويتواصلونهم )) وفي (ه - ): ((وتواصلوا لهم)).
(3) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) و ( ص ).
(4) في ( س ) و (ه - ) : ((مُحَمّد بن جعفر)).
(5) سقطت من ( ب ) .
(6) إسناده حسن ، مُحَمّد بن كثير ضعيف يعتبر بِهِ ، وَقَدْ تابعه الوليد بن مُسْلِم.
أخرجه : أحمد 5/452 ، والدارمي (2395) ، والترمذي (3309) ، وأبو يعلى (7499) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 10/3353(18880) ، وابن حبان (4594) ، والحاكم 2/69 و229 و486 ، والبيهقي في الكبرى 9/159و160 ، والمصنف في الوسيط4/290.(1/735)
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ } [الصف: 2].
قال المفسرون:كان المسلمون يقولون:لو نعلم أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا، فدلهم الله على أحبِّ الأعمال إليه، فقال: { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِهِ صَفّاً(1)…الآية } [الصف: 4]. فابتلوا يوم أحدٍ(2) بذلك ، فولوا مدبرين فأنزل الله تَعَالَى : { لِمَ تَقولونَ /114 أ/ ما لاتفعلون } (3) [الصف: 2].
سُورَة الجُمعة
F
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا(4)…الآية } [الجمعة: 11].
(422) أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزَّيادي ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم(5)، قَالَ : أخبرنا محمد بن مسلم بن وَارَة ، قَالَ حَدَّثَنَا الحسن بن عطيةَ ، قَالَ : حدثنا إسرائيلُ، عن حُصَين بن عبد الرحمان، عن أبي سفيانَ ، عن جابر بن عَبْد الله(6)، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ يومَ الجمعة ، إذ أقبلتْ عيرٌ قد قَدمْت [مِنْ الشام](7) فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشرَ رجلاً. فأنزل الله تعالى: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَو لَهْواً اِنفَضُّوا إِلَيهَا وَتَرَكُوكَ قائِماً } [الجمعة: 11] رواه البُخَارِيّ (8)
__________
(1) في ( ب ) تكملة الآية.
(2) في (ه - ): ((فابتلوا يوماً بذلك)).
(3) ذكر السيوطي بنحو هذا المعنى في الدر المنثور 8/146 وزاد نسبته لابن مردويه وعبد بن حميد.
(4) في ( ص )تكملة الآية.
(5) في (ه - ): ((عَلِيّ بن إبْرَاهيم بن مُحَمّد بن مُسْلِم)) وَهُوَ خطأ.
(6) في (ه - ): ((ابن عَبْد الرحمان))وَهُوَ خطأ.
(7) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) و ( ص ).
(8) صحيح البُخَارِيّ6/189(4899).
وأخرجه: مسلم3/10(863)(36) ، وعبد بن حميد(1111) ، والترمذي(3311) ، والطبري في تفسيره 28/104 ، وابن خزيمة (1852) ، وابن حبان (6876) ، والدارقطني 2/5 ، والمصنف في الوسيط 4/301 ، والبغوي في تفسيره 5/94(2206).(1/736)
عن حفص بن عمر عن خالد بن عبد الله ، عن حُصَيْن.
(423) أخبرنا محمد بن إبراهيم المُزَكِّي (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر عبد الله بن يحيى الطَّلْحي ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن أحمد بن عمران الشَّاشِي(2) ، قَالَ : حدثنا عبد الله ابن أحمد بن عبد الله بن يونُسَ ، قَالَ : حدثنا عَبْثَر(3) بن القاسم ، حدثنا حُصَينٌ ، عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن جابر بن عبد الله: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجُمُعة ، فمَرَّتْ عِيرٌ تحملُ الطعامَ ، فخرج الناس إلا اثنا عشرَ رجلاً. فنزلت آية الجُمُعة. رَوَاهُ مُسْلِم(4) عن إسحاقَ بن إبراهيمَ ،عن جريرٍ ؛ ورواه البُخَارِيّ (5) فِيْ كتاب الجمعة ، عَن معاويةَ ابن عمرو ، عَن زائدةَ ؛ كِلاَهُمَا عَن حصين.
__________
(1) فِي ( ب ) : (( الدركي )) .
(2) في (ه - ): ((الشامي)).
(3) في (ه - ): ((عنتر)) وَهُوَ خطأ ، انظر تهذيب الكمال 4/80 (3138) .
(4) صحيح مسلم3/10(863)(36) .
(5) صحيح البخاري2/16(936) وانظر تخريجه في الَّذيْ قبله.(1/737)
قَالَ المفسرون: أصاب أهلَ المدينة(1) جوعٌ وغَلاءُ سعرٍ ، فقدم دِحْيَة بن خَليفةَ الكلبيُّ فِي تجارةٍ مِنْ الشام ، وضُرب لَهَا طبلٌ يُؤذِنُ الناسَ بقدومه ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجُمُعة ، فخرج إِلَيْهِ(2) الناسُ وَلَمْ يبق في المسجد إلا اثنا عشرَ رجلاً مِنْهُمْ أبو بكرٍ وعمرٌ . فَنَزَلت هَذِهِ الآية ، فَقَالَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - : (( والذي نفسُ محمدٍ بيده لَوْ تَتَابَعْتُم حَتَّى لَمْ(3) يبق أحد منكم ، لَسَالَ بكم الوَادِي ناراً ))(4).
سُورة المنافقين
F
[قوله - عز وجل - : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ…الآية } ](5) [المنافقون: 7].
__________
(1) في (ه - ): ((أهل المدينة أصحاب الضرر)) !!
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في ( ب ) : ((لا)).
(4) أخرج عَبْد الرزاق في تفسيره عن الحسن بنحوه مختصراً 3/310(3221) ، والطبري في تفسيره بنحوه مختصراً عن السدي 28/104 ، وذكر بنحو معناه السيوطي في الدر المنثور 8/165 مِنْ قول ابن عَبَّاس وزاد نسبته لعبد بن حميد.
(5) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد فِيْ ( ب ) و( ص ).(1/738)
(424) أخبرنا عبد الرحمان بن عَبْدَان ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس مُحَمَّد بن أحمد المَحْبُوبيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن السُّدِّيِّ ، عن أبي سعيد الأزْدِي(2)، عن زيد بن أرْقَمَ ، قال(3): غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معنا ناسٌ من الأعراب ،
__________
(1) في ( ه - ): (( مُحَمّد بن أحْمَد بن أحْمَد المحبوبي )) وَهُوَ خطأ.وفي اللباب3/173:((هَذِهِ النسبة إِلَى محبوب، وَهُوَ جد أبي العباس مُحَمّد بن أحْمَد بن محبوب المحبوبي التاجر المروزي راوية كتاب الجامع للترمذي)) .
(2) في ( ص ): الأسدي .
(3) أخرجه: أحمد فِيْ مسنده 4/373 ، وعبد بن حميد( 262 ) ، والبخاري فِيْ صحيحه6/189(4900) و 6/190(4902) و 6/191(4904) ، ومسلم 8/120( 2772 ) (1) ، الترمذي ( 3313 ) ، والنسائي فِيْ الكبرى (3678) وفي التفسير ، لَهُ2/436(618) ، والطبري فِيْ التفسير28/109 ، والطبراني فِيْ الكبير(5050) و (5051) ، والحاكم فِيْ المستدرك2/488 ، والبيهقي فِيْ الدلائل4/55 ، والمصنف فِيْ الوسيط 3/303 ، مِنْ طريق أبي أسحاق عن زيد بن أرقم .(1/739)
فكنّا نبتدر(1) الماء ، وكان الأعراب يسبقونا ، فيسبق الأعرابيُّ أصحابه فيملأ الحوض ، ويجعل حوله حجارة (2) ، ويجعل النِّطْعَ عليه حتى يجيءَ أصحابه. فأتى رجلٌ من الأنصار فأرخَى زمام ناقته لتشرب ، فأبى أن يدَعه الأعرابيُّ فانتزع حجراً ففاض الماء ، فرفع الأعرابيُّ خشبةً فضرب/114ب/ بها رأس الأنصاري فَشَجَّه ، فأتى(3) الأنصاري إِلى(4) عبد الله بن أبيّ المنافق (5) ، رأسَ المنافقين ، فأخبره- وكان من أصحابه- فغضب عبد الله ابن أبيّ ثم قال: لا تنفقوا على مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله- يعني الأعراب- ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعزُّ منها الأذلَّ. قال زيد بن أرقم: وأنا رِدْفُ عَمِّي ، فسمعت عبد الله فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحلف وجحد واعتذر(6) ، فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذبني ، فجاء إليَّ عَمِّي فقال: ما أردت إلا(7) أن مَقَتَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكذَّبك المسلمون. فوقع عليَّ من الغم ما لم يقع على أحدٍ قط ، فبينا(8) أنا أسيرُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتاني فَعَرَكَ أذني ، وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الدنيا ، فلما أصبحنا قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المنافقين : { إِذَا جَآءكَ المُنَافِقُونَ قالُوا نَشهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ } [المنافقون: 1] حتى بلغ { هُمُ الَّذينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَن عِندَ رَسُولِ
__________
(1) في ( ه - ) : (( نبدر )) . وانظر كتاب التفسير في صحيح البخاري6/189.
(2) في ( س ) و( ه - ): (( الحجارة )) .
(3) في ( ب ): (( فجاء )) .
(4) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(5) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(6) لَمْ ترد في ( ب ).
(7) في ( ب ) : (( إلى )) .
(8) في ( ب ): (( فبينما )) .(1/740)
اللهِ حَتَّى يَنفَضُّوا } [المنافقون: 7] حتى بلغ : { لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ (1) } [المنافقون: 8].
__________
(1) إسناده صحيح .
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ(3313)، والطبراني فِي الكبير(5401)، والحاكم 2/488، والبيهقي فِي الدلائل 4/54.
وأخرجه احمد 4/373، وعبد بن حميد (262)، والبخاري 6/189(4900) و(4901) و190(4903) و191(4904)، ومسلم 8/119(2772) (1)، والترمذي (3312)، والنسائي فِي الكبرى (11598) وفي التفسير ، لَهُ (618) ، والطبري فِي تفسيره 28/109 ، والطبرائي فِي الكبير(5050)و(5051)،والبيهقي فِي الدلائل 4/55 من طريق أَبِي إسحاق عَنْ زيد بن الأرقم . =
=وأخرجه أَحْمَد 4/368و370، والبخاري 6/190(4902) ، والترمذي (3314)، وعبد الله بن أَحْمَد في زياداته 4/380 ،والنسائي في الكبرى (11597)وفي التفسير ، لَهُ (617) من طريق مُحَمَّد بن كعب القرضي ، عن زيد بن الأرقم ، بِهِ .(1/741)
قال أهل التفسير وأصحاب السير(1): غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني المُصْطَلِق ، فَنَزَل على ماءٍ من مياههم يقال لَهُ : المُرَيْسيع ، فوردت وَارِدَةُ الناس ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ لَهُمن بني غِفَار يقال لَهُ: جَهْجَاه بن سعيد ، يقود فرسه، فازدحم جهجاهٌ وسِنَانٌ الجُهني ، حليف بني العوف من الخَزْرَج ، على الماء فاقتتلا ،فصرخ الجُهني: يا معشر الأنصار ، وصرخ الغِفَاريّ وقال(2): يا معشر المهاجرين ، فأعان جَهْجَاهاً الغفاري(3) رجلٌ مِنْ المهاجرين يقال لَهُ: جُعَال ؛ وكَانَ فقيراً. فَقَالَ لَهُ عَبْد الله بن أبيّ: وإنَّك لهنَاكَ فَقَالَ: وما يمنعني أن أفعل ذَلِكَ؟ واشتد لسان جعالٍ عَلَى عَبْد الله. فقال عَبْد الله: والذي يُحلَفُ بِهِ لأَذَرَنَّك ، ويَهُمُّك عن(4) هذا شيءٌ. وغضب عَبْد الله ، فقال: والله ما مثلنا ومثلهم إلا كَمَا قَالَ القائل: سَمِّنْ كَلْبَك يأكُلك، إنا والله لإن رجعنا إلى المدينة ليخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. يعني بالأعز نفسه ، وبالأذل رسولَ اللهَ - صلى الله عليه وسلم - . ثم أقبل عَلَى مِنْ حضره مِنْ قومه ، فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسَمْتُموهم أموالَكم؛ أما والله لو أمسكتم عن جُعال وذَويه فَضْلَ الطعام ، لَمْ يركبوا رقابَكم ، ولأَوْشَكُوا أن يتحولوا من(5) بلادكم ؛ فَلاَ تُنفقوا عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْفضُّوا مِنْ حول مُحَمّد.
__________
(1) سيرة ابن هشام3/303.
(2) لَمْ ترد في باقي النسخ.
(3) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - )
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : ((غَيْر )) .
(5) في باقي النسخ : (( عَنْ )) .(1/742)
فقَالَ زيد بن أرقم ، وَكَانَ حاضراً ويسمع ذَلِكَ ، فَقَالَ: أنت والله الذليل القليل المبغَّض فِيْ قومك ، ومحمدٌ فِيْ عزِّ مِنْ /115أ/ الرَّحْمَان ، ومودةٍ مِنْ النَّاس(1) ؛ والله لا أُحبُّك بَعْدَ كلامك هَذَا. فَقَالَ عَبْد الله: أسكت ، فإنما كنتُ ألعبُ. فمشى زيد بن أرْقَمَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبره الخبر ، وعنده عمرُ بن الخطاب . فَقَالَ : دعني أضربْ عنقه يا رَسُول الله . فَقَالَ : (( إذن تَرْعَدُ لَهُ أُنُفٌ كثيرةٌ (2) بيَثْرِبَ )) فَقَالَ عُمَرَ: فإن كرهت
يا رَسُول الله أن يقتله رجلٌ مِنْ المهاجرين ، فمُر سعدَ بن معاذ (3) أو محمدَ بن مَسْلَمَة ، أو عبادة بن بشرٍ- فليقتلوه. فَقَالَ: (( إذن يتحدثُ النَّاس أن محمداً يقتل أصحابه )) وأرسل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْد الله بن أُبيّ فأتاه ، فَقَالَ لَهُ(4): (( أنت صاحب هَذَا الكلام الَّذيْ بلغني عنك (5)؟ )) فقال عَبْد الله : والذي أنزل عليك الكتابَ ما قلتُ شيئاً مِنْ هذا قطُّ ، وإن زيداً لكاذبٌ.
وكان عَبْد الله فِيْ قومهِ شريفاً عظيماً؛ فقالَ مِنْ حضر مِنْ الأنصار: يا رَسُول الله، شيخُنا وكبيرُنا ، لا تُصدِّقْ عَلَيْهِ كلامَ غلام مِنْ غلمان الأنصار عسى أن يَكُون وهِمَ فِيْ حديثه فلم يَحفظْ. فعذره النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( المسلمين )) .
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( كبيرة )) .
(3) في باقي النسخ : (( سعد بن عبادة )) .
(4) لَمْ ترد فِي( ب ) .
(5) لَمْ ترد في باقي النسخ .(1/743)
وفشت الملامةُ فِيْ الأنصار لزيدٍ وكذّبوه ، وَقَالَ لَهُ عمه: ما أردتَ إلا أن كذَّبك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون ومَقَتُوك. فاستحيىَ زيدٌ بعد ذَلِكَ أن يَدْنُوَ مِنْ النَّبْيَّ - صلى الله عليه وسلم - . فلما ارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَقيَه أُسَيْد بن حُضَير، فقال لَهُ: أوَمَأَ(1) بلغك ما قَالَ عبدُ الله بن أُبيّ صاحبكم(2) ؟ قَالَ: وما قَالَ ؟ قَالَ: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ . فقَالَ أُسَيد : فأنت والله يا رسول الله- تخرجنه إن شئتَ ، وَهُوَ والله الذليلُ ، وأنت العزيزُ . ثم قَالَ يا رسولَ الله ارفق بِهِ ، فو الله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون لَهُ الخَرَزَ ليُتَوِّجُوه ؛ وإنه ليرى أنك سلبتَه مُلكاً.
__________
(1) في ( ب ) : (( أَوَ )) فقط .
(2) في باقي النسخ : (( ما قَالَ صاحبكم عَبْد الله بن أبي )) .(1/744)
وبلغ عبدَ الله بن عَبْد الله بن أُبيّ ما كَانَ مِنْ أمر أبيه ، فأتى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إنَّهُ بلغني أنك تريد قتل عَبْد الله بن أُبيّ لما بلغك عنهُ ؛ فإن كنتَ فاعلاً فمرني بِهِ ، فأنا أحملُ إليك رأسَه فوالله لَقَدْ علمت الخزْرَجُ ما بِهَا رجلٌ أبَرَ بوالدَيْهِ مني ، وأنا أخشى أن تأمر بِهِ غيري فيقتلَه ،فَلاَ تدعني نفسي أن أنظر إِلى قاتل عبدالله بن أُبيّ يمشي فِي النَّاس فأقتله فأقتل مؤمناً بكافرٍ ، فأدخل النار. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بَلْ نُحسنُ صُحْبتَه ما بقي معنا )) ، ولما وافى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، قَالَ زيد بن أرقم: جلست فِيْ البيت لما بي مِن الهم والحياء ، فأنزل الله تَعَالَى سورة المنافقين فِيْ تصديقي وتكذيبِ عَبْد الله فَلَمَّا نزلتْ أخذ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بأُذن زيد، فَقَالَ: (( يا زيد إن الله صدَّقَك وأوْفى بأُذُنِكَ )) (1)، وكَانَ /115ب/ عَبْد الله بن أبي بِقُرْب المدينة، فَلَمَّا أراد أن يدخلها جاء ابنه عَبْد الله بن عَبْد الله حَتَّى أناخ عَلَى مجامع طرق المدينة. فَلَمَّا أن(2) جاء عَبْد الله بن أبيّ ، قَالَ ابنه: ورَاءَك! فَقَالَ: ما لَكَ ويلك؟! قَالَ: لا والله لا تدخلها أبداً إلا بإذن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ولتعلم اليومَ مَن الأعزُّ مِنْ الأذَل. فشكا عبدُ الله إِلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع ابنه ،
__________
(1) في لسان العرب15/399 ( وفى) :(( وقوله في حديث زيد بن أرقم: هذا الَّذيْ أوفى الله بإذنه ، أي أظهر صدقه في أخباره عما سمعت أذنه)) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ).(1/745)
فأرسل إِلَيْهِ رَسُوْل الله- صلى الله عليه وسلم - : (( أن خَلِّ عَنْهُ حَتَّى يدخل )) فَقَالَ : أمَا إذْ جاء أمرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فنعمْ، فدخل ، فَلَمَّا نزلت هَذِهِ السورة وبان كَذِبُه- قِيْلَ لَهُ: يا أبا حُبابٍ ، إنَّهُ قَدْ نزلت فيك آيٌ شِدَادٌ ، فاذهب إِلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ليستغفرَ لَكَ. فلَوَّى رأسهَ . فذلك قوله
تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوا يَستَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ [لَوَّوْا رُءُوسَهُم…](1) } الآية(2) [ المنافقون : 5] .
سُورة التَغابُن
F
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ(3)…الآية } [التغابن: 14].
قال ابن عباس: كان الرجل يُسْلِمُ ، فإذا أراد أن يُهاجرَ منعه أهلُه وولدُه ، وقالوا: نَنْشُدُكَ الله أن تذهب وتدع أهلَك وعشيرتك ، وتَصيرَ إلى المدينة بلا أهلٍ ولا مالٍ. فمنهم من يَرِقُّ لهم ويُقيمُ ولا يُهاجرُ. فأنزل الله تعالى هذه الآية(4).
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ).
(2) لَمْ نجده بهذا السياق المطول عِنْدَ أحد. وانظر الروايات في: الطبري في تفسيره 28/112-117،والبغوي في تفسيره 5/99-101 ، وابن كثير في تفسيره4/547-551 ، والسيوطي في الدر المنثور8/171-173.
(3) في ( ص ) : (( فاحذروهم )) .
(4) أخرجه: الترمذي( 3317 ) ، والطبري في التفسير 28/124 ، والطحاوي في شرح المشكل 6/140 ( 379 ) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 10/3358(18904) ، والطبراني في الكبير(11720) ، والحاكم في المستدرك2/490 ، والبغوي في تفسيره 5/104 مِنْ طريق عكرمة عن ابن عَبَّاس.(1/746)
(425) أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الشيباني ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الفضل أحمد ابن إسماعيل بن يحيى بن حازم ، قَالَ : حَدَّثَنَا عمر بن محمد بن يَحْيَى (1)، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمر المُقَدمي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أشعثُ بن عبد الله ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبةُ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قَالَ (2): كان الرجل يُسلم فَيلُومُه أهلهُ وبنوه ، فَنَزَلت هذه الآية: { إِنَّ مِن أَزْوَاجِكُم وَأَولادِكُم عَدوَّاً لَّكُم فَاحذَرُوهُم } [التغابن: 14].
قال عكرمة (3) عن ابن عَبَّاسٍ : وهؤلاء الذين منعهم أهلُهم عن الهجرة ،
لمَّا هاجروا ورأوا الناسَ قد فَقِهُوا في الدين ، هَمُّوا أنْ يُعاقبوا أهلِيهم الذين منعوهم . فأَنزل الله تعالى: { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[التغابن: 14].
سُورة الطلاق
F
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ … الآية } [الطلاق:1].
روى قَتَادَةُ ، عن أنس(4) ، قال: طلقَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَفْصَة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل لَهُ: راجِعْها ، فإنها صَوَّامةٌ قَوَّامةٌ ، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة.
__________
(1) في ( س ) و ( ص ) : (( مُحَمّد بن بُجَيْر )) .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 28/126.
(3) انظر تخريجه في حديث ابن عَبَّاس الَّذيْ قبله.
(4) أخرجه: الطبري في تفسيره 8/132 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 10/3359( 18907 ) ، وذكره القرطبي في تفسيره 8/6637 ، والسيوطي في الدر المنثور8/188.(1/747)
وقال السُّدِّيُّ: نزلت في عبد الله بن عمر ، وذلك أنه طلق امرأته حائضاً ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُراجعهَا ، ويُمسِكَها حتى تطهرَ ، ثم تَحيِضَ حيضةً أخرى ، فإذا طهرت طلقَّها إن شاء قبل أن يجامعها ، فإنها العِدَّة /116 أ/ التي أمر الله بها.
(426) أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي (1) ، قَالَ: أخبرنا أبو
عَمْرُو محمد بن أحمد الحِيرِي (2) ، قَالَ : حَدَّثَنَا محمد بن زنجويه (3) ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عبد العزيز بن يحيى ، قَالَ: حَدَّثَنَا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر(4): أنه طلق امرأته ، وهي حائضٌ تطليقةً واحدةً. فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُراجعها ، ثم يُمسكَها حتى تطهرَ ، وتحيضَ عنده حيضةً أخرى ، ثم يُمسكها (5) حتى تطهرَ من حيضتها . فإن أراد
__________
(1) في (ه - ) : (( الشالخي )) ، وَهُوَ خطأ ، راجع اللباب2/176.
(2) في (ه - ) : (( أبو عمر )) وَهُوَ خطأ و (( أبو عمرو بن مُحَمّد )) وَهُوَ خطأ أيضاَ. انظر: اللباب1/405.
(3) في ( ه - ) : (( ويحوته )) .
(4) أخرجه: عَبْد الرزاق في تفسيره 3/316( 3234 ) ، والطبري في تفسيره 28/131 ، والبيهقي في الكبرى 7/323و327و414 ، والمصنف في الوسيط4/311 ، وذكره البغوي في تفسيره5/106 ، والزمخشري في تفسيره 4/118 ، والقرطبي في تفسيره 8/6637 ، وابن كثير في تفسيره 4/559 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/189.
(5) في باقي النسخ : (( يمهلها )) .(1/748)
أن يطلقها فيطلقها (1) حين تطهرُ ، من قبل أن يُجامعَها. فتلك العدةُ التي أمر الله تعالى أن تُطَلَّقَ لها النساءُ . رَوَاه البُخَارِيّ (2) ومسلم (3) عن قتيبة ، عن الليث.
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لايَحْتَسِبُ } [الطلاق: 3].
نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أن المشركين أسروا ابناً له، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا إليه الفاقةَ، وقال: إن العدو أسر ابني، وجزعت الأم ، فما تأمرني؟ فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( اتق الله ، واصبرْ ، وآمرُك وإيَّاها أن تَسْتكثِرَا مِنْ قَوْل: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله )) ، فعاد إِلَى بيته ، وَقَالَ لامرأته: إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني وإياك أن نستكثر مِنْ قَوْل: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله . فَقَالَتْ : نِعْمَ ما أمرنا بِهِ. فجعلا يقولان ، فغفل العدو عَن ابنه ، فساق غنمهم ، وجاء بِهَا إِلَى أبيه ، وَهِيَ أربعة آلاف شاةٍ .
فَنَزَلت هَذِهِ الآية (4).
__________
(1) في ( ه - ) : (( فليطلقها )) .
(2) هذا وهم ، فلم يخرجه البُخَارِيّ مِنْ طريق الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر ؛ إِنَّمَا أخرجه في 7/75 (5332) عن قتيبة عن الليث عن نافع ؛ أن عَبْد الله بن عُمَرَ طلق امرأته …الحَدِيْث فذكره مرسلاً.
(3) صحيح مُسْلِم 4/179(1471) .
وأخرجه: الشَّافِعِيّ في مسنده 2/32 ، والطيالسي (1853) ، وعبد الرزاق (10952) ، وابن أبي شيبة 5/2 ، وأحمد2/54 و63 و102 ، والدارمي (2267) ، وأبو داود (2179) ، وابن ماجه (2019) ، والنسائي 6/137 و138 و140 و212 ، وابن الجارود (734) ، وأبو يعلى (191) ، والطحاوي في شرح المعاني 3/53 ، وابن حبان (4263) ، والدارقطني في السنن 4/7 .
(4) انظر تخريجه في الحديث الَّذيْ بعده .(1/749)
(427) أخبرنا عبد العزيز (1) بن عَبْدانَ ، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُعيم، قال: أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين السكوني ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد بن كثير العامري ، قَالَ: حَدَّثَنَا عباد بن يعقوب، قَالَ:حَدَّثَنَا يحيى بن آدم ، قَالَ: حدثنا إسرائيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عمار بن معاوية، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن جابربن عبد الله، قال: نزلت هذه الآية: { وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجاً - ويَرزُقْهُ مِن حَيْثُ لا يَحتَسِبُ } [الطلاق:3] فِي رَجُل من أشْجَعَ ، كَانَ فقيراً ، خفيف ذاتِ اليد ، كثيرَ العيال. فأتى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فَقَالَ لَهُ (2): (( اتق الله ، واصبر )) فرجع إِلَى أصحابه ، فقالوا : ما أعطاك رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : ما أعطاني شيئاً ، قَالَ لي : اتق الله ، واصبر . فَلَمْ يلْبث
إلا يسيراً حَتَّى جاء ابن لَهُ بغنم، وكَانَ العدو أصابوه، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عَنْهَا ، وأخبره خبرها. فَقَالَ لَهُ (3): رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( كُلْهَا (4) )) (5)
__________
(1) فِي ( ب ) : (( عبد الرَّحمَان )) .
(2) لَمْ ترد في باقي النسخ.
(3) لَمْ ترد في باقي النسخ.
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( اياكها )) .
(5) إسناده ضعيف جداً ؛ عُبَيد بن كثير متروك ، وعباد : مبتدع غال في بدعته.
أخرجه: الحاكم في المستدرك2/492 مِنْ طريق مُحَمّد بن الحسن السكوني وَقَالَ صحيح الإسناد . وتعقبه الذهبي بقوله بل منكر ، وعباد رافضي جبل ، وعبيد متروك .
وَقَدْ أخرجه الطبري 28/138عن عبيد بن حميد ، عن مهران ، عن سفيان ، عن عمار الدهني ، عن سالم ابن أبي الجعد، قوله.
وأخرجه الطبري 28/139عن حكام ، عن عمرو ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، قوله . فالصواب أنه مِنْ قول سالم وليس مِنْ قول جابر- والله اعلم-.
…وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3359(18910) ، والبيهقي في الدلائل 6/106-107 ، والمصنف في الوسيط4/313 ، والسيوطي في الدر المنثور8/196.(1/750)
.
قوله - عز وجل -: { وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ…الآية } [الطلاق: 4].
قال مقاتل(1): لما نزلت { وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ } الآية[البقرة: 228]،
قال خَلاد بن النُّعمان بن قيس الأنصاري: يا رسول الله، فما عِدَّةُ التي لا تحيض، [وعِدَّةُ التي لم تحض] (2) ، وعدة الحبلى ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
(428) أَخْبَرَنَا أبو إسحاق المقرئ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمّد بن عَبْد الله/116ب/ بن حَمْدُون ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مكي بن عَبْدان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو الأزهر ، قَالَ : حَدَّثَنَا أسباط
ابن مُحَمّد عَن مُطَرِّف ، عَن أبي عُثْمَان عَمْرُو بن سالم ، قَالَ: لما نزلت عِدَّةُ النساء
- في سورة البقرة - في المطّلقة والمتوفَّى عَنْهَا زوجُها - قَالَ أبيُّ بن كعب: يا رَسُول الله، إن نساءً مِنْ(3) أهل المدينة يقلن: قَدْ بقي من النساء من لَمْ يُذكرْ فِيهَا شيءٌ ، قَالَ:
(( وما هُوَ ؟ )) قَالَ: الصِّغار ، والكِبار ، وذواتُ الحَمْلِ. فَنَزَلت هَذِهِ الآية : { وَاللائي يَئِسنَ } [الطلاق: 4] إِلَى آخرها (4) .
سُورة التحريم
F
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ … الآية } [التحريم: 1].
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 5/110 ، والخازن في تفسيره 7/110.
(2) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ).
(3) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(4) أخرجه: الطبري في تفسيره 28/141 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 10/3360( 18916 ) والحاكم في المستدرك2/492 ، والمصنف في الوسيط4/314 ، والقرطبي في تفسيره 8/6641 ، وأبو حيان في تفسيره 8/284 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/201 وزاد في نسبته لإسحاق بن راهويه ، وابن المنذر ، وابن مردويه.(1/751)
(429) أخبرنا محمد بن منصور الطُّوسِي، قَالَ: أخبرنا علي بن عمر بن مَهْدِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الحسين بن إسماعيلَ المَحَاملي(1) ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن شَبيب ، قَالَ : حدثني إسحاق بن مُحَمّد ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر(2) ، قَالَ: حَدَّثَني أبو النَّضْر مولى عمر بن عبد الله (3)، عن علي بن عباس(4) ، عن ابن عباس ، عن عمر ، قَال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم وَلَدِه مارِيَةَ في بيت حَفْصَةَ ، فوجدته حفصةُ معها ، فقالت: لِمَ تدخلها بيتي ؟ ما صنعتَ بي هَذَا مِنْ بَيْن نسائك إلا منْ هَوَاني عَلَيْكَ . فَقَالَ لَهَا : (( لا تذكري هَذَا لعائشةَ ، هِيَ عليَّ حرامٌ إن قرِبتُها )) قَالَتْ حفصة : وكيف تَحْرم عَلَيْكَ وَهِيَ جاريتُك ؟ فحلف لَهَا لا يقربها ، وَقَالَ لَهَا: (( لا تذكريه لأحدٍ )) فذكرته لعائشةَ ، فآلى(5) أن لايدخلَ عَلَى نسائه شهراً ، واعتزلَهن تسعاً وعشرين ليلةً ! فأنزل الله تَعَالَى:
__________
(1) في ( ه - ) : (( العاملي )) وَهُوَ خطأ. راجع ترجمة المحاملي ( 235-330 ) في اللباب 3/171-172 .
(2) ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني ، أبو عَبْد الرحمان العمري المتوفي بالمدينة سنة (171ه - - - - ) أو ( 172 ه - ) . كَمَا في تهذيب الكمال 4/215.
(3) في ( ب ) و ( ه - ): (( عُبَيد الله )) راجع ترجمته في تهذيب الكمال 9/91 ، وسير أعلام النبلاء 6/6
(4) في ( ص ) : (( عياش )) .
(5) في ( ه - ) : (( فأبى أن لا يدخل )) وهوتحريف.(1/752)
{ [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ] (1) لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ](2)… } الآية(3).
(430) أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قَالَ : أخبرنا بشر بن
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(2) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) أخرجه: الدارقطني 4/41 ، والضياء المقدسي في المختارة 1/299و300 ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور 8/216 إلى الشاشي في مسنده.
وذكره الطبري في تفسيره14/155-156، وتفسير السمرقندي3/378، والمصنف في تفسيره 4/317 ، وتفسير البغوي 5/116، وتفسير القرطبي 8/6657 ، وتفسير ابن كثير4/571-572، وتفسير الثعالبي 5/450.(1/753)
أحمد بن بشر ، قَالَ : أخبرنا جعفر (1) بن مُحَمّد بن الحسن الفِرْيَابي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِنْجَاب بن الحارث ، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن مُسْهِر ، عن هشام بن عُرْوةَ ، عن أبيه ، عن عائشةَ، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحب الحَلْواء والعسل ، وكان إذا انصرَفَ من العصر دخل على نسائه. فدخل علَى حفصةَ بنت عُمَر ، واحتبس عندها أكثرَ مما كان يحتبسُ ؛ فعرفتُ فسألتُ عَن ذَلِكَ ، فقيل لي: أهدتْ لَهَا امرأةٌ مِنْ قومها عُكَّةَ عسلٍ ، فسقَتْ مِنْهُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - شربةً. قُلتُ: أما والله لنحتالن(2) لَهُ ، فقلت لِسَوْدَةَ بِنْت زَمْعَةَ: إنَّهُ سيَدْنُو منك إذا دخل عَلَيْكَ ، فقولي لَهُ : يا رَسُول الله ، أكلتَ مغَافير(3) ؟ فإنه سيقول لَكَ : سقتْني حَفْصةُ شربةَ عسلٍ ؛ فقولي: جَرَسَتْ (4) نَحْلُه العُرْفط (5) ، وسأقول ذَلِكَ ، وقولي أنتِ يا صفيةُ ذَلِكَ . قالت : تقول سودة: فوالله ما هُوَ إلا أن قام عَلَى الباب فكدتُ أن أبادِئَه بما أمرتْني بِهِ ، فلما دنا منها قالت لَهُ سودة: يا رسول الله، أكلتَ مَغَافِير ؟ قَالَ: (( لا ))، قالت : فما هَذِهِ الريحُ التي /117 أ/ أجد منك ؟ قال : سقتني حفصةُ شربةَ عسلٍ ، قالت : جَرَسَتْ نَحْلهُ العُرْفُط . قالت : فلمَّا دخلَّ علي قلتُ له مثل ذلك ، فلما دار
__________
(1) في باقي النسخ : (( جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن الفريابي )) ، راجع ترجمته في اللباب 2/427 ، وسير أعلام النبلاء 14/96 ، وترجمة بشر بن أحْمَد في سير أعلام النبلاء 16/228 .
(2) في ( ه - ) : (( لنحتال لَهُ )) .
(3) مغافير : بقلة أو صمغة متغيرة الرائحة: فِيهَا حلاوة . انظر : لسان العرب 5/28 ( غفر ) .
(4) جرست : أكلت . انظر : لسان العرب 6/36 ( جرس ) .
(5) العرفط : هو شجر الطلح وله صمغ كريه الرائحة فَإِذَا اكلته النحل حصل فِي عسلها . انظر : اللسان 7/350 ( عرفط ) .(1/754)
إلى صفيةَ قالت له مثل ذلك ، فلمَّا دار إلى حَفْصةَ قالت : يارسول الله ، أسقيك منه ؟ قال : (( لا حاجةَ لي فيه )) ، فقالت: تقول سودة: سبحان الله[و](1) لقد حرمناه ، قلت لها: اسكتي. رواه البخاري (2) عن فروة (3) بن أبي المَغْراء ورواه مسلم(4) عن سويد بن سعيد ؛ كِلاَهُمَا عَن عَلِيّ بن مُسْهِر.
(431) أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحمَان بن أبي حامد ،قَالَ: أَخْبَرَنَا زاهر بن أحمد ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُصْعَب، قَالَ:حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حكيم،قَالَ حَدَّثَنَا أبو داود،
قَالَ: حَدَّثَنَا أبو(5)
__________
(1) مابين المعكوفتين لَمْ يرد في باقي النسخ.
(2) صحيح البُخَارِيّ 7/44 (5216) و57 (5268) و100(5431) و143 (5614) و159 (5682) و9/33 (6972) .
(3) في ( ه - ) : (( فرقد )) وَهُوَ خطأ. انظر: صحيح البُخَارِيّ 7/57 (5268) .
(4) صحيح مُسْلِم 4/185(1474) (21).
والحديث أخرجه: إسحاق بن راهويه في مسنده (831) ، وأحمد6/59 ، وعبد بن حميد(10489) ، وأبو داود (3715) ، وابن ماجه (3323) ، والترمذي (1831) وفي الشمائل ، لَهُ (164) ، والنسائي في الكبرى (7562)، وأبو يعلى(4741) و(4892) و(4896)، وأبو الشيخ في أخلاق النَّبْيّ : 203 ، والبيهقي 7/354 وفي الشعب ، لَهُ (5929) ، والخطيب في تاريخه7/432 ، والبغوي في شرح السنة (2865) و(2866) وفي التفسير ، لَهُ 5/115(2235) ، رِوَايَة مختصرة ومطولة.
وانظر : تفسير السمرقندي 3/378و379 ، وتفسير الكشاف 4/124 ، وتفسير القرطبي 8/6656، وابن كثير4/573.
(5) لَمْ ترد في باقي النسخ. وما في نسخة ( ب ) هُوَ الصواب والله أعلم.
انظر: تهذيب الكمال3/427 في ترجمة (صالح بن رستم المزني).(1/755)
عامر الجزاز(1) عَن ابن أبي مُلَيْكة : أن سَوْدَةَ بِنْت زَمْعَةَ كَانَتْ لَهَا خُؤولةٌ باليمن ، وكَانَ يُهْدَى إليها العسلُ ، وكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيها فِي غَيْر يومها يُصيبُ مِنْ ذَلِكَ العسل ؛ وكانت حفصةُ وعائشةُ متآخيتين عَلَى سائر أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت: إحداهما للأخرى: أما ترين إِلَى هَذَا ؟ قَدْ اعتاد هَذِهِ يأتيها فِيْ غير يومها يصيب مِنْ ذَلِكَ العسل! فإذا دخل عليك فخذي بأنْفِك ، فإذا قَالَ: ما لك ؟ فقولي: أجدُ منك ريحاً لا أدري ما هي ؟ فإنه إذا دخل عليَّ قلتُ مثل ذَلِكَ. فدخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بأنفها فقال: (( ما لك )) قالت : ريحاً أجدها(2) منك ، وما أراه إلا مَغَافِيرَ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه أن يأخذ مِن الريح الطيبة إذ وجدها . ثم دخل (3) عَلَى الأخرى فقالت لَهُ مثل ذَلِكَ ، فقال: (( لقد قالت لي هذا فلانة، وما هذا إلا مِنْ شيءٍ أصبتُه فِيْ بيت سوْدَةَ ، والله لا أذوقه أبداً )) . قَالَ ابن أبي مليكة : قَالَ ابن عَبَّاس : نزلت هَذِهِ الآية فِيْ هذا :
{ يا أَيُّها النَبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحلَّ اللهُ لَكَ تَبتَغي مَرضاتَ أَزواجِكَ } (4)[التحريم: 1]؟!.
__________
(1) في ( ه - ): (( الحزاز )) وَهُوَ تصحيف راجع ترجمة (صالح بن رستم المزني) . التهذيب 3/427.
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( أجد )) .
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( إذ دخل )) .
(4) أخرجه: الطبراني في الكبير( 11226 ) .
وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3362(18920)، وزاد المسير8/304-305، والقرطبي 8/6657 وفتح الباري9/376،وزاد السيوطي في الدر المنثور8/213نسبته إلى ابن المنذر،وابن مردويه بسند صحيح.(1/756)
قوله - عز وجل -: { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ [فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا](1)…الآية } [التحريم:4].
(432) أخبرنا أبو منصور المنصوري ، قَالَ: أخبرنا أبو الحسن الدَّارَقُطْنيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْن (3) بن إسماعيل ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن شَبيب ، قَالَ: حَدَّثَني أحمد بن
مُحَمَّد بن عبد العزيز ، قَالَ : وجدت في كتاب أبي ، عن الزُّهْري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال: وجدتْ حفصةُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مع أم إبراهيم في يوم عائشةَ ، فقالت: لأخبرَنَّها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هي علي حرامٌ إن قَرِبتُها )) فأخبرت عَائِشَةَ بذلك ، فأعلم الله رسوله ذلك ، فَعَرَّف حفصة بعض ما قالت ، فقالت له: من أخبرك ؟ قَالَ : { نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [التحريم:3]فآلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن نسائه شهراً، فأنزل الله قوله(4): { إِن تَتوبا إِلى اللهِ فَقد صَغَت قُلوبُكُما(5)…الآية } (6)
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(2) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 4/42 .
(3) في ( ه - ) : (( الحسن )) وَهُوَ خطأ .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( تَبَارَكَ وَتَعَالَى )) .
(5) لَمْ يرد في (ب).
(6) أخرجه: الطبري في تفسيره 29/157 ، والبيهقي 7/353 ، والبغوي في تفسيره 5/117.
وأخرجه: الطبراني في الكبير(12640) مِنْ طريق الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عَبَّاس وفي سنده إسْمَاعِيل ابن عمرو البجلي وَهُوَ ضعيف ، والضحاك لَمْ يسمع مِنْ ابن عَبَّاس: وأورده السيوطي في الدر المنثور 8/218 وزاد نسبته لابن مردويه ، وذكره السمرقندي في تفسيره 3/378 ، والمصنف في تفسيره 4/117 ، والخازن في تفسيره 7/116 ، وابن كثير 4/572.(1/757)
[التحريم:4](1) /117ب/.
سُورة الملك
F
قوله - عز وجل - : { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ …الآية } [الملك: 13].
قال ابن عباس(2): نزلت في المشركين ، كانوا ينالون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخبَّره جبريلُ - عليه السلام - بما قالوا فيه ونالوا منه ، فيقول بعضهم لبعض: أسِرُّوا قولَكم لئّلا(3) يسمعَ إلهُ مُحَمَّد .
سُورة القلم
F
قوله - عز وجل -: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4]
(433) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن حَيَّان (4)، قَالَ: حدثنا أحمد بن جعفر بن نصر الجمال (5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير بن يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا حسين بن عُلْوانَ الكوفي ، قَالَ : حَدَّثَنَا هشام بن عروةَ ، عن أبيه ، عن عائشةَ ، قالت: ما كان أحدٌ أحسنَ خُلُقاً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دعاه أحدٌ من أصحابه(6)ولا من أهل بيته ، إلا قَالَ : لَبَّيْكَ ، ولذلك أنزل الله - عز وجل -: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ } (7)
__________
(1) كتب ناسخ (ب) في هذا الموقع : بلغ مقابلة . وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة مِنْهَا ، وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها.
(2) المصنف في تفسيره4/326، وتفسير البغوي 5/126، وزاد المسير 8/321، وتفسير القرطبي8/6693، وتفسير الخازن 7/126.
(3) في (ص) : (( كي لا يسمع الله محمداً )) .
(4) هُوَ الحافظ أبو الشيخ ، والحديث في أخلاق النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - :17-18.
(5) في ( ه - ) : (( الحمال )) وَهُوَ خطأ .
(6) في ( س ) : (( الصحابة )) والصواب الَّذيْ في باقي النسخ والله أعلم .
(7) إسناده ضعيف جداً ؛ حسين بن علوان متروك.
أخرجه : أبو نُعَيْم في دلائل النبوة ( 119) مِنْ طريق حسين بن علوان بهذا الإسناد ، وأورده السيوطي في الدر المنثور 8/243 وزاد نسبته لابن مردويه ، وذكره القرطبي في تفسيره 8/6706 .(1/758)
[القلم: 4].
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ…الآية } [القلم: 51].
نزلت(1) حين أَراد الكفار أن يَعينُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فيُصبوه بالعَيْن ، فنظر إليه قومٌ من قريشٍ فقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حُجَجِه.وكانت العَيْنُ في بني أسدٍ حتى إنْ كانت الناقة السمينة والبقرةُ السمينة تمرُّ بأحدهم فيُعايِنُها(2) ثم يقول: يا جاريةُ ، خذي المِكْتَل والدرهم فأْتينا بلحم من لحمٍ هذه ، فما تَبرَحُ حتى تقعَ بالموت ، فَتُنحَر.
وقال الكلبي(3): كان رجلٌ [من العرب](4) يمكث (5) لا يأكل يومين أو ثلاثةً، ثُمَّ يرفعُ جانب خبائه(6) فتمرُّ به النَّعَمُ، فيقول:لم أرى كاليوم(7) إبلٌ ولا غنمٌ أحسن من هذه فما تذهبُ إلا قريباً حتى يسقط منها طائفةٌ أو(8)عِدَّةٌ.فسأل الكفارُ هذا الرجل أن يُصيبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله تعالى نبيَّه ، وأنزل هذه الآية(9).
سُورة الحاقة
F
قوله - عز وجل -: { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة : 12].
__________
(1) تفسير الفراء 3/179 ، والطبري29/46 ،وتفسير السمرقندي3/396 ، والمصنف في تفسيره 4/342 ، وتفسير البغوي 5/142 ، وتفسير الكشاف 4/148 ، وتفسير القرطبي 8/6733 ، وتفسير الخازن 7/140 و141 ، وتفسير ابن كثير4/605 ، وتفسير الثعالبي 5/142.
(2) في ( ب ) : (( فيعينها )) بفتح الياء ، وَهُوَ صحيح أيضاً . راجع اللسان 17/176.
(3) تفسير البغوي5/142 ، وتفسير الكشاف 4/148 ، وزاد المسير8/343 ، والقرطبي8/6734 ، والخازن7/141.
(4) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد فِي ( ب ) .
(5) لَمْ ترد في ( ص ).
(6) في ( ص ): (( خيمته )) .
(7) في باقي النسخ : (( ما رعي اليوم )) .
(8) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( و )) .
(9) راجع بحث الإصابة بالعين في الطب النبوي: 127-136، والأحكام النبوية للكحال1/55و152و154.(1/759)
(434) أَخْبَرَنَا (1) أبو بكر التَّمِيمي ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد بن أبان ، قَالَ : حَدَّثَنَا العباس الدَّوْري ، قَالَ : حَدَّثَنَا بشر بن آدم، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن الزُّبير (2)، قَالَ : سمعت صالح بن هَيْثَمَ (3) يَقُوْل : سمعت بُرَيْدَة(4) يقول: قَالَ: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: (( إن الله أمرني أن أُدْنيَك ولا أُقْصِيَك، وأن أعلَّمَك وتَعِيَ ، وحق على الله أن تعيَ )) فَنَزَلت: { وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ }
[الحاقة: 12]/118أ/ .
سُورة المعارج
F
قوله - عز وجل - : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ … الآيات } [المعارج: 1] .
نزلت في النَّضْر بن الحارث حين قَالَ : { اللَّهُمَّ إِن كانَ هَذا هُوَ الحَقّ مِن
عِندِكَ … الآية } [الأنفال: 8]. فدعا على نفسه وسأل العذابَ، فَنَزَل به ما سأل يوم بدر فقُتل صبراً ، ونزل فِيهِ: { سَأَلَ سائِلٌ [بِعَذابٍ واقِعٍ](5)… } الآية(6)
__________
(1) في باقي النسخ: (( حَدَّثَنَا )) .
(2) ورد في باقي النسخ: (( قَالَ )) .
(3) في ( ه - ) : (( ابن هشيم )) وَهُوَ خطأ.
(4) تفسير الطبري 29/56 ، وتاريخ ابن عساكر 42/361 ، وتفسير الكشاف 4/151 ، والقرطبي 1/6743، وابن كثير4/613 ، ولباب النقول 219 ، وَقَدْ أورده السيوطي في الدر المنثور8/267 وزاد نسبته لابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن البُخَارِيّ ، وَقَالَ الحافظ ابن كثير: (( لا يصح )) ، ورجح أنها عامة في كل مِنْ فهم ووعى.
(5) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ).
(6) أخرجه: النسائي في الكبرى(11620) وفي التفسير ، لَهُ (640) مِنْ طريق الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس- مختصراً - .
وأخرجه: الحاكم2/502 ، مِنْ طريق الأعمش ، عن سعيد بن جبير- قوله- ، وانظر تفسير الفراء 3/183 ، والسمرقندي3/402 ، والمصنف في تفسيره 4/350 ، وتفسير البغوي 5/151 ، والكشاف 4/156 ، وزاد المسير8/357 ، والقرطبي 8/6757 ، وتفسير الخازن 7/184 ، وابن كثير 4/621.(1/760)
[المعارج:1].
قوله - عز وجل -: { أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } [المعارج: 38].
قَالَ المفسرون(1): كان المشركون يجتمعون حول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ويَسْتَمِعون(2) كلامَه ولا ينتفعون به ، بل يكذبون به ويستهزئون ، ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنةَ لنَدخُلَنَّها قبلهم ، وليكونَن لنا فيها أكثرُ مما لهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
سُورة المدثر
F
[قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ](3) } [المدثر: 1].
__________
(1) تفسير الفراء 3/186 ، والمصنف في تفسيره 4/354 ، وتفسير البغوي 5/154 ، وزاد المسير8/364 ، والقرطبي 8/6773 ، والبحر المحيط8/335 .
(2) في باقي النسخ : (( يستمعون )) .
(3) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ).(1/761)
(435) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقرئ ، قَالَ : أخبرنا عبد الملك بن الحسن الأزهري ،قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بن العباس الجوني، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن الوليد(1)، قال: أخبرني أبي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأوْزَاعي ، قَالَ : حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كَثير ، قَالَ: سمعت أبا سَلمةَ عن جابر ، قال: حَدَّثَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( جاوَرْتُ بِحرَاءٍ شهراً ، فلما قَضيتُ جِوارِي نزلتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادي ، فنُودِيتُ فنظرتُ أمَامي وخَلْفي وعن يميني وعن شمالي ، فلم أر أحداً. ثم نُوديتُ فنظرتُ فلم أرَ أحداً، ثُمَّ نوديت فرفعت رأسي ، فإذا هو على العرش في الهواء- يعني جبريلَ - عليه السلام - - فقلت: دَثِّرُوني دَثِّرُوني ، فَصبُّوا علي ماءً ))، فأنزل الله - عز وجل -: { يا أَيُّها المُدَّثِّرُ - قُم فَأَنذِر - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } [المدثر: 1-4]. رَوَاه مُسْلِم(2) عن زهير بن حرب ، عن الوليد بن مُسْلِم ، عن الأوزاعي.
قوله - عز وجل -: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً … الآية } [المدثر: 11].
__________
(1) ورد في بقية النسخ: (( أخبرنا عَبْد الملك بن الوليد ، قَالَ: أخبرني أبي ،قَالَ:حَدَّثَنَا الأوزاعي ،… )).
(2) صحيح مُسْلِم 1/99(161)(257).
وأخرجه:الطيالسي(1688) و(1693) ، وأحمد3/306 و325 و377 و392 ، والبخاري 4/141 (3238) و6/200(4922) و6/201(4923) و(4924) و(4925) و6/202 (4926) و8/58 (6214) ، ومسلم 1/98(161) (255) ، والترمذي (3325) ، والنسائي في الكبرى(11632) وفي التفسير ، لَهُ(651) و(652) و(653) ، وأبو يعلى(1948) و(1949) و(2225) ، والطبري في تفسيره 29/143 ، وأبو عوانة1/113و114و115 ، وابن حبان (34) و(35) ، وأبو نعيم في الدلائل1/278 ، والبيهقي9/6 وفي الدلائل ، لَهُ 2/138 ، والمصنف في تفسيره 4/379 ، والبغوي في تفسيره 5/173(2289).(1/762)
(436) أخبرنا أبو القاسم الجذامي ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُعيم، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن علي الصَّغَاني ،قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِيّ ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبدالرزاق ، عن مَعْمَرٍ ، عن أيوبَ السِّختِيَانِي ، عن عِكْرِمَةَ ، عن ابن عَبَّاس: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عَلِيهِ القرآن ، فكأنّه رَقَّ له ، فبلغ ذلك أبا جهلٍ ، فأتاه(1)فقال له: يا عمي إن قومك يُريدون أن يجمعوا لك مالاً ليُعْطُوكَهُ ، فإنك أتيتَ محمداً تتعرضُ لِمَا قِبَلَه فقال: قد علمتْ قريشٌ أني مِنْ أكثرها مالاً. قال: فقل فيه قولاً يُبلغُ قومَك أنك منكرٌ له وكارهٌ. قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجلٌ أعلمُ بالأشعار مني ، ولا أعلمُ بِرَجَزِها وبقَصِيدِها مني؛ والله ما يُشْبِهُ الَّذيْ يقول شيئاً مِنْ هذا، والله إن لقولِه الَّذيْ يقولُ حلاوةً ، وإن عَلَيْهِ لطَلاوَةً ؛ وإنه لَمُثْمِرٌ أعلاه ، مُغْذِقٌ(2) أسفلهُ ، وإنه لَيَعْلُو وما يُعْلَى. قَالَ: لا يرضَى عنك قومُك/118ب/ حَتَّى تقولَ فِيهِ قَالَ: فدَعْنِي حَتَّى أفكرَ فِيهِ فعندها ثم قَالَ(3): { إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ } [المدثر: 24] يأثُرُه عن غيره. فَنَزَلت: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } [المدثر: 11] الآيات كلها(4).
__________
(1) لَمْ ترد في باقي النسخ.
(2) في ( ه - ) : (( معذق )) .
(3) ورد في باقي النسخ: (( حَتَّى أفكر فِيهِ فَقَالَ )) .
(4) أخرجه: الطبري في تفسيره 29/152 ، والحاكم2/506و507 مِنْ طريق مُحَمّد بن عَلَى بهذا الإسناد ، والبيهقي في الدلائل2/198. وَقَالَ الحاكم : (( صحيح عَلَى شرط البُخَارِيّ ولم يخرجاه )) ، ولم يتعقبه الذهبي ؛ وفيه نظر ؛ فإ ن سماع الدبري مِنْ عَبْد الرزاق بعدما عمي . ونص الإمام أحمد أن من سمع مِنْهُ بَعْدَ العمى فروايته عَنْهُ ضعيفة .(1/763)
وقال مجاهد(1): إن الوليد بن المُغِيرَة كان يغشى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر حتى خشيت(2) قريشٌ أنه يسلم(3) ، فقال له أبو جهل : إن قريشاً تزعم أنك إنما تأتي محمداً وابنَ أبي قُحَافَةَ حَتَّى(4) تُصِيبُ من طعامهما. فقال الوليد لقريش : إنكم ذَوُوا أحسابْ، وذَوُو أحلامٍ ، وإنكم تزعمون أن محمداً مجنون، [ وهل رأيتموه يجن قط ؟ قالوا اللهُمَّ لا. قَالَ: تزعمون أَنَّهُ كاهن ] (5) هَلْ رأيتموه يتكَهَّنُ قط ؟ قالوا: اللهُمَّ : لا. قَالَ: تزعمون أَنَّهُ شاعرٌ ، هَلْ رأيتموه يَنطقُ بشعر قطُّ؟ قالوا: لا. قَالَ: فتزعمون أنه كذابٌ ، فهل جَرَّبتم عَلَيْهِ شيئاً مِنْ الكذب؟ قالوا: لا. قالت قريش للوليد: فما هُوَ؟ فتفكر فِي نفسه، ثم نظر، ثمَّ(6) عبس، فقال: ما هُوَ إلا ساحرٌ، [أَما رأيتموه يفرق بين الرجل وامرأته وأهله وولده، ومواليه فهو ساحر](7)، وما بقوله سحر فذلك قوله - عز وجل -: { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } [المدثر: 18] إلى قوله تعالى - عز وجل -: { إِن هذا إِلا سِحرٌ يُؤثَرُ } [المدثر: 24].
سُورة القِيامة
F
قوله - عز وجل -: { أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ } ؟ [القيامة: 3].
__________
(1) ونص الإمام احمد ان من سمع مِنْهُ بَعْدَ العمى فروايته عَنْهُ ضعيفة تفسير الطبري 29/152 ، وتفسير ابن أبي حاتم10/3382( 19031 ) ، وزاد المسير 8/403و404.
(2) في باقي النسخ : (( حسبت )) .
(3) في ( ب ) : (( أسلم )) .
(4) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(5) ما بين المعكوفتبن لَمْ يرد فِي ( ب ) .
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( و )) .
(7) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في باقي النسخ.(1/764)
نزلت فِيْ عَدِيّ(1) بن رَبيعةَ ، وذلك: أَنَّهُ أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: حدثِّني عَنْ يومِ القيامة متى يكونُ ؟ وكيف أمرُها وحالها ؟ فأخبره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فقال : لو عاينت ذَلِكَ اليومَ لَمْ أصدقْك يا محمدُ ، ولم أُومِن بِهِ ، أوَ يَجْمَعُ الله هَذِهِ العظامَ ؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
سُورة الإنسان (3)
F
قوله - عز وجل -: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً…الآيات } [الدهر: 8].
قال عطاء عن ابن عباس(4): وذلك أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - نَوْبةً أجَّرَ نفسه يسقي نخلاً بشيءٍ من شعيرٍ ليلةً. حتى أصبح وقَبَض الشعيرَ وطَحن ثُلثَه ، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه ، يقال له الخَزِيرَةُ. فلما تم إنضاجُه أتَى مسكينٌ فأخرجوا إليه الطعام. ثم عمل الثلث الثاني ، فلما تم إنضاجه أتى يَتيمٌ فسأل فأطعموه . ثم عمل الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتَى أسيرٌ من المشركين فسأل(5) فأطعموه ، وطَوَوْا يومهم ذَلِكَ. فأنزلت فيهم(6) هذه الآيات.
سُورة عبس
F
__________
(1) في ( ه - ) : (( عُمَرَ )) والتصويب مِنْ بحر العلوم ، وتفسير البغوي ، وتفسير القرطبي.
(2) بحر العلوم3/425 ، وتفسير البغوي (2296) ، وتفسير القرطبي 8/6885.
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( الدهر )) .
(4) ذكره البغوي في تفسيره 5/191(2306) ، والخازن 7/191-192 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/371، وهناك أسباب أخرى في تفسير القرطبي 8/6921 وفيه: وَقَدْ ذكر النقاش، والثعلبي ، والقشيري ، وغير واحد مِنْ المفسرين في قصة عَلِيّ وفاطمة وجاريتهما حديثاً لايصح ولا يثبت ، رَوَاه ليث عن مجاهد عن ابن عَبَّاس ثُمَّ ذكره في صفحة6921-6925 ثم نقل عن الحكيم الترمذي قوله: فهذا حديث مزوق مزيف…
(5) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : فيهِ .(1/765)
قوله - عز وجل -: { عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءهُ الأَعْمَى } [عبس: 1-2].
وهو ابن أم مَكْتُوم ؛ وذلك أنَّهُ أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يناجي عُتْبَة بن ربيعةَ ، وأبا جهل بن هشام ، وعباس بن عَبْد المطلب ، وأُبَيَّاً وأُميةَ ابني(1) /119أ/خلف ؛ ويدعوهم إِلَى الله تَعَالَى ، ويرجو إسلامهم. فقام ابن أمّ مَكْتُوم وَقَالَ: يا رَسُول الله ، علمني مِمَّا علمك الله. وجعل يُناديه ويكرر النداء ، ولا يدري أَنَّهُ مشتغلٌ مقبلٌ عَلَى غيره ، حَتَّى ظهرت الكراهِيَةُ فِيْ وجه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لقطعهِ كلامَه ، وَقَالَ فِيْ نفسه: يَقُول هَؤُلاَءِ(2) الصناديدُ: إِنَّمَا أتباعُه العِميانُ والسِّفَلةُ والعبيدُ. فعَبَس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأعرض عَنْهُ ، وأقبل عَلَى القوم الَّذِينَ يكلمُهم. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآياتِ. فكان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - - بَعْدَ ذَلِكَ- يكَرِّمُه ، وإذا رآه قَالَ : (( مرحباً بمن عاتبني فِيهِ ربي )) (3) .
__________
(1) في ( ص ) : (( بن خلف )) .
(2) في ( ص ) : (( هَذِهِ )) .
(3) سيأتي تخريجه في الَّذيْ بعده.(1/766)
(437) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان المصاحِفي، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو(1)محمد بن أحمد بن حمدان ، قَالَ: أخبرنا أبو يَعْلَى ، قَالَ: حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد ، قَالَ: حدثنا أبي ، قَالَ : هذا ما قرأنا على هشام بن عُروة ، عن عَائِشَة ، قالت : أنزلت : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } [عبس:1] في ابن أم مَكْتُوم الأعمى ، أتَى إلى(2) النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني ، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالٌ من عظماء المشركين ، فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعرِضُ عنه ، ويُقْبِلُ على الآخرين. ففي هذا أُنزلتْ عَبَس وتَوَلَّى. رواه الحاكم في "صحيحه"(3)
__________
(1) في ( ه - ): (( أبو نجم ومحمد )) .
(2) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(3) المستدرك 2/514 وَقَالَ الحاكم : صحيح عَلَى شرط الشيخين ولم يخرجاه فقد أرسله جَمَاعَة عن هشام ابن عُرْوَة . ورجح الذهبي في تلخيص المستدرك الرواية المرسلة. وَهُوَ الصواب .
والرواية الموصولة: أخرجها: الترمذي(3331) وفي علله الكبير(667) ، وأبو يعلى(4848) ، والطبري في تفسيره30/32 ط المعرفة ، وابن حبان(535).
والرواية المرسلة: أخرجها: مالك في الموطأ (271) برواية أبي مصعب الزهري ، (543) برواية يَحْيَى. وَقَالَ الترمذي عقيب الرواية الموصولة في جامعه: هذا حديث غريب ، وروى بعضهم هذا الحَدِيْث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قَالَ: أنزل … ولم يذكر فِيهِ ، عن عَائِشَة .
فرجح المرسل ، وأعل بِهِ المتصل حينما استغربه .
وَقَالَ ابن عَبْد البر في التمهيد22/324: وهذا الحَدِيْث لَمْ يختلف الرواة عن مالك في إرساله ، وَهُوَ يسند مِنْ حديث عائشة مِنْ رِوَايَة يَحْيَى بن سعيد الأموي ويزيد بن سنان الرهاوي ، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عن عائشة . ومالك أثبت مِنْ هؤلاء . ورواه ابن جريج ، عن هشام بن عُرْوَة بمثل حَدِيث مَالِك ، وروى وكيع عَنْ هِشَام ، عن أبيه في قوله - عز وجل - عبس .(1/767)
، عن علي بن عيسى الحِيرِي ، عن العتابي(1) عن سعيد بن يحيى.
قوله - عز وجل -: { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37] .
(438) أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قَالَ: أخبرنا الحسن بن أحمد الشَّيْبَاني، قَالَ: حدثنا عبد الله ابن محمد بن مسلم ، قَالَ: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سِنَان ، قَالَ:حدثنا إبراهيم بن هراسة، قَالَ: حدثنا عائذ بن شُرَيح الكِنْدِي، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: قالت عَائِشَة -رضي الله عَنْهَا- للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنُحْشَرُ عُرَاةً؟ قَالَ: ((نعم)) قالت: واسَوْأَتَاهُ! فأنزل الله تعالى: { لِكُلِّ اِمرِيءٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ } (2)[عبس: 37].
سُورة التكوير
F
قوله - عز وجل -: { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [التكوير: 29]
(439) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثّعْلَبي ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر بن
__________
(1) في ( ب ) : (( القباني )) .
(2) لَمْ نجده مِنْ حديث أنس . =
= وأخرجه: أحْمَد6/53 ، والبخاري 8/136(6527) ، ومسلم 8/156(2859) ، وابن ماجه (4276)، والنسائي 4/114 ، مِنْ طريق القاسم بن مُحَمّد ، عن عائشة ، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً. قلت: يا رسول الله النساء والرجال جميعا ، ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : يا عَائِشَة الأمر أشد مِنْ أن ينظر بعضهم إِلَى بَعْض .
وأخرجه النسائي في الكبرى (11648) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (668) مِنْ طريق عروة عن عائشة.(1/768)
عَبْدُوس ، قَالَ : أخبرنا أبو حامد بن هلال (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف السّلَمي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو مُسْهر ، قال: حَدَّثَني سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان(2) بن موسى ، قال(3): لما أنزل الله - عز وجل - : { لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقِيمَ } [التكوير:28] قَالَ أبو جهل: ذلك إلينا،إن شئنا اسْتَقَمْنَا ،وإن لَمْ نَشألم نَسْتَقِمْ؛فأنزل الله تَعَالَى: { ومَا تَشاءُونَ إِلاّ أَن يَشاءَ اللهُ رَبُّ العالَمينَ } [التكوير: 29].
سُورة المطففين
F
قوله - عز وجل -: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } [المطففين: 1].
__________
(1) في ( ه - ) : (( ابن بلال )) .
(2) في ( ه - ) : (( سلمان )) راجع ترجمة سليمان بن موسى الأموي في تهذيب التهذيب 4/226-227.
(3) ذكره القرطبي في تفسيره8/7034 وزاد فِيهِ: وهذا هُوَ القدر ، وَهُوَ رأس القدرية ، وابن كثير 4/721، والدر المنثور8/436 وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم.(1/769)
(440) أخبرنا/119ب/ إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين النّقِيب ،قَالَ : أخبرنا جدي محمد بن الحسين ،قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين(1) الحافظ ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرحمان بن بشير(2) ،قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن الحسين بن واقد ، قال: حدثني أبي قَالَ: حدثني يزيد النحوي ، أن عِكْرِمةَ حدثه عن ابن عباس ، قال: لما قَدِمَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ ، كانوا من أخبث الناس كيلاً(3) فأنزل الله تعالى: { وَيلٌ لِّلمُطَفِّفينَ - الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } [المطففين: 2]الآية فأحسنوا الكيل بعد ذلك(4).
__________
(1) في ( ه - ): (( الحسن )) .
(2) في ( ه - ) : (( بشر )) .
(3) في القرطبي8/7041 : وعن ابن عَبَّاس أيضاً قَالَ: هي أول سورة نزلت عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة نزل المدينة، وكان هذا فيهم ؛ كانوا إذا اشتروا استوفوا بكيل راجح ، فإذا باعوا بخسوا المكيال والميزان، فلما نزلت هَذِهِ السورة انتهوا ، فهم أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا.
(4) إسناده ضعيف ؛ مِنْ أجل عَلِيّ بن الحسين فإنه ضعيف ، وعليه مدار الحَدِيْث.
والحديث أخرجه: ابن ماجه(2223) ، والنسائي في الكبرى(11654) وفي التفسير ، لَهُ(674) ، وابن حبان(4919) ، والطبراني في الكبير(12041) ، والحاكم2/33 ، والبيهقي6/32 ، والمصنف في الوسيط4/440 ، والبغوي في التفسير(2314).(1/770)
قال القُرَظيّ(1): كان بالمدينة تُجار يُطَفِّفُونَ ، وكانت بِياعَاتُهم كشِبْهِ(2) القِمَار: المُنَابذة(3) والمُلَامَسَة(4) والمخاطَرة؛ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية، فخرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السوق، وقرأها عَلِيهِم .
وقال السُّدِّي(5): قدم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَوبها رجلٌ يقال له أبو جُهَيْنَةَ، ومعه صاعانِ، يَكيلُ بأحدهما ويَكْتَاُل بالآخر. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
سُورة الطارق
F
قوله - عز وجل -: { وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ - النَّجْمُ الثَّاقِبُ } [الطارق:1-3].
__________
(1) في (ه - ) : (( القرطبي )) وَهُوَ خطأ ، راجع ترجمة مُحَمّد بن كعب القرظي في تهذيب التهذيب9/420-422.
(2) في (ص): (( كبش )) .
(3) في اللسان5/49: وفي الحَدِيْث: أنَّ النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - ، نهى عن المنابذة في البيع . قَالَ أبو عُبَيد: المنابذة: أن يقول الرجل لصاحبه انبذ إلي الثوب أو غيره مِنْ المتاع ، أو أنبذه إليك ، وَقَدْ وجب البيع بكذا وكذا .
قَالَ ويقال : إنما هي أن تقول: إذا نبذ الحصاة إليك فقد وجب البيع ، ومما يحققه الحَدِيْث الآخر : أنه نهى عن بيع الحصاة. فيكون البيع معاطاة مِنْ غير عقد ، ولا يصح.
(4) في اللسان8/94: وبيع الملامسة: بأن تشتري المتاع بأن تلمسه ولا تنظر إليه ، وفي الحَدِيْث النهي عن الملامسة. قَالَ أبو عُبَيد: الملامسة: أن يقول: إن لمست ثوبي أو لمست ثوبك أو إذا لمست المبيع فقد وجب البيع بيننا بكذا وكذا ، ويقال: هُوَ أن يلمس المتاع مِنْ وراء الثوب ولا ينظر إليه لَمْ يوقع البيع عَلَيْهِ ، وهذا كله غرر ، وَقَدْ نهي عَنْهُ ؛ ولأنه تعليق أو عدول عن الصيغة الشرعية.
(5) الوسيط 4/440، وتفسير البغوي5/221.(1/771)
نزلت في أبي طَالِب (1)، وذلك أنه أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأتْحَفَه بخبزٍ ولبنٍ؛ فبينما هُوَ جالسٌ يأكل إذ انْحَطَّ نجمٌ فامتلأَ ماثمَّ ناراً، ففزع أبو طالب، وَقَالَ: أيُّ شيءٍ هذا؟ فقال: هذا نجمٌ رُميَ به، وهو آيةٌ من آيات الله، فعجب أبو طالب. فأنزل الله تعالى هذه الآية .
سُورة الليل(2)
F
(441) حدثنا أبو(3) المفضل بن إسماعيل الإسماعيلي إملاءً بجرْجانَ سنةَ إحدى وثلاثين وأربع مئة، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن عُمَر الحافظ، قَالَ: أخبرنا علي بن الحسن بن هارون،قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن عبد الله الترقفي،قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بن عمر، حَدَّثَنَا الحكم بن أبان، عن عِكْرمةَ، عن ابن عباس(4)
__________
(1) تفسير البغوي (2329)، وتفسير القرطبي 8/7091.
(2) في (ص): سورة والليل.
(3) في باقي النسخ : معمر.
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف حفص بن عُمَرَ ، والحكم بن أبان .
أَخْرَجَهُ ابن أَبِي حاتم بهذا الاسناد وفي تفسيره 10/3439 (19355) ، والمصنف فِي تفسيره 45/502 في الدر المنثور 6/357: أخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن ابن عَبَّاس: أن رجلاً….
والسند الَّذيْ يشير إليه السيوطي نقله ابن كثير في تفسيره4/519 وَهُوَ: قَالَ ابن أبي حاتم: حدثني أبو عَبْد الله الظهراني،قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بن عمر العدني،قَالَ: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة عن ابن عَبَّاس أن رجلاً… ثم قَالَ ابن كثير 4/520 : هكذا رَوَاه ابن أبي حاتم، وَهُوَ حديث غريب جداً. والخبر في تفسير البغوي (2348) مرسلا من طريق عطاء وذكره السمرقندي فِي تفسيره 3/485 .(1/772)
: أن رجلاً كانت له نخلةٌ فرْعُها في دار رجلٍ فقيٍر ذي عيالٍ(1) وكان الرجل إذا جاء ودخل الدار فَصَعِد النخلة ليأخذَ منها التمر (2)، فرُبَّما سقطتْ التمرةُ فيأخذها صِبْيانُ الفقير، فينزلُ الرجل من نخلته حَتَّى يأخذَ التمرةَ من أيديهم(3) ، فإن وجَدَها في فيَ أحدهم أدخل أصبعه حَتَّى يُخرِجَ التمرة(4) من فِيهِ. فشكا الرجلُ ذَلِكَ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بِمَا يَلْقَى من صاحب النخلة؛ فَقَالَ لَهُ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - : (( اذهب )) ؛ ولَقي صاحبَ النخلة وَقَالَ: تُعطيني نخلتك المائلةَ الَّتِيْ فرعُها فِي دار فُلاَن، ولك بِهَا نخلةٌ فِيْ الجنة ؟ فَقَالَ لَهُ (5) الرجل: إن لي نخلاً كثيراً ، وما فِيهَا نخلةٌ أعجب إليَّ ثمرةً مِنْهَا؛ ثم ذهب الرجل، فَلَقِيَ رجلاً(6) كَانَ يسمع الكلام مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أتُعطيني /120 أ/ ما أعطيتَ الرجل ، نخلةً فِيْ الجنة إن أنا أخَذتُها ؟ ، قال: (( نعم )) فذهب الرجلُ فلَقي صاحبَ النخلة، فساوَمَها منه، فقال له: أشَعَرْتَ أن محمداً أعطاني بها نخلةً في الجنة ، فقلتُ : يُعجبني ثمرُها ؟ فقال له الآخر :
__________
(1) في (ص) : (( آخر ذي عبال )) .
(2) في (ص) : (( الثمر )) .
(3) في (ه - ) : (( من فمهم )) .
(4) في (ص) : (( الثمرة )) .
(5) لَمْ ترد فِي (ب) .
(6) في (ه - ) : (( رجلاً هُوَ ابن الدحداح، كَانَ )) .(1/773)
أتريدُ بيعَها؟ قال: لا، إلا أن أُعْطَى بها ما لا أظنُّه أعطي. قال: فما مناك؟ قال: أربعون نخلةً قال له الرجل: لقد جئت بعظيمٍ، تطلبُ بنخلتِك المائلة أربعين نخلةً؟ ثم سكتَ عَنْهُ، فقال لَهُ: أنا أعطيك أربعين نخلةً؛ فقال له: أشْهِدْ لي إن كنت صادقاً. فمرّ ناسٌ فدعاهم، فأشْهَدَ له بأربعين نخلةً؛ ثم ذهب إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنّ النخلةَ قد صارت في ملكي، فهي لك. فذهب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صاحب الدار، فقال: (( إن النخلة لك ولعيالك )) ، فأنزل الله تعالى: { وَالَليلِ إِذا يَغشى - وَالنَهارِ إِذا تَجَلّى - وَما خَلَقَ الذَكَرَ وَالأُنثى - إِنَّ سَعيَكُم لَشَتّى } [الليل: 1-4].(1/774)
(442) أخبرنا أبو بكر بن الحارث (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ: أخبرنا الوليد بن أبان ، قَالَ : حَدَّثَنَا محمد بن إدريسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا منصور بن مزاحم(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي الوَضَّاح، عن يونُسَ ، عن ابن إسحاق (3)، عن عبد الله : أن أبا بكر اشتَرى بِلاَلاً من أمية بن خَلفٍ(4) بِبُردةٍ وعَشْرِ أوَاقٍ مِنْ ذهب ، فأعتقه لله عز وجل(5) ، فأنزل الله تَعَالَى: { وَالَليلِ إِذا يَغشى } إلى قوله: { إِنَّ سَعيَكُم لَشَتّى } [الليل:1-4] سَعْيَ أبي بكر وأمية (6) وأبي بن خلف (7).
قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى…الآيات } [الليل:5-6].
(443) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، قَالَ: أخبرنا محمد بن جعفر بن الهَيْثم الأنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن شاكر، قَالَ: حَدَّثَنَا قبيصةُ، حَدَّثَنَا سفيان الثَّوْري، عن منصور والأعمش، عن سعد بن عُبَيدةَ، عن أبي عبد الرحمان السُّلَمي، عن علي، قال: قال رسول الله: (( ما منكم مِنْ أحدٍ إلا كُتِبَ مَقْعدُه من الجنة، ومقعده من النار! )) قالوا : يا رسول الله ، أفلا نَتَكِلُ ؟ قَالَ: (( اعملوا فكلٌ ميسرٌ )) ثُمَّ قرأ:
__________
(1) في ( س ): (( ابن الحارثي )) .
(2) راجع ترجمته في تهذيب التهذيب 10/311-312.
(3) في (ه - ) : (( ابن أبي إسحاق )) وَهُوَ خطأ.
(4) في الدر : (( وأبي بن خلف )) .
(5) لله عز وجل لَمْ ترد فِي ( ب ) و ( ه) .
(6) في ( س ) : (( وأمية بن خلف )) وَهُوَ تحريف.
(7) أَخْرَجَهُ السمرقندي فِي تفسيره 3/484، والمصنف فِي تفسيره 4/502و503، وابن عساكر فِي تاريخه 10/444، و 30/68و69 ، واورده السيوطي فِي الدر 8/534 وزاد نسبته لابي السيخ ، وانظر : ابن أَبِي حاتم 10/3440 (19359)، وتفسير القرطبي 8/7172 ، وتفسير ابن كثير 4/791 .(1/775)
{ فَأَمّا مَن أَعطى وَاِتَّقى - وَصَدَّقَ بِالحُسنى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرى(1) } [الليل:5-7] رَوَاه البُخَارِيّ(2) عَن أبي نُعيم عَنْ سُفْيَان (3) ، عَن الأعمش. ورواه مُسْلِم(4) عَن أبي زهير(5) بن حرب ، عَن جرير ، عَن مَنْصُوْر .
__________
(1) فِي ( ب ) تكملة الآيات .
(2) صحيح البُخَارِيّ6/211(4945).
(3) عَن سُفْيَان )) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(4) صحيح مُسْلِم8/46(2647)(6).
وأخرجه الطيالسي(151)،وعبد الرزاق(20074)،وأحمد81/و129و132و157، وعبد بن حميد(84)، والبخاري2/120(1362)و6/211(4946)و(4947)و6/212(4948)و(4949)و8/59(6217)
و154(6605)و9/195(7552) وفي الأدب المفرد، لَهُ(903) ، ومسلم8/47(2647)(7) و8/48 (2648) (8) ، وأبو داود(4694)، وابن ماجه(78)، والترمذي(2136)و(3344)، والبزار(583) و(584) و(588)، والنسائي في الكبرى(11678)و(11679) وفي التفسير، لَهُ(698)و(699) ، وأبو يعلى (610)، وابن حبان(334)و (335)، والمصنف في تفسيره 4/504، والبغوي في شرح السنة(72).
(5) في (ه - ) : (( بن أبي زهير )) وَهُوَ خطأ.(1/776)
(444) أخبرنا عبد الرحمان بن حَمْدان، قَالَ: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك، قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن أيوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم ابن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله، عن ابن أبي عَتِيق، عن عامر بن عبد الله [بن الزبير](1) ، عن بعض أهله: قال أبو قُحَافَة لابنه أبي بكر: يا بُنيَّ، أراك تعتق رقاباً ضِعافاً، فلو أنك إذْ فَعَلْتَ ما فَعَلْتَ أعْتَقْتَ رجالاً جَلَدةً يمنعونك. ويقومون دونك فقال أبو بكر: يا أبت إني/120ب/ إنما أريد ما أريد. قال: فتُحدِّثَ: ما نزل هؤلاء الآيات إلا فِيهِ وفيما قاله أبوه: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } [الليل: 1-6]. إلى آخر السورة (2) .
وذكر من سمع ابنَ الزبير وهو على المنبر يقول: كان أبو بكر يبتاع الضَّعَفَةَ من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بنيَّ لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك. قال: ما مَنْعَ ظَهْرِي أريدُ. فَنَزَلت فِيهِ : { وَسَيُجَنَّبُها الأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى } [الليل: 17-18] إلى آخر السورة (3) .
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في باقي النسخ.
(2) أخرجه الطبري30/221، وابن عساكر30/69، وهذا سند ضعيف لعنعنة مُحَمّد بن إسحاق.
وذكره القرطبي في تفسيره 8/7172، والخازن7/256، وابن كثير4/(792).
(3) ذكره البغوي فِي تفسيره 5/264 .(1/777)
وقال عطاء عن ابن عباس(1): إن بلالاً لما أسلم ذهب إلى الأصنام فَسَلَحَ عليها، وكان عبداً لعبد الله بن جُدْعَانَ، فشكا إليه المشركون ما فعل، فوَهَبَه لهم، ومئة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه، وجعلوا يعذبونه في الرَّمْضاء، وهو يقول: أحَدٌ أحَدٌ. فمر بِهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: يُنجيكَ أحدٌ أحدٌ ، ثُمَّ أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر: أن بِلالاً يعذَّبُ في الله، فحمل أبو بكر رِطلاً من ذهبٍ، فابتاعه بِهِ. فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليدٍ كانت لبلالٍ عنده. فأنزل الله تعالى: { وَما لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعمَةٍ تُجزى - إِلاّ اِبتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 19-21] .
سُورة الضحى
F
[قوله - عز وجل -: { وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } ](2)[الضحى: 1،2،3].
(445) أخبرنا أبو منصور البغدادي، قَالَ: أخبرنا أبو الْحُسَيْن (3) أحمدُ بن الحسن السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين(4) بن المثَّنى بن مُعاذ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو حذيفةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان الثوريُّ، عن الأسود بن قيس، عن جُنْدُب، قال: قالت امرأةٌ من قريش للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ما أرَى شيطانك إلا ودَّعك. فَنَزَل { وَالضُحى - وَالَليلِ إِذا سَجى - ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَماقَلى } [الضحى: 1،2،3] رواه البخاري(5)، عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن الأسود. ورواه مسلم(6)
__________
(1) المصنف في تفسيره 4/505، وزادالمسير9/152،والقرطبي 8/7187، وابن كثير4/792.
(2) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في (ب).
(3) في (ه - ) : (( أبو الحسن )) .
(4) في (ه - ) : (( الحسن بن المثنى )) .
(5) صحيح البُخَارِيّ 6/213(4951).
(6) صحيح مُسْلِم 5/182(1797).
وأخرجه الحميدي(777)، وأحمد4/312و313 ، والبخاري2/62(1125)و6/224(4983)، والنسائي في تفسيره(701)،وابن حبان(6565)و(6566)، والطبراني فِي الكبير(1709) و(1710) و(1711) و(1712)، والبيهقي3/14، وفي الدلائل، له7/58و59.(1/778)
عن محمد بن رافع، عن يحيى بن آدم، عن زهير.
(446) أخبرنا أبو حامد أحمدُ بن الحسن الكاتبُ، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن شاذَانَ، قَالَ : أخبرنا عبد الرحمان بن أبي حاتم، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو سعيد الأشَجُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو معاويةَ، عن هشام ابن عروةَ عن أبيه، قال(1): أبطأ جبريل- عليه السلام - على النبي - صلى الله عليه وسلم - فجزع جزعاً شديداً. فَقَالَتْ خديجةُ: قد قَلاك ربُّك، لِمَايرى مِن جزعك. فأنزل الله تعالى: { وَالضُحَى - وَالَّيلِ إِذا سَجَى - ماوَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى } [الضحى:1-3].
(447) أخبرنا أبو عبد الرحمان بن أبي حامد ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الدَّغُوليُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو
عبد الرحمان محمد بن يونس، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعيم، قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بن سعيد القرشيُّ، قال: حدثتني أمي، عن أمها خَوْلة- وكانت خادمةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :إنَّ جِرْواً دخل البيت، فدخل تحت السرير، فمات.
__________
(1) أخرجه الحاكم 2/610-611 ، والبَيْهَقِيّ في الدلائل7/60، وذكره ابن كثير4/796، والسيوطي في الدر المنثور8/540-541 وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وَهُوَ مرسل .(1/779)
فمكث نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أياماً لا ينْزل عليه الوحيُ. فقال:/121أ/ (( يا خولةُ ! ما حدث في بيتي جبريلُ لا يأتيني! )) ، قالت خولة: لو هيأتُ البيتَ، وكنسته. فأهْوَيْتُ بالمِكْنَسة تحت السرير، فإذا شيءٌ ثقيلٌ، فلم أزل حتى أخرجتُه، فإذا جِرْوٌ ميتٌ ، فأخذته فألقيتهُ خلف الجِدار. فجاء نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - تُرْعَدُ لَحْيَاهُ. وكان إذا نزل عَلَيْهِ الوحي استقبلَتْه الرِّعْدةُ. فقال: (( يا خولَةُ ، دَثِّرِيني )) فأنزل الله تَعَالَى : { وَالضُحى - والَّيْلِ إِذا سَجى - ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } (1) [الضحى: 1-3].
قوله - عز وجل -: { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى… } [الضحى: 4].
(448) أخبرنا أبو بكر بن أبي الحسن المُسَيَّبيُّ(2)، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الضَّبِّيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عمرو أحمدُ بن محمد بن إسحاق، قَالَ: أخبرنا محمد بن الحسن العسقلانيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عصام بن رواد، قال: حدثني أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأوْزاعيُّ، عن إسماعيل بن عبيد الله(3)، قَالَ : حدثني عليُّ بن عبد الله بن عَبَّاسٍ ، عن أبيه ، قَالَ : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يُفتَح على أمَّته من بعده، فسُر بذلك. فأنزل الله - عز وجل -:
__________
(1) أخرجه الطبراني في الكبير24/(636) مِنْ طريق حفص بن سعيد. وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد7/138: (( وأم حفص لَمْ أعرفها )) . وَقَالَ ابن عَبْد البر في الاستيعاب4/292-293: (( وليس إسناد حديثها في ذَلِكَ مما يحتج بِهِ )). وذكره السيوطي 8/541 وزاد نسبته لابن أبي شيبة في مسنده وابن مردويه.
(2) في (ه - ) : (( المستبيني )) ، وَهُوَ تصحيف. راجع اللباب3/214.
(3) في (ه - ) : (( إسْمَاعِيل بن عَبْد الله )) وَهُوَ خطأ. راجع التهذيب1/317.(1/780)
{ وَلَلآَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُوْلَى - وَلَسَوْفَ يُعْطِيْكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } [الضحى:4-5]. قال: فأعطاه ألف قصر في الجنة من لؤلؤٍ، ترابهُ المسك، في كل قصرٍ منها ما ينبغي لَهُ مِن الأزواج والخدم(1).
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى } [الضحى: 6].
(449) أخبرنا الفُضَيْل (2) بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الصوفي ، قَالَ : أخبرنا زاهر بن أحْمَد، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوريُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن عبد الله الحجبيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبَير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - :
(( لقد سألتُ ربِّي مسألةً ودِدتُ (3) أني لم أكن سألتُه. قُلْتُ : يا رب ! إنه قد كانت الأنبياء قبلي منهم مَن سخَّرتَ له الريح- وذكرَ سليمانَ بن داودَ- ومنهم من كان يُحيي الموتى- وذكر عيسى بن مَريمَ- ومنهم ومنهم. قَالَ : فَقَالَ (4): ألم أجدك يتيماً فآوْيتُك؟! قَالَ: قُلْتُ بلى يا رب! قَالَ: ألم أجدْك ضالاًّ فهديتُك؟! قَالَ: قُلْتُ بلى يا رب! قَالَ: ألم أجدْك عائلاً فأغنيتُك؟! قَالَ: قلت بلى يا رب! قال: ألم أشرحْ لك صدرَك، ووضعتُ عنك وزْرَك؟! قَالَ: قُلْتُ: بلى يا رب! )) (5).
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ لضعف عصام بن رواد ، وَقَدْ تفرد بِهِ.
أخرجه الطبري في تفسيره ط الْمَعْرِفَة30/149، والطبراني في الأوسط(576)، والحاكم في المستدرك 2/526. وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله : (( تفرد بِهِ عصام بن رواد، عن أبيه، وَقَدْ ضعف )) .
(2) في (ه - ) : (( المفضل )) .
(3) في (ه - ) : (( ووددت )) .
(4) في (ه - ) : (( قَالَ )) .
(5) إسناده صحيح ؛ فإن رِوَايَة حماد بن زيد ، عَنْ عطاء قَبْلَ الإختلاط.
أخرجه : الطبراني في الكبير(12289) ، والحاكم2/526.(1/781)
سُورة اقرأ (1)
F
ذكرنا نزول هَذِهِ السورة في أول هذا الكِتَاب .
قوله - عز وجل -: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ - سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } [العلق : 17-18]إلى آخر السورة(2).
نزلت في أبي جهل.
(450) أخبرنا أبو منصور البغداديُّ ، قَالَ : أخبرنا أبو عبد الله محمدُ بن يزيد الخُوزيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن سُفْيَان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو سعيد الأشَجُّ ،
قَالَ : حَدَّثَنَا أبو خالد ، عن داود بن أبي هند (3)، عن [عِكْرِمَة ، عن] (4) ابن عباس، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي ، فجاء أبو جهل فَقَالَ : ألم أنْهَك/121ب/ عن هذا؟! فانصرف إِلَيْهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فزَبَرَه (5) فَقَالَ أبو جهل : والله! إنك لَتعلمُ ما بِهَا نادٍ أكثرُ مني، فأنزل الله تَعَالَى : { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ - سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } [العلق: 17-18].
قَالَ ابن عَبَّاس: والله لو دعا نادِيَه لأخذتْه زَبانِيةُ الله تبارك وتعالى(6).
سُورة القَدْر
F
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) :(( العلق )) .
(2) في (ه - ) : (( الآية )) .
(3) في (ه - ): (( أبو خالد عَبْد العزيز بن هند )) وَهُوَ خطأ. انظر تفسير الوسيط4/530.
(4) ما بَيْنَ المعكوفتين من ( ب ) و ( ص ) فقط .
(5) زبرة : يزبره - بالضم - عَن الأمر زبراً ، نهاه وانتهره . انظر : لسان العرب 4/315 .
(6) إسناده صحيح .
أخرجه: عَبْد الرزاق في تفسيره 3/ 443 (3656)،وأحمد 1/248و256و329و368، والبخاري 6/216(4958)، والترمذي (3348)و (3349). والبزار في كشف الأستار(2189)، والنسائي في الكبرى(11061) وفي التفسير لَهُ (81)و(704)و(705)، وأبو يعلى(2604)، والطبري في تفسيره 30/255و256، والطبراني في الكبير(11950)، والمصنف في تفسيره 4/530.(1/782)
قوله - عز وجل -: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر: 1-3].
(451) أخبرنا أبو بكر التميميُّ، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن حيان(1) ،قَالَ :
حَدَّثَنَا أبو يحيى الرازيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سهلٌ(2) العسكريُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بن أبي
زائدة، عن مُسْلِم، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، قال(3): ذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - - رجلاً من
بني إسرائيلَ لبس السلاح في سبيل الله ألفَ شهرٍ، فتعجب المسلمون من ذَلِكَ. فأنزل
الله تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر: 1-3] . قال: (( خيرٌ من التي لبس فيها السلاحَ ذلك الرجلُ )) .
سُورة إذا زلزلت (4)
F
(452) أخبرنا أبو منصور البغداديُّ ومحمد بن إبراهيم المزكيِّ ، قالا (5) : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قال : حدثنا إبراهيم بن علي الذُّهْليُّ ، قَالَ : حدثنا يحيى بن يَحْيَى ،
__________
(1) في (ه - ) : (( حباب )) .
(2) في (ه - ) : (( إسْمَاعِيل )) ، وَهُوَ خطأ. راجع : ترجمته في تهذيب الكمال 3/327 ( 2604 ) .
(3) هو فِي تفسير مجاهد :773، وخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3452(19424)، وذكره البيهقي في الشعب(3668)، والسيوطي في الدر المنثور وزاد نسبته لابن المنذر والبيهقي في سننه، وَهُوَ مرسل مجاهد هُوَ ابن جبر المكي تابعي لَمْ يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكره البغوي(2386)، والخازن7/276 عن ابن عَبَّاس، وذكره القرطبي8/7221-7222 عَنْهُ وعن ابن مسعود.
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( الزلزلة )) .
(5) فِي ( ه) : (( قَالَ )) وَهُوَ تحريف.(1/783)
قالوا، وغزا غزوة ((تبُوك)) لا يريد بذلك إلا الشام. فلما بلغ ((تبُوك)) أنزل الله تَعَالَى: {وَإِن كَادُوا لَيَستَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ} (1) [الإسراء: 76].
وقال مجاهد وقتادة والحسن: همَّ أهل مكة بإخراج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من مكة، فأمره الله تَعَالَى (2) بالخروج، وأنزل هذه الآية إخباراً عمَّا همّوا بِهِ (3).
قوله - عز وجل -: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ … الآية} [الإسراء: 80].
__________
(1) أخرجه البيهقي في الدلائل5/ 254 من طريق عبدالحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبدالرحمان ابن غنم، فذكره. وهذا سند ضعيف؛ لضعف شهر بن حوشب،وعبدالحميد بن بهرام فِيْهِ كلام؛ لإكثاره عن شهر، وقيل له صحيفة منكرة عنه. وزاد السيوطي 5/ 320 نسبته لابن أبي حاتم وابن عساكر.
(2) الله تعالى)) لم ترد في (ب).
(3) انظر: البغوي 3/ 148، والقرطبي 5/ 3917. وذكر غير معزو في الخازن 4/ 172 وفي تفسير الطبري 15/ 133: ((وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول قتادة ومجاهد وذلك أن قوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ} في سياق خبر الله عن قريش وذكره إياهم،ولم يجر لليهود قبل ذلك ذَكَرَ، فيوجه قوله: ((وإن كادوا)) الى أنه خبر عنهم،فهو بأن يكون خبراً عمن جرى له ذكر أولى من غيره)) 0(1/784)
قال الحسن (1): إن كفار قريش لما أرادوا أن يوثقوا (2)نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ويخرجوه من مكة، أراد الله تعالى بقاء أهل مكة ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج مهاجراً إلى المدينة، وأنزل الله تعالى قوله (3): { وَقُل رَّبِّ أَدخِلْنِي … الآية } [الإسراء : 80] .
قوله - عز وجل - : { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ … الآية } [الإسراء : 85] .
(295) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان ، النحوي، قال: أخبرنا محمد بن بشر بن العباس ، قال: أخبرنا أبو لبيد محمد بن أحمد بن بشر قال: حدثنا سويد بن(4) سعيد، قال: حدثنا علي بن مُسهر، عن الأعمش ، عن إبراهيم، عن علقمة ، عن عبد الله ، قَالَ: إني لَمَعَ (5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرث بالمدينة ، وهو متكيء على عسِيبٍ ، فمر بنا ناسٌ من اليهود ، فقالوا: سلوه عن الروح. فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبْلكم بما تكرهون، فأتاه نفر منهم فقالوا له(6): يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت ثُمَّ قام(7) فأمسكَ بيده(8) عَلَى جبهته، فعرفت أنَّهُ ينزل عَلَيْهِ فأنزل الله عَلَيْهِ: { وَيَسئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلاّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85] رَوَاهُ البُخَارِيّ(9) ومسلم(10)
__________
(1) تفسير الطبري 15/149 ، وابن كثير 3/79 ، وذكره البغوي 3/ 157 ، وذكره الخازن 4/179 عن ابن عباس فقط .
(2) في ( ب ) و ( ص ) (( يوبقوا))0
(3) كذا فِي ( ب ) و ( ص ) ، وفي ( س ) و ( ه - ) : (( ونزل قوله تعالى )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( عن )) وهو خطأ .
(5) في ( ص ) ((مع))0
(6) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) 0
(7) في ( ب ) و( ص )((صاح))0
(8) في ( ه - ) : ((ثم ماج فأمسكت بيدي))0
(9) صحيح البخاري 6/108 ( 4721 ) .
(10) صحيح مسلم 8/ 128 ( 2794 ) (32) .
وأخرجه أحمد 1/ 389 و 444 ، والبخاري 1/ 43 ( 125 ) و 9/199 ( 7297 ) و 9/ 166 (7456) و 9/ 167 ( 7462 ) ، ومسلم 8/ 129 ( 2794 ) ( 33 ) ، والترمذي (3141)، والنسائي فِي التفسير ( 319 ) ، وأبو يعلى (5390 ) ، والطبري فِي تفسيره 15/ 155 ، والشاشي (369) ، وابن حبان ( 98 ) ، والطبراني فِي الصغير ( 1003 ) .
وأخرجه أحمد 1/ 410 ، ومسلم 8/ 129 ( 2974 ) ( 34 ) ، والشاشي ( 370 ) ، وابن حبان (97) من طريق مسروق عن عبد الله .(1/785)
جميعاً (1)، عن عمر/80ب/ بن حفص بن غياث، عن أبيه (2)، عن الأعمش .
وقال عكرمة عن ابن عباس: قالت قريشٌ لليهود : أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح0 فنزلت هَذِهِ الآية (3).
وَقَالَ المفسرون : إن اليهود اجتمعوا، فقالوا لقريش حِيْنَ سألوهم عن شأن محمدٍ وحاله: سلوا محمداً عن الروح وعن فتيةٍ فُقدُوا في أول الزمان، وعن رجل بلغ شرق الأرض وغربها (4) ؛ فإن أجاب فِي ذَلِكَ كله فليس بنبي ، وإن لَمْ يجب فِي (5) ذَلِكَ
كله(6) فليس بنبيٍّ، وإن أجاب فِي بَعْض ذَلِكَ وأمسك عَنْ بعضه فَهُوَ نبي. فسألوه عَنْهَا ، فأنزل الله تَعَالَى فِي شأن الفتية : { أَم حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيْمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } [الكهف: 9] إِلَى آخر القصة ؛ وأنزل الله تَعَالَى(7) في الرجل الَّذِي بلغ شرق الأرض وغربها: { ويَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ } [الكهف : 83] إِلَى آخر القصة وأنزل في الروح قوله تَعَالَى: { وَيَسئَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ … الآية } [الإسراء : 85] .
قوله - عز وجل - : { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء:90].
__________
(1) لم ترد في ( ب ) .
(2) عن أبيه )) لم ترد في ( ص ).
(3) صَحِيْح . أخرجه أحمد 1/255، والترمذي (3140) ، والنسائي في التفسير ( 334 ) ، وأبو يعلى (2501) ، وابن حبان ( 99) ، والحاكم 2/531، والبيهقي في الدلائل 2/269 .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( مشرق … ومغربها ) .
(5) فِي )) لم ترد في( ص ) .
(6) كله )) لم ترد في( ص ) .
(7) والله تعالى )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .(1/786)
روى عكرمة ، عن ابن عَبَّاسٍ (1): أن عُتبة ، وشيبةَ ، وأبا سفيان ، والنّضر بن الحارث ، وأبا البختري(2) والوليد بن المُغيرة، وأبا جهلٍ، وعبدالله بن أبي أمية ، وأميّة بن خلف(3) ورؤساء قريش اجتموا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض:ابعثوا إلى محمدٍ وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه . فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم سريعاً-وهو يظن أنه بدا لهم في أمره بَدَاء،وكان عليهم حريصاً يحب رشدهم، ويعز عليهم عَنَتُهم(4)- حتى جلس إليهم فقالوا : يا محمد ،إنا والله لا نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء ، وعِبْتَ الدين ، وسفّهت الأحلام ، وشتمت الآلهة ، وفرَّقت الجماعة ، وما بقي أمرٌ قبيحٌ إلا وقد جئتهُ فيما بيننا وبينك ؛ فإن كنت إِنَّمَا جئت بهذا لتطلب بِهِ مالاً جمعنا(5) لَكَ من أموالنا ما تَكُوْن بِهِ أكثرنا مالاً ، وإن كنت إِنَّمَا تطلب بِهِ (6) الشرف فينا سوّدناك علينا ، وإن كنت تريد ملكاً ملّكناك علينا ، وإن كَانَ هَذَا الرّئيُّ الَّذِي يأتيك تَراهُ قَدْ غلب عليك
__________
(1) انظر : سيرة ابن هشام 1/ 315 ، وتفسير الطبري 15/ 164 - 165 ، والقرطبي 5/ 3944 ، والخازن 4/ 183 - 184 وابن كَثِيْر 3/84 - 85 ، والسيوطي في الدر المنثور 5/337 - 338 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق وشيخ ابن إسحاق مجهول .
(2) في السيرة ، والطبري وغيرهما بعد ذلك : ((والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود))0
(3) فيها بعد ذلك : ((ونبيهاً ومنبهاً ابني الحجاج السهميين)) 0وفي البغوي والخازن : ((والعاصي بن وائل ونبيهاً …)) .
(4) في ( ه - ) : ((تعنتهم)) 0
(5) فِي ( ب ) : (( جعلنا )) .
(6) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .(1/787)
-وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي- بذلنا أموالنا فِي طلب الطّبّ لَكَ حَتَّى نُبرئك مِنْهُ أو نعذر فيك. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما بي ما تقولون ، ما جئتكم بِمَا جئتكم بِهِ لطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم؛ وَلَكِنْ الله عزوجل بعثني اليكم رسولاً، وأنزل عليَّ كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً (1) ؛ فبلّغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم ؛ فإن تقبلوا مني ما جئتكم بِهِ فَهُوَ حظّكم فِي الدنيا /81 أ/ والآخرة، وإن تردُّوه عليَّ أصبر لأمر الله حَتَّى يحكم الله تَعَالَى بيني وبينكم )). قالوا(2): يا مُحَمَّد ، فإن كنت غَيْر قابلٍ منا ما عرضنا عليك (3) فَقَدْ علمت أنَّهُ لَيْسَ من الناس أحدٌ أضيق بلاداً ، ولا أقل مالاً ، ولا أشد عيشاً منا؛فَسَل لنا ربك - الَّذِي بعثك بِمَا بعثك- فليسيّر عنا هَذِهِ الجبال الَّتِي ضيّقت قَد (4) علينا ، ويبسط لنا بلادنا ، ويجر فِيْهَا أنهاراً كأنهار الشام والعراق ؛ وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن مِمَّنْ يبعث لنا مِنْهُمْ قُصيّ بن كلاب، فإنه كَانَ شيخاً صدوقاً ، فنسألهم عما تقول : أحقٌ هُوَ أم باطلٌ ؟ فإن صنعت ما سألناك صدّقناك ، وعرَفنا بِهِ منزلتك (5) عِنْدَ الله ، وأنه بعثك رسولاً كَمَا تقول . فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما بهذا بعثت ، إِنَّمَا جئتكم من عِنْدَ الله بِمَا بعثني بِهِ . فَقَدْ بلّغتكم ما أرسلت بِهِ إليكم(6)؛ فان تقبلوه فَهُوَ حظّكم فِي الدنيا والآخرة، وإن تردُّوه أصبر لأمر الله )) . قالوا : فإن لَمْ تفعل هَذَا فسل ربك أن يبعث ملكاً يصدّقك ، وسله فليجعل لَكَ جِناناً
__________
(1) في ( ب ) : ((ورسولا)) .
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( قالوا له )) .
(3) لم ترد في ( ب ) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه - ) .
(5) بعد هذا في ( س ) و( ص ) و ( ه - ) : (( بِهِ )) 0
(6) لم ترد في ( ب ) 0(1/788)
وكنوزاً وقصوراً من ذهبٍ وفضةٍ يُغنيكَ بِهَا عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم فِي الأسواق كَمَا نقوم ، وتلتمس المعاش [ كَمَا نلتمسه ؛ حَتَّى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كَمَا تزعم ](1) فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما أنا بفاعلٍ (2)، وما أنا بالذي يسأل ربه هَذَا ، وما بعثت إليكم بهذا، وَلَكِنْ الله تَعَالَى بعثني بشيراً ونذيراً )) قالوا: فأسقط عليناكسَفاً من السماء كَمَا زعمت أن ربك إن شاء فعل . فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ذَلِكَ إِلَى الله إن شاء فعل )). فَقَالَ قائلٌ مِنْهُمْ:لن نؤمن لَكَ حَتَّى تأتي بالله والملائكة قَبِيلاً . وقام (3) عبدالله بن أَبِي أمَيّة المخزومي-وَهُوَ ابن عاتكة بنت عبدالمطلب بن عمة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ(4) -: لا أؤمن بك أبداً حَتَّى تتخذ إِلَى السماء سلماً وترقى فِيْهِ ، وأنا أنظر حَتَّى تأتيها وتأتي بنسخةٍ منشورة معك، ونفر من الملائكة يشهدون لَكَ أنك كَمَا تقول . فانصرف رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أهله حزيناً لما فاته من متابعة قومه ، ولما رأى من مباعدتهم عَنْهُ (5) . فأنزل الله تَعَالَى : { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً… الآيات } [الإسراء : 90].
(296) أخبرنا سَعِيد بن أحمد بن جعفر، قَالَ: أخبرنا أبو عليّ بن أبي بكر الفقيه ، قَالَ : حدثنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قَالَ : حدثنا زياد بن أيوب ، قَالَ: حدثنا
__________
(1) ما بين المعكوفتين لم ترد في ( ب ) ،وهي في تفسير الطبري والسيرة .
(2) ما أنا بفاعل و )) لم ترد في ( ب ) .
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( قال )) .
(4) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(5) في ( ص )و( س )و( ه - ): ((منه)) 0(1/789)
هشيم (1) ، عَنْ عَبْد الملك بن عميرٍ ، عَنْ سَعِيد بن جبير ، قَالَ (2) : قلت له قوله :
{ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90] أنزلت فِي عبدالله ابن أَبِي أُميّة ؟ قَالَ : زعموا ذَلِكَ .
قوله - عز وجل -: { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ … الآية } [الإسراء:110] .
قَالَ ابن عباس(3): تهجد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ بمكة ، فجعل يَقُولُ فِي سجوده: (( يا رحمان يا رحيم )) فقال المشركون : كان محمدٌ يدعو إلهاً واحداً ، فهو الآن يدعو إللاهين /81ب/ اثنين : الله والرحمان ، ما نعرف الرحمان إلا رحمان اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال ميمون بن مِهرانَ : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب في أول ما أوحي إِلَيْهِ : ((باسمك اللهم)) حتى نزلت هذه الآية: { إِنَّهُ مِن سُلَيمانَ وَإِنَّهُ بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ } [النمل :30] فكتب : (( بسم الله الرحمن الرحيم)) فقال مشركو العرب : هذا الرحيم نعرفه فما الرَّحْمَان ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (4).
__________
(1) في ( ه - ) : ((هشام عن عبد الملك )) وفي ( س ) : ((هشيم بن عبد الملك))،وفي هامشها (( هشام بن عبدالملك )) وعليه علامة الصحة . وتفسير الطبري 15/166 (( هشيم ، عن أبي بشر عن سعيد )) .
(2) يعني عبدالملك بن عمير 0وكلام سعيد ورد في الدر المنثور5/339 :ونسبه لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم .
(3) انظر : تفسير الطبري 15/ 182 ، والقرطبي 5/ 3958 ، والخازن 4/ 189 ، والسيوطي فِي الدر 5/348 وزاد نسبته لابن مردويه .
(4) ذكره القرطبي فِي تفسيره 5/ 3959 ولم ينسبه لأحد .(1/790)
وَقَالَ الضحاك : قَالَ أهل الكِتَاب (1) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك لَتقِلُّ ذِكرَ الرحمان، وَقَدْ أكثر الله في التوراة هَذَا الاسم ! فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
قوله - عز وجل - { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا … الآية } [الإسراء : 110].
(297) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مُحَمَّد (2) بن يَحْيَى ، قَالَ : حدثنا والدي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن مطيع وأحمد بن منيع ، قالا: حدثنا هشيم ، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، في قوله تعالى: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِها } [الإسراء : 110] قال: نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختفٍ بمكة ، وكانوا إذا سمعوا القرآن سبوا القرآن ومن أنزله ،
ومن جاء به فقال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } [الإسراء:110] أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن { وَلا تُخافِتْ بِها } عن أصحابك فلا يسمعوا { وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً } [الإسراء : 110] رواه البُخَارِيّ (3) عن مُسَدَّد . ورواه مُسْلِم (4) عن عمرو الناقد ؛ كلاهما عَنْ هُشيم (5) .
__________
(1) في ( ه - ) : (( أهل التفسير قيل لرسول ))0
(2) لم ترد في ( ب ) 0
(3) صحيح البخاري 9/174 ( 7490 )
(4) صحيح مسلم 2/34 ( 446 ) ( 145 ) .
(5) وأخرجه أحمد 1/ 23 و 215 ، والبخاري 6/ 109 ( 4722 ) و 9/ 188 (7525) و 9/ 194 (7547) ، والترمذي ( 3145 ) و ( 3146 ) ، والنسائي 2/ 177 و 178 ، وفي الكبرى ، لَهُ (993) و(994) ، وأبو عوانة 2/123 ، والطبري فِي تفسيره 15/ 184 و 185 و186 ، وابن خزيمة (1587) ، وابن حبان ( 1796 ) و ( 3563 ) ، والطبراني فِي الكبير ( 12454 ) ، والبيهقي 2/184 و 195 ، وفي الأسماء والصفات 1/ 401 ، والبغوي فِي تفسيره 3/ 168 .(1/791)
وقالت عائشة رضي الله عَنْهَا (1): نزلت هَذِهِ الآية في التشهد ، كَانَ الأعرابي يجهر فَيَقُوْلُ : التحيات لله والصلوات الطيبات ، يرفع بِهَا صوته ، فنزلت هَذِهِ الآية .
وَقَالَ عبدالله بن شداد (2) : كَانَ أعراب من بني تميم إذا سلم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من صلاته قالوا : اللَّهُمَّ ارزقنا مالاً وولداً ، ويجهرون . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
(298) أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، قَالَ : أخبرنا أبو عليٍّ الفقيه ، قَالَ : أخبرنا علي بن عبد الله بن مُبَشّر الواسطي ، قَالَ : حدثنا أبو عبد الله محمد بن حرب، قَالَ : حدثنا أبو مروان (3) يحيى بن أبي زكريا الغَسَّاني ، عن هشام بن عروة (4)،
__________
(1) انظر : الدر المنثور 5/ 351 . وراجع تفسير الطبري 15/187 .
(2) تفسير البغوي 3/169 ، والدر المنثور 5/351 . وأورده في تفسير الخازن 4/189 غير معزو إليه0
وفي تفسير الطبري 15/184: (( كان أعراب إذا سلم)) وفيه سقط كما ترى . ويؤيد ذلك رِوَايَة البغوي والدارقطني عنه ،وكلام الخازن . قُلْنَا : ونسبه السيوطي لابن أبي شيبة وابن جريج وابن المنذر .
(3) في ( س ) : (( أبو مروان ، عن يحيى )) خطأ .
(4) زاد سيد صقر هنا : (( عَنْ أبيه )) من الطبري والبغوي ، وهي زيادة مستقيمة ، لكن إطباق جميع نسخ
" أسباب النزول " بما فيها التي اعتمدها المحقق الفاضل عَلَى عدم ذكرها ، يشعر أن رواية الواحدي هكذا ، لذا آثرنا عدم إثباتها في المتن ، وإن كانت صحيحة من الناحية الحديثية الإسنادية .(1/792)
عن عائشة رضي الله عنها في قوله تَعَالَى : { وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها } [الإسراء : 110] قالت : إِنَّمَا (1) نزلت في الدعاء (2) .
سُورة الكهْف
F
قوله - عز وجل -: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ … الآية } [الكهف : 28] .
__________
(1) في ( س ) و ( ه - ) : (( إنها ))
(2) البخاري 6/109 (4723) و 8/89 (6327) و9/188 (7526) ، ومسلم 2/34 (447)(146) ، والنسائي في الكبرى (11301) وفي تفسيره المفرد (321) ،وابن خزيمة (707) من طرقٍ عن هشام بن عروة، عن أبيه ، فذكره 0(1/793)
(299) حدثنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن(1) الحيري، إملاءً في ((دار السُّنة)) يوم الجمعة بعد الصَّلاَة ، في شهور سنة ست (2) عشر وأربع مئة ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن عَبْدَويْه (3) الحِيرِي ، قَالَ : حدثنا محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي ، قَالَ : حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحرّاني ، قَالَ : حدثنا سليمان بن عطاء الخراساني (4)، عن مسلمة (5) بن عبد الله الجهني، عن عمه أَبِي (6) مشجعة بن ربعي الجهني (7)، عن سلمان/82 أ/ الفارسي ، قَالَ : جاءت المؤلفة قلوبهم(8) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُيَيْنة بن حِصْن(9)، والأقْرَع بن حابِس، وذَوُوهم؛ فقالوا: يا رَسُول الله، إنك لَوْ جلست فِي صدر المجلس ونحيّت عنا هَؤُلاَءِ، وأرَوَاحَ جِبَابِهم- يعنون سلمان، وأبا ذَرّ، وفقراء المُسْلِمِيْنَ ؛ وكانت عليهم جِبَاب الصوف لم يكن عليهم غيرها- جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك !فأنزل الله تعالى : { وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلتَحَداً - وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِيْنَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيْدُونَ وَجْهَهُ } [الكهف: 27-28] حَتّى بلغ: { إِنّا أَعْتَدْنا
__________
(1) في ( ص ) و( ه - ) : ((ابن الحسين))0
(2) من الأصل فقط ، وقد أخلت بها 0 جميع النسخ0
(3) في ( ه - ) : ((ابن عبد ربه))0
(4) في ( س ) : ((الحراني))0
(5) كان على بيت المال زمن هشام بن عبدالملك، انظر تهذيب التهذيب 10/143-144 0
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( ابن )) خطأ ، انظر : المصادر الآتية .
(7) تهذيب التهذيب 12/237 ، والإصابة 4/190 0
(8) في ( ه - ) ((القلوب))0
(9) في تفسير الطبري والدر المنثور : (( عيينة بن بدر )) نسب فيهما إلى جده الأعلى، فهو (( عيينة بن حصن ابن حذيفة بن بدر ))0 راجع الإصابة 3/55 .(1/794)
لِلظَّالِمِيْنَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيْثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً } [الكهف: 29] يتهددهم بالنار (1)، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم ، حتى إذا (2) أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله - عز وجل - ، قال : (( الحمد لله الذي لم
يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجالٍ من أمتي (3) ، معكم المحيا ، ومعكم
الممات ))(4).
قوله - عز وجل -: { ولاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا … الآية } [الكهف : 28] .
__________
(1) لم ترد فِي ( ب ) .
(2) لم ترد فِي ( ب ) .
(3) في ( ص ) : ((مع الذين يدعون ربهم))0
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 15/236 ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب كَمَا في الدر المنثور 5/380 ولم نجده في الحلية، وفي 1/146 من حديث خباب بمعناه .
وبمعناه من حديث سعد بن أبي وقاص .
أخرجه عبد بن حميد(131)، ومسلم 7/127،وابن ماجه (4128)، والنسائي في فضائل الصَّحَابَة (116) و(133) و (160)و(162)، وأبو يعلى (826) ، والطبري في تفسيره 15/236 ، وابن حبان (6573) ، والحاكم 3/319 .(1/795)
(300) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا أبو يحيى الرازي ، قَالَ: حدثنا سهل (1) بن عثمان ، قَالَ: حدثنا أبو مالك ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله تَعَالَى : { ولاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } [الكهف 28] قَالَ : نزلت في أمية بن خَلَف الجُمَحِي، وذلك أنه دعا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمر كَرِهَهُ : من طرد الفقراء عَنْهُ ، وتقريب صناديد أهل مكة ؛ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية(2) : { ولاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } يعني من ختمنا عَلَى قلبه عن التوحيد { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } [الكهف: 28] يعني : الشرك (3).
قوله - عز وجل - : { وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ … الآيات } [ الكهف : 83] .
قال قتادة: إن اليهود سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذي القرنين فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
قوله - عز وجل -: { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي…الآية } [الكهف:109].
__________
(1) في ( ص ) :((سهيل))0
(2) هَذِهِ الآية )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(3) انظر : تفسير الطبري 5/4009 ، والخازن 4/210 ، والدر المنثور 5/382 وزاد نسبته لابن مردويه ، وإسناده ضعيف ؛ لضعف جويبر ولانقطاعه ، فإن الضحاك لَمْ يلقَ ابن عَبَّاسٍ .(1/796)
قال ابن عَبَّاسٍ : قالت اليهود لما قال لهم(1) النبي - صلى الله عليه وسلم -: { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء : 85] كيف وقد أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً؟! فَنَزلت : { قُلْ لَّوْ كَانَ البَحْرُ …الآية } (2) [الكهف : 109].
قوله - عز وجل -: { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ … الآية } [الكهف: 110] .
قال ابن عباس(3): نزلت في جُنْدُب بن زهير العامري، وذلك أنه قال: إني أعمل العمل لله، فإذا اطلع عليه سرني . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا الطيب ولا يقبل ما شورِك(4) فيه )) . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) لم ترد في (ص) .
(2) أخرجه : أحمد 1/255 ، والترمذي (3140) ، والنسائي فِي التفسير (334) وفي الكبرى كما فِي التحفة (6083) ، وأبو يعلى (2501) ، وابن حبان (99) ، والحاكم 2/531 ،والبيهقي فِي الدلائل 2/269 ، وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 5/331 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ فِي العظمة وابن مردويه وأبي نعيم .
وأخرجه : الطبري فِي تفسيره 15/155 عَنْ عكرمة مرسلاً .
(3) ذكر القرطبي فِي تفسيره 5/4108 عَنْ ابن عباس ولم ينسبه لأحد .
وأخرجه ابن عساكر فِي تاريخ دمشق 11/304 ، وزاد السيوطي نسبته فِي الدر المنثور 5/469 لابن منده، وأبو نعيم فِي الصحابة من طريق السدي، عَنْ الكلبي، عَنْ أَبِي صالح، عَنْ ابن عباس، قَالَ : (( كان جندب بن زهير إذا صَلَّى ، أو صام ، أو تصدق فذكر بخير ارتاح له فزاد فِي ذلك؛ لمقالة الناس فلامه الله فنزل فِي ذلك )) وذكر الآية وهذه سلسلة الكذب .
(4) في ( ه - ) : (( ما روئي)) .(1/797)
وقال طاووس(1) : قال رجل: يا نبي الله إني أحب الجهاد في سبيل الله وأحب أن يرى مكاني! فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مجاهد: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أتصدق/82ب/ وأصل الرحم، ولا أصنع ذلك إلا لله - عز وجل - ؛ فيذكر ذَلِكَ(2) مني وأحمد عَلَيْهِ، فيسرني ذَلِكَ وأعجب بِهِ(3) فسكت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -(4) وَلَمْ يقل شيئاً(5) فأنزل الله تَعَالَى: { فَمَنْ كَانَ يَرجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَليَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } (6) [الكهف:110] .
سُورة مَريم (7)
F
قوله - عز وجل - : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } [مريم : 64 ] .
(301) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن حمويه، قَالَ : أخبرنا أبو بكر محمد ابن علي الشاشي (8)، قَالَ: أخبرنا إسحاق بن محمد بن إسحاق الرسعنيُّ (9) ، قَالَ : حدثنا جدي ، قَالَ : حدثنا المغيرة ، قَالَ : حدثنا عمر بن ذرّ ، عن أبيه ، عن سعيد
__________
(1) أخرجه عبدالرزاق فِي تفسير 2/349(1728) ، والطبري فِي التفسير 16/40 وزاد السيوطي فِي الدر المنثور 5/469 نسبته لابن أبي الدنيا فِي الأخلاص ، وابن أبي حاتم والطبراني ، والحاكم .
(2) لم ترد فِي (ب) .
(3) سقطت من (ب) .
(4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )) لم ترد في (ب) .
(5) في (ه - ) : (( شيئاً صالحاً )) .
(6) أخرجه وكيع في الزهد (246) ، وعنه هناد في الزهد (852) من طريق سفيان الثوري، عمن سَمِعَ مجاهداً ، فذكره . وإسناده ضعيف ؛ لإبهام شيخ سُفْيَان ، ولإرساله0
(7) كتب ناسخ (ب) فِي هذا الموضع ((بلغ مقابلة )) ، وَهُوَ دليل عَلَى مقابلة النسخة عَلَى النسخة المنسوخة عنها ، مما يؤكد جودتها وأصالتها .
(8) في (س) : ((أبو بكر محمد بن معمر الشامي ))0
(9) في (ب) :((الوسعي)) . وانظر اللباب 1/467 0(1/798)
ابن جبير ، عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( يا جبريلُ ، ما يمنعُك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟)) قَالَ: فَنَزلت: { وَما نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمرِ رَبِّكَ } [مريم:64] الآية كلها. قَالَ: كَانَ هَذَا الجواب لمحمد(1) - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ البُخَارِيّ(2) عَنْ أبي نُعَيْم ، عَنْ عمر بن ذر(3).
وقال مجاهد : أبطأ المَلَكُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاه فَقَالَ : لعلي أبطأتُ قَالَ :
(( قد فعلتَ )) قَالَ : ولم لا أفعلُ وأنتم لا تَتَسَوَّكون ، ولا تَقُصُّون أظفاركم ، ولا تُنَقُّون بَرَاجِمَكُم (4) ؟ قَالَ : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } [مريم : 64] قَالَ مجاهد : فَنَزلت هَذِهِ الآية (5).
__________
(1) فِي (س) و (ه - ) : (( لمحمد رَسُول الله )) .
(2) صحيح البخاري 4/137(3218) .
وأخرجه أحمد 1/231و233و357،والبخاري 6/188(4731)و9/166(7455)،وفي خلق أفعال العباد، له (72)، والترمذي (3158)، والنسائي في الكبرى (11319) وفي التفسير له (339)، والطبري في تفسيره 16/103، والطبراني في الكبير(12385)،والحاكم 2/611، وأبو نعيم في الحلية 4/298، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/343 0
(3) عن عمر بن ذر ))لم ترد فِي (ص) 0
(4) البرجمة :- بالضم - واحدة البراجم وهي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع والرواجب، وهي رؤوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه نشزت وارتفعت )) انظر : لسان العرب 12/46 .
(5) ذكره السيوطي فِي الدر المنثور 5/530 ونسبه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم .(1/799)
وقال عكرمة، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، والكَلْبي: احتبس جبريل عليه السلام عَنْ(1) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فلم يدر ما يجيبهم ورجا أن يأتيه جبريل عليه السلام بجواب ما سألوه فأبطأ عليه، فشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشقة شديدة (2)، فلما نزل جبريل عليه السلام، قال لَهُ (3): (( أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك )) ، فقال جبريل عليه السلام : إني كنت (4) أشْوَق ولكني عبدٌ مأمورٌ : إذا بُعثتُ نزلتُ وإذا حُبستُ احتَبَستُ ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّك … الآية } (5) [مريم: 64] .
قوله - عز وجل -: { وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَءِذا ما مِتُّ لَسَوفَ أُخرَجُ حَيّاً } الآيات[مريم:66].
قال الكلبي(6): نزلت في أبي بن خلف، حين أخذ عظاماً باليةً يفتها بيده ويقول: زعم لكم محمدٌ أنا نبعث بعد ما نموت.
قوله - عز وجل -: { أَفَرَءيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا … الآيات } [مريم : 77] .
__________
(1) فِي (ب) : (( عَلَى )) .
(2) في (ص) : ((عظيمة))0
(3) لم ترد في ( ص ) 0
(4) في (س)و (ص) بعد هذا : ((إليك)) ولم ترد في (ب) .
(5) أثر قتادة أخرجه الطبري في تفسيره16/103و104 0
وأثر الضحاك أخرجه الطبري 16/104 .
وأثر عكرمة أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 5/530 وقال فيه (( أبطأ جبريل
عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أربعين يوماً ثُمَّ نزل … )) .
وذكره البغوي فِي تفسيره 3/341-342(1398) عَنْ عكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل والكلبي .
(6) ذكره القرطبي فِي تفسيره 5/4170 وعزاه للواحدي ، والثعلبي والقشيري .(1/800)
(302) أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن حامد ، قَالَ : أخبرنا مكي بن عبدان ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن هاشم ، قَالَ : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضُّحى ، عن مسروق ، عن خباب بن الأرت ، قَالَ : كان لي دين على العاص بن وائل ، فأتيته أتقاضاه ، فَقَالَ : لا والله حتى تكفر بمحمدٍ. قلت: لا والله لا أكفر بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - حتى تموت ثم تبعث0 قال: فإنّي إذا مت ثم بُعثتُ، جئتني وسيكون لي ثم مالٌ وولدٌ فأعطيك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (1) .
(303) أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم /83 أ/ قَالَ: أخبرنا عبد الله (2) بن محمد الزاهد ، قَالَ : أخبرنا البغوي ، قَالَ : حدثنا أبو خَيْثَمةَ ، وعلي بن مسلمٍ ، قالا : حدثنا وكيع ، قَالَ : حدثنا الأعمش ، عن أبي الضُحى ، عن مسروق ، عن خباب ، قَالَ : كنت رجلاً قَيْناً، وكان لي على العاص بن وائل دينٌ فأتيته أتقاضاه ، فقال لي(3): لا أقضيك حتى تكفر بمحمد . فقلت : لن (4) أكفر به (5) حتى تموتَ وتُبعثَ . فَقَالَ : وإني لمبعوثٌ بعد الموت ؟ فسوف أقضيك إذا رجعت إِلَى مالي. قَالَ : فَنَزلت هَذِهِ الآية (6) فِيْهِ { أَفَرَءيْتَ الَّذي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً } [مريم:77] رَوَاهُ البُخَارِيّ (7) عن الحُميدي ، عَنْ سُفْيَان ؛ ورواه مُسْلِم (8)
__________
(1) إسناده صَحِيْح ، وسيأتي تخريجه في الذي بعده 0
(2) في ( ص ) : (( عبيد الله ))0
(3) لم ترد في ( ص )0
(4) في ( س ) و ( ه - ) : (( لا )) والمثبت من ( ب ) و ( ص )0
(5) سقطت من ( س ) و ( ه - - ) .
(6) عبارة (( هذه الآية )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(7) صحيح البخاري 6/118(4732)0
(8) صحيح مسلم 8/129(2795)(35).
وأخرجه الطيالسي (1054) ، أحمد5/110و111، والبخاري3 /79(2091) و3/120(2275) و3/162(2425) و6/119(4735) ، والترمذي(3162) ، والنسائي في الكبرى (11322) وفي التفسير ، له (342) ، والطبري في تفسيره 16/120و121، وابن حبان (4885) و(5010)، والطبراني في الكبير(3650)و(3651) و(3652)و (3653)و(3654)،والبغوي في تفسيره 3/250(1410) .(1/801)
عَن الأشَجعَّ، عَنْ وكيع ؛ كلاهما عَن الأعمش.
وَقَالَ الكلبي ومقاتل(1) : كَانَ خباب بن الأرت قَيْناً، وَكَانَ يعمل(2) للعاص بن وائل السهمي وَكَانَ العاص يُؤخر حقه؛ فأتاه يتقاضاه فَقَالَ العاص: ما عندي اليوم ما أقضيك . فَقَالَ خباب : لست بمفارقك حَتَّى تقضيَني ، فَقَالَ العاص: يا خباب ، مَالِك ؟ ما كنت هكذا! وإنك كنت حسن(3) الطلب. فقال خباب : ذاك أني كنت على دينك ، فأما اليوم فأنا على دين (4) الإسلام مفارقٌ لدينك! قال: أَفَلَستم(5) تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضةً وحريراً ؟ قال خباب: بلى ، قال: فَأَخّرني حتى أقضيك في الجنة -استهزاءً- فوالله لئن كان ما تقول حقاً إني لأفضَلُ فيها نصيباً منك، فأنزل الله تعالى هذه الأية (6):
{ أَفَرَءيْتَ الَّذي كَفَرَ بِآياتِنا } [مريم : 77] يعني العاص ، الآيات.
سُورة طه
F
قوله - عز وجل -: { طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } [طه:2] .
قَالَ مقاتلٌ : قَالَ (7) أبو جهل والنضر بن الحارث للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك لشقِيٌّ (8) بترك ديننا ، وذلك لما رأو (9) من طول عبادته وشدة اجتهاده فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) ذكره القرطبي فِي تفسيره 5/4184 عَنْ الكلبي ومقاتل ولم ينسبه لأحد .
(2) في ( ص ) : (( يعامل ))0
(3) وردت العبارة فِي ( س ) و ( ه - ) هكذا :(( وإن كنت لحسن )) .
(4) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(5) فِي ( س ) و ( ه - ) :(( أوَلستم )) .
(6) جملة ((هذه الآية )) لم ترد فِي (س) و (ه - ) .
(7) ذكره القرطبي فِي تفسيره 5/4208 .قَالَ : (( روي أن أبا جهل … )) .
(8) في ( ه - ) - - - و ( ب ) ((لتشقى))0
(9) المثبت من ( ب ) و( ص ) ، وفي ( س ) و( ه - ) : ((رأياه)) 0(1/802)
(304) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ : أخبرنا أبو (1) الشيخ الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى ، قَالَ : حدثنا العسكري ، قَالَ: حدثنا أبو مالك ، عن جُوَيْبِر (2)،عن الضحاك ، قَالَ : لما نزل القرآن على رَسُول الله(3) - صلى الله عليه وسلم - قام هو وأصحابه فصلوا ، فقال كفار قريشٍ: ما نُزِّلَ (4) هذا القرآن على محمدٍ إلا ليشقى بِهِ. فأنزل الله تَعَالَى: { طَهَ } يَقُوْل : يا رجلُ : { ما أَنزَلنا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقى } (5) [طه : 1-2].
قوله - عز وجل - : { ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ … الآية } [طه : 131] .
(305) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (6)، قَالَ : أخبرنا شعيب بن محمد البيهقي ، قَالَ: أخبرنا مكي بن عبدان ، قَالَ: حدثنا أبو الأزهر، قَالَ: حدثنا روح ، عن موسى بن عبيدة الربذي ، قَالَ : أخبرني يزيد بن عبد الله بن قسيط(7)، عن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ضيفاً نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني فأرسلني إلى رجلٍ من اليهود يبيع طعاماً (8): يقول لك محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنه نزل بنا ضيف ولم يَكُنْ (9) عندنا بعض الذي يُصلحُه ؛ فبعني كَذَا وكذا /83ب/ من الدقيق ، أو أسلفني إِلَى هلال
__________
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) في ( ه - ) : ((جرير)) .
(3) فِي (س) و (ه - ) :(( النَّبِيّ )) .
(4) فِي (س) و (ه - ) :(( أنزل )) .
(5) إسناده ضعيف ؛ لإرساله ولضعف جويبر .
ذكره السيوطي فِي الدر المنثور 5/550 و نسبه لابن أبي حاتم .
(6) في ( ص ) : (( الثعالبي )) 0
(7) في (ب) و (ص) و (ه - ): (( فضيل )) خطأ . والتصويب من (س) ، وتهذيب الكمال 8/135 (7610).
(8) في ( ص ) بعد هذا زيادة (( فقلت له))0
(9) في ( س )و ( ص ) ((يلف))0(1/803)
رجبٍ ؛ فقال اليهودي : لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن ؛ قَالَ : فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : (( والله إني لأمينٌ فِي السماء، أمينٌ فِي الأرض؛ ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه، اذهب بدرعي ))، ونزلت(1) هذه الآية تعزية له عن الدنيا (2): { وَلا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلى ما مَتَعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم ... الآية } (3)[طه : 131].
سُورة الانبياء
F
قوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى …الآيةَ } [الانبياء : 101] .
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فَنَزلت )) .
(2) قال القرطبي في تفسيره 5/4302 - 4303 : ((قال ابن عطية : وهذا معترض أن يكون سبباً ؛ لأن السورة مكية، والقصة المذكورة مدنية فِي آخر عمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنَّهُ مات ودرعه مرهونة عِنْدَ يهودي بهذه القصة الَّتِي ذكرت…)) ، وقد أيّد القرطبي رأي ابن عطية بدليل آخر وَهُوَ أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية لما مر عَلَى إبل بني المصطلق0
(3) إسناده ضعيف ، لضعف موسى بن عبيدة الربذي .=
= أخرجه البزار (3863 )، والطبري في تفسيره 16/235، والطبراني في الكبير(989) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (860) من طريق موسى بن عبيدة، بِهِ.قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/126 : (( فيه موسى بن عبيدة الربذي وَهُوَ ضعيف))0
وزاد نسبته في الدر المنثور 5/612 لابن أبي شيبة وابن راهويه وابن أَبِي حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق .(1/804)
(306) أخبرنا عمر (1) بن أحمد بن عمر الماوردي (2) قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن نصر (3) الرازي قَالَ : أخبرنا محمد بن أيوب ، قَالَ : أخبرنا علي بن المديني ، قَالَ : حدثنا يحيى بن آدم (4) ، قَالَ : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قَالَ : أخبرني أبو رزين ، عن أبي يَحْيَى(5)، عن ابن عباسٍ ، قَالَ: آيةٌ لا يسألني عنها الناس (6)، لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عَنْهَا ، أو جهلوها فلا يسألون عنها ؟ قِيْلَ لَهُ (7): وما هِيَ؟ قَالَ: لما نزلت: { إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُوْنِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُم لَها وَارِدُونَ } [الأنبياء : 98] شق عَلَى قريشٍ ، فقالوا : يشتم آلهتنا ؟ فجاء ابن الزَّبَعْرَي ، فقال : ما لكم؟ قالوا: يشتم آلهتنا، قال فما يقول(8) ؟ قالوا قال: { إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُوْنِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُم لَها وَارِدُونَ } [الانبياء: 98]قال: ادعُوُه لي؛ فلما دُعي النَبيَّ (9) - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) في ( س ): (( أبو عمر ))0
(2) في ( ه - ) : (( الأوردي )) .
(3) في ( ه - ) : (( ابن محمد نصير الرازي )) .
(4) المثبت من ( ب ) ، وفي ( س ) : (( يحيى بن نوح ))0
(5) جملة : (( عن أبي يَحْيَى )) سقطت من ( ص )0
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( الناس عنها )) بالتقديم .
(7) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(8) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( قَالَ )) .
(9) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( رَسُول الله )) .(1/805)
قال: يا محمد هذا شيءٌ لآلهتنا خاصةً، أو لكل من عُبِدَ من دون الله؟ قال:(( بل لكل من عبد من دون الله ))، فقال ابن الزَّبَعْرَي:خُصِمتَ ورب هذه البنية -يعني الكعبة- ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون؟ وأن عيسى عبدٌ صالحٌ وأن عزيراً عبدٌ صالحٌ ؟(1) :فهذه بنو مليح(2) يعبدون الملائكة، وهذه النصارى يعبدون عيسى، وهذه اليهود تعبد(3) عُزيراً. قال: فضج(4) أهل مكة فأنزل الله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنّا الحُسْنَى } الملائكة وعيسى وعزير عليهم السلام : { أُولَئِكَ عَنها مُبْعَدُونَ } (5) [الانبياء :101].
سُورة الحج
F
قوله - عز وجل - : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف …الآية } [الحج: 11].
__________
(1) فِي ( س ) زيادة بعد هذا : (( قَالَ : بلى ، قَالَ )) .
(2) في مجمع الزوائد 7/68-69 ((وهذه بنو تميم تعبد الملائكة ))0
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( يعبدون )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فصاح )) .
(5) إسناده ضعيف، أبو يحيى واسمه مصدع الأعرج مقبول حيث يتابع ولم يتابع0
وأخرجه الطبراني في الكبير(12739) من طريق عاصم، به0
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/69 : ((وفيه عاصم بن بهدلة وقد وثق وضعفه جماعة))0
وأخرجه الحاكم 2/385 من طريق عكرمة، عن ابن عباس0وقال : ((صحيح الإسناد))0
وأورده السيوطي في الدر المنثور 5/679 وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير الطبري
وابن أبي حاتم وأبي داود في ناسخه .(1/806)
قال المفسرون: نزلت في أعراب كانوا يقدمون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، مهاجرين من باديتهم؛ وَكَانَ أحدهم إذا قدم المدينة: فإن صحَّ بِهَا جسمه، ونُتِجَت فَرَسُه مهراً حسناً، وولدت امرأته غلاماً، وكَثُرَ ماله وماشيته رضي عَنْهُ واطمأن(1)، وَقَالَ: ما أصبت منذ دخلت فِي ديني هَذَا إلا خيراً؛ وإن أصابه وجع المدينة، وولدت امرأته جاريةً، وأجهضت رماكُه(2)، وذهب ماله، وتأخرت عَنْهُ الصَّدَقَةُ/84أ/ أتاه الشيطان فَقَالَ: والله ما أصبتَ منذ كنتَ عَلَى دينك هَذَا إلا شراً ، فينقلب عَنْ دينه ، فأنزل الله تَعَالَى :
{ وَمِنَ الناسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلى حَرفٍ... الآية } (3).
وروى عطية، عن أبي سعيد الخُدري، قال: أسلم رجلٌ من اليهود فذهب بصره وماله وولده وتشاءم بالإسلام، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقلني. قال:((إن الإسلام لا يُقَالُ)) فقال: إني لم أصب في ديني هذا خيراً؛ ذهب(4) بصري ومالي وولدي0 فَقَالَ:((يا يهودي، إن الإسلام ليَسبِكُ(5) الرجالَ كَمَا تَسْبِكُ النارُ خَبَثَ الحديد والفضة والذهب)) قَالَ: ونزلت { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ } (6)[الحج : 11].
قوله - عز وجل -: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ … الآية } [الحج:19].
__________
(1) فِي ( ب ) : (( رضي به و اطمأن به )) ، وفي ( ه - ) : (( آمن به و اطمأن )) .
(2) الرمكة: الفرس والبرذونة التي تتخذ للنسل، و الجمع :رمك، وهي كلمة معربة، راجع اللسان10/434.
(3) بهذا المعنى أخرجه البخاري 6/123 (4742)-مختصراً - من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس وأخرجه الطبري في تفسيره 17/122 من طريق العوفي، عن ابن عباس بمعناه أيضاً0
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( أذهب )) .
(5) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( يسبك )) .
(6) أورده السيوطي في الدر المنثور 4/346 ونسبه لابن مردويه 0(1/807)
(307) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزكَّي، قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا عمرو(1) بن مرزوق، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي هاشم، عن أبي مِجْلَز ، عن قيس بن عُبادٍ، قال: سمعت أبا ذر يقول: أقسم بالله لنزلت هذه الآية { هَذانِ خَصمَانِ اِختَصَموا في رَبِّهِم } [الحج : 19] في هؤلاء الستة حمزة، وعلي بن أبي طالب،وعُبيدةُ (2)، وعُتبةُ، وشيبة، والوليد بن عتبة . رواه البخاري(3) عن حجّاج بن مِنهال، عن هُشَيم، عن أبي هاشم(4).
(308) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال: أخبرنا أبو الشيخ (5) ، قال: أخبرنا محمد بن سليمان ، قال:حدثنا هلال بن بشر، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا سليمان التيمي(6)، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد،عن علي، قال: فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر { هَذانِ خَصْمَانِ اختَصَموا في رَبِّهِمْ } [الحج:19] إلى قوله: { الحَريقِِ } (7)
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( عمر )) .
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( عبيدة ، و علي بن أَبِي طالب )) بالتقديم .
(3) صحيح البخاري 6/123 (4743)0
وأخرجه البخاري أيضاً 5/95 (3966) ،ومسلم 8/245و246 (3033)(34)، وابن ماجه (2835)، والنسائي في الكبرى (8154)و(8172)و(8203)،وفي فضائل الصحابة (51)و(69)و(99)، والمزي في تهذيب الكمال 6/142-143 من طريق هشيم ، عن أبي هاشم0
(4) في ( ه - ) : ((عن هشيم بن أبي هاشم)) وهو خطأ 0
(5) بعد هذا في ( س ) : ((الحافظ)) ولم ترد في ( ب ) 0
(6) في ( ه - ) : (( سليم التيمي)) وهو خطأ 0
(7) إسناده صَحِيْح .
أخرجه البخاري 5/95(3966)، والنسائي في الكبرى(11341)، وفي التفسير المفرد (361) من طريق أبي مجلز، عن قيس بن عباد ، فذكره0
وأخرجه البخاري 5/95(3965) و 6/123(4743) من طريق أبي مجلز ، عن قيس بن عباد، عن علي ابن أبي طالب قَالَ : ((أنا أول من يجثو بين يدي الرحمان للخصومة يوم القيامة))0
قال قيس: وفيهم نزلت (( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ )) قال : هم الذين بارزوا يوم بدر: علي وحمزة وعبيدة ، وشيبة بن ربيعة و عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة .(1/808)
[الحج: 22] .
قال ابن عباس(1): هم أهل الكتاب؛ قالوا للمؤمنين: نحن أولى بالله منكم، وأقدم منكم كتاباً، ونبينا قَبْلَ نبيكم؛. وقال المؤمنون : نحن أحق بالله، آمنا بمحمد، وآمنا بنبيكم، وبما أنزل الله من كتاب، فأنتم تعرفون نبينا ثم تركتموه، وكفرتم به حسداً. وكانت هذه خصومتهم(2) ؛ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية0 وهذا قول قتادة (3).
قوله - عز وجل - : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا 000الآية } [الحج: من الآية39]
قال المفسرون: كان(4) مشركوا أهل مكة يؤذون(5) أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يزالون يجيئون من بين مضروب ومشجُوجٍ، فيشكونهم(6) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول لهم: (( اصبروا فإني لم أومر بالقتال )) ، حتى هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0فأنزل الله تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا … الآية } .(7)
__________
(1) أخرجه الطبري فِي التفسير 17/99 وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/20 وزاد نسبته لابن مردويه 0
(2) أضاف المحقق (س) : (( فِي ربهم )) من تفسير الطبري ، وما فعل شيئاً ، فهي غير واردة فِي شيء من النسخ الخطية .
(3) قول قتادة ذكره السيوطي فِي الدر المنثور6/20 ، ونسبه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أَبِي حاتم .
(4) في (ص) : ((هم))0
(5) في (ص): (( كانوا ))0
(6) فِي (س) و (ه - ) : (( فشكوهم )) ، وفي (ص): ((فيشتكون))0
(7) فِي ( س ) و ( ه - ) ورد مكان الآية قوله : (( هذه الآية )) .(1/809)
وقال ابن عَبَّاسٍ: لما أُخرجَ النَّبِيّ(1) - صلى الله عليه وسلم - من مكة، قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: إنا لله [وإنا إليه راجعون](2)لنهلكن؛فأنزل الله تَعَالَى: { أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } (3)[الحج:39]الآية.قَالَ أبو بكر:فعرفت أنَّهُ سيكون قتال(4).
قوله - عز وجل - : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِي…الآية } [الحج :52].
__________
(1) في ( س ) و ( ه - ) : (( رَسُول الله )) .
(2) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ب) ، وهو من بقية النسخ ومصادر التخريج0
(3) ما بين المعكوفتين لم ترد في (ب) وورد مكانه لفظة ((هذه)) 0
(4) إسناده ضعيف ؛ فَقَدْ أعله الإمام التِّرْمِذِيّ بالإرسال فَقَالَ: قَدْ رَوَاهُ غَيْر واحد عَنْ سُفْيَان: عن الأعمش ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير مرسلاً، وليس فيه عن ابن عباس0
أخرجه أحمد 1/216 ، والترمذي (3171) ، والنسائي 6/2 ، والطبري في التفسير 17/172 ، وابن حبان (4710) ، والطبراني في الكبير (12336) ، والحاكم 2/66و246و3/7 ، والبيهقي في الدلائل 2/579 من طريق سعيد ابن جبير ، عن ابن عَبَّاسٍ .(1/810)
قال المفسرون: لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولي قومه عنه، وشق عليه ما رأى من مباعدتهم عما جاءهم بِهِ /84ب/ تمنى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب به بينه وبين قومه وذلك لحرصه على إيمانهم. فجلس ذات يومٍ في نادٍ من أندية قريشٍ كثيرٌ أهله، وأحب يومئذٍ أن لا يأتيه من الله تعالى شيءٌ ينفروا(1) عنه، وتمنى ذلك، فأنزل الله تعالى سورة : { وَالنَجمِ إِذا هَوى } [النجم:1] فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ: { أَفَرَأَيتُمُ اللاتَ وَالعُزّى وَمَنَاةَ الثالِثَةَ الأُخرى } [النجم: 19و20] ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه ويتمناه : (( تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى )) فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، ومضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في قراءته فقرأ السورة كلها، وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده(2) ، وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا (3) سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبو أُحيحة (4) سعيد بن العاص ، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عَلَيْهَا ؛ لأنهما كانا شيخين كبيرين فَلَمْ يستطيعا السجود وتفرقت قريش وَقَدْ سرهم ما سمعوا ، وقالوا: قَدْ ذَكَرَ محمدٌ آلهتنا بأحسن الذكر، وقالوا: قَدْ عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق وَلَكِن آلهتنا هَذِهِ تشفع لنا عِنْدَهُ ، فإذ(5) جَعَلَ لها(6) محمدٌ(7) نصيباً فنحن مَعَهُ0 فَلَمَّا أمسى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل - عليه السلام - فَقَالَ :
__________
(1) فِي ( س ) : (( ينفرون )) ، وفي (ه - ): (( ينفر))0
(2) فِي ( ب ) : (( لسجوده )) .
(3) في ( ص ): (( حتى ))0
(4) فِي ( ه - ): ((أصيحة))0
(5) المثبت من ( ب )، وفي ( ص ) :(( فإذا )) ،وفي ( ه - ) و ( س ) :((فإن))0
(6) فِي ( ب ) : (( لنا )) .
(7) فِي ( ه - - ): (( محمداً )) 0(1/811)
((ما(1) صنعت؟ تَلوتَ عَلَى الناس ما لَمْ آتك بِهِ عن الله - عز وجل -، وقلت ما لَمْ أقل لَكَ)) ، فحزن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - حزناً شديداً وخاف من الله خوفاً كبيراً، فأنزل الله - عز وجل - هَذِهِ الآية ، فقالت قريش : ندم مُحَمَّد عَلَى ما ذَكَرَ من منْزلة آلهتنا عِنْدَ الله ، فازدادوا شراً إِلَى ما كانوا عَلَيْهِ (2) .
(309) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد (3) بن حيان ،
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( ماذا )) .
(2) هذه القصة موضوعةٌ مكذوبةٌ لا تصح، وقد جزم بوضعها وعدم صحتها أكابر العلماء، وقد حاول الحافظ ابن حجر- رحمه الله - تقويتها في الفتح (عقيب 4740) لتعدد طرقها،وقد تعقبه العلامة الكبير أحمد محمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على جامع الترمذي 2/465 بقوله : (( وقد أخطأ في ذلك خطأ لا نرضاه له ولكل عالم زلة عفا الله عنه ))0
ومن العلماء الذين حكموا بالوضع على هذه القصة المكذوبة :
ابن العربي في أحكام القرآن 2/73-75 ، والقاضي عياض في كتابه الشفا 2/116-121 ، والفخر الرازي في تفسيره 6/193-197 ، والقرطبي في تفسيره 12/80-84 ، والكرماني في شرح صحيح البخاري 8/498 ، والعيني في عمدة القاري 9/47 ، والشوكاني في فتح القدير 3/247-248؛ وغيرهم. وللعلامة الألباني رسالة لطيفة في بَيَان كذب هَذِهِ القصة سماها : (( نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)) وَهِيَ نافعة .
(3) هذه الكلمة لم ترد في (ص) 0(1/812)
قَالَ : حدثنا أبو يحيى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل العسكري ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى ، عن عثمان بن الأسود ، عن سعيد بن جُبير ، قَالَ : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { أَفَرَأَيتُمُ اللاتَ وَالعُزَّى وَمَنَاةَ الثالِثَةَ الأُخرى } [النجم : 19و20] فألقى الشيطان على لسانه (( تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى )) ففرح المشركون بذلك ، وقالوا : قد ذكر آلهتنا . فجاء جبريل- عليه السلام - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ : (( اعرض علي(1) )) ، فلما عرض عَلِيهِ ،
قَالَ : أما هذا فلم آتك بِهِ ، هذا من الشيطان ؛ فأنزل الله - عز وجل - { وَما أَرسَلْنَا مِن قَبلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ … الآية } (2)
[الحج : 52] .
سُورة قد أفلح(3)
F
قوله - عز وجل - : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ000 الآية } [المؤمنون:1]
(310) أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن (4) الحيري إملاء ، قَالَ : أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن حماد الأبِيوَرْديُّ ، قَالَ : حدثنا
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( اعرض عليَ كلام الله )) .
(2) إسناده ضعيف لإرساله، وهذه القصة مكذوبة أخرجه الطبري 17/188-189 ، وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/65 وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن أبي حاتم وابن مردويه .انظر ما سبق بقليل0
(3) في ( ه - ) : (( المؤمنون))، ولم ترد تسمية السورة في (ص) 0
(4) في ( ص ) و ( ه - ) : (( الحسين)) ، وفي سير أعلام النبلاء 17/356 ، وشذرات الذهب 3/217
(( الحسن)) .(1/813)
عبد الرزاق (1) ، قَالَ : أخبرني يونس بن سليم (2) ، قَالَ : أملى عليَّ يونسُ الأيلي ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمان بن عبد القاري ، قَالَ : سَمِعْتُ /85أ/ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، يَقُوْل : كان إذا أنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمع عند وجهه دويٌّ كدوي النحل، فمكثنا ساعةً فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: (( اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا(3) وارض عنا )) ، ثم قَالَ : (( لقد أنزلت عليَّ (4) عشر آياتٍ ، من أقامهن دخل الجنة )) ، ثم قرأ : { قَد أَفلَحَ المُؤمِنونَ } إلى عشر آياتٍ .
رواه الحاكم أبو عبد الله في " صحيحه " (5) عن أبي بكر القطيعي ، عن عبد الله ابن أحمد بن حنبل ، عن أبيه (6) ، عن عبد الرزاق (7)
__________
(1) هو في مصنفه (6038 ) وليس فيه عَنْ يونس الأيلي .
(2) في ( ب ) و ( ص ) : (( سليمان ))0
(3) سقطت من ( ب ) و ( ص ) 0
(4) فِي ( س ) و ( ه - - - ) : (( علينا )) .
(5) المستدرك1/535 و 2/392 0
(6) المسند 1/34 0
(7) إسناده ضعيف ؛ لجهالة يونس بن سليم ؛ ولاضطراب عبدالرزاق فِيْهِ . فإنه كَانَ يرويه تارة عن يونس
ابن سليم ، عن يونس بن يزيد كَمَا في رِوَايَة المؤلف ، وتارة يسقط يونس بن يزيد كَمَا في مصنفه .
قال الامام الترمذي عقيب( 3173م): ( ومن سمع من عبدالرزاق قديماً فإنهم يذكرون فيه عن يونس بن يزيد، وبعضهم لا يذكرون عن يونس بن يزيد ،ومن ذكر فيه يونس بن يزيد فهو أصح ، وكان عبدالرزاق ربما ذكر فِي هذا الحديث يونس بن يزيد وربما لم يذكره ، وإذا لم يذكر فيه يونس فهو مرسل ) .
وقال النسائي : ((هذا حديث منكر ، لا نعلم أحداً رواه غير يونس بن سليم ،ويونس بن سليم لا نعرفه)).
وقال العقيلي :يونس بن سليم لا يتابع على حديثه ولا يعرف0
والحديث أخرجه عبد بن حميد (15)، والترمذي (3173م)و(3173)، والبزار (301)، والنسائي في الكبرى ( 1439)، والعقيلي في الضعفاء 2/460(2092)، وابن عدي في الكامل 8/519(2081)،والضياء في المختارة 1/341(234)، والبيهقي في الدلائل 7/255 ، والبغوي في شرح السنة (1376)، وفي التفسير ،له 3/356(1473) وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 3/317 0
وقال السيوطي في الدر المنثور 6/82 :((صححه البيهقي في الدلائل والضياء في المختارة)).(1/814)
.
قوله - عز وجل - : { الذينَ هُمْ في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ } [المؤمنون :2] .
(311) أخبرنا عبد الرحمان بن أحمد العطار ، قَالَ : حدثنا محمد بن عبد الله بن نُعَيْم (1)، قَالَ : حدثني أحمد بن يعقوب الثقفي ، قَالَ : حدثنا أبو شعيب الحرّاني ، قَالَ : حَدَّثَنِي (2) أبي ، قَالَ : حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّة ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هُرَيْرَةَ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ؛ فنَزَلت : { الَّذينَ هُم فِي صَلاتِهِم خاشِعونَ } (3) [المؤمنون : 2] .
قوله - عز وجل - : { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون : 14] .
__________
(1) هو أبو عبدالله الحاكم ، والحديث فِي المستدرك 2/393 .
(2) في ( ه - ): (( الحراني قال: أخبرنا إسماعيل))0
(3) إسناده معلول، والصواب أنه مرسل .
أخرجه البيهقي 2/283 من طريق إسماعيل بن علية به0 وزاد السيوطي نسبته فِي الدر المنثور 6/84 لابن مردويه .وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لولا خلاف فيه على محمد فقد قيل، عنه مرسلاً )) 0
وتعقبه الذهبي بقوله :(( الصحيح مرسل)) .
والرواية المرسلة أخرجها أبو داود في مراسيله (45) ، والطبري في تفسيره 18/2 ، والبيهقي 2/283، وقال عنها : (( الصحيح هو المرسل )) وأورده السيوطي في الدر المنثور 6/83 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم .(1/815)
(312) أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الحَافِظ ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد ابن حيان ، قَالَ : أخبرنا محمد بن سليمان ، قَالَ : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن مَنجُوفٍ ، قَالَ : حدثنا أبو داود (1)، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جُدْعَان، عن أنس بن مالك ، قَالَ : قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: وافقتُ ربي في أربعٍ قُلْتُ : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله تَعَالَى: { وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيْمَ مُصَلَّى } [البقرة : 125] وقلت : يا رسول الله ، لو اتخذت على نسائك حجاباً ، فإنه يدخل عليك البرُّ والفاجر، فأنزل الله تَعَالَى : { وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ } [الأحزاب : 53] وقلت لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لَتَنْتَهُنَّ أو لَيُبَدَّلنه الله أزواجاً خيراً منكن ، فَنَزلت (2) { عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنْكُنَّ… الآية } [التحريم : 5] ونزلت { وَلَقَدْ خَلَقْنا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِّنْ طِيْنٍ } [المؤمنون : 12] إلى قوله : { ثُمَّ أَنشَأناهُ خَلقاً آَخَرَ } [المؤمنون : 14] ؛ فقلت : فتبارك الله أحسن
الخالقين فَنَزَلت : { فَتَبارَكَ اللهُ أَحسَنُ الخالِقينَ } (3)
__________
(1) هو الطيالسي والحديث في مسنده (41)0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فأنزل الله )) .
(3) إسناده ضعيف . علي بن زيد بن جدعان كان ضعيفاً ، أخرجه البزار (221) ، وابن أبي داود فِي المصاحف (305) من طريق علي بن زيد بهذا الإسناد ، لكن صح الحديث من رواية غيره .
وأخرجه أحمد 1/24،36،وفي فضائل الصحابة ، له (434)، (437)، والبخاري 1/111(402) و6/24(4483) و6/148(4790) و 6/197(4916)، وابن ماجه (1009)، والترمذي (2959) ، والبزار (220)و (221)، والنسائي فِي الكبرى (10998) و(11418) و(11611) ،وفي التفسير ،له (18)، والطبري فِي تفسيره 17/534 و535 ،وابن أبي داود فِي المصاحف (302) (303) (304)، وابن حبان(6896)، والطبراني فِي الصغير(868)، والبيهقي 7/88، والبغوي فِي شرح السنة (3887)، وفي التفسير ، له 1/163(83) من طريق حميد عَنْ انس ، عَنْ عمر ،به ، وذكره ابن كثير فِي تفسيره 3/323 .(1/816)
[المؤمنون: 14].
قوله - عز وجل -: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون:76]
(313) أخبرنا أبو القاسم بن عبدان، قَالَ: حدثنا محمد بن عَبْد (1) الله بن محمد الضّبّي (2)، قَالَ: أخبرنا أبو العباس السَّيَّاري (3)، قَالَ: حدثنا محمد بن موسى بن حاتم، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، قَالَ: أخبرنا الحسين بن واقد، قَالَ: حدثني يزيد النحوي، أن عكرمة حدثه عن ابن عَبَّاسٍ، قَالَ: جاء أبو سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا محمد أنشدك الله والرحم، لقد أكلنا العِلْهز- يعني الوبر بالدم- (4) فأنزل الله تَعَالَى: {وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَما/85 ب/ اِستَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَعونَ} (5) [المؤمنون:76].
قال ابن عَبَّاسٍ: لما أتى ثُمَامَة بن أُثال الحنفي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وهو أسيرٌ فخلي سبيله، فلحق باليمامة فحال بين أهل مكة وبين (6) الميرة من اليمامة (7)
__________
(1) في (ه -): (عبيد)) 0
(2) هو الحاكم أيضاً، والحديث فِي مستدركه 2/ 394.
(3) في (ص): ((البشاري)) 0
(4) عبارة ((يعني الوبر بالدم) لم ترد في (ص).
(5) إسناده حسن.
أخرجه النسائي في الكبرى (11352)، وفي التفسير،له (372)، والطبري في تفسيره 18/ 45، والطبراني في الكبير (12038)،والبيهقي في الدلائل 4/ 81 من طريق عكرمة، عن ابن عَبَّاسٍ.
(6) في (ص): ((وبين أهل)) 0
(7) في القرطبي 5/ 4535، بعد ذَلِكَ: ((وقال: والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فِيْهَا
رسول الله)).(1/817)
وأخذ الله تعالى قريشاً بسني (1) الجدب حتى أكلوا العِلْهز (2) فجاء أبو سفيان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أُنْشُدُكَ الله والرحم أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قَالَ: ((بلى))، فَقَالَ: قَدْ قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع: فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (3).
__________
(1) في (ص): ((بسني أهل الجدب)).
(2) في القرطبي 5/ 4535 بعد ذَلِكَ: ((قيل وما العلهز؟ قَالَ: كانوا يأخذون الصوف والوبر فيلونه بالدم ثُمَّ يشوونه ويأكلونه)).
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 18/ 45، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1392)، والبيهقي في الدلائل 4/ 81، وذكره القرطبي في تفسيره 5/ 4535، وذكره الحافظ ابن حجر في الاصابة 1/ 203 وعزاه لابن منده وَقَالَ: ((إسناده حسن)).(1/818)